الكتاب: المحكم في نقط المصاحف المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ) المحقق: د. عزة حسن الناشر: دار الفكر - دمشق الطبعة: الثانية، 1407 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- المحكم في نقط المصاحف أبو عمرو الداني الكتاب: المحكم في نقط المصاحف المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ) المحقق: د. عزة حسن الناشر: دار الفكر - دمشق الطبعة: الثانية، 1407 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله بارئ النسم ومسبغ النعم ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام والتفضل والإنعام وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم الْأَنْبِيَاء وَسيد الأصفياء وعَلى آله الطيبين وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ هَذَا كتاب علم نقط الْمَصَاحِف وكيفيته على صِيغ التِّلَاوَة ومذاهب الْقِرَاءَة فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ وعَلى مَا سنه الماضون وَاسْتَعْملهُ الناقطون وَمَا يُوجِبهُ قِيَاس الْعَرَبيَّة وتحققه طَرِيق اللُّغَة مشروحا ذَلِك بأصوله وفروعه مُبينًا بعلله ووجوهه مَعَ ذكر السّنَن الْوَارِدَة عَن السّلف الماضين والائمة الْمُتَقَدِّمين فِي النقط وَمن ابْتَدَأَ بِهِ أَولا وَمن كرهه مِنْهُم وَمن ترخص فِيهِ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا ينضاف إِلَيْهِ ويتصل بِهِ من ذكر رسم فواتح السُّور ورؤوس الْآي والخموس والعشور وَمن أَبى ذَلِك وَمن أجَازه وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين على بُلُوغ الأمل وإياه نسْأَل التَّوْفِيق للصَّوَاب فِي القَوْل وَالْعَمَل وَهُوَ حَسبنَا وَإِلَيْهِ ننيب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بَاب ذكر الْمَصَاحِف وَكَيف كَانَت عَارِية من النقط وخالية من الشكل وَمن نقطها أَولا من السّلف وَالسَّبَب فِي ذَلِك حَدثنَا فَارس بن أَحْمد بن مُوسَى الْمُقْرِئ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا الْفضل بن شَاذان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ أخبرنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنَا الاوزاعي قَالَ سَمِعت يحيى بن ابي كثير يَقُول كَانَ الْقُرْآن مُجَردا فِي الْمَصَاحِف فَأول مَا أَحْدَثُوا فِيهِ النقط على الْيَاء وَالتَّاء وَقَالُوا لَا بَأْس بِهِ هُوَ نور لَهُ ثمَّ أَحْدَثُوا فِيهَا نقطا عِنْد مُنْتَهى الْآي ثمَّ أَحْدَثُوا الفواتح والخواتم حَدثنَا فَارس بن أَحْمد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ قَالَ حَدثنَا احْمَد بن يزِيد قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد قَالَ ثَنَا فديك من أهل قيسارية قَالَ حَدثنَا الاوزاعي قَالَ سَمِعت قَتَادَة يَقُول بدؤوا فنقطوا ثمَّ خمسوا ثمَّ عشروا قَالَ أَبُو عَمْرو هَذَا يدل على أَن الصَّحَابَة وأكابر التَّابِعين رضوَان الله عَلَيْهِم هم المبتدئون بالنقط ورسم الخموس والعشور لِأَن حِكَايَة قَتَادَة لَا تكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 إِلَّا عَنْهُم إِذْ هُوَ من التَّابِعين وَقَوله بدؤوا الى آخِره دَلِيل على أَن ذَلِك كَانَ عَن اتِّفَاق من جَمَاعَتهمْ وَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ أَو أَكْثَرهم فَلَا شكول فِي صِحَّته وَلَا حرج فِي اسْتِعْمَاله وَإِنَّمَا أخلى الصَّدْر مِنْهُم الْمَصَاحِف من ذَلِك وَمن الشكل من حَيْثُ أَرَادوا الدّلَالَة على بَقَاء السعَة فِي اللُّغَات والفسحة فِي الْقرَاءَات الَّتِي أذن الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي الْأَخْذ بهَا وَالْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا فَكَانَ الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن حدث فِي النَّاس مَا أوجب نقطها وشكلها وَذَلِكَ مَا حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الانباري قَالَ ثَنَا ابي قَالَ حَدثنَا أَبُو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي كتب مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى زِيَاد يطْلب عبيد الله ابْنه فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ كَلمه فَوَجَدَهُ يلحن فَرده إِلَى زِيَاد وَكتب إِلَيْهِ كتابا يلومه فِيهِ وَيَقُول أمثل عبيد الله يضيع فَبعث زِيَاد إِلَى ابي الْأسود فَقَالَ يَا أَبَا الْأسود إِن هَذِه الْحَمْرَاء قد كثرت وأفسدت من ألسن الْعَرَب فَلَو وضعت شَيْئا يصلح بِهِ النَّاس كَلَامهم ويعربون بِهِ كتاب الله تَعَالَى فَأبى ذَلِك أَبُو الْأسود وَكره إِجَابَة زِيَاد إِلَى مَا سَأَلَ فَوجه زِيَاد رجلا فَقَالَ لَهُ اقعد فِي طَرِيق أبي الْأسود فَإِذا مر بك فاقرأ شَيْئا من الْقُرْآن وتعمد اللّحن فِيهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا مر بِهِ أَبُو الاسود رفع الرجل صَوته فَقَالَ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} فاستعظم ذَلِك أَبُو الْأسود وَقَالَ عز وَجه الله أَن يبرأ من رَسُوله ثمَّ رَجَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 من فوره إِلَى زِيَاد فَقَالَ يَا هَذَا قد أَجَبْتُك إِلَى مَا سَأَلت وَرَأَيْت أَن أبدأ بإعراب الْقُرْآن إِلَيّ ثَلَاثِينَ رجلا فأحضرهم زِيَاد فَاخْتَارَ مِنْهُم أَبُو الْأسود عشرَة ثمَّ لم يزل يخْتَار مِنْهُم حَتَّى اخْتَار رجلا من عبد الْقَيْس فَقَالَ خُذ الْمُصحف وصبغا يُخَالف لون المداد فَإِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف وَإِذا ضممتهما فَاجْعَلْ النقطة إِلَى جَانب الْحَرْف وَإِذا كسرتهما فَاجْعَلْ النقطة فِي أَسْفَله فَإِن اتبعت شَيْئا من هَذِه الحركات غنة فانقط نقطتين فابتدأ بالمصحف حَتَّى أَتَى على آخِره ثمَّ وضع الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بعد ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 أخبرنَا يُونُس بن عبد الله قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ نَا أَحْمد بن خَالِد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا حجاج عَن هَارُون عَن مُحَمَّد بن بشر عَن يحيى بن يعمر وَكَانَ أول من نقط الْمَصَاحِف أخبرنَا عبد بن أَحْمد بن مُحَمَّد فِي كِتَابه قَالَ نَا احْمَد بن عَبْدَانِ قَالَ نَا مُحَمَّد بن سهل قَالَ نَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ قَالَ حُسَيْن بن الْوَلِيد عَن هَارُون بن مُوسَى أول من نقط الْمُصحف يحيى بن يعمر أخبرنَا خلف بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمُقْرِئ فِي الْإِجَازَة قَالَ نَا مُحَمَّد بن عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ أخْبرت عَن أبي بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْفضل التسترِي قَالَ نَا مُحَمَّد بن سهل بن عبد الْجَبَّار قَالَ نَا أَبُو حَاتِم قَالَ قَرَأَ يَعْقُوب على سَلام أبي الْمُنْذر وَقَرَأَ سَلام على أبي عَمْرو وَقَرَأَ أَبُو عمر على عبد الله بن ابي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ وعَلى نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ وَنصر أول من نقط الْمَصَاحِف وعشرها وخمسها قَالَ أَبُو عَمْرو يحْتَمل أَن يكون يحيى وَنصر أول من نقطاها للنَّاس بِالْبَصْرَةِ وأخذا ذَلِك عَن أبي الْأسود إِذْ كَانَ السَّابِق إِلَى ذَلِك والمبتدئ بِهِ وَهُوَ الَّذِي جعل الحركات والتنوين لَا غير على مَا تقدم فِي الْخَبَر عَنهُ ثمَّ جعل الْخَلِيل بن احْمَد الْهَمْز وَالتَّشْدِيد وَالروم والإشمام وَقفا النَّاس فِي ذَلِك أثرهما وَاتبعُوا فِيهِ سنتهما وانتشر ذَلِك فِي سَائِر الْبلدَانِ وَظهر الْعَمَل بِهِ فِي كل عصر وَأَوَان وَالْحَمْد لله على كل حَال حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ نَا ابْن الْأَنْبَارِي قَالَ نَا ابي عَن عمر بن شبة عَن الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت أَبَا عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى يَقُول أول من وضع النَّحْو أَبُو الْأسود الدولي ثمَّ مَيْمُون الاقرن ثمَّ عَنْبَسَة الْفِيل ثمَّ عبد الله بن ابي إِسْحَاق قَالَ أَبُو عَمْرو وكل هَؤُلَاءِ قد نقطوا وَأخذ عَنْهُم النقط وَحفظ وَضبط وَقيد وَعمل بِهِ وَاتبع فِيهِ سنتهمْ واقتدى فِيهِ بمذاهبهم قَالَ مُحَمَّد بن تزيد الْمبرد لما وضع أَبُو الْأسود الدؤَلِي النَّحْو قَالَ ابغوا لي رجلا وَليكن لقنا فَطلب الرجل فَلم يُوجد إِلَّا فِي عبد الْقَيْس فَقَالَ أَبُو الْأسود إِذا رَأَيْتنِي لفظت بالحرف فضممت شفتي فَاجْعَلْ أَمَام الْحَرْف نقطة فَإِذا ضممت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين فَإِذا رَأَيْتنِي قد كسرت شفتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 فَاجْعَلْ أَسْفَل الْحَرْف نقطة فَإِذا كسرت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين فَإِذا رَأَيْت قد فتحت شفتي فَاجْعَلْ على الْحَرْف نقطة فَإِذا فتحت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فَلذَلِك النقط بِالْبَصْرَةِ فِي عبد الْقَيْس إِلَى الْيَوْم قَالَ وَأخذ عَن ابي الْأسود مَيْمُون الأقرن وَأخذ عَن مَيْمُون الاقرن الْخَلِيل بن أَحْمد وَزَاد الْخَلِيل فِي ذَلِك فَجعل على الْحَرْف المشدد ثَلَاث شُبُهَات وَأَخذه من أول شَدِيد فَإِذا كَانَ خَفِيفا جعل عَلَيْهِ خاء وَأَخذه من أول خَفِيف وَقَالَ أَبُو الْحسن بن كيسَان قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد الشكل الَّذِي فِي الْكتب من عمل الْخَلِيل وَهُوَ مَأْخُوذ من صور الْحُرُوف فالضمة وَاو صَغِيرَة الصُّورَة فِي أَعلَى الْحَرْف لِئَلَّا تَلْتَبِس بِالْوَاو الْمَكْتُوبَة والكسرة يَاء تَحت الْحَرْف والفتحة ألف مبطوحة فَوق الْحَرْف وَقَالَ أَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد أصل النقط لعبد الله بن ابي اسحق الْحَضْرَمِيّ معلم ابي عَمْرو بن الْعَلَاء أَخذه النَّاس عَنهُ قَالَ وَيُقَال أول من نقط الْمَصَاحِف نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ قَالَ والنقط لأهل الْبَصْرَة أَخذه النَّاس كلهم عَنْهُم حَتَّى أهل الْمَدِينَة وَكَانُوا ينقطون على غير هَذَا النقط فَتَرَكُوهُ ونقطوا نقط أهل الْبَصْرَة قَالَ أَبُو عَمْرو هَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو حَاتِم من أهل الْمَدِينَة أخذُوا النقط عَن أهل الْبَصْرَة صَحِيح وَذَلِكَ أَن أَحْمد بن عمر القَاضِي حَدثنَا قَالَ ثَنَا مُحَمَّد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 ابْن أَحْمد بن مُنِير قَالَ حَدثنَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ ثَنَا قالون قَالَ فِي مصاحف الْمَدِينَة بالسود إِلَّا بهمزتين فِي الْكتاب يَعْنِي نقطها أَلا ترى أَن أهل الْمَدِينَة لَا يجمعُونَ بَين همزتين بل قد كَانَ بَعضهم وَهُوَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن العقعقاع الْقَارئ يسهلهما مَعًا وَهِي لُغَة قُرَيْش فَدلَّ مَا استعملوه فِي نقط مصاحفهم من تحقيقهما وإثباتهما مَعًا بالصفرة الَّتِي جعلوها لنقط الْهَمْز الْمُحَقق خلافًا لقِرَاءَة أئمتهم وَمذهب سلفهم على أَنهم اخذوا ذَلِك عَن غَيرهم وَأَنَّهُمْ اتبعُوا فِي ذَلِك أهل الْبَصْرَة إِذْ كَانُوا المبتدئين بالنقط والسابقين إِلَيْهِ كَمَا تقدم ذَلِك فِي الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَن السّلف ثمَّ أَخذ ذَلِك عَن أهل الْمَدِينَة عَامَّة أهل الْمغرب من الاندلسيين وَغَيرهم ونقطوا بِهِ مصاحفهم وجمعوا بَين الهمزتين وضموا ميمات الْجمع قَالَ قالون أهل الْمَدِينَة يشكلون مصاحفهم بِرَفْع الميمات كلهَا وَجعلُوا النبرات بالصفرة والحركات نقطا بالحمرة وَلم يخالفوهم فِي شَيْء جرى استعمالهم عَلَيْهِ من ذَلِك وَمن غَيره وَقد تَأَمَّلت مَصَاحِفنَا الْقَدِيمَة الَّتِي كتبت فِي زمَان الْغَازِي بن قيس صَاحب نَافِع بن ابي نعيم وراوية مَالك بن أنس فَوجدت جَمِيع ذَلِك مثبتا فِيهَا مُقَيّدا على حسب مَا أثبت وهيئة مَا يُقيد فِي مصاحف أهل الْمَدِينَة وَكَذَلِكَ رَأَيْت ذَلِك فِي سَائِر الْمَصَاحِف العراقية والشامية ونقاطهم على ذَلِك إِلَى الْيَوْم وَكَذَلِكَ نقاط أهل مَكَّة على أَن سلفهم كَانُوا على غير ذَلِك قَالَ ابْن أشته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 رَأَيْت فِي مصحف إِسْمَاعِيل الْقسْط إِمَام أهل مَكَّة الضمة فَوق الْحَرْف والفتحة قُدَّام الْحَرْف ضد مَا عَلَيْهِ النَّاس قَالَ أَبُو عَمْرو وَأول من صنف النقط ورسمه فِي كتاب وَذكر علله الْخَلِيل بن احْمَد ثمَّ صنف ذَلِك بعده جمَاعَة من النَّحْوِيين والمقرئين وسلكوا فِيهِ طَرِيقه وَاتبعُوا سنته وَاقْتَدوا بمذاهبه مِنْهُم أَبُو مُحَمَّد يحيى بن الْمُبَارك اليزيدي وَابْنه أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن ابي مُحَمَّد وَأَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد السجسْتانِي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن احْمَد بن جَعْفَر بن الْمُنَادِي وَأَبُو بكر احْمَد بن مُوسَى بن مُجَاهِد وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن اشته وَأَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن بشر مقرئ أهل بلدنا وَجَمَاعَة غَيره غير هَؤُلَاءِ وَمِمَّنْ اشْتهر من الْمُتَقَدِّمين بالنقط واقتدي بِهِ فِيهِ من الْمَدَنِيين عِيسَى بن مينا قالون رِوَايَة نَافِع ومقرىء أهل الْمَدِينَة وَمن الْبَصرِيين بشار بن أَيُّوب أستاذ يَعْقُوب بن اسحق الْحَضْرَمِيّ وَمعلى بن عِيسَى صَاحب الجحدري وَمن الكوفين صَالح بن عَاصِم الناقط صَاحب الْكسَائي وَمن الاندلسيين حَكِيم بن عمرَان صَاحب الْغَازِي بن قيس وسنأتي بِجَمِيعِ مَا رُوِيَ لنا من اتِّفَاقهم وَاخْتِلَافهمْ بعلله ومعانيه فِي موَاضعه إِن شَاءَ الله وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَعَلِيهِ التكلان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 بَاب ذكر من كره نقط الْمَصَاحِف من السّلف حَدثنَا خلف بن احْمَد بن ابي خَالِد القَاضِي قَالَ نَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن اللؤلئي قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن حميد قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن سَلام قَالَ نَا أبي قَالَ نَا عُثْمَان عَن ابْن 000 عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره نقط الْمَصَاحِف قَالَ عُثْمَان وَكَانَ قَتَادَة يكره ذَلِك حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا إِسْحَاق الْأَزْرَق عَن سُفْيَان عَن سَلمَة ابْن كهيل عَن أبي الزَّعْرَاء عَن عبد الله قَالَ جردوا الْقُرْآن وَلَا تخلطوه بِشَيْء حَدثنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن عَليّ قَالَ نَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ نَا سُلَيْمَان بن يحيى قَالَ نَا مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ نَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك قَالَ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود جردوا الْقُرْآن حَدثنَا الخاقاني خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا هشيم قَالَ أَنا مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يكره نقط الْمَصَاحِف وَيَقُول جردوا الْقُرْآن وَلَا تخلطوا بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ نَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا يزِيد عَن هِشَام عَن الْحسن وَابْن سِيرِين انهما كَانَا يكرهان نقط الْمَصَاحِف حدثت عَن الْحسن بن رَشِيق قَالَ نَا أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن أَحْمد الذهلي قَالَ لنا أَبُو بكر بن ابي شيبَة قَالَ أَنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي رَجَاء قَالَ سَأَلت مُحَمَّدًا عَن نقط الْمَصَاحِف فَقَالَ إِنِّي أَخَاف أَن يزِيدُوا فِي الْحُرُوف أَو ينقصوا حَدثنِي عبد الْملك بن الْحُسَيْن قَالَ نَا عبد الْعَزِيز بن عَليّ قَالَ نَا الْمِقْدَام ابْن تليد قَالَ نَا عبد الله بن عبد الحكم قَالَ قَالَ أَشهب سُئِلَ مَالك فَقيل لَهُ أَرَأَيْت من استكتب مُصحفا الْيَوْم أَتَرَى أَن يكْتب على مَا أحدث النَّاس من الهجاء الْيَوْم فَقَالَ لَا أرى ذَلِك وَلَكِن يكْتب على الكتبة الأولى قَالَ مَالك وَلَا يزَال الْإِنْسَان يسألني عَن نقط الْقُرْآن فَأَقُول لَهُ أما الإِمَام من الْمَصَاحِف فَلَا أرى أَن ينقط وَلَا يُزَاد فِي الْمَصَاحِف مَا لم يكن فِيهَا وَأما الْمَصَاحِف الصغار الَّتِي يتَعَلَّم فِيهَا الصّبيان وألواحهم فَلَا أرى بذلك بَأْسا قَالَ عبد الله وَسمعت مَالِكًا وَسُئِلَ عَن شكل الْمَصَاحِف فَقَالَ أما الْأُمَّهَات فَلَا أرَاهُ وَأما الْمَصَاحِف الَّتِي يتَعَلَّم فِيهَا الغلمان فَلَا بَأْس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 بَاب ذكر من ترخص فِي نقطها حَدثنَا فَارس بن أَحْمد قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا احْمَد بن عُثْمَان الرَّازِيّ قَالَ نَا الْفضل بن شَاذان قَالَ نَا أَحْمد بن ابي مُحَمَّد قَالَ نَا هِشَام بن عمار قَالَ نَا مسلمة بن عَليّ قَالَ نَا الْأَوْزَاعِيّ عَن ثَابت بن معبد قَالَ الْعَجم نور الْكتاب حَدثنَا الخاقاني خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا هشيم قَالَ أَنا مَنْصُور قَالَ سَأَلت الْحسن عَن نقط الْمَصَاحِف قَالَ لَا بَأْس بِهِ مَا لم تَبْغُوا حدثت عَن الْحسن بن رَشِيق قَالَ نَا أَبُو الْعَلَاء الْكُوفِي قَالَ نَا أَبُو بكر ابْن ابي شيبَة قَالَ أَنا وَكِيع عَن الْهُذلِيّ عَن الْحسن قَالَ لَا بَأْس بنقطها بالأحمر حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا الانصاري عَن أَشْعَث عَن الْحسن قَالَ لَا بَأْس بنقط الْمَصَاحِف وَكَرِهَهُ ابْن سِيرِين حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد الْمَكِّيّ قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا الْقَاسِم قَالَ نَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن حَمَّاد بن زيد عَن خَالِد الْحذاء قَالَ كنت أمسك على ابْن سِيرِين فِي مصحف منقوط أخبرنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الربعِي قَالَ نَا عَليّ بن مسرور الدّباغ قَالَ نَا احْمَد بن ابي سُلَيْمَان قَالَ نَا سَحْنُون بن سعيد قَالَ نَا عبد الله بن وهب قَالَ حَدثنِي نَافِع بن أبي نعيم قَالَ سَأَلت ربيعَة بن ابي عبد الرَّحْمَن عَن شكل الْقُرْآن فِي الْمُصحف فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ قَالَ ابْن وهب وحَدثني اللَّيْث قَالَ لَا أرى بَأْسا أَن ينقط الْمُصحف بِالْعَرَبِيَّةِ قَالَ ابْن وهب وَقَالَ لي مَالك أما هَذِه الْمَصَاحِف الصغار فَلَا أرى بَأْسا وَأما الْأُمَّهَات فَلَا أخْبرت عَن مسلمة بن الْقَاسِم قَالَ نَا صَالح بن احْمَد بن عبد الله بن صَالح قَالَ نَا ابي قَالَ قَالَ أَبُو يُوسُف كَانَ ابْن ابي ليلى من انقط النَّاس لمصحف حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ الْكَاتِب قَالَ نَا أَبُو بكر بن مُجَاهِد قَالَ قَالَ خلف يَعْنِي ابْن هِشَام الْبَزَّار كنت أحضر بَين يَدي الْكسَائي وَهُوَ يقْرَأ على النَّاس وينقطون مصاحفهم بقرَاءَته عَلَيْهِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 بَاب ذكر مَا جَاءَ فِي تعشير الْمَصَاحِف وتخميسها وَمن كره ذَلِك وَمن أجَازه حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا الْقَاسِم ابْن سَلام قَالَ نَا أَبُو بكر بن عَيَّاش قَالَ نَا أَبُو حُصَيْن عَن يحيى بن وثاب عَن مَسْرُوق عَن عبد الله أَنه كره التعشير فِي الْمُصحف حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن زَائِدَة بن قدامَة عَن ابي حُصَيْن عَن يحيى بن وثاب عَن مَسْرُوق عَن عبد الله انه كَانَ يحك التعشير من الْمُصحف حدثت عَن الْحسن بن رَشِيق قَالَ نَا أَبُو الْعَلَاء قَالَ نَا أَبُو بكر بن ابي شيبَة قَالَ نَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن ابي حُصَيْن عَن يحيى عَن مَسْرُوق عَن عبد الله انه كَانَ يكره التعشير فِي الْمُصحف وَبِه عَن ابْن ابي شيبَة قَالَ نَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن حجاج عَن عَطاء انه كره التعشير فِي الْمُصحف أَو يكْتب فِيهِ شَيْء من غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وَبِه عَن ابْن أبي شيبَة قَالَ أَنا الْمحَاربي عَن لَيْث عَن مُجَاهِد انه كَانَ يكره أَن يكْتب فِي الْمُصحف تعشير أَو تَفْصِيل وَبِه عَن ابْن شيبَة قَالَ نَا عَفَّان قَالَ نَا حَمَّاد بن زيد عَن شُعَيْب بن الحبحاب أَن أَبَا الْعَالِيَة كَانَ يكره العواشر حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد الْمَكِّيّ قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا الْقَاسِم قَالَ نَا عبد الرَّحْمَن عَن سُفْيَان عَن لَيْث عَن مُجَاهِد انه كره التعشير وَالطّيب فِي الْمُصحف حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا يزِيد عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين انه كَانَ يكره الفواتح والعواشر الَّتِي فِيهَا قَاف كَاف حَدثنِي عبد الْملك بن الْحُسَيْن قَالَ نَا عبد الْعَزِيز بن عَليّ قَالَ نَا الْمِقْدَام بن تليد قَالَ نَا عبد الله بن عبد الحكم قَالَ سَمِعت مَالِكًا وَسُئِلَ عَن العشور الَّتِي تكون فِي الْمُصحف بالحمرة وَغَيرهَا من الألوان فكره ذَلِك وَقَالَ تعشير الْمُصحف بالحبر لَا بَأْس بِهِ حَدثنَا فَارس بن أَحْمد قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا أَبُو بكر الرَّازِيّ قَالَ نَا الْفضل بن شَاذان قَالَ نَا أَحْمد بن يزِيد قَالَ نَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد قَالَ نَا فديك قَالَ نَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ سَمِعت قَتَادَة يَقُول بدؤوا فنقطوا ثمَّ خمسوا ثمَّ عشروا قَالَ أَبُو عَمْرو وَهَذَا يدل على التَّرَخُّص فِي ذَلِك وَالسعَة فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 بَاب ذكر مَا جَاءَ فِي رسم فواتح السُّور وَعدد آيهن وَمن شدد فِي ذَلِك وَمن تسهل فِيهِ حَدثنَا خلف بن احْمَد قَالَ نَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى ابْن حميد قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن سَلام قَالَ نَا ابي قَالَ حَدثنِي حَمَّاد بن سَلمَة عَن ابي حَمْزَة قَالَ رأى إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي مصحفي فَاتِحَة سُورَة كَذَا وَكَذَا وفاتحة سُورَة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لي امحه فَإِن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ لَا تخلطوا فِي كتاب الله مَا لَيْسَ مِنْهُ حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا يحيى بن سعيد عَن أبي بكر السراج قَالَ قلت لأبي رزين أأكتب فِي مصحفي سُورَة كَذَا وَكَذَا قَالَ إِنِّي أَخَاف أَن ينشأ قوم لَا يعرفونه فيظنوا أَنه من الْقُرْآن حدثت عَن الْحسن بن رَشِيق قَالَ نَا أَبُو الْعَلَاء الْكُوفِي قَالَ نَا ابو بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ابْن ابي شيبَة قَالَ أَنا وَكِيع عَن إِبْرَاهِيم انه كره النقط وخاتمة سُورَة كَذَا وَكَذَا حَدثنَا فَارس بن احْمَد الْمُقْرِئ قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا احْمَد بن عُثْمَان قَالَ نَا ابْن شَاذان قَالَ نَا مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَ نَا ابراهيم بن مُوسَى قَالَ أَنا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ نَا الاوزاعي سَمِعت يحيى بن ابي كثير يَقُول كَانَ الْقُرْآن مُجَردا فِي الْمَصَاحِف فَأول مَا أَحْدَثُوا فِيهَا النقط على التَّاء وَالْيَاء وَقَالُوا لَا بَأْس بِهِ هُوَ نور لَهُ ثمَّ أَحْدَثُوا فِيهَا نقطا عِنْد مُنْتَهى الْآي ثمَّ أَحْدَثُوا الفواتح والخواتم قَالَ أَبُو عَمْرو وَهَذَا يدل على التَّوسعَة فِي ذَلِك حَدثنَا عبد الْملك بن الْحُسَيْن قَالَ نَا عبد الْعَزِيز بن عَليّ قَالَ نَا الْمِقْدَام قَالَ نَا ابْن عبد الحكم قَالَ قَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم سمعنَا مَالِكًا سُئِلَ عَن الْمَصَاحِف تكْتب فِيهَا خَوَاتِم السُّور فِي كل سُورَة مَا فِيهَا من آيَة فَقَالَ إِنِّي اكره ذَلِك فِي أُمَّهَات الْمَصَاحِف أَن يكْتب فِيهَا شَيْء أَو يشكل فَأَما مَا يتَعَلَّم فِيهِ الغلمان من الْمَصَاحِف فَلَا أرى بذلك بَأْسا قَالَ عبد الله بن عبد الحكم وَأخرج إِلَيْنَا مَالك مُصحفا محلى بِالْفِضَّةِ ورأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة فِي طول السطر قَالَ ورأيته معجوم الْآي بالحبر وَذكر أَنه لجده وانه كتبه إِذْ كتب عُثْمَان الْمَصَاحِف حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا مُحَمَّد بن كثير عَن الاوزاعي عَن يحيى بن ابي كثير قَالَ مَا كَانُوا يعْرفُونَ شَيْئا مِمَّا أحدث فِي هَذِه الْمَصَاحِف إِلَّا هَذِه النقط الثَّلَاث عِنْد رُؤُوس الْآيَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 بَاب جَامع القَوْل فِي النقط وعَلى مَا يبْنى من الْوَصْل وَالْوَقْف وَمَا يسْتَعْمل لَهُ من الألوان وَمَا يكره من جمع قراءات شَتَّى وَرِوَايَات مُخْتَلفَة فِي مصحف وَاحِد وَمَا يتَّصل بذلك من الْمعَانِي اللطيفة والنكت الْخفية اعْلَم أيدك الله بتوفيقه أَن الَّذِي دَعَا السّلف رَضِي الله عَنْهُم إِلَى نقط الْمَصَاحِف بعد أَن كَانَت خَالِيَة من ذَلِك وعارية مِنْهُ وَقت رسمها وَحين توجيهها إِلَى الْأَمْصَار للمعنى الَّذِي بَيناهُ وَالْوَجْه الَّذِي شرحناه مَا شاهدوه من أهل عصرهم مَعَ قربهم من زمن الفصاحة ومشاهدة أَهلهَا من فَسَاد ألسنتهم وَاخْتِلَاف ألفاظهم وَتغَير طباعهم وَدخُول اللّحن على كثير من خَواص النَّاس وعوامهم وَمَا خافوه مَعَ مُرُور الْأَيَّام وتطاول الْأَزْمَان من تزيد ذَلِك وتضاعفه فِيمَن يَأْتِي بعد مِمَّن هُوَ لَا شكّ فِي الْعلم والفصاحة والفهم والدراية دون من شاهدوه مِمَّن عرض لَهُ الْفساد وَدخل عَلَيْهِ اللّحن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 لكَي يرجع إِلَى نقطها ويصار إِلَى شكلها عِنْد دُخُول الشكوك وَعدم الْمعرفَة ويتحقق بذلك إِعْرَاب الْكَلم وتدرك بِهِ كَيْفيَّة الالفاظ ثمَّ إِنَّهُم لما رَأَوْا ذَلِك وقادهم الِاجْتِهَاد إِلَيْهِ بنوه على وصل الْقَارئ بالكلم دون وَقْفَة عَلَيْهِنَّ فأعربوا أواخرهن لذَلِك لَان الْإِشْكَال اكثر مَا يدْخل على الْمُبْتَدِئ المتعلم وَالوهم اكثر مَا يعرض لمن لَا يبصر الْإِعْرَاب وَلَا يعرف الْقِرَاءَة فِي إِعْرَاب أَوَاخِر الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فَلذَلِك بنوا النقط على الْوَصْل دون الْوَقْف وَأَيْضًا فَإِن الْقَارئ قد يقْرَأ الْآيَة وَالْأَكْثَر فِي نفس وَاحِد وَلَا يقطع على شَيْء من كلمها فَلَا بُد من إِعْرَاب مَا يصله من ذَلِك ضَرُورَة قَالَ أَبُو عَمْرو فَأَما نقط الْمَصَاحِف بِالسَّوَادِ من الحبر وَغَيره فَلَا أستجيزه بل أنهى عَنهُ وَأنْكرهُ اقْتِدَاء بِمن ابْتَدَأَ النقط من السّلف واتباعا لَهُ فِي اسْتِعْمَاله لذَلِك صبغا يُخَالف لون المداد إِذْ كَانَ لَا يحدث فِي المرسوم تغييرا وَلَا تَخْلِيطًا والسواد يحدث ذَلِك فِيهِ أَلا ترى انه رُبمَا زيد فِي النقطة فتوهمت لأجل السوَاد الَّذِي بِهِ ترسم الْحُرُوف انها حرف من الْكَلِمَة فزيد فِي تلاوتها لذَلِك وَلأَجل هَذَا وَردت الْكَرَاهَة عَمَّن تقدم من الصَّحَابَة وَغَيرهم فِي نقط الْمَصَاحِف وَالَّذِي يَسْتَعْمِلهُ نقاط أهل الْمَدِينَة فِي قديم الدَّهْر وَحَدِيثه من الألوان فِي نقط مصاحفهم الْحمرَة والصفرة لَا غير فَأَما الْحمرَة فللحركات والسكون وَالتَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف وَأما الصُّفْرَة فللهمزات خَاصَّة كَمَا نَا احْمَد بن عمر الجيزي قَالَ نَا مُحَمَّد ابْن احْمَد بن مُنِير قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى الْمدنِي قَالَ نَا قالون أَن فِي مصاحف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 أهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مخفف فَعَلَيهِ دارة حمرَة وَإِن كَانَ حرفا مسكنا فَكَذَلِك أَيْضا قَالَ وَمَا كَانَ من الْحُرُوف الَّتِي بنقط الصُّفْرَة فمهموزة قَالَ أَبُو عَمْرو وعَلى مَا اسْتَعْملهُ أهل الْمَدِينَة من هذَيْن اللونين فِي الْمَوَاضِع الَّتِي ذَكرنَاهَا عَامَّة نقاط أهل بلدنا قَدِيما وحديثا من زمَان الْغَاز بن قيس صَاحب نَافِع بن ابي نعيم رَحمَه الله إِلَى وقتنا هَذَا اقْتِدَاء بمذاهبهم واتباعا لسننهم فَأَما نقاط أهل الْعرَاق فيستعملون للحركات وَغَيرهَا وللهمزات الْحمرَة وَحدهَا وَبِذَلِك تعرف مصاحفهم وتميز من غَيرهَا وَطَوَائِف من أهل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة قد يدْخلُونَ الْحُرُوف الشواذ فِي الْمَصَاحِف وينقطونها بالخضرة وَرُبمَا جعلُوا الخضرة للْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة الصَّحِيحَة وَجعلُوا الْحمرَة للْقِرَاءَة الشاذة المتروكة وَذَلِكَ تَخْلِيط وتغيير وَقد كره ذَلِك جمَاعَة من الْعلمَاء أَخْبرنِي الخاقاني أَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ حَدثهمْ بِإِسْنَادِهِ عَن احْمَد بن جُبَير الانطاكي قَالَ إياك والخضرة الَّتِي تكون فِي الْمَصَاحِف فَإِنَّهُ يكون فِيهَا لحن وَخلاف للتأويل وحروف لم يقْرَأ بهَا أحد قَالَ أَبُو عَمْرو وأكره من ذَلِك واقبح مِنْهُ مَا اسْتَعْملهُ نَاس من الْقُرَّاء وجهلة من النقاط من جمع قراءات شَتَّى وحروف مُخْتَلفَة فِي مصحف وَاحِد وجعلهم لكل قِرَاءَة وحرف لونا من الألوان الْمُخَالفَة للسواد كالحمرة والخضرة والصفرة واللازورد وتنبيههم على ذَلِك فِي أول الْمُصحف ودلالتهم عَلَيْهِ هُنَاكَ لكَي تعرف الْقرَاءَات وتميز الْحُرُوف إِذْ ذَلِك من اعظم التَّخْلِيط وَأَشد التَّغْيِير للمرسوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وَمن الدّلَالَة على كَرَاهَة ذَلِك وَالْمَنْع مِنْهُ سوى مَا قدمْنَاهُ من الْأَخْبَار عَن ابْن مَسْعُود وَالْحسن وَغَيرهمَا مَا حدّثنَاهُ خلف بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا هشيم عَن ابي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس انه قَرَأَ {عباد الرَّحْمَن} قَالَ سعيد فَقلت لِابْنِ عَبَّاس إِن فِي مصحفي عِنْد الرَّحْمَن فَقَالَ امحها واكتبها عباد الرَّحْمَن أَلا ترى ابْن عَبَّاس رَحمَه الله قد آمُر سعيد بن جُبَير بمحو إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْن وَإِثْبَات الثَّانِيَة مَعَ علمه بِصِحَّة الْقِرَاءَتَيْن فِي ذَلِك وأنهما منزلتان من عِنْد الله تَعَالَى وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ بهما جَمِيعًا وأقرأ بهما أَصْحَابه غير أَن الَّتِي أمره بإثباتها مِنْهُمَا كَانَت اخْتِيَاره إِمَّا لِكَثْرَة القارئين بهَا من الصَّحَابَة وَإِمَّا لشَيْء صَحَّ عِنْده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أَمر شَاهده من عَلَيْهِ الصَّحَابَة فَلَو كَانَ جمع الْقرَاءَات وَإِثْبَات الرِّوَايَات وَالْوُجُوه واللغات فِي مصحف وَاحِد جَائِزا لامر ابْن عَبَّاس سعيدا بإثباتهما مَعًا فِي مصحفه بِنُقْطَة يَجْعَلهَا فَوق الْحَرْف الَّذِي بعد الْعين وضمه امام الدَّال دون ألف مرسومة بَينهمَا إِذْ قد تسْقط من الرَّسْم فِي نَحْو ذَلِك كثيرا لخفتها وتترك النقطة الَّتِي فَوق ذَلِك الْحَرْف والفتحة الَّتِي على الدَّال فتجتمع بذلك القراءتان فِي الْكَلِمَة الْمُتَقَدّمَة وَلم يَأْمُرهُ بتغيير إِحْدَاهمَا ومحوها وَإِثْبَات الثَّانِيَة خَاصَّة فَبَان بذلك صِحَة مَا قُلْنَاهُ وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعلمَاء من كَرَاهَة ذَلِك لأجل التَّخْلِيط على القارئين والتغيير للمرسوم على أَن أَبَا الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي قد أَشَارَ الى إِجَارَة ذَلِك فَقَالَ فِي كِتَابه فِي النقط وَإِذا نقطت مَا يقْرَأ على وَجْهَيْن فَأكْثر فارسم فِي رقْعَة غير ملصقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 بالمصحف أَسمَاء الالوان واسماء الْقُرَّاء ليعرف ذَلِك الَّذِي يقْرَأ فِيهِ ولتكن الأصباغ صوافي لامعات والاقلام بَين الشدَّة واللين قَالَ وَإِن شِئْت أَن تجْعَل النقط مدورا فَلَا بَأْس بذلك وَإِن جعلت بعضه مدورا وَبَعضه بشكل الشّعْر فَغير ضائر بعد ان تُعْطِي ذَوَات الِاخْتِلَاف حُقُوقهَا قَالَ وَكَانَ بعض الْكتاب لَا يُغير رسم الْمُصحف الاول واذا مر بِحرف يعلم ان النقط والشكل لَا يضبطه كتب مَا يُرِيد من الْقرَاءَات الْمُخْتَلفَة تَعْلِيقا بألوان مُخْتَلفَة وَهَذَا كُله مَوْجُود فِي الْمَصَاحِف قَالَ ابو عَمْرو وَترك اسْتِعْمَال شكل الشّعْر وَهُوَ الشكل الَّذِي فِي الْكتب الَّذِي اخترعه الْخَلِيل فِي الْمَصَاحِف الجامعة من الْأُمَّهَات وَغَيرهَا أولى وأحق اقْتِدَاء بِمن ابْتَدَأَ النقط من التَّابِعين واتباعا للائمة السالفين والشكل المدور يُسمى نقطا لكَونه على صُورَة الاعجام الَّذِي هُوَ نقط بِالسَّوَادِ والشكل أَصله التَّقْيِيد والضبط تَقول شكلت الْكتاب شكلا أَي قيدته وضبطته وشكلت الدَّابَّة شكالا وشكلت الطَّائِر شكولا والشكل الضَّرْب الْمُتَشَابه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَآخر من شكله أَزوَاج} أَي من ضربه وَمثله قَوْله الرجل مَا أَنْت من شكلي أَي من ضربي والشكل الْمثل وأشكل الامر إِذا اشْتبهَ وَالْقَوْم أشكال أَي أشباه وَتقول أعجمت الْكتاب إعجاما إِذا نقطته وَهُوَ مُعْجم وَأَنا لَهُ مُعْجم وَكتاب مُعْجم ومعجم أَي منقوط وحروف المعجم الْحُرُوف الْمُقطعَة من الهجاء وَفِي تَسْمِيَتهَا بذلك قَولَانِ أَحدهمَا أَنَّهَا مبينَة للْكَلَام مَأْخُوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 ذَلِك من قَوْلهم أعجمت الشَّيْء إِذا بَينته وَالثَّانِي أَن الْكَلَام يختبر بهَا مَأْخُوذ ذَلِك من قَوْلهم عجمت الْعود وَغَيره إِذا اختبرته وَقَالَ ابو بكر بن مُجَاهِد فِي كِتَابه فِي النقط الشكل سمة للْكتاب كَمَا أَن الْإِعْرَاب سمة لكَلَام اللِّسَان وَلَوْلَا الشكل لم تعرف مَعَاني الْكتاب كَمَا لَوْلَا الْإِعْرَاب لم تعرف مَعَاني الْكَلَام والشكل لما أشكل وَلَيْسَ على كل حرف يَقع الشكل إِنَّمَا يَقع على مَا إِذا لم يشكل الْتبس وَلَو شكل الْحَرْف من أَوله الى آخِره أَعنِي الْكَلِمَة لأظلم وَلم تكن فَائِدَة إِذْ كَانَ بعضه يُؤَدِّي عَن بعض والشكل والنقط شَيْء وَاحِد غير ان فهم الْقَارئ يسْرع الى الشكل أقرب مِمَّا يسْرع الى النقط لاخْتِلَاف صُورَة الشكل واتفاق صُورَة النقط إِذْ كَانَ النقط كُله مدورا فِيهِ الضَّم وَالْكَسْر وَالْفَتْح والهمز وَالتَّشْدِيد بعلامات مُخْتَلفَة وَذَلِكَ عامته مُجْتَمع فِي النقط غير انه يحْتَاج أَن يكون النَّاظر فِيهِ قد عرف أُصُوله فَفِي النقط الاعراب وَهُوَ الرّفْع وَالنّصب والخفض وَفِيه عَلَامَات الْمَمْدُود والمهموز وَالتَّشْدِيد فِي الْموضع الَّذِي يجوز ان يكون مخففا وَالتَّخْفِيف فِي الْموضع الَّذِي يجوز ان يكون مشددا ثمَّ ذكر اصولا من النقط ثمَّ قَالَ فَفِي نقط الْمَصَاحِف المدور الرّفْع وَالنّصب والخفض وَالتَّشْدِيد والتنوين وَالْمدّ وَالْقصر وَلَوْلَا أَن ذَلِك كُله فِيهِ مَا كَانَ لَهُ معنى قَالَ وَقد كَانَ بعض من يحب ان يزِيد فِي بَيَان النقط مِمَّن يسْتَعْمل الْمُصحف لنَفسِهِ ينقط الرّفْع والخفض وَالنّصب بالحمرة وينقط الْهَمْز مُجَردا بالخضرة وينقط المشدد بالصفرة كل ذَلِك بقلم مدور وَهَذَا أسْرع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الى فهم الْقَارئ من النقط بلون وَاحِد بقلم مدور قَالَ وَفِي النقط علم كَبِير وَاخْتِلَاف بَين اهله وَلَا يقدر اُحْدُ على الْقِرَاءَة فِي مصحف منقوط إِذا لم يكن عِنْده علم بالنقط بل لَا ينْتَفع بِهِ إِن لم يُعلمهُ قَالَ ابو عَمْرو جَمِيع مَا أوردهُ ابْن مُجَاهِد فِي هَذَا الْبَاب صَحِيح بَين لطيف حسن وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 بَاب ذكر القَوْل فِي حُرُوف التهجي وترتيب رسمها فِي الْكِتَابَة حَدثنَا عبد الرحمن بن عُثْمَان قَالَ نَا قَاسم بن أصبغ قَالَ نَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ نَا الْفضل بن دُكَيْن قَالَ نَا إِسْرَائِيل عَن جَابر عَن عَامر عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ نظرت فِي كتاب الْعَرَبيَّة فَوَجَدتهَا قد مرت بالانبار قبل ان تمر بِالْحيرَةِ حَدثنَا ابْن عَفَّان قَالَ نَا قَاسم قَالَ نَا احْمَد قَالَ نَا الزبير بن بكار قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عمرَان قَالَ حَدثنِي ابراهيم بن اسماعيل بن ابي حبيب عَن دَاوُد بن حُصَيْن عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أول من نطق بِالْعَرَبِيَّةِ فَوضع الْكتاب على لَفظه ومنطقه ثمَّ جعله كتابا وَاحِدًا مثل بسما لله الْمَوْصُول حَتَّى فرق بَينه وَلَده إِسْمَاعِيل بن ابراهيم صلى اللة عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا احْمَد بن ابراهيم بن فراس الْمَكِّيّ قَالَ نَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 ابْن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي جدي قَالَ نَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مجَالد عَن الشّعبِيّ قَالَ سَأَلنَا الْمُهَاجِرين من أَيْن تعلمتم الْكتاب قَالُوا من أهل الْحيرَة وَقَالُوا لأهل الْحيرَة من أَيْن تعلمتم الْكتاب قَالُوا من أهل الأنبار قَالَ أَبُو عَمْرو وَفِي كتاب مُحَمَّد بن سَحْنُون حَدثنَا ابو الْحجَّاج واسْمه سكن بن ثَابت قَالَ نَا عبد الله بن فروخ عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن انْعمْ الْمعَافِرِي عَن أَبِيه زِيَاد بن أنعم قَالَ قلت لعبد الله بن عَبَّاس معاشر قُرَيْش هَل كُنْتُم تكتبون فِي الْجَاهِلِيَّة بِهَذَا الْكتاب الْعَرَبِيّ تجمعون فِيهِ مَا أجتمع وتفرقون فِيهِ مَا افترق هجاء بالالف وَاللَّام وَالْمِيم والشكل وَالْقطع وَمَا يكْتب بِهِ الْيَوْم قبل أَن يبْعَث الله تَعَالَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم قلت فَمن علمكُم الْكتاب قَالَ حَرْب بن أُميَّة قلت فَمن علم حَرْب بن امية قَالَ عبد الله بن جدعَان قلت فَمن علم عبد الله بن جدعَان قَالَ أهل الأنبار قلت فَمن علم أهل الانبار قَالَ طَارِئ طَرَأَ عَلَيْهِم من أَرض الْيمن من كِنْدَة قلت فَمن علم الطَّارِئ قَالَ الجلجان بن الموهم كَانَ كَاتب هود نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْوَحْي عَن الله عز وَجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 حَدثنَا ابْن عَفَّان قَالَ نَا قَاسم قَالَ حَدثنَا احْمَد بن ابي خيئمة قَالَ حُرُوف الف ب ت ث تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا عَلَيْهَا يَدُور الْكَلَام كُله وَالْكتاب الْعَرَبِيّ حَدثنَا ابراهيم بن الْخطاب اللمائي قَالَ نَا احْمَد بن خَالِد قَالَ نَا سَلمَة بن الْفضل قَالَ نَا عبد الله بن نَاجِية قَالَ نَا احْمَد بن مُوسَى بن اسماعيل الانباري قَالَ نَا مُحَمَّد بن حَاتِم الْمُؤَدب قَالَ نَا احْمَد بن غَسَّان قَالَ نَا حَامِد الْمَدَائِنِي قَالَ نَا عبد الله بن سعيد قَالَ بلغنَا انه لما عرضت حُرُوف المعجم على الرَّحْمَن تبَارك اسْمه وَتَعَالَى جده وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا تواضع الالف من بَينهَا فَشكر الله لَهُ تواضعه فَجعله قَائِما امام كل اسْم من أَسْمَائِهِ قَالَ ابو عَمْرو وَقَالَ بعض اهل اللُّغَة إِنَّمَا تقدّمت الالف سَائِر الْحُرُوف لأجل انها صُورَة للهمزة الْمُتَقَدّمَة فِي الْكَلَام وللالف اللينة ولسائر الهمزات احيانا فَلَمَّا انْفَرَدت بِأَن تكون صُورَة الْهمزَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْكَلَام وشاركت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الْوَاو وَالْيَاء فِي أَن تكون مرّة صُورَة لنَفسهَا وَمرَّة صُورَة للهمزة المتوسطة والمتأخرة قدمت قَالَ وَإِنَّمَا وَليهَا الْبَاء وَالتَّاء والثاء لِأَنَّهَا أَكثر الْحُرُوف شبها إِذْ كَانَت الْيَاء وَالنُّون إِذا وقعتا فِي أول كلمة أَو وستها أشبهتاها فَصَارَت خَمْسَة مشتبهة فأوجبت كثرتها تَقْدِيمهَا ثمَّ الْجِيم والحاء وَالْخَاء ثمَّ المزدوجة وَإِن تقدم بعض المتشابهات والمزدوجات وَمَا بعد ذَلِك إِلَى آخر الْحُرُوف على بعض على قدر الْكَثْرَة فِي الْكَلَام والقلة فَكل مَا كَانَ من ذَلِك مقدما على غَيره فِي التَّرْتِيب فَهُوَ فِي الْكَلَام أَكثر دورانا إِلَّا مَا لَهُ من ذَلِك صُورَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ فِي التطرف والتقدم والتوسط وَذَلِكَ النُّون وَالْيَاء فَإِنَّهُمَا وَإِن تأخرنا كالمتقدمتين لتقدم اشباههما قَالَ وَمن الْحُرُوف مَا لَا يتَّصل بِهِ شَيْء بعده وَهِي سِتَّة الالف وَالدَّال والذال وَالرَّاء وَالزَّاي وَالْوَاو وَيُمكن ان تكون كَذَلِك لِئَلَّا تَلْتَبِس بغَيْرهَا إِذْ لَو اتَّصل بالالف شَيْء بعْدهَا لاشبهت اللَّام وَلَو اتَّصل بِالْوَاو شَيْء لاشبهت الْفَاء وَالْقَاف وَلَو اتَّصل بِالدَّال والذال وَالرَّاء وَالزَّاي شَيْء لأشبهت الْيَاء وَالتَّاء وَمَا أشبههَا قَالَ أَبُو عَمْرو وَالَّذِي قَالَه فِي تَرْتِيب رسم الْحُرُوف تَرْتِيب حسن وانا ازيد فِي شَرحه وَبَيَانه مَا لم اجده لسالف وَلَا رَأَيْته لمتقدم فَأَقُول إِنَّمَا تقدّمت الالف وَإِن كَانَت مُنْفَرِدَة للمذكور فِي الْخَبَر وَالنَّظَر من اسْتِحْقَاقهَا ذَلِك ولتقدمها أَيْضا فِي اول الْفَاتِحَة الَّتِي هِيَ ام الْقُرْآن ولكثرة دورها فِي الْكَلَام وترددها فِي الْمنطق إِذْ هِيَ اكثر الْحُرُوف دورا وترددا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ثمَّ وليتها الْبَاء وَالتَّاء والثاء لكثرتهن إِذْ هن ثَلَاث وكونهن على صُورَة وَاحِدَة وَمَا كثر عدده واتفقت صورته فالعادة جَارِيَة على تَقْدِيمه وَتَقَدَّمت الْبَاء لتقدمها فِي التَّسْمِيَة الَّتِي يستفتح بهَا مَعَ التَّعَوُّذ الَّذِي اوله الالف الْمُتَقَدّمَة ولتقدمها فِي حُرُوف ابي جاد الَّتِي هِيَ اصل حُرُوف التهجي وَلِأَنَّهَا ايضا تنقط وَاحِدَة وَالتَّاء اثْنَتَيْنِ والثاء ثَلَاثًا على تَرْتِيب الْعدَد فَوَجَبَ ان تكون الْبَاء اولا ثمَّ التَّاء ثمَّ الثَّاء لذَلِك وَقد يكون تقدم التَّاء لكثرتها وَتَأْخِير الثَّاء لقلتهَا إِذْ الْكثير اولى بالتقديم من الْقَلِيل الدّور ثمَّ وليتهن الْجِيم والحاء وَالْخَاء لكثرتهن ايضا واتفاق صورتهن إِذْ هن ثَلَاث على صُورَة وَاحِدَة واتصال الْجِيم بِالْبَاء فِي كلمة أبي جاد وَتَقَدَّمت الْجِيم الْحَاء لتقدمها عَلَيْهَا فِي ذَلِك وَتَقَدَّمت الْحَاء الْخَاء لتقدمها عَلَيْهَا فِي الْمخْرج من الْحلق إِذْ هِيَ من وَسطه وَالْخَاء من ادناه الى الْفَم فَلذَلِك جَاءَت آخرا ثمَّ وليتهن الدَّال والذال وهما على صُورَة وَاحِدَة لاشتباه صورتهما بصورتهن وَتَقَدَّمت الدَّال لتقدمها فِي حُرُوف ابي جاد وَلِأَنَّهَا اقْربْ الى الْجِيم من الذَّال ثمَّ وليتهما الرَّاء وَالزَّاي وهما على صُورَة وَاحِدَة لقرب صورتهما من صورتهما وَتَقَدَّمت الرَّاء وَإِن كَانَت الزَّاي مُتَقَدّمَة على الرَّاء فِي حُرُوف أبي جاد مُوَافقَة للحاء وَالْخَاء وَالدَّال والذال من جِهَة الاعجام إِذْ كَانَت الْحَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الْمُتَقَدّمَة على الْخَاء وَالدَّال الْمُتَقَدّمَة على الذَّال غير منقوطتين فَكَذَلِك الرَّاء الْمُتَقَدّمَة على الزَّاي مثلهمَا سَوَاء ليَأْتِي المزدوج كُله على طَريقَة وَاحِدَة وَلَا يخْتَلف الى هَا هُنَا اتّفق تَرْتِيب الْجَمِيع من السّلف وتابعيهم من اهل الْمشرق واهل الْمغرب وَاخْتلفُوا فِي تَرْتِيب مَا بعد ذَلِك من المزدوج وَالْمُنْفَرد الى آخر الْحُرُوف فرسم أهل الْمشرق بعد الرَّاء وَالزَّاي السِّين والشين وهما على صُورَة وَاحِدَة لمؤاخاة السِّين الزَّاي فِي الصفير الَّذِي هُوَ زِيَادَة الصَّوْت وَتَقَدَّمت السِّين الشين كَمَا تقدم غير المعجم من المشتبهين فِي الصُّورَة المعجم لَان الِاشْتِبَاه وَقع بِالثَّانِي من المزدوج لَا بالاول لَان الاول جَاءَ على اصله من التعرية فَفرق بَينهمَا بِأَن نقط الثَّانِي لَان النقط إِنَّمَا اسْتعْمل ليفرق بِهِ بَين المشتبه من الْحُرُوف فِي الصُّورَة لَا غير وَلَوْلَا ذَلِك لم يحْتَج اليه وَلَا اسْتعْمل فَهُوَ فرع والتعرية اصل والاصل يقدم على الْفَرْع فَلذَلِك تقدم غير المنقوط من المزدوج ثمَّ الصَّاد وَالضَّاد وهما على صُورَة وَاحِدَة لمشاركة الصَّاد السِّين فِي الصفير والهمس جَمِيعًا وَتَقَدَّمت الصَّاد الضَّاد كَمَا تقدّمت السِّين الشين وَلم يرسموهما قبل السِّين والشين وَإِن كَانَتَا متقدمتين عَلَيْهِمَا فِي حُرُوف ابي جاد لمؤاخاة السِّين الزَّاي فِي الصَّوْت ومشاركة الشين الْجِيم فِي الْمخْرج فَقدما لذَلِك عَلَيْهِمَا ثمَّ الطَّاء والظاء وهما على صُورَة وَاحِدَة لمشاركتهما الصَّاد وَالضَّاد فِي الاطباق والاستعلاء فولياهما لذَلِك وَتَقَدَّمت الطَّاء الظَّاء كَمَا تقدّمت الصَّاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 الضَّاد ولتقدمها أَيْضا فِي حُرُوف ابي جاد ومؤاخاتها الدَّال فِي الْمخْرج ثمَّ الْعين والغين وهما على صُورَة وَاحِدَة لِكَوْنِهِمَا آخر مَا بَقِي من المزدوج فَلذَلِك رسما آخرا وَتَقَدَّمت الْعين الْغَيْن كَمَا تقدّمت الْحَاء الْخَاء من طَرِيق الْمخْرج وجهة الاعجام ثمَّ رسموا الْمُنْفَرد فرسموا بعد الْعين والغين الْفَاء وَالْقَاف وقدما لِاتِّفَاق صورتهما فِي غير الْأَطْرَاف من الْكَلم فأشبها المزدوج بذلك فَقدما على سَائِر الْمُنْفَرد إِذْ الْفَاء مُتَّصِلَة بِالْعينِ ومرسومة بعْدهَا فِي حُرُوف ابي جاد وَتَقَدَّمت الْفَاء الْقَاف لتقدمها عَلَيْهَا فِي حُرُوف ابي جاد ولتعاقبها مَعَ الثَّاء الْمُتَقَدّمَة فِي حُرُوف التهجي فِي نَحْو جدث وجدف وثوم وفوم ثمَّ الْكَاف ثمَّ اللَّام ثمَّ الْمِيم ثمَّ النُّون مُوَافقَة لترتيب رسمهن فِي كلمة كلمن وَتَقَدَّمت الْكَاف لتقدمها فِي ذَلِك ولاشتراكها مَعَ الْقَاف الَّتِي وليتها فِي مخرج أقْصَى اللِّسَان وَتَقَدَّمت اللَّام الْمِيم وَالنُّون لاشتباه صورتهَا بِصُورَة الْألف الْمُتَقَدّمَة فِي حُرُوف التهجي وَتَقَدَّمت الْمِيم النُّون لقوتها وَلُزُوم صَوتهَا إِذْ كَانَ غير زائل عَنْهَا من حَيْثُ امْتنع إدغامها فِي مقاربها وَكَانَ صَوت النُّون قد يَزُول عَنْهَا بالادغام وَيذْهب لَفظهَا من الْفَم ايضا فَلَا يبْقى مِنْهَا إِلَّا غنة من الخيشوم ولان الْمِيم من مخرج الْبَاء الْمُتَقَدّمَة فِي حُرُوف ابي جاد ولانها تبدل من النُّون إِذا لقِيت بَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ثمَّ الْوَاو ثمَّ الْهَاء ثمَّ الْيَاء وَهن آخر مَا بَقِي من الْمُنْفَرد وَتَقَدَّمت الْوَاو لقرب صورتهَا من صُورَة الْقَاف الْمُوَافقَة للفاء فِي الصُّورَة وَتَقَدَّمت الْهَاء الْيَاء لتقدمها عَلَيْهَا فِي حُرُوف أبي جاد وَصَارَت الْيَاء آخر الْحُرُوف للتعريف بصورتها إِذا وَقعت آخر الْكَلِمَة إِذْ صورتهَا هُنَاكَ مُخَالفَة لصورتها إِذا وَقعت أَولا ووسطا وَكَذَلِكَ أخروا اللَّام ألف ورسمت قبلهَا لاخْتِلَاف صورتهَا فِي الِانْفِرَاد والاختلاط ورسم أهل الْمغرب بعد الرَّاء وَالزَّاي الطَّاء والظاء لكَون الطَّاء من مخرج الدَّال وَكَون الظَّاء من مخرج الذَّال وَتَقَدَّمت الطَّاء الظَّاء كَمَا تقدّمت الدَّال الذَّال ثمَّ الْكَاف وَاللَّام وَالْمِيم وَالنُّون مُوَافقَة لرسمهن فِي كلمن ولتقدمهن على سَائِر المزدوج فِي حُرُوف (أبي جاد) ولإتيانهن بعد الطَّاء فِي ذَلِك أَيْضا ثمَّ الصَّاد وَالضَّاد لِكَوْنِهِمَا مرسومين بعد كلمة كلمن فِي قَوْلهم صعفض وَتَقَدَّمت الصَّاد لتقدمها فِي ذَلِك وَلكَون غير المنقوط من المزدوج مقدما على المنقوط ليتميز بذلك الثَّانِي من الاول والمؤخر من الْمُقدم ثمَّ الْعين والغين لكَون الْعين بعد الصَّاد فِي حُرُوف ابي جاد وَشبه الْغَيْن بهَا فِي الصُّورَة وَتَقَدَّمت الْعين لتقدمها هُنَاكَ وَفِي الْمخْرج من الْحلق لانها من وَسطه والغين من أدناه الى الْفَم ولخلوها أَيْضا من النقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ثمَّ الْفَاء وَالْقَاف لكَون الْفَاء فِي حُرُوف ابي جاد بعد الْعين وَشبه الْقَاف بهَا فِي الصُّورَة وَتَقَدَّمت الْفَاء لتقدمها هُنَاكَ ثمَّ السِّين والشين لِكَوْنِهِمَا آخر المزدوج وَتَقَدَّمت السِّين الشين كَمَا تقدّمت الصَّاد الضَّاد ثمَّ الْهَاء وَالْوَاو وَالْيَاء وَهن آخر حُرُوف التهجي وَتَقَدَّمت الْهَاء الْوَاو لتقدمها عَلَيْهَا فِي حُرُوف أبي جاد فِي قَوْلهم هوز وَتَقَدَّمت الْوَاو الْيَاء لتقدم هوز على حطي قَالَ أَبُو عَمْرو فَهَذِهِ علل تَرْتِيب الْحُرُوف فِي الْكتاب على الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف وَالله ولي التَّوْفِيق حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن خطاب قَالَ نَا أَحْمد بن خَالِد قَالَ نَا سَلمَة بن الْفضل قَالَ نَا عبد الله بن نَاجِية قَالَ نَا أَحْمد بن بديل الأيامي قَالَ نَا عَمْرو بن حميد قَاضِي الدينور قَالَ نَا فرات بن السَّائِب عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن لكل شَيْء تَفْسِيرا علمه من علمه وجهله من جَهله ثمَّ فسر ابو جاد ابى آدم الطَّاعَة وجد فِي أكل الشَّجَرَة وهواز زل فهوى من السَّمَاء الى الارض وحطي حطت عَنهُ خطاياه كلمن أكل من الشَّجَرَة وَمن عَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ صعفض عصى فَأخْرج من النَّعيم الى النكد قريسيات أقرّ بالذنب فأمن الْعقُوبَة أخبرنَا عبد بن احْمَد الْهَرَوِيّ فِي كِتَابه قَالَ نَا عمر بن احْمَد بن شاهين قَالَ نَا مُوسَى بن عبيد الله قَالَ نَا عبد الله بن ابي سعيد قَالَ نَا مُحَمَّد بن حميد قَالَ نَا سَلمَة بن الْفضل قَالَ نَا ابو عبد الله البَجلِيّ قَالَ ابو جاد وهواز وحطي وكلمن وصعفض وقريسيات أَسمَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 مُلُوك مَدين وَكَانَ ملكهم يَوْم الظلة فِي زمَان شُعَيْب كلمون قَالَ ابو عَمْرو وَذكر بعض النَّحْوِيين أَن قَوْلهم أَبُو جاد وهواز وحطي عَرَبِيَّة وَهِي تجْرِي مجْرى زيد وَعَمْرو فِي الِانْصِرَاف وكلمن وصعفض وقريسيات أَعْجَمِيَّة لَا ينصرفن إِلَّا ان قريسيات تصرف كعرفات وَأَذْرعَات وَقَالَ قطرب إِنَّمَا كتبُوا أبجد بِلَا ألف وَلَا وَاو لَان هَذَا إِنَّمَا وضع فِي الْكتاب لدلَالَة المتعلم على الْحُرُوف فكرهوا أَن يطولوا عَلَيْهِ فَلم يُعِيدُوا الْمِثَال مرَّتَيْنِ فَكَتَبُوا أبجد بِلَا وَاو وَلَا ألف لِأَن معنى الالف فِي أبجد وَالْوَاو فِي هوز قد أثبت فوضحت صورتهما وَكلما مثل الْحَرْف مرّة استغني عَن إِعَادَته وَإِنَّمَا أَثْبَتَت يَاء حطي مَعَ يَاء قريسيات لاخْتِلَاف الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي صورتهَا فِي الطّرف وَصورتهَا فِي غَيره وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 بَاب ذكر الْبَيَان عَن إعجام الْحُرُوف ونقطها بِالسَّوَادِ حَدثنَا أَبُو الْفَتْح شَيخنَا قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ نَا احْمَد بن عُثْمَان قَالَ نَا الْفضل بن شَاذان قَالَ نَا مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَ نَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ نَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ نَا الاوزاعي قَالَ سَمِعت يحيى بن ابي كثير يَقُول كَانَ الْقُرْآن مُجَردا فِي الْمَصَاحِف فَأول مَا أَحْدَثُوا فِيهِ النقط على الْيَاء وَالتَّاء وَقَالُوا لَا بَأْس بِهِ هُوَ نور لَهُ قَالَ ابو عَمْرو النقط عِنْد الْعَرَب إعجام الْحُرُوف فِي سمتها وَقد روى عَن هِشَام الْكَلْبِيّ انه قَالَ اسْلَمْ بن خدرة اول من وضع الاعجام والتقط والنقط وَرُوِيَ عَن الْخَلِيل بن احْمَد انه قَالَ الالف لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْء من النقط لانها لَا تلابسها صُورَة اخرى وَالْبَاء تحتهَا وَاحِدَة وَالتَّاء فَوْقهَا اثْنَتَانِ والثاء ثَلَاث وَالْجِيم تحتهَا وَاحِدَة وَالْخَاء فَوْقهَا وَاحِدَة والذال فَوْقهَا وَاحِدَة والشين فَوْقهَا ثَلَاث وَالضَّاد فَوْقهَا وَاحِدَة وَالْفَاء إِذا وصلت فَوْقهَا وَاحِدَة وَإِذا انفصلت لم تنقط لانها لَا يلابسها شَيْء من الصُّور الْقَاف إِذا وصلت فتحتها وَاحِدَة وَقد نقطها نَاس من فَوْقهَا اثْنَتَيْنِ فَإِذا فصلت لم تنقط لَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 صورتهَا أعظم من صُورَة الْوَاو فاستغنوا بِعظم صورتهَا عَن النقط وَالْكَاف لَا تنقط لانها اعظم من الدَّال والذال وَاللَّام لَا تنقط لانها لَا يشبهها شَيْء من الْحُرُوف وَالْمِيم لَا تنقط لانها لَا تشبه شَيْئا من الْحُرُوف وقصتها قصَّة اللَّام وَالنُّون إِذا وصلتها فَوْقهَا وَاحِدَة لانها تَلْتَبِس بِالْبَاء وَالتَّاء والثاء فَإِذا فصلت لم تنقط استغنوا بِعظم صورتهَا لَان صورتهَا أعظم من الرَّاء وَالزَّاي وَالْوَاو لَا تنقط لانها اصغر من الْقَاف فَلم تشبه بِشَيْء من الْحُرُوف وَالْهَاء لَا تنقط لانها لَا تشبه شَيْئا من الْحُرُوف وقصتها قصَّة الْوَاو وَلَام الف حرفان قرنا فَلَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا ينقط وَالْيَاء إِذا وصلت نقطت تحتهَا اثْنَتَيْنِ لِئَلَّا تَلْتَبِس بِمَا مضى فاذا فصلت لم تنقط وَقَالَ غير الْخَلِيل حُرُوف المعجم ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ حرفا مُخْتَلفَة مُنْفَرِدَة فِي التهجي وَهِي سواكن وَقد دخل فِيهَا لَام الف موصولين لانفرادهما فِي الصُّورَة وَهِي أَرْبَعَة اصناف صنف مِنْهَا سِتَّة احرف متباينة لَا تحْتَاج الى الْفَصْل بَينهَا وَبَين غَيرهَا بِشَيْء من النقط اك ل م وهـ وصنف مِنْهَا سَبْعَة أحرف متلابسة مخلاة ح د ر س ص ط ع وصنف مِنْهَا أحد عشر حرفا متلابسة يفصل بَينهَا وَبَين مَا قبلهَا من المتلابسين بالنقط ب ت ث ج خَ ذ ز ش ض ظ غ وصنف مِنْهَا اربعة احرف تخلى إِذا لم يُوصل بهَا شَيْء وتنقط إِذا وصل بهَا غَيرهَا ف ق ن ى فَجَمِيع مَا ينقط مِنْهَا لالتباسها بغَيْرهَا خَمْسَة عشر حرفا مِنْهَا ثَمَانِيَة احرف كل حرف مِنْهَا بِنُقْطَة وَاحِدَة خَ ذ ز ض ظ غ ف ن وَاثْنَانِ بنقطتين من فَوْقهمَا ت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ق وَاثْنَانِ بِثَلَاث نقط من فَوْقهمَا ث ش وَاثْنَانِ بِوَاحِدَة من تحتهما ب ج وحرف وَاحِد بنقطتين من تَحْتَهُ ى قَالَ أَبُو عَمْرو أهل الْمشرق ينقطون الْفَاء بِوَاحِدَة من فَوْقهَا وَالْقَاف بِاثْنَيْنِ من فَوْقهَا وَأهل الْمغرب ينقطون الْفَاء بِوَاحِدَة من تحتهَا وَالْقَاف بِوَاحِدَة من فَوْقهَا وَكلهمْ أَرَادَ الْفرق بَينهمَا بذلك وَرَأَيْت بعض الْعلمَاء قد علل النقط فَقَالَ اعْلَم ان الْبَاء وَالتَّاء والثاء وَالنُّون وَالْيَاء خَمْسَة احرف متشابهة الصُّور فِي الْكِتَابَة فلأجل ذَلِك احْتِيجَ أَن يفرق بالنقط الْمُخْتَلف بَينهَا فواخوا بَين الْبَاء وَالنُّون وَبَين التَّاء وَالْيَاء فنقطوا الْبَاء وَاحِدَة من تَحت وَالنُّون وَاحِدَة من فَوق ونقطوا التَّاء اثْنَتَيْنِ من فَوق وَالْيَاء اثْنَتَيْنِ من تَحت وَبقيت الثَّاء مُنْفَرِدَة لَا أُخْت لَهَا فنقطوها ثَلَاثًا من فَوق إِذْ خلت من أُخْت وَلم تخل من شبه ثمَّ جاؤوا الى الْجِيم والحاء وَالْخَاء وَهن ثَلَاثَة أحرف متشابهة الصُّور لَيْسَ فِي حُرُوف المعجم مَا يشبههن فابتدؤوا بالاولى وَهِي الْجِيم فنقطوها بِوَاحِدَة من تَحت واختاروا ان يجْعَلُوا النقطة من تَحت لَان الْجِيم مَكْسُورَة وأخلوا الْحَاء من النقط فرقا بَينهَا وَبَين الْجِيم وَأما الْخَاء فَاخْتَارُوا لَهَا النقط من فَوق لَان اللَّفْظ بِالْخَاءِ مَفْتُوح ثمَّ جاؤوا الى الدَّال والذال وهما حرفان متشابهان فأخلوا الدَّال من النقط فرقا بَينهَا وَبَين اختها ولان مَا قبلهَا منقوط ونقطوا الذَّال وَاحِدَة من فَوق لَان اللَّفْظ بهَا مَفْتُوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 ثمَّ فعلوا بالراء وَالزَّاي كَمَا فعلوا فِي الدَّال والذال ثمَّ جاؤوا الى السِّين والشين وهما حرفان مشتبهان فأخلوا السِّين وَهُوَ الْحَرْف الاول من النقط فرقا بَينهَا وَبَين أُخْتهَا ونقطوا الشين بِثَلَاث من فَوق لانه حرف وَاحِد صورته صُورَة ثَلَاثَة أحرف واختاروا النقط لَهَا من فَوق ولفظها مكسور لانها من بَين الْحُرُوف المزدوجة كَثِيرَة النقط مُخَالفَة فِي ذَلِك سَائِر المنقوط من المزدوج وَالْمُنْفَرد إِلَّا الثَّاء فَإِن علتها مُخَالفَة لعِلَّة الشين ثمَّ جاؤوا الى الصَّاد وَالضَّاد فَفَعَلُوا فيهمَا كَمَا فعلوا فِي الدَّال والذال إِذْ الْعلَّة فيهمَا وَفِي الدَّال والذال وَاحِدَة وفعلوا فِي الطَّاء والظاء وَالْعين والغين كفعلهم فِي الدَّال والذال أَيْضا وَالْعلَّة فِي الْكل عِلّة وَاحِدَة ثمَّ جاؤوا الى الْفَاء وَالْقَاف وهما حرفان فِي الِانْفِرَاد تخْتَلف صورتهما وَفِي اول الْكَلَام ووسطه يشتبهان فَإِذا وَقع أَحدهمَا فِي آخر كلمة مُتَّصِلا بِمَا قبله عَاد الى صورته فِي الِانْفِرَاد فَلَمَّا اخْتلفت صورتهما فِي مَوضِع واتفقت فِي مَوضِع اخْتَارُوا لَهما جَمِيعًا النقط وخولف بَين نقطهما ليفرق بِهِ بَينهمَا فنقطوا الْفَاء وَاحِدَة من فَوق ونقطوا الْقَاف اثْنَيْنِ من فَوق وَجعلُوا نقط الْجَمِيع من فَوق لَان مخرج لَفْظهمَا مَفْتُوح ثمَّ جاؤوا الى الْكَاف فوجدوا صورتهَا مُفْردَة لَا تشتبه بِصُورَة حرف من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 حُرُوف المعجم فأخلوه من النقط لانفراده بصورته لانه يتَّصل بأوائل الْكَلَام واوساطه وأواخره لَا ينْفَرد بِذَاتِهِ إِلَّا فِي أَوَاخِر الْكَلَام وَلَا يَقع فِي أَوَائِل الْكَلَام كوقوع الالف وَهُوَ فِي انْفِرَاده بشكله مثله فأجروه فِي الاخلاء من النقط مجْرَاه ثمَّ جاؤوا الى اللَّام وَهُوَ حرف مُنْفَرد الشكل علته عِلّة الْكَاف فأجروه فِي الإخلاء من النقط مجْرى الالف وَالْكَاف ثمَّ جاؤوا الى الْمِيم وَهُوَ حرف مُنْفَرد لَا شَبيه لَهُ علته عِلّة الْكَاف وَاللَّام فأخلوه من النقط وأجروه مجراهما ثمَّ جاؤوا الى الْوَاو وَهُوَ حرف يشبه الْقَاف فِي الِانْفِرَاد وَفِي أَوَاخِر الْكَلَام وَيُخَالف شبهه فِي اول الْكَلَام ووسطه فَكَانَت مُوَافَقَته للقاف فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تخَالف الْقَاف فِيهَا الْفَاء لَا غير فأخلوه من النقط إِذْ كَانَ شبهه فِي الِانْفِرَاد وَفِي أَوَاخِر الْكَلَام وَهُوَ الْقَاف منقوطا ثمَّ جاؤوا الى الْهَاء وَهُوَ حرف مُنْفَرد لَا شبه لَهُ فِي حُرُوف المعجم لَهُ فِي الْكِتَابَة صُورَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ فِي ابْتِدَاء الْكَلَام وَفِي وَسطه مشقوق وَفِي آخِره صُدُور غير مشقوق فأخلوه من النقط لخلو شبهه وَاخْتِلَاف صورته وَجعلُوا الْخط الَّذِي يشق بِهِ إِذا وَقع فِي اوائل الْكَلَام ووسطه عوضا من النقط عِنْد اخْتِلَاف الصُّورَة قَالَ وَلَو احْتج مُحْتَج فِي هَذَا الْحَرْف فَقَالَ قد كَانَ يجب أَن ينقط هَذَا لِأَن صورته تخْتَلف فِي الْكِتَابَة وَمَا اخْتلف من الْحُرُوف المفردة فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 مَوضِع وَاتفقَ فِي مَوضِع احْتَاجَ الى النقط ليستدل بِهِ قيل لَهُ قد قُلْنَا إِن الْبَاء وَالتَّاء نقطا بِوَاحِدَة واثنتين لعِلَّة شبههما بِالْيَاءِ وَالنُّون ونقطت الثَّاء بِثَلَاث نقط لَان لَهَا اربعة امثلة منقوطة من جِنْسَيْنِ أَكْثَره بنقطتين فاختير لَهَا ثَلَاث نقط لهَذِهِ الْعلَّة وَلَيْسَ فِي حُرُوف المعجم حرف صورته صُورَة حرف وَاحِد نقط بِثَلَاث نقط غَيره ونقطت الشين بِثَلَاث لعِلَّة شبهها بِالسِّين واختير لَهَا ثَلَاث نقط لَان صورتهَا صُورَة ثَلَاثَة أحرف وَسَائِر الْحُرُوف المزدوجة والمنفردة اكثر نقطها اثْنَتَانِ وَهَذَا الْحَرْف يَعْنِي الْهَاء صورته صُورَة حرف وَاحِد فَبَطل أَن ينقط بِوَاحِدَة لانفراده وَبَطل أَن ينقط بِاثْنَتَيْنِ لعِلَّة شبهه وَبَطل أَن ينقط بِثَلَاث نقط فَمَا فَوْقهَا لعِلَّة صورته فَاحْتَاجَ أَن يخلى من النقط قَالَ أَبُو عَمْرو وكل هَذَا لطيف حسن فَإِن قَالَ قَائِل لم نقطت الْبَاء بِوَاحِدَة من تحتهَا هلا نقطت من فَوْقهَا ونقطت النُّون من تحتهَا مَكَان ذَلِك فرقا بَينهمَا قيل لَهُ إِنَّمَا نقطت بِوَاحِدَة لما تقدم من قَوْلنَا إِنَّهَا أول الصُّور الثَّلَاث وَإِن التَّاء ثانيتها والثاء ثالثتها وَلذَلِك نقطت التَّاء اثْنَتَيْنِ والثاء ثَلَاثًا وَإِنَّمَا نقطت من تحتهَا للُزُوم الْكسر لَهَا إِذا كَانَت زَائِدَة جَارة كَالَّتِي فِي اول التَّسْمِيَة وَإِنَّمَا لَزِمَهَا الْكسر اتبَاعا لعملها إِذْ كَانَت لَا تعْمل إِلَّا جرا فَجعل نقطها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 مُوَافقا لحركتها وألزما مَكَانا وَاحِدًا لذَلِك ولهذه الْعلَّة نقط أهل الْمغرب الْفَاء من تحتهَا اذ كَانَ الْكسر وَالْيَاء أَيْضا قد يلحقان بهَا إِذا كَانَت جَاره وَحمل نقطها على ذَلِك فِي كل مَكَان فَإِن قيل لم نقطوا الْيَاء بِاثْنَتَيْنِ من تحتهَا قيل لتميز بذلك من الْبَاء الَّتِي تنقط وَاحِدَة من تحتهَا وَمن التَّاء الَّتِي تنقط اثْنَتَيْنِ من فَوْقهَا ولمؤاخاتها فِي الْمخْرج الْجِيم الَّتِي تنقط بِوَاحِدَة من تحتهَا لكَون لَفظهَا مكسورا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 بَاب ذكر نقط الحركات المشبعات ومواضعهن من الْحُرُوف اعْلَم ان الحركات ثَلَاث فَتْحة وكسرة وضمة فموضع الفتحة من الْحَرْف أَعْلَاهُ لَان الْفَتْح مُسْتَعْمل وَمَوْضِع الكسرة مِنْهُ أَسْفَله لَان الْكسر مستفل وَمَوْضِع الضمة مِنْهُ وَسطه أَو امامه لَان الفتحة لما حصلت فِي اعلاه والكسرة فِي أَسْفَله لاجل استعلاء الْفَتْح وتسفل الْكسر بقى وَسطه فَصَارَ موضعا للضمة فاذا نقط قَوْله الْحَمد لله جعلت الفتحة نقطة بالحمراء فَوق الْحَاء وَجعلت الضمة نقطة بالحمراء فِي الدَّال اَوْ امامها إِن شَاءَ الناقط وَجعلت الكسرة نقطة بالحمراء تَحت اللَّام وَالْهَاء وَكَذَلِكَ يفعل بِسَائِر الْحُرُوف المتحركة بالحركات الثَّلَاث سَوَاء كن إعرابا أَو بِنَاء اَوْ كن عوارض وَإِنَّمَا جعلنَا الحركات المشبعات نقطعا مُدَوَّرَة على هَيْئَة وَاحِدَة وَصُورَة متفقة وَلم نجْعَل الفتحة ألفا مضجعة والكسرة يَاء مَرْدُودَة والضمة واوا صغرى على مَا ذهب اليه سلف اهل الْعَرَبيَّة إِذْ كن مأخوذات من هَذِه الْحُرُوف الثَّلَاثَة دلَالَة على ذَلِك اقْتِدَاء منا بِفعل من ابْتَدَأَ النقط من عُلَمَاء السّلف بِحَضْرَة الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم واتباعا لَهُ واستمساكا بسنته إِذْ مُخَالفَته مَعَ سابقته وتقدمه لَا تسوغ وَترك اقتفاء أَثَره فِي ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 مَعَ مَحَله من الدّين وموضعه من الْعلم لَا يسع أحدا أَتَى بعده حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ نَا ابو بكر بن الانباري قَالَ نَا أبي قَالَ نَا ابو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي قَالَ ابو الاسود للَّذي امسك الْمُصحف إِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف وَإِذا ضممتهما فَاجْعَلْ النقطة الى جَانب الْحَرْف وَإِذا كسرتهما فَاجْعَلْ النقطة فِي اسفله قَالَ ابو عَمْرو فاتباع هَذَا اولى وَالْعَمَل بِهِ فِي نقط الْمَصَاحِف احق لَان الَّذِي رَآهُ أَبُو الاسود وَمن بِحَضْرَتِهِ من الفصحاء وَالْعُلَمَاء حِين اتَّفقُوا على نقطها أوجه لَا شكّ من الَّذِي رَآهُ من جَاءَ بعدهمْ لتقدمهم ونفاذ بصريرتهم فَوَجَبَ الْمصير الى قَوْلهم وَلزِمَ الْعَمَل بفعلهم دون مَا خَالفه وَخرج عَنهُ على أَن اصطلاحهم على جعل الحركات نقطا كنقط الإعجام قد يتَحَقَّق من حَيْثُ كَانَ معنى الْإِعْرَاب التَّفْرِيق بالحركات والإعجام من قَوْلهم اعجمت الشَّيْء إِذا بَينته وَكَانَ الاعجام ايضا يفرق بَين الْحُرُوف المشتبهة فِي الرَّسْم وَكَانَ النقط يفرق بَين الحركات المختفلة فِي اللَّفْظ فَلَمَّا اشْتَركَا فِي الْمَعْنى اشرك بَينهمَا فِي الصُّورَة وَجعل الاعجام بِالسَّوَادِ وَالْإِعْرَاب بِغَيْرِهِ فرقا بَين إعجام الْحُرُوف وَبَين تحريكها وَاقْتصر فِي الاعجام أَولا على النقط من حَيْثُ اريد الايجاز والتقليل لَان النقط اقل مَا يبين بِهِ وَهَذَا لطيف جدا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 بَاب ذكر كَيْفيَّة نقط مَا لَا يشْبع من الحركات فيختلس اَوْ يخفى اَوْ يشم اعْلَم ان الْحَرَكَة المختلسة والمخفاة والمرامة والمشمة فِي الْحَقِيقَة وَالْوَزْن بِمَنْزِلَة المشبعة إِلَّا أَن الصَّوْت لَا يتم بِتِلْكَ وَلَا يمطط اللَّفْظ بهَا فتخفى لذَلِك على السَّامع حَتَّى رُبمَا ظن أَن الْحَرْف المتحرك عَار من الْحَرَكَة وَأَنه مسكن رَأْسا لسرعة النُّطْق بالمختلسة وتضعيف الصَّوْت وتوهينه بالمخفاة والمرامة والمشبعة يمطط بهَا اللَّفْظ وَيتم بهَا الصَّوْت فتبدو مُحَققَة فَإِذا نقط مصحف على مَذْهَب من يختلس حَرَكَة بعض الْحُرُوف طلبا للخفة وتسهيلا للفظ ويشبع حَرَكَة بَعْضهَا ليدل على جَوَاز الْوَجْهَيْنِ وَاسْتِعْمَال اللغتين وَأَن الْقِرَاءَة سنة تتبع وَهُوَ مَذْهَب ابي عَمْرو بن الْعَلَاء من رِوَايَة الْبَصرِيين عَنهُ فلتجعل عَلامَة الْحَرَكَة المختلسة إِن كَانَت فَتْحة نقطة فَوق الْحَرْف وان كَانَت كسرة نقطة تَحْتَهُ وَإِن كَانَت ضمة نقطة فِيهِ اَوْ أَمَامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 ولتجعل عَلامَة الْحَرَكَة المشبعة إِن كَانَت فَتْحة الْفَا مضجعة وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ بعض ألف ممالة وَإِن كَانَت كسرة يَاء مَرْدُودَة صغرى وَإِن كَانَت ضمة واوا صغرى قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَأَما الَّذين يشبعون فيمططون وعلامتهما يَاء وواو قَالَ أَبُو عَمْرو وَهَذَا عِنْد أهل النقط فِي الْمُخْتَلف فِيهِ من الحركات خَاصَّة دون الْمُتَّفق عَلَيْهِ مِنْهُنَّ فَأَما الفتحة المختلسة فِي مذْهبه فَفِي الْهَاء وَالْخَاء من قَوْله {أم من لَا يهدي} فِي يُونُس و {هم يخصمون} فِي يس واما الكسرة المختلسة فَفِي قَوْله تَعَالَى {إِلَى بارئكم} و {عِنْد بارئكم} وَفِي قَوْله {أَنا أمرنَا} و {أَرِنِي} حَيْثُ وَقعا وَأما الضمة المختلسة فَفِي نَحْو قَوْله {يَأْمُركُمْ} و {يَأْمُرهُم} و {مَا يشعركم} و {ينصركم} وَأما الْحَرَكَة المشبعة فِي مذْهبه فَفِي مَا عدا هَؤُلَاءِ الْكَلم نَحْو قَوْله {يبشرهم} و {لَا يحزنهم} و {ويحذركم} و {يسيركم} وَمَا أشبه مِمَّا تتوالى فِيهِ الحركات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 ونقط الْحَرَكَة المخفاة والمرامة كنقط المختلسة سَوَاء يَجْعَل فِي موضعهَا نقطة فَقَط فَإِذا نقط قَوْله تَعَالَى {فَنعما} و {لَا تعدوا} {وَيهْدِي} و {يخصمون} على مَذْهَب من أخْفى الْعين وَالْهَاء وَالْخَاء فِي هَؤُلَاءِ الْكَلم من أَئِمَّة الْقِرَاءَة جعل تَحت الْعين من {فَنعما} نقطة وَفَوق الْعين وَالْهَاء وَالْخَاء من {تعدوا} و {يهدي} و {يخصمون} نقطة وَإِذا نقط جَمِيع مَا تقدم مِمَّا اختلس الْحَرَكَة فِيهِ ابو عَمْرو اَوْ اخفاها اَوْ رامها هُوَ وَغَيره على مَذْهَب من اشبعها فِيهِ جعل عَلامَة الفتحة فِي قَوْله {لَا تعدوا} و {يهدي} و {يخصمون} الْفَا صغرى مضجعة فَوق الْعين وَالْهَاء وَالْخَاء كَمَا ترى وَجعل عَلامَة الْكسر فِي قَوْله {بارئكم} و {أرنا} و {أَرِنِي} و {فَنعما} يَاء صغرى تَحت الْهمزَة وَالرَّاء وَالْعين كَمَا ترى وَجعل عَلامَة الضمة فِي قَوْله {يَأْمُركُمْ} و {يَأْمُرهُم} و {ينصركم} و {يشعركم} واوا صغرى أَمَام الرَّاء أَو فَوْقهَا كَمَا ترى فَتكون النقط وَهَذِه الْحُرُوف الثَّلَاثَة فرقا بَين مَا لم يتم الصَّوْت بِهِ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الحركات وَلم يشْبع اللَّفْظ بِهِ مِنْهُنَّ وَبَين مَا أتم بِهِ الصَّوْت ومطط بِهِ النُّطْق ويميز الجنسان وَيبين النوعان وتدرك حقيقتهما بذلك فَإِن قَالَ قَائِل لم جعلتم عَلامَة الْحَرَكَة المشبعة فِي هَذَا الضَّرْب الْفَا وياء وواوا وَقد انكرتم ذَلِك قبل فِي سَائِر الحركات ودللتم على صِحَة ذَلِك بالْخبر الَّذِي رويتموه عَن ابي الاسود مبتدىء النقط قيل لَهُ جعلنَا ذَلِك علامتها فِيهِ ليمتاز الِاخْتِلَاف ويرتفع الْإِشْكَال فِي معرفَة الْحَرَكَة المشبعة وَغير المشبعة أَلا ترى أَنا لم نستعمل ذَلِك فِيمَا اتّفق على اشباع الْحَرَكَة فِيهِ إِذْ لم يحْتَج الى تَمْيِيز وَلَا فرقان هَذَا مَعَ اقتدائنا فِي ذَلِك بِمن سنة من عُلَمَاء اللُّغَة ومتقدمي النُّحَاة وَهُوَ الْخَلِيل بن احْمَد رَحمَه الله وَعَامة اصحابه إِذْ عدمنا الرِّوَايَة فِيهِ عَمَّن تقدمه مِمَّن ابْتَدَأَ بنقط الْمَصَاحِف من التَّابِعين وَغَيرهم فصل قَالَ ابو عَمْرو فَأَما الْحَرَكَة المشمة فِي نَحْو قَوْله {سيء} و {سيئت} و {قيل} و {غيض} و {سيق} و {حيل} و {جائ} فحقيقته ان ينحى بكسره اوائل هَذِه الافعال نَحْو الضمة يَسِيرا ليدل بذلك على أَن الضَّم الْخَالِص اصلها كَمَا ينحى بالفتحة المماله نَحْو الكسرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 قَلِيلا ليدل بذلك ايضا على انقلاب الالف عَن الْيَاء وليقرب بذلك من كسرة قبلهَا وَبعدهَا فَإِذا نقطت هَذِه الْحُرُوف على قِرَاءَة من أَشمّ اولها الضَّم جعل امام السِّين وَالْقَاف والغين والحاء وَالْجِيم نقطة بالحمراء ليدل بذلك على إشمامها وَأَنه نحي بكسرتها نَحْو تِلْكَ الضمة وَإِن تركت الْحُرُوف عَارِية من تِلْكَ النقطة وَأخذ ذَلِك مشافهة عَن الْقُرَّاء كَانَ حسنا لَان الْقَارئ رُبمَا اشبع تِلْكَ الضمة وأخلصها فَخرج بذلك عَن مَذَاهِب أَئِمَّة الْقِرَاءَة فَإِن لم يفعل ذَلِك وتحا بالكسرة فِي ذَلِك نَحْو الضمة كَمَا يجب فَجعل النقطة دلَالَة على ذَلِك ابين وأدل على النُّطْق فصل وَأما الفتحة الممالة فِي نَحْو قَوْله {النَّار} و {النَّهَار} و {الْكَافرين} و {النَّصَارَى} و {أُسَارَى} وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا تمال فَتحته لكسرة تَلِيهَا أَو الْألف تمال بعْدهَا لكسرة أَو يَاء فَإِنَّهُ إِن نقطت هَذِه الفتحة جعلت نقطة تَحت الْحَرْف الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ كَمَا تجْعَل الكسرة سَوَاء وَذَلِكَ من حَيْثُ قربت بالامالة مِنْهَا فَلذَلِك جرت فِي النقط مجْراهَا كَمَا فعل بالكسرة المشمة المنحو بهَا نَحْو الضمة فِيمَا تقدم حِين جعلت ضمة لذَلِك وَإِن خيف إخلاص تِلْكَ الكسرة ترك الْحَرْف عَارِيا مِنْهَا الى أَن تَأتي المشافهة على ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 بَاب ذكر التَّشْدِيد والسكون وكيفيتهما اعْلَم ان التَّشْدِيد ينقط على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن تجْعَل علامته أبدا فَوق الْحَرْف وَيعرف الْحَرْف بالحركات اللائي يلحقنه فَإِن كَانَ المشدد مَفْتُوحًا جعل على الشدَّة نقطة عَلامَة لِلْفَتْحِ نَحْو قَوْله {إِن رَبك} و {المصدقين} و {الظَّالِمين} و {الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَشبهه وَإِن كَانَ مكسورا جعل تَحت الْحَرْف نقطة عَلامَة للكسر وَجعلت الشدَّة فَوْقه وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {رب الْعَالمين} و {لَا آمين} و {من عَدو} و {لجي} وَشبهه وَإِن كَانَ مضموما جعل أَمَام الْحَرْف نقطة عَلامَة للضم وَجعلت الشدَّة فَوْقه نَحْو {رب الْعَرْش} و {ولي الَّذين} و {غَنِي حميد} وَشبهه وَصُورَة التَّشْدِيد على هَذَا الْمَذْهَب شين وَهِي كَمَا ترى ب وَإِنَّمَا جعلت الشين عَلامَة لَهُ لانه يُرَاد أول شَدِيد وَهَذَا مَذْهَب الْخَلِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وسيبويه وَعَامة أصحابهما وعَلى ذَلِك سَائِر أهل الْمشرق من النقاط وَغَيرهم وَالْوَجْه الثَّانِي ان تجْعَل عَلامَة التَّشْدِيد دَالا فَوق الْحَرْف إِذا كَانَ مَفْتُوحًا وَتَحْته إِذا كَانَ مكسورا وأمامه إِذا كَانَ مضموما وَبَعض اهل النقط يَجْعَل مَعَ الشدَّة الحركات تَأْكِيدًا فِي الدّلَالَة على حَقِيقَة إِعْرَاب الْكَلم وحركات الْحُرُوف وَبَعْضهمْ لَا يجعلهن مَعَ ذَلِك لما فِي صورته وَمُخَالفَة جعله فِي الْحُرُوف من الدَّلِيل على كَيْفيَّة الْإِعْرَاب والتحريك وَبَعْضهمْ يجعلهن مَعهَا فِي أَطْرَاف الْكَلم خَاصَّة دون حشوهن لكَون الْأَطْرَاف مَوَاضِع الْإِعْرَاب وَهُوَ مَذْهَب حسن وَصُورَة التَّشْدِيد على هَذَا الْمَذْهَب فِي المفتوح كَمَا ترى ث وَفِي المكسور ب وَفِي المضموم ت والى هَذَا الْوَجْه ذهب نقاط اهل الْمَدِينَة من سلفهم وخلفهم وعَلى اسْتِعْمَاله وَاتِّبَاع اهل الْمَدِينَة فِيهِ عَامَّة اهل بلدنا قَدِيما وحديثا وَهُوَ الَّذِي أخْتَار وَبِه انقط حَدثنَا أَحْمد بن عمر القَاضِي قَالَ نَا مُحَمَّد بن مُنِير قَالَ حَدثنَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا قالون أَن فِي مصاحف اهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مشدد فَعَلَيهِ دَال وفتحه الدَّال فَوق قَالَ وَإِن كَانَ يرجع الى الْكسر فَمن تَحت الْحَرْف قَالَ أَبُو عَمْرو وَلم يذكر قالون الضَّم وَإِنَّمَا جعل أهل الْمَدِينَة عَلامَة التَّشْدِيد دَالا من حَيْثُ الدَّال آخر كلمة شَدِيد فدلوا عَلَيْهِ بآخر حرف من كَلمته كَمَا دلّ عَلَيْهِ النحويون ونقاط الْمشرق بِأول حرف من كَلمته وَفِي كل وَاحِد من الحرفين الشين وَالدَّال دلَالَة عَلَيْهِ غير أَن اتِّبَاع أهل الْمَدِينَة اولى وَالْعَمَل بقَوْلهمْ ألزم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 فَأَما مَا يَسْتَعْمِلهُ نَاس من النقاط من جعل الشدَّة فِي الْحَرْف المفتوح والمكسور قَائِمَة الطَّرفَيْنِ تَحْتَهُ أبدا وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {إياك} و {رب الْعَالمين} و {الضَّالّين} وَشبهه وتعريبهم الْحَرْف بحركته وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى فِي المفتوح ب وَفِي المكسور ب فخطأ لَا وَجه لَهُ مَعَ خُرُوجه عَن فعل نقاط السّلف وَاسْتِعْمَال عَامَّة الْخلف من أهل الْمشرق وَالْمغْرب فصل فَأَما السّكُون فعامة اهل بلدنا قَدِيما وحديثا يجْعَلُونَ علامته جرة فَوق الْحَرْف الْمسكن سَوَاء كانه همزَة اَوْ غَيرهَا من سَائِر حُرُوف المعجم نَحْو قَوْله {إِن يَشَأْ} و {هيئ} و {تَسُؤْكُمْ} و {أنبئهم} و {أَرَأَيْت} و {أَفَرَأَيْتُم} وَشبهه وَأهل الْمَدِينَة يجْعَلُونَ علامته دارة صَغِيرَة فَوق الْحَرْف وَكَذَا يجْعَلُونَ هَذِه الدارة على الْحَرْف الْخَفِيف الْمُخْتَلف فِيهِ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف والحرف الَّذِي يخَاف ان يشدده من لَا معرفَة لَهُ دلَالَة على خفته حَدثنَا احْمَد بن مَحْفُوظ قَالَ نَا مُحَمَّد بن احْمَد قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا قالون أَن فِي مصاحف أهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مخفف دارة حمرَة وَإِن كَانَ حرفا مسكنا فَكَذَلِك أَيْضا قَالَ ابو عَمْرو وَأهل الْعَرَبيَّة من سِيبَوَيْهٍ وَعَامة أَصْحَاب يجْعَلُونَ علامته خاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 يُرِيدُونَ بذلك اول كلمة خَفِيف وَذَلِكَ أَرَادَ نقاط اهل بلدنا إِلَّا انهم اختصروها بِأَن حذفوا رَأسهَا وبقوا مطتها فَصَارَت جرة كألف مبطوحة لِكَثْرَة اسْتِعْمَال هَذَا الضَّرْب وتكرره وَمن أهل الْعَرَبيَّة من يَجْعَل علامته هَاء من حَيْثُ اخْتصَّ بهَا الْوَقْف الَّذِي يلْزم فِيهِ تسكين المتحرك وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {كِتَابيه} و {حسابيه} و {ماليه} وَشبهه وَمن حَيْثُ كَانَت أَيْضا عِنْد النَّحْوِيين الْبَصرِيين حرفا غير حاجز وَلَا فاصل ككون السَّاكِن كَذَلِك سَوَاء لاشْتِرَاكهمَا فِي الخفة والخفاء فَلذَلِك جعلت عَلامَة لَهُ وَدلَالَة عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اكتفوا فِي عَلامَة المخفف والمشدد بِالْخَاءِ والشين وَحدهمَا ودلوا بهما على خَفِيف وشديد من حَيْثُ جرى اسْتِعْمَال الْعَرَب لمثل ذَلِك فِي كَلَامهم فلفظوا بالحرف الْوَاحِد من الْكَلِمَة ودلوا بِهِ على سائرها إيجازا واختصارا قَالَ الشَّاعِر ... نادوهم إِذْ ألجموا ألاتا ... قَالُوا جَمِيعًا كلهم ألافا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 يُرِيد أَلا تَرْكَبُونَ وَألا فاركبوا فَنَطَقَ من الْكَلِمَة الاولى بتاء وَمن الثَّانِيَة بفاء وَدلّ بالحرفين على الرّكُوب فَكَذَلِك دلّ بِالْخَاءِ والشين على خَفِيف وشديد وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 بَاب ذكر الْمَدّ وموضعه فِي الْحُرُوف اعْلَم ان نقاط بلدنا جرت عَادَتهم قَدِيما وحديثا على أَن جعلُوا على حُرُوف الْمَدّ واللين الثَّلَاثَة الالف وَالْيَاء وَالْوَاو مطة بالحمراء دلَالَة على زِيَادَة تمكينهن وَذَلِكَ عِنْد لقيهن الهمزات والحروف السواكن فالالف نَحْو {بِمَا أنزل إِلَيْك} و {مَا أنزل من قبلك} و {خَائِفين} و {الضَّالّين} و {العادين} و {من حاد الله} وَمَا أشبهه وَالْيَاء نَحْو {يَا بني إِسْرَائِيل} و {يضيء} و {بريئون} وَمَا أشبهه وَالْوَاو نَحْو {قَالُوا آمنا} و {قوا أَنفسكُم} و {ثَلَاثَة قُرُوء} و {أتحاجوني} و {تأمروني} وَمَا أشبهه وَلَا يجوز ان تجْعَل هَذِه المطة على الْحَرْف المتحرك قبل حرف الْمَدّ كَمَا يفعل ذَلِك قوم من جهلة النقاط وأغبياء المعلمين لَان الصَّوْت لَا يَمْتَد بمتحرك وَإِنَّمَا يَمْتَد بالحروف الثَّلَاثَة لكونهن مَعَ نداوتهن سواكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَكَذَا لَا يَنْبَغِي ان يُخَالف بالمطة فِي الالف وَالْيَاء وَالْوَاو بل تجْعَل من فوقهن ابدا لكَونهَا صَوتا يهوي الى الْحلق وَيخرج مَا ئلا الى الهمزات والسواكن قَلِيلا وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت حُرُوف الْمَدّ اصواتا ينقطعن عِنْد الهمزات وَيَنْتَهِي تمطيطهن اليهن ويتصلن ايضا بالسواكن فَيلْزم ان تقرب المطة فِي النقط من ذَلِك ليَكُون دَلِيلا على ان انْقِطَاع الصَّوْت لحرف الْمَدّ عِنْده وَهَذَا اذا كَانَ مرسوما فِي الْخط ثَابتا فِي الْكِتَابَة فَإِن كَانَ محذوفا من ذَلِك لعِلَّة اَوْ كَانَ حرفا زَائِدا صلَة لهاء ضمير اَوْ لميم جَمِيع فَفِيهِ وَجْهَان احدهما ان يرسم بالحمرة وَتجْعَل المطة عَلَيْهِ وَالثَّانِي الا يرسم وَتجْعَل تِلْكَ المطة فِي مَوْضِعه دلَالَة على حذفه من الرَّسْم وثباته فِي اللَّفْظ فالالف المحذوفة نَحْو {أُولَئِكَ} و {الْمَلَائِكَة} و {يَا أَيهَا} {يَا أولي} وَهَؤُلَاء وَمَا اشبهه وَالْيَاء المحذوفة نَحْو النبئين وَبِه ان كُنْتُم وبتأويله انا وَمَا اشبهه وَكَذَا الداع اذا وَلَئِن اخرتن الى وان ترن انا وَمَا اشبهه على قِرَاءَة من اثْبتْ الْيَاء فِي ذَلِك وَسوى بَين الْمُتَّصِل والمنفصل فِي حُرُوف الْمَدّ وَالْوَاو المحذوفة نَحْو فأوا الى الْكَهْف وان تلوا اَوْ تعرضوا وليسئوا وُجُوهكُم على قِرَاءَة من قرا ذَلِك كَذَلِك وَكَذَا آتا كم ان رَبك وَعَلَيْكُم انفسكم على قِرَاءَة من ضم مِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الْجمع وَوَصلهَا بواو وَلم يُمَيّز بَين الْمُنْفَصِل والمتصل فِي حُرُوف الْمَدّ وَكَذَلِكَ تَأْوِيله الا الله واذ جَاءَهُ الْيَسْ وَمَا اشبه ذَلِك حَيْثُ وَقع وَعَامة نقاط اهل الْعرَاق من السّلف وَالْخلف لَا يجْعَلُونَ فِي الْمَصَاحِف عَلامَة للسكون وَلَا للتشديد وَلَا للمد بل يعرون الْحُرُوف من ذَلِك كُله وَالْفرق عِنْدهم بَين المشدد والمخفف جعل نقطة على الْحَرْف المشدد واعراء الْحَرْف المخفف مِنْهَا فَقَط واذ كَانَ سَبَب نقط الْمَصَاحِف تَصْحِيح الْقِرَاءَة وَتَحْقِيق الالفاظ بالحروف حَتَّى يتلَقَّى الْقُرْآن على مَا نزل من عِنْد الله تَعَالَى وتلقي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنقل عَن صحابته رضوَان الله عَلَيْهِم واداه الائمة رَحِمهم الله تَعَالَى فسبيل كل حرف ان يُوفى حَقه بالنقط مِمَّا يسْتَحقّهُ من الْحَرَكَة والسكون والشد وَالْمدّ والهمز وَغير ذَلِك وَلَا يخص بِبَعْض ذَلِك دون كُله وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 بَاب ذكر التَّنْوِين اللَّاحِق الاسماء وَكَيْفِيَّة صورته وَمَوْضِع جعله اعْلَم ان التَّنْوِين حرف من الْحُرُوف وَهُوَ سَاكن فِي الْخلقَة ومخرجه من الخيشوم وَلَا يَقع ابدا الا فِي اواخر الاسماء خَاصَّة وَالدَّلِيل على أَنه حرف من الْحُرُوف لُزُوم الَّذِي يلْحق جَمِيع الْحُرُوف السواكن لَهُ من التحريك للساكنين فِي نَحْو {رحِيما النَّبِي} وَمن إِلْقَاء حَرَكَة الْهمزَة عَلَيْهِ فِي نَحْو {كفوا أحد} وَمن الْحَذف فِي نَحْو {عُزَيْر ابْن الله} و {أحد الله} على قِرَاءَة من قَرَأَ ذَلِك كَذَلِك وَمن الادغام فِي نَحْو {غَفُور رَحِيم} و {يَوْمئِذٍ لَا تَنْفَع} و {أَلِيم مَا يود} وَشبه ذَلِك فلولا أَنه كَسَائِر السواكن لم يلْحقهُ مَا يلحقهن من التَّغْيِير بالوجوه الْمُتَقَدّمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وَإِنَّمَا لزم الاطراف خَاصَّة من حَيْثُ كَانَ مَخْصُوصًا بمتابعة حَرَكَة الاعراب الَّتِي تلْزم ذَلِك الْموضع وتختص بِهِ وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَ الاعراب دَاخِلا لإِفَادَة الْمعَانِي وَكَانَ زَائِدا على الِاسْم فَإِن كَانَ الِاسْم الَّذِي يَقع آخِرَة مجرورا جعل تَحت الْحَرْف نقطتان إِحْدَاهمَا الْحَرَكَة وَالثَّانيَِة علامته وَسَوَاء كَانَ الْحَرْف مخففا اَوْ مشددا وَإِن كَانَ مَرْفُوعا جعل أَمَام الْحَرْف نقطتان أَيْضا وَإِن كَانَ مَنْصُوبًا فَكَذَلِك أَيْضا إِلَّا أَن اهل النقط مُخْتَلفُونَ فِي الْموضع الَّذِي تجْعَل فِيهِ النقطتان وَسَنذكر ذَلِك مشروحا ونبين وَجه الصَّوَاب من اخْتلَافهمْ فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله فالمجرور نَحْو قَوْله {من رب} {رب رَحِيم} و {من عَذَاب أَلِيم} وَشبهه وَالْمَرْفُوع نَحْو قَوْله {صم بكم عمي} وَمَا أشبهه فَإِن قَالَ قَائِل من أَيْن جعل أهل النقط عَلامَة التَّنْوِين الَّذِي هُوَ نون خَفِيفَة فِي اللَّفْظ نقطة كنقطة الْحَرَكَة قيل من حَيْثُ جعلهَا عَلامَة لذَلِك من ابْتَدَأَ النقط من السّلف اتبَاعا لَهُ واقتداء بِهِ كَمَا حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ الْكَاتِب قَالَ نَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ نَا أبي قَالَ نَا ابو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي قَالَ ابو الاسود للرجل الَّذِي امسك عَلَيْهِ الْمُصحف حِين ابْتَدَأَ بنقطه فَإِن اتبعت شَيْئا من هَذِه الحركات غنة فانقطه نقطتين قَالَ أَبُو عَمْرو وَيَعْنِي بالغنة التَّنْوِين لانه غنة من الخيشوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فَإِن قَالَ فَمن أَيْن اصْطَلحُوا على جعل علامته عَلامَة الْحَرَكَة قيل من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه لما كَانَ مَخْصُوصًا بمتابعة الحركات دون السواكن جعلُوا علامته فِي النقط علامتهن إشعارا بذلك التَّخْصِيص وإعلاما بِهِ وَالثَّانِي أَن الْحَرَكَة لما لَزِمت أَوَائِل الْكَلم وَلزِمَ التَّنْوِين أواخرهن واجتمعا مَعًا فِي الثَّبَات فِي الْوَصْل والحذف فِي الْوَقْف تَأَكد مَا بَين الْحَرَكَة والتنوين بذلك فَجعلت علامته علامتها دلَالَة على ذَلِك التَّأْكِيد وتنبيها على تناسب مَا بَينهمَا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يثبت بثبات الآخر وَيسْقط بسقوطه فَإِن قيل فَهَلا جعلُوا علامته السّكُون من حَيْثُ كَانَ سَاكِنا قيل لم يَفْعَلُوا ذَلِك لما عدمت صورته فِي الْخط لزيادته والسكون وَالْحَرَكَة لَا يجعلان إِلَّا فِي حرف ثَابت الْخط قَائِم الصُّورَة فَإِن قيل فَلم لم يرسم نونا فِي الْخط على اللَّفْظ قيل لم يرسم نونا من حَيْثُ كَانَ زَائِدا فِي الِاسْم الَّذِي يلْحق آخِره فرقا بَين مَا ينْصَرف وَبَين مَا لَا ينْصَرف من الاسماء لِئَلَّا يشْتَبه الزَّائِد لِمَعْنى الَّذِي يلْحقهُ التَّغْيِير فِي بعض الاحوال بالأصلي اللَّازِم الَّذِي لَا يتَغَيَّر كَقَوْلِه {وَأحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك} و {لَا تمنن تستكثر} و {لَا تحزن عَلَيْهِم} وَشبه ذَلِك فَلَو رسم التَّنْوِين نونا وَهُوَ زَائِد يتَغَيَّر فِي حَال الْوَقْف لاشتبه بالنُّون الاصلية فِي هَذِه الْمَوَاضِع الَّتِي لَا يلْحقهَا تَغْيِير فِي وصل وَلَا وقف فَفرق بَينهمَا بالحذف وَالْإِثْبَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ليتميزا بذلك وَلأَجل الْفرق بَينهمَا خُولِفَ فِي التَّسْمِيَة بَينهمَا فَقيل للأصلي نون وللزائد تَنْوِين لينفصلا بذلك وَتعلم الْمُخَالفَة بَينهمَا بِهِ فَأَما الْمَنْصُوب الْمنون فَإِنَّهُ يُبدل مِنْهُ فِي حَال الْوَقْف الْفَا لخفته وَكَذَلِكَ جَاءَ مرسوما فِي الْكِتَابَة دلَالَة على ذَلِك وَاخْتلف نقاط الْمَصَاحِف فِي كَيْفيَّة نقطه على أَرْبَعَة أوجه فَمنهمْ من ينقط بِأَن يَجْعَل نقطتين بالحمراء على تِلْكَ الالف المرسومة ويعري الْحَرْف المتحرك مِنْهُمَا وَمن إِحْدَاهمَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى {غَفُورًا رحِيما} {شَيْئا} {خطئا} {هزوا} و {كلا} و {غلا} وَكَذَا إِن كَانَ الِاسْم الْمنون مَقْصُورا وصورت لامه يَاء دلَالَة على اصله يجْعَلُونَ النقطتين ايضا على تِلْكَ الْيَاء لانها تصير الْفَا فِي الْوَقْف وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {هدى} و {غزى} و {أَذَى} و {مُسَمّى} وَشبهه وَهَذَا مَذْهَب ابي مُحَمَّد اليزيدي وَعَلِيهِ نقاط اهل المصرين الْبَصْرَة والكوفة ونقاط أهل الْمَدِينَة وَمِنْهُم من يَجْعَل النقطتين مَعًا على الْحَرْف المتحرك ويعري تِلْكَ الالف وَتلك الْيَاء مِنْهُمَا وَمن إِحْدَاهمَا وَصُورَة ذَلِك فِي الالف كَمَا ترى {عليما حكيما} {خطئا} {مُتكئا} {كفوا} وَفِي الْيَاء {مصلى} و {غزى} و {مصفى} وَشبهه وَهَذَا مَذْهَب الْخَلِيل وَأَصْحَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَمِنْهُم من يَجْعَل إِحْدَى النقطتين وَهِي الْحَرَكَة على الْحَرْف المتحرك وَيجْعَل الثَّانِيَة وَهِي التَّنْوِين على الالف وعَلى الْيَاء وَصُورَة ذَلِك فِي الالف كَمَا ترى {عذَابا أَلِيمًا} {ملْجأ} {جُزْءا} وَفِي الْيَاء {مولى عَن مولى} و {غزى} و {سوى} وَشبهه وَمِنْهُم من يَجْعَل نقطة وَاحِدَة على الْحَرْف المتحرك ونقطتين على الالف وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى {وعادا وَثَمُود} و {مثلا رجلا} {ردْءًا} وَفِي الْيَاء {هدى} {عمي} {غزى} {سدى} وَشبهه وَذهب الى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ قوم من متأخري النقاط وَلَا إِمَام لَهُم فيهمَا علمناه فَأَما عِلّة من جعل النقطتين مَعًا على الالف فَإِنَّهُ لما كَانَ التَّنْوِين ملازما للحركة مُتَابعًا لَهَا غير منفك مِنْهَا وَلَا مُنْفَصِل عَنْهَا فِي حَال الْوَصْل وَلَا مُنْفَرد دونهَا فِي اللَّفْظ يلْزمه مَا يلْزمهَا من الثَّبَات فِي الْوَصْل ويلحقه مَا يلْحقهَا من الْحَذف فِي الْوَقْف وَكَانَ النقط كَمَا قدمْنَاهُ مَوْضُوعا على الْوَصْل دون الْوَقْف بِدَلِيل تعريبهم أَوَاخِر الْكَلم وتنوينهم الْمنون مِنْهَا وَكَانَ ذَلِك من فعل من ابْتَدَأَ بالنقط من السّلف الَّذين مخالفتهم خُرُوج عَن الِاتِّبَاع وَدخُول فِي الابتداع وَكَانَ الَّذين عنوا بِكِتَابَة الْمَصَاحِف من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم قد رسموا بعد الْحَرْف المتحرك فِي جَمِيع مَا تقدم ألفا وَهِي الَّتِي تعوض من التَّنْوِين فِي حَال الْوَقْف أَو يَاء تعود الْفَا فِيهِ وَلم يكن بُد من إِثْبَات علامته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 فِي النقط دلَالَة على صرف مَا ينْصَرف من الاسماء جعل نقطة على الْحَرْف المعوض مِنْهُ وَهُوَ الالف وعَلى الْحَرْف الَّذِي يَنْقَلِب الى لَفظهَا وَهُوَ الْيَاء وَضم اليها النقطة الاخرى الَّتِي هِيَ الْحَرَكَة فحصلتا مَعًا على الالف ففهم بذلك وَكيد حَالهمَا وَعرف بِهِ شدَّة ارتباطهما وَعلم انهما لَا يفترقان وَلَا ينفصلان وَلَا لفظا وَلَا نقطا باجتماعهما على حرف وَاحِد وملازمتهما مَكَانا وَاحِد وَصَارَت الالف بذلك أولى من الْحَرْف المتحرك من قبل انهما لَو جعلتا عَلَيْهِ لبقيت الالف عَارِية من عَلامَة مَا هِيَ عوض مِنْهُ مَعَ الْحَاجة الى معرفَة ذَلِك فَتَصِير حِينَئِذٍ غير دَالَّة على معنى وَلَا مفيدة شَيْئا فَيبْطل مَا لأَجله رسمت وَله اختيرت من بَين سَائِر الْحُرُوف وَتَكون لَا معنى لَهَا فِي رسم وَلَا لفظ إِلَّا الزِّيَادَة لَا غير دون إِيثَار فَائِدَة وَلَا دلَالَة على معنى يحْتَاج ويضطر اليه فَلَمَّا كَانَت الالف بِخِلَاف ذَلِك وَكَانَ رسمها إِنَّمَا هُوَ للدلالة على الْوَقْف والاعلام بِأَنَّهَا مبدلة فِيهِ من التَّنْوِين وَجب ان تجْعَل النقطة الَّتِي هِيَ علامته عَلَيْهَا ضَرُورَة إِذْ هِيَ هُوَ وَإِذا وَجب ذَلِك لم يكن بُد من ضم النقطة الثَّانِيَة إِلَيْهَا فتحصلان مَعًا على الالف إِذْ لَا تفترقان وَلَا تنفصلان كَمَا بَيناهُ وَهَذَا الْمَذْهَب فِي نقط ذَلِك أخْتَار وَبِه اقول وَعَلِيهِ الْجُمْهُور من النقاط وَأما عِلّة من جعل النقطتين مَعًا الْحَرَكَة والتنوين على الْحَرْف المتحرك فَإِنَّهُ لما كَانَت إِحْدَاهمَا هِيَ الْحَرَكَة جعلهَا على الْحَرْف المتحرك دلَالَة على تحريكه بهَا ثمَّ ضم إِلَيْهَا الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ التَّنْوِين لامتناعهما من الِانْفِصَال والافتراق وَأما عِلّة من جعل إِحْدَى النقطتين على الْحَرْف المتحرك وَالثَّانيَِة على الالف فَإِنَّهُ لما كَانَت إِحْدَاهمَا هِيَ الْحَرَكَة جعلهَا على الْحَرْف المحرك بهَا وَلما كَانَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الثَّانِيَة هِيَ التَّنْوِين جعلهَا على الْحَرْف الْمُبدل مِنْهُ وَهُوَ الالف تأدية لهَذَا الْمَعْنى وإعلاما بِهِ وَأما عِلّة من جعل ثَلَاث نقط على الْحَرْف المتحرك ونقطتين على الالف فَإِنَّهُ لما كَانَت إِحْدَى النقطتين حَرَكَة الْحَرْف المتحرك جعلهَا عَلَيْهِ كَمَا تجْعَل سَائِر الحركات على الْحُرُوف المتحركة بِهن ثمَّ أَعَادَهَا مَعَ التَّنْوِين لارتباطه بهَا وملازمته إِيَّاهَا وَامْتِنَاع كل وَاحِد مِنْهُمَا من الِانْفِصَال عَن صَاحبه أَعنِي التَّنْوِين عَن الْحَرَكَة وَالْحَرَكَة عَن التَّنْوِين تَأْكِيدًا وَدلَالَة على هَذَا الْمَعْنى فتحقق لَهُ بذلك وَجْهَان أَحدهمَا إِيفَاء المتحرك حَقه من حركته وَالثَّانِي تأدية تَأْكِيد مَا بَين الْحَرَكَة والتنوين من المصاحبة والملازمة وَهَذِه الْمذَاهب الثَّلَاثَة فَاسِدَة لَا تصح عِنْد التَّحْقِيق أما الاول مِنْهَا الَّذِي ينْفَرد الْحَرْف المتحرك فِيهِ بالنقطتين فَإِن الالف المرسومة بعده بتعريتها من ذَلِك تَخْلُو من الْمَعْنى الَّذِي لأجل تأديته رسمت فَيبْطل معنى الرَّسْم بذلك وَأما الثَّانِي الَّذِي تجْعَل فِيهِ إِحْدَى النقطتين على الْحَرْف المتحرك وَالثَّانيَِة على الالف فَإِن مَا بَين التَّنْوِين وَالْحَرَكَة من الارتباط والملازمة والاتصال والاشتراك فِي الاثبات والحذف يذهب وَيبْطل بذلك وَأما الثَّالِث الَّذِي تجْعَل فِيهِ ثَلَاث نقط نقطة على الْحَرْف المتحرك ونقطتان على الالف فَإِن الْحَرْف المتحرك تَجْتَمِع لَهُ حركتان حَرَكَة عَلَيْهِ وحركة على الالف وَغير جَائِز ان يُحَرك حرف بحركتين وان تجمعَا لَهُ وَيدل بهما عَلَيْهِ هَذَا مَعَ الْخُرُوج بذلك عَن فعل السّلف والعدول بِهِ عَن اسْتِعْمَال الْخلف وَإِذا فَسدتْ هَذِه الْمذَاهب الثَّلَاثَة بالوجوه الَّتِي بيناها صَحَّ الْمَذْهَب الاول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الَّذِي اخترناه وذهبنا اليه وَاخْتَارَهُ وَذهب اليه اهل التَّحْقِيق والضبط وَاسْتَعْملهُ الْجُمْهُور من اهل النقط قَالَ ابو الْحُسَيْن احْمَد بن جَعْفَر بن الْمُنَادِي أخبرنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن يحيى اليزيدي عَن عَمه ابي عبد الرحمن عَن الْخَلِيل قَالَ قَوْله {عليما حكيما} بنقطتين فَوق الْمِيم طولا وَاحِدَة فَوق الاخرى قَالَ وَلَا أنقط على الالف لَان التَّنْوِين يَقع على الْمِيم نَفسهَا قَالَ ابو عبد الرحمن قَالَ ابو مُحَمَّد يَعْنِي أَبَاهُ اليزيدي ولكنني أنقط على الالف لاني إِذا وقفت قلت {عليما} فَصَارَ الْفَا على الْكتاب قَالَ وَلَو كَانَ على مَا قَالَ الْخَلِيل لَكَانَ يَنْبَغِي إِذا وقف أَن يَقُول {عليم} يَعْنِي بِغَيْر ألف قَالَ ابْن الْمُنَادِي وَالْعَمَل فِي ذَلِك عِنْد أَكثر النقاط نقط الالف المنصوبة بنقطتين إِحْدَاهمَا للنصب والاخرى للتنوين فَإِذا صَارُوا الى الْوَقْف صَارُوا الى الالف قَالَ وَذكر ابو عبد الرحمن ان اهل الْكُوفَة وَبَعض النقاط ينقطون الْمَنْصُوب إِذا استقبلته الْحُرُوف الحلقية فَإِذا استقبلته غَيرهَا لم ينقطوا لدلَالَة الالف على النصب قَالَ وَكَانَ اليزيدي يذهب الى أصل هَذَا القَوْل وَخَالفهُ من قَالَ بقوله من سَائِر النقطاط فنقطوا الْمنون فِي حالاته الثَّلَاث الرّفْع وَالنّصب والجر استقبلته حُرُوف الْحلق أَو لم تستقبله وَهُوَ الْمَعْمُول بِهِ حَتَّى الان عِنْد النقاط وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمَصَاحِف الْعتْق وَهُوَ أوثق وَأحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 قَالَ أَبُو عَمْرو وَلم نر شَيْئا من الْمَصَاحِف يخْتَلف فِي نقطه عَن ذَلِك وَهُوَ الْوَجْه وَبِه الْعَمَل وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فصل وَاعْلَم أَن الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ بَين اهل النقط فِي جعل النقطتين إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلم اللائي رسمت الالف المبدلة من التَّنْوِين فِيهِنَّ على مَا بَيناهُ فَأَما مَا لم ترسم فِيهِ تِلْكَ الالف لعِلَّة وَذَلِكَ إِذا وَليهَا همزَة قبلهَا الف كَقَوْلِه {مَاء} و {غثاء} و {جفَاء} و {دُعَاء ونداء} و {افتراء} و {مراء} وَشبهه وَذَلِكَ حِين كره اجْتِمَاع الفين لِاتِّفَاق صورتيهما ككر اجْتِمَاع ياءين وواوين لذَلِك فَإِن الِاخْتِيَار عِنْدِي فِي نقط ذَلِك أَن تجْعَل النقطتان مَعًا على الْهمزَة لعدم صُورَة الْمُبدل من التَّنْوِين فِي هَذَا الضَّرْب لانه إِنَّمَا عدل بهما عَن المتحرك فِي الضَّرْب الاول لما وجدت تِلْكَ الصُّورَة قَائِمَة فَإِذا عدمت وَجب ان تلزما الْحَرْف المتحرك لَا غير وَقد يجوز عِنْدِي فِي نقط هَذَا الضَّرْب وَجْهَان سوى هَذَا الْوَجْه أَحدهمَا أَن ترسم بالحمرة الف قبل الالف السَّوْدَاء وتوقع الْهمزَة نقطة بالصفراء بَينهمَا وَتجْعَل حركتها مَعَ التَّنْوِين نقطتين على الالف السَّوْدَاء لانها هِيَ المبدلة من التَّنْوِين فِي ذَلِك وَهِي المرسومة على هَذَا الْوَجْه وَالثَّانِي أَن ترسم الف بالحمرة بعد الالف السَّوْدَاء وتوقع الْهمزَة نقطة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 بالصفراء بَينهمَا أَيْضا وَتجْعَل حركتها مَعَ التَّنْوِين نقطتين على الالف الْحَمْرَاء لانها هِيَ المعوضة من التَّنْوِين وَهِي المحذوفة من الرَّسْم لكَرَاهَة اجْتِمَاع الالفين لوقوعها فِي مَوضِع الْحَذف والتغيير وَهُوَ الطّرف فَكَانَت بالحذف اولى من الَّتِي هِيَ فِي وسط الْكَلِمَة ولان من الْعَرَب من لَا يعوض مِنْهُ فِي حَال الْخَفْض وَالرَّفْع حكى ذَلِك عَنْهَا الْفراء والأخفش وَصُورَة نقط هَذَا الضَّرْب على الْوَجْه الاول الَّذِي اخترناه وَقُلْنَا بِهِ كَمَا ترى مَاء وغثاء وجفاء وَدُعَاء ونداء وعَلى الثَّانِي مئا وغثئا وجفئا ودعئا وندءا وعَلى الثَّالِث ماءا وغثاءا وجفاءا ودعاءا ونداءا فصل وَإِذا كَانَ آخر الِاسْم الَّذِي يلْحقهُ التَّنْوِين فِي حَال نَصبه هَاء تَأْنِيث نَحْو قَوْله {آتَانِي رَحْمَة} و {بِمَا صَبَرُوا جنَّة} و {دانية عَلَيْهِم} وَشبهه فَإِن النقطتين مَعًا تقعان فِي ذَلِك على الْهَاء الَّتِي هِيَ تَاء فِي الْوَصْل لَا غير لِامْتِنَاع إِبْدَال التَّنْوِين فِيهِ فِي حَال الْوَقْف بامتناع وجود التَّاء الَّتِي يلْحقهَا مَعَ حَرَكَة الْإِعْرَاب هُنَاكَ وَلذَلِك بَطل تَصْوِير مَا يُبدل مِنْهُ فِي حَال الْوَقْف فِي هَذَا النَّوْع فصل فَأَما النُّون الْخَفِيفَة فَإِنَّهَا التَّنْوِين فِي الزِّيَادَة وَالْبدل والرسم وَلم تأت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 فِي الْقُرْآن إِلَّا فِي موضِعين أَحدهمَا فِي يُوسُف قَوْله {وليكونن من الصاغرين} وَالثَّانِي فِي اقْرَأ قَوْله {لنسفعا بالناصية} والقراء مجمعون على إِبْدَال النُّون فيهمَا فِي الْوَقْف الْفَا كالتنوين الَّذِي يلْحق الاسماء المنصوبة لَان قبل كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يشبه الالف وَهِي الفتحة ولتأدية كَيْفيَّة الْوَقْف رسما كَذَلِك والنقاط متفقون أَيْضا على جعل نقطتين بالحمرة على تِلْكَ الالف لاشتراك مَا أبدلت مِنْهُ مَعَ التَّنْوِين فِي الْمعَانِي الْمَذْكُورَة من الزِّيَادَة وَالْبدل والرسم ومصاحبة الفتحة وَكَذَلِكَ اتَّفقُوا على جَعلهمَا على الالف فِي نَحْو {وَإِذا لَا يلبثُونَ} و {فَإِذا لَا يُؤْتونَ} و {إِذا مثلهم} و {إِذا لأذقناك} وَمَا اشبهه وَذَلِكَ من حَيْثُ أشبه ذَلِك النُّون الْخَفِيفَة فِي اللَّفْظ والرسم وَالْوَقْف ووافقها فِي هَذِه الاشياء فَجرى بذلك مجْراهَا فِي اللَّفْظ وَذَلِكَ مِمَّا لَا خلاف فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق والاعانة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بَاب ذكر تراكب التَّنْوِين وتتابعه وَكَيْفِيَّة نقط مَا يلقى من الْحُرُوف وَاعْلَم أَن الِاسْم إِذا لحقه التَّنْوِين فِي حَال نَصبه اَوْ خفضه اَوْ رَفعه وأتى بعده حرف من حُرُوف الْحلق وَهِي سِتَّة الْهمزَة وَالْهَاء والحاء وَالْعين وَالْخَاء والغين فَإِن النقطتين من الْحَرَكَة والتنوين تجعلان مَعَ ذَلِك متراكبتين وَاحِدَة فَوق أُخْرَى على مَا تقدم من جعل الْمَنْصُوب والمخفوض وَالْمَرْفُوع فالسفلى مِنْهُمَا الْحَرَكَة لانها تلِي صُورَة الْحَرْف والعليا التَّنْوِين لِأَنَّهُ آتٍ بعد الْحَرَكَة هَذَا فِي حَال النصب وَالرَّفْع وَفِي حَال الْخَفْض الْعليا الْحَرَكَة لانها هِيَ الَّتِي تلِي الْحَرْف فِيهِ والسفلى التَّنْوِين وَتجْعَل على حرف الْحلق نقطة لَا غير ليدل بذلك على ان التَّنْوِين مظهر عِنْده وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {عَذَاب أَلِيم} و {جرف هار} {لعَلي حَكِيم} و {سميع عليم} {خَبِير} و {عفوا غَفُورًا} وَشبهه وَهَذَا مَعَ الْهَاء والحاء وَالْعين من حَيْثُ انْعَقَد الاجماع على بَيَان التَّنْوِين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 عِنْدهن وَكَذَلِكَ الْهمزَة أظهرت مُحَققَة أَو ألقِي حركتها على سَاكن قبلهَا لانها مَعَ ذَلِك فِي النِّيَّة وَالتَّقْدِير وَأما الْخَاء والغين فَمن بَين التَّنْوِين عِنْدهمَا جعل النقطتين قبلهمَا متراكبتين على مَا تقدم وَمن اخفاه عِنْدهمَا جعل النقطتين متتابعتين وَالْعلَّة فِي تراكب التَّنْوِين عِنْد حُرُوف الْحلق خَاصَّة انه لما كَانَ حكمه أَن يبين عِنْدهن لبعد الْمسَافَة الَّتِي بَينه وبينهن فِي الْمخْرج أبعدت النقطة الَّتِي هِيَ علامته عَن حرف الْحلق بِأَن جعلت فَوق الْحَرَكَة ليؤذن بذلك بانقطاعه وانفصاله عَنهُ وَيدل بِهِ على تخليصه وَبَيَانه وَإِن أَتَى بعد الِاسْم الْمنون فِي الاحوال الثَّلَاث من النصب والجر وَالرَّفْع بَاقِي حُرُوف المعجم سوى حُرُوف الْحلق من حُرُوف اللِّسَان والشفتين جعلت النقطتان من الْحَرَكَة والتنوين متتابعتين وَاحِدَة أَمَام اخرى فالمتقدمة مِنْهُمَا الَّتِي تلِي الْحَرْف هِيَ الْحَرَكَة والمتأخرة هِيَ التَّنْوِين لما ذَكرْنَاهُ فَإِن كَانَ الْحَرْف الْآتِي بعده أحد أَرْبَعَة أحرف رَاء أَو لَام أَو نون أَو مِيم جعل على كل وَاحِد مِنْهَا عَلامَة التَّشْدِيد ليدل بذلك على ان التَّنْوِين مدغم فِيهِ قد صَار مَعَه من أجل الادغام بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد مشدد وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {غَفُور رَحِيم} و {هدى لِلْمُتقين} و {على هدى من رَبهم} و {عاملة ناصبة} وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وَإِن كَانَ الْحَرْف يَاء أَو واوا فَفِيهِ وَجْهَان إِن نقط ذَلِك على قِرَاءَة من أذهب غنة النُّون والتنوين مَعَ الادغام الصَّحِيح الَّذِي لَا يبْقى للحرف الاول فِيهِ أثر جعل على الْيَاء وَالْوَاو عَلامَة التَّشْدِيد كَمَا فعل ذَلِك مَعَ الاربعة الاحرف الْمُتَقَدّمَة من حَيْثُ كَانَ إدغام التَّنْوِين فِيهَا إدغاما صَحِيحا وَإِن نقط ذَلِك على قِرَاءَة من بَين الغنة وَلم يذهبها رَأْسا جعل على الْيَاء وَالْوَاو نقطة لَا غير ليفرق بذلك بَين المذهبين وَيدل بِهِ على الْقِرَاءَتَيْن وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {يَوْمئِذٍ يصدعون} و {يَوْمئِذٍ واهية} وَشبهه كَذَا نقطه على الْوَجْه الاول وعَلى الثَّانِي {يَوْمئِذٍ يصدعون} و {يَوْمئِذٍ واهية} وَإِن كَانَ الْحَرْف قافا أَو كافا أَو جيما أَو شَيْئا أَو غَيرهَا من بَاقِي الْحُرُوف الَّتِي يخفى التَّنْوِين عِنْدهَا اَوْ يقلب نَحْو الْبَاء جعل على كل حرف مِنْهَا نقطة فَقَط وأعري من عَلامَة التَّشْدِيد لعدمه فِيهِ رَأْسا بِظُهُور صَوت النُّون والتنوين عِنْده فامتنعا بذلك من الْقلب والادغام اللَّذين بهما يتَحَقَّق التَّشْدِيد ويتحصل التثقيل وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {من قوم كَافِرين} و {على كل شَيْء قدير} وشيئا جنَّات عدن و {غَفُور شكور} و {يَوْمئِذٍ زرقا} و {سَلاما سَلاما} و {رجال صدقُوا} و {قوما طاغين} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 و {حرث قوم ظلمُوا} و {قوما ضَالِّينَ} و {قوما فاسقين} و {جنَّات تجْرِي} و {شهَاب ثاقب} وظلمات بَعْضهَا وَمَا اشبهه ذَلِك حَيْثُ وَقع وَالْعلَّة فِي تتَابع التَّنْوِين عِنْد جَمِيع مَا تقدم من الْحُرُوف أَنه لما كَانَ لَا يَخْلُو عِنْدهَا من أحد ثَلَاثَة أوجه إِمَّا أَن يدغم وَإِمَّا أَن يخفى وَإِمَّا ان يقلب وَهَذِه الاوجه الثَّلَاثَة تجب بِالْقربِ أَو بِمَعْنى يرجع اليه وَكَانَ الادغام بَابه أَن يدْخل الاول من المثلين والمتقاربين فِي الثَّانِي إدخالا شَدِيدا لَا فُرْجَة بَينهمَا وَلَا فصل لأجل الْقلب وَالتَّشْدِيد وَكَانَ الاخفاء قد شَارك الادغام من طَرِيق اشتقاق كلمة أدعمت واخفيت من حَيْثُ كَانَ معنى أدغمت الشَّيْء غيبته وأخفيته سترته فكلا الْكَلِمَتَيْنِ مَعْنَاهُمَا الستْرَة الَّتِي ضد الظُّهُور وَالْبَيَان فَلَمَّا كَانَ التَّنْوِين لَا يَخْلُو مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَكَانَ معنى الادغام والاخفاء مَا بَيناهُ قربت النقطة الَّتِي هِيَ عَلامَة التَّنْوِين من الْحُرُوف الْمُتَقَدّمَة دلَالَة على اتِّصَاله بهَا ودخوله فِيهَا وإعلاما بالتقارب الْمُوجب للادغام والمحقق للاخفاء وَإِن تباينا فِي اللَّفْظ وتفاصلا فِي الْحَقِيقَة فقد اجْتمعَا فِي أَن عدل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الْبَيَان وَالْعرب قد تحكم للشَّيْء بِحكم الشَّيْء إِذا اجْتمعَا فِي بعض الْمعَانِي وَالْفرق عِنْد النَّحْوِيين بَينهمَا فِي اللَّفْظ أَن المدغم مشدد والمخفى مخفف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ من تراكب التَّنْوِين عِنْد حُرُوف الْحلق وتتابعه عِنْد غَيرهَا من سَائِر حُرُوف المعجم إِجْمَاع من السّلف الَّذين ابتدؤوا النقط وابتدعوه وَعَلِيهِ جرى اسْتِعْمَال سَائِر الْخلف قَالَ الْخَلِيل رَحمَه الله كل مَا استقبله من حُرُوف الْحلق حرف وَهُوَ منون نَحْو {عفوا غَفُورًا} فالتقط على الطول وَفِي نَحْو {غَفُور رَحِيم} و {حَبل من مسد} النقط على الْعرض يُرِيد بالطول التراكب وبالعرض التَّتَابُع قَالَ أَبُو عَمْرو وَلم أر أحدا مِمَّن عني بصناعة النقط فِي الْقَدِيم والْحَدِيث وَجه معنى إِجْمَاعهم وَلَا علل حَقِيقَة مَذْهَبهم فِي تَخْصِيص حُرُوف الْحلق بالتراكب وَمَا عَداهَا بالتتابع وَقد سَأَلت عَن ذَلِك غير وَاحِد من شيوخهم وذاكرت بِهِ جمَاعَة من عُلَمَائهمْ فكلهم زعم ان ذَلِك اصْطِلَاح من السّلف لزم اتباعهم عَلَيْهِ وَلَا وَجه لَهُ وَلَا عِلّة فِيهِ وَأَنَّهُمْ لَو اجْمَعُوا على تتابعه عِنْد حُرُوف الْحلق وتراكبه عِنْد مَا عَداهَا لَكَانَ كإجماعهم الاول الْمَعْمُول بِهِ وَذَلِكَ بِخِلَاف مَا قَالُوهُ وعَلى غير مَا ظنوه لما اوضحناه من صِحَة معنى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 بَاب ذكر حكم النُّون الساكنة وَمَا بعْدهَا فِي حَال الْبَيَان والإدغام والإخفاء اعْلَم أَن النُّون الساكنة إِذا أَتَى بعْدهَا حُرُوف الْحلق السِّتَّة فَإِنَّهُ تجْعَل عَلَيْهَا عَلامَة السّكُون جرة صَغِيرَة اَوْ دارة لَطِيفَة كَمَا مضى فِي نقط السَّاكِن من الْحُرُوف وَتجْعَل على حرف الْحلق بعْدهَا نقطة فَقَط فَيدل بذلك على أَن النُّون مبينَة عِنْده وَأَن مخرجها مَعَه من طرف اللِّسَان وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {من آمن} و {من هاد} و {من حاد الله} و {من عمل} و {من خير} و {من غل} وَشبهه فَإِن أَتَى بعْدهَا مَا تُدْغَم فِيهِ إدغاما صَحِيحا وَتدْخل فِيهِ إدخالا شَدِيدا وَهُوَ الرَّاء وَاللَّام وَالنُّون وَالْمِيم وَكَذَلِكَ الْيَاء وَالْوَاو على مَذْهَب من أذهب غنة النُّون عِنْدهمَا وَلم يبْق لَهَا أثرا مَعَ الادغام عريت النُّون من عَلامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 السّكُون وَجعل على الْحُرُوف السِّتَّة عَلامَة التَّشْدِيد فَيدل بذلك على الادغام التَّام الَّذِي يذهب لفظ النُّون فِيهِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {من رَبهم} و {فَإِن لم تَفعلُوا} و {من نور} و {من مَاء} و {من يَقُول} و {من وَال} وَشبهه وَإِن نقط ذَلِك على مَذْهَب من بَين غنة النُّون عِنْد الرَّاء وَاللَّام وَالْيَاء وَالْوَاو مَعَ الادغام فَفِي النُّون وَهَذِه الْحُرُوف وَجْهَان أَحدهمَا أَن تعرى النُّون من عَلامَة السّكُون ويعرى الْحَرْف بعْدهَا من عَلامَة التَّشْدِيد فتجعل عَلَيْهِ نقطة لَا غير فَيدل بذلك على أَن النُّون لم تنْقَلب الى لفظ ذَلِك الْحَرْف قلبا صَحِيحا وَلَا أدغمت فِيهِ إدغاما تَاما وَهَذَا كَانَ مَذْهَب شَيخنَا ابي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن بشر نضر الله وَجهه فِي نقط ذَلِك من حَيْثُ كَانَ ضربا من الاخفاء الَّذِي يعْدم الْقلب وَالتَّشْدِيد فِيهِ رَأْسا وَلم يكن إدغاما صَحِيحا والوحه الثَّانِي أَن تجْعَل على النُّون عَلامَة السّكُون لظهو ر غنتها وَتجْعَل على الْحَرْف بعْدهَا عَلامَة التَّشْدِيد لاندغام صَوت النُّون الَّذِي لَهَا من الْفَم فِيهِ وَحُصُول شَيْء من التَّشْدِيد فِيهِ بذلك فَيدل على الإندغام الَّذِي يبْقى فِيهِ للنون صَوتهَا الَّذِي لَهَا من الخيشوم وَهُوَ الغنة وَلَا يقلب الْحَرْف فِيهِ قلبا تَاما وَهَذَا الْمَذْهَب فِي الِاسْتِعْمَال أولى وَفِي الْقيَاس اصح لما ذَكرْنَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 فَإِن أَتَى بعد النُّون بَاقِي حُرُوف المعجم مِمَّا حكمهَا أَن تخفى عِنْده عريت النُّون من عَلامَة السّكُون وعري مَا بعْدهَا من عَلامَة التَّشْدِيد فَجعل عَلَيْهِ نقطة لَا غير فَدلَّ بذلك على الْإخْفَاء الَّذِي هُوَ حَال بَين الْبَيَان والادغام وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَ تعرية النُّون من عَلامَة السّكُون دَلِيلا على الادغام وَكَانَ تعرية مَا بعْدهَا من عَلامَة التَّشْدِيد دَلِيلا على الْبَيَان وَكَذَا حكم الْخَاء والغين مَعهَا فِي مَذْهَب من أخفاها عِنْدهمَا وَلم يبينها ومخرج النُّون فِي حَال الاخفاء من الخيشوم وَلَا عمل للسان فِيهَا وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {وَلَئِن قلت} و {وَإِن كُنْتُم} و {من جَهَنَّم} و {من شَيْء} و {أَن صدوكم} و {فَإِن زللتم} و {لَئِن سَأَلتهمْ} و {قل إِن ضللت} و {إِن فاتكم} وَشبهه وَكَذَا حكم النُّون إِذا لقِيت الْبَاء وقلبت ميما فِي اللَّفْظ لمؤاخاة الْمِيم النُّون فِي الغنة وقربها من الْبَاء فِي الْمخْرج نَحْو قَوْله من بعد {أَن بورك} و {فانبجست} وَشبهه أَن تعرى النُّون من عَلامَة السّكُون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وتعرى الْبَاء بعْدهَا من عَلامَة التَّشْدِيد وَإِن جعل على النُّون مِيم صغري الْحمرَة ليدل بذلك على انقلابها الى لَفظهَا كَانَ حسنا غير ان الاول هُوَ الَّذِي اخْتَار وَبِه اقول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 بَاب ذكر احكام نقط الْمظهر من الْحُرُوف اعْلَم أَن حكم مَا أظهر من الْحُرُوف السواكن عِنْد مقاربها فِي الْمخْرج باخْتلَاف وَعند المتباعد عَنهُ بِإِجْمَاع أَن يَجْعَل على الْحَرْف الْمظهر عَلامَة السّكُون جرة صغرى أَو دارة لَطِيفَة وَيجْعَل على الْحَرْف المتحرك بعده نقطة فَيُؤذن بذلك بالاظهار الَّذِي حَقه أَن يقطع الْحَرْف الاول فِيهِ من الْحَرْف الثَّانِي ويفصل مِنْهُ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {وَلَقَد جَاءَكُم} و {قد سمع الله} و {إِذْ جعلنَا} و {إِذْ زين} و {إِذْ تَبرأ} و {أنبتت سبع} و {كذبت ثَمُود} و {خبت زدناهم} و {حصرت صُدُورهمْ} و {أَو يغلب فَسَوف} و {نخسف بهم} و {هَل تعلم} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَشبهه من الْمُخْتَلف فِيهِ وَكَذَا {لقد لَقينَا} و {لقد رَآهُ} و {قد نرى} و {قل صدق الله} و {سأتلو} و {هم فِيهَا} و {هم وأزواجهم} وَشبهه من الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 بَاب ذكر احكام نقط المدغم وَاعْلَم أَن مَا أدغم من الْحُرُوف فِي مثله أَو مقاربة بِإِجْمَاع أَو مَا أدغم فِي مقاربه فَقَط باخْتلَاف فَحكمه أَن يعرى الْحَرْف الاول من المدغم من عَلامَة السّكُون وَأَن يَجْعَل على الْحَرْف الثَّانِي المدغم فِيهِ عَلامَة التَّشْدِيد فَيُؤذن بذلك بِالْإِدْغَامِ الَّذِي بَابه ان يَنْقَلِب لفظ الْحَرْف الاول فِيهِ الى لفظ الْحَرْف الثَّانِي ويرتفع اللِّسَان بهما ارتفاعه وَاحِدَة وَيلْزم موضعا وَاحِدًا فالمجمع عَلَيْهِ من الادغام نَحْو قَوْله {فَمَا ربحت تِجَارَتهمْ} و {فَقُلْنَا اضْرِب بعصاك} و {مَا لم تستطع عَلَيْهِ} و {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} و {قَالَت طَائِفَة} و {هَمت طَائِفَتَانِ} و {فآمنت طَائِفَة} و {أم أردتم} و {راودتن} و {ألم نخلقكم} وَشبهه والمختلف فِيهِ نَحْو قَوْله اتخذتم و {أَخَذْتُم} و {يعذب من يَشَاء} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 و {قد جعل} و {قد سمع} و {إِذْ زاغت} وَشبهه فصل فَأَما مَا أجمع عَلَيْهِ أَئِمَّة الْقِرَاءَة من إدغام الطَّاء الساكنة فِي التَّاء وتبقية صَوت الطَّاء مَعَ الادغام لِئَلَّا يخل بِالطَّاءِ وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {لَئِن بسطت} و {أحطت} و {فرطت} وَشبهه فحقيقه نقط ذَلِك ان يَجْعَل على الطَّاء عَلامَة السّكُون وعَلى التَّاء بعْدهَا عَلامَة التَّشْدِيد فَيعلم بعلامة السّكُون ان الطَّاء لم تنْقَلب قلبا خَالِصا وَأَن الاطباق الَّذِي هُوَ صيغتها بَاقٍ على حَاله وببيانه امْتنع الْقلب وَيعلم بعلامة التَّشْدِيد أَن الطَّاء غير مبينَة وَفِي نقط ذَلِك وَجه آخر وَهُوَ أَن تعرى الطَّاء من عَلامَة السّكُون وتعرى التَّاء من عَلامَة التَّشْدِيد فَيجْعَل فِيهَا نقطة فَيعلم ايضا بتعرية الطَّاء من عَلامَة السّكُون انها مدغمة فِي التَّاء وَيعلم بتعرية التَّاء من عَلامَة التَّشْدِيد أَن الطَّاء لم تنْقَلب الى لَفظهَا انقلابا صَحِيحا لانها لَو انقلبت الى لَفظهَا لذهب صَوتهَا الَّذِي خصت بِهِ دون التَّاء وَلم يبْق لَهُ أثر وَالْوَجْه الاول أدل على اللَّفْظ وَهُوَ الَّذِي اخْتَار وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 بَاب ذكر أَحْكَام نقط مَا يخفى من المدغم اعْلَم أَن مَا أدغم من الحرفين المتماثلين فِي اللَّفْظ والمتقاربين فِي الْمخْرج وَكَانَا متحركين وأضعف الصَّوْت بحركة الْحَرْف الاول وَلم يسكن رَأْسا فَإِنَّهُ عِنْد الْقُرَّاء والنحويين مخفى غير مدغم لَان زنة الْحَرَكَة فِي ذَلِك الْحَرْف ثَابِتَة فَهِيَ بذلك تفصل بَين المدغم فِيهِ كَمَا تفصل بَينهمَا الْحَرَكَة التَّامَّة المحققة وَإِذا كَانَت كَذَلِك امْتنع الادغام الصَّحِيح وَالتَّشْدِيد التَّام فِي هَذَا الضَّرْب وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {شهر رَمَضَان} و {من الرزق قل هِيَ} و {يَقُول لَهُ} و {وَالصَّافَّات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا} وَمَا أشبه ذَلِك على مَذْهَب ابي عَمْرو فِي إدغام ذَلِك سَوَاء سكن مَا قبله اَوْ تحرّك فَإِن نقط مصحف على مذْهبه فَفِي احكام نقط ذَلِك وَجْهَان أَحدهمَا أَن يَجْعَل على الْحَرْف الاول حركته نقطة وَيجْعَل على الْحَرْف الثَّانِي عَلامَة التَّشْدِيد فيستدل بذلك على أَن الاول لم يخلص لَهُ السّكُون بِحُصُول تِلْكَ الْحَرَكَة عَلَيْهِ وَلَا خلصت لَهُ الْحَرَكَة بتَشْديد الْحَرْف الَّذِي بعده وَذَلِكَ حَقِيقَة الاخفاء الَّذِي هُوَ حَال بَين حالتين من الْبَيَان والادغام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وَالْوَجْه الثَّانِي أَن يعرى الْحَرْف الاول من الْحَرَكَة والسكون ويعرى الْحَرْف الَّذِي بعده من التَّشْدِيد فَيجْعَل عَلَيْهِ نقطة لَا غير فَيتَحَقَّق بذلك أَن الاول لم يخلص لَهُ السّكُون إِذْ قد أعري من علامته وَأَنه لم يدغم إدغاما تَاما إِذا قد أعري مَا بعده من التَّشْدِيد وَغير جَائِز فِي هَذَا الضَّرْب أَن يَجْعَل على الاول عَلامَة السّكُون وعَلى الثَّانِي عَلامَة التَّشْدِيد كَمَا جَازَ ذَلِك فِي المدغم الَّذِي يبْقى مَعَه صَوته الْمركب فِيهِ من الغنة أَو الاطباق لَان الْحَرْف الاول هَا هُنَا متحرك فِي الْحَقِيقَة وَإِن لم يتم الصَّوْت وَلَا أشْبع اللَّفْظ بحركته لما ذَكرْنَاهُ من فَصله فِي ذَلِك الْحَال بَين المدغم والمدغم فِيهِ والحرف الاول هُنَاكَ سَاكن مَحْض فَجَاز جعل عَلامَة السّكُون فِيهِ كَذَلِك فَأَما قَوْله فِي سُورَة يُوسُف {مَا لَك لَا تأمنا} فَإِنَّهُ جَاءَ مرسوما فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بنُون وَاحِدَة على لفظ الادغام الصَّحِيح وَأجْمع ائمة الْقُرَّاء على الاشارة الى النُّون الاولى المدغمة فِي الثَّانِيَة وَاخْتلف اهل الاداء وعلماء الْعَرَبيَّة فِي كَيْفيَّة تِلْكَ الاشارة فَقَالَ بَعضهم هى الاشارة بالعضو وَهُوَ الشفتان الى ضمة النُّون الَّتِي كَانَت لَهَا فِي الاصل قبل الادغام وَقَالَ آخَرُونَ وَهُوَ الاكثر هِيَ الاشارة بالحركة الى النُّون لتأكيد دلَالَة ذَلِك على أصل الْكَلِمَة فالاولون يجْعَلُونَ النُّون الاولى مدغمة فِي النُّون الثَّانِيَة إدغاما تَاما لَان الاشارة بالشفتين لَيست بِصَوْت خَارج الى اللَّفْظ وَإِنَّمَا هِيَ تهيئة الْعُضْو للدلالة على كَيْفيَّة الْحَرَكَة لَا غير والاخرون يجْعَلُونَ النُّون الاولى مخفاة غير مدغمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 لَان الاشارة بالحركة هِيَ تضغيف الصَّوْت بهَا وَقد قُلْنَا إِن مَا ضعف الصَّوْت بحركته فالادغام التَّام يبطل مَعَه من حَيْثُ كَانَ بِمَنْزِلَة المتحرك فَإِن نقط ذَلِك على مَذْهَب من جعله إدغاما صَحِيحا جعل على النُّون السَّوْدَاء عَلامَة التَّشْدِيد وَجعل قبلهَا نقطة عَلامَة للاشارة الَّتِي هِيَ الاشمام وَيجوز أَن تجْعَل تِلْكَ النقطة الدَّالَّة عَلَيْهِ بعد النُّون لَان من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة من يَقُول إِن الْعُضْو يهيأ للإشمام بعد إخلاص السّكُون للنون الاولى وَقبل حُصُول إدغامها وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّه يهيأ لَهَا بعد الْفَرَاغ من الادغام وَصُورَة نقط ذَلِك على الْوَجْهَيْنِ {تأمنا} {تأمنا} وَإِذا جعلت النقطة قبل النُّون جعل قبلهَا بعد الْمِيم عَلامَة السّكُون جرة ليدل بذلك على أَن الاشمام بعد خلوص السّكُون وَإِن لم يَجْعَل لَهُ عَلامَة فَحسن وَلَا يجوز أَن تلْحق النُّون المدغمة بالحمرة بعد الْمِيم على مَذْهَب هَؤُلَاءِ لانها تذْهب فِي قَوْلهم بالادغام رَأْسا وَإِن نقط ذَلِك على مَذْهَب من جعله إخفاء فَفِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا أَن تلْحق نون بالحمرة بَين الْمِيم وَالنُّون السَّوْدَاء وَهِي النُّون الَّتِي هِيَ آخر الْفِعْل المعلة بالاخفاء لانها كالظاهرة لكَون حركتها فِي زنة المحققة وَتجْعَل أمامها نقطة وَتجْعَل على النُّون السَّوْدَاء عَلامَة التَّشْدِيد وَالثَّانِي أَلا تلْحق النُّون وَتجْعَل النقطة فِي موضعهَا وتشدد النُّون السَّوْدَاء فيستدل بِالْوَجْهَيْنِ على الاخفاء الَّذِي حكمه أَن يضعف الصَّوْت بحركته وَلَا يمقط فَيمْتَنع الْحَرْف الاول من الحرفين بذلك من أَن يَنْقَلِب الى لفظ الثَّانِي وَصُورَة نقط ذَلِك على الْوَجْهَيْنِ كَمَا ترى {تأمنا} {تأمنا} وَالْقَوْل بالاخفاء فِي ذَلِك أوجه وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 بَاب ذكر أَحْكَام الصلات لألفات الْوَصْل اعْلَم ان مَا قبل ألف الْوَصْل يَتَحَرَّك بالحركات الثَّلَاث بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم فَإِذا وصل السَّاكِن الَّذِي بعْدهَا بِهن سَقَطت من اللَّفْظ لأجلهن فَإِذا تحرّك مَا قبلهَا بِالْفَتْح جعل على رَأسهَا جرة لَطِيفَة دلَالَة على انفتاح مَا قبلهَا وعَلى سُقُوطهَا من اللَّفْظ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {تَتَّقُون الَّذِي} و {فَاسِقُونَ اعلموا} و {هَارُون اخلفني} و {من الله} وَشبهه وَإِن تحرّك بِالْكَسْرِ جعلت الجرة تحتهَا دلَالَة على انكسار مَا قبلهَا وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم} و {فَإِن اسْتَطَعْت} و {للْإنْسَان اكفر} وَشبهه وَإِن تحرّك بِالضَّمِّ جعلت الجرة فِي وَسطهَا دلَالَة على انضمام مَا قبلهَا وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {اشْتَروا الضَّلَالَة} و {نستعين اهدنا} و {على أَلا تعدلوا اعدلوا} و {يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا} وَشبهه وَسَوَاء كَانَت الحركات الثَّلَاث لَوَازِم أَو عوارض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فَإِن لحقهن تَنْوِين جعلت علامته مَعَ الْحَرَكَة نقطتين فَوق الْحَرْف فِي حَال النصب وَتَحْته فِي حَال الْخَفْض وامامه فِي حَال الرّفْع وَجعلت الجرة ابدا مَعَ ذَلِك تَحت ألف الْوَصْل لَان التَّنْوِين يكسر فِي ذَلِك لاجل سكونه وَسُكُون مَا بعد الالف وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {رحِيما النَّبِي} و {حسيبا الله} و {مريب الَّذِي} و {بِغُلَام اسْمه} {حَكِيم الطَّلَاق} و {حَكِيم انفروا} وَشبهه وَهَذَا مَا لم يَأْتِ بعد السَّاكِن الَّذِي اجتلبت همزَة الْوَصْل للابتداء بِهِ ضمة لَازِمَة فَإِن اتت بعده فالقراء مُخْتَلفُونَ فِي تَحْرِيك التَّنْوِين قبل السَّاكِن فِي ذَلِك فَمنهمْ من يكسرهُ للساكنين كَسَائِر مَا تقدم وَمِنْهُم من يضمه اتبَاعا للضمة الَّتِي بعد السَّاكِن وَدلَالَة على ان الف الْوَصْل الفاصلة بَينهمَا فِي الْخط تبتدأ بِالضَّمِّ لَا غير وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {فتيلا انْظُر} و {مُبين اقْتُلُوا} و {عُيُون ادخلوها} وَشبهه فعلى مَذْهَب من كسر تجْعَل الجرة تَحت الالف كَمَا تقدم وعَلى مَذْهَب من ضم تجْعَل فِي وَسطهَا ليدل بذلك على المذهبين من الْكسر وَالضَّم واهل النقط يسمون هَذِه الجرة صلَة لَان الْكَلَام الَّذِي قبل الالف الَّتِي هِيَ علامته يُوصل بِالَّذِي بعده فيتصلان وَتذهب هِيَ من اللَّفْظ بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَإِنَّمَا جعلهَا نقاط اهل بلدنا قَدِيما وحديثا جرة كالجرة الَّتِي هِيَ عَلامَة السّكُون من حَيْثُ اجْتمعت الف الْوَصْل مَعَ السَّاكِن فِي عدم الْحَرَكَة فِي حَال الْوَصْل والنقط كَمَا قدمنَا مَبْنِيّ عَلَيْهِ فَلذَلِك جمعُوا بَينهمَا فِي الْعَلامَة وَلَو جعل علامتها دارة صغرى لَكَانَ حسنا وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت الدارة عِنْد اهل الْمَدِينَة ونقاطهم عَلامَة للسكون وللحرف السَّاقِط من اللَّفْظ وَهَذَا من الاشياء اللطيفة الَّتِي تعزب حقائقها عَن الفهماء فضلا عَن الأغبياء فَأَما أهل الْمشرق فَإِنَّهُم يخالفون اهل الْمغرب فِي ذَلِك فيجعلون صلَة الف الْوَصْل فِي الْكسر على راس الالف ابدا وَلَا يعتبرون مَا قبلهَا وَلَا مَا بعْدهَا من الحركات مَعَ التَّنْوِين وَغَيره وَلَا يجعلونها جرة بل يجعلونها دَالا مَقْلُوبَة كَالَّتِي يحلق بهَا على الْكَلَام الزَّائِد فِي الْكتب دلَالَة على سُقُوطه وزيادته وَقد يجر ايضا عَلَيْهِ فتقتضي الجرة الَّتِي يستعملها اهل بلدنا الْمَعْنى الَّذِي اقتضته الدَّال المقلوبة من الزِّيَادَة والسقوط وَمذهب اهل بلدنا اوجه لما فِيهِ مَعَ ذَلِك من الْبَيَان عَن كَيْفيَّة الحركات وَحَال التَّنْوِين قبلهَا فِي حَال الْوَصْل وَقد جرى اسْتِعْمَال نقاط بلدنا على الدّلَالَة على كَيْفيَّة الِابْتِدَاء بِهَمْزَة الْوَصْل لاضطرار القارىء الى معرفَة ذَلِك اذا هُوَ قطع على الْكَلِمَة الَّتِي قبلهَا فيجعلون فَوق الالف نقطة بالخضراء اَوْ باللازورد فرقا بَين حركتها الَّتِي لَا تُوجد الا فِي حَال الِابْتِدَاء فَقَط وَبَين حركات الهمزات وَسَائِر الْحُرُوف اللائي يثبتن فِي الْحَالين من الْوَصْل والابتداء ويجعلن نقطا بالحمرة وَذَلِكَ اذا ابتدئت بِالْفَتْح فَإِن ابتدئت بِالْكَسْرِ جعلُوا تِلْكَ النقطة تَحت الالف وان ابتدئت بِالضَّمِّ جعلوها امامها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ونقاط اهل الْمشرق لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك ورايت فِي مصحف كتبه ونقطه حَكِيم بن عمرَان الناقط ناقط اهل الاندلس فِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ الحركات نقطا بالحمرة والهمزات بالصفرة والفات الْوَصْل المبتدا بِهن بالخضرة والصلات والسكون وَالتَّشْدِيد بقلم دَقِيق بالحمرة على نَحْو مَا حكيناه عَن نقاط اهل بلدنا والصلة فَوق الالف اذا انْفَتح مَا قبلهَا وتحتها اذا انْكَسَرَ مَا قبلهَا وَفِي وَسطهَا اذا انْضَمَّ مَا قبلهَا والالفات المحذوفات من الرَّسْم اختصارا مثبتات بالحمرة وعَلى الْحُرُوف الزَّوَائِد والحروف المخففة نَحْو {إِنَّا} و {لأوضعوا} و {أَفَإِن مت} و {أُولَئِكَ} و {أم من هُوَ قَانِت} وَشبهه دارة صغرى بالحمرة على مَا روينَاهُ عَن اهل الْمَدِينَة وَمَا جرى عَلَيْهِ اسْتِعْمَال اهل بلدنا وَوصل الي مصحف جَامع عَتيق كتب فِي اول خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك سنة عشر وَمِائَة كَانَ تَارِيخه فِي آخِره كتبه مُغيرَة بن مينا فِي رَجَب سنة مائَة وَعشر وَفِيه الحركات والهمزات والتنوين وَالتَّشْدِيد نقط بالحمرة على مارويناه عَن السالفين من نقاط أهل الْمشرق فصل وَإِن نقط مصحف على قِرَاءَة نَافِع من رِوَايَة ورش عَنهُ جعل على السَّاكِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الَّذِي يلقى عَلَيْهِ حَرَكَة الْهمزَة المبتدأة تقطة بالحمراء فَإِن كَانَت تِلْكَ الْحَرَكَة فَتْحة جعلت النقطة فَوق الْحَرْف السَّاكِن لانه متحرك بهَا وَإِن كَانَت كسرة جعلت النقطة تَحْتَهُ وَإِن كَانَت ضمة جعلت النقطة امامه وَجعل فِي مَوضِع الْهمزَة جرة عَلامَة لسقوطها من اللَّفْظ كسقوط همزَة الْوَصْل مِنْهُ فَإِن كَانَت الْهمزَة مَفْتُوحَة جعلت الجرة فِي أَعلَى الالف الَّتِي هِيَ صورتهَا وَإِن كَانَت مَكْسُورَة جعلت الجرة تحتهَا وَإِن كَانَت مَضْمُومَة جعلت الجرة فِي وَسطهَا دلَالَة على كَيْفيَّة حركتها المنقولة الى الْحَرْف السَّاكِن قبلهَا وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {هَل أَتَاك} و {قد أَفْلح} و {من أَتَى الله} و {قل تَعَالَوْا أتل} و {من إِلَه} و {من إستبرق} و {اذكر إِسْمَاعِيل} و {إِذا خلوا إِلَى} و {قَالَت أولاهم} و {قَالَت أخراهم} و {فَمن أُوتِيَ} و {ذواتي أكل} و {من أولئكم} وَشبهه فَإِن كَانَ بعد الْهمزَة الْمَنْقُول حركتها الى السَّاكِن الف سَوَاء كَانَت مبدلة من همزَة اَوْ غير مبدلة وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {من آمن} و {لقد آتيناك} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 و {نبأ ابْني آدم} و {كل أَتَوْهُ} وَشبهه جعلت الصِّلَة فِي مَوضِع الْهمزَة عَن يَمِين الالف وَبَعض اهل بلدنا يَجْعَل على رَأس الالف عَلامَة السّكُون ليدل بذلك على ان بعد الْهمزَة الْمَنْقُول حركتها الى السَّاكِن الف بِخِلَاف مَا تقدم من النَّوْع الَّذِي لَا الف بعد الْهمزَة فِيهِ وَذَلِكَ حسن وَإِن أعريت الالف المصورة من ذَلِك فَحسن ايضا لَان فِي وُقُوع الصِّلَة الَّتِي هِيَ دَلِيل الْهمزَة قبل الالف دَلِيل على ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 بَاب ذكر احكام نقط الْهمزَة المفردة اللينة اعْلَم أَن الْهمزَة المفردة الَّتِي تقع حَشْوًا فِي الْكَلِمَة وَيخْتَلف فِي تحقيقها وتليينها ترد على ثَلَاثَة اضْرِب فالاول مِنْهَا أَن تتحرك وَمَا قبلهَا بِالْفَتْح وَذَلِكَ فِي نَحْو قَوْله {هَا أَنْتُم} و {أَرَأَيْت} و {أَرَأَيْتُم} و {أَفَرَأَيْت} و {أَفَرَأَيْتُم} و {كَأَنَّهُمْ} و {أفأنت} و {إِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت} وَشبهه مِمَّا ورد الِاخْتِلَاف فِيهِ عَن ائمة الْقِرَاءَة عل نَحْو مَا ذكر فِي كتاب الْحُرُوف وَالضَّرْب الثَّانِي أَن تتحرك بِالْفَتْح وَمَا قبلهَا بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {لَيْلًا} و {بِأَنَّهُ} و {بِأَنَّهُم} و {بِأَن الله} و {خاسئا} و {بالخاطئة} و {رئاء النَّاس} وَشبهه مِمَّا يخْتَلف فِيهِ وَالضَّرْب الثَّالِث أَن تتحرك بِالْفَتْح وَمَا قبلهَا بِالضَّمِّ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {فليؤد} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 و {يؤده} و {مُؤذن} و {مُؤَجّلا} و {الْمُؤَلّفَة} وَشبهه مِمَّا اخْتلف فِيهِ فَإِذا نقط ذَلِك كُله على مَذْهَب من لين الْهمزَة المتوسطة من فِي الْقُرَّاء جعل فِي مَوضِع الَّتِي صورتهَا الف لانفتاح مَا قبلهَا نقطة بالحمراء على رَأس الالف وَفِي مَوضِع الَّتِي صورتهَا يَاء لانكسار مَا قبلهَا نقطة بالحمراء على رَأس الْيَاء وَفِي مَوضِع الَّتِي صورتهَا وَاو لانضمام مَا قبلهَا نقطة بالحمراء على رَأس الْوَاو فَيدل بذلك على تليينها وتسهيلها ويتحقق ايضا بِإِثْبَات الْحَرَكَة وَإِسْقَاط النبرة أَنَّهَا فِي زنة المتحركة فَأَما قَوْله {إِلَى} حَيْثُ وَقع على قِرَاءَة من لين الْهمزَة فَفِي نقط الْيَاء الَّتِي هِيَ خلف من الْهمزَة وَجْهَان إِن شَاءَ الناقط جعل تحتهَا نقطة بالحمراء وَجعل فَوْقهَا دارة عَلامَة لتخفيفها وَدلَالَة على انها همزَة ملينة وَإِن شَاءَ أعراها من النقطة إِذْ كسرهَا لَيْسَ بخالص وَجعل الدارة وَحدهَا عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 فَإِن قَالَ قَائِل من أَيْن جعلت عَلامَة تليين الْهمزَة فِيمَا تقدم نقطة لَا غير وتليينها يخْتَلف فِي ذَلِك من حَيْثُ كَانَت المفتوح مَا قبلهَا مجعولة فِي التليين بَين بَين وَكَانَت المكسور مَا قبلهَا والمضموم مَا قبلهَا مبدلتين فِيهِ حرفا صَحِيحا يَاء أَو واوا قلت جعلت ذَلِك من حَيْثُ عدل بالمجعولة بَين بَين والمبدلة حرفا خَالِصا عَن حَال التَّحْقِيق طلبا للخفة وتسهيل اللَّفْظ وحصلتا مَعًا فِي حَال التَّخْفِيف وَإِن اخْتلف حكمهمَا فِيهِ فقد جَمعهمَا الْخُرُوج عَن الاصل الَّذِي هُوَ التَّحْقِيق الى الْفَرْع الَّذِي هُوَ التَّخْفِيف فَلذَلِك سوي بَين علامتيهما دلَالَة على ذَلِك وإشعارا بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 بَاب ذكر أَحْكَام الهمزتين اللَّتَيْنِ فِي كلمة اعْلَم ان الهمزتين تلتقيان فِي كلمة وَاحِدَة على ثَلَاثَة اضْرِب فالضرب الاول ان تتحركا مَعًا فالفتح وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {أأنذرتهم} و {أأنتم أعلم} و {أأسجد} و {أألد} و {أأتخذ} وَشبهه وَالضَّرْب الثَّانِي ان تتحرك الاولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {أئذا} و {أإله} و {أئنك لأَنْت} و {أئنا لمردودون} وَشبهه وَالضَّرْب الثَّالِث أَن تتحرك الاولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالضَّمِّ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {أأنزل عَلَيْهِ} و {أؤلقي الذّكر} و {أشهدوا خلقهمْ} على قِرَاءَة نَافِع فَأَما الْهمزَة الاولى فِي هَذِه الاضرب الثَّلَاثَة فَلَا خلاف بَين ائمة الْقِرَاءَة فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 تحقيقها لكَونهَا مُبتَدأَة والمبتدأة لَا تلين من حَيْثُ كَانَ التليين يقربهَا من السَّاكِن والابتداء بالساكن مُمْتَنع فَلذَلِك انْعَقَد الْإِجْمَاع على تحقيقها فَإِن وصلت بساكن جامد قبلهَا فنافع من رِوَايَة ورش يلقِي حركتها على ذَلِك السَّاكِن ويسقطها من اللَّفْظ تَخْفِيفًا كَقَوْلِه {رَحِيم أَأَشْفَقْتُم} و {قل أأنتم} و {عَجِيب أئذا} و {إِلَّا اخْتِلَاق أأنزل} وَشبهه وَأما الْهمزَة الثَّانِيَة فَاخْتَلَفُوا فِي تحقيقها على الأَصْل وَفِي تليينها وَفِي إِدْخَال ألف فاصلة فِي حَال التَّحْقِيق والتليين بَين الهمزتين وَذَلِكَ بعد إِجْمَاع كتاب الْمَصَاحِف على حذف صُورَة إِحْدَى الهمزتين من الرَّسْم كَرَاهَة للْجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين واكتفاء بِالْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَاخْتلف عُلَمَاء الْعَرَبيَّة فِي أَيهمَا المحذوفة فَقَالَ الْكسَائي المحذوفة من الهمزتين الِاسْتِفْهَام من حَيْثُ كَانَت حرفا زَائِدا دَاخِلا على الْكَلِمَة والثابتة همزَة الأَصْل أَو الْقطع من حَيْثُ كَانَت لَازِمَة للكلمة وعَلى هَذَا القَوْل عَامَّة اصحاب الْمَصَاحِف وَقَالَ الْفراء وَاحْمَدْ بن يحيى وابو الْحسن بن كيسَان المحذوفة مِنْهُمَا همزَة الأَصْل أَو الْقطع والمرسومة همزَة الِاسْتِفْهَام وَذَلِكَ من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا ان همزَة الِاسْتِفْهَام مُبتَدأَة والمبتدأة لَا تحذف صورتهَا فِي نَحْو {أَمر} و {أمرا} و {أنزل} وَشبهه بِإِجْمَاع وَذَلِكَ من حَيْثُ لم يجز تخفيفها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 فِي تِلْكَ الْحَال لَا بِحَذْف وَلَا بتسهيل لعدم مَا يَنُوب عَنْهَا هُنَاكَ وَالثَّانيَِة انها دَاخِلَة لِمَعْنى وَهُوَ الاستخبار فَوَجَبَ رسمها وَإِثْبَات صورتهَا ليتأدى بذلك الْمَعْنى الَّذِي دخلت لَهُ واجتلبت لأَجله وَكَذَا اخْتلَافهمْ فِي همزَة الِاسْتِفْهَام اذا دخلت على همزَة الْوَصْل الَّتِي مَعهَا لَام التَّعْرِيف نَحْو قَوْله {آلذكرين} و {آللَّهُ أذن لكم} و {آلآن وَقد عصيت} وَشبهه والوجهان فِي ذَلِك صَحِيحَانِ فَأَما نقط الضَّرْب الاول على قِرَاءَة من سهل الْهمزَة الثَّانِيَة وَلم يفصل بَينهمَا وَبَين الْهمزَة الاولى بِأَلف فَهُوَ ان تجْعَل نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء قبل الالف المصورة وَتجْعَل على الالف المصورة نقطة بالحمراء فَقَط فَيدل بذلك على تَحْقِيق الْهمزَة الاولى وتسهيل الْهمزَة الثَّانِيَة هَذَا على قَول من قَالَ إِن الْهمزَة الاولى هِيَ الْمَحْذُوف صورتهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى {أأنذرتهم} {أَنْتُم} {أألد} {أَأَشْفَقْتُم} وَشبهه وعَلى قَول من قَالَ إِن الْهمزَة الثَّانِيَة هِيَ المحذوفة صورتهَا تجْعَل النقطة الصَّفْرَاء وحركتها نقطة بالحمراء فِي الالف المصورة وترسم بعْدهَا الف بالحمراء وَتجْعَل على رَأسهَا نقطة بالحمراء عَلامَة للتسهيل وَإِن شَاءَ الناقط لم يرسم ذَلِك وَجعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 النقطة بالحمراء فِي موضعهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى {أأنذرتهم} {أأنتم} {أَلد} {أَأَشْفَقْتُم} وَشبهه وَأما نقط ذَلِك على قِرَاءَة من سهل وَفصل بالالف على المذهبين جَمِيعًا فَكَمَا تقدم سَوَاء وَتجْعَل الالف الفاصلة بالحمراء بَين الْهمزَة المحققة الَّتِي علامتها نقطة بالصفراء وَبَين الْهمزَة المسهلة الَّتِي علامتها نقطة بالحمراء وَإِن شَاءَ الناقط لم يَجْعَل ألفا وَجعل فِي موضعهَا مطة إِذْ فِي ذَلِك إِعْلَام بِالْفَصْلِ وَصُورَة ذَلِك على القَوْل الاول كَمَا ترى {أأنذرتهم} {أأنتم} {أألد} {أَأَشْفَقْتُم} وعَلى الثَّانِي {أأنذرتهم} {أأنتم} {أألد} {أَأَشْفَقْتُم} وَأما نقط هَذَا الضَّرْب على قِرَاءَة من حقق الهمزتين مَعًا فَهُوَ أَن تجْعَل الْهمزَة الاولى نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء قبل الالف المصورة وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا فِي الالف المصورة هَذَا على قَول من قَالَ إِن الْهمزَة الاولى هِيَ الْمَحْذُوف صورتهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى {أأنذرتهم} {أأنتم} {أألد} {أَأَشْفَقْتُم} وَشبهه وعَلى قَول من قَالَ إِن الْهمزَة الثَّانِيَة هِيَ الْمَحْذُوف صورتهَا تجْعَل الْهمزَة الاولى وحركتها فِي الالف المصورة وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة وحركتها بعد تِلْكَ الالف وَإِن شَاءَ الناقط جعل لَهَا صُورَة بالحمراء وَإِن شَاءَ لم يَجْعَل لَهَا صُورَة وَاكْتفى بِالْهَمْزَةِ وَالْحَرَكَة مِنْهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أءنذرتهم أءنتم أءلد أءشفقتم وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وَتجْعَل بَين الهمزتين فِي مَذْهَب من فصل بَينهمَا بِأَلف ألف أَو مطة بالحمراء على الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَصُورَة ذَلِك على الاول ءأنذرتهم وءأنتم ءألد ءأشفقتم وعَلى الثَّانِي أءنذرتهم أءنتم أءلد أءشفقتم فصل فَأَما مَا تدخل فِيهِ همزَة الِاسْتِفْهَام على همزَة الْوَصْل الَّتِي مَعهَا لَام التَّعْرِيف فَلَيْسَ اُحْدُ من الْقُرَّاء يُحَقّق همزَة الْوَصْل وَلَا يفصل بَينهَا وَبَين همزَة الِاسْتِفْهَام بِأَلف فِي ذَلِك وَهُوَ إِجْمَاع من الْعَرَب أَيْضا وَذَلِكَ من حَيْثُ لم تقو همزَة الْوَصْل قُوَّة غَيرهَا من الهمزات وَإِنَّمَا شبهت هَاهُنَا بِهن لما احْتِيجَ الى إِثْبَاتهَا فِيهِ ليتميز بإثباتها الِاسْتِفْهَام من الْخَبَر لَا غير فَلذَلِك لم تتَحَقَّق نبرتها وَلم يفصل بِأَلف بَينهَا وَبَين همزَة الِاسْتِفْهَام فَإِذا نقط ذَلِك على مَذْهَب الْجَمِيع جعلت نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء قبل الالف السَّوْدَاء وَجعل فِي راس الالف السَّوْدَاء نقطة بالحمراء فَقَط هَذَا على قَول من قَالَ ان همزَة الِاسْتِفْهَام هِيَ الْمَحْذُوف صورتهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترىءالذكرينءَاللَّه ءالئن وَشبهه وعَلى قَول من قَالَ ان همزَة الْوَصْل هِيَ الْمَحْذُوف صورتهَا تجْعَل النقطة الصَّفْرَاء وحركتها فِي الالف السَّوْدَاء وَتجْعَل النقطة الْحَمْرَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التسهيل بعد الالف السَّوْدَاء وان شَاءَ الناقط جعل لَهَا صُورَة بالحمراء كَمَا تقدم وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أالذكرين أالله أالئن وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 واكثر النَّحْوِيين والقراء يَزْعمُونَ ان همزَة الْوَصْل فِي هَذَا النَّوْع تبدل ابدالا مَحْضا وَلَا تجْعَل بَين بَين فَتَصِير فِي مَذْهَبهم مُدَّة مشبعة فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب جعل مَكَان النقطة الْحَمْرَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التسهيل مطة بالحمراء ليدل بذلك على الْبَدَل الْمَحْض وَصُورَة ذَلِك على الْقَوْلَيْنِ كَمَا ترىءالذكرينءَاللَّه ءالئن أالذكرين أالله أالئن فصل واما مَا تدخل فِيهِ همزَة الِاسْتِفْهَام على همزتين الاولى همزَة الْقطع وَالثَّانيَِة همزَة الاصل وَهُوَ مُتَّصِل بِالضَّرْبِ الاول وَجُمْلَة مَا جَاءَ فِي كتاب الله تَعَالَى من ذَلِك اربعة مَوَاضِع فِي الاعراف وطه وَالشعرَاء ءامنتم وَفِي الزخرف ءألهتنا فَإِن الْقُرَّاء اخْتلفُوا فِي ذَلِك على ثَلَاثَة اوجه مِنْهُم من يقرا هَذِه الْمَوَاضِع بالاستفهام وَتَحْقِيق الهمزتين همزَة الِاسْتِفْهَام وهمزة الْقطع بعْدهَا وَمِنْهُم من يقْرؤهَا بالاستفهام وَتَحْقِيق همزته وتسهيل همزَة الْقطع بعْدهَا وَمِنْهُم من يقْرؤهَا على لفظ الْخَبَر وَكلهمْ ابدل همزَة الاصل فِي ذَلِك الْفَا من حَيْثُ كَانَت سَاكِنة وَلم يفصل بَين همزَة الِاسْتِفْهَام وَبَين همزَة الْقطع بِأَلف من حقق الهمزتين مِنْهُم وَمن سهل احداهما كَرَاهَة لتوالي ارْبَعْ ألفات فِي ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَاتفقَ كتاب الْمَصَاحِف على رسم هَذِه الْمَوَاضِع بِأَلف وَاحِدَة لما ذكرنَا من كراهتهم لِاجْتِمَاع صور متفقة واكتفائهم بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ وتحتمل تِلْكَ الالف المرسومة ثَلَاثَة اوجه ان تكون همزَة الِاسْتِفْهَام من حَيْثُ كَانَت دَاخِلَة لِمَعْنى لَا بُد من تأديته وان تكون همزَة الْقطع من حَيْثُ كَانَت كاللازمة وان تكون همزَة الاصل من حَيْثُ كَانَت من نفس الْكَلِمَة فَإِذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من حقق همزَة الِاسْتِفْهَام وَسَهل همزَة الْقطع بعْدهَا وَجعلت الالف المصورة همزَة الِاسْتِفْهَام جعل على تِلْكَ الالف نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء وَجعل بعد الالف نقطة بالحمراء فَقَط ورسم بعْدهَا الف بالحمراء ليدل بذلك على ان بعد الْهمزَة المسهلة ألفا سَاكِنة هِيَ بدل من همزَة فَاء الْفِعْل الساكنة وَلَا بُد من رسم هَذِه الالف فِي هَذَا الْوَجْه لما ذكرنَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أامنتم أالهتنا فَإِن جعلت الالف المصورة همزَة الْقطع الزَّائِدَة على فَاء الْفِعْل جعلت النقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل الالف السَّوْدَاء وَجعل على الالف نقطة بالحمراء ورسم بعْدهَا ألف بالحمراء ليدل على فَاء الْفِعْل بذلك وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترىءامنتم ءالهتنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وان جعلت الالف المصورة همزَة الاصل المبدلة الْفَا جعلت النقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل تِلْكَ الالف المصورة فِي السطر ورسم بعْدهَا الف بالحمراء وَجعل عَلَيْهَا نقطة بالحمراء فَقَط فَتحصل هَذِه الالف بَين الْهمزَة الَّتِي علامتها نقطة بالصفراء وَبَين الالف السَّوْدَاء وان شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الالف وَجعل النقطة بالحمراء فِي موضعهَا لَا غير وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترىءامنتم ءالهتنا وَالْوَجْه الثَّانِي الَّذِي تجْعَل فِيهِ الالف المرسومة همزَة الْقطع اوجه عِنْدِي من قبل ان الْحَرْف لَا يتوالى فِيهِ كَمَا يتوالى فِي الْوَجْهَيْنِ الآخرين وعَلى ذَلِك أَصْحَاب الْمَصَاحِف وَهُوَ اخْتِيَاري واليه اذْهَبْ وَبِه أنقط واذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من حقق الهمزتين همزَة الِاسْتِفْهَام وهمزة الْقطع فعل فِيهِ كَمَا فعل فِي مَذْهَب من سهل الْهمزَة الثَّانِيَة الا انه تجْعَل مَكَان النقطة الْحَمْرَاء الدَّالَّة على التسهيل نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء وَصُورَة ذَلِك على الْوَجْه الاول كَمَا ترى أءمنتم أءلهتنا وعَلى الثَّانِي ءأمنتم ءألهتنا وعَلى الثَّالِث ءأمنتم ءألهتنا وان نقطت هَذِه الْمَوَاضِع على قِرَاءَة من قَرَأَهَا على لفظ الْخَبَر جعل قبل الالف المصورة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء لَا غير لَان تِلْكَ الالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 المصورة على هَذِه الْقِرَاءَة الف الاصل من حَيْثُ كَانَت مبدلة من همزَة فَاء الْفِعْل لَا غير كَمَا هِيَ فِي نَظَائِر ذَلِك نَحْو قَوْله ءامن الرَّسُول وءالهتك وءامنهم وءاتى المَال وَشبهه وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترىءامنتم وءالهتنا وَقد روى القواس احْمَد بن مُحَمَّد بن عون عَن اصحابه عَن ابْن كثير انه يسهل همزَة الِاسْتِفْهَام وهمزة الْقطع فِي قَوْله فِي الاعراف قَالَ فِرْعَوْن ءأمنتم بِهِ فيبدل همزَة الِاسْتِفْهَام واوا مَفْتُوحَة لانضمام مَا قبلهَا وَيجْعَل همزَة الْقطع بَين الْهمزَة والالف طلبا للتَّخْفِيف وتسهيل اللَّفْظ بذلك فَإِذا نقط ذَلِك على هَذِه الْقِرَاءَة جعل على الالف المصورة نقطة بالحمراء ورسم قبلهَا وَاو بالحمراء وَجعل عَلَيْهَا نقطة لانها مبدلة بَدَلا خَالِصا ورسم ايضا بعد تِلْكَ الالف الف بالحمراء ليؤذن بِأَنَّهَا بعْدهَا فِي الاصل وَاللَّفْظ وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى فِرْعَوْن وامنتم وَقد يجوز فِي نقط ذَلِك مَا جَازَ فِي نقطه على قِرَاءَة من حقق همزَة الِاسْتِفْهَام وَسَهل همزَة الْقطع الا انه تجْعَل مَكَان النقطة الصَّفْرَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة همزَة الِاسْتِفْهَام المحققة نقطة بالحمراء فَقَط فصل واما نقط الضَّرْب الثَّانِي من الثَّلَاثَة الاضرب على قِرَاءَة من سهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 الْهمزَة الثَّانِيَة وَلم يفصل بَينهَا وَبَين الْهمزَة الاولى المحققة بِأَلف فَهُوَ ان تجْعَل نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا على الالف المصورة وَتجْعَل بعْدهَا فِي السطر نقطة بالحمراء لَا غير فَيدل بذلك على تَحْقِيق همزَة الِاسْتِفْهَام وتسهيل همزَة الاصل وان شَاءَ الناقط جعل فِي مَوضِع النقطة الْحَمْرَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التسهيل يَاء بالحمراء والحقها بالحرف من حَيْثُ قربت الْهمزَة المسهلة فِي هَذَا الضَّرْب مِنْهَا الا انها اذا الحقت اعريت من الْحَرَكَة لانها لَيست بياء مَكْسُورَة خَالِصَة وانما هِيَ بَين الْهمزَة المحققة وَالْيَاء الساكنة وانما اطلقنا للناقط الحاق يَاء بعد همزَة الِاسْتِفْهَام من حَيْثُ رسمها كتاب الْمَصَاحِف بِالسَّوَادِ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة من هَذَا الضَّرْب دلَالَة على التسهيل ليَأْتِي الضَّرْب كُله على صُورَة وَاحِدَة وَالَّذِي اخْتَارَهُ الا تلْحق الْيَاء فِي ذَلِك وان تجْعَل النقطة فِي موضعهَا وَهَذَا الَّذِي حكيناه من جعل النقطة بالصفراء على الالف وَجعل نقطة اَوْ يَاء بعْدهَا بالحمراء هُوَ قَول من زعم ان همزَة الِاسْتِفْهَام من احدى الهمزتين هِيَ المرسومة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أءذا أءلة أءنك أءنا وَشبهه فَأَما من زعم ان المرسومة همزَة الاصل فَإِن النقطة الصَّفْرَاء وحركتها تجعلان على قَوْله قبل الالف السَّوْدَاء وَتجْعَل تَحت تِلْكَ الالف نقطة بالحمراء فَقَط وَلَا يجوز ان تجْعَل فِي مَوضِع النقطة يَاء كَمَا جَازَ ذَلِك فِي الْوَجْه الاول من حَيْثُ كَانَت تِلْكَ الالف صُورَة للهمزة المحققة فِي الاصل قبل التسهيل وَصُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ذَلِك كَمَا ترىءاذا ءالة ءانك ءانا وَشبهه وتلحق الف بالحمراء بَين الْهمزَة المحققة الَّتِي علامتها نقطة بالصفراء وَبَين الْهمزَة المسهلة الَّتِي علامتها نقطة بالحمراء اَوْ يَاء بالحمراء فِي مَذْهَب من فصل بَين المحققة والمسهلة بالالف وان شَاءَ الناقط لم يلْحق الْفَا وَجعل فِي موضعهَا مطة فَقَط وَصُورَة ذَلِك على قَول من جعل الالف المصورة همزَة الِاسْتِفْهَام كَمَا ترى أءذا أءلة أءنك أءنا وَصورته على قَول من جعل الالف المصورة همزَة الاصل كَمَا ترىءاذا ءالة ءانك ءانا ورايت جمَاعَة من عُلَمَاء اهل النقط يجْعَلُونَ الْهمزَة المحققة فِي هَذَا الضَّرْب فِي مَذْهَب من فصل قبل الالف السَّوْدَاء ويجعلون الْهمزَة المسهلة نقطة بالحمراء بعْدهَا ويجعلون على الالف السَّوْدَاء مطة فيحققون بذلك ان الفاصلة الَّتِي قد يحذف من الرَّسْم مَا هُوَ اَوْ كد مِنْهَا واولى هِيَ المرسومة وَذَلِكَ خطأ لَا شكّ فِيهِ لَان من الْقُرَّاء من لَا يفصل فِي حَال تَحْقِيق وَلَا تسهيل ولان همزَة الِاسْتِفْهَام الدَّاخِلَة لِمَعْنى وهمزة الاصل الَّتِي هِيَ لَازِمَة للكلمة وَمن نَفسهَا اولى بالرسم من الف تجتلب لتحقيق النُّطْق لَا غير هَذَا مَا لَا تخفى صِحَّته وَالْخَطَأ فِي خِلَافه على من لَهُ ادنى فهم واقل تَمْيِيز فَأَما نقط هَذَا الضَّرْب على قِرَاءَة من حقق الهمزتين مَعًا فكنقطه على قِرَاءَة من سهل الْهمزَة الثَّانِيَة الا انه تجْعَل فِي مَوضِع الْهمزَة المسهلة الَّتِي علامتها نقطة بالحمراء فَقَط نقطة بالصفراء وحركتها تحتهَا نقطة بالحمراء ليؤذن بذلك بتحقيقها وَصُورَة ذَلِك على قَول من زعم ان همزَة الِاسْتِفْهَام هِيَ المصورة كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ترى أءذا أءله أءنك أءنا وَصورته على قَول من زعم ان همزَة الاصل هِيَ المصورة كَمَا ترىءاذا ءاله ءانك ءانا وَتجْعَل بَين الهمزتين فِي مَذْهَب من فصل بَينهمَا بِأَلف ألف اَوْ مطة بالحمراء على الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَصُورَة ذَلِك على الاول أءذا أءله أءنك أءنا وعَلى الثَّانِي ءاذا ءاله ءانك ءانا فَأَما مَا جَاءَت الْهمزَة المسهلة فِيهِ من هَذَا الضَّرْب مرسومة يَاء بِالسَّوَادِ كَقَوْلِه أئنكم فِي الانعام وَفِي النَّمْل وَفِي الثَّانِي من العنكبوت وَفِي فصلت وأثنا فِي النَّمْل والصفت وأئن لنا فِي الشُّعَرَاء وأئذا فِي الْوَاقِعَة وأئن ذكرْتُمْ فِي يس وأئفكا فِي وَالصَّافَّات فَإِن الالف المصورة فِي ذَلِك هِيَ همزَة الِاسْتِفْهَام لَا غير لَان الْهمزَة المسهلة قد صورت بعْدهَا على نَحْو حركتها اعلاما بتسهيلها وان لم تكن يَاء خَالِصَة فِي الْحَقِيقَة فَإِنَّهَا مقربة مِنْهَا والمقرب من الشَّيْء قد يحكم لَهُ بِحكم الشَّيْء وان لم يكن كَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الا ترى ان الْهمزَة الْمَفْتُوحَة لَا تجْعَل بَين بَين قبل ضمة اَوْ كسرة بل تبدل مَعَ الضمة واوا وَمَعَ الكسرة يَاء وَذَلِكَ انها لَو جعلت بَين بَين لَصَارَتْ بَين الْهمزَة والالف والالف لَا يكون مَا قبلهَا مضموما وَلَا مكسورا كَذَلِك لَا يكون قبل مَا قرب بالتسهيل مِنْهَا فَكَمَا حكم هَا هُنَا للمقرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 من الالف بِحكم الالف فَكَذَلِك حكم هُنَاكَ للهمزة المجعولة بَين الْهمزَة وَالْيَاء فِي الصُّورَة حكم الْيَاء الْخَالِصَة فصورت يَاء فَإِذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من سهل جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء على الالف المصورة واعريت الْيَاء السَّوْدَاء بعْدهَا من الْحَرَكَة من حَيْثُ كَانَت خلفا من همزَة مَكْسُورَة وَلم تكن يَاء مَكْسُورَة خَالِصَة الْكسر وَمن اهل النقط من يَجْعَل تحتهَا كسرة وَيجْعَل مَعهَا دارة صغرى عَلامَة لتخفيفها وانها لَيست بمشبعة الكسرة وَذَلِكَ على سَبِيل التَّقْرِيب على القارئين وَهُوَ عِنْدِي حسن وَصُورَة نقط ذَلِك على الْوَجْه الاول كَمَا ترى أينكم أَيّنَا أَيْن لنا أيفكا أَيْن ذكرْتُمْ وعَلى الْوَجْه الثَّانِي أينكم أَيّنَا أَيْن لنا أيفكا أَيْن ذكرْتُمْ وان نقط على قِرَاءَة من حقق الهمزتين جعلت الْهمزَة الاولى وحركتها فِي الالف وَجعلت الْهمزَة الثَّانِيَة فِي الْيَاء وحركتها تحتهَا وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أئنكم أئنا أئن أئفكا أئن ذكرْتُمْ وَتجْعَل الالف الفاصلة فِي حَال التَّحْقِيق والتسهيل بَين الالف وَالْيَاء فصل واما نقط الضَّرْب الثَّالِث من الأضراب الثَّلَاثَة على قِرَاءَة من سهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الْهمزَة الثَّانِيَة وَلم يفصل بَينهَا وَبَين الْهمزَة الاولى المحققة بالالف فَهُوَ ان تجْعَل نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء فِي الالف المصورة وَتجْعَل بعْدهَا فِي السطر نقطة بالحمراء لَا غير فَيدل بذلك على تَحْقِيق الْهمزَة الاولى وتسهيل الْهمزَة الثَّانِيَة وانه نحي بهَا نَحْو الْوَاو وَهَذَا على قَول من جعل الالف المصورة همزَة الِاسْتِفْهَام وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أءنزل أءلقي أءشهدوا وان شَاءَ الناقط جعل فِي مَوضِع النقطة الْحَمْرَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التسهيل واوا صغرى بالحمراء ويعريها من الْحَرَكَة من حَيْثُ كَانَت خلفا من همزَة وَلم تكن واوا مشبعة الْحَرَكَة كَمَا جعل فِي مَوضِع الْمَكْسُورَة المسهلة يَاء اذ قد رسم كتاب الْمَصَاحِف الْهمزَة المسهلة واوا بِالسَّوَادِ فِي مَوضِع وَاحِد من هَذَا الضَّرْب وَهُوَ قَوْله فِي آل عمرَان قل أؤنبئكم ليَأْتِي الْبَاب كُله على مَذْهَب وَاحِد من التسهيل وَالْمذهب الاول اخْتَار لما قَدمته قبل فَإِن قيل فَمَا وَجه رسمهم الْهمزَة الثَّانِيَة فِي الضربين الاخيرين بالحرف الَّذِي مِنْهُ حركتها فِي بعض الْمَوَاضِع وَترك رسمهم اياها اصلا فِي بَعْضهَا قيل وَجه ذَلِك ارادتهم التَّعْرِيف بِالْوَجْهَيْنِ من التَّحْقِيق والتسهيل فِي تِلْكَ الْهمزَة فالموضع الَّذِي جَاءَت الْيَاء وَالْوَاو فِيهِ مرسومتين دَلِيل على التسهيل والموضع الَّذِي جاءتا فِيهِ غير مرسومتين دَلِيل على التَّحْقِيق وَذَلِكَ من حَيْثُ كَرهُوا ان يجمعوا بَين صُورَتَيْنِ متفقتين فَلذَلِك حذفوا احدى الصُّورَتَيْنِ واكتفوا بالواحدة مِنْهُمَا ايجازا واختصارا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وَمن جعل الالف المصورة همزَة الْقطع جعل النقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل الالف وَجعل فِي الالف اَوْ امامها النقطة بالحمراء وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترىءانزل ءالقي ءاشهدوا وَجعل بَين الْهمزَة المحققة وَبَين الْهمزَة الملينة مَذْهَب من فصل بَينهمَا بِأَلف ألفا بالحمراء اَوْ مطة فِي موضعهَا وَصُورَة ذَلِك على قَول من جعل همزَة الِاسْتِفْهَام هِيَ المصورة كَمَا ترى أءنزل أءلقى أءشهدوا وَصورته على قَول من جعل همزَة الْقطع هِيَ المصورة كَمَا ترىءأنزل ءالقىءاشهدوا فَأَما نقط هَذَا الضَّرْب على قِرَاءَة من حقق الهمزتين مَعًا فكنقطه على قِرَاءَة من سهل الْهمزَة الثَّانِيَة غير انه يَجْعَل فِي مَكَان الْهمزَة المسهلة الَّتِي علامتها نقطة بالحمراء فَقَط نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء امامها وَصُورَة ذَلِك على القَوْل الَّذِي تجْعَل فِيهِ همزَة الِاسْتِفْهَام هِيَ المصورة كَمَا ترى أءنزل أءلقي وعَلى القَوْل الَّذِي تجْعَل فِيهِ همزَة الْقطع هِيَ المصورة كَمَا ترىءأنزل ءالقى وَتجْعَل بَين الهمزتين فِي مَذْهَب من فصل بَينهمَا بِأَلف ألف أَو مطة بالحمراء وَصُورَة ذَلِك على القَوْل الاول أءنزل أءلقي وعَلى الثَّانِي ءأنزل ءألقي فَأَما الْموضع الَّذِي رسمت فِيهِ الْهمزَة الثَّانِيَة واوا على مُرَاد التسهيل وَهُوَ قَوْله فِي آل عمرَان قل أؤنبئكم فَإِن الالف المصورة قبلهَا هِيَ همزَة الِاسْتِفْهَام لَا غير وَذَلِكَ من حَيْثُ صوروا الْهمزَة الثَّانِيَة بالحرف الَّذِي مِنْهُ حركتها فَإِذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من سهل جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 عَلَيْهَا نقطة بالحمراء فِي الالف واعريت الْوَاو بعْدهَا من الْحَرَكَة لِأَنَّهَا لَيست بواو مشبعة الْحَرَكَة وانما هِيَ خلف من همزَة مَضْمُومَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أؤنبئكم وَمن اهل النقط من يَجْعَل امام الْوَاو نقطة وعَلى الْوَاو دارة عَلامَة لتخفيفها وَهُوَ وَجه والاول احسن وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أونبئكم وان نقط ذَلِك على قِرَاءَة من حقق الهمزتين جعلت الْهمزَة الاولى وحركتها على الالف وَجعلت الْهمزَة الثَّانِيَة فِي الْوَاو وحركتها امامها وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أؤنبئكم وَتجْعَل الالف الفاصلة فِي مَذْهَب من سهل اَوْ حقق بَين الالف وَالْوَاو وَصُورَة ذَلِك فِي التسهيل أونبئكم وَفِي التَّحْقِيق أؤنبئكم مَا ورد من هَذَا الضَّرْب وَالَّذِي قبله مرسوما بِالْوَاو بعد الالف المصورة فَهُوَ على مُرَاد التسهيل وَتَقْدِير الِاتِّصَال وَمَا ورد فيهمَا مرسوما بِغَيْرِهِمَا فَهُوَ على مُرَاد التَّحْقِيق وَتَقْدِير الِانْفِصَال الا ان احدى الالفين حذفت اختصارا لما قد مناه وَقد اخْتلف اهل النقط فِي جعل الْهمزَة المحققة فِي الالف وَالْيَاء وَالْوَاو اذا كن صورا لَهَا فَمنهمْ من يَجْعَلهَا فِي انفس هَذِه الْحُرُوف وَيجْعَل حَرَكَة الْمَفْتُوحَة فَوق الالف ان صورت الْفَا وحركة الْمَكْسُورَة تَحت الْيَاء ان صورت يَاء وحركة المضمومة امام الْوَاو ان صورت واوا وَمِنْهُم من يُخَالف بهَا فَيجْعَل الْمَفْتُوحَة وحركتها على الالف والمكسورة وحركتها تَحت الْيَاء والمضمومة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وحركتها فِي الْوَاو وَيجمع بَين الْهمزَة وَبَين حركتها وَلَا يفرق بَينهمَا كَمَا لَا يفرق بَين سَائِر الْحُرُوف وَبَين حركاتهن وَالْقَوْل الاول اوجه وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت الْهمزَة حرفا من حُرُوف المعجم فَكَمَا تلْزم الْحُرُوف غَيرهَا موضعا وَاحِدًا من السطر كَذَلِك يَنْبَغِي ان تلْزم الْهمزَة ايضا موضعا وَاحِدًا وان تجْعَل لَهَا فِي الْكِتَابَة صُورَة وَتَكون الحركات دَالَّة على مَا تستحقه مِنْهُنَّ كَمَا تدل على سَائِر الْحُرُوف وان اكْتفى الناقط فِي الهمزات المبتدءات والمتوسطات بِجعْل الْهمزَة وَحدهَا دون حركتها من حَيْثُ كَانَت حَرَكَة بِنَاء لَازِمَة فَحسن واما الهمزات المتطرفات فَلَا بُد من جعل الْحَرَكَة مَعَهُنَّ من حَيْثُ كَانَت حَرَكَة اعراب تَتَغَيَّر وتنتقل فَاعْلَم ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 بَاب ذكر احكام الهمزتين اللَّتَيْنِ من كَلِمَتَيْنِ اعْلَم ان الهمزتين تلتقيان من كَلِمَتَيْنِ على ثَمَانِيَة اضْرِب فالضرب الاول ان تتحركا بِالْفَتْح وَذَلِكَ نَحْو قَوْله جَاءَ احدهم والسفهاء اموالكم وَشاء أنشره وَشبهه وَالضَّرْب الثَّانِي ان تتحركا بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله هَؤُلَاءِ ان كُنْتُم وَمن النِّسَاء الا وعَلى الْبغاء إِن اردن وَشبهه وَالضَّرْب الثَّالِث ان تتحركا بِالضَّمِّ وَذَلِكَ فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ قَوْله فِي الْأَحْقَاف اولياء اولئك وَالضَّرْب الرَّابِع ان تتحرك الأولى بِالضَّمِّ وَالثَّانيَِة بِالْفَتْح وَذَلِكَ نَحْو قَوْله السُّفَهَاء أَلا وَسُوء اعمالهم وَمَا يَشَاء ألم تَرَ وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وَالضَّرْب الْخَامِس ان تتحرك الاولى بِالْكَسْرِ وَالثَّانيَِة بِالْفَتْح وَذَلِكَ نَحْو قَوْله من خطْبَة النِّسَاء اَوْ أَكُنْتُم وَهَؤُلَاء اهدى وَمن المَاء اَوْ مِمَّا وَشبهه وَالضَّرْب السَّادِس ان تتحرك الاولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله شُهَدَاء اذ وأولياء ان استحبوا وَشبهه وَالضَّرْب السَّابِع ان تتحرك الاولى بِالضَّمِّ وَالثَّانيَِة بِالْكَسْرِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله من يَشَاء الى صِرَاط وَالسوء ان انا وشهداء الا انفسهم وَشبهه وَالضَّرْب الثَّامِن ان تتحرك الاولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالضَّمِّ وَذَلِكَ فِي قَوْله فِي الْمُؤمنِينَ كلما جَاءَ امة فَأَما الضَّرْب الاول فاختلفت الْقِرَاءَة فِيهِ على ثَلَاثَة اوجه مِنْهُم من يُحَقّق الهمزتين فِيهِ وَمِنْهُم من يسْقط الاولى مِنْهُمَا اسقاطا ويحقق الثَّانِيَة وَمِنْهُم من يُحَقّق الاولى ويسهل الثَّانِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 فَأَما نقط على مَذْهَب من حقق الهمزتين فَهُوَ ان تجْعَل الْهمزَة الاولى نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء عَلَيْهَا بعد الالف الَّتِي هِيَ آخر الْكَلِمَة الاولى وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء عَلَيْهَا فِي الالف الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى جَاءَ أحدهم السُّفَهَاء اموالكم تِلْقَاء اصحاب النَّار وَشبهه واما نقطه على مَذْهَب من اسقط الْهمزَة الاولى وحقق الْهمزَة الثَّانِيَة فَهُوَ ان يعرى مَا بعد الالف الَّتِي هِيَ آخر الْكَلِمَة الاولى من عَلامَة التَّحْقِيق الَّتِي هِيَ نقطة بالصفراء وَمن عَلامَة التسهيل الَّتِي هِيَ نقطة بالحمراء لانها تذْهب من اللَّفْظ راسا وَلَا يبْقى لَهَا اثر وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء فِي الالف الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى جا اجلهم تلقا اصحاب شا انشره وَشبهه واما نقطة على مَذْهَب من حقق الْهمزَة الاولى وَسَهل الْهمزَة الثَّانِيَة فَهُوَ ان تجْعَل المحققة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا بعد الالف الاولى وَتجْعَل المسهلة نقطة بالحمراء فَقَط فِي راس الالف الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى جَاءَ اجلهم السفها أَمْوَالكُم شَاءَ انشره وَشبهه فَإِن اتى بعد الْهمزَة الثَّانِيَة فِي هَذَا الضَّرْب الف وَذَلِكَ فِي قَوْله فِي الْحجر جَاءَ ءال لوط وَفِي الْقَمَر جَاءَ ءال فِرْعَوْن جعلت الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الثَّانِيَة فِي مَذْهَب من حققها نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل تِلْكَ الالف وَجعلت فِي مَذْهَب من سهلها نقطة بالحمراء قبلهَا ايضا وَصُورَة النقط على مَذْهَب من حققها وَالَّتِي قبلهَا وَالَّتِي قبلهَا كَمَا ترى جَاءَ ءال وعَلى مَذْهَب من حققها واسقط الَّتِي قبلهَا جا ءال وعَلى مَذْهَب من سهلها وحقق الَّتِي قبلهَا جَاءَ ال واما الضَّرْب الثَّانِي فاختلفت الْقِرَاءَة فِيهِ على اربعة اوجه مِنْهُم من يُحَقّق الهمزتين فِيهِ وَمِنْهُم من يسْقط الاولى راسا ويحقق الثَّانِيَة وَمِنْهُم من يُحَقّق الاولى ويسهل الثَّانِيَة وَمِنْهُم من يسهل الاولى ويحقق الثَّانِيَة فَأَما نقط ذَلِك على مَذْهَب من حقق الهمزتين فَهُوَ ان تجْعَل الْهمزَة الاولى نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء تحتهَا بعد الالف الَّتِي هِيَ آخر الْكَلِمَة الاولى وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء وحركتها تحتهَا فِي الالف الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى هَؤُلَاءِ ان كُنْتُم وَمن النِّسَاء الا وَشبهه واما نقطه على مَذْهَب من اسقط الْهمزَة الاولى وحقق الْهمزَة الثَّانِيَة فَهُوَ ان يعرى مَا بعد الالف من عَلامَة التَّحْقِيق والتسهيل وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء فِي الالف الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى هَؤُلَاءِ ان كُنْتُم وَمن النسا الا وَشبهه واما نقطه على مَذْهَب من يُحَقّق الاولى ويسهل الثَّانِيَة فَهُوَ ان تجْعَل الْهمزَة الاولى المحققة بالصفراء وحركتها من تحتهَا نقطة بالحمراء بعد الالف الاولى وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة المسهلة نقطة بالحمراء تَحت الالف الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى هَؤُلَاءِ ان وَمن النِّسَاء الا وَشبهه واما نقطه على مَذْهَب من سهل الاولى وحقق الثَّانِيَة فَهُوَ ان تجْعَل المسهلة نقطة بالحمراء بعد الالف الاولى وَتجْعَل المحققة نقطة بالصفراء وحركتها تحتهَا نقطة بالحمراء تَحت الالف الثَّانِيَة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى هؤلا ان كُنْتُم وَمن النِّسَاء الا وَشبهه وان شَاءَ الناقط جعل الْهمزَة المسهلة بعد الالف فِي هَذَا الْمَذْهَب يَاء صغرى بالحمرة من حَيْثُ قربت بالتسهيل مِنْهَا ويعريها من الْحَرَكَة لَان كسرتها لَيست بخالصة لما ذَكرْنَاهُ قبل وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى هَؤُلَاءِ ان كُنْتُم وَمن النسا الا وَشبهه واما الضَّرْب الثَّالِث فاختلفت الْقِرَاءَة فِيهِ على اربعة اوجه ايضا مِنْهُم من يُحَقّق الهمزتين فِيهِ وَمِنْهُم من يسْقط الاولى ويحقق الثَّانِيَة وَمِنْهُم من يُحَقّق الاولى ويسهل الثَّانِيَة وَمِنْهُم من يسهل الاولى ويحقق الثَّانِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 فَأَما نقط ذَلِك على مَذْهَب من حقق الهمزتين فَهُوَ ان تجْعَل الاولى نقطة بالصفراء وحركتها امامها نقطة بالحمراء بعد الالف الَّتِي هِيَ آخر الْكَلِمَة الاولى وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء فِي الالف الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة الثَّانِيَة وَتجْعَل حركتها نقطة بالحمراء بعْدهَا على قَول النَّحْوِيين لانهم يَزْعمُونَ ان الْوَاو الَّتِي بعد الْهمزَة زَائِدَة للْفرق وعَلى قَول اصحاب الْمَصَاحِف تجْعَل تِلْكَ الْحَرَكَة فِي الْوَاو نَفسهَا لانها صُورَة لَهَا وَصُورَة نقط ذَلِك على قَول النَّحْوِيين كَمَا ترى أَوْلِيَاء أُولَئِكَ وعَلى قَول اصحاب الْمَصَاحِف أَوْلِيَاء أُولَئِكَ واما نقطه على مَذْهَب من اسقط الْهمزَة الاولى وحقق الْهمزَة الثَّانِيَة فَهُوَ ان يعرى مَا بعد الالف الألى من عَلامَة التَّحْقِيق والتسهيل وَتجْعَل الْهمزَة الثَّانِيَة نقطة بالصفراء فِي الالف الثَّانِيَة وَتجْعَل حركتها بعْدهَا اَوْ فِي الْوَاو وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أوليا أُولَئِكَ أوليا أُولَئِكَ واما نقطه على مَذْهَب من حقق الْهمزَة الاولى وَسَهل الْهمزَة الثَّانِيَة فَهُوَ ان تجْعَل المحققة نقطة بالصفراء وحركتها امامها بعد الالف الاولى وَتجْعَل المسهلة نقطة بالحمراء فَقَط فِي الالف الثَّانِيَة اَوْ الْوَاو على مَا ذَكرْنَاهُ وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أَوْلِيَاء اولئك وأولياء اولئك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 واما نقطة على مَذْهَب من سهل الاولى وحقق الثَّانِيَة فَهُوَ ان تجْعَل المسهلة نقطة بالحمراء بعد الالف وان شَاءَ الناقط جعلهَا واوا صغرى بالحمرة واعراها من الْحَرَكَة وَتجْعَل المحققة نقطة بالصفراء فِي الالف الثَّانِيَة وحركتها امامها اَوْ فِي الْوَاو وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى أوليا أُولَئِكَ أوليا أُولَئِكَ وَمَتى جعلت حَرَكَة الْهمزَة الثَّانِيَة فِي حَال تحقيقها اَوْ تسهيلها بعد الْهمزَة اَوْ فِي موضعهَا وَلم تجْعَل فِي الْوَاو جعل على الْوَاو دارة صغرى عَلامَة لزيادتها وسنبين ذَلِك فِيمَا بعد ان شَاءَ الله واما الاضرب الْخَمْسَة الْبَاقِيَة فاختلفت الْقِرَاءَة فِيهَا على وَجْهَيْن لَا غير مِنْهُم من يُحَقّق الهمزتين مَعًا وَمِنْهُم من يُحَقّق الاولى ويسهل الثَّانِيَة فَإِذا نقط ذَلِك على مَذْهَب اهل التَّحْقِيق جعلت الهمزتان مَعًا نقطة بالصفراء الأولى مِنْهُمَا بعد الالف وَالثَّانيَِة فِي الالف وَجعل مَعَ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حركتها نقطة بالحمراء واذا نقط على مَذْهَب اهل التسهيل جعلت الْهمزَة الاولى نقطة بالصفراء بعد الالف فِي السطر وحركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وامامها ان كَانَت مَضْمُومَة وَجعلت الْهمزَة المسهلة بعْدهَا سَوَاء ابدلت حرفا خَالِصا اَوْ جعلت بَين بَين نقطة بالحمراء فِي راس الالف ان كَانَت مَفْتُوحَة وتحتها ان كَانَت مَكْسُورَة وَفِي وَسطهَا ان كَانَت مَضْمُومَة وَصُورَة التَّحْقِيق كَمَا ترى السُّفَهَاء الا من خطْبَة النِّسَاء اَوْ من يَشَاء الى شُهَدَاء اذ جَاءَ امة وَصُورَة التسهيل السُّفَهَاء الا من السَّمَاء اَوْ من يَشَاء الى شُهَدَاء اذ جَاءَ امة وَقد رُوِيَ عَن ابْن كثير من طَرِيق عبد الْوَهَّاب بن فليح عَن اصحابه عَنهُ انه يسهل الاولى ويحقق الثَّانِيَة فِي بعض هَذِه الْمَوَاضِع فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب جعل فِي مَوضِع الْهمزَة المسهلة نقطة بالحمراء فَقَط وَرُوِيَ عَن ابي جَعْفَر يزِيد بن الْقَعْقَاع القارىء انه كَانَ يسهل الهمزتين مَعًا فِي الاضرب الثَّمَانِية فَإِذا نقط ذَلِك على مذْهبه جعلت الهمزتان مَعًا نقطة بالحمراء فَقَط الاولى بعد الالف وَالثَّانيَِة فِي راس الالف ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وَفِي وَسطهَا ان كَانَت مَضْمُومَة واهل الْمَدِينَة فِيمَا روينَا عَن مصاحفهم ورايناه فِيهَا ينقطون الهمزتين فِي الاضرب الثَّمَانِية على التَّحْقِيق فيجعلونهما مَعًا نقطتين بالصفراء وَكَذَلِكَ وجدنَا ذَلِك فِي مصاحف اهل بلدنا الْقَدِيمَة وَحدثنَا احْمَد بن عمر قَالَ نَا مُحَمَّد بن مُنِير قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا قالون ان فِي مصاحف اهل الْمَدِينَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 بالسوء الا بهمزتين فِي الْكتاب يَعْنِي فِي النقط وَفِي الْقِرَاءَة بِهَمْزَة وَاحِدَة يُرِيد وَقبلهَا اَوْ بعْدهَا همزَة اخرى مسهلة تنقط بالحمرة قَالَ ابو عَمْرو وَالَّذِي قدمْنَاهُ ادل على حَقِيقَة اللَّفْظ وَطَرِيق الْقِرَاءَة وتلخيص الْمَذْهَب وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 بَاب ذكر الالف وَمَوْضِع الْهمزَة مِنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْلَم ان الْهمزَة تقع من الالف المرسومة فِي الْخط على ثَلَاثَة اضْرِب تقع قبلهَا وَذَلِكَ اذا تقدمتها الْهمزَة وَلَفظ بالالف بعْدهَا وَتَقَع فِيهَا نَفسهَا وَذَلِكَ اذا كَانَت صُورَة لَهَا وَتَقَع بعْدهَا وَذَلِكَ اذا تَأَخَّرت الْهمزَة وَلَفظ بالالف قبلهَا فَأَما وُقُوع الْهمزَة قبلهَا فعلى ضَرْبَيْنِ مبتداة وحشوا وتتحرك بِالْفَتْح لَا غير وَتَكون هِيَ اما مبدلة من همزَة سَاكِنة هِيَ فَاء من الْفِعْل واما مبدلة من يَاء متحركة هِيَ لَام الْفِعْل واما زَائِدَة للْبِنَاء واما عَلامَة للتثنية واما معوضة من التَّنْوِين فِي حَال الْوَقْف فَأَما المبدلة من الْهمزَة فنحو قَوْله ءامن النَّاس وءامن الرَّسُول وءاتى المَال وءاتكم مَا لم يُؤْت وءاتيناه من الْكُنُوز وءامنهم وءامنتم بِهِ وفئامن لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وءالهة وءالهتك وءالهتهم وءادم وءازر وَشبهه واما المبدلة من الْيَاء فنحو قَوْله رءا كوكبا ورءا ايديهم وفرءاه حسنا وفلما رءاها ونئا بجانبه ورءا الْقَمَر ورءا الشَّمْس وَشبهه مِمَّا لم تصور الْهمزَة فِيهِ اسْتغْنَاء بهَا عَن الصُّورَة واكتفاء بهَا مِنْهَا من حَيْثُ كَانَت حرفا من حُرُوف المعجم واما الزَّائِدَة للْبِنَاء فنحو قَوْله وَلَا ءامين والا ءاتى الرَّحْمَن وكل اتوه وَكلهمْ ءاتيه وَكَانَت ءامنة وَغير ءاسن وءانفا وسيئات والسيئات والمنشئات على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قِرَاءَة من فتح الشين ولئات وشنئان ومئارب وَشبهه واما الَّتِي للتثنية فنحو قَوْله ان تبوءا لقومكما وَلَا اعْلَم فِي كتاب الله غَيره واما المعوضة من التَّنْوِين فِي حَال الْوَقْف فنحو قَوْله خطئا وملجئا ومتكئا وَشبهه مِمَّا حذفت فِيهِ صُورَة الْهمزَة كَرَاهَة لِاجْتِمَاع صُورَتَيْنِ متفقتين فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة فِيهِ نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء قيل الالف المصورة الا مَا لحق الْهمزَة فِيهِ تَنْوِين فَإِن الْحَرَكَة والتنوين يجعلان مَعًا على الالف نَفسهَا دون الْهمزَة لما قدمْنَاهُ من الْعلَّة فِي ذَلِك واما وُقُوع الْهمزَة فِي الالف نَفسهَا فعلى ثَلَاثَة اضْرِب مبتداة وحشوا وطرفا وتتحرك فِي حَال الِابْتِدَاء بالحركات الثَّلَاث من الْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم وتتحرك فِي الطّرف بذلك ايضا وَتَكون سَاكِنة للْبِنَاء اَوْ الْجَزْم وتتحرك فِي الحشو بِالْفَتْح لَا غير وَتَكون سَاكِنة ايضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 فَأَما المبتداة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله مَا امْر الله واخذنا مِنْهُم واتينا بهَا واتى امْر الله وفأتهم الله واقيموا الصَّلَاة وَبِمَا اراك الله وَشبهه مِمَّا لَا الف بعْدهَا واما الْمَكْسُورَة فنحو قَوْله ايمانكم واحدى واحداهن وارصادا واصرهم وامرا واخراجهم واخوانكم وايلفهم وَشبهه واما المضمومة فنحو قَوْله بِمَا انْزِلْ اليك وَمَا انْزِلْ من قبلك واتوا بِهِ وانبئكم وَيَوْم ابْعَثْ واوتوا الْعلم واوتوه واوحى الى واوذوا وَسَوَاء كَانَ بعد الْمَكْسُورَة يَاء وَبعد المضمومة وَاو فِي اللَّفْظ والخط اَوْ لم يكن وَسَوَاء دخل عَلَيْهَا حرف زَائِد فَصَارَت بذلك كالمتوسطة فِي الْخط اَوْ لم يدْخل كَقَوْلِه فَبِأَي وافأمنتم وفإخوانكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ولاخواننا وفلامه وسأنزل وسأنبئك وَشبهه واما المتوسطة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله سَأَلْتُم وسألتموه وبداكم وذراكم وامراته وامرات عمرَان وان نبراها وَشبهه واما الساكنة فنحو قَوْله البأساء وكأسا وبأسنا وشأنهم والضأن وَرَأى الْعين وكدأب ودأبا وَشبهه واما المتطرفة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله تَعَالَى أَن لَا ملْجأ وامرا سوء وَكَيف بدا الْخلق وَمِمَّا ذرا وان الملا وَمن سبأ على قِرَاءَة من لم يصرفهُ وَاسَوْا وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 واما الْمَكْسُورَة فنحو قَوْله من نبإ مُوسَى وبالملا وَمن حمإ وَمن سبإ بنبإ وَمن ملجإ وَشبهه واما المضمومة فنحو قَوْله ويستهزا بهَا وَقَالَ الملا الَّذين ونتبوا من الْجنَّة ويتبوا مِنْهَا وَلَا يصيبهم ظما وملا من قومه وَشبهه وَلَا يكون مَا قبل الْهمزَة فِي هَذَا الضَّرْب الثَّالِث الا مَفْتُوحًا لَا غير بِأَيّ حَرَكَة تحركت هِيَ واما الساكنة فنحو قَوْله اقرا وان يَشَأْ وَمن يَشَأْ وَشبه فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الالف وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء فَوْقهَا اذا كَانَت مَفْتُوحَة وتحتها اذا كَانَت مَكْسُورَة وامامها اذا كَانَت مَضْمُومَة وَجعل عَلامَة السّكُون عَلَيْهَا جرة لَطِيفَة اَوْ دارة صَغِيرَة اذا كَانَت سَاكِنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وَمن اهل النقط من يَجْعَل المبتداة خَاصَّة نقطة بالصفراء فَقَط دون حَرَكَة مَعهَا وَيُخَالف بهَا فِي الالف فتجعل الْمَفْتُوحَة فِي راس الالف وَتجْعَل الْمَكْسُورَة تَحت الالف وَتجْعَل المضمومة فِي وسط الالف ويكتفى بذلك من تحريكها وَهُوَ مَذْهَب حسن قريب واما وُقُوع الْهمزَة بعد الالف فعلى ضَرْبَيْنِ حَشْوًا وطرفا لَا غير وتتحرك فيهمَا بالحركات الثَّلَاث بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم وَتَكون الالف قبلهَا حرف مد ولين اما مبدلا من حرف اصلي واما زَائِدا للْبِنَاء فَأَما المتوسطة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله جَاءَكُم وجاءته وَسَاءَتْ وفاءت وابناءنا وابناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم وَشبهه وَلم تصور هَذِه الْهمزَة فِي حَال انفتاحها وتوسطها كَرَاهَة الْجمع بَين الفين فِي الرَّسْم واكتفاء بالواحدة مِنْهُمَا كَمَا تقدم فَإِن انْكَسَرت اَوْ انضمت صورت الْمَكْسُورَة يَاء والمضمومة واوا وَذَلِكَ من حَيْثُ تقرب فِي التسهيل من هذَيْن الحرفين واما الْمَكْسُورَة فنحو قَوْله كَبَائِر وشعائر وطرائق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وَحَدَائِق وخزائن وخائفين والصائمين والملئكة ولقائه وَمن ءابائهم وبئابائنا وقثائها وَمن أنبائها وَشبهه واما المضمومة فنحو قَوْله أولياؤهم وأولياؤه وابناؤكم وابتغاؤكم ودماؤها وجزاؤهم وجزاؤه واحباؤه وآباؤنا وَشبهه واما المتطرفة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله شَاءَ الله وَجَاء الْحق وساء مثلا وَعَن اشياء ورئاء النَّاس وَدُعَاء الرَّسُول وانبياء الله وءالاء الله والجلاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وَجعله دكاء على قِرَاءَة من مد وهمز وَكَذَلِكَ مَاء وغثاء وجفاء ونداء وَدُعَاء وَشبهه واما الْمَكْسُورَة فنحو قَوْله من انباء الرُّسُل وبلقاء الله وَهَؤُلَاء وهأنتم اولاء وعَلى سَوَاء وَشبهه واما المضمومة فنحو قَوْله فَمَا جَزَاء وَعَلَيْهِم السَّمَاء والانبياء والاخلاء وَمِنْه المَاء ورحماء واشداء وَيَا زَكَرِيَّاء على قِرَاءَة من مد وهمز وَسَوَاء محياهم وبلاء من ربكُم وَشبهه وَلم تصور الْهمزَة الْمَفْتُوحَة الْفَا والمكسورة يَاء والمضمومة واوا فِي حَال تطرفها لِضعْفِهَا هُنَاكَ اعني فِي الطّرف من حَيْثُ كَانَ مَوضِع التَّغْيِير بالحذف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وَغَيره وَكَانَ وَكَانَ تسهيلها فِيهِ بِالْبَدَلِ ثمَّ بِحَذْف الْمُبدل مِنْهَا لسكونه وَسُكُون مَا قبله على ان الْمَكْسُورَة قد رسمت يَاء والمضمومة قد رسمت واوا فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة على نَحْو حركتهما وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِيمَا بعد ان شَاءَ الله فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء بعد الالف فِي السطر ان لم يكن لَهَا صُورَة وحركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وامامها ان كَانَت مَضْمُومَة وان صورت يَاء جعلت النقطة بالصفراء فِي الْيَاء نَفسهَا وحركتها تحتهَا وان صورت واوا جعلت النقطة بالصفراء فِي الْوَاو نَفسهَا وحركتها امامها وان لحق المتطرفة تَنْوِين جعل نقطتين وَعَامة نقاط الْعرَاق يخالفون اهل الْمَدِينَة وَغَيرهم فِي الْهمزَة المبتداة الْمَفْتُوحَة الَّتِي بعْدهَا الف فِي اللَّفْظ نَحْو ءامن وءادم وءازر وبابه فيجعلونها بعد الالف وَلَا وَجه لذَلِك لانها ملفوظ بهَا قبل الالف لتقدمها عَلَيْهَا فَكيف تجْعَل بعْدهَا وَبِفَتْحِهَا يُوصل الى النُّطْق بهَا وَكَذَلِكَ يخالفون الْجَمَاعَة فِي جعلهم ضمة الْهمزَة الَّتِي تقع طرفا بعد الالف نَحْو السُّفَهَاء وَمِنْه المَاء وبابه تَحت الْهمزَة كَمَا تجْعَل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 كسرة المكسور سَوَاء وَذَلِكَ ايضا مِمَّا لَا وَجه لَهُ لكَونه مَعَ خُرُوجه عَن فعل من ابتدا النقط من السّلف لحنا محققا وَقد صورت الْهمزَة الْمَفْتُوحَة الَّتِي تقع قبل الالف المنقلبة عَن الْيَاء وَقبل الالف الَّتِي للتأنيث الْفَا على الاصل فِي ثَلَاث كلم لَا غير وَهُوَ قَوْله فِي والنجم مارأى وَلَقَد رأى وَقَوله فِي الرّوم السوأى فَإِذا نقطن جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء فِي الالف نَفسهَا لانها صُورَة لَهَا وَتجْعَل فِي مَا عداهن قبل الالف لانها لم تصور فِي ذَلِك لما ذَكرْنَاهُ من كَونهَا حرفا من حُرُوف المعجم وَتلك الالف المرسومة بعْدهَا هِيَ المنقلبة عَن الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل وَقد يجوز ان تكون صُورَة الْهمزَة وان تكون المنقلبة هِيَ الساقطة من الرَّسْم لوقوعها طرفا والاول اوجه عِنْدِي لما بَينته قبل وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 بَاب ذكر الْيَاء وَمَوْضِع الْهمزَة مِنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْلَم ان الْهمزَة تقع من الْيَاء المرسومة على ثَلَاثَة اضْرِب كَمَا تقع من الالف سَوَاء تقع قبلهَا وفيهَا نَفسهَا وَبعدهَا على نَحْو مَا فسر فِي الالف فَأَما وُقُوعهَا قبل الْيَاء فَلَا يكون الا حَشْوًا وَيكون مَا قبلهَا على ضَرْبَيْنِ حرفا مكسورا ومفتوحا وَيكون ايضا الْفَا لَا غير وتتحرك هِيَ بِالْكَسْرِ فَقَط فَأَما الْحَرْف المكسور فنحو قَوْله خَاسِئِينَ ومتكئين والمستهزءين وَالصَّابِئِينَ على قِرَاءَة من همز وَشبهه مِمَّا الْيَاء فِيهِ للْجَمِيع وَلم تصور هَا هُنَا لِئَلَّا يجمع بَين ياءين فِي الرَّسْم واما الْحَرْف المفتوح فنحو قَوْله جبرءيل وبعذاب بئيس على قِرَاءَة من همز واثبت يَاء بعد الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 واما الالف فنحو قَوْله أَيْن شركاءي وَمن وراءى ودعاءى وءاباءى وَشبهه مِمَّا الْيَاء فِيهِ للمتكلم وَكَذَلِكَ اسراءيل حَيْثُ وَقع وَكَذَلِكَ الئى حَيْثُ وَقع على قِرَاءَة من اثْبتْ بعد الْهمزَة الْيَاء الاصلية وَكَذَلِكَ ميكاءيل على قِرَاءَة من همز واثبت بعد الْهمزَة يَاء واما وُقُوع الْهمزَة فِي الْيَاء نَفسهَا فَيكون حَشْوًا وطرفا وتتحرك فيهمَا بالحركات الثَّلَاث ويعدم حرف الْمَدّ بعْدهَا وتسكن ايضا فَأَما المتوسطة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله وجزاؤا سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وءاخر سَيِّئًا وننشئكم وملئت وليبطئن وَفِئَة وفئتين وَمِائَة وَمِائَتَيْنِ وفلننبئن وناشئة وخاطئة وبالخاطئة وموطئا وخاسئا وان شانئك وَشبهه وَكَذَلِكَ رئاء النَّاس والانبئاء على قِرَاءَة من همز وَلَا يكون مَا قبلهَا الا مكسورا والمكسورة نَحْو قَوْله بئس الْكفَّار والئى يئسن وَقد يئسوا وَسُئِلَ وسئلوا وبارئكم ويومئذ وَحِينَئِذٍ وَلَئِن واولئك والملئكة وخائفين والقائمين ووحدائق وطرائق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ودائما وخائفا وءابائنا وأبنائنا ولابائهم وبشركائهم وَشبهه وَيكون مَا قبلهَا مَفْتُوحًا ومكسورا ومضموما وَيكون الْفَا والمضمومة نَحْو قَوْله أنبئكم وتنبئهم وَلَا ينبئك وسنقرئك وَكَانَ سَيِّئَة على قِرَاءَة من ذكر وَشبهه وَلَا يكون مَا قبلهَا الا مكسورا والساكنة نَحْو قَوْله شِئْتُم وشئنا وشئت وجئتم وجئتنا وَجئْت وَلَمُلئت وانبئهم ونبئنا وَشبهه مِمَّا ينكسر مَا قبلهَا فِيهِ وَكَذَلِكَ الى الْهدى ائتنا ولقاءنا ائْتِ وَثمّ ائْتُوا وَفِي السَّمَوَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 ائْتُونِي وَالْملك ائْتُونِي وَشبهه سَوَاء انْفَتح مَا قبلهَا اَوْ انْكَسَرَ اَوْ انْضَمَّ واما المتطرفة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله لقد استهزىء واذا قرىء وبادىء الرَّأْي على قِرَاءَة من همز والمكسورة نَحْو قَوْله لكل امرىء وَمن شاطىء الواد ومكر السيىء والئى حَيْثُ وَقع على قِرَاءَة من لم يَجْعَل بعد الْهمزَة يَاء وَشبهه والمضمومة نَحْو قَوْله يبدىء الله وتبوىء الْمُؤمنِينَ ويستهزىء بهم والسيىء الا وترجى على قِرَاءَة من همز والبارىء وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 والساكنة نَحْو قَوْله نبىء عبَادي وهيىء لنا ويهيىء لكم ومكر السيء على قِرَاءَة حَمْزَة وَشبهه وَلَا يكون مَا قبلهَا فِي حَال حركتها وسكونها اذا تطرفت الا مكسورا لَا غير واما وُقُوع الْهمزَة بعد الْيَاء فَيكون حَشْوًا وطرفا وتتحرك بالحركات الثَّلَاث لَا غير وَتَكون الْيَاء قبلهَا اصلية ومبدلة من حرف اصلي وزائدة للمد وينكسر مَا قبل المبدلة وينفتح مَا قبل الاصلية وينكسر مَا قبل الزَّائِدَة لَا غير فَأَما المتوسطة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله هَنِيئًا مريئا وبريئا ونبيئا والبريئة على قِرَاءَة من همزهما هَذِه الْيَاء الزَّائِدَة والاصلية نَحْو قَوْله مِنْهُ شَيْئا وكهيئة وافلم ييئس وَشبهه والمبدلة فِي قَوْله سيئت وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 والمكسورة فِي قَوْله النبيئين على قِرَاءَة من همز والمضمومة نَحْو قَوْله نبيئهم والنبيئون على قِرَاءَة من همز وبريئون وَشبهه واما المتطرفة الْمَفْتُوحَة فنحو قَوْله يُؤْذِي النبيء هَذِه الْيَاء الزَّائِدَة والمبدلة نَحْو قَوْله سيء بهم وجاىء يَوْمئِذٍ وَالْيَاء فِي الْحَرْف الاول مبدلة من وَاو لانه من السوء والمكسورة نَحْو قَوْله على النبيء وَمن نبيء الا على قِرَاءَة من همز هَذِه الْيَاء الزَّائِدَة والاصلية نَحْو قَوْله على كل شَيْء وَمن شَيْء اذ وَشبهه والمضمومة نَحْو قَوْله وانا بَرِيء ويأيها النبيء وانما النسىء وكوكب دريء على قِرَاءَة من همز هَذِه الْيَاء الزَّائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 والمبدلة نَحْو قَوْله يضيء والمسيء وَشبهه فَإِذا نقط الضَّرْب الاول الَّذِي تقع الْهمزَة فِيهِ قيل الْيَاء جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء تحتهَا بَين الْحَرْف المكسور وَبَين الْيَاء فِيمَا فِيهِ قبلهَا كسرة وَبَين الالف وَبَين الْيَاء فِيمَا فِيهِ قبلهَا الف واذا نقط الضَّرْب الثَّانِي الَّذِي تقع الْهمزَة فِيهِ فِي الْيَاء نَفسهَا جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِيهَا وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وَمن امامها ان كَانَت مَضْمُومَة وَجعل على الساكنة عَلامَة السّكُون واذا نقط الضَّرْب الثَّالِث الَّذِي تقع الْهمزَة فِيهِ بعد الْيَاء جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء بعْدهَا فِي الْبيَاض من السطر وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء على مَا تقدم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 بَاب ذكر الْوَاو وَمَوْضِع الْهمزَة مِنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْلَم ان الْهمزَة تقع من الْوَاو على ثَلَاثَة اضْرِب ايضا كَمَا تقع من الالف وَالْيَاء سَوَاء تقع قبلهَا وفيهَا نَفسهَا وَبعدهَا على حسب مَا فسر فِي الالف فَأَما وُقُوع الْهمزَة قبل الْوَاو فَلَا يكون الا حَشْوًا وَلَا تكون الْوَاو الا سَاكِنة وَمَا قبل الْهمزَة يَتَحَرَّك بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم ويسكن ايضا وَيكون الْفَا وياء وتختص الْهمزَة من الحركات بِالضَّمِّ لَا غير فالمتحرك بِالْفَتْح نَحْو قَوْله كَمَا تبرءوا ويدرءون وفادرءوا وَلَا يئوده ويئوسا وتبوءوا الدَّار ومبرءون وبدءوكم وَقَالَ اخْسَئُوا وتطئوهم وَلم تطئوها وَلَا يطئون وليئوس ورءوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 حَيْثُ وَقع على قِرَاءَة من مد ومرجئون على قِرَاءَة من همز وَشبهه والمتحرك بِالْكَسْرِ نَحْو قَوْله متكئون ومستهزءون وفمالئون وانبئوني وليطفئوا وَقل استهزءوا ويستنبئونك والخاطئون والصابئون على قِرَاءَة من همز وَشبهه مِمَّا الْوَاو فِيهِ للْجَمِيع والمتحرك بِالضَّمِّ نَحْو قَوْله رُءُوسهم ورءوسكم ورءوس الشَّيَاطِين وَشبهه والساكن نَحْو قَوْله مذءوما ومسئولا وَشبهه وَالْيَاء نَحْو قَوْله بريئون والنبيئون على قِرَاءَة من همز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 والالف نَحْو قَوْله وباء وو فَإِن فاءو وجاءو واذ جاءوكم واسئوا السواى ويراءون وَشبهه فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء امامها قبل الْوَاو فِي السطر وَلم تصور الْهمزَة فِي ذَلِك واوا كَرَاهَة للْجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين والاخفش النَّحْوِيّ وَعَامة الْكُوفِيّين يجْعَلُونَ صُورَة الْهَمْز اذا وليتها الكسرة فِي نَحْو مَا تقدم يَاء من حَيْثُ يقلبونها اليها فِي حَال التسهيل وَذَلِكَ فِي غير الْمُصحف وسيبويه وَعَامة الْبَصرِيين يصورونها واوا من حَيْثُ قربوها مِنْهَا فِي التسهيل ثمَّ تحذف تَخْفِيفًا واختصارا وَلِئَلَّا تَجْتَمِع واوان فِي الرَّسْم وَقيل انما حذفت صُورَة الْهمزَة فِي ذَلِك على لُغَة من اسقط الْهمزَة وَضم الْحَرْف الَّذِي قبلهَا فِي التسهيل وَهِي لُغَة حَكَاهَا الْكسَائي عَن الْعَرَب وَبهَا قَرَأَ ابو جَعْفَر القارىء وَابْن عَامر من رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم عَن يحيى بن الْحَارِث عَنهُ واما وُقُوع الْهمزَة فِي الْوَاو نَفسهَا فَيكون حَشْوًا وطرفا وتتحرك فِي الحشو بِالْفَتْح وَالضَّم وتسكن ايضا وتتحرك فِي الطّرف بِالْكَسْرِ وَالضَّم فالمتوسطة الْمَفْتُوحَة نَحْو قَوْله فليؤد ويؤده ومؤجلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ومؤذن والمؤلفة وَلَا تُؤَاخِذنَا وَمَا نؤخره وبسؤال والفؤاد وهزؤا وكفؤا على قِرَاءَة من همزهما وحرك مَا قبل الْهمزَة وحسبتهم لؤلؤا وَشبهه والمضمومة نَحْو قَوْله تؤزهم ويكلؤكم ويذرؤكم ونقرؤه وَشبهه وَكَذَلِكَ اولياوه واحباؤه وجزاؤهم وءاباؤكم وابناؤكم والتناؤش على قِرَاءَة من همز وَشبهه وَكَذَلِكَ رؤف على قِرَاءَة من قصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 والساكنة نَحْو قَوْله يُؤمنُونَ ويؤفكون والمؤمنون والمؤتفكة والمؤتفكات وسؤلك وتسؤهم وَالَّذِي اؤتمن وَشبهه والمتطرفة الْمَكْسُورَة نَحْو قَوْله كأمثال اللُّؤْلُؤ وَمن ذهب ولؤلؤ على قِرَاءَة من قرا بالخفض والمضمومة نَحْو قَوْله ان امرؤا هلك ولؤلؤ مَكْنُون وَكَذَلِكَ الملؤا وتفتؤا ويعبؤا وَلَا تظمؤا ويدرؤا وينبؤا وأومن ينشؤا ونبؤا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 الْخصم ونبؤا عَظِيم وَكَذَلِكَ جزؤا وشركؤا والضعفؤا وَمَا نشؤا وَمَا دعؤا وَشبهه مِمَّا رسمت الْهمزَة المتطرفة المضمومة فِيهِ واوا على نَحْو حركتها وَمُرَاد الِاتِّصَال دون الِانْفِصَال فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الْوَاو نَفسهَا وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وامامها ان كَانَت مَضْمُومَة وان كَانَت سَاكِنة جعل عَلَيْهَا عَلامَة السّكُون واما وُقُوع الْهمزَة بعد الْوَاو فَيكون حَشْوًا وطرفا وتتحرك فِي الحشو بِالْفَتْح وَفِي الطّرف بالحركات الثَّلَاث فالتي فِي الحشو نَحْو قَوْله سوءا يجز بِهِ وسوءة اخيه وسوءاتكم وسوءاتهما والنبوءة على قِرَاءَة من همز وَشبهه سَوَاء انْضَمَّ مَا قبل الْوَاو اَوْ انْفَتح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وَالَّتِي فِي الطّرف نَحْو قَوْله وَالسوء على الْكَافرين وبالسوء وَعَن سوء فَإِن الله وَمن سوء مَا بشر بِهِ وَثَلَاثَة قُرُوء وَلم يمسسهم سوء وسوءاعمالهم وَشبهه فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء بعد الْوَاو فِي الْبيَاض وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن تحتهَا ان كَانَت مَكْسُورَة وَمن امامها ان كَانَت مَضْمُومَة وان لحقها تَنْوِين فِي حَال النصب جعلت الْحَرَكَة والتنوين نقطتين على الالف المصورة بعْدهَا على مَا تقدم وان لحقها فِي حَال الرّفْع والخفض جعلت النقطتان تحتهَا فِي الْخَفْض وامامها فِي الرّفْع وَلم تصور الْهمزَة فِي هَذَا الضَّرْب فِرَارًا من الْجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين ولانها اذا سهلت فِي ذَلِك القي حركتها على مَا قبلهَا وَسَقَطت من اللَّفْظ فَلم تصور لذَلِك وَقد صورها كتاب الْمَصَاحِف فِي ثَلَاث كلم وَهن قَوْله ان تبوأ فِي الْمَائِدَة ولتنوا فِي الْقَصَص والسواى فِي الرّوم فَإِذا نقطن جعلت الْهمزَة فِيهِنَّ فِي الالف الَّتِي هِيَ صورتهَا وحركتها عَلَيْهَا فِي الْفَتْح وامامها فِي الرّفْع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فَهَذِهِ مَوَاضِع الْهمزَة من الالف وَالْيَاء وَالْوَاو على وَجه الِاسْتِقْصَاء وعَلى مَا يُوجِبهُ قِيَاس الْعَرَبيَّة وتحققه طَرِيق التِّلَاوَة ومذاهب ائمة الْقِرَاءَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 فَأَما مَا يحْكى عَن بعض الْمُتَقَدِّمين من النقاط والنحويين من جعلهم للهمزة مَعَ حرف الْمَدّ احكاما كَثِيرَة سوى مَا ذَكرْنَاهُ وايقاعهم اياها فِي اماكن شَتَّى مِنْهُنَّ وتلقيبهم الْوَاو والالف وَمَوْضِع الْهمزَة مِنْهُمَا بألقاب جمة كَقَوْلِهِم هَامة الْوَاو ويافوخ الْوَاو وقمحدوة الْوَاو وجبهة الْوَاو وخاصرة الْوَاو ومضجع الْوَاو وَقفا الْوَاو وذنب الْوَاو الى غير ذَلِك من الالقاب الَّتِي قضوا لوُقُوع الْهمزَة فِيهَا فِي الالف وَالْيَاء وَالْوَاو فشيء لَا وَجه لَهُ فِي قِيَاس وَلَا معنى فِي نظر وَلَا حَقِيقَة لَهُ فِي تِلَاوَة وَلَا اثر لَهُ فِي نقل فَلَا يَنْبَغِي الاصغاء اليه وَلَا يجب الْعَمَل بِهِ لِخُرُوجِهِ عَمَّا ذَكرْنَاهُ ومباينته لما حددناه مِمَّا دللنا على صِحَّته وَكَيْفِيَّة حَقِيقَته وَمِمَّا يبين مَا ذَهَبْنَا اليه من ان للهمزة مَعَ الاحرف الثَّلَاثَة ثَلَاثَة احكام لَا غير وَيرْفَع الاشكال فِي صِحَة ذَلِك وَيبْطل مَا عداهُ مِمَّا ذهب اليه من اَوْ مأنا اليه من النقاط والنحاة اجماع ائمة الْقِرَاءَة وعلماء الْعَرَبيَّة على ان مَوضِع الْهمزَة من الْكَلِمَة يمْتَحن بِالْعينِ فَحَيْثُمَا اسْتَقَرَّتْ الْعين فَهُوَ مَوضِع الْهمزَة وَنحن اذا امتحنا موضعهَا بذلك لم تتعد اُحْدُ الثَّلَاثَة الْمَوَاضِع الَّتِي حددناها وشرحناها وَلم تَسْتَقِر فِي غَيرهَا فَدلَّ ذَلِك دلَالَة قَاطِعَة على صِحَة مَا قُلْنَاهُ وذهبنا اليه وبطول مَا خَالفه وَخرج عَنهُ مِمَّا ذهب اليه مخالفونا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فَإِن قَالَ قَائِل من ايْنَ انْعَقَد اجماع من ذكرته من الْقُرَّاء والنحويين على تَخْصِيص الْعين دون سَائِر حُرُوف الْحلق وَغَيرهَا بالامتحان لموْضِع الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 قيل لِمَعْنى فِي الْعين اوجب لَهَا التَّخْصِيص وَهُوَ كَونهَا اكثر حُرُوف المعجم ورودا فِي الْمنطق وتكررا فِي اللَّفْظ فَجعلت للامتحان لخفتها وَقرب تنَاولهَا ولتناسب وَكيد ايضا بَينهَا وَبَين الْهمزَة وَهُوَ اجْتِمَاعهمَا دون غَيرهمَا من حُرُوف الْحلق فِي الْجَهْر الَّذِي هُوَ الاعلان والشدة الَّتِي هِيَ ارْتِفَاع الصَّوْت بالحرف وَكَون الْعين اول حرف من الْمخْرج الثَّانِي من الْحلق كَمَا ان الْهمزَة اول حرف من الْمخْرج الاول مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَلِي الثَّانِي ويتصل بِهِ فَلذَلِك خصت بالامتحان وانفردت بِالدّلَالَةِ على مَوضِع اسْتِقْرَار الْهمزَة من الْكَلِمَة ولاجله ايضا جعل جَمِيع النَّحْوِيين وَالْكتاب فِي الْكتب صورتهَا صُورَة عين اعلاما بذلك وَدلَالَة عَلَيْهِ فَإِن قَالَ فَمن ايْنَ اصْطلحَ السّلف على ان جعلُوا عَلامَة الْهمزَة وَهِي حرف من الْحُرُوف نقطة بالصفراء والنقطة عَلامَة لحركات الْحُرُوف قيل اصْطَلحُوا على ذَلِك من حَيْثُ اجْتمعت مَعَهُنَّ فِي ان جعل لَهَا صُورَة كَمَا تجْعَل لَهُنَّ فَلَمَّا شاركتهن فِي جعل الصُّورَة شاركتهن فِي الْعَلامَة ثمَّ خصت الْهمزَة دونهن بِأَن جعلت بالصفراء وجعلن دونهَا بالحمراء لتتميز بذلك مِنْهُنَّ وَتبين بِهِ عَنْهُن اذ كَانَت حرفا من الْحُرُوف وَكن حركات حُرُوف على ان سلف اهل الْعرَاق قد خالفوا سلف اهل الْمَدِينَة فِي ذَلِك فجعلوها بالحمراء كالحركات وَمَا جرى عَلَيْهِ اسْتِعْمَال اهل الْمَدِينَة من جعلهَا بالصفراء فرقا بَينهَا وَبَين الحركات هُوَ الْوَجْه وَعَلِيهِ الْعَمَل حَدثنَا احْمَد بن عمر الجيزي قَالَ نَا مُحَمَّد بن الاصبغ الامام قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 قالون قَالَ فِي مصاحف اهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من الْحُرُوف الَّتِي بنقط الصُّفْرَة فمهموزة فَإِن قيل فَمن ايْنَ خصت حُرُوف الْمَدّ الثَّلَاثَة الالف وَالْيَاء وَالْوَاو بِأَن جعلن صُورَة للهمزة دون غَيْرهنَّ من الْحُرُوف قيل وَجب تخصيصهن بذلك من حَيْثُ شاركتهن فِي الاعلال والتغيير وَكَانَت الْهمزَة اذا عدل بهَا عَن التَّحْقِيق الى التَّخْفِيف قربت مِنْهُنَّ فِي حَال التسهيل فَجعلت الْمَفْتُوحَة بَينهَا وَبَين الالف والمكسورة بَينهَا وَبَين الْيَاء والمضمومة بَينهَا وَبَين الْوَاو وابدلت حرفا خَالِصا مِنْهُنَّ فِي حَال الْبَدَل فَلذَلِك جعلن صورا لَهَا دون سَائِر الْحُرُوف وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصل وَاعْلَم ان الْهمزَة اذا توسطت فِي الْكَلِمَة اَوْ وَقعت طرفا مِنْهَا وَسكن مَا قبلهَا وَسَوَاء كَانَ ذَلِك السَّاكِن حرف مد ولين فَقَط اَوْ حرفا جَامِدا من سَائِر الْحُرُوف فَإِنَّهَا لم تصور خطا فِي الْحَالين فِي جَمِيع الْمَصَاحِف لانها اذا سهلت القي حركتها على ذَلِك السَّاكِن واسقطت من اللَّفْظ راسا فَلم تجْعَل لَهَا صُورَة لذَلِك فحروف الْمَدّ نَحْو قَوْله يراءون وبريئون وَبَرَاءَة وبرىء وَمن سوء وَشبهه وحروف اللين نَحْو سوءة اخي وسوءاتكم وكهيئة واستيئسوا وَشبهه والحروف الجامدة نَحْو قَوْله وينئون عَنهُ ويسئلون ويجئرون وَلَا تجئروا وَلَا تسئل ويسئمون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وَلَا يسئم وَبَين الْمَرْء ودفء ويفر الْمَرْء وملء الارض وَشبهه الا قَوْله ان تبوا ولتنوا والسوأى فَإِن الْهمزَة صورت فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْفَا كَمَا قدمْنَاهُ وَكَذَا صورت يَاء فِي قَوْله فِي الْكَهْف موئلا فَأَما قَوْله النشاة فِي العنكبوت والنجم والواقعة فَإِن كتاب الْمَصَاحِف اتَّفقُوا على رسم الف بعد الشين فِي ذَلِك اما على قِرَاءَة من فتح الشين واثبت بعْدهَا الْفَا واما على قِرَاءَة من اسكن الشين وَلم يثبت بعْدهَا الْفَا فِي اللَّفْظ الا ان الْهمزَة صورت الْفَا لتحركها بِالْفَتْح كَمَا تصور مَعَ الْحَرَكَة وَذَلِكَ الاصل وَحذف صورتهَا مَعَ السَّاكِن تَخْفيف واختصار وايضا فَإِن السَّاكِن الْوَاقِع قبلهَا لما كَانَ بِمَنْزِلَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ كَانَت هِيَ بِمَنْزِلَة المبتدأة الَّتِي تصور الْفَا بِأَيّ حَرَكَة تحركت وَلذَلِك لم تجْعَل مَعَه فِي التَّخْفِيف بَين بَين وحذفت حذفا وَهَذِه الْعلَّة فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَشبههَا تؤذن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 بِمُرَاد تَحْقِيق الْهمزَة فَلذَلِك اثبتت صورتهَا فِيهَا وَالْعلَّة الاولى تؤذن بتسهيلها فَلذَلِك حذفت صورتهَا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي حذفت فِيهَا والهمزة قد تصور على المذهبين من التَّحْقِيق والتسهيل دلَالَة على فشوهما واستعمالهما فِيهَا الا ان اكثر الرَّسْم ورد على التَّخْفِيف وَالسَّبَب فِي ذَلِك كَونه لُغَة الَّذين ولوا نسخ الْمَصَاحِف زمن عُثْمَان رَحمَه الله وهم قُرَيْش وعَلى لغتهم اقرت الْكِتَابَة حِين وَقع الْخلاف بَينهم وَبَين الانصار فِيهَا على مَا ورد فِي الْخَبَر الثَّابِت الْمَذْكُور فِي كتاب المرسوم فَلذَلِك ورد تَصْوِير اكثر الْهَمْز على التسهيل اذ هُوَ المستقر فِي طباعهم والجاري على السنتهم واما الْقُرْآن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 فمنزل بِالْوَجْهَيْنِ من التَّحْقِيق وَالتَّخْفِيف وهما من السَّبع اللُّغَات الَّتِي اذن الله تَعَالَى للامة فِي اسْتِعْمَالهَا وَالْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا فَإِذا نقط جَمِيع مَا تقدم جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء بعد السَّاكِن فِي السطر وَجعلت الحركات مَعهَا على مَا تقدم وَتجْعَل النقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا فِي قَوْله النشأة فِي الالف نَفسهَا لانها صُورَة لَهَا وَذَلِكَ على قِرَاءَة من اسكن الشين فَأَما على قِرَاءَة من فتح الشين فَإِن الْهمزَة تجْعَل وحركتها عَلَيْهَا بعد الالف فِي الْبيَاض وَكَذَا تجْعَل الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الْيَاء نَفسهَا فِي قَوْله موئلا وَتجْعَل حركتها تحتهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 بَاب ذكر نقط مَا اجْتمع فِيهِ الفان فحذفت احداهما اختصارا اعْلَم ان يَا الَّتِي للنداء وَهَا الَّتِي للتّنْبِيه اذا اتصلتا بِكَلِمَة اولها همزَة فَإِن رسم الْمَصَاحِف جَاءَ بِحَذْف الالف من آخرهما وَوصل الْيَاء وَالْهَاء بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي همزتها مبتداة فَصَارَ ذَلِك كلمة وَاحِدَة فِي الْخط وَهُوَ فِي الاصل وَالتَّقْدِير كلمتان وانما حذفت الالف من آخر الْكَلِمَة الاولى من حَيْثُ وصلت الكلمتان وصارتا بذلك كالكلمة الْوَاحِدَة الَّتِي لَا تنفصل فَكَمَا لَا يجمع بَين الفين فِي الرَّسْم فِي كلمة كَرَاهَة لتوالي صُورَتَيْنِ متفقتين كَذَلِك لَا يجمع ايضا بَينهمَا فِيمَا صَار بالوصل مثلهَا لذَلِك وَقَالَ بعض النَّحْوِيين انما لم يجمع بَين الفين فِي الرَّسْم من حَيْثُ لم يجمع بَينهمَا فِي اللَّفْظ فَأَما يَا الَّتِي للنداء فنحو قَوْله يأيها النَّاس وَيَأْهِلُ يثرب ويأبت وَيَا براهيم وويأخت هَارُون ويأولي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 الالباب ويأتيها النَّفس ويئادم وَشبهه واما هَا الَّتِي للتّنْبِيه فنحو قَوْله هأنتم وَهَؤُلَاء حَيْثُ وَقعا وَقد زعم احْمَد بن يحيى ثَعْلَب وموافقوه ان المحذوفة من احدى الالفين فِي الرَّسْم فِي هَذَا الضَّرْب هِيَ الْهمزَة وان الثَّابِتَة فِيهِ مِنْهُمَا هِيَ الالف الساكنة وَلَيْسَ ذَلِك بِالْوَجْهِ وَذَلِكَ من جِهَات ارْبَعْ احداهن ان ثعلبا وموافقيه قد اجْمَعُوا مَعنا على ان الْمَحْذُوف من الرَّسْم تَخْفِيفًا فِي نَحْو قَوْله يرب وَيقوم وينوح وَهَذَا وَهَذَانِ وَهَذِه وهتين واهكذا وَشبهه من المنادى والتنبيه من الاسماء هُوَ الالف الساكنة لَا غير لعدم سواهَا فِي ذَلِك فَكَمَا حذفت هَا هُنَا بِإِجْمَاع كَذَلِك يجب ان تحذف هُنَاكَ لَا سِيمَا وَقد دخلت فِيهِ خَاصَّة على مَا هُوَ مثلهَا فِي الصُّورَة وَهُوَ الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَالثَّانيَِة ان الاولى وَقعت طرفا والتغيير بالحذف وَغَيره اكثر مَا يسْتَعْمل فِيهِ وَالثَّانيَِة وَقعت ابْتِدَاء والمبتدا لَا يحذف وَالثَّالِثَة ان الاولى سَاكِنة والساكن قد يُغير كثيرا بالحذف وَغَيره وَالثَّانيَِة متحركة والمتحرك لَا يحذف وَلَا تغير صورته وَالرَّابِعَة ان التَّغْيِير فِي الساكنين بالحذف والتحريك وَفِي المثلين اذا ادغم احدهما فِي الآخر انما يلْحق الْحَرْف الاول مِنْهُمَا دون الثَّانِي فَكَذَا يجب ان تكون الالف الْمُغيرَة بالحذف من احدى الالفين فِيمَا تقدم هِيَ الاولى دون الثَّانِيَة والى ذَلِك ذهب الْكسَائي وَغَيره من النَّحْوِيين وَبِه اقول فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب على مَا ذَهَبْنَا اليه واوضحنا صِحَّته جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الالف المصورة لانها صورتهَا وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن اسفلها ان كَانَت مَكْسُورَة وَمن امامها ان كَانَت مَضْمُومَة ورسمت الف بالحمراء بَين الْيَاء وَالْهَاء وَبَين تِلْكَ الالف وان شَاءَ الناقط لم يرسمها وَجعل مطة فِي موضعهَا على قِرَاءَة من جعل الْمُنْفَصِل كالمتصل فِي حُرُوف الْمَدّ مَعَ الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 فَأَما قَوْله يئادم حَيْثُ وَقع فمرسوم فِي كل الْمَصَاحِف بِأَلف وَاحِدَة بَين الْيَاء وَالدَّال وَهِي الالف المبدلة من همزَة فَاء الْفِعْل الساكنة لَا الَّتِي هِيَ همزَة مُحَققَة فِي اول الْكَلِمَة وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت المبدلة هِيَ الثَّابِتَة فِي الرَّسْم والمحققة المبتداة هِيَ المحذوفة فِيهِ فِي ءادم وءازر وءامن وءاتى المَال وَشبه ذَلِك من الاسماء والافعال لكَون الاولى زَائِدَة فِي ذَلِك وَكَون الثَّانِيَة اصلية فِيهِ فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل الالف المصورة فِي الْبيَاض ورسم بعد الْيَاء الف بالحمراء وَجعلت مطة فِي موضعهَا واما قَوْله هَؤُلَاءِ حَيْثُ وَقع فمرسوم ايضا فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بواو بعد الْهَاء من غير الف بعْدهَا وَلَا قبل الْوَاو وَذَلِكَ من حَيْثُ وصلت الكلمتان وجعلتا كلمة وَاحِدَة تَخْفِيفًا فَلذَلِك حذفوا الالف الَّتِي هِيَ آخر الْكَلِمَة الاولى وحذفوا الالف الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة الثَّانِيَة لما كَانَت الْوَاو المصورة بعْدهَا للْفرق اَوْ لبَيَان الْهمزَة تَكْفِي مِنْهَا وَتقوم مقَامهَا اذ هِيَ من جنس حركتها لَا سِيمَا وَقد صَارَت بالوصل كالمتوسطة الَّتِي تصور فِي حَال انضمامها واوا سَوَاء اريد تحقيقها اَوْ تسهيلها وزالت بذلك صُورَة مَا يُوجب الحاق وَاو فِيهِ ليفرق بهَا بَين المشتبهين فِي الصُّورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء امامها فِي الْوَاو نَفسهَا ورسمت الف بالحمراء بعد الْهَاء وان شَاءَ الناقط لم يرسمها وَجعل فِي موضعهَا مطة وَجَائِز ان تكون الْوَاو فِي ذَلِك لَيست بِصُورَة للهمزة لَكِنَّهَا الَّتِي للْفرق بَين الى وأولي وَهُوَ مَذْهَب النَّحْوِيين فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب رسم بعد الْهَاء الف بالحمراء وَلم يكن بُد من ذَلِك لانها صُورَة للهمزة الَّتِي هِيَ اول الْكَلِمَة وَجعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي تِلْكَ الالف وحركتها امامها وَجعل على الْوَاو المصورة دارة صغرى عَلامَة لزيادتها وانها غير ملفوظ بهَا وَلَا يجوز ان يرسم قبل تِلْكَ الالف الَّتِي هِيَ صُورَة للهمزة الف اخرى فتتوالى بذلك الفان وَذَلِكَ مرفوض فِي الْكِتَابَة غير مُسْتَعْمل فِي الرَّسْم واما قَوْله ترءا الْجَمْعَانِ فِي سُورَة الشُّعَرَاء فرسم فِي جَمِيع الْمَصَاحِف ايضا بِأَلف وَاحِدَة فتحتمل تِلْكَ الالف المرسومة ان تكون الف الْبناء الَّتِي من مِثَال تفَاعل وان تكون المحذوفة الَّتِي هِيَ لَام من الْفِعْل لَان الاصل فِي هَذِه الْكَلِمَة تراءي وَمثل ذَلِك من السَّالِم تضارب وتقاتل وتشاتم وَشبهه فَلَمَّا تحركت الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام وَانْفَتح مَا قبلهَا انقلبت الْفَا فَصَارَ تراءا وَوَقعت الْهمزَة بَين الفين الف الْبناء والالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 المنقلبة والهمزة لخفائها وَبعد مخرجها واستغنائها عَن الصُّورَة لَيست بفاصل قوي فَكَأَن الالفين قد اجتمعتا متواليتين فحذفت احداهما اختصارا وَكَانَت الثَّانِيَة مِنْهُمَا اولى بالحذف اذ لم يكن مِنْهُ بُد من حَيْثُ لم يجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين فِي الرَّسْم كَرَاهَة للْجمع بَينهمَا واكتفاء بالواحدة مِنْهُمَا من ثَلَاثَة اوجه احدها وُقُوعهَا فِي الطّرف الَّذِي هُوَ مَوضِع التَّغْيِير بالحذف وَغَيره وَالثَّانِي سُقُوطهَا من اللَّفْظ فِي حَال الْوَصْل لسكونها وَسُكُون اول مَا توصل بِهِ وَهُوَ اللَّام من الْجَمْعَانِ فَكَمَا لَزِمَهَا السُّقُوط من اللَّفْظ فِي حَال الْوَصْل كَذَلِك اسقطت من الرَّسْم وَذَلِكَ من حَيْثُ عاملوا فِي كثير من الْكِتَابَة اللَّفْظ والوصل دون الاصل وَالْقطع الا ترى انهم لذَلِك حذفوا الالف وَالْيَاء وَالْوَاو فِي نَحْو قَوْله اية الْمُؤْمِنُونَ ووسوف يُؤْت الله ويدع الانسان وَشبهه لما سقطن من اللَّفْظ لسكونهن وَسُكُون مَا بعدهن وبنوا الْخط على ذَلِك فأسقطوهن مِنْهُ فَكَمَا عومل اللَّفْظ فِي هَذِه الْحُرُوف وَبني الْخط عَلَيْهِ فِيهِنَّ كَذَلِك عومل ايضا فِيمَا تقدم وَبني عَلَيْهِ فِيهِ وَالثَّالِث كَون الاولى دَاخِلَة لِمَعْنى لَا بُد من تأديته وَهُوَ بِنَاء تفَاعل الَّذِي يخص بِهِ اذا تقدم الِاثْنَان وَالْجَمَاعَة فَوَجَبَ ان تكون هِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 المرسومة دون الاخرى اذ يرسمها وثباتها يتَأَدَّى مَعْنَاهَا الَّذِي جَاءَت لاجله وبحذفها وسقوطها يخْتل وتحتمل تِلْكَ الالف ان تكون الالف المنقلبة من لَام الْفِعْل وان تكون المحذوفة الف الْبناء وَذَلِكَ من ثَلَاثَة اوجه ايضا احدها ان المنقلبة من نفس الْكَلِمَة اذ هِيَ لَام مِنْهَا والف الْبناء زَائِدَة واثبات الاصلي اولى من اثبات الزَّائِد اذا لزم حذف احدهما وَالثَّانِي انهما مَعًا ساكنتان والهمزة بَينهمَا لما ذَكرْنَاهُ من حَالهَا لَيست تمنع من التقائهما والساكنان اذا التقيا مَعًا اعْل بالحذف اَوْ بِالتَّحْرِيكِ الاول مِنْهُمَا دون الثَّانِي اذ بتغيير الاول يتَوَصَّل الى النُّطْق بِالثَّانِي وَذَلِكَ مَا لم تمنع من تَغْيِيره عِلّة وَهِي مَعْدُومَة هَا هُنَا فَوَجَبَ ان تكون الثَّابِتَة الالف المنقلبة والمحذوفة الف الْبناء لذَلِك وَالثَّالِث ان الْحَرْف الَّذِي انقلبت الالف الثَّانِيَة عَنهُ وَهُوَ الْيَاء كَانَ متحركا فأعل بِالْقَلْبِ فَإِن حذف المنقلب عَنهُ لحق لَام الْفِعْل اعلالان تَغْيِير ثمَّ حذف واذا لحقها ذَلِك لم يبْق لَهَا اثر من رسم وَلَا لفظ يدل عَلَيْهَا فَوَجَبَ ان تثبت رسما لذَلِك ليعلم بذلك انها ثَابِتَة مَعَ عدم السَّاكِن وانها انما اعلت بِالْقَلْبِ لَا غير وَهَذَا الْمَذْهَب عِنْدِي فِي ذَلِك اوجه وَهُوَ الَّذِي اخْتَار وَبِه انقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 فَإِن قيل من ايْنَ اخْتَرْت هَذَا الْمَذْهَب ورسم الالف فِي آخر هَذِه الْكَلِمَة يدل على انها لَيست المنقلبة من لَام الْفِعْل ويحقق انها الَّتِي للْبِنَاء وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت المنقلبة لَا ترسم فِي نَظَائِر ذَلِك مِمَّا لامه يَاء فِي الاصل من الافعال الا يَاء وَكَانَت الَّتِي للْبِنَاء لَا ترسم الا الْفَا اذ هِيَ مَجْهُولَة لَا يعلم لَهَا اصل فِي يَاء وَلَا وَاو قيل لَيْسَ الامر كَمَا ذكرته وَلَا على مَا ظننته وَقدرته وَذَلِكَ ان الالف المنقلبة لَو رسمت هَاهُنَا يَاء على الاصل لَا لتبست صُورَة الْفِعْل الْمَاضِي الْمُتَقَدّم الَّذِي على مِثَال تفَاعل الَّذِي تلْحقهُ الْهمزَة وَهُوَ للاثنين وَالْجَمَاعَة بِصُورَة الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الَّذِي على مِثَال تفعل الَّذِي لَا همزَة فِيهِ وَهُوَ للْوَاحِد فَقَط نَحْو قَوْله وَترى الارض وَترى النَّاس وَشبهه فرسمت اللَّام هَاهُنَا الْفَا ليفرق بذلك بَين صُورَة الْفِعْلَيْنِ من الْمَاضِي والمستقبل ويرتفع الالتباس بِهِ فِي معرفتهما وايضا فَإِنَّهَا لَو رسمت يَاء للَزِمَ ان ترسم الف الْبناء قبلهَا ضَرُورَة لعدم مَا يُوجب حذفهَا بذلك وَهُوَ اجْتِمَاع صُورَتَيْنِ متفقتين من حَيْثُ غيرت الثَّانِيَة وصورت يَاء وَلم يجىء الرَّسْم بذلك وايضا فَإِن رسم الالف فِي آخر هَذِه الْكَلِمَة لَا يمْنَع ان تكون المنقلبة من حَيْثُ رسمت كَذَلِك بِإِجْمَاع من كتاب الْمَصَاحِف من السّلف وَالْخلف فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 قَوْله الاقصا الَّذِي وَمن اقصا الْمَدِينَة وطغا المَاء فِي نَظَائِر لذَلِك لِامْتِنَاع امالتها فِيهِ فِي حَال الْوَصْل لاجل السَّاكِن الَّذِي لقيها وَقد حَدثنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ نَا ابو بكر بن الانباري قَالَ نَا ادريس بن عبد الْكَرِيم قَالَ نَا خلف بن هِشَام قَالَ سَمِعت الْكسَائي يَقُول انما كتبت يَعْنِي هَذِه الْحُرُوف بالالف للالف وَاللَّام اللَّتَيْنِ بعد هَذِه الْحُرُوف قَالَ ابو عَمْرو وَذَلِكَ من حَيْثُ منعتاها من الامالة لسقوطها من اللَّفْظ وَعدمهَا فِي حَال الْوَصْل لاجلهما فَثَبت بِجَمِيعِ مَا قدمْنَاهُ صِحَة مَا ذَهَبْنَا اليه واخترناه من كَون الالف المرسومة المنقلبة لَا الَّتِي للْبِنَاء وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فَإِذا نقطت هَذِه الْكَلِمَة على الْوَجْه الاول الَّذِي الالف المرسومة فِيهِ للْبِنَاء جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها من فَوْقهَا بالحمراء بعد تِلْكَ الالف فِي السطر ورسمت بعْدهَا الف بالحمراء دلَالَة على ان بعد الْهمزَة الْفَا ثَابِتَة فِي حَال الِانْفِصَال سَاقِطَة فِي حَال الِاتِّصَال وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى تراء الْجَمْعَانِ واذا نقطت على الْوَجْه الثَّانِي الَّذِي الالف المرسومة فِيهِ المنقلبة جعلت الْهمزَة وحركتها عَلَيْهَا قبل تِلْكَ الالف بَينهَا وَبَين الرَّاء ورسم بعد الرَّاء بَينهَا وَبَين الْهمزَة الف بالحمراء دلَالَة على ثُبُوتهَا بَينهمَا فِي كل حَال وان شَاءَ الناقط لم يرسمها وَجعل فِي موضعهَا مطة ورسمها احسن من حَيْثُ رسمها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 السّلف فِي نَحْو العلمين والفسقين والكفرين وَشبهه وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ترءا الْجَمْعَانِ واما قَوْله فِي الزخرف حَتَّى اذا جَاءَنَا فرسم فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بِأَلف وَاحِدَة فَإِن كَانَ مرسوما على قِرَاءَة التَّوْحِيد والافراد فَذَلِك حَقِيقَة رسمه وان كَانَ مرسوما على قِرَاءَة التَّثْنِيَة فقد حذفت مِنْهُ الف وَاحِدَة والمحذوفة تحْتَمل ان تكون المنقلبة عَن عين الْفِعْل فِي جَاءَ والاصل جيأ على مِثَال فعل فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا انقلبت الْفَا ثمَّ اتت الف التَّثْنِيَة بعْدهَا فالتقتا مَعًا لَان الْهمزَة الحائلة بَينهمَا الَّتِي هِيَ لَام لَيست بفاصل قوي لخفائها وَبعد مخرجها ولانها لَا صُورَة لَهَا فَلَمَّا التقتا فِي الرَّسْم وَجب حذف احداهما فحذفت الَّتِي هِيَ عين لكَونهَا اولهما واثبتت الَّتِي هِيَ عَلامَة الِاثْنَيْنِ لكَونهَا ثَانِيَة ولان الْمَعْنى الَّذِي جَاءَت لاجله يخْتل بحذفها فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْوَجْه جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا قبل الالف السَّوْدَاء ورسم قبل الْهمزَة وَبعد الْجِيم الف بالحمراء وَصُورَة نقط ذَلِك على هَذَا الْوَجْه كَمَا ترى جئانا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وتحتمل المحذوفة ان تكون الَّتِي هِيَ عَلامَة الِاثْنَيْنِ من حَيْثُ كَانَت زَائِدَة وَكَانَ الثّقل وَالْكَرَاهَة انما وجبا لاجلها فَلذَلِك حذفت الزَّائِدَة واثبتت الاصلية وَذَلِكَ الْوَجْه عِنْدِي لَان عين الْفِعْل الَّذِي هُوَ من سنخ الْحَرْف قد اعْل بِالْقَلْبِ فَلم يكن ليعل بالحذف فَلَا يبْقى لَهُ اثر فِي الرَّسْم فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْوَجْه جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا بعد الالف السَّوْدَاء وترسم بالحمراء الف بعد الْهمزَة لَا بُد من ذَلِك وَصُورَة نقط ذَلِك على هَذَا الْوَجْه كَمَا ترى جَاءَنَا واما قَوْله فِي يُونُس ان تبوءا لقومكما فَإِنَّهُ مرسوم بِأَلف وَاحِدَة وتحتمل ان تكون صُورَة الْهمزَة الَّتِي هِيَ لَام وان تكون الف التَّثْنِيَة لما ذَكرْنَاهُ والاوجه هَاهُنَا ان تكون الف التَّثْنِيَة لَان الْهمزَة قد تَسْتَغْنِي عَن الصُّورَة فَلَا ترسم خطا وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت حرفا من الْحُرُوف والالف الساكنة لَيست كَذَلِك فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْوَجْه جعلت الْهمزَة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء قبل الالف السَّوْدَاء فِي السطر وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى تبوءا وعَلى الْوَجْه الآخر تجْعَل الْهمزَة وحركتها فِي الالف وترسم بعد الالف الف اخرى بالحمراء لَا بُد من ذَلِك ليتأدى اللَّفْظ ويتحقق الْمَعْنى وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى تبوأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وكل همزَة مَفْتُوحَة سَوَاء تحرّك مَا قبلهَا اَوْ سكن إِذا اتى بعْدهَا الف سَوَاء كَانَت زَائِدَة اَوْ مبدلة من حرف اصلي فَالْقَوْل فِي اثبات صورتهَا وَحذف مَا بعْدهَا وَفِي حذف صورتهَا واثبات مَا بعْدهَا وَجعل الْهمزَة على الْوَجْهَيْنِ كالقول فِي ان تبوءا سَوَاء وَذَلِكَ نَحْو قَوْله مئاب ومئابا ومئارب وَكَذَلِكَ رءا كوكبا وفرءاه ورءا الْقَمَر ورءا الشَّمْس وَشبهه حَيْثُ وَقع وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 بَاب ذكر نقط مَا اجْتمع فِيهِ ياءان فحذفت احداهما ايجازا اعْلَم ان كتاب الْمَصَاحِف اتَّفقُوا على حذف احدى الياءين من الرَّسْم فِي قَوْله النبين حَيْثُ وَقع وَيجوز ان تكون المحذوفة مِنْهُمَا الاولى الَّتِي هِيَ زَائِدَة للمد فِي بِنَاء فعيل لزيادتها وانها اول الياءين لَان الْهمزَة بَينهمَا لخفائها وان لَا صُورَة لَهَا لَيست بفاصلة فَوَجَبَ لذَلِك حذفهَا من الرَّسْم اذ كره الْجمع بَينهَا وَبَين الَّتِي بعْدهَا فِيهِ وَيجوز ان تكون المحذوفة من الياءين الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ عَلامَة الْجمع من حَيْثُ كَانَ الْبناء يخْتل بِحَذْف الاولى وَكَانَ الثّقل وَالْكَرَاهَة للْجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين انما وَجب بِالثَّانِيَةِ لَا بالاولى وَالْمذهب الاول اوجه لما بَينته ولان الْيَاء الثَّانِيَة لما جَاءَت مؤدية عَن معنى الْجمع لزم اثباتها ليتأدى بذلك الْمَعْنى الَّذِي جَاءَت لَهُ وايضا فَإِنَّهَا مُلَازمَة للنون لَا تفارقها ولاتنفصل عَنْهَا من حَيْثُ كَانَتَا مَعًا عَلامَة للْجَمِيع فَوَجَبَ لذَلِك اثباتها ضَرُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 فَإِذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من همز على الاصل جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها من تحتهَا نقطة بالحمراء قبل الْيَاء السَّوْدَاء ورسم قبل الْهمزَة وَبعد الْبَاء يَاء بالحمراء وَهِي يَاء فعيل وان شَاءَ الناقط لم يرسمها وَجعل مطة فِي موضعهَا هَذَا على الْوَجْه الأول الْمُخْتَار وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى النبئين وعَلى الْوَجْه الثَّانِي تجْعَل الْهمزَة وحركتها بعد الْيَاء السَّوْدَاء وتلحق بعد الْهمزَة وَقبل النُّون يَاء بالحمراء وَهِي يَاء الْجَمِيع وَلَا بُد من الحاق هَذِه الْيَاء فِي هَذَا الْوَجْه ليتأدى بالحاقها الْمَعْنى الَّذِي جَاءَت هِيَ وَالنُّون لاجله وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى النبيئن وَكَذَا تلْحق الْيَاء فِي هَذِه الْكَلِمَة على الْوَجْهَيْنِ فِي قِرَاءَة من لم يهمزها وَكَذَلِكَ تلْحق فِي نَظَائِر ذَلِك من الْجمع مِمَّا حذفت فِيهِ احدى الياءين كَرَاهَة للْجمع بَينهمَا فِي الرَّسْم على الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ نَحْو قَوْله ربانين والحوارين وَفِي الامين وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 فَأَما مَا كَانَ الْحَرْف الْوَاقِع فِيهِ الْيَاء وَالنُّون همزَة نَحْو قَوْله المستهزءين ومتكئين وخاسئين وَشبهه فَإِن الْيَاء المرسومة قبل النُّون فِي ذَلِك تحْتَمل ان تكون صُورَة للهمزة لتحركها وتحرك مَا قبلهَا وان تكون عَلامَة للْجمع وَذَلِكَ الاوجه لما بَيناهُ قبل ولان الْهمزَة لكَونهَا حرفا من الْحُرُوف قد تَسْتَغْنِي عَن الصُّورَة واما قَوْله فِي مَرْيَم أثاثا ورءيا فَإِنَّهُ رسم فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بياء وَاحِدَة فَإِن كَانَ رسمه على قِرَاءَة من لم يهمز فَذَلِك حَقِيقَة رسمه وَإِن كَانَ على قِرَاءَة من همز فقد حذفت مِنْهُ يَاء وَاحِدَة وَهِي الاولى الَّتِي هِيَ صُورَة الْهمزَة الساكنة لَا غير وَذَلِكَ لثَلَاثَة معَان أَحدهَا ان الْهمزَة فِي حَال تحقيقها قد تَسْتَغْنِي عَن الصُّورَة بالشكل لانها حرف كَسَائِر الْحُرُوف وَالثَّانِي انها إِذا سهلت فِي ذَلِك لزم إبدالها يَاء سَاكِنة لاجل كسرة الرَّاء الَّتِي قبلهَا ثمَّ تُدْغَم فِي الْيَاء الَّتِي بعْدهَا للتماثل وعَلى هَذَا لَا تصور رَأْسا وَالثَّالِث أَن الالف المعوضة من التَّنْوِين الَّذِي يتبع الاعراب قد جَاءَت مثبتة فِي آخر هَذِه الْكَلِمَة فَلَزِمَ أَن تكون الْيَاء الْمُتَّصِلَة فِي الرَّسْم بهَا هِيَ الَّتِي يلْحقهَا الاعراب لَا غير وَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وَعَلَيْهَا عَلامَة السّكُون بَين الرَّاء وَالْيَاء فِي الْبيَاض وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 بَاب ذكر نقط مَا اجْتمع فِيهِ واوان فحذفت إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا اعْلَم أَن الْمَصَاحِف اجْتمعت على حذف إِحْدَى الواوين فِي أَربع كلم وَهن قَوْله فِي سُبْحَانَ ليسئوا وُجُوهكُم وَقَوله فِي الاحزاب وتئوى إِلَيْك وَقَوله فِي المعارج الَّتِي تئويه وَقَوله فِي كورت وَإِذا الموءدة فَأَما لَيْسُوا فَإِن كَانَ مرسوما على قِرَاءَة من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ على التَّوْحِيد أَو بالنُّون على الْجمع فَذَلِك حَقِيقَة رسمه إِلَّا أَن الالف رسمت فِي آخِره على الْقِرَاءَتَيْن كَمَا رسمت فِي قَوْله أَن تبوأ صُورَة للهمزة وَإِن كَانَ مرسوما على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ على الْجمع فقد حذفت من رسمه إِحْدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الواوين اللَّتَيْنِ الْهمزَة المضمومة بَينهمَا من حَيْثُ كَانَت الْهمزَة غير فاصلة لخفائها وَعدم صورتهَا وَيجوز أَن تكون المحذوفة مِنْهُمَا الاولى الَّتِي هِيَ عين من الْفِعْل إِذْ هِيَ السَّابِقَة وَيجوز ان تكون الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ عَلامَة الْجمع من حَيْثُ كَانَت حرفا زَائِدا دخيلا وَكَانَت الاولى من سنخ الْحَرْف وَالْمذهب الاول أوجه لَان معنى الْجَمِيع يخْتل بِسُقُوط علامته وَعدم دَلِيله فَإِذا نقط ذَلِك على الاول الْمُخْتَار جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها نقطة بالحمراء أمامها قبل الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء قبل الْهمزَة وَبعد السِّين فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين الْحَمْرَاء والسوداء وَإِن شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو وَجعل مطة فِي موضعهَا بَين السِّين والهمزة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسئوا وَإِذا نقط على الْوَجْه الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء قبل الْهمزَة وَبعد السِّين فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين الْحَمْرَاء والسوداء وان شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو وَجعل مطة فِي موضعهَا بَين السِّين والهمزة وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسئوا واذا نقط على الْوَجْه الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعْدهَا لَا بُد من ذَلِك ليتأدى بهَا الْمَعْنى الَّذِي جَاءَت لَهُ فَتحصل الْهمزَة بَين الواوين السَّوْدَاء والحمراء وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى ليسوءا واذا نقط ذَلِك على قِرَاءَة من قراه بِالْيَاءِ على التَّوْحِيد وَالنُّون على الْجمع جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء فِي الالف المرسومة لانها صُورَة لَهَا ذَكرْنَاهُ وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى لَيْسُوا واما وتئوي اليك وَالَّتِي تئويه فَإِنَّهُمَا رسما بواو وَاحِدَة وَهِي الثَّانِيَة الْمَكْسُورَة الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل لَا الاولى الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة وَفَاء من الْفِعْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَذَلِكَ لخمسة معَان احدها ان الاولى هِيَ السَّابِقَة مِنْهُمَا وَالثَّانِي انها سَاكِنة وَالثَّانيَِة متحركة وَالثَّالِث انها قد تَسْتَغْنِي عَن الصُّورَة لانها حرف قَائِم بِنَفسِهِ من حَيْثُ اشتركت مَعَ الْهَاء والالف فِي الْمخْرج ولحقتها الحركات والسكون وَالرَّابِع انها قد تبدل واوا سَاكِنة لاجل ضمة التَّاء قبلهَا ثمَّ تُدْغَم فِي الْوَاو الَّتِي بعْدهَا للتمائل فَيمْتَنع تصويرها لذَلِك كَمَا يمْتَنع تَصْوِير الاول من المثلين فِي كلمة وَاحِدَة اذا ادغم فِي الثَّانِي نَحْو قَوْله عدوى وَولي وَعَدُوكُمْ ووليكم وَشبهه وَالْخَامِس ثُبُوت الْيَاء الساكنة فِي اللَّفْظ والرسم الَّتِي لَا تَلِيهَا الا كسرة لَا غير وَهِي كسرة الْوَاو الَّتِي هِيَ عين فَدلَّ ذَلِك كُله على ان الثَّابِتَة فِي الرَّسْم هِيَ الْوَاو الثَّانِيَة وان الساقطة هِيَ الْوَاو الاولى الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة فِي حَال التَّحْقِيق فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وعلامة السّكُون عَلَيْهَا بَين التَّاء وَالْوَاو السَّوْدَاء فِي بَيَاض السطر وَجعلت تَحت الْوَاو السَّوْدَاء نقطة بالحمراء عَلامَة لكسرها وان شَاءَ الناقط رسم بعد التَّاء وَقبل الْوَاو السَّوْدَاء بالحمراء واوا وَجعل الْهمزَة فِيهَا والا يرسمها احسن وَصُورَة ذَلِك كَمَا ترى تئوي وتئويه واما الموءدة فرسمت فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بواو وَاحِدَة وتحتمل ان تكون المرسومة الْوَاو الاولى الَّتِي هِيَ فَاء من الْفِعْل والمحذوفة الْوَاو الثَّانِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 الَّتِي جَاءَت لبِنَاء مفعولة وتحتمل ان تكون المرسومة الثَّانِيَة والمحذوفة الاولى من حَيْثُ كَانَت السَّابِقَة مِنْهُمَا وان تكون المرسومة الاولى الَّتِي هِيَ فَاء اولى من ثَلَاثَة اوجه احدها ان الاولى من نفس الْكَلِمَة وَالثَّانيَِة زَائِدَة فِيهَا والاصلي اولى بالاثبات من الزَّائِد وَالثَّانِي ان ضمة الْهمزَة الْوَاقِعَة بَين الواوين تدل على الْوَاو الثَّانِيَة اذا حذفت من الرَّسْم وَلَا شَيْء فِي الْكَلِمَة يدل على الاولى اذا حذفت فَلَزِمَ رسمها دون الثَّانِيَة اذا وَجب حذف صُورَة احداهما وَالثَّالِث ان من الْعَرَب من اذا سهل الْهمزَة فِي ذَلِك اسقطها وَالْوَاو الَّتِي بعْدهَا طلبا للتَّخْفِيف فَيَقُول الْمَوَدَّة على لفظ الجوزة والموزة وَهِي قِرَاءَة الاعمش فِي ذَلِك قرات على عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن ابي طَاهِر بن ابي هَاشم قَالَ نَا قَاسم الْمُطَرز والخثعمي قَالَا حَدثنَا ابو كريب قَالَ نَا ابو بكر قَالَ قرا الاعمش واذا الْمَوَدَّة بِغَيْر همز مخففا فَإِذا نقطت هَذِه الْكَلِمَة على الْمَذْهَب الاول الْمُخْتَار جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها امامها نقطة بالحمراء بعد الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعد الْهمزَة فَتحصل الْهمزَة بذلك بَين واوين سَوْدَاء وحمراء وان شَاءَ الناقط لم يرسم تِلْكَ الْوَاو من حَيْثُ كَانَت ضمة الْهمزَة دَالَّة عَلَيْهَا وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى الموءدة واذا نقطت على الْمَذْهَب الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها قبل الْوَاو السَّوْدَاء ورسمت وَاو بالحمراء بعد الْمِيم وَقبل الْهمزَة فَتحصل الْهمزَة ايضا بَين واوين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَاو حَمْرَاء وواو سَوْدَاء وَلَا بُد من تَصْوِير الْوَاو فِي هَذَا الْوَجْه ضَرُورَة لَان اللَّفْظ وَالْمعْنَى يختلان بحذفها وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى المئودة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصل وكل همزَة مَضْمُومَة جَاءَت قبل وَاو مرسومة سَوَاء كَانَت للْجمع اَوْ للْبِنَاء وَسَوَاء تحرّك مَا قبل الْهمزَة اَوْ سكن فَإِن الْمَصَاحِف اتّفق رسمها على حذف صُورَة الْهمزَة لما تقدم من كَرَاهَة توالي صُورَتَيْنِ متفقتين فِي الرَّسْم وَجَائِز ان تحذف وَاو الْجمع وواو الْبناء وان تثبت صُورَة الْهمزَة والاول اقيس لما قدمْنَاهُ من اسْتغْنَاء الْهمزَة عَن الصُّورَة وَمن اختلال اللَّفْظ وَالْمعْنَى جَمِيعًا بِحَذْف مَا يدل على الْجمع اَوْ على الْبناء فالتي للْجمع نَحْو قَوْله فادرءوا ويدرءون وَلَا يطئون وتطئوهم ومستهزءون ومتكئون وفما لئون وليواطئوا وليطفئوا وأنبئوني ويستنبئونك وَشبهه وَالَّتِي للْبِنَاء نَحْو قَوْله يئوسا ومذءوما ومسئولا وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها أمامها نقطة بالحمراء قبل الْوَاو السَّوْدَاء فِي بَيَاض السطر على مَا ترَاهُ فِي الْحُرُوف الْمُتَقَدّمَة وكل وَاو مَضْمُومَة جَاءَ بعْدهَا وَاو سَاكِنة للْجمع كَانَت أَو للْبِنَاء فَالْقَوْل فِي حذف إِحْدَاهمَا وَإِثْبَات الثَّانِيَة كالقول فِي جَمِيع مَا تقدم فالتي للْجمع نَحْو قَوْله الغاون وَلَا تلون وَلَا يستون وفأوا الى الْكَهْف وَشبهه وَالَّتِي للْبِنَاء نَحْو قَوْله مَا وري وَدَاوُد وَشبهه وَالْأَوْجه هَاهُنَا أَن تكون المرسومة الْوَاو الاولى لتحركها والمحذوفة الْوَاو الثَّانِيَة لسكونها من حَيْثُ كَانَ السَّاكِن أولى بالحذف من المتحرك فِي ذَلِك لتولده مِنْهُ ولدلالة حَرَكَة المتحرك عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِخِلَاف مَا تقدم فِي نَظَائِر ذَلِك من كَون المرسومة من إِحْدَى الواوين الثَّانِيَة دون الاولى هُوَ الاوجه وَذَلِكَ لسكونهما مَعًا هُنَاكَ فَلَمَّا اجتمعتا فِي السّكُون كَانَ الاولى بالاثبات مِنْهُمَا مَا جَاءَ لِمَعْنى لَا بُد من تاديته وَفِي الثَّانِيَة لدلاتها على الْجمع والناقط مُخَيّر فِي رسم وَاو الْجمع وواو الْبناء فِي هَذَا الضَّرْب على مَا تستحقه وَفِي ترك رسمها لدلَالَة الضمة عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 بَاب ذكر نقط مَا زيدت الالف فِي رسمه اعْلَم ان كتاب الْمَصَاحِف زادوا الالف فِي الرَّسْم بِإِجْمَاع مِنْهُم فِي اصل مطرد وَخَمْسَة أحرف مفترقة فاما الاصل المطرد فَهُوَ مَا جَاءَ من لفظ مائَة وَمِائَتَيْنِ وَأما الْخَمْسَة الاحرف فأولها فِي التَّوْبَة ولأ اوضعوا خلالكم وَكَذَا فِي النَّمْل أَو لأاذبحنه وَفِي يُوسُف وَلَا تايئسوا من روح الله إِنَّه لَا يايئس من روح الله وَفِي الرَّعْد أفلم يايئس الَّذين ءامنوا وَحكى مُحَمَّد بن عِيسَى الاصبهاني أَن فِي الْمَصَاحِف كلهَا وَلَا تقولن لشائ فِي الْكَهْف بِأَلف بَين الشين وَالْيَاء قَالَ وَكَذَلِكَ ذَلِك فِي مصاحف عبد الله فِي كل الْقُرْآن وَفِي مصاحف أهل بلدنا الْقَدِيمَة المتبع فِي رسمها مصاحف أهل الْمَدِينَة وجاىء بالنبيين فِي الزمر وجاىء يَوْمئِذٍ بجهنم فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَالْفَجْر بِأَلف زَائِدَة بَين الْجِيم وَالْيَاء وفيهَا أَيْضا فِي آل عمرَان لإالى الله تحشرون وَفِي الصافات لإالى الْجَحِيم بِزِيَادَة الف وَلم أجد أَنا ذَلِك كَذَلِك مرسوما فِي شَيْء من مصاحف أهل الْعرَاق الْقَدِيمَة فَأَما زيادتهم الالف فِي مائَة فلأحد أَمريْن إِمَّا للْفرق بَين مائَة وَبَين مِنْهُ من حَيْثُ اشتبهت صورتهما ثمَّ الحقت التَّثْنِيَة بِالْوَاحِدِ فزيدت فِيهَا الالف لتأتيا مَعًا على طَريقَة وَاحِدَة من الزِّيَادَة وَهُوَ قَول عَامَّة النَّحْوِيين قَالَ القتبي زادوا الالف فِي مائَة ليفصلوا بهَا بَينهمَا وَبَين مِنْهُ أَلا ترى أَنَّك تَقول اخذت مائَة واخذت مِنْهُ فَلَو لم تكن الْألف لالتبس على الْقَارئ وَإِمَّا تَقْوِيَة للهمزة من حَيْثُ كَانَت حرفا خفِيا بعيد الْمخْرج فقووها بالالف لتتحقق بذلك نبرتها وخصت الالف بذلك مَعهَا من حَيْثُ كَانَت من مخرجها وَكَانَت الْهمزَة قد تصور بصورتها وَهَذَا القَوْل عِنْدِي أوجه لانهم قد زادوا الالف بَيَانا للهمزة وتقوية لَهَا فِي كلم لَا تشتبه صورهن بصور غَيْرهنَّ فَزَالَ بذلك معنى الْفرق وَثَبت معنى التقوية وَالْبَيَان لانه مطرد فِي كل مَوضِع فَإِذا نقط هَذَا الضَّرْب جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها من فَوْقهَا نقطة بالحمراء فِي الْيَاء نَفسهَا وَجعل على الالف دَاره صغرى عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وسقوطها من اللَّفْظ سَوَاء جعلت فرقا بَين مشتبهين فِي الصُّورَة أَو تَقْوِيَة وبيانا وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى مائَة مِائَتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وَقد غلط بعض ائمتنا فِي نقط هَذَا الضَّرْب غَلطا فَاحِشا فَزعم أَن الْهمزَة تقع فِيهِ على الالف دون الْيَاء إِذْ الالف صورتهَا من حَيْثُ كَانَت متحركة بِالْفَتْح وَالْيَاء هِيَ المزيدة وَهَذَا مَا لم يتقدمه الى القَوْل بِهِ أحد من النَّاس مِمَّن علم وَمِمَّنْ جهل هَذَا مَعَ علم هَذَا الرجل بَان الالف فِي ذَلِك زيدت للْفرق فَكيف تكون مَعَ ذَلِك صُورَة للهمزة وَبِأَن الْهَمْز إِنَّمَا ترسم صوره على حسب مَا تؤول فِي التسهيل دلَالَة على ذَلِك والهمزة فِي إِذا سهلت أبدلت يَاء مَفْتُوحَة لانكسار مَا قبلهَا فالياء صورتهَا لَا شكّ وَلَا تجْعَل بَين الْهمزَة والالف رَأْسا لِأَن الالف لَا يكون مَا قبلهَا مكسورا فَكَذَلِك لَا يكون مَا قرب بالتسهيل مِنْهَا وَهَذَا قَول جَمِيع النَّحْوِيين وَالله يغْفر لَهُ وَأما زيادتهم الالف فِي ولأ اوضعوا وأو لأاذبحنه فلمعان أَرْبَعَة هَذَا إِذا كَانَت الزَّائِدَة فيهمَا الْمُنْفَصِلَة عَن اللَّام وَكَانَت الْهمزَة الْمُتَّصِلَة بِاللَّامِ وَهُوَ قَول اصحاب الْمَصَاحِف فأحدها ان تكون صُورَة لفتحة الْهمزَة من حَيْثُ كَانَت الفتحة ماخوذة مِنْهَا فَلذَلِك جعلت صُورَة لَهَا ليدل على أَنَّهَا مَأْخُوذَة من تِلْكَ الصُّورَة وَأَن الاعراب قد يكون بهما مَعًا وَالثَّانِي أَن تكون الْحَرَكَة نَفسهَا لَا صُورَة لَهَا وَذَلِكَ ان الْعَرَب لم تكن اصحاب شكل ونقط فَكَانَت تصور الحركات حروفا لِأَن الاعراب قد يكون بهَا كَمَا يكون بِهن فتصور الفتحة ألفا والكسرة يَاء والضمة واوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 فتدل هَذِه الاحرف الثَّلَاثَة على مَا تدل عَلَيْهِ الحركات الثَّلَاث من الْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم وَمِمَّا يدل على أَنهم لم يَكُونُوا اصحاب شكل ونقط وانهم كَانُوا يفرقون بَين المشتبهين فِي الصُّورَة بِزِيَادَة الْحُرُوف إلحاقهم الْوَاو فِي عَمْرو فرقا بَينه وَبَين عمر وإلحاقهم إِيَّاهَا فِي أُولَئِكَ فرقا بَينه وَبَين إِلَيْك وَفِي أولى فرقا بَينه وَبَين إِلَى وإلحاقهم الْيَاء فِي قَوْله وَالسَّمَاء بنيناها بأييد فرقا بَين الايد الَّذِي مَعْنَاهُ الْقُوَّة وَبَين الايدي الَّتِي هِيَ جمع يَد وإلحاقهم الالف فِي مائَة فرقا بَينه وَبَين مِنْهُ ومنة ومية من حَيْثُ اشتبهت صُورَة ذَلِك كُله فِي الْكِتَابَة وَحكى غير وَاحِد من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة مِنْهُم أَبُو إِسْحَق ابراهيم بن السّري وَغَيره ان ذَلِك كَانَ قبل الْكتاب الْعَرَبِيّ ثمَّ ترك اسْتِعْمَال ذَلِك بعد وَبقيت مِنْهُ اشياء لم تغير عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الرَّسْم قَدِيما وَتركت على حَالهَا فَمَا فِي مرسوم الْمُصحف من نَحْو ولأ اوضعوا هُوَ مِنْهَا وَالثَّالِث ان تكون دَلِيلا على إشباع فَتْحة الْهمزَة وتمطيطها فِي اللَّفْظ لخفاء الْهمزَة وَبعد مخرجها وفرقا بَين مَا يُحَقّق من الحركات وَبَين مَا يختلس مِنْهُنَّ وَلَيْسَ ذَلِك الاشباع والتمطيط بالمؤكد للحروف إِذْ لَيْسَ من مَذْهَب أحد من أَئِمَّة الْقِرَاءَة وَإِنَّمَا هُوَ إتْمَام الصَّوْت بالحركة لَا غير وَالرَّابِع أَن تكون تَقْوِيَة للهمزة وبيانا لَهَا ليتأدى بذلك معنى خفائها والحرف الَّذِي تقوى بِهِ قد يتقدمها وَقد يتَأَخَّر بعْدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وَإِذا كَانَت الزَّائِدَة من إِحْدَى الالفين الْمُتَّصِلَة فِي الرَّسْم بِاللَّامِ وَكَانَت الْهمزَة الْمُنْفَصِلَة عَنْهَا وَهُوَ قَول الْفراء وَأحمد بن يحيى وَغَيرهمَا من النُّحَاة فزيادتها لمعنيين احدهما الدّلَالَة على إشباع فَتْحة اللَّام وتمطيط اللَّفْظ بهَا وَالثَّانِي تَقْوِيَة للهمزة وتأكيدا لبيانها بهَا وَإِنَّمَا قويت بِزِيَادَة الْحَرْف فِي الْكِتَابَة من حَيْثُ قويت بِزِيَادَة الْمَدّ فِي التِّلَاوَة لخفائها وَبعد مخرجها وخصت الالف بتقويتها وتأكيد بَيَانهَا دون الْيَاء وَالْوَاو من حَيْثُ كَانَت الالف اغلب على صورتهَا مِنْهُمَا بِدَلِيل تصويرها بِأَيّ حَرَكَة تحركت من فتح أَو كسر أَو ضم بهَا دونهمَا إِذا كَانَت مُبتَدأَة هَذَا مَعَ كَونهَا من مخرجها فَوَجَبَ تخصيصها بذلك دون أختيها فَإِذا نقط ذَلِك على الْمَذْهَب الَّذِي تكون فِيهِ الْهمزَة المختلطة بِاللَّامِ وَتَكون الالف الزَّائِدَة الْمُنْفَصِلَة عَنْهَا جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الطّرف الاول من طرفِي اللَّام الف لانه الالف الَّتِي هِيَ صُورَة الْهمزَة وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء فِي راس الالف الزَّائِدَة الْمُنْفَصِلَة إِذا جعلت صُورَة لَهَا وَإِذا جعلت الْحَرَكَة نَفسهَا لم تجْعَل النقطة عَلَيْهَا وَلَا على الْهمزَة وإعريتا مَعًا مِنْهَا لَان الْحَرْف لَا يُحَرك بحركتين إِحْدَاهمَا نقط وَالثَّانيَِة خطّ وَإِذا جعلت بَيَانا للهمزة أَو عَلامَة لإشباع فتحتها جعلت النقطة الْحَمْرَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الَّتِي هِيَ الْحَرَكَة على الْهمزَة نَفسهَا وَجعل على الالف دارة صغرى عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وسقوطها من اللَّفْظ من حَيْثُ رسمت لِمَعْنى يتَأَدَّى بصورتها فَقَط وَصُورَة نقط ذَلِك على الاول كَمَا ترى وَلَا اوضعوا أَولا اذبحنه وعَلى الثَّانِي وَلَا أوضعوا أَو لااذبحنه وعَلى الثَّالِث وَالرَّابِع وَلَا اوضعوا أَو لااذبحنه وَإِذا نقط ذَلِك على الْمَذْهَب الَّذِي تكون فِيهِ الْهمزَة الْمُنْفَصِلَة عَن اللَّام وَتَكون الالف الزَّائِدَة المختلطة بهَا جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وحركتها عَلَيْهَا نقطة بالحمراء على الالف الْمُنْفَصِلَة وَجعل على الالف المختلطة بِاللَّامِ دارة صغرى عَلامَة لزيادتها سَوَاء جعلت تَقْوِيَة للهمزة اَوْ عَلامَة لاشباع حركتها وَصُورَة نقط ذَلِك كَمَا ترى وَلَا اوضعوا أَو لااذبحنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 بَاب ذكر نقط مَا نقص هجاؤه زَائِدَة وَالَّتِي بعد الرَّاء الَّتِي هِيَ همزَة سَاكِنة وَهِي لَام فللإيجاز والاختصار وتقليل صور حُرُوف الاعتلال الَّتِي هِيَ حُرُوف الْمَدّ والهمز فى هَذِه الْكَلِمَة لثقل هَذِه الْحُرُوف وتخصيصها بالتغيير مَعَ ان الالف الاولى صَوت وَقد تنوب عَنْهَا الفتحة الَّتِي هِيَ مِنْهَا وتدل عَلَيْهَا وَأَن الالف الثَّانِيَة همزَة والهمزة حرف من سَائِر الْحُرُوف والحرف مستغن عَن الصُّورَة فَإِذا نقط ذَلِك اثبتت الالفان بالحمراء وَجعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء وعلامة السّكُون عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَة مِنْهُمَا وَأما رسم يبنؤم كلمة وَاحِدَة وَهُوَ فِي الاصل ثَلَاث كلم يَا كلمة وَابْن كلمة وَأم كلمة فعلى مُرَاد الْوَصْل وَتَحْقِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 اللَّفْظ فَلذَلِك حذفت الف يَا والف ابْن لعدمهما فِي النُّطْق بِكَوْن الاولى سَاكِنة وَالثَّانيَِة للوصل وَقد اتصلتا بِالْبَاء الساكنة من ابْن وصورت همزَة أم المبتدأة واوا لما وصلت بِمَا قبلهَا كَمَا تصور الْهمزَة المضمومة المتوسطة فِي نَحْو يكلؤكم ويذرؤكم ونقرؤه وَشبهه سَوَاء فَصَارَ ذَلِك كلمة وَاحِدَة وَخرج رسمه على لَفْظَة دون أَصله فَإِذا نقط جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الْوَاو وَجعلت حركتها نقطة بالحمراء امامها وَأما رسم إِنَّا برءؤا بِالْوَاو والالف وَحذف صُورَة الْهمزَة الاولى وَصُورَة الالف بعْدهَا الَّتِي هِيَ بعد اللَّام فِي بِنَاء فعلاء فلاسباب قد ذكرنَا بَعْضهَا أما حذف صُورَة الْهمزَة فلاستغناء الْهمزَة عَن الصُّورَة من حَيْثُ كَانَت حرفا قَائِما بنفسة كَسَائِر الْحُرُوف وَأما حذف الالف بعْدهَا فلزيادتها فِي الِاسْم إِذْ لَيست بفاء مِنْهُ وَلَا بِعَين وَلَا بلام وَأَنَّهَا صَوت فحذفت اختصارا وَأما إِثْبَات الْوَاو فللمعاني الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي نَظَائِر ذَلِك قبل وَمن أحْسنهَا أَن تكون صُورَة للهمزة المضمومة على مُرَاد وَصلهَا بِمَا بعْدهَا فَلذَلِك صورت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 بالحرف الَّذِي مِنْهُ حركتها وَالَّذِي تقرب فِي حَال التسهيل مِنْهُ وَهُوَ الْوَاو كَمَا صورت بذلك فِي نَحْو قَوْله يذرؤكم ويكلؤكم وتؤزهم وَشبهه من الْمُتَّصِل من حَيْثُ كَانَ الْمُنْفَصِل بالمراد وَالنِّيَّة كالمتصل وَكَانَت الْعَرَب قد اجرته مجْرَاه فِي كثير من كَلَامهَا وحكمت للشَّيْء بِحكم الشَّيْء اذا اشتبها من بعض الْجِهَات واما اثبات الالف بعد الْوَاو فللمعنيين الْمَذْكُورين وهما شبه هَذِه الْوَاو بواو الضَّمِير فِي الصُّورَة وَلُزُوم الطّرف وتقوية الْهمزَة بهَا فَلذَلِك اثبتت بعْدهَا وايضا فَإِنَّهُ لما حذف من هَذِه الْكَلِمَة بعد عينهَا صُورَتَانِ اختصارا وتخفيفا زيد بعد لامها صُورَتَانِ دلَالَة وتبيينا ليستوي بذلك عدد حروفها فِي الْكِتَابَة مَعَ تضمنها الْمعَانِي الْمَذْكُورَة فَإِذا نقط ذَلِك على هَذَا الْمَذْهَب جعلت الْهمزَة فِي الْوَاو وَجعلت حركتها امامها وَجعل على الالف بعْدهَا دارة عَلامَة لزيادتها ورسم بَين الرَّاء وَالْوَاو الف بالحمراء وَجعلت الْهمزَة الْمَفْتُوحَة بَينهَا وَبَين الرَّاء فِي السطر وَجعلت فتحتها عَلَيْهَا وَجعلت مطة على تِلْكَ الالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 واتفقت الْمَصَاحِف على حذف الْوَاو الَّتِي هِيَ صُورَة الْهمزَة فِي قَوْله الرءيا ورءياك ورءياى فِي جَمِيع الْقُرْآن على مُرَاد تحقيقها دون تسهيلها وَذَلِكَ من حَيْثُ كَانَت الْهمزَة حرفا من سَائِر الْحُرُوف فاستغنت بذلك فِي حَال تحقيقها عَن الصُّورَة فَإِذا نقط ذَلِك جعلت الْهمزَة بَين الرَّاء وَالْيَاء فِي بَيَاض السطر وَجعل عَلَيْهَا عَلامَة السّكُون جرة وان صورت الْوَاو بالحمراء وَجعلت الْهمزَة فِيهَا فَحسن ورايت مصاحف اهل الْعرَاق واهل بلدنا قد اتّفقت على حذف الف الْبناء وَصُورَة الْهمزَة المضمومة والمكسورة بعْدهَا فِي قَوْله فِي الْبَقَرَة اوليئهم الطاغوت وَفِي الانعام وَقَالَ اوليئهم والى اوليئهم وَفِي الاحزاب الى اوليئكم وَفِي فصلت نَحن اوليئكم فَأَما حذف الالف فلكونها متوسطة زَائِدَة اذ هِيَ للْبِنَاء لَا غير واما حذف صُورَة الْهمزَة فلكون الْهمزَة حرفا قَائِما بِنَفسِهِ لَا يحْتَاج الى صُورَة فَإِذا نقط ذَلِك اثبتت الالف بالحمراء وَجعلت الْهمزَة بعْدهَا فِي السطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وَجعلت ضمتها امامها وكسرتها تحتهَا وان صورت الْوَاو وَالْيَاء وَجعلت الْهمزَة فيهمَا فَحسن قَالَ ابْن الْمُنَادِي فِي الْمَصَاحِف الْعتْق أوليئهم من الانس وليوحون الى اوليئهم وان اوليئه الا المتقون قَالَ وَهَذَا عندنَا مِمَّا نظر اليه عُثْمَان رَحْمَة الله فَقَالَ ارى فِي الْمُصحف لحنا وستقيمه الْعَرَب بالسنتها فَأوجب ذَلِك من القَوْل ان من الْخط الْمَكْتُوب مَا لَا تجوز بِهِ الْقِرَاءَة من وَجه الاعراب وان حكمه ان يتْرك على مَا خطّ وَيُطلق للقارئين ان يقرؤوا بِغَيْر الَّذِي يرونه مرسوما وَغير جَائِز عندنَا ان يرى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ شَيْئا فِي الْمُصحف يُخَالف رسم الْكِتَابَة مِمَّا لَا وَجه لَهُ فِيهَا بحيلة فيتركه على حَاله ويقره فِي مَكَانَهُ وَيَقُول ان فِي الْمُصحف لحنا وستقيمه الْعَرَب بألسنتها اذ لَو كَانَ ذَلِك جَائِزا لم يكن للكتابة معنى وَلَا كَانَ فِيهَا فَائِدَة بل كَانَت تكون وبالا لاشتعال الْقُلُوب بهَا وَمعنى قَوْله رَحمَه الله هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ مشروحا فِي كتَابنَا المُصَنّف فِي المرسوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وَعلة هَذِه الْحُرُوف وَغَيرهَا من الْحُرُوف المرسومة على خلاف مَا يجْرِي بِهِ رسم الْكتاب من الهجاء فِي الْمُصحف الِانْتِقَال من وَجه مَعْرُوف مستفيض الى وَجه آخر مثله فِي الْجَوَاز والاستعمال وان كَانَ الْمُنْتَقل عَنهُ اظهر معنى واكثر اسْتِعْمَالا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ورسم فِي جَمِيع الْمَصَاحِف قَوْله لَا يلف قُرَيْش بياء بعد الْهمزَة ورسم الْفَهم بِغَيْر يَاء وَلم ترسم الالف بعد اللَّام فِي الحرفين اختصارا فإثبات فِي الْيَاء الاول على الاصل من حَيْثُ كَانَ مصدرا لِقَوْلِك آلف يؤلف ايلافا مثل آمن يُؤمن ايمانا فالياء فَاء وَحذف الْيَاء فِي الثَّانِي من وُجُوه مِنْهَا ان يكون مصدرا ل آلف مثل الاول الا ان الْيَاء الَّتِي هِيَ فَاء حذفت اختصارا لدلَالَة الكسرة قبلهَا عَلَيْهَا وَمِنْهَا ان يكون مصدرا ل ألف على مثل فعل ومصدره فِي ذَلِك على الْوَجْهَيْنِ قد قرىء بهما وهما الافا مثل قَوْلك كتابا والفا مثل قَوْلك علما واذا كَانَ مصدرا لذَلِك لم تكن فِيهِ يَاء لَان الْهمزَة فِي اوله هِيَ فَاء الْفِعْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وَقد قرا ابْن عَامر فِي الاول بِحَذْف الْيَاء جعله مصدرا لالف فَإِذا نقط الْحَرْف الاول على غير قِرَاءَة ابْن عَامر جعلت الْهمزَة فِي الالف المختلطة بِاللَّامِ وَجعلت حركتها من تحتهَا واذا نقط على قِرَاءَة ابْن عَامر فعلى وَجْهَيْن احدهما ان تجْعَل الْهمزَة وحركتها فِي الالف ايضا وَتجْعَل على الْيَاء دارة عَلامَة لزيادتها فِي الْخط وذهابها من اللَّفْظ وَالثَّانِي ان تجْعَل الْهمزَة وحركتها فِي الْيَاء وَتجْعَل على الالف دارة عَلامَة لزيادتها وكل مَا ذَكرْنَاهُ من الْوُجُوه والمعاني فِي ملإيه وملإيهم فَهِيَ جَائِزَة فِي ذَلِك على قِرَاءَته واذا نقط الْحَرْف الثَّانِي جعلت الْهمزَة وحركتها فِي الالف ورسمت الْيَاء بعْدهَا ليتأدى بذلك لَفظهَا على قِرَاءَة الْجَمَاعَة ورسم فِي كل الْمَصَاحِف الصلوة والزكوة والحيوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وبالغداوة وكمشكوة والنجوة ومنوة بِالْوَاو على الاصل اَوْ على لُغَة اهل الْحجاز الَّذِي يفرطون فِي تفخيم الالف وَمَا قبلهَا فِي ذَلِك فَإِذا نقط ذَلِك جعل على الْوَاو الف بالحمراء ليدل على استقرارها فِي اللَّفْظ دون الْوَاو وَكَذَا يفعل بِسَائِر مَا رسم من الفات التَّأْنِيث والالفات المنقلبات عَن الْيَاء بِالْيَاءِ تجْعَل على الْيَاء الف حَمْرَاء ليدل على ان لفظ الْيَاء انْقَلب اليها نَحْو قَوْله ابى وَلَا يخفى وفسويهن وسميكم وذكريهم ووذكريها والذكرى ولليسرى والموتى وَشبهه وَهَذَا مَا لم يلق الالف المرسومة يَاء سَاكن فَإِن لقيها لم تجْعَل الالف على الْيَاء لعدمها فِي حَال الِاتِّصَال وَذَلِكَ نَحْو قَوْله نرى الله والكبرى اذْهَبْ وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وَكَذَا تلْحق الالفات المحذوفات من الرَّسْم اختصارا بالحمراء فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ والمختلف فِيهِ فالمتفق عَلَيْهِ نَحْو العلمين والكافرين والفاسقين واولئك والملئكة ولايلف قُرَيْش الْفَهم وَالَّتِي دَخَلْتُم والئي تظْهرُونَ وَشبهه وَهَذَا الضَّرْب كثير الدّور فِي الْقُرْآن والمختلف فِيهِ نَحْو ملك يَوْم الدّين وَمَا يخدعون وفأزلهما وخطيئته وَدفع الله وَقتلُوا وَقتلُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وقيما وحاش لله واصلوتك وحذرون وفرهين وفكهين واليكم السّلم وذريتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 ودرست وَفرقُوا وعَلى مكانتكم وَشبهه وَهُوَ كثير جدا وَقد ذكرنَا اصل جَمِيعه فِي كتَابنَا المُصَنّف فِي المرسوم وَكَذَا ايضا تلْحق الياءات المحذوفة على قِرَاءَة من اثبتهن فِي الْوَصْل دون الْوَقْف اَوْ فِي الْوَصْل وَالْوَقْف نَحْو قَوْله الداع اذا دعان وواتقون يأولي الالباب واخشون وَيَوْم يَأْتِ والمتعال وَشبهه مِمَّا قد ذكرنَا جَمِيعه فِي المرسوم وَغَيره وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 بَاب ذكر الدارة الَّتِي تجْعَل على الْحُرُوف الزَّوَائِد والحروف المخففة واصلها وَمَعْنَاهَا اعْلَم ان نقاط سلف اهل المدنية واهل بلدنا اصْطَلحُوا على جعل دارة صغرى بالحمراء على الْحُرُوف الزَّوَائِد فِي الْخط المعدومة فِي اللَّفْظ وعَلى الْحُرُوف المخففة بِاتِّفَاق اَوْ اخْتِلَاف عَلامَة لذَلِك وَدلَالَة على حَقِيقَة النُّطْق بِهِ فالحروف الزَّوَائِد نَحْو الالف فِي قَوْله مائَة وَمِائَتَيْنِ وَلَا تايئسوا وانه لَا يايئس وافلم يايئس وَكَذَلِكَ تفتوا ويعبؤا ويبدؤا وَكَذَلِكَ لن ندعوا وليبلوا وَكَذَلِكَ انا وَمن اتبعني وانا ورسلي وانا رَبك وَشبهه وَنَحْو الْيَاء فِي قَوْله من نبإى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الْمُرْسلين وأفإين مت وأفإين مَاتَ وملإيه وملإيهم وَشبهه على مَذْهَب من جعل الالف قبلهَا هِيَ الْهمزَة وَنَحْو الْوَاو فِي قَوْله اولئك واولى واولوا واولت وَشبهه والحروف المخففة بِاتِّفَاق نَحْو قَوْله العادون وَمن العالين وَصدق المُرْسَلُونَ وقطعنا دابر وَترى الَّذين كذبُوا وربت ومكروا ومكرنا وَمن ثُلثي الَّيْلِ وَيَا صَاحِبي السجْن وَتَعيهَا وحملناه وحملت الارض وَشبهه والمخففة باخْتلَاف نَحْو وخرقوا لَهُ وامن هُوَ قَانِت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وَمَا كذب الْفُؤَاد وفقدرنا وَعرف بعضه وفقدر عَلَيْهِ ووجمع مَالا وَشبهه وَقد كَانَ بعض شُيُوخنَا من اهل النقط لَا يجْعَلُونَ الدارة الا على الْحُرُوف الزَّوَائِد لَا غير لعدمها فِي النُّطْق وَلَا يجعلونها على الْحُرُوف المخففة من حَيْثُ كَانَ عدمهَا من عَلامَة التَّشْدِيد دَلِيلا على تخفيفها فَلم تحتج لذَلِك الى عَلامَة اخرى وَهُوَ مَذْهَب حسن غير اني بقول اهل الْمَدِينَة اقول وَبِمَا جرى عَلَيْهِ استعمالهم انقط كَمَا حَدثنَا احْمَد بن عمر قَالَ نَا مُحَمَّد بن احْمَد قَالَ نَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ نَا قالون قَالَ فِي مصاحف اهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مخفف فَعَلَيهِ دارة حمرَة قَالَ ابو عَمْرو وَهَذِه الدارة الَّتِي تجْعَل على الْحُرُوف الزَّوَائِد وعَلى الْحُرُوف المخففة هِيَ الصفر اللَّطِيف الَّذِي يَجعله اهل الْحساب على الْعدَد الْمَعْدُوم فِي حِسَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الْغُبَار دلَالَة على عَدمه لعدم الْحَرْف الزَّائِد فِي النُّطْق وَعدم التَّشْدِيد فِي الْحَرْف المخفف سَوَاء فَمن الصفر اخذت الدارة وَهُوَ اصلها وَلَيْسَ شَيْء من الرَّسْم وَلَا من النقط اصْطلحَ عَلَيْهِ السّلف رضوَان الله عَلَيْهِم الا وَقد حاولوا بِهِ وَجها من الصِّحَّة وَالصَّوَاب وقصدوا فِيهِ طَرِيقا من اللُّغَة وَالْقِيَاس لموضعهم من الْعلم ومكانهم من الفصاحة علم ذَلِك من علمه وجهله من جَهله وَالْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 بَاب ذكر اللَّام الف واي الطَّرفَيْنِ مِنْهُ هِيَ الْهمزَة اعْلَم ان الْمُتَقَدِّمين من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة اخْتلفُوا فِي أَي الطَّرفَيْنِ من اللَّام الف هِيَ الْهمزَة فحكي عَن الْخَلِيل بن احْمَد رَحمَه الله انه قَالَ الطّرف الاول فِي الصُّورَة هُوَ الْهمزَة والطرف الثَّانِي هُوَ اللَّام وَذهب الى هَذَا القَوْل عَامَّة اهل النقط من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين وَاسْتَدَلُّوا على صِحَة ذَلِك بأَشْيَاء قَاطِعَة مِنْهَا ان رسم هَذِه الْكَلِمَة كَانَ اولا كَمَا ترى لاما ممطوطة فِي طرفها الف كنحو رسم مَا اشبه ذَلِك مِمَّا هُوَ على حرفين الثَّانِي مِنْهُمَا الف من سَائِر حُرُوف المعجم نَحْو (يَا) و (هَا) و (مَا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وَشبهه فاستثقلوا رسم ذَلِك كَذَلِك وكرهوه فِي اللَّام الف خَاصَّة لاعتدال طَرفَيْهِ وقيامهما مستويين اذ هُوَ بذلك كصورتين متفقتين مَعَ اشتباهه فِي الصُّورَة بِكِتَاب غير الْعَرَب من الاعاجم وَغَيرهم فغيروا صورته لذَلِك وحسنوا رسمه بالتضفير فضموا اُحْدُ الطَّرفَيْنِ الى الآخر فَأَيّهمَا ضم الى صَاحبه كَانَت الْهمزَة اولا ضَرُورَة وَتعْتَبر حَقِيقَة ذَلِك بِأَن يُؤْخَذ شَيْء فيضفر وَيخرج كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ الى جِهَة ثمَّ يُقَام الطرفان فيتبين فِي الْوَجْهَيْنِ ان الاول هُوَ الثَّانِي فِي الاصل وان الثَّانِي هُوَ الاول لَا محَالة قَالُوا وايضا فَإِن من اتقن صناعَة الْخط من الْكتاب الْمُتَقَدِّمين وَغَيرهم انما يبتدىء برسم الطّرف الايسر قبل الطّرف الايمن وَمن خَالف ذَلِك وابتدا برسم الطّرف الايمن قبل الطّرف الايسر فجاهل بصناعة الرَّسْم اذهو بِمَنْزِلَة من ابتدا برسم الالف قبل الْيَاء وَالْهَاء وَالْمِيم فِي (يَا) و (هَا) و (مَا) وَشبه ذَلِك مِمَّا هُوَ على حرفين فَلَا يلْتَفت الى رسمه وَلَا يَجْعَل ذَلِك دَلِيلا على تَرْجِيح اُحْدُ قَوْلَيْنِ مُخْتَلفين فصح بذلك ايضا ان الطّرف الاول هُوَ الْهمزَة وان الطّرف الثَّانِي هُوَ اللَّام اذ الاول فِي اصل الْقَاعِدَة هُوَ الثَّانِي وَالثَّانِي هُوَ الاول وانما اخْتلف طرفاهما فصارا كَذَلِك للتضفير الَّذِي لحقهما وَقَالَ الاخفش سعيد بن مسْعدَة بعكس ذَلِك فَزعم ان الطّرف الاول هُوَ اللَّام وان الطّرف الثَّانِي هُوَ الْهمزَة وَاسْتدلَّ على صِحَة مَا ذهب اليه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 ذَلِك بِأَن الملفوظ بِهِ من حُرُوف الْكَلم اولا هُوَ المرسوم فِي الْكِتَابَة اولا وان الملفوظ بِهِ من حروفهن آخرا هُوَ المرسوم آخرا قَالَ وَنحن اذا قرانا لَأَنْتُم ولأمرنهم ولأتينهم وَشبهه لفظنا بِاللَّامِ اولا ثمَّ بِالْهَمْزَةِ بعد قَالَ ابو عَمْرو وَهَذَا القَوْل لَا يتَحَقَّق عِنْد امعان النّظر وَلَا يَصح عِنْد التفتيش بل يبطل عِنْد ذَلِك بِمَا قدمْنَاهُ من الدَّلَائِل وأوردناه من الْحجَج مَعَ ان الْقَائِل بِهِ قد يتْركهُ وَيرجع الى قَول مخالفه فِيمَا تتفق فِيهِ حَرَكَة اللَّام والهمزة بِالْكَسْرِ نَحْو قَوْله لاخوانهم ولابراهيم ولايلف قُرَيْش وَشبهه وَفِيمَا تخْتَلف فِيهِ نَحْو لأقتلك ولأهله وفلأمه ولأبين وَشبهه من حَيْثُ يلْزمه على مَا قَالَه وَأَصله وَقطع بِصِحَّتِهِ ان تجْعَل الكسرة اولا فِي ذَلِك ثمَّ تجْعَل الْهمزَة بعد واذا جَعلهمَا فِي ذَلِك كَذَلِك ترك قَوْله ونبذ مذْهبه وَرجع الى مَذْهَب الْخَلِيل وَمن تَابعه من سَائِر اهل النقط اذ الاول فِي ذَلِك هُوَ طرف اللَّام وَالثَّانِي هُوَ طرف الْهمزَة بِإِجْمَاع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 فَإِن قَالَ بل اقود اصلي وَلَا ازول عَن مذهبي وَاجعَل الْهمزَة فى ذَلِك اولا اذ هُوَ طرفها وَاجعَل الْحَرَكَة بعد اذ هُوَ طرف اللَّام قيل لَهُ اذا فعلت ذَلِك تركت ايضا قَوْلك وزلت عَن مذهبك بَان الملفوظ بِهِ اولا هُوَ اللَّام وان الملفوظ بِهِ اخرا هُوَ الْهمزَة بجعلك الْهمزَة ابْتِدَاء ثمَّ الْحَرَكَة اخرا وَرجعت الى قَول من خالفك واذا كَانَ تبين فَسَاد قَوْلك واضطراب مذهبك وَتحقّق قَول مخالفك واطراد مذْهبه لانه جَامع للباب عَام فِي جَمِيع الاصل فَكَانَ لذَلِك اولى بِالصَّوَابِ وأحق بالاتباع فَإِن قيل لم قرنت الالف بِاللَّامِ وخلطت بهَا هلا افردت بِالْكِتَابَةِ كَسَائِر الْحُرُوف قيل لم يفعل ذَلِك من حَيْثُ كَانَت سَاكِنة والابتداء بالساكن مُتَعَذر فَجعل قبلهَا حرف متحرك يُوصل بِهِ الى النُّطْق بهَا فَجعلت اللَّام فَقيل لَا فَإِن قيل من ايْنَ خصت اللَّام بِأَن تقرن بهَا دون غَيرهَا من الْحُرُوف قيل وَجب تخصيصها بذلك من جِهَتَيْنِ احداهما المشابهة الَّتِي بَينهمَا فِي الصُّورَة اذ كَانَتَا على صُورَة وَاحِدَة فقرنت بهَا لشبهها بهَا فِي ذَلِك والاخرى ان وَاضع الهجاء انما قصد الى تَعْرِيف كَيْفيَّة رسم الالف اذا اتَّصَلت بِاللَّامِ طرفا اذ هِيَ فِي تِلْكَ الْحَال مختلطة بهَا وَلَيْسَ شَيْء من الْحُرُوف مَعهَا كَذَلِك فَلذَلِك قرنها بهَا فَإِذا نقطت اللَّام الف على مَذْهَب الْخَلِيل واهل النقط جعلت الْهمزَة نقطة بالصفراء فِي الطّرف الأول من الطَّرفَيْنِ لانه الالف الَّتِي هِيَ صورتهَا وَجعلت الفتحة نقطة بالحمراء عَلَيْهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَجعلت حَرَكَة اللَّام على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 الطّرف الثَّانِي ان كَانَت اللَّام مَفْتُوحَة وَذَلِكَ نَحْو لارينكهم ولانتم اشد وولأملئن ولارجمنك ولاقتلنك وَشبهه وان كَانَت الالف الَّتِي هِيَ الطّرف الاول آتِيَة بعد الْهمزَة جعلت الْهمزَة وحركتها قبلهَا على ذَات الْيَمين فِي الْبيَاض نَحْو لاية ولايتنهم ولادم والاخرة والافلين والاكلين وَشبهه وان كَانَت الْهمزَة مَضْمُومَة سَوَاء اتى بعْدهَا وَاو اَوْ لم يَأْتِ جعلت النقطة بالصفراء فِي وسط الطّرف الاول وَجعلت الضمة امامها نَحْو لاوتين وَلَا منينهم ولاصلبنهم ولاغوينهم ولاولي الالباب وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وان كَانَت مَكْسُورَة جعلت الصَّفْرَاء فِي الطّرف الثَّانِي من الْقَاعِدَة لانه طرف الالف الَّتِي تتقدم صورتهَا وَجعلت الكسرة تحتهَا نَحْو الى الملا وبالملا ولألى الله ولالى الْجَحِيم وللايمان والانجيل وَشبهه وان كَانَت اللَّام مَفْتُوحَة جعلت الفتحة نقطة بالحمراء على الطّرف الثَّانِي الْأَعْلَى لانه طرف اللَّام الَّتِي تتأخر صورتهَا بالتضفير وان كَانَت مَكْسُورَة جعلت الكسرة نقطة بالحمراء تَحت الطّرف الاول من الْقَاعِدَة لانه طرف اللَّام وَذَلِكَ نَحْو قَوْله لاخوانهم ولاهله وَشبهه وان كَانَت الْهمزَة آتِيَة بعد الالف وَكَانَت الالف حرف مد جعلت فِي الْبيَاض بعد الطَّرفَيْنِ وَلم تجْعَل بَينهمَا اصلا وَذَلِكَ انها لما وَقعت طرفا فِي الْكَلِمَة وَلَفظ بهَا لذَلِك بعد الْفَرَاغ من اللَّام الف وانقضاء النُّطْق بِهِ واستقرت الْعين الَّتِي يعْتَبر موضعهَا بهَا هُنَاكَ ضَرُورَة تحقق ان ذَلِك موضعهَا الَّذِي تلْزمهُ ومكانها الَّذِي تستحقه لَا غير وَتجْعَل حركتها من فَوْقهَا ان كَانَت مَفْتُوحَة وَمن اسفلها ان كَانَت مَكْسُورَة وَمن امامها ان كَانَت مَضْمُومَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وَذَلِكَ نَحْو ءالاء الله والجلاء وفبأي ءالاء رَبكُمَا والاخلاء وَمَا اشبهه قد أَتَيْنَا فِي كتَابنَا هَذَا على مَا اشترطناه وتحرينا وَجه الصَّوَاب فِيمَا اوردناه وَنحن نَسْتَغْفِر الله من زلل كَانَ منا وَمن تَقْصِير لحقنا وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 مُلْحق فِي ذكر مَذَاهِب مُتَقَدِّمي النقط من النُّحَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 بَاب ذكر الْبَيَان عَن مَذَاهِب مُتَقَدِّمي أهل الْعَرَبيَّة وتابعيهم من النقاط واهل الاداء فِي النقط اعْلَم ارشدك الله انهم اتَّفقُوا على نقط المتحرك من الْحُرُوف بالحركات الثَّلَاث ونقط الْمنون والمشدد والمهموز لَا غير نقطا مدورا بالحمرة خَاصَّة دون غَيرهَا من سَائِر الالوان وَاقْتصر اكثرهم فِي نقط المتحرك على اواخر الْكَلم وَهُوَ مَوضِع الْأَعْرَاب اذ فِيهِ يَقع الاشكال وَيدخل الالتباس وَفِي الْخَبَر الَّذِي روينَاهُ عَن ابي الاسود مبتدىء النقط دَلِيل على صِحَة مَا اقتصروا عَلَيْهِ من ذَلِك اذ اتبع فِيهِ ذكر الحركات بِذكر التَّنْوِين الَّذِي هُوَ مَخْصُوص بمتابعة حَرَكَة الاعراب وعَلى ذَلِك اكثر الْعلمَاء قَالَ ابْن مُجَاهِد لَيْسَ يَقع الشكل على كل حرف انما يَقع على مَا اذا لم يشكل الْتبس قَالَ وَلَو شكل الْحَرْف من اوله الى آخِره أَعنِي الْكَلِمَة لاظلم الْكتاب وَلم تكن فَائِدَة اذ كَانَ بعضه يُؤَدِّي عَن بعض وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي النقط والشكل انما جعلا للضرورات المشكلات يسرا لَا ان ينقط كل حرف من الْكَلِمَة سكن اَوْ تحرّك فَإِذا ركب ناقط ذَلِك فقد خرج عَن الْحَد الى غَيره وَلَا طائل فِي ذَلِك كُله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 قَالَ ابْن مُجَاهِد فِي نقط الْمَصَاحِف المدور الرّفْع وَالنّصب والخفض وَالتَّشْدِيد والتنوين وَالْمدّ وَالْقصر وَلَوْلَا ان ذَلِك كُله فِيهِ مَا كَانَ لَهُ معنى قَالَ والساكن من الْحُرُوف لَا ينقط فِي الْمُصحف نَحْو كل من عَلَيْهَا فان كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن لَا يطْرَح على الف فان شَيْء وتنقط الالف الَّتِي فِي شَأْن لانها هِيَ الْهمزَة وَقَالَ ابْن اشته الْهمزَة الساكنة ينقط عَلَيْهَا وَلَا ينقط على غَيرهَا من السواكن قَالَ وَاصل النقط أَن ينقط على كل مِيم وياء وتاء وَنون مضمومات وتترك الْمَفْتُوحَة دون عَلامَة من ذَلِك الْمُؤْمِنُونَ ويؤمنون ويوقنون ويورثها وَمَا اشبهه وَمَا ترك من نَحْو ان الله لَا يستحيي ان يضْرب مثلا واياك نعْبد واياك نستعين نقطوا المضمومة وَتركُوا الْمَفْتُوحَة فصلا بَينهمَا قَالَ وَهَذَا اصل حسن فَأَما الميمات فَكَانَت تنقط اولا نَحْو عَلَيْهِم ولديهم واليهم وَقد تَركهَا بعض الناقطين وَتركهَا اجود واحب الي الا مَا استقبلته الف سَاكِنة نَحْو عَلَيْهِم الذلة وَلَهُم اللَّعْنَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَبِأَن لَهُم الْجنَّة وانهم اتَّخذُوا وبأنكم اتخذتم وبهم الْأَسْبَاب وانهم هم الفائزون هَذِه لَا بُد من نقطها قَالَ وينقط الا وَلَا ذمَّة وَقَوله منا وَلَا اذى لِئَلَّا يشْتَبه يَعْنِي بِمثل قَوْله الا وَلها وَمَا منا الا لَهُ قَالَ وينقط اذا كَقَوْلِه واذا لاتخذوك خَلِيلًا لانها تَلْتَبِس ب إِذا وينقط وليكونا من الصاغرين ولنسفعا بالناصية ينقط على الالف لانها نون خَفِيفَة فَصَارَت النقطة بَدَلا من النُّون وينقط من وَيتْرك من وينقط ثمَّ وَيتْرك ثمَّ وينقط ءامنوا وَيتْرك ءامنوا كَقَوْلِه يأيها الَّذين ءامنوا وينقط ونعمة فِي الدُّخان واولي النِّعْمَة فِي المزمل وتترك نقطة الْمَكْسُورَة النُّون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 قَالَ وَهَذِه كلهَا عَلَامَات ليعرف بَعْضهَا من بعض وَهِي اعون للناقط والقارىء وينقط على لَام لكم وَلَهُم وَله وَلَكِن وَلَا ينقط على مَا خلف وَاو الْجمع مثل قَالُوا وموتوا واسمعوا وكلوا وَاشْرَبُوا وانظروا وابشروا وءامنوا وَمثله كثير قَالَ وَمن الْكَلم مَا ينقط حروفها كلهَا مثل قَوْله لنبين لكم ونقر ويعلمكم واتعلمون الله وَيُعلمهُم وتمت كلمة رَبك وَكَبرت كلمة وينقط نظائرها مثل يَوْم تولون وتولوا واعينهم ويتولوا ويتولون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 قَالَ واما قَوْله وتول عَنْهُم وفتول عَنْهُم فَمَا كَانَ من الْكَلم الْبَاقِيَة ثَابِتَة فدعها وَمَا كَانَ بِاللَّامِ خَاصَّة فانقط وينقط مثل فلننبئن كلهَا وَكَذَلِكَ فينبئكم وتنبئهم وانبئكم قَالَ والحروف الْخَفِيفَة لَا تنقط الا فِي مَوَاضِع الاعراب نَحْو الَّذين كذبُوا على الله ومكروا مكرا ومكرنا وربت ان الَّذِي لَا تنقط الذَّال وَلَا الْكَاف وَلَا الْبَاء واما الْحُرُوف الْمُشَدّدَة مثل كذبت ثَمُود وكذبت عَاد وَكذب الَّذين فتنقط على مَوضِع التَّشْدِيد وانما نقط على التَّشْدِيد وَلم ينقط على التَّخْفِيف لحَال الالتباس قَالَ وَلَا ينقط على حرف التثقيل من التَّضْعِيف الا مَا يُصِيبهُ الْجَرّ وَالرَّفْع وَالنّصب فِي اواخر الْحُرُوف وحروف التضيف نَحْو الحاقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وحقت وحافين والتضعيف يدلك على التَّشْدِيد وَلَا تنقط مَوَاضِع التَّشْدِيد وَكَذَلِكَ حُرُوف الادغام مثل قَوْله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالصَّافَّات صفا قَالَ وَمَا كَانَ مثل فارهبون وفاتقون وَمَا اشبهه من ابواب الْفَاء مِمَّا تستقبله الف سَاكِنة بِلَا همزَة فافتح الْفَاء وألق فَوْقهَا نقطة فَإِذا استقبلتها الف مَهْمُوزَة فانقط الالف مَوضِع الْهمزَة وَلَا تنقط الْفَاء شَيْئا وَكَذَلِكَ الْوَاو مَعَ الف الْوَصْل والف الْقطع مَا حرك للساكنين بِضَم اَوْ كسر اَوْ فتح فمنقوط نَحْو ان اعبدوا الله على قِرَاءَة من ضم وفإن اتبعتني وَخذ الْعَفو وَلَو استطعنا والم الله وَلمن الْمُرْسلين واما الْحُرُوف الَّتِي اصلها الالف وَلم تكْتب فِي الْمَصَاحِف بالالف فتتركها مُجَرّدَة بِلَا نقط مثل بنينها وزينها وحفظنها فَلَا تنقط النُّون فَإِن نقطتها اخطأت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 قَالَ ابو عَمْرو نقطها اولى لتدل النقطة على الالف المحذوفة من الرَّسْم تَخْفِيفًا وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي ان شِئْت نقطت الْيَاء من يوقنون وَيُورث وَمَا اشبههما وان شِئْت تركتهَا وَكَذَلِكَ الصَّاد الاولى من مرصوص واكثرهم لَا ينقط نَحْو ذَلِك قَالَ وَقَوله فلننبئن تجْعَل فَوق اللَّام فَتْحة وَفَوق النُّون نقطة للفتحة وَفَوق الْيَاء نقطة للهمزة الْمَفْتُوحَة وَفَوق النُّون نقطة للاعراب الْمَنْصُوب المشدد وَلَا تطرح على الْفَاء وَلَا على النُّون الاولى شَيْئا وان شِئْت فانقط الْبَاء والا فاكتف بفتحة النُّون الثَّانِيَة فَإِن ذَلِك يَنُوب عَن ذَلِك فالنقطة على عين الْفِعْل فِي نَحْو الزبر وَالرسل تنوب عَمَّا قبلهَا وَمن شَاءَ ان ينقط الْفَاء ايضا فَلْيفْعَل وَكَذَلِكَ حبب وَكره وزين وَنَحْوه فالنقطة على عين الْفِعْل تنوب عَمَّا قبل ذَلِك وَعَما بعْدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَالسَّمَاء رَفعهَا نقط الْعين وَحدهَا وَوضع الْمِيزَان انقط الْعين وَحدهَا وان شِئْت فاترك الْعين وانقط الضَّاد بدلهَا وَالْقَوْم تنقط الْمِيم فَقَط كَيفَ تصرف اعرابها وَمثلهَا وكادوا تنقط الْكَاف قَالَ وَمن الْكَلَام مَا ينقط بنقطتين نَحْو قَوْله بِسم نقطة تَحت الْبَاء واخرى تَحت الْمِيم وَكَذَلِكَ سبيلي نقطة فَوق السِّين واخرى تَحت اللَّام وَكَذَلِكَ مَا اشبهه وَإِذا نقطت ذَلِك الْكتب وَنَحْوه فالنقطة ان شِئْت فِي طرف الْبَاء قدامها وان شِئْت قُدَّام ابتدائها ونقطة بصائر وَنَحْوه قُدَّام الرَّاء فِي اولها لَا فِي آخرهَا ونقطة قل الانفال قُدَّام اللَّام فِي وَجه بدنهَا نَفسهَا وان شِئْت قُدَّام طرفها المبطوح كالباء الَّتِي فِي الْكتب سَوَاء ونقطة النُّون من الرَّحْمَن وَالْمِيم من الرَّحِيم من التَّسْمِيَة فِي اول التعريق مِنْهُمَا قَالَ ونقاط مصحف اهل الْحَرَمَيْنِ ومصحف اهل الْبَصْرَة اوقعوا نقطة قُدَّام الْمِيم من عَلَيْهِم واليهم ولديهم واشباه ذَلِك فَأَما ناقط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 مصحف اهل الْكُوفَة فَإِنَّهُ اخلى هَذِه الميمات ثمَّ اتَّفقُوا كلهم على ان ينقطوها فِي نَحْو عَلَيْهِم الذلة واليهم اثْنَيْنِ وَمَا اشبه ذَلِك قَالَ وَحكي عَن الْخَلِيل انه قَالَ قَوْله عليما حكيما بنقطتين فَوق الْمِيم طولا وَاحِدَة فَوق الاخرى وَقَالَ اليزيدي انقط على الالف لاني اذا وقفت قلت عليما فَصَارَ الْفَا على الْكتاب قَالَ ابْن الْمُنَادِي وَمن احسن مَا ينقط قِرَاءَة ابي عَمْرو عادا الاولى أَن ينقط على الدَّال نقطة فِي اعلاها للنصبة وعَلى اللَّام وَاحِدَة للضمة قَالَ ابو عَمْرو وَلَا بُد من جعل نقطتين على الالف الَّتِي بعد الدَّال احداهما الْحَرَكَة وَالثَّانيَِة التَّنْوِين كَمَا تجْعَل فِي نَحْو قَوْله اندادا ليضل وَشبهه دلَالَة على صرف الِاسْم قَالَ ابْن الْمُنَادِي وَقَوله شَيْئا فريا لَا تجْعَل على الْيَاء الْمُشَدّدَة نقطة للتشديد اسْتغْنَاء بِنُقْطَة النصبة عَن نقطة التَّشْدِيد فريا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 عتيا مرجوا عتوا لَا تزد على نقطتين لانك تَسْتَغْنِي بِالَّتِي للفتحة عَن الَّتِي للتشديد قَالَ وَلَا بُد من اثبات الالف فِي نَحْو دارست على قِرَاءَة من اثبتها بلون نقطه واذا اجْتمعت تشديدتان فِي كلمة نَحْو النَّبِي الامي والظانين والضالين وَالشَّر والسيىء وَلَا يصدنك فانقط الْآخِرَة دون الاولى اذا اخْتلفت حركاتهما فَإِذا اجْتمعت فِي كلمة ثَلَاث تشديدات فانقط الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَلَا تنقط الاولى نَحْو الربانيون قَالَ ابو عَمْرو وَكَذَلِكَ لنصدقن قَالَ وحروف التَّضْعِيف والادغام مِنْهُم من لَا ينقط شَيْئا مِنْهَا وَيُخَالف كثير من الْمُتَأَخِّرين الى نقط ذَلِك كُله لَان اكثر النَّاس يستوحشون من فقد ذَلِك كُله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 قَالَ وحروف التهجي الَّتِي فِي اوائل السُّور الْمُخْتَلف فِي قرَاءَتهَا لَا بُد من نقطها وَكَذَلِكَ الْمِيم من الم الله فِي اول آل عمرَان وَقَالَ ابْن مُجَاهِد فِي النقط التَّشْدِيد فِي الْموضع الَّذِي يجوز ان يكون مخففا وَالتَّخْفِيف فِي الْموضع الَّذِي يجوز ان يكون مشددا كَقَوْلِه وقاتلوا وَقتلُوا اذا لم تشدد التَّاء ضممت الْقَاف وَلم تزد عَلَيْهَا شَيْئا واذا قَرَأت قتلوا تقتيلا ضمت الْقَاف بِنُقْطَة وطرحت تَحت التَّاء نقطة فَكَانَ خلوها من النقطة دَلِيلا على انها مُخَفّفَة وَكَانَ طرحك لَهَا دَلِيلا على تشديدها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 بَاب الْمُقَيد من الالفات بنقطتين قَالَ ابْن اشته الالفات المقيدات مِمَّا يشْتَبه على الناقط وَذَلِكَ نَحْو قَوْله فَلَمَّا انبأهم سميت مُقَيّدَة لانها تنقط قُدَّام ووراء وَكَذَلِكَ السَّيِّئَات ورءا المجرمون وَهَذِه الالف انما تكون وسطا وآخرا وَلَا تكون فِي اول الْكَلِمَة وَمثله بدا وانشأكم ونئا ورئاء النَّاس وان لَا ملْجأ ومبوأ صدق ونبأ نوح وَاسَوْا الَّذِي والسواى والقرءان هَذِه الْكَلِمَات مقيدات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَقَالَ ابْن مُجَاهِد اذا كَانَت الْهمزَة آخر كلمة والحرف مَقْصُورا مثل أنشأ جنَّات طرحت الْهمزَة فِي قفا الالف ونقطة اخرى فِي وَجه الالف للفتحة وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي فرءاه حسنا ورءا أَيْديهم ورءا كوكبا وَلَقَد رءاه ونئا بجانبه وسئاوي هَذَا النَّحْو فِي نقط اهل الْبَصْرَة بنقطتين الاولى مِنْهُمَا للهمزة وَالثَّانيَِة للنصبة وهم يسمونه الْمُقَيد وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَغَيره ويخالفهم اهل الْكُوفَة فيوقعون نقطة وَاحِدَة على يافوخ الالف عَن يسارها وطرفها وَاحْتَجُّوا بجعلهم اياها كَذَلِك بِالْهَمْزَةِ الجائية فِي قَوْله وَبَين حميم ءان وَقَوله الئن جِئْت بِالْحَقِّ فجعلوها بصورتها قَالَ وَمن ذَلِك القرءان وقرءانا والظمئان وَمن ذَلِك نبأ الَّذِي ونبأت بِهِ وامرات الْعَزِيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وذرأ وبدأكم ومبوأ صدق ورءا الْمُؤْمِنُونَ وَرَأَوا بأسنا وَبَدَأَ وفبدأ وَسَأَلَ وسألتموه وأفأمن وأفأمنوا ولتقرأه ويتأخر وان لَا ملْجأ وفقراه وان تبوأ وان الْمَلأ وملأه وكأين من قصر الْهمزَة قيدها بنقطتين وَمن مدها فتحت الْيَاء نقطة وكائن واطمئنوا كتبت بِغَيْر الف فَالْحكم ان تنقط فَوق فَوق الْمِيم واخرى فِي طرف النُّون نَاحيَة قَلِيلا وَليكن بَين النقطتين بِمِقْدَار الالف لَو كَانَت بَين الْمِيم وَالنُّون وَمثله اشمئزت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ولاملئن تنقط خمس نقط الَّتِي عَن يَمِين اللَّام فِي نَحْو نصفهَا مَكَان الالف لَو كَانَت مَكْتُوبَة فَإِذا نقطت نَحْو هَذَا التَّقْيِيد فَاجْعَلْ بَينهمَا بِمِقْدَار الالف وقارب بَينهمَا وان كنت مِمَّن ينقط ذَلِك بِنُقْطَة وَاحِدَة جعلت النقطة عَن يسارك والجوار المنشئت نقطت الْيَاء فَوْقهَا بعيدَة من راسها عالية قَلِيلا لتدل على الْهمزَة الْمَفْتُوحَة ونقطها بَعضهم بنقطتين المنشئت وَبَعْضهمْ ينقط بسؤال نقطة وَاحِدَة فِي قفا الالف واكثرهم ينقطها بنقطتين الئن خفف الله فَمن يستمع الان دَاخِلَة فِي التَّقْيِيد وشنئان فِيمَن سكن النُّون وفيمن فتحهَا قَالَ ابو عَمْرو حَدثنَا احْمَد بن عمر قَالَ نَا احْمَد بن ابراهيم قَالَ نَا بكر بن سهل قَالَ نَا ابو الازهر عَن ورش عَن نَافِع شنئان مُقَيّدَة وَهَذَا يدل على ان الالف انما تقيد بنقطتين اذا تحرّك مَا قبل الْهمزَة فَإِن سكن مَا قبلهَا لم تقيد قَالَ ابْن الْمُنَادِي الْمُقَيد لَا يكون الا فِي كلمة همزتها مُقَيّدَة مَفْتُوحَة وعَلى ذَلِك الْعَمَل واكثر النقاط عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بَاب الْهَمْز السَّاكِن اجْمَعْ نقاط اهل المصرين وَمن تَابعهمْ ان الْهمزَة الساكنة ينقط عَلَيْهَا وَلَا ينقط على غَيرهَا من السواكن والهمزة فِي ثَلَاثَة احرف فِي الالف وَالْيَاء وَالْوَاو فَإِذا كَانَت فِي الالف فالنقطة على سَواد الالف واذا كَانَت فِي الْيَاء فالنقطة تَحت الْيَاء واذا كَانَت فِي الْوَاو فالنقطة فِي صدر الْوَاو فالتي فِي الالف نَحْو يَأْكُلُون ويأمرون ويألمون ومأمنه وَشبهه وَالَّتِي فِي الْيَاء نَحْو بئس وَجئْت وجئتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وشئت وشئتم وَالذِّئْب وبئر وَشبهه وَالَّتِي فِي الْوَاو نَحْو يُؤمنُونَ ويؤفكون والمؤتفكة والمؤتفكات وَشبهه واذا دخل على همزَة الأَصْل الساكنة الف وصل وَانْفَتح مَا قبلهَا اَوْ انْكَسَرَ اَوْ انْضَمَّ نَحْو الى الْهدى ائتنا وَفِي السَّمَوَات ائْتُونِي وياصالح ائتنا وَشبهه فَإِن النقطة توقع مَعَ الفتحة على فتح الْيَاء وَمَعَ الكسرة على كسر الْيَاء وَمَعَ الضمة فِي صدر الْيَاء قَالَ ابْن الْمُنَادِي النقطة فِي يَا صَالح ائتنا بَين الْيَاء وَالتَّاء وَلَا تنقط الْحَاء وَكَذَلِكَ وَقَالَ الْملك ائْتُونِي والا ان قَالُوا ائْتُوا قَالَ وَقَوله ان ائْتِ وَاو ائتنا بَعضهم يَجْعَل النقطة تَحت الْيَاء نَفسهَا وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا تَحت الالف منتحية عَن اسفلها قَلِيلا الى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 قرب الْيَاء والنقطة الَّتِي تَحت الْيَاء اكثر وَعَلَيْهَا الْمَصَاحِف الْعتْق وفليؤد الَّذِي اءوتمن نقطه بَعضهم قبل الالف فِي الْقَفَا ونقطه آخَرُونَ بَين يَدي الالف فِي الْجَبْهَة فِي قفا الْوَاو وهيىء لنا اذا كتبت بِالْيَاءِ فنقطه تَحت الْيَاء ويهيىء لكم ونبئنا وانبئهم وارجئه لمن قرا جزما ونبىء عبَادي النقط تَحت الْيَاء نَفسهَا لانها هِيَ الْهمزَة وَالذِّئْب وبئر وَجِئْنَا واذ جئتهم ومكر السيء لمن قراها سَاكِنة وشئت وشئنا وبئسما وفلبئس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ومكر السيء على قِرَاءَة اكثر النَّاس تطرح تَحت النقطة الَّتِي جَعلتهَا عَلامَة للهمزة نقطة لتدل على الْحَرَكَة قَالَ وَكَانَ الحكم ان تقع النقطة فِي كل هَذَا الْبَاب مجزومة وساكنة فِي نفس بدن الْحَرْف يَاء كَانَ اَوْ واوا اَوْ الْفَا وَلكنه ازيل عَن السوَاد ليظْهر للقارىء فيعاينه وَاضحا وَقَالَ ابْن أشته الْهمزَة فِي يُؤمنُونَ والمؤمنون فِي صدر الْوَاو وَقَالَ ابْن مُجَاهِد وتنقط الالف الَّتِي فِي شَأْن لانها هِيَ الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 بَاب الْهَمْز المتحرك اجْمَعْ نقاط اهل المصرين وتابعيهم على جعل الْهمزَة الْمَفْتُوحَة الممدودة بعد الالف وَهُوَ جبهتها ويسارها وعَلى جعل الْمَقْصُورَة قبل الالف وَهُوَ قفاها ويمينها فالممدودة نَحْو ءامن وءامنوا وءادم وازر وءاخر وءاخرون وءاتوهم وَمَا ءاتوا وءاتاكم وَشبهه والمقصورة نَحْو أفأمن وافأمنوا وفأتاهم الله وَبِمَا اتوا وامر واخذ واتى وَشبهه وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 أتتخذنا وأتهلكنا وءأنذرتهم وءأنتم أعلم على مَذْهَب من حقق الهمزتين قَالَ ابْن مُجَاهِد الْمَمْدُود من الْهَمْز تطرح النقطة فِيهِ على يسَار الالف وَهُوَ وَجههَا كَقَوْلِه وَلَو ءامن والمقصور تطرح النقطة فِيهِ على يَمِين الالف كَقَوْلِه ام امنتم قَالَ واذا كَانَت الْهمزَة ممدودة فِي آخر حرف مثل وَالسَّمَاء بِنَاء وَمَا اشبه ذَلِك طرحت الْهمزَة على يسَار الالف غير مُقَيّدَة والنقطة الثَّانِيَة الْعليا الَّتِي فِي بِنَاء هِيَ التَّنْوِين والاولى هِيَ الْهمزَة واستغنت بطرحك اياها فِي اعلى الالف عَن النصب اذ كَانَ الرّفْع قُدَّام الالف قَرِيبا من اسفلها مثل وغيض المَاء والمخفوض فِي اسفلها مثل يعصمني من المَاء فنابت النقطة عَن الاعراب والهمزة جَمِيعًا وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن اسحق النَّحْوِيّ كل الف اسْتِفْهَام اَوْ الف غير ممدودة مَفْتُوحَة فالنقطة فِي قفاها وَقَالَ ابْن اشته النقطة فِي الْمَقْصُورَة على يَمِين الالف فِي الْبيَاض لَيْسَ على الالف الا على قدر مَا يخالطها على قفاها فِي الْبيَاض قَالَ والهمزة مَعَ الْوَاو تقاس بِالْعينِ فَإِذا صَارَت الْعين خلف الْوَاو نَحْو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 يئوسا ورءوس ويستهزءون وَقل استهزءوا وكما تبرءوا ومبرءون فالنقطة فِي قفا الْوَاو وان كَانَت الْهمزَة هِيَ الْعين نَحْو تؤزهم ويكلؤكم فالنقطة فِي صدر الْوَاو وَمن مد رءوف فالنقطة فِي قفا الْوَاو وَمن قصره فالنقطة فِي صدر الْوَاو قَالَ واما جَزَاء وَسَوَاء فعلى الْمَدّ نقطتان فِي صدر الالف واذا جَاءَت مَعَ التَّنْوِين همزَة فِي حرف فَعَلَيهِ ثَلَاث نقطات نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين اذا كَانَ جرا اَوْ رفعا اَوْ نصبا واذا لم تكن مَعَه همزَة فنقطتان نَحْو قَوْله خزي وَولي ولقوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 قَالَ اما قَوْله نبؤا عَظِيم وان امرؤا هلك فتحتاج الى ثَلَاث نقطات وَاحِدَة للهمزة وَوَاحِدَة للحركة وَوَاحِدَة للتنوين وَكَذَلِكَ كل حرف فِيهِ همزَة متحركة وتنوين قَالَ وعلمؤا والعلمؤا والضعفؤا وَشر كؤا وشفعؤا وينبؤا ونظائرها مِمَّا كتب بِالْوَاو والالف فالنقطة فِي صدر الْوَاو وَكَذَلِكَ ينقط لتنوا بالعصبة ويبدؤا الْخلق ويدرؤا عَنْهَا وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي قَوْله تَعَالَى اشداء على الْكفَّار تطرح فِي قفا الالف نقطة تجعلها فِي ثُلثي قامة الالف وان شِئْت فِي نصفهَا وان شِئْت قَرِيبا من طرفها كل ذَلِك فِي الْقَفَا وَلَا تجعلها دون النّصْف الْبَتَّةَ فتدل على انها مَقْصُورَة مَفْتُوحَة وتطرح تَحت الشين نقطة للكسرة وَفَوق الدَّال نقطة للفتحة الْمُشَدّدَة وَبَعْضهمْ يَجْعَل هَذِه النقطة للفتحة الْمُشَدّدَة وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا دَلِيلا على الْمَدّ الَّذِي يُقيد بنقطتين مثل قَوْله رحماء بَينهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وَآخَرُونَ يذكرُونَ ان الْمُقَيد لَا يكون الا فِي كلمة همزتها مَفْتُوحَة مُقَيّدَة وعَلى هَذَا القَوْل الْعَمَل واكثر النقاط عَلَيْهِ وتطرح نقطة قُدَّام الالف للمدة المرفوعة وَيَنْبَغِي ان تطرحها فِي نصف الالف فَإِن ذَلِك اصوب واحسن مَا جعله النقاط فِي هَذِه الالف المرفوعة الممدودة وَتَكون النقطة فَوق الْحَاء للفتحة ان اولياءه النقطة مَكَان الْوَاو سوء الْحساب وَسُوء عمله النقطة الاولى لضم السِّين وَالثَّانيَِة للرفعة من وراءى حجاب النقطة فِي اسفل الالف منتحية عَن اسفلها عَن يَمِين الْيَاء قَلِيلا سَوَاء السَّبِيل وَرَاء ظُهُورهمْ لقاءنا النقطة فِي هَذَا النَّحْو بعد الالف على جبهتها عالية قَلِيلا عَن يسارها غير شاخصة من بدن الالف قَالَ وَفِي الْمُصحف الْعَتِيق الى اوليئهم بِنُقْطَة فَوق الْيَاء للفتحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ونقطة بَين الْيَاء وَالْهَاء ليدل ذَلِك على الخفضة ونقطة تَحت الْهَاء للكسرة أبناءنا وأبناءكم واشياءهم وفأجاءها وفقراء النقطة منتحية عَن رَأس الْألف فِي جبهتها فِي إيمَانهَا وإيمانا وإي وربي النقطة مزالة عَن اسفل الالف الى قرب الْيَاء ءالئن وَقد عصيت كتب بِغَيْر الف بعد اللَّام فَحكم نقطه ان تطرح على الالف الاولى فِي جبهتها نقطة متطرفة ليدل ذَلِك على الْمدَّة المنصوبة وتطرح بَين اللَّام وَالنُّون نقطة اخرى عالية تحاذي طرف اللَّام ليدل ذَلِك على انها مَنْصُوبَة ممدودة وان شِئْت فاطرح على فَتْحة النُّون نقطة مذءوما النقطة فِي قفا الْوَاو بَين الذَّال وَالْوَاو وَكَذَلِكَ وَلَا يئوده وبرءوسكم وفادرءوا ويدرءون وهم بدءوكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وَكتب لَيْسُوا وُجُوهكُم بواو بعْدهَا الف فَقَالَ بعض النقاط انقط الفتحة نقطة بَين الْوَاو والالف اذا كَانَت الْقِرَاءَة مَفْتُوحَة واعلها شَيْئا للنصبة لَان وَزنهَا يسوع فالهمزة بعد الْوَاو الساكنة فَلَيْسَ على الالف مِنْهَا شَيْء لانها فِي الْقِرَاءَة لَيست من الْحُرُوف وَنَظِير ذَلِك أَن تبوأ وَأما اليزيدي فِيمَا ذكر ابو عبد الرَّحْمَن عَنهُ فَقَالَ فِي هَذِه النقطة انها تقع على الالف واخرى قبلهَا وَقَالَ ابْن اشته ليسئوا وُجُوهكُم النقطة فِي قفا الْوَاو فِيمَن قَرَأَهَا على الْجمع لَان الْقيَاس ليسوعوا فالعين فِي مَوضِع الْهمزَة وَمن قراها على الْوَاحِد ليسؤا فالنقطة على راس الْوَاو لَان الْقيَاس ليسوع فالعين فِي مَوضِع الْهمزَة قَالَ ابو عمر وَقَوله فِي راس الْوَاو خطأ لَان الْعين بعْدهَا وَهِي مَوضِع الْهمزَة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر اهل صنعاء يوقعون النقطة قُدَّام الْوَاو الَّتِي بقيت فِي السوَاد واهل الْبَصْرَة والكوفة يضمون الْعين قَالَ ابْن الْمُنَادِي الموءدة نقطتها بَين الْوَاو وَالدَّال لَان الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 موضعهَا الْوَاو الثَّانِيَة والاولى فَاء الْفِعْل وَقَالَ ابْن أشته الموءدة اصلها واوان فَذَهَبت الْوَاو الاخيرة وَبقيت الْهمزَة فِي مَوضِع الْوَاو الَّتِي ذهبت فَهَذِهِ الَّتِي بقيت فِي السوَاد هِيَ سَاكِنة والهمزة قدامها معتزلة مِنْهَا على الْبيَاض لانها فِي الْوَزْن الموعودة فَأَما اهل الْبَصْرَة وَأهل الْكُوفَة فَإِنَّهُم يوقعون النقطة فِي قفا الْوَاو الَّتِي فِي السوَاد واما اهل صنعاء فَإِنَّهُم يوقعون النقطة فِي مَوضِع الْعين الَّتِي فِي الْوَزْن قَالَ ابْن الْمُنَادِي عَن عبيد الله بن مُحَمَّد عَن ابي عبد الرَّحْمَن بن اليزيدي ان بشار بن ايوب الْبَصْرِيّ الناقط كَانَ ينقط برءأ فيطرح نقطة قبل الالف واخرى على الالف مَرْفُوعَة من قدامها قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن وَهَذَا خلاف الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل فِي الْمَصَاحِف الْعتْق لانها منقوطة على خلاف الْمَذْكُور عَن بشار قَالَ ابو عَمْرو لم يَقع فِي شَيْء من الْمَصَاحِف برءؤا بِغَيْر وَاو وَقَالَ ابْن اشته من كتب برءؤا يَعْنِي بواو والف فَإِن النقطة قُدَّام الْبَاء ونقطة فِي قفا الْوَاو معتزلة مِنْهَا وَهِي على الْبيَاض على مَوضِع الالف الَّتِي ذهبت وَبقيت الْهمزَة قبل الالف الَّتِي ذهبت ونقطة على صدر الْوَاو بَعْضهَا فِي السوَاد وَبَعضهَا على الْبيَاض لَان الْوَاو هِيَ الاعراب وَهِي الْهمزَة المضمومة وَمن كتب براؤ يَعْنِي بِأَلف وواو فَإِن نقطها ايضا ثَلَاث نقطات نقطة مِنْهَا على ضمة الْبَاء ونقطة على جبين الالف ونقطة على صدر الْوَاو والجبين قُدَّام الالف وانما جَاءَت هَذِه النقطة قُدَّام الالف لَا على طرفها لانها ممدودة الالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 بَاب الهمزتين فَإِذا الْتَقت الهمزتان فِي كلمة اَوْ كَلِمَتَيْنِ نقطوهما مَعًا وَجعلُوا الاولى ان كَانَت للاستفهام فِي قفا الالف عَن يَمِينهَا كَمَا يجْعَلُونَ الْمَقْصُورَة سَوَاء وَجعلُوا الثَّانِيَة ان كَانَت مَفْتُوحَة فِي جبهة الالف عَن يسارها نَحْو ءأنذرتهم وءأنت قلت ءأمنتم ءألهتنا خير وَشبهه وان كَانَت الثَّانِيَة مَكْسُورَة جعلوها تَحت الالف نَحْو ءاله مَعَ الله إِذا متْنا ءانك لانت وَشبهه وان كَانَت الثَّانِيَة مَضْمُومَة جعلوها فِي ركبة الالف نَحْو ءألقي ءأنزل فَإِن صورت الْمَكْسُورَة يَاء جعلُوا النقطة تحتهَا نَحْو أئنكم أئن لنا أئن ذكرْتُمْ وان صورت المضمومة واوا جعلُوا النقطة فِي صدرها نَحْو قل أؤنبئكم وَهَذَا مِمَّا اجْمَعُوا عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 بَاب الواوات وَتَفْسِير نقطهن اعْلَم ان الواوات عِنْدهم اثْنَتَا عشرَة واوا لكل وَاو مِنْهُنَّ مَعَ الْهمزَة والحركات والتنوين حكم اصطلحت جَمَاعَتهمْ عَلَيْهِ وعملت بِهِ فواو قدامها ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين الْمظهر وَذَلِكَ مثل ان امرؤا هلك ونبؤا عَظِيم وَشبهه وواو عَلَيْهَا ثَلَاث نقط نقطة قدامها للهمزة ونقطتان على مضجعها للتنوين مثل قُرُوء وَمَا عملت من سوء وَشبهه وواو على يافوخها نقطة معتزلة مِنْهَا وَهِي على الْبيَاض لهمزة ممدودة وَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 مثل بسؤال والفؤاد وَلَا تُؤَاخِذنَا وَشبهه وواو على قمحدوتها نقطة لهمزة مَضْمُومَة وَهِي دَالَّة على الالف الذاهبة وَذَلِكَ مثل بدءوكم وتبرءوا منا وَشبهه وواو على قفاها نقطة لهمزة مَضْمُومَة وَذَلِكَ مثل يستهزءون وأنبئوني وليطفئوا وَشبهه وواو فِي صدرها نقطة لهمزة مَضْمُومَة وَذَلِكَ مثل تؤزهم وَثمّ لتنبؤن وَشبهه وواو فِي بَطنهَا نقطة لهمزة سَاكِنة وَكَانَ حَقّهَا ان تقع فِي نفس الْوَاو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فِي الْبيَاض الَّذِي فِي سوادها لانها الْهمزَة وَذَلِكَ مثل يُؤمنُونَ ويؤثرون ويؤفكون وَشبهه وواو على مضجعها نقطة لهمزة مخفوضة وَذَلِكَ مثل من سوء مَا بشر بِهِ وبالسوء من القَوْل وَشبهه وواو على ذنبها نقطة لضمة دون همزَة وَذَلِكَ مثل لتبلون ووجوه ووفيت واشتروا الضَّلَالَة وَشبهه وواو على هامتها نقطة لفتحة دون همزَة وَذَلِكَ مثل واسمع وانتظر واعف وَاصْفَحْ وَشبهه مِمَّا تلتقي فِيهِ بِأَلف الْوَصْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 وواو تَحت ذنبها نقطة لكسرة خَفِيفَة دون همزَة وَذَلِكَ مثل البدو وَمن اللَّهْو وَشبهه وواو تَحت ذنبها قُدَّام الِاضْطِجَاع يَسِيرا نقطة لكسرة شَدِيدَة وَذَلِكَ مثل جو السَّمَاء وبالغدو وَشبهه وَهَذِه صُورَة الْوَاو ومواضع النقط مِنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 بَاب الألفات وتفسيرهن وَاعْلَم ان الالفات عِنْدهم ايضا خمس عشرَة الْفَا وَلكُل الف مَعَ الْهمزَة والتنوين وَالْمدّ وَالْقصر حكم اتَّفقُوا عَلَيْهِ فالف على جبينها أَي على يسارها ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين وَذَلِكَ مثل افتراء ومراء وَفِدَاء وَشبهه والف قدامها ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين وَذَلِكَ مثل وَسَوَاء وَأَدَاء وهواء وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 والف على قفاها أَي على يَمِينهَا ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين وَذَلِكَ مثل خطئا وملجئا ومتكئا وَشبهه والف تَحت ركبتها ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين وَذَلِكَ مثل من ملجاء وومن حماء وَمن سباء بنباء وَشبهه والف على طرفيها نقطتان والالف بَينهمَا نقطة على قفاها ونقطة على جبينها وهما جَمِيعًا للمدة وهمزة طَوِيلَة مثل أَن تبوؤا ورئاء النَّاس ورءا كوكبا وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 والف على خاصرتيها نقطتان وَتسَمى الْمقيدَة والالف بَينهمَا نقطة للهمزة ونقطة للفتحة وَذَلِكَ مثل مبوأ صدق وانشأكم وذرأكم وَشبهه والف على جبينها نقطتان وهما جَمِيعًا على الْيَسَار وهما لهمزة وَمُدَّة فالهمزة بعد الالف والمدة بعد الْهمزَة وَذَلِكَ مثل دُعَاء ونداء وضياء وَشبهه قَالَ ابو عَمْرو لَا فرق من طَرِيق عَرَبِيَّة وَلَا من جِهَة قِرَاءَة بَين هَذِه الالف وَبَين الالف الَّتِي فِي قَوْله افتراء ومراء وَفِدَاء وَقد نقطوا نقطوا تِلْكَ ثَلَاث نقط نقطة للهمزة ونقطتان للتنوين ونقطوا هَذِه بنقطتين نقطة للهمزة ونقطة للتنوين وَلم ينقطوا الفتحة والالف فِي الضربين زَائِدَة للْبِنَاء والالف الَّتِي تعوض من التَّنْوِين غير مرسومة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 والف على قفاها عَن يَمِينهَا نقطتان نقطة للحركة ونقطة للتنوين وَذَلِكَ مثل عليما حكيما وعفوا غَفُورًا كلا هدينَا ونوحا هدينَا يَسِيرا إِن تجتنبوا وَشبهه إِذا التقى التَّنْوِين بحروف الْحلق فالنقطة على الطول وَإِذا التقى بغَيْرهَا فالنقطة على الْعرض والف على طرفها عَن يَمِينهَا نقطة وعَلى ركبتها نقطة معتزلة عَنْهَا فالتي عَن يميننها للهمزة وَالَّتِي على ركبتها للياء وَذَلِكَ مثل أءنا لفي خلق أءنا لمخرجون أءذا كُنَّا تُرَابا وَشبهه والف على قفاها أَي على يَمِينهَا نقطة وَهِي للاستفهام وَسَقَطت همزَة الْوَصْل بعْدهَا اسْتغْنَاء عَنْهَا بهَا وَذَلِكَ مثل وَولدا اطلع وجديد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 أفترى ولكاذبون أصطفى وَشبهه وَكَذَلِكَ وأتيناك بِالْحَقِّ وَشبهه وَألف على قفاها نقطة لهمزة مَفْتُوحَة وَهِي فِي الْبيَاض عَن يَمِينهَا وَذَلِكَ مثل أَتَى امْر الله وفأتاهم الله وفأكله الذِّئْب وفاصابهم وَشبهه والف على يسارها نقطة على الْبيَاض وَهِي لهمزة مَفْتُوحَة قبلهَا مُدَّة وَذَلِكَ مثل شُهَدَاء ووراء وتلقاء وغداءنا وَأَبْنَاءَنَا وَشبهه وَكَذَلِكَ الْهمزَة الممدودة نَحْو وأتى المَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وَلَقَد أَتَيْنَاك وماب ومأبا وأتيه وَأمن وأمنهم وَشبهه وَكَذَلِكَ أنذرتهم وأشفقتم وَالِد وَشبهه إِذا لم يجمع بَين الهمزتين والف فِي سوادها نقطة لهمزة سَاكِنة وَذَلِكَ مثل فاتوهن وتألمون ويأكلون وَأم لم ينبأ وَشبهه والف على خَاصرتهَا عَن يَمِينهَا نقطة وَهِي لهمزة مَفْتُوحَة وَذَلِكَ مثل أَن هدَانَا الله وَاعْلَمُوا أَن الله وفلولا أَنه كَانَ وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 والف تحتهَا نقطة وَهِي لهمزة مَكْسُورَة وَذَلِكَ مثل إِن الله وَإِن كلا وَإنَّهُ وَشبهه من الالفات المبتدءات وَهَذِه صُورَة الْألف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 بَاب اللَّام ألف اعْلَم أَنهم ينقطون اللَّام الف على اثْنَي عشر وَجها فلام الف على قرن الالف نقطة وَهِي لمُدَّة الالف وهمزتها وَلَام سَاكِنة قبلهَا وَذَلِكَ مثل الأخرة الأفلين للاكلين وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة فِي قرنها ونقطة على جبين اللَّام عَن يسارها لنصبة اللَّام وَذَلِكَ مثل لأيات ولأت ولأمرنهم وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة فِي قرن الالف ونقطة على يَمِينهَا لهمزة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وحركة وَذَلِكَ مثل إِن الملا ولأقعدن ولأريناكهم وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة فِي قرن الالف ونقطة فِي ركبة اللَّام لكسرتها فالتي فِي قرن الالف لمدتها وهمزتها وَذَلِكَ مثل لادم وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة على طرف اللَّام على يسارها لنصبه اللَّام ونقطة تَحت الالف على ركبتها وَهِي لهمزة الالف وكسرتها وَذَلِكَ مثل لالى الله تحشرون ولالى الْجَحِيم وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان وهما جَمِيعًا على يسارها نقطة لضمة الالف وهمزتها ونقطة لنصبة اللَّام وَذَلِكَ مثل لاغوينهم لاقطعن لامنينهم وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان وهما جَمِيعًا على الالف وَذَلِكَ مثل وَكيلا وسبيلا وقليلا وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة تَحت اللَّام لكسرتها ونقطة على قفا الالف الَّتِي على يَمِينهَا لنصبة الالف وهمزتها وَذَلِكَ مثل لابيه لاخيه لأمر الله وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان وهما جَمِيعًا على خاصرتيها نقطة لنصبة اللَّام ونقطة على قفا الالف لهمزتها وَذَلِكَ مثل لَأَنْتُم لأجدن لأرجمنك وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان وهما جَمِيعًا عل ركبتيها مثل لإخوانهم لإِبْرَاهِيم لإيلف قُرَيْش وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطتان نقطة تَحت اللَّام لكسرتها ونقطة تَحت قُدَّام الالف لهمزتها وضمتها وَذَلِكَ مثل لأولى النهى ولأولى الْأَلْبَاب وَشبهه وَلَام الف عَلَيْهَا نقطة على يَمِينهَا لهمزة غير ممدودة وَلَام سَاكِنة قبلهَا وَذَلِكَ مثل الأَرْض الامر الانعام الانهار وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 قَالَ أَبُو عَمْرو فَهَذِهِ أصُول النقط على مَذَاهِب النُّحَاة الْمُتَقَدِّمين وأتباعهم من الناقطين قد شرحنا خفيها وَبينا جليها وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259