الكتاب: تفسير القرآن (وهو اختصار لتفسير الماوردي) المؤلف: أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء (المتوفى: 660هـ) المحقق: الدكتور عبد الله بن إبراهيم الوهبي الناشر: دار ابن حزم - بيروت الطبعة: الأولى، 1416هـ/ 1996م عدد الأجزاء: 3   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير] ---------- تفسير العز بن عبد السلام ابن عبد السلام الكتاب: تفسير القرآن (وهو اختصار لتفسير الماوردي) المؤلف: أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء (المتوفى: 660هـ) المحقق: الدكتور عبد الله بن إبراهيم الوهبي الناشر: دار ابن حزم - بيروت الطبعة: الأولى، 1416هـ/ 1996م عدد الأجزاء: 3   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله. أسماء القرآن الفرقان: الفارق بين الحق والباطل. الذكر: لأن الله - تعالى - ذكر به عباده وعرفهم فرائضه، أو لأنه شرف لمن آمن به. القرآن: نصدر قرأت أي بينت {فإذا قرأناه} [القيامة: 18] بيناه، أو مصدر قرأت أي جمعت، إذ هو آيات مجموعة. الكتاب: مصدر كتبت، والكتابة مأخوذة من الجمع، كتبت السقاء جمعته بالخرز. التوراة: من روى الزند، إذا خرجت ناره، أي هي ضياء. الزبور: من زبر الكتاب يزبره إذا كتبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الإنجيل: من نجلت الشيء إذا أخرته، ونجل الرجل نسله كأنه أخرجهم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطول، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلني ربي بالمفصل ". السبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، على الأصح، لأنها أطول من باقي السور. المئون: كل سورة هي مائة، أو تزيد شيئا أو تنقص شيئا. المثاني: السور التي ثنيت فيها القصص والأمثال والفرائض والحدود، أو هي الفاتحة، أو هي ما ثنيت المائة فيها من السور فبلغت المائتين وما قاربها، كأن المئين لها أوائل، والمثاني ثواني. المفصل: [سمي مفصلا] لكثرة فصوله بالبسملة، وآخره سورة الناس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وأوله سورة محمد صلى الله عليه وسلم قاله الأكثر وقاف، أو الضحى وكان ابن عباس يفصل من الضحى بين كل سورتين بالتكبير. السورة: المنزلة الرفيعة، سميت بها سور القرآن لعلو قدرها فإن همزت فهي القطعة تفضل من القرآن، وتبقى منه، وبقية كل شيء سؤره. والآية: العلامة على تمام ما قبلها، أو هي القصة والرسالة، كعب بن زهير: (ألا أبلغا هذا المعرض آية ... أيقظان قال القول أم قال ذا حلم) الأحرف السبعة: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليم حكيم غفور رحيم " قيل سبعة معاني، الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والأمثال، أو سبع لغات مما لا يغير حكم تحريم ولا تحليل، كهلم، وتعالى، وأقبل. خيروا في ذلك في صدر الإسلام، ثم وقع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الإجماع على المنع منه، أو سبع لغات في صيغ الألفاظ، ووجوه إعرابها من غير أن تعدل من لفظ إلى غيره وإن وافقه في معناه كاختلاف القراءات. الإعجاز: هو الإيجاز والبلاغة {ولكم في القصاص حياة} [البقرة:، أو البيان والفصاحة {فاصدع بما تؤمر} [الحجر: 94] {فلما استيئسوا منه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 خلصوا نجيا} [يوسف: 80] ، أو هو رصفه الذي أخرجه عن عادتهم في النظم وفي النثر والخطب والشعر والرجز والسجع والمزدوج مع أن ألفاظه مستعملة في كلامهم، وهو ن قارئه لا يمله وازدياد حلاوته مع كثرة تلاوته بخلاف غيره فإنه يمل إذا أكثر منه، أو إخباره بما مضى كقصة أهل الكهف، وذي القرنين، وموسى والخضر، وجميع قصص الأنبياء. عليهم الصلاة والسلام -، أو هو إخباره عما يكون كقوله تعالى: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا} [البقرة: 24] {ولن يتمنوه أبدا} [البقرة: 95] ، أو اشتماله على العلوم التي لم يكن فيه آلتها [ولا] تعرفها العرب ولا يحيط بها أحد من الأمم، أو صرفهم عن القدرة على معارضته، أو صرفهم عن معارضته مع قدرتهم عليها وحرصهم على إبطاله، أو إعجازه بجميع ذلك لاشتماله على جميعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 (سورة الفاتحة) {بسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله رب العالمين (2) الرحمن الرحيم (3) مالك يوم الدين (4) إياك نعبد وإياك نستعين (5) اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلّين (7) } قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني " سميت الفاتحة، لأنها يفتح بها القرآن تلاوة وخطاً [و] أم القرآن: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 لتقدمها عليه، وتبعه لها، كراية الحرب أم لتقدمها على الجيش، وما مضى من عمر الإنسان أم لتقدمه مكة أم القرى لتقدمها على سائر القرى، أو لأن الأرض دحيت عنها، وحدثت عنها كالولد يحدث عن أمه. وهي سبع آيات اتفاقاً. [وسميت] المثاني [لأنها] تثنى في كل صلاة فرض أو تطوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 1 - {بسمِ اللَّهِ} أبدأ بسم الله، أو بدأت بسم الله، الاسم صلة، أو ليس بصلة عند الجمهور، واشتق من السمة، وهي العلامة، أو من السمو. {الله} أخص أسماء الرب لم يتسم به غيره {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] تسمى باسمه، أو شبيهاً. أبو حنيفة: " هو الاسم الأعظم " وهو علم إذ لا بد للذات من اسم علم يتبعه أسماء الصفات، أو هو مشتق من الوله لأنه يأله إليه العباد: أي يفزعون إليه في أمورهم، فالمألوه إليه إله، كما أن المأموم [به] إمام، أو اشتق من التأله وهو التعبد، تأله فلان: تعبد، واشتق من فعل العبادة فلا يتصف به في الأزل، أو من استحقاقها على الأصح فيتصف به أزلاً الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 {الرَّحْمَن الرَّحِيمِ} الرحمن والرحيم الراحم، أو الرحمن أبلغ، وكانت الجاهلية تصرفه للرب سبحانه وتعالى الشنفري: (إلا ضربت تلك الفتاة هجينها ... ألا هدر الرحمن ربي يمينها) ولما سُمي مسيلمة بالرحمن قُرن لله تعالى الرحمن الرحيم، / لأن أحداً [2 / ب] لم يتسم بهما، واشتقا من رحمة واحدة، أو الرحمن من رحمته لجميع الخلق، والرحيم من رحمته لأهل طاعته، أو الرحمن من رحمته لأهل الدنيا والرحيم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 رحمته لأهل [الآخرة] ، أو الرحمن من الرحمة التي يختص بها، والرحيم من الرحمة التي يوجد في العباد مثلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 2 - {الْحَمْدُ} {الثناء بجميل الصفات والأفعال والشكر والثناء بالإنعام، فالحمد أعم، الرب: المالك كرب الدار أو السيد، أو المدبر كربة البيت، الربانيون يدبرون الناس بعلمهم، أو المربى، ومنه الربيبة ابنة الزوجة، {العالمين} } جمع عالم لا واحد له من لفظه، كرهط وقوم، أُخذ من العلم، فيعبر به عمن يعقل من الجن والإنس والملائكة، أو من العلامة، فيكون لكل مخلوق، أو هو الدنيا وما فيها، أو كل ذي روح من عاقل وبهيم، وأهل كل زمان عالم. الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 4 - {مُلْكِ} { {مالك} } أُخذا من الشدة، ملكت العجين عجنته بشدة، أو من القدرة. (ملكت بها كفي فأنهرت فتقها) الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 فالمالك من اختص ملكه، والملك من عمَّ ملكه، وملك يختص بنفوذ الأمر، والمالك يختص بملك الملوك، والملك أبلغ لنفوذ أمره على المالك، ولأن كل ملك مالك ولا عكس، أو المالك أبلغ لأنه لا يكون إلا على ما يملكه، والملك يكون على من لا يملكه كملك الروم والعرب، ولأن الملك يكون على الناس وحدهم والمالك يكون مالكاً للناس وغيرهم، أو المالك أبلغ في حق الله تعالى من ملك، وملك أبلغ في الخلق من مالك، إذ المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك بخلاف الرب سبحانه وتعالى. {يَوْمَ} أوله الفجر، وآخره غروب الشمس، أو هو ضوء يدوم إلى انقضاء الحساب. {الدِّينِ} الجزاء أو الحساب، ويستعمل الدين في العادة والطاعة، وخص المُلْك بذلك اليوم إذ لا مَلِك فيه سواء، أو لأنه قصد ملكه للدنيا بقوله {رَبِّ الْعَالَمِينَ} فذكر ملك الآخر ليجمع بينهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 5 - {إِيَّاكَ} الخليل: إيا: اسم مضاف إلى الكاف، الأخفش إياك: كلمة واحدة، لأن الضمير لا يضاف. {نَعْبُدُ} العبادة: أعلى مراتب الخضوع تقرباً، ولا يستحقها إلا الله - تعالى -، لإنعامه بأعظم النعم، كالحياة والعقل الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 والسمع والبصر، أو هي لزوم الطاعة، أو التقرب بالطاعة، أو المعنى " إياك نؤمل ونرجوا " مأثور والأول أظهر {نَسْتَعِينُ} على عبادتك أو هدايتك أمروا بذلك كما أمروا بالحمد له، أو أخبروا. [3 / أ] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 6 - / {اهْدِنَا} : دلنا، أو وفقنا {الصِّرَاطَ} السبيل المستقيم أو الطريق الواضح، مأخوذ من مسرط الطعام وهو ممره في الحلق، طلبوا دوام الهداية، أو زيادتها، أو الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة، أو طلبوها إخلاصاً للرغبة، ورجاء ثواب الدعاء، فالصراط: القرآن، أو الإسلام أو الطريق الهادي إلى دين الله، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر [رضي الله عنهما] أو طريق الحج أو طريق الحق. {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} : الملائكة أو الأنبياء، أو المؤمنون بالكتب السالفة أو المسلمون أو النبي ومن معه. الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 7 - {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} : اليهود، والضالون: النصارى. اتفاقاً خُصت اليهود بالغضب لشدة عداوتها، والغضب هو المعروف من العباد، أو إرادة الانتقام، أو ذمه لهم، أو نوع من العقاب سماه غضباً كما سمى نعمته رحمة. الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 (سورة البقرة) مدنية اتفاقاً إلا آية {واتقوا يوما ترجعون فيه} { [281] نزلت يوم النحر بمنى في حجة الوداع. {بسم الله الرحمن الرحيم} } {الم} ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 1 - {الم} ! اسم من أسماء القرآن، كالذكر، والفرقان، أو اسم للسورة أو اسم الله الأعظم، أو اسم من أسماء الله أقسم به، وجوابه ذلك الكتاب، أو افتتاح للسورة يفصل به ما قبلها، لأنه يتقدمها ولا يدخل في أثنائها، أو هي حروف قطعت من أسماء، أفعال، الألف من أنا، اللام من الله، الميم من أعلم، معناه " أنا الله أعلم "، أو هي حروف لكل واحد منها معاني مختلفة، الألف مفتاح الله، أو آلاؤه، واللام مفتاح لطيف، والميم مجيد أو مجده، والألف سنة، واللام ثلاثون، والميم أربعون سنة، آجالا ذكرها، أو هي حروف من حساب الجُمَّل، لما روى جابر قال: مر أبو ياسر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 أخطب بالنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {الم} ، فأتى أخاه حُيي بن أخطب. في نفر من اليهود، فقال: سمعت محمداً صلى الله عليه وسلم يتلو فيما أُنزل عليه {الم} ، قالوا: أنت سمعته قال: نعم، فمشى حُيي في أولئك النفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا محمد، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أُنزل عليك {الم} ، قال: بلى، فقال: أجاءك بها جبريل - عليه السلام - من عند الله - تعالى - قال: نعم، قالوا: لقد بعث قبلك أنبياء، ما نعلمه بُين لنبي منهم مدة ملكه، وأجل أمته غيرك. فقال حُيي لمن كان معه: الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة، ثم قال: يا محمد هل كان مع هذا غيره [3 / ب] قال: نعم، قال: ماذا، قال: {المص} قال: هذه أثقل / وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه إحدى وستون ومائة سنة، وهل مع هذا غيره قال: نعم فذكر {المر} فقال: هذه أثقل، وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة، ثم قال: لقد التبس علينا أمرك، ما ندري أقليلاً أُعطيت أم كثيراً: ثم قاموا عنه. فقال لهم أبو ياسر؟ ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة، قالوا: قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 التبس علينا أمره. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم {هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب} [آل عمران: 7] أو أعلم الله تعالى العرب لما تحدوا بالقرآن أنه مؤتلف من حروف كلامهم، ليكون عجزهم عن الإتيان بمثله أبلغ في د الحجة عليهم، أو الألف من الله واللام من جبريل والميم من محمد صلى الله عليه وسلم، أو افتتح به الكلام كما يفتتح بألا ... ... . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 أبجد: كلمات أبجد حروف أسماء من أسماء الله - تعالى - مأثور أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 هي أسماء الأيام الستة التي خلق [الله تعالى] فيها الدنيا أو هي أسماء ملوك مدين قال: (ألا يا شعيب قد نطقت مقالة ... سَببْت بها عمرا وحي بني عمرو) (ملوك بني حطي وهواز منهم ... وسعفص أصل في المكارم والفخر) (هم صبحوا أهل الحجاز بغارة ... كمثل شعاع الشمس أو مطلع الفجر) أو أول من وضع الكتاب العربي ستة أنفس " أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت "، فوضعوا الكتاب على أسمائهم، وبقي ستة أحرف لم تدخل في أسمائهم، وهي: الظاء، والذال، والشين، والغين، والثاء، والخاء، وهي الروادف التي تحسب بعد حساب الجُمَّل، قاله عروة بن الزبير، ابن عباس: " أبجد " أبى آدم الطاعة، وجد في أكل الشجرة، " هوز " فزل آدم فهوى من السماء إلى الأرض، " حطي "، فحطت عنه خطيئته، " كلمن " فأكل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الشجرة، ومَنَّ عليه بالتوبة " سعفص " فعصى آدم فأُخرج من النعيم إلى النكد " قرشت " فأقر بالذنب، وسلم من العقوبة. {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) والذين يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 2 - {ذّلِكَ الْكِتَابُ} {: إشارة إلى ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة أو المدينة، أو إلى قوله {إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} } [المزمل: 5] أو ذلك بمعنى هذا إشارة إلى حاضر، أو إشارة إلى التوراة والإنجيل، خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم: أي الكتاب الذي ذكرته لك في التوراة والإنجيل هو الذي أنزلته عليك، أو خوطب به اليهود والنصارى: أي الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب الذي أنزلته على محمد، أو إلى قوله: {إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قولا ثقيلا} {، أو قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: الكتاب الذي ذكرته في التوراة والأنجيل هو هذا الذي أنزلته عليك [أو المراد] بالكتاب: اللوح [المحفوظ] {لا رَيْبَ فِيهِ} } : الريب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 التهمة أو الشك. / {لِلْمُتَّقِينَ} ! الذين أقاموا الفرائض واجتنبوا المحرمات، أو [4 / أ] الذين يخافون العقاب ويرجون الثواب، أو الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 3 - {يُؤْمِنُونَ} {يصدقون أو يخشون الغيب، أصل الإيمان التصديق {وما أنت بمؤمن لنا} } [يوسف: 17] أو الأمان، فالمؤمن يؤمن نفسه بإيمانه من العذاب، والله تعالى مؤمِّن لأوليائه من عذابه، أو الطمأنينة، فالمصدق بالخبر مطمئن إليه، ويُطلق الإيمان على اجتناب الكبائر، وعلى كل خَصلة من الفرائض، وعلى كل طاعة. {بِالْغَيْبِ} {بالله، أو ما جاء من عند الله، أو القرآن، أو البعث والجنة والنار، أو الوحي. {وَيُقِيمُونَ} } يديمون، كل شيء راتب قائم، وفاعله يقيم، ومنه فلان يقيم أرزاق الجند، أو يعبدون الله بها، إقامتها: أداؤها بفروضها، أو إتمام ركوعها وسجودها وتلاوتها وخشوعها " ع "، سُمي ذلك إقامة لها من تقويم الشيء، قام بالأمر أحكمه، وحافظ عليه، أو سمى فعلها إقامة لها لاشتمالها على القيام. {رَزَقْنَاهُمْ} {أصل الرزق الحظ، فكان ما جعله حظاً من عطائه رزقاً. {يُنفِقُونَ} } وأصل الإنفاق الإخراج، نفقت الدابة خرجت روحها، والمراد الزكاة " ع "، أو نفقة الأهل، أو التطوع بالنفقة فيما يقرب إلى الله تعالى. نزلت هاتان الآيتان في مؤمني العرب خاصة، واللتان بعدهما في أهل الكتاب " ع "، أو نزلت الأربع في مؤمني أهل الكتاب، أو نزلت الأربع في جميع المؤمنين، فتكون الأربع في المؤمنين، وآيتان بعدهن في الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 4 - {مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} {القرآن. {وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} } : التوراة، والإنجيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وسائر الكتب. {وَبِالأَخِرَةِ} {: النشأة الآخرة، أو الدار الآخرة لتأخرها عن الدنيا، أو لتأخرها عن الخلق، كما سميت الدنيا لدنوها منهم {يُوقِنُونَ} } : يعلمون، أو يعلمون بموجب يقيني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 5 - {هُدىً} {بيان ورشد، {الْمُفْلِحُونَ} } الناجون من عذاب الله، والفلاح: النجاة أو الفائزون السعداء، أو الباقون في الثواب، الفلاح: البقاء، أو المقطوع لهم بالخير، الفلح: القطع، الأكَّار: فلاح لشقه الأرض، شعر: (لقد علمت يا ابن أم صحصح ... أن الحديد بالحديد يفلح) والمراد بهم جميع المؤمنين، أو مؤمنو العرب، أو المؤمنون من [4 / ب] " العرب " وغير العرب / ممن آمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى من قبله من الأنبياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 {إن الذين كفروا سوآء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6) ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم (7) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 6 - {الَّذِينَ كَفَرُواْ} ! : نزلت في قادة الأحزاب، أو في مشركي أهل الكتاب، أو في معينين من اليهود حول المدينة أو مشركو العرب، والكفر: التغطية، شعر: ( ... في ليلة كفرَ النجومَ غمامُها) والزارع: كافر، لتغطيته البذر في الأرض، فالكافر مغطي نعم الله تعالى بجحوده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 7 - {خَتَمَ اللَّهُ} ! حفظ ما في قلوبهم ليجازيهم عنه، كأنه مأخوذ من ختم ما يُراد حفظه، الختم: الطبع، ختمت الكتاب. وذلك علامة تعرفهم الملائكة بها من بين المؤمنين، أو القلب كالكف إذا أذنب العبد ذنباً ختم منه كالإصبع، فإذا أذنب آخر ختم منه كالإصبع الثانية حتى ينختم جميعه، ثم يطبع عليه بطابع، أو هو إخبار عن كفرهم، وإعراضهم عن سماع الحق شبهة بما سد وختم عليه فلا يدخله خير، أو شهادة من الله عليها أنها لا تعي الحق، وعلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ) أسماعهم أنها لا تصغي إليه، كما يختم الشاهد على الكتاب {غِشَاوَةٌ} ! والغشاوة الغطاء الشامل، أراد بذلك تعاميهم عن الحق. وسمى القلب قلباً، لتقلبه بالخواطر. (ما سمى القلب إلا من تقلبه ... والرأي يصرف والإنسان أطوار) {ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلآ أنفسهم وما يشعرون (9) في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون (10) وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألآ إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12) وإذا قيل لهم ءامنوا كمآ ءامن الناس قالوا أنؤمن كمآ ءامن السفهآء ألآ إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون (13) وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون (14) الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 9 - {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} أصل الخدع: الإخفاء، مخدع البيت يخفي ما فيه، جعل خداع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين خداعاً له، لأنه دعاهم برسالته. {وَمَا يَخْدَعُونَ} لما رجع وبال خداعهم عليهم قال ذلك. {وَمَا يَشْعُرُونَ} وما يفطنون. الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 10 - {مَّرَضٌ} أصله الضعف أي شك، أو نفاق، أو غم بظهور النبي صلى الله عليه وسلم على أعدائه. {فَزَادَهُمُ} دعاء، أو إخبار عن الزيادة عند نزول الفرائض والحدود {أَلِيمُ} مؤلم. الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 11 - {لاتفسدوا} بالكفر، أو بفعل ما نهيتم عنه، وتضييع ما أمرتم به، أو بممايلة الكفار. نزلت في المنافقين، أو في قوم لم يكونوا موجودين حينئذ بل جاءوا فيما بعد قاله سلمان: {مُصْلِحُونَ} ظنوا ممايلة الكفار صلاحاً لهم، وليس كذلك، لأن الكفار لو ظفروا بهم لم يبقوا عليهم، أو مصلحون في اجتناب ما نهينا عنه إنكاراً لممايلة الكفار، أو نريد بممايلتنا الكفار الإصلاح الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 بينهم وبين المؤمنين، أو إن ممايلة الكفار صلاح وهدى ليست بفساد، عرَّضوا بهذا، أو قالوه لمن خلوا به من المسلمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 13 - {كما آمن النَّاسُ} الناس: الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - {السفهاء} الصحابة عند عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنه -، [5 / أ] أو النساء والصبيان عند عامة المفسرين، والسفه خفة الأحلام / ثوب سفيه: خفيف النسج. الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 14 - {خَلَوْاْ إِلَى} إلى بمعنى " مع " أو خلوت إليه: إذا جعلته غايتك في حاجتك، أو صرفوا خلاءهم إلى شياطينهم. {شياطينهم} رءوسهم في الكفر، أو اليهود الذين يأمرونهم بالتكذيب، شيطان: فيعال من شطن إذا بعد - نوىً شطون - سمى به لبعده عن الخير، أو لبعد مذهبه في الشر، نونه أصلية، أو من شاط يشيط إذا هلك زائد النون، أو من التشيط وهو الاحتراق سمى ما يؤول إليه أمره. {إِنَّا مَعَكُمْ} على التكذيب والعداوة. {مستهزئون} بإظهار التصديق. الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 15 - {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} يجزيهم على استهزائهم، سمى الجزاء باسم الذنب {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عليه} [سورة البقرة: 194] . الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ( ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا) أو نجزيهم جزاء المستهزئين، أو إظهاره عليهم أحكام الإسلام مع ما أوجبه لهم من العقاب فاغتروا به كالأستهزاء بهم، أو هو كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] للاستهزاء به، أو يُفتح لهم باب جهنم فيريدون الخروج على رجاء فيزدحمون فإذا انتهوا إلى الباب ضُربوا بمقامع الحديد حتى يرجعوا، فهذا نوع من العذاب على صورة الاستهزاء. {وَيَمُدُّهُمْ} يملي لهم، أو يزيدهم، مددت وأمددت أو مددت في الشر وأمددت في الخير، أو مددت فيما زيادته منه، وأمددت فيما زيادته من غيره. {طُغْيَانِهِمْ} غلوهم في الكفر، الطغيان: مجاوزة القدر. {يَعْمَهُونَ} يترددون أو يتحيرون، أو يعمون عن الرشد. {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (16) مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلمآ أضآءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 16 - {اشْتَرَوُاْ} الكفر بالإيمان على حقيقة الشراء، أو استحبوا الكفر على الإيمان إذ المشتري محب لما يشتريه، إذ لم يكونوا قبل ذلك مؤمنين، أو الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 أخذوا الكفر وتركوا الإيمان. {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} في اشتراء الضلالة، أو ما اهتدوا إلى تجارة المؤمنين، أو نفى عنهم الربح والاهتداء جميعاً، لأن التاجر قد لا يربح مع أنه على هدى في تجارته، فذلك أبلغ في ذمهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 17 - {اسْتَوْقَدَ} أوقد، أو طلب ذلك من غيره للاستضاءة {أَضَآءَتْ} ضاءت النار في نفسها، وأضاءت ما حولها. قال: (أضاءت لهم أحسابُهم ووجوهُهم ... دُجَى الليل حتى نظَّمَ الجَزعَ ثاقبُه) {بِنُورِهِمْ} أي المُستوقد، لأنه في معنى الجمع، أو بنور المنافق عند [5 / ب] الجمهور، فيذهب في الآخرة فيكون / ذهابه سمة يعرفون بها، أو ذهب ما أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم من الإسلام {فِى ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} لم يأتهم بضياء يبصرون به، أو لم يخرجهم من الظلمات، وحصول الظلمة بعد الضياء أبلغ، لأن من صار في ظلمة بعد ضياء أقل إبصاراً ممن لم يزل فيها، ثم الضياء دخولهم في الإسلام، والظلمة خروجهم منه، أو الضياء تعززهم بأنهم في عداد الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 المسلمين، والظلمة زواله عنهم في الآخرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 18 - {صُمُّ} أصل الصم: الانسداد، قناة صماء أي غير مجوفة، وصممت القارورة سددتها، فالأصم: المنسد خروق المسامع. {بُكْمٌ} البكم: آفة في اللسان تمنع معها اعتماده على مواضع الحروف، أو الأبكم الذي يولد أخرس، أو المسلوب الفؤاد الذي لا يعي شيئاً ولا يفهمه، أو الذي جمع الخرس وذهاب الفؤاد، صموا عن سماع الحق، فلم يتكلموا به، ولم يبصروه، فهم لا يرجعون إلى الإسلام. {أو كصيب من السمآء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في ءاذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلمآ أضآء لهم مشوا فيه وإذآ أظلم عليهم قاموا ولو شآء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير (20) الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 19 - {كَصَيِّبٍ} الصيب: المطر، أو السحاب. {الرَّعْدُ} ملك ينعق بالغيث نعيق الراعي بالغنم، سمى ذلك الصوت باسمه، أو ريح تختنق تحت السماء قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو اصطكاك الأجرام. {الْبَرْقُ} ضرب الملك - الذي هو الرعد - السحاب بمخراق من حديد قاله علي - رضي الله تعالى عنه -: أو ضربه بسوط من نور قاله ابن عباس - الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 رضي الله تعالى عنهما - أو ما ينقدح من اصطكاك الأجرام. {الصَّاعِقَةُ} الشديد من صوت الرعد تقع معه قطعة نار. شبه المطر بالقرآن، وظلماته بالابتلاء الذي في القرآن، ورعده بزواجر القرآن، وبرقه ببيان القرآن، وصواعقه بوعيد القرآن في الآجل، ودعائه إلى الجهاد عاجلاً قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو شبه المطر بما يخافونه من وعيد الآخرة، وبرقه بما في إظهارهم الإسلام من حقن دمائهم ومناكحتهم وإرثهم، وصواعقه بزواجر الإسلام بالعقاب عاجلاً وآجلاً، أو شبه المطر بظاهر إيمانهم، وظلمته بضلالهم، وبرقه بنور الإيمان، وصواعقه بهلاك النفاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 20 - {يَكَادُ} يقارب، الخطف: الاستلاب بسرعة. {أَضَآءَ لَهُم} الحق. {مَّشَوْاْ فِيهِ} تبعوه {وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ} بالهوى تركوه، أو كلما غنموا وأصابوا خيراً تبعوا المسلمين، وإذا أظلم فلم يصيبوا خيراً قعدوا عن الجهاد. {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} أسماعهم. (كلوا في نصف بطنكم تعيشوا ... ) {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلك تتقون (21) الذي جعل لكم الأرض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقاً الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون (22) وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدآءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 22 - {أَندَاداً} أكفاء أو أشباهاً، أو أضداداً. {وَأَنتُمْ تعلمون} أن الله [6 / أ] خلقكم، أو لأنه لا ند له ولا ضد، أو وأنتم تعقلون. الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 23 - {عَبْدِنَا} العبد مأخوذ من التعبد، وهو التذلل، فسُمي به المملوك من جنس ما يعقل لتذلُلِه لمولاه. {مِّن مِّثْلِهِ} من مثل القرآن، أو من مثل محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه بشر مثلكم. {شُهَدَآءَكُم} أعوانكم، أو آلهتكم، لاعتقادهم أنها تشهد لهم، أو ناساً يشهدون لكم. الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 24 - {وَقُودُهَا} الوقود: الحطب، والوُقود: التوقد. {وَالْحِجَارَةُ} من كبريت أسود، فالحجارة وقود للنار مع الناس. هول أمرها بإحراقها الأحجار كما تحرق الناس، أو أنهم يعذبون فيها بالحجارة مع النار التي وقودها الناس. {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرينَ} إعدادها - مع اتحادها - لا ينفي أن تعد لغيرهم من أهل الكبائر، أو هذه نار أعدت لهم خاصة، ولغيرهم نار أخرى. {وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً ولهم فيهآ أزواج مطهرة وهم فيها خالدون (25) } الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 25 - {وَبَشِّرِ} البشارة: أول خبر يرد عليك بما يسرّ، أو هي أول خبر يسرّ أو يغم، وإن كثر استعمالها فيما يسرّ، أُخذت من البشرة، وهي ظاهر الجلد، لتغيرها بأول خبر. {جَنَّاتٍ} سمي البستان جنة لأن شجره يستره، المفضل: الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 الجنة: كل بستان فيه نخل وإن لم يكن فيه شجر غيره، فإن كان فيه كَرْم فهو فردوس سواء كان فيه شجر غير الكَرْم، أو لم يكن. {مِن تَحْتِهَا} من تحت الأشجار، قيل تجري أنهارها في غير أخدود. {رُزِقُواْ مِنْهَا} أي من ثمر أشجارها. {هَذَا الَّذِى رُزِقْنَا} أي الذي رزقنا من ثمار الجنة كالذي رزقنا من ثمار الدنيا، أو إذا استخلف مكان جَنى الجنة مثله فرأوه فاشتبه عليهم بالذي جنوه قبله فقالوا هذا الذي رزقنا من قبل. {مُتَشَابِهاً} بشبه بعضه بعضاً في الجودة لا رديء فيه، أو يشبه ثمار الدنيا في اللون دون الطعم، أو يشبه ثمار الدنيا في اللون والطعم، أو يشبهها في الأسم دون اللون والطعم، وليس بشيء {مُّطَهَّرَةٌ} في الأبدان، والأخلاق، والأفعال، فلا حيض، ولا ولاد، ولا غائط، ولا بول، إجماعاً. {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذآ أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراُ ويهدي به كثيراُ وما يضل به إلا الفاسقين (26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مآ أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون (27) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 26 - {لايستحي} لا يترك، أو لا يخشى، أو لا يمنع، أصل الاستحياء: الانقباض عن الشيء والامتناع منه خوفاً من مواقعة القبيح. الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 {بَعُوضَةً} صغار البق لأنها كبعض بقة كبيرة {فَمَا فَوْقَهَا} ما: صلة، أو بمعنى الذي، أو ما بين بعوضة إلى ما فوقها {فَوْقَهَا} في الكبر، أو في الصغر. نزلت في المنافقين لما ضرب لهم المثل بالمُستوقد والصيب قالوا: الله أعلى أن يضرب هذه / الأمثال، أو ضربت مثلاً للدنيا وأهلها فإن البقة تحيا ما جاعت [6 / ب] فإذا شبعت ماتت، فكذا أهل الدنيا إذا امتلئوا منا أُخذوا. أو نزلت في أهل الضلالة لما ذكر الله تعالى العنكبوت والذباب قالوا ما بالهما يذكران فنزلت. {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً} بالمثل كثيراً {وَيَهْدِى بِهِ كَثِيراً} أو يضل بالتكذيب بالأمثال المضروبة كثيراً، ويهدي بالتصديق بها كثيراً، أو حكاه عمن ضل منهم، ومن هتدى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 27 - {يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} النقض: ضد الإبرام، والميثاق: ما وقع التوثق به، والعهد: الوصية، أو الموثق، فعهده: ما أنزله في الكتب من الأمر والنهي، ونقض ذلك، مخالفته، أو العهد: ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب، ونقضه: جحودهم له بعد إعطائهم ميثاقهم {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 187 - ] ، أو العهد: ما جعل في العقول من حجج التوحيد، وتصديق الرسل - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - بالمعجزات، أو العهد: الذي أُخذ عليهم يوم الذر إذ أخرجوا من صلب آدم - عليه الصلاة والسلام -، والضمير في ميثاقه عائد على اسم الله تعالى، أو على العهد. عُني بهؤلاء المنافقين، أو أهل الكتاب، أو جميع الكفار. {مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} هو الرسول، قطعوه بالتكذيب والعصيان، أو الرحم والقرابة، أو هو عام في كل ما أمر بوصله. {وَيُفْسِدُونَ فِى الأَرْضِ} بإخافة السبيل، وقطع الطريق، أو بدعائهم إلى الكفر. {الْخَاسِرُونَ} الخسار: النقصان، نقصوا حظوظهم وشرفهم، أو الخسار: الهلاك، أو كل ما نسب إلى غير المسلم من الخسار فالمراد به الكفر، وما نسب إلى المسلم فالمراد به الذنب. {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (28) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السمآء فسوّاهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم (29) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 28 - {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} توبيخ، أو تعجب، عجَّبَ المؤمنين من كفرهم {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} أمواتاً: عَدَماً، فأحياكم: خلقكم {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند الأجل {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} في القيامة، أو أمواتاً في القبور، فأحياكم فيها للمساءلة، ثم يميتكم فيها، ثم يحييكم للبعث، لأن حقيقة الموت ما كان عن حياة، أو أمواتاً في الأصلاب، فأحياكم أخرجكم من بطون الأمهات، ثم يميتكم في الأجل، ثم يحييكم للبعث يوم القيامة، أو كنتم أمواتاً بعد أخذ الميثاق يوم الذر، فأحياكم خلقكم في بطون أمهاتكم، ثم يميتكم عند الأجل، ثم يحييكم يوم القيامة، أو أمواتاً نطفاً، فأحياكم بنفخ الروح، ثم يميتكم في [7 / أ] الأجل، ثم يحييكم يوم القيامة، أو كنتم أمواتاً خاملي الذكر، فأحياكم / بالظهور الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 والذكر، ثم يميتكم في الأجل، ثم يحييكم يوم القيامة. {تُرْجَعُونَ} إلى مجازاته على أعمالكم، أو إلى الموضع الذي يتولى الله تعالى فيه الحكم بينكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 29 - {اسْتَوَى إِلىَ السَّمَآءِ} أقبل عليها، أو قصد إلى خلقها، أو تحول فعله إليها، أو استوى أمره وصنعه الذي صنع به الأشياء إليها، أو استوت به السماء، أو علا عليها وارتفع، أو استوى الدخان الذي خلقت منه السماء وارتفع. {وإذ قال ربك للملآئكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون (30) } الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 30 - {وَإِذْ قَالَ} " إذ " صلة، أو أصلية مقصودة، لما ذكر نعمه لخلقه بما خلق لهم في الأرض ذكَّرهم نعمه على أبيهم آدم صلى الله عليه وسلم أو أنه ذكر ابتداء الخلق كأنه قال وابتدأ خلقكم إذ قال ربك. {لِلْملآئِكَةِ} الملك مأخوذ من ألك الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 يألك إذا أرسل [والألوك: الرسالة] سميت بذلك، لأنها تولك في الفم، يقال: الفرس يألك اللجام ويعلكه، ألكنى إليها: أرسلني إليها، والملك: أفضل الحيوان، وأعقل الخلق، لا يأكل، ولا يشرب ولا ينكح، ولا ينسل، وهو رسول لا يعصي الله - تعالى - في قليل ولا كثير، له جسم لطيف لا يرى إلا إذا قوى الله - تعالى - أبصارنا. {جَاعِلٌ} خالق، أو فاعل. {فِى الأَرْضِ} قيل إنها مكة. {خَلِيفَةً} الخليفة من قام مقام غيره، خليفة: يخلفني في الحكم بين الخلق، هو آدم صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من ذريته، أو بنو آدم يخلفون آدم، ويخلف بعضهم بعضاً في العمل بالحق، وعمارة الأرض، أو آدم وذريته خلفاء من الذين كانوا فيها فأفسدوا، وسفكوا الدماء. {أَتَجْعَلُ} استفهام لم يجبهم عنه، أو إيجاب قالوه ظناً لما رأوا الجن قد أفسدوا في الأرض ألحقوا الإنس بهم في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ذلك، أو قالوه عن إخبار الله تعالى لهم بذلك، فذكروا ذلك استعظاماً لفعلهم مع إنعامه عليهم، أو قالوه تعجباً من استخلاقه لهم مع إفسادهم. {وَيَسْفِكُ} السفك: صب الدم خاصة، والسفح: مثله إلا أنه يستعمل في كل مائع على وجه التضييع ولذلك قيل للزنا سفاح. {نسح} التسبيح: التنزيه من السوء على وجه التعظيم، فلا يُسبَّح غير الله - تعالى -، لأنه قد صار مستعملاً في أعلى مراتب التعظيم التي لا يستحقها سواه، نسبح لك نصلي لك، أو نعظمك، أو التسبيح المعروف، أو هو رفع الصوت بالذكر. {وَنُقَدِّسُ لَكَ} التقديس: التطهير، الأرض المقدسة: المطهرة. نقدس: نصلي لك، أو نطهرك من الأدناس، أو التقديس المعروف. {مَا لا تعلمون} / ما أضمره إبليس من [7 / ب] المعصية، أو من ذرية آدم صلى الله عليه وسلم من الأنبياء المصلحين، أو ما اختص بعلمه من تدبير المصالح. {وعلّم ءادم الأسمآء كلها ثم عرضهم على الملآئكة فقال أنبئوني بأسمآء هؤلآء إن كنتم صادقين (31) قالوا سبحانك لا علم لنآ إلا ما علّمتنآ إنك أنت العليم الحكيم (32) قال يا ءادم أنبئهم بأسمآئهم فلمآ أنبأهم بأسمآئهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (32) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 31 - {آدم} سُمي به، لأنه خلق من أديم الأرض: " وهو وجهها الظاهر "، أو أُخذ من الأُدمة. {الأسماء} أسماء الملائكة، أو أسماء ذريته أو أسماء كل شيء، عُلم الأسماء وحدها، أو الأسماء والمسميات، وعلى الأول علمها بلغته التي كان يتكلم بها، أو علمها بجميع اللغات، وعلمها آدم صلى الله عليه وسلم ولده فلما تفرقوا تكلمت كل طائفة بلسان ألفوه منها، ثم نسوا الباقي الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بتطاول الزمان، أو أصبحوا وقد تكلمت كل طائفة بلغة، ونسوا غيرها في ليلة واحدة، وهذا خارق. {عَرَضَهُمْ} الأسماء، أو المسمين على الأصح، وعرضهم بعد أن خلقهم، أو صورهم لقلوب الملائكة ثم عرضهم قبل خلقهم. {أَنبِئُونِى} أخبروني، مأخوذة من الإنباء، وهو الإخبار على الأظهر، أو الإعلام. {صَادِقِينَ} أني لا أخلق خلقاً إلا كنتم أعلم منه، لأنه وقع لهم ذلك، أو فيما زعمتم أن الخليفة يفسد في الأرض، أو أني إن استخلفتكم سبحتم، وقدستم، وإن أستخلف غيركم عصى، أو أني لا أخلق خلقاً إلا كنتم أفضل منه، أو صادقين: عالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 32 - {الْعَلِيمُ} العالم من غير تعليم {الْحَكِيمُ} المحكم لأفعاله، أو المصيب للحق، ومنه الحاكم لإصابته، أو المانع من الفساد، وحكمة اللجام تمنع الفرس من شدة الجري. قال: (أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا) الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 33 - {مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} ما تبدون من قولكم {أتجعل فيها} والمكتوم: ما أسرَّه إبليس من الكِبْرِ، والعصيان، أو ما أضمروه من أن الله - تعالى - لا يخلق خلقاً إلا كانوا أكرم عليه منهم. {وإذ قلنا للملآئكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلآ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34) } الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 43 - {اسْجُدُواْ} أصل السجود: الخضوع، والتطامن، أُمروا بذلك تكريماً لآدم صلى الله عليه وسلم وتعظيماً لشأنه، أو جُعل قِبلة لهم، وأُمروا بالسجود إليه. {إِلآ الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 إِبْلِيسَ} امتنع حسداً، وتكبراً، وكان أبا الجن كما آدم صلى الله عليه وسلم أبو البشر، أو كان من الملائكة فيكون قوله تعالى {كَانَ مِنَ الجن} [الكهف: 50] وهم حي من الملائكة يسمون جِنّاً، أو كان من خزان الجنة، فاشتق اسمه منها، أو لانه جن عن الطاعة، أو الجن اسم لكل مستتر مجتنن. قال: (براه إلهي واصطفاه لدينه ... وملكه ما بين توما إلى مصر) (وسخر من جن الملائك تسعة ... قياماً لديه يعملون بلا آجر) واشتق من الإبلاس، وهو اليأس من الخير، أو هو اسم أعجمي لا اشتقاق له. {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} / صار منهم، أو كان قبله كفار هو منهم، أو كان من [8 / أ] الجن وإن لم يكن قبله جن، كما كان آدم صلى الله عليه وسلم من الإنس وليس قبله إنس. {وقلنا يآ ءادم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 فتكونا من الظالمين (35) فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (36) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 35 - {اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ} خلقت حواء من ضلع آدم صلى الله عليه وسلم وهو نائم، ولهذا يقال لها ضلع أعوج، وسميت امرأة لأنها خلقت من المرء، وسميت حواء لأنها خلقت من حي، أو لأنها أم كل حي، وخلقت قبل دخوله الجنة، أو بعد دخوله إليها. {الْجَنَّةَ} جنة الخلد، أو جنة أعدها الله - تعالى - لهما. {رَغَداً} الرغد: العيش الهنيء، أو الواسع، أو الحلال الذي لا حساب فيه. {الشَّجَرَةَ} البر، أو الكرم، أو التين، أو شجرة الخلد التي كانت الملائكة تَحنَك منها. {الظَّالِمِينَ} لأنفسهما، أو المعتدين بأكل ما لم يبح، وأكلها ناسياً فحكم عليه بالمعصية، لترك التحرز، لأنه يلزم الأنبياء - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - من التحرز ما لا يلزم غيرهم أو أكل منها وهو سكران، قاله ابن المسيب: أو أكل عالماً متعمداً، أو تأول النهي على التنزيه دون التحريم، أو على عين الشجرة دون جنسها، أو على قوله تعالى {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ} [الأعراف: 20] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 36 - {فَأَزَلَّهُمَا} أزالهما: نَحَّاهما، وأزلهما: من الزلل وهو الزوال عن الحق. والشيطان: إبليس، وسوس لهما من غير مشاهدة، ولا خلوص إليهما، أو خلص إليهما وشافههما بالخطاب، وهو الأظهر، وقول الأكثر. {فَأَخْرَجَهُمَا} نسب الخروج إليه، لأنه سببه. {اهْبِطُواْ} الهُبوط: الزوال، والهبوط: موضع الهَبوط، المأمور به آدم، وحواء، وإبليس، والحية، أو آدم، وإبليس، وذريتهما، أو آدم، وحواء والوسوسة. {عَدُوٌّ} بنو آدم وبنو إبليس أعداء، أو الذين أُمروا بالهبوط بعضهم لبعض أعداء. {مُسْتَقَرٌّ} مقامهم عليها، أو قبورهم. {وَمَتَاعٌ} كل ما انتفع به فهو متاع. {إِلَى حِينٍ} الموت، أو قيام الساعة، أو أجل. {فتلقىءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (37) قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (38) والذين كفروا وكذبوا بئاياتنآ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (39) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 37 - {كَلِمَاتٍ} الكلام من التأثير، لتأثيره في النفس بما يدل عليه من المعاني، والجرح كلم لتأثيره في الجسد. الكلمات قوله - تعالى -: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ} الآية [الأعراف: 23] أو قول آدم صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى " أرأيت إن تبت وأصلحت " فقال: إني راجعك إلى الجنة، أو قوله: " لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين، اللهم [8 / ب] لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب / إني ظلمت نفسي فتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم " {فَتَابَ عَلَيْهِ} توبة العبد الرجوع عن المعصية، وتوبة الرب عليه قبول ذلك، ورجوعه له إلى ما كان عليه، والتوبة واجبة عليه وعلى حواء، وأفرد بالذكر، لقوله تعالى: {فتلقى آدم} أفرده بالذكر فرد الإضمار إليه، أو استغنى بذكر أحدهما عن الآخر لاشتراكهما في حكم واحد {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [النور: 62] {انفَضُّوَاْ إِلَيْهَا} {التَّوَّابُ} الكثير القبول للتوبة. {الرَّحِيمُ} الذي لا يخلي عباده من نعمه. ولم يهبط عقوبة، لأن ذنبه صغير، وهبوطه وقع بعد قبول توبته، وإنما أُهبط تأديباً. أو تغليظاً للمحنة. الحسن " خلق آدم للأرض، فلو لم يعص لخرج على غير تلك الحال " أو يجوز أن يخلق لها إن عصى ولغيرها إن لم يعص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 {يا بني إسرآءيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون (40) وءامنوا بمآ أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بئاياتي ثمناً قليلاُ وإياي فاتقون (41) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (42) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 40 - {إسرائيل} يعقوب، إسرا - بالعبرانية - عبد، وإيل هو الله - تعالى - فهو عبد الله /. {أذْكُرُواْ} الذّكِر باللسان وبالقلب، والذكر بالشرف بصم الذال وكسرها في القلب واللسان. أو بالضم في القلب وبالكسر في اللسان، ومراد الآية ذكر القلب، يقول: لا تتناسوا نعمتي. {نِعْمَتىَ} إنعامي العام على خلقي، أو أنعامي على آبائكم بما ذكر في هذه السورة، فالإنعام على الآباء شرف للأبناء. {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى} أوفوا بما أمرتكم به {أوف} بما وعدتكم، أو أوفوا بما أنزلته في كتابكم، " أن تؤمنوا بي وبرسلي " أوف لكم بالجنة، سماه عهداً، لأنه عهد به إليهم في الكتب السالفة، أو جعل الأمر كالعهد الذي هو يمين لاشتراكهما في لزوم الوفاء بهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 41 - {بما أنزلت} على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن {مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ} من التوراة في التوحيد ولزوم الطاعة، أو مصدقاً لما فيها من أنها من عند الله، أو لما فيها من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. {أَوَّلَ كَافِرِ} بالقرآن من أهل الكتاب، أو محمد صلى الله عليه وسلم، أو بما في التوراة والإنجيل من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. {ثَمَناً قَلِيلاً} لا تأخذوا عليه أجراً، وفي كتابهم " يا ابن آدم عَلم مجاناً كما عُلمت مجاناً "، أو لا تأخذوا على تغييره وتبديله ثمناً، أو لا تأخذوا ثمناً على كتم ما فيه من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 42 - {ولا تلبسوا} ولا تكتموا الصدق بالكذب، اللبس: الخلط، أو اليهودية والنصرانية بالإسلام، أو التوراة المنزلة بما كتبوه بأيديهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 الحق} نبوة محمد صلى الله عليه وسلم {وأنتم تعلمون} أنه في كتبكم. {وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين (43) أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (44) واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (45) الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون (46) } [9 / أ] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 43 - {الزَّكَاةَ} من النماء والزيادة /، لأنها تثمر المال، أو من الطهارة بأدائها يطهر المال فيصير حلالاً، أو تطهر المالك من إثم المنع. {الرَّاكِعِينَ} الركوع من التطامن والانحناء، أو من الذل والخضوع، عُبِّر عن الصلاة بالركوع، أو أراد ركوعها إذ لا ركوع في صلاتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 44 - {بِالْبِرِّ} بالطاعة، أُمروا بها وعصوا، أو أُمروا بالتمسك بكتابهم، وتركوه بجحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أُمروا بالصدقة وضنوا بها. الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 45 - {بِالصَّبْرِ} على الطاعة، وعن المعصية، أو بالصوم، ويسمى صبراً لأنه يحبس نفسه عن الطعام والشراب، والصبر: حبس النفس عما تنازع إليه. " كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر استعان بالصلاة والصوم " {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} وإن الصلاة لثقيلة إلا على المؤمنين، أو إن الصبر والصلاة - أرادهما وأعاد الضمير إلى أحدهما، أو أن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم لشديدة {إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} الخشوع الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 والخضوع: التواضع، أو الخضوع في البدن، والخشوع في الصوت والبصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 46 - {يظنون أنهم ملاقو رَبِّهِمْ} بذنوبهم لإشفاقهم منها أو يتيقنون عند الجمهور. {رَاجِعُونَ} بالموت، أو بالإعادة، أو إلى أن لا يملك لهم أحد غيره ضراً ولا نفعاً كما كانوا في بدو الخلق. {يا بني إسرآءيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (47) واتقوا يوماً لا تجزى نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون (48) } الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 48 - {لاَّ تَجْزِى} لا تغني، أو لا تقضي، جزاه الله خيراً: قضاه. {شَفَاعَةٌ} لا يقدر على شفيع تقبل شفاعته، أو لا يجيبه الشفيع إلى الشفاعة، وإن كان مشفعاً لو شفع. {عَدْلٌ} فدية، وعِدْل: مثل " لا يقبل منه صرف ولا عدل " الصرف: العمل، والعدل: الفدية. أو الصرف: الدية، والعدل: رجل الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 مكانه. أو الصرف: التطوع، والعدل: الفرض أو الصرف: الحيلة، والعدل: الفدية، قاله أبو عبيدة. {وإذ نجيناكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفي ذالكم بلآء من ربكم عظيم (49) وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنآ ءال فرعون وأنتم تنظرون (50) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 49 - {آل فرعون} آل الرجل: هم الذين تؤول أمورهم إليه في نسب أو صحبة، والآل والأهل سواء [أ] والآل يضاف إلى المُظهر دون المضمر الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 والأهل يضاف إليهما، أهل العلم وأهل البصرة ولا يقال آل العلم ولا آل البصرة. {فِرعَوْنَ} اسم رجل معين، أو فرعون لملوك العمالقة، كقيصر للروم وكسرى للفرس، واسم فرعون " الوليد بن مصعب " {يَسُومُونَكُمْ} يولونكم " سامه خطة خسفٍ ": أولاه، أو يجشمونكم الأعمال الشاقة، أو يزيدونكم على ذلك سوء العذاب ومساومة البيع: مزايدة كل واحد من العاقدين. {يستحيون نِسَآءَكُمْ} يبقونهم أحياء للاسترقاق والخدمة فلذلك كان من سوء [9 / ب] العذاب. والنساء يقع على الكبار والصغار، أو تسمى به الصغار، اعتباراُ بما يصرن إليه {وَفِى ذَلِكُم} إنجائكم، أو في سومهم إياكم سوء العذاب. والذبح والإبقاء، والبلاء: يستعمل في الاختبار بالخير والشر. والأكثر في الخير: أبليته أبليه إبلاء، وفي الشر: بلوته أبلوه بلاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 50 - {فَرَقْنَا} فصلنا " أو ميزنا " وسمى البحر بحراً لسعته وانبساطه، تبحر في العلم اتسع فيه. {تُنظُرُونِ} إلى سلوكهم البحر، وانطباقه عليهم. {وَإِذْ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52) وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون (53) } الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 51 - [ {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى} ] ووجد موسى [عليه السلام] في اليم بين الماء والشجر فسمى لذلك موسى، مو: هو الماء، وسا: هو الشجر. {الْعِجْلَ} قال الحسن: صار لحماً ودماً له خوار ومنع غيره ذلك لما فيه من الخرق المختص بالأنبياء، وإنما جعل فيه خروقاً تدخلها الريح فتصوت كالخوار. وعلى طريق الحسن فالخرق يقع لغير الأنبياء في زمن الأنبياء، لانهم يبطلونه. وقد قال السامري: {هذا إلهكم وإله موسى} [طه: 88] فأبطل أن يدعي بذلك أعجاز الأنبياء، وسمي عجلاً، لأنه عجل بأن صار له خوار، أو الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 لانهم عجلوا بعبادته قبل رجوع موسى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 53 - {الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} الكتاب: التوراة، وهي الفرقان، أو الفرقان ما في التوراة من الفرق بين الحق والباطل، أو فرقة - سبحانه وتعالى - بين موسى وفرعون بالنصر، أو انفراق البحر. {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوآ أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54) } الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 54 - {بَارِئِكُمْ} خالقكم والبرية: الخلق متروك همزها من برأ الله الخلق، أو من البري وهو التراب، أو من بريت العود، أو من تبرى شيء من غيره إذا انفصل منه، كالبراءة من الدَّيْن والمرض. {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} مكنوا من قتلها، أو ليقتل بعضكم بعضاً. والقتل إماتة الحركة قتلت الخمر بالماء إذا مزجتها به، فسكنت حركتها، ابن جريج، جُعلت توبتهم بالقتل، لأن الذين الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 لم ينكروا خافوا القتل فجعلت توبتهم به. {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (55) ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56) وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوآ أنفسهم يظلمون (57) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 55 - {جَهْرَةً} علانية، أو عياناً، وأصل الجهر: الظهور، ومنه جهر بالقراءة، وجاهر بالمعاصي. {الصَّاعِقَةُ} الموت. الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 56 - {بعثناكم} أحييناكم، أو سألوا أن يبعثوا بعد الإحياء أنبياء. والبعث هو الإرسال، أو إثارة الشيء من محله، وهؤلاء هم السبعون المختارون للميقات. الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 57 - {الْغَمَامَ} ما غطى السماء من السحاب، غُم الهلال: غطاه السحاب، وكل مُغطى مغموم. وهذا الغمام هو السحاب، أو الذي أتت فيه الملائكة يوم بدر. {الْمَنَّ} ما سقط على الشجر فأكله الناس / أو صمغة، أو [10 / أ] شراب كانوا يشربونه ممزوجاً بالماء. أو عسل ينزل عليهم أو الخبز الرقاق، أو الزنجبيل. أو الترنجبين. {السلوى} السماني أو طائر يشبهه. كانت تحشره عليهم ريح الجنوب. {طيبات} اللذيذة، أو الحلال. {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58) فبدّل الذين ظلموا قولاً غير الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 {الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السمآء بما كانوا يفسقون (59) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 58 - {الْقَرْيَةَ} بيت المقدس، أو قرية بيت المقدس، أو أريحيا. {الْبَابَ} باب القرية المأمور بدخولها، أو باب حِطة، وهو الثامن من بيت المقدس. {سُجَّداً} ركعاً، أو متواضعين خاضعين، أصل: السجود الانحناء تعظيماً وخضوعاً. {حِطَّةٌ} لا إله إلا الله، أو أُمروا بالاستغفار أو حط عنا خطايانا، أو قولوا: هذا الأمر حق كما قيل لكم. [ {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} ] نغفرها بسترها عليكم فلا نفضحكم، من الغفر وهو الستر، ومنه بيضة الحديد: مغفر. الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 59 - {فَبَدَّلَ} دخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا حنطة في شعيرة استهزاء منهم. {رِجْزاً} عذاب، أو غضب أو طاعون أهلكهم كلهم، وبقي الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه. {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60) } الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 60 - {اسْتَسْقَى} طلب السقيا، سقيته وأسقيته، أو سقيته بسقى شفته، وأسقيته دللته على الماء. {فَانفَجَرَتْ} الانفجار: الانشقاق، والانبجاس أضيق منه. {عَيْناً} شبهت بعين الحيوان، لخروج الماء منها كما يخرج الدمع. {كُلُّ أُنَاسٍ} لكل سبط عين عرفها لا يشرب من غيرها. {تَعْثَوْاْ} تطغوا، أو تسعوا " العيث ": شدة الفساد. . الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثآئها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وبآءو بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بئايات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (61) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 61 - {وَفُومِهَا} الحنطة، أو الخبز، أو الثوم. {مِصْراً} مبهماً، أو مصر فرعون، والمصر من القطع لانقطاعه بالعمارة، أو من الفصل، قال: (" وجاعل الشمس مصراً لاخفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا " ... ) {الذِّلَّةُ} الصغار، أو ضرب الجزية. {والمسكنة} الفقر، أو الفاقة. {وباءوا} نزلوا من المنزلة، قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلم: هذا قاتل أخي [قال] : فهو بواء به: أي ينزل منزلته في القتل، أو أصله التسوية أي تساووا في الغضب: عبادة بن الصامت: جعل الله - تعالى - الأنفال إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقسمها الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 بينهم على بواء: أي سواءَ، أو رجعوا. والبواء الرجوع لا يكون إلا بشر أو خير. {ويقتلون النبيين} مكنهم من قتل الأنبياء - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - ليرفع درجاتهم، أو كل نبي أمره بالحرب نصره، ولم يمكن من قتله قال الحسن: والنبي من النبأ، وهو الخبر / لإنبائه عن الله - تعالى - أو من النبوة المكان المرتفع، لارتفاع منزلته، أو من النبي وهو الطريق، لأنه طريق إلى الله - تعالى -. {إن الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 62 - {هَادُواْ} من هاد يهود هودا وهيادة إذا تاب. أو من قولهم {هُدْنَآ إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] أو نسبوا إلى يهوذا أكبر ولد يعقوب - عليه الصلاة والسلام - فعربته العرب بالدال. {وَالنَّصَارَى} جمع نصراني، أو نصرانِ عند سيبويه وعند الخليل نصري. لنصرة بعضهم لبعض، أو لقوله تعالى: {مَنْ أنصارى إِلَى الله} [آل عمران: 52] أو كان يقال لعيسى - عليه الصلاة والسلام - الناصري لنزوله الناصرة فنُسب إليه النصارى. {وَالصَّابِئِينَ} جمع صابئ، من الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الطلوع والظهور، صبأ ناب البعير: طلع، أو من الخروج من شيء إلى آخر، لخروجهم من اليهودية إلى النصرانية، أو من صبا يصبو إذا مال إلى شيء وأحبه على قراءة نافع بغير الهمز، ثم هم قوم بين اليهود والمجوس، أو قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القبلة، ويقرءون الزبور، أو دينهم شبيه بدين النصارى، قبلتهم نحو مهب الجنوب حيال منتصف النهار، يزعمون أنهم على دين نوح - عليه الصلاة والسلام - {من الأمن} نزلت في سلمان، والذين نَصَّروه وأخبروه بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم أو هي منسوخة بقوله تعالى {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام} [آل عمران: 85] والمراد بالنسخ التخصيص. {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا مآ ءاتيناكم بقوة واذكروا ما فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 لعلكم تتقون (63) ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين (64) ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردةً خاسئين (65) فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظةً للمتقين (66) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 63 - {الطُّورَ} جبل التكليم، وإنزال التوراة، أو ما أنبت من الجبال دون ما لم ينبت، أو اسم كل جبل بالسرياني، أو بالعربي، قال: (داني جناحيه من الطور فمرَّ ... تَقضِّيَ البازي إذا البازي كسر) الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 64 - {بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد، أو بطاعة الله - تعالى -، أو بالعمل بما فيه. الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 65 - {اعتدوا} بأخذ الحيتان ااستحلالاً، أو حبسوها يوم السبت، وأخذوها يوم الأحد. {السَّبْتِ} من القطع، فهو القطعة من الدهر، أو سبت فيه خلق كل شيء: قطع وفرغ منه، أو تسبت فيه اليهود عن العمل، أو من الهدوء والسكون، لأنهم يستريحون فيه {نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والنائم مسبوت. {قِرَدَةً} صاروا في صورها، أو لم يمسخوا بل مثلوا بالقردة، كقوله {كَمَثَلِ الحمار} [الجمعة: 5] قاله مجاهد. {خَاسِئِينَ} مطرودين مبعدين. أو أذلاء. الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 66 - {فَجَعَلْنَاهَا} العقوبة، أو القرية، أو الأمة، أو الحيتان، أو القردة الممسوخ على صورهم. {نَكَالاً} عقوبة، أو عبرة يَنْكُل بها من رآها، أو النكال / الاشتهار بالفضيحة. {لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} من القرى، أو ما بين يديها من يأتي بعدهم، وما خلفها الذين عاصروهم. أو ما بين يديها من الذنوب، وما خلفها عبرة لمن يأتي بعدهم. أو ما بين يديها ذنوبهم، وما خلفها للحيتان التي أصابوها، أو ما بين يديها ما مضى من ذنوبهم، وما خلفها ذنوبهم التي أهلكوا بها. {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (67) قالوا ادع لنا ربك يبيّن لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون (68) قالوا ادع لنا ربك يبيّن لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفرآء فاقع لونها تسر الناظرين (69) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنآ إن شآء الله لمهتدون (70) قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلّمة لا شية فيها قالوا الئان جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون (71) } الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 67 - {هُزُواً} اللعب والسخرية، قالوه استبعاداً لما بين السؤال والجواب. الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 68 - {بَقَرَةً} من البَقْرِ وهو الشق، لأنها تشق الأرض، والذكر: ثور. {فَارِضٌ} ولدت بطوناً كثيرة فاتسع جوفها، لأن الفارض في اللغة: الواسع، أو الكبيرة الهرمة عند الجمهور. {بِكْرٌ} صغيرة لم تحمل، البكر من البهائم الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 والناس: ما لم يفتحله الفحل، والبكر بفتح الباء: فتى الإبل. {عَوَانٌ} النَّصَف، قد ولدت بطناً أو بطنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 69 - {صَفْرَآءُ} اللون المعروف لقوله - تعالى - {فَاقِعٌ} [يقال] أسود حالك، وأحمر قاني، وأبيض ناصع، وأخضر ناضر، وأصفر فاقع، وقال الحسن وحده: سوداء شديدة السواد، كما قالوا: ناقة صفراء أي سوداء، قال: (تلك خيلي منه وتلك ركابي ... هن صفرٌ أولادها كالزبيبِ) وأُريد بالصفرة قرنها وظلفها، أو جميع لونها. {فَاقِعٌ} شديد الصفرة، أو خالصها، أو صافيها. الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 71 - {ذَلُولٌ} أذلها العمل. {تُثِيرُ الأَرْضَ} والإثارة تفريق الشيء {مُسَلَّمَةٌ} من العيوب، أو من الشية: وهي لون يخالف لونها من سواد أو بياض من وشي الثوب: وهو تحسين عيوبه بألوان مختلفة، الواشي: الذي يحسِّن كذبه عند السلطان ليقبله. {جِئْتَ بِالْحَقِّ} بينت الحق، أو قالوا: هذه بقرة فلان جئت بالحق فيها. {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} لغلاء ثمنها، لأنه كان بملء الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 مَسْكها ذهباً أو بوزنها عشر مرات، أو خوفاً من الفضيحة بمعرفة القاتل، وكان ثمنها ثلاثة دنانير. {وإذ قتلتم نفساً فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون (72) فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم ءاياته لعلكم تعقلون (73) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 72 - {فادارأتم} تدافعتم واختلفتم. {تَكْتُمُونَ} تسرون من القتل. الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 73 - {بِبَعْضِهَا} بفخذها، أو ذنبها، أو عظم من عظامها، أو بعض آرابها، أو البضعة التي بين الكتفين. فلما حيي القتيل قال: قتلني ابن الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 أخي، ثم مات فحلف بنو أخيه بالله ما قتلناه. {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منا المآء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون (74) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 74 - {قَسَتْ قُلُوبُكُم} في ابن أخي الميت لما أنكر قتله بعد سماعه منه، أو في جملة بني إسرائيل قست قلوبهم من بعد جميع الآيات التي أظهرها الله - تعالى - على موسى. {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أو ها هنا وفيما أشبهه للإبهام على المخاطب. أبو الأسود الدؤلي: (أحب محمداً حباً شديداً ... وعباساً وحمزة أو علياً) فلما قيل له في ذلك استشهد بقوله تعالى: {وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً} ، أو تكون بمعنى " الواو " قال جرير: الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 (نال الخلافة أو كانت له قدراً ... كما أتى ربه موسى على قدر) أو تكون بمعنى " بل "، أو تكون لإباحة التشبيه بكل واحد منهما. أو هي كالحجارة أو أشد قسوة عندكم. {يَهْبِطُ} هبوطه تفيؤ ظلاله أو هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 لجلالة الله سبحانه أو [يُرى] كأنه هابط خاشع لعظم أمر الله تعالى (لما أتى خبرُ الزبير تواضعت ... سورُ المدينة والجبالُ الخشعُ) أو كل حجر تردى من رأس جبل فمن خشية الله تعالى، أو يعطي بعض الجبال المعرفة [فيعقل طاعة الله - تعالى -] وقد حن الجذع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلم عليه حجر بمكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (75) وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحآجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون (76) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 75 - {يحرفون} نزلت فيمن حرّف التوراة فحرّم حلالها وأحل حرامها. أو في السبعين سمعوا كلام الله - تعالى - ثم حرّفوه لقومهم. الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 76 - {فَتَحَ اللَّهُ} ذكركم الله - تعالى - به، أو أنزله في التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو قول بني قريظة للرسول صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: " يا إخوة القردة " - من حدثك بهذا، أو أسلم منهم ناس، ثم نافقوا وحدثوا العرب بما عُذبوا به، فقال بعضهم لبعض {أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} أي بما قضى وحكم، والفتح: القضاء والحكم. {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلآ أماني وإن هم إلا يظنون (78) فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79) } الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 78 - {أُمِّيُّونَ} قوم لم يصدقوا رسولاً، ولا كُتباً وكتبوا كتاباً بأيديهم وقالوا لجهالهم هذا من عند الله، والأظهر أن الأمي هو الذي لا يقرأ ولا الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 يكتب، نسب إلى أصل ما عليه الأمَّة من أنها لا تكتب ابتداء، أو أنه على ما ولدته أمه، أو نسب إلى أمه، لأن المرأة لا تكتب غالباً. {أمَانِىَّ} تلاوة، أو كذباً، أو أحاديث، أو يتمنون على الله - تعالى - ما ليس لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 79 - {فَوَيْلٌ} عذاب، أو تقبيح، أو حزن، أو وادٍ في النار، أو جبل فيها، أو وادٍ من صديد في أصلها. {يَكْتُبُونَ} يغيرون ما في التوراة من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم {بِأَيْدِيهِمْ} تحقيق للإضافة إليهم، أو من تلقاء أنفسهم. {ثَمَناً قَلِيلاً} حراماً، أو {مَتَاعُ الدنيا قليل} [النساء: 77] . {وقالوا لن تمسنا النار إلآ أياماً معدودةُ قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون (80) بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (81) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (82) وإذ أخذنا مثاق بني إسرآءيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون (83) } الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 80 - {مَّعْدُودَةً} سبعة أيام، زعموا أن عمر الدنيا سبعة آلاف وأنهم يعذبون على كل ألف يوماً واحداً من أيام الآخرة، وهو ألف سنة من أيام الدنيا، أو أربعون يوماً التي عبدوا فيها العجل، أو زعموا أن في التوراة أن مسيرة ما بين طرفي [جهنم] أربعون سنة يسيرون كل سنة في يوم فإذا انقطع السير الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 هلكت النار وانقطع عذابهم فتلك أربعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 81 - {بَلَى} إيجاب للنفي: إذا قال مالي عليك شيء فقال بلى [كان رداً لقوله، وتقديره " بلى لي عليك "] . {سَيِّئَةً} شركاً، أو ذنوباً وعد عليها بالنار. {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} مات عليها، أو سدت / عليه مسالك النجاة. {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمآءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون (84) ثم أنتم هؤلآء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزآء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون (85) أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون (86) } الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 84 - [ {لا تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ} ] لا تقتلون أنفسكم لا يقتل بعضكم بعضاً أو لا تقتلوا أحداً فيقتص منكم به، فتكونوا قاتلين لأنفسكم بالتسبب، والنفس من النفاسة، لأنها أنفس ما في الإنسان. {دِيَارِكُمْ} الخليل: كل موضع حله قوم فهو دار وإن لم يكن فيه أبنية، أو الدار موضع فيه أبنية المقام. الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 85 - {تَظَاهَرُونَ} تتعاونون. {الإِثْمِ} الفعل الذي يستحق عليه الذم. {العدوان} مجاوزة الحق، أو الإفراط في الظلم. {أُسَارَى} أَسري جمع أسير، وأُساري جمع أَسرى، أو الأُساري: الذين في الوثاق، والأَسرى: الذين في اليد وإن لم يكونوا في وثاق، قاله ابن العلاء: {ولقد ءاتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وءاتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جآءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون (87) وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون (88) } الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 87 - {وَقَفَّيْنَا} أتبعنا، التقفية: الإتباع. {الْبَيِّنَاتِ} الحجج، أو الإنجيل أو إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأسقام. {بِرُوحِ الْقُدُسِ} الاسم الذي كان يحيي به الموتى، أو جبريل عليه السلام - على الأظهر - سمي به، لأنه كالروح للبدن يحيا بما يأتي به من الوحي، أو لأن الغالب على جسده الروحانية، أو لأنه وجد بقوله {كن} من غير ولادة، القدس: البركة، أو الطهر لبراءته من الذنوب، والقدس والقدوس واحد. الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 88 - {غُلْفُ} في أغطية لا تفقه، أو هي أوعية للعلم. {لعنهم} الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 طردهم وأبعدهم. {فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} قليلاً من يؤمن منهم، لأن من آمن من المشركين أكثر ممن آمن من أهل الكتاب، أو لا يؤمنون إلا بالقليل من كتابهم، و " ما " صلة. {ولما جآءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فما جآءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (89) بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بمآ أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشآء من عباده فبآءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين (90) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 89 - {كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ} القرآن. {مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ} من التوراة والإنجيل أنه من عند الله تعالى، أو مصدق لما فيهما من الأخبار {يَسْتَفْتِحُونَ} يستنصرون. الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 90 - {اشْتَرَوُاْ} باعوا {بَغْياً} حسداً، والبغي: شدة الطلب للتطاول، أصله الطلب، الزانية بغي، لطلبها الزنا. {بغضب على غضب} الأول: كفرهم بعيسى صلى الله عليه وسلم، والثاني: كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أو الأول: قولهم: عزير ابن الله، ويد الله مغلولة، وتبديلهم الكتاب، والثاني: كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو عبّر بذلك عن لزوم الغضب لهم. {مَهِينٌ} مذل، عذاب الكافر مهين، لأنه لا يمحص دينه بخلاف عذاب المؤمن، لأنه ممحص لدينه. {وإذا قيل لهم ءامنوا بمآ أنزل الله قالوا نؤمن بمآ أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 مؤمنين (91) ولقد جآءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (92) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 91 - {بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ) {القرآن} (بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا) {التوراة} (بِمَا وَرَآءَهُ} بما بعده. {مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ} من التوراة، وكتب الله - تعالى - يصدق بعضها بعضاً. {فَلِمَ تَقْتُلُونَ} فَلِمَ قتلتم، أو فَلِمَ ترضون بقتلهم. {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا مآ ءاتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين (93) } الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 93 - {وَاسْمَعُواْ} اعملوا بما سمعتم، أو اقبلوا ما سمعتم، سمع الله لمن حمده قبل حمده. {سَمِعْنَا) {قولك} (وَعَصَيْنَا} أمرك، قالوه سراً، أو فعلوا ما دل عليه، ولم يقولوه / فقام فعلهم مقام قولهم: (امتلأ الحوض وقال: قطني ... مهلاً رويداً قد ملأتُ بطني) {وَأُشْرِبُواْ فِى قلوبهم} حب العجل. أو برده موسى - عليه الصلاة والسلام - وألقاه في اليم فمن شرب ممن أحب العجل ظهرت سحالة الذهب على شفتيه. الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصةً من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (94) ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين (95) ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون (96) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 94 - {من دون الناس} كلهم، أو محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضوان الله تعالى عليهم -، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " لو تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار فلم يتمنوه علماً منهم أنهم لو تمنوه لماتوا كما قال: أو صرفوا عن إظهار تمنيه آية للرسول صلى الله عليه وسلم. الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 96 - {ولتجدنهم} اليهود. {الَّذِينَ أَشْرَكُواْ} المجوس. {يَوَدُّ} أحد المجوس {لَوْ يعمر ألف سنة} {بمزحزحه} بمباعده. {قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين (97) من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين (98) } الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 97 - {عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ} نزلت لما قال ابن صوريا للرسول صلى الله عليه وسلم: أي الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 ملك يأتيك بما يقول الله تعالى قال: جبريل - عليه السلام - قال: ذاك عدونا ينزل بالقتال والشدة، وميكائيل يأتي باليسر والرخاء. فلو كان هو الذي يأتيك آمناً بك فنزلت. وجبر: عبد، وميكا: عُبيد، وأيل: هو الله - تعالى -، وهما عبد الله وعُبيد الله، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: ولم يخالف فيه أحد، وخُصا بالذكر وإن دخلا في عموم الملائكة تشريفاً وتكريماً، أو نص عليهما لأنهم يزعمون أنهم ليسوا بأعداء لله - تعالى - ولملائكته أجمع بل هم أعداء لجبريل وحده، فأبطل مثل هذا التأويل بذكر جبريل - عليه السلام -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 98 - {عَدُوٌ لِّلْكَافِرِينَ} لم يقل عدو لهم لجواز انتقالهم عن العداوة بالإيمان. {ولقد أنزلنآ إليك ءايات بينات وما يكفر بهآ إلا الفاسقون (99) أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون (100) ولما جآءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله ورآء الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 ظهورهم كأنهم لا يعلمون (101) واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ومآ أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102) ولو أنهم ءامنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون (103) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 102 - {مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ} نزلت، لأن كاتب سليمان " آصف بن برخيا " واطأ نفراً من الجن على أن دفنوا كتاب سحر تحت كرسي سليمان - عليه الصلاة والسلام - ثم أخرجوه بعد موت سليمان - عليه الصلاة والسلام - وقالوا: هذا سحر سليمان، فبرأه الله - تعالى - من ذلك، أو استرقت الشياطين السمع، واستخرجت السحر، فاطلع عليه سليمان - عليه الصلاة والسلام - فنزعه منهم ودفنه تحت كرسيه، فلم يقدر الشياطين أن يدنوا إلى الكرسي في حياته، فلما مات قالت: للإنس: إن العلم الذي سخر به سليمان الريح والجن تحت كرسيه فأخرجوه، وقالوا: كان ساحراً، ولم يكن نبياً، فتعلموه وعلموه، فبرأه الله - تعالى - من ذلك. {ولكن الشياطين كفروا} بنسبتهم سليمان - عليه الصلاة والسلام - إلى السحر " أو بما استخرجوه من السحر " {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} بإلقائه في قلوبهم " أو الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 بدلالتهم عليه حتى أخرجوه ". {وَمَآ أُنزِلَ} " ما " بمعنى الذي، أو نافيه. {الْمَلَكَيْنِ} بالكسر علجان من علوج بابل، والقراءة المشهورة بالفتح. زعمت سحرة اليهود / أن جبريل وميكائيل أُنزل السحر على لسانهما إلى سليمان - عليه الصلاة والسلام - فأكذبهم الله، والتقدير: وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس {ببابل هاروت وماروت} وهما رجلان ببابل، أو هاروت وماروت ملكان أُهبطا إلى الأرض في زمن إدريس - عليه الصلاة والسلام - فلما عصيل لم يقدرا على الرقي إلى السماء فكانا يعلمان السحر. {السحر} خدع ومان تحول الإنسان حماراً وتُقلَب بها الأعيان وتنشأ بها الأجسام، أو هو تخييل ولا يقدر الساحر على قلب الأعيان ولا إنشاء الأجسام، قال الله تعالى {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى} [طه: 66] ، ولما سحر الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يكن فعله قال الشافعي - رضي الله تعالى عنه - " الساحر يوسوس ويمرض ويقتل "، إذ التخيل بدو الوسوسة، والوسوسة بدو المرض، والمرض بدو التلف. {بِبَابِلَ} الكوفة وسوادها، سميت بذلك لتبلبل الألسن بها، أو من نصيبين إلى رأس عين، أو جبل نهاوند. {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} على هاروت وماروت أن لا يعلما أحداً حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر بما تتعلمه من السحر. {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} من هاروت وماروت، أو من السحر والكفر أو من الشياطين والملكين - السحر من الشياطين، وما يفرق بين الزوجين من الملكين. {بِإِذْنِ} ما يضرون بالسحر أحداً {إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} بأمره، أو بعلمه. {مَا يَضُرُّهُمْ) {في الآخرة} (وَلا يَنفَعُهُمْ) {في الدنيا} (مِنْ خَلاقٍ} لا نصيب لمن اشترى السحر، أو لا جهة له، أو الخلاق: الدين. {شَرَوْاْ} باعوا {بِهِ أَنفُسَهُمْ} من السحر والكفر بفعله وتعليمه، أو من إضافتهم السحر إلى سليمان - عليه الصلاة والسلام -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 {يآ أيها الذين ءامنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم (104) ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشآء والله ذو الفضل العظيم (105) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 104 - {رَاعِنَا} لا تقولوا: خلافاً، أو أرعنا سمعك أي اسمع منا ونسمع منك. كانت الأنصار تقولها في الجاهلية فنهوا عنها في الإسلام، أو قالتها اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الاستهزاء والسب، أو قالها رفاعة بن زيد وحده - فنهي المسلمون عنها. {انظُرْنَا} أفهمنا وبيّن لنا، أو أمهلنا، أو أقبل علينا وانظر إلينا، {وَاسْمَعُواْ} ما تؤمرون به. {ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منهآ أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير (106) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير (107) أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضلّ سوآء السبيل (108) } الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 106 - {مَا نَنسَخْ} نسخها: قبضها، أو تبديلها، أو تبديل حكمها مع بقاء رسمها. {أَوْ نُنسِهَا} ننسكها، كان يقرأ الآية ثم ينسى وترفع، أو يريد به الترك: أي ما نرفع من آية، أو نتركها فلا نرفعها قاله ابن عباس - رضي الله تعالى الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 عنهما -، " قلت: وفيه إشكال ظاهر "، أو يريد به نمحها / {نَنْسَأَها} نؤخرها أنسأت أخرت، ومنه بيع النسيئة. {بِخَيْرٍ مِّنْهَآ} أنفع، وأرفق، وأخف، فيكون الناسخ أكثر ثواباً آجلاً، كنسخ صوم أيام معدودات برمضان، أو أخف عاجلاً، كنسخ قيام الليل. {أَوْ مِثْلِهَا} مثل حكمها في الخفة والثقل والثواب، كنسخ التوجه إلى القدس بالتوجه إلى الكعبة، فإنه مثله في المشقة والثواب. {أَلَمْ تَعْلَمْ} بمعنى أما علمت، أو هو تقرير وليس باستفهام، أو خوطب به والمراد أمته، ولذلك أردفه بقوله: {وَمَا لَكُم من دون الله} } . {ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير (109) وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير (110) وقالوا لن يدخل الجنة إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (111) بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (112) وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (113) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 109 - {وَدَّ كَثِيرٌ} دعا فنحاص وزيد بن قيس - حذيفة وعمارا إلى دينهما فأبيا عليهما فنزلت. {تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} صحة الإسلام، ونبوة الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. {فَاعْفُواْ} اتركوا اليهود، {وَاصْفَحُواْ} عن قولهم. {بِأَمْرِهِ} بإجلاء بني النضير. وقتل بني قريظة وسبيهم. . {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابهآ أولئك ما كان لهم أن يدخلوهآ إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (114) ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم (115) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 114 - {مساجد الله} المساجد المعروفة، أو جميع الأرض التي تقام فيها العبادة " جعلت لي الأرض مسجدا ". أُنزلت في بختنصر وأصحابه المجوس خربوا بيت المقدس، أو في النصارى الذين أعانوا بختنصر على خرابه، أو الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 في قريش لصدهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكعبة عام الحديبية، أو عامة في كل مشرك منع من مسجد. {خَرَابِهَآ} هدمها، أو منعها من ذكر الله - تعالى - فيها. {خَآئِفِينَ} من الرعب إن قُدِرَ عليهم عوقبوا. {خِزْىٌ} الجزية، أو فتح مدائنهم، عمورية، وقسطنطينية، ورومية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 115 - {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ} لما حولت [القبلة إلى] الكعبة تكلمت اليهود فيها فنزلت، أو أذن لهم قبل فرض الاستقبال أن يتوجهوا حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، أو في صلاة التطزوع في الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 السفر، وللخائف - أيضاً -، أو في قوم من الصحابة خفيت عليهم القبلة فصلوا على جهات مختلفة ثم أخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت، أو في النجاشي فإنه كان يصلي إلى غير القبلة، أو قالوا لما نزل قوله تعالى: {ادعوني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قالوا: إلى أين؟ فنزلت، أو أين ما كنتم من شرق أو غرب فلكم قبلة هي الكعبة. {فَثَمَّ} إشارة إلى المكان البعيد. {وَجْهُ اللَّهِ} قبلته، أو فثم الله كقوله تعالى: {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] . {وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون (116) بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون (117) وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينآ ءاية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون (118) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 116 - {وَلَداً} نزلت في النصارى، لقولهم في المسيح صلى الله عليه وسلم، أو في العرب، قالوا: الملائكة بنات الله. {قَانِتُونَ} مطيعون أو مقرون بالعبودية، أو قائمون يوم القيامة، والقنوت: القيام. الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 117 - {بَدِيعُ} منشئهما على غير مثال سبق، وكل منشئ ما لم يسبق إليه فهو مبدع. {قَضَى} أحكم وفرغ. (/ وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صَنَعُ السَّوابغ تُبعُ) {كُن} هذا أمر للموجودات بالتحول من حال إلى أخرى كقوله - تعالى: - {كونوا قردة} [65] وليس إنشاء للمعدوم، أو هو لإنشاء المعدوم، لأنه لما علم بها جاز أن يقول لها: " كن " لتحققها في علمه، أو عبر عن نفوذ قدرته وإرادته في كل شيء بالقول ولا قول. (قد قالت الأنساع للبطن الحق ... ) الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 118 - {الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} اليهود، أو النصارى، أو مشركو العرب {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم} اليهود، أو اليهود والنصارى. {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} شابهت قلوب النصارى قلوب اليهود، أو قلوب مشركي العرب لقلوب اليهود والنصارى. {إنآ أرسلناك بالحق بشيراً ونديراً ولا تسئل عن أصحاب الجحيم (119) ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوآءهم بعد الذي جآءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير (120) الذين ءاتنياهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون (121) يا بني إسرآءيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (122) واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون (123) } الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 119 - {بَشِيراً} لمن أطاع بالجنة، {وَنَذِيراً} لمن عصى بالنار. {ولا تسأل} لا تؤاخذ بكفرهم {ولا تسأل} نزلت لما قال: " ليت شعري ما فعل أبواي ". الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 121 - {الذين آتيناهم الكتاب} المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، والكتاب: القرآن، أو علماء اليهود، والكتاب: التوراة، {يتلونه} يقرءونه حق قراءته، أو يتبعونه حق اتباعه بإحلال حلاله، وتحريم حرامه، قاله الجمهور. {يُؤْمِنُونَ بِهِ} بمحمد صلى الله عليه وسلم. {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124) } الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 124 - {ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ} بالسريانية آب رحيم. {بِكَلمَاتٍ} شرائع الإسلام، ما ابتلى أحد بهذا الدين فقام به كله سواه، فكتب الله - تعالى - له البراءة، فقال - تعالى -: {وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى} [النجم: 37] وهي ثلاثون سهماً، عشر في براءة {التائبون العابدون} [112] وعشر في " الأحزاب " {إن المسلمين والمسلمات} [35] وعشر في المؤمنين [1 - 9] ، {وسأل سائل} [22 - 34] إلى قوله {على صلاتهم يحافظون] ، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو هي عشر من سنن الإسلام: خمس في الرأس، قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس، وفي الجسد، تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر البول والغائط بالماء، أو هي عشر: ست في الإنسان، حلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وتقليم الإظفار، وقص الشارب، وغسل الجمعة، وأربع في المشاعر الطواف والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة، أو مناسك الحج خاصة، أو الكوكب، والقمر، والشمس؛ والنار والهجرة والختان، ابتُلي بهن فصبر، أو ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم لم سمى الله - تعالى - إبراهيم خليله {الذي وفى} ؟ [النجم: 37] لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وحين تصبحون} [الروم: 17] إلى الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 قوله تعالى {تظهرون} ، أو قول الرسول / صلى الله عليه وسلم " أتدرون ما {وَفَّيَ} ؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: وفيَّ عمل يومه أربع ركعات في النهار "، أو قال له ربه: " إني مبتليك، قال: أتجعلني للناس إماماً، قال: نعم: قال: ومن ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمين، قال: تجعل البيت مثابة للناس قال: نعم، قال: وأمنا قال: نعم، قال: وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك. قال: وترينا مناسكنا وتتوب علينا قال: نعم، قال: وتجعل هذا البيت آمناً، قال: نعم، قال: وترزق أهله من الثمرات، قال: نعم، فهذه الكلمات التي أبتُلى بها. {إمَاماً} متبوعاً. {عَهْدِى} النبوة، أو الإمامة، أو دين الله، أو الأمان، أو الثواب، أو لا عهد عليك لظالم أن تطيعه في ظلمة، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى وعهدنآ إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطآئفين والعاكفين والركع السجود (125) وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً ءامناً وارزق أهله من الثمرات من ءامن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير (126) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 125 - {مَثَابَةً} مجمعاً يجتمعون عليه في النسكين، أو مرجعاً، ثابت العلة: رجَعَت. أي يرجعون إليه مرة بعد أخرى، أو يرجعون إليه في كلا النسكين من حل إلى حرم. {وَأَمْناً} لأهله في الجاهلية، أو للجاني من إقامة الحد عليه فيه. {مَّقامِ إِبْرَاهِيمَ} عرفة ومزدلفة والجمار، أو الحرم كله، أو الحج كله. أو الحجر الذي في المسجد على الأصح. {مُصَلَّى} مُدَّعَى يُدْعَى فيه، أو الصلاة المعروفة وهو أظهر {وَعَهِدْنَآ} أمرنا، أو أوحينا. {طَهِّرَا بَيْتِيَ} من الأصنام، أو الكفار، أو الأنجاس، أُمرا ببنائه مطهراً، أو يُطهرا مكانه. {لِلطَّآئِفِينَ} الغرباء الذين يأتونه من غربة، أو الذين يطوفون به. {وَالْعَاكِفِينَ} أهل البلد الحرام، أو المصلون، أو المعتكفون، أو مجاورو البيت بغير طواف ولا اعتكاف ولا صلاة. {والركع السجود} المصلون. الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 126 - {من آمن} إخبار من الله - تعالى -، أو من دعاء إبراهيم، ولم تزل مكة حرماً آمناً من الجبابرة والخوف والزلازل، فسأل إبراهيم أن يجعله آمناً من الجدب والقحط، وأن يرزق أهله من الثمرات، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن الله حرم مكة يوم خلق الله السموات والأرض "، أو كانت حلالاً قبل دعوة الحديث: 126 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 إبراهيم، وإنما حرمت بدعوة إبراهيم عليه - الصلاة والسلام -، كما حرم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة فقال: " وإن إبراهيم قد حرم مكة وإني قد حرمت المدينة ". {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127) ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (128) ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم ءاياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم (129) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 127 - {الْقَوَاعِدَ} جمع قاعدة وهي كالأساس لما فوقها. {إِسَمَاعِيلَ} معناه أسمع يا إيل أي اسمع يا الله، لما دعا بالولد فأجيب سُمي الولد بما دعا به. الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 128 - {أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} المسلم: الذي استسلم لأمر الله وخضع له. {وَأَرِنَا} عرفنا {مَنَاسِكَنَا} مناسك الحج، أو الذبائح / والنسك: العبادة، والناسك: العابد، أو من قولهم لفلان منسك أي مكان يعتاد التردد إليه بخير أو الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 شر، فسميت مناسك، لأنه يتردد إليها في الحج والعمرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 129 - {رسولا منهم} محمداً صلى الله عليه وسلم {آياتك} الحجج، أو يبيّن لهم دينك. {الْكِتَابُ} القرآن. {وَالْحِكْمَةَ} السنة، أو معرفة الدين، والتفقه فيه، والعمل به. {وَيُزَكِّيهِمْ} يطهرهم من الشرك، أو يزكيهم بدينه إذا تابعوه، فيكونون عند الله - تعالى - أزكياء. {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (130) إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (131) ووصى بهآ إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (132) أم كنتم شهدآء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإلاه ءابآئك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون (133) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون (134) } الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 130 - {سَفِهَ نَفْسَهُ} فعل بها ما صار به سفيهاً، أو سفه في نفسه فحذف الجار كقوله تعالى {ولا تعزموا عقدة النكاح} [235] أو أهلك نفسه وأوبقها، الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 قال المبرد وثعلب: سفه بالكسر يتعدى وبالضم لا يتعدى. {اصْطَفَيْنَاهُ} من الصفوة، اخترناه للرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 132 - {وَوَصَّى بِهَآ} بالملة لتقدم ذكرها. {إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} أي لا تفارقوا الإسلام عند الموت. {وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين (135) قولوآ ءامنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتي موسى وعيسى ومآ أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (136) فإن ءامنوا بمثل مآ ءامنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (137) صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون (138) } الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 135 - {كُونُواْ هُوداً} قالت اليهود: " كونوا هوداً "، وقالت النصارى: كونوا نصارى. {بَلْ مِلَّةَ} بل نتبع ملة، أو نهتدي بملة. أو الملة من الإملال يُملونها من كتبهم. {حَنِيفاً} مخلصاً، أو متبعاً، أو حاجاً، أو مستقيماً، أخذ الحنيف، من الميل، رجل أحنف: مالت كل واحدة من قدميه إلى الأخرى، سمى به إبراهيم، لأنه مال إلى الإسلام أو أخذ من الاستقامة، وقيل للرجل أحنف تفاؤلاً بالاستقامة، وتطيراً من الميل، كالسليم للديغ، والمفازة للمهلكة. الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 137 - {بمثل ما آمنتم} بما آمنتم به. {شِقَاقٍ} عداوة من البعد، أخذ فلان في شق، وفلان في شق تباعدا وشق فلان عصا المسلمين: خرج عليهم وتباعد منهم. الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 138 - {صبغة الله} دين الله لظهوره كظهور الصبغ على الثوب، وكانت النصارى يصبغون أولادهم في مائهم تطهيراً لهم كالختان، فرد الله - تعالى - عليهم بأن الإسلام أحسن، أو صبغة الله - تعالى - خلقة الله لإحداثها كحدوث اللون على الثوب. {قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنآ اعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون (139) أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل ءأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون (140) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون (141) } الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 140 - {الأسباط} الجماعة الذين يرجعون إلى آب واحد، من السبط وهو الشجر الذي يرجع بعضه إلى بعض. {شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ} هم اليهود كتموا ما في التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. {سيقول السفهآء من الناس ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 والمغرب يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم (142) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 142 - {السُّفَهَآءُ} اليهود، أو المنافقون، أو كفار قريش. {وَلاهُمْ} صرفهم، والقبلة التي كانوا عليها بيت المقدس " صلى إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة وبعد الهجرة ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً " أو ثلاثة عشر، أو تسعة الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 أشهر، أو عشرة " ثم نسخت بالكعبة والرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة قد صلى من الظهر ركعتين فانصرف بوجهه إلى الكعبة ". وقال البراء: " كان في صلاة العصر بقباء، فمر رجل على أهل المسجد فقال: أشهد لقد صليت مع الرسول صلى الله عليه وسلم قِبَل مكة فداروا كما هم قِبَل البيت " وقبلة / كل شيء ما قابل وجهه، واستقبل بيت المقدس بأمر الله - تعالى - ووحيه لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ} ، أو استقبله برأيه واجتهاده تأليفاً لأهل الكتاب، أو أراد [الله تعالى] أن يمتحن العرب بصرفهم عن البيت الذي ألفوه للحج - إلى بيت المقدس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 {لِّلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ} فحيثما أمر باستقباله فهو له. {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليهآ إلاّ لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلاّ على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم (143) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 143 - {وَسَطاً} خياراً، رجل واسط الحسب رفيعه قال: (هم وسَطٌ يرضى الإله بحكمهم ... إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم) أو لتوسطهم بين اليهود والنصارى في الدين، غَلَتْ النصارى في المسيح وترهبوا، وقصرت اليهود بتبديل الكتاب، وقتل الأنبياء - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - والكذب على الله تعالى، أو عدلاً بين الزيادة والنقصان. {شهداء على الناس} بتبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم الرسالة، أو تشهدون على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالة اعتماداً على إخبار الله - تعالى - وهذا مروي عن الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الرسول صلى الله عليه وسلم أو محتجين فعبّر عن الاحتجاج بالشهادة. {شَهِيداً} لكم بالإيمان فتكون " على " بمعنى " اللام "، أو يشهد أنه بلغكم الرسالة. أو محتجاً. {لِنَعْلَمَ} ليعلم رسولي وحزبي، والعرب تضيف فعل الأتباع إلى الرئيس والسيد، فتح عمر - رضي الله تعالى عنه - سواد العراق، وجبى خراجها أي أتباعه أو لنرى بوضع الرؤية موضع العلم وبالعكس، أو لنميز أهل اليقين من أهل الشك، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو ليعلموا أننا نعلم. {يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} لما حولت ارتد جماعة من المسلمين. {وَإِن كَانَتْ} التولية لكبيرة، أو القبلة التي هي بيت المقدس، أو الصلاة إلى بيت المقدس. {إِيمَانَكُمْ} صلاتكم إلى بيت المقدس، سماها إيماناً، لاشتمالها على نية وقول وعمل. نزلت لما سألوا عمن مات وهو يصلي إلى بيت المقدس {لَرَءُوفٌ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 الرأفة: أشد الرحمة، قال أبو عمرو بن العلا: الرأفة أكثر من الرحمة. {قد نرى تقلب وجهك في السمآء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون (144) ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل ءاية ما تبعوا قبلتك ومآ أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهوآءهم من بعد ما جآءك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين (145) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 144 - {تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} تحول وجهك نحو السماء، أو تقلب عينيك في النظر إليها. {تَرْضَاهَا} تختارها وتحبها، لأنها قبلة إبراهيم، أو كراهة لموافقة اليهود لما قالوا: " يتبع قبلتنا ويخالفنا في ديننا " {شَطْرَ المَسْجِدِ} نحوه، والشطر في الأضداد، شطر إلى كذا أقبل نحوه، وشطر عنه أعرض عنه وبَعُدَ، رجل شاطر، لأخذه في نحو غير الاستواء. والمسجد الحرام: الكعبة، أمر بالتوجه إلى حيال الميزاب، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - " البيت كله قبلة، وقبلة البيت الباب " {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ} من الأرض، واجه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمر الأول وواجه الأمة / بالأمر الثاني، وكلاهما يعم. {أُوتُواْ الكِتَابَ} اليهود والنصارى {لَيَعلَمُونَ أَنَّهُ} تحويل القبلة إلى الكعبة. الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 145 - {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم} خوطب به والمراد أمته، أو بيّن حكم ذلك لو وقع وإن كان غير واقع. {الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 يعلمون (146) الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (147) ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ (148) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 146 - {الذين آتيناهم الْكِتَابَ) {اليهود والنصارى} (يَعرِفُونَهُ} يعرفون التحويل، أو يعرفون محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة. {فَرِيقاً} علماءهم وخواصهم. {الحَقَّ} استقبال الكعبة، أو نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 147 - {الحَقُّ مِن رَّبِّكَ} استقبال الكعبة، لا ما ذكرته اليهود من قبلتهم {المُمْتَرِينَ} الشاكِّين، خوطب به والمراد أمته، امترى بكذا: اعترضه اليقين تارة والشك أخرى يدافع أحدهما بالآخر. الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 148 - {وَلِكُلٍّ} أهل ملة {وِجْهَةُ} قبلة، أو صلاة {هُوَ مُوَلّيهَا} أي المصلي، أو الله يوليه إليها، ويأمره باستقبالها. {فَاسْتَبِقُواْ الخَيرَاتِ} سارعوا إلى الأعمال الصالحة، أو لا تغلبكم اليهود على قبلتكم بقولهم: " إن اتبعتم قبلتنا اتبعناكم ". {يَأتِ بِكُمُ} يوم القيامة جميعاً. {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ} من إعادتكم بعد الموت والبلى. {ومن حيث خرجت فوّل وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون (149) ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون (150) كمآ أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم ءاياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151) فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون (152) } الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 149 - {وَمِن حَيْثُ} لما حرضت اليهود وقالوا: " ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتابعك، أكد الله - تعالى - الأمر باستقبالها بقوله: ثانياً {وَمِن حَيْثُ خَرَجتَ} ، ثم أكده - ثالثاً - ليخرج من قلوبهم ما أنكروه من التحويل فالأوامر الثلاثة ملزمة للتوجه إلى الكعبة إلا أن الأول: أفاد النسخ، والثاني: أفاد التحويل إلى الكعبة لا ينسخ بقوله: {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} والثالث: أفاد أنه لا حجة لأحد عليهم. الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 150 - {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} فإنهم يحتجون بحجة باطلة كقوله - تعالى - {حجتهم دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ} [الشورى: 16] فسماها حجة، أو إلاَّ بمعنى " بعد " كقوله: {إِلاَّ الموتة الأولى} [الدخان: 56] وكقوله: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] بمعنى " بَعْد فيهما "، والذين ظلموا: قريش واليهود، قالت قريش بعد التحويل: " قد علم أنا على الهدى "، وقالت اليهود: " إن يرجع عنها تابعناه ". {فَلاَ تخشوهم} في المباينة، {واخشوني} في المخالفة. الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 151 - {آياتنا} القرآن. {وَيُزَكِّيكُمْ} يطهركم من الشرك، أو يأمركم بما تصيرون به عند الله - تعالى - أزكياء. {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ} القرآن، أو ما في الكتب السالفة من أخبار القرون. {وَالْحِكْمَةَ} السنة، أو مواعظ القرآن. {مَّا لَمْ تَكُونُوا} تعلمون من أمر الدين والدنيا. الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 152 - {فَاذْكُرُونِى} بالشكر. {أَذكُرْكُمْ} بالنعمة، أو {اذكروني} بالقبول {أذكركم} بالجزاء. {يآ أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (153) ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحيآء ولكن لا تشعرون (154) ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذآ أصابتهم مصيبة قالوآ إنا لله وإنآ إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (157)) الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 153 - {بِالصَّبْرِ} على أوامر الله تعالى " أو الصوم ". الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 154 - {أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَآءٌ} النفوس عند الله - تعالى - منعمو الأجسام وإن كانت أجسامهم كأجسام الموتى أو ليسوا أمواتاً بالضلال بل أحياء بالهدى. نزلت لما قالوا في قتلى بدر / وأُحُد مات فلان وفلان. الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 155 - {ولنبلونكم} لما دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف - عليه الصلاة والسلام - أجابه بقوله {وَلَنَبْلُوَنَّكُم} يا أهل مكة. {الْخَوْفِ} الفزع في القتال. {وَالْجُوعِ} والجدب، ونقص الأنفس: بالقتل والموت. الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 156 - {وإذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} في نفس، أو أهل، أو مال. {إِنَا لِلَّهِ} ملكه فلا يظلمنا بما يصنع بنا. {رَاجِعُونَ} بالبعث. الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 157 - {صَلَوَاتٌ} يتلو بعضها بعضا، والصلاة من الله - تعالى - الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء وعطف الرحمة على الصلوات الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 لاختلاف اللفظ. {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوّع خيراً فإنّ الله شاكر عليم (158) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 158 - {الصَّفَا} جمع صفاة، وهي الحجارة البيض. {وَالْمَرْوَةَ} حجارة سود، والأظهر أن الصفا: الحجارة الصلبة التي لا تنبت والمروة: الحجارة الرخوة، وقد قيل ذُكِّر الصفا باسم إساف، وأُنثت المروة بنائلة. {شَعَآئِرِ اللَّهِ} التي جعلها لعبادته معلماً، أو أنه أشعر عباده وأخبرهم بما عليهم من الطواف بهما. {حَجَّ} الحج: القصد، أو العود مرة بعد أخرى، لأنهم يأتون البيت قبل عرفة وبعدها للإفاضة، ثم يرجعون إلى منى، ثم يعودون إليه لطواف الصَّدَر، والعمرة: القصد، أو الزيارة. {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أّن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} لما كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية تعظيماً لإساف ونائلة تحرجوا بعد الإسلام أن يضاهوا ما كانوا يفعلونه في الجاهلية فنزلت. وقرأ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - {فلا جناح عليه أن لا الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فلذلك أسقط أبو حنيفة - رحمة الله تعالى - السعي، ولا حجة في ذلك، لأن " لا " صلة مؤكدة ك {ما منعك أن لا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] {وَمَن تَطَوَّعَ} بالسعي بينهما عند من لم يوجبه، أو من تطوع بالزيادة على الواجب، أو من تطوع بالحج والعمرة بعد أدائهما. {إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيّنّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) خالدين فيها لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ (162) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 159 - {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} رؤساء اليهود: كعب بن الأشرف وابن الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 صوريا، وزيد بن التابوه. {الْبَيِّنَاتِ} الحجج الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. {وَالْهُدَى} الأمر باتباعه، أو كلاهما واحد يراد بهما ما أبان نبوته وهدى إلى اتباعه. {بيناه للناس في الكتاب} أي القرآن. {الللاعنون} ما في الأرض من جماد وحيوان إلاَّ الثقلين، أو المتلاعنان إذا لم يستحق اللعنة واحد منهما رجعت على اليهود، وإن استحقها أحدهما رجعت عليه، أو البهائم إذا يبست الأرض قالوا: هذا بمعاصي بني آدم. أو المؤمنون من الثقلين والملائكة فإنهم يلعنون الكفرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 160 - {تابوا} أسلموا. {وبينوا} نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. {أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} أقبل توبتهم. الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 161 - {لَعْنَةُ اللَّهِ} عذابه، واللعنة من العباد: الطرد. {وَالْنَّاسِ أَجْمَعِينَ} أراد به / غالب الناس، لأن قومهم لا يلعنونهم، أو أراد يوم القيامة إذ يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً. {وَإِِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لآ إله إلاّ هو الرحمان الرحيم (163) إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الّيل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ومآ أنزل الله من السمآء من مآء فأحيا به الأرض بعد موتها وبثّ فيها من كلّ دآبة وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السمآء والأرض لآيات لقوم يعقلون (164) } الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 163 - {وَإِِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا ثاني له ولا نظير، أو إله جميع الخلق واحد بخلاف ما فعلته عبدة الأصنام فإنهم جعلوا لكل قوم إلهاً غير إله الآخرين. {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} رَغَّبهم بذكر ذلك في طاعته وعبادته. الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 164 - {إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} بغير عمد ولا عَلاَّقة، وشمسها وقمرها الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ونجومها. {وَالأَرْضِ} بسهلها، وجبلها، وبحارها، وأنهارها، ومعادنها، وأشجارها {واختلاف الليل وَالنَّهَارِ} بإقبال أحدهما، وإدبار الآخر. {وَالْفُلْكِ} باستقلالها وبلوغها إلى مقصدها، وجمع الفلك ومفردها بلفظ واحد، ويذكَّر ويؤنَّث. {مِن مَّآءٍ} مطر يجيء [غالباً] عند الحاجة إليه، وينقطع إذا استُغني عنه. {فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ} بإنبات أشجارها وزروعها، أو بإجراء أنهارها وعيونها، فيحيا بذلك الحيوان الذي عليها. {دَآبَّةٍ} سمي الحيوان بذلك لدبيبه على وجهها، والآية - بعد القدرة على إنشائها - فيها تباين خلقها، واختلاف منافعها، ومعرفتها بمصالحها. {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} جمع ريح أصلها " أرواح ". (إذا هبت الأرواح من نحو جانب ... به آلُ مي هاج شوقي هبوبُها) وتصريفها: انتقال الشمال جنوباً، والصبا دَبورا، أو ما فيها من الضر والنفع، شريح: ما هاجت ريح قط إلا لسقم صحيح، أو شفاء سقيم. {الْمُسَخَّرِ} المذلل. وآيته ابتداء نشوءه وتلاشيه، وثبوته بين السماء والأرض، وسيره إلى حيث أراده منه. {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوآ أشدّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 حباً لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أنّ القوة لله جميعاً وأنّ الله شديد العذاب (165) إذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطَّعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتَّبعوا لو انَّ لنا كرةٍ فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النار (167) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 165 - { {أَندَاداً} أمثالاً يراد بها الأصنام. {يُحِبُّونَهُمْ} مع عجزهم كحبهم لله مع قدرته. {والذين آمنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} من حب أهل الأوثان لأوثانهم. الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 166 - {تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ} وهم السادة والرؤساء من تابعيهم على الكفر، أو الذين اتبعوا: الشياطين، وتابعوهم الإنس، ورأى التابع والمتبوع العذاب. {الأَسْبَابُ} تواصلهم في الدنيا، أو الأرحام، أو الحلف الذي كان بينهم في الدنيا، أو أعمالهم التي عملوها فيها، أو المنازل التي كانت لهم فيها. الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 176 - {كَرَّةً} رجعة إلى الدنيا. {أَعْمَالَهُمْ} التي أحبطها كفرهم، أو ما انقضت به أعمارهم من المعاصي أن لا يكون مصروفاً إلى الطاعة. الحسرة: شدة الندامة على فائت. {يآ أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تَتَّبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبينٌ (168) إنما يأمركم بالسوء والفحشآء وَأّن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (169) } الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 168 - {كُلُواْ} نزلت في خزاعة وثقيف وبني مدلج لما حرموه من الأنعام والحرث. {خُطُوَاتِ} جمع خطوة؛ أعماله، أو خطاياه، أو طاعته، أو النذر في المعاصي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 169 - {بِالسُّوءِ} بالمعاصي لمساءة عاقبتها. {وَالْفَحْشَآءِ} الزنا، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 المعاصي، أو كل ما فيه حد لفحشه / وقبحه. {وَأّن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تعلمون} من تحريم ما لم يحرمه، أو أن له شريكاً. {وإذا قيل لهم اتَّبعوا مآ أنزل الله قالوا بل نتَّبع مآ ألفينا عليه ءابآءنا أولو كان ءابآؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون (170) ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلاّ دعآءً وندآءً صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون (171) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 170 - {اتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ} في تحليل ما حرمتموه {قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ} آباءنا في تحريمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 171 - {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} فيما يوعظون به كمثل البهيمة التي تنقع فتسمع الصوت ولا تفهم معناه، أو مثلهم في دعائهم آلهتهم كمثل راعي البهيمة تسمع صوته ولا تفهمه. {صُمُّ} عن الوعظ. {بُكْمٌ} عن الحق. {عُمْىٌ} عن الرشد، والعرب تسمي من سمع ما لم يعمل به أصم، قال: (أصم عما ساءه سميع ... ) {يآ أيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إيّاه تعبدون (172) إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أُهل به لغير الله فمن اضطرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فلآ إثم عليه إنًّ الله غفور رحيم (173) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 173 - {وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} قصّر داود بن علي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 التحريم على اللحم، وعداه الجمهور إلى سائر أجزائه. {أهل به} سمى الذبح إهلالاً، لأنهم كانوا يجهرون عليه بأسماء آلهتهم، فسمي كل ذبح إهلالاً، كما سمي الإحرام إهلالاً للجهر للتلبية وإن لم يجهر بها {لِغَيْرِ اللَّهِ} ذبح لغيره من الأصنام. أو ذكر عليه اسم غيره. {اضْطُرَّ} أكره، أو خاف على نفسه لضرورة دعته إلى أكله قاله الجمهور. {غَيْرَ بَاغٍ} على الإمام {وَلاَ عَادٍ} على الناس بقطع الطريق، أو {غَيْرَ بَاغٍ} بأكله فوق حاجته. أو بأكله مع وجود غيره، أو {غَيْرَ بَاغٍ} بأكله تلذذاً {وَلاَ عَادٍ} بالشبع، وأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 البغي طلب الفساد، ومنه البغي للزانية. {إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاُ أولئك ما يأكلون في بطونهم إلاّ النار ولا يكلِّمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (174) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فمآ أصبرهم على النار (175) ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد (176) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 174 - {الِّذِينَ يَكْتُمُونَ} علماء اليهود، كتموا ما في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوته. {ثَمَناً} الرشا التي أخذوها على كتم رسالته، وتغيير صفته، وسماه قليلاً، لانقطاع مدته، وسوء عاقبته، أو لقلته في نفسه. {إِلاَّ النَّارَ} سمى مأكولهم ناراً، لأنه سبب عذابهم بالنار، أو لأنه يصير يوم القيامة في بطونهم ناراً، فسماه بما يؤول إليه. {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} ولا يُسمعهم كلامه، أو لا يُرسل إليهم بالتحية مع الملائكة، أو عبَّر بذلك عن غضبه عليهم، فلان لا يكلم فلاناً إذا غضب عليه {وَلا يُزَكِّيهِمْ} لا يثني عليهم، أو لا يصلح أعمالهم الخبيثة /. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 175 - {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} فما أجرأهم عليها، أو على عمل يؤدي إليها، أو أي شيء أصبرهم عليها، أو ما أبقاهم عليها، ما أصبر فلاناً على الحبس ما أبقاه فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 {ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنًّ البر من ءامن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وءاتى المال على حبِّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسآئلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وءاتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون (177) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 177 - {لَّيْسَ الْبِرَّ} الصلاة وحدها، أو خاطب به اليهود والنصارى، لصلاة اليهود إلى الغرب، والنصارى إلى الشرق. (وَلكِنَّ الْبِرَّ} إيمان من آمن، أو برّ من آمن بالله، فأقر بوحدانيته {وَالْمَلآئِكَةِ} بما أُمروا به من كَتْب الأعمال. {والكتاب) {القرآن} (والنبيين} فلا يكفر ببعضهم ويؤمن ببعض. {عَلَى حُبِّهِ} حب المال فيكون صحيحاً شحيحاً. ذهب الشعبي والسدي إلى وجوب الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 ذلك خارجاً عن الزكاة، فروى الشعبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إن في المال حقاً سوى الزكاة وتلا هذه الآية "، والجمهور / على ان الآية محمولة على الزكاة، أو على التطوع، وأنه لا حق في المال سوى الزكاة {ذَوِى الْقُرْبَى} إن حُمل على الزكاة شَرَط فيهم الأوصاف المعتبرة في الزكاة وإن حُمل على التطوع فلا. {وَالْيَتَامَى} كل صغير لا أب له، وفي اعتبار فقرهم قولان. {وَالْمَسَاكِينَ} مَنْ عُدِم قدر الكفاية. وفي اعتبار إسلامهم قولان. {وَابْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 السبيل} فقراء المسافرين. {والسائلين} الذين ألجأهم الفقر إلى السؤال. {وَفِى الرِّقَابِ} المكاتبون أو عبيد يُعتقون. {وَأَقَامَ الصَّلاَةَ} إلى الكعبة بواجباتها في أوقاتها. {وآتى الزَّكاةَ} لمستحقها. {بِعَهْدِهِمْ} بنذرهم لله تعالى، أو العقود التي بينهم وبين الناس. {الْبَأْسَآءِ) {الفقر} (وَالضَّرَّآءِ} السقم. {وَحِينَ الْبأْسِ} القتال. وهذه الأوصاف مخصوصة بالأنبياء لتعذرها فيمن سواهم. أو هي عامة في الناس كلهم. {يآ أيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأدآء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمةٌ فمن اعتدى بعد ذلك فله عذابٌ أليم (178) ولكم في القصاص حياةٌ يآ أولي الألباب لعلَّكم تتقون (179) } 178 - {كُتِبَ} فرض. (يا بنت عمي كتاب الله أخرجني ... عنكم فهل أمنعن الله ما فعلا) {الْقِصَاصُ} مقابلة الفعل بمثله من قص الأثر. نزلت في قبيلة من العرب أعزاء لا يقتلون بالعبد منهم إلا السيد، وبالمرأة إلا الرجل، أو في فريقين اقتتلا فقتل منهما جماعة، فقاصص الرسول صلى الله عليه وسلم دية الرجل بدية الرجل، ودية الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 المرأة بدية المرأة، ودية العبد بدية العبد، أو فرض في ابتداء الإسلام قتل الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، ثم نسخ بقوله تعالى: {النفس بالنفس} [المائدة: 45] قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو هو أمر بمقاصة دية الجاني من دية المُجنى عليه، فإذا قتل الحر عبداً فلسيده القصاص، ثم يقاصص بقيمة العبد من دية الحر ويدفع إلى ولي الحر باقي ديته، وإن قتل العبد حراً فقتل به قاصص ولي الحر بقيمة العبد وأخذ باقي دية الحر، وإن قتل الرجل امرأة فلوليها قتله ويدفع نصف الدية إلى ولي الرجل، وإن قتلت المرأة رجلاً فقتلت به أخذ ولي الرجل نصف الدية قاله علي - رضي الله تعالى عنه - {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} هو أن يطلب الولي الدية بالمعروف، ويؤديها القاتل بإحسان {فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ} أي فضل. إذا قلنا نزلت في فريقين اقتتلا، وتقاصا ديات القتلى، فمن بقيت له بقية فليتبعها بمعروف وليؤد من عليه بإحسان، وعلى قول علي - رضي الله تعالى عنه - يؤدي الفاضل بعد مقاصصة الديات بمعروف، فالاتباع بمعروف عائد إلى ولي القتيل، والأداء بإحسان عائد إلى الجاني، أو كلاهما عائد إلى الجاني يؤدي الدية بمعروف وإحسان. {تَخْفِيفٌ} تخير ولي / الدم بين القود والدية والعفو، ولم يكن ذلك لأحد قبلنا، كان على أهل التوراة القصاص أو العفو ولا أرش، وعلى أهل الإنجيل الأرش أو العفو ولا قود. {فَمَنِ اعْتَدَى} فقتل بعد أخذ الدية {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} بالقصاص، أو يقتله الإمام حتماً، أو يعاقبه السلطان، أو باسترجاع الدية منه ولا قود عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 179 - {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} إذا ذكره الظالم كف عن القتل، أو وجوب القصاص على القاتل وحده حياة له وللمعزوم على قتله فيحييان جميعاً وهذا أعم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أن تقتلوا فيقتص منكم. {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 بالمعروف حقاً على المتقين (180) فمن بدّله بعد ما سمعه فإنمآ إثمه على الذين يبدّلونه إن الله سميعٌ عليم (181) فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلآ إثم عليه إن الله غفورٌ رحيم (182) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 180 - {خَيْراً} مالاً اتفاقاً ها هنا، قال مجاهد: " الخير المال في جميع القرآن {إنه لحب الخير} [العاديات: 8] {أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير} [ص: 32] {إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: 33] أراد المال في ذلك {إني أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} [هود: 84] بغنى ومال ". كانت الوصية للوالدين والأقربين واجبة قبل نزول المواريث، فلما نزلت المواريث نسخ وجوبها عند الجمهور، أو نسخ منها الوصية لكل وارث وبقي الوجوب فيمن لا يرث من الأقارب. والمال الذي يجب عليه أو أن يوصي منه ألف درهم، أو من ألف إلى خمسمائة، أو يجب في كل قليل وكثير، فلو أوصى بثلثه لغير قرابته رُد الثلث على قرابته، أو يُرد ثلث الثلث على القرابة وثلثا الثلث للمُوصى له، أو ثلثاه للقرابة وثلثه للمُوصى له. {عَلَى الْمُتَّقِينَ} التقوى في أن يقدم الأحوج فالأحوج من أقاربه. الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 181 - {فَمَن بَدَّلَهُ} غَيَّرَ الوصية بعد ما سمعها. إنما ذكِّر، لأن الوصية قول. الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 182 - {جَنَفاً أَوْ إِثْماً} الجنف الخطأ، والإثم: العمد، أو الجنف: الميل، والإثم: أَثَرة بعضهم على بعض، أصل الجنف الجور والعدول عن الحق {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ} فمن حضر موصياً يجور في وصيته خطأ أو عمداً فأصلح بينه وبين ورثته بإرشاده إلى الحق فلا إثم عليه، أو خاف الوصي جنف المُوصي فأصلح بين ورثته وبين المُوصَى له بردّ الوصية إلى العدل، أو من خاف من جنف الموصي على ورثته بإعطاء بعض ومنع بعض في مرض موته فأصلح بين ورثته، أو من خاف جنفه فيما أوصى به لآبائه وأقاربه على بعضهم لبعض فأصلح بين الآباء والقرابة، أو من خاف جنفه في وصيته لغير وارثه بما يرجع نفعه إلى وارثه فأصلح بين ورثته فلا إثم. {يآ أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أيّاماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدَّةٌ من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين فمن تطوّع خيراً فهو خيرٌ له وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (184) } الحديث: 182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 183 - {الصِّيَامُ} الصوم عن كل شيء الإمساك عنه، ويقال عند الظهيرة صام النهار، لإبطاء سير الشمس حتى كأنها أمسكت عنه. {كَمَا كُتِبَ} شبّه صومنا بصومهم في حكمه وصفته دون قدره، كانوا يصومون من العتمة إلى الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 العتمة ولا يأكلون بعد النوم شيئاً، وكذا / كان في الإسلام حتى نسخ، أو في شبه عدده، فرض على النصارى شهر مثلنا فربما وقع في القيظ فأخروه إلى الربيع وكفروه بعشرين يوماً زائدة، أو شبّه بعدد صوم اليهود ثلاثة أيام من كل شهر وعاشوراء، فصامهن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة سبعة عشر شهراً ثم نسخن برمضان. {الَّذِينَ من قَبْلِكُمْ} جميع الناس، أو اليهود، أو أهل الكتاب. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} محظورات الصوم، أو الصوم سبب التقوى لكسره الشهوات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 184 - {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هي شهر رمضان عند الجمهور، أو الأيام البيض عند ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ثم نسخت برمضان، وهي الثاني عشر وما يليه، أو الثالث عشر وما يليه على الأظهر. {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يجب القضاء عند داود على المسافر والمريض سواء صاما أو أفطرا، وعند الجمهور لا يجب القضاء إلا على من أفطر. {يُطِيقُونَهُ} كانوا مخيّرين بين الصوم والفطر مع الإطعام بدلاً من الصوم، ثم نسخ بقوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} ، أو بقوله تعالى {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} أو وعلى الذين كانوا يطيقونه شباباً ثم عجزوا بالكبر أن يفطروا ويفتدوا، وقرأ ابن عباس - رضي الله الحديث: 184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 تعالى عنهما - {يطوقونه} يُكلفونه فلا يقدرون عليه كالشيخ والشيخة والحامل والمرضع - الفدية ولا قضاء عليهم لعجزهم. {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا} بالصوم مع الفدية، أو بالزيادة على مسكين واحد. {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدَّةٌ من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (185) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 185 - {شَهْرُ رَمَضَانَ} الشهر من الشهرة، شهر سيفه أخرجه. {رَمَضَانَ} قيل أُخذ من الرمضاء لما كان يوجد فيه من الحر حتى يرمض الفصال، وكره مجاهد أن يقال " رمضان "، قائلاً لعله من أسماء الله - تعالى - {أُنزِلَ فِيهِ الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 القرآن} في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نَزَلَ منجماً بعد ذلك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " نزلت صحف إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أول ليلة من رمضان، والتوراة لست مضين منه والإنجيل لتسع عشرة خلت منه، والفرقان لأربع وعشرين منه " أو {أُنزِلَ فِيهِ} في فرض صومه. {هُدىً لِّلنَّاسِ} رشاداً. {وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى} بينات من الحلال والحرام، وفرقان بين الحق والباطل. {فَمَن شَهِدَ} أول الشهر مقيماً لزمه صومه وليس له أن يفطر في بقيته، أو فمن شهده مقيماً فليصم ما شهد منه دون ما لم يشهده إلا في السفر، أو فمن شهده / عاقلاً مكلفاً فليصمه ولا يسقط صوم بقيته بالجنون. {مَرِيضاً} مرضاً لا يطيق الصلاة معه قائماً، أو ما يقع عليه أسم المرض، أو ما يزيد بسبب الصوم زيادة غير متحملة {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} يبلغ يوماً وليلة، أو ثلاثة أيام، أو ما يقع عليه الإسم، والفطر مباح عند الجمهور، وواجب عند ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقال: " اليسر الإفطار في السفر، والعسر الصوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 فيه " {وَلِتُكْمِلُواْ} عدة ما أفطرتم منه بالقضاء من غيره. {وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ} تكبير الفطر حين يهل شوال. {عَلَى مَا هَدَاكُمْ} من صوم الشهر. {وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون (186) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 186 - {وإذا سألك عبادي} قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: " أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه " أو سئل عن أي ساعة يدعون فيها، أو سئل كيف ندعوا، أو قال قوم: لما نزل: {ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] إلى أين ندعوا فنزلت. {قَرِيبٌ} الإجابة، أو من سماع الدعاء. {أجيب دعوة الداعي} اسمع فعبّر عن السماع بالإجابة، أو أُجيبه إلى ما سأل إذا كان مصلحة مستكملاً لشروط الطلب، وتجب إجابته كثواب الأعمال، فالدعاء عبادة ثوابها الإجابة، أو لا تجب. وإن قصّر في شروط الطلب فلا تجب إجابته وفي جوازها قولان، وإن كان سؤاله مفسدة لم تجز إجابته. {فَلْيَسْتَجِيبُواْ} فليجيبوني، أو الاستجابة الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 طلب الموافقة للإجابة، أو فليستجيبوا لي بالطاعة، أو فليدعوني. {أحلَّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالئان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الّيل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله ءاياته للناس لعلهم يتقون (187) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 187 - {الرَّفَثُ} من فاحش القول، (عن اللغا ورفث التكلم ... ) عبّر به عن الجماع اتفاقاً لأن ذكره في غير موضعه فحش. {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ} بمنزلة اللباس لإفضاء كل واحد منهما ببشرته إلى صاحبه، أو لاستتار أحدهما بالآخر، أو سكن {الليل لِبَاساً} [النبأ: 10] سكناً. {تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ} بالجماع والأكل والشرب، أُبيحا قبل النوم وحرِّما بعده. فطلب عمر زوجته فقالت: قد نمت فظنها تعتل فواقعها، وجاء قيس بن صرمة من عمله في أرضه فطلب الأكل فقالت زوجته نسخن لك شيئاً فغلبته عيناه، ثم قدمت إليه الطعام فامتنع، فلما أصبح لاقى جهداً وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما جرى لهما فنزلت ... . {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} لما كان في مخالفتكم. {وَعَفَا} عن ذنوبكم، أو عن تحريم ذلك بعد النوم. {بَاشِرُوهُنَّ} جامعوهن. {مَا كَتَبَ الله لكم} الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الولد، أو ليلة القدر، أو ما رخص فيه. {الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} قال علي - رضي الله تعالى عنه -: " الخيط الأبيض الشمس ". قال حذيفة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسحر وأنا أرى مواقع النبل. فقيل لحذيفة بعد الصبح فقال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع / الشمس " والإجماع على خلاف هذا، أو الأبيض الفجر الثاني والأسود سواد الليل قبل الفجر الثاني، كان عدي يراعي خيطاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 أبيض وخيطاً أسود جعلهما تحت وسادته فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: " إنك لعريض الوساد، إنما هو بياض النهار وسواد الليل، أو كان بعضهم يربط في رجليه خيطاً أبيض وخيطاً أسود ولا يزال يأكل حتى يتبينا له فأنزل الله عز وجل {مِنَ الْفَجْرِ} ، فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار " {الْفَجْرِ} لانبعاث ضوئه: من فجر الماء يفجر فجراً: انبعث وجرى {تُبَاشِرُوهُنَّ} بالقبل واللمس، أو بالجماع عند الأكثرين. {ولا تأكلوآ اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بهآ إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون (188) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 188 - {بِالْبَاطِلِ} بالغصب والظلم، أو القمار والملاهي. {وَتُدْلُواْ} تصيروا، أدليت الدلو أرسلته. {أَمْوَالَكُم} أموال اليتامى، أو الأمانات والحقوق الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 التي إذا جحدها قبل قوله فيها. {يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البرّ من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون (189) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 189 - {الأَهِلَّةِ} من الاستهلال برفع الصوت عند رؤيته. " وهو هلال إلى ليلتين، أو إلى ثلاث، أو إلى أن يحجر بخطة دقيقة، أو إلى أن يبهر ضوءه سواد الليل فيسمى حينئذ قمراً ". {مَوَاقِيتُ} مقادير لأوقات الديون، والحج. {تَأْتُواْ البيوت من ظهورها} كنى به عن إتيان النساء في أدبارهن، لأن المرأة يأوى إليها كما يأوى إلى البيت، أو هو مثل لإتيان البيوت من وجهها ولا يأتونها من غير وجهها، أو كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطاً من بابه فدخل الرسول صلى الله عليه وسلم دار رفاعة الأنصاري فجاء فتسور الحائط على الرسول صلى الله عليه وسلم فلما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من الباب خرج معه رفاعة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما حملك على هذا " فقال: " رأيتك خرجت منه "، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 " إني رجل أحمس " فقال رفاعة: " إن تكن رجلاً أحمس فإن ديننا واحد فنزلت ... . "، وقريش يُسمون الحمس لتحمسهم في دينهم، والحماسة: الشدة. {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم وَلا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزآء الكافرين (191) فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم (192) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلاّ على الظالمين (193) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 190 - {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} هذه أول آية نزلت بالمدينة في قتال من قاتل خاصة {وَلا تَعْتَدُوَاْ} بقتال من لم يقاتل. ثم نسخت ب {بَرَآءَةٌ} أو نزلت في قتال المشركين كافة {وَلا تَعْتَدُواْ} بقتل النساء والصبيان، أو لا تعتدوا بالقتال على غير الدين. الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 191 - {ثَقِفْتُمُوهُمْ} ظفرتم بهم. {وَالْفِتْنَةُ} الكفر ها هنا اتفاقاً لأنه يؤدي إلى الهلاك كالفتنة. {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} نهوا عن قتال الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 أهل الحرم إلا أن يبدءوا بالقتال ثم نسخ بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حتى لاَ تَكُونَ فتنة} [193] ، أو هي محكمة فلا يُقَاتل أهل الحرم ما لم يبدءوا بالقتال. {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (194) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 194 - {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} لما / اعتمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فَصُدًّ، فصالح على القضاء في العام المقبل، فقضى في ذي القعدة نزل {الشَّهْرُ الْحَرَامُ} وهو ذي القعدة المقضي فيه {بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} المصدود فيه، أُخذ ذو القعدة من قعودهم عن القتال فيه لحرمته. {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} لما فخرت قريش على الرسول صلى الله عليه وسلم حين صدته اقتص الله - تعالى - له، أو نزلت لما قال المشركون: " أَنُهِيتَ عن قتالنا في الشهر الحرام، فقال: نعم. فأرادوا قتاله في الشهر الحرام فقيل له: إن قاتلوك في الشهر الحرام فاستحل منهم ما استحلوا منك. {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 195 - {سبيل الله} الجهاد. {ولا تلقوا بأيديكم} الباء زائدة، أو غير الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 زائدة أي لا تُلقوا أنفسكم بأيديكم. {التَّهْلُكَةِ} الهلاك لا تتركوا النفقة في الجهاد فتهلكوا بالإثم، أو لا تخرجوا بغير زاد فتهلكوا بالضعف، أو لا تيأسوا من المغفرة عن المعصية فلا تتوبوا، ولا تتركوا الجهاد فتهلكوا، أو لا تقتحموا القتال من غير نكاية في العدو، أو هو عام محمول على ذلك كله. {وَأَحْسِنُواْ} الظن بالقدر، أو بأداء الفرائض أو عودوا بالإحسان على المعدم. {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب (196) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 196 - {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} أتموا كل واحد منهما بمناسكه وسننه، أو الإحرام بهما إفراد من دويرة الاهل، أو أن يخرج من دويرة أهله لأجلهما لا يريد غيرهما من كسب ولا تجارة، أو إتمامهما واجب بالدخول فيهما، أو إتمام العمرة الإحرام بها في غير أشهر الحج، وإتمام الحج الإتيان بمناسكه بحيث لا يلزمه دم جبران نقص. {أُحْصِرْتُمْ} بالعدو دون المرض، أو كل حابس من عدو أو مرض أو عذر {فَمَا اسْتَيْسَرَ} بدنة صغيرة أو كبيرة، أو هو شاة عند الأكثرين. {الْهَدْى} من الهدية، أو من هديته إذا سقته إلى الرشاد. {مَحِلَّهُ} محل الحصر حيث أُحصر من حل أو حرم، أو الحرم، أو مَحِله: تحلله بأداء نسكه، فليس لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتحلل من إحرامه فإن كان إحرامه عمرة لم يفت، وإن كان حجاً ففاته قضاه بالفوات بعد تحلله منه. {صٍيَامٍ أَوْ صدقة} الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 صيام ثلاثة أيام، صدقة: إطعام ستة مساكين، أو صيام عشرة أيام، والصدقة أطعام عشرة، والنسك شاة. {أَمِنتُمْ} من الخوف، أو المرض. {تَمَتَّعَ} بفسخ الحج، أو فعل العمرة في أشهر الحج ثم حج في عامه، أو إذا تحلل الحاج بالإحصار ثم عاد إلى بلده متمتعاً ثم قضى الحج من قابل فقد صار متمتعاً بإحلاله بين الإحرامين. {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ} شاة أو بدنة. {ثلاَثَةِ أَيَّامٍ في الْحَجِّ} بعد الأحرام به وقبل يوم النحر، أو في أيام التشريق. ولا يجوز تقديمها على الإحرام بالحج / أو يجوز في عشر ذي الحجة ولا يجوز قبله، أو يجوز في أشهر الحج ولا يجوز قبلها. {رَجَعْتُمْ} من حجكم، أو إلى أهلكم في أمصاركم. {كَامِلَةٌ} تأكيد، أو كاملة من الهدي، أو كملت أجره كمن أقام على الإحرام فلم يتحلل منه ولم يتمتع، أو هو خبر بمعنى الأمر أي أكملوا صيامها. {حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أهل الحرم، أو من بين مكة والمواقيت، أو أهل الحرم ومن قرب منه كأهل عُرنة وعَرفة والرجيع، أو من كان على مسافة لا تقصر فيها الصلاة. {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله وتزوّدوا فإن خير الزّاد التقوى واتقون يآ أولي الألباب (197) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 197 - {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} شوال وذو القعدة وذو الحجة، أو شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، أو شوال وذو القعدة وعشر ليالي من ذي الحجة إلى طلوع الفجر يوم النحر. {فَرَضَ} أحرم، أو أهلَّ بالتلبية. {رَفَثَ} الجماع، أو الجماع والتعرض له بمواعدة ومداعبة أو الإفحاش بالكلام كقوله: " إذا حللت فعلت بكِ كذا من غير كناية ". {وَلا فُسُوقَ} منهيات الإحرام، أو السباب، أو الذبح للأصنام، أو التنابز بالألقاب أو المعاصي كلها. {وَلا جِدَالَ} السباب، أو المِراء والاختلاف أيهم أتم حجاً، أو أن يجادل الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 صاحبه حتى يغضبه، أو اختلاف كان يقع بينهم في اليوم الذي يكون فيه حجهم، أو اختلافهم في موافق الحج أيهم أصاب موقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو لا جدال في وقته لاستقراره وبطلان النسيء الذي كانوا ينسونه فربما حجوا في صفر أو ذي القعدة. {وَتَزَوَّدُوأ} الأعمال الصالحة، أو نزلت في قوم من أهل اليمن كانوا يحجون بغير زاد، ويقولون نحن المتوكلون، فنزل {وَتَزَوَّدُواْ} الطعام فإن خيراً منه التقوى. {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذآ أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضآلين (198) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (199) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 198 - {فَضْلاً} كانت ذو المجاز وعكاظ متجراً في الجاهلية فلما جاء الإسلام تركوا ذلك حتى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} . {أَفَضْتُم} أسرعتم، أو رجعتم من حيث بدأتم. {عَرَفَاتٍ} جمع عرفة، أو اسم واحد وإن كان بلفظ الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 جمع، قاله الزجاج سميت به، لأن آدم - عليه الصلاة والسلام - عرف بها حواء بعد هبوطهما، أو عرفها عند رؤيتها إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لما تقدم له من وصفها، أو لتعريف جبريل - عليه الصلاة والسلام - الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مناسكهم، أو لعلو الناس على جبالها، لأن ما علا عرفة وعرفات، ومنه عرف الديك. {الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} سمي به لأن الدعاء فيه والمقام من معالم الحج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 199 - {أفاض الناس} إبراهيم عليه الصلاة والسلام - عبّر عن الواحد بلفظ الجمع، كقوله {الذين قَالَ لَهُمُ الناس} [آل عمران: 173] يعني نُعيم بن مسعود، أو أمر قريشا أن يفيضوا / من حيث أفاض الناس وهم العرب - كانوا يقفون بعرفة، لأن قريشاً كانوا يقفون بمزدلفة، ويقولون نحن أهل الحرم فلا نخرج منه فنزلت {وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ} من ذنوبكم، أو من مخالفتكم في الوقوف والإفاضة. الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءابآءكم أو أشد ذكراً فمن الناس من يقول ربنآ ءاتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (200) ومنهم من يقول ربنآ ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار (201) أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (203) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 200 - {مَّنَاسِكَكُمْ} الذبائح، أو ما أُمرتم به في الحج، والمناسك المتعبدات. {فاذْكُرُواْ اللَّهَ} بالتكبير أيام منى، أو بجميع ما سُّن من الأدعية بمواطن الحج كلها. {كذكركم آباءكم} كانوا إذا فرغوا من الحج جلسوا بمنى وافتخروا بمناقب آباءهم فنزلت، أو كذكر: الصغير لأبيه إذا قال: يا بابا، أو كان أحدهم يقول: اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبة كثير المال فاعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه. الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 201 - {حسنة} العافية في الدنيا والآخرة، أو نعيمهما قاله: الأكثر، أو المال في الدنيا والجنة في الآخرة، أو العلم والعمل في الدنيا والجنة في الآخرة. {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجَّل في يومين فلآ إثم عليه ومن تأخَّر فلآ إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموآ أنكم إليه تحشرون (203) } الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 203 - {مَّعْدُودَاتٍ} أيام منى إجماعاً وإن شرك بعضهم بين بعضا وبين الأيام المعلومات. {تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ} النَّفر الأول. {وَمَن تَأَخَّرَ} النَّفر الثاني. {فَلآ إِثْمَ عَلَيْهِ} في تعجله ولا تأخره، أو يغفر لكل واحد منهما، أو لا إثم عليه إن أتقى فيما بقي من عمره، أو لا إثم عليه إن اتقى قتل الصيد في الثالث من أيام التشريق، أو إن اتقى ما نُهِي عنه غُفر له ما تقدم من ذنبه. الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ} بالتكبير في الأيام المعدودات من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، أو من الفجر يوم عرفة إلى العصر يوم النحر، أو من الظهر يوم النحر إلى بعد العصر آخر أيام التشريق، أو بعد صلاة الصبح من آخر التشريق. {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام (204) وإذا تولَّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205) وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (206) ومن الناس من يشري نفسه ابتغآء مرضات الله والله رءوف بالعباد (207) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 204 - {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} من الجميل والخير، أو من حب الرسول صلى الله عليه وسلم والرغبة في دينه. {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ} يقول اللهم اشهد عليَّ به، أو في قلبه ما يشهد الله أنه بخلافه، أو يستشهد الله على صحة ما في قلبه والله يعلم أنه بخلافه. {أَلَدُّ} الألد: الشديد الخصومة. {الْخِصَامِ} مصدر، أو جمع خصيم أي ذو جدال، أو كذاب، أو شديد القسوة في المعصية، أو غير مستقيم الخصومة. نزلت في الأخنس بن شَرِيق، أو هي صفة للمنافقين. الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 205 - {تَوَلَّى} تصرف، أو غضب. {لِيُفْسِدَ فِيهَا} بالكفر، أو الظلم. {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} بالقتل والسبي، أو بالإضلال المفضي إلى القتل والسبي. الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 206 - {أَخَذتْهُ الْعِزَّةُ} دعته إلى فعل الإثم، أو يعز نفسه أن يقولها للإثم المانع منها. الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 207 - {يَشْرِى} يبتع، نزلت فيمن أمر بمعروف ونهى عن منكر فقتل أو في صهيب اشترى نفسه من المشركين بجميع ماله ولحق بالمسلمين، وقال / الحسن: العمل الذي باع به نفسه الجهاد. {يآ أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين (208) فإن زللتم من بعد ما جآءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيزٌ حكيم (209) هل ينظرون إلآ أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملآئكة وقضى الأمر وإلى الله ترجع الأمور (210) } . الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 208 - {السِّلْمِ} والسَّلم واحد أو بالكسر الإسلام، وبالفتح المسالمة. ادخلوا في الإسلام، أو الطاعة. {كَآفَّةً} عائد إلى الطاعة، أو إلى تأكد الداخل فيها. {مبين} أبان عدواته بامتناعه من السجود، أو بقوله {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} [الإسراء: 62] أُمر بها المسلمون أن يدخلوا في شرائع الإسلام كلها، أو في أهل الكتاب آمنوا بمن سلف من الأنبياء، فأُمروا بالدخول في الإسلام، أو نزلت في ابن سلام وجماعة من اليهود لما قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم " السبت يوم كنا نعظمه ونسيت فيه، والتوراة كتاب الله - تعالى - فدعنا فلنقم بها بالليل ". الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 209 - {زَلَلْتُم} عصيتم أو كفرتم، أو ضللتم. {الْبَيِّنَاتِ} القرآن أو الحجج، أو محمد صلى الله عليه وسلم، أو الإسلام. الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 210 - {في ظلل} بظلل، أو أمر الله تعالى في ظلل. {سَلْ بَنِى إِسْرَآءِيلَ كم ءاتيناهم من ءاية بينة ومن يبدِّل نعمة الله من بعد ما جآءته فإنَّ الله شديد العقاب (211) زيِّن للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين ءامنوا والذين الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشآء بغير حساب (212) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 211 - {سل بني إسرائيل} توبيخاً لهم، أراد علماءهم، أو أنبياءهم، أو جميعهم. {آية بَيِّنَةٍ} فلق البحر، وتظليل الغمام وغيرهما. {نِعْمَةَ الله} العلم / برسوله صلى الله عليه وسلم. الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 212 - {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} زينها الله بخلق الشهوات فيها، أو زينها الشيطان، أو المُغوي من الثقلين. {وَيَسْخَرُونَ} من ضعفاء المسلمين، يوهمونهم أنهم على حق، والمراد بذلك علماء اليهود، أو مشركو العرب. {وَالَّذِينَ اتَّقَوْاْ} فوق الكفار. {بِغَيْرِ حِسَابٍ} عبّر بذلك عن سعة ملكه الذي لا يفنيه عطاء ولا يقدر بحساب، أو هو دائم لا يفنى، أو رزق الدنيا بغير حساب لأنه يعم المؤمن والكافر، ولا يُعطى المؤمن على قدر إيمانه، أو رزق المؤمن في الآخرة لا يحاسب عليه، أو التفضل بغير حساب، والجزاء بالحساب، أو كفايتهم بغير حساب ولا تضييق. {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوافيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جآءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأسآء والضرآء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألآ إن نصر الله قريب (214) } الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 213 - {أُمَّةً وَاحِدَةً} على الكفر، أو على الحق، أو آدم - عليه الصلاة والسلام - كان إمام ذريته فبعث الله - تعالى - النبيين في ولده. أو يوم الذر لما خرجوا من صلب آدم أقروا بالعبودية ثم اختلفوا، وهم عشرة قرون كانوا بين آدم ونوح على الحق ثم اختلفوا. الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 {يسألونك ماذا ينفقون قل مآ أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خيرٍ فإن الله به عليم (215) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 215 - {مَاذَا يُنفِقُونَ} سألوا عن أموالهم اين يضعونها فنزلت أو نزلت في إيجاب نفقة الأهل والصدقة ثم نسخت بالزكاة. {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (216) } الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 216 - {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} أراد به الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - خاصة، أو الناس عامة إلى حصول الكفاية، أو هو فرض متعين على كل مسلم أبداً، قاله ابن المسيب. {كُرْهٌ لَّكُمْ} الكُره: إدخال المشقة على النفس من غير إكراه أحد، والكَره: إدخال المشقة بإكراه غيره، كره: ذو كره، أو مكروه لكم فأقام المصدر مقامه. مكروه قبل الأمر به وأما بعده فلا، أو كره / في الطباع قبل الأمر وبعده. {وَعَسَى} بمعنى " قد "، أو طمع المشفق مع دخول الشك، {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً} من القتال، {وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} بالظفر والغنيمة والأجر والثواب، {وَعَسَى أَن تُحِبًّواْ شَيْئاً} من [ترك] القتال، {وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} بظهور عدوكم، ونقصان أجوركم، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ} مصلحتكم، {وأنتم لا تعلمون} . الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (217) إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم (218) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 217 - {يسألونك عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} خرج عبد الله بن جحش بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم في سبعة نفر فلقوا ابن الحضرمي في عِير فَقُتل ابنُ الحضرمي وأسروا آخر، وغنموا العير، وذلك أول ليلة من رجب، فلامه الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون فنزلت فسأله المشركون عن ذلك ليعيّروه ويستحلوا قتاله فيه، قاله الأكثرون. أو سأله المسلمون ليعرفوا حكمه، سألوا عن القتال في الشهر الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 الحرام، فأخبرهم أن الصد عن سبيله وإخراج أهل الحرم والفتنة أكبر من القتل في الشهر، أو سألوا عن القتل في الحرم والشهر الحرام فأخبرهم بأن الصد والإخراج والفتنة أكبر من القتل في الحرم والشهر الحرام. وتحريم ذلك محكم عند عطاء، منسوخ على الأصح، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم غزا هوازن وثقيفاً، وأرسل أبا عامر إلى أوطاس في بعض الأشهر الحرم، وبايع على قتال قريش بيعة الرضوان في ذي القعدة. {حَبِطَتْ} أصل الحبوط: الفساد، فإذا بطل العمل قيل حبط لفساده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 218 - {إن الذين آمنوا} قال قوم من المسلمين في سرية أبن جحش: " إن لم يكونوا أصابوا وزراً فليس لهم في سفرهم أجر "، فنزلت {هَاجَرُواْ} دورهم كراهة المقام مع المشركين. {وَجَاهَدُواْ} جهد فلاناً كذا: إذا أكربه وشق عليه {سَبِيلِ اللَّهِ} طريقه وهي دينه. {يرجون رحمة اللَّهِ} إنما رجوها لأنهم لا يدرون الخواتيم، أو لأنهم لم يتيقنوا آداء كل ما وجب عليهم. {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهمآ إثم كبير ومنافع للناس وإثمهمآ أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (219) في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شآء الله لأعنتكم إن الله عزيزٌ حكيمٌ (220) } الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 219 - {يسألونك عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الخمر: ما خامر العقل فيستره، والميسر: القمار. {إِثْمٌ كَبِيرٌ} سكر الشارب وإيذاؤه الناس؛ وإثم الميسر بالظلم ومنع الحق، أو إثم الخمر: زوال العقل حتى لا يعرف خالقه، وإثم الميسر: صده عن ذكر الله وعن الصلاة، وإيقاع العداوة والبغضاء. {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} منافع أثمانها، وربح تجارتها، والالتذاذ بشربها. (ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأُسداً ما ينهنهنا اللقاء) الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 ومنافع الميسر: كسب المال بغير كد، أو ما كانوا يصيبون به من أنصباء الجزور. {وَإِثْمُهُمَآ} بعد التحريم {أُكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} قبل التحريم، أو كلاهما قبل التحريم. {الْعَفْوَ) ما فضل عن الأهل، أو ما لا يبين على من أنفقه / أو تصدق به، أو الوسط من غير إسراف ولا إقتار، أو أخذ ما آتوه من قليل أو كثير، أو الصدقة عن ظهر غنى، أو الصدقة المفروضة، وهي محكمة، أو نُسخت بالزكاة، وحُرمت الخمر بهذه الآية، أو بآية " المائدة " على قول الأكثر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 220 - {ويسألونك عَنِ الْيَتَامَى} لما نزل {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} [الأسراء: 34] و {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً} [النساء: 10] تحرجوا من خلط طعامهم بأطعمة اليتامى فعزلوا أطعمة اليتامى حتى ربما فسدت عليهم، فنزلت {وَإِن تُخَالِطُوهُمْ} في الطعام والشراب، والسكنى، والدابة، واستخدام العبيد. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ} الذي يخلط ماله بمال اليتيم، ليفسد مال اليتيم. والمصلح: الذي يريد بذلك إصلاح مال اليتيم. {لأَعْنَتَكُمْ} لشدد عليكم، أو يجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقاً {عَزيزٌ} في سلطانه قادر على الإعنات. {حَكِيمٌ} في تدبيره بترك الإعنات. {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمن خيرٌ من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبيّن ءاياته للناس لعلهم يتذكرون (221) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 221 - {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} محكم في كل مشركة كتابية، أو غير كتابية، أو خُصِّصَ منه أهل الكتاب، أو كانت عامة في كل مشركة فنسخ منها أهل الكتاب، ومراده التزويج، والنكاح: حقيقة في العقد مجاز في الوطء. {مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن) {حرة} (مُّشْرِكَةٍ} وإن شرف نسبها، أو نزلت في عبد الله ابن رواحة، كانت له أَمَة، فخطب عليه حرة مشركة شريفة فلم يتزوجها فأعتق الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 أمته وتزوجها، فطعن عليه ناس من المسلمين فنزلت {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} بجمالها وحسبها ومالها. {وَلا تنكحوا المشركين} هذا على عمومه إجماعاً. {ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النسآء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهَّرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (222) نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدِّموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين (223) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 222 - {ويسألونك عَنِ الْمَحِيضِ} كانوا يجتنبون مساكنة الحائض والأكل والشرب معها، فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت، أو سأله ثابت بن الدحداح الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الأنصاري، أو كانوا يعتزلون الوطء في الفرج ويأتونهن في أدبارهن مدة الحيض فنزلت، قاله مجاهد: {أَذىً} بِنَتَنِه وقذره ونجاسته. {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ} فلا تباشروهن بشيء من أبدانكم، أو ما بين السرة والركبة، أو الفرج وحده. {يَطْهُرْنَ} ينقطع دمهن. {تَطَهَّرْنَ} اغتسلن بالماء: بالوضوء وبالغسل، أو بغسل الفرج وحده. {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} في القُبُل، أو بالنكاح دون السفاح، أو من قُبُل الطهر لا من قُبُل الحيض، أو لا تقربوها صائمة ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 محرمة ولا معتكفة {الْمُتَطَهِّرينَ} بالماء، أو من أدبار النساء، أو من الذنوب بالتوبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 223 - {حَرْثٌ لَّكُمْ} مزدرع لنسلكم {أَنَّى شِئْتُمْ} زعمت اليهود أن من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأكذبهم الله / تعالى بقوله {أَنَّى شِئْتُمْ} أو كيف شئتم عازلين أو غير عازلين، أو حيث شئتم من قُبُل أو دُبُر روي ذلك عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - وبه قال ابن أبي مليكة، الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 ويروى عن مالك - رحمه الله تعالى - وقد أُنكرت هذه عن ابن عمر، أو من أي وجه شئتم من دبرها في قبلها، أو من قبلها، أو قال بعض الصحابة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 إني لآتي امرأتي مضطجعة، وقال آخر: إني لآتيها قائمة، وقال آخر: إني لآتيها على جنبها، وقال آخر: إني لآتيها باركة، فقال يهودي بقربهم: ما أنتم إلا أمثال البهائم، ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة فنزلت ... . {وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ} الخير، أو ذكر الله - تعالى - عند الجماع قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {ولا تجعلوا الله عرضةً لأيمانكم أن تبرّوا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم (224) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفورٌ حليم (225) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 224 - {عُرْضَةً} من القوة والشدة، فالعرضة أن يحلف في كل حق وباطل فيبتذل اسم الله - تعالى - ويجعله عرضة، أو العرضة: علة يعتل بها فيمتنع من فعل الخير، والإصلاح معتلاً بأن حلفت، أو يحلف في الحال فيعتل بيمينه في ترك الخير أو يحلف ليفعلن البر والخير فيقصد بفعله برّ يمينه دون الرغبة في فعل الخير. {أَن تَبَرُّواْ} في أيمانكم، أو تبروا أرحامكم {وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} . {سَمِيعٌ} لأيمانكم {عَلِيمٌ} باعتقادكم. الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 225 - {بِاللَّغْوِ} كل كلام مذموم، لغا فلان: قال قبيحاً، فلغو اليمين: ما سبق إليه اللسان من غير قصد، كلا والله، وبلى والله، مر الرسول صلى الله عليه وسلم بقوم يتناضلون فرمى رجل فقال: اصبت والله، أخطأت والله، فقال رجل مع الرسول صلى الله عليه وسلم حنث الرجل فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " كلا إن أيمان الرماة [لغو] لا كفارة ولا عقوبة " أو الحلف على شيء ظاناً ثم تبين بخلافه، أو الحلف في حال الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الغضب من غير عقد ولا عزم بل صلة في الكلام وعن الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يمين في غضب "، أو الحلف على معصية فلا يؤاخذ بترك المعصية ويكفِّر، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم " من حلف على معصية فلا يمين له " أو دعاء الحالف على نفسه، كقوله " إن لم أفعل فأعمى الله بصري، او أخرجني من مالي، أو أنا كافر بالله، قاله زيد بن أسلم " أو اللغو: الأيمان المكفَّرة، أو ما حنث فيه ناسياً {كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} عمدتم، أو الحلف كاذباً، أو على باطل، أو اعتقاد الشرك بالله - تعالى - والكفر، عند زيد بن أسلم. {غَفُورٌ} للغو {حَلِيمٌ} بترك معاجلة العصاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 {للذين يؤلون من نسآءهم تربص أربعة أشهر فإن فآءو فإن الله غفورٌ رحيم (226) وإن عزموا الطلاق فإن الله سميعٌ عليم (227) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 226 - {يُؤْلُونَ} يقسمون، والأليَّة: القسم، يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم فترك لدلالة الكلام عليه، ويختص باليمين بالله - تعالى -، أو يعم في كل ما يُلزم الحانث ما لم يكن يلزمه. يختص بالجماع وبحال الغضب وقصد الإضرار ولا يجري / في حال الرضا وبغير قصد الإضرار، أو يعم الأحوال إذا حلف على الجماع، أو يعم فيما يسوء به زوجته من جماع أو غيره، كقوله: لأسوأنك أو لأغيظنك، قاله الشعبي وابن المسيب والحكم. {فاءوا} رجعوا إلى الجماع، أو الجماع لغير المعذور، والفيئة باللسان للمعذور، أو الفيئة باللسان وحده عند من جعله عاماً في غير الجماع. {غَفُورٌ} بإسقاط الكفارة، أو بإسقاط الإثم دون الكفارة. الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 227 - {وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ} بأن لا يطلقوا حتى تمضي الأشهر الأربعة فتطلق بائنة، أو رجعية، أو يوقف بعد مضي الأشهر، فإن فاء وإلا طلق قاله: اثنا عشر من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، أو الإيلاء ليس بشيء قاله ابن المسيب: {سَمِيعٌ} لإيلائه، أو لطلاقه، {عَلِيمٌ} بنيته، أو بضره. {وَالْمُطَلَّقَاتُ يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم (228) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 228 - {وَالْمُطَلَّقَاتُ} الطلاق: التخلية، النعجة المهملة بغير راعٍ طالق وبه سميت المرأة. {ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} مدة ثلاثة قروء، وهي الحيض، أو الأطهار، أخذ من الاجتماع، لاجتماع الدم في الرحم عند من رآها الحيض، أو لاجتماعه في البدن عند من رأها الأطهار، قرأ الطعام في شدقه والماء في حوضه جمعهما، أو القَرء: الوقت لمجىء ما يعتاد مجيئه، أو لإدباره، أقرأ النجم جاء وقت طلوعه أو أفوله. قال: (إذا ما الثريا وقد أقرأت ... أحس السِّما كان منها أفولاً) ( ... هبت لقارئها الرياح) فالقرء: وقت لخروج الدم، أو لاحتباسه. {مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ} الحيض أو الحمل، أو كلاهما، توعدها لأنها تمنع بالكتمان رجعة الزوج، أو لإلحاق نسب الولد بغيره كفِعل الجاهلية. {بعولتهن} سموا بذلك لعلوهم عليهن، بعلا: ربًّا، لعلوه بالربوبية. {بِرَدِّهِنَّ} برجعهن. {وَلَهُنَّ} من حسن الصحبة مثل الذي للرجال عليهن من حسن الصحبة، أو لهن على الأزواج من الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 التصنع مثل ما لأزواجهن عليهن قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو لهن من ترك المضارة مثل ما عليهن. {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} بالميراث والجهاد، أو بالإمرة والطاعة، أو إعطاء الصداق والملاعنة إذا قذفها، أو بالإفضال عليها وأداء حقها والصفح عن حقوقه عليها، أو بأن جعل له لحية قاله حميد. {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ ءاتيتموهن شيئاً إلآ أن يخافآ ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (229) فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهمآ أن يتراجعآ إن ظنآ أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 229 - {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} بيان لسنة الطلاق أن يوقع في كل قرء طلقة، أو بيان لعدد ما ثبت فيه الرجعة، ولتقديره بالثلاث كان أحدهم يطلق ما شاء ثم يراجع، فأراد رجل المضارة بزوجته / بطلاقها ثم ارتجاعها كلما قرب انقضاء عدتها ولا يقربها فشكت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت ... ... . الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 {فَإِمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ} الرجعة بعد الثانية، والتسريح بالإحسان الطلقة الثالثة. قيل للرسول صلى الله عليه وسلم الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ قال: " إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان "، أو التسريح بإحسان: ترك الرجعة حتى تنقضي العدة، والإحسان: أداء حقها وكف الأذى عنها. {يَخَافَآ} يظنا. {أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} بظهور نشوزها وسوء الخلق، أو لا تطيع أمره ولا تبر قسمه، أو تصرح بكراهتها له، أو يكره كل واحد منهما صاحبه فلا يؤدي حقه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " المختلعات هن المنافقات " وهي التي تختلع لميلها إلى غير زوجها. {ما افْتَدَتْ بِهِ} من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الصداق من غير زيادة، أو يجوز أن تفتدي بالصداق وبجميع مالها. وجواز الخلع محكم عند الجمهور، ومنسوخ عند بكر بن عبد الله. بقوله - تعالى -: {وآتيتم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً} [النساء: 20] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 230 - {فَإِن طَلَّقَهَا} الثالثة، أو هو تفسير لقوله - تعالى - {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} {تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} الدخول شرط عند الجمهور خلافاً لابن المسيب. {وإذا طلقتم النسآء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا ءايات الله هزواً واذكروا نعمت الله عليكم ومآ أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم (231) } الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 231 - {بلغن أَجَلهُنَّ} قاربن انقضاء العدة، بلغ البلد إذا قاربه {فَأَمْسِكُوهُنَ} ارتجعوهن. {سَرِّحُوهُنَّ} بتركهن حتى تنقضي العدة {ولا الحديث: 231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} بالارتجاع كلما طلق ليطول العدة، {ولا تتخذوا آيات اللَّهِ هُزُوًا} كان أحدهم يطلق، أو يعتق ثم يقول " كنت لاعباً " فقال الرسول صلى الله عليه وسلم من طلق لاعباً، أو أعتق لاعباً فقد جاز عليه "، ونزلت {ولا تتخذوا) {} (وإذا طلقتم النسآء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذالكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون (232) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 232 - {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} بانقضاء العدة. {تَعْضُلُوهُنَّ} العضل المنع، داء عضال: ممتنع أن يداوي، فلان عضلة: داهية، لامتناعه بدهائه، أو العضل: التضييق، أعضل بالجيش الفضاء، وقال عمر - رضي الله تعالى عنه -: " أعضل رأيي في أهل العراق لا يرضون عن والٍ ولا يرضى عنهم والٍ ". نزلت في معقل بن يسار لما طُلقت أخته، رغب مطلقها في نكاحها فعضلها، أو الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 نزلت في جابر بن عبد الله طُلقت بنت عم له ثم رغب زوجها في نكاحها فعضلها، أو تعم كل ولي عاضل. {تَرَاضَواْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ} بالزوج الكافي، أو بالمهر. {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم مآ ءاتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموآ أن الله بما تعملون بصير (233) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 233 - {حَوْلَيْنِ} من حال الشيء إذا انقلب، لانقلابه عن الوقت الأول واستحالة الكلام انقلابه عن الصواب، أو من التحول عن المكان، لانتقاله من الزمن الأول. {كَامِلَيْنِ} قيدهما بالكمال، لأنهم يطلقون الحولين / يريدون الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 أحدهما وبعض الآخر، ومنه {فَمَن تَعَجَّلَ فَي يومين} [203] ، أَمرٌ بإكمالها لمن كان حملها ستة أشهر لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً} [الأحقاف: 15] ، فإن كان حملها تسعاً أرضعت إحدى وعشرين شهراً، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: أو هو عام في كل مولود طالت مدة حمله، أو قصرت. {الْمَوْلُودِ لَهُ} الأب، عليه رزق الأم المطلقة إذا أرضعت ولدها ومؤنتها {بِالْمَعْرُوفِ} بأجرة مثلها، أو رزق الأم المنكوحة وكسوتها بالمعروف لمثلها على مثله من يسار، أو إعسار. {لا تُضَآرَّ وَالدِةٌ} لا تمتنع من الإرضاع إضراراً بالأب عند الجمهور، أو الوالدة هي الظئر، ولا ينتزع الأب المولود له الولد من أمه إضراراً {وَعَلَى الْوَارِثِ} وهو المولود، أو الباقي من أبويه بعد موت الآخر، أو وارث الوالد، أو وارث الابن من عصبته كالعم وابنه، والأخ وابنه دون الوارث من النساء، أو ذوي الرحم المَحْرم من الورثة، أو الأجداد ثم الأمهات. {مِثْلُ ذَلِكَ} ما كان على الأب من أجرة رضاعه ونفقته، أو من أن لا تضار والدة بولدها {فِصَالاً} فطاماً بفصل الولد من ثدي أمه، فاصلت: فلاناً فارقته [ {وَتَشَاوُرٍ} ] التشاور: استخراج الرأي بالمشاورة. والفصال بالتراضي قبل الحولين، أو قبلهما وبعدهما. {تَسْتَرْضِعُواْ} لأولادكم بحذف [اللام اكتفاء بأن الاسترضاع لا يكون إلا للولد] وهذا عند امتناع الأم من رضاعه {سَلَّمْتُم} إلى الأمهات أجر رضاعهن قبل امتناعهن، أو سلمتم الأولاد إلى المرضعة يرضى الأبوين، أو سلمتم إلى الظئر أجرها. {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملونه خبير (234) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 234 - {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} زيدت العشر لأن الروح تنفخ فيها قاله ابن الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 المسيب، وأبو العالية، وفي وجوب الإحداد فيها قولان: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس لما أصيب جعفر بن أبي طالب: " تسلبي ثلاثاُ ثم أصنعي ما شئت " {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ} أي في تزوجكم بهن، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 سقط عنكم الإنكار عليهن إذا تزوجن بعد الأجل. {بِالْمَعْرُوفِ} بالنكاح المباح، أو بالطيب والزينة والانتقال من المسكن نَسخت هذه لقوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ} [240] وتقدم الناسخ على المنسوخ، لأن القارئ إذا وصل إلى الناسخ واقتصر عليه أجزأه. {ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به من خطبة النسآء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلآ أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموآ أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفورٌ حليم (235) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 235 - {عَرَّضْتُم} الإشارة بالكلام إلى ما ليس له فيه ذكر، كقوله ما عليكِ أيمة، ورغب راغب فيك، ولعل الله أن يسوق إليكِ خيراً {خِطْبَةِ} طلب النكاح، والخُطْبة: الكلام الذي يتضمن الوعظ الإبلاغ {أكننتم} سترتم. الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 {سِرّاً} زنا، أو الجماع، أو قوله: " لا تفوتيني نفسك " / أو نكاحها في العدة سِراً، أو أخذه ميثاقها أن لا تنكح غيره. {قَوْلاً مَّعْرُوفاً} هو التعريض. {وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ} على عقدة يريد التصريح {الْكِتَابُ أَجَلَهُ} فرض الكتاب، أو أراد بالكتاب الفرض تشبيهاً بكتاب الدين. {لا جناح عليكم إن طلقتم النسآء ما لم تمسّوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين (236) وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلآ أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير (237) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 236 - {أَوْ تَفْرِضُواْ} بمعنى " ولم تفرضوا " أو " فرضتم أو لم تفرضوا " فحذف فرضتم. {فَرِيضَةً} صداقاً، سمي بذلك، لأنه أوجبه على نفسه، وأصل الفرض الواجب {وَمَتِّعُوهُنَّ} بمال ينتفعن به بقدر نصف صداق المثل، أو يقدرها الحاكم باجتهاده، أو خادم ودون ذلك الوَرِق، ودون ذلك الكسوة وهي الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 واجبة لكل مطلقة، أو لغير المدخول بها إذا لم يسمِّ لها صداقاً، أو لكل مطلقة إلا غير المدخول بها، أو هي مندوب إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 237 - {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فلكم استرجاعه، أو فهو لهن ليس عليكم غيره. {إِلآ أَن يَعْفُونَ} ليكون مرغباً للأزواج في خطبتها. {الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِكَاحِ} الولي، أو الزوج، أو أبو البكر. {وَأَن تَعْفُواْ} أيها الأزواج أو الأزواج والزوجات. {لِلتَّقْوَى} إلى اتقاء المعاصي، أو إلى أن يتقي كل واحد منهما ظلم الآخر. {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين (238) فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذآ أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون (239) } الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 238 - {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} بذكرها، أو تعجيلها. {الْوُسْطَى} خُصت بالذكر لانفرادها بالفضل، وهي العصر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " حبسونا عن الصلاة الوسطى. صلاة العصر "، أو الظهر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصليها. الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 بالهاجرة فلم يكن على الصحابة أشد منها فنزلت، لأن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين، أو المغرب لتوسط عددها، وأنها لا تقصر، أو الصبح، لقوله - تعالى - {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} ولا قنوت في غيرها، أو هي مبهمة في الخمس غير معينة ليكون أبلغ في المحافظة على جميعها {قَانِتِينَ} القنوت من الدوام على أمر واحد، أو من الطاعة، أو من الدعاء يريد طائعين، أو ساكتين عن منهي الكلام، أو خاشعين عن العبث والتلفت، أو داعين، أو طول القيام، أو القراءة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 239 - {رجالا} جمع راجل كقائم وقيام، ولا يغير الخوف عدد الصلاة عند الجمهور، وقال الحسن: " صلاة الخوف ركعة " وفي وجوب قضائها مذهبان {فَاذْكُرُواْ اللَّهَ} فصلوا كما علمكم، أو فاذكروه بحمده، والثناء عليه {كَمَا عَلَّمَكُم} من أمر دينكم {ما لم تكونوا تعلمون} . {والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّة لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم (240) وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين (241) كذلك بين الله لكم ءاياته لعلكم تعقلون (242) } الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 240 - {وَالَّذِينَ يُتَوفَّوْنَ} نسخت الوصية بآية المواريث، والحول بأربعة الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أشهر وعشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 241 - {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعُ} كل مطلقة، أو الثيب المجامعة، أو لما نزل {حقا على المحسنين} [236] قال رجل: " إن أحسنت فعلت / وإن لم أرَ ذلك لم أفعل فنزل {حَقّاً عَلَى المتقين} وخصوا بالذكر تشريفا. {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (243) وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم (244) من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون (245) } الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 243 - {أُلوُفٌ} مؤتلفو القلوب، أو ألوف في عددهم أربعة آلاف أو ثمانية آلاف أو بضعة وثلاثون ألفاً، أو أربعون ألفاً، والألوف تستعمل فيما زاد على عشرة آلاف. {حَذَرَ الْمَوْتِ} فروا من الجهاد، أو من الطاعون إلى أرض لا طاعون بها فلما خرجوا ماتوا، فمر بهم نبي فدعا أن يُحيوا فأُجيب. {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ} عبّر عن الإماتة بالقول، كما يقال: قالت السماء فمطرت، أو قال قولاً سمعته الملائكة، وإحياؤهم معجزة لذلك النبي. الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 245 - {قَرْضاً حَسَناً} في الجهاد، أو أبواب البر. {أَضْعَافًا كَثِيرةً} سبعمائة ضعف، أو ما لا يعلمه إلا الله. {يقبض ويبسط} في الرزق، أو الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 {يقبض} الصدقات {ويبسط} الجزاء. {ألم تر إلى الملإ من بني إسرآءيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنآئنا فلما كتب عليهم القتال تولّوا إلا قليلاً منهم والله عليم بالظالمين (246) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 246 - {الْمَلإِ} الأشراف. {لِنَبِىٍّ لَّهُمُ} سمويل، أو يوشع بن نون، أو سمعون، سمته أمه بذلك لأن الله - تعالى - سمع دعاءها فيه، طلبوا ذلك لقتال العمالقة، أو الجبارين الذين استذلوهم. {وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعةً من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 يشآء والله واسع عليم (247) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 247 - {طَالُوتَ} لم يكن من سبط النبوة ولا المملكة. {بَسْطَةً} زيادة في العلم، وعظماً في الجسم، كانا قبل الملك، أو زاده ذلك بعد الملك. {وَاسِعٌ} الفضل، أو موسع على خلقه، أو ذو سعة. {وقال لهم نبيهم إن ءاية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك ءال موسى وءال هارون تحمله الملآئكة إن في ذلك لآيةً لكم إن كنتم مؤمنين (248) } الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 248 - {سكينة} ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، أو طست ذهب من الجنة كان يغسل فيه قلوب الأنبياء، أو روح من الله تتكلم، أو ما تعرفونه من الآيات فتسكنون إليه، أو الرحمة، أو الوقار. {وبقية} عصا موسى عليه الصلاة والسلام، ورضاض الألواح، أو العلم، أو التوراة، أو الجهاد في سبيل الله - تعالى -، أو التوراة وشيء من ثياب موسى عليه الصلاة والسلام، كان قدر الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين {تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ} بين السماء والأرض يرونه عياناً، ويقال نزل آدم - عليه الصلاة والسلام - بالتابوت والركن. وكان التابوت بأيدي العمالقة غلبوا عليه بني إسرائيل، أو كان ببرية التيه خلفه بها يُوشع بن نون، وقيل إن التابوت وعصا موسى - عليه الصلاة والسلام - في بحيرة الطبرية، وأنهما يخرجان قبل يوم القيامة. {فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلآ من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلاّ قليلاً منهم فلما جاوزه هو والذين ءامنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين (249) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 249 - {بِنَهَرْ} نهر بين الأردن وفلسطين، أو نهر فلسطين ابتلوا به لشكايتهم قلة الماء وخوف العطش. {مِنِّى} من أهل ولايتي. {غُرْفَةَ} الفعل والغُرفة اسم المغروف. {قَليلآً} ثلاثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر، ومن استكثر منه عطش. {جَاوَزَهُ} مع المؤمنين والكافرين ثم انخزلوا عن المؤمنين، وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت /، أو لم يجاوزه إلا مؤمن. {قَالُواْ لا طَاقَةَ} قاله الكفار المنخزلون، أو من قلّت نصرته من المؤمنين. {يَظُنُّونَ} يوقنون، أو يتوقعون {أَنَّهُم مُّلاَقُواْ اللَّهِ} الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 بالقتل في تلك الواقعة. {مَعَ الصَّابِرِينَ} بالنصر والمعونة. {ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنآ أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (250) فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وءاتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشآء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين (251) تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين (252) تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله ورفع بعضهم درجات وءاتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شآء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جآءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من ءامن ومنهم من كفر ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد (253) يآ أيها الذين ءامنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون (254) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 251 - {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ} بنصر الله، أضاف الهزيمة إليهم تجوزاً لأنهم بالإلجاء إليها صاروا سبباً لها. {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} رماه بحجر بين عينيه فخرج من قفاه فقتل جماعة من عسكره، وكان نبياً قبل قتله لوقوع هذا الخارق على يديه، أو لم يكن نبياً، لأنه لا يجوز أن يولى على النبي من ليس بنبي. {الْمُلْكَ} السلطان. {وَالْحِكْمَةَ} النبوة. {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} قيل صنعة الدروع، والتقدير في السرد. {دفع الله} الهلاك عن البر بالفاجر، أو يدفع الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 باللطف للمؤمن وبالرعب في قلب الكافر. {لَّفَسَدَتِ الأرض} لعم فسادها. {الله لآ إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلاّ بما شآء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم (255) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 255 - {الْحَىُّ} ذو الحياة، أو تسمى به لتصريفه الأمور وتقديره الأشياء، أو اسم تسمى به فيقبل تسليماً لأمره. {الْقَيُّومُ} القائم بتدبير الخلق، أو القائم على كل نفس بما كسبت فيجزيها بما علمه منها، أو القائم الموجود، أو العالم بالأمور، قام فلان بالكتاب إذا كان عالماً به، أو أخذ من الاستقامة. {سِنَةٌ} نعاس، والنعاس ما كان في العين، فإذا صار في القلب صار نوماً. {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} الدنيا {وَمَا خَلْفَهُمْ} الآخرة. {كُرْسِيُّهُ} علمه، أو العرش، أو سرير دون العرش، أو موضع القدمين، أو الملك، وأصل الكرسي: العلم ومنه الكراسة، والعلماء كراسٍ، لأنه يُعْتَمد عليهم كما قيل: أوتاد الأرض. {ولا يؤوده} لا يثقله إجماعاً، والضمير عائد إلى الله تعالى أو إلى الكرسي. {الْعَلِىُّ} بالاقتدار، ونفوذ السلطان، أو العلي: عن الأشباه والأمثال. {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم (256) } الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 256 - {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} في الكتابي إذا بذل الجزية، أو نسخت الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 بفرض القتال، أو كانت المقلاة - من الأنصار - تنذر إن عاش لها ولد أن تهوّده رجاءً لطول عمره، وذلك قبل الإسلام، فلما أجلى الرسول صلى الله عليه وسلم بني النضير وفيهم أولاد الأنصار، قالت الأنصار كيف نصنع بأبنائنا فنزلت قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {بِالطَّاغُوتِ} الشيطان، أو الساحر، أو الكاهن، أو الأصنام، أو مردة الإنس والجن، أو كل ذي طغيان على الله - تعالى - عبده مَنْ دُونه بقهر منه أو بطا [عة] إنساناً كان أو صنماً. {بِالْعُرْوَةِ} الإيمان بالله تعالى. {لا انفِصَامَ} لا انقطاع، أو لا انكسار، أصل الفصم الكسر. {الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (257) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 257 - {مِّنَ الظُّلُمَاتِ} الضلالة إلى الهدى. {مِّنَ النُّورِ إِلى الظُّلُمَاتِ} / نزلت في مرتدين، أو في كافر أصلي، لأنهم بمنعهم من الإيمان كأنهم أخرجوهم منه. {ألم تر إلى الذي حآج إبراهيم في ربه أن ءاتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين (258) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 258 - {الذي حاج إبراهيم} - عليه الصلاة والسلام -: النمروذ بن كنعان أول من تجبر في الأرض وادعى الربوبية. {آتاه الله الملك} الضمير لإبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، أو لنمروذ. {أحيي وَأُمِيتُ} أترك من لزمه القتل، وأقتل بغير سبب يوجب القتل. عارض اللفظ بمثله، وعدل عن اختلاف الفعلين، فلذلك عدل إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى حجة أخرى لظهور فساد ما عارض به، أو عدل عما شغب به إلى ما لا إشغاب فيه، استظهاراً عليه. {فَأًتِ بها من المغرب} لم يعارضه نمروذ بأن يأتي بها ربه، لأن [الله] خذله بالصَّرفة عن ذلك، أو علم أنه لو طلب ذلك لفعل لما رآه من الآيات فخاف ازدياد الفضيحة. {فَبُهِتَ} تحيّر، أو انقطع. {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك ءاية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير (259) } الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 259 - {كالذي مر} عزيز، أو أرميا، أو الخضر. {قَرْيَةٍ} بيت المقدس لما خربه بختنصر، أو القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت. {خَاوِيَةٌ} خراب، أو خالية من الخواء وهو الخلو، ومنه خوت الدار، والخواء الجوع الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 لخلو البطن. {عروشها} العروش البناء. {يحيي هَذِهِ اللَّهُ} بالعمارة {بَعْدَ مَوْتِهَا} بالخراب. {يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} قال ذلك، لأنه مات أول النهار، وعاش بعد المائة آخر النهار فقال: يوماً، ثم رأى بقية الشمس فقال: أو بعض يوم. {لَمْ يَتَسَنَّهْ} لم يأتِ عليه السنون فيتغير، أو لم يتغير بالأسن. {ننشرها} نحييها، من نشر الثوب، لأن الميت كالثوب المطوي، لانقباضه عن التصرف فإذا عاش فقد انتشر بالتصرف. {نُنِشزُهَا} نرفع بعضها إلى بعض، النشز المكان المرتفع، نشزت المرأة لارتفاعها عن طاعة زوجها، قاله ملك، أو نبي، أو بعض المعمرين ممن شاهد موته وحياته. {وَإِذْ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله غزيز حكيم (260) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 260 - {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنىِ} لما حاجه نمروذ في الإحياء، أو رأى جيفة تمزقها السباع. {أو لم تُؤْمِن} ألف إيجاب. (ألستم خير من ركب المطايا ... ) الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 {ليطمئه قلبي} بعلم المشاهدة بعد علم الاستدلال من غير شك. {أَرْبَعَةً} ديك، وطاووس، وغراب، وحمام. {صرهن} بالضم والكسر واحد ضمهن إليك، أو قطعهن فيتعلق إليك بخذ. {عَلَى كُلِّ جَبَلٍ} أربعة أجبال، أو سبعة، أو كل جبل. {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشآء والله واسع عليم (261) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 261 - {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الجهاد، أو أبواب البر كلها، فالنفقة في الجهاد بسبعمائة ضعف، وفي غيره بعشرة أمثاله، أو تجوز مضاعفتها / بسبعمائة. {وَاسِعٌ} لا يضيق عن الزيادة {عَلِيمٌ} بمستحقها، أو {وَاسِعٌ} الرحمة لا يضيق عن المضاعفة {عليم} بالنفقة. {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون مآ أنفقوا مناً ولآ أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (262) قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعهآ أذى والله غني حليم (263) يآ أيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئآء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين (264) } الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 262 - {مَنّاً} كقوله: أحسنت إليك ونعشتك. {أَذىً} كقوله: من أبلاني بك وأنت أبداً فقير. {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في ثواب الآخرة، أو من أهوالها. الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 263 - {قَوْلٌ مَّعْروفٌ} حسن {وَمَغْفِرَةٌ} وعفو عن أذى السائل، أو سلامة عن المعصية. الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 264 - {لا تُبْطِلُواْ} فضل صدقاتكم دون ثوابها، بخلاف المرائي فإنه لا ثواب له، لانه لم يقصد وجه الله تعالى. {صَفْوَانٍ} جمع صفوانة وهي حجر أملس. والوابل: المطر الشديد الواقع. والصلد: من الحجارة ما صلب، ومن الأرض: ما لم ينبت تشبيهاً بالحجر. {شَىْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ} أنفقوا، لما طلبوا بها الكسب سميت كسباً، وهو مثل المرائي في بطلان ثوابه، والمانِّ في بطلان فضله. {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغآء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فئاتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير (265) } الحديث: 264 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 265 - {وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ} أين يضعون الصدقة، أو توطيناً لها بالثبوت على الطاعة، أو بقوة اليقين، ونصرة الدين. {بِرَبْوَةٍ} مكان مرتفع، نبتها أحسن، وريعها أكثر. {أُكُلَهَا} الأكل للطعام. {ضِعْفَيْنِ} مثلين، ضعف الشيء: مثله زائداً عليه، وضعفاه: مثلاه زائداً عليه عند الجمهور، أو ضعف الشيء: مثلاه. {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفآء فأصابهآ إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (266) } الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 266 - {إِعْصَارٌ} ريح تهب من الأرض إلى السماء كالعمود، لأنها تلتف كالتفاف الثوب المعصور، وتسميها العامة " الزوبعة " قال: الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 (إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً ... ) مثل لانقطاع أجر المرائي عند حاجته، أو مثل للمفرط في الطاعة بملاذ الدنيا، أو للذي يختم عمله بفساد. قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {يآ أيها الذين ءامنوآ أنفقوا من طيبات ما كسبتم وممآ أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بئاخذيه إلآ أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد (267) الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشآء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم (268) يؤتى الحكمة من يشآء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلآ أولوا الألباب (269) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 267 - {أنفقوا} الزكاة المفروضة، أو التطوع. {كَسَبْتُمْ} من الذهب والفضة، أو من التجارة. {أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} من الزروع والثمار {وَلا تَيَمَّمُواْ} الخليل: " أممته: قصدت أمامه، ويممته: تعمدته من أي جهة كان "، أو هما سواء. {الْخَبِيثَ} حشف كانوا يجعلونه في تمر الصدقة، أو الحرام، والخبيث: الرديء من كل شيء. {تُغْمِضُواْ} تتساهلوا، أو تحطوا في الثمن أو إلاَّ أن يُوكَسَ. الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 269 - {الْحِكْمَةَ} الفقه في القرآن، أو العلم بالدين، أو الفهم أو النبوة، الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أو الخشية، أو الإصابة، أو الكتابة. {ومآ أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار (270) إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقرآء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعلمون خبير (271) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 271 - {فَنِعِمَّا هِىَ} ليس في إبدائها كراهة. {وَإِن تخفوا} صدقة التطوع، أو الفرض والتطوع. {مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} من " زائدة " أو للتبعيض، لأن الطاعة بغير التوبة لا تكفر إلا الصغائر. {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشآء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغآء وجه الله وما تنفقوا من خير يوّف إليكم وأنتم لا تظلمون (272) للفقرآء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنيآء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم (273) الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (274) } الحديث: 271 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 273 - {لِلْفُقَرَآءِ} فقراء المهاجرين. {أُحْصِرُواْ} امتنعوا من المعاش خوف الكفار، أو منعهم الكفار بخوفهم منهم. {ضَرْباً} تصرفاً أو تجارة. {بِسِيمَاهُمْ} بخشوعهم، أو فقرهم، {إِلْحَافاً} / إلحاحاً في السؤال. الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 274 - {الذين ينفقون} نزلت في علي - رضي الله تعالى عنه - كان معه أربعة دنانير فأنفقها على هذا الوجه، أو في النفقة على خيل الجهاد، أو في كل نفقة طاعة. {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوآ إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جآءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (275) يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم (276) إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (277) } الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 275 - {يَأْكُلُونَ} يأخذون، عبّر به عن الأخذ، لانه الأغلب والربا: الزيادة على الدَّيْن لمكان الأجل، رَبَا السويق زاد. {لا يَقُومُونَ} من قبورهم يوم القيامة. {يَتَخَبَّطُهُ} يتخنقه الشيطان في الدنيا. {مِنَ الْمَسِّ} وهو الجنون، وذلك لغلبة السوداء، فنسب إلى الشيطان تشبيهاً بما يفعله من إغوائه به، أو هو فعل للشيطان، لجوازه عقلاً، وهو ظاهر القرآن. {إِنَّمَا الْبَيْعُ} قالته ثقيف، وكانوا من أكثر العرب رِباً. {مَا سَلَفَ} ما أَكل من الربا لا يلزمه رده. الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 276 - {يمحق الله الربا} ينقصه شيئاً بعد شيء، من محاق الشهر، الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 لنقصان الهلال فيه. {وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ} يضاعف أجرها وعداً منه واجباً، أو ينمي المال الذي أخرجت منه {يآ أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279) وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (280) واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 278 - {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ} نزلت في بقية من الربا للعباس ومسعود وعبد يا ليل وحبيب وربيعة. {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} على ظاهره، أو من كان مؤمناً فهذا حكمه. الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 279 - {لا تَظْلِمُونَ} بأخذ زيادة على رأس المال. {وَلا تُظْلَمُونَ} بنقص رأس المال. الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 280 - {فَنَظِرَةٌ} يجب الإنظار في دَين الربا خاصة، أو في كل دَين، أو الإنظار في دَين الربا بالنص وفي غيره بالقياس. {مَيْسَرَةٍ} أن يوسر عند الأكثر، أو الموت - عند إبراهيم {وَأَن تَصَدَّقُواْ} على المعسر بالإبراء خير من الإنظار. الحديث: 280 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 281 - {إِلَى اللَّهِ} إلى جزائه، أو ملكه. {مَّا كَسَبَتْ} من الأعمال، أو الثواب والعقاب. {لا يُظْلَمُونَ} بنقص ما يستحقونه من الثواب، ولا بالزيادة على ما يستحقونه من العقاب، هذه آخر آية نزلت، وقال ابن جريج: " مكث الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها تسع ليال ". {يآ أيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهدآء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهدآء إذا ما دعوا ولا تسئموآ أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذالكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلآ أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضآر كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم (282) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 282 - {تَدَايَنتُم} تجازيتم، أو تعاملتم، {فاكْتُبُوهُ} ندب، أو فرض. {فَلْيَكْتُبْ} فرض كفاية على الكاتب، أو واجب في حال فراغه، أو ندب، أو نُسِخَ بقوله - تعالى - {وَلا يُضَآرَّ كَاتِبٌ} {وَلا يَبْخَسْ) {لا ينقص} (سَفِيهاً} لا يعرف الصواب في إملاء ما عليه، أو الطفل، أو المرأة والصبي، أو المبذر لماله المفسد لدينه. {ضَعِيفاً} أحمق، أو عاجزاً عن الإملاء، لِعَيٍّ، أو خرس. {لايستطيع} لِعَيِّه وخرسه، أو لجنونه، أو لحبسه، أو غيبته. {وَلِيُّهُ} ولي الحق، أو ولي من عليه الدَّيْن. {وَاسْتَشْهِدُواْ} ندب، أو فرض كفاية. {تَرْضَوْنَ} الأحرار المسلمون العدول، أو المسلمون العدول وإن كانوا أرقاء. {فَتُذَكِّرَ} / من الذكر، أو بجعلها كَذَكَر من الرجال {دُعُواْ} لتحملها وكتابتها، أو لأدائها، أولهما وذلك ندب، أو الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 فرض كفاية، أو فرض عين. {ولا تسأموا} لا تملوا {صَغِيراً} لا يراد به التافه الحقير كالدانق لخروجه عن العرف. {أَقْسَطُ} أعدل. {وَأَقْوَمُ} وأصح من الاستقامة. {وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} فرض، أو ندب. {وَلا يُضَآرَّ كَاتِبٌ} بأن يكتب ما لم يُمل عليه، ولا يشهد الشاهد بما لم يُستشهد، أو يمنع الكاتب أن يكتب والشاهد أن يشهد، أو يدعيان وهما مشغولان. {فسوق} معصية، أو كذب. {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه ءاثم قلبه والله بما تعملون عليم (283) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 283 - { {آثم قَلْبُهُ} فاجر، أو مكتسب لإثم الكتمان. {لِّلَّهِ ما في السماوات وما في الأرض وَإِن تُبْدُواْ مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذّب من يشآء والله على كل شيء قدير (284) } الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 284 - {لله ما في السموات} له تدبير ذلك، أو ملكه. {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} كتمان الشهادة، أو ما حَدَّث به نفسه من سوء أو معصية، فنسخت بقوله تعالى {رَبَّنَا لا تؤاخذنا) {إلى} (الْكَافِرِينَ} ، أو هي محكمة فيؤاخذ الإنسان بما أضمره إلا أن [الله] يغفره للمؤمن فيؤاخذ به الكافر، أو هي عامة في المؤاخذة بما أضمره، أو هي عامة ومؤاخذة المسلم بمصائب الدنيا. الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 {ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير (285) لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (286) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 285 - {وكتابه} القرآن، أو جنس الكتب. {لا نُفَرّقُ} لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض. {غُفْرَانَكَ} نسألك غفرانك، وإلى جزائك المصير. الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 286 - {وُسْعَهَا} طاقتها {كَسَبَتْ} من الحسنات {اكْتَسَبَتْ} من السيئات. {نَسِينَآ} أمرك أو تركناه {أَخْطَأْنَا} أصبنا من المعاصي بالشبهات، أو تعمدنا. {إِصْراً} عهداً نعجز عن القيام به، أو لا تمسخنا قردة وخنازير، أو أو الذنب الذي لا توبة له ولا كفارة، أو الثقل العظيم. {الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} بنو إسرائيل فيما حُمِّلوه من قتل أنفسهم. {لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} من العذاب، أو مما كُلِّفته بنو إسرائيل. {مَوْلانَا} وليّنا وناصرنا. الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 (سورة آل عمران) (مدنية اتفاقا) بسم الله الرحمن الرحيم {ألم (1) الله لا إله إلا هو الحي القيوم (2) نزل عليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل (3) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام (4) إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (5) هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم (6) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 3 - {بِالْحَقِّ) {بالصدق} (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} يخبر عما قبله خبر صدق دال على إعجازه، أو يخبر بصدق الأنبياء فيما أتوا به. {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب (7) ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8) ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد (9) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 37 - {مًّحْكَمَاتٌ} المحكم: الناسخ، والمتشابه: المنسوخ، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 المحكم: ما أحكم بيان حلاله وحرامه فلم يشتبه، والمتشابه: ما اشتبهت معانيه، أو المحكم: ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً والمتشابه: ما احتمل أوجهاً، أو المحكم: ما لم يتكرر لفظه، المتشابه ما تكرر لفظه، أو المحكم: ما فهمه العلماء، والمتشابه ما لا طريق لهم إلى فهمه، كقيام الساعة، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وطلوع الشمس من مغربها، وجعله محكماً ومتشابهاً استدعاء للنظر من غير اتكال على الخبر. / {أُمُّ الْكِتَابِ} آيات الفرائض والحدود، أو فواتح السور التي يستخرج منها القرآن. {زَيْغٌ} ميل عن الحق، أو شك. {مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} الأجل الذي أرادت اليهود [أن] تعرفه من حساب الجُمَّل، أو معرفة عواقب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته، أو نزلت في وفد نجران حاجوا الرسول صلى الله عليه وسلم في المسيح عليه الصلاة والسلام فقالوا للرسول: أليس هو كلمة الله - تعالى - وروحه، فقال: بلى، فقالوا: حسبنا. {الْفِتْنَةٍ} الشرك، أو اللبس، أو الشبهة التي حاج بها وفد نجران. {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} تأويل جميع المتشابه، لأن في الناس من يعلم تأويل بعضه، أو يوم القيامة لما فيه من الوعد والوعيد. {الراسخون} الثابتون العاملون. {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً واولئك هم وقود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 النار (10) كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كذّبوا بئاياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب (11) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 11 - {كدأب آل فِرْعَوْنَ} كعادتهم في تكذيب الحق، أو في العقوبة على ذنوبهم. {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد (12) قد كان لكم ءاية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشآء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار (13) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 12 - {سَتُغْلَبُونَ} نزلت في قريش قبل بدر بسنة فأنجز الله - تعالى - وعده بمن قُتل ببدر، أو في يهود بني قينقاع لما حذرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ما نزل بأهل بدر، قالوا: لسنا بقريش الأغمار، أو نزلت في عامة الكفار. {الْمِهَادُ} ما مهدوه لأنفسهم، أو القرار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 13 - {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} المؤمنون ببدر. {وأخرى كافرة} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 قريش. {يَرَوْنَهُم} كان المؤمنون ثلاثمائة وبضعة عشر، والكفار ألف، أو ما بين تسعمائة إلى ألف، فرأى المؤمنون الكافرين مثلي عدد المؤمنين تقوية من الله - لقلوبهم، أو رأى الكافرون المؤمنين مثلي عددهم إضعافاً من الله - تعالى - لقلوبهم. {زين للناس حب الشهوات من النسآء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب (14) قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهّرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد (15) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 14 - {زُيِّنَ لِلنَّاسِ} حُسِّن. والشهوة: من خلق الله - تعالى - ضرورية لا يقدر العبد على دفعها، زينها الشيطان، لأن الله - تعالى - ذمها، أو زينها الرب بما جعله في الطبع من المنازعة إليها، أو زين الله - تعالى - ما حسن وزين الشيطان ما قبح. {القناطير} القنطار: ألف ومائتا أوقية وهو مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الف دينار ومائتا دينار، عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً، أو اثنا عشر ألف درهم، أو ألف دينار، أو ثمانون ألفاً، من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، أو سبعون ألفاً، أو ملء مسك ثور ذهباً، أو المال الكثير. {الْمُقَنطَرَةِ} المقنطرة: المضاعفة، أو تسعة قناطر، أو المضروبة دراهم أو دنانير، أو المجعولة كذلك، لقولهم: " دراهم مدرهمة ". {الْمُسَوَّمَةِ} الراعية، أو الحسنة، أو المعلمة، أو المعدة للجهاد، أو من السيما مقصور وممدود. {وَالأَنْعَامِ} الإبل، والبقر / والغنم، ولا يفرد بعضها باسم النعم إلا الإبل. {والحرث} الزرع. {الذين يقولون ربنآ إننا ءامنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار (17) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 17 - {الصَّابِرِينَ} عن المعاصي، أو الصائمين. {وَالْقَانِتِينَ} المطيعون، أو القائمون على العبادة. {والمنفقين} في الجهاد، أو في جميع البر. {والمستغفرين} المصلون، أو سائلو المغفرة بقولهم، أو الذين يشهدون الصبح في جماعة، والسحر من الليل: قبل الفجر. {شَهِدَ الله أنه لآ إله إلاّ هو والملائكة وأولوا العلم قآئماً بالقسط لآ إله إلاّ هو العزيز الحكيم (18) إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بئايات الله فإن الله سريع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 الحساب (19) فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد (20) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 18 - {شَهِدَ اللَّهُ} أخبر، أو فعل ما يقوم مقام الشهادة. وشهادة الملائكة، وأولو العلم بما شاهدوه من دلائل الوحدانية {بِالْقِسْطِ} العدل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 19 - {الدِّينَ} هنا الطاعة أي طاعته هي الإسلام، من السلامة، لأنه يقود إليها، أو من التسليم، لأمره في العمل بطاعته. {الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} اليهود، أو النصارى، أو أهل الكتب كلها. {بَغْيَا} عدول عن الحق بغير عناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 20 - {أَسْلَمْتُ} انقدت. {وَجْهِىَ} نفسي، انقدت بإخلاص التوحيد. {الأميين} الذين لا كتاب لهم، من الأمي الذي لا يكتب، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " هم مشركو العرب ". {أأسلمتم} أمر ليس باستفهام. {إن الذين يكفرون بئايات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم (21) أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (22) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 21 - {يقتلون النبيين} قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة واثنا عشر رجلاً من عُبَّادهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 فأمروا القاتلين بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعاً آخر ذلك اليوم. {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون (23) ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلآ أياماً معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون (24) فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفّيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (25) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 23 - {نَصِيباً} حظاً، لأنهم لم يعلموا الكل. {إِلَى كِتَابِ اللَّهِ} التوراة، أو القرآن لموافقته التوراة. {ليحكم بينهم} في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو إن الإسلام دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو في حد من الحدود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 24 - {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} الأربعون التي عبدوا فيها العجل، أو سبعة أيام، أو أيام منقطعة لانقضاء العذاب فيها. {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} بقولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] أو قولهم: {لن تمسنا النار} . {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشآء وتنزع الملك ممن تشآء وتعز من تشآء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وتذل من تشآء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير (26) تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشآء بغير حساب (27) لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلآ أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير (28) قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير (29) يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد (30) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين (32) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 26 - {مَالِكَ} مالك الدنيا والآخرة، أو مالك العباد وما ملكوه، أو مالك النبوة {تُؤْتِى الْمُلْكَ} النبوة، أو السلطان. دعا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يجعل الله - تعالى - ملك فارس والروم في أمته فنزلت {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} خص بالذكر، لأنه المعروف من فعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 27 - {تولج الليل فِى النَّهَارِ} تجعل كل واحد منهما بدلاًَ من الآخر، أو تدخل نقصان كل واحد منهما في زيادة الآخر. {وَتُخْرِجُ الْحَىَّ} الحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، الميْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 والميّت واحد، أو الميْت الذي مات وبالتشديد الذي لم يمت. {إن الله اصطفىءادم ونوحاً وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين (33) ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (34) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 33 - {آل عِمْرَانَ} موسى وهارون، أو المسيح - عليهم الصلاة والسلام لأن أمه بنت عمران، اصطفاهم بالنبوة، أو بتفضيلهم على أهل زمانهم، أو باختيار دينهم لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 34 - {بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} بالتناصر دون النسب، أو بالنسب، لأنهم من ذرية آدم ثم من ذرية نوح ثم من ذرية إبراهيم - عليهم الصلاة والسلام -. {إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم (35) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتهآ أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم (36) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 35 - {مُحَرَّرًا} مُخلَصاً للعبادة، أو خادماً للبيعة، أو عتيقاً من أمر الدنيا لطاعة الله - تعالى -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 36 - {وَضَعْتُهَا أُنثَى} اعتذرت بذلك لعدوله عن نذرها. {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} إذ لا تصلح لخدمة بيت المقدس، ولصيانتها عن التبرج. {وَإِنِّى أُعِيذُهَا} من طعن الشيطان الذي يستهل به المولود، أو من إغوائه {الرَّجِيمِ} المرجوم بالشهب. {فَتَقَبَّلَهَا ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلّها زكريا كلما دخل عليها زكريا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب (37) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 37 - {فَتَقَبَّلَهَا} رضيها في النذر. {وَأَنبَتَهَا} أنشأها إنشاء حسناً في غذائها وحسن تربيتها. {الْمِحْرَابَ} أكرم موضع في المجلس. {رِزْقًا} فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، أو لم تُلقم ثدياً حتى تكلمت في المهد، وكان يأتيها رزقها من الجنة، وكان ذلك بدعوة زكريا - عليه الصلاة والسلام -. أو توطئة لنبوة المسيح عليه الصلاة والسلام {مِنْ عِندِ اللَّهِ} يأتيها الله - تعالى - به أو بعض الأولياء، بتسخير الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ} من قول الله تعالى، أو من قول مريم - عليها السلام -. {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعآء (38) فنادته الملآئكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين (39) قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشآء (40) قال رب اجعل لي ءاية قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار (41) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 38 - {دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} بإذنه له في ذلك، لأنه معجز فلا يطلب إلا بإذن، أو لما رأى خرق العادة في رزق مريم طمع في الولد من عاقر فدعا {طَيِّبةَ) {مباركة} (سَمِيعُ الدُّعَآءِ} مجيب الدعاء، لأن الإجابة بعد السماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 39 - {الْمَلائِكَةُ} جبريل - عليه السلام -، أو جماعة من الملائكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 {يحيي} سماه الله - تعالى - " يحيى " قبل ولادته، قيل: لأنه حَيَا بالإيمان {بِكَلِمَةٍ} كتاب، أو بالمسيح، سمي بالكلمة، لأنه يُهتدى به كما يُهتدى بكلام الله - تعالى -، أو لأنه خلق بالكلمة من غير أب. {وَسَيِّدًا} حليماً، أو تقياً، أو شريفاً، أو فقيهاً عالماً، أو رئيساً على المؤمنين. {وَحَصُورًا} عنينا لا ماء له، أو لا يأتي النساء، أو لم يكن له ما يأتي به النساء لأنه كان كالنواة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 40 - {بَلَغَنِىَ الْكِبَرُ} ، لأنه بمنزلة الطالب له. {عَاقِرٌ} لا تلد، وإنما قال ذلك بعد البشارة تعجباً من قدرة الله - تعالى - وتعظيماً لأمره، أو أراد [أن] يعلم على أي حال يكون؟ بأن يردا إلى شبابهما، أو على حال الكبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 41 - {أيه} علامة لوقت الحمل لتعجيل السرور به. {رَمْزًا} تحريك الشفتين، أو الإشارة أو الإيماء. {وَاذْكُر رَّبَّكَ} منع من الكلام ولم يمنع من الذكر. {بِالْعَشِيَ} أصله الظلمة فسمي ما بعد الزوال عشياً لاتصاله بالظلام. / والعشا: ضعف البصر. {الإبكار} من الفجر إلى الضحى أصله التعجيل، لأنه تعجيل للضياء. {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسآء العالمين (42) يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين (43) ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون (44) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 42 - {اصْطَفَاكِ} لولادة المسيح، أو على عالمي زمانك. {وطهرك} من الكفر، أو من أدناس الحيض والنفاس. {وَاصْطَفَاكِ} تأكيد للأصطفاء [أو] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 الأول للعبادة، والثاني لولادة المسيح عليه الصلاة والسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 43 - {اقْنُتِى} أَخلصي لربك، أو أديمي طاعته، أو أطيلي القيام في الصلاة. {وَاسْجُدِى} كان السجود في شرعهم مقدماً على الركوع، أو " الواو " لا ترتيب فيها، فكلمتها الملائكة معجزة لزكريا عليه الصلاة والسلام، أو توكيداً لنبوة المسيح - عليه الصلاة والسلام -، أصل السجود: الانخفاض الشديد، والركوع: دونه. {مَعَ الرَّاكعِينَ} افعلي كفعلهم، أو صلي في جماعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 44 - {أنباء الغيب} البشارة بالمسيح - عليه الصلاة والسلام - أصل الوحي: إلقاء المعنى إلى صاحبه، فيلقى إلى الرسل بالإنزال، وإلى النحل بالإلهام، ومن بعض إلى بعض بالإشارة {فأوحى إِلَيْهِمْ} [مريم: 11] . ( ... ... ... ... . . ... أوحى لها القرار فاستقرت) {يلقون أقلامهم} قالو نحن أحق بكفالتها، لأنها ابنة إمامنا وعالمنا وقال زكريا: " أنا أحق لأن خالتها عندي "، فاقترعوا على ذلك بأقلامهم وهي القداح - فأُصعد قلم زكريا في جرية الماء، وانحدرت أقلامهم مع الجرية، فقرعهم فكفلها، أو كفلها زكريا بغير قرعة، ثم أصابتهم أزمة ضعف بها عن مؤنتها فقال: ليأخذها أحدكم فتدافعوها فاقترعوا فقرعهم زكريا عليه الصلاة والسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقّربين (45) ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين (46) قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشآء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون (47) ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل (48) ورسولاً إلى بني إسرآءيل أني قد جئتكم بئاية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين (49) ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بئاية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون (50) إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (51) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 45 - {الْمَسِيحُ} ، لأنه مسح بالبركة، أو مسح بالتطهير من الذنوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 46 - {الْمَهْدِ} من التمهيد، تكلم فيه تبرئة لأمه، أو لظهور معجزته، وكان في المهد نبياً، لظهور المعجزة، أو لم يكن حينئذ نبياً وكان كلامه تأسيساً لنبوته. {وَكَهْلاً} حليماً، أو كهلاً في السن، والكهولة أربع وثلاثون سنة، أو فوق حال الغلام ودون حال الشيخ، أخذ من القوة، اكتهل النبت إذا طال وقوي، يريد يكلمهم كهلاً بالوحي، أو يتكلم صغيراً بكلام الكهل في السن. {فلمآ أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون (52) ربنآ ءامنا بمآ أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين (53) ومكروا ومكر الله والله خير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 الماكرين (54) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 52 - {أَنصَارِى إِلَى اللهِ} مع الله، أو في السبيل إلى الله، أو من ينصرني إلى نصر الله. {الْحَوَارِيُّونَ} لبياض ثيابهم، أو كانوا قَصَّارين يبيّضون الثياب، أو هم خواص الأنبياء، لنقاء قلوبهم من الحور، وهو شدة البياض، ومنه الحواري من الطعام، استنصرهم ليمنعوه من قتل الذين أرادوا قتله، أو ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق، أو ليميز المؤمن من الكافر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 53 - {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} ثبت أسماءنا مع أسمائهم لننال مثل كرامتهم، أو صل ما بيننا وبينهم بالإخلاص على التقوى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 54 - {ومكروا} بالمسيح - عليه الصلاة والسلام -، ليقتلوه فمكر الله - تعالى - بهم بالخيبة بإلقاء شَبَهه / على غيره، أو مكروا بإضمار الكفر ومكر الله لمجازاتهم بالعقوبة، وذكر ذلك للازدواج، كقوله - تعالى - {فاعتدوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] وأصل المكر الالتفاف، الشجر المتلف مكر، فالمكر احتيال على الإنسان، لإلقاء المكروه به، والفرق بينه وبين الحيلة أنه لا يكون إلا لقصد الإضرار، والحيلة قد تكون لإظهار ما يعسر من غير قصد إضرار. {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون (55) فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (56) وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين (57) ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم (58) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 55 - {متوفيك} قابضك إلى السماء من غير وفاة بموت، أو وفاة نوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 للرفع إلى السماء، أو مميتك، أو فيه تقديم معناه: رافعك ومتوفيك بعد ذلك. {الي} إلى سمائي، أو كرامتي. {ومطهرك} بإخراجك من بينهم، أو بمنعهم من قتلك. {فوق الذين كفروا} بالحجة، أو بالعز والغلبة. {الذين اتبعوك} الذين آمنوا بك فوق الذين كذبوا عليك، أو النصارى فوق، إذ النصارى أعز من اليهود فلا مملكة لليهود بخلاف الروم. {إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (59) الحق من ربك فلا تكن من الممترين (60) فمن حآجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا وأبنآءكم ونسآءنا ونسآءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين (61) إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم (62) فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين (63) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 61 - {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ} الضمير لعيسى عليه الصلاة والسلام، أو للحق [ {فَقُلْ تَعَالَوْاْ} ] المدعو للمباهلة نصارى نجران. {نَبْتَهِلْ} نلتعن، أو ندعو بالهلاك. ( ... ... ... ... . . ... نظر الدهر إليهم فابتهل) أي دعا عليهم بالهلاك، لما نزلت أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بيد علي وفاطمة وولديها - رضي الله تعالى عنهم - ثم دعاهم إلى المباهلة فقال بعضهم لبعض: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 " إن باهلتموه اضطرم عليكم الوادي ناراً فامتنعوا ". {قل يآ أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (64) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 64 - {تَعَالَوْاْ} خطاب لنصارى نجران، أو ليهود المدينة، {أرْبَابًا} هو سجود بعضهم لبعض، أو طاعة الأتباع للرؤساء. {يآ أهل الكتاب لم تحآجون في إبراهيم ومآ أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (65) هآأنتم هؤلآء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحآجون فيما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (66) ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين (67) إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين ءامنوا والله ولي المؤمنين (68) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 67 - {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ} لما اجتمعت اليهود والنصارى عند الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت النصارى: لم يكن إبراهيم إلا نصرانياً، وقالت اليهود: لم يكن إلا يهودياً فنزلت ... . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 66 - {حاججتم} فيما وجدتموه في كتبكم، {فَلِمَ تُحَآجُّونَ} في شأن إبراهيم {والله يعلم} شأنه وأنتم لا تعلمونه. {ودت طآئفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلآ أنفسهم وما يشعرون (69) يآ أهل الكتاب لم تكفرون بئايات الله وأنتم تشهدون (70) يآ أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون (71) وقالت طآئفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذي أنزل على الذين ءامنوا وجه النهار واكفروا ءاخره لعلهم يرجعون (72) ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل مآ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 أوتيتم أو يحآجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشآء والله واسع عليم (73) يختص برحمته من يشآء والله ذو الفضل العظيم (74) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 710 - {وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} بما يدل على صحة الآيات من كتابكم المبشر بها، أو تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء، أو تشهدون بما عليكم فيه الحجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 71 - {تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الإيمان بموسى وعيسى والكفر بمحمد - عليه الصلاة والسلام -، أو تحريف التوراة والأنجيل، أو الدعاء إلى إظهار الإسلام أول النهار والكفر آخره، طلباً لتشكيك الناس فيه. {وتكتمون} صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تعلمونها من كتبكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 73 - {وَلا تُؤْمِنُوَاْ إِلآَّ} قاله اليهود بعضهم لبعض، أو قاله يهود خيبر ليهود المدينة، نهوا عن ذلك لئلا يكون طريقاً لعبدة الأوثان إلى تصديقه، أو لئلا يعرفوا به فيلزمهم الدخول فيه. {الْهُدَى هُدَى اللهِ} أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون فحذف: لا "، أو {الْهُدَىَ هُدَى اللهِ} / فلا تجحدوا أ [ن] يؤتى {أَوْ يُحَآجُّوكُمْ} ولا تؤمنوا أن يحاجوكم إذ لا حجة لهم، أو يكون " أو " بمعنى حتى تبعيداً كقولك " لا يلقاه أو تقوم الساعة " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 قاله الكسائي والفراء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 74 - {بِرَحْمَتِهِ} النبوة، أو القرآن والإسلام، وهل تكون النبوة جزاء على عمل، أو تفضلاً؟ فيه مذهبان. {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلاّ ما دمت عليه قآئماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (75) بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين (76) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 75 - {بِقِنطَارٍ} " الباء " فيه، وفي الدينار لإلصاق الأمانة به، أو بمعنى " على " {قَآئِمًا} بالاقتضاء، أو ملازماً، أو قائماً على رأسه. {الأميين} العرب، قالوا لا سبيل علينا في أموالهم لإشراكهم، أو لتحولهم عن الدين الذي عاملناهم عليه، ولما نزلت قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " كذب أعداء الله ما شيء كان في الجاهلية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر ". {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (77) وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (78) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 77 - {بِعَهْدِ اللَّهِ} أمره ونهيه، أو ما جعل في العقل من الزجر عن الباطل والانقياد إلى الحق. {لا خَلاقَ} من الخَلْق وهو التقدير أي لا نصيب، أو من الخُلُق أي لا نصيب لهم مما يوجبه الخلق الكريم. {وَلا يُكَلِّمُهُمُ} بما يسرهم بل بما يسوؤهم عند الحساب، لقوله تعالى: {عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 26] أو لا يكلمهم أصلاً بل يكل حسابهم إلى الملائكة. {وَلا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} لا يراهم، أو لا يمن عليهم. {وَلا يُزَكِّيهِمْ} لا يقضي بزكاتهم، نزلت فيمن حلف يميناً فاجرة لينفق بيع سلعته، أو في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 الأشعث نازع خصماً في أرض فقام ليحلف فنزلت فنكل الأشعث واعترف بالحق، أو في أربعة من أحبار اليهود، كتبوا كتاباً وحلفوا أنه من عند الله فيما ادّعوا أنه ليس عليهم في الأميين سبيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون (79) ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون (80) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 79 - {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} قالت طائفة من اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم: أتدعونا إلى عبادتك كما دعا المسيح النصارى؟ فنزلت {ربانيين} فقهاء علماء، أو حكماء أتقياء، أو الولاة الذين يربون أمور الناس، أخذ الرباني ممن يرب الأمور بتدبيره ولذلك قيل للعالم رباني، لأنه يدبر الأمور بعلمه، أو الرباني مضاف إلى علم الرب. {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لمآ ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جآءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذالكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين (81) فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (82) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 81 - {ميثاق النبيين} أن يؤمنوا بالآخرة، أو يأخذوا على قومهم تصديق محمد صلى الله عليه وسلم {ثم جاءكم رسول} محمد صلى الله عليه وسلم {مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ} من التوراة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 والإنجيل. {وَأَخَذْتُمْ عَلَى} قبلتم عهدي، [أ] ووأخذتم على متبعكم عهدي {فَاشْهَدُواْ} على أممكم، وأنا من الشاهدين عليكم وعليهم. {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون (83) قل ءامنا بالله ومآ أنزل علينا ومآ أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين (85) كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجآءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين (86) أولئك جزآؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (87) خالدين فيها لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (89) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 83 - {وَلَهُ أَسْلَمَ} أسلم المؤمن طوعاً، والكافر عند الموت كرهاً، أو أقروا بالعبودية وإن كان فيهم المشرك فيها، أو سجود المؤمن طوعاً وسجود ظل الكافر كرهاً، أو طوعاً بالرغبة في الثواب، وكرهاً لخوف السيف، أو إسلام الكاره يوم أخرج الذر من ظهر آدم، أو استسلم بالانقياد والذلة. {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 الضآلون (90) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين (91) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 90 - {الَّذِينَ كَفَرُواْ} اليهود كفروا بالمسيح. {ثُمَّ ازْدَادُواْ كفراً} بمحمد صلى الله عليه وسلم /. {لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} عند الموت، أو أهل الكتاب لا تقبل توبتهم من ذنوبهم مع إصرارهم على كفرهم، أو هم مرتدون عزموا على إظهار التوبة تورية فأطلع الله - تعالى - الرسول صلى الله عليه وسلم على سرهم أو اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل بعثه، ثم ازدادوا كفراً إلى حضور آجالهم. {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم (92) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 92 - {الْبِرَّ} ثواب الله - تعالى -، أو فعل الخير الذي يستحق به الثواب، أو الجنة. {تُنفِقُواْ} الصدقة المفروضة، أو الفرض والتطوع، أو الصدقة وغيرها من وجوه البر. {كُلًّ الطَّعَامِ كَانَ حلاً لبني إسرآءيل إلا ما حرم إسرآءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوهآ إن كنتم صادقين (93) فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون (94) قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين (95) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 93 - {كُلًّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ} لما أنكرت اليهود تحليل النبي صلى الله عليه وسلم لحوم الإبل أخبر الله - تعالى - أنه أحلها إلى أن حرمها إسرائيل على نفسه، لما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 أصابه وجع النسا نذر تحريم العروق على نفسه وأحب الطعام إليه، وكانت لحوم الإبل من أحب الطعام إليه، ونذر ذلك بإذن الله - تعالى -، أو باجتهاده، فحرمت اليهود ذلك اتباعاً لإسرائيل على الأصح، أو نزلت التوراة بتحريمها. {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين (96) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (97) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 96 - {أُوَّلَ بَيْتٍ} اتفقوا أنه أول بيت وضع للعبادة، وهل كانت قبله بيوت؟ أو لم تكن قبله؟ مذهبان. {بِبَكَّةَ} ومكة واحد، أو بكة المسجد، ومكة الحرم كله، أو بكة بطن مكة، أخذت بكة من الزحمة، تَبَاكَّ القوم ازدحموا، أو تَبُك أعناق الجبابرة، إذا ظلموا فيها لم يمهلوا. {مُّبَارَكاً} بحصول الثواب لقاصده، أو يأمن داخله حتى الوحش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 97 - {آيات بينات} أثر قدمي إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في المقام: وهو حجر صلد وفي غير المقام أمن الخائف، وهيبة البيت، وتعجيل عقوبة من عتا فيه وقصة أصحاب الفيل. {وَمَن دَخَلَهُ} في الجاهلية من الجناة أمن، وفي الإسلام يأمن من النار، أو من القتال، فإنه محظور على داخليه، ويقام الحد على من جنى [فيه] وإن دخله الجاني ففي إقامة الحد عليه مذهبان؟ {مَنِ اسْتَطَاعَ} بالزاد والراحلة، أو بالبدن وحده، أو بالمال والبدن. {وَمَن كَفَرَ} بفرض الحج، أو لم يَرَ حَجَّهُ بِراً وتركه [إثماً] ، أو نزلت في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 اليهود لما نزل قوله تعالى {وَمَن يَبْتَغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [85] قالوا نحن مسلمون، فأُمروا بالحج فامتنعوا فنزلت ... . {قل يآ أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون (98) قل يآ أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهدآء وما الله بغافل عما تعملون (99) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 99 - {تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ} هم اليهود أغَروْا بين الأوس والخزرج بتذكيرهم حروباً كانت بينهم في الجاهلية، ليفترقوا بذلك، أو هم اليهود والنصارى صدوا الناس بإنكارهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم. {شُهَدَآءُ} على صدكم، أو على عنادكم، أو عقلاء. {يآ أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين (100) وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم (101) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 100 - {يا أيها الذين آمنوا} الأوس والخزرج. {إِن تُطِيعُواْ} اليهود. {يَرُدُّوكُم} إلى الكفر بإغرائهم بينكم. {يآ أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102) واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون (103) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 102 - {حَقَّ تُقَاتِهِ} أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر ولا يُنسى، ويشكر ولا يكفر، أو اتقاء جميع المعاصي، أو الاعتراف بالحق في الأمن والخوف، أو طاعته / فلا يُتَّقَى في تركها أحد سواه، وهي محكمة، أو منسوخة بقوله تعالى {فاتقوا الله مَا استطعتم} [التغابن: 16] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 103 - {بِحَبْلِ اللَّهِ} القرآن، أو الإسلام، أو العهد، أو الإخلاص له بالتوحيد، أو الجماعة، سمي ذلك حبلاً؛ لنجاة المتمسك به كما ينجو المتمسك بالحبل من بئر أو نحوها. {وَلا تَفَرَّقُواْ} عن دين الله تعالى، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم {كُنتُمْ أَعْدَآءً} للأوس والخزرج لحروب تطاولت بهم مائة وعشرين سنة إلى أن تآلفوا بالإسلام، أو لمشركي العرب لما كان بينهم من الطوائل. {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (104) ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جآءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105) يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (106) وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون (107) تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين (108) ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور (109) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 106 - {تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} المؤمنين لإسفارها بالثواب. {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} أهل النار لانكسافها بالحزن. {أَكَفَرْتُم بَعْدَ} إظهار الإيمان بالنفاق، أو الذين ارتدوا بعد الإسلام، أو الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثه، وكانوا قبل ذلك به مؤمنين، أو جميع من كفر بعد الإيمان يوم الذر. {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو ءامن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون (110) لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون (111) ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (112) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 110 - {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ} أي كنتم في اللوح المحفوظ أوخلقتم، أو أراد التأكيد لأن المتقدم مستصحب بخلاف المستأنف، أو أشار إلى ما قدمه من البشارة بأنهم خير أمة , {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون ءايات الله ءاناء الليل وهم يسجدون (113) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين (114) وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين (115) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ولآ أولادهم من الله شيئاً وأولئك أصحاب النار هم فيه خالدون (116) مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون (117) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 113 - {لَيْسُواْ سَوَآءً} لما أسلم عبد الله بن سلام مع جماعة قالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا شرارنا فنزلت {قَآئِمَةٌ} عادلة أو قائمة بطاعة الله، أو ثابتة على أمره. {آناء الليل} ساعاته، أو جوفه، يريد صلاة العتمة، أو الصلاة بين المغرب والعشاء. {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} في الصلاة أو عبّر عن الصلاة بالسجود، أو أراد وهم مع ذلك يسجدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 117 - {مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ} نزلت في أبي سفيان وأصحابه يوم بدر، أو في نفقة المنافقين في الجهاد رياء وسمعة. {صِرٌّ} برد شديد، أو صوت لهيب النار التي تكون في الريح قاله الزجاج، وأصل الصِّر: الصوت من الصرير. {ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بزرعهم في غير موضع الزرع، وفي غير وقته، أو أهلك ظلمهم زرعهم. {يآ أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 بدت البغضآء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) هآ أنتم أولآء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119) إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط (120) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 118 - {بِطَانَةً} نزلت في بعض المسلمين صَافَوا بعض اليهود والمنافقين لصحبة كانت بينهم في الجاهلية، فنهوا عن ذلك، والبطانة: خاصتك الذين يستبطنون أمرك من البطن، وبطانة الثوب، لأنها تلي البطن. {لا يَأْلُونَكُمْ} لا يقصرون في أمركم. {خَبَالاً} أصله الفساد، ومنه الخبل للجنون، {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} أي ضلالكم عن دينكم، أو أن تعنتوا في دينكم فتحملوا فيه على المشقة، وأصل العنت: المشقة. {مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} بدا منها ما يدل على البغضاء. {وإِذْ غَدَوْتَ من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم (121) إذ همت طآئفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122) ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (123) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 121 - {وإِذْ غَدَوْتَ} يوم أُحُد، أو يوم الأحزاب. {تبوىء} تتخذ منزلاً ترتبهم في مواضعهم. {سَمِيعٌ} لقول المنافقين. {عَلِيمٌ} بما أضمروه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 التهديد أو {سَمِيعٌ} لقول المؤمنين {عَلِيمٌ} بإخلاص نياتهم، أو {سَمِيعٌ} لقول المشيرين {عَلِيمٌ} بنصح المؤمن وغش الغاوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 122 - {طَّآئِفَتَانِ} بنو سَلَمة، وبنو حارثة /، أو قوم من المهاجرين والأنصار همتا بذلك، لان ابن أُبي دعاهما إلى الرجوع عن القتال، أو اختلفوا في المقام والخروج إلى العدو حتى هموا بالفشل والجبن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 123 - {بِبَدْرٍ} اسم ماء سمي باسم صاحبه ((بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة)) ، أو سمي بذلك من غير إضافة إلى صاحب. {أَذِلَّةٌ} ضعفاء عن مقاومة العدو، أو قليل عددكم ضعيف حالكم، كان المهاجرون يومئذ سبعة وسبعين، وكانت الأنصار مائتين وستة وثلاثين، والمشركون ما بين تسعمائة وألف. {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (124) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (125) وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 من عند الله العزيز الحكيم (126) ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين (127) ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (128) ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم (129) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 124 - {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} يوم بدر. {أَلَن يَكْفِيَكُمْ} الكفاية: قدر سد الخَلَّة، والاكتفاء: الاقتصار عليه. {يُمِدَّكُمْ} الإمداد: إعطاء الشيء حالاً بعد حال، من الإمداد: وهو الزيادة، ومنه مد الماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 125 - {فَوْرِهِمْ} وجههم، أو غضبهم من فور القِدْر وهو غليانها، ومنه فور الغضب. {مُسَوِّمِينَ} بالفتح أرسلوا خيلهم في المرعى، وبالكسر سوموها بعلائم في نواصيها وأذنابها، أو نزلوا على خير بلق وعليهم عمائم صفر. وكانوا خمسة آلاف عند الحسن، وعند غيره ثمانية آلاف قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 127 - {لِيَقْطَعَ} يوم بدر {طَرَفاً} منهم بقتل صناديدهم وقادتهم إلى الكفر، أو يوم أُحد قُتل منهم ثمانية عشر رجلاً، وقال: {طَرَفاً} ، لأنهم كانوا أقرب إلى المؤمنين من الوسط. {يَكْبِتَهُمْ} يخزيهم، أو الكبت: الصرع على الوجه قاله الخليل {خَآئِبِينَ} الخيبة لا تكون إلا بعد أمل، واليأس قد يكون قبل الأمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 128 - {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ} في عقابهم واستصلاحهم، او فيما نفعله في أصحابك وفيهم، بل إلى الله - تعالى - التوبة عليهم، أو الانتقام منهم، أو قال قوم بعد كسر رباعية الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يفلح من فعل هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 بالرسول صلى الله عليه وسلم مع حرصه على هدايتهم فنزلت أو استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء عليهم فنزلت يمنعه، لان في علمه - سبحانه وتعالى - أن فيهم من يؤمن. {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون (130) واتقوا النار التي أعدت للكافرين (131) وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون (132) وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين (133) الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (134) والذين إذا فعلوا فاحشة أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (135) أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين (136) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 130 - {أَضْعَافًا مًّضَاعَفَةً} أن يقول عند الأجل (إما أن تعطي، وإما أن تُربي)) فإن لم يعطه ضاعف عليه، ثم يفعل ذلك عند حلول أجله من بعد فيتضاعف بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 131 - {النَّارَ الَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} نار آكل الربا كنار الكفرة عملاً بالظاهر، أو نار الربا والفجرة أخف من نار الكفرة لتفاوتهم في المعاصي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 135 - {فَاحِشَةً} الكبائر، أو الزنا. {ظَلَمُوَاْ} بالصغائر. {ذَكَرُواْ الله} بقلوبهم فحملهم ذكره على التوبة والا استغفار، أو ذكروه بقولهم. اللهم اغفر لنا ذنوبنا. {يُصِرُّواْ} الثبوت على المعصية، أو مواقعتها إذا هَمَّ بها /، أو ترك الاستغفار منها. {وَهُمْ يعلمون} أنهم قد أتوا معصيته، أو يعملون الحجة في أنها معصية. {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (137) هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (138) ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 الأعلون إن كنتم مؤمنين (139) إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين (140) وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (140) أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين (142) ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون (143) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 137 - {سُنَنٌ} من الله بإهلاك من سلف، أو أهل سنن في الخير والشر، وأصل السُّنة: الطريقة المتبعة في الخير والشر، ومنه سُّنة الرسول صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 138 - {هَذَا} القرآن {بَيَانٌ} ، أو المذكور من قوله {قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ} نور وأدب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 140 - {إِن يَمْسَسْكُمْ} يوم أُحُد {قَرْحٌ} فقد مسهم يوم بدر مثله، واللمس: مباشرة وإحساس، والمس: مباشرة بغير إحساس. {قَرْحٌ} وقَرح: واحد، أو بالفتح الجراح، وبالضم: ألم الجراح قاله الأكثر {نُدَاوِلُهَا} مرة لقوم، ومرة لآخرين، والدولة: الكرة، أدال الله فلاناً من فلان جعل له الكرة عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 141 - {وَلِيُمَحِّصَ} وليبتلي، أو يخلصهم من الذنوب، وأصل التمحيص: التخليص، أو وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا {وَيَمْحَقَ} ينتقص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 143 - {تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} تمنى الجهاد من لم يحضر بدراً ثم أعرض كثير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 منهم عنه يوم أحد فعوتبوا. (رَأَيْتُمُوهُ} علمتموه، أو رأيتم أسبابه. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (144) وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (145) وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (146) وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين (148) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 144 - {وما محمد إلا سول} لما شاع يوم أحد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قُتل قال أناس: لو كان نبياً ما قُتل، وقال آخرون: نقاتل على ما قاتل عليه حتى نلحق به. {انقَلَبْتُمْ} رجعتم كفاراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 145 - {وَمَن يُرِدْ} بجهاده {ثَوَابَ الدُّنْيَا} الغنيمة، أو من عمل للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له منها من غير حظ في الآخرة، أو من أراد ثواب الدنيا بالتعرض لها بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في الدنيا دون الآخرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 146 - {رِبِّيُّونَ} يعبدون الرب واحدهم رِبَّي، أو جماعات كثيرة، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 علماء كثيرون، أو الرِّبيون: الأتباع والرعية والرَّبانيون: الولاة، قال الحسن: ما قتل نبي قط في المعركة. {فَمَا وَهَنُواْ} الوهن: الانكسار بالخوف، والضعف: نقص القوة، والاستكانة: الخضوع ((لم يهنوا بقتل نبيهم، ولا ضعفوا عن عدوهم، ولا استكانوا لما أصابهم)) ، قاله أبن إسحاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 148 - {ثَوَابَ الدُّنْيَا} النصر على العدو، أو الغنيمة. {ثواب الآخرة) الجنة إجماعا. {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير الناصرين (150) سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين (151) ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين (152) إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون (153) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 152 - {تَحُسُّونَهُم} تقتلونهم اتفاقاً، حسه يحسه حساً: قتله لأنه أبطل حسه. {بِإِذْنِهِ} بلطفه، أو بمعونته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 153 - {تُصْعِدُونَ} الإصعاد يكون في مستوىً من الأرض، والصعود في ارتفاع، وروي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنهم صعدوا إلى الجبل فراراً. {يَدْعُوكُمْ} يقول يا عباد الله أرجعوا. {غَمَّا بِغَمٍ} على غم، أو مع غم، الغم الأول: القتل والجرح، والثاني: الإرجاف بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم أو غم يوم أُحد بغم يوم بدر. {مَا فَاتَكُمْ} من الغنيمة وما أصابكم من الهزيمة. {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طآئفة منكم وطآئفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور (154) إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (155) يآ أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 بصير (156) ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون (157) ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون (158) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 154 - {أَمَنَةً / نُعَاسًا} لما توعد الكفار المؤمنين يوم أُحُد بالرجوع تأهب للقتال أبو طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم تحت حُجَفهم فناموا حتى أخذتهم الأَمنة. {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُم} بالخوف فلم يناموا، لظنهم {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} في التكذيب بوعد الله. {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ} ما خرجنا أي أُخرجنا كَرْهاً، أو الأمر: النصر أي ليس لنا من الظفر شيء كما وعدنا تكذيباً منهم بذلك. {لَبَرَزَ) {لخرج} (الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ} منكم ولم ينجهم قعودهم، أو لو تخلفتم لخرج المؤمنون ولم يتخلفوا بتخلفكم. {وَلِيَبْتَلِىَ اللهُ} يعاملكم معاملة المبتلي، أو ليبتلي أولياؤه فأضافه إليه تفخيماً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 155 - {تَوَلَّوْاْ} عن المشركين بأُحد، أو من قرب من المدينة وقت الهزيمة. {بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} محبة الغنائم والحرص على الحياة، أو استزلهم بذكر خطايا أسلفوها فكرهوا القتل قبل أن يتوبوا منها. {عَفَا اللهُ عَنْهُمْ} لم يعاجلهم بالعقوبة، أو غفر خطيئتهم ليدل على إخلاصهم التوبة، وقيل الذين بقوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينهزموا ثلاثة عشر. {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (159) إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (160) وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (161) أفمن اتبع رضوان الله كمن بآء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (162) هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون (163) لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (164) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 159 - {فَظًّا} الفظ: الجافي، والغليظ: القاسي القلب، معناهما واحد، فجمع بينهما تأكيداً. {وَشَاوِرْهُمْ} في الحرب، لتسفر عن الرأي الصحيح فيه، أو أمر بالمشاورة تأليفاً لقلوبهم، أو أَمَره بها لما علم فيها من الفضل، أو أُمر بها ليقتدي به المؤمنون، وكان غنياً عن المشاورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 161 - {يَغُلَّ} فقدت قطيفة حمراء يوم بدر فقال قوم: أخذها الرسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 فنزلت، أو وجه الرسول صلى الله عليه وسلم طلائع في جهة ثم غنم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يقسم للطلائع فنزل ما كان لنبي أن يخون في القسم فيعطي فرقة ويدع أخرى، أو ما كان لنبي أن يكتم الناس ما أرسل به لرغبة أو رهبة قاله ابن إسحاق. {يَغُلَّ} يتهمه أصحابه ويُخَوِّنونه، أو أن يغله أصحابه ويَخُونُونه، والغلول من الغلل، وهو دخول الماء خلال الشجر فسميت الخيانة غلولاً لوقوعها خفية، والغِل: الحقد، لجريانه في النفس مجرى الغلل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 164 - {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمؤْمِنِينَ} بكون الرسول صلى الله عليه وسلم {مِّنْ أَنفُسِهِمْ} لما فيه من شرفهم، أو لتسهيل تعلم الحكمة عليهم لأنه بلسانهم، أو ليظهر لهم علم أحواله بالصدق والأمانة والعفة والطهارة. {ويُزَكِّيهِمْ} يشهد بأنهم أزكياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 في الدين، أو يدعوهم إلى ما يتزكون به، أو يأخذ زكاتهم التي تطهرهم. {أو لمآ أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير (165) ومآ أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (167) الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 165 - {مُّصِيبَةٌ} التي أصابتهم يوم أُحُد، والتي أصابوها يوم بدر. {هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} بخلافكم في الخروج يوم أحد " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتحصنوا بالمدينة "، أو بأختياركم / الفداء يوم بدر، وقد قيل لكم إن فعلتم ذلك قتل منكم مثلهم، أو مخالفة الرماة للرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ملازمة موضعهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 166 - {بإذن اللَّهِ} بتمكينه، أو بعلمه. {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} ليراهم، أو ليميزهم من المنافقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 167 - {أَوِ ادْفَعُواْ} بتكثير السواد إن لم تقاتلوا، أو بالمرابطة على الخيل إن لم تقاتلوا. {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً} قال عبد الله بن عمرو بن حرام علام نقتل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 أنفسنا ارجعوا بنا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم. {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم} يظهرون من الإسلام ما ليس في قلوبهم، {بِأَفْوَاهِهِم} تأكيد، أو لأن القول ينسب إلى الساكت تجوزاً إذا رضي به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 168 - {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ} لما انخذل ابن أُبي وأصحابه - وهم نحو من ثلاثمائة - وتخلف عنهم من قُتل منهم قالوا لو أطاعونا وقعدوا معنا ما قُتلوا. {صَادِقِينَ} في أنهم لو أطاعوكم ما قُتلوا، أو محقين في تثبيطكم عن الجهاد فراراً من القتل. {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحيآء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بمآ ءاتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171) الذين استجابوا لله والرسول من بعد مآ أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم (172) الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174) إنما ذالكم الشيطان يخوف أوليآءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (175) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 196 - {أمْوَاتاً بَلْ أَحْيَآءٌ} أحياء في البرزخ، وأما في الجنة فإن حالهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 معلومة لجميع المؤمنين. {عِندَ رَبِّهِمْ} بحيث لا يملك أحد لهم ضراً ولا نفعاً سوى ربهم، أو يعلم أنهم أحياء دون غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 170 - {وَيَسْتَبْشِرُونَ} يقولون إِخواننا يُقتلون كما قُتلنا فيُكرمون بما أُكرمنا، أو يؤتى الشهيد بكتاب يذكر فيه من يقدم عليه من إخوانه بشارة فيستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 173 - {النَّاسُ} الأول: أعرابي جعل له على ذلك جُعْل، أو نعيم بن مسعود الأشجعي، {النَّاسَ} الثاني: أبو سفيان وأصحابه أراد ذلك بعد رجوعه من أُحد سنة ثلاث فوقع في قلوبهم الرعب فكفوا، أو في بدر الصغرى سنة أربع بعد أُحد بسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 175 - {يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُ} يخوف المؤمنين من أوليائه الكفار، أو يخوف أولياءه المنافقين ليقعدوا عن الجهاد. {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئاً يريد الله ألا يجعل لهم حظاً في الآخرة ولهم عذاب عظيم (176) إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئاً ولهم عذاب أليم (177) ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين (178) ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشآء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم (179) ولا يحسبن الذين يبخلون بمآ ءاتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير (180) لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنيآء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (182) الذين قالوا إن الله عهد إلينآ ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جآءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183) فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جآءو بالبينات والزبر والكتاب المنير (184) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 176 - {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فَى الْكُفْرِ} المنافقون، أو قوم من العرب ارتدوا عن الإسلام. {يُرِيدُ اللَّهُ أن لا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًا} أي يحكم، أو سيريد في الآخرة أن يحرمهم الثواب لكفرهم، أو يريد إحباط أعمالهم بذنوبهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 179 - {يَمِيزَ الْخَبِيثَ} المنافق، أو الكافر، و {الطَّيِّبِ} المؤمن غير المنافق بتكليف الجهاد، والكافر بالدلالات التي يستدل بها عليهم. {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} قال قوم من المشركين: إن كان محمد صادقاً فليخبرنا بمن يؤمن ومن يكفر فنزلت، السدي: ما أَطلع الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم على الغيب، ولكن اجتباه فجعله رسولاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 180 - {الذين يبخلون} ما نعو الزكاة، أو أهل الكتاب بخلوا ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم. {سَيُطَوَّقُونَ} بطوق من نار، أو شجاعاً أقرع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 {كل نفس ذآئفة الموت وإنما توفون إجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيآ إلا متاع الغرور (185) لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتو الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور (186) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 186 - {لَتُبْلَوُنَ فِى أَمْوَالِكُمْ} بالزكاة والنفقة في الطاعة {وَأَنفُسِكُمْ} بالجهاد والقتل. {أَذًى كَثِيرًا} الكفر كقولهم / عُزير ابن الله، والمسيح ابن الله، أو هجو كعب بن الأشرف للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وتحريضه عليهم للمشركين، أو قول فنحاص اليهودي لما سئل الإمداد قال: احتاج ربكم إلى أن نمده. {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيّننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه ورآء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون (187) لا تحسبن الذين يفرحون بمآ أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم (188) ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير (189) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 187 - {مِيثَاقَ} هو اليمين. {الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} اليهود، أو اليهود والنصارى، أو كل من أوتي علم شيء من الكتب، أخذ أنبياؤهم ميثاقهم لتبيننه للناس. {لتبيننه} لتبين الكتاب الذي فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، أو لتبينن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 188 - {يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ} اليهود فرحوا باتفاقهم على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، وإخفاء أمره، وأحبوا {أن يُحْمَدُواْ} بأنهم أهل علم ونسك، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 المنافقون فرحوا بقعودهم عن الجهاد، وأحبوا {أَن يُحْمَدُواْ} بما ليس فيهم من الإيمان به. {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب (190) الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار (191) ربنآ إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار (192) ربنآ إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فئامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار (193) ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد (194) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 193 - {مناديا} النبي صلى الله عليه وسلم، أو القرآن، لأن كل الناس لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم {لِلإِيمَانِ} إلى الإيمان {الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا} [الأعراف: 43] وقال: (أوحى لها القرار فاستقرت ... وشدها بالراسيات الثبت) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 194 - {وآتنا مَا وَعَدتَّنَا} المقصود منه - مع العلم بأنه لا يخلف وعده - الخضوع بالدعاء والطلب، أو طلبوا التمسك بالعمل الصالح، أو طلبوا تعجيل النصر وإنجاز الوعد، أو معناه اجعلنا ممن وعدته ثوابك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 {فاستجاب لهم ربهم أني لآ أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب (195) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 195 - {مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} قالت أم سلمة: يا رسول الله ما بال الرجال يذكرون في الهجرة دون النساء فنزلت {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} الإناث من الذكور والذكور من الإناث. {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد (196) متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد (197) لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 من عند الله وما عند الله خير للأبرار (198) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 196 - {لا يَغُرَّنَّكَ} تأديباً له وتحذيراً، أو هو خطاب لكل من سمعه أي لا يغرنك أيها السامع. {تَقَلُّبُ} تقلبهم في نعم البلاد، أو تقلبهم غير مأخوذين. {وَإِنَّ مِنْ أهْلِ الكتاب لمن يؤمن بالله ومآ أنزل إليكم ومآ أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بئايات الله ثمناً قليلاً أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب (199) يآ أيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون (200) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 199 - {وَإِنَّ مِنْ أهْلِ} عبد الله بن سلام ومسلمي أهل الكتاب أو نزلت في النجاشي لما صلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم قال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 200 - {اصْبِرُواْ} على طاعة الله تعالى {وَصَابِرُواْ} أعداءه {وَرَابِطُواْ} في سبيله، أو {اصْبِرُواْ} على دينكم {وَصَابِرُواْ} الوعد الذي وعدتكم {وَرَابِطُواْ} عدوكم، أو {اصبروا} على الجهاد {وصابروا} العدو {رابطوا} بملازمة الثغر، من ربط النفس، ومنه ربط الله على قلبه بالصبر، أو {رابطوا} بانتظار الصلوات الخمس واحدة بعد واحدة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 (سورة النساء) مدنية إلا آية {إن الله يأمركم أن تؤدوا} [58] فإنها نزلت بمكة لما أراد الرسول / صلى الله عليه وسلم أن يأخذ مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة فيسلمها إلى العباس. (بسم الله الرحمن الرحيم) {يآ أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً (1) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1 - {نفس واحدة} آدم عليه الصلاة والسلام. {زَوْجَهَا} حواء، خلقت من ضلعه الأيسر، ولذا قيل للمرأة: " ضلع أعوج "، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزلت: " خلقت المرأة من الرجل فهمها الرجل، وخلق الرجل من التراب فهمه في التراب ". {تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} كقوله: أسألك بالله وبالرحم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 [أو] والأرحام صلوها ولا تقطعوها، أخبر أنه خلقهم من نفس واحدة ليتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة. {رقيبا} حفيظاً، أو عليماً. {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً (2) وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا (3) وءاتوا النسآء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً (4) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 2 - {وَلا تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} الحرام بالحلال، أو أن تجعل الزايف بدل الجيد، والمهزول بدل السمين، وتقول: درهم بدرهم، وشاة بشاة، أو استعجال أكل الحرام قبل مجيء الحلال، أو كانوا لا يورثون الصغار والنساء ويأخذ الرجل الأكبر فيتبدل نصيبه الطيب من الميراث بأخذه الكل وهو خبيث. {إِلَىَ أَمْوَالكُِمْ} مع أموالكم، وهو أن يخلطوها بأموالهم فتصير في ذمتهم فيأكلوا ربحها. {حُوبًا} إثماً، تحوب من كذا توقى إثمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 3 - {وَإِنّ خِفْتُمْ} أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى {فَانكِحُواْ} ما حل لكم من غيرهن، أو كانوا يخافون ألا يعدلوا في أموالهم، ولا يخافون أن لا يعدلوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 في النساء فقيل لهم: كما خفتم أن لا تعدلوا في أموال اليتامى فكذلك خافوا أن لا تعدلوا في النساء، أو كانوا يتوقون أموال اليتامى ولا يتوقون الزنا فأُمروا أن يخافوا الزنا كخوف أموال اليتامى فيتركوا الزنا وينكحوا ما طاب، أو كانت قريش في الجاهلية تكثر التزوج بلا حصر فإذا كثرت عليهم المؤن وقل ما بأيديهم أكلوا ما عندهم من أموال اليتامى فقيل لهم: إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا إلى الأربع حصراً لعددهن. {مَا طَابَ} من طاب، أو انكحوا نكاحاً طيباً. {فَإِنْ خِفْتُمْ أن لا تَعدِلُواْ} في الأربع. {تَعُولُواْ} تكثر عيالكم، أو تضلوا، أو تجوروا والعول: من الخروج عن الحق، عالت الفريضة لخروجها عن السهام المسماة، وعابت أهل الكوفة عثمان - رضي الله تعالى عنه - في شيء فكتب إليهم " إني لست بميزان قسط لا أعول ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 4 - {وآتوا النِّسآءَ} أيها الأزواج عند الأكثرين، أو أيها الأولياء، لأن الولي في الجاهلية كان يتملك صداق المرأة. {نِحْلَةً} النحلة: العطية بغير بدل، الدِّين نحلة، لأنه عطية من الله تعالى ومنه النَّحْل لإعطائه العسل، أو لأن الله - تعالى - نحله عباده، [الصداق] أي نحلة من الله - تعالى - لهن بعد أن كان ملكاً لآبائهن، أو فريضة مسماة، أو نهى عما كانوا عليه من خطبة الشغار والنكاح بغير صداق، أو أراد طيب نفوسهم بدفعه / إليهم كما يطيبون نفساً بالهبة. {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ} أيها الأزواج عند من جعله للأزواج، أو أيها الأولياء عند من رآه لهم. {هَنِيئًا} الهني: ما أعقب نفعاً وشفاء منه هنأ البعير لشفائه. {ولا تؤتوا السفهآء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 معروقاً (5) وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشداً فادفعوآ إليهم أموالهم ولا تأكلوهآ إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً قليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً (6) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 5 - {السُّفَهَآءَ} النساء، أو الصبيان، أو كل مستحق للحَجْر، أو الأولاد المفسدين، نهى أن يقسم ماله بينهم ثم يصير عيالاً عليهم، والسَّفَه: خِفَّة الحُلم، ولذا وصف به الناقص العقل، والمفسد للمال لنقصان تدبيره، والفاسق لنقصانه عند أهل الدين. {أَمْوَالَكُمُ} أيها الأولياء، أو أموال السفهاء. {قيماً} و {قياماً} قوام معايشكم. {وَارْزُقُوهُمْ} أنفقوا من أموالكم على سفهائكم، أو لينفق الولي مال السفيه عليه. {قَوْلاً مَّعْرُوفًا} وعداً جميلاً، أو دعاء كقوله: " بارك الله فيك ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 6 - {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى} اختبروهم في عقولهم وتمييزهم وأديانهم. {النكاح} الحلم اتفاقاً. {آنستم) {علمتم} (رُشْدًا} عقلاً، أو عقلاً وصلاحاً في الدين، أو صلاحاً في الدين والمال، أو صلاحاً وعلماً بما يصلح. {إِسْرَافاً} تجاوز المباح، فإن كان إفراطاً قيل أسرف إسرافاً، وإن كان تقصيراً قيل سرف يسرف. {وَبِدَارًا} هو أن يأكله مبادرة أن يكبر فيحول بينه وبين ماله. {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قرضاً ثم يرد بدله، أو سد جوعه وستر عورته ولا بدل عليه، أو يأكل من ثمره ويشرب من رسل ماشيته ولا يتعرض لما سوى ذلك من أمواله، أو يأخذ أجره بقدر خدمته، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم كُلْ من مالِ يتيمك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 غير مسرف ولا متأثل مالك بماله " {حَسِيبًا} شهيداً، أو كافياً من الشهود. {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون وللنسآء نصيب مما ترك الوالدن والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً (7) وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً (8) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً (9) إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً (10) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 7 - {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ} نزلت بسبب أن الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 8 - {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} منسوخة بآية المواريث، أو محمولة على وصية الميت لمن ذكر في الآية وفيمن حضر، أو محكمة فلو كان الوارث صغيراً فهل يجب على وَليِّه الإخراج من نصيبه؟ فيه قولان: أحدهما: لا يجب، ويقول الولي لهم قولاً معروفاً. {وَقُولُواْ} أمر الآخذ أن يدعو للدافع بالغنى والرزق، أو أمر الوارث والولي أن يقول للآخذين عند إعطائهم المال قولاً معروفاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 9 - {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ} يحضرون الموصي أن يأمروه بالوصية بماله فيمن لا يرثه بل يأمرونه بإبقاء ماله لورثته كما يؤثرون ذلك لأنفسهم، أو أمر بذلك الأوصياء أن يحسنوا إلى الموصى عليه كما يؤثرون ذلك في أولادهم، أو من خاف الأذى على ذريته بعده وأحب أن يكف الله - تعالى - عنهم الأذى فليتق الله - تعالى - في قوله وفعله، أو أمر به الذين ينهون الموصي عن الوصية لأقاربه ليبقى ماله لولده، وهم لو كانوا أقرباء الموصي لآثروا أن يوصي لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 10 - {نَارًا} / يصيرون به إلى النار، أو تمتلىء بها بطونهم عقاباً يوجب النار، وعَبَّر عن الأخذ بالأكل، لأنه المقصود الأغلب منه، والصلا: لزوم النار. {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نسآء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بهآ أو دين ءابآؤكم وأبنآؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما (11) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 11 - {يُوصِيكُمُ} كانوا لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان، ولا يورث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الله أخو حسان الشاعر وترك خمس أخوات فأخذ ورثته ماله فشكت زوجته ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت. {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} فرض الاثنتين الثلثان كالأختين، وخالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 فيه ابن عباس فجعل لهما النصف، {وَلأَبَوَيْهِ لكل واحد منهما السُّدُسُ} نسخت كان [المال] للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ من ذلك فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ولكل واحد من الأبوين السدس، واتفقوا على أن ثلاثة من الإخوة يحجبون الأم إلى السدس، والباقي للأب، وقال طاوس يأخذ الإخوة ما حجبوها عنه وهو السدس، والأخوان يحجبانها إلى السدس خلافاً لابن عباس. وقدّم الدَّيْن والوصية على الإرث، لأن الدِّيْن حق على الميت، والوصية حق له فقدما، وقد قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بتقديم الدَّيْن على الوصية إذ لا ترتيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 في " أو " {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ} أنفع لكم في الدين أو الدنيا. {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بهآ أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بهآ أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركآء في الثلث من بعد وصية يوصي بهآ أو دين غير مضآر وصية من الله والله عليم حليم (12) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 12 - {كَلالَةً} الكلالة: من عدا الولد، أو من عدا الوالد، أو من عداهما، والمسمى بالكلالة هو الميت، أو وارثه، أو كلاهما، والكلالة من الإحاطة لإحاطتها بأصل النسب الذي هو الولد والوالد، ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس. {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم (13) ومن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين (14) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 13 - {حُدُودُ اللَّهِ} شروطه، أو طاعته، أو سننه وأمره، أو فرائضه التي حدها للعباد، أو تفصيله لفرائضه. {والاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً (15) والذان يأتيانها منكم فئاذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهمآ إن الله كان تواباً رحيماً (16) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 15 - {الْفَاحِشَةَ} الزنا. {فَأَمْسِكُوهُنَ} إمساكهن في البيوت حد منسوخ بآية النور، أو وعد بالحد لقوله تعالى {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَ سَبِيلاً} وهو الحد، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " فنسخ جلد الثيب عند الجمهور خلافاً لقتادة وداود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 16 - {واللذان} في الأبكار، أو في الثيب والأبكار، والمراد باللذين الرجل والمرأة، أو البكران من الرجال والنساء. {فَأَذُوهُمَا} بالتعيير والتوبيخ، أو بالتعيير والضرب بالنعال، وكلاهما منسوخ، أو الأذى مجمل فسره آية النور في الأبكار، والسنة في الثيب. ونزلت هذه الآية قبل الأولى فيكون الأذى أولاً ثم الحبس ثم الجلد أو الرجم، أو الأذى للأبكار والحبس للثيب. {تَابَا} من الفاحشة. {وَأَصْلَحَا} دينهما. {فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ} بالصفح والكف عن الأذى. {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الئن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليما (18) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 17 - {بِجَهَالَةٍ} كل عاص جاهل، أو الجهالة: العمد، أو عمل السوء في / الدنيا {قَرِيبٍ} في صحته قبل مرضه، أو قبل موته، أو قبل معاينة ملك الموت. والدنيا كلها قريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 18 - {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} عصاة المسلمين عند الجمهور أو المنافقون، سَوَّى بين من لم يتب وبين التائب عند حضور الموت. {يآ أيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النسآء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 ببعض مآ ءاتيتموهن إلآ أن يأتين بفاحشة مبيّنة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً (19) وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وَءَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً (20) وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً (21) ولا تنكحوا ما نكح ءابآؤكم من النسآء إلاّ ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا (22) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 19 - {تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهًا} كان أهل المدينة في الجاهلية إذا مات [أحدهم] عن زوجه كان ابنه وقريبه أولى بها من نفسها ومن غيرها، إن شاء نكحها بالصداق الأول، وإن شاء زوجها وملك صداقها، وإن شاء عضلها عن النكاح حتى تموت فيرثها، أو تفتدي منه بصداقها، فمات أبو القيس بن الأسلت عن زوجته " كبشة " فأراد ابنه أن يتزوجها فأتت للرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأنكح فنزلت ... . {وَلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 تَعْضُلُوهُنَّ} نهى ورثة الزوج أن يمنعوهن من التزوج كما ذكرنا، أو نهى الأزواج أن يعضلوهن بعد الظلاق كما كانت قريش تفعله في الجاهلية، أو نهى الأزواج عن حبسهن كرهاً ليفتدين أو يمتن فيرثوهن، أو نهى الأولياء عن العضل. {بِفَاحِشَةٍ} بزنا، أو نشوز، أو أذىً وبذاءة. {خَيْرًا كَثِيرًا} الولد الصالح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 20 - {بُهْتَانًا} ظلماً بالبهتان، أو يبهتها أنه جعل ذلك لها ليستوجبه منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 21 - {أَفْضَى} بالجماع، أو الخلوة. {ميثاقاُ} عقد النكاح، أو إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " أخذتموهن بأمانة الله تعالى -، واستحللتم فروجهن بكلمة الله "، وهي محكمة، أو منسوخة بآية الخلع، أو محكمة إلا عند خوف النشوز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 22 - {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} كانوا يخلفون الآباء على النساء فحرمه الإسلام، وعفا عما كان منهم في الجاهلية إذا اجتنبوه في الإسلام، أو لا تنكحوا كنكاح آبائكم في الجاهلية على الوجه الفاسد إلا ما سلف في الجاهلية فإنه معفو عنه إذا كان مما يجوز تقريره، أو لا تنكحوا ما نكح آباؤكم بالنكاح الجائز إلا ما سلف منهم بالسفاح فإنهن حلال لكم لأنهن غير حلائل وإنما كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا، أو إلا ما قد سلف فاتركوه فإنكم مؤاخذون به، والاستثناء منقطع، أو بمعنى " لكن " {مقتا} المقت شدة البغض لارتكاب قبيح، وكان يقال للولد من زوجة الأب " المقتي ". {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسآئكم وربآئبكم اللاتي في حجوركم من نسآئكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلآئل أبنآئكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلآ ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً (23) والمحصنات من النسآء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما ورآء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فئاتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيماً (24) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 24 - {وَالْمُحْصَنَاتُ} ذوات الأزواج. {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} بالسبي، لما سبى الرسول صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس، قالوا: كيف نقع على نساء قد عرفنا أزواجهن فنزلت أو {المحصنات} ذوات الأزواج {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 أَيْمَانُكُمْ} إذا اشترى الأمة بطل نكاحها وحلت للمشتري قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو المحصنات العفائف، {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أيمانكم} بعقد نكاح، أوملك، أو نزلت في مهاجرات تزوجهن المسلمون، ثم قدم أزواجهن مهاجرين فنهي المسلمون عن نكاحهن، والإحصان: من المنع، حصن البلد لمنعه من العدو، ودرع حصينة: منيعة، وفرس حصان: لامتناع راكبه من الهلاك، وامرأة حصان: لامتناعها عن الفاحشة. {كِتَابَ اللَّهِ} الزموا كتاب الله، أو حرم ذلك كتاباً من الله، أو كتاب الله قيم عليكم فيما تحرمونه وتحلونه. {مَّا وراء ذلكم} ما دون الخمس، أو ما دون ذوات المحارم، أو مما وراءه مما ملكت أيمانكم. {أَن تَبْتَغُواْ} تلتمسوا بأموالكم بشراء، أو صداق. {مُسَافِحِينَ} زناة، السفح: من الصب، سفح الدمع: صبه، وسفح الجبل: أسفله لانصباب الماء فيه. {فما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 اسْتَمْتَعْتُم} قلت تكون " ما " ها هنا بمعنى " من "، فما نكحتم منهن فجامعتموهن، أو المتعة المؤجلة، كان أُبَي وابن عباس يقرآن {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى} . {أُجُورَهُنَّ} الصداق. {فَرِيضَةً} أي معلومة. {فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ} من تنقيص أو إبراء عند إعسار الزوج، أو فيما زدتموه في أجل المتعة بعد انقضاء مدتها وفي أجرتها قبل استبرائهن أرحامهن، أو لا جناح عليكم فيما دفعتموه وتراضيتم به أن يعود إليكم تراضياً. {كَانَ عَلِيمًا} ، بالأشياء قبل خلقها. {حَكِيماً} في تدبيره لها، قال سيبويه: " لما شاهدوا علماً وحكمة قيل لهم: إنه كان كذلك لم يزل، أو الخبر عن الماضي يقوم مقام الخبر عن المستقبل قاله الكوفيون. {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذآ أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم (25) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 25 - {طَوْلاً} سعة موصلة إلى نكاح الحرة، أو يكون تحته حرة، أو أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 يهوي أمة فيجوز له تزوجها إن كان ذا يسار وكان تحته حرة قاله جابر وجماعة، والطَّوْل: من الطُّول، لأن الغنى ينال به معالي الأمور، ليس فيه طائل أي لا ينال به شيء من الفوائد، وإيمان الأمة شرط، أو ندب. {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} محصنات عفائف، والمسافحات: المعلنات بالزنا، ومتخذات الأخدان: أن تتخذ صديقاً تزني به دون غيره، وكانوا يحرمون ما ظهر من الزنا ويحلون ما بطن فنزل {وَلاَ تَقْرَبُواْ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] . {أَحْصَنَّ} أسلمن، و {أُحْصِنَّ} تزوجن، ونصف عذاب الحرة: نصف حدها. {الْعَنَتَ} الزنا، أو الإثم، أو الحد، أو الضرب الشديد في دين أو دنيا. {وَأَن تَصْبِرُواْ} عن نكاح الأمة خير من إرقاق الولد. {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم (26) والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً (27) يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً (28) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 27 - {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} الزناة، أو اليهود والنصارى أو كل متبع شهوة غير مباحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 28 - {يُخَفِّفَ عَنكُمْ} في نكاح الإماء، {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضعيفا} عن الصبر عن الجماع. {يآ أيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلآ أن تكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (29) ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا (30) إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما (31) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 29 - {بِالْبَاطِلِ} القمار والربا والبخس والظلم، أو العقود الفاسدة، أو نُهوا عن أكل الطعام / قِرىً وأُمروا بأكله شراء ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَلاَ على أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ} الآية [النور: 61] {تَرَاضٍ} تخاير للعقد، أو تخاير بعد العقد. {أَنفُسَكُمْ} بعضكم بعضاً، جُعلوا كنفس واحدة لاتحاد دينهم، أو نُهوا عن قتل أنفسهم في حال الضجر والغضب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 30 - {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ} أكل المال وقتل النفس، أو كل ما نهوا عنه من أول هذه السورة، أو وراثتهم النساء كَرْهاً. {عُدْوَانًا وَظُلْمًا} جمع بينهما تأكيداً لتقارب معناهما، أو فعلاً واستحلالاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 31 - {كَبَآئِرَ} ما نهيتم عنه من أول هذه السورة إلى رأس الثلاثين منها، أو هي سبع: الإشراك بالله، وقتل النفس المحرمة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة أو تسع: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 الشرك، والقذف، وقتل المؤمن، والفرار من الزحف، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، وإلحاد بالبيت الحرام. أو السبعة المذكورة مع العقوق والزنا والسرقة وسب أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - أو الإشراك بالله، والقنوط من رحمته، واليأس من روحه، والأمن من مكره، أو كل ما وعد الله - تعالى - عليه النار، أو كل ما لا تصلح معه الأعمال. {سَيّئَاتِكُمْ} مكفرة إذا تركتم الكبائر فإن لم تتركوها أخذتم بالصغائر والكبائر. {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنسآء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً (32) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 32 - {وَلا تَتَمَنَّوْاْ} كقوله: " ليت لي مال فلان "، نهوا عنه نهي تحريم، أو كراهية، وله أن يقول: " ليت لي مثله " والأشهر أنها نزلت في نساء تمنين أن يكن كالرجال في الفضل والمال، أو قالت أم سلمة: يا رسول الله يغزوا الرجال ولا نغزوا وإنما لنا نصف الميراث فنزلت ... . . {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 اكْتَسَبُواْ} من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية وكذلك النساء، الحسنة لهما بعشر أمثالها، أو للرجال نصيب من الميراث وللنساء نصيب منه، لأنهم كانوا لا يورثون النساء. {فَضْلِهِ} نعم الدنيا، أو العبادة المكسبة لثواب الآخرة. {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا (33) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 33 - {مَوَالِىَ} عصبة، أو ورثة وهو أشبه كقوله تعالى {خِفْتُ الموالى} [مريم: 5] {عاقدت} مفاعلة من عقد الحلف حلف الجاهلية توارثوا به في الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى: {وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] ، أو الأخوة التي آخاها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار توارثوا بها ثم نسخت بقوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ} ، أو نزلت في أهل العقد بالحلف يؤتون نصيبهم من النصر والنصيحة دون الإرث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا حلف في الإسلام وما كان من حلف الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة)) أو نزلت في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 ابن التبني، أمروا أن يوصوا لهم عند الموت، أو فيمن أوصي لهم بشيء ثم هلكوا فأمروا أن / يدفعوا نصيبهم إلى ورثتهم. {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 34 - {قوامون} عليهم بالتأديب، والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن الله - تعالى - ولأزواجهن. {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ} الرجال عليهن في العقل والرأي. {وَبِمَآ أَنفَقُواْ} من الصداق والقيام بالكفاية، أو لطم رجل امرأته فأتت الرسول صلى الله عليه وسلم تطلب القصاص فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت {وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن} [طه: 114] ونزلت هذه الآية، قال الزهري لا قصاص بين الزوجين فيما دون النفس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 {فَالصَّالِحَاتُ} في دينهن {قَانِتَاتٌ} مطيعات لربهن وأزواجهن {حَافِظَاتٌ} لأنفسهن في غيبة أزواجهن، ولحق الله عليهن {بما حفظ الله} يحفظه إياهن صرن كذلك، أو بما أوجبه لهن من مهر ونفقة فصرن بذلك محفوظات. {تَخَافُونَ} تعلمون. ( ... ... ... ... ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها) أو تظنون. (أتاني عن نُصَيْب كلام يقوله ... وما خفت يا سلام أنكِ عائبي) يريد الاستدلال على النشوز بما تبديه من سوء فعلها، والنشوز من الارتفاع لترفعها عن طاعة زوجها. {فَعِظُوهُنَّ} بالأمر بالتقوى، والتخويف من الضرب الذي أذن الله - تعالى - فيه. {وَاهْجُرُوهُنَّ} بترك الجماع، أو لا يكملها ويوليها ظهره في المضجع، أو يهجر مضاجعتها، أو يقول لها في المضجع هُجراً وهو الإغلاظ في القول، أو يربطها بالهجار - وهو حبل يربط به البعير - قاله الطبري، أصل الهجر: الترك عن قلى، وقبيح الكلام هجر، لأنه مهجور، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 فإذا خاف نشوزها وعظها وهجرها فإن أقامت عليه ضربها، أو إذا خافه وعظها فإن أظهرته هجرها فإن أقامت عليه ضربها ضرباً يزجرها عن النشوز غير مبرح ولا منهك. {سَبِيلاً} أذى، أو يقول لها: " لست محبة لي وأنت تبغضني فيضربها " على ذلك مع طاعتها له. {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلهآ إن يريدآ إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا (35) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 35 - {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} بنشوزها وترك حقه، وبعدوله عن إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، والشقاق: مصدر شاق فلان فلاناً إذا أتى كل واحد منهما ما يشق على الآخر، أو لأنه صار في شق بالعداوة والمباعدة. {فَابْعَثُواْ حَكَمًا} خطاب للسلطان إذا ترافعا إليه، أو خطاب للزوجين، أو لأحدهما. {إِن يُرِيدَآ} الحكمان، فإن رأى الحكمان الفرقة بغير إذن الزوجين فهل لهما ذلك؟ فيه قولان. {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً (36) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 36 - {وَبِذِى الْقُرْبَى} المناسب، {وَالْيَتَامَى} جمع يتيم وهو الذي مات أبوه ولم يبلغ الحلم، والمسكين: الذي ركبه ذل الفاقة حتى سكن لذلك، {وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَىَ} المناسب، أو القريب في الدين أراد به المسلم {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الأجنبي لا نسب بينك وبينه، أو البعيد في دينه، والجنب في كلامهم: البعيد، ومنه الجنب لبعده عن الصلاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ} رفيق السفر، أو زوجة الرجل تكون إلى جنبه، أو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك. {وَابْنِ السَّبِيلِ} / المسافر المجتاز، أو الذي يريد السفر ولا يجد نفقة، أو الضيف، والسبيل: الطريق فقيل لصاحب الطريق: ابن السبيل كما قيل لطير الماء: " ابن ماء ". {مُخْتَالاً} من الخيلاء خال يخول خالاً وخولاً. {فَخُورًا} يفتخر على العباد بما أنعم الله به عليه من رزق وغيره. {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون مآ ءاتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً (37) والذين ينفقون أموالهم رئآء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قريناً فسآء قريناً (38) وماذا عليهم لو ءامنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليماً (39) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 37 - {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} بالإنفاق في الطاعة {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ} بمثل ذلك، أو نزلت في اليهود بخلوا بما في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتموها، وأمروا الناس بذلك، والبخل: أن يبخل بما في يده، والشح: أن يشح بما في يد غيره يحب أن يكون له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 38 - {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ} اليهود، أو المنافقون. {قَرِينًا} والمراد به الشيطان يقرن به في النار، أو يصاحبه في فعله، والقرين: الصاحب المؤالف من الاقتران، القِرن: المثل لاقترانه في الصفة، والقَرن: أهل العصر، لاقترانهم في الزمان، وقرن البهيم لاقترانه بمثله. {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما (40) } . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلآء شهيداً (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً (42) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 40 - {مِثْقَالَ} الشيء: مقداره في الثقل، والذرة: دودة حمراء قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -: ويقال: إن هذه الدودة لا وزن لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 41 - {بِشَهِيدٍ} يشهد أنه بلغها ما تقوم به الحجة عليها، أو يشهد بعملها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 42 - {تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} يُجعلون مثلها، كقوله تعالى {ليتني كُنتُ تُرَاباً} [النبأ: 40] أو تمنوا أن يدخلوا فيها حتى تعلوهم. {يآ أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من الغآئط أو لامستم النسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفواً غفوراً (43) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 43 - {سُكَارَى} من النوم، أو من الخمر، " ثمل جماعة عند عبد الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنه - فقدموا من صلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين فنزلت " والسَّكر يسد مجرى الماء فأخذ منه السكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 لسده طرق المعرفة، وخطابه للسكران نهي عن التعرض للسُّكر، لأن السكران لا يفهم، أو قد يقع السكر بحيث لا يخرج عن الفهم. {عَابِرِى سَبِيلٍ} أراد المسافر الجنب لا يصلي حتى يتيمم، أو أراد مواضع الصلاة لا يقربها إلا ماراً. {مَّرْضَى} بما ينطلق عليه اسم مرض وإن لم يضر معه استعمال الماء، أو بشرط أن يَضُر به استعمال الماء، أو ما خيف فيه من استعمال الماء التلف. {سَفَرٍ} ما وقع عليه الاسم، أو يوم وليلة، أو ثلاثة أيام , {الْغَآئِطِ} الموضع المطمئن كُني به عن الفضلة، لأنهم كانوا يأتونه لأجلها. الملامسة: الجماع، أو باليد والإفضاء بالجسد، ولامستم أبلغ من لمستم، أو لامستم يوجب الوضوء على اللامس والملموس ولمستم يوجبه على اللامس وحده. {فَتَيَمَّمَوُاْ} تعمدوا وتحروا، أو اقصدوا، وقرأ ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - فأتوا صعيداً. {صَعِيداً} أرض ملساء لا نبات بها / ولا غرس، أو أرض مستوية، أو التراب، أو وجه الأرض ذات التراب والغبار. {طّيِّبًا} حلالاً، أو طاهراً، أو تراب الحرث، أو مكان جَرْد غير بَطِح. {وَأَيْدِيكُمْ} إلى الزندين، أو المرفقين، أو الإبطين: ويجوز التيمم للجنابة عند الجمهور ومنعه عمر وابن مسعود والنخعي. وسبب نزولها قوم من الصحابة أصابتهم جراح، أو نزلت في إعواز الماء في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 السفر. {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 السبيل (44) والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (45) من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا (46) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 44 - {يشترون الضلالة} كأنهم بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم اشتروا الضلالة بالهدى، أو أعطوا أحبارهم [أموالهم] على ما صنعوا من التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو كانوا يأخذون الرشا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 46 - {غَيْرَ مُسْمَعٍ} غير مقبول منك، أو اسمع لا سمعت. {وَرَاعِنَا} كانت سبّاً في لغتهم، أو أجروها مجرى الهزء. أو مجرى الكبر. {يا أيها الذين أوتو الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا (47) إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما (48) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 47 - {أُوتُواْ الْكِتَابَ) {اليهود والنصارى} (نَّطْمِسَ وُجُوهًا) نمحو آثارها فتصير كالأقفاء ونجعل أعينها في أقفائها فتمشي القهقرى، أو نطمسها عن الهدى فنردها في الضلالة فلا تفلح أبداً {نَلْعَنَهُمْ} نمسخهم قردة. {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا (50) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 {الكتب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا، أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 49 - {يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم} اليهود قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] ، أو قدموا أطفالهم لإمامتهم زعماً أنه لا ذنوب لهم، أو قالوا: آباؤنا يستغفرون لنا ويزكوننا، أو زكى بعضهم بعضاً، لينالوا شيئاً من الدنيا. {فَتِيلاً} ما انفتل بين الأصابع من الوسخ، أو الفتيل الذي في شق النواة، والنقير ما في ظهرها، والقطمير قشرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 51 - {بِالْجِبْتِ وَالْطَّاغُوتِ} صنمان كان المشركون يعبدونهما، أو الجبت: الأصنام والطاغوت ((تراجمة)) الأصنام، أو الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان، أو الجبت: الساحر، والطاغوت: الكاهن، أو الجبت: حيي بن أخطب والطاغوت: كعب بن الأشرف. {أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا (53) أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا ءال إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما (54) فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا (55) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 53 - {نَقِيراً} الذي في ظهر النواة، أو الخيط الذي يكون في وسط النواة، أو نَقْرُك الشيء بطرف إبهامك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 54 - {يَحْسُدُونَ النَّاسَ} اليهود حسدت العرب، أو محمداً صلى الله عليه وسلم عبر عنه بالناس، أو محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضوان الله تعالى عليهم - أجمعين. {فَضْلِهِ} النبوة كيف جعلت في العرب، أو ما أبيح للرسول صلى الله عليه وسلم من النكاح بغير حصر ولا عد قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {مًّلْكاً عظيما} ملك سليمان عليه الصلاة والسلام، أو النبوة، أو ما أيدو به الملائكة. أو ما أبيح لداود وسليمان عليهما الصلاة والسلام من النكاح، فنكح سليمان مائة، وداود تسعاً وتسعين. {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (56) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (57) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 65 - {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا) ، لان المقصود إيلام الأرواح بواسطة الجلود واللحم فتحرق / الجلود لإيلام الأرواح واللحم والجلد لا يألمان فإذا احترق الجلد فسواء أُعيد بعينه أو أُعيد غيره، أو تعاد تلك الجلود الأول جديدة غير محترقة، أو الجلود المعادة هي سرابيل القطران سميت جلوداً لكونها لباساً لهم، لأنها لو فنيت ثم أُعيدت لكان ذلك تخفيفاً للعذاب فيما بين فنائها وإعادتها، وقد قال [تعالى] : {لا يخفف عنهم العذاب} [البقرة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 162 - وآل عمران: 88] {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 58 - {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} في ولاة أمور المسلمين، أو السطان أن يعظ النساء أو للرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن طلحة، أو لكل مؤتمن على شيء. {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 59 - {أَطِيعُواْ اللَّهَ} في أمره ونهيه. {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} في حياته، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 باتباع سنته. {وَأُوْلِى الأَمْرِ} نزلت في الأمراء بسبب عبد الله بن حذافة بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في سرية أو في عمار بن ياسر بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في سرية، أو نزلت في العلماء والفقهاء، أو في الصحابة، أو في أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - وإنما طاعة الولاة في المعروف. {إِلَى اللَّهِ} كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم {تَأْوِيلاً} أحمد عاقبة، أو أبيّن صواباً، وأظهر حقاً، أو أحسن من تأويلكم الذي لا يرجع إلى أصل، ولا يفضي إلى حق. {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلال بعيدا (60) , إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا (61) فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا (62) أولائك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 أنفسهم قولا بليغا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 260 - {الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ} نزلت في يهودي وأنصاري منافق اختصما فطلب اليهودي المحاكمة إلى أهل الإسلام، لعلمه أنهم لا يرتشون وطلب المنافق المحاكمة إلى اليهود لعلمه أنهم يرتشون، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة {يَزْعُمُونَ أنهم آمنوا بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} أي المنافق، {وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} اليهودي. أو نزلت في اليهود، تحاكموا إلى أبي بردة الأسلمي الكاهن. {آمنوا بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} في الحال {وَمَآ أُنزِلَ من قبلك} حين كانوا يهودا {والطاغوت} الكاهن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 62 - {مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} لما قتل عمر - رضي الله تعالى عنه - منافقاً لم يرض بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إخوانه المنافقون يطلبون دمه، يقولون ما أردنا بطلب دمه إلا أحساناً إلينا، وما يوافق الحق في أمرنا، فنزلت، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 اعتذروا في عدولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم أرادوا التوفيق بين الخصوم بتقريب في الحكم دون الحمل على مُر الحق. فنزلت ... 63 - = {يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِى قُلُوبِهِمْ} من النفاق {فأعرض عنهم} بالعداوة {وعظم} فيما أبدوه، أو {أعرض} عن عقابهم {وعظهم} أو {أعرض} عن قبول عذرهم {وَعِظْهُمْ} . {قَوْلاً بَلِيغاً} أزجرهم أبلغ زجر، أو قل إن أظهرتم ما في قلوبهم قتلتكم، فإنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ. {وما أرسلنا من رسول إلى ليطاع بإذن الله لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 65 - {شَجَرَ بَيْنَهُمْ} المشاجرة: المنازعة، والاختلاف لتداخل الكلام بعضه في بعض كتداخل الشجر بالتفافها. {حَرَجًا} شكاً، أو إثماً. نزلت في المنافق واليهودي / اللذين إحتكما إلى الطاغوت، أو في الزبير والأنصاري لما اختصما في شراج الحرة. {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلا منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا (66) وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما (67) ولهديناهم صراطا مستقيما (68) ومن يطع الله والرسول فأولائك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا (69) ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (7) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 69 - {الصديقين} أتباع الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه، [والصديق] ((فعيل)) من الصدق، أو من الصدقة، والشهيد لقيامه بشهادة الحق حتى قُتل أو لأنه من شهيد الآخرة، والصالح: من صلح عمله، أو من صلحته سريرته وعلانيته، والرفيق: من الرفق في العمل أو من الرفق في السير. توهم قوم أنهم لا يرون الأنبياء في الجنة، لأنهم في أعلى عليين فحزنوا وسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت. {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا (71) وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أن أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا (72) ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما (73) فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما (74) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 71 - {حِذْرَكُمْ} احذروا عدوكم، أو خذوا سلاحكم، سماه حذراً لأنه يُتقى به الحذر {ثُبَاتٍ} جمع ثُبَة، وهي العصبة، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 (لقد أغدو على ثُبَةٍ كرام ... نشاوى واجدين لما نشاء) {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والوالدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيراً (75) الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أوليآء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً (76) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 75 - {القرية الظالم أهلها} مكة إجماعاً. {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوآ أيديكم وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولآ أخرتنآ إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا (77) أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلآء القوم لا يكادون يفقهون حديثا (78) مآ أصابك من حسنة فمن الله ومآ أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولاً وكفى بالله شهيداً (79) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 77 - {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} نزلت في قوم من الصحابة، سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة أن يأذن لهم في القتال فيقاتلون فلما فرض القتال بالمدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 قالوا ما ذكر الله في هذه الآية، أو في اليهود أو المنافقين، أو هي صفة المؤمنين لما طبع عليه البشر من الخوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 78 - {بُرُوجٍ} قصور في السماء معينة، أو القصور [أو] البيوت التي في الحصون، أخذ البروج من الظهور، تبرجت المرأة: أظهرت نفسها. {مًّشَيَّدَةٍ} مجصصة، والشيد: الجص، أو مطولة، شاد بناءه وأشاده رفعه، أشدت بذكر الرجل: رفعت منه، أو المشيد " بالتشديد " المطول، ((وبالتخفيف)) المجصص. {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنةٌ} أراد اليهود، أو المنافقين، والحسنة والسيئة: البؤس، والرخاء، أو الخصب والجدب، أو النصر والهزيمة. {مِنْ عِندِكَ} بسوء تدبيرك، أو قالوه على جهة التطير به، كقوله [تعالى] {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف: 132] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 79 - {مَّآ أَصَابَكَ} أيها الإنسان، أو أيها النبي، أو خوطب به الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد غيره. الحسنة النعمة في الدين والدنيا. والسيئة المصيبة فيهما، أو الحسنة ما أصابه يوم بدر والسيئة ما أصابه بأُحد من شج وجهه، وكسر رباعيته، أو الحسنة: الطاعة والسيئة: المعصية قاله أبو العالية ز {فمن نفسك} فبذنبك، أو بفعلك. {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80) ويقولون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طآئفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا (81) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 80 - {حَفِيظًا} حافظاً لهم من المعاصي، أو حافظاً لأعمالهم التي يجازون بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 81 - {طَاعَةٌ} أَمْرنا لَطَاعة. {بَيَّتَ} التبييت: كل عمل دبر بليل لأن الليل وقت المبيت، أو وقت البيوت وتبييتهم إضمارهم مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه، أو تقديرهم غير ما قال على جهة التكذيب. {يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} في اللوح المحفوظ ليجازيهم عليه، أو يكتبه بأن ينزله عليك / في الكتاب. {أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً (82) وإذا جآءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا (83) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 82 - {يَتَدَبَّرُونَ} من الدبور لأنه النظر في عواقب الأمور. {اخْتِلافًا} تناقضاً من جهة حق وباطل، أو من جهة بليغ ومرذول. أو اختلافاً في تخبر الأخبار عما يسرون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 83 - {وَإِذاَ جَآءَهُمْ} أراد المنافقين، أو ضعفة المسلمين. {أُوْلِى الأَمْرِ} العلماء، أو الأمراء، أو أمراء السرايا. {الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أولو الأمر، أو المنافقون، أو ضعفة المسلمين. {يَسْتَنبِطُونَهُ} يستخرجونه من استنباط الماء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 والنبط، لاستنباطهم العيون. {فضل الله} الرسول صلى الله عليه وسلم، أو القرآن العزيز، أو اللطف. {إِلاَّ قَلِيلاً} من الأتباع، أو لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلاً، أو أذاعوا به إلا قليلاً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأساً وأشد تنكيلا (84) من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا (85) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا (86) الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا (87) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 85 - {شَفاعَةً حَسَنَةً} الدعاء للمؤمنين والسيئة: الدعاء عليهم كانت اليهود تفعله فتوعدهم الله - تعالى - عليه، أو هو سؤال الرجل لأخيه أن ينال خيراً أو شراً بمسألته. {كِفْلٌ} وزر وإثم، أو نصيب {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} [الحديد: 28] {مُّقِيتاً} مقتدراً، أو حفيظاً، أو شهيداً، أو حسيباً، أو مجازياً أخذ المقيت من القوت فسمي به المقتدر لقدرته على إعطاء القوت وصار لكل قادر على قوت أو غيره. وقال: (وذي ضغن كففت النفس عنه ... وكنت على مساءته مقيتاً) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 86 - {بِتَحِيَّةٍ} الدعاء بطول الحياة، أو السلام، ورده فرض عام المسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 والكافر، أو يختص به المسلم. {بِأَحْسَنَ مِنْهَآ} الزيادة في الدعاء {أَوْ رُدُّوهَآ} بمثلها، أو {بِأَحْسَنَ} منها على المسلم، وبمثلها على الكافر قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {حَسِيباً} حفيظاً، أو محاسباً على العمل ليجزي عليه، أو كافياً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 87 - {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} لقيام الناس فيه من قبورهم، أو لقيامهم فيه للحساب. {فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (8) ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا (89) إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (90) ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولائكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا (91) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 88 - {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} نزلت فيمن تخلف بأُحُد وقال: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَبَعْنَاكُمْ} ، أو في قوم قدموا المدينة فأظهروا الإسلام ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، أو فيمن أظهر الإسلام بمكة، وأعان المشركين على المسلمين، أو في قوم من أهل المدينة، أرادوا الخروج عنها نفاقاً، أو في قوم من أهل الإفك. {أَرْكَسَهُم} ردهم، أو أوقعهم، أو أهلكهم، أو أضلهم، أو نكسهم. {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ} تريدون أن تسموهم بالهدى، وقد سماهم الله - تعالى - بالضلال أو تهدوهم إلى الثواب بمدحهم، وقد أضلهم الله - تعالى - بذمهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 90 - {يَصِلُونَ} يدخلون في قوم بينكم وبينهم أمان، نزلت في بني مدلج كان بينهم وبين قريش عقد فحرم الله - تعالى - من بني مدلج ما حرم من قريش. {حَصِرَتْ} ضاقت، وحصر العدو، تضييقه، وهو خبر، أو دعاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 {لَسَلَّطَهُمْ} بتقوية قلوبهم، أو أذن لهم في القتال ليدفعوا عن أنفسهم. {السَّلَمَ} الصلح، أو الإسلام، نسختها آية السيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 91 - {يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ} قوم أظهروا الإسلام، ليأمنوا المسلمين وأظهروا موافقة قومهم، ليأمنوهم، وهم من أهل مكة، أو من أهل تهامة، أو من المنافقين، أو نعيم بن مسعود الأشجعي {الْفِتْنَةِ} كلما ردوا إلى المحنة في إظهار الكفر رجعوا فيه. {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئاً ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلآ أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيماً (92) ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزآؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً (93) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 92 - {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} نزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الحارث بن يزيد وكان يعذب عياشاً ثم أسلم الحارث وهاجر فقتله عياش بالحرة وهو لا يعلم بإسلامه، أو قتله يوم الفتح خارج مكة، وهو لا يعلم إسلامه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} أي ما أذن الله له لمؤمن {إلا خطأ} استثناء منقطع. {رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} بالغة قد صَلَّت وصامت، لا يجزي غيرها، أو تجزى الصغيرة المتولدة من مسلمين. {وَدِيَةٌ} كانت معلومة معهودة، أو هي مجملة أخذ بيانها من السنة. {مِن قَوْمٍ عَدُوٍ لَّكُمْ} كان قومه كفاراً فلا دية فيه، أو كان في أهل الحرب فقتله من لا يعلم إيمانه فلا دية فيه مسلماً كان وارثه أو كافراً فيكون " مِنْ " بمعنى " في " قاله الشافعي - رضي الله تعالى عنه - {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} أهل الذمة من أهل الكتاب، فيهم الدية والكفارة، أو أهل عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من العرب خاصة، أو كل من له أمان بذمة أو عهد ففيه الدية والكفارة. {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} الرقبة، صام بدلاً من الرقبة وحدها عند الجمهور، أو الصوم عند العدم بدل من الدية والرقبة قاله مسروق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 93 - {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} نزلت في مقيس بن صبابة قتل أخاه رجل فهري فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم ديته، وضربها على بني النجار، فقبلها مقيس ثم أرسله النبي صلى الله عليه وسلم مع الفهري لحاجة فاحتمل الفهري وضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، فأهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه، فقُتل عام الفتح، قال زيد بن ثابت: نزلت الشديدة بعد الهيّنة بستة أشهر، الشديدة {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} ، والهيّنة: {والذين لاَ يَدْعُونَ} [الفرقان: 68] ، وقيل للرسول في الشديدة: " وإن تاب وآمن وعمل صالحاً " فقال: وأنى له التوبة، رواه ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 صفحة فارغة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 {يآ أيها الذين ءامنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيراً (94) لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً (95) درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً (96) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 94 - {إذا ضربتم} لقيت سرية للرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً معه غنيمات، فسلم عليهم، وآتى بالشهادتين، فقتله أحدهم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لم قتلته، وقد أسلم؟ فقال: إنما قالها متعوذاً، قال: هلا شققت عن قلبه؟ ثم وداه الرسول صلى الله عليه وسلم ورد على أهله غنمه، قتله أُسامة بن زيد، أو المقداد، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 أبو الدرداء / أو عامر بن الأضبط، أو محلم بن جثامة، ويقال: لفظت الأرض قاتله ثلاث مرات، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إن الأرض لتقبل من هو شر منه، ولكن الله - تعالى - جعله لكم عبرة، وأمر أن تُلقى عليه الحجارة {كَذَلِكَ كُنتمُ} كفاراً فمن الله - تعالى - عليكم بالإسلام. {إن الذين توفاهم الملآئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وسآءت مصيراً (97) إلاّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً (99) ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً (100) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 100 - {مُرَاغَمًا} مُتحولاً من أرض إلى أرض، أو مَطلباً للمعيشة، أو مُهَاجَراً، أو مندوحة عما يكره، أو ما يرغم به قومه، لأن من هاجر راغباً عن قومه، فقد راغمهم، أخذ ذلك من الرغم وهو الذل، والتراب رَغام لذلته، والرَّغام ما يسيل من الأنف. {وَسَعَةً} في الرزق، أو في إظهار الدين، أو من الضلالة إلى الهدي، ومن العيلة إلى الغنى. {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً (101) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 101 - {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ} سرتم، لضربهم الأرض بأرجلهم في السير. {أَن تَقْصُرُواْ} الأركان بالإيماء عند التحام القتال مع بقاء عدد الصلاة، أو تقصروا من أربع إلى اثنتين في الخوف دون الأمن، أو تقصروا في الخوف إلى ركعة وفي الأمن إلى ركعتين، أو في الأمن والخوف إلى ركعتين لا غير. {وَإِذَا كُنتَ فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طآئفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً (102) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 102 - {وإذا كنت فيهم} أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصلاة الخوف، وهي خاصة به أو عامة لأمته عند الجمهور. {وَلْيَأْخُذُوَاْ أَسْلِحَتَهُمْ} يعني المصلين، قاله الشافعي - رضي الله تعالى عنه - أو الحارسين. {فَإِذَا سَجَدُواْ} المصلون ركعة واحدة عند من رأى صلاة ركعة فليكن المصلون من ورائكم بإزاء العدو، أو إذا صلوا بعد مفارقة الإمام ركعة أخرى فليكونوا من ورائكم، أو لا يتمون الركعة الثانية إلا بعد وقوفهم بإزاء العدو، {وَلْتَأْتِ طائفة أخرى} وهم الذين كانوا بإزاء العدو فيصلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم الركعة الباقية عليه، ثم يسلمون معه عند من جعلها ركعة، أو تتم الركعتين وتفارقه قبل التشهد، أو بعده وتركع الركعة الثانية قبل وقوفها بإزاء العدو، أو تقف بإزائه وتنصرف الطائفة الأولى، فتأتي بركعة ثم ترجع إلى مواجهة العدو، ثم تخرج الثانية فتكمل صلاتها، وهذه الصلاة نحو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع. {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً (103) ولا تهنوا في ابتغآء القوم إن تكونوا تالمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليماً حكيماً (104) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 103 - {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} في خوف، أو أمنٍ {فَاذْكُرُواْ اللَّهَ} تعالى عقبها بالتعظيم والتسبيح والتقديس. {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ} أقمتم فأتموها من غير قصر، وإذا أمنتم من الخوف فأتموا الركوع والسجود بغير إيماء. {مَّوْقُوتًا} فرضاً واجباً، أو مؤقَتة بنجومها كلما مضى نجم جاء نجم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 104 - {وَلا تَهِنُواْ} لا تضعفوا في طلبهم للحرب. {وَتَرْجُونَ} من نصر الله ما لا يرجون، أو من ثوابه ما لا يرجون، أو تخافون منه ما لا يخافون {مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح: 13] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 {إنا أنزلنآ إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أراك الله ولا تكن للخآئنين خصيماً (105) واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً (106) ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما (107) ، يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا، هاأنتم هؤلاء جادلتهم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 105 - {إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ} نزلت في طعمة بن أُبيرق / أُودع درعاً وطعاماً فجحد ولم تقم عليه بينة، فهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالدفع عنه، فبين الله - تعالى - أمره، أو سرق درعاً وطعاماً، فأنكره واتهم به أنصارياً، أو يهودياً، وألقاه في منزله. {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً (110) ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً (111) ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً (112) ولولا فضل الله عليك ورحمته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 لهمت طآئفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلآ أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً (113) لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغآء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً (114) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا (115) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 112 - {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} أراد الذي اتهمه طعمة فلما نزلت فيه الآية، ارتد طعمة، ولحق بمشركي مكة، فنزلت، {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [115] . {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ويغفر ما دون ذلك لمن يشآء ومن يشرك بالله فقد ضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ضلالاً بعيداً (116) إن يدعون من دونه إلآ إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً (117) لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً (118) ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن ءاذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً (119) يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً (120) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا (121) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبداً وعد الله حقاً ومن أصدق من الله قيلاً (122) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 117 - {إِنَاثاً} اللات والعزى ومناة، أو الأوثان، وفي مصحف عائشة - رضي الله تعالى عنها وعن أبيها - " إلاَّ أوثاناً "، أو الملائكة، لزعمهم أنهم بنات الله تعالى، أو موات لا روح فيه، لأن إناث كل شيء أرذله، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - , الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 119 - {وَلأُضِلَّنَّهُمْ} عن الإيمان، {وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ} بطول الأمل، ليؤثروا الدنيا على الآخرة. {فليبتكن آذان الانْعَامِ} ليقطعنها نسكاً لآلهتهم كالبحيرة والسائبة. {خَلْقَ اللَّهِ} دينه، أو أراد خصاء البهائم، أو الوشم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا (123) ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولائك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (124) ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا (125) ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا (126) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 123 - {لَّيْسَ) {الثواب} (بِأَمَانِيِّكُمْ} يا أهل الإسلام، أو يا عبدة الأوثان، {وَلآ أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} لا يستحق بالأماني بل بالأعمال الصالحة. {سُوَءًا} شركاً، أو الكبائر، أو ما ينال المسلم من الأحزان والمصائب في الدنيا فهو جزاء عن سيئاته، ولما نزلت شقت على المسلمين فشكوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها)) وقال أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -: ما أشد هذه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر إن المصيبة في الدنيا جزاء)) . {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي التي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الوالدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما (127) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 127 - {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَآءِ} كانوا لا يورثون النساء ولا الأطفال فلما نزلت المواريث شق عليهم فسألوا فنزلت {ولا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} من الميراث، او كانوا لا يأتون النساء صدقاتهن بل يتملكه الأولياء فلما نزل {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [4] سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت فقوله {لا تُؤُتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} أراد به ((الصداق)) {وَتَرْغَبُونَ} عن نكاحهن لقبحهن وتمسكوهن رغبة في أموالهن، أو {ترغبون} في نكاحهن رغبة في أموالهن، أو جمالهن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (128) ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما (129) وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعا حكيما (130) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 128 - {نشوزا} ترفعا عنها لبغضها {أَوْ إِعْرَاضًا} انصرافاً عن الميل إليها لموجدة أو أثرة، لما هم الرسول صلى الله عليه وسلم بطلاق سودة جعلت يومها لعائشة - رضي الله تعالى عنها وعن أبيها - على أن لا يطلقها، فنزلت، أو هي عامة في كل أمرأة خافت النشوز أو الإعراض. {صُلْحًا} بترك مهر، أو إسقاط قسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 {والصلح خير} من الفرقة، أومن النشوز / والإعراض. {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} أنفس النساء عن حقوقهن على الأزواج وعن أموالهن، أو نفس كل واحد من الزوجين بحقه على صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 129 - {تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَآءِ} في المحبة. {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أن تعدلوا في المحبة، أو لو حرصتم في الجماع، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {كُلَّ الْمَيْلِ} أن يميل بفعله كما مال بقلبه. {كَالْمُعَلَّقَةِ} لا أيِّماً ولا ذات بعل. {ولله ما في السماوات ومافي الأرض ولقد وصينا الذين أوتو الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا (131) ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (132) إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا (133) من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والأخرة وكان الله سميعا بصيرا (134) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 133 - {ويأت بآخرين} لما نزلت ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بيده على ظهر سلمان، فقال ((قوم هذا)) يعني عجم الفرس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 134 - {ثواب الدنيا} الغنيمة، وثواب {الآخرة) {الجنة} (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (135) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 135 - {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} بالعدل. {شُهَدَآءَ لِلَّهِ} بالحق {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ} بالإقرار. {فَلا تَتَّبِعُواْ الْهَوَى) اختصم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم غني وفقير فكان ضَلْعه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني، فنزلت، أو نزلت في الشهادة لهم وعليهم. {وإن تلوا} أمور الناس، أو تتركوا، خطاب للولاة والحكام. {تلووا} كم لي اللسان بالشهادة، فيكون الخطاب للشهود قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -. {يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا (136) } 1360 - {يا أيها الذين آمنوا} بمن تقدم من الأنبياء. {آمنوا بالله ورسوله} خطاب لليهود، أو المنافقين، يا أيها الذين آمنوا بأفواههم آمنوا بقلوبكم، أو للمؤمنين يا أيها الذين آمنوا دوموا على إيمانكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا (137) بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما (138) الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا (139) وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا (140) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 137 - {آمنوا) {بموسى} (ثم كفروا} بعبادة العجل {ثم آمنوا} بموسى بعد عوده {ثُمَّ كَفَرُواْ) {بعيسى} (ثُمَّ ازدادوا كفرا} بمحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين - أو المنافقون آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا، ثم ارتدوا ثم ماتوا على كفرهم، أو قوم من أهل الكتاب قصدوا تشكيك المؤمنين فأظهروا الإيمان ثم الكفر ثم ازدادوا كفراً بثبوتهم عليه فيستتاب المرتد ثلاث مرات فإن عاد قُتل بغير استتابة، لأجل هذه الآية قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو يستتاب كلما ارتد عند الجمهور. {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 141 - {أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} فأعطونا من الغنيمة. {نَسْتَحْوِذْ} نستولي عليكم بالنصر والمعونة. {وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} بالتخذيل عنكم، أو ألم نبيّن لكم أنا على دينكم، أو ألم نغلب عليكم، أصل الاستحواذ: الغلبة. {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} في الآخرة، أو حجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا (142) مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (143) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً (144) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً (145) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً (146) ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم وكان الله شاكراً عليماً (147) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 142 - {يخادعون الله} جعل خداعهم للرسول صلى الله عليه وسلم بما أظهروه من الإيمان خداعاً له {خَادِعُهُمْ} يجزيهم على خداعهم، سمي الجزاء باسم الذنب، أو أمر فيهم كعمل الخادع؛ بأمره بقبول إيمانهم، أو ما يعطيهم في الآخرة من نور يمشون به مع المؤمنين ثم يطفأ عند الصراط فذلك خدعه إياهم. {إِلاَّ قَلِيلاً} أي ذكر الرياء حقيراً يسيراً /، لاقتصارهم على ما يظهر من التكبير دون ما يخفى من القراءة والتسبيح. {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً (148) إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً (149) إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً (150) أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً (151) والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رحيماً (152) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 148 - {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} فيدعو على ظالمه، أو يخبر بظلمه إياه، أو فينتصر منه، أو ينزل برجل فلا يحسن ضيافته فله أن يجهر بذمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 149 - {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا} بدلاً من السوء، أو تخفوا السوء وإن لم تبدوا خيراً {عَفُوًّا} عن السوء، كان أولى، وإن كان ترك العفو جائزا. - {يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا (153) ، ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعتدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا (154) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 153 - {كِتَابًا مِّنَ السَّمَآءِ} سأله اليهود أن ينزل كتاباً مكتوباً، كما نزلت الألواح على موسى صلى الله عليه وسلم، أو سألوه نزول ذلك عليهم خاصاً تحكماً في طلب الآيات، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 سألوه أن ينزل على طائفة من رؤسائهم كتاباً بتصديقه {جَهْرَةً} معاينة، أو قالوا جهرة أرنا الله، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، {بِظُلْمِهِمْ} لأنفسهم، أو بظلمهم في سؤالهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 154 - {الْبَابَ} باب الموضع الذي عبدوا فيه العجل، وهو باب من أبواب بيت المقدس، أو باب حطة. {لا تَعدَّوا} بارتكاب المحظورات، {لا تَعْدُواْ} الواجب. {مِّيثَاقَاً غَلِيظًا} هو ميثاق آخر غير الميثاق الأول، {غَلِيظاً} العهد بعد اليمين، أو بعض العهد ميثاق غليظ. {فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بئايات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً (155) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً (156) وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً (157) بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً (158) وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً (159) فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً (160) وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً (161) لكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً (162) إنآ أوحينآ إليك كمآ أوحينآ إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينآ إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وءاتينا داوود زبوراً (163) ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً (164) رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما (165) لكن الله يشهد بمآ أنزل إليك أنزله بعلمه والملآئكة يشهدون وكفى بالله شهيداً (166) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالاً بعيداً (167) إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً (168) إلاّ طريق جهنم خالدين فيهآ أبداً وكان ذلك على الله يسيراً (169) يآ أيها الناس قد جآءكم الرسول بالحق من ربكم فئامنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً (170) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 155 - {غُلْفٌ} أوعية للعلم، ومع ذلك فلا تفهم حجتك ولا إعجازك، أو محجوبة عن فهم دلائل صدقك كالمحجوب في غلافه. {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا} ذمهم بأن قلوبهم كالمطبوع عليها فلا تفهم أبداً، أو جعل عليها علامة تدل الملائكة على كفرهم كعلامة المطبوع. {إِلاَّ قَلِيلاً} منهم، أو إلاَّ بقليل وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 إيمانهم ببعض الأنبياء دون بعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 157 - {رَسُولَ اللَّهِ} في زعمه، من قول اليهود، أو هو من قول الله - تعالى - لا على جهة الحكاية. {شُبِّهَ لَهُمْ} كانوا يعرفونه، فَأُلقي شَبَهه على غيره فقتلوه، أو لم يكونوا يعرفونه بعينه، وإن كان مشهوراً بينهم بالذكر فارتشى منهم مرتشي ثلاثين درهماً وَدَلَّهم على غيره، أو كانوا يعرفونه فخاف الرؤساء فتنة العوام بأن الله منعهم فقتلوا غيره إيهاماً أنه المسيح ليزول افتتانهم به. {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ} قبل القتل فقال بعضهم: هو إله، وقال آخرون: هو ولد وقال آخرون: ساحر. {إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} الشك الذي حدث فيهم بالاختلاف، أو ما لهم بحاله من علم هل كان رسولاً، أو غير رسول؟ إلا اتباع الظن. {يَقِيناً} وما قتلوا ظنهم يقيناً كقولك: ما قتلته علماً، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو ما قتلوا أمره يقيناً، إن الرجل هو المسيح أو غيره، أو ما قتلوه حقاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 158 - {رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} إلى سمائه /، أو إلى موضع لا يجري فيه حكم أحد من العباد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 159 - {إلا ليؤمنن به} بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي، أو بالمسيح قبل موت المسيح إذا نزل من السماء، أو قبل موت الكتابي يؤمن بما نزل من الحق وبالمسيح. {شَهِيداً} على نفسه بالعبودية وتبليغ الرسالة، أو بتكذيب المكذب وتصديق المصدق من أهل عصره. {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (171) لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا (172) فأما الذين آمنوا وعملوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا (173) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 171 - {لا تَغْلُواْ} لليهود أو لليهود والنصارى غلوا في المسيح، فقالت النصارى هو الرب، وقالت اليهود لغير رِشدة، والغلو: مجاوزة الحد، غلا السعر: جاوز الحد في الزيادة، وغلا في الدين: أفرط في مجاوزة الحق. {إِلاَّ الْحَقَّ} لا تقولوا المسيح إلاه ولا لغير رشدة. {وَكَلِمَتُهُ} ، لأن الله - تعالى - كلمه حين قال له: ((كن)) ، أو لأنه بشارة بشر الله بها، أو لأنه يُهتدى به كما يُهتدى بكلام الله. {وَرُوحٌ مِّنْهُ} أضافه إليه تشريفاً، أو لأن الناس يحيون به كما يحيون بالأرواح، أو لأن جبريل - عليه السلام - نفخ فيه الروح بإذن الله - تعالى - والنفخ في اللغة: يسمى روحاً. {ثَلاثَةٌ} أب وابن وروح القدس، أو قول من قال: آلهتنا ثلاثة. يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا (174) فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما (175) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 174 - {برهان} النبي صلى الله عليه وسلم لما معه من المعجز. {نُوراً} القرآن، لإظهاره للحق كما تظهر المرئيات بالنور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 175 - {وَاعْتَصَمُواْ بِهِ} بالقرآن، أو بالله تعالى. {وَيَهْدِيهِمْ} يعطيهم في الدنيا ما يؤديهم إلى نعيم الآخرة، أو يأخذ بهم في الآخرة إلى طريق الجنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم (176) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 176 - {يَسْتَفْتُونَكَ} آخر سورة أُنزلت كاملة سورة براءة، , وآخر آية نزلت {يَسْتَفْتُونَكَ} ولما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم جابراً - رضي الله تعالى عنه - في مرضه، سأله كيف يصنع بماله، وكان له تسع أخوات فنزلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 (سورة المائدة) (مدنية) (بسم الله الرحمن الرحيم) {يآ أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد (1) يآ أيها الذين ءامنوا لا تحلوا شعآئر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلآئد ولآ ءآمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب (2) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1 - {بِالْعُقُودِ} عهود الله التي أخذ بها الإيمان على عباده فيما أحلّ وحرّم، أو ما أخذ على أهل الكتاب أن يعملوا بما في التوراة والإنجيل من [تصديق] صفة محمد صلى الله عليه وسلم أو العهد والحلف الذي كان في الجاهلية أو عهود الدِّين كلها، أو عقود الناس كالبيع والإجارة وما يعقده على نفسه من نذر أو يمين. {بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 الإبل والبقر والغنم، أو أجنة الأنعام إذا ذكيت فوجد الجنين ميتاً، أو بهيمة الأنعام وحشيها كالظباء وبقر الوحش ولا يدخل فيها الحافر لأنه مأخوذ من نَعمة الوطء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 2 - {شَعَآئِرَ اللَّهِ} معالم الله من الإشعار وهو الإعلام: مناسك الحج، أو محرمات الإحرام، أو حَرَم الله، أو حدوده في الحلال والحرام والمباح، أو دينه كله {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله} [الحج: 32] أي دين الله. {الشَّهْرَ الْحَرَامَ} لا تقاتلوا فيه وهو رجب أو ذو القعدة أو الأشهر الحرم. {الْهَدْىَ} كل ما يهدى إلى البيت من شيء، أو ما لم يقلد من النعم وقد / جعل على نفسه أن يهديه ويقلده. {الْقلآئِدَ} قلائد الهدى، أو كانوا إذا حجوا تقلّدوا من لحاء الشجر ليأمنوا في ذهابهم وإيابهم، أو كانوا يأخذون لحاء شجر الحرم إذا خرجوا منه فيتقلدون ليأمنوا فنهوا عن نزع شجر الحرم. {امين} : قاصدين أممت كذا قصدته. {فَضْلاً} أجراً، أو ربح تجارة {رضوانا} من الله تعالى عنهم بنسكهم. {يَجْرِمَنَّكُمْ} : يحملنكم، جرمني فلان على بغضك حملني، أو يكسبنكم، جرمت على أهلي: كسبت لهم. {شنآن} : بغض، أو عداوة. أتى الحُطم بن هند الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إلامَ تدعو؟ فأخبره، فخرج فمرّ بسرح من سرح المدينة فاستاقه، ثم أقبل من العام المقبل حاجّاْ مقلداً الهدى فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه فنزلت فقال ناس من الصحابة - يا رسول الله خَلِّ بيننا وبينه فإنه صاحبنا فنزلت. ثم نسخ جميعها، أو نسخ منها ولا الشهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 الحرام، ولا آمين البيت الحرام، أو نسخ التقلد بلحاء الشجر فاتفقوا على نسخ بعضها. {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومآ أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم (3) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 3 - {الميت} كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره، أوكل ما فارقته الحياة من دواب البرّ وطيره. {والدم} محرم إذا كان مسفوحاً، فلا يحرم دم السمك، [أو] المسفوح وغيره حرام إلا ما خصّته السنّة من الكبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 والطحال فحرم دم السمك. {لحم الْخِنزِيرِ} يخصّه التحريم عند داود ويعم باقي أجزائه عند الجمهور، ولا فرق بين الأهلي والوحشي. {وَمَآ أُهِلَّ} ذبح لغير الله من صنم أو وثن، استهل الصبي صاح، ومنه إهلال الحج. {المنخنقة} بحبل الصائد وغيره حتى تموت، أو التي توثق فيقتلها خناقها. {وَالْمَوْقُوذَةُ} المضروبة بالخشب حتى تموت. وقذه وقذاً: ضربه حتى أشفى على الهلاك. {المتردية} من رأس جبل أو بئر. {النطيحة} التي تنطحها أخرى فتموت. {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} من المنخنقة، وما بعدها عند الجمهور أو مما أكل السبع خاصة، والأكيلة التي تحلها الذكاة هي التي فيها حياة قوية لا كحركة المذبوح، أو يكون لها عين تطرف وذنب يتحرك. {تَسْتَقْسِمُواْ} تطلبوا علم ما قسم لكم من رزق أو حاجة. {بِالأَزْلامِ} قداح مكتوب على أحدها أمرني ربي، وعلى الآخر نهاني ربي، والآخر غُفل، كانوا إذا أرادوا أمراً ضربوا بها، فإن خرج أمرني ربي فعلوه، وإن خرج نهاني تركوه، وإن خرج الغفل أعادوه، سمي ذلك استقساماً لطلبهم علم ما قسم لهم، أخذ من قسم اليمين لأنهم التزموا بالقداح ما يلتزمونه باليمين. {ذَلِكُمْ} الذي نهيتم عنه فسق وخروج عن الطاعة. {يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} من دينكم أن ترتدوا عنه، أو أن يبطلوه أو يقدحوا في صحته، وكان ذلك يوم عرفة في حجة الوداع بعد دخول العرب في الإسلام حين لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم مشركاً {فَلا تَخْشَوْهُمْ} أن يظهروا عليكم واخشوا مخالفتي {الْيَوْمَ اكْمَلْتُ} يوم عرفة في حجة الوداع، ولم يعش بعد ذلك إلا أحدى وثمانين ليلة، أو زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كله إلى أن نزل ذلك يوم عرفة وأكماله بإكمال فرائضه وحلاله وحرامه فلم ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها شيء من الفرائض من تحليل ولا تحريم، أو بإكمال الحج فلا يحج معكم مشرك. {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} بإكمال الدين {وَرَضِيتُ لَكُمُ} الاستسلام لأمري {دِيناً} أي طاعة. {فَمَنِ اضْطُرَّ} أصابه ضر من الجوع. {مَخْمَصَةٍ} مفعلة كمبخلة ومجبنة ومجهلة ومحزنة، من الخمص وهو اضطمار البطن من الجوع {مُتَجَانِفٍ} متعمد أو مائل. جنف القوم مالوا، وكل أعوج فهو أجنف. نزلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 هذه السورة والرسول صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، أو في مسير له من حجة الوداع، أو يوم الإثنين بالمدينة. {يسئلونك ماذآ أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا ممآ أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب (4) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 4 - {الطَّيِّبَاتُ} : الحلال وإن لم يكن مستلذاً تشبيهاً بالمستلذ، قلت وهو بعيد إذ لا جواب فيه. {وَمَا عَلَّمْتُم} وصيد ما عَلَّمتم {الْجَوَارِحِ} الكواسب، فلان جارحة أهله أي كاسبهم {مُكَلِّبِينَ} بالكلاب وحدها فلا يحل إلا صيد الكلب، أو بالكلاب وغيرها أي مُضَرِّين على الصيد كما تُضَرَّى الكلاب، أو التكليب من صفة الجارح المعلَّم {تُعَلِّمُونَهُنَّ} من طلب الصيد {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} من تأديبه فإن أَكَلَ الجارحة من الصيد فيحل، أو لا يحل، أو يحل في جوارح الطير دون السباع. لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فسكت فنزلت، أو سأله زيد الخير فقال يا رسول الله فينا رجلان يقال لأحدهما ذَريح والآخر يكنى أبا دجانة لهما أكلب خمسة تصيد الظباء فما ترى في صيدها؟ فنزلت. {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذآ ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين (5) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 5 - {طعام الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} ذبائحهم وطعامهم. {وَالْمُحْصَنَاتُ} حرائر الفريقين عفيفات أو فاجرات، أو العفائف من الحرائر والإماء، ومحصنات أهل الكتاب المعاهدات دون الحربيات، أو المعاهدات والحربيات عند الجمهور. {مُحْصِنِينَ} أعفّاء {مُسَافِحِينَ} زناة {مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ} : ذات خليل تقيم معه على السفاح. {يآ أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من الغآئط أو لامستم النسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون (6) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 6 - {إِذَا قُمْتُمْ} إذا أردتم القيام إلى الصلاة مُحدِثين، أو يجب على كل قائم إلى الصلاة أن يتوضأ ولا يجوز أن يجمع فريضتين بوضوء واحد يروى عن عمر وعلي رضي الله - تعالى - عنهما، أو كان واجباً على كل قائم إلى الصلاة فنسخ إلاَّ عن المحدث " وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة ثم جمع الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ". وكان قد أُمر بالوضوء لكل صلاة فلما شق عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 أمر بالسواك ورفع الوضوء. {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور (7) يآ أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهدآء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (8) وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم (9) والذين كفروا وكذبوا بئاياتنا أولئك أصحاب الجحيم (10) يآ أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (11) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 8 - {بِالْقِسْطِ} بالعدل شهداء لحقوق الناس / أو بما يكون من معاصيهم، أو شهداء لأمر الله بأنه حق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 11 - {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} بعثت قريش رجلاً ليقتل الرسول صلى الله عليه وسلم فأطلعه الله - تعالى - على ذلك فنزلت هاتان الآيتان أو خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 يستعين بهم في دية فهمّوا بقتله فنزلت تذكرهم نعمته عليهم بخلاص نبيهم صلى الله عليه وسلم. {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرآءيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وءاتيتم الزكاة وءامنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سوآء السبيل (12) فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خآئنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين (13) ومن الذين قالوآ إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضآء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون (14) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 12 - {ميثاق بني إسرائيل} : بإخلاص العبادة ولزوم الطاعة {نَقِيباً} أخذ من كل سبط منهم نقيب وهو الضمين، أو الأمين، أو الشهيد على قومه، والنقب في اللغة الواسع. فنقيب القوم هو الذي ينقب عن أحوالهم، بُعثوا ضمناء لقومهم بما أخذ به ميثاقهم، أو بُعثوا إلى الجبارين ليقفوا على أحوالهم، فرجعوا ينهون عن قتالهم لما رأوا من شدّة بأسهم وعظم خلقهم إلا اثنين منهم. {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} نصرتموهم، أو عظمتموهم، مأخوذ من المنع عزرته عزراً رددته عن الظلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 13 - {قاسية} من القسوة وهو الصلابة و {قَسِيَّة} أبلغ من قاسية، او بمعنى فاسدة {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} بالتغيير والتبديل وسوء التأويل {حَظّاً} نصيبهم من الميثاق المأخوذ عليهم. {خَآئِنَةٍ} خيانة، أو فرقة خائنة {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) {نسختها} (قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} [التوبة: 29] أو {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] أو هي محكمة في العفو والصفح إذا رآه. {يآ أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جآءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (16) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 15 - {تخفون} من نبوة - محمد صلى الله عليه وسلم ورجم الزانيين. {نور} محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن العزيز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 16 - {السَّلامِ} : هو الله، أو السلامة من المخاوف {الظُّلُمَاتِ) {الكفر و} (النُّورِ) {الإيمان} (صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} طريق الحق ودين الحق، أو طريق الجنة في الآخرة. {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشآء والله على كل شيء قدير (17) وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير (18) يآ أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جآءنا من بشير ولا نذير فقد جآءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير (19) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 18 - {أبناء الله} خوف الرسول صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود فقالوا: لا تخوفنا نحن أبناء الله وأحباؤه " أو قالوا ذلك على معنى قرب الولد من الوالد، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 زعمت اليهود أنّ الله - تعالى - أوحى إلى إسرائيل [أنّ ولدك بِكْري من الولد] فقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه. وقالته النصارى لما رأوا في الإنجيل من قوله: " أذهب إلى أبي وأبيكم " أو لأجل قولهم: " المسيح ابن الله " وهم يرجعون إليه فجعلوا أنفسهم أبناء الله وأحباءه، فردّ عليهم بقوله {فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم} لأن الأب المشفق لا يعذب ولده ولا المحب حبيبه. {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبيآء وجعلكم ملوكاً وءاتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين (20) يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21) قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون (22) قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوآ إن كنتم مؤمنين (23) قالوا يا موسى إنا لن ندخلهآ أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلآ إنا هاهنا قاعدون (24) قال رب إني لآ أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25) قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين (26) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 20 - {أنبياء} الذين جاءوا بعد موسى صلى الله عليه وسلم أو السبعون الذين اختارهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 موسى صلى الله عليه وسلم. {ملوكا} لأنفسكم بالتخليص من استعباد القبط، أو كل واحد ملك لنفسه وأهله وماله، أو كانوا أول من ملك الخَدم من بني آدم، أو جُعلوا ملوكاً بالمنّ والسلوى والحجر، أو كل من ملك داراً وزوجة وخادماً فهو ملك من سائر الناس. {مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً} / المنّ والسلوى والغمام والحجر، أو كثرة الأنبياء والآيات التي جاءتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 21 - {الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} بيت المقدس، أو الشام، أو دمشق وفلسطين وبعض الأردن. المقدسة: المطهرة. {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} هبة منه ثم حَرَّمها عليهم بعصيانهم {وَلا تَرْتَدُّواْ} عن طاعة الله - تعالى - أو عن الأرض التي أُمِرتم بدخولها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 22 - {جَبَّارِينَ} الجبار الذي يجبر الناس على ما يريد، وجبر العظم لأنه كالإكراه له على الصلاح، نخلة جبارة: فاتت اليد طُولاً لامتناعها كامتناع الجبار من الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 23 - {الذين يخافون} الله، أو يخافون الجبارين فلم يمنعهم خوفهم من قول الحق. {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} بالإسلام، أو بالتوفيق للطاعة، كانا من الجبارين فأسلما قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو كانا في مدينة الجبارين على دين موسى صلى الله عليه وسلم، أو كانا من النقباء يُوشع بن نون وكلاب بن يوقنا. {فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} قالوا ذلك لعلمهم أنّ الله - تعالى - كتبها لهم، أو لعلمهم أنّ الله - تعالى - ينصرهم على أعدائه. {واتل عليهم نبأ ابنىءادم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لئن بسطت إلي يدك لتقتلني مآ أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين (28) إني أريد أن تبوأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين (29) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (30) فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين (31) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 27 - {ابني آدم} رجلان من بني إسرائيل قاله الحسن، أو قابيل وهابيل ابنا آدم - عليه الصلاة والسلام - لصلبه. {قُرْبَاناً} بِراً يقصد به التقرب من رحمة الله - تعالى - قرباه لغير سبب، أو لسبب على الأشهر، كانت حواء تضع في كل عام غلاماً وجارية فيتزوج الغلام بالجارية من البطن الآخر، ولم يزل بنو آدم في نكاح الأخوات حتى مضت أربعة آباء فنكح ابنة عمه وذهب نكاح الأخوات، فلما أراد هابيل أن يتزج بتوأمة قابيل منعه لأنه وتوأمته أحسن من هابيل وتوأمته، أو لأنهما من ولادة الجنة وهابيل وتوأمته من ولادة الأرض، فكان هابيل راعياً فقرب سخلة سمينة من خيار ماله، وكان قابيل حراثاً فقرب جُرْزَة سنبل من شر ماله فنزلت نار بيضاء فرفعت قربان هابيل علامة لقبوله وتركت قربان قابيل ولم يكن لهم مسكين يتصدّق عليه وتقبل قربان هابيل لتقربه بخيار ماله قاله الأكثرون، أو لأنه أتْقَى من قابيل ولذلك قال {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} والتقوى ها هنا الصلاة وكانت السخلة المذكورة ترعى في الجنة حتى فدي بها إسحق أو إسماعيل، وقربا ذلك بأمر آدم - عليه الصلاة والسلام - لما اختصما إليه، أو من قبل أنفسهما، وكان آدم - عليه الصلاة والسلام - قد توجه إلى مكة - بإذن ربه - زائراً، فلما رجع وَجَده قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 قتله، وكان عند قتله كافراً، أو فاسقاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 28 - {مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ} كان قادراً على دفعه مع إباحته له، أو لم يكن له الامتناع ممن أراد قتله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 29 - {تبوء} ترجع {بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ} بإثم قتلي، وإثم ذنوبك التي عليك، أو بإثمي بخطاياي وإثمك قتلك لي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 30 - {فَطَوَّعَتْ} فعلت من الطاعة فزينت، أو فشجعت، أو فساعدت، ولم يدرِ كيف يقتله فظهر له / إبليس فعلمه فقتله غيلة، فألقى عليه وهو نائم صخرة فشدخه بها، فكان أول قتيل في الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 31 - {غُرَاباً يَبْحَثُ فِى الأَرْضِ} على غراب آخر، أو مَلَكاً على صورة غراب يبحث على سوأة أخيه ليعرف كيف يدفنه. {سوأة أَخِيهِ} عورته أو جيفته لأنه تركه حتى أنتن {ويلتى} الويل: الهلكة {النَّادِمِينَ} قيل: لو ندم على الوجه المعتبر لقبلت توبته لكنه ندم على غير الوجه. {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرآءيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جآءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون (32) } {مِنْ أَجْلِ} قتله أخاه كتبنا {بِغَيْرِ نَفْسٍ} بغير قَوَد {أَوْ فَسَادٍ} كحرب لله ورسوله وأخافة للسبيل. {قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً} من قتل نبياً أو إمام عدل فكأنما قتل الناس، ومن شدّ على يد نبي أو إمام عدل فكأنما أحيا الناس قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو كأنما قتل الناس عند المقتول. ومن استنقذها من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 هلكة فكأنما أحيا الناس عند المستنقذ، أو يصلَى النار بقتل الواحد كما يصلاها بقتل الكل، وإن سَلِم من قتلها فقد سلم من قتل الناس جميعاً، أو يجب بقتل الواحد من القصاص ما يجب بقتل الكل. ومن أحيا القاتل بالعفو عنه فله مثل أجر من أحيا الناس جميعاً، أو على الناس ذم القاتل كما لو قتلهم جميعاً ومن أحياها بإنجائها من سبب مهلك فعليهم شكره كما لو أحياهم جميعاً، أو عظم الله - تعالى - أجرها ووزرها فأحْيِها بمالك أو بعفوك. {إنما جزآء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوآ أو يصلبوآ أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (33) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموآ أن الله غفور رحيم (34) يآ أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وابتغوآ إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون (35) إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم (36) يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم (37) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 33 - {الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} نزلت في قوم من أهل الكتاب نقضوا عهداً كان بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فأفسدوا في الأرض، أو في العرنيين المرتدّين، أو فيمن حارب وسعى بالفساد. والمحاربة: الزنا والقتل والسرقة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 أو المجاهرة بقطع الطريق. والمكابرة باللصوصية في المصر وغيره، أو المجاهرة بقطع الطريق دون المكابر في المصر فيتخير الإمام فيهم بين القتل والصلب والقطع والنفي، أو يعاقبهم على قدر جناياتهم، فيقتل إن قتلوا، أو يصلب إن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 قتلوا وأخذوا المال، ويقطع من خلاف إذا اقتصروا على أخذ المال قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وعن الرسول صلى الله عليه وسلم " إنه سأل جبريل - عليه السلام - عن قصاص المحارب فقال: من سرق وأخاف السبيل فاقطع يده لسرقته ورجله لإخافته، ومن قتل فاقتله، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام فاصلبه " {أَوْ يُنفَوْاْ} من بلاد الإسلام إلى أرض الشرك أو من مدينة إلى مدينة، أو بالحبس، أو بطلبهم لإقامة الحد حتى يبعدوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 34 - {تَابُواْ} من الشرك والفساد بإسلامهم، ولا يسقط حد المسلم بالتوبة قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - أو التائب من المسلمين من المحاربين بأمان الإمام دون التائب بغير أمان، أو من لحق بدار الحرب وإن كان مسلماً ثم جاء تائباً قبل القدرة عليه / أو من كان في دار الإسلام في منعة وله فئة يلجأ إليها قبلت توبته قبل القدرة وإن لم يكن له فئة فلا تضع توبته شيئاً من عقوبته، أو تسقط عنه حدود الله - تعالى - دون حقوق العباد، أو تسقط عنه سائر الحدود والحقوق سوى الدماء. {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزآء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم (39) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشآء ويغفر لمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 يشآء والله على كل شيء قدير (40) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 38 - {وَالسَّارِقُ} قدم السارق على السارقة والزانية على الزاني لان الرجل أحرص على المال من المرأة والمرأة أحرص على الاستمتاع منه، وقطعت يد السارق لوقوع السرقة بها، ولم يقطع الذكر وإن وقعت الخيانة به لأن في قطعه فوات النسل، أو لأن الزجر لا يحصل به لخفائه بخلاف اليد فإنها ظاهرة، أو لأن السارق إذ اانزجر بقي له مثل يده بخلاف الزاني إذا انزجر فإنه لا يبقى له ذكر آخر. قيل نزلت في طعمة بن أبيرق وفي وجوب الغرم مع القطع مذهبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 39 - {فَمَن تَابَ} التوبة الشرعية أو بقطع اليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 40 - {يُعَذِّبُ} من مات كافراً {وَيَغْفِرُ} لمن تاب من كفره، أو يعذب في الدنيا على الذنوب بالقتل والآلام والخسف وغير ذلك من العذاب، ويغفر لمن شاء في الدنيا بالتوبة. {يآ أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوآ ءامنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم ءاخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (41) سماعون للكذب أكالون للسحت فإن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 جآءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين (42) وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك ومآ أولئك بالمؤمنين (43) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 41 - {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ) {المنافقون} (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} يسمعون كلامك ليكذبوا عليك {سماعون لقوم آخرين} ليكذبوا عليك عندهم إذا أتوا بعدهم، أو قابلون الكذب عليك {سماعون لقوم آخرين} في قصة الزاني المحصن من اليهود، حكم الرسول صلى الله عليه وسلم برجمه فأنكروه. {يحرفون} كلام محمد صلى الله عليه وسلم إذا سمعوه غيَّروه أو تغيير حكم الزاني وإسقاط القَوَد عند وجوبه. {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا} أي الجلد، أرسلت اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بزانيين منهم، وقالوا: إن حكم بالجلد فاقبلوه، وإن حكم بالرجم فلا تقبلوه. فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم ابن صوريا هل في التوراة الرجم؟ فأمسك فلم يزل به حتى اعترف، فرجمهما الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أنكر ابن صوريا بعد ذلك فنزلت فيه هذه الآية، أو إن أوتيتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 الدية، قتلت بنو النضير رجلاً من قريظة وكانوا يمتنعون من القَوَد بالدية إذا جنى النضيري، وإذا جنى القرظي لم يقنع النضيري إلاَّ بالقود، فقالت النضير: إن أفتاكم الرسول بالدية فاقبلوها وإن أفتى بالقود فردوه {فِتْنَتَهُ} عذابه، أو ضلاله، أو فضيحته. {يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} من الكفر، أو من الضيق والحرج عقوبة لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 42 - {لِلسُّحْتِ} الرشوة، أو رشوة الحكم، أو الاستعجال على المعاصي، أو ما فيه العار من الأثمان المحرمة كثمن الكلب والخنزير والخمر وعَسْب الفحل وحلوان الكاهن. والسحت من الاستئصال /، لأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 يستأصل الدين والمروءة. {فإن جاءوك} اليهوديان الزانيان، خير الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن يحكم بينهما بالرجم، أو يدع، أو قرظي ونضيري قتل أحدهما الآخر فخير في الحكم بينهما بالقود والتخيير محكم، أو منسوخ بقوله - تعالى -: {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَآ أنزل الله} [49] قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 43 - {فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} بالرجم، أو بالقَوَد. {مِن بَعْدِ ذَلِكَ} بعد حكم التوراة، أو بعد حكمك. {وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} في تحكيمك أنه من عند الله - تعالى - مع جحدهم نبوتك، أو في توليهم عن حكم الله غير راضين به. {إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44) وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الظالمون (45) وقفينا علىءاثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين (46) وليحكم أهل الإنجيل بمآ أنزل الله فيه ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (47) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 44 - {هُدىً} دليل} . {وَنُورٌ) {بيان} (النَّبِيُّونَ} جماعة أنبياء منهم محمد، أو محمد وحده صلى الله عليه وسلم وإن ذكر بلفظ الجمع، والذي حكم به رجم الزاني، أو القود، أو الحكم بكل ما فيها ما لم يرد نسخ، أو تخصيص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 {لِلَّذِينَ هَادُواْ} اللام بمعنى " على "، وفي الحكم بها على غير اليهود خلاف. {الأحبار} العلماء واحدهم، " حبر " بالكسر والفتح من التحبير وهو التحسين، لأن العالم يحسن الحسن، ويقبح القبيح، أو يحسن العلم. {اسْتُحْفِظُواْ} استودعوا، أو حفظوا. {وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ} على حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة. فلا تخشوهم في كتمان ما أُنزلت أو في الحكم به. {ثَمَناً قَلِيلاً} أجراً على كتمانها، أو أجراً على تعليمها. {وَمَن لَّمْ يَحْكُم} نزلت والآيتان التي بعدها في اليهود دون المسلمين، أو نزلت في أهل الكتاب، وهي عامة في سائر الناس، أو أراد بالكافرين المسلمين، وبالظالمين: اليهود، وبالفاسقين: النصارى، أو من لم يحكم به جاحداً كفر، وإن كان غير جاحد ظلم وفسق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 45 - {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} نزلت في القرظي والنضيري قتل أحدهما الآخر. {كفارة} للمجروح، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " من جرح في جسده جراحة فتصدّق بها كفّر عنه من ذنوبه بمثل ما تصدّق به " أو للجارح لقيامه مقام أخذ الحق، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (48} وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون (49) أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (50) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 48 - {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ} القرآن. {مُصَدِّقاً} بما قبله من الكتب، أو موافقاً لها. {وَمُهَيْمِناً} أميناً، أو شاهداً، أو حفيظاً. {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أنزل الله} فيه دليل على وجوب الحكم بالقرآن دون التوراة والإنجيل. {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ} يا أمة محمد، أو جميع الأمم {شِرْعَةً} طريقة ظاهرة، ومنه شريعة الماء، لأنها أظهر طرقه إليه وأشرعت الأسنة أظهرت، والمنهاج الطريق الواضح فمعنى قوله - تعالى - {شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} سنّةً وسبيلاً. {أُمَّةً وَاحِدَةً} جمعكم على ملة واحدة، أو على حق. {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (51) فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين (52) ويقول الذين آمنوا أهاؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 51 - {لا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ} لما ظهرت عداوة اليهود تبرأ عبادة بن الصامت من حلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله، وقال عبد الله بن أُبي: لا أتبرأ من حلفهم / أخاف الدوائر، وأنزلت في أبي لبابة [بن] عبد المنذر لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 فنصح لهم، وأشار إلى أنه الذبح، أو في أنصاريين خافا من وقعة أحدٍ فأراد أحدهما التهود، والآخر التنصر ليكون لهما أماناً، حذراً من إدالة الكفار. {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} مثلهم في الكفر، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 52 - {مَّرَضٌ} شك، أو نفاق، نزلت في ابن أُبي، وعبادة، أو في قوم منافقين. {فِيهِمْ} في موالاتهم. {دَآئِرَةٌ} هي الدولة ترجع عمّن انتقلت إليه إلى من كانت له سميت بذلك، لأنها تدور إليه إلى بعد زوالها عنه. {بِالْفَتْحِ} فتح مكة، او فتح بلاد المشركين، أو الحكم والقضاء. {أَوْ أمْرٍ} دون الفتح الأعظم، أو موت من تقدّم ذكره من المنافقين أو إظهار نفاقهم، والأمر بقتلهم، أو الجزية. {يآ أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله واسع عليم (54) إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (55) ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون (56) يآ أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أوليآء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين (57) وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (58) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 54 - {بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} أبو بكر وأصحابه، الذين قاتلوا أهل الردة، أو قوم أبي موسى الأشعري من أهل اليمن فكان لهم في نصرة الإسلام أثر حسن، ولما نزلت ((أومأ الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء في يده إلى أبي موسى، وقال: هم قوم هذا)) ، أو هم الأنصار. {أَذِلَّةٍ} ذوي رقة. {أَعِزَّةٍ) ذوي غلظة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 55 - {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ} نزلت في عبادة لما تبرأ من حلف اليهود أو في عبد الله بن سلام ومن أسلم معه شكوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما أظهرته اليهود من عداوتهم. {وَهُمْ رَاكِعُونَ} نزلت في علي - رضي الله تعالى عنه - تصدق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 وهو راكع، أو عامة في المؤمنين {وَهُمْ رَاكِعُونَ} نزلت فيهم، وهم ركوع، أو فعلوا ذلك في ركوعهم، أو أراد بالركوع النافلة / وبإقامة الصلاة الفريضة. {قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 فاسقون (59) قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سوآء السبيل (60) وإذا جآءوكم قالوآ ءامنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون (61) وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون (62) لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون (63) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 62 - {فِى الإثْمِ} معصية الله. {وَالْعُدْوَانِ) {ظلم الناس} (السُّحْتَ} الرشا، أو الربا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 63 - {لَوْلا} هلاَّ {الرَّبَّانِيُّونَ} علماء الإنجيل {وَالأَحْبَارُ} علماء التوراة {لَبِئْسَ} ما كان العلماء يصنعون من ترك النكير، ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ما في القرآن آية أشد توبيخاً للعلماء من هذه الآية. {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشآء وليزيدن كثيراً منهم مآ انزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضآء إلى يوم القيامة كلمآ أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين (64) ولو أن أهل الكتاب ءامنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم (65) ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ومآ أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم سآء ما يعملون (66) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 64 - {مَغْلُولَةٌ} عن عذابهم، أو مقبوضة عن العطاء على جهة البخل. {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} الزموا البخل ليتطابق الكلام، أو {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} في النار حقيقة. {ولعنوا} بتعذيبهم بالجزية قاله الكلبي. {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} نعمة الدنيا ونعمة الدِّين، لفلان عندي يد أي نعمة، أو قوتاه بالثواب والعقاب، واليد القوة {أُوْلِى الأيدى والأبصار} [ص: 45] أو ملك الدنيا والآخرة، واليد الملك، من قولهم عنده ملك يمينه، أو التثنية للمبالغة في صفة النعمة، كلبيك وسعديك، قال: (يداك يدا مجد وكف مفيدة ... ... ... ... ) {طُغْيَاناً وَكُفْراً} بحسدهم وعنادهم. {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ} يريد ما بين اليهود من الخلاف، أو ما بين اليهود والنصارى /، لتباين قولهم في المسيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 66 - {أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} بالعمل بما فيهما من غير تحريف ولا تبديل، أو أقاموهما نصب أعينهم حتى إذا نظروا ما فيها من حكم الله - تعالى - لم يزلوا. {مِن فَوْقِهِمْ} بالمطر، ومن تحتهم بإنبات الثمر، أو عَبَّر به عن التوسعة كما يقال: فلان في الخير من قَرنه إلى قدمه. {مُّقْتَصِدَةٌ} على أمر الله - تعالى - أو عادلة. {يآ أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين (67) قل يآ أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل ومآ أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيراً منهم مآ أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً فلا تأس على القوم الكافرين (68) إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (69) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 67 - {بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ} ألزمه أن يبلغ ما أنزل من القرآن أحكامه وجدله، وقصصه، ولا يلزمه تبليغ غيره من الوحي إلا ما تعلق بالأحكام. {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ} إن كتمت أية {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} . {يَعْصِمُكَ} أستظلّ الرسول صلى الله عليه وسلم بشجرة في سفره، فأتاه أعرابي، فاخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني، فقال: الله، فرعدت يده وسقط السيف وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه فنزلت، أو " كان يهاب قريشاً فنزلت، وكان يُحرس فلما نزلت أخرج رأسه من القبة، وقال: أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله - تعالى " {لا يَهْدِى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} إلى بلوغ غرضهم، أو إلى الجنة. {لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنآ إليهم رسلا كلما جآءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون (70) وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون (71) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 70 - {ميثاق} أيمان أخذها عليهم أنبياؤهم أن يعملوا بها، وأُمروا بتصديق الرسل، أو آيات ظاهرة تقرّر بها علم ذلك عندهم. {وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ} بعد أخذ الميثاق {رُسُلاً} . {تَهْوَى} أخذ الهوى من هواء الجو لاستمتاع النفس بكل واحد منهما. {فريقاً كذبوا} اقتصروا على تكذيبه. {وفريقاً} كذبوه وقتلوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 71 - {فِتْنَةٌ} عقوبة من السماء، أو ما ابتلوا به من قتل الأنبياء وتكذيبهم، أو ما ابتلوا به ممن تغلب عليهم من الكفار. {فَعَمُواْ} عن الرشد {وَصَمُّواْ} عن الوعظ حتى قتلوا الأنبياء ظناً أن لا تكون فتنة. {ثُمَّ تَابَ اللَّهُ} - تعالى - عليهم بعد معاينة الفتنة. {ثُمَّ عَمُواْ} عادوا إلى ما كانوا عليه قبل التوبة وكان العود من أكثرهم. {لقد كفر الذين قالوآ إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 إسرآءيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار (72) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم (73) أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم (74) ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون (75) قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً والله هو السميع العليم (76) قل يآ أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهوآء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سوآء السبيل (77) لعن الذين كفروا من بني إسرآءيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا ووكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (79) ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون (80) ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي ومآ أنزل إليه ما اتخذوهم أوليآء ولكن كثيراً منهم فاسقون (81) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 75 - {إلا رسول} رد على اليهود قولهم إنه لغير رشدة وتكذيبهم إياه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وعلى النصارى قولهم إنه ابن الله. {وأمه صديقة} رد على اليهود نسبتها إلى الفاحشة {صديقة} مبالغة في صدقها ونفي الفاحشة عنها، أو مصدقة بآيات ربها. {يأكلان الطعام} لحاجتهما إليه، والإله غير محتاج، أو كنى بذلك عن الغائط فإنه لا يليق بالإله. {الآيات} الحجج والبراهين. {يؤفكون} يصرفون، أفكت الأرض صرف عنها المطر، أو يقلبون المؤتفكات: المنقلبات، أو يكذبون من الإفك. {لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون (82) وإذا سمعوا مآ أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنآ ءامنا فاكتبنا مع الشاهدين (83) وما لنا لا نؤمن بالله وما جآءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين (84) فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزآء المحسنين (85) والذين كفروا وكذبوا بئاياتنآ أولئك أصحاب الجحيم (86) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 82 - {الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارى} خاص بالنجاشي وأصحابه الذين أسلموا، أو بقوم كانوا على دين عيسى - عليه الصلاة والسلام - فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 83 - {الشَّاهِدِينَ} الذين يشهدون بالإيمان، أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم {لتكونوا شهداء على الناس} [البقرة: 143] . {يا أيها الذين آمنوا لا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) ، وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيباً واتقوا الله الذي أنتم به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 مؤمنون (88) } . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 87 - {لا تحرموا} الأموال بالغصب فتصير حراماً، أو نزلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوآ أيمانكم كذلك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تشكرون (89) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 89 - قوله عزّ وجلّ {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالَّلغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ} قد ذكرنا خلاف المفسرين والفقهاء في لغو اليمين {وَلكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأيمان} اختلف في سبب نزولها على قولين: أحدهما: أنها نزلت في عثمان بن مظعون حين حرّم على نفسه الطعام والنساء بيمين حلفها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالحنث فيها قاله السدي، والثاني: أنها نزلت في عبد الله بن رواحة وكان عنده ضيف فأخرت زوجته قِراه فحلف لا يأكل من الطعام شيئاً، وحلفت الزوجة لا تأكل منه إن لم يأكل، وحلف الضيف لا يأكل منه إن لم يأكلا، فأكل عبد الله وأكلا معه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: أحسنت ونزلت فيه هذه الآية قاله ابن زيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 .. ... ... ... ... ... ... قوله {وَلكِن يؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأيْمَانَ} وعقدها هو لفظ باللسان وقصد بالقلب لأن ما لم يقصده من أيمانه فهو لغو لا يؤاخذ به ثم في عقدها قولان: أحدهما: أن / تكون على فعل مستقبل ولا تكون على خبر ماض، والفعل المستقبل نوعان: نفي وإثبات، فالنفي أن يقول: " والله لا فعلت كذا " والإثبات أن يقول: " والله لأفعلن " أما الخبر الماضي فهو أن يقول: " والله ما فعلت " وقد فعل ويقول: " والله لقد فعلت كذا " وما فعل فينعقد يمينه بالفعل المستقبل في نوعي إثباته ونفيه. وفي انعقادها بالخبر الماضي قولان أحدهما: أنها لا تنعقد بالخبر الماضي قاله أبو حنيفة وأهل العراق، والقول الثاني: أنها تنعقد على فعل مستقبل وخبر ماضٍ يتعلق الحنث بهما قاله الشافعي وأهل الحجاز. ثم قال {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} فيه قولان: أحدهما: أنها كفارة ما عقدوه من الأيمان قالته عائشة والحسن والشعبي وقتادة، والثاني: أنها كفارة الحنث فيما عقدوه منها وهذا أشبه أن يكون قول ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وإبراهيم. والأصح من إطلاق هذين القولين أن يعتبر حال اليمين في عقدها وحلها فإنها لا تخلو من ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكون عقدها طاعة وحَلها معصية كقوله: " والله لا قتلت نفساً ولا شربت خمراً " فإذا حنث بقتل النفس وشرب الخمر كانت الكفارة لتكفير مأثم الحنث دون عقد اليمين، الحال الثاني: أن يكون عقدها معصية وحلها طاعة كقوله " والله لا صليت ولا صمت " فإذا حنث بالصلاة والصوم كانت الكفارة لتكفير مأثم العقد دون الحنث والحال الثالث: أن يكون عقدها مباحاً وحلها مباحاً كقوله: " والله لا لبست هذا الثوب " فالكفارة تتعلق بهما وهي بالحنث أخص. ثم قال {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ} فيه قولان، أحدهما: من أوسط أجناس الطعام قاله ابن عمر والحسن وابن سيرين ... ... ... . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 .. ... ... ... ... ... ... . . (والأسود / وعبيدة السلماني، والثاني / من أوسطه في القدر قاله علي وعمر وابن عباس) ومجاهد، وقرأ سعيد بن جبير (من وسط ما تطعمون أهليكم) ثم اختلفوا في القدر على خمسة أقاويل: أحدها: أنه نصف صاع من سائر الأجناس قاله ((علي وعمر وهو مذهب أبي حنيفة، والثاني: مد واحد من سائر الأجناس قاله)) ابن عمر وزيد بن ثابت وعطاء وقتادة وهو مذهب الشافعي، والثالث: أنه غداء وعشاء قاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 .. ... ... ... ... ... ... . . علي في رواية الحارث عنه وقول محمد بن كعب القرظي والحسن البصري، والرابع: أنه على ما جرت به عادة المكفر في عياله إن كان يشبعهم أشبع المساكين، وإن كان لا يشبعهم فعلى قدر ذلك قاله ابن عباس وسعيد بن جبير، والخامس: أنه أحد الأمرين من غداء وعشاء قاله بعض البصريين. ثم قال {أَو كِسْوَتُهُمْ} وفيها خمسة أقاويل: أحدها: كسوة ثوب واحد قاله ابن عباس ومجاهد وطاووس وعطاء [الخراساني] والشافعي. والثاني: كسوة ثوبين قاله أبو موسى الأشعري وابن المسيب والحسن وابن سيرين، والثالث: كسوة ثوب جامع كالملحفة والكساء قاله إبراهيم، والرابع: كسوة إزار ورداء وقميص قاله ابن عمر ((والخامس)) : كسوة ما تجزئ فيه الصلاة قاله بعض البصريين. ثم قال {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} يعني او فك رقبة من أسر العبودية إلى حال الحرية والتحرير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 .. ... ... ... ... ... ... . . والفك: العتق، قال الفرزدق: (أبني غدانة إنني حررتكم ... فوهبتكم لعطية بن جعال) وتجزىء صغيرها وكبيرها وذكرها وأنثاها وفي استحقاق إيمانها قولان: أحدهما: أنه مستحق ولا تجزىء الكافرة قاله الشافعي، والثاني: أنه غير مستحق قاله أبو حينفة. ثم قال {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} فجعل الله الصوم [له] بدلاً من المال عند العجز عنه وجعله مع اليسار / مخيراً بين التكفير بالإطعام والكسوة والعتق، وفيها قولان: أحدهما: أنّ الواجب منها أحدها لا بعينه عند جمهور الفقهاء والثاني: أن جميعها واجب وله الاقتصار على أحدها قاله بعض المتكلمين وشاذ من الفقهاء وهذا إذا حُقّق خلف في العبارة دون المعنى واختلف فيما إذا لم يجده صام على خمسة أقاويل: أحدها: إذا لم يجد قوته وقوت من يقوت [صام] قاله الشافعي، والثاني: إذا لم يجد ثلاثة دراهم صام قاله سعيد بن جبير، والثالث: إذا لم يجد درهمين صام قاله الحسن، والرابع: إذا لم يجد مائتي درهم صام قاله أبو حنيفة، والخامس: إذا لم يجد ذلك فاضلاً عن رأس ماله الذي يتصرف به لمعاشه صام. وفي تتابع صيامه قولان: أحدهما: يلزمه قاله مجاهد وإبراهيم وكان أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 .. ... ... ... ... ... ... . . يقرءان فصيام ثلاثة أيام متتابعات، والثاني: إن صامها متفرقاً جاز. قاله مالك وأحد قولي الشافعي {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} يعني وحنثتم، فإن قيل: فلم لم يذكر مع الكفارة التوبة؟ قيل: لأنه ليس كل يمين حنث فيها كانت مأثماً توجب التوبة، فإن اقترن بها المأثم لزمت التوبة بالندم وترك العزم [على المعاودة] {وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ} يحتمل وجهين: أحدهما: يعني احفظوها أن تحلفوا والثاني: احفظوها أن تحنثوا. {يآ أيها الذين ءامنوآ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضآء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين (92) ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وءامنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين (93) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 90 - قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما روى ابن إسحق عن أبي ميسرة قال: قال عمر بن الخطاب: اللهمّ بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت الآية التي في البقرة {يسألونك عن الخمر والميسر} [219] فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء {لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وأنتم سكارى} [43] وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهمّ بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في المائدة {إِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 .. ... ... ... ... ... ... . . الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية إلى قوله {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا والثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقّاص وقد لاحى رجلاً على شراب فضربه الرجل بلحي جمل ففزر أنفه قاله مصعب بن سعد والثالث: أنها نزلت في قبيلتين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 .. ... ... ... ... ... ... . . من الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض فأنزل الله فيهم هذه الآية قاله ابن عباس فلما حرمت الخمر قال المسلمون ((يا رسول الله كيف بأخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها فأنزل الله - تعالى - {لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طمعوا} [93] يعني من الخمر قبل التحريم {إِذَا مَا اتقوا} يعني في أداء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 .. ... ... ... ... ... ... . . الفرائض {وآمنوا} يعني بالله ورسوله، {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} يعني البرّ والمعروف، {ثُمَّ اتَّقَواْ وَأَحْسَنُواْ} يعني بعمل النوافل فالتقوى الأول عمل الفرائض، والتقوى الثاني عمل النوافل، فأما الميسر: فهو القمار، وأما الأنصاب ففيها وجهان: أحدهما: أنها الأصنام تعبد قاله الجمهور، والثاني: أنها أحجار [حول] الكعبة يذبحون لها قاله مقاتل وأما الأزلام فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدّمناه وقوله {رِجْسٌ} يعني حراماً، وأصل الرجس: المستقذر الممنوع منه فعبّر به عن الحرام لكونه ممنوعاً منه ثم قال {مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه [لا] يأمر إلا بالمعاصي ولا ينهي إلا عن الطاعات. {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (94) يا ايها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزآء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 .. ... ... ... ... ... ... . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 94 - قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَىْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} في قوله ليبلونكم تأويلان: أحدهما: معناه ليكلفنكم، والثاني: ليختبرنكم قاله قطرب والكلبي. وقي قوله {مِّنَ الصَّيْدِ} قولان: أحدهما: أن " من " للتبعيض في هذا الموضع لأن الحكم يتعلق بصيد / البر دون البحر، وبصيد الحرم والإحرام دون الحل والإحلال، والثاني: أن " من " في هذا الموضع داخلة للتجنيس نحو قوله: {فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان} [الحج: 30] قاله الزجاج. {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} فيه تأويلان، أحدهما: ما تناله [أيدينا] البيض، ورماحنا الصيد قاله مجاهد، والثاني: ما تناله أيدينا الصغار ورماحنا الكبار قاله ابن عباس. {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} فيه أربعة تأويلات أحدها: أنّ معنى ليعلم ليرى فعبّر عن الرؤية بالعلم لأنها تؤول إليه قاله الكلبي، والثاني: معناه ليعلم أولياء الله من يخافه بالغيب، " والثالث: معناه ليعلموا أنّ الله يعلم من يخافه بالغيب " والرابع: معناه ليخافوا الله بالغيب والعلم مجاز. وقوله {بالغيب} يعني في السر كما يخافونه في العلانية، {فمن اعتدى بعد ذلك} يعنى فمن اعتدى في قتل الصيد بعد ورود النهي {فله عذاب أليم} أي مؤلم قال الكلبي نزلت يوم الحديبية وقد غشى الصيد الناس وهم محرمون بعمرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 95 - قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} فيه ثلاثة أقاويل أحدها: يعني الإحرام بحج أو عمرة قاله الأكثرون، والثاني: بالمحرم الداخل إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 الحرم، يقال أحرم إذا دخل الحرم، (وأتهم إذا دخل تهامة، وأنجد إذا دخل نجدا، ويقال أحرم لمن دخل في الأشهر الحرم قاله بعض أهل البصرة، والثالث: أنّ اسم المحرم يتناول الأمرين معاً على وجه الحقيقة دون المجاز من أحرم بحج أو عمرة أو دخل الحرم وحكم قتل الصيد فيهما على [حد] سواء بظاهر الآية قاله أبو علي بن أبي هريرة {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً} فيه قولان: أحدهما: متعمدا لقتله ناسياً لإحرامه قال مجاهد وإبراهيم وابن جريج، والثاني: متعمداً لقتله ذاكراً لإحرامه قاله ابن عباس وعطاء والزهري واختلفوا في الخاطىء في قتله / الناسي لإحرامه على قولين: أحدهما: لا جزاء عليه قاله داود، والثاني: عليه الجزاء قاله [مالك و] أبو حنيفة والشافعي. {فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} يعني أنّ جزاء القتل في الحرم أو الإحرام مثل ما قتل من النعم، وفي مثله قولان: أحدهما: أنّ قيمة الصيد مصروفة في مثله من النعم قاله أبو حنيفة والثاني: أنّ عليه مثل الصيد من النعم في الصورة والشبه قاله الشافعي. {يَحْكُمُ بِهِ ذّوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} يعني بالمثل من النعم لا يستقر المثل فيه إلا بحكم عدلين فقيهين، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما {هَدْيَاً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} يريد أي مثل الصيد من النعم يلزمه إيصاله إلى الكعبة وعني بالكعبة جميع الحرم لأنها في الحرم، واختلفوا هل يجوز أن يهدي في الجزاء ما لا يجوز في الأضحية من صغار الغنم على قولين: أحدهما: لا يجوز قاله أبو حنيفة، والثاني: يجوز قاله الشافعي. {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فيه قولان: أحدهما: أنه يُقَوَّمُ المثل من النعم ويشتري بالقيمة طعاماً قاله عطاء والشافعي، والثاني: يُقَوَّم الصيد ويشتري بقيمة الصيد طعاماً قاله قتادة وأبو حنيفة. {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} يعني عدل الطعام صياماً، وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه يصوم عن كل مد يوماً قاله عطاء والشافعي، والثاني: يصوم عن كل مد ثلاثة أيام [إلى عشرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 .. ... ... ... ... ... ... . . أيام] قاله سعيد بن جبير والثالث: يصوم عن كل صاع يومين قاله ابن عباس. واختلفوا في التكفير بهذه الثلاثة هل هو على الترتيب أو التخيير على قولين: أحدهما: أنه على الترتيب إن لم يجد المثل فالإطعام فإن لم يجد الطعام فالصيام قاله ابن عباس ومجاهد وعامر وإبراهيم والسدي، والثاني: أنه على التخيير في التكفير بأي الثلاثة شاء قاله عطاء وأحد قولي ابن عباس وهو مذهب الشافعي. {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يعني في التزام الكفارة / ووجوب التوبة {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} يعني قبل نزول التحريم. {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} فيه قولان: أحدهما: يعني ومن عاد بعد التحريم فينتقم الله منه بالجزاء عاجلاً وعقوبة [المعصية] آجلاً، والثاني: ومن عاد بعد التحريم في قتل الصيد ثانية بعد أوله. {فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} " فيه على هذا التأويل قولان، أحدهما: فينتقم الله منه " بالعقوبة في الآخرة دون الجزاء قاله ابن عباس وداود، والثاني بالجزاء مع العقوبة قاله الشافعي والجمهور. {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله الذي إليه تحشرون (96) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 96 - قوله عزّ وجلّ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} يعني صيد الماء سواء كان من بحر أو نهر أو عين أو بئر فصيده حلال للمحرم والحلال في الحرم والحل. {وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} في طعامه قولان: أحدهما: طافيه وما لفظه البحر قاله أبو بكر وقتادة، والثاني: مملوحه قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وقوله {مَتَاعاً لكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 .. ... ... ... ... ... ... . . وَلِلسَّيَّارَةِ} يعني منفعة المسافر والمقيم وحكى الكلبي: أنّ هذه الآية نزلت في بني مدلج وكانوا ينزلون بأسياف البحر سألوا عمّا نضب عنه الماء من السمك فنزلت هذه الآية فيهم. {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ والشهر الحرام والهدي والقلآئد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم (97) اعلموآ أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم (98) ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (99) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 97 - قوله عزّ وجلّ {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ} في تسميتها كعبة قولان: أحدهما: سميت بذلك لتربيعها قاله مجاهد، والثاني: سميت بذلك لعلوها ونتوئها من قولهم قد كعب ثدي المرأة إذا علا ونتأ وهو قول الجمهور، وسميت بذلك لعلوها ونتوئها من قولهم قد كعب ثدي المرآة إذا علا ونتأ وهو قول الجمهور، وسميت الكعبة حراماً لتحريم الله - تعالى - لها أن يصاد صيدها أو يختلى خلاها أو يعضد شجرها. وفي قوله {قِيَاماً لِّلنَّاسِ} ثلاثة تأويلات، أحدها: يعني صلاحاً لهم قاله سعيد بن جبير والثاني: تقوم به أبدانهم لأمنهم به في التصرف لمعايشهم، والثالث: قياماً في مناسكهم ومتعبداتهم. {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يآ أولي الألباب لعلكم تفلحون (100) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 100 - قوله عزّ وجلّ {قُل لا يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالْطَّيِّبُ} / فيه ثلاثة تأويلات أحدها: يعني الحلال والحرام قاله الحسن، والثاني: المؤمن والكافر قاله السدي، والثالث: الرديء والجيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 / أو المؤمن والكافر ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 100 - {وَلَوْ أعْجَبَكَ} الحلال والجيد مع القلّة خير من الحرام والرديء مع الكثرة قيل لما هم المسلمون بأخذ حجاج اليمامة نزلت. {يآ أيها الذين ءامنوا لا تسئلوا عن أشيآء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم (101) قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (102) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 101 - {لا تسألوا عن أشياء} لما أحفوا الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسألة صعد المنبر يوماً فقال: لا تسألوني عن شيء إلا بيّنته فلف كل أنسان منهم ثوبه في رأسه يبكي، فقال رجل كان يدعى إذا لاحى لغير أبيه: يا رسول الله من أبي قال: أبوك حذافة فأنزل الله {لا تسألوا} ، أو لما قال: كتب الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 عليكم الحج فقيل له أفي كل عام؟ فقال: لو قلت نعم لوجبت، اسكتوا عني ما سكت عنكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، أو في قوم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبة، والوصيلة والحامي. {وإن تسألوا} نزول القرآن عند السؤال موجب لتعجيل الجواب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} المسألة، أو الأشياء التي سألوا عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 102 - {قوم من قبلكم} قوم عيسى - عليه الصلاة والسلام - سألوا المائدة ثم كفروا بها، أو قوم صالح - عليه الصلاة والسلام - سألوا الناقة ثم عقروها وكفروا بها، أو قريش سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُحَوِّل لهم الصفا ذهباً، أو الذين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ أَبِي ونحوه فلما أخبرهم به أنكروه وكفروا به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون (103) وإذا قيل لهم تعالوا إلى مآ أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ءابآءنا أولو كان ءابآؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون (104) يآ أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون (105) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 103 - {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ} ما بحر، ولا سيَّب ولا وصل، ولا حمى حامياً. {بَحِيرَةٍ} الناقة تلد خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكراً ذبحوه وأكلوه وإن كان رُبَعة بتكوا أذنيها فلم يشرب لبنها ولم يوقر ظهرها، أو إذا ولدت خمسة أبطن، وكان أخرها ذكراً شقوا إذن الناقة وخلوها فلا تُحلب ولا تُركب، أو البحيرة: بنت السائبة. {سَآئِبَةٍ} مسيبة، كعيشة راضية أي مرضية، كانت تفعله العرب ببعض مواشيها فتحرم الانتفاع بها تقرباً إلى الله - تعالى -، وكان بعض أهل الإسلام يعتق العبد سائبة لا ينتفع به ولا بولائه، كان أبو العالية سائبة فمات فلم يأخذ مولاه ميراثه، وقال: هو سائبة، فإذا تابعت الناقة عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب، ولم يُجَز وبرها ولا يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى بُحرت أذنها وسميت بحيرة وسيبت مع أمها، أو كانوا ينذرون السائبة عند المرض فيسيب البعير فلا يركب ولا يجلأ عن ماء. {وَصِيلَةٍ} الوصيلة من الغنم اتفاقاً إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكراً ذبحوه وأحلوه للرجال دون النساء، وإن كان عناقاً سرحت في غنم الحي، وإن كان ذكراً وأنثى قالوا: وصلت أخاها فسميت وصيلة، او كانت الشاة إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن لا ذكر فيهن جعلت وصيلة / وكان ما تلده بعد ذلك للذكور دون الإناث. أو كانت الشاة إذا ولدت ذكراً ذبحوه لآلهتهم قرباناً، وإن ولدت أنثى قالوا: هذه لنا، وإن ولدت ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوه لأجلها. {وَلا حَامٍ} إذا نتج البعير من ظهره عشرة أبطن قالوا: حمى ظهره ويخلى، أجمعوا على هذا. {يآ ايها الذين ءامنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو ءاخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذاً لمن الأثمين (106) فإن عثر على أنهما استحقآ إثماً فئاخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينآ إنآ إذاً لمن الظالمين (107) ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوآ أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين (108) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 106 - {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} الشهادة بالحقوق عند الحكام، أو شهادة الحضور للوصية، أوأيمان عبر عنها بلفظ الشهادة كما في اللعان {عَدْلٍ مِّنكُمْ} أيها المسلمون، أو من حي الموصي، وهما وصيان أو شاهدان يشهدان على وصيته. {مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير أهل ملتكم من أهل الكتاب، أو من غير قبيلتكم. {أو آخران} " أو " هنا للتخيير في المسلم والكتابي، أو الكتابي مرتب على [عدم] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 المسلم، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {تحبسونهما} توقفونها للأيمان، خطاب للورثة. {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} تقديره فأصابتكم مصيبة وقد أوصيتم إليهما. {الصَّلاةِ} العصر، أو الظهر، والعصر، أو صلاة أهل دينهما من أهل الذمّة قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {إِنِ ارْتَبْتُمْ} بالوصيين في الخيانة، أحلفهما الورثة، أو إن ارتبتم بعدالة الشاهدين أحلفهما الحاكم لتزول ريبته، وهذا إنما يجوز في السفر دون الحضر. {ثَمَناً} رشوة أو لا نعتاض عليه بحقير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 107 - {عُثِرَ} اطلع على أنهما كذبا وخانا، عبّر عنهما بالإثم لحدوثه عنهما. {اسْتَحَقَّآ} الشاهدان، أو الوصيان. {فَآخَرَانِ} من الورثة. {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} في اليمين. {الأَوْلَيَانِ} بالميت من الورثة، أو الأوليان بالشهادة من المسلمين. نزلت بسبب خروج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدَّاء فمات السهمي بأرض لا مسلم بها فلما قدما تركته فقدوا جام فضة مخوص بالذهب، فأحلفهما الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم وُجد الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي بن بداء، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم، وفيهم نزلت الآيتان، وهما منسوختان عند ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 عباس - رضي الله تعالى عنهما -، قال ابن زيد: لم يكن الإسلام إلا بالمدينة فجازت شهادة أهل الكتاب واليوم طبق الإسلام الأرض، أو محكمة عند الحسن. {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذآ أجبتم قالوا لا علم لنآ إنك أنت علام الغيوب (109) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 109 - {لا عِلْمَ لَنَآ} ذهلوا عن الجواب للهول ثم أجابوا لما ثابت عقولهم، أو لا علم لنا إلا ما علمتنا، أو لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، أو لا علم لنا ببواطن أُممنا فإن الجزاء على ذلك يقع قاله الحسن، أو {ماذا أجبتم} بمعنى ماذا عملوا بعدكم. {عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} للمبالغة، أو لتكثير المعلوم، وسؤاله بذلك مع علمه إنما كان ليعلمهم ما لم يعلموه من كفر أممهم، ونفاقهم، وكذبهم / عليهم من بعدهم أو ليفضحهم بذلك على رؤوس الأشهاد {إذا قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهل وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طير بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذآ إلا سحر مبين (110) وإذ أوحيت إلى الحوارين أن ءامنوا بي وبرسولي قالوا ءامنا واشهد بأننا مسلمون (111) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 110 - {اذْكُرْ نِعْمَتِى} ذكره بها وإن كان لها ذاكراً ليتلو على الأمم ما خصه به من الكرامات والمعجزات، أو ليؤكد حجته، ويرد به جاحده. {أَيَّدتُّكَ} قويتك من الأيد، ليدفع عنه ظلم اليهود والكافرين به، أو قوّاه على أمر دينه. {روح الْقُدُسِ} جبريل - عليه السلام - والقدس هو الله - تعالى - {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ} تعرفهم بنبوتك، ولم يتكلم في المهد من الأنبياء غيره، وبعث إليهم لما ولد وكان كلامه معجزة له، وكلمهم كهلاً بالدعاء إلى الله - تعالى - وإلى الصلاة، والزكاة، وذلك لما صار ابن ثلاثين سنة ثم رفع. {الْكِتَابَ} الخط، أو جنس الكتب. {وَالْحِكْمَةَ} العلم بما في تلك الكتب، أو جميع ما يحتاج إليه في دينه ودنياه {تَخْلُقُ} تصور. {فَتَنفُخُ فِيهَا} الروح، والروح: جسم تولى نفخها في الجسم المسيح، أو جبريل - عليهما السلام - {فَتَكُونُ طَيْراً} تصير بعد النفخ لحماً ودماً، ويحيا بإذن الله لا بفعل المسيح. {وتبرؤء الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ} تدعو بإبرائهما، وبإحياء الموتى فأُجيب دعاءك، نسبه إليه لحصوله بدعائه، ويجوز أن يكون إخراجهم من قبورهم فعلاً للمسيح - عليه الصلاة والسلام - بعد إحياء الله - تعالى - لهم، قال ابن الكلبي: والذين أحياهم رجلان وامرأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 111 - {أوحيت إلى الحواريين} ألهمتهم كالوحي إلى النحل، أو ألقيت إليهم بما أريتهم من آياتي أن يؤمنوا بي وبك فكان إيمانهم إنعاماً عليهم وعليه لكونهم أنصاره. {إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مآئدة من السمآء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين (112) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين (113) قال عيسى ابن مريم اللهم ربنآ أنزل علينا مآئدة من السمآء تكون لنا عيداً لأولنا وءاخرنا وءاية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين (114) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لآ أعذبه أحداً من العالمين (115) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 112 - {يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} هل تستدعي طاعة ربك فيما تسأله أو هل تستطيع سؤال ربك {يَسْتَطِيعُ} يقدر، أو يفعل، أو يجيبك ويطيعك. المائدة: ما عليها طعام فإن لم يكن فهي خوان سميت مائدة، لأنها تميد ما عليها أي تعطيه. {اتَّقُواْ اللَّهَ} معاصيه، أو أن تسألوا الأنبياء الآيات عنتاً، أو طلباً لاستزادتها. {إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} أي مصدقين بهم أغناكم دلائل صدقهم عن آيات أُخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 113 - {نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا} لعلهم طلبوا ذلك لحاجة بهم، أو لأجل البركة. {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} تحتمل بإرسالك، أو بأنه قد جعلنا من أعوانك. {وَنَعْلَمَ} علماً لم يكن لنا بناء على أنّ سؤالهم كان قبل استحكام معرفتهم، أو نزداد علماً ويقيناً إلى علمنا ويقيننا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 114 - {الَّلهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ} سأل ذلك لإظهار صدقه عند من جعله قبل استحكام المعرفة، أو تفضل بالسؤال بعد معرفتهم. {عِيداً} نتخذ يوم أنزالها عيداً نعظمه نحن ومن بعدنا، أو عائدة من الله - تعالى - علينا وبرهاناً لنا ولمن بعدنا، أو نأكل منها أوَّلنا وآخرنا / {وآية مِّنكَ} على صدق أنبيائك، أو على توحيدك. {وَارْزُقْنَا} ذلك من عندك، أو الشكر على إجابة دعوتنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 115 - {إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} لما شرط عليهم العذاب إن كفروا بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 استعفوا منها فلم تنزل، قاله الحسن - أو نزلت تحقيقاً للوعد، وكان عليها ثمار الجنة، أو خبز ولحم، أو سبعة أرغفة، وسبع جفان، أو سمكة فيها طعم كل طعام، أو كل طعام إلاّ اللحم، أُمروا أن يأكلوا ولا يخونوا ولا يدخروا فخانوا وادهروا فرُفعت، قال مجاهد: ضُربت مثلاً للناس لئلا يقترحوا الآيات على الأنبياء. {عَذَاباً} بالمسخ، أو عذاباً لا يعذب به غيرهم، لأنهم رأوا من الآيات ما لم يره غيرهم، وذلك العذاب في الدنيا، أو في الآخرة. {الْعَالَمِينَ} عالمي زمانهم، أو جميع الخلق، فيعذبون بجنس لا يعذب به غيرهم. {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولآ أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب (116) ما قلت لهم إلا مآ أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد (117) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (118) قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار حالدين فيهآ أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم (119) لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير (120) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 116 - {وإذ قال الله يا عيسى} قاله لما رفعه إلى السماء في الدنيا، أو يقوله يوم القيامة فيكون {إذ} بمعنى {إذا} وهذا أصح لقوله: {هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصادقين صدقهم} [119] {أأنت قُلْتَ} سؤال توبيخ لقومه، أو ليعرف المسيح - عليه الصلاة والسلام - أنهم غيروا وقالوا عليه ما لم يقل. {إِلهَيْنِ} لما قالوا إنها ولدت الإله لزمهم أن يقولوا بإلاهيتها للبعضية فصاروا بمثابة القائل بإلاهيتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 (سورة الأنعام) مكية إلا ثلاث آيات {قل تعالوا} [151] إلى آخر الثلاث، أو مكية إلا آيتين {وما قدروا الله حق قدره} [91] نزلت في كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف والأخرى {وهو الذي أنشأ جنات} [141] نزلت في معاذ بن جبل، أو ثابت بن قيس، قاله ابن عباس - رضي الله - تعالى عنهما - أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 كلها مكية نزلت جملة واحدة معها سبعون ألف ملك، قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وهب: " فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمتها خاتمة هود ". (بسم الله الرحمن الرحيم) {} (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1) هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون (2) وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3) وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين (4) فقد كذبوا بالحق لما جآءهم فسوف يأتيهم أنبآء ما كانوا به يستهزءون (5) ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السمآء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين (6) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 1 - {الْحَمْدُ لِلَّهِ} خبر بمعنى الأمر، وهو أولى من قوله {احمدوا} لما فيه من تعليم اللفظ، ولان البرهان يشهد للخبر دون الأمر. {السموات} جمعها تفخيماً لها، لن الجمع يقتضي التفخيم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9] قدّم السموات والظلمات في الذكر لتقدم خلقهما على خلق الأرض والنور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 {يَعْدِلُونَ} به الأصنام، أو إلهاً لم يخلق كخلقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 2 - {من طين} لما كانوا فرعاً لما خلق من الطين جاز أن يقول: {خلقكم من طين} {أجلا} للحياة إلى الموت، والمسمى: أجل الموت إلى البعث، أو الأول أجل الدنيا، والمسمى: ابتداء ألاخرة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو الأول: الذي قضاه يوم الذر، والمسمى: حياة الدنيا. {تمترون} تشكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 3 - {وهو الله} المدبر في السموات، أو هو يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض لأن الملائكة في السماء، والثقلين في الأرض. {ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروآ إن هذآ إلا سحر مبين (7) وقالوا لولآ أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضى الأمر ثم لا ينظرون (8) ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون (9) ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون (10) قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين (11) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 8 - {لقضي الأمر} لقامت الساعة، أو لاستؤصلوا بالعذاب، / لأن من مضى كانوا إذا اقترحوا آية فجاءت فلم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 9 - {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً} لصورناه بصورة رجل، لأنهم لا يقدرون على رؤية الملك على صورته. {مَّا يَلْبِسُونَ} ما يخلطون، أو يشبهون، قال الزجاج: كما يشبهون على ضعفائهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (12) وله ما سكن في اليل والنهار وهو السميع العليم (13) قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين (14) قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (15) من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين (16) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 13 - {سَكَنَ} من السكنى، أو السكون خص السكون لأن الإنعام به أبلغ من الإنعام بالحركة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 14 - {فَاطِرِ} خالق ومبتدىء، ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " كنت لا أدري ما فاطر حتى اختصم إليَّ أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها أي ابتدأتها " أصل الفَطر: الشق، {مِن فُطُورٍ} [الملك: 3] شقوق. {يُطْعِمُ} يَرْزُق ولا يُرزق. {أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} من هذه الأمة. {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير (17) وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير (18) قل أي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحى إلي هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لآ أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون (19) الذين ءاتيناهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم الذين خسروآ أنفسهم فهم لا يؤمنون (20) ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بئاياته إنه لا يفلح الظالمون (21) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 18 - {فَوْقَ عِبَادِهِ} أي القاهر لعباده، وفوق: صله، أو علا على عباده بقهره لهم {يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] أعلى من أيديهم قوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 19 - {أي شيء} نزلت لما قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم من يشهد لك بالنبوّة فشهد الله - تعالى - له بالنبوّة، أو أمره أن يشهد عليهم بتبليغ الرسالة، فقال لهم ذلك ليشهده عليهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 20 - {الذين آتيناهم الْكِتَابَ} القرآن، أو التوراة، والإنجيل {يَعْرِفُونَهُ} محمداً صلى الله عليه وسلم بصفته في كتبهم، أو يعرفون القرآن الدال على صحة نبوّته. {خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ} غبنوها وأهلكوها بالكفر، أو خسروا منازلهم وأزواجهم في الجنة، إذ لكلٍّ منازل وأزواج في الجنة، فإن آمن فهي له، وإن كفر فهي لمن آمن من أهلهم، وهذا معنى {الذين يَرِثُونَ الفردوس} [المؤمنون: 11] . {ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركآؤكم الذين كنتم تزعمون (22) ثم لم تكن فتنتهم إلآ أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين (23) انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (24) ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قولهم أكنة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقراً وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها حتى إذا جآءوك يجادلونك يقول الذين كفروآ إن هذآ إلآ أساطير الأولين (25) وهم ينهون عنه وينئون عنه وإن يهلكون إلآ أنفسهم وما يشعرون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 23 - {فِتْنَتُهُمْ} معذرتهم سماها بذلك لحدوثها عن الفتنة، أو عاقبة فتنتهم وهي الشرك، أو بليتهم التي ألزمتهم الحجة وزادتهم لائمة. وزادتهم لائمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 25 - [ {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} يستمعون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ليلاً، ليعرفوا مكانه فيؤذوه، فصُرفوا عنه بالنوم وإلقاء الوقر، والأكنة: الأغطية، واحدها كنان، كننت الشيء غطيته، وأكننته في نفسي أخفيته، والوقر: الثقل. {كل آية} كل علامة معجزة لا يؤمنوا بها لحسدهم. وبغضهم. {يُجَادِلُونَكَ} بقولهم أساطير الأولين التي سطروها في كتبهم، أو قالوا: كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم، قاله ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 26 - {ينهون} عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ويتباعدون فراراً منه، أو ينهون عن العمل بالقرآن ويتباعدون عن سماعه لئلا يسبق إلى قلوبهم العلم بصحته، أو ينهون عن أذى الرسول صلى الله عليه وسلم ويتباعدون عن اتباعه، قال ابن عباس - رضي الله - تعالى - عنهما - نزلت في أبي طالب نهى عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 أذى الرسول صلى الله عليه وسلم ويتباعد عن الإيمان به مع علمه بصحته، قال: (ودعوتني وزعمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت ثم أمينا) (وعرضت دينا قد علمت بأنه ... من خير أديان البرية دينا) (لولا الذمامة أو أحاذر سُبَّةً ... لوجدتني سمحاً بذاك مبينا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بئايات ربنا ونكن من المؤمنين (27) بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (28) وقالوآ إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين (29) ولو ترى إذ قفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 27 - {وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ} عاينوها ومن عاين الشيء وقف عليه، أو وقفوا فوقها، أو عرفوها بدخولها ومن عرف شيءاً وقف عليه، أو حبسوا عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 28 - {مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ} وبال ما أخفوه، أو ما أخفاه بعضهم من بعض، أو بدا للأتباع ما أخفاه الرؤساء. {لَكَاذِبُونَ} فيما أخبروا به من الإيمان لو ردوا، أو خبر مستأنف يعود إلى ما تقدم. {قد خسر الذين كذبوا بلقآء اله حتى إذا جآءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا سآء ما يزرون (31) وما الحياة الدنيآ إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (32) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 32 - {لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ما أمر الدنيا والعمل لها إلا لعب ولهو بخلاف العمل للآخرة، أو ما أهل الدنيا إلا أهل لعب ولهو لاشتغالهم بها عما هو أولى منها، أو هم كأهل اللعب لانقطاع لذتهم وفنائها بخلاف الآخرة فإن لذاتها دائمة. {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بئايات الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 يجحدون (33) ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جآءك من نبإى المرسلين (34) وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السمآء فتأتيهم بئاية ولو شآء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (35) إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (36) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 33 - {لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ} من تكذيبك والكفر بي. {لا يُكَذِّبُونَكَ} بحجة بل بهتاً وعناداً لا يضرك، [أو] لا يكذبونك لعلمهم بصدقك ولكن يكذبون ما جئت به، أو لا يكذبونك سراً بل علانية لعداوتهم لك، أو لا يكذبونك لأنك مبلغ وإنما يكذبون ما جئت به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 34 - {نبأ الْمُرْسَلِينَ} في صبرهم ونصرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 35 - {إِعْرَاضُهُمْ} عن سماع القرآن، أو عن اتباعك. {نَفَقاً} سَرَباً، وهو المسلك النافذ مأخوذ من نافقاء اليربوع {سُلَّماً} مصعداً، أو درجاً، أو سبباً. {فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ} أفضل من آيتك فافعل فحذف الجواب. {مِنَ الْجَاهِلِينَ} لا تجزع في مواطن الصبر فتشبه الجاهلين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 36 - {الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} طلباً للحق، أو يعقلون، والاستجابة القبول والجواب يكون قبولاً وغير قبول. {وَالْمَوْتَى} الكفار، أو الذين فقدوا الحياة. {وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية ولكن أكثرهم لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 يعلمون (37) وما من دآبة في الأرض ولا طآئر يطير بجناحيه إلآ أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون (38) والذين كذبوا بئاياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم (39) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 38 - {أمم} جماعات، أو أجناس. {أمثالكم} في أنها مخلوقة لا تظلم، ومرزوقة لا تحرم. {ما فرطنا في الكتاب من شيء} من أمور الدين مفصلاً، أو مجملاً جعل إلى بيانه سبيلا. {يحشرون} يموتون، أو يجمون لبعث الساعة. {قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله أو اتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين (40) بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شآء وتنسون ما تشركون (41) ولقد أرسلنآ إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأسآء والضرآء لعلهم يتضرعون (42) فلولآ إذ جآءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون (43) فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بمآ أوتوآ أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (44) فعطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين (45) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 44 - {أبواب كل شيء} من الرزق والنعم. {مبلسون} هو الإياس، أو الحزن والندم، أو الخشوع، أو الخذلان، أو السكوت وانقطاع الحجة. {قل لآ أقول لكم عندي خزآئن الله ولآ أعلم الغيب ولآ أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون (50) وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون (51) ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين (52) وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلآء من الله عليهم من بيننآ أليس الله بأعلم بالشاكرين (53) وإذا جآءك الذين يؤمنون بئاياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم (54) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 50 - {خَزَآئِنَ اللَّهِ} من الرزق فلا أقدر على إغناء ولا إفقار، أو خزائن العذاب، أنه لما خوّفهم به استعجلوه استهزاء. {وَلآ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} في نزول العذاب أو جميع الغيوب. {إِنِّى مَلَكٌ} تفضيل للملك، أي لا أدّعي منزلة ليست لي، أو لست ملكاً في السماء فأعلم الغيب الذي تشاهده الملائكة ولا يعلمه البشر، فلا تفضيل فيه للملك على النبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 52 - {وَلا تَطْرُدِ} نزلت لما جاء الملأ من قريش فوجدوا عند الرسول صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وخباباً وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فقالوا اطرد عنا موالينا وحلفاءنا، فلعلك إن طردتهم أن نتبعك، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 فقال عمر - رضي الله تعالى عنه -: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما يصيرون، فَهمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، ونزل في الملأ {وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ ببعض} [53] فاعتذر عمر - رضي الله تعالى عنه - عن مقالته، فأنزل {وإذا جاءك الذين يؤمنون} [54] . {يَدْعُونَ} الصلوات الخمس، أو ذكر الله - تعالى - أو عبادته، أو تعلم القرآن. {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} يريدون طاعته بقصدهم الوجه الذي وجههم إليه، أو يريدونه بدعائهم، وقد يعبّر عن الشيء بالوجه كقولهم: " هذا وجه الصواب ". {حِسَابِهِم} حساب عملهم بالثواب والعقاب، وما من حساب عملك عليهم شيء، كل مؤاخذ بحساب عمله دون غيره، أو ما عليك من حساب رزقهم وفقرهم من شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 53 - {فَتَنَّا} اختبرناهم باختلاف في الأرزاق والأخلاق، أو بتكليف ما فيه مشقة على النفس مع قدرتها عليه. {مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم} باللطف في إيمانهم، أو بما ذكره من شكرهم على طاعته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 54 - {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} ضعفاء المسلمين، وما كان من شأن عمر - رضي الله تعالى عنه - {فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} مني، أو من الله - تعالى - قاله الحسن والسلام: جمع السلامة، أو هو الله ذو السلام. {كَتَبَ} أوجب، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 كتب في اللوح المحفوظ. {بِجَهَالَةٍ} بخطيئة، أو ما جهل كراهة عاقبته. {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين (55) قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لآ اتبع أهوآءكم قد ضللت إذا ومآ أنا من المهتدين (56) قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين (57) قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين (58) وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهآ إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين (59) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 57 - {بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى} معجز القرآن، أو الحق الذي بانَ له. {وَكَذَّبْتُم بِهِ} بربكم، أو بالبينة. {تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} من العذاب، أو من اقتراح الآيات، لأنه طلب الشيء في غير وقته. {الْحُكْمُ} في الثواب والعقاب، أو في تمييز الحق من الباطل. {يقضي الحق} يتممه. {يقص} يخبر. {وهو الذي يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون (60) وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جآء أحدكم الموت توفته رسلنا وهو لا يفرطون (61) ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 ردوا إلى مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 60 - {يَتَوَفَّاكُم} بالنوم. {جَرَحْتُم} كسبتم بجواركم، جوارح الطير: كواسبها. {يَبْعَثُكُمْ} في النهار باليقظة. {أَجَلٌ مُّسَمّىً} استكمال العمر. {مَرْجِعُكُمْ} بالبعث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 61 - {الْقَاهِرُ} الأقدر، فوقهم: في القهر كما يقال فوقه في العلم إذا كان أعلم، أو علا بقهره. {حَفَظَةً) {الملائكة} (لا يُفَرِّطُونَ} لا يؤخرون، أو لا يضيعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 62 - {رُدُّواْ} ردتهم الملائكة الذين يتوفونهم، أو ردّهم الله بالبعث والنشور، أي ردّهم إلى تدبيره وحده، لأنه دبرهم عند النشأة وحده، ثم مكنهم من التصرف فدبروا أنفسهم، ثم ردّهم إلى تدبيره وحده بموتهم، فكان ذلك ردّاً إلى الحالة الأولى، أو ردّوا إلى الموضع الذي لا يملك الحكم عليهم فيه إلا الله. {أَلا لَهُ الْحُكْمُ} بين عباده يوم القيامة وحده، أو له الحكم مطلقاً لأن من سواه يحكم بأمره فصار حكماً له. {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين (63) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (64) قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون (65) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 65 - {مِّن فَوْقِكُمْ} أئمة السوء {أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} عبيد السوء قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو من فوقهم: الرجم، ومن تحتهم: الخسف، أو من فوقهم: الطوفان، ومن تحتهم: الريح. {يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} الأهواء المختلفة، أو الفتن والاختلاف. {بَأْسَ بَعْضٍ} بالحروب والقتل، نزلت في المشركين، أو في المسلمين وشق نزولها على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إني سألت ربي أن يجيرني من أربع فأجارني من خصلتين، ولم يجرني من خصلتين، / سألته أن لا يهلك أمتي بعذاب من فوقهم كما فعل بقوم نوح - عليه الصلاة والسلام - وبقوم لوط، فأجابني، وسألته أن لا يهلك أمتي بعذاب من تحت أرجلهم كما فعل بقارون فأجابني، وسألته أن لا يفرقهم شيعاً فلم يجبني، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فلم يجبني، ونزل {الم أَحَسِبَ الناس أن يتركوا} [العنكبوت / 1، 2] . {وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل (66) لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون (67) وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (68) وما على الذين يتقون من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 66 - {وَكَذَّبَ بِهِ} بالقرآن، أو بتصريف الآيات. {وَهُوَ الْحَقُّ} أي ما كذبوا به، والفرق بينه وبين الصواب: أنّ الصواب لا يدرك إلا بطلب، والحق قد يدرك بغير طلب. {بِوَكِيلٍ} بحفيظ أمنعكم من الكفر، أو بحفيظ لأعمالكم حتى أجازيكم عليها، أو لا آخذكم بالإيمان، إجباراً كما يأخذ الوكيل بالشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 67 - {لِّكُلِّ نَبَإٍ} أخبر الله - تعالى - به من وعد أو وعيد مستقر في المستقبل أو الماضي أو الحاضر، أو مستقر في الدنيا أو الآخرة، أو هو وعيد للكفار بما ينزل بهم في الآخرة، أو وعيد بما يحلّ بهم في الدنيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 69 - {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} الله في أمره ونهيه من حساب استهزاء الكفار وتكذيبهم مأثم لكن عليهم تذكرهم بالله وآياته لعلهم يتقون الاستهزاء والتكذيب، أو ما على الذين يتّقون من تشديد الحساب والغلظة ما على الكفار، لأن محاسبتهم ذكرى وتخفيف، ومحاسبة الكفار غلظة وتشديد، لعلهم يتقون إذا علموا ذلك، أو ما على الذين يتّقون فيما فعلوه من ردّ وصد حساب ولكن اعدلوا إلى تذكيرهم بالقول قبل الفعل لعلهم يتقون. {وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون (70) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 70 - {وَذَرِ الَّذِينَ} منسوخة، أو محكمة على جهة التهديد، كقوله {ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ} [المدثر: 11] . {دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً] استهزاؤهم بالقرآن إذا سمعوه، أو لكل قوم عيد يلهون فيه إلا المسلمون فإن أعيادهم صلاة وتكبير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وبرّ وخير. {أَن تُبْسَلَ} تُسْلَم، أو تُحبس، أو تُفضح، أو تؤخذ بما كسبت أو تجزى، أو ترتهن، أسد باسل: يرتهن الفريسة بحيث لا تفلت، وأصل الإبسال: التحريم، شراب بسيل: حرام. قال: (بَكَرت تلومك بَعْدَ وَهنٍ في الندى ... بَسْلٌ عليكِ ملامتي وعتابي) {وَإِن تَعْدِلْ} تفتدِ بكل مال، أو بالإسلام والتوبة. {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين (71) وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون (72) وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير (73) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 71 - {أَنَدْعُواْ} أنطلب النجاح، أو أنعبد. , {اسْتَهْوَتْهُ} دعته إلى قصدها واتباعها، كقوله {تهوى إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] أي تقصدهم وتتبعهم، أو تأمره بالهوى، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - نزلت في أبي بكر وامرأته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 لما دعوا ابنهما " عبد الرحمن " أن يأتيهما إلى الإسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 73 - {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ بِالْحَقِ} بالحكمة، أو الإحسان إلى العباد، أو بكلمة الحق، أو نفس خلقهما حق. {كُن فَيَكُونُ} يقول ليوم القيامة كن فيكون لا يثني إليه القول مرة أخرى، أو يقول للسماوات كوني قرناً ينفخ فيه لقيام الساعة فتكون صوراً كالقرن وتبدل سماء أخرى. {الصُّورِ} قرن ينفخ فيه للإفناء والإعادة، أو جمع صورة ينفخ فيها أرواحها. {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} / أي الذي خلق السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أو الذي ينفخ في الصور عالم الغيب. {وإذ قال إبراهيم لأبيه ءازر أتتخذ أصناماً ءالهة إني أراك وقومك في ضلال مبين (74) وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (75) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 فلما جن عليه اليل رءا كوكباً قال هذا ربي فلمآ أقل قال لآ أحب الأفلين (76) فلما رءا القمر بازغاً قال هذا ربي فلمآ افل قال لئي لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضآلين (77) فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي هذآ أكبر فلمآ أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً ومآ أنا من المشركين (79) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 74 - {آزر} اسم أبي إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - كان من أهل " كوثى " قرية من سواد الكوفة، أو آزر ليس باسم بل سب وعيب معناه: " معوج "، كأنه عابه باعوجاجه عن الحق، وضاع حق أبوته بتضييعه حق الله - تعالى -، أو آزر اسم صنم وكان اسم أبيه " تارح ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 75 - {وَكَذَلِكَ} " ذا " إشارة لما قرب، و " ذاك " لما بعد، و " ذلك " لتفخيم شأن ما بعد. {مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ} آياتهما، أو خلقهما، أو ملكها، والملكوت: الملك نبطي، أو عربي، ملك وملكوت: كرهبة ورهبوت، ورحمة ورحموت، وقالوا: رهبوت خير من رحموت أي ترهب خير من أن ترحم، أو الشمس والقمر والنجوم، أو {مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ} الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والثمار والشجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 76 - {جن عليه الليل} ستره، الجِن والجَنين لاستتارهما، والجنة والجنون والمجن لسترها. {رأى كَوْكَباً} قيل هو الزهرة طلعت عشاء. {هَذَا رَبِّى} في ظني، قاله حال استدلاله، أو اعتقد أنه ربه، أو قال ذلك وهو طفل، لأن أمه جعلته في غار حذراً عليه من نمروذ فلما خرج قال: ذلك قبل قيام الحجة عليه، لأنه في حال لا يصح منه كفر ولا إيمان، ولا يجوز أن يقع من الأنبياء - صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين - شرك بعد البلوغ، أو قاله على وجه التوبيخ والإنكار الذي يكون مع ألف الاستفهام أو أنكر بذلك عبادته [الأصنام] إذ كانت الكواكب لم تضعها يد بشر ولم تعبد لزوالها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 فالأصنام التي هي دونها أجدر. {لآ أُحِبُّ الأَفِلِينَ} حب الربّ المعبود، أفل: غاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 77 - {بازغا} طالعاً بزغ: طلع. {وحآجه قومه قال أتحآجوني في الله وقد هدان ولآ أخاف ما تشركون به إلآ أن يشآء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون (80) وكيف أخاف مآ أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82) وتلك حجتنآ ءاتيناهآ إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشآء إن ربك حكيم عليم (83) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 82 - {الذين آمنوا وَلَمْ يَلْبِسُواْ} من قول الله - تعالى -، أو من قول إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، أو من قول قومه قامت به الحجة عليهم {بِظُلْمٍ) بشرك لما نزلت شق على المسلمين، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " ليس كما تظنون، وإنما هو كقول " لقمان " لابنه {لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] أو المراد جميع أنواع الظلم فعلى هذا هي عامة، أو خاصة بإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وحده، قاله علي - رضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 الله تعالى عنه -، أو خاصة فيمن هاجر إلى المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 83 - {حُجَّتُنَآ} قوله فأي الفريقين أحقّ بالأمن؟ عبادة إله واحد أو آلهة شتى، فقالوا: عبادة إله واحد فأقرّوا على أنفسهم، أو قالوا له: [ألا] تخاف [أن] تخبلك آلهتنا؟ فقال: أما تخافون أن تخبلكم بجمعكم الصغير مع الكبير في العبادة؟ أو قال لهم: أتعبدون ما لا يملك لكم ضراً لا نفعاً أم من يملك الضرّ والنفع؟ ، فقالوا: ما لك الضرّ والنفع أحق. وهذه الحجة استنبطها بفكره، أو أمره / بها ربه. { {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين (84} وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين (85) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين (86) ومن ءابآئهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم (87) ذلك هدى الله يهدي به من يشآء من عباده ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون (88) أولئك الذين ءاتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلآء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين (89) أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لآ أسئلكم عليه اجراً إن هو إلا ذكرى للعالمين (90) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 89 - {فَإِنَ يَكْفُرْ بِهَا) {قريش} (فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا} الأنصار، أو إن يكفر بها أهل مكة فقد وكلنا أهل المدينة، أو إن يكفر بها قريش فقد وكلنا بها الملائكة، أو الأنبياء الثمانية عشر المذكورين من قبل {وَوَهَبْنَا له إسحاق} [84] ، أو جميع المؤمنين. {وَكَّلْنَا بِهَا} أقمنا لحفظها ونصرها يعني الكتب والشرائع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا مآ أنزل الله على بشر من شيء قل مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولآ ءابآؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون (91) وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 91 - {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ما عظموه حقّ عظمته، أو ما عرفوه حقّ معرفته، أو ما آمنوا أنه على كلّ شيء قدير. {إِذْ قَالُواْ} قريش، أو اليهود فردّ عليهم بقول {مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى} لاعترافهم به. {وَتُخْفُونَ كَثِيراً} نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 92 - {مُّصَدِّقُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتب، أو من البعث. {أُمَّ الْقُرَى} أهل أم القرى - مكة - لاجتماع الناس إليها كاجتماع الأولاد إلى الأم، أو لانها أول بيت وضع فكأن القرى نشأت عنها، أو لأنها معظمة كالأم قاله الزجاج. {وَمَنْ حَوْلَهَا} أهل الأرض كلها قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {يُؤْمِنُونَ به} بالكتاب، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن لا يؤمن به من أهل الكتاب فلا يعتد بإيمانه بالآخرة. {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل مآ أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملآئكة باسطوا أيديهم أخرجوآ أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون (93) ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم ورآء ظهوركم وما نرى معكم شفعآءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون (94) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 93 - {مِمَّنِ افْتَرَى} نزلت في مسيلمة، أو فيه وفي العَنْسي {وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ} مسيلمة، أو مسيلمة والعنسي، أو عبد الله بن سعد بن أبي السرح كان يكتب للرسول صلى الله عليه وسلم فإذا قال له: غفور رحيم، كتب سميع عليم، أو عزيز حليم، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم هما سواء حتى أملى عليه {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان من سلالة} إلى قوله {خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون: 12 - 14] ، فقال ابن أبي السرح: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} تعجباً من تفصيل خلق الإنسان، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا أُنزلت، فشك وارتدّ. {بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ} بالعذاب، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 لقبض الرواح. {أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ} من العذاب، أو من الأجساد {الْهُونِ} الهوان، والهَوْن: الرفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 94 - {خَوَّلْنَاكُمْ} التخويل: تمليك المال. {شُفَعَآءَكُمُ} آلهتكم، أو الملائكة الذين اعتقدتم شفاعتهم. {فيكم شركاء} شفعاء، أو يتحملون عنكم تحمل الشريك عن شريكه. {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذالكم الله فأنى تؤفكون (95) فالق الإصباح وجعل اليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم (96) وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون (97) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 95 - {فَالِقُ} الحبة عن السنبلة، والنواة عن النخلة، أو خالق أو هو الشقاق الدائر فيها. {يُخْرِجُ الْحَىَّ} السنبلة الحية من الحبة الميتة والنخلة الحية من النواة الميتة، والحبة والنواة الميتتين من السنبلة والنخلة الحيتين، أو الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان، قاله ابن عباس - رضي الله - تعالى - عنهما - أو المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. {تُؤْفَكُونَ} تصرفون عن الحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 96 - {الإصْبَاحِ} الصبح، أو إضاءة الفجر، أو خالق نور النهار، أو ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - / {سَكَناً} يسكن فيه كل متحرك بالنهار، أو لأن كل حي يأوي إلى مسكنه {حُسْبَاناً} يجريان بحساب أدوار يرجعان بها إلى زيادة ونقصان، أو جعلهما ضياء قاله قتادة، كأنه أخذه من قوله - تعالى - {حُسْبَاناً من السماء} [الكهف: 40] قال: نارا. {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون (98) وهو الذي أنزل من السمآء مآء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذآ أثمر وينعه إن في ذالكم لآيات لقوم يؤمنون (99) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 98 - {فَمُسْتَقَرٌّ} في الأرض، {وَمُسْتَوْدَعٌ} في الأصلاب، أو مستقر في الرحم، ومستودع في القبر، أو مستقر في الرحم، ومستودع في صلب الرجل، أو مستقر في الدنيا ومستودع في الآخرة، أو مستقر في الأرض ومستودع في الذر، أو المستقر ما خلق، والمستودع ما لم يخلق، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 99 - {نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍ} رزق كل شيء من الحيوان، أو نبات كل شيء من الثمار. {خَضِراً} زرعاً خضراً. {مُّتَرَاكِباً} سنبلاً تراكب حبه. {قِنْوَانٌ} جمع قنو وهو الطلع، أو العذق. {دَانِيَةٌ} من مجتنيها لقصرها، أو قرب بعضها من بعض. {مُشْتَبِهاً} ورقه مختلفاً ثمره، أو {مُشْتَبِهاً} لونه، مختلفاً طعمه. {ثَمَرِهِ} الثُّمر جمع ثمار، والثَّمر جمع ثمرة، أو الثُّمُر المال، والثمر ثمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 النخل، قرىء بهما. {وينعه} نضجه وبلوغه. {وجعلوا لله شركآء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون (100) بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم (101) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 100 - {شُرَكَآءَ الْجِنَّ} قولهم: " الملائكة بنات الله " سماهم الله جناً، لاستتارهم، أو أطاعوا الشياطين في عبادة الأوثان حتى جعلوهم شركاء لله في العبادة. {خرقوا} كذبوا، أو خلقوا، الخرق والخلق واحد. {بَنِينَ} المسيح وعزير. {وَبَنَاتٍ} الملائكة جعلهم مشركو العرب بنات الله. {ذكلم الله ربكم لآ إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل (102) لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (103) قد جآءكم بصآئر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها ومآ أنا عليكم بحفيظ (104) وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون (105) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 103 - {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} لا تحيط به، أو لا تراه، أو لا تدركه في الدنيا وتدركه في الآخرة، أو لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة وتدركه أبصار المؤمنين، أو لا تدركه بهذه الأبصار بل لا بدّ من خلق حاسّة سادسة لأوليائه يدركونه بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 105 - {نُصَرِّف الأَيَاتِ} بتصريف الآية في معانٍ متغايرة مبالغة في الإعجاز ومباينة لكلام البشر، أو بأن يتلو بعضها بعضاً فلا ينقطع التنزيل، أو اختلاف ما نضمنها من الوعد والوعيد والأمر والنهي. {وَلِيَقُولُواْ} ولئلا يقولوا {دَرَسْتَ} قرأت وتعلمت، قالته قريش، ودارستَ: ذاكرت وقارأت، ودرستْ: انمحت وتقادمت، ودُرستْ تُليت، وقُرئت ودَرَسَ محمد صلى الله عليه وسلم وتلا، فهذه خمس قراءات. {اتبع مآ أوحي إليك من ربك لآ إله إلا هو وأعرض عن المشركين (106) ولو شآء الله مآ أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً ومآ أنت عليهم بوكيل (107) ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون (108) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 108 - {وَلا تَسُبُّواْ} الأصنام فيسبوا من أمركم بسبها، أو يحملهم الغيظ على سبّ معبودكم كما سببتم معبودهم. {كَذَلِكَ زَيَّنَّا} كما زينا لكم الطاعة كذلك زينا لمن تقدمكم من المؤمنين الطاعة، أو كما أوضحنا لكم الحجج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 كذلك أوضحناها لمن تقدّم، أو شبهنا لأهل كل دين عملهم بالشبهات ابتلاء حين عموا عن الرشد. {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جآءتهم ءاية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنهآ إذا جآءت لا يؤمنون (109) ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون (110) ولو أننا نزلنآ إليهم الملآئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلآ أن يشآء الله ولكن أكثرهم يجهلون (111) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 109 - {لَئِن جَآءَتْهُمْ} لما نزل {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً} [الشعراء: 4] قالوا: / للرسول صلى الله عليه وسلم أنزلها حتى نؤمن بها إن كنت من الصادقين، فقال المؤمنون: أنزلها عليهم يا رسول الله ليؤمنوا، فنزلت هذه، أو أقسم المستهزئون إن جاءتهم آية اقترحوها ليؤمنن بها وهي أن يحول الصفا ذهباً، أو قولهم {لَن نؤمن لك حتى تفجر} إلى قوله: {نَّقْرَؤُهُ} [الإسراء: 90 - 93] ولا يجب على الله إجابتهم إلى اقتراحهم إذا علم أنهم لا يؤمنون، وإن علم ففي الوجوب قولان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 110 - {وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُمْ} في النار في الآخرة، أو في الدنيا بالحيرة {أَوَّلَ مَرَّةٍ} جاءتهم الآيات، أو أول أحوالهم في الدنيا كلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 111 - {قِبَلاً} جهرة ومعاينة، {قُبُلاً} : جمع قبيل وهو الكفيل أي كفلاء، أو قبيلة قبيلة وصنفاً صنفاً، أو مقابلة. {إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} أن يعينهم، أو يجبرهم. {يَجْهَلُونَ} في اقتراحهم الآيات، أو يجهلون أن المقترح لو جاء لم يؤمنوا به. {وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شآء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون (112) ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون (113) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 112 - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا} لمن قبلك من الأنبياء أعداء كما جعلنا لك أعداء، أو جعلنا للأنبياء أعداء كما جعلنا لغيرهم من الناس أعداء، جعلنا: حكمنا بأنهم أعداء، أو مكنّاهم من العداوة فلم نمنعهم منها. {شَيَاطِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 الإِنسِ وَالْجِنِّ} مردتهم، أو شياطين الإنس الذين مع الإنس وشياطين الجن الذين مع الجنّ، أو شياطين الإنس كفارهم، وشياطين الجن كفارهم. {يُوحِى بَعْضُهُمْ} يوسوس، أو يشر، {فأوحى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ} [مريم: 11] أشار {زُخْرُفَ الْقَوْلِ} ما زينوه من شبه الكفر، وارتكاب المعاصي. @ 113 - {وَلِتَصْغَى} تميل تقديره " ليغرُّوهم غروراً ولتصغى "، أو اللام للأمر، ومعناها الخبر، قلت للتهديد أحسن. {أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين ءاتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين (114) وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم (115) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (116) إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (117) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 114 - {أَبْتَغِى حَكَماً} لا يجوز لأحد أن يعدل عن حكمه حتى أعدل عنه، أو لا يجوز لأحد أن يحكم مع الله حتى أحاكم إليه، والحكم من له أهلية الحكم ولا يحكم إلاَّ بالحق، والحاكم قد يكون من غير أهله فيحكم بغير الحق. {مُفَصَّلاً} تفصيل آياته لتمتاز معانيه، أو تفصيل الصادق من الكاذب، أو تفصيل الحق من الباطل والهدى من الضلال، أو تفصيل الأمر من النهي، أو المستحب من المحظور والحلال من الحرام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 115 - {وتمت كلمات رَبِّكَ} القرآن تمت حججه ودلائله، أو تمام أحكامه وأوامره، أو تمام إنذاره بالوعد والوعيد، أو تمام كلامه واستكمال سوره. {صِدْقاً} فيما أخبر به {وعدلا} فيما قضاه. {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين (118) وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيراً ليضلون بأهوآئهم بغيرعلم إن ربك هو أعلم بالمعتدين (119) وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون (120) ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليآئهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون (121) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 120 - {ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} سره وعلانيته، أو ظاهره: ما حرم من نكاح ذوات المحارم، وباطنه: الزنا، أو ظاهره: ذوات الرايات من الزواني، وباطنه: ذوات الأخذان، كانوا يستحلون الزنا سراً، أو ظاهره: الطواف بالبيت عراة، وباطنه: الزنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 121 - {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الميتة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو ذبائح كانوا يذبحونها لأوثانهم، أو ما لم يسم الله عليه / عند ذبحه، ولا يحرم أكله بتركها، أو يحرم، أو إن تركها عامداً حرم وإن تركها ناسياً فلا يحرم. {لَفِسْقٌ} معصية، أو كفر. {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ} قوم من أهل فارس بعثوا إلى قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضي الله تعالى عنهم - يزعمون أنهم يتبعون أمر الله - تعالى - ولا يأكلون ما ذبح الله يعنون الميتة ويأكلون ما ذبحوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 لأنفسهم، أو الشياطين قالوا ذلك لقريش، أو اليهود قالوا ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم. {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} في استحلال الميتة {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} . {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون (122) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 122 - {مَيْتاً} كافراً {فَأَحْيَيْنَاهُ} بالإيمان. {نُوراً يَمْشِى بِهِ} القرآن، أو العلم الهادي إلى الرشد. {الظُّلُمَاتِ} الكفر، أو الجهل شبه بالظلمة لتحيّر الجاهل كتحيّر ذي الظلمة، وهي عامة في كل مؤمن وكافر، أو نزلت في عمر وأبي جهل، أو في عمار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 وأبي جهل. {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (123) وإذا جآءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل مآ أوتي رسل الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون (124) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 124 - {صَغَارٌ} ذل، لأنه يصغر إلى الإنسان نفسه عند الله في الآخرة فحذف أو أنفتهم من الحق صغار عند الله وإن كان عندهم عزاً وتكبراً. {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السمآء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون (125) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 125 - {أَن يَهْدِيَهُ} إلى أدلَة الحق، أو إلى نيل الثواب والكرامة {يَشْرَحْ} يوسع. {ضَيِّقاً} لا يتسع لدخول الإسلام إليه {حَرَجاً} شديداً لا يثبت فيه. {أَن يُضِلَّهُ} عن أدلة الحق، أو عن نيل الثواب والكرامة. {يَصَّعَّدُ} كأنما كلف صعود السماء لامتناعه عليه وبعده منه أو لا يجد مسلكاً لضيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 المسالك عليه إلا صعوداً إلى السماء يعجز عنه، أو كأن قلبه يصعد إلى السماء لمشقته عليه وصعوبته، أو كأن قلبه بالنفور عنه صاعداً إلى السماء. {الرِّجْسَ} العذاب، أو الشيطان، أو ما لا خير فيه، أو النجس. {وهذا صراط ربك مستقيماً قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون (126) لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون (127) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 126 - {صِرَاطُ رَبِّكَ} الإسلام، أو بيان القرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 127 - {دَارُ السَّلامِ} الجنة دار السلامة من الآفات، أو السلام اسم الله - تعالى - فالجنة داره. {عِندَ ربهم} في الآخرة، لأنها أخص به، أو لهم عنده أن ينزلهم دار السلام. {ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أوليآؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيهآ إلا ما شآء الله إن ربك حكيم عليم (128) وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون (129) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 128 - {اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ} بإغوائكم لهم، أو استكثرتم من إغواء الإنس. {اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} في التعاون والتعاضد، أو فيما زينوه من اتباع الهوى وارتكاب المعاصي، أو التعوّذ بهم {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنس يَعُوذُونَ} [الجن: 6] {أَجَلَنَا} الموت، أو الحشر. {مَثْوَاكُمْ} منزل إقامتكم. {إِلا مَا شَآءَ اللَّهُ} من بعثهم في القبور إلى مصيرهم إلى النار، أو إلا ما شاء الله من تجديد جلودهم وتصريفهم في أنواع العذاب وتركهم على حالهم الأول فيكون استثناء في صفة العذاب لا في الخلود، أو جعل مدّة عذابهم إلى مشيئته ولا ينبغي لأحد أن يحكم على الله - تعالى - في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا ناراً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 129 - {نُوَلِّى} نكل بعضهم إلى بعض فلا نعينهم فيهلكوا، أو يتولى بعضهم بعضاً على الكفر، أو يتولى بعضهم عذاب بعض في النار، أو يتبع بعضهم بعضاً في النار من الموالاة / بمعنى المتابعة، أو تسلط بعضهم على بعض بالظلم والتعدي. {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقآء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين (130) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 130 - {رُسُلٌ} الجن من الجن، قاله الضحاك، أو لم يبعث رسول من الجن وإنما جاءهم رسل الإنس، فقوله {مِّنكُمْ} كقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} [الرحمن: 22] يريد من أحدهما، أو رسل الجن هم الذين لما سمعوا القرآن وَلَّوْا إلى قومهم منذرين. {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون (131) ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون (132) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 131 - {بِظُلْمٍ} في إهلاكهم، أو لا يهلكهم بظلمهم إلا أن يخرجهم عن الغفلة بالإنذار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 132 - {وَلِكُلٍّ} لكل عامل بطاعة أو معصية منازل سميت {دَرَجَاتٌ} لتفاضلها كتفاضل الدرج في الارتفاع يريد به الأعمال المتفاضلة، أو الجزاء المتفاضل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشآء كمآ أنشأكم من ذرية قوم آخرين (133) إن ما توعدون لآت ومآ أنتم بمعجزين (134) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون (135) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 135 - {مَكَانَتِكُمْ} طريقتكم، أو حالتكم، أو ناحيتكم، أو تمكنكم، أو منازلكم. {وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً فَقَالُواْ هذا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهذا لِشُرَكَآئِنَا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركآئهم سآء ما يحكمون (136) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 136 - {ذَرَأَ} خلق، من الظهور، ملح ذرآني لبياضه، وظهور الشيب ذرأة. {الحرث} الزرع {الأنعام} الإبل والبقر والغنم من نعمة الوطء. كان كفار قريش ومتابعوهم يجعلون لله - تعالى - في زرعهم ومواشيهم نصيباً، ولأوثانهم نصيباً، يصرفون نصيبها من الزرع إلى خدامها وفي الإنفاق عليها، وكذلك نصيبهم من الأنعام، أو يتقربون بذبح الأنعام للأوثان، أو البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي. {فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ} سماهم شركاءهم، لأنهم أشركوهم في أموالهم، كان إذا اختلط بأموالهم شيء مما للأوثان ردّوه، وإن اختلط بها ما جعلوه لله لم يردّوه، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو إذا هلك ما لأوثانهم غرموه وإذا هلك ما لله - تعالى - لم يغرموه، أو صرفوا بعض ما لله - تعالى - على أوثانهم ولا عكس، أو ما جعلوه لله - تعالى - من ذبائحهم لا يأكلونه حتى يذكروا عليه اسم الأوثان ولا عكس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شآء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون (137) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 137 - {شُرَكَآؤُهُمْ} الشياطين، أو خدّام الأوثان، أو شركاؤهم في الشرك، أو غواة الناس، {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ} وأد البنات، أو كان أحدهم يحلف إن وُلد له كذا وكذا غلاماً أن ينحر أحدهم كما حلف عبد المطلب في نحر ابنه عبد الله. {لِيُرْدُوهُمْ} لامها لام " كي "، لأنهم قصدوا إرداءهم وهو الهلاك أو لام " العاقبة " لأنهم لم يقصدوه. {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمهآ إلا من نشآء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افترآء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138) وقالوا مَا فِى بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا ومحرم على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركآء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم (139) قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افترآء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين (140) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 138 - {هَذِهِ أَنْعَامٌ} ذبائح الأوثان، أو البحيرة، والحام خاصة. {وَحَرْثٌ} ما جعلوه لأوثانهم. {حِجْرٌ} حرام، قال: (فبت مرتفقاً والعين ساهرة ... كأن نومي على الليل محجور) {حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} السائبة، أو التي لا يحجون عليها. {لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} قربان أوثانهم. {افْتِرَآءً عَلَيْهِ} بإضافة تحريمها إليه، أو بذكر أسمائها عند الذبح بدلاً من أسمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 139 - {مَا فِى بُطُونِ [هَذِهِ] الأَنْعَامِ} الأجنة، أو الألبان، أو الأجنة والألبان. خصوا به الذكور، لأنهم خدم الأوثان، أو لفضلهم على الإناث، والذَّكَر مأخوذ من الشرف، لأنه أشرف من الأنثى، أو من الذّكِر، لأنه أذكر وأبين في الناس. {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذآ اثمر وءاتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (141) ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (142) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 141 - / {مَّعْرُوشَاتٍ} تعريش الكروم وغيرها برفع أغصانها أو برفع حظارها وحيطانها، أو المرتفعة لعلو شجرها فلا يقع ثمرها على الأرض مأخوذ من الارتفاع، السرير: عرش لارتفاعه {على عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] على أعاليها. {كُلُواْ} قدم الأكل تغليباً لحقهم وافتتاحاً لنفعهم بأموالهم، أو تسهيلاً لإيتاء حقه. {حَقَّهُ} الزكاة المفروضة عند الجمهور، أو صدقة غير الزكاة، إطعام من حضر، وترك ما تساقط من الزرع والثمر، أو كان هذا فرضاً ثم نسخ بالزكاة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {وَلا تُسْرِفُواْ} بإخراج زيادة على المفروض تجحف بكم، أو لا تدفعوا دون الواجب، أو أن يأخذ السلطان فوق الواجب، أو يراد به ما أشركوا آلهتهم فيه من الحرث والأنعام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 142 - {حَمُولَةً وَفَرْشاً} الحمولة: ما حُمِل عليه من الإبل، والفرش: ما لم يحمل عليه من الإبل لصغره لافتراش الأرض بها على استواء كالفرش، أو الفرش: الغنم، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} طريقه في الكفر، أو في تحليل الحرام وتحريم الحلال. {مُّبِينٌ} يريد ما بان من عداوته لآدم - عليه الصلاة والسلام -، أو لأوليائه من الشياطين. {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه ارحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين (143) ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهدآء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 القوم الظالمين (144) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 143 - {من الضأن اثنين) {ذكر وأنثى} (ءَآلذَّكَرَيْنِ} إبطال لما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وما اشتملت عليه أرحام الأنثيين قولهم: {مَا فِى بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لذكورنا} [139] لما جاء عوف بن مالك فقال للرسول صلى الله عليه وسلم أحللت ما حرّمه آباؤنا - يعني - البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي فنزلت، فسكت عوف لظهور الحجة عليه. {قل لآ أجد في مآ أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلآ أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم (145) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 145 - {مَيْتَةً} زهقت نفسها بغير ذكاة فتدخل فيها الموقوذة والمتردية وغيرها. {مَّسْفُوحاً} مهراقاً مصبوباً، وأما غير المسفوح فإن كان ذا عروق يجمد عليها كالكبد والطحال فهو حلال، وإن لم يكن له عروق يجمد عليها وإنما هو مع اللحم فلا يحرم لتخصيص التحريم بالمسفوح. قالته عائشة وقتادة، قال عكرمة لولا هذه الآية لتتبع المسلمون عروق اللحم كما تتبعها اليهود، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وقيل يحرم لأنه بعض من المسفوح وإنما ذكر المسفوح لاستثناء الكبد والطحال منه. {رِجْسٌ} نجس {أَوْ فِسْقاً} ما ذبح للأوثان سماه فسقا لخروجه عن أمر الله - تعالى -. {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهمآ إلا ما حملت ظهورهمآ أو الحوايآ أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون (146) فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين (147) سيقول الذين أشركوا لو شآء الله مآ أشركنا ولآ ءابآؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنآ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (148) قل فلله الحجة البالغة فلو شآء لهداكم أجمعين (149) قل هلم شهدآءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهوآء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون (150) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 146 - {كُلَّ ذِى ظُفُرٍ} ما ليس بمنفرج الأصابع كالنعام والأوز والبط قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو كل ما يصطاد بظفره من الطير. {شُحُومَهُمَآ} الثروب خاصة، أو كل شحم لم يختلط بعظم ولا على عظم أو الثروب وشحم الكلى. {مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَآ} شحم الجنب وما علق بالظهر / {الْحَوَايَآ} المباعر، أو بنات اللبن، أو الأمعاء التي عليها الشحم من داخلها، أو كل ما تَحوَّى في البطن فاجتمع واستدار. {مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} شحم الجنب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 أو شحم الجنب والإلية، لأنها على العصعص. {قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم وَلاَ تَقْرَبُواْ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 151 - {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} أداء الحقوق وترك العقوق {إِمْلاقٍ} الفقر أو الفلس من الملق، لأن المفلس يتملق للغني طمعاً في نَائِلِه. {الْفَوَاحِشَ} عموماً، أو خاص بالزنا فما ظهر ذوات الحوانيت وما بطن ذوات الاستسرار، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو ما ظهر نكاح المحرمات وما بطن الزنا، أو ما ظهر الخمر وما بطن الزنا. {الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ} المسلم، أو المعاهد. {بِالْحَقِّ} كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس. {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 152 - {بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} حفظه ماله [إلى] أن يكبر فيسلم إليه، أو التجارة به، أو لا يأخذ من ربح التجارة به شيئاً، أو الأكل إذا كان فقيراً والترك إن كان غنياً ولا يتعدى من الأكل إلى لباس ولا غيره، وخصّ مال اليتيم بالذكر وإن كان غيره محرماً لوقوع الطمع فيه إذ لا حافظ له ولا مراعي. {أَشُدَّهُ} الأشد: استحكام قوّة الشباب عند نشوئه وحَدُّه بالاحتلام، أو بثلاثين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 سنة، ثم أنزل بعده {حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} [النساء: 6] ، أو لثماني عشرة سنة. {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} عفا عما لا يدخل تحت الوسع من إيفاء الكيل والوزن، و {بعهد اللَّهِ} كل ما ألزمه الإنسان نفسه لله من نذر أو غيره، أو الحلف بالله - تعالى - يجب الوفاء به إلا في المعاصي. {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 153 - {صِرَاطِى} شرعي سماه صراطاً، لأنه طريق يؤدي إلى الجنة. {السُّبُلَ} البدع والشبهات. {عَن سَبِيلِهِ} عن طريق دينه. {ثم أتينا موسى الكتاب تماماً على الذي أحسن وتفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون، وهذا كتاب أنزلناه مباركٌ فاتبعوا واتقوا لعلكم ترحمون، أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 154 - {تَمَاماً عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ} تماماً على إحسان موسى - عليه الصلاة والسلام - بطاعته، أو تماماً على المحسنين، أو تماماً على إحسان الله - تعالى - إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، أو تماماً لكرامته في الجنة على إحسانه في الدنيا. {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 إنا منتظرون (158) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 158 - {تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} لقبض أرواحهم، أو تأتيهم رسلاً لأنهم لم يؤمنوا مع ظهور الدلائل. {يَأْتِىَ رَبُّكَ} أمره بالعذاب، أو قضاؤه في القيامة. {بعض آيات رَبِّكَ} طلوع الشمس من مغربها، أو طلوعها والدجال والدابة. {أَوْ كَسَبَتْ} يعتد بالإيمان قبل هذه الآيات، وأما بعدها فإن لم تكسب فيه خيراً فلا يعتدّ به وإن كسبت فيه خيراً ففي الاعتداد به قولان، وظاهر الآية أنه يعتد به، ومن قال: لا يعتدّ به كان المعنى لم تكن آمنت وكسبت قاله السدي. {خَيْراً} أداء الفروض على أكمل الأحوال، أو التنفل بعد الفروض. {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنمآ أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون (159) من جآء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جآء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون (160) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 159 - {الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} اليهود، أو النصارى واليهود / أو جميع المشركين، أو أهل الضلالة من هذه الأمة. {دِينَهُمْ} الذي أمروا به فرقوه بالاختلاف، أو الكفر الذي اعتقدوه ديناً. {شِيَعاً} فرقاً يتمالؤون على أمر واحد مع اختلافهم في غيره من الظهور، شاع الخبر: ظهر، أو من الاتباع، شايعه على الأمر: تابعه عليه. {لَّسْتَ مِنْهُمْ} من قتالهم ثم نسخ بآية السيف، أو لست من مخالطتهم، أمَرَه بالتباعد منهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 160 - {بِالْحَسَنَةِ} بالإيمان، والسيئة: الكفر، أو عامة في الحسنات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 والسيئات. {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} عام في جميع الناس، أو خاص بالأعراب لهم عشر ولغيرهم من المهاجرين سبعمائة، قاله ابن عمر، وأبو سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنهما -، ولما فرض عشر أموالهم، وكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر كان العشر كأخذ جميع المال، والثلاثة كصوم الشهر، والسبعمائة من سنبلة أنبتت سبع سنابل. {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (161) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163) قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (164) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 162 - {صَلاتِى} ذات الركوع لله - تعالى - دون غيره من وثن أو بشر. {وَنُسُكِى} ذبح الحج والعمرة، أو ديني، أو عبادتي، والناسك: العابد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 164 - {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ} لا يحمل أحد ذنب غيره، أخذ الوزر من الثقل، وزير الملك يتحمل الثقل، أو من الملجأ {كل لاَ وَزَرَ} [القيامة: 11] ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 وزير الملك لإلجاء أموره إليه. {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم (165) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 165 - {خَلآئِفَ الأَرْضِ} أهل كل عصر يخلفون من تقدمهم (وَرَفعَ بَعْضَكُمْ} بالغنى والشرف في النسب وقوّة الأجساد. (سَرِيعُ الْعِقَابِ} كل آتٍ قريب، أو لمن استحقّ تعجيل العقاب في الدنيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 (سورة الأعراف) مكية كلها، أو مكية إلا خمس آيات {واسئلهم عن القرية} إلى آخر الخمس [163 - 167] . (بسم الله الرحمن الرحيم) {المص (1) كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين (2) اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون (3) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 1 - {المص} أنا الله أفصل، أو هجاء ((المصور)) ، أو اسم للقرآن، أو للسورة أو اختصار كلام يفهمه الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حروف الاسم الأعظم، أو حروف هجاء مقطعة، أو من حساب الجُمَّل، أو حروف تحوي معاني كثيرة دلّ الله - تعالى - خلقه بها على مراده من كل ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 2 - {حَرَجٌ} ضيق، أو شك، أو لا يضيق صدرك بتكذيبهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قاءلون (4) فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين (5) فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين (6) فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين (7) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 4 - { (أَهْلَكْنَاهَا} حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا، أو أهلكناها بإرسال ملائكة العذاب إليها فجاءها بأسنا بوقوع العذاب بهم، أو أهلكناها بالخذلان عن الطاعة فجاءتهم العقوبة، أو وقوع الهلاك والبأس معاً فتكون الفاء بمعنى ((الواو)) كقوله: ((أعطيت فأحسنت)) وكان الإحسان مع العطاء لا بعده. البَأس: شدة العذاب، والبُؤْس: شدة الفقر. {بَيَاتاً} في نوم الليل. {قَآئِلُونَ} نوم النهار ووقت القائلة لأن وقوع العذاب في وقت الراحة أفظع. {والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون (8) ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون (9) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 8 - / {وَالْوَزْنُ} القضاء بالعدل، أو موازنة الحسنات والسيئات بميزان له كفَّتان توضع الحسنات في إحداهما والسيئات في الأخرى أو توزن صحائف الأعمال إذ لا يمكن وزن الأعمال وهي أعراض قاله ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -، أو يوزن الإنسان فيؤتى بالرجل العظيم الجثة فلا يزن جناح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 بعوضة قاله عبيد بن عمير - رضي الله تعالى عنهما - {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} قضي له بالطاعة، أو زادت حسناته على سيئاته، أو ثقلت كفة حسناته. {ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون (10) ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين (11) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 11 - {وَلَقَدْ خَلَقَناكُمْ} في أصلاب الرجال {ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ} في أرحام النساء، أو خلقناكم ((إدم)) ثم صورناكم في ظهره، أو خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء ثم صورناكم في ارحام، أو خلقناكم في الأرحام ثم صورناكم فيها بعد الخلق بشق السمع والبصر. {ثُمَّ قُلْنَا} صورناكم في صلبه ثم قلنا، أو صورناكم ثم أخبرناكم بأنا قلنا، أو فيه تقديم وتأخير تقديره ثم قلنا للملائكة اسجدوا ثم صورناكم أو يكون ثم بمعنى ((الواو)) قاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 الأخفش، وأنكره بعض النحويين. {قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (12) قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين (13) قال أنظرني إلى يوم يبعثون (14) قال إنك من المنظرين (15) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 13 - {فَأْهْبِطْ مِنْهَا} من السماء، أو من الجنة، قاله ربه له على لسان بعض الملائكة أو أراه آية دلَّته على ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 14 - {أَنظِرْنِى} طلب الإنظار بالعقوبة إلى يوم القيامة فأنظر بها إلى يوم القيامة، أو طلب الإنظار بالحياة إلى القيامة فأنظره إلى النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين، وهوأربعون سنة، ولا يصح أجابة العصاة لأنها تكرمة ولا يستحقونها فقوله: {إنك من المنظرين} [15] ابتداء عطاء جعل عقيب سؤاله، أو يصح إجابتهم ابتلاء وتأكيدا للحجة. {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم (16) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17) قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين (18) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 16 - {فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى} الباء للقسم، أو للمجازاة، أو التسبب. {أغويتيني} أضللتني، أو خيبتني من جنتك، أو أهلكتني باللعن، غوى الفصيل: أشفى على الهلاك. {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ} على صراطك: طريق الحق / ليصدهم عنه، أو طريق مكة ليمنع من الحج والعمرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 17 - {مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من بين أيديهم: أشككهم في الآخرة {وَمِنْ خَلفِهِمْ} أرغبهم في الدنيا {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} حسناتهم، {وَعَن شَمَآئِلِهِمْ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 سيئاتهم قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: أو ((من بين أيديهم)) الدنيا ((وخلفهم)) الآخرة، ((وأيمانهم)) : الحق يشككهم فيه، وشمائلهم ((الباطل يرغبهم فيه، أو ((بين أيديهم وعن أيمانهم)) من حيث يبصرون، ((ومن خلفهم وعن شمائلهم)) من حيث لا يبصرون، أو أراد من كل جهة يمكن الاحتيال عليهم منها {شَاكِرينَ} ظنَّ أنهم لا يشكرون فصدق ظنه، أو يمكن أن علمه من بعض الملائكة بإخبار الله - تعالى -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 18 - {مَذْءُوماً} مذموماً، أو أسواْ حالاً من المذموم، أو لئيما، أومقيتا /، أو منفيا. {مدحورا} مدفوعا، أو مطرودا. {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (19) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وروي عنهما من سوءاتهما وقال مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (21) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 20 - {فَوَسْوَسَ) الوسوسة: إخفاء الصوت بالدعاء، وسوس له: أوهمه النصح، ووسوس إليه: ألقى إليه المعنى، كان في الأرض وهما في الجنة في السماء فوصلت وسوسته إليهما بقوة أعطيها قاله الحسن، أوكان في السماء، وكانا يخرجان إليه فيلقاهما هناك أو خاطبهما من باب الجنة وهما فيها. {مَا نَهَاكُمَا} هذه وسوسته: رغَّبهما في الخلود وشرف المنزلة، وأوهمهما أنهما يتحولان في صور الملائكة، أو أنهما يصيران بمنزلة الملك في علو منزلته مع علمهما أن صورهما لا تتحول. {فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشطان لكما عدو مبين (22) قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (23) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 22 - {فَدَلاَّهُمَا} حطهما من منزلة الطاعة إلى منزلة المعصية. {وطفقا} جعلا {يخصفان} يطعان من ورق التين. {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 24 - {اهْبِطُواْ} آدم وحواء وإبليس، أخبر أنه أمرهم وإن وقع أمره في زمانين لأن إبليس أخرج قبلهما. {مُسْتَقَرٌّ} استقرار، أو موضع استقرار {وَمَتَاعٌ} ما انتفع به من عروض الدنيا. (حِينٍ) انقضاء الدنيا. {يا يني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكما وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ءايات الله لعلهم يذكرون (26) يايني آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 26 - {قَدْ أَنزَلْنَا} لما كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرونه أبلغ في التعظيم بنزع ثياب عصوا فيها، أو للتفاؤل بالتعري من من الذنوب نزلت وجُعل اللباس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 مُنزلاً، لنباته بالمطر المنزَل، أو لأنه من بركات الله - تعالى - والبركة تنسب إلى النزول من السماء {وأنزلنا الحديد} [الحديد: 25] {سوآتكم} عوراتكم، لأنه يسوء صاحبها انكشافها. {وَرِيشاً} المعاش، أو اللباس والعيش والنعيم، أو الجمال، أو المال. (فريشي منكم وهواي معكم ... وإن كانت زيارتكم لماما) {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} الإيمان، أو الحياء، أو العمل الصالح، أو السمت الحسن، أو خشية الله - تعالى - أو ستر العورة. {ذَلِكَ خَيْرٌ} لباس التقوى خير من الرياش واللباس، أويريد أن ما ذكره من اللباس والرياش ولباس التقوى ذلك خير كله فلا يكون خير للتفضيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 27 - {لِبَاسَهُمَا} من التقوى والطاعة، أو كان لباسهما نوراً، أو أظفاراً تستر البدن فنُزعت عنهما وتُركت زينة وتذكرة، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليهآ ءابآءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشآء أتقولون على الله ما لا تعلمون (28) قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودودن (29) فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (30) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 28 - {وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ} توجَّهوا حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة، أو اجعلوا سجودكم خالصاً لله - تعالى - دون الأصنام. {كَمَا بَدَأَكُمْ} شقياً وسعيداً كذلك تبعثون يوم القيامة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو كما قدر على الابتداء يقدر على الإعادة، أو كما بدأكم لا تملكون شيئاً كذلك تبعثون، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " يُحشر الناس حفاة عراة غُرلاً " ثم قرأ {كما بدأنا أول خلق نعيده} [الأنبياء: 104] . {يا بني ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (32) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وَأّن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33) ولكل أمة أجل فإذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (34) يا بني ءادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (35) والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنهآ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (36) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 31 - {خُذُواْ زِينَتَكُمْ} ستر العورة في الطواف، أو في الصلاة أو التزين باجمل اللباس في الجمع والإعياد، أو أراد المشط لتسريح اللحية وهو شاذ. {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ} ما أحلَّ لكم {وَلا تُسْرِفُواْ} في التحريم، أو لا تأكلوا حراماً، أو لا تأكلوا ما زاد على الشبع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 32 - {زينة الله} ستر العورة في الطواف. {الطيبات} الحلال، أو المستلذ كانوا يحرِّمون السمن والألبان في الإحرام، أو البحيرة والسائبة. {خَالِصَةً} لهم دون الكفر، أو خالصة من مأثم أو مضرة. {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جآءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين (37) قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلآء أضلونا فئاتهم عذاباً ضعفاً من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون (38) وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون (39) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 37 - {نَصِيبُهُم} العذاب، أو الشقاء والسعادة، أو ما كتب عليهم مما عملوه في الدنيا، أو ما وُعدوا في الكتاب من خير أو شر، أو ما كتب لهم من الأجل والرزق والعمل. {يَتَوَفَّوْنَهُمْ} بالموت، أو بالحشر إلى النار. {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السمآء ولا يدخلون الجنة حتى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين (40) لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين (41) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 40 - {لا تُفَتَّحُ} لأرواحهم، وتفتح لأرواح المؤمنين، أو لدعائهم وأعمالهم أو لا تفتح لهم لدخول الجنة لأنها في السماء. {الْجَمَلُ} البعير، وسم الخياط: ثقب الإبرة، أو السم القاتل الداخل في مسام الجسد الخفية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 41 - {مِهَادٌ} المهاد: الوطاء، ومنه مهد الصبي. {غَوَاشٍ} لحف، أو لباس، أو ظلل. {والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعهآ أولئك أصحاب الجنة هم فيها جالدون (42) ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون (43) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 43 - {وَنَزَعْنَا} الحقد من صدورهم لطفاً بهم أو انتزاعه من لوازم الإيمان الذي هدوا إليه، وهو أحقاد الجاهلية، أو لا تحاقد ولا عداوة بعد الإيمان. {ونادى أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار أَن قَدْ وَجَدْنَا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (44) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرى كافرون (45) وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون (46) وإذا صرفت أبصارهم تلقاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين (47) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 46 - {الأَعْرَافِ} جمع ((عرف)) ، وهو سور بين الجنة والنار، مأخوذ من الارتفاع، منه عرف الديك، وأصحابه فضلاء المؤمنين، قاله الحسن ومجاهد، أو ملائكة في صورة الرجال، أو قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، أو قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضي الله - تعالى - فيهم ما شاء الله ثم يدخلون الجنة، قاله ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أو قوم قُتلوا في سبيل الله - تعالى - عصاة لآبائهم، سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال ((قوم قُتلوا في سبيل الله - تعالى - بمعصية آبائهم أن يدخلوا الجنة)) . {بِسِيمَاهُمْ} علامات في وجوههم وأعينهم، سواد الوجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وزرقة العين لأهل النار، وبياضه وحسن العين لأهل الجنة. ونادى أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون (48) أهؤلآء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولآ أنتم تحزنون (49) ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من المآء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين (50) الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقآء يومهم هذا وما كانوا بئاياتنا يجحدون (51) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 48 - {وَنَادَى} وينادي، أو تقديره: إذا كان يوم القيامة نادى. {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون (52) هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تاويله يقول الذين نسوه من قبل قد جآءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعآء فيشفعوا لنآ أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروآ أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (53) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 53 - {تَأْوِيلَهُ} تأويل القرآن: عاقبته من الجزاء، أو البعث والحساب. {نَسُوهُ} أعرضوا عنه فصار كالمنسِي، أو تركوا العمل به. {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (54) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 54 - {سِتَّةِ أَيَّامٍ} من الأحد إلى الجمعة. {اسْتَوَى} أمره على العرش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 قاله الحسن، أو استولى. {الْعَرْشِ} عبَّر به عن الملك لعادة الملوك الجلوس على الأَسرَّة، أو السموات كلها، لأنها سقف / وكل سقف عرش {خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} [البقرة: 259، الكهف: 42] سقوفها أو موضع هو أعلى ما في السماء وأشرفه محجوب عن الملائكة. {يُغْشِى} ظلمة الليل ضوء النهار. {يَطْلُبُهُ} عبَّر عن سرعة التعاقب بالطلب. {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين (55) ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين (56) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 55 - {تضرعا وخفية} رغبة ورهبة، أو التضرع: التذلل، والخفية: الإسرار. {لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} في الدعاء برفع الصوت، أو بطلب ما لا يستحقه من منازل الأنبياء، أو باللعنة والهلاك على من لا يستحقهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 56 - {وَلا تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها] بالإيمان، أو بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة، أو بتكذيب الرسل بعد إصلاحها بالوحي، أو بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه. {رحمة اللَّهِ} أتت على المعنى لأنها " إنعام "، أو " مكان رحمة الله ". {وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتى إذآ أقلت سحاباً ثقالاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون (57) والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (58) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 58 - {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} القلب النقي {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} من الإيمان والطاعات {بِإِذْنِ رَبِّهِ} بما أمر به ذلك {وَالَّذِى خَبُثَ} من القلوب {لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا} بالكفر والمعاصي، قاله بعض أرباب القلوب، والجمهور على أنه من بلاد الأرض الطيِّب التربة والرخيص السعر، أو الكثير العلماء، أو العادل سلطانه. ضرب الله - تعالى - الأرض الطيبة مثلاً للمؤمن والخبيثة السبخة مثلاُ للكافر {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} زرعه وثماره {بِإِذْنِ رَبِّهِ} بلا كد على قول التربة، أو صلاح أهله على قول الطيب بالعلماء {بِإِذْنِ رَبِّهِ} بدين ربه أو كثرة أمواله وحسن أحواله على قول عدل السلطان {بِإِذْنِ رَبِّهِ) {بأمر ربه} (وَالَّذِى خَبُثَ} في تربته، أو بغلاء أسعاره. أو بجور سلطانه، أو قلّة علمائه. {نَكِداً} بالكد والتعب، أو قليلاً لا ينتفع به، أو عسراً لشدته مانعا من خيره. {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين (60) قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين (61) أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون (62) أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون (63) فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنآ إنهم كانوا قوما عمين (64) وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون (65) قال الملآ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين (66) قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين (67) أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين (68) أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا ءالآء الله لعلكم تفلحون (69) قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آبآؤنا فأتنا بما تعدنآ إن كنت من الصادقين (70) قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين (71) فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين (72) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 69 - {بَسطَةً} قوة، أو بسط اليدين وطول الجسد، كان أقصرهم طوله اثنا عشر دراعاً. {آلاء اللَّهِ} نعمه، أو عهوده. (أبيض لا يرهب الهزال ... ولا يقطع رحماً ولا يخون إلاَّ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 71 - {رِجْسٌ} عذاب، أو سخط، أو هو الرجز أًبدلت زايه سيناً. {سَمَّيْتُمُوهَآ} آلهة، أو سموا بعضاً بأن يسقيهم المطر والآخر أن يأتيهم بالرزق والآخر أن يشفي المرضى والآخر أن يصحبهم في السفر، قيل ما أمرهم هود إلا بالتوحيد والكف عن ظلم الناس فأبوا {وقالوا من أشد منا قوة} [فصلت: 15] . {وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جآءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (73) واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا ءالآء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (74) قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن ءامن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بمآ أرسل به مؤمنون (75) قال الذين استكبروا إنا بالذي ءامنتم به كافرون (76) فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ المرسلين (77) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (78) قتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين (79) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 73 - {آية) {فريضة} (وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [النور: 1] فروضاً، فرض عليهم أن لا يعقروها ولا يمسوها بسوء، أو علامة على قدرته، لأنها تمخَّضت بها صخرة ملساء كما تتمخَّض المرأة فانفلقت عنها على الصفة التي طلبوها، وكانت تشرب في يومها ماء الوادي كله وتسقيهم اللبن بدله، ولهم يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 74 - {بوأكم} أنزلكم، أو مكَّنكم فيها من منازل تأوون إليها. {الأَرْضِ} / أرض الحجر بين الشام والمدينة. {قصوراً} تصيفون فيها، وتشتُّون في بيوت الجبال لأنها أحصن وأبقى وأدفأ، وكانوا طوال الأعمار والآمال، والقصر: ما شيد وعلا من المنازل. {آلاء اللَّهِ} تعالى نعمه، أو عهوده. {تَعْثُوْاْ} العيث: السعي في الباطل، أو الفعل المؤذي لغير فاعله. {مُفْسِدِينَ} بالمعاصي، أو بالدعاء أو عبادة غير الله - تعالى -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 78 - {الرَّجْفَةُ} زلزلة الأرض، أو الصيحة، قال السدي: " كل ما في القرآن من دارهم فالمراد به مدينتهم، وكل ما فيه من ديارهم فالمراد به عساكرهم ". {جَاثِمِينَ} أصبحوا كالرماد الجاثم، لاحتراقهم بالصاعقة أو الجاثم: البارك على ركبتيه، قيل: كان ذلك بعد العصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 79 - {فَتَوَلَّىَ عَنْهُمْ} خرج عن أرضهم بمن آمن معه وهم مائة وعشرة، قيل خرج [إلى] فلسطين، وقيل: لم تهلك أمة ونبيهم بين أظهرهم. {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (80) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء بل أنتم قوم مسرفون (81) وما كان جواب قومه إلآ أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (82) فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 82 - {يَتَطَهَّرُونَ} من إتيان الأدبار، أو بإتيان النساء في الأطهار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 83 - {فأنجيناه} خلصناه، أو أبعدناه على نجوة من الأرض. {وأهله} ابنتيه ريثا ورعثا. {الغابرين} الباقين في الهلاك، أو الغائبين عن النجاة، غبر عنا فلان زماناً: إذا غاب، أو الغابرين في العمر لأنها لقيت هلاك قومها. {وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جآءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذالكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (85) ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من ءامن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين (86) وإن كان طآئفة منكم ءامنوا بالذي أرسلت به وطآئفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين (87) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 86 - {ولا تقعدوا} كانوا يقعدون على طريق شعيب يؤذون من قصده للإيمان ويخوفونه بالقتل، أو نهاهم عن قطع الطريق، أو عن تعشير أموال الناس. {عوجاً} يبغون السبيل عوجاً عن الحق، العوج في الدين وما لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 يرى والعوج في العود وما يرى. {فكثركم} بالغنى بعد الفقر، أو بالقوة بعد الضعف، أو بطول الأعمار بعد قصرها، او كثرة عددهم لأن مدين بن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - تزوج ريثا بنت لوط فولدت آل مدين منها. {قال الملآ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين ءامنوا معك من قريتنآ أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين (88) قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنآ أن نعود فيهآ إلآ أن يشآء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علماً على الله توكلنآ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين (89) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 89 - {نَّعُودَ فِيهَآ} حكاية عن أتباع شعيب الذين كانوا قبل اتباعه على الكفر، أو قاله تنزُّلاً لو كان عليها لم يعد إليها، إأو يطلق لفظ العود على منشىء الفعل وإن لم يسبق منه فعل مثله {فِيهَآ} في القرية، أو ملّة الكفر عند الجمهور. {إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} علّق العود على المشيئة تبعيداً كقوله: {حتى يلج الجمل} [40] ، أو لو شاء الله - تعالى - عبادة الوثن كانت طاعة لأنه شاءها كتعظيم الحجر الأسود. {افْتَحْ} اكشف؛ أو احكم، وأهل عُمان يسمون الحاكم، " الفاتح " و " الفتاح " ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: " كنت لا أدري ما معنى قوله: {رَبَّنَا افْتَحْ} حتى سمعت بنت ذي يزن تقول: تعالَ أفاتحك، تعني أقاضيك. وسمي بذلك، لأنه يفتح باب العلم المنغلق على غيره، وحكم الله - تعالى - لا يكون إلا بالحق، فقوله بالحق أخرجه مخرج الصفة / لا أنه طلبه، أو طلب أن يكشف الله - تعالى - لمخالفه أنه على الحق، أو طلب الحكم في الدنيا بنصر المحق /. {وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون (90) فأخذتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (91) الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (92) فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف ءاسى على قوم كافرين (93) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 92 - {يَغْنَواْ} يقيموا، أو يعيشوا، أو ينعموا، أو يعمرو، {هم الخاسرين} بالكفر، أو بالهلاك. {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون (94) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس ءاباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (95) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 94 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 {بِالْبَأْسَآءِ} بالقحط {وَالضَّرَّآءِ} الأمراض والشدائد، أو البأساء: الجوع، والضراء: الفقر، أو البأساء: البلاء، والضراء: الزمانة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو البأساء: الشدائد في أنفسهم، والضراء / الشدائد في أموالهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 95 - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 {بِالْبَأْسَآءِ} بالقحط {وَالضَّرَّآءِ} الأمراض والشدائد، أو البأساء: الجوع، والضراء: الفقر، أو البأساء: البلاء، والضراء: الزمانة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو البأساء: الشدائد في أنفسهم، والضراء: الشدائد في أموالهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 95 - {السيئة} الشدة و {الحسنة} الرخاء، أو السيبئة: الشر والحسنة: الخير {عَفَواْ} كثروا، أو أعرضوا، أو سمنوا، أو سروا. {مس آباءنا الضَّرَّآءُ وَالسَّرَّآءُ) يريدون ليس عقوبة على التكذيب بل ذلك عادة الله - تعالى - في خلقه. {ولو أن أهل القرىءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96) أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون (97) أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (98) أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون (99) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 96 - {لَفَتَحْنَا} لرزقنا أو لوسعنا. {بَرَكَاتٍ} السماء القطر، وبركات الأرض النبات والثمار. {أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع عل قلوبهم فهم لا يسمعون (100) تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين (101) وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 100 - {لا يَسْمَعُونَ} لا يقبلون / ومنه سمع الله لمن حمده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 101 - {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} وقت أخذ الميثاق يوم الذر أو لم يؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق عليهم أنهم يكذبون به يوم الذر، أو لو أحييناهم بعد هلاكهم لم يؤمنوا بما كذبوا قبل هلاكهم كقوله - تعالى - {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ} [الأنعام: 28] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 102 - {مِّنْ عَهْدٍ} من طاعة للأنبياء، أو من وفاء بعهد عهده إليهم مع الرسل أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أو عهد يوم الذر، أو ما ركز في عقولهم من معرفته ووجوب شكره. {لَفَاسِقِينَ} الفسق: الخروج عن الطاعة، أو خيانة العهد. {ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنآ إلى فرعون ملإئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (103) وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين (104) حقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 على أن لآ أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرآءيل (105) قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين (106) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين (107) ونزع يده فإذا هي بيضآء للناظرين (108) قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم (109) يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (110) قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدآئن حاشرين (111) يأتوك بكل ساحر عليم (112) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 105 - {حَقِيقٌ} حريص، أو واجب، أخذ من وجوب الحق. {إِلاَّ الْحَقَّ} الصدق، أو ما فرضه عليَّ من الرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 111 - {أَرْجِهْ} أخره، أو احبسه. {حَاشِرِينَ} أصحاب الشُّرَط، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {وجآء السحرة فرعو قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين (113) قال نعم وإنكم لمن المقربين (114) قالوا يا موسى إمآ أن تلقي وإمآ أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلمآ ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجآءو بسحر عظيم (116) وأوحينآ إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (117) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (118) فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين (119) وألقي السحرة ساجدين (120) قالوا ءامنا برب العالمين (121) رب موسى وهارون (122) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 117 - {عصاك} هي أول آيات موسى - عليه الصلاة والسلام - من آس الجنة، طولها عشرة أذرع بطول موسى عليه الصلاة والسلام، فضرب بها باب فرعون ففزع فشاب فخضب بالسواد حياء من قومه، وكان أول خضب بالسواد قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {تَلْقَفُ} التلقُف: التناول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 بسرعة، يريد ابتلاعها بسرعة. {يَأْفِكُونَ} يقلبون، المؤتفكات: المنقلبات، أو يكذبون من الإفك. {ألْقُواْ} تقديره " إن كنتم محقين "، أو أَلقوا على ما يصح ويجوز دون ما لا يصح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 118 - {فَوَقَعَ الْحَقُّ} ظهرت العصا على حبال السحرة، أو ظهرت نبوة موسى - عليه الصلاة والسلام - على ربوبية فرعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 120 - {ساجدين} لله إيماناً بربوبيته، أو لموسى - عليه الصلاة والسلام - تسليماً له وإيماناً بنبوّته، أُلهموا السجود لله - تعالى - أو رأوا موسى عليه الصلاة والسلام - وهارون سجدا / شكراً عند الغلبة فاقتتدوا بهما. {قال فرعون ءامنتم به قبل أن ءاذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منهآ أهلها فسوف تعلمون (123) لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين (124) قالوا إنآ إلى ربنا منقلبون (125) وما تنقم منآ إلآ أن ءامنا بآيات ربنا لما جآءتنا ربنآ أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين (126) وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وءالهتك قال سنقتل أبنآءهم ونستحي نسآءهم وإنا فوقهم قاهرون (127) قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين (128) قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 فينظر كيف تعملون (129) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 127 - {الْمَلأُ} الأشراف، أو الرؤساء، أو الرهط، والنفر: " الرجال الذين لا نساء معهم "، والرهط أقوى من النفر وأكبر، والملأ: المليئون بما يراد منهم، أو تملأ النفوس هيبتهم، أو يملؤون صدور المجالس، وإنما أنكروا على فرعون، لأنهم رأوا منه خلاف عادة الملوك في السطوة بمن أظهر مخالفتهم، وكان ذلك لطفاً من الله - تعالى - بموسى - عليه الصلاة والسلام -. {لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ} بعبادة غيرك، أو بالغلبة عليها وأخذ قومه منها. {وآلهتك} كان يعبد الأصنام وقومه يعبدونه، أو كان يعبد ما يستحسن من البقر ولذلك أخرج السامري العجل وكان معبوداً في قومه، أو أصنام كان يعبدها قومه تقرباً إليه، قاله الزجاج، قرأ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {وإلهتك} أي وعبادتك وقال: كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. {سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ} عدل عن قتل موسى إلى قتلهم، لأنه علم أنه لا يقدر على قتل موسى - عليه الصلاة والسلام - إما لقوته، أو لأنه مصروف عن قتله فأراد استئصال بني إسرائيل ليضعف عنه موسى. {وَنَسْتَحْىِ نِسَآءَهُمْ} نفتش حياءهن عن الولد، والحياء: الفرج والأظهر أنه نبقهن أحياء لضعفهن عن المنازعة والمحاربة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 128 - {يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ} أعلمهم أن الله - تعالى - يورثهم أرض فرعون، أو سلاهم بأن الأرض لا تبقى على أحد حتى تبقى لفرعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 129 - {أوذينا من قبل أن تأتينا} بالاستعباد وقتل الأبناء {وَمِن بَعْدِ} بالوعيد بإعادة ذلك عليهم أو بالجزية من قبل مجيئه وبعده، أو كانوا يضربون اللَّبِنَ ويُعطون التبن فلما جاء صاروا يضربون اللَّبِنَ وعليهم التبن أو كانوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 يسخرون في الأعمال نصف النهار ويكسبون لأنفسهم في النصف الآخر فلما جاء سخَّرهم جميع النهار بغير طعام ولا شراب {مِن قَبْلِ أَن تَأَتِيَنَا} بالرسالة {وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} بها، أو من قبل أن تأتينا بعهد الله - تعالى - أنه يخلِّصنا، ومن بعد ما جئتنا به شكوا ذلك استغاثة منهم بموسى - عليه الصلاة والسلام - أو استبطاء لوعده. {عَسَى} في اللغة طمع وإشفاق. وهي من الله - تعالى - إيجاب ويقين ويحتمل أن يكون رجاهم ذلك. {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ} يجعلكم خلفاً من فرعون، أو يجعلكم خلفاً لنفسه لأنكم أولياؤه. {الأَرْضِ} أرض مصر، أو الشام. {فَيَنظُرَ} فيرى، أو فيعلم أولياؤه. وعدهم بالنصر، أو حذّرهم من الفساد، لأن الله - تعالى - ينظر كيف تعملون في طاعته أو خلافته. {ولقد أخذنآ ءال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون (130) فإذا جآءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ ألآ إنما طآئرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون (131) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 130 - {بِالسِّنِينَ} الجوع، أو الجدوب، أخذتهم السنة: قحطوا، قال الفراء: بالسنين: القحط عاماً بعد عام، قيل قحطوا سبع سنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 131 - {الْحَسنَةُ} / الخصب، والسيئة: الجدب، أو الحسنة: السلامة والأمن، والسيئة: الأمراض والخوف. {لَنَا هَذِهِ} أي كانت هذه حالنا في أوطاننا قبل اتباعنا لك. {يَطَّيَّرُواْ} يتشاءموا، يقولون: هذه بطاعتنا لك. {طَآئِرُهُمْ} حظهم من العقاب، أو طائر البركة، والشؤم من الخير والشر والنفع والضر من عند الله - تعالى - لا صنع فيه لمخلوق. {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين (132) فأرسلنا عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (133) ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل (134) فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون (135) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 133 - {الطُّوفَانَ} الغرق بالماء الزائد، أو الطاعون، أو الموت، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ((الطوفان: الموت)) أو أمر من الله - تعالى - طاف بهم، أو المطر والريح، أو عذاب، ((قيل: دام بهم ثمانية أيام من السبت إلى السبت، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه -: فما زال الطوفان حتى خرج زرعهم حسناً، فقالوا: هذه نعمة فأرسل الله - تعالى - عليهم الجراد بعد شهر فأكل جميع نبات الأرض وبقي من السبت إلى السبت، ثم طلع بهد الشهر من الزرع ما قالوا هذا يكفينا فأرسل الله - تعالى - عليهم القُمَّل فسحقها)) ، وهو الدبا صغار الجراد لا أجنحة له، أو سوس الحنطة، أو البراغيث، أو القردان، أو ذوات سود صغار. {وَالدَّمَ} الرعاف، أو صار ماء شربهم دماً عبيطاً. {مُّفَصَّلاتٍ} مبينات لنبوة موسى - عليه الصلاة والسلام - أو انفصل بعضها عن بعض فكان بين كل آيتين شهر. {فَأسْتَكْبَرُواْ} عن الإيمان بموسى - عليه الصلاة واسلام -، أو عن الاتعاظ بالآيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 134 - {الرجز} العذاب، أوطاعون أهلك من القبط سبعين ألفاً {بِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 عَهِدَ عِندَكَ} الباء للقسم، أو بما أوصاك أن تفعله في قومك، أو بما عهده إليك أن تدعوه به فيجيبك. {فانتقمنا منهم فأعرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بئاياتنا وكانوا عنها غافلين (136) وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرآءيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 137 - {مَشَارِقَ الأَرْضِ} الشرق والغرب، أو أرض الشام ومصر، أو الشام وحدها شرقها وغربها. {بَارَكْنَا فِيهَا} بالخصب، أو بكثرة الثمار والأشجار والأنهار. {وتمت كلمة رَبِّكَ} بإهلاك عدوهم واستخلافهم او بما وعدهم به بقوله - تعالى - {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ} الآيتين [القصص: 5، 6] {الحسنى} لأنها وعد بما يحيون. {بِمَا صَبَرُواْ} على طاعة الله - تعالى - أو على أذى فرعون. {وجاوزنا ببني إسرآءيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنآ إلهاً كما لهم ءالهة قال إنكم قوم تجهلون (138) إن هؤلآء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (139) قال أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين (140) وإذ أنجيناكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفي ذلكم بلآء من ربكم عظيم (141) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 139 - {مُتَبَّرٌ} باطل، أو ضلال، أو مُهلك، والتبر: الذهب، لأن معدنه مهلك، أو لكسره، وكل إناء مكسور متبر، قاله الزجاج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 141 - {بَلآءٌ} في خلاصكم، أو فيما فعلوه بكم، والبلاء: الاختبار بالنعم، أو النقم. {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين (142) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 142 - {ثَلاثِينَ لَيْلَةً} أمر بصيامها، والعشر بعدها أجل المناجاة، أو الأربعون كلها أجل الميقات للمناجاة، قيل ذو القعدة وعشر من ذي الحجة. تأخر عنه قومه في الأجل الأول فزادهم الله - تعالى - العشر ليحضروه، أو لأنهم عبدوا العجل بعده فزاد الله - تعالى - العشر عقوبة لهم، {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} تأكيد /، أو لبيان أن العشر ليالي وليست بساعات، أو لبيان أن العشر زائد على الثلاثين غير داخل فيها، لأن تمام الشيء يكون بعضه. {ولما جآء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقاً فلمآ أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين (143) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 143 - {أَرِنِى} سأل الرؤية ليجاب بما يحتج به على قومه إذ قالوا {أَرِنَا الله جَهْرَةً} [النساء: 153] مع علمه أنه لا يجوز أن يراه في الدنيا، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 كان يعلمه باستدلال فأحبَّ أن يعلمه ضرورة، أو كان يظن ذلك حتى ظهر له ما ينفيه. , {تَجَلَّى} ظهر بآياته التي أحدثها في الجبل لحاضري الجبل، أو ظهر من ملكوته للجبل ما تدكدك به، لأن الدنيا لا تقوم لما يظهر من ملكوت السماء، أو ظهر قدر الخنصر من العرش، أو أظهر أمره للجبل، والتجلَّي: الظهور، ومنه جلاء المرآة وجلاء العروس. {دَكّاً} مستوياً بالأرض، ناقة دكاء لا سنام لها، أو ساخ في الأرض أو صار تراباً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو صار قطعاً. {صَعِقاً} ميتاً، أو مغشياً عليه، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أخذته الغشية عشية الخميس يوم عرفة فأفاق عشية الجمعة يوم النحر وفيه نزلت عليه التوراة، فيها عشر آيات نزلت في القرآن في ثماني عشرة آية من بني إسرائيل. {تُبْتُ} من السؤال قبل الإذن، أو من تجويز الرؤية في الدنيا، أو ذكر ذلك على جهة التسبيح، لأن المؤمن يسبِّح عند ظهور الآيات. {أَوَّلُ الْمؤْمِنِينَ} أنه لا يراك شيء من خلقك في الدنيا، أو باستعظام سؤال الرؤية. {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ مآ ءاتيتك وكن من الشاكرين (144) وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين (145) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 145 - {وَكَتَبْنَا} فرضنا ك {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} [البقرة: 183] أو خططنا بالقلم. {اللواح} زمرد أخضر، أو ياقوت، أو بُرد، أو خشب، أًخذ اللوح من أن المعاني تلوح بالكتابة فيه. {مِن كُلِّ شَىْءٍ} يحتاج إليه في الدين من حرام، أو حلال، أو مباح، أو واجب، أو غير واجب، أو كل شيء من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 الحِكم والعِبر. {مَّوْعِظَةً} بالنواهي {وَتَفْصِيلاً} بالأوامر، أو موعظة: بالزواجر وتفصيلاً: بالأحكام، وكانت سبعة ألواح. {بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد، أو بطاعة، أو بصحة عزيمة، أو بشكر. / {بِأَحْسَنِهَا} الفرائض أحسن من المباح، أو بناسخها دون منسوخها أو المأمور أحسن من ترك المنهي وإن كانا طاعة. {دَارَ الْفَاسِقِينَ} جهنم، أو منازل الهلكى ليعتبروا بنكالهم، أو مساكن الجبابرة والعمالقة بالشام، أو مصر دار فرعون. {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (146) والذين كذبوا بآياتنا ولقآء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (147) واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين (148) ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين (149) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 146 - {سأصرف عن آياتي} أمنع عن فهم القرآن، أو أجزيهم على كفرهم بإضلالهم عما جاء به من الحق، أو أصرفهم عن دفع الانتقام عنهم {يَتَكَبَّرُونَ} عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم أو يحقرون الناس ويرون لهم عليهم فضلاً. {الرُّشْدِ} الإيمان، والغي: الكفر، أو الرشد: الهدى، والغي: الضلال. / {غَافلِينَ} عن الإيمان، أو عن الجزاء. {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (150) قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين (151) إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين (152) والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وءامنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (153) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 150 - {أَسِفاً} حزيناً، أو شديد الغضب، أو مغتاظاً، أو نادماً. والأَسِف: المتأسف على فوت ما سلف، غضب عليهم لعبادة العجل أسفاً على ما فاته من المناجاة، أو غضب على نفسه من تركهم حتى ضلُّوا أسفاً على ما رآهم عليه من المعصية، قال بعض المتصوفة: أعضبه الرجوع عن مناجاة الحق إلى مخاطبة الخلق. {أَمْرَ رَبِّكُمْ} وعده بالأربعين، ظنوا موت موسى - عليه الصلاة والسلام - لما لم يأتهم على رأس الثلاثين، أو وعده بالثواب على عبادته فعدلتم إلى عبادة غيره، والعجلة: التقدم بالشيء قبل وقته، والسرعة: عمله في أول أوقاته. {وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ} غضباً لما رأى عبادة العجل، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو لما رأى فيها أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أخرجت لناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد فاشتدّ عليه فألقاها، قاله قتادة. فلما ألقاها تكسرت ورفعت إلا سبعها، وكان في المرفوع تفصيل كل شيء، وبقي الهدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 والرحمة في الباقي ف {أَخَذَ الآَلْوَاحَ وَفِي نسختها هدى ورحمة} [154] وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - تكسرت الألواح ورُفعت إلا سدسها. {بِرَأْسِ أَخِيهِ} بأذنه، أو شعر رأسه، كما يقبض الرجل منا على لحيته ويعض على شفته، أو يجوز أن يكون ذلك في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن من الهوان. {أبْنَ أُمَّ} كان أخاه لأبويه، أو استعطفه بالرحمة كما في عادة العرب قال: (يا ابن أمي ويا شُقَيِّقَ نفسي ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .) {مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} لا تغضب عليَّ كما غضبت عليهم، فرق له، ف {قال ربي اغفر لي ولأخي} [151] . {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون (154) واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهآء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشآء وتهدي من تشآء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين (155) واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنآ إليك قال عذابي أصيب به من أشآء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (156) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 155 - {لِّمِيقَاتِنَا} الميقات الأول الذي سأل فيه الرؤية أو ميقات آخر للتوبة من عبادة العجل. {أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} لسؤالهم الرؤية أو لأنهم لم ينهوا عن عبادة العجل، والرجفة: زلزلة، أو موت أُحيوا بعده، أو نار أحرقتهم فظنّ موسى - عليه الصلاة والسلام - أنهم هلكوا ولم يهلكوا. {أَتُهْلِكُنَا} نفى أن يعذب إلا من ظلم، أو الاستفهام على بابه، خاف من عموم العقوبة، كقوله {لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [الأنفال: 25] {فِتْنَتُكَ} عذابك، أو اختبارك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 156 - {حَسَنَةً} نعمة، سميت بذلك لحسن وقعها في النفوس، أو ثناءً صالحاً، أو مستحقات الطاعة. {هُدْنَآ} تُبنا، أو رجعنا بالتوبة إليك هاد يهود: رجع، أو تقرَّبنا بالتوبة إليك، ما له عندي هوادة سبب يقربه {مَنْ أَشَاءُ} من خلقي، أو من أشاء في التعجيل والتأخير. {وَرَحْمَتِى} توبتي، أو الرحمة خاصة بأمة محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو تسع رحمته في الدنيا البر والفاجر وتختص / في الآخرة بالمتقين قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - {يَتَّقُونَ} الشرك، أو المعاصي. {الزَّكَاةَ} من أموالهم عند الجمهور، أو يتطهَّرون بالطاعة، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {فَسَأكْتُبُهَا} لما انطلق موسى - عليه الصلاة والسلام - بوفد من بني إسرائيل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 قال الله - تعالى -: قد جعلت لهم الأرض طهورا ومساجد يصلون ومساجد يصلَّون حيث أدركتهم الصلاة إلا عند مرحاض، أوقبر أو حمام، وجعلت السكينة في قلوبهم، وجعلتهم يقرءون التوراة عن ظهر قلب، فذكره موسى عليه الصلاة والسلام لهم فقالوا: لا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا فاجعلها في تابوت، ولا نقرأ التوراة إلا نظراً، ولا نصلي إلا في الكنيسة، فقال الله - تعالى - فسأكتبها - يعني السكينة والقراءة والصلاة لمتبعي محمد صلى الله عليه وسلم. {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويرحم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النورالذي أنزل معه أولائك هم المفلحون (157) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون (158) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 157 - {الأُمِّىَّ} لأنه لا يكتب، أو لأنه من أم القرى - مكة - أو لأنه من أمة أمية هي العرب. {بِالْمعْرُوفِ} بالحق، لأن العقول تعرف صحته. {الْمُنكَرِ} الباطل لإنكارها صحته. {الطَّيِّبَاتِ} الشحوم المحرمة عليهم، أو ما حرمته الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. {الْخَبَائِثَ} لحم الخنزير والدماء. {إِصْرَهُمْ} العهد على العمل بما في التوراة، أو تشديدات دينهم كتحريم السبت والشحوم والعروق وغير ذلك. {وَالأَغْلآَلَ) {قوله} (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 [المائدة: 64] أو عهده فيما حرمه عليهم سماه غلاًّ للزومه. {وَعَزَّرُوهُ} عظَّموه، أو منعوه من عدوه. {النُّورَ} القرآن، يسمون ما ظهر ووضح نوراً. {أُنزِلَ مَعَهُ} عليه، أو في زمانه، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أي الخلق أعجب إليكم إيماناً، قالوا: الملائكة، فقال: هم عند ربهم فما لهم لا يؤمنون، فقالوا: النبيون، فقال: النبيون يُوحى إليهم فما لهم لا يؤمنون، قالوا: نحن، فقال: أنا فيكم فما لكم لا تؤمنون، قالوا: فمَن، قال: قوم يكونون بعدكم فيجدون كتاباً في ورق فيؤمنون به " هذا معنى قوله {وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ} . {وَمِن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (159) وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أمماً وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (160) وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين (161) فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزاً من السمآء بما كانوا يظلمون (162) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 159 - {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ} الذين صدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم كابن سلام وابن صوريا، أو قوم وراء الصين لم تبلغهم دعوة الإسلام، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو الذين تمسكوا بالحق لما قُتلت الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 161 - {الْقَرْيَةَ} لاجتماع الناس إليها، أو الماء، قَرَى الماء في حوضه جمعه، بيت المقدس، أو الشام. {وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون (163) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 163 - {حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} أيلة، أو ساحل مدين، أو مدين، قرية بين إيلة والطور، أو مقنا بين مدين وعينونا، أو طبرية {واسألهم} توبيخاً على ما سلف من الذنوب. {شُرَّعًا} طافية على الماء ظاهرة، شوارع البلد لظهورها، أو تشرع على أبوابهم كأنهم الكباش البيض رافعة رؤوسها، أو تأتيهم من كل مكان / فتعدوا بأخذها في السبت. {وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون (164) فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (165) فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (166) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 165 - {نَسُواْ} تركوا {مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. {ظَلَمُواْ} بترك المعروف وإتيان المنكر. {بَئِيس} شديد، أو رديء، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 عذاب مقترن بالبؤس وهو الفقر، هلك المعتدون، ونجا المنكرون، ونجت التي لم تَعْتَدِ ولم تنكر، وقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: لا أدري ما فعلت. {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم (167) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 167 - {تَأَذَّنَ} أعلم، أو أقسم، قاله الزجاج. {لَيَبْعَثَنَّ} على اليهود العرب، و {سُوءَ الْعَذَابِ} الصغار والجزية، قيل أول من وضع الخراج من الأنبياء موسى - عليه الصلاة والسلام - جباه سبع سنين، أو ثلاث عشرة سنة ثم أمسك. {وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون (168) فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (169) والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين (170) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 168 - {وَقَطَّعْنَاهُمْ} فرقناهم ليذهب تعاونهم، أو ليتميز الصالح من المفسد، أو انتقاماً منهم. {بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} الثواب والعقاب، أو النعم والنقم، أو الخصب والجدب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 169 - {خَلْفٌ} وخَلَف واحد، أو بالسكون للذم، وبالفتح للحمد، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 الأظهر، والخلف: القرن، أو جمع خالف، وهم أبناء اليهود ورثوا التوراة عن آبائهم، أو النصارى خلفوا اليهود وورثوا الإنجيل لحصوله معهم. {عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى} الرشوة على الحكم إجماعاً، سمي عرضاً لقلة بقائه، الأدنى: لأنه من المحرمات الدنية، أو لأخذه في الدنيا الدانية. {وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} عبّر به عن إصرارهم على الذنوب، أو أراد لا يشبعهم شيء فهم لا يأخذونه لحاجة، قاله الحسن، - رضي الله تعالى عنه - {وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ} تركوه، أو تلوه وخالفوه على علم. {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون (171) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 171 - {نَتَقْنَا} زحزحنا، أو جذبنا، النتق: الجذب، والمرأة الولود ناتق لاجتذابها ماء الفحل، أو لأن ولادها كالجذب، أو رفعناه عليهم من أصله لما أبوا قبول فرائض التوراة لمشقتها، وعظهم موسى - عليه الصلاة والسلام - فلم يقبلوا فرفع الجبل فوقهم، وقيل: إن أخذتموه بجد واجتهاد وإلا أُلقي عليكم، فأخذوه بجد ثم نكثوا بعده، وكان نتقه نقمة بما دخل عليهم من رعبة وخوفه، أو نعمة لإقلاعهم عن المعصية. {وَظَنُّواْ} على بابه، أو أيقنوا {ما آتيناكم} التوراة. {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) أو تقولوا أنما أشرك ءاباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهكلنا بما فعل المبطلون (173) وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون (174) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 172 - {أَخَذَ رَبُّكَ} أخرج الأرواح قبل الأجساد في الجنة، أو بعد هبوط آدم إلى الأرض، وخلق فيها المعرفة فعرفت من خاطبها، أو خلق الأرواح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 والأجساد معاً في الأرض - مكة والطائف - فأخرجهم كالذر في الدور الأول مسح ظهره، فخرج من صفحة ظهره اليمنى أصحاب الميمنة بيضاً كالذر، وخرج أصحاب المشأمة من اليسرى سوداً كالذر وألهمهم ذلك، فلما شهدوا على أنفسهم مؤمنهم وكافرهم أعادهم، أو أخرج الذرية قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر. {وَأَشهَدَهُمْ} بما شهدوه من دلائل قدرته، أو بما اعترفوا به من ربوبيته، فقال للذرية لما أخرجهم على لسان الأنبياء {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} بعد كمال عقولهم. قاله الأكثر، أو جعل للهم عقولاً علموا بها ذلك فشهدوا به، أو قال للآباء بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 إخراج ذريتهم كما خلقت ذريتكم فكذلك خلقتكم فاعترفوا بعد قيام الحجة، والذرية من ذرأ الله - تعالى - الخلق أحدثهم وأظهرهم، أو لخروجهم من الأصلاب كالذر. {واتل عليهم نبأ الذي ءاتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (175) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (176) سآء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (177) من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون (178) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 175 - {الذي آتيناه آياتنا} بلعم بن باعورا من أهل اليمن، أو من الكنعانيين، أو من بني صاب بن لوط، أو أمية بن أبي الصلت الثقفي، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 من أسلم من اليهود والنصارى ونافق. {آياتنا} الاسم الأعظم الذي تُجاب به الدعوات، أو كتاب من كتب الله - تعالى - قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت عنهم ففعل ولا يصح هذا. {فَانسَلَخَ} سُلب المعرفة بها لأجل عصيانه، أو انسلخ من الطاعة مع بقاء علمه بالآيات، حُكي أن بلعم رُشي على أن يدعو على قوم موسى - عليه الصلاة والسلام - بالهلاك فسها فدعا على قوم نفسه فهُلكُوا. {فأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} صيَّره لنفسه تابعاً لما دعاه فأجابه، أو الشيطان متبعه من الإنس على كفره، أو لحقه الشيطان فأغواه، اتبعت القوم: لحقتهم وتبعتهم: سرت خلفهم. {الْغَاوِينَ} الهالكين، أو الضالين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 176 - {لَرَفَعْنَاهُ} لأمتناه ولم يكفر، أو لحلنا بينه وبين الكفر فارتفعت بذاك منزلته. {أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} ركن إلى أهلها في خدعهم إياه، أو ركن إلى شهواتها فشغلته عن الطاعة. {كالكلب} اللاهث في ذلته ومهانته، أو لأن لهثه لا ينفعه. {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بهآ اولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (179) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 179 - {كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} عام، أو يراد به أولاد الزنا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 لمسارعتهم إلى الكفر لخبث نطفهم. {لاَّ يَفْقَهُونَ} الحق بقلوبهم و {لاَّ يُبْصِروُنَ} الرشد بأعينهم، و {لاَّ يَسْمَعُونَ} الوعظ بآذانهم. {كَالأَنْعَامِ} همهم الأكل والشرب، أو لا يعقلون الوعظ. {هُمْ أَضَلُّ} لعصيانهم، أو لتوجه الأمر إليهم دونها. {ولله الأسمآء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمآئه سيجزون ما كانوا يعملون (180) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 180 - {الأسماء الحسنى} كل أسمائه حسنى والحسنى ها هنا ما مالت إليه القلوب من وصفة بالعفو والرحمة دون الغضب والنقمة، أو أسماؤه التي يستحقها لذاته وأفعاله. {فَادْعُوهُ بِهَا} عظَّموه بها تعبداً له بذكرها، أو اطلبوا بها وسائلكم {يُلْحِدُونَ} بتسمية الأوثان آلهة والله أبا المسيح، أو اشتقاقهم اللات من الله، والعزى من العزيز، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ويلحدون: يكذبون، أو يشركون، أو يجورون. {وممن خلقنآ أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (181) والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (182) وأملي لهم إن كيدي متين (183) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 181 - {أُمَّةٌ يَهْدُونَ} الأنبياء والعلماء، أو هذه الأمة مروي عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 الرسول صلى الله عليه وسلم يهدون إلى الإسلام بالدعاء إليه ثم بالجهاد عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 182 - / {سَنَسْتَدْرِجُهُم} الاستدراج: أن يأتي الشيء من حيث لا يعلم، أو أن ينطوي منزلة بعد منزلة من الدرج لانطوائه على شيء بعد شيء، أو من الدرجة لانحطاطه عن منزلة بعد منزلة، يستدرجون إلى الكفر، أو إلى الهلكة بالإمداد بالنعم ونسيان الشكر، أو كلما أحدثوا خطيئة جدد لهم نعمة، والاستدراج بالنعم الظاهرة، والمكر بالباطنة. {لا يعلمون} بالاستدارج، أو الهلكة. {أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين (184) أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون (185) من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (186) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 186 - {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ} يحكم بضلاله في الدين، أو يضله عن طريق الجنة إلى النار. {طُغْيانِهِمْ} الطغيان: إفراط العدوان. {يَعْمَهُونَ} يتحيَّرون، العمه في القلب كالعمى في العين، أو يتردَّدون. {يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتهآ إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلون كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون (187) قل لآ أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شآء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 187 - {يسألونك عَنِ السَّاَعَةِ} اليهود، أو قريش. {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} : متى، {مُرْسَاهَا} : قيامها، أو منتهاها، أو ظهورها. {حَفِىُّ عَنْهَا} عالم بها، أو تقديره: يسألونك عنها كأنك حفي بهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 188 - {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} لو علمت متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح، أو لو علمت سنة الجدب لادخرت لها من سنة الخصب أو لو علمت الكتب المنزَلة لاستكثرت من الوحي، أو لاشتريت في الرخص وبعت في الغلاء، وهو شاذ، أو لو علمت أسراركم وما في قلوبكم لأكثرت لكم من دفع الأذى واجتلاب النفع. {وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ} ما بي جنون، أو ما مسني الفقر لاستكثاري من الخير، أو ما دخلت عليَّ شبهة. {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفاً فمرت به فلمآ أثقلت دعوا الله ربهما لئن ءاتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين (189) فلمآ ءاتاهما صالحاً جعلا له شركآء فيمآ ءاتاهما فتعالى الله عما يشركون (190) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 189 - {نَّفْسٍ وَاحِدةٍ} آدم {زَوْجَهَا} حواء {لِيَسْكُنَ} ليأوي، أو ليألفها ويعطف عليها. {خَفِيفاً} النطفة. {فَمَرَّتْ بِهِ} استمرت إلى حال الثقل، أو شكت هل حملت أم لا؟ قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. {دَّعَوَا} آدم وحواء. {صَالِحاً} غلاماً سويّاً، أو بشراً سويّاً، لأن إبليس أوهمها أنه بهيمة، {جَعَلا لَهُ شُرَكَآءَ} كان اسم إبليس في السماء " الحارث " فلما ولدت حواء، قال: سميه " عبد الحارث " فسمّته " عبد الله " فمات فلما ولدت ثانياً قال لها ذلك فأبت، فلما حملت ثالثاً قال لها ولآدم - عليه الصلاة والسلام _ أتظنان أن الله - تعالى - يترك عبده عندكما لا والله ليذهبن به كما ذهب بالأخوين، فسمياه بذلك فعاش فكان إشراكهما في الاسم دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 العبادة، أو جعل ابن آدم وزوجته لله شركاء من الأصنام فيما آتاهما، قاله الحسن. {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون (191) ولا يستطيعون لهم نصراً ولآ أنفسهم ينصرون (192) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سوآء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (193) إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين (194) ألهم أرجل يمشون بهآ أم لهم أيد يبطشون بهآ أم لهم أعين يبصرون بهآ أم لهم ءاذان يسمعون بها قل ادعوا شركآءكم ثم كيدون فلا تنظرون (195) إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين (196) والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولآ أنفسهم ينصرون (197) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (198) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 195 - {أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ} في مصالحهم {أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ} في الدفاع عنكم {أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ} منافعكم ومضاركم {آذان يَسْمَعونَ بِهَا} دعاءكم. فكيف تعبدون من أنتم أفضل منه وأقدر؟ . {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم (200) إن الذين اتقوا إذا مسهم طآئف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (201) وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (2025} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 199 - {الْعَفْوَ} من أخلاق الناس وأعمالهم، أو من أموال المسلمين، ثم نسخ بالزكاة، أو العفو عن المشركين ثم نسخ / بالجهاد {بِالْعُرْفِ} بالمعروف، أو لما نزلت قال الرسول صلى الله عليه وسلم " يا جبريل ما هذا؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالِم، ثم عاد فقال: يا محمد إن الله - تعالى - يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 200 - {نَزْغٌ} انزعاج، أو غضب، أو فتنة، أو إغواء، أو عجلة {فَاسْتَعِذْ} فاستجر. {سَمِيعٌ} لجهل الجاهل {عَلِيمٌ} بما يزيل النزغ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 201 - {طيف} و {طَآئِفٌ} واحد وهو لمم كالخيال يلم بالإنسان، أو وسوسة، أو غضب، أو نزغ، أو الطيف: الجنون، والطائف: الغضب، أو الطيف اللمم، والطائف كل شيء طاف بالإنسان. {تَذَكَّرُواْ فإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} علموا فانتهوا، أو اعتبروا فاهتدوا. {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنمآ أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصآئر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 203 - {اجْتَبَيْتَهَا} أتيت بها من قِبَلِك، أو اخترتها لنفسك، [أو] تقبلتها من ربك، أو طلبتها لنا قبل مسألتك. {وإذا قرىء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 204 - {فاستمعوا له} لا تقابلوه بكلام ولا اعتراض، نزلت في المأموم ينصت ولا يقرأ، أو في الإنصات لخطبة الجمعة، أو نسخت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 جواز الكلام في الصلاة. {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين (205) إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون (206) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 205 - {وَاذْكُر رَّبَّكَ} خلف الإمام بالقراءة سراً، او عند سماع الخطبة، أو في عموم الأحوال اذكره بقلبك أو بلسانك في دعائك وثنائك {تَضَرُّعاً} الخشوع والتواضع. {وَدُونَ الْجَهْرِ} إسرار القول بالقلب، أو اللسان. {بِالْغُدُوِّ وَالأَصَالِ} بالبُكَر والعشيات، أو الغدو: آخر الفجر صلاة الصبح والآصال: آخر العشي صلاة العصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 206 - {عِبَادَتِهِ} الصلاة والخضوع فيها، أو امتثال الأوامر واجتناب النواهي، قاله الجمهور {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} نزلت لما قالوا أنسجد لما تأمرنا، إذا كانت الملائكة مع شرفها تسجد فأنتم أولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 (سورة الأنفال) مدنية، أو مدنية إلا سبع آيات {وإذ يمكر بك} إلى آخر السبع [30 - 36] لما سألوا عن الأنفال يوم بدر نزلت. (بسم الله الرحمن الرحيم) {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين (1) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 1 - {الأَنفَالِ} الغنائم، أو [أنفال] السرايا التي تتقدم أمير الجيش، أو ما شذْ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو دابة، أو خمس الفيء والغنائم الذي لأهل الخمس، أو الزيادة يزيدها الإمام لبعض الجيش لما يراه من الصلاح، والنفل: العطية، والنوفل: الكثير العطايا، أو النفل: الزيادة من الخير ومنه صلاة النافلة، سألوا عن الأنفال لجهلهم بِحِلها لأنها كانت حراماً على الأمم فنزلت، أو نزلت فيمن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار [واختلفوا] وكانوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 أثلاثاً فملكها الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم فقسمها كما أراه، أو لما قتل سعد بن أبي وقاص سعيد بن أبي العاص يوم بدر وأخذ سيفه وقال: / للرسول صلى الله عليه وسلم هبه لي فقال: اطرحه في القبض فشقّ عليه فنزلت، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اذهب فخذ سيفك، أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم بدر مَن صنع كذا فله كذا وكذا فسارع الشبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 وبقي الشيوخ تحت الرايات فلما فُتح عليهم طلبوا ما جعل لهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا ردءاً لكم، فنزلت، وهي محكمة، أو منسوخة بقوله - تعالى - {واعلموا أن ما غنمتم} [41] {الأنفال لله} مع الدنيا والآخرة وللرسول صلى الله عليه وسلم يضعها حيث أُمر. {وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ} برد أهل القوة على أهل الضعف، أو بالتسليم لله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم ليحكما في الغنيمة بما شاءا. {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم (4) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 2 - {وَجِلَتْ} خافت، أو رقت. {إِيمَاناً} تصديقاً، أو خشية. {كمآ أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون (5) يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون (6) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين (7) ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون (8) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 5 - {كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ} بمكة إلى المدينة مع كراهية فريق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 من المؤمنين، كذلك ينجز نصرك، أو من بيتك بالمدينة إلى بدر كذلك جعل لك غنيمة بدر، {بِالْحَقِّ} ومعك الحق، أو بالحق الذي وجب عليك. {لَكَارِهُونَ} خروجك، أو صرف الغنيمة عنهم، لأنهم لم يعلموا أن الله - تعالى - جعله لرسوله صلى الله عليه وسلم دونهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 6 - {يجادلونك} بعض المؤمنين خرجوا لطلب العيرففاتهم فأمروا بالقتال فقالوا: ما تأهَّبنا للقاء العدو، فجادلوا بذلك طلباً للرخصة، أو المجادل المشركون قاله ابن زيد. {فِى الْحَقِّ} القتال يوم بدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 7 - {إِحْدَى الطَّآئِفَتَيْنِ} عِير أبي سفيان أو قريش الذين خرجوا لمنعها. {الشَّوْكَةِ} كنى بها عن الحرب، وهي الشدة لما في الحرب من الشدة، أو الشوكة من قولهم: رجل شاكٍ في السلاح. {يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} يظهر الحق بإعزاز الدين بما تقدّم من وعده، أو يحق الحق في أمره بالجهاد، نزلت هذه الآية قبل قوله {كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بيتك} [5] قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - ((فقيل للرسول صلى الله عليه وسلم يوم بدر: عليك بالعير ليس دونها شيء فقال: العباس وهو أسير - ليس لك ذلك، قال / لمَ؟ قال: لأن الله - تعالى - وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك)) . {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين (9) وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 عزيز حكيم (10) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 9 - {تَسْتَغِيثُونَ} تستنصرون، أو تستجيرون، فالمستجير: طالب الخلاص، والمستنصر: طالب الظفر، والمستغيث: المسلوب القدرة، والمستعين: الضعيف القدرة. {فاستجاب لكم} أغاثكم، الاستجابة ماتقدمها امتناع، والإجابة مالم يتقدمها امتناع وكلاهما بعد السؤال. {مُرْدِفِينَ} مع كل ملك ملك فهم ألفان، أو متتابعين، أو ممدين للمسلمين، والإرداف: الإمداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 10 - / {إلا بشرى} الإمداد هو البشرى، أوبشرتهم الملائكة بالنصر فكانت هي البشرى المذكورة، وقاتلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أو نزلوا بالبشرى ولم يقاتلوا، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ} لا من الملائكة. {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيكان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام (11) إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان (12) ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب (13) ذالكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار (14) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 11 - {النعاس} غشيهم النعاس ببدر فهوم الرسول صلى الله عليه وسلم وكثير من أصحابه - رضي الله تعالى عنهم - فناموا، فبشر جبريل - عليه السلام - الرسول صلى الله عليه وسلم بالنصر، فأخبر به أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - مَنَّ عليهم به لما فيه من زوال رعبهم، والأمن مُنيم والخوف مُسهر، أو منَّ به لما فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 من الاستراحة للقتال من الغد. والنعاس محل الرأس مع حياة القلب، والنوم يحل القلب بعد نزوله من الرأس قاله سهل بن عبد الله التستري. {أمنة) من العدو، أومن الله تعالى، والأمنة: الدعة وسكون النفس. {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً} لتلبيد الرمل ويطهرهم من وساوس الشيطان التي أرعبهم بها أو من الأحداث والأنجاس التي أصابتهم قاله الجمهور، أنزل ماء طهر به ظواهرهم، ورحمة نَوَّر بها سرائرهم قاله ابن عطاء، ووصفه بالتطهير، لأنها أخص أوصافه وألزمها. {رِجْزَ الشَّيْطَانِ} [قوله] : إن المشركين قد غلبوهم على الماء، أو قوله: ليس لكم بهؤلاء طاقة. {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} لتلبيده الرمل الذي لا يثبت عليه قدم، أو بالنصر الذي أفرغه عليهم حتى يثبتوا لعدوهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 12 - {إني معكم} معينكم. {فثبتوا الذين آمنوا} بحضوركم الحرب، أو بقتالكم يوم بدر، أو بقولكم لا بأس عليكم من عدوكم. {سَأُلْقَى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} قال ذلك للملائكة إعانة لهم، أو ليثبتوا به المؤمنين. {فَوْقَ الأَعْنَاقِ} فوق صلة، أو الرؤوس التي فوق الأعناق أو على الأعناق، أو أعلى الأعناق، أو جلدة الأعناق. {بَنَانٍ} مفاصل أطراف الأيدي والأرجل، والبنان أطراف أصابع اليدين والرجلين. {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار (15) ومن يولهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (16) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 15 - {زَحْفاً} الدنو قليلاً قليلاً. {فَلا تُوَلُّوهُمُ} ولا تنهزموا، عام في كل مسلم لاقى العدو، أو خاص بأهل بدر، ولزمهم في أول الإسلام أن لا ينهزم المسلم عن عشرة بقوله - تعالى - {إن يكن منكم عشرون} إلى قوله - تعالى - {لا يفقهون} [65] ما فرض الله - تعالى - عليهم من الإسلام، أو لا يعلمون ما فرض عليهم من القتال، فلما كثروا واشتدت شوكتهم نسخ ذلك بقوله - تعال -: {الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ [وعلم أن فيكم] ضعفا} [66] و {ضَعْفاً} واحد، أو بالفتح في الأموال وبالضم في الأحوال، أو بالضم في النيات وبالفتح في الأبدان، أو بالعكس فيهما. {مَعَ الصَّابِرينَ} على القتال بإعانتهم على أعدائهم / أو الصابرين على الطاعة بإجزال ثوابهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 16 - {بَآءَ بِغَضَبٍ} بالمكان الذي استحق به الغضب، من المبوأ وهو المكان. {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم (17) ذالكم وأن الله موهن كيد الكافرين (18) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 17 - {وما رميت} أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب يوم بدر فرماهم بها، وقال شاهت الوجوه، فألقى الله - تعالى - القبضة في أبصارهم فشغلوا بأنفسهم وأظهر الله - تعالى - المسلمين عليهم فذلك قوله - تعالى -: {وَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 رَمَيْتَ} ، أو ما ظفرت إذ رميت ولكن الله - تعالى - أظفرك، أو {وَمَا رَمَيْتَ} قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ولكن الله - تعالى - ملأ قلوبهم رعبا، أو وما رمي أصحابك بالسهام ولكن الله رمى بإعانة الريح لسهامهم حتى تسددت وأصابت أضاف رميهم إليه لأنهم رموا عنه {بَلآءً حَسَناً} الإنعام بالظفر والغنيمة. {إِن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين (19) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 19 - {إِن تَسْتَفْتِحُواْ) أيها المشركون تستقضوا {فَقَدْ جَآءَكُمُ} قضاؤنا بنصر الرسول صلى الله عليه وسلم عليكم. أو الفتح: النصر، فقد جاء نصر الرسول صلى الله عليه وسلم عليكم، قالوا يوم بدر: اللهم أقطعنا للرحم وأظلمنا لصاحبه فانصر عليه فنصر المسلمون. {وَإِن تَعُودُوا} إلى الاستفتاح {نَعُدْ} إلى نصر الرسول صلى الله عليه وسلم أو إن تعودوا إلى التكذيب نعد إلى مثل هذا التصديق. أو إن تستفتحوا أيها المسلمون فقد جاءكم النصر لأنهم استنصروا فنصروا. {وَإِن تَنتَهُواْ} عما فعلتموه في الأسرى والغنيمة، {وَإِن تَعُودُواْ} إلى الطمع {نَعُدْ) إلى المؤاخذة، أو إن تعودوا إلى ما كان منكم في الأسرى والغنيمة نعد إلى الإنكار عليكم. {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون (20) ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21) إن شر الدواب عند الله الصم البكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 الذين لا يعقلون (22) ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (23) } 22 - ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 23 - {شر الدواب} نزلت في بني عبد الدار. {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ} الحجج والمواعظ سماع تفهيم، أو لأسمعهم كلام الذي طلبوا إحياءه من قصي بن كلاب وغيره يشهدون بنبوتك، أو لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه. {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة واعلموا أن الله شديد العقاب (25) واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فئاواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون (26) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 24 - {اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ} بطاعته لما كانت في مقابلة الدعاء سماها إجابة {لِمَا يُحْيِيكُمْ} الإيمان، أو الحق، أو ما في القرآن، أو الحرب وجهاد العدو، أو ما فيه دوام حياة الآخرة، أو كل مأمور {يَحُولُ بَيْنَ} الكافر والإيمان وبين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 المؤمن والكفر قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو بين المرء وعقله فلا يدري ما يعمل، أو بين المرء وقلبه أن يقدر على إيمان أو كفر إلا بإذنه، أو هو قريب من قلبه يحول بينه وبين أن يخفي عليه سره أو جهره. فهو {أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد} [ق: 16] وهذا تحذير شديد قاله قتادة، أو يفرق بينه وبين قلبه بالموت فلا يقدر على استدراك فائت، أو بينه وبين ما يتمنى بقلبه من البقاء وطول العمر والظفر والنصر، أو بينه وبين ما في قلبه من رعب وخوف وقوة وأمن، فيأمن المؤمن بعد خوفه ويخاف الكافر بعد أمنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 25 - {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً} أُمروا أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم / فيعمهم العذاب، قاله " ع "، أو الفتنة: ما يبتلى به الإنسان، أو الأموال والأولاد، أو نزلت في النكاح بلا ولي، قاله بشر بن الحارث {لاَّ تُصِيبَنَّ} الفتنة، أو عقابها، أو دعاء للمؤمن ألا تصيبه فتنة قاله الأخفش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 26 - {قَلِيلٌ} بمكة تستضعفكم قريش، ذّكَّرهم نعمه، أو أخبرهم بصدق وعده. {يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} كفار قريش، أو فارس والروم. {فَآوَاكُمْ} إلى المدينة، أو جعل لكم مأوى تسكنونه آمنين {وَأَيَّدَكُم} قوَّاكم بنصره يوم بدر. {الطَّيِّبَاتِ} الحلال من الغنائم، أو ما مكنوا فيه من الخيرات، قيل نزلت في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 المهاجرين خاصة بعد بدر. {يآ أيها الذين ءامنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (27) واعلموا أنمآ أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم (28) يآ أيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم (29) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 27 - {لا تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} كما صنع المنافقون، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -، أو لا تخونوا فيما جعله لعباده في أموالكم. {أَمَانَاتِكُمْ} ما أخذتموه من الغنيمة أن تحضروه إلى المغنم، أو ما ائتمنكم الله عليه من الفرائض والأحكام [أن] تؤدوها بحقها، ولا تخونوا بتركها، أو عام في كل أمانه {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنها أمانة بغير شبهة، أو ما في الخيانة من المأثم. قيل نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر لما أرسل إلى بني قريظة لينزلوا على حكم سعد فاستشاروه، وكان أحرز أمواله وأولاده عندهم، فأشار بأن لا يفعلوا، وأومأ بيده إلى حلقه إنه الذبح فنزلت إلى قوله: {واعلموا أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وأولادكم فتنة} [28] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 29 - {فُرْقَاناً} هداية في القلوب تفرِّقون بها بين الحق والباطل، أو مخرجاً من الدنيا والآخرة، أو نجاة، أو فتحاً ونصراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (30) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 30 - {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ} لما تآمرت قريش على الرسول صلى الله عليه وسلم في دار الندوة، فقال عمرو بن هشام: قيِّدوه واحبسوه في بيت نتربَّص به رَيْب المنون، وقال أبو البختري أخرجوه عنكم على بعير مطروداً تستريحون من أذاه، فقال أبو جهل، ما هذا برأي، ولكن ليجتمع عليه من كل قبيلة رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد فيرضى حينئذ بنو هاشم بالدية، فأعلم الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك فخرج إلى الغار ثم هاجر منه إلى المدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 {لِيُثْبِتُوكَ} في الوثاق " ع " أو في الحبس، أو يجرحوك، أثبته في الحرب: جرحه. {أَوْ يُخْرِجُوكَ} نفياً إلى طرف من الأطراف، أو على بعير مطروداً حتى تهلك، أو يأخذك بعض العرب فيريحهم منك. {وإذا تتلى عليهم ءاياتنا قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هذآ إن هذآ إلآ أساطير الأولين (31) وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السمآء أو ائتنا بعذاب أليم (32) وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 31 - {لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا} نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة، ونزلت فيه {وَإِذْ قَالُواْ اللهم إن كان هذا} [32] و {سَأَلَ سَآئِلٌ} [المعارج: 1] و {رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قطنا} [ص: 16] قال عطاء: نزل فيه بضع عشرة آية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 32 - {فأمطر علينا} قاله عناداً وبغضاً للرسول صلى الله عليه وسلم أو اعتقاداً أنه ليس بحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 33 - {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ} وقد بقي فيهم من المسلمين من يستغفر، أو لا يعذبهم / في الدنيا وهم يقولون غفرانك في طوافهم، أو الاستغفار: الإسلام، أو هو دعاء إلى الاستغفار معناه لو استغفروا لم يُعذَّبوا، أو ما كان الله مهلكهم وقد علم أن لهم ذرية يؤمنون ويستغفرون. {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليآءه إن أوليآؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون (34) وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكآء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (35) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 35 - {مُكَآءً} إدخال أصابعهم في أفواههم، أو أن يشبك بين أصابعه ويُصفِّر في كفه بفمه، والمكاء الصفير، قال: ( ... ... ... ... ... ... ... . . ... تمكو فريصته كشدق الأعلم) {وَتَصْدِيَةً} التصفيق، أو الصد عن البيت الحرام، أو تصدى بعضهم لبعض ليفعل مثل فعله ويُصفِّر له إن غفل عنه، أو من صد يصد إذا ضج، أو الصدى الذي يجيب الصائح فيرد عليه مثل قوله، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلّى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبدار عن يمينه يصفران صفير المكاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 - وهو طائر - ورَجُلان عن يساره يصفقان بأيديهما ليخلطوا على الرسول صلى الله عليه وسلم - القراءة والصلاة، فنزلت، وسماها صلاة لأنهم أقاموها مقام الدعاء والتسبيح، أو كانوا يعملون كعمل الصلاة. {فَذُوقُواْ} فالقوا، أو فجربوا عذاب السيف ببدر، أو يقال لهم ذلك في عذاب الآخرة. {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون (36) ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون (37) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 36 - {يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} نفقة قريش في القتال ببدر، أو استأجر أبو سفيان يوم أُحُد ألفين من الأحابيش من كنانة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 37 - {الْخَبِيثَ} الحرام، والطيب: الحلال، أو الخبيث: ما لم تخرج منه حقوق الله - تعالى - والطيب: ما أُخرجت منه حقوقه. {بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} يجمعه في الآخرة وإن تفرقا في الدنيا. {فَيَرْكُمَهُ} يجعل بعضه فوق بعض. {فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} يعذبون به {يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 35] أو يجعلها معهم في النار ذلاًّ وهواناً كما كانت في الدنيا نعيماً وعزاً. {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين (38) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير (39) وإن تولوا فاعلموا أن الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 مولاكم نعم المولى ونعم النصير (40) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 38 - {وإن يعودوا} إلى الحرب {فقد مضت سنة} قتلى بدر وأسراهم، أو إن يعودوا إلى الكفر فقد مضت سنة الله - تعالى - بإهلاك الكفرة، ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - نزلت لما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح فقال: ما في ظنكم وما ترون أني صانع بكم، فقالوا: ابن عم كريم فإن تعفُ فذاك الظن بك، وإن تنتقم فقد أسأنا، فقال: بل أقول كما قال يوسف لإخوته: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم} الآية " [يوسف: 92] فنزلت، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " اللهم كما أذقت أول قريش نكالاً فأذق آخرهم نوالاً ". {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم ءامنتم بالله ومآ أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير (41) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 41 - {غنمتم} ذكر الغنيمة ها هنا والفيء في الحشر وهما واحد، ونسخت آية الحشر بهذه، أو الغنيمة ما أُخذ عَنوة، والفيء ما أُخذ صلحاً، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 أو الغنيمة ما ظهر عليه المسلمون من الأموال، والفيء ما ظهر عليه من الأرضين. {لِلَّهِ خُمُسَهُ} افتتاح كلام، وله الدنيا والآخرة، المعنى للرسول / خمسه أو الخمس لله ورسوله يصرف سهم الله في بيته، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ الخمس فيضرب فيه بيده فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة وهو سهم الله. {وَلِلرَّسُولِ} افتتاح كلام - أيضاً - ولا شيء له من ذلك فيقسم الخمس على أربعة " ع "، أو للرسول الخمس عند الجمهور، ويكون سهمه للخليفة بعده، أو يورث عنه، أو يرد على السهام الباقية فيقسم الخمس على أربعة، أو يصرف إلى الكراع والسلاح فعله أبو بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما -، أو إلى المصالح العامة. {وَلِذِى الْقُرْبَى} بنو هاشم، أو قريش، أو بنو هاشم وبنو المطلب، وهو باقٍ لهم أبداً، أو لقرابة الخليفة القائم بأمور الأمة، أو للإمام وضعه حيث شاء، أو يرد سهمهم وسهم الرسول صلى الله عليه وسلم على باقي السهام فتكون ثلاثة. {اليتامى} من مات أبوه من الأطفال بخلاف البهائم فإنه من ماتت أمه، ويشترط الإسلام والحاجة، ويختص بأيتام أهل الفيء أو يعم {وَابْنِ السَّبِيلِ} المسافر المسلم المحتاج من أهل الفيء، أو يعم. {الْفُرْقَانِ} يوم بدر فرق فيه بين الحق والباطل. {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وإن الله لسميع عليم (42) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 42 - {العدوة الدنيا} شفير الوادي الأدنى إلى المدينة. {والقصوى} الأقصى منها إلى مكة. {وَالرَّكْبُ} عير أبي سفيان أسفل الوادي على شط البحر بثلاثة أميال {وَلَوْ تَوَاعَدتُمْ} ثم بلغكم كثرتهم لتأخرتم ونقضتم الميعاد، [أ] ولو تواعدتم من غير معونة من الله - تعالى - لاختلفتم في الميعاد بالقواطع والعوائق، أو لو تواعدتم أن تتفقوا مجتمعين لاختلفتم بالتقدم والتأخر والزيادة والنقصان من غير قصد لذلك. {لِّيَهْلِكَ} ليقتل منهم ببدر من قتل عن حجة، وليبقى منهم من بقي عن قدره، أو ليكفر من قريش بعد الحجة من كفر ببيان ما وعدوا، ويؤمن من آمن بعد العلم بصحة إيمانهم. {إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور (43) وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور (44) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 43 - {فِى مَنَامِكَ} موضع النوم - وهي العين - فرأى قلتهم عياناً، أو ألقى عليه النوم فرأى قلتهم في نومه، قاله الجمهور: وكان ذلك لطفاً بهم. {لَّفَشِلْتُمْ} لجبنتم وانهزمتم، أو لاختلفتم في لقائهم، أو الكف عنهم. {يآ أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 تفلحون (45) وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين (46) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 46 - {فَتَفْشَلُواْ} هو التقاعد عن القتال جبناً. {رِيحُكُمْ} قوتكم، أو دولتكم، أو الريح المرسلة لنصر أولياء الله وخذلان أعدائه، قاله قتادة. {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط (47) وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (48) إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلآء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم (49) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 47 - {كَالَّذِينَ خَرَجُواْ} قريش لحماية العير فنجا بها أبو سفيان، فقال أبو جهل لا نرجع حتى نردَ بدراً وننحر جزوراً ونشرب خمراً وتعزف علينا القينات فكان من أمرهم ما كان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 48 - {زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ} ظهر لهم في صورة سراقة بن جعشم من بني كنانة. {نَكَصَ} هرب ذليلاً خازياً. {مَا لا تَرَوْنَ} من إمداد الملائكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 49 - {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} المشركون، أو قوم تكلموا بالإسلام / وهم بمكة، أو قوم مرتابون لم يظهروا عداوة النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف المنافقين، والمرض في القلب: هو الشك. {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملآئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (51) كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب (52) ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم (53) كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنآ ءال فرعون وكل كانوا ظالمين (54) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 50 - {يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ} عند قبض أرواحهم. {يَضْرِبُونَ وجوههم} يوم القيامة، أو القتل ببدر. {إن شر الدوآب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون (55) الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (56) فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (57) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 57 - {تَثْقَفَنَّهُمْ} تصادفهم، أو تظفر بهم. {فَشَرِّدْ} أنذر، أو نكل، أو بدد. {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سوآء إن الله لا يحب الخآئنين (58} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 58 - {خِيَانَةً} في نقض العهد. {فَانبِذْ إِلَيْهِمْ} ألقِ إليهم عهدهم كي لا ينسبوك إلى الغدر بهم، والنبذ: الإلقاء. {عَلَى سَوَآءٍ} مهل، أو مجاهرة بما تفعل بهم، أو على استواء في العلم به حتى لا يسبقوك إلى فعل ما يريدونه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 بك، أو عدل من غير تحيف، أو وسط. قيل نزلت في بني قريظة. {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون (59) وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخير ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون (60) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 60 - {قُوَّةٍ} السلاح، أو التظافر واتفاق الكلمة، أو الثقة بالله - تعالى - والرغبة إليه، أو الرمي مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو ذكور الخيل. {ورباط الْخَيْلِ} إناثها، أو رباطها: الذكور والإناث عند الجمهور {عَدُوَّ اللَّهِ} بالكفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 {وَعَدُوَّكُمْ} بالمباينة، أو عدو الله: هو عدوكم، لأن عدو الله - تعالى - عدو لأوليائه. {لا تَعْلَمُونَهُمُ} بنو قريظة، أو المنافقون، أو أهل فارس، أو الشياطين أو من لا تعرفون عداوته على العموم. {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم (62) وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين (62) وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (63) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 61 - {للسلم} الموادعة، أو إن تَوقفوا عن الحرب مسالمة فتوقف عنها مسالمة، أو إن أظهروا الإسلام فاقبله وإن لم تعلم بواطنهم، عامة في كل من سأل الموادعة ثم نسختها آية السيف أو خاصة بالكتابيين يبذلون الجزية، أو في معينين سألوا الموادعة فأمر بإجابتهم. {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64) يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوما لا يفقهون (65) الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 {وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين (66) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 64 - {حَسْبُكَ اللَّهُ} أن تتوكل عليه، والمؤمنون: أن تقاتل بهم، أو حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين الله، قيل نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 65 - {عِشْرُونَ} أُمروا يوم بدر أن لا يفر أحدهم عن عشرة فشقَّ عليهم فنسخ بقوله - تعالى - {الآن خفف الله عنكم} [66] ، أو وُعدوا أن يُنْصر كل رجل على عشرة. {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم (67) لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (68) فلكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم (69) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 67 - {ماكان لِنَبِىٍّ} أن يفادي، نزلت لما استقر رأي الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مشاورة أصحابه على أخذ الفداء بالمال عن كل أسير من أسرى بدر أربعة آلاف درهم، فنزلت إنكاراً لما فعلوه. {يُثْخِنَ} بالغلبة والاستيلاء، أو بكثرة القتل لِيُعَزَّ به المسلمون ويُذَلَّ الكفرة. {عَرَضَ الدُّنْيَا} سماه بذلك لقلة بقائه. {يُرِيدُ الأَخِرَةَ} العمل بما يوجب ثوابها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 68 - {أَخَذْتُمْ) من الفداء {لَّوْلا كِتَابٌ} سبق لأهل بدر أن لا يعذبوا لمسهم في أخذ الفداء عذاب عظيم، أو سبق في إحلال الغنائم لمسهم في تعجلها من أهل بدر عذاب عظيم، أو سبق بأن لا يعذب من أتى عملاً على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 جهالة، أو الكتاب القرآن المقتضي لغفران الصغائر، ولما شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - / قال: قومك وعشيرتك فاستبقهم لعل الله - تعالى - أن يهديهم، وقال عمر - رضي الله تعالى عنه -: أعداء الله - تعالى - ورسوله كذبوك وأخرجوك فاضرب أعناقهم، فمال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قول أبي بكر - رضي الله تعالى عنه -، وأخذ الفداء ليقوى به المسلمون، وقال: أنتم عالة يعني للمهاجرين، فلما نزلت هذه الآية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لعمر - رضي الله تعالى عنه - لو عذبنا في هذا الأمر - يا عمر - لما نجا غيرك ثم، أحل الغنائم، بقوله - تعالى - {فَكُلُواْ مما غنمتم} [69] . {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم (70) وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم (71) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 70 - {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّآ أُخِذّ مِنكُمْ} لما أُسر العباس يوم بدر أخذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم فداء نفسه وابني أخيه عقيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 ونوفل، قال: يا رسول الله كنت مسلماً وأخرجت مكرهاً ولقد تركتني فقيراً أتكفف الناس، فقال: فأين الأواقي التي دفعتها سراً لأم الفضل عند خروجك فقال: إن الله - تعالى - ليزيدنا ثقة بنبوتك، قال العباس: فصدق الله - تعالى - وعده فيما أتاني، وإن لي لعشرين مملوكاً يضرب كل مملوك منهم بعشرين ألفاً في التجارة، فقد أعطاني الله - تعالى - خيرامما أخذ مني يوم بدر. {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولائك بعضهم أولياء بعض والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 72 - {آمنوا} بالله {وَهَاجَرُواْ} من ديارهم في طاعته {وَجَاهَدُواْ بأموالهم} بإنفاقها {وأنفسهم} بالقتال أراد المهاجرين مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة {والذين آووا} المهاجرين في منازلهم {ونصروا} النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه، يريد الأنصار. {أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} أعوان بعض عند الجمهور [أو] أولى بميراث بعض، جعل الله - تعالى - المريراث للمهاجرين والأنصار دون الأرحام. {والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم} من ميراثهم من شيء {حَتَّى يُهَاجِرُواْ} . فعملوا بذلك حتى نسخت بقوله - تعالى - {وَأْوْلُواْ الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [75] يعني في الميراث، فصار الميراث لذوي الأرحام. {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (73) والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولائك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم (74) } الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 73 - {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ} أنصار بعض، أو بعضهم وارث بعض ((ع)) {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ} إلا تتناصروا - أيها المؤمنون - {تَكُن فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ} بغلبة الكفرة {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} بضعف الإيمان، أو إلا تتوارثوا بالإسلام والهجرة {تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ} باختلاف الكلمة {وَفسَادٌ كَبِيرٌ} بتقوية الخارج عن الجماعة (ع) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 سورة التوبة سورة التوبة مدنية اتفاقاً، أو إلا آيتين في آخرها، {لقد جاءكم} [128، 129] ، نزلتا بمكة، وكانت تسمى على عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] الفاضحة " ع "، وسورة البحوث لبحثها عن أسرار المنافقين وفضحها لهم، وسميت في عهده وبعده المبعثرة لما كشفت من السرائر. وتركت البسملة في أولها، لأنها مع الأنفال كسورة واحدة الأنفال في العهود وبراءة في رفع العهود، وكانتا تدعيان القرينتين، أو البسملة أمان، وبراءة نزلت برفع الأمان. ونزلت سنة تسع / فأنزلها [69 / أ] الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع علي - رضي الله تعالى عنه - وكان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - صاحب الموسم فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " لا يبلغ عني إلا رجل مني "، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 أنفذه بعشر آيات من أولها، أو بتسع تقرأ في الموسم، فقرأها علي - رضي الله تعالى عنه - يوم النحر على جمرة العقبة. {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 1 - {بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} انقطاع للعصمة منهما، أو انقضاء عهدهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2 - {فَسِيحُواْ} أمان {فِى الأَرْضِ} تصرفوا كيف شئتم، أو سافروا حيث أردتم، والسياحة: السير على مَهل، أو البعد على وَجل. {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} أمان لمن له عهد مطلق، أو أقل من الأربعة، ومن لا أمان له فهو حرب، أو من كان له عهد أكثر من الأربعة حُط إليها، ومن كان دونها رفع إليها ومن لا عهد له فله أمان خمسين ليلة من يوم النحر إلى سلخ المُحرم لقوله تعالى - {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} " ع "، أو الأربعة لجميع الكفار من كان له عهد، أو لم يكن، أو هي أمان لمن لا عهد له ومن له عهد فأمانه إلى مدة عهده. وأول المدة يوم الحج الأكبر يوم النحر إلى انقضاء العاشر من ربيع الآخر، او شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، أو أولها يوم العشرين من ذي القعدة وآخرها يوم العشرين من ربيع الأول لأن الحج وقع تلك السنة في ذلك اليوم من ذي القعدة لأجل النسئ وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد أقره حتى نزل تحريم النسئ، فقال " ألا إن الزمان قد استدار ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برىءٌ من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظهروا عليكم أحداً فأتمّوا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 3 - {وأذان} قصص، أونداء بالأمن يسمع بالأذن، أو إعلام عند الكافة. {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} يوم عرفة خطب فيه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال: " هذا يوم الحج الأكبر "، أو يوم النحر، وهو مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو أيام الحج كلها كيوم صفين ويوم الجمل عبَّر باليوم عن الأيام {الأَكْبَرِ} القِرآن والأصغر الإفراد، أو الأكبر الحج والأصغر العمرة، أو سمي به لأنه اجتمع فيه حج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 المسلمين والمشركين ووافق عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -. {فَإِذَا انسَلَخَ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 5 - {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} رجب وذو القعده وذو الحجة والمحرم عند الجمهور، أو أشهر السياحة عشرون من ذي الحجة إلى العشر من ربيع الآخر، قاله الحسن - رضي الله عنه {وَجَدتُّمُوهُمْ} في حل أو حرم، أو في أشهر الحرم وغيرها. {وَخُذُوهُمْ} الواو بمعنى " أو " خذوهم أو تقديره: " فخذوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم " مقدم ومؤخر. {وَاحْصُرُوهُمْ} بالاسترقاق، أو بالفداء. {كُلَّ مَرْصَدٍ} اطلبوهم في كل مكان، فالقتل إذا وجدوا والطلب إذا بعدوا، أو افعلوا بهم كل ما أرصده الله لهم من قتل أو استرقاق أو مَنٍّ، أو فداء. {تَابُواْ} أسلموا {وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ} / أدّوها، أو اعترفوا بها {وآتوا الزَّكَاةَ} اعترفوا بها لا غير إذ لا يُقتل تاركها لا بل تُؤخذ منه قهراً. {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 6 - {اسْتَجَارَكَ} استعانك، أو استأمنك. {كَلامَ اللَّهِ} القرآن كله، أو براءة خاصة ليعرف ما فيها من أحكام العهد والسيرة مع الكفار. {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 7 - {الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ} خزاعة، أو بنو ضمرة، أو قريش " ع "، أو قوم من بكر بن كنانة. {فَمَا اسْتَقَامُواْ} دُوموا على عهدهم ما داموا عليه. {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمّة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون اشتروا بئايت الله ثمناً قليلاً فصدّوا عن سبيله إنّهم ساء ما كانوا يعملون لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمةً وأولئك هم المعتدون} . {يَظْهَرُواْ} يقووا عليكم بالظفر. {لا يَرْقُبُواْ} لا يخافوا، أو لا يراعوا {إِلاَّ} عهداً أو قرابة، قال: فأقسم إنَّ إلَّكَ من قريش. أو جواراً، أو يميناً، أو هو اسم لله عز وجل. {ذِمَّةً} عهداً، أو جواراً، أو التذمم ممن لا عهد له. {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} بنقض العهد، أو فاسق في دينه وإن كان دينهم فسقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 9 - {بِآيَاتِ اللَّهِ} دلائله وحججه، أو التوراة التي فيها صفة الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 {قَلِيلاً} ، لأنه حرام، أو لأنه من عرض الدنيا وبقاؤها قليل نزلت في الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان على طعامه، أو في قوم من اليهود عاهدوا ثم نقضوا. {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقوم يعلمون وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 12 - {نكثوا أيمانهم} نقضوا العهد الذي عقدوه بأيمانهم. {أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} رؤساء المشركين، أو زعماء قريش " ع "، أو الذين هموا بإخراج الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {لآ أَيْمَانَ لَهُمْ} بارة و {لا إيمان} من الأمان، أو التصديق. {ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أوّل مرّة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً والله خبير بما تعملون} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 16 - {وَلِيجَةً} خيانة، أو بطانة، أو دخولاً في ولاية المشركين، ولج في كذا: دخل فيه. {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من ءآمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 17 - {يعمروا مسجد الله} بالزيارة والدخول إليه، أو بالكفر، لأن المسجد إنما يعمر بالإيمان. {شَاهِدِينَ} لما دلت أموالهم وأفعالهم على كفرهم تنزل ذلك منزلة شهادتهم على أنفسهم، أو شهدوا على رسولهم بالكفر لأنهم كذبوه وكفروه وهو من أنفسهم، أو إذا سُئل اليهودي ما أنت يقول: يهودي، وكذلك النصارى [و] المشركون وكلهم كفرة وإن لم يقروا بالكفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 18 - {مَسَاجِدَ اللَّهِ} مواضع السجود من المصلي، أو البيوت المتخذة للصلوات. {فَعَسَى أُوْلَئِكَ} كل عسى من الله واجبة " ع "، أو ذكره ليكونوا على خوف ورجاء. {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الأخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربّهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيمٌ مقيم خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجرٌ عظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 19 - {سِقَايَةَ الْحَآجَّ وَعِمَارَةَ الْمسجِدِ} بسدانته والقيام به، لما فضلت قريش ذلك على الإيمان بالله - تعالى - نزلت أو نزلت في العباس صاحب السقاية، وشيبة بن عثمان صاحب السدانة وحاجب الكعبة، لما أُسرا ببدر عيرهما المهاجرون بالكفر والإقامة بمكة فقالا نحن أفضل أجراً منكم بعمارة المسجد وحجب الكعبة وسقي الحاج. {يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون 23 قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين 7} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 24 - {إن كان آباؤكم} نزلت في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا ميلاً إلى ما ذكر في هذه الآية. {اقْتَرَفْتُمُوهَا} اكتسبتموها. {وَتِجَارَةٌ} أموال التجارة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 تكسد سوقها وينقص سعرها، أو البنات الأيامى يكسدن على أبائهن فلا يخطبن. {بِأَمْرِهِ} بعقوبة عاجلة أو آجلة، أو بفتح مكة. {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 26 - {سكينة} الوقار، أو الطمأنينة، أو الرحمة. {جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} الملائكة، أو بتكثيرهم في أعين أعدائهم، وهو محتمل {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} بالخوف، أو بالقتل والسبي. {يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم 28} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 28 - {نَجَسٌ} نجاسة الأبدان كالكلب والخنزير، قاله عمر بن عبد العزيز والحسن رضي الله تعالى عنهما - وأوجب الوضوء على من صافحهم، أو لأنهم لا يغتسلون من الجنابة فصاروا كالأنجاس، أو عبّر عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 اجتنابنا لهم ومنعهم من المساجد بالنجس كما يفعل ذلك بالأنجاس، أو نجاستهم خبث ظواهرهم بالكفر وبواطنهم بالعداوة. {الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} الحرم كله. {عَامِهِمْ هَذَا} سنة تسع، أو سنة عشر، ويمنع منه الحربي والذمي عند الجمهور، أو يمنعون إلا الذمي والعبد المملوك لمسلم. {عَيْلَةً} فقراً وفاقة، أو ضيعة من يقوته من عياله. {يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} تعالى بالمطر في النبات، أو بالجزية المأخوذة منهم، أو عام في كل ما يغني. {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 29 - {الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} دخل فيه أهل الكتاب وإن آمنوا باليوم الآخر إذ لا يعتد بإيمانهم فصار كالمعدوم، أو ذمهم ذم من لا يؤمن به، {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} بنسخه من شرائعهم، أو ما حرمه وأحله لهم. {دِينَ الْحَقِّ} الإسلام عند الجمهور، أو العمل بما في التوراة من اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] والحق هنا هو الله {مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ} من أبناء الذين أوتوا، أو الذين أوتوه بين أظهرهم. {يُعْطُواْ الْجِزْيَةً} يضمنوها، أو يدفعوها، والجزية مجملة، أو عامة تجري على العموم إلا ما خصه الدليل. {عَن يَدٍ} غنى وقدرة، أو لا يقابلها جزاء، أولنا عليهم يد نأخذها لما فيه من حقن دمائهم، أو يؤدونها بأيديهم دون رسلهم كما يفعل المتكبرون {صَاغِرُونَ} قياماً وآخذها جالس، أو يمشوا بها كارهين " ع " أو أذلاء مقهورين، أو دفعها هو الصغار، أو إجراء أحكام الإسلام عليهم. {وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّى يؤفكون أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عمّا يشركون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 30 - {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} لمّا حرق بختنصر التوراة ولم يبق بأيديهم شيء منها ولم يكونوا يحفظونها ساءهم ذلك وسألوا الله ردها فقذفها في قلب عُزير فقرأها عليهم فعرفوا، فلذلك قالوا: إنه ابن الله. وكان ذلك قول جميعهم " ع "، أو قول طائفة من سلفهم، أومن معاصري الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، فنحاص وحده، أو جماعة سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف " ع "، وأضيف إلى جميعهم لمَّا لم ينكروه. {وَقَالَتِ النَّصَارَى} بأجمعهم {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} لأنه ولد من غير أب، أو لأنه أحيا الموتى، وأبرأ من الأسقام. {بِأَفْوَاهِهِمْ} لما لم يكن عليه دليل قيده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 بأفواههم لا يتجاوزها {يضاهون} يشابهون، والتي لم تحض " ضهياء " لشبهها بالرجل. يضاهون بقولهم عبدة الأوثان في اللات والعزى ومناة وأن [70 / ب] الملائكة / بنات الله، أو ضاهت النصارى بقولهم المسيح ابن الله قول اليهود عُزير ابن الله، أو ضاهوا في تقليد أسلافهم من تقدمهم. {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} لعنهم " ع "، أو قتلهم، أو هو كالمقاتل لهم بما أعده من عذابهم وأبانه من عداوتهم. {يُؤْفَكُونَ} يصرفون عن الحق إلى الإفك وهو الكذب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 31 - {أحبارهم} جمع حبر، لتحبيره المعاني، وهو التحسين بالبيان عنها، والرهبان: جمع راهب، من رهبة الله وخشيته، وكثر استعماله في نُسَّاك النصارى. {أَرْبَاباً} آلهة يطيعونهم فيما حرموه وأحلوه دون العبادة وهو مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 كلّه ولو كره المشركون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 32 - {نُورَ اللَّهِ} القرآن والإسلام، أو دلائله التي يُهتدى بها كما يُهتدى بالنور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 33 - {بِالْهُدَى} الهدى: البيان، {وَدِينِ الْحَقِّ} الإسلام، أو كلاهما واحد، أو الهدى: الدليل، ودين الحق المدلول، أو بالهدى إلى دين الحق. {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} عند نزول عيسى 0 عليه السلام - فلا يعبد الله - تعالى - إلا بالإسلام، أو يطلعه على شرائع الدين كله، أو يظهر دلائله وحججه، أو يرعب المشركين من أهله، أو لما أسلمت قريش انقطعت رحلتاهم إلى الشام واليمن لتباينهم في الدين فذكروا ذلك للرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ} في الشام واليمن وقد أظهره الله - تعالى - أو الظهور: الاستعلاء، والإسلام أعلى الأديان كلها. {يا أيها الذين ءامنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدّون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 34 - {بِالْبَاطِلِ} جميع الوجوه المحرمة، أو الرِّشا في الحكم. {يَكْنِزُونَ} الكنز الذي توعد عليه كل ما لم تؤدَّ زكاته مدفوناً أو غير مدفون، أو ما زاد على أربعة آلاف درهم أُديت زكاته أو لم تؤدَّ، والأربعة آلاف فما دونها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 ليست بكنز، قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو ما فضل من المال عن الحاجة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " تباً للذهب والفضة، فقال له عمر - رضي الله تعالى عنه -: إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا فأي المال نتخذ، فقال: لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه، مات رجل من أهل الصُّفة فوجد في مئزره دينار، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : كَيَّة ومات آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال كيَّتان. والكنز في اللغة كل مجموع بعضه إلى بعض ظاهراً كان أو مدفوناً، ومنه كنز التمر. {وَلا يُنفِقُونَهَا} الكنوز، أو الفضة اكتفى بذكر أحدهما، قال: (إن شرخ الشباب والشعر الأسود ... ما لم يُعَاصَ كان جنونا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 ولم يقل: يعاصيا. {إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرمٌ ذلك الدّين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافّة كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين 3} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 36 - {حُرُمٌ} لعظم انتهاك الحرمات فيها، {الدِّينُ الْقَيِّمُ} الحساب المستقيم، أو القضاء الحق. {فَلا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} بالمعاصي في الإثني عشر، أو في الأربعة، أو فلا تظلموها في الأربعة بعد تحريم الله - تعالى -[71 / أ] لها، أو لا تظلموها / بترك قتل عدوكم فيها. {إنّما النسىء زيادةٌ في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمّونه عاماً ليواطئوا عدّة ما حرّم الله فيحلوا ما حرّم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين 37} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 37 - {النَّسِىءُ} كانوا يؤخرون السنة أحد عشر يوماً حتى يجعلوا المحرم صفراً أو كانوا يؤخرون الحج في كل سنتين شهراً، قال مجاهد: حج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 المشركون في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر، ثم حج الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قابل في ذي الحجة، وقال: " إن الزمان قد استدار كهيئته ". وكان ينادي بالنسيء في الموسم بنو كنانة قال شاعرهم: (ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحل نجعلها حراما) وأول من نسأ الشهور [سرير] بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 أو القلمس الأكبر، وهو عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث، وآخر من نسأها إلى أن نزل تحريمها سنة عشر أبو ثُمامة جُنادة بن عوف، وكان ينادي إذا نسأها في كل عام إلا إن أبا ثمامة لا يحاب ولا يعاب. {لِّيُوَاطِئُواْ} ليوافقوا عدة الأربعة فيحرموا أربعة كما حرم الله - تعالى - أربعة. {سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم، أو الربا. {ياأيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذّبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضرّوه شيئاً والله على كلّ شىءٍ قدير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 38 - {انفروا} لما دعوا إلى غزوة تبوك تثاقلوا، فنزلت. {الأَرْضِ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 الإقامة بأوطانكم وأرضكم، دعوا إلى ذلك في شدة الحر وإدراك الثمار، أو اطمأنوا إلى الدنيا فسماها [أرضاً] {أَرَضِيتُم} بمنافع الدنيا بدلاً من ثواب الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 39 - {عَذَاباً أَلِيماً} احتباس القطر " ع "، ولا تضروا الله بترك النفير، أو لا تضروا الرسول، لأن الله - تعالى - تكفل بنصره. {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 40 - {إِلاَّ تَنصُرُوهُ} إن لا تنصروا الرسول بالنفير معه فقد نصره الله بالملائكة، أو بإرشاده إلى الهجرة حتى أغناه من إعانتكم. {أخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} من مكة أعلمهم أنه غني عن نصرهم، دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، وأبو بكر - رضي الله تعالى عنه - الغار فأقاما فيه ثلاثاً وجعل الله - تعالى - على بابه ثمامة وهي شجيرة صغيرة، وألهمت العنكبوت فنسجت على بابه، ولما ألم الحزن قلب أبي بكر - رضي الله تعالى - عنه بما تخيله من وهن الدين بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال له الرسول [صلى الله عليه وسلم] : لا تحزن إن الله معنا بالنصر عليهم. {سكينته عليه} النبي [صلى الله عليه وسلم] أو أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -، لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قد علم أنه منصور، والسكينة الرحمة، أو الطمأنينة، أو الوقار، أو شيء سَكَّنَ الله - تعالى - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 به قلوبهم. {بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} الملائكة، أو الثقة بوعده واليقين بنصره وتأييده بإخفاء أثره في الغار لما طلب، أو بمنعهم من التعرض له لما هاجر. {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 41 - {خِفَافاً وثِقَالاً} شباباً وشيوخاً، أو فقراء وأغنياء، أو مشاغيل وغير [71 / ب] مشاغيل، أو نشاطاً وغير نشاط / " ع " أو ركباناً ومشاة، أو ذا ضيعة وغير ذي ضيعة، أو ذوي عيال وغير ذوي عيال، أو أصحاء ومرضى، أو خفة النفير وثقله، أو خفافاً إلى الطاعة ثقالاً عن المخالفة. {وَجَاهِدُواْ} الجهاد بالنفس فرض كفاية متعين عند هجوم العدو. وبالمال بالزاد والراحلة إذا قدر بنفسه، وإن عجز لزمه بذل المال بدلاً عن نفسه، أو لا يلزمه ذلك عند الجمهور، لأن المال تابع للنفس. {خَيْرٌ لَّكُمْ} الجهاد خير من القعود المباح، أو الخير في الجهاد لا في تركه {تَعْلَمُونَ} صدق وعد الله - تعالى - بثواب الجهاد، أو أن الخير في الجهاد. {لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتّبعوك ولكن بعدت عليهم الشقّة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنّهم لكاذبون عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يتردّدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 42 - {لَوْ كَانَ} الذي دُعوا إليه {عَرَضاً} غنيمة، أو أمراً سهلاً. {قَاصِدًا} سهلاً مقتصداً. {لاَّتَّبَعُوكَ} في الخروج. {الشُّقَّةُ} القطعة من الأرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 يشق ركوبها لبعده. {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدّة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين 2 لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأ وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم والله عليم بالظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 46 - {عده} صحة عزم ونشاط نفس، أوالزاد والراحلة ونفقة الحاضرين من الأهل. {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ} لوقوع الفشل بتخاذلهم كابن أُبي والجد بن قيس. {وَقِيلَ اقْعُدُواْ} قاله بعضهم لبعض، أو قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] غضباً عليهم لعلمه بذلك منهم. {الْقَاعِدِينَ} بغير عذر، أو بعذر كالنساء والصبيان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 47 - {خيالا} فساداً " ع "، أو اضطراباً استثناء منقطع، لأن المسلمين لم يكونوا في خبال فيزدادوا منه. {وَلأَوْضَعُواْ} الإيضاع: سرعة السير، والخِلال: الفُرج، المعنى لأسرعوا في اختلالكم، أو لأوقعوا الخلف بينكم. {الْفِتْنَةَ} الكفر، أو اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة. {سَمَّاعُونَ} مطيعون، أو عيون منكم ينقلون أخباركم إليهم، أو " عيون منهم ينقلون أخباركم إلى المشركين ". {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهو كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّى ألا في الفتنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 48 - {ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ} الاختلاف وتفريق الكلمة. {وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ} بمعاونتهم ظاهراً وممالأة المشركين باطناً، أو قالوا بأفواههم ما ليس في قلوبهم، أو توقعوا الدوائر وانتظروا الفرص، أو حلفهم لو استطعنا لخرجنا. {جَآءَ الْحَقُّ) {النصر} (وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ) {دينه} (وَهُمْ كَارِهُونَ} لهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 49 - {وَلا تَفتِنِّى} لا تكسبني الإثم بمخالفتي في القعود، أو لا تصرفني عن شغلي، أو نزلت في الجد بن قيس قال: {ائذي لِّى وَلا تَفْتِنِّى} ببنات الأصفر فإني مستهتر بالنساء. {فِي الْفِتْنَةِ} جهنم، أو محبة النفاق والشقاق. {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وّهم فرحون قل لّن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 50 - {حَسَنَةٌ} نصر، أو النصر ببدر، والمصيبة: النكبة يوم أُحد {أَمْرَنَا} حِذرنا وسَلمنا {فَرِحُونَ} بمصيبتك وسلامتهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 51 - {كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} في اللوح المحفوظ من خير، أو شر وليس ذلك بأفعالنا فنذم أونحمد، أو ما كتب لنا في نصرنا في العاقبة وإعزاز الدين بنا. {مَوْلانَا} مالكنا وحافظنا وناصرنا. {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} في معونته وتدبيره. {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون} [72 / أ] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 52 - {الْحُسْنَيَيْنِ} النصر والشهادة / في النصر ظهور الدين وفي الشهادة الجنة. {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 55 - {أَمْوَالُهُمْ وَلآ أَوْلادُهُمْ} في الحياة الدنيا {إِنَّمَا يريدالله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا} في الآخرة، فيه تقديم وتأخير " ع "، أو يعذبهم بالزكاة فيها، أو بمصائبهم فيهما، أو بسبي الأبناء وغنيمة الأموال، يعني المشركين، أو يعذبهم بجمعها وحفظها والبخل بها والحزن عليها. {وَتَزْهَقَ} تهلك، {وَزَهَقَ الباطل} [الأسراء: 81] . {ويحلفون بالله إنّهم لمنكم وما هم منّكم ولكنهم قومٌ يفرقون لو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 يجدون ملجئاً أو مغارات أو مدّخلاً لّولّوا إليه وهم يجمحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 57 - {ملجأ} حرزاً " ع "، أو حصناً، أو موضعاً حزناً من الجبل، أو مهرباً. {مَغَارَاتٍ} غارات في الجبال " ع "، أو مدخل يستر من دخله. {مُدَّخَلاً} سرباً في الأرض، أو المدخل الضيق الذي يدخل فيه بشدة. {لولَّوا إِلَيْهِ} هرباً من القتال، وخذلاناً للمؤمنين. {يَجْمَحُونَ} يهربون، أو يسرعون. {ومنهم مّن يلمزوك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ولو أنّهم رضوا ما ءاتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنّا إلى الله راغبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 58 - {يَلْمِزُكَ} يغتابك، أو يعيبك، نزلت في ثعلبة بن حاطب كان يتكلم بالنفاق ويقول: إنما يعطي محمد من شاء فإن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، أو في ذي الخويصرة لما أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو يقسم قسماً فقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 اعدل - يا محمد - فقال: ويلك فمن يعدل إن لم أعدل، فاستأذن عمر - رضي الله تعالى عنه - في ضرب عنقه، فقال دعه فنزلت. {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 60 - {لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ} الفقير المحتاج العفيف عن السؤال، والمسكين المحتاج السائل " ع "، أو الفقير المحتاج الزَّمِن، والمسكين المحتاج الصحيح، أو الفقراء هم المهاجرون، والمساكين غير المهاجرين، أو الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الكتاب، أو الفقير الذي لا شيء له لانكسار فقاره بالحاجة والمسكين له ما لا يكفيه لكن يسكن إليه، أو الفقير له ما لا يكفيه والمسكين لا شيء له يسكن إليه. {العاملين} السعاة لهم ثُمْنها، أو أجر مثلهم. {وَالْمُؤَلَّفَةِ} كفار ومسلمون، فالمسلمون منهم ضعيف النية في الإسلام فيتألف تقوية لنيته كعيينة بن بدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس، ومنهم من حسن إسلامه لكنه يعطى تألفاً لعشيرته من المشركين كعدي بن حاتم، والمشركون منهم من يقصد أذى المسلمين فيتألف بالعطاء دفعاً لأذاه كعامر بن الطفيل، ومنهم من يميل إلى الإسلام فيتألف بالعطاء ليؤمن كصفوان بن أمية، فهذه أربعة أصناف، وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يعطي هؤلاء وبعد هل يعطون؟ فيه قولان: لأن الله - تعالى - قد أعز الدين {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] . {الرِّقَابِ} المكاتبون، أو عبيد يشترون ويعتقون. {الغارمين} من لزمه غرم ديْن. {سَبِيلِ اللَّهِ} الغزاة الفقراء والأغنياء. {ابن السَّبِيلِ} المسافر لا يجد نفقة سفره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وإن كان غنياً في بلده، قاله الجمهور، أو الضيف. {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين ءامنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 61 - {أُذُنٌ} يصغي إلى كل أحد فيسمع قوله، كان المنافقون يقولون فيه ما لا يجوز ثم عابوه بأنه أُذن يسمع جميع ما يقال له، أو عابوه، فقال أحدهم: [72 / ب] كفوا / فإني أخاف أن يبلغه فيعاقبنا، فقالوا: هو أُذن إذا جئناه وحلفنا له صدقنا فنسبوه إلى قبول العذر في الحق والباطل. {يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 63 - {يُحَادِدِ} يخالف، أو يجاوز حدودهما، أو يعاديهما مأخوذ من حد السلاح لاستعماله في المعاداة. {جَهَنَّمَ} لبعد قعرها، بئر جهنام بعيدة القعر. {يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إنّ الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أبالله وءأياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 64 - {يحذر المنافقون} خبر، أوامر بصيغة الخبر. {بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 من النفاق، أو قولهم في غزوة تبوك: أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات، فأطلع الله - تعالى - رسوله [صلى الله عليه وسلم] على ما قالوه. {استهزءوا} تهديد. {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 67 - {بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} في الدين {بِالْمُنكَرِ} كل ما أنكره العقل من الشر. والمعروف: كل ما عرفه العقل من الخير، أو المعروف في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 كتاب الله كله الإيمان، والمنكر في كتاب الله كله الشرك قاله أبو العالية. {ويقبضون أيديهم} عن النفقة في سبيل الله، أو عن كل خير، أو عن الجهاد مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ، أو عن رفعها إلى الله - تعالى - في الدعاء {فَنَسِيَهُمْ} تركوا أمره فترك رحمتهم، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: كان المنافقون ثلاثمائة رجل ومائة وسبعين امرأة. {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 69 - {بِخَلاقِهِمْ} بنصيبهم من خيرات الدنيا. {وَخُضْتُمْ} في شهوات الدنيا، أو في قول الكفر. {كَالَّذِى خاضوا} فارس والروم، أو بنو إسرائيل. {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 الأنهار خالدين فيها ومساكن طيّبة في جنات عدنٍ ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 72 - {وَمَسَاكِنَ طَيِّبةً} قصور مبنية باللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، أو يطيب العيش بسكناها وهو محتمل. {عَدْنٍ} خلود وإقامة، والمعدن لإقامة الجوهر فيه، أو كروم وأعناب بالسريانية، أو عدن اسم لبطنان الجنة ووسطها، أو اسم قصر في الجنة، أو جنة في السماء العليا لا يدخلها إلا نبي، أو صدِّيق أو شهيد، أو إمام عدل، أو محكَّم في نفسه، وجنة المأوى في السماء الدنيا تأوي إليها أرواح المؤمنين. {يا أيها النبي جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولّىٍ ولا نصير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 73 - {جَاهِدِ الْكُفَّارَ} بالسيف {وَالْمُنَافِقِينَ} بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجوههم، أو يجاهدهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 باللسان، أو بإقامة الحدود وكانوا أكثر من يصيب الحدود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 74 - {يَحْلِفُونَ} نزلت في ابن أُبَي لما قال: {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة} [المنافقون: 8] ، أو قال الجلاس بن سويد إن كان ما جاء به محمد حقاً فنحن شر من الحمير ثم حلف بالله ما قال، أو قال ذلك جماعة من اليهود. {كَلِمَةَ الْكُفْرِ} هو ما حلفوا أنهم ما قالوه فأكذبهم الله، أو قولهم محمد ليس بنبي. {وَهَمُّواْ} بقتل الرسول في غزاة تبوك، أو بأخراج الرسول بقولهم {لئن رجعنا إلى المدينة} الآية [المنافقون: 8] أو هَمُّوا بقتل الذي أنكر عليهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 {ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصّدقن ولنكونن من الصالحين فلمّا ءاتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون 3 ألم يعلموا أنّ الله يعلم سرّهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 75 - {وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ} نزلت والتي بعدها في حاطب بن أبي بلتعة كان له مال بالشام فنذر أن يتصدق منه فلما قدم عليه بخل، قاله الكلبي، أو قتل مولى لعمر حميما لثعلبة فوعد إن أوصل الله إليه الدية أن يخرج حق الله - تعالى - منها فلما وصلت بخل بحق الله - تعالى - فنزلت، / فلما بلغته أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] بصدقته فلم يقبلها منه، وقال إن الله - تعالى - منعني أن أقبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 صدقتك فجعل يحثو التراب على رأسه، فمات الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأتى أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - ثم عمر - رضي الله تعالى عنه - بعده، ثم عثمان رضي الله تعالى عنه - لم يقبلوها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 79 - {الذين يلمزون} لما حث الرسول [صلى الله عليه وسلم] على النفقة في غزوة تبوك، جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم، وقال هذه شطر مالي، وجاء عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر وقال أجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر، فقال الحاضرون من المنافقين أما عبد الرحمن وعاصم فما أعطيا إلا رياء، وأما صاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 أبي عقيل فإن الله - تعالى - غني عنه. فنزلت. الجُهد والجَهد واحد، أو بالضم الطاقة وبالفتح المشقة. {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 80 - {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} آيسه من الغفران لهم. {سَبْعِينَ مَرَّةً} ليس بحد لوجود المغفرة بما بعدها، والعرب تبالغ بالسبع والسبعين، لأن التعديل في نصف العقد وهو خمسة فإذا زيد عليه واحد كان لأدنى المبالغة وإن زيد اثنان كان لأقصى المبالغة، وقيل للأسد سبع لأن قوته تضاعفت سبع مرات، قاله علي بن عيسى. وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] سوف أستغفر لهم أكثر من سبعين فنزلت {سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لهم} الآية [المنافقون: 6] فكف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 فارغة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 81 - {الْمُخَلَّفُونَ} المتركون كانوا أربعة وثمانين نفساً. {خِلافَ} بعد، أو مخالفة عند الأكثر. {لا تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ} قاله بعضهم لبعض، أو قالوه للمؤمنين ليقعدوا معهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 82 - {فَلْيَضْحَكُواْ} تهديد {قَلِيلاً} ، لأن ضحك الدنيا فَانٍ، أو لأنه قليل بالنسبة إلى ما فيها من الأحزان والغموم. {كَثِيراً} في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، أو في النار أبداً يبكون من ألم العذاب. {فإن رّجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أوّل مرةٍ فاقعدوا مع الخالفين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 83 - {أَوَّلَ مَرَّةٍ} دعيتم، أو قبل استئذانكم. {الْخَالِفِينَ} النساء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 والصبيان، أول الرجال المعذورين بأمراض أو غيرها " ع ". {وَلا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 84 - {وَلا تُصَلِّ} نزلت في ابن أُبي لما صلى عليه الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو أراد الصلاة عليه فأخذ جبريل - عليه السلام - بثوبه، وقال: ولا تُصلِّ على أحد ولا تقم على قبره قيام زائر، أو مستغفر. {وإذا أنزلت سورة أن ءامنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين 6 رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهو لا يفقهون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 86 - {إن آمنوا} دوموا على الإيمان، أو افعلوا فعل المؤمن، أو أمر المنافقين أن يؤمنوا باطناً كما آمنوا ظاهراً. {الطَّوْلِ} الغنى، أو القدرة، قيل نزلت في ابن أُبي والجد بن قيس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 87 - {الْخَوَالِفِ} النساء، أو المنافقين، أو الأدنياء الأخسَّاء، فلان خالفة أهله إذا كان دونهم. {لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 88 - {الْخَيْرَاتُ} جمع خيرة، غنائم الدنيا ومنافع الجهاد، أو ثواب الآخرة، أو فواضل العطايا، أو الحور {فيهن خيرات حسان} [الرحمن: 70] . {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 90 - {الْمُعَذِّرُونَ} مخفف الذين اعتذروا بحق، وبالتشديد الذين كذبوا [73 / ب] في اعتذارهم فالعذر حق، والتعذير كذب، قيل هم بنو أسد وغطفان. {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ماينفقون حرجٌ إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيلٍ والله غفور رحيم ولا على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 93 يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبّأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجسٌ ومأواهم جهنّم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 91 - {الضُّعَفَآءِ} الصغار لضعف أبدانهم، أو المجانين لضعف عقولهم أو العميان لضعف تصرفهم {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} [هود: 91] ضريراً. {نَصَحُواْ} برئوا من النفاق، أو إذا قاموا بحفظ المخلفين والمنازل، فيرجع إلى من لا يجد النفقة خاصة، قيل نزلت في عائذ بن عمرو وعبد الله بن مغفل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 92 - {لا أجد ماأحملكم عَلَيْهِ} زاداً لأنهم طلبوه، أو نعالاً لأنهم طلبوها، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] في هذه الغزوة: أكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما كان منتعلاً، نزلت في العِرْباض بن سارية، أو عبد الله بن الأزرق، أو في بني مقرن من مزينة، أو في سبعة من قبائل شتى، أو في أبي موسى وأصحابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 93 - {السِّبِيلُ} الإنكار، أو المأثم. {الْخَوَالِفِ} المتخلفون بالنفاق، أو الذراري من النساء والأطفال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 97 - {أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً} كفرهم أكثر وأشد لجفاء طباعهم وغلظ قلوبهم، أو الكفر فيهم أكثر لعدم وقوفهم على الكتاب والسنة. {وَأَجْدَرُ} أقرب مأخوذ من الجدار بين المتجاورين. {حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ} من فروض العبادات، أو من الوعيد على مخالفة الرسول [صلى الله عليه وسلم] والتخلف عن الجهاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 98 - {مَا يُنفِقُ} في الجهاد، أو الصدقات. {مَغْرَمًا} المغرم: التزام ما لا يلزم {عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} [الفرقان: 65] لازماً. {الدَّوَآئِرَ} انقلاب النعمة إلى غيرها من الدور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 99 - {وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} استغفاره لهم " ع "، أو دعاؤه. {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 100 - {وَالسَّابِقُونَ} أهل بيعة الرضوان، أو أهل بدر، أو الذين صلوا إلى القبلتين، أو الذين سبقوا بالموت والشهادة من المهاجرين والأنصار سبقوا إلى الثواب وحسن الجزاء {رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ} بالإيمان {وَرَضُواْ عَنْهُ} بالثواب، أو رضي عنهم بالعبادة ورضوا عنه بالجزاء، أو رضي عنهم بطاعة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ورضوا عنه بالقبول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 101 - {حَوْلَكُمُ} حول المدينة، مزينة وجهينة وأسلم وغفار وأشجع كان فيهم بعد إسلامهم منافقون كما في الأنصار، وإنما نافقوا لدخول جميعهم تحت القدرة فميزوا بالنفاق وإن عمتهم الطاعة. {مَرَدُواْ} أقاموا وأصروا، أو مرنوا عليه وعتوا فيه {شَيْطَانًا مَّرِيدًا} [النساء: 117] عاتياً، أو تجردوا فيه وتظاهروا به {لا تَعْلَمُهُمْ} حتى نعلمك بهم، أو لا تعلم عاقبتهم فلا تحكم على أحد بجنة ولا نار. {مَّرَّتَيْنِ} إحداهما بالفضيحة في الدنيا والجزع من المسلمين، والثانية بعذاب القبر " ع "، أو إحداهما بالأسر والأخرى بالقتل، أو إحداهما بالزكاة والآخرى أمرهم بالجهاد، لأنهم يرونه عذاباً لنفاقهم، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - أو إحداهما عذاب الدنيا والأخرى عذاب الآخرة. {عَذَابٍ عَظِيمٍ} بأخذ الزكاة، أو بإقامة الحدود في الدنيا، أو بالنار في الآخرة. {وءاخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وءاخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم 10} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 102 - {وآخرون اعْتَرَفُواْ} نزلت في أبي لبابة في قضيته مع بنى قريظة. / [74 / أ] أو في سبعة أنصار من العشرة المتخلفين في غزوة تبوك أبو لبابة بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 عبد المنذر وأوس بن ثعلبة ووديعة بن حرام فلما ندموا على تخلفهم وربطوا أنفسهم إلى سواري المسجد ليطلقهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] إن عفا عنهم، فلما مر بهم وكانوا على طريقه فسأل عنهم فأُخبر بحالهم فقال: لا أعذرهم ولا أطلقهم حتى يكون الله - تعالى - هو الذي يعذرهم ويطلقهم فنزلت " ع ". {عملا صالحا وآخر سيئا} الصالح: الجهاد، والسيء التخلف عنه، أو السيء الذنب والصالح التوبة، أو ذنباً وسوطاً لا ذاهباً فروطاً ولا ساقطاً سقوط. قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -. {خُذْ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إنّ صلواتك سكنٌ لهم والله سميع عليم ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم} \ 103 - {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ} لما تاب الله - تعالى - على أبي لبابة وأصحابه قالوا: يا رسول الله خذ منا صدقة تطهرنا وتزكينا، فقال: لا أفعل حتى أُؤمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 فنزلت، صدقة بذلوها تطوعاً، أو الزكاة الواجبة {تُطَهِّرُهُمْ} من ذنوبهم، وتزكي أعمالهم {وَصَلِّ} استغفر، أو ادعُ قاله " ع ". {سَكَنٌ} قربة " ع "، أو وقار، أو أمن، أو تثبيت، والدعاء واجب على الآخذ أو مستحب، أو يجب في التطوع ومستحب في الفرض، أو يستحب للوالي ويجب على الفقير، أو بالعكس، أو إن سأل الدافع الدعاء وجب وإن لم يسأل استحب، قال عبد الله بن أبي أوفى لما أتيت الرسول [صلى الله عليه وسلم] بصدقات قومي قلت يا رسول الله صَلِّ عليَّ، فقال: اللهم صلِ على آل أبي أوفى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 {وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى علام الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 105 وءاخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإمّا يتوب عليهم والله عليم حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 106 - {وآخرون} هم الثلاثه الباقون من العشرة المتخلفين في غزوة تبوك لم يربطوا أنفسهم وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع. {مُرْجَوْنَ} لما يرد من أمر الله فيهم. {ليعذبهم} يميتهم على حالهم، أو يأمر بعذابهم إن لم يعلم صحة توبتهم {عَلِيمٌ} بما يؤول إليه حالهم، {حَكِيمٌ} في إرجائهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 107 - {وَالِّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً} هم بنو عمرو بن عوف اثنا عشر رجلاً من الأنصار بنوا مسجد الضرار. {وَتَفْرِيقَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} لئلا يجتمعوا في مسجد قباء. {وَإِرْصَادًا} انتظاراً لسوء يتوقع، أو لحفظ مكروه يفعل. {لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بمخالفتهما، أو عداوتهما، وهو أبو عامر الراهب والد حنظلة بن الراهب، وكان قد حزب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فبنوه له ليصلي فيه إذا رجع من عند هرقل اعتقاداً منهم أنه إذا صلى فيه نصروا، ابتدءوا بنيانه والرسول [صلى الله عليه وسلم] خارج إلى تبوك فسألوه أن يصلي فيه فقال: أنا على سفر ولو قدمنا - إن شاء الله تعالى - أتيناكم وصلينا لكم فيه، فلما رجع أتوه وقد فرغوا منه وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد وقالوا: قد فرغنا منه، فأتاه خبره وأنزل الله - تعالى - فيه ما أنزل. {لا تَقُمْ فِيهِ} لا تُصَلِّ فيه فعند ذلك أمر / [74 / ب] الرسول [صلى الله عليه وسلم] بهدمه فحُرق، أو انهار في يوم الأثنين ولم يحرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 108 - {أسس على التقوى} مسجد الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام " ع "، أو كل مسجد بني في المدينة أسس على التقوى. {يَتَطَهَّرُواْ} بالتوبة من الذنوب. {واللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} بالتوبة، أو أراد الاستنجاء بالماء، أو المتطهرين من أدبار النساء. {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم والله لا يهدي القوم الظالمين 109 لا يزال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 بنيانهم الذي بنوا ريبةً في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 109 - {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} مسجد قباء، أو قوله: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} مسجد المدينة، وقوله {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} مسجد قباء. {جُرُفٍ} حرف الوادي الذي لا يثبت عليه البناء لرخاوته. {هَارٍ} هائر، وهو الساقط. {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} سقطوا ببنيانهم في جهنم، أو سقط المسجد بنفسه مع بقعته في جهنم، قال جابر بن عبد الله: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حتى انهار، وقيل حفرت فيه بقعة فرئي فيها الدخان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 110 - {رِيبَةً} حين بنوه شك، او غطاء، أو بعد هدمه حزازة، أو ندامة. {تَقَطَّعَ} يموتوا " ع "، أو يتوبوا، أو تقطع في القبور. {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعتكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 111 - {اشْتَرَى} لما جُوزوا بالجنة على ذلك عُبِّر عنه بلفظ الشراء تَجوزاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 112 - {التَّآئِبُونَ} من الذنوب. {الْعَابِدونَ} بالطاعة، أو بالتوحيد، أو بطول الصلاة. {الْحَامِدُونَ} على السراء والضراء، أو على الإسلام. {السَّائِحُونَ} المجاهدون واستؤذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في السياحة فقال: " سياحة أُمتي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 الجهاد، أو الصائمون، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " سياحة أُمتي الصوم " " ع "، أو المهاجرون، أو طلبة العلم. {بِالْمَعْرُوفِ} التوحيد، أو الإسلام. {الْمُنكَرِ} الشرك، أو الذين لم يَنْهوا عنه حتى انتهوا عنه. {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} القائمون بأمره، أو بفرائض حلاله وحرامه، أو لشرطه في الجهاد. {الْمُؤْمِنِينَ} المصدقين بما وعدوا في هذه الآيات، أو بما ندبوا إليه فيها. لما نزل {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى} جاء رجل من المهاجرين فقال: يا رسول الله، وإن زنا وإن سرق وإن شرب الخمر فنزلت {التَّآئِبُونَ} {ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ لله تبرأ منه إن إبراهيم لأوّاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 حليمٌ} \ 113 - {ما كان للنبي} لما زار الرسول [صلى الله عليه وسلم] قبر أمه، وقال: استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي واستأذنته في الدعاء لها فلم يأذن لي فنزلت، أو نزلت في أبي طالب لما قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك أو، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 سمع علي - رضي الله تعالى عنه - رجلاً يستغفر لأبويه فقال: أتستغفر لهما وهما مشركان فقال أو لم يستغفر إبراهيم لأبويه فذكره على - رضي الله تعالى عنه - للرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 114 - {موعدة} وعد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أبوه أنه إن استغفر له آمن، أو وعدإبراهيم عليه الصلاة / والسلام - أياه أن يستغفر له لرجائه إيمانه فلما مات على شركه تبرأ من أفعاله ومن الاستغفار له. {أواه} دَعَّاء، أو رحيم، أو موقن، أو مؤمن بلغة الحبشة " ع "، أو مُسبِّح، أو مكثر من تلاوة القرآن، أو متأوه، أو فقيه أو متضرع خاشع مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو إذا ذكره ذنوبه استغفر منها. وأصل التأوه التوجع {حَلِيمٌ} صبور على الأذى، أو صفوح عن الذنب. {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 بكل شيءٍ عليم إن الله له ملك السموات والأرض يحي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 116} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 115 - {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ} أسلم قوم من الأعراب ورجعوا إلى بلادهم يعملون بما شاهدوه من الرسول [صلى الله عليه وسلم] من صوم أيام البيض والصلاة إلى بيت المقدس ثم قدموا إليه فوجدوه يصوم رمضان ويصلي إلى الكعبة، فقالوا: يا رسول الله دِنَّا بعدك بالضلالة إنك على أمر وإنا على غيره فنزلت. {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبّعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريقٍ منهم ثمّ تاب عليهم إنه بهم رءوفٌ رحيمٌ 117 وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنّوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 117 - {تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجرِينَ} توبة لعونه بإنقاذهم من شدة العسرة، أو تخليصهم من نكاية العدو وغيره، أي رجعهم إلى ما كانوا فيه من الحالة الأولى. {الْعُسْرَةِ} في غزوة تبوك كانوا في قلة من الظَّهر فيتناوب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وتعسر الزاد فيشق الرجلان التمرة بينهما، أو يمص النفر التمرة الواحدة ثم يشربون عليها الماء وذلك في شدة الحر، واشتد عطشهم حتى نحروا الإبل وعصروا أكراشها فشربوا ماءها. {يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ} يتلف بالجهد والشدة، أو يعدل عن المتابعة [والنصرة] {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 التوبة الأولى في الذهاب والثانية في الرجوع، أو الأولى في السفر، والثانية بعد الرجوع إلى المدينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 118 - {وَعَلَى الثَّلاثَةِ} وتاب على الثلاثة. {خُلِّفُواْ} عن التوبة فأخرت توبتهم حتى تاب الله - على الذين ربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، أو خلفوا عن بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ} لامتناع المسلمين من كلامهم. {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ} بما لقوه من جفوة الناس {وَظَنُّواْ} أيقنوا أنهم لا يلجؤون في قبول توبتهم والصفح عنهم إلا إلى ربهم، ثم تاب عليهم بعد خمسين ليلة من مقدم الرسول [صلى الله عليه وسلم] {لِيَتُوبُواْ} ليستقيموا، لأن توبتهم قد تقدمت " ع " وامتحنوا بذلك إصلاحاً لهم ولغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 119 - {يا أيها الذين آمنوا} بموسى، أو عيسى - عليهما الصلاة والسلام - {اتَّقُواْ الله} - تعالى - في الإيمان بمحمد [صلى الله عليه وسلم] . {وكونوا مع الصادقين} الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه - تعالى - رضي الله عنهم - أجمعين في الجهاد، أو يا أيها المسلمين اتقوا الله - تعالى - في الكذب، أو اتقوا الله في طاعة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا أمركم بالجهاد {الصَّادِقِينَ} أبو بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - أو الثلاثة الذين خُلِّفوا وصدقوا / الرسول في تخلفهم، أو المهاجرين، لأنهم لم يتخلفوا عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في الجهاد، أو من صدقت نيته وقوله وعمله وسره وعلانيته. {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلّفوا عن الرسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ فىِ سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوّ نّيلاً إلا كُتب لهم به عملٌ صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 نفقةً صغيرةً ولا كبيرةً ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون وما كان المؤمنون لينفروا كآفةً فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون 3} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 122 - {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ} ما كان عليهم أن ينفروا جميعاً لأن الجهاد صار فرض كفاية. نسخت قوله - تعالى: {انفروا خفافاً وثقالا} [41] " ع "، أو ما كان لهم إذا بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] سرية أن يخرجوا جميعاً ويتركوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة وحده بل يقيم بعضهم. لما عُيِّروا بالتخلف عن غزوة تبوك خرجوا في سرايا الرسول [صلى الله عليه وسلم] وتركوه وحده بالمدينة فنزلت. {فَلَوْلا نَفَرَ} مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] طائفة لتتفقه في الجهاد معه، أو هاجرت إليه في إقامته لتتفقه، أو لتتفقه الطائفة المقيمه مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] معناه فهلا إذا نفروا أن تقيم مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] طائفة لأجل التفقه في الدين في أحكامه، ومعالمه ويتحملوا ذلك لينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم، أو ليتفقهوا فيما يشاهدونه من المعجزات والنصر المصدق للوعد السابق ليقوي إيمانهم ويخبروا به قومهم. {يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلطة واعلموا أن الله مع المّتقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 123 - {الَّذِينَ يَلُونَكُم} العرب، أو الروم، أو الديلم، أو عام في قتال الأقرب فالأقرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم مّن يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فإمّا الذين ءامنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون 2 وأما الذين في قلوبهم مّرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 124 - {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ} قاله المنافقون بعضهم لبعض على وجه الإنكار، أو قالوه لضعفاء المسلمين استهزاء. {فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً} بها لأنهم لم يؤمنوا بها قبل نزولها أو زادتهم خشية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 125 - {رجسا} إثماً، أو شكاً، أو كفراً. {أولا يرون أنهم يفتنون في كلّ عام مّرّة أو مرّتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكّرون وإذا ما أنزلت سورةٌ نّظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحدٍ ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قومٌ لا يفقهون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 126 - {يُفْتَنُونَ} يُبتلون، أو يضلون، أو يُختبرون بالجوع والقحط، أو بالجهاد والغزو في سبيل الله، أو ما يلقونه من الكذب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو ما هتكه الله - تعالى - من أسرارهم. {لقد جاءكم رسولٌ مّن أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوفُ رّحيمٌ فإن تولّوا فقل حسبى الله لآ إله إلا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 128 - {مِّنْ أَنفُسِكُمْ} لم يبقَ من العرب بطن إلا ولده، أو من المؤمنين لم يصبه شرك، أو من نكاح لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية، أو ممن تعرفونه بينكم. {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} شديد عليه ما شق عليكم " ع " أو شديد عليه ما ضللتم، أو عزيز عليه عنت مؤمنكم. {حَرِيصٌ عليكم} أن تؤمنوا. {رؤوف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 رَّحِيمٌ} بما يأمرهم به من الهدى ويؤثره من صلاحهم، نزلت هذه الآية والتي بعدها بمكه، أو هما آخر ما نزلت " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 129 - {فإن تولوا} عنك، أو عن طاعة الله - تعالى -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 سورة يونس مكية كلها، أو إلا ثلاث آيات {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} إلى آخرهن (94 - 96) . بسم الله الرحمن الرحيم {ألر تلك ءايآت الكتاب الحكيم أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منّهم أن أنذر الناس وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدقٍ عند ربهم قال الكافرون إنّ هذا لساحرٌ مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 1 - {الر} أنا الله أرى " ع " أو حروف من الرحمن، وقيل " الر " و " حم " و " ن " اسم الرحمن مقطع، أو اسم للقرآن، أو فواتح افتتح الله - تعالى - بها القرآن. {تلك} هذه {آيات الْكِتَابِ} . (تلك خيلي منه وتلك ركابي ... هن صفرٌ أولادها كالزبيب) أي هذه خيلي. {الْكِتَابِ} التوراة والإنجيل، أو الزبور، أو القرآن. {الْحَكيمِ} المحكم، أو لأنه كالناطق بالحكمة. [76 / أ] 2 / - {أكان للناس} لما بعث محمد [صلى الله عليه وسلم] قالت العرب: الله أعظم من أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 يكون رسوله بشراً فنزلت. {قَدَمَ صِدْقٍ} ثواباً حسناً بما قدموه من العمل الصالح " ع "، أو سابق صدق سبقت لهم السعادة في الذكر الأول، أو شفيع صدق هو محمد [صلى الله عليه وسلم] أو سلف صدق تقدموهم بالإيمان، أو لهم السابقة بإخلاص الطاعة. {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 3 - {يُدَبِّرُ الأَمْرَ} يقضيه وحده، أو يأمر به ويمضيه. {مَا مِن شَفِيعٍ} يشفع إلا أن يأذن له، أو لا يتكلم عنده إلا بإذن، أو ثانٍ له من الشفع، لأنه خلق السموات والأرض وهو فرد لا حي معه، ثم خلق الملائكة والبشر. {مِن بَعْدِ إذنه} أمره كن فكان. {إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شرابٌ من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وماخلق الله في السموات والأرض لأيات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 لقومٍ يتقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 4 - {يبدأ الْخَلْقَ} ينشئه ثم يفنيه أو يحييه ثم يميته ثم يبدؤه ثم يحييه. {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن ءاياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 7 - {يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} يخافون عقابنا، أو يطمعون في ثوابنا. {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيّتهم فيها سلام وءاخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 9 - {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} يجعل لهم نوراً يمشون به، أو يهديهم بعملهم إلى الجنة، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه، ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله " أو يهديهم إلى طريق الجنة، أو مدحهم بالهدايه. {من تحتهم} تحت منزلهم، أو بين أيديهم وهم يرونها من علٍ، قال مسروق: أنهارها تجري في غير أخدود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 10 - {دعواهم} إذا دعوا شيئاً يشتهونه قالوا: {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} فيأتيهم ذلك وإذا سألوا الله شيئاً قالوا: {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} {وَتَحِيَّتُهُمْ} ملكهم سالم، التحية: الملك. أو يُحيي بعضهم بعضاً بالسلام أي سلمت مما بُلي به أهل النار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 {وآخر دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ} كما أن أول دعائهم {سبحانك الهم} كان آخره بالحمد له. أو إذا أجاب سؤالهم فيما ادعوه وأتاهم ما اشتهوه شكروا بالحمد له. {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذالك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 11 - {وَلَوْ يُعَجِّلُ} للكافر عذاب كفره كما عجل له المال والولد لقضي أجله ليعجل له عذاب الآخرة. أو لو استجيب للرجل إذا غضب فدعا على نفسه أو ماله، أو ولده فقال: لا بارك الله فيه، أو أهلكه {لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لهلكوا. {الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} خاص بمشركي مكة، أو عام. {طُغْيَانِهِمْ} شركهم " ع " أو ضلالتهم أو ظلمهم. {يَعْمَهُونَ} يترددون، أو يتمادون، أو يلعبون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 12 - {مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ} لجنبه يتعلق بدعانا، أو بمس. {وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرءان غير هذا أو بدّله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقائى نفسى إن اتبع إلا ما يوحى إلى إنّى أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون} 15 _ {الذين لا يرجون لقاءنا} كفار مكة. {بقرآن غَيْرِ هَذّآ أَوْ بَدِّلْهُ} إذا أتى بغيره جاز أن يبقى معه وإذا بدله فلا يبقى المبدل معه، طلبوا تحويل الوعد وعيداً والوعيد وعداً والحلال حراماً والحرام حلالاً، أو طلبوا إسقاط عيب آلهتهم وتسفيه أحلامهم، أو إسقاط ما فيه من ذكر البعث والنشور. {مَا يُوحَى إِلَىَّ} من وعد ووعيد وأمر ونهي وتحليل / [76 / ب] وتحريم {إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى} بتبديله وتغييره 16 - {أَدْرَاكُم} أعلمكم، أو أنذركم. {عمراً} أراد ما بقدم من عمره، أو أربعين سنة، لأنه بُعث عن الأربعين، وهو المطلق من عمر الإنسان. {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بئاياته إنه لا يفلح المجرمون ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هاولاء شفعاؤنا عند الله قل أتنّبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إنّى معكم من المنتظرين} {أَتُنَبِِّئُونَ اللَّهَ} أتخبرونه بعبادة من لا يعلم ما في السموات ولا ما في الأرض، أو ليس يعلم الله له شريكاً 19 _ {وَمَا كان الناس} آدم - عليه الصلاة والسلام -، أو أهل السفينة، أو من كان على عهد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أو بنو آدم. {أُمَّةً وَاحِدَةً} على الإسلام حتى اختلفوا " ع " أو على الكفر، أو على دين واحد فاختلفوا في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 الدين فمؤمن وكافر، أو اختلف بنو آدم لما قتل قابيل أخاه. {سَبَقَتْ} بتأجيل العذاب إلى الآخرة، لعجل العذاب في الدنيا، أو بأن لا يعاجل العصاة {لقضي بينهم} باضطرارهم إلى معرفة المحق من المبطل. {وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في ءاياتنا قل الله أسرع مكراً إن رسلنا يكتبون ما تمكرون هو الذي يسيرّكم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكوننّ من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون} 21 _ {رحمة} رخاء بعد شدة، أو عافية بعد سقم، أو خصابة بعد جدب، أو إسلاماً بعد كفر، وهو المنافق، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - {مَّكْرٌ} كفر وجحود، أو استهزاء وتكذيب، لما أجيب دعاء الرسول [صلى الله عليه وسلم] بسبع كسبع يوسف - عليه الصلاة والسلام - أتاه [أبو سفيان] وسأله أن يدعو لهم بالخصب وقال: إن أجابك وأخصبنا صدقناك، فدعا بذلك فأخصبوا فنقضوا ما قالوه وأقاموا على كفرهم فنزلت هذه الآية. {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّينت وظن أهلهآ أنّهم قادرون عليهآ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأيات لقومٍ يتفكّرون والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 24 - {حَصِيداً} ذاهباً، أو يابساً. {تَغْنَ} تعمر أو تعيش، أو تقم غني بالمكان: أقام به، أو تنعم. 25 _ {دَارِ السَّلامِ} السلامة، أو اسم الله _ تعالى - والجنة داره. {يهدي} بالتوفيق والإعانة، أو بإظهار الأدلة. {صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} القرآن، أو الإسلام، أو الحق، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] وصاحباه - رضي الله تعالى عنهما - من بعده. {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولائك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من اليل مظلماً أولائك أصحاب النار هم فيها خالدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 26 - {أَحْسَنُواْ} عبادة ربهم {الْحُسْنَى} الجنة، والزيادة: النظر إلى الله - تعالى -، أو الحسنى واحدة الحسنات والزيادة مضاعفتها إلى عشرة " ع " أو الحسنى حسنة بحسنة، والزيادة: مغفرة ورضوان، أو الحسنى: جزاء الآخرة، والزيادة: ما أعطوا في الدنيا، أو الحسنى: الثواب والزيادة: الدوام {يَرْهَقُ} يعلو، أو يلحق، غلام مراهق: لحق بالرجال. {قَتَرٌ} سواد الوجه " ع " أو الجزاء، أو الدخان، قتار اللحم والعود دخانهما، أو الغبار في محشرهم إلى الله. {ذِلَّةٌ} هوان أو خيبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 {ويوم نحشرهم جميعاُ ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون 28 فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردّوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 30 - {تتلو} تقرأ كتاب الحسنات والسيئات، أو تتبع ما قدمته في الدنيا، أو تعاين جزاءه {تبلو} تسلم كل نفس، أو تختبر {مَوْلاهُمُ} مالكهم {الْحَقِّ} لأن الحق منه كالعدل لأنه العدل منه. {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 36 - {إلا ظنا} تقليداً للرؤساء. {وما كان هذا القرءان أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فأنظر كيف كان عاقبة الظالمين ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 37 - {تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ} من التوراة والإنجيل والزبور أو البعث والجزاء والنشور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 39 - {بِعِلْمِهِ} بعلم التكذيب لشكهم فيه، أو بعلم ما فيه من الوعد والوعيد. {تَأْوِيلُهُ} ما فيه من البرهان، أو ما يؤول إليه من عقابهم. {وإن كذبوك فقل لى عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون 43 إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 45 - {لَّمْ يَلْبَثُواْ} في الدنيا، أو القبور. {يَتَعَارَفَونَ} أنهم كانوا على الباطل، أو يعرف بعضهم بعضاً إذا خرجوا من القبور ثم تنقطع المعرفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 {وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون قل أرءيتم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع ءامنتم به ءآلئن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 47 - {فإذا جاء رسوله} يوم القيامة ليشهد عليهم قضي بيهم، أو إذا جاء في الدنيا ودعا عليهم قضي بينهم في الدنيا بالانتقام منهم، أو إذا جاء في الآخرة قضي بينهم وبينه لتكذيبهم في الدنيا. {ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون هو يحيي ويميت وإليه ترجعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 53 - {أَحَقٌ هُوَ} البعث، أو عذاب الآخرة. {بِمُعْجِزِينَ} بممتنعين، أو بمسابقين. 54 - {أسروا النَّدَامَةَ} أظهروها، أو أخفوها من رؤسائهم، أو أخفاها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 الرؤساء منهم، أو بدت بالندامة أسرة وجوههم، وهي تكاسير الجبهة قاله المبرد. {وَقُضِىَ بَيْنَهُم} وبين الرؤساء، أو قضي عليهم بالعذاب. {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدى ورحمةٌ للمؤمنين 57 قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وما تكون في شأنٍ وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عملٍ إلا كنّا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن رّبك من مثقال ذرةٍ في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبينٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 58 - {بِفَضْلِ اللَّهِ} الإسلام. ورحمته: القرآن، أو عكسه " ع " {فَلْيَفْرَحُواْ} بهما، أو فلتفرح قريش أن كان محمد [صلى الله عليه وسلم] منهم " ع ". {ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ولا يحزنك قولهم إنّ العزة لله جميعاً هو السميع العليم ألا إنّ لله من في السموات ومن في الأرض وما يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتّبعون إلا الظنّ وإن هم إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 يخرصون هو الذي جعل لكم الّيل لتسكنوا فيه والنّهار مبصراً إن في ذلك لأيات لقومٍ يسمعون قالوا اتّخذ الله ولداً سبحانه هو الغني له ما في السموات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 62 - {أَوْلِيَآءَ اللَّهِ} أهل ولايته المستحقون لكرامته " ع "، أو الذين آمنوا وكانوا يتقون، أو الراضون بالقضاء والصابرون على البلاء والشاكرون على النعماء، أو من توالت أفعالهم على متابعة الحق، أو المتحابون في الله - تعالى -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 64 - {الْبُشْرَى} في الدنيا عند الموت بتعريف مكانه وفي الآخرة الجنة، أو في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها، أو تُرى له وفي الآخرة الجنة، {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} لا خلف لوعده، أو لا نسخ لخبره. {واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بئايات الله فعلى الله توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثم اقضوا إلىّ ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذّبوا بئاياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ثمّ بعثنا من بعده رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 71 - {فَأَجْمِعُواْ} أعزموا، أو أعدوا أمركم مع شركائكم على التناصر، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 ادعوا شركاءكم لتنصركم. {غُمَّةً} مغطى مستوراً، غُم الهلال استتر، أو ضيق الأمر الموجب للغم {لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ} آلهتكم، أو ما عزمتم عليه. {اقْضُواْ} ما أنتم قاضون، أو انهضوا " ع "، أو أفضوا إليَّ ما في أنفسكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 73 - {وَمَن مَّعَهُ} ثمانون رجلاً أحدهم جُرْهم وكان عربي اللسان، وحمل من كل زوجين اثنين، وأول ما حمل الذرة وآخره الحمار فدخل إبليس متعلقاً بذنبه " ع " {خَلآئِفَ} لمن غرق. {وَأَغْرَقْنَا} قيل: عاشوا في الطوفان أربعين يوماً، قال ابن إسحاق: بقي الماء بعد الغرق مائة وخمسين يوماً، وكان بين إرسال الطوفان إلى غيض الماء ستة أشهر وعشرة أيام، وقال: استوت على الجودي لسبع عشرة ليلة من الشهر السابع. {ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملإئه بئاياتنا فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين فلمّا جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحرٌ مبين قال موسى أتقولون للحق لمّا جاءكم أسحرٌ هذا ولا يفلح الساحرون قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه ءاباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 78 - {لتفتنا} لتلوينا، لفت عنقه: لواها، أو لتصدنا، أو لتصرفنا لفته لفتاً: صرفه. {الْكِبْرِيَآءُ} الملك، أو العظمة، أو العلو، أو الطاعة. {وقال فرعون ائتوني بكل ساحرٍ عليم فلمّا جاء السّحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون 12 فلمّا ألقوا قال موسى ما جئتم به السّحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون فما ءامن لموسى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 إلا ذرية من قومه على خوفٍ من فرعون وملإيهم أن يفتنهم وإن فرعون لعالٍ في الأرض وإنّه لمن المسرفين} \ 83 - {ذريةٌ} قليل " ع "، أو الغلمان لأن فرعون كان يذبحهم فأسرعوا إلى الإيمان أو أولاد الزّمنى، أو قوم أمهاتهم من / [77 / ب] بني إسرائيل وآباؤهم من القبط {يَفْتِنَهُمْ} يقتلهم، أو يكرههم على استدامة ما هم عليه. {لعالٍ} متجبر، أو طاغٍ باغٍ. {وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكّلنا ربّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 85 - {فِتْنَةً} لا تسلطهم علينا فيفتنونا، أو يفتتنوا بنا لظنهم بتسليطهم أنهم على حق. {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 87 - {تَبَوَّءَا} تخيرا واتخذا {بِمِصْرَ} المعروفة، أو الإسكندرية، قاله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 مجاهد {بُيُوتاً} قصوراً، أو مساجد. {بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} مساجد يصلون فيها لأنهم كانوا يخافون فرعون إذا صلوا في الكنائس، أو اجعلوا مساجدكم [قِبلَ] الكعبة " ع "، أو يقابل بعضها بعضاً، أو اجعلوا بيوتكم التي بالشام قِبْلة لكم في الصلاة فهي قبلة اليهود إلى اليوم {وَبَشِّرِ الْمؤْمِنِينَ} بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة. {وقال موسى ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربّنا ليضلوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعان سبيل الذين لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 88 - {اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} اهلكها، فصارت زروعهم وأموالهم حجارة منقوشة. {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} بالعمى عن الرشد، أو بالقسوة، أو بالموت، أو بالضلالة ليهلكوا كفاراً فيعذبوا في الآخرة. {الْعَذَابَ الأَلِيمَ} الغرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 89 - {دَّعْوَتُكُمَا} أمن هارون على دعاء موسى عليهما الصلاة والسلام فسماه داعياً، ومعنى آمين: اللهم استجب، أو اسم من أسماء الله - تعالى - بإضمار حرف النداء تقديره يا آمين استجب، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " آمين خاتم رب العالمين على عبادة المؤمنين " أي يمنع من وصول الأذى والضرر إليهم كما يمنع الختم من الوصول إلى المختوم، أو معناه بعد الدعاء اللهم استجب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 وبعد الفاتحة كذلك أمنة تكون " ع "، وتأخر فرعون بعد الإجابة أربعين عاماً. {فَاسْتَقِيمَا} فامضيا لأمري فخرجا في قومهما، أو فاستقيما في الدعاء على فرعون وقومه، قيل ليس لنبي أن يدعو إلا بإذن لأن دعاءه يوجب النقمة وقد يكون فيهم من يتوب. {وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين ءالئان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيّك ببدنك لتكون لمن خلفك ءايةً وإن كثيراً من الناس عن ءاياتنا لغافلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 92 - {نُنَجِّيكَ} نُلقيك على نجوة وهي المكان المرتفع. {بِبَدَنِكَ} بجسدك لا روح فيه، أو بدرعك وكانت من حديد يُعرف بها، وكان من تخلف من قومه ينكر غرقه، فرمي به على الساحل فرآه بنو إسرائيل، وكان قصيراً أحمر كأنه ثور. {خَلْفَكَ} بعدك عبرة وموعظة. {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 93 - {مُبَوَّأَ صِدْقٍ} لأنه كالصدق في الفضل، أو تصدق به عليهم، الشام وبيت المقدس، أو الشام ومصر. {فَمَا اخْتَلَفُواْ} بنو إسرائيل في نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم] {حتى جاءهم العلم} القرآن، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] فيكون العلم بمعنى المعلوم لأنهم عرفوه من كتبهم. {فإن كنت في شكٍ مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 جاءك الحق من رّبّك فلا تكوننّ من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بئايات الله تكون من الخاسرين 2 إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل ءايةٍ حتى يروا العذاب الأليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 94 - {فِى شَكٍّ} من إرسالك، أو من أنك مكتوب في التوراة والإنجيل {الَّذِينَ يَقْرَءُونَ} أهل الصدق والتقوى منهم، أو من آمن كعبد الله بن سلام، خوطب به الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمراد أمته، أو على عادتهم في التنبيه على أسباب الطاعة كقول الوالد لولده: إن كنت ولدي فبرني، والسيد لعبده: إن كنت عبدي [78 / أ] فأطعني، ولا يشك في ولده أو عبده، وقال الرسول / [صلى الله عليه وسلم] : " لا أشك ولا أسأل ". {فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 98 - {فَلَوْلا كَانَتْ} أي لم تؤمن قرية بعد أن حقت عليهم كلمة ربك. {قَوْمَ يُونُسَ} أهل نينوى من بلاد الموصل وعدهم يونس - عليه الصلاة والسلام - بالعذاب بعد ثلاث، فقالوا: انظروا فإن خرج يونس فوعيده حق فلما خرج فزعوا إلى شيخ منهم، فقال: توبوا وقولوا يا حي حين لا حي، ويا حي محي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت، فلبسوا المُسُوح، وفرقوا بين كل والدة وولدها وخرجوا عن القرية تائبين داعين فكشف عنهم، وكان ذلك يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 عاشوراء. {كَشَفْنَا} حصوله بقبوله التوبة بعد رؤية العذاب فكشف عنهم بعد أن تدلى عليهم ولم يكن بينه وبينهم إلا ميل، أورأوا دلائل العذاب ولم يروه، ولو رأوه لما قبلت توبتهم كفرعون. {حِينٍ} أجلهم، أو مصيرهم إلى الجنة أو النار " ع ". {ولو شاء ربّك لأمن من في الأرض كلّهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرّجس على الذين لا يعقلون قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغنى الأيات والنّذر عن قومٍ لا يؤمنون فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين ءامنوا كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 100 - {بِإِذْنِ اللَّهِ} بأمره، أو معونته، أو إعلامه إياها سبيل الهدى والضلال، {الرِّجْسَ} السخط " ع "، أو الإثم، أو العذاب، أو ما لا خير فيه، أو الشيطان. {قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين وأن أٌ قم وجهك للدّين حنيفاً ولا تكوننّ من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 فإنك إذاً من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رادّ لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 105 - {أَقِمْ وَجْهَكَ} استقم بإقبال وجهك على ما أمرت به، أوأراد بالوجه النفس. {حَنِيفاً} حاجاً " ع "، أو متبعاً أو مستقيماً، أو مخلصاً، أو مؤمناً بالرسل، أو سابقاً إلى الطاعة، من حنف الرِّجْلَيْن وهو أن تسبق إحداهما الأخرى. {قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من رّبكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضلّ عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 108 - {الحق من ربكم} القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 سورة هود مكية أو إلا آية {وأقم الصلاة} [114] " ع ". بسم الله الرحمن الرحيم {الر كتاب أحكمت ءاياته ثم فصّلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذيرٌ وبشير وأن استغفروا ربّكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤتِ كل ذي فضلٍ فضله وإن تولوا فأني أخاف عليكم عذاب يوم كبير إلى الله مرجعكم وهو على كل شيءٍ قدير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 1 - {كتاب} القرآن، {أحكمت آياته} بالأمر والنهي {ثُمَّ فُصِّلَتْ} بالثواب والعقاب، أو أحكمت من الباطل ثم فُصِّلت بالحلال والحرام والطاعة والمعصية، أو آيات هذه السورة كلها محكمة، {فُصِّلَتْ} فُسِّرت، أو أُحكمت آياته للمعتبرين وفُصِّلت للمتقين، أو أُحكمت آياته في القلوب وفُصِّلت أحكامه على الأبدان. {حَكِيمٍ} في أفعاله {خَبِيرٍ} بمصالح عباده، أو حكيم فيما أنزل خبير بمن يتقبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2 - {ألا تعبدوا} يعني أني كتبت في الكتاب أن لا تعبدوا إلا الله، أو أمر رسوله [صلى الله عليه وسلم] أن يقول ذلك. {نَذِيرٌ} من النار {وَبَشِيرٌ} بالجنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 3 - {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ} مما سلف ثم توبوا إليه في المستأنف متى وقعت منكم ذنوب، أو قدّم الاستغفار، لأنه المقصود وأخّر التوبة لأنها سبب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 إليه. {مَّتَاعاً حَسَناً} في الدنيا بطيب النفس وسعة الرزق، أو بالرضا بالميسور والصبر على المقدور، أو بترك الخلق والإقبال على الحق قاله سهل رضي الله تعالى عنه {أَجَلٍ مُّسَمًّى} الموت، أو القيامة، أو وقت لا يعلمه إلا الله - تعالى - " ع " {وَيُؤْتِ كُلَّ ذي فضل فضله} يهديه إلى [87 / ب] العمل الصالح " ع "، أو يجزيه به في الآخرة. {كَبِيرٍ} يوم القيامة لكبر الأمور فيه. {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 5 - {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} على الكفر {لِيَسْتَخْفُواْ} من الله - تعالى أو على عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ليخفوها عنه، أو على ما أضمروه ليخفوه على الناس، أو كان المنافقون إذا مروا بالرسول [صلى الله عليه وسلم] غطوا رؤوسهم وحنوا صدورهم لئلا يراهم أو قال رجل إذا أغلقت بابي وأرخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأخبر الله - تعالى - بذلك. {يَسْتَغْشُونَ} يلبسون ويتغطون، قال: (أرعى النجوم ما كلفت رِعْيَتَها ... وتارة أتغشى فضل أطماري) كنى باستغشاء الثياب عن الليل، لأنه يسترهم بظلمته كما يستترون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 بالثياب وكانوا يخفون أسرارهم ليلاً، أو كانوا يغطون وجوههم وآذانهم بثيابهم بغضاً للرسول [صلى الله عليه وسلم] حتى لا يروه ولا يسمعوا كلامه، أو أراد المنافقين لأنهم لسترهم ما في قلوبهم كالمستغشي ثيابه، أو كان قوم من المسلمين يتنسكون بستر أبدانهم فلا يكشفونها تحت السماء فبيّن الله - تعالى - أن النسك بالاعتقاد والعمل. {مَا يُسِرُّونَ} في قلوبهم {وَمَا يُعْلِنُونَ} بأفواههم، أو ما يسرون الإيمان وما يعلنون العبادات، أو ما يسرون عمل الليل، وما يعلنون عمل النهار " ع " {بِذَاتِ الصُّدُورِ} بأسرارها، نزلت في الأخنس بن شريق " ع ". {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 6 - {مستقرها} حيث تأوي {مستودعها} حيث تموت أو مستقرها الرحم ومستودعها الصلب، أو مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة. {وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ وكان عرشه على الماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمةٍ معدودةٍ ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوسٌ كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرحٌ فخورٌ إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائقٌ به صدرك أن يقولوا لولا انزل عليه كنزٌ أو جاء معه ملك إنما أنت نذيرٌ والله على كل شيءٍ وكيل أم يقولون أفتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنّما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل انتم مسلمون من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولائك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 7 - {أَحْسَنُ عَمَلاً} أتم عقلاً، أو أزهد في الدنيا، أو أكثر شكراً، أو أحسن عقلاً وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعته، قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 8 - {أُمَّةٍ} فناء أمة، أو الأجل عند الجمهور، الأُمَّة: الأجل. {مَا يَحْبِسُهُ} أي العذاب، قالوا ذلك تكذيباً له لتأخره، أو استعجالاً واستهزاء {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 17 - {بَيِّنَةٍ} القرآن، أو دلائل التوحيد ووجوب الطاعة، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] {شَاهِدٌ مِّنْهُ} لسانه يشهد له بتلاوة القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] شاهد من الله - تعالى - أو جبريل - عليه السلام - " ع "، أو قال علي - رضي الله عنه - ما في قريش أحد إلا وقد نزلت فيه آية قيل: فما نزل فيك قال: " ويتلوه شاهد منه " {قَبْلِهِ} الضمير للقرآن، أو للرسول [صلى الله عليه وسلم] {إِمَاماً} للمؤمنين لاقتدائهم به {وَرَحْمَةً} لهم، أو إماماً متقدماً علينا ورحمة لهم. {أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ به} أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 من كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه {الأَحْزَابِ} أهل الأديان كلها، أو المتحزبون على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وحربه، قريش، أو اليهود والنصارى، أو أهل الملل كلها. {مَوْعِدُهُ} مصيره. {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ} من القرآن، أو من أن النار موعد الكافرين به. {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أولئك يعرضون على ربّهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً وهم بالآخرة هم كافرون 19 أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 18 - {كَذِباً} / بأن ادعى إنزال ما لم ينزل عليه، أو نفى ما أنزل عليه. {يُعْرَضُونَ} يحشرون إلى موقف الحساب. {الأَشْهَادُ} الأنبياء، أو الملائكة، أو الخلائق، أو الأنبياء والملائكة والمؤمنون والأجساد، الأشهاد: جمع شهيد كشريف وأشراف، أو جمع شاهد كصاحب وأصحاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 19 - {الَّذِينَ يَصُدُّونَ} قريش صدوا الناس عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو عن الدين " ع "، {وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} يرجون بمكة غير الإسلام ديناً، أو يبغون محمداً هلاكاً، أو يتأولون القرآن تأويلاً باطلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 22 - {لا جَرَمَ} لا بد، أو " لا " صلة، جرم: حقاً، أو لا نفي لدفع العذاب عنهم، ثم استأنف جرم بمعنى كسب أي كسبوا استحقاق النار، قال: (نصبنا رأسه في رأس جذع ... بما جرمت يداه وما اعتدينا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلاً أفلا تذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 23 - {أخبتوا} خافوا " ع "، أو اطمأنوا، أو أنابوا، أو خشعوا وتواضعوا، أو أخلصوا. {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 27 - {أَرَاذِلُنَا} جمع أََرْذُل وأَرْذُل جمع رَذْل وهو الحقير يعنون الفقراء وأصحاب الصنائع الدنيئة. {بَادِىَ الرَّأْىِ} ظاهره، أي إنك تعمل بأول الرأي من غير فكر، أو إنما في نفسك من الرأي ظاهر تعجيزاً له، أو اتبعوك بأول الرأي ولو فكروا لرجعوا عن اتباعك. {قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينّة من رّبي وءاتاني رحمةً من عنده فعميّت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسئلكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين ءامنوا إنّهم ملاقوا ربّهم ولكنّى أراكم قوماً تجهلون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتكم أفلا تذكرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أٌ قول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إنى إذاً لمن الظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 28 - {بَيِّنَةٍ} ثقة، أو حجة {رَحْمَةً} إيماناً، أو نبوة " ع ". {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} البينة خفيت فعميتم عنها، أراد بذلك بيان تفضيله عليهم لما قالوا {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلِ} {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} البينة، أو الرحمة. {كَارِهُونَ} أي لا يصح قبولكم لها مع الكراهية، وقال قتادة: لو استطاع نبي الله [صلى الله عليه وسلم] لألزمها قومه، ولكنه لم يملك ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 29 - {تجهلون} أنهم أفضل منكم لإيمانهم وكفرهم، أو لاسترذالكم وطلب طردهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 30 - {خَزَآئِنُ اللَّهِ} الأموال فأدفعها إليكم على إيمانكم، أو الرحمة فأسوقها إليكم " ع ". {تَزْدَرِى} تحتقر، أزريت عليه عبته، وزريت عليه حقرته. {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 35 - {افتراه} أي النبي [صلى الله عليه وسلم] اختلق ما أخبر به عن نوح وقومه. {إِجْرَامِى} عقاب إجرامي وهي الذنوب المكتسبة أو الجنايات المقصودة. {وأوحينا إلى نوحٍ أنّه لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 36 - {لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ} لما أخبره بذلك قال: {لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض} الآية [نوح: 26] {تَبْتَئِسْ} تحزن، أو تأسف، والابتئاس حزن في استكانة، لا تحزن لهلاكهم، أو كفرهم المفضي إلى هلاكهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 37 - {بِأَعْيُنِنَا} بحيث نراك فعبّر عن الرؤية بالأعين لأنها بها تكون، أو بحفظنا إياك حفظ من يراك، أو أعين أوليائنا من الملائكة. {وَوَحْيِنَا} أمْرُنا بصنعتها، أو بتعليمنا لك صنعتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 38 - {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} مكث مائة سنة يغرس الشجر ويقطعها وييبسها، ومائة سنة يعملها، وكان طولها ألفاً ومائتي ذراع وعرضها [79 / ب] / ستمائة ذراع وكانت مطبقة، أو طولها أربعمائة ذراع، وعلوها ثلاثون ذراعاً وعرضها خمسون ذراعاً وكانت ثلاثة أبيات، أو طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها مائة وخمسين ذراعاً، وعلوها ثلآثين ذراعاً في أعلاها الطير وفي أوسطها الناس وفي أسفلها السباع، ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر مضين من رجب، ورست الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 ببارقردى على الجودي يوم عاشوراء، وكان بابها في عرضها. {سَخِرُواْ مِنْهُ} لما رأوه يصنعها في البر، قالوا: صِرت بعد النبوة نجاراً، أو لم يكونوا رأوا قبلها سفينة فقالوا ما تصنع قال: بيتاً يمشي على الماء فسخروا منه {إِن تَسخَرُواْ} من قولنا فسنسخر من غفلتكم، أو إن تسخروا منا اليوم عند بناء السفينة فإنا نسخر منكم غداً عند الغرق، سمى جزاء السخرية باسمها، أو عبّر بها عن الاستجهال. {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن ءامن وما ءامن معه إلا قليلٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 40 - {التَّنُّورُ} وجه الأرض، تسمي العرب وجه الأرض تنوراً، أو التنور عين وردة التي بالجزيرة، أو مسجد الكوفة قبل أبواب كندة، أو التنور ما زاد على الأرض فأشرف منها، أو تنور الخبز، قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - كان من حجارة وكان لحواء وصار لنوح - عليه الصلاة والسلام -، أو التنور تنوير الصبح قالوا: نور الصبح تنويراً {زَوْجَيْنِ} من الآدميين والبهائم ذكراً وأنثى. {مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} من الله بالهلاك ابنه كنعان وامرأته كانا كافرين {قَلِيلٌ} ثمانون رجلاً منهم جرهم، أو سبعة نوح وأولاده سام وحام ويافث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 [وثلاث كنات له] ، أو السبعة وزوجته فصاروا ثمانية، فأصاب حام امرأته في السفينة فدعا نوح - عليه الصلاة والسلام - أن يغير الله - تعالى - نطفته فجاءوا سودان، ولما نزل يوم عاشوراء من السفينة قال: من كان صائماً فليتم صومه ومن لم يكن صائماً فليصم. {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سئاوى إلى جبلٍ يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين 43} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 41 - {بْسمِ اللَّهِ مَجْراهَا} سَيْرُها {وَمُرْسَاهَا} ثبوتها ووقوفها، كان إذا أراد السير قال: بسم الله مجراها فتسير، وإذا أراد الوقوف قال: بسم الله مرساها فتقف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 43 - {سآوي إِلَى جَبَلٍ} قال ذلك لبقائه على كفره تكذيباً لأبيه، قيل الجبل طور زيتاً. {عَاصِمَ} معصوم من الغرق. {إِلاَّ مَن رَّحِمَ} الله تعالى فأنجاه من الغرق، أو إلا من رحمه نوح - عليه الصلاة والسلام - فحمله في السفينة. {وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعداً للقوم الظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 44 - {ابْلَعَى مَآءَكِ} بلعت ماءها وماء السماء، أو ماءها وحده وصار ماء السماء بحاراً وأنهاراً، لأنه قال: {ابْلَعِى مَآءَكِ) {} (أَقْلِعِى} عن المطر، أقلع عن الشي تركه. {وَغِيضَ الْمَآءُ} نقص فذهبت زيادته عن الأرض. {وقضي} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 الأَمْرُ} بإهلاكهم بالغرق. {الْجُودِىِّ} جبل بالموصل، أو الجزيرة أو اسم لكل جبل. {ونادى نوحٌ ربّه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لى به علمٌ وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين قيل يا نوح اهبط بسلام منّا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 46 - {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ولد على فراشه لغير رشدة، أو كان ابن امرأته، أو كان ابنه وما بغت امرأة نبي قط / [80 / أ] " ع "، فقوله: {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي أهل دينك وولايتك عند الجمهور، أو من أهلك الذين وعدتك بإنجائهم. {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} سؤالك أياي أن أنجيه، أو إن ابنك عمل غير صالح لغير رشدة، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -، أو إن ابنك عَمِل عملاً غيرَ صالح " ع "، {أَعِظُكَ} أحذرك أو أرفعك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 {وإلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسئلكم عليه أجراً إن أجرى إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا ربّكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 52 - {مِدْراراً} المطر في إبانه، أو المتتابع " ع " {قُوَّةً} شدة إلى شدتكم أو خصباً إلى خصبكم، أو غزأ إلى عزكم بكثرة عددكم وأموالكم أو ولد الولد. {قالوا يا يهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي ءالهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض ءالهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئٌ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو ءاخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوماً غيركم ولا تضرونه شيئاً إن ربي على كل شيء حفيظ ولما جاء أمرنا نجيّنا هوداً والذين ءامنوا معه برحمةٍ منّا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عادٌ جحدوا بئايات ربهم وعصوا رسله واتّبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنةً ويوم القيامة إلا أنّ عاداً كفروا ربهم إلا بعداً لعادٍ قومٍ هودٍ} \ 56 - {صراط مستقيم} الحق، أو تدبير محكم. {وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريبٌ مجيب قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريبٍ قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينّة من ربي وءاتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 61 - {مِّنَ الأَرْضِ} في الأرض، أو خلقهم من آدم - عليه الصلاة والسلام - وآدم من ترابها. {وَاسْتَعْمَرَكُمْ} أبقاكم فيها مدة أعماركم من العمر، أو أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه من مسكن وغرس أشجار، أو أطال أعماركم كانت أعمارهم من ألف إلى ثلاثمائة سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 62 - {مَرْجُوّاً} يرجى خيرك، أو حقيراً من الإرجاء والتأخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 63 - {بَيِّنَةٍ) {دين} (رَحْمَةً} نبوة وحكمة. {فَمَا تَزِيدُونَنِى} في احتجاجكم باتباع آبائكم إلا خساراً تخسرونه أنتم، أو ما تزيدونني على الرد والتكذيب - إن أطعتكم - إلا خساراً لاستبدال الثواب بالعقاب. {ويا قوم هذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين ءامنوا معه برحمةٍ منا ومن خزي يؤمئذٍ إن ربّك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعداً لثمود} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 67 - {الصَّيْحَةُ} صيحة جبريل - عليه السلام -، أو أحدثها الله - تعالى - في حيوان، أو في غير حيوان. {دِيَارِهِمْ} منازلهم وبلادهم كديار بكر وربيعة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 أو في الدنيا لأنها دار الخلائق. {جَاثِمِينَ} ميتين، أو هلكى بالجثوم، وهو السقوط على الوجه، أو القعود على الرُّكَب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 68 - {يَغْنَوْاْ} يعيشوا، أو ينعموا. {كَفَرُواْ} وعيد ربهم، أو بأمر ربهم. {بُعْداً} قضى بالاستئصال فهلكوا جميعاً إلا أبا رغال كان بالحرم فمنعه الحرم من العذاب. {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجل حنيئذ فلما رءا أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوطٍ وأمرأته قائمةٌ فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت ياويلتي ءألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخاً إن هذا لشيء عجيبٌ قالوا: أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميدٌ مجيدٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 69 - {رُسُلُنَآ} رسلنا جبريل وميكائيل وإسرافيل واثنا عشر ملكاً مع جبريل " ع " و {إِبْرَاهِيمَ} أعجمي عند الأكثرين، أو عربي من البرهمة وهي إدامة النظر. {بالبشرى} بإسحاق - عليه الصلاة والسلام - أو النبوة، أو بإخراج محمد [صلى الله عليه وسلم] من صلبه وأنه خاتم الأنبياء، أو بهلاك قوم لوط. {سَلاماً} حيوه فرد عليهم، أو قالوا: سلمت أنت وأهلك من هلاك قوم لوط، قوله: سلام: أي الحمد لله الذي سلمني، والسِّلْم والسَّلام واحد أو السِّلْم من المسالمة والسَّلام من السلامة. {فَمَا لَبِثَ} مدحه بالإسراع بالضيافة لأنه ظنهم ضيوفاً لمجيئهم على صور الناس. {حَنِيذٍ} حار، أو مشوي نضيجاً بمعنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 محنوذ كطبيخ ومطبوخ، وهو الذي حُفر له في الأرض ثم غُم فيها، أو الذي تجعل الحجارة المحماة بالنار في جوفه ليسرع نضاجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 70 - {نَكِرَهُمْ} نَكِر وأنكر واحد، أو نَكِر إذا لم يعرفهم وأنكرهم وجدهم على منكر. ونكرهم لأنهم [لم] يتحرموا بطعامه وشأن العرب إذا لم يتحرم بطعامهم أن يظنوا السوء، أو نكرهم لأنه لم يكن لهم أيدي. {وَأَوْجَسَ} أضمر. {إِنَّآ أُرْسِلْنَآ} أعلموه بذلك ليأمن / [80 / ب] منهم، أو لأنه كان يأتي قوم لوط فيقول وَيْحكم أنهاكم عن الله - تعالى - أن تتعرضوا لعقوبته فلا يطيعونه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 71 - {قَآئِمَةٌ} تصلي، أو في خدمتهم، أو من وراء الستر تسمع كلامهم. {فَضَحِكَتْ} حاضت يقولون: ضحكت المرأة إذا حاضت. والضحك في كلامهم: الحيض وافق ذلك عادتها، أو لذعرها وخوفها تغيرت عادتها، أو ضحكت: تعجبت سمي به لأنه سبب له، عجبت من أنها وزوجها يخدمانهم إكراماً وهم لا يأكلون، أو من مجيء العذاب إلى قوم لوط وهم غافلون، أو من مجيء الولد مع كبرها وكبر زوجها، أو من إحياء العجل الحنيذ، لأن جبريل - عليه السلام - مسحه بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه وكانت أمه في الدار أو هو الضحك المعروف قاله الجمهور، ضحكت سروراً بالولد، أو بالسلامة، أو لِما رأت بزوجها من الروع، أو ظناً أن الرسل يعملون عمل قوم لوط. {وَرَآءِ} بعد، أو الوراء ولد الولد " ع "، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وخصوها بالبشرى لما اختصت بالضحك، أو كافؤوها بذلك استعظاماً لخدمتها، أو لأن المرأة أفرح بالولد من الرجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 72 - {يا ويلتى} لم تدع بالويل ولكنها كلمة تخف على ألسنة النساء عند تعجبهن، استغربت مجيء ولد من عجوز لها تسع وتسعون سنة، وشيخ له مائة سنة، أو لها تسعون، وله مائة وعشرون. {بَعْلِى شَيْخاً} قيل عرَّضت بذلك عن ترك غشيانه لها، والبعل السيد والبعل المعبود، وسمي الزوج بعلاً لتطاوله على المرأة كتطاول السيد على المسود. {عَجِيبٌ} منكر. {وعجبوا أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ} [ص: 4] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 73 - {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أنكروا ما قالته استغراباً لا تكذيباً وإنكاراً. {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم ءاتيهم عذاب غير مردود 76} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 74 - {الرَّوْعُ} الفزع والرُّوع: النفس " ألقى في رُوعي " {يُجَادِلُنَا} بقوله: إن فيها لوطاً، أو سأل هل يعذبونهم استئصالاً، أو على سبيل التخويف ليؤمنوا، أو قال: أتعذبونهم إن كان فيهم خمسون من المؤمنين قالوا: لا، قال: أربعون قالوا: لا، فما زال حتى نزلهم على عشرة فقالوا: لا، فذلك جداله، ولم يؤمن به إلا ابنتاه. {ولما جاءت رسلنا لوطاً سئ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيبٌ وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفى أليس منكم رجلٌ رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 77 - {سِىءَ بِهِمْ} ساء ظنه بقومه وضاق ذرعاً بأضيافه، {عَصِيبٌ} شديد لأنه يعصب الناس بالشر، خاف على الرسل أن يفضحهم قومه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 78 - {يُهْرَعُونَ} الإهراع الإسراع بين الهرولة والجمز قال: الكسائي والفراء: ولا يكون إلا مع رعدة، أسرعوا لما أعلمتهم امرأة لوط بجمال الأضياف. {وَمِن قَبْلُ} إسراعهم كانوا ينكحون الذكور، أو كانت اللوطية فيهم في النساء قبل كونها في الرجال بأربعين سنة. {بَنَاتِى} نساء الأمة، أو لصلبه لجوازه في شريعته وكان ذلك في صدر الإسلام ثم نسخ، قاله الحسن - رضي الله عنه -، أو على شرط الإيمان كان يشترط العقد، أو رغبهم بذلك في الحلال دفعاً لبادئتهم لا أنه بذل نكاحهن ولا عرض بخطبتهن. {ولا تخزون} [81 / أ] تذلوني بعار الفضيحة، أو تهلكوني بعواقب فسادكم، أو أراد الحياء خزي الرجل: استحيا. {رَّشِيدٌ} مؤمن " ع "، أو آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر، تعجب من اتفاقهم على المنكر، وأراد بالرشيد من يدفع عن أضيافه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 79 - {مِنْ حَقٍّ} حاجة، أو لَسْن لنا بأزواج، {مَا نُرِيدُ} من الرجال، أو بألا نتزوج إلا بواحد وليس منا إلا من له امرأة. {قال لو أن لي بكم قوةً أو ءاوى إلى ركن شديد قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 80 - {قُوَّةً} أنصاراً، قال " ع ": أراد الولد. {رُكْنٍ شَدِيدٍ} عشيرة مانعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 فوجدت عليه الرسل، وقالوا: إن ركنك لشديد. وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " رحم الله - تعالى - لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : فما بعث الله تعالى بعده نبياً إلا في ثروة من قومه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 81 - {رُسُلُ رَبِّكَ} وقف على الباب ليمنعهم من الأضياف فلما أعلموه أنهم رسل مكنهم من الدخول، وطمس جبريل - عليه السلام - أعينهم وغل أيديهم فجفت. {فَأَسْرِ} السرى: سير الليل وسرى وأسرى واحد، أو أسرى من أول الليل وسرى من آخره، ولا يقال في النهار إلا سار. {بِقِطْعٍ} سواد، أو نصف الليل من قطعه بنصفين، أو السحر الأول أو قطعه " ع ". {وَلا يَلْتَفِتْ} لا يتخلف " ع "، أو لا ينظر وراءه، أو لا يشتغل بما خلفه من مال ومتاع. {امْرَأَتَكَ} بالنصب استثناء من " فأسر "، أو من " لا يلتفت " عند من رفع بدل من " أحد " {مُصِيبُهَا} خرجت مع لوط من القرية فسمعت الصوت فالتفتت فأرسل عليها حجر فأهلكها. {مَوْعِدَهُمُ} لما علم أنهم رسل قال: فالآن إذن، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 فقال جبريل - عليه السلام - إن موعدهم الصبح. {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسوّمة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 82 - {جَآءَ أَمْرُنَا} للملائكة، أو وقوع العذاب بهم، أو القضاء بعذابهم. {عَالِيَهَا} صعد بها جبريل - عليه السلام - على جناحه حتى سمع اهل السماء نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم قلّبها وجعل عاليها سافلها وأتبعها الحجارة حتى أهلكها وما حولها، وكن خمس قرى أعظمهن سدوم، أو ثلاث قرى يقال لها سدوم بين المدينة والشام، وكان فيها أربعة آلاف ألف. {سِجِّيلٍ} حجارة صلبة، أو مطبوخة، حتى صارت كالأرحاء، أو من جهنم واسمها سجين فقلبت النون لاماً، أومن السماء واسمها سجيل، أو من السجل وهو الكتاب كتب الله - تعالى - عليها أن يعذب بها، أو سجيل مرسل من السجل وهو الإرسال أسجلته أرسلته، والدلو سجيل لإرساله، أو من السجل وهو العطاء سجلت له سجلاً من العطاء كأنهم أعطوا البلاء إذراراً، او فارسي معرب من سنك وهو الحجر وكل وهو الطين. {مَّنضُودٍ} نضد بعضه على بعض، أو مصفوف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 83 - {مُّسَوَّمَةً} معلمة ببياض في حمرة " ع "، أو مختمة على كل حجر أسم صاحبه. {عِندَ رَبِّكَ} في علمه، أو في خزائنه لا يتصرف فيها سواه [81 / ب] {الظَّالِمِينَ} من قريش، أو العرب، أو ظالمي هذه الأمة، أو كل ظالم وأمطرت الحجارة على المدن حين رفعها، أو على من كان خارجاً عنها من أهلها. {وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنى أراكم بخيرٍ وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 84 - {مَدْيَنَ} بنو مدين بن إبراهيم كمضر لبني مضر، أو مدين مدينتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 نسبوا إليها ثم اقتصر على اسمها تخفيفاً، وهو أعجمي، أوعربي من مَدَنَ بالمكان أقام فيه عند من زعم أنه اسم المدينة، أو من دنت أي ملكت بزيادة الميم عند من جعله اسم رجل. {شُعَيْباً} تصغير شعب وهو الطريق في الجبل، أو القبيلة العظيمة، أو من شعب الإناء المكسور. {بخَيْرٍ} رخص السعر " ع "، أو المال وزينة الدنيا. {يَوْمٍ مُّحِيطٍ} غلاء السعر " ع " أو عذاب النار في الآخرة، أو الاستئصال في الدنيا. {ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ 86} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 86 - {بقية} رزقه، أو طاعته، أو وصيته، أو رحمته، أو حظكم منه، أو ما أبقاه لكم بعد إيفاء الكيل والوزن. {قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءاباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاؤا إنك لأنت الحليم الرشيد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 87 - {أصلواتك} المعروفة، أو قراءتك، أو دينك الذي تتبعه، أصل الصلاة الاتباع ومنه المصلي في الخيل. {تَأْمُرُكَ} تدعوك، أو فيها أن تأمرنا أن نترك عبادة الأصنام. {مَا نَشَآءُ} من البخس والتطفيف، أو الزكاة التي أمرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 بها، أو قطع الدراهم والدنانير لأنه نهاهم عن ذلك. {الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} استهزاء، أو نفي " ع "، أو حقيقة ما نبتغي لك هذا مع حلمك ورشدك. {قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينةٍ من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 88 - {رِزْقاً حَسَناً} مالاً حلالاً، قال " ع ": وكان شعيب كثير المال، أو نبوة فيه حذف تقديره أفأعدل عن عبادته. {أُنِيبُ} أرجع، أو أدعو. {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى أن يصيبكم مثل ماأصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوطٍ منكم ببعيدٍ واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 89 - {يَجْرِمَنَّكُمْ} يحملنكم، أو يكسبنكم. {شِقَاقِى} عداوتي، أو إصراري، أو فراقي. {بِبَعيدٍ} بعد الدار لدنوهم منهم، أو بعد الزمان لقرب العهد وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا ذكر شعيباً قال: " ذاك خطيب الأنبياء ". {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطى أعز عليكم من الله اتخذتموه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وراءكم ظهرياً إن ربي بما تعملون محيط} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 91 - {مَا نَفْقَهُ} ما نفهم صحة ما تقول من البعث والجزاء، أو قالوه إعراضاً عن سماعه، أو احتقاراً لكلامه، {ضَعِيفاً} أعمى، أو ضعيف البصر، أو البدن، أو وحيداً، أو ذليلاً مهيناً، أو قليل العقل، أو قليل المعرفة بمصالح الدنيا وسياسة أهلها. {رَهْطُكَ} عشيرتك عند الجمهور، أو شيعتك، {لَرَجَمْنَاكَ} بالحجارة، أو بالشتم. {بِعَزِيزٍ} بكريم، أو بممتنع لولا رهطك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 92 - {أَرَهْطِى أَعَزُّ عَلَيْكُم} أتراعون رهطي فِيَّ ولا تراعون الله فِيَّ. {ظِهْرِيّاً} أطرحتم أمره وراء ظهوركم لا تلتفتون إليه ولا تعملون به، أو حملتم أوزار مخالفته على ظهوركم، أو إن احتجتم إليه استعنتم به وإن اكتفيتم تركتموه كالذي يتخذ من الجمال ظهراً إن اُحتيج إليه حُمل عليه وإن استُغني عنه تُرك، أو جَعْلهم الله وراء ظهورهم ظهرياً. {محيط} حفيظ، أو خبير، أو مجازي. {ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عاملٌ سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذبٌ وارتقبوا إني معكم رقيبٌ ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين ءامنوا معه برحمةٍ منا واخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها إلا بعد لمدين كما بعدت ثمود} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 93 - {مكانتكم} ناحيتكم " ع "، أو تمكنكم أي اعملوا في هلاكي فإني عامل في هلاككم قال ذلك ثقة بربه. {عَذَابٌ} الفرق {يُخْزِيهِ} يذله، أو يفضحه. {فارتقبوا} انتظروا العذاب / [82 / أ] {إني معكم} منتظر. {ولقد أرسلنا موسى بئاياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنةً ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 99 - {فِى هَذِهِ} الدنيا لعنة المؤمنين ويوم القيامة لعنة الملائكة أو لعنة الدنيا الفرق ولعنة الآخرة النار. {الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} العون المعان، أو الرفد الزيادة لأنهم زيدوا على الفرق بالنار، أو ذم لشرابهم فيها لأن الرِفد بالكسر ما في القدح من الشراب والرفد بالفتح القدح. {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قآئم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم ءالهتهم التي يدعون من دون الله من شىءٍ لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيبٍ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديدٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 100 - {نَقُصُّهُ} نخبرك، أو نتبع بعضه بعضاً. {قَآئِمٌ} عامر {وَحَصِيدٌ} خاوي " ع "، أو القائم الآثار والحصيد الدارس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 101 - {تتبيب) تخسير، أو هلاك، أو شر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 {إن في ذلك لآيةً لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يومٌ مجموعٌ له الناس وذلك يومٌ مشهودٌ وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقىٌّ وسعيدٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 105 - {لا تَكَلَّمُ} لا تشفع، أو لا تكلم بشيء من جائز الكلام، أو يمنعون في بعض أوقات القيامة من الكلام إلا بإذنه. {شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ} محروم ومرزوق، أو معذب ومنعم، ابتدأ بالسعادة والشقاوة من غير جزاء أو جوزيا بها على أعمالهما. {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفيرٌ وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعالٌ لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 106 - {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} الزفير الصوت الشديد والشهيق الصوت الضعيف " ع "، أو الزفير في الحلق والشهيق في الصدر، أو الزفير تردد النفس من شدة الحزن والشهيق النفس الطويل، جبل شاهق طويل، أو الزفير أول شهيق الحمار والشهيق آخره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 107 - {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ} سماء الدنيا وأرضها {إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ} من الزيادة عليها بعد فناء مدتها، أو مادامت سماوات الآخرة وأرضها إلا ما شاء من قدر وقوفهم في القيامة، أو إلا من شاء ربك إخراجه منها من أهل التوحيد " ع "، أو " إلا من شاء أن لا يدخله إليها من أهل التوحيد " مروي عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو إلا من شاء أن يخرجه منها من موحد ومشرك إذا شاء " ع "، أو الاستثناء من الزفير والشهيق إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي ليست بزفير ولا شهيق مما سماه أو لم يسمِّه ثم استأنف فقال: {مَا دَامَتِ} ، أو المعنى لو شاء أن لا يخلدهم لفعل ولكنه شاء ذلك وحكم به. وقدر خلودهم بسماوات الدنيا وأرضها على عادة العرب وعرفها. زهير: (ألا لا أرى الحوادث باقياً ... ولا خالداً إلا الجبال الرواسيا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 108 - {سُعِدُواْ فَفِى الْجَنَّةِ} إلا ما شاء ربك من مدة مكثهم في النار، أو {إِلاَّ} بمعنى الواو. {مجذوذ} مقطوع، أو ممنوع. {فلا تك في مريةْ مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد ءاباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ولقد ءاتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 109 - {نَصِيبَهُمْ} من خير أو شر " ع "، أو الرزق، أو العذاب. {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ولا تركنوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 113 - {تَرْكَنُواْ} تميلوا، أو تدنوا، أو ترضوا أعمالهم، أو تداهنوهم في القول فتوافقوهم سراً ولا تنكروا عليهم علانية. {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من اليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 114 - {طرفي النهار} الأول اصبح اتفاقاً والثاني الظهر والعصر، أو العصر وحدها، أو المغرب " ع "، {زلفاً} جمع زلفة والزلفة المنزلة أي ومنازل من الليل أي ساعات، ومزدلفة لأنها منزل بعد عرفة، أو لازدلاف آدم - عليه الصلاة والسلام - من عرفة إلى حواء وهي بها. وأراد عشاء الآخرة، أو المغرب والعشاء. {الْحَسَنَاتِ} الصلوات الخمس " ع "، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهن الباقيات الصالحات، أو الحسنات المقبولة تذهب السيئات / [82 / ب] المغفورة، أو ثواب الطاعة يذهب عقاب المعصية. {ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} توبة للتائبين، أو بيان للمتعظين. {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 116 - {أُتْرِفُواْ} انظروا " ع " {بَقِيَّةٍ} طاعة، أو تمييز، أو حظ من الله - تعالى - {الْفَسَادِ} الكفر أو الظلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 {ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 118 - {أُمَّةً وَاحِدَةً} على الإسلام، أو على دين واحد من ضلالة أو هدى، {مُخْتَلِفِينَ} في الأديان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 119 - {إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} من أهل الحق، أو في الحق والباطل إلا من رحم بالطاعة، أو في الرزق غني وفقير إلا من رحم بالقناعة، أو في السعادة والشقاوة إلا من رحم بالتوفيق، أو في المغفرة إلاَّ من رحم بالجنة، أو يخلف بعضهم بعضاً يأتي قوم بعد قوم، خلفوا واختلفوا كقتلوا واقتتلوا {وَلِذَلِكَ} للاختلاف، أو للرحمة، أو للشقاوة والسعادة " ع "، أو للجنة والنار. {وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 120 - {فِى هَذِهِ} السورة " ع "، أو في الدنيا، أو الأنباء {الْحَقُّ} صدق الأنباء إذا كانت الإشارة للسورة، أو النبوة إذا كانت الإشارة للدنيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 سورة يوسف مكية، أو إلا أربع آيات " ع ". بسم الله الرحمن الرحيم {الر تلك ءايات الكتاب المبين 2 إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرءان وإن كنت من قبله لمن الغافلين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 1 - {تلك آيات} هذه السورة، أو السورة التي قبلها، أو إشارة إلى ما افتتح به السورة من الحروف، علامات {الْكِتَابِ} العربي {الْمُبِينِ} حلاله وحرامه، أو هداه ورشده، أو المبين للأحرف الساقطة من ألسنة الأعاجم وهي ستة قاله معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2 - {أنزلناه} خبر يوسف - عليه الصلاة والسلام -، أو الكتاب عند الجمهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2 - {نَقُصُّ} نبين والقاص الذي يأتي بالقصة على حقيقتها. {إذ قال يوسف لأبيه يآ أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رءياك على إخواتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدوٌّ مبينٌ وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 نعمته عليك وعلىءال يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 4 - {رَأَيْتُ} رأى أبويه وإخوته ساجدين له فعبّر عنهم بالشمس والقمر والكواكب فالشمس أبوه والقمر أمه راحيل " ع " أو رأى الكواكب والشمس والقمر فتأولهم بإخوته والقمر بأُمه والشمس بأبيه عند الأكثرين، أو الشمس أمه والقمر أبوه لتأنيثها وتذكير القمر، {رأيتهم} تأكيد ل {رَأَيْتُ} الأول لبعد ما بينهما، أو رؤيته الأولى لهم والثاني لسجودهم، {سَاجِدِينَ} كسجود الصلاة إعظاماً لا عبادة، أو عبّر عن الخضوع بالسجود. وكانت رؤياه ليلة القدر في ليلة الجمعة، فلما قصّها على يعقوب خاف عليه حسد إخوته، فقال: هذه رؤيا ليل فلا تعمل عليها، فلما خلا به قال: {لا تقصص رؤياك} الآية [5] ، وقيل كان عمره عند الرؤيا سبع عشرة سنة. ويوسف أعجمي عبراني، أو عربي من الأسف لأنه حزن وأحزن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 6 - {يجتبيك} بالنبوة، أو بحسن الخلق فالخلق أو بترك الانتقام. {تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} عواقب الأمور، أو عبارة الرؤيا، أو العلم والحكمة. {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} بالنبوة، أو بإعلاء كلمتك وتحقيق رؤياك {وعلى آل يعقوب} بأن 3 يجعل فيهم النبوة {كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ} نعمته على إبراهيم بالنجاة من النار وعلى إسحاق بالنجاة من الذبح. {لقد كان في يوسف وإخوته ءايات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 7 - {آيات} عبر، أو زواجر بما ظهر في يوسف من عواقب البغي عليه، أو بصدق رؤياه وصحة تأويله، أو بقهره شهوته / [83 / أ] حتى سلم من المعصية، أو بحدوث الفرح بعد شدة الإياس، قال ابن عطاء: ما سمع سورة يوسف محزون إلا استروح إليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 8 - {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ} كانا أخوين للأبوين ثم ماتت أُمهما فكفلهما أبوهما وزاد لذلك في مراعاتهما فحسدوهما وكان عطفه على يوسف أكثر فلذلك كان حسده أكثر ثم اشتد بسبب رؤياه. {عُصْبَةٌ} العصبة، الجماعة أو ستة أو سبعة، أو من عشرة إلى خمسة عشرة، أو إلى أربعين. {ضَلالٍ مُّبِينٍ} محبة ظاهرة، أو خطأ في رأيه، أو جور في فعله لتفضيله الصغير على الكبير والقليل على الكثير ومن لا يراعي ماله على من يراعيه وكانوا حينئذ بالغين مؤمنين ليسوا بأنبياء لقولهم: {استغفر لنا ذنوبنا) {الي} (خاطئين} [97] ، أو لم يبلغوا لقولهم: {ويلعب} [12] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 9 - {أَرْضاً} لتأكله السباع، أو ليبعد عن أبيه، {صَالِحِينَ} بالتوبة، أو في دنياكم دون الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 10 - {قَآئِلٌ} شمعون، أو يهوذا، أو أكبرهم روبيل بن خالة يوسف {غيابة الْجُبِّ} قعره، أو ظلمته التي تغيب عن الأبصار. سمي غيابة لأنه يغيب فيه أثره، أو خبره، وكان رأسه حنيفاً وأسفله واسعاً. والجب بئر في بيت المقدس، أو بئر غير معينة، أو الجب ما عظم من الآبار سواء كان فيه ماء أو لم يكن، أو ما لا طي له لأنها قطعت ولم يحدث فيها غير القطع قاله الزجاج. {يَلْتَقِطْهُ} يأخذه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 اللقطة. {السَّيَّارَةِ} المسافرون لسيرهم، أو مارة الطريق. {قالوا يا آبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وإنا له لحافظون قالوا إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 12 - {نرتع} نلهوا ونلعب، أو نسعى وننشط، أو نتحافظ ويلهو، أو يرعى ويتصرف، أو نطعم ونتنعم من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب. ولم ينكر أبوهم اللعب لأنهم أرادوا المباح منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 13 - {وَأَخَافُ} خافهم عليه فكنى عنهم بالذئب " ع " أو خاف الذئب لغلبته في الصحارى. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 {وتركنا يوسف عند متاعنا فأكلهُ الذئبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنا صَادِقِينَ وجآءُو على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميلٌ والله المستعان على ما تصفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 15 - {وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ) ألهمناه، أو نَبَّأه في الجب {لَتُنَبِّئَنَّهُم} لتوبخنهم بفعلهم، بشره بخلاصه من الجب، أو أخبره بما يصنعون به قبل إلقائهم أياه في الجب إنذاراً له. {لا يَشْعُرُونَ} بأنك أخوهم، أو بأن الله - تعالى - أوحى إليه بالنبوة " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 17 - {نَسْتَبِقُ} على الأقدام أو بالنضال، أو في اقتناص الصيد، أو في عملهم الذي تشاغلوا به من الرعي والاحتطاب. {صَادِقِينَ} وإن صَدَقْنا أو إن كنا أهل صدق لما صدقتنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 18 - {بِدَمٍ} سخلة، أو ظبية. فلما رأى القميص غير مشقوق قال: يا بني والله ما عهدت الذئب حليماً أفأكل ابني وأبقى عليه قميصه. {كَذِبٍ} وصفه بالمصدر، وكان في القميص ثلاث آيات: حين جاءوا عليه بالدم، وحين قُد، وحين أُلقي على وجه أبيه. {سَوَّلَتْ} زينب، أو أمرت " ع "، قاله عن وحي، أو عن علم تقدم له به، أو عن حدس وفراسة {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} ومن الجميل أن أصبر، أو أمر نفسه بصبر جميل / لا جزع فيه، أو لا شكوى فيه، وسئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنه فقال: " صبر لا شكوى فيه، من بث فلم يصبر " {الْمُسْتَعَانُ} على الصبر الجميل، أو على احتمال ما تصفون أو تكذبون ابتُلي يعقوب في كبره ويوسف في صغره. {وجآءت سيّارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسرّوه بضاعة والله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 عليم بما يعملون وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 19 - {فَأَدْلَىَ دَلْوَهُ} أرسلها ليملأها، ودلاها أخرجها ملأى فلما أرسلها تعلق بها يوسف {بشراي} بشرهم بذلك، أو نادى رجلاً اسمه {بشرى} يعلمه بالغلام، وألقي فيه وهو ابن سبع عشرة سنة، أو ست سنين. أخرجته السيارة بعد ثلاثة أيام {وَأَسَرُّوهُ} كان أخوته بقرب الجب فلما أخرج قالوا: هذا عبدنا أوثقناه فباعوه وأسروا بيعه بثمن جعلوه بضاعة لهم " ع "، أو أسرّ ابتياعه الذين وردوا الجب من أهل الرفقة لئلا يشركوهم وتواصوا أنها بضاعة استبضعناها من أهل الماء، أو أسر مشتروه بيعه من الملك لئلا يعلم أصحابهم وذكروا أنه بضاعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 20 - {وَشَرَوْهُ} باعه إخواته من السيارة " ع "، أو السيارة من الملك. {بَخْسٍ} حرام لأنه ثمن حر " ع "، أو ظلم أو قليل {مَعْدُودَةٍ} عشرين أقتسمها العشرة كل واحد درهمين " ع "، أو اثنين وعشرين اقتسمها الأحد عشر كل واحد درهمين، أو أربعين درهماً: قال السدي: اشتروا بها خفافاً ونعالاً {مَعْدُودَةٍ} غير موزونة لزهدهم فيه، أو كانوا لا يزنون أقل من أوقية وهي أربعون وكان ثمنه أقل منها. {وَكَانُواْ فِيهِ} إخوته زهدوا فيه لما صنعوا به، أو السيارة لأنهم باعوه بما باعوا لعلمهم حريته، أو ظنوه عبداً فخافوا أن يظهر عليهم مالكه فيأخذه، قال عكرمة أعتق يوسف لما بيع. {وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولما بلغ أشده ءاتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين} 21 - {الَّذِى اشْتَرَاهُ} العزيز ملك مصر " أطيفر بن روجيب ". وامرأته " راعيل "، أو اسمه " قطفير " وكان على خزائن مصر، والملك حينئذ " الوليد بن الرياني " من العماليق " ع "، وباعه مالك بن دعر بعشرين ديناراً وزاده املك بَغْلَة ونعلين {أَكْرِمِى} أجملي منزله، أو أحلي منزلته بطيب الطعام ولين المرقد واللباس. {يَنفَعَنَآ} بالربح في ثمنه، أو نعتقه ونتبناه. قال ابن مسعود: أحسن الناس فراسة ثلاثة: العزيز وابنة شعيب وأبو بكر - رضي الله تعالى عنه - في استخلافه عمر - رضي الله تعالى عنه - {مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ} بإخراجه من الجب، أو باستخلاف الملك له {عَلَى أَمْرِهِ} أمر الله - تعالى - فيما أراده فيقول له كن فيكون، أو أمر يوسف حتى يبلغ فيه مراده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 22 - {أَشُدَّهُ} أشد يوسف عشرون سنة، أو ثلاثون سنة، والأشد قوة الشباب وهو الحلم، أو ثماني عشرة سنة " ع "، أو خمس وعشرون أو ثلاثون، أو ثلاث وثلاثون، وآخر الأشد أربعون، أو ستون {حُكْماً} على الناس، أو عقلاً، أو حكمة في أفعاله، أو القرآن، أو النبوة {وَعِلْماً} فقهاً، أو نبوة {الْمُحْسِنِينَ} المطيعين، أو المهتدين " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لايفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رءا برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 23 - {والتي هُوَ فِى بَيْتِهَا} " راعيل " امرأة العزيز " أطفير " أو زليخة وكان العزيز لا يأتي النساء. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: اقتسم يوسف وحواء الحسن نصفين. {وغلقت / [84 / أ] الأَبْوَابَ} بكثرة الأغلاق، أو بشدة الاستيثاق {هَيْتَ لَكَ} هلم لك {هِئتُ لك} تهيأت لك، و " هيت " قبطية " ع "، أو سريانية، أو عربية. {إِنَّهُ رَبَّى} الله {أَحْسَنَ مَثْوَاىَ} ، فلا أعصيه، أو العزيز أو أطفير ربي سيدي أحسن مثواي فلا أخونه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 24 - {هَمَّتْ بِهِ} شهوة، أو استلقت له وتهيأت لوقوعه {وَهَمَّ} بضربها، أو التقدير لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها، أو كان همه عظة، أو كان همه حديث نفس من غير عزم، أو همه ما في طباع الرجال من شهوة النساء وإن كان قاهراً له، أو عزم على وقاعها فحل الهميان وهو السراويل وجلس منها مجلس الرجل من المرأة " ع "، وجمهور المفسرين، وابتلاء الأنبياء بالمعاصي ليكونوا على وجل ويجدُّوا في الطاعة، أو ليعرفهم نعمته عليهم بالصفح والغفران، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 ليقتدى بهم المذنبون في الخوف والرجاء عند التوبة. {بُرهَانَ رَبِّهِ} نودي أتزني فتكون كطائر وقع ريشه فذهب يطير فلم يستطع، أو رأى صورة أبيه يقول أتهم بفعل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء فخرجت شهوته من أنامله، وولد لكل من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكراً إلا يوسف لم يولد له إلا غلامين ونقص بتلك الشهوة ولده، أو رأى مكتوباً على الحائط {ولا تقربوا الزنا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32] ، أو رأى أطفير سيده، أو ما أتاه الله - تعالى - من العفاف والصيانة وترك الفساد والخيانة، أو رأى ستراً فقال: ما وراء هذا فقالت: صنمي الذي أعبده سترته حياء منه فقال: إذا استحييت ممن لا يسمع ولا يبصر فأنا أحق أن أستحي من إلهي وأتوقاه. {السُّوءَ} الشهوة {وَالْفَحْشَآءَ} المباشرة، أو {السُّوءَ} الثناء القبيح، {وَالْفَحْشَآءَ} الزنا. {الْمُخْلَصِينَ} للطاعة و {المخلصين} للرسالة. {واستبقا الباب وقدت قميصه من دبرٍ وألفيا سيّدها لدا الباب قالت ماجزاء من أراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليمٌ قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهدٌ من أهلها إن كان قميصه قد من قبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دبرٍ فكذبت وهو من الصادقين فلمّا رءا قميصه قدّ من دبرٍ قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك إنك كنت من الخاطئين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 25 - {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} ليخرج منه هرباً وأسرعت إليه طلباً {وَقَدَّتْ} أدركته وقد فتح بعض الأغلاق فجذبته فشقت قميصه إلى ساقه فسقط عنه وتبعته. {وَالْفَيَا) {وجدا} (سَيِّدَهَا} زوجها بلسان القبط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 26 - {هِىَ رَاوَدَتْنِى} لما كذبت عليه دافع عن نفسه بالصدق ولو كفت عن كذبها لكف عن الصدق، ولو خلص حبها من الشهوة لما كذبت عليه {شَاهِدٌ} صبي أنطقه الله - تعالى - في مهده، أو خلق من خلق الله - تعالى - ليس بإنس ولا جن، أو حكيم {مِّنْ أَهْلِهَآ} ابن عمها، أو شهادة القميص المقدود لو كان مقدوداً من قُبُل لَدلَّ على الطلب لكنه قد من دُبُر فَدَلَّ على الهرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 28 - {كَيْدِكُنَّ} كذبها، أو إرادتها السوء، قاله الزوج، أو الشاهد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 29 - {أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الأمر تسلية له إذ لا إثم فيه، أو عن هذا القول تصديقاً له في براءته قاله الزوج، لأنه لم يكن غيوراً، أو سلبه الله - تعالى - الغيرة إبقاء على يوسف حفظاً / [84 / ب] له من بادرته، وأمر زوجته الإقلاع عن مثل ذلك بالاستغفار {الخاطئين} خطئ إذا قصد الذنب وأخطأ إذا لم يقصده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 وكذلك الصواب والصوب. (لعمرك أنما خطئي وصوبي ... عليّ وإنما أهلكت مالي) {وقال نسوةٌ في المدينة أمرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً وإنّا لنراها في ضلال مبين فلمّا سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وءاتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ قالت فذلكنّ الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما ءامره ليسجننّ وليكونا من الصاغرين قال رب السجن أحب إليّ ممّا يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهنّ أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهن إنّه هو السميع العليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 30 - {نِسْوَةٌ} أربع، امرأة الحاجب، وامرأة الساقي، وامرأة الخباز، وامرأة القهرمان، أو الخامسة امرأة السجان. {في المدينة} مصر، أوعين شمس شغاف {تُرَاوِدُ فَتَاهَا} بَرَّأْن يوسف وذممنها وطعنَّ فيها {شَغَفَهَا} ولج حبه شغاف قلبها وهو حجابه، أو غلافه: جلدة رقيقة بيضاء تكون عليه وتسمى لباس القلب، أو باطن القلب، أو حبته، أو داء يكون في الجوف، أو الذعر والفزع الحادث عن شدة الحب، والشغف: الحب القاتل والشغف دونه " ع "، أو الشغف الجنون والشغف الحب {ضَلالٍ} عن الرشد، أو محبة شديدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 31 - {بِمَكْرِهِنَّ إنكارهن، أو أسرَّت إليهن حبها له فأذعنه، {وأعتدت} من الإعتاد، أو العدوان {متكأ} مجلساً، أوالنمارق والوسائد التي يتكأ عليها، أو الطعام من قولهم: اتكأنا عند فلان أي طعمنا عنده لأنهم كانوا يعدون المتكأ للمدعو إلى الطعام فسمي به الطعام توسعاً والمراد به هنا البزماورد، أو الأترج " ع "، " والمتك " مجفف الأترج، أو كل ما يحز بالسكين، أو عام في كل الطعام. {أَكْبَرْنَهُ} أعظمنه " ع "، أو وجدن شبابه في الحسن والجمال كبيراً، أو حِضْنَ، والمرأة إذا جزعت أو خارت حاضت والإكبار الحيض، قال: (نأتي النساء على أطهارهن ولا ... نأتي النساء إذا أكبرن إكباراً) {قطعن أيدهن} حتى بانت، أو جرحنها حتى دميت. {حَاشَ لِلَّهِ} معاذ الله أو سبحان الله. مأخوذ من المراقبة، ما أحاشي في هذا الأمر أحداً أني ما أراقبه، أو من قولهم: كنت في حشا فلان أي ناحيته، فحاشى فلاناً أي أعزله في حشا وهو الناحية {بَشَراً} أهل للمباشرة، أو من جملة البشر لما علمن من عفته إذ لو كان بشراً لأطاعها، أو شبهنه بالملائكة حسناً وجمالاً {كَرِيمٌ} مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 33 - {أَصْبُ} أتابع، أو أميل، قال: (إلى هند صبا قلبي ... وهند مثلها يصبى) {ثم بدا لهم من بعد ما ما رأوا الآيات ليسجننّه حتى حين ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنّا نراك من المحسنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 35 - {الأَيَاتِ} قدِّ القميص وقطع الأيدي، أو ما ظهر من عفته وجماله {حِينٍ} هنا ستة أشهر، أو سبع سنين، أو زمان غير محدود، قالت لزوجها: قد فضحي هذا العبد العبراني، وقال: إني راودته عن نفسي فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه كما حبستني فحبسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 36 - {فَتَيَانِ} عبدان والعبد يسمى فتى صغيراً كان أو كبيراً، كان أحدهما على طعام الملك الأكبر " الوليد بن الريان " والآخر ساقية فاتُّهما بسمه، فلما دخلا معه سألاه عن علمه فقال: عابر، فسألاه عن رؤياهما صدقاً منهما، أو كذباً ليجربا علمه فلما أجابهما قالا: كنا نلعب فقال: {قضي الأمر} الآية [41] ، أو كان المصلوب كاذباً والآخر صادقاً. {خَمْراً} / [85 / أ] عنباً سماه بما يؤول إليه، أو أهل عمان يسمون العنب خمراً. {الْمُحْسِنِينَ} قالوه لأنه كان يعود مريضهم ويعزي حزينهم ويوسع على من ضاق مكانه منهم، أو كان يأمرهم بالصبر ويعدهم بالأجر، أو كان لا يرد عذر معتذر ويقضي حق غيره ولا يقضي حق نفسه، أو ممن أحسن العلم، أو نراك من المحسنين إن نبأتنا بتأويل هذه الرؤيا. {قال لا يأتيكما طعامٌ ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالأخرة هم كافرون واتبعت ملة ءاباءى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئٍ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 37 - {تُرْزَقَانِهِ} لا يأتيكما في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة قبل إتيانه، أو لا يأتيكما في اليقظة إلا أخبرتكما به لأنه كان يخبر عن الغيب كعيسى، أو كان الملك إذا أراد قتل إنسان أرسل إليه طعاماً معروفاً فكره يوسف تعبيرها لئلا يحزنه فوعده بتأويلها عند وصول الطعام إليه فلما ألح عليه عبّرها له، قاله ابن جريج {ذَلِكُمَا} تأويل الرؤيا، وعدل عن العبارة إلى قوله: {تركت ملة قوم} لما كان في عبارتها من الكراهة، ورغبهما في طاعة الله - تعالى -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 38 - {فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا} بالنبوة {وَعَلَى النَّاسِ} بأن بعثنا إليهم " ع ". {يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها انتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 40 - {الْقَيِّمُ} المستقيم، أو الحساب البَيَّن، أو القضاء الحق " ع ". {يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربّه خمراً وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان وقال الذي ظنّ أنّه ناجٍ منهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 أذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربّه فلبث في السجن بضع سنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 41 - {قَُضِىَ الأَمْرُ} السؤال والجواب. أو استقصى التأويل، ويجوز أن يكون قوله ذلك عن وحي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 42 - {ظَنَّ} تيقن، أو على بابه لأن عبارة الرؤيا ظن فلم يقطع بها، أو لم يقطع بصدقها فكان ظنه لشكه في صدقهما {رَبٍّكَ} سيدك " الوليد بن الريان " رجاء للخلاص بذكره عنده {فَأَنسَاهُ} الضمير للساقي نسي ذكر يوسف عند ربه، سيده، أو ليوسف نسي ذكر الله - تعالى - بالاستغاثة به، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث " قال " ع ": عوقب بطول السجن بضع سنين بكلمته ولو ذكر ربه لخصله. وكانت مدة لبثه في السجن سبع سنين، أو ثنتي عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة والبضع منها مدة عقوبته على الكلمة لا مدة الحبس كله، قيل لبث سبعاً عقوبة بعد الخمس. والبضع من ثلاث إلى سبع، أو تسع، أو عشر " ع "، أو إلى الخمس حكاه الزجاج، ولا يذكر البضع إلا مع العشر أو العشرين إلى التسعين ولا يذكر بعد المائة، قاله الفراء، ورأى الملك الأكبر الوليد رؤياه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 لطفاً بيوسف ليخرج من السجن ونذيراً بالجدب ليتأهبوا له. {وقال الملك إني ارى سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلات خضرٍ وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رءياي إن كنتم للرءيا تعبرون قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمةٍ أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبع عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون 47 ثم يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ يأكلن ما قدمتم لهنّ إلا قليلاً مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 44 - {أَضْغَاثُ} أخلاط، أو ألوان، أو أهاويل، أو أكاذيب، أو شبهة أحلام، أبو عبيدة: الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا، قال: كضِغث حُلم غُرَّ منه حالِمه والضِغث حزمة الحشيش المجموع بعضه إلى بعض، وقيل ما ملأ الكف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 والأحلام في النوم مأخوذة من الحِلْم وهو الأناة والسكون، لأن النوم حال أناةٍ وسكون، ويجوز أن يكونوا صرفوا عن عبارتها لطفاً بيوسف ليكون سبباً في / [85 / ب] خلاصه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 45 - {أُمَّةٍ} حين " ع "، أو نسيان. أو أمة من الناس، قال الحسن رضي الله تعالى عنه - ألقوه في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة، وعاش بعد جمع شمله ثلاثاً وعشرين سنة. {فَأَرْسِلُونِ} لم يكن السجن في المدينة فانطلق إليه وذلك بعد أربع سنين من فراقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 46 - {سُنبُلاتٍ خُضْرٍ} بقر الخصب سمان وسنابله خضر، وبقر الجدب عجاف وسنابلها يابسات فعبّر ذلك بالسنين. {النَّاسِ} الملك وقومه، ويحتمل أنه عبّر بالناس عن الملك تعظيماً له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 47 - {دأبا} تباعاً، أوالعادة المألوفة في الزراعة. {تَزْرَعُونَ} خبر أو أمر لأنه نبي يأمر بالمصالح. {فذروه} أمرلأن ما في السنبل مدخر لا يؤكل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 48 - {شِدَادٌ} على أهلها لجدبها، كان يوسف يضع طعام اثنين فيقربه إلى رجل فيأكل نصفه ويدع نصفاً، فقربه إليه يوماً فأكله كله فقال يوسف هذا أول يوم من السبع الشداد، {قَدَّمْتُمْ} ادخرتم لهن. {تُحْصِنُونَ} تدخرون، أو تخزنون في الحصون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 49 - {يغاث الناس} بنزول الغيث " ع "، أو بالخصب {يَعْصِرُونَ} العنب والزيتون من خصب الثمار، أو يحلبون الماشية من خصب المرعى، أو يعصرون السحاب بنزول الغيث وكثرة المطر {مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً} [النبأ: 14] أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 ينجون من العصرة وهي النجاة، قاله أبو عبيدة والزجاج، أو يحبسون ويفضلون. وليس هذا من تأويل الرؤيا وإنما هو خبر أطلعه الله - تعالى - عليه علماً لنبوته. {وقال الملك أئتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة الآتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم قال ماخطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت أمرأت العزيز الئان حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 50 - {ارْجِعْ إِلَىَ رَبِّكَ} توقف عن الخروج لئلا يراه الملك خائناً ولا مذنباً. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " رحم الله يوسف أن كان ذا أناة لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إليَّ لخرجت سريعاً " {مَا بَالُ النِّسْوَةِ} سأل عنهن دونها إرادة أن لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 يبتذلها بالذكر، أو لأنهن شاهدات عليه. {إِنَّ رَبِّى} الله - تعالى - أو سيده العزيز. 51 - {رَاوَدتُّنَّ} راودنه على طاعتها فيما طلبت منه، أو راودته وحدها فجمعهن احتشاماً. {مَا عَلِمْنَا} شهدن على نفي علمهن لأنه نفى {حَصْحَصَ الْحَقُّ} وضع وبان " ع "، وفيه زيادة تضعيف مثل كبو وكبكوا قاله الزجاج، مأخوذ من حص شعره إذا استأصل قطعه، والحصة من الأرض قطعة منها، فحصحص الحق انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه. {أَنَاْ رَاوَدتُّهُ} برأة الله - تعالى - عند الملك بشهادة النسوة وبإقرار امرأة العزيز واعترافها بذلك توبة بما قرفته به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 52 - {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يوسف أني لم أكذب عليه الآن في غيبته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 53 - {وما أبرئ نفسي} لأني راودته، لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة، قالته امرأة العزيز، أو قال يوسف بعد ظهور صدقه {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} العزيز أني لم / أخنه في زوجته، فقالت امرأة العزيز: ولا حين حللت السراويل، فقال: {ما أبرئ نَفْسِى} ، أو غمزه جبريل - عليه السلام - فقال: ولا حين هممت، فقال: {وما أبرئ نَفْسِى} " ع " أو قال الملك الذي مع يوسف: اذكر ما هممت به، فقال: {وَمَآ أبرئ نَفْسِى} قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -، أو قال العزيز {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يوسف {أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} وأغفل عن مجازاته على أمانته {وما أبرئ نفسي} من سوء الظن به. {وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 54 - {أَسْتَخْلِصْهُ} لما علم الملك الأكبر أمانته طلب استخدامه في خاص خدمته {مَكِينٌ} وجيه، أو متمكن في الرفعة والمنزلة {أَمِينٌ} آمن لا يخاف العواقب، أو ثقة مأمون، أو حافظ {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} استدل بكلامه على عقله، وبعفته على أمانته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 55 - {خَزَآئِنِ} الأموال، أو الطعام، أو الخزائن: الرجال، لأن الأقوال والأفعال مخزونة فيهم، وهذا تعمق مخالف للظاهر، وهذا مجوز لطلب الولاية لمن هو أهل لها، فإن كان المولى ظالماً جاز تقلد الولاية منه إذا عمل الوالي بالحق لأن يوسف قبل من فرعون، أو لا يجوز ذلك لما فيه من تولي الظالمين ومعونتهم بالتزكية وتنفيذ أعمالهم، وإنما قبل يوسف من الملك ولاية ملكه الخاص به، أو كان فرعون يوسف صالحاً وكان فرعون موسى طاغياً، والأصح أن ما جاز لأهله توليه من غير اجتهاد في تنفيذه جازت ولايته من الظالم كالزكوات المنصوصة، وما لا يجوز أن ينفردوا به كأموال الفيء لا يجوز توليه من الظالم، وما يجوز أن يتولاه أهله وللاجتهاد فيه مدخل كالقضاء فإن كان حكماً بين متراضيين أو توسطا بين مجبورين جاز، وإن كان إلزام إجبار لم يجز. {حَفِيظٌ} لما استودعتني. {عَلِيمٌ} بما وليتني، أو {حَفِيظٌ) {بالكتاب} (عَلِيمٌ} بالحساب، وهو أول من كتب في القراطيس، أو {حَفِيظٌ} للحساب {عَلِيمٌ} بالألسن أو {حَفِيظٌ} بما وليتني، {عَلِيمٌ} بسني المجاعة، فيه دليل على جواز تزكية النفس عند حاجة تدعو إلى ذلك. {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خيرٌ للذين ءامنوا وكانوا يتقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 56 - {مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} استخلفه الوليد على عمل أطيفر وعزله، قال مجاهد: وأسلم على يده، قال " ع ": ملك بعد سنة ونصف. ثم مات أطفير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فزوجه الملك بامرأته راعيل فوجدها يوسف عذراء، وولدت له ولدين، أفرائيم وميشا، ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف، ولما رأته في فوكبه بكت ثم قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيداً والحمد لله الذي جعل العبيد بالطاعة ملوكاً فضمها إليه فكانت من عياله حتى ماتت ولم يتزوجها. {يَتَبَوَّأُ} يتخذ من أرض مصر منزلاً حيث شاء، أو يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض / [88 / ب] الأمر إليه. {بِرَحْمَتِنَا} نعمة الدنيا، {وَلا نُضِيعُ} ثواب {الْمُحْسِنِينَ} في الآخرة، أو كلاهما في الدنيا، أو كلاهما في الآخرة، ونال يوسف ذلك ثواباً على بلواه، أو تفضلاً من الله - تعالى - وثوابه باقٍ في الآخرة بحاله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 57 - {وَلأَجْرُ الأَخِرَةِ خَيْرٌ} من أجر الدنيا لأنه دائم وأجر الدنيا منقطع، أو خير ليوسف من التشاغل بملك الدنيا لما فيه من التبعة. {وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين 59 فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 58 - {فَعَرَفَهُمْ} من غير تعريف، أو ما عرفهم حتى تعرفوا إليه، أو عرفهم بلسانهم العبراني، قال " ع "،: لما عبر أبوهم بهم فلسطين فنزل وراء النهر سموا عبرانيين. وجاءو ليمتاروا في سني القحط التي ذكرها يوسف في عبارته فدخلوا عليه لأنه كان يتولى بيع الطعام لعزته. {مُنكِرُونَ} لانهم فارقوه صغيراً فكبر، وفقيراً فاستغنى، وباعوه عبداً فصار ملكاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 59 - {بِجَهَازِهِم} كال لكل واحد منهم بعيراً بعدتهم. {ائْتُونِى بِأَخٍ لَّكُمْ} خلا بهم وقال قد ارتبت بكم وأخشى أن تكونوا عيوناً فأخبروني من أنتم؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 فذكروا حالهم وحال أبيهم وإخواتهم يوسف وبنيامين، فقال: أئتوني بهذا الأخ يظهر أنه يستبرئ بذلك أحوالهم، أو ذكروا له أنه أحب إلى أبيهم منهم فأظهر لهم محبة رؤيته {الْمُنزِلِينَ} المضيفين من النزل وهو الطعام، أو خير من نزلتهم عليه من المنزل وهو الدار، وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا فرهنوا شمعون، واختاره لأنه كان يوم الجب أجملهم قولاً ورأياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 61 - {سَنُرَاوِدُ} المراودة: الاجتهاد في الطلب مأخوذ من الإرادة {لفاعلون} العود بأخيهم، أو المرادوة وطلب أخاه وإن كان فيه إحزان أبيه لجواز أن يكون أمر بذلك ابتلاء ومحنة أو لتتضاعف له المسرة برجوع الابنين، أو ليتنبه أبوه على حاله، أو ليقدم سرور أخيه بلقائه قبل إخوته لميله إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 62 - {لفتيته} الذين كالوا الطعام، أو غلمانه {بِضَاعَتَهُمْ} الورق التي اشتروا بها الطعام، أو ثمانية جرب فيها سويق المقل. {فلمّا رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منّا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنّا له لحافظون قال هل ءامنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 63 - {رَجَعُواْ إِلَى أَبِيهِمْ} بالعربات من فلسطين، أو بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من [حِسمى] ، وكانوا بادية أهل إبل وشاء {مُنِعَ} سيمنع {نَكْتَلْ} أي إن أرسلته أمكننا أن نعود فنكتال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 64 - {هل آمنكم} لما ضمنوا حفظ يوسف وأضاعوه قال لهم ذلك في حق أخيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 {ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغى هذه بضاعتنا ردّت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعيرٍ ذلك كيلٌ يسيرٌ قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله لتأتننّى به إلا أن يحاط بكم فلمّا ءاتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 65 - {مَا نَبْغِى} استفهام أي ما نبغي بعد هذا الذي عاملنا به أو ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك. {كَيْلَ بَعِيرٍ} الذي نحمل عليه أخانا، أو كان يوسف قَسَّط الطعام فلا يعطي لأحد أكثر من بعير {يَسِيرٌ} لا يقنعنا، أو يسير على من يكتله لنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 66 - {مَوْثِقاً} إشهادهم الله على أنفسهم، أو حلفهم بالله، أوكفيل يكفل {يُحَاطََ بِكُمْ} يهلك جميعكم، أو تغلبوا على أمركم. {وقال يابنيّ لا تدخلوا من بابٍ واحدٍ وادخلوا من أبوابٍ متفرقةٍ وما أغنى عنكم من الله من شيءٍ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولمّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شىءٍ إلا حاجةً في نفس يعقوب قضاها وإنّه لذو علمٍ لما علّمناه ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 67 - {لا تَدْخُلُواْ} مصر من باب من أبوابها عند الجمهور، أو عبر عن الطريق / [87 / أ] بالباب فأراد طريقاً من طرقها خشي عليهم العين لجمالهم، " ع "، أو خاف عليهم الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسداً. {وَمَآ أُغْنِى عَنكُم} من شيء أحذره أشار بالرأي أولاً، وفوض إلى الله أخيراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 68 - {حاجة} سكون نفسه بالوصية لحذره العين {لذوعلم} متيقن وعدنا، أو حافظ لوصيتنا، أو عامل بما علم. {ولمّا دخلوا على يوسف ءاوى إليه أخاه قال إنّى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 69 - {أَنَاْ أَخُوكَ} مكان أخيك الهالك، أو أخوك يوسف {فَلا تَبْتَئِسْ} لا تحزن، أو لا تأيس. {يَعْمَلُونَ} بك وبأخيك فيما مضى، أو باستبدادهم دونك بمال أبيك. {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 70 - {بِجَهَازِهِمْ} الطعام وحمل البعير لأخيهم {السِّقَايَةَ} والصواع واحد " ع "، وكل شيء يشرب فيه فهو صواع، قال: (نشرب الخمر بالصواع جهارا ... وترى المتك بيننا مستعارا) وكان إناء الملك الذي يشرب فيه من فضة، أو ذهب، كال به طعامهم مبالغة في إكرامهم، أو هو المكوك العادي الذي تلتقي طرفاه. {أَذَّنَ} نادى مناد {الْعِيرُ} الرفقة، أو الإبل المرحولة المركوبة. {لَسَارِقُونَ} جَعْلُ السقاية في رحل أخيه عصيان، فعله الكيّال ولم يأمر به يوسف، أو فعله يوسف فلما فقد الكيال السقاية ظن أنهم سرقوها فقال: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} ، أو كانت خطيئة ليوسف جوزي عليها بقولهم: {إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ} [77] أو كان النداء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 بأمر يوسف وعني بالسرقة سرقتهم ليوسف من أبيه وذلك صدق، لأنهم كالسارق لخيانتهم لأبيهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 72 - {صُوَاعَ} الصواع والصاع واحد، وكانت مشربة للملك أو كالمكوك يكال به. (بَعِيرٍ) {جمل عند الجمهور، أو حمار في لغة. بذله المنادي عن نفسه لقوله: {وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} ، أو بذله عن الملك من طعام الملك ويجوز أن يكون الحمل معلوماً عندهم كالوسق فيكون جعلاً معلوماً، ويمكن أن يكون مجهولاً. {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاءه إن كنتم كاذبين قالوا جزاءه من وجد في رحله فهو جزاءه كذلك نجزي الظالمين فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علمٍ عليمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 73 - {لَقَدْ عَلِمْتُم} ذكروا ذلك لأنهم عرفوا أمانتهم بردهم البضاعة التي وجدوها في رحالهم {لِنُفْسِدَ} لنسرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 75 - {جَزَآؤُهُ} جزاء من سرق أن يسترق كذلك يُجزى السارق بالاسترقاق، كان هذا دين يعقوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 76 - {استخراجها} الضمير للسرقة، أو للسقاية، أو الصاع يذكر ويؤنث قاله الزجاج {كِدْنَا} صنعنا، أو دبرنا، أو أردنا. . (كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لو عاد من لهو الصبابة ما مضى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 {دِينِ الْمَلِكِ} سلطانه " ع "، أو قضاؤه، أو عادته، كان الملك يضاعف غرم السارق ولا يسترقه. {إلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} أن يسترق السارق، أو أن يجعل ليوسف عذراً فيما فعل. {دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ} بالتقوى، أو بإجابة الدعاء، أو بمكابدة النفس وقهر الشهوة، أو بالتوفيق والعصمة، أو بالعمل {وَفَوْقَ كُلِّ} عالم من هو أعلم منه حتى ينتهي إلى الله - تعالى - فيوسف أعلم من إخوته وفوقه من هو أعلم منه، أو أراد تعظيم العلم أن يحاط به، أو أن يستصغر العالم نفسه ولا يعجب بعلمه / [87 / أ] وعرض أخاه لتهمة السرقة إذ لم يجد سبيلاً إلى أخذه إلا بها، أو كان أخوه يعلم الحال فلم يقع منه موقعاً، أو أشار بذلك إلى سرقة تقدمت منهم، أو نبه بجعل بضاعتهم في رحالهم على المخرج من جعل الصواع في رحل أخيهم فتزول بذلك التهمة. {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 77 - {سَرَقَ أَخٌ لَّهُ} كلمة أجراها الله على ألسنتهم عقوبة ليوسف، أو أرادوا أنه جذبه عرق أخيه يوسف في السرقة لأنه كان من أبويه، والاشتراك في النسب يوجب الاشتراك في الأخلاق، وكان يوسف سرق صنماً لجده أبي أمه فكسره وألقاه في الطريق. أو كان مع إخوته على طعام فأخذ عرقاً فخبأه فعيّروه بذلك، أو كان يسرق من طعام المائدة للمساكين، أو كذبوا عليه في ذلك، أو كانت منطقة إسحاق للكبير من ولده وكانت عند عمة يوسف لأنها الكبرى فلما أراد يعقوب أخذ يوسف من كفالتها جعلت المنطقة في ثوبه ثم أظهرت ضياعها واتهمته بها فصارت في حكمهم أحق به، وفعلت ذلك لشدة ميلها إليه. {فَأَسَرَّهَا} قولهم: {إِن يَسْرِقْ} ، أو قوله: {أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً} " ع " (شَرٌّ مَّكَاناً} بظلم أخيكم. وعقوق أبيكم، أو شر منزلة عند الله ممن نسبتموه إلى هذه السرقة. {تَصِفُونَ} تقولون، أو تكذبون. {قالوا يا أيها العزيز إنّ له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنّا إذا لظالمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 78 - {شَيْخاً كَبِيراً} في السن، أو القدر. {مَكَانَهُ} عبداً بدله {مِنَ الْمُحْسِنِينَ} في هذا إن فعلته، أو بإكرامنا وتوفية كيلنا ورد بضاعتنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 79 - {لظالمون} إن أخذنا برئياً بسقيم، أو حكمنا عليكم بغير حكم أبيكم في إرقاق السارق. {فلمّا استيئسوا منه خلصوا نجيّاً قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنّا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 80 - {استيئسوا} من رد أخيكم عليهم، أو تيقنوا أنه لا يرد {خَلَصُواْ نَجِيّاً} انفردوا يتناجون ويتشاورون لا يختلط بهم غيرهم {كَبِيرُهُمْ} في العقل والعلم شمعون الذي ارتهنه يوسف لما رجعوا إلى إبيهم، أو في السن روبين ابن خالة يوسف، أو في الرأي والتمييز يهوذا. {مَّوْثِقاً} عند أنفاذ ابنه معكم {فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ} ضيعتموه {فَلَنْ أَبْرَحَ} أرض مصر حتى يأذن لي أبي بالرجوع، أو يحكم الله لي بالخروج منها عند الجمهور، أو بالسيف والمحاربة لأنهم هموا بذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 81 - {وَمَا شَهِدْنَآ} بأن السارق يسترق إلا بما علمنا، أو ما شهدنا عندك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 بسرقته إلا بما علمنا من وجود السرقة في رحله {لِلْغَيْبِ} من سرقته، أو استرقاقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 82 - {الْقَرْيَةَ} مصر سل أهلها، أو سلها نفسها لتنطق وإن كانت جماداً {وَالْعِيرَ} القافلة وتسمى الإبل تشبيهاً، أو الحمير سل أهلها أو سلها فإن الله - تعالى - ينطقها معجزة لك. {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميلٌ عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنّه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين قال إنّما اشكوا بثّى وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 83 - {سَوَّلَتْ} زينت، أو سهلت. {أمْرًا} قولكم إنه سرق. {بِهِمْ جَمِيعاً} يوسف وبنيامين والأخ المتخلف بمصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 84 - {يا أسفا} يا حزناً " ع "، أو يا جزعاً شكا إلى الله ولم يشك منه، أو أضمر الدعاء تقديره " يارب أرحم أسفي " {وَابْيَضَّتْ} ضعف بصره لبياض حصل فيه من كثرة بكائه، أو ذهب بصره {كَظِيمٌ} بالكمد، أو مخفي حزنه، كظم غيظه: أخفاه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 85 - {تفتأ} لا تزال {حَرَضاً} هرماً أو دنفاً من المرض وهو ما دون / [88 / أ] الموت " ع "، أو فاسد العقل، وأصل الحرض فساد الجسم والعقل بمرض أو عشق، قال: (إني امرؤ لج بي حب فأحرضني ... حتى بليت وحتى شفني السقم) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 {الْهَالِكِينَ} الميتين اتفاقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 86 - {بَثِّى} همي " ع " أو حاجتي، والبث تفريق الهم بإظهار ما في النفس {مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق رؤيا يوسف وأني أسجد له، أو أحست نفسه لما أخبروه بدعاء الملك وقال: لعله يوسف، وقال: لا يكون في الأرض صديق إلا نبي. دخل على يعقوب رجل فقال ما بلغ بك ما أرى، قال: طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله - تعالى - إليه يا يعقوب تشكوني فقال: خطيئة أخطأتها فاغفرها لي، فكان بعد ذلك يقول إنما أشكو بثي وحزني إلى الله. {يا بني اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ولا تايئسوا من رّوح الله إنه لا يائس من رّوح الله إلا القوم الكافرون فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسّناً وأهلنا الضّر وجئنا ببضاعةٍ مّزجاةٍ فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 87 - {فَتَحَسَّسُواْ} استعلموا وتعرفوا، أخذ من طلب الشيءَ بالحس {رَّوْحِ اللَّهِ} فرجه، أو رحمته من الريح التي تأتي بالنفع. أمرهم بذلك، لأنه تنبه على يوسف برد البضاعة واحتباس أخيه وإظهار الكرامة، وسأل يعقوب ملك الموت هل قبضت روح يوسف قال: لا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 88 - {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} استعطفوه ليرد أخاهم، أو ليوفي كيلهم ويحابيهم. {الْعَزِيزُ} الملك، أو كان اسماً لكل من ملك مصر. {بِبِضَاعَةٍ} صوف وسمن أو حبة الخضراء والصنوبر، أو خَلِق الحبل والغِرارة، أو دراهم {مُّزْجَاةٍ} رديئة، أو كاسدة، أو قليلة، وأصل الإزجاء السوق بالدفع، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} الذي قد كان كاله لأخيهم، أو مثل الكيل الأول، لأن بضاعتهم الثانية أقل. {وَتَصَدَّقْ} تفضل بما بين سعر الجياد والردئية، لأن الصدقة محرمة على الأنبياء، أو تصدق بالزيادة على حقنا ولا تحرم الصدقة إلا على محمد وآله لا غير، أو برد أخينا، أو تجوز عنا. وكره مجاهد أن يقال في الدعاء: اللهم تصدق عليَّ، لأن الصدقة لمن يبتغي الثواب. {قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا اءنّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد منّ الله علينا إنّه من يتّق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد ءاثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 89 - {هَلْ عَلِمْتُم} قد علمتم ك {هَلْ أتى} [الإنسان: 1] لما قالوا مسنا وأهلنا الضر رق لهم فقال: {هَلْ عَلِمْتُم} {جَاهِلُونَ} جهل الصغر، أو جهل المعاصي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 90 - {مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} بالسلامة ثم بالكرامة {مَن يَتَّقِ} الزنا {وَيَصْبِرْ} على الغربة، أو يتقي الله ويصبر على بلائه. {لا يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين} في الدنيا أو الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 91 - {آثرك} فضلك، من الإيثار: وهو إرادة تفضيل أحد النفسين على الآخر، وإنما قالوا: {لَخَاطِئِينَ} وإن كانوا إذ ذاك صغاراً لأنهم خطئوا بعد البلوغ بإخفاء صنعهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 92 - {لا تَثْرِيبَ} لا تعيير، أو لا تأنيب. أو [لا] إباء عليكم في قبولكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 93 - {بَصِيراً} من العمى ولولا أن الله أعلمه بأنه يبصر بعد العمى لم يعلم يوسف أنه يرجع إليه بصره، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - أو مستبصراً بأمري لأنه إذا شم القميص عرفني قال أخوه يهوذا: أنا حملت إلى أبيك قميصك بدم كذب فأحزنته فأنا / أحمل القميص الآن لأسره ويعود إليه بصره فحمله {بِأَهْلِكُمْ} ليتخذوا مصر داراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 94 - {فَصَلَتِ} خرجت من مصر إلى الشام. قال: أبوهم لأولاد بنيه لأن بنيه كانوا غُيَّبا {تُفَنِّدُونِ} تسفهون " ع "، أو تكذبون، وجد ريح القميص من مسافة عشرة أيام، أو ثمانية أيام " ع "، أو ستة أيام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 95 - {ضَلالِكَ} خطئك، أو جنونك قال الحسن - رضي الله تعالى عنه -: وهذا عقوق. أو في محبتك. {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 96 - {الْبَشِيرُ} يهوذا، سمي بذلك لأنه جاءه ببشارة، {بَصِيراً} من العمى، أو بخبر يوسف {مَا لا تَعْلَمُونَ} من صحة رؤيا يوسف، أو قول ملك الموت ما قبضت روحه، أو من بلوى الأنبياء بالمحن ونزول الفرج ونيل الثواب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 97 - {اسْتَغْفِرْ} طلبوا أن يحللهم لما أدخلوا عليه من آلام الحزن، أو لأنه نبي تجاب دعوته، أقام يعقوب وبنوه عشرين سنة يطلبون التوبة لإخوة يوسف فيما فعلوه بيوسف لا يقبل ذلك منهم حتى لقي جبريل - عليه السلام - يعقوب - عليه الصلاة والسلام - فعلمه هذا الدعاء، يا رجاء المؤمنين لا تخيب رجائي، ويا غوث المؤمنين أغثني، ويا عون المؤمنين أعني، ويا حبيب التوابين تُب علي. فاستُجيب له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 98 - {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ} أخره إلى صلاة الليل، أو السَّحَر أو ليلة الجمعة " ع " مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو دافعهم بالتأخير، قال عطاء: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ ألا ترى قول يوسف {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم} الآية [92] وقول يعقوب {سوف أستغفر} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 {فلمّا دخلوا على يوسف ءاوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين ورفع أبويه على العرش وخرّوا له سجداً وقال يا أبتِ هذا تأويل رءياى من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بى إذ أخرجني من السجن وجاءبكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتي إنّ ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم رب قد ءاتينى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصاحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 99 - {فَلَمَّا دَخَلُواْ} خرج يوسف وأهله والملك الأكبر واستقبلوا يعقوب على يوم من مصر فقال لهم: ادخلوا مصر آمنين من فرعون، أو من الجدب والقحط. أو لم يجتمعوا به إلا بعد دخولهم عليه بمصر فقوله: ادخلوا أي استوطنوا مصر - إن شاء الله - استيطانكم، أو الاستثناء متعلق بقوله: (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربي) دخلوا مصر وهي ثلاثة وتسعون ما بين رجل وامرأة، وخرجوا مع موسى وهم ستمائة وتسعون ألفاً [أ] ودخلوا وهم اثنان وسبعون، وخرجوا منها مع موسى وهم ستمائة ألف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 100 - {أَبَوَيْهِ} أبوه وأمه، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - وابن إسحاق، أو أبوه وخالته وكانت وكانت أمه قد ماتت في نفاسها بأخيه بنيامين {الْعَرْشِ} السرير. {سُجَّداً} سجدوا له بأمر الله - تعالى - تحقيقاً لرؤياه، أو كان السجود تحية من قبلنا وأعطيت هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة {تأويل رؤياي} كان بين رؤياه وتأويلها ثمانون سنة، أو أربعون، أو ستة وثلاثون، أو اثنان وعشرون، أو ثماني عشر، ورؤيا الأنبياء لا تكون إلا صادقة، وإنما أمره يعقوب بكتمانها لأنه رآها صغيراً فلم تكن كرؤيا الأنبياء، أو خاف طول المدة مع مكابدة البلوى وخشي تعجيل الأذى بكيد الإخوة {مِنَ السِّجْنِ} / [8 / أ] شكر على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 الإخراج من السجن ولم يذكر الجب لئلا يكون معرضاً بتوبيخ إخوته بعد قوله: {لا تَثْرِيبَ} أو لأنه ما تخوفه في السجن من المعرة لم يكن في الجب فكانت النعمة فيه أتم، أو لأنه انتقل من بلوى السجن إلى نعمة الملك بخلاف الجب فإنه انتقل منه إلى الرق. {مِّنَ الْبَدْوِ} كانوا بادية بأرض كنعان أهل مواشي أو جاءوا في البادية وكانوا أهل مدن بفلسطين، أو ناحية حران من أهل الجزيرة قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - {نَّزَغَ} حرش وأفسد. {لَطِيفٌ} لطف بيوسف بإخراجه من السجن ومجئ أهله من البدو، ونزع عن قلبه نزغ الشيطان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 101 - {مِنَ الْمُلْكِ} لأنه كان على مصر من قِبَل فرعون. {تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} عبار الرؤيا، أو الإخبار عن حوادث الزمان {مُسْلِماً} مخلصاً للطاعة، أو على ملة الإسلام، قال السدي: " كان أول نبي تمنى الموت " ولما لقي البشير يعقوب قال: على أي دين خلفت يوسف قال على الإسلام قال الآن تمت النعمة. {بالصالحين} أهل الجنة. {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذا أجمعوا أمرهم وهم يمكرون وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما تسئلهم عليه من أجرٍ إن هو إلا ذكرٌ للعالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 102 - {ذَلِكَ} قصة يوسف وإخوته من أخبار الغيب {لَدَيْهِمْ} مع إخوة يوسف {إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ} في إلقائه في الجب. {وكأين من ءايةٍ في السموات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا هم مشركون أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 106 - {مُّشْرِكُونَ} يقولون: الله ربنا وآلهتنا ترزقنا، أو المنافق يؤمن بظاهره ويكفر بباطنه " ح "، أو قول الرجل لولا الله وفلان لهلك فلان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 108 - {سَبِيلِى} دعوتي، أو سنتي {بَصِيرَةٍ} هدى، أو حق. {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خيرٌ للذين اتقوا أفلا تعقلون حتى إذا استيئس الرسل وظنّوا أنّهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجّى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولى الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شىءٍ وهدى ورحمةً لقومٍ يؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 109 - {مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى} الأمصار دون البوادي لأنهم أعلم وأحكم. ولم يبعث الله - تعالى - نبياً من البادية قط ولا من النساء ولا من الجن " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 110 - {استيأس} من تصديق قومهم " ع "، أومن تعذيبهم " م ". {وَظَنُّواْ} ظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم " ع "، أو تيقن الرسل أن قومهم قد كَذَبوهم {جَآءَهُمْ نَصْرُنَا} جاء الرسل نصر الله، أو جاء قومهم عذاب الله " ع " {فَنُجِّىَ} الأنبياء ومن آمن معهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 111 - {قَصَصِهِمْ} قصص يوسف وإخوته اعتبار للعقلاء بنقل يوسف من الجب والسجن والذل والرق إلى العز والملك والنبوة فالذي فعل ذلك قادر على نصر محمد [صلى الله عليه وسلم] وإعزاز دينه وإهلاك عدوه. {ماكان) {القرآن} (حَدِيثاً} يُختلق {وَلكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ} من التوراة والإنجيل وسائر الكتب، أو ما كان القصص المذكور حديثاً يُختلق ولكن تصديق الذي بين يديه من الكتب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 سورة الرعد مكية، أو مدنية إلا آيتين نزلتا بمكة {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال} [31] وما بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم {المر تلك ءايات الكتب والذى أنزل إليك من رّبك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 3 الله الذى رفع السّماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشّمس والقمر كل يجرى لأجل مسمّى يدبر الأمر يفصل الايات لعلّكم بلقآء ربّكم توقنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 1 - {آيات الْكِتَابِ} الزبور، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 2 - {بِغَيْرِ عَمَدٍ} لها عمد لا ترى " ع "، أو لا عمد لها. {وهو الذى مدّ الأرض وجعل فيها رواسى وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الّيل النهار إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون { الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 3 - {رَوَاسِىَ} جبالاً ثوابت، واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 {وَأَنْهَاراً} ينتفع بها شرباً وإنباتاً ومغيضاً للأمطار ومسالك للفلك {زوجين اثنين} / [89 / ب] أحدهما ذكر وانثى كفحال النخل وإناثها، وكذلك كل النبات وإن خفي. والزواج الأخر حلو وحامض، أو عذب وملح، أو أبيض وأسود، أو أحمر وأصفر فإن كل جنس من الثمار نوعان فكل ثمرة ذات نوعين زوجين فصارت أربعة أنواع {يُغشي} ظلمة الليل ضوء النهار، ويغشي ضوء النهار ظلمة الليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 4 - {مُّتَجَاوِرَاتٌ} في المدى مختلفات عَذِية تنبت وسبخة لا تنبت {صِنْوَانٌ} مجتمع وغيره مفترق، أو صنوان نخلات أصلها واحد وغيرها أصولها شتى، أو الصنوان الأشكال وغيره المختلف، أو صنوان الفسيل يقطع من أمهاته فهو معروف وغيره ما ينبت من النوى فهو مجهول حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا. {وَنُفَضِّلُ} فمنه الحلو والحامض والأحمر والأصفر والقليل والكثير {إِنَّ فِى} اختلافها {لأَيَاتٍ} على عظم قدرته. أو ضربه مثلاُ لبني آدم أصلهم واحد واختلفوا في الخير والشر والإيمان والكفر كالثمار المسقية بماء واحد " ح ". {وَإن تَعْجَبْ فعجب قوّلهم أءذا كنّا تراباً لفى خلق جديد أولائك الذين كفروا بربهم وأولائك الأغلال فى أعماقهم وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 5 - {وَإن تَعْجَبْ} من تكذيبهم لك فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، ذكر ذلك ليعجب رسوله [صلى الله عليه وسلم] والتعجب تغير النفس بما خفيت أسبابه ولا يجوز ذلك على الله عز وجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 {ويستعجلونك بالسيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلاث وإنّ رّبك لذو مغفرة للنّاس على ظلمهمّ وإن ربّك لشديد العقاب ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليّه ءاية من رّبه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 6 - {بِالسَّيِّئَةِ} بالعقوبة قبل العافية، أو الشر قبل الخير، أو الكفر قبل الإجابة {الْمَثُلاتُ} الأمثال المضروبة لمن تقدم، أو العقوبات التي مثل الله بها من مضى من الأمم. وهي جمع مثلة {على ظلمهم} يغفر الظلم السالف للتوبة في المستأنف، أو يعفو عن تعجيل العذاب مع ظلمهم بتعجيل العصيان، أو يغفر لهم بالإنظار توقعاً للتوبة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 7 - {هَادٍ} الله " ع "، أو نبي، أو قادة، أو دعاة، أو عمل، أو سابق يسبقهم إلى الهدى. {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 8 - {ما تحمل) {من ذكر أو أنثى} (ما تَغِيَضُ} بالسقط الناقص. {وَمَا تَزْدَادُ} بالولد التام " ع "، أو بالوضع لأقل من تسعة أشهر {وَمَا تَزْدَادُ} بالوضع لأكثر من التسعة، قال الضحاك: حملتني أمي سنتين ووضعتني وقد خرجت سني، أو بانقطاع الحيض مدة الحمل غذاء للولد {وَمَا تَزْدَادُ} بدم النفاس بعد الوضع، أو بظهور الحيض على الحمل، لأنه ينقص الولد {وَمَا تَزْدَادُ} في مقابلة أيام الحيض من أيام الحمل، لأنها كلما حاضت على حملها يوماً زادت في طهرها يوماً حتى يستكمل حملها تسعة أشهر طهراً قاله عكرمة وقتادة {وَكُلُّ شَىْءٍ} من الرزق والأجل {عِندَهُ بمقدار} . {سوآءٌ منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالّيل وسارب بالنّهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مردّله وما لهم من دونه من والٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 10 - {سَوَآءٌ مِّنكُم} في علمه {مَّنْ أَسَرَّ} خيراً أو شراً، أو جهر بهما {مُسْتَخْفِ} بعمله في ظلمة الليل ومن أظهره بضوء النهار، أو يرى ما أخفاه المرعى وهو بالعشي، والرواح بالغداة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 11 - {معقبات} / ملائكة الليل والنهار يتعاقبون صعوداً ونزولاً، اثنان بالنهار واثنان بالليل يجتمعون عند صلاة الفجر، أو حراس الأمراء يتعاقبون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 الحرس " ع " أو ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عبادة. {مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} أمامه وورائه، أو هداه وضلاله. {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} بأمر الله، أو تقدبره معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، أو معقباته من الحرس يحفظونه عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه " ع "، أو يحفظونه حتى يأتي أمر الله فيكفوا " ع "، أو أمر الله: الجن والهوام المؤذي تحفظه الملائكة منه ما لم يأتِ قدر، أو يحفظونه من أمر الله وهو الموت ما لم يأتِ أجل وهي عامة في جميع الخلائق عند الجمهور، أو خاصة في الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما أزمع عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة على قتله فمنعه الله - تعالى - ونزلت {سوءا} عذاباً {وال} ملجأ، أو ناصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 12 - {خَوْفاً} من صواعقه {وَطَمَعاً} في نزول غيثه، أو خوفاً للمسافر من أذيته وطمعاً للمقيم في بركته. {الثِّقَالَ} بالماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 13 - {الرَّعْدُ} الصوت المسموع، أو ملك والصوت المسموع تسبيحه {خِيفَتِهِ} الضمير لله - تعالى -، أو للرعد، {الصَّوَاعِقَ} نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأخذته صاعقة، أو في أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع عامر بن الطفيل فيبست يده على سيفه ثم انصرف فأحرقته صاعقة فقال أخوه لبيد: (أخشى على أربد الحتوف ولا ... أرهب نوء السِّماكِ والأسد) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 (فجعني البرق والصواعق بالفا ... رس يوم الكريهة النَجُد) أو نزلت في يهودي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم] أخبرني عن ربك من أي شيء هو من لؤلؤ أو ياقوت فجاءت صاعقة فأحرقته " ع "، {يُجَادِلُونَ} قول اليهودي، أو جدال أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] {الْمِحَالِ} العداوة " ع "، أو الحقد " ح " أو القوة " م " أو الغضب أو الحيلة أو الحول " ع "، أو الهلاك بالمَحْل وهو القحط " ح "، أو الأخذ أوالانتقام. {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ولظلالهم بالغذو والأصال} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 14 - {دَعْوَةُ الْحَقِّ} لا إله إلا الله " ع "، أو الله هو الحق فدعاؤه دعوة الحق، أو الإخلاص في الدعاء {لا يَسْتَجِيبُونَ} لا يجيبون دعاءهم ولا يسمعون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 نداءهم والعرب يمثلون كل من سعى فيما لا يدركه بالقابض على الماء قال: (فأصبحت مما كان بيني وبينها ... من الود مثل القابض الماء باليد) {كَبَاسِطِ} الظمآن يدعو الماء ليبلغ إلى فيه، أو يرى خياله في الماء وقد بسط كفيه فيه {لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} لكذب ظنه وسوء توهمه " ع "، أو كباسط كفيه ليقبض عليه فلا يحصل في كفه منه شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 15 - {طَوْعاً} المؤمن {وَكَرْهاً} الكافر، أو طوعاً من أسلم راغباً وكرهاً من أسلم بالسيف راهباً / [90 / ب] {وَظِلالُهُم} يسجد ظل المؤمن معه طائعاً وظل الكافر كارهاً. {وَالأَصَالِ} جمع أُصُل وأُصُل جمع أصيل وهو العشي ما بين العصر والمغرب. {قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لايملكون لإنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيءٍ وهو الواحد القهار} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 16 - {لا يَمْلِكُونَ} إذ لم يملكوا لأنفسهم جلب نفع ولا دفع ضر فأولى أن لا يملكوا ذلك لغيرهم. {الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} المؤمن والكافر {والظلمات وَالْنُّورُ} الضلالة والهدى {فَتَشَابَهَ} لما لم تخلق آلهتهم خلقاً يشتبه عليهم بخلق الله فلِمَ اشتبه عليهم حتى عبدوها كعبادة الله؟ {أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأمّا الزبد فيذهب جفاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 17 - {بِقَدَرِهَا} الكبير بقدره والصغير بقدره {رَّابِياً} مرتفعاً {حِلْيَةٍ) {الذهب والفضة} (أو مَتَاعٍ} الصفر والنحاس. {زَبَدٌ} خبث كزبد الماء الذي لا ينتفع به {جُفَآءً} منتشفاً، أو جافياً على وجه الأرض، أو ممحقاً ومن قرأ {جُفالاً} أخذه من قولهم: انجفلت القدر إذا قذفت بزبدها. شبه الله - تعالى - الحق بالماء وما خلص من المعادن فإنهما يبقيان للانتفاع بهما، وشبه الباطل بزبد الماء وخبث الحديد الذاهبين غير منتفع بهما. {للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 18 - {الْحُسْنَى} الحياة والرزق، أو الجنة مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] {سُوءُ الْحِسَابِ} المؤاخذة بكل ذنب فلا يعفى عن شيء من ذنوبهم، أو المناقشة بالأعمال، أو التقريع والتوبيخ عند الحساب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 {أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 21 - {مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} الرحم {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} في قطعها {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} في المعاقبة عليها. أو الإيمان بالنبيين والكتب كلها {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} فيما أمرهم بوصله {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} في تركه، أو صلة محمد [صلى الله عليه وسلم] قاله " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 22 - {بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} يدفعون المنكر بالمعروف، أو الشر بالخير، أو سفاهة الجاهل بالحلم، أو الذنب بالتوبة، أو المعصية بالطاعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 24 - {بِمَا صَبَرْتُمْ} على الفقر، أو الجهاد في سبيل الله، أو على ملازمة الطاعة وترك المعصية، أو عن فضول الدنيا، أو عما تحبونه حين فقدتموه {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} الجنة عن الدنيا، أو الجنة من النار. {الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع 26} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 26 - {متاع} قليل ذاهب، أو كزاد الراكب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه ءايةٌ من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئابٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 28 - {بِذِكْرِ اللَّهِ} بأفواههم، أو بنعمه عليهم، أو بوعده لهم، أو بالقرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 29 - {طُوبَى} اسم للجنة، أو لشجرة فيها، أو اسم الجنة بالحبشية، أو حسنى لهم، أو نعم مالهم، أو خير، أو غبطة، أو فرح وقرة عين " ع "، أو العيش الطيب، أو طوبى فعلى من الطيب كالفضلى من الأفضل. {كذلك أرسلناك في أمةٍ قد خلت من قبلها أممٌ لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 30 - {بالرحمن} لما قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية للكاتب: " اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم "، قالوا ما ندري ما الرحمن، ولكن اكتب باسمك اللهم، أو قالوا بلغنا أن الذي يعلمك ما تقول رجل من أهل اليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لن نؤمن به أبداً فنزلت {لآ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} وإن اختلفت أسماؤه فهو واحد {مَتَابِ} توبتي. {ولو أنّ قرءاناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 جميعاً أفلم يائس الذين ءامنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتى وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 31 - {ولو أن قرآنا} لما قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] إن سرك أن نتبعك فسير جبالنا / [91 / أ] تتسع أرضنا فإنها ضيقة، وقرب لنا الشام فإنا نتجر إليها، وأخرج لنا الموتى من القبور نكلمهم، أنزلها الله - تعالى - {سُيّرَتْ) {أخرت} (قُطِّعَتْ} قربت {كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} أحيوا، جوابه: " لكان هذا القرآن " فحذف للعلم به {ييأس الذين آمنوا} من إيمان هؤلاء المشركين، أو من حصول ما سألوه لأنهم لما طلبوا ذلك اشرأب المسلمون إليه " ع "، أو بيأس: يعلم، قال: (ألم بيأس الأقوام أني أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة نائياً) أو ييأس قيل هي لغة جرهم. {لَهَدَى النَّاسَ} إلى الإيمان، أو الجنة {قَارِعَةٌ} تقرعهم من العذاب والبلاء، أو سريا الرسول [صلى الله عليه وسلم] {أَوْ تَحُلُّ} أنت يا محمد " ع "، أو القارعة {وَعْدُ اللَّهِ} القيامة، أو فتح مكة " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سمّوهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدّوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد لهم عذابٌ في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واقٍ مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائمٌ وظلها تلك عقبى الذين أتقوا وعقبى الكافرين النار} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 33 - {بِظَاهِرِ} بباطل، أو ظن، أو كذب، أو بالقرآن قاله السدي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 35 - {مَّثَلُ الْجَنَّةِ} شبهها أو نعتها إذ لا مثل لها {أُكُلُهَا دَآئِمٌ} ثمرتها لا تنقطع، أو لذتها في الأفواه باقية قاله إبراهيم التيمي. {والذين ءاتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مئاب وكذلك أنزلناه حكماً عربياً ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولىٍ ولا واقٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 36 - {الذين آتيناهم الْكِتَابَ} الصحابة، أو مؤمنو أهل الكتاب، أو اليهود والنصارى فرحوا بما في القرآن من تصديق كتبهم. {مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 قريش، أو اليهود والنصارى والمجوس {بَعْضَهُ} عرفوا صدق الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأنكروا تصديقه، أو عرفوا نعته وأنكروا نبوته. {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذريةً وما كان لرسول أن يأتى بئايةٍ إلا بإذن الله لكل أجلٍ كتابٌ يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 38 - {أَزْوَاجاً وذريةٍ} أي هم كسائر البشر فلِمَ أنكروا نبوتك وأنت كمن تقدم، أو نهاه بذلك عن التبتل، أو عاب اليهود الرسول [صلى الله عليه وسلم] بكثرة الأزواج فأخبرهم بأن ذلك سنة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - {أَن يَأَتِىَ بِآيَةٍ} لما سألت قريش تسيير الجبال وغير ذلك نزلت. {لكل أجل} لك قضاء قضاه الله تعالى {كِتَابٌ} كتبه فيه، أولكل أجل من آجال الخلق كتاب عن الله، أو لكل كتاب نزل من السماء أجل على التقديم والتأخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 39 - {يمحو اللَّهُ مَا يَشَآءُ} من أمور الخلق فيغيرها إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران " ع "، أو له كتابان أحدهما أم الكتاب لا يمحو منه شيئاً، والثاني يمحو منه ما يشاء ويثبت كلما أراد أن ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، أو يمحو ما جاء أجله ويثبت من لم يأت أجله، أو يمحو مايشاء من الذنوب بالمغفرة ويثبت ما يشاء فلا يغفره، أو يختم للرجل بالشقاء فيمحو ما سلف من طاعته أو يمحو بخاتمته من السعادة ما تقدم من معصيته " ع " {أم الكتاب} حلاله وحرامه، أو جملة الكتاب، أو علم الله - تعالى - بما خلق وما هو خالق، أو الذكر " ع " أو الكتاب الذي لا يبدل، أو أصل الكتاب في اللوح المحفوظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 {وإن مانرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفّينّك فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً يعلم ما تكسب كل نفسٍ وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 41 - {نَنقُصُهَا} بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، أو بخرابها بعد عمارتها، أو بنقصان بركتها وبمحيق ثمرتها، أو بموت فقهائها وخيارها [91 / ب] " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 43 - {شَهِيداً} بصدقي وكذبكم. {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ابن سلام وسلمان وتميم الداري، أو جبريل - عليه السلام -، أو الله - عز وجل - عن الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكان يقرأ {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ويقول: " هذه السورة مكية وهؤلاء أسلموا بالمدينة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 سورة إبراهيم مكية، أو إلا آيتين مدنية، {ألم تر إلى الذين بدلوا} [28] والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم } {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 1 - {الظُّلُمَاتِ} الضلالة والكفر، و {النُّورِ} الإيمان والهدى {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} بأمره. آمن بعيسى قوم وكفر به آخرون فلما بعث محمد [صلى الله عليه وسلم] آمن به من كفر بعيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فنزلت " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3 - {يَسْتَحِبُّونَ} يختارون، أو يستبدلون {سَبِيلِ اللَّهِ} دينه {وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} العوج بالكسر في الأرض والدين وكل ما لم يكن قائماً وبالفتح كل ما كان قائماً كالرمح والحائط. {يبغون} يرجون بمكة ديناً غير الإسلام " ع "، أو يقصدون بمحمد [صلى الله عليه وسلم] هلاكاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 {وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ولقد أرسلنا موسى بئاياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيّام الله إنّ في ذلك لآياتٍ لكل صبّار شكور 3} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 5 - {بَآَيَاتِنَآ} التسع، أو بالحجج والبراهين {وَذَكِّرْهُم} عظهم بما سلف لهم في الأيام الماضية، أو بالأيام التي انتقم فيها بالقرون الأول، أو بنعم الله لأنها تُسمى بالأيام. (وأيام لنا غر طوال ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) {صَبَّارٍ شَكُورٍ} كثير الصبر والشكر إذا ابتُلي صبر وإذا أعطي شكر، وأخذ الشعبي من هذه الآية أن الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه. {وإذ قال موسى لقومه أذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ من رّبّكم عظيم 8 وإذ تأذّن ربّكم لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديدٌ وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 6 - {بَلآءٌ} نعمة " ع "، أو شدة بلية، أو اختبار وامتحان. \ 7 - {تَأَذَّنَ} قال، أو أعلم {شَكَرْتُمْ} نعمتي {لأَزِيدَنَّكُمْ} من أفضالي أو طاعتي " ح ". {ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شك ممّا تدعوننا إليه مريب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 9 - {بِالْبَيِّنَاتِ} الحجج. {فَرَدُّواْ} عضوا الأصابع غيظاً على الرسل، أو كذبوهم بأفواههم، أو عجبوا لما سمعوا كتاب الله - تعالى - ووضعوا أيديهم في أفواههم " ع "، أو أشاروا بذلك إلى رسولهم لما أدعى الرسالة بأن يسكت تكذيباً له ورداً لقوله، أو وضعوا أيديهم على أفواه الرسل رداً لقولهم " ح "، أو الأيدي: النعم ردوها بأفواههم حجوداً، أو عبر بذلك عن ترك قبولهن للحق يقال لمن أمسك عن الجواب: رد يده في فيه. {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عما كان يعبد ءاباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ مثلكم ولكن الله يمنّ على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما ءاذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 10 - {أَفِى اللَّهِ} أفي توحيده، أو طاعته، {مِّن ذُنُوبِكُمْ} من زائدة، أو يجعل المغفرة بدلاً من ذنوبكم، {وَيُؤَخِّرَكُمْ} إلى الموت فلا يعذبكم في الدنيا. {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودن في ملّتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيدٍ واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ من ورائه جهنّم ويسقى من ماءٍ صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكانٍ وما هو بميّت ومن ورآئه عذاب غليظ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 14 - {مَقَامِى} مقامه بين يدي. {وَعِيدِ} عذابي أو زواجر القرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 15 - {وَاسْتَفْتَحُواْ} الرسل بطلب النصر " ع "، أو الكفار استفتحوا بالبلاء. {جَبَّارٍ) {متكبر} (عَنِيدٍ} معاند للحق، أو بعيد عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 16 - {مِّن وَرَآئِهِ} من بعد هلاكه جهنم، أو أمامه جهنم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 17 - {مِن كُلِّ مَكَانٍ} من جسده لشدة آلامه، أو يأتيه أسباب الموت عن يمين وشمال وفوق وتحت وقدام وخلف " ع "، أو تأتيه شدائد الموت من كل مكان. {وَمِن وَرَآئِهِ} فيه الوجهان المذكوران. {عذاب غليط} الخلود في النار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 {مثل الذين كفروا بربّهم أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ لا يقدرون ممّا كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضلال البعيد ألم تر أنّ الله خلق السّماوات والارض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 18 - {مَّثَلُ} أعمال {الَّذِينَ كَفَرُواْ} في حبوطها وبطلانها وأنه لا يحصل منها على شيء بالرماد المذكور. {عَاصِفٍ} شديدة وصف اليوم بالعصوف لوقوعه فيه كما يقال يوم حار ويوم بارد / [92 / أ] أو أراد عاصف الريح فحذف لتقدم ذكر الريح، أو العصوف من صفة الريح المذكورة فلما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه. {وَبَرَزُواْ لله جميعاً فقال الضعفاؤا للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل انتم مغنون عنّا من عذاب الله من شىءٍ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 21 - {وَبَرَزُواْ لِلَّهِ} ظهروا بين يديه في القيامة، والضعفاء: الأتباع والذين استكبروا: قادتهم. {تَبَعاً} في الكفر {مُّغْنُونَ} دافعون، أغنى عنه: دفع عنه الأذى وأغناه: أوصل إليه النفع {لَوْ هَدَانَا اللَّهُ} إلى الإيمان لهديناكم إليه، أو إلى الجنة لهديناكم إليها، أو لو نجّانا من العذاب لنجيناكم منه. {مَّحِيصٍ} ملجأ ومنجى يقول بعضهم لبعض: إن قوماً جزعوا وبكوا ففازوا فيجزعون ويبكون، ثم يقولون: إن قوماً صبروا في الدنيا ففازوا فيصبرون فعند ذلك يقولون: {سَوَآءٌ عَلَيْنَآ} الآية. {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمّا قضى الأمر إنّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربّهم تحيّتهم فيها سلام} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 22 - {وَقَالَ الشَّيْطَانُ} يقوم إبليس خطيباً يوم القيامة فيسمعه الخلائق جميعاً {قُضِىَ الأَمْرُ} بحصول أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار. {وَعْدَ الْحَقِّ} الجنة والنار والبعث والثواب والعقاب. {وَوَعَدتُكُمْ} بأن لا بعث ولا ثواب ولا عقاب {بِمُصْرِخِىَّ} بمنجي أو بمغيثي {إِنِّى كَفَرْتُ) {قبلكم} (بما أشركتموني} من بعدي لأن كفره قبل كفرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 23 - {تحيتهم} ملكهم دائم السلامة، ومنه التحيات لله أي الملك، أو التحية المعروفة إذا تلاقوا سلموا بها. {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكرون ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 24 - {كَلِمَةً طَيِّبَةً} الإيمان، أو المؤمن {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} النخلة قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو شجرة في الجنة " ع " {ثَابِتٌ) {في الأرض} (وَفَرْعُهَا} نحو السماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 25 - {أُكُلَهَا} ثمرها {حِينِ} عبارة عن الوقت في اللغة. يراد بها ها هنا سنة لأنها تحمل في السنة مرة، أو ثمانية أشهر لأنها مدة الحمل ظاهراً وباطناً، أو ستة أشهر لأنها مدة الحمل ظاهراً، أو اربعة أشهر لأنها مدة صلاحها وبروزها من طلعها إلى جذاذها، أو شهرين لأنها مدة صلاحها إلى جفافها، أو غدوة وعشية لأنه وقت اجتنائها " ع ". شبه ثبوت الكلمة في الأرض بثبوت النخلة في الأرض فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما تعلو النخلة نحو السماء فكلما ذكرت نفعت كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 26 - {كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} الكفر، أو الكافر {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} الحنظل أو الأكشوث، أو شجرة لم تخلق " ع "، {اجْتُثَّتْ} اقتلعت من أصلها. {قَرَارٍ} ثبوت، أو أصل. شبه الكلمة الخبيثه التي ليس لها أصل يبقى ولا ثمرة حلوة بأنه ليس لها عمل في الأرض يبقى ولا ذكر في السماء يرقى. {يثبّت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة ويضل الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 الظالمين ويفعل الله ما يشاء} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 27 - {يثبت الله الذين آمنوا} يديمهم على القول الثابت {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} الشهادتان، أو العمل الصالح {فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} زمن الحياة {وَفِى الآخِرَةِ} عند المساءلة في القبر، أو الحياة الدنيا: مساءلة القبر والآخرة: مساءلة القيامة. {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمت الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار 28 جهنم يصلونها وبئس القرار وجعلوا لله أنداداً ليضلّوا عن سبيله قل تمتعّوا فإن مصيركم إلى النار 30} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 28 - {الَّذِينَ بَدَّلُواْ} قريش بدلوا نعمة إرسال الرسول [صلى الله عليه وسلم] منهم كفراً به وجحوداً، أو نزلت في بني أمية وبني مخزوم، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو مخزوم / [92 / ب] فأهلكوا يوم بدر، أوهم قادة المشركين يوم بدر. أو جبلة بن الأيهم وتابعوه من العرب الذين لحقوا بالروم " ع " أو عامة في جميع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 المشركين. {دَارَ الْبَوَارِ} جهنم، أو يوم بدر، والبوار: الهلاك. قل لعبادي الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتى يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلال الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماءٍ ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الّيل والنّهار وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدّوا نعمت الله لا تحصوها إنّ الإنسان لظلومٌ كفارٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 31 - {سِرّاً وَعَلانِيَةً} خفية وجهرة عند الأكثرين، أو السر: التطوع والعلانية: الفرض. {لاَّ بَيْعٌ} لا فدية في العاصي، ولا شفاعة للكفار، أو لا تُباع الذنوب ولا تُشترى الجنة. {خِلالٌ} مصدر خاللت خلالاً كقاتلت قتالاً، أو جمع خلة كقلة وقلال أي لا مودة بين الكفار لتقاطعهم. {وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد ءامناً واجنبنى وبني أن نّعبد الأصنام ربّ إنّهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنّه منّى ومن عصاني فإنّك غفورٌ رحيمٌ ربّنا إنّى أسكنت من ذريتّى بوادٍ غيرٍ ذى زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلّهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 يشكرون ربّنا إنّك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شىءٍ في الأرض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتى ربّنا وتقبل دعاء ربّنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 37 - {بَيْتِكَ} الذي لا يملكه غيرك. {الْمُحَرَّمِ} ، لأنه يحرم فيه ما يباح في غيره {أَفْئِدَةً} جمع فؤاد وهو القلب، أو جمع وفود. {تَهْوِى} تحن، أو تهواهم، أو تنزل عليهم. طلب ذلك ليميلوا إلى سكناها فتصير بلداً محرماً " ع "، أو ليحجوا قال " ع ": لولا أنه قال: من الناس لحجه اليهود والنصارى وفارس والروم {مِّنَ الثَّمَرَاتِ} أجابه بما في الطائف من الثمار وما يجلب إليهم من الأمصار. {ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون إنّما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعى رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هوآء} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 43 - {مُهْطِعِينَ} مسرعين أهطع إهطاعاً أسرع، أو الدائم النظر لا يطرق، أو المطرق لا يرفع رأسه. {مُقْنِعِى} ناكسي بلغة قريش أو رافعي، إقناعُ الرأسِ رَفعُه {طَرْفُهُمْ} الطرف: النظر وبه سميت العين لأنه بها يكون {هَوَآءٌ} خالية من الخير " ع "، أو تردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر به فكأنها تهوي، أو زالت عن أماكنها فبلغت الحناجر فلا تنفصل ولا تعود. {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجل قريبٍ نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 44 - {زَوَالٍ} عن الدنيا إلى الآخرة، أو زوال عن العذاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 46 - {مَكْرَهُمْ} الشرك " ع "، أو بالعتو والتجبر، وهي فيمن تجبر في ملكه وصعد مع النسرين في الهواء، قاله علي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما - {وَعِندَ الَّلهِ مَكْرُهُمْ} يحفظه ليجازيهم عليه، أو يعلمه فلا يخفى عنه {لِتَزُولَ} وما كان مكرهم لِتزولَ منه الجبال احتقاراً لمكرهم " ع "، {لَتزولُ} وكاد أن يزيلها تعظيماً لمكرهم، والجبال: جبال الأرض، أو الإسلام والقرآن لأنه في ثبوته كالجبال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 {فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيزٌ ذو انتقام يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفسٍ ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلاغٌ للناس ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحدٌ وليذّكروا أولوا الألباب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 48 - {تُبَدَّلُ الأَرْضُ} بأرض بيضاء كالفضة لم تعمل عليها خطيئة، أو بأرض من فضة بيضاء، أو هي هذه الأرض تبدل صورتها ويطهر دنسها {وَالسَّمَاواتُ} تبدل بغيرها كالأرض فتصير جناناً والبحار ناراً، أو بجعل السماوات ذهباً والأرض فضة، قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو بتناثر نجومها وتكوير شمسها، أو طيها كطي السجل، أو انشقاقها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 49 - {الأَصْفَادِ} الأغلال، أو القيود والصفد العطاء، لأنه يقيد المودة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 50 - {سَرَابِيلُهُم} جمع سربال وهو القميص {قَطِرَانٍ} الذي تهنأ به الإبل لإسراع النار إليها، أو النحاس الحامي " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 53 - {هذا بلاغ} هذا الإنذار كافٍ للناس، أو هذا القرآن كافٍ للناس. {ولينذروا} بالقرآن {وليعلموا} بما فيه من الدلائل على التوحيد {أنما هو إله واحد وليذكر} بمواعظه ذوو العقول، قيل نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - وأصحابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 سورة الحجر مكية اتفاقاً. بسم الله الرحمن الرحيم {ألر تلك ءايات الكتاب وقرءانٍ مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 1 - / [93 / أ] {الْكِتَابِ} القرآن، أو التوراة والإنجيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 2 - {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ} إذا رأوا المسلمين دخلوا الجنة أن يكونوا أسلموا، وربما ها هنا للتكثير. {وما أهلكنا من قريةٍ إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمةٍ أجلها وما يستئخرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 5 - {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ} رسولها وكتابها فتعذب قبلهما، ولا يستأخر الرسول والكتاب عنهم. {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 8 - {إِلاَّ بِالْحَقِّ} القرآن، أو الرسالة، أو بالقضاء عند الموت بقبض أرواحهم، أو العذاب إن لم يؤمنوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 9 - {الذكر} القرآن، {وإنا له} لمحمد [صلى الله عليه وسلم] {لَحَافِظُونَ} ممن أراده بسوءٍ، أو للقرآن حتى يجزى به يوم القيامة أو بحفظه من زيادة الشيطان فيه باطلاً، أو نقصه منه حقاً. {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزءون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنمّا سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 10 - {شِيَعِ} أمم، أو القرى، أو جمع شيعة، والشيعة: الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد بها الكبار، فهو عون للنار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 12 - {نَسْلُكُهُ} الاستهزاء، أو التكذيب، أو نسلك القرآن في قلوبهم وإن لم يؤمنوا به، أو إذا كذبوا به سلكنا في قلوبهم أن لا يؤمنوا به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 13 - {سُنَّةٌ الأََوَّلِينَ} بالعذاب، أو بألا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا، والسنة: الطريقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 14 - {يَعْرُجُونَ} المشركون، أو الملائكة وهم يرونهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 15 - {سُكِّرَتْ} سُدت، أو عُميت، أو أّخذت، أو غُشيت وغطيت، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 أو حُبست {مَّسْحُورُونَ} سُحرنا فلا نبصر، أو معللون، أو مفسدون. {ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيّناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهابٌ مبين والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيءٍ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين 20} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 16 - {بُرُوجاً} قصوراً فيها الحرس، أو منازل الشمس والقمر، أو الكواكب العظام أي السبعة السيارة، أو النجوم، أو البروج الإثنا عشر، وأصله الظهور برجت المرأة أظهرت محاسنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 17 - {رَّجِيمٍ} ملعون، أو مرجوم بقول أو فعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 18 - {اسْتَرَقَ السَّمْعَ} بأخبار الأرض دون الوحي فإنه محفوظ منهم. ويسترقون السمع من الملائكة في السماء، أو في الهواء عند نزولهم من السماء. {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ} قبل سماعه، أو بعد سماعه فيجرحهم ويحرقهم ويخبلهم ولا يقتل " ع "، أو يقتلهم قبل إلقائه إلى الجن فلا يصل إلى أخبار السماء إلا الأنبياء " ع "، ولذلك انقطعت الكهانة، أو يقتلهم بعد إلقائه إلى الجن ولذلك [ما] يعودون لاستراقه، ولو لم يصل لقطعوا الاستراق. والشهب نجوم يُرجمون بها ثم تعود إلى أماكنها، أو نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود كما إذا أحرقت النار لم تعد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 19 - {مَدَدْنَاهَا} بسطناها من مكة لأنها أم القرى {مَّوْزُونٍ} بقدر معلوم عبّر عنه بالوزن، لأنه آلة لمعرفة المقادير، أو أراد الأشياء التي توزن في أسواقها، أو مقسوم، أو معدود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 20 - {مَعَايِشَ} ملابس، أو التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة، أو المطاعم والمشارب التي يعيشون بها. {وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} الدواب والأنعام، أو الوحش. {وإن من شىءٍ إلا عندنا خزائنه وما ننزّله إلا بقدر معلومٍ 21 وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنّا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستئخرين وإنّ ربك هو يحشرهم إنّه حكيمٌ عليمٌ 25} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 21 - {وَإِن مِّن شَىْءٍ} من أرزاق الخلق {إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ} المطر المنزل من المساء إذ به نبات كل شيء {بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} قال ابن مسعود - رضي الله تعالى - / [93 / ب] عنه - ما عام بأمطر من عام ولكن الله - تعالى - يقسمه حيث يشاء فيمطر قوماً ويحرم آخرين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 22 - {لواقح} السحاب حتى يمطر، كل الرياح الواقح والجنوب ألقح، أو لواقح للشجر حتى يثمر " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 24 - {المستقدمين} الذين خلقوا {والمستأخرين} من لم يخلق، أو من مات ومن لم يمت، أو أول الخلق وآخره، أو من تقدم أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] والمستأخر من أمته، أو المستقدمين في الخير والمستأخرين عنه، أو في صفوف الحرب والمستأخرين فيها، كانت امرأة من أحسن الناس تصلي خلف الرسول [صلى الله عليه وسلم] فيقدم بعضهم لئلا يراها ويتأخر بعضهم إلى الصف المؤخر فإذا ركع نظر إليها من تحت إبطه فنزلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإٍ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السّموم وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشراً من صلصالٍ من حمإ مسنونٍ فإذ سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فأخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدّين قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 26 - {الإنسان} آدم - عليه الصلاة والسلام - {صَلْصَالٍ} طين يابس لم تصبه نار، إذا نُقر صَلَ فسمعت له صلصلة، وهي الصوت الشديد المسموع من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 غير الحيوان كالقعقعة في الثوب " ع "، أوطين خلط برمل، أو منتن، صل اللحم وأصل أنتن. {حَمَإٍ} جمع حمأة وهي الطين الأسود المتغير {مَّسْنُونٍ} منتن متغير، أو أسن الماء تغير " ع "، أو منصوب قائم من قولهم: وجه مسنون، أو المصبوب، سَنَ الماء على وجهه صبه عليه، أو الذي يحك بعضه بعضاً، سننت الحجر بالحجر حككت أحدهما بالآخر ومنه سن الحديد لحكه به، أو الرطب، أو المخلص سن سيفك أي: أجله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 27 - {وَالْجَآنَّ} إبليس، أو الجن، أو أبو الجن {مِن قَبْلُ} آدم {نَّارِ السَّمُومِ} لهب النار، أو نار الشمس، أو حر السموم، والسموم: الريح الحارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 38 - {الْمَعْلُومِ} عند الله - تعالى - وحده، أو النفخة الأولى بينها وبين النفخة الثانية أربعون سنة هي مدة موته، وأراد بسؤاله الإنظار أن لا يموت فلم يجبه إلى ذلك، وأنظره إلى النفخة الأولى تعظيماً لبلائه وتعريفاً أنه لا يضر بفعله غير نفسه. ولم يكرمه بتكليمه بل كلمه بذلك على لسان رسول، أو كلمه تغليظاً ووعيداً لا إكراماً وتقريباً. {قال رب بما أغويتنى لأزيننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين 40 قال هذا صراط على مستقيم إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ من اتّبعك من الغاوين وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل بابٍ منهم جزءٌ مقسوم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 39 - {أَغْوَيْتَنِى} أضللتني " ع "، أو خيبتني من رحمتك، أو نسبتني إلى الإغواء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 40 - {الْمُخْلَصِينَ} لعباداتهم من الفساد والرياء، سأل الحواريون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 عيسى - عليه الصلاة والسلام - عن المخلص، فقال: الذي يعمل لله ولا يحب أن يحمده الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 41 - {هَذَا صِرَاطٌ} يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة " ع "، أو صراط إليَّ " ح "، أو تهديد ووعيد كقولك لمن تتوعده: " على طريقك "، أو هذا صراط على استقامته بالبيان والبرهان. {إن المتقين في جناتٍ وعيونٍ ادخلوها بسلامٍ ءامنين ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخوناً على سررٍ متقابلين لا يمسّهم فيها نصبٌ وما هم منها بمخرجين نبئ عبادى أنّي أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 46 - {بِسَلامٍ} بسلامة من النار، أو بسلامة تصحبكم من كل آفة {أمنين} من الخروج منها، أو الموت، أو الخوف والمرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 47 - {وَنَزَعْنَا} بالإسلام {مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} الجاهلية، أو نزعنا في الآخرة ما فيها من غل الدنيا " ح " وروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] {سرر} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 جمع أسرة، أو سرور {مُّتَقَابِلِينَ} بوجوههم لا يصرفون أبصارهم تواصلا وتحاببا، أو متقابلين بالمحبة والمودة لا يتفاضلون فيها ولا يختلفون، أو متقابلين / [94 / ب] في المنزلة لا يفضل بعضهم بعضاً لاتفاقهم على الطاعة أو استوائهم في الجزاء، أو متقابلين في الزيادة والتواصل، أو أقبلوا على أزواجهم بالمودة وأقبلن عليهم، قيل نزلت في العشرة، قال علي - رضي الله تعالى عنه -: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير منهم. {ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال إنا منكم وجلون قالوا لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 توجل أنّا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسّني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 53 - {لا تَوْجَلْ) {لا تخف} (بِغُلامٍ عَليمٍ} في كبره وهو إسحاق لقوله - تعالى - {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} [هود: 71] {عَلِيمٍ} حليم، أو عالم عند الجمهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 54 - {أَبَشَّرْتُمُونِى) {تعجب} (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} تعجباً من قولهم، أو استفهم هل بشروه بأمر الله - تعالى - ليكون أسكن لقلبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 55 - {القانطين} الآيسين من الولد. {قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنّا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا ءال لوطٍ إنّا لمنجّوهم أجمعين إلا امرأته قدّرنا إنها لمن الغابرين} 59 - {آل لُوطٍ} أتباعه وناصروه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 60 - {قَدَّرْنَآ} قضينا، أو كتبنا {الْغَابِرِينَ} الباقين في العذاب، أو الماضين فيه. {فلمّا جاء ءال لوطٍ المرسلون قال إنكم قومٌ منكرون 62 قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنّا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الّيل واتّبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحدٌ وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوعٌ مّصبحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 65 - {بقطع من الليل} ببعضه، أو آخره، أو ظلمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 66 - {قضينا} أوحينا {دابر هؤلاء} آخرهم، أو أصلهم. {وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفى فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنّهم لفى سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارةً من سجّيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وأنّها لبسبيل مقيمٍ 5 إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 72 - {لَعَمْرُكَ} وعيشك " ع "، أو وحياتك " ع "، وما أقسم الله - تعالى - بحياة غيره، أو وعملك {سَكْرَتِهِمْ} ضلالهم، أو غفلتهم {يَعْمَهُونَ} يترددون " ع "، أو يتمادون، أو يلعبون، أو يمضون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 75 - {لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} للمتفرسين، أو المعتبرين، أو المتفكرين، أو الناظرين أو المتبصرين، أو الذين يتوسمون الأمور فيعلمون أن الذي أهلك قوم لوط قادر على أهلاك الكفار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 76 - {لبسبيل} لهلاك " ع "، أو لبطريق معلم. {وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 78 - {لَظَالِمِينَ} بتكذيبهم شعيباً، أرسل إلى مدين فأهلكوا بالصيحة وإلى أصحاب الأيكة فاحترقوا بنار الظلة، الأيكة: الغيضة، أو الشجر الملتف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 كان أكثرهم شجرهم الدوم وهو المقل، أو الأيكة اسم البلد وليكة اسم المدينة كبكة من مكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 79 - {وَإِنَّهُمَا} أصحاب الأيكة وقوم لوط {لَبِإِمَامٍ} لبطريق واضح. سمي الطريق إماماً لأن سالكه يأتم به حتى يصل إلى مقصده، أو لفي كتاب مستبين، سمي إماماً لتقدمه على سائر الكتب، وقال مُؤرج: هو الكتاب بلغة حمير. {ولقد كذّب أصحاب الحجر المرسلين وءاتيناهم ءاياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً ءامنين فأخذتهم الصّيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 80 - {الْحِجْرِ} الوادي، أو مدينة ثمود، أو أرض بين الشام والحجاز وأصحابه ثمود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 82 - {أمنين} أن تسقط عليهم بيوتهم، أو من خرابها، أومن العذاب، أو الموت. {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإنّ السّاعة لاتيةٌ فاصفح الصّفح الجميل 85 إن ربّك هو الخلاق العليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 85 - {الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} الإعراض من غير جزع، أو العفو بغير توبيخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 ولا تعنيف، ثم نسخ صفحه عن حق الله - تعالى - بآية السيف، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : بعد ذلك: " لقد أتيتكم بالذبح وبُعثت بالحصاد ولم أُبعث بالزراعة، أو أمر بالصفح عنهم في حق نفسه فيما بينه وبينهم. {ولقد ءاتيناك سبعاً من المثاني والقرءان العظيم لا تمدنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين 4} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 87 - [ {سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِى} ] السبع المثاني: الفاتحة، لأنها تثنى كلما قرأ القرآن وصلى، أو السبع الطوال البقرة، وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس " ع " سميت مثاني لما تردد فيها من الأمثال والخبر والعبر، أو لأنها تجاوز المائة الأولى إلى المائة الثانية، أو المثاني القرآن كله، أو معانيه السبعة أمر ونهي وتبشير وإنذار وضرب أمثال وتعديد نعم وأنباء قرون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 88 - {أزواجا} أشباهاً، أو أصنافاً أو الأغنياء / [94 / ب] {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} بما أنعمت عليهم في الدنيا أو بما يصيرون إليه من كفرهم {وَاخْفِضْ} عبّر به عن الخضوع، أو عن إلانة الجانب، نزل بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ضيف فلم يكن عنده ما يصلحه فأرسل إلى يهودي يستسلف منه دقيقاً إلى هلال رجب، فأبى إلا برهن فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني لأديت إليه فنزلت {لا تَمُدَّنَّ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وقل إنى أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرءان عضين فوربّك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 90 - {المقتسمين} اليهود والنصار اقتسموا القرآن أعضاء أي أجزاء فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض " ع "، أو اقتسموه استهزاء به فقال بعضهم: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي، أو اقتسموا كتبهم فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها وكفر آخرون بما آمن به أولئك وأمنوا بما كفروا به، أو قوم صالح تقاسموا على قتله، قاله ابن زيد، أو قوم من قريش اقتسموا طرق مكة لينفروا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] من يرد من القبائل بأنه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون حتى لا يؤمنوا به فنزل عليهم عذاب فأهلكهم، أو قوم من قريش اقتسموا القرآن فجعلوا بعضه شعراً وبعضه سحراً وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين، أو قوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 اقتسموا أيماناً تحالفوا عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 91 - {عِضِينَ} فرقاً بعضه شعراً وبعضه سحراً وبعضه أساطير الأولين، جعلوا أعضاء كما تعضى الجزور، وعضين جمع عضو من عضيت الشيء تعضية إذا فرقته " ع ". وليس دين الله - تعالى - بالمعضى. أي المفرق أو العضين جمع عضة وهو البهت لأنهم بهتوا كتاب الله - تعالى - فيما رموه به، عضهت الرجل أعضهه عضها بهته، وقال: إن العضيهة ليست فعل أحرار أوالعضة: السحر بلسان قريش ومنه " لعن الرسول [صلى الله عليه وسلم] العاضهة والمستعضهة أراد الساحرة والمتسحرة، أو لما ذكر في القرآن الذباب والبعوض والعنكبوت والنمل قال أحدهم: أنا صاحب البعوض، وقال آخر: أنا صاحب الذباب وقال آخر أنا صاحب النمل استهزاء منهم بالقرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 93 - {عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يعبدون، أو ما عملوا فيما علموا، أو عما عبدوا وما أجابوا الرسل. {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين أنّا كفيناك المستهزءين الذين يجعلون مع الله إلاهاً ءاخر فسوف يعلمون ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 94 - {فَاصْدَعْ} فامض، أو أظهر، أو اجهر بالقرآن في الصلاة، أو أعلن بالوحي حتى يبلغهم " ع "، أو افرق به بين الحق والباطل، أو فرق القول فيهم مجتمعين وفرادى، {وَأَعْرِضْ} منسوخ بآية السيف " ع " أو أعرض عن الاهتمام باستهزائهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 95 - {المستهزئين} خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأبو زمعة والأسود بن عبد يغوث والحارث بن غيطلة أهلكهم الله - تعالى - قبل بدر لاستهزائهم برسوله [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 97 - {صَدْرُكَ} قلبك لأنه محل القلب {بِمَا يَقُولُونَ} من الاستهزاء، أو التكذيب بالحق. 98 - {السَّاجِدِينَ} المصلين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 99 - {الْيَقِينُ} الحق الذي لا ريب فيه، أو الموت الذي لا محيد عنه " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 سورة النحل مكية أو إلا ثلاث آيات {ولا تشتروا بعهد الله} إلى قوله {بأحسن ما كانوا يعملون} [95 - 97] " ع ". بسم الله الرحمن الرحيم } {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 1 - {أَتَى} دنا، أو سيأتي، أو على حقيقة إتيانه في ثبوته واستقراره. {أَمْرُ اللَّهِ} القيامة، أو وعيد المشركين، أو فرائض الله - تعالى - وأحكامه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 2 - {بِالرُّوحِ} الوحي " ع " أو كلام الله - تعالى -، أو الحق الواجب الاتباع، أو أرواح الخلق لا ينزل ملك إلا معه روح قاله مجاهد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 4 - {خَصِيمٌ} محتج في الخصومة. ذكر ذلك تعريفاً لقدرتهن أو لنعمته، أو لقبح ما ضيعه من شكر النعمة بمخاصمته في الكفر " ح " قيل نزلت في أبي بن خلق الجمحي أخذ عظاماً نخرة فذراها وقال أنُعاد إذا صرنا كذا؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بشقٍ الأنفس إن ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 5 - {دفءٌ} لباس " ع "، أو ما استدفأت به من أصوافها وأوبارها وأشعارها. {وَمَنَافِعُ} الركوب والعمل {تَأْكُلُونَ} اللحم واللبن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 8 - {مَا لا تَعْلَمُونَ} من الخلق عند الجمهور، أو نهر تحت العرش " ع ". {هو الذي انزل من السماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تسيمون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقومٍ يتفكرون وسخر لكم الّيل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لايات لقومٍ يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لأيةٌ لقوم يذكرون وهو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 14 - {مَوَاخِرَ} تشق الماء عن يمين وشمال، والمخر: شق الماء وتحريكه، أو ما تمخر الريح من السفن والمخر صوت هبوب الريح، أو تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة، أو تجري معترضة، أو المواخر: المواقد. {وألقى في الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون وعلامات والنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الله لغفورٌ رحيمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 16 - {وعلامات} معالم الطرق بالنهار {والنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} بالليل " ع "، أو النجوم منها ما يهتدى به ومنها ما هو علامة لا يهتدى بها، أو الجبال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 18 - {لا تُحْصُوهَآ} لا تحفظوها، أو لا تشكروها. {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون إلهكم إلهٌ واحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرةٌ وهم مستكبرون لا جرم أنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمٍ ألا ساء ما يزرون قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 26 - {فأتى الله بنيانهم} هدمه من أساسه، أومثل ضربه الله - تعالى - لاستئصالهم {السَّقْفُ} أتاهم من السماء التي هي سقفهم " ع "، أو سقطت أعالي بيوتهم وهم تحتها فلذلك قال: {مِن فوقهم} إذا لا يكون فوقهم إلا وهم تحته. وهم نمروذ بن كنعان وقومه " ع "، أو بختنصر وأصحابه، أو المقتسمين المذكورن في سورة الحجر. {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين} 28 - {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ} قيل نزلت فيمن أسلم بمكة ولم يهاجر فأخرجتهم قريش إلى بدر فقُتلوا {تَتَوَفَّاهُمُ} تقبض أرواحهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 {ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ} بالمقام بمكة وترك الهجرة {فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ} في خروجهم معهم {مِن سُوءِ} كفر {بلي} علمكم أعمال الكفار، والسَّلَم: الصلح، أو الاستسلام، أو الخضوع. {وقيل للذين أتقوا ماذا أنزل ربّكم قالوا خيراً للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ ولدار الآخرة خيرٌ ولنعم دار المتقين جنات عدنٍ يدخلونها تجري من تحتها الأنهار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين الذي تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 32 - {طيبين) {صالحين} (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيءٍ نحن ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيءٍ كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقّت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضلّ وما لهم من ناصرين وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنّما قولنا لشىءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبؤئنّهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعملون الذين صبروا وعلى ربّهم يتوكلون} 41 - {ظُلِمُواْ} ظلمهم أهل مكة بإخراجهم إلى الحبشة بعد العذاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 والإبعاد. {حَسَنَةً} نزول المدينة " ع "، أو الرزق الحسن نزلت في أبي جَندل بن سهيل، أو في بلال وعمار وخباب بن الأرتْ عُذبوا حتى قالوا ما أراده الكفار فلما خلوهم هاجروا. {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون 44} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 43 - {الذِّكْرِ} العلماء بأخبار القرون الخالية يعلمون أن الله - تعالى - ما بعث رسولاً إلا من رجال الأمة ولم يبعث ملكاً أو أهل الكتاب خاصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 " ع "، أو أهل القرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 44 - {إليك الذكر} القرآن، أوالعلم. {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربّكم لرءوف رحيم} 46 - {تقلبهم} سفرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 47 - {تَخَوُّفٍ} تنقص يهلك واحداً بعد واحد فيخافون الفناء " ع "، أو على تقريع وتوبيخ بما قدموه / [95 / ب] من ذنوبهم " ع "، أو يهلك قرية فتخاف القرية الأخرى. {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىءٍ يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجّداً لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون 50} 48 - {يتفيأ ظِلالُهُ} يرجع، والفيء: الرجوع وبه سمى الظل بعد الزوال لرجوعه، أو يتميل " ع "، أو يدور، أو يتحول. {الْيَمِينِ وَالشَّمَآئِلِ} تارة جهة اليمين وتارة إلى جهة الشمال " ع "، أو اليمين أول النهار والشمال آخره {سُجَّداً} ظل كل شيء سجوده، أو سجود الظل بسجود شخصه، أو سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد خاضعة لله {دَاخِرُونَ} صاغرون خاضعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 50 - {رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} عذاب ربهم لأنه ينزل من فوقهم من السماء، أو قدرته التي هي فوق قدرتهم. {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنّما هو إله واحدٌ فإياي فارهبون وله ما في السموات والأرض وله الدّين واصباً أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 مسّكم الضر فإليه تجئرون ثمّ إذا كشف الضر عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 52 - {الدِّينُ) الإخلاص، أو الطاعة {وَاصِباً} واجباً " ع "، أو خالصاً أو دائماً " ح "، عذاب واصب: دائم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 53 - {الضر} القحط، أو الفقر {تجأرون} تضرعون بالدعاء، أو تضجون وهو الصياح من جؤار الثور وهو صياحه. {ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هونٍ أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 58 - {مُسْوَدّاً} أسود اللون عند الجمهور، أو متغير اللون بسواد أو غيره. {كَظِيمٌ} حزين " ع "، أو كظم غيظه فلا يظهره، أو مغموم انطبق فوه من الغم، من الكظامة وهو شدُّ فَمِ القربة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 59 - {هُونٍ} الهوان بلغة قريش، أو القليل بلغة تميم {يدسه} يريد الموءودة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابةْ ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعةً ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 62 - {ما يكرهون} البنات {الحسنى} البنين، أو جزاء الحسنى {لا جَرَمَ} حقاً أو قطعاً، أو اقتضى فعلهم أن لهم النار [أو] بلى إن لهم النار " ع " {مُّفْرَطُونَ} منسيون، أو مضيعون، أو مبعدون في النار، أو متروكون فيها أو مقدمون إليها ومنه " أنا فرطكم على الحوض " أي متقدمكم، {مُفْرِطون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 مسرفون في الذنوب من الإفراط فيها، {مُفَرِّطون} في الواجب. {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 67 - {سَكَراً} السكر: الخمر، والرزق الحسن: التمر والرطب والزبيب، نزلت قبل تحريم الخمر، أو السكر: ما حرم من شرابه والرزق الحسن: ما حل من ثمرته، أو السكر: النبيذ، والرزق الحسن: التمر والزبيب، أو السكر: الخل بلغة الحبشة والرزق الحسن: الطعام، أو السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن. وجعلتَ عيب الأكرمين سكراً أي جعلت ذمهم طعماً. {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 68 - {وَأَوْحَى} ألهمها، أو سخرها أو جعله في غرائزها بما يخفي مثله إلى غيرها {يَعْرِشُونَ} يبنون، أو الكروم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 69 - {ذُلُلاً} مذللة، أو مطيعة، أو لا يتوعر عليها مكان تسلكه، أو الذلل صفة للنحل بانقيادها إلى أصحابها وذهابها حيث ذهبوا. {مًّخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ} لاختلاف أغذيته {فِيهِ شِفَآءٌ} الضمير للقرآن، أو للعسل. {والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 70 - {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} أوضعه وأنقصه عند الجمهور، أو الهرم، أو ثمانون سنة، أو خمس وسبعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 71 - {فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} السادة على العبيد، أو الأحرار بعضهم على بعض عند الجمهور {فِى الرِّزْقِ} بالغنى والفقر والضيق والسعة {فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ} لما لم يشركهم عبيدهم في أموالهم لم يجز أن يشاركوا الله - تعالى - في ملكه " ع "، أو هم وعبيدهم سواء في أن الله - تعالى - رزق الجميع، وأن أحداً لا يقدر على رزق عبده / [96 / أ] إلا أن يرزقه الله - تعالى - أياه كما لا يقدر على رزق نفسه. {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون} 72 - {مِّن أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} خلق حواء من آدم {وَحَفَدَةً} أصهار الرجل على بناته، أو أولاد الأولاد " ع "، أو بنو زوجة الرجل من غيره " ع " أو الأعوان، أو الخدم، والحفدة جمع حافد وهو المسرع في العمل، " نسعى ونحفد ": نسرع إلى العمل بطاعتك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شىءٍ ومن رزقناه منّا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلاُ رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌ على مولاه أينما يوجهه لايأتْ بخيرٍ هل يستوى وهو ومن يأمر بالعدل هو على صراط مستقيم 76} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 75 - {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً} مثل للكافر والمؤمن، فالكافر لا يقدر على شيء من الخير، والرزق الحسن مما عند المؤمن من الخير " ع "، أو مثل للأوثان التي لا تملك شيئاً تُعبد دون الله - تعالى - الذي يملك كل شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 76 - {رَّجُلَيْنِ} مثل لله - تعالى - وللوثن الأبكم الذي لا يقدر على شيء، والذي يأمر بالعدل هو الله - عز وجل -، أو الأبكم: الكافر، والذي يأمر بالعدل المؤمن " ع " أو الأبكم غلام لعثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - كان يعرض عليه الإسلام فيأبى والذي يأمر بالعدل عثمان - رضي الله تعالى عنه -. {ولله غيب السموات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىءٍ قديرٌ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لأيات لقومٍ يؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 77 - {وما أمر الساعة} سألت قريش الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن الساعة استهزاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 فنزل {ولله غيب السموات وَالأَرْضِ} يريد قيام الساعة وسميت ساعة لانها جزء من يوم القيامة وأجزاء اليوم ساعاته. {والله جعل لكم من بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فإنما تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمةٍ شهيداً ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هولاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنّكم لكاذبون 86 وألقوا إلى الله يؤمئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون ويوم نبعث في كل أمةٍ شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىءٍ وهدى ورحمةً وبشرى للمسلمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 81 - {مِّمَّا خَلَقَ ظِلالاً} الشجر {أَكْنَاناً} يستكن فيها جمع كن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 {سَرَابِيلَ} ثياب الكتان والقطن والصوف، والتي تقي الناس: دروع الحرب، ذكر الجبال والحر ولم يذكر السهل والبرد لغلبة الجبال والحر على بلادهم دون البرد والسهل، فَمَنَّ عليهم بما يختص بهم، أو اكتفى بذكر الجبال والحر عن ذكر السهل والبرد فالمنة فيهما آكد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 83 - {نعمة الله} محمد [صلى الله عليه وسلم] يعرفون نبوته ثم يكذبونه، أو نعمه المذكورة في هذه السورة ثم ينكرونها بقولهم: ورثناها عن آبائنا، أو إنكارها قولهم: لولا فلان لما أصبت كذا وكذا، أو معرفتهم: اعترافهم أن الله رزقهم وأنكارهم قولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا، قال الكلبي تسمى هذه السورة سورة النعيم لتعديد النعم فيها. {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} أراد جميعهم، أو فيهم من حكم بكفره تبعاً كالصبيان والمجانين فذكر المكلفين. {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 90 - {بِالْعَدْلِ} شهادة التوحيد {وَالإِحْسَانِ} الصبر على طاعته في أمره ونهيه سراً وجهراً {وإيتاء ذِى الْقُرْبَى} صلة الرحم، والفحشاء: الزنا. والمنكر: القبائح، والبغي: الكبر والظلم، أو العدل: القضاء بالحق، والإحسان: التفضل بالإنعام، وإيتاء ذي القربى: صلة الأرحام، والفحشاء: ما يُسر من القبائح، والمنكر: ما يُظهر منها فينكر، والبغي ما يتطاول به من ظلم وغيره، أو العدل استواء السريرة والعلانية في العمل لله، والإحسان فضل السريرة على العلانية، والمنكر والبغي فضل العلانية على السريرة. {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمةٌ هي أربى من أمةٍ إنما يبلوكم الله به ولبينّن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عمّا كنتم تعملون ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تشتروا بعد الله ثمنا قليلاً إنما عند الله هو خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 91 - {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ} نزلت في بيعة الرسول [صلى الله عليه وسلم] على الإسلام أو في الحلف الواقع في الجاهلية بين أهل الشرك والإسلام فجاء الإسلام بالوفاء به، أو في كل يمين / [96 / ب] منعقدة يجب الوفاء بها ما لم تدعُ ضرورة إلى الحنث، وقول الرسول [صلى الله عليه وسلم] " فليأتِ الذي هو خير " محمول على الضرورة دون المباح، وأهل الحجاز يقولون: وكدت توكيداً وأهل نجد أكدت تأكيداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 92 - {كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا} امرأة حمقاء بمكة كانت تغزل الصوف ثم تنقضه بعد إبرامه. فشبه ناقض العهد بها في السفه والجهل تنفيراً من ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 {غَزْلَهَا} عبّر عن الحبل بالغزل، أو أراد الغزل حقيقة {قُوَّةٍ} إبرام، أو القوة: ما غزل على طاقة ولم تثن {أَنكَاثاً} أنقاضاً واحدها نكث، وكل شيء نقض بعد الفتل فهو أنكاث {دَخَلاً} غروراً، أو دغلاً وخديعة، أو غلاً وغشاً، أو أن يكون داخل القلب من الغدر غير ما في الظاهر من الوفاء، أو الغدر والخيانة. {أَرْبَى} أكثر عدداً وأزيد مدداً فتغدر بالأقل. {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 97 - {حَيَاةً طَيِّبَةً} بالرزق الحلال " ع "، أو القناعة، أو الإيمان بالله - تعالى - والعمل بطاعته، أو السعادة " ع "، أو الجنة. {فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرّجيم إنّه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربّهم يتوكّلون إنّما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون 100} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 98 - {قَرَأْتَ} أردت، أو إذا كنت قارئاً فاستعذ، أو تقديره فإذا استعذت بالله فاقرأ على التقديم والتأخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 99 - {سُلْطَانٌ} قدره على حملهم على ذنب لا يغفر، أو حجة على ما يدعوهم إليه من المعصية، أو لا سلطان له عليهم لاستعاذتهم بالله - تعالى - لقوله - تعالى -: {وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ} [الأعراف: 200] ، أو لا سلطان له عليهم بحال لقوله - سبحانه وتعالى: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتبعك} [الحجر: 42] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 100 - {بِهِ مُشْرِكُونَ} بالله، أو أشركوا الشيطان في أعمالهم، أو لأجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 الشيطان وطاعته أشركوا. {وإذا بدّلنا ءايةً مكان ءايةٍ والله أعلم بما ينزّل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون 101 قل نزّله روح القدس من رّبّك بالحق ليثبّت بالذين ءامنوا وهدى وبشرى للمسلمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 101 - {بَدَّلْنَآ} نسخناها حكماً وتلاوة، أو حكماً دون التلاوة {لا يَعْلَمُونَ} جواز النسخ والله - تعالى - أعلم بالمصلحة فيما ينزله ناسخاً ومنسوخاً. {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الذي يلحدون إليه أعجمىٌ وهذا لسان عربيٌ مبين إن الذين لا يؤمنون بئايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بئايات الله وأولئك هم الكاذبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 103 - {بشر} بلعام فتى بمكة كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يدخل عليه ليعلمه فاتهموا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بأنه يتعلم منه، أو يعيش عبد بني الحضرمي كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 الرسول [صلى الله عليه وسلم] يلقنه القرآن، أو غلامان صيقلان لبني الحضرمي من أهل عين التمر كانا يقرآن التوراة فربما جلس إليهما الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو سلمان الفارسي {يُلْحِدُونَ} يميلون، أو يعرضون به. والعرب يعبّرون عن الكلام باللسان. {مَن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذاب عظيمٌ ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأنّ الله لا يهدى القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنّهم في الآخرة هم الخاسرون 109 ثم إن ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ يوم تأتى كل نفسٍ تجادل عن نفسها وتوفى كل نفسٍ ما عملت وهم لا يظلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 106 - {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ} نزلت في عبد الله بن أبي سرح ومِقْيسَ بن صُبَابة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 وعبد الله بن خطل وقيس بن الوليد بن المغيرة كفروا بعد إيمانهم {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} نزلت في عمار وأبويه ياسر وسمية، أوفي بلال وصهيب وخباب أظهروا الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وضرب الله مثلاً قريةً كانت ءامنةً مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكانٍ فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وقد جاءهم رسولٌ منهم فكّذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 112 - {قرية كانت آمنة} مكة، وسمي الجوع والخوف لباساً، لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس، بلغ بهم القحط أن أكلوا القد والعلهز وهو الوبر يخلط بالدم " والقراد ثم " يؤكل " ع "، أو المدينة آمنت بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ثم كفرت بعده بقتل عثمان - رضي الله تعالى عنه - وما حدث فيها من الفتن قالته حفصة، أو كل مدينة كانت على هذه [97 / أ] الصفة من سائر القرى. {فكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً واشكروا نعمت الله إن كنتم إيّاه تعبدون إنّما حرّم عليكم الميتة والّدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ 3 وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السوء بجهالةٍ ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 119 - {بِجَهَالَةٍ} أنه سوء، أو بغلبة الشهوة مع العلم بأنه سوء. إن إبراهيم كان أمّة قانتا لله حنيفاً ولم يك من المشركين 120 شاكراٌ لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراطٍ مستقيمٍ وءاتيناه في الدنيا حسنة وإنّه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 120 - {أُمَّةً} إماماً يؤتم به، أو معلماً للخير، أو أمة يقتدى به سمي بذلك لقيام الأمة به {قَانِتاً} مطيعاً، أو دائماً على العبادة {حَنِيفاً} مخلصاْ، أو حاجاً، أو مستقيماً على طريق الحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 112 - {حَسَنَةً} نبوة، أو لسان صدق، أو كل أهل الأديان يتولونه ويرضونه، أو ثناء الله - تعالى - عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 123 - {اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} في الإسلام والبراءة من الأوثان، أو في جميع ملته إلا ما أمر بتركه. {إنما جعل السّبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربّك ليحكم بينهم يوم القيامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 فيما كانوا فيه يختلفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 124 - {اخْتَلَفُواْ فِيهِ} فقال بعضهم: السبت أعظم الأيام حرمة، لان الله - تعالى - فرغ من خلق الأشياء فيه، أو قال بعضهم: الأحد أفضل، لأن الله - تعالى - ابتدأ الخلق فيه، أوعدلوا عما أمروا به من تعظيم الجمعة تغليباً لحرمة السبت أو الأحد. {ادع إلى سبيل ربك بالحكم والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 125 - {سَبِيلِ رَبِّكَ) {الإسلام} (بِالْحِكْمَةِ) {بالقرآن} (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} القرآن في لين من القول، أو بما فيه من الأمر والنهي. {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيقٍ ممّا يمكرون إن الله مع الذين اتٌ قوا والذين هم محسنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 126 - {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} نزلت في قريش لما مثلوا بقتلى أُحُد ثم نسخت بقوله - تعالى - {واصبر وما صبرك إلا بالله} [127] أو هي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 محكمة، أو نزلت في كل مظلوم أن يقتص بقدر ظلامته. {وَاصْبِرْ} عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا به قتلى أُحد من المثلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 128 - {اتقوا} المحرمات، وأحسنوا بالفرائض والطاعات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 سورة الإسراء سورة بني إسرائيل مكية أو إلا ثمان آيات {وإن كادوا ليفتنونك} [73] {سلطانا نصيرا} [80] " ع ". بسم الله الرحمن الرحيم {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من ءاياتنا إنّه هو السميع البصير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 1 - {سبحان} تنزيه لله - تعالى - من السوء، أو براءة الله - تعالى - من السوء. وهو تعظيم لا يصلح لغير الله. أخذ من السبح في التعظيم وهو الجري فيه، وقيل هو هنا تعجيب أي اعجبوا للذي أسرى، لما كان مشاهدة العجب سبباً للتسبيح صار التسبيح تعجباً. ويطلق التسبيح على الصلاة. وعلى الاستثناء {لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ} [القلم: 28] ، وعلى النور " سبحات وجهه "، وعلى التنزيه، سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن التسبيح فقال: " إنزاه الله - تعالى - عن السوء ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 {بعبده} : محمد [صلى الله عليه وسلم] . والسرى: سير الليل. {الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الحرم كله، أو المسجد نفسه، سرت روحه وجسده فصلى في بيت المقدس بالأنبياء ثم عرج إلى السماء ثم رجع إلى المسجد الحرام فصلى به الصبح آخر ليلته، أو لم يدخل القدس ولم ينزل عن البراق حتى عرج به ثم عاد إلى مكة، أو أسرى بروحه دون جسده فكانت رؤيا من الله - تعالى - صادقة: {الأقصى} لبعده من المسجد الحرام. {بَارَكْنَا} بالثمار ومجرى الأنهار، أو بمن جُعل حوله من الأنبياء والصالحين {من آياتنا} عجائبنا، أومن رأيهم من الأنبياء حتى وصفهم واحداً واحداً {السَّمِيعُ} لتصديقهم بالإسراء وتكذيبهم {الْبَصِيرُ} بما فعل من الإسراء والمعراج. {وءاتينا موسى الكتاب وجعلناه هدىً لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلاً ذرّية من حملنا مع نوحٍ إنّه كان عبداً شكوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 2 - {وَكِيلاً} :، شريكاً، أو رباً يتوكلون عليه في أمورهم، أو كفيلاً بأمورهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3 - {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا} هم موسى وبنو إسرائيل: {شَكُوراً} نوح يحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 ربه على الطعام، أو لا يستجد ثوباً إلا حمد الله على لبسه. {وقضينا إلى بنى اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرّتين ولتعلنّ علوّا كبيراً فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأس شديدٍ فجاسوا خلال الدّيار وكان وعداً مفعولاً ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةٍ وليتبروا ما علوا تتبيراً عسى ربّكم أن يرحمكم وإن عدتّم عدنا وجعلنا جهنّم للكافرين حصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 4 - / {وَقَضَيْنَآ} أخبرنا {لَتُفْسِدُنَّ} بقتل الناس وأخذ أموالهم وتخريب ديارهم. {عُلُوّاً} : بالاستطالة والغلبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 5 - {بَعَثْنَا} خلينا بينكم وبينهم خذلاناً بظلمكم، أو أمرناهم بقتالكم {عِبَاداً} جالوت إلى أن قتله داود " ع " أو بختنصر، أو سنحاريب أوالعمالقة وكانوا كفاراً، أو قوم من أهل فارس يتحسسون أخبارهم. {فَجَاسُواْ} مشوا وترددوا بين الدور والمساكن " ع "، أو قتلوهم بين الدور والمساكن قال: (ومنا الذي لا قى بسيف محمد ... فجاس به الأعداء عرض العساكر) أو طلبوا، أو نزلوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 6 - {الْكَرَّةَ} : الظفر بهم بقتل جالوت، أو غزو ملك بابل فاستنقذوا ما بيده من الأسرى والأموال، أو أطلق لهم ملك بابل الأسرى والأموال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 {وَأَمْدَدْنَاكُم} جدد عليهم النعمة فبقوا بها مائة وعشرين سنة، وبعث فيهم أنبياء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 7 - {لأِنفُسِكُمْ} : ثواب إحسانكم {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} عاد العقاب عليكم، رغّب في الإحسان وحذر من الإساءة. {وعد الآخرة} : بعث عليهم بختنصر، أو انطيا خوس الرومي ملك نينوي {الْمَسْجِدَ} : بيت المقدس. يتبروا: يهلكوا ويدمروا، أو يهدموا ويخربوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 8 - {يَرْحَمَكُمْ} : مما حل بكم من النقمة {وَإِنْ عُدتُّمْ} إلى الفساد عدنا إلى الانتقام، فعادوا فبُعث عليهم المؤمنون يُذلونهم بالجزية والمحاربة إلى القيامة " ع " {حصيرا} فراشاً من الحصر المفترش أو حبسنا من الحصر، والملك حصير لاحتجابه. {إن هذا القرءان يهدى للتى هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذاباً أليما} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 9 - {لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ} شهادة التوحيد، أو أوامره ونواهيه. وأقوم: أصوب. {ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 11 - {وَيَدْعُ الإِنسَانُ} إذا ضجر وغضب على نفسه وولده بالهلاك، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 ولو أجيب كما يجاب في دعاء الخير لهلك، أو يطلب النفع عاجلاً بالضرر آجلاً. {عَجُولاً} بدعائه على نفسه وولده عند ضجره " ع "، أو أراد آدم نفخت الروح فيه فبلغت سرته فأراد أن ينهض عجلاً. {وجعلنا الّيل والنّهار ءايتين فمحونا ءاية الّيل وجعلنا ءاية النّهار مبصرةً لتبتغوا فضلاً ومن ربّكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شىءٍ فصّلناه تفصيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 12 - {فمحونا آية الليل} ظلمة الليل التي لا تبصر فيها المرئيات كما لا يبصر ما انمحى من الكتابة " ع "، أو اللطخة السوداء في القمر ليكون ضوءه أقل من ضوء الشمس ليتميز الليل من النهار. {آية النَّهَارِ مُبْصِرَةً} الشمس مضيئة للإبصار، أو أهله بصراء فيه. {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلاقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 13 - {طائره} : عمله من الخير والشر {فِى عُنُقِهِ} لأنه كالطوق أو حظه ونصيبه طار سهم فلان بكذا خرج نصيبه وسهمه منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 14 - {كِتَابَكَ} كتابه: طائره الذي في عنقه {حَسِيباً} شاهداً، أو حاكماً عليها بعملها من خير أو شر. ولقد أنصفك من جعلك حسبياً على نفسك بعملك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 15 - {وَلا تَزِرُ} : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، أو لا يجوز أن يعصي لمعصية غيره {مُعَذِّبِينَ} : في الدنيا والآخرة على شرائع الدين حتى نبعث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 رسولاً مبيناً، أو على شيء من المعاصي حتى نبعث رسولاً داعياً. {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 16 - {أَرَدْنَآ} صلة تقديره إذا أهلكنا، أو حكمنا لهلاك قرية. {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بالطاعة {فَفَسَقُواْ} بالمخالفة " ع " {أمرنا} جعلناهم أمراء مسلطين. / [98 / أ] {آمرنا} كثرّنا عددهم، أمر القوم كثروا وإذا كثروا احتاجوا إلى أمراء {مُتْرَفِيهَا} الجبارون، أو الرؤساء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 17 - {الْقُرُونِ} مدة القرن مائة وعشرون سنة، أو مائة سنة، أو أربعون سنة. {من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربّك محظوراً انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً لا تجعل مع الله إلهاً ءاخر فتقعد مذموماً مخذولاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 20 - {هَؤُلآءِ وَهَؤُلآءِ} نمد البَر والفاجر {مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ} في الدنيا {مَحْظُوراً} منقوصاً، أو ممنوعاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 23 - {وَقَضَى} أمر " ع " قال الضحاك: كانت في المصحف " ووصى " فألصق الكاتب الواو بالصاد فصارت وقضى قلت: هذا هوس {ولا تَقُل لَّهُمَآ افٍ} إذا رأيت بهما الأذى أو أمطت عنهما الخلاء فلا تضجر كما لم يضجرا في صغرك لما أماطاه عنك، أُفٍّ: كل ما غلظ وقبح من الكلام أو استقذار للنتن وتغير الرائحة، أو كلمة دالة على التبرم والضجر. ويقولون: أُف وتف فالأُف وسخ الأظفار والتف ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير. {كَرِيماً} ليناً، أو حسناً. نزلت والتي بعدها في سعد بن أبي وقاص " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 25 - {لِلأَوَّابِينَ} المسبحون " ع "، أو المطيعون، أو مصلو الضحى، أو المصلون بين المغرب والعشاء، أو التائبون من الذنوب، أو التائب مرة بعد أخرى كلما أذنب بادر التوبة. {وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً إنّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً وإما تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً إن ربّك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنّه كان بعباده خبيراً بصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 26 - {القربى} قرابة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أمر الولاة بدفع حصتهم من الفيء والغنيمة، أو قرابة المرء من قبل أبويه يدفع له نفقته الواجبة، أو الوصية لهم عند الوفاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 28 - {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ} عمن سألك من هؤلاء {ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ} طلباً لرزق الله {فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً} عِدْهم خيراً ورد عليهم جميلاً، أو إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 أعرضت حذراً أن ينفقوا ذلك في المعصية فمنعته {ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ} له {مَّيْسُوراً} ليناً سهلاً قاله ابن زيد. {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نحن نرزقهم وأيّاكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سبيلاً ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنّه كان منصوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 31 - {وَلا تَقْتُلُواْ} يريد وأد البنات خوف الفقر {خطا} : العدول عن الصواب تعمداً والخطأ: العدول عنه سهواً، أو الخطء: ما فيه إثم والخطأ: ما لا إثم فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 33 - {بِالْحَقِّ} بما يستحق به القتل. {سُلْطَاناً} بالقود، أو بالتخيير بين القود والدية والعفو {فَلا يُسْرِف} يقتل غير القاتل، أو يقتل الجماعة بالواحد {إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً} إن الولي، أو القتيل كان منصوراً بقتل قاتله. {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أحسن حتى يبلغ أشّده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 34 - {التي هِىَ أَحْسَنُ} التجارة بماله، أو حفظ أصله وتثمير فرعه {أَشُدَّهُ} ثمان عشرة سنة، أو الاحتلام والعقل والرشد. {بِالْعَهْدِ} العقود بين المتعاقدين، أو الوصية بمال اليتيم، أو كل ما أمر الله به ونهي عنه {مَسْئُولاً} عنه الذي عهد به، أو تُسأل العهد لما نقضت كما تسأل الموءودة بأي ذنب قتلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 35 - {بِالْقِسْطَاسِ} : القبان، أو الميزان صغيراً أو كبيراً وهو العدل بالرومية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولاً ولا تمش في الأرض مرحاً إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً كل ذلك كان سيئه عند ربّك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربّك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلهاً ءاخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 36 - {وَلا تَقْفُ} : لا تقل، أو لا ترم أحداً بما لا يعلم " ع "، أو من القيافة وهو اتباع الأثر كأنه يتبع قفا / المتقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 37 - {مَرَحاً} شدة الفرح، أو الخيلاء في المشي، أو التكبر فيه، أو البطر والأشر، أو تجاوز الإنسان قدره. {لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ} من تحت قدمك {وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ} بتطاولك، زجره عن التطاول الذي لا يدرك به غرضاَ، أو يريد كما أنك لا تخرق الأرض ولا تبلغ الجبال طولاً فلذلك لا تبلغ ما تريده، بكبرك وعجبك إياساً له من بلوغ إرادته. {أفأصفكم ربّكم بالبنين وأتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقولون قولاً عظيماً وقد صرفنا في هذا القرءان ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً قل لو كان معه ءالهه كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذى العرش سبيلاً سبحانه وتعالى عما يقولون علوّاً كبيراً تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليماً غفوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 44 - {وَإِن مِّن شَىْءٍ} حي إلا يسبح دون ما ليس بحي، أو كل شيء حي أو غيره حتى صرير الباب. أو تسبيحها ما ظهر فيها من آثار الصنعة وبديع القدرة فكل من رآه سبح وقدس. {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً وجعلنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقراً وإذا ذكرت ربّك في القرءان وحده ولو على أدبارهم نفوراً نحن أعلم بما يستمعون به إذا يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 45 - {حجاباً مَّسْتُوراً} شبههم في إعراضهم بمن بينهم وبينه حجاب، أو نزلت في قوم كانوا يؤذونه إذا قرأ ليلاً فحال الله - تعالى - بينهم وبين أذاه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 47 - {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} : كان جماعة من قريش منهم الوليد بن المغيرة يتناجون بما ينفر الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنجواهم قولهم: إنه ساحر أو مجنون أو يأتي بأساطير الأولين {مَّسْحُوراً} سُحر فاختلط عليه أمره، أو مخدوعاً، أو له سَحَرُ يعنون يأكل ويشرب فهو مثلكم وليس بملك. {وقالوا أءذا كنا عظاماً ورفاتاً أءنّا لمبعوثون خلقاً جديداً قل كونوا حجارةً أو حديداً أو خلقاً ممّا يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أوّل مرةٍ فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلا قليلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 49 - {رفاتا} تراباً، أو ما أرفت من العظام مثل الفتات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 50 - {حِجَارَةً} إن عجبتم من إنشائكم لحماً ودماً فكونوا حجارة أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 حديداً إن قدرتم، أو لو كنتم حجارة أو حديداً لم تفوتوا الله - تعالى - إذا أرادكم إلا أنه أخرجه مخرج الأمر لأنه أبلغ إلزاماً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 51 - {مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ} السماوات والأرض والجبال، أو الموت " ع "، أو البعث لأنه أكبر شيء عندهم، أو جميع ما تستعظمونه من خلق الله - تعالى - فإن الله يميتكم ثم يحييكم {فيسنغضون} يحركون رؤوسهم استهزاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 52 - {يَدْعُوكُمْ} الله للخروج إلى أرض المحشر بكلام تسمعه جميع العباد، أو يسمعون الصيحة فتكون داعية إلى اجتماعهم في أرض القيامة. {بِحَمْدِهِ} فتستجيبون حامدين بألسنتكم، أو على ما يقتضي حمده من أفعالكم. {لَّبِثْتُمْ} : في الدنيا لطول لبث الآخرة، أو احتقروا أمر الدنيا لما عاينوا القيامة، أو لما يرون من سرعة الرجوع يظنون قلة لبثهم في القبور، أو عبّر بذلك عن تقريب الوقت لقول الحسن - رضي الله تعالى عنه - كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. {وقل لّعبادى يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبيناً 53} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 53 - {التي هي أحسن} : تصديق الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأن الشيطان ينزغ في تكذيبه، أو امتثال الأوامر والنواهي " ح " أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أن يرد خيراً على من شتمه، قيل نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - شتمه بعض كفار قريش فهم به. {ربّكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلاً وربّك أعلم بمن في السموات والأرض ولقد فضّلنا بعض النبّين على بعضٍ وءاتينا داود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 زبوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 54 - {يَرْحَمْكُمْ) {بالهدى و} (يُعَذِّبْكُمْ} بالضلال، أو بالتوبة ويعذبكم بالإصرار، أو بإنجائكم من عدوكم ويعذبكم بتسليطهم عليهم. {وَكِيلاً} يمنعهم من الكفر، أو كفيلاً لهم يؤخذ بهم. {قل أدعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلاً أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذوراً وإن مّن قريةٍ إلا نحن مهلكوها قبل يومٍ القيامة أو معذّبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً وما منعنا أن نرسل بالايات إلا أن كذب بها الأولون وءاتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 57 - {أُوْلئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} نزلت فيمن عبد الجن - فأسلم الجن - ابتغاء / [99 / أ] الوسيلة وبقي الإنس على كفرهم، أو الملائكة عبدها قبائل من العرب، أو عُزير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 وعيسى وأمه " ع "، وهم المعنيون بقوله: {ادعوا الذين زعمتم} [56] . {وإذ قلنا لك إنّ ربّك أحاط بالنّاس وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنةً للنّاس والشجرة الملعونة في القرءان ونخوّفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 60 - {أَحَاطَ} علم، أو عصمك منهم أن يقتلوك حتى تبلغ الرسالة أو أحاطت بهم قدرته فهم في قبضته. {فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} لما أخبرهم أنه أُسري به إلى بيت المقدس رؤيا عين ارتد جماعة من المسلمين افتتاناً بذلك، أو رأى في النوم أنه يدخل مكة فلما رجع عام الحديبية افتُتن قوم برجوعه، أو رأى قوماً ينزون على منابره نزوان القردة فساءه ذلك قاله سهل بن سعد {الشجرة الْمَلْعُونَةَ} شجرة الزقوم طعام الأثيم. افتتنوا بها فقال أبو جهل وشيعته: النار تأكل الشجر فكيف تنبته، أو هي الكشوث الذي يلتوي على الشجر " ع ". {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال ءأسجد لمن خلقت طيناً قال أرءيتك هذا الذي كرّمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذريّته إلا قليلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 62 - {لأَحْتَنِكَنَّ} لأستولين عليهم، أو لأضلنهم، أو لأستأصلنهم بالإغواء، أو لأستميلنهم، أو لأقودنهم إلى العصيان كما تُقاد الدابة بحنكها إذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 شد فيه حبل يجذبها، أو لأقتطعنهم إلى المعاصي. {قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً 2 واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربّك وكيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 64 - {وَاسْتَفْزِزْ} استخف واستنزل {بِصَوْتِكَ} الغناء واللهو، أو بدعائك إلى المعصية " ع "، {وَأَجْلِبْ} الجلب السوق بجلبة من السائق {بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} : كل راكب وماشي في المعصية {وَشَارِكْهُمْ} في الأموال التي أخذوها بغير حلها، أو أنفقوها في المعاصي، أو ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي " ع "، أو ما ذبحوه لآلهتهم. {الأولاد} يريد أولاد الزنا، أو قتل المؤءودة " ع "، أو صبغة أولادهم في الكفر حتى هودوهم ونصروهم أو تسميتهم بعبيد الآلهة كعبد الحارث وعبد شمس وعبد العزى وعبد اللات. {ربّكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنّه كان بكم رحيماً وإذا مسكم الضر في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ثمّ لا تجدوا لكم وكيلاً أم آمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لاتجدوا لكم علينا به تبيعاً} 66 - {يُزْجِى} يسوق ويسير. 67 - {حَاصِباً} حجارة من السماء، أو الحاصب الريح لرميها بالحصباء والقاصف الريح التي تقصف الشجر. {ولقد كرّمنا بني ءادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} 70 - {كرمنا بني آدم} : بالإنعام عليهم، أو بأن جعلنا منهم خير أمة أُخرجت للناس، أو بأكلهم الطعام بأيديهم وغيرهم يتناوله بفمه. {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فهن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً 71 ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 71 - {بِإِمَامِهِمْ} : نبيهم، أو كتابهم المنزل عليهم، أو بكتب أعمالهم من خير أو شر " ع "، أو بمن اقتدوا به في الدنيا. {وَإِن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذاً لا تخذوك خليلاً ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً 74 إذاً لأدقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً سنة من قد أرسلنا قبلك من رّسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً 11} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 73 - {وإن كادوا} كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يطوف فمنعوه أن يستلم الحجر حتى يُلم بآلهتهم فحدث نفسه فقال: ما عليَّ إذ ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني كاره، فأبى الله ذلك فنزلت، أو قالت ثقيف: أجلنا سنة حتى نأخذ ما يُهدى لآلهتنا فاذا أخذناه كسرنا الآلهة وأسلمنا فهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] فإجابتهم فنزلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 75 - {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} ضعف عذاب الحياة {وَضِعْفَ} عذاب الممات أو ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة. فلما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " اللهم لا تكلني إلى / [99 / أ] نفسي طرفة عين ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 76 - {يستفزونك} يقتلونك، أو يزعجونك باستخفاف، أراد اليهود إخراجه من المدينة فقالوا: أرض الأنبياء الشام وليست هذه أرض الأنبياء، أو أرادت قريش إخراجه من مكة قبل هجرته، أو أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة {خلفك} {وخلافك} بعدك {إِلآَّ قَلِيلاً} ما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 بين إخراجهم له إلى أن قتلوا ببدر إن جعلناهم قريشاً، أو ما بين ذلك وقتل بني قريظة وإجلاء بين النضير إن جعلناهم اليهود. {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الّيل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهوداً ومن الّيل فتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً وقل ربّ أدخلني مدخل صدقٍِ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لّدنك سلطاناً نصيراً وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً وننزل من القرءان ما هو شفاءٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 78 - {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} غروبها يريد صلاة المغرب " ع "، أو زوالها يريد صلاة الظهر " ع " والعين تُدلك بالراحة عند الغروب لترى الشمس وعند الزوال لشدة شعاعها. {غسق الليل} ظهور ظلامه، أودنوه وإقباله " ع " يريد المغرب " ع "، أو العصر. {وقرآن الْفَجْرِ} سمى الصلاة قرآناً لتأكد القراءة في الصلاة. أو أقم القراءة في صلاة الفجر {مَشْهُوداً} تشهده ملائكة الليل والنهار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 79 - {فَتَهَجَّدْ} الهجود النوم، والتهجد السهر بعد النوم، {نَافِلَةً لَكَ} فضيلة لك ولغيرك كفارة، أو مكتوبة عليك مستحبة لغيرك " ع " أو حضضه بالترغيب فيها لحيازة فضلها لكرامته عليه {مَّحْمُوداً} الشفاعة للناس في القيامة، أو إجلاسه على العرش يوم القيامة، أو إعطاؤه لواء الحمد يومئذ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 80 - {مُدْخَلَ صِدْقٍ} دخول المدينة لما هاجر و {مُخْرَجَ صِدْقٍ} من مكة للهجرة، أو أدخلني الجنة وأخرجني من مكة إلى المدينة، أو مدخل فيما أرسلتني به من النبوة وأخرجني منه بتبليغ الرسالة مخرج صدق، أو أدخلني مكة وأخرجني منها آمناً، أو أدخلني في قبري وأخرجني منه " ع " أو أدخلني في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 طاعتك وأخرجني من معصيتك، أو أدخلني في الإسلام وأخرجني من الدنيا. {سُلْطَاناً} ملكاً عزيزاً أقهر به العصاة، أو حجة بينه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 81 - {الحق} القرآن {والباطل} الشيطان، أو الحق: الجهاد والباطل: الشرك {زَهُوقاً} ذاهباً، ولما دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم] الكعبة أمر بثوب فَبُل بالماء وجعل يضرب به تلك التصاوير ويمحوها ويقول {جَآءَ الْحَقُّ وزهق الباطل} الآية. {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤساً قل كل يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 83 - {الشَّرُّ} الفقر، أو السقم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 84 - {شَاكِلَتِهِ} حِدَتِه، أو طبيعته " ع "، أو نيته، أو دينه، أو أخلاقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 {ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيراً قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ولقد صرفنا للناس في هذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 85 - {الرُّوحِ} جبريل عليه السلام " ع "، أو ملك له سبعون ألف وجه بكل وجه سبعون ألف لسان، يسبح الله - تعالى - بجميع ذلك قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو القرآن " ح " {رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] ، أو روح الحيوان، سأله عنها قوم من اليهود إذ كان في كتابهم أنه إن أجاب عن الروح فليس بنبي {قَلِيلاً} في معلومات الله، أو قليلاً بحسب ما تدعو إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 الحاجة حالاً فحالاً. {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنةٌ من نخيل وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتى بالله والملائكة قبيلاً 3 أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 90 - {تَفْجُر} تشقق، الفجر لانشقاقه عن عمود الصبح، والفجور شق الحق بالخروج إلى الفساد. {يَنبُوعاً} عينا ينبع منها / [100 / أ] الماء طلبوا الجنان والعيون ببلدهم إذ لم يكن ذلك ببلدهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 92 - {كِسَفاً} قِطعاً " ع "، كسفة الثوب قطعته، والكسوف لانقطاع النور منه. {قَبِيلاً} كل قبيلة على حدتها، أو مقابلة نعاينهم ونراهم، أو كفيلاً، القبيل: الكفيل تقبلت بكذا تكفلته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 93 - {زُخْرُفٍ} الزخرف النقوش، أو الذهب " ع "، من الزخرفة وهي تحسين الصورة. سأله ذلك عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان والأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأبو جهل وعبد الله بن [أبي] أمية والعاص بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 وائل وأمية بن خلف ونبيه ومُنبه ابنا الحجاج. {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رّسولا قل لّو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزّلنا عليهم مّن السّماء ملكاً رّسولا قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيراً ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مّأواهم جهنم كلّما خبت زدناهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 سعيراً ذلك جزآؤهم بأنّهم كفروا باياتنا وقالوا أءذا كنّا عظاماً ورفاتاً أءنّا لمبعوثون خلقاً جديداً أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلاً لاّ ريب فيه فأبى الظّالمون إلا كفوراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 97 - {من يهدي الله} يحكم بهدايته {فهو المهتدي} ، بإخلاصه وطاعته. {ومن يضلل} بحكم بضلاله فلا ولي له يهديه، أو يقضي بعقوبته فلا ناصر يمنعه من عقابه {عُمْياً وبكماً وصمّتا} حقيقة زيادة في عقابهم ثم أبصروا لقوله: {ورأى المجرمون النار} [الكهف: 53] وتكلموا فدعوا هنالك بالثبور، و {سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} [الفرقان: 12] ، أو لا يزول حواسهم فهم عمي عما يسرهم، بكم عما ينفعهم، صم عما يمتعهم. " عح " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 {خَبَتْ} سكن لهبها {زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} التهاباً ولا يخف عذابهم إذا خبت. {قل لّو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربى إذا لأمستكم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 100 - {لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ} عام عند الجمهور، أو خاص بالمشركين {لأَمْسَكْتُمْ} خوف الفقر {قَتُوراً} مقتراً، أو بخيلاً " ع ". {ولقد ءايتنا موسى تسع ءايات بينات فسئل بنى إسرآئيل إذ جآءهم فقال له فرعون إنى لأظنّك يا موسى مسحوراً قال لقد علمت مآ أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصآئر وإنى لأظنك يا فرعون مثبوراً فأراد أن يستفزّهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً وقلنا من بعده لبنى إسرئيل اسكنوا الأرض فإذا جآء وعد الأخرة جئنا بكم لفيفاً 104} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 101 - {تسع آيات} يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم " ع "، أو نحو من ذلك إلا آيتين [بدل] منها الطمسة والحجر، أو نحو من ذلك وزيادة السنين [ونقص من] الثمرات أو سأل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنها قوم من اليهود فقال: لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف، وأنتم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 يا يهود عليكم خاصة لا تعدوا في السبت فقبلوا يده ورجله {مَسْحُوراً} سحرت لما تحمل عليه نفسك من هذا القول والفعل المتسعظمين، أو ساحراً لغرائب أفعالك، أو مخدوعاً، أو مغلوباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 102 - {مَثْبُوراً} هالكاً، أو مغلوباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 103 - {يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ} يزعجهم بالنفي منها، أو يهلكهم فيها بالقتل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 104 - {وَعْدُ الأَخِرَةِ} القيامة وهي الكرة الآخرة، أو تحويلهم إلى الشام، أو نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - {لفيفا} مختلطين لا يتعارضون، أو جميعاً " ع "، {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً وقرءاناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً قل ءامنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 عليهم يخرّون للأذقان سجّداً ويقولون سبحان ربنّا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 106 - {فَرَقْنَاهُ} فرقنا فيه بين الحق والباطل و {فرَّقناه} أنزلناه مفرقاً آية آية {مُكْثٍ} تثبت وترتيل، أو كان ينزل منه شيء ثم يمكثون بعده ما شاء الله ثم ينزل شيء أخر، أو أن يمكث في قراءته عليهم مفرقاً شيئاً بعد شيء. 107 {الَّذِينَ أُوتُواْ العلم} أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] أو قوم من اليهود، والمتلو عليهم كتابهم إيماناً بما فيه من تصديق / [100 / ب] محمد [صلى الله عليه وسلم] [أو] القرآن، كان ناس من أهل الكتاب قالوا: {سبحان ربنا} الآية [108] {لِلأَذْقَانِ} الذقن مجتمع اللحيين، أو الوجوه ها هنا، أو اللحى " ح ". {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولىّ من الذل وكبره تكبيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 110 - {أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ} كان ذكر الرحمن قليلاً في القرآن كثيراً في التوراة فلما أسلم ابن سلام وأصحابه آثروا أن يكون ذكر الرحمن كثيراً في القرآن فنزلت، أو دعا الرسول [صلى الله عليه وسلم] في سجوده فقال: يا رحمن يا رحيم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 فقالوا: هذا يزعم أن له إلهاً واحداً وهو يدعو مثنى مثنى فنزلت " ع " {بِصَلاتِكَ} بدعائك أو بالصلاة المشروعة، كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يجهر في القراءة فيها بمكة فإذا سمعوه سبّوه فَنُهي عن شدة الجهر وعن المخافتة لئلا يسمع أصحابه ويبتغي بينهما سبيلاً " ع "، أو نُهي أن يجهر في الجميع ويسر في الجميع وأمر بالجهر في صلاة الليل والإسرار في صلاة النهار، أو عن الجهر يتشهد الصلاة، أو عن الجهر بفعل الصلاة، لأنه كان يجهر بها فتؤذيه قريش فخافت بها فأمر أن لايجهر بها كما كان وأن لا يخافت بها كما صارت ويتخذ بينهما سبيلاً، أو الجهر بها تحسينها رياء والمخافتة إساءتها في الخلوة، أولا يصليها رياء ولا يتركها حياء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 111 - {لم يَكُن لُّهُ وَلِىٌّ} لم يحالف أحداً، أو لا يطلب نصر أحد، أو لا ولي له من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس {وَكَبِّرْهُ} عن كل ما لا يجوز عليه، أو صفه بأنه أكبر من كل شيء، أو عظمه تعظيماً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 سورة الكهف مكية أو إلا آية {واصبر نفسك} [28] . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيماً لينذر بأساً شديداً من لّدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً وينذر الذين قالوا أتّخذ الله ولداً ما لهم به من علمٍ ولا لأبائهم كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 1 - {عبده} محمد [صلى الله عليه وسلم] ، والكتاب: القرآن تمدح بإنزاله عليه خصوصاً وعلى الخلق عموماً. {عِوَجَا} ملتبساً، أو مختلفاً، أو عادلاً عن الحق والاستقامة والبلاغة إلى الباطل والفساد والعي، والعِوَج بكسر العين في الدين والطريق وما ليس بقائم منتصب، وبفتحها في القناة والخشبة وما كان قائماً منصباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 2 - {قَيِّماً} مستقيماً معتدلاً، أو قيّم على كتب الله يصدقها وينفي الباطل عنها، أو يعتمد عليه ويرجع إليه كقيّم الدار، وفيه تقديم تقديره " أنزل الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجاً " قاله الجمهور، أو التقدير لم يجعل له عوجاً لكن جعله قيّماً {بَأْساً} يحتمل الاستئصال بعذاب الدنيا، أو جهنم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 {فلعلك باخعٌ نفسك علىءاثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 6 - {بَاخِعٌ} قاتل، أو متحسر أسف على آثار قريش {إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ} بالقرآن {أَسَفاً} غضباً، أو جزعاً، أو ندماً، أو حزناً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 7 - {مَا عَلَى الأَرْضِ} أشجارها وأنهارها، أو الأنبياء والعلماء، أو الرجال، أو كل ما عليها، أو زينة لها: شهوات لهم زينت في أعينهم وأنفسهم {أَحْسَنُ عَمَلاً} تركاً لها وإعراضاً عنها، أو أصفى قلباً وأهدى سمتاً، أو توكلاً علينا فيها، ويحتمل / اعتباراً بها وتركاً لحرامها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 8 - {صَعِيداً} أرضاً مستوية، أو وجه الأرض لصعوده، أو التراب {جُرُزاً} بلقعاً أو ملساً، أو محصورة، أو يابسة لا نبات بها ولا زرع. قد جرفتهن السنون الأجرار. {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجباً إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا ءاتنا من لدنك رحمةً وهيئ لنا من أمرنا رشداً فضربنا علىءاذانهم في الكهف سنين عدداً ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 9 - {الْكَهْفِ} غار في الجبل الذي أووا إليه، {وَالرَّقِيمِ} اسم ذلك الجبل، أو اسم قريتهم، أو كلبهم، أو لكل كلب، أو الوادي، وقيل هو وادٍ بالشام نحو أيلة، أو الكتاب الذي فيه شأنهم من رقم الثوب، وكان لوحاً من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 رصاص على باب الكهف، أو في خزائن الملوك لعجيب أمرهم، أو الدواة بالرومية، أو قوم من أهل السراة كانت حالهم كحال أصحاب الكهف، قاله سعيد {عَجَباً} ما حسبت أنهم كانوا عجباً لولا أخبرناك وأوحينا إليك، أو أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 10 - {أَوَى الْفِتْيَةُ} قوم فروا بدينهم إلى الكهف، أو أبناء أشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد فقال: أسنهم أجد في نفسي شيئاً ما أظن أحداً يجده " إن ربي رب السماوات والأرض " فقالوا جميعا: {رَبُّنَا رب السماوات والأرض} الآية [14] ثم دخلوا اكاهف فلبثوا فيه ثلاثمائة وتسعاً، أو من أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى - عليه الصلاة والسلام - وضرب على آذانهم فلما بعث عيسى - عليه الصلاة والسلام - أُخبر بخبرهم ثم بُعثوا بعده في الفترة التي بينه وبين محمد [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 14 - {شَطَطاً} كذباُ، أو غلواً، أو جوراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 11 - {فَضَرَبْنَا} الضرب على الآذان منعها من السماع، يدل على أنهم كانوا نياماً وضرب على آذانهم لئلا يسمعوا من يوقظهم {عَدَداً} محصية، أو كاملة ليس فيها شهور ولا أيام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 12 - {بَعَثنَاهُمْ} أيقظناهم {أَمَداً} عدداً، أو أجلاً، أو غاية {الْحِزْبَيْنِ} من قوم الفتية، أو أحدهما الفتية والآخر من حضرهم من أهل زمانهم، أو أحدهما مؤمنون والآخر كفار، أو أحدهما الله والآخر الخلق تقديره أأنتم أعلم أم الله. أ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربّهم وزدناهم هدىً وربطنا على قلوبهم إذ قاموا ربّنا ربّ السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شططاً هؤلاء قومنا أتخذوا من دونه ءالهةً لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأوءا إلى الكهف ينشر لكم ربّكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 14 - {وَرَبَطْنَا} ثبتنا، أو ألهمناها صبراً {شَطَطاً} غلواً، أو تباعداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 15 - {بِسُلْطَانِ} حجة، أو عذر، أو كتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 16 - {مِّرْفَقاً} سعة، أو معاشاً، بكسر الميم إذا وصل إليك من غيرك، وبفتحها، إذا وصلته إلى غيرك. {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوةٍ منه ذلك من ءايات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 17 - {تزاور} تعرض عنه فلا تصيبه، أوتميل عنه ذات اليمين {تَّقْرِضُهُمْ} تحاذيهم، القرض: المحاذاة، أو تجوزهم منحرفة وتقطعهم قرضته بالمقراض قطعته، أو تعظيهم القليل من شعاعها ثم تأخذه بانصرافها، من قرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 الدراهم التي ترد، لأنهم كانوا في مكان موحش، أو لم يكن عليهم سقف فلو أطلعت عليهم لأحرقتهم، كان كهفهم بإزاء بنات نعش فلم تصبهم عند شروقها وغروبها، أو صرفها الله - تعالى - عنهم لتبقى أجسادهم عبرة لمن شاهدهم. {فَجْوَةٍ} فضاء، أو داخل منه، أو مكان موحش، أو مكان متسع. {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وهم رقودٌ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لو ليت منهم فرارً ولملئت منهم رعباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 18 - {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً} ، لأن أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون، أو لأنهم يقلبون يميناً وشمالاً. {وَنُقَلِّبُهُمْ} تقليب النيام لئلا تأكلهم الأرض، أو كل ستة أشهر على جنب " ع "، أو لم يقلبوا إلا في التسع بعد الثلاثمائة {وَكَلْبُهُم} من جملة الكلاب اسمه " حمران " أو " قطمير " أو هو إنسان طباخ لهم، أو راعي {بِالْوَصِيدِ} لعله العتبة، أو الفناء " ع "، أو الصعيد والتراب، أو الباب أوالحظيرة. {رُعْباً} فزعاً لطول أظفارهم وأشعارهم ولما ألبسوا من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، ولما غزا ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - مع معاوية بحرالروم فانتهوا إلى الكهف عزم معاوية أن يدخل عليهم فينظر إليهم، فقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: ليس هذا لك فقد منعه الله - تعالى - من هو خير منك، فقال: {لَوِ أطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ} الآية فأرسل إليهم جماعة فلما دخلوا الكهف أرسل الله - تعالى - ريحاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 فأخرجتهم قيل كان رئيسهم نبياً اتبعوه وآمنوا به فكان ذلك معجزة له. {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 19 - {بَعَثْنَاهُمْ} أيقظناهم، وكان الكلب قد نام معهم {لَبِثْنَا يَوْماً} لما أُنيموا أول النهار وبُعثوا آخر نهار أخر قالوا لبثنا يوماً لأنه أطول مدة النوم المعتاد فلما رأوا الشمس لم تغرب قالوا: أو بعض يوم {قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ} لما رأى كبيرهم اختلافهم قال: ذلك، أو هو حكاية عن الله - تعالى - أنه أعلم بمدة لبثهم. {بِوَرِقِكُمْ} بكسر الراء وسكونها الدراهم، وبفتحها الإبل والغنم {أزْكَى} أكثر، أو أحل أو خير، أو أطيب، أو أرخص. {بِرِزْقٍ} يحتمل بما ترزقون أكله، أو بما يحل أكله {وَلْيَتَلَطَّفْ} في إخفاء أمركم، أو ليسترخص فيه دليل على جواز المناهدة وكان الجاهلية يستقبحونها فأباحها الشرع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 20 - {يَرْجُمُوكُمْ} بأيديهم استنكاراً لكم، أو بألسنتهم غيبة وشتماً أو يقتلوكم لأن الرجم من أسباب القتل. {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 21 - {أَعْثَرْنَا} أظهرنا أهل بلدهم عليهم، أو اطَّلعنا برحمتنا إليهم {لِيَعْلَمُواْ} يحتمل ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله بالبعث حق لأنه لما خرق العادة في إنامتهم كان قادراً على إحياء الموتى، أو ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق {إِذْ يَتَنَازَعُونَ} لما دخل أحدهم المدينة لشراء الطعام استنكر أهل المدينة شخصه وورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحاً مؤمناً لما نظر إليه قال: لعله من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك، وقد كنت أدعوا الله أن يرينيهم، وسأل الفتى فأخبره، فانطلق والناس معه إليهم فلما دنا من الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوا وأوصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم ماتوا ميتة الحق، فتنازعوا هل هم أحياء، أو موتى؟ ، أو علموا موتهم وتنازعوا في هل يبنون عليهم بناء يعرفون به، أو يتخذون عليهم مسجداً. {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 22 - {وَثَامِنُهُمْ} أدخل الواو على انقطاع القصة وأن الخبر / قد تم، والذين اختلفوا في عددهم أهل بلدهم قبل الظهور عليهم، أو أهل الكتاب بعد طول العهد بهم {رَجْماً بِالْغَيْبِ} قذفاً بالظن {قَلِيلٌ} ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " أنا من القليل الذي استثنى الله - تعالى - كانوا سبعة وثامنهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 كلبهم "، ابن جريح: " كانوا ثمانية " وقوله: ثامنهم كلبهم أي صاحب كلبهم ولما غابوا عن قومهم كتبوا أسماءهم، فلما بان أمرهم كُتبت أسماؤهم على باب الكهف. {مِرَآءً ظَاهِراً} ما أظهرنا لك من أمرهم، أو حسبك ما قصصناه عليك فلا تسأل عن إظهار غيره، أو بحجة واضحة وخبر صادق، أو لا تجادل أحداً إلا أن تحدثهم به حديثاً " ع "، أو هو أن تشهد الناس عليه {وَلا تَسْتَفْتِ} يا محمد فيهم أحداً من أهل الكتاب، أو هو خطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ونهي لأمته. {ولا تقولنّ لشاىءٍ إنى فاعلٌ ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 24 - {إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} فيه إضمار إلا أن تقول: لأنه إذا علق بالمشيئة لم يكن كاذباً بأخلافه، ولا كفارة عليه إن كان يمين مع ما فيه من الإذعان لقدرة الله - تعالى - {إِذَا نَسِيتَ} الشيء فاذكر الله - تعالى - ليذكرك إياه فإن فعل برئت ذمتك وإلا فسيدلك على أرشد منا نسيته، أو اذكره إذا غضبت ليزول غضبك، أو إذا نسيت الاستثناء فاذكر ربك بقولك {عسى أن يهديني رَبِّى} الآية، أو اذكره بالاستثناء، ويصح الاستثناء إلى سنة فتسقط الكفارة ولا يصح بعدها " ع "، أو في مجلس اليمين ولا يصح بعد فراقه، أو يصح ما لم يأخذ في كلام غير اليمين، أو مع قرب الزمان دون بعده، أو مع الاتصال باليمين دون الانفصال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين وازدادوا تسعاً قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 25 - {وَلَبِثُواْ} من قول نصارى نجران، أو اليهود فرده الله - تعالى - بقوله: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} ، أو أخبر الله - تعالى - بذلك عن مدة لبثهم فيه من حين دخلوه إلى أن ماتوا فيه {تِسْعاً} هو ما بين السنين الشمسية " والقمرية ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 26 - {أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم، أو بالمدة التي ذكرها عن اليهود {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} الله أبصر بما قال وأسمع لما قالوا، أو أبصرهم وأسمعهم ما قال الله - تعالى - فيهم {وَلِىٍّ} ناصر، أو مانع {حكمه} علم الغيب، أو الحكم. {واتل ما أوحى إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحداً واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 27 - {مُلْتَحَداً} ملجأ، أو مهرباً أو معدلاً، أو ولياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 28 - {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} تعظيمه، أو طاعته نزلت على الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم {يَدْعُونَ} رغبة ورهبة، أو يحافظون على صلاة الجماعة، أو الصلوات المكتوبة " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 وخص عمل النهار، لأن عمل النهار إذا كان لله - تعالى - فعمل الليل أولى، {وَلا تَعْدُ} لا تتجاوزهم بالنظر إلى أهل الدنيا طلباً لزينتها {وَلا تُطِعْ} قال عيينة بن حصن للرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن يسلم لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه ولهم مجلساً لا نجامعهم فيه فنزلت {أغفلنا} جعلناه غافلاً، أو وجدناه غافلاً {وابتع هواه} في طلبه التمييز على [102 / ب] غيره، أو في / شهواته وأفعاله {فُرُطاً} ضياعاً أو متروكاً، أو ندماً، أو سرفاً وإفراطاً، أو سريعاً، أفرط أسرف وفرط قصّر. {وقل الحق من رّبّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا بماءٍ كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 29 - {فَمَن شَآءَ} الله فليؤمن {وَمَن شَآءَ} الله فليكفر، أوتهديد ووعيد أو المعنى لا تنفعون الله بإيمانكم ولا تضرونه بكفركم، أومن شاء أن يعرض نفسه للجنة بالإيمان ومن شاء أن يعرضها للنار بالكفر {سُرَادِقُهَا} حائطها الذي يحيط بها، أو دخانها ولهبها قبل وصولهم إليها {ظِلٍّ ذِى ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30] أو البحر المحيط بالدينا مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] سرادق: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 فارسي معرب أصله سرادر {بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ} القيح والدم، أو كدردي الزيت، أو كل شيء أذيب حتى انماع، أو الذي انتهى حره وسماه إغاثة لاقترانه بالاستغاثة {مُرْتَفَقاً} مجتمعاً من المرافقة، أو منزلاً من الارتفاق أو المتكأ مضاف إلى المرفق، أو من الرفق. {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً أولئك لهم جنات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندسٍ وإستبرقٍ متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 30 - {إن الذين آمنوا} قال أعرابي للرسول [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع: أخبرني عن هذه الآية {إن الذين آمنوا} ، فقال: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 31 - {سُندُسٍ} ما لطف من الديباج، أو رق منه واحده سندسة، {وَإِسْتَبْرَقٍ} الديباج المنسوج بالذهب، أو ما غلظ منه، فارسي معرب أصله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 استبرة وهو الشديد {الأَرَآئِكِ} الحجال، أو الفرش في الحجال، أو السرير في الحجال. {واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخلٍ وجعلنا بينهما زرعاً كلتا الجنتين ءاتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً وفجرنا خلالهما نهراً وكان له ثمرٌ فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالمٌ لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 33 - {أُكُلَهَا} ثمرها وزرعها {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} فجره بينهما ليكون أقل مؤنة من سوقه إليهما وأكثر ريعاً، وهما رجلان ورثا عن أبيهما ثمانية آلاف دينار فأخذ المؤمن حقه منها فتقرب به إلى الله - تعالى - بشيء منها فأفضى أمره إلى ما ذكره الله - تعالى - أو هو مثل ضُرب لهذه الأمة ليزهدوا في الدنيا ويرغبوا في الآخرة وليس خبر عن حال تقدمت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 34 - {ثَمَرٌ} بالفتح والضم واحد هو الذهب والفضة لإثمارهما، أو المال الكثير من صنوف الأموال " ع "، لأن تثميره أكثر، أو الأصل الذي له نماء، لأن النماء تثمير، أو بالفتح جمع ثمرة وبالضم جمع ثمار، أو بالفتح ما كان نماؤه من أصله وبالضم ما كان نماؤه من غيره، أو بالفتح ثمار النخل خاصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وبالضم جميع الأموال، أو بالضم الأصل وبالفتح الفرع، وهذا ثمر الجنتين المذكورتين عند الجمهور، أو ثمر تملكه من غيره دون أصوله " ع ". {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم سواك رجلاً 37 لكنّا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 37 - {يُحَاوِرُهُ} يناظره في الإيمان والكفر، أو في طلب الدنيا وطلب الآخرة. 40 - {يؤتيني} في الدنيا خيراً من جنتك، أو في الآخرة {حُسْبَاناً} عذاباً، أو ناراً، أو برداًَ، أو عذاب حساب لأنه جزاء كفره وجزاء الله بحساب، أو مرامي كثيرة من الحسبان وهي السهام التي ترمى بمجرى في طلق واحد فكان من رمي الأكاسرة {زَلَقاً} أرضاً بيضاء لا تنبت ولا يثبت عليها قدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 41 - {غَوْراً} ذا غور و " أو " بمعنى الواو. {وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 42 - / {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أحيط بهلاكه {خَاوِيَةٌ} متقلبة على أعاليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 43 - {فِئَةٌ} جند، أو عشيرة {مُنتَصِراً} ممتنعاً، أو مسترداً ما ذهب منه. وهذان مذكوران في الصافات {إني كان لي قرين} [51] وضُربا مثلاً لسلمان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 وخباب وصهيب مع أشراف مشركي قريش. 44 - {هُنَالِكَ} في القيامة {الْوَلايَةُ} لا يبقى مؤمن ولا كافر إلا يتولون الله - تعالى - أو الله جزاءهم، أو يعترفون بأن الله - تعالى - هو الولي فالولاية مصدر الولي، أو النصير. والولاية بالفتح للخالق وبالكسر للمخلوقين، أو بالفتح في الدين وبالكسر في السلطان. {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيءٍ مقتدراً المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربّك ثواباً وخير أملاً} \ 45 - {هشيما} ما تفتت بعد اليبس من أوراق الشجر والزرع مثل لزوال الدنيا بعد بهجتها، أو لأحوال أهلها في أن مع كل فرحة ترحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 46 - {الْمَالُ} بجماله ونفعه {وَالْبَنُونَ} بقوتهم ودفعهم زينة الحياة {والباقيات} الصلوات الخمس، أو الأعمال الصالحة، أوالكلام الطيب، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وزاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. {الصالحات} المصلحات، أوالنافعات عبّر عن المنفعة بالصلاح. {عِندَ رَبِّكَ} في الآخرة {وَخَيْرٌ أَمَلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 عند نفسك، لأن وعد الله - تعالى - واقع لا محالة فلا تكذب أملك فيه. {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزةً وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً وعرضوا على ربّك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعداً ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 47 - {نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} بنقلها عن أماكنها، أو بتقليلها حتى لا يبقى منها إلا اليسير، أو بجعلها هباء منثوراً {بَارِزَةً} برز ما فيها من الموتى، أو صارت فضاء لا يسترها جبل ولا نبات {نُغَادِرْ} نترك، أو نخلف، الغدير: ماتخلفه السيول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 48 - {صَفّاً} بعد صف كصفوف الصلاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 49 - {الكتاب} كتاب أعمالهم يوضع في أيديهم، أوعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على ما كُتب {صَغِيرَةً} الضحك " ع "، أو الصغائر التي تغفر باجتناب الكبائر {كَبِيرَةً} المنصوص تحريمه، أو ما قرنه الوعيد، أو الحد {وَلا يَظْلِمُ ربك} بنقصان ثواب ولا زيادة عقاب. {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربّه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداًَ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 50 - {مِنَ الْجِنِّ} حقيقة، لأن له ذرية ولا ذرية للملائكة، ولأن الملائكة رسل لا يجوز عليهم الكفر وقد كفر إبليس وهو أصل الجن كما آدم - عليه الصلاة والسلام - أصل الإنس، أوكان من ملائكة يقال لهم: الجنة، أو من ملائكة يدبرون أمر السماء الدنيا وهم خزان الجنة كما يقال: مكي وبصري، أو كان من سبط من ملائكة خُلقوا من نار يقال: لهم الجن وخُلق سائر الملائكة من نور، أو لم يكن من الجن ولا من الإنس ولكن من الجان {فَفَسَقَ} خرج، فسقت الرطبة خرجت من قشرها، والفأرة فويسقة لخروجها من جحرها، أو اتسع في محارم الله تعالى - والفسق: الاتساع {بَدَلاً} من الجنة بالنار، أو من طاعة الله - تعالى - بطاعة إبليس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 51 - {مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ} إبليس وذريته، أو جميع الخلق ما استعنت بهم / [101 / ب] في خلقها، أو ما وقفتهم عليها حتى يعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه {خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} ما استعنت ببعضهم على خلق بعض، أو ما أشهدت بعضهم خلق بعض {عَضُداً} أعواناً في خلق السماوات والأرض، أو أعواناً لعبدة الأوثان {الْمُضِلِّينَ} عام، أو إبليس وذريته. {ويوم يقول نادوا شركاءى الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقاً ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 52 - {مَّوْبِقاً} محبساً، أو مهلكاً أو موعداً، أو عداوة، أو واد في جهنم، أو واد يفصل بين الجنة والنار، أو بينهم تواصلهم في الدنيا مهلكاً لهم في الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 {فَظَنُّواْ} علموا أو كانوا على رجاء العفو قبل دخولهم إليها {مَصْرِفاً} ملجأ، أو معدلاً ينصرفون إليه، لم يجد المشركون عنها انصرافاً، أو لم تجد الأصنام صرفاً لها عن المشركين. {ولقد صرفنا في هذا القرءان للناس من كل مثلٍ وكان الإنسان أكثر شىءٍ جدلاً وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلاً وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا ءاياتي وما انذروا هزواً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 55 - {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ} أنفسهم، أو الشياطين أن يؤمنوا {سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} عادتهم في عذاب الاستئصال {قُبُلاً} تجاهاً، أو جمع قبيل يريد أنواعاً من العذاب {قِبَلا} مقابلة، أو معاينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 56 - {لِيُدْحِضُواْ} ليزيلوا ويذهبوا، أو ليبطلوا القرآن، أو ليهلكوا الحق، من الدحض وهو المكان الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم. {ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخدهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم وموعدٌ لن يجدوا من دونه موئلاً وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 58 - {ذُو الرَّحْمَةِ} العفو، أو الثواب، أو النعمة، أو الهدى. {مَّوْعِدٌ} أجل، أو جزاء يحاسبون عليه {مَوْئِلاً} ملجأ، أو محرزاً، أو ولياً أو منجى، لا وألت نفسه: لا نجت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 59 - {أَهْلَكْنَاهُمْ} وكلناهم إلى سوء تدبيرهم لما ظلموا بترك الشكر، أو أهلكناهم بالعذاب لما ظلموا بالكفر {مَّوْعِداً} أجلاً يؤخرون إليه، أو وقتاً يهلكون فيه. {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقباً فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سرباً فما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غدآءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً 6 قال أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت وما انسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً 63 قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا علىءاثارهما قصصا فوجدا عبداً من عبادنا ءاتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 60 - {لِفَتَاهُ} يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى - عليه الصلاة والسلام - وسمي فتاه لملازمته له في العلم، أو الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده، وهو موسى بن عمران عند الجمهور، وقال محمد بن إسحاق هو موسى بن ميشا بن يوسف كان نبياً لبني إسرائيل قبل موسى بن عمران {الْبَحْرَيْنِ} الخضر وإلياس بحران في العلم قاله السدي، أو بحر الروم وبحر فارس أحدهما في الغرب، والآخر في الشرق، أو بحر أرمينية مما يلي الأبواب، وعد أنه يلقى الخضر عند مجمعهما {لا أَبْرَحُ} لا أزال، أو لا أفارقك {حُقُباً} زماناً، أو دهراً، أو سنة بلغة قيس، أو ثمانون سنة، أو سبعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 61 - {مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} إفريقية {نَسِيَا حُوتَهُمَا} عبّر بالنسيان عن ضلاله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 عنهما لما اتخذ سبيله في البحر، أو غفلا عنه فنسي يوشع ونسي موسى أن يأمر فيه بشيء، أو نسيه يوشع وحده فأضيف إليهما كما يقال نسي القوم أزوادهم إذا نسيها أحدهم {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} أحيا الله - تعالى - الحوت فطفر إلى البحر فاتخذ طريقه فيه {سَرَباً} مسلكاً، أو يبساً، أو عجباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 62 - {جَاوَزَا} مكان الحوت {نَصَباً} تعباً، أو وهناً. 63، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 64 - {الصَّخْرَةِ} بشروان أرض على ساحل بحر أيلة عندها عين تسمى عين الحياة، أو الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق {نَسِيتُ الحوت} / [104 / أ] أن أحمله، أو أخبرك بأمره {أَنسَانِيهُ إِلآَّ الشَّيْطَانُ} بوسوسته لي وشغله لقلبي {عجباً} كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صاره ماءه صخراً فعجب موسى لذلك، أو رأى دائرة الحوت وأثره في البحر كالكوة فعجب من حياة الحوت، وقيل لموسى إنك تلقى الخضر حيث تنسى بعض متاعك فعلم أن مكان الحوت موضع الخضر ف {قال ذلك ما كنا نبغي} {قَصَصاً} يقصان أثر الحوت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 65 - {رَحْمَةً} نبوة، أو نعمة، أو طاعة، أو طول الحياة، وكان مَلَكاً، أمر الله - تعالى - موسى أن يأخذ عنه علم الباطن، أو نبياً، قيل هو اليسع سمي به لأنه وسع علمه ست سموات وست أرضين، أو عبداً صالحاً عالماً ببواطن الأمور سمي خضراً لأنه كان إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشداً قال إنك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً قال ستجدني إن شاءالله صابراً ولا أعصى لك أمراً قال فإن اتّبعتني فلا تسئلني عن شىءٍ حتى أحدث لك منه ذكراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 66 - {رُشْداً} علماً، أو كان في علمه غي يجتنب ورشد يؤتى فطلب منه تعليم الرشد الذي لا يعرفه ولم يطلب تعلم الغي لأنه كان يعرفه أو يعني لإرشاد الله - تعالى - لك بما علمك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 68 - {خُبْراً} لم تجد له سبيلاً إذ لم تعرف له علماً، علماً منه أن موسى لا يصبر إذا رأى ما ينكر ظاهره فعلق موسى - عليه الصلاة والسلام - صبره بالمشيئة حذراً مما وقع منه. 69 - {وَلآ أعْصِى} بالبداية بالإنكار حتى تبتدىء بالإخبار، أو لا أفشي سرك ولا أدل عليك بشراً. {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً قال لا تؤاخدني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 71 - {خَرَقَهَا} أخذ فأساً ومنقاراً فخرقها حتى دخلها الماء أو قلع لوحين منها فضج ركبانها من الغرق {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} خصهم بالذكر دون نفسه لأنها شفقة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - {إِمْراً} منكراً، أو عجباً، أو داهية عظيمة من الأمر وهو الفاسد الذي يحتاج إلى الصلاح، رجل إِمر إذا كان ضعيف الرأي يحتاج أن يؤمر فيقوى رأيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 73 - {نَسِيتُ} غفلت عنه، أو تركه من غير غفلة، أو كأني نسيته وإن لم ينسه، جعله من معاريض الكلام " ع " {عُسْراً} لا تعنفني على ترك وصيتك، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 لا يغشاني منك العسر، غلام مراهق قارب أن يغشاه البلوغ، ارهقوا القبلة اغشوها واقربوا منها، أو لا تكلفني الاحتراز عن السهو والنسيان فإنه غير مقدور، أو لا تطردني عنك. {فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغيرنفسٍ لقد جئت شيئاً نكراً قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبراً قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّى عذراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 74 - {غُلاماً} شاباً بالغاً قبض على لحيته، لأن غير البالغ لا يجوز قتله " ع "، أو غير بالغ عند الأكثرين كان يلعب مع الصبيان فأخذه من بينهم فأضجعه وذبحه بالسكين، او قتله بحجر، لأنه طبع كافراً، أو ليصلح بذلك حال أبويه ونسلهما {أَقَتَلْتَ} استخبار، لأنه علم أنه لا يتعدى حدود الله، أو إنكار لقوله: {جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً} . {زاكية} {زَكِيَّةَ} واحد عند الأكثرين، نامية، أو طاهرة، أو مسلمة " ع "، أو لم يحل دمها، أو لم تعمل خطيئة، أو الزكية أشد مبالغة من الزاكية، أو الزكية في البدن والزكية في الدين، أو الزكية من لم تذنب والزكية من أذنبت، {نُّكْراً} منكراً أو فظيعاً قبيحاً، أو يجب أن ينكر فلا يفعل، أو هو أشد من الإمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 76 - {فَلا تُصَاحِبْنِى} لا تتابعني، أو لا تتركني أصحبك [104 / ب] ، أو لا تصحبني علماً، أو لا تساعدني على ما أريد. {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جداراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجراً قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 77 - {قَرْيَةٍ} أنطاكية، أو الأيلة، أو باجروان بأرمينية {يُرِيدُ) {يكاد} (يَنقَضَّ} يسقط بسرعة، وينقاض ينشق طولاً {فَأَقَامَهُ} بيده فاستقام، وأصل الجدار الظهور، والجدري لظهروه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 78 - {هَذَا} الذي قتله {فِرَاقُ} ، أو هذا الوقت فراق، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " رحم الله موسى لو صبر لاقتبس عنه ألف باب ". {أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينةٍ غصباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 79 - {لِمَسَاكِينَ} فقراء، أو كانت بهم زمانة وعلل، أو عجزوا عن الدفع عن أنفسهم لقلة حيلتهم، أو سموا به لشدة ما يقاسونه في البحر كما يقال لقي هذا المسكين جهداً {وَرَآءَهُم} خلفهم وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا، أو أمامهم، فوراء من الأضداد، أو يستعمل وراء موضع أمام في المواقيت والأزمان، لأن الإنسان يجوزها فتكون وراءه دون غيرها، أو يجوز في الأجسام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيرها، وعابها الخضر، لان الملك كان لا يغصب إلا السفن الجيدة. {وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبد لهما ربّهما خيراً منه زكاةً وأقرب رحماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 80 - {الْغُلامُ} اسمه " حيسوراً " أو " شمعون " وكان سداسياً؛ وله ست عشرة سنة، أو طوله ستة أشبار، وكان لصاً يقطع الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فيبصره أهل القريتين ويمنعون منه {فَخَشِينَآ} فكرهنا، أو علمنا، أو خفنا {يُرْهِقَهُمَا} يكلفهما، أو يحملهما على الرهق وهو الجهد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 81 - {زَكَاةً} إسلاماً، أو علماً، أو ولداً وكانت أمه حبلى فولدت غلاماً مسلماً صالحاً، أو جارية تزوجها نبي فولدت نبياً هديت به أمة من الأمم {رُحْماً} أكثر براً بوالديه من المقتول، أو أعجل تعطفاً ونفعاً، أو أقرب أن يرحما به، والرحم الرحمة. {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربّك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربّك وما فعلته عن أمرى ذلك تأوي ما لم تسطع عليه صبراً 83} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 82 - {الْجِدَارُ} حقيقة ما أحاط بالدار فمنع منها وحفظ بنيانها ويستعمل في غيره من حيطانها مجازاً {كَنزٌ} ذخيرة من ذهب وفضة، أو لوح ذهب مكتوب فيه حِكَم، أو لوح ذهب مكتوب فيه " بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالدنيا بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 محمد رسول الله قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم]- {صَالِحاً} حُفِظا لصلاح أبيهما السابع. والخضر باقٍ لشربه من عين الحياة، أو غير باقٍ إذ لا نبي بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً إنّا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شىءٍ سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين أمّا أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى سنقول له من أمرنا يسرا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 83 - {ذِى الْقَرْنَيْنِ} نبي مبعوث فتح الله - تعالى - على يده الأرض، أو عبد صالح ناصح لله، فضربوه هلى قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، لم يكن له قرنان كقرني الثور، وسمي ذا القرنين للضربتين، أو لضقيرتين كانتا له، أو لاستيلائه على قرني الأرض المشرق والمغرب، أو رأى في نومه أنه أخذ بقرني الشمس في شرقها وغربها فقصها على قومه فسمي ذا القرنين. وهو عبد الله بن الضحاك بن معد " ع "، أو من أهل مصر اسمه مرزبان يوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، أو / رومي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 أسمه الاسكندروني أو هو الإسكندر الذي بنى الإسكندرية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 84 - {مِن كُلِّ شَىْءٍ سَبَباً} علماً يتسبب به إلى إرادته، أو ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 85 - {فَأَتْبَعَ سَبَباً} منازل الأرض ومعالمها، أو طرقاً بين المشرق والمغرب، أو قفا الأثر، أو طريقاً إلى ما أريد منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 86 - {حَمِئَةٍ} ذات حمأة، أو طينة سوداء {حامية} حارة فكانت حارة ذات حمأة، وجدها تغرب في نفس العين، أو وراءها كأنها تغرب فيها {وإما أَن تُعَذِّبَ} خُيِّر بين عقابهم والعفو عنهم، أو تعذبهم بالقتل لشركهم، أو تتخذ فيهم حسناً بإمساكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتنقذهم من العمى، قيل لم يُسلم منهم إلا رجل واحد. {ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 89 - {أتَّبِعُ} و {اتَّبع} واحد، أو بالقطع إذا لحق وبالوصل إذا كان على الأثر وإن لم يلحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 90 - {مَطْلِعَ} ومَطْلَع واحد، أو بالفتح الطلوع وبالكسر موضع الطلوع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 يريد بالمطلع والمغرب ابتداء العمارة وانتهائها {سِتْراً} من بناء، أو شجر، أو لباس، يأوون إذا طلعت إلى أسراب لهم فإذا زالت خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك قيل: هم الزنج، أو تاريش، وتأويل ومنسك. {ثم اتبع سبباً حتى إذا بلغ بين السّدّين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال لم ما مكّني فيه ربي خيرٌ فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتوني أفرغ عليه قطراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 93 - {السَّدَّيْنِ} و {السُّدين} واحد، أو بالضم من فعل الله - تعالى - وبالفتح فعل الآدمي، " أو بالضم إذا كان مستوراً عن بصرك وبالفتح إذا شاهدته ببصرك "، أو بالضم الاسم وبالفتح المصدر. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وهما جبلان، قيل جعل الردم بينهما، وهما بأرمينية وأذربيجان، أو في منقطع أثر الترك مما يلي المشرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 94 - {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} من تأجج النار واختلفوا في تكليفهم، وهما من ولد يافث بن نوح، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " لا يموت الرجل [منهم] حتى يولد لصلبه ألف رجل " {خَرْجاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 إجرة و {خراجاً} الغلة، أو الخراج ما خرج من الأرض، والخرج مصدر ما يخرج من المال، أو الخراج ما يؤخذ عن الأرض والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، أو الخرج ما أخذ دفعة والخراج ما كان ثابتاً يؤخذ كل سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 95 - {بِقُوَّةٍ} بآلة، أو برجال {رَدْماً} حجاباً شديداً، أو سداً متراكباً بعضه على بعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 96 - {زُبَرَ الْحَدِيدِ} قطعه، أو فلقه، أو الحديد المجتمع ومنه الزبور لاجتماع حروفه {الصَّدَفَيْنِ} جبلان " ع "، أو رأسا جبلين، أو ما بين الجبلين إذا كانا متحاذيين من المصادفة في اللقاء، أو إذا انحرف كل واحد منهما عن الآخر كأنه صدف عنه فساوى بينهما بما جعله بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوى بينهما {انفُخُواْ} في نار الحديد حتى إذا جعل الحديد ناراً أي كالنار في الحمى واللهب {قطرا} نحاساً، أورصاصاً أو حديداً مذاباً، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس. {فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاءَ وكان وعد ربي حقاً وتركنا بعضهم يؤمئذ يموج في بعضٍ ونفخ في الصور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 فجمعناهم جمعا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 97 - {يَظْهَرُوهُ} يعلوه {نَقْباً} من أسفله، وهو وراء بحر الروم بين جبلين هنا مؤخرهما البحر المحيط، ارتفاعه مائتا ذراع، عرضه نحو خمسين ذراعاً، وهو حديد شبه المصمت، وذكر رجل / للرسول [صلى الله عليه وسلم] أنه رآه فقال: انعته لي، فقال: هو كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال: قد رأيته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 98 - {وَعْدُ رَبِّى} القيامة، أو وقت خروجهم بعد قتل الدجال {دَكَّآءَ} أرضاً، أو قطعاً، أو انهدم حتى اندك بالأرض فاستوى معها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 99 - {بَعْضَهُمْ} القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد، أوالكفار يوم القيامة، أو الجن والإنس عند فتح السد {يموج} يخلتط، أو يدفع بعضهم بعضاً من موج البحر. {وعرضنا جهنّم يومئذ للكافرين عرضاَ الذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعاً أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دونى أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 101 - {سَمْعاً} على ظاهره، أو عقلاً فلا يستطيعون سمعه استثقالاً، أو مقتاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 102 - {نزلا} طعاماً، أومنزلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً 104 أولئك الذين كفروا بئايات ربّهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتّخذوا ءاياتي ورسلي هزواً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 103 - {بِالأَخْسَرِينَ} القسيسون والرهبان، أو اليهود والنصارى، أو الحرورية الخوارج، أو أهل الأهواء، أو من يصنع المعروف ويمن به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 105 - {وَزْناً} أي لا قدر لهم، أو لخفتهم بالسفه والجهل صاروا ممن لا وزن له. أو ذهبت المعاصي بوزنهم فلا يوازنون لخفتهم [شيئاً] أو لما حبط أعمالهم بالكفر صار الوزن عليهم لا لهم. {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 107 - {الْفِرْدَوْسِ} وسط الجنة وأطيب موضع فيها، أو أعلاها وأحسنها، أو بستانها، أو البستان الجامع لمحاسن كل بستان، أوكل بستان محوط فردوس، وهو عربي أو رومي، أو سرياني وبالنبطية فرداساً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 108 - {حِوَلاً} بدلاً، أو تحويلاً، أو حيلة منزل غيرها. {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 109 - {كَلِمَاتُ رَبِّى 9 وعده بالثواب والعقاب، أو ذكر ما خلق وما هو خالق، أو علم القرآن، عجز الخلق عن إحصاء معلوماته ومقدوراته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنّما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 110 - {يرجو} يخاف، أو يأمل، أو يصدق به {لِقَآءَ رَبِّهِ} لقاء ثواب ربه، أو لقاءه بالبعث والوقوف بين يديه {صَالِحاً} خالصاً من الرياء، إو إذا لقي الله - تعالى - به لم يستحي منه، أو عمل الطاعة وترك المعصية {بعبادة ربه} يريد بالرياء، أو بالشرك بالأصنام، قيل نزلت في جندب بن زهير أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله إنا نعمل العمل نريد به وجه الله - تعالى - فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها علي فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] : إن الله - تعالى - يقول: أنا خير شريك فمن شاركني في علم يعمله لي أحداً من خلقي تركته وذلك الشريك ونزلت هذه الآية فتلاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن والله - تعالى - أعلم. والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه، وحسبنا الله - تعالى ونعم الوكيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 سورة مريم مكية اتفاقاً. بسم الله الرحمن الرحيم {كهيعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربّه نداءً خفيّا قال رب إنّى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك ربّ شقيا وإني خفت المولى من ورآءى وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من ءال يعقوب واجعله ربّ رضيا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 1 - كهيعص} اسم للسورة أو للقرآن أو لله - تعالى - أو استفتاح للسورة أو تفسير " لا إله إلا الله " من حروف الجُمَّل، الكاف عشرون، والهاء خمسة والياء عشرة، والعين سبعون، والصاد تسعون، كذلك عدد / حروف لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 إله إلا الله، أو حروف من حروف أسماء الرب، الكاف من كبير أو كافٍ أو كريم، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم أو يمين أو أمين أو يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، أو يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس، والعين من عزيز أو عالم أو عدل، والصاد من صادق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3 - {خَفِيّاً} لا رياء فيه، أو أخفاه لئلا يستهزأ به لبعد ما طلبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 4 - {وَهَنَ} ضعف وإذا وهن العظم مع قوته فوهن اللحم والجلد أولى، أو شكا ضعف البطش الذي يقع بالعظم دون اللحم {وَاشْتَعَلَ} شبه انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الحطب. {شَقِيّاً} خائباً، كنت لا تخيبني إذا دعوتك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 5 - خِفْتُ الْمَوَالِىَ} العصبة، أو الكلالة، أو بنو العم وكانوا شرار بني إسرائيل، سموا موالي لأنهم يلونه في النسب بعد الصلب، أو الأولياء أن يرثوا علمي دون نسلي، وخافهم على الفساد في الأرض، أو على نفسه في حياته، وعلى أسبابه بعد موته {ورائي} قدامي، أو بعد موتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 6 - {يرثني) {مالي} (ويرث من آل يَعْقُوبَ} النبوة، أو يرثهما العلم والنبوة، أو منه النبوة ومن آل يعقوب الأخلاق، أو يرث مني العلم ومن آل يعقوب الملك، فأجيب إلى وراثة العلم دون الملك، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - روي الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال: " يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثة ". {رَضِيّاً} مرضي الأخلاق والأفعال، أو راضياً بقضائك وقدرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب إنّى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتياً قال كذلك قال ربّك هو عليّ هينٌ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً قال ربِّ اجعل لي ءايةً قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويّا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحّوا بكرةً وعشياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 7 - {نُبَشِّرُكَ} بإجابة الدعوة، وإعطاء الولد، وتفرد الرب - عز وجل - بتسميته اختصاصاً له واصطفاء، سمي يحيى، لأنه حَيَ بين شيخ وعجوز. {سَمِيّاً} لم تلد العواقر مثله فلا مثل له ولا نظير، أو لم نجعل لزكريا قبل يحيى ولداً، أو لم نُسمِّ أحداً قبله باسمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 8 - {عَاقِراً} لا تلد؛ لأنها تعقر النسل أي تقطعه، أو لعقر رحمها للمني وإفساده وسأل عن أن الولد يأتيهما شابين أو شيخين. {عتيا} يبساً وجفافاً، أو نحول العظم، أو سناً. قال: (إنما يعذر الوليد ولا يعذر ... من كان الزمان عتيا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 10 - {أيه} دالة على الحمل، أو على أن البُشرى من الله دون إبليس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 لأن الشيطان أوهمه ذلك، قال الضحاك {ثَلاثَ لَيَالٍ} اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض ولا خرس عن كلام الناس دون ذكر الله - تعالى - {سَوِيّاً} صحيحاً من غير خرس، أو يرجع إلى الليالي أي متتابعات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 11 - {فَخَرَجَ} أشرف على قومه. {مِنَ الْمِحْرَابِ} المصلى، أو ما ينصب ليصلى بإزائه لأن المصلي كالمحارب للشيطان، أو من مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه. {فَأَوْحَى} أومى، أو أشار، أو كتب على الأرض، والوحي الكتابة قال: (كأن أخا اليهود يخط وحياً ... بكاف من منازلها ولام) {سَبِّحُواْ} صلوا سميت به لاشتمالها على التسبيح. {ييحيى خذ الكتاب بقوة وءاتينه الحكم صبياً وحنانا من لدنا وزكوة وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصياً وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 12 - {خذ الكتاب} قاله زكريا - عليه الصلاة والسلام - ليحيى حين نشأ، أو قاله الله - تعالى - حين بلغ، والكتاب: التوراة، أو صحف إبراهيم. {بقوة} بجد واجتهاد، أو بامتثال الأوامر واجتناب المناهي. {الْحُكْمَ} اللب، أو الفهم، أو العلم أو الحكمة، قال له الصبيان: اذهب بنا نلعب فقال: ما للعب خُلقت قيل كان ابن ثلاث سنين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 13 - {وَحَنَاناً} رحمة قال: (أبا منذر فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض) أو تعطفاً، أو محبة، أو بركة أو تعظيماً، أو آتيناه تحنناً على العباد. {وَزَكَاةً} عملاً زاكياً، أو صدقة به على والديه، أو زكيناه بثنائنا عليه. {تَقِيّاً} مطيعاً، أو براً بوالديه. {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقياً فاتخذت من دونهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنمّا أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلامٌ ولم يمسسني بشرٌ ولم أك بغياً قال كذلك قال ربّك هو علّي هيّنٌ ولنجعله ءايةً للناس ورحمةٌ منّا وكان أمراً مقضيّا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 16 - {انتّبَذَتْ} انفردت، أو اتخذت، {شَرْقِيّاً} جهة المشرق فاتخذتها النصارى قبلة أو مشرقة الدار التي تظلها الشمس، أو مكاناً بعيداً. \ 17 - {حِجَاباً} من الجدران، أو من الشمس جعله الله - تعالى - لها ساتراً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حجاباً من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها. {رُوحَنَا} الروح الذي خُلق منها المسيح حتى تمثل بشراً، أو جبريل - عليه السلام - لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل - عليه السلام - في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوماً واحداً، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 18 - {تَقِيّاً} اسم رجل إسرائيلي مشهور بالعهر، لما دنا منها - جبريل عليه السلام - خافت فاستعاذت من ذلك العاهر، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو إن كنت تقياً لله امتنعت خوفاً من استعاذتي به. {فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّاً فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياّ فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّا 5 فكلي واشربي وقرى عيناً فإمّا ترينّ من البشر أحداً فقولي إنّى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 23 - {فأجاءها} ألجأها، أو جاء بها. {ليتني مِتُّ} تمنت الموت حياء من التهمة، أو لئلا يأثم الناس بقدفها، أو لأنها لم تر في قومها رشيداً ذا فراسة يبرئها من السوء. {نسياً منسياً} لم أخلق، أو لا يدري من أنا، أو سقطاً، أو إذا ذكرت لم أُطلب، والنسي ما أُغفل من شيء حقير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 24 - {فَنَادَاهَا} جبريل، أو عيسى {مِن تَحْتِهَآ} من مكان أسفل من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 مكانها، أو من بطنها بالقبطية {سَرِيّاً} عيسى، السروات: الأشراف، أو السري النهر بالنبطية أو العربية من السراية لأن الماء يسري فيه، قيل يطلق السري على ما يعبره الناس من الأنهار وثباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 25 - {النَّخْلَةِ} برنية، أو عجوة، أو صرفانة أو قريناً ولم يكن لها رأس وكان الشتاء فجعلت آية، قيل اخضرت وحملت ونضجت وهي تنظر {جَنِيّاً} مترطب البسر، أو الذي لم يتغير، أو الطري بغبار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 26 - {فَكُلِى} الجني {وَاشْرَبِى} من السري {وَقَرِّى عَيْناً} بالولد، طيبي نفساً، أو لتسكن عينك سروراً أو لتبرد عينك سروراً، دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة {صَوْماً} صمتاً أو صوماً عن الطعام والشراب / [107 / أ] وصمتاً عن الكلام، تركت الكلام ليتكلم عنها ولدها ببرءاتها، أو كان من صام لا يكلم الناس فأُذن لها في هذا القدر من الكلام. {فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئاً فريّا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيّا وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقياً والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 27 - {فَرِيّاً} قبيحاً من الافتراء، أو عجيباً، أو عظيماً، أو باطلاً، أو متصنعاً من الفرية وهي الكذب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 28 - {أُخْتَ هَارُونَ} لأبويه أو نسبت إلى رجل صالح كان أسمه هارون تنسب إليه من تعرف بالصلاح مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو نسبت إلى هارون أخي موسى لأنها من ولده كما يقال: يا أخا فلان أو كان رجلاً معلناً بالفسق فنسبت إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 29 - {فأشارت} إلى الله - تعالى - فلم يفهموا إشاراتها، أو إلى عيسى على الأظهر ألهمهما الله - تعالى - ذلك بأنه سيبرئها، أو أمرها به {مَن كَانَ} صلة، أو بمعنى يكون {المهد} سرير الطفل، أو حجرها غضبوا لما أشارت إليه وقالوا: لسخريتها بنا أعظم من زناها، فلما تكلم قالوا: إن هذا لأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 عظيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 30 - {آتاني} سيؤتيني {وجعلني} سيجعلني، أو كان وقت كلامه في المهد نبياً كامل العقل، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكلمهم وهو ابن أربعين يوماً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 31 - {مُبَارَكاً} نفّاعاً، أو معلماً للخير، أو عارفاً بالله - تعالى - داعياً إليه، أو آمراً بالعُرْف ناهياً عن المنكر. {بِالْصَّلاةِ} ذات الركوع والسجود، أو الدعاء {وَالزَّكَاةِ} للمال، أو التطهير من الذنوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 32 - {جَبَّاراً} جاهلاً بأحكامه {شَقِيّاً} متكبراً عن عبادته، أو الجبار الذي لا ينصح والشقي الذي لا يقبل النصح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 33 - {وَالْسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ) السلامة لي في الدنيا وفي القبر وفي البعث، لأن له أحوالاً ثلاثة: حياة الدنيا والموت مقبوراً والبعث فسلم في هذه من الأحزان، أو سلم في الولادة من همزة الشيطان إذ لا مولود إلا يهمزه {وَيَوْمَ أَمُوتُ} سلامته من ضغطة القبر لأنه غير مدفون في الأرض، ويوم البعث: يحتمل سلامته من العرض والحساب. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - ثم انقطع كلامه حتى بلغ مبلغ الغلمان. {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى أمراً فإنمّا يقول له كن فيكون وإنّ الله ربي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويلٌ للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 34 - {الْحَقِّ} الله، أو عيسى سماه حقاً، لأنه جاء بالحق، أو القول الذي قاله عيسى من قبل {يَمْتَرُونَ} يشكون، أو يختلفون فتقول فرقة هو الله وأخرى هو ابن الله وأخرى هو ثالث ثلاثة هذا قول النصارى، وقال المسلمون: عبد الله ورسوله، وقالت اليهود: لغير رشدة عند من قرأ تمترون. {أَسْمِعْ بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلالٍ مبين 5 وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلةٍ وهم لا يؤمنون إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 38 - {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} اليوم كيف يصنع بهم يوم القيامة، أو عجبه من سماعهم وإبصارهم في الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 39 - {قضي الأمر} بعذابهم يوم البعث، أو قضي بانقطاع توبتهم وتحقق الوعيد يوم الموت. {واذكر في الكتاب إبراهيم أنه كان صديقاً نبياً إذ قال لأبيه يا أبتٍ لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئاً يا أبت إنّي قد جآءني من العلم ما لم يأتك فاتّبعنى أهدك صراطاً سوياً يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيّا يا أبت إني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 أخاف أن يمسّك عذابٌ من الرحمن فتكون للشيطان ولياً قال أراغبٌ أنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنّك واهجرني مليّا قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربي إنّه كان بي حفيّاً وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربّى عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيّا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 46 - {لأَرْجُمَنَّكَ} بالذم والسب، أو بالأحجار لتبعد عني. {مَلِيّاً} دهراً طويلاً مؤبداً، أو سوياً سليماً من عقوبتي، أو غنياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 47 - {سَلامٌ} توديع وهجر، أو سلام: إكرام وبر، قابل جفوته بالإحسان رعاية لحق الأبوة وهو أظهر {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ} إن تركت عبادة الأوثان، أو أدعو لك بالهدى المقتضي للغفران / [107 / ب] {حَفِيّاً} مقرباً، أو مكرماً، أو رحيماً، أو عليماً، أو متعهداً. {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيّاً ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليّاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 50 - {لِسَانَ صِدْقٍ} ثناء جميلاً، أو جعلناهم كراماً على الله - تعالى - اللسان بمعنى الرسالة. قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 (أتتني لسان بني عامر ... أحاديثها بعد قول نكر) {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 52 - {الطُّورِ الأَيْمَنِ} جبل بالشام نودي من يمين الجبل، أو من يمين موسى {وَقَرِّبْنَاهُ نَجِيّاً} قرب من المكان الذي شرفه فيه وعظمه ليسمع كلامه، أو قربه من أعلى الحجب حتى سمع صريف القلم، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - وقال غيره سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة، أو قربه باصطفائه واجتبائه {نَجِيّاً} ناجاه من النجوى التي لا يكون إلا في خلوة، أو رفعه بعد التقريب من النجوة وهي الارتفاع، أو نجاه بصدقه مأخوذ من النجاة. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لم يبلِّغ موسى من الكلام الذي ناجاه به شيئاً. {واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً وكان يأمر أهله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 54 - {صَادِقَ الْوَعْدِ} وعد رجلاً أن ينتظره فانتظره ثلاثة أيام أو اثنين وعشرين يوماً أو حولاً كاملاً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. \ 55 - {أَهْلَهُ} ، قومه، أو أهله يبدأ بهم، وهو إسماعيل بن إبراهيم عند الجمهور، أو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله - تعالى - إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه فخيره الله - تعالى - فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته لأن إسماعيل مات قبل أبيه إبراهيم. {واذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صدّيقاً نبّيّاً ورفعناه مكاناً عليّاً أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبين من ذرية ءادم وممّن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممّن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم ءايات الرحمن خرّوا سجّداً وبكياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 56 - {إدريس} أول من أعطي النبوة وأول من خط بالقلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 57 - {وَرَفَعْنَاهُ} إلى السماء الرابعة، أو السادسة وهو في السماء حي لم يمت كعيسى، أو مات في السماء وهو فيها ميت، أو مات بين الرابعة والخامسة وهو أول من اتخذ السلاح، وجاهد في سبيل الله - تعالى - وقتل بني قابيل وأول من وضع الوزن والكيل وأثار علم النجوم، وأول من لبس الثياب وإنما كانوا يلبسون الجلود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 58 - {وبكيا} سجودهم رغبة وبكاؤهم رهبة. {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا إلا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 تاب وءامن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياً تلك الجنّة التي نورث من عبادنا من كان تقياً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 59 - {خَلْفٌ} بالسكون إذا خلفه من ليس من أهله وبالفتح إذا كان من أهله، أو بالسكون في الذم وبالفتح في الحمد {مِن بَعْدِهِمْ} اليهود بعد متقدمي الأنبياء، أو المسلمون بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] من عصر الصحابة إلى قيام الساعة، أو من بعد عصر الصحابة قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " يكون بعد الستين خلف أضاعوا الصلاة " الآية {أَضَاعُواْ الصَّلاةَ} بتركها، أو تأخيرها عن وقتها {غَيّاً} وادٍ في جهنم أو خسراناً، أو ضلالاً عن الجنة، أو شراً أو خيبة. ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ومن يغوِ لا يعدم ... ... ... ... ... . .) أي يخب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 62 - {لَغْواً} كلاماً فاسداً، أو خُلفاً {سَلاماً} سلامة، أو تسليم الملائكة عليهم {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} كان يعجبهم إصابة الغداء والعشاء فأُخبروا أن ذلك في الجنة، أو أراد مقدار البكرة والعشي من أيام الدنيا، قيل: يعرفون مقدار الليل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 بإرخاء الحجب وغلق الأبواب، ومقدار النهار برفع الحجب / [108 / أ] وفتح الأبواب. {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 64 - {ومانتنزل} موضعاً من الجنة إلا بأمر الله - تعالى - من كلام أهل الجنة أو نزلت لما أبطأ جبريل - عليه السلام - على الرسول [صلى الله عليه وسلم] اثنتي عشرة ليلة فلما أتاه قال: " لقد غبت حتى ظن المشركون كل ظن "، {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} الدنيا {وَمَا خَلْفَنَا} الآخرة {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} ما بين النفختين، أو ما مضى من الدنيا {وَمَا خَلْفَنَا} ما يكون بعدنا من الدنيا والآخرة {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} ما بين ما مضى من قبل وما يكون من بعد {نَسِيّاً} ذا نسيان، أو ما نسيك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 65 - {سَمِيّاً} مثلاً من المساماة، أو من يُسمى الله أو لا يستحق اسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 الإله غيره، أو ولداً. {ويقول الإنسان أءذا ما متّ لسوف أخرج حيّاً أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يكن شيئاً فوربك لنحشرنّهم والشياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنم جثيا ثم لننزعنّ من كل شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيّاً ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليّاً وإن منّكم إلا واردها كان على ربّك حتماً مقضيّاً ثمّ ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيّاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 68 - {جَهَنَّمَ} اسم للنار أو لأعمق موضع فيها كالفردوس اسم لأعلى الجنة {جِثِيّاً} جماعات، أو بروكاً على الركب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 69 - {شِيعَةٍ} الشيعة: الجماعة المتعاونون، الأمة شيعة لاجتماعهم وتعاونهم. {لنزعن} لنبدأن أو لنستخرجن {عِتِيّاً} افتراء بلغة تميم، أو جرأة أو كفراً، أو تمرداً، أو معصية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 70 - {صِلِيّاً} دخولاً أو لزوماً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 71 - {واردها} الحمى والأمراض، عاد الرسول [صلى الله عليه وسلم] رجلاً ثم قال: " إن الله - تعالى - يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 في الآخرة "، أو جهنم يردها الكفار خاصة، انتقل من معاتبتهم إلى خطابهم، أو عامة في المؤمن والكافر يردانها فتمس الكافر دون البر، أو يردها المؤمن بمروره عليها ونظره إليها سروراً بما أنجاه الله - تعالى - منه {وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23] {حَتْماً} قضاء مقضياً، أو قسماً واجباً. {وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بيّنات قال الذين كفروا للذين ءامنوا أي الفريقين خيرٌ مقاماً وأحسن نديّاً وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثاً ورءياً قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً حتى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شرٌ مكاناً وأضعف جنداً ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ مرداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 73 - {مَّقَاماً} منزل إقامة في الجنة أو النار، أو كلاماً قائماً بحجة معناه، من فلجت حجته خير أم من دحضت حجته. {نَدِيّاً} أفضل مجلساً أو أوسع عيشاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 74 - {أثاثا} متاعاً {ورئيا} منظراً " ع "، أو الجديد من ثياب البيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 والريّ الارتواء من النعمة، أو ما لا يراه الناس والرئي ما يرونه، أو أكثر أموالاً وأحسن صوراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 76 - {وَيَزِيدُ اللَّهُ} يزيدهم هدى بالمعونة على الطاعة والتوفيق لمرضاته، أو الإيمان بالناسخ والمنسوخ. {أفرءيت الذي كفر بئاياتنا وقال لأوتينّ مالاً وولداً أطلع الغيب أم أتخذ عند الرحمن عهداً كلا سنكتب ما يقول ونمدّ له من العذاب مدّاً ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 77 - {لأُوتَيَنَّ مَالاً} نزلت في العاص بن وائل، أو في الوليد بن المغيرة، {لأُوتَيَنَّ} في الدنيا على قول الجمهور، أو في الجنة استهزاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 منه {وَوَلَداً} وُوْلدا واحد كعُدْم وَعَدم، أو بالضم جمع وبالفتح واحد لغة قيس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 78 - {عَهْداً} عملاً صالحاً، أو قولاً عهد به الله إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 80 - {وَنَرِثُهُ} نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد، أو نحرمه ما تمناه منهما في الآخرة {فَرْداً} بلا مال ولا ولد، أو بلا ولي ولا ناصر. {واتّخذوا من دون الله ءالهةً ليكونا لهم عزّاً كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً ألم تر أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّاً فلا تعجل عليهم إنّما نعدّلهم عدّا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 82 - {سيكفرون} سيجحد العابدون عبادتها لما رأوا من سوء عاقبتها، أو يكفر المعبود بالعابد ويكذبه {ضدا} عوناً من الخصومة، أو بلاء أو أعداء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 أو قرناء في النار يلعنونهم، أو على ضد ما أمّلوه فيهم " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 83 - {تؤزهم} / [108 / ب] تزعجهم إلى المعاصي، أو تغويهم أو تغريهم بالشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 84 - {نَعُدُّ لَهُمْ} أعمالهم، أو أيام حياتهم، أو مدة انتظارهم إلى الانتقام منهم بالسيف والجهاد. {يوم نحشر المتّقين إلى الرحمن وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً لا يملكون الشفاعة إلا من اتخّذ عند الرحمن عهداً وقالوا أتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدّاً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّاً أن دعوا للرّحمن ولداً وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً 6 إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتى الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم عدّا وكلّهم ءاتيه يوم القيامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 فرداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 85 - {وَفْداً} ركباناً، أو جماعة، أو زواراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 86 - {وِرْداً} مشاة، أو عطاشاً من ورود الإبل عطاشاً، أو أفراداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 87 - {عَهْداً} وعداً من الله - تعالى -، أو إيماناً به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 89 - {إدّاً} منكراً، أو عظيماً. {إنّ الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً فإنما يسّرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدّاً وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 96 - {وُدّاً} محبة في الدنيا من الأبرار وهيبة عند الفجار، أو يحبهم الله - تعالى - ويحببهم إلى الناس، قال " ع " نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 97 - (لُّدّاً} فجاراً، أو أهل لجاج وخصام من اللدود للزومهم الخصام كما يحصل اللدود في الأفواه أو الجدل في الباطل من اللدد وهو شدة الخصومة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 98 - {رِكْزاً} صوتاً، أو حساً، أو ما لا يفهم من صوت أو حركة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 سورة طه مكية اتفاقاً. بسم الله الرحمن الرحيم {طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى إلا تذكرةً لمن يخشى تنزيلاً ممّن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 1 - { طه } اسم لله - تعالى - أقسم به. أو اسم للسورة أو اختصار كلام خص الرسول [صلى الله عليه وسلم] بعلمه، أو حروف يدل كل حرف منها معنى، أو طوبى لمن اهتدى، أوطأ الأرض بقدميك ولا تقم على أحدهما في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 الصلاة، أو يا رجل بلغة عك أوطيء أو بالنبطية. (إن السفاهة طه من خليفتكم ... لا قدس الله أرواح الملاعين) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 2 - {لِتَشْقَى} بالتعب والسهر في قيام الليل، أو بالأسف والحزن على كفرهم، أو جواب لهم لما قالوا: إنه بالقرآن شقي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3 - {تذكرة} إنذاراً لمن يخشى الله، أو زجراً لمن يتقي الذنوب والخوف ما ظهرت أسبابه، والخشية ما لم تظهر أسبابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 2 - {لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ} ملكهما، أو تدبيرهما، أو علم ما فيهما {الثَّرَى} كل شيء مبتل، أو التراب عند الجمهور، والذي تحته: ما واراه التراب في بطن الأرض أو الصخرة الخضراء التي تحت الأرض السابعة وهي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 سجين التي فيها كتاب الفجار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 7 - {السِّرَّ} ما ساررت به غيرك، {وَأَخْفَى} ما أضمرته ولم تحدث به " ع " أو ما أضمرته في نفسك وأخفى ما لم يكن ولا أضمره أحد في نفسه، أو أسرار عباده وأخفى سر نفسه عن خلقه، أو ما أسره الناس وأخفى الوسوسة أو ما أسره من علمه [و] عمله السالف، وأخفى: ما يعمله في المستأنف، أو العزيمة، وأخفى الهم دون العزيمة. {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إذ رءا ناراً فقال لأهله امكثوا إنّىءانست ناراً لعلىءاتيكم منها بقبسٍ أو أجد على النار هدىً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 9 - {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} باصطفائه للنبوة وتحميله للرسالة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 10 - {رأى نَاراً} في ظنه وهي نور عند الله، وكانت ليلة الجمعة في الشتاء {امْكُثُواْ} أقيموا، أو الإقامة تدوم والمكث لا يدوم {آنست} أبصرت، أو آنست بنار {هُدىً هادياً يهديني على الطريق، أو علامة استدل بها على الطريق، وكانوا قد ضلوا عن الطريق، فأقاموا بمكانهم [بعد ذهاب موسى] ثلاثة أيام فمر بهم راعي القرية فأخبرهم بمسير موسى - عليه الصلاة والسلام - فعادوا مع الراعي إلى قريتهم وأقاموا بها أربعين سنة حتى أنجز موسى أمر ربه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 {فلمّا أتاها نودي يا موسى إنى أنا ربّك فاخلع نعليك إنّك بالواد المقدس طوىً وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى إن الساعة ءاتيةٌ أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 12 - {اخلع نَعْلَيْكَ} لتباشر بقدميك بركة الوادي، أو لأنهما / [109 / أ] من جلد حمار ميت فخلعهما ورمى بهما وراء الوادي {المقدس} المبارك، أو المطهر {طوى} اسم الوادي، أو لأنه مَرَّ به ليلاً فطواه " ع "، أو لأنه نودي به مرتين، طوى في كلامهم بمعنى مرتين، لأن الثانية كالمطوية على الأولى، أو لأن الوادي قدس مرتين، أوطأ الوادي بقدميك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 14 - {لذكرى} لتذكرني فيها، أو لا تدخلفيها إلا بذكر، أو حين تذكيرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 15 - {أُخْفِيهَا} لا أظهر عليها أحداً فيكون " أكاد " بمعنى أريد، أو أُخفيها من نفسي " ع " مبالغة في تبعيد إعلامه بها، أو أخفيها أظهرها أخفيته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 كتمته وأظهرته من الأضداد، وأسررته كتمته وأظهرته أيضاً، أو المعنى آتية: أكاد آتي بها فحذف للعلم به ثم استأنف {أُخْفِيهَا لِتُجْزَىَ كُلُّ نَفْسٍ} قال: (هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله) أي وكدت أقتله. {بِمَا تَسْعَى} من خير أو شر، أقسم أنه يأتي بها للجزاء، أو أخبر بذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 16 - {فتردى} فتشقى، أو تزل. {وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مئارب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حيةٌ تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يديك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوءٍ ءايةً أخرى لنريك من ءاياتنا الكبرى} 17، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 18 - {وَمَا تِلْكَ} سؤال تقرير وجوابه {هِىَ عَصَاىَ} ولكنه أضافها إلى ملكه ليكفي الجواب إن سئل عنها ثم ذكر احتياجه إليها لئلا يكون عابثاً بحملها {وَأَهُشُ} أخبط ورق الشجر، والهش والهس واحد، أو المعجم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 خبط الشجر، وغير المعجم زجر الغنم {مَآرِبُ} حاجات نص على لوازم الحاجات وكنى عن عارضها من طرد السباع، أو قدح النار واستخراج الماء أو كانت تضيء له بالليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 22 - {جَنَاحِكَ} عضدك، أو جنبك، أو جيبك عبّر عنه بالجناح لأنه مائل في جهته. {اذهب إلى فرعون إنّه طغى قال ربّ اشرح لي صدرك ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزرى وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 27 - {عُقْدَةً} من الجمرة التي ألقاها في فمه صغيراً، أو حدثت عند مناجاته ربه فلا يكلم غيره إلا بإذنه، أو استحياؤه من الله - تعالى - أن يكلم غيره بعد مناجاته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 31 - {أَزْرِى} الظهر من موضع الحقوين، أو يكون عوناً يستقيم به أمري وكان هارون أكبر منه بثلاث سنين، " وأكثر لحماً وأتم طولاً وأبيض جسماً وأفصح لساناً ومات قبل موسى بثلاث سنين " وكان بجبهته شامة وعلى أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة " لم تكن على أحد قبله ولا تكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 على أحد بعده قيل إنها سبب العقلة في لسانه ". {قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننّا عليك مرةً أخرى 37 إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه أليمّ بالساحل يأخذه عدوٌّ لي وعدوٌّ له وألقيت عليك محبةً مني ولتصنع على عيني إذ تمشى أختك فتقول هل أدّلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقرّ عينها ولا تحزن وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتوناً فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 39 - {مَحَبَّةً مِّنِّى} حببتك إلى عبادي، أو حسناً وملاحة، أو رحمتي، أو من رآك حتى أحبك فرعون فخلصت منه، وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك {وَلِتُصْنَعَ} لتغذى على اختياري، أو تصنع بك أمك ما صنعت في اليم بعيني ومشاهدتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 40 - {فُتُوناً} اختباراً حتى صلحت للرسالة، أو بلاء بعد بلاء خلصناك من محنة بعد محنة، أولها حملته أمه في سنة الذبح، ثم ألقي في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 اليم ثم مُنع الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جر بلحية فرعون فهم بقتله فتناول الجمرة / بدل الدرة فتركه، ثم جاءه رجل يسعى لما عزموا عليه من قتله " ع " أو أخلصناك إخلاصاً {عَلَى قَدَرٍ} موعد، أو قدر من النبوة والرسالة. {واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بئاياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنّه طغى 4 فقولا له قولاً ليناً لعلّه يتذكروا أو يخشى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 41 - {لِنَفْسِى} لمحبتي أو لرسالتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 42 - {وَلا تَنِيَا} تفترا في أمري، أو تضعفا في رسالتي، أو تبطئا " ع "، أو لا تزالا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 44 - {لَّيِّناً} لطيفاً رفيقاً، أو كنياه وكنيته أبو مرة أو أبو الوليد قيل كان لحسن تربية موسى فجعل الله - تعالى - رفقه به مكافأة له لما عجز موسى عن مكافأته. {قالا ربّنا إنّنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 وأرى فأتياه فقولا إنّا رسولا ربّك فأرسل معنا بني إسرئيل ولا تعذبهم قد جئناك بئايةٍ من رّبك والسلام على من اتّبع الهدى إنّا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذّب وتولى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 45 - {يَفْرُطَ} يعجل، أو يعذبنا عذاب الفارط في الذنب وهو المتقدم فيه، أفرط إذا أكثر من الشيء وَفَرطَ إذا نقص منه {أَوْ أن يطغى} يقتلنا. {قال فمن ربّكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 50 - {كُلَّ شيءٍ} زوجه من جنسه ثم هداه لنكاحه، أو صورته ثم هداه إلى معيشته وطعامه وشرابه، أو ما يصلحه ثم هداه له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 51 - {الْقُرُونِ} " القرن: أهل كل عصر لاقترانهم فيه، أو أهل كل عصر فيه نبي، أو طبقة عالية في العلم لاقترانهم بأهل العلم "، قاله الزجاج، سأله عنهم هل كانوا على مثل ما يدعوا إليه، أو بخلافه، أو ذكره دفعاً للجواب وقطعاً لما دعا إليه وعنتاً، أو سأل عن بغيهم للجزاء، أولما دعاه إلى الإيمان بالبعث قال: فما بال القرون لم يبعثوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 52 - {في كتاب} اللوح الحفوظ {لا يضل ربي} لا يخطئ فيه ولا يتركه أو لا يضل الكتاب عن ربي ولا ينسى ربي ما في الكتاب " ع " ولم يكن موسى يعلم علم القرون لأن التوراة إنما نزلت بعد هلاك فرعون. {الذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فيها سبلاً وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزوجاً من نباتٍ شتى كلوا وارعوا أنعامكم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولى النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه ءاياتنا كلهّا فكذّب وأبى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 54 - {النُّهَى} الحكم أو العقل، أو الورع لأنه يُنتهى إلى رأيهم، أو لأنهم ينهون النفس عن القبيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 56 - {آياتنا} الدالة على التوحيد، أو على نبوة موسى [صلى الله عليه وسلم] . {فكذب} الخبر {وابي} الطاعة. {قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فنأتينّك بسحرٍ مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 58 - {سُوىً) 6 منصفاً بينهم، أو عدلاً وسطاً، أو مستوياً يتبين للناس ما بيننا فيه، وسوى بالضم والكسر واحد، أو بالضم المنصف وبالكسر العدل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 59 - {يَوْمُ الزِّينَةِ} عيد كان لهم، أو يوم السبت، أو عاشوراء، أو يوم سوق كانوا يتزينون فيه. {فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذابٍ وقد خاب من افترى 61 فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً وقد أفلح اليوم من استعلى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 61 - {لا تَفْتَرُواْ} بسحركم، أو بقولكم إني ساحر {فيسحتكم} يستأصلكم بالهلاك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 62 - {أمرهم} فيما هيؤوه من الحبال والعصي، أو أيهم يبدأ بالإلقاء. {النَّجْوَى} قولهم: إن كان ساحراً فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمره، أو لما قال: {وَيْلَكُمْ} الآية، قالوا ما هذا كلام ساحر، أو أسروها دون موسى وهارون {إن هذين لساحران} الآيات، أو قالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 63 - {إِنَّ هذان} رفع الاثنين ونصبهما وخفضهما بالألف على لغة بلحارث بن كعب وكنانة وزبيد، قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 (فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغاً لناباه الشجاع لصمما) (إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها) أو تقديره " إنه هذان " فحذف الهاء وإن لم تكن هذه اللغة فصحى فيجوز ورود القرآن بالأفصح وبما عداه قاله متقدموالنجاة / [110 / ب] أو هذان مبني كبناء الذين لا يتغير في أحوال الإعراب، أو إن بمعنى نعم. (ويقلن شيب قد علاك ... وقد كبرت فقلت إنه) وهو قول السحرة، أو قول فرعون أشير به إلى جماعة، أو قول قومه. {بِطَرِيقَتِكُمُ} أهل العقل والشرف والأسنان. أو بنو إسرائيل كانوا ذوي عدد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 ويسار، أو بسيرتكم، أو بدينكم وعبادتكم لفرعون، أو بأهل طريقتكم المثلى، والمثلى تأنيث الأمثل وهو الأفضل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 64 - {فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ} أجمعوا جماعتكم على أمرهم في كيد موسى وهارون، أو أحكموا أمركم. {قالوا يا موسى أمّا أن تلقى وإمّا أن نّكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى 66 فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى فألقى السحرة سجدا قالوا ءامنا برب هارون وموسى 6} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 66 - {بَلْ أَلْقُواْ} إنما أمر بذلك لإظهار حجته وبطلان كيدهم وإلا فهو كفر لا يجوز الأمر به، أو هو خبر بصيغة الأمر تقديره " إن كان إلقاؤكم حجة فألقوا ". وكانوا سبعين ألف ساحر أو تسعمائة ثلاثمائة من العريش وثلاثمائة من الفيوم ويشكون في الثلاثمائة من الإسكندرية، أو اثنين وسبعين اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل، كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 67 - {فَأَوْجَسَ} فأسر {خِيفَةً} أن يلتبس الأمر على الناس فيظنوا أن الذي فعلوه مثل فعله، أو وجد ما هو مركوز في الطباع من الحذر. 69 {تَلْقَفْ} تبتلع بسرعة فابتلعت حمل ثلاثمائة بعير من الحبال والعصي ثم أخذها موسى فرجعت كما كانت وكانت من عوسج، أو من آس الجنة " ع " وبها قتل موسى - عليه الصلاة والسلام - عوج بن عناق. 70 {سُجَّداً} طاعة لله - تعالى - وتصديقاً بموسى فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما، فلذلك {قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ} ، وسألت امرأة فرعون عن الغالب فقيل: موسى وهارون، فقالت: آمنت برب موسى وهارون، فأمر فرعون بأن يُلقى عليها أعظم صخرة توجد إن أقامت على قولها فلما أتوها رفعت رأسها إلى السماء فرأت منزلها في الجنة، فمضت على قولها فانتزعت روحها فأُلقيت الصخرة على جسد لا روح فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 {قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاضٍ إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا ءامنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خيرٌ وأبقى إنّه من يأت ربّه مجرماً فإن له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى.} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 72 - {والذي فطرنا} قسم، أومعطوف {فَاقْضِ} فاصنع ما أنت صانع أو احكم ما أنت حاكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 73 - {وَاللَّهُ خَيْرٌ} منك {وَأَبْقَى} ثواباً إن أُطيع وعقاباً إن عُصي، أو {خَيْرٌ} ثواباُ منك إن أطيع و [ {وَأَبْقَى} ] عقاباً إن عُصى. {ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ماغشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى 79} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 77 - {لا تَخَافُ دَرَكاً} من فرعون {وَلا تَخْشَى} غرقاً من البحر. {يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوّكم ووعدناكم جانب الطّور الأيمن ونزّلنا عليكم المنّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى 81 وإنّى لغفارٌ لمن تاب وءامن وعمل صالحاً ثم اهتدى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 81 - {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ} لا تكفروا به، ولا تستعينوا برزقي على معصيتي أو لا تدخروا منه لأكثر من يوم وليلة فادخروا فدوُّد ولولا ذلك لما دوَّد طعام أبداً " ع " {فَيَحِلَّ بالضم} ينزل وبالكسر يجب. {هَوَى} في النار، أو هلك في الدنيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 82 - {لمن تاب} من الشرك {وآمن} بالله - تعالى - ورسوله [صلى الله عليه وسلم] {ثُمَّ اهْتَدَى} لم يَشُك في إيمانه " ع " أو لزم الإيمان حتى يموت، أو أخذ بسنة نبيه [صلى الله عليه وسلم] أو أصاب العمل، أو عرف جزاء عمله من ثواب، أوعقاب، أو اهتدى / [110 / ب] في ولائه أهل بيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] . {ومآ أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك ربّ لترضى قال فإنا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلهم السامرى فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال ياقوم ألم يعدكم ربّكم وعداً حسناً أفطال عليكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضبٌ من رّبكم فأخلفتم موعدى قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حملنا أوزاراً من زينة القوم فقدفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوارٌ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 86 - {أَسِفاً} شديد الغضب، أو الحزين، أو الجزع، أو المتندم، أو المتحسر {وَعْداً حَسَناً} النصر والظفر، أو قوله - تعالى - {وَإِنِّى لَغَفَّارٌ} الآية أو ثواب الآخرة، أو التوراة يعملون بما فيها فيستحقون ثوابه {مَّوْعِدِى} " وعدهم أن يقيموا على أمره فاختلفوا، أو بالمسير " على أثره للميقات فتوقفوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 87 - {بِمَلْكِنَا} بطاقتنا، أو بملك أنفسنا عند البلية التي وقعت بنا، أو لم يملك المؤمنون منع السفهاء من ذلك، وعدهم أربعين ليلة فعدوا عشرين يوماً وظنوا أنهم أكملوا الميعاد بالليالي وأوهمهم السامري ذلك. {أَوْزَاراً} أثقالاً من زينة {الْقَوْمِ} قوم فرعون لأن موسى أمرهم أن يستعيروا حليهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 88 - {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً} لما استبطؤوا موسى قال السامري: إنما احتبس عنكم من أجل ما عندكم من الحلي، فجمعوه ودفعوه للسامري فصاغ منه عِجلاً، وألقى عليه قبضة من أثر فرس جبريل - عليه السلام -، وهو الحياة فصار له خوار {خوارٌ} لما ألقى قبضة أثر الرسول حَيَ العجل وخار " ح " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 أو لم يصر فيه حياة ولكن جعل فيه خروقاً إذا دخلتها [الريح] سمع لها صوت كالخوار {فَنَسِى} السامري إسلامه وإيمانه، أو قال السامري قد نَسِي موسى إلاهه عندكم، أو نَسِي السامري أن قومه لا يصدقونه في عبادة عجل لا يضر ولا ينفع، أو نَسِي موسى أن قومه عبدوا العجل بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 89 - {أَفَلا يَرَوْنَ} أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل لا يرد إليهم جواباً، قيل: لما مضى من الموعد خمس وثلاثون أمر السامري بجمع الحلي وصاغه عجلاً في السادس والثلاثين والسابع والثامن ودعاهم إلى عبادته في التاسع فأجابوه وجاء موسى بعد كمال الأربعين. {ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنّما فتنتم به وإنّ ربّكم الرحمن فاتّبعوني وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبّعن أفعصيت أمري قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرّقت بين بنى إسرائيل ولم ترقب قولي} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 92 - {ضَلُّواْ} بعبادة العجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 93 - {تتبعني} في الخروج من بينهم، أو في منعهم والإنكار عليهم {أمري} قوله {اخلفني في قومي} الآية [142 من الأعراف] , الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 94 - {يا ابن أم} كان أخاه لأبويه، أو لأبيه دون أُمه، وقاله اسرقاقاً واستعطافاً. {بِلِحْيَتِى} أخذ شعره بيمينه ولحيته بيساره " ع "، أو بلحيته وأذنه، فعبّر عن الأذن بالرأس، فعل ذلك لِيُسر إليه نزول الألواح عليه في تلك المناجاة إرادة إخفائها على بني إسرائيل قبل التوبة، أو وقع عنده أن هارون مايلهم في أمر العجل، قلت: وهذا فجور من قائله لأن ذلك لا يجوز على الأنبياء، أو فعل ذلك لتركه الإنكار على بني إسرائيل ومقامه بينهم وهو الأشبه. {فَرَّقْتَ} بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم، أو بقتال من عبد العجل منهم، قيل: عبدوه كلهم إلا اثني عشر ألفاً بقوا مع هارون لم يعبدوه {وَلَمْ تَرْقُبْ} لم تعمل بوصيتي، أو لم تنتظر عهدي. {قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضةً من أثرالرسول فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعداً لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً لنحرقنّه ثم لننسفنّه في اليمّ نسفاً 97 إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شىءٍ علماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 95 - {فَمَا خَطْبُكَ} الخطب ما يحدث من الأمور الجليلة التي يخاطب عليها، وكان السامري كرمانياً تبع موسى، " أو من عظماء بني إسرائيل " اسمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 موسى بن ظفر من قبيلة يقال لها سامرة، أو قرية يقال لها: سامرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 96 - {بصرت} نظرت، أو فظنت، بصرت وأبصرت واحد، أو أبصرت نظرت، وبصرت فطنت والقبضة بجميع الكف وبغير إعجام بأطراف الأصابع {الرَّسُولِ} جبريل - عليه السلام - عرفه لأنه رآه يوم فلق البحر حين قبض القبضة من أثره، أوعرفه لأنه كان يغذوه صغيراً لما ألقته أمه خوفاً أن يقتله فرعون لما كان يقتل بني إسرائيل فعرفه في كبره فأخذ التراب من تحت حافر فرسه {فَنَبَذْتُهَا} ألقاها فيما سكه من الحلي فخار بعد صياغته، أو ألقاها في جوفه بعد صياغته فظهر خواره، أو الرسول موسى وأثره شريعته، قبض قبضة من شريعته نبذها وراء ظهره ثم اتخذ العجل إلاهاً، ونبذُها ترك العمل بها. {سَوَّلَتْ} حدثت، أو زينت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 97 - {فَاذْهَبْ} وعيد من موسى، فخاف فهرب يهيم في البرية مع الوحش لا يجد أحداً من الناس يمسه، فصار كالقائل لا مساس لبعده عن الناس وبعدهم عنه أو حرمه موسى بهذا القول، فكان بنو إسرائيل لا يخالطونه ولا يؤاكلونه فكان لا يَمس ولا يمس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 98 - {وَسِعَ} أحاط علمه بكل شيء فلم يخرج عن علمه شيء، أو لم يخل شيء من علمه به. {كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد ءاتيناك من لدنا ذكراً 11 من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملاً يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 102 - {زُرْقاً} عمياً، أو عطاشاً، ازرقت أعينهم من العطش أو شوه خلقهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، أو الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة وهو نوع من العذاب، أو شخوص البصر من شدة الخوف، " أو الزرق الأعداء يعادي بعضهم بعضاً من قولهم: عدو أزرق ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 103 - {يَتَخَافَتُونَ} يتسارون {إِن لَّبِثْتُمْ} في الدنيا، أو القبور {إِلا عَشْراً} على التقريب دون التحديد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 104 - {أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} أكثرهم سداداً، أو أوفرهم عقلاً {إِن لَّبِثْتُمْ} في الدنيا، أو القبور {إِلا يَوْماً} لأنه كان عنده أقصر زماناً وأقل لبثاً. {ويسئونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً 105 فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا يومئذ يتّبعون الدّاعى لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 105 - {يَنسِفُهَا} يجعلها كالرمل تنسفه الرياح، أو تصير كالهباء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 106 - {قَاعاً} موضعاً مستوياً لا نبات فيه، أو أرضاً ملساء، أو مستنقع الماء قاله الفراء {صَفْصَفاً} موضعاً لا نبات فيه ولا مستوياً كأنه على وصف واحد في استوائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 107 - {عِوَجاً} وادياً {أَمْتاً} رابية " ع "، أو عوجاً: صدعاً، أمتاً: أكمة، أو عوجاً: ميلاً، أمتاً: أثراً، أو الأمت الحدب والانثناء، أو الصعود والارتفاع من الأمت في العصا والحبل وهو أن يغلظ في مكان منه ويدق في مكان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 108 - {وَخَشَعَتِ} خضعت بالسكون {هَمْساً} صوتاً خفياً، أو تحريك الشفة واللسان، أو نقل الأقدام. {يؤمئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولاً يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً 110 وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلماً ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً} 111 _ {وَعَنَتِ} ذلت، أو خشعت، الذليل أن يكون ذليل النفس والخشوع أن يتذلل لذي طاعة أوعملت أو استسلمت، أو وضع الجبهة والأنف على الأرض في السجود {الْقَيُّومِ} القائم على كل نفس بما كسبت، أو بتدبير الخلق، أوالدائم الذي لا يزول ولا يبيد {حَمَلَ ظُلْماً} شركاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 112 - {فلا يخاف ظلما} بالزيادة / [111 / ب] في سيئاته {وَلا هَضْماً} بالنقصان من حسناته " ع ". {وكذلك أنزلناه قرءاناً عربيّاً وصرفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رّبّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 زدني علماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 113 - {لَهُمْ ذِكْراً} جداً، أو شرفاً لإيمانهم به أو ذكراً يعتبرون به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 114 - {ولا تعجل بالقرآن} لا تسأل إنزاله قبل أن يأتيك وحيه، أو لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله، أو لا تعجل بتلاوته قبل فراغ جبريل من إبلاغه خوف نسيانه {زدني علماً} علماً: قرآناً. {ولقد عهدنا إلىءادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا أبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدوٌّ لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنّك لا تظمؤا فيها لا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرةٍ الخلد وملكٍ لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصىءادم ربّه فغوى ثمّ اجتباه ربّه فتاب عليه وهدى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 115 - {فَنَسِىَ} ترك أَوْ سَهَا {عَزْماً} صبراً، أو حفظاً، أو ثباتاً قال أبو أمامة لو وزنت أحلام بني آدم لرجح حلمه على حلمهم وقد قال الله - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 تعالى - {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} أو عزماً في العود إلى الذنب ثانياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 117 - {فَتَشْقَى} " بأن تأكل من كد يدك وما تكسبه بنفسك وتصنعه بيدك " أراد فيشقيا لاستوائهما في العلة، وخصه بالذكر لأنه المخاطب دونها، أو لأنه الكاد عليها الكاسب لها. {قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعضٍ عدو فإما يأتينّكم منّى هدى فمن اتّبع هداي فلا يضل ولا يشقى 123 ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بئايات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 123 - {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ} ضمن الله - تعالى - لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 124 - {ضنكا} كسباً حراماً، أو إنفاق من لا يؤمن بالخلف " ع " أو عذاب القبر، قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو طعام الضريع والزقوم في جهنم. والضنك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 الضيق. {أعمى} في حال بصيراً في أخرى، أو أعمى عن الحجة، أوعن جهات الخير لا يهتدي لشيء منها. {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ولولا كلمةٌ سبقت من ربك لكان لزاماً وأجلٌ مسمى فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن ءانائ الّيل فسبّح وأطراف النهار لعلك ترضى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 129 - {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ} بجعل الجزاء يوم القيامة، أو بتأخيرهم إلى يوم بدر {لِزَاماً} عذاباً لازماً، أو فصلاً {وَأَجَلٌ مُّسَمّىً} يوم بدر، أو يوم القيامة. تقديره " ولولا كلمة وأجل لكان لزاماً ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 130 - {مَا يَقُولُونَ} من الأذى والافتراء {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} صلاة الفجر {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} صلاة العصر {آناء الليل} ساعاته واحدها إني صلاة الليل كله، أو المغرب والعشاء {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} صلاة الظهر لأنها آخر النصف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 الأول وأول النصف الثاني، أو صلاة التطوع {تَرْضَى} تُعطى و " تُرضى " بالكرامة، أو الشفاعة. {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسئلك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وقالوا لولا يأتينا بئايةٍ من رّبه أو لم تأتهم بينّة ما في الصحف الأولى ولو أنا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع ءاياتك من قبل أن نذّلّ ونخزى قل كلّ متربصٌ فتربصّوا فستعلمون من أصحاب الصرط السّوى ومن اهتدى} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 131 - {تَمُدَّنَّ} لا تأسفن، أو لا تنظرن. {أَزْوَاجاً} أشكالاً من المزاوجة {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ} زينتها {لِنَفْتِنَهُمْ} لنعذبهم {وَرِزْقُ رَبِّكَ} القناعة بما تملكه والزهد فيما لا تملكه، أو ثواب الآخرة {خَيْرٌ وَأَبْقَى} مما مُتِّعوا به، نزلت لما أبى اليهودي أن يسلف الرسول [صلى الله عليه وسلم] الطعام إلا برهن فشق ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 132 - {أَهْلَكَ} نسباؤك، أو من أطاعك لتنزلهم منزلة الأهل في الطاعة {وَالْعَاقِبةُ} حسن العاقبة لذوي التقوى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 سورة الأنبياء مكية اتفاقاً بسم الله الرحمن الرحيم {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكرٍ من ربّهم محدثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون لاهيةً قلوبهم وأسرّوا النّجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشرٌ مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بئايةٍ كما أرسل الأوّلون ما ءامنت قبلهم من قريةٍ أهلكناها أفهم يؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 1 - {حِسَابُهُمْ} عذاب بدر، أو حساب القيامة لأن كل آتٍ قريب، أو لقلة ما بقي من الزمان وكثرة ما مضى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 2 - {مُّحْدَثٍ} تنزله سورة بعد سورة وآية بعد آية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 3 - {لاهِيَةً} غافلة باللهو عن الذكر أو مشتغلة بالباطل عن الحق {وَأَسَرُّواْ} أخفوا، أو أظهروا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 5 - {أَضْغَاثُ} أهاويل أحلام، أو تخاليط، أو ما لا تأويل له {أحلام} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 ما لاتأويل له ولا تفسير، أو الرؤيا الكاذبة. {وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 7 - {أهل الذكر} التوراة والإنجيل، أو مؤمنوا أهل الكتاب، أو المسلمون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 8 - {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ} ولا يموتون فنجعلك كذلك ردٌ لقولهم {هل هذا إلا بشر} الآية [3] أو جعلناهم جسداً إلا ليأكلوا للطعام فلذلك خلقناك جسداً مثلهم، جسداً: هو المُجَسدُ الذي فيه روح ويأكل ويشرب، أو ما لا يأكل ولا يشرب. {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون وكم قصمنا من قريةٍ كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً ءاخرين فلمّا أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 10 - {ذِكْرُكُمْ} شرفكم إن عملتم به، أو حديثكم، أو ما تحتاجون إليه من أمر دينكم، أو مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 12 - {أَحَسَّواْ} عاينوا عذابنا {مِّنْهَا} من القرية، أو العذاب {يَرْكُضُونَ} يسرعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 13 - {وارجعوا} استهزاء بهم وتوبيخ {أترفتم} نعمتم {تسألون} شيئاً من دنياكم استهزاء بهم، أو عما عملتم، أو تفيقون بالمسئلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 15 - {حَصِيداً} قطعاً بالاستئصال كحصاد الزرع {خَامِدِينَ} بالعذاب، أو بالسيف لما قتلهم بختنصر، والخمود: الهمود تشبيهاً لخمود الحياة بخمود النار إذا طُفِئت كما يقال لمن مات طُفىء تشبيهاً بانطفاء النار. {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الّيل والنهار لا يفترون 7} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 17 - {لَهْواً} ولداً [ردٌ] لقولهم في عيسى، أو المرأة بلغة أهل اليمن [ردٌ] لقولهم في مريم، أو داعي الهوى ونازع الشهوة {مِن لدنا} لا تخذنا نساءً وولداً من أهل السماء لا من أهل الأرض {إِن كُنَّا} نفي، أو شرط تقديره لا تخذناه عندنا بحيث لا يصل علمه إليكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 18 - {بِالْحَقِ} المتبوع على الباطل المدفوع، أو بالقرآن، والباطل إبليس {زاهق} ذاهب، أوهالك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 19 - {يستحسرون} يملون، أو يعبون، أو يستنكفون، أو ينقطعون والبعير المنقطع بالإعياء حسيرٌ. (بها جيف الحسى ... ... ... ) {أم أتخذوا ءالهةٌ من الأرض هم ينشرون لوكان فيهما ءالهةٌ إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عمّا يصفون لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 21 - {مِّنَ الأَرْضِ} مما خلق في الأرض {يُنشِرُونَ} يخلقون، أو يحيون الموتى من النشر بعد الطي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 22 - {إِلا اللَّهُ} سوى الله، أو " إلا " بمعنى الواو {لفسدتا} هلكتا بالفساد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 23 - {لا يسأل} عن قضائه وهو يَسأل الخلق عن أعمالهم، أو لا يُحاسب على أفعاله وهم يُحاسبون، أو لا يُسأل عن أفعاله لانها صواب ولا يريد بها الثواب {وهم يسألون} لأن في أعمالهم غيرَ الصواب وقد لا يريدون بها الثواب، وإن كانت صواباً. {أم أتخذوا من دونه ءالهةً قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلى بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون وقالوا أتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عبادٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إنّى إله من دونه فذلك نجزيه جهنّم كذلك نجزى الظالمين 29} \ 24 - {ذِكْرُ مَن مَّعِىَ} يما يلزمهم من حلال وحرام {وَذِكْرُ مَن قَبْلِى} ممن نجا بالإيمان وهلك بالشرك، أو ذِكرُ من معي بإخلاص التوحيد في القرآن وذِكرُ من قبلي في التوراة والإنجيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 28 - {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} من أمر الآخرة {وَمَا خَلْفَهُمْ} من الدنيا، أو ما قدموا وأخروا من أعمالهم، أو ما عملوا وما لم يعملوا {وَلا يَشْفَعُونَ} في الدنيا أو الآخرة في القيامة / [112 / ب] {ارتضى} عمله، أو رضي عنه. {أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شىءٍ حيٍ أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلّهم يهتدون وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن ءاياتها معرضون وهوالذي خلق الّيل والنهار والشمس والقمر كلٌّ في فلكٍ يسبحون} \ 30 - {رَتْقاً} ملتصقتين ففتق الله - تعالى - عنهما بالهواء " ع " أو كانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 السموات مرتتقة مُطبقة ففتقها سبعاً وكذلك الأرض، أو السماءَ رتقاً لا تُمطر ففتقها بالمطر، والأرض لا تنبت ففتقها بالنبات، أرتق: السد، والفتقُ: الشق. {كُلَّ شَىْءٍ} خلق كل شيء من الماء، أو حفظ حياة كل حي بالماء، أو أراد ماء الصلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 31 - {رَوَاسِىَ} لأنها رست في الأرض وثبتت، أو لأن الأرض رست بها فالرواسي الثوابت، أو الثقال {تَمِيدَ} تزول، أو تضطرب {فِجَاجاً} أعلاماً يُهتدي بها، أو جمع فج وهو الطريق الواسع بين الجبلين {سُبُلاً} للاعتبار، أو مسالك للسابلة {يَهْتَدُونَ} بالاعتبار بها إلى دينهم، أو ليهتدوا طُرق بلادهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 32 - {مَّحْفُوظاً} أن يقع على الأرض، أو مرفوعاً، أو من الشياطين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 33 - {فَلَكٍ} الفلك السماء، أو القطب المستدير الدائر بما فيه من القمرين والنجوم ومنه فَلكة المغزل لاستدارتها ودورانها. واستدارة الفلك كدور الكرة، أو كدور الرحى والفلك السماء تدور بالقمرين والنجوم، أو استدارة في السماء تدور بالنجوم مع ثبوت السماء، أو استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم. {يَسْبَحُونَ} يجرون، أو يدروون " ع ". {وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد أفإين متّ فهم الخالدون كل نفسٍ ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنةً وإلينا ترجعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 35 - {بِالشَّرِّ} الشدة والرخاء، أو بالفقر والمرض {وَالْخَيْرِ} الغنى والصحة أوالشر: غلبة الهوى، والخير: العصمة من المعاصي، أو ما تحبون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 وما تكرهون لنعلم شكركم على ما تحبون وصبركم على ما تكرهون {فِتْنَةً} ابتلاء واختباراً. {وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي يذكر ءالهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون خلق الإنسان من عجلٍ سأوريكم ءاياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 37 - {الإِنسَانُ} آدم خلق بعجل يوم الجمعة آخر الأيام الستة قبل غروب الشمس أو لما نفخ الروح في عينيه ولسانه بعد إكمال صورته سأل ربه أن يعجل تمام خلقه وإجراء الروح في جسده قبل الغروب، أوالعجل الطين. قال: (والنبع في الصخرة الصماء منبتهُ ... والنخل ينبت بين الماء والعجل) أو الإِنسان الناس كلهم فخلق الإنسان عجولاً، أو خلق على حب العجلة، أو خلقت العجلة فيه، والعجلة تقديم الشيء قبل وقته، والسرعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 تقديمه في أول أوقاته. {ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون قل من يكلؤهم بالّيل والنّهار من الرّحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون أم لهم ءالهةٌ تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منّا يصحبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 42 - {يَكْلَؤُكُم} يحفظكم استفهام نفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 43 - {يُصْحَبُونَ} يُجارون، إن لك من فلان صاحباً أي مجيراً، أو يُحفظون، أو ينصرون أو لا يصحبون من الله بخير. {بل متعنا هؤلاء وءاباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنّا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون 44 قل إنّما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصّمّ الدعاء إذا ما ينذرون ولئن مسّتهم نفحةٌ من عذاب ربّك ليقولنّ ياويلنا إنّا كنا ظالمين ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسٌ شيئاً وإن كان مثقال حبّةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 44 - {نَنقُصُهَا} بالظهور عليها وفتحها بلداً بعد بلد " ح " أو بنقصان أهلها وقلة بركتها، أو بالقتل والسبي أو بموت فقهائها وعلمائها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 ولقد ءاتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه أفأنتم له منكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 48 - {الْفُرْقَانَ} التوراة الفارقة بين الحق والباطل، أو البرهان الفارق بين حق موسى وباطل فرعون، أو النصر والنجاة الفارقان بين موسى وفرعون. {ولقد ءاتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا ءاباءانا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وءباؤكم في ضلالٍ مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربّكم ربّ السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 51 - {رُشْدَهُ} النبوة، أو هدايته في الصغر {مِن قَبْلُ} إرساله نبياً، أو من قبل: موسى وهارون {عالمين} بأهليته للرشد، أو للنبوة. {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلّهم إليها يرجعون قالوا من فعل هذا بالهتنا إنّه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يقال له إبراهيم 60 قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قالوا ءأنت فعلت هذا بئالهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 58 - {جُذَاذاً} حُطاماً " ع "، جِذاذاً: قِطعاً مقطوعة، قال الضحاك: هو أن يأخذ من كل عضوين عضواً ويدع عضواً. من الجذ وهوالقطع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 61 - {أَعْيُنِ النَّاسِ} بمرأى منهم {يَشْهَدونَ} عقابه " ع " أو يشهدون عليه بما فعل كرهوا عقابه بغير بينة " ح " أو بما يقول من حجة وما يقال له من جواب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 63 - {فسألوهم} جعل سؤالهم مشروطاً بنطقهم، أو أخرجه مخرج الخبر يريد من اعتقدها آلهة لزمه السؤال فلعلها تجيبه إن كانت ناطقة، وقوله {يَنطِقُونَ} أي يخبرون. {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم انتم الظالمون 64 ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم أّفٍ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 64 - {إِلَى أَنفُسِهِمْ} رجع بعضهم إلى بعض، أو رجع كل واحد إلى نفسه مفكراً فيما قاله إبراهيم. {أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} بسؤاله لأنها لو كانت آلهة لم يصل إليها، حادوا عما أرادوه من الجواب وأنطقهم الله بالحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 65 - {نُكِسُواْ} رجعوا إلى الشرك بعد اعترافهم بالحق، أو رجعوا إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم {لَقَدْ عَلِمْتَ} " الآية " أو خفضوا رؤوسهم. {قالوا حرّقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 68 - {قَالُواْ حَرِّقُوهُ} أشار عليهم بذلك رجل من أكراد فارس، أو هيزون فخسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، ولما أوثق ليلقى فيها قال: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك ولا شريك لك، فلما أُلقي فيها قال: " حسبي الله ونعم الوكيل " فلم يحرق منه إلا وثاقه، وكان ابن ست وعشرين سنة " ولم يبق يومئذ في الأرض دابة إلا كانت تطفىء النار عنه إلا الوزغ كان ينفخها فأمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بقتله " قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 الكلبي: بنوا له أتوناً ألقوه فيه وأوقدوا عليه النار سبعة أيام ثم أطبقوه عليه وفتحوه من الغد فإذا هو عرق أبيض لم يحترق، وبردت نار الأرض مما أنضجت يومئذ كراعاً. {ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين 3 ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلواة وإيتآء الزكاة وكانوا لنا عابدين ولوطاً ءاتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين وأدخلناه في رحمتنآ إنه من الصالحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 71 - {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً} كان ابن أخي إبراهيم فآمن به فنجا معه {إِلَى الأَرْضِ} مكة، أو أرض القدس، أو الشام {بَارَكْنَا} ببعث أكثر الأنبياء منها أو بكثرة خصبها ونمو نباتها، أو بعذوبة مائها وتفرقه في الأرض منها فتهبط المياه العذبة من السماء إلى صخرة بيت المقدس ثم تتفرق في الأرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 72 - {نَافِلَةً} غنيمة، أو النافلة ابن الأبن، أو زيادة العطاء فالنافلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 يعقوب لأنه دعا بالولد فزاده الله - تعالى - ولد الولد " ع " أو النافلة إسحاق ويعقوب لأنهما زيادة على ما تقدم من الإنعام عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 74 - {ولوطا آتيناه حُكْماً} نبوة أو قضاء بين الناس " ع " {وَعِلْماً} فقهاً {الْخَبَآئِثَ} اللواط، أو الضراط والقرية: سدوم. {ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بئاياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 76 - (نَادَى} دعانا على قومه من قبل إبراهيم {الكرب العظيم} / [113 / ب] الغرق بالطوفان. {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاً ءاتينا حكماً وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوسٍ لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمرة إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذالك وكنا لهم حافظين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 78 - ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 79 - {الْحَرْثِ} زرع، أو كرم نبتت عناقيده {نَفَشَتْ} النفش رعي الليل والهمل رعي النهار، قال بعض المتكلمين كان حكمهما صواباً متفقاً إذ لا يجوز الخطأ على الأنبياء فقوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} لأنه أوتي الحكم في صغره وأوتيه داود في كبره، وهذا شاذ، أو أخطأ داود وأصاب سليمان على قول الجمهور فحكم داود لصاحب الحرث بالغنم، وحكم سليمان بأن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بدرها ونسلها ويدفع الحرث إلى صاحب الغنم ليعمره فإذا عاد في القابل رُدت الغنم إلى صاحبها والحرث إلى مالكه فرجع داود إلى حكمه، ويجوز أن يكون ذلك اجتهاداً من سليمان ويكون من داود فُتْيا عبّر عنها بالحكم لئلا تكون نقضاً للأجتهاد بالاجتهاد، ويجوز أن يكون حكم سليمان عن وحي فيجب على داود نقض الحكم عملاً بالنص، قلت: ويمكن أن يجوز في شرعهم نقض الاجتهاد بالاجتهاد والخطأ جائز على جميع الأنبياء، أو يُستثنى منهم محمد [صلى الله عليه وسلم] إذ لا نبي بعده يستدرك غلطه، وهذا مبني على جواز اجتهاد الأنبياء، وشرعنا موافق لشرعهما في ضمان ما أتلفته البهائم ليلاً وإن اختلف الشرعان في صفة الضمان وكيفيته {وخرنا مَعَ دَاوُدَ} ذللنا، أو ألهمنا {يُسَبِّحْنَ} يسرن من السبح، أو يصلين، أو يسبحن تسبيحاً كان مسموعاً كان يفهمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 80 - {لَبُوسٍ} الدروع، أو جمع السلاح لبوس عند العرب {بأسكم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 سلاحكم، أو حرب أعدائكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 81 - {عَاصِفَةً} العصوف شدة حركتها، والتِّبْن عصف لأنها تعصفه بشدة تطييرها له {الأَرْضِ} الشام بورك فيها بمن بُعث فيها من الأنبياء، أو بأن مياه أنهار الأرض تجري منها، أو بما أودعها من الخيرات فما نقص من الأرض زيد في الشام وما نقص من الشام زيد في فلسطين. {وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وءاتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} 83 - {وأيوب} كان ذا مال وولد فهلك ماله، ومات أولاده، ثم بُلي في بدنه فقرح وسعى فيه الدود واشتد بلاؤه فطرح على مزبلة بني إسرائيل ولم يبقَ أحدٌ يدنو منه إلا امرأته. {الضُّرُّ} المرض، أو البلاء الذي بجسده حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 كانت الدود تسقط منه فيردها ويقول كُلي مما رزقك الله، أو الشيطان لقوله {مَسَّنِىَ الشيطان بِنُصْبٍ} [ص: 41] أو وثب ليصلي فلم يقدر فقال: {مَسَّنِىَ الضُّرُّ} إخباراً عن حاله لا شكوى لبلائه، أو انقطع عنه الوحي أربعين يوماً فخاف هجران ربه فقال: {مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ} تقديره أيمسني الضر وأنت أرحم الراحمين، أو أنت أرحم بي أن يمسني الضر، أو قاله استقالة من ذنبه ورغباً إلى ربه، أو شكا ضره استعطافاً / [114 / أ] لرحمته وكشف بلائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 84 - {أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم} رد إليه أهله الذين أهلكهم بأعيانهم وأعطاه مثلهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 معهم قاله ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -، أو كان له سبع بنين وسبع بنات فماتوا في بلائه، فلما كُشف بلاؤه رُد عليه بنوه وبناته، وولد له بعد ذلك مثلهم، قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - ماتوا قبل آجالهم فأحياهم الله - تعالى - فوفاهم آجالهم وأبقاه حتى أعطاه من نسلهم مثلهم. {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 85 - {وَذَا الْكِفْلِ} عبد صالح كَفَل لليسع بصوم النهار وقيام الليل وأن لا يغضب ويقضي بالحق فوفى بذلك، أو كان نبياً كفل بأمر فوفى به " ح " سُمي ذا الكفل لوفائه بما كفل به، أو لغير سبب، أو لأن ثوابه ضعف ثواب غيره من أهل زمانه. {وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدرعليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذالك ننجي المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 87 - {النُّونِ} الحوت {مُغَاضِباً} مراغماً للملك حزقيا ولم يكن به بأس، أو لقومه، أو لربه من غير مراغمة لانها كفر، بل مغاضبته خروجه بغير إذنه. وذهب لأن خلقه كان ضيقاً فلما أثقلته أعباء النبوة ضاق بهم فلم يصبر، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 أو كان من عادة قومه قتل الكاذب فلما أخبرهم بنزول العذاب ثم رفعه الله تعالى عنهم قال: لا أرجع إليهم كذاباً وخاف القتل فخرج هارباً {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ} نضيق {عَلَيْهِ} طرقه " ع " {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] ضُيق، أو ظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا، أو ظن أن لن نُقَدِّر عليه من العقوبة ما قدرنا من القدر وهو الحكم دون القدرة، ولذلك قرأ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " نُقدِر عليه "، أو تقديره أفظن أن لن نقدر عليه، ولا يجوز أن يحمل على ظن العجز لأنه كفر. {الظُّلُمَاتِ} ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت " ع " أو الحوت في بطن الحوت {مِنَ الظَّالِمِينَ} لنفسي بخروجي بغير إذنك ولم يكن ذلك عقوبة له لأن الأنبياء لا يعاقبون بل كان تأديباً وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 88 - {فَاسْتَجَبْنَا} إجابة الدعاء ثواب من الله - تعالى - للداعي ولا تجوز أن تكون غير ثواب، أو هي استصلاح قد يكون ثواباً وقد يكون غير ثواب أوحى الله - تعالى - إلى الحوت لا تكسري له عظماً ولا تخدشي له جلداً فلما صار في بطنها قال: يا رب اتخذت لي مسجداً في موضع ما اتخذه أحد، ولبث في بطنه أربعين يوماً، أو ثلاثة أيام، أو من ارتفاع النهار إلى آخره، أو أربع ساعات، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس، فقال: {سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فلفظه الحوت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 89 - {فَرْداً} خلياً من عصمتك، أو عادلاً عن طاعتك، أو وحيداً بغير ولد عند الجمهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 90 - {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} كانت عاقراً فصارت ولوداً فولدت له وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وهي قريبة من سنه، أو كان في لسانها طول فحسنا خلقها {يسارعون} / [114 / ب] يبادرون بالأعمال الصالحة، {رَغَباً} في ثوابنا {وَرَهَباً} من عقابنا أو رغباً في الطاعات ورهباً من المعاصي، أو رهباً بظهور الأكف ورغباً ببطونها، أو طمعاً وخوفاً {خَاشِعِينَ} متواضعين، أو راغبين راهبين، أو وضع اليمنى على اليسرى والنظر إلى موضع السجود في الصلاة. {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها ءاية للعالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 91 - {أحْصَنَتْ فَرْجَهَا} بالعفاف من الفاحشة، أو جيب درعها منعت منه جبريل - عليه السلام - قبل أن تعلم أنه رسول الله {مِن رُّوحِنَا} أجرينا فيها روح المسيح - عليه الصلاة والسلام - كما يجري الهواء بالنفخ، أو أمر جبريل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 - عليه السلام - فمد جيب درعها بإصبعه ثم نفخ فيه فحبلت من وقتها وولدته يوم عاشوراء {أيه} خلقه من غير ذكر، وكلامه ببراءتها. {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 92 - {أُمَّتُكُمْ} دينكم دين واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 93 - {وَتَقَطَّعُواْ} اختلفوا في الدين، أو تفرقوا فيه. {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون 95 حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصةٌ أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا بل كنّا ظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 95 - {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} وجدناها هالكة بالذنوب {أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} إلى التوبة، أو أهلكناها بالعذاب {أنهم لا يرجعون} إلى الدنيا " {وحزمٌ} وجب على قرية " {أَهْلَكْنَاهَآ} أنهم لم يكونوا ليؤمنوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 96 - {فُتِحَتْ} فُتح لها السد، ويأجوج ومأجوج: أخوان لأب من ولد يافث بن نوح، من أجة النار، أو من الماء الأجاج {حَدَبٍ} الفجاج والطرق أو الجوانب، أو التلاع والآكام من حَدَبة الظهر {يَنسِلُونَ} يخرجون. ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... من ثيابك تَنْسُلي) أو يسرعون وهم يأجوج ومأجوج أو الناس يحشرون إلى الموقف. {إنّكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لوكان هؤلاء ءالهةً ما وردوها وكلٌ فيها خالدون لهم فيها زفيرٌ وهم فيها لا يسمعون 6 إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 98 - {حَصَبُ جَهَنَّمَ} وقودها، أو حطبها، أو يرمون فيها كما ترمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 الحصباء فكأنها تحصب بهم، " وحضب جهنم " بالإعجام يقال: حضبت النار إذا خبت وألقيت فيها ما يشعلها من الحطب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 101 - {الْحُسْنَى} طاعة الله - تعالى - أو السعادة منه، أو الجنة، يريد به عيسى والعُزير والملائكة الذين عُبدوا وهم كارهون، أو عثمان وطلحة والزبير، أو عامة في كل من سبقت له الحسنى، لما نزلت {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} الآية قال المشركون: إن المسيح والعُزير والملائكة قد عُبدوا فنزلت {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ} الآية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 103 - {الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} النفخة الأخيرة " ح " أو ذبح الموت، أو حين تطبق جهنم على أهلها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 {يوم نطوى السماء كطىّ السجل للكتب كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنّا كنّا فاعلين ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذّكر أنّ الأرض يرثها عبادى الصالحون إنّ في هذا لبالغاً لقومٍ عابدين وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 104 - {السِّجِلِّ} الصحيفة تُطوى على ما فيها من الكتابة، أو ملك يكتب أعمال العباد، أو اسم رجل كان يكتب للرسول [صلى الله عليه وسلم] " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 105 - {الزَّبُورِ} الكتب المنزلة على الأنبياء - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - والذكر: الكتاب الذي في السماء، أو الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة " والذكر التوراة " ع "، أو زبور داود - عليه الصلاة والسلام -، والذكر: التوراة " {الأَرْضَ} أرض الجنة {يَرِثُهَا} أهل الطاعة، أو أرض الشام يرثها بنو إسرائيل، أو أرض الدنيا يرثها أمه محمد [صلى الله عليه وسلم] بالفتوح " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 106 - {إِنَّ فِى هَذَا} القرآن أو السورة {لَبَلاغاً} إليهم يكفهم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة أو يبلغهم إلى رضوان الله - تعالى - وثوابه. {عَابِدِينَ} مطيعين، أو عاملين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 107 - {رَحْمَةً} هداية {لِّلْعَالَمِينَ} المؤمنين، أو رفعاً لعذاب الاستئصال عن كافة الخلق. {قل إنّما يوحى إلى أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ فهل أنتم مسلمون فإن تولّوا فقل ءاذنتكم على سواءٍ وإن أدرى أقريبٌ أم بعيد ما توعدون إنّه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدرى لعلّه فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حين 111 قل ربّ احكم بالحق وربّنا الرحمن المستعان على ما تصفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 109 - {تولوا} أعرضوا عنك، أو عن القرآن {آذنتكم عَلَى سَوَآءٍ} أمر سوي، أو مهل، أو عدل، أو بيان علانية غير سر، أو على سواء في الإعلام فلا يظهر لبعضهم ما كتمه عن بعض، أو لتستووا في الإيمان به، أو من كفر به فهم سواء في قتالهم وجهادهم " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 111 - {لَعَلَّهُ} رفع الاستئصال، أو تأخير العذاب. {فِتْنَةٌ} هلاك، أو ابتلاء، أو اختبار {إِلَى حِينٍ} القيامة، أو الموت، أو أن يأتي قضاء الله - تعالى - فيهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 122 - {احْكُم بِالْحَقِّ} عجل الحكم بالحق، أو افصل بيننا وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع {تصفون} تكذبون، أو تكتمون، كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا شهد قتالاً قرأ هذه الآية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 فارغة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 سورة الحج مدنية، أو ألا أربع آيات مكيات {وما أرسلنا من قبلك} [52] إلى آخر الأربع " ع " أو كلها مكية إلا آيتين مدنية {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [11] وما بعدها. بسم الله الرّحمن الرحيم {يا أيها الناس أتّقوا ربّكم إنّ زلزلة الساعة شىء عظيمٌ يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ عمّا أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 1 - {زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ} زلزلة من أشراط الساعة تكون في الدنيا أو نفخة البعث أو عند القضاء بين الخلق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 2 - {تَذْهَلُ} تسلو كل والدة عن ولدها، أو تشتغل، أو تلهى أو تنساه. {سُكَارَى} من الخوف {وما هم بسكارى} من الشرب. {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتّبع كلّ شيطان مريدٍ كتب عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 أنّه من تولاه فأنّه يضله ويهديه إلى عذاب السعير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 3 - {يُجَادِلُ} يرد النص بالقياس أو يخاصم في الدين بالهوى، نزلت في النضر بن الحارث " ع ". {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثم من نظفةٍ ثم من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلقةٍ وغير مخلقةٍ لنبين لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثمّ لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنّه يحى الموتى وأنّه على كل شىءٍ قديرً وأنّ الساعة ءاتيةٌ لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 5 - {مِّن تُرَابٍ} يريد آدم {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} يريد ذريته فتصبر النطفة علقة ثم تصير العلقة مضغة بقدر ما يمضغ من اللحم {مُّخَلَّقَةٍ} صارت خلقاً {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} دفعتها الأرحام فلم تصر خلقاً، أو تامة الخلق وغير تامة أو مصورة وغير مصورة، أو لتمام شهوره وغير تمام {لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ} في القرآن بدو خلقكم وتنقل أحوالكم {يُتَوَفَّى} قبل الأشد، أو قبل أرذل العمر، {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} الهرم، أو حالة ضعف كحال خروجه من بطن أمه، أو ذهاب العقل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 {لِكَيْلا يَعْلَمَ} شيئاً وينسى ما كان يعلمه، أو لا يعقل بعد عقله الاول شيئاَ. {هَامِدَةً} غبراء متهشمة، أو يابسة لا تنبت شيئاً، أو دراسة والهمود: الدروس {اهْتَزَّتْ} استبشرت، أو اهتز نباتها لشدة حركته {وَرَبَتْ} أضعف نباتها، أو انتفخت لظهور نباتها على التقديم والتأخير ربت واهتزت. {زَوْجٍ} نوع، أو لون أصفر وأحمر وأخضر وغير ذلك {بَهيجٍ} حسن الصورة. {ومن الناس من يجادل في الله بغير علمٍ ولا هدى ولا كتاب منيرٍ 8 ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 9 - {ثَانِىَ عِطْفِهِ} لاوي عنقه إعراضاً عن الله ورسوله، " أو عادلاً جانبه " كبراً عن الإجابة " ع " والعطف / [115 / ب] الجانب، ومنه نظر في أعطافه، نزلت في النضر بن الحارث. {ليضل} بتكذيبه الرسول [صلى الله عليه وسلم] " واعتراضه على القرآن "، أو كان رأى راغباً في الإسلام أحضره " طعامه وشرابه وغناء قينة له " وقال هذا خير لك مما يدعوك إليه محمد [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 {ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هوالضلال البعيد يدعوا لمن ضرّه أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 11 - {حَرْفٍ} ميل، أو متحرفاً بين الإيمان والكفر، أو على ضعف في العبادة كالقائم على حرف، نزلت في المنافق يعبد الله - تعالى - بلسانه ويعصيه بقلبه " ح "، أو في ناس من القبائل وفيمن حول المدينة كانوا يقولون نأتي محمد فإن صادفنا عنده خيراً اتبعناه وإلا لحقنا بأهالينا {الْخُسْرَانُ} لذهاب الدنيا والآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 13 - {لَبِئْسَ الْمَوْلَى} الناصر والعشير: المخالط، أو المولى: المعبود والعشير: الخليط والزوج لمخالطته من المعاشرة. {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسببٍ إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه ءايات بينات وأن الله يهدى من يريد 10 إنّ الذين ءامنوا والذين هادوا الصائبين والنصارى والمجوس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 والذين أشركوا إنّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيءٍ شهيدٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 15 - {يَنصُرَهُ} من ظن أن الله - تعالى - لا ينصر محمداً [صلى الله عليه وسلم] على أعدائه في الدنيا بالغلبة وفي الآخرة بظهور الحجة {فَلْيَمْدُدْ} بحبل إلى سماء الدنيا {ليقطع} عنه الوحي ثم لينظرهل يُذهب هذا الكيد منه ما يعطيه من نزول الوحي، أو ينصره الله - تعالى - يرزقه والنصر: الرزق، أو أن لن يمطر الله - تعالى - أرضه، يقال للأرض الممطورة منصورة {فَلْيَمْدُدْ} بحب إلى سقف بيته، ثم ليختنق به فلينظر هل يذهب ما يغيظه من أن الله - تعالى - لا يرزقه. {ألم تر أنّ الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدّواب وكثيرٌ من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرمٍ إن الله يفعل ما يشاء} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 18 - {ومن يهن الله} بإدخال النار {فماله مِن مُّكْرِمٍ} يدخله الجنة {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ} من ثواب وعقاب، أو من يهنه بالشقاء فلا مُكرم له بالسعادة {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ} من شقاوة وسعادة. {هاذان خصمان اختصموا في ربّهم فالذين كفروا قطعت لهم ثيابٌ من نارٍ يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود 10 ولهم مقامع من حديد كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 19 - {خصمان} المسلمون والمشركون لما اقتتلوا ببدر، أونزلت في ثلاثة مسلمين بارزوا ثلاثة من المشركين فقتلوهم، أو أهل الكتاب قالوا: نبينا وكتابنا قد تقدما نبيكم وكتابكم ونحن خير منكم وقال المسلمون: نبينا خاتم الأنبياء ونحن أولى بالله منكم، أو المؤمنون والمشركون اختلفوا في البعث والجزاء، أو الجنة والنار اختصمتا فقالت النار خلقني الله - تعالى - لنقمته وقالت الجنة: خلقني الله - تعالى - لرحمته قاله عكرمة {قُطِّعَتْ} عبّر بتقطيع الثياب عن إحاطة النار بهم إحاطة الثوب بلابسه {الْحَمِيمُ} الماء الحار لأنه ينضج لحومهم والنار تحرقها، قيل نزلت في مبارزي بدر فقتل حمزة عتبة بن ربيعة، وقتل علي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل عبيدة بن الحارث شيبة بن ربيعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 20 - {يُصْهَرُ} يذاب صهرت الألية أذبتها، أو يحرق، أو يقطع به، أو ينضج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 21 - {مَّقَامِعُ} جمع مقمعة، والقمع: ضرب الرأس حتى يقعى فينكب، أو ينحط. {إنّ الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حريرٌ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 24 - {الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} لا إله إلا الله، أو الإيمان، أوالقرآن، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. {صِرَاطِ الحميد} / [116 / أ] الإسلام، أو الجنة. {إنّ الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرامٍ الذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والبادِ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 25 - {المسجد الْحَرَامِ} المسجد نفسه {جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} قبلة ومنسكاً للحج فحاضره والبادي سواء في حكم المسجد، أو في حكم النسك، أو أراد جميع الحرم فالحاضر والبادي سواء في الأمن فيه وأن لا يقتلا به صيداً ولا يعضدا شجراً، أو سواء في دوره ومنازله فليس العاكف أولى بها من البادي {بِإِلْحَادٍ} الإلحاد: الميل عن الحق، الباء زائدة. قال الشاعر: (نحن بنو جعدة أصحاب الفلج ... نضرب بالسيف ونرجوا بالفرج) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 {بِظُلْمٍ} بشرك، أو باستحلال الحرام، أو باستحلال الحرم تعمداً " ع " أو احتكار الطعام بمكة، أو نزلت في أبي سفيان وأصحابه لما صدوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] عام الحديبية " ع ". {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 26 - {بَوَّأْنَا} وطأنا، أو عرفناه بعلامة سحابة تطوقت حيال الكعبة فبنى على ظلها أو ريح فكنست حول البيت يقال لها: الخجوج {وَطَهِّرْ بَيْتِىَ} من الشرك وعبادة الأوثان. أو من الأنجاس كالفرث والدم الذي كان يطرح حول البيت، أو قول الزور {لِلطَّآئِفِينَ} بالبيت {وَالْقَآئِمِينَ} في الصلاة، أو المقيمين بمكة {وَالْرُّكَّعِ السُّجُودِ} في الصلاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 27 - {وَأَذِّن فِى النَّاسِ} أعلمهم ونادِ فيهم، خوطب به محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، أو إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فقام إبراهيم على أبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 قُبَيْس فقال: عباد الله إن الله - تعالى - قد بنى بيتاً، وأمركم بحجة فحجوا فأجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء. لبيك داعي ربنا فلا يحجه إلى يوم القيامة إلا من أجاب إبراهيم قيل أول من أجابه به أهل اليمن فهم أكثر الناس حَجاً {رِجَالاً} جمع راجل {ضَامِرٍ} جمع مهزول {عَمِيقٍ} بعيد. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 28 - {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ} شهود المواقف وقضاء المناسك، أو المغفرة، أو التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة، {مَّعْلُومَاتٍ} عشر ذي الحجة أخرها يوم النحر " ع "، أو أيام التشريق، أو يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر {عَلَى مَا رَزَقَهُم} على نحر ما رزقهم من الأزواج الثمانية من الضحايا والهدايا {فَكُلُواْ} الأكل والإطعام واجبان، أو مستحبان، أو يجب الإطعام دون الأكل، {الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ} الذي جمع الفقر والزمانة، أو الفقر وضر الجوع أو الفقر والطلب، أو الذي ظهر عليه أثر البؤس، أو الذي يُؤنف من مجالسته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 29 - {تَفَثَهُمْ} مناسك الحج " ع "، أو حلق الرأس، أو إزالة قشف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 الإحرام بالتقليم والطيب وأخذ الشعر وتقليم الأظفار والغسل " ح " {نُذُورَهُمْ} من نحر، أو غيره {وَلْيَطَّوَّفُواْ} طواف الإفاضة {الْعَتِيقِ} عتقه الله - تعالى - من الجبابرة " ع "، أو عتيق لم يملكه أحد من الناس، أو من الغرق زمن الطوفان، أو قديم أول بيت وضع للناس بناه آدم - عليه الصلاة / والسلام -، وأعاده بعد الطوفان إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -. {ذلك ومن يعظّم الله فهو خيرٌ له عند ربّه وأحلّت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيقٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 30 - {حُرُمَاتِ اللَّهِ} فعل المناسك، أو منهيات الإحرام {ما يتلى عليكم} من {المنخنقة} إلى قوله {عَلَى النصب} [المائدة: 3] ، أو {غَيْرَ مُحِلِّى الصيد وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، [المائدة: 1] {الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} من للجنس، أو اجتنبوا منها رجسها وهو عبادتها {قَوْلَ الزُّورِ} الشرك، أو الكذب، أو شهادة الزور، أو أعياد المشركين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 31 - {حنفاء} مسلمين، أومخلصين أو مستقيمين، أو حُجَّاجاً، {غَيْرَ مُشْرِكينَ} مرائين بعبادته، أو شهادة الزور، أو قولهم في التلبية: " إلا شريكاً هو لك ". {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 6 لكم فيها منافع إلى أجلٍ مسمى ثم محلّها إلى البيت العتيق} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 32 - {شعائرالله} فروضه، أو معالم دينه يريد مناسك الحج تعظيمها: بإتمامها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 33 - {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} بالتجارة، والأجل المسمى: العود، ومحلها: محل المناسك - هي الحج والعمرة - الطواف بالبيت العتيق، أو يريد بالشعائر البدن المشعرة تعظيمها باستسمانها واستحسانها، والمنافع الركون والدر والنسل، والأجل المسمى: " إيجابها " " ع "، أو نحرها، ومَحِلُّها: مكة، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 الحرم كله، أو يريد بالشعائر دين الله كله نعظمه بالتزامه " ح "، والمنافع: الأجر والأجل المسمى: القيامة ومحلها إلى البيت: " يحتمل إلى رب البيت "، أو ما اختص منها بالبيت " كالصلاة إليه وقصده بالحج والعمرة ". {تَقْوَى القلوب} [32] إخلاصها. {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 34 - {منسكا} حجاً، أو ذبحاً، أو عيداً، والمنسك في كلامهم الموضع المعتاد، مناسك الحج لاعتياد مواضعها {بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الهدى إن جعلنا المنسك الحج، أو الأضاحي إن جعلناه العيد {المختبين} المطمئنين إلى ذكر الله - تعالى - أو المتواضعين، أو الخاشعين، الخشوع في الأبدان والتواضع في الأخلاق، أو الخائفين، أو المخلصين، أو الرقيقة قلوبهم، أو المجتهدون في العبادة، أو الصالحون المقلون، أو الذين لا يظلمون وإذا ظُلموا لم ينتصروا قاله الخليل. {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خيرٌ فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلّكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخّرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 36 - {وَالْبُدْنَ} الإبل عند الجمهور، أو الإبل والبقر، أو ذوات الخف من الإبل والبقر والغنم حكاه ابن شجرة سميت بدناً لأنها مُبدنة بالسمن {شَعَائِرِ اللَّهِ} معالم دينه، أو فروضه {فِيهَا خَيْرٌ} أجر، أو ركوبها عند الحاجة وشرب لبنها عند الحلب {صَوَآفَّ} مصطفة، أو قائمة تصفُّ بين أيديها بالقيود، أو معقولة، قرأ الحسن " صوافي " أي خالصة لله - تعالى - من الصفوة، ابن مسعود " صوافن " معقولة إحدى يديها فتقوم على ثلاث صفن الفرس ثنى إحدى يديه وقام على ثلاث. وقال: (ألف الصفون فما يزال كأنه ... مما يقوم على الثلاث كسيرا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} سقطت إلى الإرض، وجب الحائط سقط، وجبت الشمس غربت {فَكُلُواْ} يجب الأكل من المتطوع به، أو يستحب عند الجمهور ولا يجب، كانوا في الجاهلية يحرمون أكلها على أنفسهم. {القانع} السائل و {المعتر} المتعرض بغير سؤال " ح " / أوالقانع الذي لا يسأل والمعتر يعتري فيسأل، أو القانع المسكين الطَّوَّاف والمعتر الصديق الزائر، أو القانع: الطامع، والمعتر الذي يعتري بالبدن ويتعرض للحم لأنه ليس عنده لحم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 37 - {لَن يَنَالَ اللَّهَ} لن يتقبل الدماء وإنما يتقبل التقوى، أو لن يصعد إلى الله - تعالى - اللحم والدم وإنما يصعد إليه التقوى والعمل الصالح، كانوا في الجاهلية إذا نحروا البدن استقبلوا الكعبة بدمائها فنضحوها نحو البيت فأراد المسلمون فعل ذلك فنزلت " ع " {هَدَاكُمْ} أرشدكم إليه من حجكم. {إنّ الله يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لا يحبّ كل خوانٍ كفورٍ إذن للذين يقاتلون بأنهّم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربّنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيعٌ وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيزٌ الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 38 - {يَدْفع} بالكفار عن المؤمنين وبالعصاة عن المطيعين، وبالجهال عن العلماء، " أو يدفع عنهم هواجس النفس ووسواس الشيطان "، أو يدفع بنور السنة ظلمات البدعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 40 - {بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} دفع المشركين بالمسلمين، أو عن الدين بالمجاهدين، أو بالنبيين عن المؤمنين، أو بالصحابة عن التابعين، أو دفعه عن الحقوق بالشهود قاله مجاهد، أو عن النفوس بالقصاص {صَوَامِعُ} الرهبان، أو مصلى الصابئة سُميت بذلك لانصمام طرفيها، المتصمع المنصم ومنه أذن صمعاء، {وَبِيَعٌ} النصارى، أو كنائس اليهود، {وَصَلَوَاتٌ} كنائس اليهود يسمونها صلوتاً فعرب، أو تركت صلوات {وَمَسَاجِدُ} المسلمين، لَهَدَمها المشركون الآن لولا دفع الله بالمسلمين، أو لهدمت صوامع أيام شرع موسى، وبيع أيام شرع عيسى ومساجد أيام شرع محمد [صلى الله عليه وسلم] وعليهم أجمعين يعني لهدم في كل شريعة الموضع الذي يعبد الله - فيه. {وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود وقوم إبراهيم وقوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 لوطٍ وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثمّ أخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ معطلةٍ وقصرٍ مشيدٍ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 45 - {مُّعَطَّلَةٍ} خالية من أهلها، أو من دلائها وأرشيتها، أو غائرة الماء {مَّشِيدٍ} حصين، أو رفيع أو مجصص، الشِّيد: الجص أصحاب القصور أهل الحضر وأصحاب الآبار أهل البدو، أهلك الطائفتين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 46 - {يَعْقِلُونَ بِهَآ} يُعَبرون، أو يعلمون، يدل على أن العقل علم وأن محله القلب {يَسْمَعُونَ} يفهمون {لا تَعْمَى الأَبْصَارُ} قيل نزلت في ابن أم مكتوم. {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوماً عند ربّك كألف سنةٍ مما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 تعدّون وكأين من قريةٍ أمليت لها وهي ظالمةٌ ثمّ أخذتها وإلى المصير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 47 - {وَإِنَّ يَوْماً} من الأيام التي خلقت فيها السماوات والأرض، أو طول يوم من أيام الآخرة كطول ألف سنة من أيام الدنيا، أو ألم العذاب في يوم من أيام الآخرة كألم ألف سنة من الأيام الدنيا في الشدة وكذلك النعيم. {قل يا أيها إنّما أنا لكم نذيرٌ مبينٌ 4 فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ والذين سعوا في ءاياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 51 - {سعوا في آياتنا} تكذيبهم بالقرآن، أو عنادهم في الدين {معجِّزين} مثبطين من أراد اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مثبطين في اتباعه، أو مكذبين، أو مظهرين لمن آمن به تعجيزه في إيمانه {مُعَاجِزِينَ} مشاقين " ع "، أو متسارعين، أو معاندين، أو يظنون أنهم يعجزون الله هرباً. {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيٍ إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله ءاياته والله عليم حكيمٌ ليجعل ما يلقى الشيطان فتنةً للذين في قلوبهم مرضٌ والقاسية قلوبهم وإنّ الظالمين لفى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 شقاق بعيدٍ وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربّك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادٍ الذين ءامنوا إلى صراط مستقيمٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 52 - {تَمَنَّى} حدّث نفسه فألقى الشيطان في نفسه، أو قرأ فألقى الشيطان في قراءته، لما نزلت: النجم قرأها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى قومه {ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 20] ألقى الشيطان / [117 / ب] على لسانه " تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى "، ثم ختم السورة وسجد [وسجد معه] المسلمون والمشركون ورضي بذلك كفار قريش فأنكر جبريل - عليه السلام - ما قرأه وشق ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. وألقاه الشيطان على لسانه فقرأه ساهياً، أو كان ناعساً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 فقرأه في نعاسه، أو تلاه بعض المنافقين عن إغواء الشيطان فتخيل لهم أنه من تلاوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أوعني بقوله: " الغرانيق العلا " الملائكة " وإن شفاعتهم لترتجى " في قولكم " ح " {رَّسُولٍ} الرسول والنبي واحد، أو الرسول من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 يوحى إليه الملك والنبي من يوحي إليه في نومه، أو الرسول هو المبعوث إلى أمة والنبي مُحَدَّثٌ لا يبعث إلى أمة، أو الرسول هوالمتبدئ بوضع الشريعة والأحكام والنبي هو الذي يحفظ شريعة غيره قاله الجاحظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 53 - {فِتْنَةً} محنة، أو اختباراً {مَّرَضٌ} نفاق، أو شك {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوُبُهُمْ} المشركون {شِقَاقٍ بَعِيدٍ} ضلال طويل، أو فراق للحق بعيد إلى يوم القيامة. {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتةً أو يأتيهم عذاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 يومٍ عقيمٍ الملك يؤمئذٍ لله يحكم بينهم فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بئاياتنا فأولئك لهم عذابٌ مهينٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 55 - {مزية مِّنْهُ} شك من القرآن {السَّاعَةُ} القيامة على من تقوم عليه من المشركين " ح " أو ساعة موتهم {يَوْمٍ عَقِيمٍ} القيامة، أو يوم بدر والعقيم: الشديد، أوالذي لا مثل له لقتال الملائكة فيه. {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم الله رزقاً حسناً وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلاً يرضونه وإن الله لعليمٌ حليمٌ ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 60 - {وَمَنْ عَاقَبَ} لقي قوم من المسلمين قوماً من المشركين لليلتين بقيتا من المحرم فحملوا عليهم فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله - تعالى - المسلمين بهم فنزلت، أو لما مَثَّلُوا بالمسلمين بأُحُد عاقبهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بمثله فنزلت {لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ} - تعالى - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 في الدنيا بالقهر والغلبة وفي الآخرة بالحجة والبرهان. {ذلك بأن الله يولج الّيل في النهار ويولج النهار في الّيل وأن الله سميع بصيرٌ ذلك بأنّ الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ الله هو العلي الكبير ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة إنّ الله لطيف خبيرٌ له ما في السموات وما في الأرض وإنّ الله لهو الغني الحميد ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفورٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 62 - {هُوَ الْحَقَّ} اسم من أسماء الله - تعالى - أو ذو الحق، أو عبادته حق {مَا يدعون} الأوثان، أو إبليس. {لكلّ أمةٍ جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنّك في الأمر وادع إلى ربّك إنّك لعلى هدىً مستقيمٍ وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتابٍ إن ذلك على الله يسير ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً وما ليس لهم به علمٌ وما للظالمين من نصير وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بيناتٍ تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءاياتنا قل أفأنبئكم بشرٍ من ذلكم النار وعدها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 الله الذين كفروا وبئس المصير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 67 - {مَنسَكاً} عيداً، أو موضعاً معتاداً لمناسك الحج والعمرة، أو مذبحاً، أو متعبداً، النسك: العبادة، والناسك العابد " ح ". {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقويٌ عزيزٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 73 - {ضُرِبَ مَثَلٌ} مثلهم في عبادة غير الله كمن عبد من لا يخلق ذباباً أو لا مثل ها هنا والمعنى ضربوا لله مثلاً بعبادة غيره، وسُمي ذباباً، لأنه يُذب استقذاراً له واحتقاراً، وخصه بالذكر لمهانته وضعفه واستقذاره وكثرته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 74 - {ما قدروا} نزلت في اليهود لما قالوا: استراح الله في السبت ما عظموه حق تعظيمه، أو ما عرفوه حق معرفته، أو ما وصفوه حق صفته. {الله يصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس إنّ الله سميعٌ بصيرٌ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 76 - {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} ما كان قبل خلق الملائكة والأنبياء {وَمَا خَلْفَهُمْ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 ما يكون بعد خلقهم، أو أول أعمالهم وما خلفهم آخرها، أو أمر الآخرة وما خلفهم أمر الدنيا. {يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 78 - {حَقَّ جِهَادِهِ} اعملوا له حق عمله، أو أن يُطاع فلا يُعصى ويُذكر فلا يُنسى ويُشكر فلا يُكفر نسخها {فاتقوا الله مَا استطعتم} [التغابن: 16] أو هي محكمة لأن حق جهاده ما لا حرج فيه. / [118 / أ] {اجْتَبَاكُمْ} اختاركم {حَرَجٍ} ضيق فخلصكم من المعاصي بالتوبة، أو من الأيمان بالكَفَّارة، أو بتقديم الأهلة وتأخيرها في الصوم والفطر والأضحى " ع " أو رُخص السفر القصر والفطر، أو عام إذ ليس في الإسلام ما لا سبيل إلى الخلاص من الإثم فيه {مِّلَّة أَبِيكُمْ} وسع دينكم كما وسع ملة إبراهيم، أو افعلوا الخير كفعل إبراهيم، أو ملة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 إبراهيم وهي دينه لازمة لأمة محمد [صلى الله عليه وسلم] داخلة في دينه، أو عليكم ولاية إبراهيم ولا يلزمكم حكم دينه {هُوَ سَمَّاكُمُ} الله سماكم المسلمين قبل القرآن، أو إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لقوله {أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} [البقرة: 128] {شَهِيداً} ليشهد الرسول عليكم أنه بلغكم وتشهدوا على بعدكم أنكم بلغتموهم ما بلغكم، أو يشهد الرسول عليكم بأعمالكم، وتشهدوا على الناس أن رسلهم بلغوهم {فأقيموا الصلاة} المكتوبة {وآتوا الزَّكَاةَ} المفروضة {وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ} امتنعوا به، أو تمسكوا بدينه {مَوْلاكُمْ} مالككم، أو المتولي لأموركم {فَنِعْمَ الْمَوْلَى} لما لم يمنعكم الرزق إذ عصيتموه {ونعم النصير} لما أعانكم حين أطعمتوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 سورة المؤمنون مكية اتفاقاً بسم الله الرحمن الرحيم } {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 1 - {أَفْلَح َ الْمُؤْمِنُونَ} سعدوا، أو بقيت لهم أعمالهم، أو بقوا في الجنة الفلاح: البقاء أو أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شر ما منه هربوا " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 2 - {خَاشِعُونَ} خائفون، أو خاضعون، أو ساكنون، أو غض البصر وخفض الجناح، أو النظر إلى موضع السجود، وأن لا يجاوز بصره مصلاه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 3 - {اللَّغْوِ} الباطل " ع " أو الكذب، أو الحلف، أو الشتم شتمهم كفار مكة فنهوا عن إجابتهم، أو المعاصي كلها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 10 - {الوارثون} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " ما منكم من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فإن دخل النار ورث أهل الجنة منزله، وإن دخل الجنة ورث أهل النار منزله فذلك قوله {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 11 - {الْفِرْدَوْسَ} اسم للجنة " ح " أو أعلى الجنان، أو جبل الجنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 الذي تنفجر منه أنهارها، أو البستان رومي عُرِّب، قاله الزجاج. أو عربي وهو الكرم. {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً ءاخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنّكم بعد ذلك لميّتون ثم إنّكم يوم القيامة تبعثون} \ 12 - {الإنسان} آدم - عليه الصلاة والسلام - أُستل من الطين، أو بنوه لرجوعهم إليه. {سُلالَةٍ} سلالة كل شيء صفوته التي تُستل منه، أو القليل مما يُستل وتُسمى النطفة والولد سلالة لأنهما صفوتان، أو ينسلان، أو السلالة الطين الذي إذا عصرته بين أصابعك خرج منه شيء، أوالتراب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 13 - {قَرَارٍ} الرحم {مَّكِينٍ} متمكن هيء لاستقراره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 14 - {عَلَقَةً} الدم الطري سمي به لأنه أول أحوال العلوق {مضغة} قدر ما يمضغ من اللحم، ذكر ذلك ليعلم الخلق أن الإعادة أهون من النشأة {خلقا آخر} بأن نفخ فيه الروح " ع "، أو بنبات الشعر / [118 / ب] ، أو بأنه ذكر، أو أنثى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 " ح "، أو استوى شبابه " {فَتَبَارَكَ} تعظيم {أَحْسَنُ الخالقين} أصنع الصانعين ". {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين} \ 17 - {طَرَآئِقَ} سماوات لأن كل طبقة طريقة للملائكة أو طباقاً بعضها فوق بعض ومنه طراق النعل إذا أطبق عليها ما يمسكها، أو كل طبقة منها على طريقة من الصنعة والهيئة. {غَافِلِينَ} من نزول المطر عليهم من السماء أو من سقوطها عليهم، أو عاجزين عن رزقهم. {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 20 - {وَشَجَرَةً} الزيتون خصت بالذكر لكثرة نفعها وقلة تعاهدها {سَيْنَآءَ} البركة كأنه قال: جبل البركة " ع "، أو الحسن المنظر أو الكثير [الشجر] ، أو الجبل الذي كلم عليه موسى - عليه الصلاة والسلام - أو المرتفع من السناء وهو الارتفاع فيكون عربياً وعلى ما سبق سريانياً " ع " أو نبطياً، أو حبشياً {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} بالمطر ليصح دخول الباء. أو الزيت أي تثمر الدهن فالباء صلة. ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ونرجو بالفرج) أو معناه تنبت وفيها الدهن، وهذه عبرة تشرب الماء وتنبت الدهن {وَصِبْغٍ} أدم يصطبغ به، وقيل الصبغ كل ما يؤتدم به سوى اللحم. {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملؤا الذين كفروا من قومه ما هذ إلا بشرٌ مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 شاء الله لأنزل ملائكةً مّا سمعنا بهذا في ءابائنا الأوّلين إن هو إلا رجل به جنةٌ فتربصوا به حتى حين 2} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 24 - {مَّا سَمِعْنَا} بمثل دعوته، أو ببشرٍ أتى برسالة ربه {الأَوَّلِينَ} أول أب ولدك أو أقرب آبائك إليك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 25 - [ {حَتَّى حِينٍ} ] الحين: موته، أو ظهور جنونه. {قال رب انصرني بما كذّبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنّهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن مّعك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رّب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين إن في ذلك لأيات وإن كنّا لمبتلين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 27 - {التَّنُّورُ} تنور الخبز، أو أحر مكان في دارك، أو طلوع الفجر أو عَبَّر به عن شدة الأمر كقولهم: حمى الوطيس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 29 - {أَنزِلْنِى} في السفينة {مُنزَلاً مُّبَارَكاً} بالنجاة، أو أنزلني منها منزلاً مباركاً بالماء والشجر. {ثم أنشأنا من بعدهم قرناً ءاخرين فأرسلنا فيهم رسولاً منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتّقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الأخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون ولئن أطعتم بشراٌ مثلكم إنّكم إذا لخاسرون أيعدكم إنّكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدّنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً وما نحن له بمؤمنين قال ربّ انصرني بما كذّبون 39 قال عمّا قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصّيحة بالحق فجعلناهم غثاءً فبعداً للقوم الظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 37 - {نَمُوتُ} يموت قوم ويولد آخرون، أو يموت قوم ويحيا آخرون، أو فيه تقديم وتأخير، أو يموت الآباء ويحيا الأبناء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 41 - {غُثَآءً} البالي من الشجر " ع "، أو ورق الشجر إذا وقع في الماء ثم جف، أو ما حمله الماء من الزبد والقذى {فَبُعْداً} لهم من الرحمة باللعنة، أو بُعْدًا لهم في العذاب زيادة في هلاكهم. {ثمّ أنشأنا من بعدهم قروناً ءاخرين ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستئخرون ثمّ أرسلنا رسلنا تتراً كل ما جاء أمّةً رسولها كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضاّ وجعلناهم أحاديث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 فبعداً لقومٍ لا يؤمنون} 44 - {تَتْرَا} منون متواترين يتبع بعضهم بعضاً " ع "، أو متقطعين بين كل اثنين دهر طويل، تتراً: اشتُق من وتر القوس لاتصاله بمكانه منه أو من الوتر لأن كل واحد يبعث فرداً بعد صاحبه، أو من التواتر. {ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بئاياتنا وسلطان مبينٍ إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوماً عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد ءاتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 46 - {عالين} متكبرين، أو مشركين، أو قاهرين، أوظالمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 47 - {عَابِدُونَ} مطيعون، أو خاضعون، أو مستعبدون، أو كان بنو إسرائيل يعبدون فرعون، وفرعون يعبد الأصنام. {وجعلنا ابن مريم وأمّه ءايةً وءاويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 50 - {آية} بخلفه من غير والد وكلامه في المهد ببراءة أمه {رَبْوَةٍ} المكان المرتفع إذا اخضر بالنبات فإن لم يكن فيه نبات فهو نشز، أو ربوة وإن لم يكن به نبات، والمراد بها الرملة، أو دمشق، أو مصر، أو بيت القدس، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 قال كعب: هي أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلاْ {قَرَارٍ} استواء، أو ثمار، أو معيشة تقوتهم " ح "، أو منازل يستقرون فيها {وَمَعِينٍ} الماء الجاري، أو الظاهر، أشتق من العيون لجريانه منها فهو مفعول من العيون، أو من المعونة، أو الماعون. {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنّى بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمّة واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون 56} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 52 - {امتكم} دينكم، أو جماعتكم، أو خلقكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 53 - {فتقطعوا} فتقرقوا أمر دينهم {زُبُراً} فرقاً وجماعات، أو كتباً أخذ كل فريق كتاباً / [119 / أ] آمن به وكفر بما سواه {بِمَا لَدَيْهِمْ} من دين وكتاب أو أموال وأولاد {فَرِحُونَ} معجبون، أو مسرورون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 54 - {غمرتهم} ضلالتهم، أو جهلهم، أو غفلتهم، أو حيرتهم {حَتَّى حِينٍ} الموت، أو يوم بدر، أو تهديد كقول القائل " لك يوم " قاله الكلبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 55 - {نُمِدُّهُم} نعطيهم ونزيدهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 56 - {نُسَارِعُ} بجعله خيراً لهم عاجلاً، أو نريد لهم به خيراً {لا يَشْعُرُونَ} أنه استدراج، أو اختبار. {إنّ الذين هم من خشية ربّهم مشفقون والذين هم بئايات ربّهم يؤمنون والذين هم بربّهم لا يشركون والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 60 - {يوتون} الزكاة، أو أعمال البر كلها {وَجِلَةٌ} خائفة، قيل وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته، لأن التوبة تمحو المخالفة والطاعة تطلب بتصحيح الغرض {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ} يخافون أن لا ينجوا من عذابه إذا قدموا عليه، أو أن لا يقبل عملهم إذا عرضوا عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 61 - {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} لمن تقدمهم من الأمم. {ولا نكلّف نفساً إلا وسعها ولدينا كتابٌ ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون 63 حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 إذا هم يجئرون لا تجئروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت ءاياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامراً تهجرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 63 - {غمرة} غطاء، أوغفلة من هذا القرآن، أو الحق {أَعْمَالٌ} خطايا من دون الحق، أو أعمال أُخر سبق في اللوح المحفوظ أنهم يعملونها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 64 - {مُتْرَفِيهِم} الموسع عليهم بالخصب، أو الأموال والأولاد {يجأرون} يجزعون، أو يستغيثون " ع "، أو يضجون، أو يصرخون إلى الله - تعالى - بالتوبة فلا تُقبل منهم " ح " قيل نزلت في قتلى بدر {إذا هم يجأرون} الذين بمكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 66 - {تَنكِصُونَ} تستأخرون، أو تكذبون، أو رجوع القهقرى عَبَّر به عن ترك القبول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 67 - {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} بحرم الله أن يظهر عليهم فيه أحد {سَامِراً} فاعل من السمر وهو الحديث ليلاً، أو ظل القمر يقولون حلف بالسمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 والقمر، لأنهم يسمرون في ظلمة الليل وضوء القمر ويقولون: لا أكلمك السمر والقمر أي الليل والنهار، قال الزجاج: أخذت سمرة اللون من السمر. {تَهْجُرُونَ} تعرضون عن الحق أو " تُهِجرون " القول بالقبيح من الكلام وبالضم من هُجر القول، أنكر تسامرهم بالإزراء على الحق مع ظهوره لهم، أو أنكر تسامرهم آمنين والخوف أحق بهم. {أفلم يدّبرّوا القول أم جاءهم ما لم يأت ءاباءهم الأوّلين أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو أتّبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون أم تسئلهم خرجاً فخراج ربّك خيرٌ وهو خيرٌ الرازقين وإنّك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمانهم وكشفنا ما بهم من ضرٍ للجّوا في طغيانهم يعمهون} {71 - {اتَّبَعَ الْحَقُّ} الله عند الأكثرين، أو التنزيل {أهواءهم} فيما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 يشتهون، أو يعبدون. {وَمَن فِيهِنَّ} الثقلان والملائكة، أو ما بينهما من خلق {بِذِكْرِهِم} بيان الحق لهم، أو شرفهم، لأن الرسول [صلى الله عليه وسلم] منهم والقرآن بلسانهم، فهم عن شرفهم، أو عن القرآن {مُّعْرِضُونَ} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 72 - {فَخَرَاجُ رَبِّكَ} فرزق ربك في الدنيا والآخرة، أو أجره في الآخرة، الخَرْج: ما يؤخذ عن الرقاب، والخراج ما يؤخذ عن الأرض قاله أبو عمرو بن العلاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 74 - {لَنَاكِبُونَ} عادلون، أو حائدون، أو تاركون، أو معرضون. {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربّهم وما يتضرعون حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذابٍ شديدٍ إذا هم فيه مبلسون وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون وهو الذي يحيى ويميت وله اختلاف الّيل والنهار أفلا تعقلون بل قالوا مثل ما قال الأوّلون قالوا أءذا متنا وكنّا تراباً وعظاماً أءنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وءاباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأوّلين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 77 - {بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} السبع التي دعا بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقحطوا سبع سنين حتى أكلوا العلهز من الجوع وهو الوبر بالدم، أو قتلهم يوم بدر " ع " أو باباً من عذاب جهنم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 79 - {ذرأكم} خلقكم، أونشركم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 80 - {اختلاف الليل والنهار} بالزيادة والنقصان، أو تعاقبهما. {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من ربّ السموات السبّع وربّ العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون 5 قل من بيده ملكوت كل شىءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون 89 بل أتيناهم بالحق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 وإنهم لكاذبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 88 - {مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ} خزائن كل شيء، أو ملك كل شيء وهو مبالغة كالجبروت والرهبوت، {يُجِيرُ} يمنع ولا يمنع منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 89 - {تُسْحَرُونَ} تُصرفون عن التصديق بالبعث، أو تكذبون فيخيل إليكم أن الكذب حق. {ما أتخذ الله من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذاً لّذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ سبحان الله عمّا يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عمّا يشركون قل رّب إمّا ترينّي ما يوعدون ربّ فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنّا على أن نّريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 96 - {بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} ادفع بالإغضاء والصفح إساءة المسيء، أو الفحش بالسلام، أو المنكر بالموعظة، أو أمح بالحسنة السيئة، أو قابل أعداءك بالنصح وأولياءك بالموعظة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 97 - {هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} نزغاتهم، أو إغوائهم، أو أذاهم، أو الجنون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 98 - {يحضرون} يشهدون، أو يقاربون. {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 100 - {ورائهم} أمامهم {بزرخ} حاجز بين الموت والبعث، أو بين الدنيا والآخرة، أو بين الموت والرجوع إلى الدنيا، أو الإمهال إلى يوم القيامة، أو ما بين النفختين وهو أربعون سنة. {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون 101 فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفّت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 101 - {فَلا أَنسَابَ} يتواصلون بها، أو لا يتعارفون للهول {وَلا يَتَسَآءَلُونَ} أن يحمل بعضهم عن بعض ولا أن يعين بعضهم بعضاً، أو لا يتساءلون لانشغال كل منهم بنفسه. {ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذّبون قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوماً ضالين ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 106 - {شِقْوَتُنَا} الهوى، أو حسن الظن بالنفس، وسوء الظن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 بالخلق. {قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون إنّه كان فريقٌ من عبادى يقولون ربّنا ءامنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرحمين فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنّهم هم الفائزون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 108 - {اخسئوا} اصغروا، الخاسئ: الصاغر " ح "، أو الساكت الذي لا يتكلم، أو ابعدوا بُعد الكلب {وَلا تُكَلِّمُونِ} في دفع العذاب، أو زجرهم عن الكلام غضباً عليهم " ح "، فهو آخر كلام يُكلمون به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 110 - {سِخْرِيّاً} هزواً بالضم والكسر، أو بالضم من السخرة والاستعباد وبالكسر الاستهزاء " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يومٍ فسئل العادّين قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنّكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنّكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 112 - {لَبِثْتُمْ} في الدنيا، أو القبور، استقلوا ذلك لما صاروا إليه من العذاب الطويل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 133 - {العادين} الملائكة، أو الحساب. {ومن يدع مع الله إلهاً ءاخر لا برهان له به فإنّما حسابه عند ربّه إنّه لا يفلح الكافرون وقل ربّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 117 - {لا بُرْهَانَ لَهُ} أن مع الله إلاهاً آخر، أوصفة الإله المعبود [من دون الله] أنه لا برهان له {حِسَابُهُ} محاسبته عند الله يوم القيامة، أو مكافأته، والحساب المكافأة " حسبي الله " أي كافيني الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 سورة النور مدنية اتفاقاً. بسم الله الرحمن الرحيم {سورة أنزلناها وفرضناها وانزلنا فيها ءايات بينات لعلكم تذكرون الزّانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 1 - هذه {سُورَةٌ} {وَفَرَضْنَاهاَ} مخففاً قَدَّرنا فيها الحدود، أو فرضنا فيها إباحة الحلال وحظر الحرام، وبالتشديد بَيَّناها " ع " أو كثَّرنا ما فرض من الحلال والحرام {آيات بَيْنَاتٍ} حججاً دالة على التوحيد ووجوب الطاعة، أو الحدود والأحكام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 2 - {الزَّانِيَةُ} بدأ بها لأن شهوتها أغلب وزناها أعرُّ ولأجل الحبل أضر {فَاجْلِدُواْ} أخذ الجلد من وصول الضرب إلى الجلد، وهو أكبر حدود الجلد، لأن الزنا أعظم من القذف، وزادت السنة التغريب وحد المحصن بالسنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 بياناً لقوله {أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] أو ابتداء فرض {فِى دِينِ اللَّهِ} في طاعته {رَأْفَةٌ} رحمة نهى عن آثارها من تخفيف الضرب إذ لا صنع للمخلوق في الرحمة. {تُؤْمِنُونَ} تطيعونه طاعة المؤمنين {عَذَابَهُمَا} حدهما {طَآئِفَةٌ} أربعة فما زاد أو ثلاثة، أو اثنان، أو واحد، وذلك للزيادة في نكاله. {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} \ 3 - {الزَّانِى لا يَنكِحُ} خاصة برجل استأذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في نكاح أم مهزول كانت بغيّاً في الجاهلية / [120 / أ] من ذوات الرايات وشرطت له أن تنفق عليه فنزلت فيهما، قال ابن عمرو ومجاهد - رحمهما اللَّهُ تعالى -، أو في أهل الصُّفَّة من المهاجرين، كان في المدينة بغايا معلنات بالفجور فهموا بنكاحهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن وكن مخاصيب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 الرحال بالكسوة والطعام، أو الزانية لا يزني بها إلا زانٍ والزاني لا يزني إلا بزانية " ع "، أوالزانية محرمة على العفيف والعفيف محرم على الزانية ثم نسخ بقوله تعالى: {فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء} [النساء: 3] ، أو خاص بالزاني المحدود لا ينكح إلا زانية محدودة ولا ينكح غير محدودة ولا عفيفة، والزانية المحدودة لا ينكحها غير محدود ولا عفيف " ح " {حرم} الزنا، أو نكاح الزواني {على المؤمنين} . {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4 - {ثَمَانِينَ جَلْدَةً} حد القذف حق الآدمي لوجوبه بطلبه وسقوطه بعفوه، أو حق الله، أو مشترك بينهما. ويتعلق به الحد والفسق ورد الشهادة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 5 - {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} فيزول فسقهم ولا يسقط الحد عنهم وتقبل شهادتهم قبل الحد وبعده لارتفاع فسقه قاله الجمهور، أو لا تقبل بحال، أو تقبل قبل الحد ولا تقبل بعده، أو عكسه وتوبته بإكذابه نفسه، أو بالندم والاستغفار وترك العود إلى مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنّه لمن الصادقين والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنّه لمن الكاذبين والخامسه أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأنّ الله تواب حكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 6 - {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ} أي هلال بن أمية جاء الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو جالس مع أصحابه فقال: يا رسول الله جئت عشياً فوجدت رجلاً مع أهلي رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره الرسول [صلى الله عليه وسلم] ذلك وثقل عليه فنزلت، أو أتاه عويمر فقال: يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه به أم كيف يصنع فنزلت فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : قد نزل فيك وفي صاحبتك ولاعن بينهما، {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} عبر عن اليمين بالشهادة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 قال قيس: (وأشهد عند الله أني أحبها ... فهذا لها عندي فما عندها ليا) أو هو شهادة فلا يلاعن الكافر والرقيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 8 - {ويدرأ} يدفع {الْعَذَابَ} الحد، أو الحبس، وإذا تم اللعان وقعت الفرقة بلعان الزوج، أو بلعانهما، أو بلعانهما وتفريق الحاكم، أو بطلاق يوقعه الزوج. ثم تحرم أبداً، فإن أكذب نفسه ففي حِلَّها مذهبان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 10 - {فَضْلُ اللَّهِ} الإسلام {وَرَحْمَتُهُ} القرآن، أو فضله: منته، ورحمته: نعمته تقديره ورحمته بإمهالكم حتى تتوبوا لهلكتم، أو لولا فضله ورحمته لنال الكاذب منكم عذابٌ عظيم. {إن الذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 11 - {الذين جاءوا بِالإِفْكِ} : عبد الله بن أُبي، ومسطح بن أثاثة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 وحسان بن ثابت وزيد بن رفاعة وحمنة بنت جحش، والإفك: الكذب أو الإثم {خَيْرٌ لَّكُمْ} لأن الله تعالى برَّاْ منه وأثاب عليه، يريد عائشة وصفوان، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر، وعائشة - رضي الله تعالى عنهما - {ما اكتسب} / [120 / ب] عقاب ما اكتسب {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ} عبد الله بن أُبي، أو حسان ومسطح، والعذاب العظيم: العمى. {لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفكّ مبينٌ لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 12 - {لَّوْلآ} هَلاَّ {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} أي الإفك {بِأَنفُسِهِمْ} ظن بعضهم ببعض، أو ظنوا بعائشة - رضي الله تعالى عنها - كظنهم بأنفسهم {إِفْكٌ مُّبِينٌ} كذب بيِّنٌ، ولم يحد الرسول [صلى الله عليه وسلم] أحداً من أهل الإفك؛ لأن الحد لا يقام إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 ببينة أو إقرار ولم ينفذ بإقامته بإخبار الله تعالى كما لا يقتل المنافق بإخباره بنفاقه، أو حدَّ حسان وابن أُبي ومسطحاً وحمنة فيكون العذاب العظيم الحدُّ. وقال فيهم بعض المسلمين: (لقد ذاق حسان الذي كان أهله ... وحمنة إذ قالوا هجيراً ومسطحُ) (تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم ... وسخطة ذي العرش العظيم فأبرحوا) (وآذوا رسول الله فيها فَجُلِّلُوا ... مَخازي تبقى عُمِّمُوها وفُضِّحوا) (كما ابن سلول ذاق في الحد خِزية ... كما خاض في قول من الإفك يفصح) (فصبت عليهم مُحصدات كأنها ... شآبِيبُ مزن من ذُرى المزن تسفحُ) وقال حسان يعتذر من إفكه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 (حصانٌ رزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ ... وتُصبحُ غَرثَى من لُحوم الغَوَافِلِ) (مطهرة قد طيب الله خلقها ... وطهرها من كل سوء وباطل) (عقيلة حي من لؤي بن غالب ... كرام المساعي مجدهم غير زائل) (فإن كنت قد قلت الذي قد أتاكم ... فَلا رَفَعتْ سوطِي إليَّ أَنامِلِي) (وكيف وَوُدِّي ما حَييتُ ونُصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل) (وإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئٍ غير ماحل) {ولولا فضل الله عليكم ورحمتّه في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علمٌ وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيمٌ يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 الآيات والله عليم حكيم إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرةٍ والله يعلم وأنتم لا تعلمون لولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوفٌ رحيمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 15 - {تَلَقَّوْنَهُ} بالقبول من غير إنكار، أو تتحدثُون به وتلقونه حتى ينتشر. {يا أيها الذين ءامنوا لا تتّبعوا خطوات الشيطان ومن يتّبعٍ خطوات الشيطان فإنّه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبداً ولكن الله يزكى من يشاء والله سميع عليمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 21 - {خطوات الشيطان} خطاياه، أو أثره، أوتخطبه من الطاعة والحلال إلى المعصية والحرام، أو النذر في المعاصي. {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم والله غفورٌ رحيم إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 22 - {يَأْتَلِ} ويتألَّ واحد أي لا يقسم، أو لا يقصر، ما ألوت جهداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 أي ما قصرت، أو يأتلِ: يقصر، ويتألَّ: يقسم، كان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - ينفق على مسطح - وكان ابن خالته - فلما تكلم في الإفك أقسم أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - أن لا ينفق عليه، فنزلت. {وَلْيَعْفُواْ} عن الأفعال {وَلْيَصْفَحُواْ} عن الأقوال، أو العفو: ستر الذنوب من غير مؤاخذة والصفح: الإغضاء عن المكروه {أَلا تُحِبُّونَ} كما تحبون أن تُغفر ذنوبكم فاغفروا لمن أساء إليكم فلما سمِعَها أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - رَدَّ إليه النفقة. {الْخَبِيثَاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 26 - {الْخَبِيثَاتُ} خبيثات النساء لخبيثي الرجال، وخبيثوا الرجال لخبيثات النساء، وطيبات النساء لطيبي الرجال، وطيبو الرجال لطيبات النساء، أو أراد بالخبيثات والطيبات: الأعمال الخبيثة والطيبة لخبيثي الناس وطيبيهم. أو أراد الكلمات الخبيثات والطيبات لخبيثي الناس وطيبيهم {أولئك مبرءون} أزواج الرسول [صلى الله عليه وسلم] مبرآت / من الفواحش، أو عائشة، وصفوات مبرآن من الإفك، أو الطيبون والطيبات مبرءون من الخبيثين والخبيثات. {يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون} \ 27 - {تَسْتَأْنِسُواْ} تَستأذنوا قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أخطأ الكاتب فكتب " تستأنسوا "، أو عَبَّر عن الاستئذان بالاستئناس لأنه مؤنس، أو تؤنسوا أهل البيت بالتنحنح ليعلموا بالدخول عليهم، أوتعلموا فيها من يأذن لكم؛ لقوله {فَإِنْ آنَسْتُمْ} [النساء: 6] أو الاستئناس: الاستخبار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 والإيناس: اليقين {وَتُسَلِّمُواْ} السلام مسنون بعد الاستئذان على ظاهر الآية، ولأنه تحية للقاء واللقاء بعد الإذن، أو السلام قبل الاستئذان على ما تضمنته السنة، وإن كان قريباً فإن لم يكن مَحْرَماً لزم الاستئذان عليه كالأجانب، وإن كانوا محارم فإن كان ساكناً معهم في المنزل لزمه إنذارهم بدخوله بوطئ أو نحنحة مفهمة إلا الزوجة فلا يلزم ذلك في حقها بحال لارتفاع العورة بينهما وإن لم يكن ساكناً معهم في المنزل لزم الاستئذان بوطئ أو نحنة، أوهم كالأجانب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 29 - {بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} الخانات المشتركة ذوات البيوت المسكونة، أو حوانيت التجار، أومنازل الأسفار ومناخات الرحال التي يرتفق بها المسافرون، أو الخرابات العاطلة، أو بيوت مكة {مَتَاعٌ لَّكُمْ} عروض الأموال ومتاع التجارة، أو الخلاء والبول؛ لأنه متاع لهم، أوالمنافع كلها. فلا يلزم الاستئذان فيها. {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 30 - {من أبصارهم} من صلة، أويغضوها عما لايحل، أوهي للتبعيض؛ لأن البصر إنما يجب غضه عن الحرام {وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ} بالعفاف عن الزنا، أو بسترها عن الأبصار، وكل موضع فيه حفظ فالمراد به عن الزنا، إلا في هذا الموضع قال أبو العالية، وسميت فروجاً؛ لأنها منافذ للبدن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهن أو ءابائهنّ أو ءاباء بعولتهنّ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 31 - {زِينَتَهُنَّ} الزينة ما أدخلته على بدنها حتى زانها وحسنها في العيون كالحلي والثياب، والكحل والخضاب، وهي ظاهرة وباطنة فالظاهرة لا يجب سترها ولا يحرم النظر إليها {إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الثياب، أو الكحل والخاتم " ع "، أو الوجه والكفان، والباطنة: القرط والقلادة، والدملج والخلخال وفي السوار مذهبان وخضاب القدمين باطن، وخضاب الكفين ظاهر، والباطنة يجب سترها عن الأجانب ولا يجوز لهم النظر إليها. {وليضربن بخمرهن} بمقانعهن على صدورهن تغطية لنحورهن وكن يلقينها على ظهورهن بادية نحورهن، أو كانت قمصهن مفرجة الجيوب كالدراعة يبدو منها صُدُورهن فأُمِرن بإلقاء الخُمُرُ عليها لسترها وكنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبُوسة عليها / [121 / ب] {ولايبدين زِينَتَهُنَّ} الباطنة {إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} ، {أَوْ نِسَآئِهنَّ} المسلمات، أو عام فيهن وفي الكافرات {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} من العبيد والإماء، أو خاص بالإماء قاله ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 المسيب ومجاهد وعطاء {غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ} الصغير لا إرب له فيهن لصغره، أو العِنِّين لا إرب له لعجزه، أو المعتوه الأبله لا إرب له لجهله، أو المجبوبُ لفقد إربه مأثور، أو الشيخ الهرم لذهاب إربه، أو الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، أو المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه، أو تابع القوم يخدمهم لطعام بطنه فهو مصروف الشهوة لذله " ح "، وأخذت الإربة من الحاجة، أو من العقل من قولهم رجل أريب {لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} لم يكشفوها لعدم شهوتهم، أو لم يعرفوها لعدم تمييزهم، أو لم يطيقوا الجماع، وسميت العورة عورة لقبح ظُهورها وغض البصر عنها أخذاً من عور العين {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} كن إذا مشين ضربن بأرجلهن لتسمع قعقعة خلاخلهن فنهين عن ذلك. {وأنكحوا الإيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفورٌ رحيمٌ ولقد أنزلنا إليكم ءايات مبيناتٍ ومثلاً من الذين خلوا من قبلكم وموعظةٍ للمتّقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 32 - {وَأَنكِحُواْ} خطاب للأولياء، أو للأزواج أن يتزوجوا ندباً عند الجمهور أو إيجاباً {الأَيَامَى} المتوفى عنها زوجها، أو من لا زوج لها من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 الثيب والأبكار، رجل أيم وامرأة أيم {وَالصَّالِحِينَ} أنكحوا الأيامى بالصالحين من رجالكم، أو أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى {فُقَرَآءَ} إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح، أو فقراء من المال يغنهم الله - تعالى - بقناعة الصالحين، أو باجتماع الرزقين {وَاسِعٌ} الغنى {عَلِيمٌ} بالمصالح، أو واسع الرزق عليم بالخلق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 33 - {فَكَاتِبُوهُمْ} ندباً، أو وجوباً إذا طلب العبد {خَيْراً} قدرة على الاحتراف والكسب " ع " أو مالاً، أو ديناً وأمانة، أو وفاءً وصدقاً أو الكسب والأمانة. {وآتوهم} من الزكاة من سهم الرقاب أو بحط بعض نجومه ندباً، أو إيجاباً فيحط ربعها، أو سهماً غير مقدر " ع "، كان لحويطب بن عبد العزى عبد سأله الكتابة فامتنع فنزلت، {فتيانكم} الإماء {الْبِغَآءِ} الزنا {تَحَصُّناً} عفة {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} لا يتحقق الإكراه إلا عند إرادة التحصن لأن من لا تبغي التحصن تسارع إلى الزنا بغير إكراه، أو ورد على سبب فخرج على صفة السبب وليس بشرط فيه كان ابن أُبَيِّ يُكره أمته على الزنا فزنت ببرد فأخذه وقال: ارجعي فازني على آخر فقالت: لا والله وأخبرت الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 ذلك مستفيضاً من عادتهم طلباً للولد والكسب {لِّتَبْتَغُواْ} لتأخذوا أجورهن على الزنا {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} للمكرهات دون المكرهين. {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شىءٍ عليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 35 - {نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ} : هاديهما أو مدبرهما، أو ضياؤهما / [122 / أ] أو مُنَوِّرهما؛ نَوَّر السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة، أو نَوَّرهما بالشمس والقمر والنجوم {مَثَلُ نُورِهِ} نور المؤمن في قلبه، أو نور محمد [صلى الله عليه وسلم] في قلب المؤمن، أو نور القرآن في قلب محمد [صلى الله عليه وسلم] أو نور الله - تعالى - في قلب محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو قلب المؤمن {كَمِشْكَاةٍ} كُوَّة لا تنفذ {والمصباح} السراج، أو قنديل [و] المصباح: الفتيلة، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح: الضوء " ع "، أو السلسلة والمصباح: القنديل، أو صدر المؤمن والمصباح: القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة، حبشي معرَّبٌ، {الْمِصْبَاحٌ فِي زُجَاجَةٍ} القنديل؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون، أو الصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن {كَوْكَبٌ} الزهرة، أو كوكب غير معين عند الأكثر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 {درئ} يشبه الدر في صفائه، درئ: مضئ، درئ: متدافع قوي الضوء من درأ دفع دِرِّيٌّ: جارٍ درأ الوادي إذا جرى، والنجوم الدراري الجواري {شجرة مباركة} إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، والزجاجة: محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو صفة لضياء دهن المصباح {مُّبارَكَةٍ} ؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره {لا شَرْقِيَّةٍ} ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ، أوهي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها، أو ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، أوليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية، أو غربية وإنما هي من شجر الجنة " ح " أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب، أو الإيمان ليست بشديد ولا لين؛ لأن في أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ} صفاؤه كضوء النهار {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} أو يكاد قلب المؤمن من يعرف الحق قبل أن يُبين له، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به " ح " أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن يدعو إليها {نُّورٌ عَلَى نُورِ} ضوء النار على ضوء الزيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 على ضوء الزجاجة، أو نور النبوة على نور الحكمة، أو نور الرجاء على نور الخوف، أو نور الإيمان على نور العمل، أو نور مؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم، أونور نبي من نسل نبي {لِنُورِهِ} نبوته، أو دينه، أو دلائل هدايته {ويضرب / [122 / ب] اللَّهُ الأَمْثَالَ} هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه، أو ضربه لطاعته وسماهما نوراً لتجاوزهما عن محلهما، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله - تعالى - ذلك مثلاً لنوره " ع ". {في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 36 - {بُيُوتٍ} المساجد " ع "، أو سائر البيوت {تُرْفَعَ} تُبْنَى، أو تطهر من الأنجاس والمعاصي، أو تعظم، أو ترفع فيها الحوائج إلى الله - تعالى - {وَيُذْكَرَ فِيهَا أسْمُهُ} يتلى كتابه " ع "، أو تذكر أسماؤه الحسنى، أو توحيده بأن لا إله غيره، {فِى بُيُوتٍ} متعلق بقوله كمشكاة، أو بقوله - تعالى - " يسبح " {يُسَبِّحُ} يصلي له " ع " أو ينزهه {وَالأَصَالِ} العشايا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 37 - {تِجَارَةٌ} التجار: الجلاب المسافرون، والباعة: المقيمون. {عَن ذِكْرِ اللَّهِ} بأسمائه الحسنى، أو عن الآذان {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} على جمر جهنم، أوتتقلب أحوالها بأن تلحقها النار ثم تنضجها ثم تحرقها، أو تقلب القلوب: وجيبها وتقلب الأبصار نظرها إلى نواحي الأهوال، أو تقلب القلوب: بلوغها الحناجر وتقلب الأبصار الزُّرق بعد الكُحْل والعمى بعد الإبصار، أو يتقلب قلب الكافر عن الكفر إلى الإيمان ويتقلب بصره عما كان يراه غيَّاً فيراه رشداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 38 - {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير جزاء بل يبتديه تفضلاً، أوغير مقدر بالكفاية حتى لا يزيد عليها، أوغير قليل ولا مضيق، أوغير ممنون به. {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعةٍ يحسبه الظمئان ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلماتٍ في بحرٍ لجى يغشاه موجٌ من فوقه موج من فوقه سحابٌ ظلمات بعضها فوق بعضٍ إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نورٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 39 - {كَسَرَابٍ} : هو الذي يتخيل لرائيه أنه ماء جارْ والآل مثله إلا أنه يرتفع عن الأرض ضُحى حتى يصير كأنه بين السماء والأرض، وقيل السراب بعد الزوال والآل قبل الزوال، والرقراق بعد العصر (بِقِيعَةٍ} جمع قاع كجيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 وجار وهو ما انبسط من الأرض واستوى. مثل مضروب لاعتماد الكافر على ثواب عمله فإذا قدم على الله - تعالى - وجد ثوابه حابطاً بكفره ووجد أمر الله عند حشره، أو وجد الله - تعالى - عند عرضه، نزلت في شيبة بن ربيعة ترهّب في الجاهلية ولبس الصوف وطلب الدين وكفر في الإسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 40 - {كَظُلُمَاتٍ} ظلمة البحر وظلمة السحاب وظلمة الليل {لُّجِّىٍّ} واسع لا يرى ساحله، أو كثير الموج، أو عميق، ولجة البحر: وسطه {لَمْ يَكَدْ} لم يَرَهَا ولم يكد قاله الزجاجَ، أو رآها بعد أن كادَ لا يراها، أو لم يطمع أن يراها، أو يكد صلة {وَمَن لًّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً} سبيلاً إلى النجاة فلا سبيل له إليها، أو من لم يهده الله إلى الإسلام لم يهتدِ إليه. مثل للكافر والظلمات ظلمة الشرك وظلمة الشك وظلمة المعاصي، والبحر اللجي قلبه يغشاه موج عذاب الدنيا من فوقه موج عذاب الآخرة. {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 41 - {صَآفَّاتٍ} مُصْطفة الأجنحة في الهواء {صَلاتَهُ} الصلاة: للإنسان والتسبيح: لسائر الخلق، أو هذا في الطير؛ ضرب أجنحتها صلاة وأصواتها تسبيح، أو للطير صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، قاله سفيان، علم الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 صلاته وتسبيحه، أو علمها هو. {ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 43 - {يُزْجِى} يسوق {رُكَاماً} يركب بعضه بعضاً {الْوَدْقَ} البرق يخرج من / [123 / أ] خلال السحاب، أو المطر عند الجمهور {مِن الجبال} أي في السماء جبال بَرَد فينزل من السماء من تلك الجبال ما يشاء من البرد، أو ينزل من السماء بَرَداً يكون كالجبال، أو السماء: السحاب والسماء صفة للسحاب سُمي جبالاً لعظمته فينزل منه برداً {سَنَا بَرْقِهِ} صوت برقه، أو ضوؤه، أو لمعانه. {يقلب الله الّيل والنّهار إنّ فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار والله خلق كلّ دابّة من مآء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق الله ما يشاء إنّ الله على كل شىء قديرٌ لّقد أنزلنا ءايات مبيّنات والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 44 - {يقلب الله الليل وَالنَّهَارَ} بتعاقبهما، أو بنقص كل واحد منهما وزيادة الآخر، أو يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى ويغير الليل بظلمة السحاب تارة وبضوء القمر أخرى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 45 - {مِّن مَّآءٍ} النطفة، أو أصل الخلق كله الماء ثم قلب إلى النار فخلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 منها الجن وإلى الريح فخلق منها الملائكة وإلى الطين فخلق منه ما خلق {عَلَى بَطْنِهِ} كالحوت والحية {عَلَىَ رِجْلَيْنِ} كالإنسان والطير {عَلَى أَرْبَعٍ} كالأنعام ولم يذكر ما زاد لأنه كالماشي على أربع لأنه يعتمد في مشيته على أربع. {ويقولون ءامنّا بالله وبالرّسول وأطعنا ثمّ يتولى فريق منهم من بعد ذلك ومآ أولائك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بيّنهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لّهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفى قلوبهم مّرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله علّيهم ورسوله بل أولائك هم الظّلمون إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولائك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتّقه فأولائك هم الفآئزون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 48 - {مُّعْرِضُونَ} كان بين بِشْر المنافق وبين يهودي خصومة فدعاه اليهودي إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] ودعا بشر إلى كعب بن الأشراف؛ لأن الحق إذا توجه على المنافق دعا إلى غير الرسول [صلى الله عليه وسلم]-[ليسقط عنه] وإن كان الحق له حاكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 إليه ليستوفيه له فنزلت {وَإِذَا دُعُواْ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 49 - {مُذْعِنِينَ} طائعين، أو خاضعين، أو مسرعين، أو مقرين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 50 - {مرض} شرك، أو نفاق. {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 54 - {مَا حُمِّلَ} من إبلاغكم {مَّا حُمِّلْتُمْ} من طاعته {تَهْتَدُواْ} إلى الحق {البلاغ} بالقول للطائع وبالسيف للعاصي. {وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدّلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولائك هم الفاسقون وأقيموا الصّلاة وءاتوا الزّكاة أطيعوا الرّسول لعلّكم ترحمون لا تحسبن الّذين كفروا معجزين فى الأرض ومأواهم النّار ولبئس المصير 57 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 55 - {الأَرْضِ} بلاد العرب والعجم، أو أرض مكة؛ لأن المهاجرين سألوا الله - تعالى - ذلك {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} بنو إسرائيل في أرض الشام، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 داود وسليمان - عليهما الصلاة والسلام - {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ} بإظهاره على كل دين {لا يُشْرِكُونَ} لا يعبدون إلهاً غيري، أو لا يراؤون بعبادتي، أو لا يخافون غيري " ع "، أو لا يحبون غيري. قيل هي في الخلفاء الأربعة. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " الخلافة بعدي ثلاثون ". {يا أيها الذين ءامنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيّمانكم واّلذين لمّ يبّلغوا الحلم منكم ثلاث مّرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لّكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعض كذالك يبين الله لكم الأيات والله عليم حكيم وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذالك يبين الله لكم ءاياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرّجات بزينة أن يستعففن خيرٌ لّهن والله سميع عليمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 58 - {الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء يستأذن في الأوقات الثلاث خاصة ويستأذن الرجال في جميع الأوقات، أو العبيد والإماء فيستأذن العبد دون الأمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 على سيده في هذه الأوقات، أو الأمة وحدها؛ لأن العبد يلزمه الاستئذان في كل وقت " ع "، أو العبد والأمة جميعاً {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ} الصغار الأحرار فإن كان لا يصف ما رأى فليس من أهل الاستئذان وإن كان يصفه فيستأذن في الأوقات الثلاث ولا يلزمهم الاستئذان فيما وراء الثلاث. وخُصَّت هذه الأوقات لخلوة الرجل فيها بأهله وربما ظهر منه فيها / [123 / ب] ما يكره أن يرى من جسده. وبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى عمر - رضي الله تعالى عنه - وقت القائلة غلاماً من الأنصار فدخل بغير إذن فاستيقظ عمر - رضي الله تعالى عنه - بسرعة فانكشف منه شيء فرآه الغلام فحزن عمر - رضي الله تعالى عنه - لذلك وقال: وددت أن الله - تعالى - بفضله نهى أن يدخل علينا في هذه الساعات إلا بإذننا فانطلق إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فوجد هذه الآيات قد نزلت فخر ساجداً. {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ} لما اشتملت الساعات الثلاث على العورات سماهن عورات إجراءً لعورات الزمان مجرى عورات الأبدان فلذلك خصها بالإذن {لَيْسَ عَلَيْكُمْ} جناح في تبذلكم في هذه الأوقات، أو من منعهم فيها {وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ} في ترك الاستئذان فيما سواهن. {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} بالخدمة فلم يُحرَّج عليهم في دخول منازلكم، والطوَّاف: الذي يكثر الدخول والخروج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 59 - {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} الرجال أوجب الاستئذان على من بلغ؛ لأنه صار رجلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 60 - {وَالْقَوَاعِدُ} جمع قاعد قعدت بالكبر عن الحيض والحمل، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 لأنها تكثر القعود بعد الكبر، أو لأنها لا فتقعد تراد عن الاستماع {لا يَرْجُونَ} لا يردن لأجل كبرهن الرجال ولا يريدهن الرجال {ثِيَابَهُنَّ} رداؤها الذي فوق خمارها تضعه إذا سترها باقي ثيابها، أو خمارها ورداءها {مُتَبَرِّجَاتٍ} مظهرات من زينتهن ما يستدعى النظر إليهن فإنه حرام على القواعد وغيرهن، وجاز لهن وضع الجلباب لانصراف النفوس عنهن، وتمنع الشواب من وضع الجلباب ويُؤمرن بلباس أكثف الجلابيب لئلا تصفهن ثيابهن {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ} تعفف القاعدة من وضع الجلابيب أفضل لها وأولى بها من وضعه وإن كان جائزاً. {لَّيْسَ على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج وَلاَ على أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أو بيوت ءابآئكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمّاتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مّفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً فإذا دخلتم بيوتاً فسلّموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الأيات لعلّكم تعقلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 61 - {لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى} ... . إلى {الْمَرِيضِ} كان الأنصار يتحرجون من الأكل مع هؤلاء إذا دعوا إلى طعام ويقولون الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، والأعرج لا يقدر على الزحام عند الطعام، والمريض عن المشاركة الصحيح في الطعام، فكانوا يعزلون طعامهم، ويرون أنه أفضل من مشاركتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 فنزلت الآية رافعة للحرج في مؤاكلتهم " ع "، أو كان الأنصار يستخلفون أهل الزَّمانة المذكورين في منازلهم إذا خرجوا للجهاد فكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص لهم أن يأكلوا من بيوت من استخلفهم، أو نزلت في سقوط الجهاد عنهم " ح "، أو لا جناح على من دُعي منهم إلى وليمة أن يأخذ معه قائده {بُيُوتِكُمْ} أموال عيالكم وزوجاتكم لأنهم في بيته، أو أولادكم فنسبت بيوت الأولاد إليهم كقوله: " أنت ومالك لأبيك " ولذلك لم تذكر بيوت / [124 / أ] الأبناء، أو البيوت التي أنتم ساكنوها خدمة لأهلها واتصالاً بأربابها كالأهل والخدم {أو بيوت آبائكم} ... إلى {خَالاتِكُمْ} أباح الأكل من بيوت هؤلاء إذا كان الطعام مبذولاً غير مُحرز، فإن كان مُحرزاً فلا يجوز هتك الحرز، ولا يتعدى إلى غير المأكول ولا يتجاوز الأكل إلى الادخار {ملكتهم مَّفَاتِحَهُ} وكيل الرجل وقَيِّمُه في ضيعته يجوز أن يأكل مما يقوم [عليه] من ثمار الضيعة " ع "، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 يأكل من منزل نفسه ما ادخره، أو أكله من ماله عبده {صَدِيقِكُمْ} في الوليمة خاصة، أو في الوليمة وغيرها إذا كان الطعام غير محرز، والصديق واحد يعبّر به عن الجمع، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " قد جعل الله في الصديق البار عوضاً من الرحم المذمومة "، والصديق: من صدقك عن مودته، أو من وافق باطنه باطنك كما يوافق ظاهره ظاهرك، وما تقدم ذكره محكم لم ينسخ منه شيء، قاله قتادة: أو نسخ بقوله - تعالى -: {لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبى} [الأحزاب: 53] وبقوله: " لا يحل مال امرئ مسلم " الحديث {أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً} كان بنو كنانة في الجاهلية يرى أحدهم أنه يحرم عليه الأكل وحده حتى أن أحدهم ليسوق الذود الحُفَّل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فنزلت فيهم، أو في قوم من العرب كانوا يتحرجون إذا نزل بهم ضيف أن يتركوه يأكل وحده حتى يأكلوا معه، أو في قوم تحرجوا من الاجتماع على الأكل ورأوا ذلك دِيناً، أو في قوم مسافرين اشتركوا في أزوادهم فكان إذا تأخر أحدهم أمسك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 الباقون حتى يحضر فرخص لهم في الأكل جماعة وفرادى {بُيُوتاً} المساجد، أو جميع البيوت {عَلَى أَنفُسِكُمْ} إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلكم وعيالكم، أو المساجد، فسلموا على من فيها " ع "، أو بيوت غيركم فسلموا عليهم " ح "، أوبيوتاً فسلموا على أهل دينكم، أو بيوتاً فارغة فسلموا على أنفسكم: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو سلام علينا من ربنا تحية من الله {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ} السلام اسم من أسماء الله - تعالى -، أو الملائكة ترد عليه إذا سلم فيكون ثواباً من عند الله {مُبَارَكَةً} بما فيها من الثواب الجزيل، أو لما يرجى من قبول دعاء المجيب. {إنّما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتى يستئذنوه إن الذين يستئذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فإذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفورٌ رحيمٌ 8} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 62 - {أَمْرٍ جَامِعٍ} الجهاد، أو طاعة الله، أو الجمعة، أو الاستسقاء والعيدان وكل شيء تكون فيه الخطبة {لِّمَن شِئْتَ} على حسب ما ترى من أعذارهم ونياتهم. قيل نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - استأذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في غزوة تبوك / [124 / ب] أن يرجع إلى أهله، فأذن له وكان المنافقون إذا استأذنوه نظر إليهم ولم يأذن، فيقول بعضهم لبعض إن محمداً يزعم أنه بُعث بالعدل وهكذا يصنع بنا {وَاسْتَغْفِرْ} لمن أذنت له لتزول عنه مذمة الانصراف. {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً قد يعلم الله الذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 يتسللون منكم لو أذاّ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما علموا والله بكل شئٍ عليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 63 - {لا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ} نهى عن التعرض لدعائه بإسخاطه فإن دعاءه يوجب العقوبة وليس كدعاء غيره " ع "، أو لا تدعونه بالغلطة والجفاء ولكن بالخضوع والتذلل؛ يا رسول الله، يا نبي الله، أو لا تتأخروا عن أمره ولا تقعدوا عن استدعائه إلى الجهاد كما يتأخر بعضهم عن أجابة بعض {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ} المنافقون يتسللون عن صلاة الجمعة يلوذ بعضهم ببعض استتاراً من الرسول [صلى الله عليه وسلم] ولم يكن أثقل عليهم من الجمعة وحضور الخطبة، أو كانوا يتسللون في الجهاد برجوعهم عنه يلوذ بعضهم ببعض {لِوَاذاً} فراراً من الجهاد " ح " {يُخَالِفُونَ} يعرضون، أو " عن " صلة {عَنْ أَمْرِهِ} أمر الله - تعالى -، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] {فتنة} كفر، أوعقوبة، أو بلية تظهر نفاقهم {عَذَابٌ أَلِيمٌ} جهنم، أو القتل في الدنيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 سورة الفرقان مكية أو إلا ثلاث آيات {والذين لا يدعون} [68] إلى {غفورا رحيما} [70] بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً واتخذوا من دونه ءالهةً لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 1 - {تَبَارَكَ} تفاعل من البركة " ع "، أو خالق البركة، أو الذي تجيء منه البركة وهي العلو، أو الزيادة، أو العظمة {الْفُرْقَانَ} القرآن؛ لأنه فيه بيان الحلال والحرام، أوالفرقة بين الحق والباطل، وقيل الفرقان اسم لكل منزل {ليكون} محمداً [صلى الله عليه وسلم] أو الفرقان {لِلْعَالَمِينَ} الجن والإنس؛ لأنه أرسل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 إليهم {نَذِيراً} محذراً من الهلاك، ولم تعم رسالة نبي قبله إلا نوح - عليه الصلاة والسلام - فإنه عم الإنس برسالته بَعد الطوفان وقبل الطوفان مذهبان. {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم ءاخرون فقد جاءو ظلماً وزوراً وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلاً قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4 - {وقال الذين كفروا} مشركو مكة، أوالنضر بن الحارث " ع " {إِفْكٌ} كذب اختلقه وأعانه {قَوْمٌ} من اليهود، أو عبد الله بن الحضرمي، أو عداس مولى عتبة " وجبر مولى عامر بن الحضرمي "، أو أبو فكيهة الرومي. {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملكٌ فيكون معه نذيراً أو يلقى إليه كنزٌ أو تكون له جنةٌ يأكل منها وقال الظالمون إن تتّبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهارويجعل لك قصوراً بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً إذا رأتهم من مكان بعيدٍ سمعوا لها تغيظاً وزفيراً وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 7 - {يَأْكُلُ الطَّعَامَ} أنكروا أن يكون الرسول مثلهم محتاجاً إلى الطعام متبذلاً في الأسواق، أو ينبغي كما اختص بالرسالة فكذلك يجب أن لا يحتاج إلى الطعام كالملائكة ولا يتبذل في الأسواق كالملوك {أنزل عليه مَلَكٌ} دليلاً على صدقه، أو وزيراً يرجع إلى رأيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 8 - {كنزٌ} ينفق منه على نفسه وأتباعه كأنهم استقلوه لفقره {وَقَالَ الظَّالِمُونَ} مشركو مكة، أو عبد الله بن الزَّبَعْرَى {مَّسْحُوراً} سُحر فزال عقلُه، أو سحركم فيما يقوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 9 - {ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ} بما تقدم من قولهم {فَضَلُّواْ} عن الحق في ضربها، أو فناقضوا / [125 / أ] في ذلك لأنهم قالوا: افتراه ثم قالوا يُملى عليه {سَبِيلاً} مخرجاً من الأمثال التي ضربوها، أو سبيلاً لطاعة الله - تعالى - أو سبيلاً إلى الخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 13 - {ضَيِّقاً} تضيق جهنم على الكافر كمضيق الزُّج على الرمح {مُّقَرَّنِينَ} مُكَتَّفين، أو قرن كل واحد منهم إلى شيطانه. {ثُبُوراً} ويلاً أو هلاكاً، أو وانصرافاه عن طاعة الله كقول الرجل واحسرتاه وانداماه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيراً لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعداً مسئولاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 16 - {مَا يَشَآءُونَ} من النعيم وتُصرف المعاصي عن شهواتهم {وَعْداً مَّسْئُولاً} وعدهم الله الجزاء فسألوه الوفاء فوفى " ع "، أو يسأله لهم الملائكة فيجابون إلى مَسْألتهم، أو سألوه في الدنيا أن يرزقهم الجنة فأجابهم. {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل 5 قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وءاباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفاً ولا نصراً ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 17 - {يَحْشُرُهُمْ} حشر الموت، أو البعث " ع " {وَمَا يَعْبُدُونَ} عيسى وعُزير والملائكة {فَيَقُولُ} للملائكة، أو لعيسى وعزير والملائكة {أأنتم} تقريرٌ لإكذاب المدعين عليهم ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 18 - {مِنْ أَوْلِيَآءَ} نواليهم على عبادتنا، أو نتخذهم لنا أولياء {مَّتَّعْتَهُمْ} بتأخير العذاب، أو بطول العمر، أو بالأموال والأولاد {بُوراً} هلكى، البوار: الهلاك " ع "، أو لا خير فيهم، بارت الأرض: تعطلت من الزرع فلم يكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 فيها خير، أو البوار: الفساد بارت السلعة: كسدت كساداً فاسداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 19 - {فَقَدْ} كذبكم الكفار أيها المؤمنون {بِمَا تَقُولُونَ} من نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو كذب الملائكة والرسل الكفار بقولهم إنهم اتخذوهم أولياء من دونه {صَرْفاً} للعذاب عنهم ولا ينصرون أنفسهم، أو صرف الحجة {وَلا نَصْراً} على آلهتهم في تكذيبهم، أو صرفك يا محمد عن الحق ولا نصر أنفسهم من عذاب التكذيب، أو الصرف: الحيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال، وفي الحديث " لا يقبل منه صرف أي نافلة ولا عدل أي فريضة "، {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 20 - {فِتْنَةً} اختباراً يقول الفقير لو شاء لجعلني غنياً مثل فلان وكذلك يقول الأعمى والسقيم للبصير، والسليم، أو العداوات في الدين أو صبر الأنبياء على تكذيب قومهم، أو أسلم بلال وعمار وصهيب وأبو ذر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 وعامر بن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم من الفقراء والموالي قال: المستهزئون من قريش انظروا إلى أتباع محمد من فقرائنا وموالينا فنزلت، والفتنة: البلاء، أو الاختبار {أَتَصْبِرُونَ} على ما امتُحنتم به من الفتنة تقديره أم لا تصبرون {بصيرا} بمن يجزع. {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجراً محجوراً 22 وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقراً وأحسن مقيلاً 24} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 21 - {لا يَرْجُونَ} لا يخافون، أو لا يأملون، أو لا يبالون {الْمَلائِكَةُ} ليخبرونا بنبوة محمد، أو رسلاً بدلاً من رسالته {اسْتَكْبَرُواْ} باقتراحهم رؤية ربهم ونزول الملائكة، أو بإنكارهم إرسالَ محمد [صلى الله عليه وسلم] إليهم / [125 / ب] {عُتُوّاً} تجبراً، أو عصياناً، أو سرفاً في الظلم، أو غلواً في القول، أو شدة الكفر " ع "، نزلت في عبد الله بن أبي أمية ومكرز بن حفص في جماعة من قريش قالوا: لولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 أنزل علينا الملائكة، أو نرى ربنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 22 - {يَوْمَ يَرَوْنَ} يوم الموت، أو القيامة {لا بُشْرَى} للمجرمين بالجنة {وَيَقُولُونَ} الملائكة للكفار، أو الكفار لأنفسهم {حِجْراً مَّحْجُوراً} معاذ الله أن تكون لكم البشرى، أو حراماً محرماً أن تكون لكم البشرى، أو منعنا أن يصل إلينا شيء من الخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 23 - {وَقَدِمْنَآ} عمدنا {مِنْ عَمَلٍ} خير فأحبطناه بالكفر، أو عمل صالح لا يراد به وجه الله. {هَبَآءً} رَهَج الدواب " غبار يسطع من تحت حوافرها "، أو كالغبار يكون في شعاع الشمس إذا طلعت في كوة، أو ما ذرته الريح من أوراق الشجر، أو الماء المهراق " ع " أو الرماد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 24 - {وأحسن مقيلا} المستقر في الجنة، والمقبل دونها، أو عبّر به عن الدعة وإن لم يقيلوا، أو مقيلتهم الجنة على الأسرة مع الحور، ومقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين " ع "، أو يفرغ من حسابهم وقت القائلة وهو نصف النهار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً الملك يومئذٍ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً 26 ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ياويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً 28 لقد أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 25 - {بِالْغَمَامِ} المعهُود لأنه لا يبقى بعد انشقاق السماء، أوغمام أبيض يكون في السماء ينزله الله - تعالى - على الأنبياء فيشقق السماء فيخرج منها {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ} ليبشروا المؤمن بالجنة والكافر بالنار، أو ليكون مع كل نفس سائق وشهيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 27 - {الظَّالِمُ} قيل عقبة بن أبي مُعيط {سَبِيلاً} طريقاً إلى النجاة أو بطاعة الله، أو وسيلة عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] تكون صلة إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 28 - {فُلاناً} لا يثنى ولا يجمع. وهو هنا الشيطان، أو أُبي بن خلف، أو أمية بن خلف كان خليلاً لعقبة وكان عقبة يغشى مجلس الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: أمية بلغني أنك صبوت إلى دين محمد، فقال: ما صبوت، فقال: وجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتبرأ منه، فأتاه عقبة وتفل في وجهه وتبرأ منه فاشتد ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. (وقال الرسول يا رب إنّ قومي اتّخذوا هذا القرءان مهجوراً وكذلك جعلنا لكل نبىٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 عدواً من المجرمين وكفى بربّك هادياً ونصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 30 - {مَهْجُوراً} أعرضوا عنه، أو قالوا: فيه هُجراً وقبيحاً، أو جعلوه هجراً من الكلام وهو ما لا فائدة فيه كالعبث والهذيان. {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملةً واحدةً كذلك لنثبت به فؤادك ورتّلناه ترتيلاً ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شرٌ مكاناً وأضل سبيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 32 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} قريش، أو اليهود: هلا نُزل القرآن جملة واحدة كالتوراة {لِنُثَبِّتَ} لنشجع به قلبك؛ لأنه معجزة تدل على صدقك، أو أنزلناه متفرقاً لنثبت به فؤادك؛ لأنه أُمي لا يقرأ فنزل مفرقاً ليكون أثبت في فؤاده وأعلق بقلبه، أو ليثبت فؤاده باتصال الوحي فلا يصير بانقطاعه مستوحشاَ {وَرَتَّلْنَاهُ} رسلناه شيئاً بعد شيء " ع "، أو فرقناه، أو فصلناه، أو فسرناه، أو بيناه " ع ". {ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بئاياتنا فدمرناهم تدميراً وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس ءايةً وأعتدنا للظالمين عذاباً أليماً وعاداً وثمودا وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً وكلاّ ضربنا له الأمثال وكلاً تبرنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 تتبيراً ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 39 - {الرَّسِّ} المعدن، أو قرية من قرى اليمامة يقال: لها الفلج من ثمود، أو ما بين نجران واليمن إلى حضرموت، أو بئر بأذريبجان " ع "، أو بأنطاكية الشام قتل بها صاحب ياسين، أو كل بئر لم تُطْو فهي / [126 / أ] رس. وأصحابها قوم شعيب، أو قوم رسو نبيهم في بئر، أو قوم نزلوا على بئر وكانوا يعبدون الأوثان فلا يظفرون بأحد يخالف دينهم إلا قتلوه وَرَسُّوه فيها وكان الرس بالشام، أو قوم أكلوا نبيهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 40 - {الْقَرْيَةِ} سدوم. و {مَطَرَ السَّوْءِ) {الحجارة} (يَرَوْنَهَا} يعتبرون بها {لا يَرْجُونَ} لا يخافون بعثاً. {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كاد ليضلنا عن ءالهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضلُّ سبيلاً أرءيت من اتَخذ إلاههُ هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلاً أم تحسبُ أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 43 - {من اتخذ إلاهه هَوَاهُ} قوم كانوا يعبدون ما يستحسنونه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 الحجارة فإذا رأوا أحسن منه عبدوه وتركوا الأول " ع "، أو الحارث بن قيس كان إذا هوى شيئاً عبده، أو التابع هواه في كل ما دعاه إليه " ح ". {وَكِيلاً} ناصراً، أو حفيظاً، أو كفيلاً، أو مسيطراً. {ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً وهو الذي جعل لكم الّيل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 45 - {مَدَّ} بسط {الظِّلَّ} الليل يظل الأرض يدْبر بطلوع الشمس ويقبل بغروبها، أوظلال النهار بما حجب عن شعاع الشمسن والظل: ما قبل الزوال والفيء بعده أو الظل: قبل طلوع الشمس والفيء بعد طلوعها. " {سَاكِناً} دائماً. {دَلِيلاً} برهاناً على الظل، أو تالياً يتبعه حتى يأتي عليه كله ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 46 - {قبضناه} قبضنا الظل بطلوع الشمس، أوبغروبها {يسيرا} سريعاً " ع "، أو سهلاً، خفياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 47 - {لِبَاساً} غطاء كاللباس {سُبَاتاً} راحة لقطع العمل فيه، أو لأنه مسبوت فيه كالميت لا يعقل. {نُشُوراً} باليقظة كالنشور بالبعث، أو ينتشر فيه للمعاش. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 {وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً لنحى به بلدةً ميتاً ونسقيه ممّا خلقنا أنعاماً وأناسى كثيراً ولقد صرفناه بينهم ليذّكروا فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 48 - {الرِّيَاحَ} قال أُبي بن كعب: كل شيء من ذكر الرياح في القرآن فهو رحمة وكل شيء من الريح فهو عذاب، قيل لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح، والعذاب ريح واحدة، وهي الدَّبور؛ لأنها لا تُلقح. {نشراً} تنشر السحاب ليمطر، أو تحيي الخلق كما يحيون بالنشور. {بشراً} لتبشيرها بالمطر. أو لأنهم يستبشرون بالمطر. {رَحْمَتِهِ} بالمطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 49 - {بَلْدَةً مَّيْتاً} لا عمارة بها ولا زرع، وإحياؤها إنبات زرعها وشجرها {أناسي} جمع إنسان، أو جمع إنسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 50 - {صَرَّفْنَاهُ} الفرقان، أو المطر. قسمة بينهم فلا يدوم على مكان فيهلك، ولا ينقطع عن آخر فيفسد، أو يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان، قال ابن عباس. رضي الله تعالى عنهما: ليس عام بأمطر من عام ولكن الله تعالى يصرفه بين عباده {كفورا} قولهم: مطرنا بالأنواء. {ولو شئنا لبعثنا في كلّ قريةٍ نذيراً فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً وهو الذي مرج البحرين هذا عذبٌ فراتٌ وهذا ملحٌ أجاجٌ وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 ربّك قديراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 52 - {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} في تعظيم آلهتهم، أو موادعتهم {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} بالقرآن أو الإسلام. {كَبِيراً} بالسيف، أو الغلظة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 53 - {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} أرسل أحدهما في الآخر، أو خلاهما مرجت الشيء خليته، ومرج الوالي الناس تركهم، ومرجت الدابة تركتها ترعى، فهما بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر العذب وبحر الملح. {فُرَاتٌ} عذب أو أعذب العذب {أُجَاجٌ} ملح، أو أملح الملح، أو مر، أو حار متوهج من تأجج النار {بَرْزَخاً} حاجزاً من اليبس " ح " أو التخوم، أو الأجل ما بين الدنيا والآخرة. {حجراً} مانعاً أن يختلط العذب بالمالح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 54 - {نسباً} / [126 / ب] كل من ناسب بولد أو والد وكل شيء أضيف إلى آخر ليعرف به فهو يناسبه. {وَصِهْراً} الرضاع، أو المناكح، أو النسب ما لا يحل نكاحه من قريب وغيره والصهر ما يحل نكاحه من قريب وغيره، أصل الصهر الملاصقة، أو الاختلاط لاختلاط الناس بها. {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربّه ظهيراً وما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً قل ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيراً وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 55 - {عَلَى رَبِّهِ} أولياء ربه. {ظَهِيراً} عوناً، أو الكافر هين على الله، ظهر فلان بحاجتي استهان بها، ومنه 0 وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود: 92] قيل نزلت: في أبي جهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 60 - {قَالُواْ وَمَا الرَّحْمَنُ} لم تكن العرب تعرف هذا الاسم لله تعالى فلما دعوا إلى السجود له بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل، أو لأن مسيلمة يُسمى بالرحمن فلما سمعوه في القرآن ظنوه مسيلمة فأنكروا السجود له، أو ورد في قوم لا يعرفون الصانع ولا يقرون فلما دعوا إلى السجود أزدادوا نفوراً على نفورهم وإلا فالعرب كانت تعرف الرحمن قبل ذلك. {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً وهو الذي جعل اليل والنهار خلفةٌ لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 61 - {بُرُوجاً} نجوماً عظاماً أو قصوراً فيها الحرس، أو مواضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 الكواكب، أو منازل الشمس {سِرَاجاً} الشمس، سُرُجاً: النجوم، وسمى الشمس سراجاً لاقتران نورها بالحرارة كالسراج، وسمى القمر بالنور لعدم ذلك فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 62 - {خِلْفَةً} ما فات في أحدهما قضي في الآخر، أو يختلفان ببياض أحدهما وسواد الآخر، أو يخلف كل واحد منهما الآخر بالتعاقب. {يَذَّكَّرَ} يصلي بالليل صلاة النهار، وبالنهار صلاة الليل. {شُكُوراً} النافلة بعد الفرض قيل نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه. {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 63 - {هَوْناً} علماء حلماء " ع "، أو أعفاء أتقياء، أو بالسكينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 والوقار، أو متواضعين غير متكبرين {الْجَاهِلُونَ} الكفار، أو السفهاء، {سَلاماً} سداداً، أو طلباً للمسالمة، أو وعليك السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 65 - {غلاما} غراماً ملازماً، والغريم لملازمته، أو شديداً وشدة المحنة غرام، أو ثقيلاً. مغرمون: مثقلون، أو أغرموا بنعيم الدنيا عذاب النار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 67 - {يُسْرِفُواْ} النفقة في المعاصي " ع "، أو لم يكثروا حتى يقول الناس قد أسرفوا، أو لا يأكلون الطعام لإرادة النعيم ولا يلبسون الثياب للجمال وهم أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] كانت قلوبهم كقلب رجل واحد، أو لم ينفقوا نفقة في غير حقها. {يَقْتُرُواْ} يمنعوا حق الله " ع "، أو لا يجيعهم ولا يعريهم، أو لم يمسكوا عن طاعة الله تعالى، أو لم يقتصروا في الحق قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " من منع في حق فقد أقتر ومن أعطى في غير حق فقد أسرف " {قَوَاماً} عدلاً، أو إخراج شطر الأموال في الطاعة، أو ينفق في الطاعة ويكف عن محارم الله تعالى. والقوام بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 عليه الأمر ويستقر. {والذين لا يدعون مع الله إلهاً ءاخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنّه يتوب إلى الله متاباً 71} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 68 - {إِلا بالْحَقِّ} كفر بعد الإيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل / نفس بغير نفس. / [127 / أ] {أَثَاماً} عقوبة، أو جزاء، أو اسم وادٍ في جهنم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 69 - {يُضَاعَفْ} عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو يجمع له بين عقوبات الكبائرالتي فعلها، أو استدامة العذاب بالخلود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 70 - {من تاب} من الزنا {وآمن} من الشرك وعمل صالحاً بعد السيئات {حَسَنَاتٍ} يبدلون في الدنيا بالشرك إيماناً وبالزنا إحصاناً، وذكر الله تعالى بعد نسيانه وطاعته بعد عصيانه، أو في الآخرة من غلبت سيئاتُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 حسناتِه بُدلت سيئاته حسنات، أو يبدل عقاب سيئاته إذا تاب منها بثواب حسناته التي انتقل إليها. {غَفُوراً} لما سبق على التوبة. {رَّحِيماً} بعدها. لما قتل وحشي حمزة كتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل لي من توبة فإن الله تعالى أنزل بمكة إياسي من كل خير. {والذين لا يدعون مع الله} الآية [68] وأن وحشياً قد زنا وأشرك وقتل النفس فأنزل الله تعالى: {إلا مَن تَابَ} من الزنا وآمن بعد شرك وعمل صالحاً بعد السيئات الآية. فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إليه فقال: هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحاً. فكتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل من شيء أوسع من هذا. فنزلت {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} الآية [النساء: 66] فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى وحشي فقال: إني أخاف أن لا أكون من مشيئة الله فنزل في وحشي وأصحابه {قل يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ} الآية [الزمر: 53] فبعث بها إلى وحشي فأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 {والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مروا كراماً والذين إذا ذكروا بئايات ربّهم لم يخروا عليها صمّاً وعمياناً والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 72 - {الزُّورَ} الشرك بالله، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين، أو الغناء، أو مجالس الخنا، أو لعب كان في الجاهلية، أو الكذب، أومجلس كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يُشتم فيه. {بِاللَّغْوِ} كان المشركون إذا سبوهم وأذوهم أعرضوا عنهم وإذا ذكروا النكاح كفوا عنه، ويكنون عن الفروج إذا ذكروها، أو إذا مروا بإفك المشركين أنكروه، أو المعاصي كلها ومرورهم بها {كِرَاماً} تركها والإعراض عنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 73 - {لَمْ يَخِرُّواْ} لم يقيموا، أو لم يتغافلوا. {صُمّاً وَعُمْيَاناً} لكنهم سمعوا الوعظ وأبصروا الرشد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 74 - {مَنْ أَزْوَاجِنَا} اجعل أزواجنا وذريتنا قرة أعين أو ارزقنا من أزواجنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 أولاداً ومن ذريتنا أعقاباً، وقرة العين: أن تصادف العين ما يرضيها فتقر على النظر إليه دون غيره، أو القر البرد معناه بَرَّدَ الله دمعها، دمع السرور بارد، ودمع الحزن حار، وضد قرة العين سخنة العين. {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} أهل طاعة تقر أعيننا في الدنيا بصلاحهم وفي الآخرة / [127 / ب] بالجنة {إِمَاماً} أئمة هدى يهتدى بنا " ع "، أو نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا، أو أمثالاً، أو قادة إلى الجنة، أو رضاً. {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّة وسلاماً خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 75 - {الْغُرْفَةَ} الجنةٍ، أو أعلى منازل الجنة {صَبَرُواْ} على الطاعة، أو عن شهوات الدنيا. {تَحِيَّةً} بقاء دائماً، أو ملكاً عظيماً، {وَسَلاماً} جميع السلامة والخير، أو يحيي بعضهم بعضاً بالسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 77 - {ما يعبأ} ما يصنع، أو ما يبالي بكم. {دُعَآؤُكُمْ} عبادتكم له وإيمانكم به، أو لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة. {لِزَاماً} القتل ببدر أو عذاب القيامة، أو الموت، أو لزوم الحجة لهم في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا. وأظهر الوجوه أن اللزام الجزاء للزومه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 سورة الشعراء مكية، أو إلا أربع آيات نزلت بالمدينة {والشعراء يبتعهم} [224] إلى آخرها. بسم الله الرحمن الرحيم {طسم تلك ءايات الكتاب المبين لعلك باخعٌ نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءايةً فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدثٍ إلا كانوا عنه معرضين فقد كذّبوا فسيأتيهم أنبؤا ما كانوا به يستهزءون أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوجٍ كريمٍ إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 1 - {طسم} اسم لله تعالى أقسم به جوابه {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ} [4] " ع "، أو اسم للقرآن، أو من الفواتح التي افتتح بها كتابه، أو حروف من أسماء الله تعالى وصفاته مقطعة الطاء من طول، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 أو طاهر، والسين من قدوس أو سميع، أوسلام. والميم من مجيد، أو رحيم، أو ملك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 3 - {باخع} قاتل أو مخرج، والبخع: القتل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 4 - {أيه} مَا عَظُم من الأمور القاهرة، أو ما ظهر من الدلائل الواضحة {أَعْنَاقُهُمْ} لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية، أو أراد أصحاب الأعناق، أو الأعناق الرؤساء، أو العنق الجماعة من الناس، أتاني عنق من الناس أي جماعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 7 - {زَوْجٍ} نوع معه قرينه من أبيض وأحمر وحلو وحامض {كَرِيمٍ} حسن، أو مما يأكل الناس والأنعام، أو النافع المحمود، أو الناس نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم قاله الشعبي، {والله أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً} [نوح: 17] . {وإذ نادى ربّك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال ربّ إني أخاف أن يكذّبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون 13 ولهم على ذنبٌ فأخاف أن يقتلون قال لكلاّ فاذهبا بئاياتنا إنّا معكم مستمعون فأتيا فرعون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 فقولا إنّا رسول ربّ العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربّك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذاً وأنا من الضالين ففررت منكم لمّا خفتكم فوهب لي ربّي حكماً وجعلني من المرسلين وتلك نعمةٌ تمنّها على أن عبدت بني إسرائيل} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 13 - {ويضيق صدري} لتكذيبهم، أو للضعف من إبلاغ الرسالة. {وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِى} من مهابته، أو للعقدة التي كانت به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 14 - {ولهم علي} عندي ذنب، أوعقوبة ذنب هو قتل النفس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 16 - {رَسُولُ} بمعنى رَسُولاً، أو كل واحد منا رسول، أو إنا رسالة ومنه ( ... ... ... ... ... ... ... ... . ... وما أرسلتهم برسول) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 18 - {ولبثت فينا} لأنه كان لقيطاً في دار " لبث فيهم ثلاثين سنة " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 وغاب عنهم عشر سنين، ثم دعاه ثلاثين سنة، وعاش بعد غرقه خمسين سنة. ذكر ذلك امتناناً عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 19 - {فَعْلَتَكَ} قتل النفس {مِنَ الْكَافِرِينَ} أي على ديننا الذي تقول أنه كفر، أو من الكافرين لإحساني إليك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 20 - {الضَّآلِّينَ} الجاهلين لأنه لم يعلم أنها تبلغ النفس، أو من الضالين عن النبوة، أو من الناسين كقوله {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: 282] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 22 - {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ} اتخاذك بني إسرائيل عبيداً قد أحبط نعمتك التي تمن علي بها، لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني اعتددت بذلك نعمة تمن بها عليَّ أو لم يكن لفرعون على موسى نعمة وإنما رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه، أو أنفق فرعون على تربية موسى من / [128 / أ] أموال بني إسرائيل التي أخذها منهم لما استعبدهم فأبطل موسى نعمته وأبطل منته لأنها أموال بني إسرائيل لا أموال فرعون " ح " والتعبيد الحبس والإذلال والاسترقاق لما فيه من الذل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 {قال فرعون وما ربّ العالمين قال ربّ السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربّكم وربّ ءابائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنونٌ قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشىءٍ مبينٍ قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ 32 ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليمٌ يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحّارٍ عليمٍ 37} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 32 - {ثُعْبَانٌ} الحية الذكر، أو أعظم الحيات، أو أعظم الحيات الصفر شعرالعنف. {مُّبِينٌ} أنها ثعبان، أو أنها آية وبرهان، قيل كان اجتماعهم بالإسكندرية. قيل كان السحرة أثني عشر ألفاً، أو تسعة عشر ألفاً. 35 - {تَأْمُرُونَ} تشيرون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 36 - {أَرْجِهْ} أخره، أو أحبسه. ولم يأمروا بقتله لأنهم رأوا منه ما بهر عقولهم فخافوا الهلاك من قِبله، أو صرفوا عن ذلك تأييداً للدين وعصمة لموسى عليه الصلاة والسلام، أو خافوا أن يفتن الناس بما شاهدوا منه ورجوا أن يغلبه السحرة. {فجمع السحرة لميقات يومٍ معلومٍ وقيل للنّاس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 السحرة إن كانوا هم الغالبين فلمّا جاء السحرة قالوا لفرعون أئنّ لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذاّ لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيّهم وقالوا بعزة فرعون إنّا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقى السحرة ساجدين 4 قالوا ءامنّا برب العالمين ربّ موسى وهارون قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنّه لكبيركم الذي علمّكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعّن أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ولأصلّبنّكم أجمعين قالوا لا ضير إنّا إلى ربنا منقلبون إنّا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أوّل المؤمنين وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنّكم متّبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشر ذمةٌ قليلون وإنّهم لنا لغائظون وإنّا لجميعٌ حاذرون فأخرجناهم من جناتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريمٍ كذلك وأورثناها بني إسرائيل} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 54 - {شرذمة: سفلة الناس، أو العصبة الباقية من " عصب كبيرة "؛ شرذمة كل شيء بقيته القليلة، والقميص إذا أخلق شراذم، وما قطع من فضول النعال حتى تحذي شراذم. وكان عدد بني إسرائيل لما قال ذلك ستمائة ألف وتسعين ألفاً، أو ستمائة وعشرين ألفاً لا يعدون ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره، أو ستمائة ألف مقاتل، أو خمس مائة ألف وثلاثة آلاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 وخمسائة مقاتل واستقل هذا العدد لكثرة من قَتَل منهم، أو لكثرة من معه، كان على مقدمته هامان في ألف وتسعمائة ألف حصان أشهب ليس فيها أنثى، أو كانوا سبعة ألاف ألف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 55 - {لَغَآئِظُونَ} لأنهم استعاروا حُلِي القبط وذهبوا به مغايظة لهم، أو لقتلهم أبكارهم وهربهم منهم، أو بخلاصهم من رقهم واستخدامهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 56 - {حذرون} وحاذرون واحد، أو الحَذِر الخائف والحاذر المستعد أو الحذر المطبوع على الحذر والحاذر فاعل الحذر، أو الحذر المتيقظ والحاذر آخِذُ السلاح لأن السلاح حذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 58 - {وكنوز} الخزائن، أوالدفائن، أو الأنهار {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} المنابر " ع " أو مجالس الأمراء، أو المنازل الحسان، أو مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عدة وزينة. {فأتبعوهم مشرقين فلمّا ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنّا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كلٌ فرقٍ كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرون وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 اغرقنا الآخرين إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو لعزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 60 - {مًّشْرِقينَ} حين أشرقت الشمس بالشعاع، أو أشرقت الأرض بالضياء، أو ناحية الشرق شرقت الشمس: طلعت وأشرقت: أضاءت وتأخر فرعون وقومه عنهم لاشتغالهم بدفن أبكارهم لأن الوباء تلك الليلة وقع فيهم، أو لأن سحابة أظلتهم فخافوها حتى أصبحوا فانقشعت عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 61 - {لَمُدْرَكُونَ} ملحوقون لأنهم رأوا فرعون وراءهم والبحر أمامهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 62 - {كَلآ} زجر وردع {سَيَهْدِينِ} إلى الطريق، أو سيكفيني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 63 - {فَانفَلَقَ} أثني عشر طريقاً لكل سبط طريق عرض كل طريق / [128 / ب] فرسخان وكان ذلك ضحوة النهار يوم الأثنين عاشر المحرم بعد أربع ساعات من النهار. والبحر بحر النيل ما بين أيلة ومصر، وقطعوه في ساعتين فصار ست ساعات {كَالطَّوْدِ} كالجبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 64 - {وَأَزْلَفْنَا} قربنا فرعون وقومه إلى البحر " ع "، أو جمعنا فرعون وقومه في البحر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوانعبد أصناماً فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذلك يفعلون قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون أنتم وءاباؤكم الأقدمون فإنهم عدوٌّ لي إلا ربّ العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثمّ يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الذين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 78 - {خَلَقَنِى) {بنعمته} (فَهْوَ يَهْدِينِ} لطاعته، أو خلقني لطاعته فهو يهدين لجنته. {ربّ هب لي حكماً وألحقني بالصالحات واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لأبي إنّه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليمٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 83 - {حُكْماً} لُبّاً، أو علماً، أو نبوة، أو القرآن 0 بِالصَّالِحِينَ} الأنبياء والمؤمنين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 84 - {لِسَانَ صدقٍ} ثناء حسناً من الأمم كلها، أو أن يؤمن به أهل كل ملة، أو يجعل من ولده من يقوم بالحق بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 86 - {لأَبِى} كان يُسِِر الإيمان ويظهر الكفر فيصح استغفاره له. والأظهر أنه كان كافراً في الباطن أيضاً فسأل أن يغفر له في الدنيا ولا يعاقبه فيها أو يغفر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 له جنايته عليه التي تسقط بعفوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 89 - {سَلِيمٍ} من الشك، أو الشرك " ح " أو المعاصي، أو مخلص، أوناصح لله تعالى في خلقه. {وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون 92 من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيهاهم والغاون وجنود إبليس أجمعون 95 قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلالٍ مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرةً فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإنّ ربّك لهو العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 94 - {فَكُبْكِبُواْ} جمعوا في النار، أو طرحوا فيها على وجوههم، أو نكسوا فيها على رؤوسهم، أو قلب بعضهم على بعض. {هُمْ} يعني الآلهه. {والغاوون} المشركون، أو الشياطين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 95 - {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ} أعوانه من الجن أو أتباعه من الإنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 100 - {شَافِعِينَ} من الملائكة، أو الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 101 - {حَمِيمٍ} شفيق، أو قريب نسيب، حُم الشيء قرب والحمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 لتقريبها من الأجل قال الشاعر: (لعل لبنى اليوم حُم لقاؤها ... ببعض بلاد إنَّ ما حُم واقع) أو سمي القريب حميماً من الحمية لأنه يحمى لغضب صاحبه، ذهبت يومئذ مودة الصديق ورقة الحميم. {كذبت قوم نوحٍ المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوحٌ ألا تتقون إنى لكم رسولٌ أمين فاتقوا الله واطيعون وما أسئلكم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على ربّ العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون قال وما علمى بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذيرٌ مبينٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 111 - {الأرذلون} الذين يسألون ولا يقنعون، أو المتكبرون، أو السفلة، أو الحاكة، أو الأساكفة. {قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال ربّ إن قومي كذّبون فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لأيةٌ وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 116 - {الْمَرْجُومِينَ} بالحجارة، أو بالشتم أو القتل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 118 - {فَافْتَحْ} فاقض ولم يدع عليهم إلا بعد ما قيل له {لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ من قد آمن} [هود: 36] . {كذبت عاد المرسلين 123 إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسولٌ أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجرٍ إن أجرى إلاعلى رب العالمين أتبنون بكل ريع ءايةً تعبثون وتتخذون مصانع لعلّكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدّكم بما تعلمون أمدّكم بأنعام وبنين وجنات وعيونٍ إني أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 128 - {رِيعٍ} طريق، أو الثنية الصغيرة، أو السوق، أو الفج بين الجبلين، أو الجبال، أو المكان المشرف من الأرض " ع " {آية} بنياناً، أو أعلاماً " ع " أو أبراج الحمام. {تعبثون} باللهو واللعب، أوعبث العشارين بأموال من يمرُّ بهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 129 - {مَصَانِعَ} قصوراً مشيدة، أو مآخذ الماء تحت الأرض، أو أبراج الحمام. {لَعَلَّكُمْ} كأنكم تخلدون وهي كذلك في بعض القراءات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 130 - {جبارين} أقوياء " ع " أوبضرب السياط، أو القتل بالسيف في غير حق، أو القتل على الغضب. {قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأوّلين وما نحن بمعذّبين 3 فكذّبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وماكان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 138 - {خُلُقُ الأَوَّلِينَ} دينهم أو كذبهم، أو عادتهم، أو كان الأولون يموتون فلا يبعثون ولا يحاسبون. {كذّبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالحٌ الأ تتقون إني لكم رسولٌ أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجرٍ إن أجرى إلا على رب العالمين أتتركون في ما هاهنا ءامنين في جنات وعيونٍ وزروع ونخلٍ طلعها هضيمٌ وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين 149 فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون 152} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 148 - {هَضِيمٌ} رطب لين " ع "، أو المذنَّب من الرطب، أو ما لا نوى له " ح " أو المتهشم المتفتت، أو الملاصق بعضه ببعض، أو الطلع حين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 يتفرق ويخصر / [129 / أ] أو اليانع النضيج " ع "، أو المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر، أو الرخو، أو اللطيف، والطلع من الطلوع وهو الظهور، ومنه طلعت الشمس والقمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 149 - {فَرهين} شرهين أو معجبين، أو آمنين، أو فرحين، أو بطرين اشرين " ع "، أومتخيرين {فَارِهينَ} كيسين، أو حاذقين من فراهة الصنعة " ع "، أو قادرين، أو جمع فاره وهو المرح. {قالوا إنّما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأت بئايةٍ إن كنت من الصادقين 154 قال هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكم شرب يوم معلومٍ ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذابٍ يومٍ عظيمٍ فعقروها فأصبحوا نادمين أخذهم العذاب إن في ذلك لأيةً وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 153 - {المسحرين} المسحورن، أو الساحرين، أو المخلوقين " ع "، أو المخدوعين، أو الذي ليس له شيء ولا ملك، أو ممن له سَحَر وهو الرئة، أو ممن يأكل ويشرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 {كذبت قوم لوطٍ المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إنى لكم رسولٌ أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزاً في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم كذب أصحاب لئيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسولٌ أمينٌ فاتقوا الله وأطعيون وما أسئلكم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين 183 واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 182 - {بِالْقِسْطَاسِ} القبان " ح "، أو الحديد، أو المعيار، أو الميزان، أو العدل بالرومية، أو بالعربية من القسط وهو العدل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 183 - {وَلا تَعْثَوْا} لا تمشوا فيها بالمعاصي، أو بالظلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 184 - {والجبلة} الخليقة. قال أمرؤا القيسس: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 (والموت أكبر حادث ... مما يمر على الجبلة) {قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 187 - {كسفا} جانباً، أو قطعاً، أوعذاباً. {وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 193 - {الرُّوحُ الأَمِينُ} جبريل عليه السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 195 - {عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ} لسان جُرْهم، أو قريش. {وَإِنَّهُ لفى زبر الأولين أو لم يكن لهم ءايةً أن يعلمه علموا بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 196 - {وإنه} ذكر القرآن، أو ذكر محمد [صلى الله عليه وسلم] وصفته، أو ذكر دينه وصفة أمته. {لَفِى زُبُرِ الأَوَّلِينَ} التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 {كذالك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرءيت إن متعناهم سنين 205 ثم جآءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون ذكرى وما كنّا ظالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 200 - {سلكناه} أدخلنا الشرك، أو التكذيب، أوالقسوة في قلوب المجرمين {وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 212 - {عن السمع} عن سمع القرآن لمصروفون، أوعن فهمه وإن سمعوه، أوعن العمل به وإن فهموه. {فلا تدع مع الله إلها ءاخر فتكون من المعذّبين وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني برىءٌ مّمّا تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم 220} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 218 - {حِينَ تَقُومُ} في الصلاة " ع "، أو من فراشك ومجلسك، أو قائماً وجالساً وعلى حالتك، أو حين تخلو عبّر بالقيام عن الخلوة لوصوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 إليها بالقيام عن ضدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 219 - {فِى السَّاجِدِينَ} من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبياً " ع "، أو تقلبك في سجود صلاتك وركوعها، أو ترى بقلبك في صلاتك من خلفك كما ترى بعينك من قدامك، أو تصرفك في الناس، أو تقلب ذكرك وصفتك على ألسنة الأنبياء قبلك، أو حين تقوم إلى الصلاة منفرداً وتقلبك في الساجدين إذا صليت جماعة، قاله قتادة. {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزّل على كل أفاكٍ أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون 223 والشعراء يتبعهم الغاون ألم تر أنّهم في كل وادٍ يهيمون وأنّهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 224 - {وَالشُّعَرَآءُ} يعني الذين إذا غضبوا سَبُّوا، وإذا قالوا كذبوا {يتبعهم الغاوون} الشياطين، أو المشركون، أو السفهاء، أوالرواة " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 225 - {وَادٍ يَهِيمُونَ} في كل فن من الكلام يأخذون " ع "، أو في كل لغو يخوضون، أو يمدحون قوماً بباطل، ويذمون قوماً بباطل. والهائم المخالف في القصد، أو المجاوز للحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 226 - {يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} من كذب في شعرهم بمدح، أو ذم، أو تشبيه، أو تشبيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 227 - {إلا الذين آمنوا} فإنه لا يتبعهم الغاوون، ولا يقولون ما لا يفعلون. ولما نزلت {وَالشُّعَرَآءُ} جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وكنا عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] / [129 / أ] وقالا هلكنا يا رسول الله فنزلت {إِلاَّ الذين آمنوا} . فقرأها عليهم، وقال: أنتم هم {وَذَكَرُواْ اللَّهَ} في شعرهم، أو في كلامهم، {وَانتَصَرُواْ} بردهم على المشركين ما هجوا به المسلمين {مُنقَلَبٍ} مصير يصيرون إليه من النار والعذاب، والمنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه، والمرجع العود من حال هو عليها إلى حال كان فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 سورة النمل مكية بسم الله الرحمن الرحيم {طس تلك ءايات القرءان وكتابٍ مبينٍ هدىً وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 1 - {تِلْكَ} أي هذه آيات القرآن وآيات الكتاب والإشارة بتلك عائد إلى السورة، أو إلى الحروف التي هي {طس} المبين حلاله وحرامه وأمره ونهيه ووعده ووعيده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 2 - {هُدىً} إلى الجنة {وَبُشْرى} بالثواب، أو هدى من الضلالة وبشرى بالجنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 3 - {يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} المفروضة باستيفاء فروضها وسننها " ع "، أو بالمحافظة على مواقيتها. {الزَّكَاةَ} زكاة المال، أو زكاة الفطر، أو طاعة الله تعالى والإخلاص، أو تطهير أجسادهم من دنس المعاصي " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 4 - {يَعْمَهُونَ} يترددون " ع "، أو يتمادون أو يلعبون، أويتحيرون " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 6 - {لتقلى} لتأخذ، أو لتؤتى، أو لتلقن، أو لتلقف. {حكيم} في أمره. {عليم} بخلقه. {إذ قال موسى لأهله إني ءانست ناراً سئاتيكم منها بخبرٍ أو ءاتيكم بشهابٍ قبسٍ لعلكم تصطلون فلما جاءها نودى أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب ياموسى لاَ تَخَفْ إِنِّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإنى غفورٌ رحيمٌ وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ في تسع ءايات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 7 - {آنست} رأيتُ، أو أحْسَسْتُ، الإيناس: الإحساس من جهة يؤنس بها. {بِخَبْرٍ} بخبر الطريق لأنه كان ضلها " ع "، أو سأخبركم عنها بعلم {بِشهَابٍ} الشعاع المضيء ومنه شهب السماء. {قَبَسٍ} قطعة من نار، اقتبس النارأخذ قطعة منها، واقتبس العلم لاستضاءته به كما يستضيء بالنار. {لَّعَلَّكُمْ} لكي تصطلوا من البرد وكان شتاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 8 - {جَآءَهَا} جاء النور الذي ظنه ناراً وقف قريباً منها فوجدها تخرج من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرماً ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً {بُورِكَ} قُدِس " ع "، أو تبارك، أو البركة في النار. {النَّارِ} نار فيها نور، أو نور لا نار فيه عند الجمهور {مَن فِى النَّارِ} مَنْ: صلة تقديره بوركت النار، أو بورك النور الذي في النار، أو بورك الله الذي في النور أو الملائكة، أوالشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق. {ومن حولها} الملائكة، أو موسى عليه الصلاة والسلام. {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} من كلام الله تعالى لموسى، أو قاله موسى لما سمع الكلام وفزع استعانة بالله تعالى وتنزيهاً له، وسمع موسى كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وحكى النقاس أن الله تعالى خلق في الشجرة كلاماً حتى خرج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 منها فسمعه موسى عليه الصلاة والسلام ولا خبر فيما ذكره من ذلك قال وهب لم يمس موسى عليه الصلاة والسلام امرأة بعد ما كلمه ربه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 10 - {جَآنٌّ} الحية الصغيرة سميت بذلك لاختفائها واستتارها، أو / [130 / أ] الشيطان لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشياطين لقوله: {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} [الصافات: 65] وقد كان انقلابها إلى أعظم الحيات وهو الثعبان قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ولما توجه إلى مدين أعطاه العصا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 ملك من الملائكة. {وَلَمْ يُعَقِّبْ} لم يرجع، أو لم ينتظر، أو لم يلتفت. {لا يَخَافُ لَدَىَّ} أي لا يخافون في الموضع الذي يوحى إليهم فيه وإلا فهم أخوف الخلق لله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 11 - {إلا من ظلم} من غيرالمرسلين فيكون الاستثناء منقطعاً، أو أراد آدم ظَلَم نفسه بأكل الشجرة، أو يخافون مما كان منهم قبل النبوة كقتل موسى للقبطي، أو يخافون من الصغائر بعد النبوة لأنهم غير معصومين منها. {ولقد ءاتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون حتى إذا أتوا على وادٍ النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 15 - {عِلْماً} فهماً، أو قضاء، أو علم الدين، أو منطق الطير، أو بسم الله الرحمن الرحيم، أو صنعة الكيمياء. وهو شاذ {فَضَّلَنَا} بالنبوة، أو الملك، أو العلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 16 - {وورث سليمان} نبوة داود وملكه، أوسخر له الشياطين والرياح، أو استخلفه في حياته على بني إسرائيل فسمي ذلك وراثة، وكان لداود تسعة عشر أبناً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 17 - {يُوزَعُونَ} يساقون، أو يدفعون، أو يدفع أخراهم ويوقف أولاهم، أو يسحبون، أويجمعون، أو يحبسون، أو يُمْنعون، وَزَعه عن الظلم: منعه منه، وقالوا لا بد للسلطان من وَزْعه: أي من يمنع الناس عنه، وقال عثمان: ما وزع الله بالسلطان أكثر مما وزع بالقرآن، والمراد بهذا المنع أن يرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 18 - {وَادِ النَّمْلِ} بالشام، وكان للنملة جناحان فعلم منطقها لأنها من الطير ولولا ذلك لما علمه، قاله الشعبي. {يَحْطِمَنًّكُمْ} يهلكنكم {وَهُمْ} والنمل {لا يشعرون} بسليمان وجهوه، أو سليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل، قيل سمع كلامها من ثلاثة أميال حملته الريح إليه. وسميت نملة لتنملها، وهو كثرة حركتها وقلة قرارها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 19 - {تبسم} من حذرها بالمبادرة أو من ثنائها عليه، أومن إستبقائها النمل قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما! فوقف سليمان وجنوده حتى دخل النمل مساكنه. {أَوْزِعْنِى} ألهمني، أو اجعلني " ع "، أو حرضني {أّنْ أَشْكُرَ} سبب شكره علمه بمنطق الطير حتى فهم قولها أو حمل الريح صوتها إليه حتى سمعه من ثلاثة أميال فأمكنه الكف. {صَالِحاً} شكر ما أنعم عليه به. {بِرَحْمَتِكَ} بنبوتك، أو بمعونتك التي أنعمت بها عليّ {فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} الأنبياء، أو الجنة التي هي دار الأولياء. {وَتَفَقَّدَ الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنّه عذاباً شديداً أو لأذبحنّه أو ليأتينّى بسلطان مبينٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 20 - {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} كان إذا سافر أظله الطير من الشمس، فلما غاب الهدهد / [130 / ب] أتت الشمس من مكانه وكانت الأرض للهدهد كالزجاج يرى ما تحتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 فيدل على مواضع الماء حتى تحفر {أمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ} أي انتقل عن مكانه، أو غاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 21 - {لأُعَذِّبَنَّهُ} بنتف ريشه حتى لا يمتنع من شيء " ع "، أو بإحواجه إلى جنسه، أو بجعله مع أضداده. {بسلطان} حجة بينّة أوعذر ظاهر. {فمكث غير بعيدٍ فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنيإ يقينٍ إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىءٍ ولها عرش عظيمٌ وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 22 - أَحَطتُ} بلغت، أو علمت، أو اطلعت " ع "، والإحاطة: العلم بالشيء من جميع جهاته. {سَبَإٍ} مدينة باليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء ثلاث ليالي، أو حَيُّ من اليمن سموا بأسم أمهم، أو سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن سبأ فقال: " هو رجل وُلِدَ له عشرة أولاد باليمن منه ستة وبالشام أربعة فأما اليمانيون؛ فمذحج وحمير وكندة وأنمار والأزد والأشعريون. وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان " وقيل هو سبأ بن يعرب بن قحطان سمي سبأ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 لأنه أول من سبى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 23 - {امرأة} بلقيس بني شراحيل أو شرحبيل بن مالك بن الريان وأمها جنية. {مِن كُلِّ شَىْءٍ} في أرضها، أو من أنواع الدنيا كلها. {عَرْشٌ} سرير، أو كرسي، أو مجلس، أو ملك. {عَظِيمٌ} كريم، أو حسن الصنعة، أو كان ذهباً مستراً بالديباج والحرير قوائمه لؤلؤ وجوهر. وكان يخدمها ستمائة امرأة، وأهل مشورتها ثلاثمائة واثنا عشر رجلاً؛ كل رجل على عشرة آلاف رجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 25 - {الخبء} غيب السماوات والأرض، أو خبء السموات المطر وخبء الأرض: النبات، والخبء المخبوء وصفه بالمصدر، والخبء في اللغة ما غاب واستتر. {أَلا يَسْجُدُواْ} من قول الله، أمر خلقه بالسجود أو من قول الهدهد تقديره يا هؤلاء اسجدوا. {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يا أيها الملؤا إنّى ألقى إلى كتاب كريم إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على وأتوني مسلمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 28 - {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} كن قريباً منهم " ع " أو تقديره " فألقه إليهم فانظر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 ماذا يرجعون ثم تول عنهم " أخذ الهدهد الكتاب بمنقاره وجعل يدور في بهوها، فقالت: ما رأيت خيراً منذ رأيت هذا الطير في بهوي فألقى الكتاب إليها، أو ألقاه على صدرها وهي نائمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 29 - {كَرِيمٌ} لحسن ما فيه، أو مختوم، أو لكرم صاحبه وأنه ملك، أو لتسخيره الهدهد لحمله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 30 - وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يكتب باسمك اللهم فلما نزلت {بِسْمِ الله مَجْرَاهَا} [هود: 41] كتب بسم الله فلما نزلت {أَوِ ادعوا الرحمن} [الأسراء: 110] كتب بسم الله الرحمن فلما نزلت {إنه من سليمان} الآية كتب بسم الله الرحمن الرحيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 31 - لا تَعْلُوا: لا تخافوا، أو لا تتكبروا، أو لا تمتنعوا {مُسْلِمِينَ} مستسلمين، أو موحدين " ع "، أو مخلصين، أو طائعين. {قالت يا أيها الملؤ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون قالوا نحن أولوا قوةٍ وأولوا بأسٍ شديدٍ والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين 33 قالت إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلةً وكذلك يفعلون وإنّى مرسلةٌ إليهم بهديةٍ فناطرةٌ بم يرجع المرسلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 32 - {أَفْتُونِى} أشيروا عَلَيَّ. {قَاطِعَةً} ممضية {تَشْهَدُونِ} تشيروا، أو تحضروا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 33 - {قوة} عدد وعدة. {بأس} شجاعة وآله / [131 / أ] تفويضاً منهم الأمر إليها، أو إجابة منهم إلى قتاله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 34 - {دَخَلُواْ قَرْيَةً} أخذوها عنوة " ع ". {أَفْسَدُوهَا} أخربوها. {أَذِلَّةً} بالسيف، أو الاستعباد. {وَكّذَلِكَ يَفْعَلُونَ} من قول الله إنهم يفسدون القرى " ع "، أو قالت بلقيس وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 35 - {بِهَدِيَّةٍ} لبنة من ذهب " ع "، أو صحائف الذهب في أوعية الديباج، أو جوهر، أو غلمان ولباسهم لباس الجواري وجواري لباسهم لباس الغلمان، ثمانون غلاماً وجارية أو ثمانون غلاماً وثمانون جارية وقصدت بالهدية استعطافه لعلمها بموقع الهدايا من الناس، أو اختبرته فإن قبل هديتها فهو مَلِك فتقاتله وإن لم يقبلها فهو نبي فلا طاقة لها به، أو اختبرته بأن يميز الجواري من الغلمان فأمرهم بالوضوء فاغترف الغلام بيده وأفرغت الجارية على يدها فميزهم بذلك، أو بغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسل الجواري بطون السواعد قبل ظهورها، وبدأ الغلمان بغسل المرافق إلى الأكف وبدأ الجواري من الأكف إلى المرفق. {فلما جاء سليمان قال أتمدّونن بمالٍ فما ءاتان الله خيرٌ ممّا ءاتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّةٌ وهم صاغرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 36 - {فَلَمَّا جَآَءَ} رسلها، أو هداياها {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} أمر الشياطين فموهوا لبِن المدينة وحيطانها بالذهب والفضة وبعثت إليه بعصا كان يتوارها ملوك حمير، وطلبت أن يميز أعلاها من أسفلها، وبقدح التمست أن يملأه ماء فريداً لا من الأرض ولا من السماء وبخرزتين ليثقب أحدهما وليدخل في ثقب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 الأخرى خيطاً وكان ثقبها أعوج فلما جاء رسلها وكانوا رجالاً أو نساء قال {أَتُمِدُّونَنِ بمال فما آتاني الله} من النبوة والملك {خير مما آتاكم} من المال. ثم ميز الجواري من الغلمان وأرسل العصا إلى الهواء وقال أي الرأسين سبق إلى الأرض فهو أسفلها وأجريت الخيل حتى عرفت فملأ القدح من عرقها، وثقب إحدى الخرزتين وأدخل الخيط في الأخرى فهال الرسل ما شاهدوه منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 37 - {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} أيها الرسول بما جئت به من الهدايا، أو أمر الهدهد بالرجوع وأن يقول: {فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ} لا طاقة، وصدق لأن من / [131 / ب] جنوده الجن والإنس والطير والريح. {وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ} أخبرهم بما يصنع بهم ليبادروا إلى الإسلام. فلما رجعت إليها الهدايا قالت: قد والله علمت ما هذا بملك ولا طاقة لنا به ثم أرسلت إليه إني قادمة عليك بملوك قومي وأمرت بعرشها فجُعِل في سبعة أبيات بعضها في بعض وأغلقت عليه الأبواب وشخصت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن فلما علم بقدومها. قَالَ يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوك مسلمين قال عفريتٌ من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقوي أمينٌ قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلمّا رءاه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإنمّا يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربّى غنيّ كريمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 38 - {قال يا أيها الملأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا} أراد أن يعلم بذلك صدق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 الهدهد " ع " أو أعجبه لما وصفه الهدهد فأراد أخذه قبل أن يَحْرُمَ عليه بإسلامها، أو أراد أن يعايها، وكانت الملوك يتعايون بالملك والقدرة، قاله ابن زيد، أو أراد اختبار فطنها هل تعرفه أو تنكره، أو أراد أن يعرفها بذلك صحة نبوته قال وهب بن منبه. {مُسْلِمِينَ} طائعين أو على دين الحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 39 - {عِفْرِيتٌ} ، وهو المارد القوي والعفريت البالغ من كل شيء أُخِذ من قولهم فلان عفرية نفرية إذا كان مبالغاً في الأمور. أو من العفر وهو الشديد فزيدت فيه الهاء فقيل عفريه وعفريت. {مَّقَامِكَ} مجلسك، أو يوماً كان يقوم فيه سليمان عليه الصلاة والسلام خطيباً يعظهم ويذكرهم وكان مجيء ذلك اليوم قريباً أو أراد قبل أن تسير إليهم من ملكك محارباً، {لَقَوِىٌ} على حمله {أَمِينٌ} على ما فيه من جوهر ولؤلؤ أو لا آتيك بغيره بدلاً منه أو أمين على فرج المرأة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 40 - {قال الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ} مَلَك أُيَّد به سليمان عليه الصلاة والسلام والعلم الذي عنده هو ما كتب الله تعالى لبني آدم وقد أعلم الله تعالى الملائكة كثيراً منه فأذن الله له أن يعلم سليمان ذلك وأن يأتيه بالعرش أو بعض جنوده من الإنس أو الجن، وعلم الكتاب: علمه بكتاب سليمان إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فوثق بذلك وأخبره أن يأتيه به قبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 ارتداد طرفه، أو هو سليمان قال ذلك للعفريت، أو هو بعض الإنس: مليخا أو أسطوم أو آصف بن برخيا وكان صدِّيقاً، أو ذو النون مصر، أو الخضر {عِلْمٌ الْكِتَابِ} هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب {يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} يأتيك أقصى من تنظر إليه أو: قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك أو يعود طرفك إلى مجلسك أو قبل الوقت الذي ينتظر وروده فيه من قولهم أنا ممتد الطرف إليك أي منتظر أو قبل أن يرجع إليك طرف رجائك خائباً لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصره، أو قبل أن يقبض طرفك بالموت أخبره أنه سيأتيه به قبل موته ودعا بالاسم الأعظم وعاد طرف سليمان عليه الصلاة والسلام إليه فإذا العرش بين يديه ولم يكن سليمان عليه الصلاة والسلام يعلم ذلك الإسم {هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى} وصول العرش قبل ارتداد طرفي، {أأشكر} على وصوله {أَمْ أَكْفُرُ} فلا أشكر إذا رأيت من هو أعلم مني في الدنيا وكان ذلك معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام أجراها الله تعالى على يد بعض أوليائه وكان العرش باليمن وسليمان بالشام قيل خرق الله تعالى به الأرض حتى صار بين يديه. {قال نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنّها كانت من قومٍ كافرين قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجّةٌ وكشفت عن ساقيها قال إنّه صرحٌ ممردٌ من قوارير قالت رب إن ظلمت نفسي وأسلمت مع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 سليمان لله رب العالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 41 - {نَكِّرُواْ} غيروه بانتزاع ما عليه من فصوص وجواهر ومرافق " ع " / [132 / أ] أو بجعل ما كان أحمر أخضر وما كان أخضر أحمر، أو بالزيادة فيه والنقصان منه، أو بجعل أعلاه أسفله مقدمه مؤخره أو جعل فيه تمثال السمك {أَتَهْتَدِى} إلى الحق بعقلها أم تكون من الذين لا يعقلون، أو تعرف العرش بفطنتها أم تكون ممن لا يفطن ولا يعرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 42 - {كَأَنَّهُ هُوَ} لما خلفته وراءها فوجدته أمامها منعها معرفتها به من إنكاره وتركها له خلفها من إثباته، أو لأنها رأت فيه ما تعرفه فلم تنكره وما غيِّر وبدل فلم تثبته، أو شبهوا عليها بقولهم {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} فشبهت عليهم بقولها: {كَأَنَّهُ هُوَ} ولو قالوا هذا عرشك لقالت نعم. {وأوتينا} قاله سليمان عليه الصلاة والسلام، أو بعض قومه. {الْعِلْمَ} بمعرفة الله تعالى وتوحيده، أو النبوة، أو علمنا أنه عرشها قبل أن نسألها. {مُسْلِمِينَ} طائعين لله تعالى بالاستسلام له، أو مخلصين له بالتوحيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 43 - {وَصَدَّهَا} عبادة الشمس أن تعبد الله تعالى، أو صدها كفرها أن تهتدي للحق، أو صدها سليمان عما كانت تعبد في كفرها، أو صدها الله تعالى عن الكفر بتوفيقها للإيمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 44 - {الصرح} بركة بنيت من قوارير، أو صحن الدار، وصرحه الدار وساحتها وباحتها وقاعتها كلها واحد من التصريح وهو الإظهار، أو القصر. {حَسِبَتْهُ لُجَّةً} لأنه أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول إليه لأنها وصفت له فأحب أن يراها وكانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 هلباء الشعر وقدماها كحافر حمار وأمها جنية وخافت الجن إن تزوجها أن تطلعه على أشياء كانت الجن تخفيها ويبعد أن يتولد بين الإنس والجن ولد لأن الجن لطيف والإنس كثيف. {وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا} فرأهما شعراوين فصنعت له الجن النورة وقصد بدخولها الصرح. وكشف ساقيها اختبار عقلها، أو أُخبر أن ساقيها ساقاً حمار فأراد أن يعلم ذلك، أو أراد تزوجها فأحب مشاهدتها. {مُّمَرَّدٌ} مملس، أو واسع في طوله وعرضه. {ظَلَمْتُ نَفْسِى} بالشرك، أو ظنت أن سليمان أراد تغريقها لما أمرها بدخول الصرح فلما بان أنه صرح علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن، قاله سفيان. {وَأَسْلَمْتُ} استسلمت طاعة لله قبل تزوجها سليمان عليه الصلاة والسلام، واتخذ لها بالشام حماماً ونورة، وكان أول من اتخذ ذلك. {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالو أطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قومٌ تفتنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 45 - {فَرِيقَانِ} مؤمن وكافر، أو مصدق ومكذب. {يَخْتَصِمُونَ} بقولهم {أتعلمون أن صالحاً / [132 / ب] مرسلٌ مِّن رَّبِّهِ} [الأعراف: 75] ، أو يقول كل فريق: نحن على الحق دونكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 46 - {بالسيئة} بالعذاب قبل الرحمة؛ لقولهم: {فأتنا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ المرسلين} [الأعراف: 77] ، أو بالبلاء قبل العافية. {تَسْتَغْفِرُونَ} بالتوبة، أو بالدعاء. {تُرْحَمُونَ} بالكفاية أو الإجابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 47 - {اطَّيَّرْنَا} تشاءموا به لافتراق كلمتهم، أو للشر الذي نزل بهم. {طَآئِرُكُمْ} مصائبكم " ع "، أو عملكم {تُفْتَنُونَ} بالطاعة والمعصية، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 تصرفون عن الإسلام الذي أمرتم به. {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لايةً لقومٍ يعلمون وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 48 - {رَهْطٍ} الرهط: جمع لا واحد له وهم عاقروا الناقة: فُسَّاق من أشراف قومهم. {يُفْسِدُونَ} بالكفر ولا يصلحون بالإيمان، أو بالمنكر ولا يصلحون بالمعروف، أو بالمعاصي ولا يصلحون بالطاعة، أو بقطع الدنانير والدراهم ولا يصلحون بتركها صحاحاً، أو يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 49 - {تقاسموا} تخالفوا. {لَنُبَيِّتَنَّهُ} لنقتلنه ليلاً. البيات قتل الليل. {لِوَلِيِّهِ} لرهط صالح {مَهْلِكَ أَهْلِهِ} قتلهم {لَصَادِقُونَ} في إنكار القتل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 50 - {وَمَكَرُواْ} عزموا على بياته {ومكر الله} بهم فرماهم بصخرة فهلكوا أو أظهروا أنهم خرجوا مسافرين فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه فألقى الله تعالى صخرة فسدت عليهم فم الغار {لا يَشْعُرُونَ} بمكرنا أو بالملائكة الذين أرسلوا لحفظ صالح من قومه لما دخلوا عليه ليقتلوه فرموا كل رجل منهم بحجر فقتلوهم جميعاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوةً من دون النساء بل أنتم قومٌ تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا ءال لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدّرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 54 - {تُبْصِرُونَ} أنها فاحشة، أو يبصر بعضكم بعضاً. {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفىءالله خيرٌ أما يشركون أمّن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجةٍ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءلةٌ مع الله بل هم قومٌ يعدلون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 60 - {حَدَآئِقَ} النخل، أو الحائط من الشجر والنخل {بَهْجَةٍ} غضاضة، أو حُسْن {مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ} لا تقدرون على خلق مثلها {أإله مَّعَ اللَّهِ} يفعل هذا، أو نفي للآلهة. {يَعْدِلُونَ} عن الحق، أو يشركون فيجعلون له عدلاً. {أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أءلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 61 - {قَرَاراً} مستقراً. {خِلالَهَآ} في مسالكها ونواحيها {الْبَحْرَيْنِ} بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر الشام والعراق، أو العذب والمالح. {حَاجِزاً} مانعاً من الله تعالى لا يبغي أحدهما على صاحبه، أو حاجزاً من الأرض أن يختلطا. {لا يَعْلَمُونَ} التوحيد، أو لا يعقلون، أو لا يتفكرون. {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 62 - {السُّوءَ} الضر، أو الجور. {خُلَفَآءَ} خلفاً بعد خلف، أولادكم خلفاً منكم، أو خلفاً من الكفار ينزلون أرضهم بطاعة الله تعالى بعد كفرهم. {ماتذكرون} النعم. {أمّن يهديكم في ظلماتٍ البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أءلهٌ مع الله تعالى الله عمّا يشركون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 63 - {يهديكم في ظلمات} : يرشدكم إلى مسالك البحر والبر، أو يخلصكم من أهوالهما، {البر} الأرض و {البحر} السماء، أو البر بادية الأعراب والبحر الأمصار والقرى {نشرا} منشرة، أو ملحقات. {رحمته} المطر اتفاقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 {أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيّان يبعثون بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍ منها بل هم منها عمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 66 - {ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ} هذا ذم أي غاب علمهم " ع "، أو لم يدرك علمهم، أو اضمحل / [133 / أ] أو ضل، أو هو مدح لعلمهم وإن كانوا مذمومين أي أدرك علمهم، أو أجمع، أو تلاحق. {وقال الذين كفروا أءذا كنا تراباً وءاباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وءاباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيقٍ ممّا يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإنّ ربّك لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإنّ ربّك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبةٍ في السماء والأرض إلا في كتاب مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 72 - {رَدِفَ لَكُم} قرب منكم " ع "، أو أعجل لكم، أو تبعكم، ورِدْف المرأة لأنه تبع لها من خلفها. {بَعْضُ الَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ} يوم بدر، أوعذاب القبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 75 - {غَآئِبَةٍ} جمع ما خفي عن الخلق، أو القيامة، أو ما غاب عنهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 من عذاب السماء والأرض. {كِتَابٍ مُّبِينٍ} اللوح المحفوظ، أو الفضاء المحتوم. {إن هذا القرءان يقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه لهدىً ورحمةٌ للمؤمنين إنّ ربّك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله إنّك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بئاياتنا فهم مسلمون وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تكلمهم إنّ الناس كانوا بئاياتنا لا يوقنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 82 - {وَقَعَ الْقَوْلُ} حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون، أو وجب الغضب، أو وجب السخط عليهم إذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، أو نزل العذاب {دَآبَّةً} سئل عنها علي رضي الله تعالى عنه فقال: " أما والله ما لها ذَنَبْ وإن لها للحية " إشارة إلى أنها من الإنس، أوهي من دواب الأرض عند الجمهور ذات زغب وريش لها أربع قوائم " ع "، أو ذات وَبَر تناغي السماء، أو لها رأس ثور وعينا خنزير وأذنا فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هر وذنب كبش وقوائم بعير بين كل مفصلين أثنا عشر ذراعاً رأسها في السحاب. معها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فتبيض وجهه. وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان فتسود وجهه. قاله أبو الزبير. {مِّنَ الأَرْضِ} بعض أودية تهامة " ع "، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 صخرة من شِعْب أجياد، أو الصفا، أو بحر سدوم {تَكْلِمُهم} مخففاً تَسِمُ وجوههم بالبياض والسواد حتى يتنادون في الأسواق يا مؤمن يا كافر، قال: الرسول [صلى الله عليه وسلم] : تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم، أو تجرحهم فيختص هذا بالكافر والمنافق، وجرحهما بإظهار الكفر والنفاق كجرح الشهود بالتفسيق {تُكَلِّمُهُمْ} عبّر عن ظهور الآيات منها بالكلام من غير نطق، أو تنطق فتقول هذا مؤمن وهذا كافر، أو تقول {أَنَّ النَّاسَ كَانُواْ بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} قاله ابن مسعود وعطاء، قال ابن عمر - رضي الله تعالى عنه -: تخرج ليلة النحر والناس يسيرون إلى منى. {ويوم نحشر من كل أمةٍ فوجاً ممّن يكذّب بئاياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاءوا وقال أكذبتم بئاياتي ولم تحيطوا بها علماً أماذا كنتم تعلمون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ألم يروا أنّا جعلنا الّيل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً إن في ذلك لاياتٍ لقومٍ يؤمنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 83 - {مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً} وهم كفارها. {بِآيَاتِنَا} محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو بالرسل عند الأكثرين. {يُوزَعُونَ} يجمعون، أو يدفعون، أو يساقون، أويرد أولاهم على أخراهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السحاب ضنع الله الذي أتقن كل شىءٍ إنّه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزع يومئذ ءامنون ومن جاء بالسيئة فكبّت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 87 - {وَيَوْمَ يُنفَخُ} يوم النشور من القبور. {الصُّورِ} جمع صورة ينفخ فيها أرواحها، أو شيء كالبوق يخرج منه صوت يحيى به الموتى، أو مثل ضرب لخرج الموتى في وقت واحد كخروج الجيش عند نفخ البوق. {فَفَزِعَ} أسرع إلى إجابة النداء فزعت إليك في كذا أسرعت إلى ندائك / [133 / ب] في معونتك. {إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ} استثناء من الإسراع والإجابة إلى النار، أو الفزع الخوف والحذر لأنهم أزعجوا من أجداثهم فخافوا {إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ} فلا يفزعون وهم الملائكة أو الشهداء، وقيل إن إسرافيل هو النافخ في الصور. {دَاخِرِينَ} راغمين، أو صاغرين " ع " فالفزع في النفخة الأولى وإتيانهم صاغرين في النفخة الثانية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 88 - {جَامِدَةً} واقفة {تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} لا يرى سيرها لبعد أطرافها، مثل ضُرب للدنيا تظن أنها واقفة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال، أو للإيمان تحسبه ثابتاً في القلب وعمله صاعداً إلى السماء {أَتْقَنَ} أحكم، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 أحصى، أو أحسن، أو أوثق سريانية، أو عربية من إتقان الشيء إذا أُوثق وأحكم، وأصله التقن وهو ما ثقل في الحوض من طينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 89 - {بالحسنة} أداء الفرائض كلها، أوالتوحيد والإخلاص. {خَيْرٌ مِّنْهَا} الجنة، أو أفضل: بالحسنة عشر، أو فله منها خير للثواب العائد عليه " ع " {من فزع} القيامة. {آمنون} في الجنة، أو من فزع الموت في الدنيا آمنون في الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 90 - {بالسيئة} الشرك " ع ". {إنما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها وله كل شىءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلوا القرءان فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم ءاياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 91 - {البلدة} مكة، أومنى {حَرَّمَهَا} بتعظيم حرمتها والكف عن صيدها وشجرها {وَلَهُ كُلُّ شَىْءٍ} ملكه فيحل منه ما يشاء ويحرم ما يشاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 93 - {سيريكم آياته} في الآخرة {فَتَعْرِفُونَهَا} على ما قال في الدنيا " ح " أو يريكم في الدنيا آيات السموات والأرض فتعرفون أنها حق. {تَعْمَلُونَ} من خير وشر فيجازي عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 سورة القصص مكية أو إلا آية {إن الذي فرض عليك القرآن} [85] نزلت بالجحفة. بسم الله الرحمن الرحيم {طسم تلك ءايات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون 3 إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفةٌ منهم يذبّح أبناءهم ويستحي نساءهم إنّه كان من المفسدين ونريد أن نّمنّ على الذن استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 4 - {عَلا} بملكه وسلطانه، أو بقتله أبناء بني إسرائيل واستعبادهم، أو بإدعائه الربوبية وكفره. {الأَرْضِ} مصر. لأنه لم يملك الأرض كلها. وعلوِّه لغلبته وقهره، أو لكبره وتجبره. {شِيَعاً} فرقاً؛ فرق بني إسرائيل والقبط، استضعف طائفة بني إسرائيل بالاستعباد والأعمال القذرة {يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ} رأى في نومه ناراً أقبلت من القبلة واشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 وتركت بني إسرائيل فسأل عن تأويلها، فقيل يخرج من هذا البلد رجل يكون على يده هلاك مصر. فأمر بذبح أبنائهم وأسرع الموت في شيوخ بني إسرائيل. فقيل له قد فني شيوخ بني إسرائيل بالموت وصغارهم بالقتل فاستبقهم لعملنا وخدمتنا فأمر أن يقتلوا عاماً ويتركوا عاماً فولد هارون عام الاستحياء وموسى عام القتل، وعاش فرعون أربعمائة سنة وهو أول من خضب بالسواد. وكان قصيراً دميماً. وعاش موسى عليه الصلاة والسلام مائة وعشرين سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 5 - {الذين استضعفوا} بنو إسرائيل، أو يوسف / [134 / أ] وولده: قاله قتادة. {ائمة} ولاة الأمر، أو قادة متبوعين، أو أنبياء لأن الأنبياء بين موسى وعيسى كانوا من بني إسرائيل وكان بينهما ألف ألف نبي. قاله الضحاك {الْوَارِثِينَ} للملك، أو لأرض فرعون. {وَأَوْحَيْنَآ إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافى ولا تخزنى إنّا رآدّوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا وحزناً إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين وقالت امرأت فرعون قرت عينٍ لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 7 - {وَأَوْحَيْنَآ} ألهمنا، أو رؤيا نوم أو وحي مع الملك كوحي الأنبياء. أوحى إليها برضاعه قبل الولادة، أو بعدها. {خِفْتِ عَلَيْهِ} القتل، أو أن يسمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 جيرانك صوته. {الْيَمِّ} البحر وهو النيل. {وَلا تَخَافِى} عليه الغرق، أو الضيعة. {وَلا تَحْزَنِى} لفراقه، أو أن يقتل. فجعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه مثلها. وجعلت المفتاح مع التابوت وألقته في اليم بعد أن أرضعته أربعة أشهر، أو ثلاثة أشهر، أو ثمانية أشهر، ولما فرغ النجار منه أخبر فرعون به، فبعث معه من يأخذه فطمس الله تعالى على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق. فعلم أنه المولود الذي خافه فرعون فآمن ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنها: فلما غاب عنهما ندَّمها الشيطان فقالت. لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في دواب البحر وحيتانه فقال الله تعالى: {إِنَّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 8 - {فالتقطه آل فِرْعَوْنَ} خرجت جواري امرأة فرعون لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحملنه إليها " ع "، أو خرجت امرأة فرعون إلى البحر وكانت برصاء فوجدته فأخذته فبرئت من برصها فقالت هذا صبي مبارك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 9 - {قرة عَيْنٍ} لما علم أصحاب فرعون بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وأتت فرعون وقالت قرة عين لي ولك. فقال فرعون لها: قرة عينٌ لك أما لي فلا. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " لو أقر بأنه يكون قرة عين له لهداه الله تعالى به كما هداها به ". وقرة العين بردها بالسرور من القر وهو البرد، أو قر دمعها فلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 يخرج بالحزن مأخوذ من القرار {لا يَشْعُرُونَ} أن هلاكهم على يديه. {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 10 - {فَارِغاً} من كل شيء إلا من ذكر موسى " ع "، أو من الوحي بنسيانه " ح " أو من الحزن لعلمها أنه لم يغرق، أو نافراً، أو ناسياً، أو والهاً، أو فازعاً من الفزع. {وَأَصْبَحَ} لأنها ألقته ليلاً فأصبح فؤادها فارغاً، أو ألقته نهاراً فيكون أصبح يعني صار. {لَتُبْدِى به} لتصيح به عند إلقائه وابناه " ع "، أو تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني لأنه ضاق صدرها لما قيل هو ابن فرعون، أو لتبدي بالوحي. {رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} بالإيمان، أو العصمة، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} بِردِّه وجعله من المرسلين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 11 - {قُصِّيهِ} تتبعي أثره واستعلمي خبره. {جُنُبٍ} جانب / [134 / ب] " ع " أو بعد، أو شوق بلغة جذام جنبت إليك اشتقت إليك. {لا يَشْعُرُونَ} أنها أخته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 12 - {وَحَرَّمْنَا} منعناه {الْمَرَاضِعَ} فلا يؤتى بمرضع فيقبلها. {مِن قَبْلُ} مجيء أخته أو قبل رده إلى أمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 13 - {فَرَدَدْنَاهُ} انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فوضعته في حجرها فترامى إلى ثديها فامتصه حتى امتلأ جنباه رياً " ع ". فقيل لها: كيف ارتضع منك دون غيرك. قالت لأني طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني فَسَخَّر الله تعالى فرعون لتربيته وهو يقتل الخلق لأجله وكان إلقاؤه في البحر وهو سبب لهلاكه سبباً لنجاته. {أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ} في رده إليها وجعله من المرسلين حق. {لا يَعْلَمُونَ} ما يراد بهم. أو مثل علمها به. {ولمّا بلغ أشدّه واستوىءاتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين 14 ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثاه الذي من شيعته على الذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم قال ربّ بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 14 - {أَشُدَّهُ} أربعون سنة، أو أربع وثلاثون، أو ثلاث وثلاثون " ع " أو ثلاثون أو خمس وعشرون، أو عشرون، أو ثماني عشرة، أو خمس عشر، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 الحلم، أو الأشد جمع لا واحد له، أو واحد شُدَّ. {وَاسْتَوَى} باعتدال القوة، أو نبات اللحية، أو انتهاء شبابه، أو بأربعين سنة " ع ". {حُكْماً} عقلاً، أو نبوة، أو القرآن، أو الفقه {وَعِلْماً} بما في دينه وحدوده وشرائعه، أو فهماً أو فقهاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 15 - {الْمَدِينَةَ} مصر، أو منف، أو عين شمس. {حِينِ غَفْلَةٍ} نصف النهار وهم قائلون، أو بين المغرب والعشاء " ع "، أو يوم عيد لهم وهم في لهوهم، أو لأنهم غفلوا عن ذكره لبعد عهدهم به {مِن شِيعَتِهِ} إسرائيلي ومن عدوه قبطي " ع " أو من شيعته مسلم ومن عدوه كافر. سخر القبطي الإسرائيلي ليحمل حطباً إلى مطبخ فرعون فامتنع، واستغاث بموسى وكان خبازاً لفرعون {فَوَكَزَهُ} ولكزه واحد إلا أن الوكز الدفع في الصدر واللكز الدفع في الظهر. ولم يرد موسى بذلك قتله. {فَقَضَى عَلَيْهِ} أي قتله ولم يكن مباحاً حينئذ لأنها حال كف عن القتال " ع " {عَمِلِ الشَّيْطَانِ} إغوائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 17 - {أنعمت علي} من المغفرة، أو الهداية. {فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 18 - {خَآئِفاً} من الله تعالى، أو من قومه، أو أن يؤخذ بقتل النفس، {يَتَرَقَّبُ} يتلفت من الخوف، أو ينتظر عقوبة الله تعالى إن جعلنا خوفه منه، أو أن يسلمه قومه للقتل إن كان خوفه منهم، أو أن يطلب بقتل النفس إن كان خوفه من الأخذ بها. {يَسْتَصْرِخُهُ} على قبطي آخر خاصمه. {لَغَوِىٌّ} قاله للإسرائيلي لأنه أغواه حتى قتل النفس، أو قاله للقطبي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 19 - {أَن يَبْطِشَ} أخذت موسى الرقة على الإسرائيلي فهم بالقبطي فظن الإسرائيلي أنه يريد قتله لما رأى من غضبه وسمع من قوله {إِنَّكَ لَغَوِىٌّ} الآية فقال الإسرائيلي: أتريد أن تقتلني / [135 / أ] ، أو ظن الإسرائيلي أن موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي فقال ذلك دفعاً لموسى عنه. قيل هذا الإسرائيلي هو السامري، فتركه القبطي وذهب فأشاع أن المقتول بالأمس إنما قتله موسى. {جَبَّاراً} قَتَّالاً. قال عكرمة: ولا يكون الإنسان جباراً حتى يقتل نفسين. {وَجَآءَ رجلٌ من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملآ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إنّى لك من الناصحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 20 - {وَجَآءَ رَجُلٌ} هو مؤمن آل فرعون قيل ابن عم فرعون أخي أبيه. {يَأَتَمِرُونَ} يتشاورون، أو يأمر بعضهم بعضاً. {فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجّني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امراتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبيرٌ فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خيرٍ فقيرٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 22 - {تِلْقَآءَ مَدْيَنَ} عرض له أربع طرق فلم يدر أيها يسلك فقال {عَسَى رَبِّى} الآية، أو قال ذلك بعد أخذه طريق مدين. {سَوَاءَ السَّبِيلِ} قصد الطريق إلى مدين قاله قتادة. ومدين ماء كان عليه قوم شعيب قال " ع " وكان بينه وبينها ثمان مراحل ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج حافياً فما وصل إليها حتى وقع خف قدميه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 23 - {أُمَّةً} جماعة قال ابن عباس: الأمة أربعون. {تَذُودَانِ} تحبسان، أو تطردان غنمهما عن الماء لضعفهما عن الزحام، أو يمنعان الغنم أن تختلط بغنم الناس، أو يذودان الناس عن غنمهما. {ما خطبكما} ماشأنكما. والخطب تفخيم للشيء والخُطبة لأنها من الأمر المعظم {يُصْدِرَ) 6 ينصرف ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه فعلتا ذلك تَصوُّناً عن مزاحمة الرجال، أو لضعفهما عن الزحام {الرِّعَآءُ} جمع راعٍ {وَأَبُونَا شَيْخٌ} قالتا ذلك ترقيقاً لموسى ليعينهما أو اعتذاراً من معاناتهما السقي بأنفسهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 24 - {فَسَقَى لَهُمَا} بأن زحم القوم فأخرجهم عن الماء ثم سقى لهما، أو أتى بئراً فاقتلع عنها صخرة لا يقلها إلا عشرة من أهل مدين وسقى لهما ولم يستق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 إلا ذَنُوباً واحداً حتى رويت الغنم {ثمَّ تَوَلَّى} إلى ظل سَمُرة. {فَقَالَ رَبِّ} قال ذلك وقد لصق بطنه بظهره جوعاً وهو فقير إلى شق تمرة ولو شاء إنسان لنظر إلى خضرة أمعائه من الجوع " ع "، أو مكث سبعة أيام لا يذوق إلا بقل الأرض. فعرض لهما بحاله {مِنْ خَيْرٍ} شبعة من طعام " ع "، أو شبعة يومين. {فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استئجره إنّ خير من استئجرت القوى الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشّق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك إيّما الأجلين قضيت فلا عدوان علىّ والله على ما نقول وكيل} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 25 - {فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} استكثر أبوهما سرعة صدورهما بالغنم حُفَّلاً بِطاناً فقال إن لكما لشأناً فأخبرتاه بصنع موسى فأمر أحداهما أن تدعوه. {عَلَى اسْتِحْيَآءٍ} مستترة بكم درعها، أو لبعدها من النداء له، واستحيت لأنها دعته لتكافئه وكان الأجمل مكافأته من غير إعناء، أو لأنها كانت رسول أبيها، أو ما قاله عمر ليست بسلفع من النساء خراجة ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 ولاجة. أراد تمشي مشي من لم تتعود الخروج حياء وخَفَرَاً وكان أبوهما شعيباً، أو يثرون ابن أخي شعيب قاله الكلبي وأبو عبيدة / [135 / ب] {لِيَجْزِيَكَ} ليكافئك فمشت أمامه فوصفت الريح عجيزتها فقال: امشي خلفي ودليني للطريق إن أخطأت. {الْقَصَصَ} خبره مع آل فرعون {نَجَوْتَ} إذ لسنا من مملكة فرعون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 26 - {قَالَتْ إِحْداهُمَا} الصغرى التي دعته استأجره لرعي الغنم {الْقَوِىُّ} فيما ولي {الأَمِينُ} فيما استودع. " ع " أو القوى في بدنه الأمين في عفافه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 27 - {ثَمَانِى حِجَجٍ} أي رعي الغنم ثماني حجج كانت هي الصداق أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 شرطاً للأب في الإنكاح وليست بصداق. {عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} كانت الثمان واجبة والعشر عدة فوفى بالعشر " ع ". {مِنَ الصَّالِحِينَ} في حسن الصحبة، أو فيما وعده به. وكان جعل له كل سخلة تُوضَع على خلاف شبه أمها. فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن الق عصاك في الماء فولدن كلهن خلاف شبههن، أو جعل له كل بلقاء تولد فولدن كلهن بلقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 28 - {فَلا عُدْوَانَ} فلا سبيل. {وَكِيلٌ} شهيد، أو حفيظ، أو رقيب. {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور ناراً قال لأهله امكثوا إني ءانست ناراً لعلىءاتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النار لعلّكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني انا الله ربّ العالمين وأن ألق عصالك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الأمنين أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من رّبك إلى فرعون وملإيه إنّهم كانوا قوماً فاسقين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 29 - {قَضَى مُوسَى الأَجَلَ} وَفَّى العمل. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " أَجَّر موسى نفسه لعفة فرجه وطعمة بطنه. فقيل: أي الأجلين قضى. قال أبرهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 وأوفاهما ". {آنس} رأى {امْكُثُواْ} اقيموا مكانكم {جَذْوَةٍ} أصل شجرة فيها نار، أو عود في بعضه نار وليست في بعضه، أو عود في بعضه نار ليس له لهب، أو شهاب من نار ذو لهب " ع ". {تَصْطَلُونَ} تستدفئون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 30 - {أنا الله رب العالمين} عرف وحدانيته ولم يَصِرْ بذلك رسولاً. لأنه لم يأمره بالرسالة وإنما صار بذلك من أصفيائه {الشجرة} العليق وهو العوسج " ع ". 31 / 32 - {وألق عَصَاكَ} ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى. {وَلَمْ يُعَقِّبْ} لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته. {الأَمِنِينَ} من الخوف فلا يصير رسولاً إلا بقوله {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ} ، أو الآمنين المرسلين لقوله: {لا يخاف لدي المرسلون} فيصير بذلك رسولاً. {بُرْهَانَانِ} اليد والعصا {الرَّهْبِ} الكم، أو الخوف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 {قال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذّبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بئاياتنا أنتما ومن أتبعكما الغالبون.} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 34 - {ردءا} عوناً، أو زيادة والردء: الزيادة. {فلمّا جاءهم موسى بئاياتنا بيناتٍ قالوا ما هذا إلا سحرٌ مفترى وما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنّه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنّهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمةٌ يدعون إلى النار ويوم القيمامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً ويوم القيامة هم من المقبوحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 38 - {مَا عَلِمْتُ لَكُم} كان بينها وبين قوله {أنا ربكم الأعلى} أربعون سنة " ع " {عَلَى الطِّينِ} هو أول من طبخ الآجُر. {صَرْحاً} قصراً عالياً وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 أول من صنع الصرح فصعده ورمى نُشَّابة نحو السماء فعادت ملتطخة دماً فقال قتلت إله موسى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 40 - {الْيَمِّ} بحر يقال له أساف من وراء مصر غرقوا فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 41 - {أَئِمَّةً} يقتدى بهم في الكفر، أو يأتم بهم المعتبرون ويتعظ بهم ذوو البصائر {إِلَى النَّارِ} إلى عملها، أو إلى ما يوجب دخولها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 42 - {لعنه} خزياً وغضباً، أو طرداً منها / [136 / أ] بالهلاك فيها. {الْمَقْبُوحِينَ} بسواد الوجوه وزرقة الأعين، أو المشوهين بالعذاب، أو المهلكين، أو الملعونين. {ولقد ءاتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدىً ورحمةً لعلهم يتذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 43 - {الْكِتَابَ} ست من المثاني السبع المنزلة على محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو التوراة وهي أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام. {مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى} قال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه " لم تهلك قريةٍ ولا أمة ولا قرن بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد نزول التوراة، إلا الذين مسخوا قردة " {بَصَآئِرَ} بينات {وَهُدىً} دلالة {وَرَحْمَةً} نعمة {يَتَذَكَّرُونَ} هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 النعم فيثبتون على إيمانهم. {وما كنت بجانب الغربى إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا ولكنّا كنّا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 46 - {وَمَا كُنتَ} يا محمد {بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، أو نودوا في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. {وَلَكِن رَّحْمَةً} ما نودي به موسى من جانب الطور من ذكرك نعمة من ربك، أو إرسالك إلى قومك نعمة مني. {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهر وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتابٍ من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنّما يتبعون أهواءهم ومن أضلّ ممن أتبع هواه بغير هدى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 48 - {قالوا} موسى ومحمد {ساحران} قاله مشركو العرب، أو موسى وهارون قالته اليهود من ابتداء الرسالة، أو عيسى ومحمد وهو قول اليهود اليوم {سِحْرَانِ} . التوراة والقرآن، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن والإنجيل وقائل ذلك اليهود. أو قريش. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 51 - {وَصَّلْنَا} بَيَّنا، أو أتممنا كصلتك الشيء بالشيء، أو أتبعنا بعضه بعضاً. {الْقَوْلَ} الخبر عن أمر الدنيا والآخرة، أو الخبر عمن أهلكناهم بماذا أهلكناهم من أنواع العذاب {يَتَذَكَّرُونَ} محمداً فيؤمنون به " ع "، أو يتذكرون فيخافون أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم، أو يتعظون بالقرآن عن عبادة الأوثان. {الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذ يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنّه الحق من رّبّنا إنّا كنا من قبله مسلمين 8 أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 52 - {الْكِتَابَ) {التوراة والإنجيل} (قَبْلِهِ} من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون، أو من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون. نزلت والتي بعدها في تميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي، أو في أربعين رجلاً من أهل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 الإنجيل. آمنوا بالرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل مبعثه. اثنان وثلاثون من الحبشة قدموا مع جعفر بن أبي طالب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرا أو أبرهة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 54 - {أَجْرَهُمْ مَّرَّتَيْنِ} لإيمانهم بالكتاب الأول، والكتاب الآخر، {بِمَا صَبَرُواْ} على الإيمان، أو الأذى أو الطاعة وعن المعصية {بِالْحَسَنَةِ} يدفعون بالعمل الصالح ما سلف من الذنب، أو بالحلم جهل الجاهل، أو بالسلام قبح اللقاء، أو بالمعروف المنكر، أو بالخير الشر. {يُنفِقُونَ} الزكاة " ع "، أو نفقة الأهل وهذا قبل نزول الزكاة، أو يتصدقون من أكسابهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 55 - {وإذا سمعوا اللغو} / [136 / ب] قوم أسلموا من اليهود فكان اليهود يلقونهم بالسب والأذى فيعرضون، أو أسلم منهم قوم فكانوا إذا سمعوا ما غُيِّر من التوراة. من نعت الرسول [صلى الله عليه وسلم] كرهوه وأعرضوا عنه، أو المؤمنون إذا سمعوا الشرك أعرضوا عنه، أو ناس من أهل الكتاب ليسوا يهود ولا نصارى وكانوا على دين الأنبياء ينتظرون مبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] فلما سمعوا بظهوره بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا فكان أبو جهل ومن معه يلقونهم فيقولون لهم: " أُفٍّ لكم من قوم منظور إليكم تبعتم غلاماً قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم " فإذا قالوا ذلك أعرضوا عنهم. {أَعْمَالُنَا} لنا ديننا ولكم دينكم، أو لنا حلمنا ولكم سفهكم. {لا نَبْتَغِى الجاهلين} لا نتبعهم أو لا نجازيهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً ءامناً يجبي إليه ثمرات كل شيءٍ رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 56 - {مَنْ أَحْبَبْتَ} هدايته، أو أحببته لقرابته نزلت في أبي طالب. {يَهْدِى مَن يَشَآءُ} قال قتادة: يعني العباس {بِالْمُهْتَدِينَ} بمن قَدَّر له الهدى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 57 - {وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى} نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب في أرضنا يعني مكة وإنما نحن أكلة رأس للعرب ولا طاقة لنا بهم. {آمنا} بما طبعت عليه النفوس من السكون إليه حتى لا يفر الغزال من الذئب والحمام من الحدأ، أو أمر بأن يكون آمناً لمن دخله ولاذ به يقول كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري. أفتخافون إذا عبدتموني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 وآمنتم بي. {يُجْبَى} يجمع {ثَمَرَاتُ كُلِّ} أرض وبلد {لا يَعْلَمُونَ} لا يعقلون، أو لا يتدبرون. {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنّا نحن الوارثين وما كان ربّك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلوا عليهم ءاياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 58 - {بَطِرَتْ} البطر: الطغيان بالنعمة {مَعِيشَتَهَا} في معيشتها قاله الزجاج أو أبطرتها معيشتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 59 - {أُمِّهَا} أوائلها " ح "، أو معظم القرى من سائر الدنيا، أو مكة. {وما أوتيتم من شىءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 61 - {أفمن وعدناه} الرسول [صلى الله عليه وسلم] {وَعْداً حَسَناً} النصر في الدنيا والجنة في الآخرة أو حمزة بن عبد المطلب، والوعد الحسن الجنة وملاقاتها دخولها. {كَمَن مَّتَّعْنَاهُ} أبو جهل {الْمُحْضَرِينَ} للجزاء، أو في النار، أو المجهولين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 {ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ فهم لا يتساءلون فأمّا من تاب وءامن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 66 - {الأَنبَآءُ} الحجج، أو الأخبار. {لا يَتَسَآءَلُونَ} بالأنساب، أو لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله، أو أن يحمل من ذنوبه شيئاً. {وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربّك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الّيل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياءٍ أفلا تسمعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم ألنهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 68 - {يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ} كان قوم في الجاهلية يجعلون خير أموالهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 لآلهتهم. فقال {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ} من خلقه {وَيَخْتَارُ} منهم ما يشاء لطاعته، أو يخلق ما يشاء من الخلق ويختار من يشاء للنبوة، أو يخلق ما يشاء النبي ويختار الأنصار لدينه {وما كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي يختار للمؤمنين الذي فيه خيرتهم، أو " ما " نافية أن يكون للخلق على الله تعالى خيرة نزلت في الذين / [137 / أ] {جعلوا للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً فَقَالُواْ هذا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهذا لِشُرَكَآئِنَا} [الأنعام: 136] ، أو في الوليد بن المغيرة قال {لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] يعني نفسه وأبا مسعود الثقفي فقال الله تعالى ما كان لهم أن يتخيروا على الله الأنبياء. {ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمةٍ شهيداً فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 75 - {وَنَزَعْنَا} أخرجنا {مِن كُلِّ أُمَّةٍ} رسولاً مبعوثاً إليها، أو أحضرناه ليشهد عليها أن قد بلغها الرسالة. {بُرْهَانَكُمْ} حجتكم، أو بينتكم. {الْحَقَّ لِلَّهِ} التوحيد، أو العدل، أو الحجة. {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين 77} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 76 - {قارون} كان ابن موسى أخي أبيه وقطع البحر مع بني إسرائيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 ونافق كما نافق السامري. {فَبَغَى} كفر بالله، أو زاد في طول ثيابه شبراً، أو علا بكثرة ماله وولده، أو كان غلاماً لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، أو نسب ما أتاه الله تعالى من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته، أو لما أمر موسى برجم الزاني دفع قارون إلى بَغِيٍّ مالاً قيل ألفي درهم وأمرها أن تدعي على موسى أنه زنا بها ففعلت فعظم ذلك على موسى فأحلفها بالله تعالى الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت. فقالت: أشهد أنك برىء وأن قارون أعطاني مالاً وحملني على ذلك " ع " {مِنَ الْكُنُوزِ} أصاب كنزاً، أو كان يعمل الكيمياء {مَفَاتِحَهُ} خزائنه، أو أوعيته، أو مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلاً، أو مفاتيحها: إحاطة علمه بها. {لتنوء} لتثقل العصبة " ع "، أو لتمر بالعصبة من النأي وهو البعد، أو ينهض بها العُصبة {العصبة} الجماعة يتعصب بعضهم لبعض مهم سبعون رجلاً، أو ما بين العشرة إلى الأربعين، أو ما بين العشرة إلى الخمسة عشر، أو ستة أو سبعة، أو ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر، أو عشرة قال أبو عبيدة: هذا من المقلوب تأويله أن العصبة لتنوء بالمفاتيح {الْقُوَّةِ} الشدة {إِذْ قال له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 قومه} مؤمنوا قومه، أو موسى {لا تَفْرَحْ} لا تبغ، أو لا تبخل، أو لا تبطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 77 - {وابتغ فيما آتاك} بطلب الحلال في الكسب " ح "، أو بالصدقة وصلة الرحم {وَلا تَنسَ} حظك من الدنيا أن تعمل فيه لآخرتك " ع "، أولاً تنس الغَناء بالحلال عن الحرام أو لا تنس ما أنعم الله عليك فيها أن تشكر الله بطاعته. {وَأَحْسِن} فيما فرض عليك كما أحسن الله تعالى في نعمه عليك، أو في طلب الحلال. كما أحسن إليك بالإحلال، أو أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك. {لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} لا يقربهم، أو لا يحب أعمالهم. {قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 78 - {عِلْمٍ عِندِى} بقوتي وعملي، أو خير عندي، أو لرضا الله عني وعلمه باستحقاقي، أو علم بوجه المكاسب، أو صنعه الكيمياء علمه موسى ثلث الصنعة ويوشع الثلث وهارون / [137 / ب] الثلث. فخدعهما قارون وكان على إيمانه فعلم ما عندهما فعمل الكيمياء وكثرت أمواله. {ولا يسأل عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} سؤال استعتاب، أو لا تسأل عنهم الملائكة لأنهم يعرفونهم بسيماهم، أو يعذبون ولا يحاسبون، أو لا يسألون عن إحصاء أعمالهم ويعطون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 الصحائف فيعرفونها ويعترفون بها. {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظٍ عظيمٍ وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خيرٌ لمن ءامن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 79 - {فِى زِينَتِهِ} حشمه، أو تَبَعِه سبعين ألفاً عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤيت فيه المعصفرات وكان أول من خضب بالسواد، أو جَوارٍ بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قُطُف أرجوان {حظ} درجة، أو جد. {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 81 - {فخسفنا} قيل شكاه موسى عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى فأمر الأرض أن تطيع موسى فأقبل قارون وشيعته فقال موسى عليه الصلاة والسلام " يا أرض خذيهم " فأخذتهم إلى أعقابهم، ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فخسف بهم وبدار قارون وكنوزه، أو قال بنو إسرائيل: إنما أمر الأرض بابتلاعه ليرث ماله لأنه كان ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 عمه فخسف بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 82 - {وَيْكَأَنَّ} أو لا يعلم أن الله، أو لا يرى أن الله، أو ولكن الله بلغة حمير، أو الياء صلة تقديره كأن الله، أو الياء والكاف صلتان تقديره وأن الله، أو الكاف صلة والياء للتنبيه، أو ويك مفصولة بمعنى ويح فأبدل الحاء كافاً، أو ويلك فحذف اللام، أو وي منفصلة على جهة التعجب ثم استأنف كأن الله. قاله الخليل. {وَيَقْدِرُ} يختار له. " ع "، أو ينظر له إن كان الغنى خيراً له أغناه وإن كان الفقير خيراً له أفقره. " ح " أو يضيق. {تلك الدّار الأخرة نجعلها للذين لا يردون علوّا فى الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتّقين من جآء بالحسنة فله خيرٌ منها ومن جآء بالسّيئة فلا يجزى الذين عملوا السّيئات إلا ما كانوا يعملون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 83 - {عُلُوّاً} بغياً، أو تكبراً، أو شرفاً وعزاً، أو ظلماً، أو شركاً أو لا يجزعون من ذلها ولا يتنافسون في عزها. {فَسَاداً} أخذها بغير حق، أو المعاصي، أو قتل الأنبياء والمؤمنين. {والعاقبة} الثواب، أو الجنة. {إن الذى فرض عليك القرءان لرآدّك إلى معاد قل رّبى أعلم من جآء بالهدى ومن هو فى ضلال مّبين وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من رّبك فلا تكونن ظهيراً للكافرين ولا يصدّنّك عن ءايات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلاهاً اخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعوني} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 85 - {فرض عليك القرآن} أنزله، أو أعطاكه، أو ألزمك العمل به، أو حَمَّلك تأديته وتبليغه، أو بينه على لسانك. {مَعَادٍ} مكة، أو بيت المقدس، أو الموت. " ع "، أو يوم القيامة، أو الجنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 88 - {إِلا وَجْهَهُ} إلا هو، أو ملكه، أو ما أريد به وجهه، أو إلا موت العلماء فإن علمهم باق، أو إلا جاهه، لفلان جاه ووجه بمعنى، أو العمل، {لَهُ الْحُكْمُ} القضاء في خلقه بما شاء، أو ليس للعباد أن يحكموا إلا بأمره {تُرْجَعُونَ} في القيامة فتجزون بأعمالكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 سورة العنكبوت مكيه أو إلا عشر آيات من أولها مدنية إلى {وليعلمن المنافقين} [11] ، أو كلها مدنية وقال علي رضي الله تعالى عنه نزلت بين مكة والمدنية. بسم الله الرحمن الرحيم {الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيّئات أن يسبقونا سآء ما يحكمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 2 - {أحسب} أظن قائلو لا إله إلا الله {أَن يُتْرَكُواْ} فلا يختبر صدقهم وكذبهم، أو أَظَنَّ المؤمنون أن لا يؤمروا ولا ينهوا، أو أن لا يؤذوا ولا يقتلوا أو خرج قوم للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل بعضهم وخلص آخرون فنزلت {والذين جاهدوا فينا} [الآية: 69] . أو نزلت في عمار ومن كان يعذب في الله تعالى بمكة، أو في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه عذبه أبو جهل على إسلامه حتى تلفظ بالشرك مُكرَهاً، أو في قوم أسلموا قبل فرض الزكاة والجهاد فلما فرضا شق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 عليهم {لا يُفْتَنُونَ} لا يهلكون، أو لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله تعالى وعن نواهيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 3 - {فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} بما فرض عليهم، أو بما بلاهم به. {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} فليميزن الصادق من الكاذب، أو ليظهرن لرسوله صدق الصادق. قيل نزلت في مهجع مولى عمر أول قتيل بين الصفين من المسلمين ببدر. فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " سيد الشهداء مهجع ". وقيل هو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 4 - {الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} اليهود. والسيئات الشرك {يَسْبِقُونَا} يعجزونا فلا نقدر عليهم، أو يسبقوا ما كتب عليهم من محتوم القضاء. {يَحْكُمُونَ} يظنون، أو يقضون لأنفسهم على أعدائهم. {من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لاتٍ وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرّنّ عنهم سيئاتهم ولنجزينّهم أحسن الذي كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 5 - {يَرْجُواْ} يخاف، أو يأمل. {لِقَآءَ اللَّهِ} لقاء ثوابه، أو البعث إليه {أَجَلَ اللَّهِ} بالجزاء في القيامة. {السَّمِيعُ} لأقوالكم {الْعَلِيمُ} باعتقادكم. {وَوَصَّيْنَا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 8 - {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ} ألزمناه أن يبرهما، أو ما أوصيناه به من برهما {حُسْناً} {لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} حجة، أو لا يعلم أحد أن لله تعالى شريكاً. نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه أن لا تأكل طعاماً حتى يرجع عن دين محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو في عياش بن أبي ربيعة حلفت أمه كذلك وخدعه أخوه لأمه أو جهل حتى أوثقه وعاقبه. {ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصرٌ من ربّك ليقولنّ إنّا كنّا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين ءامنوا وليعلمنّ المنافقين وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 خطاياهم من شيءٍ إنّهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عمّا كانوا يفترون 2} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 13 - {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أعوان الظلمة، أو المبتدعة إذا تُبعوا على بِدَعهم، أو محدثو السنن الجائرة إذا عمل بها بعدهم. {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون 14 فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها ءايةً للعالمين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 14 - {نُوحاً} هو أول رسول بعث وبعث من الجزيرة. {أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً} وهي مبلغ عمره لبث قبل دعائهم ثلاثمائة ودعاهم ثلاثمائة وبقي بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين، أو بعث لأربعين ودعاهم ألفاً إلا خمسين وبقي بعد الطوفان ستين فذلك ألف وخمسون " ع "، أو لبث فيهم ألفاً إلا خمسين وعاش بعد ذلك سبعين فذلك ألف وعشرون، أو بعث على ثلاثمائة وخمسين ودعاهم ألفاً إلا خمسين وبقي بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين فذلك ألف وستمائة وخمسون {الطُّوفانُ} المطر " ع "، أو الغرق، أو الموت مأثور قيل كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 الطوفان في نيسان. {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون إنّما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون وإن تكذّبوا فقد كذّب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسيرٌ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة إن الله على كل شىءٍ قديرٌ يعذّب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولىٍ ولا نصيرٍ والذين كفروا بئايات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذابٌ أليمٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 21 - {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} بالانقطاع إلى الدنيا {وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ} بالإعراض عنها، أو يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسنه، أو يعذب بالحرص / [138 / ب] ويرحم بالقناعة، أو يعذب ببغض الناس له ويرحم بحبهم، أو يعذب بمتابعة البدعة ويرحم بملازمة السنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لاياتٍ لقومٍ يؤمنون وقال إنّما أتخذتم من دون الله أوثاناً مودّة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين فأمن له لوطٌ وقال إني مهاجرٌ إلى ربي إنّه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وءاتيناه أجره في الدنيا وإنّه في الآخرة لمن الصالحين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 26 - {لُوطٌ} كان ابن أخيه وآمنت به سارة وكانت بنت عمه، أو كانت سارة أخت لوط. {مُهَاجِرٌ} للظالمين. فهاجر من الجزيرة إلى حَرَّان، أو من كوثى وهي سواد الكوفة إلى الشام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 27 - {أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا} الذكر الحسن " ع "، أو رضا أهل الأديان به، أو النية الصالحة التي اكتسب بها آجر الآخرة " ح "، أو لسان صدق، أو ما أوتي في الدنيا من الأجر، أو الولد الصالح حتى إن أكثر الأنبياء من ولده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 {ولوطاً إذا قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إئنّكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على القوم المفسدين ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنّا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سىءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها ءاية بينةً لقومٍ يعقلون وإلى مدين أخاهم شعيباً فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعاداً وثموداً وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلاًّ أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 29 - {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} لأن الناس انقطعوا عن الأسفار حذراً من فعلهم الخبيث، أو قطعوا الطريق على المسافرين، أو قطعوا سبيل النسل بترك النساء إلى الرجال {نَادِيكُمُ} مجلسكم {الْمُنكَرَ} كانوا يتضارطون أو يحذفون من يمر بهم ويسخرون منه مأثور، أو يأتي بعضهم بعضاً، أو الصفير ولعب الحمام والجلاهق ومضغ العِلْك وبصاق بعضهم على بعض والسؤال وحل أزرار القباء في المجلس. {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت أتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىءٍ وهو العزيز الحكيم وتلك الأمثال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 41 - {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ} كما لا يغني عنها بيتها كذلك لا تغني عبادة الأصنام شيئاً وقيل العنكبوت شيطان مسخها الله عز وجل. {خلق الله السموات والأرض بالحق إن في ذلك لآيةً للمؤمنين أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 45 - {اتْلُ} يا محمد على أمتك القرآن. {وَأَقِمِ الصَّلاةَ} المفروضة " ع " أو القرآن، أو الدعاء إلى أمر الله تعالى. {الْفَحْشَآءِ} الزنا {وَالْمُنكَرِ} الشرك " ع "، تنهى الصلاة عنهما ما دام المصلي فيها، أو تنهى عنهما قبلهما وبعدها " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله تعالى إلا بعداً "، أو ما تدعوهم إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 نهاهم عن الفحشاء والمنكر {وَلَذِكْرُ اللَّهِ} إياكم أكبر من ذكركم إياه " ع "، أو ذكره أفضل من كل شيء، أو ذكره في الصلاة أفضل مما نهت عنه من الفحشاء والمنكر، أو ذكره في الصلاة أكبر من الصلاة، أو ذكره أكبر أن تحويه عقولكم، أو ذكره أكبر من قيامكم بطاعته، أو أكبر من أن يُبقي على صاحبه عقاب الفحشاء والمنكر. {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلاهكم واحدٌ ونحن له مسلمون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 46 - {بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} قول لا إله إلا الله " ع "، أو الكف عند بذل الجزية والقتال عند منعها، أو إن قالوا شراً قلنا لهم خيراً. {الَّذِينَ ظَلَمُواْ} أهل الحرب، أو من منع الجزية، أو من ظلم بالإقامة على الكفر بعد ظهور الحجة، أو الذين ظلموا في جدلهم فأغلظوا لهم، منسوخة، أو محكمة. {وقولوا آمنا} كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية للمسلمين فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم {وقولوا آمنا) {الآية} (مُسْلِمُونَ} بقوله لأهل الكتاب، أو لمن آمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هاؤلاء من يؤمن به وما يجحد بأياتنا إلا الكافرون وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لاّرتاب المبطلون بل هو ءايات بينات في صدور الذين أتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الظّالمون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 48 - {وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ} قبل القرآن كتاباً من الكتب المنزلة ولا / تكتبه بيمينك فتعلم ما فيه حتى يشكوا في إخبارك عنه أنه من وحي الله إليك، أو كان نعته في الكتب المنزلة أن لا يكتب ولا يقرأ فكان ذلك دليلاً على صحة نبوته. {المبطلون} مكذبو اليهود، أو مشركوا العرب، أو قريش لأنه لو كتب وقرأ قالوا تعلمه من غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 49 - {بل هو آيات} يعني النبي [صلى الله عليه وسلم] في كونه لا يقرأ ولا يكتب آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأنه في كتبهم بهذه الصفة، أو القرآن آيات بينات في صدور النبي [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين به خُصوا لحفظه في صدورهم بخلاف من قبلهم فإنهم كانوا لا يحفظون كتبهم عن ظهر قلب إلا الأنبياء {الظَّالِمُونَ) {المشركون} (وقالوا لولا أنزل عليه ءاياتٌ من رّبه قل إنّما الآيات عند الله وإنما أنا نذيرٌ مبين أو لم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون قل كفى بالله بين وبينكم شهيداً يعلم ما في السموات والأرض والذين ءامنوا بالباطل وكفروا بالله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 أولئك هم الخاسرون} 50، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 51 - {لَوْلآ أُنزِلَ} اقترحوا عليه الآيات ليجعل الصفا ذهباً وتفجير الأنهار، أو سألوه مثل آيات الأنبياء كالناقة والعصا واليد وإحياء الموتى {الأَيَاتُ} عند الله تعالى يخص بها من شاء من الأنبياء {وَإِنَّمَآ أَنَأْ نذيرٌ} لا يلزمني الإتيان بالمقترح من الآيات وإنما يلزمني أنه يشهد على تصديقي وقد فعل الله تعالى ذلك وأجابهم بقوله: {أو لم يَكْفِهِمْ} دلالة على نبوتك القرآن بإعجازه واشتماله على الغيوب والوعود الصادقة، أو أراد بذلك ما روي أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أُتِي بكتاب في كتف فقال: " كَفَى بقوم حمقاً أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى غير نبيهم، أو كتاب غير كتابهم " فنزلت {أو لم يَكْفِهِمْ} {لَرَحْمَةً} إستنقاذاً من الضلال. {وَذِكْرَى} إرشاداً إلى الحق {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} يقصدون الإيمان دون العناد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 52 - {شيهداً} لي بالصدق " ع " والإبلاغ وعليكم بالكذب والعناد. {بِالْبَاطِلِ} إبليس، أو عبادة الأصنام {الْخَاسِرُونَ} لأنفسهم بإهلاكها، أو لنعيم الجنة بعذاب النار. {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب ولولا أجلٌ مسمى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنّم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 53 - {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} عناداً، أو استهزاءً كقول النضر {إن كان هذا هو االحق} الآية: [32 الأنفال] {أَجَلٌ مُّسَمّىً} القيامة، أو أجل الحياة إلى الموت وأجل الموت إلى البعث، أو النفخة الأولى أو الوقت الموقت لعذابهم. {بَغْتَةً} فجأة. {لا يَشْعُرُونَ} بنزوله قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : تقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فِيه فما تصل إلى فِيه حتى تقوم الساعة ". {ياعبادي الذين ءامنوا إنّ أرضى واسعة فإياي فاعبدون كل نفسٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوّئنهم من الجنة غرفاً تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وكأين من دابةٍ لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم.} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 56 - {أَرْضِى وَاسِعَةٌ} فجانبوا العصاة بالخروج من أرضهم، أو اطلبوا أولياء الله تعالى، أو رحمتي واسعة، أو رزقي واسع. {فَاعْبُدُونِ} بالهجرة إلى المدينة، أو بأن لا تطيعوا أحداً في معصيتي، أو فارهبون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 57 - {ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} كل حي ميت، أو تجد كرب الموت وشدته إرهاباً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 لهم لِيدَعوا المعاصي، أو إعلاماً أن الرسل يموتون فلا تضلوا بموت من مات منهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 58 - {لنثوينهم} / [139 / ب] من الثواء وهو طول المقام والباء لنسكننهم {غرقا} الغرف أعالي البيوت وهي أنزه وأطيب من البيوت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 60 - {لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} بل ما تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئاً، أو تأكل لوقتها ولا تدخر لغذها " ح "، أو يأتيها بغير طلب وذكر النقاش شيئاً لا يحل ذكره ولبئس ما قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحيوان كل ما دب لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا ابن آدم والنمل والفأر. {يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} يسوي بين القادر والعاجز والحريص والقانع ليعلم أن ذلك يقدره الله تعالى دون حول وقوة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لما أمرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالهجرة خافوا الضيعة والجوع وقال بعضهم نهاجر إلى بلدة ليس فيها معاش فنزلت هذه الآية فهاجروا. {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولنّ الله فأنّى يؤفكون الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيءٍ عليم ولئن سألتهم من نّزّل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها لقولن الله قل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوٌ ولعبٌ وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلمّا نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 64 - {الحيوان} الحياة الدائمة. قال أبو عبيدة: الحيوان والحياة واحد. {أو لم يروا أنّا جعلنا حرماً ءامناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون 67 ومن أظلم ممن أفترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوىً للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 67 - {وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ} بالقتل والسبي {أَفَبِالْبَاطِلِ} الشرك، أو إبليس {وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ} بعافيته " ع "، أو عطائه وإحسانه أو بالهدى الذي جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو بإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 67 - {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} جعل له شريكاً وولداً. {بِالْحَقِّ} التوحيد أو القرآن، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] . {مثوى} مستقر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 69 - {جَاهَدُواْ} أنفسهم في هواها، أو العدو بالقتال، أو اجتهدوا في الطاعة وترك المعصية، أو تابوا من ذنوبهم جهاداً لأنفسهم. {سُبُلَنَا} طريق الجنة، أو دين الحق، أو نعلمهم ما لا يعلمون، أو نخلص نياتهم في الصوم والصلاة والصدقة. {لمع المحسنين} بالنصر والمعونة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 سورة الروم مكية اتفاقاً بسم الله الرحمن الرحيم {الم غلبت الروم في اذنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضعٍ سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصرمن يشاء وهو العزيز الرّحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولاكن أكثر النّاس لا يعلمون يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الأخرة هم غافلون 1، 2، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 3 - كان المسلمون يؤثرون ظهور الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، وآثر المشركون ظهور فارس على الروم لأنهم أهل أوثان فلما غلبت فارس سُرَّ المشركون وقالوا للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تغلبونا لأنكم أهل كتاب وقد غلبت فارس الروم وهم أهل كتاب وكان آخر فتوح كسرى فتح فيه القسطنطينية بنى فيها بيت النار فبلغ الرسول [صلى الله عليه وسلم] فساءه ذلك فنزلت هاتان الآيتان فبادر أبو بكر رضي الله عنه فأخبر المشركين بذلك فاقتمر المسلمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 والكفار على أنهم يغلبون إلى ثلاث سنين، أو خمس سنين، أو سبع سنين. قامر عن المسلمين أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وعن المشركين أبو سفيان بن حرب، أو أُبي بن خلف وذلك قبل تحريم القمار وكان العوض خمس قلائص، أو سبع قلائص فلما علم الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن أبا بكر قدر المدة أمره أن يزيد في الخطر فزاد قلوصين وازداد سنتين وكانت الزيادة بعد انقضاء الأجل الأول قبل الغلبة، أو قبل انقضاء الأجل الأول. وغلبت الروم فارس عام بدر في يوم بدر، أو / قبل الهجرة بسنتين، أو عام حديبية. {أدنى الأرض} أدنى أرض فارس، أو أدنى أرض الروم عند الجمهور بأطراف الشام " ع "، أو أذرعات الشام كانت بها الوقعة، أو الجزيرة أقرب أرض الروم إلى فارس، أو الأردن وفلسطين. 4، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 5 - {بِضْعِ} ما بين الثلاث إلى العشر. مأثور، أو ما بين العقدين من الواحد إلى العشرة. قاله بعض أهل اللغة، فيكون من الثاني إلى التاسع، أو ما بين الثلاث والتسع. والنَّيف ما بين الواحد إلى التسعة، أو ما بين الواحد والثلاثة عند الجمهور. {مِن قَبْلُ} ما غُلِبتْ الروم {وَمِن بَعْدُ} ما غُلِبت، أو قبل دولة فارس على الروم وبعد دولة الروم على فارس. {يَفْرَحُ الْمؤْمِنُونَ} جاءهم الخبر بهلاك كسرى يوم الحديبية ففرحوا {بِنَصْرِ اللَّهِ} لضعف فارس وقوة العرب، أو فرحوا بنصر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب مثلهم، أو لأنه مقدمة لنصرهم على المشركين، أو لما فيه من تصديق خبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 {يَنصُرُ مَن يَشَآءُ} من أوليائه ونصره مختص بهم وغلبة الكفار ليست بنصر منه وإنما هي بلاء ومحنة {الْعَزِيزُ} في نقمته من أعدائه {الرَّحِيمُ} بأوليائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 7 - {ظَاهِراً} أمر معاشهم متى يزرعون ويحصدون وكيف ينبتون ويغرسون " ع " وكبنيان قصورها وشق أنهارها وغرس أشجارها، أو يعلمون ما ألقته الشياطين إليهم باستراق السمع من أمور الدنيا. {أو لم يتفكرون في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى إنّ كثيراً من الناس بلقآئ ربّهم لكافرون أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشّد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر ممّا عمروها وجآءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون ثمّ كان عاقبة الذّين أسائوا السّوأى أن كذّبوا بأيات الله وكانوا بها يستهزءون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 8 - {بِالْحَقِّ} بالعدل، أو الحكمة، أو بأن استحق عليهم الطاعة والشكر، أو للثواب والعقاب. {وَأَجَلٍ مُّسَمّىً} القيامة " ع " أو أجل كل مخلوق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 10 - {أَسَآءُواْ} كفروا. {السُّوأَى} جهنم، أو عقاب الدارين " ح ". {أَن كَذَّبُواْ} لأن كذبوا. {بِآيَاتِ اللَّهِ} محمد [صلى الله عليه وسلم] والقرآن، أو معجزات الرسل، أو نزول العذاب بهم. {الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ثم إليه ترّجعون ويوم تقوم السّاعة يبلس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاؤا وكانوا بشركائهم كافرين ويوم تقوم الساعة يومئذٍ يتفرقون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضةٍ يحبرون وأما الذين كفروا وكذّبوا بئاياتنا ولقائ الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 12 - {يُبْلِسُ} يفتضح، أو يكتئب، أو ييأس، أو يهلك، أو يندم، أو يتحير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 14 - 0 يَتَفَرَّقُونَ} في المكان بالجنة والنار، أو بالجزاء بالثواب والعقاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 15 - {رَوْضَةٍ} البستان المتناهي منظراً وطيباً. {يُحْبَرُونَ} يكرمون " ع "، أو ينعمون، أو يلتذون بالسماع والغناء، أو يفرحون. والحبرة: السرور والفرح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 16 - {مُحْضَرُونَ} نازلون، أو مقيمون، أو يدخلون، أو مجموعون. {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 17 - {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} سبحوه، أو صلّوا له سميت الصلاة تسبيحاً لاشتمالها عليه في الركوع والسجود، أو من السبحة وهي الصلاة {تُمْسُونَ} المغرب والعشاء المساء بدو الظلام بعد المغيب {تُصْبِحُونَ} صلاة الصبح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 18 - {وَلَهُ الْحَمْدُ} على نعمه، أو الصلاة لاختصاصها بقراءة حمده بالفاتحة وخص صلاة النهار باسم الحمد لأن تقلب النهار يكثر فيه الإنعام الموجب للحمد والليل وقت فراغ وخَلوة يوجب تنزيه الله تعالى من الأسواء فيها. {وَعَشِيّاً} العصر والعشي آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب لنقص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 نورها / [140 / ب] أخذ من عشا العين وهو نقص نورها {تُظْهِرُونَ} صلاة الظهر. نزلت هذه الآية بعد الإسراء به قبل الهجرة وكل آية نزلت تذكر الصلاة قبل الإسراء فليست من الصلوات الخمس لأنهن إنما فرضن ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 19 - {يُخْرِجُ} الإنسان الحي من النطفة الميتة والنطفة الميتة من الإنسان الحي " ع "، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، أو الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة، أو النخلة من النواة والنواة من النخلة والسنبلة من الحبة والحبة من السنبلة. {تُخْرَجُونَ} كما أحيى الموات وأخرج النبات فكذلك تبعثون. {ومن ءاياته أن خلقكم من ترابٍ ثم إذا أنتم بشرٌ تنتشرون ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 21 - {أَزْوَاجاً} حواء من ضلع آدم، أو سائر الأزواج من أمثالكم من الرجال. {لِّتَسْكُنُواْ} لتأنسوا {مَّوَدَّةً} محبة {وَرَحْمَةً} شفقة، أو المودة: الجماع والرحمة: الولد " ح "، أو المودة حب الكبير والرحمة والرحمة الحُنو على الصغير، أو الرحمة بين الزوجين. {ومن ءاياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآياتٍ للعالمين ومن ءاياته منامكم باليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لاياتٍ لقومٍ يسمعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 22 - {خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} بما فيهما من العبر، أو لعجز الخلق عن إيجاد مثلهما. {أَلْسِنَتِكُمْ} لغاتكم كالعربية والرومية والفارسية {وَأَلْوَانِكُمْ} أبيض وأحمر وأسود، أو اختلاف النغمات والأصوات وألوانكم صوركم فلا يشتبه صورتان ولا صوتان. كيلا يشتبهوا في المناكح والحقوق. {لِّلْعَالِمِينَ} الإنس والجن وبالكسر العلماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 23 - {منامكم بالليل} {وَابْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ} بالنهار، أو منامكم وابتغاؤكم فيهما جميعاً لأن منهم من يتصرف في المعاش ليلاً وينام نهاراً وابتغاء الفضل بالتجارة، أو بالتصرف في العمل. فالنوم كالموت والتصرف نهاراً كالبعث {يسمعون} الحق فيتبعونه، أو الوعظ فيخافونه، أو القرآن فيصدقونه. {ومن ءاياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماءً فيحى به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ومن ءاياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 24 - {خَوْفاً} للمسافر {وَطَمَعاً} للمقيم، أو خوفاً من الصواعق وطمعاً في الغيث، أو خوفاً من البرد أن يهلك الزرع وطعماً في الغيث أن يحييه، أو خوفاً أن يكون خُلباً لا يمطر وطمعاً أن يمطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 25 - {تقوم السماء والأرض} تكون، أو تثبت {بأمره} بتدبيره وحكمته، أو بإرادته أن تقوم بغير عمد. {دعاكم} من السماء فخرجتم من الأرض من قبوركم عبر عن النفخة الثانية بالدعاء، أو أخرجهم بدعاء دعاهم به، أو بما هو بمنزلة الدعاء وبمنزلة قوله كن. {وله من في السموات والأرض كلّ له قانتون وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 26 - {قَانِتُونَ} مطيعون. مأثور، أو مصلون " ع "، أو مقرون بالعبودية، أو قائمون له يوم القيامة، أو قائمون بالشهادة أنهم عباده " ع " أو مخلصون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 27 - {يبدأ الْخَلْقَ} بعلوقه في الرحم ثم يعيده بالبعث استدلالاً بالنشأة على الإعادة. {أَهْوَنُ عَلَيْهِ} أعادة الخلق أهون على الله تعالى من ابتدائه لأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 الإعادة أهون من البُدأة عُرفاً وإن كانا هينين على الله تعالى، أو الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقلب نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم عظماً ثم رضيعاً ثم فطيماً وفي الإعادة يُصاح به فيعود سوياً " ع " أو أهون بمعنى هين قال: (إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول) وأهون / [141 / أ] أيسر وأسهل {الْمَثَلُ الأَعْلَى} الصفة العليا ليس كمثله شيء " ع " أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو يحيي ويميت {الْعَزِيزُ} المنيع في قدرته أو القوي في انتقامه {الْحَكِيمُ} في تدبيره، أو في إعذاره وحجته إلى عباده. {ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 28 - {ضرب لكم مثلا} سبب ضربه إشاركهم في عبادته، أو قولهم في التلبية إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، أو كانوا يورثون آلهتهم أي لما لم يشرككم عبيدكم في أموالكم لملككم إياهم فالله تعالى أولى أن لا يشاركه أحد في العبادة لأنه مالك كل شيء {تَخَافُونَهُمْ} أن يشاركوكم في أموالكم كما تخافون ذلك من شركائكم، أو تخافون أن يرثوكم كما تخافون ورثتكم، أو تخافون لأئمتهم كما يخاف بعضكم بعضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 {فأقم وجهك للدّين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدّين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه وأتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقّوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 30 - {وجهك} قصدك، أودينك، أوعملك، {حَنِيفاً} مسلماً، أو مخلصاً، أو متبعاً، أو مستقيماً، أو حاجاً " ع " أو مؤمناً بجميع الرسل. {فطرة اللَّهِ} صنعة الله، أو دينه الإسلام " ع " الذي خلق الناس عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 {الخلق اللَّهِ} لدين الله، أو لا يُتَغير بخلقه من البهائم أن يخصى فحولها " ع " أو لا خالق غير الله كخلقه {الدِّينُ الْقَيِّمُ} الحساب البين، أو القضاء المستقيم " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 31 - {مُنِيبِينَ} مقبلين، أو داعين، أو مطيعين، أو تائبين من الذنوب والإنابة من القطع وهي الانقطاع إلى الله تعالى بالطاعة ومنه الناب لقطعه، أو من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة. \ 32 - {فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} بالاختلاف فصاروا فرقاً و {فارقوا دينهم} وهم اليهود، أو اليهود والنصارى، أو خوارج هذه الأمة مأثوره، أو أهل الأهواء والبدع مأثور. {شِيَعاً} فرقاً، أو أديان {بِمَا لَدَيْهِمْ} من الضلالة {فَرِحُونَ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 مسرورون عند الجمهور، أو معجبون أو متمسكون. {وإذا مس الناس ضرٌ دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمةً إذا فريقً منهم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا به يشركون وإذا أذقنا الناس رحمةً فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 35 - {سُلْطَاناً} كتاباً، أو عذراً، أو برهاناً، أو رسولاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 36 - {رَحْمَةً} عافية وسعة، أو نعمة ومطر {سَيِّئَةٌ} بلاء وعقوبة، أو قحط المطر. {يَقْنَطُونَ} القنوط اليأس من الرحمة والفرج عند الجمهور أو ترك فرائض الله تعالى في السر " ح ". {فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خيرٌ للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما ءاتيتم من رباّ ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عندالله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شىءٍ سبحانه وتعالى عما يشركون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 38 - {ذَا الْقُرْبَى} قرابة الرجل يصلهم بماله ونفسه، أو قرابة الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 بنو هاشم وبنو المطلب يعطون حقهم من الفيء والغنيمة. {وَابْنَ السَّبِيلِ} المسافر، أو الضيف " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 39 - {مِّن رِّباً} هو أن يهدي الهدية ليكافأ بأفضل منها " ع "، أو رجل خدم في السفر فجعل له جزء من الربح لخدمته لا لوجه الله تعالى، أو رجل وهب قريبه ليصير غنياً ذا مال ولا يفعله طلباً للثواب. {فلا يربو} لا يكون له ثواب عند الله {زكَاةٍ} مفروضة، أو صدقة. {وَجْهَ اللَّهِ} ثوابه {الْمُضْعِفُونَ} الحسنة بعشر، أو يضاعف أموالهم في الدنيا بالنمو والبركة. {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون 6 قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 41 - {الْفَسَادُ} الشرك، أو المعاصي أو قحط المطر، أو فساد البر قتل ابن آدم أخاه وفساد البحر أخذ السفينة غصباً {الْبَرِّ} الفيافي {والبحر} القرى. العرب تسمى الأمصار / [141 / ب] البحر، أو البر أهل العمود والبحر أهل القرى والريف، أو البر بادية الأعراب والبحر الجزائر، أو البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر والبحر ما كان منها على شاطئ نهر " ع " {بَعْضَ الِّذِى عَمِلُواْ} لأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 للمعصية جزاء عاجلاً وجزاء آجلاً. {يَرْجِعُونَ} عن المعاصي، أو إلى الحق، أو يرجع من بعدهم " ح ". {فأقم وجهك للذين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدّعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله إنّه لا يحب الكافرين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 43 - {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} للتوحيد، أو استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة {يَصَّدَّعُونَ} يتفرقون في عرصة القيامة، إلى النار والجنة، أو يتفرق المشركون وآلهتهم في النار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 44 - {يَمْهَدُونَ} يُسَوُّون المضاجع في القبور، أو يوطئون في الدنيا بالقرآن وفي الآخرة بالعمل الصالح. {ومن ءاياته أن يرسل الرياح مبشراتٍ وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبغوا من فضله ولعلّكم تشكرون ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الدين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 46 - {مبشرات} بالمطر رياح الرحمة أربعة المبشرات والذرايات والناشرات والمرسلات، ورياح العذاب أربعة العقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر {مِّن رَّحْمَتِهِ} بردها وطيبها، أو المطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 47 - {نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الأنبياء بإجابة دعائهم على مكذبيهم، أو نصرهم بإيجاب الذب عن أعراضهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرونَ وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلىءاثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيءٍ قديرٌ ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً لظلوا من بعده يكفرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 48 - {كِسَفاً} قطعاً، أو متراكباً بعضه على بعض، أو في سماء دون سماء. {الْوَدْقَ} البرق، أو المطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 50 - {رحمة الله} المطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 51 - {فرأوه} رأوا السحاب {مُصْفَرّاً} بأنه لا يمطر، أو الزرع مصفراً بعد خضرته " ع ". {لظلوا} أظل إذا فعل أول النهار ووقت الظل وكذلك أضحى فتوسعوا في استعمال ظَلَّ في أول النهار وآخره وقل ما يستعمل أضحى إلا في صدر النهار. {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بئاياتنا فهم مسلمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 52 - {الْمَوْتَى} الذين ماتوا كفاراً و {الصُّمَّ} الذين تولوا عن الهدى فلم يسمعوه، أو مَثَّل الكافر في أنه لا يسمع بالميت والأصم لأن كفره قد أماته وضلاله قد أصمه. {مُدْبرِينَ} لأن المدبر لا يفهم بالإشارة وإن كان الأصم لا يسمع مقبلاً ولا مدبراً قيل نزلت في بني عبد الدار. {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 54 - {ضعف} نطفة. {قوة} شباباً. {ضعفا} هرماً {وشيبة} شمطاً. {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمين ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون 4} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 55 - {الْمُجْرِمُونَ} الكفار. {مَا لَبِثُواْ} في الدنيا، أو في القبور {كَذَلِكَ} هكذا {يُؤْفَكُونَ} يكذبون في الدنيا، أو يصرفون عن الإيمان بالبعث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 56 - {الذين أوتوا العلم} الملائكة، أو أهل الكتاب. {في كتاب الله} في علمه، أو بما بيانه في كتابه، أو تقديره: أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان {لقد لبثتم} في الدنيا، أو القبور إلى يوم البعث. {لا تعلمون} أن البعث حق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 57 - {مَعْذِرَتُهُمْ} في تكذيبهم. {يُسْتَعْتَبُونَ} يستتابون، أو يعاتبون على سيئاتهم أو لا يطلب منهم العتبى وهو أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا. {ولقد ضربنا للناس في هذا القرءان من كل مثلٍ ولئن جئتهم بئايةٍ ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفّنّك الذين لا يوقنون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 60 - {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ} لا يستعجلنك، أو لا يستفزنك، أو لا يستنزلنك. {لا يوقنون} لا يومنون، أو لا يصدقون بالعبث والجزاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 سورة لقمان مكية، أو إلا آيتين نزلتا بالمدينة {ولو أن ما في الأرض} : [27] والتي بعدها، أو إلا آية {الذين يقيمون الصلاة} : [4] . بسم الله الرحمن الرحيم {الم تلك ءايات الكتاب الحكيم هدىً ورحمةً للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 2 - {الْحَكِيمِ} المحكم آياته بالحلال والحرام والأحكام، أو المتقن {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] أو البين أنه من عند الله، أو المظهر للحكمة بنفسه / [142 / أ] كما يظهرها الحكيم بقوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 2 - {هُدىً} من الضلالة، أو إلى الجنة. {وَرَحْمَةً} من العذاب لما فيه من الزواجر عن استحقاقه، أو بالثواب لما فيه من البواعث على استيجابه، نعته بذلك أومدحه به {لِّلْمُحْسِنِينَ} الإحسان الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه، أو الصلة والصلاة، أو أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتحب للناس ما تحب لنفسك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 5 - {هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ} نور، أو بينة، أو بيان {الْمُفْلِحُونَ} السعداء، أو المنجحون، أو الناجون، أو الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 {ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ ويتخذها هزواً أولئك لهم عذابٌ مهين وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذابٍ أليمٍ إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقاً وهو العزيز الحكيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 6 - {يَشْتَرى لَهْوَ الْحَدِيثِ} شراء المغنيات، أو الغناء " ع "، أو الزمر والطبل، أو الباطل، أو الشرك، أو ما ألهى عن الله تعالى، أو الجدال في الدين والخوض في الباطل نزلت في النضر بن الحارث كان يجلس فإذا قيل له: قال محمد كذا ضحك وحدثهم بحديث رستم واسفنديار وقال: إن حديثي أحسن حديثاً من محمد. أو في قرشي اشترى مغنية شغل بها الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {لِيُضِلَّ} ليصد عن دين الله تعالى، أو ليمنع من قراءة القرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 {وَيَتَّخِذَهَا} يتخذ سبيل الله {هُزُؤاً} يكذب بها، أو يستهزئ بها. {خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 10 - {بِغَيْرِ عَمَدٍ} وأنتم ترونها، أو بعمد لا ترونها {أَن تَمِيدَ} تزول، أو تتحرك. {وَبَثَّ} بسط، أو فرق {دَآبَّةٍ} سمي به الحيوان لدبيبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 والدبيب الحركة. {فَأَنبَتْنَا} الناس نبات الأرض فالكريم من دخل الجنة واللئيم من دخل النار، أو الأشجار والزروع {زَوْجٍ} نوع {كَرِيمٍ} حسن أو الثمر الطيب، والنافع. {ولقد ءاتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 12 - {لُقْمَانَ} نبي - قاله عكرمة، أو من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة، أو كان عبداً حبشياً، أو نوبياً قصيراً أفطس خياطاً بمصر، أو راعياً، أو نجاراً وكان فيما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو ولد لعشر سنين من ملك داود وبقي إلى زمان يونس {الْحِكْمَةَ} الفهم والعقل، أو الفقه والعقل والإصابة في القول، أو الأمانة {أَنِ اشْكُرْ} أتيناه الحكمة والشكر، أو آتيناه الحكمة لأن يشكر قاله الزجاج {اشْكُرْ لِلَّهِ} أحمده على نعمه، أو أطعه ولا تشرك به، أو لا تعصه على نعمه {يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} لأنه تزداد نعمه كلما ازداد شكراً. {وَمَن كَفَرَ} بالنعمة، أو بالله واليوم الآخر. {غَنِىٌّ} عن خلقه {حَمِيدٌ} في فعله، أو غني عن فعله مستحمد إلى خلقه. {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عظيمٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصلناه في عامين ان اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 13 - {يَعِظُهُ} يذكره ويؤدبه {لَظُلْمٌ} يظلم به نفسه {عَظِيمٌ} عند الله قيل: كان ابنه مشركاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 14 - {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ} عامة، أو نزلت في سعد بن أبي وقاص. {وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} شدة على شدة " ع "، أو جهداً على جهد، أو ضعفاً على ضعف، ضعف الولد على ضعف الوالدة، أو ضعف نطفة الأب / [142 / ب] على ضعف نطفة الأم، أو ضعف الولد أطور خلقه، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم سوياً ثم وليداً ثم رضيعاً ثم فطيماً. {اشْكُرْ لِى} النعمة بالحمد والطاعة {وَلِوَالِدَيْكَ} التربية بالبر والصلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 15 - {مَعْرُوفاً} إحساناً تعودهما إذا مرضا وتشيعهما إذا ماتا وتواسيهما إذا افتقرا {ومن أَنَابَ} أقبل بقلبه {إِلَىَّ} مخلصاً وهو الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنون. {يا بنى إنها أن تك مثقال حبةٍ من خردلٍ فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبيرٌ يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعر خدك للناس ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخورٍ واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 16 - {حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ} من الخير، أو الشر. {صَخْرَةٍ} خضراء تحت الأرض السابعة على ظهر الحوت، خضرة السماء منها وقيل: إنها في سجين التي يكتب فيها أعمال الكفار، أو في صخرة في جبل {يَأَتِ بِهَا اللَّهُ} أي بجزاء ما وازنها من خير، أو شر، أو يعلمها ويأتي بها إذا شاء كذلك قليل العمل من الخير والشر يعلمه الله تعالى فيجازي عليه {لَطِيفٌ} في إخراجها. {خَبِيرٌ} بمكانها قيل لما وعظ ابنه ألقى حبة خردل في عرض البحر ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فبعث الله تعالى ذبابة فأخذتها فوضعتها في يده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 17 - {ومن عَزْمِ الأُمُورِ} مما أمر الله تعالى به من الأمور، أو من ضبط الأمور، أو من قطع الأموُر. العزم والحزم واحد، أو الحزم الحذر والعزم القوة وفي المثل لا خير في عزم بغير حزم، أو الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه وفي المثل رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 18 - {تُصَعِّرْ} الصعر الكبر " ع "، أو الميل، أو التشدق في الكلام، يقول لا تعرض بوجهك عن الناس تكبراً، أو بالتشدق، أو في الأمر بالمعروف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 والنهي عن المنكر، أو يلوي شدقه عن ذكر الإنسان احتقاراً، أو الإعراض عمن بينه وبينه إحنة هجراً له فكأنه أمر بالصفح والعفو، أو أن يكون الغني والفقير عنده في العلم سواء {مَرَحاً} بالمعصية، أو بالخيلاء والعظمة، أو البطر والأشر. {مُخْتَالٍ} منان، أو متكبر، أو بطر. {فَخُورٍ} متطاول على الناس بنفسه، أو مفتخر عليهم بما يصفه من مناقبه " ع "، أو الذي يعدد ما أعطى ولا يشكر الله تعالى فيما أعطاه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 19 - {وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ} تواضع فيه، أو انظر في مشيك إلى موضع قدمك، أو أسرع فيه أو لا تسرع فيه، أو لا تختل فيه. {وَأَغْضُضْ} اخفض {أَنكَرَ الأَصْوَاتِ} أقبحها، أو شرها، أو أشدها، أو أبعدها. خص الحمار لأن صوته مستقبح في النفوس مستنكر في السمع، أو لأن صياح كل شيء تسبيحه إلاَّ الحمار فإنه يصيح لرؤية الشيطان. {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتاب منيرٍ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا اولوا كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 20 - {سَخَّرَ} سهل، أو الانتفاع به. {نعمهُ} جنس أو أراد الإسلام. {ظَاهِرَةً} على اللسان {وَبَاطِنَةً} في القلب، أو الظاهرة الإسلام والباطنة ما ستره من المعاصي، أو الظاهرة الخلق والرزق والباطنة ما أخفاه من العيوب والذنوب، أو ما أعطاهم من الزي والثياب والباطنة متاع المنازل، أو الظاهرة الولد والباطنة الجماع {مَن يجادل} نزلت في يهودي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أخبرني عن ربك من أي شيء هو فجاءت صاعقة فأحرقته، أو في النضر بن الحارث كان يقول الملائكة بنات الله. {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعكم فننبّئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذابٍ غليظٍ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 يعلمون لله ما في السموات والأرض إن الله هو الغني الحميد} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 22 - {يُسْلِمْ وَجْهَهُ} يخلص دينه، أو يقصد بوجهه طاعة الله تعالى {وَهُوَ مُحْسِنٌ} في عمله {بِالْعُرْوَةِ} قول لا إله إلا الله، أو القرآن، أو الإسلام، أو الحب في الله تعالى والبغض فيه {الْوثْقَى} للاستيثاق بالتمسك بها كما يتوثق من الشيء بإمساك عراه أو تشبيهاً بالبناء الوثيق لأنه لا ينحل {عَاقِبَةُ الأُمُورِ} ثواب ما صنعوا. {وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيمٌ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ إن الله سميع بصيرٌ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 27 - {ولو أن ما فِى الأَرْضِ} نزلت لما قال المشركون إنما القرآن كلام يوشك أن ينفد، أو نزلت لما قال اليهود للرسول [صلى الله عليه وسلم] أرأيت قولك {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85] إيانا تريد أم قومك فقال: كل لم يؤت من العلم إلا قليلاً أنتم وهم. قالوا: فإنك تتلو ما جاءك من الله أَنَّا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء. فقال: إنها في علم الله تعالى قليلة. والمعنى لو أن الأشجار أقلام والبحار مداد لتكسرت الأقلام، ونفذت مياه البحار قبل أن تنفد عجائب ربي وعلمه وحكمته. {يَمُدُّهُ} يزيد فيه شيئاً بعد شيء يقال في الزيادة مدَدته وفي المعونة أمددته {كلمات ربي} نعمه على أهل الجنة، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 على أصناف الخلق، أو جميع ما قضاه في اللوح المحفوظ من أمور خلقه، أو عبّر بالكلمات عن العلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 28 - {مَّا خَلْقُكُمْ} نزلت في أُبَي بن خلف وأبي الأشدين ونبيه ومنبه ابني الحجاج. قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] إن الله تعالى خلقنا أطواراً نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم تقول إنا نبعث جميعاً في ساعة فنزلت {مَّا خَلْقُكُمْ} أي لا يصعب على الله تعالى ما يصعب على الناس. {ألم تر أن الله يولج الّيل في النّهار ويولج النّهار في الّيل وسخّر الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلىّ الكبير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 29 - {يولج الليل} يأخذ الصيف من الشتاء والشتاء من الصيف. أو ما ينقص من النهار يجعله في الليل وما ينقص من الليل يجعله في النهار، أو يسلك الظلمة مسلك الضياء والضياء مسلك الظلمة فيصير كل واحد منهما مكان الآخر {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} ذللهما بالطلوع والأفول تقديراً للآجال وإتماماً للمنافع. {أَجَلٍ مُّسَمّىً} القيامة، أو وقت الطلوعه وأفوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 30 - {هُوَ الْحَقُّ} لا إله غيره، أو الحق اسم من أسمائه، أو القاضي بالحق. {وما تدعون} الشيطان، أو الأصنام. {الْعَلِىُّ} في أحكامه {الْكَبِيرُ} في سلطانه. {ألم تر أن الفلك تجرى في البحر بنعمت الله ليريكم من ءاياته إنّ فى ذالك لأيات لكل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 صبّار شكور وإذا غشيهم موجٌ كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجّاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بأيتنا إلاّ كلّ ختّار كفور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 31 - {من آياته} يجري السفن فيه، أو ما تشاهدون من قدرة الله فيه، أو ما يرزقكم الله - تعالى - منه. {صَبَّارٍ} على البلوى {شَكُورٍ} على النعماء، أو صبار على طاعة شكور على الجزاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 32 - {كَالظُّلَلِ} السحاب، أو الجبال شبهه بها لسواده، أو لعظمه {مُخْلِصِينَ} موحدين لا يدعون سواه {مُّقْتَصِدٌ} عدل يوفي بعهده الذي التزمه في البحار، أو مؤمن متمسك بالطاعة، أو مقتصد في قوله وهو كافر. {خَتَّارٍ} جاحد، أو غدار عند الجمهور. جحد الآيات: إنكار أعيانها والجحد بها إنكار دلائلها. {ياأيها النّاس اتّقّوا ربّكم واخشوا يوماً لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إنّ وعد الله حق فلا تغرّنّكم الحياة الدنيا ولا يغرّنّكم بالله الغرور} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 33 - {لا يَجْزِى} لا يغني، أو لا يقضي، أو لا يحمل {الغرور} الشيطان، / [143 / ب] أو الأمل. {إنّ الله عنده علم السّاعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكتسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 34 - {عِلْمُ السَّاعَةِ} وقت مجيئها. {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} يعلم نزوله في زمانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 ومكانه، أو منزله فيما يشاء من زمان ومكان {مَا فِى الأَرْحَامِ} من ذكر وأنثى وصحيح وسقيم، أو مؤمن وكافر وشقي وسعيد {تَكْسِبُ غَداً} من خير وشر، أو إيمان وكفر. {بِأَىِّ أَرْضٍ} على أي حكم تموت من سعادة وشقاوة، أو في أي أرض تموت وتدفن. قيل نزلت في الوارث بن عمرو بدوي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم] : إن امرأتي حُبلى فأخبرني ماذا تلد وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث وقد علمت متى ولدت " فأخبرني متى أموت وقد علمت ما عملت اليوم فأخبرني ما أعمل غداً " وأخبرني متى تقوم الساعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 سورة السّجدة مكية أو إلا ثلاث آيات {أفمن كان مؤمنا} : [18 - 20] إلى آخرهن، أو إلا خمس آيات {تتجافى} : [15] إلى {الذي كنتم به تكذبون} : [20] بسم الله الرحمن الرحيم } {الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 2 - {لا رَيْبَ} الرَّيْب الشك الذي يميل إلى السوء والخوف. {الله الذى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثمّ استوى على العرش ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع أفلا تتذكرون 6 يدبر الأمر من السّماء إلى الأرض ثمّ يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مّمّا تعدّون ذالك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 5 - {يُدَبِّرُ الأَمْرَ} يقضيه، أو يدبره بنزول الوحي من السماء الدنيا إلى الأرض العليا ويدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل موكل بالرياح والجنود وميكائيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 بالقطر والماء وملك الموت بقبض الأرواح وإسرافيل ينزل عليهم بالأمر {يَعْرُجُ} يصعد جبريل إلى السماء بعد نزوله بالوحي، أو الملك الذي يدبر من السماء إلى الأرض، أو أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع الملائكة. {مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلى الملائكة فإذا مضت قضى لألف لأخرى ثم كذلك أبداً أو يصعد الملك في يوم مسيرة ألف سنة " ع " فيكون بين السماء والأرض ألف سنة، أو ينزل الملك ويصعد في يوم مقداره ألف سنة ينزل في خمسمائة ويصعد في مثلها فيكون بين السماء والأرض خمسمائة. {تَعُدُّونَ} تحسبون من أيام الدنيا وعَبَّر عن الزمان باليوم ولا يريد ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. {الذى أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثمّ جعل نسله من سلالة من مآء مهّين ثمّ سوّاه ونفخ فيه من رّوحه وجعل لكم السّمع والأبصار والافئدة قليلاً مّا تشكرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 7 - {أَحْسَنَ كُلِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ} في خَلْقِه حسن حتى الكلب حسن في خَلْقه " ع "، أو أحكمه حتى أتقنه، أو أحسن إلى كل شيء خلقه فكان خلقه إحساناً إليه، أو ألهم الخلق ما يحتاجون إليه فعلموه من قولهم فلان يحسن كذا أي يعلمه، أو أعطى خلقه ما يحتاجون إليه ثم هداهم إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 8 - {سُلالَةٍ} سمى ماء الرجل سلالة لانسلاله من صلبه والسلالة الصفوة التي تنسل من غيرها. {مهين} ضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 9 - {سَوَّاهُ} سوى خلقه في الرحم، أو سوى خلقه كيف شاء {مِن رُّوحِهِ} قدرته، أو ذريته، إذ المراد بالإنسان آدم، أو من أمره أن يقول كن فيكون، أو روحاً من روحه أي خَلْقِه أضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه بالنفخ لأن الروح من جنس الريح. {والأَفْئِدَةَ} سمي القلب فؤاداً لأنه منبع الحرارة الغريزية من المفتأد وهو موضع النار. {وقالوا أءذا ضللنا في الأرض أءنا لفى خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربّكم ترجعون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 10 - {ضَلَلْنَا} هلكنا، أو صرنا رفاتاً وتراباً، وكل شيء غلب على غيره فخفي فيه أثره ضل، أو غُيِّبْنا، وبالصاد أنْتَنَّا من صَلَّ / [144 / أ] اللحم، أو صرنا بالصَلَّةِ وهي الأرض اليابسة ومنه الصلصال قيل: قاله أُبي بن خلف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 11 - {يتوفاكم} بأعوانه، أو بنفسه رآه الرسول [صلى الله عليه وسلم] عند رأس أنصاري فقال: أرفق بصاحبي فإنه مؤمن. فقال طِبْ نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ} إلى جزائه، أو إلى أن لا يملك لكم أحد ضراً ولا نفعاً سواه. {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربّنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنّا موقنون ولو شئنا لاتينا كلّ نفس هداها ولاكن حق القول منّى لأملأنّ جهنم من الجنّة والنّاس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقآء يومكم هذآ إنّا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 12 - {نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ} من الغم، أو الذل، أو الحياء، أو الندم، {عِندَ رَبِّهِمْ} عند محاسبته {أَبْصَرْنَا} صِدقَ وعيدك {وَسَمِعْنَا} صدق رسلك، أو أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا. {مُوقِنُونَ} مصدقون بالبعث أو بما أتى به محمد [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 13 - {هُدَاهَا} إلى الإيمان، أو الجنة، أو هدايتها في الرجوع إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 الدنيا لأنهم سألوا الرجعة. {حَقَّ الْقَوْلُ} سبق، أو وجب {مِنَ الْجِنَّةِ} الملائكة قاله عكرمة. سموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار، أو عصاة الجن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 14 - {فَذُوقُواْ} عذابي بما تركتم أمري، أو بترك الإيمان بالبعث في هذا اليوم. {نَسِيَناكُمْ} تركناكم من الخير، أو في العذاب، ويعبر بالذوق عما يطرأ على النفس لأحساسها به. قال: (فذق هجرها إن كنت تزعم أنه ... رشاد ألا يا ربما كذب الزعم) {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 15 - {بآياتنا} بحججنا، أو القرآن. {ذكروا بها} دعوا إلى الصلوات الخمس بالآذان والإقامة أجابوا إليها وإذا قرئت آيات القرآن خروا سجوداً على الأرض طاعة وتصديقاً وكل من سقط على شيء فقد خَرَّ عليه. {وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} صلّوا حمداً له، أو سبحوه بمعرفته وطاعته {لا يَسْتَكْبِرُونَ} عن العبادة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 أو السجود كما استكبر أهل مكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 16 - {تَتَجَافَى} ترتفع لذكر الله في الصلاة، أو في غيرها " ع "، أو الصلاة: العشاء، أو الصبح والعشاء في جماعة، أو للنفل بين المغرب والعشاء، أو قيام الليل. والمضاجع مواضع الاضطجاع خوفاً من حسابه وطمعاً في رحمته، أو خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه. {يُنفِقُونَ} الزكاة، أو صدقة التطوع، أو نفقة الأهل، أو النفقة في الطاعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 17 - {مَّآ أُخْفِىَ} للذين تتجافى جنوبهم، أو للمجاهدين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. مأثور، أو هو جزاء قوم أخفوا عملهم فأخفى الله تعالى ما أعده لهم، أو زيادة تَحَفِّ من الله ليست في جناتهم يكرمون بها في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات، أو زيادة نعيمهم وسجود الملائكة لهم. {أَفَمَن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لاّ يستون أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون ومن أظلم ممّن ذكر بأيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 18 - {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً} علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والفاسق عقبة بن أبي معيط تَسَابَّا فقال عقبة: أنا أَحَدُّ منك سناناً وأبسط منك لساناً وأملأ منك حَشوًا. فقال: علي رضي الله تعالى عنه ليس كما قلت يا فاسق. / [144 / ب] فنزلت فيهما " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 21 - {الْعَذَابِ الأَدْنَى} مصائب الدنيا في النفس والمال، أو القتل بالسيف، أو الحدود " ع "، أو القحط والجدب، أو عذاب القبر قاله البراء بن عازب ومجاهد، أو عذاب الدنيا، أو غلاء السعر. {الْعَذَابِ الأَكْبَرِ} جهنم، أو خروج المهدي بالسيف، {يَرْجِعُونَ} إلى الحق، أو يتوبون من الكفر " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 {ولقد ءاتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقآئه وجعلناه هدى لبنى إسرآئيل وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون إن ربّك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 23 - {فَلا تَكُن فِى} شك من لقاء موسى فقد لقيته ليلة الإسراء " ع ". وقد أخبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أنه رأه ليلته. قال أبو العالية: قد بينه الله تعالى بقوله {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ} [الزخرف: 45] أو لا تكن في شك من لقاء موسى فستلقاه في القيامة، أو لا تشك في لقاء موسى للكتاب، أو لا تشك في لقاء الأذى كما لقيه موسى " ح "، أو لا تشك في لقاء موسى لربه. {وَجَعَلْنَاهُ هُدىً} موسى، أو الكتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 24 - {إثمه} رؤساء في الخير تبعوا الأنبياء، أو الأنبياء مأثور {لَمَّا صَبَرُواْ} عن الدنيا، أو على الحق، أو على الأذى بمصر لما كلفوا ما لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 يطيقون. {بِآيَاتِنَا} التسع، " أنها من عند الله " {يوقنون} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 25 - {يَفْصِلُ} يقضي بين الأنبياء وقومهم، أو بين المؤمنين والمشركين فيما اختلفوا فيه من الإيمان والكفر. {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 27 - {نَسُوقُ الْمَآءَ} بالمطر والثلج أو بالأنهار والعيون. {الأَرْضِ الْجُرُزِ} اليابسة، أو التي أكلت ما فيها من زرع وشجر، أو التي لا يأتيها الماء إلا من السيول " ع "، أو التي لا تنبت، أو هي قرى بين اليمن والشام وأصله الانقطاع. سيف جراز أي قاطع، وناقة جرازة إذا كانت تأكل كل شيء لأنها لا تبقي شيئاً إلا قطعته رجل جروز: أكول. {ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 28 - {الْفَتْحُ} فتح مكة، أو القضاء بعذاب الدنيا، أو بالثواب والعقاب في الآخرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 29 - {يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} الذين قتلهم خالد يوم الفتح من بني كنانة، أو يوم القيامة، أو اليوم الذي يأتيهم فيه العذاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 30 - {فأعرض عنهم} نزلت قبل الأمر بقتالهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 سورة الاحزاب مدنية اتفاقاً بسم الله الرحمان الرحيم } {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 1 - {أتَّقِ اللَّهَ} أكثِر من تقواه في جهاد عدوه، أو دُم على تقواك، أو الخطاب له والمراد أمته، أو نزلت لما قدم أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي المدينة ليجددوا خطاب الرسول [صلى الله عليه وسلم] في عهد بينهم وبينه فنزلوا على ابن أبي والجد بن قيس ومعتب بن قشير فتآمروا بينهم وأتوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] فعرضوا عليه أموراً كرهها فهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنون بقتلهم فنزلت {اتق الله} في نقض عهدهم {وَلا تُطِعِ} كفار مكة ومنافقي أهل المدينة فيما دعوا إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجهم الئي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذالكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل أدعوهم لأبآئهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا ءابآءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيمآ أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 4 - {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ} كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قائماً يوماً يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه: إنه له قلبين قلباً معكم وقلباً معهم فنزلت إكذاباً لهم فالمراد بالقلبين جسدين، أو قال قرشي من بني فهر: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد فنزلت إكذاباً له فيكون المراد بالقلبين عقلين / [145 / أ] ، أو قال رجل: إن لي نفسين نفساً تأمرني ونفساً تنهاني فنزلت فيه " ح "، أو كان جميل بن معمر الجمحي أحفظ الناس لما يسمع ذا فهم ودهاء فقالت قريش: ما يحفظ ما يسمعه بقلب واحد وإن له قلبين فانهزم يوم بدر بيده إحدى نعليه والأخرى في رجله فلقي أبا سفيان بشاطىء البحر فأخبره بمن قتل من أشرافهم. فقال: إنه قد ذهب عقلك فما بال أحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك. فقال: ما كنت أظنها إلا في يدي فظهر لهم حاله ونزلت فيه، أو ضرب ذلك مثلاً لزيد لما تبناه الرسول [صلى الله عليه وسلم] فلا يكون لرجل أبوان حتى يكون زيد بن محمد وابن حارثة، أو لا يكون لرجل قلب مؤمن معنا وقلب كافر علينا لأنه لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب واحد فيكون معناه ما جعل الله لرجل من دينين {أَدْعِيَآءَكُمْ} كان الذليل في الجاهلية يأتي القوي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 الشريف فيقول أنا ابنك فيقول نعم فإذا قبله واتخذه ابناً أصبح أعز أهله وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد تبنى زيد بن حارثة على تلك العادة فنزلت {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ} في الجاهلية {أَبْنَآءَكُمْ} في الإسلام. {ذَلِكُمْ قَوْلُكُم} في المُظَاهر عنها وابن التبني {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} في أنها ليست بأم ولا الدعي بابن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 5 - {أَقْسَطُ} أعدل قولاً وحكماً. {فَإِخْوَانُكُمْ} فانسبوهم إلى أسماء إخوانكم كعبد الله وعبد الرحمن وغيرهما، أو قولوا أخونا فلان ومولانا فلان، أو إن لم يعرف نسبهم كانوا إخوانا في الدين إن كانوا أحراراً وموالي إن كانوا عتقاء {أَخْطَأْتُمْ بِهِ} قبل النهي و {مَّا تَعَمَّدَتَ قُلُوبُكُمْ} بعد النهي في هذا وغيره، أو ما سهوتم به وما تعمدته قلوبكم: قصدته، أو ما أخطأتم أن تدعوه إلى غير أبيه " ظاناً أنه أبوه وما تعمدت قلوبكم أن تدعوه إلى غير أبيه عالماً بذلك " {غَفُوراً} لما كان في الشرك {رَّحِيماً} بقبول التوبة في الإسلام. {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله من المؤمنين والمهاجرين إلآ أن تفعلوا إلى أوليآئكم معروفاً كان ذلك في الكتاب مسطوراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 6 - {أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ} من بعضهم ببعض لإرساله إليهم وفرض طاعته، أو أولى بهم فيما رأه لهم منهم بأنفسهم، أو لما أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] الناس بالخروج إلى تبوك قال قوم: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فنزلت، أو أولى بهم في قضاء ديونهم وإسعافهم في نوائبهم قال: " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم في الدنيا والآخرة فمن ترك مالاً فليرثه عصبته وإن ترك ديْناً، أو ضياعاً فليأتني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 فأنا مولاه ". {وأزواجه أمهاتهم} في حرمة نكاحين وتعظيم حقوقهن دون النفقة والميراث، وفي إباحة النظر إليهن مذهبان هذا في اللائي مات عنهن، وفي إلحاقه مطلقاته بمن مات عنهن ثلاثة مذاهب يفرق في الثلث بين من دخل بهن ومن لم يدخل بهن وهل هن أمهات مؤمنات / [145 / ب] كالرجال فيه مذهبان، قالت امرأة لعائشة رضي الله تعالى عنها: يا أمَّه فقالت: لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الأنصار {وَالْمُهَاجرِينَ} قريش. نسخت التوارث بالهجرة لما نزل في الأنفال {والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حتى يهاجروا} [الآيه: 72] . توارثوا بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المسلم المهاجر شيئاً فنسخ ذلك بقوله ها هنا {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ، أو نسخت التوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، قال الزبير: نزلت فينا خاصة قريش والأنصار قدمنا المدينة فآخينا الأنصار فأورثونا وأورثناهم فآخى أبو بكر خارجة بن زيد وآخيت كعب بن مالك فقُتِل يوم أُحد فوالله لقد مات عن الدنيا ما ورثه أحد غيري حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا. {فِى كِتَابِ اللَّهِ} القرآن، أو اللوح المحفوظ. {مِنَ الْمؤْمِنِينَ والْمُهَاجِرِينَ} أي التوارث بالأنساب أولى من التوارث بالمؤاخاة في الهجرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 {تفعلوا إلى أوليائكم معروفا} بالوصية للمشركين من ذوي الأرحام، أو الوصية للحلفاء والذين آخى بينهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] من المهاجرين والأنصار، أو الذين آخيتم فآتوا إليهم معروفاً في الحياة، أو وصية الرجل لإخوانه في الدين {مَسْطُوراً} كان التوارث بالهجرة والمؤاخاة في الكتاب مسطوراً قبل النسخ، أو كان نسخه بميراث ذوي الأرحام مسطوراً قبل التوارث، أو كان لا يرث مسلم كافراً في الكتاب المسطوراً، و {الْكِتَابِ} اللوح المحفوظ، أو القرآن، أو الذكر، أو التوراة، أمر بني إسرائيل أن يصنعوا مثله في بني لاوي بن يعقوب. {وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أبن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذاباً أليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 7 - {مِيثَاقَهُمْ} على قومهم أن يؤمنوا بهم " ع "، أو ميثاق الأمم على الأنبياء أن يبلغوهم، أو ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضاً {ومنك ومن نوح} سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقال: " كنت أولهم في الخلق وآخرهم في البعث " وخص هؤلاء بالذكر تفضيلاً، أو لأنهم أصحاب الشرائع. {مِّيثَاقاً غَلِيظاً} تبليغ الرسالة، أو أن يصدق بعضهم بعضاً، أو أن يعلنوا ان محمد [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 رسول ويعلن محمد أن لا رسول بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 8 - {ليسأل الصَّادِقِينَ} الأنبياء عن تبليغ الرسالة، أو عما أجابهم به قومهم أو عن الوفاء بالميثاق الذي أخذ عليهم، أو يسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة. {ياأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جآءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً إذا جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنّون بالله الظّنونا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 9 - {نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} بالنصر والصبر {جُنوُدٌ} أبو سفيان وعيينة بن حصن وطلحة بن خويلد وأبو الأعور السلمي وبنو قريظة. {رِيحاً} الصّبا أكفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم. {وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} الملائكة. تقوية لقلوب المؤمنين من غير قتال، أو بإيقاع الرعب في قلوب المشركين، أو بتفريق كلمتهم / وإقعاد بعضهم عن بعض، أو نصروهم بالزجر حتى جأوت بهم مسيرة ثلاثة أيام فقال طلحة بن خويلد: إن محمداً قد بدأكم بالسحر فالنجاة النجاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 10 - {مِّن فَوْقِكُمْ} من فوق الوادي وهو أعلاه جاء منه عوف بن مالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 في بني نصر وعيينة بن حصن في أهل نجد وطلحة بن خويلد الأسدي في بني أسد {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} بطن الوادي من قبل المغرب جاء منه أبو سفيان بن حرب على أهل مكة ويزيد بن جحش على قريش وجاء أبو الأعور وحيي بن أخطب في بني قريظة وعامر بن الطفيل من وجه الخندق. {زَاغَتِ الأَبْصَارُ} شخصت، أو مالت. {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ} زالت عن أماكنها من الرعب فبلغت الحناجر وهي الحلاقم وإحدها حنجرة ويعبّر بذلك عن شدة الخوف وإن لم تُزل عن أماكنها مع بقاء الحياة {الظنون} فيما وعدهم به من النصر، أو اختلاف ظنونهم ظن المنافقون أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه يُستأصلون وأيقن المؤمنون أن وعده في إظهاره على الدين كله حق " ح ". {هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً وإذ قالت طّائفة منهم ياأهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فراراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 11 - {ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ} بالحصار، أو الجوع أصابهم بالخندق جوع شديد، أو امتحنوا بالصبر على إيمانهم. هنالك للمكان البعيد وهنا للقريب وهناك للمتوسط {وَزُلْزِلُواْ} حركوا بالخوف، أو اضطربوا عما كانوا عليه، منهم من اضطرب في نفسه ومنهم من اضطرب في دينه، أو راحوا عن أماكنهم فلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 يكن لهم إلا موضع الخندق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 12 - {مَّرَضٌ} نفاق، أو شرك لما أخبرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] يومئذ بما يفتح عليهم من بيض المدائن وقصور الروم ومدائن اليمن. قال رجل من الأوس أيعدنا ذلك واحد لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل. هذا والله الغرور فنزلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 13 - {طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ} ابن أُبي وأصحابه، أو أوس بن قيظى، أو من بني سليم {يَثْرِبَ} المدينة ويثرب من المدينة، أو المدينة في ناحية من يثرب قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة ثلاث مرات {لا مُقَامَ لَكُمْ} على دين محمد فارجعوا إلى دين مشركي العرب " ح "، أو لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى طلب الأمان، أو لا مقام لكم في أماكنكم فارجعوا إلى مساكنكم. والمقام بالفتح الثبات على الأمر وبالضم الثبات على المكان، أو بالفتح النزل وبالضم الإقامة. {عَوْرَةٌ} قاصية من المدينة نخاف على عورة النساء والصبيان من السبي، أو خالية ليس فيها إلا العورة من النساء من قولهم أعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب، أو مكشوفة / [146 / ب] الحيطان نخاف عليها السَّرْق والطلب. أعور المنزل إذا ذهب ستره وسقط جداره، وكل ما كره كشفه فهو عورة. {ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوّها وما تلبّثوا بها إلا يسيراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادّبار وكان عهد الله مسئولاً قل لن ينفعك الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلاً قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 14 - {وَلَوْ دُخِلَتْ} المدينة على المنافقين من نواحيها {الْفِتْنَةَ} القتال في المعصية، أو الشرك. {وَمَا تَلَبَّثُواْ} بالإجابة إلى الفتنة. أو بالمدينة {إِلا يَسِيراً} حتى يعذبوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 15 - {عَاهَدُواْ} قبل الخندق وبعد بدر، أو قبل نظرهم إلى الأحزاب، أو قبل قولهم: يا أهل يثرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 17 - {سُوءًا} هزيمة والرحمة النصر، أو عذاباً والرحمة الخير، أو قتلاً والرحمة التوبة. {قد يعلم الله المعوقين منكم والقآئلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً أشحة عليكم فإذا جآء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 18 - {الْمُعَوِّقِينَ} المثبطين: ابن أُبي وأصحابه {وَالْقَآئِلِينَ} المنافقون قالوا لإخوانهم ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، وهو هالك ومن تبعه فهَلُم إلينا أو قريظة قالوا لإخوانهم المنافقين: هَلُم إلينا فإن محمداً هالك وإن ظفر بكم أبو سفيان لم يُبق منكم أحداً، أو انصرف يومئذ صحابي فوجد بين يدي أخيه لأبويه رغيفاً وشواء، فقال: أنت هكذا والرسول [صلى الله عليه وسلم] بين الرماح والسيوف فقال: هَلُم إليَّ فقد أحيط بك وبصاحبك. فقال: كذبت، وأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 ليخبره فوجدها قد نزلت {وَلا يَأْتُونَ} القتال إلا كارهين، أيديهم مع المسلمين وقلوبهم مع المشركين، أو لا يشهدونه إلا رياء وسمعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 19 - {أشحة عليكم} بالخير، أو بالقتال معكم، أوبالغنائم إذا أصابوها، أو بالنفقة في سبيل الله {فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ} من النبي إذا غلب، أو من العدو إذا أقبل {سَلَقُوكُم} رفعوا أصواتهم عليكم، أو آذوكم بالكلام الشديد والسَّلْق: الأذى، قال الخليل: سلقته باللسان إذا أسمعته ما يكره {حِدَادٍ} شديدة ذربة، جدالاً في أنفسهم، أو نزاعاً في الغنيمة {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} على قسمة الغنيمة، أو الغنيمة في سبيل الله، أو على الرسول [صلى الله عليه وسلم] لظفره {لَمْ يُؤْمِنُواْ} بقلوبهم {فَأَحْبَطَ اللَّهُ} ثواب حسناتهم. {يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودّوا لو أنّهم بادون فى الأعراب يسئلون عن أنبآئكم ولو كانوا فيكم مّا قاتلوا إلا قليلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 20 - {يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ} لخوفهم وشدة جزعهم، أو تصنعاً للرياء واستدامة للتخوف {إِلاَّ قَلِيلاً} كرهاً، أو رياء. {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 21 - {أُسْوَةٌ} مواساة عند القتال، أو قدوة حسنة يُتبع فيها، والأُسوة: المشاركة في الأمر، واساه في ماله جعل له فيه نصيباً. حثَّهم بذلك على الصبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 معه في الحروب، أو تسلية فيها أصابهم، فإن الرسول [صلى الله عليه وسلم] شُج وكُسرت رباعيته وقُتل عمه. {يَرْجُواْ} ثواب الله في يوم الأخر، أو يرجو لقاءه بالإيمان ويصدق بالبعث. خطاب للمنافقين، أو المؤمنين، وهذه الأُسوة واجبة، أو مستحبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 22 - {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ} بقوله في البقرة {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم} ، الآية: [البقرة: 214] أو قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] يوم الخندق أخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة في قصور الحيرة ومدائن / [147 / أ] كسرى فأبشروا بالنصر فاستبشروا وقالوا: الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر مع الحصر فطلعت الأحزاب فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله. {إِيمَاناً} بالرب {وَتَسْلِيماً} لقضائه، أو إيماناً بوعده وتسليماً لأمر. {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 23 - {عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ} بايعوا على أن لا يفروا فصدقوا في اللقاء يوم أُحد، أو قوم لم يشهدوا بدراً فعاهدوا الله أن لا يتأخروا عن رسوله في حرب حضرها أو أمر بها، فوفوا بما عاهدوا {قَضَى نَحْبَهُ} مات {وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ} الموت " ع "، أو قضى عهده قتلاً، أو عاش {وَمِنْهُم من ينتظر} أن يقتضيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 بقتال، أو صدق لقاء، أو النحب: النذر، وعلى الأول الأجل وعلى الثاني العهد {وَمَا بَدَّلُواْ} ما غيروا كما غير المنافقون، أو {ما بَدَّلُواْ} عهدهم بالصبر ولا نكثوا بالفرار " ح ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 24 - {ويعذب المنافقين إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} بإخراجهم من النفاق، أو يعذبهم في الدنيا، أو في الآخرة بالموت على النفاق {أو يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} بإخراجهم من النفاق حتى يموتوا تائبين. {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 25 - {بِغَيْظِهِمْ} بحقدهم، أو غمهم {لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً} لم يصيبوا ظفراً ولا مغنماً {وَكَفَى اللَّهُ المؤمنين القتال} بالريح والملائكة، أو بعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه {قَوِيّاً} في سلطانه {عَزِيزاً} في انتقامه. {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 26 - {الِّذِينَ ظَاهَرُوهُم} بنو قريظة وكان بينهم وبين الرسول [صلى الله عليه وسلم] عهد فنقضوه، والمظاهرة: المعاونة، فغزاهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بعد ستة عشر يوماً من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 الخندق فحصرهم إحدى وعشرين ليلة فنزلوا على التحكيم في أنفسهم وأموالهم فحكموا سعداً فحكم بقتل مقاتلتهم وبسبي ذراريهم وأن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فكبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال: " قضى فيهم بحكم الله "، أو نزلوا على حكم الرسول ولم يحكم فيه سعد وإنما أرسل إليه يستشيره فقال: لو وُليت أمرهم لقتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : والذي نفسي بيده لقد أشرت فيهم بالذي أمرني الله تعالى به فيهم {صَيَاصِيهِمْ} حصونهم لامتناعهم بها كما تمتنع البقر بصياصيها وهي قرونها ومنه صيصية الديك شوكة في ساقه. {وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} بصنيع جبريل بهم {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ} قتل أربعمائة وخمسين وسبى سبعمائة وخمسين، وقيل: عرضوا عليه فأمر بقتل من احتلم، أو أنبت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 27 - {أَرْضَهُمْ} المزارع والنخيل {وَدِيَارَهُمْ} منازلهم وأموالهم المنقولة {وأرضا لم تطؤوها} مكة، أو خيبر، أو فارس والروم " ح "، أو ما ظهر المسلمون عليه إلى يوم القيامة / [147 / ب] {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ} أراد فتحه من القرى والحصون {قَدِيراً) وعلى ما أراده من نقمة أو عفو. {ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 وأُسرِّحكنَّ سراحاً جميلاً وإن كنتنَّ تردن الله ورسوله والدَّار الأخرة فإنَّ الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيما} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 28 - {قُل لأَزْوَاجِكَ} لم يخيرهن في الطلاق بل خيرهن من اختيار الدنيا فيفارقهن، أو اختيار الآخرة فيمسكهن " ح "، أو خيرهن في الطلاق، أو المقام معه فاخترن كلهن إلا الحميرية فإنها اختارت نفسها. وسبب تخييرهن أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] خُير بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فاختار الآخرة فأمره بتخييرهن ليكنَّ على مثل حاله أو لأنهن تغايرن عليه فآلى منهن شهراً، وأُمر بتخييرهن، أو اجتمعن يوماً وقلن: نريد ما تريده النساء من الحلي والثياب، حتى قال بعضهن: لو كنا عند غير الرسول [صلى الله عليه وسلم] لكان لنا شأن وحلي وثياب فنزلت، أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 لأن الله تعالى صان خلوة نبيه [صلى الله عليه وسلم] فخيرهن على أن لا يتزوجن بعده فأجبن إلى ذلك فأمسكهن، أو سألته أم سلمة سِتراً معلماً وميمونة حلة يمانية وزينب ثوباً مخططاً وهو البرد اليماني أم حبيبة ثوباً سحولياً وحفصة ثوباً من ثياب مصر وجويرية مِعجراً وسودة قطيفة فدكية فلم تطلب عائشة رضي الله تعالى عنها شيئاً فأمره الله تعالى بتخييرهن، وكان تحته يومئذٍ تسع سوى الحميرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 خمس قرشيات عائشة وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وسودة وصفية بنت حُيي الخيبري وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. فلما اخترن الصبر معه على الرخاء والشدة عُوضن بأن جُعلن أمهات المؤمنين تعظيماً لحقوقهن وتأكيداً لحرمتهن، وخطر عليه طلاقهن أبداً وحُرم النكاح عليهن ما دام معسراً فإن أيسر ففيه مذهبان، قالت عائشة رضى الله عنها ما مات الرسول [صلى الله عليه وسلم] حتى حل له النساء، يعني اللآتي حظرن عليه، وقَيل الناسخ لتحريمهن قوله: {إِنَّآ أَحْلَلْنَا لك} الآية: [50] . {يا نسآء النبىِّ من يأت منكنَّ بفاحشةٍ مبينة يضاعف لها العذابُ ضعفين وكان ذالك على الله يسيراً ومن يقنت منكنَّ للهِ ورسولهِ وتعمل صالحاً نُّؤتهآ أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 30 - {بفاحشةٍ مبيِّنة} الزنا، أو النشوز وسوء الخلق " ع " {ضِعْفَيْنِ} عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو عذابان في الدنيا، لأذاهن للرسول [صلى الله عليه وسلم] حدان في الدنيا غير السرقة. قال أبو عبيدة الضعفان أن تجعل الواحد ثلاثة فيكون عليهن ثلاثة حدود لأن ضعف الواحد اثنان فكان ضعفي الواحد ثلاثة، أو المراد بالضعف المثل والضعفان المثلان قاله ابن قتيبة وقال آخرون إذا كان ضعف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 الشيء مثليه وجب أن يكون ضعفان أربعة أمثاله. قال ابن جبير: فجعل عذابهن ضعفين وجعل على من قذفهن الحد ضعفين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 31 - {يَقْنُتْ} تطع {وَتَعْمَلْ صَالِحاً} بينها وبين ربها {مَرَّتَيْنِ} كلاهما في الآخرة أو أحدهما في الدنيا والثاني في الآخرة {رزقا كريما} / [148 / أ] في الجنة، أو في الدنيا واسعاً حلالاً. {يا نساء النبىّ لستُنّ كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرّج الجاهلية الأولى وأقمن الصّلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من ءايات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 32 - {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ} من نساء هذه الأمة {فَلا تَخْضَعْنَ} فلا ترققن بالقول، أو لا ترخصن به " ع " أو تلن القول أو لا تكلمن بالرفث أو بالكلام الذي فيه ما يهوي المريب أو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال. {مرض} شهوة الزنا والفجور، أو النفاق، وكان أكثر من تصيبه الحدود في زمن الرسول [صلى الله عليه وسلم] المنافقون {مَّعْرُوفاً} صحيحاً، أو عفيفاً، أو جميلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 33 - {وقرن} من القرار في مكان وبالكسر من السكينة والوقار {تبرجن تبرج} التبخير، أو كانت لهن مشية وتكسر وتغنج. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " المائلات المميلات لا يدخلن الجنة " المائلات في مشيهن والمميلات قلوب الرجال إليهن، أو كانت المرأة تمشي بين الرجال، أو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيواري قلائدها وعنقها وقرطها فيبدوا ذلك كله منها، أو تُبدي من محاسنها ما يلزمها ستره، أصله من تبرج العين وهو سعتها. {الْجَاهِليَّةِ الأُولَى} بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو زمن إبراهيم عليه الصلاة السلام كانت أحداهن تمشي في الطريق لابسة درعاً مفرجاً ليس عليها غيره، أو ما بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام، ثمانمائة سنة فكن النساء يردن الرجال على أنفسهن لحسن رجالهن وقبح نسائهن، أو بين نوح وإدريس عليهما الصلاة والسلام ألف سنة كانت إحداهن تجمع زوجاً وخِلماً أي صاحباً فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخِلمها النصف الأعلى، أو كان بطنان من بني آدم يسكن أحدهما الجبل رجالهم صِبَاح وفي نسائهم دمامة " وأهل السهل عكس ذلك " فاتخذ لهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 إبليس عيداً اختلط فيه أهل السهل بأهل الجبل فظهرت فيهم الفاحشة فذلك تبرج الجاهلية الأولى. {الرِّجْسَ} الإثم، أو الشرك " ح "، أو الشيطان، أو المعاصي، أو الشك، أو الأقذر {أَهْلَ الْبَيْتِ} علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين قاله أربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أو الأزواج خاصة، أو الأهل والأزواج. {وَيُطَهِّرَكُمْ} من الإثم، أو السوء، أو الذنوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 34 - {آيات اللَّهِ} القرآن {وَالْحِكْمَةِ} السنة، أو الحلال والحرام والحدود {لَطِيفاً} باستخراجها {خَبِيراً} بمواضعها. {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصداقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 35 - {إن المسلمين} قالت أم سلمة للرسول [صلى الله عليه وسلم] : ما للرجال يُذكَرون في القرآن ولا تذكر النساء فنزلت {الْمُسْلِمِينَ} المتذللين {وَالْمُؤْمِنِينَ} المصدقين، أو المسلمين في أديانهم، والمسلم والمؤمن واحد، أو الإسلام الإقرار باللسان والإيمان التصديق بالقلب، أو الإسلام اسم الدين والإيمان التصديق به والعمل عليه / [148 / ب] . {والقانتين} المطيعين، أو الداعين " ع " {والمصدقين} في أيمانهم أو عهودهم {وَالْصَّابِرينَ} على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 أمر الله ونهيه، أو في البأساء والضراء {وَالْخَاشعِينَ} المتواضعين لله، أو الخائفين منه، أو المصلين {وَالْمُتَصَدِّقِينَ} بأنفسهم في طاعة الله، أو بأموالهم في الزكاة المفروضة أو بأعطاء النوافل بعد الفرض {وَالْصًّآئِمِينَ} عن المعاصي والقبائح أو الصوم الشرعي المفروض، أو رمضان وثلاثة أيام من كل شهر {فُرُوجَهُمْ} عن الحرام والفواحش، أو منافذ الجسد كلها يحفظون السمع عن اللغو والخنا " والأعين عن النظر إلى ما لا يحل " والفروج عن الفواحش والأفواه عن قول الزور وأكل الحرام {وَالْذَّاكِرِينَ اللَّهَ} باللسان أو التالين لكتابه، أو المصلين {مَّغْفِرَةً} لذنوبهم {وأجرا عظيما} لأعمالهم. {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 36 - {وما كان لمؤمن} لما خطب الرسول [صلى الله عليه وسلم] زينب بنت جحش لزيد بن حارثة امتنعت هي وأخوها لأنهما ولداً عمة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أُميمة بنت عبد المطلب، وأنهما من قريش وأن زيداً مولى فنزلت فقالت زينب: أمري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 بيد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فزوجها من زيد " ع " أو نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أول من هاجر من النساء فوهبت نفسها للرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: قد قبلت فزوجها زيد بن حارثه فسخطت هي وأخوها وقالا إنما أردنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فزوجها عبده {ضَلالاً مُّبِيناً} جار جوراً مبيناً، أو أخطأ خطأ طويلاً. {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 37 - {أنعم الله عليه} بمحبة رسوله [صلى الله عليه وسلم] {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالتبني، أو بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق وهو زيد بن حارثة أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] منزله فرأى زوجته زينب بنت جحش فأعجبته فقال: سبحان مقلب القلوب، فسمعت ذلك فجلست فجاء زيد فذكرت له ذلك فعرف أنها وقعت في نفسه فأتاه فقال: يا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 رسول الله إئذن لي في طلاقها فإن فيها كِبراً إنها لتؤذيني بلسانها، فقال: اتق الله تعالى وأمسك عليك زوجك وفي نفسه [صلى الله عليه وسلم] غير ذلك {وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ} إيثار طلاقها، أو الميل إليها، أو أنه إن طلقها تزوجتها، أو أعلمه الله بغيب أنها تكون من زوجاته قبل أن يتزوجها " ح " {وَتَخْشَى} مقالة الناس، أو أن تبديه لهم {وَطَراً} حاجة، أو طلاقاً والوَطَر الأرب المشتهى {زَوَّجْنَاكَهَا} فدعا الرسول [صلى الله عليه وسلم] زيداً، وأمره أن يخبرها أن الله تعالى زوجه إياها فجاءها فاستفتح فقالت: من هذا قال: زيد فقالت: وما حاجة زيد إليَّ وقد طلقني فقال: إن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أرسلني فقالت: مرحباً برسول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وفتحت فدخل وهي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 تبكي فقال: لا يبكي الله عينيك قد كنت نعمت المرأة إن كنت لتبري قسمي وتطيعي أمري / [149 / أ] وتشبعي مسرتي فقد أبدلك الله تعالى خيراً مني قالت: من لا أباً لك قال: رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخرت ساجدة وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] في عُسرة فأصدقها قربة وعباءة ورحى يد ووسادة أدم حشوها ليف وأولم عليها تمر وسويق ودخل عليها بغير إذن وكانت تفخر على نسائه وتقول زوجكن أولياؤكن وآباؤكن وأما أنا فزوجني رب العرش {كيلا يكون} قال المشركون للرسول [صلى الله عليه وسلم] : زعمت أن زوجة الابن لا تحل وقد تزوجت حليلة أبنك زيد. فقال الله تعالى {كيلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حرجٌ} الآية أي لا تحرم زوجة ابن الدعي {أَمْرُ اللَّهِ} تزويج الرسول [صلى الله عليه وسلم] زينب رضي الله تعالى عنها. {مَفْعُولاً} حكماً لازماً وقضاء واجباً. {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 38 - {فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} أحله له من تزويج زينب أو من التي وهبته نفسها أن زوجه الله إياها بغير صداق ولكن أعطاها الصداق فضولاً " ح " أو أن ينكح ما شاء من عدد النساء وإن حرم على أمته أكثر من أربع لأن اليهود عابوه بذلك. قال الطبري نكح الرسول [صلى الله عليه وسلم] خمس عشرة ودخل بثلاث عشرة ومات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 فارغة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 عن تسع وكان القسم لثمان. {سُنَّةَ اللَّهِ} السنة الطريقة المعتادة {فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ} أي لا حرج على الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم بسلامه فيما أحل لهم كما أحل لداود عليه الصلاة والسلام مثل هذا في نكاح ما شاء وفي المرأة التي نظر إليها وتزوجها ونكح مائة امرأة، وأحل لسليمان عليه الصلاة والسلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سُرّية {قَدَراً مَّقْدُوراً} فعلاً مفعولاً، أو قضاء مقضياً عند الجمهور. {الذين يبلغون رسالت الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً ما كان محمداً أبا أحدٍ من رجّالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين وكان الله بكل شيءٍ عليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 40 - {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} لما قال المشركون قد تزوج محمد امرأة ابنه أكذبهم الله تعالى بهذه الآية {وَخَاتَمَ النبيين} آخرهم. {يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبّحوه بكرةً وأصيلاً هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ وأعدّ لهم أجراً كريماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 41 - {اذْكُرُواْ اللَّهَ} تعالى بقلوبكم ذكراً دائماً مؤدياً إلى طاعته، أو بألسنتكم ذكراً كثيراً بالدعاء والرغبة، أو بالإقرار له بالربوبية والاعتراف بالعبودية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 42 - {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأًصِيلاً} صلاة الصبح والعصر والأصيل ما بين العصر والليل، أو الأصيل الظهر والعصر والمغرب والعشاء. {وَسَبِّحُوهُ} بالتنزيه، أو الصلاة، أو الدعاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 43 - {يُصَلِّى عَلَيْكُمْ} صلاته ثناؤه، أو إكرامه، أو رحمته، أو مغفرته وصلاة الملائكة دعاؤهم واستغفارهم {مِّنَ الظُّلُمَاتِ} من الكفر إلى الإيمان أو من الضلالة إلى الهدى، أو من النار إلى الجنة. {يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذانهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 45 - {شَاهِداً} على أمتك بالبلاغ {وَمُبَشِّراً} بالجنة {وَنَذِيراً} من النار " ع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 46 - {وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ} إلى طاعته، أو الإسلام، أو شهادة أن لا إله إلا الله {بِإِذْنِهِ} بأمره " ع " أو علمه " ح "، أو القران. / [149 / ب] (وسراجاً} القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] {مُّنِيراً} يُهتدى به كالسراج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 47 - {فَضْلاً كَبِيراً} ثواباً عظيماً، أو الجنة لما رجع الرسول [صلى الله عليه وسلم] من الحديبية فنزل عليه 0 إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} الآيات [الفتح 1 - 3] قال المسلمون هنيئاً لك يا رسول الله قد غُفر لك ما تقدم وما تأخر فماذا لنا فنزلت {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 48 - {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} أبو سفيان وعكرمة وأبو الأعور والمنافقين عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق قالوا: يا محمد اذكر أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 لآلهتنا شفاعة {وَدَعْ أَذَاهُمْ} دع ذكر آلهتهم أن لها شفاعة، أو كف عن أذاهم وقتالهم قبل الأمر بالقتال، أو اصبر على أذاهم، أو قولهم زيد بن محمد وما تكلموا به حين نكح زينب. {يا أيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدّةٍ تعتدّونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 49 - {فَمَتِّعُوهُنَّ} متعة الطلاق إذا لم تُسموا لهن صداقاً فتقوم المتعة مقام نصف المسمى وقدرها نصف مهر المثل، أو أعلاها خادم وأوسطها ثوب وأقلها ماله ثمن {سَرَاحاً جَمِيلاً} تدفع المتعة بحسب اليسار والإعسار، أو طلاقها طاهراً من غير جماع قاله قتادة، قلت: هذه غفلة منه لأن الآية فيمن لم يدخل بهن. {يا أيها النبي إنّا أحللنا لك أزواجك التي ءاتيت أجورهن وما ملكت يمينك ممّا أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك خالك وبنات خالاتك التي هاجرن معك وامرأة مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرجٌ وكان الله غفوراً رحيماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 50 - {أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} اللاتي تزوجتهن قبل هذه الآية ولا يحل غيرهن لقوله {لاَّ يَحِلُّ لك النساء} الآية [52] . أو أحل له بهذه الآية سائر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 النساء قالته عائشة رضي الله تعالى عنها وينسخ بها قوله {لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء من بعد} الآية: [52] إذ أحل له فيها من سماه من النساء دون من لم يسم {وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} فكان من الإماء مارية {مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} من الغنيمةَ صفية وجويرية أعتقهما وتزوجهما وبنات عمه وعماته وبنات خاله وخالاته. قاله أُبي بن كعب {هَاجَرْنَ} أسلمن، أو هاجرن إلى المدينة قالت أم هانئ نزلت هذه الآية فأراد الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يتزوجني فَنُهي عني لاني لم أهاجر وهذه الهجرة شرط في نكاحه لبنات عمه وعماته المذكورات في الآية خاصة بهن، أو شرط في نكاح القريبات والأجنبيات فلا يجوز له أن ينكح غير مهاجرة. {وَهَبَتْ نَفْسَهَا} لم يكن عنده امرأة وهبته نفسها " ع " وهو تأويل من كسر " إِنْ "، أو كانت عنده على قول الجمهور، وهو تأويل من فتحها، أو من فتح أراد امرأة بعينها من وهبت نفسها حل له نكاحها ومن كسر أراد كل امرأة تهب نفسها فإنه يحل نكاحها. والواهبة التي كانت عنده. أم شريك بنت جابر بن ضباب، أو خولة بنت حكم أو ميمونة بنت الحارث " ع "، أو زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار {خَالِصَةً لَّكَ} تزوج الواهبة بغير ولي ولا مهر ولا يلزمك لها صداق، أو يصح نكاحك لها بلفظ الهبة {مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ} من ولي وشاهدين وصداق، أو أن لا يجاوزوا الأربع، أو النفقة والقسمة. {وَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} أي حللناهن من غير عدد محصور ولا قسم مستحق. {كيلا يكون عليك / [150 / ب] حَرَجٌ} متعلق بقوله {أَحْلَلْنَا لَكَ} ، أو بقوله {وامرأة مؤمنة إن وهبت} {ترجى من تشاء منهنّ وتئوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن كلّهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليماً حليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 51 - {ترجي} تطلق {وتؤوي} تمسك " ع "، أو تترك نكاح من تشاء وتنكح من تشاء " ح "، أو تعزل من شئت من أزواجك فلا تأتيها وتأتي من شئت منهن فلا تعزلها وهذا يدل على سقوط القسم عنه، أو تعزل من تشاء من أزواجك وتضم إليك من تشاء من أزواجك ولما بلغ بعضهن أنه يريد أن يخلي سبيلهن أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل مما بيننا وبينك فأرجى سودة وميمونة وجويرية وأم حبيبة وصفية وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء وآوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب فكان قسمه من ماله ونفسه فيهن سواء. {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ} فأويته إليك {مِمَّنْ عَزَلْتَ} أن تئويه إليك {فَلآ جُنَاحَ عَلَيْكَ} فيمن ابتغيت وفيمن عزلت، أو فيمن عزلت أن تئويه إليك {ذّلِكَ أَدْنَى} إذا علمن أنه لا يطلقهن قرت أعينهن ولم يحزن أو إذا علمن أنه لا يتزوج عليهن قَرَّت أعينهن ولم يحزنَّ، أو إذا علمن هذا حكم الله قَرَّت أعينهن، أو إذا علمن أن له ردهن إلى فراشه إذا اعتزلهن قرت أعينهن. {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شىءٍ رقيباً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 52 - {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءَ مِن بَعْدُ} نسائك اللاتي خيرتهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة " ع " فقصر على التسع ومنع من غيرهن، أو لا يحل لك النساء بعد اللاتي حللن لك بقوله {إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزوَاجَكَ} إلى قوله {إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 وهبت نفسها} [50] فقصر الإباحة على بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات المهاجرات معه. قاله أُبي بن كعب، أو لا يحل لك النساء من بعد المسلمات كاليهوديات والنصرانيات والمشركات ويحل ما سواهن من المسلمات. {وَلآ أَن تَبَدَّلَ} بالمسلمات مشركات، أو ولا أن تطلق زوجاتك لتستبدل بهن من أعجبك حسنهن قيل التي أعجبه حسنها أسماء بنت عميس بعد قتل جعفر بن أبي طالب، أو ولا أن تبدل بأزواجك زوجات غيرك، كانوا في الجاهلية يتبادلون بالأزواج فيعطي أحدهم زوجته لرجل ويأخذ زوجته بدلاً منها قاله ابن زيد. {يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فسئلوهن من وراء حجابٍ ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداّ إن ذلكم كان عند الله عظيماً إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإن الله كان بكل شىءٍ عليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 53 - {لا تدخلوا بيوت النبي} مر الرسول [صلى الله عليه وسلم] ببعض نسائه وعندهن رجال يتحدثون وكان حديث عهد بزينب بنت جحش فهنينه وهنأه الناس فأتى عائشة - رضي الله عنها - فإذا عندها رجال يتحدثون فكره ذلك وكان إذا كره الشيء عرف في وجهه فلما كان العشي صعد المنبر وتلا هذه الآية. {ناظرين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 إِنَاهُ} منتظرين نضجه، أو متوقعين بحينه ووقته 0 ولا مستأنسين} لما أهديت زينب للرسول [صلى الله عليه وسلم] صنع طعاماً ودعا قوماً فدخلوا وزينب مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] فجعلوا يتحدثون وجعل الرسول [صلى الله عليه وسلم] يخرج ثم يرجع وهم قعود. / [150 / ب] فنزلت {فإذا طعمتم فانتشروا} {فيستحيي منكم} أن يخبركم به {والله لا يستحيي من الحق} أن يأمركم به {مَتَاعاً} حاجة، أو صحف القرآن أو عارية أمرن وسائر النساء بالحجاب كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] وعائشة - رضي الله تعالى عنها - يأكلان حيساً في قعب فَمَرَّ عمر - رضي الله تعالى عنه - فدعاه فأكل فأصابت أصبعه أصبع عائشة فقال حسبي لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، أو كن يخرجن للتبرز إلى المناصع وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - يقول للرسول [صلى الله عليه وسلم] : أحجب نساءك فلم يكن يفعل فنزل الحجاب، أو أمرهن عمر بالحجاب فقالت زينب: يا عمر إنك لتغار علينا وإن الوحي ينزل في بيوتنا فنزل الحجاب {وَلا أَن تَنكِحُواْ} لما نزل الحجاب قال قرشي من بني تميم حجبنا الرسول عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده فنزلت ولتحريمهن بعده وجبت نفقاتهن من بيت المال وفي وجوب العدة عليهن مذهبان لأن العدة تربص للإباحة ولا إباحة في حقهن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 {لا جناح عليهن في ءابائهن ولا أبنائهن ولا أخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شىءٍ شهيداً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 55 - {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ} في ترك الحجاب، أو في وضع الجلباب. لما نزلت {فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} قال الآباء والأبناء فقالوا: يا رسول الله نحن لا نكلمهن أيضاً إلا من وراء حجاب فنزلت قال الشعبي: لم يذكر العم لأنها تحل لابنه فيصفها له. {نِسَآئِهِنَّ} عام، أو المسلمات دون المشركات {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} الإماء خاصة، أو الإماء والعبيد فيحل للعبيد ما يحل للمحرم، أو ما لا يواريه الدرع من ظاهر يديها. {إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 56 - {يُصَلُّونَ} صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء، أو صلاة الملائكة أن يباركوا عليه " ع " وقولنا اللهم صل على محمد أي زده بركة ورحمة قيل: لما نزلت قال المسلمون: فما لنا يا رسول الله فنزلت {هو الذي يصلي علكيم} الآية [43] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 57 - {الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أصحاب التصاوير، أو الذين طعنوا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما اتخذ صفية بنت حيي أو قوم من المنافقين كانوا يكذبون على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ويبهتونه {ويوذون الله} أي أولياءه، أو رسوله [صلى الله عليه وسلم] ، جَعْله أذاه أذى له تشريفاً لمنزلته، أو ما روى من قوله سبحانه وتعالى " شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني أم شتمه إياي فقوله إن لي صاحبة وولداً وأما تكذيبه إياي بقوله لن يعيدني كما بدأني ". لعنوا في الدنيا بالقتل والجلاء وفي الآخرة بالنار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 58 - {الذين يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ} نزلت في الزناة كانوا يرون المرأة فيغمزونها، أو في قوم كانوا يؤذون علياً - رضي الله تعالى عنه - ويكذبون عليه، أو في أهل الإفك. {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً مّلعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً سنة الله في الذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 خلوا من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 59 - {جَلابِيبِهِنَّ} الجلباب: الرداء، أو القناع، أو كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها وإدناؤه أن تشد به رأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا / [151 / أ] ترى ثغرة نحرها، أو تغطي به وجهها حتى لا تظهر إلا عينها اليسرى {يُعْرَفْنَ} من الإماء بالحرية أو من المتبرجات بالصيانة. قال قتادة: كانت الأَمَةَ إِذا مرَّت تناولها المنافقون بالأذى فنهى الله - تعالى - الحرائر أن يتشبهن بهن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 60 - {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} عن أذية نساء المسلمين، أو عن إظهار ما في قلوبهم من النفاق " ح " {وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} الزناة، أو أصحاب الفواحش والقبائح {والمرجفون} الذين يكايدون النساء ويتعرضون لهن، أو ذاكرو الأخبار المضعّفة لقلوب المؤمنين المقوية لقلوب المشركين، أو الإرجاف التماس الفتنة " ع " وسميت الأراجيف لاضطراب الأصوات فيها وإفاضة الناس فيها {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} لنسلطنك عليهم، أو لنعلمنك بهم، أو لنحملنك على مؤاخذتهم {إِلاَّ قَلِيلاً} بالنفي عن المدينة والقليل ما بين قوله لهم اخرجوا وبين خروجهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 62 - {سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ} بأن من أظهر الشرك قُتل، أو من زنا حُدَّ أو من أظهر النفاق أُبعد {تَبْدِيلاً} تحويلاً وتغييراً، أو من قتل بحق فلا دِية على قاتله. {يسئلك الناس عن الساعة قل إنّما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبّيلا ربّنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 67 - {سَادَتَنَا} الرؤساء، أو الأمراء، أو الأشراف {وَكُبَرَآءَنَا} العلماء أو ذوو الأسنان مأثور {السَّبِيلاْ} طريق الإيمان و {الرَّسُولاْ} و {السَّبِيلاْ} مخاطبة يجوز ذلك فيها عند العرب، أو لفواصل الآي. قيل نزلت في المطعمين يوم بدر وهم اثنا عشر رجلاً من قريش. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 67 - {ضِعْفَيْنِ} من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو عذاب الكفر وعذاب الإضلال. {لَعْناً كَبِيراً} عظيماً وبالثاء لعناً على إثر لعن. {يا أيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيهاً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 69 - {لا تكونوا} في أذية محمد [صلى الله عليه وسلم] بقولكم زيد بن محمد، أو بقول الأنصاري إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله - تعالى - {آذوا مُوسَى} رموه بالسحر والجنون، أو بالأُدرة والبرص في حديث اغتساله خلوا، أو صعد مع هارون الجبل فمات هارون فقالوا لموسى أنت قتلته وكان ألين لنا منك وأشد حباً فأمر الله الملائكة فحملته ومرت به على مجالسهم وتكلمت الملائكة بموته ثم دفنته قال علي - رضي الله عنه -: ومات هارون في التيه ومات موسى بعد انقضاء مدة التيه بشهرين {وَجِيهاً} مقبولاً، أو مستجاب الدعوة " ح "، أو ما سأل الله - تعالى - شيئاً إلا أعطاه إلا النظر. والوجيه: مشتق من الوجه لأنه أرفع الجسد. {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 70 - {سديدا} عدلاً، أو صدقاً، أو صوباً، أو قول لا إله إلا الله، أو يوافق باطنه ظاهره، أو ما أريد به وجه الله - تعالى - دون غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 71 - {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} بالقبول، أو بالتوفيق لها. {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً ليعذّب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيما} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 72 - {الأَمَانَةَ} ما أُمروا به ونهوا عنه، أو الفرائض والأحكام الواجبة على العباد " ع " أو ائتمان النساء والرجال على الفروج، أو الأمانة التي يأتمن الناس بعضهم بعضاً عليها، أو ما أودعه في هذه المخلوقات من الدلائل على الربوبية / [141 / ب] أن يظهروها فأظهروها إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها، وعرضها إظهار ما يجب من حفظها وعظم المأثم في تضييعها، أو عورضت بالسماوات والأرض والجبال فكانت أثقل منها لتغليظ حكمها فلم تستقل بها وضعفت عن حملها، أو عرض الله - تعالى - حملها ليكون الدخول فيها بعد العلم بها فعرضها الله - تعالى - على السموات والأرض والجبال " ع "، أو على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة " ح " {فأبين أن يحملنها} حذراً {وأشفقن منها} تقصيراً، أو أبَيْنَ حملها عجزاً وأشفقن منها خوفاً {وحملها الإنسان} الجنس، أو آدم عليه الصلاة والسلام ثم انتقلت إلى ولده " ح " لما عرضت عليهن قلن وما فيها قيل إن أحسنت جُوزيتِ وإن أسأت عُوقبتِ قالت لا، فلما خلق آدم عليه الصلاة والسلام عرضها عليه فقال وما هي قال إن أحسنت أجرتك وأن أسأت عذبتك قال فقد حملتها يا رب. فما كان بين أن حملها إلى أن خرج من الجنة إلا كما بين الظهر والعصر {ظَلُوماً} لنفسه {جَهُولاً} بربه " ح "، أو ظلوماً في خطيئته جهولاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 بما حَمَّل ولده من بعده، أو ظلوماً بحقها جهولاً بعاقبة أمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 73 - {لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ والْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} بالشرك والنفاق، أو لخيانتهما الأمانة 0 وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يتجاوز عنهم بأداء الأمانة {غَفُوراً} لمن تاب من الشرك {رحيما} بالهداية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 سورة سبإ مكية أو إلا آية {ويرى الذين أوتوا العلم} [6] . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الحمد لِلِه الَّذي لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيَها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 1 - {ما في السماوات وما في الأرض} خلقاً، أو ملكاً {الْحَمْدُ فِى الأَخِرَةِ} حمد أهل الجنة - {الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن} [فاطر: 34] {الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74] ، أو له الحمد في السماء والأرض لأنه خلق السموات قبل الأرض فصارت هي الأولى والأرض الآخرة، أو له " الحمد في الأولى على الهداية " وفي الآخرة على الثواب والعقاب. {الْحَكِيمُ} في أمره {الْخَبِيرُ} بخلقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 2 - {يَلِجُ فِى الأَرْضِ} المطر و {يَخْرُجُ مِنْهَا} النبات، أو الوالج الأموات والخارج الذهب والفضة والمعادن، أو الوالج البذور والخارج الزرع. {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ} من الملائكة {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} منهم، أو النازل القضاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 والعارج العمل، أو النازل المطر والعارج الدعاء. {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمَواتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلِكَ ولاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْ فِيءَايَتِنَا مَعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِن رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيكَ مِن ربِّكَ هُو الْحَقَّ وَيَهْدِي إلى صِراَطِ العَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 5 - {سعوا في آياتنا} بالجحد، أو التكذيب {مُعَاجِزِينَ} مسابقين أو مجاهدين، أو مراغمين مشاقين " ع "، أو لا يعجزونني هرباً ولا يفوتونني طلباً {معجّزين} مثبطين الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو مضعفين الله أن يقدر عليهم، أو معجزين من آمن بإضافة العجز إليه {مِّن رِّجْزٍ} من عذاب أليم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 6 - {الذين أوتوا العلم} أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو مؤمنو أهل الكتاب {الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ} القرآن {صراط [152 / أ] الْعَزِيزِ} دين الإسلام مأثور، أو طاعة الله - تعالى وسبيل مرضاته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد (7) أفترى على الله كذباً أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد (8) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء إن في ذلك لآيةً لكل عبد منيب (9) } 7 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 8 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} بالبعث. قيل: قاله أبو سفيان لأهل مكة فأجاب بعضهم بعضاً. {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ} يعنون قائل هذا إما مجنون، أو كذاب. فرد الله - تعالى - عليهم بقوله: {بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} بالبعث {فِى الْعَذَابِ} في الأخرة {وَالْضَّلالِ الْبَعِيدِ} في الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 9 - {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} من السماء والأرض كيف أحاطت بهم لأنهم كيف ما نظروا عن يمين وشمال ووراء وأمام رأوهما محيطتين بهم، أو ما بين أيديهم: من هلك من الأمم الماضية في أرضه {وَمَا خَلْفَهُم} من أمر الآخرة في سمائه {كِسَفاً} عذاباً، أو قِطعاً إن شاء عذب بسمائه، أو بأرضه. فكل خلقه له جند {مُّنِيبٍ} مجيب، أو مقبل بتوبته، أو مستقيم إلى ربه، أو مخلص بالتوحيد. {ولقد ءاتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد (10) أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير (11) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 10 - {فَضْلاً} نبوة، أو زبوراً، أو قضاء بالعذاب، أو فطنة وذكاء، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 رحمة الضعفاء، أو حسن الصوت، أو تسخير الجبال والطير {أَوِّبِى} سبحي معه " ع " أو سيري " ح "، والتأويب سير النهار كله، أو سير الليل كله، أو سير النهار كله دون الليل. أو رجِّعي معه إذا رجع {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} فكان يعمل به كالعمل بالطين لا يدخله النار ولا يعمل بمطرقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 11 - {سَابِغَاتٍ} دروعاً تامة. إسباغ النعمة: تمامها {وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ} عدل المسامير في الحِلَق فلا تصغرها فتسلس ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فتنقصم الحلقة، أو لا تجعل الحلق واسعة فلا تفي صاحبها. والسرد المسامير التي في الحلق من سرد الكلام سرداً إذا تابع بينه ومنه قول الرسول [صلى الله عليه وسلم] ثلاثة سرد وواحد فرد، أو النقب الذي في الحلق " ع " فكان يرفع كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم ألفان لأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني إسرائيل خبزَ حواري {وَاعْمَلُواْ صَالِحاً} قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " ع "، أو جميع الطاعات. {ولسليمان الريح غدوها شهرٌ ورواحها شهرٌ وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعلم بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير (12) يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدورٍ راسياتٍ اعملوا آل داود شكراً وقليلٌ من عبادي الشكور (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 12 - {غُدُوُّهَا} إلى نصف النهار شهر {وَرَوَاحُهَا} إلى آخره شهر في كل يوم شهران. قال الحسن: كانت تغدوا من دمشق فيقيل بإصطخر وبينهما مسيرة شهر للمسرع وتروح فيبيت بكابل وبينهما شهر للمسرع {عَيْنَ الْقِطْرِ} سال له القِطر من صنعاء اليمن ثلاثة أيام. كما يسيل الماء، أو هي عين بالشام والقطر النحاس " ع "، أو الصفر {بِإِذْنِ رَبِّهِ} بأمر ربه. {يَزِغْ} يمل {عَنْ أَمْرِنَا} طاعة الله - تعالى -، أو ما يأمر به سليمان عليه الصلاة والسلام لأن أمره كأمر الله {نُذِقْهُ} في الآخرة، أو الدنيا ولم يُسخِّر منهم إلا الكفار فإذا آمنوا تركهم وكان مع المسخرين ملك بيده سوط من عذاب السعير فإذا خالف سليمان ضربه بذلك السوط {والسعير} النار [152 / ب] / المسعورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 13 - {مَّحَارِيبَ} القصور، أو المساجد، أو المساكن ومحراب الدار أشرف موضع فيها. {وَتَمَاثِيلَ} الصور ولم تكن محرمة وكانت من نحاس، أو من رخام وشِبْه، صور الأنبياء الذين كانوا قبله، أو طواويس وعقباناً ونسوراً على كرسيه ودرجات سريره ليهاب من شاهدها أن يتقدم. {كَالْجَوَابِ} كالحياض، أو الجوبة من الأرض، أو كالحائط. {رَّاسِيَاتٍ} عظام، أو أثافيها منها " ع "، أو ثابتات لا يزلن عن مكانهن وذكر أنها باقية باليمن آية وعبرة {شُكْراً} توحيداً، أو تقوى وطاعة، أو صوم النهار وقيام الليل. فليس ساعة من نهار إلا وفيها من آل داود صائم ولا ساعة من الليل إلا وفيها منهم قائم، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 اعملوا عملاً تستوجبون عليه الشكر أو اذكروا أهل البلاء وسلوا ربكم العافية، أو قال لما أمر بالشكر: إلهي كيف أشكرك والشكر نعمة منك عليّ فقال: الآن شكرتني حين علمت أن النعم مني {الشَّكُورُ} المؤمن الموحد " ع "، أو المطيع، أو ذاكر النعمة. والشاكر من لم يتكرر شكره والشكور من تكرر شكره، أو الشاكر على النعم والشكور على البلوى، أو الشاكر من غلب خوفه والشكور من غلب رجاؤه. {فما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 14 - {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} وقف في المحراب يصلي متوكئاً على عصاهُ فمات وبقي قائماً على العصا سنة وكان سأل ربه أن لا يعلم الجن موته إلا بعد سنة لأنه كان قد بقي من إتمام عمارة بيت المقدس سنة، أو لأن الجن ذكرت للإنس أنها تعلم الغيب فطلب ذلك ليعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب مأثور، أو لم يمت إلا على فراشه وكان الباب مغلقاً عليه كعادته في عبادته فأكلت الأَرَضَة العتبة بعد سنة فخر الباب ساقطاً وكان سليمان يعتمد على العتبة إذا جلس " ع " {دَآبَّةُ الأَرْضِ} الأرضة " ع " أو دابة تأكل العيدان يقال لها القادح {مِنسَأَتَهُ} العصا بلغة الحبشة، أو مأخوذ من نسأت الغنم إذا سقتها {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} المسخرين أنهم لو علموا الغيب {مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ} أو تبينت الإنس أن الجن لو علموا الغيب {مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ} سنة، أو أوهمهم الجن أنهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 يعلمون الغيب فدخل عليهم شُبْهة فلما خَرَّ عرفوا كذبهم وزالت الشُّبهة. {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم ءاية جنتان عن يمين وشمالٍ كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور (15) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكلٍ خمط وأثلٍ وشيء من سدرٍ قليلٍ (16) ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجزى إلا الكفور (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 15 - {لِسَبَإٍ} أرض باليمن يقال لها مأرب، أو قبيلة سموا بأسم أبيهم، أو أمهم وبعث إليهم ثلاثة عشر نبياً {جَنَّتَانِ} أحدهما عن يمين الوادي والأخرى عن شماله {أيه} كانت المرأة تمشي ومكتلها على رأسها فيمتلئ وما مسته بيدها، أو لم يكن في قريتهم ذباب ولا بعوض ولا برغوث ولا بق ولا حية ولا عقرب ويأتيهم الركب في ثيابهم القمل والدواب فتموت تلك الدواب {كُلُواْ مِن رِّزْقِ} الجنتين {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} قيل هي صنعاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 16 - {فأعرضوا} عن اتباع [153 / أ] / الرسل {الْعَرِمِ} المطر الشديد " ع " أو المسناة بالحبشية، أو العربية، أو اسم واد تجتمع فيه المياه من أودية سبأ فسدوه بين جبلين بالحجارة والقار وجعلوا له أبواباً يأخذون منه ما شاءوا فلما تركوا أمر الله - تعالى - بعث عليهم جرذاً يقال له الخلد فخرقه فأغرق بساتينهم وأفسد أرضهم، أو ماء أحمر أرسل في السد فخرقه وهدمه، أو الجرذ الذي نقب السد. {جَنَّتَيْنِ} ليزدوج الكلام كقوله {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} لأنهما لم يتبدلا بجنتين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 {أُكُلٍ} البرير ثمر الخمط، أو اسم لثمر كل شجرة {خَمْطٍ} الآراك " ع "، أو كل شجر ذي شوك، أو كل نبت مُرٍّ لا يمكن أكله. {وَأَثْلٍ} الطرفاء " ع "، أو شيء يشبه الطرفاء، أو شجر النضار، أو شجرة حطب لا يأكلها شيء، أو السَّمُر. {وَجَعَلْنَا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرىً ظاهرةً وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين (18) فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلنهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 18 - {الْقُرَى الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا} بيت المقدس " ع "، أو الشام بورك فيها بالمياه والثمار والأشجار. قيل: إنها كانت أربعة آلاف وسبعمائة قرية {قُرىً ظَاهِرَةً} متصلة ينظر بعضهم إلى بعض " ح "، أو عامرة، أو كثيرة الماء، أو قريبة وهي السَّرْوات، أو قرى بصنعاء، أو قرى ما بين مأرب والشام {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} أي المبيت والمقيل، أو كانوا يصبحون في قرية ويمسون في آخرى " ح "، أو جعل ما بين القرية والقرية مقداراً واحداً. {أمنين} من الجوع والظمأ أو من الخوف كانوا يسيرون أربعة أشهر آمنين لا يحرك بعضهم بعضاً، ولو لقي الرجل قاتل أبيه لم يحركه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 19 - {بَاعِدْ بَيْنَ أًسْفَارِنَا} قالوا ذلك ملالاً للنعم كما مَلَّ بنو إسرائيل المن والسلوى " ح "، أو قالوا لو كانت ثمارنا أبعد مما هي كانت أشهى وأحلى، أو طلبوا الزيادة في عمارتهم حتى تبعد أسفارهم فيها. فيكون ذلك طلباً للكثرة والزيادة {وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بقولهم: {بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} ، أو بالتغيير والتبديل بعد أن كانوا مسلمين " ح " أو بتكذيب ثلاثة عشر نبياً وقالوا لرسلهم لما ابتلوا قد كنا نأبى عليكم وأرضنا عامرة خير أرض فكيف اليوم وأرضنا خراب شر أرض {أَحَادِيثَ} يتحدث بما كانوا فيه من نعم وما صاروا إليه من هلاك حتى ضرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 بهم المثل فقيل: تفرقوا أيادي سبأ. {وَمَزَّقْنَاهُمْ} بالهلاك فصاروا تراباً تذروه الريح، أو مزقوا بالتفرق فلحقت غسان بالشام وخزاعة بمكة والأوس والخزرج بالمدينة والأزد بِعُمان. {وَلَقَدْ صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين (20) وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيءٍ حفيظٌ (21) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 20 - {صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} لما أُهبط آدم وحواء قال إبليس: أَما إذْ أصبت من الأبوين ما أصبت فالذرية أضعف وأضعف ظناً منه فصدق ظنه " ح "، أو قال: خلقت من نار وآدم من طين والنار تحرق كل شيء {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} [الإسراء: 62] فصدق ظنه " ع "، أو قال يا رب أرأيت هؤلاء الذين كرمتهم عليَّ إنك لا تجد أكثرهم شاكرين ظناً منه فصدق ظنه، أو ظن أنه إن أغواهم [153 / ب] / وأضلهم أجابوه وأطاعوه فصدق ظنه {فَاتَّبَعُوهُ} الضمير للظن، أو لإبليس " ح ". {قُلِ ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير (22) ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (23) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 23 - {لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} في الشفاعة، أو فيمن يشفع له {فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 جُلي عنها الفزع، أو كُشف عنها الغطاء يوم القيامة، أو دعوا فأجابوا من قبورهم من الفزع الذي هو الدعاء والاستصراخ فسمي الداعي فزعاً والمجيب فزعاً، أو فزع عن قلوب الشياطين ففارقوا ما كانوا عليه من إضلال أوليائهم، أو الملائكة فزعوا لسماع الوحي من الله لانقطاعه ما بين عيسى ومحمد فخروا سجداً خوف القيامة ف {قَالُواْ مَاذَا قال ربكم قالوا الحق} أي الوحي وفُزِّع بالمعجمة من شك وشرك يوم القيامة فقالت لهم الملائكة: ماذا قال ربكم في الدنيا قالوا: الحق. {قُلْ من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ظلالٍ مبين (24) قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نُسئل عما تعملون (25) قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم (26) قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم (27) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 24 - {يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَات} المطر ومن الأرض النبات، أو رزق السموات ما قضاه من أرزاق عباده ورزق الأرض ما مكنهم فيه من مباح. {وَإِنَّآ} نحن على هدى، وإياكم في ضلال، فتكون أو بمعنى الواو، أو معناه أحدنا على هدى والآخر على ضلال كقول القائل بل أحدنا كاذب دفعاً للكذب عن نفسه وإن أحدنا لصادق إضافة للصدق إلى نفسه ودفعاً له عن صاحبه، أو معناه الله يرزقنا وإياكم كنا على هدى، أو في ضلال مبين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 26 - {يَفْتَحُ} يقضي لأنه بالقضاء يفتح وجه الحكم {بالحق} بالعدل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 {الْعَلِيمُ} بالحكم، أو بما يخفون، أو بخلقه. {وَمَا أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون (28) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (29) قل لكم ميعادٌ يوم لا تستئخرون عنه ساعة ولا تستقدمون (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 28 - {كَآفَّةً لِّلْنَّاسِ} كافاً لهم عن الشرك والهاء للمبالغة أو أرسلناك إلى الجميع تضمهم ومنه كف الثوب لضم طرفيه، أو ما أرسلناك إلا إلى كافتهم أي جميعهم " ع ". {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين (31) قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين (32) وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (33) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 31 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} مشركو العرب، أو أبو جهل {بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ} التوراة والإنجيل، أو الأنبياء والكتب، أو أمر الآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 33 - {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} بل عملكم في الليل والنهار، أو معصية الليل والنهار، أو غركم اختلافهما، أو مَرُّهما، أو مكركم فيهما. {أَندَاداً} أشباهاً، أو شركاء. {وَمَا أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون (34) وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين (35) قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون (36) وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون (37) والذين يسعون في ءاياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون (38) قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدرُ له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين (39) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 34 - {مُتْرَفُوهَآ} جبّاروها، أو أغنياؤها، أو ذوو التنعم والبطر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 35 - {وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً} قالوه للأنبياء والفقراء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 36 - {يبسُطُ الرِّزْقَ} يوسعه {وَيقْدِرُ} يقتر عليه يبسط على هذا مكراً به ويقتر على الآخر نظراً له أو لخير له أو ينظر له {لا يَعْلَمُونَ} أن البسط والإقتار بيده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 37 - {زُلْفَى} قربى، والزلفة القربة {جَزَآءُ الضِّعْفِ} الحسنة بعشر والدرهم بسبعمائة، أو الغني التقي يؤتى أجره مرتين بهذه الآية {آمنون} من النار، أو من انقطاع النعم، أو الموت، أو الأحزان والأسقام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 39 - {فهو يُخْلِقُه} إذا شاء ورآه صلاحاً كإجابة الدعاء، أو يخلفه بالأجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 في الآخرة إذا أنفق في الطاعة، أو معناه فهو أخلفه لأن نفقته من خلف الله - تعالى - ورزقه. {وَيَومَ يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون (40) قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون (41) فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون (42) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 40 - {يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} المشركون ومن عبدوه من الملائكة {أَهَؤُلآءِ} استفهام تقرير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 41 - {أَنتَ وَلِيُّنَا} الذي نواليه بالطاعة، أو ناصرنا {يعبدون الجن} [154 / أ] / يطيعونهم في عبادتنا. {وَإذَا تُتْلَى عَلَيْهِم ءاياتُنا بَيْناتٍ قَالُواْ مَا هَذا إلاَّ رَجُلٌ يُريدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُءَاباؤُكُمْ وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين (43) وما ءاتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44) وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما ءاتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 44 - {وما آتيناهم مِّن كُتُبٍ} ما نُزِّل على مشركي قريش كتاباً قط {يَدْرُسُونَهَا} فيعلمون أن الذي جئت به حق، أو باطل، أو فيعلمون أن لله شركاء كما زعموا {مِن نَّذِيرٍ} ما جاءهم رسول قط غيرك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 45 - {وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ} ما عملوا معشار ما أمروا به " ع "، أو ما أُعطي من كذب محمداً [صلى الله عليه وسلم] معشار ما أُعطي من قبلهم من القوة والمال، أو ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما آتيناهم، أو ما أعطي من قبلهم معشار ما أعطي هؤلاء من البيان والعلم والبرهان " ع " فلا أمة أعلم من أمته ولا كتاب أبين من كتابه. والمعشار والعشر واحد، أو المعشار عشر العشر وهو العشير، أو عشر العشير والعشير عشر العشر فيكون جزءاً من ألف. {نكيري} : عقابي تقديره فأهلكتهم فيكف كان نكيري. {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أن تَقُومُوا لِلهِ مَثْنَى وفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبَكُم مِن جِنَّةٍ إنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شديدٍ (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 46 - {بِوَاحِدَةٍ} طاعة الله - تعالى -، أو قول لا إله إلا الله {أَن تَقُومُواْ} بالحق كقوله {وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط} [النساء: 127] {مَثْنَى وَفُرَادَى} جماعة وفرادى أو منفرداً برأيه ومشاوراً لغيره مأثور، أو مناظراُ لغيره ومفكراً في نفسه. {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فهو لَكَمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَما يُعِيدُ (49) قُلْ إن ضَلَلْتُ فَإنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وإنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَىَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 47 - {مِّنْ أَجْرٍ} من مودة لأنه سأل قريشاً أن يكفوا عن أذاه حتى يبلغ الرسالة " ع "، أو جُعْل {شَهِيدٌ} أن ليس بي جنون، أو أني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 48 - {يَقْذِفُ} يتكلم، أو يوحي، أو يلقي {بِالْحَقِّ} الوحي أو القرآن و {الْغُيُوبِ} الخفيّات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 49 - {جاء الحق} بعثة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو القرآن، أو الجهاد بالسيف {الْبَاطِلُ} الشيطان، أو إبليس، أو دين الشرك {وَمَا يُبْدِئُ} لا يخلق ولا يبعث، أو لا يحيي ولا يميت، أو لا يثبت إذا بدا ولا يعود إذا زال. {وَلَو تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُواءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكّانٍ بَعيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 51 - {فَزِعُواْ} في القيامة أو في الدنيا عند رؤية بأس الله، أو يُخسف بجيش في البيداء فيبقى منهم رجل فيُخبر بما لقي أصحابه فيفزع الناس، أو فزعهم ببدر لما ضُربت أعناقهم فلم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة، أو فزعهم في القبور من الصيحة " ح " {فَلا فَوْتَ} فلا نجاة " ع "، أو لا مهرب، أو لا سبق. {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} من تحت أقدامهم، أو يوم بدر، أو جيش السفياني " ع "، أو عذاب الدنيا، أو حين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 خرجوا من القبور " ح "، أو يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 52 - {آمنا بِهِ} بالله تعالى أو البعث، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] {التَّنَاوُشُ} الرجعة " ع ". (تمنى أن تؤوب إليَّ ميّ ... وليس إلى تناوشها سبيل) أو التوبة، أو التناوش نشته أنوشه نوشاً إذا تناولته من قريب، تناوش القوم تناول بعضهم بعضاً والتحم بينهم القتال {مَّكَانٍ بَعِيدٍ} من الآخرة إلى الدنيا أو ما بين الآخرة والدنيا [154 / ب] /، أو عُبِّر به عن طلبهم للأمر من حيث لا ينال " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 53 - {كَفَرُواْ بِهِ} بالله تعالى، أو البعث، أو الرسول صلى الله عليه وسلم {مِن قَبْلُ} في الدنيا، أو قبل العذاب. {وَيَقْذِفُونَ} يرجمون بالظن في الدنيا فيقولون لا بعث ولا جنة ولا نار " ح "، أو يطعنون في القرآن، أو في الرسول [صلى الله عليه وسلم] بأنه ساحر، أو شاعر. سماه قذفاً لخروجه من غير حقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 54 - {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} وبين الدنيا، أو بينهم وبين الإيمان " ح "، أو التوبة أو طاعة الله - تعالى - أو بين المؤمن وبين العمل وبين الكافر وبين الإيمان. قاله ابن زيد {أشياعهم} أوائلهم من الأمم الخالية أو أصحاب الفيل لما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 أرادوا هدم الكعبة، أو أمثالهم من الكفار لم يقبل لهم توبة عند المعاينة {فِى شَكٍّ} من نبيهم فلا يعرفونه أو من نزول العذاب بهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 سورة الملائكة سورة فاطر مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَتِ وَاْلأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعُ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ اْللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 1 - الفَطْر: الشق عن الشيء بإظهاره للحسِّ. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ما كنت أدري ما فاطر حتى اختصم أعرابيان في بئر فقال: أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها ففاطر السموات والأرض خالقهما، أو شقها بما ينزل فيها وما يعرج منها. {رُسُلاً} إلى الأنبياء، أو إلى العباد برحمة، أو نقمة {مَّثْنَى} لبعض جناحان ولبعض ثلاثة ولآخرين أربعة {يَزِيدُ فِى} أجنحة الملائكة ما يشاء، أو حسن الصوت، أو الشعر الجعد. {مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) } . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 2 - {مِن رَّحْمَةٍ} من خير، أو مطر، أو توبة " ع "، أو وحي " ح " أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 دعاء، أو رزق مأثور. {يَأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَاْلأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأْمُورُ (4) يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌ فَاْتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ اْلسَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاْلَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّاَلِحَتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 8 - {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ} اليهود والنصارى والمجوس، أو الخوارج، أو الشيطان أو قريش. نزلت في أبي جهل، أو العاص بن وائل. وفيه محذوف تقديره فهو يتحسر عليه يوم القيامة، أو كمن آمن وعمل صالحاً، أو كمن علم الحسن من القبيح. {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرَّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباَ فَسُقْنَهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ اْلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ الْنُّشُورُ (9) مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَاْلَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هَوَ يَبُورُ (10) وَاللهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 10 - {مَن كَانَ يريدُ العزَّة) وهي المنعة فليتعزَّز بطاعة الله تعالى، أو من يرد علم العزة لمن هي {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} لما اتخذوا آلهة ليكونوا لهم عِزاً أخبرهم الله - تعالى - أن العزة له جميعاً {الكَلِم الطَّيِّبُ} التوحيد، أو الثناء على الله - تعالى - يصعد به الملائكة المقربون {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} يرفعه الكلم الطيب، أو العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، أو يرفع الله - تعالى - العمل الصالح لصاحبه {السَّيِّئَاتِ) {الشرك} (يَبُور} يفسد عند الله تعالى، أو يهلك البوار: الهلاك، أو يبطل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 11 - {مِّن تُرَابٍ) {آدم} (مِن نُّطْفَةٍ) {نسله} (أَزْوَاجاً} زَوَّج بعضكم ببعض أو ذكوراً وإناثاً وكل واحد معه آخر من شكله فهو زوج {وَمَا يُعَمر} ما يمد عمر أحد حتى يهرم ولا ينقص من عمر آخر فيموت طفلاً، أو ما يعمر معمر قدر الله - تعالى - أجله إلاَّ كان ما نقص منه من الأيام الماضية في كتاب الله تعالى. قال ابن جبير: كتب الله تعالى الأجل في أول الصحيفة ثم يكتب في أسفلها ذهب يوم كذا ذهب يوم كذا حتى يأتي على أجله، وعمر المعمر [155 / أ] / ستون سنة، أو أربعون، أو ثماني عشرة {إِنَّ ذَلِكَ} إن حفظه بغير كتاب هين على الله - تعالى -. {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ الَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِه مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِياَمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 مِثْلُ خَبِيرٍ (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 12 - {فُراتٌ} أي عذب كقولهم حسن جميل {أُجَاج} مُرّ من أجة النار كأنه يحرق لمرارته {لَحْماً طَرِيّاً} الحيتان منهما {وَتَسْتَخْرِجُونَ} الحلية من الملح دون العذب، أو في من البحر الملح عيون عذبة يخرج اللؤلؤ فيما بينهما عند التمازج، أو من مطر السماء و {لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} بالتجارة في الفلك. يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (17) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وإِن تَدْعُ مُثُقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِاْلغَيْبِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (18) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 18 - {وَلا تَزِرُ} لا تحمل نفس ذنوب أخرى ومنه الوزير لتحمله أثقال الملك بتدبيره {وَإِن تَدْعُ} نفس مثقلة بالذنوب إلى تحمل ذنوبها لم تجد من يحمل عنها شيئاً وإن كان المدعو للتحمل قريباً مناسباً ولو تحمل ما قبل تحمله لقوله - تعالى - {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ} {بِالْغَيْبِ} في السر حيث لا يراه أحد أو في التصديق بالآخرة. {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَتُ وَلاَ النُّورُ (20) وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَآءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهاَ نَذِيرٌ (24) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالبَيِّنَاتِ وَبِاْلزُّبُرِ وَبِاْلكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 19 - ، 20، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 21 - {وَمَا يَسْتَوِى الأَعْمَى} [فيه قولان أحدهما: أن هذا مثل ضربه الله - تعالى - للمؤمن والكافر كما لا يستوي الأعمى والبصير ولا تستوي الظلمات ولا النور ولا يستوي الظل ولا الحرور لا يستوي المؤمن والكافر. قاله قتادة. الثاني: أن معنى قوله وما يستوي الأعمى والبصير أي عمى القلب بالكفر وبصره بالإيمان ولا تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان ولا يستوي] ظل الجنة وحرور النار، والحرور: الريح الحارة كالسموم قال الفراء: الحرور بالليل والنهار والسموم [لا يكون إلا بالنهار] وقال: لا يكون الحرور إلا مع شمس النهار والسموم يكون بالليل والنهار وقيل: الحرور الحر والظل البرد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 22 - {وَمَا يَسْتَوِى الأَحْيَآءَ} كما لا يستوي الحي والميت فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر أو الأحياء المؤمنون أحياهم إيمانهم والأموات الكفار أماتهم كفرهم أو العقلاء والجهال و " لا " صلة مؤكدة أو نافية. {يُسْمِعُ} يهدي {مَّن فِى الْقُبُورِ} كما لا تسمع الموتى كذلك لا تسمع الكافر أو لا تسمع الكافر الذي أماته الكفر حتى أقبره في كفره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 24 - {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلا} سلف فيها نبي قيل: إلا العرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدُ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَاْلأَنْعَمِ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَنُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَؤُاْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 27 - {جُدَدٌ} جمع جُده وهي الخطط و {غرابيب} الغربيب الشديد السواد. كلون الغراب قيل تقديره سودٌ غرابيب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 28 - {كَذَلِكَ} أي مختلف ألوانه أبيض وأحمر وأسود، أو كما اختلف ألوان ما ذكرت فكذلك تختلف أحوال العباد في الخشية ثم استأنف فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ من عباده العلماء} به. {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَبَ اللهِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَرَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 29 - {تِجَارَةً} الجنة {تَبُورَ} تكسد، أو تفسد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 30 - {أُجُورَهُمْ} ثواب أعمالهم {وَيَزِيدَهُم} يفسح لهم في قبورهم، أو يشفعهم فيمن أحسن إليهم في الدنيا، أو تضاعف حسناتهم مأثور، أو يغفر لهم الكثير ويشكر اليسير {غَفُورٌ} للذنب {شَكُورٌ} للإحسان لأنه يقابله مقابلة الشاكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 {وَالَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 32 - {أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} القرآن. ومعنى الإرث انتقال الحكم إليهم، أو إرث الكتاب هو الإيمان بالكتب السالفة لأن حقيقية الإرث الانتقال من قوم إلى آخرين {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} الأنبياء. فيكون قوله {فَمِنْهُمْ ظالمٌ} كلاماً مستأنفاً لا يرجع إلى المصطفين أو الذين اصطفينا أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] . والظالم لنفسه أهل الصغائر. قال عمر رضي الله - تعالى - عنه: وظالمنا مغفور له [155 - ب] /، أو أهل الكبائر وأصحاب المشأمة، أو المنافقون، أو أهل الكتاب، أو الجاحد {مقتصدٌ} متوسط في الطاعات قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] " أما السابق فيدخل الجنة بغير حساب وأما المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً وأما الظالم فيحبس طول الحبس ثم يتجاوز الله - تعالى - عنه "، أو أصحاب اليمين، أو أهل الصغائر، أو متبعو سنة الرسول [صلى الله عليه وسلم] بعده " ح " {سابقٌ بِالْخَيْرَاتِ} المقربون، أو أهل المنزلة العليا في الطاعة، أو من كان في عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] فشهد له بالجنة وسأل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 عقبة بن صهبان عائشة - رضي الله تعالى عنها - عن هذه الآية فقالت: كلهم في الجنة السابق من مضى على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فشهد له بالجنة والمقتصد من اتبع أثره حتى لحق به والظالم لنفسه مثلي ومثلك ومن اتبعنا. {جَنَّتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلُّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (32) وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزْنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 43 - {الحَزَنَ} خوف النار " ع "، أو حزن الموت، أو تعب الدنيا وهمومها أو حزن الخبز، أو حزن الظالم يوم القيامة لما يشاهد من سوء حاله، أو الجوع، أو خوف السلطان، أو طلب المعاش، أو حزن الطعام مأثور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 35 - {المُقَامة} الإقامة {نَصَبٌ} تعب، أو وجع {لغوبٌ} عناء، أو إعياء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 {والَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ اْلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (37) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 37 - {يَصْطَرِخُون} يستغيثون {مَّا يَتَذكَّر فِيهِ} البلوغ، أو ثماني عشرة سنة، أو أربعون " ع "، أو ستون، أو سبعون {وجاءكم النذير} محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو الشيب، أو الحمى، أو موت الأهل والأقارب. {إِنَّ اللهَ عَلِمُ غَيْبِ السَّمَوَتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتًا وَلاَ يَزِيدُ الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً (39) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 39 - {خَلائِفَ) يخلف بعضكم بعضاً خلفاً بعد خلف، وقرناً بعد قرن والخلف هو التالي للمتقدم ولما قيل لأبي بكر - رضي الله تعالى عنه - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 خليفة الله قال: لست خليفة الله ولكني خليفة رسوله وأنا راض بذلك، قال بعض السلف: إنما يُستخلف من يغيب، أو يموت والله - تعالى - لا يغيب ولا يموت {فعليه} عقاب كفره. {قُلْ أَرَءَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السَّمَوَتِ أَمْءَاتَيْنَهُمْ كِتَباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّلِمُونَ بَعَْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (40) إِنَّ اللهَ يُمْسِكَ السَّمَوَتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (41) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 40 - {شُركاءَكم} في الأموال الذين جعلتم لهم قسطاً منها وهي الأوثان أو الذين أشركتموهم في العبادة. {مِنَ الأَرْضِ} أي في الأرض {شركٌ) {في خلق السماوات} (كتاباً} بما هم عليه من الشرك فهم على احتجاج منه، أو بأن لله شركاء من الأصنام والملائكة فهم متمسكون به، أو بألا يعذبهم على كفرهم فهم واثقون به {إِلا غُرُوراً} وعدوهم أن الملائكة تشفع لهم، أو أنهم [ينصرون عليهم] أو بالمعصية. {وَأَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى اْلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (42) اسْتِكْبَاراً فِي اْلأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً (43) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 43 - {ومَكْرَ السيء} الشرك، أو مكرهم بالرسول [صلى الله عليه وسلم] {يحيق} يحيط، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 أو ينزل، فعاد ذلك عليهم فقُتلوا ببدر {سنة الأَوَّلِينَ} وجوب العذاب عند الإصرار على الكفر، أو لا تقبل توبتهم عند نزول العذاب. {أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزُهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرَا (45) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 45 - {بِمَا كَسَبُواْ} من الذنوب {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} قيل: بحبس المطر عنهم. عام في كل ما دَبَّ ودرج وقد فعل ذلك زمن الطوفان، أو من الجن والإنس دون غيرهم [156 / أ] / لأنهما أهل تكليف أو من الناس وحدهم {أجلٍ مُسمىً} وعدوا به في اللوح المحفوظ، أو القيامة {جَآءَ أَجَلُهُمْ} نزول العذاب، أو القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 سورة يس مكية أو إلا آية {وإذا قيل لهم أنفقوا} : [47] . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يس (1) والقرآن الحكيم (2) إنك لمن المرسلين (3) على صراط مستقيم (4) تنزيل العزيز الرحيم (5) لتنذر قوماً ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون (6) لقد حق القول على أكثرهم منهم لا يؤمنون (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 1 - { يس } اسم للقرآن، أو لله - تعالى - أقسم به " ع "، أو فواتح من كلام الله - تعالى - افتتح بها كلامه، أو يا محمد وهو مأثور، أو يا إنسان بالحبشية أو السريانية، أو بلغة كلب، أو طيء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 6 - {ما أنذر آباؤهم} كما أنذر آباؤهم فيكون عاماً، أو خاص بقريش أنذروا ولم ينذر آباؤهم قبلهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 7 - {حَقَّ الْقَوْلُ} وجب العذاب، أو سبق في علمي {أكثرهم} الذين عاندوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قريش لم يؤمنوا، أو ماتوا على كفرهم، أو قتلوا عليه تحقيقاً لقوله {فَهُمْ لا يؤمنون} . {إِنّا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون (8) وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون (9) وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (10) إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرةٍ وأجرٍ كريمٍ (11) إنا نحن نحىِ الموتى ونكتب ما قدموا وءاثرهم وكل شيءٍ أحصينه في إمامٍ مبينٍ (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 8 - {أَغْلالاً} شبّه امتناعهم من الهدى بامتناع المغلول من التصرف، أو همَّت طائفة منهم بالرسول [صلى الله عليه وسلم] فغُلّت أيديهم فلم يستطيعوا أن يبسطوا إليه يداً {فِى أَعْنَاقِهِمْ} عبّر عن الأيدي بالأعناق لأن الغل يكون في الأيدي، أو أراد حقيقة الأعناق لأن الأيدي تجمع بالأغلال إلى الأعناق " ع " {إِلَى الأَذْقَانِ} مجتمع اللحيين والأيدي تماسها، أو عَبَّر بها عن الوجوه لأنها منها {مُّقْمَحُونَ} المقمح الرافع رأسه الواضع يده على فيه، أو الطامح ببصره إلى موضع قدميه " ح " أو غض الطرف ورفع [الرأس مأخوذ] من [البعير] المقمح وهو الذي يرفع رأسه ويطبق أجفانه في الشتاء إذا ورد ماء، أو أن يجذب ذقنه إلى صدره ثم يرفعه من القمح وهو رفع الشيء [إلى الفم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 9 - {سَدّاً} عن الحق، أو ضلالاً، أو ظلمة منعتهم من الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما هموا به. قيل: السُّد بالضم ما صنعه الله وبالفتح ما صنعه الناس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} بظلمة الكفر {فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} الهدى، أو بظلمة الليل فهم لا يبصرون الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما هموا بقتله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 11 - {بِالْغَيْبِ} بما يغيب عن الناس من شر عمله، أو بما غاب من عذاب الله - تعالى -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 12 - {نُحْيِ الْمَوْتَى} بالإيمان بعد الكفر، أو بالبعث للجزاء {مَا قَدَّمُواْ} من خير، أو شر {وآثارهم} ما ابتدءوا من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعدهم، أو خطاهم إلى المساجد نزلت لما أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد فقال رسول [صلى الله عليه وسلم] " إن آثاركم تكتب " فلم يتحولوا {إِمَامٍ} اللوح المحفوظ، أو أم الكتاب، أو طريق مستقيم. {وَاضْرِبْ لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون (13) إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون (14) قالوا ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا ومآ أنزل الرحمن من شيءٍ إن أنتم إلا تكذبون (15) قالوا ربنا يعلم إنآ إليكم لمرسلون (16) وما علينآ إلا البلغ المبينُ (17) } {الْقَرْيَةِ} إنطاكية اتفاقاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 14 - {اثنين} شمعون ويوحنا، أو صادق ومصدوق " ع "، أو سمعان ويحيى {فَعَزَّزْنَا} فزدنا أو قوينا، أو شددنا " كانوا رسلاً من الله - تعالى -، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 من الحواريين أرسلهم عيسى [156 - ب] / ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 17 - {الْبَلاغُ الْمُبِينُ} بالإعجاز قيل: إنهم أحْيوا ميتاُ وأبرءوا زَمِناً. {قَالُوَاْ إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهواْ لنرجمنكمْ وليمسنكم منا عذابٌ أليمٌ (18) قالوا طائركم معكمْ أئن ذكرتم بلْ أنتمْ قومٌ مسرفونَ (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 18 - {تَطَيَّرْنَا} تشاءمنا، أو معناه إن أصابنا شر فهو من أجلكم تحذيراً من الرجوع عن دينهم {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} بالحجارة، أو الشتم والأذى أو لنقتلنكم {عَذَابٌ أَلِيمٌ} القتل، أو التعذيب المؤلم قبل القتل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 19 - {طَآئِرُكُم مَّعَكُمْ} الشؤم إن أقمتم على الكفر إذا ذكِّرتم أو أعمالكم معكم إن ذكِّرتم بالله تطيرتم، أو كل من ذكَّركم بالله تطيرتم. {مُّسْرِفُونَ} في تطيركم، أو كفركم. {وَجَاءَ من أقصَا المدينةِ رجلٌ يسعَى قالَ ياقومِ اتبعُوا المرسلينَ (20) اتبعواْ من لاَّ يسئلكمْ أجراً وهم مهتدون (21) ومالِىَ لآ أعبدُ الذِي فطرنِى وإليهِ ترجعونَ (22) ءأتخذُ من دونهِ ءالهةً إن يردنِ الرحمنُ بضرٍّ لاَّ تغنْ عنِّى شفاعتهمْ شيئاً ولاَ ينقذونِ (23) إنِّى إذاً لفِى ضلالٍ مبينٍ (24) إنِىءامنتُ بربكمْ فاسمعونِ (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 20 - {وَجَآءَ} رجل هو حبيب النجار " ع "، أو كان إسكافاً أو قصاراً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 علم نبوتهم لأنه كان مجذوماً زَمِناً فأبرءوه " ع "، أو لما دعوه قال أتأخذون على ذلك أجراً قالوا لا فآمن بهم وصدقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 22 - {وَمِاليَ لآ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى} لما قالها وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه وهو يقول يا رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 25 - {إني آمنت بِرَبِّكُمْ} يا قوم، أو خاطب به الرسل {فاسمعون} فاشهدوا لي. {قِيلَ ادخلِ الجنةَ قالَ ياليتَ قومِي يعلمونَ (26) بمَا غفرَ لِى ربِّى وجعلنِى منَ المكرمينَ (27) وما أنزلنَا علَى قومهِ من بعدهِ من جندٍ مِّنَ السمآءِ ومَا كنَّا منزلينَ (28) إن كانتْ إلاَّ صيحةً واحدةً فإذَا همْ خمِدُونَ (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 26 - {يا ليت قَوْمِى يَعْلَمُونَ} تمنى أن يعلموا حُسن عاقبته، أو تمنى ذلك ليؤمنوا كإيمانه فيصيروا إلى ما صار إليه فنصحهم حياً وميتاً " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 28 - {مِن جُندٍ} أي رسالة لأن الله - تعالى - قطع عنهم الرسل لما قتلوا رسله، أو الملائكة الذين ينزلون الوحي على الأنبياء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 29 - {صَيْحَةَ} عذاباً، أو صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة ليس لها مثنوية. {يَاحَسْرَةً علَى العبادِ ما يأتيهِم مِّن رَّسولٍ إلاَّ كانواْ يستهزءونَ (30) ألمْ يرواْ كمْ أهلكنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 قَبلهم مِّنَ القرونِ أنهمْ إليهمْ لاَ يرجعونَ (31) وإن كلٌّ لمَّا جميعٌ لدينَا محضرونَ (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 30 - {يا حسرةً) يا حسرة العباد على أنفسهم، أو يا حسرتهم على الرسل الثلاثة أو حلوا محل من يُتحسر عليه " ع " والحسرة بعد معاناة العذاب، أو في القيامة " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 32 - {محضرون} معذبون، أو مبعوثون. {وَءَايةٌ لهمُ الأرضُ الميتةُ أحييناهَا وأخرجنَا منهَا حبًّا فمنهُ يأكلونَ (33) وجعلنَا فيهَا جنَّتٍ مِّن نَّخيلٍ وأعنابٍ وفجَّرنَا فيهَا منَ العيونِ (34) ليأكلواْ من ثمرِهِ ومَا عملتْهُ أيديهمْ أفلاَ يشكرونَ (35) سبحانَ الذِي خلقَ الأزواجَ كلهَا ممَّا تنبتُ الأرضُ ومنْ أنفسهمْ وممَّا لا يعلمونَ (36) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 35 - {وما عَمِلَتْ} ومما عملت، أو وما لم تعمله أيديهم من الأنهار التي أجراها الله - تعالى - لهم كالفرات ودجلة والنيل ونهر بلخ، أو وما لم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته الله - تعالى - لهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 36 - {الأَزْوَاجَ} " ع " الأصناف، أو الذكر والأنثى {مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ} النخل والشجر والزرع من كل صنف وزوج {ومما لا يعلمون} الأرواح. {وَءَايَةٌ لهمُ اليلُ نسلخُ منهُ النهارَ فإذَا هم مظلمونَ (37) والشمسُ تجرِي لمستقرٍّ لهَا ذلكَ تقديرُ العزيزِ العليمِ (38) والقمرَ قدرناهُ منازلَ حتَّى عادَ كالعرجونِ القديمِ (39) لا الشمسُ ينبغِي لهَآ أن تدركَ القمرَ ولاَ اليلُ سابقُ النهارِ وكلٌّ في فلكٍ يسبحونَ (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 37 - {نَسْلَخُ} نخرج من سلخ الشاة إذا أخرجت من جلدها {مُّظْلِمُونَ} داخلون في الظلمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 38 - {لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} انتهاء أمرها عند انتهاء الدنيا، أو لوقت واحد لا تعدوه، أو أبعد منازلها إلى الغروب وقرأ ابن عباس - رضي الله عنهما - لا مستقر لها أي لا قرار ولا وقوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 39 - {قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يطلع كل ليلة في منزلة {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} قنو النخل اليابس وهو العذق أو النخل إذا انحنى حاملاً " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 40 - {أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ} " لكلٍّ حد وعلَم " لا يعدوه ولا يقصر دونه ويُذهب سلطان كل واحد منهما مجيء الآخر، أو لا يدرك أحدهما ضوء الآخر، أو لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة، أو إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر " ع "، أو لا تدركه ليلة البدر خاصة لأنه يبادر بالغروب قبل طلوعها {سَابِقُ النَّهَارِ} لا يتقدم الليل [157 / أ] / قبل كمال النهار، أو لا يأتي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 ليلتين متصلتين من غير نهار فاصل {وَكُلٌّ} الشمس والقمر والنجوم {فِى فَلَكٍ} بين الأرض والسماء غير ملتصقة بالسماء {يسبحون} يعملون، أو يجرون " ع "، أو يدورون كما يدور المغزل في الفلكة. {وَءَايةٌ لهمْ أنا حملنَا ذريتهمْ في الفلكِ المشحونِ (41) وخلقنَا لهم من مثلهِ مما يركبونَ (42) وإن نشأْ نغرقهمْ فلاَ صريخَ لهمْ ولاَ همْ ينقذونَ (43) إلاَّ رحمةً مِّنَّا ومتاعاً إلى حينٍ (44) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 41 - {ذُرِّيَّتَهُمْ} آباءهم لأن منهم ذرى الأبناء والفلك: سفينة نوح أو الأبناء والنساء لأنهم ذرءوا الآباء حملوا في الفلك: وهي السفن الكبار أو النطف حملها الله - تعالى - في بطون النساء تشبيهاً بالفلك قاله علي - رضي الله تعالى عنه - {الْمَشْحُونِ} الموقر، أو المملوء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 42 - {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ} خلقنا مثل سفينة نوح من السفن ما يركبونه " ع "، أو السفن الصغار خلقها كالكبار، أو سفن الأنهار كسفن البحار، أو الإبل تركب في البر كما تركب السفن في البحر " ح " والعرب يشبهون الإبل بالسفن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 43 - {فَلا صَرِيخَ} فلا مغيث، أو لا منعة {يُنقَذُونَ} من الغرق، أو العذاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 44 - {إِلا رَحْمَةً} نعمة، أو إلا برحمتنا {إِلَى حين} الموت، أو القيامة {وَإِذَا قيلَ لهمُ اتقواْ ما بينَ أيديكمْ ومَا خلفكمْ لعلكمْ ترحمونَ (45) ومَا تأتيهم مِّنْ ءايةٍ مِّنْ ءاياتِ ربهمْ إلاَّ كانواْ عنهَا معرضينَ (46) وإذَا قيلَ لهمْ أنفقواْ ممَّا رزقكُمُ اللهُ قالَ الَّذينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 كفرواْ للذينَ ءامنوآْ أنطعمُ من لوْ يشاءُ اللهُ أطعمهُ إنْ أنتُمْ إلاَّ فِي ضلالٍ مُّبينٍ (47) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 45 - {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} ما مضى من ذنوبكم وما خلفكم ما يأتي من الذنوب، أو ما بين أيديكم من الدنيا وما خلفكم عذاب الآخرة، أو ما بين أيديكم من الدنيا وما خلفكم عذاب الآخرة، أو ما بين أيديكم عذاب [الله لمن تقدم] كعاد وثمود وما خلفكم أمر الساعة وجواب هذا الكلام أعرضوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 46 - {من آية} من كتاب الله، أو من رسوله، أو من معجزة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 47 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} اليهود أمروا بإطعام الفقراء فقالوا ذلك " ح " أو الزنادقة أو مشركو قريش جعلوا لأصنامهم سهماً من أموالهم فلما سألهم الفقراء أجابوهم بذلك. {إِنْ أَنتُمْ إِلا في ضلال} قول الكفار لمن أمرهم بالإطعام، أو قول الله للكفار لما ردوا هذا الجواب. {وَيَقُولُونَ متَى هذَا الوعدُ إن كنتمْ صادقينَ (48) ما ينظرونَ إلاَّ صيحةً واحدةً تأخذهُمْ وَهُمْ يخصِّمُونَ (49) فلا يستطيعونَ توصيةً ولآَ إلَى أهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 48 - {هَذَا الْوَعْدُ} من العذاب، أو ما وعدوا به من الظفر بهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 49 - {صَيْحَةً} النفخة الأولى ينتظرها آخر هذه الأمة من المشركين {يَخْصِّمُونَ} يتكلمون، أو يخصِّمون في دفع النشأة الثانية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 50 - {تَوْصِيَةً} أن يوصي بعضهم إلى بعض بما في يديه من حق. {إِلَى أَهْلِهِمْ} منازلهم. {وَنُفِخَ في الصُّورِ فإذَا هُم مِّنَ الأجْدَاثِ إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قالواْ يوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرحْمَنُ وَصَدقَ المُرْسَلُونَ (52) إن كانَتْ إلاَّ صيحةً واحدةً فإذَا هُمْ جميعٌ لَّديْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نفسٌ شَيْئاً ولاَ تَجْزَوْنَ إلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون (54) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 51 - {ونُفِخ فِى الصُّورِ} نفخة البعث يبعث بها كل ميت والأولى يموت بها كل حي وبينهما أربعون سنة والنفخة الثانية من الآخرة والأولى من الدنيا، أو الآخرة " ح " {الأَجْدَاثِ) {القبور} (ينسلون} يخرجون، أو يسرعون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 52 - {قالوا يا ويلنا} يقوله المؤمنون ثم يجيبون أنفسهم فيقولون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} أو يقوله الكفار فيقول لهم المؤمنون، أو الملائكة {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن} . {إِنَّ أَصْحَبَ الجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَجُهُمْ فِي ظِلَلِ علَى الأرآئِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لهمْ فيهَا فَكِهةٌ ولهُم مَّا يدَّعُونَ (57) سَلَمٌ قوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحيمٍ (58) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 55 - {شُغُلٍ} عما يلقاه أهل النار، أو افتضاض الأبكار، أو الطرب أو النعمة {فَاكِهُونَ} وفكهون واحد كحذر وحذر، أو الفكه الذي يتفكه بالطعام [أو بأعراض] الناس والفاكه ذو الفاكهة وها هنا فرحون " ع "، أو ناعمون، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 معجبون، أو ذو فاكهة كشاحم [ولا حم ولابن] وتامر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 57 - {مَّا يَدَّعُونَ} يشتهون، أو يسألون، أو يتمنون، أو يدعونه [157 / أ] / فيأتيهم مأخوذ من الدعاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 58 - {سَلامٌ} تسليم الرب عليهم إكراماً لهم، أو تبشيره لهم بالسلامة. {وامتَزُواْ اليومَ أيُّهَا المجرمونَ (59) ألمْ أعهدْ إليْكُمْ يَبَنِىءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إنَّهُ لكُمْ عدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وأنِ اعبدونِى هذَا صراطٌ مُّستقِيمٌ (61) ولقدْ أضلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تكونُواْ تَعْقِلُونَ (62) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 62 - {جبلا} جموعاً، أو أمماً، أو خلقاً. {هَذِهِ جهنَّمُ الَّتِي كنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا اليَوْمَ بِمَا كنتُمْ تكفرُونَ (64) اليَوْمَ نختمُ علَى أفواههِمْ وتُكَلِّمُنآ أيديهمْ وتشهدُ أرجُلُهُم بِمَا كانُواْ يكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نشآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فاستَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَهُمْ علَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا استْطَاعُواْ مُضِيًّا وَلاَ يَرْجِعُونَ (67) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 65 - {نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} ليعرفهم أهل الموقف فيتميزون منهم، أو لأن إقرار غير الناطق وشهادته أبلغ من إقرار الناطق، أو ليعلم أن أعضاءه التي أعانته في حق نفسه من المعصية صارت شهوداً عليه في حق الله، أو إذا قالوا {والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] ختم على أفواههم حتى نطقت جوارحهم {وَتُكَلِّمُنَآ} نطقاً، أو يظهر منها ما يقوم مقام الكلام، أو إن الموكلين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 بها يشهدون عليها. وسمي كلام الأرجل شهادة لأن العمل باليد والرجل حاضرة وقول الحاضر على غيره شهادة وقول الفاعل على نفسه إقرار فعبّر عما صدر عن الأيدي بالكلام وعما صدر عن الأرجل بالشهادة قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " أول عظم [من الإنسان] يتكلم فخذه من الرجل اليسرى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 66 - {لَطَمَسْنَا} أعمينا أبصار المشركين في الدنيا فضلوا عن الطريق فلا يبصرونه أو أعمينا قلوبهم فضلوا عن الحق فلا يهتدون إليه " ع " والمطموس الذي لا يكون بين عينيه شق مأخوذ من طمس الأثر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 67 - {لَمَسَخْنَاهُمْ} أقعدناهم على أرجلهم فلا يستطيعون تقدماً ولا تأخراً، أو لأهلكناهم في مساكنهم " ع "، أو لغيرنا خلقهم فلا ينتقلون {فَمَا اسْتَطَاعُواْ} لو فعلنا ذلك تقدماً ولا تأخراً أو ما استطاعوا مضياً في الدنيا ولا رجوعاً فيها. {وَمَن نُّعمِّرْهُ ننكِّسْهُ في الخَلْقِ أفلاَ يَعْقِلُونَ (68) ومَا علَّمنهُ الشِّعْرَ ومَا ينبغِي لهُ إنْ هُوَ إلاَّ ذكرٌ وقرْءَانٌ مُّبينٌ (69) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حيًّا ويحقَّ القوْلُ عَلَى الكَفِرينَ (70) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 68 - {نُّعَمِّرْهُ} ببلوغ الهرم، أو ثمانين سنة {نُنَكِّسْهُ} نرده إلى الضعف وحالة الصغر لا يعلم شيئاً، أو نغير سمعه وبصره وقواه {أَفَلا يَعْقِلُونَ} أن فاعل هذا قادر على البعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 70 - {لتنذر} يا محمد وبالياء القرآن {حَيّاً} عاقلاً، أو مؤمناً، أو مهتدياً، أو حي القلب والبصر {ويحق القول} يجب العذاب. {أَوَلَمْ يَرَوْا أنَّا خلقْنَا لهُم مِّمَّا عملتْ أيدينآ أنعاماً فَهُمْ لَهَا مَلِكُونَ (71) وذلَّلْنها لهمْ فَمِنْهَا ركُوبُهُمْ ومنْهَا يَأْكُلُونَ (77) ولَهُمْ فيهَا مَنَفِعُ ومشَارِبُ أَفَلاَ يشْكُرُونَ (73) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 71 - {ما عَمِلَتْ أَيْدِينَآ} من فعلنا من غير أن نكله إلى غيرها، أو بقوتنا {والسماء بنيناها بأيد} [الذاريات: 47] {مَالِكُونَ} [ضابطون] ، أو مقتنون، أو مطيقون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 72 - {رَكُوبُهُمْ} الدابة التي تصلح للركوب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 73 - {منافع} لباس أصوافها {ومشارب} ألبانها. {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ ءالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لاَ يستطيعونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75) فلاَ يحزُنكَ قوْلُهُمْ إنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 75 - {جُندٌ} شيعة، أو أعوان أي المشركون جند الأصنام {مُحْضَرُونَ} في النار، أو عند الحساب، أو في الدفع عن الأصنام وهي لا تدفع عنهم. قال قتادة: كانوا في الدنيا يغضبون لآلهتهم إذا ذُكرت بسوء وآلهتهم لا تنصرهم. {أَوَلَمْ يَرَ الإنسانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكمُ مِّنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 77 - {أو لم يَرَ الإِنسَانُ} أُبي بن خلف جادل في البعث، أو العاص بن وائل أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده ثم قال يا محمد: أيحيي هذا الله بعد ما بلى. قال: نعم يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم فنزلت " ع " {خَصِيمٌ} مجادل {مُّبِينٌ} حجة، يجوز أنُ يذكِّره بذلك نعمه، أو يدله به على قدرته على البعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 80 - {مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ} الذي قدر على إخراج النار من الشجر مع ما بينهما من التضاد قادر على البعث. قيل تُقدح النار من كل شجر إلا العناب [158 / أ] / وقيل الشجر محمد [صلى الله عليه وسلم] والنار الهدى والنور الذي جاء به {تُوقِدُونَ} تقتبسون الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 {أَوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالأَرْضَ بِقَدِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ (81) إنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَأدَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَنَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 82 - {أَن يَقُولَ لَهُ كُن} بأمره فيوجد، أو ليس في كلامهم أخف ولا أسرع من كن فجعلها مثلاً لأمره في السرعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 83 - {مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ} خزائنه، أو ملكه وفيه مبالغة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 سورة الصافات مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَالصَّافَّاتِ صَفًا (1) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (2) فالتَّاليات ذِكْرا (3) إنَّ إلهكم لواحدٌ (4) رَّبُّ السَمواتِ والأرضِ وَما بينهما وربُّ المشَارِقِ (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 1 - {و َالصَّآفَّاتِ} الملائكة صُفُوفاً في السماء، أو في الصلاة عند ربهم " ح " أوصافة أجنحتها في الهواء قائمة حتى يأمرها الله - تعالى - بما يريد، أو هم عباد السماء أو جماعة المؤمنين صافِّين في الصلاة والقتال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 2 - {فَالزَّاجِرَاتِ} الملائكة لزجرها السحاب، أو عن المعاصي، أو آيات القرآن الزواجر الأمر والنهي التي زجر الله - تعالى - بهما عباده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 3 - {فَالتَّالِيَاتِ} الملائكة تقرأ كتب الله، أو الأنبياء يتلون الذكر على أُممهم " ع " أو ما يُتلى في القرآن من أخبار الأُمم السالفة. أقسم بذلك، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 برب ذلك تعظيماً له فحذف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 5 - {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ} خالقها، أو مالكها {الْمَشَارِقِ} مشارق الشمس صيفاً وشتاء مائة وثمانون مشرقاً تطلع كل يوم في مطلع فتنتهي إلى آخرها ثم ترجع في تلك المطالع حتى تعود إلى أولها قاله السدي هو بعيد. {إِنَّا زَيَّنا السماءَ الدُّنيا بِزِينةٍ الكواكِبِ (6) وَحِفظاً مِن كُلِّ شَيطانٍ مَاردٍ (7) لاَّ يسمعونَ إلى الملأِ الأَعلَى ويُقذفون من كُلِّ جانبٍ (8) دُحُوراً ولهُم عذابٌ واصبٌ (9) إلا من خطِفَ الخطفَة فأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 7 - {وَحِفْظاً} للسماء من كل شيطان مارد، أو جعلنا من الكواكب حفظاً من كل شيطان قاله السدي {مَّارِدٍ} متجرد من الخير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 8 - {لا يَسَّمَّعُونَ} منعوا من السمع والتسمع، أو يتسمعون ولا يسمعون " ع " {الْمَلإِ الأَعْلَى} السماء الدنيا، أو الملائكة {وَيُقْذَفُونَ} يرمون من كل مكان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 9 - {دُحُوراً} قذفاً بالنار، أو طرداً بالشهب، أو الدحور الدفع بعنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 10 - {خطف الخطفة} وثب الوثبة " ع "، أو استراق السمع. {شِهَابٌ} نجم {ثَاقِبٌ} مضيء، أو ماضي، أو محرق، أو يثقب، أو يستوقد من قولهم أثقب زندك أي استوقد نارك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 {فَاسْتَفِتْهِمْ أهمْ أشدُّ خلقاً أم من خلقنا أنا خلقناهم من طينٍ لازبٍ (11) بلْ عجِبْتَ ويَسْخَرونَ (12) وإذا ذُكِروا لا يَذكرون (13) وإذا رأوا ءايةً يستخسِرون (14) وقالوا إن هذا إلا سحرٌ مبين (15) أءذنا متنا وكنا تراباً وعظاماً إءنا لمبعوثون (16) أو ءاباؤنا الأولون (17) قل نعمْ وأنتم داخرون (18) فإنما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذَا هم ينظُرُون (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 11 - {فَاسْتَفْتِهِمْ} فحاجهم، أو سلهم من استفتاء المفتي {أمِّن خَلَقْنَآ} السماوات والأرض والجبال، أو السموات والملائكة، أو الأمم الماضية هلكوا وهم أشد خلقاً من هؤلاء {طِينٍ لاَّزِبٍ} " خلق آدم من ماء وتراب ونار "، أو لزج أو لاصق، أو لازق وهو الذي لزق بما أصابه واللاصق الذي يلصق بعضه ببعض، أو اللازب واللازم بمعنى قيل نزلت في ركانة بن عبد يزيد وأبي الأشد بن [أسيد بن كلاب الجمحي] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 12 - {بل عجبتُ} أنكرت، أو حلوا محل من يتعجب منه لأن الله - تعالى - لا يتعجب إذ التعجب بحدوث العلم بما لم يعلم وبالفتح عجبت يا محمد من القرآن حين أُعطيته، أو من الحق الذي جاءهم فلم يقبلوه {ويسخرون} من الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا دعاهم [158 / ب] /، أو من القرآن إذا تلي عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 13 - {لا يَذْكُرُونَ} لا ينتفعون، أو لا يبصرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 14 - {يَسْتَسْخِرُونَ} يستهزئون قيل ذلك في ركانه وأبي الأشد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 18 - {داخرون} صاغرون ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 19 - {زجرة} صيحة أي النفخة الثانية. {وَقَالُواْ يَويلنا هذا يومُ الدين (20) هذا يومُ الفصلِ الذي كنتمُ بهِ تُكَذِبونَ (21) أحشٌ رُوا الذين ظَلموا وأَزْواجِهمْ ومَا كانوا يَعْبُدُون (22) مِن دُونِ الله فاهدُوهُمْ إلى صِراطِ الجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إنهُم مسئولون (24) مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُون (25) بلْ هُمُ اليومَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 20 - {الدِّينِ} الجزاء، أو الحساب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 21 - {يَوْمُ الْفَصْلِ} بين الحق والباطل، أو القضاء بين الخلق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 22 - {وأزواجَهُم} أشباههم المرابي مع المرابين والزاني مع الزناة وشارب الخمر مع شاربيه، أو قرناءهم " ع "، أو أشياعهم، أو نساؤهم الموافقات على الكفر. {وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ} إبليس، أو الشياطين، أو الأصنام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 23 - {فَاهْدُوهُمْ} دلوهم، أو وجهوهم، أو ادعوهم و {صِرَاطِ الْجَحِيمِ} طريق النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 24 - {مَّسْئُولُونَ} عن قول لا إله إلا الله، أو عما دَعَوا إليه من بدعة مأثور أو عن جلسائهم، أو عن ولاية علي، أو محاسبون، أو مسئولون بقوله {مالكم لا تناصرون} : [25] توبيخاً وتقريعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 25 - {لا تَنَاصَرُونَ} لا ينصر بعضكم بعضاً، أو لا يمنع بعضكم بعضاً عن دخول النار، أو لا يتبع بعضكم بعضاً في النار يعني العابد والمعبود. {وَأَقْبَلَ بعضهُمُ على بعضٍ يتساءَلُونَ (27) قالوا إنكم كنتمُ تأتوننا عَنِ اليَمينِ (28) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (29) وَما كَانَ لنا عليكمُ من سُلطانٍ بل كنتمُ قوماً طاغينَ (30} فحقَّ علينا قولُ ربنا إنا لَذائقون (31) فأغَوَيْنَاكُمْ إنا كُنا غَاوين (32) فإنهم يومئذٍ في العذابِ مُشتركُونَ (33) إنَّا كذلكَ نَفْعَلُ بالمجرِمين (34) إنَّهُم كَانوا إذا قيلَ لهمْ لا إلهَ إلا اللهُ يستكبرونَ (35) ويقولونَ إئنا لتاركوا ءالهتِنَا لشاعرٍ مجنونٍ (36) بلْ جاءَ الحقِ وصدَقَ المُرْسَلينَ (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 27 - {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} عام " ع "، أو أقبل الإنس على الجن، {يَتَسَآءَلُونَ} يتلاومون، أو يتوانسون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 28 - {أنكم كنتم} قاله الإنس للجن، أو الضعفاء للمستكبرين " ع " {عَنِ الْيَمِينِ} تقهروننا بالقوة " ع " واليمين القوة، أو من قبل ميامنكم، أو من قبل الخير فتصدونا عنه " ح "، أو من حيث نأمنكم، أو من قبل الدين، أو من قبل النصيحة واليُمْن، والعرب تتيمن بما جاء عن اليمين، أو من قبل الحق. {إِنَّكُمْ لذائقوا العذاب الأليمِ (38) ومَا تُجْزَوْنَ إلا ما كنتُمْ تعملونَ (39) إلا عبادَ اللهِ المُخلصينَ (40) أولئكَ لهمْ رِزْقٌ معلومٌ (41) فَواكِهُ وهم مكرمون (42) في جنات النعيم (43) على سُرُرٍ متقابلين (44) يُطَافُ عليهم بكأسٍ من معينٍ (45) بيضاءَ لَذَّةٍ للشاربين (46) لا فيها غَوْلٌ ولا هُمْ عنها يُنزَفُونَ (47) وعندَهُمْ قَاصِراتُ الطَّرْفِ عينٌ (48) كأنَّهُنَّ بَيْضٌ مكنونٌ (49) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 45 - {بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} الخمر الجاري، أو الذي لم يعصر، والماء المعين هو الظاهر للعيون، أو الشديد الجري من قولهم أمعن في كذا إذا اشتد دخوله فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 47 - {غَوْلٌ} صداع " ع "، أو وجع البطن، أو أدنى مكروه، أو إثم، أو لا تغتال عقولهم {يُنزَفُونَ} لا تنزف عقولهم ولا يذهب حلمهم بالسكر، أو لا يبولون " ع " برأ الله خمرهم عن السكر والبول والصداع والقيء بخلاف خمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 الدنيا، أو لا تفنى خمرهم من نزف الركيَّة، بفتح الزاي ذهاب العقل وبكسرها فناء الخمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 48 - {قاصرات الطرف} قصرن نظرهن عن أزواجهن فلا ينظرن إلى سواهم واقتصر على كذا قنع به وعدل عن غيره {عِينٌ} حسان الصور، أو عظام الأعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 49 - {بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} لؤلؤ في صدفة " ع "، أو بيض مصون في قشره شبهن ببيض النعام يكنه الريش من الغبار والريح فهو أبيض إلى الصفرة، أو شبههن ببطن البيض إذا لم تناله يد أو شبههن ببياضه حين ينزع قشره أو بالسحاء الذي يكون بين قشر البيضة العليا ولبابها. {فَأَقْبَلَ بعضُهمْ على بعضٍ يتساءلون (50) قالَ قائلٌ منهم إني كانَ لي قرينٌ (51) يقولُ أءنكَ لمنَ المصدقين (52) أءذا مِتْنا وكُنَّا تُراباً وعظَاماً أءنا لمَدِينونَ (53) قال هلْ أنتم مطلعون (54) فاطلعَ فراءه في سواءِ الجحيم (55) قال تالله إن كدتَ لتردين (56) ولولا نعمةُ ربي لكنتُ منَ المُحْضَرينَ (57) أفما نحن بميتين (58) إلا موتتَنا الأولى وما نحنُ بمعذبينَ (59) إن هذا لهوَ الفوزُ العظيمُ (60) لمثْلِ هذا فليعملِ العاملون (61) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 50 - {يَتَسَآءَلُونَ} يسأل أهل الجنة كما يسأل أهل النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 51 - {قَرِينٌ} في الدنيا شيطان يغويه فلا يطيعه، أو شريك له يدعوه إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 الكفر فلا يجيبه " ع " أو الأخوان [159 / أ] / المذكوران في سورة الكهف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 53 - {لَمَدِينُونَ} محاسبون، أو مجازون " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 54 - {قَالَ هَلْ} قال لأهل الجنة، أو الملائكة هل أنتم {مُّطَّلِعُونَ} في النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 55 - {سَوَآءِ الْجَحِيمِ} وسطها سمي الوسط سواء لاستواء المسافة منه إلى الجوانب قال قتادة: فوالله لولا أن الله - تعالى - عَرَّفه إياه لما كان يعرفه لقد تغير حِبْره وسِبْره يعني حسنه وتخطيطه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 56 - {قال تالله} قاله المؤمن لقرينه الكفار {لَتُرْدِينِ} لتباعدني من الله - تعالى -، أو لتهلكني لو أطعتك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 57 - {نعمة ربي} بالإيمان. {أَذَلِكَ خيرٌ نزلاً أم شجرةُ الزقوم (62) إنا جعلناها فتنةً للظالمين (63) إنها شجرةٌ تخرجُ في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رءوس الشياطين (65) فإنهم لآكلونَ منها فمالئون منها البطون (66) ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم (67) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنهم ألفوا ءاباءهم ضالين (69) فهم علىءاثارهم يهرعون (70) ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 إلا عباد الله المخلصين (74) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 62 - {نُزُلاً} النزل الرزق الواسع أصله الطعام الذي يصلح أن ينزلوا معه {شجَرَةُ الزَّقُّومِ} قوت أهل النار مرة الثمرة خشنة اللمس منتنة الريح، ولما نزلت قال [كفار] قريش ما نعرف هذه الشجرة وقال ابن الزَّبَعْرَى الزقوم رطب البربر والزبد فقال أو جهل يا جارية أبغينا تمراً وزبداً ثم قال لأصحابه تزقموا هذا الذي يوعدنا محمد بالنار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 63 - {فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ} بما ذكرنا أنهم قالوه فيها، أو شدة عذاب لهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 64 - {تَخْرُج فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ} وصفها بذلك لاختلافهم فيها قال قطرب: الزقوم من خبيث النبات وهو كل طعام قتال، أو أعلمهم بذلك جواز بقائها في النار لأنها تنبت فيها قيل تنبت في الباب السادس وتحي بلهب النار كما تحي أشجارنا بالماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 65 - {رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} شبهها بها لاستقباحها في النفوس وإن لم تشاهد قال: امرؤ القيس: (أيقتلنِي والمَشرفيُّ مُضاجِعي ... وَمسنُونةٌ زُرْقٌ كأنيابِ أغوالِ) شبهها بالأغوال وإن لم ترها الناس، أو شبهها بحية قبيحة الرأس يسميها العرب شيطاناً، أو أراد شجراُ بين مكة والمدينة سمي رؤوس الشياطين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 67 - {لشَوْباً} مزاجاً {مِّنْ حَمِيمٍ} الحار الداني من الإحراق وسمي القريب حميماً لقربه من القلب والمحموم لقرب حرارته من الإحراق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 (أحم الله ذلك من لقاء ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) أي قَرَّبه، فيمزج الزقوم بالحميم لتجمع حرارة الحميم ومرارة الزقوم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 68 - {مَرْجِعَهُمْ} مأواهم في النار، أو يدل على أنهم إذا أكلوا الزقوم وشربوا الحميم ليسوا في النار بل في عذاب آخر، أو مرجعهم بعد أكل الزقوم إلى عذاب الجحيم، والجحيم: النار الموقدة، أو هم في النار {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] ثم يرجعون إلى مواضعهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 70 - {يُهرعونَ} يُسرعون الإهراع: إسراع المشي برعدة، أو يُستحثون من خلفهم، أو يُزعجون إلى الإسراع. {وَلَقَدْ نادانا نوحٌ فلنعم المجيبون (75) ونجيناه وأهلهُ من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذريته هم الباقين (77) وتركنا عليه في الآخرين (78) سلامٌ على نوحٍ في العالمين (79) إنا كذلك نجزي المحسنين (80) إنه من عبادنا المؤمنين (81) ثم أغرقنا الآخرين (82) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 75 - {نَادَانَا} دعانا على قومه بالهلاك لما يئس من إيمانهم ليطهر الأرض منهم، أو ليكونوا عبرة لغيرهم ممن بعدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 76 - {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} كانوا ثمانية. نوح وأولاده الثلاثة وأربع نسوة {الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} أذى قومه، أو غرق الطوفان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 77 - {هم الباقين} [159 / ب] / فالناس كلهم من ذريته العرب والعجم أولاد سام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 والروم والترك والصقالبة أولاد يافث والسودان أولاد حام " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 78 - {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الأَخِرِينَ} الثناء الحسن، أو لسان صدق للأنبياء كلهم، أو قوله {سَلاَمٌ على نوح في العالمين} [79] . {وَإِنَّ من شيعتهِ لإبراهيم (83) إذ جاء ربه بقلب سليم (84) إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون (85) إئفكاً ءالهةً دون الله تريدون (86) فما ظنكم بربِّ العالمين (87) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 83 - {شِيعَتِهِ} من أهل دينه، أو على سنته ومنهاجه يعني إبراهيم من شيعة نوح، أو شيعة محمد [صلى الله عليه وسلم] قيل الشيعة الأعوان أخذ من الأشياع الحطب الصغار يوضع مع الكبار لتعين على وقودها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 84 - {سَلِيمٍ} من الشك " أو ناصح لله - تعالى - في خلقه، أو الذي يحب للناس ما يحب لنفسه وسلم الناس من غشه وظلمه وأسلم لله - تعالى - بقلبه ولسانه "، أو مخلص، أو لا يكون لعاناً. {فَنَظَرَ نظرةً في النجومِ (88) فقال إني سقيم (89) فتولوا عنه مدبرين (90) فراغ إلىءالهتهم فقال ألا تأكلون (91) ما لكم لا تنطقونَ (92) فراغ عليهم ضرباً باليمين (93) فأقبلوا إليه يزفون (94) قال أتعبدون ما تنحِتُون (95) والله خلقكم وما تعملون (96) قالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم (97) فأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين (98) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 88 - {فنظر نظرة في النجوم} رأى نجماً طالعاُ [فقال {إني سقيم} قاله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 سعيد بن المسيب] أو هي كلمة للعرب تقول لمن نظر في أمره وتفكر قد نظر في النجوم قاله قتادة، أو نظر فيما نجم من قومه، أو كان علم النجوم من علم النبوة فلما حبست الشمس على يوشع بن نون أبطل الله ذلك فنظر إبراهيم فيها وكانت علماً نبوياً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 88 - {فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} استدل بها على وقت حمى كانت تأتيه، أو سقيم فيما في عنقي من الموت، أو بما أرى من قبح عبادتكم لغير الله - تعالى -، أو سقيم لعلة عرضت له، أو أرسل إليه ملكهم بأن يخرج معهم من الغد إلى عيدهم فنظر إلى نجم فقال إن هذا النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقمي فكابد نبي الله [صلى الله عليه وسلم] عن دينه، سقيم: أي طعين وكانوا يفرون من المطعون وهذه خطيئته التي قال اغفر لي خطيئتي يوم الدين وعدها الرسول [صلى الله عليه وسلم] من كذبه في ذات الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 91 - {فراغ إلى آلهتهم} ذهب، أو مال إليهم، أو أقبل عليهم، أو أحال عليهم {أَلا تأْكُلُونَ} استهزاء بهم، أو وجدوهم خرجوا إلى العيد وجعلوا لأصنامهم طعاماً كثيراً فقال لها ألا تأكلون تجهيلاً لمن عبدها وتعجيزاً لها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 93 - {بِالْيَمِينِ} اليد اليمنى لأن ضربها أشد، أو باليمين التي حلفها في قوله {وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ) [الأنبياء: 57] أو اليمين القوة وقوة النبوة أشد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 91 - {يَزِفُّون} يجرون " ع "، أو يسعون، أو يتسللون، أو يرعدون غضباً، أو يختالون وهو مشية الخيلاء ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها، " وقوله يتسللون حال بين المشي والعدو ومنه زفيف النعامة لأنه بين المشي والعدو ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 98 - {الأَسْفَلِينَ} في الحجة، أو في جهنم، أو المهلكين لأن الله - تعالى - عقب ذلك بهلاكهم، أو المقهورين لخلاصه من كيدهم فما أحرقت النار إلا وثاقه وما انتفع بها يومئذ أحد من الناس وكانت الدواب كلها تطفئ النار عنه إلا الوزغ فإنه كان ينفخها عليه فأمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بقتله. {وَقَالَ إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين (99) رب هب لي من الصالحين (100) فبشرناه بغلامٍ حليم (101) فلما بلغَ معه السعيَ قالَ يابني إني أرى في المنام أني أذبحكم فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين (102) فلما أسلما وتله للجبين (103) وناديناه أن يا إبراهيم (104) قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين (105) إن هذا لهو البلؤا المبين (106) وفديناه بذبح عظيم (107) وتركنا عليه في الآخرين (108) سلام على إبراهيم (109) كذلك نجزي المحسنين (110) إنه من عبادنا المؤمنين (111) وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين (112) وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسنٌ وظالمٌ لنفسه مبين (113) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 99 - {ذاهبٌ إِلَى رَبِّى} منقطع إليه بالعبادة، أو ذاهب إليه بقلبي وديني وعملي، أو مهاجر إليه بنفسي من أرض العراق وهو أول من هاجر من الخلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 مع لوط وسارَّة إلى حران، أو الشام. {سَيَهْدِينِ} إلى طريق الهجرة، أو الخلاص من النار، أو إلى قول حسبي الله عليه توكلت [160 / أ] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 101 - {بِغُلامٍ} إسماعيل، أو إسحاق {حَلِيمٍ} وقور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 102 - {السَّعْىَ} مشى معه، أو العمل، أو العبادة، أو العمل الذي تقوم به الحجة وكان ابن ثلاث عشرة سنة {أَرَى فِى الْمَنَامِ} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " رؤيا الأنبياء وحي " {مَاذَا تَرَى} من صبرك وجزعك، أو قاله امتحاناً لصبره على أمر الله - تعالى - ولم يقل ذلك استشارة. {مِنَ الصَّابِرِينَ} على القضاء، أو الذبح، فوجده صادق الطاعة سريع الإجابة قوي الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 103 - {أَسْلَمَا} اتفقا على أمر واحد، أو سلما لأمر الله - تعالى - فسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 إسحاق نفسه لله - تعالى - وسلم إبراهيم أمره الله - تعالى - {وَتَلَّهُ} صرعه على جبينه " ع " فالجبين ما عن يمين الجبهة وشمالها، أو أكبه لوجهه، أو وضع جبينه على تل قال إسحاق: " يا أبتِ إذبحني وأنا ساجد ولا تنظر إلى وجهي فقد ترحمني فلا تذبحني ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 105 - {صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ} عملت بما رأيته في النوم وكان رأى أنه قعد منه مقعد الذابح ينتظر الأمر بإمضاء الذبح ففعل ذلك، أو رأى أنه أمر بذبحه بشرط التمكين فلم يمكن وكان كلما اعتمد بالشفرة انقلبت وجُعل على حلقه صفيحة من نحاس، أو رأى أنه ذبحه وفعل ذلك فوصل إلى الأوداج بلا فصل، والذبيح " إسحاق " بن سارة كان له سبع سنين وكان مذبحه من بيت المقدس على ميلين ولدته سارة ولها تسعون سنة ولما علمت ما أراد بإسحاق بقيت يومين وماتت في الثالث، أو إسماعيل مذبحه بمنى عند الجمار التي رُمي إبليس منها في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 فارغة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 كل جمرة بسبع حصيات فَجمر بين يديه أي أسرع فسميت جماراً، أو ذبحه على الصخرة التي بأصل الجبل بمنى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 106 - {البلاء الْمُبِينُ} الاختبار العظيم، أو النعمة البينة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 107 - {بِذِبْحٍ} كبش من غنم الدنيا " ح "، أو كبش نزل من الجنة وهو الذي قربه أحد ابني آدم فتقبل منه " ع "، أو كبش رعى في الجنة أربعين خريفاً، أو تيس من الأروى أُهبط عليهما من ثبير " ح " والذِبح المذبوح وبالفتح فعل الذبح {عَظِيمٍ} لرعيه في الجنة " ع "، أو لأنه ذبح بحق " ح "، أو لأنه متقبل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 108 - {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الأَخِرِينَ} الثناء الحسن، أو أن يقال {سلام على إبراهيم} [109] . {وَلَقَدْ مننا على موسى وهارون (114) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم (115) ونصرانهم فكانوا هم الغالبين (116) وءاتيناهما الكتاب المستبين (117) وهديناهما الصراط المستقيم (118) وتركنا عليهما في الآخرين (119) سلامٌ على موسى وهارون (120) إنا كذلك نجزي المحسنين (121) إنهما من عبادِنا المؤمنين (122) وإن إلياس لمن المرسلين (123) إذ قالَ لقومه ألا تتقون (124) أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين (125) الله ربكم ورب ءابائكم الأولين (126) فكذبوه فإنهم لمحضرون (127) إلا عباد الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 المخلصين (128) وتركنا عليه في الآخرين (129) سلام على إل ياسين (130) إن كذلك نجزي المحسنين (131) إنه من عبادنا المؤمنين (132) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 124 - {إِلْيَاسَ} إدريس " ع "، أو نبي من ولد هارون وجوز قوم أن يكون إلياس بن مضر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 125 - {بَعْلاً} رباً بلغة أزد شنوءة وسمع ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - رجلاً من أهل اليمن يسوم ناقة بمنى فقال من بعل هذه؟ أي ربها، أو صنم اسمه بعل كانوا يعبدونه وبه سميت بعل بك، أو امرأة كانوا يعبدونها {أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} أحسن من قيل له خالق، أو أحسن الصانعين لأن الناس يصنعون ولا يخلقون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 130 - {إلْياسين} جمع يدخل فيه جميع إلياسين، أو زاد في إسم إلياس لأنهم يغيرون الأسماء الأعجمية بالزيادة كميكال وميكائيل {آلِ ياسين} تسليم على آله دونه وأضافهم إليه تشريفاً له، أو هو إلياس فقيل ياسين لمؤاخاة الفواصل كطور سيناء وطور سينين، أو دخلت للجمع فيكون داخلاً في جملتهم. {وَإنَّ لوطاً لمن المرسلين (133) إذ نجيناه وأهله أجمعين (134) إلا عجوزاً في الغابرين (135) ثم دمرنا الآخرين (136) وإنكم لتمرون عليهم مصبحين (137) وبالليل أفلا تعقلون (138) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 135 - {الغابرين} الهلكى، أو الباقين من الهلكى [160 / ب] /، أو الباقين في عذاب الله، أو الماضين في العذاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 {وإنَّ يونس لمنَ المرسلين (139} إذ أبقَ إلى الفلكِ المشحونِ (140) فساهمَ فكانَ منَ المُدَحَضينَ (141) فالتقمهُ الحوتُ وهوَ مُليمٌ (142) فلولاَ أنه كانَ من المسبحين (143) للبثَ في بطنهِ إلى يوم يُبعثون (144) فنبذناه بالعراءِ وهم سقيم (145) وأنبتنا عليه شجرةً من يقطين (146) وأرسلناه إلى مائةِ ألفٍ أو يزيدون (147) فآمنوا فمتعناهم إلى حين (148) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 139 - {يُونُسَ} بعثه الله - تعالى - إلى نينوى من أرض الموصل بشاطئ دجلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 140 - {أَبَقَ} فر، والآبق المار إلى حيث لا يعلم به وكان أنذرهم بالعذاب إن لم يؤمنوا وجعل علامته خروجه من بينهم فلما خرج جاءتهم ريح سوداء فخافوا فدعوا الله - تعالى - بأطفالهم وبهائمهم فصرف الله - تعالى - عنهم العذاب فخرج مكايداً لقومه مغاضباً لدين ربه فركب في سفينة موقرة فلما استثقلت خافوا الغرق لريح عصفت بهم " ع " أو لحوت عارضهم فقالوا فينا مذنب لا ننجوا إلا بإلقائه فاقترعوا فخرجت القرعة عليه فألقوه فَأَمِنوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 141 - {فَسَاهَمَ} قارع بالسهام {الْمُدْحَضِينَ} المقروعين، أو المغلوبين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 142 - {مُلِيمٌ} مسيء مذنب " ع "، أو يلوم نفسه على ما صنع، أو يلام على ما صنع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 143 - {الْمُسَبِّحِينَ} المصلين " ع "، أو القائلين {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ} الآية [الأنبياء: 87] ، أو العابدين، أو التائبين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 144 - {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} إلى القيامة فيصير بطن الحوت قبراً له والتقمه ضُحىً ولفظه عشية، أو بعد ثلاثة أيام، أو سبعة، أو أربعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 145 - {بِالْعَرَآءِ} بالساحل " ع " أو الأرض، أو موضع بأرض اليمن، أو الفضاء الذي لا يواريه نبت ولا شجر {سَقِيمٌ} كهيئة الصبي، أو الفرخ الذي ليس عليه ريش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 146 - {مِّن يَقْطِينٍ} القرع، أو كل شجرة ليس لها ساق تبقى من الشتاء إلى الصيف، أو كل شجرة لها ورق عريض، أو كل ما ينبسط على وجه الأرض من البطيخ والقثاء، أو شجرة سماها الله - تعالى - يقطيناً أظلته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 147 - {وَأَرْسَلْنَاهُ} بعد نبذ الحوت " ع " فكأنه أرسل إلى أمة بعد أمة أو أرسل إلى الأولين فآمنوا بشريعته {أَوْ يَزِيدُونَ} أو للإبهام كأنه قال أرسلناه إلى أحد العددين، أو هو على شك المخاطبين، أو معناه بل يزيدون " ع " فزادوا على ذلك عشرين ألفاً مأثور، أو ثلاثين ألفاً " ع " أو بضعة وثلاثين ألفاً قاله الحكم، أو بضعه وأربعين ألفاً، أو سبعين ألفاً. {فَاسْتَفِتهِمْ ألربَكَ البناتُ ولهمُ البنونَ (149) أمْ خلقنَا الملائكَة إناثاً وهمْ شاهدونَ (150) ألا إنهم من إفكِهِمْ ليقولون (151) ولدَ اللهَ وإنهم لكاذبونَ (152) أصطفى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 البناتِ على البنينَ (153) ما لكم كيفَ تحكمونَ (154) أفلا تذكرونَ (155) أم لكم سلطانٌ مبين (156) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين (157) وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمتِ الجنة أنهم لمحضرون (158) سبحان الله عما يصفون (159) إلا عباد الله المخلصين (160) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 156 - {سلطانٌ مبينٌ} عذر بين، أو حجة واضحة، أو كتاب بين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 158 - {بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} إشراكهم الشياطين في عبادته، أو قول يهود أصفهان إن الله صاهر الجن فكانت الملائكة من بينهم، أو الزنادقة قالوا إن الله وإبليس أخوان فالخير والنور والحيوان النافع من خلق الله والظلمة والشر والحيوان الضار من خلق الشيطان، أو قول المشركين الملائكة بنات الله فقال أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فمن أمهاتهم؟ فقالوا بنات سروات الجن. سموا جنة لاجتنابهم واستتارهم كالجن، أو لأنهم على الجنان، أو بطن من الملائكة يسمون الجنة {عَلِمَتِ الْجِنَّةُ} الملائكة، أو الجن أن قائل هذا القول محضر، أو علمت الجن أن أنفسهم محضرة في النار، أو للحساب. {فَإِنَّكُمْ وما تعبدون (161) ما أنتم عليه بفاتنين (162) إلا من هو صال الجحيم (163) وما منا إلا له مقامٌ معلوم (164) وإنا لنحن الصافون (165) وإنا لنحن المسبحون (166) وإن كانوا ليقولون (167) لو أن عندنا ذكراً من الأولين (168) لكنا عبادَ اللهِ المخلصينَ (169) فكفروا به فسوف يعلمون (170) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 161 - {فَإِنَّكُمْ} أيها المشركون {وَمَا تَعْبُدُونَ} من آلهتكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 162 - {بِفَاتِنِينَ} بمضلين من تدعونه إلى عبادتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 163 - {إِلا مَنْ هُوَ صَالِ} إلا من سبق في العلم الأول أنه يصلاها " ع " أو من [161 / أ] / أوجب الله أنه يصلاها " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 164 - {وَمَا مِنَّآ} ملك إلاَّ له في السماء {مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} ، أو كان يصلي الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت فتقدم الرجال وتأخر النساء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 165 - {لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ} الملائكة صفوف في السماء، أو في الصلاة، أو حول العرش ينتظرون ما يؤمرون به، أو كان الناس يصلون متبددين فلما نزلت أمرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يصطفوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 166 - {الْمُسَبِّحُونَ} المصلون، أو المنزهون الله عما أضافه إليه المشركون فكيف يعبدوننا ونحن نعبده. {وَلَقَدْ سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (171) إنهم لهم المنصورون (172) وإن جندنا لهم الغالبون (173) فتول عنهم حتى حين (174) وأبصرهم فسوف يبصرون (175) أبعذابنا يستعجلون (176) فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين (177) وتولَّ عنهم حتى حين (178) وأبصر فسوف يبصرون (179) سبحانَ ربك رب العزة عما يصفون (180) وسلامٌ على المرسلين (181) والحمدُ للهِ رب العالمينَ (182) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 172 - {لَهُمُ الْمَنصُورُونَ} بالحجج، أو بأنهم سينصرون، قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - لم يقتل من الرسل أصحاب الشرائع أحد قط نصروا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 بالحجج في الدنيا وبالعذاب في الآخرة أو بالظفر إما بالإيمان، أو بالانتقام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 174 - {حَتَّى حِينٍ} يوم بدر، أو فتح مكة، أو الموت أو القيامة منسوخة، أو محكمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 175 - {وَأَبْ ص ِرْهُمْ} أبصر ما ضيعوا من أمري فسيبصرون ما يحل بهم من عذابي أو أبصرهم وقت النصر فسوف يبصرون ما يحل بهم، أو أبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون ذلك في القيامة، أو أعلمهم فسوف يعلمون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 سُورة ص مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {صَ والقرآن ذي الذكر (1) بل الذين كفروا في عزةٍ وشقاقٍ (2) كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ فنادوا حين مناصٍ (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 1 - { ص } اسم للقرآن، أو لله أقسم به " ع "، أو فواتح افتتح بها القرآن، أو حرف من هجاء أسماء الله - تعالى -، أو صدق الله، أو من المصاداة وهي المعارضة أي عارض القرآن بعملك، أو من المصاداة وهي الاتباع أي اتبع القرآن بعملك. {ذِى الذكر} الشرف " ع "، أو البيان، أو التذكر، أو ذكر ما قبله من الكتب وجواب القسم. {بَلِ الذين كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ} أو {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار} [64] ، أو حذف جوابه تفخيماً لتذهب النفس فيه كل مذهب، وتقدير المحذوف " لقد جاء الحق "، أو " ما الأمر كما قالوا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 2 - {عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} حمية وفراق أو تعزز واختلاف أو أنفة وعداوة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 3 - {مِّن قَرْنٍ} من أمة والقرن: زمان مدته عشرون سنة، أو أربعون، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 ستون، أو سبعون، أو ثمانون، أو مائة، أو عشرون ومائة {وَّلاتَ} بمعنى لا، أو ليس ولا يعمل إلا في الحين خاصة أي ليس حين ملجأ، أو مغاث " ع "، أو زوال، أو فِرار، والمناص: مصدر ناص ينوص والنوصُ والبوص التأخر وهو من الأضداد، أو بالنون التأخر وبالباء التقدم كانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض مناص أي حملة واحدة ينجو فيها من ينجو ويهلك من يهلك فمعناه أنهم لما عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة. {وَعَجِبُواْ أن جاءهم منذرٌ منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب (4) أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب (5) وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا علىءالهتهم إن هذا لشيء يراد (6) ما سمعنا بهذا في الملة الأخرة إن هذا إلا اختلاق (7) أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شكٍ من ذكرى بل لما يذوقوا عذاب (8) أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب (9) أم لهم ملكُ السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب (10) جندٌ ما هنالك مهزومٌ من الأحزاب (11) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 5 - {أَجَعَلَ الأَلِهَةَ إِلَهَاً وَاحِداً} لما أمرهم بكلمة التوحيد قالوا أيسع لحاجتنا جميعاً إله واحد {عُجَابٌ} عجيب كطوال وطويل وقال الخليل: العجيب والطويل ماله مثل والعجاب والطوال مالا مثل له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 6 - {وَانطَلَقَ الْمَلأُ} الانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقة الوجه {والملأ} عقبة بن أبي معيط أو أبو جهل [161 / ب] / أتى أبا طالب في مرضه شاكياً من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 الرسول [صلى الله عليه وسلم] ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه " ع " {أَنِ امْشُواْ} اتركوه واعبدوا آلهتكم، أو امضوا في أمركم في المعاندة واصبروا على عبادة آلهتكم تقول العرب امش على هذا الأمر أي امض عليه والزمه. {إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ يُراد} لما أسلم عمر وقوي به الإسلام قالوا: إِن إسلامه وقوة الإسلام لشيء يراد وأن مفارقة محمد لدينه، أو خلافه إيانا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 7 - {الملة الآخرة} النصرانية لأنها آخر الملل " ع "، أو فيما بين عيسى ومحمد، أو ملة قريش، أو ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا " ح " {اخْتِلاقٌ} كذب اختلقه محمد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 9 - {خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} [مفاتيح] رحمته، أو مفاتيح النبوة فيعطونها من أرادوها ويمنعونها ممن أرادوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 10 - {فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأَسْبَابِ} في السماء " ع " أو الفضل والدين، أو طرق السماء وأبوابها، أو فيعملوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 11 - {جند ما هنالك} يعني قريشاً، و " ما " صلة وقوله جند أي أتباع مقلدون لا عالم فيهم {مَهْزُومٌ} بَشَّره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويله يوم بدر {مِّنَ الأَحْزَابِ} أحزاب إبليس وتِباعه، أو لأنهم تحزبوا على جحود ربهم وتكذيب رسله. {كَذَّبَتْ قبلهُمْ قومُ نوحٍ وعادٌ وفرعونُ ذُو الأوتاد (12) وثمودُ وقومُ لوطٍ وأصحابُ لئيكة أؤلئك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 الأحزابُ (13) إن كل إلا كذبَ الرسلَ فحق عقاب (14) وما ينظرُ هؤلاء إلا صيحةً واحدةً ما لها من فواق (15) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 12 - {كَذَّبَتْ} أنث لأن القوم تذكر وتؤنث، أو هو مذكر اللفظ ولا يجوز تأنيثه إلا أن يقع المعنى على القبيلة والعشيرة. {الأَوْتَادِ} أي الكثير البنيان والبنيان يعبّر عنه بالأوتاد، أو كانت له ملاعب من أوتاد يلعب له عليها " ع "، أو كان يعذب الناس بالأوتاد، أو أراد أن ثبوت ملكه وشدة قوته كثبوت ما شد بالأوتاد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 13 - {وَثَمُودَ} قيل عاد وثمود أبناء عم بعث الله إلى ثمود صالحاً فآمنوا فمات صالح فارتدوا فأحياه الله - تعالى - وبعثه إليهم وأعلمهم أنه صالح فأكذبوه وقالوا: قد مات صالح فأتِ بآية إن كنت من الصادقين، فأتاهم الله - تعالى - بالناقة فكفروا وعقروها فأهلكوا " ع "، أو بعث إليهم صالح شاباً فدعاهم حتى صار شيخاً فعقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا {وَقَوْمُ لُوطٍ} لم يؤمنوا حتى هلكوا، وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة وما من نبي إلا يقوم معه طائفة من أمته إلا لوط فإنه يقوم وحده {وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ} قوم شعيب والأيكة الغيضة " ع "، أو الملتف من النبع والسدر فأهلكوا بعذاب يوم الظلة وأرسل إلى مدين فأخذتهم الصيحة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 15 - {صَيْحَةً وَاحِدَةً} النفخة الأولى {فواقٍ} بالفتح من الإفاقة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين من المدة، أو كلاهما بمعنى واحد أي مالها من ترداد " ع "، أو حبس، أو رجوع إلى الدنيا " ح " أو رحمة " ع "، أو راحة، أو تأخير لسرعتها، أو ما لهم بعدها من إفاقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 16 - {قِطَّنَا} نصيبنا من الجنة التي وعدتنا بها، أو حظنا من العذاب استهزاءً منهم " ع "، أو رزقنا، أو أرنا منازلنا، أو عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة المذكورة في قوله {فأما من أوتي كتابه [162 / أ] / بِيَمِينِهِ} [الحاقة: 19] قالوه استهزاء وأصل القط القطع ومنه قط القلم وما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه فأطلق على النصيب والكتاب والرزق لِقَطِّه من غيره وهو في الكتاب أظهر استعمالاً والقط كل كتاب يتوثق به، أو مختص بما فيه عطية وصلة. {اصْبِرْ على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيدِ إنه أواب (17) إنا سخرنا الجبال معه يسبحنَ بالعشي والإشراق (18) والطير محشورة كل له أواب (19) وشددنا ملكه وءاتيناه الحكمة وفصل الخطابِ (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 17 - {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ} فإنا نحسن إليك كما أحسنا إليه قبلك بصبره {الأَيْدِ} القوة " ع "، أو النعمة في الطاعة والنصر في الحرب أو في العبادة والفقه في الدين كان يقوم نصف الليل ويصوم نصف الدهر {أَوَّابٌ} تواب، أو مسبح، أو الذي يؤوب إلى الطاعة ويرجع إليها، أو الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 20 - {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} بالتأييد والنصر، أو بالجنود والهيبة قال قتادة: باثنين وثلاثين ألف حرس {الْحِكْمَةَ} النبوة، أو السنة أو العدل، أو العدل، أو العلم والفهم، أو الفضل والفطنة {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} علم القضاء والعدل فيه " ع "، أو تكليف المدعي البينة والمدعى عليه اليمين، أو " أما بعد " وهو أول من تكلم بها، أو البيان الكافي في كل غرض مقصود، أو الفضل بين الكلام الأول والكلام الثاني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 {وَهَلْ أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال اكفلينها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجهِ وإن كثيراً من الخلطاءِ ليبغي بعضهم على بعضٍ إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب (24) فغفرنا له ذلك وإنه له عندنا لزلفى وحسن مئاب (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 21 - {والخَصْم} يقع على الواحد والأثنين والجماعة لكونه مصدراً {تسوروا} أتوه من أعلا سوره {الْمِحْرَابَ} صدر المجلس ومنه محراب المسجد، أو مجلس الأشراف الذي يحارب عنه لشرف صاحبه، أو الغرفة. حدث داود نفسه أنه إن ابتُلي اعتصم فقيل له إنك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك فأخذ الزبور ودخل المحراب ومنع من الدخول عليه فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر من أحسن ما يكون فدرج بين يديه فهم بأخذه فاستدرج حتى وقع في كوة المحراب فدنا ليأخذه فانقض فاطلع لينظره فأشرف على امرأة تغتسل فلما رأته غطت جسدها بشعرها وكان زوجها في الغزاة فكتب داود إلى أميرهم أن يجعل زوجها في حملة التابوت وكان حملة التابوت إما أن يفتح عليهم، أو يقتلوا فقدمه فيهم فقتل فخطب زوجته بعد عدتها فشرطت عليه إن ولدت غلاماً أن يكون الخليفة من بعده وكتبت عليه بذلك كتاباً فأشهدت فيه خمسين رجلاُ من بني إسرائيل فلم يشعر بفتنتها حتى ولدت سليمان وشبَّ، وتسور الملكان المحراب " ع " ولم يكونا خصمين ولا بغى أحدهما على الآخر وإنما قالا ذلك على الفرض والتقدير إن أتاك خصمان فقالا: كيت وكيت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 22 - {فَفَزِعَ} لتسورهم من غير باب، أو لإتيانهم في غير وقت جلوسه للنظر {بِالْحَقِّ} بالعدل {تُشْطِطْ} تمِل، أو تَجُر، أو تسرف. مأخوذ من البعد شطت الدار بعُدت، أو من الإفراط {سَوَآءِ الصِّرَاطِ} أرشدنا إلى قصد الحق، أو عدل القضاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 23 - {أَخِى} صاحبي، أو على ديني {نَعْجَةً} ضرب النعجة مثلاً لداود، أو المرأة تسمى نعجة [162 / ب] / {أكفلينها} ضمها إليَّ، أو أعطنيها " خ " أو تحول عنها " ع " {وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ} قهرني في الخصومة، أو غلبني على حقي من عزَّيَزَّ أي من غَلَبَ سَلَب، أو إن تكلم كان أبين مني وإن بطش كان أشد مني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 وإن دعا كان أكثر مني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 24 - {لقد ظلمك} حكم عليه الظلم بعد إقراره. وحذف ذكر الإقرار اكتفاء بفهم السامعين، أو تقديره إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} وقليل منهم من يبغي بعضهم على بعض " ع "، أو قليل من لا يبغي بعضهم على بعض و " ما " صلة مؤكدة أو بمعنى الذي تقديره: قليل الذين هم كذلك {وَظَّنَّ دَاوُدُ} علم {فَتَنَّاهُ} اختبرناه " ع "، أو ابتليناه، أو شددنا عليه في التعبد قال قتادة: قضى نبي الله على نفسه ولم يفطن لذلك فلما تبين له الذنب استغفر {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} من ذنبه وهو سماعه من أحد الخصمين وقضاؤه له قبل أن يسمع من الآخر، أو أشبع نظره من امرأة أوريا وهي تغتسل حتى علقت بقلبه، أو نيته أنه إن قُتل بعلها تزوجها وأحسن الخلافة عليها " ح "، أو " إغراؤه زوجها ليستشهد " قال علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه -: " لو سمعت رجلاً يذكر أن داود عليه الصلاة والسلام قارف من تلك المرأة محرماً لجلدته ستين ومائة لأن حد الناس ثمانون وحدود الأنبياء صلوات الله - تعالى - وسلامه عليهم ستون ومائة ". {رَاكِعاً} عَبَّر بالركوع عن السجود مكث ساجداً أربعين يوماً حتى نبت المرعى من دموعه فغطى رأسه، ثم رفع رأسه وقد تقرح جبينه ومكث حيناً لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه وكان يدعو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 على الخطائين فلما أصاب الخطيئة كان لا يمر بوادٍ إلا قال: " اللهم اغفر للخطائين لعلك تغفر لي ولهم ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 25 - { {لزلفى} كرامة، أو رحمة {مآب} مرجع. {يَادَاوُدَ إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب (26) وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويلٌ للذين كفروا من النار (27) أم نجعلُ الذينَ ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار (28) كتاب أنزلناه إليك مباركٌ ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 26 - {خَلِيفَةً} لله - تعالى - والخلافة: النبوة، أو ملكاً، أو خليفة لمن تقدمك {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} لا تمل مع من تهواه فتجور أو لا تحكم بما تهواه فتزل {سَبِيل اللَّهِ} دينه، أو طاعته {بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ} تركهم العمل له، أو بإعراضهم عنه " ح ". {وَوَهَبْنَا لداود سليمانَ نعمَ العبدُ إنه أواب (30) إذْ عُرضَ عليه بالعشيِ الصافناتُ الجيادُ (31) فقال إني أحببتُ حبَّ الخيرِ عن ذكر ربي حتى توارتْ بالحِجابِ (32) ردوها عليَّ فطَفِقَ مسحاً بالسوقِ والأعناق (33) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 31 - {الصَّافِنَاتُ} الخيل وصفونها: قيامها، أو رفع إحدى اليدين على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 طرف الحافر حتى تقوم على ثلاث {الْجِيَادُ} السراع لأنها تجود بالركض، أو الطوال الأعناق من الجيد وهو العنق، وطوله من صفة فراهتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 32 - {حُبَّ الْخَيْرِ} حب المال، أو حب الخيل، أو حب الدنيا {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} آثرت حب الخير، أو تقديره أحببت حباً الخير ثم أضافه فقال حب الخير {ذِكْرِ رَبِّى} ذكر الله - تعالى - " ع "، أو صلاة العصر سُئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة الوسطى فقال: هي صلاة العصر التي فرط فيها نبي الله سليمان - عليه الصلاة والسلام - {تَوَارَتْ} الشمس {بِالْحِجَابِ} وهو جبل أخضر محيط بالدنيا، أو توارت الخيل بالحجاب والحجاب: الليل لستره ما فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 33 - {فَطَفِقَ} بسوقها وأعناقها من شدة حبه لها " ع "، أو ضرب [163 / أ] / عراقيبها وأعناقها لما شغلته عن الصلاة " ح " وكانت نفلاً ولم تكن فرضاً إذ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 ترك الفرض عمداً فسوق. فعل ذلك تأديباً لنفسه والخيل مأكولة فلم يكن ذلك إتلافاً يأثم به قاله الكلبي وكانت ألف فرس فعرقبت منها تسعمائة وبقي مائة فما في أيدي الناس من الخيل العتاق فمن نسل تلك المائة. {وَلَقَدْ فتنا سليمانَ وألقيناَ على كُرسيه جسداً ثم أنابَ (34) قالَ رب اغفرِ لي وهبْ لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنتَ الوهاب (35) فسخرنا لهُ الريحُ تجري بأمره رخاءً حيث أصاب (36) والشياطين كل بناءٍ وغواص (37) وءاخرين مقرنين في الأصفاد (38) هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (39) وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 34 - {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} ابتليناه، أو عاقبناه بأنه قارب بعض نسائه في شيء من حيض، أو غيره، أو كانت له زوجة اسمها جرادة وكان بين أهلها وبين قوم خصومة فحكم بينهم بالحق ولكنه وَدَّ أن الحق كان لأهلها فقيل له: سيصيبك بلاء فجعل لا يدري أيأتيه البلاء من الأرض أم من السماء، أو احتجب ثلاث أيام عن الناس فأوحى الله - تعالى - إليه إني لم أستخلفك لتحتجب عن عبادي ولكن لتقضي بينهن وتنصف مظلومهم من ظالمهم، أم غزا ملكاً وسبا ابنته وأحبها وهي معرضة عنه تذكراً لأبيها لا تكلمه ولا تنظر إليه إلا شزراً ثم سألته أن يصنع لها تمثال على صورة أبيها ففعل فعظمته وسجدت له هي وجواريها وعبد في داره إربعين يوماً حتى فشا خبره في بني إسرائيل وعلم به سليمان فكسره ثم حرقه ثم ذراه في الريح، أو قال للشيطان: كيف تضلون الناس فقال: أعطني خاتمك حتى أخبرك فأعطاه خاتمه فألقاه في البحر حتى ذهب ملكه، أو قال والله لأطوفن على نسائي في هذه الليلة كلهن سيحملن بغلام يقاتل في سبيل الله - تعالى - ولم يسْتَثْنِ فلم تحمل منهم إلا امرأة واحدة فولدت له شق إنسان {وألقينا على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 كُرْسِيِّهِ جَسَداً} وجعلنا في ملكه جسداً والكرسي المُلْك، أو ألقينا على سرير ملكه جسداً هو جسد سليمان كان مريضاً ملقى على كرسيه، أو وُلد له ولد فخاف عليه الجن فأودعه في السحاب يغذى في اليوم كالجمعة وفي الجمعة كالشهر فلم يشعر إلا وقد وقع على كرسيه ميتاً قاله الشعبي، أو جعل الله - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 تعالى - ملكه في خاتمه وكان إذا أجنب، أو أتى الغائط دفعه لأوثق نسائه فدفعه إليها يومً فجاء شيطان في صورته فأخذه منها واسمها جرادة، أو الأمينة. فجاء سليمان يطلبه فقالت: قد أخذته فأحسَّ سليمان، أو وضع الخاتم تحت فراشه فأخذه الشيطان من تحته، أو قال للشيطان: كيف تضلون الناس فقال: أعطني خاتمك حتى أخبرك فأعطاه الخاتم فجلس على كرسيه متشبهاً بصورته يقضي بغير الحق ويأتي نساء سليمان في الحيض أو منعه الله - تعالى - منهن فالجسد الشيطان والذي قعد على كرسيه اسمه صخر، أو آصف، أو حبقيق، أو أسيد ثم وجد سليمان خاتمه في جوف سمكة بعد أربعين يوماً من زوال ملكه قيل: وجد الخاتم بعسقلان فمشى منها إلى بيت المقدس تواضعاً لله - تعالى - ثم ظفر بالشيطان فجعله في تخت رخام وشدة بالنحاس وألقاه في البحر [163 - ب] / {ثُمَّ أَنَابَ} تاب من ذنبه، أو رجع إلى ملكه، أو برئ من مرضه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 35 - {وَهَبْ لِى مُلْكاً} سأل ذلك ليكون معجزة له ويستدل به على الرضا وقبول التوبة، أو ليقوى به على عصاته من الجن فسخرت له حينئذ الريح، أو {لا يَنبَغِى لأَحَدٍ مِّن بَعْدِى} في حياتي أن ينزعه مني كالجسد الذي جلس على كرسيه قيل: سأل ذلك بعد الفتنة فزاده الله - تعالى - الريح والشياطين بعدما ابتُلي " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 36 - {فَسَخَّرْنَا} ذللنا {رُخَآءً} طيبة، أو سريعة، أو لينة أو مطيعة، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 ليست بالعاصف المؤذية ولا بالعصيفة المعصرة " ح ". {أَصَابَ} أراد بلسان هجر، أو حيثما قصد من إصابة السهم الغرض المقصود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 37 - {كُلَّ بَنَّآءٍ} في البر {وَغَوَّاصٍ} في البحر على حليته وجواهره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 38 - {فِى الأَصْفَادِ} السلاسل، أو الأغلال، أو الوثاق " ع "، ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 39 - {هَذَا عَطَآؤُنَا} الملك الذي لا ينبغي لأحد والريح والشياطين {فَامْنُنْ} على الجن بالإطلاق، أو الإمساك في عملك من غير حرج عليك في ذلك، أو اعط من شئت من الناس وامنع من شئت منهم {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير تقدير فيما تعطي وتمنع، أو بغير حرج، أو لا تحاسب عليه في القيامة فما أنعم على أحد بنعمة إلا عليه فيها تبعة إلا سليمان، أو التقدير هذا عطاؤنا بغير حساب أي جزاء، أو قلة، أو هذا عطاؤنا إشارة إلى غير مذكور وهو أنه كان في ظهره ماء مائة وكان له ثلاثمائة حرة وسبعمائة سُرِّية فقيل له {هَذَا عَطَآؤُنَا} يعني القوة على الجماع {فَامْنُنْ} بجماع من شئت من نسائك {أَوْ أَمْسِكْ} بغير مؤاخذة فيمن جامعت أو تركت، أو بغير عدد محصور فيمن استبحت، أو نكحت وهذا خلاف الظاهر بغير دليل. {وَاذْكُرْ عبدنا أيوب إذ نادى ربه إني مسني الشيطان بنصبٍ وعذابٍ (41) اركض برجلك هذا مغتسلٌ بارد وشراب (42) ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمةً منا وذكرى لأولي الألباب (43) وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب (44) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 41 - {عَبْدَنَآ أَيُّوبَ} من نسل يعقوب، أو لم يكن من نسله كان في زمنه وتزوج ابنته ليا بنت يعقوب وكانت أمه بنت لوط {مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ} بوسوسته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 وتذكيره ما كان فيه من نعمة وما صار إليه من بلية أو استأذن الشيطان ربه أن يسلطه على ماله فسلطه ثم على أهله وولده فسلطه ثم على جسده فسلطه ثم على قلبه فلم يسلطه فهذا مسه " ع " {بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} النصب الألم والعذاب السقم، أو النصب في جلده والعذاب في ماله، أو النصب العناء والعذاب البلاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 42 - {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} هما عينان في الشام بأرض يقال لها الجابية اغتسل من إحداهما فأذهب الله - تعالى - ظاهر دائه وشرب من الأخرى فأذهب الله - تعالى - باطن دائه " ح "، أو اغتسل من إحداهما فبرأ وشرب من الأخرى فروي {مُغْتَسَلٌ} موضع الغسل، أو ما يغتسل به، ومرض سبع سنين وسبعة أشهر أو ثماني عشرة سنة مأثور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 43 - {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} كانوا مرضى فبرئوا، أو غُيَّباً فردوا، أو ماتوا عند الجمهور فرد الله - تعالى - عليه أهله وولده ومواشيه بأعيانهم لأنهم ماتوا قبل آجالهم ابتلاءً ووهب له من أولادهم مثله " ح "، أو ردوا عليه بأعيانهم ووُهب له مثلهم [164 / أ] / من غيرهم، أو رد عليه ثوابهم في الجنة ووهبه مثلهم في الدنيا، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 رد عليه أهله في الجنة وأصاب امرأته فجاءت بمثلهم في الدنيا، أو لم يرد عليه منهم أحداً وكانوا ثلاثة عشر ووهب له من أمهم مثلهم فولدت ستة وعشرين ابناً قاله الضحاك {رَحْمَةً مِّنَّا} نعمة {وَذِكْرَى} عبرة لذوي العقول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 44 - {ضغثا} عثكال النخل بشماريخه " ع "، أو الأثل، أو السنبل أو الثمام اليابس، أو الشجر الرطب، أو حزمة من حشيش، أو ملء الكف من الحشيش أو الشجر، أو الشماريخ وذلك خاص لأيوب - عليه الصلاة والسلام - أو يعم هذه الأمة، لقي إبليس زوجة أيوب في صورة طبيب فدعته إلى مداواته فقال: أداويه على أنه إذا برئ قال: أنت شفيتني لا أريد جزاء سواه قالت: نعم فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها " ع "، أو أتته بزيادة على عادته من الخبز فخاف خيانتها فحلف ليضربنها، أو أغواها الشيطان على أن تحمل أيوب على أن يذبح له سِخْلاً ليبرأ بها فخلفا ليجلدنها فلما برأ وعلم الله - تعالى - إيمانها أمره أن يضربها بالضغث رفقاً بها وبراً. وكان بلاؤه اختباراً لرفع درجته وزيادة ثوابه أو عقوبة على أنه دخل على بعض الجبابرة فرأى منكراً فسكت عنه، أو لأنه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع لم يطعمه {أَوَّابٌ} راجع إلى ربه. {وَاذْكُرْ عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار (45) إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدار (46) وإنهم عندنا لمنَ المصطفين الأخيار (47) واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكلٌ من الأخيار (48) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 45 - {الأَيْدِى} القوة على العبادة {وَالأَبْصَارِ} الفقه في الدين، أو الأيدي القوة في أمر الله - تعالى - والأبصار العلم بكتابه أو الأيدي النعم والأبصار العقول، أو الأيدي قوة أبدانهم والأبصار قوة أديانهم، أو الأيدي العمل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 والأبصار العلم قيل: لم يذكر معهم إسماعيل لأنه لم يبتلَ وابتلي إبراهيم بالنار وإسحاق بالذبح ويعقوب بذهاب البصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 46 - {أَخْلَصْنَاهُمْ} نزعنا ذكر الدنيا وحبها من قلوبهم وأخلصناهم بحب الآخرة وذكرها، أو اصطفيناهم بأفضل ما في الآخرة وأعطيناهم إياه، أو أخلصناهم بخالصة الكتب المنزلة التي فيها ذكر الآخرة مأثور، أو أخلصناهم بالنبوة وذكر الدار الآخرة، أو أخلصناهم من العاهات والآفات وجعلناهم ذاكرين للدار الآخرة. {هَذَا ذكرٌ وإن للمتقين لحسن مئابٍ (49) جناتِ عدن مفتحةً لهم الأبوابُ (50) متكئين فيها يدعون فيها بفاكهةٍ كثيرة وشراب (51) وعندهم قاصرات الطرف أتراب (52) هذا ما توعدون ليوم الحساب (53) إن هذا لرزقنا ما له من نفاد (54) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 52 - {أَتْرَابٌ} أمثال، أو أقران، أو متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن، أو مستويات الأسنان بنات ثلاث وثلاثين، أو أتراب أزواجهن خلقن على مقاديرهم والترب اللذة مأخوذ من اللعب بالتراب. {هَذَا وإن للطاغين لشر مئاب (55) جهنم يصلونا فبئس المهاد (56) هذا فليذوقوه حميمٌ وغساقٌ (57) وءاخرُ من شكله أزواج (58) هذا فوجٌ مقتحمٌ معكم لا مرحباً بهم إنهم صالوا النار (59) قالوا بل أنتم لا مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار (60) قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً في النار (61) وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 الأشرار (62) اتخذناهم سخرياً أم زاغتْ عنهم الأبصارُ (63) إن ذلك لحقٌ تخاصم أهل النار (64) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 57 - {فَلْيَذُوقُوهُ} منه حميم ومنه غساق، أو تقديره هذا حميم وغساق فليذوقوه {غساق} البارد الزمهرير " ع "، أو قيح يسيل من جلودهم، أو دموع تسيل من أعينهم، أو عين تسيل في جهنم لها حُمَةُ كُلِّ ذي حُمَةٍ من حية أو عقرب، أو المنتن مأثور. أو السواد والظلمة ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته وهو بلغة الترك أو عربي من الغسق وهو الظلمة، أو من غسقت القرحة إذا خرجت [164 / ب] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 58 - {وأُخَرُ من} شكل العذاب أنواع، أو من شكل عذاب الدنيا في الآخرة لم تر في الدنيا " ح "، أو الزمهرير {أزواجٌ} أنواع، أو ألوان أو مجموعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 59 - 60 {فوجٌ} يدخلونها قوم بعد قوم فالفوج الأول بنو إبليس والثاني بنو آدم " ح "، أو كلاهما بنو آدم الأول الرؤساء والثاني الأتباع أو الأول قادة المشركين ومطعموهم ببدر والثاني أتباعهم ببدر يقول الله - تعالى - للفوجِ الأول عن دخول الفوج الثاني {هَذَا فوجٌ مقتحمٌ مَّعَكُمْ) {فيقولون} (لا مَرْحَباً بِهِمْ} فيقول الفوج الثاني بل أنتم {لا مَرْحَباً بِكُمْ} أو قالت الملائكة لبني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 إبليس {هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ} إشارة إلى بني آدم لما أدخلوا عليهم فقال بنو إبليس لا مرحباً بهم فقال بنو آدم بل أنتم لا مرحباً بكم {قَدَّمْتُمُوهُ} شرعتموه وجعلتم لنا إليه قدماً، أو قدمتم لنا هذا العذاب بإضلالنا عن الهدى، أو قدمتم لنا الكفر، الموجب لعذاب النار {فَبِئْسَ الْقَرَارُ} بئس الدار النار. {مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا} من سنه وشرعه، أو من زينه {مَرْحَباً} المرحب والرحب السعة ومنه الرحبة لسعتها معناه لا اتسعت لكم أماكنكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 62 - {مَا لَنَا لا نَرَى} يقوله أبو جهل وأتباعه {رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم} عماراً وصهيباً وبلالاً وابن مسعود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 63 - {سِخْرِيّاً} من الهزؤ وبالضم من التسخير {زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ} يعني أهم معنا في النار أم زاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم ولا نعلم مكانهم وإن كانوا معنا في النار وقال الحسن - رضي الله تعالى عنه -: كلا قد فعلوا اتخذوهم سخراً وزاغت عنهم أبصارهم حقرية لهم. {قُلْ إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار (65) رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار (66) قل هو نبؤا عظيم (67) أنتم عنه معرضون (68) ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون (69) إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذيرٌ مبينٌ (70) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 67 - {هو نبأ} القيامة لأن الله - تعالى - أنبأ بها في كتابه، أو القرآن لأنه أنبأنا به فعرفناه، أو أنبأ به عن الأولين {عَظِيمٌ} زواجره وأوامره أو عظيم قدره كثير نفعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 69 - {بِالْمَلإِ الأَعْلَى} الملائكة {يَخْتَصِمُونَ} قولهم {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] " ع "، أو قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] سألني ربي فقال يا محمد " فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات والدرجات قال وما الكفارات قلت المشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات والتعقيب في المساجد انتظار الصلوات قال وما الدرجات قلت إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام ". {إِذْ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين (71) فإذا سويته ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجدَ الملائكةُ كلهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين (74) قال ياإبليس ما منعكَ أن تسجدَ لما خلقتُ بيدي استكبرتَ أم كنتَ من العالينَ (758) قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ (76) قال فاخرج منها فإنك رجيم (77) وإن عليكَ لعنتي إلى يومِ الدين (78) قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنك من المنظرين (80) إلى يومِ الوقتِ المعلومِ (81) قال فبعزتكَ لأُغوينهمْ أجمعينَ (82) إلا عبادكَ منهم المخلصينَ (83) قالَ فالحقُّ والحقَّ أقولُ (84) لأملأنَّ جهنمَ منكَ وممن تبعكَ منهم أجمعين (85) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 75 - {بيدي} بقوتي، أو قدرتي، أم توليت خلقه بنفسي، أو خلقته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 بيدي صفة ليس بجارحة {أَسْتَكْبَرْتَ} عن الطاعة أم تعاليت عن السجود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 84 - {فالحق} أنا وأقول الحقَّ، أو الحقُّ والحقُّ قولي، أو أقول حقاً حقاً لأملأن جهنم " ح ". {قُلْ ما أسئلكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلفين (86) إن هوَ إلا ذكرٌ للعالمين (87) ولتعلمنَّ نبأهُ بعدَ حين (88) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 86 - {ما أسألكم} على طاعة الله، أو على القرآن أجراً {الْمُتَكَلِّفِينَ} للقرآن من تلقاء نفسي، أو لأن آمركم بما لم أُومر به، أو ما أنا بمكلفكم الأجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 88 - {نَبَأَهُ} نبأ القرآن أنه حق، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] أنه رسول، أو الوعيد أنه صدق {بَعْدَ حِينٍ} بعد الموت، أو يوم بدر، أو القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 سُورة الزمر مكية، أو إلا آيتين مدنية (الله نزل [165 / أ] / أحسن الحديث) : [23] . و {قل يا عبادي الذين أسرفوا} " ع "، أو إلا سبع آيات {قل يا عبادي الذين أسرفوا} : [53] إلى آخر السبع. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {تنزيل الكتابِ من الله العزيزِ الحكيم (1) إنا أنزلنا إليكَ الكتابَ بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين (2) ألا للهِ الدينُ الخالِصُ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكمُ بينهمْ في ما همْ فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذبٌ كفارٌ (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 1 - {الْعَزِيزِ) في ملكه {الْحَكِيمِ} في أمره، أو العزيز في نقمته الحكيم في عدله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 2 - {مُخلِصاً} للتوحيد، أو للنية لوجهه {الدِّينُ} الطاعة، أو العبادة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 3 - {الدِّينُ الْخَالِصُ} شهادة أن لا إله إلا الله، أو الإسلام " ح "، أو ما لا رياء فيه من الطاعات. {مَا نَعْبُدُهُمْ} قالته قريش في أوثانها وقاله من عبد الملائكة وعُزيراً وعيسى {زُلفى} منزلة، أو قرباً، أو الشفاعة ها هنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 {خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكورُ النهارَ على الليل وسخرَ الشمس والقمرَ كل يجري لأجلٍ مسمىً ألا هو العزيزُ الغفار (5) خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثم جعلَ منها زوجهَا وأنزلَ لكم من الأنعامِ ثمانيةَ أزواجٍ يخلفكم في بطونِ أمهاتكم خلقاً من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللهُ ربكمْ لهُ الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 5 - {يكور الليل} يحمل كل واحد منهما على الآخر " ع "، أو يغشي الليل على النهار فيذهب ضوءه ويغشي النهار على الليل فيذهب ظلمته، أو يرد نقصان كل واحد منهما في زيادة الآخر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 6 - {نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} آدم {زَوْجَهَا} حواء خلقها من ضلع آدم السفلي، أو خلقها من مثل ما خلقه منه {وَأَنزَلَ لَكُم} جعل " ح " أو أنزلها بعد أن خلقها في الجنة {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} المذكورة في سورة الأنعام {خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ} نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً، أو خلقاً في بطون أمهات بعد خلق في ظهر آبائكم قاله ابن زيد {ظُلُمَاتٍ ثلاثٍ} ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة " ع "، أو ظلمة صلب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرحم. {إن تكفروا فإن الله غنيٌ عنكم ولا يرضى لعباده الكفرَ وإن تشكروا يرضه لكمْ ولا تزرَ وازرةٌ وزرَ أخرى ثم إلى ربكم مرجعكمْ فينبئكم بما كنتمْ تعلمون إنه عليم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 بذات الصدور (7) وإذا مس الإنسانَ ضرٌ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمةً منه نسيَ ما كان يدعوا من قبل وجعلَ للهِ أنداداً ليضلَّ عنه سبيلهِ قل تمتع بكفركَ قليلاً إنك من أصحاب النار (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 8 - {مُنِيباً} مخلصاً له، أو مستغيثاً به، أو مقبلاً عليه {نِعْمَةً مِّنْهُ} تَرَكَ الدعاء، أو عافيةً نسي الضر، والتخويل العطية من هبة، أو منحة. {أَمَّنْ هوَ قانتٌ ءاناءَ الليلِ ساجداً وقائماً يحذرُ الآخرةَ ويرجوا رحمةَ ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكرُ أولوا الألباب (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 9 - {قانتٌ} مطيع، أو خاشع في الصلاة، أو قائم فيها، أو داعٍ لربه {آناء الليل} جوف الليل " ع "، أو ساعاته " ح "، أو ما بين المغرب والعشاء. {رحْمَةَ رَبِّهِ} نعيم الجنة. نزلت في الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو في أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - " ع "، أو عثمان بن عفان، أو عمار وصهيب وأبي ذر وابن مسعود، أو مرسلة فيمن هذا حاله {أَمَّنَ} فجوابه كمن ليس كذلك، أو كمن جعل لله أنداداً. ومن جعل له نداء فمعناه: يا من هو قانت {قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يعلمون} الذين يعلمون هذا فيعلمون له والذين لا يعملونه ولا يعلمون به، أو الذين يعلمون أنهم ملاقو ربهم والذين لا يعلمون المشركون الذين جعلوا لله أنداداً، أو الذين يعلمون نحن والذين لا يعلمون هم المرتابون في هذه الدنيا. {قل ياعبادِ الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرضُ اللهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 واسعةٌ إنما يوفى الصابرونَ أجرهم بغير حسابٍ (10) قل إني أمرتُ أن أعبدَ الله مخلصاً له الدين (11) وأمرت لأن أكون أول المسلمين (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 10 - {حسنةٌ} في الآخرة وهي الجنة، أو في الدنيا زيادة على ثواب الآخرة وهو ما رزقهم مَنّ خير الدنيا أو العافية والصحة أو طاعة الله في الدنيا وجنته في الآخرة " ح "، أو الظفر والغنيمة. {وَأَرْضُ اللَّهِ} أرض الجنة، أو أرض الهجرة {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير مَنٍّ ولا تباعة أو لا يحسب عليهم ثواب عملهم فقط ولكن يزادون على ذلك، أو يعطونه جزافاً غير مقدر أو واسعاً بغير ضيق [165 / ب] / قال علي - رضي الله تعالى عنه - كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى لهم حثواً. {قُلْ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم (13) قل الله أعبد مخلصاً له دين (14) فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يومَ القيامة ألا ذلك هو الخسرانُ المبين (15) لهم من فوقهم ظللٌ من النار ومن تحتهم ظللٌ ذلك يخوف الله به عباده ياعباد فاتقون (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 15 - {خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ} بهلاك النار وخسروا أهليهم بأن لا يجدوا في النار أهلاً وقد كان لهم في الدنيا أهل، أو خسروا أنفسهم بما حرموا من الجنة وأهليهم: الحور العين الذين أعدوا لهم في الجنة " ح ". {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب (18) أفمن} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 {حَقَّ عليه كلمةُ العذابِ أفأنتَ تنقذُ من في النار (19) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبينةٌ تجري من تحتها الأنهار وعدَ اللهِ لا يخلفُ الله الميعاد (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 17 - {الطَّاغُوتَ} الشيطان، أو الأوثان أعجمي كهاروت وماروت أو عربي من الطغيان {وَأَنَابُواْ إِلَى اللَّهِ} أقبلوا عليه أو استقاموا إليه. {الْبُشْرَى} الجنة، أو بشارة الملائكة للمؤمنين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 18 - {القول} كتاب الله، أو لم يأتهم كتاب الله ولكنهم استمعوا أقوال الأمم. قاله ابن زيد {أَحْسَنَهُ} طاعة الله، أو لا إله إلا الله، أو أحسن ما أُمِروا به، أو إذا سمعوا قول المشركين وقول المسلمين اتبعوا أحسنه وهو الإسلام، أو يسمع حديث الرجل فيحدث بأحسنه ويمسك عن سواه فلا يحدث به " ع " قال ابن زيد نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر وسلمان اجتنبوا الطاغوت في الجاهلية واتبعوا أحسن ما صار من القول إليهم. {أَلَمْ تر أن الله أنزلَ من السماءِ ماءً فسلكهُ قي ينابيعَ في الأرضِ ثم يخرجُ به زرعاً مختلفاً ألوانهُ ثم يهيجُ فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب (21) أفمن شرحَ الله صدرهُ للإسلام فهو على نورٍ من ربه فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلالٍ مبين (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 22 - {شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ} وسعه للإسلام حتى ثبت فيه أو شرحه بفرحه وطمأنينته إليه {نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} هدى، أو كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه نزلت في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو في عمر، أو في عمار بن ياسر تقديره: أفمن شرح الله صدره كمن طبع على قلبه {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم} القاسية قلوبهم قيل: أبو جهل وأتباعه من قريش. {اللهُ نزل أحسنَ الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشونَ ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد (23) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 23 - {مُّتَشَابِهًا} في نوره وصدقه وعدله، أو متشابه الآي والحروف {مَّثَانِىَ} لأنه ثنى فيه القضاء، أو قصص الأنبياء، أو ذكر الجنة والنار، أو الآية بعد الآية والسورة بعد السورة، أو تثنى تلاوته فلا يُمل لحسنه، أو يفسر بعضه بعضاً ويرد بعضه على بعض " ع " أو المثاني اسم لأواخر الآي والقرآن أسم جميعه والسورة اسم كل قطعة منه والآية اسم كل فصل من السورة {تَقْشَعِرُّ} من وعيده وتلين من وعده، أو تقشعر من الخوف وتلين من الرجاء " ع "، أو تقشعر من إعظامه وتلين القلوب عند تلاوته. {أَفَمَن يتقي بوجهه سوءَ العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون (24) كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (25) فأذاقهم الله الخزيَ في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (26) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 24 - {يَتَّقِى بِوجْهِهِ} تبدأ النار بوجهه إذا دخلها، أو يسحب على وجهه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 إليها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 25 - {مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} فجأة، أو من مأمنهم. {وَلَقَدْ ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (27) قرءاناً عربياً غير ذي عوجٍ لعلهم يتقون (28) ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجلٍ هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (29) إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (31) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 28 - {عِوَجٍ} لبس، أو اختلاف، أو شك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 29 - {مُتَشَاكِسُونَ} متنازعون، أو مختلفون، أو متعاسرون، أو متضايقون. رجل شكس أي ضيق الصدر، أو متظالمون؛ شكسني مالي أي ظلمني {سالماً} مُخلِصاً مثل لمن عبد آلهة ومن عبد إلاهاً واحداً لأن العبد المشترك لا يقدر على توفية حقوق سادته من الخدمة والذي سيده واحد يقدر على القيام بخدمته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 30 - {إِنَّكَ مَيِّتٌ} ستموت، الميِّت بالتشديد الذي سيموت وبالتخفيف من قد مات. ذكرهم الموت تحذيراً من الآخرة، أو حثاً على الأعمال، أو لئلا يختلفوا في موته كاختلاف الأمم في غيره [166 / أ] / وقد احتج بها أبو بكر على عمرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 رضي الله تعالى عنهما - لما أنكر موته، أو ليعلمه الله - تعالى - أنه سوّى فيه بين خلقه. وكل هذه احتمالات يجوز أن يراد كلها، أو بعضها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 31 - {تَخْتَصِمُونَ} فيما كان بينهم في الدنيا، أو المداينة أو الإيمان والكفر، أو يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر " ع " قال الصحابة. لما نزلت ما خصومتنا بيننا فلما قتل عثمان - رضي الله تعالى عنه - قالوا: هذه خصومتنا بيننا. {فَمَنْ أظلم ممن كذبَ على اللهِ وكذبَ بالصدقِ إذ جاءهُ أليسَ في جهنم مثوى للكافرين (32) والذي جاء بالصدق وصدقَ به أولئك هم المتقون (33) لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاءُ المحسنين (34) ليكفرَ الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 33 - {وَالَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ} محمد، أو الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، أو جبريل عليه السلام، أو المؤمنون جاءوا بالصدق يوم القيامة، والصدق لا إله إلا الله " ع " أو القرآن {وصدق به} الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مؤمنو هذه الأمة، أو أتباع الأنبياء كلهم، أو أبو بكر، أو علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهما - والذي ها هنا يراد به الجمع وإن كان مفرد اللفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 35 - {أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ} قبل الإيمان والتوبة، أو الصغائر لأنهم قد اتقوا الكبائر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 {أَلَيْسَ الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد (36) ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي التقام (37) ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرءيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكاتُ رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون (38) قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عاملٌ فسوف تعلمون (39) من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحل عليه عذابٌ مقيمٌ (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 36 - {بكاف عبده} محمداً [صلى الله عليه وسلم] كفاه الله - تعالى - المشركين {بِكَافٍ عباده} الأنبياء {بالذين من دونه} خوفوه بأوثانهم يقولون تفعل بك كذا وتفعل، أو خوفوه من أنفسهم بالتهديد والوعيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 39 - {مَكَانَتِكُمْ} ناحيتكم، أو تمكنكم، أو شرككم {عَامِلٌ} على ما أنا عليه من الهدى. {إِنَّآ أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل (41) الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسكُ التي قضى عليها الموتَ ويرسلُ الأخرى إلى أجلٍ مسمى إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون (42) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 42 - {يَتَوَفَّى الأَنفُسَ} يقبض أرواحها من أجسادها ويقبض نفس النائم عن التصرف مع بقاء الروح في الجسد {فَيُمْسِكُ} أرواح الموتى أن تعود إلى أجسادها ويرسل نفس النائم فيطلقها باليقظة للتصرف إلى أجل موتها، أو لكل جسد نفس وروح فيقبض بالنوم النفوس دون الأرواح حتى تتقلب بها وتتنفس ويقبض بالموت الأرواح والنفوس فيمسك نفوس الموتى فلا يردها إلى أجسادها ويرد نفوس النيام إلى أجسادها حتى تجتمع مع روحها إلى أجل موتها " ع "، أو يقبض أرواح النيام بالنوم والأموات بالموت فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت فلا يعديها ويرسل الأخرى فيعديها قاله علي - رضي الله عنه - فما رأته النفس وهي في السماء قبل إرسالها فهي الرؤيا الصادقة وما رأته بعد الإرسال وقبل الاستقرار في الجسد يلقها الشياطين ويخيل لها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة. {أَمِ اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون (43) قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون (44) وإذا ذكر اللهُ وحدهُ اشمأزتْ قلوبُ الذين لا يؤمنون بالآخرةِ وإذا ذكرَ الذين من دونهِ إذا هم يستبشرون (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 45 - {اشمأزت} انقبضت، أو نفرت، أو استكبرت. {قُلِ اللهم فاطرَ السموات والأرض عالم الغيبِ والشهادة أنتَ تحكمُ بين عبادكَ في ما كانوا فيه يختلفون (46) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوءِ العذابِ يومَ القيامةِ وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (47) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (48) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 46 - {فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من الهدى والضلال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إلى خولناه نعمةً منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنةٌ ولكن أكثرهم لا يعلمون (49) قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (50) فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئاتُ ما كسبوا وما هم بمعجزين (51) أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقومٍ يؤمنون (52) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 49 - {فَإِذَا مّسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ} نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة {عَلَى عِلْمٍ} عندي: على خبر عندي، أو بعلمي، أو علمت أن سوف أصيبه [166 / ب] / أو علم يرضاه عني، أو بعلم علمنيه الله إياه " ح " {بَلْ هِىَ} النعمة، أو مقالته: أوتيته على علم {فِتْنَةٌ} بلاء، أو اختبار {لا يعلمون} البلاء من النعماء. {قُلْ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم (53) وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذابُ ثم لا تنصرون (54) واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكمُ العذابُ بغتةً وأنتم لا تشعرون (55) أن تقول نفسٌ يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (56) أو تقول لو أن الله هداني لكنتُ من المتقين (57) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرةً فأكونَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 من المحسنين (58) بلى قد جاءتك ءاياتي فكذبت بها واستكبرت وكنتَ من الكافرين (59) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 53 - {أَسْرَفُواْ} بالشرك {تَقْنَطُواْ) {تيأسوا} (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} بالتوبة منها " ح "، أو بالعفو عنها إلا الشرك، أو يغفر الصغائر باجتناب الكبائر نزلت والتي بعدها في وحشي قاتل حمزة قال علي: ما في القرآن آية أوسع منها. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " ما أحب أن لي الدنيا وما عليها بهذه الآية ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 55 - {أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ} تأدية الفرائض، أو طاعة الله - تعالى - في الحلال والحرام، أو الناسخ دون المنسوخ، أو الأخذ بما أمروا به والكف عما نهوا عنه أو ما أمرهم به في كتابه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 56 - {جَنْبِ اللَّهِ} مجانبة أمره، أو في طاعته، أو في ذكره وهو القرآن، أو في قرب الله من الجنة، أو في الجانب المؤدي إلى رضا الله. والجنب والجانب سواء، أو في طلب القرب من الله {والصاحب بالجنب} [النساء: 36] أي بالقرب {السَّاخِرِينَ} المستهزئين بالقرآن، أو بالنبي والمؤمنين " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 {وَيَوْمَ القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههمْ مسودةٌ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين (60) وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون (61) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 61 - {بِمَفَازَتِهِمْ} بنجاتهم من النار، أو بما فازوا به من الطاعة، أو بما ظفروا به من الإرادة {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما فاتهم من لذات الدنيا أو لا يخافون سوء العذاب. {اللهُ خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل (62) له مقاليد السموات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون (63) قل أفغير الله تأمروني أعبدُ أيها الجاهلون (64) ولقد أوحي إليكَ وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين (65) بل الله فاعبد وكن من الشاكرين (66) وما قدروا الله حق قدره والأرضُ جميعاً قبضتهُ يوم القيامة والسموات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (67) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 67 - {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ} ما عظموه حق عظمته إذ عبدوا الأوثان دونه، أو دعوك إلى عبادة غيره، أو ما وصفوه حق صفته {قبضته} أي هي في مقدوره كالذي يقبض القابض عليه في قبضته {بِيَمِينِهِ} بقوته لأن اليمين القوة، أو في ملكه لقوله {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 {وَنُفِخُ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68) وأشرقت الأرض بنور ربها ووضعَ الكتابُ وجائ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون (69) ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون (70) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 68 - {فَصَعِقَ} الصعقة: الغشية، أو الموت عند الجمهور {إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ} جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ثم يقبض ملك الموت أرواحهم بعد ذلك مأثور، أو الشهداء، أو هو الله الواحد القهار. والعجب من الحسن يقول هذا مع أن المشيئة لا تتعلق بالقديم {قِيَامٌ} على أرجلهم {يَنظُرُونَ} إلى البعث الذي أُعيدوا به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 69 - {وَأَشْرَقَتِ} أضاءت {بِنُورِ رَبِّهَا} بعدله، أو بنور قدرته، أو نورٌ خلَقه لإشراق أرضه، أو اليوم الذي يقضي فيه بين الخلق لأنه نهار لا ليل معه {الْكِتَابُ} الحساب، أو كتاب الأعمال {وَالشُّهَدَآءِ} الملائكة الذين يشهدون على أعمال العباد، أو الذين استشهدوا في طاعة [الله] . {بالحق} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 بالعدل {لا يُظْلَمُونَ} بنقص الحسنات، أو الزيادة في السيئات. {وَسِيقَ {وَسِيقَ الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسلٌ منكم يتلون عليكم ءاياتِ ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمةُ العذابِ على الكافرين (71) قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين (72) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 71 - {زُمَراً} أفواجاً، أو أمماً، أو جماعات، أو جماعات متفرقة بعضها إثر بعض، أو دفعاً وزجراً لصوت كصوت المزمار ومنه قولهم مزامير داود. {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين (73) وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العالمين (74) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 73 - 74 - {طِبْتُمْ} بالطاعة، أو بالعمل الصالح، أو على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشربون من إحداهما فتطهر أجوافهم ويشربون من الأخرى فتطيب أبشارهم فحينئذ يقول {خَزَنَتُهَا سَلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين} [167 / أ] / فإذا دخلوها قالوا {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ} بالجنة ثواباً على الإيمان، أو بظهور دينه على الأديان وبالجزاء في الآخرة على الإيمان. {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} أرض الدنيا، أو أرض الجنة عند الأكثرين سماها ميراثاً لأنها صارت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 إليهم في آخر الأمر كالميراث، أو لأنهم ورثوها عن أهل النار {نَتَبَوَّأُ} ننزل {حَيْثُ نشاء} من قرار أو علو، أو من منازل، أو مَنَازِه. {وتَرَى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين (75) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 75 - {حَآفِّينَ} محدقين {يُسَبِّحُونَ} تلذذاً {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} بمعرفة ربهم " ح "، أو يذكرون بأمر ربهم {وَقَضِىَ} بين بعضهم لبعض، أو بين الرسل والأمم {بِالْحَقِّ} بالعدل {وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ} يحمده الملائكة على عدله وقضائه أو يحمده المؤمنون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 سورة المؤمن سُورَةُ غَافِرٍ مكية، أو إلا آيتين {الذين يجادلون في آيات الله} [الآية: 35] والتي بعدها. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تنزيلُ الكتاب من الله العزيز العليم (2) غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 1 - {حم} اسم للقرآن، أو لله أقسم به، أو حروف مقطعة من أسمه {الرَّحْمَنِ} و {الر} و {حم} و {ن} هي الرحمن قاله ابن جبير، أو هو محمد [صلى الله عليه وسلم] أو فواتح السور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 3 - {غَافِرِ الذَّنبِ} لمن استغفره، أو ساتِره على من شاء، أو هو موصوف بمغفرته {وَقَابِلِ التَّوْبِ} بإسقاط الذنب بها مع الإثابة عليها {ذِي الطَّوْلِ} النعم " ع "، أو القدرة، أو الغنى والسعة، أو الجزاء والمن، أو الفضل، والمن: عفو عن ذنب، والفضل: إحسان غير مستحق وأُخذ الطَّول من الطول كأنه طال بإنعامه على غيره، أو لأنه طالت مدة إنعامه. {مَا يجادل في ءاياتِ الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد (4) كذبت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمةٍ برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب (5) وكذلك حقت كلمتُ ربكَ على الذين كفروا أنهم أصحابُ النار (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 4 - {يُجادِل} يماري، أو يجحد ولا تكون المجادلة إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق والمناظرة بين المحقين، أو المجادلة فتل الخصم عن مذهبه حقاً كان أو باطلاً والمناظرة التوصل إلى الحق في أي جهة كان. نزلت في الحارث بن قيس أحد المستهزئين {تَقَلُّبُهُمْ} في السعة والنعمة أو تقلبهم في الدنيا بغير عذاب والتقلب الإقبال والإدبار وتقلب الأسفار نزلت لما قال المسلمون نحن في جَهْد والكفار في سَعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 5 - {لِيَأخُذُوهُ} ليقتلوه، أو ليحبسوه ويعذبوه والأسير أخيذ لأنه يؤسر للقتل وأخذهم له عند دعائه لهم، أو عند نزول العذاب بهم {وجَادَلوا} بالشرك ليبطلوا به الإيمان {فأخَذْتُهم} فعاقبتهم {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} سؤال عن صدق العقاب، أو عن صفته. قال قتادة: شديد والله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 6 - {وَكَذَلِكَ} أي كما حقت كلمة العذاب على أولئك حقت على هؤلاء {حَقَّت} وجب عذاب ربك، أو صدق وعده أنهم أصحاب النار جعلهم لها أصحاباً لملازمتهم لها. {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم (7) ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم (8) وقهم السيئات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 ومن تقِ السئيات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 7 - {رَّحْمَةً} نعمة عليه {وَعِلْماً} به، أو وسعت رحمتك وعلمك كل شيء كقولهم: طبت نفساً {تَابُواْ} من الشرك {سَبِيلَكَ} الإسلام لأنه طريق الجنة {وقهم عذاب الجحيم} [167 / ب] / بتوفيقهم لطاعتك. {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (2) قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (11) ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (12) هو الذي يريكم ءاياته وينزل لكم من السماء رزقاً وما يتذكرُ إلا من ينيب (13) فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 10 - {يُنَادّوْن} في القيام "، أو في النار {لمقتُ اللَّهِ} لكم إذا دعيتم إلى الإيمان فكفرتم {أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ} أنفسكم لما عاينتم العذاب وعلمتم أنكم من أهل النار " ح "، أو مقته إياكم إذا عصيتموه أكبر من مقت بعضكم لبعض حين علمتم أنهم أضلوكم واللام في " لمقت " لام اليمين تدخل على الحكاية، أو ما ضارعها، أو لام ابتداء قاله البصريون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 11 - {أَمتَّنا اثْنَتَيْنِ} إحداهما خلقهم أمواتاً في الأصلاب والأخرى موتهم في الدنيا وحياة في الدنيا والثانية بالبعث أو أحياهم يوم الذر لأخذ الميثاق ثم أماتهم ثم أخرجهم أحياء ثم أماتهم بآجالهم ثم أحياهم للبعث فيكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، أو أحياهم في الدنيا ثم أماتهم فيها ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 أحياهم في القبور ثم أماتهم ثم أحياهم بالبعث {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} فاعترفوا بحياتين بعد موتتين وكانوا ينكرون البعث بعد الموت {مِّن سَبِيلٍ} هل من طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث، أو هل عمل نخرج به من النار ونتخلص به من العذاب " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 12 - {كَفَرْتُمْ} بتوحيده. {تُؤْمِنُواْ} بالأوثان، أو تصدقوا من أشرك به {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ} في جزاء الكافر وعقاب العاصي {الْعَلِىِّ} شأنه ولا يوصف بأنه رفيع لأنها لا تستعمل إلا في ارتفاع المكان والعلي منقول من علو المكان إلى علو الشأن. {رَفِيعُ الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق (15) يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار (16) اليوم تجزى كل نفسٍ بما كسبتْ لا ظلمَ اليومَ إن الله سريعُ الحساب (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 15 - {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} رفيع السموات السبع، أو رافع درجات أوليائه، أو عظيم الصفات {الرُّوحَ} الوحي، أو النبوة أو القرآن " ع "، أو الرحمة، أو أرواح عباده لا ينزل ملك [إلا] ومعه منها روح أو جبريل - عليه السلام - يرسله بأمره {لِيُنذِرَ} الله - تعالى - أو الأنبياء -[صلى الله عليه وسلم]- {يَوْمَ التَّلاقِ} القيامة يلتقي فيه الخالق والخلق، أو أهل السماء وأهل الأرض، أو الأولون والآخرون " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 16 - {بَارِزُونَ} من قبورهم {لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ} من أعمالهم شيء أو أبرزهم جميعاً لأنه لا يخفى عليه شيء من خلقه {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} يقوله الله - تعالى - بين النفختين إذا لم يبق سواه فيجيب نفسه فيقول {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} لأنه بقي وحده وقهر خلقه، أو يقوله الله في القيامة والخلائق سكوت فيجيب نفسه، أو تجيبه الخلائق كلهم مؤمنهم وكافرهم فيقولون: لله الواحد القهار. قاله ابن جريج. {وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (19) والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 18 - {يَوْمَ الأَزِفَةِ} حضور المنية، أو القيامة لدنوها {إِذِ الْقُلُوبُ} النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية، " أو القلوب تخاف في القيامة " فتبلغ الحناجر خوفاً فلا هي تخرج ولا تعود إلى أماكنها. {كَاظِمِينَ} مغمومين، أو باكين، أو ساكتين والكاظم الساكت على امتلائه غيظاً، أو ممسكين بحناجرهم من كظم القربة وهو شد رأسها {حَمِيمٍ} قريب، أو شفيق {يُطَاعُ} يجاب إلى الشفاعة سمى الإجابة طاعة لموافقتها إرادة المجاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 19 - {خائنة الأعين} الرمز بالعين، أو النظرة [168 / أ] / بعد النظرة أو مسارقة النظر " ع " أو النظر إلى ما نُهي عنه، أو قوله رأيت وما رأى، أو ما رأيت وقد رأى سماها خائنة لخفائها كالخيانة، أو لأن استراق نظر المحظور خيانة. {وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ} الوسوسة، أو ما تضمره إذا قدرت عليها تزني بها أم لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 " ع " أو ما يُسرُّه من أمانة وخيانة وعبر عن القلوب بالصدور لأنها مواضعها. {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وءاثاراً في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق (21) ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديدُ العقاب (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 21 - {قوة} بطشا، أو قدرة {وآثارا فِى الأَرْضِ} بخرابها وعمارتها. أو مشيتهم فيها بأرجلهم، أو بعد الغاية في الطلب، أو طول الأعمار، أو آثارهم في المدائن والأبنية. {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين (23) إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب (24) فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين ءامنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال (25) وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدلَ دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (26) وقال موسى إني عذتُ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب (27) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 26 - {ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى} أشيروا عَلَيَّ بقتله لأنهم كانوا أشاروا أن لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 يقتله لو قتله لمنعوه، أو ذروني أتولى قتله لأنهم قالوا هو ساحر إن قتلته هلكت لأنه لو أمر بقتله خالفوه، أو كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله فسألهم أن يمكنوه من قتله {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} وليسأله فإنه لا يجاب، أو يستعينه فإنه لا يعان {دِينَكُمْ} " عبادتكم "، أو أمركم الذي أنتم عليه {الْفَسَادَ} عنده هو الهدى، أو العمل بطاعة الله، أو محاربته لفرعون بمن آمن معه، أو أن يقتلوا أبناءكم ويستحيون نساءكم إن ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم. {وقال رجل مؤمن من ءال فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب (28) ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 28 - {من آل فِرْعَوْنَ} ابن عم فرعون، أو من جنسه من القبط ولم يكن من أهله كان ملكاً على نصف الناس وكان له الملك بعد فرعون بمنزلة ولي العهد وهو الذي قال لموسى {إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 20 - ] ولم يؤمن من آل فرعون غيره وغير امرأة فرعون وكان مؤمناً قبل مجيء موسى، أو آمن بمجيء موسى وصدق به {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} رفقاً بقومه ثم أظهره بعد ذلك فقال في حال كتمانه {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً} لأجل قوله {رَبِّىَ اللَّهُ} {بِالْبَيِّنَاتِ} الحلال والحرام، أو العصا واليد. والطوفان والسنين ونقص من الثمرات وغيرها من الآيات {وَإِن يَكُ كَاذِباً} قاله تلطفاً ولم يقله شكاً {بَعْضُ الَّذِى يَعِدُكُمْ} لأنه وعدهم النجاة إن آمنوا والهلاك إن كفروا فإذا كفروا أصابهم أحد الأمرين وهو بعض الذي وعدهم، أو وعدهم على الكفر بهلاك الدنيا وعذاب الآخرة فهلاكهم في الدنيا بعض الذي وعدهم، أو بعض الذي يعدهم هو أول العذاب لأنه يأتيهم حالاً فحالاً فحذرهم بأوله الذي شكوا فيه وما بعد الأول فهم على يقين منه، أو البعض يستعمل في موضع الكل توسعاً. قال: (قد يُدرِك المتأنِّي بعضَ حاجتهِ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 29 - {ظَاهِرِينَ} غالبين في أرض مصر قاهرين لأهلها يذكرهم المؤمن بنعم الله عليهم {بَأْسِ اللَّهِ} عذابه قال ذلك تحذيراً منه وتخويفاً فعلم فرعون ظهور حجته فقال {مَآ أُرِيكُمْ} ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي و {سبيل الرشاد} عنده التكذيب بموسى. {وقال الذي ءامن ياقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب (30) مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلماً للعباد (31) وياقوم إني أخاف عليكم يوم التناد (32) يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً كذلك يضل الله من هو مسرفٌ مرتاب (34) الذين يجادلون في ءاياتِ الله بغير سلطانٍ أتاهم كبر مقتاً عند الله وعند الذين ءامنوا كذلك يطبعُ الله على كل قلبِ متكبرٍ جبار (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 32 - {يَوْمَ التَّنَادِ} يوم القيامة ينادي بعضهم بعضاً يا حسرتا ويا ويليتا ويا ثبوراه، أو ينادي [168 / ب] / {أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار أَن قَدْ وَجَدْنَا} [الآية الأعراف: 44] . ويناديهم أصحاب النار {أَفِيضُواْ عَلَيْنَا} الآية [الأعراف: 50] . والتنادِّ بالتشديد الفرار وفي حديث " أن للناس جولة يوم القيامة يندون يظنون أنهم يجدون مفراً ثم تلا هذه الآية ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 33 - {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} في انطلاقهم إلى النار، أو في فرارهم منها حين يقذفوا فيها {عاصم} ناصر، أو مانع وأصل العصمة المنع. قاله موسى، أو مؤمن آل فرعون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 34 - {يُوسُفُ} بن يعقوب أُرسل إلى القبط بعد موت الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 {بِالْبَيِّنَاتِ} وهي الرؤيا، أو بعث الله إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف. {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغُ الأسباب (36) أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيدُ فرعونَ إلا في تباب (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 36 - {صَرْحاً} مجلساً " ح "، أو قصراً، أو بناء بالآجر، أو الآجر معناه أوقد لي على الطين حتى يصير آجراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 37 - {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} طرقها، أو أبوابها، أو ما بينها {فَأَطَّلِعَ} قال ذلك بغلبة الجهل والغباوة عليه، أو تمويها على قومه مع علمه باستحالته " ح " {فِى تَبَابٍ} خسران " ع " أو ضلال في الآخرة لمصيره إلى النار أو في الدنيا لما أطلعه الله عليه من إهلاكه. {وقال الذي ءامن يا قوم اتبعونِ أهدكم سبيل الرشاد (38) يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار (39) من عملَ سيئةً فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب (40) ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار (41) تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 إلى العزيز الغفار (42) لا جرمَ أنما تدعونني إليه ليس له دعوةٌ في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحابُ النار (43) فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد (44) فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاقَ بآل فرعون سوء العذاب (45} النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويومَ تقومُ الساعةُ أدخلوا ءال فرعون أشدَ العذاب (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 43 - {لا جَرَمَ} لا بد، أو لقد حق واستحق، أو لا يكون إلا جواباً كقول القائل: فعلوا كذا فيقول المجيب لا جرم أنهم سيندمون {ما تدعونني إليه} من عبادة غير الله {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة، أو لا ينفع ولا يضر فيهما، أو لا يشفع فيهما {مَرَدَّنَآ} رجوعنا إلى الله بعد الموت ليجزينا بأعمالنا {الْمُسْرِفِينَ} المشركون، أو سافكو الدماء بغير حق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 44 - {فَسَتَذْكُرُونَ} في الآخرة، أو عند نزول العذاب {وَأُفَوِّضُ} أسلم، أو أتوكل على الله، أو أشهده عليكم {بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} بمصيرهم، أو بأعمالهم قاله موسى، أو المؤمن فأظهر به إيمانه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 45 - {فَوَقَاهُ اللَّهُ} بإنجائه مع موسى وغرق فرعون، أو خرج هارباً من فرعون إلى جبل يصلي فيه فأرسل فرعون في طلبه فوجدوه يصلي فذبت السباع والوحوش عنه فرجعوا فأخبروا به فرعون فقتلهم. {وَحَاقَ بِآلِ فِرعَوْنَ} الفرق، أو قتله للذين أخبروه عن المؤمن، أو عبّر عن فرعون بآل فرعون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 46 - {يُعْرَضُونَ} يعرض عليهم مقاعدهم غدوة وعشية ويقال يا آل فرعون هذه منازلكم، أو أرواحهم في أجواف طير سود تغدوا على جهنم وتروح، أو يعذبون بالنار في قبورهم غدوة وعشية وهذا خاص بهم {تَقُومُ السَّاعَةُ} قيامها وجود صفتها على استقامة قامت السوق إذا حضر أهلها على استقامة في وقت العادة {أَشَدَ الْعَذَابِ} لأن عذاب جهنم مختلف قال الفَرَّاء فيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 تقديم وتأخير تقديره: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها. {وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار (47) قال الذينَ استكبروا إنا كلٌ فيها إن الله قد حكم بين العباد (48) وقال الذين في النار لخزنةِ جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب (49) قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال (50) إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد (51) يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار (52) ولقد ءاتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب (53) هدى وذكرى لأولي الألباب (54) فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار (55) إن الذين يجادلون في ءاياتِ اللهِ بغير سلطانٍ أتاهم إن في صدورهم إلا كبرٌ ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير (56) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 51 - {لننصر رسلنا والذين آمنوا} بإفلاج حججهم، أو بالانتقام لهم فما قتل قوم نبياً أو قوماً من دعاة الحق إلا بُعث من ينتقم لهم فصاروا منصورين في الدنيا وإن قتلوا {وَيَوْمَ يَقُومُ} بنصرهم في القيامة بإعلاء كلمتهم وإجزال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 ثوابهم، أو بالانتقام من أعدائهم {الأَشْهَادُ} الأنبياء [169 / أ] / شهدوا على الأنبياء بالإبلاغ وعلى أممهم بالتكذيب، أو الأنبياء والملائكة أو الملائكة والنبيون والمؤمنون جمع شهيد كشريف وأشراف، أو جمع شاهد كصاحب وأصحاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 55 - {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} ما وعد الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين بعطائه، أو أن يعذب كفار مكة {وَاسْتَغْفِرْ} من ذنب إن كان منك {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} صلِّ بأمر ربك {بِالْعَشِىِّ وَالإِبْكَارِ} صلاة العصر والغداة، أو العشي ميل الشمس إلى أن تغيب والإبكار أول الفجر، أو هي صلاة مكة قبل فرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 56 - {سُلْطَانٍ} حجة {كِبْرٌ} العظمة التي في كفار قريش ما هم ببالغيها، أو ما يستكبر من الاعتقاد وهو تأميل قريش أن يهلك الرسول [صلى الله عليه وسلم] ومن معه، أو قول اليهود الدجَّال منا وتعظيمه واعتقادهم أنهم سيملكون وينتقمون منا {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} من كفرهم {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لأقوالهم {البصير} بضمائرهم. {لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون (57) وما يستوي الأعمى والبصير والذين ءامنوا وعملوا الصالحات ولا المسيءُ قليلاُ ما تتذكرون (58) إن الساعة لاتيةٌ لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (59) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 57 - {لَخَلْقُ الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ} من خلق الدجَّال لما عظمت اليهود شأنه، أو أكبر من إعادة خلق الناس، أو أكبر من أفعال الناس حين أذل الكفار بالقوة وتواعدوهم بالقهر. {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (60) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 60 - {أدْعُونِى أَسْتَجِبْ} وحدوني بالربوبية أغفر لكم ذنوبكم " ع " أو اعبدوني أثبكم على العبادة، أو سلوني أعطكم وإجابة الدعاء مقيدة بشروط المصلحة والحكمة. {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن الله لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (61) ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون (62) كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون (63) الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسنَ صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين (64) هو الحيُّ لا إلهَ إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 الحمد لله رب العالمين (65) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 61 - {لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} عن عمل النهار، أو لتكفوا عن طلب الرزق أو لتحاسبوا فيه أنفسكم على ما عملتموه بالنهار {مُبْصِراً} لقدرة الله في خلقه، أو لطلب الأرزاق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 63 - {يُؤْفَكُ} يصرف، أو يكذب بالتوحيد، أو يعدل عن الحق، أو يقلب عن الدين. {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين (66) هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمىً ولعلكم تعقلون (67) هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون (68) ألم تر إلى الذين يجادلون في ءايات الله أنى يصرفون (69) الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون (70) إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (71) في الحميم ثم في النار يسجرون} ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون (73) من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً كذلك يضل الله الكافرين (74) ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون (75) ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين (76) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 75 - {تفرحون} الفرح: السرور والمرح: البطر، سروا بالإمهال وبطروا بالنعم، أو الفرح: السرور والمرح: العدوان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 {فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذين نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون (77) ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضيَ بالحق وخسرَ هنالك المبطلون (78) الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون (79) ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون (80) ويريكم ءاياته فأي ءاياتِ الله تنكرون (81) أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وءاثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (82) فلما جاءتهم رسلهم بالبيناتِ فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (83) فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين (84) فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (85) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 83 - {بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ} قالوا نحن أعلم منهم لن نبعث ولن نعذب، أو كان عندهم أنه علم وهو جهل، أو فرحت الرسل بما عندها من العلم بنجاتها وهلاك أعدائها، أو رضوا بعلمهم واستهزءوا برسلهم. {وَحَاقَ بهم} أحاط وعاد عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 سورة السجدة مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تنزيلٌ من الرحمن الرحيم (2) كتابٌ فصلتْ ءاياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون (3) بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (4) وقالوا قلوبنا في أكنةٍ مما تدعونا إليه وفي ءاذننا وقرٌ ومن بيننا وبينك حجابٌ فاعمل إننا عاملون (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 3 - { فصلت آياته} فُسِّرت، أو فُصِّلت بالوعد والوعيد " ع " أو بالثواب والعقاب، أو ببيان الحلال والحرام والطاعة والمعصية أو بذكر محمد [صلى الله عليه وسلم] فحكم ما بينه وبين [من] خالفه {لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أنه إله واحد في التوراة والإنجيل، أو يعلمون أن القرآن نزل من عند الله أو يعلمون العربية فيعجزون عن مثله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 5 - {أَكِنَّةٍ} أغطية، أو أوعية كالجعبة للنبل، أو في غلف لا تسمع منك {وَقْرٌ} صمم والوقر لغة: ثقل السمع والصمم ذهاب جميعه {حِجَابٌ} ستر مانع من الإجابة، أو فرقة في الأديان، أو تمثيل بالحجاب ليؤيسوه من الإجابة، أو استغشى أبو جهل على رأسه ثوباً وقال يا محمد بيننا وبينك حجاب [169 - ب] / استهزاء منه {فَاعْمَلْ} لإلهك فإنا نعمل لآلهتنا، أو اعمل في هلاكنا فإنا نعمل في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 هلاكك، أو اعمل بما تعلم من دينك فإنا بما نعلم من ديننا. (قُلْ إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويلٌ للمشركين (6) الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون (7) إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم أجرٌ غير ممنون (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 7 - {لا يؤتون الزكاة} تركهم بالشح الذي يأنف منه الفضلاء، أو لا يزكون أعمالهم، أو لا يأتون ما يكونون به أزكياء " ح "، أو لا يؤمنون بالزكاة، أو ليس هم من أهل الزكاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 8 - {مَمْنونٍ} محسوب، أو منقوص " ع "، أو مقطوع مننت الحبل: قطعته أو ممنون به عليهم. {قُلْ إئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين (9) وجعل فيها رواسيَ من فوقها وبارك فيها وقدرَّ فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين (10) ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا آتينا طائعين (11) فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 9 - {يَوْمَيْنِ} الأحد والاثنين " ع " {أَندَاداً} أشباهاً " ع "، أو شركاء أو أكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصيه، أو قول الرجل لولا كلب فلان لأتاني اللص ولولا فلان لكان كذا " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 10 - {وَبَارَكَ فِيهَا} أنبت شجرها بغير غرس وزرعها بغير بذر، أو أودعها منافع أهلها {أَقْوَاتَهَا} أرزاق أهلها " ح "، أو مصالحها من بحارها وأشجارها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 وجبالها وأنهارها ودوابها، أو المطر، أو قدر في كل بلدة منها ما ليس في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد آخر {فِى أَرْبَعَةِ أَيَامٍ} في تتمة أربعة أيام لقولك خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً أي في تتمة خمسة عشر يوماً وفي حديث مرفوع أنه خلق الأرض يوم الأحد والأثنين والجبال يوم الثلاثاء والشجر والماء والعمران يوم الأربعاء والسماء يوم الخميس والنجوم والشمس والقمر والملائكة وآدم يوم الجمعة وخلق ذلك شيئاً بعد شيء ليعتبر به من حضر من الملائكة، أو لتعتبر به العباد إذا أخبروا {لِّلسِّآئِلِينَ} عن مدة الأجل الذي خلق فيها الأرض، أو في أقواتهم وأرزاقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 11 - {اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} عمد إليها، أو استوى أمره إليها. {ائتنا طَوْعاً} قال لهما قبل خلقهما تكَوَّنا فتكوَّنتا كقوله لكل شيء كن، أو أمرهما بعد خلقهما عند الجمهور بأن يعطيا الطاعة في السير المقدر لهما، أو أمرهما بالطاعة والمعرفة، أو ائتيا بما فيكما، أو كونا كما أردت من شدة ولين وَحَزن وسله ومنيع وممكن {طوعا} اختياراً، {أَوْ كَرْهاً} إجباراً، كلمهما الله - تعالى - بذلك، أو ظهر من قدرته ما قام مقام الكلام في بلوغ المراد {أَتَيْنَا طَآئِعِينَ} أعطينا الطاعة، أو أتينا بما فينا فأتت السماء بما فيها من الشمس والقمر والنجوم وأتت الأرض بالأشجار والأنهار والثمار " ع " تكلمتا بذلك، أو قام ظهور طاعتها مقام قولهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 12 - {فَقَضَاهُنَّ} خلقهن {فِى يَوْمَيْنِ} قبل الخميس والجمعة، أو خلق السموات قبل الأرضين في يوم الأحد والأثنين والأرضين يوم الثلاثاء والجبال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 يوم الأربعاء وما عداهما من العالم في الخميس والجمعة، أو خلق السماء دخانها قبل الأرض ثم فتقها سبع سماوات بعد الأرض {وَأَوْحَى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا} أسكن فيها ملائكتها، أو خلق في كل سماء خلقها وخلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها وأوحى إلى ملائكة كل سماء ما أمرهم به من العبادة {بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً} أي جعلناها زينة وحفظاً. {فَإِنْ أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود (13) إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون (14) فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون (15) فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نحساتٍ لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16) وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17) ونجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 14 - {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} رسل من بين أيديهم ورسل من بعدهم " ع "، أو ما بين أيديهم عذاب الدنيا وما خلفهم [170 / أ] / عذاب الآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 16 - {صَرْصَراً} شديدة البرد، أو شديدة السموم، أو شديدة الصوت من الصرير قيل إنها الدبور. {نحسات} مشئومات وكن في آخر شهر من الشتاء من الأربعاء إلى الأربعاء قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: ما عذب قوم لوط الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 إلا في يوم الأربعاء، أو باردات، أو متتابعات، أو ذات غبار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 17 - {فَهَدَيْنَاهُمْ} دعوناهم، أو بينا لهم سبيل الخير والشر، أو أعلمناهم الهدى من الضلالة. {فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَىَ} اختاروا الجهل على البيان أو الكفر على الإيمان، أو المعصية على الطاعة {صَاعِقَةُ الْعَذَابِ} النار أو صيحة من السماء، أو " الموت لكل شيء مات "، أو كل عذاب صاعقة لأن من سمعها يصعق لهولها {الْهُونِ} الهوان، أو العطش. {وَيَوْمَ يُحشر أعداءُ الله إلى النار فهم يوزعون (19) حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20) وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون (21) وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون (22) وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (23) فإن يصبروا فالنار مثوىً لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 19 - {يُوزَعُونَ} يدفعون " ع "، أو يساقون، أو يمنعون من التفرق، أو يحبس أولهم على آخرهم وزعته كففته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 21 - {لِجُلُودِهِمْ} حقيقة، أو لفروجهم، أو أيديهم وأرجلهم " ع " قيل: أول ما يتكلم الفخذ الأيسر والكف الأيمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 22 - {تَسْتَتِرُونَ} تتقون، أو تظنون، أو تسخفون منها. {ولكن ظننتم} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 نزلت في ثلاثة نفر تماروا فقالوا ترى الله يسمع سرنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 24 - {يستعتبوا} يطلبوا الرضا فما هم بمرضي عنهم والمعتب الذي قُبل إعتابه وأُجيب إلى سؤاله، أو أن يستغيثوا فما هم من المغاثين. أو أن يستقيلوا، أو أن يعتذروا فما هم من المعذورين، أو أن يجزعوا فما هم من الآمنين قال ثعلب: يقال عتب إذا غضب وأعتب إذا رضي. {وَقَيَّضْنا لَهُمْ قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (25) وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآنِ والغوا فيه لعلكم تغلبون (26) فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون (27) ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاءً بما كانوا بآياتنا يجحدون (28) وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 25 - {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ} هيأنا لهم شياطين، أو خلينا بينهم وبين الشياطين أو أغرينا الشياطين بهم {مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة، أو ما بين أيديهم من أمر الآخرة فقالوا لا حساب ولا نار ولا بعث وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات، أو ما بين أيديهم فعل الفساد في زمانهم وما خلفهم هو ما كان قبلهم، أو ما بين أيديهم ما فعلوه وما خلفهم ما عزموا أن يفعلوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 26 - {لا تسمعوا لهذا القرآن} لا تتعرضوا لسماعه ولا تقبلوه ولا تطيعوه من قولهم السمع والطاعة {وَالْغَوْاْ فِيهِ} قعوا فيه وعيبوه " ع " أو اجحدوا وانكروه، أو عادوه وعاندوه، أو الغوا فيه بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق حتى يصير لغواً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 29 - {أرنا} أعطنا، أو أبصرنا {اللذين أضلانا من الجن} إبليس {ومن الإنس} قابيل، أو دعاة الضلال من الجن والإنس {مِنَ الأَسْفَلِينَ} في النار قالوه حنقاً عليهما، أو عداوة لهما. {إِنَّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (30) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون (31) نزلاً من غفورٌ رحيم (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 30 - {رَبُّنَا اللَّهُ} وَحَّدُوا " ع " {اسْتَقَامُواْ} على التوحيد أو على لزوم الطاعة وأداء الفرائض " ع "، أو على إخلاص الدين والعمل إلى الموت، أو استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم، أو استقاموا سراً كما استقاموا جهراً {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةُ} عند الموت، أو عند الخروج من قبورهم {لا تخافوا} أمامكم {ولا تحزنوا} على ما [170 / ب] / خلفكم، أو لا تخافوا الموت ولا تحزنوا على أولادكم {وأبشروا} يبشرون عن الموت ثم في القبر ثم في البعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 31 - {أَوْلِيَآؤُكُمْ} نحفظ أعمالكم في الدنيا ونتولاكم في الآخرة أو نحفظكم في الحياة ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة {مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ} من النعم، أو الخلود لأنهم كانوا يشتهون في الدنيا البقاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 {تَدَّعُونَ} تمنون أو ما تدعي أنه لك فهو لك بحكم ربك " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 32 - {نُزُلاً} ثواباً، أو مناً، أو منزلة، أو عطاء مأخوذ من نُزُل الضيف ووظائف الجند. {وَمَنْ أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين (33) ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميمٌ (34) وما يُلقاها إلا الذين صبروا وما يُلقاها إلا ذو حظٍ عظيمٍ (35) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم (36) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 33 - {ممن دعا إلى الله} الرسول [صلى الله عليه وسلم] دعا إلى الإسلام " ح " أو المؤذنون دعوا إلى الصلاة {وَعَمِلَ صَالِحاً} أداء الفرائض، أو صلاة ركعتين بين الآذان والإقامة كان بلال إذا قام للآذان قالت اليهود: قام غراب لا قام فإذا ركعوا في الصلاة قالوا: جثوا لا جثوا فنزلت هذه الآية في بلال والمصلين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 34 - {الحسنةُ} المداراة {والسيئةُ} الغلظة، أو الحسنة الصبر والسيئة النفور، أو الإيمان والكفر " ع "، أو العفو والانتصار، أو الحلم والفحش، أو حب آل بيت الرسول [صلى الله عليه وسلم] وبغضهم قاله علي - رضي الله تعالى عنه - {بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} ادفع بحلمك جهل الجاهل عليك " ع " أو ادفع بالسلام إساءة المسيء {وَلِىٌّ} صديق {حَمِيمٌ} قريب نزلت في أبي جهل كان يؤذي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأُمر بالصبر عليه والصفح عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 35 - {وَمَا يُلَقَّاهَآ} ما يلقى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على الحلم، أو ما يلقى الجنة إلا الذين صبروا على الطاعة {حَظٍّ عَظِيمٍ} جد عظيم، أو نصيب وافر " ع "، أو الحظ العظيم الجنة " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 36 - {نَزْغٌ} غضب، أو الوسوسة وحديث النفس، أو البغض، أو الفتنة، أو الهمزات " ع " {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} اعتصم {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لاستعاذتك {الْعَلِيمُ} بأذيتك. {وَمِنْ ءاياته الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون (37) فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليلِ والنهارِ وهم لا يسئمون (38) ومن ءاياته أنك ترى الأرض خاشعةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير (39) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 37 - {خَلَقَهُنَّ} خلق هذه الآيات والسجود عند قوله {تعبدون} " ح "، أو {لا يسأمون} " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 39 - {خَاشِعَةً} غبراء يابسة، أو ميتة يابسة {اهْتَزَّتْ} بالحركة للنبات {وَرَبَتْ} بالارتفاع قبل أن تنبت، أو اهتزت بالنبات {وربت} بكثرة الريع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 {إِنَّ الذين يُلحدون في ءاياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي ءامناً يومَ القيامة اعلموا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيزٌ (41) لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد (42) ما يقال لك إلا ما قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقابٍ أليمٍ (43) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 40 - {يُلْحِدُونَ} يكذبون بآياتنا، أو يميلون عن أدلتنا، أو يكفرون بنا، أو يعاندون رسلنا، أو المكاء والصفير عند تلاوة القرآن {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ} تهديد ووعيد {أَفَمَن يُلْقَى فِى النَّارِ} أبو جهل والآمن: عمار، أو عمر، أو أبو جهل وأصحابه والآمن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه، أو عامة في الكافرين والمؤمنين {اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ} تهديد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 41 - {بِالذِّكْرِ} القرآن اتفاقاً جوابه هالكون، أو معذبون {عَزِيزٌ} على الشيطان أن يبدله، أو على الناس أن يقولوا مثله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 42 - {الْبَاطِلُ} إبليس، أو الشيطان، أو التبديل، أو التكذيب {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ} من أول التنزيل ولا من آخره " ح "، أو لا يقع الباطل فيه في الدنيا ولا في الآخرة، أو لا يأتيه في إنبائه عما تقدم ولا في إخباره عما تأخر {حَكِيمٍ} في فعله {حميد} إلى خلقه [171 / أ] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 43 - {مَّا يُقَالُ لَكَ} من أنك ساحر، أو شاعر، أو مجنون، أو ما تخبر إلا بما يخبر به الأنبياء قبلك {إِنَّ رَبَّكَ لذو مغفرة} الآية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 ولو جعلناه قرءاناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت ءاياته ءاعجمي وعربي قل هو للذين ءامنوا هدىً وشفاء والذين لا يؤمنون في ءاذانهم وقرٌ وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44) ولقد ءاتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 44 - {أَعْجَمِيّاً} غير مبين وإن كان عربياً، أو بلسان أعجمي {فصلت آياته} بالفصيح على الوجه الأول وبالعربية على الثاني {ءاعجمي} كيف يكون القرآن أعجمياً ومحمد [صلى الله عليه وسلم] عربي، أو ونحن قوم عرب {عَمىً) {حيرة} (مكانٍ بعيدٍ} من قلوبهم، أو من السماء، أو ينادون بأبشع أسمائهم. {من عملَ صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلامٍ للعبيد (46) إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركاءى قالوا ءاذناك ما منا من شهيد) 47) وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص (48) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 48 - {وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ} علموا ما لهم من معدل، أو تيقنوا أن ليس لهم ملجأ من العذاب وقد يعبّر عن اليقين بالظن فيما طريقه الخبر دون العيان لأن الخبر محتمل والعيان غير محتمل. {لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوسٌ قنوط (49) ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ (50) وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض (51) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 49 - {دُعَاء الْخَيْرِ} الصحة والمال والإنسان هنا الكافر و {الشَّرُّ} الفقر والمرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 50 - {هَذَا لِى} باجتهادي، أو استحقاقي. قيل نزلت في المنذر بن الحارث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 51 - {عريضٍ} تام بإخلاص الرغبة، أو كثير لدوام المواصلة واستعمل العرض لأن العريض يجمع عرضاً وطولاً فكان أعم قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - الكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء. {قل أرءيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاقٍ بعيدٍ (52) سنريهم في ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيدٌ (53) ألا إنهم في مرية من لقاءِ ربهم ألا إنه بكل شيء محيط (54) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 53 - {فِى الأَفَاقِ} فتح أقطار الأرض {وَفِى أَنفُسِهِمْ} فتح مكة، أو في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 الآفاق ما أخبروا به من حوادث الأمم وفي أنفسهم ما أنذروا به من الوعيد، أو في الآفاق آيات السماء وفي أنفسهم حوادث الأرض أو في الآفاق إمساك القطر عن الأرض كلها وفي أنفسهم البلاء الذي يكون في أجسادهم، أو في الآفاق انشقاق القمر وفي أنفسهم خلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم كيف إدخال الطعام والشراب من موضع واحد وإخراجه من موضعين. {أَنَّهُ الْحَقُّ} القرآن، أو الذي جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 54 - {مِرْيَةٍ} شك من البعث {مُّحِيطٌ} بعلمه، أو قدرته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 سورة حم عسق سُورَةُ الشُّورَى مكية أو إلا أربع آيات مدنية {قل لا أسألكم عليه أجرا} [23] إلى آخرها. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) عسق (2) كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيزُ الحكيمُ (3) له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيمُ (4) تكادُ السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يُسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم (5) والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظٌ عليهم وما أنت عليهم بوكيل (6) } 1 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 2 - {حم عسق} اسم للقرآن، أو لله أقسم به " ع "، أو فواتح السور، أو اسم الجبل المحيط بالدنيا، أو حروف مقطعة من أسماء الله - تعالى - الحاء والميم من الرحمن والعين من عليم والسين من قدوس والقاف من قاهر أو حروف مقطعة من حوادث آتية الحاء من حرب والميم من تحويل ملك والعين من عدو مقهور والسين من استئصال سنين كسني يوسف، والقاف من قدرة الله في ملوك الأرض قاله عطاء، أو نزلت في رجل يقال له عبد الإله كان بمدينة على نهر بالمشرق خسف الله - تعالى - به الأرض فقوله حم يعني عزيمة من الله عين عدلاً منه سين سيكون ق واقعاً بهم قاله حذيفة بن اليمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 5 - {يَتَفَطَّرْنَ} يتشققن من عظمة الله - تعالى -، أو من علم الله أو ممن فوقهن " ع "، أو لنزول العذاب منهن {يُسَبِّحُونَ} تعجباً من تعرض الخلق لسخط الله - تعالى -، أو خضوعاً [171 / ب] / لما يرون من عظمته " ع " {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} بأمره، أو بشكره {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى الأَرْضِ} من المؤمنين لما رأت ما أصاب هاروت وماروت سبحت بحمد ربها واستغفرت لبني آدم من الذنوب والخطايا، أو بطلب الرزق لهم والسعة عليهم وهم جميع الملائكة أو حملة العرش. {وكذلك أوحينا إليك قرءاناً عربياً لتنذر أم القرىَ ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير (7) ولو شاءَ اللهُ لجعلهم أمةً واحدةً ولكن يُدخِلُ من يشاءُ في رحمته والظالمون ما لهم من وليٍ ولا نصيرٍ (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 8 - {أُمَّةً وَاحِدَةً} أهل دين واحد إما ضلال، أو هدى. {فِى رَحْمَتِهِ} الإسلام {مِّن وَلِىٍّ} ينفع {ولا نصير} يدفع. {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيءٍ قديرٌ (9) وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى اللهِ ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب (10) فاطرُ السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير (11) له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 11 - {ويذرؤكم} يخلقكم، أو يكثر نسلكم، أو يعيشكم، أو يرزقكم أو يبسطكم، أو نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} ليس كمثل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 الرجل والمرأة شيء. قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - والضحاك أو ليس كمثل الله شيء بزيادة الكاف للتوكيد، أو بزيادة مثل للتوكيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 12 - {مقاليد السماوات والأرض} خزائنهما، أو مفاتيحهما " ع " بالفارسية، أو العربية، مفاتيح السماء المطر والأرض النبات، أو مفاتيح الخير والشر، أو مقاليد السماء الغيوب والأرض الآفات، أو مقاليد السماء حدوث المشيئة ومقاليد الأرض ظهور القدرة، أو قول لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مأثور يبسط ويقدر: يوسع ويضيق، أو يسهل ويعسر {إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ} من البسط والتقتير {عَلِيمٌ} . {شَرَعَ لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (13) وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ولولا كلمةٌ سبقت من ربك إلى أجلٍ مسمىٌ لقضيَ بينهم وإن الذين أورثوا الكتابَ من بعدهمْ لفي شكٍ منه مُرِيبٍ (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 13 - {شَرَعَ} سَنَّ، أو بيّن أو اختار، أو أوجب {مِّنَ الدِّينِ} من زائدة {مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} من تحريم البنات والأمهات والأخوات لأنه أول نبي أتى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 بذلك، أو من تحليل الحلال وتحريم الحرام {أَقِيمُواْ الدِّينَ} اعملوا به، أو ادعوا إليه {وَلا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ} لا تتعادوا عليه وكونوا عليه إخواناً، أو لا تختلفوا فيه بل يصدق كل نبي من قبله {مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} من التوحيد {يَجْتَبِى إِلَيْهِ} من يولد على الإسلام و {مَن يُنِيبُ} من أسلم عن الشرك، أو يستخلص لنفسه من يشاء ويهدي إليه من يقبل على طاعته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 14 - {وما تفرقوا} عن محمد [صلى الله عليه وسلم] أو في القول. {مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ} بأن الفرقة ضلال، أو العلم القرآن، أو بعد ما تَبَحَّرُوا في العلم. {بَغْياً} من بعضهم على بعض، أو اتباعاً للدنيا وطلباً لملكها {كَلِمَةٌ سَبَقَتْ} رحمته للناس على ظلمهم، أو تأخيره العذاب عنهم إلى أجل مسمى {لِّقُضِىَ بَيْنَهُمْ} بتعجيل هلاكهم {أُورِثُواْ الْكِتَابَ} اليهود والنصارى، أو انبئوا بعد الأنبياء {لَفِى شَكٍّ} من العذاب والوعد أو الإخلاص، أو صدق الرسول [صلى الله عليه وسلم] . {فلذلك فادع واستقم كما أُمرتَ ولا تتبع أهواءهم وقل ءامنتُ بما أنزل الله من كتابٍ وأمُرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 15 - {فَلِذَلِكَ} فللقرآن، أو التوحيد. {فَادْعُ} فاعمل، أو فاستدع {وَاسْتَقِمْ} على القرآن، أو على أمر الله، أو على تبليغ الرسالة. {لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} في الأحكام، أو التبليغ {لا حُجَّةَ} لا خصومة منسوخة نزلت قبل السيف [172 / أ] / والجزية، أو معناه عدلتم بإظهار العداوة عن طلب الحجة، أو قد أعذرنا بإقامة الحجة عليكم فلا يحتاج إلى إقامة حجة عليكم. نزلت في الوليد وشيبة سألا الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يرجع إلى دين قريش على أن يعطيه الوليد نصف ماله ويزوجه شيبة بابنته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 {والذين يحاجون في الله من بعد ما استُجيب له حجتهم داحضةٌ عند ربهم وعليهم غضبٌ ولهم عذابٌ شديدٌ (16) الله الذي أنزل الكتابَ بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريبٌ (17) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلالٍ بعيدٍ (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 16 - {يُحَآجُّونَ فِى اللَّهِ} في توحيده، أو رسوله طمعاً أن يعود إلى الجاهلية بمحاجتهم، أو هم اليهود قالوا: كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن خير منكم {مَا أسْتُجِيبَ له} من بعدما أجابه الله إلى إظهار المعجزات على يديه، أو من بعدما أجاب الرسول إليه من المحاجة أو من بعدما استجاب المسلمون لربهم وآمنوا بكتابه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 17 - {الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} بالمعجز الدال على صحته، أو بالصدق فيما أخبر به من ماضٍ ومستقبل {وَالْمِيزَانَ} العدل فيما أمر به ونهى عنه، أو جزاء الطاعة والمعصية، أو الميزان حقيقة نزل من السماء لئلا يتظالم الناس {قَرِيبٌ} ذُكِّر لأن الساعة بمعنى الوقت. {الله لطيفٌ بعباده يرزقُ من يشاء وهو القوي العزيز (19) من كان يريد حرثَ الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب (20) أم لهم شركاؤا شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم (21) ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين ءامنوا وعملوا الصالحات في روضات الجناتِ لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 20 - {حَرْثَ الدُّنْيَا} الآية يعطي الله على نية الآخرة من الدنيا ما شاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 ولا يعطي على الدنيا إلا الدنيا، أو من عمل للآخرة أعطي بالحسنة عشر أمثالها ومن عمل للدنيا لم يزد على ما عمل لها {مِن نَّصِيبٍ} في الجنة شبه العامل بالزارع لاشتراكهما في طلب النفع. {ذلك الذي يبشر الله عباده الذين ءامنوا وعملوا الصالحات قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القُربى ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور (23) أم يقولون افترى على الله كذباً فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحقَّ بكلماته إنه عليم بذات الصدور (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 23 - {إِلا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى} تودُّوني في نفسي لقرابتي منكم لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينه وبين الرسول [صلى الله عليه وسلم] قرابة " ع " أو إلا أن تودوا قرابتي، أو إلا أن تودوني فتؤازروني كما تودون ذوي قرابتكم، أو إلا أن تتوددوا إلى الله - تعالى - وتتقربوا إليه بالعمل الصالح " ح "، أو إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم {غَفُورٌ} للذنوب {شَكُورٌ} للحسنات، أو غفور: لذنوب [آل] الرسول [صلى الله عليه وسلم] شكور: لحسناتهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 24 - {يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} ينسيك ما أتاك من القرآن، أو يربط على قلبك فلا يصل إليك الأذى بقولهم {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} ، أو لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله كذباً لطبع على قلبك. {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون (25) ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد (26) ولو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبيرٌ بصيرٌ (27) وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميدُ (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 28 - {الْغَيْثَ} المطر النافع في وقته والمطر قد يكون ضاراً أو نافعاً في وقته وغير وقته قيل لعمر - رضي الله عنه -: أجدبت الأرض وقنط الناس فقال: مطروا إذاً. والقنوط: اليأس. {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} بالمطر، أو بالغيث فيما يعم به ويخص {الْوَلِىُّ} المالك {الْحَمِيدُ} مستحق الحمد، أو الولي: المنعم الحميد: المستحمد. {ومن ءاياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا شاء قدير (29) وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (30) وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) 31) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 30 - {وَمَآ أَصَابَكُم مِّن مصيبةٍ} الحدود لأجل المعاصي " ح "، أو البلوى في النفوس والأموال عقوبة على المعاصي للبالغين وثواباً للأطفال أو عامة للأطفال أيضاً في غيرهم من والد ووالدة قاله العلاء بن زيد. {عَن كثيرٍ} من العصاة فلا يعاجلهم بالعقوبة، أو عن كثير من المعاصي فلا حد فيها [172 / ب] /. {ومن ءاياته الجوار في البحر كالأعلام (32) إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (33) أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير (34) ويعلم الذين يجادلون في ءاياتنا ما لهم من محيص (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 32 - {الجواري} السفن {كَالأَعْلامِ} كالجبال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 33 - {صَبَّارٍ} على البلوى {شَكُورٍ} على النعماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 34 - {يُوبِقْهُنَّ} يغرقهن {وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ} من أهلهن فلا يغرقهم معها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 35 - {مَّحِيصٍ} مهرب، أو ملجأ فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه. {فما أوتيتم من شيء فمتاعُ الحياة الدنيا وما عند الله خيرٌ وأبقى للذينَ ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون (36) والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحشَ وإذا ما غضبوا هم يغفرون (37) والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم يُنفقون (38) والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (39) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 38 - {الذين اسْتَجَابُواْ} الأنصار استجابوا بالإيمان لما أنفذ إليهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] أثني عشر نقيباً منهم قبل الهجرة {وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ} بالمحافظة على مواقيتها وبإتمامها بشروطها {وَأَمْرُهُمْ شُورَى} كانوا قبل قدوم الرسول [صلى الله عليه وسلم] يتشاورون فيما عزموا عليه، أو عبّر عن اتفاقهم بالمشاورة، أو تشاوروا لما جاءهم النقباء فاجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على نصرة الرسول [صلى الله عليه وسلم] والإيمان به، أو تشاورهم فيما يعرض لهم {ينفقون} بالزكاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 39 - {أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ} بغي المشركين عليهم في الدين انتصروا منهم بالسيف أو إذا بغى عليهم باغٍ كُرِه أن يُستذلوا لئلا يجترئ عليهم الفساق وإذا قدروا عفواً وإذا بغي عليهم تناصروا عليه وأزالوه. {وجزؤا سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليمٌ (42) ولمن صَبَرَ وغَفَرَ إن ذلك لمن عزم الأمور (43) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 40 - {سيئةٌ مِّثْلُهَا} يريد به القصاص في الجراح المتماثلة، أو في الجراح وإذا قال أخزاه الله أو لعنه قابله بمثله ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بالكذب {وأصْلَح} العمل، أو بينه وبين أخيه {فأجْرُه عَلَى اللَّهِ} ندب إلى العفو {الظَّالِمِينَ} بالابتداء، أو بالتعدي في الاستيفاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 41 - {انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} استوفى حقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 42 - {يَظْلِمُونَ النَّاسَ} بعدوانهم، أو بالشرك المخالف لدينهم {وَيَبْغُونَ} يعملون المعاصي، أو في النفوس والأموال، أو ما ترجوه قريش من أن يكون بمكة غير الإسلام ديناً؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 43 - {عَزْمِ الأُمور} العزائم التي أمر الله - تعالى - بها، أو عزائم الصواب التي وفق لها نزلت مع ثلاث آيات قبلها في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم سكت عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 {ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍ من سبيل (44) وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرفٍ خفي وقال الذين ءامنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذابٍ مقيمٍ (45) وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 45 - {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} المشركون يعرضون على جهنم عند انطلاقهم إليها قاله الأكثر، أو آل فرعون خاصة تحبس أرواحهم في أجواف طيور سود تغدوا على جهنم وتروح، أو المشركون يعرضون على العذاب في قبورهم وتعرض عليهم ذنوبهم في قبورهم {يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىِّ} ببصائرهم لأنهم يحشرون عمياً، أو يسارقون النظر إلى النار حذراً، أو بطرف ذابل ذليل " ع ". {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يومٌ لا مردَّ له من الله ما لكم من ملجأٍ يومئذ وما لكم من نكير (47) فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور (48) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 47 - {مَّلْجَإٍ} منجى، أو محرز {نَكِيرٍ} ناصر، أو منكر بغير ما حل بكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 48 - {رَحْمَةً} عافية، أو مطراً {سَيِّئَةٌ} قحط، أو مرض. {لله ملكُ السمواتِ والأرضِ يخلُقُ ما يشاءُ يهبُ لمن يشاءُ إناثاُ ويهبُ لمن يشاءُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 الذكور (49) أو يزوجهم ذكراناً وإناثاُ ويجعلُ من يشاءُ عقيماً إنه عليمٌ قديرٌ (50) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 49 - {يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً} محضة ولمن يشاء الذكور متمحضة ولشرف الذكور أدخل عليهم أداة التعريف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 50 - {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ} بأن تلد غلاماً ثم جارية، أو تلدهما معاً والتزويج هنا الجمع زوجت الإبل جمعت بين صغارها وكبارها {عَقِيماً} عقم فرجه عن الولادة، والعقم: المنع، أو الآية خاصة بالأنبياء [173 / أ] / محض للوط البنات ولإبراهيم الذكور وزوجهم لإسماعيل وإسحاق وجعل يحيى وعيسى عقيمين. {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً أو من ورآئ حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم (51) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمانَ ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم (52) صراطِ الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمورُ (53) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 51 - {إِلا وَحْياً} بالنفث في قلبه والإلهام، أو رؤيا المنام. {من وراء حِجَابٍ} كما كلم موسى {رَسُولاً} جبريل - عليه السلام - {فَيُوحِىَ} هذا الوحي خطاب من الرسل إلى الأنبياء يسمعونه نطقاً ويرونهم عياناً، أو نزل جبريل - عليه السلام - على كل نبي فلم يره منهم إلا محمد وإبراهيم وموسى وعيسى وزكريا - عليهم الصلاة والسلام - وأما غيرهم فكان وحياً وإلهاماً في المنام نزلت لما قال اليهود للرسول [صلى الله عليه وسلم] ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً صادقاً كما كلمه موسى ونظر إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 52 - {رُوحاً} رحمة، أو نبوة، أو قرآناً {مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 لولا الرسالة ولا الإيمان لولا البلوغ {وَلا الإِيمَانُ} بالله وهذا يعرفه بعد البلوغ وقبل النبوة، أو الإسلام وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة {نُوراً} القرآن، أو الإيمان {صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الإسلام، أو طريق مستقيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 53 - {صراط الله} القرآن، أو الإسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 سُورَةُ الزّخْرُفِ مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) والكتابِ المبين (2) إنا جعلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون (3) وإنه في أم الكتابِ لدينا لعلي حكيمٌ (4) أفنضرب عنكم الذكر صحفاً أن كنتم قوماً مسرفين (5) وكم أرسلنا من نبي في الأولين (6) وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون (7) فأهلكنا أشد منهم بطشاً ومضى مثلُ الأولين (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 2 - {المبين} للأحرف " الستة التي سقطت من ألسنة الأعاجم " أو للهدى والرشد والبركة، أو للأحكام والحلال والحرام، أقسم بالكتاب أو برب الكتاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 3 - {جَعَلْنَاهُ} أنزلناه، أو قلناه، أو بيّناه {عَرَبِيّاً} لأن كل نبي بعث بلسان قومه، أو لأن لسان أهل السماء عربي {تَعْقِلُونَ} تفهمون، أو تتفكرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 4 - {أُمِّ الْكِتَابِ} جملة الكتاب، أو أصله، أو الحكمة التي نبّه الله عليها جميع خلقه {الْكِتَابِ} اللوح المحفوظ، أو ذكر عند الله - تعالى - فيه ما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 سيكون من أعمال العباد يقابل به يوم القيامة ما ترفعه الحفظة من أعمالهم قاله ابن جريج {لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ} عليٌ عن أن ينال فيبدل {حَكِيمٌ} محفوظ من نقص، أو تغيير عند من رآه كتاب ما يكون من أعمال الخلق، أو عليٌّ: لنسخه ما تقدم من الكتب حكيم: محكم فلا ينسخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 5 - {أَفَنَضْرِبُ} أحسبتم أن يصفح عنكم ولما تفعلوا ما أمرتم به " ع "، أو أنكم تكذبون بالقرآن فلا يعاقبكم فيه، أو أن نهملكم فلا نعرفكم ما يلزمكم، أو نقطع تذكيركم بالقرآن وإن كذبتم به {صَفْحاً} إعراضاً. صفحت عن فلان أعرضت عنه أصله أن توليه صفحت عنقك. (صفوحٌ فما تلقاكَ إلاَّ بخيلَةً ... فمن ملَّ منها ذلك الوصل ملَّتِ) أي تعرض بوجهها. {مُّسْرِفِينَ} في الرد، أو مشركين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 8 - {مَثَلُ الأَوَّلِينَ} سنتهم، أو عقوبتهم، أو عبرتهم، أو خبرهم أنهم هلكوا بالتكذيب. {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم (9) الذي جعل لكم الأرض مهداً وجعل لكم فيها سبلاً لعلكم تهتدون (10) والذي نزل من السماء ماءً بقدرٍ فأنشرنا به بلدةً ميتاً كذلك تخرجون (11) والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون (12) لتستووا على ظهروه ثم تذكروا نعمةَ ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (13) وإنا إلى ربنا لمنقلبون (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 10 - {مهاداً} فراشاً {سُبُلاً} طرقاً {تَهْتَدُونَ} في أسفاركم أو تعرفون نعمة الله تعالى عليكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 12 - {الأزواج} الأصناف كلها، أو الذكر والأنثى [173 / ب] / من الحيوان، أو الشتاء والصيف والليل والنهار والشمس والقمر والجنة والنار " ح " {وَالأَنْعَامِ} الإبل والبقر، أو الإبل وحدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 13 - {ظُهُورِهِ} أضاف الظهور إلى واحد لأن المراد الجنس {مُقْرِنِينَ} ضابطين، أو مماثلين في القوة فلان قِرْن فلان إذا كان مثله في القوة، أو مطيقين " ع " من أقرن إقراناً إذا أطاق أو من المقارنة وهو أن تقرن بعضها ببعض في السير. {وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفورٌ مبين (15) أم اتخذ مما يخلقُ بناتٍ وأصفاكم بالبنين (16) وإذا بُشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم (17) أومن ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين (18) وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويُسئلون (19) وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 15 - {جُزْءاً} عدلاً، أو نصيباً، أو من الملائكة ولداً، أو البنات، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 الجزء: النبات أجزأت المرأة إذا ولدت البنات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 17 - {كظيم} حزين، أو مكروب، أو ساكت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 18 - {يُنَشَّؤُ} يُرَبَّى يريد به الجوارى " ع "، أو البنات، أو الأصنام {الْخِصَامِ} الحجة، أو الجدل {غَيْرُ مبين} قليل البلاغة، أو ضعيف الجنة أو ساكت عن الجواب قال [قتادة] ما حاجت امرأة قط إلا أوشكت أن تتكلم بغير حجتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 19 - {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} جمع عابد، أو أضافهم إليه تكريماً {إِنَاثاً} بنات الرحمن، أو ناقصون نقص الإناث {سَتُكتَب شَهَادَتُهُمْ ويُسئلون} عنها إذا بعثوا. {أم ءاتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون (21) بل قالوا إنا وجدنا ءاباءنا على أمةٍ وإنا علىءاثارهم مهتدون (22) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا ءاباءنا على أمةٍ وإنا علىءاثارهم مقتدون (23) قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه ءاباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون (24) فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 22 - {أُمَّةٍ} دين، أو ملة، أو قبلة، أو استقامة، أو طريقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 23 - {مُّقْتَدُونَ} متبعون قيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وأبي جهل وعتبة وشيبة. {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براءٌ مما تعبدون (26) إلا الذي فطرني فإنه سيهدين (27) وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون (28) بل متعت هؤلاء وءاباءهم حتى جاءهم الحق ورسولٌ مبين (29) ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وأنه به كافرون (30) وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيم (31) أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذ بعضهم بعضاً سُخرياً ورحمتُ ربك خير مما يجمعون (32) ولولا أن يكون الناس أمةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقُفاً من فضةٍ ومعارجٍ عليها يظهرون (33) ولبيوتهم أبواباً وسُرراً عليها يتكئون (34) وزخرفاً وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرةُ عند ربك للمتقين (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 26 - {بَرَآءٌ} مصدر لا يثنى ولا يجمع وصف به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 27 - {إِلا الَّذِى فَطَرَنِى} استثناء منقطع {سَيَهْدِينِ} قاله ثقة بالله وتعريفاً أن الهداية بيده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 28 - {كَلِمَةً بَاقِيَةً} لا إله إلا الله لم يزل في ذريته من يقولها أو أن لا يعبدوا الله، أو الإسلام {عَقِبِهِ} نسله " ع "، أو آل محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو من خلَفه {لَعَلَّهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 يَرْجِعُونَ} إلى الحق، أو إلى دينك دين إبراهيم، أو يتوبون " ع "، أو يذَّكرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 31 - {الْقَرْيَتَيْنِ} مكة والطائف وعظيم مكة الوليد بن المغيرة أو عتبة بن ربيعة وعظيم الطائف: حبيب بن عمرو [بن عمير الثقفي] " ع " أو ابن عبد ياليل، أو عروة بن مسعود، أو كنانة بن عبد [بن] عمرو. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 32 - {رحمةَ ربكَ} النبوة فيضعونها حيث شاءوا {مَّعِيشَتَهُمْ} أرزاقهم. فتلقاه قليل الحيلة ضعيف القوة عِي اللسان وهو مبسوط عليه في رزقه وتلقاه شديد الحيلة عظيم القوة بسيط اللسان وهو مقتر عليه {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ} بالفضائل، أو الحرية والرق، أو بالغنى والفقر، أو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو بالتفضيل في الرزق فقسم رحمته بالنبوة كما قسم الرزق بالمعيشة {سُخريًّا} خدما، أو مِلكا {ورحمة رَبِّكَ} النبوة خير من الغنى، أو الجنة خير من الدنيا، أو إتمام الفرائض خير من كثيرة النوافل، أو ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 33 - {أُمَّةً وَاحِدَةً} على دين واحد كفاراً " ع " أو على اختيار الدنيا على الدين قاله ابن زيد {سُقُفاً} أعالي البيوت، أو الأبواب {ومعارجَ} درجات فضة {يَظْهرون} [174 / أ] / يصعدون. ( ... ... ... ... ... ... ... ... . ... وإنا لنبغي فوق ذلك مظهراً) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 أي مصعداً قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك فكيف لو فعل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 35 - {وَزُخْرُفاً} الذهب " ع "، أو النقوش " ح "، أو الفرش ومتاع البيت. {ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين (36) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون (37) حتى إذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين (38) ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون (39) أفأنت تُسمع الصم أو تهدي العمى ومن كان في ضلالٍ مبين (40) فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون (41) أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون (42) فاستمسك بالذي أُوحي إليك أنك على صراط مستقيم (43) وإنه لذكرٌ لك ولقومك وسوف تُسئلون (44) وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن ءالهةً يعبدون (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 36 - {يَعْشُ} يعرض، أو يعمى " ع "، أو السير في الظلمة من العشا وهو البصر الضعيف {ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} القرآن، أو ما بينه من حلال وحرام وأمر ونهي " ع "، أو ذكر الله {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} نلقيه شيطاناً، أو نعوضه من المقايضة وهي المعاوضة {قَرِينٌ} في الدنيا يحمله على الحرام والمعاصي ويمنعه من الحلال والطاعات، أو إذا بعث من قبره شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصير إلى النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 38 - {جاءنا} ابن آدم وقرينه {يا ليت} يقوله الآدمي لقرينه. {الْمَشْرِقَيْنِ} المشرق والمغرب فغلبت أحدهما كالقمرين، أو مشرق الشتاء ومشرق الصيف. {فَبِئْسَ} الشيطان قريناً لمن قارنه لأنه يورده النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 41 - {نَذْهَبَنَّ بِكَ} نخرجنك من مكة من أذاهم {فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} بالسيف يوم بدر، أو أراد قبض روحه، فإنا منتقمون من أمتك فيما أحدثوا بعدك. أُري ما لقيت أمته بعده فما زال منقبضاً ولم ينبسط ضاحكاً حتى لقي الله - تعالى -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 44 - {لَذِكْرٌ} لشرف، أو تذكرون به أمر الدين وتعملون به {وَلِقَوْمِكَ} قريش، أو من اتبعه من أمته، أو قول الرجل حدثني أبي عن جدي {تُسْئَلون} عن الشكر، أو عما أتاك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 45 - {من أرسلنا} سبعون نبياً جُمعوا له ليلة الإسراء منهم إبراهيم وموسى وعيسى فلم يسألهم لأنه كان أعلم بالله - تعالى - منهم " ع "، أو أهل التوراة والإنجيل تقديره واسأل أمم من أرسلنا، أو جبريل تقديره وسل عمن أرسلنا: أمر بذلك لما قالت اليهود والمشركون إن ما جئت به مخالف لمن كان قبلك فأمر بسؤالهم. لا أنه كان في شك منه قال الواقدي. فسألهم فقالوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 بعثنا بالتوحيد، أو لم يسألهم ليقينه بالله تعالى حتى قال ميكائيل لجبريل هل سألك محمد عن ذلك فقال هو أشد إيماناً وأعظم يقيناً من أن يسأل عن ذلك. {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه فقال إني رسول رب العالمين (46) فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون (47) وما نريهم من ءايةٍ إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون (48) وقالوا ياأيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون (49) فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 49 - {يا أيها السَّاحِرُ} قالوه استهزاء " ح "، أو جرى على ألسنتهم ما ألفوه من اسمه، أو أرادوا بالساحر غالب السحرة، أو الساحر عندهم العالم فعظموه بذلك {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} لئن آمنا لتكشفن عنا العذاب فدعا فأجيب فلم يفوا بالإيمان. 50 - {ينكثون} يغدرون. {ونادى فرعونُ في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون (51) أم أنا خيرٌ من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين (52) فلولا ألقي عليه أسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين (53) فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين (54) فلما ءاسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 أجمعين (55) فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين (56) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 51 - {وَنَادَى} قال، أو أمر من ينادي {مُلْك مِصْرَ} الإسكندرية أو ملك منها أربعين فرسخاً في مثلها {تَجْرِى مِن تَحْتِى} كانت جنات وأنهار تجري من تحت قصره، أو من تحت سريره، أو النيل يجري أسفل منه، أو أراد القواد والجبابرة يسيرون تحت لوائي قاله الضحاك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 52 - {أم أنا} بل أنا [174 / ب] / {مهينٌ} ضعيف، أو حقير، أو كان يمتهن نفسه في حوائجه {يُبِينُ} يفهم لعي لسانه، أو للثغه، أو لثقله بجمرة كان وضعها في فيه وهو صغير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 53 - {أسورةٌ} لتكون دليلاً على صدقه، أو لأنها عادة ذلك الزمان وزي أهل الشرف والأساورة جمع أسورة والأسورة جمع سوار {مُقْتَرِنِينَ} متتابعين أو يقارن بعضهم بعضاً في المعونة، أو مقترنين يمشون معاً ليكونوا دليلاً على صدقه، أو أعواناً له وذكر الملائكة بناء على قول موسى فإنه لا يؤمن بالملائكة من لا يعرف خالقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 54 - {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} استخفهم بالقول فأطاعوه على التكذيب، أو حركهم بالرغبة فخفوا في الإجابة، أو استجهلهم فأظهرو طاعته جهلهم، أو دعاهم إلى طاعته فخفوا إلى إجابته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 55 - {آسفونا} أغضبونا، أو أسخطونا والغضب إرادة الانتقام والسخط إظهار الكراهة والأسف هو الأسى على فائت فلما وضع موضع الغضب صحت إضافته إلى الله، أو التقدير فلما آسفوا رسلنا لأن الله - تعالى - لا يفوته شيء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 56 - {سُلُفاً} أهواء مختلفة " ع "، أو جمع سلف وهم الماضون من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 الناس {سَلَفاً} بالفتح متقدمين إلى النار، أو سلفاً لهذه الأمة، أو لمن عمل مثل عملهم {وَمَثَلاً} عبرة لمن بعدهم، أو عظة لغيرهم. {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون (57) وقالوا ءألهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون (58) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون (60) وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعونِ هذا صراط مستقيم (61) ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين (62) ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون (63) إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (64) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذابٍ يومٍ أليمٍ (65) } . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 57 - {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : يا معشر قريش ليس أحد يعبد من دون الله - تعالى - فيه خير. فقالوا: ألست تزعم أن عيسى كان عبداً صالحاً ونبياً فقد كان يعبد من دون الله فنزلت، أو نزلت لما قالت قريش إن محمداً يريد أن نعبده كما عُبد عيسى، أو لما ذكر الله - تعالى - نزول عيسى في القرآن قالت قريش ما أردت إلى ذكر عيسى فنزلت، أو نزلت لما ذكر أنه خلق عيسى من غير أب فأكبرته قريش فضربه مثلاً بأنه خلق من غير أب كما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 خلق آدم من غير أم ولا أب {يَصِدُّونَ} بالضم والكسر واحد كشد يشِد ويشُد ونم ينم وينُم يضجون " ع "، أو يضحكون، أو يجزعون، أو يعرضون أو بالضم يعدلون وبالكسر يفرقون، أو بالضم يعتزلون وبالكسر يصيحون، أو بالضم من الصدود وبالكسر يضجون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 58 - {ءَالِهَتُنَا خيرٌ} أم محمد، أو عيسى {إِلا جدلا} قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] أنت تزعم أن كل معبود دون الله - تعالى - في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عُزير والمسيح والملائكة فإنهم قد عبدوا من دون الله {خَصِمُونَ} الخصم الحاذق بالخصومة، أو المجادل بغير حجة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 59 - {أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} بسياسة نفسه وقمع شهوته {مَثَلاً لبني إسرائيل} آية، أو لتمثيله بآدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 60 - {لجعلنا منكم ملائكة} قلبنا بعضهم ملائكة من غير أب كما خلق عيسى ليكونوا خلفاء ممن ذهب عنكم، أو لجعلنا بدلاً منكم ملائكة {يَخْلُفُونَ} يخلف بعضهم بعضاً، أو يخلفونكم، أو يعمرون الأرض بدلاً منكم، أو يكونون رسلاً إليكم بدلاً من الرسل منكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 61 - {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} القرآن لما فيه من البعث والجزاء " ح " [175 / أ] / أو إحياء عيسى الموتى دليل على بعث الموتى، أو خروج عيسى عليم للساعة لأنه من أشراطها " ع " {فَلا تَمْتَرُنَّ} لا تشكن في الساعة، أو لا تكذبن بها {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} القرآن مستقيم إلى الجنة " ح "، أو عيسى " ع "، أو الإسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 63 - {بِالْبَيِّنَاتِ} الإنجيل، أو آياته من إحياء الموتى وإبراء الأسقام والإخبار بكثير من الغيوب " ع " {بِالْحِكْمَةِ} النبوة، أو علم ما يؤدي إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 الجميل ويكف عن القبيح {بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} تبديل التوراة، أو ما تختلفون فيه من أمر دينكم لا من أمر دنياكم، أو يبين بعضه ويكل البعض إلى اجتهادهم، أو بعض بمعنى كل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 65 - {الأَحْزَابُ} اليهود والنصارى، أو فرق النصارى اختلفوا في عيسى فقالت النسطورية هو ابن الله وقالت اليعاقبة هو الله وقالت الملكية عيسى ثالث ثلاثة الله أحدهم. {هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون (66) الأخلاءُ يومئذٍ بعضكم لبعض عدوٌ إلا المتقين (67) ياعباد لا خوفٌ عليكمُ اليوم ولا أنتم تحزنون (68) الذين ءامنوا بآياتنا وكانوا مسلمين (69) ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون (70) يطاف عليهم بصحافٍ من ذهبٍ وأكوابٍ وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون (71) وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون (72) لكم فيها فاكهةٌ كثيرةٌ منها تأكلون (73) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 67 - {بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} في الدنيا لأن كلاً زين للآخر ما يوبقه، أو أعداء في الآخرة مع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا قيل: نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط لما أمره أن يتفل في وجه الرسول [صلى الله عليه وسلم] ففعل فنذر الرسول [صلى الله عليه وسلم] قتله فقتله يوم بدر صبراً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 وقتل أمية في المعركة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 70 - {وَأَزْوَاجُكُمْ} من الحور العين، أو المؤمنات في الدنيا، أو قرناؤكم في الدنيا {تُحْبَرُونَ} تكرمون " ع "، أو تفرحون، أو تنعمون، أو تسرون، أو تعجبون، أو التلذذ بالسماع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 71 - {وأكواب} آنية مدروة الأفواه، أو ليست لها آذان أو الكوب المدور القصير عنقه وعروته والإبريق الطويل المستطيل عنقه وعروته، أو الأباريق التي لا خراطيم لها، أو الأباريق التي لا عرى لها. {إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون (74) لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون (75) وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين (76) ونادوا يا مالك ليقضِ علينا ربك قال إنكم ماكثون (77) لقد جئناكم بالحقِ ولكن أكثركم للحق كارهون (78) أم أبرموا امراً فإنا مبرمون (79) أم يحسبون أنا لا نسمعُ سرهم ونجواهم بل ورسلنا لديهم يكتبون (80) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 77 - {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ليميتنا {مَّاكِثُونَ} مقيمون وبين دعائهم وجوابه أربعون سنة، أو ثمانون، أو مائة، أو ألف سنة " ع " لأن بُعْد الجواب أخزى لهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 79 - {أَمْ أَبْرَمُواْ} أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على التعذيب أو أحكموا كيداً فإنا محكمون كيداً، أو قضوا فإنا قاضون عليهم بالعذاب قيل نزلت لما اجتمعوا في دار الندوة للمشورة في الرسول [صلى الله عليه وسلم] فاجتمع رأيهم على ما أشار به أبو جهل من قتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] واشتراكهم في دمه فنزلت هذه الآية وقُتلوا ببدر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 {قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين (81) سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون (82) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلقوا يومهم الذي يوعدون (83) وهو الذي في السماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ وهو الحكيم العليم (84) وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون (85) ولا يملك الذي يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (86) ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون (87) وقيله يا رب إن هؤلاء قومٌ لا يؤمنون (88) فاصفح عنهم وقل سلامٌ فسوف يعلمون (89) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 81 - {إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ} من يعبد الله - تعالى - بأنه ليس له ولدٌ، أو {فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} له ولكن لم يكن ولا ينبغي أن يكون له ولد، أو لم يكن له ولد وأنا أول الشاهدين بأنه ليس له ولد " ع "، أو ما كان للرحمن ولد ثم استأنف فقال: وأنا أول العابدين أي الموحدين من أهل مكة، أو إن قلتم له ولد فأنا أول الجاحدين أن يكون له ولد، أو أنا أول الآنفين إن كان له ولد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 84 - {فِى السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِى الأَرْضِ إِلَهٌ} مُوَحَّد فيهما، أو معبود فيهما [175 / ب] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 86 - {الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ} الملائكة وعيسى وعُزير، أو الملائكة. قال النضر ونفر من قريش: إن كان ما يقوله محمد حقاً فنحن نتولى الملائكة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 وهم أحق بالشفاعة لنا منه فنزلت. {إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ} أي لا تشفع الملائكة إلا لمن شهد أن لا إله إلا الله وهم يعلمون أن الله ربهم، أو الشهادة بالحق إنما هي لمن شهد في الدنيا بالحق وهم يعلمون أنه الحق فتشفع لهم الملائكة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 88 - {وَقِيلِهِ} بالجر تقديرها وعنده علم الساعة وعلم قيلهِ وتقديرها بالنصب إلا من شهد بالحق وقال قيلَه {إِنَّ هَؤُلآءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ} إنكار منه عليهم، أو معطوف على سرهم ونجواهم، أو شكا محمد [صلى الله عليه وسلم] إلى ربه قَيلَهُ ثم ابتدأ فأخبر يا رب إن هؤلاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 89 - {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} منسوخ بالسيف {سَلامٌ} ما تسلم به من شرهم، أو قل خيراً بدل شرهم، أو احلم عنهم، أو أمره بتوديعهم بالسلام ولم يجعله تحية، أو عرفه بذلك كيف السلام عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 سُورَةُ الدُّخَانِ مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) والكتابِ المبين (2) إنا أنزلناه في ليله مباركة إنا كنا منذرين (3) فيها يفرق كل أمرٍ حكيم (4) أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين (5) رحمةً من ربك إنه هو السميع العليم (6) رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين (7) لا إله إلا هو يحي ويميت ربكم ورب ءابائكم الأولين (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 3 - {أَنزَلْنَاهُ} القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا {لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} لما تنزل فيها من الرحمة، أو لما يجاب فيها من الدعاء ليلة النصف من شعبان، أو ليلة القدر قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان والتوراة لست مضين منه والزبور لاثني عشرة مضين منه والإنجيل لثماني عشرة مضت منه والفرقان لأربع وعشرين مضت منه " {كُنَّا مُنذِرِينَ} بالقرآن من النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 4 - {يُفْرَقُ} يُقضى، أو يكتب " ع "، أو ينزل، أو يخرج {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} الأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة من السنة إلى السنة " ع "، أو كل ما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت وحكيم هنا: بمعنى محكم، وليلة القدر في رمضان باقية ما بقي الدهر ولا وجه لقول من قال رفعت بموت الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو جوز كونها في جميع السنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 6 - {أَمْراً مِّنْ عِندِنَآ} القرآن نزل من عنده، أو ما يقضيه في الليلة المباركة من أحوال عباده {كُنَّا مُرْسِلِينَ} الرسل للإنذار، أو منزلين ما قضيناه على العباد، أو {مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن ربك} وهي نعمته ببعثه الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو رأفته بهداية من آمن به {السَّمِيعُ} لقولهم {العليم} بفعلهم. {بل هم في شكٍ يلعبون (9) فارتقب يوم تأتي السماءُ بدخانٍ مبينٍ (10) يغشَى الناسَ هذا عذابٌ أليمٌ (11) ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (12) أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين (13) ثم تولوا عنه وقالوا معلمٌ مجنون (14) إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون (15) يومَ نبطشُ البطشةَ الكبرى إنا منتقمون (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 10 - {فَارْتَقِبْ} فانتظر للكفار، أو احفظ قولهم حتى تشهد عليهم يوم تأتي السماء ولذلك سمي الحافظ رقيباً {بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} لما دعا عليهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بسبع كسبع يوسف حتى صار بينهم وبين السماء كهيئة الدخان قال أبو عبيدة الدخان الجدب. قال ابن قتيبة سمي دخاناً ليبس الأرض منه حتى يرتفع منها غبار كالدخان وقيل لسنة الجدب غبراء لكثرة الغبار فيها، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 يوم [176 / أ] / فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة، أو دخان يهيج بالناس في القيامة فيأخذ المؤمن منه كالزكمة وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 12 - {عَنَّا الْعَذَابَ} الدخان، أو الجوع، أو الثلج ولا وجه له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 15 - {عَآئِدُونَ} إلى جهنم، أو إلى الشرك لما كشف عنهم الجدب باستسقاء الرسول [صلى الله عليه وسلم] عادوا إلى تكذيبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 16 - {الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} العقوبة الكبرى وهي القتل ببدر، أو جهنم في القيامة " ع "، " ح " {مُنتَقِمُونَ} من أعدائنا، العقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة والنقمة قد تكون قبلها أو العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر، أو العقوبة قد تكون في المعاصي والنقمة قد تكون في خلفه لأجله. {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريمٌ (17) أن أدوا إلي عباد الله إني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 {لكم رسولٌ أمينٌ (18) وأن لا تعلوا على الله إني ءاتيكم بسلطان مبين (19) وإني عذتُ بربي وربكم أن ترجمون (20) وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون (21) فدعا ربه أن هؤلاء قومٌ مجرمون (22) فأسر بعبادي ليلاً إنكم متبعون (23) واترك البحر رهواً إنهم جندٌ مغرقون (24) كم تركوا من جناتٍ وعيونٍ (25) وزروع ومقامٍ كريم (26) ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين (27) كذلك وأورثناها قوماً آخرين (28) فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين (29) ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30) من فرعون إنه كان عالياً من المسرفين (31) ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين (32) وءاتيناهم من الآيات ما فيه بلاءٌ مبينٌ (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 17 - {فَتَنَّا} ابتلينا {رَسُولٌ} موسى {كَرِيمٌ} على ربه أو في قومه، أو كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 18 - {أَنْ أَدُّواْ} أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم، أو أجيبوا عبادَ الله خيراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 19 - {لا تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ} لا تبغوا على الله، أو لا تفتروا عليه " ع " البغي بالفعل والافتراء بالقول، أو لا تعظموا عليه، أو لا تستكبروا على عبادته، التعظم تطاول المقتدر والاستكبار ترفع المحتقَر. {بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} بحجة بينة، أو عذر بين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 20 - {عدت} لجأت، أو استعنت الملتجئ مستدفع والمستعين مستنصر {تَرْجُمُونِ} بالحجارة، أو تقتلوني أو تشتموني فتقولون ساحر وكاهن وشاعر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 21 - {فَاعْتَزِلُونِ} إن لم تصدقوني فخلوا سبيلي وكفوا عن أذيتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 24 - {رَهْواً} سمتاً " ع "، أو يابساً، أو سهلاً، أو طريقاً، أو منفرجاً، أو فرقاً، أو ساكناً لما نجوا من البحر أراد موسى - عليه الصلاة والسلام أن يضربه بالعصا ليعود إلى حاله خوفاً أن يدركهم فرعون فقيل له: اترك البحر رهواً أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} قال مقاتل هو النيل كان عرضه يومئذ فرسخين. قال الضحاك غرقوا بالقلزم وهو بلد بين الحجاز ومصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 25 - {وَعُيُونٍ} من الماء عند الجمهور، أو من الذهب عند ابن جبير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 26 - {وَزُرُوعٍ} كانوا يزرعون ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها وكانت تروى من ستة عشر ذراعاً لما دبروه وقدروه من قناطر وجسور {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} المنابر " ع "، أو المساكن، أو مجالس الملوك {كَرِيمٍ} حسن، أو المعطي لذته كما يعطي الرجل الكريم صلته، أو كريم لكرم من فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 27 - {وَنَعْمَةٍ} نيل مصر، أو الفيوم، أو أرض مصر لكثرة خيرها، أو ما كانوا فيه من سعة ودعة {النعمة} بكسر النون في الملك وبفتحها في البدن والدين، أو بالكسر من الأفضال والعطية وبفتحها من التنعم وهو سعة العيش والراحة {فَاكِهِينَ} فرحين، أو ناعمين، أو الفاكه المتمتع بأنواع اللذة كتمتع الآكل [176 / ب] / بأنواع الفاكهة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 28 - {قوما آخرين} بنو إسرائيل صارت إليهم كمصير الميراث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 29 - {فما بكت عليهم السماء والأرض} أي أهلهما " ح " أو تبكي السماء والأرض على المؤمن أربعين صباحاً قاله مجاهد أو يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " ما من مؤمن إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 يدخل منه كلامه وعمله فإذا مات فقداه فبكيا عليه "، ثم تلا هذه الآية؛ وبكاؤهما كبكاء الحيوان المعروف، أو حمرة أطرافهما ولما قتل الحسين - رضي الله تعالى عنه - احمّرت له آفاق السماء أربعة أشهر واحمرارها بكاؤها، أو يظهر منها ما يدل على الحزن والأسف. {مُنظَرِينَ} مؤخرين بالغرق، أو لم يناظروا بعد الآيات التسع حتى أغرقوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 32 - {اخْتَرْنَاهُمْ} اصطفيناهم للرسالة، والدعاء إلى الطاعة، أو اختارهم لدينه وتصديق رسله، أو بإنجائهم من فرعون وقومه {عَلَى عِلْمٍ} مِنَّا بهم {الْعَالَمِينَ} عالمي زمانهم لأن لأهل كل زمان عالم، أو جميع العالمين لما جعل فيهم من الأنبياء وهذا خاص بهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 33 - {مِّنَ الأَيَاتِ} إنجاؤهم من فرعون وفلق البحر وإنزال المن والسلوى يريد به بني إسرائيل، أو العصا واليد البيضاء يريد به قوم فرعون، أو الشر الذي كفهم عنه والخير الذي أمرهم فيتوجه إلى الفريقين {بلاء مُّبِينٌ} نعمة ظاهرة، أو عذاب شديد، أو اختبار يتبين به المؤمن من الكافر. {إن هؤلاء ليقولون (34) إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين (35) فأتوا بآياءنا إن كنتم صادقين (36) أهم خيرٌ أم قومُ تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 36 - {فَأْتُواْ بِآبَآئِنَآ} قال أبو جهل: يا محمد إن كنت صادقاً في قولك إنا نحي فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما: قصي بن كلاب فإنه كان رجلاً صادقاً لنسأله عما يكون بعد الموت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 37 - {أَهُمْ خَيْرٌ} أي أظهر نعمة وأكثر أموالاً، أو أعز وأشد {قَوْمُ تُبَّعٍ} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " لا تسبّوا تُبَّعاً فإنه قد كان أسلم، وسمي تبعاً لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن، كما يقال خليفة لمن خلف من قبله، أو لأنه أسم ملوك اليمن، ذم الله - تعالى - قومه ولم يذمه وضربهم مثلاً لقريش لقربهم منهم وعظمتهم في أنفسهم. {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون (39) إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40) يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 38 - {لاعِبِينَ} غائبين، أو لاهين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 39 - {إِلا بِالْحَقِّ} للحق، أو بقول الحق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 40 - {يَوْمَ الْفَصْلِ} يوم القيامة لأنه تفصل فيه أمور العباد، أو لأنه يفصل بين المرء وعمله. {إن شجرتَ الزقوم (43) طعامُ الأثيم (44) كالمهل يغلي في البطون (45) كغلي الحميم (46) خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم (47) ثم صبوا فوق رأسه من عذابِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 الحميم (48) ذق إنك أنت العزيز الكريم (49) إن هذا ما كنتم به تمترون (50) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 43 - {شجرة الزَّقُّومِ} قد ذكرناها والزقوم في اللغة ما أكل بكره شديد، أو شجرة الزقوم أو جهل محكي عن مجاهد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 44 - {الأَثِيمِ} الآثم، أو المشرك المكتسب للإثم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 47 - {فاعْتِلُوه} فجروه " ح "، أو فادفعوه، أو سوقوه أو اقصفوه كما يقصف الحطب، أو قودوه بالعنف. {سَوَآءِ الْجَحِيمِ} وسطها " ع "، أو معظمها حيث يصيبه الحر من جوانبها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 49 - {أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} عند نفسك نزلت في أبي جهل، أو يقال له ذلك استهزاء وإهانة، أو العزيز في قومك الكريم في أهلك، أو لست بعزيز ولا كريم لأنه قال أيوعدني محمد والله إني لأعز من مشى بين جبليها فرد الله - تعالى - عليه قوله. {إن المتقين في مقامٍ أمين (51) في جناتٍ وعيونٍ (52) يلبسونَ من سُندسٍ وإستبرق متقابلين (53) كذلك وزوجناهم بحورٍ عينٍ (54) يدعون فيها بكل فاكهةٍ ءامنين (55) لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذابَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 الجحيم (56) فضلاً من ربك ذلك هو الفوز العظيم (57) فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون (58) فارتقب إنهم مرتقبون (59) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 51 - {مقامٍ أمينٍ} من الشيطان والأحزان، أو من [177 / أ] / العذاب، أو من الموت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 53 - {سندسٍ} الحرير الرقيق والاستبرق: الديباج الغليظ، أو السندس يعمل [بسوس العراق وهو أفخر الرقم] والإستبرق الديباج سمي إستبرقاً لبريقه، أو السندس ما يلبسونه، والإستبرق ما يفترشونه {مُّتَقَابِلِينَ} بالمحبة لا متدابرين بالبغضة، أو متقابلين في المجالس لا ينظر بعضهم إلى قفا بعضه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 58 - {يَسَّرناه) {جعلناه} (بِلِسَانِكَ} عربياً، أو أطلقنا به لسانك بتيسير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 59 - {فَارْتَقِبْ} فانتظر ما وعدتك من النصر إنهم منتظرون لك الموت، أو انتظر ما وعدتك من الثواب إنهم كالمنتظرين ما وعدتهم من العقاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 سُورَةُ الجَاثِيةِ مكية، أو إلا آية {قل للذين آمنوا} [14] نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه -. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (2) إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين (3) وفي خلقكم وما يبث من دابة ءاياتٌ لقومٍ يوقنون (4) واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح ءاياتٌ لقوم يعقلون (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 2 - {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ} أضافه إليه تعظيماً لشأنه، أو افتتح بأنه كتاب منه كما يفتتح الكاتب كتابه بذكر اسمه والوجهان يجريان في أمثال هذه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 5 - {وتصريف الرياح} ينقل الشمال جنوباً والجنوب شمالاً، أو إرسالها حيث شاء، أو تارة رحمة وتارة نقمة. {تلك ءاياتُ الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وءاياته يؤمنون (6) ويل لكل أفاكٍ أثيم (7) يسمعُ ءاياتِ الله تتلى عليهم ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشرهُ بعذابٍ أليم (8) وإذا علم من ءاياتنا شيئاً اتخذها هزواً أولئك لهم عذابٌ مهين (9) من ورائهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذابٌ عظيم (10) هذا هدىً والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذابٌ من رجزٍ أليم (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 7 - {أَفَّاكٍ} كذاب، أو مكذب بربه، أو كاهن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 8 - {يُصِرُّ} يقيم على الشرك مستكبراً عن الطاعة، أو الإصرار عقد العزم على الشيء من عقد الصرة إذا شدها {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} في عدم الاتعاظ بها والقبول لها، نزلت في النضر بن الحارث. {الله الذي سخر لكم البحر لتجريَ الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (12) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون (13) قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون (14) من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 14 - {لا يرجون} لا يبالون نعم الله أولا يخشون عقاباً ولا يطعمون في نصره في الدنيا ولا في الآخرة وأراد بالأيام أيام النعم والنقم في الدنيا إذ ليس في الآخرة ليل ولا نهار، أو أيام ثواب الآخرة وعقابها فعبّر عن الوقت بالأيام {يَغْفِرُواْ} تقديره " قل اغفروا " يغفر بالعفو وترك المجازاة على الأذى نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - سبّه مشرك فهمَّ أن يبطش به فلما نزلت كف عنه وهي محكمة في العفو عن الأذى في غير الدين، أو نسختها آية السيف، أو قوله {أذن للذين يقاتلون} [الحج: 39] . {ولقد ءاتينا بني إسرائيل الكتاب والحكمَ والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين (16) وءاتيناهم بيناتٍ من الأمرِ فما اختلفوا إلا من بعدِ ما جاءهمُ العلمُ بغياً بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (17) ثم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياءُ بعضٍ والله وليُّ المتقين (19) هذا بصائرُ للناس وهدىً ورحمةٌ لقومٍ يوقنون (2) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 17 - {بيناتٍ مِّنَ الأَمْرِ} ذكر الرسول [صلى الله عليه وسلم] وشواهد نبوته، أو بيان الحلال والحرام {مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ} من بعد يوشع بن نون فآمن بعضهم وكفر بعض، أو من بعد علمهم بما في التوراة {بَغْياً} طلبا للرياسة وأنفة من اتباع الحق، أو بغياً على الرسول [صلى الله عليه وسلم] بجحد صفته في كتابهم، أو أرادوا رخاء الدنيا فأحلوا من كتابهم ما شاءوا وحرموا ما شاءوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 18 - {شريعةٍ} طريقة كالشريعة التي هي طريق الماء والشارع طريق إلى المقصد {مِّنَ الأَمْرِ} الدين لأنه طريق النجاة. أو الفرائض والحدود والأمر والنهي، أو السنة، أو البينة لأنها طريق إلى الحق أو السنة بمن تقدمه. {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواءٌ محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21) وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفسٍ بما كسبت وهم لا يظلمون (22) أفرءيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غِشاوةً فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون (23) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 21 - {اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ} اكتسبوا الشرك يريد عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة {كالذين آمنوا} علي وحمزة وعبيدة بن الحارث حين [177 / ب] / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 برزوا لهم يوم بدر فقتلوهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 23 - {إِلَهَهُ هَوَاهُ} لا يهوى شيئاً إلا ركبه " ع "، أو يعبد ما يهواه ويستحسنه كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه رماه وعبد الآخر، أو أرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ} وجده ضالاً، أو ضل عن الله. قال الشاعر: (هَبُوني امْرَأ منكُمْ أضلَّ بَعيرَهُ ... له ذِمَّةٌ إِنَّ الذِّمَامَ كَبِيرُ) ضل عنه بعيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 {عَلَى عِلْمٍ} منه أنه ضال، أو عِلِم الله - تعالى - في سابق علمه أنه سيضل {وَخَتَمَ علَىَ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} فلا يسمع الوعظ ولا يفقه الهدى وغشي بصره فلا يبصر الرشد أخبر عنهم بذلك، أو دعا به عليهم نزلت في الحارث بن قيس، أو في الحارث بن نوفل. {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) 24) وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بيناتٍ ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 24 - {نَمُوتُ} نحن ويحيا أولادنا، أو يموت بعضنا ويحيا بعضنا، أو تقديره نحيا ونموت {إِلا الدَّهْرُ} العمر، أو الزمان، أو الموت. ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . ... والدهرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ) أو وما يهلكنا إلا الله. قال عكرمة. {ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون (27) وترى كل أمة جاثيةً كل أمةٍ تدعى إلى كتابها اليومَ تجزون ما كنتم تعملون (28) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 28 - {كل أمة} كل أهلة ملة {جَاثِيَةً} مستوفزة والمستوفز الذي لا يصيب الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله أو مجتمعة " ع "، أو متميزة، أو خاضعة بلغة قريش، أو باركة على الركب " ح " للكفار خاصة، أو عامة فيهم وفي المؤمنين انتظاراً للحساب. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم " {كِتَابِهَا} حسابها، أو المنزل على رسولها، أو الذي كان يستنسخ لها فيه ما علمت من شر أو خير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 29 - {هَذَا كِتَابُنَا} القرآن يدلكم على ما فيه من الحق فكأنه شاهد عليكم، أو اللوح المحفوظ يشهد بما فيه من شقاوة وسعادة أو كتاب أعمالهم يشهد عليكم بما تضمنه من صدق أعمالكم. {نَسْتَنسِخُ} يستكتب الحفظة أعمالهم في الدنيا، أو الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أحوال العباد. أو ما حفظته عليكم الحفظة لأن الحفظة ترفع إلى الخزنة صحائف الأعمال. {فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين (30) وأما الذين كفروا أفلم تكن ءاياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين (31) وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين (32) وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (33) وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين (34) ذلكم بأنكم اتخذتم ءايتِ الله هزواً وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون (35) فلله} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 {الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين (36) وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 34 - {نَنسَاكُمْ} نترككم في النار كما تركتم أمري، أو نترككم من الخير كما تركتم العمل، أو نترككم من الرحمة كما تركتم الطاعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 37 - {الْكِبْرِيَآءُ} العظمة، أو السلطان، أو الشرف، أو البقاء {وَهُوَ الْعَزِيزُ} في انتقامه {الْحَكِيمُ} في تدبيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 سورة الأحقاف مكية أو إلا آية {قل أرأيتم إن كان من عند الله) شاذ، أو قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل} الآية: 10. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (2) ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفورا عما أنذروا معرضون (3) قل أرءيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شركٌ في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علمٍ إن كنتم صادقين (4) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (5) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) } 1 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 2 - {حم} قَضِي نزول الكتاب من الله العزيز الحكيم، أو هذا الكتاب القرآن تنزيل من الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 3 - {بِالْحَقِّ} الصدق، أو العدل، أو للحق، أو للبعث {وأجلٍ مُّسَمّىً} آجال الخلق، أو القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 4 - {آثاره} رواية، أو بقية، أو علم تأثرونه عن غيركم. {أَثَرةٍ} خط، أو ميراث، أو خاصة، أو بينة، أو أثرة يستخرجه فيثيره. {وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين (7) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم (8) قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذيرٌ مبينٌ (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 9 - {بِدْعاً} أولاً والبدع الأول والبديع من كل شيء المبتدأ {مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ} في الدنيا دون الآخرة أتخرجوني، أو تقتلوني كما أُخرجت الأنبياء وقُتلت {وَلا بِكُمْ} في العذاب والإمهال وفي تصديقي وتكذيبي " ح "، أو في الآخرة قبل نزول {لِّيَغْفِرَ لَكَ الله} [الفتح: 2] عام الحديبية فعلم ما يفعل به فلما تلاها [178 / أ] / على أصحابه قالوا هنيئاً لك. قد بيّن الله - تعالى - لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت {لِّيُدْخِلَ المؤمنين} [الفتح: 5] أو رأى في نومه بمكة أه يخرج إلى أرض فلما اشتد عليهم البلاء قالوا: يا رسول الله: حتى متى نلقى هذا البلاء ومتى نخرج إلى الأرض التي أُريت فقال: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم أنموت بمكة أم نخرج منها، أو لا أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به. {قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (10) وقال الذين كفروا للذين ءامنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفكٌ قديم (11) ومن قبله كتابُ موسى إماماً ورحمةً وهذا كتابٌ مصدقٌ لساناً عربياً لينذرَ الذين ظلموا وبشرى للمحسنين (12) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (13) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءً بما كانوا يعملون (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 10 - {إنْ كانَ} القرآن من عند الله، أو محمد نبياً منه {شاهدٌ} عبد الله بن سلام شهد على اليهود أن محمداً [صلى الله عليه وسلم] مذكور في التوراة " ع "، أو آمين بن يامين لما أسلم ابن سلام قال: أنا شاهد كشهادته ومؤمن كإيمانه، أو هو موسى مثل محمد يشهد على نبوته والتوراة مثل القرآن تشهد بصحته، أو مؤمنو بني إسرائيل بموسى والتوراة لأن محمداً مثل موسى والتوراة مثل القرآن، أو موسى الذي هو مثل محمد شهد على التوراة التي هي مثل القرآن {فَآمَنَ) ابن سلام بالرسول والقرآن واستكبر الباقون عنه، أو آمن من آمن بموسى والتوراة واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد والقرآن. وجواب الشرط محذوف التقدير فآمن أتؤمنون، أو أفما تهلكون، أو فمن أضَلُّ منكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 11 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} لو كان ما جاء به محمداً خيراً لما أسلمت غفار قالته قريش، أو قال الكفار لو كان خيراً ما سبقنا إليه اليهود، أو الذين كفروا عامر وأسد وغطفان وحنظلة قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وغطفان وجهينة وأشجع: لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعآء البهم، أو لما أسلمت زِنِّيرة أُصيب بصرها فقالوا أصابك اللات والعزى فرد الله بصرها فقال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 عظماء قريش لو كان خيراً ما سبقتنا إليه زِنِّيرة {لَمْ يَهْتَدُواْ} يؤمنوا {بِهِ} بالقرآن، أو بمحمد [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 13 - {اسْتَقَامُواْ} على أن الله ربهم، أو على شهادة أن لا إله إلا الله " ع "، أو على أداء الفرائض " ع "، أو على إخلاص الدين والعمل، أو استقاموا عليه فلم يرجعوا عنه إلى موتهم {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الآخرة {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} عند الموت. {ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن اعملَ صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبتُ إليك وإني من المسلمين (15) أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 15 - {إِحْسَاناً} براً {كُرْهاً} بمشقة والكره بالضم ما حمله الإنسان على نفسه وبالفتح ما حمل على غيره {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ} فطامه ثلاثونَ شهراً مدة لأكثر فصاله وأقل حمله ففصاله حولان كاملان فإن وضعته لتسعة أشهر، أو أكثر فلا يوجب ذلك نقص الحولين قاله الجمهور، أو الثلاثون جامعة لزمان الحمل ومدة الرضاع فإن وضعته لتسعة أشهر أرضعته أحداً وعشرين شهراً وإن وضعته لعشرة أرضعته عشرين لئلا تزيد مدتهما على الثلاثين " ع " {أَشُدَّهُ} بلوغه، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 خمس عشرة سنة، أو ثماني عشرة سنة، أو عشرون، أو خمس وعشرون، أو ثلاثون، أو ثلاث وثلاثون " ع "، أو أربع وثلاثون، أو أربعون " ح " {أَرْبَعِينَ سَنَةً} لأنها زمان الأشد، أو زمان الاستواء ولما بلغ موسى أشده [178 / ب] / واستوى ببلوغ الأربعين، أو لأنها عمر بعد تمام عمر {أَوْزِعْنِى} ألهمني أصله الإغراء أوزع بكذا أغرى به. {فِى ذُرِّيَّتِى} اجعلهم لي خلف صدق ولك عبيد حق وأبراراً بي مطيعين لك، أو وقفهم لما يرضيك عنهم {تُبْتُ إِلَيْكَ} رجعت عما كنت عليه نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - خاصة، أو هي عامة " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 16 - {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} نقبل حسناتهم ونغفر خطاياهم إذا أسلموا، أو الجزاء بالحسنة عشراً، أو الطاعات يثابون عليها لأنها أحسن أعمالهم وليس في المباح ثواب ولا عقاب {وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ} بالرحمة، أو عن صغائرهم بالعفو، أو عن كبائرهم بالتوبة {وَعْدَ الصِّدْقِ} الجنة {الَّذِى كَانُواْ يوعدون} في الدنيا على ألسنة الرسل. {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك ءامن إن وعد الله حقٌ فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17) أولئك الذين حق عليهم القولُ في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (18) ولكلٍ درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون (19) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 17 - {أُفٍّ} كلمة تبرم يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد وأصل الأف والتف أن الأف وسخ الأذن والتف وسخ الأنف أو الأف وسخ الأظفار والتف الذي يكون في أصول الأفخاذ، أو الأف تقليب الأنف والتف الإبعاد {أَنْ أُخْرَجَ} أبعث {يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ} يدعوان اللهم أهده اللهم أقبل بقلبه اللهم اغفر له {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ} فلم يبعثوا نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر كان أبوه وأمه يدعوانه إلى الإسلام فيجيبهما بذلك ثم أصاب الله - تعالى - فيه دعوة ابيه فأسلم ونزلت توبته في قوله {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عملوا} [19] قاله السدي وقال ما رأيت بالمدينة أعبد منه أو في عبد الله بن أبي بكر قاله مجاهد، أو في جماعة من الكفار قالوا ذلك لآبائهم ولذلك قال {أولئك الذين حق عليهم القول} [18] فأراد بقوله {الذي} جمعاً لأنهم يذكرون الواحد يريدون به الجمع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 20 - {طَيِّبَاتِكُمْ} شبابكم وقوتكم من قولهم ذهب أطيباه أي شبابه وقوته. قال الضحاك. {الهون} الهوان بلغة قريش. {واذكر أخا عادٍ إذ أنذرَ قومه بالأحقافِ وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلقه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (21) قالوا أجئتنا لتأفكنا عن ءالهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (22) قال إنما العلم عند الله وأُبلغكم ما أُرسلت به ولكني أراكم قوماً تجهلون (23) فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ (24) تدمر كل شيءٍ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 21 - {أَخَا عَادٍ} في النسب {بِالأَحْقَافِ} جمع حقف وهو ما استطال واعوج من الرمل العظيم ولم يبلغ أن يكون جبلاً وهي رمال مشرفة على البحر في الشِّحْر باليمن، أو أرض من حُسمى تسمى الأحقاف، أو جبل بالشام يسمى الأحقاف، أو ما بين عمان وحضرموت، أو واد بين عمان ومهرة " ع " {وَقَدْ خَلَتِ النُذُرُ} الرسل {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ} قبله. {وَمِنْ خَلْفِهِ} بعده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 22 - {لِتَأْفِكَنَا} لتزيلنا عن عبادتها بالإفك، أو لتصدنا عنها بالمنع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 24 - العارض: السحاب لأخذه في عرض السماء أو لأنه يملأ آفاقها، أو لأنه مار فيها والعارض المار الذي لا يلبث وهذا أشبه، وكان المطر أبطأ عنهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 فظنوه سحاباً ممطراً. فقال بكر بن معاوية منهم هذا عارض ممطر فنظر إليه هود فقال {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} لأنهم استعجلوا العذاب استهزاء فنظر بكر بن معاوية إلى السحاب فقال إني لأرى سحاباً مرمداً لا يبقى من عاد أحداً، والريح: الدبور كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم واعتزل هود والمؤمنون في حظيرة لا يصيبهم منها إلا ما يلين على الجلود وتلذ به الأنفس وإنها لتمر من عاد بالظُّعن بين السماء والأرض قال شاعرهم [179 / أ] / (فدعا هود عليهم ... دعوة أضحوا همودا) (عصفت ريح عليهم ... تركت عادا خمودا) (سخرت سبع ليال ... لم تدع في الأرض عودا) وعُمِّر هود بعدهم في قومه مائة وخمسين سنة. {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدةً فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (26) ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون (27) فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً ءالهةً بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 26 - فيما لم نمكنكم فيه " ع "، أو فيما مكناكم فيه وإن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 صلة زائدة. {وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرءان فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين (29) قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم (30) يا قومنا أجيبوا داعي الله وءامنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم (31) ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجزٍ في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلالٍ مبين (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 29 - {صَرَفْنَآ} صرفوا عن استراق السمع لما بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقالوا ما هذا الذي حدث في الأرض ضربوا في الأرض حتى وقفوا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ببطن نخلة عامداً إلى عكاظ وهو يصلي الفجر فنظروا إلى صلاته واقتداء أصحابه به وسمعوا القرآن فرجعوا إلى قومهم فقالوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} [الجن: 1] " ع "، وكانت السورة التي قرأها ببطن نخلة {سَبِّحِ اسم ربك الأعلى} " ع "، أو صرفوا عن بلادهم بتوفيق الله - تعالى - هداية لهم حتى وقفوا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ببطن نخلة وكانوا من جن نصيبين " ع " أو نينوى، أو جزيرة الموصل، أو حَران اثنا عشر ألفاُ من جزيرة الموصل، أو تسعة أحدهم زوبعة، أو سبعة ثلاثة من أهل نجران وأربعة من نصيبين ولم يشعر بهم رسول [صلى الله عليه وسلم] حتى أوحي إليهم أمرهم وأخبر به " ع " أو أعلمه الله - تعالى - بهم قبل مجيئهم فأتاهم وقرأ عليهم القرآن وقضى بينهم في قتيل منهم {فما قُضِيَ} فرغ من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 الصلاة {ولو إلى قومهم منذرين} بالرسول [صلى الله عليه وسلم] مخوفين به، أو فلما فرغ من القراءة ولوا إلى قومهم مؤمنين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 32 - {دَاعِىَ اللَّهِ} نبيه {فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ} أي سابق فلا يفوت الله هرباً. {أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير (33) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (34) فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغٌ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 35 - {أُوْلُواْ الْعَزْمِ} الذين أمروا بالقتال، أو العرب من الأنبياء، أو من لم تصبه منهم فتنة، أو من أصابه بلاء بغير ذنب أو أولو العزم الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا أو جميع الأنبياء أولو العزم أُمِر أن يصبر كما صبروا أو نوح وهود وإبراهيم أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يكون رابعهم، أو نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى، أو إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى و محمد أو منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس منهم يونس ولا سليمان ولا آدم {ولا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 تَسْتَعْجِل} بالدعاء عليهم، أو بالعذاب {مَا يُوعَدُونَ} من العذاب، أو الآخرة {لَمْ يَلْبَثُواْ} في الدنيا، أو القبور {بلاغٌ} هذا اللبث بلاغ أو هذا القرآن بلاغ، أو ما وصفه من هلاك الدنيا، أو عذاب الآخرة بلاغ {فَهَلْ يُهلَكَ} بعد هذا البلاغ {إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} أي المشركون قيل نزلت هذه الآية بأحد فأمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يصبر على ما أصابه كما صبر أولو العزم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 سُورة محمد مدنية، أو إلا نزلت بعد حجة حين خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي خزناً عليه فنزلت {وكأين من قرية} [الآية: 13] . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم (1) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات وءامنوا ما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم (2) ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين ءامنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 1 - {كَفَرُواْ} بالتوحيد {سَبِيلِ اللَّهِ} الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه، أو عن بيت الله [179 / ب] / بمنع قاصديه إذا عرض عليهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] الدخول في الإسلام قيل نزلت في اثني عشر رجلاً من أهل مكة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 2 - {والذين آمنوا} الأنصار {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} بمواساتهم في مساكنهم وأموالهم، أو خاصة في ناس من قريش {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} بهجرتهم {كَفَّرَ} ستر، أو غفر {بَالَهُمْ} حالهم، أو شأنهم، أو أمرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 3 - {الْبَاطِلَ} الشيطان، أو إبليس {اتَّبَعُواْ الحَقَّ} القرآن، أو محمداً [صلى الله عليه وسلم] لمجيئه بالحق {للناس} محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو عام {أمثالهم} صفات أعمالهم. {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم (4) سيهديهم ويصلح بالهم (5) ويدخلهم الجنة عرفها لهم (6) يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (7) والذين كفروا فتعساً لهم وأضلَّ أعمالهم (8) ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 4 - {الَّذِينَ كَفَرُواْ} عبدة الأوثان، أو كل كافر من كتابي أو مشرك إذا لم يكن ذمة أو عهد. {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} بالقتل صبراً عند القدرة، أو قتالهم بالسلاح واليدين. {أَثْخَنتُمُوهُمْ} ظفرتم بهم {فشدوا الوثاق} بالأسر {منا} بالعفو والإطلاق {فِدَآءً} بمال، أو أسير، أو بالبيع {الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أثقالها من السلاح. الوزر الثقل، وزير الملك يحمل أثقاله، أو يضعون السلاح بالهزيمة، أو الموادعة، أو أوزار كفرهم بالإسلام، أو يظهر الإسلام على الدين كله، أو ينزل عيسى بن مريم، وهي منسوخة بقوله {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57] أو محكمة فتخير الإمام بين المن والفداء، والقتل والاسترقاق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 {لانتَصَرَ مِنْهُمْ} بالملائكة، أو بغير قتال {وَالَّذِينَ قُتِلُواْ} قيل قتلى أُحد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 5 - {سَيَهْدِيهِمْ} يحقق لهم الهداية، أو إلى محاكمة منكر ونكير في القبر أو إلى طريق الجنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 6 - {عَرَّفَهَا} بوصفها على ما يشوق إليها، أو عرفهم ما لهم فيها من الكرامة، أو طَيَّبها بأنواع الملاذ من العَرْف وهو الرائحة الطيبة، أو عرفهم مساكنهم حين لا يسألون عنها، أو وصفها لهم في الدنيا فلما دخلوها عرفوها بصفتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 7 - {تنصروا الله} دينه، أو نبيه {يثبت أَقْدَامَكُمْ} بالنصر، أو قلوبكم بالأمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 8 - {فَتَعْساً} خزياً، أو شقاء، أو شتماً من الله، أو هلاكاً، أو خيبة أو قبحاً، أو بعدا، أو رغما. والتعس الانحطاط والعثار. {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها (10) ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (11) إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنارُ مثوىً لهم وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكاهم فلا ناصر لهم (13) أفمن كان على بينةٍ من ربه كمن زين له سوءُ عمله واتبعوا أهواءهم (14) مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ ءاسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لذةٍ للشاربين وأنهارٌ من عسلٍ مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرةٌ من ربهم كمن هو خالدٌ في النار وسُقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم (15) } . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 14 - {أَفَمَن كَانَ} محمد والبينة: الوحي، أو المؤمنون والبينة معجزة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو الدين، أو القرآن {كَمَن زُين لَهُ سوء عمله} بالشرك، أو عبادة الأوثان عامة، أو في الأثنى عشر رجلاً من قريش زينها الشيطان، أو أنفسهم {وَاتَّبَعُواْ} يعني المنافقين، أو من زين له سوء عمله. {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال ءانفاً أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم (16) والذين اهتدوا زادهم هدىً وءاتاهم تقواهم (17) فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18) فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 16 - {مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} عبد الله بن أُبي وجماعة من المنافقين، كانوا يستمعون خطبة الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين أعرضوا فإذا خرجوا سألوا عنه، أو كانوا يحضرون مع المؤمنين فيسمعون قوله فيعيه المؤمن دون المنافق {أُوتُواْ الْعِلْمَ} ابن عباس وابن مسعود، أو أبو الدرداء، أو الصحابة قاله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 ابن زيد {أنفا} قريباً، أو مبتدئاً سألوا عن ذلك استهزاء، أو بحثاً عما جهلوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 17 - {زَادَهُمْ} الاستهزاء هدى، أو زادهم القرآن، أو الناسخ والمنسوخ {هُدىً} علماً، أو نصرة في الدين وتصديقاً للرسول [صلى الله عليه وسلم] [180 / أ] /، أو شرحاً لصدورهم، أو عملاً بما علموا مما سمعوا {تَقْوَاهُمْ} الخشية، أو ثواب التقوى، أو وفقهم للعمل بما فرض عليهم، أو بين لهم ما يتقون، أو ترك المنسوخ والعمل بالناسخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 18 - {أَشْرَاطُهَا} آياتها، أو انشقاق القمر على عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأنه آخر الرسل وأمته آخر الأمم. " بعثت والساعة كهاتين " {فأنى لهم} فكيف لهم بالنجاة {جَآءَتْهُمْ} الساعة، أو الذكرى عند مجيء الساعة {ذكراهم} ذكيرهم بما عملوا من خير، أو شر، أو دعاؤهم بأسمائهم تبشيراً وتخويفاً. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " أحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة يا فلان قم إلى نورك. يا فلان قم فلا نور لك ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 19 - {فَاعْلَمْ} أن الله أعلمك {أَنَّهُ لآ إِلَهَ إِلا اللَّهُ} هو، أو ما علمته استدلالاً فاعلمه يقيناً، أو ما ذكر عبر عن الذكر بالعلم لحدوثه عنه. {ويقول الذين ءامنوا لولا أنزلت سورةٌ فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم (20) طاعةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم (21) فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) } 20 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 21 - {لَوْلا نُزِّلَتْ} كان المؤمنون إذا تأخر نزول القرآن اشتاقوا إليه وتمنوه {مُّحْكَمَةٌ} بذكر الحلال والحرام، أو بالقتال {مَّرَضٌ} شك لأن القلب به كالمريض {فَأَوْلَى لَهُمْ} وعيد كأنه قال العقاب أولى، أو أولى لهم. {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} من أن يجزعوا عن فرض الجهاد، أو طاعة وقول معروف حكاية من الله تعالى عنهم قبل فرض الجهاد {مَّعْرُوفٌ} الصدق والقبول، أو الإجابة بالسمع والطاعة {صَدَقُواْ اللَّهَ} بأعمالهم {لَكَانَ خَيْراً} من نفاقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 22 - {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} يا قريش، أو أيها الخوارج، أو المنافقون وهو الأظهر {تَوَلَّيْتُمْ} الحكم فتفسدوا بأخذ الرشا، أو توليتم أمر الأمة أن تفسدوا بالظلم، أو توليتم عن القرآن فتفسدوا بسفك الدم، أو توليتم عن الطاعة فتفسدوا بالمعاصي وقطع الأرحام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24) إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم (26) فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (27) ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 25 - {الَّذِينَ ارْتَدُّواْ} اليهود كفروا بمحمد بعد علمهم أنه نبي، أو المنافقون قعدوا عن الجهاد بعدما علموه في القرآن. {سَوَّلَ} أعطاهم سؤالهم، أو زين لهم خطاياهم {وَأَمْلَى لَهُمْ} أمهلهم الله بالعذاب، أو مدَّ لهم في الأمل، أو مدَّ الشيطان آمالهم بالتسويف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 26 - {بِأَنَّهُمْ قَالُواْ} قالت اليهود للمنافقين {سَنُطِيعُكُمْ} في أن لا نصدق بشيء من مقالته، أو في كتم ما علمناه من نبوته، أو قال المنافقون لليهود سنطيعكم في غير القتال في بغض محمد والقعود عن نصرته، أو في الميل إليكم والمظاهرة على محمد، أو في الارتداد بعد الإيمان. {أم حسبِ الذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرجَ الله أضغانهم (29) ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم (30) ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم (31) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 29 - {مَّرَضٌ} نفاق، أو شك {أَضْغَانَهُمْ} غشهم، أو حسدهم، أو حقدهم، أو عدوانهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 30 - {لَحْنِ الْقَوْلِ} كذبه، أو فحواه واللحن الذهاب بالكلام في غير جهته، واللحن في الإعراب الذهاب عن الصواب، ألحن بحجته أذهب بها في الجهات، فلم يتكلم بعدها منافق عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلا عرفه {يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} يميزها أو يراها [180 / ب] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 31 - {الْمُجَاهِدِينَ} في سبيل الله، أو الزاهدين في الدنيا {وَالْصَّابِرِينَ} على الجهاد، أو عن الدنيا. {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئاً وسيحبط أعمالهم (32) يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم (33) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفارٌ فلن يغفر الله لهم (34) فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 33 - {أطيعوا الله} - تعالى - بتوحيده، {والرسول} [صلى الله عليه وسلم] بتصديقه، أو أطيعوا الله - تعالى - في حرمة الرسول [صلى الله عليه وسلم] والرسول [صلى الله عليه وسلم] في تعظيم الله عز وجل {أَعْمَالَكُمْ} حسناتكم بالمعاصي، أو لا تبطلوها بالكبائر، أو بالرياء والسمعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 35 - {يتركم} ينقصكم أُجُورَ أعمالكم، أو يظلمكم، أو يستلبكم، ومنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 فقد " وُتِرَ أهله وماله ". {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم (36) إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (37) هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم (38) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 36 - {ولا يسألكم أَمْوَالَكُمْ} لنفسه، أو لا يسألكم جميعها في الزكاة ولكن بعضها، أو لا يسألكم أموالكم إنما هي أمواله وهو المنعم بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 37 - {فَيُحْفِكُمْ} بأخذ الجميع، أو الإلحاح وإكثار السؤال من الحفاء وهو المشي بغير حذاء، أو {فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ} فيجدكم تبخلوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 38 - {تَتَوَلَّوْاْ} عن كتابي، أو طاعتي، أو الصدقة التي أمرتكم بها أو عن هذا الأمر فلا تقبلوه {قَوْماً غَيْرَكُمْ} أهل اليمن، أو من شاء من سائر الناس، أو الفرس. سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فضرب على منكب سلمان: فقال: " هذا وقومه " {أَمْثَالَكُم} في البخل بالنفقة في سيبل الله، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 أو في المعصية وترك الطاعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 سُورَةُ الفَتْحِ مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً (2) وينصرك الله نصراً عزيزاً (3) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 1 - {فَتَحْنَا} أعلمناك بما أنزلناه من القرآن وعرفناك من الدين يعبّر عن العلم ب الفتح ومنه {مَفَاتِحُ الغيب} [الأنعام: 59] علم الغيب، أو قضينا لك بفتح مكة قضاء بَيِّنا. وعده بذلك مرجعه من الحديبية، أو قضينا في الحديبية قضاء مبيناً بالهدنة. قال جابر: ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية، أو بيعة الرضوان قال البراء: أنتم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، أو نحره وحلقه يومئذ، والحديبية بئر تمضمض فيها الرسول [صلى الله عليه وسلم] . وقد غارت فجاشت بالماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 2 - {لِّيَغْفِرَ لَكَ} إكمالاً للنعمة عليك، أو يَصْبرك على أذى قومك {مَا تَقَدَّمَ) {قبل الفتح} (وَمَا تَأَخَّرَ} بعده، أو ما تقدم النبوة وما تأخر عنها، أو ما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 وقع وما لم يقع. وعده بأنه مغفور إن وقع {نِعْمَتَهُ} بفتح مكة والطائف وخيبر، أو بخضوع من استكبر وطاعة من تجبر قال عبد الله بن أُبي للأنصار كيف تدخلون في دين رجل لا يدري ما يُفعل به ولا بمن اتبعه هذا والله هو الضلال المبين، فقال الشيخان: يا رسول الله ألا تسأل ربك يخبرك بما يفعل بك وبمن اتبعك فقال: إن له أجلاً فأبشروا بما يسركما فلما نزلت قرأها على أصحابه فقال أحدهم: هنيئاً مريئاً يا رسول الله قد بيّن الله تعالى لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت {لِّيُدْخِلَ المؤمنين} [5] . {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليماً حكيماً (4) ليدخل المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفرَ عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً (5) ويعذبَ المنافقين والمُنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرةُ السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا (6) ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزاً حكيماً (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 4 - {السَّكِينَةَ} الصبر على أمر الله، أو الثقة بوعده، أو الرحمة لعباده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 6 - {ظَنَّ السَّوْءِ} أن له شريكاً، أو أنه لن يبعث أحداً، أو أن يجعلهم كرسوله، أو ينصرهم عليه. ظنت أسد وغطفان لما خرج الرسول [181 / أ] / [صلى الله عليه وسلم] إلى الحديبية أنه يقتل أو ينهزم فعاد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة سالماً ظافراً. {إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً (8) لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرةً وأصيلا (9) إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله فسيؤتيه أجراً عظيماً (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 8 - {شَاهِداً} على أمتك بالبلاغ، أو بأعمالهم من طاعة ومعصية، أو مبيناً لهم ما أرسلت به {وَمُبَشِّراً} للمؤمنين {وَنَذِيراً} للكافرين، أو مبشراً بالجنة للطائع ونذيراً بالنار للعاصي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 9 - {وَتُعَزِّرُوهُ} الضمائر الثلاثة لله، فتوقيره بإثبات ربوبيته ونفي الأولاد والشركاء عنه، أو التعزيز والتوقير للرسول [صلى الله عليه وسلم] فتوقيره أن يدعى بالنبوة والرسالة دون الاسم والكنية، أو تُسَوِّدوه، والتعزيز المنع وها هنا الطاعة، أو التعظيم، أو النصر. {وَتُسَبِّحُوهُ} بتنزيهه عن كل قبيح، أو بالصلاة المشتملة على التسبيح {بكرة وأصيلا} غدوة وعشياً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 10 - {يُبَايِعُونَكَ} بيعة الرضوان {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} لأن بيعة نبيه طاعة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 له. سميت بيعة تشبيهاً بالبيع، أو لأنهم باعوا أنفسهم بالجنة {يَدُ اللَّهِ} عقده في هذه البيعة فوق عقدهم، أو قوته في نصرة النبي فوق قوتهم، أو ملكه فوق ملكهم لأنفسهم، أو يده بالمنة في هدايتهم فوق أيديهم في طاعتهم، أو يده عليهم في فعل الخير بهم فوق أيديهم في بيعتهم {نَّكَثَ} نقض العهد عند الجمهور، أو كفر {عَاهَدَ عَلَيْهُ} في البيعة، أو الإيمان. {سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضرّاً أو أراد بكم نفعاً بل كان الله بما تعملون خبيراً (11) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسولُ والمؤمنون إلى أهليهم أبداً وزينَ ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوماً بوراً (12) ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيراً (13) ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفوراً رحيماً (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 12 - {بورا} فاسدين أو هلكى - أو أشراراً. {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 15 - {يبدلوا كلام الله} وعده لنبيه [صلى الله عليه وسلم] بالنصر والظفر لما ظنوا ظن السوء أنه يهلك، أو قوله {لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً} [التوبة: 83] لما استأذنوا في الخروج لأجل الغنائم بعد امتناعهم عنه بظن السوء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً (16) ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ومن يطع الله ورسوله يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 16 - {لِّلْمُخَلَّفِينَ} المنافقون ثلاثة أحدهم: لا يؤمن {سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ} [التوبة: 101] والثاني: تابوا {عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] فقبلت توبتهم والثالث: قوم بين الخوف والرجاء وهم المدعوون. {إِلَى قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ} فارس، أو الروم، أو غطفان وهوازن بحنين، أو بنو حنيفة مع مسيلمة، أو قوم لم يأتوا بعد {لقد رضي الله عنه المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً (18) ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 18 - {يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} لما تأخر عثمان - رضي الله تعالى عنه - بمكة وأرجف بقتله بايع الرسول [صلى الله عليه وسلم] هذه البيعة على الصبر والجهاد. وكانوا ألفاً وأربعمائة، أو خمسمائة، أو ثلاثمائة والشجرة سَمُرة، وسميت بيعة الرضوان لقوله تعالى: {لَّقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} . {مَا فِى قُلُوبِهِمْ} من صدق النية، أو كراهية البيعة على الموت. {السَّكِينَةَ} الصبر، أو سكون النفس بصدق الوعد {فتحا قريبا} خيبر، أو مكة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 {وعدكم الله مغانم كثيرةً تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيديَ الناسِ عنكم ولتكون ءايةً للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيءٍ قديراً (21) ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً (22) سنةَ اللهِ التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنةِ الله تبديلا (23) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 20 - {مغانم كَثِيرَةً} خيبر، أو كل مغنم غنمه المسلمون {لَكُمْ هَذِهِ} خيبر، أو صلح الحديبية {أَيْدِىَ النَّاسِ} اليهود كف أيديهم عن المدينة لما خرج الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى الحديبية، أو قريش بالحديبية أو الحليفان أسد وغطفان، جاءوا لنصرة أهل خيبر فألقى في قلوبهم الرعب فانهزموا {وَلِتَكُونَ} فتح خيبر، أو كف الأيدي {أيه} علامة لصدق [181 / ب] / وعد الله - تعالى -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 21 - {أخرى} أرض فارس والروم وكل ما فتحه المسلمون، أو خيبر، أو مكة {أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} قدر عليها أو حفظها لكم لتفتحوها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 23 - {سُنَّةَ اللَّهِ} طريقته السالفة في نصر رسله وأوليائه على أعدائه {وَلَن تَجِدَ} لن يغير سنته في نصرك على أعدائك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 24 - {كَفَّ أَيْدِيَهُمْ} بالرعب {وَأَيْدِيَكُمْ} بالنهي، أو أيديهم بالخذلان وأيديكم بالإبقاء لعلمه بمن يسلم منهم، أو أيديكم وأيديهم بصلح الحديبية {بِبَطْنِ مَكَّةَ} الحديبية لأن بعضها مضاف إلى الحرم، أو بمكة نفسها {أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} بفتح مكة فيكون نزول هذه الآية بعد الفتح، أو بقضاء العمرة التي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 صدوكم عنها، أو بالثمانين بأخذه الثمانين سلماً وأعتقهم وكانوا هبطوا من التنعيم ليقتلوا من ظفروا به. {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفاً أن يبلغ محله ولولا رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرةٌ بغير علمٍ ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً (25) إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميةَ حميةَ الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمةَ التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيءٍ عليما (26) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 25 - {صدوكم} عام الحديبية {مَعْكُوفاً} محبوساً، أو واقفاً، أو مجموعاً {مَحِلَّهُ} منحره أو الحرم المحل بالكسر غاية الشيء وبالفتح الموضع الذي يحله الناس وكان الهدى سبعين بدنة. {لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} لم تعلموا إيمانهم {تطؤوهم} بخيلكم ورجلكم فتقتلوهم، أو لولا أن في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهن أن تطؤوا آبائهم فيهلك الأبناء {مَّعَرَّةٌ} إثم، أو غرم الدية، أو كفارة قتل الخطأ، أو الشدة، أو العيب، أو الغم {تزيلوا} تميزوا، أو تفرقوا، أو زايلوا حتى لا يختلطوا بمشركي مكة {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ} بالقتل بالسيف ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 26 - {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} عصبيتهم لآلهتهم وأنفتهم أن يعبدوا غيرها، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 أنفتهم من الإقرار بالرسالة والافتتاح ببسم الله الرحمن الرحيم ومنعهم من دخول مكة {سَكِينَتَهُ} الصبر وإجابتهم إلى الصلح حتى عاد في قابل فقضى عمرته {كَلِمَةَ التَّقْوَى} لا إله إلا الله " ع "، أو الإخلاص، أو بسم الله الرحمن الرحيم، أو قولهم سمعنا وأطعنا بعد خوضهم وسميت كلمة التقوى لأنهم يتقون بها غضب الله - تعالى - فكان المؤمنون أحق بكلمة التقوى، أو أهل مكة لتقدم إنذارهم لولا سلب التوفيق. {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً (27) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 28 - {الرؤيا} كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] رأى أنه يدخل مكة على الصفة المذكورة فلما صالح بالحديبية ارتاب المنافقون فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : فما رأيت في هذا العام {فَعَلِمَ} أن دخلوها إلى سنة ولم تعلموه أنتم، أو علم أن بها رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم {فَتْحاً قَرِيباً} صلح الحديبية، أو فتح خيبر {إِن شَآءَ اللَّهُ} شرط واستثناء، أو ليس بشرط بل خرج مخرج الحكاية معناه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 لتدخلنه بمشيئة الله - تعالى - أو إن شاء الله دخول الجميع أو البعض لأنه علم أن بعضهم يموت. {محمدٌ رسول الله والذين معه أشداءُ على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 29 - {سِيمَاهُمْ} ثرى الأرض وندى الطهور، أو السمت الحسن، أو الصفار من السهر، أو تبدوا صلاتهم في وجوههم، أو نور وجوههم يوم القيامة {مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ} بأن سيماهم في وجوههم {ومثلهم في الإنجيل} كزرع [182 / أ] /، أو كلا المثلين في التوراة والإنجيل {شطأه} شوك السنبل وهو البهمي والسفا، أو السنبل يخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان، أو فراخه التي تخرج من جوانبه. شاطئ النهر جانبه {فَآزَرَهُ} ساواه فصار مثل الأم، أو شد فراخ الزرع أصول النبت وقواها {فَاسْتَغْلَظَ} باجتماع الفراخ مع الأصول {لِيَغِيظَ بِهِمُ} بالرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه رضي الله - تعالى - عنهم لأن ما أعجب المؤمنين من قوتهم كإعجاب الزراع بقوة زرعهم هو الذي غاظ الكفار منهم شبه ضعف الرسول [صلى الله عليه وسلم] في أمره وإجابة الواحد بعد الواحد له حتى قوي أمره وكثر جمعه بالزرع يبدو ضعيفاً فيقوى حالاً بعد حال حتى يغلظ بساقه وأفراخه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 سُورَةُ الحُجُراتِ مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميعٌ عليمٌ (1) يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون (2) إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذي امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيمٌ (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 1 - {لا تُقَدِّمُواْ} كان بعضهم يقول لو أنزل فِيَّ كذا لو أنزل فِيَّ كذا فنزلت، أو نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه " ع "، أو لا يفتاتوا على الله - تعالى - ورسوله [صلى الله عليه وسلم] حتى يقضي على لسان رسوله [صلى الله عليه وسلم] ، أو ذبحوا قبل الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأمروا بإعادة الذبح، أو لا تقدموا أعمال الطاعات قبل وقتها المأمور به قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] أربعة عشر رجلاً من أصحابه إلى بني عامر فقتلوهم إلا ثلاثة فلما رجعوا إلى المدينة لقوا رجلين من بني سليم فسألوهم عن نسبهما فقالا من بني عامر فقتلوهما فأتى بنو سليم وقالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] : إن بيننا وبينك عهداً وقد قتل منا رجلان فوداهما الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 ونزلت هذه الآية في قتلهما {وَاتَّقُواْ} في التقديم {إِنَّ اللَّهُ سَمِيعٌ} لأقوالكم {عَلِيمٌ} بأفعالكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 2 - {لا ترفعوا أصواتكم} تمارا عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] رجلان فارتفعت أصواتهما فنزلت فقال أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -: والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعدها إلا كأخي السرار {وَلا تَجْهَرُواْ} برفع أصواتكم، أو لا تدعوه باسمه وكنيته كدعاء بعضكم بعضاً بالأسماء والكنى ولكن أدعوه بالنبوة والرسالة {أَن تَحْبَطَ} أي فتحبط، أو لئلا تحبط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 3 - {امتحن} أخلصها، أو اختصها. {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (4) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفورٌ رحيمٌ (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 4 - {الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} جاءه رجل فناداه من وراء الحجرة يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين فخرج الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: ويلك ذاك الله. ذاك الله فنزلت، أو قال قوم انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن كان نبياً فنحن أسعد الناس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 به وإن يكن ملكاً نعش في جنابه فأتوه ينادونه وهو في حجرته يا محمد يا محمد فنزلت قيل: كانوا تسعة من بني تميم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 5 - {لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} أحسن أدباً وطاعة لله ورسوله، أو لأطلقت أسرارهم بغير فداء لأنه [182 / ب] / كان سبى قوماً من بني العنبر فجاءوا في فداء سبيهم. {يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم ندامين (6) واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون (7) فضلاً من الله ونعمةً والله عليمٌ حكيمٌ (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 6 - {جَآءَكُمْ فَاسِقٌ} الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى بني المصطلق مصدقاً وأقبلوا نحوه فهابهم فرجع وأخبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أنهم ارتدوا عن الإسلام فأرسل خالداً وأمره بالتثبت فأرسل إليهم خالد عيونه فرأوا أذانهم وصلاتهم فأخبروا خالداً فلما علم ذلك منهم أخبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 7 - {لَعَنِتُّمْ} لأثمتم، أو لاتهمتم، أو هلكتم، أو نالتكم شدة ومشقة {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ} حسَّنه عندكم، أو بما وصف من الثواب عليه {وَزَيَّنَهُ} بما وعد عليه من نصر الدنيا وثواب الآخرة، أو بدلالات صحته {وكَرَّه) قبح، أو بما وصف عليه من العقاب، الفاسقون: الكاذبون أو كل ما خرج من الطاعة. {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوةٌ فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 9 - {وَإِن طَآئِفَتَانِ} كان بين الأوس والخزرج قتال بالنعال والسعف ونحوه على عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت، أو اختصم اثنان منهم في حق فقال أحدهما لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته فدعاه الآخر إلى المحاكمة إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأبى فلم يزل الأمر حتى نال بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال فنزلت، أو كان لرجل منهم امرأة فأرادت زيارة أهلها فمنعها زوجها وجعلها في علية لا يدخل عليها أحد من أهلها فأرسلت إلى أهلها وجاءوا فأنزلوها لينطلقوا بها فاستعان زوجها بعصبته فجاءوا ليحولوا بينها وبين عصبتها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت، أو مَرَّ الرسول [صلى الله عليه وسلم] بابن أُبي فوقف عليه فراث حماره فأمسك ابن أُبي أنفه وقال إليك حمارك فغضب ابن رواحة وقال أتقول هذا لحمار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فوالله لهو أطيب ريحاً منك ومن أبيك فغضب لكل واحد منهما قومه حتى اقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت فأصلح الرسول [صلى الله عليه وسلم] بينهم {الَّتِى تَبْغِى} بالتعدي في القتال، أو ترك الصلح، البغي التعدي بالقوة إلى طلب ما لا يستحق {إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} كتابه وسنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] ، أو الصلح الذي أمر به {بِالْعَدْلِ} بالحق أو كتاب الله {الْمُقْسِطِينَ} ذوو العدل في أقوالهم وأفعالهم. {يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمانِ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 11 - {لا يَسْخَرْ} غني بفقير أو مسلم بمن أعلن بفسقه والقوم: الرجال خاصة لقيام بعضهم مع بعض، أو لقيامهم بالأمور دون النساء {أَنفُسَكُمْ} أهل دينكم أو بعضكم بعضاً واللمز: العيب لا يطعن بعضكم على بعض، أو لا يلعنه، أو لا يخونه {تَنَابَزُواْ} وضع اللقب المكروه على الرجل ودعاؤه به قدم وفد بني سلمة على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ولأحدهم اسمان وثلاثة فكان يدعوه بالاسم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 فيقال إنه يكره هذا فنزلت أو التسمية بالأعمال السيئة بعد الإسلام يا سارق يا زاني، يا فاسق، أو التعيير بعد الإسلام بما سلف من الشرك [183 / أ] / أو تسميته بعد الإسلام باسم دينه السابق كاليهودي والنصراني لمن كان يهودياً أو نصرانياً ولا يأتي بالألقاب الحسنة والنبز اللقب الثابت، أو القول بالقبيح نزلت في ثابت بن قيس نبز رجلاً بلقب كان لأمه، أو في كعب بن مالك كان على المقسم فقال لعبد الله بن أبي حدرد يا أعرابي فقال له عبد الله يا يهودي فتشاكيا إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو في الذين نادوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] من وراء الحجرات لما عابوا أتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] من الفقراء والموالي، أو في عائشة - رضي الله تعالى عنها - عابت أم سلمة بالقِصَر أو بلباس تشهرت به. {يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله توابٌ رحيمٌ (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 12 - {كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ} ظن السوء {بَعْضَ الظَّنِّ} أي ظن السوء، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 التكلم بما ظنه فإن لم يتكلم به فلا إثم عليه {تَجَسَّسُواْ} بتتبع عثرات المؤمن أو بالبحث عما خفي حتى يظهر، والتجسس والتحسس واحد " ع "، أو بالجيم البحث ومنه الجاسوس وبالحاء الإدراك ببعض الحواس، أو بالحاء أن يطلبه لنفسه وبالجيم أن يكون رسولاً لغيره {وَلا يَغْتَب} الغيبة: ذكر العيب بظهر الغيب إذا كان صدقاً فإن كان كذباً فهو بهتان وإن كان من سماع فهو إفك {لَحْمَ أَخِيِهِ مَيْتاً} كما تمتنعون من أكل لحوم الموتى فكذلك يجب أن تمتنعوا من غيبة الأحياء، أو كما يحرم الأكل يحرم الاغتياب {فَكَرِهْتُمُوهُ} كرهتم أن يغتابكم الناس فكذلك فاكرهوا غيبتهم، أو كرهتم أكل الميتة فاكرهوا الغيبة. {يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبيرٌ (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 13 - {من ذكرٍ وأثنى} نهى عن التفاخر بالأحساب {شُعُوباً} النسب الأبعد والقبائل النسب الأقرب لأنها تشعبت من الشعوب، أو الشعوب عرب اليمن من قحطان والقبائل ربيعة ومضر وسائر عدنان، أو الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب {لِتَعَارَفُواْ} لا لتفتخروا، وواحد الشعوب شَعب بالفتح والشِعب الطريق جمعه شِعاب. {قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإنه تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم (14) إنما المؤمنون الذي ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون (15) قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في والأرض والله بكل شيء عليمٌ (16) يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين (17) إن الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 يعلم غيب السموات والأرض والله بصيرٌ بما تعملون (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 18 - {قالت الأعراب آمنا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ} أقروا ولم يعملوا فالإسلام قول والإيمان عمل، أو أرادوا التسمي باسم الهجرة قبل المهاجرة فأعلموا أن اسمهم أعراب، أو منُّوا بإسلام وقالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] لم نقاتلك فقيل لهم [لم] تؤمنوا {وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} خوف السيف لأنهم آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم وتركوا القتال فصاروا مستسلمين لا مسلمين فيكون من الاستسلام دون الإسلام قيل نزلت في أعراب بني أسد {يَلِتْكُم} لا يمنعكم، أو لا ينقصكم من ثواب أعمالكم يألتكم ويلتكم واحد أو يألت أبلغ وأكثر من يلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 16 - {أتُعَلِّمُون اللَّهَ} أعراب حول المدينة أظهروا الإسلام [183 / ب] / وأبطنوا الشرك ومنوا بإسلامهم على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقالوا: فضلنا على غيرنا لأنا أسلمنا طوعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 17 - {لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم} لأنه إن كان ح ق اً فهو لخلاصكم وإن كان نفاقاً فللدفع عنكم فلا مِنَّة لكم فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 سُوَرَةُ ق مكية، أو إلا آية {ولقد خلقنا السماوات} [38] . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {ق والقرآن المجيد (1) بل عجبوا أن جاءكم منذرٌ منهم فقال الكافرون هذا شيءٌ عجيب (2) أءذا متنا وكنا تراباً ذلك رجعٌ بعيد (3) قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتابٌ حفيظٌ (4) بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 1 - { ق } اسم لله - تعالى - أقسم به، أو اسم للقرآن، أو قضى والله كما حم: حُم والله، أو الجبل المحيط بالدنيا {الْمَجِيدِ} الكريم أو الكثير القدر والمنزلة، في كل الشجر نار واستمجد المرخ والعفار استكثر، أو العظيم من مجدت الإبل عظمت بطونها من كلأ الربيع أقسم به تعظيماً لقدره وتشريفاً لخطره لأن القسم لا يكون في العرف إلا بمعظم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 2 - {عَجِيبٌ} كون الإله واحد، أو كون المنذر منهم، أو إنذارهم بالبعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 4 - {مَا تَنقُصُ الأَرْضُ} من يموت منهم، أو ما تأكله من لحومهم وتبليه من عظامهم {كِتَابٌ} اللوح المحفوظ {حَفِيظٌ} لأعمالهم، أو لما تأكله الأرض من لحومهم وأبدانهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 5 - {بِالْحَقِّ} القرآن اتفاقاً {مَّرِيجٍ} مختلط، أو مختلف، أو ملتبس، أو فاسد. {أفلم ينظرون إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسيَ وأنبتنا فيها من كل زوجٍ بهيجٍ (7) تبصرةً وذكرى لكل عبدٍ منيب (8) ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتا به جناتٍ وحب الحصيد (9) والنخل باسقياتٍ لها طلع نضيد (10) رزقاً للعباد وأحيينا به بلدةً ميتاً كذلك الخروج (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 6 - {فُرُوجٍ} شقوق، أو فتوق إلا أن الملك تفتح له أبوابها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 7 - {مَدَدْنَاهَا} بسطناها {رَوَاسِىَ} جبالاً ثوابت واحدها راسية {بَهِيجٍ} حسن، أو من أبهجني الأمر أي سرني لأن السرور يحدث حُسْن الوجه قال الشعبي: الناس نبات الأرض من دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 8 - {تَبْصِرَةً} دلالة، أو بصيرة للإنسان، أو نعماً بصر الله - تعالى - بها عباده {مُّنِيبٍ} مخلص، أو تائب، أو راجع متذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 9 - {مُّبَارَكاً} لإحيائه النبات والحيوان {جَنَّاتٍ} البساتين عند الجمهور، أو الشجر {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} البُر والشعير وكل ما يحصد من الحبوب إذا تكامل واستحصد سمي حصيداً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 10 - {بَاسِقَاتٍ} طوالاً " ع "، أو أثقلها حملها {نَّضِيدٌ} منضود أي متراكم " ع "، أو منظوم، أو قائم معتدل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 11 - {رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ} ماء المطر ونبات الأرض {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} إذا كانت النشأة الأولى مقدورة من غير أصل فالثانية أولى بذلك لأن لها أصلاً، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 مشاهدة إعادة ما مات من زرع ونبات دالة على أن إعادة الموتى أولى للتكليف والجزاء. {كذبت قبلهم قوم نوحٍ وأصحابُ الرس وثمود (12) وعادٌ وفرعون وإخوانُ لوطٍ (13) وأصحابُ الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسلَ فحقَ وعيدٍ (14) أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبسٍ من خلقٍ جديدٍ (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 12 - {الرَّسِّ} كل بئر لم تطو أو كل حفر في الأرض من بئر أو قبر وهي البئر التي قتل فيها صاحب ياسين ورسُّوه، أو بئر بأذربيجان " ع "، أو قوم باليمامة على آبارٍ لهم، أو أصحاب الأخدود {وَثَمُودُ} قوم صالح وهم عرب بوادي القرى وما حوله من الثمر وهو الماء القليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 13 - {وَعَادٌ} أسلم رجل من العماليق كثر ولده وصاروا قبائل بأحقاف اليمن وهم قوم هود {وَفِرْعَوْنُ} كان فارسياً من أهل اصطخر أو كان من أهل مصر وكان من لخم، أو من تبع {وإخوان لوط} كانوا [184 / أ] / أربعة آلاف ألف ألف وما من نبي إلا يقوم يوم القيامة معه قوم إلا لوط فإنه يقوم وحده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 14 - {وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ} قوم شعيب أهلكوا بيوم الظلة وأرسل إلى مدين أيضاً فأهلكوا بالصيحة والأيكة: الغيضة ذات الشجر الملتف وكان عامة شجرهم الدوم {تُبَّعٍ} لكثرة أتباعه أسلم وكفر قومه وهو حميري من ملوك العرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 15 - {أَفَعَيِينَا} ما عجزت عن أهلاك الأولين مع قوتهم أفيشكون في إهلاكي إياهم مع قلتهم وضعفهم، أو ما عجزت عن الإنشاء أفتشكون في قدرتي على الإعادة. واللبس اكتساب الشك والخلق الجديد إعادة خلق بعد خلق أول. {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد (16) إذ يتلقى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (18) وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (19) ونفخ في الصور ذلك يومُ الوعيد (20) وجاءت كل نفسٍ معها سائقٌ وشهيدٌ (21) لقد كنتَ في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 16 - {تُوَسْوِسُ} الوسوسة كثرة حديث النفس بما لا يتحصل في خفاء وإسرار {الْوَرِيدِ} حبل معلق به القلب وهو الوتين، أو عرق في الحلق عرق العنق وهو حبل العاتق وهما وريدان عن يمين وشمال سمي وريداً لأنه ينصب إليه ما يرد من الرأس {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} من وريده الذي هو منه أو أملك به من حبل وريده مع استيلائه عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 17 - {الْمُتَلَقِّيَانِ} ملكان يتلقيان العمل أحدهما عن يمينك يكتب الحسنات والآخر عن شمالك يكتب السيئات وهم أربعة ملكان بالليل وملكان بالنهار {قعيدٌ} قاعد أو رصَد حافظ من القعود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 18 - {يَلْفِظُ} يتكلم من لفظ الطعام وهو إخراجه من الفم {رقيبٌ} متبع للأمور، أو حافظ، أو شاهد {عتيدٌ} حاضر لا يغيب، أو حافظ معد للحفظ، أو الشهادة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 19 - {تَحِيدُ} تفر، أو تعدل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 21 - {سائقٌ} ملك يسوقه إلى محشره، أو أمر الله يسوقه إلى الحساب {وشهيدٌ} ملك يشهد بعمله، أو الإنسان يشهد على نفسه بعمله، أو يداه ورجلاه تشهد عليه، أو العمل يشهد عليه بنفسه، وهي عامة في المسلمين والكافرين عند الجمهور، أو خاصة بالكفار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 22 - {كُنْتَ) {أيها النبي} (غَفْلَةٍ} عن الرسالة فكشفنا عنك غطاءك بالوحي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 قاله ابن زيد، أو كنت أيها الكافر في غفلة من عواقب كفرك {غِطَآءَكَ} كان في بطن أمه فولد، أو في القبر فنشر " ع "، أو وقت العرض في القيامة {فَبَصَرُكَ} بصيرتك سريعة، أو صحيحة لسرعة مور الحديد وصحة قطعه، أو بصر عينك حديد شديد، أو بصير " ع "، ومدرَكه معاينة الآخرة، أو لسان الميزان، أو ما يصير إليه من ثواب وعقاب " ع "، أو ما أمر من طاعة وحذر من معصية وهو معنى قول ابن زيد، أو العمل الذي كان يعمله في الدنيا. {وقال قرينه هذا ما لدي عتيد (23) ألقيا في جهنم كل كفارٍ عنيدٍ (24) مناعٍ للخيرِ معتدٍ مريب (25) الذين جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد (26) قال قرينهُ ربنا ما أطغيتُهُ ولكن كان في ضلالٍ بعيدٍ (27) قال لا تختصموا لديَّ وقد قدمتُ إليكم بالوعيد (28) ما يبدل القول لدي وما أنا بظلامٍ للعبيد (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 23 - {قَرِينُهُ} الملك الشهيد عليه، أو الذي قيض له من الشياطين، أو الإنس قاله ابن زيد {مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ} هذا الذي وكلت به قد أحضرته، أو هذا الذي كان يحبني وأحبه قد حضر قاله ابن زيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 24 - {أَلْقِيَا} يؤمر بإلقاء كل كافر ملكان، أو ملك ويؤمر / بلفظ الاثنين قال: (فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر ... وإن تَدَعاني أحمِ عِرضاً ممنعاً) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 أو بمعنى تثنية القول ألق ألق. {عَنِيدٍ} معاند للحق، أو منحرف عن الطاعة، أو جاحد متمرد، أو مشاق، أو المعجب بما عنده المقيم على العمل به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 25 - {لِّلْخَيْرِ} المال أن ينفقه في الطاعة، أو الزكاة المفروضة، أو عام في الخير من قول وعمل {مُّرِيبٍ} شاك في الله - تعالى -، أو في البعث، أو متهم نزلت في الوليد بن المغيرة استشاره بنو أخيه في الإسلام فمنعهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 28 - {لا تَخْتَصِمُواْ} اختصامهم اعتذار كل واحد منهم فيما قدم من معاصيه " ع "، أو تخاصم كل واحد مع قرينه الذي أغواه في الكفر وأما خصامهم في مظالم الدنيا فلا يضاع لأنه يوم التناصف {بالوعيد} بالرسول [صلى الله عليه وسلم] " ع "، أو القرآن، أو الأمر والنهي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 29 - {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ} فيما أَوجبه من أمر ونهي، أو فيما وعد به من ثواب وعقاب أو في أن الحسنة بعشر والصلوات الخمس بخمسين صلاة {بِظَلامٍ} بمعذب من لم يجترم " ع ". {يوم نقولُ لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (30) وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد (31) هذا ما توعدون لكل أوابٍ حفيظٍ (32) من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلبٍ منيبٍ (33) ادخلوها بسلامٍ ذلك يومُ الخلودِ (34) لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 30 - {تقول} بلسان حالها. (امتلأ الحوض وقال قطني ... ... ... ... ... ... ... ... .) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 أو يقول زبانيتها {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} هل يزاد إلى من ألقي فيَّ غيرهم كالاستخبار عمن بقي، أو امتلأت بمن ألقي فهل أتسع لغيرهم، أو هل يزاد في سعتي لإلقاء غير من ألقي فيَّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 32 - {أَوَّابٍ} ذاكر ذنبه في الخلاء، أو إذا ذكر ذنباً تاب واستغفر، أو الذي لا يقوم من مجلس حتى يستغفر {حَفِيظٍ} لوصية الله - تعالى -، أو مطيع فيما أُمِر، أو حافظ لحق الله - تعالى - بالاعتراف ولنعمه بالشكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 33 - {بِالْغَيْبِ} يدع الذنب سراً كما يدعه جهراً، أو يتوب سراً كما أذنب سراً، أو أطاع الله - تعالى - بالأدلة ولم يره {مُّنِيبٍ} تائب، أو مقبل على الله - تعالى - أو مخلص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 35 - {مَزِيدٌ} مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها، أو التزوج بالحور العين ويوم الجمعة يسمى في الآخرة يوم المزيد إما لزيادة ثواب العمل فيه أو لأن الله - تعالى - يقضي فيه بين خلقه يوم القيامة. {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد هل من محيص (36) إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (37) ولقد خلقنا السموات والأرض وما بنيهما في ستة أيامٍ وما مسنا من لغوب (38) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب (39) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 36 - {فَنَقَّبُواْ} أثَّروا، أو ملكوا، أو ساروا، أو طَوَّفوا، أو اتخذوا فيها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 طرقاً ومسالك {مَّحِيصٍ} منجى من الموت، أو مهرب، أو مانع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 37 - {قَلْبٌ} عقل لأن القلب محله، أو نفس حية مميزة عبر عنها بالقلب لأنه وطنها ومعدان حياتها {أَلْقَى السَّمْعَ} فيما غاب عنه بالأخبار {وَهُوَ شَهِيدٌ} فيما عاينه بالحضور، أو سمع ما نزل من الكتب وهو شهيد بصحته، أو سمع ما أُنذر به من ثواب وعقاب وهو شهيد على نفسه بما عمل من خير أو شر خاصة بأهل القرآن، أو باليهود والنصارى، أو عامة في جميع أهل الكتب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 38 - {لُّغُوبٍ} نصب وتعب زعم يهود المدينة أن الله - تعالى - خلق السموات والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت ولذلك جعلوه يوم راحة فنزلت تكذيباً لهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 39 - {عَلَى مَا يَقُولُونَ} من تكذيب، أو وعيد [185 / أ] / {وَسَبِّحْ} بقولك تنزيهاً لله - تعالى -، أو فَصَلٌ قبل طلوع الشمس الصبح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 40 - {فَسَبِّحْهُ} قولاْ بالليل، أو عشاء الآخرة، أو صلاة الليل، أو ركعتا الفجر {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} التسبيح أدبار الصلوات، أو النوافل بعد الفرائض، أو ركعتان بعد المغرب قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " ركعتين بعد المغرب إدبار السجود وركعتين قبل الفجر إدبار النجوم ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 {واستمع يوم ينادِ المنادِ من مكانٍ قريبٍ (41) يومَ يسمعون الصيحة بالحق ذلك يومُ الخروج (42) إنا نحن نحي ونميت وإلينا المصير (43) يوم تشققُ الأرض عنهم سراعاً ذلك حشرٌ علينا يسيرٌ (44) نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبارٍ فذكر بالقرآن من يخافُ وعيدٍ (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 41 - {ينادي} بالنفخة الثانية إلى أرض المحشر {مَّكَانٍ قَرِيبٍ} صخرة بيت المقدس، أو وسط الأرض: يا أيتها العظام البالية قومي لفصل القضاء وما أعد من الجزاء وهي أقرب إلى السماء بثمانية عشرة ميلاً، أو يسمعها كل قريب وبعيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 42 - {بِالْحَقِّ} بقول الحق، أو بالبعث الذي هو حق {الْخُرُوجِ} من القبور، أو الخروج من أسماء القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 45 - {بِجَبَّارٍ} برب، أو متجبر مسلط عليهم، كل متسلط: جبار، أو لا تجبرهم على الإسلام من جبرته على الأمر قهرته عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 سُورَةُ الذّاريَاتِ مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {والذاريات ذروا (1) فالحاملات وقرا (2) فالجاريات يُسرا (3) فالمقسمات أمرا (4) إنما توعدون لصادق (5) وإن الدين لواقعٌ (6) والسماء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8) يؤفك عنه من أفك (9) قتل الخراصون (10) الذين هم في غمرة ساهون (11) يسئلون أيان يومُ الدين (12) يومَ هم على النار يفتنون (13) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 1 - { الذاريات } الرياح واحدتها ذارية لأنها تذرو التراب والتبن أي تفرقه في الهواء {ذَرْواً} مصدر، أو مَا ذَرَتْه أقسم بها وبما ذرته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 2 - {فَالْحَامِلاتِ} السحاب موقرة بالمطر، أو الرياح موقرة بالسحاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 3 - {فَالْجَارِيَاتِ} السفن، أو السحاب {يُسْرًا} إلى حيث يسرها الله من البلاد، أو سهولة تيسيرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 4 - {فَالْمُقَسِّمَاتِ} السحاب يقسم الله بها الحظوظ بين الناس، أو الملائكة تقسم أمره في خلقه: جبريل صاحب الوحي والغلظة، وميكائيل صاحب الرزق والرحمة، وإسرافيل صاحب الصور واللوح، وعزرائيل قابض الأرواح؛ أقسم الله تعالى بذلك لما فيه من الآيات والمنافع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 5 - {إِنَّمَا تُوعَدُونَ} يوم القيامة كائن، أو الثواب والعقاب حق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 6 - {الدِّينَ} الحساب لواجب، أو الجزاء لكائن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 7 - {والسَّمَآءِ} السحاب أو السماء المعروفة على المشهور قال ابن عمر - رضي الله عنهما - هي السماء السابعة {الْحُبُكِ} الاستواء " ع "، أو الشدة، أو الصفاقة، أو الطرائق من حباك الحمام طرائق على جناحه، أو الحسن والزينة، أو كحبك الماء إذا ضربته الريح، أو الريح، أو لأنها حبكت بالنجوم " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 8 - {قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ} أمر مختلف فمؤمن وكافر ومطيع وعاصٍ، أو مصدق بالقرآن ومكذب به، أو أهل الشرك يختلف عليهم الباطل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 9 - {يُؤْفَكُ} يضل عنه من ضل " ع "، أو يصرف عنه من صرف، أو يؤفن عنه من أفن، والأفَن فساد العقل، أو يخدع عنه من خدع، أو يكذب فيه من كذب، أو يدفع عنه من دفع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 10 - {قتل} لعن [185 / ب] / {الْخَرَّاصُونَ} المرتابون، أو الكذابون، أو أهل الظنون والفرية، أو المتكهنون، والخرص هاهنا تعمد الكذب، أو ظن الكذب لأن الخرص حذر وظن ومنه خرص الثمار، خرصوا للتكذيب بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو بالبعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 11 - {غَمْرَةٍ} غفلة لاهون " ع "، أو ضلالة يتمادون، أو عمىً وشبهة يترددون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 12 - {أَيَّانَ} متى يوم الجزاء قيل إنها مركبة من أي والآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 13 - {يُفْتَنُونَ} يعذبون، أو يطبخون ويحرقون كما يفتن الذهب بالنار، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 أو يكذبون توبيخاً وتقريعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 14 - {فتنتكم} عذابكم أو تكذيبكم أو حريقكم. {إن المتقين في جناتٍ وعيون (15) ءاخذين ما ءاتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون (18) وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم (19) وفي الأرض ءايات للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) وفي السماء رزقكم وما توعدون (22) فورب السماء والأرض إنه لحقٌ مثل ما أنكم تنطقون (23) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 16 - {ما آتاهم رَبُّهُمْ} من الفرائض " ع "، أو الثواب {قَبْلَ ذَلِكَ} قبل الفرائض {مُحْسِنِينَ} بالإجابة، أو قبل القيامة محسنين بالفرائض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 17 - {كَانُواْ قَلِيلاً} تم الكلام ثم قال {مِّنَ الليل مَا يَهْجَعُونَ} الهجوع: النوم، أو كان هجوعهم قليلاً، أو كان القليل منهم ما يهجعون وإن كان الأكثر هجوعاً، أو كانوا في قليل من الليل ما يهجعون حتى صلوا المغرب والعشاء، أو قليلاً يهجعون وما صلة وهذا لما كان قيام الليل فرضاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 18 - {يَسْتَغْفِرُونَ} يصلون، أو يؤخرون الاستغفار إلى السَّحَر كما آخره يعقوب لبنيه، قال ابن زيد: السَّحَر هو السدس الأخير من الليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 19 - {حَقٌّ} معلوم: الزكاة، أو غيرها مما يصل به رحماً، أو يقري به ضيفاً، أو يحمل به كلاً، أو يغني به محروماً " ع " {وَالْمَحْرُومِ} الذي لا يسأل، أو الذي يجيء بعد الغنيمة ليس له فيها سهم، أو من لا سهم له في الإسلام " ع " أو من لا يكاد يتيسر له كسب أو من يطلب الدنيا وتدبر عنه " ع "، أو المصاب بثمره وزرعه، أو المملوك، أو الكلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 20 - {وفي الأرض آيات} الجبال والبحار والأنهار، أو من أهلك من الأمم الخالية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 21 - {وَفِى أَنفُسِكُمْ} سبيل البول والغائط، أو تسوية مفاصل الأيدي والأرجل والجوارح دال على أنه خلقكم لعبادته، أو خلقكم من تراب، فإذا أنتم بشر أو حياتكم وقوتكم وما يخرج ويدخل من طعامكم وشرابكم، أو الكبر والضعف والشيب بعد الشباب والقوة والسواد " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 22 - {وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ} ، من عند الله الذي في السماء، أو المطر والثلج ينبتان الزرع فيحيا به الخلق فهو رزق من السماء {وَمَا تُوعَدُونَ} من خير وشر، أو جنة ونار، أو أمر الساعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 23 - {إنه لحق} ما جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو ما عدده في هذه السورة من آياته وذكره من عظاته. {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلامٌ قومٌ منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف وبشروه بغلامٍ عليمٍ (28) فأقبلت امرأته في صرةٍ فصكت وجهها وقالت عجوزٌ عقيم (29) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30) قال فما خطبكم أيها المرسلون (31) قالوا إنا أرسلنا إلى قومٍ مجرمين (32) لترسل عليهم حجارةً من طينٍ (33) مسومةً عند ربك للمسرفين (34) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (35) فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين (36) وتركنا فيها ءاية للذين يخافون العذاب الأليم (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 24 - {الْمُكْرَمِينَ} عند الله تعالى، أو خدمهم إبراهيم بنفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 25 - {سَلاماً} من المسالمة، أو دعاء بالسلامة عند الجمهور، {مُّنكَرُونَ} لا يُعرفون أو يخافون أنكرته خفته أنكرهم لمجيئهم على غير صور البشر وعلى غير [186 / أ] / صور الملائكة التي يعرفها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 26 - {فَرَاغَ} فعدل، أو مال خفية {بِعِجْلٍ} كان عامة ماله البقر سُمي عجلاً لعجلة بني إسرائيل بعبادته، أو لأنه عجل في اتباع أمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 28 - {بِغُلامٍ} إسحاق من سارة فبشرنا بإسحاق، أو إسماعيل من هاجر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 29 - {صَرَّةٍ} رنَّة، أو صيحة ومنه صرير الباب، أو جماعة ومنه صُرَّة الدراهم، المصرَّاة جُمع لبنها في ضرعها {صكت} لطمت " ع "، أو ضربت جبينها أتلد عجوز عقيم؟ {وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطانٍ مبينٍ (38) فتولى بركنه وقال ساحرٌ أو مجنون (39) فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم (40) وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم (41) ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرميم (42) وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين (43) فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (44) فما استطاعوا من قيامٍ وما كانوا منتصرين (45) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 39 - {فَتَوَلَّى} أدبر، أو أقبل من الأضداد {بِرُكْنِهِ} جموعه وجنده، أو قوته " ع "، أو جانبه، أو عناده بالكفر وميله عن الحق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 41 - {الْعَقِيمَ} التي لا تلقح، أو لا تنبت، أو لا رحمة فيها، أو لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 منفعة لها وهي الجنوب، أو الدبور، أو الصبا قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " وأهلكت عاد بالدبور ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 42 - {كَالرَّمِيمِ} التراب، أو الرماد، أو الشيء البالي الهالك، أو ما ديس من يابس النبات. {والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون (47) والأرض فرشناها فنعم الماهدون (48) ومن كل شيءٍ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) ففروا إلى الله إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ (50) ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ (51) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 47 - {لَمُوسِعُونَ} الرزق بالمطر، أو السماء، أو لا يضيق علينا شيء نريده، أو نخلق سماء مثلها، أو على الاتساع بأكثر من اتساع السماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 49 - {زَوْجَيْنِ} من كل جنس نوعين، أو أمر خلقه ضدين: صحة وسقم، وغنى وفقر، وموت وحياة، وفرح وحزن، وضحك وبكاء. 50 - {فَفِرُّواْ} فتوبوا. {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسولٍ إلا قالوا ساحرٌ أو مجنون (52) أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون (53) فتول عنهم فما أنت بملوم (54) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (55) وما خلقت الجن والإنسَ إلا ليعبدون (56) ما أريدُ منهم من رزقٍ وما أريدُ أن يطعمون (57) إن الله هو الرزاق ذو القوةٍ المتين (58) فإن للذين ظلموا ذَنوباً مثل ذنوب أصحابهم فلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 يستعجلون (59) فويلٌ للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون (60) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 55 - {وَذَكِّر} بالقرآن، أو بالموعظة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 56 - {لِيَعْبُدُون} ليقروا بالعبودية طوعاً، أو كرهاً " ع "، أو لآمرهم وأنهاهم، أو لأجبلهم على الشقاء والسعادة، أو ليعرفون، أو للعبادة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 57 - {مِّن رِزْقٍ} أن يرزقوا عبادي ولا يطعموهم، أو يرزقوا أنفسهم ولا يطعموها، أو معونة ولا فضلاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 59 - {ذَنُوباً} عذاباً، أو سبيلاً، أو عني به الدلو " ع "، أو نصيباً {أصحَابِهم} مكذبو الرسل من الأمم السالفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 سُورة الطُّور مكية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {والطور (1) وكتاب مسطور (2) في رق منشور (3) والبيت المعمور (4) والسقف المرفوع (5) والبحر المسجور (6) إن عذاب ربك لواقع (7) ما له من دافع (8) يوم تمور السماء مورا (9) وتسير الجبال سيرا (10) فويلٌ يومئذٍ للمكذبين (11) الذين هم في خوض يلعبون (12) يوم يُدَعون إلى نار جهنم دعا (13) هذه النار التي كنتم بها تكذبون (14) أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون (15) اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواءٌ عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 1 - { الطور } الجبل بالسريانية، أو اسم لما ينبت من الجبال دون ما لا ينبت " ع " وهو هنا طور سيناء، أو الذي كلم عليه موسى عليه الصلاة والسلام، أو جبل مبهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 2 - {وَكِتَابٍ} القرآن في اللوح المحفوظ، أو صحائف الأعمال، أو التوراة، أو كتاب تقرأ فيه الملائكة، ما كان وما يكون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 3 - {رَقٍّ مَّنشُورٍ} صحيفة مبسوطة تخرج للناس أعمالهم كل صحيفة رق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 لرقة حواشيها، أو هي رق مكتوب، أو ما بين المشرق والمغرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 4 - {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} بالقصد إليه، أو بالمقام عليه وهو البيت الحرام، أو بيت في السماء السابعة حيال الكعبة لو خرَّ لخرَّ عليها يدخلها كل يوم سبعون ألف ملك، أو بيت في ست سماوات دون السابعة يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك من قبيلة إبليس ثم لا يعودون إليه، أو كان في الأرض زمان آدم عليه الصلاة والسلام، فرفع زمان الطوفان إلى السماء الدنيا يعمره كل يوم سبعون [183 / ب] / ألف ملك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 5 - {وَالسَّقْفِ} السماء، أو العرش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 6 - {وَالْبَحْرِ} جهنم، أو بحر تحت العرش، أو بحر الأرض {الْمَسْجُورِ} المحبوس " ع "، أو المرسل، أو الممتلئ، أو الموقد ناراً، أو المختلط، أو الذي ذهب ماؤه ويبس، أو الذي لا يُشرب من مائه ولا يُسقى به زرع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 9 - {تَمُورُ} تدور، أو تموج، أو تشقق " ع "، أو تكفأ، أو تنقلب، أو تجري جرياً، أو السماء هنا الفلك وموره اضطراب نظمه واختلاف سيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 13 - {يُدَعُّونَ} يدفعون دفعاً عنيفاً، أو يزعجون إزعاجاً. {إن المتقين في جناتٍ ونعيم (17) فاكهين بما ءاتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم (18) كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون (19) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عينٍ (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 18 - {فَاكِهِينَ} معجبين، أو ناعمين، أو فرحين، أو متقابلين بالحديث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 السار المؤنس من الفكاهة، أو ذو فاكهة كلابن وتامر أو ذو بساتين فيها فواكه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 20 - {سُرُرٍ} وسائد {مَّصْفُوفَةٍ} بين العرش، أو مرمولة بالذهب، أو وصل بعضها إلى بعض فصارت صفاً {بِحُورٍ} سُمِّين بذلك لأنه يَحارُ فيهن الطرف، أو لبياضهن ومنه الخبز الحواري {عِينٍ} عيناء وهي الواسعة العين في صفائها. {والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين (21) وأمددناهم بفاكهة ولحمٍ مما يشتهون (22) يتنازعون فيها كأساً لا لغوٌ فيها ولا تأثيم (23) ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤٌ مكنون (24) وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون (25) قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين (26) فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم (27) إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 21 - {وأتبعناهم} يدخل إلى الله تعالى الذرية بإيمان الآباء الجنة، أو نعطيهم مثل أجور الآباء من غير نقص في أجور الآباء، أو البالغون أطاعوا الله تعالى فألحقهم الله بآبائهم، أو لما أدركوا أعمال آبائهم تابعوهم عليها فصاروا مثلهم فيها {أَلَتْنَاهُم} ظلمناهم أو نقصناهم أي لم ننقص أجور الآباء، بما أعطيناه الأبناء فضلاً منا وإكراماً للآباء {رَهِينٌ} مؤاخذ كما يؤخذ الحق من الرهن أو محتبس كاحتباس الرهن بالحق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 23 - {يَتَنَازَعُونَ} يتعاطون ويناول بعضهم بعضاً المؤمن وزوجاته وخدمه {كَأْساً} كل إناء مملوء من شراب أو غيره فهو كأس، فإذا فرغ لم يسم كأساً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 {لا لَغْوٌ فِيهَا} لا باطل في الخمر ولا مأثم " ع "، أو لا كذب ولا خُلْف، أو لا يتسابون عليها ولا يؤثم بعضهم بعضاً، أو لا لغو في الجنة ولا كذب " ع "، واللغو هنا فحش الكلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 24 - {غِلْمَانٌ} أولادهم الأصاغر، أو أولاد غيرهم {مَّكْنُونٌ} مصون بالكن والغطاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 27 - {السَّمُومِ} النار، أو اسم لجهنم، أو وهجها، أو حر السموم في الدنيا والسموم لفح الشمس والحر وقد يستعمل في لفح البرد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 28 - {الْبَرُّ} الصادق، أو اللطيف، أو فاعل البر المعروف. {فذكر فما أنت بنعمتِ ربك بكاهن ولا مجنون (29) أم يقولون شاعرٌ نتربصٌ به ريب المنون (30) قل تربصوا فإني معكم من المتربصين (31) أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قومٌ طاغون (32) أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون (33) فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صادقين (34) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 29 - {فذكر} بالقرآن {بنعمة رَبِّكَ} برسالته {بِكَاهِنٍ} بساحر تكذيباً لشيبة بن ربيعة {وَلا مَجْنُونٍ} تكذيباً لعقبة بن أبي معيط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 30 - {نَّتَرَبَّصُ بِهِ} قال أناس منهم تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان قيل هم بنو عبد الدار {رَيْب الْمَنُونِ) الموت، أو حوادث الدهر والمنون الدهر. {أم خُلُقوا من غير شيء أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون (37) أم لهم سلمٌ يستمعون فيه فليأت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 مستمعهم بسلطانٍ مبين (38) أم له البناتُ ولكم البنون (39) أم تسئلهم أجراً فهم من مغرمٍ مثقلون (40) أم عندهم الغيبُ فهم يكتبون (41) أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون (42) أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون (43) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 37 - {خَزَآئِنُ رَبِّكَ} مفاتيح الرحمة، أو خزائن الرزق {المسيطرون} المسلطون، أو الأرباب، أو المُنزِلون، أو الحفظة من تسطير الكتاب الذي يحفظ ما كتب فيه فالمسيطر حافظ لما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 38 - {سُلَّم} مرتقى إلى السماء، أو سبب يتوصل به إلى عوالي [187 / أ] / الأشياء تفاؤلاً فيه بالسلامة {بسلطانٍ} بحجة دالة على صدقه، أو بقوة يتسلط بها على الاستماع تدل على قوته. {وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحابٌ مركوم (44) فذرهم حتى يُلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (45) يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم يُنصرون (46) وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون (47) واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم (48) ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (49) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 44 - {كِسْفاً} قطعاً، أو جانباً، أو عذاباً سمي كسفاً لتغطيته والكسف التغطية ومنه كسوف الشمس {مركومٌ} غليظ، أو كثير متراكب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 45 - {يُصْعَقُونَ} يموتون، أو النفخة الأولى، أو يوم القيامة يغشى عليهم من هوله {وَخَرَّ موسى صعقا} [الأعراف: 143] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 47 - {لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} أهل الصغائر من المسلمين، أو مرتكبو الحدود منهم {دُونَ ذَلِكَ} عذاب القبر، أو الجوع، أو مصائب الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 48 - {بِأَعْيُنِنَا} بعلمنا، أو بمرأى منا، أو بحراستنا وحفظنا {حِينَ تَقُومُ} من نومك افتتاحاً لعملك بذكر ربك، أو من مجلسك تكفيراً للغوه، أو صلاة الظهر، إذا قام من نوم القائلة، أو تسبيح الصلاة إذا قام إليها في ركوعها سبحان ربي العظيم وفي سجودها سبحان ربي الأعلى، أو في افتتاحها سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 49 - {ومن الليل فَسَبِّحْهُ} صلاة الليل، أو التسبيح فيها، أو التسبيح في الصلاة، وخارج الصلاة {وإِدْبَارَ النُّجُومِ} ركعتان قبل الفجر مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو ركعتا الفجر، أو التسبيح بعد الصلاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 سورة النجم مكية أو إلا آية {الذين يجتنبون} [32] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 1 - {و َالنَّجْمِ} نجوم القرآن إذا نزلت، أو الثريا، أو الزهرة، أو جنس النجوم، أو النجوم المنقضة {هَوَى} رمى به الشياطين، أو سقط، أو غاب أو ارتفع، أو نزل، أو جرى ومهواها جريها لأنها لا تفتر في طلوعها ولا غروبها قاله الأكثرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 2 - {ما ضل} محمد [صلى الله عليه وسلم] عن قصد الحق ولا غوى في اتباع الباطل، أو ما ضَلَّ بارتكاب الضلال {وَمَا غَوَى} بخيبة سعيه والغي: الخيبة قال: ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ... ومن يغوِ لا يَعْدَم على الغَيِّ لائماً) قيل: هي أول سورة أعلنها الرسول [صلى الله عليه وسلم] بمكة. 3 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 4 - {ما يَنطِقُ} عن هواه {إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ} يوحيه الله تعالى إلى جبرائيل عليه السلام ويوحيه جبريل إليه أو وما ينطق عن شهوة وهوى {إِنْ هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 إِلا وَحْىٌ يُوحَى} بأمر ونهي من الله تعالى وطاعة له. {علمه شديد القوى (5) ذو مرةٍ فاستوى (6) وهو بالأفق الأعلى (7) ثم دنا فتدلى (8) فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10) ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى (12) ولقد رءاه نزلةً أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14) عندها جنة المأوى (15) إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17) لقد رأى من ءاياتِ ربه الكبرى (18) } 5 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 6 - {شديدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ} جبريل عليه السلام اتفاقاً، مَرَّة: منظر حسن، أو غنى، أو قوة، أو صحة في الجسم، وسلامة من الآفات أو عمل {فَاسْتَوَى} جبريل عليه السلام في مكانه، أو على صورته التي خلق عليها، ولم يره عليها إلا مرتين، مرة ساداً للأفق ومرة حيث صعد معه وذلك قوله {وهو بالأفق الأعلى) [7] ، أو فاستوى القرآن في صدر محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو صدر جبريل، أو فاعتدل محمد [صلى الله عليه وسلم] في قوته، أو برسالته، أو فارتفع محمد [187 / ب] / [صلى الله عليه وسلم] بالمعراج، أو ارتفع جبريل عليه السلام إلى مكانه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 7 - {وهو بالأفق} الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما رأى جبريل، أو جبريل لما رآه الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالأفق مطلع الشمس، أو مطلع النهار أي الفجر، أو كانت من جوانب السماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 8 - {دنا} جبريل عليه السلام، أو الرب عز وجل " ع " {فَتَدَلَّى} قرب {وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام} [البقرة: 188] تقربوها إليهم، أو تعلق بين العلو والسفل لأنه رأه منتصباً مرتفعاً ثم رآه متدلياً قيل فيه تقديم معناه تدلى فدنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 9 - {فكأن} جبريل من ربه، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] من ربه عز وجل " ع "، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 جبريل عليه السلام من محمد [صلى الله عليه وسلم] {قَابَ قَوْسَيْنِ} قيد قوسين، أو بحيث الوتر من القوس، أو من مقبضها إلى طرفها، أو قدر ذراعين عبّر عن القدر بالقاب وعن الذراع بالقوس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 10 - {عَبْدِهِ} جبريل عليه السلام أوحى الله تعالى إليه ما يوحيه إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] أوحى الله تعالى إليه على لسان جبريل عليه السلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 11 - {الْفُؤَادُ} نفسه، أو عبّر به عن صاحبه لأنه قطب جسده وقوام حياته {مَا كَذَبَ} مخففاً ما أوهمه فؤاده خلاف الأمر كرائي السراب فيصير بتوهمه المحال كالكاذب به {ما كذَّب} ما أنكر قلبه ما رأته عينه {مَا رَأَى} رأى ربه بعينه " ع "، أو في المنام، أو بقلبه سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقال: " رأيته بقلبي مرتين " أو رأى جلاله وعظمته سئل هل رأيت ربك فقال: رأيت نهراً ووراء النهر حجاباً ورأيت وراء الحجاب نوراً فلم أرَ غير ذلك "، أو رأى جبريل عليه السلام على صورته مرتين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 12 - {أَفَتُمَارُونَهُ} أفتجحدونه، أو تجادلونه، أو تشككونه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 13 - {نَزْلَةً} رأى ما رأه ثانية بعد أولى قال كعب سمع موسى عليه الصلاة والسلام كلام الله تعالى كرتين ورآه محمد [صلى الله عليه وسلم] مرتين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 14 - {المنتهى} لانتهاء علم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إليها وعزوبه عما وراءها " ع "، أو لانتهاء الأعمال إليها وقبضها منها، أو لانتهاء الملائكة والبشر إليها ووقوفهم عندها، أو لانتهاء كل من كان على سنة النبي [صلى الله عليه وسلم] ومنهاجه إليها، أو لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 15 - {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} قصد بذلك تعريف موضع الجنة أنها عند السدرة قاله الجمهور المأوى: المبيت، أو منزل الشهداء. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وهي عن يمين العرش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 16 - {يَغْشَى السِّدْرَةَ} فراش من ذهب، أو الملائكة " ع "، أو نور الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 17 - {زَاغَ} انحرف، أو ذهب، أو نقص {طَغَى} ارتفع عن الحق، أو تجاوزه " ع "، أو زاد عليه بالتخيل. رآه على ما هو به بغير نقص عجز عن إدراكه ولا زيادة توهمها في تخيله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 18 - {الْكُبْرَى} ما غشي السدرة من الفراش، أو جبريل [188 / أ] / ساداً الأفق بأجنحته، أو ما رآه في النوم ونظره بفؤاده. {أفرءيتم اللات والعزى (19) ومناة الثالثة الأخرى (20) ألكم الذكر وله الأنثى (21) تلك إذاً قسمةٌ ضيزى (22) إن هي إلا أسماءٌ سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (23) أم للإنسان ما تمنى (24) فلله الآخرة والأولى (25) وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى (27) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً (28) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 19 - {الَّلاتَ} صنم بالطائف كان صاحبه يلت عليه السويق لأصحابه، أو صخرة يُلَت عليها السويق بين مكة والطائف {وَالْعُزَّى} صنم كانوا يعبدونه عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 الجمهور، أو سَمُرة يعلق عليها ألوان العهن يعبدها سليم وغطفان وجشم فبعث إليها الرسول [صلى الله عليه وسلم] خالد بن الوليد فقطعها، أو كانت نخلة يعلق عليها الستور والعهن، أو اللات والعزى رجل وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين، أو اللات بيت بنخلة تعبده قريش والعزى بيت بالطائف يعبده أهل مكة والطائف، واللاتَّ بالتشديد رجل كان يلت السويق على صخرة فلا يشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه ثم مات فعكفوا على قبره، أو كان رجلاً يقوم على آلهتهم ويلت لهم السويق بالطائف فاتخذوا قبره وثناً معبوداً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 20 - {وَمَنَاةَ} صنم بقُدَيْد بين مكة والمدينة، أو بيت بالمشلل يعبده بنو كعب، أو أصنام حجارة في الكعبة يعبدونها، أو وثن كانوا يريقون عليه الدماء تقرباً إليه وبذلك سميت مناة لكثرة ما يراق عليها من الدماء {الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} لأنها كانت مرتبة عندهم في التعظيم بعد اللات والعزى ولما جعلوا الملائكة بنات الله قال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 22 - {ضِيزَى} عوجاء، أو جائرة، أو منقوصة عند الأكثر، أو مخالفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 24 - {مَا تَمَنَّى} البنوة تكون له دون غيره، أو البنين دون البنات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 25 - {فَلِلَّهِ الأَخِرَةُ} هو أقدر من خلقه فلو جاز عليه الولد لكان أحق بالبنين دون البنات منهم، أو لا يعطي النبوة إلا لمن شاء لأنه ملك الدنيا والآخرة. {ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أسئوا بما علموا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى (31) الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنةٌ في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 32 - {كَبَآئِرَ الإِثْمِ} الشرك، أو ما زجر عنه بالحد، أو مالا يكفر إلا بالتوبة، أو ما قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن تدعو لله نداً أو تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك وأن تزاني حليلة جارك، أو كبائر الإثم ما لم يستغفر منه {الفواحش} الربا، أو جميع المعاصي {اللَّمَمَ} ما ألموا به من الجاهلية من إثم وفاحشة عفي عنه في الإسلام، أو أن يلم بها ويفعلها ثم يتوب، أو يعزم على المواقعة ثم يقلع عنها قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : (إن تغفر اللهم تغفر جمَّا ... وأي عبد لك لا ألمَّا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 أو ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة، أو صغائر الذنوب، أو ما لا حد عليه في الدنيا ولا عذاب في الآخرة " ع "، أو النظرة الأولى فإن عاد فليس بلمم جعله ما لم يتكرر من الذنوب، أو النكاح قيل: نزلت في نبهان التمار أتته امرأة تشتري تمراً فقال إن داخل الدكان ما هو خير من هذا فلما دخلت روادها عن نفسها [188 / ب] / فأبت وندم نبهان وأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: ما من شيء يصنعه الرجل إلا وقد فعلته إلى الجماع فقال: لعل زوجها غازٍ فنزلت {أَنشَأكُمْ من الأرض} آدم عليه الصلاة والسلام {فَلا تُزَكُّواْ} لا تمادحوا، أو لا تعملوا بالمعاصي وتقولون نعمل بالطاعة، أو إذا عملت خيراً فلا تقل عملت كذا أو كذا. {أفرأيت الذي تولى (33) وأعطى قليلاً وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35) أم لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (39) وأن سعيه سوف يُرى (40) ثم يجزاه الجزاء الأوفى (41) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 33 - {الَّذِى تَوَلَّى} العاص بن وائل، أو الوليد بن المغيرة كان يأتي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبا بكر - رضي الله تعالى عنه - فيسمع ما يقولان ثم يتولى عنهما، أو النضر بن الحارث أعطى خمس قلائص لفقير من المهاجرين حين ارتد وضمن له أن يتحمل عنه إثم ارتداده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 34 - {وَأَعْطَى قَلِيلاً} من نفسه بالاستماع ثم أكدى بالانقطاع، أو أطاع قليلاً ثم عصى " ع "، أو قليلاً من ماله ثم منع، أو بلسانه وأكدى بقلبه {وَأَكْدَى) قطع، أو منع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 35 - {أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} أعلم الغيب فرأى أن الذي سمعه باطل، أو نزل عليه القرآن فرأى ما صنعه حقاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 37 - {وفَّى} ما أمر به من الطاعة، أو أبلغ ما حمله من الرسالة " ع "، أو عمل يومه بأربع ركعات في أوله، أو بقوله كلما أصبح وأمسى {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الآية [الروم: 17] وكلاهما مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو ما أمر بأمر إلا أداه ولا نذر نذراً إلا وفاه، أو ما امتحن به من ذبح ولده وإلقائه في النار وتكذيبه، أو وَفَّى {أن لا تَزِرُ وازرة وزر أخرى} [38] لأن الرجل كان يؤخذ بجريرة أبيه وابنه فيما بين نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 {وأن إلى ربك المنتهى (42) وأنه هو أضحك وأبكى (43) وأنه هو أمات وأحيا (44) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى (45) من نطفة إذا تُمنى (46) وأن عليه النشأة الأخرى (47) وأنه هو أغنى وأقنى (48) وأنه هو رب الشعرى (49) وأنه أهلك عاداً الأولى (50) وثمودا فما أبقى (51) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى (52) والمؤتكفة أهوى (53) فغشاها ما غشى (54) فبأي ءالاء ربك تتمارى (55) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 43 - {أَضْحَكَ وَأَبْكَى} قضى أسباب الضحك والبكاء، أو سَرَّ وأحزن، أو خلق قوتي الضحك والبكاء للإنسان فلا يضحك من الحيوان إلا القرد ولا يبكي إلا الإبل واجتمعا في الإنسان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 44 - {أَمَاتَ} بالجدب {وَأَحْيَا} بالخصب، أو أمات بالمعصية، وأحيا بالطاعة، أو أمات الآباء وأحيا الأبناء، أو خلق الموت والحياة، أو خلق أسبابهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 48 - {أَغْنَى} بالكفاية {وَأَقْنَى} بالزيادة، أو أغنى بالمعيشة وأقنى بالمال أو أغنى بالمال وأقنى بان جعل لهم القنية وهي أصول الأموال، أو أغنى بأن موّل وأقنى بأن حرم، أو أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه، أو أغنى من شاء وأفقر من شاء، أو أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا، أو أغنى عن أن يخدم وأقنى عن أن يستخدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 49 - {رَبُّ الشِّعْرَى} وهي كوكب يضيء وراء الجوزاء يسمى مرزم الجوزاء خصه بالذكر لأنهم عبدوه فأخبر أنه مربوب فلا يصلح للربوبية وكان يعبده حَمْير وخُزَاعة وقيل: أول من عبده أبو كبشة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 50 - {عادا الأولى} عاد من إرم أهلكوا بريح صرصر وعاد الآخرة قوم هود، أو عاد الأولى قوم هود والآخرة كانوا بحضرموت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 53 - {وَالْمُؤْتَفِكَةَ} المنقلبة بالخسف وهي مدائن قوم لوط] 189 / أ] / رفعها جبريل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 إلى السماء ثم قلبها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 54 - {فَغَشَّاهَا} جبريل حين قلبها، أو الحجارة حتى أهلكها فغشاها: ألقاها، أو غطاها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 55 - {فبأي آلاء رَبِّكَ} فبأي نعمة أيها المكذب تشك فيما أولاك أو فيما أكفاك. {هذا نذيرٌ من النذر الأولى (56) أزفت الأزفة (57) ليس لها من دون الله كاشفة (58) أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون (61) فاسجدوا لله واعبدوا (62) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 56 - {نذير} محمد [صلى الله عليه وسلم] أنذر بالحق الذي أنذر به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله، أو القرآن نذير بما أنذرت به الكتب الأولى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 57 - {أَزِفَتِ} دنت وقربت القيامة سماها آزفة لقربها عنده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 58 - {كَاشِفَةٌ} " من يؤخرها، أو يقدمها، أو من يعلم وقتها ويكشف عن مجيئها "، أو من يكشف ضررها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 59 - {هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} من نزوله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 60 - {وَتَضْحَكُونَ} استهزاء {وَلا تَبْكُونَ} انزجاراً، أو تفرحون ولا تحزنون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 61 - {سَامِدُونَ} شامخون كما يخطر البعير شامخاً " ع "، أو غافلون، أو معرضون، أو مستكبرون، أو لاعبون لاهون، أو تغنون بلغة حِمْير كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا، أو أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين، أو واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام " ح ". وخرج الرسول [صلى الله عليه وسلم] والناس ينتظرونه قياماً فقال " مالي أراكم سامدين "، أو خامدون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 62 - {فاسجدوا} سجود الصلاة، أو سجود التلاوة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 سُورة القمر مكية أو إلا ثلاث آيات {أم يقولون نحن جميع} إلى {أدهى وأمر} [44 - 46] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا ءايةً يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمرٌ (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4) حكمةٌ بالغةٌ فما تغن النذر (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 1 - {اقْتَرَبَتِ} دنت سميت ساعة لقرب الأمر فيها، أو لمجيئها في ساعة من يومها {وَانشَقَّ الْقَمَرُ} اتضح الأمر وظهر يضربون المثل ب القمر فيما وضح وظهر، أو انشقاقه انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها كما سمي الصبح فلقاً لانفلاق الظلمة عنه، أو ينشق حقيقة بعد النفخة الثانية " ح "، أو انشق على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عند الجمهور، قال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - رأيت القمر منشقاً شقتين مرتين بمكة قبل مخرج الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء فقالوا سحر القمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 2 - {أيه} انشقاق القمر أو أي آية رأوها أعرضوا عنها {مُّسْتَمِرٌّ} ذاهبٌ، أو شديد من إمرار الحبل وهو شدة فتله، أو دائم، أو استمر من الأرض إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 السماء أو يشبه بعضه بعضاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 3 - {مُّسْتَقِرٌّ} يوم القيامة، أو الخير لأهل الخير والشر لأهل الشر، أو يستقر حقه من باطله، أو لكل شيء غاية في حلوله ووقوعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 4 - {الأَنبَآءِ} القرآن، أو أحاديث من سلف {مُزْدَجَرٌ} مانع من المعصية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 5 - {حكمة بالغة} الكتاب والسنة. {فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (6) خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جرادٌ منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يومٌ عسر (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 8 - {مُّهْطِعِينَ} مسرعين، أو مقبلين، أو عامدين، أو ناظرين، أو فاتحين آذانهم إلى الصوت، أو قابضين ما بين أعينهم. {كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9) فدعا ربه أني مغلوبٌ فانتصر (10) ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمرٍ (11) وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر (12) وحملناه على ذات ألواحٍ ودُسُر (13) تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر (14) ولقد تركنها ءاية فهل من مدكر (15) فكيف كان عذابي ونذر (16) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 11 - {مُّنْهَمِرٍ} كثير، أو منصب متدفق {فَفَتَحْنَآ} رتاج السماء، ووسعنا مسالكها، أو المجرة وهي [189 / ب] : شرج السماء فتحت بماء منهمر قاله علي - رضي الله تعالى عنه -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 12 - {قُدِرَ} قُضي عليهم إذا كفروا أن يغرقوا، أو التقى ماء السماء وماء الأرض على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 13 - {وَدُسُرٍ} المعاريض التي تُشد بها السفينة، أو المسامير التي يدسر بها أي يشد، أو صدر السفينة الذي يدسر به الموج أي يدفعه، أو طرفها وأصلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 14 - {بأعيينا} بمرأى منا، أو بأمرنا، أو بأعين ملائكتنا الموكلين بحفظها، أو بأعيننا التي فجرناها من الأرض وقيل كانت تجري ما بين السماء والأرض {لِّمَن كَانَ كُفِرَ} لكفرهم بالله تعالى، أو لتكذيبهم، أو مكافأة لنوح عليه الصلاة والسلام حين كفره قومه أن حمل على ذات ألواح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 15 - {تَّرَكْنَاهَآ} الغرق، أو السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة {مُّدَّكِرٍ} متذكر، أو طالب خير فيعان عليه، أو مزدجر عن المعاصي. {كذبت عادٌ فكيف كان عذابي ونذر (18) إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يومٍ نحسٍ مستمر (19) تنزع الناسَ كأنهم أعجازُ نخلٍ منقعر (20) فكيف كان عذاب ونُذُر (21) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (22) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 19 - {صَرْصَراً} باردة، أو شديدة، أو لهبوبها صرير كالصوت {نَحْسٍ} عذاب وهلاك، أو برد أو يوم الأربعاء {مُسْتَمرٍّ} ذاهب، أو دائم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 22 - {يَسَّرنا} سهلنا تلاوته على أهل كل لسان، أو سهلنا علم ما فيه واستنباط معانيه، أو هونا حفظه فلا يحفظ من كتب الله سواه. {كذبت ثمود بالنذر (23) فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلالٍ وسعر (24) أءلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر (25) سيعلمون غداً من الكذاب الأشر (26) إنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 مرسلوا الناقة فتنةً لهم فارتقبهم واصطبر (27) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شربٍ محتضر (28) فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر (29) فكيف كان عذاب ونذر (30) إنا أرسلنا عليهم صيحةً واحدةً فكانوا كهشيم المحتظر (31) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 24 - {وسُعُرٍ} جنون، أو عناء، أو تيه، أو افتراق، أو جمع سعير وهو الوقود. استعظموا اتباعهم لواحد منهم كاستعظام النار كقول من ناله خطب عظيم: أنا في النار، أو لما وعد بالنار على تكذيبه، ردوا مثل ما قيل لهم فقالوا إن اتبعناه كنا إذاً في النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 25 - {أَشِرٌ} بطر، أو عظيم الكذب، أو متعد إلى منزلة لا يستحقها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 28 - {الماء قسمةٌ} لما نزل الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالحجر قال: " أيها الناس لا تسألوا الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله تعالى لهم آية فبعث لهم ناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غِبها " فهذا معنى قوله {أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) {} (مُّحْتَضَرٌ} : تحضر الناقة الماء وردها وتغيب يوم وردهم، أو تحضر ثمود الماء يوم غبها فيشربون ويحضرون اللبن يوم وردها فيحتلبون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 29 - {صَاحِبَهُمْ} أحمر ثمود وشَقِيِّها، أو قُدَار بن سالف. {فَتَعَاطَى} بطش بيده، " ع " أو تناولها وأخذها. {فَعَقَرَ} كَمَنَ في أصل شجرة بطريقها فرماها بسهم انتظم به أصل ساقها ثم شد عليها بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاءة واحدة تحدَّر سقبها ثم نحرت وانطلق سقبها إلى صخرة في رأس جبل فرغى ثم نادى بها فأتاهم صالح فلما رآها عقرت بكى وقال: انتهكتم حرمة الله تعالى فأبشروا بعذاب الله عز وجل، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - كان عاقرها أشقر أزرق أحمر أكشف أقفى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 31 - {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} العظام المحترقة " ع "، أو التراب يتناثر من الحائط فتصيبه الريح فيتحظر مستديراً، أو الحضار البالية من الخشب إذا صارت هشيماً، أو حشيش حضرته الغنم فأكلته، أو يابس الشجر الذي فيه شوك والمحتضر الذي تحتضر به العرب حول مواشيها من السباع. {كذبت قومُ لوطٍ بالنذر (33) إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا ءال لوط نجيناهم بسحر (34) نعمةً من عندنا كذلك نجزي من شكر (35) ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر (36) ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابيِ ونذر (37) ولقد صبحهم بكرةً عذابٌ مستقر (38) فذوقوا عذابي ونذر (39) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 34 - {حَاصِباً} الحجارة التي رُموا بها والحصباء: صغار الأحجار، أو السحاب الذي حصبهم، أو الملائكة الذين حصبوهم، أو الريح التي حملت عليهم الحصباء، أو الحاصب الرمي بالأحجار، أو غيرها {بِسَحَرٍ} السحر: ما بين آخر الليل وطلوع الفجر وهو اختلاط سواد آخر الليل ببياض أول النهار لأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 في هذا الوقت مخاييل الليل ومخاييل النهار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 37 - {فَطَمَسْنَآ} أخفيناهم فلم يروهم مع بقاء أعينهم، أو ذهبت أعينهم، الطمس: محو الأثر، ومنه طمس الكتاب، {فَذُوقُواْ} وعيد بالعذاب الأدنى، أو تقريع بما أصابهم في الحال من العمى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 38 - {مُّسْتَقِرٌّ} إلى الموت، أو دائم إلى نار جهنم. {ولقد جاء ءال فرعون النذر (41) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر (42) أكفاركم خيرٌ من أولائكم أم لكم براءة في الزبر (43) أم يقولون نحن جميعٌ منتصر (44) سيهزم الجمع ويولون الدبر (45) بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 43 - {أَكُفَّارُكُمْ} ليس كفاركم خيراً ممن أهلك من القرون {بَرَآءَةٌ فِى الزُّبُرِ} الكتب السالفة أنكم لا تهلكون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 44 - {مُّنتَصِرٌ} لآلهتهم بالعبادة، أو لأنفسهم بالظهور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 45 - {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} يوم بدر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 46 - {أَدْهَى} أعظم، {وَأَمَرُّ} أشد مرارة أو أنفذ من نفوذ المرارة فيما خالطته. {إن المجرمين في ضلال وسعر (47) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر (48) إن كل شيءٍ خلقناه بقدر (49) وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمح بالبصر (50) ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر (51) وكل شيء فعلوه في الزبر (52) وكل صغير وكبير مستطر (53) إن المتقين في جنات ونهرٍ (54) في معقد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ (55) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 49 - {بِقَدَرٍ} على قدر ما أردنا من غير زيادة ولا نقصان، أو بحكم سابق وقضاء محتوم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 50 - {كَلَمْحٍ} إذا أردنا شيئاً أمرنا به مرة واحدة من غير مثنوية فيكون ذلك الشيء مع أمرنا كلمح البصر في سرعته من غير إبطاء ولا تأخير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 53 - {مُّسْتَطَرٌ} مكتوب، أو محفوظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 54 - {وَنَهَرٍ} أنهار الماء والخمر واللبن والعسل، أو النهر الضياء والنور، أو سعة العيش ومنه اشتق نهر الماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 55 - {مَقْعَدِ صِدْقٍ} حق لا لغو فيه ولا تأثيم، أو صدق الله تعالى وعده لأوليائه فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 سُورَةُ الرَّحْمنْ مكية، أو إلا آية {يسأله من في السماوات} [29] أو مدنية كلها بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {الرحمن (1) علم القرآن (2) خلق الإنسان (3) علمه البيان (4) الشمسُ والقمر بحسبان (5) والنجم والشجر يسجدان (6) والسماء رفعها ووضع الميزان (7) ألا تطغوا في الميزان (8) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان (9) والأرض وضعها للأنام (10) فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام (11) والحبُّ ذو العصفِ والريحان (12) فبأي ءالاءِ ربكما تكذبان (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 1 - {الرَّحْمَنُ} اسم ممنوع لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، أو جمع من فواتح ثلاث سور ألر وحم ون قاله سعيد بن جبير وعامر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 2 - {علم القرآن} لمحمد [صلى الله عليه وسلم] فأداه إلى جميع الخلق، أو سهل تعلمه على جميع الناس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 3 - {الإنسان} جنس عند الأكثر، أو آدم عليه الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 4 - {الْبَيَانَ} تفضيلاً على جميع الحيوان الحلال والحرام، أو الخير والشر، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 أو المنطق والكلام، أو الخط أو الهداية، أو العقل لأن بيان اللسان مترجم عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 5 - {بِحُسْبَانٍ} بحساب، والحسبان: مصدر الحساب، أو جمعه أو حسبانهما: أجلهما إذا انقضى قامت القيامة، أو تقديرهما الزمان لامتياز النهار بالشمس والليل بالقمر ولو استمر أحدهما [190 / ب] / لكان الزمان ليلاً أو نهاراً، أو يجريان بقدر، أو يدوران في مثل قطب الرحا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 6 - {وَالنَّجْمُ} جنس لنجوم السماء، أو النبات الذي نجم في الأرض وانبسط فيها وليس له ساق {وَالشَّجَرُ} ما كان على ساق " ع " {يَسْجُدَانِ} سجود ظلهما، أو ظهور قدرته فيهما توجب السجود له، أو دوران الظل معهما {يتفيأ ظِلالُهُ} [النحل: 48] ، أو استقبالهما الشمس إذا أشرقت ثم يميلان إذا انكسر الفيء، أو سجود النجم أفوله وسجود الشجر إمكان اجتناء ثماره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 7 - {الْمِيزَانَ} ذو اللسان، أو الحكم، أو العدل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 8 - {لا تطغوا} في العدل بالجوز، أو في ذي اللسان بالبخس، أو بالتحريف في الحكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 9 - {بِالْقِسْطِ} العدل بالرومية {وَلا تُخْسِرُواْ} لا تنقصوه بالجور، أو البخس، أو التحريف، أو ميزان حسناتكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 10 - {وَضَعَهَا} بسطها ووطأها {لِلأَنَامِ} الناس، أو الإنس والجن، أو كل ذي روح لأنه ينام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 11 - {الأَكْمَامِ} ليفها الذي في أعناقها، أو رقبة النخلة التي يتكمم فيه طلعها، أو كمام الثمرة، أو ذوات فصول عن كل شيء " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 12 - {العصف} من الزرع وورقه الذي تعصفه الرياح " ع "، أو الزرع المصفر اليابس، أو الحب المأكول منه كقوله {كعصف مأكول} [الفيل: 5] {الريحان} الرزق وقالوا: خرجنا نطلب ريحان الله سبحانك وريحانك أي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 رزقك، أو الزرع الأخضر الذي لم يسنبل " ع "، أو الريحان المشموم، أو الريحان الحب الذي لا يؤكل والعصف الحب المأكول، أو الريحان الحب المأكول والعصف الورق الذي لا يؤكل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 13 - {آلاء} الآلاء: النعم " ع "، أو القدرة قاله ابن زيد والكلبي، {تُكَذِّبَانِ} للثقلين اتفاقاً وكررها تقريراً لهم بما عدده عليهم في هذه السورة من النعم، يقررهم عند كل نعمة منها كقول القائل: أما أحسنت إليك أعطيتك مالاً أما أحسنت إليك بنيت لك داراً أما أحسنت إليك ومثله قول مهلهل [بن ربيعة] . (على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا طرد اليتيم عن الجزور) (على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا ماضيم جيران المجير) (على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا خرجت مخبأة الخدور) {خلق الإنسان من صلصال كالفخار (14) وخلق الجان من مارج من نار (15) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (16) رب المشرقين ورب المغربين (17) فبأي ءالاء ربك تكذبان (18) مرج البحرين يلتقيان (19) بينهما برزخٌ لا يبغيان (20) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (21) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (22) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (23) وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام (24) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 14 - {صلصال} طين مختلطة برمل " ع "، أو طين إذا عصرته بيدك خرج الماء من بين أصابعك، أو طين يابس يسمع له صلصة، أو أجوف إذا ضرب صَلَّ: أي سمع له صوت، أو طين منتن من صلَّ اللحم إذا أنتن يريد آدم تركه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 طيناً لازباً أربعين سنة ثم صلصله كالفخار أربعين ثم صورة جسداً لا روح فيه أربعين فذلك مائة وعشرون سنة كل ذلك تمر به الملائكة فتقول سبحان الذي خلقك لأمَرٍ مَّا خلقك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 15 - {الْجَآنَّ} ، أبو الجن، أو إبليس {مَّارِجٍ} لهب النار " ع "، أو خلطها، أو الأخضر والأصفر اللذان يعلوانها ويكونان بينها وبين الدخان، أو النار المرسلة التي لا تمتنع، أو النار المضطربة التي تذهب وتجيء، سمي مارجاً: لاضطرابه وسرعة حركته {مِّن نَّارٍ} الظاهرة التي بين الخلق عند الأكثر، أو نار تكون بين الجبال دون السماء كالكلة الرقيقة، أو نار دون [191 / أ] / الحجاب منها هذه الصواعق ويرى خلف السماء منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 17 - {الْمَشْرِقَيْنِ} مشرقي الشمس في الشتاء والصيف ومغربيها فيهما " ع "، أو مشرقي الشمس والقمر ومغربيهما، أو مشرقي الفجر والشمس ومغربي الشمس والشفق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 19 - {الْبَحْرَيْنِ} بحر السماء وبحر الأرض " ع "، أو بحر فارس والروم " ح "، أو البحر الملح والأنهار العذبة، أو بحر المشرق والمغرب يلتقي طرفاهما، أو بحر اللؤلؤ وبحر المرجان، ومرجهما طريقهما، أو إرسالهما " ع "، أو استواؤهما، أصل المرج: الإهمال كما تمرج الدابة في المرج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 20 - {بَرْزَخٌ} حاجز " ع "، أو عرض الأرض، أو ما بين السماء والأرض، أو الجزيرة التي نحن عليها وهي جزيرة العرب {لا يَبْغِيَانِ} لا يختلطان فيسيل أحدهما على الآخر، أو لا يغلب أحدهما الآخر، أو لا يبغيان أن يلتقيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 22 - {وَالْمَرْجَانُ} كبار اللؤلؤ " ع "، أو صغاره، أو الخرز الأحمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 كالقضبان قاله ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -، أو الجوهر المختلط من مرجت الشيء خلطته {مِنْهُمَا} من أحدهما، أو من كليهما لأن ماء بحر السماء إذا وقع في صدف البحر انعقد لؤلؤاً فصار خارجاً منهما، وقيل: لا يخرج اللؤلؤ إلا من موضع يلتقي فيه العذب والملح فيكون العذب كاللقاح للملح فلذلك نسب اليهما كما نسب الولد إلى الذكر والأنثى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 24 - {الجواري} السفن واحدتها جارية لجريها في الماء والشابة جارية لجريان ماء الشباب فيها {المنشآت} المخلوقات من الإنشاء، أو المحملات، أو المرسلات، أو المجريات، أو ما رفع قِلعه فهو منشأة وما لا فلا وبكسر الشين البادئات، أو التي تنشئ لجريها كالأعلام في البحر {كالأعلام} القصور، أو الجبال سميت بذلك لارتفاعها كارتفاع الأعلام. {كل من عليها فان (26) ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (27) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (28) يسئله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن (29) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 29 - {يسأله} من في الأرض الرزق والمغفرة أو النجاة عند البلوى، ويسأله من في السماء الرزق لأهل الأرض أو القوة على العبادة، أو الرحمة لأنفسهم، أو المغفرة لأنفسهم {كُلَّ يَوْمٍ} الدنيا يوم والآخرة يوم، فشأنه في الدنيا الابتلاء والاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، وشأنه في يوم الآخرة الجزاء والحساب والثواب والعقاب فالدهر كله يومان، أو أراد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 كل يوم من أيام الدنيا فشأنه بعثه الرسل بالشرائع فعبر عن اليوم بالمدة، أو ما يحدثه في خلقه من تنقل الأحوال فعبر عن الوقت باليوم قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين "، وأكثروا من ذكر عطائه ومنعه وغفرانه ومؤاخذته وتيسيره وتعسيره. {سنفرغُ لكم أيه الثقلان (31) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (32) يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان (33) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (34) يرسل عليكما شواظ من نار ونحاسٌ فلا تنتصران (35) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (36) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 31 - {سَنَفْرُغُ} سنتوفر عليكم على وجه التهديد، أو سنقصد إلى حسابكم، أو جزائكم توعداً، فالله تعالى لا يشغله شأن عن شأن {الثَّقَلانِ} الإنس والجن لأنهم [191 / ب] / ثقل على وجه الأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 33 - {تَنْفُذُوا} تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا، أن تخرجوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 من جوانبها فراراً من الموت فاخرجوا، {بِسُلْطَانٍ} بحجة وهي الإيمان، أو بمُلك وليس لكم ملك، أو لا تنفذون إلا في سلطانه وملكه لأنه مالكهما وما بينهما " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 35 - {شُوَاظٌ} لهب النار " ع "، أو قطعة من النار فيها خضرة، أو الدخان، أو طائفة من العذاب. {وَنُحَاسٌ} صفر مذاب على رؤوسهم، أو دخان النار " ع "، أو نَحْسٌ لأعمالهم، أو القتل. {فإذا انشقت السماء فكانت وردةٌ كالدهان (37) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (38) فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌ (39) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (40) يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام (41) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (42) هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون (43) يطوفون بينها وبين حميمٍ ءانٍ (44) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (45) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 37 - {وَرْدَةً} وردة النبات الحمراء مثل لون السماء أحمر إلا أنها ترى زرقاء لكثرة الحوائل وبعد المسافة كعروق البدن حمرة لحمرة الدم وترى زرقاء للحوائل، فإذا زالت الحواجز، وقربت يوم القيامة من الأبصار يرى لونها الأصلي الأحمر، أو أراد بالوردة الفرس الورد يحمر في الشتاء ويصفر في الربيع ويغبر في شدة البرد شهباً لاختلاف ألوانها يوم القيامة به لاختلاف ألوانه، {كَالدِّهَانِ} خالصة، أو صافية أو ذوات ألوان، أو أصفر كلون الدهن، أو الدهان الأديم الأحمر " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 39 - {لا يسأل} استفهاماً هل عملت بل توبيخاً لم عملت " ع "، أو لا تُسأل الملائكة عنهم لأنهم رفعوا أعمالهم في الدنيا، أو لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله لشغل كل واحد بنفسه " ع "، أو لأنهم معروفون بسواد الوجوه وبياضها فلا يسأل عنهم أو كانت مسألة ثم ختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 44 - {بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ} مرة بين الحميم ومرة بين الجحيم، {أن} انتهى حره، أو حاضر، أو آن شربه وبلغ غايته. {ولمن خاف مقام ربه جنتان (46) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (47) ذواتا أفنان (48) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (49) فيهما عينان تجريان (50) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (51) فيهما من كل فاكهة زوجان (52) فبأي ءالاء ربكما تكذبان (53) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 46 - {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} بعد أداء الفرائض " ع "، أو الذي يذنب فيذكر مقام ربه فيدعه، أو نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - خاصة حين ذكرت الجنة والنار يوماً، أو شرب لبناً على ظمأ فأعجبه فسأل عنه فأخبر أنه من غير حل فاستقاءه والرسول [صلى الله عليه وسلم] ينظر إليه فقال: رحمك الله لقد أنزلت فيك آية وتلا هذه الآية، {مَقَامَ رَبِّهِ} : وقوفه بين يديه للعرض والحساب أو قيام الله تعالى على نفس بما كسبت، {جَنَّتَانِ} أحدهما للإنس والأخرى للجان، أو جنة عدن وجنة النعيم، أو بستانان من بساتين الجنة، أو إحداهما منزله والأخرى منزل أزواجه وخدمه كعادة رؤساء الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 48 - {أَفْنَانٍ} ألوان " ع "، أو أنواع من الفاكهة أو أفناء واسعة أو أغصان واحدها فَنَنٌ. {متكئين على فرش بطائنها من إستبرقٍ وجنَى الجنتينِ دانٍ (54) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (55) فيهنَّ قاصراتُ الطَّرْفِ لم يطمثهنَّ وإنسٌ قبلهم ولا جآنٌ (56) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (57) كأنهنُّ الياقوتُ والمرجانُ (58) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (59) هلْ جزاءُ الإحسانِ إلاَّ الإحسانُ (60) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 54 - {بَطَآئِنُهَا} ظواهرها والعرب يجعلون البطن ظهراً فيقولون هذا بطن السماء وظهر السماء، أو نبه بذكر البطانة على شرف الظهارة قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله تعالى، وجناهما: ثمرهما، {دَانٍ} لا يبعد على قائم ولا قاعد أو لا يرد أيديهم عنه بعد ولا [192 / أ] / شوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 56 - {فِيهِنَّ} في الفرش المذكورة، {قَاصِرَاتُ} قصرن طرفهن على أزواجهن فلا ينظرن إلى غيرهم ولا يبغين بهم بدلاً، {يَطْمِثْهُنَّ} يمسهن أو يذللهن، والطمث: التذليل، أو يدمهن بالنكاح والحيض طمث من ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 60 - {الإِحْسَانُ} هل جزاء الطاعة إلا الثواب أو إحسان الدنيا إلا الإحسان في الآخرة، أو هل جزاء من شهد أن لا إله إلا الله إلا الجنة، أو جزاء التوبة إلا المغفرة. {ومن دونهمَا جنَّتانِ (62) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (63) مدهآمَّتانِ (64) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (65) فيهما عينانِ نضَّاختانِ (66) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (67) فيهما فاكهةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 ونخلٌ ورمَّانٌ (68) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (69) فيهنَّ خيراتٌ حسانٌ (70) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (71) حورٌ مقصوراتٌ في الخيامِ (72) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (73) لم يطمثهنَّ إنسٌ قبلهمْ ولا جآنٌّ (74) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (75) متَّكِئِينَ على رفرفٍ خضرٍ وعبقريِ حسانٍ (76) فبأىِّ ءالآءِ ربكما تكذبانِ (77) تبارك اسم ربكَ ذِى الجلالِ والإكرامِ (78) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 62 - {دُونِهِمَا} أقرب منهما، أو دون صفتهما {جَنَّتَانِ} الأربع لمن خاف مقام ربه " ع "، أو الأوليان مِنْ ذَهَبٍ للمقربين والأخريان من وَرِق لأصحاب اليمين، أو الأوليان للسابقين والأخريان للتابعين " ح "، أو الأوليان جنة عدن وجنة النعيم والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 64 - {مُدْهَآمَّتَانِ} خضروان " ع "، أو مسودتان من الدهمة وهي السواد، أو مرتويتان ناعمتان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 66 - {نَضَّاخَتَانِ} ممتلئتان لا تنقطعان، أو جاريتان، أو فوارتان، والجري أكثر من النضخ تنضخان بالماء " ع "، أو بالمسك والعنبر، أو بالخير والبركة، أو بأنواع الفاكهة فهي في الجنان الأربع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 70 - {خيراتٌ} الخير والنعيم: المستحسن، أو خيرات الفواكه والثمار، {حسانٌ} في الألوان والمناظر وخيِّرات مختارات، أو ذوات الخير وهن الحور المنشآت في الجنة، أو الفاضلات من أهل الدنيا سمين به لأنهن خيرات الأخلاق حسان الوجوه، أو عذارى أبكار، أو مختارات، أو صالحات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 72 - {مقصوراتٌ} محبوسات في الحجال لَسْنَ بالطوافات في الطرق " ع "، أو مخدرات مصونات لا متطلعات ولا صياحات، أو مسكنات في القصور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 وقصرن بطرفهن على أزواجهن فلا يبغين بهم بدلاً، {الْخِيَامِ} البيوت، أو خيام تضرب خارج الجنة فرجة كهيئة البداوة قاله ابن جبير، أو خيام في الجنة تضاف إلى القصور قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " هي خيم الدر المجوف " قال الكلبي فهن محبوسات لأزواجهن في خيام الدر المجوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 76 - {رَفْرَفٍ} المجلس المطبق ببسطه، أو فضل الفرش والبسط، أو الوسائد، أو الفرش المرتفعة مأخوذ من الرف، أو المجالس يتكئون على فضولها، أو رياض الجنة، {وَعَبْقَرِىٍّ} طنافس مخملية " ح "، أو الديباج، أو ثياب في الجنة لا يعرفها أحد، أو كثياب في الدنيا تنسب إلى عبقر وهي أرض كثيرة الجن، أو كثيرة الرمل، والعبقري: السيد ينسب إلى أرفع الثياب لاختصاصه بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 78 - {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} ثبت ودام، أو ذكر اسمه يُمْن وبركة ترغيباً في الإكثار منه، {ذِى الْجَلالِ} الجليل، أو المستحق للإجلال والإعظام، {والإكرام} الكريم، أو المكرم لمن أطاعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 سورة الواقعة مكية [192 / ب] /، أو إلا آية {وتجعلون رزقكم} [82] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إذا وقعت الواقعةُ (1) ليس لوقعتها كاذبةٌ (2) خافضةٌ رافعةٌ (3) إذا رجت الأرض رجًّا (4) وبُسَّتِ الجبالُ بسًّا (5) فكانتْ هباءً مبنثاً (6) وكنتم أزواجاً ثلاثةً (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة (9) والسَّابقون السَّابقون (10) أولئك المقربون (11) في جنات النعيم (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 1 - {الْوَاقِعَةُ} الصيحة أو الساعة وقعت بحق فلم تكذب، أو القيامة ع "، سميت به لكثرة ما وقع فيها من الشدائد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 2 - {كَاذِبَةٌ} ليس لها رد " ع "، أو لا رجعة فيها ولا مثنوية، أو إذ ليس لها مكذب من مؤمن وكافر، أو ليس الحبر عن وقوعها كذباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 3 - {خَافِضَةٌ} أعداء الله تعالى في النار {رَّافِعَةٌ} أولياءه في الجنة، أو خفضت رجالاً كانوا مرتفعين في الدنيا ورفعت رجالاً كانوا مخفوضين، أو خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 4 - {رجت} رجفت وزلزلت " ع "، أو ترج بما فيها كما يرج الغربال بما فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 5 - {وَبُسَّتِ} سالت، أو هدت، أو سيرت، أو قطعت " ح "، أو بُست كما يُبس السويق أي يلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 6 - {هَبَآءً} رهج الغبار يسطع ثم يذهب، أو شعاع الشمس يدخل من الكوة، أو ما يطير من النار إذا اضطرمت فإذا وقع لم يكن شيئاً " ع "، أو ما يبس من ورق الشجر تذروه الرياح، {مُّنبَثاً} متفرقاً، أو منتشراً، أو منثوراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 7 - {أَزْوَاجاً} أصنافاً وفرقاً {ثَلاثةً} اثنان في الجنة وواحدة في النار قاله عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - هما المذكورون في قوله {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب} [فاطر: 32] ، أو المذكورون في هذه الآية. 8 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 9 - {فأصحاب الميمنة} الذين أخذوا من شق آدم الأيمن يومئذ {وَأَصْحَابُ المشأمة} الذين أخذوا من شقة الأيسر يومئذ، أو من أوتي كتابه بيمينه ومن أوتيه بشماله، أو أهل الحسنات وأهل السيئات، أو الميامين على أنفسهم والمشائيم عليها " ح "، أو أهل الجنة وأهل النار، {مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} تكثير لثوابهم، {ما أصحاب المشأمة} تكثير لعقابهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 10 - {وَالسَّابِقُونَ} إلى الإيمان من كل أمة " ح "، أو الأنبياء، أو الذين صلوا إلى القبلين، أو أول الناس رواحاً إلى المسجد وأسرعهم إلى الجهاد، أو أربعة سابق أمة موسى مؤمن آل فرعون وسابق أمة عيسى حبيب النجار صاحب أنطاكية وأبو بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - سابقا هذه الأمة {السَّابِقُونَ} بالإيمان هم السابقون إلى الجنان. {ثلةٌ من الأولين (13) وقليلٌ من الآخرين (14) على سرر موضونة (15) متكئين عليها متقابلين (16) يطوف عليهم ولدان مخلدون (17) بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معين (18) لا يصدعونَ عنها ولا يُنزَفون (19) وفاكهة مما يتخيرونَ (20) ولحمِ طيرٍ مما يشتهون (21) وحورٌ عينٌ (22) كأمثال اللؤلؤ المكنون (23) جزاءً بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغواً ولا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 تأثيماً (25) إلا قيلاً سلاماً سلاماً (26) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 13 - {ثُلَّةٌ} جماعة، أو شطر، أو بقية، {الأَوَّلِينَ} أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو قوم نوح " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 14 - {الآخرين} أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] " ح " أو الذين تقدم إسلامهم قبل أن يتكاملوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 15 - {موضُونةٍ} موصولة بالذهب " ع "، أو مشبكة بالدر منسوجة بالذهب التوضين: التشبيك والنسج، أو مسند بعضها إلى بعض، أو مضفورة وضين الناقة بطانها العريض المضفور من السيور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 17 - {مُّخَلَّدُونَ} باقون على صغرهم لا يتغيرون " ح "، أو محلون بالأسورة والأقراط، أو باقون معهم لا يتغيرون عليهم ولا ينصرفون عنهم بخلاف الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 18 - {بأكوابٍ} الأكواب: ما لا عروة له [193 / أ] /، والأباريق: ما لها عرى، أو الأكواب: مدورة الأفواه، والأباريق: لها أعناق، أو الأكواب أصغر من الأباريق، {معينٍ} خمر جارٍ، والمعين: الجاري من عينه بغير عصر كالماء المعين وهو ألذ الخمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 19 - {يُصَدَّعون} يمنعون منها، أو يتفرقون، أو يأخذهم صداع في رؤوسهم، {يُنزَفُون} ، يملون، أو يتقيئون، أو لا تنزف عقولهم فيسكرون {يُنزِفون} يفنى خمرهم وفي خمر الدنيا السكر والصداع والقيء والبول فنزهت خمر الجنة عن ذلك كله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 22 - {وَحُورٌ} بيض، (عينٌ} الكبار الأعين، أو سواد أعينهن حالك وبياض أعينهم نقي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 23 - {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ} في نضارتهن وصفاء ألوانهن، أو في تشابه أجسادهن في الحسن في جميع الجوانب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 25 - {لا يَسْمَعُونَ} في الجنة باطلاً ولا كذباً " ع "، أو لا يتخالفون عليها كما في الدنيا ولا يأثمون بشربها كما في الدنيا، أو لا يسمعون شتماً ولا مأثماً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 26 - {سَلاماً} لكن يسمعون قولاً ساراً وكلاماً حسناً، أو يتداعون بالسلام على حُسن الآداب وكرم الأخلاق، أو قولاً يؤدي إلى السلامة. {وَأَصْحَابُ اليمين ما أصحاب اليمين (27) في سدر مخضود (28) وطلح منضود (29) وظلٍ ممدود (30) وماءٍ مسكوبٍ (31) وفاكهةٍ كثيرةٍ (32) لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ (33) وفرشٍ مرفوعةٍ (34) إن أنشأنهن إنشاءٍ (35) فجعلناهن أبكاراً (36) عرباً أتراباً (37) لأصحابِ اليمين (38) ثلةٌ من الأولين (39) وثلة من الآخرين (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 27 - {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} دون منزلة المقربين، أو أصحاب الحق، أو من كتابه بيمينه، أو التابعون بإحسان ممن لم يدرك الأنبياء من الأمم " ح "، أو الذين أخرجوا من صفحة ظهر آدم اليمنى، أو الذين خلطوا عملاً صالحاً وسيئاً ثم تابوا بعد ذلك وأصلحوا مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 28 - السدر: النبق، {مَّخْضُودٍ} لين لا شوك فيه، خضدت الشجرة حذفت شوكها، أو لا عجم لنبقه، أو المدلى الأغصان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 29 - {وَطَلْحٍ} الموز " ع "، أو شجرة تكون باليمن والحجاز تسمى طلحة، أو الطلع قاله علي - رضي الله تعالى عنه - {منضُودٍ} مصفوف، أو متراكم. 30 - {مَّمْدُودٍ} دائم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 31 - {مَّسْكُوبٍ} منصب في غير أخدود، قال الضحاك: من جنة عدن إلى أهل الجنان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 34 - {وَفُرُشٍ} زوجات والمرأة تسمى فرشاً ومنه الولد للفراش، أو الفرش الحقيقة مرفوعة بكثرة حشوها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 35 - {أَنشَأْنَاهُنَّ} نساء أهل الدنيا أنشأهن من القبور " ع "، أو أعادهن بعد الشمط والكبر صغاراً أبكاراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 36 - {أَبْكَاراً} عذارى بعد أن لم يكنَّ كذلك، أو لا يأتيها إلا وجدها بكراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 37 - {عُرُباً} متحببات إلى أزواجهن منحبسات عليهم، أو متحاببات بخلاف الضرائر، أو الشَّكِلة بلغة مكة والمغنوجة بلغة أهل المدنية، أو حسان الكلام، أو العاشقة لزوجها، أو الحسنة التبعل، أو كلامهن عربي، {أَتْرَاباً} أقراناً قيل على سن ثلاث وثلاثين سنة، أو أمثالاً وأشكالاً، أو أتراب في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 الأخلاق لا تباغضن بينهن ولا تحاسد. {وأصحابُ الشمالِ ما أصحاب الشمال (41) في سموم وحميم (42) وظلٍ من يحموم (43) لا بادرٍ ولا كريم (44) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين (45) وكانوا يصرون على الحنث العظيم (46) وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أءنا لمبعوثون (47) أو ءاباؤنا الأولون (48) قل إن الأولين والآخرين (49) لمجموعون إلى ميقاتِ يومٍ معلومٍ (50) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون (51) لأكلون من شجر من زقوم (52) فمالئون منها البطون (53) فشاربون عليه من الحميم (54) فشاربون شرب الهيم (55) هذا نزلهم يومَ الدين (56) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 43 - {يَحْمُومٍ} دخان، أو نار سوداء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 44 - {لا بارد} [193 / ب] / المخرج، {وَلا كَرِيمٍ} المخرج، أو لا كرامة لأهله فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 45 - {مُتْرَفِينَ} منعمين " ع "، أو مشركين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 46 - {الْحِنثِ} الشرك، أو الذنب العظيم لا يتوبون منه، أو اليمين الغموس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 55 - {الْهِيمِ} الأرض الرملة التي لا تروى بالماء وهي هيام الأرض " ع "، أو الإبل الهيم، والهيام، داء يأخذ الإبل فيعطشها فلا تزال تشرب الماء حتى تموت، أو الإبل الهائمة في الأرض الضالة لا تجد ماء فإذا وجدته فلا شيء أعظم منها شرباً، أو شرب الهيم أن تمد الشرب مرة واحدة إلى أن تتنفس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 فيه ثلاث نفسات. {نحن خلقناكم فلولا تصدقون (57) أفرءيتم ما تمنون (58) ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (59) نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون (61) ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون (62) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 58 - {تُمْنُونَ} منى يَمني وأمنى يُمْنِي واحد سمي بذلك لإمنائه وهي إراقته، أو لأنه مقدار لتصوير الخلقة كالمَنَا الذي يوزن به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 60 - {قَدَّرْنَا} قضينا به للفناء والجزاء، أو ليخلف الأبناء الآباء، أو كتبنا مقداره فلا يزيد ولا ينقص، أو وقته فلا يتقدم ولا يتأخر، أو سوينا فيه بين المطيع والعاصي، أو بين أهل السماء والأرض، {بِمَسْبُوقِينَ} على تقديرنا موتكم حتى لا تموتوا، أو على أن تزيدوا في قدره، أو تؤخروا في وقته، أو {ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} على تبديل أمثالكم معناه لما لم نسبق إلى خلق غيركم لم نعجز نحن إعادتكم، أو لما لم نعجز عن تغير أحوالكم بعد خلقكم لم نعجز عن تغييرها بعد موتكم. {أفرءيتم ما تحرثون (63) ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون (67) أفرءيتم الماء الذي تشربون (68) ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلنه أجاجاً فلولا تشكرون (70) أفرءيتم النار التي تورون (71) ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون (72) نحن جعلناها تذكرةً ومتاعاً للمقوين (73) فسبح باسم ربك العظيم (74) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 65 - {تَفَكَّهون} تحزنون، أو تلاومون، أو تعجبون " ع "، أو تندمون بلغة عكل وتيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 66 - {لَمُغْرَمُون} معذبون، أو مولع بنا، أو مردُودُون عن حظنا. 71 - {تُورُونَ} تستخرجون بالزند. 73 - {تَذْكِرَةً} للنار الكبرى، أو تبصرة للناس من الظلام {لِّلْمُقْوِينَ} المسافرين قال الفراء: إنما يقال لهم ذلك إذا نزلوا بالقِيِّ وهي القفر التي لا شيء فيها، أو المستمتعين من حاضر ومسافر، أو الجائعين من إصلاح طعامهم، أو الضعفاء والمساكين من أقوت الدار إذا خلت وأقوى الرجل ذهب ماله، أو المقوي الكثير المال من القوة. {فلا أقسمُ بمواقع النجوم (75) وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (76) إنه لقرءانٌ كريم (77) في كتابٍ مكنون (78) لا يمسه إلا المطهرون (79) تنزيلٌ من رب العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 75 - {فلا أقسم} نفي للمقسم لأنه لا يقسم بشيء من خلقه ولكنه افتتاح يفتتح به كلامه قاله الضحاك، أو للرب أن يقسم بخلقه تعظيماً منه لما أقسم به الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وليس ذلك للخلق فتكون لا صلة، أو نافية لما تقدم من تكذيبهم وجحدهم ثم استأنف القسم {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} مطالعها ومساقطها، أو انتشارها يوم القيامة، أو مواقعها في السماء، أو أنواؤها نفي للقسم بها، أو نجوم القرآن تنزل على الاحداث في الأمة " ع "، أو محكم القرآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 76 - {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ} وإن الشرك بالله محرم عظيم، أو القرآن قسم عظيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 77 - {كَرِيمٌ} عند الله تعالى، أو عظيم النفع للناس، أو لما فيه من كرائم الأخلاق ومعالي الأمور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 78 - {فِى كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} اللوح المحفوظ " ع "، أو التوراة والإنجيل فيهما ذكره وذكر من ينزل عليه، أو الزبور، أو المصحف الذي بأيدينا {مَّكْنُونٍ} مصون، أو مكنون من الباطل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 79 - {المطهرون} [194 / أ] / إن جعلناه اللوح المحفوظ فلا يمسه إلا الملائكة المطهرون " ع "، أو لا ينزله إلا رسل الملائكة على رسل الأنبياء وإن جعلناه المصحف الذي بأيدينا فلا يمسه بيده إلا المطهرون من الشرك، أو من الذنوب والخطايا، أو من الأحداث والأنجاس، أو لا يجد طعم نفعه إلا المطهرون بالإيمان، أو لا يمس ثوابه إلا المؤمنين مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أولا يلتمسه إلا المؤمنون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 81 - {هذا الْحَدِيثِ} القرآن {مُّدْهِنُونَ} مكذبون " ع "، أو معرضون، أو ممالئون الكفار على الكفر به، أو منافقون في تصديقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 82 - {رزقكم} الاستسقاء بالأنواء مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 الاكتساب بالسحر، أو أن يجعل شكر الله على رزقه تكذيب رسله والكفر به فيكون الرزق الشكر. {فولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذٍ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85) فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 86 - {مَدِينِينَ} محاسبين " ع "، أو مبعوثين، أو مصدقين أو مقهورين، أو موقنين، أو مجزيين بأعمالكم، أو مملوكين قاله الفرّاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 87 - {تَرْجِعُونَهَآ} النفس إلى الجسد بعد الموت {إِن كنتم صادقين} أنكم غير مذنبين. {فأما إن كان من المقربين (88) فروحٌ وريحانٌ وجنت نعيم (89) وأما إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزلٌ من حميم (93) وتصلية جحيم (94) إن هذا لهو حق اليقين (95) فسبح باسم ربك العظيم (96) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 88 - {الْمُقَرَّبِينَ} أهل الجنة، أو السابقون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 89 - {فَرَوْحٌ} راحة " ع "، أو فرح، أو رحمة، أو رجاء، أو روح من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 الغم وراحة من عمل إذ لا غم فيها ولا عمل، أو مغفرة أو نسيم. قيل قرأ الرسول [صلى الله عليه وسلم] فروح بالضم أي تبقى روحه باقية بلا موت يناله {وَرَيْحَانٌ} استراحة عند الموت " ع "، أو رحمة، أو رزق، أو ريحان مشموم يتلقى به عند الموت أو تخرج روحه في ريحانه، أو الجنة والروح والريحان عند الموت أو في البرزخ إلى البعث، أو في الجنة، أو الروح في القبر، والريحان في الجنة، أو الروح لقلوبهم والريحان لنفوسهم والجنة لأبدانهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 91 - {فسلام} بشارة بالسلاة من الخوف، أو يحييهم ملك الموت بالسلام عند قبض أرواحهم، أو منكر ونكير في القبور يسلمان عليهم، أو الملائكة عند بعثه إلى الآخرة تسلمان عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 سُورة الحَديد مدنية عند الجمهور، أو مكية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (1) له ملك السموات والأرض يحي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير (2) هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 1 - {سَبِّحِ} التسبيح هنا دلالة المخلوقات على وجوب تسبيحه عن الأمثال، أو التنزيه قولاً مما نسبه الملحدون إليه عند الجمهور، أو الصلاة سميت تسبيحاً لاشتمالها عليه {الْعَزِيزُ} في انتصاره {الْحَكِيمُ} في تدبيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 3 - {الظاهر} العال على كل شيء {وَالْبَاطِنُ} المحيط بكل شيء أو القاهر لما ظهر وبطن، أو العالم بما ظهر وبطن. {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير (4) له ملك السموات والأرض وإلى الله ترجع الأمور (5) يولج الليل في النهار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 ويولج النهارِ في الليل وهو عليم بذات الصدور (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 4 - {يَلِجُ فِى الأَرْضِ} من مطر، أو مطر وغيره {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من نبات، أو نبات وغيره {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} من ملائكة، أو ملائكة وغيرها {مَعَكُمْ} بعلمه فلا تخفى عليه أعمالكم، أو بقدرته فلا يعجزه شيء من أموركم [194 /] /. {ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ (7) وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين (8) هو الذي ينزل على عبده ءايتٍ بيناتٍ ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرؤوف رحيم (9) وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير (10) من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجرٌ كريم (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 7 - {مُستَخْلَفين} بوراثته عمن قبلكم، أو معمَّرين فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 10 - {لا يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ} أي أسلم، أو أنفق ماله في الجهاد {الْفَتْحِ} فتح مكة، أو الحديبية قال قتادة كان القتال والنفقة قبل فتح مكة أفضل منهما بعد فتحها {الْحُسْنَى} الجنة أو الحسنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 11 - {قَرْضاً} النفقة في سبيل الله، أو على الأهل أو تطوع العبادات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 " ح "، أو عمل الخير، أو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سمي قرضاً لاستحقاق ثوابه {حَسَناً} طيبة بها نفسه، أو محتسباً لها عند الله سمي حسناً لصرفه في وجوه حسنة، أو لأنه لا منَّ فيه ولا أذى فيضاعف القرض الحسنة بعشر، أو الثواب تفضلاً بما لا نهاية له {كَرِيمٌ} " على من يناله "، أو لأنه لم يبتذل في طلبه، أو لأنه كريم الحظ، أو لكرم صاحبه. {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12) يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 12 - {نُورُهُم} ضياء يثابون به، أو هداهم، أو نور أعمالهم {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} ليدلهم على الجنة، أو ليستضيئوا به على الصراط {وَبِأَيْمَانِهِم} كتبهم، أو نورهم، أو ما أخرجوه بأيمانهم في الصدقات والزكوات وسبل الخير، أو بإيمانهم في الدنيا وتصديقهم بالجزاء {بُشْرَاكُمُ} نورهم بشراهم أو بشارة تلقاهم الملائكة بها في القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 13 - {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} يغشى الناس ظلمة يوم القيامة فيعطى المؤمن نوراً بقدر إيمانه ولا يعطاه الكافر ولا المنافق، أو يعطاه المنافق ثم يسلبه " ع "، فيقول المنافق لما غشيته الظلمة للمؤمن لما أعطي النور الذي يمشي به انظروا أي انتظرونا {فَضُرِبَ بَيْنَهُم} وبين المؤمنين بسور أو بينهم وبين النور فلم يقدروا على التماسه {بِسُورٍ} حائط بين الجنة والنار، أو بسور المسجد الشرقي، أو حجاب من الأعراف {بَاطِنُهُ} فيه الجنة {وَظَاهِرُهُ} فيه جهنم، أو في باطنه المسجد وما يليه. والعذاب الذي في ظاهره وادي جهنم يعني بيت المقدس قاله عبد الله بن عمرو بن العاص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 14 - {مَّعَكُمْ} نصلي ونغزو ونفعل كما تفعلون {فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} بالنفاق أو المعاصي، أو الشهوات {وَتَرَبَّصْتُمْ} بالحق وأهله، أو بالتوبة {الأَمَانِىُّ} خدع الشيطان، أو الدنيا، أو قولهم سيغفر لنا، أو قولهم اليوم وغداً {الْغَرُورُ} الشيطان، أو الدنيا قاله الضحاك. {ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون (16) اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 16 - {للذين آمنوا} بألسنتهم دون قلوبهم، أو قوم موسى، قبل أن يبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، أو مؤمنو هذه الأمة " ع "، استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن " ع " قال ابن مسعود ما كان بين إسلامنا ومعاتبتنا بها إلا أربع سنين فنظر بعضنا إلى بعض يقول ما أحدثنا قال الحسن يستبطئهم وهم أحب خلقه إليه، أو ملوا مثله فقالوا: حدثنا يا رسول الله فنزل {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ [195 / أ] / أَحْسَنَ القصص} [يوسف: 13] ثم ملوا أخرى فقالوا حدثنا فنزل {الله أنزل أَحْسَنَ الحديث} [الزمر: 23] ثم ملوا أخرى فقالوا حدثنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 فنزلت {ألم يأن للذين آمنوا} يأنِ: يحن يخشع يلين، أو يذل، أو يخرج {لِذِكْرِ اللَّهِ} القرآن {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} القرآن، أو الحلال والحرام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 17 - {يحيي الأَرْضَ} يلين القلوب بعد قسوتها أو مثل ضربه لإحياء الموتى. {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجرٌ كريم (18) والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 18 - {المُصَدِّقين} لله ورسوله أو {الْمُصَّدِّقِينَ} بأموالهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 19 - {الصِّدِّيقُونَ} هم الصديقون وهم الشهداء، أو الشهداء مبتدأ الرسل تشهد على أمتها بالتصديق والتكذيب، أو الأمم تشهد لرسلها بتبليغ الرسالة، أو تشهد على أنفسهم بما عملوا، أو القتلى في سبيل الله تعالى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 {وَنُورُهُمْ} على الصراط، أو إيمانهم في الدنيا. {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد كمثل غيثٍ أعجب الكفارَ نباتُهُ ثم يَهيجُ فتراه مصفراً ثم يكونُ حطاماً وفي الآخرة عذابٌ شديدٌ ومغفرةٌ من الله ورضوانٌ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (20) سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسلهِ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (21) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 20 - {لَعِبٌ وَلَهْوٌ} على ظاهره أو أكل وشرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 21 - {إِلَى مَغْفِرَةٍ} التوبة، أو الصف الأول، أو التكبيرة الأولى مع الإمام، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] {كَعَرْضِ السَّمَآءِ} نبّه بذكر العرض على الطول ويعبرون عن سعة الشيء بعرضه دون طوله {فضل الله} الجنة أو الدين " ع ". {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (22) لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور (23) الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 22 - {مُّصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ} بالجوائح في الثمار والزرع، أو القحط والغلاء {أَنفُسِكُمْ} الدَّين، أو الأمراض والأوصاب، أو إقامة الحدود، أو ضيق المعاش {كِتَابٍ} اللوح المحفوظ {نَّبْرَأَهَآ} نخلق الأنفس والأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 23 - {فَاتَكُمْ} من الدنيا " ع "، أو العافية والخصب قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - {لِّكَيْلا تَأْسَوْاْ} ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح ولكن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 من جعل المصيبة صبراً والخير شكراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 24 - {الَّذِينَ يبخلون} بالعلم {ويأمرون الناس} بأن لا يعملوا شيئاً، أو بما في التوراة من ذكر محمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو بحقوق الله في أموالهم، أو بالصدقة والحقوق، أو بما في يديه. {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافعُ للناسِ وليعلم الله من ينصرهُ ورسلهُ بالغيب إن الله قويٌ عزيزٌ (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 25 - {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} نزل مع آدم: الحجر الأسود أشد بياضاً من الثلج، وعصا موسى من آس الجنة طولها عشرة أذرع كطول موسى، والسندان والكلبتان والميقعة وهي المطرقة، أو ما ينزل من السماء وإنزاله إظهاره وإثارته، أو لأن ما ينعقد من جوهره في الأرض أصله من ماء السماء {بَأْسٌ شَدِيدٌ} الحرب تكون بآلته وسلاحه، أو خوف شديد من خشية القتل به {ومنافع} الآلة. {ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتدٍ وكثيرٌ منهم فاسقون (26) ثم قفينا علىءاثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وءاتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفةً ورحمةً ورهبانيةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين ءامنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون (27) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 27 - {ورهبانيةٌ} من الرَّهب وهو الخوف {ابْتَدَعُوهَا} لم يفعلها من تقدمهم فأحسنوا بفعلها ولم تكتب عليهم وهي رفض النساء واتخاذ الصوامع، أو لحوقهم بالجبال ولزوم البراري، أو الانقطاع عن الناس تفرداً بالعبادة {رَأْفَةً} في قلوبهم بالأمر بها والترغيب فيها، أو بخلقها في قلوبهم {إِلا ابْتِغَآءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} ابتدعوها طلباً لمرضاة الله ولم تفرض عليهم قبل ذلك [195 / ب] / ولا بعده، أو تطوعوا بها ثم كتبت بعد ذلك عليهم " ح " {فَمَا رَعَوْهَا} بتكذيبهم لمحمد [صلى الله عليه وسلم] ، أو بتبديلهم دينهم وتغييرهم له قبل أن يبعث محمد [صلى الله عليه وسلم] ، ارتكبت الملوك المحارم بعد عيسى ثلاثمائة سنة فأنكرها عليهم أهل الاستقامة فقتلوهم فقال من بقي منهم لا يسعنا المقام بينهم فاعتزلوا الناس واتخذوا الصوامع. {يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفورٌ رحيم (28) لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيءٍ من فضل الله وأن الفضلِ بيدِ الله يؤتيهِ من يشاء والله ذو الفضل العظيم (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 28 - {يا أيها الذين} بموسى وعيسى آمِنوا بمحمد {كِفْلَيْن} ضعفين بلغة الحبشة، أو أجرين أحدهما لإيمانهم بمن تقدم من الأنبياء، والآخر لإيمانهم بمحمد [صلى الله عليه وسلم] " ع "، أو أجر الدنيا وأجر الآخرة {نُوراً} القرآن، أو الهدى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 29 - {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ} ليعلم و " لا " صلة {فَضْلِ الله} الإسلام، أو الرزق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 سُورة المجادلة مدنية اتفاقاً أو العشر الأول مدني والباقي مكي أو كلها مدني إلا قوله: {ما يكون من نجوى} [الآية: 7] . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميعٌ بصيرٌ (1) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 1 - {التي تجادلك} خولة بنت خويلد، أو بنت ثعلبة أحدهما أبوها والآخر جدها، زوجها أوس بن الصامت كان به لمم فأصابه بعض لممه فظاهر منها فأتت الرسول [صلى الله عليه وسلم] تستفتيه فقالت: يا رسول الله إن الله قد نسخ سنن الجاهلية وإن زوجي ظاهر مني فقال: ما أوحي إليَّ في هذا شيء فقالت: أوحي إليك في كل شيء وطوي عنك هذا فقال: هو ما قلت. فقالت: أشكو إلى الله لا إلى رسوله فنزلت وكانت تقول يا رسول الله أكل شبابي وانقطع ولدي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني ظاهر مني اللهم إليك أشكو فما برحت حتى نزلت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 {وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ} تستغيث به، أو تسترحمه {تحاوركما} المحاورة: مراجعة الكلام. {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنَّ أُمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللآئي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً وإن الله لعفو غفور (2) والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحريرُ رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير (3) فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذابٌ أليمٌ (4) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 2 - {يظَّهَّرُون} سمي ظهاراً لأنه حرم ظهرها عليه، أو شبهها بظهر أمه وكان في الجاهلية طلاقاً لا رجعة فيه ولا إباحة بعده فنسخ بوجوب الكفارة بالعود. {إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا ءاياتٍ بينات وللكافرين عذابٌ مهين (5) يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيءٍ شهيدٍ (6) ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيءٍ عليمٌ (7) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 5 - {يُحَآدُّونَ} يعادون، أو يخالفون، من الحديد المعد للمحاربة، أو أن تكون في حد يخالف حد صاحبك {كُبِتُواْ} أخزوا، أو أهلكوا، أو لعنوا، بلغة مذحج، أو ردوا مقهورين. {ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيتِ الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير (8) يأيها الذين ءامنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون (9) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين ءامنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 8 - {الَّذِينَ نُهُواْ} المسلمون، أو المنافقون، أو اليهود يتناجون بما يسوء المسلمين {النَّجْوَى} السرار من النجوة وهي ما ارتفع وبعد لبعد الحاضرين عنه وكل سرار نجوى، أو السرار ما كان بين اثنين والنجوى ما كان بين ثلاثة {حَيَّوْكَ} كان اليهود إذا دخلوا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] قالوا السام عليك فيقول وعليكم، والسام: الموت، أو السيف، أو ستسأمون دينكم " ح " ولما رد ذلك عليهم قالوا لو كان نبياً لاستجيب له فينا وليس بنا سأمة وليس في أجسادنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 فترة فنزلت {وَيَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِمْ} الآية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 10 - {إِنَّمَا النَّجْوَى} أحلام النوم المحزنة أو تناجي اليهود / والمنافقين بالإرجاف بالمسلمين. {يأيهَا الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحواْ يفسح الله لكمْ وإذا قيلَ انشزواْ فانشزواْ يرفعِ اللهُ الذينَ ءامنواْ منكمْ والذينَ أوتواْ العلمَ درجاتٍ واللهُ بما تعملونَ خبيرٌ (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 11 - {المجلس} مجالس الذكر، أو صلاة الجمعة، أو في الحرب، أو مجلس الرسول خاصة كانوا يشحون أن يؤثروا به، أو يتفسحوا فأمروا بذلك {تَفَسَّحُواْ} وسعوا {انشُزُواْ} : إلى القتال، أو الصلاة، بالنداء، أو الخير أو كانوا يطيلون الجلوس في بيت الرسول [صلى الله عليه وسلم] ليكون كل واحد منهم آخر عهد به فأمروا أن ينشزوا إذا قيل لهم انشزوا {فَانشُزُواْ} قوموا أو ارتفعوا من النشز إلى الصلاة، أو الغزو، أو إلى كل خير {يرفع الله الذين آمنوا} بإيمانهم على من ليس بمنزلتهم في الإيمان {وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ} على من ليس بعالم. {يأيها الذينَ ءامنواْ إذا ناجيتمُ الرسولُ فقدِّمُواْ بينَ يدىْ نجواكمْ صدقةً ذلكَ خيرٌ لكمْ وأطهرُ فإن لمْ تجدواْ فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ (12) ءأشفقتم أن تقدمواْ بينَ يدىْ نجواكمْ صدقاتٍ فإذْ لمْ تفعلواْ وتابَ اللهُ عليكمْ فأقيمواْ الصلاةَ وءاتواْ الزكاةَ وأطيعواْ اللهَ ورسولهُ واللهُ خبيرٌ بمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 تعْمَلُونَ (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 12 - {فقدموا} كان المنافقون يناجون الرسول [صلى الله عليه وسلم] بما لا حاجة لهم به فقطعوا عنه بالأمر بالصدقة، أو كان يخلو به طائفة من المسلمين يناجونه فظن قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في نجواهم فقطعوا عن استخلائه " ح "، أو أكثر المسلمون المسائل عليه فخفف الله عنه بذلك فظنوا فكفوا " ع "، ولم يناجه إلا علي - رضي الله تعالى عنه - سأله عن عشر خصال وقدم ديناراً تصدق به ولم يعمل بها غيره حتى نسخت بعد عشر ليال، أو ناجاه رجل من الأنصار بكلمات وتصدق بآصع ثم نسخت بما بعدها. {ألمْ ترَ إلى الذين تولواْ قوماً غضبَ اللهُ عليهمِ ما هم منكمْ ولاَ منهمْ ويحلفونَ علَى الكذبِ وهمْ يعلمونَ (14) أعدَّ اللهُ لهمْ عذاباً شديداً إنهمْ سآءَ مَا كانواْ يعملونَ (15) اتخذواْ أيمانهمْ جنَّةً فصدواْ عن سبيلِ اللهِ فلهمْ عذابٌ مهينٌ (16) لن تغنِىَ عنهمْ أموالهمْ ولآَ أولادهُم منَ اللهِ شيئاً أولئكَ أصحابُ النارِ همْ فيها خالدونَ (17) يومَ يبعثُهُمُ اللهُ جميعاً فيحلفونَ لهُ كمَا يحلفونَ لكمْ ويحسبونَ أنهمْ علَى شيءٍ ألا إنهمْ همُ الكاذبونَ (18) استحوذَ عليهمُ الشيطانُ فأنساهمْ ذكرَ اللهِ أولئكَ حزبُ الشيطانِ ألآَ إنَّ حزبَ الشيطانِ هُمُ الخاسرونَ (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 14 - {الَّذِينَ تَوَلَّوْا} المنافقون تولوا اليهود {مَّا هُم مِّنكُمْ} على دينكم {وَلا مِنْهُمْ} على يهوديتهم {وَيَحْلِفُونَ} على نفي النفاق {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} نفاقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 19 - {اسْتَحْوَذَ} قوي، أو أحاط، أو غلب واستولى. {إنَّ الذينَ يحادونَ اللهَ ورسُولَهُ أولئكَ في الأذلِّينَ (20) كتب اللهُ لأغلبنَ أناْ ورسلِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 إنَّ اللهَ قويٌّ عزيزٌ (21) لا تجدُ قوماً يؤمنونَ باللهِ واليومِ الأخرِ يوآدونَ منْ حآدَّ اللهَ ورسولهُ ولوْ كانواْ ءاباءهمْ أوْ أبناءهمْ أو إخوانهمْ أو عشيرتهمْ أولئكَ كَتَبَ في قلوبهمُ الإيمانَ وأيَّدَهُم بروحٍ منهُ ويدخلُهُمْ جنَّاتٍ تجري من تحتهَا الأنهارُ خالدينَ فيهَا رضِىَ اللهُ عنهمْ ورضُواْ عنهُ أولئكَ حزبُ اللهِ ألاَ إنَّ حزبَ اللهِ هُمُ المفلحُونَ (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 22 - {لا تجد} نهي بلفظ الخبر، أو مدحهم باتصافهم بذلك {حَادَّ} حارب، أو خالف، أو عادى {كَتَبَ فِى قُلُوبِهمُ} أثبت، أو حكم، أو كتب في اللوح المحفوظ أن في قلوبهم الإيمان، أو جعل على قلوبهم سمة للإيمان تدل على إيمانهم {برُوح} برحمة، أو نصر وظفر، أو نور الهدى، أو رغبهم في القرآن حتى أمنوا، أو بجبريل يوم بدر {رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ} في الدنيا بطاعتهم {وَرَضُواْ عَنْهُ} في الآخرة بالثواب، أو في الدنيا بما قضاه عليهم فلم يكرهوه {حِزْبَ} يغضبون له ولا تأخذهم فيه لومة لائم نزلت في أبي عبيدة قتل أباه الجراح يوم بدر، أو في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - سمع أباه يسب النبي [صلى الله عليه وسلم] فصكه فسقط على وجهه فأخبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: أفعلت يا أبا بكر فقال والله لو كان السيف قريباً مني لضربته به فنزلت، أو في حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى قريش عام الفتح يخبرهم بمسير الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 سورة الحشر مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {سبَّحَ للهِ ما فيِ السمواتِ ومَا في الأرضِ وهوَ العزيزُ الحكيمُ (1) هوَ الذِي أخرجَ الذينَ كفرواْ من أهلِ الكتابِ من ديارهمْ لأوَّلِ الحشرْ مَا ظننتُمْ أن يخرجُواْ وظنُّواْ أنَّهُم مانعتُهُمْ حصونُهُم منَ اللهِ فأتاهُمُ اللهُ منْ حيثُ لم يحتسبُواْ وقَذَفَ في قلوبهمُ الرُّعْبَ يخربونَ بيوتَهُم بأيديهم وأيدي المؤمنينَ فاعتبرواْ يأوْلِي الأبصارِ (2) ولولا أن كَتَبَ اللهَ عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار (3) ذلك بأنهم شاقوا الله ورسُولَهُ ومن يشاقِّ اللهَ فإنَّ اللهَ شديدُ العقابِ (4) ما قطعتُم من لينَةٍ أوْ تركتموهَا قائمةً على أصولِهَا فبإذْنِ اللهِ وليخزيَ الفاسقينَ (5) } لما هاجر الرسول [صلى الله عليه وسلم] عاهد بني النضير أن لا يقاتلوا معه ولا عليه فكفوا يوم بدر لظهوره وأعانوا عليه يوم أحد لظهور [196 / ب] / المشركين فقتل رئيسهم كعب بن الأشرف غيلة محمد بن مسلمة ثم حاصرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] ثلاثاً وعشرين ليلة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 حتى أجلاهم من ديارهم بالحجاز إلى أذرعات الشام وأعطى كل ثلاثة بعيراً يحملون عليه ما استقل إلا السلاح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 2 - {لأَوَّل ِ الْحَشْرِ} لأنهم أول من أُجلي من اليهود، أو لأنه أول حشرهم لأنه يحشرون بعده إلى أرض المحشر في القيامة، أو حشرهم الثاني بنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتأكل من تخلف {مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ} لقوتهم وامتناعهم {حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ} من أمره {لَمْ يَحْتَسِبُواْ} بأمر الله، أو بقتل ابن الأشرف {الرُّعْبَ} بقتل ابن الأشرف، أو بخوفهم من الرسول [صلى الله عليه وسلم] {بِأَيْدِيهِمْ} بنقض الموادعة {وَأيْدِى الْمؤْمِنِينَ} بالمقاتلة، أو بأيديهم في تركها، وأيدي المؤمنين في إجلائهم عنها، أو كانت منازلهم مزخرفة فحسدوا المسلمين أن يسكنوها فخربوا بواطنها بأيديهم وخرب المسلمون ظواهرها ليصلوا إليهم أو كلما هدم المؤمنون من حصونهم شيئاً نقضوا من بيوتهم ما يبنون به ما خرب من حصونهم أو لما صولحوا على حمل ما أقلته الإبل نقضوا ما أعجبهم من بيوتهم حتى الأوتاد ليحملوها معهم {يخرِّبون} ويخربون واحد أو بالتخفيف خرابها بفعل غيرهم وبالتشديد خراباً بفعلهم أو بالتخفيف فراغها لخروجهم عنها وبالتشديد هَدْمُها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 3 - {الْجَلاءَ} القتل لعذبهم في الدنيا بالسَّبى أو الإخراج من المنازل لعذبهم بالقتل أو الجلاء ما كان مع الأهل والولد بخلاف الإخراج فقد يكون مع بقائهما والجلاء لا يكون إلا لجماعة والإخراج قد يكون لواحد. 50 - {لِّينَةٍ} النخلة من أي صنف كانت أو كرام النخل أو العجوة وكانت العجوة والعتيق مع نوح في السفينة والعتيق الفحل وكانت العجوة أصول الإناث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 كلها ولذلك شق على اليهود قطعها أو اللينة الفسيلة لأنها ألين من النخلة أو جميع الأشجار للينها بالحياة وقال الأخفش اللينة من اللون لا من اللين قطعوا وأحرقوا ست نخلات أو قطعوا نخلة وحرقوا أخرى توسيعاً للمكان أو إضعافاً لهم فقالوا ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح أفمن الصلاح قطع النخل وعقر الشجر. وقال شاعرهم سماك اليهود: (ألسنا ورثنا الكتاب الحكيم ... على عهد موسى ولم نصدف) (وأنتم رعاء لشاء عجاف ... بسهل تهامة والأخيف) (ترون الرعاية مجداً لكم ... لدى كل دهر لكم مجحف) (فيا أيها الشاهدون انتهوا عن ... الظلم والمنطق الموكف) (لعل الليالي وصرف الدهور ... يديل من العادل المنصف) (بقتل النضير وأجلائها ... وعقر النخيل ولم يقطف) فأجابه حسان بن ثابت: (هم أوتوا الكتاب فضيعوه ... وهم عمي عن التوراة بور) (كفرتم بالقرآن وقد أبيتم ... بمصداق الذي قال النذير) (فهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير) وحز في صدور بعض المسلمين ما فعلوه فقالوا [197 / أ] / هذا فساد، وقال آخرون: هذا مما تحدى الله به أعداءه وينصر به أولياءه، فقالوا: يا رسول الله هل لنا فيما قطعنا من أجر وفيما تركنا من وزر فشق ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 فنزلت. {وما أفاءَ اللهُ علَى رسولِهِ منهمْ فمَآ أوجفتمْ عليهِ منْ خيلٍ ولاَ ركابٍ ولكنَّ اللهَ يسلِّطُ رسلَهُ علَى من يشاءُ واللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ (6) مَّا أفاءَ اللهُ على رسولهِ منْ أهلِ القرى فللهِ وللرَّسُولِ ولِذِي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولةَ بينَ الأغنياءِ منكمْ ومَا ءاتاكُمُ الرسولُ فخذوهُ وما نهاكمْ عنهُ فانتهواْ واتَّقُواْ اللهَ إنَّ اللهَ شديدُ العِقابِ (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 6 - {أَوْجَفْتُمْ} الإيجاف الإسراع، والركاب: الإبل فكانت أموالهم للرسول [صلى الله عليه وسلم] خاصة فقسمها في المهاجرين إلاَّ سهل بن حنيف وأبا دجانة فإنهما ذكرا فقراً فأعطاهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 7 - {دُولَةً} ودَولة واحد أو بالفتح الظفر في الحرب وبالضم الغنى عن الفقر، أو بالفتح في الأيام، وبالضم في الأموال، أو بالفتح ما كان كالمستقر، وبالضم ما كان كالمستعار، أو بالفتح الظفر في الحرب، وبالضم أيام الملك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 وأيام السنين التي تتغير. {وما آتاكم الرسول} من الفيء فاقبلوه وما منعكم فلا تطلبوه، أو من الغنيمة فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول فلا تفعلوه " ح "، أو من طاعتي فافعلوه، وما نهاكم عنه من معصيتي فاتركوه، أو هو عام في أوامره ونواهيه. قيل نزلت في رؤساء المسلمين قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] فيما ظهر عليه من أموال المشركين يا رسول الله خذ صَفِيِّك والربع ودعنا والباقي فهكذا كنا نفعل في الجاهلية وأنشدوه: (لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول) فنزلت. {للفقراءِ المهاجرينَ الذينَ أخرجواْ من ديارهمْ وأموالهمْ يبتغونَ فضلاً من اللهِ ورضواناً وينصرونَ اللهَ ورسولهُ أولئكَ هُمُ الصادقونَ (8) والذينَ تبوءو الدارَ والإيمانَ من قبلهِمْ يحبُّونَ منْ هَاجَرَ إليهمْ ولاَ يجدونَ في صدورهمْ حاجةً ممَّا أوتواْ ويؤثرونَ علَى أنفسهمْ ولوْ كانَ بهمْ خصاصةٌ ومن يوقَ شُحَّ نفسِهِ فأولئكَ هُمُ المفلحونَ (9) والذين جاءوا من بعدهِمْ يقولونَ ربَّنَا اغفرْ لنَا ولإخواننَا الذينَ سبقُونَا بالإيمانِ ولاَ تجعلْ في قلوبِنَا غلاًّ للذينَ ءامنواْ ربَّنا إنَّكَ رءوفٌ رحيمٌ (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 8 - {المهاجرين} إلى المدينة لنصرة الرسول [صلى الله عليه وسلم] وخوفاً من قومهم {فَضْلاً} من عطاء الدنيا {وَرِضْوَاناً} ثواب الآخرة. كان أحدهم يعصب الحجر على بطنه ليقم به صلبه من الجوع ويتخذ الحفيرة في الشتاء ماله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 دثار غيرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 9 - {تبوءوا الدَّارَ} من قبل المهاجرين {وَالإيمَانَ} من بعدهم، أو تبوءوا الدار والإيمان قبل الهجرة إليهم وهم الأنصار والدار المدينة. {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ} بالفضول والمواساة بالأموال والمساكن {حَاجَةً} حسداً على ما خصوا به من مال الفيء وغيره {وَيُؤْثِرُونَ} يقدمونهم على أنفسهم {خَصَاصَةٌ} فاقة وحاجة آثروهم بالفيء والغنيمة حتى قسم في المهاجرين دونهم لما قسم الرسول [صلى الله عليه وسلم] للمهاجرين أموال النضير أو قريظة على أن يردوا على الأنصار ما كانوا أعطوهم من أموالهم، قالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا ونؤثرهم بالفيء فنزلت أو آثروهم بأموالهم وواسوهم بها قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم " فقالوا: يا رسول الله أموالنا بينهم قطائع فقال: أو غير ذلك هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر يعني ما صار لهم من نخيل بني النضير قالوا: نعم يا رسول الله ". {شُحَّ نَفْسِهِ} الشح أن يشح بما في أيدي الناس يحب أن يكون له [197 / ب] / أو منع الزكاة، أو هوى نفسه " ع "، أو اكتساب الحرام، أو إمساك النفقة، أو الظلم، أو العمل بالمعاصي، أو ترك الفرائض وانتهاك المحارم، والبخل والشح واحد، أو الشح أخذ المال بغير حق والبخل منع المال المستحق، أو الشح بما في يدي غيره والبخل بما في يديه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 10 - {والذين جاءوا مِن بَعْدِهِمْ} المهاجرون بعد ذلك أو التابعون ومن يأتي إلى يوم القيامة {الَّذِينَ سَبَقُونَا} السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، أو سابقو هذه الأمة ومؤمنو أهل الكتاب قالت عائشة - رضي الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 تعالى عنها -: أمروا أن يستغفروا لهم فسبُّوهم {غلا} غشاً أو عداوة. {ألمْ ترَ إلَى الذينَ نافقواْ يقولونَ لإخوانهمُ الذينَ كفرواْ منْ أهلِ الكتابِ لئنْ أخرجتمْ لنخرجنَّ معكمْ ولا نطيعُ فيكمْ أحداً أبداً وإن قوتلتمْ لننصرنَّكُمْ واللهُ يشهدُ إنهمْ لكاذبونَ (11) لئن أخرجواْ لا يخرجونَ معهمْ ولئن قوتلواْ لاَ ينصرونهمْ ولئن نصرُوهُمْ ليُوَلُّنَّ الأدبارَ ثمَّ لا ينصرونَ (12) لأنتم أشدُّ رهبةً في صدورهمِ مِّنَ اللهِ ذلكَ بأنهمْ قومٌ لاَّ يفقهونَ (13) لا يقاتلونكمْ جميعاً إلاَّ في قرىً محصَّنةٍ أوْ مِن وراءِ جُدُرٍ بأسُهُمْ بينهُمْ شديدٌ تحسبُهُمْ جميعاً وقُلُوبُهُمْ شتَّى ذلكَ بأنَّهُمْ قومٌ لاَّ يعقلونَ (14) كَمَثَلِ الذينَ من قبلهمْ قريباً ذاقواْ وَبَالَ أمرهمْ ولهمْ عذابٌ أليمٌ (15) كَمَثَلِ الشيطانِ إذْ قالَ للإنسانِ اكفرْ فلمَّا كَفَرَ قَالَ إنِّي بريءٌ مِّنكَ إنِّي أخافُ اللهَ ربَّ العالمينَ (16) فَكَانَ عاقبتهما أنهمَا في النَّارِ خالدينِ فيها وذلكَ جزاؤاْ الظَّالمينَ (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 14 - {بَأْسُهُم} " حرب بعضهم لبعض " أو اختلافهم واختلاف قلوبهم فلا يتفقون على أمر واحد ووعيدهم للمسلمين لنفعلن كذا وكذا {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً} اليهود، أو المنافقون واليهود {شَتَّى} مختلفة لأنهم على باطل والباطل مختلف أو على نفاق والنفاق اختلاف " وتركه ائتلاف ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 15 - {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} كفار قريش ببدر أو قتلى بدر أو بنو النضير الذين أجلوا إلى الشام، أو بنو قريظة كانوا بعد إجلاء النضير بسنة {ذَاقُواْ وَبَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 أَمْرِهِمْ} نزولهم على حكم سعد أن يقتل المقاتلة وسبي الذرية مثَّلهم بهم في تخاذلهم أو في نزول العذاب بهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 16 - {لِلإِنسَانِ} ضرب مثلاً للكافر في طاعة الشيطان وهو عام في كل إنسان أو عني راهباً حسن العبادة من بني إسرائيل فافتتن إلى أن زنا وقتل النفس وسجد لإبليس وقصته مشهورة فكذلك المنافقون وبنو النضير مصيرهم إلى النار. {يَأَيُّهَا الذينَ ءامنواْ اتقواْ اللهَ ولتنظرْ نفسٌ مَّا قدمتْ لغدٍ واتقواْ اللهَ إنًّ اللهَ خبيرٌ بمَا تعملونَ (18) ولاَ تكونواْ كالذينَ نسواْ اللهَ فأنساهمْ أنفسهمْ أولئكَ هُمْ الفاسقُونَ (19) لاَ يستوِي أصحابُ النَّارِ وأصحابُ الجنَّةِ أصحابُ الجنةِ هُمُ الفائزُونَ (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 18 - {اتَّقُواْ اللَّهَ} باجتناب المنافقين، أو اتقاء الشبهات {لِغَدٍ} يوم القيامة، قربه حتى جعله كالغد {وَاتَّقُواْ اللَّهَ} تأكيد للأولى أو الأولى التوبة فيما مضى والثانية ترك المعصية في المستقبل، أو الأولى فيما تقدم لغد والثانية فيما يكون منكم {بِمَا تَعْمَلُونَ} بعملكم، أو بما يكون منكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 19 - {نَسُواْ اللَّهَ} تركوا أمره {فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} أن يعملوا لها خيراً، أو نسوا حقه فأنساهم حق أنفسهم، أو نسوا شكره وتعظيمه فأنساهم بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضاً، أو نسوه عند الذنوب فأنساهم أنفسهم عند التوبة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 {الْفَاسِقُونَ} العاصون أو الكاذبون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 20 - {الْفَآئِزُونَ} الناجون من النار، أو المقربون المكرمون. {لوْ أنزلنَا هذاَ القرءانَ علَى جَبَلٍ لرأيتهُ خاشعاً متصدِّعاً مِّنْ خشيةِ اللهِ وتلكَ الأمثالُ نضربهَا للناسِ لعلهمْ يتفكِّرونَ (21) هُوَ اللهُ الذِي لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ عالمُ الغيبِ والشهادةِ هُوَ الرحمنُ الرَّحِيمُ (22) هوَ اللهُ الذِي لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ الجبَّارُ المُتكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشركونَ (23) هُوَ اللهُ الخلاقُ البارئُ المُصَوِّرُ لهُ الأسماءُ الحسنىَ يسبِّحُ لهُ مَا في السمواتِ والأرضِ وهُوَ العزيزُ الحكيمُ (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 22 - {هُوَ اللَّهُ} قال جابر بن زيد اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية. {الْغَيْبِ وَالْشَّهَادَةِ} السر والعلانية " ع "، أو ما كان وما يكون، أو الدنيا والآخرة، أو ما يدرك وما لا يدرك من الحياة والموت والأجل والرزق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 23 - {الْمَلِكُ} " المالك "، أو الواسع القدرة " {الْقُدُّوسُ} المبارك، أو الطاهر، أو المنزه عن القبائح {السَّلامُ} مأخوذ من سلامته وبقائه [198 / أ] / وإذا وصف بمثله المخلوق قيل سالم، أو من سلامة عباده من ظلمه. {الْمُؤْمِنُ} خَلْقه من ظلمه، أو يصدقهم وعده، أو دعاهم إلى الإيمان {الْمُهَيْمِنُ} الشاهد على خلقه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 بأعمالهم وعلى نفسه بثوابهم، أو الأمين، أو المصدق، أو الحافظ قال عمر - رضي الله تعالى عنه -: إني داع فهيمنوا أي قولوا آمين حفظاً للدعاء لما يرجى من الإجابة أو الرحيم {الْعَزِيزُ} في امتناعه، أو انتقامه {الْجَبَّارُ} العظيم الشأن في القدرة والسلطان، أو الذي جبر خلقه على ما يشاء، أو جبر فاقة عباده، أو أذل له من دونه. {الْمُتَكَبِّرُ} عن النسيان [أو] عن ظلم عباده، أو المستحق لصفات الكبر والتعظيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 24 - {الْخَالِقُ} محدث الأشياء على إرادته، أو مقدرها بحكمته {البارئ} المنشئ للخلق، أو المميز له برئت منه تميزت {الْمُصَوِّرُ} للخلق على مشيئته، أو كل جنس على صورته، {الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى} جميع أسمائه حسنى لاشتقاقها من صفاته الحسنى، أو الأمثال العليا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 سورة الممتحنة مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذواْ عدوِّي وعدوكمْ أولياءَ تلقُونَ إليهمِ بالمودةِ وقدْ كفرواْ بِمَا جاءكُمْ مِّنَ الحقِّ يُخرجونَ الرسولَ وإياكمْ أن تؤمنواْ بالله ربِّكُمْ إن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً في سبيليِ وابتغآءَ مرضاتي تُسرُّونَ إليهم بالمودَّةِ وأناْ أعلمُ بمَا أخفيتمْ ومَا أعلنتمْ ومن يفعلهُ منكمْ فقدْ ضلَّ سواءَ السبيلِ (1) إن يثقفُوكُمْ يكونواْ لكُمْ أعداءً ويبْسُطُواْ إليكمْ أَيْدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُم بالسُّوءِ ووَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لن تنفعكُمْ أرحامُكُمْ ولاَ أولادُكُمْ يومَ القيامةِ يفصِلُ بينكُمْ واللهُ بِمَا تعملونَ بَصِيرٌ (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 1 - {لما أراد الرسول [صلى الله عليه وسلم] التوجه إلى مكة ورَّى لخيبر فأرسل حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بذلك ليحفظ ماله عندهم فاطلع الرسول [صلى الله عليه وسلم] على كتابه فاسترده ثم سأله فاعتذر بأنه فعل ذلك ليحموا ماله فقدره الرسول [صلى الله عليه وسلم] وصدقه ونزلت هذه الآية والتي بعدها {تُسِرُّونَ} تعلمونهم في السر أن بينكم وبينهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 مودة، أو تعلمونهم سراً بأحوال الرسول لمودة بينكم وبينهم. {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذي معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (4) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم (5) لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 4 - {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ} يا حاطب أسوة حسنة أو عبرة حسنة فهلا تبرأت يا حاطب من كفار مكة كما تبرأ إبراهيم والمؤمنون معه {إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} إلا استغفاره فلا تقتدوا به فيه، أو إلا إبراهيم فإنه استثنى أباه من قومه في الاستغفار له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 5 - {فِتْنَةً} لا تسلطهم علينا فيفتنونا " ع "، أو لا تعذبنا بعذاب منك ولا بأيديهم فيفتنوا بنا يقولون لو كانوا على حق لما عذبوا دعا بذلك إبراهيم. {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودةً والله قديرٌ والله غفورٌ رحيمٌ (7) لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 7 - {مَّوَدَّةً} بإسلامهم عام الفتح، أو نزلت في أبي سفيان والمودة تزوج الرسول [صلى الله عليه وسلم] ابنته أم حبيبة أن ولاه الرسول [صلى الله عليه وسلم] على بعض اليمن، فلما قبض الرسول [صلى الله عليه وسلم] أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً فقاتله فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 8 - {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} كان هذا في الابتداء عند موادعة المشركين ثم صارت منسوخة بالأمر بالقتال أو كان لخزاعة والحارث بن عبد مناة عهد فأمروا أن يبروهم بالوفاء به، أو أراد النساء والصبيان أمروا ببرهم، أو نزلت في قُتَيْلة امرأة أبي بكر [198 / ب] / كان قد طلقها في الجاهلية فقدمت على ابنتها أسماء بنت أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - في الهدنة فأهدت لها قرطاً وأشياء فكرهت قبوله حتى ذكرت للرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. {وتقسطوا} تعطوهم قسطاً من أموالكم أو تعدلوا فيهم فلا تغلوا في مقاربتهم ولا تسرفوا في مباعدتهم. {يأيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وءاتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهنّ إذا ءاتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسئلوا ما أنفقتم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم (10) وإن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنين (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 10 - {إذا جاءكم المؤمنات} لما هادن الرسول [صلى الله عليه وسلم] قريشاً على أن يرد إليهم من جاء منهم جاءت أميمة بنت بشر مسلمة أو سعيدة زوجة صيفي أو أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أو سُبَيْعَة الأسلمية فلما طلب المشركون الرد منع الله من ذلك نسخاً منه للرد عند من قال دخلن في العموم أو بياناً لخروجهن من العموم، وإنهن لم يشترط ردهن لسرعة انخداعهن إلى الكفر وحفظاً لفروجهن عند من قال لم يدخلن في العموم وإن كان ظاهراً في شمولهن {فَامْتَحِنُوهُنَّ} بالشهادتين أو بما في قوله {يبايعنك على ألا يشركن} الآية [12] أو تحلف بالله تعالى ما خرجت من بغض زوج، بالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، بالله ما خرجت التماس دنيا، بالله ما خرجت إلا حباً لله ورسوله {وآتوهم} آتوا الأزواج ما أنفقوا من المهور وهل يدفع إلى غير الأزواج من أهلهن فيه اختلاف {بِعِصَمِ} العصمة: الحبل أو العقد فإذا أسلم الكافر على وثنية فلا يجوز له التمسك بعصمتها إلا أن تسلم قبل انقضاء عدتها. ولما نزلت طلق جماعة من الصحابة أزواجهم من المشركات {واسألوا مَآ أَنفَقْتُمْ} من المهور إذا ارتد أزواجكم المسلمات ولحقن بالكفار من ذوي العهد المذكور ولا يجوز لأحد بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يشترط رد النساء المسلمات لأن الرسول [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 كان له وعد من الله بفتح بلادهم ودخولهم في الإسلام طوعاً وكرهاً فجاز له ما لم يجز لغيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 11 - {وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ} إذا فاتت المسلم زوجته بارتدادها إلى أهل العهد المذكور فلم يصل إلى مهرها منهم ثم غنمها المسلمون ردوا عليه مهرها مما غنموه " ع "، أو من مال الفيء أو من صداق من أسلمت منهن عن زوج كافر {فَعَاقَبْتُمْ} فغنمتم مأخوذ من معاقبة الغزو أو فأصبتم منهم عاقبة من قَتْل أو سَبْي أو عاقبتم المرتدة بالقتل فلزوجها المهر من الغنائم وهذا منسوخ لنسخ الشرط الذي شرطه الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية أو محكم. {يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروفٍ فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم (12) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 12 - {يبايعنك} لما دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم] مكة عام الفتح بايعه الرجال ثم جاءت النساء بعدهم للبيعة فبايعهن فجلس على الصفا وعمر - رضي الله تعالى عنه - دون الصفا فأمره أن يبايع النساء أو أمر أميمة أخت خديجة بنت خويلد بعدما أسلمت أن تبايع عنه النساء أو بايعهن بنفسه وعلى يده ثوب قد وضعه [199 / أ] / على كفه أو وضع ماء في قِعب وغمس يده فيه وأمرهن فغمسن أيديهن {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} كانوا يئدون الأولاد في الجاهلية {بِبُهْتَانٍ} بسحر أو المشي بالنميمة والسعي بالفساد أو أن يُلحقن بأزواجهن غير أولادهم كانت أحداهن تلتقط الولد وتلحقه بزوجها قاله الجمهور. {يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ} ما أخذته لقيطاً {وَأَرْجُلِهِنَّ} ما ولدنه من زنا {مَعْرُوفٍ} طاعة الله ورسوله أو ترك النوح أو خمش الوجه ونشر الشعر ورشق الجيب والدعاء بالويل أو عام في كل معروف مأمور به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 {ياأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوماً غضبَ الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفارُ من أصحاب القبورٍ (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 13 - {قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} اليهود أو اليهود والنصارى أو جميع الكفار {يَئِسُواْ} من ثواب الآخرة كما يئس الكفار من بعث من في القبور " ع " أو كما يئس الكفار المقبورون من ثوابها لمعاينة عقابها أو يئسوا من خير الآخرة كما يئسوا من خير أهل القبور أو يئسوا من البعث والرحمة كما يئس منها من مات منهم وقبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 سُورَة الصَّف مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (1) ياأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3) إنَّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 2 - قالوا لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لسارعنا إليه فلما فرض الجهاد تثاقلوا عنه فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لِمَ تَقَولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} " ع " أو نزلت في قوم كان أحدهم يقول قاتلت ولم يقاتل وطعنت ولم يطعن وصبرت ولم يصبر وضربت ولم يضرب، أو في المنافقين قالوا إن خرجتم وقاتلتم خرجنا وقاتلنا فلما خرجوا نكص المنافقون وتخلفوا أو أراد لم تقولون نفعل فيما ليس أمره إليكم فلا تدرون هل تفعلون أو لا تفعلون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 4 - {صَفّاً} كصف الصلاة لأنه بالتلاصق يكون أثبت لهم وأمنع لعددهم {مَّرْصُوصٌ} ملصق بعضه إلى بعض أو مبني بالرصاص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 {وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغَ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين (5) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحرٌ مبين (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 5 - {زَاغُواْ} عدلوا أو مالوا ولا يستعمل إلا في الميل عن الحق يريد بذلك الخوارج أو المنافقين أو عام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 6 - {مبشرا برسول} بشرهم به ليؤمنوا به عند مجيؤه أو ليكون مجيؤه معجزة مصدقة لعيسى {أحمد} اسم للرسول [صلى الله عليه وسلم] كمحمد أو اشتق من اسم الله تعالى المحمود قال حسان: (وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد) {ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين (7) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون (8) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (9) يأيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذابٍ أليمٍ (10) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (11) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ ومساكنَ طيبةً في جناتٍ عدنٍ ذلك الفوز العظيم (12) وأخرى تحبونها نصرٌ من الله وفتح قريبٌ وبشر المؤمنين (13) يأيها الذين ءامنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 7 - {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} اليهود والمنافقون أو النضر من بني عبد الدار قال إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 8 - {نُورَ اللَّهِ} القرآن يريدون إبطاله أو الإسلام يريدون دفعه بالكلام أو محمد يريدون هلاكه بالأراجيف أو حجج الله ودلائله يريدون إبطالها بتكذيبهم وإنكارهم أو مثل من أراد إبطال الحق بمن أراد إطفاء نور الشمس بفمه، قال كعب بن الأشرف: لما أبطأ الوحي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أربعين يوماً يا معشر اليهود [199 / ب] / أبشروا فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه وما كان الله ليتم أمره فحزن الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت ثم اتصل الوحي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 9 - {لِيُظْهِرَهُ} بالغلبة لأهل الأديان كلها، أو بالعلو على الأديان أو بعلمه بالأديان كلها ظهرت على سره: علمت به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 سورة الجمعة مدنية اتفاقاً بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم (1) هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين (2) وءاخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (4) مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين (5) قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (6) ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين (7) قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 2 - {الأُمِّيِّينَ} لأنهم لم ينزل فيهم كتاب أو لم يكونوا يكتبون، قريش خاصة لم يكونوا يكتبون حتى تعلم بعضهم في آخر الجاهلية من أهل الحيرة أو جميع العرب لأنه لم يكن لهم كتاب ولا كتب منهم إلا القليل ومنَّ عليهم بكونه أمياً لموافقة ذلك بشارة الأنبياء قبله أو لمشاكلته لهم ليكون أقرب إلى الموافقه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 أو لئلا يتهم بقراءة كتب الأولين. {وَيُزَكِّيهِمْ} يجعل قلوبهم زكية بالإيمان أو يطهرهم من الكفر والذنوب أو يأخذ زكاة أموالهم. {الْكِتَابَ} القرآن أو الخط بالقلم " ع " لأنه شاع فيهم لما أمروا بتقييد الشرع بالخط أو معرفة الخير والشر كما يعرف بالكتاب {وَالْحِكْمَةَ} السنة أو الفقه في الدين أو الفهم والاتعاظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 3 - {وآخرين} ويعلِّم آخرين ويزكيهم وهم المسلمون بعد الصحابة أو العجم بعد العرب أو الملوك أبناء الأعاجم أو الأطفال بعد الرجال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 4 - {فَضْلُ اللَّهِ} النبوة أو الإسلام أو ما ذكره الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قوله للفقراء في أهل الدثور {ذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يشاء} . {ياأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 9 - {فَاسْعَوْاْ} بالمشي على الأقدام من غير إسراع أو بنية القلوب أو بالعمل لها أو بإجابة الداعي {ذِكْرِ اللَّهِ} موعظة الخطبة أو الصلاة عند الجمهور أو الوقت، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 وكانوا يسمون الأيام في الجاهلية غير هذه الأسماء الأحد أول والأثنين أهون والثلاثاء جبار والأربعاء دبار والخميس مؤنس والجمعة عروبة والسبت شيار. (أؤمل أن أعيش وإن يومي ... بأول أو بأهون أو جبار) (أو التالي دبار " فإن أفُته " ... فمؤنس أو عروبة أو شيار} وأول من سماه الجمعة كعب بن لؤي لاجتماع قريش فيه إلى كعب أو في الإسلام لاجتماعهم فيه إلى الصلاة. {وَذَرُواْ الْبَيْعَ} فحرم البيع على المخاطب بالجمعة من بعد الزوال إلى الفراغ منها، أو من وقت آذان الخطبة إلى الفراغ من الصلاة والآذان الأول أحدثه عثمان - رضي الله تعالى عنه - ليتأهبوا لحضور الخطبة لما اتسعت المدينة وكثر أهلها وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - أمر بآذان في السوق قِبَل المسجد ليقوموا عن البيع فإذا اجتمعوا أذَّن في المسد فجعله عثمان آذانين في المسجد {ذَلِكُمْ} الصلاة خير من البيع والشراء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 10 - {فضل الله} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " ليس بطلب دنيا ولكن من عبادة مريض وحضور جنازة وزيادة أخ في الله تعالى أو البيع والشراء أو العمل يوم السبت. {وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خيرٌ من اللهوِ ومن التجارةِ والله خيرُ الرازقين (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 11 - {تِجَارَةَ أَوْ لَهْواً} قَدِمَ دَحْيةَ بعير عند مجاعة وغلاء وسعر وكان معه جميع ما يحتاجون [200 / أ] إليه من برود ودقيق وغيره فنزل عند أحجار الزيت وضرب بطبل ليؤذن بقدومه فانفضوا عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو في الخطبة فلم يبق معه إلا ثمانية أو اثنا عشر فقال: " والذي نفسي بيده لو ابتدرتموها حتى لم يبق معي منكم أحد لسان بكم الوادي ناراً ". {لَهْواً} لعباً " ع " أو الطبل أو المزمار أو الغناء {قَآئِماً} في الخطبة {إِلَيْهَا} لأن غالب انفضاضهم كان إلى التجارة دون اللهو فاقتصر على ذكرها أو تقديره تجارة انفضوا إليها أو لهواً. {انفَضُّواْ} ذهبوا أو تفرقوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 سورة المنافقين سورة المنافِقون مدنية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (1) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشبٌ مسندةٌ يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون (4) } سئل حذيفة عن المنافق فقال الذي يصف الإسلام ولا يعمل به وهم اليوم شر منهم على عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأنهم كانوا يكتمونه وهم اليوم يظهرونه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 1 - {نَشْهَدُ} نحلف عبر عن الحلف بالشهادة لأن كل واحد منهما إثبات لأمر غائب {وَاللَّهُ يشهد إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} فلا يضرك نفاق من نافق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 2 - {جُنَّةً} من القتل والسبي فعصموا بها دماءهم وأموالهم أو من الموت أن لا تصلي عليهم فيظهر للناس نفاقهم. {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} عن الإسلام بالتنفير أو عن الجهاد بتثبيط المسلمين عنه بالإرجاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 4 - {تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} لحسن منظرهم {تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} لحسن منطقهم {خُشُبٌ} شبهوا بالنخل القائمة لحسن منظرهم أو بالخشب النخرة لسوء مخبرهم أو لأنهم لا ينتفعون بسماع الهدى فصاروا كالخشب {مُّسَنَّدَةٌ} لاستنادهم إلى الإيمان لحقن دمائهم {يَحْسبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيهِمْ} لخبثهم لا يسمعون صيحة إلا ظنوا أن العدو قد أصطلمهم وأن القتل قد حل بهم أو يظنون عند كل صيحة أن قد فطن بهم وعلم نفاقهم لأن المريب خائف، أو يظنون عند كل صياح في المسجد أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد أمر بقتلهم فهم أبداً وجلون. {فَأحْذَرْهُمْ} أن تثق بقولهم أو احذر ممايلتهم لأعدائك وتخذيلهم لأصحابك {قَاتَلَهُمُ} لعنهم أو أحلهم محل من قاتله ملك قاهر لقهر الله تعالى لكل معاند {يُؤْفَكُونَ} يكذبون أو يعدلون عن الحق أو يصرفون عن الرشد أو كيف تضل عقولهم عن هذا؟ {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسولُ الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون (5) سواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (6) هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون (7) يقولون لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 5 - {لَوَّوْاْ} لما [كانت غزوة تبوك] قال ابن أُبي {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 الأذل} فارتحل الرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن ينزل الناس فقيل لابن أُبيَّ ائت الرسول حتى يستغفر لك فلوَّى رأسه استهزاءً وامتناعاً من إتيانه، أو لوَّاه بمعنى ماذا قلت. {يَصُدُّونَ} يمتنعون، أو يعرضون عما دعوا إليه من استغفار الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو عن إخلاص الإيمان {مُّسْتَكْبِرُونَ} متكبرون أو ممتنعون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 7 - {لا تنفقوا} لما قال [200 / ب] / ابن أبي مرجع الرسول [صلى الله عليه وسلم] من غزوة بني المصطلق وقد جرت مشاجرة بين بعض المهاجرين والأنصار يا معشر الأوس والخزرج ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك أوطأنا هذا الرجل ديارنا وقاسمناهم أموالنا ولولاها لانفضوا عنه {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأذل} فبلغت الرسول [صلى الله عليه وسلم] فاعتذر له قومه فنزلت هذه الآية والتي بعدها {خزائن السموات} المطر وخزائن {الأَرْضِ} النبات أو خزائن السماوات ما قضاه وخزائن الأرض ما أعطاه. {ياأيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون (9) وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين (10) ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبيرٌ بما تعملون (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 9 - {عَن ذِكْرِ اللَّهِ} الصلاة المكتوبة أو عامة في جميع الفرائض أو الجهاد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 10 - {وَأَنفِقُواْ} زكاة المال أو صدقة التطوع ورفد المحتاج ومعونة المضطر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 سُورَةُ التَغَابُنِ مدنية عند الأكثر أو مكية أو مكية مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (1) هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير (2) خلق السموات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير (3) يعلمُ ما في السمواتِ والأرضِ ويعلمُ ما تسرونَ وما تُعْلِنُونَ واللهُ عليمٌ بذاتِ الصُّدُورِ (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 2 - {فمنكم كافر} بأنه خلقه {ومؤمن} بأنه خلقه أو كافر به وإن أقر بأنه خالقه ومؤمن به وفيه محذوف تقديره ومنكم فاسق " ح " أو لا تقدير فيه بل ذكر الطرفين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 3 - {بِالْحَقِّ} للحق قاله الكلبي {وَصَوَّرَكُمْ} آدم، أو جميع الخلق {فَأحْسَنَ صُوَرَكُمْ} في العقول أو في المنظر أو أحكم صوركم. {ألمْ يأتكُمْ نبؤاْ الذينَ كفرواْ من قَبْلُ فذاقواْ وَبَالَ أمْرِهِمْ ولهمْ عذابٌ أليمٌ (5) ذلكَ بأنَّهُ كانَت تأتيهمْ رُسُلُهُمْ بالبينَّاتِ فقالواْ أَبَشَرٌ يهدونَنَا فكفرواْ وتولَّواْ واستغْنَى اللهُ واللهُ غَنَيٌّ حَمِيدٌ (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 6 - {أَبَشَرٌ} استحقروا البشر أن يكونوا رسلاً لله إلى أمثالهم والبشر والإنسان واحد فالبشر من ظهور البشرة والإنسان من الأنس أو من النسيان. {فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ} عن الإيمان {وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ} بسلطانه عن طاعة عباده أو بما أظهر لهم من البرهان عن زيادة تدعوهم إلى الرشد {غَنِىٌّ} عن أعمالكم أو صدقاتكم {حَمِيدٌ} مستحمد إلى خلقه بإنعامه عليهم أو مستحق لحمدهم. {زَعَمَ الذينَ كفرواْ أن لَّن يُبْعثُواْ قُلْ بلَى وربِّي لتبْعَثُنَّ ثمَّ لتنبَّؤُنَّ بِمَا عملتُمْ وذلكَ على اللهِ يسيرٌ (7) فآمنواْ باللهِ ورسُولِهِ والنُّورِ الذِي أنزلنَا واللهُ بمَا تعملُونَ خَبيرٌ (8) يومَ يجمعُكُمْ ليومِ الجمعْ ذلكَ يَوْمُ التغابنِ وَمَن يُؤْمِن باللهِ ويَعْمَلْ صالحاً يُكَفِّرْ عنْهُ سيِّئاتِهِ ويُدْخِلْهُ جنَّاتٍ تجرِي من تحتِهَا الأنهارُ خالدينَ فيها أبداً ذَلِكَ الفوْزُ العَظِيمُ (9) والذِينَ كفرواْ وكَذَّبُواْ بآياتناْ أولئكَ أصحابُ النَّارِ خالدِينَ فيهَا وبِئْسَ المَصِيرُ (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 7 - {زَعَمَ} كُنْية الكذب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 9 - {الْجَمْعِ} بين كل نبي وأمته أو بين المظلومين والظالمين {يَوْمُ التَّغَابُنِ} من أسماء القيامة أو غبن فيه أهل الجنة [أهل النار] أو يغبن فيه المظلوم الظالم. {مَآ أصابَ من مُّصِيبةٍ إلاَّ بإذْنِ اللهِ وَمَن يُؤْمِن باللهِ يهدِ قلبهُ واللهُ بكُلِّ شيءٍ عليمٌ (11) وأطيعواْ اللهَ وأطيعواْ الرَّسُولَ فإِن تولَّيْتُمْ فإِنَّمَا عَلَى رسُولِنَا البلاغُ المبينُ (12) اللهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فليَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 11 - {بِإِذْنَ اللَّهِ} بأمره أو بحكمه {يَهْدِ قَلْبَهُ} يؤمن قلبه لله أو يعلم أنه من عند الله فيرضى به أو يسترجع أو إذا ابتلي صبر وإذا أنعم عليه شكر وإذا ظُلم غفر. {ياأيها الذينَ ءامنواْ إنَّ مِنْ أزوجاكمْ وأولادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فاحذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وتغفرواْ فإنَّ اللهَ غفورٌ رَّحيمٌ (14) إنَّمآ أمْوالُكُمْ وأَولادُكُمْ فِتْنَةٌ واللهُ عندهُ أجرٌ عظيمٌ (15) فاتَّقواْ اللهَ مَا استطعتُمْ واسمَعُواْ وأَطيعوُاْ وأنفِقُواْ خيْراً لأنفُسِكُمْ ومَن يوقَ شُحَّ نفسِهِ فأُولئِكَ هُمُ المفلِحُونَ (16) إن تُقْرِضُواْ اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضعِفْهُ لَكُمْ ويَغْفِرْ لكمْ واللهُ شَكُورٌ حَليمٌ (17) عَالمُ الغيبِ والشَّهَادةِ العَزيزُ الحكيمُ (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 14 - {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} نزلت في قوم أسلموا بمكة فأرادوا الهجرة فمنعهم أزواجهم وأولادهم أو منهم من لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية وكبر ذلك عداوة أو منهم من يأمر بقطع الرحم ومعصية الله ولا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه أو منهم من يخالفك في دينك فصار بذلك عدواً أو منهم من يحملك على طلب الدنيا والاستكثار منها {وَإِن تَعْفُواْ} عن الظالم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 {وتَصْفَحُواْ} عن الجاهل {وَتَغْفِرُواْ} للمسيء {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} للذنب {رَّحِيمٌ} بالعباد. لما هاجر بعض من منعه أهله من الهجرة فلم يقبل منهم قال لئن رجعت إلى أهلي لأفعلن ولأفعلن ومنهم من قال لا ينالون مني خيراً أبداً فلما كان عام الفتح أمروا بالعفو والصفح عن أهاليهم [201 / أ] / ونزلت هذه الآية فيهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 15 - {فِتْنَةٌ} بلاء أو محنة يكن بهما عن الآخرة ويتوفر لأجلهما على الدنيا أو يشح لأجل أولاده فيمنع حقوق الله من ماله الولد مبخلة مجهلة محزنة مجبنة {أَجْرٌ عَظِيمٌ} الجنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 16 - {مَا اسْتَطَعْتُمْ} جهدكم أو أن يطاع فلا يعصى أو ما يتطوع به من نافلة أو صدقة لما نزلت {اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] اشتد عليهم فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فنسخها الله تعالى بهذه الآية. {وَاسْمَعُوا} كتاب الله تعالى {وَأَنفِقُواْ} في الجهاد أو الصدقة " ع " أو نفقة المؤمن لنفسه {شُحَّ نَفْسِهِ} هواها أو ظلمها أو منع الزكاة فمن أعطاها فقد وقي شح نفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 17 - {قَرْضاً} نفقة الأهل أو النفقة في سبيل الله أو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. {حَسَناً} طيبة بها نفسه أو لا يمتن بها {يُضَاعِفْهُ} بالحسنة عشراً أو ما لا يحد من تفضله {شَكُورٌ} للقليل من أفعالنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 {حليم} عن ذنوبنا أو {شكور} بمضاعفة الصدقة {حَلِيمٌ} بأن لا يعاجل عقوبة مانع الزكاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 سُورَةُ الطَّلاَقِ مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ياأيها النَّبِيُّ إذا طلَّقْتُمُ النساءَ فطَلِّقوهُنَّ لعدَّتِهِنَّ وأحصواْ العِدَّةَ واتَّقواْ اللهَ ربَّكُمْ لاَ تخْرِجُوهُنَّ مِن بيوتِهِنَّ ولاَ يخْرُجْنَ إلاَّ أن يأتينَ بفاحِشَةٍ مُّبيِّنَةٍ وتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (1) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 1 - {يا أيها النَّبِىُّ} خوطب به وهو عام لأمته نزلت لما طلق الرسول [صلى الله عليه وسلم] حفصة فأوحي إليه أن يراجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك في الجنة {لِعِدَّتِهِنَّ} في الطهر من غير جماع وجمع الثلاث بدعة أو ليس ببدعة فإن طلقها حائضاً أو في طهر جماع وقع أو لا يقع {وَاتَّقُواْ اللَّهَ} في المطلقات {لا تُخْرِجُوهُنَّ} في عدتهن {بِفَاحِشَةٍ} الزنا فتخرج لإقامة الحد أو بُذَاء على أحمائها " ع " أو كل معصية لله أو خروجها من بيتها تقديره إلا أن يأتين بفاحشة بخروجهن {وَتِلْكَ حُدُودُ الله} طاعته أو شروطه أو سننه وأمره {يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ} لم يرض بها أو خالفها {ظَلَمَ نَفْسَهُ} بترك الرضا لأنه يأثم به أو بإضراره بالمرأة بإيقاع الطلاق في غير الطهر المشروع {أَمْراً} بالرجعة اتفاقاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 {فإذَا بَلَغْنَ أجلهنَّ فأمسكُوهُنَّ بمعروفٍ أوْ فارِقُوهُنَّ بمعروفٍ وأشهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقيمواْ الشَّهَادةَ للَّهِ ذلكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الأخرِ وَمَن يتَّقِ اللهَ يجعل لَّهُ مخرجاً (2) ويرزقهُ مِنْ حيثُ لا يحتسبُ وَمَن يتوَكَّلْ علَى اللهِ فهُوَ حسبُهُ إنَّ اللهَ بالَغُ أمرِهِ قد جَعَلَ اللهُ لكلِّ شيءٍ قدراً (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 2 - {بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربنه {فَأَمْسِكُوهُنَّ} ارتجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} طاعة الله في الشهادة أو أن لا يقصد إضرارها بتطويل العدة {فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} أن يتركها في منزلها حتى تنقضي عدتها {وَأَشْهِدُواْ} على الرجعة فإن لم يشهد فقولان في صحتها. {مَخْرَجاً} ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرى أو علمه بأنه من الله وأنه هو والمعطي المانع أو قناعته برزقه أو مخرجاً من الباطل إلى الحق ومن الضيق إلى السعة أو من يتق بالطلاق في العدة يجعل له مخرجاً بالرجعة وأن يكون كأحد الخطاب بعد انقضائها، أو بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجاً من النار إلى الجنة، أو نزلت في مالك الأشجعي أُسِرَ ابنه عوف فشكا ذلك إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع ضر أصابه فأمره بالإكثار من الحوقلة [201 / ب] / فأفلت ابنه من الأسر واستاق معه سرحاً للكفار فأتى أباه فأخبره أبوه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وسأله عن الإبل فقال اصنع بها ما أحببت فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 3 - {بَالغُ أَمْرِهِ} قاضٍ أمره فيمن توكل ومن لم يتوكل إلا أن من توكل يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً {قَدْراً} أجلاً ووقتاً أو منتهى وغاية أو مقداراً واحداً فإن كان فعلاً للعبد فهو مقدر بأمر الله وإن كان فعلاً لله فهو مقدر بمشيئته أو بمصلحة عباده. {واللائى يئسنَ مِنَ المحيضِ مِن نسائكُمْ إنِ ارتبتُمْ فعدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشْهُرٍ واللائى لم يحضْنَ وأولاتُ الأحمالِ أَجلُهُنَّ أن يضعْنَ حملهنَّ ومن يتَّقِ اللهَ يجعل لهُ منْ أمرِهِ يُسْراً (4) ذلكَ أمرُ اللهِ أنزلَهُ إليكمْ ومن يتَّقِ اللهَ يكفرْ عنهُ سيئاتِهِ ويعظمْ لهُ أجراً (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 4 - {إِنِ ارْتَبْتُمْ} بدمها هل هو حيض أو استحاضة أو بحكم عدتها فلم تعلموا بماذا يعتدون. قالوا قد بقي من عِدَد النساء عِدد لم يذكرن الصغار والكبار المنقطع حيضهن وذوات الحمل فنزلت {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ} بطلاق السنة ييسر أمره بالرجعة أو باجتناب المعصية يَسَّر أمره بالتوفيق للطاعة. {أسكنوهُنَّ منْ حيثُ سكنتُم مِّن وُجدكم ولاَ تضاروهنَّ لتضيقواْ عليهنَّ وإن كنَّ أولاتِ حمْلٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 فأنفقوا عليهنَّ حتَّى يضعنَ حملهنَّ فإنْ أرضعنَ لكُمْ فآتُوهُنَّ أجورهُنَّ وأتمرواْ بينكم بمعروفٍ وإن تعاسرتُمْ فسترضعُ لهُ أخرَى (6) لينفقْ ذو سعةٍ من سعتِهِ ومَن قُدِرَ عليْهِ رزْقُهُ فلينفقْ ممَّا ءاتاهُ اللهُ لا يكلِّفُ اللهُ نفساً إلاَّ ما ءاتاها سيجعَلْ اللهُ بعد عُسْرٍ يُسراً (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 6 - {وُجْدكم} سعتكم أو قوتكم أو طاقتكم أو مما تجدون {لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ} في المساكن أو النفقة {فَإِنْ أَرْضَعْنَ} أي المطلقات {فَآتُوهُنَّ} أجرة الرضاع لوجوب النفقة على الآباء {وائتمروا} تشاوروا أو تراضوا في إرضاع الولد إذا وقعت بينكما الفرقة {تَعَاسَرْتُمْ} تضايقتم أو إختلفتم {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} وإن اختلفا فطلبت الأم الإرضاع وامتنع الأب أو طلبه الأب فامتنعت الأم والولد لا يقبل ثدي غيرها أجبر الممتنع وإن أعسر الأب بالأجرة لزمها الإرضاع للولد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 7 - {ما آتاها} نفقة المرضع بقدر المكنة أو لا يكلف بصدقة ولا زكاة ولا مال له أو لا يكلفه فريضة إلا بحسب قدرته. {وكأيِّنِ من قريةٍ عتتْ عن أمرِ ربِّها ورسلِهِ فحاسبناهاَ حساباً شديداً وعذَّبناها عذاباً نُّكْراً (8) فذاقتْ وَبَالَ أمرِهَا وَكَانَ عاقبةُ أمرِهَا خُسراً (9) أَعَدَّ اللهُ لهمْ عذاباً شديداً فاتقوا الله يأولي الألباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكمْ ذكراً (10) رَّسولاً يتلواْ عليكمْ ءاياتِ اللهِ مبيِّناتٍ ليخرجَ الذينَ ءامنواْ وعملواْ الصالحاتِ مِنَ الظلماتِ إلى النورِ ومن يؤمن باللهِ ويعملْ صالحاً يدخلهُ جناتٍ تجري من تحتِهَا الأنهارُ خالدينَ فيها أبداً قد أحسنَ اللهُ لهُ رزقاً (11) } 10 - {ذِكْراً} القرآن. 11 - {رَّسُولاً} جبريل عليه السلام. فيكون الذكر والرسول منزلين أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 محمد [صلى الله عليه وسلم] تقديره وبعث رسولاً نزلت في مؤمني أهل الكتاب " ع " {الظُّلُمَاتِ} الجهل و {النُّورِ} العلم أو ظلمات المنسوخ إلى ضياء الناسخ أو الباطل إلى الحق. {اللهُ الذي خَلَقَ سبعَ سموتٍ ومِنَ الأرضِ مثلهنَّ يتنزلُ الأمرُ بينهنَّ لتعلمواْ أنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنَّ اللهَ قدْ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 12 - {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} اتفقوا أن السموات بعضها فوق بعض {وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} سبع أرضين منبسطة ليس بعضها فوق بعض تفرق بينهن البحار ويظل جميعهن السماء " ع " وقال الجمهور سبع أرضين بعضها فوق بعض في كل أرض خلق تقلهم تلك الأرض وتظلهم أرض أخرى ولا تصل إلينا إلا الأرض العليا التي نحن عليها فعلى هذا إن كان منهم من يعقل فلا يلزمه دعوة الإسلام ولهم ضياء خلقه الله تعالى في أراضيهم عند من رأى الأرض كرية فلا يشاهدون السماء أو يشاهدونها من كل جوانب أرضهم فيرون منها الضياء عند من رأى الأرض منبسطة. {الأَمْرُ} الوحي {بَيْنَهُنَّ} الأرض العليا والسماء السابعة وقال الأكثر الأمر قضاؤه وقدره {بَيْنَهُنَّ} بين أقصى الأرضين والسماء العليا {لِتَعْلَمُواْ} خلق هذا الملك العظيم لتعلموا أنه قادر على كل شيء [202 / أ] / قدير وإنه على ما بينهما من الخلق أقدر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 سُورَةُ التَّحْرِيم مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يا أيها النبي لمَ تحرِّمُ ما أحلَّ اللهُ لَكَ تبتَغِى مرضَاتَ أزواجِكَ واللهُ غفورٌ رحيمٌ (1) قدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانِكُمْ واللهُ مولاكُمْ وهُوَ العليمُ الحكيمُ (2) وإذْ أسرَّ النبيُّ إلى بعضِ أزواجِهِ حديثاً فلمَّا نبَّأتْ به وأظهرهُ اللهُ عليهِ عرَّفَ بعضهُ وأعرضَ عن بعضٍ فلمَّا نبَّأها به قالتْ مَنْ أنبأك هذا قال نبأني العليمُ الخبيرُ (3) إن تتوبا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وإن تظاهرا عليه فإنَّ اللهَ هُوَ مولاهُ وجبريلُ وصالحُ المؤمنينَ والملائكةُ بعدَ ذلكَ ظهيرٌ (4) عَسَى ربُّهُ إن طلقكنُّ أن يبدلهُ أزواجاً خيراً منكنَّ مسلماتٍ مؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَبِدَاتٍ سَئِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وأَبْكَاراً (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 5 - {لِمَ تُحَرِّمُ} أراد المرأة التي وهبته نفسها فلم يقبلها " ع " أو سقته حفصة أو سودة أو أم سلمة عسلاً فحسدها نساؤه فقلن للرسول [صلى الله عليه وسلم] نجد منك ريح المغافير فقال شربت عسلاً فقلن جَرَستْ نحلُه العُرْفُط فحرمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 على نفسه أو خلا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بمارية في بيت حفصة لما خرجت لزيارة أبيها فلما عادت وعلمت عتبت فحرم مارية إرضاءاً لحفصة وقال لا تخبرين أحداً من نسائي فأخبرت به عائشة - رضي الله تعالى عنها - لمصافاة كانت بينهما وكانتا تتظاهران على نسائه فحرم مارية وطلق حفصة وجعل على نفسه أن يحرم سائر نسائه شهراً فاعتزلهن شهراً فنزلت هذه الآية فراجع حفصة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 واستحل مارية وعاد إلى سائر نسائه " ح " وحلف يميناً حرمها بها فعوتب على ذلك وأمر بتكفير يمينه أو حرمها بغير يمين فكان التحريم موجباً لكفارة اليمين " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 2 - {فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ} بَيَّن المَخْرج من أيمانكم أو قدر كفارة حنثها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 3 - {حَدِيثاً} أسر إلى حفصة تحريم مارية فلما ذكرته لعائشة وعلم الرسول ذلك عرفها بعض ما ذكرت {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} أدباً وإبقاءاً، أو أسرَّ إليها تحريم مارية وبشرها أن أبا بكر خليفته من بعده وأن أباها الخليفة بعد أبي بكر فذكرتهما لعائشة فلما اطلع على ذلك عرَّف ذلك التحريم {وَأَعْرَضَ} عن ذكر الخلافة لئلا ينتشر {وعَرَف} مخففاً غضب منه وجازى عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 4 - {إِن تَتُوبَآ} يا عائشة وحفصة من الإذاعة والمظاهرة أو من السرور بما ذكره الرسول [صلى الله عليه وسلم] من التحريم. {صَغَتْ} زاغت أو مالت أو أثمت {تَظَاهَرَا) تتعاونا على معصيته {مَوْلاهُ) {وليه} (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} الأنبياء أو الملائكة أو الصحابة أو علي أو أبو بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهم - {ظهير) أعوان للرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 5 - {خَيْراً مِّنكُنَّ} مع أنهن خير نساء ألأمة أي أطوع منكن أو أحب إليه منكن أو خيراً منكن في الدنيا {مُسْلِمَاتٍ} مخلصات أو يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة كثيراً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 أو مسلِّمات لأمر الله تعالى ورسوله {مُّؤْمِنَاتٍ} مصدقات بما أمرن به ونهين عنه {قَانِتَاتٍ} مطيعات أو راجعات عما يكرهه الله تعالى إلى ما يحبه {تَآئِبَاتٍ} من الذنوب أو راجعات إلى أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] تاركات لمحابهن عابدات لله أو متذللات للرسول [صلى الله عليه وسلم] بالطاعة. {سَآئِحَاتٍ} صائمات لأن الصائم كالسائح في السفر بغير زاد أو مهاجرات لسفرهن للهجرة {ثَيِّبَاتٍ} كامرأة فرعون {وَأَبْكَاراً} كمريم ابنة عمران سميت الثيب لأنها راجعة إلى زوجها إن أقام معها أو إلى غيره إن فارقها أو لأنها ثابت إلى بيت أبويها وهذا أصح والبكر لأنها على أول حالتها التي خلقت عليها. {يأيها الذينَ ءامنواْ قوا أنفسكم وأهليكمْ ناراً وقودُهَا النَّاسُ والحجارةُ عليهَا ملائكةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لاَّ يعصونَ اللهَ ما أمرهمْ ويفعلونَ ما يؤمرونَ (6) يأيها الذين كفرواْ لا تعتذرواْ اليومَ إنما تجزون ما كنتم تعملون (7) يأيها الذين ءامنوا توبواْ إلى اللهِ توبةً نَّصوحاً عسَى ربُّكُمْ أن يُكَفَّرَ عنكمْ سيئاتكمْ ويدخلكُمْ جنَّاتٍ تجرِى من تحتِهَا الأنهارُ يومَ لاَ يخزِى اللهُ النبيَّ والذينَ ءامنواْ معهُ نُورُهُمْ يسعى بينَ أيديهم وبأيمانهمْ يقولونَ ربَّنَا أتممْ لَنَا نورَنَا واغفر لنا إنكَ علَى كلِّ شيءٍ قدِيرٌ (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 6 - {يا أيها الذين آمنوا} قال خيثمة كل ما في القرآن [202 / ب] / " يا أيها الذين آمنوا " فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - إذا قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا " فارعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه {قُواْ أَنفُسَكُمْ} اصرفوا عنها النار {وَأَهْلِيكُمْ} فليقوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 أنفسهم أو قوا أنفسكم ومروا أهليكم حتى يقيكم الله تعالى بهم " ع " أو أنفسكم بأفعالكم وأهليكم بوصيتكم إياهم بالطاعة وترك المعصية أو بتعلم الفروض وآداب الدنيا أو بتعلم الخير والأمر به وتعلم الشر والنهي عنه {وَالْحِجَارَةُ} المعبودة أو حجارة الكبريت أو ذكر الحجارة لينبه على أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في أحراق الناس {غِلاظٌ} القلوب {شداد} الأبدان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 8 - {نصوحا} ناصحة صادقة أو أن يبغض الذنب ويستغفر منه إذا ذكره أو أن لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها أو لا يحتاج معها إلى توبة أو لا يعود إلى الذنب الذي تاب منه أبداً. والنصوح من النصاحة وهي الخياطة لأنها أحكمت الطاعة كما يحكم الخياط الثوب بالخياطة، أو لأنها تجمع بينه وبين أولياء الله تعالى وتلصقه بهم كما يجمع الخياط الثوب ويلصق بعضه ببعض {ونُصُوحاً} توبة نصح لأنفسهم. {يا أيها النبيُّ جاهدِ الكُفَّارَ والمنافقينَ واغلُظْ عليهمْ ومأواهمْ جهنَّمُ وبئسَ المصيرُ (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 9 - {جَاهِدَ الْكُفَّارَ} بالسيف {وَالْمُنَافِقِينَ} بالغلظة أو بالقول " ع " أو بإقامة الحدود أو بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وليلقهم بوجه مكفهر {واغلظ} بالقول والزجر أو بالإبعاد والهجر ". {ضَرَبَ اللهُ مثلاً للذينَ كفرواْ امرأتَ نوحٍ وامرأتَ لوطٍ كانَتَا تَحْتَ عَبْدِيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صالحيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فلم يغنيا عنهما مِنَ اللهِ شيئاً وَقِيلَ ادخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللهُ مثلاً للذينَ ءامنواْ امرأتَ فِرعونَ إذْ قالتْ ربِّ ابنِ لِى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 عندكَ بيتاً في الجنةِ ونجنِي من فرعوْنَ وعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظالمِينَ (11) وَمَرْيمَ ابنتَ عمرانَ التي أحصنتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بكلِماتٍ ربِّهَا وكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القانِتينَ (12) } 10 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 11 - {فَخَانَتَاهُمَا} بالكفر أو النفاق " ع " ما بغت امرأة نبي قط أو بالنميمة إذا أوحي إليهما أفشتاه إلى المشركين أو كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون وتخبر الجبابرة بمن آمن به. وإذا نزل بلوط ضيف دخنت امرأته لتعلم قومها به لما كانوا عليه من إتيان الرجال. {فَلَمْ يُغْنِيَا} عن امرأتهما شيئاً من عذاب الله. مَثَلٌ ضربه الله تعالى يحذرهما به لعائشة وحفصة لما تظاهرتا على رسوله ثم ضرب لهما مثلاً بمريم وامرأة فرعون لما اطلع فرعون على إيمانها خرج إلى الملأ فقال: ما تعلمون من آسية بنت مزاحم فأثنوا عليها خيراً قال: فإنها تعبد رباً غيري قالوا اقتلها فأوتد أوتاداً وشدَّ يديها ورجليها فقالت {رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ} الآية فنظرت إلى بيتها في الجنة فضحكت فقال: فرعون ألا تعجبون من جنونها إنا لنعذبها وهي تضحك فقبضت روحها {وَعَمَلهِ} الشرك أو الجماع {الظَّالِمِينَ} أهل مصر أو القبط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 12 - {فرجها} جيبها {كلمات رَبِّهَا) {الإنجيل} (وَكُتُبِهِ} الزبور أو قول جبريل عليه السلام {إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ} الآية [مريم: 19] وكتبه الإنجيل أو كلمات ربها عيسى وكتبه الإنجيل {القانتين} المطيعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 سُورَةُ المُلكِ مكية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {تَبَاركَ الذِي بيدهِ الملكُ وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ (1) الذي خلقَ الموتَ والحياةِ ليبلوكمْ أيكمْ أحسنُ عملاً وهوَ العزيزُ الغفورُ (2) الذي خلقَ سبعَ سمواتٍ طباقاً ما تَرىَ في خلق الرحمنِ من تفاوتْ فارجعِ البصرَ هل ترى من فطورٍ (3) ثمَّ ارجعِ البصرَ كرتينِ ينقلبْ إليكَ البصرُ خاسئاً وهو حسيرٌ (4) ولقدْ زيَّنَا السماءَ الدنيا بمصابيحَ وجعلناها رجوماً للشياطينِ وأعتدنا لهمْ عذابَ السَّعِيرِ (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 1 - [203 / أ] / {تَبَارَكَ} تفاعل من البركة " ع " وهو أبلغ من المبارك لاختصاص الله تعالى به واشتراك الخلق في المبارك أو بارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة أو علا وارتفع {الْمُلْكُ} ملك النبوة أو ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 2 - {الْمَوْتَ} خلقكم للموت في الدنيا {وَالْحَيَاةَ} في الآخرة أو خلقهما جسمين الموت في صورة كبش أملح والحياة في صورة فرس مأثور حكاه الكلبي ومقاتل {أَحْسَنُ عَمَلاً} أتم عقلاً أو أزهد في الدنيا أو أورع عن محارم الله وأسرع في طاعته مأثور أو أكثر ذكراً للموت وحذراً منه واستعداداً له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 3 - {طِبَاقاً} متشابهة هذا مطابق لهذا أي شبيه به أو بعضها فوق بعض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 وسبع أرضين بعضها فوق بعض بين كل سماء وأرض خلق وأمر " ح " {تَفَاوُتٍ} اختلاف أو عيب أو تفرق " ع " أو لا يفوت بعضه بعضاً {فَأرْجِعِ الْبَصَرَ} فانظر إلى السماء {فُطُورٍ} شقوق أو خلل أو خروق أو وهن " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 4 - {كَرَّتَيْنِ} انظر إليها مرة بعد أخرى قيل أراد بالمرتين قلباً وبصراً {ينقلب} يرجع إليك البصر خاسئاً لأنه لا يرى فطوراً فينفذ {خَاسِئاً} ذليلاً " ع " أو منقطعاً أو كليلاً أو مبعداً خسأت الكلب أبعدته {حَسِيرٌ} نادم أو كليل ضعيف عن إدراك مداه " ع " أو منقطع من الإعياء. {وللذين كفرواْ بربهمْ عذابُ جهنَّمَ وبئسَ المصيرُ (6) إذا ألقواْ فيها سمعواْ لها شهيقاً وهي تفورُ (2) تكادُ تميَّزُ من الغيظِ كلما ألقيَ فيها فوجٌ سألهمْ خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ (8) قالواْ بلَى قدْ جاءنا نذيرٌ فكذَّبنا وقلنا ما نزَّلَ اللهُ من شيءٍ إنْ أنتمْ إلا في ضلالٍ كبيرٍ (9) وقالواْ لوْ كُنَّا نسمعُ أوْ نعقِلُ ما كنَّا في أصحابِ السعيرِ (10) فاعترفواْ بذنبهمْ فسحقاً لأصحابِ السعِيرِ (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 7 - {شَهِيقاً} سمعوه من أنفسهم أو شهيقاً تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف " ع " والشهيق في الصدر أو الصياح أو الشهيق في الصدر وهو أول نهيق الحمار، الزفير في الحلق والشهيق في الصدر لبعده منه جبل شاهق لبعده في الهواء {تَفُورُ} تغلي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 8 - {تَمَيَّزُ} تنقطع أو تتفرق " ع " {الْغَيْظِ} الغليان أو غضباً لله تعالى عليهم وانتقاماً منهم، النذير: الرسول والنبي أو النذير من الجن والرسل من الإنس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 11 - {فَسُحْقاً} فبعداً يعني جهنم أو اسم وادٍ فيها. {إنَّ الذينَ يخشونَ ربهمْ بالغيبِ لهمْ مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ (12) وأسرُّواْ قولكمْ أو اجهرواْ بهِ إنهُ عليمٌ بذاتِ الصدورِ (13) ألا يعلمْ من خلقَ وهوَ اللطيفُ الخبيرُ (14) هُوَ الذي جعلَ لكُمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 الأرضَ ذلولاً فامشواْ في مناكبها وكلواْ من رزقهِ وإليهِ النشورُ (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 12 - {بِالْغَيْبِ} الله تعالى وملائكته أو الجنة والنار أو القرآن أو الإسلام أو القلب أو إذا خلا فذكر ذنبه استغفر {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} بالتوبة والاستغفار أو بخشية ربهم بالغيب أو حلو باجتناب الذنوب محل المغفور له {وَأَجْرٌ كبير} الجنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 15 - {ذَلُولاً} مذللة سهلة، {مَنَاكِبِهَا} جبالها " ع " أو أطرافها أو طرقها أو منابت أشجارها وزرعها {رزقه} الحلال أو مما أنبته لكم. {ءأمنتم من في السماءِ أن يخسفَ بكُمُ الأرضَ فإذا هيَ تمورُ (16) أمْ أمنتمُ مَّن في السماءِ أن يُرسِلُ عليكمْ حاصباً فستعلمونَ كيفَ نذيرٍ (17) ولقدْ كذَّبَ الذينَ من قبلهمْ فكيفَ كانَ نكيرِ (18) أَوَلَمْ يرواْ إلى الطيرِ فوقهمْ صافاتٍ ويقبضنَ ما يمسكهنَّ إلاَّ الرحمنُ إنَّهُ بكلِّ شيءٍ بَصِيرٌ (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 16 - {مَّن فِى السَّمَآءِ} الله " ع " أو الملائكة {تَمُورُ} تتحرك أو تدور أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 تسيل ويجري بعضها في بعض. {أمَّنْ هذا الذي هوَ جندٌ لكمْ ينصرُكُمْ من دونِ الرحمنِ إن الكافرونَ إلاَّ في غرورٍ (20) أمَّنْ هذا الذي يرزقكمْ إن أمسكَ رزقهُ بلْ لجواْ في عتوٍّ ونفورٍ (21) أفمن يمشي مكبًّا على وجههِ أهدَى أمَّن يمشِى سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ (22) قلْ هُوَ الذي أنشأكمْ وجعلَ لكمْ السمعَوالأبصارَ والأفئدةَ قليلاً ما تشكرونَ (23) قلْ هُوَ الذي ذرأكمْ في الأرضِ وإليهِ تحشرونَ (24) ويقولونَ متى هذا الوعدِ إن كنتمْ صادقينَ (25) قل إنما العلمُ عندَ اللهِ وإنما أنا نذيرٌ مبينٌ (26) فلمَّا رأوهُ زلفةً سيئتْ وُجُوهُ الذينَ كفرواْ وقيلَ هذا الذي كنتم بهِ تدَّعُونَ (27) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 22 - {مُكِبّاً} مثل ضربه الله تعالى للمتقين [ومعناه] [203 / ب] / ليس الماشي مكباً لا ينظر بين يديه ولا يميناً ولا شمالاً كمن يمشي معتدلاً ناظراً بين يديه وعن يمينه وشماله فالمكب الكافر يهوي بكفره والذي يمشي سوياً المؤمن يهتدي بإيمانه " ع " أو المكب أبو جهل والذي يمشي سوياً عمار. {صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} طريق واضح لا يضل سالكه أو حق مستقيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 24 - {ذَرَأَكُمْ} جعلكم فيها أو نشركم وفرقكم على ظهرها {تُحْشَرُونَ} تبعثون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 27 - {زُلْفَةً} قريباً أو عياناً {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ظهرت عليها المساءة لما شاهدوه أو ظهر عليها سمة تدل على كفرهم كقوله {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 160] {تَدَّعُونَ} تمترون فيه وتختلفون أو تسألون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون أو تستعجلون بالعذاب أو دعاؤهم بذلك لأنفسهم افتعال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 من الدعاء يقول لهم ذلك خزنة جهنم. {قلْ أرءيتمْ إنْ أهلكنِىَ اللهُ ومن مَّعِىَ أوْ رحمنَا فمن يجيرُ الكافرينَ منْ عذابٍ أليمٍ (28) قلْ هوَ الرحمنُ ءامنا بهِ وعليهِ توكلَّنا فستعلمونَ منْ هوَ في ضلالٍ مبينٍ (29) قلْ أرءيتمْ إنْ أصبحَ مآؤكُمْ غَوْراً فَمَنَ يأتيكُم بماءٍ معينٍ (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 30 - {غَوْراً} ذاهباً أو لا تناله الدلاء وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون {مَّعِينٍ} عذب " ع " أو ظاهر أو تمده العيون فلا ينقطع أو جاري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 سُورَةُ القَلمْ مكية أو من أولها إلى {سنسمه على الخرطوم} [16] مكي ومن بعدها إلى قوله {لو كانوا يعلمون} [33] مدني ومن بعده إلى {يكتبون} [47] مكي ومن بعده إلى {من الصالحين} [50] مدني وباقيها مكي. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ن والقلمِ وما يسطرونَ (1) ما أنتَ بنعمةِ ربكَ بمجنونٍ (2) وإنَّ لكَ لأجراً غيرَ ممنونٍ (3) وإنكَ لعلى خُلُقٍ عظيمٍ (4) فستبصرُ ويبصرونَ (5) بأييكُمُ المفتونُ (6) إنَّ ربكم هُوَ أعلمُ بمنْ ضلَّ عن سبيلهِ وهوَ أعلمُ بالمهتدينَ (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 1 - {ن} الحوت التي عليها الأرض " ع " أو الدواة مأثور أو حرف من حروف الرحمن " ع " أو لوح من نور أو اسم للسورة مأثور أو قسم أقسم الله به وله أن يقسم بما شاء أو حرف من حروف المعجم {و َالْقَلَمِ} الذي يكتب به الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 الذكر على اللوح المحفوظ وهو نور طوله ما بين السماء والأرض أو القلم الذي يكتبوه [به] لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم. {يَسْطُرُونَ} يعملون " ع " أو يكتبون من الذكر أو الملائكة تكتب أعمال العباد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 2 - {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} برحمته ويحتمل أن يكون فيما نفى عنه ما نسبوه إليه من الجنون وقال الكلبي: ما أنت بنعمة ربك بمخفق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 3 - {مَمْنُونٍ} محسوب أو أجراً بغير عمل أو غير ممنون عليك من أذى أو غير منقطع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 4 - {خُلُقٍ عَظِيمٍ} دين الإسلام " ع " أو آداب القرآن أو طبع كريم وكل ما أخذ المرء به نفسه من الآداب فهو خلق لأنه يصير كالخلقة فيه وما طبع عليه من الأدب فهو الخيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 5 - {فَسَتُبْصِرُ} فسترى ويرون يوم القيامة إذا تبين الحق من الباطل أو ستعلم ويعلمون يوم القيامة " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 6 - {الْمَفْتُونُ} المجنون أو الضال أو الشيطان أو المعذب فتنت الذهب بالنار أحميته. {فلا تطعِ المكذبينَ (8) ودواْ لوْ تدهنُ فيدهنونَ (9) ولا تطعْ كلَّ حلافٍ مهينٍ (10) همَّازٍ مشاءٍ بنميمٍ (11) منَّاعٍ للخيرِ معتدٍ أثيمٍ (12) عُتُلٍّ بعدَ ذلكَ زنيمٍ (13) أن كان ذا مالٍ وبنينَ (14) إذا تتلى عليهِ ءايتنا قالَ أساطيرُ الأولينَ (15) سنسمُهُ على الخرطومِ (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 9 - {تُدْهِنُ} تكفر فيكفرون أو تضعف فيضعفون أو تلين فيلينون أو تكذب فيكذبون أو ترخص لهم فيرخصون " ع " أو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك والمداهنة: مجاملة العدو وممايلته أو النفاق وترك المناصحة، المبرد: أدهن الرجل في دينه وداهن في أمره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 10 - {حَلافٍ مَّهِينٍ} كذاب " ع " أو ضعيف القلب أو مكثار من الشر أو الذليل بالباطل الأخنس بن شريق [204 / أ] / أو الأسود بن عبد يغوث أو الوليد بن المغيرة عرض على الرسول [صلى الله عليه وسلم] مالاً وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 11 - {هَمَّازٍ} مغتاب " ع " أو الذي يلوي شدقيه وراء الناس أو يهمزهم بيده دون لسانه ويضربهم. {مَّشَّآءٍ} ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض أو يسعى بالكذب {بِنَمِيمٍ} جمع نميمة أو النميم والنميمة واحد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 12 - {لِّلْخَيْرِ} لحقوق ماله أو يمنع الناس من الإسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 13 - {عُتُلٍّ} فاحش مأثور أو قوي في كفره أو الوفير الجسم أو الجافي الشديد الخصومة بالباطل أو الشديد الأشر أو الدعي " ع " أو يعتل الناس فيجرهم إلى حبس أو عذاب من العتل وهو الجر أو الفاحش اللئيم أو قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] في العتل الزنيم " إنه الشديد الخلق الرحيب الجوف المصح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس ". {زَنِيمٍ} لئيم " ع " مأثور أو ظلوم " ع " أو فاجر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 أو ولد الزنا أو الدعي أو كان للوليد بن المغيرة زنمة كزنمة الشاة أسفل من أذنه وفيه نزلت أو في الأخنس بن شريق فسمي زنيماً لأنه حليف مُلْحَق أو الذي يعرف بالأُبْنَة " ع " أو علامة الكفر كقوله {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 14 - {ذَا مَالٍ} كان للوليد بن المغيرة حديقة بالطائف واثنا عشر ولداً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 16 - {سَنَسِمُهُ} سمة سوداء على أنفه يوم القيامة يتميز بها أو يضرب في النار على أنفه أو وسمه بإشهار ذكره بالقبح أو ما يبتلى به في الدنيا في نفسه وولده وماله من سوء وذل وصغار. المبرد: الخرطوم من الناس الأنف ومن البهائم الشفة. {إنَّا بلوناهم كما بلونا أصحابَ الجنةِ إذْ أقسمواْ ليصرِمُنَّهَا مصبحينَ (17) ولا يستثنون (18) فطافَ عليها طائفٌ من ربِّكَ وهمْ نائمونَ (19) فأصبحت كالصريمِ (20) فتنادواْ مصبحينَ (21) أن اغدواْ على حرثكمْ إن كنتمْ صارمينَ (22) فانطلقوا وهمْ يتخافتونَ (23) أن لا يدخلنها اليومَ عليكمْ مسكينٌ (24) وغدواْ على حردٍ قادرينَ (25) فلما رأوها قالواْ إنَّا لضالونَ (26) بل نحنْ محرومونَ (27) قالَ أوسطهمْ ألمْ أقلْ لكمْ لولاَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 تسبحونَ (28) قالواْ سبحانَ ربنا إنا كنَّا ظالمينَ (29) فأقبلَ بعضهُمْ على بعضٍ يتلاومُونَ (30) قالواْ يويلنا إنا كنا طاغينَ (31) عسى ربُّنا أن يبدلنا خيراً منها إنَّا إلى ربنا راغبونَ (32) كذلكَ العذابُ ولعذابُ الأخرةِ أكبرُ لوْ كانواْ يعلمونَ (33) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 17 - {بَلَوْنَاهُمْ} أهل مكة بالجوع كرتين كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رماداً أو قريش يوم بدر. قال أبو جهل خذوهم أخذاً واربطوهم في الحبال ولا تقتلوا منهم أحداً فضرب بهم عند القدرة عليهم مثلاً بأصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها. {الْجَنَّةِ} حديقة باليمن بينها وبين صنعاء أثنا عشر ميلاً لقوم من الحبشة أو لشيخ من بني إسرائيل يمسك منها كفايته وكفاية أهله ويتصدق بالباقي فلامه بنوه فلم يطعهم فلما ورثوها عنه قالوا: نحن أحق بها من الفقراء لكثرة عيالنا فأقسموا: أي حلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا} ليقطعن ثمرها صباحاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 18 - {وَلا يَسْتَثْنُونَ} حق المساكين أو قول سبحان الله أو إن شاء الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 19 - {طائفٌ} أمر من ربك " ع " أو عذاب منه أو عنق من نار جهنم خرج من وادي جنتهم {وَهُمْ نَآئِمُونَ} ليلاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 20 - {كَالصَّرِيمِ} الرماد الأسود " ع " أو الليل المظلم أو كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 21 - {فَتَنَادَوْاْ} صاح بعضهم ببعض عند الصباح وكان حرثهم كرما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 23 - {يتخافتون} [204 / ب] / يتكلمون أو يسرون كلامهم حتى لا يعلم بهم أحد أو يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يرونهم أو يتشاورون بينهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 25 - {حَرْدٍ} غيظ أو جد أو منع أو قصد أو فقر أو حرص أو قدرة " ع " أو غضب أو القرية تسمى حرداً. {قَادِرِينَ} على المساكين أو على جنتهم عند أنفسهم أو موافاتهم إلى الجنة في الوقت الذي قدروه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 26 - {لَضَآلُّونَ} لما رأوا ما أصابها قالوا قد ضللنا الطريق أو أخطأنا مكان جنتنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 27 - {مَحْرُومُونَ} خير جنتنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 28 - {أَوْسَطُهُمْ} أعدلهم " ع " أو خيرهم أو أعقلهم {تُسَبِّحُونَ} تستثنون لما قلتم لنصرمنَّها مصبحين سماه تسبيحاً لاشتماله على ذكر الله تعالى أو تذكروا نعمة الله عليكم فتؤدوا حقه من أموالكم. {إنَّ للمتقينَ عندَ ربهمْ جناتِ النعيمِ (34) أفنجعلُ المسلمينَ كالمجرمينَ (35) ما لكمْ كيفَ تحكمونَ (36) أمْ لكمْ كتابٌ فيهِ تدرسُونَ (37) إنَّ لكمْ فيهِ لمَا تخيرونَ (38) أمْ لكمْ أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يومِ القيامةِ إنَّ لكمْ لمَا تحكمونَ (39) سلهمْ أيهم بذلكَ زعيمٌ (40) أمْ لهمْ شركاءُ فليأتواْ بشركائهْم إن كانواْ صادقينَ (41) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 39 - {بالغةٌ} أي مؤكدة بالله {لَمَا تَحْكُمُونَ} " أن يديم النعمة عليكم إلى يوم القيامة " أو ألاَّ يعذبكم إلى يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 40 - {زعيم} كفيل " ع " أو رسول " ح ". {يومَ يكشفُ عن ساقٍ ويدعونَ إلى السجودِ فلاَ يستطيعونَ (42) خاشعةً أبصارهمْ ترهقهمْ ذلةٌ وقدْ كانواْ يدعونَ إلى السجودِ وهمْ سالمونَ (43) فذرني ومن يكذبُ بهذا الحديث سنستدرجهم منْ حيثُ لا يعلمونَ (44) وأملِى لهمْ إنَّ كيدِي متينٌ (45) أمْ تسئلُهُمْ أجراً فهم من مغرمٍ مثقلونَ (46) أمْ عندهُمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 الغيبُ فهمْ يكتُبُونَ (47) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 42 - {عَن ساقٍ} الآخرة أو غطاء أو كرب وشدة " ع ". (كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشر الصراح) أو إقبال الآخرة وإدبار الدنيا لأنه أول الشدائد وروي أن الله تعالى يكشف عن ساقه أي عظم أمره أو نوره وهذا اليوم يوم الموت والمعاينة أو يوم الكبر والهرم والعجز عن العمل أو يوم القيامة. {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} توبيخاً لا تكليفاً عند من رآه يوم القيامة ومن رآه من أيام الدنيا فالأمر بالسجود تكليف أو تنديم وتوبيخ للعجز عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 44 - {بِهَذَا الْحَدِيثِ} القرآن {سَنَسْتَدْرِجُهُم} نأخذهم في غفلة أو نتبع السيئة السيئة وننسيهم التوبة " ح " أو أخذهم حيث درجوا ودبوا أو تدريجهم بإدنائهم من العذاب قليلاً بعد قليل حتى يلاقيهم من حيث لا يعلمون لأنهم لو علموا وقت العذاب لارتكبوا المعاصي واثقين بإمهالهم أو يستدرجون بالإحسان والاستدراج النقل من حال إلى حال ومنه الدرجة لأنها منزلة بعد منزلة. {فاصبرْ لحكمِ ربكَ ولاَ تكن كصاحبِ الحوتِ إذْ نادى وهوَ مكظومٌ (48) لولا أن تداركهُ نعمةٌ من ربهِ لنبذَ بالعراءِ وهوَ مذمومٌ (49) فاجتباهُ ربُّهُ فجعلهُ منَ الصالحينَ (50) وإن يكادُ الذينَ كفرواْ ليزلقونَكَ بأبصارهمْ لمَّا سمعواْ الذكرَ ويقولونَ إنهُ لمجنونٌ (51) ومَا هوَ إلاَّ ذكرٌ للعالمينَ (52) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 48 - {لِحُكْمِ رَبِّكَ} لقضائه أو نصره. {كَصَاحِبِ الْحُوتِ} في عجلته نادى ب {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ} الآية [الأنبياء: 87] {مَكْظُومٌ} مغموم " ع " أو مكروب، الغم في القلب والكرب في الأنفاس أو محبوس، كظم غيظه حبسه أو مأخوذ بكظمه وهو مجرى النفَس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 49 - {نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ} نبوته أو عبادته السالفة أو نداؤه ب {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ} الآية [الأنبياء: 87] أو إخراجه من بطن الحوت {بِالْعَرَآءِ} الأرض الفضاء وهي أرض باليمن أو عراء يوم القيامة وأرض المحشر {مَذْمُومٌ} مليم " ع " أو مذنب معناه أنه نبذ غير مذموم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 51 - {لَيُزْلِقُونَكَ} يصرعونك أو يرمقونك أو يرهقونك أو ينفذونك أو يمسونك بأبصارهم من شدة نظرهم إليك أو يصيبونك بالعين قالوا ما رأينا مثل حججه ونظروا إليه ليعينوه كان أحدهم إذا أراد العين يجوع ثلاثاً ثم يقول: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 تالله ما رأيت أقوى [205 / أ] / ولا أشجع ولا أكثر منه مالاً فيصيبه بعينه فيهلك. {الذِّكْرَ} القرآن أو ذكر محمد [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 52 - {ذِكْرٌ} شرف أو يذكرهم وعد الجنة والنار. {لِّلْعَالَمِينَ} الجن والإنس أو كل أمة من أمم الخلق ممن يعرف أو لا يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 سُورَةُ الحَاقّةِ مكية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وما أدراكَ ما الْحَاقَّةُ (3) كذبتْ ثمودُ وعادُ بالقارعةِ (4) فأمَّا ثمودُ فأهلكواْ بالطاغيةِ (5) وأما عادٌ فأهلكواْ بريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ (6) سخرها عليهمْ سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ حسوماً فترى القومَ فيها صرعَى كأنهمْ أعجازُ نخلٍ خاويةٍ (7) فهلْ ترى لهم من باقيةٍ (8) وجاء فرعونُ ومن قبلهُ والمؤتفكاتُ بالخاطئةِ (9) فعصواْ رسولَ ربهمْ فأخذهمْ أخذةً رابيةً (10) إنَّا لما طغا الماءُ حملناكمْ في الجاريةِ (11) لنجعلها لكمْ تذكرةً وتعيها أذنٌ واعيةٌ (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 1 - {الْحَآقَّةُ} ما حق من الوعد والوعيد بحلوله أو القيامة التي يستحق فيها الوعد والوعيد عند الجمهور أو لأنه حق على العاقل أن يخافها أو فيها حقائق الأمور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 3 - كل ما في القرآن {وَمَآ أَدْرَاكَ} فقد أعلمه به " وما يدريك " فهو مما لم يعلمه به {مَا الْحَآقَّةُ} تفخيماً لقدرها وشأنها {وَمَآ أَدْرَاكَ} ما هذا الأسم لأنه لم يكن من كلام قومه أو {ما أدراك} ما يكون في الحاقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 4 - {القارعة} كل ما قرع بصوت كالصيحة أو بضرب كالعذاب ويجوز أن يكون في الدنيا ويجوز أن يكون في الآخرة. أو القارعة القيامة لأنها تقرع بهولها وشدائدها أو من القرعة في رفع قوم وحط آخرين قاله المبرد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 5 - {بِالطَّاغِيَةِ} الصيحة أو الصاعقة أو الذنوب أو بطغيانهم " ح " أو الطاغية: عاقر الناقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 6 - {صَرْصَرٍ} بارد من الصر وهو البرد أو شديد الصوت. {عَاتِيَةٍ} قاهرة أو متجاوزة لحدها أو لا تبقي ولا تذر عتت على خزانها بإذن ربها أو على عاد بلا رحمة ولا رأفة " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 7 - {سَبْعَ لَيَالٍ} أولها غداة الأحد أو الأربعاء أو الجمعة {حُسُوماً} متتابعات " ع " أو مشائيم أو حسمت الليالي والأيام حتى استوفتها بدأت طلوع الشمس وانقطعت مع غروبها آخر يوم أو حسمتهم فلم تبق منهم أحداً {خَاوِيَةٍ} بالية أو خالية الأجواف أو ساقطة الأبدان خاوية الأصول شبهوا بها لأن أبدانهم خلت من أرواحهم كالنخل الخاوية أو لأن الريح قطعت رؤوسهم عن أجسادهم أو كانت تدخل من أفواههم فتخرج حشوتهم من أدبارهم فصاروا كالنخل الخاوية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 9 - {قِبَله} من معه و {قَبْلَهُ} من تقدمه {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} الأمم الآفكة من الإفك وهو الكذب أو المقلوبات بالخسف قوم لوط أو قارون وقومه لأنه خسف بهم. {بِالْخَاطِئَةِ} الذنوب والخطايا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 10 - {رَسُولَ رَبِّهِمْ} على ظاهره أو رسالة ربهم {رَّابِيَةً} شديدة أو مهلكة أو تربو بهم في العذاب أبداً أو مرتفعة أو رابية الشر أي زائدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 11 - {طغى الْمَآءُ} على خُزَّانه غضباً لربه فلم يقدروا على منعه فزاد على كل شيء خمسة عشر ذراعاً أو زاد وكثر أو ظهر. {حَمَلْنَاكُمْ} في ظهور آبائكم أو آباءكم {الْجَارِيَةِ} سفينة نوح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 12 - {لِنَجْعَلَهَا} سفينة نوح تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 أو كانت ألواحها على الجودي [205 / ب] / {وَاعِيَةٌ} سامعة " ع " أو مؤمنة أو حافظة أو أذن عقلت عن الله وانتفعت بما سمعت من كتابه، وعيت الشيء حفظته في نفسك وأوعيته حفظته في غيرك. {فإذا نفخَ في الصورِ نفخةٌ واحدةٌ (13) وحملتِ الأرضُ والجبالُ فدكتَّا دكةً واحدةً (14) فيومئذٍ وقعتِ الواقعةُ (15) وانشقتِ السماءُ فهيَ يومئذٍ واهيةٌ (16) والملكُ على أرجائها ويحملُ عرشَ ربكَ فوقهمْ يومئذٍ ثمانيةٌ (17) يومئذٍ تعرضونَ لا تخفىَ منكُمْ خافيةٌ (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 15 - {الْوَاقِعَةُ} القيامة أو الصيحة أو ساعة فناء الخلق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 16 - {وَانشَقَّتِ} عن المجرة أو فتحت أبواباً {وَاهِيَةٌ} ضعيفة أو متخرقة وَهَي السقاء: انخرق، وقال: (خَلِّ سبيل من وهَى سقاؤه ... ومن هُريق بالفلاة ماؤه) أي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 17 - {أَرْجَآئِهَا} أرجاء السماء أو الدنيا حافَّاتها أو نواحيها أو أبوابها أو ما استدق منها. {فَوْقَهُمْ} يحملونه فوق رؤوسهم أو حملة العرش فوق الملائكة الذين على أرجائها أو فوق أهل القيامة {ثَمَانِيَةٌ} أملاك أو ثمانية صفوف من الملائكة أو ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكروبيون " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 18 - {لا يخفى} المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر أو لا يستتر منكم عورة. حفاة عراة. أو ما كانوا يخفونه من أعمالهم. {فأمَّا من أوتيَ كتابهُ بيمينهِ فيقولُ هاؤمُ اقرءواْ كتابيهْ (19) إني ظننتُ أني ملاقٍ حسابيهْ (20) فهوَ في عيشةٍ راضيةٍ (21) في جنةٍ عاليةٍ (22) قطوفها دانيةٌ (23) كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتمْ في الأيامِ الخاليةِ (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 19 - {هَآؤُمُ} أصله هاكم فأبدل أو يا هؤلاء اقرءوا تقول العرب للواحد ها وللاثنين هؤما وللثلاثة هاؤم أو كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح. نادى أعرابي الرسول [صلى الله عليه وسلم] بصوت عالٍ فأجابه الرسول [صلى الله عليه وسلم] هاؤم بطول صوته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 20 - {ظَنَنتُ} علمت أو أحسن الظن بربه فأحسن العمل {حِسَابِيَهْ} البعث أو الجزاء. 21 - {رَّاضِيَةٍ} مرضية. {وأما منْ أوتيَ كتابهُ بشمالِهِ فيقولُ يليتني لمْ أوتَ كتابيهُ (25) ولمْ أدرِ ما حسابيهْ (26) يليتها كانتِ القاضيةَ (27) ما أغنى عني ماليَه (28) هلكَ عني سلطانيهْ (29) خذوهُ فغلوهُ (30) ثمَّ الجحيمَ صلُّوهُ (31) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 ثمَّ في سلسلةٍ ذرعها سبعونَ ذراعاً فاسلكوهُ (32) إنهُ كانَ لا يؤمنُ باللهِ العظيمِ (33) ولا يحضُّ على طعامِ المسكينِ (34) فليسَ لهُ اليومَ ههنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلاَّ منْ غسلينٍ (36) لا يأكُلُهُ إلاَّ الخاطئونَ (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 27 - {الْقَاضِيَةَ} موتة لا حياة بعدها أو تمنى أن يموت في الحال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 29 - {سُلطانية} ضلت عني حجتي أو سلطانه الذي تسلط به على بدنه حتى أقدم به على المعصية أو ما كان به في الدنيا مطاعاً في أتباعه عزيزاً بامتناعه قيل: نزلت في أبي جهل أو في الأسود بن عبد الأشد أخي أبي سلمة ينظر فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 35 - {حميمٌ} قريب ينفعه أو يرد عنه كما كان في الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 36 - {غِسْلِينٍ} غسالة أجوافهم فعلين من الغسل أو صديد أهل النار أو شجرة في النار هي أخبث طعامهم أو الماء الحار أشتد نضجه بلغة أزد شنوءة. {فلا أقسمُ بما تبصرونَ (38) وما لا تبصرونَ (39) إنه لقولُ رسولٍ كريمٍ (40) وما هوَ بقولِ شاعرٍ قليلاً ما تؤمنونَ (41) ولا بقولِ كاهنٍ قليلاً ما تذكرونَ (42) تنزيلٌ من ربِّ العالمينَ (43) } 38 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 39 - {فَلآ أُقْسِمُ} لا صلة لما قال الوليد إن محمداً ساحر، وقال أبو جهل شاعر، وقال عقبة كاهن، أقسم الله تعالى على كذبهم {تُبْصِرُونَ} الأرض والسماء {وَمَا لا تُبْصِرُونَ} الملائكة أو ما تبصرون من الخلق وما لا تبصرون الخالق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 40 - {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ} إن القرآن لقول جبريل أو محمد [صلى الله عليه وسلم] . {ولوْ تقوَّلَ علينا بعضَ الأقاويلِ (44) لأخذنا منهُ باليمينِ (45) ثم لقطعنا منهُ الوتينَ (46) فما منكم منْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 أحدٍ عنهُ حاجزينَ (47) وإنهُ لتذكرةٌ للمتقينَ (48) وإنا لنعلمُ أنَّ منكُم مكذِّبينَ (49) وإنَّهُ لحسرةٌ على الكافرينَ (50) وإنهُ لحقُّ اليقينِ (51) فسبحْ باسمِ ربكَ العظيمِ (52) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 45 - {بِالْيَمِينِ} لأخذنا قوته كلها أو بالحق أو بالقدرة أو قطعنا يده اليمنى " ح " أو أخذنا يمينه إذلالاً له واستخفافاً به كما يقال لمن يراد هوانه خذوا بيده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 46 - {الْوَتِينَ} حبل القلب ونياطه الذي القلب معلق به أو القلب ومراقِّه وما يليه أو الحبل الذي في الظهر أو عرق بين العباء والحلقوم إرادة لقتله بقطع وتينه وإتلافه أو لأن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 48 - {لتذكرةٌ} وإن القرآن [206 / أ] / لبيان أو رحمة أو موعظة أو نجاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 50 - {وَإِنَّهُ لحسرةٌ} وإن القرآن لندامة على الكافر يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 51 - {لحقُّ الْيَقِينَ} حقاً يقيناً ليكونن القرآن حسرة على الكافر أو إن القرآن يقين عند جميع الخلق أيقن به المؤمن في الدنيا فنفعه وأيقن به الكافر في الآخرة فلم ينفعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 سورة سأل سائل سُورَةُ المَعَارِجِ مكية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {سألَ سائلٌ بعذابٍ واقعٍ (1) للكافرينَ ليسَ لهُ دافعٌ (2) منَ اللهِ ذي المعارجِ (3) تعرُجُ الملائكةُ والروحُ إليهِ في يومٍ كان مقدارهُ خمسينَ ألفَ سنةٍ (4) فاصبرْ صبراً جميلاً (5) إنهمْ يرونهُ بعيداً (6) ونراهُ قريباً (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 1 - {استخبر مستخبر متى يقع العذاب تكذيباً أو دعا داع بوقوع العذاب استهزاء أو طلب طالب {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} وهو النضر بن الحارث قال: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق} الآية [الأنفال: 32] وكان حامل لوائهم يوم بدر " ع " أو أبو جهل هو قائل ذلك أو جماعة من كفار قريش {بِعَذَابٍ} الآخرة أو يوم بدر بالقتل والأسر. {سال} بغير همز، سائل اسم وادٍ في جهنم لأنه يسيل بالعذاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 3 - {ذِى الْمَعَارِجِ} الدرجات " ع " أو الفواضل والنعم أو العظمة والعلاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 أو الملائكة لعروجهم إليه أو معارج السماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 4 - {تَعْرُجُ الْملآئِكَةُ} تصعد {وَالرُّوحُ} أرواح الموتى عند القبض أو جبريل عليه السلام أو خلق كهيئة الناس وليسوا بناس {خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} يوم القيامة " ح " أو مدة الدنيا لا يعلم كم مضى ولا كم بقي إلا الله أو لو تولى بعض الخلق حساب بعض كان مدته خمسين ألفاً ويفرغ الله تعالى منه في أسرع مدة قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " يحاسبهم بمقدار ما بين الصلاتين ولذلك سمى نفسه سريع الحساب وأسرع الحاسبين ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 5 - {فَاصْبِرْ} على كفرهم قبل فرض الجهاد أو على قولهم مثل ساحر وشاعر وكاهن ومجنون " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 6 - {يَرَوْنَهُ بَعِيداً} البعث أو عذاب النار بعيداً مستحيلاً غير كائن أو استبعدوا الآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 7 - {ونراه قريبا} لأن كل آت قريب. {يومَ تكونُ السماءُ كالمهلِ (8) وتكونُ الجبالُ كالعهنِ (9) ولاَ يسئلُ حميمٌ حميماً (10) يبصرونهمْ يومُّ المجرمُ لوْ يفتدي من عذابِ يومئذٍ ببنيهِ (11) وصاحبتهِ وأخيهِ (12) وفصِيلَتِهِ التي تُئويهِ (13) ومن في الأرضِ جميعاً ثمَّ ينجيهِ (14) كلاَّ إنها لظَى (15) نزَّاعةً للشَّوَى (16) تدعواْ منْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 أدبَرَ وتولَّى (17) وَجَمَعَ فأَوْعَى (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 8 - {كَالْمُهْلِ} كدردي الزيت " ع " أو كذوب النحاس والرصاص والفضة أو كقيح ودم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 9 - {كَالْعِهْنِ} الصوف المصبوغ تلين بعد شدتها وتتفرق بعد اجتماعها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 11 - {يُبَصَّرُونهم} يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون أو يبصر المؤمنون الكافرين أو يبصر الكافرون الذين أضلوهم في النار أو يبصر المظلوم ظالمه والمقتول قاتله {يَوَدُّ} يحب أو يتمنى {الْمُجْرِمُ) {الكافر} (لَوْ يَفْتَدِى} بأعز أقاربه في الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 13 - {وَفَصِيلَتِهِ} عشيرته التي تنصره. وقال أبو عبيدة الفصيلة دون القبيلة. {تؤويه} يأوي إليها في نسبه أو من خوفه أو فصيلته أمه التي تربيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 15 - {لَظَى} اسم لجهنم لتلظيها وهو اشتداد حرها أو للدرك الثاني منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 16 - {لِّلشَّوَى} أطراف اليدين والرجلين أو جلدة الرأس أو العصب والعقب أو مكارم وجهه " ح " [206 / ب] / أو اللحم أو الجلد الذي على العظم لأن النار تشويه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 17 - تدعوهم بأسمائهم يا كافر يا منافق أو عُبِّر عن مصيرهم إليها بدعائها لهم أو يدعوا خزنتها فأضيف الدعاء إليها {أَدْبَرَ} عن الإيمان {وَتَوَلَّى} إلى الكفر أو عن الطاعة وتولى عن الحق أو عن أمر الله وتولى عن كتاب الله أو أدبر عن القول وتولى عن العمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 18 - {وَجَمَعَ} المال فجعله في وعاء حفظاً له ومنعاً من أداء حق الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 تعالى فيه مكان جموعاً منوعاً. {إنَّ الإنسانَ خُلِقَ هلوعاً (19) إذا مسَّهُ الشرُّ جزوعاً (20) وإذا مسَّهُ الخيرُ منوعاً (21) إلاَّ المصلينَ (22) الذينَ همْ على صلاتهمْ دائمونَ (23) والذين في أموالهمْ حقُّ معلومٌ (24) للسائلِ والمحرومِ (25) والذينَ يصدِّقُونَ بيومِ الدينِ (26) والذين همْ منْ عذابِ ربهمْ مشفقونَ (27) إنَّ عذابَ ربِّهمْ غيرُ مأمونٍ (28) والذينَ همْ لفروجهمْ حافظون (29) إلاَّ على أزواجهمْ أوْ ما ملكتْ أيمانهمْ فإنهمْ غيرُ ملومينَ (30) فمنِ ابتغى وراءَ ذلكَ فأولئكَ همْ العادونَ (31) والذينَ همْ لأماناتهمْ وعهدهمْ راعونَ (32) والذينَ همْ بشهاداتهمْ قائمونَ (33) والذينَ همْ على صلاتهِمْ يحافظونَ (34) أولئكَ في جناتٍ مكْرَمُونَ (35) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 19 - {الإِنسَانَ} الكافر عند الضحاك {هَلُوعاً} بخيلاً أو حريصاً أو ضجوراً أو ضعيفاً أو شديد الجزع أو معناه ما بعدهُ " إذا مسه " الآية " ع ". 20 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 21 - {مَسَّهُ} الخير لم يشكر والشر لم يصبر وإذا استغنى منع حق الله تعالى وشح وإذا افتقر سأل وألح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 23 - {دَآئِمُونَ} يحافظون على مواقيت فروضها أو يكثرون نوافلها أو لا يلتفتون فيها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 32 - {أماناتهم} ما ائتمنه الناس عليه {وَعَهْدِهِمْ} ما عاهدوه عليه أن يقوم بموجبهما أو الأمانة الزكاة أن يؤديها والعهد الجنابة أن يغتسل منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 33 - {بشهاداتهم} على أنبيائهم بالبلاغ وعلى الأمم بالقبول أو الامتناع أو بحفظ الحقوق تحملاً لها وأداء. {فمالِ الذينَ كفرواْ قبلكَ مهطعينَ (36) عنِ اليمينِ وعنِ الشمالِ عزينَ (37) أيطمعُ كلُّ امرئٍ منهمْ أن يدخلَ جنَّةَ نعيمٍ (38) كلاَّ إنَّا خلقناهمْ ممَّا يعلمونَ (39) فلاَ أقسمُ بربِّ المشارقِ والمغاربِ إنَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 لقادرونَ (40) على أن نبدِّلَ خيراً منهمْ وما نحنُ بمسبوقينَ (41) فذرهمْ يخوضواْ ويلعبواْ حتَّى يلاقواْ يومَهُمُ الذي يوعدونَ (42) يومَ يخرجونَ منَ الأجداثِ سراعاً كأنهمْ إلى نصبٍ يوفضونَ (43) خاشعةً أبصارُهُمْ ترهقُهُمْ ذلَّةٌ ذلك اليومُ الذي كانواْ يوعدونَ (44) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 36 - {مُهْطِعِينَ} مسرعين أو معرضين أو ناظرين إليك تعجباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 37 - {عزين} متفرقين أو مجتنبين أو الرفقاء والحلفاء، أو الجماعة القليلة أو الحلق والفرق. خرج الرسول [صلى الله عليه وسلم] على أصحابه وهم حلق فقال: ما لي أراكم عزين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 43 - {نَصْبٍ} الغاية التي ينصب إليها بصرك و {نُصُب} واحد الأنصاب وهي الأصنام أو النَّصْب والنُّصُب واحد. إلى عَلَم يستبقون أو غايات يستبقون أو إلى أصنامهم يسرعون. وقيل إنها أحجار طوال كانوا يعبدونها أو إلى صخرة بيت المقدس يسرعون {يوفضون} يسرعون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 سُورَةُ نُوحٍ مكية. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " أول نبي أرسل نوح عليه الصلاة والسلام " قيل: بعث من أرض الجزيرة وبعث على أربعين سنة " ح " أو ثلاثمائة وخمسين سنة. قيل: سمي نوحاً لنوحه على نفسه في الدنيا. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إنَّا أرسلنا نوحاً إلى قومهِ أنْ أنذرْ قومكَ من قبلِ أن يأتيهمْ عذابٌ أليمٌ (1) قالَ ياقومِ إنِي لكمْ نذيرٌ مبينٌ (2) أنِ اعبدواْ اللهَ واتقوهُ وأطيعونِ (3) يغفرْ لكم من ذنوبكمْ ويؤخركمْ إلى أجلٍ مسمًّى إنَّ أجلَ اللهِ إذا جاءَ لا يؤخَّرُ لوْ كنتمْ تعلمونَ (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 1 - {عَذَابٌ أَلِيمٌ} بنار الآخرة " ع " أو عذاب الدنيا بالطوفان فأنذرهم فلم ير مجيباً وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 4 - {مِّن ذُنُوبِكُمْ} من صلة أو بمعنى يخرجكم من ذنوبكم أو يغفر لكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 منها ما استغفرتموه {وَيُؤَخِّرْكُمْ} إلى أجل موتكم فلا تهلكوا بالعذاب {أَجَلَ اللَّهِ} للبعث أو العذاب أو الموت {لَوْ كُنتُمْ} بمعنى إن كنتم أو لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجله إذا جاء لا يؤخر " ح ". {قالَ ربِّ إنِّي دعوتُ قومِي ليلاً ونهاراً (5) فلمْ يزدهمْ دعاءي إلاَّ فراراً (6) وإنِي كُلَّمَا دعوتُهُمْ لتغفرَ لهمْ جعلواْ أصابعهمْ في ءاذانهمْ واستغشواْ ثيابَهُمْ وأصرُّواْ واستكبرواْ استكباراً (7) ثمَّ إنِّي دعوتُهُمْ جهاراً (8) ثمَّ إنِي أعلنتُ لهمْ وأسررتُ لهمْ إسراراً (9) فقلتُ استغفرواْ ربَّكُمْ إنهُ كانَ غفاراً (10) يرسلِ السماء عليكُم مدراراً (11) ويمددكم بأموالٍ وبنينَ ويجعل لكمْ جناتٍ ويجعل لكمْ أنهاراً (12) ما لكمْ لا ترجونَ للهِ وقاراً (13) وقدْ خلقكمْ أطواراً (14) ألمْ ترواْ كيفَ خلقَ اللهُ سبعَ سماواتٍ طباقاً (15) وَجَعَلَ القَمَرَ فيهنَّ نوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16) واللهُ أنبتَكُم مِّنَ الأرضِ نباتاً (17) ثمَّ يعيدكمْ فيها ويخرجكمْ إخراجاً (18) واللهُ جَعَلَ لكُمُ الأرضَ بِسَاطاً (19) لتسلكواْ منْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 5 - {دَعَوْتُ} دعوتهم ليلاً ونهاراً إلى عبادتك أو دعوتهم أن يعبدوك ليلاً ونهاراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 6 - {فِرَاراً} بلغنا أن أحدهم كان يذهب بابنه إليه فيقول: احذر هذا لا يغرنك فإن أبي ذهب إليه وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 7 - [207 / أ] / {كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ} إلى الإيمان {لِتَغْفِرَ لَهُمْ} ما تقدم من الشرك سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ليوئسوه من إجابة ما لم يسمعوه وكان حليماً صبوراً {وَأَصَرُّواْ} أقاموا على الكفر أو الإصرار تعمد الذنب " ح " أو سكتوا على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 ذنوبهم فلم يستغفروا {وَاسْتَكْبَرُواْ} بترك التوبة " ع " أو بكفرهم بالله تعالى وتكذيبهم نوحاً عليه الصلاة والسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 8 - {جِهَاراً} مجاهرة يرى بعضهم بعضاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 9 - {أَعْلَنتُ} الدعاء صحت به {وَأَسْرَرْتُ} الدعاء عن بعضهم من بعض دعاهم في وقت سراُ وفي وقت جَهَر أو دعا بعضهم سراً وبعضهم جهراً مبالغة منه وتلطفاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 10 - {اسْتَغْفِرُواْ} ترغيباً منه في التوبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 11 - {مِّدْرَاراً} غيثاً متتابعاً قيل أجدبوا أربعين سنة فأذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم فلما علم حرصهم على الدنيا قال: هلموا إلى طاعة الله تعالى فإن فيها درك الدنيا والآخرة ترغيباً لهم في الإيمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 13 - {لا تَرْجُونَ} لا تعرفون له عظمه ولا تخشون عقابه ولا ترجون ثوابه " ع " أو لا تعرفون حقه ولا تشكرون نعمه أو لا تؤدون طاعته أو الوقار: الثبات منه {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] أي لا تثبتون وحدانيته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 14 - {أطْوَاراً} طوراً نطفه وطوراً علقة وطوراً مضغة وطوراً عظماً ثم كسا العظام اللحم ثم أنشأه خلقاً آخر أنبت له الشعر وكمل له الصورة أو الأطوار اختلافهم طولاً وقصراً، وقوة وضعفاً وهماً وتصرفاً وغنى وفقراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 15 - {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} على سبع أرضين بين كل سماء وأرض خلق وأمر " ح " أو سبع سماوات طباقاُ بعضهن فوق بعض كالقباب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 16 - {الْقَمَرَ فِيهِنَّ} معهن نوراً لأهل الأرض أو لأهل السماء والأرض. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء {سِرَاجاً} مصباحاً يضيء لأهل الأرض أو لأهل الأرض والسماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 17 - {أَنبَتَكُم} آدم خلقه من أديم الأرض كلها أو أنبتهم في الأرض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 بالكبر بعد الصغر وبالطول بعد القصر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 20 - {سُبُلاً فِجَاجاً} طرقاً مختلفة " ع " أو واسعة أو أعلاماً. {قالَ نوحٌ رَّبِّ إنهمْ عصونِي واتبعواْ من لمْ يزدهُ مالُهُ وولَدُهُ إلاَّ خساراً (21) ومَكَرواْ مكْراً كُبَّاراً (22) وقالواْ لا تذرُنَّ ءالهتَكُمْ ولاَ تذرنَّ ودًّا ولاَ سُواعاً ولاَ يغوثَ ويعُوقَ ونَسْراً (23) وَقَدْ أضلُّواْ كثيراً ولاَ تزِدِ الظالمينَ إلاَّ ضلالاً (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 21 - {عَصَوْنِى} لبث يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وهم على كفرهم وعصيانهم ورجا الأبناء بعد الآباء فيأتي بهم الولد بعد الولد حتى بلغوا سبع قرون ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم وعاش بعد الطوفان ستين عاماً حتى كثر الناس وفشوا. قال الحسن: وكانوا يزرعون في الشهر مرتين {ووَلده} واحد الأولاد وبالضم جماعة الأولاد " أو بالضم العشيرة وبالفتح الأولاد ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 22 - {كُبَّاراً} أبلغ من كبير جعلوا لله تعالى صاحبة وولداً أو قول الكبراء [207 / ب] للأتباع {لا تذرن آلهتكم} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 23 - {وَدّاً وَلا سُوَاعاً} كانت هذه الأصنام للعرب ولم يعبدها غيرهم. فخرج من قصة نوح إلى قول العرب ثم رجع إلى قصتهم أو كانت آلهة لقوم نوح وهم أول من عبد الأصنام ثم عبدها العرب بعدهم قاله الأكثر. قال ابن الزبير اشتكى آدم وعنده بنوه ولا وسواع ويغوث ويعوق ونسر. وكان ود أكبرهم وأبرهم به أو كانت أسماء رجال قبل نوح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 حزن عليهم آباؤهم بعد موتهم فصوروا صورهم ليتسلوا بالنظر إليها ثم عبدها أبناؤهم بعدهم أو كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام فخلفهم من أخذ في العبادة مأخذهم فصوروا صورهم ليذكروا بها اجتهادهم فعبدها قوم نوح بعدهم ثم انتقلت إلى العرب فعبدها ولد إسماعيل فكان ود لكلب بدومة الجندل " ع " وهو أول صنم معبود سمي بذلك لودهم له وسواع لهذيل بساحل البحر ويغوث لغطيف من مراد أو حي في نجران قال أبو عثمان النهدي: رأيت يغوث وكان من رصاص وكانوا يحملونه على جمل أحرد ويسيرون معه لا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك قالوا: قد رضي لكم المنزل فيضربون عليه بناء وينزلون حوله ويعوق لهمدان ونسر لذي الكلاع من حِمْير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 24 - {وَقَدْ أَضَلُّواْ} أضل أكابرهم أصاغرهم أو ضل بالأصنام كثير منهم {ضَلالاً} عذاباً ويحتمل فتنة بالمال والولد. {ممَّا خطيئاتهمْ أغرقواْ فأدخلواْ ناراً فلمْ يجدواْ لهم من دونِ اللهِ أنصاراً (25) وقالَ نوحٌ ربِّ لاَ تذرْ على الأرضِ منَ الكافرينَ ديَّاراً (26) إنكَ إن تذرهمْ يضلواْ عبادَكَ ولاَ يلدواْ إلاَّ فاجراً كفَّاراً (27) رَّبِّ اغفرْ لي ولوالديَّ ولمن دَخَلَ بيتيَ مؤمناً وللمؤمنينَ والمؤمناتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 ولاَ تزدِ الظالمينَ إلاَّ تبارا (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 26 - {دَيَّاراً} أحداً أو من يسكن الديار دعا بذلك لما قيل له {لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ} الآية [هود: 36] أو مر به رجل يحمل ولداً له صغيراً فقال: يا بني احذر هذا فإنه يضلك فقال: يا أبت أنزلني فأنزله فرماه فشجه فغضب نوح عليه الصلاة والسلام ودعا عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 28 - {وَلِوَالِدَىَّ} أراد أباه لمكا وأمه هنجل وكانا مؤمنين " ح " أو أباه وجَدَّه. {دَخَلَ بَيْتِىَ} دخل مسجدي أو في ديني أو صديقي الداخل إلى منزلي " ع " {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} من قومه أو جميع الخلق إلى قيام الساعة {تباراً} هلاكاً أو خساراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 سورة الجن مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قُلْ أوحِيَ إلىَّ أنهُ استمعَ نفرٌ منَ الجنِّ فقالواْ إنَّا سمعنا قرءاناً عجباً (1) يهدي إلى الرشدِ فآمنَّا بهِ ولن نشركَ بربنا أحداً (2) وأنَّهُ تعالى جدُّ ربنا ما اتخذَ صاحبةً ولاَ ولداً (3) وأنهُ كانَ يقولُ سفيهنا على اللهِ شططاً (4) وأنا ظننا أن لن تقولَ الإنسُ والجنُّ على اللهِ كذباً (5) وأنهُ كانَ رجالٌ منَ الإنسِ يعوذونَ برجالٍ من الجنِّ فزادوهم رهقاً (6) وأنهمْ ظنُّواْ كما ظننتُمْ أن لن يبعَثَ اللهُ أحداً (7) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 1 - {اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّن َ الْجِنِّ} القرآن صرفهم الله تعالى إلى رسوله [صلى الله عليه وسلم] لسماع القرآن أو منعوا من استراق السمع ورموا بالشهب ولم تكن السماء تحرس إلا أن يكون في الأرض نبي أو دين له ظاهر فأتوا إبليس فأخبروه فقال ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها فأتوه فشمها فقال صاحبكم بمكة أو رجعوا إلى قومهم فقالوا ما حال بيننا وبين خبر السماء إلا حدث في الأرض فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ففعلوا حتى أتوا تهامة فوجدوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] يقرأ " ع ". فمن قال صرفوا إليه ذكر أنه رآهم ودعاهم [208 / أ] / وقرأ عليهم ومن قال ضربوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 مشارق الأرض ومغاربها قال لم يرهم ولم يقرأ عليهم بل أتوه بنخلة عامداً إلى سوق عكاظ وهو يصلي بنفرٍ من أصحابه الصبح فلما سمعوا القرآن قالوا هذا الذي حالَ بيننا وبين خبر السماء " ع " وكانت قراءته {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وكانوا تسعة أحدهم زوبعة أو سبعة ثلاثة من حرَّان وأربعة من نصيبين أو تسعة من أهل نصيبين قرية باليمن غير التي بالعراق فَصَلّوا مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] الصبح ثم ولَّوْا إلى قومهم منذرين. قيل الجن تعرف الإنس كلها فلذلك توسوس إلى كلامه قال ابن عباس رضي الله - تعالى - عنهما الجن من ولد الجان منهم المؤمن والكافر وليسوا شياطين والشياطين من ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس ويدخل مؤمنو الجن الجنة وقال الحسن رضي الله - تعالى - عنه هم ولد الجان والإنس ولد آدم عليه الصلاة والسلام فمن الجن والإنس المؤمن والكافر يثابون ويعاقبون فمؤمن الطائفتين ولي الله - تعالى - وكافرهما شيطان ويدخلون الجنة بإيمانهم " ح " أو لا يدخلها الجان وإن صرفوا عن النار قاله مجاهد {عَجَباً} في فصاحته أو في بلاغة مواعظه أو في عظم بركته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 2 - {الرُّشْدِ} مراشد الأمور أو معرفة الله - تعالى -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 3 - {جَدُّ رَبِّنَا} أمره أو فعله " ع " أو ذكره أو غناه أو بلاغه أو ملكه وسلطانه أو جلاله وعظمته أو نعمه على خلقه أو {تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} أي ربنا أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 الجد أب الأب لأن هذا من قول الجن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 4 - {سَفِيهُنَا} إبليس أو جاهلنا وعاصينا {شَطَطاً} جوراُ أو كذباً اصله البعد فعبّر به الجور والكذب لبعدهم من العدل والصدق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 6 - {يَعُوذُونَ} كانوا في الجاهلية إذا نزل أحدهم بواد قال أعوذ بكبير هذا الوادي من سفهاء قومه فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم {رَهَقاً} طغياناً أو إثماً " ع " أو خوفاً أو كفراً أو أذى أو غياً أو عظمة او سفها. {وأنا لمسنا السماءَ فوجدناها ملئتْ حرساً شديداً وشُهُباً (8) وأنا كنا نقعدُ منها مقاعدَ للسمعِ فمن يستمعِ الآنَ يجدْ لهُ شهاباً رصَداً (9) وأنا لا ندري أشرٌّ أريدَ بمن في الأرضِ أمْ أرادَ بهمْ ربُّهْمْ رشَداً (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 8 - {لَمَسْنَا} طلبنا التمست الرزق ولمسته أو قاربناها لأن الملموس مقارب فوجدنا أبوابها أو طرقا {حَرَساً شَدِيداً} الملائكة الغلاظ الشداد {وَشُهُباً} جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحترقة وكان انقضاضها قبل البعث وإنما زيد بالبعث إنذاراً بحال الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال الأكثر وقال الجاحظ لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 يكن الانقضاض إلا بعد المبعث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 9 - {مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} كانوا يسمعون من الملائكة الأخبار فيلقونها إلى الكهنة فلما حرست بالشهب [208 / ب] / قالوا ذلك، ولم يكن لهم طريق إلى استماع [الوحي] قبل الحراسة ولا بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 10 - {لا نَدْرِى} هل بعث محمد ليؤمنوا به فيرشدوا أم يكفروا به فيعاقبوا وهل حراسة السماء لرشد وثواب أم لشر وعقاب. {وأنا منا الصالحونَ ومنا دونَ ذلكَ كنا طرائقَ قدداً (11) وأنا ظننا أن لن نعجزَ اللهَ في الأرضِ ولن نعجزَهُ هرباً (12) وأنا لمَّا سمعنَا الهدىءامنا بهِ فمن يؤمن بربِّهِ فلا يخافُ بخساً ولاَ رهقاً (13) وأنا منا المسلمونَ ومنا القاسطونَ فمنْ أسلمَ فأولئكَ تحرواْ رشداً (14) وأما القاسطونَ فكانوا لجهنمَ حطباً (15) وألوِ استقامواْ على الطريقةِ لأسقيناهمْ ماءً غدقاً (16) لنفتنهمْ فيهِ ومَن يعرضْ عن ذكر ربهِ يسلكهُ عذاباً صعداً (17) } {الصالحون} المؤمنون {دون ذلك} المشركون {طرائق قِداداً} فرقاً شتى أو أدياناً مختلفة أو أهواء متباينة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 13 - {لَمَّا سَمِعْنَا} القرآن من الرسول صدقنا به وكان مبعوثاً إلى الإنس والجن قال الحسن لم يبعث الله - تعالى - رسولاً قط من الجن ولا من أهل البادية ولا من النساء لقوله: {وما أرسلنا قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى} [يوسف: 109] . {بَخْساً} نقصاً من حسناته ولا زيادة في سيئاته البخس: النقصان والرهق: العدوان وهذا من قول الجن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 14 - {الْقَاسِطُونَ} الخاسرون أو الفاجرون أو الناكثون القاسط: الجائر لعدوله عن الحق والمقسط العادل لعدوله إلى الحق. 16 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 17 - {لو اسْتَقَامُواْ} لو أقاموا على طريق الكفر والضلال {لأَسْقَيْنَاهُم} لأغرقناهم كآل فرعون أو كثرنا الماء لإنبات زروعهم وكثرة أموالهم. {لنفتهم} بزينة الدنيا أو بالاختلاف بينهم بكثرة المال أو بالعذاب كقولهم {هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] . {ومن يعرض} عن قبول القرآن يسلكه عذاباً قاله جماعة. أو لو استقاموا على الهدى والطاعة " ع " {لأَسْقَيْنَاهُم} لهديناهم الصراط المستقيم " ع " أو لأوسعنا عليهم الدنيا أو لأعطيناهم عيشاً رغداً أو مالاً واسعاً {غَدَقاً} عذباً معيناً " ع " أو كثيراً واسعاً قال عمر رضي الله - تعالى - عنه: حيثما كان الماء كان المال وحيثما كان المال كانت الفتنة {لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} في الدنيا بالاختبار أو بتطهيرهم من الكفر أو بأخراجهم من الشدّة والجدب إلى الرخاء والخصب أو لنفتنهم فيه في الآخرة بتخليصهم وإنجائهم من فتنت الذهب إذا خلصت غشه بالنار {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} [طه: 40] خلصناك من فرعون أو نصرفهم عن النار {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: 73] ليصرفونك {وَمَن يُعْرِضْ} منهم عن العمل بالقرآن. {عَذَاباً صَعَداً} جب في النار أو جبل فيها إذا وضع عليه يده أو رجله ذابت فإذا رفعها عادت. مأثور أو مشقة من العذاب " أو عذاب لا راحة فيه أو صخرة في النار يكلفون صعودها على وجوههم فإذا رقوها حدروا فذلك دأبهم أبداً ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً (18) وأنه لما قامَ عبد اللهِ يدعوهُ كادواْ يكونونَ عليهِ لبداً (19) قل إنما أدعواْ ربي ولاَ أشركُ بهِ أحداً (20) قلْ إني لا أملكُ لكمْ ضرًّا ولا رشداً (21) قلْ إني لن يجيرني منَ اللهِ أحدٌ ولنْ أجدَ مِن دونه ملتحداً (22) إلاَّ بلاغاً منَ اللهِ ورسالاتهِ ومن يعصِ اللهَ ورسولهُ فإنَّ لهُ نارَ جهنَّمَ خالدينَ فيها أبداً (23) حتى إذا رأواْ ما يوعدونَ فسيعلمونَ منْ أضعفُ ناصراً وأقلُّ عدداً (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 18 - {الْمَسَاجِدَ} الصلوات أو أعضاء السجود أو بيوت الله " ع " أو كل موضع صلّى فيه الإنسان فهو بسجوده فيه مسجد {فَلا تَدْعُواْ} فلا تعبدوا معه غيره قالت الجن للرسول [صلى الله عليه وسلم] : ائذن لنا نصلّ معك في مسجدك فنزلت " أو نزلت في اليهود والنصارى أضافوا إلى الله غيره في بيعهم وكنائسهم " أو في قول المشركين في تلبيتهم حول البيت إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 19 - {عبد الله} محمد [صلى الله عليه وسلم] قام إلى الصلاة يدعو الله [209 / أ] / فيها وائتمّ به أصحابه عجبت الجن من ذلك أو قام إليهم داعياً لهم إلى الله {لبدا} أعواناً أو جماعات بضعها فوق بعض واللبد لاجتماع الصوف بعضه فوق بعض وهم المسلمون في اجتماعهم على الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو الجن في استماع قراءته أو الجن والإنس لتعاونهم عليه في الشرك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 21 - {لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً} لمن آمن {وَلا رشدا} لمن كفر [وفيه ثلاثة أوجه] عذاباً ولا نعيماً أو موتاً ولا حياة أو ضلالة ولا هدى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 22 - {لَن يُجِيرَنِى} كان الجن الذين بايعوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] سبعين ألفاً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 وفرغوا من بيعته عند انشقاق الفجر قاله مكحول وقال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - لما تقدّم إليهم ازدحموا عليه فقال سيدهم وردان أنا أزجلهم عنك فقال: إني لن يجيرني من الله أحدٌ {مُلْتَحَداً} ملجأ وحرزاً أو ولياً ومولى أو مذهباً ومسلكاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 23 - {إِلا بَلاغاً} لا أملك لكم ضرّاً ولا رشداً إلا أن أبلغكم رسالات ربي أو لن يجيرني منه أحدٌ إن لم أبلغ رسالته. {قلْ إنْ أدري أقريبُ ما توعدونَ أمْ يجعلُ لهُ ربي أمداً (25) عالمُ الغيبِ فلا يظهرُ على غيبهِ أحداً (26) إلاَّ من ارتضى من رسولٍ فإنهُ يسلُكُ من بينِ يديه ومنْ خلفِهِ رصداً (27) ليعلمَ أن قد أبلغواْ رسالاتِ ربهمْ وأحاطَ بما لديهمْ وأحصى كلَّ شيءٍ عددا (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 26 - {الْغَيْبِ} السر " ع " أو ما لم تروه مما غاب عنكم أو القرآن أو القيامة وما يكون فيها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 27 - {مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} جبريل عليه السلام أو نبي فيما يطلعه عليه من غيب أو " نبي فيما أنزله عليه من كتاب " ع " {رَصَداً} يجعل له طريقاً إلى علم بعض ما كان قبله وما يكون بعده أو ملائكة يحفظون النبي من الجن والشياطين من ورائه وأمامه " ع " وهم أربعة. أو يحفظون الوحي فما كان من ألله - تعالى - قالوا هو من عند الله وما ألقاه الشيطان قالوا هو من الشيطان أو يحفظون جبريل عليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 السلام إذا نزل بالوحي من السماء أن يسمعه مسترقو السمع من الشياطين فيلقوه إلى الكهنة قبل أن يبلغه الرسول إلى أمّته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 28 - {ليعلم} محمد [صلى الله عليه وسلم] أن جبريل عليه السلام قد بلغ إليه رسالة ربه وما نزل جبريل عليه السلام إلا ومعه ملائكة حفظة أو ليعلم محمد [صلى الله عليه وسلم] أنّ الرسل قبله قد بلغت الرسالات وحفظت أو ليعلم مكذب الرسل أنّ الرسل قد بلغت أو ليعلم الجن أنّ الرسل بلغوا الوحي ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع أو ليعلم الله - تعالى - أن رسله قد بلغوا رسالاته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 سورة المزمل مكية أو إلا آيتين {واصبر على ما يقولون} [10] والتي بعدها " ع ". بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يأيها المزملُ (1) قمِ اليلَ إلاَّ قليلاً (2) نصفهُ أو انقصْ منهُ قليلاً (3) أو زدْ عليهِ ورتلِ القرءانَ ترتيلاً (4) إنَّا سنلقي عليكَ قولاً ثقيلاً (5) إنَّ ناشئة اليلِ هيَ أشدُّ وطئاً وأقومُ قيلاً (6) إنَّ لكَ في النهارِ سبحاً طويلاً (7) واذكرِ اسمَ ربكَ وتبتلْ إليهِ تبتيلاً (8) ربُّ المشرقِ والمغربِ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ فاتخذْهُ وكيلاً (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 1 - {الْمُزَّمِّلُ} المتحمل زمل الشيء حمله ومنه الزاملة أو المتلفف المزمل بالنبوّة أو القرآن أو بثياته قيل نزلت وهو في قطيفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 2 - {إِلا قَلِيلاً} من أعداد الليالي فلا تقمها أو إلاّ قليلاً من زمان كل ليلة وكان قيامه فرضاً عليه خاصة أو عليه وعلى أمّته فقاموا حتى ورمت أقدامهم ثم نسخ عنهم بعد سنة بآخر السورة أو بعد ستة عشر شهراً بالصلوات الخمس ولم ينسخ عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] [209 / ب] / أو نسخ عنه كما نسخ عن أمته بعد سنة أو ستة عشر شهراُ أو بعد عشر سنين تمييزاً له بالفضل عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 3 - {قَلِيلاً} الثلث وما دون العشار والسدس والقليل من الشيء دون نصفه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 4 - {وَرَتِّلِ} بينه " ع " أو فسره أو اقرأه على نظمه وتواليه من غير تغيير لفظ ولا تقديم ولا تأخير من ترتل الأسنان إذا استوى نبتها وحسن انتظامها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 5 - {ثَقِيلاً} عليه إذا أوحي إليه فلا يقدر على الحركة أو العمل به ثقيل " ح " أو في الميزان يوم القيامة أو كريم من قولهم فلان ثقيل عليَّ: أي كريم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 6 - {ناشئة الليل} قيامه بالحبشية أو ما بين المغرب والعشاء أو ما بعد العشاء أو بدو الليل أو ساعاته لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة أو الليل كله لأنه ينشأ بعد النهار. {أَشَدُّ وَطْئاً} مواطأة قلبك وسمعك وبصرك أو مواطأة قولك بعملك أو نشاطاً لأنه في زمان راحتك أو أشدّ وأثبت وأحفظ للقراءة {وَأَقْوَمُ قِيلاً} أبلغ في الخير وأمنع من العدو أو أصوب للقراءة وأثبت للقول لأنه زمان التفهم أو أعجل إجابة للدعاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 7 - {سَبْحاً} فراغاً لنومك وراحتك فاجعل ناشئة الليل لعبادتك " ع " أو دعاءاً كثيراً أو عملاً وتقلباً يشغلك عن فراغ ليلك والسبح: الذهاب ومنه السبح في الماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 8 - {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} واقصد بعملك وجه ربك أو ابدأ القراءة بالبسملة {وَتَبَتَلْ} أخلص أو تعبد أو انقطع مريم البتول: لانقطاعها إلى الله تعالى " نهى الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن التبتل ": الانقطاع عن الناس والجماعات أو تضرّع إليه تضرعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 9 - {رَّبُّ الْمَشْرِقِ} أي رب العالم لأنهم بين المشرق والمغرب أو مشرق الشمس ومغربها يريد استواء الليل والنهار أو وجه الليل ووجه النهار أو أول النهار وآخره أضاف نصفه الأول إلى المشرق ونصفه الآخر إلى المغرب {وَكِيلاً} معيناً أو كفيلا أو حافظاً. {واصبرْ على ما يقولونَ واهجرهمْ هجراً جميلاً (10) وذرني والمكذبينَ أولي النعمةِ ومهلهمْ قليلاً (11) إنَّ لدينا أنكالاً وجحيماً (12) وطعاماً ذا غصَّةٍ وعذاباً أليماً (13) يومَ ترجُفُ الأرضُ والجبالُ وكانتِ الجبالُ كثيباً مهيلاً (14) إنَّا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكمْ كما أرسلنا إلى فرعونَ رسولاً (15) فعصى فرعونُ الرسولَ فأخذناهُ أخذاً وبيلاً (16) فكيفَ تتقونَ إن كفرتمْ يوماً يجعلُ الولدانَ شيباً (17) السماء منفطرٌ بهِ كانَ وعدهُ مفعولاً (18) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 10 - {هَجْراً جَمِيلاً} اصفح وقل سلاماً أو أعرض عن سفههم وأرهم صغر عداوتهم أو هجراً لا جزع فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 11 - {وَالْمُكَذِّبِينَ} قيل بنو المغيرة أو اثنا عشر رجلاً من قريش {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً} إلى السيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 12 - {أَنكَالاً} أغلالاً أو قيوداً أو أنواع العذاب الشديد قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " إنّ الله يحب النكل على النكل فسئل عن ذلك فقال الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب " وبه سمي القيد والغل لقوتهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 13 - {ذَا غُصَّةٍ} الزقوم أو شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ولا يخرج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 14 - {مَّهِيلاً} رملاً سائلاً " ع " أو الذي نزل تحت القدم فإذا وطئت أسفله انهال أعلاه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 16 - {وَبِيلاً} شديداً " ع " أو متتابعاً أو مقبلاً غليظاً ومنه الوابل للمطر العظيم أو مهلكاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 17 - {شيبا} جمع أشيب [210 / أ] / والأشيب والأشمط الذي اختلط سواد شعره ببياضه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 18 - {مُنفَطِرٌ بِهِ} ممتلئة به " ع " أو مثقلة أو مخزونة به " ح " أو منشقة من عظمته وشدّته. {كَانَ وَعْدُهُ} بالثواب والعقاب أو بإظهار دينه على الدين كله أو بانفطار السماء وشيب الولدان وكون الجبال كثيباً مهيلاً، {بِهِ} الضمير لليوم يعني أشاب الولدان وجعل السماء منفطرة بما ينزل منها أي يوم القيامة يجعل الولدان شيباً، وانفطار انفتاحها لنزول هذا القضاء منها. {إنَّ هذه تذكرةٌ فمن شاءَ اتخذ إلى ربه سبيلاً (19) إنَّ ربك يعلمُ أنكَ تقومُ أدنى من ثلثَي الَّيلِ ونصفهُ وثلثهُ وطائفةٌ من الذين معك واللهُ يقدرُ الَّيلَ والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءان علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفرواْ اللهَ إنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 20 - {لَّن تُحْصُوه} لن تطيقوا قيام الليل أو تقدير نصفه وثلثه وربعه {فاقرءوا} فصلوا عبر عن الصلاة بالقراءة {مَا تَيَسَّرَ} من النوافل إذ لا يؤمر في الفرض بما تيسر أو الصلوات الخمس ما تيسر من أفعالها وأركانها على قدر القوّة والضعف والصحة والمرض دون العدد لأنّ الناس انتقلوا من قيام الليل إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 الصلوات الخمس أو بحمل القرآن على حقيقته يُقْرأ به في الصلاة وما تيسر: الفاتحة عند من أوجبها أو قدر آية واحدة من القرآن أو أراد القراءة خارج الصلاة وهي مستحبة أو واجبة ليقف بها على إعجازه ودلائله فإذا قرأه وعرف إعجازه ودلائل التوحيد منه فلا يلزمه حفظه. لأنّ حفظه مستحب فعلى هذا المراد به جميع القرآن لأنّ الله - تعالى - يسره على العباد أو ثلثه أو مائتا آية منه أو ثلاث آيات كأقصر سورة {يَضْرِبُونَ فِى الأَرْضِ} بالمسافرة، أو بالتقلب للتجارة. {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ} قيل أعادة لنسخ ما فرضه من قيام الليل وجعل ما تيسر منه تطوعاً ونفلاً فأقيموا الصلوات الخمس {الزَّكَاةَ} الطاعة والإخلاص " ع " أو صدقة الفطر أو زكوات الأموال كلها. {قَرْضاً حَسَناً} النوافل بعد الفروض أو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أو نفقة الأهل أو النفقة في سبيل الله أو جميع الطاعات " وسماه قرضاً لأنه أوجب جزاءه على نفسه فصار كالقرض المردود " {تَجِدُوهُ} أي ثوابه {هُوَ خَيْراً} مما أعطيتم أو فعلتم {وَأَعْظَمَ أَجْراً} الجنة {غَفُورٌ} لما كان قبل التوبة {رحيم} لكم بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 سُورَةُ المُدّثِرِ مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {يأيها المدثِّرُ (1) قمْ فأنذرْ (2) وربَّكَ فكبرْ (3) وثيابك فطهرْ (4) والرجزَ فاهجرْ (5) ولا تمنن تستكثرُ (6) ولربكَ فاصبر (7) فإذا نقر في الناقور (8) فذلك يومئذٍ يومٌ عسيرٌ (9) على الكافرين غيرُ يسيرٍ (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 1 - {الْمُدَّثِّرُ} بثيابه أو بالنبوّة وأثقالها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 2 - {قُمْ} من نومك {فَأَنذِرْ} قومك العذاب وهي أول سورة نزلت " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 4 - {وثيابك فطهر} وعملك فأصلح قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيهما " يعني عمله الصالح والطالح أو نفسك طهرها من الخطايا أو مما نسبوه إليك من السحر والشعر والكهانة والجنون أو مما كنت [210 / ب] / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 تفكر فيه وتحذره من قول الوليد بن المغيرة أو قلبك طهره من الإثم والمعاصي " ع " أو الغدر. ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي) أو نساءك فطهّر باختيارهم مؤمنات عفيفات أو بالإتيان في القبل والطهر دون الدبر والحيض {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ} [البقرة: 187] أو ثياب اللبس فقصّر وشمّر أو انقها أو طهرها من النجاسة بالماء أو لا تلبسها إلاّ من كسب حلال لتكون مطهرّة من الحرام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 5 - {وَالرُّجْزَ} الأوثان والأصنام " ع " أو الشرك أو الذنب أو الإثم أو العذاب أو الظلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 6 - {وَلا تَمْنُن} لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها " ع " قال الضحاك: حرمه على رسوله [صلى الله عليه وسلم] وأباحه لأمّته أو لا تمنن بعملك تستكثره على ربك أو لا تمنن بالنبوّة على الناس تأخذ عليها أجراً أو لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 7 - {وَلِرَبِّكَ} لأمر ربك أو لوعده أو لوجهه {فَاصْبِرْ} على ما لقيت من الأذى والمكروه أو على محاربة العرب ثم العجم أو على الحق فلا يكن أحدٌ أبر عندك فيه من أحد أو على عطيتك لله أو على الوعظ لوجه الله أو على انتظار ثواب عملك من الله - تعالى - أو على ما أُمِرت به من أداء الرسالة وتعليم الدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 8 - {النَّاقُورِ} الصور " ع " النفخة الأولى أو الثانية أو القلب يجيب إذا دعي للحساب حكاه ابن كامل. {ذرني ومن خلقتُ وحيداً (11) وجعلتُ له مالاً ممدوداً (12) وبنينَ شهوداً (13) ومهدتُ له تمهيداً (14) ثم يطمعُ أن أزيدَ (15) كلاَّ إنه كان لآياتنا عنيداً (16) سأرهقهُ صعوداً (17) إنه فكرَ وقدرَ (18) فقتلَ كيفَ قدرَ (19) ثم قتلَ كيفَ قدرَ (20) ثمَّ نظرَ (21) ثمَّ عبسَ وبسرَ (22) ثمَّ أدْبَرَ واستكبَرَ (23) فقال إنْ هذا إلا سحرٌ يؤثرُ (24) إنْ هذا إلا قولُ البشرِ (25) سأصليهِ سَقَرَ (26) وَمَا أدراكَ ما سقَرُ (27) لا تُبْقِى ولا تذرُ (28) لوَّاحةٌ للبشرِ (29) عليها تسعةَ عشرَ (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 11 - {وَحِيداً} منفرداً بخلقه أو وحيداً في بطن أمه لا مال له ولا ولد أعلمه بذلك قدر نعمه عليه بالمال والولد أو ليدلّه على أنّه يبعث وحيداً كما خلق وحيداً نزلت في الوليد بن المغيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 12 - {مَّمْدُوداً} ألف دينار " ع " أو أربعة آلاف دينار أو ستّة ألاف دينار أو مائة ألف دينار أو أرض يقال لها الميثاق أو غلة شهر بشهر أو الذي لا ينقطع شتاء ولا صيفاً أو الأنعام التي يمتد سيرها من أقطار الأرض للرعي والسفر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 13 - {وَبَنِينَ} عشرة أو أثنا عشر أو ثلاثة عشر رجلاً قال الضحاك: ولد له سبعة بمكة وخمسة بالطائف {شُهُوداً} حضور معه لا يغيبون عنه أو يذكرون معه إذا ذكر " ع " أو كلهم ربّ بيت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 14 - {وَمَهَّدتُّ لَهُ} من المال والولد أو الرئاسة في قومه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 15 - {أَنْ أَزِيدَ} من المال والولد أو أدخله الجنة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فلم يزل يرى النقص في ماله وولده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 16 - {لآياتنا} القرآن أو الحق أو محمد [صلى الله عليه وسلم] . {عَنِيداً} معانداً أو مباعداً أو جاحداً أو معرضاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 17 - {صَعُوداً} مشقة من العذاب أو عذاب لا راحة فيه " ح " أو صخرة في النار ملساء كلف صعودها فإذا صعدها زلق منها أو جبل في جهنم من نار كلف صعوده فإذا وضع يده أو رجله ذابت فإذا رفعها عادت مأثور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 18 - {إِنَّهُ فَكَّرَ} قال لقد نظرت فيما قال هذا [211 / أ] / الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه ليعلو وما يعلى وما أشك أنه سحر ففكر في القرآن وقدر في قوله إنه سحر وليس بشعر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 19 - {فَقُتِلَ} ثم قتل فعوقب ثم عوقب فتكرر عليه العذاب مرة بعد أخرى أو لعن ثم لعن {كَيْفَ قَدَّرَ} إنه ليس بشعر ولا كهانة وإنه سحر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 21 - {ثُمَّ نَظَرَ} في القرآن أو إلى بني هاشم لما قال إنه ساحر ليعلم ما عندهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 22 - {ثُمَّ عَبَسَ} قبض ما بين عينيه {وَبَسَرَ} كلح وجهه أو تغير قيل ظهور العبوس في الوجه بعد المحاورة وظهور البسور فيه قبل المحاورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 24 - {إِنْ هَذَآ} القرآن {إِلا سِحْرٌ} يأثره محمد عن غيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 25 - {قَوْلُ الْبَشَرِ} وليس من قول الله تعالى نسبوه إلى أبي اليسر عبدٍ لبني الحضرمي كان يجالس الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنسبوه إلى أنه تعلّم ذلك منه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 26 - {سَقَرَ} اسم لجهنم من سقرته الشمس إذا آلمت دماغه لشدّة إيلامها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 27 - {لا تُبْقِى} من فيها حيّاْ ولا تذره ميتاً أو لا تبقي أحداً منهم أن تتناوله ولا تذره من العذاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 29 - {لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} مغيرة للألوان تلفح وجوههم لفحة تدعها أشدّ سواداً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 من الليل أو تحرق البشر حتى تُلَوِّح العظم أو تلوِّح بشرة أجسادهم على النار أو معطشة للبشر واللَّوْح شدّة العطش قال: (سقتني على لوح من الماء شربة ... سقاها به الله الرهام الغواديا) {لِّلْبَشَرِ} الإنس عند الأكثر أو جمع بشرة وهي الجلدة الظاهرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 30 - {تِسْعَةَ عَشَرَ} خزنة جهنم من الزبانية وكذلك عددهم في التوراة والإنجيل ولما نزلت قال أبو جهل يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم أن يأخذوا واحداً منهم وأنتم أكثر منهم وقال أبو الأشد بن الجمحي لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة وبمنكبي الأيسر التسعة ثم تمرون إلى الجنة يقولها مستهزئاً فنزلت. {وما جعلنا أصحاب النارِ إلا ملائكةً وما جعلنا عدتهم إلا فتنةً للذين كفروا ليستقين الذين أوتواْ الكتابَ ويزدادَ الذين ءامنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرضٌ والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هوَ وما هي إلا ذكرى للبشر (31) كلاَّ والقمرَ (32) والَّيل إذ أدبر (33) والصبح إذا أسفر (34) إنَّها لإحدى الكبر (35) نذيراً للبشر (36) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخرَ (37) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 31 - {وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النَّارِ} ولما وصفهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال: " كأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 أعينهم البرق وكأنّ أفواههم الصياصي يجرون شعورهم لأحدهم مثل قوّة الثقلين يسوق أحدهم الأمّة على رقبته [جبل] فيرمي بهم في النار ويرمي الجبل عليهم ". {ليستقين الذين أوتوا الكتاب} نبوّة محمد [صلى الله عليه وسلم] أو عدد الخزنة لموافقة ذلك لما في التوراة والإنجيل {ويزداد الذين آمنوا} بذلك إيماناً {وَمَا هِىَ} وما نار جهنم إلاّ ذكر، أو ما نار الدنيا إلاّ تذكرة لنار الآخرة أو ما هذه السورة إلاّ تذكرة للناس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 33 - {دَبَر} ولى " ع " أو أقبل عن إدبار النهار دبر وأدبر واحد أو دبر [211 / ب] / إذا خلفته خلفك وأدبر إذا ولّى أمامك أو دبر جاء بعد غيره على دبره وأدبره ولّى مدبراً. 34 - {أَسْفَرَ} أضاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 35 - {إِنَّهَا} إن سقر لإحدى الكبر أو قيام الساعة أو هذه الآية و {الْكُبَرِ} العظائم من العقوبات والشدائد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 36 - {نذيرا} يعني النار أو محمد [صلى الله عليه وسلم] حين قال {قم فأنذر} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 37 - {يَتَقَدَّمَ} في الطاعة أو {يَتَأَخَّرَ} في المعصية أو يتقدّم في الخير أو يتأخر في الشر أو يتقدّم إلى النار أو يتأخر عن الجنة تهديد ووعيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 {كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ (38) إلاَّ أصحاب اليمينِ (39) في جناتٍ يتساءلونَ (40) عن المجرمينَ (419 ما سلككمْ في سقر (42) قالواْ لم نكُ من المصلينَ (43) ولم نك نطعمُ المسكينَ (44) وكُنَّا نخوضُ مع الخائضينَ (45) وكُنا نكذب بيوم الدينِ (46) حتَّى أتانا اليقينُ (47) فما تنفعهم شفاعةُ الشافعينَ (48) فما لهمْ عن التذكرةِ معرضينَ (49) كأنهم حُمُرٌ مستنفرةٌ (50) فرَّتْ من قسورة (51) بلْ يريدُ كلُّ امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرَةً (52) كلاَّ بل لا يخافونَ الأخِرَةَ (53) كلاَّ إنه تذكرةٌ (54) فمن شاء ذكرهُ (55) وما يذكرونَ إلاَّ أن يشاءَ اللهُ هُوَ أهلُ التقوى وأهلُ المغفرةِ (56) } 38 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 39 - {كُلُّ نَفْسٍ} بالغة محتبسة بعملها {إِلآ أَصْحَابَ الْيَمِينِ} أطفال المسلمين أو كل نفسٍ من أهل النار مرتهنة في النار إلاّ المسلمين أو كل نفسٍ محاسبة بعملها إلا أهل الجنة فلا يحاسبون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 45 - {نَخُوضُ} نكذب أو كلما غوى غاوٍ غوينا معه أو قولهم محمد ساحر محمد شاعر محمد كاهن. 46 - {الدِّينِ} الجزاء. 47 - {الْيَقِينُ} الموت. 48 - {التَّذْكِرَةِ} القرآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 50 - {مستنفَرة} مذعورة وبكسر الفاء هاربة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 51 - {قَسْوَرَةٍ} الرماة " ع " أو القناص أو الأسد بلسان الحبشة " ع " أو عصب من الرجال وجماعة " ع " أو أصوات الناس " ع " أو النبل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 52 - {صُحُفاً} أن يؤتى كتاباً من الله تعالى أن يؤمن بمحمد [صلى الله عليه وسلم] أو براءة من النار أنه لا يعذب بها أو كتاباً من الله بما أحلّ وحرّم أو قال كفار قريش كان الرجل [من بني إسرائيل] إذا أذنب وجده [مكتوباً] في رقعة فما لنا لا نرى ذلك فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 56 - {أَهْلُ} أن تُتقى محارمه وأن يغفر الذنوب أو يُتقى أن يجعل معه إلهاً آخر وأهل أن يغفر لمن اتقاه مأثور أو يتقى عذابه وأن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 سُورَةُ القِيَامَةِ مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {لا أقسمُ بيومِ القيامةِ (1) ولا أقسم بالنفس اللوامةِ (2) أيحسب الإنسانُ ألن نجمع عظامهُ (3) بلَى قادرين على نسوي بنانهُ (4) بل يريد الإنسانُ ليفجرَ أمامهُ (5) يسئلُ أيانَ يومُ القيامةِ (6) فإذا برقَ البصرُ (7) وخسفَ القمرُ (8) وجمعَ الشمسُ والقمرُ (9) يقولُ الإنسانُ يومئذٍ أينَ المفرُّ (10) كلاَّ لاَ وَزَرَ (11) إلى ربكَ يومئذٍ المستقرُّ (12) ينبؤا الإنسانُ يومئذٍ بما قدَّمَ وأخَّرَ (13) بل الإنسان على نفسهِ بصيرةٌ (14) ولوْ ألقى معاذيرهُ (15) } 1 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 2 - {لا} إذا بدئ بها في أول الكلام فهي صلة تقديره أقسم " ع " أو تأكيد للكلام كقولك لا والله أو رَدٌّ لما مضى من إنكارهم البعث ثم ابتدأ بأقسم، و {لآ أُقْسِمُ} أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس " ع " أو أقسم بهما جميعا {اللَّوَّامَةِ} مدح عند من رآها قسماً وهي النادمة اللائمة على ما فات لِمَ فعلت الشرّ وهلاَّ استكثرت من الخير أو تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها أو ذات اللوم أو اللوم صفة ذم عند من رآها غير مقسم بها وهي المذمومة " ع " أو الملومة على سوء صنعها أو التي لا تصبر على محن الدنيا وشدائدها فهي كثيرة اللوم فيها فعلى هذه الأوجه الثلاثة تكون اللوامة يعني الملومة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 4 - {بَلَى} نجمعها تمام للأول أو استئناف بعد تمام الأول بالتعجب {نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ} نعيد مفاصله بالبعث أو نجعل كفه التي يأكل بها ويعمل حافر حمار أو خف بعير فلا يأكل إلا بفمه ولا يعمل شيئاً بيده " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 5 - {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} يقدم الذنب ويؤخر التوبة أو يمضي أمامه قدماً لا ينزع عن فجور " ح " أو يرتكب الآثام في طلب الدنيا ولا يذكر الموت أو يريد أن يكذب بالقيامة ولا يعاقب بالنار أو يكذب بما في الآخرة كما كذب بما في الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 7 - {بَرِقَ} خفت أو انكسر عند الموت أو شخص لما عاين ملك الموت فزعاً وبالكسر شق بصره أو غشى عينه البرق يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 8 - {خسف الْقَمَرُ} ذهب نوره فكأنه دخل في خسف من الأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 9 - {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} جمعا في طلوعهما من المغرب كالبعيرين القرينين أو في ذهاب ضوئهما بالخسوف ليتكامل ظلام الأرض على أهلها " أو في تكويرهما يوم القيامة " أو في البحر فصارا نار الله الكبرى. 10 - {الْمَفَرُّ} المهرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 11 - {لا وَزَرَ} لا ملجأ أو منجى أو حرز أو محيص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 12 - {الْمُسْتَقَرُّ} المنتهى أو استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 13 - {بِمَا قَدَّمَ} قبل موته من خير أو شر وبما سنّ فعُمل به بعد موته من خير أو شرّ " ع " أو بما قدّم من معصية وما أخر من طاعة أو بأول عمله وآخره أو بما قدّم من الشر وأخّر من الخير أو ما قدّم من فرض وأخّر من فرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 14 - {بَصِيرَةٌ} هاء المبالغة شاهد على نفسه بما تقوم الحجة به عليه {كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء: 14] أو جوارحه تشهد عليه بعمله {وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ} [يس: 65] أو بصير بعيوب الناس غافل عن عيوب نفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 15 - {معاذيره} لو اعتذر يومئذٍ لم يقبل منه أو لو تجرد من ثيابه " ع " أو لو أظهر حجته أو لو أرخى ستوره والستر: معذار بلغة اليمن. {لا تحركْ بهِ لسانكَ لتعجلَ به (16) إنَّ علينا جمعهُ وقرءانهُ (17) فإذا قرأنه فاتبع قرءانهُ (18) ثُمَّ إنَّ علينا بيانهُ (19) كلاَّ بلْ تحبونَ العاجلَةَ (20) وتذرونَ الأخرةَ (21) وجوهُ يومئذٍ ناضرةٌ (22) إلى ربِّهَا ناظرةٌ (23) ووجوهٌ يومئذٍ باسرةٌ (24) تظنُّ أن يفعل بها فاقرةٌ) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 16 - {لا تُحَرِّكْ} كان إذا نزل عليه القرآن حرّك به لسانه يستذكره فيناله من ذلك شدّة فنهي عن ذلك " ع " أو كان يعجل بذكره حُبًّا له لحلاوته عنده فنهي عن ذلك حتى يجتمع لأنّ بعضه مرتبط ببعض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 17 - {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} في قلبك لتقرأه بلسانك أو حفظه وتأليفه أو نجمعه لك حتى نثبته في قلبك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 18 - {قَرَأْنَاهُ} بيناه فاعمل بما فيه أو أنزلناه فاستمع قرآنه " ع " أو إذا تلي عليك فاتبع شرائعه وأحكامه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 19 - {بَيَانَهُ} بيان أحكامه وحلاله وحرامه أو بيانه بلسانك إذا نزل به جبريل عليه السلام حتى تقرأه كما أقرأك أو علينا أن نجزي يوم القيامة بما فيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 من وعد ووعيدٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 20 - {الْعَاجِلَةَ} ثواب الدنيا أو العمل لها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 21 - {وَتَذَرُونَ} ثواب الآخرة أو العمل لها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 22 - {نَّاضِرَةٌ} حسنة أو مستبشرة أو ناعمة أو مسرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 23 - {إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} تنظر إليه في القيامة أو إلى ثوابه قاله ابن عمر ومجاهد أو تنظر أمر ربها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 24 - {بَاسِرَةٌ} كالحة أو متغيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 25 - {فَاقِرَةٌ} داهية أو شر أو هلاك أو دخول النار. {كلاَّ إذا بلغتِ التراقي (26) وقيلَ من راقٍ (27) وظنَّ أنه الفراقُ (28) والتفتِ الساقُ بالساقِ (29) إلى ربكَ يومئذ المساقُ (30) فلا صدَّقَ ولا صلَّى (31) ولكن كذبَ وتولىَّ (32) ثُمَّ ذهب إلى أهله يتمطى (33) أولى لك فأولى (34) ثم أولى لك فأولى (35) أيحسبُ الإنسانُ أن يتركَ سدىً (36) ألمْ يكُ نطفةً من منِيٍّ يمنَى (37) ثُمَّ كان علقةً فخلقَ فسوَّى (38) فجعل منهُ الزوجينِ الذكرَ والأنثى (39) أليسَ ذلكَ بقادرٍ على أن يحيى الموتى (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 26 - {بَلَغَتِ} الروح {التَّرَاقِىَ} وهي أعلى الصدر جمع ترقوة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 27 - {رَاقٍ} يرقيه بالرُقي وأسماء الله تعالى الحسنى أو من طبيب شاف أو يقول من يرقى بروحه أَمَلائكة الرحمة أم ملائكة العذاب " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 28 - {وَظَنَّ} تيقن أنه مفارق للدنيا " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 29 - {وَالْتَفَّتِ الساق بالساق} اتصلت الآخرة بالدنيا " ع " أو الشدّة بالشدّة والبلاء [212 / ب] / بالبلاء شدّة كرب الموت بشدّة هول المطلع أو التفت ساقه عند الموت أو التفاف الساق بالساق عند المساق قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - " ماتت رِجْلاه فلم يحملاه وقد كان عليهما جوالاً، أو اجتمع عليه أمران شديدان الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 30 - {الْمَسَاقُ} المنطلق أو المستقر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 31 - {فَلا صَدَّقَ} كتاب الله تعالى {وَلا صَلَّى} لله عزّ وجلّ أو فلا صدق بالرسالة ولا آمن بالمرسل كذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] وتولى عن المرسل أو كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة نزلت في أبي جهل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 33 - {يَتَمَطَّى} يختال في نفسه " ع " أو يتبختر في مشيته أو يلوي مطاه وهو ظهره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 34 - {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} وليك الشرّ وعيد على وعيد أو لك الويل، لقيه الرسول [صلى الله عليه وسلم] ببطحاء مكة متبختراً في مشيه فدفع في صدره وهزّه بيده وقال {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} فقال أبو جهل إليك عني أتوعدني يا ابن أبي كبشة وما تستطيع أنت ولا ربك الذي تزعم أنه أرسلك شيئاً فنزلت هذه الآيات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 36 - {سُدىً} مهملاً لا يعترض عليه أو باطِلاً لا يبعث أو ملغى لا يؤمر ولا ينهى أو عبثاً لا يحاسب ولا يعاقب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 37 - {تُمْنَى} تراق ومنى لإراقة الدم بها أو تنشأ وتخلق أو تشترك لاشتراك ماء الرجل بماء المرأة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 سُورَةُ الإنْسَانِ مدنية عند الجمهور أو مكية " ع " أو مكيها من قوله {إنا نحن نزلنا} [23] إلى آخرها وما تقدمه مدني. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {هلْ أتى على الإنسانِ حينٌ منَ الدهرِ لمْ يكن شيئاً مذكوراً (1) إنا خلقنا الإنسانَ من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليهِ فجعلناهُ سميعاً بصيراً (2) إنا هديناهُ السبيلَ إمَّا شاكراً وإما كفوراً (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 1 - {هَلْ أَتَى} قد أتى أو أأتى {الإِنسَانِ} آدم عليه الصلاة والسلام خلق كخلق السماوات والأرض وما بينهما في آخر يوم الجمعة أو عام في كل إنسان " ع " {حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} أربعين سنة بقي آدم عليه الصلاة والسلام فيها مصوراً من طين لازب وحمأ مسنون ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك أو تسعة أشهر في بطن أمه أو زمان غير محدود " ع " {لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً} في الخلق وإن كان عند الله - تعالى - شيئاً مذكوراً أو كان شيئاً غير مذكور لأنه كان مصوراً ثم نفخ فيه الروح فصار مذكوراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 2 - {خَلَقْنَا الإِنسَانَ} كل بني آدم اتفاقاً {نُّطْفَةٍ} إذا اختلط ماء الرجل وماء المرأة فهما نطفة أو النطفة ماء الرجل فإذا اختلط في الرحم بماء المرأة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 صار أمشاجاً {أَمْشَاجٍ} اختلاط المائين أو ألوان " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر " وقيل نطفة الرجل حمراء وبيضاء ونطفة المرأة صفراء وخضراء أو الأمشاج العروق التي في النطفة أو الأطوار نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم كسوتها باللحم {نَّبْتَلِيهِ} نختبره بالخير والشرّ أو نختبره بشكره في السرّاء وصبره في الضرّاء [213 / أ] / أو نكلفه العمل بعد خلقه أو نأمره بالطاعة وننهاه عن المعصية أو فيه تقديره فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه بالاختبار أو التكليف أو بالسمع والبصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 3 - {السَّبِيلَ} الخير والشر أو الهدى والضلالة أو سبيل الشقاوة والسعادة أو خروجه من الرحم. {شَاكِراً} مؤمناً أو كافراً أو شاكراً للنعمة أو كفوراً بها ولما كان شكر الله - تعالى - لا يؤدى لم يأت فيه بلفظ المبالغة ولما عظم كفره مع الإحسان إليه جاء بلفظ المبالغة. {إنا أعتدنا للكافرينَ سلاسلاْ وأغلالاً وسعيراً (4) إنَّ الأبرار يشربون من كأسٍ كانَ مزاجهَا كافوراً (5) عيناً يشربُ بها عبادُ اللهِ يفجرونها تفجيراً (6) يوفونَ بالنذرِ ويخافونَ يوماً كانَ شرهُ مستطيراً (7) ويطعمونَ الطعامَ على حبِّهِ مسكيناً ويتيماً وأسيراً (8) إنما نطعمُكُمْ لوجهِ اللهِ لا نريدُ منكمْ جزاءاً ولا شكوراً (9) إنا نخافُ من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً (10) فوقاهُمُ اللهُ شرَّ ذلك اليومِ ولقاهُمْ نضرةً وسروراً (11) وجزاهُم بما صبروا جنَّةً وحريراً (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 5 - {الأبرار} الصادقون أو المطيعون لأنهم بَرَّوا الآباء والأبناء أو لكفهم الأذى " حتى عن الذر " " ح " أو لأدائهم حقوق الله - تعالى - ويوفون بالنذر {كَأْسٍ} كل كأس في القرآن فإنما يعنى بها الخمر {كَافُوراً} عين في الجنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 اسمها كافور أو كافور الطيب تمزج به لبرده فيكون برد الكافور وطعم الزنجبيل أو لريحه ويختم بالمسك أو لطعمه فيكون طعمها طعم الكافور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 6 - {يَشْرَبُ بِهَا} ينتفع بها أو يشربها وهي التسنيم أشرف شراب أهل الجنة يشربها المقربون صرفاً وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل {يُفَجِّرُونَهَا} يقودونها حيث شاءوا من الجنة ويمزجونها بما شاءوا {تَفْجِيراً} مصدر للتكثير أو يفجرون من تلك العين عيوناً لتكون أوسع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 7 - {بِالنَّذْرِ} بما فرض من العبادات أو بما عقدوه على أنفسهم من حقّ الله - تعالى - أو بعهد من عاهدهم أو بالأيمان إذا حلفوا {مُسْتَطِيراً} فاشياً أو ممتداً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 8 - {عَلَى حُبِّهِ} على حب الطعام أو على شهوته أو على عزّته {وَأَسِيراً} المسجون المسلم أو العبد أو أسرى المشركين ثم نسخ بالسيف أو لم ينسخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 9 - {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ} لم يقولوا ذلك ولكن علمه الله تعالى منهم فأثنى به عليهم {جَزَآءَ} بالفعال {وَلا شُكُوراً} بالمقال قيل نزلت في السبعة الذين تكفلوا أسرى بدر أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأبو عبيدة رضي الله - تعالى - عنهم أجمعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 10 - {عَبُوساً} تعبس الوجوه من شرّه، والقمطرير: الشديد أو العبوس الضيق والقمطرير الطويل أو العبوس بالشفتين والقمطرير بالجبهة والحاجبين فذلك صفة الوجه المتغيّر من شدائد ذلك اليوم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 11 - {نَضْرَةً} بياضاً ونقاءً أو حسناً وبهاءً أو أثر النعمة نضرة وجوههم وسروراً في قلوبهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 12 - {جَنَّةً} يسكنونها {وَحَرِيراً} يلبسونه أو الحرير أثر العيش في الجنة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 ومنه لبس الحرير ليأثر في لذّة العيش نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذراً فوفاه أو في علي وفاطمة نذر صوماً [213 / ب] / ودخل فيه وخبزت فاطمة - رضي الله تعالى عنها - ثلاثة أقراص شعير ليفطر علي رضي الله تعالى عنه على قرص وتفطر هي على آخر ويأكل الحسن والحسين رضي تعالى عنهما الثالث فسألها مسكين فأعطته أحدها ثم سألها يتيم فأعطته الثاني ثم سألها أسير فأعطته الثالث وباتوا طاوين. {متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً (13) ودانيةً عليهم ظلالها وذللتْ قطوفها تذليلاً (14) ويطافُ عليهم بأنيةٍ من فضةٍ وأكوابٍ كانتْ قواريراْ (15) قواريراْ من فضَّةٍ قدروها تقديراً (16) ويسقونَ فيها كأساً كان مزاجُهَا زنجبيلاً (17) عيناً فيها تسمى سلسبيلاً (18) ويطوفُ عليهمْ ولدانٌ مخلدونَ إذا رأيتهمْ حسبتهمْ لؤلؤاً منثوراً (19) وإذا رأيت ثَمَّ رأيتَ نعيماً وملكاً كبيراً (20) عليهمْ ثيابُ سندسٍ خضرٌ وإستبرقٌ وحلواْ أساورَ من فضةٍ وسقاهمْ ربهمْ شراباً طهوراً (21) إنَّ هذا كانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 لكمْ جزاءً وكانَ سعيُكُم مشكوراً (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 13 - {الأَرَآئِكِ} الأسرّة " ع " أو كل ما يتكأ عليه {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً} أي لا يحتاجون إلى ضيائها لأنهم في ضوء دائم أو لا يتأذون بحرّها {زَمْهَرِيراً} برداً شديداً أي لا يرون حراً ولا برداً أو لون من العذاب أو الزمهرير هنا القمر لا يحتاجون إليه لأنهم في ضوء دائم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 14 - {وَذُلِّلَتْ} لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بُعْد وإذا قام ارتفعت وإذا قعد نزلت. 15 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 16 - {قَوَارِيرَاْ} هي من فضة في صفاء القوارير. أو قوارير في بياض الفضة، قوارير كل أرض من تربتها وأرض الجنّة فضة " ع " {قَدَّرُوهَا} في أنفسهم فجاءت على ما قدروا " ح " أو على قدر أكفْ الخدم أو على مقدار لا تزيد فتفيض ولا تنقص فتغيض أو على قدر ريهم وكفايتهم لأنه ألذ وأشهى أو قدرت لهم وقدروا لها سواء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 17 - {زَنجَبِيلاً} اسم التي فيها مزاج شراب الأبرار أو يمزج بالزنجبيل والعرب تستطيبه لحذوه اللسان وهضمه المأكول أو الزنجبيل طعم من طعوم الخمر تصف العرب به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 18 - {سَلْسَبِيلاً} اسم لها أو سَلْ سبيلاً إليها قاله علي رضي الله تعالى عنه أو سلسلة السبيل أو سلسلة يصرفونها حيث شاءوا تسيل في حلوقهم انسلالاً أو حديدة الجرية أو لأنها تنسل عليهم في مجالسهم وغرفهم وطرقهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 19 - {مُّخَلَّدُونَ} لا يموتون أو صغاراً لا يكبرون وشباباً لا يهرمون " ح " أو مسوَّرون " ع " {مَّنثُوراً} لكثرتهم أو لصفاء ألوانهم وحسن مناظرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 20 - {نَعِيماً} كثرة النعمة أو كثرة التنعم {كَبِيراً} لسعته أو لاستئذان الملائكة عليهم وتحيتهم بالسلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 21 - {طَهُوراً} لا يبولون منه ولا يحدثون عنه بل عرق يفيض من أعراضهم كريح المسح أو لأنها طاهرة بخلاف خمر الدنيا أو ليس في أنهار الجنة نجاسة خلاف أنهار الدنيا. {إنا نحنُ نزلنا عليكَ القرآنَ تنزيلاً (23) فاصبر لحكمْ ربكَ ولا تطعْ منهمْ ءاثماً أوْ كفوراً (24) واذكر اسمَ ربكَ بكرةً وأصيلاً (25) ومنَ الَّيلِ فاسجدْ لهُ وسبحْهُ ليلاً طويلاً (26) إنَّ هؤلاء يحبونَ العاجلةَ ويذَرُونَ وراءهمْ يوماً ثقيلاً (27) نحنُ خلقناهمْ وشددنا أسرهمْ وإذا شئنا بدلنا أمثالهمْ تبديلاً (28) إنَّ هذهِ تذكرةٌ فمن شاءَ اتخذَ إلى ربهِ سبيلاً (29) وما تشاءونَ إلاَّ أن يشاءَ اللهُ إنَّ اللهَ كانَ عليماً حكيماً (30) يدخلُ من يشاءُ في رحمتهِ والظالمينَ أعدَّ لهمْ عذاباً أليماً (31) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 24 - {إثما} بالمعاصي {أَوْ كَفُوراً} بالنعم قيل أراد أبا جهل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 25 - {بُكْرَةً} صلاة الصبح {وَأَصِيلاً} الظهر والعصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 26 - {فَاسْجُدْ لَهُ} المغرب والعشاء {وَسَبِّحْهُ} بتطوع الليل وكل تسبيح في القرآن فهو صلاة " ع " وسفيان الثوري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 28 - {أَسْرَهُمْ} مفاصلهم أو خلقهم " ع " أو قوتهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 سورة المُرْسَلات مكية أو إلا آية {وإذا قيل لهم اركعوا} [48] " ع ". بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والمرسلاتِ عرفاً (1) فالعاصفاتِ عصفاً (2) والناشرات نشراً (3) فالفارقات فرقاً (4) فالملقياتِ ذكراً (5) عذراً أو نذراً (6) إنما توعدونَ لواقعٌ (7) فإذا النجومُ طمستْ (8) وإذا السماءُ فرجتْ (9) وإذا الجبالُ نسفَتْ (10) وإذا الرسُلُ أقتتْ (11) لأي يومٍ أجلتْ (12) ليومِ الفصلِ (13) وما أدراكَ ما يومُ الفصلِ (14) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 1 - {و َالْمُرْسَلاتِ} الملائكة ترسل بالمعروف أو الرسل ترسل بما يعرفون به [214 / أ] / من المعجزات أو الرياح ترسل بما عرفها الله تعالى {عُرْفاً} متتابعات كعرف الفرس أو جاريات " ح " في القلوب أو معروفات في العقول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 2 - {فَالْعَاصِفَاتِ} الرياح أو الملائكة {عَصْفاً} ما تذروه في جريها أو ما تهلكه بشدّتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 3 - {وَالنَّاشِرَاتِ} الرياح تنشر السحاب أو الملائكة تنشر الكتب أو المطر ينشر النبات أو البعث ينشر الأرواح أو الصحف تنشر بأعمال العباد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 4 - {فَالْفَارِقَاتِ} الملائكة تفرق بين الحق والباطل " ع " أو الرسل تفرق بين الحلال والحرام أو الرياح أو القرآن فرق آية آية أو لفرقه بين الحق والباطل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 5 - {فَالْمُلْقِيَاتِ} الملائكة يلقون الوحي إلى الرسل أو الأنبياء أو الرسل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 يلقون ما أنزل إلى أممهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 6 - {عُذْراً} من الله تعالى إلى العباد أو إنذاراً بالعذاب وهو الملائكة أو الرسل أو القرآن. 7 - {لَوَاقِعٌ} بكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 8 - {طُمِسَتْ} محي نورها كطمس الكتاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 9 - {فُرِجَتْ} فتحت وشقت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 10 - {نُسِفَتْ} ذهبت وسويت بالأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 11 - {أُقِّتَتْ} وعدت أو أجلت أو جمعت {وُقِتَتْ} عرفت ثوابها. {ألمْ نهلكِ الأولينَ (16) ثمَّ نتبعُهُمُ الأخرينَ (17) كذلكَ نفعلُ بالمجرمينَ (18) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (19) ألم نخلقكم من ماءٍ مهينٍ (20) فجعلناهُ في قرارٍ مكينٍ (21) إلى قدرٍ معلومٍ (22) فقدرنَا فنعمَ القادرونَ (23) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (24) ألمْ نجعلِ الأرضَ كفاتاً (25) أحياءً وأمواتاً (26) وجعلنا فيها رواسي شامخاتٍ وأسقيناكمْ ماءً فراتاً (27) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 16 - {الأولين} قوم نوح عليه الصلاة والسلام أو كل أمّة استؤصلت بالتكذيب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 17 - {نُتْبِعُهُمُ الأَخِرِينَ} في الإهلاك بالسيف أو بعذاب الآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 20 - {مَّآءٍ مَّهِينٍ} صفوة الماء " ع " أو ضعيف أو سائل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 21 - {قَرَارٍ مَّكِينٍ} الرحم لا يؤذيه حر ولا برد أو مكان حريز. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 23 - {قدَّرنا} وقَدَرنا واحد أو بالتخفيف ملكنا وبالتشديد قضينا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 25 - {كِفَاتاً} كِنَّا " ع " أو وعاء أو مجمعاً أو غطاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 26 - {أَحْيَآءً} يجمعهم أحياء على ظهرها {وَأَمْوَاتاً} في بطنها أو الأرض منها أحياء بالنبات وأموات بالخراب والجفاف. {انطلقواْ إلى ما كنتمْ بهِ تكذبونَ (29) انطلقوا إلى ظلٍّ ذي ثلاثِ شعبٍ (30) لا ظليلٍ ولا يغني من اللهب (31) إنها ترمي بشرر كالقصر (32) كأنه جمالتُ صفرٌ (33) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (34) هذا يومُ لا ينطقونَ (35) ولا يؤذنُ لهمْ فيعتذرونَ (36) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (37) هذا يومُ الفصلِ جمعناكمْ والأولينَ (38) فإن كان لكم كيدٌ فيكدونِ (39) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 30 - {شعيب} الضريع والزقوم والغسلين أو لدخانها ثلاث شعب تحيط به شعبة فوقه وشعبة عن يمينه وشعبة عن شماله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 31 - {لا ظَلِيلٍ} يدفع الأذى {اللَّهَبِ} ما يعلو النار المضطرمة من أصفر وأحمر وأخضر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 32 - {كَالْقَصْرِ} أصول الشجر العظام أو قصر البناء أو الجبل أو أعناق الدواب أو خشبة كان [أهل] الجاهلية يعضدونها نحو ثلاثة أذرع يسمونها القصر " ع " {والشرر} ما يتطاير من النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 33 - {جمالات صُفْرٌ} سود لأنّ سوادها يضرب إلى الصفرة شبهها بها في سرعة سيرها أو في متابعة بعضها بعضاً، أو قُلُوس السفن " ع " أو قطع النحاس " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 39 - {كيد} حيلة أو امتناع منا. {إنَّ المتقينَ في ظلالٍ وعيونٍ (41) وفواكهَ مما يشتهونَ (42) كلوا واشربواْ هنيئاً بما كنتمْ تعملونَ (43) إنَّا كذلك نجزي المحسنينَ (44) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (45) كلوا وتمتعواْ قليلاً إنكمْ مجرمونَ (46) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (47) وإذا قيلَ لهمُ اركعواْ لا يركعونَ (48) ويلٌ يومئذٍ للمكذبينَ (49) فبأي حديث بعدهُ يؤمنونَ (50) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 48 - {ارْكَعُواْ} يقال لهم ذلك في الآخرة تقريعاً أو نزلت في ثقيف لما امتنعوا من الصلاة والركوع هنا الصلاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 50 - {فبأي} كتاب بعد القرآن تصدّقون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 سورة عم يتساءلون سُورة النبإ مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {عمَّ يتساءلونَ (1) عن النبإ العظيمِ (2) الذي همْ فيهِ مختلفونَ (3) كلا سيعلمونَ (4) ثُمَّ كلاَّ سيعلمونَ (5) ألمْ نجعلِ الأرضَ مهاداً (6) والجبالَ أوتاداً (7) وخلقناكمْ أزواجاً (8) وجعلنا نومكُمْ سباتاً (9) وجعلنا الَّيْلَ لباساً (10) وجعلنا النهارَ معاشاً (11) وبنينا فوقكمْ سبعاً شداداً (12) وجعلنا سراجاً وهاجاً (13) وأنزلنا من المعصراتِ ماءً ثجاجاً (14) لنخرجَ به حبًّا ونباتاً (15) وجناتٍ ألفافاً (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 1 - {يتساءلون} [214 / ب] / لما بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] تنازعت قريش فيما دعا إليه واختصموا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 2 - {النَّبَإِ الْعَظِيمِ} القرآن أو البعث أو القيامة أو أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 3 - {مختلفون} اختلفت المسلمون والمشركون فَصدَّق المسلمون وكَذَّب المشركون أو اختلف المشركون فمصدق ومكذب. 4 - و 5 - {سيعلمون} وعيد للكافر بعد وعيد فالأول بعذاب القيامة والثاني وعيد لهم بعذاب النار " ح " أو الأول وعيد لهم بالنار والثاني وعد للمؤمنين بالجنة قاله الضحاك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 9 - {سُبَاتاً} نعاساً أو سكناً أو راحة، يوم السبت للراحة فيه سبت الرجل: استراح أو قطعاً للأعمال السبت القطع سبت شعره قطعه، يوم السبت: لانقطاع العمل فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 10 - {لِبَاساً} سكناً أو غشاء لستره الأشياء كالثوب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 11 - {مَعَاشاً} سمي الكسب معاشاً لأنه يعاش به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 13 - {وَهَّاجاً} مضيئاً " ع " أو متلألئاً أو من وهج الحرّ أو وقاداً جمع الضياء والحَمَى، والسراج هنا: الشمس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 14 - {الْمُعْصِرَاتِ} الرياح " ع " أو السحاب أو السماء " ح " {ثَجَّاجاً} كثيراً أو منصباً " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 15 - {حَبّاً} ما كان في كمام الزرع المحصود والنبات الذي يُرعى أو الحب اللؤلؤ والنبات العشب قال عكرمة: ما نزلت قطرة من السماء إلا نبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 16 - {أَلْفَافاً} الزرع المجتمع بعضه إلى بعض أو الشجر الملتف بالثمر أو البساتين ذوات الألوان. {إن يومَ الفصلِ كان ميقاتاً (17) يومَ ينفخُ في الصورِ فتأتونَ أفواجاً (18) وفتحتِ السماءُ فكانتْ أبواباً (19) وسيرَتِ الجبالُ فكانتْ سراباً (20) إنَّ جهنَّمَ كانتْ مرصاداً (21) للطاغينَ مئاباً (22) لابثينَ فيها أحقاباً (23) لا يذوقونَ فيها برداً ولا شراباً (24) إلاَّ حميماً وغسَّاقاً (25) جزاءً وفاقاً (26) إنهم كانوا لاَ يرجونَ حساباً (27) وكذبواْ بآياتنا كذاباً (28) وكلَّ شيءٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 أحصيناهُ كتاباً (29) فذوقواْ فلن نزيدكمْ إلاَّ عذاباً (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 17 - {الفَصْل} بين الأولين والآخرين {مِيقَاتاً} للثواب والعقاب أو ميعاداً للجمع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 20 - {وسُيِّرت} أزيلت عن مواضعها أو نسفت من أصولها {سَرَاباً} هباءً أو كالسراب الذي يظن أنَّه ماء وليس بماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 21 - {مِرْصَاداً} راصدة تجازيهم بأعمالهم أو عليها رصد فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجىء بجواز حبس " ح " أو المرصاد وعيد من الله تعالى وعد به الكفار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 22 - {لِّلطَّاغِينَ} في الدين بالكفر وفي الدنيا بالظلم {مَآباً} مرجعاً أو مأوى ومنزلاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 23 - {أَحْقَاباً} بعد أحقاب أبداً، والحقب: ثمانون سنة أو أربعون سنة أو سبعون أو ثلاثمائة أو سبعون ألفاً " ح " أو دهر طويل غير محدود أو ألف شهر عبر عن خلودهم بتتابع الأحقاب عليهم، أو حد عذابهم بالحميم والغساق بالأحقاب فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 24 - {بَرْداً} راحة أو برد الهواء أو النوم. (بردت مراشفها عَليّ فصدني ... عنها وعن تقبيلها البرد) {وَلا شَرَاباً} عذباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 25 - {حَمِيماً} حاراً محرقاً أو دموعهم تجمع في حياض في النار فيسقونها أو نوع من شراب أهل النار. {وَغَسَّاقاً} القيح الغليظ أو الزمهرير المحرق برده " ع " أو صديد أهل النار أو المنتن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 26 - {وفاقا} جمع وفق، وافق [215 / أ] / سوء الجزاء سوء العمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 27 - {لا يَرْجُونَ} ثواباً ولا يخافون عقاباً " ع " أو لا يخافون وعد الله بالحساب والجزاء. {إن للمتقينَ مفازاً (31) حدائقَ وأعناباً (32) وكواعبَ أتراباً (33) وكأساً دهاقاً (34) لا يسمعونَ فيها لغواً ولا كذاباً (35) جزاءً من ربكَ عطاءً حساباً (36) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 31 - {مَفَازاً} منتزهاً أو فوزاً بالنجاة من النار والعذاب بالجنة والرحمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 33 - {وَكَوَاعِبَ} نواهد " ع " أو عذارى {أَتْرَاباً} أقراناً أو أمثالاً أو متصافيات أو متواخيات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 34 - {دِهَاقاً} مملوءة " ع " أو متتابعة مع بعضها بعضاً أو صافية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 35 - {كِذَّاباً} لغواً باطلاً " ع " أو حلفاً عند شربها أو شتماً أو معصية، كذاباً، لا يكذب بعضهم بعضاً أو الخصومة أو المأثم {فِيهَا} في الجنة أو في شرب الخمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 36 - {حِسَاباً} كافياً أو كثيراً أو حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشراً. {ربِّ السموات والأرضِ ومَا بينهما الرحمنِ لا يملكونَ منهُ خطاباً (37) يومَ يقومُ الروحُ والملائكةُ صفاً لا يتكلمونَ إلاَّ منْ أذنَ لهُ الرحمنُ وقالَ صواباً (38) ذلكَ اليومُ الحقُّ فمن شاءَ اتخذَ إلى ربهِ مئاباً (39) إنَّا أنذرناكمْ عذاباً قريباً يومَ ينظرُ المرءُ ما قدمتْ يداهُ ويقولُ الكافرُ يليتني كنتُ تراباً (40) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 38 - {الروح} خلق كهيئة الناس وليسوا بناء وهم جند لله تعالى أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 أشراف الملائكة أو حفظة على الملائكة أو جبريل عليه السلام أو ملك من أعظم الملائكة خلقاً " ع " أو أرواح بني آدم تقوم صفاً والملائكة صفاً أو بنو آدم أو القرآن {لا يَتَكَلَّمُونَ} لا يشفعون {إِلا مَنْ أّذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} في الشفاعة " ح " أو لا يتكلمون بشيء إلا من أذن له الرحمن بشهادة أن لا إله إلا الله. {صَوَاباً} حقاً أو قول لا إله إلا الله أو قول الروح يومئذٍ " لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة ولا النار إلا بالعمل " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 39 - {الْيَوْمُ الْحَقُّ} لأن مجيئه حق أو لأنه يحكم فيه بالحق {مَآباً} سبيلاً أو مرجعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 40 - {قَرِيباً} في الدنيا أو يوم بدر أو عذاب القيامة كل آت قريب {الْمَرْءُ} ينظر المؤمن ما قدم من خير {وَيَقُولُ الْكَافِرُ} يبعث الحيوان فيقاد للموقوذة والمركوضة والمنطوحة من الناقرة والراكضة والناطحة ثم يقال كونوا تراباً بلا جنة ولا نار فيقول الكافر يا ليتني كنت تراباً صرت اليوم تراباً بلا جنة ولا نار أو ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا فأكون اليوم تراباً قيل نزلت {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} في أبي سلمة بن عبد الأسد {وَيَقُولُ الْكَافِرُ} في أخيه الأسود بن عبد الأسد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 سُورة النازعات مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والنازعاتِ غرقاً (1) والناشطاتِ نشطاً (2) والسابحاتِ سبحاً (3) فالسابقاتِ سبقاً (4) فالمدبراتِ أمراً (5) يومَ ترجفُ الراجفةُ (6) تتبعها الرادفةُ (7) قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ (8) أبصارها خاشعةٌ (9) يقولونَ أءنا لمردودونَ في الحافرةِ (10) أءذا كنا عظاماً نخرةً (11) قالوا تلكَ إذاً كرةٌ خاسرةٌ (12) فإنما هيَ زجرةٌ واحدةٌ (13) فإذا هم بالساهِرَةِ (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 1 - {و َالنَّازِعَاتِ} الملائكة تنزع نفوس بني آدم أو الموت ينزع النفوس أو النفس حين تُنزع أو النجوم تنزع من أفق إلى أفق ومن مشرق إلى مغرب " ح " أو القسيّ تنزع بالسهم أو الوحش تنزع وتنفر {غَرْقاً} إبعاداً في النزع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 17 - {وَالنَّاشِطَاتِ} الملائكة تُنشط أرواح المؤمنين بسرعة كنشط العقال " ع " أو النجوم تنشط من مطالعها إلى مغاربها أو الموت ينشط نفس الإنسان أو النفس حين تنشط بالموت أو الأوهاق أو الوحش حين ينشط من بلد إلى بلد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 3 - {وَالسَّابِحَاتِ} الملائكة سبحوا إلى الطاعة قبل بني آدم أو النجوم تسبح في فلكها أو الموت [215 / ب] / يسبح في النفوس أو السفن تسبح في الماء أو الخيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 4 - {فَالسَّابِقَاتِ} الملائكة سبقت إلى الإيمان أو تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء أو النجوم تسبق بعضها بعضاً أو الموت يسبق إلى النفس أو النفس تسبق بالخروج عند الموت أو الخيل. 5 - و 7 - {فَالْمُدَبِرَّاتِ} الملائكة تدبر ما أمرت به وأرسلت فيه أو ما وكلت به من الرياح والأمطار أو المدبرات الكواكب السبعة قاله معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه تدبر طلوعها وأفولها أو ما قضاه الله تعالى فيها من تقليب الأحوال. أقسم بهذه الأشياء أو بربها وخالقها وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثنَّ ثم لتحاسبنّ أو قوله {إِنَّ فِي ذلك لعبرة} [26] . أو {يوم ترجف الراجعة} القيامة {الرَّادِفَةُ} البعث " ع " أو النفخة الأولى تميت الأحياء والنفخة الثانية تحيي الموتى وبينهما أربعون سنة فالأولى من الدنيا والثانية من الآخرة أو {الرَّاجِفَةُ} الزلزلة التي ترجف الأرض والجبال والرادفة إذا دكتا دكة واحدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 8 - {وَاجِفَةٌ} خائفة أو طائرة عن أماكنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 9 - {خَاشِعَةٌ} ذليلة أو شاخصة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 10 - {الْحَافِرَةِ} الحياة بعد الموت " ع " أو الأرض المحفورة أو النار أو الرجوع إلى الحالة الأولى تكذيباً بالبعث رجع فرن على حافرته إذا رجع من حيث جاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 11 - {نَّخِرَةً} بالية أو عفنة أو مجوفة تدخلها الريح فتنخر أي تصوت {ناخرة} تنخر فيها الريح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 12 - {خَاسِرَةٌ} ليست بكائنة لا يجيء منها شيء كالخسران أو إن بعثنا لنخسرن بالنار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 13 - {زَجْرَةٌ} غضبة واحدة أو نفخة واحدة تحيي جميع الخلق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 14 - {بِالسَّاهِرَةِ} وجه الأرض لأنّ فيه نوم الحيوان وسهره أو اسم مكان بالشام وهو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسَّان ويمده الله تعالى كيف شاء أو جبل بيت المقدس أو جهنم قاله قتادة. {هلْ أتاكَ حديثُ موسى (15) إذْ ناداهُ ربهُ بالوادِ المقدَّسِ طوىً (16) اذهبْ إلى فرعونَ إنهُ طغَى (17) فقلْ هلْ لكَ إلى أن تزكَّى (18) وأهديكَ إلى ربكَ فتخشى (19) فأراهُ الآيةَ الكبرى (20) فكذبَ وعصى (21) ثُمَّ أدبرَ يسعى (22) فحشرَ فنادى (23) فقالَ أناْ ربكمْ الأعلى (24) فأخذهُ اللهُ نكالَ الآخرةِ والأولى (25) إنَّ في ذلك لعبرةً لمن يخشى (26) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 16 - {بِالْوَادِ} واد بأيلة أو بفلسطين " ح " {الْمُقَدَّسِ} المبارك أو المطهر قدس مرتين " ح " {طُوىً} اسم للوادي أو لأنه مرَّ به ليلا وطواه " ع " أو لأنه طوي بالبركة أو يعني طأ الأرض بقدمك قاله عكرمة ومجاهد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 18 - {تزكى} تسلم أو تعمل خيراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 20 - {الآية الأكبرى} عصاه ويده " ح " أو الجنة والنار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 23 - {فَحَشَرَ} السحرة للمعارضة ونادى جنده للمحاربة أو حشر الناس للحضور {فَنَادَى} فخطب عليهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 25 - {نَكَالَ الأَخِرَةِ} عذاب الدنيا والآخرة، في الدنيا بالغرق وبالنار في الآخرة أو عذاب أول عمره وآخره أو الأول قوله {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِى} [القصص: 38] والآخر قوله {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى} وكان بينهما أربعون سنة " ع " أو ثلاثون وبقي بعد الآخرة ثلاثين سنة أو عذاب أول النهار وآخره بالنار {النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} [غافر: 46] . {ءأنتمْ أشدُّ خلقاً أمْ السماءُ بناها (27) رفعَ سمكَهَا فسواها (28) وأغطشَ ليلها وأخرجَ ضُحاها (29) والأرضَ بعدَ ذلكَ دحاها (30) أخرجَ منها ماءها ومرعاها (31) والجبالَ أرساها (32) متاعاً لكمْ ولأنعامكمْ (33) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 29 - {أغطش} أظلم {ضُحَاهَا} أخرج شمسها " ع " أو أضاء نهارها وأضاف الليل والنهار [216 / أ] / إلى السماء لأنّ منها الظلمة والضياء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 30 - {بَعْدَ ذَلِكَ} مع ذلك أو خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء {دَحَاهَآ} بَسَطَها " ع " ودحيت من موضع الكعبة أو من مكة أو حرثها وشقها أو سواها. {فإذا جاءتْ الطامَّةُ الكبرى (34) يومَ يتذكرُ الإنسانُ ما سعى (35) وبرزتِ الجحيمُ لمن يرى (36) فأمَّا من طغى (37) وءاثرَ الحياةَ الدنيا (38) فإنَّ الجحيمَ هيَ المأوى (39) وأمَّا منْ خافَ مقامَ ربِّهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 ونهى النفسَ عنِ الهوىَ (40) فإنَّ الجنةَ هيَ المأوى (41) يسألونَكَ عنِ الساعةِ أيانَ مرساها (42) فيمَ أنتَ من ذكراها (43) إلى ربكَ منتهاها (44) إنما أنتَ منذرُ من يخشاها (45) كأنهمْ يومَ يرونها لمْ يلبثوا إلاَّ عشيةً أو ضحاها (46) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 34 - {الطَّآمَّةُ} النفخة الآخرة " ح " أو الساعة طمت كل داهية أو اسم للقيامة " ع " أو سوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار والطامة في اللغة الغاشية أو الغامرة أو الهائلة تطم كل شيء أي تغطيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 40 - {مَقَامَ رَبِّهِ} يخافه في الدنيا عند مواقعة الذنب فيقلع أو يخاف وقوفه في الآخرة بين يديه للحساب {وَنَهَى} زجر نفسه عن المعاصي. قيل نزلت في مصعب بن عمير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 42 - {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} متى منتهاها أو زمانها سألوا عنها استهزاء فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 43 - {فِيمَ أَنتَ} فيم يسألونك عنها وأنت لا تعلمها أو فيما تسأل عنها وليس لك السؤال عنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 46 - {عَشِيَّةَ} ما بعد الزوال {أَوْ ضُحَاهَا} في الدنيا وهو ما قبل الزوال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 سورة عبس مكية نزلت في ابن أم مكتوم عبد الله بن زائدة أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] يستقرئه وهو يناجي بعض عظماء قريش أمية بن خلف أو عتبة وشيبة فأعرض الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنه وعبس في وجهه فعوتب في إعراضه. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {عبس وتولى (1) أن جاءه الأعمى (2) وما يدريك لعله يزكى (3) أو يذكر فتنفعه الذكرى (4) أما من استغنى (5) فأنت له تصدى (6) وما عليك ألا يزكى (7) وأما من جاءك يسعى (8) وهو يخشى (9) فأنت عنه تلهى (10) كلا إنها تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في صحفٍ مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) بأيدي سفرة (15) كرامٍ بررة (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 1 - {عَبَسَ وَتَوَلَّى} قطب وأعرض. 3 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 4 - {يَزَّكَّى} يؤمن أو يتعبد بالأعمال الصالحة أو يحفظ ما تتلوه عليه من القرآن ويتفقَّه في الدين، " أ " صلة تقديره يزكى ويذكر. {يذكر} يتّعظ أو يتفقَّه كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا رآه مقبلاُ بسط له رداءه حتى جلس عليه إكراماً له " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 11 - {إِنَّهَا} هذه السورة أو القرآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 12 - {فَمَن شَآءَ} الله تعالى ألهمه الذكر أو من شاء أن يتذكر بالقرآن أذكره الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 13 - {مُّكَرَّمَةٍ} عند الله تعالى أو في الدين لما فيها من العلم أو لأنه نزل بها كرام الحفظة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 14 - {مَّرْفُوعَةٍ} في السماء أو في قدرها وشرفها {مُّطَهَّرَةٍ} من الدنس أو الشرك أو من أن تنزل على المشركين أو لا يمسها إلا المطهرون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 15 - {سَفَرَةٍ} الملائكة لأنهم سفرة بين الله تعالى ورسله، سفر بين القوم: إذا بلَّغ أو القراء لأنهم يقرءون الأسفار أو الكتبة " ع " سفر سفراً إذا كتب قيل للكتاب سفر وللكاتب سافر من تبيين الشيء وإيضاحه ومنه إسفار الصبح: وضوحه، وسفرت المرأة: كشفت نقابها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 16 - {كِرَامٍ} على الله تعالى أو عن المعاصي أو يتكرمون على من باشر زوجته بالستر عليه دفاعاً عنه وصيانة له {بَرَرَةٍ} مطيعين أو صادقين واصلين أو متّقين مطهرين. {قُتِلَ الإنسان ما أكفره (17) من أي شيء خلقه (18) من نطفة خلقه فقدره (19) ثم السبيل يسره (20) ثم أماته فأقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22) كلا لما يقض ما أمره (23) فلينظر الإنسان إلى طعامه (24) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 {أنا صببنا الماء صبا (25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حبا (27) وعنباً قضبا (28) وزيتوناً ونخلاً (29) وحدائق غلبا (30) وفاكهة وأباً (31) متاعاً لكم ولأنعامكم (32) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 17 - {قُتِلَ} عذب أو لعن {الإِنسَانُ} كل كافر أو أمية بن خلف أو عتبة بن أبي لهب حين قال كفرت [216 / ب] / برب النجم إذا هوى فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " اللهمّ سلّط عليه كلبك " فأخذه الأسد في طريق الشام. {مَآ أَكْفَرَهُ} ما أشدّ كفره أو أي شيء أكفره على جهة الاستفهام أو ما ألعنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 20 - {السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} خروجه من بطن أمه أو سبيل السعادة والشقاوة أو الهدى والضلالة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 21 - {فَأَقْبَرَهُ} جعل له من يقبره أو جعله ذا قبر يدفن فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 23 - {لَمَّا يَقْضِ} لا يفعل الكافر ما أمرته من الطاعة والإيمان أو عامة في المؤمن والكافر أو لا يقضي أحد أبداً كل ما فرض عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 24 - {طَعَامِهِ} الذي يحيى به من أي شيء هو أو ما يخرج منه أي شيء كان ثم كيف صار بعد حفظ الحياة ونمو الجسد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 26 - {شققنا الأرض} للنبات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 28 - {قضبا} القت والعلف لأنه يقضب بعد ظهوره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 30 - {وَحَدَآئِقَ} ما التف واجتمع " ع " أو نبت الشجر كله أو ما أحيط عليه من النخل والشجر وما لم يحط فليس بحديقة {غُلْباً} نخلاً كراماً " ح " أو شجراً طوالاً غلاظاً والأغلب الغليظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 31 - {وَأَبّاً} مرعى البهائم " ع " أو كل ما نبت على وجه الأرض أو كل نبات سوى الفاكهة والثمار الرطبة أو التبن خاصة أو يابس الفاكهة وهذا مثل ضرب لقدرته على البعث. {فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (32) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) لكل امرئٍ منهم يومئذ شأنٌ يغنيه (37) وجوه يومئذ مسفرة (38) ضاحكة مستبشرة (39) ووجوه يومئذ عليها غبرة (40) ترهقها قترة (41) أولئك هم الكفرة الفجرة (42) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 33 - {الصَّآخَّةُ} النفخة الثانية يصيخ الخلائق لاستماعها أو اسم للقيامة لإصاخة الخلق إليها من الفزع " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 34 - {يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} الآية لما بينهم من التبعات أو حتى لا يروا عذابه أو لاشتغاله بنفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 38 - {مُّسْفِرَةٌ} مشرقة أو فرحة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 41 - {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} تغشاها شدّة وذلّة " ع " أو خزي أو سواد أو غبار أو كسوف الوجه، القترة: ما ارتفعت إلى السماء والغبرة ما انحطت إلى الأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 سورة إذا الشمس كورت سورة التكوير مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا الشمس كورت (1) وإذا النجوم انكدرت (2) وإذا الجبال سيرت (3) وإذا العشار عطلت (4) وإذا الوحوش حشرت (5) وإذا البحار سجرت (6) وإذا النفوس زوجت (7) وإذا الموءودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9) وإذا الصحف نشرت (10) وإذا السماء كشطت (11) وإذا الجحيم سعرت (12) وإذا الجنة أزلفت (13) علمت نفسٌ ما أحضرت (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 1 - {كُوِّرَتْ} ذهب نورها " ع " أو غُوِّرت أو اضمحلت أو نكست أو جمعت فألقيت ومنه كارة الثياب لجمعها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 2 - {انكَدَرَتْ} تناثرت أو تساقطت أو تغيرت " ع " سميت نجوماً لظهورها في السماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 3 - {سُيِّرت} ذهبت عن أماكنها فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة ليس عليها جبل ولا فيها واد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 4 - {الْعِشَارُ} جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحملها عشرة أشهر وكانت أنفس أموالهم عندهم {عُطِّلَتْ} لم تحلب ولم تُصَر أو أهملت لاشتغالهم بأنفسهم من شدّة خوفهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 5 - {حُشِرَتْ} جمعت أو اختلطت فصارت بين الناس أو حشرت للقيامة ليقتص للجماء من القرناء أو حشرها موتها " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 6 - {سُجِّرَتْ} فاضت أو يبست أو أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها فامتلأت أو فجرت فصارت بحراً واحداً أو سيرت كما تسير الجبال أو احمر ماؤها من قولهم عين سجراء أي حمراء أو أوقدت فاشتعلت ناراً " ع " أو جعل ماؤها شراباً يعذب به [217 / أ] / أهل النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 7 - {زُوِّجَتْ} أي حشر أهل الخير مع أهل الخير إلى الجنة وأهل الشرّ مع أهل الشر إلى النار أو يزوج رجال أهل الجنة بنسائها ورجال أهل النار بنسائها أو زوجت الأرواح بالرد إلى الأجساد فصارت زوجاً لها أو قرن كل غاوٍ بمن أغواه من شيطان أو إنسان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 8 - {والموءودة} المدفونة حية خوف سبيها واسترقاقها أو خشية الفقر وكان أشرافهم لا يفعلون ذلك سميت بذلك لموتها بثقل التراب. {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: 255] لا يثقله. {سُئِلَتْ} لم قتلت توبيخاً للقاتل تقول لا ذنب لي وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {سألت} أي سألت قاتلها لم قتلتني فلا يكون له عذر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 10 - {الصُّحُفُ} صحائف الأعمال تطوى بالموت وتنشر في القيامة ليقفوا على ما عملوا، فمن شدد {نُشِّرت} أراد التكرير للمبالغة في تقريع العاصي وتبشير الطائع أو تكرار ذلك من الإنسان أو الملائكة والشهداء عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 11 - {كُشِطَتْ} ذهبت أو كسفت أو طويت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 12 - {سُعِّرَتْ} أحميت أو أوقدت أو سعرها غضب الله تعالى من خطايا بني آدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 13 - {أزلفت} قربت. {فلا أقسم بالخنس (15) الجوار الكنس (16) والليل إذا عسعس (17) والصبح إذا تنفس (18) إنه لقول رسول كريم (19) ذي قوة عند ذي العرش مكين (20) مطاع ثم أمين (21) وما صاحبكم بمجنون) 22) ولقد رءاه بالأفق المبين (23) وما هو على الغيب بضنين (24) وما هو بقول شيطانٍ رجيم (25) فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (29) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 15 - {الخنس} النجوم تخنس بالنهار إذا غربت أو خمسة منها زحل وعطارد والمشتري والمريخ والزهرة قاله علي رضي الله تعالى عنه خصّها بالذكر لاستقبالها الشمس أو لقطعها المجرة، أو بقر الوحش أو الظباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 16 - {الجواري} في سيرها {الْكُنَّسِ} الغيب مأخوذ من كناس الوحش الذي يختفي فيه أو بقر الوحش لاختفائها في كناسها، أو الظباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 17 - {عَسْعَسَ} أظلم أو ولى " ع " أو أقبل، والعس: الامتلاء ومنه القدح الكبير عس لامتلائه بما فيه فأطلق على إقبال الليل لابتداء امتلائه وعلى ظلامه لاستكمال امتلائه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 17 - {وَالصُّبْحِ} طلوع الفجر أو طلوع الشمس قاله الضحاك {تنفس} بأن إقباله أو زاد وضوءه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 19 - {رَسُولٍ كَرِيمٍ} جبريل عليه السلام أو النبي [صلى الله عليه وسلم] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 21 - {مُّطَاعٍ ثَمَّ} في السماء عند الملائكة {أَمِينٍ) عند الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 23 - {ولقد رآه} محمد [صلى الله عليه وسلم] رأى ربه أو رأى جبريل عليه السلام على صورته ببصره " ع " أو بقلبه {بِالأُفُقِ} مطلع الشمس أو أقطار السماء ونواحيها وهو الأفق الشرقي أو الغربي أو نحو أجياد وهو مشرق مكة " {الْمُبِينِ} صفة للأفق أو لمن رآه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 24 - {الْغَيْبِ) {القرآن} (بظنين} بمتهم أن يأتي بما لم ينزل عليه " ع " أو بضعيف عن تأديته {بِضَنِينٍ} ببخيل أن يُعلِّم ما علم أو بمتهم. أن يؤدي ما لم يؤمر به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 26 - {تَذْهَبُونَ} إلى أين تعدلون عن كتاب الله تعالى وطاعته أو فأي طريق أهدى من الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 29 - {وما تشاءون} الاستقامة على الحق [217 / ب] / {إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} تعالى لكم وما تشاءون الهداية إلا أن يشاء الله تعالى إلى توفيقكم أو ما تشاءون التذكر بآية من القرآن إلاّ أن يشاء الله تعالى إنزالها عليكم، لما نزلت {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ} قال أبو جهل ذاك إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فنزلت {وَمَا تشاءون} الآية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 سورة إذا السماء انفطرت سورة الانفطار مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا السماء انفطرت (1) وإذا الكواكب انتثرت (2) وإذا البحار فجرت (3) وإذا القبور بعثرت (4) علمت نفسٌ ما قدمت وأخرت (5) يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك (7) في أي صورة ما شاء ركبك (8) كلا بل تكذبون بالدين (9) وإن عليكم لحافظين (10) كراماً كاتبين (11) يعلمون ما تفعلون (12) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 1 - {انفَطَرَتْ} انشقت أو سقطت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 2 - {انتَثَرَتْ} سقطت سوداء لا ضوء لها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 3 - {فُجِّرَتْ} يبست أو خرقت فصارت بحراً واحداً وكانت سبعة أبحر أو فجّر عذبها في مالحها ومالحها في عذبها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 4 - {بُعْثِرَتْ} بحثت وثورت " ع " قال الفراء فيخرج ما في بطنها من ذهب وفضة وذلك من أشراط الساعة ثم يخرج الموتى أو حركت للبعث أو بعث من فيها من الأموات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 5 - {مَّا قَدَّمَتْ} من طاعة {وَأَخَّرَتْ} من حق الله تعالى " ع " أو ما عملت وما تركت أو ما قدّمت من الصدقات وما أخّرت من الميراث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 6 - {الإِنسَانُ} كل كافر أو أُبيّ بن خلف أو الأشد بن كلدة بن أسد الجمحي " ع " غره الشيطان أو جهله وحمقه قاله عمر رضي الله تعالى عنه. {الْكَرِيمِ} الذي يتجاوز ويصفح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 8 - {فِى أَىِّ صُورَةٍ} شبه أب أو أم أو خال أو عم أو من حسن أو قبح أو طول أو قصر أو ذكر أو أنثى أو فيما شاء صور الخلق {رَكَّبَكَ} حتى صرت على صورتك التي أنت عليها لا يشبهك شيء من الحيوان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 9 - {بِالدِّينِ} الإسلام أو الحساب والجزاء أو العدل والقضاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 10 - {لَحَافِظِينَ} ملائكة، يحفظ كل إنسان ملكان، عن يمينه كاتب الحسنات والآخر عن يساره يكتب السيئات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 11 - {كراما} على الله تعالى أو بالإيمان أو لأنهما لا يفارقان ابن آدم إلا عند الغائط والجماع يعرضان عنه ويكتبان ما تكلم به. {إن الأبرار لفي نعيم (13) وإن الفجار لفي جحيم (14) يصلونها يوم الدين (15) وما هم عنها بغائبين (16) وما أدراك ما يوم الدين (17) ثم ما أدراك ما يومُ الدين (18) يومَ لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله (19) } 13 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 14 - {نَعِيمٍ} الجنة، {جَحِيمٍ} النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 16 - {وَمَا هُمْ} عن القيامة أو النار {بِغَآئِبِينَ} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 17 - {وَمَآ أَدْرَاكَ} كرّر ذلك تعظيماً لشأنه أو الأول خطاب للفجار ترهيباً والثاني خطاب للأبرار ترغيباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 18 - {لا تَمْلِكُ} مخلوق لمخلوق نفعاً ولا ضراً {والأمر} والأجر في الثواب والعقاب أو العفو والانتقام لله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 سورة المطففين مكية أو مدنية إلا ثمان آيات من قوله: {إن الذين أجرموا} [29] إلى آخرها مكي أو نزلت بين مكة والمدينة وكان أهل المدينة من أخبث الناس كيلاً إلى أن نزلت فأحسنوا الكيل. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ويلٌ للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3) ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليومٍ عظيمٍ (5) يومَ يقومُ الناسُ لربِ العالمين (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 1 - {وَيْلٌ} وادٍ في جهنم أو النار أو صديد أهلها أو الهلاك أو أشق العذاب أو النداء بالخسار والهلاك أو أصله وي لفلان أي الحرب لفلان ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة، والتطفيف: التقليل فالمطفف مقلل بحق صاحبه بنقصانه في كيل أو وزن أو أخذ من طف الشيء وهي جهته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 6 - {يوم يقوم الناس} [218 / أ] مقدار ثلاثمائة سنة بين يديه قياماً لفصل القضاء أو يقومون من قبورهم أو جبريل يقوم لرب العالمين. {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين (7) وما أدراك ما سجين (8) كتابٌ مرقوم (9) ويلٌ يومئذ للمكذبين (10) الذين يكذبون بيوم الدين (11) وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم (12) إذا تتلى عليه ءاياتنا قال أساطير الأولين (13) كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون (14) كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (15) ثم إنهم لصالوا الجحيم (16) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 7 - {كَلآ} حقاً أو موضوع للزجر والتنبيه {سِجِّينٌ} سفال أو خسار أو تحت الأرض السابعة أو الأرض السابعة وسجين السماء: الدنيا قاله ابن أسلم أو صخرة في الأرض السابعة يجعل كتابهم تحتها أو جُب في جهنم مفتوح والفلق جب فيها مغطى مأثور أو تحت إبليس أو حجر أسود تحت الأرض يكتب فيه أرواح الكفار أو الشديد أو السِّجين فعيل من سجنته وفيه مبالغة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 9 - {مَّرْقُومٌ} مكتوب أو مختوم أو رقم أو رقم لهم بِشرٍّ لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 14 - {رَانَ} طبع أو غلب أو ورود الذنب على الذين حتى يعمى القلب " ح " أو الصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق. {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين (18) وما أدراك ما عليون (19) كتاب مرقوم (20) يشهده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 المقربون (21) إن الأبرار لفي نعيم (22) على الأرائك ينظرون (23) تعرف في وجوههم نضرة النعيم (24) يسقون من رحيق مختوم (25) ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (26) ومزاجه من تسنيم (27) عيناً يشرب بها المقربون (28) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 18 - {عِلِّيِّينَ} الجنة أو السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين أو قائمة العرش اليمنى أو في علو وصعود إلى الله تعالى " ح " أو سدرة المنتهى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 24 - {نَضْرَةَ النعيم} الطرواة والغضارة أو البياض أو عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم قاله علي رضي الله تعالى عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 25 - {رحيقٍ} عين في الجنة مشوب بالمسك " ح " أو شراب أبيض يختمون به شرابهم أو الخمر في قول الجمهور وهي الخمر الصافية أو أقصى الخمر وأجودها قاله الخليل أو الخالصة من الغش أو العتيقة {مَّخْتُومٍ} ممزوج أو ختم إناؤه بختم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 26 - {خِتَامُهُ مِسْكٌ} مزاجه أو عاقبته يمزج بالكافور ويختم بالمسك أو طعمه وريحه مسك أو طينه مسك أو ختمه الذي يختم به إناؤه مسك " ع " {فَلْيَتَنَافَسِ} فليعمل أو فليبادر " ع " أخذ التنافس من الشيء النفيس أو من الرغبة فيما تميل إليه النفوس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 27 - {تَسْنِيمٍ} الماء أو عين يشربها المقربون صرفاً وتمزج لأصحاب اليمين أو عين في جنة عدن وهي دار الرحمن وأهل عدن جيرانه أو خفايا أخفاها الله تعالى لأهل الجنة لا يعرف لها مثال " ح " فأصل التسنيم في اللغة أنها عين تجري من علو إلى سفل سنام البعير: لعلوه من بدنه ومنه تسنيم القبور. {إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون (29) وإذا مروا بهم يتغامزون (30) وإذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 انقلوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين (31) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (32) وما أُرسلوا عليهم حافظين (33) فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون (34) على الأرائك ينظرون (35) هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (36) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 31 - {فاكهين} معجبين " ع " أو فرحين أو لاهين أو ناعمين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 36 - {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} هذا سؤال المؤمنين عن الكفار حين فارقوهم أثيبوا على كفرهم أو جوزوا على ما كانوا يفعلون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 سورة إذا السماء انشقت سُورَةُ الانْشِقَاقِ مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا السماء انشقت (1) وأذنت لربها وحقت (2) وإذا الأرض مدت (3) وألقت ما فيها وتخلت (4) وأذنت لربها وحقت (5) يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه (6) فأما من أوتيَ كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حساباً يسيرا (8) وينقلب إلى أهله مسرورا (9) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعو ثبوراً (11) ويصلى سعيرا (12) إنه كان في أهله مسرورا (13) إن ظن أن لن يحور (14) بلى إن ربه كان به بصيرا (15) } وهذا من أشراط الساعة وجوابه {إنك كادح} أو {وأذنت} والواو صلة أو رأى الإنسان ما قدّم من خير وشر أو التقدير اذكر {إذا السماء انشقت} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 2 - {وَأَذِنَتْ} سمعت {وَحُقَّتْ} أطاعته أو حق لها أن تفعل ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 3 - {مُدَّتْ} كان البيت قبل الأرض بألفي عام فمدت الأرض من تحته أو أرض القيامة وهو أشبه بالسياق تبسط فيمدها الله تعالى مد [218 / ب] / الأديم أو سويت بدك الجبال ونسف البحار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 4 - {وَأَلْقَتْ} ما في بطنها من الموتى وتخلت ممن على ظهرها من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 الأحياء أو ألقت كنوزها ومعادنها وتخلت من جبالها وبحارها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 6 - {كَادِحٌ} ساعٍ إلى ربك حتى تلاقيه أو عامل لربك عملاً تلقاه به من خير أو شر " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 8 - {يَسِيراً} يجازي على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات أو يعرف عمله ثم يتجاوز عنه مأثور أو العرض مأثور أيضاً قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " يعرض الناس ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فتطير الكتب في الأيدي فبين آخذٍ كتابه بيمينه وبين آخذٍ كتابه بشماله ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 9 - {إِلَى أَهْلِهِ} الذين أعدهم الله تعالى له في الجنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 14 - {يحور} يرجع مبعوثاً حياً. {فلا أقسم بالشفق (16) والليل وما وسق (17) والقمر إذا اتسق (18) لتركبن طبقاً عن طبق (19) فما لهم لا يؤمنون (20) وإذا القرئ عليهم القرآن لا يسجدون (21) بل الذين كفروا يكذبون (22) والله أعلم بما يوعون (23) فبشرهم بعذاب أليم (24) إلا الذين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 ءامنوا وعملوا الصالحات لهم أجرٌ غيرُ ممنونٍ (25) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 16 - {بِالشَّفَقِ} شفق الليل الأحمر " ع " أو الشمس أو ما بقي من النهار أو النهار كله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 17 - {وَسَقَ} جمع أو جن وستر " ع " أو سائق لأن ظلمة الليل تسوق كل شيء إلى مأواه أو ما عمل فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 18 - {اتَّسَقَ} استوى " ع " اتسق الأمر انتظم واستوى وليلة أربعة عشر هي ليلة السواء أو استدار أو اجتمع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 19 - {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً} سماء بعد سماء أو حالاً بعد حال فطيماً بعد رضيع وشيخاً بعد شاب أو أمراً بعد أمر رخاء بعد شدّة وشدّة بعد رخاء وغنىً بعد فقر وفقراً بعد غنى وصحة بعد سقم وسقماً بعد صحة " ح " أو منزلة بعد منزلة يرتفع في الآخرة قوم كانوا متضعين في الدنيا ويتضع فيها قوم كانوا مرتفعين في الدنيا أو عملاً بعد عمل أو الآخرة بعد الأولى أو شدّة بعد شدّة حياة ثم موت ثم بعث ثم جزاء في كل حال من هذه الأحوال شدّة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 23 - {يُوعُونَ} يسرون في قلوبهم أو يكتمون من أفعالهم أو يجمعون من سيئاتهم من الوعاء الذي يجمع ما فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 25 - {مَمْنُونٍ} محسوب أو منقوص أو مقطوع أو مكدر بالمن والأذى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 سُورَةُ البُرُوجِ مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والسماء ذات البروج (1) واليوم الموعود (2) وشاهد ومشهود (3) قتل أصحاب الأخدود (4) النار ذات الوقود (5) إذ هم عليها قعود (6) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (8) الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد (9) إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمناتِ ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذابُ الحريق (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 1 - {الْبُرُوجِ} النجوم أو القصور " ع " أو الخلق الحسن أو المنازل اثنا عشر برجاً منازل الشمس والقمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 2 - {الْمَوْعُودِ} يوم القيامة وعدوا فيه بالجزاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 3 - {وَشَاهِدٍ} يوم الجمعة {وَمَشْهُودٍ} يوم عرفة مأثور. أو الشاهد يوم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 النحر والمشهود يوم عرفة أو الشاهد الملائكة والمشهود الإنسان أو المشهود يوم القيامة والشاهد الله تعالى أو آدم أو عيسى بن مريم أو محمد [صلى الله عليه وسلم] وعليهم أجمعين وسلم تسليماً كثيراً ألى يوم الدين أو الإنسان " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 17 - {قُتِلَ} جواب القسم أو {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ} {الأُخْدُودِ} الشق العظيم في الأرض وجمعه أخاديد، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقد فيها النار وأُلقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر كانوا حبشة أو نبطاً أو من بني إسرائيل [219 / أ] / أو من أهل نجران أو من أهل اليمن أو دانيال وأصحابه أو نصارى بالقسطنطينية أو نصارى باليمن قبل مبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] بأربعين سنة وكانوا نيفاً وثمانين رجلاً حرقهم في الأخدود يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري وقيل الأخاديد ثلاثة خد بالشام وخد بالعراق وخد باليمن فقوله {قُتِلَ} أي أُهلك المؤمنون أو لُعن الكافرون الفاعلون، قيل صعدت النار إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم فذلك قوله {ولهم عذاب الحريق} [10] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 7 - {شُهُودٌ} على الأخدود أو شهود على المؤمنين بالضلال. {إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم جناتُ تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير (11) إن بطش ربك لشديد (12) إنه هو يبدئ ويعيد (13) وهو الغفور الودود (14) ذو العرش المجيد (15) فعال لما يريد (16) هل أتاك حديث الجنود (17) فرعون وثمود (18) بل الذين كفروا في تكذيب (19) والله من ورائهم محيط (20) بل هو قرانٌ مجيد (21) في لوحٍ محفوظٍ (22) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 13 - {يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} يحيي ويميت أو يميت ويحيي أو يخلق ثم يبعث أو يبدئ العذاب ويعيده " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 14 - {الْغَفُورُ} الساتر للعيوب أو العافي عن الذنوب. {الْوَدُودُ} المحب أو الرحيم أو الذي لا ولد له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 15 - {الْمَجِيدُ} الكريم أو العالي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 22 - {مَّحْفُوظٍ} عند الله تعالى وبالرفع القرآن محفوظ من الشياطين أو من التغيير والتبديل وقيل اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرءونه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 سورة الطارق مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب (3) إن كل نفسٍ لما عليها حافظ (4) فلينظر الإنسان ممن خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب (7) إنه على رجعه لقادر (8) يوم تبلى السرائر (9) فما له من قوةٍ ولا ناصر (10) 1 - {الطَّارِقُ} سمي النجم طارقاً لاختصاصه بالليل وكل قاصد في الليل طارق وأصل الطرق الدق ومنه المطرقة وقاصد الليل طارق لاحتياجه في وصوله إلى الدق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 3 - {الثَّاقِبُ} المضيء " ع " أو المتوهج أو المنقض أو المرتفع على النجوم كلها أو الثاقب للشياطين إذا رموا به أو الثاقب في سيره ومجراه وهو الثريا أو زُحل قاله علي رضي الله تعالى عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 4 - {لَمَّا} بمعنى " إلا " أو " ما " زائدة تقديره لعليها {حَافِظٌ} من الله تعالى يحفظ رزقه وأجله أو ملائكة يكتبون عمله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 7 - {الصلب} صلب الرجل وترائبه " ح " أو صلبه وترائب النساء و {الترائب} الصدر أو ما بين المنكبين إلى الصدر أو موضع القلادة " ع " أو أربعة أضلاع من الجانب الأسفل أو أربعة من يمنه الصدر وأربعة من يسرته حكاه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 الزجاج أو بين اليدين والرجلين والعينين أو عصارة القلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 7 - {رَجْعِهِ} رد المني إلى الإحليل أو إلى الصلب أو رد الإنسان من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة أو بعثه في الآخرة أو حبس الماء في الإحليل فلا يخرج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 9 - {تُبْلَى} تظهر {السَّرَآئِرُ} كل ما أسر من خير أو شر أو إيمان أو كفر أو الصلاة والصوم وغسل الجنابة وهي أمانة الله تعالى على ابن آدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 10 - {قُوَّةٍ} عشيرة، والناصر: الحليف أو قوّة في بدنه {وَلا نَاصِرٍ} من غيره يمنعه من عذاب الله تعالى ولا ينصره عليه. {والسماء ذات الرجع (11) والأرض ذات الصدع (12) إنه لقول فصل (13) وما هو بالهزل (14) إنهم يكيدون كيداً (15) وأكيد كيداً (16) فمهل الكافرين أمهلهم رويدا (17) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 11 - [219 / ب] / {الرَّجْعِ} المطر لرجوعه كل عام " ع " أو السحاب لرجوعه بالمطر أو الرجوع إلى ما كانت عليه أو النجوم الراجعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 12 - {الصدع} النبات لانصداعها عنه " ع " أو الأدوية لانصداعها بها أو الطرق التي تصدعها المشاة أو الحرث لأنه يصدعها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 13 - {إِنَّهُ لَقَوْلٌ} وعده برجع الإنسان وابتلاء سرائره وفقده القوّة والناصر {فضل} أي حد أو عدل أو أراد القرآن فصل حق " ح " أو فصل ليس بالهزل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 14 - {بِالْهَزْلِ} اللعب أو الباطل أو الكذب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 15 - {يَكِيدُونَ} يمكرون بالرسول [صلى الله عليه وسلم] في دار الندوة ليثبتوه أو ليقتلوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 16 - {وَأَكِيدُ} في الآخرة بالنار وفي الدنيا بالسيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 17 - {رُوَيْدَاً} قريباً " ع " أو انتظاراً أو قليلاً فقتلوا ببدر، مهل وأمهل واحد أو مهل كف عنهم وأمهل انتظر عذابهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 سورة سبح اسم ربك الأعلى سُورة الأعلى مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {سبح اسم ربك الأعلى (1) الذي خلق فسوى (2) والذي قدر فهدى (3) والذي أخرج المرعى (4) فجعله غثاء أحوى (5) سنقرئك فلا تنسى (6) إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى (7) ونيسرك لليسرى (8) فذكر إن نفعت الذكرى (9) سيذكر من يخشى (10) ويتجنبها الأشقى (11) الذي يصلى النار الكبرى (12) ثم لا يموت فيها ولا يحيى (13) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 1 - {سَبِّحِ اسْمَ} عظم ربك " ع " أراد المسمى أو نزه اسمه أن يسمى به غيره أو ارفع صوتك بذكره أو صلِّ باسم ربك بأمره أو افتتح الصلاة بذكره أو اذكره بقلبك في نيتك للصلاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 2 - {خَلَقَ} آدم {فَسَوَّى} خلقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 3 - {قَدَّرَ} الشقاء والسعادة وهدى الرشد والضلالة أو قدر الأرزاق والأقوات وهدى الإنس للمعاش والبهائم للرعي أو قدر الذكور والإناث وهدى الذكر لإتيان الأنثى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 5 - {غُثَآءً} ما يبس من النبات فصار هشيماً تذروه الرياح والأحوى الأسود أو الغثاء ما احتمله السيل من النبات والأحوى المتغير أو تقديره أحوى فصار غثاء والأحوى ألوان النبات الحي من أخضر وأحمر وأصفر وأبيض يعبر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 عن جميعه بالسواد وبه سمي سواد العراق والغثاء النبت اليابس وهذا مثل ضرب لذهاب الدنيا بعد نضارتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 6 - {فَلا تَنسَى} لا تترك العمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 7 - {إِلا مَا شَآءَ اللَّهُ} تعالى أن يرخص في تركه فيكون نهياً أو أخبره ألا ينسى من القرآن إلا ما شاء الله تعالى أن ينسخه فينساه أو يؤخر إنزاله فلا يقرؤه، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان إذا نزل جبريل عليه السلام بالوحي يقرؤه جِيفة أن ينساه فنزلت. {الْجَهْرَ} ما حفظته من القرآن {وَمَا يَخْفَى} ما نسخ من حفظك أو الجهر ما عمله وما يخفى ما سيعمله " ع " أو ما أظهره وما ستره أو ما أسرَّه في يومه وما سيسره بعد يومه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 8 - {لِلْيُسْرَى} للخير أو الجنة أو الدين اليسر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 9 - {فَذَكِّرْ} بالقرآن أو بالله تعالى {إِن نَّفَعَتِ} إنْ قبلت أو ما نفعت فلا تكون " إنْ " شرطاً لأنها نافعة بكل حال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 12 - {الْكُبْرَى} نار جهنم والصغرى نار الدنيا أو الكبرى الطبقة السفلى من جهنم وهي نار الكفار والصغرى [220 / أ] / نار الدنيا وفي الطبقة العليا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 13 - {لا يَمُوتُ} ولا يجد روح الحياة أو لا يستريح بالموت ولا ينتفع بالحياة. {قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (15) بل تؤثرون الحياة الدنيا (16) والآخرة خير وأبقى (17) إن هذا لفي الصحف الأولى (18) صحف إبراهيم وموسى (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 14 - {تَزَكَّى} تطهر من الشرك بالإيمان " ع " أو كان عمله زاكياً نامياً أو زكاة الفطر أو زكوات الأموال كلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 15 - {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ} بالتوحيد أو الدعاء والرغبة أو الاستغفار والتوبة أو بذكره بقلبه في صلاة خشوعاً له رجاءً وخوفاً أو يذكره بلسانه عند إحرامه بالصلاة فإنها لا تنعقد إلاّ بذكره أو يفتتح كل سورة بالبسملة. {فَصَلَّى} الخمس " ع " أو العيد أو يتطوع بصلاة بعد زكاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 16 - {تُؤْثِرُونَ} أيها الكفار الحياة الدنيا على الآخرة أو أيها المؤمنون تكثرون من الدنيا ولا تكثرون من الثواب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 17 - {خَيْرٌ} للمؤمن من الدنيا {وأبْقَى} للجزاء أو خير في الخير وأبقى في البقاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 18 - {إِنَّ هَذَا} القرآن لفي الصحف " ح " أو ما قصه في هذه السورة أو أنّ الآخرة خير وأبقى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 سورة الغاشية مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {هل أتاك حديث الغاشية (1) وجوه يومئذ خاشعة (2) عاملةٌ ناصبة (3) تصلى ناراً حامية (4) تسقى من عين ءانية (15) ليس لهم طعام إلا من ضريع (16) لا يسمن ولا يغني من جوع (17)) [صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 1 - {هَلْ} قد أو بمعنى الاستفهام معناه إن لم يكن أتاك فقد أتاك {الْغَاشِيَةِ} القيامة تغشى الناس بالأهوال " ع " أو النار تغشى وجوه الكفار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 2 - {وجوهٌ} عامة في الكفار أو خاصة باليهود والنصارى {يومئذٍ} يوم القيامة أو في النار {خاشعةٌ} ذليلة بالمعاصي أو تخشع من العذاب فلا ينفعها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 3 - {عاملةٌ} في الدنيا بالمعاصي أو عاملة في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب. {ناصبةٌ} في المعاصي أو في النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 4 - {حَامِيَةً} تحمى من ارتكاب المعاصي أو تحمي نفسها أن تطاق وأن ترام أو تحمى غضباً وغيظاً للانتقام منهم، حمى فلان إذا غضب أو دائمة الحمى فلا تنقطع ولا تنطفئ بخلاف نار الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 5 - {انيه} حاضرة أو بلغت أناها وحان شربها وأنى حرها فانتهى " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 6 - {ضَرِيعٍ} شجرة كثيرة الشوك تسميها قريش الشِّبْرقِ " ع " فإذا يبس في الصيف فهو الضريع أو السلي أو الحجارة أو النوى المحرق أو ضريع بمعنى مضروع يضرعون عنده طلباً للخلاص منه. {وجوهٌ يومئذ ناعمة (8) لسعيها راضية (9) في جنة عالية (10) لا تسمع فيها لاغية (11) فيها عينٌ جارية (12) فيها سررٌ مرفوعة (13) وأكوابٍ موضوعة (14) ونمارق مصفوفة (15) وزرابي مبثوثة (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 10 - {عاليةٍ} لأنها أعلى من النار أو هم في أعاليها وغرفها ليلتذوا بالارتفاع أو ليشاهدوا ما فيها من النعيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 11 - {لاغِيَةً} كلمة لغو كذب " ع " أو إثم أو شتم أو باطل أو معصية أو حلف يمين برة ولا فاجرة أو ليس في كلامهم كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 13 - {مَّرْفُوعَةٍ} بعضها فوق بعض أو في أنفسهم لجلالتها وحبهم لها أو مرفوعة المكان ليلتذوا بارتفاعها أو ليشاهدوا ملكهم ونعيمهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 14 - {مَّوْضُوعَةٌ} بين أيديهم ليلتذوا بالنظر إليها لأنها ذهب وفضة أو مستعملة على الدوام لاستدامة شربهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 15 - {ونمارق} الوسائد والمرافق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 16 - {وزرابي} [220 / ب] / البسط الفاخرة أو الطنافس المخملة {مَبْثُوثَةٌ} مبسوطة أو بعضها فوق بعض أو كثيرة أو متفرقة. {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (17) وإلى السماء كيف رفعت (18) وإلى الجبال كيف نصبت (19) وإلى الأرض كيف سطحت (20) فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمصيطر (22) إلا من تولى وكفر (23) فيعذبه الله العذاب الأكبر (24) إن إلينا إيابهم (25) ثم إن علينا حسابهم (16) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 17 - {أَفَلا يَنظُرُونَ} ذكر هذه الآيات ليستدلوا على قدرته على البعث وعلى وحدانيته أو لما نعت ما في الجنة عجب منه الضالون فذكر لهم عجائب صنعه ليزول تعجبهم {الإِبِلِ} السحاب والأظهر أنها من النِّعَم وخصها لأن ضروب الحيوان أربعة حلوبة وركوبة وأكولة وحمولة وقد جمعت الإبل هذه الخلال الأربع فكان الإنعام بها أعم وظهور القدرة فيها أتمّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 21 - {فَذَكِّرْ} بالنعم أو عِظْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 22 - {بمسيطر} بمسلط أو بجبار أو برب تكرههم على الإيمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 23 - {إِلا مَن تَوَلَّى} فلست له بمذكر أو فَكِلْه إلى الله تعالى ثم أُمِر بالسيف " ح ". تولى عن الحق وكفر النعمة أو تولى عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وكفر بالله عزّ وجلّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 سُورة الفجر مكية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والفجر (1) وليال عشر (2) والشفع والوتر (3) والليل إذا يسر (4) هل في ذلك قسم لذي حجر (5) ألم ترى كيف فعل ربك بعاد (6) إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) وثمودَ الذين جابوا الصخر بالواد (9) وفرعون ذي الأوتاد (10) الذين طغوا في البلاد (11) فأكثروا فيها الفساد (12) فصب عليهم سوط عذاب (13) إن ربك لبالمرصاد (14) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 1 - {و َالْفَجْرِ} انفجار الصبح من أفق المشرق، وعبر به عن النهار كله لانه أوله " ع " أو أرد بدر النهار في كل يوم أو صلاة الصبح " ع " أو فجر يوم النحر خاصة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 2 - {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} عشر ذي الحجة " ع ". مأثور أو عشر أول المحرم أو العشر الأواخر من شهر رمضان أو العشر التي أتمّها الله تعالى لموسى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 3 - {وَالشَّفْعِ} الصلاة منها شفع ومنها وتر مأثور أو صلاة المغرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 شفعها ركعتان ووترها الثالثة أو الشفع يوم بالنحر {وَالْوَتْرِ} يوم عرفة مأثور، أو الشفع يوما منى والوتر ثالثهما أو الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام التشريق أو الشفع الخلق الأرض والسماء والحيوان والنبات لكل شيء منه مثل، والوتر الله لأنه لا مثيل له، أو الخلق كله شفع ووتر أو الشفع آدم وحواء لأنه كان وتراً فشفع بها فصار شفعاً بعد وتر أو العدد لأن جميعه شفع ووتر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 4 - {والليل} ليلة القدر لسراية الرحمة فيها أو ليلة مزدلفة أو جنس الليالي {يسري} أظلم أو سار لأنه يسير بمسير الشمس والفلك فينتقل من أفق إلى أفق أو إذا سرى فيه أهله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 5 - {حِجْرٍ} عقل " ع " أو حلم أو دين أو ستر أو علم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 7 - {إرَم} هي الأرض أو دمشق أو الإسكندرية أو أمة من الأمم أو قبيلة من عاد أو إرم جد عاد أو أبوه فهو عاد بن إرم بن عَوْص بن سام بن نوح أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 إرم القديمة أو الهالك، أرم بنو فلان: هلكوا أو رمهم الله تعالى فجعلهم رميماً فلذلك سماهم إرم. {الْعِمَادِ} الطول " ع " رجل معمد إذا كان طويلاً قال قتادة كان طول أحدهم اثني عشر ذرعاً أو لأنهم كانوا أهل خيام وأعمدة [221 / أ] / ينتجعون الغيوث أو القوّة والشدّة أخذاً من قوّة الأعمدة أو البناء المحكم بالأعمدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 8 - {لَمْ يُخْلَقْ} مثل مدينتهم ذات العماد أو مثل عاد لطولهم وشدتهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 9 - {جَابُواْ} قطعوا الصخر ونقبوه بيوتاً أو طافوا لأخذ الصخر {بالوادي} وادي القرى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 10 - {الأَوْتَادِ} الجنود سمي بذلك لكثرة جنوده " ع " أو كان يعذب الناس بأوتاد قيدها في أيدهم وأرجلهم وبذلك قتل زوجته آسية أو البنيان لكثرة بنيانه أو كانت له مظال وملاعب على أوتاد وحبال يلعب له تحتها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 13 - {سَوْطَ عَذَابٍ} قسط عذاب كالعذاب بالسوط أو خلط عذاب لأنه أنواع أو وجيع من العذاب أو كل ما عذب الله تعالى به فهو سوط عذاب قال قتادة: فكان سوط عذاب هو الغرق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 14 - {لبالمرصاد} بالطريق أو بالانتظار. {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكره ونعمه فيقول رب أكرمن (15) وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن (16) كالإبل لا تكرمون اليتيم (17) ولا تحاضون على طعام المسكين (18) وتأكلون التراث أكلاً لما (19) وتحبون المال حباً جما (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 19 - {التُّرَاثَ} الميراث {لَّمّاً} شديداً أو جمعاً لممت الطعام أكلته جميعاً أو نسفَهُ نَسْفًا أو إذا أكل مال نفسه ألَمَّ بمال غيره فأكله ولا يبالي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 حلالاً كان أو حراماً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 20 - {جَمّاً} كثيراً أو فاحشاً تجمعون حلاله إلى حرامه " ح ". {كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً (21) وجاء ربك والملك صفاً صفا (22) وجائ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى (23) يقول يا ليتني قدمت لحياتي (24) فيومئذ لا يعذب عذابه أحد (25) ولا يوثق وثاقه أحد (26) يأيتها النفس المطمئنة (27) ارجعي إلى ربك راضية مرضية (28) فادخلي في عبادي (29) وادخلي جنتي (30) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 23 - {يَتَذَكَّرُ} يتوب وكيف له بالتوبة لأنها لا تنفع في القيامة أو يتذكر ما عمل في الدنيا وقدم للآخرة. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} في الآخرة وإنما تنفع في الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 24 - {قَدَّمْتُ} من دنياي لحياتي في الآخرة أو من حياتي في الدنيا لبقائي في الآخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 25 - {لا يعذب} بالفتح عذاب الكافر {احد} {ولا يُعَذِّبُ} عذابَ الله تعالى غيرُ الله {أحدٌ} " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 27 - {الْمُطْمَئِنَّةُ} المؤمنة " ع " أو المخبتة أو الموفية بوعد الله تعالى أو الآمنة أو الراضية أو إذا أراد الله تعالى قبض المؤمن اطمأنت نفسه إلى الله تعالى واطمأن الله تعالى إليها " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 28 - {ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ} عند الموت في الدنيا أو إلى جسدك عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 البعث في القيامة " ع " {رَاضِيَةً} عن الله تعالى وهو عنها راضٍ أو راضية بثوابه وهو راضٍ بعملها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 29 - {فِى عِبَادِى} في عبدي أو طاعتي أو مع عبادي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 30 - {جَنَّتِى} رحمتي أو جنة الخلد عند الجمهور قيل نزلت في أبي بكر أو في عثمان رضي الله تعالى عنهما لما وقف بئر رومة أو في حمزة بن عبد المطلب أو عامة في كل مؤمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 سورة البلد مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {لا أقسم بهذا البلد (1) وأنت حل بهذا البلد (2) ووالد وما ولد (3) لقد خلقنا الإنسان في كبد (4) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد (5) يقول أهلكت مالاً لبدا (6) أيحسب أن لم يره أحد (7) ألم نجعل له عينين (8) ولساناً وشفتين (9) وهديناه النجدين (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 1 - {لآ أُقْسِمُ} معناه أقسم على الأصح {الْبَلَدِ} مكة أو الحرم كله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 2 - {حِلٌّ} لك ما صنعته {بِهَذَا الْبَلَدِ} من قتل وغيره " ع " أو محل غير محرم في دخولك عام الفتح " ح " أو يستحل المشركون حرمتك وحرمة من اتبعك توبيخاً لهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 3 - {وَوَالِدٍ} آدم وما ولد أو إبراهيم وما ولد أو الوالد الذي يلد {وَمَا وَلَدَ} العاقر الذي لا يلد " ع " أو الوالد العاقر وما ولد التي تلد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 4 - {كبد} [221 / ب] / انتصاب في بطن أمه وبعد ولادته ولم يخلق غيره من الحيوان منتصباً " ع " أو اعتدال بما بَيَّنه من بعده من قوله {أَلَمْ نَجْعَل} أو من نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق من تكبد الدم وهو غلطه ومن الكبد لأنها دم غليظ أو في شدة ومكابدة حملته أمه كرهاً " ورضعته به " كرهاً أو لأنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 كابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة " ح " أو كابد الشكر على السّراء والصبر على الضرّاء. {الإِنسَانَ} عام أو الكافر لأنه يكابد شبهات " الكفر ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 5 - {أَيَحْسَبُ} لا نقدر على بعثه أو يحسب أنه لا يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه أو لا يقدر أحد على أخذ ماله " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 6 - {لُّبَداً} كثيراً أو مجتمعاً بعضه على بعض ومنه اللبد لاجتماعه قاله أبو الأشد بن الجمحي أو النضر بن الحارث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 7 - {لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} الله تعالى أو أحدٌ من الناس فيما أنفقه حين يكذب فيما أنفقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 10 - {النَّجْدَيْنِ} سبيل الخير والشر أو الهدى والضلالة " ع " أو الشقاء والسعادة أو الثديين ليغتذي بلبنهما، والنجد الطريق المرتفع. {فلا اقتحم العقبة (11) وما أرداك ما العقبة (12) فك رقبة (13) أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبة (14) يتيماً ذا مقربة (15) أو مسكيناً ذا متربة (16) ثم كان من الذين ءامنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة (17) أولئك أصحاب الميمنة (18) والذي كفروا بآياتنا هم أصحاب المشئمة (19) عليهم نارٌ مؤصدة (20) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 11 - {الْعَقَبَةَ} طريق النجاة أو جبل في جهنم أو نار دون الجسر " ح " أو الصراط يضرب على جهنم صعوداً وهبوطاً أو أن يحاسب نفسه وهواه وعدوه الشيطان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 13 - {فَكُّ رَقَبَةٍ} معناه اقتحام العقبة فك رقبة أو فلم يقتحم العقبة إلا من فك رقبة أو أطعم، وفكها تخليصها من الأسر أو عتقها من الرق وسمى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 الرقيق رقبة أنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته. 13 - {مَسْغَبَةٍ} مجاعة. 15 - {مقربة} قرابة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 16 - {ذَا مَتْرَبَةٍ} مطروح على الطريق لا بيت له " ع " أو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره أو ذو العيال أو المديون أو الزَّمِن أو الذي ليس له أحد أو البعيد التربة أي الغريب " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 17 - {ثم كان من الذين آمنوا} لا يقتحم العقبة من فك أو أطعم إلا أن يكون مؤمناً. {بِالصَّبْرِ} على طاعة الله تعالى " ح " أو على فرائضه أو على ما أصابهم {بِالْمَرْحَمَةِ} بالتراحم فيما بينهم وتَرَحَّمُوا الناس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 18 - {الْمَيْمَنَةِ} الجنّة سُموا بذلك لأنهم أُخذوا من شق آدم الأيمن أو أُوتوا كتبهم بأيمانهم أو ميامين على أنفسهم أو منزلهم عن اليمين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 19 - {بِآيَاتِنَا} القرآن أو جميع دلائل الله وحججه. {المشأمة} جهنم أخذوا من شق آدم الأيسر أو أُوتوا كتبهم بشمالهم أو مشائيم على أنفسهم أو منزلهم على اليسار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 2 - {مُّؤْصَدَةٌ} مطبقة " ع " أو مسدودة أو حائط لا باب له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 سورة الشمس وضحاها سُورة الشمس مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والشمس وضحاها (1) والقمر إذا تلاها (2) والنهار إذا جلاها (3) والليل إذا يغشاها (4) والسماء وما بناها (5) والأرض وما طحاها (6) ونفسٍ وما سواها (7) فألهمها فجورها وتقواها (8) قد أفلحَ من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 1 - {وَضُحَاهَا} إشراقها أو انبساطها أو حرها أو النهار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 2 - {تَلاهَا} ساواها أو تبعها " ع " أول ليلة من الشهر إذا سقطت يُرى عند سقوطها [222 / أ] / أو الخامس عشر يطلع مع غروبها أو في الشهر كله يتلوها في النصف الأول وهي أمامه وفي النصف الآخر يتقدمها وهي وراءه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 3 - {جَلاهَا} أظهرها لأن ظهور الشمس بالنهار أو أضاءها لأنه ضوأَها بالنهار على ظلمة الليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 4 - {يفشاها} أظلم الشمس أو سَيَّرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 5 - {وَمَا بَنَاهَا} ومن بناها وهو الله تعالى أو وبنائها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 6 - {طَحَاهَا} بسطها أو قسمها " ع " أو خلقها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 7 - {وَنَفْسٍ} آدم ومن سواها وهو الله تعالى أو كل نفس سوى خلقها وعدل خلقها أو سوى بينهم في الصحة وسوى بينهم في العذاب جميعاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 8 - {فَأَلْهَمَهَا} أعلمها أو ألزمها {فُجُورَهَا} الشقاء والسعادة أو الشر والخير " ع " أو المعصية والطاعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 9 - {قَدْ أَفْلَحَ} على هذا أقسم وفيها أحد عشر قسماً {مَن زَكَّاهَا} من زكى الله تعالى نفسه " ع " أو من زكى نفسه بالطاعة {زَكَّاهَا} أصلحها أو طهرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 10 - {دَسَّاهَا} الله تعالى أو دسى نفسه أغواها وأضلها لأنه دسس نفسه في المعاصي أو أثمها أو خسرها أو كذبها " ع " أو أشقاها أو خيبها من الخير أو أخفاها وأخملها بالبخل. {كذبت ثمود بطغواها (11) إذا انبعث أشقاها (12) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها (13) فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها (14) ولا يخاف عقباها (15) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 11 - {بِطَغْوَاهَآ} طغيانها ومعصيتها أو بأجمعها أو بعذابها وكان اسمه الطَّغْوَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 14 - {فَدَمْدَمَ} فغضب أو فأطبق أو فدمر {فَسَوَّاهَا} سوى بينهم في الهلاك أو سوى بهم الأرض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 15 - {عُقْبَاهَا} لا يخاف الله تعالى عقبى إهلاكهم " ع " أو لا يخاف عاقروها عقبى عقرها " ح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 سورة والليل إذا يغشى سورة الليل مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والليل إذا يغشى (1) والنهار إذا تجلى (2) وما خلق الذكر والأنثى (3) إن سعيكم لشتى (4) فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (8) وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى (10) وما يغني عنه ماله إذا تردى (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 1 - {يَغْشَى} أظلم أو ستر أو غشى الخلائق فعمهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 2 - {تَجَلَّى} أضاء أو ظهر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 3 - {وَمَا خَلَقَ} ومن خلق أقسم بنفسه {الذَّكَرَ وَالأُنثَى} آدم وحواء أو كل ذكر وأنثى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 4 - {لَشَتَّى} مختلف في نفسه مؤمن وكافر وطائع وعاصٍ أو مختلف الجزاء بمعاقب ومنعِّم قيل نزلت في أبي بكر وأمية وأُبي ابني خلف لما عذبا بلالاً على إسلامه فاشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه منهما ببردة وعشر أواق وعتقه لله عز وجل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 5 - {مَنْ أَعْطَى} أبو بكر رضي الله تعالى عنه أعطى حق الله تعالى عليه أو أعطى الله تعالى الصدق من قلبه أو أعطى من فضل ماله " ع " {وَاتَّقَى} ربه أو محارمه التي نهى عنها أو اتقى البخل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 6 - {بِالْحُسْنَى} بلا إله إلا الله أو بوعد الله تعالى أو بثوابه أو بالجنة أو بالصلاة والزكاة والصوم أو بما أنعم الله عليه أو بالخلف من عطائه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 7 - {لليسرى) [222 / ب] / للخير " ع ". أو للجنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 8 - {مَن بَخِلَ} أمية وأُبي ابنا خلف بخل بماله الذي لا يبقى أو بحق الله تعالى {وَاسْتَغْنَى} عن ربه " ع " أو بماله. 9 - {بالْحُسْنَى} فيها الأقوال السبعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 10 - {لِلْعُسْرَى} للشر من الله تعالى " ع " أو للنار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 11 - {تَرَدَّى} في النار أو مات. {إن علينا للهدى (12) وأن لنا للآخرة والأولى (13) فأنذرتكم ناراً تلظى (14) لا يصلاها إلا الأشقى (15) الذي كذب وتولى (16) وسيجنبها الأتقى (17) الذي يؤتي ماله يتزكى (18) وما لأحدٍ عنده من نعمة تجرى (19) إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى (20) ولسوف يرضى (21) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 12 - {لَلْهُدَى} بيان الهدى والضلال أو بيان الحلال والحرام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 13 - {وَإِنَّ لَنَا} ملك الدنيا والآخرة أو ثوابهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 14 - {تَلَظَّى} تتغيظ أو تستطيل أو توهج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 15 - {الأَشْقَى} الشقي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 16 - {كَذَّبَ} كتاب الله تعالى {وَتَوَلَّى} عن طاعته أو كذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] وتولى عن طاعته. 19 - ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 20 - {وَمَا لأَحَدٍ} عند الله تعالى {مِن نِّعْمَةٍ} يجازيه بها إلا أن يفعلها {ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ} فيستحق عليها الجزاء أو ما لبلال عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه لما اشتراه وأعتقه وخلصه من العذاب نعمة سلفت جازاه بها {إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} ثوابه وعتقه " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 سورة الضحى مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والضحى (1) والليل إذا سجى (2) ما وعدك ربك وما قلى (3) وللآخرة خيرٌ لك من الأولى (4) ولسوف يعطيك ربك فترضى (5) ألم يجدك يتيماً فآوى (6) ووجدك ضالاً فهدى (7) ووجدك عائلاً فأغنى (8) فأما اليتيم فلا تقهر (9) وأما السائل فلا تنهر (10) وأما بنعمة ربك فحدث (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 1 - [ {و َالضُّحَى} ] أول ساعة من النهار إذا ترحَّلت الشمس أو صدر النهار أو طلوع الشمس أو ضوء النهار في اليوم كله من قولهم ضحى فلان للشمس إذا ظهر لها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 2 - {سَجَى} أقبل أو أظلم " ع " أو استوى أو ذهب أو سكن الخلق فيه سجى البحر سكن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 3 - {ما ودعك} رُمي الرسول [صلى الله عليه وسلم] بحجر في إصبعه فميت فقال: (هل أنتِ إلا أُصبع دميتٍ ... وفي سبيل الله ما لقيتِ) فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم فقالت له امرأة: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت، أو أبطأ عليه جبريل عليه السلام فجزع جزعاً شديداً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 فقال كفار قريش: إنا نرى ربك قد قلاك مما رأى من جزعك فنزلت، أو أبطأ الوحي فقالوا: ودع محمداً ربُّه فنزلت {ما ودعك ربك} ما قطع الوحي عنك توديعاً لك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 4 - {وللآخرة} لما عرض على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ما يفتح على أمته من بعده كَفْراً بعد كَفْرٍ فَسُرَّ بذلك نزل {وَللأَخِرَةُ خَيْرٌ لك} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 5 - {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ} أي أجر الآخرة خير مما أعجبك في الدنيا أو الذي لك عند الله أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 6 - {يَتِيماً} لا مثل لك ولا نظير فآواك إلى نفسه وإختصك لرسالته، درة يتيمة إذا لم يكن لها مثل أو يتيماً بموت أبويك فآواك بكفالة أبي طالب لأن عبد المطلب كفله بعد أبويه ثم مات عبد المطلب فكفله أبو طالب أو جعل لك مأوى لنفسك أغناك به عن كفالة عبد المطلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 7 - {ضَآلاً فَهَدَى} لا تعرف الحق فهداك إليه أو عن النبوة فهداك إليها أو عن الهجرة فهداك إليها أو في قوم ضلال فهداك لإرشادهم أو ناسياً فأذكرك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 كقوله {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا} [البقرة: 282] أو طالباً للقبلة فهداك [223 / أ] / إليها عبر عن الطلب بالضلال لأن الضال طالب أو وجدك متحيراً في بيان ما نزل عليك فهداك إليه عبر عن التحير بالضلال لأن الحيرة تلزم الضلال أو ضائعاً في قومك فهداك إليهم أو محباً للهداية فهداك إليها ومنه {إِنَّكَ لَفِى ضَلاَلِكَ القديم} [يوسف: 95] أي محبتك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 8 - {عَآئِلاً} ذا عيال فكفاك أو فقيراً فمولك أو فقيراً من الحجج والبراهين فأغناك بها أو وجدك العائل الفقير فأغناه بك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 9 - {لا تَقْهَرْ} لا تحقر أو لا تظلم أو لا تستذل أو لا تمنعه حقه الذي في يدك أو كن لليتم كالرب الرحيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 10 - {السَّآئِلَ} للبر إذا رددته فرده برفق ولين أو السائل عن الدين لا تغلظ عليه وأجبه برفق ولين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 11 - {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} النبوة فادع أو القرآن فبلغ أو ما أصاب من خير أو شر فحدث به الثقة من إخوانك " ح " أو حدث به نفسك ندب إلى ذلك ليكون ذكرها شكراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 سورة ألم نشرح سورة الشرح مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك (4) فإن مع العسر يسرا (5) إن مع العسر يسرا (6) فإذا فرغت فانصب (7) وإلى ربك فارغب (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 1 - {أَلَمْ} استفهام تقرير {نَشْرحْ لَكَ صَدْرَكَ} بإزالة همك حتى خلا لما أمرت به أو نُوسعه لما حملته فلا يضيق عنه، وتشريح اللحم تفتيحه لتفريقه، شرحه بالإسلام أو بأن ملأه حكمة وعلماً " ح " أو بالصبر والاحتمال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 2 - و {وِزْرَكَ} غفرنا لك ذنبك أو حططنا عنك ثقلك أو حفظناك في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك جبريل عليه السلام وأنت مطهر منها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 3 - {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} كما ينقض البعير من الحمل الثقيل فيصر نقضاً. أثقل ظهره بالذنوب حتى غفرها أو بالرسالة حتى بلغها أو بالنعم حتى شكرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 4 - {وَرَفَعْنَا} ذكرك بالنبوة أو في الآخرة كما رفعناه في الدنيا أو تذكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 معي إذا ذكرت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : أتاني جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قال الله تعالى أعلم قال إذا ذُكِرتُ ذُكرت معي. قال قتادة ورفع ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 5 - {فإن من الْعُسْرِ يُسْراً} مع اجتهاد الدنيا جزاء إلا الجنة " ح " أو مع الشدة رخاء ومع الضيق سعة ومع الشقاوة سعادة ومع الحزونة سهولة وكرره تأكيداً ومبالغة أو العسر واحد واليسر اثنان لدخول الألف واللام على العسر وحذفهما من اليسر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 7 - {فَرَغْتَ} من الفرائض {فانصَبْ} في قيام الليل أو من الجهد فانصب لعبادة ربك أو من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك [223 / ب] / أو من صلاتك فانصب في دعائك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 8 - {فارغب} إليه في دعائك أو في معونتك أو في إخلاص نيتك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 سورة التين مكية أو مدنية " ع " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والتين والزيتون (1) وطور سنين (2) وهذا البلد الأمين (3) لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4) ثم رددناه أسفل سافلين (5) إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير ممنون (6) فما يكذبك بعد بالدين (7) أليس الله بأحكم الحاكمين (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 1 - {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} المأكولان أو التين دمشق والزيتون بيت المقدس أو التين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس أو التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس أو الجبل الذي عليه التين والجبل الذي عليه الزيتون وهما جبلان: بالشام أحدهما طور تيناً والآخر طور زيتاً أو جبلان بين حلوان وهمدان حكاه ابن الأنباري أو التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيلياء أو التين مسجد نوح عليه الصلاة والسلام الذي بني على الجودي والزيتون مسجد بيت المقدس " ع " أو عبر بهما عن جميع النعم لأن التين طعام والزيتون إدام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 2 - {طور} جبل بالشام أو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 الصلاة والسلام. {سِينِينَ} الحسن بلغة الحبشة ونطقت بها العرب أو المبارك أو اسم للبحر أو الشجر الذي حوله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 3 - {الْبَلَدِ} مكة {الأَمِينِ} الآمن أهله من القتل والسبي لأن العرب كانت تكف عنه في الجاهلية أن تسبي فيه أحداً أو تسفك دماً أو المأمون على ما أودعه الله تعالى معالم دينه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 4 - {الإِنسَانَ} عام أو كلدة بن أسيد " ع " أو أبو جهل أو الوليد بن المغيرة أو عتبة وشيبة أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أعدل خلق " ع " أو أحسن صورة أو شباب وقوة أو منتصب القامة وسائر الحيوان منكب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 5 - {أَسْفَلَ سَافِلينَ} الهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة أو النار يعني الكافر في الدرك الأسفل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 6 - {مَمْنُونٍ} منقوص أو محسوب أو مكدر بالمن والأذى " ح " أو مقطوع أو أجر بغير عمل لأن من بلغ الهرم كتب له أجر ما عجز عنه من العمل الصالح أو لا يضره ما عمل في كبره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 7 - {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أيها الإنسان بعد هذه الحجج أو ما يكذبك أيها الرسول بعدها بالدين: حكم الله تعالى " ع " أو الجزاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 8 - {أَلَيْسَ اللَّهُ} تقرير لمن اعترف من الكفار بالصانع. {بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} صنعاً وتدبيراً أو قضاءً بالحق وعدلاً بين الخلق وفيه محذوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 وتقديره " فلم ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء ". وكان علي رضي الله تعالى عنه إذا قرأها يقول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 سورة إقرأ سُورة العلق مكية أول ما نزل بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 1 - {بِاسْمِ رَبِّكَ} لما كانوا يعبدون آلهة لا تخلق ميز ربه عنهم بقوله {الَّذِى خَلَقَ} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 2 - {خَلَقَ الإِنسَانَ} جنس {عَلَقٍ} جمع علقة وهي قطعة دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها [224 / أ] / بما تمر عليه فإذا جفت لم تكن علقة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 4 - {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} عام في كل كاتب أو أراد آدم عليه الصلاة والسلام لأنه أول من كتب أو إدريس وهو أول من كتب، والقلم: لأنه يقلم كالظفر أي يقطع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 5 - {مَا لَمْ يَعْلَمْ} الخط بالقلم أو كل صنعة. {كلا إن الإنسان ليطغى (6) أن رءاه استغنى (7) إن إلى ربك الرجعى (8) أرءيت الذي ينهى (9) عبداً إذا صلى (10) ارءيت إن كان على الهدى (11) أو أمر بالتقوى (12) أرءيت إن كذب وتولى (13) ألم يعلم بأن الله يرى (14) كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية (15) ناصية كاذبة خاطئة (16) فليدع نادية (17) سندع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 الزبانية (18) كلا لا تطعه واسجد واقترب (19) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 6 - {كَلاَّ} رد وتكذيب أو بمعنى " أَلاَ " {لَيَطْغَى} ليعصي أو ليبطر أو ليتجاوز قدره أو ليرتفع من منزلة إلى منزلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 7 - {اسْتَغْنَى} بماله أو عن ربه " ع " نزلت في أبي جهل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 8 - {الرجعى} المنتهى أو المرجع في القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 9 - {أرأيت الَّذِى يَنْهَى} نزلت في أبي جهل حلف لئن رأى الرسول [صلى الله عليه وسلم] يصلي ليطأن رقبته وليعفرن وجهه في التراب فجاءه وهو يصلي ليطأ رقبته فأراه الله تعالى بينه وبينه خندقاً من نار وهواء وأجنحة فنكص وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً وكان في صلاة الظهر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 11 - {أرأيت إن كان} الرسول [صلى الله عليه وسلم] مهتدياً في نفسه وأمر بطاعة ربه أو إن كان أبو جهل مهتدياً ألم يكن خيراً منه؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 13 - {كَذَّبَ} بالله تعالى {وَتَوَلَّى} عن طاعته أو بالقرآن وتولى عن الإيمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 14 - {ألم يعلم} الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو أبو جهل. {بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} عمله ويسمع قوله أو يراك في صلاتك حتى نهاك أبو جهل عنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 15 - {لَنَسْفَعاً} لنأخذن بناصيته وهو عند العرب أبلغ شيء في الإذلال والهوان أو أراد تسويد وجهه وتشويه خلقه والسفعة السواد من سفعته النار والشمس إذا غيرت وجهه وشوهته والناصية: شعر مقدم الرأس وقد يعبرون بها عن جملة الإنسان كقولهم ناصية مباركة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 16 - {كَاذِبَةٍ} في قولها {خَاطِئَةٍ} في فعلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 17 - {نَادِيَهُ} أهل ناديه والنادي: مجلس أهل الندى والجود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 18 - {الزَّبَانِيَةَ} خزنة جهنم وهم أعظم الملائكة خلقاً وأشدهم بطشاً ويطلق الزبانية على من اشتد بطشه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 19 - {وَاسْجُدْ} يا محمد {وَاقْتَرِب} إلى الله تعالى أقرب ما يكون العبد في سجوده أو أسجد يا محمد واقترب يا أبا جهل من النار قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت في أبي جهل أربع وثمانون آية وفي الوليد مائة وأربع آيات وفي النضر بن الحارث اثنتان وثلاثون آية وهذه أول سورة نزلت عند الأكثرين وقد ذكر نزول جميع السور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 سورة القدر مكية عند الأكثرين أو مدينة وقيل هي أول ما نزل بالمدينة. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلامٌ هي حتى مطلع الفجر (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 1 - {أَنزَلْنَاهُ} جبريل عليه السلام أو القرآن نزل {في ليلة القدر } [224 / ب] / في شهر رمضان في ليلة مباركة من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة ونجمه جبريل عليه السلام على الرسول [صلى الله عليه وسلم] في عشرين سنة فكان ينزل أرسالاً على مواقع النجوم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 في الشهر والأيام " ع " أو ابتدأ الله تعالى بإنزاله في ليلة القدر قاله الشعبي وليلة القدر في الشهر كله أو في العشر الأواخر ليلة الحادي والعشرين أو الثالث والعشرين أو السابع والعشرين " ع " أو الرابع والعشرين أو تنقل في كل عام من ليلة [إلى] أخرى {الْقَدْرِ} لأن الله تعالى قدر فيها [إنزال القرآن} أو لأنه يقدر فيها أمور السنة أو لعظم قدرها أو لعظم قدر الطاعات فيها وجزيل ثوابها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 2 - {وَمَآ أَدْرَاكَ} تضخيماً لشأنها وحثاً على العمل فيها قال الشعبي: يومها كليلها وليها كيومها قال الضحاك لا يقدر الله تعالى فيها إلا السعادة والنعم ويقدر في غيرها البلايا والنقم وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يسميها ليلة التعظيم وليلة النصف من شعبان ليلة البراءة وليلتي العيدين ليلة الجائزة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 3 - {خَيْرٌ لك مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أو العمل فيها خير من العمل في غيرها ألف شهر أو خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر أو كان في بني إسرائيل رجل يقوم حتى يصبح ويجاهد العدو حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر فأخبر الله تعالى أن قيامها خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر أو كان ملك سليمان عليه الصلاة والسلام خمسمائة شهر وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فجعلت ليلة القدر خيراً من ملكهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 4 - {تَنَزَّلُ الْمَلآئِكَةُ} قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى {وَالرُّوحُ} جبريل عليه السلام أو حفظة الملائكة أو أشراف الملائكة أو جند من جند الله تعالى من غير الملائكة " ع " {بِإِذْنِ رَبِّهِم) {بأمره} (مِّن كُلِّ أمرٍ} يقضى في تلك الليلة من رزق وأجل إلى مثلها من قابل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 5 - {سلامٌ} سالمة من كل شر لا يحدث فيها حدث ولا يرسل فيها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 شيطان أو هي سلامة وخير وبركة أو تسلم الملائكة على المؤمنين إلى طلوع الفجر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 سورة لم يكن سورة البينة مدنية عند الجمهور أو مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1) رسولٌ من الله يتلوا صحفاً مطهرة (2) فيها كتبٌ قيمة (3) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة (4) وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (5) إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية (6) إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (7) جزاؤهم عند ربهم جناتُ عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 1 - {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} اليهود والنصارى ومن المشركين. {مُنفَكِّينَ} منتهين عن الكفر حتى يتبين لهم الحق أو لم يزالوا على الشك حتى يأتيهم الرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أو لم يختلفوا أن الله تعالى سيبعث إليهم رسولاً حتى بُعث محمد [صلى الله عليه وسلم] فاختلفوا فآمن بعض وكفر آخرون أو لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله تعالى حتى تأتيهم بينة تقوم بها الحجة عليهم. { البينة } القرآن [225 / أ] / أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] الذي بانت دلائل نبوته أو بيان الحق وظهور الحجج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 2 - {رسول من الله} محمد [صلى الله عليه وسلم] {صُحُفاً} القرآن {مُّطَهَّرَةً} من الشرك أو لحسن الثناء والذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 3 - {فِيهَا كُتُبٌ} الله تعالى المستقيمة التي جاء القرآن بتصديقها وذكرها أو فروض الله تعالى العادلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 4 - {وَمَا تَفَرَّقَ} اليهود والنصارى إلا من بعد ما جاءهم محمد [صلى الله عليه وسلم] أو القرآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 5 - {مُخْلِصِينَ} مقرين له بالعبادة أو ينوون بعبادتهم وجهه أو إذا قال لا إله إلا الله قال على أثرها الحمد لله {حُنَفَآءَ} متبعين أو مستقيمين أو مخلصين أو مسلمين أو حجاجاً " ع " وقال عطية إذا اجتمع الحنيف والمسلم فالحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف فهو المسلم وقال سعيد بن جبير ولا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن أو المؤمنون بالرسل كلهم. {دِينُ الْقَيِّمَةِ} الأمة المستقيمة أو القضاء القيم " ع " أو الحساب البين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 سورة الزلزلة مدنية أو مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا زلزلت الأرض زلزالها (1) وأخرجت الأرض أثقالها (2) وقال الإنسان ما لها (3) يومئذ تحدث أخبارها (4) بأن ربك أوحى لها (5) يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم (6) فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 1 - {زُلْزِلَتِ} حركت الزلزلة : شدة الحركة مكرر من زل يزل {زِلْزَالَهَا} لأنها غاية زلزالها المتوقعة أو لأنها عامة في جميع الأرض بخلاف الزلازل المعهودة وهي زلزلة في الدنيا من أشراط الساعة عند الأكثر أو زلزلة يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 2 - {أَثْقَالَهَا} كنوزها عند من رآها من الأشراط أو من الموتى " ع " عند من رآها زلزلة القيامة أو ما عليها من جميع الأثقال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 3 - {وَقَالَ الإِنسَانُ} المؤمن والكافر عند من رآها شرطاً أو الكافر عند الآخرين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 4 - {تُحَدِّثُ} يخلق الله تعالى فيها الكلام أو يقلبها حيواناً يتكلم أو يكون عنها بيان يقوم مقام الكلام {أَخْبَارَهَا} ما عمله العباد على ظهرها عند من رآها القيامة أو بما أخرجت من أثقالها عند الآخرين أو تخبر إذا قال الإنسان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 مالها بأن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أتت فيكون ذلك جواباً لسؤالهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 5 - {أَوْحَى لَهَا} ألهمها فأطاعت أو قال لها أو أمرها والذي أوحاه إليها أن تخرج أثقالها أو تحدث أخبارها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 6 - {يَوْمَئِذٍ} يوم القيامة {يَصْدُرُ النَّاسُ} من بين يدي الله تعالى فرقاً مختلفين بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار أو يصيرون في الدنيا عند غلبة الأهواء فرقاً مختلفين بالكفر والإيمان والإساءة والإحسان ليروا جزاء أعمالهم يوم القيامة والشتات: التفرق والاختلاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 7 - {يَرَهُ} يعرفه أو يرى صحيفة عمله أو يرى جزاءه ويلقاه [225 / ب] / في الآخرة مؤمناً كان أو كافراً أو يرى المؤمن جزاء سيئاته في الدنيا وجزاء حسناته في الآخرة ويرى الكافر جزاء حسناته في الدنيا وجزاء سيئاته في الآخرة قاله طاووس قيل نزلت في ناس من أهل المدينة كانوا لا يتورعون من الصغائر كالنظرة والغمزة والغيبة واللمسة قائلين إنما أوعدنا الله تعالى على الكبائر وفي ناس استقلوا إعطاء الكسرة والتمرة والجوزة قائلين إنما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبه ونزلت والرسول [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يتغديان فقاما وأمسكا من شدة حزنهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 سورة العاديات مكية أو مدنية " ع " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والعاديات ضبحا (1) فالموريات قدحا (2) فالمغيرات صبحا (3) فأثرن به نقعا (4) فوسطن به جمعاً (5) إن الإنسان لربه لكنود (6) وإنه على ذلك لشهيد (7) وإنه لحب الخير لشديد (8) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور (9) وحصل ما في الصدور (10) إن ربهم بهم يومئذ لخبير (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 1 - {وَالْعَادِيَاتِ} الخيل في الجهاد " ع " أو الإبل في الحجج قاله علي وابن مسعود رضي الله عنهما قال الشاعر. (فلا و العاديات غداة جمع ... بأيديها إذا سطع الغبار) من العَدْو وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي {ضَبْحاً} حمحمة الخيل عند العَدْو أو شدة النفس عند سير الإبل قيل لا يضج بالحمحمة في العَدْو إلا الفرس والكلب وضج الإبل تنفسها أو ضجها بقول سابقها أح أح " ع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 2 - {فَالْمُورِيَاتِ} الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت أو نيران المجاهدين إذا اشتعلت فأكثرت إرهاباً " ع " أو تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم أو مكر الرجال في الحرب أو نيران الحجيج بمزدلفة أو الألسن إذا أقيمت بها الحجج وظهرت الدلائل فاتضح الحق قاله عكرمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 3 - {فَالْمُغِيرَاتِ} الخيل تغير على العدو {صُبْحاً} أي علانية تشبيهاً بظهور الصبح " ع " أي الإبل حين تغدوا صبحاً من مزدلفة إلى منى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 4 - {نَقْعاً} غباراً أو النقع ما بين مزدلفة إلى منى أو بطن الوادي ولعله يرجع إلى الغبار المثار في هذا الموضع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 5 - {جَمْعاً} جمع العدو حين يلتقي الزحف " ع " أو المزدلفة تسمى جمعاً لاجتماع الناس فيها وإثارة النقع في الدفع منها إلى منى قاله مكحول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 6 - {لَكَنُودٌ} كنود قيل الذي يكفر اليسير ولا يشكر الكثير أو اللوام لربه يذكر المصائب وينسى النعم أو جاحد الحق قيل إنها سميت كندة لأنها جحدت أباها أو العاصي بلسان كندة وحضرموت أو البخيل بلسان مالك بن كنانة أو الذي ينفق نعم الله في معاصيه أو الذي يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رِفده قيل نزلت في الوليد بن المغيرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 7 - {وَإِنَّهُ} وإن الله تعالى شاهد على كفر الإنسان أو الإنسان شاهد على أنه كنود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 8 - {الْخَيْرِ} الدنيا أو المال " ع " {لَشَدِيدٌ} لحب الخير أي زائد أو لشحيح بحق الله تعالى في المال " ح " فلان شديد أي شحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 9 - {بُعْثِرَ} أخرج من فيها من الأموات أو قلب أو بحث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 10 - [226 / أ] / {وحصل} ميز أو استخرج أو كشف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 سورة القارعة مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {القارعة (1) ما القارعة (2) وما أدراك ما القارعة (3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث (4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش (5) فأما من ثقلت موازينه (6) فهو في عيشةٍ راضية (7) وأما من خفت موازينه (8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هيه (10) نارٌ حامية (11) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 1 - {الْقَارِعَةُ} العذاب لأنه يقرع أهل النار أو القيامة لقرعها بأهوالها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 2 - {مَا الْقَارِعَةُ} تفخيماً لشأنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 4 - {كَالْفَرَاشِ} الهمج الطائر من بعوض وغيره ومنه الجراد أو طير يتساقط في النار شبه تهافت الكفار في النار بتهافت الفراش فيها {الْمَبْثُوثِ} المبسوط أو المتفرق أو الذي يجول بعضه في بعض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 5 - {كَالْعِهْنِ} الصوف ذو الألوان شبهها في ضعفها وخفتها بالصوف المنقوش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 6 - {مَوَازِينُهُ} ميزان ذو كفتين توزن به الحسنات والسيئات أو الحساب أو الحجج والدلائل، والموازين: جمع ميزان أو موزون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 7 - {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} معيشة من المعاش مرضية وهي الجنة أو في نعيم دائم من العيش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 9 - {الهاوية} جهنم جعلها أُمًّا لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه سميت هاوية لبعد قعرها وهويه فيها أو أم رأسه هاوية في النار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 سورة ألهاكم سورة التكاثر مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ألهاكم التكاثر (1) حتى زرت المقابر (2) كلا سوف تعلمون (3) ثم كلا سوف تعلمون (4) كلا لو تعلمون علم اليقين (5) لترون الجحيم (6) ثم لترونها عين اليقين (7) ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم (8) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 1 - {أَلهَاكُمُ} أنساكم أو شغلكم عن طاعة الله وعبادته {التَّكَاثُرُ} بالمال والأولاد أو التفاخر بالقبائل في العشائر أو بالمعاش والتجارة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 2 - {زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} صرتم فيها زواراً ترجعون كرجوع الزائر إلى جنة أو نار أو تفاخرت بنو سَهْم وبنو عبد مناف أنهم أكثر عدداً فكثرت بنو عبد مناف فقال بنو سَهْم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فَعُدّوا الأحياء والأموات فَعدُّوهم فكثرت بنو سَهْم فنزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} يعني بالعدد {حَتَّى زُرْتُمُ} أي ذكرتم الموتى في المقابر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 3 - {كَلا} حقاً أو بمعنى " أَلاَ " {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} تهديد ووعيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 5 - {لَوْ تَعْلَمُونَ} الآن من البعث والجزاء ما ستعلمونه بعد الموت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 {عِلْمَ الْيَقِينِ} علم الموت الذي هو يقين لا يعترضه شك أو ما تعلمونه يقيناً بعد الموت من البعث والجزاء قاله ابن جريج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 6 - {لَتَرَوُنَّ} أيها الكفار أو عام لأن المؤمن يمر على صراطها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 7 - {عَيْنَ الْيَقِينِ} المشاهدة والعيان أو بمعنى الحق اليقين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 8 - {النَّعِيمِ} الأمن والصحة أو الصحة والفراغ أو الإدراك بحواس السمع والبصر " ع " أو ملاذ المأكول والمشروب أو الغداء والعشاء " ح " أو ما أنعم عليكم بمحمد [صلى الله عليه وسلم] أو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن أو شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم فيسأل الكافر تقريعاً والمؤمن تبشيراً بما جمع له من نعيم الدارين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 سُورة العصر مكية أو مدنية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {والعصر (1) إن الإنسان لفي خسر (2) إلا الذين ءامنوا وعلموا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 1 - {وَالْعَصْرِ} الدهر أو العشي ما بين الزوال إلى الغروب أو صلاة العصر . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 2 - {الإنسان} [226 / ب] / جنس {خُسْرٍ} هلاك أو شر أو نقص أو عقوبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 3 - {بِالْحَقِّ} بالله أو بالتوحيد أو القرآن {بِالصَّبْرِ} على طاعة الله تعالى أو فرائضه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 سورة الهُمزة مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ويل لكل همزة لمزة (1) الذي جمع مالاً وعدده (2) يحسب أن ماله أخلده (3) كلا لينبذن في الحطمة (4) وما أدراك ما الحطمة (5) نار الله الموقدة (6) التي تطلع على الأفئدة (7) إنها عليهم مؤصدة (8) في عمدٍ ممددةٍ (9) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 1 - {هُمَزَةٍ} المغتاب واللُّمزة العيَّاب أو الهمزة الذي همز الناس بيده واللمزة الذي يلمزهم بلسانه أو الهمزة الذي يهمز الذي يلمز في وجهه إذا أقبل واللمزة الذي يلمز من خلفه إذا أدبر أو الهمزة الذي يعيب الناس جهراً بيد أو لسان واللمزة الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب نزلت في أبي بن خلف أو جميل بن عامر أو الأخنس بن شريق أو الوليد بن المغيرة أو عامة عند الأكثرين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 2 - {وَعَدَّدَهُ} أحصى عدده أو عَدَّد أنواعه أو أعده لما يكفيه من السنين أو اتخذ لماله من يرثه من أولاده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 3 - {أَخْلَدَهُ} يزيد في عمره أو يمنعه من الموت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 4 - {الْحُطَمَةُ} الباب السادس من أبواب جهنم أو الدرك الرابع منها أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 جهنم نفسها لأنها تأكل ما ألقي فيها والحطمة الرجل الأكول أو لأنها تحطم ما فيها أي تكسره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 7 - {تطلع} قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ثم إذا صدروا تعود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 8 - {مُّؤْصَدَةٌ} مطبقه " ح " أو مغلقة بلغة قيس أو مسدودة الجوانب لا يفتح منها جانب فلا يدخلها روح ولا يخرج منها غم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 9 - {عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} موصدة بعمد ممدودة أو معذبون فيها بعمد ممددة أو العمد الممددة أغلال في أعناقهم " ع " أو قيود في أرجلهم أو في دهر ممدود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 سورة الفيل مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيراً أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 1 - {أَلَمْ تَرَ} ألم تخبر أو ألم تر آثار ما فعل ربك بأصحاب الفيل لأنه ما رأه وولد بعده بأربعين سنة أو ثلاث وعشرين سنة أو ولد عام الفيل أو يوم الفيل وسبب قصدهم لمكة أن أبرهة بن الصباح بنى بصنعاء كنيسة وأراد صرف حج العرب إليها فسمع بذلك رجل من كنانة فخرج فأتاها ليلاً فأحدث فيها فبلغ أبرهة فحلف بالله تعالى ليهدمن الكعبة فسار إليها بالفيل. أو خرج فتية من قريش تجاراً إلى الحبشة فنزلوا على ساحل البحر على بيعة للنصارى فأوقدوا ناراً لطعامهم وتركوها وارتحلوا فهبت ريح فأحرقت البيعة فبلغ النجاشي فاستشاط غضباً فأتاه أبرهة بن الصباح وحجر بن شراحيل وأبو يكسوم الكنديون وضمنوا له إحراق الكعبة وسبي مكة وكان أبرهة صاحب جيش النجاشي وأبو يكسوم نديم أو وزير وحجر بن شراحيل من قواده فساروا بالجيش ومعهم فيل واحد عند الأكثر أو كانت ثمانية فيلة فأهلكهم الله عز وجل فرجع منهم أبرهة إلى اليمن فهلك في الطريق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 2 - {كيدهم} لقريش بإرادة قتلهم وسبيهم وتخريب [227 / أ] / الكعبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 3 - {طَيْراً} من السماء لم ير قبلها ولا بعدها مثلها وروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أنها بين السماء والأرض تعشش وتفرخ أو هي العنقاء المغربة التي يضرب بها الأمثال قاله عكرمة أو من طير السماء أرسلت من ناحية البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره قيل كانت سوداً خضر المناقير طوال الأعناق أو كانت أشباه الوطاويط حمراً وسوداً أو أشباه الخطاطيف وسئل أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عنها فقال حمام مكة منها. {أَبَابِيلَ} كثيرة " ح " أو متتابعة يتبع بعضها بعضاً " ع " أو متفرقة من ها هنا ومن ها هنا أو مختلفة الألوان أو جمعاً بعد جمع أو أخذت من الإبل المؤبلة وهي الأقاطيع ولا واحد للأبابيل من جنسه أو واحدة إبالة وأبول أو أبيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 4 - {سِجِّيلٍ} كلمة فارسية سنك وكل أولها حجر وآخرها طين " ع " أو الشديد أو اسم للسماء الدنيا نسبت الحجارة إليها لنزولها منها أو اسم بحر في الهواء جاءت منه الحجارة وكانت كحصى الخذف أو فوق العدسة ودون الحمصة قال أبو صالح رأيت في دار أم هانئ نحو قفيز منها مخططة بحمرة كأنها الجزع ولما رمتها الطير أرسل الله تعالى ريحاً فضربتها فزادتها شدة فلم تقع على أحد إلا هلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 5 - {كَعَصْفٍ} ورق الزرع {مَّأْكُولٍ} أكلته الدود " ع " أو الطعام أو قشر الحنطة إذا أكل ما فيه أو ورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته أو العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب فعل الله تعالى ذلك بهم معجزة لنبي كان في ذلك الزمان قيل هو خالد بن سنان أو توطيداً لنبوة محمد [صلى الله عليه وسلم] لأنه ولد في عامه أو في يومه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 سورة ليلاف سورة قريش مكية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {لإيلاف قريش (1) إءلافهم رحلةَ الشتاء والصيف (2) فليعبدوا رب هذا البيت (3) الذين أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 1 - {لإيلاف} مأخوذ من ألف بألف وهي العادة المألوفة لإيلاف نعمتي على قريش لأن نعمته إلفة لهم " ع " أو لإيلاف الله تعالى لهم لأنه آلفهم إيلافاً قال له الخليل أو يلافهم حرمي وقيامهم ببيتي " ح " أو لإيلافهم الرحلتين واللام معلقة بقوله {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ} [الفيل: 5] أي ليلافهم أهلك أصحاب الفيل وكان عمر وأبي رضي الله تعالى عنهما يريانهما سورة واحدة لا يفصلان بينهما أو اللام متعلقة بقوله تعالى {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أي لنعمتي عليهم فليعبدوا قاله أهل البصرة {قُرَيْشٍ} بنو النضر بن كنانة على المشهور أو بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 قصي بن كلاب في الحرم فاتخذوه [227 / ب] / مسكناً قال الشاعر: (أبونا قصي كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر) فسموا قريشاً لاجتماعهم بعد الفرقة والتقريش الجمع أو كانوا تجاراً يأكلون من مكاسبهم والتقريش الكسب أو كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته والقرش الفتش أو قريش اسم دابة في البحر سميت بها قريش لأنها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى " ع " قال الشاعر في معنى ذلك: (قريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 2 - {رِحْلَةَ الشِّتَآءِ} الرحلة: السفرة لما فيها من الارتحال كانوا يرتحلونهما للتجارة والكسب. والرحلتان إلى فلسطين رحلة الشتاء في البحر وأيلة طلباً للدفء ورحلة الصيف على بصرى وأذرعات طلباً للهواء أو رحلة الشتاء إلى اليمن لأنها حامية ورحلة الصيف إلى الشام لأنها باردة مَنَّ عليهم بذلك لأنهم كانوا يسافرون في العرب آمنين لكونهم أهل الحرم أو لأنهم يكسبون فيتوسعون ويصلون ويطعمون أو أراد بالرحلتين أنهم كانوا يشتون بمكة لدفاءتها ويصيفون بالطائف لهوائها " ع " قال الشاعر: (تشتوا بمكة نعمة ... ومصيفها بالطائف) وهذه نعمة جليلة فذكروا بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 3 - {رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} مَيَّز نفسه عن أوثانهم بإضافة البيت إليه أو فذكره تذكيراً لنعمه لشرفهم بالبيت على سائر العرب. {فَلْيَعْبُدُواْ} فليألفوا عبادته كما ألفوا الرحلتين أو فليعبدوه لإنعامه عليهم بالرحلتين أو فليعبدوه لأنه {أَطْعَمَهُم مِّن الجوع} الآية أو فليتركوا الرحلتين لعبادة رب هذا البيات فإنه يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 4 - {أَطْعَمَهُم} بما أعطاهم من الأموال وساق إليهم من الأرزاق أو بإجابة دعوة إبراهيم لما قال {وارزقهم مِّنَ الثمرات} [إبراهيم: 37] أو أصابهم جوع في الجاهلية فحملت إليهم الحبشة طعاماً فخافوهم فخرجوا إليهم متحرزين فإذا بهم قد جلبوا لهم الطعام وأعانوهم بالأقوات. {مِّنْ خَوْفٍ} العرب أن تقتلهم أو تسبيهم تعظيماً للبيت ولما سبق من دعوة إبراهيم {اجعل هذا البلد آمِناً} [إبراهيم: 35] أو من خوف الحبشة مع الفيل أو من خوف الجذام أو آمنهم أن تكون الخلافة إلا فيهم. قاله علي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 سورة أرأيت سورة الماعون مكية أو مدنية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {أرءيت الذي يكذب بالدين (1) فذلك الذين يدعُّ اليتيم (2) ولا يحضُّ على طعامِ المسكين (3) فويلٌ للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5) الذين هم يراءون (6) ويمنعون الماعون (7) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 1 - {بِالدِّينِ} الحساب أو حكم الله " ع " أو الجزاء نزلت في العاص بن وائل أو الوليد [228 / أ] بن المغيرة أو أبي جهل أو عمرو بن عائذ أو أبي سفيان نحر جزوراً فأتاه يتيم فسأله منها فقرعه بعصا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 2 - {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} يحقره أو يظلمه أو يدفعه دفعاً شديداً عن حقه وماله ظلماً وطعماً فيه أو إبعاداً له وزجراً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 4 - {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} فيه إضمار تقديره إن صلاها لوقتها لم يرجُ ثوابها وإن صلاها لغير وقتها لم يخش عقابها وهو المنافق " ح " أو لا إضمار فيه وتمامها بقوله {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} . {سَاهُونَ} لاهون أو غافلون أو لا يصليها سراً بل علانية " ح " أو الملتفت يمنة ويسرة في صلاته هواناً بها أو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله أو الذي يؤخرها عن مواقيتها مأثور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 6 - {يُرَآءُونَ} المنافق يصلي مع الناس ولا يصلي إذا خَلاَ " ع " أو عامة في أهل الرياء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 7 - {الْمَاعُونَ} الزكاة أو المعروف أو الطاعة أو المال بلسان قريش أو الماء إذا احتيج إليه ومنه المعين الماء الجاري أو ما يتعاوره الناس بينهم كالدلو والقدر والفأس وما يوقد أو الحق أو المستغل من منافع الأموال من المعن وهو القليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 سُورَةُ الكوْثَرِ مكية أو مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إنا أعطيناك الكوثر (1) فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الأبتر (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 1 - {الْكَوْثَرَ} النبوة والقرآن أو الإسلام أو نهر في الجنة مأثور أو حوضه يوم القيامة أو كثرة أمته أو الإيثار أو رفعة الذكر وهو فوعل من الكثرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 2 - {فَصَلِّ} الصبح بمزدلفة أو صلاة العيد أو اشكر ربك {وَانْحَرْ} الهدي أو الأضحية أو وأسل أو وضع اليمين على الشمال عند النحر في الصلاة " ع " أو رفع اليدين في التكبير إلى النحر أو استقبال القبلة في الصلاة بنحره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 3 - {شَانِئَكَ} مبغضك أو عدوك {الأَبْتَرُ} الحقير الذليل أو الفرد الوحيد أوَ ألاَّ خير فيه حتى صار منه أبتر مأثور أو كانت قريش تقول لمن مات ذكور أولاده بتر فلان فلما مات للرسول ابنه القاسم بمكة وإبراهيم بالمدينة قالوا قد بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده أو لما دعا قريشاً إلى الإيمان قالوا ابتتر منا محمد أي خالفنا وانقطع عنا فأخبر الله أنهم هم المبترون. نزلت في أبي لهب وأبي جهل " ع " أو العاص بن وائل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 سُورَةُ الكَافِرُونَ مكية أو مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قل يأيها الكافرون (1) لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عابدون ما أعبد (3) ولا أنا عابدٌ ما عبدتم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد (5) لكم دينكم ولي دين (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 1 - {لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف رسول الله فقالوا يا محمد هلم فلتعبدوا ما نعبد ونعبد ما تعبدون ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدنا خيراً مما بيدك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه فنزلت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 2 - 5 - {ولا أنتم عابدون} يعني المعنيين [228 / ب] / الذين التمسوا ذلك فإنهم لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 يعبدون الله وليس بعامة لأن في الكفار من يؤمن وإنما نزلت جواباً لأولئك {لآ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} الآن {وَلآ أَنَاْ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} في المستقبل {وَلآ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ} الآن {وَلآ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ} في المستقبل وقال ما أعبد ولم يقل من أعبد ليتقابل الكلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 6 - {لَكُمْ دِينُكُمْ} الكفر {وَلِىَ} الإسلام، أو لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني تهديد معناه وكفى بجزائكم عقاباً وبجزائي ثواباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 سُورَةُ النَّصْرِ مدنية اتفاقا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إذا جاء نصر الله والفتح (1) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً (2) فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا (3) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 1 - { النصر } المعونة نصر الغيث الأرض أعان على نباتها ومنع قحطها يريد نصره على قريش أو على كل من قاتله من الكفار. {وَالْفَتْحُ} فتح مكة " ح " أو فتح المدائن والقصور " ع " أو ما فتح عليه من العلوم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 2 - {النَّاسَ يَدْخُلُونَ} أهل اليمن أو كل من دخل في الإسلام. قال الحسن لما فتحت مكة قالت العرب بعضها لبعض لا يدان لكم هؤلاء القوم فجعلوا يدخلون في دين الله أفواجاً أمة أمة قال الضحاك: الأمة أربعون رجلاً. {أفْوَاجاً} زمراً " ع " أو قبائل قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : " إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 3 - {فَسَبِّحْ} فَصَلِّ {وَاسْتَغْفِرْهُ} داوم ذكره " ع " أو صريح التسبيح والاستغفار من الذنوب فكان يكثر بعدها أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي {تَوَّاباً} قابلا للتوبة أو متجاوزاً عن الصغائر وأمر بذلك شكراً لله على نعمته من النصر والفتح أو نعى إليه نفسه ليجتهد في العمل قال ابن عباس داعٍ من الله ووداعٍ من الدنيا فلم يلبث بعدها إلاَّ سنتين مستديماً لما أمره به من التسبيح والاستغفار أو سنة واحدة فنزل في حجة الوداع {اليوم أَكْمَلْتُ} [المائدة: 3] فعاش بعدها ثمانين يوماً فنزلت آية الكلالة وهي آية الصيف فعاش بعدها خمسين يوماً " ع " فنزلت {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ} [التوبة: 128] فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوماً فنزلت: {واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ} [البقرة: 281] فعاش بعدها أحدا وعشرين يوماً أو سبعة أيام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 سورة تبت سُورَةُ المَسَدْ مكية اتفاقا. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {تبت يدا أبي لهب وتب (1) ما أغنى عنه ماله وما كسب (2) سيصلى ناراً ذات لهب (3) وامرأته حمالة الحطب (4) في جيدها حبل من مسد (5) } {أتى أبو لهب الرسول فقال: ماذا أعطى إن آمنت بك قال: كما يعطى المسلمون قال فما لي فضل قال: وأي شيء تبتغي قال تباً لهذا من دين أن أكون أنا وهؤلاء سواء. فنزلت أو لما نزلت {وأنذر عشيرتك} [الشعراء: 214] صعد الرسول على الصفا فنادى يا صباحاه فاجتمعوا فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل يريد أن يغير عليكم صدقتموني قالوا: نعم [قال] فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تباً لك آخر اليوم ما دعوتنا إلا لهذا فنزلت. أو كان إذا وفد على الرسول وفد انطلق إليهم أبو لهب فسألوه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 عن الرسول فيقول إنه كذاب ساحر فيرجعون عنه ولا يلقونه فأتاه وفد ففعل مثل ذلك فقالوا لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه فقال أبو لهب إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبًّا له وتعساً فبلغ الرسول فاكتأب له فنزلت [229 / أ] /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 1 - {تَبَّتْ} خابت " ع " أو ضلت أو [صفرت] من كل خير أو خسرت {يَدَآ} عبر بيديه عن نفسه {ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10] أو عن عمله لأن العمل يكون بهما في الأغلب {أَبِى لَهَبٍ} كنوه بذلك لحسنه وتلهب وجنتيه وذكره الله تعالى بكنيته لأنها أشهر من اسمه أو عدل عن اسمه لأنه كان اسمه عبد العزى أو لأن الاسم أشرف من الكنية لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره وكذلك دعا الله تعالى أنبياءه بأسمائهم {وَتَبَّ} تأكيد للأول أو قد تب أو تبت يداه بما منعه الله من أذى رسوله [صلى الله عليه وسلم] وتب بماله عند الله تعالى من العقاب أو تب ولد أبي لهب، تبت يداه عن التوحيد " ع " أو من الخيرات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 2 - {مَآ أَغْنَى} ما دفع أو ما نفع {مَالُهُ} غنمه كان صاحب سائمة أو " تليدة أو طارفة " {وما كسب} عمله الخبيث أو ولده " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " أولادكم من كسبكم " وكان ابنه عتبة مبالغاً في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 كفرت بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى وتفل في وجه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وخرج إلى الشام فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " فأكله الذئب. فلم يغن عنه ماله وكسبه في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو في دفع النار يوم القيامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 3 - {سَيَصْلَى} سين الوعيد أو بمعنى سوف يصلى يكون صلىً لها حطباً لها ووقوداً أو تصليه النار أي تنضجه " ع " {لَهَبٍ} ارتفاع أو قوة واشتعال وهذه صفة مضارعة لكنيته وعده الله تعالى بأنه يدخل النار بكفرة أو يموت على كفره فكان كما أخبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 4 - {وَامْرَأَتُهُ} أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} تحتطب الشوك فتلقيه في طريق الرسول [صلى الله عليه وسلم] ليلاً " ع " أو كانت تعي الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالفقر [وكانت تحطب فعيّرت بأنها كانت تحطب أو] لما حملت أوزار كفرها صارت كالحاملة لحطب نارها التي تصلى به أو لأنها كانت تمشي بالنميمة وسمي النمام حمالاً للحطب لأنه يشعل العداوة كما يشعل الحطب النار أو جعل ما حملته من الإثم في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] كالحطب في مصيره إلى النار فيكون عذاباً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 5 - {فِى جِيدِهَا} يوم القيامة. جيدها: عنقها {حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعاً سميت مسداً لأنها ممسودة أي مفتولة أو حبل من ليف المقل أو قلادة من ودع على وجه التعيير لها أو حبل ذو ألوان من أحمر وأصفر تتزين به في جيدها " ح " فعيرت بذلك أو قلاده جوهر فاخر قالت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 لأنفقنها في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو عبر بذلك عن خذلانها كالمربوطة عن الإيمان بحبل من مسد ولما نزلت أقبلت تولول وبيدها فِهْر وهي تقول. (مذمماً أبينا ... ودينه قلينا) (وأمره عصينا ... ) والرسول [صلى الله عليه وسلم] [229 / ب] / وأبو بكر رضي الله تعالى عنه في المسجد فقال يا رسول الله إني أخاف أن تراك فقال إنها لن تراني وقرأ قرآناً اعتصم به فلم تره فقالت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه إني أخبرت أن صاحبك هجاني فقال لا ورب هذا البيت ما هجاك فولت فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفاني الله تعالى شرها فعثرت في مرطها فقالت: تعس مذمم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 سُورَةُ الإخْلاَصِ مكية أو مدنية. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفواً أحد (4) } قالت اليهود للرسول [صلى الله عليه وسلم] هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله فنزلت. أو قال مشركو قريش انسب لنا ربك فنزلت وقال يا محمد انسبني إلى هذا أو أرسل المشركون عامر بن الطفيل فقالوا: قد شققت عصانا وسيَّبت آباءنا وخالفت دين آبائك فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك وإن هويت امرأة زوجناك فقال: لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة أنا رسول الله إليكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 أدعوكم إلى عبادته. فأرسلوه ثانية فقالوا: بَيِّن لنا جنس معبودك فنزلت هذه السورة فأرسلوه بأن لنا ثلاثمائة وستين صنماً لا تقوم بحوائجنا فكيف يقوم إلاه واحد بحوائج الخلق كلهم فنزلت {والصافات} إلى {إن إلهكم لواحد} [1 - 4] أي في حوائجكم كلها فأرسلوه رابعة بأن يبين لنا أفعال ربه فنزلت {إن ربكم الله} [الأعراف: 54] و {الله الذي خلقكم} [الروم: 40] الآيتان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 1 - {أَحَدٌ} الأحد المنفرد بصفاته فلا شبْه له ولا مثل تقديره الأحد فحذفت الألف واللام أو ليس بنكرة وإنما هو بيان وترجمة قال المبرد: الأحد والواحد سواء أو الأحد الذي لا يدخل في العدد والواحد يدخل في العدد لأنك تقول للواحد ثانياً أو الأحد يستوعب جنسه والواحد لا يستوعبه لأنك لو قلت فلان لا يقاومه أحد لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر فالأحد أبلغ من الواحد وسميت سورة الإخلاص لأن قراءتها خلاص من عذاب الله [أو] لأن فيها إخلاص الله تعالى من شريك وولد أو لانها خالصة لله تعالى ليس فيها أمر ولا نهي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 2 - {الصَّمَدُ} المصمت الذي لا جوف له أو الذي لا يأكل ولا يشرب أو الباقي الذي لا يفنى أو الدائم الذي لم يزل ولا يزال أو الذي لم يلد ولم يولد أو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم. (ألا بَكَر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود [وبالسيد} الصمد) أو السيِّد الذي انتهى سؤدده أو الكامل الذي لا عيب فيه أو المقصود إليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 في الرغائب والمستعان به في المصائب أو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد أو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 3 - {لَمْ يَلِدْ} فيكون والداً {وَلَمْ يُولَدْ} فيكون ولد " ع " أو لم يلد فيكون في العز مشاركاً ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً لأنهما صفتا نقص أو لأنه لا مثل له فلو ولد لكان له مثل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 4 - {كُفُواً} لا مثل له ولا عديل أو لا يكافئه من خلقه أحد أو نفى عنه الصاحبة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 سورة الفلق مكية أو مدينة هي والتي بعدها معوذتا الرسول صلى الله عليه وسلم حين سحرته اليهودية وكان يقول لهما المقشقشتان أي تبرآن من النفاق وخالف ابن مسعود رضي الله تعالى عنه الإجماع بقوله هما عوذتان وليستا من القرآن الكريم. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قل أعوذ برب الغلق (1) من شر ما خلق (2) ومن شر غاسقٍ إذا وقب (3) ومن شر النفاثات في العقد (3) ومن شر حاسدٍ إذا حسد (4) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 1 - {الْفَلَقِ} اسم لجهنم أو لسجن فيها " ع " أو الخلق كلهم أو فلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 الصبح أو الجبال والصخور تنفلق بالمياه [230 / أ] / أو كل ما انفلق عن كل ما خلق من صبح وحيوان وصخور [وجبال] وحب ونوى وكل شيء من نبات وغيره وأصل الفلق الشق الواسع قيل للصبح فلق لانفلاق الظلام عنه كما قيل له فجر لانفجار الضوء منه والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 2 - {شّرِّ مَا خَلَقَ} جهنم أو إبليس وذريته أو عام من كل شرور الدنيا والآخرة أو التعوذ من شر موجب للعقاب أو عام في كل شر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 3 - {غَاسِقٍ} الشمس إذا غربت أو القمر إذا ولج في الظلام. نظر الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى القمر وقال لعائشة رضي الله تعالى عنها " تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب وهذا الغاسق إذا وقب " أو الثريا إذا سقطت لأن الأسقام والطواعين تكثر عند سقوطها وترتفع عند طلوعها أو الليل لخروج السباع والهوام فيه وينبعث أهل الشر على العبث والفساد " ع " {إِذَا وَقَبَ} أظلم " ع " أو دخل أو ذهب أصل الغسق الجريان غسقت القرحة جرى صديدها والغساق صديد أهل النار لجريانه وغسقت العين جرى دمعها بالضرر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 4 - {النَّفَّاثَاتِ} السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر وربما فعل في الرقي مثل ذلك طلباً للشفاء والنفث النفخ في العقد بغير ريق والتفل النفخ فيها بريق وأثره تخييل للأذى والمرض أو يمرض ويؤذي لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله أو قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله تعالى به الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 بعض عباده والأكثرون على أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] سحر واستخرج وتراً فيه إحدى عشرة عقدة فأمر بحلها فكان كلما حُلّت عقدة وجد راحة حتى حلت العقد كلها فكأنما أنشط من عقال فنزلت المعوذتان إحدى عشرة آية بعدد العقد وأمر أن يتعوذ بهما ومنع آخرون من تأثير السحر في الرسول [صلى الله عليه وسلم] وإن جاز في غيره لما في استمراره من خبل العقل ولإنكار الله تعالى على من قال: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 5 - {ومن شر [230 / ب] / حَاسِدٍ} من شر نفسه وعينه أن يصيب بها أو لأن حسده يحمله على الأذى و [الحسد] : تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم تصر للحاسد والمنافسة تمني مثلها فالمؤمن يغبط والمنافق يحسد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 سُورَةُ النَّاسِ كالفلق. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قل أعوذُ برب الناس (1) ملك الناس (2) إله الناس (3) من شر الوسواس الخناس (4) الذي يوسوس في صدور الناس (5) من الجنة والناس (6) } الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 1 - {بِرَب ِّ النَّاسِ} لما أمر بالاستعاذة من شرهم أخبر أنه هو الذي يعيذ منهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 4 - {الْوَسْوَاسِ} وسوسة الإنسان التي تحدث بها نفسه وقد تجاوز الله عنها والشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا سَهَا وغَفَل وسوس وإذا ذكر الله تعالى خنس {الْخَنَّاسِ} الشيطان لكثرة اختفائه كقوله {فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس} [التكوير: 15] أي النجوم لاختفائها أو لأنه يرجع بالوسوسة عن الهدى أو يخرج بالوسوسة عن اليقين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 5 - {يوسوس} يدعو إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل أو يقع في النفس من أمر متوهم وأصله الصوت الخفي. (تَسْمَعُ للحَلْي وَسْوَاساً ... ... ... ... ... ... ... ... ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 6 - {مِنَ الْجِنَّةِ} من وسواس الشيطان كما ذكرت {وَالنَّاسِ} وسوسة الإنسان لنفسه أو إغواء من يغويه من الناس. والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513