الكتاب: مشكل إعراب القرآن المؤلف: أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ) المحقق: د. حاتم صالح الضامن الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة: الثانية، 1405 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- مشكل إعراب القرآن لمكي مكي بن أبي طالب الكتاب: مشكل إعراب القرآن المؤلف: أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ) المحقق: د. حاتم صالح الضامن الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة: الثانية، 1405 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين أخبرنَا الشَّيْخ الإِمَام صابر الدّين أَبُو بكر يحيى بن سعدون بن تَمام بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ قَالَ أَنا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب اجازة قَالَ حَدثنِي الْفَقِيه المقرىء أَبُو مُحَمَّد مكي بن أبي طَالب الْقَيْسِي رَضِي الله عَنهُ قِرَاءَة مني عَلَيْهِ فِي أَصله وَهُوَ يسمع قلت رضى الله عَنْك أما بعد حمد الله جلّ ذكره وَالثنَاء عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله وَالصَّلَاة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله فَإِنِّي رَأَيْت أفضل علم صرفت إِلَيْهِ الهمم وتعبت فِيهِ الخواطر وسارع إِلَيْهِ ذَوُو الْعُقُول علم كتاب الله تَعَالَى ذكره إِذْ هُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَالدّين الْمُبين وَالْحَبل المتين وَالْحق الْمُنِير وَرَأَيْت من أعظم مَا يجب على الطَّالِب لعلوم الْقُرْآن الرَّاغِب فِي تجويد أَلْفَاظه وَفهم مَعَانِيه وَمَعْرِفَة قراءاته ولغاته وَأفضل مَا القارىء إِلَيْهِ مُحْتَاج معرفَة إعرابه وَالْوُقُوف على تصرف حركاته وسواكنه يكون بذلك سالما من اللّحن فِيهِ مستعينا على أَحْكَام اللَّفْظ بِهِ مطلعا على الْمعَانِي الَّتِي قد تخْتَلف باخْتلَاف الحركات متفهما لما أَرَادَ الله بِهِ من عباده إِذْ بِمَعْرِِفَة حقائق الْإِعْرَاب تعرف أَكثر الْمعَانِي وينجلي الْإِشْكَال فتظهر الْفَوَائِد وَيفهم الْخطاب وَتَصِح معرفَة حَقِيقَة المُرَاد وَقد رَأَيْت أَكثر من ألف الْإِعْرَاب طوله بِذكرِهِ لحروف الْخَفْض وحروف الْجَزْم وَبِمَا هُوَ ظَاهر من ذكر الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وأسم إِن وخبرها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 فِي أشباه لذَلِك يستوى فِي مَعْرفَتهَا الْعَالم المبتدىء وأغفل كثيرا مِمَّا يحْتَاج إِلَى مَعْرفَته من المشكلات فقصدت فِي هَذَا الْكتاب إِلَى تَفْسِير مُشكل الْأَعْرَاب وَذكر علله وصعبه ونادره ليَكُون خَفِيف الْمحمل سهل المأخذ قريب المتناول لمن أَرَادَ حفظه والاكتفاء بِهِ فَلَيْسَ فِي كتاب الله عز وَجل إِعْرَاب مُشكل إِلَّا وَهُوَ مَنْصُوص أَو قِيَاسه مَوْجُود فِيمَا ذكرته فَمن فهمه كَانَ لما هُوَ أسهل مِنْهُ مِمَّا تركت ذكره اختصارا أفهم وَلما لم نذكرهُ مِمَّا ذكرنَا نَظِيره أبْصر وَأعلم وَلم أؤلف كتَابنَا هَذَا لمن لَا يعلم من النَّحْو إِلَّا الْخَافِض والمخفوض وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمضاف والمضاف إِلَيْهِ والنعت والمنعوت فِي أشباه لهَذَا إِنَّمَا ألفناه لمن شدا طرفا من وَعلم ظواهره وجملا من عوامله وَتعلق بِطرف من أُصُوله وَبِاللَّهِ نستعين على ذَلِك وإياه أسأَل التَّوْفِيق وَالْأَجْر على مَا تَوليته مِنْهُ وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل وصلوات على مُحَمَّد الْمَخْصُوص بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم والسبع المثاني وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا مُشكل إِعْرَاب الاستفتاح بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كسرت الْبَاء من بِسم الله لتَكون حركتها مشبهة لعملها وَقيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 كسرت لتفرق بَين مَا يخْفض وَلَا يكون إِلَّا حر فا نَحْو الْبَاء وَاللَّام وَبَين مَا يخْفض وَقد يكون اسْما نَحْو الْكَاف وَإِنَّمَا عملت الْبَاء وَأَخَوَاتهَا الْخَفْض لِأَنَّهَا لَا معنى لَهَا إِلَّا فِي الْأَسْمَاء فَعمِلت الْإِعْرَاب الَّذِي لَا يكون إِلَّا فِي الْأَسْمَاء وَهُوَ الْخَفْض وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الَّتِي تجزم الْأَفْعَال إِنَّمَا عملت الْجَزْم لِأَنَّهَا لَا معنى لَهَا إِلَّا فِي الْأَفْعَال فَعمِلت الْأَعْرَاب الَّذِي لَا يكون إِلَّا الْأَفْعَال وَهُوَ الْجَزْم وحذفت الْألف من الْخط فِي بِسم الله لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقيل حذفت لتحرك السِّين فِي الأَصْل لِأَن أصل السِّين الْحَرَكَة وسكونها لعِلَّة دَخَلتهَا وَقيل للُزُوم الْبَاء هَذَا الِاسْم فَأن كتبت بِسم الرَّحْمَن أَو بِسم الْخَالِق حذفت الْألف أَيْضا عِنْد الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وَقَالَ الْفراء لَا تحذف إِلَّا فِي بِسم الله فَقَط فان أدخلت على اسْم الله غير الْبَاء من حُرُوف الْخَفْض لم يجز حذف الْألف عِنْد أحد نَحْو قَوْلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 لَيْسَ اسْم كاسم الله وقولك لإسم الله حلاوة وَمَوْضِع بِسم مَوضِع رفع عِنْد الْبَصرِيين على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره ابتدائي بِسم الله فالباء على هَذَا مُتَعَلقَة بالْخبر الَّذِي قَامَت الْبَاء مقَامه تَقْدِيره ابتدائي ثَابت أَو مُسْتَقر بِسم الله أَو نَحوه وَلَا يحسن تعلق الْبَاء بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ مُضْمر لِأَنَّهُ يكون دَاخِلا فِي صلته فَيبقى الِابْتِدَاء بِغَيْر خبر وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بِسم الله فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار فعل تَقْدِيره ابتدأت باسم الله فالباء على هَذَا مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوف وَاسم أَصله سمو وَقيل سمو وَهُوَ عِنْد الْبَصرِيين مُشْتَقّ من سما يسمو وَلذَلِك ضمت السِّين فِي أَصله فِي سم وَقيل هُوَ مُشْتَقّ من سمي يُسمى وَلذَلِك كسرت السِّين فِي سم ثمَّ حذف آخِره وَسكن أَوله اعتلالا على غير قِيَاس وَدلّ على ذَلِك قَوْلهم سمي فِي التصغير وَجمعه أَسمَاء وَجمع أَسمَاء أسامي وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين مُشْتَقّ من السمة إِذْ صَاحبه يعرف بِهِ وَأَصله وسم ثمَّ أعل بِحَذْف الْفَاء وحركت الْعين على غير قِيَاس أَيْضا وَيجب على قَوْلهم أَن يصغر فَيُقَال وسيسم وَلم يقلهُ أحد لِأَن التصغير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَلَهُم مقَال يطول ذكره وَقَوْلهمْ أقوى فِي الْمَعْنى وَقَول الْبَصرِيين أقوى فِي التصريف وحذفت الْألف فِي الْخط من اسْم الله اسْتِخْفَافًا وَقيل حذفت لِئَلَّا يشبه هجاء اللات فِي قَول من وقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ وَقيل لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي حذف ألف الرَّحْمَن وَالْأَصْل فِي اسْم الله عز وَجل الاه ثمَّ دخلت الْألف وَاللَّام فَصَارَ الالاه فخففت الْهمزَة بِأَن ألقيت حركتها على اللَّام الأولى ثمَّ أدغمت الأولى فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الثَّانِيَة وَلزِمَ الْإِدْغَام والحذف للتعظيم والتفخيم وَقيل بل حذفت الْهمزَة حذفا وَعوض مِنْهَا الْألف وَاللَّام ولزمتا للتعظيم وَقيل أَصله لاه ثمَّ دخلت الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ فلزمتا للتعظيم وَوَجَب الْإِدْغَام لسكون الأول من المثلين وَدلّ على ذَلِك قَوْلهم لهي أَبوك يُرِيدُونَ لله أَبوك فأخروا الْعين فِي مَوضِع اللَّام لِكَثْرَة استعمالهم لَهُ وَيدل عيه أَيْضا قَوْله لاه ابْن عمك يُرِيدُونَ لله وَقد ذكر الزّجاج فِي بعض أَمَالِيهِ عَن الْخَلِيل أَن أَصله ولاه ثمَّ أبدل من الْوَاو همزَة كأشاح ووشاح وَالْألف فِي لاه منقلبة عَن يَاء دلّ على ذَلِك قَوْلهم لهي أَبوك فظهرت الْيَاء عوضا من الْألف فَدلَّ على أَن أصل الْألف الْيَاء وَإِنَّمَا أشبعنا الْكَلَام فِي هذَيْن الاسمين ليقاس عَلَيْهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 شبههما مِمَّا لَعَلَّنَا نغفل عَن ذكره فَكَذَلِك نَفْعل فِي كل مَا هُوَ مثل هَذَا فاعلمه مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْحَمد السُّورَة يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهَا الرّفْعَة من سُورَة الْبناء فَكَأَنَّهَا منزلَة شرف فَلَا يجوز همزها وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهَا قِطْعَة من الْقُرْآن من قَوْلك أسأرت فِي الْإِنَاء أَي أبقيت فِيهِ بَقِيَّة فَيجوز همزها على هَذَا وَقد أجمع الْقُرَّاء على ترك همزها فتحتمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَوْله عز وَجل {الْحَمد} رفع بِالِابْتِدَاءِ {وَللَّه} الْخَبَر والابتداء عَامل معنوي غير ملفوظ بِهِ وَهُوَ خلو الِاسْم الْمُبْتَدَأ من العوامل اللفظية وَيجوز نَصبه على الْمصدر وَكسرت اللَّام من لله كَمَا كسرت الْبَاء فِي بِسم الْعلَّة وَاحِدَة وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ أصل اللَّام أَن تكون مَفْتُوحَة بِدلَالَة انفتاحها مَعَ الْمُضمر والإضمار يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَإِنَّمَا كسرت مَعَ الظَّاهِر للْفرق بَينهَا وَبَين لَام التَّأْكِيد قَالَ أَبُو مُحَمَّد وفيهَا نظر يطول ذكره وَاللَّام مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَت مقَامه كَمَا كَانَت الْبَاء فِي بِسم الله تَقْدِيره الْحَمد ثَابت لله أَو مُسْتَقر وَشبهه وَيجوز نصب رب الْعَالمين على النداء أَو على الْمَدْح وَيجوز رَفعه على هُوَ رب الْعَالمين فَكَذَلِك ملك يَوْم الدّين مثله وَيَوْم الدّين ظرف جعل مَفْعُولا على السعَة فَلذَلِك أضيف إِلَيْهِ ملك وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة من قَرَأَ مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 بِالْألف فَأَما من قَرَأَ مَالك فَلَا بُد من تَقْدِير مفعول مَحْذُوف تَقْدِيره مَالك يَوْم الدّين الْفَصْل وَالْقَضَاء وَنَحْوه لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَجمع مَالك ملاك وَملك وَجمع ملك أَمْلَاك وملوك وَقد قَرَأَ أَبُو عَمْرو ملك بِإِسْكَان اللَّام كَمَا يُقَال فَخذ وفخذ وَجمعه على هَذَا أملك وملوك وَقد يجوز النصب فِي ملك على الْحَال أَو على النداء أَو على الْمَدْح وعَلى النَّعْت لرب على قَول من نَصبه وَإِنَّمَا نذْكر هَذِه الْوُجُوه ليعلم تصرف الْإِعْرَاب ومقاييسه لَا لِأَن يقْرَأ بِهِ فَلَا يجوز أَن يقْرَأ إِلَّا بِمَا رُوِيَ وَصَحَّ عَن الثِّقَات الْمَشْهُورين عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِي الله عَنْهُم وَوَافَقَ خطّ الْمُصحف قَوْله عز وَجل {إياك نعْبد} ايا عِنْد الْخَلِيل وَغَيره اسْم مُضْمر أضيف إِلَى الْكَاف وَهُوَ شَاذ لَا يعلم اسْم مُضْمر أضيف غَيره وَحكي ابْن كيسَان أَن الْكَاف هِيَ 2 الِاسْم وايا أَتَى بهَا لتعتمد الْكَاف عَلَيْهَا إِذْ لَا تقوم بِنَفسِهَا وَقَالَ الْمبرد ايا اسْم مُبْهَم أضيف للتخصيص وَلَا يعرف اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ أضيف غَيره وَمن أصل الْمُبْهم إِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أضيف أَن يكون نكرَة وَأَن يعرب نَحْو غير وَبَعض وكل وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إياك بِكَمَالِهِ أسم مُضْمر وَلَا يعرف اسْم مُضْمر يتَغَيَّر آخِره فَتَقول فِيهِ إِيَّاه وَإِيَّاهَا وَإِيَّاكُم غير هَذَا وَهُوَ مَنْصُوب بنعبد مفعول مقدم وَلَو تَأَخّر لم ينْفَصل ولصار كافا مُتَّصِلَة فَقلت نعبدك قَوْله {نستعين} وَزنه نستفعل وَأَصله نستعون لِأَنَّهُ من العون فألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْعين فَانْكَسَرت الْعين وسكنت الْوَاو فَانْقَلَبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا إِذْ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة وَلَا يَاء سَاكِنة قبلهَا ضمة وَإِنَّمَا أعل لاعتلال الْمَاضِي والمصدر استعانة وَأَصله استعوان فألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْعين وقلبت الْوَاو ألفا وحذفت إِحْدَى الْأَلفَيْنِ لالتقاء الساكنين قيل الأولى وَقيل الثَّانِيَة وَدخلت الْهَاء عوضا من الْمَحْذُوف وَيجوز كسر النُّون وَالتَّاء وَالْألف فِي أول هَذَا الْفِعْل وَفِي نَظِيره فِي غير الْقُرْآن وَلَا يحسن ذَلِك فِي الْيَاء قَوْله جلّ وَعلا {اهدنا} طلب وسؤال وَمَجْرَاهُ فِي الْإِعْرَاب مجْرى الْأَمر لكنه مَبْنِيّ عِنْد الْبَصرِيين حذف الْيَاء مِنْهُ بِنَاء ومعرب عِنْد الْكُوفِيّين حذ ف الْيَاء مِنْهُ جزم وَالْألف ألف وصل كسرت فِي الِابْتِدَاء لسكونها وَسُكُون مَا بعْدهَا لِأَنَّهَا اجتلبت ليبدأ بهَا ولاحظ لَهَا فِي الحركات وَقيل كسرت بِكَسْر الثَّالِث وَلم تضم لثقل الْخُرُوج من ضم إِلَى كسر وَلم تفتح لِئَلَّا تشبه ألف الْمُتَكَلّم وَهَذِه عِلّة ألف الْوَصْل حَيْثُ وَقعت فِي الْأَفْعَال والأسماء فان كَانَ الثَّالِث من الْفِعْل مضموما ضمت الْألف لِلِاتِّبَاعِ فحركتها لالتقاء الساكنين واختيرت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 الضمة لانضمام الثَّالِث نَحْو ادخل اخْرُج فَأَما ألف الْوَصْل الَّتِي مَعَ لَام التَّعْرِيف فِي الرجل والغلام فَهِيَ مَفْتُوحَة فِي الِابْتِدَاء للْفرق بَين دُخُولهَا على الْأَفْعَال والأسماء ودخولها على الْحُرُوف واهدنا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَيجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا وهما فِي هَذَا الْموضع نَا والصراط قَوْله {الْمُسْتَقيم} أَصله المستقوم واعتلاله فِي الِاسْم والمصدر كاعتلال نستعين قَوْله {صِرَاط الَّذين} بدل من الصِّرَاط الأول وَالَّذين اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ نَاقص يحْتَاج إِلَى صلَة وعائد فَهُوَ غير مُعرب فِي الْوَاحِد وَالْجمع ويعرب فِي التَّثْنِيَة لصِحَّة التَّثْنِيَة إِذْ لَا تخْتَلف وَلَا تَأتي فِي جَمِيع الْأَسْمَاء إِلَّا على مِثَال وَاحِد وَلَيْسَ كَذَلِك الْجمع وَعلة بِنَاء الَّذِي أَنه شابه الْحُرُوف لابهامه ووقوعه على كل شَيْء فَمنع الْإِعْرَاب كَمَا منعته الْحُرُوف وَقيل إِنَّمَا بني لِأَنَّهُ نَاقص يحْتَاج إِلَى صلَة فَهُوَ كبعض اسْم وَبَعض الِاسْم مَبْنِيّ أبدا لِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون فِي أَوَاخِر الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَقد قيل أَن الَّذين اسْم للْجمع وَلَيْسَ بِجمع وَوَاحِد الَّذين لذ كعم وشج فَلَمَّا دَخلته الْألف وَاللَّام ولزمتا عَادَتْ الْيَاء كَمَا تعود فِي قَاض فَقلت الَّذِي وَأَصله أَن يكْتب بلامين إِلَّا أَنهم حذفوا إِحْدَى اللامين لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال تَخْفِيفًا وَجرى الْجمع على الْوَاحِد إِذْ هُوَ مَبْنِيّ مثله إِذْ هُوَ أقرب إِلَيْهِ فِي الْإِعْرَاب وكتبت التَّثْنِيَة بلامين على الأَصْل وصلَة الَّذين قَوْله أَنْعَمت عَلَيْهِم وَالْهَاء وَالْمِيم تعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 عَلَيْهِم قَوْله {غير المغضوب عَلَيْهِم} غير اسْم مُبْهَم أَلا أَنه أعرب للزومه الْإِضَافَة وخفضه على الْبَدَل من الَّذين أَو على النَّعْت لَهُم إِذْ لَا يقْصد بهم قصد أشخاص بأعيانهم فجروا مجْرى النكرَة فَجَاز أَن يكون غير نعتا لَهُم وَمن أصل غير أَنَّهَا نكرَة وَإِن أضيفت إِلَى معرفَة لِأَنَّهَا لَا تدل على شَيْء معِين وَقد رُوِيَ نصب غير عَن ابْن كثير وَغَيره ونصبها على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم أَو من الَّذين إِذْ لَفظهمْ لفظ الْمعرفَة وَأَن شِئْت نصبته على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع عِنْد الْبَصرِيين وَمنعه الْكُوفِيُّونَ لأجل دُخُول لَا وَأَن شِئْت نصبته على اضمار أَعنِي وَعَلَيْهِم الثَّانِي فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله للمغضوب لِأَنَّهُ بِمَعْنى الَّذين غضب عَلَيْهِم وَلَا ضمير فِيهِ إِذْ لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف جر بِمَنْزِلَة مر بزيد وَلذَلِك لم يجمع قَوْله {وَلَا الضَّالّين} لَا زَائِدَة للتوكيد عِنْد الْبَصرِيين وَبِمَعْنى غير عِنْد الْكُوفِيّين وَمن الْعَرَب من يُبدل من الْحَرْف السَّاكِن الَّذِي قبل المشدد همزَة فَيَقُول وَلَا الضَّالّين وَذَلِكَ إِذا كَانَ ألفا وَبِه قَرَأَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ أَرَادَ أَن يُحَرك الْألف لالتقاء الساكنين فَلم يُمكن تحريكها فأبدل مِنْهَا حرفا مواخيا لَهَا قريب الْمخْرج مِنْهَا أجلد مِنْهَا وَأقوى وَهُوَ الْهمزَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْبَقَرَة قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {الم} أحرف مقطعَة محكية لَا تعرب إِلَّا أَن تخبر عَنْهَا أَو تعطف بَعْضهَا على بعض فَتَقول هَذَا ألف وألفك حَسَنَة وَفِي الْكتاب ألف وَلَام وَمِيم وَعين وَمَوْضِع ألم نصب على معنى أَقرَأ ألم وَيجوز أَن يكون موضعهَا رفعا على معنى هَذَا ألم أَو ذَلِك أَو هُوَ وَيجوز أَن يكون موضعهَا خفضا على قَول من جعله قسما وَالْفراء يَجْعَل ألم ابْتِدَاء وَذَلِكَ الْخَبَر تَقْدِيره عِنْده حُرُوف المعجم يَا مُحَمَّد ذَلِك الْكتاب وَأنْكرهُ الزّجاج وَذَلِكَ فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على الِابْتِدَاء وتضمر الْخَبَر وَذَا اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ وَالِاسْم عِنْد الْكُوفِيّين الذَّال وَالْألف زيدت لبَيَان الْحَرَكَة وللتقوية وَذَا بِكَمَالِهِ هُوَ الِاسْم عِنْد الْبَصرِيين وَجمعه أولاء وَاللَّام لَام التَّأْكِيد دخلت لتدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ وَقيل دخلت لتدل على أَن ذَا لَيْسَ بمضاف إِلَى الْكَاف وَكسرت اللَّام للْفرق بَينهَا وَبَين لَام الْملك إِذا قلت ذَا لَك أَي فِي ملكك وَقيل كسرت لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا وَالْكَاف للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو أَن تكون فِي مَوضِع رفع أَو نصب أَو خفض فَلَا يجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أَن تكون فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ لَا رَافع قبلهَا وَلَيْسَت الْكَاف من عَلَامَات الْمُضمر الْمَرْفُوع وَلَا يجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب إِذْ لَا عَامل قبلهَا ينصبها وَلَا يجوز أَن تكون فِي مَوضِع خفض لِأَن مَا قبلهَا لَا يُضَاف وَهُوَ الْمُبْهم فَلَمَّا بطلت الْوُجُوه الثَّلَاثَة علم أَنَّهَا للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَالْكتاب بدل من ذَا أَو عطف بَيَان أَو خبر ذَلِك وَقَوله {لَا ريب فِيهِ} لَا تبرئة فَهِيَ وريب كاسم وَاحِد وَلذَلِك بني ريب على الْفَتْح لِأَنَّهُ مَعَ لَا كخمسة عشر وَهُوَ فِي مَوضِع رفع خبر ذَلِك وَقَوله {هدى} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من ذَا أَو من الْكتاب أَو من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي فِيهِ وَالْعَامِل فِيهِ إِذا كَانَ حَالا من ذَا أَو من الْكتاب معنى الْإِشَارَة فَإِن كَانَ حَالا من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي فِيهِ فالعامل فِيهِ معنى الِاسْتِقْرَار وَيجوز أَن يكون هدى فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَفِيه الْخَبَر فتقف على هَذَا القَوْل على لَا ريب وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا على اضمار مُبْتَدأ أَو على أَنه خبر ذَلِك أَو على أَنه خبر بعد خبر قَوْله {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} الَّذين فِي مَوضِع خفض نعت لِلْمُتقين أَو بدل مِنْهُم أَو فِي مَوضِع نصب على اضمار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وأصل يُؤمنُونَ يؤأمنون بهمزتين الأولى مَفْتُوحَة وَهِي زَائِدَة فحذفت الزَّائِدَة لِاجْتِمَاع همزتين فِيهِ ولاجتماع ثَلَاث همزات فِي الْإِخْبَار عَن النَّفس وَاتبعُوا سَائِر الْأَفْعَال الملحقة بالرباعية هَذَا الْحَذف وَإِن لن تَجْتَمِع فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 همزتان نَحْو يكرم ويلهي كَمَا قَالُوا يعد فحذفوا الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة ثمَّ اتبعُوا سَائِر الْبَاب ذَلِك وان لم يكن فِيهِ يَاء نَحْو تعد وتزن كَمَا أدخلُوا هُوَ وَأَنت وَنَحْوهَا فاصلة بَين الْخَبَر والنعت فِي قَوْلك إِن زيدا هُوَ الْعَاقِل وَكَانَ زيد هُوَ الْعَاقِل ثمَّ أدخلوها فاصلة فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ النَّعْت نَحْو زيد كَانَ هُوَ الْعَاقِل وَكنت أَنْت الْعَاقِل وكما أدخلُوا الْمَجْهُول مَعَ أَن وَكَانَ إِذا وَقع بعدهمَا مَا لَا يليهما وَلَا يعملان فِيهِ نَحْو أَنه قَامَ زيد وَكَانَ يقوم عمر وَكَانَ لَا أحد فِي الدَّار ثمَّ أتبعوا ذَلِك سَائِر الْبَاب وَأَن لم يكن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة فَقَالُوا أَنه زيد قَائِم وَإِنَّمَا وَجب أَن يكون أصل يُؤمنُونَ وَشبهه بهمزتين لِأَن حق هَذِه الْحُرُوف الزَّوَائِد أَن تَتَضَمَّن مَا كَانَ فِي الْمَاضِي وَقد كَانَ فِي الْمَاضِي همزتان الأولى زَائِدَة وَذَلِكَ قَوْلك أأمن وعَلى هَذَا يُقَاس مَا شابههه وعلته كعلته فقسه عَلَيْهِ قَوْله {لِلْمُتقين} وَزنه المفتعلين وَأَصله الموتقيين ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء فَصَارَت يَاء مُشَدّدَة وأسكنت الْيَاء الأولى استثقالا للكسرة عَلَيْهَا ثمَّ حذفت لسكونها وَسُكُون يَاء الْجمع بعْدهَا قَوْله {يُقِيمُونَ} أَصله يؤقومون فحذفت الْهمزَة ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْقَاف وانكسرت وانقلبت الْوَاو يَاء لسكونها ولانكسار مَا قبلهَا ووزنه يَفْعَلُونَ مثل يُؤمنُونَ قَوْله {أُولَئِكَ} خبر {الَّذين} أَو مُبْتَدأ أَن لم تجْعَل الَّذين مُبْتَدأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَالْخَبَر على هدى وَهدى اسْم مَقْصُور منصرف وَزنه فعل وَأَصله هدي فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا قلبت ألفا وَالْألف ساكنه والتنوين سَاكن فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين وَصَارَ التَّنْوِين تَابعا لفتحه الدَّال فَلَا يتَغَيَّر فِي كل الْوُجُوه وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي جَمِيع مَا كَانَ مثله وَأُولَئِكَ اسْم مُبْهَم للْجَمَاعَة وَهُوَ مَبْنِيّ على الْكسر لَا يتَغَيَّر بني لمشابهته الْحُرُوف وَالْكَاف للخطاب وَلَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَوَاحِد أُولَئِكَ ذَلِك وَإِذا كَانَ للمؤنث فَوَاحِدَة ذِي أُوتِيَ أوذه قَوْله {الصَّلَاة} أَصْلهَا صلوة دلّ على ذَلِك قَوْلهم صلوَات فوزنها فعلة قَوْله {سَوَاء عَلَيْهِم} ابْتِدَاء وَمَا بعده من ذكر الْإِنْذَار خَبره وَالْجُمْلَة خبر إِن وَالَّذين اسْم إِن وصلته كفرُوا وَألف أأنذرتهم ألف تَسْوِيَة لِأَنَّهَا أوجبت أَن الْإِنْذَار لمن سبق لَهُ فِي علم الله الشَّقَاء وَتَركه سَوَاء عَلَيْهِم لَا يُؤمنُونَ أبدا ولفظها لفظ الِاسْتِفْهَام وَلذَلِك أَتَت بعْدهَا أم وَيجوز أَن يكون سَوَاء خبر أَن وَمَا بعده مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ سَوَاء وَيجوز أَن يكون خبر إِن لَا يُؤمنُونَ قَوْله {وعَلى سمعهم} إِنَّمَا وحد وَلم يجمع كَمَا جمعت الْقُلُوب والأبصار لِأَنَّهُ مصدر وَقيل تَقْدِيره وعَلى مَوَاضِع سمعهم وَقَوله غشاوة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر على أَبْصَارهم وَالْوَقْف على سمعهم حسن وَقد قَرَأَ عَاصِم بِالنّصب على اضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ وَجعل على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أَبْصَارهم غشاوة وَالْوَقْف على سمعهم يجوز فِي هَذِه الْقِرَاءَة وَلَيْسَ كحسنه فِي قِرَاءَة من رفع قَوْله {وَمن النَّاس} فتحت نون من للقائها السَّاكِن وَهُوَ لَام التَّعْرِيف وَكَانَ الْفَتْح أولى بهَا من الْكسر لانكسار الْمِيم وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وأصل النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ الأناس ثمَّ حذفت الْهمزَة كحذفها فِي الاه وَدخلت لَام التَّعْرِيف وَقيل بل أَصله نَاس لقَوْل الْعَرَب فِي التصغير نويس قَالَ الْكسَائي هما لُغَتَانِ قَوْله {من يَقُول} من فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خبر وَيَقُول وَزنه يفعل وَأَصله يَقُول ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْقَاف لِأَنَّهَا قد اعتلت فِي قَالَ وَإِنَّمَا أذكر لَك مِثَالا من كل صنف لتقيس عَلَيْهِ مَا يَأْتِي من مثل إِذْ لَا يُمكن ذكر كل شَيْء أَتَى مِنْهُ كَرَاهَة التكرير والإطالة وَلَو جَاءَ فِي الْكَلَام وَمن النَّاس من يَقُولُونَ لجَاز حمله على الْمَعْنى كَمَا قَالَ جلّ ذكره وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك والمدة فِي آمن أَصْلهَا همزَة سَاكِنة واصله أأمن ثمَّ أبدلت من الْهمزَة الساكنة ألفا لانفتاح مَا قبلهَا والمدة فِي الآخر ألف زَائِدَة لبِنَاء فَاعل وَلَيْسَ أَصْلهَا همزَة قَوْله {وَمَا هم بمؤمنين} هم اسْم مَا ومؤمنين الْخَبَر وَالْبَاء زَائِدَة دخلت عِنْد الْبَصرِيين لتأكيد النَّفْي وَهِي عِنْد الْكُوفِيّين دخلت جَوَابا لمن قَالَ إِن زيدا لمنطلق فَمَا بازاء أَن وَالْبَاء بازاء اللَّام إِذْ اللَّام لتأكيد الْإِيجَاب وَالْبَاء لتأكيد النَّفْي قَوْله {يخادعون الله} يجوز أَن تكون حَالا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 من فَلَا يُوقف دونه وَيجوز أَن يكون لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب فَيُوقف دونه قَوْله {فِي قُلُوبهم مرض} ابْتِدَاء وَخبر وَكَذَلِكَ وَلَهُم عَذَاب أَلِيم نعت للعذاب وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول أَي مؤلم قَوْله {بِمَا كَانُوا} الْبَاء مُتَعَلقَة بالاستقرار أَي وَعَذَاب مؤلم مُسْتَقر لَهُم بكونهم يكذبُون بِمَا أَتَى بِهِ نَبِيّهم وَمَا وَالْفِعْل مصدر ويكذبون خبر كَانَ قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم} إِذا ظرف فَمن النَّحْوِيين من أجَاز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ قيل وَمِنْهُم من مَنعه وَقدر فعلا مضمرا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام يعْمل فِي إِذا وَكَذَلِكَ قِيَاس مَا هُوَ مثله وَيجوز أَن يكون الْعَامِل قَالُوا وَهُوَ جَوَاب إِذا وَقيل أَصْلهَا قَول على فعل ثمَّ نقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْقَاف فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا وفيهَا لُغَات من اشمام الْقَاف الضَّم وَمِنْهُم من يضم على أَصْلهَا فَتبقى الْوَاو على حَالهَا وَكَذَلِكَ قِيَاس مَا شابهه وَأَجَازَ الْأَخْفَش قيل بِالْيَاءِ وَضم الْقَاف وَهَذَا شَاذ لَا قِيَاس لَهُ وَكَانَ ابْن كيسَان يُسَمِّي الاشمام إِشَارَة وَهُوَ لَا يسمع وَكَانَ يُسَمِّي الرّوم أشماما وَهُوَ يسمع بِصَوْت خَفِي وَلَهُم فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعل لقيل قَوْله {أَلا إِنَّهُم} كسرت أَن لِأَنَّهَا مُبْتَدأ بهَا وَيجوز فتحهَا إِذا جعلت أَلا بِمَعْنى حَقًا قَوْله {نَحن مصلحون} ابْتِدَاء وَخبر وَمَا فِي إِنَّمَا كافه لَان عَن الْعَمَل وَنحن اسْم مُضْمر مَبْنِيّ يَقع للاثنين وَالْجَمَاعَة والمخبرين عَن أنفسهم وللواحد الْجَلِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وانما ضمت نون نَحن دون أَن تكسر أَو تفتح لِأَنَّهُ اسْم مُضْمر يَقع للْجمع وَالْوَاو من عَلَامَات الْجمع والضمة اخت الْوَاو فَكَانَت الضمة أولى بِهِ وَقيل هُوَ كقبل وَبعد إِذْ هِيَ تدل على الْإِخْبَار عَن اثْنَيْنِ وَعَن أَكثر وَقيل هِيَ مثل حَيْثُ تحْتَاج إِلَى شَيْئَيْنِ فَقَوِيت بالضمة إِذْ هِيَ أقوى الحركات وَقيل هِيَ من عَلَامَات الْمَرْفُوع فحركت بِمَا يشبه الرّفْع وَهُوَ الضَّم وَقيل أَن أَصْلهَا نَحن بِضَم الْحَاء فنقلت حَرَكَة الْحَاء إِلَى النُّون قَوْله {هم المفسدون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر ان وَيجوز أَن تكون هم فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب أَو تكون توكيدا للهاء وَالْمِيم فِي انهم والمفسدون الْخَبَر قَوْله {كَمَا آمن} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالُوا أتؤمن إِيمَانًا مثل مَا آمن السُّفَهَاء وَكَذَلِكَ الْكَاف الأولى قَوْله {يعمهون} حَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي يمدهُمْ قَوْله {اشْتَروا الضَّلَالَة} أَصله اشتريوا فقلبت الْيَاء ألفا وَقيل اسكنت اسْتِخْفَافًا وَالْأول أحسن وأجرى على الْأُصُول ثمَّ حذفت فِي الْوَجْهَيْنِ لسكونها وَسُكُون وَاو الْجمع بعْدهَا وحركت الْوَاو فِي اشْتَروا لالتقاء الساكنين واختير لَهَا الضَّم للْفرق بَين وَاو الْجمع وَالْوَاو الْأَصْلِيَّة نَحْو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 لَو استقاموا وَقَالَ الْفراء حركت بِمثل حَرَكَة الْيَاء المحذوفة قبلهَا وَقَالَ ابْن كيسَان الضمة فِي الْوَاو أخف من الْكسر فَلذَلِك اختيرت إِذْ هِيَ من جِنْسهَا وَقَالَ الزّجاج اختير لَهَا الضَّم إِذْ هِيَ وَاو جمع فضمت كَمَا ضمت النُّون فِي نَحن إِذْ هُوَ جمع أَيْضا وَقد قرىء بِالْكَسْرِ على الأَصْل وَأَجَازَ الْكسَائي همزها لانضمامها وَفِيه بعد وَقد قُرِئت بِفَتْح الْوَاو اسْتِخْفَافًا قَوْله {أَضَاءَت مَا حوله} مَا فِي مَوضِع نصب بأضاءت وَالنَّار فاعلة وَهِي مضمرة فِي أَضَاءَت وَجَوَاب فَلَمَّا مَحْذُوف تَقْدِيره فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله طفئت قَوْله {لَا يبصرون} فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَركهم قَوْله صم مَرْفُوع على اضمار مُبْتَدأ وَكَذَلِكَ مَا بعده وَيجوز نصب ذَلِك كُله على الْحَال من الْمُضمر فِي تَركهم وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَحَفْصَة وَيجوز نصب ذَلِك على اضمار أَعنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 قَوْله {فهم لَا يرجعُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا من الْمُضمر فِي تَركهم قَوْله {كصيب} أَصله صيوب على وزن فيعل ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَيجوز التَّخْفِيف فِي الْيَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ فعيل أَصله صويب ثمَّ أدغم ويلزمهم الْإِدْغَام فِي طَوِيل وعويل وَذَلِكَ لَا يجوز قَوْله {فِيهِ ظلمات} ابْتِدَاء وَخبر مقدم وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت للصيب وَالْكَاف من كصيب فِي مَوضِع رفع عطف على الْكَاف فِي قَوْله كَمثل الَّذِي أَو هِيَ فِي مَوضِع رفع خبر لقَوْله مثلهم تَقْدِيره مثلهم مثل الَّذِي استوقد نَارا أَو مثل صيب وان شِئْت أضمرت مُبْتَدأ تكون الْكَاف خبر تَقْدِيره أَو مثلهم مثل صيب قَوْله {يجْعَلُونَ} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تَركهم أَي تَركهم فِي ظلمات غير مبصرين غير عاقلين جاعلين أَصَابِعهم وان شِئْت جعلت هَذِه الْأَحْوَال مُنْقَطِعَة عَن الأول مستأنفة فَلَا يكون لَهَا مَوضِع من الْإِعْرَاب وَقد قيل أَن يجْعَلُونَ حَال من الْمُضمر فِي فِيهِ وَهُوَ يعود على الصيب كَأَنَّهُ قَالَ جاعلين أَصَابِعهم فِي آذانهم من صواعقه يَعْنِي الصيب قَوْله {حذر الْمَوْت} مفعول من أجل هـ قَوْله {وَالله مُحِيط} ابْتِدَاء وَخبر وأصل مُحِيط محوط فنقلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 كسرة الْوَاو إِلَى الْحَاء فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا قَوْله {يكَاد الْبَرْق} يكَاد فعل للمقاربة إِذا لم يكن مَعَه نفي قَارب الْوُقُوع وَلم يَقع نَحْو هَذَا وَإِذا صَحبه نفي فَهُوَ وَاقع بعد ابطاء نَحْو قَوْله فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ أَي فعلوا الذّبْح بعد ابطاء وَكَاد الَّذِي للمقاربة أَصله كود ويكاد يكود فقلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا كخاف يخَاف قَوْله {كلما} نصب على الظّرْف بمشوا وَإِذا كَانَت كلما ظرفا فالعامل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي هُوَ جَوَاب لَهَا وَهُوَ مَشوا لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط فَهِيَ تحْتَاج إِلَى جَوَاب وَلَا يعْمل فِيهَا أَضَاء لِأَنَّهُ فِي صلَة مَا وَمثله كلما رزقوا الْجَواب قَالُوا وَهُوَ الْعَامِل فِي كل وَمَا اسْم نَاقص صلته الْفِعْل الَّذِي يَلِيهِ وَفِي كلما معنى الشَّرْط قَوْله {ذهب} وأذهب بِمَعْنى لَكِن الْبَاء تحذف إِذْ دخلت الْهمزَة قَوْله {يَا أَيهَا النَّاس} أَي منادى مُفْرد مضموم وَالنَّاس نعت لَهُ وَلَا يجوز نصب النَّاس عِنْد أَكثر النَّحْوِيين لِأَنَّهُ نعت لَا يجوز حذفه فَهُوَ المنادى فِي الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ يَا نَاس وَأَجَازَ الْمَازِني نَصبه على الْموضع كَمَا يجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 يَا زيد الظريف على الْموضع قَوْله {الَّذِي جعل لكم} الَّذِي فِي مَوضِع نصب نعت لربكم أَو للَّذي أَو مفعول لتتقون أَو على إِضْمَار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَو على الِابْتِدَاء ويضمر الْخَبَر قَوْله {تَتَّقُون} أَصله توتقيون فأدغمت الْوَاو فِي التَّاء بعد أَن قلبت تَاء وألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْقَاف وحذفت لسكونها وَسُكُون وَاو الْجمع بعْدهَا وَهُوَ تفتعلون وَكَذَلِكَ نَظِيره حَيْثُ وَقع قَوْله {وَأَنْتُم تعلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تجْعَلُوا قَوْله {متشابها} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي بِهِ وَالْهَاء فِي قَوْله {من مثله} تعود على الْقُرْآن وَقيل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله {أعدت للْكَافِرِينَ} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من النَّار والوقود بِالْفَتْح الْحَطب وبالضم الْمصدر وَهُوَ التوقد كَالْوضُوءِ بِالْفَتْح المَاء وَالْوُضُوء بِالضَّمِّ الْمصدر وَهُوَ اسْم حركات المتوضىء قَوْله {أَن يضْرب} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره من أَن يضْرب فَلَمَّا حذفت من تعدِي الْفِعْل وَهُوَ يستحي فنصب أَن قَوْله {مَا بعوضة} مَا زَائِدَة وبعوضة بدل من مثل وَيجوز أَن تكون مَا فِي مَوضِع نصب نكرَة بدل من مثل وبعوضة نعت لما قَوْله {فَمَا فَوْقهَا} مَا عطف على مَا الأولى أَو على بعوضة إِن جعلت مَا زَائِدَة وَيجوز رفع بعوضة على أَن تجْعَل مَا بِمَنْزِلَة الَّذِي فتضمر هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فَتكون بعوضة خَبرا لَهُ قَوْله {فَأَما الَّذين آمنُوا} أما حرف فِيهِ معنى الشَّرْط وَيَقَع فِي الِابْتِدَاء والخب وَلذَلِك دخلت الْفَاء بعده فَالَّذِينَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وفيعلمون وَمَا بعده الْخَبَر وَكَذَلِكَ أما الثَّانِيَة قَوْله {مَاذَا أَرَادَ الله} مَا وَذَا اسْم وَاحِد للاستفهام فِي مَوضِع نصب بأراد تَقْدِيره أَي شَيْء أَرَادَ الله بِهَذَا الْمثل وَأَن شِئْت جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي فَتكون مَا فِي مَوضِع رفع الِابْتِدَاء وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَلَا يعْمل فِيهَا أَرَادَ لِأَنَّهُ فِي صلَة الَّذِي وَلَا تعْمل الصِّلَة فِيمَا قبل الْمَوْصُول وَلَا فِي الْمَوْصُول فَذا وصلته فِي مَوضِع رفع خبر مَا وَمَعَ أَرَادَ هَاء محذوفة تعود على الَّذِي تَقْدِيره أَي شَيْء الَّذِي أَرَادَهُ الله بِهَذَا الْمثل ومثلا نصب على التَّفْسِير وَقيل هُوَ حَال من ذَا فِي هَذَا وَالْعَامِل فِيهِ الْإِشَارَة والتنبيه قَوْله {أَن يُوصل} أَن فِي مَوضِع نصب بدل من مَا وَقيل نصب أَن على معنى لِئَلَّا يُوصل وان شِئْت فِي مَوضِع خفض بدل من الْهَاء فِي بِهِ وَهُوَ أحْسنهَا قَوْله {ميثاقه} هُوَ اسْم فِي مَوضِع الْمصدر لِأَنَّهُ بِمَعْنى ايثاقه قَوْله {كَيفَ تكفرون} كَيفَ فِي وضع نصب بتكفرون وَالْهَاء فِي قَوْله ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون تعود على الله جلّ ذكره وَقيل بل تعود على الْأَحْيَاء قَوْله {جَمِيعًا} نصب على الْحَال من مَا وَالْعَامِل فِيهِ خلق قَوْله {فسواهن سبع سماوات} سبع بدل من الْهَاء وَالنُّون وَقيل هُوَ مفعول لسوى تَقْدِيره فسوى مِنْهُنَّ سبع سماوات فحرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الْجَرّ مَحْذُوف مَعَ الْهَاء وَالنُّون كَمَا قَالَ وَاخْتَارَ مُوسَى قومه أَي من قومه ثمَّ حذف الْحَرْف فانتصب مَا بعده وَإِنَّمَا عَاد الضَّمِير بِلَفْظ الْجمع على السَّمَاء ولفظها وَاحِد لِأَنَّهُ جمع سماوة وسماءة كتمرة وتمر فَهُوَ جمع بَينه وَبَين واحده الْهَاء فَلَمَّا حذفت الْهَاء فِي الْجمع انقلبت الْوَاو همزَة كَمَا قلبوها فِي الدُّعَاء والكساء فَأصل الْهمزَة الْوَاو لِأَنَّهُ من دَعَا يَدْعُو وكسا يكسو قَوْله {وَإِذ قَالَ رَبك} إِذْ فِي مَوضِع نصب باضمار فعل تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ وَلَا تعْمل فِيهَا قَالَ لِأَن إِذْ مُضَافَة إِلَى الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا والمضاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف قَوْله {أَتجْعَلُ فِيهَا} الْألف ألف الاسترشاد وسؤال عَن فَائِدَة وَلَيْسَ هُوَ إنكارا وَلَفظه لفظ الِاسْتِفْهَام وَقيل هُوَ تعجب تعجبت الْمَلَائِكَة من قدرَة الله قَوْله {إِنِّي أعلم} يحسن أَن يكون أعلم فعلا للمخبر عَن نَفسه لِأَن قبله إِخْبَارًا عَن النَّفس وَهُوَ أَنِّي وَيجوز أَن يكون اسْما بِمَعْنى فَاعل فَيقدر فِيهِ التَّنْوِين وَلَكِن لَا يتَصَرَّف فتنصب مَا بِهِ قَوْله {وَأعلم مَا تبدون} يجوز أَن يكون أعلم فعلا كَمَا كَانَ مَا قبله فَمَا فِي مَوضِع نصب بِهِ وَيجوز أَن يكون اسْما بِمَعْنى عَالم فَتكون مَا فِي مَوضِع خفض بِإِضَافَة أعلم إِلَيْهَا كَمَا يُضَاف اسْم الْفَاعِل وَيجوز تَقْدِير التَّنْوِين فِي اسْم الْفَاعِل لكنه لَا ينْصَرف فَتكون مَا فِي مَوضِع نصب كَمَا تَقول هَؤُلَاءِ حواج بَيت الله فتنصب بَيْتا بِتَقْدِير التَّنْوِين فِي حواج قَوْله {وَإِذ قُلْنَا} مثل وَإِذ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 قَوْله {سُبْحَانَكَ} مَنْصُوب على الْمصدر وَالتَّسْبِيح والتنزيه لله من السوء فَهُوَ يُؤَدِّي عَن نسبحك تسبيحا أَي ننزهك من السوء تَنْزِيها ونبرئك مِنْهُ قَوْله {للْمَلَائكَة} هُوَ جمع ملك وأصل ملك مألك ثمَّ قلبت الْهمزَة فَردَّتْ فِي مَوضِع اللَّام فَصَارَت ملأك فَأصل وَزنه مفعل مقلوب إِلَى معفل ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْهمزَة على اللَّام فَصَارَت ملك فَلَمَّا جمع رد إِلَى أَصله بعد الْقلب فَلذَلِك وَقعت الْهمزَة بعد اللَّام فِي مَلَائِكَة وَلَو جمع على أَصله قبل الْقلب لَقلت مآلكة على مفاعله فملائكة وَزنه معافلة وَأَصله مفاعلة فالهمزة فَاء الْفِعْل فِي أَصله وَاللَّام عين الْفِعْل وَالْكَاف لَام الْفِعْل لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من الألوكة وَهِي الرسَالَة وَقَالَ ابْن كيسَان هُوَ مُشْتَقّ من ملكت والهمزة زَائِدَة عِنْده كزيادتها فِي شمأل فَيكون وزن ملك فعل وَوزن مَلَائِكَة فعائلة لِأَن الْمِيم أَصْلِيَّة والهمزة زَائِدَة وَقَالَ أَبُو عبيد هُوَ مُشْتَقّ من لأك إِذا أرسل فالهمزة عين وَلَا قلب فِيهِ على قَول أبي عبيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 فوزن لفظ مَلَائِكَة على قَول الْجَمَاعَة معافلة لِأَنَّهُ مقلوب والهمزة فَاء الْفِعْل وعَلى قَول ابْن كيسَان فعائلة لِأَن الْمِيم أَصْلِيَّة فالهمزة زَائِدَة عِنْده وعَلى قَول أبي عبيد مفاعلة لِأَن الْهمزَة عِنْده عين الْفِعْل قَوْله {إِنَّك أَنْت} إِن شِئْت جعلت أَنْت فِي مَوضِع نصب تَأْكِيدًا للكاف وَإِن شِئْت جَعلتهَا مَرْفُوعَة مُبتَدأَة والعليم خَبَرهَا وَهِي وخبرها خبر إِن وَإِن شِئْت جَعلتهَا فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب والحكيم نعت للعليم وَإِن شِئْت جعلته خَبرا بعد خبر لَان قَوْله {إِلَّا إِبْلِيس} إِبْلِيس نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ أعجمي معرفَة وَقَالَ أَبُو عبيد هُوَ عَرَبِيّ مُشْتَقّ من أبلس إِذا يئس من الْخَيْر لكنه لَا نَظِير لَهُ فِي الْأَسْمَاء وَهُوَ معرفَة فَلم ينْصَرف لذَلِك وَالْهَاء فِي خَليفَة وملائكة للْمُبَالَغَة وَقيل لتأنيث الصِّيغَة وَخَلِيفَة فعيلة بِمَعْنى فاعلة أَي يخلف بَعضهم بَعْضًا وآدَم أفعل مُشْتَقّ من الأدمة وَهُوَ اللَّوْن فَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ معرفَة وَأَصله الصّفة وَهُوَ على وزن الْفِعْل وَقيل هُوَ مُشْتَقّ من أَدِيم الأَرْض وَهُوَ وَجههَا وَهَذَا بعيد لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون وَزنه فَاعِلا كطابق فَيجب صرفه إِذْ لَيْسَ فِيهِ من معنى الصّفة شَيْء وأفعل أَصله الصّفة قَوْله {رغدا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره أكلا رغدا وَهُوَ فِي مَوضِع الْحَال عِنْد ابْن كيسَان أعنى الْمصدر الْمَحْذُوف وحذفت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 النُّون من فتكونا لِأَنَّهُ مَنْصُوب جَوَاب للنَّهْي وَيجوز أَن يكون حذف النُّون للجزم فَهُوَ عطف على وَلَا تقربا قَوْله {بَعْضكُم لبَعض عَدو} ابْتِدَاء وَخبر مُنْقَطع من الأول وَإِن شِئْت فِي مَوضِع الْحَال من الضَّمِير فِي اهبطوا وَفِي الْكَلَام حذف وَاو واستغني عَنْهَا للضمير الْعَائِد على الْمُضمر فِي اهبطوا تَقْدِيره قُلْنَا اهبطوا وبعضكم لبَعض عَدو أَي اهبطوا وَهَذِه حالكم واثباتها فِي الْكَلَام حسن وَلَو لم يكن فِي الْكَلَام عَائِد لم يجز حذف الْوَاو وَلَو قلت لقيتك وَزيد رَاكب لم يجز حذف الْوَاو فَإِن قلت رَاكب إِلَيْك جَازَ حذف الْوَاو وإثباتها قَوْله {إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم} هُوَ فِي وجوهها بِمَنْزِلَة أَنْت فِي إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم قَوْله جَمِيعًا حَال من الْمُضمر فِي اهبطوا قَوْله {فإمَّا يَأْتينكُمْ} أما حرف للشّرط يجْزم الْأَفْعَال وَهِي أَن الَّتِي للشّرط زيدت مَعهَا مَا للتَّأْكِيد وَدخلت النُّون الْمُشَدّدَة للتَّأْكِيد أَيْضا لَكِن الْفِعْل مَعَ النُّون مَبْنِيّ غير مُعرب قَوْله {هدى} فِي مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ وَقد تقدم ذكر أَصله قَوْله {فَمن تبع هُدَايَ} من اسْم تَامّ للشّرط مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ يجْزم مَا بعده من الْأَفْعَال الْمُسْتَقْبلَة وجوابها وَيكون الْمَاضِي بعده فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مَوضِع جزم وَلَا تغيره من وَلَا غَيرهَا من حُرُوف الشَّرْط بل يغيرن مَعْنَاهَا فَيصير مَعْنَاهَا الِاسْتِقْبَال وَلَا يتَغَيَّر لَفظه قَوْله {وهم فِيهَا خَالدُونَ} ابْتِدَاء وَحبر فِي مَوضِع الْحَال من أَصْحَاب أَو من النَّار كَمَا تَقول زيد ملك الدَّار وَهُوَ جَالس فِيهَا فقولك وَهُوَ جَالس حَال من الْمُضمر فِي ملك أَي ملكهَا فِي حَال جُلُوسه فِيهَا وَإِن شِئْت جعلته حَالا من الدَّار لِأَن فِي الْجُمْلَة ضميرين أَحدهمَا يعود على زيد وَالْآخر يعود على الدَّار فَحسن الْحَال مِنْهُمَا جَمِيعًا لأجل الضَّمِير وَلَو قلت زيد ملك الدَّار وَهُوَ جَالس لم يكن إِلَّا حَالا من الْمُضمر فِي ملك لَا غير إِذْ لَا ضمير فِي الْجُمْلَة يعود على الدَّار وَلَو قلت زيد ملك الدَّار وَهِي مَبْنِيَّة لم تكن الْجُمْلَة إِلَّا فِي مَوضِع الْحَال من الدَّار إِذْ لَا ضمير يعود على الْمُضمر فِي ملك فان زِدْت من مَاله وَنَحْوه جَازَ أَن يكون حَالا من الْمُضمر وَمن الدَّار فَكَذَلِك الْآيَة لما كَانَ فِي قَوْله هم فِيهَا خَالدُونَ ضميران جَازَ أَن يكون حَالا مِنْهُمَا جَمِيعًا فقس عَلَيْهِمَا مَا شابههما فانه أصل يتَكَرَّر فِي الْقُرْآن كثيرا وَقد منع بعض النَّحْوِيين وُقُوع الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ لَو قلت رَأَيْت غُلَام هِنْد قَائِمَة لم يجز عِنْده إِذْ لَا عَامل يعْمل فِي الْحَال وَأَجَازَهُ بَعضهم لِأَن لَام الْملك مقدرَة مَعَ الْمُضَاف إِلَيْهِ فَمَعْنَى الْملك هُوَ الْعَامِل فِي الْحَال أَو معنى الْمُلَازمَة أَو معنى المصاحبة فعلى قَول من منع الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يكون هم فِيهَا خَالدُونَ حَالا من النَّار وَمثله فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الْقيَاس أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة هم فِيهَا خَالدُونَ قَوْله {يَا بني إِسْرَائِيل} اسْم معرفَة أعجمي وَلذَلِك لم ينْصَرف والعلل الَّتِي تمنع الْأَسْمَاء من الصّرْف عشرَة هِيَ التَّعْرِيف وَوزن الْفِعْل وَالصّفة والعجمة وَألف التَّأْنِيث الممدودة والمقصورة والتأنيث الَّذِي لَا مُذَكّر لَهُ من لَفظه وَالْعدْل وَالْألف وَالنُّون الزائدتان والاسمان يجعلان اسْما وَاحِدًا وَمَا كَانَ فِي الْأَبْنِيَة لَا نَظِير لَهُ فِي الْوَاحِد فَإِذا اجْتمع فِي الِاسْم عِلَّتَانِ من هَذِه الْعِلَل لم ينْصَرف وَإِذا انْفَرَدت وَاحِدَة انْصَرف فَاجْعَلْ هَذَا أصلا تقيس عَلَيْهِ كل الْكَلَام وَقد زَاد قوم فِي الْعِلَل لُزُوم الْعلَّة الْوَاحِدَة قَوْله {وأوفوا} أَصله أوفيوا فَردَّتْ حَرَكَة الْيَاء على الْفَاء وحذفت الْيَاء لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا قَوْله {أوف بعهدكم} جزم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر قَوْله {وإياي فارهبون} إيَّايَ مَنْصُوب باضمار فعل هُوَ الِاخْتِيَار لِأَنَّهُ أمره وَيجوز وَأَنا فارهبون على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَهَذَا بِمَنْزِلَة قَوْلك زيد فَاضْرِبْهُ لِأَن الْيَاء المحذوفة من فارهبون كالهاء فِي أضربه لَكِن يقدر الْفِعْل الناصب لاياي يعده تَقْدِيره وإياي ارهبوا فارهبون وَلَو قدرته قبله لاتصل بِهِ فَكنت تَقول وارهبوني فارهبون قَوْله {مُصدقا} حَال من الْهَاء المحذوفة من أنزلت تَقْدِيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 أنزلته لِأَن مَا بِمَعْنى الَّذِي وَإِن شِئْت جعلته حَالا من مَا فِي بِمَا قَوْله {أول كَافِر} أول اسْم لم ينْطق مِنْهُ بِفعل عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَزنه أفعل فاؤه وَاو وعينه وَاو وَلذَلِك لم يسْتَعْمل مِنْهُ فعل لِاجْتِمَاع الواوات وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ أفعل من وأل إِذا نجا فأصله أَو أل ثمَّ خففت الْهمزَة الثَّانِيَة بِأَن أبدل مِنْهَا وَاو وأدغمت الأولى فِيهَا كَمَا قَالُوا فِي تَخْفيف مقروءة مقروة أجْرى الْحَرْف الْأَصْلِيّ مجْرى الزَّائِد فِي مقروءة وَكَانَ الْأَحْسَن لَو خففت على الْقيَاس أَن يُقَال أول تلقى حَرَكَة الْهمزَة على الْوَاو كَمَا قَالُوا فِي تَخْفيف ضوء ضو وَلَا تجب عِلّة الْوَاو لِأَن الْحَرَكَة عارضة وَقيل أَن أفعل من آل يؤول فأصله أأول ثمَّ قلب فَردَّتْ الْفَاء فِي مَوضِع الْعين فَصَارَ أَو أل وَزنه أعفل فَصنعَ بِهِ من التَّخْفِيف وَالْبدل والإدغام مَا صنع فِي القَوْل الأول فوزنه بعد الْقلب أفعل وَالْكَلَام على أولى كَالْكَلَامِ على أول فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إِذْ هِيَ مؤنث أول وانتصب أول على خبر كَانَ وَكَافِر نعت لمَحْذُوف تَقْدِيره أول فريق كَافِر وَلذَلِك أَتَى بِلَفْظ التَّوْحِيد وَالْخطاب لجَماعَة وَقيل تَقْدِيره أول من كفر بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 قَوْله {وتكتموا الْحق} تكتموا مَنْصُوب لِأَنَّهُ جَوَاب النَّهْي وَحذف لنون علم النصب والجزم فِيهِ وَفِيمَا كَانَ مثله وَيجوز أَن يكون مَجْزُومًا عطفا على تلبسوا قَوْله {وَأَنْتُم تعلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تكتموا وَلذَلِك وَأَنْتُم تتلون الْكتاب ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تنسون وأصل تنسون تنسيون فقلبت الْيَاء ألفا لنحركها وانفتاح مَا قبلهَا ثمَّ حذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا وَبقيت السِّين مَفْتُوحَة لتدل على الْألف المحذوفة وَكَذَلِكَ قِيَاس مَا كَانَ مثله مِمَّا يَأْتِي الْمُسْتَقْبل مِنْهُ على يفعل بِفَتْح الْعين ولامه يَاء أَو وَاو نَحْو يَخْشونَ ويرضون وَشبهه قَوْله {وَأقِيمُوا} وَزنه أفعلوا وَأَصله أقوموا ألقيت حَرَكَة الْوَاو على الْقَاف فَانْكَسَرت الْوَاو فَانْقَلَبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا والمصدر مِنْهُ أقامة وعلته كعلة استعانة قَوْله {وَاسْتَعِينُوا} قِيَاسه فِي علته مثل نستعين وَالْهَاء فِي قَوْله وَأَنَّهَا لكبيرة تعود على الْكَعْبَة وَقيل بل تعود على الِاسْتِعَانَة وَدلّ على الِاسْتِعَانَة قَوْله وَاسْتَعِينُوا وَيدل على الْكَعْبَة ذكره للصَّلَاة وَقيل بل تعود على الصَّلَاة وَهَذَا أبين الْأَقْوَال لقربها مِنْهَا وَالْهَاء فِي قَوْله إِلَيْهِ رَاجِعُون تعود على الله جلّ ذكره وَقيل بل تعود على اللِّقَاء لقَوْله ملاقوا رَبهم قَوْله {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي} يَوْمًا مفعول باتقوا وَلَا تجزي وَمَا بعده من الْجمل الَّتِي فِي أَولهَا لَا كلهَا صِفَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 ليَوْم وَمَعَ كل جملَة ضمير مَحْذُوف يعود على يَوْم وَلَوْلَا ذَلِك لم تجز الصّفة تَقْدِيره لَا تجزي نفس فِيهِ وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة فِيهِ وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عدل فِيهِ وَلَا هم ينْصرُونَ فِيهِ وَقيل التَّقْدِير لَا تجزيه نفس تجْعَل الظّرْف مَفْعُولا على السعَة ثمَّ تحذف الْهَاء من الصّفة وَحذف الْهَاء أحسن من حذف فِيهِ وَلَوْلَا تَقْدِير هَذِه الضمائر لأضفت يَوْمًا إِلَى لَا تجزي كَمَا قَالَ يَوْم لَا ينطقون وَيَوْم لَا تملك نفس وَهُوَ كثير فَإِذا أضفته فَلَا يكون مَا بعده صفة لَهُ وَلَا تحْتَاج إِلَى تَقْدِير ضَمِيره مَحْذُوف وَقد أجمع الْقُرَّاء على تنوينه وَقد ذكرنَا أصل اتَّقوا وعلته فِي لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون قَوْله {وَإِذ نجيناكم} {وَإِذ آتَيْنَا} {وَإِذ قَالَ مُوسَى} {وَإِذ فرقنا} إِذْ فِي مَوضِع نصب فِي ذَلِك كُله عطف على نعمتي أَي واذْكُرُوا إِذْ نجيناكم واذْكُرُوا إِذْ فرقنا يعدد سُبْحَانَهُ عَلَيْهِم نعمه الْمُتَقَدّمَة على آبَائِهِم قَوْله {آل فِرْعَوْن} معرفَة أعجمي فَلذَلِك لَا ينْصَرف وَآل أَصله أهل ثمَّ أبدل من الْهَاء همزَة فَصَارَت أأل ثمَّ أبدل من الْهمزَة ألف لانفتاح ماقبلها وسكونها فَإِذا صغرته رَددته إِلَى أَصله فَقلت أهيل وَحكى الْكسَائي أويل فَإِذا جمعته قلت آلون فَأَما الْآل الَّذِي هُوَ السراب فجمعة آوال على أَفعَال قَوْله {يسومونكم} فِي مَوضِع الْحَال من آل ويذبحون حَال من آل أَيْضا وَإِن شِئْت من الْمُضمر فِي يسومون وَكَذَلِكَ ويستحيون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 نساءكم قَوْله {وَإِذ واعدنا مُوسَى} مفعل من أوسيت وَقيل هُوَ فعلى من مَاس يميس وتفتح السِّين فِي الْجمع الْمُسلم فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْد الْبَصرِيين لتدل على الْألف المحذوفة وَقد قَالَ الْكُوفِيُّونَ إِن جعلته فعلى ضممت السِّين فِي الرّفْع فِي الْجمع وكسرتها فِي النصب والخفض كقاض قَوْله {أَرْبَعِينَ لَيْلَة} تَقْدِيره تَمام أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَهُوَ مفعول بِهِ ثَان قَوْله {ثمَّ اتخذتم الْعجل من بعده} الْمَفْعُول الثَّانِي لاتخذ مَحْذُوف وَكَذَلِكَ قَوْله باتخاذكم الْعجل تَقْدِيره ثمَّ اتخذتم الْعجل من بعده إِلَهًا قَوْله {وَأَنْتُم ظَالِمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اتخذتم وَكَذَا وَأَنْتُم تنْظرُون فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي أخذتكم قَوْله {إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم} القَوْل فِي أَنه هُوَ كالقول فِي إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم هُوَ كَأَنْت قَوْله {من بعده} الْهَاء تعود على مُوسَى وَقَالَ مقَاتل تعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 على انطلاق مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {جهرة} مصدر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي قُلْتُمْ قَوْله {رغدا} مثل الأول قَوْله {سجدا} حَال من الْمُضمر فِي ادخُلُوا قَوْله {حطة} خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره سؤالنا حطة أَو رغبتنا وَنَحْوه وَقيل هُوَ حِكَايَة أمروا بقولِهَا مَرْفُوعَة فحكوها وَلَو أعملت القَوْل لنصبت قَوْله {خطاياكم} جمع خَطِيئَة وَأَصله عِنْد الْخَلِيل خطائي الْهمزَة الأولى بدل من الْيَاء الزَّائِدَة فِي خَطِيئَة والهمزة الثَّانِيَة هِيَ لَام الْفِعْل ووزنه فعائل فاستثقل الْجمع بَين همزتين فِي كلمة وَاحِدَة والكلمة جمع وَهُوَ ثقيل فقلبت الْيَاء الزَّائِدَة بعد الْهمزَة الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل فَصَارَ خطائي بِهَمْزَة بعْدهَا يَاء ثمَّ أبدل من الْيَاء ألفا بَدَلا لَازِما مسموعا من الْعَرَب ب فِي هَذَا الْمِثَال من الْجمع فانفتحت الْهمزَة فَصَارَ خطاءا فَاجْتمع أَلفَانِ بَينهمَا همزَة فأبدل من الْهمزَة يَاء فَصَارَ خَطَايَا فوزنها فعالا محولة من فعالي مَقْلُوبَة من فعائل وسيبويه يرى أَنه لَا قلب فِيهِ وَلكنه أبدل من الْهمزَة الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ لَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الْفِعْل يَاء ثمَّ أبدل مِنْهَا ألفا فوزنه عِنْد سِيبَوَيْهٍ فعالى محولة من فعائل وَقَالَ الْفراء خَطَايَا جمع خطية بِغَيْر همزَة كهدية وهدايا قَوْله {يخرج لنا مِمَّا تنْبت الأَرْض} الْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره يخرج لنا مَأْكُولا وَقيل الْمَفْعُول هُوَ مَا وَمن زَائِدَة قَوْله {من بقلها} بدل من مَا بِإِعَادَة الْخَافِض فَمن الأولى للتَّبْعِيض وَالثَّانيَِة للتخصيص على قَول ابْن كيسَان قَوْله {الَّذِي هُوَ أدنى} قيل الْألف بدل من همزَة وَهُوَ من الدناءة فالألف على هَذَا فِي أدنى بدل من همزَة وَقيل هُوَ من الدون وَأَصله أدون ثمَّ قلبت وَقيل هُوَ من الدنو أَي أقرب فَيكون من دنا يدنو قَوْله {مصرا} إِنَّمَا صرفت لِأَنَّهَا نكرَة وَقيل لِأَنَّهَا اسْم للبلد فَهُوَ مُذَكّر وَقَالَ الْكسَائي صرفت لخفتها قَوْله {مَا سَأَلْتُم} مَا فِي مَوضِع نصب اسْم إِن قَوْله {من آمن} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي للشّرط فَلهم جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَالْجُمْلَة خبر إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وَيجوز أَن تجْعَل من بَدَلا من الَّذين فَيبْطل الشَّرْط لِأَن الشَّرْط لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله وتكو ن الْفَاء فِي فَلهم دخلت لجواب الْإِبْهَام كَمَا تدخل مَعَ الَّذِي تَقول أَن الَّذِي يَأْتِيك فَلهُ دِرْهَم وَقَالَ الله جلّ ذكره قل إِن الْمَوْت الَّذِي تفرون مِنْهُ فَإِنَّهُ ملاقيكم وَلَا بُد من مَحْذُوف يعود على الَّذين من خبرهم إِذا جعلت من مُبتَدأَة تَقْدِيره من آمن مِنْهُم قَوْله {مَا آتيناكم} الْعَائِد على مَا مَحْذُوف تَقْدِيره مَا آتيناكموه وَمَا مَنْصُوبَة بخذوا وَمَا بِمَعْنى الَّذِي قَوْله {فلولا فضل الله} فضل مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فلولا فضل الله عَلَيْكُم تدارككم وَلَا يجوز إِظْهَاره عِنْد سِيبَوَيْهٍ اسْتغنى عَن إِظْهَاره لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ ولكنتم جَوَاب لَوْلَا قَوْله {خَاسِئِينَ} خبر ثَان لَكَانَ وَإِن شِئْت جعلته نعتا لقردة وَإِن شِئْت حَالا من الْمُضمر فِي كونُوا وَالْهَاء فِي قَوْله فجعلناها تعود على القردة وَقيل بل تعود على المسخة الَّتِي دلّ عَلَيْهَا الْخطاب وَقيل بل تعود على الْعقُوبَة الَّتِي دلّ عَلَيْهَا الْكَلَام وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَاف فِي الْهَاء فِي يَديهَا وَمَا خلفهَا قَوْله {ادْع لنا رَبك} لُغَة بني عَامر ادْع لنا بِكَسْر الْعين لسكونها وَسُكُون الدَّال قبلهَا كَأَنَّهُمْ يقدرُونَ أَن الْعين لَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الْفِعْل فيجزمونها وَهُوَ فعل مجزوم عِنْد الْكُوفِيّين ومبني عِنْد الْبَصرِيين قَوْله {يبين لنا مَا لَوْنهَا} مَا اسْتِفْهَام مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ ولونها الْخَبَر وَلم يعْمل فِيهَا يبين إِذْ الاستفها م لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله وَلَو جعلت مَا زَائِدَة نصبت لَوْنهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى أَي مَا الْأَجَليْنِ قضيت فخفضت الْأَجَليْنِ بِإِضَافَة أَي إِلَيْهِمَا وَمَا زَائِدَة ونصبت أيا بقضيت قَوْله {لَا فارض} يجوز رفْعَة على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي لَا هِيَ فارض وَيجوز أَن يكون نعتا لبقرة وَمثله وَلَا بكر وَمثله لَا ذَلُول قَوْله {عوان} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هِيَ عوان وَيجوز أَن يكون نعتا لبقرة وعَلى إِضْمَار مُبْتَدأ أحسن لبعد المنعوت قَوْله {وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} أَن شَرط وجوابها إِن وَمَا عملت فِيهِ وَقَالَ الْمبرد الْجَواب مَحْذُوف قَوْله {تثير الأَرْض} تثير فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ذَلُول وَلَا تَسْقِي الْحَرْث فِي مَوضِع النَّعْت للبقرة وَإِن شِئْت جعلته خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي وَلَا هِيَ تَسْقِي الْحَرْث قَوْله {مسلمة} خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي هِيَ مسلمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَقَوله {لَا شية فِيهَا} خبر ثَان لهي المضمرة وَإِن شِئْت جعلت لاشية فِيهَا فِي مَوضِع النَّعْت للبقرة وَكَذَلِكَ مسلمة وأصل شية وشية ثمَّ حذفت الْوَاو كَمَا حذفت من يشي أَصله يوشي ونقلت كسرة الْوَاو إِلَى الشين فِي شية قَوْله {الْآن جِئْت بِالْحَقِّ} الْآن ظرف للزمان الَّذِي أَنْت فِيهِ وَهُوَ مَبْنِيّ لمُخَالفَته سَائِر مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إِذْ دخلتا فِيهِ لغير عهد وَلَا جنس وَقيل أصل آن أَوَان ثمَّ أبدلوا من الْوَاو ألفا وحذفت إحد ى الْأَلفَيْنِ لالتقاء الساكنين قَوْله {كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف قَوْله {لما يتفجر مِنْهُ} {لما يشقق} {لما يهْبط} مَا فِي ذَلِك كُله فِي مَوضِع نصب بِأَن واللامات لامات توكيد وَالْمَجْرُور خبر إِن قَوْله {أفتطمعون أَن يُؤمنُوا لكم} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره فِي أَن يُؤمنُوا فَلَمَّا حذف الْخَافِض تعدى الْفِعْل فنصب وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَن فِي مَوضِع خفض بإضمار الْخَافِض الْمُقدر فِيهِ وَكَذَلِكَ الاختلافات فِي أَن حَيْثُ وَقعت إِذا حذف مَعهَا حرف الْجَرّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 قَوْله {يسمعُونَ كَلَام الله} يسمعُونَ خبر كَانَ وَمِنْهُم نعت لفريق قَوْله {وهم يعلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي يحرفُونَ قَوْله {ليحاجوكم} اللَّام لَام كي ناصبة للْفِعْل بإضمار أَن وَهِي لَام الْجَرّ الَّتِي تدخل فِي الْأَسْمَاء وَأَن المضمرة وَالْفِعْل مصدر فَهِيَ دَاخِلَة فِي اللَّفْظ على الْفِعْل وَفِي الْمَعْنى على الِاسْم وَبَنُو العنبر يفتحون لَام كي وَبَعض النَّحْوِيين يَقُول أَصْلهَا الْفَتْح وَكَذَلِكَ تفتح مَعَ الْمُضمر فِي قَوْلك هَذَا لَك وَله وَلَهُم وَلكم وَأَكْثَرهم يَقُول أَصْلهَا الْكسر على مَا قدمْنَاهُ من الْعلَّة فِي الْبَاء فِي بِسم الله وَإِنَّمَا فتحت مَعَ الْمُضمر استثقالا للكسر بعده ضم بعده وَاو وَأَيْضًا فَإِن الْكَلَام لَيْسَ فِيهِ فعل ففتحت مَعَ الْمُضمر لذَلِك قَوْله {وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ} ابْتِدَاء وَخبر وَلَا يعلمُونَ نعت لاميين قَوْله {إِلَّا أماني} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله {وَإِن هم إِلَّا يظنون} إِن بِمَعْنى مَا وَمَا بعده ابْتِدَاء وَخبر إِلَّا تَحْقِيق النَّفْي وحيثما رَأَيْت أَن مَكْسُورَة مُخَفّفَة وَبعدهَا إِلَّا فَإِن بِمَعْنى مَا نَحْو أَن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور وَشبهه حَيْثُ وَقع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 قَوْله {فويل للَّذين} ابْتِدَاء وَخبر وَيجوز نصب ويل بِفعل مُضْمر على معنى ألزمهم الله ويلا وويل مصدر لم يسْتَعْمل مِنْهُ فعل لِأَن فاءه وعينه من حُرُوف الْعلَّة وَهُوَ مِمَّا يدل على أَن الْأَفْعَال مُشْتَقَّة من المصادر وَلَو كَانَ الْمصدر مشتقا من الْفِعْل مَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ لوجد لهَذَا الْمصدر فعل يشتق مِنْهُ وَمثله وَيْح وو يس قَوْله {بلَى من كسب} بلَى بِمَنْزِلَة نعم إِلَّا أَن بلَى لَا تكون إِلَّا جَوَابا لنفي تقدم وَنعم لَا تكون إِلَّا جَوَابا لَا يُجَاب تقدم وَالْهَاء فِي أحاطت بِهِ خطيئته تعود على من وَقيل تعود على الْكسْب وَمن رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي شَرط وَأُولَئِكَ ابْتِدَاء ثَان وَأَصْحَاب النَّار خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن من وهم فِيهَا خَالدُونَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من أَصْحَاب أَو من النَّار على اخْتِلَاف فِي ذَلِك قد تقدم شَرحه وَمثله فِي التَّفْسِير {وَالَّذين آمنُوا} إِلَى قَوْله {خَالدُونَ} قَوْله {لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله} تَقْدِيره عِنْد الْأَخْفَش أَن لَا تعبدوا فَلَمَّا حذفت أَن رتفع الْفِعْل وَقيل هُوَ قسم مَعْنَاهُ وَالله لَا تَعْبدُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 قَوْله {إحسانا} مصدر أَي أَحْسنُوا إحسانا وَقيل هُوَ مفعول بِمَعْنى اسْتَوْصُوا بالوالدين إحسانا وَقَوله {لَا تَعْبدُونَ} فِي مَوضِع الْحَال من بني إِسْرَائِيل أَي أَخذنَا ميثاقهم مُوَحِّدين وَمثله فِي جَمِيع وجوهه لَا تسفكون قَوْله {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} تَقْدِيره قولا ذَا حسن فَهُوَ مصدر وَمن فتح الْحَاء وَالسِّين جعله نعتا لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره قولا حسنا وَقيل إِن الْقِرَاءَتَيْن على لغتين لمصدر مَحْذُوف قَوْله {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ} أَنْتُم مُبْتَدأ وَخَبره تقتلون أَنفسكُم وَهَؤُلَاء فِي مَوضِع نصب بإضمار أَعنِي وَقيل هَؤُلَاءِ بِمَعْنى الَّذين فَيكون خَبرا لَأَنْتُم وَمَا بعده صلته وَقيل هَؤُلَاءِ منادى أَي يَا هَؤُلَاءِ وَلَا يُجِيزهُ سِيبَوَيْهٍ وَقيل هَؤُلَاءِ خبر أَنْتُم وتقتلون حَال من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 أولاء لَا يسْتَغْنى عَنْهَا كَمَا أَن نعت الْمُبْهم لَا يسْتَغْنى عَنهُ فَكَذَلِك حَاله وَقَالَ ابْن كيسَان أَنْتُم مُبْتَدأ وتقتلون الْخَبَر وَدخلت هَؤُلَاءِ ليخص بهَا المخاطبين إِذْ نبهوا على الْحَال الَّتِي هم عَلَيْهَا مقيمون قَوْله {تظاهرون} من خفف حذف إِحْدَى التائين والمحذوفة هِيَ الثَّانِيَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَهِي الأولى عِنْد الْكُوفِيّين وَأَجَازَ أَبُو إِسْحَاق أُسَارَى بِفَتْح الْهمزَة مثل سكارى وَمنعه أَبُو حَاتِم وَأَجَازَ الْمبرد أسراء كظرفاء وَهُوَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يأتوكم قَوْله {وَهُوَ محرم عَلَيْكُم إخراجهم} هُوَ كِنَايَة عَن الْخَبَر والْحَدِيث مُبْتَدأ والإخراج مُبْتَدأ ثَان ومحرم خَبره وَالْجُمْلَة خبر هُوَ وَفِي محرم ضمير الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله يعود على الْإِخْرَاج وَإِن شِئْت رفعت محرما بِالِابْتِدَاءِ وَلَا ضمير فِيهِ وإخراجهم مفعول لم يسم فَاعله يسد مسد خبر محرم وَالْجُمْلَة خبر هُوَ وَإِن شِئْت جعلت هُوَ يعود على الْإِخْرَاج لتقدم ذكر تخرجُونَ ومحرم خَبره وإخراجهم بدل من هُوَ وَلَا يجوز أَن يكون هُوَ فاصلة إِذْ لم يتَقَدَّم قبلهَا شَيْء وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى {قل هُوَ الله أحد} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 أَي الْأَمر الْحق الله أحد قَوْله {فَمَا جَزَاء} مَا اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ وَجَزَاء وَمَا بعده خَبره وَإِن شِئْت جعلت مَا نفيا قَوْله {وَيَوْم الْقِيَامَة} ظرف مَنْصُوب بير دون قَوْله {وَلما جَاءَهُم كتاب} جَوَاب لما مَحْذُوف تَقْدِيره نبذوه أَو كفرُوا بِهِ وَقيل كفرُوا بِهِ المتلو جَوَاب لما الأولى وَالثَّانيَِة قَوْله {بئْسَمَا اشْتَروا} مَا فِي مَوضِع رفع ببئس وَأَن يكفروا بدل من مَا فِي مَوضِع رفع وَقيل أَن بدل من الْهَاء فِي بِهِ وَهِي فِي مَوضِع خفض وَقيل هِيَ فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بئس وَمَا اسْم وَاحِد فِي مَوضِع رفع وَقَالَ الْأَخْفَش مَا نكرَة موضعهَا نصب على التَّفْسِير وَقيل مَا نكرَة واشتروا بِهِ أنفسهم نعت لما وَأَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ أَو على إِضْمَار مُبْتَدأ كَمَا تَقول بئس رجلا ظريفا زيد وَقَالَ الْكسَائي الْهَاء فِي بِهِ تعود على مَا المضمرة وَمَا الظَّاهِرَة موضعهَا نصب وَهِي نكرَة تَقْدِيره بئس شَيْئا مَا اشْتَروا بِهِ قَوْله {بغيا أَن ينزل} بغيا مفعول من أَجله وَهُوَ مصدر وَأَن فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ مِنْهُ تَقْدِيره لِأَن ينزل الله قَوْله {مُصدقا} حَال من الْحق مُؤَكدَة وَلَوْلَا أَنَّهَا مُؤَكدَة لما جَازَ الْكَلَام كَمَا لَا يجوز هُوَ زيد قَائِما لِأَن زيدا قد يَخْلُو من الْقيام وَهُوَ زيد بِحَالهِ وَالْحق لَا يَخْلُو أَن يكون مُصدقا لكتب الله قَوْله {خَالِصَة} خبر كَانَ وَإِن شِئْت نصبتها على الْحَال من الدَّار وَجعلت عِنْد الله خبر كَانَ قَوْله {إِن كُنْتُم صَادِقين} شَرط وَمَا قبله جَوَابه قَوْله {وَمَا هُوَ بمزحزحه من الْعَذَاب أَن يعمر} هُوَ كِنَايَة عَن أحدهم مُبْتَدأ وَأَن يعمر فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ فَاعل رفعته بمزحزح وَالْجُمْلَة خبر هُوَ وَيجوز أَن يكون هُوَ كِنَايَة عَن التَّعْمِير مُبْتَدأ وَأَن يعمر بَدَلا من هُوَ وبمزحزحه خبر الِابْتِدَاء وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَن يكون هُوَ مَجْهُولا مُبْتَدأ بِمَعْنى الحَدِيث وَالْأَمر وَمَا بعده ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر هُوَ وَدخُول الْبَاء فِي بمزحزحه تمنع من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن الْمَجْهُول لَا يُفَسر إِلَّا بالجمل السالمة من حُرُوف الْخَفْض قَوْله {أَو كلما} الْوَاو عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَاو عطف دخلت عَلَيْهَا ألف الِاسْتِفْهَام وَقَالَ الْأَخْفَش الْوَاو زَائِدَة وَقَالَ الْكسَائي هِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 أَو حركت الْوَاو مِنْهَا تسهيلا وَلَا قِيَاس لهَذَا القَوْل ونصبت كلما على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ فعل دلّ عَلَيْهِ نبذه قَوْله {كَأَنَّهُمْ} الْكَاف حرف تَشْبِيه لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَمَوْضِع الْجُمْلَة مَوضِع رفع نعت لفريق قَوْله {يعلمُونَ النَّاس} هُوَ فِي مَوضِع الْحَال من الشَّيَاطِين أَو من الْمُضمر فِي كفرُوا وَهُوَ أولى وَأحسن أَي كفرُوا فِي حَال تعليمهم السحر للنَّاس وَإِن شِئْت جعلته خَبرا ثَانِيًا للكن فِي قِرَاءَة من شدد النُّون وَإِن شِئْت جعلت يعلمُونَ بَدَلا من كفرُوا لِأَن تَعْلِيم السحر كفر فِي الْمَعْنى قَوْله {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} مَا فِي مَوضِع نصب عطف على السحر أَو على مَا فِي قَوْله وَاتبعُوا مَا وَقيل هِيَ حرف ناف أَي لم ينزل على الْملكَيْنِ بِبَابِل شَيْء قَوْله {فيتعلمون} مَعْطُوف على يعلمَانِ وَقيل تَقْدِيره فَيَأْتُونَ فيتعلمون وَلَا يجوز أَن يكون جَوَابا لقَوْله فَلَا تكفر وَقيل هُوَ مَعْطُوف على يعلمُونَ وَمنع هَذَا أَبُو إِسْحَاق وَهَذِه مَسْأَلَة فِيهَا نظر وَبحث عَن الْمعَانِي الَّتِي بهَا يتم الْإِعْرَاب وَأحسنه أَن يكون فيتعلمون مستأنفا قَوْله {لمن اشْتَرَاهُ} من فِي مَوضِع رفع بالإبتداء وَخَبره مَاله فِي الْآخِرَة من خلاق فَمن خلاق مُبْتَدأ وَمن زيدت لتأكيد النَّفْي وَله خبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الِابْتِدَاء وَالْجُمْلَة خبر من وَاللَّام لَام الِابْتِدَاء وَهِي لَام التوكيد تقطع مَا بعْدهَا مِمَّا قبلهَا وَلَا يعْمل مَا قبل اللَّام فِيمَا بعْدهَا كحرف الِاسْتِفْهَام وكالأسماء الَّتِي يجْزم بهَا فِي الشَّرْط وَإِنَّمَا يعْمل فِي ذَلِك مَا بعده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} فَأَي نصب بينقلبون لَا بسيعلم قَوْله {وَلَو أَنهم آمنُوا} أَن فِي مَوضِع رفع بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وَلَو وَقع أَيْمَانهم وَلَو حَقّهَا أَن يَليهَا الْفِعْل أما مضمرا أَو مظْهرا لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط وَالشّرط بِالْفِعْلِ أولى وَكَذَلِكَ قَوْله وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك اُحْدُ مَرْفُوع بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وان استجارك أحد من الْمُشْركين استجارك وَكَذَلِكَ عِنْد الْبَصرِيين إِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا السَّمَاء كورت وَإِذا السَّمَاء انفطرت وَشبه ذَلِك كُله مَرْفُوع بِفعل مُضْمر لِأَن إِذا فِيهَا معنى المجازاة فَهِيَ بِالْفِعْلِ أولى فالفعل مُضْمر بعْدهَا وَهُوَ الرافع للاسم وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن فاعرفه وَلَا بُد للو من جَوَاب مضهر أَو وَظهر وَإِنَّمَا لم تجزم لَو على مَا فِيهَا من معنى الشَّرْط لِأَنَّهَا خَالَفت حُرُوف الشَّرْط وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا ترد الْمَاضِي بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال كَمَا ترده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 حُرُوف الشَّرْط إِذْ الشَّرْط لَا يكون إِلَّا بمستقبل فامتنعت من الْعَمَل لذَلِك قَوْله لمثوبة مُبْتَدأ وَخير خَبره وَاللَّام جَوَاب لَو قَوْله {رَاعنا} فِي مَوضِع نصب بالْقَوْل وَمن نونه جعله مصدرا أَي لَا تَقولُوا رعونة قَوْله {من خير من ربكُم} خير فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله بينزل وَمن زَائِدَة لتأكيد النَّفْي وَمن ربكُم من لابتداء الْغَايَة مُتَعَلقَة بينزل قَوْله {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها} مَا شَرط فَهِيَ فِي مَوضِع نصب بننسخ وَمن زَائِدَة للتَّأْكِيد وَمَوْضِع آيَة نصب بننسخ أَو ننسها عطف على ننسخ نأت بِخَير مِنْهَا جَوَاب الْجَزَاء قَوْله {كَمَا سُئِلَ مُوسَى} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره سؤالا كَمَا قَوْله {كفَّارًا} مفعول ثَان بيردونكم وَإِن شِئْت جعلته حَالا من الْكَاف وَالْمِيم فِي يردونكم قَوْله {حسدا} مصدر قَوْله من عِنْد أنفسهم من مُتَعَلقَة بحسد فَيجوز الْوَقْف على كفَّارًا وَلَا يُوقف على حسدا وَقيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 هِيَ مُتَعَلقَة بود كثير فَلَا يُوقف على كفَّارًا وَلَا على حسدا قَوْله هودا جمع هائد وَهُوَ التائب وَقيل هود وَاحِد وحد على لفظ من وَقَالَ الْفراء هود أَصله يَهُودِيّ ثمَّ حذف وَلَا قِيَاس يعضد هَذَا القَوْل قَوْله {أَن يذكر فِيهَا اسْمه} أَن فِي مَوضِع نصب بدل من مَسَاجِد وَهُوَ بدل الاشتمال وَقيل هُوَ مفعول من أَجله قَوْله {إِلَّا خَائِفين} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يدخلوها قَوْله {كَذَلِك قَالَ الَّذين} فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي قولا مثل ذَلِك قَالَ الَّذين وَيجوز أَن يَكُونَا فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَمَا بعد ذَلِك الْخَبَر مثل قَوْلهم نصب بقال وَإِن شِئْت جعلته نعتا لمصدر مَحْذُوف قَوْله {كن} فَيكون من نَصبه جعله جَوَابا لَكِن وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى وَمن رَفعه قطعه على معنى فَهُوَ يكون وَقد شرحناه فِي سُورَة النَّحْل بأشبع من هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 قَوْله {بشيرا وَنَذِيرا} حالان من الْكَاف فِي أَرْسَلْنَاك قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته} الَّذين مُبْتَدأ وَخَبره أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ ويتلون حَال من الْكتاب أَو من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي آتَيْنَاهُم وَلَا يجوز أَن يكون الْخَبَر يتلونه لِأَنَّك توجب أَن يكون كل من أُوتى الْكتاب يتلوه حق تِلَاوَته وَلَيْسَ هم كَذَلِك إِلَّا أَن نجْعَل الَّذين أُوتُوا الْكتاب الْأَنْبِيَاء فَيجوز ذَلِك وَحقّ تِلَاوَته مصدر أَو نعت لمصدر مَحْذُوف وَهُوَ أحسن قَوْله {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي} مثل الأولى فِي حذف الضَّمِير من النَّعْت مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا وَقد تقدم أصل اتَّقوا قَوْله {وارزق أَهله من الثمرات من آمن مِنْهُم بِاللَّه} من بدل من أَهله بدل بعض من كل قَوْله {قَالَ وَمن كفر} من فِي مَوضِع نصب أَي وأرزق من كفر فأمتعه وَيجوز أَن تكون من للشّرط ونصبها بِفعل مُضْمر بعْدهَا أَي وَمن كفر أرزق فأمتعه جَوَاب الشَّرْط ارْتَفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 لدُخُول الْفَاء وَيجوز أَن تكون من رفع بِالِابْتِدَاءِ وفأمتعه خَبره وَالْكَلَام شَرط أَيْضا وَجَوَاب قَوْله {إِلَّا من سفه نَفسه} أَي فِي نَفسه فنصب لما حذف حرف الْجَرّ وَقيل معنى سفه جهل وضيع فتعدى فنصب نَفسه وَقَالَ الْفراء نصب نَفسه على التَّفْسِير قَوْله {وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين} فِي مُتَعَلقَة بمضمر تَقْدِيره وانه صَالح فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين وَلَا يحسن تعلق فِي بالصالحين لِأَن فِيهِ تَقْدِيم صلَة على مَوْصُول وَقيل قَوْله وَفِي الْآخِرَة بَيَان مُتَقَدم على ذَلِك وَقيل الْألف وَاللَّام فِي الصَّالِحين ليستا بِمَعْنى الَّذِي إِنَّمَا هما للتعريف فَحسن تقدم حرف الْجَرّ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَعَلق بِهِ وَإِن كَانَ مقدما عَلَيْهِ قَرَأَ مُجَاهِد وَيحيى بن يعمر وَعَاصِم الجحدري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وَغَيرهم وأله أَبِيك بِلَفْظ الْوَاحِد فَيحْتَمل أَن يكون وَاحِدًا وَإِبْرَاهِيم بدل مِنْهُ وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق عطف عَلَيْهِ وَيحْتَمل أَن يكون أَبِيك جمع مُسلم فيبدل مَا بعده من الْأَسْمَاء مِنْهُ أَو ينصب إِبْرَاهِيم على إِضْمَار أَعنِي ويعطف عَلَيْهِ مَا بعده وَهِي أَسمَاء لَا تَنْصَرِف للعجمة والتعريف وَجمع إِبْرَاهِيم براهيم وَإِسْمَاعِيل سماعيل وَقيل براهمة وسماعلة وَالْهَاء بدل من يَاء وَقَالَ الْمبرد جمعهَا أباره وأسامع وأباريه وأساميع فَأَما إِسْرَائِيل جمعه أساريل وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أسارله وأساريل قَوْله {إِلَهًا وَاحِدًا} بدل من الهك وَإِن شِئْت جعلته حَالا مِنْهُ قَوْله {تِلْكَ أمة قد خلت} ابْتِدَاء وَخبر وَقد خلت نعت لأمة وَكَذَلِكَ لَهَا مَا كسبت نعت لأمة أَيْضا وَيجوز أَن يكون مُنْقَطِعًا لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب قَوْله {بل مِلَّة إِبْرَاهِيم} انتصبت مِلَّة على إِضْمَار فعل تَقْدِيره بل نتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم وحنيفا حَال من إِبْرَاهِيم لِأَن معنى بل نتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم بل نتبع إِبْرَاهِيم وَقيل انتصب على إِضْمَار أَعنِي إِذْ لَا يَقع الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَوْله {صبغة الله} بدل من مِلَّة إِبْرَاهِيم وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الإغراء أَي اتبعُوا صبغة الله أَي دين الله وَقيل صبغة نصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 على التَّمْيِيز قَوْله {وَإِن كَانَت لكبيرة} كَبِيرَة خبر كَانَ وَاسم كَانَ مُضْمر فِيهَا أَي وَإِن كَانَت التَّوْلِيَة نَحْو الْمَسْجِد الْحَرَام لكبيرة وَإِن بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا قَوْله {الْحق من رَبك} أَي هُوَ الْحق أَو هَذَا الْحق فَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَإِن شِئْت رفعته بِالِابْتِدَاءِ وأضمرت الْخَبَر تَقْدِيره الْحق من رَبك يُتْلَى عَلَيْك أَو يُوحى إِلَيْك وَنَحْوه وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ الْحق بِالنّصب نَصبه بيعلمون قَوْله {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} وجهة مُبْتَدأ وَلكُل الْخَبَر أَي وَلكُل أمة قبْلَة هُوَ موليها ابْتِدَاء وَخبر أَي الله موليها إيَّاهُم فالمفعول الثَّانِي لمولي مَحْذُوف وَقَوله {هُوَ} ضمير اسْم الله جلّ ذكره وَقيل هُوَ ضمير كل أَي هُوَ موليها نَفسه فَأَما قِرَاءَة ابْن عَامر هُوَ مَوْلَاهَا فَلَا يقدر فِي الْكَلَام حذف لآن الْفِعْل قد تعدى إِلَى مفعولين فِي اللَّفْظ أَحدهمَا مُضْمر قَامَ مقَام الْفَاعِل مفعول لم يسم فَاعله وَالثَّانِي هُوَ الْهَاء وَالْألف وهما يرجعان على الوجهة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وَقيل الْهَاء للمصدر أَي مولى التَّوْلِيَة وَاللَّام فِي لكل تتَعَلَّق بمولى وَهِي زَائِدَة كزيادتها فِي ردف لكم أَي ردفكم وَهُوَ ضمير فريق أَو قبيل وَنَحْوه كَأَنَّهُ قَالَ الْفَرِيق مولى لكل وجهة أَي مولى كل وجهة هَذَا التَّقْدِير على قَول من جعل الْهَاء للمصدر قَوْله {كَمَا أرسلنَا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره اهتداء مثل مَا أرسلنَا أَو اتماما مثل مَا أرسلنَا لِأَن قبلهَا تهتدون وَقبلهَا ولأتم فتحملها على مصدر أَيهمَا شِئْت وَإِن شِئْت جهلتها نعتا لمصدر اذكروني وَفِيه بعد لتقدمه وَأَن شِئْت جعلت الْكَاف فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَلَيْكُم قَوْله {أموات بل أَحيَاء} ارتفعا على إِضْمَار مُبْتَدأ لكل وَاحِد أَي هم أموات بل هم أَحيَاء قَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يُطَاف بهما وَأَصله يتطوف على وزن يتفعل ثمَّ أبدل من تَاء الافتعال طاء وأدغم الطَّاء فِيهَا وقلب الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا قَوْله {فَمن تطوع} يحْتَمل أَن تكون للشّرط فموضع تطوع جزم وَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَال وَجَوَاب الشَّرْط فَهُوَ خير لَهُ وَيحْتَمل أَن تكون من بِمَعْنى الَّذِي فَيكون تطوع فعلا مَاضِيا على بَابه وَدخلت الْفَاء فِي فَهُوَ لما فِي الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 من معنى الْإِبْهَام هَذَا على قِرَاءَة من خفف الطَّاء فَأَما من شددها وَقَرَأَ بِالْيَاءِ فَمن للشّرط لَا غير وَالْفِعْل مجزوم بِهِ قَوْله {أُولَئِكَ عَلَيْهِم لعنة الله} لعنة مُبْتَدأ وَعَلَيْهِم خبر وَالْجُمْلَة خبر أُولَئِكَ وَقَرَأَ الْحسن عَلَيْهِم لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعُونَ عطف الْمَلَائِكَة وَالنَّاس على مَوضِع أسم الله لِأَنَّهُ فِي مَوضِع رفع تَقْدِيره أُولَئِكَ يلعنهم الله كَمَا تَقول كرهت قيام زيد وَعَمْرو وخَالِد فَترفع عمرا وخالدا لِأَن زيدا فِي مَوضِع رفع بِمَعْنى كرهت أَن يقوم زيد وَعَمْرو وخَالِد قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْمُضمر فِي عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ لَا يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب هُوَ حَال من الْمُضمر فِي خَالِدين وَكَذَلِكَ وَلَا هم ينظرُونَ هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي خَالِدين أَو من الْمُضمر فِي عَنْهُم وَإِن شِئْت جعلت لَا يُخَفف وَمَا بعده مُنْقَطِعًا من الأول لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب قَوْله {وإلهكم إِلَه وَاحِد} ابْتِدَاء وَخبر وإله بدل من إِلَهكُم أَي معبودكم معبود وَاحِد كَمَا تَقول عَمْرو شخص وَاحِد قَوْله {يحبونهم} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي يتَّخذ والمضمر عَائِد على من فَوحد على لفظ من وَجمع من فِي يحبونَ رده على معنى من وَإِن شِئْت جعلته نعتا لأنداد وَإِن شِئْت جعلته فِي مَوضِع رفع نعتا لمن على أَن تجْعَل من نكرَة وَإِنَّمَا حسن هَذَا كُله لأجل أَن فِيهِ ضميرين أَحدهمَا يعود على الأنداد وَالْآخر على من وَمن هُوَ الضَّمِير فِي يتَّخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 قَوْله {كحب الله} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي حبا مثل حبكم لله قَوْله {أَن الْقُوَّة لله} أَن فِي مَوضِع نصب بيرى على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَيرى بِمَعْنى يعلم وسدت أَن مسد المفعولين وَإِن شِئْت جعلت يرى من رُؤْيَة الْعين فَتكون أَن مفعولها وَجَوَاب لَو مَحْذُوف تَقْدِيره لندموا أَو لخسروا فاما من قَرَأَ ترى بِالتَّاءِ فَهُوَ من رُؤْيَة الْعين وَلَا يجوز أَن يكون بِمَعْنى علمت لِأَنَّهُ يجب أَن يكون مَفْعُولا ثَانِيًا وَالثَّانِي فِي هَذَا الْبَاب هُوَ الأول وَلَيْسَ الْأَمر على ذَلِك وَالْخطاب للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذين ظلمُوا مفعول ترى وَأَن مفعول من أَجله وَقيل أَن فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار فعل دلّت عَلَيْهِ لَو لِأَنَّهَا تطلب الْجَواب فجوابها هُوَ الناصب لِأَن تَقْدِيره وَلَو ترى يَا مُحَمَّد الَّذين ظلمُوا حِين يرَوْنَ الْعَذَاب لعَلِمت أَن الْقُوَّة لله جَمِيعًا أَو لِتَعْلَمُوا أَن الْقُوَّة لله وَالْعَامِل فِي إِذْ ترى إِنَّمَا جَاءَت إِذْ هُنَا وَهِي لما مضى وَمعنى الْكَلَام لما يسْتَقْبل لِأَن أَخْبَار الْآخِرَة من الله عز وَجل كالكائنة الْمَاضِيَة لصِحَّة وُقُوعهَا وثبات كَونهَا على مَا خبر بِهِ الصَّادِق لَا اله إِلَّا هُوَ فَجَاز الْأَخْبَار عَنْهَا بالمضي إِذْ هِيَ فِي صِحَة كَونهَا كالشيء الَّذِي قد كَانَ وَمضى وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن وَالْعَامِل فِي إِذْ الثَّانِيَة شَدِيد الْعَذَاب أَي الله شَدِيد الْعَذَاب حِين تَبرأ وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فعلا مضمرا أَي أذكر يَا مُحَمَّد إِذْ تَبرأ وَهُوَ مثل الأول فِي وُقُوع إِذْ لما يسْتَقْبل وَمَعْنَاهَا الَّذِي وضعت لَهُ الْمَاضِي قَوْله {كَمَا تبرؤوا منا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره تَبرأ مثل مَا تبرءوا منا وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من المضمرين فِي تَبرأ تَقْدِيره فنتبرأ مِنْهُم مشبهين تبرأهم منا قَوْله {كَذَلِك يُرِيهم الله} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 تَقْدِيره الْأَمر كَذَلِك فَيحسن الْوَقْف عَلَيْهَا والابتداء بهَا على هَذَا وَقيل الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره رُؤْيَة مثل ذَلِك يُرِيهم الله فَلَا يقف عَلَيْهَا وَلَا يبتدىء بهَا وحسرات نصب على الْحَال لِأَن يُرِيهم من رُؤْيَة الْبَصَر وَهُوَ حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي يُرِيهم وَلَو كَانَ من الْعلم لَكَانَ حسرات مَفْعُولا ثَالِثا قَوْله {حَلَالا طيبا} هُوَ نعت لمفعول مَحْذُوف أَي كلوا شَيْئا حَلَالا طيبا من الْمَأْكُول الَّذِي فِي الأَرْض وَقيل تَقْدِيره كلوا مِمَّا فِي الأَرْض أكلا حَلَالا طيبا قَوْله {أَو لَو كَانَ آباؤهم} الْوَاو وَاو عطف وَالْألف للتوبيخ ولفظها لفظ الِاسْتِفْهَام وَجَوَاب لَو مَحْذُوف تَقْدِيره أَو لَو كَانَ آباؤهم لَا يعْقلُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ يتبعونهم على خطاياهم وضلالهم قَوْله {إِلَّا دُعَاء ونداء} نصب بيسمع {صم} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم صم قَوْله {إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم الْميتَة} مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل وَنصب الْميتَة وَمَا بعْدهَا بحرم وَلَو جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي لأضمرت هَاء مَعَ حرم ولرفعت الْميتَة وَمَا بعْدهَا على خبر إِن قَوْله {غير بَاغ} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي اضْطر وباغ وَعَاد بِمَنْزِلَة قَاض قَوْله {فَمَا أصبرهم على النَّار} مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَيحْتَمل أَن تكون استفهاما وَأَن تكون تَعَجبا يعجب الله الْمُؤمنِينَ من الْكفَّار على عمل يقربهُمْ إِلَى النَّار وَكَذَلِكَ معنى الِاسْتِفْهَام قَوْله {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا} الْبر اسْم لَيْسَ وَأَن توَلّوا الْخَبَر وَمن نصب الْبر جعل أَن توَلّوا اسْم لَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 قَوْله {وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه} الْبر بِمَعْنى الْبَار أَو بِمَعْنى الْبر فَهُوَ من فِي الْمَعْنى وَقيل التَّقْدِير وَلَكِن البربر من آمن بِاللَّه ثمَّ حذف الْمُضَاف وَالْبر الأول هُوَ الثَّانِي وَقيل التَّقْدِير وَلَكِن ذَا الْبر من آمن ثمَّ حذف الْمُضَاف إيضا وَمن شدد النُّون من لَكِن نصب الْبر والتقديرات على حَالهَا وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذِه التقديرات ليَصِح أَن يكون الِابْتِدَاء هُوَ الْخَبَر إِذْ الجثث لَا تكون خَبرا عَن المصادر وَلَا المصادر خَبرا عَنْهَا قَوْله {والموفون} عطف على الْمُضمر فِي آمن أَو على من فِي قَوْله من آمن وَقيل ارتفعوا على إِضْمَار وهم على الْمَدْح للمضمرين والمدح دَاخل فِي الصِّلَة قَوْله {وَالصَّابِرِينَ} نصب على إِضْمَار أَعنِي أَو على الْعَطف على ذَوي الْقُرْبَى فَإِذا عطفهتم على ذَوي الْقُرْبَى لم يجز أَن ترفع والموفون إِلَّا على الْعَطف على الْمُضمر فِي آمن ليَكُون دَاخِلا فِي صلَة من لَا ترفع على الْعَطف على من وَلَا على وهم لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول فتعطف والموفون على الْمُضمر فِي آمن فَيجوز أَن تعطف وَالصَّابِرِينَ على ذَوي فَإِن نصبت الصابرين على أَعنِي جَازَ عطف الموفون على من وعَلى الضَّمِير فِي آمن وَأَن ترفع على وهم قَوْله على حبه الْهَاء تعود على الْمُؤمن الْمُعْطِي لِلْمَالِ وَالْمَفْعُول مَحْذُوف أَي على حبه لِلْمَالِ وَقيل الْهَاء تعود على المَال أَي وَآتى المَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 عل حب المَال الرجل فأضيف الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول كَمَا تَقول عجبت من أكل الْخَبَر زيد وَقيل الْهَاء ترجع على الايتاء فَإِذا كَانَت الْهَاء لِلْمُؤمنِ جَازَ أَن تنصب ذَوي الْقُرْبَى بالحب أَي على حب الْمُؤمن ذَوي الْقُرْبَى وَفِي الْوَجْه الآخر تنصب ذَوي الْقُرْبَى بآتى وَقيل الْهَاء تعود على الله جلّ ذكره أَي وَآتى المَال على حب الله وَعَاد الضَّمِير على الله لتقدم ذكره فِي قَوْله من آمن بِاللَّه قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء} الْهَاء فِي لَهُ تعود على من وَمن اسْم الْقَاتِل وَكَذَلِكَ الْهَاء فِي أَخِيه وَالْأَخ ولي الْمَقْتُول وشىء يُرَاد بِهِ الدَّم وَقيل من اسْم للْوَلِيّ وَالْأَخ هُوَ الْقَاتِل وَشَيْء يُرَاد بِهِ الدِّيَة وَترك الْقصاص ونكر شَيْء لِأَنَّهُ فِي مَوضِع عَفْو وعفو نكرَة قَوْله {الْوَصِيَّة للْوَالِدين} الْوَصِيَّة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي فَعَلَيْكُم الْوَصِيَّة وَيبعد رَفعهَا بكتب لِأَنَّهَا تصير عاملة فِي إِذا فَإِذا كَانَت إِذا فِي صلَة الْوَصِيَّة فقد قدمت الصِّلَة على الْمَوْصُول وَالْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله لكتب مُضْمر دلّت عَلَيْهِ الْوَصِيَّة تَقْدِيره كتب عَلَيْكُم الايصاء إِذا حضر فالايصاء عَامل فِي إِذا وَمَا قبل إِذا جَوَاب لَهَا وَإِذا وجوابها وَجَوَاب الشَّرْط فِي قَوْله إِن ترك خيرا وَقد قَالَ الْأَخْفَش إِن الْفَاء مضمرة مَعَ الْوَصِيَّة وَهِي جَوَاب الشَّرْط كَأَنَّهُ قَالَ فَالْوَصِيَّة للْوَالِدين فَإِن جعلت الْوَصِيَّة اسْما غير مصدر جَازَ رَفعهَا بكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وَلَا يجوز أَن يكون كتب عَاملا فِي إِذا لِأَن الْكتاب لم يكْتب على العَبْد وَقت مَوته بل هُوَ شَيْء تقدم فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فالايصاء هُوَ الَّذِي يكون عِنْد حُضُور الْمَوْت فَهُوَ الْعَامِل فِي إِذا وَأَجَازَ النّحاس رفع الْوَصِيَّة بكتب على أَن تقدرها بعد لفظ الْمَوْت وتجعلها وَمَا بعْدهَا جَوَابا للشّرط فينوى لَهَا التَّقَدُّم وَهَذَا بعيد لَا يجوز أَن يكون الشَّيْء فِي مَوْضِعه ورتبته فينوى بِهِ غير مَوْضِعه وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام مَا يعْمل فِي إِذا إِذا رفعت الْوَصِيَّة بكتب وَفِيه نظر قَوْله {حَقًا} مصدر وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى هُوَ حق قَوْله {كَمَا كتب على الَّذين} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره كتبا كَمَا كتب أَو صوما كَمَا كتب وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الصّيام تَقْدِيره كتب عَلَيْكُم الصّيام مشبها لما كتب على الَّذين من قبلكُمْ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع نعت لصيام إِذْ هُوَ عَام اللَّفْظ لم يَأْتِ بَيَانه إِلَّا فِيمَا بعده فَإِذا جعلت الْكَاف نعتا لصوم نصبت أَيَّامًا معدودات بالصيام لِأَنَّهُ كُله دَاخل فِي صلته وَلَا يجوز نصب أَيَّامًا معدودات بالصيام على الْأَوْجه الْأُخْرَى الَّتِي فِي الْكَاف لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول إِذْ الْكَاف وَمَا بعْدهَا لَا تكون دَاخِلَة فِي صلَة الصّيام وأياما إِذا نصبتها بالصيام وَهِي دَاخِلَة فِي صلَة الصّيام فقد فرقت بَين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الصِّلَة والموصول ولكي تنصب أَيَّامًا بكتب تجعلها مَفْعُولا على السعَة وَأَن جعلت نصب الْأَيَّام على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهَا الصّيام جَازَ جَمِيع مَا امْتنع إِذا جعلت الْأَيَّام مَفْعُولا بهَا لِأَن الظروف يَتَّسِع فِيهَا وتعمل فِيهَا الْمعَانِي وَلَيْسَ كَذَلِك المفعولات وَفِي جَوَاز ذَلِك فِي الظروف اخْتِلَاف وَالْهَاء فِي قَوْله {فَمن بدله} وَمَا بعْدهَا من الهاءات الثَّلَاث تعود على الايصاء إِذْ الْوَصِيَّة تدل على الايصاء وَقيل بل تعود على الْكتب لِأَن كتب تدل على الْكتب قَوْله {فَعدَّة} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيهِ عدَّة وَلَو نصب فِي الْكَلَام جَازَ على تَقْدِير فليصم عدَّة قَوْله {فديَة} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيهِ فديَة وَمن نون جعل طَعَاما بَدَلا من فديَة وَمن لم ينون أضَاف الْفِدْيَة إِلَى طَعَام قَوْله {شهر رَمَضَان} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن خَبره وَمن نَصبه فعلى الإغراء أَي صُومُوا شهر رَمَضَان وَيكون الَّذِي نَعته وَلَا يجوز نَصبه بتصوموا لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر أَن وَهُوَ خير لكم وَالْهَاء فِي قَوْله أنزل فِيهِ الْقُرْآن تعود إِلَى شهر رَمَضَان على مَعْنيين أَحدهمَا أَن يكون الْمَعْنى الَّذِي أنزل الْقُرْآن إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا جملَة فِيهِ فَيكون فِيهِ ظرفا لنزول الْقُرْآن وَالثَّانِي أَن يكون الْمَعْنى الَّذِي أنزل الْقُرْآن بفرضه كَمَا تَقول قد أنزل الله قُرْآنًا فِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَلَا يكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 فِيهِ ظرفا لنزول الْقُرْآن إِنَّمَا يكون يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل بِحرف كَقَوْلِه وأهجروهن فِي الْمضَاجِع أَي من أجل تخلفهن عَن الْمضَاجِع فَلَيْسَ فِي الْمضَاجِع ظرفا للهجر إِنَّمَا هُوَ سَبَب للهجر فتعدى إِلَيْهِ الهجر وَقَوله {هدى للنَّاس وبينات} حالان من الْقُرْآن قَوْله {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر} الشَّهْر نصب على الظّرْف وَلَا يكون مَفْعُولا بِهِ لِأَن الشَّهَادَة بِمَعْنى الْحُضُور فِي الْمصر وَالتَّقْدِير فَمن حضر مِنْكُم الْمصر فِي الشَّهْر قَوْله {ولتكملوا الْعدة} أَي يُرِيد الله لتكملوا الْعدة وَقيل الْمَعْنى ولتكملوا الْعدة فعلى ذَلِك فَاللَّام مُتَعَلقَة بِفعل مُضْمر فِي أول الْكَلَام أَو فِي آخِره قَوْله {أُجِيب دَعْوَة} خبر ثَان لآن وَقَرِيب خبر أول قَوْله {لَيْلَة الصّيام الرَّفَث} لَيْلَة ظرف للرفث وَهُوَ الْجِمَاع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وَالْعَامِل فِيهِ أحل والرفث مفعول لم يسم فَاعله قَوْله {وتدلوا} بهَا جزم على الْعَطف على تَأْكُلُوا وَيجوز أَن يكون تدلوا مَنْصُوبًا تَجْعَلهُ جَوَابا للنَّهْي بِالْوَاو قَوْله {وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي تباشروهن قَوْله {وَأَنْتُم تعلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي لتأكلوا {وَلَكِن الْبر من اتَّقى} مثل الأول فِي جَمِيع وجوهه وَأما قَوْله وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا فَلَا يجوز فِي الْبر إِلَّا الرّفْع لدُخُول الْبَاء فِي الْخَبَر قَوْله {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ أَي فَعَلَيهِ مَا اسْتَيْسَرَ وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب على تَقْدِيره فليهد مَا اسْتَيْسَرَ قَوْله {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} ابْتِدَاء وَخبر فِي الْكَلَام حدف مُضَاف ليَكُون الِابْتِدَاء هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى تَقْدِيره أشهر الْحَج أشهر مَعْلُومَات وَلَوْلَا هَذَا الاضمار لَكَانَ الْقيَاس نصب أشهر على الظّرْف كَمَا تَقول الْقِتَال الْيَوْم وَالْخُرُوج السَّاعَة قَوْله {فَلَا رفث وَلَا فسوق} من نصب فعلى التبرئة مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 لَا ريب فِيهِ وَمن رفع جعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَخبر لَيْسَ مَحْذُوف أَي لَيْسَ رفث فِيهِ قَوْله {عَرَفَات} أجمع الْقُرَّاء على تنوينه لِأَنَّهُ أسم لبقعة وَقِيَاس النَّحْو أَنَّك لَو سميت امْرَأَة بمسلمات لتركت التَّنْوِين على حَاله وَلم تحذفه لِأَنَّهُ لم يدْخل فِي هَذَا الِاسْم فرقا بَين مَا ينْصَرف ومالا ينْصَرف وَلَا يجب حذفه اذا كَانَ اسْما لما لَا ينْصَرف إِنَّمَا هُوَ كحرف من الأَصْل وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن بعض الْعَرَب يحذف التَّنْوِين من عَرَفَات لما جعلهَا اسْما معرفَة حذف التَّنْوِين وَترك التَّاء مَكْسُورَة فِي النصب والخفض وَحكى الْأَخْفَش والكوفيون فتح التَّاء من غير تَنْوِين فِي النصب والخفض أجروها مجْرى هَاء التَّأْنِيث فِي فَاطِمَة وَعَائِشَة قَوْله {كَمَا هدَاكُمْ} وكذكركم آبَاءَكُم الْكَاف فيهمَا فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ذكرا كَمَا وذكرا كذكركم وَيجوز أَن تكون الْكَاف فِي كذكركم فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي فاذكروا أَي فاذكروه مشبهين ذكركُمْ آبَاءَكُم قَوْله {أَو أَشد ذكرا} أَشد فِي مَوضِع خفض عطف على كذكركم وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا على إِضْمَار فعل تَقْدِيره واذْكُرُوا ذكرا أَشد ذكرا من ذكركُمْ لآبائكم فَيكون نعتا لمصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي اُذْكُرُوهُ مبالغين فِي الذّكر لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 قَوْله لمن اتَّقى اللَّام مُتَعَلقَة بالمغفرة أَي الْمَغْفِرَة لمن اتَّقى الصَّيْد وَقيل تَقْدِيره الاباحة فِيهِ فِي التَّأْخِير والتعجيل لمن اتَّقى وَقيل السَّلامَة لمن اتَّقى وَقيل الذّكر لمن اتَّقى قَوْله {أَلد الْخِصَام} هُوَ جمع خصم وَقيل هُوَ مصدر خَاصم قَوْله {كَافَّة} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي ادخُلُوا وَمَعْنَاهُ لَا يمْتَنع أحد مِنْكُم من الدُّخُول أَي يكف بَعْضكُم بَعْضًا عَن الِامْتِنَاع قَوْله {كم آتَيْنَاهُم} كم فِي مَوضِع نصب بإضمار فعل بعْدهَا تَقْدِيره كم آتَيْنَا آتَيْنَاهُم قَوْله من آيَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لآتيناهم وَيجوز أَن تجْعَل كم مَفْعُولا ثَانِيًا لآتيناهم وَأَن شِئْت جَعلتهَا فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار عَائِد تَقْدِيره كم أتيناهموه وَفِيه ضعف لحذف الْهَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك أَيهَا أعطيتكه فَترفع وَالِاخْتِيَار النصب بإضمار فعل بعد أَي تَقْدِيره أَيهَا اعطيتك أعطيتكه ويقبح الرّفْع مَعَ حذف الْهَاء وَلم يجزه سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي الشّعْر وَلَا يجوز أَن يعْمل سل فِي كم لِأَن الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله فالرفع فِي كم بعيد لحذف الْهَاء وَلَا يعْمل فِي كم مَا قبلهَا وَهُوَ سل لِأَن لَهَا صدر الْكَلَام إِذْ هِيَ اسْتِفْهَام وَلَا يعْمل مَا قبل الِاسْتِفْهَام فِيهِ وَإِنَّمَا دخلت من مَعَ كم وَهِي اسْتِفْهَام للتفرقة بَينهَا وَبَين الْمَنْصُوب وَكم اسْم غير مُعرب لمشابهته الْحُرُوف لِأَنَّهُ يستفهم بِهِ كَمَا يستفهم بِالْألف وَلَو حذفت من لنصبت آيَة على التَّفْسِير إِذا جعلت كم مَفْعُولا ثَانِيًا لآتيناهم قَوْله {مبشرين} ومنذرين حالان من النَّبِيين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 قَوْله {بغيا بَينهم} مفعول من أَجله قَوْله {أَن تدْخلُوا الْجنَّة} أَن فِي مَوضِع المفعولين لحسب قَوْله {حَتَّى} كتبت بِالْيَاءِ لِأَنَّهَا أشبهت سكرى وَقد أمالها نصير عَن الْكسَائي وَلَا تكْتب إِلَّا بِالْيَاءِ لِأَنَّهَا تشبه إِلَى وَلَا تكْتب إِمَّا بِالْيَاءِ قِيَاسا على حَتَّى لِأَنَّهَا أَن ضمت إِلَيْهَا مَا قَوْله {حَتَّى يَقُول الرَّسُول} من رفع يَقُول فَلِأَنَّهُ فعل قد ذهب وانقضى وَإِنَّمَا الْخَبَر عَن الْحَال الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الرَّسُول فِيمَا مضى فالفعل دَال على الْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِيمَا مضى فحتى دَاخِلَة على جملَة فِي الْمَعْنى وَهِي لَا تعْمل فِي الْجمل وَيجوز فِي الْكَلَام أَن يرفع ويخبر عَن الْحَال الَّتِي هُوَ الْآن وَهُوَ مثل قَوْلك مرض حَتَّى لَا يرجونه أَي مرض فِيمَا مضى حَتَّى هُوَ الْآن لَا يُرْجَى فتحكي الْحَال الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فَلَا سَبِيل للنصب فِي هَذَا الْمَعْنى وَلَو نصبت لانقلب الْمَعْنى وصرت تخبر عَن فعلين قد مضيا وذهبا وَلست تحكي حَالا كَانَ عَلَيْهَا وَتَقْدِيره أَن تحكي حَالا كَانَ عَلَيْهَا النَّبِي فتقديره وزلزلوا حَتَّى قَالَ الرَّسُول كَمَا تَقول سرت حَتَّى أدخلها أَي قد كنت سرت فَدخلت فَصَارَت حَتَّى دَاخِلَة على جملَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وَهِي لَا تعْمل فِي الْجمل فارتفع الْفِعْل بعْدهَا وَلم تعْمل فِيهِ فَأَما وَجه من نصب فانه جعل حَتَّى غَايَة بِمَعْنى إِلَى أَن فنصب بإضمار أَن وَجعل قَول الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام غَايَة لخوف أَصْحَابه لَان زلزلوا مَعْنَاهُ خوفوا فَمَعْنَاه وزلزلوا إِلَى أَن قَالَ الرَّسُول فالفعلان قد مضيا قَوْله {أَلا إِن نصر الله قريب} قريب خبر أَن وَيجوز قَرِيبا نجعله نعتا لظرف مَحْذُوف أَي مَكَانا قَرِيبا وَلَا يثنى وَلَا يجمع فِي هَذَا الْمَعْنى وَلَا يؤنث فان قلت هُوَ قريب مني تُرِيدُ الْمَكَان لم يثن وَلم يجمع وَلم يؤنث فان أردْت النّسَب ثنيت وجمعت وأنثت قَوْله {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} مَا اسْتِفْهَام وَلذَلِك لم تعْمل فِيهَا يَسْأَلُونَك فَهِيَ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَذَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ الْخَبَر وَالْهَاء محذوفة من يُنْفقُونَ لطول الِاسْم لِأَنَّهُ صلَة الَّذِي تَقْدِيره يَسْأَلُونَك أَي شَيْء الَّذِي ينفقونه وَأَن شِئْت جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فَتكون مَا فِي مَوضِع نصب بينفقون وَلَا تقدر هَاء محذوفة كَأَنَّك قلت يَسْأَلُونَك أَي شَيْء يُنْفقُونَ قَوْله {قل مَا أنفقتم} مَا شَرط فِي مَوضِع نصب بأنفقتم وَكَذَلِكَ وَمَا تنفقوا وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط فيهمَا قَوْله {قتال فِيهِ} قتال بدل من الشَّهْر وَهُوَ بدل الاشتمال وَقَالَ الْكسَائي هُوَ مخفوض على التكرير تَقْدِيره عِنْده عَن الشَّهْر عَن قتال وَكَذَا قَالَ الْفراء هُوَ مخفوض بإضمار عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ مخفوض على الْجوَار قَوْله {وَصد عَن سَبِيل الله} ابْتِدَاء وَكفر وَإِخْرَاج عطف على صد وأكبر عِنْد الله خَبره وَقَالَ الْفراء وَصد وَكفر عطف على كَبِير فَيُوجب ذَلِك أَن يكون الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام كفر وَأَيْضًا فان بعده وَإِخْرَاج أَهله مِنْهُ أكبر عِنْد الله ومحال أَن يكون إِخْرَاج أهل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْهُ عِنْد الله أكبر من الْكفْر بِاللَّه وَقيل أَن الصد مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَكفر عطف عَلَيْهِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره كَبِير أَن عِنْد الله لدلَالَة الْخَبَر الأول عَلَيْهِ وَيجب على هَذَا القَوْل أَن يكون إِخْرَاج أهل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْهُ عِنْد الله أكبر من الْكفْر وإخراجهم مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ بعض خلال الْكفْر قَوْله {وَالْمَسْجِد الْحَرَام} عطف على سَبِيل الله أَي قتال فِي الشَّهْر الْحَرَام كَبِير وَهُوَ صد عَن سَبِيل الله وَعَن الْمَسْجِد وَقَالَ الْفراء وَالْمَسْجِد مَعْطُوف على الشَّهْر الْحَرَام وَفِيه بعد لِأَن سُؤَالهمْ لم يكن عَن الْمَسْجِد الْحَرَام إِنَّمَا سَأَلُوا عَن الشَّهْر الْحَرَام هَل يجوز فِيهِ الْقِتَال فَقيل لَهُم الْقِتَال فِيهِ كَبِير الْإِثْم وَلَكِن الصد عَن سَبِيل الله وَعَن الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْكفْر بِاللَّه وَإِخْرَاج أهل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْهُ أكبر عِنْد الله إِثْمًا من الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام ثمَّ قيل لَهُم والفتنة أكبر من الْقَتْل أَي وَالْكفْر بِاللَّه الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ أَيهَا السائلون أعظم إِثْمًا من الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام الَّذِي سَأَلْتُم عَنهُ وأنكرتموه فَهَذَا التَّفْسِير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 يبين إِعْرَاب هَذِه الْآيَة قَوْله {مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} هُوَ مثل الآول إِلَّا أَنَّك إِذا جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي رفعت الْعَفو لِأَن مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ فجوابها مَرْفُوع مثلهَا وأضمرت الْهَاء مَعَ يُنْفقُونَ تعود على الْمَوْصُول وحذفها لطول الِاسْم وَإِذا جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع نصب بينفقون نصبت الْعَفو لِأَنَّهُ جَوَاب مَا فَوَجَبَ أَن يكون إعرابه مثل إعرابها وَلم تضمر هَاء قَوْله {تتفكرون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} فِي مُتَعَلقَة بتتفكرون فهما طرفان للتفكر تَقْدِيره تتفكرون فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وعواقبها وَقيل فِي مُتَعَلقَة بيبين تَقْدِيره كَذَلِك ليبين الله لكم الْآيَات فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَعَلَّكُمْ تتفكرون وَالْكَاف من كَذَلِك فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي تبيينا مثل ذَلِك يبين الله لكم الْآيَات قَوْله {فإخوانكم} خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره فهم اخوانكم قَوْله {الْمُفْسد من المصلح} اسمان شائعان لم تدخل الْألف اللَّام فيهمَا للتعريف إِنَّمَا دخلتا للْجِنْس كَمَا تَقول أهلك النَّاس الدِّينَار وَالدِّرْهَم وَكَقَوْلِه تَعَالَى إِن الْإِنْسَان لفي خسر لم يرد دِينَارا بِعَيْنِه وَلَا درهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 بِعَيْنِه وَلَا إنْسَانا بِعَيْنِه وَإِنَّمَا أردْت هَذَا الْجِنْس كَذَلِك معنى قَوْله الْمُفْسد من المصلح أَي يعلم هذَيْن الصِّنْفَيْنِ قَوْله {أَن تبروا} أَن فِي مَوضِع نصب على معنى فِي أَن تبروا فَلَمَّا حذف حرف الْجَرّ تعدى الْفِعْل وَقيل تَقْدِيره كَرَاهَة أَن وَقيل لِئَلَّا وَقَالَ الْكسَائي مَوضِع أَن خفض على إِضْمَار الْخَافِض وَيجوز أَن يكون موضعهَا رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره أَن تبروا وتتقوا وتصلحوا بَين النَّاس أولى أَو أمثل قَوْله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} ابْتِدَاء وَحبر تَقْدِيره عدد الطَّلَاق الَّذِي تجب بعده الرّجْعَة مَرَّتَانِ قَوْله {فإمساك بِمَعْرُوف} ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيْكُم امساك وَمثله أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَلَو نصب على الْمصدر فِي غير الْقُرْآن لجَاز قَوْله {إِلَّا أَن يخافا} أَن فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله {أَلا يُقِيمَا} أَن فِي مَوضِع نصب لعدم حرف الْجَرّ تَقْدِيره من أَن لَا يُقِيمَا وَبِأَن لَا يُقِيمَا وعَلى أَن لَا يُقِيمَا قَوْله {ضِرَارًا} مفعول من أَجله قَوْله {أَن ينكحن} أَن فِي مَوضِع نصب بتعضلوهن أَي لَا تمنعوهن نِكَاح أَزوَاجهنَّ قَوْله {لَا تضار وَالِدَة} وَالِدَة مفعول لم يسم فَاعله وتضار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 بِمَعْنى تضارر وَيجوز أَن ترفع بِفِعْلِهَا على أَن تكون تضار بِمَعْنى تفَاعل وَأَصله تضارر وَيقدر مفعول مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَا تضارر وَالِدَة بِوَلَدِهَا أَبَاهُ وَلَا يضارر مَوْلُود لَهُ بولده أمه وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك أَي على وَارِث الْمَوْلُود أَن لَا يضارر أمه وَلَا أَبَاهُ وَقيل مَعْنَاهُ وعَلى الْوَارِث الْإِنْفَاق على الْمَوْلُود قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} الَّذين مُبْتَدأ وَفِي تَقْدِير خبر الِابْتِدَاء خلاف لعدم مَا يعود على الْمُبْتَدَأ من خَبره قَالَ الْأَخْفَش الْخَبَر يَتَرَبَّصْنَ وَفِي الْكَلَام حذف الْعَائِد على الْمُبْتَدَأ تَقْدِيره يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ بعدهمْ أَو بعد مَوْتهمْ ثمَّ حذف إِذْ قد علم أَن التَّرَبُّص إِنَّمَا يكون بعد موت الْأزْوَاج وَقَالَ الْكسَائي تَقْدِير الْخَبَر يَتَرَبَّصْنَ أَزوَاجهم وَقَالَ الْمبرد التَّقْدِير ويذرون أَزْوَاجًا أَزوَاجهم يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ وَقيل الْحَذف إِنَّمَا هُوَ فِي أول الْكَلَام تَقْدِيره وَأَزْوَاج الَّذين يتوفون مِنْكُم يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ وَقِيَاس من قَول سِيبَوَيْهٍ أَن الْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم الَّذين يتوفون مِنْكُم مثل السَّارِق والسارقة قَوْله {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} أَي على سر أَي على نِكَاح فَإِن جعلته من السِّرّ الَّذِي هُوَ الْإخْفَاء كَانَ نصبا على الْحَال من الْمُضمر فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 تواعدوهن تَقْدِيره وَلَكِن لَا تواعدوهن النِّكَاح متسارين وَلَا مظهرين لَهُ قَوْله {إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} أَن فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح} أَي على عقدَة النِّكَاح فَلَمَّا حذف الْحَرْف نصب كَمَا تَقول ضرب زيد الظّهْر والبطن أَي على الظّهْر والبطن وَقيل عقدَة مَنْصُوب على الْمصدر وتعزموا بِمَعْنى تعقدوا قَوْله {مَتَاعا} نصب على الْمصدر وَقيل حَال قَوْله {فَنصف مَا فرضتم} نصف مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيْكُم نصف مَا فرضتم وَلَو نصب فِي الْكَلَام جَازَ على معنى فأدوا نصف مَا فرضتم قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره يوصون وَصِيَّة وان رفعت وَصِيَّة فتقديره فَعَلَيْهِم وَصِيَّة ترفع وَصِيَّة بِالِابْتِدَاءِ وَعَلَيْهِم الْمُضمر خَبَرهَا وَالْجُمْلَة خبر الَّذين قَوْله {مَتَاعا} مصدر عِنْد الْأَخْفَش وَحَال عِنْد الْمبرد على تَقْدِير ذَوي مَتَاع قَوْله {غير إِخْرَاج} نصب غيرا على الْمصدر عِنْد الْأَخْفَش تَقْدِيره لَا إخراجا ثمَّ جعل غير مَوضِع لَا فأعربها بِمثل إِعْرَاب مَا أضيف إِلَيْهِ وَهُوَ الْإِخْرَاج وَقيل غير انتصب لحذف الْجَار كَانَ تَقْدِيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 من غير إِخْرَاج فَلَمَّا حذف من انتصب انتصاب الْمَفْعُول بِهِ وَقيل انتصب غير على الْحَال من الموصين المتوفين تَقْدِيره مَتَاعا إِلَى الْحول غير ذوى إِخْرَاج أَو غير مخرجين لَهُم قَوْله {حَقًا} مصدر وعَلى مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ الْمُضمر الناصب لحق قَوْله {من ذَا الَّذِي يقْرض الله} من مُبْتَدأ وَذَا خَبره الَّذِي نعت لذا أَو بدل مِنْهُ وَمثله من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده وَلَا يحسن أَن تكون ذَا وَمن اسْما كَمَا كَانَت مَعَ مَا لِأَن مَا مُبْهمَة وزيدت ذَا مَعهَا لِأَنَّهَا مُبْهمَة مثلهَا وَلَيْسَ من كَذَلِك فِي الْإِبْهَام قَوْله {قرضا} اسْم للمصدر قَوْله فيضاعفه لَهُ من رَفعه عطفه على مَا فِي الصِّلَة وَهُوَ يقْرض وَيجوز رَفعه على الْقطع مِمَّا قبله وَمن نَصبه حمله على الْعَطف بِالْفَاءِ على الْمَعْنى دون اللَّفْظ فنصبه وَوجه نَصبه لَهُ أَنه حمله على الْمَعْنى وأضمر بعد الْفَاء أَن ليَكُون مَعَ الْفِعْل مصدرا فتعطف مصدرا على مصدر فَلَمَّا أضمرت أَن نصبت الْفِعْل وَمعنى حمله لَهُ على الْمَعْنى أَن معنى من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا من يكن مِنْهُ قرض يتبعهُ أَضْعَاف فَلَمَّا كَانَ معنى صدر الْكَلَام الْمصدر جعل الثَّانِي الْمَعْطُوف بِالْفَاءِ مصدرا ليعطف مصدرا على مصدر فَاحْتَاجَ إِلَى إِضْمَار أَن لتَكون مَعَ الْفِعْل مصدرا فنصب الْفِعْل فالفاء عاطفة للتَّرْتِيب على أَصْلهَا فِي بَاب الْعَطف وَلَا يحسن أَن تجْعَل فيضاعفه فِي قِرَاءَة من نصب جَوَابا للاستفهام بِالْفَاءِ لِأَن الْقَرْض غير مستفهم عَنهُ إِنَّمَا الِاسْتِفْهَام فَاعل الْقَرْض أَلا ترى أَنَّك لَو قلت أَزِيد يقرضني فأشكره لم يجز النصب على جَوَاب الِاسْتِفْهَام وَجَاز على الْحمل على الْمَعْنى كَمَا مر فِي تَفْسِير الْآيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 لِأَن الِاسْتِفْهَام لم يَقع على الْقَرْض إِنَّمَا قع على زيد لَو قلت أيقرضني زيد فاشكره جَازَ النصب على جَوَاب الِاسْتِفْهَام لِأَن الِاسْتِفْهَام عَن الْقَرْض وَقع وَقيل أَن النصب فِي الْآيَة على جَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن من يقْرض الله وَمن ذَا الَّذِي يقْرض الله سَوَاء فِي الْمَعْنى وَالْأول عَلَيْهِ أهل التَّحْقِيق وَالنَّظَر وَالْقِيَاس قَوْله {نُقَاتِل} جزم لِأَنَّهُ جَوَاب الطّلب وَلَو رفع فِي الْكَلَام لجَاز على معنى وَنحن نُقَاتِل فَأَما مَا روى عَن الضَّحَّاك وَابْن أبي عبلة أَنَّهُمَا قرءا بِالْيَاءِ فَالْأَحْسَن فِيهِ الرّفْع لِأَنَّهُ نعت لملك وَكَذَلِكَ قرءا وَلَو جزم على الْجَواب لجَاز فالجزم من النُّون أَجود وَالرَّفْع يجوز وَالرَّفْع مَعَ الْيَاء أَجود والجزم يجوز قَوْله {أَلا تقاتلوا} أَن فِي مَوضِع نصب خبر عَسى وَهِي وَمَا بعْدهَا مصدر لَا يحسن اللَّفْظ بِهِ بعد عَسى لِأَن الْمصدر لَا يدل على زمَان مُحَصل وَعَسَى تحْتَاج إِلَى أَن يُؤْتى بعْدهَا بِلَفْظ الْمُسْتَقْبل وَلَا تسْتَعْمل عَسى إِلَّا مَعَ أَن إِلَّا فِي الشّعْر قَوْله وَمَا لنا أَن لَا أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره وَمَا لنا فِي أَن لَا نُقَاتِل وَقَالَ الْأَخْفَش أَن زَائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 قَوْله {طالوت ملكا} ملكا نصب على الْحَال من طالوت قَوْله {فِيهِ سكينَة من ربكُم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من التابوت وَكَذَلِكَ تحمله الْمَلَائِكَة فِي مَوضِع الْحَال مِنْهُ أَيْضا قَوْله {إِلَّا من اغترف} من فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من الْمُضمر فِي يطعمهُ قَوْله {كم من فِئَة} كم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي خبر وغلبت خَبَرهَا قَوْله بِبَعْض فِي مَوضِع الْمَفْعُول بِمَنْزِلَة مَرَرْت زيد قَوْله {مِنْهُم من كلم الله} من ابْتِدَاء وَمِنْهُم الْخَبَر وَالْهَاء محذوفة من كلم أَي كَلمه قَوْله {دَرَجَات} أَي إِلَى الدَّرَجَات فَلَمَّا حذف إِلَى نصب قَوْله {تِلْكَ} اسْم مُبْهَم وَالتَّاء هُوَ الِاسْم وَاللَّام دخلت لتدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ وَالْكَاف للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وأصل تِلْكَ تيلك فَلَمَّا توالت كسرتان بَينهمَا يَاء أسكنت اللَّام تَخْفِيفًا وحذفت الْيَاء لسكونها وَسُكُون اللَّام وأصل اللَّام الْفَتْح لِأَنَّهَا لَام تَأْكِيد وَلَكِن كسرت فِي هَذَا للْفرق بَيتهَا وَبَين لَام الْملك إِذا قلت تي لَك أَي هَذِه لَك وَقد قيل أَن اللَّام إِنَّمَا دخلت لتفرق بَين الْمُبْهم وَالْكَاف لِئَلَّا يظنّ أَنه مُضَاف إِلَى الْكَاف فأصلها على هَذَا القَوْل السّكُون لِأَنَّهُ حرف معنى ثمَّ حذفت الْيَاء لسكونها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 وَسُكُون اللَّام وَالِاسْم عِنْد الْكُوفِيّين التَّاء وَالْيَاء كَمَا قَالُوا فِي ذَلِك أَو الِاسْم الذَّال وَالْألف وَقَالَ البصريون الِاسْم الذَّال وَيلْزم من قَالَ فِي اللَّام هَذَا القَوْل أَن لَا يُجِيز حذفهَا هُوَ جَائِز عِنْد الْجَمِيع تَقول تيك آيَات الله قَوْله {نتلوها عَلَيْك} فِي مَوضِع الْحَال من آيَات الله قَوْله {تِلْكَ الرُّسُل} ابْتِدَاء وَالرسل عطف بَيَان وفضلنا وَمَا بعده الْخَبَر قَوْله {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة وَلَا شَفَاعَة} كل هَذِه الْجمل فِي مَوضِع النَّعْت المكرر ليَوْم وَالْفَتْح وَالرَّفْع فِي هَذَا بِمَنْزِلَة فَلَا رفث وَلَا فسوق إِذْ هُوَ كُله أَصله الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت ليَوْم قَوْله تَعَالَى {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} ابْتِدَاء وَخبر وَهُوَ بدل من مَوضِع لَا إِلَه وَحَقِيقَته أَن الله مُبْتَدأ وَلَا اله ابْتِدَاء ثَان وَخَبره مَحْذُوف أَي الله لَا اله معبود إِلَّا هُوَ وَإِلَّا هُوَ بدل من مَوضِع لَا اله وَالْجُمْلَة خبر عَن الله وَكَذَلِكَ قَوْلك لَا اله إِلَّا الله فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف وَإِلَّا الله بدل من مَوضِع لَا اله وَصفَة لَهُ على الْموضع وَإِن شِئْت جعلت إِلَّا الله خبر لَا اله وَيجوز النصب على الِاسْتِثْنَاء قَوْله {القيوم} هُوَ فيعول من قَامَ وَأَصله قيووم فَلَمَّا سبقت الْيَاء الْوَاو وَالْأول سَاكن أبدل من الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء وَكَانَ الرُّجُوع إِلَى الْيَاء أخف من رُجُوع الْيَاء إِلَى الْوَاو وَهُوَ نعت الله أَو خبر بعد خبر أَو بدل من هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 أَو رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ وَمثله الْحَيّ وَلَو نصب فِي غير الْقُرْآن لجَاز على الْمَدْح قَوْله {سنة} أَصله وَسنة ثمَّ حذفت الْوَاو كَمَا حذفت فِي يسن ونقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى السِّين قَوْله {الطاغوت} هُوَ اسْم يكون للْوَاحِد وَالْجمع وَيذكر وَيُؤَنث وَهُوَ مُشْتَقّ من طَغى لكنه مقلوب وَأَصله طغيوت على وزن فعلوت مثل جبروت ثمَّ قلبت الْيَاء فِي مَوضِع الْغَيْن فَصَارَ طيغوتا فَانْقَلَبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَ طاغوتا فأصله فعلوت مقلوب إِلَى فلعوت وَقد يجوز أَن يكون أصل لامه واوا فَيكون أَصله طغووت لِأَنَّهُ يُقَال طغا يطغو أَو يطغى وطغيت وطغوت وَمثله فِي الْقلب والاعتلال وَالْوَزْن حَانُوت لِأَنَّهُ من حنا يحنو وَأَصله حنووت ثمَّ قلب وأعل وَلَا يجوز أَن يكون من حَان يحين لقَولهم فِي الْجمع حوانيت قَوْله {أَن آتَاهُ الله} أَن مفعول من أَجله قَوْله {إِذْ قَالَ} الْعَامِل فِي إِذْ تَرَ وَالْهَاء فِي ربه تعود على الَّذِي وَهُوَ نمروذ لَعنه الله كَذَا قَالَ مُجَاهِد قَوْله {لَا انفصام لَهَا} يجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 على الْحَال من العروة الوثقى وَهِي لَا اله إِلَّا الله فِي قَول ابْن عَبَّاس رضى الله عَنهُ قَوْله {أَو كَالَّذي} الْكَاف فِي مَوضِع نصب معطوفة على معنى الْكَلَام تَقْدِيره عِنْد الْفراء وَالْكسَائِيّ هَل رَأَيْت كَالَّذي حَاج إِبْرَاهِيم أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة قَوْله {كم لَبِثت} كم فِي مَوضِع نصب على الظّرْف فَهِيَ هَاهُنَا ظرف زمَان يسْأَل بهَا عَن قدر الزَّمَان الَّذِي لبث عُزَيْر عَلَيْهِ السَّلَام فِي مَوته قَوْله {لم يتسنه} يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ لم يتَغَيَّر رِيحه من قَوْلهم تسنى الطَّعَام إِذا تغير رِيحه أَو طعمه فَيكون أَصله يتسنن على وزن يتفعل بِثَلَاث نونات فأبدل من الثَّالِثَة ألفا لتكرر الْأَمْثَال فَصَارَ يتسنى فحذفت الْألف لجزم فَبَقيَ يتسن فجيء بِالْهَاءِ لبَيَان حَرَكَة النُّون فِي الْوَقْف وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ لم تغيره السنون فَتكون الْهَاء فِيهِ أَصْلِيَّة لَام الْفِعْل لِأَن أصل سنة سنهة وَيكون سكونها للجزم فَلَا يجوز حذفهَا فِي الْوَصْل وَلَا فِي الْوَقْف قَوْله {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم} الْعَامِل فِي إِذْ فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم قَوْله {كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} كَيفَ فِي مَوضِع نصب وَهِي سُؤال عَن حَال تَقْدِيره رب أَرِنِي بِأَيّ حَال تحيى الْمَوْتَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قَوْله {لِيَطمَئِن قلبِي} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وَلَكِن سَأَلتك لِيَطمَئِن قلبِي أَو وَلَكِن أَرِنِي لِيَطمَئِن قلبِي قَوْله {على كل جبل مِنْهُنَّ جُزْءا} أى على كل جبل من كل وَاحِد جُزْءا وَذَلِكَ أعظم فِي الْقُدْرَة قَوْله سعيا مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {مائَة حَبَّة} ابْتِدَاء وَمَا قبله خَبره وَيجوز فِي الْكَلَام مائَة بِالنّصب على معنى أنبتت مائَة حَبَّة قَوْله {قَول مَعْرُوف} ابْتِدَاء ونعته وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره قَول مَعْرُوف أولى بكم قَوْله {ومغفرة خير من صَدَقَة يتبعهَا أَذَى} ابْتِدَاء وَخبر ويتبعها نعت للصدقة فِي مَوضِع خفض وأذى مَقْصُور لَا يظْهر فِيهِ الْإِعْرَاب كهدى وموضعه رفع بِفِعْلِهِ قَوْله {كَالَّذي ينْفق} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره ابطالا كَالَّذي وَكَذَلِكَ رِيَاء نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره إنفاقا رِيَاء وَيجوز أَن يكون رِيَاء مَفْعُولا من أَجله وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {أَصَابَهَا وابل} فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لجنة أَو لربوة كَمَا تَقول مَرَرْت بِجَارِيَة فِي دَار اشْتَرَاهَا زيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 قَوْله {من نخيل وأعناب} فِي مَوضِع رفع نعت للجنة وتجري من تحتهَا نعت ثَان أَو فِي مَوضِع نصب على الْحَال من جنَّة لِأَنَّهَا قد نعتت وَيجوز أَن تكون خبر كَانَ قَوْله {عَلَيْهِ تُرَاب} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض نعت لِصَفْوَان قَوْله {ابْتِغَاء مرضات الله وتثبيتا} كِلَاهُمَا مفعول من أَجله والصفوان عِنْد الْكسَائي وَاحِد وَجمعه صَفْوَان وصفي وصفي وَقيل يجوز أَن يكون جمعا وواحدا وَقيل صَفْوَان بِكَسْر الأول جمع صفا كأخ واخوان وَقَالَ الْأَخْفَش صَفْوَان بِالْفَتْح جمع صفوانة وَإِنَّمَا قَالَ عَلَيْهِ لِأَن الْجمع يذكر قَوْله {الشَّيْطَان يَعدكُم} شَيْطَان فيعال من شطن إِذا بعد وَلَا يجوز أَن يكون فعلان من تشيط وشاط لِأَن سِيبَوَيْهٍ حكى شيطنته فتشيطن فَلَو كَانَ من شاط لَكَانَ شيطنته على وزن فعلنته وَلَيْسَ هَذَا الْبناء فِي كَلَام الْعَرَب فَهُوَ إِذا فيعلته كبيطرته فالنون أصليه وَالْيَاء زَائِدَة فَلَا بُد أَن يكون النُّون لاما وَأَن يكون شَيْطَان فيعالا من شطن إِذا بعد كَأَنَّهُ لما بعد من رَحْمَة الله سمي بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قَوْله {وَمَا أنفقتم} {وَمَا تنفقوا من خير} مَا فِي ذَلِك فِي مَوضِع نصب لوُقُوع الْفِعْل الَّذِي بعده عَلَيْهِ وَهُوَ شَرط فَأَما وَمَا تنفقون فَمَا حرف ناف وَالْهَاء فِي قَوْله فان الله يُعلمهُ تعود على النّذر أَو على الْإِنْفَاق قَوْله {فَنعما هِيَ} فِي نعم أَربع لُغَات نعم مثل علم وَنعم بِكَسْر النُّون اتبَاعا لكسرة الْعين لِأَنَّهُ حرف حلق ينبعه مَا قبله فِي الْحَرَكَة فِي أَكثر اللُّغَات وَنعم بترك النُّون مَفْتُوحَة على أَصْلهَا وتسكن الْعين اسْتِخْفَافًا وَنعم بِكَسْر النُّون لكسرة الْعين ثمَّ تسكن الْعين اسْتِخْفَافًا فَمن كسر النُّون وَالْعين من الْقُرَّاء أحتمل أَن يكون كسر الْعين على لُغَة من كسرهَا وأتبع النُّون بهَا وَيحْتَمل أَن يكون على لُغَة من اسكن الْعين وَكسر النُّون لَكِن كسر الْعين لالتقاء الساكنين فَأَما اسكان الْعين مَعَ الْإِدْغَام فمحال لَا يجوز وَلَا يُمكن فِي النُّطْق وَمن فتح النُّون وَكسر الْعين جَازَ أَن يكون قَرَأَ على لُغَة من قَالَ نعم مثل علم وَيجوز أَن يكون اسكن الْعين اسْتِخْفَافًا فَلَمَّا اتَّصَلت بالمدغم كسرهَا لالتقاء الساكنين وَمَا فِي مَوضِع نصب على التَّفْسِير وَفِي نعم ضمير مَرْفُوع بنعم وَهُوَ ضمير الصَّدقَات هِيَ مُبْتَدأ وَمَا قبلهَا الْخَبَر تَقْدِيره أَن تبدوا الصَّدقَات فَهِيَ نعم شَيْئا قَوْله {وَيكفر عَنْكُم من سَيِّئَاتكُمْ} من جزمه عطفه على مَوضِع الْفَاء فِي قَوْله فَهُوَ خير لكم وَمن رفع فعلى الْقطع فَمن قَرَأَ بالنُّون وَرفع قدره وَنحن نكفر وَمن قَرَأَ بِالْيَاءِ وَرفع قدره وَالله يكفر عَنْكُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 قَوْله {وَأَنْتُم لَا تظْلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي إِلَيْكُم قَوْله {للْفُقَرَاء} اللَّام مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره أعْطوا للْفُقَرَاء قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أحْصرُوا ويحسبهم حَال من الْفُقَرَاء أَيْضا وَكَذَلِكَ تعرفهم وَكَذَلِكَ لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَيحسن أَن يكون ذَلِك حَالا من الْمُضمر فِي احصروا وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك كُله مُنْقَطِعًا مِمَّا قبله لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب وإلحافا مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {سرا وَعَلَانِيَة} حالان من الْمُضمر فِي يُنْفقُونَ قَوْله {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم} ابْتِدَاء وَخبر قَوْله {فَلهم أجرهم} ابْتِدَاء وَخبر أَيْضا وَدخلت الْفَاء لما فِي الَّذين من الْإِبْهَام فشابه بابهامه الْإِبْهَام الَّذِي فِي الشَّرْط فَدخلت الْفَاء فِي خَبره على المشابهة بِالشّرطِ وَإِنَّمَا تشابه الَّذِي الشَّرْط إِذا كَانَ فِي صلته فعل نَحْو الَّذِي يأتيني فَلهُ دِرْهَم وَلَو قلت الَّذِي زيد فِي دَاره فَلهُ دِرْهَم قبح دُخُول الْفَاء فِي خَبره إِذْ لَا فعل فِي صلته وَلَا يكون هَذَا فِي الَّذِي إِلَّا إِذا لم يدْخل عَلَيْهِ عَامل يُغير مَعْنَاهُ فَإِن دخل عَلَيْهِ عَامل يُغير مَعْنَاهُ لم يجز دُخُول الْفَاء فِي خَبره نَحْو لَعَلَّ الَّذِي يقوم زيد وليت الَّذِي يحرج عَمْرو وَلَا يجوز دُخُول الْفَاء فِي خَبره لتغير مَعْنَاهُ بِمَا دخل عَلَيْهِ فافهمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 قَوْله {الَّذين يَأْكُلُون} ابْتِدَاء وَخبر لَا يقومُونَ وَمَا بعده قَوْله {فَمن جَاءَهُ موعظة} ذكر جَاءَ حمله على الْمَعْنى لِأَنَّهُ بِمَعْنى فَمن جَاءَهُ وعظ وَقيل ذكر لِأَن تَأْنِيث الموعظة غير حَقِيقِيّ إِذْ لَا ذكر لَهَا من لَفظهَا وَقيل ذكر لِأَنَّهُ فرق بَين فعل الْمُؤَنَّث وَبَينه بِالْهَاءِ قَوْله {الرِّبَا} من الْوَاو وتثنيته ربوان عِنْد سِيبَوَيْهٍ وتكتب بِالْألف وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ يكْتب بِالْيَاءِ ويثنى بِالْيَاءِ لأجل الكسرة الَّتِي فِي أَوله وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي ذَوَات الْوَاو الثلاثية إِذا انْكَسَرَ الأول أَو انْضَمَّ نَحْو رَبًّا وضحى فَإِن انْفَتح الأول كتبوه بِالْألف وثنوه بِالْوَاو كَمَا قَالَ البصريون نَحْو صفا قَوْله {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} كَانَ تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى خبر تَقْدِيره وَأَن وَقع ذُو عسرة وَهُوَ شَائِع فِي كل النَّاس وَلَو نصبت ذَا على خبر كَانَ لصار مَخْصُوصًا فِي قوم بأعيانهم فلهذه الْعلَّة أجمع الْقُرَّاء المشهورون على رفع ذُو فَأَما قَوْله أَن تكون تِجَارَة فَمن رفع تِجَارَة جعل كَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث وتديرونها نعت للتِّجَارَة وَقيل خبر كَانَ وَمن نصب تِجَارَة أضمر فِي كَانَ اسْمهَا تَقْدِيره إِلَّا أَن تكون التِّجَارَة تِجَارَة مدارة بَيْنكُم وَأَن من إِلَّا أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع قَوْله {فنظرة إِلَى ميسرَة} ابْتِدَاء وَخبر وَهُوَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 التَّأْخِير وَمن قَرَأَ ميسرَة بِالْإِضَافَة فَهُوَ بعيد إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَام مفعل فَأَما مفعلة فقد جَاءَ فِي الْكَلَام وَهُوَ قَلِيل وَلم يقْرَأ بِهِ غير نَافِع ومفعل ومفعلة فِي الْكَلَام كثير قَوْله {وَأَن تصدقوا} أَن فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَخير خَبره قَوْله {ترجعون فِيهِ} فِي مَوضِع نصب نعت ليَوْم قَوْله {فَرجل وَامْرَأَتَانِ} ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَرجل وَامْرَأَتَانِ يقومان مقَام الرجلَيْن وَفِي يَكُونَا ضمير الشهيدين وَهُوَ اسْم كَانَ وَرجلَيْنِ خَبَرهَا وَقيل التَّقْدِير فَرجل وَامْرَأَتَانِ يشْهدُونَ وَهَذَا الْخَبَر الْمَحْذُوف هُوَ الْعَامِل فِي أَن تضل قَوْله أَن تضل مَوضِع أَن نصب وَالْعَامِل فِيهِ الْخَبَر الْمَحْذُوف وَهُوَ يشْهدُونَ على تَقْدِير لِأَن كَمَا تَقول أَعدَدْت الْخَشَبَة ليميل الْحَائِط فأدعمه وَهُوَ كَقَوْل الشَّاعِر ... فللموت مَا تَلد الوالده ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فَأخْبر بعاقبة الامر وَسَببه وَمن كسر أَن جعله شرطا وَمَوْضِع الشَّرْط وَجَوَابه رفع لِأَنَّهُ نعت لامرأتين قَوْله {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فِي مَوضِع رفع صفة لرجل وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يدْخل مَعَهم فِي الصّفة قَوْله شهيدين لاخْتِلَاف الْإِعْرَاب فِي الموصوفين وَلَا يحسن أَن يعْمل فِي أَن تضل واستشهدوا لأَنهم لم يؤمروا بالاشهاد لِأَن تضل إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ قَوْله {أَلا ترتابوا} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره وَأدنى من أَن لَا ترتابوا قَوْله {إِلَّا أَن تكون} فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع قَوْله {أَلا تكتبوها} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِي أَن لَا تكتبوها قَوْله {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} يجوز أَن يَكُونَا فاعلين وَيكون يضار يفاعل وَيجوز أَن يَكُونَا مفعولين لم يسم فاعلهما وَيكون يضار يفاعل وَالْأَحْسَن أَن يكون يفاعل لِأَن بعده وان تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم يُخَاطب الشُّهَدَاء وَالْهَاء فِي وليه تعود على الدّين وَقيل تعود على صَاحب الدّين وَهُوَ الْيَتِيم والعيى وَقيل تعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 على الْمَطْلُوب قَوْله {فرهان مَقْبُوضَة} فرهان مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فرهان مَقْبُوضَة تكفى من ذَلِك ورهان جمع رهن كبغل وبغال وَمن قَرَأَ فرهن فَهُوَ جمع رهان ككتاب وَكتب وَمن اسكن الْهَاء فعلى الاستخفاف وَقد قيل أَن رهنا جمع رهن كسقف وسقف قَوْله {فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} الْيَاء الَّتِي فِي اللَّفْظ فِي الَّذِي فِي قِرَاءَة ورش بدل من الْهمزَة الساكنة الَّتِي هِيَ فَاء الْفِعْل فِي اؤتمن وياء الَّذِي حذفت لالتقاء الساكنين كَمَا حذفت إِذا خففت الْهمزَة قَوْله {فَإِنَّهُ آثم قلبه} آثم خبر أَن وَقَلبه رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ الآثم وَيجوز أَن ترفع آثِما بِالِابْتِدَاءِ وَقَلبه بِفِعْلِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر أَن وَيجوز أَن تجْعَل آثِما خبر أَن وَقَلبه بَدَلا من الضَّمِير فِي آثم وَهُوَ بدل الْبَعْض من الْكل وَأَجَازَ أَبُو حَاتِم نصب قلبه بآثم ثمَّ نَصبه على التَّفْسِير وَهُوَ بعيد لِأَنَّهُ معرفَة قَوْله {فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} من جزم عطف على يُحَاسِبكُمْ الَّذِي هُوَ جَوَاب الشَّرْط وروى عَن ابْن عَبَّاس والأعرج أَنَّهُمَا قرءاه بِالنّصب على إِضْمَار أَن وَهُوَ عطف على الْمَعْنى كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 قدمنَا فِي فيضاعفه فالفاء لعطف مصدر على مصدر حملا على الْمَعْنى الأول وَقد فسرناه وَقَرَأَ عَاصِم وَابْن عَامر بِالرَّفْع على الْقطع من الأول قَوْله {كل آمن بِاللَّه} ابْتِدَاء وَخبر ووحد آمن لِأَنَّهُ حمل على لفظ كل وَلَو حمل على الْمَعْنى لقَالَ آمنُوا قَوْله {لَا تُؤَاخِذنَا} وَلَا تحمل علينا وَلَا تحملنا لَفظه كُله لفظ النَّهْي وَمَعْنَاهُ الطّلب وَهُوَ مجزوم قَوْله {واغفر لنا} {وارحمنا} {فَانْصُرْنَا} لَفظه كُله لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ الطّلب وَهُوَ مَبْنِيّ على الْوَقْف عِنْد الْبَصرِيين ومجزوم عِنْد الْكُوفِيّين وَحكى الْأَخْفَش أَخذه الله بذلك وواخذه لُغَتَانِ قَوْله {رَبنَا} نِدَاء مُضَاف قَوْله {سمعنَا} مَعْنَاهُ قبلنَا مَا أمرتنا بِهِ وَمِنْه قَول الْمُصَلِّي سمع الله لمن حَمده أَي قبل مِنْهُ حَمده وَلَفظه لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الدُّعَاء والطلب مثل قَوْلك غفر الله لي مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اغْفِر لي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة آل عمرَان قَوْله تَعَالَى {الم} مثل لم ذَلِك فَأَما فَتْحة الْمِيم فَيجوز أَن تكون فتحت لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا وَيجوز أَن تكون فتحت لسكونها وَسُكُون الْيَاء قبلهَا وَلم ينْو عَلَيْهَا الْوَقْف وَيجوز أَن تكون فتحت لِأَنَّهُ نوى عَلَيْهَا الْوَقْف فَألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة ألف الْوَصْل الْمُبْتَدَأ بهَا كَمَا قَالُوا وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أَرْبَعَة فالقوا حَرَكَة الْهمزَة من أَرْبَعَة على الْهَاء من ثَلَاثَة وتركوها على حَالهَا وَلم يغلبوها تَاء عِنْد تحريكها إِذْ النِّيَّة فِيهَا الْوَقْف وَقَالَ ابْن كيسَان ألف الله وكل ألف مَعَ لَام التَّعْرِيف ألف قطع بِمَنْزِلَة قد وَإِنَّمَا وصلت لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَمن حرك الْمِيم ألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة الْهمزَة الَّتِي بِمَنْزِلَة الْقَاف من قد من الله فَفَتحهَا بفتحة الْهمزَة وَأَجَازَ الْأَخْفَش كسر الْمِيم لالتقاء الساكنين وَهُوَ غلط لَا قِيَاس لَهُ لثقله قَوْله {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} الله مُبْتَدأ وَخَبره نزل عَلَيْك الْكتاب وَلَا اله إِلَّا هُوَ لَا اله فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف وَإِلَّا هُوَ بدل من مَوضِع لَا اله وَقيل هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الله وَقيل من الْمُضمر فِي نزل تَقْدِيره نزل الله عَلَيْك الْكتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 متوحدا بالربوبية وَقيل هُوَ بدل من مَوضِع لَا اله قَوْله بِالْحَقِّ فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب فالباء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره نزل عَلَيْك الْكتاب ثَابتا بِالْحَقِّ وَلَا تتَعَلَّق الْبَاء بِنزل لِأَنَّهُ قد تعدى إِلَى مفعولين أَحدهمَا بِحرف فَلَا يتَعَدَّى إِلَى ثَالِث وَكَذَلِكَ مُصدقا حَال من الْمُضمر فِي بِالْحَقِّ تَقْدِيره نزل عَلَيْك الْكتاب محققا مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ وهما حالان مؤكدان قَوْله {الْحَيّ القيوم} نعتان لله والقيوم فيعول من قَامَ بِالْأَمر وَقد ذكر قَوْله {التَّوْرَاة} وَزنهَا فوعلة وَأَصلهَا وورية مُشْتَقَّة من وري الزند فالتاء بدل من وَاو وَمن رُوِيَ الزند قَوْله تورون وَقَوله فالموريات قدحا وقلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَزنهَا تفعلة من وري الزند أَيْضا وَالتَّاء غير منقلبة عِنْدهم من وَاو وَأَصلهَا تورية وَهَذَا قَلِيل فِي الْكَلَام وفوعلة كثير فِي الْكَلَام فَحَمله على الْأَكْثَر أولى وَأَيْضًا فَإِن التَّاء لم تكْثر زيادتها فِي أول الْكَلَام كَمَا كثرت زِيَادَة الْوَاو ثَانِيَة قَوْله {ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله} مفعولان من أجلهما قَوْله {والراسخون فِي الْعلم} عطف على الله جلّ ذكره فهم يعلمُونَ الْمُتَشَابه وَلذَلِك وَصفهم الله تَعَالَى بالرسوخ فِي الْعلم وَلَو كَانُوا جُهَّالًا بِمَعْرِِفَة الْمُتَشَابه لما وصفوا بالرسوخ فِي الْعلم فَأَما مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وَيَقُول الراسخون فِي الْعلم آمنا بِهِ فَهِيَ قِرَاءَة تخَالف الْمُصحف وان صحت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 فتأويلها مَا يُعلمهُ إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير الَّذِي فِي يَقُولُونَ فَقَالَ وَيَقُول الراسخون وَقد أفردنا لهَذِهِ الْمَسْأَلَة كتابا لسعة الْكَلَام فِيهَا وَالْهَاء فِي تَأْوِيله تعود على الْمُتَشَابه وَقيل تعود على الْكتاب وَهُوَ الْقُرْآن كُله قَوْله {كدأب آل فِرْعَوْن} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره عِنْد الْفراء كفرت الْعَرَب كفرا ككفر آل فِرْعَوْن وَفِي هَذَا القَوْل إِيهَام للتفرقة بَين الصِّلَة والموصول قَوْله {فِئَة} أَي إِحْدَاهمَا فِئَة قَوْله {تقَاتل} فِي مَوضِع النَّعْت لفئة وَلَو خفضت فِئَة عَن الْبَدَل من فئتين لجَاز وَهِي قِرَاءَة الْحسن وَمُجاهد وَتَكون أُخْرَى فِي مَوضِع خفض قَوْله {وَأُخْرَى} فِي مَوضِع رفع على خبر الِابْتِدَاء وَهِي صفة قَامَت مقَام الْمَوْصُوف وَهُوَ فِئَة تَقْدِيره وَالْأُخْرَى فِئَة أُخْرَى كَافِرَة وَيجوز النصب فيهمَا على الْحَال أَي التقتا مختلفتين قَوْله {ترونهم} من قَرَأَ بِالتَّاءِ فموضعه نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم أَو فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لأخرى أَو فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لأخرى أَن جَعلتهَا فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على فِئَة فِي قِرَاءَة من خفضها على الْبَدَل من فئتين وَالْخطاب فِي لكم للْيَهُود وَقيل للْمُسلمين وَفِي هَذِه الْآيَة وُجُوه من الْإِعْرَاب والمعاني على قدر الِاخْتِلَاف فِي رُجُوع الضمائر فِي قَوْله ترونهم مثليهم وعَلى اخْتِلَاف الْمعَانِي فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ فِي ترونهم يطول ذكرهَا وَقد رسمنا لشرحها كتابا مُفردا قَوْله {مثليهم} نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي ترونهم لِأَنَّهُ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 رُؤْيَة الْبَصَر بِدلَالَة قَوْله رَأْي الْعين والمضمر الْمَنْصُوب فِي ترونهم يعود على الفئة الْأُخْرَى الْكَافِرَة وَالْمَرْفُوع فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ يعود على الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم وَفِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ يعود على الفئة الْمُقَاتلَة فِي سَبِيل الله وَالْهَاء وَالْمِيم فِي مثليهم يعودان على الفئة الْمُقَاتلَة فِي سَبِيل الله هَذَا أبين الْأَقْوَال وفيهَا اخْتِلَاف كثير قَوْله {وَالله عِنْده حسن المآب} الله ابْتِدَاء وَحسن ابْتِدَاء ثَان وَعِنْده خبر حسن وَحسن وَخَبره خبر عَن اسْم الله ولمآب وَزنه مفعل وَأَصله مأوب ثمَّ قلبت حَرَكَة الْوَاو على الْهمزَة وأبدل من الْوَاو ألف مثل مقَال وَمَكَان قَوْله {جنَّات} ابْتِدَاء وللذين الْخَبَر وَاللَّام مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَت اللَّام مقَامه بِمَنْزِلَة قَوْلك لله الْحَمد وَيجوز الْخَفْض فِي جنَّات على الْبَدَل من بِخَير على أَن تجْعَل اللَّام فِي الَّذين مُتَعَلقَة بأنبئكم أَو تجعلها صفة لخير وَلَو جعلت اللَّام مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف قَامَت مقَامه لم يجز خفض جنَّات لِأَن حُرُوف الْجَرّ والظروف إِذا تعلّقت بِمَحْذُوف تقوم مقَامه صَار فِيهَا ضمير مُقَدّر مَرْفُوع واحتاجت إِلَى ابْتِدَاء يعود عَلَيْهِ ذَلِك الضَّمِير كَقَوْلِك لزيد مَال وَفِي الدَّار زيد وخلفك عَمْرو فَلَا بُد من رفع جنَّات إِذا تعلّقت اللَّام بِمَحْذُوف وَلَو قدرت أَن تتَعَلَّق اللَّام بِمَحْذُوف على أَن لَا ضمير فِيهَا لرفعت جنَّات بِفِعْلِهَا وَهُوَ مَذْهَب الْأَخْفَش فِي رَفعه مَا بعد الظروف وحروف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الْخَفْض بالاستقرار وَإِنَّمَا يحسن ذَلِك عِنْد حذاق النَّحْوِيين إِذا كَانَت الظروف أَو حُرُوف الْخَفْض صفة لما قبلهَا فَحِينَئِذٍ يتَمَكَّن وَيحسن رفع الِاسْم بالاستقرار وَقد شرحناه بأبين من هَذَا فِي مَوَاضِع أُخْرَى فِي هَذَا الْكتاب ومثلناه بأمثله وَكَذَلِكَ إِن كَانَت أحوالا مِمَّا قبلهَا قَوْله {الَّذين يَقُولُونَ} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من للَّذين اتَّقوا وَإِن شِئْت فِي مَوضِع رفع على هم وَإِن شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْمَدْح وَقَوله {الصابرين} بدل من الَّذين على اخْتِلَاف الْوُجُوه الْمَذْكُورَة قَوْله {قَائِما بِالْقِسْطِ} حَال من هُوَ مُؤَكدَة قَوْله {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} من فتح إِن وَهِي قِرَاءَة الْكسَائي جعلهَا بَدَلا من أَن الأولى فِي قَوْله شهد الله أَنه وَهُوَ بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ وَيجوز أَن يكون الْبَدَل بدل الاشتمال على تَقْدِير اشْتِمَال الثَّانِي على الأول لِأَن الْإِسْلَام يشْتَمل على شرائع كَثِيرَة مِنْهَا التَّوْحِيد الْمُتَقَدّم ذكره وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك سلب زيد ثَوْبه وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع خفض بَدَلا من الْقسْط بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ قَوْله {بغيا بَينهم} مفعول من أَجله وَقيل حَال من الَّذين قَوْله {وَمن يكفر بآيَات الله} من شَرط فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وَقَوله {فَإِن الله سريع الْحساب} خَبره وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط والعائد على الْمُبْتَدَأ من خَبره مَحْذُوف تَقْدِيره سريع الْحساب لَهُ وَيجوز رفع يكفر على أَن تجْعَل من بِمَعْنى الَّذين وتقدر حذف لَهُم من الْخَبَر قَوْله {وَمن اتبعن} من فِي مَوضِع رفع عطف على التَّاء فِي أسلمت وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَمن اتبعن أسلم وَجهه لله وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع خفض عطفا على الله قَوْله {فبشرهم بِعَذَاب} خبر إِن الَّذين يكفرون وَدخلت الْفَاء للإبهام الَّذِي فِي الَّذين مَعَ كَون الْفِعْل فِي صلَة الَّذين مَعَ أَن الَّذين لم يُغير مَعْنَاهَا الْعَامِل فَلَا يتم دُخُول الْفَاء فِي خبر الَّذِي حَتَّى يكون الْفِعْل فِي صلته وَيكون لم يدْخل عَلَيْهِ عَامل يُغير مَعْنَاهُ فبهذين الشَّرْطَيْنِ تدخل الْفَاء فِي خبر الَّذِي فَمَتَى نقصا أَو نقص وَاحِد مِنْهُمَا لم يجز دُخُول الْفَاء فِي خَبره وَقد تقدم ذكر هَذَا قَوْله {وهم معرضون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت لفريق أَو فِي مَوضِع الْحَال لِأَن النكرَة فد نعتت وَلِأَن الْوَاو وَاو الْحَال قَوْله {فَكيف إِذا جمعناهم} كَيفَ سُؤال عَن حَال وَهِي هُنَا تهدد ووعيد وموضعها نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهَا الْمَعْنى الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَيفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 تَقْدِيره فعلى أَي حَال يكونُونَ حِين يجمعُونَ ليَوْم لَا شكّ فِيهِ وَالْعَامِل فِي إِذا مَا دلّت عَلَيْهِ كَيفَ والظروف متسع فِيهَا تعْمل فِيهَا الْمعَانِي الَّتِي يدل عَلَيْهَا الْخطاب بِخِلَاف المفعولات فَهَذَا أصل يكثر دوره فِي الْقُرْآن وَالْكَلَام قَوْله {لَا ريب فِيهِ} فِي مَوضِع خفض نعت ليَوْم قَوْله {وهم لَا يظْلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي كسبت قَوْله {مَالك الْملك} نصب على النداء الْمُضَاف وَلَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَن يكون نعتا لقَوْله اللَّهُمَّ وَلَا يُوصف عِنْده اللَّهُمَّ لِأَنَّهُ قد تغير بِمَا فِي آخِره وَأَجَازَ غَيره من الْبَصرِيين والكوفيين أَن يكون مَالك الْملك صفة اللَّهُمَّ كَمَا جَازَ مَعَ بِاللَّه قَوْله {تؤتي الْملك من تشَاء} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي مَالك وَكَذَلِكَ وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وَكَذَلِكَ وتعز وتذل وَيجوز أَن يكون هَذَا كُله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي أَنْت تؤتي الْملك وتنزع الْملك قَوْله بِيَدِك الْخَيْر ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي مَالك وَيجوز أَن تكون الْجُمْلَة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَنْت بِيَدِك الْخَيْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 قَوْله {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} مثل تؤتي الْملك من تشَاء فِي وجهيه وَكَذَلِكَ وَتخرج وترزق قَوْله {تقاة} وَزنهَا فعلة وَأَصلهَا وقية ثمَّ أبدلوا من الْوَاو تَاء كتجاه وتكأة فَصَارَت تقية ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَت تقاة قَوْله {يَوْم تَجِد كل نفس} يَوْم مَنْصُوب بيحذركم أَي ويحذركم الله نَفسه فِي يَوْم تَجِد وَفِيه نظر وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ فعلا مضمرا أَي اذكر يَا مُحَمَّد يَوْم تَجِد وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ الْمصير أَي وَإِلَيْهِ الْمصير فِي يَوْم تَجِد وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِيهِ قَدِيرًا أَي قدير فِي يَوْم تَجِد قَوْله {محضرا} حَال من الْمُضمر الْمَحْذُوف من صلَة مَا تَقْدِيره مَا عملته من خير محضرا قَوْله {وَمَا عملت من سوء} مَا فِي مَوضِع نصب عطف على مَا الأولى وتود حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي عملت الثَّانِي فَإِن قطعتها مِمَّا قبلهَا وجعلتها للشّرط جزمت تود تَجْعَلهُ جَوَابا للشّرط وخبرا لما وَيجوز أَن تقطعها من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 الأول على أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وتود الْخَبَر قَوْله {ذُرِّيَّة} نصب على الْحَال من الْأَسْمَاء الَّتِي قبلهَا بِمَعْنى متناسبين بَعضهم من بعض وَقيل هِيَ بدل مِمَّا قبلهَا قَوْله {إِذْ قَالَت} الْعَامِل فِي إِذْ سميع عليم أَي وَالله سميع عليم حِين قَالَت وَقيل الْعَامِل اصْطفى أَي وَاصْطفى آل عمرَان إِذْ قَالَت وَفِيه نظر وَقيل الْعَامِل فِيهِ مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَت فعلى هَذَا التَّقْدِير يحسن الِابْتِدَاء بهَا وَلَا يحسن على غَيره قَوْله {محررا} حَال من مَا وَقيل تَقْدِيره غُلَاما محررا أَي خَالِصا لَك وَوَقعت مَا لمن يعقل للإبهام كَمَا قَالَت الْعَرَب خُذ من عَبِيدِي مَا شِئْت وَحكى سِيبَوَيْهٍ سُبْحَانَ مَا سبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وكما قَالَ الله تَعَالَى فأنكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء وَالْهَاء فِي وَضَعتهَا تعود على مَا وَمَعْنَاهَا التَّأْنِيث قَوْله {وَضَعتهَا أُنْثَى} أُنْثَى حَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي وَضَعتهَا وَيجوز أَن يكون بَدَلا مِنْهُ قَوْله {وَالله أعلم بِمَا وضعت} من ضم التَّاء واسكن الْعين لم يبتدىء بقوله وَالله أعلم بِمَا وضعت لِأَنَّهُ من كَلَام أم مَرْيَم وَمن فتح الْعين واسكن التَّاء ابْتَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَام أم مَرْيَم وَمثله من كسر التَّاء واسكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الْعين وَهِي قِرَاءَة تروى عَن ابْن عَبَّاس قَوْله / زَكَرِيَّاء / همزَة زَكَرِيَّاء للتأنيث وَلَا يجوز أَن تكون للالحاق لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أصُول الابنية مِثَال على وَزنه فَيكون مُلْحقًا بِهِ وَلَا يجوز أَن تكون منقلبة لِأَن الانقلاب لَا يَخْلُو أَن يكون من حرف من نفس الْكَلِمَة أَو من حرف الالحاق فَلَا يجوز أَن يكون من نفس الْكَلِمَة لِأَن الْيَاء وَالْوَاو لَا يكونَانِ أصلا فِيمَا كَانَ على أَرْبَعَة أحرف وَلَا يجوز أَن يكون من حرف الالحاق إِذْ لَيْسَ فِي أصُول الابنية بِنَاء يكون هَذَا مُلْحقًا بِهِ فَلَا يجوز أَن تكون الْهمزَة إِلَّا للتأنيث وَكَذَلِكَ الْكَلَام على قِرَاءَة من قصر الْألف الَّتِي هِيَ للتأنيث لهَذِهِ الدَّلَائِل قَوْله {كلما دخل} كلما ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ وجد أَي أَي وَقت دخل عَلَيْهَا وجد عِنْدهَا رزقا قَوْله {هُنَالك} ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ دَعَا أَي دَعَا زَكَرِيَّا ربه فِي ذَلِك الْحِين وَقد تكون هُنَالك فِي مَوضِع آخر ظرف مَكَان وَهُوَ أَصْلهَا وَإِنَّمَا اتَّسع فِيهَا فَوَقَعت للزمان بِدلَالَة الْحَال وَالْخطاب وَرُبمَا احتملت الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا نَحْو قَوْله هُنَالك الْولَايَة لله وَيدل على أَن أَصْلهَا الْمَكَان أَنَّك تَقول اجْلِسْ هُنَالك تُرِيدُ الْمَكَان وَلَا يجوز سر هُنَالك تُرِيدُ الزَّمَان والظرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 هُنَا وَاللَّام للتَّأْكِيد وَالْكَاف للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب قَوْله {ذُرِّيَّة} وَزنهَا فعولة من ذَرأ الله الْخلق وَكَانَ أَصْلهَا على هَذَا ذروءة فأبدلوا من الْهمزَة يَاء فَاجْتمع يَاء وواو وَالْأول سَاكن فأدغموا الْيَاء فِي الْوَاو على ادغام الثَّانِي فِي الأول استثقالا للواوات وَكسرت الرَّاء لتصح الْيَاء الساكنة المدغمة وَقيل ذُرِّيَّة فعيلة من الذَّر فَكَانَ أصل الذُّرِّيَّة أَن يكون اسْما لصغار ولد الرجل ثمَّ اتَّسع فِيهِ فَكَانَ أَصْلهَا على هَذَا ذريرة ثمَّ أبدلوا من الرَّاء الْأَخِيرَة يَاء وأدغمت الأولى فِيهَا وَذَلِكَ لِاجْتِمَاع الراءات كَمَا قَالُوا تظنيت فِي تظننت لِاجْتِمَاع النونات وَقيل وزن ذُرِّيَّة فعولة من ذروت فأصلها على هَذَا ذرورة ثمَّ فعل بهَا مثل الْوَجْه الْمُتَقَدّم الَّذِي قبل هَذَا وَكسرت الرَّاء الْمُشَدّدَة لتصح الْيَاء الساكنة قَوْله {وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء فِي فنادته وَيُصلي فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي قَائِم قَوْله {عَاقِر} إِنَّمَا جَاءَ بِغَيْر هَاء على النِّسْبَة وَلَو أَتَى على الْفِعْل لقَالَ عقيرة بِمَعْنى معقورة أَي بهَا عقر يمْنَعهَا من الْوَلَد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 قَوْله {مُصدقا} حَال من يحيى وَهِي حَال مقدرَة وَكَذَلِكَ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا قَوْله {كَذَلِك الله يفعل} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير يفعل الله مَا يَشَاء فعلا مثل ذَلِك قَوْله {اجْعَل لي آيَة} اجْعَل بِمَعْنى صير فَهُوَ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين أَحدهمَا بِحرف وهما لي وَآيَة قَوْله {أَلا تكلم النَّاس} أَن لَا فِي مَوضِع رفع خبر آيتك وَيجوز رفع تكلم على أَن تضمر الْكَاف مَعَ أَن أَي آيتك أَنَّك لَا تكلم النَّاس وَثَلَاثَة ظرف قَوْله {إِلَّا رمزا} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وكل اسْتثِْنَاء لَيْسَ من جنس الأول فَالْوَجْه فِيهِ النصب قَوْله {كثيرا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ذكرا كثيرا قَوْله {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة} إِذْ معطوفة على إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان إِذا جَعلتهَا فِي مَوضِع نصب على اذكر قَوْله {أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ابْتِدَاء وَخبر والحملة فِي مَوضِع نصب بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره إِذْ يلقون أقلامهم ينظرُونَ أَيهمْ يكفل مَرْيَم وَلَا يعْمل فِي لفظ أَي لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَلَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 قَوْله {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة} الْعَامِل فِي إِذْ يختصمون أَي يختصمون حِين قَالَت الْمَلَائِكَة وَيجوز أَن يعْمل فِيهَا وَمَا كنت لديهم الثَّانِي كَمَا عمل الأول فِي إِذْ يلقون قَوْله {وجيها} قَوْله وَمن المقربين قَوْله ويكلم النَّاس فِي المهد قَوْله وكهلا قَوْله وَمن الصَّالِحين كل ذَلِك حَال من عِيسَى وَكَذَلِكَ قَوْله ويعلمه وَقَوله ورسولا وَقيل تَقْدِيره ونجعله رَسُولا فَهُوَ مفعول بِهِ وَقيل هُوَ حَال تَقْدِيره ويكلمهم رَسُولا وَمن جعل قَوْله بِكَلِمَة مِنْهُ الْكَلِمَة اسْما لعيسى جَازَ على قَوْله فِي غير الْقُرْآن وجيه بالخفض على النَّعْت لكلمة فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْخَفْض تَقْدِيره بِأَنِّي قد جِئتُكُمْ وَمن كسر اني فعلى الْقطع والابتداء وَيجوز أَن يكون من فتح أَنِّي أخلق جعلهَا بَدَلا من آيَة فَتكون أَن فِي مَوضِع خفض وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير حذف مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَنِّي أخلق قَوْله {ومصدقا} نصب على الْحَال من التَّاء فِي جِئتُكُمْ أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 جِئتُكُمْ مُصدقا وَلَا يحسن أَن يعْطف ومصدقا على وجيها لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون اللَّفْظ لما بَين يَدَيْهِ والتلاوة لما بَين يَدي قَوْله {كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره خلقا مثل هَيْئَة الطير وَالْهَاء فِي فِيهِ تعود على المهيأ لِأَن النفخ إِنَّمَا كَانَ فِي المهيأ وَهِي الصُّورَة والهيئة إِنَّمَا هِيَ الْمصدر اسْم الْفِعْل لَا نفخ فِيهَا لَكِن وَقع الْمصدر موقع الْمَفْعُول كَمَا قَالَ هَذَا خلق الله أَي مخلوقة وَهَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه وَقد يجوز أَن تعود الْهَاء على الْمَخْلُوق لِأَن أخلق يدل عَلَيْهِ إِذْ هُوَ دَال على الْخلق من حَيْثُ كَانَ مشتقا مِنْهُ والخلق يدل على الْمَخْلُوق وَيجوز أَن تعود الْهَاء على الْكَاف فِي كَهَيئَةِ إِذْ هِيَ بِمَعْنى مثل قَوْله {إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى} إِذْ فِي مَوضِع نصب باذكر مضمرة قَوْله {وجاعل الَّذين اتبعوك} جَاعل غير مَعْطُوف على مَا قبله لِأَنَّهُ خطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأول لعيسى وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الأول وَكِلَاهُمَا لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {الْحق من رَبك} خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي هُوَ الْحق أَو هَذَا الْحق قَوْله {وَمَا من إِلَه إِلَّا الله} اله مُبْتَدأ إِلَّا الله خَبره كَمَا تَقول مَا من أحد إِلَّا شاكرك فأحد فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمن زَائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 للتوكيد وَألا شاكرك خبر الِابْتِدَاء وَيجوز أَن يكون خبر الِابْتِدَاء محذوفا وَإِلَّا الله بدل من اله على الْموضع تَقْدِيره مَا اله معبود أَو مَوْجُود إِلَّا الله قَوْله {إِلَى كلمة سَوَاء} سَوَاء نعت لكلمة وَقَرَأَ الْحسن سَوَاء بِالنّصب على الْمصدر فَهُوَ فِي مَوضِع اسْتِوَاء أَي اسْتَوَت اسْتِوَاء قَوْله {أَلا نعْبد} أَن فِي مَوضِع خفض بدل من كلمة وان شِئْت فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَن لَا نعْبد وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى أَي مفسرة على أَن تجزم نعْبد وَنشر ك بِلَا وَلَو جَعلتهَا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة رفعت نعْبد نشْرك وأضمرت الْهَاء مَعَ أَن قَوْله {وَهَذَا النَّبِي} رفعت النَّبِي على النَّعْت لهَذَا أَو على الْبَدَل أَو على عطف الْبَيَان وَهَذَا فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على الَّذين وَلَو قيل فِي الْكَلَام وَهَذَا النَّبِي بِالنّصب لحسن أَن يعطفه على الْهَاء فِي اتَّبعُوهُ قَوْله {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} ثمَّ قَالَ أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أَن مفعول بتؤمنوا وَتَقْدِير الْكَلَام وَلَا تؤمنوا أَن يُؤْتى أحد بِمثل مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا من تبع دينكُمْ فَاللَّام على هَذَا زَائِدَة وَمن فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وقيا التَّقْدِير وَلَا تصدقوا إِلَّا من تبع دينكُمْ بِأَن يُؤْتى أحد وَقَالَ الْفراء انْقَطع الْكَلَام عِنْد قَوْله دينكُمْ ثمَّ قَالَ لمُحَمد عَلَيْهِ السَّلَام قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ فَلَا مقدرَة وَيجوز أَن تكون اللَّام غير زَائِدَة وتتعلق بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام لِأَن معنى الْكَلَام لَا تقروا بِأَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا لمن تبع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 دينكُمْ فَيتَعَلَّق الحرفان بتقروا كَمَا تَقول أَقرَرت لزيد بِأَلف وَجَاز ذَلِك لِأَن الأول كالظرف فَصَارَ بِمَنْزِلَة قَوْلك مَرَرْت فِي السُّوق بزيد وَإِنَّمَا دخلت أحد لتقدم لفظ النَّفْي فِي قَوْله وَلَا تؤمنوا فَهُوَ نهي وَلَفظه لفظ النَّفْي فَأَما من مده واستفهم وَهِي قِرَاءَة ابْن كثير فَإِنَّهُ أَتَى بِهِ على معنى الْإِنْكَار من الْيَهُود أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتُوا حِكَايَة عَنْهُم فَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ إِذْ لَا يعْمل فِي أَن وَمَا قبلهَا لأجل الِاسْتِفْهَام وَخبر الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف تَقْدِيره أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ تصدقُونَ أَو تقرون وَنَحْوه وَحسن الِابْتِدَاء بِأَن لِأَنَّهَا قد اعتمدت على حرف الِاسْتِفْهَام فَهُوَ فِي التَّمْثِيل بِمَنْزِلَة أَزِيد ضَربته وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع نصب وَهُوَ الِاخْتِيَار كَمَا كَانَ فِي قَوْلك أزيدا ضَربته النصب الِاخْتِيَار لِأَن الِاسْتِفْهَام عَن الْفِعْل فتضمر فعلا بَين الْألف وَبَين أَن تَقْدِيره أتذيعون أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ وأتشيعون وأتذكرون وَنَحْوهَا مِمَّا دلّ عَلَيْهِ الْإِنْكَار الَّذِي قصدُوا إِلَيْهِ بِلَفْظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الِاسْتِفْهَام وَدلّ على قصدهم لهَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى عَنْهُم فِيمَا قَالُوا لأصحابهم أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم يعنون أتحدثون الْمُسلمين بِمَا وجدْتُم من صفة نَبِيّهم فِي كتابكُمْ ليحاجوكم بِهِ عِنْد ربكُم وَاحِد فِي قِرَاءَة من مد بِمَعْنى وَاحِد وَإِنَّمَا جمع فِي قَوْله ليحاجوكم لِأَنَّهُ رده على معنى أحد لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْكَثْرَة لَكِن أحد إِذا كَانَ فِي النَّفْي أقوى فِي الدّلَالَة على الْكَثْرَة مِنْهُ إِذا كَانَ فِي الْإِيجَاب وَحسن دُخُول أحد بعد لفظ الِاسْتِفْهَام لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْإِنْكَار والجحد فَدخلت أحد بعده كَمَا تدخل بعد الْجحْد الملفوظ بِهِ فيصلح على هَذَا أَن تكون على أَصْلهَا فِي الْعُمُوم وَلَيْسَت بِمَعْنى وَاحِد قَوْله {دمت} من ضم الدَّال جعله فعل يفعل مثل قَالَ يَقُول ودام يَدُوم وَمن كسر الدَّال جعله فعل يفعل مثل خَافَ يخَاف على دَامَ يدام وَكَذَلِكَ مت فِيمَن كسر الْمِيم أَو ضمهَا قَرَأَ حميد يلون بواو وَاحِدَة مَعَ ضم اللَّام وأصل هَذِه الْقِرَاءَة يلوون ثمَّ همز الْوَاو الأولى لانضمامها ثمَّ ألْقى حَرَكَة الْهمزَة على اللَّام على أصل التَّخْفِيف الْمُسْتَعْمل فِي كَلَام الْعَرَب قَوْله {وَلَا يَأْمُركُمْ أَن تَتَّخِذُوا} من نصب يَأْمُركُمْ عطفه على أَن يؤتيه الله أَو على ثمَّ يَقُول وَالضَّمِير فِي يَأْمُركُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 للبشر وَمن رَفعه قطعه مِمَّا قبله وَجعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَيكون الضَّمِير فِي يَأْمُركُمْ لله جلّ ذكره قَوْله {لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} من كسر اللَّام وَهُوَ حَمْزَة علقها بِالْأَخْذِ أَي أَخذ الله الْمِيثَاق لما أعْطوا من الْكتاب وَالْحكمَة لِأَن من أُوتِيَ ذَلِك فَهُوَ الْأَفْضَل وَعَلِيهِ يُؤْخَذ الْمِيثَاق وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فَأَما من فتح اللَّام فَهِيَ لَام الِابْتِدَاء وَهِي جَوَاب لما دلّ عَلَيْهِ من معنى الْقسم لِأَن أَخذ الْمِيثَاق إِنَّمَا يكون بالأيمان والعهود فَاللَّام جَوَاب الْقسم وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْهَاء محذوفة من آتيتكم تَقْدِيره للَّذي آتيتكموه من كتاب وَالْخَبَر من كتاب وَحِكْمَة وَمن زَائِدَة وَقيل الْخَبَر لتؤمنن بِهِ وَهُوَ جَوَاب قسم مَحْذُوف تَقْدِيره وَالله لتؤمنن بِهِ والعائد من الْجُمْلَة المعطوفة على الصِّلَة مَحْمُول على الْمَعْنى عِنْد الْأَخْفَش لِأَن لما مَعكُمْ مَعْنَاهُ لما آتيتموه من الْكتاب كَمَا قَالَ إِنَّه من يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ فَحَمله على الْمَعْنى فِي الضَّمِير إِذْ هُوَ بِمَعْنى فَإِن الله لَا يضيع أجرهم وَلَا بُد من تَقْدِير هَذَا الْعَائِد فِي الْجُمْلَة المعطوفة على الصِّلَة وَهِي ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ فهما جملتان لموصولين حذف الثَّانِي للاختصار وَقَامَ حرف الْعَطف مَكَانَهُ فَلَا بُد من عَائِد فِي الصلتين على الموصولين أَلا ترى أَنَّك لَو قلت الَّذِي قَامَ أَبوهُ ثمَّ زيد منطلق عَمْرو لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 يجز حَتَّى تَقول إِلَيْهِ أَو من أَجله عَمْرو وَنَحْو ذَلِك فَيكون فِي الْجُمْلَة المعطوفة مَا يعود على الَّذِي هُوَ الْمَحْذُوف كَمَا كَانَ فِي الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ صلَة الَّذِي ثمَّ تَأتي بِخَبَر الِابْتِدَاء بعد ذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون الْعَائِد من الصِّلَة الثَّانِيَة محذوفا تَقْدِيره ثمَّ جَاءَكُم رَسُول بِهِ أَي بتصديقه أَي بِتَصْدِيق مَا آتيتكموه وَهَذَا الْحَذف على قِيَاس مَا أجَاز الْخَلِيل من قَوْلك مَا أَنا بِالَّذِي قَائِل لَك شَيْئا أَي بِالَّذِي هُوَ قَائِل وكما قرىء تَمامًا على الَّذِي احسن بِالرَّفْع أَي هُوَ احسن ثمَّ حذف الضَّمِير من الصِّلَة وَإِنَّمَا بعد هَذَا الْحَذف عِنْد الْبَصرِيين لاتصال الضَّمِير بِحرف الْجَرّ فالمحذوف من الْكَلَام هُوَ ضمير وحرف فَبعد لذَلِك وَيجوز أَن تكون مَا فِي قِرَاءَة من فتح اللَّام للشّرط فَتكون فِي مَوضِع نصب بآتيتكم وَجَاءَكُم مَعْطُوف عَلَيْهِ فِي مَوضِع جزم أَيْضا وَتَكون اللَّام فِي لما لَام تَأْكِيد وَلَيْسَت بِجَوَاب الْقسم كَمَا كَانَت فِي الْوَجْه الأول وَلكنهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 دخلت لتلقى الْقسم بِمَنْزِلَة اللَّام فِي لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ فَهِيَ تنذر بإتيان الْقسم بعْدهَا وَهُوَ قَوْله لتؤمنن بِهِ كَمَا كَانَت لَئِن إنذارا للقسم فِي قَوْله لنغرينك فَهِيَ تَوْطِئَة للقسم وَلَيْسَت بِجَوَاب الْقسم كَمَا كَانَت فِي الْوَجْه الأول لِأَن الشَّرْط غير مُتَعَلق بِمَا قبله وَلَا يعْمل فِيهِ مَا قبله فَصَارَت مُنْقَطِعَة مِمَّا قبلهَا بِخِلَاف مَا إِذا جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي لإنه كَلَام مُتَّصِل بِمَا قبله وَجَوَاب لَهُ وحذفها جَائِز قَالَ الله تَعَالَى وان لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن فَإِذا كَانَت مَا للشّرط لم تحتج الْجُمْلَة المعطوفة إِلَى عَائِد كَمَا لم تحتج إِلَيْهِ الأولى وَلذَلِك أختاره الْخَلِيل وسيبويه لما لم يريَا فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة عَائِدًا جعلا مَا للشّرط وَهَذَا تَفْسِير الْمَازِني وَغَيره لمَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَقد تَأَول قوم أَن مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء فِي بِهِ تعود على مَا إِذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وَلَا يجوز أَن تعود على رَسُول وَالْهَاء فِي لتنصرنه تعود على رَسُول فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهَذِه آيَة غَرِيبَة الْإِعْرَاب فافهمها قَوْله {طَوْعًا وَكرها} مصدران فِي مَوضِع الْحَال أَي طائعين ومكرهين قَوْله {قل آمنا بِاللَّه} أَي قل قُولُوا آمنا فَالضَّمِير فِي آمنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 للمأمورين والآمر لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيجوز أَن يكون الْأَمر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرَاد بِهِ أمته قَوْله {دينا} نصب على الْبَيَان وَغير مفعول بيبتغي وَيجوز أَن يكون غير حَالا ودينا مفعول يَبْتَغِي قَوْله {وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} الظّرْف مُتَعَلق بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام أَي وَهُوَ خاسر فِي الْآخِرَة من الخاسرين وَلَا يحسن تعلقه بالخاسرين لتقدم الصِّلَة على الْمَوْصُول إِلَّا أَن يَجْعَل الْألف وَاللَّام للتعريف لَا بِمَعْنى الَّذِي فَيحسن قَوْله {أَن عَلَيْهِم لعنة الله} أَن فِي مَوضِع رفع خبر جزاؤهم وجزاؤهم وَخَبره خبر أُولَئِكَ وَيجوز أَن يكون جزاؤهم بَدَلا من أُولَئِكَ بدل الاشتمال وَأَن خبر جزاؤهم قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْمُضمر المخفوض فِي عَلَيْهِم قَوْله {لَا يُخَفف عَنْهُم} مثله وَيجوز أَن يكون مُنْقَطِعًا من الأول قَوْله {وماتوا وهم كفار} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الضَّمِير فِي مَاتُوا قَوْله {وَمَا لَهُم من ناصرين} ابْتِدَاء وَخبر وَمَا نَافِيَة وَمن زَائِدَة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر المخفوض فِي لَهُم الأول قَوْله {مُبَارَكًا وَهدى} حالان من الْمُضمر فِي مَوضِع نصب وَيجوز الرّفْع على هُوَ مبارك وَيجوز الْخَفْض على النَّعْت لبيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 قَوْله {مقَام إِبْرَاهِيم} أَي من الْآيَات مقَام إِبْرَاهِيم فَهُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف خَبره وَيجوز أَن يكون مقَام بَدَلا من الْآيَات على أَن يكون مقَام إِبْرَاهِيم الْحرم كُله فَفِيهِ آيَات كَثِيرَة وَهُوَ قَول مُجَاهِد وَدَلِيله وَمن دخله كَانَ آمنا يُرِيد الْحرم بِلَا اخْتِلَاف وَقيل ارْتَفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هِيَ مقَام إِبْرَاهِيم قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} من معطوفة على مقَام على وجوهه وَيجوز أَن تكون مُبتَدأَة مُنْقَطِعَة وَكَانَ آمنا الْخَبَر قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} من فِي مَوضِع خفض بدل من النَّاس وَهُوَ بدل بعض من كل وَأَجَازَ الْكسَائي أَن يكون من شرطا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ واستطاع فِي مَوضِع جزم بِمن وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيهِ الْحَج وَدلّ على ذَلِك قَوْله وَمن كفر فَأن الله هَذَا شَرط بِلَا اخْتِلَاف وَالْأول مثله وَهُوَ عِنْد الْبَصرِيين مُنْقَطع من الأول مُبْتَدأ شَرط وَالْهَاء فِي إِلَيْهِ تعود على الْبَيْت وَقيل على الْحَج قَوْله {وَأَنْتُم شُهَدَاء} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تَبْغُونَهَا قَوْله {وَأَنْتُم تتلى عَلَيْكُم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تكفرون وَمثله وَفِيكُمْ رَسُوله قَوْله {تُقَاته} أَصله وقية وَقد تقدّمت علته فِي تقاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 قَوْله {وَأَنْتُم مُسلمُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تموتن أَي الزموا هَذِه الْحَال حَتَّى يأتيكم الْمَوْت وَأَنْتُم عَلَيْهَا قَوْله {جَمِيعًا} حَال وإخوانا خبر أصبح قَوْله {إِلَّا أَذَى} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول فِي مَوضِع نصب قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء} اسْم لَيْسَ فِيهَا وَسَوَاء خَبَرهَا أَي لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ والفاسقون الْمُتَقَدّم ذكرهم سَوَاء قَوْله {من أهل الْكتاب} أمة ابْتِدَاء وَخبر وَأَجَازَ الْفراء رفع أمة سَوَاء فَلَا يعود على اسْم لَيْسَ من خَبره شَيْء وَهَذَا لَا يجوز مَعَ قبح عمل سَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ بجار على الْفِعْل مَعَ أَنه يضمر فِي لَيْسَ مَالا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذْ قد تقدم ذكر الْكَافرين وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة أمة اسْم لَيْسَ وَسَوَاء خَبَرهَا وأتى الضَّمِير فِي لَيْسَ على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَهَذَا بعيد لِأَن الْمَذْكُورين قد تقدمُوا قبل لَيْسَ وَلم يتَقَدَّم فِي أكلوني شَيْء فَلَيْسَ هَذَا مثله قَوْله {يَتلون آيَات الله} فِي مَوضِع رفع نعت لأمة وَكَذَلِكَ وهم يَسْجُدُونَ مَوضِع الْجُمْلَة رفع نعت لأمة وان شِئْت جعلت موضعهَا نصبا على الْحَال من الْمُضمر فِي قَائِمَة أَو من أمة إِذا رفعتها بِسَوَاء وَتَكون حَالا مقدرَة لِأَن التِّلَاوَة لَا تكون فِي السُّجُود وَلَا فِي الرُّكُوع وَالْأَحْسَن فِي ذَلِك أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 تكون جملَة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَن النكرَة إِذا قويت بالنعت قربت من الْمعرفَة فَحسن الْحَال مِنْهَا كَمَا قَالَ وَهَذَا كتاب مُصدق لِسَانا عَرَبيا قَوْله {يُؤمنُونَ} فِي مَوضِع النَّعْت لأمة أَيْضا أَو فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يَسْجُدُونَ أَو من الْمُضمر فِي يَتلون أَو من الْمُضمر فِي قَائِمَة وَمعنى قَائِمَة مُسْتَقِيمَة وَمثله ويأمرون وَينْهَوْنَ ويسارعون وَيجوز أَن يكون كل ذَلِك مستأنفا قَوْله {آنَاء اللَّيْل} نصب على الظّرْف فَهُوَ ظرف زمَان بِمَعْنى ساعاته وواحده إِنِّي وَقيل إِنِّي وَقيل أَنِّي قَوْله {فِيهَا صر} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لريح وَكَذَلِكَ أَصَابَت حرث قوم قَوْله {ظلمُوا أنفسهم} الْجُمْلَة فِي مَوضِع خفض نعت لقوم قَوْله {خبالا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {لَا يألونكم خبالا} فِي مَوضِع نصب نعت لبطانة وَكَذَلِكَ ودوا مَا عنتم وَلَا يحسن أَن يكون ودوا حَالا إِلَّا بإضمار قد لِأَنَّهُ مَاض قَوْله {هَا أَنْتُم} يجوز أَن تكون الْهَاء بَدَلا من همزَة وَيجوز أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 تكون هَا الَّتِي للتّنْبِيه إِلَّا فِي قِرَاءَة قنبل عَن ابْن كثير هأنتم بِهَمْزَة مَفْتُوحَة بعد الْهَاء فَلَا تكون إِلَّا بَدَلا من همزَة قَوْله {تحبونهم} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُبْهم أَو صلَة لَهُ أَن جعلته بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ مثل الَّذِي فِي الْبَقَرَة ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ وَقد شرح قَوْله {وتؤمنون} عطف على تحبونهم قَوْله {لَا يضركم} من شدده وَضم الْوَاو أحتمل أَن يكون مَجْزُومًا على جَوَاب الشَّرْط لكنه لما احْتَاجَ إِلَى تَحْرِيك المشدد حركه بِالضَّمِّ وَأتبعهُ ضم مَا قبله كَمَا قيل لم يردهَا بِالضَّمِّ وَقيل هُوَ مَرْفُوع على إِضْمَار الْفَاء وَقيل هُوَ مَرْفُوع على نِيَّة التَّقْدِيم قبل وَأَن تصبروا كَمَا قَالَ ... إِنَّك إِن يصرع أَخُوك تصرع ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 فَرفع تصرع على نِيَّة التَّقْدِيم وَالْأول أحْسنهَا على أَن فِيهِ بعض الأشكال وَقد حُكيَ عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ بِفَتْح الرَّاء مُشَدّدَة وَهُوَ أحسن من الضَّم وَمن خفف جزم الرَّاء لِأَنَّهُ جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ من ضاره يضيره وَحكى الْكسَائي يضوره فَوَجَبَ أَن يجوز ضم الضَّاد قَوْله {وَإِذ غَدَوْت} إِذْ فِي مَوضِع نصب باذكر مضمرة وَقَوله تبوىء الْمُؤمنِينَ فِي مَوضِع الْحَال من التَّاء فِي غَدَوْت قَوْله {إِذْ هَمت} إِذْ فِي مَوضِع نصب وَالْعَامِل فِيهِ سميع عليم وَقيل الْعَامِل فِيهِ تبوىء وَالْأول أحسن قَوْله {وَأَنْتُم أَذِلَّة} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي يضركم قَوْله {إِذْ تَقول} الْعَامِل فِي إِذْ يضركم قَوْله {أَن يمدكم} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل ليكفي تَقْدِيره ألن يكفيكم امداد ربكُم إيَّاكُمْ بِثَلَاثَة الآف قَوْله {منزلين} نعت لثَلَاثَة ومسومين نعت لخمسه قَوْله وَمَا جعله الله الْهَاء تعود على الامداد وَدلّ عَلَيْهِ يمددكم وَقيل تعود على المدد وهم الْمَلَائِكَة وَقيل تعود على التسويم وَدلّ عَلَيْهِ مسومين والتسويم والتعليم أَي معلمين تعرفونهم بالعلامة وَقيل تعود على الانزال دلّ عَلَيْهِ منزلين وَقيل تعود على الْعدَد دلّ عَلَيْهِ خَمْسَة آلَاف الْألف وَثَلَاثَة آلَاف وَذَلِكَ عدد قَوْله {ليقطع طرفا} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 تَقْدِيره ليقطع طرفا يضركم وَيجوز أَن تتَعَلَّق بيمدكم قَوْله {أَو يكبتهم} الأَصْل فِيهِ عِنْد كثير من الْعلمَاء يكبدهم ثمَّ أبدل من الدَّال تَاء كَمَا قَالُوا هرت الثَّوْب وهرده إِذا خرقه فَهُوَ مَأْخُوذ من أصَاب الله كبده بشر أَو حزن أَو غيظ قَوْله {أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم} هَذَا مَعْطُوف على ليقطع وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَقيل هُوَ نصب بإضمار أَن مَعْنَاهُ وَأَن يَتُوب أَو أَن يعذبهم قَوْله {أضعافا} نصب على الْحَال أَو مصدر فِي مَوضِع الْحَال ومضاعفة نَعته قَوْله {عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض نعت لجنة وَكَذَلِكَ أعدت لِلْمُتقين قَوْله {تجْرِي من تحتهَا} تجْرِي فِي مَوضِع رفع نعت لجنات قَوْله {خَالِدين} حَال من أُولَئِكَ قَوْله {قرح} من ضمه أَرَادَ ألم الْجراح وَمن فَتحه أَرَادَ الْجرْح نَفسه وَقيل هما لُغَتَانِ بِمَعْنى الْجراح قَوْله {نداولها} فِي مَوضِع نصب حَال من الْأَيَّام وَقَرَأَ مُجَاهِد {من قبل أَن تلقوهُ} بِضَم اللَّام من قبل جعلهَا غَايَة فَيكون مَوضِع أَن مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْمَوْت وَهُوَ بدل الاشتمال وَمن كسر لَام قبل فموضع أَن مَوضِع خفض بِإِضَافَة قبل إِلَيْهَا وَالْهَاء فِي تلقوهُ رَاجِعَة على الْمَوْت وَكَذَلِكَ الَّتِي فِي رَأَيْتُمُوهُ وَيَعْنِي بِالْمَوْتِ هُنَا لِقَاء الْعَدو لِأَنَّهُ من أَسبَاب الْمَوْت وَالْمَوْت بِنَفسِهِ لَا تعاين حَقِيقَته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 قَوْله {وَيعلم} نصب بإضمار أَن قَوْله {وَمَا كَانَ لنَفس أَن تَمُوت} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ إِلَّا بأذن الله الْخَبَر ولنفس تَبْيِين مقدم قَوْله {كتابا مُؤَجّلا} مصدر قَوْله {وكأين} هِيَ أَي دخلت عَلَيْهَا كَاف التَّشْبِيه فَصَارَ الْكَلَام بِمَعْنى كم وَثَبت فِي الْمَصَاحِف بعد الْيَاء نون لِأَنَّهَا كلمة نقلت عَن أَصْلهَا فالوقف عَلَيْهَا بالنُّون اتبَاعا للمصحف وَعَن أبي عمر وَأَنه وقف بِغَيْر نون على الأَصْل لِأَنَّهُ تَنْوِين فَأَما من أخر الْهمزَة وَجعله مثل فَاعل وَهُوَ ابْن كثير فَقيل أَنه فَاعل من الْكَوْن وَذَلِكَ بعيد لإتيان من بعده ولبنائه على السّكُون وَقيل هِيَ كَاف التَّشْبِيه دخلت على أَي وَكثر اسْتِعْمَالهَا بِمَعْنى كم فَصَارَت كلمة وَاحِدَة فقلبت الْيَاء قبل الْهمزَة فَصَارَت كيء فَخفف المشدد كَمَا خففوا مَيتا وهينا فَصَارَت كيء مثل فيعل فأبدلوا من الْيَاء الساكنة ألفا كَمَا أبدلوا فِي آيَة وَأَصلهَا أأيية فَصَارَت كأين وأصل النُّون التَّنْوِين فَالْقِيَاس حذفه فِي الْوَقْف وَلَكِن من وقف بالنُّون اعتل بِأَن الْكَلِمَة تَغَيَّرت وقلبت فَصَارَ التَّنْوِين حرفا من الأَصْل وَقَالَ بعض الْبَصرِيين الأَصْل فِي هَذِه الْقِرَاءَة وكأي ثمَّ قدمت إِحْدَى الياءين فِي مَوضِع الْهمزَة فتحركت بِالْفَتْح كَمَا كَانَت الْهمزَة فَصَارَت الْهمزَة سَاكِنة فِي مَوضِع الْيَاء الْمُتَقَدّمَة فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا قلبت ألفا وَالْألف سَاكِنة بعْدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 همزَة سَاكِنة فَكسرت الْهمزَة لالتقاء الساكنين وَبقيت إِحْدَى الياءين متطرفة فأذهبها التَّنْوِين بعد زَوَال حركتها استثقالا كَمَا تحذف يَاء قَاض وغاز فَصَارَت كاء مثل جَاءَ فَاعل من جَاءَ وَحكي هَذَا القَوْل عَن الْخَلِيل قَوْله {مَعَه ربيون} فِي مَوضِع خفض صفة لنَبِيّ إِذا أسندت الْقَتْل إِلَى النَّبِي وَجَعَلته صفة لَهُ وربيون على هَذَا مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ أَو بالظرف وَهُوَ أحسن لِأَن الظّرْف صفة لما قبله فَفِيهِ معنى الْفِعْل فيقوى الرّفْع بِهِ وَإِنَّمَا يضعف الرّفْع بالاستقرار إِذا لم يعْتَمد الظّرْف على شَيْء قبله كَقَوْلِك فِي الدَّار زيد فَإِن قلت مَرَرْت بِرَجُل فِي الدَّار أَبوهُ حسن رفع الْأَب بالاستقرار لاعتماد الظّرْف على مَا قبله فيتبين فِيهِ معنى الْفِعْل وَالْفِعْل أولى بِالْعَمَلِ من الِابْتِدَاء لِأَن الْفِعْل عَامل لَفْظِي والابتداء عَامل معنوي واللفظي أقوى من الْمَعْنَوِيّ فافهمه ليتبين لَك معنى الْآيَة وَالْهَاء فِي مَعَه تعود على نَبِي وَيجوز أَن تجْعَل مَعَه ربيون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من نَبِي أَو من الْمُضمر فِي قتل وَتَكون الْهَاء فِي مَعَه تعود على الْمُضمر فِي قتل وَمَعَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ تتَعَلَّق بِمَحْذُوف قَامَت مقَامه وَفِيه ذكر من الْمَحْذُوف كَأَنَّك قلت مُسْتَقر مَعَه ربيون فَإِن أسندت الْفِعْل إِلَى ربيون ارتفعوا بقتل وَصَارَ مَعَه مُتَعَلقا بقتل فَيصير قتل وَمَا بعده صفة لنَبِيّ وَفِي الْوَجْه الأول كَانَا صفتين لَهُ أَو قتل صفة وَمَعَهُ ربيون حَال من نَبِي أَو من الْمُضمر فِي قتل وَهُوَ أحسن فَأَما خبر كأين فَإنَّك إِذا أسندت قتل إِلَى نَبِي جعلت مَعَه ربيون الْخَبَر وان شِئْت جعلته صفة لنَبِيّ أَو حَالا من الْمُضمر فِي قتل أَو من نَبِي لِأَنَّك قد وَصفته على مَا ذَكرْنَاهُ وأضمرت الْخَبَر تَقْدِيره وكأين من نَبِي مضى أَو فِي الدُّنْيَا وَنَحْوه وَإِذا أسندت قتل إِلَى الربيين جعلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 قتل مَعَه ربيون الْخَبَر وان شِئْت جعلته صفة لنَبِيّ وأضمرت الْخَبَر كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ تَقْدِير هَذِه الْآيَة على قِرَاءَة من قَرَأَ قَاتل الْأَمر وَاحِد فيهمَا وكأين بِمَعْنى كم وَلَيْسَ فِي الْكَاف معنى تَشْبِيه فِي هَذَا وَهُوَ أَصْلهَا لَكِنَّهَا تَغَيَّرت عَنهُ وَجعلت مَعَ أَي كلمة وَاحِدَة تدل على مَا تدل عَلَيْهِ كم فِي الْخَبَر فَهِيَ زَوَال معنى التَّشْبِيه عَنْهَا بِمَنْزِلَة قَوْلك لَهُ كَذَا وَكَذَا أصل الْكَاف التَّشْبِيه لَكِنَّهَا جعلت مَعَ ذَا كلمة وَاحِدَة فَزَالَ معنى التَّشْبِيه مِنْهَا وَأَجَازَ الْفراء {بل الله مولاكم} بِالنّصب على معنى بل أطِيعُوا الله قَوْله {مَا لم ينزل} مَا مفعول بأشركوا قَوْله {أَمَنَة نعاسا} مفعول بأنزل ونعاسا بدل من آمِنَة وَقيل آمِنَة مفعول من أَجله ونعاس مَنْصُوب بأنزل قَوْله {وَطَائِفَة} ابْتِدَاء وَالْخَبَر قد أهمتهم وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَهَذِه الْوَاو قيل هِيَ وَاو الِابْتِدَاء وَقيل وَاو الْحَال وَقيل هِيَ بِمَعْنى إِذْ قَوْله {يظنون} {وَيَقُولُونَ} كِلَاهُمَا فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لطائفة أَو فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي أهمتهم قَوْله {كُله لله} من نَصبه جعله تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ وَللَّه خبر أَن وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ بدل من الْأَمر وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَللَّه خَبره وَالْجُمْلَة خبر أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 قَوْله {وليبتلي الله مَا فِي صدوركم} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره وليبتلي الله مَا فِي صدوركم فرض عَلَيْكُم الْقِتَال وليمحص عطف على وليبتلي قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} رَحْمَة مخفوضة بِالْبَاء وَمَا زَائِدَة للتوكيد وَقَالَ ابْن كيسَان مَا نكرَة فِي مَوضِع خفض بِالْبَاء وَرَحْمَة بدل من مَا أَو نعت لَهَا وَيجوز رفع رَحْمَة على أَن تجْعَل مَا بِمَعْنى الَّذِي وتضمر هُوَ فِي الصِّلَة وتحذفها كَمَا قرىء تَمامًا على الَّذِي أحسن وَالْهَاء فِي من بعده تعود على الله جلّ ذكره وَقيل تعود على الخذلان قَوْله {أَن يغل} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ فَمن قَرَأَ أَن يغل بِفَتْح الْيَاء وَضم الْغَيْن فَمَعْنَاه مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يخون أحدا فِي مغنم وَلَا غَيره وَمن قَرَأَ بِضَم الْيَاء وَفتح الْغَيْن مَعْنَاهُ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يُوجد غالا كَمَا تَقول أحمدت الرجل وجدته مَحْمُودًا وأحمقته وجدته أَحمَق وَقيل مَعْنَاهُ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يخان أَو يخونه أَصْحَابه فِي مغنم وَلَا غَيره قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} الَّذين فِي مَوضِع نصب على النَّعْت للَّذين نافقوا أَو على الْبَدَل أَو على إِضْمَار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ قَوْله {فرحين} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يرْزقُونَ وَلَو كَانَ فِي الْكَلَام لجَاز فَرِحُونَ على النَّعْت لأحياء قَوْله {أَلا خوف} أَن فِي مَوضِع خفض بدل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على معنى بِأَن لَا قَوْله {الَّذين اسْتَجَابُوا} ابْتِدَاء وَخَبره من بعد مَا أَصَابَهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الْقرح وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع خفض بَدَلا من الْمُؤمنِينَ أَو من الَّذين لم يلْحقُوا بهم قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} بدل من الَّذين اسْتَجَابُوا قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم} أَن تقوم مقَام مفعولي حسب وَالَّذين فاعلون وَمَا فِي إِنَّمَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من نملي هَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْبَاء وَخير خبر أَن وان شِئْت جعلت مَا ونملي مصدرا فَلَا تضمر هَاء تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَن الْإِمْلَاء خير لَهُم فَأَما من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَكسر أَن من إِنَّمَا فَإِنَّمَا يجوز على أَن يعلق حسب وَيقدر الْقسم كَمَا تفعل بلام الِابْتِدَاء فِي قَوْلك لَا يَحسبن زيد لأخوه أفضل من عَمْرو كَأَنَّك قلت وَالله لأخوه أفضل من عَمْرو فَأَما من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَهُوَ حَمْزَة فانه جعل الَّذين مَفْعُولا أول لتحسبن وَالْفَاعِل هُوَ الْمُخَاطب وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَجعل إِنَّمَا وَمَا بعْدهَا بَدَلا من الَّذين فيسد مسد المفعولين كَمَا مضى فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي هَذِه الْقِرَاءَة وَالْهَاء محذوفة من نملي وَلَا يحسن أَن تجْعَل أَن مَفْعُولا ثَانِيًا لحسب لِأَن الثَّانِي فِي هَذَا الْبَاب هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الأول فِي الْمَعْنى إِلَّا أَن تضمر محذوفا تَقْدِيره وَلَا تحسبن شَأْن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم فتجعل مَا ونملي مصدرا على هَذَا فَإِن لم تقدر محذوفا فجوازه على أَن تكون أَن بَدَلا من الَّذين ويسد مسد المفعولين وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وَفِي جَوَاز مَا وَالْفِعْل مصدر وان بدل من الَّذين نظر وَقد كَانَ فِي وَجه الْقِرَاءَة لمن قَرَأَ بِالتَّاءِ أَن يكسر إِنَّمَا فَتكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَلم يقْرَأ بِهِ أحد عَلمته وَقد قيل أَن من قَرَأَ بِالتَّاءِ فجوازه على التكرير تَقْدِيره لَا تحسبن الَّذين كفرُوا وَلَا تحسبن إِنَّمَا نملي لَهُم فَإِنَّمَا سدت مسد المفعولين لتحسب الثَّانِي وَهِي وَمَا عملت فِيهِ مفعول ثَان لتحسب الأول كَمَا أَنَّك لَو قلت الَّذين كفرُوا لَا تحسبن إِنَّمَا نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ لجَاز فَيدْخل تحسب الأول على الْمُبْتَدَأ قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ} من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ جعل الَّذين فاعلين لحسب وَحذف الْمَفْعُول الأول لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ وَهُوَ فاصلة وَخيرا مفعول ثَان تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله الْبُخْل خيرا لَهُم فَدلَّ يَبْخلُونَ على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 الْبُخْل فَجَاز حذفه فَأَما من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَهُوَ حَمْزَة فَأَنَّهُ جعل الْمُخَاطب هُوَ الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذين مفعول أول على تَقْدِير حذف مُضَاف وَإِقَامَة الَّذين مقَامه وَهُوَ فاصلة وَخيرا مفعول ثَان تَقْدِيره وَلَا تحسبن يَا مُحَمَّد بخل الَّذين يَبْخلُونَ خيرا لَهُم وَلَا بُد من هَذَا الْإِضْمَار ليَكُون الْمَفْعُول الثَّانِي هُوَ الأول فِي الْمَعْنى وفيهَا نظر لجَوَاز مَا فِي الصِّلَة تَفْسِير مَا قبل الصِّلَة على أَن فِي هَذِه الْقِرَاءَة مزية على الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ لِأَنَّك حذفت الْمَفْعُول وأبقيت الْمُضَاف إِلَيْهِ يقوم مقَامه وحذفت الْمَفْعُول فِي قِرَاءَة الْيَاء وَلم يبْق مَا يقوم مقَامه وَفِي الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ أَيْضا مزية على الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ وَذَلِكَ أَنَّك حذفت الْبُخْل بعد تقدم يَبْخلُونَ وَفِي الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ حذفت الْبُخْل قبل إتْيَان يَبْخلُونَ وَجعلت مَا فِي صلَة الَّذين تَفْسِير مَا قبل الصِّلَة والقراءتان متوازيتان فِي الْقُوَّة والضعف قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من الَّذين فِي قَوْله لقد سمع الله قَول الَّذين أَو فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار هم قَوْله {أَلا نؤمن} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن لَا نؤمن وَأَن تكْتب مُنْفَصِلَة من لَا أَن أدغمتها فِي الْكَلَام بغنة فان أدغمتها بِغَيْر غنة كتبتها مُتَّصِلَة هَذَا قَول الملهم صَاحب الْأَخْفَش وَقَالَ غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 بل تكْتب مُنْفَصِلَة على كل حَال وَقيل أَن قدرتها مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة كتبتها مُنْفَصِلَة لِأَن مَعهَا مضمرا يفصلها فِي النِّيَّة مِمَّا بعْدهَا وان قدرتها الناصبة للْفِعْل كتبتها مُتَّصِلَة إِذْ لَيْسَ بعْدهَا مُضْمر مُقَدّر قَوْله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون} من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ جعل الْفِعْل غير مُتَعَدٍّ وَالَّذين يفرحون فاعلون وَمن قَرَأَ فَلَا يحسبنهم بِالْيَاءِ جعله بَدَلا من لَا يَحسبن الَّذين يفرحون على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَالْفَاء فِي فَلَا زَائِدَة فَلم تمنع من الْبَدَل وَلما تعدى فَلَا يحسبنهم إِلَى مفعولين اسْتغنى بذلك عَن تعدى وَلَا يَحسبن الَّذين يفرحون لِأَن الثَّانِي بدل مِنْهُ فَوجه الْقِرَاءَة لمن قَرَأَ لَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِالْيَاءِ أَن يقْرَأ فَلَا يحسبنهم بِالْيَاءِ ليَكُون بَدَلا من الأول فيستغني بتعديه عَن تعدى الأول فَأَما من قَرَأَ الأول بِالْيَاءِ وَالثَّانِي بِالتَّاءِ فَلَا يحسن فِيهِ الْبَدَل لاخْتِلَاف فاعليهما وَلكم يكون مَفْعُولا الأول حذفا لدلَالَة مفعولي الثَّانِي عَلَيْهِمَا فَأَما من قَرَأَ وَلَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِالْيَاءِ وهم الْكُوفِيُّونَ فَإِنَّهُم أضافوا الْفِعْل إِلَى الْمُخَاطب وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذين يفرحون مفعول أول لحسب وَحذف الثَّانِي لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ وَهُوَ بمفازة من الْعَذَاب وَقد قيل أَن بمفازة من الْعَذَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الأول على تَقْدِير التَّقْدِيم فَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الثَّانِي محذوفا لدلَالَة الأول عَلَيْهِ تَقْدِيره لَا تحسبن يَا مُحَمَّد الَّذين يفرحون بِمَا أُوتُوا بمفازة من الْعَذَاب فَلَا تحسبنهم بمفازة من الْعَذَاب ثمَّ حذف الثَّانِي كَمَا تَقول ظَنَنْت زيدا ذَاهِبًا وظننت عمرا تُرِيدُ 2 ذَاهِبًا فتحذفه لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَيجوز أَن يكون تحسبنهم فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ بَدَلا من تحسبن الَّذين يفرحون فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ أَيْضا لِاتِّفَاق الفاعلين والمفعولين وَالْفَاء زَائِدَة لَا تمنع من الْبَدَل فَأَما من قَرَأَ الأول بِالتَّاءِ وَالثَّانِي بِالْيَاءِ فَلَا يحسن فِي الثَّانِي الْبَدَل لاخْتِلَاف فاعليهما وَلَكِن يكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الأول محذوفا لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ أَو يكون بمفازة من الْعَذَاب هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي لَهُ وَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لحسب الثَّانِي محذوفا كَمَا ذكرنَا أَولا قَوْله {وَإِنَّمَا توفون أجوركم} مَا كَافَّة لإن عَن الْعَمَل وَلَا يحسن أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي لِأَنَّهُ يلْزم رفع أجوركم وَلم يقْرَأ بِهِ أحد لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير وَإِن الَّذِي توفونه أجوركم كَمَا تَقول أَن الَّذِي أكرمته عَمْرو وَأَيْضًا فَإنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء قَوْله {الَّذين يذكرُونَ الله} الَّذين فِي مَوضِع خفض بدل من أولي أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على هم الَّذين وَوَاحِد أولي ذِي الْمُضَاف فَإِن كَانَ مَنْصُوبًا نَحْو يَا أولي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الْأَلْبَاب فواحدهم ذَا الْمُضَاف وَإِن كَانَ مَرْفُوعا نَحْو أولُوا بَقِيَّة فواحدهم ذُو الْمُضَاف وَقد ذكرنَا أَن وَاحِد أُولَئِكَ ذَا الْمُبْهم من قَوْلك هَذَا قَوْله {قيَاما وقعودا} حالان من الْمُضمر فِي يذكرُونَ قَوْله وعَلى جنُوبهم حَال مِنْهُ أَيْضا فِي مَوضِع نصب فَكَأَنَّهُ قَالَ ومضطجعين قَوْله ويتفكرون عطف على يذكرُونَ دَاخل فِي صلَة الَّذين قَوْله {بَاطِلا} مفعول من أَجله أَي للباطل قَوْله {سُبْحَانَكَ} مَنْصُوب على الْمصدر فِي مَوضِع تسبيحا أَي نسبحك تسبيحا وَمَعْنَاهُ ننزهك تَنْزِيها من السوء ونبرئك مِنْهُ تبرئة قَوْله {أَن آمنُوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْخَفْض أَي بِأَن آمنُوا قَوْله {وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} أَي توفنا ابرارا مَعَ الْأَبْرَار كَمَا قَالَ ... كَأَنَّك من جمال بني أقيش ... يقعقع خلف رجلَيْهِ بشن ... أَي كَأَنَّك جمل من جمال بني أقيش وَوَاحِد الْأَبْرَار بار وَيجوز أَن يكون واحدهم برا وَأَصله برر مثل كتف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 قَوْله {أَنِّي لَا أضيع عمل} أَن فِي مَوضِع نصب أَي بِأَنِّي وَقَرَأَ ابْن عمر إِنِّي بِالْكَسْرِ على تَقْدِير فَقَالَ إِنِّي لَا أضيع قَوْله {ثَوابًا من عِنْد الله} نصب على الْمصدر عِنْد الْبَصرِيين فَهُوَ مصدر مُؤَكد وَقَالَ الْكسَائي هُوَ مَنْصُوب على الْقطع أَي على الْحَال وَقَالَ الْفراء هُوَ مَنْصُوب على التَّفْسِير قَوْله {وَالله عِنْده حسن الثَّوَاب} الله مُبْتَدأ وَحسن ابْتِدَاء ثَان وَعِنْده خبر حسن وَحسن وَخَبره خبر عَن اسْم الله عز وَجل قَوْله {فَالَّذِينَ هَاجرُوا} مُبْتَدأ وَخَبره لأكفرن قَوْله {مَتَاع قَلِيل} رَفعه على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هُوَ مَتَاع أَو ذَلِك مَتَاع وَنَحْوه قَوْله {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لجنات وان شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي لَهُم إِذْ هُوَ كالفعل الْمُتَأَخر بعد الْفَاعِل أَن رفعت جنَّات بالإبتداء فَإِن رفعتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 بالإستقرار لم يكن فِي لَهُم ضمير مَرْفُوع إِذْ هُوَ كالفعل الْمُتَقَدّم على فَاعله فافهمه قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْمُضمر المخفوض فِي لَهُم وَالْعَامِل فِي الْحَال الناصب لَهَا أبدا هُوَ الْعَامِل فِي صَاحب الْحَال لِأَنَّهَا هُوَ قَوْله {نزلا} القَوْل فِيهِ وَالِاخْتِلَاف مثل ثَوابًا قَوْله {خاشعين} حَال من الْمُضمر فِي يُؤمن أَو فِي إِلَيْهِم وَكَذَلِكَ لَا يشْتَرونَ مثل خاشعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة النِّسَاء بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس} أَي نِدَاء مُفْرد وَلذَلِك ضم وضمه بِنَاء وَلَيْسَ بإعراب وموضعه مَوضِع نصب لِأَنَّهُ مفعول فِي الْمَعْنى وَالنَّاس نعت لأي وَهُوَ نعت لَا يسْتَغْنى عَنهُ لِأَنَّهُ هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَلَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ نَصبه على الْموضع كَمَا جَازَ فِي يَا زيد الظريف والظريف على الْموضع لِأَن هَذَا نعت قد يسْتَغْنى عَنهُ وَقَالَ الْأَخْفَش النَّاس صلَة لأي فَلذَلِك لَا يجوز حذفه وَلَا نَصبه وَأَجَازَ الْمَازِني نصب النَّاس قِيَاسا على يَا زيد الظريف قَوْله {والأرحام} من نَصبه عطفه على اسْم الله تَعَالَى أَي وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها وَيجوز أَن يكون عطفه على مَوضِع بِهِ كَمَا تَقول مَرَرْت بزيد وعمرا بعطفه على مَوضِع بزيد لِأَنَّهُ مفعول بِهِ فِي مَوضِع نصب وَإِنَّمَا ضعف الْفِعْل فتعدى بِحرف وَمن خفضه عطفه على الْهَاء فِي بِهِ وَهُوَ قَبِيح عِنْد سِيبَوَيْهٍ لِأَن الْمُضمر المخفوض بِمَنْزِلَة التَّنْوِين لِأَنَّهُ يُعَاقب التَّنْوِين فِي مثل غلامي وغلامك وداري ودارك وَنَحْوه وَيدل على أَنه كالتنوين إِنَّهُم حذفوا الْيَاء فِي النداء إِذْ هُوَ مَوضِع يحذف مِنْهُ التَّنْوِين تَقول يَا غُلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 أقبل فَلَا تعطف على مَا قَامَ مقَام التَّنْوِين كَمَا لَا تعطف على التَّنْوِين وَقَالَ الْمَازِني كَمَا لَا يعْطف الأول على الثَّانِي إِذْ لَا ينْفَرد بعد حرف الْعَطف كَذَلِك لَا يعْطف الثَّانِي على الأول فهما شريكان لَا يجوز فِي أَحدهمَا إِلَّا مَا يجوز فِي الآخر قَوْله {نحلة} مصدر وَقيل هُوَ مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {هَنِيئًا مريئا} حالان من الْهَاء فِي فكلوه تَقول هنأني ومرأني فان أفردت مرأني لم تقل إِلَّا أمرأني وَالضَّمِير الْمَرْفُوع فِي فكلوه يعود على الْأزْوَاج وَقيل على الْأَوْلِيَاء وَالْهَاء فِي فكلوه تعود على شَيْء قَوْله {قيمًا} من قَرَأَهُ بِغَيْر ألف جعله جمع قيمَة وَيدل على أَنه أعتل فَانْقَلَبت واوه يَاء لانكسار مَا قبلهَا وَلَو كَانَ مصدرا لم يعتل كَمَا لم يعتل الْحول والعور فَمَعْنَاه الَّتِي جعلهَا الله لكم قيمَة لأمتعتكم ومعايشكم وَإِنَّمَا قَالَ وَالَّتِي وَلم يقل اللَّاتِي لِأَنَّهُ جمع لَا يعقل فَجرى على لفظ الْوَاحِد كَمَا قَالَ فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم الَّتِي وَقَالَ جنَّات عدن الَّتِي وَلَو كَانَ لما يعقل لقَالَ اللَّاتِي كَمَا قَالَ وربائبكم اللَّاتِي وأمهاتكم اللَّاتِي وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب وَقد يجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 فِيمَا لَا يعقل اللَّاتِي وَفِيمَا يعقل الَّتِي وَقد قرىء أَمْوَالكُم اللَّاتِي بِالْجمعِ وَمن قَرَأَ قيَاما جعله اسْما من أَقَامَ الشَّيْء وَإِن شِئْت مصدرا لقام يقوم قيَاما وَقد يَأْتِي فِي مَعْنَاهُ قوام فَلَا يعتل قَالَ الْأَخْفَش فِيهِ ثَلَاث لُغَات الْقيام والقوام والقيم كَأَنَّهُ جعل من قَرَأَ قيمًا مصدرا أَيْضا قَوْله {مَا طَابَ لكم} مَا وَالْفِعْل مصدر أَي فانكحوا الطّيب أَي الْحَلَال وَمَا تقع لما لَا يعقل ولنعوت مَا يعقل فَلذَلِك وَقعت هُنَا لنعت مَا يعقل قَوْله {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} مثنى فِي مَوضِع نصب بدل من مَا وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ معدول عَن اثْنَيْنِ دَال على التكرير وَلِأَنَّهُ معدول عَن مؤنث لِأَن الْعدَد مؤنث وَقَالَ الْفراء لم ينْصَرف لِأَنَّهُ معدول عَن معنى الْإِضَافَة وَفِيه تَقْدِير دُخُول الْألف وَاللَّام وَجَاز صرفه فِي الْعدَد على أَنه نكرَة وَقَالَ الْأَخْفَش أَن سميت بِهِ صرفته فِي الْمعرفَة والنكرة لِأَنَّهُ قد زَالَ عَنهُ الْعدْل وَقيل لم ينْصَرف لِأَنَّهُ معدول عَن لَفظه وَعَن مَعْنَاهُ وَقيل امْتنع من الصّرْف لِأَنَّهُ معدول وَلِأَنَّهُ صفة وَقيل امْتنع لِأَنَّهُ معدول وَلِأَنَّهُ جمع وَقيل امْتنع لِأَنَّهُ معدول وَلِأَنَّهُ عدل على غير أصل الْعدْل لِأَن الأَصْل فِي الْعدْل إِنَّمَا هُوَ للمعارف وَهَذَا نكرَة بعد الْعدْل وَثَلَاث وَربَاع مثل مثنى فِي جَمِيع علله قَوْله {فَوَاحِدَة} من نصب فَمَعْنَاه فانكحوا وَاحِدَة وَقَرَأَ الْأَعْرَج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 بِالرَّفْع على تَقْدِير فَوَاحِدَة تقنع فَهُوَ ابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر قَوْله {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} عطف على فَوَاحِدَة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمَا ملكت مصدر فَلذَلِك وَقعت مَا لمن يعقل فَهُوَ لصفة من يعقل قَوْله {نفسا} تَفْسِير وتقديمه لَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ الْبَتَّةَ وَأَجَازَهُ الْمبرد والمازني إِذا كَانَ الْعَامِل متصرفا قَوْله {إسرافا} مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مصدر فِي مَوضِع الْحَال وبدارا مثله قَوْله {أَن يكبروا} أَن فِي مَوضِع نصب ببدار قَوْله {نَصِيبا مَفْرُوضًا} حَال وَقيل هُوَ مصدر مَوضِع الْحَال قَوْله {فارزقوهم مِنْهُ} الْهَاء تعود على الْمَقْسُوم لِأَن لفظ الْقِسْمَة دلّ عَلَيْهِ قَوْله {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب تَبْيِين للْوَصِيَّة وَتَفْسِير لَهَا قَوْله {فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ} فِي كَانَ اسْمهَا وَنسَاء خَبَرهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 تَقْدِيره فَإِن كَانَ المتروكات نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ وانما أعْطى للابنتين الثُّلُثَانِ بِالسنةِ وَدلَالَة النَّص فِي الْأُخْتَيْنِ أَن لَهما الثُّلثَيْنِ وَلَيْسَ فِي النَّص هَاهُنَا لَهما دَلِيل على أخذهما الثُّلثَيْنِ لَكِن فِي النَّص على الثُّلثَيْنِ للأختين دَلِيل إِذْ قد جعل الله الْأُخْت الْوَاحِدَة كالبنت الْوَاحِدَة وَبَين أَن للأختين الثُّلثَيْنِ وَسكت عَن البنتين فحملا على حكم الْأُخْتَيْنِ بِدَلِيل النَّص وَالسّنة قَوْله {وَإِن كَانَت وَاحِدَة} من رفع جعل كَانَ تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى خبر بِمَعْنى وَقع وَحدث فَرفع وَاحِدَة بِفِعْلِهَا وَهِي قِرَاءَة نَافِع وَحده وَمن نصب وَاحِدَة جعل كَانَ هِيَ النَّاقِصَة الَّتِي تحْتَاج إِلَى خبر فَجعل وَاحِدَة خَبَرهَا وأضمر فِي كَانَ أسمها تَقْدِيره وان كَانَت المتروكة وَاحِدَة قَوْله {السُّدس} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خَبره وَكَذَلِكَ الثُّلُث وَالسُّدُس وَكَذَلِكَ نصف مَا ترك وَكَذَلِكَ فلكم الرّبع وَكَذَلِكَ فَلَهُنَّ الرّبع وفلهن الثّمن وفلكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس قَوْله {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} أَي وَصِيَّة لَا دين مَعهَا لِأَن الدّين هُوَ الْمُقدم على الْوَصِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 قَوْله {نفعا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {فَرِيضَة من الله} نصب على الْمصدر قَوْله {وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة} كَانَ بِمَعْنى وَقع وَيُورث نعت لرجل وَرجل رفع بكان وكلالة نصب على التَّفْسِير وَقيل هُوَ نصب على الْحَال على أَن الْكَلَالَة هُوَ الْمَيِّت فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَقيل هُوَ نصب على أَنه نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره يُورث وراثة كَلَالَة على أَن الْكَلَالَة هُوَ المَال الَّذِي لَا يَرِثهُ ولد وَلَا وَالِد وَهُوَ قَول عَطاء وَقيل هُوَ خبر كَانَ على أَن الْكَلَالَة اسْم للْوَرَثَة وَتَقْدِيره ذَا كَلَالَة فَأَما من قَرَأَ يُورث بِكَسْر الرَّاء أَو بِكَسْرِهَا وَالتَّشْدِيد فكلالة مفعولة بيورث وَكَانَ بِمَعْنى وَقع قَوْله {غير مضار} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يُوصي قَوْله {وَصِيَّة} مصدر قَوْله {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لجنات قَوْله {خَالِدين} حَال من الْهَاء فِي يدْخلهُ وَإِنَّمَا جمع لِأَنَّهُ حمل على معنى من قَوْله {خَالِدا فِيهَا} حَال من الْهَاء فِي يدْخلهُ ووحد لِأَنَّهُ حمل على لفظ من وَلَو جعلت خَالِدا نعتا لنار لجَاز فِي الْكَلَام لكنك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 تظهر الضَّمِير الَّذِي فِي خَالِد فَتَقول خَالِدا هُوَ فِيهَا وسترى أصل هَذَا مُبينًا قَوْله {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الِاخْتِيَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ فِي اللَّذَان الرّفْع وان كَانَ معنى الْكَلَام الْأَمر لِأَنَّهُ لما وصل الَّذِي بِالْفِعْلِ تمكن معنى الشَّرْط فِيهِ إِذْ لَا يَقع على شَيْء بِعَيْنِه فَلَمَّا تمكن الشَّرْط والإبهام فِيهِ جرى مجْرى الشَّرْط فَلم يعْمل فِيهِ مَا قبله من الْإِضْمَار كَمَا لَا يعْمل فِي الشَّرْط مَا قبله من مُضْمر أَو مظهر فَلَمَّا بعد أَن يعْمل فِي اللَّذين مَا قبلهمَا من الْإِضْمَار لم يحسن الْإِضْمَار فَلَمَّا لم يحسن إِضْمَار الْفِعْل قبلهمَا لنصبهما رفعا بِالِابْتِدَاءِ كَمَا ترفع الشَّرْط وَالنّصب جَائِز على تَقْدِير إِضْمَار فعل لِأَنَّهُ إِنَّمَا أشبه الشَّرْط وَلَيْسَ الْمُشبه بالشَّيْء كالشيء فِي حكمه فَلَو وصلت الَّذين بظرف بعد شبهه بِالشّرطِ فَيصير النصب هُوَ الِاخْتِيَار إِذا كَانَ فِي الْكَلَام معنى الْأَمر وَالنَّهْي نَحْو قَوْلك اللَّذين عنْدك فأكرمهما النصب فِيهِ الِاخْتِيَار وَيجوز الرّفْع وَالرَّفْع فِيمَا وصل بِفعل الِاخْتِيَار وَيجوز النصب على إِضْمَار فعل يفسره الْخَبَر ويقبح أَن يفسره مَا فِي الصِّلَة وَلَو حذفت الْهَاء من الْخَبَر لم يحسن عمله فِي اللَّذين لِأَن الْفَاء منع من ذَلِك إِذْ مَا بعْدهَا مُنْقَطع مِمَّا قبلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 قَوْله {أَن ترثوا النِّسَاء كرها} أَن فِي مَوضِع رفع بيحل وَهُوَ نهي عَن تَزْوِيج الْمَرْأَة مُكْرَهَة وَهُوَ شَيْء كَانَ يَفْعَله أهل الْجَاهِلِيَّة فَيكون الابْن أَو الْقَرِيب أولى بِزَوْجَة الْمَيِّت من غَيره وان كرهت ذَلِك الْمَرْأَة وَكرها مصدر فِي مَوضِع الْحَال وَمثله بهتانا قَوْله {إِلَّا أَن يَأْتِين} أَن اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول فِي مَوضِع نصب قَوْله {فَعَسَى أَن تكْرهُوا} أَن فِي مَوضِع رفع بعسى لِأَن مَعْنَاهَا قربت كراهتكم لشَيْء وَجعل الله فِيهِ خيرا كثيرا فَأن وَالْفِعْل مصدر قَوْله {إِلَّا مَا قد سلف} مَا فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء مُنْقَطع قَوْله {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} أَن فِي مَوضِع رفع عطف على أُمَّهَاتكُم أَي وَحرم عَلَيْكُم الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ وَكَذَلِكَ وَالْمُحصنَات رفع عطف على أُمَّهَاتكُم قَوْله {كتاب الله عَلَيْكُم} نصب على الْمصدر على قَول سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ لما قَالَ حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم علم أَن ذَلِك مَكْتُوب فَكَأَنَّهُ قَالَ كتب الله عَلَيْكُم كتابا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ مَنْصُوب على الاغراء بعليكم وَهُوَ بعيد لِأَن مَا انتصب بالإغراء لَا يتَقَدَّم على مَا قَامَ مقَام الْفِعْل وَهُوَ عَلَيْكُم وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 تقدم فِي هَذَا الْموضع وَلَو كَانَ النَّص عَلَيْكُم كتاب الله لَكَانَ نَصبه على الإغراء أحسن من الْمصدر قَوْله {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء وَمَا ملكت مصدر وَلذَلِك وَقعت مَا لمن يعقل لِأَن المُرَاد بهَا صفة من يعقل وَمَا يسْأَل بهَا عَمَّا لَا يعقل وَعَن صِفَات من يعقل قَوْله {أَن تَبْتَغُوا} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله مَا وَرَاء ذَلِكُم أَو فِي مَوضِع رفع على قِرَاءَة من قَرَأَ وَأحل على مَا لم يسم فَاعله بدل من مَا أَيْضا قَوْله {محصنين} حَال من الْمُضمر فِي تَبْتَغُوا وَكَذَلِكَ غير مسافحين قَوْله {فَمَا استمتعتم بِهِ} مَا رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي شَرط وَجَوَابه فَآتُوهُنَّ وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء قَوْله {فَرِيضَة} حَال وَقيل مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {أَن ينْكح} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ تَقْدِيره إِلَى أَن ينْكح وَلِأَن ينْكح قَوْله {محصنات} حَال من الْهَاء وَالنُّون فِي مِنْهُنَّ وَكَذَا غير مسافحات وَكَذَا وَلَا متخذات أخدان قَوْله {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت} ذَلِك مُبْتَدأ وَمَا بعده خَبره أَي الرُّخْصَة فِي نِكَاح الْإِمَاء لمن خشِي الْعَنَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قَوْله {وَإِن تصبروا} أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخير خَبره تَقْدِيره وَالصَّبْر عَن تَزْوِيج الْإِمَاء خير لكم قَوْله {ضَعِيفا} نصب على الْحَال أَي خلق يغلبه هَوَاهُ وشهوته وغضبه وَرضَاهُ فَاحْتَاجَ إِلَى أَن يُخَفف الله عَنهُ قَوْله {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة} من رفع جعل كَانَ تَامَّة بِمَعْنى وَقع وَمن نصب جعلهَا خبر كَانَ وأضمر فِي كَانَ اسْمهَا تَقْدِيره إِلَّا أَن تكون الْأَمْوَال أَمْوَال تِجَارَة ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَقيل تَقْدِيره إِلَّا أَن تكون التِّجَارَة تِجَارَة وَالتَّقْدِير الأول أحسن لتقدم ذكر الْأَمْوَال وَأَن فِي قَوْله إِلَّا أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَمثل تِجَارَة قَوْله وان تَكُ حَسَنَة فِي الرّفْع وَالنّصب قَوْله {عُدْوانًا وظلما} مصدران فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ مُتَعَدِّيا ظَالِما قَوْله {مدخلًا} مصدر فَمن فتح الْمِيم جعله مصدر دخل وَمن ضمهَا جعله مصدر أَدخل وَقَوله ندخلكم يدل على أَدخل قَوْله {وَلكُل جعلنَا} الْمُضَاف إِلَيْهِ مَحْذُوف مَعَ كل تَقْدِيره وَلكُل أحد أَو نفس وَقيل تَقْدِيره وَلكُل شَيْء مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ جعلنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 موَالِي أَي وراثا لَهُ قَوْله {بِمَا حفظ الله} أَي بِحِفْظ الله لَهُنَّ وَقَرَأَ ابْن الْقَعْقَاع الله بِالنّصب على معنى بحفظهن الله قَوْله واهجروهن فِي الْمضَاجِع لَيْسَ فِي الْمضَاجِع ظرف للهجران إِنَّمَا هُوَ سَبَب للتخلف مَعْنَاهُ واهجروهن من أجل تخلفهن عَن المضاجعة مَعكُمْ قَوْله {الَّذين يَبْخلُونَ} فِي مَوضِع نصب بدل من من فِي قَوْله لَا يحب من كَانَ قَوْله {رئاء النَّاس} رئاء مفعول من أَجله وَيجوز أَن يكون مصدرا فِي مَوضِع الْحَال من الَّذين فَيكون وَلَا يُؤمنُونَ بِاللَّه مُنْقَطِعًا غير مَعْطُوف على يُنْفقُونَ لِأَن الْحَال من الَّذين غير دَاخل فِي صلته فَيُفَرق بَين الصِّلَة والموصول بِالْحَال أَن عطفت وَلَا يُؤمنُونَ على يُنْفقُونَ وان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي يُنْفقُونَ جَازَ أَن يكون وَلَا يُؤمنُونَ مَعْطُوفًا على يُنْفقُونَ دَاخِلا فِي الصِّلَة لِأَن الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 من الَّذين دَاخِلَة فِي الصِّلَة إِذْ هِيَ حَال لما هُوَ فِي الصِّلَة قَوْله {شَهِيدا} حَال من الْكَاف فِي بك ق قَوْله {يَوْمئِذٍ} الْعَامِل فِيهِ يود قَوْله {وَأَنْتُم سكارى} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تقربُوا وَلَا جنبا حَال أَيْضا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِلَّا عابري سَبِيل بِمَعْنى إِلَّا مسافرين فتتيممون للصَّلَاة وتصلون أَنْتُم جنب وَقيل مَعْنَاهُ إِلَّا مجتازين على أَن الصَّلَاة يُرَاد بهَا مَوضِع الصَّلَاة قَوْله {يشْتَرونَ الضَّلَالَة} فِي مَوضِع الْحَال من الَّذين وَمثله ويريدون قَوْله {وَكفى بِاللَّه} الْبَاء زَائِدَة وَالله فِي مَوضِع رفع بكفى وَإِنَّمَا زيدت الْبَاء مَعَ الْفَاعِل ليؤدي الْكَلَام معنى الْأَمر لِأَنَّهُ فِي مَوضِع اكتفوا بِاللَّه فدلت الْبَاء على هَذَا الْمَعْنى قَوْله {وليا} {ونصيرا} تفسيرين وان شِئْت حَالين قَوْله {من الَّذين هادوا} من مُتَعَلقَة بنصير أَي اكتفوا بِاللَّه ناصرا لكم من الَّذين هادوا قَوْله {يحرفُونَ} حَال من الَّذين هادوا فَلَا تقف على نَصِيرًا على هَذَا القَوْل وَقيل من الَّذين هادوا مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره من الَّذين هادوا قوم يحرفُونَ فَيتَعَلَّق من بِمَحْذُوف كَمَا تتَعَلَّق حُرُوف الْجَرّ إِذا كَانَت أَخْبَارًا وَقد مضى شرح هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 الأَصْل فَيكون يحرفُونَ نعتا للابتداء الْمَحْذُوف فتقف على نَصِيرًا فِي هَذَا القَوْل وَقيل من مُتَعَلقَة بالذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب بَين أَنهم من الَّذين هادوا فَلَا يقف على نَصِيرًا أَيْضا وَقيل التَّقْدِير من الَّذين من يحرف الْكَلم فَمن ابْتِدَاء مَحْذُوف وَمن الَّذين هادوا خبر مقدم فتقف على نَصِيرًا على هَذَا وَمثله فِي حذف من قَوْله وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم أَي من لَهُ مقَام مَعْلُوم قَوْله {غير مسمع} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي واسمع وَالْمرَاد فِي نياتهم لعنهم الله واسمع لاسمعت يظهرون أَنهم إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظ واسمع غير مسمع مَكْرُوها وَقيل إِنَّهُم يُرِيدُونَ غير مسمع مِنْك أَي غير مجاب قَوْله {ليا} مصدر وَأَصله لوي ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَقيل هُوَ مفعول من أَجله وَمثله وطعنا فِي الدّين قَوْله {وَلَو أَنهم قَالُوا} أَن بعد لَو فِي مَوضِع رفع أبدا بِالِابْتِدَاءِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَلم يجز سِيبَوَيْهٍ وُقُوع الِابْتِدَاء إِلَّا مَعَ أَن خَاصَّة لوُجُود لفظ الْفِعْل بعد أَن فان وَقع بعد لَو اسْم ارْتَفع بإضمار فعل عِنْده وَقَالَ غَيره أَن وَغَيرهَا لَا ترْتَفع بعد لَو إِلَّا بإضمار فعل قَوْله {إِلَّا قَلِيلا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلا وَإِنَّمَا قل لأَنهم يتمادون عَلَيْهِ وَلِأَن باطنهم خلاف مَا يظهرون وَلَو كَانَ على الِاسْتِثْنَاء لَكَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الْوَجْه رفع قَلِيل على الْبَدَل من الْمُضمر فِي يُؤمنُونَ فان جعلته مُسْتَثْنى من لعنهم لم يحسن لِأَن من كفر مَلْعُون لَا يسْتَثْنى مِنْهُم أحد قَوْله {كَمَا لعنا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره لعنا مثل لعنتنا لأَصْحَاب السبت قَوْله {سَبِيلا} نصب على التَّفْسِير وَقَوْلنَا نصب على التَّفْسِير وعَلى التَّمْيِيز سَوَاء إِلَّا أَن التَّمْيِيز يسْتَعْمل فِي الْأَعْدَاد قَوْله {فَإِذا لَا يُؤْتونَ} لَا يجوز عِنْد حذاق النَّحْوِيين أَن تكْتب إِذا إِلَّا بالنُّون لِأَنَّهَا مثل لن وَلَيْسَ فِي الْحُرُوف تَنْوِين وَأَجَازَ الْفراء أَن تكْتب بِالْألف وَإِذن هُنَا ملغاة غير عاملة لدُخُول فَاء الْعَطف عَلَيْهَا وَهِي الناصبة للْفِعْل عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِذا نصبت والناصب عِنْد الْخَلِيل أَن مضمرة قَوْله {من آمن بِهِ} وَمن صد عَنهُ كِلَاهُمَا مُبْتَدأ وَمَا قبل كل مُبْتَدأ خَبره قَوْله {سعيرا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ} الناصب لكلمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قَوْله بَدَّلْنَاهُمْ قَوْله {تجْرِي من تحتهَا} فِي مَوضِع نصب نعت لجنات قَوْله {خَالِدين فِيهَا} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي سندخلهم قَوْله {لَهُم فِيهَا أَزوَاج} ابْتِدَاء وَخَبره لَهُم وَالْجُمْلَة يحْتَمل موضعهَا من الْإِعْرَاب مَا يحْتَمل خَالِدين فِيهَا قَوْله {أَن تُؤَدُّوا} {أَن تحكموا} أَن فيهمَا فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض أَصله بِأَن تُؤَدُّوا وَبِأَن تحكموا قَوْله {وأولي الْأَمر} وَاحِد أولي ذَا الْمُضَاف لِأَنَّهُ مَنْصُوب وَوَاحِد أولو ذُو من غير لَفظه كَذَلِك وَاحِد أولات ذَات قَوْله {تَأْوِيلا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {صدودا} اسْم للمصدر عِنْد الْخَلِيل والمصدر الصد فَهُوَ نصب على الْمصدر قَوْله {إِلَّا قَلِيل} رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي فَعَلُوهُ وَقَرَأَ ابْن عَامر بِالنّصب على الِاسْتِثْنَاء وَهُوَ بعيد فِي النَّفْي لكنه كَذَلِك بِالْألف فِي مصاحف أهل الشَّام قَوْله {تثبيتا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {صراطا} مفعول ثَان لهدينا قَوْله {رَفِيقًا} وعليما تفسيران و الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 قَالَ الْأَخْفَش رَفِيقًا حَال وَأُولَئِكَ فِي مَوضِع رفع بِحسن قَوْله {فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا} حالان من الْمُضمر فِي انفروا فِي اللفظتين وثبات مفترقين وَاحِد هَا ثبة وتصغيرها ثبية فَأَما ثبة الْحَوْض وَهُوَ وَسطه فتصغيرها ثويبة قَوْله {فأفوز فوزا} نَصبه على جَوَاب التَّمَنِّي فِي قَوْله يَا لَيْتَني كنت مَعَهم قَوْله {كَأَن لم تكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة} اعْتِرَاض بَين القَوْل وَالْمقول وَلَيْسَ هُوَ من قَول الَّذِي أَبْطَأَ عَن الْجِهَاد وَالْمرَاد بِهِ التَّأْخِير بعد جَوَاب التَّمَنِّي ومودة اسْم تكن وَبَيْنكُم الْخَبَر وَلَا يحسن كَون يكون بِمَعْنى يَقع لِأَن الْكَلَام لَا يتم مَعْنَاهُ دون بَيْنكُم وَبَينه فَهُوَ الْخَبَر وَبِه تتمّ الْفَائِدَة قَوْله {وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله} لَا تقاتلون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من لكم كَمَا تَقول مَالك قَائِما وكما قَالَ الله فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين وفما لَهُم عَن التَّذْكِرَة معرضين وَمَا فِي جَمِيع ذَلِك مُبْتَدأ وَالْمَجْرُور خَبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 قَوْله {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} عطف على اسْم الله فِي مَوضِع خفض وَقيل هُوَ مَعْطُوف على سَبِيل قَوْله {الظَّالِم أَهلهَا} نعت للقرية وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك وَالظُّلم لَيْسَ لَهَا للعائد عَلَيْهَا من نعتها وانما وحد لجريانه على موحد وَلِأَنَّهُ لَا ضمير فِيهِ إِذْ قد رفع ظَاهرا بعده وَهُوَ الْأَهْل وَلَو كَانَ فِيهِ ضمير لم يجز استتاره ولظهر لِأَن اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ خَبرا أَو صفة أَو حَالا لغير من هُوَ لَهُ لم يسْتَتر فِيهِ ضمير الْبَتَّةَ وَلَا بُد من إِظْهَاره وَكَذَلِكَ أَن عطف على غير من هُوَ لَهُ وَالْفِعْل بِخِلَاف ذَلِك يسْتَتر فِيهِ الضَّمِير لقُوته وَأَن كَانَ خَبرا أَو صفة أَو حَالا لغير من هُوَ لَهُ فافهمه فَإِنَّهُ مُشكل غَرِيب لطيف الْمَعْنى قَوْله {إِذا فريق مِنْهُم} فريق رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمِنْهُم نعت لفريق فِي مَوضِع رفع ويخشون خبر الِابْتِدَاء قَوْله {كخشية الله} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره خشيَة مثل خشيتهم الله قَوْله {أَو أَشد} نصب عطف على الْكَاف قَوْله {أَيْنَمَا} أَيْن ظرف مَكَان فِيهِ معنى الِاسْتِفْهَام وَالشّرط وَدخلت مَا ليتَمَكَّن الشَّرْط وَيحسن وتكونوا جزم بِالشّرطِ ويدرككم جَوَابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 قَوْله {مَا أَصَابَك من حَسَنَة} {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة} مَا فيهمَا بِمَعْنى الَّذِي وَلَيْسَت للشّرط لِأَنَّهَا نزلت فِي شَيْء بِعَيْنِه وَهُوَ الجدب وَالْخصب وَالشّرط لَا يكون إِلَّا مُبْهما يجوز أَن يَقع وَيجوز أَن لَا يَقع وَإِنَّمَا دخلت الْفَاء للإبهام الَّذِي فِي الَّذِي مَعَ أَن صلته فعل فَدلَّ ذَلِك على أَن الْآيَة لَيست فِي الْمعاصِي والطاعات كَمَا قَالَ أهل الزيغ وَأَيْضًا فَإِن اللَّفْظ مَا أَصَابَك وَلم يقل مَا أصبت قَوْله {وأرسلناك للنَّاس رَسُولا} رَسُولا مصدر مُؤَكد بِمَعْنى ذَا رِسَالَة وشهيدا تَفْسِير وَقيل حَال وَمثله وَكيلا قَوْله {طَاعَة} رفع على خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره وَيَقُولُونَ أمرنَا طَاعَة وَيجوز فِي الْكَلَام النصب على الْمصدر قَوْله {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن} وَقَوله ليدبروا آيَاته وَله نَظَائِر فِي كتاب الله تَعَالَى كُله يدل على الحض فِي طلب مَعَاني الْقُرْآن والبحث عَن فَوَائده وَأَمْثَاله وَتَفْسِيره ومضمراته وعجائب مراداته وَأَحْكَامه وناسخه ومنسوخه فِي أشباه لذَلِك من علومه الَّتِي لَا تحصى وكل ذَلِك لَا سَبِيل إِلَى الإطلاع على حقائقه إِلَّا بِمَعْرِِفَة إعرابه وَتصرف حركاته وأبنيته قَوْله {لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا} قَلِيلا مَنْصُوب على الِاسْتِثْنَاء من الْجمع الْمُضمر فِي أذاعوا وَقيل من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَلَيْكُم على تَقْدِير لَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم بِأَن بعث فِيكُم رَسُوله فآمنتم بِهِ لكَفَرْتُمْ إِلَّا قَلِيلا مِنْكُم وهم الَّذين كَانُوا على الْإِيمَان قبل بعث الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام وَلَوْلَا يَقع بعْدهَا الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف ففضل مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف وإظهاره لَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 قَوْله {تَحِيَّة} وَزنهَا تفعلة وَأَصلهَا تحيية فألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْحَاء وأدغمت فِي الثَّانِيَة قَوْله {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} الله مُبْتَدأ وَلَا اله مُبْتَدأ ثَان وَخَبره مَحْذُوف وَالْجُمْلَة خبر عَن الله وَإِلَّا هُوَ بدل من مَوضِع لَا أَله قَوْله {فئتين} نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم كَمَا تَقول مَالك قَائِما قَوْله {كَمَا كفرُوا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي كفرا مثل كفرهم قَوْله {إِلَّا الَّذين يصلونَ} فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء من الْهَاء وَالْمِيم فِي واقتلوهم قَوْله {حصرت صُدُورهمْ} لَا تكون حصرت حَالا من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي جاءوكم إِلَّا أَن تضمر مَعَه قد فَإِن لم تضمر قد فَهُوَ دُعَاء كَمَا تَقول لعن الله الْكَافِر وَقيل حصرت فِي مَوضِع خفض نعت لقوم فَأَما من قَرَأَ حصرة بِالتَّنْوِينِ فَجعله اسْما فَهُوَ حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي جاءوكم وَلَو خفض على النَّعْت لقوم جَازَ قَوْله {أَن يُقَاتِلُوكُمْ} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {أَن يقتل} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وَإِلَّا خطأ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَمثله أَن فِي إِلَّا أَن يصدقُوا قَوْله {فَتَحْرِير رَقَبَة} ابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره فَعَلَيهِ تَحْرِير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 رَقَبَة ودية مسلمة مثله وَكَذَلِكَ فَصِيَام شَهْرَيْن أَي فَعَلَيهِ صِيَام شَهْرَيْن قَوْله {تَوْبَة من الله} نصب على الْمصدر أَو على الْمَفْعُول من أَجله وَالرَّفْع فِي الْكَلَام جَائِز على تَقْدِير ذَلِك تَوْبَة قَوْله {غير أولي الضَّرَر} من نصب غيرا فعلى الِاسْتِثْنَاء من القاعدين وان شِئْت من الْمُؤمنِينَ وَإِن شِئْت نصبته على الْحَال من القاعدين أَي لَا يستوى الْقَاعِدُونَ فِي حَال صحتهم وَمن رفع غيرا جعله نعتا للقاعدين لأَنهم غير مَعْنيين لم يقْصد بهم قوم بأعيانهم فصاروا كالنكرة فَجَاز أَن يوصفوا بِغَيْر وَجَاز الْحَال مِنْهُم لِأَن لَفظهمْ لفظ الْمعرفَة وَقد تقدم نَظِيره فِي نصب غير المغضوب وخفضه وَالْأَحْسَن أَن يكون الرّفْع فِي غير على الْبَدَل من القاعدين وَقد قَرَأَ أَبُو حَيْوَة غير بالخفض نعتا للْمُؤْمِنين وَقيل هُوَ بدل من الْمُؤمنِينَ قَوْله {وكلا وعد الله الْحسنى} كلا نصب بوعد قَوْله {أجرا} نصب بِفضل وَإِن شِئْت على الْمصدر قَوْله {دَرَجَات} نصب على الْبَدَل من أجر قَوْله {ظالمي أنفسهم} نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَوَفَّاهُم وحذفت النُّون للإضافة قَوْله {فيمَ كُنْتُم} حذفت ألف مَا لدُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا للْفرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 بَين الْخَبَر والاستفهام فتحذف الْألف فِي الِاسْتِفْهَام وَتثبت فِي الْخَبَر وَمثله عَم يتساءلون عَن النبأ الْعَظِيم وَلم أَذِنت وفبم تبشرون وَشبهه قَوْله {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} اسْتثِْنَاء فِي مَوضِع نصب من إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُسْتَضْعَفِينَ وَكَذَلِكَ وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا قَوْله {مُهَاجرا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يخرج قَوْله {أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ تَقْدِيره فِي أَن تقصرُوا قَوْله {عدوا} إِنَّمَا وحد وَقَبله جمع لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْمصدر وَتَقْدِيره كَانُوا لكم ذَوي عَدَاوَة قَوْله {قيَاما وقعودا} حالان من الْمُضمر فِي اذْكروا وَكَذَلِكَ وعَلى جنوبكم لِأَنَّهُ فِي مَوضِع مضطجعين قَوْله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ} بِالْحَقِّ فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب وَهِي حَال مُؤَكدَة وَلَا يجوز أَن يكون تعدِي إِلَيْهِ أنزلنَا بِحرف لِأَنَّهُ قد تعدى إِلَى مفعول بِغَيْر حرف وَإِلَى آخر بِحرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 قَوْله {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ جادلتم} هُوَ مثل قَوْله ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون وَقد مضى شَرحه وَالِاخْتِلَاف فِيهِ إِلَّا أَنَّك فِي هَذَا لَا تجْعَل جادلتم حَالا إِلَّا أَن تضمر مَعَه قد قَوْله {إِلَّا من أَمر بِصَدقَة} من فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع إِن جعلت نَجوَاهُمْ اسْما لما يتناجون بِهِ وَمعنى قَوْلنَا الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَالِاسْتِثْنَاء الَّذِي لَيْسَ من الأول هما شَيْء وَاحِد وان جعلت نَجوَاهُمْ بِمَعْنى جَمَاعَتهمْ الَّذين يتناجون كَانَت من فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من نَجوَاهُمْ وَهُوَ بدل بعض من كل قَوْله {ابْتِغَاء مرضات الله} ابْتِغَاء مفعول من أَجله قَوْله {وَسَاءَتْ مصيرا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {قيلا} نصب على التَّفْسِير أَيْضا يُقَال قيلا وقولا وَقَالا بِمَعْنى قَوْله {لَيْسَ بأمانيكم} اسْم لَيْسَ فِيهَا مُضْمر يعود على مَا ادَّعَت عَبدة الْأَوْثَان من أَنهم لن يبعثوا وعَلى مَا قَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هودا أَو نَصَارَى فَأنْزل الله لَيْسَ ذَلِك بأمانيكم يَا عَبدة الْأَوْثَان وَلَا بأماني أهل الْكتاب وَالْمعْنَى لَيْسَ الْكَائِن من أُمُوركُم يَوْم الْقِيَامَة مَا تتمنون وَقيل تَقْدِيره لَيْسَ ثَوَاب الله بأمانيكم قَوْله {حَنِيفا} حَال من الْمُضمر فِي اتبع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قَوْله {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم} مَا فِي مَوضِع رفع عطف على اسْم الله تَعَالَى أَي الله يفتيكم والمتلو فِي الْكتاب يفتيكم وَهُوَ الْقُرْآن قَوْله {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} مخفوض عطف على يتامى النِّسَاء وَمثله أَن فِي قَوْله وَأَن تقوموا التَّقْدِير الله يفتيكم فِي النِّسَاء وَالْقُرْآن الَّذِي يُتْلَى عَلَيْكُم فِي يتامى النِّسَاء وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ من الْولدَان وَفِي أَن تقوموا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ يفتيكم أَيْضا وَهُوَ مَا قصه الله من ذكر الْيَتَامَى فِي أول السُّورَة وَقَالَ الْفراء مَا فِي وَمَا يُتْلَى فِي مَوضِع خفض عطف على الضَّمِير فِي فِيهِنَّ وَذَلِكَ غير جَائِز عِنْد الْبَصرِيين لِأَنَّهُ عطف ظَاهر على مُضْمر مخفوض وَقيل مَا رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر يفتيكم وَهُوَ مَحْذُوف قَوْله {وترغبون أَن تنكحوهن} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض تَقْدِيره فِي أَن تنكحوهن قَوْله {وَإِن امْرَأَة} رفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وان خَافت امْرَأَة خَافت وَقد تقدم شَرحه وَهِي رفع بِالِابْتِدَاءِ عِنْد غَيره قَوْله {أَن يصالحا} مثل أَن تنكحوهن أَي فِي أَن يصالحا قَوْله {صلحا} مصدر على تَقْدِير إِلَّا أَن يصالحا بَينهمَا فيصلح الْأَمر صلحا قَوْله {أَن اتَّقوا الله} أَي بِأَن اتَّقوا الله قَوْله {شُهَدَاء} نعت لقوامين أَو خبر ثَان وَيجوز أَن يكون حَالا من الْمُضمر فِي قوامين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 قَوْله {أَن تعدلوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي فِي أَن لَا تعدلوا وَلَا مقدرَة قَوْله {وَإِن تلووا} من قَرَأَ بِضَم اللَّام وواو وَاحِدَة احْتمل أَن يكون من ولي يَلِي وَأَصله توليوا ثمَّ أعل بِحَذْف الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة ثمَّ ألْقى حَرَكَة الْيَاء على اللَّام وَحذف الْيَاء لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا وَيحْتَمل أَن يكون من لوى يلوي فأصله تلووا كَقِرَاءَة الْجَمَاعَة إِلَّا أَنه أبدل من الْوَاو الأولى همزَة لانضمامها وَألقى حركتها على اللَّام فَصَارَت مَضْمُومَة قَوْله {بهما} مثنى وَقَبله الْإِيجَاب لأحد الشَّيْئَيْنِ بِأَو وأو عِنْد الْأَخْفَش فِي مَوضِع الْوَاو وَقيل تَقْدِيره أَن يكون الخصمان غَنِيَّيْنِ أَو فقيرين فَالله أولى بهما وَقيل هُوَ مثل قَوْله وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا وَقيل لما كَانَ الْمَعْنى فَالله أولى بغنى الْغَنِيّ وفقر الْفَقِير رد الضَّمِير عَلَيْهِمَا وَقيل إِنَّمَا رَجَعَ الضَّمِير إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لم يقْصد قصد فَقير بِعَيْنِه وغني بِعَيْنِه قَوْله {أَن إِذا سَمِعْتُمْ} أَن فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 فَاعله على قِرَاءَة من قَرَأَ نزل بِالضَّمِّ فَأَما من قَرَأَ بِالْفَتْح فَأن مفعول بِهِ بِنزل قَوْله {كسَالَى} حَال من الْمُضمر فِي قَامُوا وَكَذَلِكَ يراءون حَال أَيْضا وَمثله وَلَا يذكرُونَ وَمثله مذبذبين حَال من الْمُضمر فِي يذكرُونَ وَمعنى مذبذبين مضطربين لَا مَعَ الْمُسلمين وَلَا مَعَ الْكَافرين قَوْله {فَأُولَئِك مَعَ الْمُؤمنِينَ} أُولَئِكَ مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره فَأُولَئِك مُؤمنُونَ مَعَ الْمُؤْمِنُونَ قَوْله {مَا يفعل الله} مَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع نصب بيفعل قَوْله {إِلَّا من ظلم} من فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمَعْنى لِأَن معنى الْكَلَام لَا يحب الله أَن يجْهر أحد بالسوء إِلَّا من ظلم فَجعل من بَدَلا من أحد الْمقدرَة قَوْله {بَين ذَلِك سَبِيلا} ذَلِك تقع إِشَارَة لوَاحِد ولإثنين ولجماعة فَلذَلِك أَتَت إِشَارَة بعد شَيْئَيْنِ فِي هَذِه الْآيَة وهما نؤمن بِبَعْض ونكفر بِبَعْض وَمَعْنَاهُ يُرِيدُونَ أَن يتخذوا طَرِيقا بَين الْإِيمَان وَالْكفْر قَوْله {جهرة} حَال من الْمُضمر فِي قَالُوا أَي قَالُوا ذَلِك مجاهرين وَيجوز أَن يكون نعتا لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره رُؤْيَة جهرة قَوْله {سجدا} حَال من الْمُضمر فِي ادخُلُوا قَوْله {فبمَا نقضهم ميثاقهم} مَا زَائِدَة للتَّأْكِيد ونقضهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 خفض بِالْبَاء وَقيل مَا نكرَة فِي مَوضِع خفض ونقضهم بدل من مَا قَوْله {بهتانا} حَال وَقيل مصدر قَوْله {إِلَّا اتِّبَاع الظَّن} نصب على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي لَيْسَ من الأول وَيجوز فِي الْكَلَام رَفعه على الْبَدَل من مَوضِع من علم لِأَن من زَائِدَة وَعلم رفع بِالِابْتِدَاءِ قَوْله {يَقِينا} فِيهِ تقديران قيل قَالَ الله هَذَا قولا يَقِينا وَقيل وَمَا علموه علما يَقِينا قَوْله {كثيرا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَي صدودا كثيرا قَوْله {والمقيمين الصَّلَاة} انتصب على الْمَدْح عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْكسَائي هُوَ فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي قَوْله بِمَا أنزل إِلَيْك وَهُوَ بعيد لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وبالمقيمين الصَّلَاة وَإِنَّمَا يجوز أَن تجْعَل المقيمين الصَّلَاة هم الْمَلَائِكَة فتخبر عَن الراسخين فِي الْعلم وَعَن الْمُؤمنِينَ بِمَا أنزل الله على مُحَمَّد ويؤمنون بِالْمَلَائِكَةِ الَّذين من صفتهمْ إِقَامَة الصَّلَاة لقَوْله يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون وَقيل المقيمين معطوفون على الْكَاف فِي قبلك أَي وَمن قبل المقيمين الصَّلَاة وَهُوَ بعيد لِأَنَّهُ عطف ظَاهر على مُضْمر مخفوض وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْهَاء وَالْمِيم فِي مِنْهُم وكلا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ عطف ظَاهر على مُضْمر مخفوض وَقيل هُوَ عطف على قبل كَأَنَّهُ قَالَ وَقبل المقيمين ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَمن جعل نصب المقيمين على الْمَدْح جعل خبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 الراسخين يُؤمنُونَ فَإِن جعل الْخَبَر أُولَئِكَ سنؤتيهم لم يجز نصب المقيمين على الْمَدْح لِأَن الْمَدْح لَا يكون إِلَّا بعد تَمام الْكَلَام قَوْله {والمؤتون الزَّكَاة} رفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ على الِابْتِدَاء وَقيل على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي وهم المؤتون وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْمُضمر فِي مقيمين وَقيل على الْمُضمر فِي يُؤمنُونَ وَقيل على الراسخين قَوْله {كَمَا أَوْحَينَا} الْكَاف نعت لمصدر مَحْذُوف أَي إيحاء كَمَا قَوْله {ورسلا قد قصصناهم} نصب بإضمار فعل أَي وقصصنا رسلًا قد قصصناهم عَلَيْك من قبل وَقيل هُوَ مَحْمُول على الْمَعْنى عطف على مَا قبله لِأَن معنى أَوْحَينَا أرسلنَا فَيصير تَقْدِيره إِنَّا أَرْسَلْنَاك رسلًا قَوْله {رسلًا مبشرين} رسلًا بدل من ورسلا وَقيل هُوَ نصب على إِضْمَار فعل أَي أرسلنَا رسلًا مبشرين وَقيل هُوَ حَال ومبشرين ومنذرين نعت لرسل قَوْله {فآمنوا خيرا لكم} خيرا مَنْصُوب عِنْد سِيبَوَيْهٍ على إِضْمَار فعل تَقْدِيره ائْتُوا خيرا لكم لِأَن آمنُوا دلّ على إخراجهم من أَمر وإدخالهم فِيمَا هُوَ خير مِنْهُ لَهُم وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الْفراء هُوَ نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره فآمنوا إِيمَانًا خيرا لكم وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره فآمنوا يكن خيرا لكم أَي يكن الْإِيمَان خيرا لكم قَوْله {وَلَا تَقولُوا ثَلَاثَة} ثَلَاثَة خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره آلِهَتنَا ثَلَاثَة قَوْله {انْتَهوا خيرا لكم} خيرا عِنْد سِيبَوَيْهٍ انتصب بإضمار الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره لِأَنَّك إِذا قلت انته فَأَنت تخرجه من أَمر وتدخله فِي أَمر آخر فكأنك قلت أئت خيرا لَك وَقَالَ الْفراء هُوَ نعت لمصدر محذوفة تَقْدِيره انْتَهوا انْتِهَاء خيرا لكم وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ خبر كَانَ مَحْذُوف تَقْدِيره انْتَهوا يكن خيرا لكم وَحكي عَن بعض الْكُوفِيّين أَن نَصبه على الْحَال وَهُوَ بعيد قَوْله {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} مَا كافه لِأَن عَن الْعَمَل وَالله مُبْتَدأ واله خَبره وَوَاحِد نعت تَقْدِيره إِنَّمَا الله مُنْفَرد فِي الاهيته وَقيل وَاحِد تَأْكِيد بِمَنْزِلَة لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ وَيجوز أَن يكون إِلَه بَدَلا من الله وَوَاحِد خَبره تَقْدِيره إِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 المعبود وَاحِد سُبْحَانَهُ نصب على الْمصدر قَوْله {أَن يكون} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ تَقْدِيره سُبْحَانَهُ على أَن يكون وَمن أَن يكون أَي تَنْزِيها لَهُ من ذَلِك وَبَرَاءَة لَهُ قَوْله وَكيلا نصب على الْبَيَان وان شِئْت على الْحَال وَمعنى وَكيل كَاف لأوليائه قَوْله {أَن يكون عبدا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ أَي من أَن يكون قَوْله {ويهديهم إِلَيْهِ صراطا} صراطا نصب على إِضْمَار فعل تَقْدِيره يعرفهُمْ صراطا وَدلّ يهْدِيهم على الْمَحْذُوف وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا ثَانِيًا ليهديهم تَقْدِيره ويهديهم صراطا مُسْتَقِيمًا إِلَى ثَوَابه وجزائه قَوْله {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} إِنَّمَا ثني الضَّمِير فِي كَانَتَا وَلم يتَقَدَّم إِلَّا ذكر وَاحِدَة لِأَنَّهُ مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن تَقْدِيره عِنْد الْأَخْفَش فَإِن كَانَ من ترك اثْنَتَيْنِ ثمَّ ثنى الضَّمِير على معنى من قَوْله {أَن تضلوا} أَن فِي مَوضِع نصب بيبين إِذْ مَعْنَاهُ يبين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 الله لكم الضلال لتجتنبوه وَقيل لَا مقدرَة محذوفة من الْكَلَام تَقْدِيره يبين الله لكم لِئَلَّا تضلوا وَقيل مَعْنَاهُ كَرَاهَة أَن تضلوا فَهِيَ مفعول من أَجله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْمَائِدَة قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من بَهِيمَة قَوْله {غير محلي الصَّيْد} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أَوْفوا وَقيل من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم قَوْله {وَأَنْتُم حرم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي محلين وَنون محلين سَقَطت لِإِضَافَتِهِ إِلَى الصَّيْد قَوْله {يَبْتَغُونَ} فِي مَوضِع نصب لآمين قَوْله {أَن صدوكم} من كسر أَن مَعْنَاهُ إِن وَقع صد لكم فَلَا يكسبنكم بعض من صدكم أَن تَعْتَدوا فالصد منتظر وَدلّ على ذَلِك أَن فِي حرف ابْن مَسْعُود إِن يصدوكم فَالْمَعْنى إِن وَقع صد مثل الَّذِي فعل بكم أَولا فَلَا تَعْتَدوا وَمثله عِنْد سِيبَوَيْهٍ قَول الشَّاعِر ... أتغضب إِن أذنا قُتَيْبَة حزتا ... وَذَلِكَ شَيْء قد كَانَ وَقع وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِن وَقع مثل ذَلِك أتغضب وَجَوَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الشَّرْط مَا قبله وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح فَإِن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله وَعَلِيهِ أَتَى التَّفْسِير لِأَن الصد قد كَانَ وَقع قبل نزُول الْآيَة لِأَن الْآيَة نزلت عَام الْفَتْح سنة ثَمَان وَصد الْمُشْركُونَ الْمُسلمين عَن الْبَيْت الْحَرَام عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ فالفتح بَابه وَعَلِيهِ يدل التَّفْسِير والتاريخ لِأَن الْكسر يدل على أَمر لم يَقع وَالْفَتْح يدل على أَمر قد وَقع وَكَانَ وانقضى وَنَظِير ذَلِك لَو قَالَ رجل لامْرَأَته وَقد دخلت دَاره أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار فَكسر إِن لم تطلق عَلَيْهِ بِدُخُولِهَا الأول لِأَنَّهُ أَمر ينْتَظر وَلَو فتح لطلقت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمر قد كَانَ وَفتح إِن إِنَّمَا هُوَ علمه لما كَانَ وَوَقع وَكسرهَا إِنَّمَا يدل على أَمر ينْتَظر قد يكون أَو لَا يكون الْوَجْهَانِ حسنان على معنيهما قَوْله {أَن تَعْتَدوا} أَن فِي مَوضِع نصب بيجر مِنْكُم وَشَنَآن مصدر وَهُوَ الْفَاعِل ليجرمنكم وَالنَّهْي وَاقع فِي اللَّفْظ على الشنآن وَيَعْنِي بِهِ المخاطبون كَمَا تَقول لَا أرينك هَاهُنَا فالنهي فِي اللَّفْظ عَن الْمُتَكَلّم وَالْمرَاد بِهِ الْمُخَاطب وَمثله فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وَمثله لَا يجرمنكم شقاقي وَمن اسكن الشنآن جعلهَا اسْما قَوْله {فَمن اضْطر} من ابْتِدَاء وَهِي شَرط وَالْجَوَاب فان الله غَفُور رَحِيم وَهُوَ الْخَبَر وَمَعَهُ مُضْمر مَحْذُوف تَقْدِيره فان الله لَهُ غَفُور رَحِيم قَوْله {مَاذَا أحل لَهُم} مَا وَذَا اسْم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَأحل لَهُم الْخَبَر وان شِئْت جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي فَيكون هُوَ خبر الِابْتِدَاء وَأحل لَهُم صلته وَلَا يعْمل يَسْأَلُونَك فِي مَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَلَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله قَوْله {مكلبين} حَال من التَّاء وَالْمِيم فِي علمْتُم قَوْله {محصنين} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي آتَيْتُمُوهُنَّ وَمثله غير مسافحين وَمثله وَلَا متخذي أخدان وَهُوَ عطف على غير مسافحين وَلَا تعطفه على محصنين لدُخُول لَا مَعَه تَأْكِيدًا للنَّفْي الْمُتَقَدّم وَلَا نفي مَعَ محصنين وان شِئْت جعلت غير مسافحين وَلَا متخذي نعتا لمحصنين أَو حَالا من الْمُضمر فِي محصنين قَوْله {وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} الْعَامِل فِي الظّرْف مَحْذُوف تَقْدِيره وَهُوَ خاسر فِي الْآخِرَة وَدلّ على الْحَذف قَوْله من الخاسرين فَإِن جعلت الْألف وَاللَّام فِي الخاسرين ليستا بِمَعْنى الَّذِي جَازَ أَن يكون الْعَامِل فِي الظّرْف الخاسرين قَوْله {وأرجلكم} من نَصبه عطفه على الْأَيْدِي وَالْوُجُوه وَمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 خفضه عطفه على الرؤوس وأضمر مَا يُوجب الْغسْل فالآية محكمَة كَأَنَّهُ قَالَ وأرجلكم غسلا وَقَالَ الْأَخْفَش وَأَبُو عُبَيْدَة الْخَفْض فِيهِ على الْجوَار وَالْمعْنَى الْغسْل وَهُوَ بعيد لَا يحمل الْقُرْآن عَلَيْهِ وَقَالَ جمَاعَة هُوَ عطف على الرؤوس وَالْآيَة مَنْسُوخَة بِالسنةِ بِإِيجَاب غسل الأرجل وَهِي مَنْسُوخَة على هَذِه الْقِرَاءَة وَقيل هُوَ عطف على الرؤوس مُحكم اللَّفْظ لَكِن التَّحْدِيد يدل على الْغسْل فَلَمَّا حد غسل الأرجل إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا حد غسل الْأَيْدِي إِلَى الْمرْفقين علم أَنه غسل كالأيدي وَقيل الْمسْح فِي اللُّغَة يَقع بِمَعْنى الْغسْل يُقَال تمسحت للصَّلَاة أَي تَوَضَّأت فبينت السّنة أَن المُرَاد بمسح الأرجل إِذا خفضت الْغسْل قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا} من جعل الصَّعِيد الأَرْض أَو وَجه الأَرْض نصب صَعِيدا على الظّرْف وَمن جعل الصَّعِيد التُّرَاب نَصبه على أَنه مفعول بِهِ حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ أَي بصعيد وطيبا نَعته أَي نظيفا وَقيل الطّيب مَعْنَاهُ الْحَلَال فَيكون نَصبه على الْمصدر أَو على الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 قَوْله {شُهَدَاء} حَال من الْمُضمر فِي قوامين وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لَكَانَ وَقيل هُوَ نعت لقوامين قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا} أصل وعد أَن يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا وَكَذَلِكَ وَقع فِي هَذِه الْآيَة يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد هُوَ الَّذين ثمَّ فسر الْمَفْعُول الْمَحْذُوف وَهُوَ الْعدة بقوله لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم قَوْله {فبمَا نقضهم} كَالَّذي فِي النِّسَاء قَوْله {يحرفُونَ} حَال من أَصْحَاب الْقُلُوب قَوْله {إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم} اسْتثِْنَاء من الْهَاء وَالْمِيم فِي مِنْهُم قَوْله {وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم} من مُتَعَلقَة بأخذنا أَي وأخذنا من الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ميثاقهم مثل قَوْلك من زيد أخذت درهما وَلَا يجوز أَن تنوي بالذين التَّأْخِير بعد الْمِيثَاق لتقدم الْمُضمر على الْمظهر إِنَّمَا تنوي بِهِ أَن يكون بعد أَخذنَا وَقبل الْمِيثَاق لِأَنَّهُمَا مفعولان لأخذنا فَلَيْسَ لأَحَدهمَا مزية فِي التَّقْدِيم على الْأُخَر وَالْهَاء وَالْمِيم يعودان على الَّذين وَلَيْسَ مَوضِع الَّذين أَن يكون بعد ميثاقهم فَلذَلِك جَازَ أَلا ترى أَنَّك لَو قلت ضرب غُلَامه زيدا لم يجز وَلَا يجوز أَن تنوي بالغلام التَّأْخِير لِأَنَّهُ فِي حَقه ورتبته إِذْ حق الْفَاعِل أَن يكون قبل الْمَفْعُول فَلَا يَنْوِي بِهِ غير مَوْضِعه فَإِن نصبت الْغُلَام وَرفعت زيدا جَازَ لِأَنَّك تنوي بالغلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَالضَّمِير التَّأْخِير لِأَن التَّأْخِير هُوَ مَوْضِعه فتنوي بِهِ مَوْضِعه بعد الْفَاعِل وَمنع الْكُوفِيُّونَ أَكثر هَذَا وقدروا الْآيَة على الْحَذف تقديرها عِنْدهم وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى من أَخذنَا ميثاقهم فالهاء وَالْمِيم يعودان على من المحذوفة وَهِي الْمقدرَة قبل الْمُضمر وَجَاز عِنْدهم حذف من كَمَا جَازَ فِي قَوْله وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام أَي من لَهُ وكما قَالَ من الَّذين هادوا يحرفُونَ أَي من يحرفُونَ قَوْله {يبين لكم} يبين فِي مَوضِع الْحَال من رَسُولنَا وَمثله الثَّانِي وَمثله يعْفُو قَوْله {يهدي بِهِ الله} يهدي فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لكتاب وان شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْحَال من كتاب لِأَنَّك قد نَعته بمبين فَقرب من الْمعرفَة فحسنت الْحَال مِنْهُ وَمثله ويخرجهم ويهديهم قَوْله {سبل السَّلَام} مفعول حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ أَي إِلَى سبل السَّلَام قَوْله {أَن تَقولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {خاسرين} حَال من الْمُضمر فِي تنقلبوا قَوْله {أنعم الله} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يخَافُونَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لِرجلَيْنِ وَكَذَلِكَ قَوْله من الَّذين يخَافُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 قَوْله {أبدا} ظرف زمَان وماداموا بدل من أبدا وَهُوَ بدل بعض من كل قَوْله {إِلَّا نَفسِي وَأخي} أخي فِي مَوضِع نصب عطف على نَفسِي وان شِئْت عطفته على اسْم أَن ويحذف خَبره لدلَالَة الأول عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ وان أخي لَا يملك إِلَّا نَفسه وان شِئْت جعلت الْأَخ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ عطف على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ وتضمر الْخَبَر كَالْأولِ وان شِئْت عطفته على الْمُضمر فِي أملك فَيكون فِي مَوضِع رفع قَوْله {أَرْبَعِينَ سنة} أَرْبَعِينَ ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ يتيهون على أَن تجْعَل التَّحْرِيم لَا أمد لَهُ كَمَا جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه لم يدخلهَا أحد مِنْهُم وَإِنَّمَا دَخلهَا أبناؤهم وماتوا كلهم فِي التيه فَيكون يتيهون على هَذَا القَوْل حَالا من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم وَلَا تقف على عَلَيْهِم فِي هَذَا القَوْل إِلَّا أَن تجْعَل يتيهون مُنْقَطِعًا مِمَّا قبله فتقف على عَلَيْهِم وان جعلت للتَّحْرِيم أمدا وَهُوَ أَرْبَعُونَ سنة نصبت أَرْبَعِينَ بمحرمة وَيكون يتيهون حَالا من الْهَاء وَالْمِيم أَيْضا فِي عَلَيْهِم وَلَا يجوز الْوَقْف على هَذَا القَوْل على عَلَيْهِم الْبَتَّةَ وَلَا تقف على أَرْبَعِينَ سنة فِي القَوْل الأول الْبَتَّةَ وتقف عَلَيْهِ فِي هَذَا القَوْل إِن جعلت يتيهون مُنْقَطِعًا غير حَال قَوْله {إِنِّي أُرِيد} وَإِنِّي وَإِنَّا وَأَنا وَلَكِنِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وَلَكنَّا وَشبهه كُله أَصله ثَلَاث نونات وَلَكِن حذفت وَاحِدَة اسْتِخْفَافًا لِاجْتِمَاع ثَلَاثَة أَمْثَال لَا حاجز بَينهُنَّ وَقد اسْتعْملت فِي كثير من الْقُرْآن على الأَصْل بِغَيْر حذف وَمذهب الْخَلِيل فِيمَا حكى عَنهُ سِيبَوَيْهٍ أَن المحذوفة هِيَ الَّتِي قبل الْيَاء يُرِيد الثَّالِثَة وَالَّذِي يُوجِبهُ النّظر وَعَلِيهِ أهل الْعلم هُوَ أَن المحذوفة من هَذِه النونات هِيَ الثَّانِيَة لِأَنَّك لَو حذفت الثَّالِثَة لوَجَبَ تغير الثَّانِيَة إِلَى الْكسر فِي إِنِّي وَلَكِنِّي فيجتمع حذف وتغيير وَذَلِكَ مَكْرُوه وَلَو حذفت الأولى لوَجَبَ إدغام الثَّانِيَة فِي الثَّالِثَة بعد إِزَالَة حركتها وإسكانها وَذَلِكَ حذفان وتغيير فَكَانَ حذف الثَّانِيَة أولى وَأَيْضًا فان أَن قد تحذف مِنْهَا الثَّانِيَة وهما نونان فحذفها بِعَينهَا إِذا صَارَت ثَلَاث نونات أولى من حذف غَيرهَا وَلَو حذفت الثَّالِثَة من أَنِّي لوَجَبَ حذف الثَّالِثَة فِي أننا وَلَكنَّا فتحذف عَلامَة الْمُضمر وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَنَّهُ اسْم والأسماء لَا تحذف وَلَا يحذف بَعْضهَا لِاجْتِمَاع أَمْثَال قَوْله {أَو فَسَاد فِي الأَرْض} عطف على نفس أَو بِغَيْر فَسَاد وَقَرَأَ الْحسن بِالنّصب على معنى أَو أفسد فَسَادًا فَهُوَ مصدر قَوْله {أَن يقتلُوا} أَن فِي مَوضِع رفع خبر جَزَاء لِأَن أَن وَمَا بعْدهَا مصدر فَهُوَ مصدر خبر عَن مصدر وَهُوَ هُوَ وَاو فِي قَوْله أَو يصلبوا وَمَا بعده من أَو للتَّخْيِير للْإِمَام على اجْتِهَاده وللعلماء فِي ذَلِك أَقْوَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} نصب على الِاسْتِثْنَاء قَوْله {وَالسَّارِق والسارقة} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم السَّارِق والسارقة أَو فِيمَا فرض عَلَيْكُم وَكَانَ الِاخْتِيَار على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِيهِ النصب لِأَنَّهُ أَمر وَهُوَ بِالْفِعْلِ أولى وَبِه قَرَأَ عِيسَى بن عمر وَالِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين الرّفْع على قِرَاءَة الْجَمَاعَة لِأَنَّهُ لم يقْصد بِهِ قصد سَارِق بِعَيْنِه فَهُوَ عِنْدهم مثل واللذان يأتيانها لَا يُرَاد بِهِ اثْنَان بأعيانهما فَلذَلِك اختير الرّفْع وَقد ذكرنَا عِلّة سِيبَوَيْهٍ فِي اخْتِيَاره الرّفْع فِي واللذان يأتيانها وَلَيْسَ فِي قَوْله وَالسَّارِق والسارقة مَا فِي واللذان من الْعلَّة قَوْله {جَزَاء بِمَا كسبا} مفعول من أَجله وان شِئْت مصدرا وَمثله نكالا قَوْله {وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك يحرفُونَ الْكَلم} قَوْله سماعون ويحرفون صفتان لمحذوفين مرفوعين بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبلهمَا الْخَبَر تَقْدِيره فريق سماعون وفريق يحرفُونَ الْكَلم ليكذبوا لم يرد أَنهم يسمعُونَ الْكَذِب ويقبلونه إِنَّمَا أَرَادَ يسمعُونَ ليكذبوا وَيَقُولُونَ مَا لم يسمعوا وَدلّ على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 ذَلِك قَوْله يحرفُونَ الْكَلم من بعد موَاضعه وَيجوز أَن يكون يحرفُونَ حَالا من الْمُضمر فِي سماعون وَتَكون هِيَ الْحَال الْمقدرَة أَي يسمعُونَ مقدرين التحريف مثل قَوْله هَديا بَالغ الْكَعْبَة قَوْله {آخَرين} {لم يأتوك} صفتان لقوم قَوْله {يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ} حَال من الْمُضمر فِي يحرفُونَ فيقف على قُلُوبهم فِي هَذَا القَوْل ويبتدىء وَمن الَّذين هادوا وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَقد قيل أَن سماعون رفع على هم سماعون ابْتِدَاء وَخبر فيقف على هادوا فِي هَذَا القَوْل وَالْقَوْل الأول أحسن وَأولى فَأَما سماعون للكذب الثَّانِي فَهُوَ رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم سماعون للكذب أكالون للسحت قَوْله {النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا} الَّذين صفة لِلنَّبِيِّينَ على معنى الْمَدْح وَالثنَاء لَا على معنى الصّفة الَّتِي تَأتي للْفرق بَين الْمَوْصُوف وَبَين من لَيْسَ صفته كَذَلِك تَقول رَأَيْت زيدا الْعَاقِل فتحتمل هَذِه الصّفة أَن تكون جِئْت بهَا للثناء والمدح لَا غير كالآية وتحتمل أَن تكون جِئْت بهَا لتفرق بَين زيد الْعَاقِل وَبَين زيد آخر لَيْسَ بعاقل وَهَذَا لَا يجوز فِي الْآيَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون لَهُم نبيون غير مُسلمين كَمَا يحْتَمل أَن يكون ثمَّ زيد آخر غير عَاقل فَإِن قلت رَأَيْت زيدا الْأَحْمَر فَهَذِهِ صفة جِئْت بهَا لتفرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 بَين زيد الْأَحْمَر وَبَين زيد آخر أَو زيود لَيْسُوا بحمر فاعرفه وَلَا تحْتَمل هَذِه الصّفة غير هَذَا الْمَعْنى وَلَو كَانَ زيد لَا يعرف إِلَّا بالأحمر لم يجز حذف الْأَحْمَر لِأَنَّهُ كَانَ من تَمام اسْمه قَوْله {وَالْعين بِالْعينِ} وَمَا بعده من الْأَسْمَاء من نَصبه عطفه على مَا عملت فِيهِ أَن وَهُوَ النَّفس وبالنفس خبر أَن وَكَذَلِكَ كل مخفوض خبر لما قبله وَمن رفع الْعين وَالْأنف وَالسّن عطفه على الْمَعْنى لِأَن معنى كتبنَا عَلَيْهِم قُلْنَا لَهُم النَّفس بِالنَّفسِ فَرفع على الِابْتِدَاء وَقيل هُوَ مُبْتَدأ مَقْطُوع مِمَّا قبله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي بِالنَّفسِ وان كَانَ لم يُؤَكد فَهُوَ جَائِز كَمَا قَالَ مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَيْسَ فِي زِيَادَة لَا بعد حرف الْعَطف حجَّة فِي أَنَّهَا فصلت لِأَنَّهَا بعد حرف الْعَطف والمخفوض خبر كل مُبْتَدأ قَوْله {والجروح قصاص} من نَصبه عطفه على النَّفس وقصاص خَبره على أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة وَمن رَفعه عطفه على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ فَهُوَ مُبْتَدأ مَكْتُوب أَيْضا وقصاص خبر الِابْتِدَاء وَقيل هُوَ ابْتِدَاء مُنْقَطع مِمَّا قبله على أَنه غير مَكْتُوب وَإِنَّمَا بِكَوْن هَذَا مُنْقَطِعًا على قِرَاءَة من نصب الْعين وَمَا بعده وَرفع الجروح فَأَما من رفع الْعين وَمَا بعده وَرفع الجروح فَهُوَ كُله مَعْطُوف بعضه على بعض وَهِي قِرَاءَة الْكسَائي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 قَوْله {مُصدقا} الأول حَال ومصدقا الثَّانِي إِن شِئْت عطفته على الأول حَالا من عِيسَى أَيْضا على التَّأْكِيد وان شِئْت جعلته حَالا من الْإِنْجِيل وَالْإِنْجِيل إفعيل مُشْتَقّ من النجل كَأَنَّهُ أصل الدّين يرجع إِلَيْهِ ويأتم بِهِ والتوراة مُشْتَقَّة من وري الزند وَهُوَ مَا يخرج مِنْهُ من الضياء من ناره فَكَأَنَّهَا ضِيَاء يستضاء بهَا فِي الدّين وَالْقُرْآن مُشْتَقّ من قريت المَاء فِي الْحَوْض إِذا جمعته فَكَأَنَّهُ قد جمع فِيهِ الحكم والمواعظ والآداب والقصص والفروض وكملت فِيهِ جَمِيع الْفَوَائِد الهادية إِلَى طرق الرشاد وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ الْآيَة قَوْله {وَهدى وموعظة} نصب عطف على مُصدق وَقد قَرَأَ الضَّحَّاك بِرَفْع موعظة وَدلّ على أَن هَذَا فِي مَوضِع رفع وَالرَّفْع فِي ذَلِك على الْعَطف على قَوْله فِيهِ هدى وَنور قَوْله {مُصدقا} ومهيمنا حالان من الْكتاب قَوْله {وَأَن احكم} أَن فِي مَوضِع نصب عطف على الْكتاب قَوْله {واحذرهم أَن يفتنوك} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَالْمِيم فِي واحذرهم وَهُوَ بدل الاشتمال وان شِئْت جعلته مَفْعُولا من أَجله قَوْله {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي} أَن فِي مَوضِع نصب بعسى وَلَو قدمت فَقلت فَعَسَى أَن يَأْتِي الله لكَانَتْ فِي مَوضِع رفع بعسى وتسد مسد خبر عَسى قَوْله {وَيَقُول الَّذين آمنُوا} من نَصبه عطفه على الْمَعْنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 كَأَنَّهُ قدر قديم أَن يَأْتِي بعد عَسى فعطف عَلَيْهِ إِذْ معنى فَعَسَى أَن يَأْتِي الله وَعَسَى الله أَن يَأْتِي وَاحِد فعطف على الْمَعْنى وَلَو عطف على اللَّفْظ على أَن يَأْتِي وَهُوَ مُؤخر بعد اسْم الله لم يجز كَمَا يبعد أَن تَقول عَسى زيد أَن يقوم وَيَأْتِي عَمْرو إِذْ لَا يجوز عَسى زيد أَن يَأْتِي عَمْرو فَأَما إِذا قدمت أَن بعد عَسى فَهُوَ حسن كَمَا تَقول عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي عَمْرو فَيحسن كَمَا يحسن عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي عَمْرو وَلَو كَانَ فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة مَا يعود على الأول لجَاز كل هَذَا نَحْو عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي أَبوهُ وَعَسَى زيد أَن يقوم وَيَأْتِي أَبوهُ كل هَذَا حسن جَائِز خلاف الأول لِأَنَّك لَو قلت عَسى زيد أَن يقوم أَبوهُ حسن وَهَذَا كُله بِمَنْزِلَة لَيْسَ زيد بِخَارِج وَلَا قَائِم عَمْرو وَهَذَا لَا يجوز وان كَانَ فِي مَوضِع عَمْرو أَبوهُ جَازَ فَهُوَ قِيَاسه فقسه عَلَيْهِ وَقد قيل أَن وَيَقُول مَعْطُوف على الْفَتْح لِأَنَّهُ بِمَعْنى أَن يفتح فَهُوَ مَعْطُوف على اسْم فاحتيج إِلَى إِضْمَار أَن ليَكُون مَعَ يَقُول مصدرا فيعطف اسْما على اسْم فَيصير بِمَنْزِلَة قَول الشَّاعِر ... للبس عباءة وتقر عَيْني ... أحب إِلَيّ من لبس الشفوف ... وَالرَّفْع فِي وَيَقُول على الْقطع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 قَوْله {جهد أَيْمَانهم} نصب على الْمصدر وَكسرت إِن من إِنَّهُم على إِضْمَار قَالُوا إِ نهم لِأَن اللَّام فِي خَبَرهَا قَوْله {يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} نعت لقوم وَكَذَلِكَ أَذِلَّة وأعزة ويجاهدون نعت أَيْضا لَهُم وَيجوز أَن يكون حَالا مِنْهُم وَالْإِشَارَة بالقوم الموصوفين فِي هَذَا الْموضع هِيَ للخلفاء الرَّاشِدين بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن اتبعهم وَهَذَا مِمَّا يدل على على تثبيت خلافتهم رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ قَوْله {وهم رَاكِعُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي يُؤْتونَ أَي يُعْطون مَا يزكيهم عِنْد الله فِي حَال ركوعهم أَي وهم فِي صلَاتهم فالواو وَاو الْحَال وَالْآيَة فِي على هَذَا الْمَعْنى نزلت فِي عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَيجوز أَن يكون لاموضع للجملة وَإِنَّمَا هِيَ جملَة معطوفة على الْمَوْصُول وَلَيْسَت بواو الْحَال وَالْآيَة عَامَّة قَوْله {وَالْكفَّار} من خفضه عطفه على الَّذين فِي قَوْله من الَّذين أُوتُوا فيكونون موصوفين باللعب والهزء كَمَا وصف بِهِ الَّذين أُوتُوا الْكتاب لقَوْله إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ يُرِيد بِهِ كفار قُرَيْش وَمن نَصبه عطفه على الَّذين فِي قَوْله لَا تَتَّخِذُوا الَّذين وَيخرجُونَ من الْوَصْف بالهزء واللعب قَوْله {إِلَّا أَن آمنا} أَن فِي مَوضِع نصب بتنقمون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 قَوْله {وَأَن أَكْثَرَكُم} عطف عَلَيْهَا قَوْله {وَعبد الطاغوت} من فتح الْبَاء جعله فعلا مَاضِيا وَنصب بِهِ الطاغوت وَفِي عبد ضمير من فِي قَوْله من لَعنه الله وَلم يظْهر ضمير جمع فِي عبد حملا على لفظ من وَمَعْنَاهُ الْجمع وَلذَلِك قَالَ مِنْهُم وَلَو حمل على الْمَعْنى لقَالَ عبدُوا وَمن فِي قَوْله من لَعنه الله فِي مَوضِع رفع على حذف الْمُضَاف وَتَقْدِيره لعن من لَعنه الله أَي هُوَ لعن فالابتداء والمضاف محذوفان وَقيل من فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل بشر بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ ومثوبة نصب على التَّفْسِير وَمن ضم الْبَاء من عبد جعله اسْما على فعل مَبْنِيا للْمُبَالَغَة فِي عبَادَة الطاغوت كَقَوْلِهِم رجل فطن ويقظ للَّذي تكْثر مِنْهُ الفطنة والتيقظ فَالْمَعْنى وَجعل مِنْهُم من بلغ فِي عبَادَة الطاغوت وأصل هَذَا الْبناء للصفات وَعبد أَصله الصّفة وَلكنه اسْتعْمل فِي هَذَا اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء وَجرى فِي بِنَاء الصِّفَات على أَصله كَمَا استعملوا الأبرق والأبطح اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء فَكسر تكسير الْأَسْمَاء فَقيل الأباطح والأبارق وَلم يصرفا كأحمر وأصلهما الصّفة قَوْله {وَقد دخلُوا بالْكفْر} وهم قد خَرجُوا بِهِ قَوْله بالْكفْر فِي مَوضِع الْحَال وَكَذَلِكَ بِهِ وَالْمعْنَى دخلُوا كَافِرين وَخَرجُوا كَافِرين لم يخبر عَنْهُم أَنهم دخلُوا حاملين شَيْئا إِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 أخبر عَنْهُم أَنهم دخلُوا معتقدين كفرا قَوْله {مَا أنزل} مَا فِي مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ وليزيدن وَكلما ظرف وَالْعَامِل فِيهِ أوقدوا وَفِيه معنى الشَّرْط فَلَا بُد لَهُ من جَوَاب وَجَوَابه أطفأها قَوْله {والصابئون} مَرْفُوع على الْعَطف على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ وَخبر أَن منوي قبل الصابئين فَلذَلِك جَازَ الْعَطف على الْموضع وَالْخَبَر هُوَ من آمن يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيم فَحق والصابئون وَالنَّصَارَى أَن يقعا بعد يَحْزَنُونَ وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْعَطف فِي أَن على الْموضع لَا يجوز إِلَّا بعد تَمام الْكَلَام وانقضاء اسْم أَن وخبرها فيعطف على مَوضِع الْجُمْلَة وَقد قَالَ الْفراء هُوَ عطف على الْمُضمر فِي هادوا وَهُوَ غلط لِأَنَّهُ يُوجب أَن يكون الصابئون وَالنَّصَارَى يهودا وَأَيْضًا فَأن الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع قبل أَن يُؤَكد أَو يفصل بَينهمَا بِمَا يقوم مقَام التَّأْكِيد قَبِيح عِنْد بعض النَّحْوِيين وَقيل الصابئون مَرْفُوع على أَصله قبل دُخُول أَن على الْجُمْلَة وَقيل إِنَّمَا رفع الصابئون لِأَن إِن لم يظْهر لَهَا عمل فِي الَّذين فَبَقيَ الْمَعْطُوف مَرْفُوعا على أَصله قبل دُخُول أَن على الْجُمْلَة وَقيل إِنَّمَا رفع لِأَنَّهُ جَاءَ على لُغَة بلحارث الَّذين يَقُولُونَ رَأَيْت الزيدان بِالْألف وَقيل إِن بِمَعْنى نعم وَقيل إِن خبر أَن مَحْذُوف مُضْمر دلّ عَلَيْهِ الثَّانِي فالعطف بالصابئين إِنَّمَا أَتَى بعد تَمام الْكَلَام وانقضاء اسْم إِن وخبرها وَإِلَيْهِ ذهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 الْأَخْفَش والمبرد وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن خبر الثَّانِي هُوَ الْمَحْذُوف وَخبر إِن هُوَ الَّذِي فِي آخر الْكَلَام يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم قبل الصابئين فَيصير الْعَطف على الْموضع بعد خبر إِن فِي الْمَعْنى قَوْله {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} من رفع تكون جعل أَن المخففة من الثَّقِيلَة وأضمر مَعهَا الْهَاء وَتَكون خبر أَن وَجعل حسبوا بِمَعْنى أيقنوا لِأَن أَن للتَّأْكِيد والتأكيد لَا يجوز إِلَّا مَعَ الْيَقِين فَهُوَ نَظِير وعديله وَأَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب وسدت مسد مفعولي حسب تَقْدِيره أَنه لَا تكون فتْنَة وَحقّ أَن أَن تكْتب مُنْفَصِلَة على هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْهَاء المضمرة تحول بَين أَن وَلَام لَا فِي الْمَعْنى وَالتَّقْدِير فَيمْتَنع اتصالها بِاللَّامِ وَمن نصب تكون جعل أَن هِيَ الناصبة للْفِعْل وَجعل حسب بِمَعْنى الشَّك لِأَنَّهَا لم يتبعهَا تَأْكِيد لِأَن أَن الْخَفِيفَة لَيست للتَّأْكِيد إِنَّمَا هِيَ لأمر قد يَقع وَقد لَا يَقع فالشك نَظِير ذَلِك وعديله والمشددة إِنَّمَا تدخل لتأكيد أَمر قد وَقع وَثَبت فَلذَلِك كَانَ حسب مَعَ أَن الْمُشَدّدَة لليقين وَمَعَ الْخَفِيفَة للشَّكّ وَلَو كَانَ قبل أَن فعل لَا يصلح للشَّكّ لم يجز أَن تكون إِلَّا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَلم يجز نصب الْفِعْل بهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى أَن لَا يرجع إِلَيْهِم وَعلم أَن سَيكون وَلَا وَالسِّين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 عوض من حذف تَشْدِيد أَن وَلَو وَقع قبل أَن فعل لَا يصلح إِلَّا لغير الاثبات لم يجز فِي الْفِعْل إِلَّا النصب نَحْو قَوْلك طمعت أَن تقوم وأشفق أَن تقوم وأخشى أَن تقوم هَذَا لَا يجوز فِيهِ إِلَّا النصب بعد أَن وَلَا تكون أَن مَعَه مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقسَام فعل بِمَعْنى الثَّبَات وَالْيَقِين لَا يكون مَعَه إِلَّا الرّفْع بعد أَن وَلَا تكون أَن إِلَّا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَفعل بضد الثَّبَات وَالْيَقِين لَا يكون مَعَه إِلَّا النصب بعد أَن وَلَا تكون أَن مَعَه إِلَّا غير مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَفعل ثَالِث يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ فَيجوز مَعَه الْوَجْهَانِ هَذِه الْأُصُول هِيَ الِاخْتِيَار عِنْد أهل الْعلم وَقد يجوز غير مَا ذكرنَا على مجَاز وسعة قَوْله {فعموا وصموا} إِنَّمَا جمع الضَّمِير ردا على الْمَذْكُورين وَكثير بدل من الضَّمِير وَقيل كثير رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ دلّ عَلَيْهِ عموا وصموا تَقْدِيره الْعَمى والصم كثير مِنْهُم وَقيل التَّقْدِير الْعمي والصم مِنْهُم كثير وَقيل جمع الضَّمِير وَهُوَ مُتَقَدم على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَكثير رفع بِمَا قبله وَلَو نصبت كثيرا فِي الْكَلَام لجَاز تَجْعَلهُ نعتا لمصدر مَحْذُوف أَي عمى وصمما كثيرا قَوْله {ثَالِث ثَلَاثَة} لَا يجوز تَنْوِين ثَالِث لِأَنَّهُ بِمَعْنى أحد ثَلَاثَة فَلَا معنى للْفِعْل فِيهِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة هَذَا ثَالِث اثْنَيْنِ لِأَن فِيهِ معنى الْفِعْل إِذْ مَعْنَاهُ بَصِير اثْنَيْنِ ثَلَاثَة بِنَفسِهِ فالتنوين فِيهِ جَائِز قَوْله {وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد} إِلَه بدل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 مَوضِع من إِلَه لِأَن من زَائِدَة فَهُوَ مَرْفُوع وَيجوز فِي الْكَلَام النصب إِلَّا إِلَهًا وَاحِدًا على الِاسْتِثْنَاء وَأَجَازَ الْكسَائي الْخَفْض على الْبَدَل من لفظ من إِلَه وَهُوَ بعيد لِأَن من لَا تزاد فِي الْوَاجِب قَوْله {لبئس مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} مَا فِي مَوضِع نصب نكرَة أَي لبئس شَيْئا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَمَا بعد مَا صفة لَهَا وَقيل مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع ببئس أَي لبئس الشَّيْء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَالْهَاء محذوفة من الصّفة والصلة قَوْله {لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله} أَن فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ أَن سخط الله وَقيل فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا على أَن مَا نكرَة وَقيل على حذف اللَّام أَي لِأَن سخط الله قَوْله {عَدَاوَة} نصب على التَّفْسِير وَمثله مَوَدَّة قَوْله {تفيض} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من أَعينهم لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين قَوْله {لَا نؤمن} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من المخبرين فِي لنا كَمَا تَقول مَالك قَائِما قَوْله {تجْرِي} فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لجنات قَوْله {خَالِدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي فأثابهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 قَوْله {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام} رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي فَعَلَيهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام قَوْله {بِشَيْء من الصَّيْد} من للتَّبْعِيض لِأَن الْمحرم صيد الْبر خَاصَّة وَلِأَن التَّحْرِيم إِنَّمَا وَقع فِي حَال الْإِحْرَام خَاصَّة وَقيل من لبَيَان الْجِنْس فَلَمَّا قَالَ ليبلونكم الله بِشَيْء لم يعلم من أَي جنس هُوَ فَبين فَقَالَ من الصَّيْد كَمَا تَقول لأعطينك شَيْئا من الذَّهَب قَوْله {وَأَنْتُم حرم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تقتلُوا ومتعمدا حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي قَتله قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} جَزَاء مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف أَي فَعَلَيهِ جَزَاء وَمن نون جَزَاء جعل مثل صفة لَهُ وَمن النعم صفة أُخْرَى لجزاء وَيجوز أَن تكون مثل بَدَلا من جَزَاء وَمن فِي منزلَة من النعم لَا تتَعَلَّق بجزاء لِأَنَّهَا تصير فِي صلته وَالصّفة لَا تدخل فِي صلَة الْمَوْصُوف لِأَنَّهَا لَا تكون إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُوف بصلته فَلَو جعلت من مُتَعَلقَة بجزاء دخلت فِي صلته وَأَنت قد قدمت مثل هَذَا وَهُوَ بدل أَو صفة وَالْبدل وَالصّفة لَا يأتيان إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُول بصلته فَيصير ذَلِك إِلَى التَّفْرِقَة بَين الصِّلَة والموصول بِالْبَدَلِ أَو بالنعت وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا فِي جَوَاز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 تتَعَلَّق الْبَاء بجزاء لِأَنَّهُ لم يُوصف وَلَا أبدل مِنْهُ إِنَّمَا أضيف والمضاف إِلَيْهِ دَاخل فِي الصِّلَة وَمن تَمام الْمُضَاف وكل دَاخل فِي الصِّلَة فَذَلِك حسن جَائِز وَمثل فِي هَذِه الْقِرَاءَة بِمَعْنى مماثل وَالتَّقْدِير فجزاء مماثل لما قتل يَعْنِي فِي الْقيمَة أَو فِي الْخلقَة على اخْتِلَاف الْعلمَاء فِي ذَلِك وَلَو قدرت مثلا على لَفظه لصار الْمَعْنى فَعَلَيهِ جَزَاء مثل الْمَقْتُول من الصَّيْد وَإِنَّمَا يلْزمه جَزَاء الْمَقْتُول بِعَيْنِه لَا جَزَاء مثله لِأَنَّهُ إِذا أدّى جَزَاء مثل الْمَقْتُول فِي الصَّيْد صَار إِنَّمَا يُؤَدِّي جَزَاء مَا لم يقتل لِأَن مثل الْمَقْتُول لم يقْتله فصح أَن الْمَعْنى فَعَلَيهِ جَزَاء مماثل للمقتول يحكم بِهِ ذَوا عدل وَلذَلِك بَعدت الْقِرَاءَة بِالْإِضَافَة عِنْد جمَاعَة لِأَنَّهَا توجب أَن يلْزم الْقَاتِل جَزَاء مثل الصَّيْد الَّذِي قتل وَإِنَّمَا جَازَت الْإِضَافَة عِنْدهم على معنى قَول الْعَرَب أَنِّي لأكرم مثلك يُرِيدُونَ أكرمك فعلى هَذَا أضَاف الْجَزَاء إِلَى مثل الْمَقْتُول يُرَاد الْمَقْتُول بِعَيْنِه فَكَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير فَعَلَيهِ جَزَاء الْمَقْتُول فِي الصَّيْد وعَلى هَذَا تَأَول الْعلمَاء قَول الله تَعَالَى كمن مثله فِي الظُّلُمَات مَعْنَاهُ كمن هُوَ فِي الظُّلُمَات وَلَو حمل على الظَّاهِر لَكَانَ مثل الْكَافِر فِي الظُّلُمَات والمثل والمثل وَاحِد وَمن النعم فِي قِرَاءَة من أضَاف الْجَزَاء إِلَى مثل صفة لجزاء وَيحسن أَن تتَعَلَّق من بِالْمَصْدَرِ فَلَا تكون صفة لَهُ وَإِنَّمَا الْمصدر معدى إِلَى من النعم وَإِذا جعلته صفة فَمن مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف وَهُوَ فَعَلَيهِ وَإِذا لم تجعلها صفة تعلّقت بجزاء كَمَا تعلّقت فِي قَوْله جَزَاء سَيِّئَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 بِمِثْلِهَا لِأَن الْجَزَاء لم يُوصف وَلَا أبدل مِنْهُ فَلَا تفرقه بَين الصِّلَة والموصول فَأَما إِذا نونت جَزَاء فَلَا يحسن تعلق من بجزاء لما قدمنَا قَوْله {هَديا} انتصب على الْحَال من الْهَاء فِي بِهِ وَيجوز أَن يكون انتصب على الْبَيَان أَو على الْمصدر وَبَالغ نعت لهدي والتنوين مُقَدّر فِيهِ فَلذَلِك وَقع نعتا لنكرة قَوْله {أَو كَفَّارَة} عطف على جَزَاء أَي أَو عَلَيْهِ كَفَّارَة وَمن نون كَفَّارَة رفع الطَّعَام على الْبَدَل من كَفَّارَة وصياما نصب على الْبَيَان قَوْله {مَتَاعا} نصب على الْمصدر لِأَنَّهُ قَوْله أحل لكم بِمَعْنى أمتعتكم بِهِ إمتاعا بِمَنْزِلَة كتاب الله عَلَيْكُم وحرما خبر دَامَ قَوْله {ذَلِك لِتَعْلَمُوا} ذَا فِي مَوضِع رفع على معنى الْأَمر ذَلِك وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على معنى فعل الله ذَلِك لِتَعْلَمُوا قَوْله {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ الْخَلِيل وسيبويه والمازني أَشْيَاء أَصْلهَا شيئاء على وزن فعلاء فَلَمَّا كثر اسْتِعْمَالهَا استثقلت همزتان بَينهمَا ألف فنقلت الْهمزَة الأولى وَهِي لَام الْفِعْل قبل فَاء الْفِعْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وَهُوَ الشين فَصَارَت أَشْيَاء على وزن لفعاء وَمن أجل أَن أَصْلهَا فعلاء كحمراء امْتنعت من الصّرْف وَهِي عِنْدهم اسْم للْجمع وَلَيْسَت بِجمع شَيْء وَقَالَ الْكسَائي وَأَبُو عبيد لم تَنْصَرِف لِأَنَّهَا أشبهت حَمْرَاء لِأَن الْعَرَب تَقول فِي الْجمع أشياوات كَمَا تَقول حمراوات ويلزمهما أَن لَا يصرفا اسْما وَلَا ابْنا لقَوْل الْعَرَب فِي الْجمع سماوات وابناوات وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء والزيادى أَشْيَاء وَزنهَا أفعلاء وَأَصلهَا أشيئاء كهين وأهوناء فَمن أجل همزَة التَّأْنِيث لم ينْصَرف لكنه خفف فأبدل من الْهمزَة الأولى وَهِي لَام الْفِعْل يَاء لانكسار مَا قبلهَا ثمَّ حذفت اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فشيء عِنْدهم أَصله شييء على وزن فيعل كهين أَصله هَين على فيعل وَكَانَ أَصله قبل الْإِدْغَام هيون على فيعل كميت ثمَّ خفف إِلَّا أَن عين الْفِعْل من شَيْء يَاء وَعين الْفِعْل من هَين وَاو لِأَنَّهُ من هان يهون كميت وَهَذَا الْجمع لَا نَظِير لَهُ لِأَنَّهُ لم يَقع أفعلاء جمعا لفيعل فَيكون هَذَا نَظِيره وهين وأهوناء شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَأَيْضًا فان حذفه واعتلاله جرى على غير قِيَاس فَهَذَا القَوْل خَارج فِي جمعه واعتلاله عَن الْقيَاس وَالسَّمَاع وَأَيْضًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فَإِنَّهُ يلْزمهُم أَن يصغروا أَشْيَاء على شويات أَو على شييئات وَذَلِكَ لم يقلهُ أحد إِنَّمَا تصغيره أَشْيَاء وَإِنَّمَا لَزِمَهُم ذَلِك فِي التصغير لِأَن كل جمع لَيْسَ من أبنية أقل الْعدَد فَحكمه فِي التصغير أَن يرد إِلَى واحده ثمَّ يصغر الْوَاحِد ثمَّ يجمع مُصَغرًا بِالْألف وَالتَّاء أَو بِالْوَاو وَالنُّون إِن كَانَ مِمَّن يعقل فأفعلاء لَيْسَ من أبنية أقل الْعدَد وأبنية الْجمع فِي أقل الْعدَد أَرْبَعَة أبنية وَهِي أَفعَال وأفعله وأفعل وَفعله فَهَذِهِ تصغر على لَفظهَا وَلَا ترد إِلَى الْوَاحِد وَقَالَ الْمَازِني سَأَلت الْأَخْفَش عَن تَصْغِير أَشْيَاء فَقَالَ أَشْيَاء قَالَ الْمَازِني فَقلت لَهُ يجب على قَوْلك أَنَّهَا أفعلاء أَن ترد إِلَى الْوَاحِد فتصغره ثمَّ تجمعه فَانْقَطع الْأَخْفَش وَقَالَ أَبُو حَاتِم أَشْيَاء أَفعَال جمع شَيْء كبيت وأبيات وَكَانَ يجب أَن ينْصَرف إِلَّا أَنه سمع غير مَصْرُوف وَهَذَا القَوْل جَار على الْقيَاس فِي الْجمع لِأَن فعلا يَقع جمعه كثيرا على أَفعَال إِلَّا أَنه خَارج عَن الْقيَاس فِي ترك صرفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 فَلم يَقع فِي كَلَام الْعَرَب أَفعَال غير مَصْرُوف فَيكون هَذَا نَظِيره وَقَالَ بعض أهل النّظر أَشْيَاء أَصْلهَا أشيئاء على وزن أفعلاء كَقَوْل الْأَخْفَش إِلَّا أَن وَاحِدهَا فعيل كصديق وأصدقاء فَاعل على مَا تقدم من تَخْفيف الْهمزَة وَحذف الْعِوَض وَحسن الْحَذف فِي الْجمع لحذفها من الْوَاحِد وَإِنَّمَا حذفت من الْوَاحِد تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال إِذْ شَيْء يَقع على كل مُسَمّى من عرض أَو جسم أَو جَوْهَر فَلم ينْصَرف لهمزة التَّأْنِيث فِي الْجمع وَهَذَا قَول حسن جَار فِي الْجمع وَترك الصّرْف على الْقيَاس لَوْلَا أَن التصغير يَعْتَرِضهُ كَمَا اعْترض الْأَخْفَش قَوْله {إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} شَرط وَجَوَابه وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لِأَشْيَاء قَوْله {من بحيرة} من زَائِدَة للتَّأْكِيد وبحيرة فِي مَوضِع نصب بِجعْل قَوْله {حَسبنَا مَا وجدنَا} ابْتِدَاء وَخَبره مَا وجدنَا قَوْله {إِذا حضر} الْعَامِل فِي إِذا شَهَادَة وَلَا تعْمل فِيهَا الْوَصِيَّة لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِيمَا قبل الْمُضَاف وَأَيْضًا فَأن الْوَصِيَّة مصدر فَلَا يقدم مَا عمل فِيهِ عَلَيْهِ وَالْعَامِل فِي حِين الْوَصِيَّة أَسبَاب الْمَوْت كَمَا قَالَ حَتَّى إِذا جَاءَ أحدهم الْمَوْت قَالَ وَالْقَوْل لَا يكون مِنْهُ بعد الْمَوْت وَلَكِن مَعْنَاهُ حَتَّى إِذا جَاءَ أحدهم أَسبَاب الْمَوْت قَالَ وَقيل الْعَامِل فِي حِين حضر وَقيل هُوَ بدل من إِذا فَيكون الْعَامِل فِي حِين الشَّهَادَة أَيْضا قَوْله {اثْنَان} مَرْفُوع على خبر شَهَادَة على حذف مُضَاف تَقْدِيره شَهَادَة اثْنَيْنِ لِأَن الشَّهَادَة لَا تكون هِيَ الِاثْنَان إِذْ الجثث لَا تكون خَبرا عَن الْمصدر فأضمرت مصدرا ليَكُون خَبرا عَن مصدر وَكَذَلِكَ أَو آخرَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 من غَيْركُمْ عطف على اثْنَان على تَقْدِير حذف مُضَاف إِلَيْهِ تَقْدِيره أَو شَهَادَة آخَرين وَقيل إِذا حضر هُوَ خبر شَهَادَة وَاثْنَانِ ارتفعا بفعلهما وَهُوَ شَهَادَة قَوْله {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} صفة لآخران فِي مَوضِع رفع قَوْله {إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ} إِلَى قَوْله {الْمَوْت} اعْتِرَاض بَين الْمَوْصُوف وَصفته فاستغني عَن جَوَاب إِذا الَّتِي هِيَ الشَّرْط بِمَا تقدم من الْكَلَام لِأَن معنى اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ معنى الْأَمر بذلك وَلَفظه لفظ الْخَبَر واستغني عَن جَوَاب إِذا أَيْضا بِمَا تقدم من الْكَلَام وَهُوَ قَوْله شَهَادَة بَيْنكُم لِأَن مَعْنَاهُ يَنْبَغِي أَن تشهدوا إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت قَوْله {فيقسمان بِاللَّه} الْفَاء لعطف جملَة على جملَة وَيجوز أَن يكون جَوَاب جَزَاء لِأَن تحبسونهما مَعْنَاهُ الْأَمر بذلك فَهُوَ جَوَاب الْأَمر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ إِذا حبستموا أقسما إِذْ معنى إِن ارتبتم أَي شَكَكْتُمْ فِي قَول الآخرين من غَيْركُمْ قَوْله {لَا نشتري} جَوَاب لقَوْله فيقسمان لِأَن أقسم يُجَاوب بِمَا يُجَاوب بِهِ الْقسم قَوْله {لَا نشتري بِهِ} الْهَاء تعود على الْمَعْنى لِأَن التَّقْدِير لَا نشتري بتحريف شهادتنا ثمنا ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَقيل الْهَاء تعود على الشَّهَادَة لَكِن ذكرت لِأَنَّهَا قَول كَمَا قَالَ فارزقوهم مِنْهُ فَرد الْهَاء على الْمقسم لدلَالَة الْقِسْمَة على ذَلِك قَوْله {لَا نشتري بِهِ ثمنا} مَعْنَاهُ ذَا ثمن لِأَن الثّمن لَا يَشْتَرِي إِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 يَشْتَرِي ذُو الثّمن وَهُوَ الْمُثمن وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى اشْتَروا بآيَات الله ثمنا أَي ذَا ثمن قَوْله {وَلَو كَانَ ذَا قربى} فِي كَانَ أسمها أى وَلَو كَانَ الْمَشْهُود لَهُ ذَا قربى من الشَّاهِد قَوْله {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} إِنَّمَا أضيفت الشَّهَادَة إِلَى الله لِأَنَّهُ هُوَ أَمر بأدائها وَنهى عَن كتمانها قَوْله {فآخران} رفع بِفعل مُضْمر أَو بِالِابْتِدَاءِ وَيقومَانِ نعت لَهما وَمن الَّذين خَبره قَوْله {الأوليان} من رَفعه وثناه جعله بَدَلا من آخرَانِ أَو من الْمُضمر فِي يقومان وَقيل هُوَ مفعول لم يسم فَاعله لَاسْتَحَقَّ على قِرَاءَة من ضم التَّاء على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم إِثْم الْأَوليين وَيكون عَلَيْهِم بِمَعْنى فيهم وَمن قَرَأَ الْأَوَّلين على جمع أول فَهُوَ فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الَّذين أَو من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم قَوْله {لَشَهَادَتنَا} اللَّام جَوَاب الْقسم فِي قَوْله فيقسمان قَوْله {أَن يَأْتُوا} فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره بِأَن يَأْتُوا وَمثله أَن آمنُوا قَالَ أَبُو مُحَمَّد مكي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْآيَة من أشكل مَا فِي الْقُرْآن فِي إعرابها وَمَعْنَاهَا وتفسيرها وأحكامها وَقد أفردت لَهَا كتابا بيناها فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا سحر} إِن بِمَعْنى مَا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَيجوز أَن يكون هَذَا إِشَارَة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره إِن هَذَا إِلَّا ذُو سحر فَأَما من قَرَأَ سَاحر بِأَلف فَهَذَا إِشَارَة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِغَيْر حذف وَيحْتَمل أَن يكون إِشَارَة إِلَى الْإِنْجِيل فَيكون اسْم الْفَاعِل فِي مَوضِع مصدر كَمَا قَالُوا عائذا بِاللَّه من شَرها يُرِيدُونَ عياذا بِاللَّه قَوْله {فتنفخ فِيهَا} الْهَاء تعود على الْهَيْئَة والهيئة مصدر فِي مَوضِع المهيأ لِأَن النفخ لَا يكون فِي الْهَيْئَة إِنَّمَا يكون فِي المهيأ وَيجوز أَن يعود على الطير لِأَنَّهُ مؤنث وَمن قَرَأَ طائرا جَازَ أَن يكون طَائِر جمعا كالحامل فيؤنث الضَّمِير فِي فِيهَا لأجل رُجُوعه على الْجَمَاعَة قَوْله {أَن اعبدوا الله} أَن مفسرة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب بِمَعْنى أَي وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا قَوْله {مَا دمت فيهم} مَا فِي مَوضِع نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ شَهِيد قَوْله {أَنْت علام الغيوب} وَأَنت الْعَزِيز أَنْت تَأْكِيدًا للكاف أَو مُبْتَدأ أَو فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب قَوْله {هَذَا يَوْم ينفع} من رفع يَوْمًا جعله خَبرا لهَذَا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بالْقَوْل فَأَما من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 نصب يَوْمًا فَإِنَّهُ جعله ظرفا لِلْقَوْلِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الْقَصَص وَالْخَبَر الَّذِي تقدم أَي يَقُول الله هَذَا الْكَلَام فِي يَوْم ينفع فَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا تقدم من الْقَصَص وَهُوَ قَوْله وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى إِلَى قَوْله من دون الله فَأخْبر الله عَمَّا لم يَقع بِلَفْظ الْمَاضِي لصِحَّة كَونه وحدوثه وَجَاز أَن يَقع يَوْم خَبرا عَن هَذَا لِأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى حدث فظروف الزَّمَان تكون خَبرا عَن الْحَدث وَيجوز على قَول الْكُوفِيّين أَن يكون يَوْم ينفع مَبْنِيا على الْفَتْح لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْفِعْل فَإِذا كَانَ كَذَلِك احْتمل مَوْضِعه النصب وَالرَّفْع على مَا تقدم من التَّفْسِير وَإِنَّمَا يَقع الْبناء فِي الظّرْف إِذا أضيف إِلَى الْفِعْل عِنْد الْبَصرِيين إِذا كَانَ الْفِعْل مَبْنِيا فَأَما إِذا كَانَ معربا فَلَا يبْنى الظّرْف إِذا أضيف إِلَيْهِ عِنْدهم قَوْله {خَالِدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي لَهُم وأبدا ظرف زمَان وَالْيَاء فِي رَضِي بدل من وَاو لانكسار مَا قبلهَا لِأَنَّهُ من الرضْوَان وأصل رَضوا رضووا فألقيت حَرَكَة الْوَاو الأولى على الضَّاد وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو الَّتِي هِيَ ضمير الْجَمَاعَة بعْدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْأَنْعَام قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض يعلم} إِن جعلت وَفِي الأَرْض مُتَعَلقا بِمَا قبله وقفت على وَفِي الأَرْض وَرفعت يعلم على الِاسْتِئْنَاف تَقْدِيره وَهُوَ المعبود فِي السَّمَوَات وَفِي الأَرْض وان جعلت وَفِي الأَرْض مُتَعَلقا بيعلم وقفت على السَّمَوَات قَوْله {ألم يرَوا كم أهلكنا} كم فِي مَوضِع نصب بأهلكنا لَا بيروا لِأَن الِاسْتِفْهَام وَمَا جرى مجْرَاه وضارعه لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله قَوْله {مدرارا} نصب على الْحَال من السَّمَاء قَوْله {مَا كَانُوا بِهِ} فِي مَوضِع رفع بحاق وَتَقْدِيره عِقَاب مَا كَانُوا أَي عِقَاب استهزائهم قَوْله {كَيفَ كَانَ عَاقِبَة} عَاقِبَة اسْم كَانَ وَكَيف خبر كَانَ وَلم يقل كَانَت لِأَن عاقبتهم بِمَعْنى مصيرهم وَلِأَن تَأْنِيث الْعَاقِبَة غير حَقِيقِيّ قَوْله {ليجمعنكم} فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الرَّحْمَة وَاللَّام لَام الْقسم فَهِيَ جَوَاب كتب لِأَنَّهُ بِمَعْنى أوجب ذَلِك على نَفسه فَفِيهِ معنى الْقسم قَوْله {الَّذين خسروا أنفسهم} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَفهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 لَا يُؤمنُونَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر الَّذين وَأَجَازَ الْأَخْفَش أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي ليجمعنكم وَهُوَ بعيد لِأَن الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ غير مُخَاطب لَا تَقول رَأَيْتُك زيدا على الْبَدَل قَوْله {من يصرف عَنهُ} من فتح الْيَاء وَكسر الرَّاء فِي يصرف أضمر الْفَاعِل فِي يصرف وَهُوَ الله جلّ ذكره وأضمر مَفْعُولا محذوفا تَقْدِيره من يصرف الله عَنهُ الْعَذَاب يَوْمئِذٍ وَمن ضم الْيَاء وَفتح الرَّاء أضمر مَفْعُولا لم يسم فَاعله لَا غير تَقْدِيره من يصرف عَنهُ الْعَذَاب يَوْمئِذٍ فَهَذَا أقل إضمارا من الأول وَكلما قل الْإِضْمَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ كَانَ أحسن قَوْله {شَهَادَة} نصب على الْبَيَان قَوْله {وَمن بلغ} من فِي مَوضِع نصب عطف على الْكَاف وَالْمِيم فِي لأنذركم أى وأنذر من بلغه الْقُرْآن وَقيل من بلغ الْحلم قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم} الَّذين مُبْتَدأ وَخَبره يعرفونه قَوْله {الَّذين خسروا} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم الَّذين خسروا قَوْله {وَمن أظلم} من فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام بِمَعْنى التوبيخ متضمنة معنى النَّفْي تَقْدِيره لَا أحد أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا وأظلم خبر الِابْتِدَاء إِلَّا أَنه يحْتَاج إِلَى تَمام لِأَن مِمَّن افترى على الله كذبا تَمام أظلم وَكَذَلِكَ أفعل من كَذَا حَيْثُ وَقع من وَمَا بعْدهَا من تَمام أفعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 قَوْله {ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا} من قَرَأَ تكن بِالتَّاءِ أنث لتأنيث لفظ الْفِتْنَة وَجعل الْفِتْنَة اسْم كَانَ وَأَن قَالُوا خبر كَانَ وَمن قَرَأَ يكن بِالْيَاءِ وَنصب الفتحة جعلهَا خبر كَانَ وَأَن قَالُوا اسْم كَانَ وَمن قَرَأَ تكن بِالتَّاءِ وَنصب الْفِتْنَة جعلهَا خبر كَانَ وأنث تكن على الْمَعْنى لِأَن أَن وَمَا بعْدهَا هُوَ الْفِتْنَة فِي الْمَعْنى لِأَن اسْم كَانَ هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى إِذْ هِيَ دَاخِلَة على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَجعل أَن اسْم كَانَ هُوَ الِاخْتِيَار عِنْد أهل النّظر لِأَنَّهَا لَا تكون إِلَّا معرفَة لِأَنَّهَا لَا تُوصَف فَأَشْبَهت الْمُضمر والمضمر أعرف المعارف فَكَانَ الأعرف اسْم كَانَ أولى مِمَّا هُوَ دونه فِي التَّعْرِيف إِذْ الْفِتْنَة إِنَّمَا تعرفت بإضافتها إِلَى الْمُضمر فَهِيَ دون تَعْرِيف أَن بِكَثِير وَمن قَرَأَ يكن بِالْيَاءِ وَرفع الْفِتْنَة ذكر لِأَن تَأْنِيث الْفِتْنَة غير حَقِيقِيّ وَلِأَن الْفِتْنَة يُرَاد بهَا المعذرة والمعذرة والعذر سَوَاء فَحَمله على الْمَعْنى فَذكره لِأَن الْفِتْنَة هِيَ القَوْل فِي الْمَعْنى فَذكر حملا على الْمَعْنى قَوْله {أساطير} وَاحِدهَا أسطورة وَقيل إسطارة وَقيل هُوَ جمع الْجمع واحده أسطار وأسطار جمع سطر وأكنة جمع كنان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 قَوْله {من يستمع إِلَيْك} من مُبْتَدأ وَمَا قبله خَبره وَهُوَ وَمِنْهُم ووحد يستمع لِأَنَّهُ حمله على لفظ من وَلَو جمع فِي الْكَلَام على الْمَعْنى لحسن كَمَا قَالَ فِي يُونُس وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك قَوْله {وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون} من رفع الْفِعْلَيْنِ عطفهما على نرد وَجعله كُله مِمَّا تمناه الْكفَّار يَوْم الْقِيَامَة تمنوا ثَلَاثَة أَشْيَاء أَن يردوا وتمنوا أَن لَا يَكُونُوا قد كذبُوا بآيَات الله فِي الدُّنْيَا وتمنوا أَن يَكُونُوا من الْمُؤمنِينَ وَيجوز أَن يرفع نكذب ونكون على الْقطع فَلَا يدخلَانِ فِي التَّمَنِّي وَتَقْدِيره يَا ليتنا نرد وَنحن لَا نكذب وَنحن نَكُون من الْمُؤمنِينَ رددنا أَو لم نرد كَمَا حكى سِيبَوَيْهٍ دَعْنِي وَلَا أَعُود أَي وَأَنا لَا أَعُود تَرَكتنِي أَو لم تتركني وَلم يسْأَل أَن يجمع لَهُ التّرْك وَالْعود وَيُؤَيّد الرّفْع على الْقطع على الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا قَوْله وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ فَدلَّ تكذيبهم أَنهم إِنَّمَا أخبروا عَن أنفسهم بذلك وَلم يَتَمَنَّوْهُ لِأَن التَّمَنِّي لَا يَقع جَوَابه التَّكْذِيب إِنَّمَا يكون التَّكْذِيب فِي الْخَبَر وَقَالَ بعض أهل النّظر الْكَذِب لَا يجوز وُقُوعه فِي الْآخِرَة إِنَّمَا يجوز فِي الدُّنْيَا وَتَأَول قَوْله تَعَالَى وانهم لَكَاذِبُونَ أَي كاذبون فِي الدُّنْيَا فِي تكذيبهم الرُّسُل وإنكارهم الْبَعْث فَيكون ذَلِك حِكَايَة للْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَقد أجَاز أَبُو عَمْرو وَغَيره وُقُوع التَّكْذِيب لَهُم فِي الْآخِرَة لأَنهم ادعوا أَنهم لَو ردوا لم يكذبوا بآيَات الله وَأَنَّهُمْ يُؤمنُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 فَعلم الله مَا لَا يكون لَو كَانَ كَيفَ كَانَ يكون وَأَنَّهُمْ لَو ردوا لم يُؤمنُوا ولكذبوا بآيَات الله فأكذبهم الله فِي دَعوَاهُم فَأَما من نصب الْفِعْلَيْنِ فعلى جَوَاب التَّمَنِّي لِأَن التَّمَنِّي غير وَاجِب فَيكون الفعلان داخلين فِي التَّمَنِّي كَالْأولِ من وَجْهي الرّفْع وَالنّصب بإضمار أَن حملا على مصدر نرد فأضمرت أَن لتَكون مَعَ الْفِعْل مصدرا فتعطف بِالْوَاو مصدرا على مصدر تَقْدِيره يَا لَيْت لنا ردا وَانْتِفَاء من التَّكْذِيب وكونا من الْمُؤمنِينَ فَأَما من رفع نكذب وَنصب ونكون فَأَنَّهُ رفع نكذب على أحد الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلين أما أَن يكون دَاخِلا فِي التَّمَنِّي فَيكون كمعنى النصب أَو يكون رفعا على الثَّبَات والإيجاب كَمَا تقدم أَي وَلَا نكذب رددنا أَو لم نرد وَنصب ونكون على جَوَاب التَّمَنِّي على مَا تقدم فَيكون دَاخِلا فِي التَّمَنِّي قَوْله {بَغْتَة} مصدر فِي مَوضِع الْحَال وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ لَو قلت جَاءَ زيد سرعَة تُرِيدُ مسرعا لم يجز قَوْله {سَاءَ مَا يزرون} مَا نكرَة فِي مَوضِع نصب بساء وَفِي سَاءَ ضمير مَرْفُوع يفسره مَا بعده كنعم وَبئسَ وَقيل مَا فِي مَوضِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 رفع بساء قَوْله {وللدار الْآخِرَة خير} الدَّار مُبْتَدأ وَالْآخِرَة نعت للدَّار وَخير خبر الِابْتِدَاء وَقد اتَّسع فِي الْآخِرَة فأقيمت مقَام الْمَوْصُوف وَأَصلهَا الصّفة قَالَ الله تَعَالَى وللآخرة خير لَك من الأولى فَأَما من قَرَأَ ولدار بلام وَاحِدَة وأضافها إِلَى الْآخِرَة فَأَنَّهُ لم يَجْعَل الْآخِرَة صفة للدَّار وَإِنَّمَا الْآخِرَة صفة لموصوف مَحْذُوف تَقْدِيره ولدار السَّاعَة الْآخِرَة ثمَّ حذفت السَّاعَة وأقيمت الصّفة مقَام الْمَوْصُوف الدَّار إِلَيْهَا وَالْآخِرَة وَالدُّنْيَا أَصلهمَا الصّفة لَكِن اتَّسع فيهمَا فاستعملتا اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء فأضيف إِلَيْهِمَا قَوْله {يكذبُونَك} من شدده حمله على معنى لَا ينسبونك إِلَى الْكَذِب كَمَا يُقَال فسقت الرجل وخطأته إِذا نسبته إِلَى الْفسق وَالْخَطَأ فَأَما من خففه فَإِنَّهُ حمله على معنى لَا يجدونك كَاذِبًا كَمَا يُقَال أحمدت الرجل وأبخلته إِذا أصبته بَخِيلًا أَو مَحْمُودًا وَقد يجوز أَن يكون معنى التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد سَوَاء كَمَا يُقَال قللت وأقللت وَكَثُرت وَأَكْثَرت بِمَعْنى وَاحِد قَوْله {قل أَرَأَيْتكُم} الْكَاف وَالْمِيم للخطاب لَا مَوضِع لَهما من الْإِعْرَاب عِنْد الْبَصرِيين وَقَالَ الْفراء لَفظهَا لفظ مَنْصُوب وَمَعْنَاهَا معنى مَرْفُوع وَهَذَا محَال لِأَن التَّاء هِيَ الْكَاف فِي أَرَأَيْتكُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 فَكَانَ يجب أَن تظهر عَلامَة جمع فِي التَّاء وَكَانَ يجب أَن يكون فاعلان لفعل وَاحِد وهما لشَيْء وَاحِد وَيجب أَن يكون قَوْلك أرأيتك زيدا مَا صنع مَعْنَاهُ أَرَأَيْت نَفسك زيدا مَا صنع لِأَن الْكَاف هُوَ الْمُخَاطب وَهَذَا الْكَلَام محَال فِي الْمَعْنى ومتناقض فِي الْإِعْرَاب وَالْمعْنَى لِأَنَّك تستفهم عَن نَفسه فِي صدر السُّؤَال ثمَّ ترد السُّؤَال عَن غَيره فِي آخر الْكَلَام وتخاطب أَولا ثمَّ تَأتي بغائب آخرا وَلِأَنَّهُ يصير ثَلَاثَة مفعولين لرأيت وَهَذَا كُله لَا يجوز وَلَو قلت أرأيتك عَالما بزيد كَانَت الْكَاف فِي مَوضِع نصب لِأَن تَقْدِيره أَرَأَيْت نَفسك عَالما بزيد وَهَذَا كَلَام صَحِيح وَقد تعدى رَأَيْت إِ لى مفعولين لَا غير قَوْله {إِلَّا مبشرين ومنذرين} حالان من الْمُرْسلين قَوْله {فَمن آمن} من مُبْتَدأ وَالْخَبَر فَلَا خوف عَلَيْهِم قَوْله {بِالْغَدَاةِ} إِنَّمَا دخلت الْألف وَاللَّام على غَدَاة لِأَنَّهَا نكرَة وَأكْثر الْعَرَب يَجْعَل غدْوَة معرفَة فَلَا ينونها وَكلهمْ يَجْعَل غَدَاة نكرَة فينونها وَمِنْهُم من يَجْعَل غدْوَة نكرَة وهم الْأَقَل قَوْله {من حسابهم من شَيْء} الأولى للتَّبْعِيض وَالثَّانيَِة زَائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَشَيْء فِي مَوضِع رفع اسْم مَا وَمثله وَمَا من حِسَابك عَلَيْهِم من شَيْء قَوْله {فَتَطْرُدهُمْ} نصب لِأَنَّهُ جَوَاب النَّفْي وفتكون جَوَاب النَّهْي فِي قَوْله وَلَا تطرد الَّذين قَوْله {لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ} هَذِه لَام كي وَإِنَّمَا دخلت على معنى أَن الله عز وَجل قد علم مَا يَقُولُونَ قبل أَن يَقُولُوا فَصَارَ إِنَّمَا فتنُوا لِيَقُولُوا على مَا تقدم فِي علم الله فَهُوَ على سَبِيل الْإِنْكَار مِنْهُم وَقيل بل على سَبِيل الاستخبار قَالُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذين من الله عَلَيْهِم قَوْله {كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة} أَنه فَأَنَّهُ من فتح أَن فِي الْمَوْضِعَيْنِ جعل الأولى بَدَلا من الرَّحْمَة بدل الشَّيْء وَهُوَ هُوَ فَهِيَ فِي مَوضِع نصب بكتب وأضمر للثَّانِيَة خَبرا وَجعلهَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ أَو بالظرف تَقْدِيره فَلهُ أَن ربه غَفُور لَهُ أَي فَلهُ غفران ربه وَيجوز أَن يضمر مُبْتَدأ وَيجْعَل أَن خَبره تَقْدِيره فَأمره أَن ربه غَفُور لَهُ أَي فَأمره غفران ربه وَمثله فِي التَّقْدِير والحذف وَالْإِعْرَاب {فَأن لَهُ نَار جَهَنَّم} فِي سُورَة التَّوْبَة وَقد قيل إِن أَن فِي قَوْله فَأَنَّهُ تَكْرِير فَيكون فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 مَوضِع نصب ردا على الأولى كَأَنَّهَا بدل من الأولى وَفِيه بعد لِأَن من إِن كَانَت مَوْصُولَة بِمَعْنى الَّذِي وَجعلت فَأَنَّهُ بَدَلا من أَن الأولى بقى الِابْتِدَاء وَهُوَ من بِغَيْر خبر وان كَانَت من للشّرط بقى الشَّرْط بِغَيْر جَوَاب مَعَ أَن ثبات الْفَاء يمْنَع من الْبَدَل لِأَن الْبَدَل لَا يحول بَينه وَبَين الْمُبدل مِنْهُ بِشَيْء غير الاعتراضات وَالْفَاء لَيست من الاعتراضات فَإِن جعلت الْفَاء زَائِدَة لم يجز لِأَنَّهُ يبْقى الشَّرْط بِغَيْر جَوَاب أَن جعلت أَن الثَّانِيَة بَدَلا من الأولى وَيبقى الْمُبْتَدَأ بِغَيْر خبر أَن جعلت من مَوْصُولَة وَأَن بَدَلا من الأولى فَأَما الْكسر فيهمَا فعلى الِاسْتِئْنَاف أَو على إِضْمَار قَالَ وَالْكَسْر بعد الْفَاء أحسن لِأَن الْفَاء يبتدأ بِمَا بعْدهَا فِي أَكثر الْكَلَام فالكسر بعْدهَا أحسن قَوْله {ولتستبين سَبِيل} من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَنصب السَّبِيل جعل التَّاء عَلامَة خطاب واستقبال وأضمر اسْم النَّبِي فِي الْفِعْل وَمن قَرَأَ بِالتَّاءِ وَرفع السَّبِيل جعل التَّاء عَلامَة تَأْنِيث واستقبال وَلَا ضمير فِي الْفِعْل وَرفع السَّبِيل بِفِعْلِهِ حكى سِيبَوَيْهٍ استبان الشَّيْء واستبنته أَنا فَأَما من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَرفع السَّبِيل فَإِنَّهُ ذكر السَّبِيل لِأَنَّهُ يذكر وَيُؤَنث وَرَفعه بِفِعْلِهِ وَمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 قَرَأَ بِالْيَاءِ وَنصب السَّبِيل أضمر اسْم النَّبِي فِي الْفِعْل وَهُوَ الْفَاعِل وَنصب السَّبِيل لِأَنَّهُ مفعول بِهِ وَاللَّام فِي لتستبين مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره ولتستبين سَبِيل الْمُجْرمين فصلناها قَوْله {أَن أعبد} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره نهيت عَن أَن أعبد قَوْله {وكذبتم بِهِ} الْهَاء تعود على الْبَيِّنَة وَذكرهَا لِأَنَّهَا بِمَعْنى الْبَيَان قَوْله {لَو أَن عِنْدِي} أَن فِي مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ على إِضْمَار فعل وَقد تقدم ذكره قَوْله {من ورقة} من زَائِدَة للتَّأْكِيد أفادت الْعُمُوم وورقة فِي مَوضِع رفع بتسقط وَكَذَلِكَ وَلَا حَبَّة وَيجوز رفع حَبَّة على الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ {وَلَا رطب وَلَا يَابِس} وَقَرَأَ الْحسن وَابْن أبي إِسْحَاق بِالرَّفْع فِي رطب ويابس على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر {إِلَّا فِي كتاب مُبين} قَوْله {مَوْلَاهُم الْحق} مَوْلَاهُم بدل من اسْم الله وَالْحق نعت لمولاهم وَقَرَأَ الْحسن الْحق بِالنّصب على الْمصدر أَو على أَعنِي قَوْله {تضرعا} مصدر وَقيل حَال بِمَعْنى ذوى تضرع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 قَوْله {شيعًا} مصدر وَقيل حَال قَوْله {وَلَكِن ذكرى} ذكرى فِي مَوضِع نصب على الْمصدر أَو فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَكِن عَلَيْهِم ذكرى قَوْله {أَن تبسل} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله أى لِئَلَّا تبسل ومخافة أَن تبسل قَوْله {حيران} نصب على الْحَال وَلَكِن لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ كغضبان قَوْله {وَأَن أقِيمُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ تَقْدِيره وَبِأَن أقِيمُوا وَقيل هُوَ مَعْطُوف على معنى لنسلم لِأَن تَقْدِيره لِأَن نسلم وَقيل هُوَ مَعْطُوف على معنى ائتنا لِأَن مَعْنَاهُ أَن ائتنا قَوْله {وَيَوْم يَقُول} انتصب يَوْم على الْعَطف على الْهَاء فِي اتقوه أَي اتقوه وَاتَّقوا يَوْم يَقُول وَيجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على السَّمَوَات أَي خلق السَّمَوَات وَخلق يَوْم يَقُول وَقيل هُوَ مَنْصُوب على وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم يَقُول قَوْله {كن فَيكون} أَي فَهُوَ يكون فَلذَلِك رَفعه وَفِي يكون اسْمهَا وَهِي تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى خبر وَمثلهَا كن والمضمر هُوَ ضمير الصُّور الَّذِي أَتَى ذكره بعده يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 يكون وَقيل تَقْدِير الْمُضمر فِي فَيكون فَيكون جَمِيع مَا أَرَادَ وَقيل قَوْله هُوَ اسْم فَيكون وَالْحق نَعته وَقيل قَوْله مُبْتَدأ وَالْحق خَبره قَوْله {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور} يَوْم بدل من يَوْم يَقُول وَقيل الناصب لَهُ لَهُ الْملك أَي لَهُ الْملك فِي يَوْم ينْفخ فِي الصُّور قَوْله {عَالم الْغَيْب} نعت للَّذي أَو رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هُوَ عَالم الْغَيْب وَيجوز رَفعه حملا على الْمَعْنى أَي ينْفخ فِيهِ عَالم كَأَنَّهُ لما قَالَ ينْفخ فِي الصُّور وَقيل لَهُ من ينْفخ فِيهِ قيل ينْفخ فِيهِ عَالم الْغَيْب كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... ليبك يزِيد ضارع لخصومة ... كَأَنَّهُ قيل من يبكيه فَقيل ضارع وَقَرَأَ الْحسن وَالْأَعْمَش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 عَالم الْغَيْب بالخفض على الْبَدَل من الْهَاء فِي لَهُ قَوْله {لِأَبِيهِ آزر} من نصب آزر جعله فِي مَوضِع خفض بَدَلا من الْأَب كَأَنَّهُ اسْم لَهُ وَقد قَرَأَ يَعْقُوب وَغَيره بِالرَّفْع على النداء كَأَنَّهُ جعل آزر لقبا لَهُ تَأْوِيله يَا معوج الدّين أتتخذ أصناما آلِهَة قَوْله {وليكون من الموقنين} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره وليكون من الموقنين أريناه الملكوت قَوْله {أتحاجوني} من خفف النُّون فَإِنَّمَا حذف الثَّانِيَة الَّتِي دخلت مَعَ الْيَاء الَّتِي هِيَ ضمير الْمُتَكَلّم لِاجْتِمَاع المثلين مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَترك النُّون الَّتِي هِيَ عَلامَة الرّفْع وَفِيه قبح لِأَنَّهُ كسرهَا لمجاورتها الْيَاء وحقها الْفَتْح فَوَقع فِي الْكَلِمَة حذف وتغيير وَمن شدد أدغم النُّون الأولى فِي الثَّانِيَة وَله نَظَائِر وَمن زعم أَن الأولى هِيَ المحذوفة فَإِنَّمَا اسْتدلَّ على ذَلِك بكسرة النُّون الثَّانِيَة وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَن النُّون الأولى عَلامَة الرّفْع وَلَا يحذف الرّفْع من الْأَفْعَال لغير جازم وَلَا ناصب وَيدل على أَن الثَّانِيَة هِيَ المحذوفة دون الأولى أَن الاستثقال إِنَّمَا يَقع بِالثَّانِي وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 قَوْلهم فِي لَيْتَني ليتي فيحذفون النُّون الَّتِي مَعَ الْيَاء قَوْله {علما} نصب على التَّفْسِير قَوْله {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا} الَّذين مُبْتَدأ وَأُولَئِكَ بدل من الَّذين أَو ابْتِدَاء ثَان والأمن ابْتِدَاء ثَالِث أَو ثَان وَلَهُم خبر الْأَمْن والأمن وَخَبره خبر أُولَئِكَ وَأُولَئِكَ وَخَبره خبر الَّذين وهم مهتدون ابْتِدَاء وَخبر قَوْله {نرفع دَرَجَات من نشَاء} من نون دَرَجَات أوقع نرفع على من وَنصب دَرَجَات على الظّرْف أَو على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره إِلَى دَرَجَات كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَرفع بَعضهم دَرَجَات} وَمن لم ينون نصب دَرَجَات بنرفع على الْمَفْعُول بِهِ وأضافها إِلَى من وَمثلهَا الَّتِي فِي يُوسُف قَوْله {كلا هدينَا} نصب كلا بهدينا وَكَذَلِكَ نوحًا هدينَا وَدَاوُد وَمَا بعده عطف على نوح وَالْهَاء فِي ذُريَّته تعود على نوح وَلَا يجوز أَن تعود على إِبْرَاهِيم لِأَن بعده ولوطا وَلُوط إِنَّمَا كَانَ من ذُرِّيَّة نوح وَكَانَ فِي زمَان إِبْرَاهِيم فَلَيْسَ هُوَ من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَقد قيل انه كَانَ ابْن أخي إِبْرَاهِيم وَقيل ابْن أُخْته قَوْله / اليسع / هُوَ اسْم أعجمي معرفَة وَالْألف وَاللَّام فِيهِ زائدتان وَقيل هُوَ فعل مُسْتَقْبل سممي بِهِ ونكر فدخله حرفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 التَّعْرِيف وَمن قَرَأَهُ بلامين جعله أَيْضا اسْما أعجميا على فيعل ونكره فدخله حرفا للتعريف وَأَصله ليسع وَالْأَصْل فِي الْقِرَاءَة الْأُخْرَى يسع فأصله على قَول من جعله فعلا مُسْتَقْبلا سمي بِهِ يُوسع ثمَّ حذفت الْوَاو كَمَا حذفت فِي يعد وَلم تعْمل الفتحة فِي السِّين لِأَنَّهَا فَتْحة مجتلبة أوجبتها الْعين وَأَصلهَا الْكسر فَوَقع الْحَذف على تَقْدِير الأَصْل قَوْله {لَيْسُوا بهَا بكافرين} الْبَاء الأولى مُتَعَلقَة بكافرين وَالثَّانيَِة دخلت لتأكيد النَّفْي وَهُوَ خبر لَيْسَ قَوْله {فبهداهم اقتده} الْهَاء دخلت لبَيَان حركه الدَّال وَهِي هَاء السكت فَأَما من كسرهَا فَيمكن أَن يكون جعلهَا هَاء الْإِضْمَار أضمر الْمصدر وَقيل أَنه شبه هَاء السكت بهاء الْإِضْمَار فَكَسرهَا وَهَذَا بعيد قَوْله {من شَيْء} شَيْء فِي مَوضِع نصب بأنزل وَمن زَائِدَة للتَّأْكِيد والعموم قَوْله {نورا وَهدى} حالان من الْكتاب أَو من الْهَاء فِي بِهِ فَكَذَلِك تجعلونه حَال من الْكتاب وتبدونها نعت للقراطيس وَالتَّقْدِير تجعلونه فِي قَرَاطِيس فَلَمَّا حذف الْحَرْف نصب قَوْله {وتخفون} مُبْتَدأ لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب قَوْله يَلْعَبُونَ حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي ذرهم قَوْله {مُصدق الَّذِي} نعت للْكتاب على تَقْدِير حذف التَّنْوِين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 من مُصدق لالتقاء الساكنين وَالَّذِي فِي مَوضِع نصب بمصدق وان لم تقدر حذف التَّنْوِين كَانَ مُصدق الَّذِي خَبرا بعد خبر وَالَّذِي فِي مَوضِع خفض قَوْله {ولتنذر أم الْقرى} اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره ولتنذر أم الْقرى أَنزَلْنَاهُ قَوْله {وَمن قَالَ سَأُنْزِلُ} من فِي مَوضِع خفض عطف على من فِي قَوْله مِمَّن افترى قَوْله {وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الظَّالِمين وَالْهَاء وَالْمِيم فِي أَيْديهم للْمَلَائكَة وَالتَّقْدِير وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم بِالْعَذَابِ على الظَّالِمين يَقُولُونَ لَهُم اخْرُجُوا أَنفسكُم فَالْقَوْل مُضْمر وَدلّ على هَذَا الْمَعْنى قَوْله فِي مَوضِع آخر يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم وَمعنى قَوْله اخْرُجُوا أَنفسكُم أَي خلصوا أَنفسكُم الْيَوْم مِمَّا حل بكم فالناصب ليَوْم اخْرُجُوا وَعَلِيهِ يحسن الْوَقْف وَقيل الناصب لَهُ تُجْزونَ فَلَا يُوقف عَلَيْهِ ويبتدأ بِهِ وَجَوَاب لَو مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَو ترى يَا مُحَمَّد حِين الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت لرأيت أمرا عَظِيما قَوْله {فُرَادَى} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي جئتمونا وَلم ينْصَرف لِأَن فِيهِ ألف التَّأْنِيث وَقد قَرَأَ أَبُو حَيْوَة بِالتَّنْوِينِ وَهِي لُغَة لبَعض تَمِيم وَالْكَاف فِي كَمَا فِي مَوضِع نصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَقَد جئتمونا منفردين انفرادا مثل حالكم أول مرّة قَوْله {لقد تقطع بَيْنكُم} من رفع بَيْنكُم جعله فَاعِلا لتقطع وَجعل الْبَين بِمَعْنى الْوَصْل تَقْدِيره لقد تقطع وصلكم أَي تفرق وَاصل بَين الِافْتِرَاق وَلَكِن اتَّسع فِيهِ اسْتعْمل اسْما غير ظرف بِمَعْنى الْوَصْل فَأَما من نَصبه فعلى الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ مَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام من عدم وصلهم فتقديره لقد تقطع وصلكم بَيْنكُم فوصلكم الْمُضمر هُوَ الناصب لبين وَقد قيل إِن من نصب بَيْنكُم جعله مَرْفُوعا فِي الْمَعْنى بتقطع لكنه لما جرى فِي أَكثر الْكَلَام مَنْصُوبًا تَركه فِي حَال الرّفْع على حَاله وَهُوَ مَذْهَب الْأَخْفَش فالقراءتان على هَذَا بِمَعْنى وَاحِد وَمِنْه عِنْد الْأَخْفَش قَوْله ومنادون ذَلِك وَمثله يفصل بَيْنكُم فِي قِرَاءَة من ضم الْيَاء وَفتح الصَّاد فدون وَبَين استعملا فِي هَذِه الْمَوَاضِع أَسمَاء غير ظروف لَكِن تركا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 الْفَتْح وموضعهما رفع من أجل أَن أَكثر مَا استعملا بِالنّصب على أَنَّهُمَا ظرفان قَوْله {وَالشَّمْس وَالْقَمَر} انتصبا عطفا على مَوضِع اللَّيْل لِأَنَّهُ فِي مَوضِع نصب وَقيل بل على تَقْدِير وَجعل فَأَما من قَرَأَ وَجعل اللَّيْل فَهُوَ عطف على اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَوْله {حسبانا} قَالَ الْأَخْفَش مَعْنَاهُ بحسبان فَلَمَّا حذف الْحَرْف وَنصب وَقيل إِن حسبانا مصدر حسبت الشَّيْء حسبانا وحسبا والحساب هُوَ الِاسْم قَوْله {فمستقر ومستودع} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي فمنكم مُسْتَقر ومنكم مستودع وَمن فتح الْقَاف كَانَ تَقْدِيره فلكم مُسْتَقر أَي مُسْتَقر فِي الْأَرْحَام ومستودع فِي الأَرْض وَقيل الْمُسْتَوْدع مَا كَانَ فِي الصلب وَقيل مُسْتَقر مَعْنَاهُ فِي الْقَبْر على قِرَاءَة من كسر الْقَاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 قَوْله {وجنات من أعناب} من نصب جنَّات عطفها على نَبَات وَقد رُوِيَ الرّفْع عَن عَاصِم على معنى وَلَهُم جنَّات على الِابْتِدَاء وَلَا يجوز عطفه على قنوان لِأَن الجنات لَا تكون من النّخل قَوْله {انْظُرُوا إِلَى ثمره} من قَرَأَ بِفتْحَتَيْنِ جعله جمع ثَمَرَة كبقرة وبقر وَجمع الْجمع على ثمار كأكمة وآكام وَمن قَرَأَ بِضَمَّتَيْنِ جعله أَيْضا جمع ثَمَرَة كخشبة وخشب وَقد قيل هُوَ جمع الْجمع كَأَنَّهُ جمع ثمار كحمار وحمر وثمر جمع ثمار وثمر جمع ثَمَرَة قَوْله {وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ} الْجِنّ مفعول أول لجعل وشركاء مفعول ثَان مقدم وَاللَّام فِي لله مُتَعَلقَة بشركاء وان شِئْت جعلت شُرَكَاء مَفْعُولا أول وَالْجِنّ بَدَلا من شُرَكَاء وَللَّه فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَاللَّام مُتَعَلقَة بِجعْل وَأَجَازَ الْكسَائي رفع الْجِنّ على معنى هم الْجِنّ قَوْله {وَكَذَلِكَ نصرف} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره ونصرف الْآيَات تصريفا مثل مَا تلونا عَلَيْك قَوْله {وليقولوا درست} اللَّام مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره وليقولوا درست صرفنَا الْآيَات وَمثله ولنبينه وَمعنى درست فِي قِرَاءَة من فتح التَّاء تعلمت وقرأت وَمن أسكنها فَمَعْنَاه انْقَطَعت وأمحت وَمن قَرَأَ بِالْألف فَمَعْنَاه دارست أهل الْكتاب ودارسوك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 قَوْله {عدوا} مصدر وَقيل مفعول من أَجله قَوْله {مَا يشعركم أَنَّهَا إِذا جَاءَت} من فتح أَن جعلهَا بِمَعْنى لَعَلَّ حكى الْخَلِيل عَن الْعَرَب ائْتِ السُّوق أَنَّك تشتري لنا شَيْئا أَي لَعَلَّك وَمَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَفِي يشعركم ضمير الْفَاعِل يعود على مَا وَالْمعْنَى وَأي شَيْء يدريكم إِيمَانهم إِذا جَاءَتْهُم الْآيَة لَعَلَّهَا إِذا جَاءَتْهُم لَا يُؤمنُونَ فَفِي الْكَلَام حذف دلّ عَلَيْهِ مَا بعده والمحذوف هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي ليشعركم يُقَال شَعرت بالشَّيْء دريته وَلَو حملت أَن على بَابهَا لَكَانَ ذَلِك عذرا لَهُم لَكِنَّهَا بِمَعْنى لَعَلَّ وَقد قيل إِن أَن مَنْصُوبَة بيشعركم لَكِن لَا زَائِدَة فِي قَوْله لَا يُؤمنُونَ وَالتَّقْدِير وَمَا يشعركم أَن الْآيَة إِذا جَاءَتْهُم يُؤمنُونَ وَهُوَ خطاب للْمُؤْمِنين يَعْنِي أَن الَّذين اقترحوا الْآيَة من الْكفَّار لَو اتتهم لم يُؤمنُوا فَأن هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي ليشعركم على هَذَا القَوْل وَلَا حذف فِي الْكَلَام قَوْله {أول مرّة} نصب على الظّرْف يَعْنِي فِي الدُّنْيَا قَوْله {قبلا} من كسر الْقَاف وَفتح الْبَاء نَصبه على الْحَال من الْمَفْعُول وَهُوَ بِمَعْنى مُعَاينَة أَو عيَانًا أَي يقابلونه وَكَذَلِكَ من قَرَأَ بِضَم الْقَاف وَالْبَاء فَهُوَ نصب على الْحَال أَيْضا بِمَعْنى ضمناء أَو بِمَعْنى قبيل قبيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 قَوْله {إِلَّا أَن يَشَاء الله} أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع قَوْله {شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} نصب على الْبَدَل من عَدو أَو على أَنه مفعول ثَان لجعل قَوْله {غرُورًا} نصب على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {حكما} نصب على الْبَيَان أَو على الْحَال وابتغي معدى إِلَى غير قَوْله {منزل من رَبك بِالْحَقِّ} بِالْحَقِّ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي منزل وَلَا يجوز أَن يكون مَفْعُولا بمنزل لِأَن منزلا قد تعدى إِلَى مفعولين أَحدهمَا بِحرف جر وَهُوَ من رَبك وَالثَّانِي مُضْمر فِي منزل وَهُوَ الَّذِي قَامَ مقَام الْفَاعِل وَهُوَ مفعول لم يسم فَاعله يعود على الْكتاب قَوْله {صدقا وعدلا} مصدران وان شِئْت جعلتهما فِي مَوضِع الْحَال بِمَعْنى صَادِقَة وعادلة قَوْله {هُوَ أعلم من يضل} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام ويضل عَن سَبيله الْخَبَر وَقيل من فِي مَوضِع نصب بِفعل دلّ عَلَيْهِ اعْلَم وَهِي بِمَعْنى الَّذِي تَقْدِيره وَهُوَ أعلم يعلم من يضل وَيبعد أَن تنصب من بِأَعْلَم لبعده من مضارعة الْفِعْل والمعاني لَا تعْمل فِي المفعولات كَمَا تعْمل فِي الظروف وَلَا يحسن أَن يكون فعلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 للمخبر عَن نَفسه لِأَنَّهُ بِلَفْظ الْأَخْبَار عَن الْغَائِب وَلَا يحسن أَن يكون بِمَعْنى فَاعل إِذا لم يحسن أَن يكون فعلا وَإِنَّمَا يكون أفعل بِمَعْنى فَاعل إِذا حسن أَن يكون فعلا للمخبر عَن نَفسه وَلَا يحسن تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ لِأَنَّهُ من ضرورات الشّعْر وَلَا يحسن فِيهِ الْإِضَافَة لِأَنَّهُ كفر إِذْ أفعل لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى مَا هُوَ بعضه فأفهمه إِلَّا أَن يكون بِمَعْنى فَاعل فَيحسن إِضَافَته إِلَى مَا لَيْسَ هُوَ بعضه نَحْو وَأعلم مَا تبدون لِأَن التَّنْوِين والانفصال فِيهِ مقدران قَوْله {وَمَا لكم أَلا تَأْكُلُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ وَمَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا تَقْدِيره وَأي شَيْء لكم فِي أَن لَا تَأْكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ قَوْله {إِلَّا مَا اضطررتم} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا} من بِمَعْنى الَّذِي رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْكَاف فِي كمن خَبره وَفِي كَانَ اسْمهَا يعود على من وَمَيتًا خبر كَانَ قَوْله {كمن مثله فِي الظُّلُمَات} مثله مُبْتَدأ وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 الظُّلُمَات خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من وَتَقْدِيره كمن هُوَ فِي الظُّلُمَات قَوْله {لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي قَوْله فِي الظُّلُمَات وَالْكَاف فِي قَوْله كَذَلِك زين فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره زين تزيينا مثل ذَلِك زين للْكَافِرِينَ عَمَلهم قَوْله {جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها} قَوْله مجرميها فِي مَوضِع نصب بجعلنا مفعول أول وَيجْعَل أكَابِر مَفْعُولا ثَانِيًا عندنَا هُوَ الْمَعْنى الصَّحِيح كَمَا قَالَ أمرنَا مُتْرَفِيهَا أَي كثرناهم وكما قَالَ وأترفناهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا أَي نعمناهم قَوْله {ليمكروا فِيهَا} اللَّام لَام كي وَمَعْنَاهَا أَنه لما علم الله أَنهم يمكرون صَار الْمَعْنى أَنه إِنَّمَا زين لَهُم ليمكروا إِذْ قد تقدم فِي علمه وُقُوع ذَلِك مِنْهُم قَوْله {ضيقا} مفعول ثَان لجعل وحرجا نعت لَهُ وان شِئْت جعلته مَفْعُولا أَيْضا على التكرير كَمَا جَازَ أَن يَأْتِي خبر ثَان فَأكْثر لمبتدأ وَاحِد كَذَلِك يجوز مفعولان فَأكْثر فِي مَوضِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 مفعول وَاحِد وَإِنَّمَا يكون هَذَا فِيمَا يدْخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر تَقول طَعَامك حُلْو حامض مر فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَخْبَار عَن الطَّعَام مَعْنَاهَا لإطعامك جمع هَذِه الطعوم فَإِن أدخلت على الْمُبْتَدَأ فعلا ناصبا لمفعولين نَحْو ظَنَنْت أَو كَانَ أَو إِن انتصبت الْأَخْبَار كلهَا وَارْتَفَعت على خبر إِن تَقول ظَنَنْت طَعَامك حلوا حامضا مرا وَكَذَلِكَ كَانَ فَمَا جَازَ فِي الِابْتِدَاء جَازَ فِيمَا يدْخل على الِابْتِدَاء فَكَذَلِك جعل تدخل على الِابْتِدَاء كَأَنَّهُ كَانَ قبل دُخُولهَا صَدره ضيق حرج فضيق حرج خبر بعد خبر فَلَمَّا دخلت جعل نصبت الْمُبْتَدَأ وخبريه هَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِكَسْر الرَّاء لِأَنَّهُ جعله اسْم فَاعل كدنف وَفرق وَمعنى حرج كمعنى ضيق كرر لاخْتِلَاف لَفظه للتَّأْكِيد فَأَما من فتح الرَّاء فَهُوَ مصدر وَقيل هُوَ جمع حرجة كقصبة وقصب قَوْله {كَأَنَّمَا يصعد} الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي حرج أَو فِي ضيق قَوْله {كَذَلِك يَجْعَل الله} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره جعلا مثل ذَلِك يَجْعَل الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 قَوْله {مُسْتَقِيمًا} نصب على الْحَال من صِرَاط وَهَذِه يُقَال لَهَا الْحَال الْمُؤَكّدَة لِأَن صِرَاط الله لَا يكون إِلَّا مُسْتَقِيمًا فَلم يُؤْت بهَا لتفرق بَين حالتين إِذْ لَا يتَغَيَّر صِرَاط الله عَن الاسْتقَامَة أبدا وَلَيْسَت هَذِه الْحَال كالحال فِي قَوْلك هَذَا زيد رَاكِبًا لِأَن زيد قد يَخْلُو من الرّكُوب فِي وَقت آخر إِلَى ضد الرّكُوب وصراط الله لَا يَخْلُو من الاسْتقَامَة أبدا فاعرف معنى الْحَال الْمُؤَكّدَة من الْحَال المفرقة بَين الْأَفْعَال الَّتِي تخْتَلف وتتبدل قَوْله {وَيَوْم نحشرهم جَمِيعًا} يَوْم مَنْصُوب بِفعل مُضْمر مَعْنَاهُ وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم نحشرهم وَقيل انتصب بيقول مضمرة وَقَوله جَمِيعًا نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي نحشرهم قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ الله} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع فَإِن جعلت مَا لمن يعقل لم يكن مُنْقَطِعًا قَوْله {يقصون} فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لرسل وَمثله وينذرونكم قَوْله {ذَلِك أَن لم يكن} ذَلِك فِي مَوضِع رفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون ذَلِك فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير فعل الله ذَلِك وَأَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره لِأَن لم يكن فَلَمَّا حذفت الْحَرْف انتصبت قَوْله {كَمَا أنشأكم} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره استخلافا مثل مَا أنشأكم قَوْله {إِن مَا توعدون لآت} مَا بِمَعْنى الَّذِي اسْم إِن وَالْهَاء محذوفة مَعَ توعدون تَقْدِيره توعدونه فحذفت لطول الِاسْم ولآت خبر أَن وَاللَّام لَام التوكيد قَوْله {من تكون لَهُ} أَن جعلت من استفهاما كَانَت فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بتعلمون وان جَعلتهَا بِمَعْنى الَّذِي خَبرا كَانَت فِي مَوضِع نصب بتعلمون قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} مَا فِي مَوضِع رفع بساء قَوْله {وَكَذَلِكَ زين لكثير} الْآيَة من قَرَأَ زين بِالضَّمِّ على مَا لم يسم فَاعله رفع قتل على أَنه مفعول مَا لم يسم فَاعله وأضافه إِلَى الْأَوْلَاد وَرفع الشُّرَكَاء حملا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الْمَعْنى كَأَنَّهُ قيل من زينه لَهُم قَالَ شركاؤهم وأضيف الشُّرَكَاء إِلَيْهِم لأَنهم هم استخرقوها وجعلوها شُرَكَاء لله تَعَالَى الله عَن ذَلِك فباستخراقهم لَهَا أضيفت إِلَيْهِم وَمن قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة وَنصب الْأَوْلَاد وخفض الشُّرَكَاء فَهِيَ قِرَاءَة بعيدَة وَقد رويت عَن ابْن عَامر ومجازها على التَّفْرِقَة بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بالمفعول وَذَلِكَ إِنَّمَا يجوز عِنْد النَّحْوِيين فِي الشّعْر واكثر مَا يَأْتِي فِي الظروف وَرُوِيَ عَن ابْن عَامر أَنه قَرَأَ بِضَم الزاى من زين وَرفع قتل وخفض الْأَوْلَاد والشركاء وَفِيه أَيْضا بعد ومجازه أَن يَجْعَل الشُّرَكَاء بَدَلا من الْأَوْلَاد فَيصير الشُّرَكَاء اسْما للأولاد لمشاركتهم الْآبَاء فِي النّسَب وَالْمِيرَاث وَالدّين قَوْله {إِلَّا من نشَاء} من فِي مَوضِع رفع بيطعم قَوْله {افتراء} مصدر قَوْله {مَا فِي بطُون} مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره خَالِصَة وَإِنَّمَا أنث الْخَبَر لِأَن مَا فِي بطُون الْأَنْعَام انعام فَحملت التَّأْنِيث على الْمَعْنى ثمَّ قَالَ ومحرم فَذكر حَملَة على لفظ مَا وَهَذَا نَادِر لَا نَظِير لَهُ وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي من وَمَا حمل الْكَلَام على اللَّفْظ أَولا ثمَّ على الْمَعْنى بعد ذَلِك وَهَذَا أَتَى اللَّفْظ أَولا مَحْمُولا على الْمَعْنى ثمَّ حمل على اللَّفْظ بعد ذَلِك فاعرفه فَأَنَّهُ قَلِيل وَقيل أنث على الْمُبَالغَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 كراوية وعلامة وَقد قَرَأَ قَتَادَة خَالِصَة بِالنّصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي قَوْله فِي بطُون وَخبر مَا لذكورنا وَلَا يجوز أَن تكون الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي ذكورنا لِأَن الْحَال لَا يتَقَدَّم على الْعَامِل عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَغَيره إِذا كَانَ لَا ينْصَرف لَو قلت زيد قَائِما فِي الدَّار لم يجز وَقد أجَازه الْأَخْفَش وَقد قَرَأَ ابْن عَبَّاس خَالِصَة بالتذكير ردا على لفظ مَا وَرَفعه بِالِابْتِدَاءِ ولذكورنا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر مَا وَيجوز أَن يكون خَالِصَة بَدَلا من مَا بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ بعضه ولذكورنا الْخَبَر وَقَرَأَ الْأَعْمَش خَالص بِغَيْر هَاء رده على لفظ مَا وَرَفعه وَهُوَ ابْتِدَاء ثَان ولذكورنا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر مَا قَوْله {وَإِن يكن ميتَة} من نصب ميتَة وَقَرَأَ بِالْيَاءِ رده على لفظ مَا وأضمر فِي يكن اسْمهَا وميتة خَبَرهَا تَقْدِيره وان يكن مَا فِي بطونها ميتَة وَمن قَرَأَ تكن بِالتَّاءِ أنث على تَأْنِيث الْأَنْعَام الَّتِي فِي الْبُطُون تَقْدِيره وان تكن الْأَنْعَام الَّتِي فِي بطونها ميتَة وَمن رفع ميتَة جعل كَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى خبر وَقَالَ الْأَخْفَش يضمر الْخَبَر تَقْدِيره عِنْده وان تكن ميتَة فِي بطونها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 قَوْله {سفها} مصدر وان شِئْت مفعول من أَجله قَوْله {وَالنَّخْل وَالزَّرْع} عطف على جنَّات ومختلفا حَال تَقْدِيره أَي سُكُون كَذَلِك لِأَنَّهَا فِي أول خُرُوجهَا من الأَرْض لَا أكل فِيهَا فتوصف باخْتلَاف الطعوم لَكِن اخْتِلَاف ذَلِك يكون فِيهَا عِنْد إطعامها فَهِيَ حَال مقدرَة أَي سَيكون الْأَمر على ذَلِك فَأَنت إِذا قلت رَأَيْت زيدا قَائِما فَإِنَّمَا أخْبرت أَنَّك رَأَيْته فِي هَذِه الْحَال فَهِيَ حَال وَاقعَة غير منتظرة وَإِذا قلت خلق الله النّخل مُخْتَلفا أكله لم تخبر أَنه خلق وَفِيه أكل مُخْتَلف اللَّوْن والطعم إِنَّمَا ذَلِك شَيْء ينْتَظر أَن يكون فِيهِ عِنْد إطعامه فَهِيَ حَال منتظرة مقدرَة وَكَذَلِكَ إِذا قلت رَأَيْت زيدا مُسَافِرًا غَدا فَلم تره فِي حَال السّفر إِنَّمَا هُوَ أَمر تقدره أَن يكون غَدا فأعرف الْفرق بَين الْحَال الْوَاقِعَة وَالْحَال الْمقدرَة المنتظرة وَالْحَال الْمُؤَكّدَة الَّتِي ذكرنَا فِي قَوْله صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال مُخْتَلفَة الْمعَانِي فافهمها واعرفها فَفِي الْقُرْآن مِنْهُ كثير وَمِنْه قَوْله لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين فآمنين حَال مقدرَة منتظرة وَمثله كثير قَوْله {وَمن الْأَنْعَام حمولة وفرشا} نصب على الْعَطف على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 جنَّات أَي وَأَنْشَأَ من الْأَنْعَام حمولة وَهِي الْكِبَار المذللة ذَات الطَّاقَة على حمل الأثقال وفرشا وَهِي الصغار قَوْله {ثَمَانِيَة أَزوَاج} قَالَ الْكسَائي نصب ثَمَانِيَة بإضمار فعل تَقْدِيره أنشأ ثَمَانِيَة وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ بدل من حمولة وفرش وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان هُوَ نصب بِفعل على مُضْمر تَقْدِيره كلوا لحم ثَمَانِيَة أَزوَاج فَحذف الْفِعْل والمضاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَانِية مقَام الْمُضَاف وَهُوَ لحم وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله كلوا مِمَّا رزقكم الله على الْموضع قَوْله {آلذكرين حرم} نصب بحرم وَأم الْأُنْثَيَيْنِ عطف على الذكرين وَمَا عطف أَيْضا عَلَيْهِ فِي قَوْله أم مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ قَرَأَ أَبُو جَعْفَر على طاعم يطعمهُ بتَشْديد الطَّاء وَكسر الْعين وتخفيفها وَأَصله يطتعمه على وزن يفتعله ثمَّ أبدل من التَّاء طاء وأدغم فِيهَا الطَّاء الأولى قَوْله {إِلَّا أَن يكون ميتَة} من قَرَأَ بِالْيَاءِ وَنصب ميتَة أضمر فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 كَانَ مذكرا هُوَ اسْمهَا وَتَقْدِيره إِلَّا أَن يكون الْمَأْكُول ميتَة أَو ذَلِك ميتَة وَمن قَرَأَ بِالتَّاءِ وَنصب ميتَة أضمر المأكولة وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر إِلَّا أَن تكون بِالتَّاءِ ميتَة بِالرَّفْع جعل كَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث وَأَن فِي مَوضِع نصب إِلَى الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَكَانَ يلْزم أَبَا جَعْفَر أَن يقْرَأ أَو دم بِالرَّفْع وَكَذَلِكَ مَا بعده لكنه عطفه على أَن وَلم يعطفه على ميتَة وَمن نصب ميتَة عطف أَو دَمًا وَمَا بعده عَلَيْهَا قَوْله {أَو فسقا} عطف على لحم خِنْزِير وَمَا قبله قَوْله {فَإِنَّهُ رِجْس} اعْتِرَاض بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ يُرَاد بِهِ التَّأْخِير بعد أَو فسقا قَوْله {غير بَاغ} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أضطر قَوْله {أَو الحوايا أَو مَا} فِي مَوضِع رفع عطف على ظهورهما وَمَا فِي قَوْله إِلَّا مَا حملت فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من الشحوم قَوْله {الحوايا} وَاحِدهَا حوية وَقيل حاوية وَقيل حاوياء مثل نافقاء والحوايا فِي مَوضِع رفع عِنْد الْكسَائي على الْعَطف على الظُّهُور على معنى إِلَّا مَا حملت الحوايا وَقَالَ غَيره هِيَ فِي مَوضِع نصب عطف على مَا فِي قَوْله إِلَّا مَا حملت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 قَوْله {ذَلِك جزيناهم ببغيهم} ذَلِك فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ التَّقْدِير الْأَمر ذَلِك وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بجزيناهم قَوْله {ذُو رَحْمَة} أصل ذُو ذوى مثل عصى وَلذَلِك قَالَ فِي التَّثْنِيَة ذواتا أفنان قَوْله {هَلُمَّ} أَصْلهَا هَا المم فألقيت حَرَكَة الْمِيم الأولى على اللَّام وأدغمت فِي الثَّانِيَة فَلَمَّا تحركت اللَّام استغني عَن ألف الْوَصْل فَاجْتمع ساكنان ألف هَا وَلَام المم لِأَن حركتها عارضة فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين فاتصلت الْهَاء بِاللَّامِ مَضْمُومَة وَبعدهَا مِيم مُشَدّدَة فَصَارَت هَلُمَّ كَمَا هِيَ فِي التِّلَاوَة وَلما تَغَيَّرت تغير مَعْنَاهَا واستعملت بِمَعْنى تعال وَبِمَعْنى ائْتِ قَوْله {أَلا تُشْرِكُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بدل من مَا فِي قَوْله أتل مَا وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ أَن لَا تُشْرِكُوا قَوْله {ذَلِكُم وَصَّاكُم} ابْتِدَاء وَخبر قَوْله {وَأَن هَذَا} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي وَلِأَن هَذَا وَمن كسرهَا جعلهَا مُبتَدأَة وَمن فتح وخفف جعلهَا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فِي مَوضِع نصب مثل الأول ومستقيما حَال من صِرَاطِي وَهِي الْحَال الْمُؤَكّدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 قَوْله {تَمامًا} مفعول من أَجله أَو مصدر قَوْله {على الَّذِي أحسن} من رفع أحسن أضمر هُوَ مُبْتَدأ وَأحسن خَبره وَالْجُمْلَة صلَة الَّذِي وَمن فتح جعله فعلا مَاضِيا صلَة الَّذِي وَفِيه ضمير يعود على الَّذِي تَقْدِيره تَمامًا على المحسن وَقيل لَا ضمير فِي أحسن وَالْفَاعِل مَحْذُوف وَالْهَاء محذوفة تَقْدِيره تَمامًا على الَّذِي أحْسنه الله إِلَى مُوسَى من الرسَالَة قَوْله {أَن تَقولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {وَإِن كُنَّا عَن دراستهم لغافلين} أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين وَاسْمهَا مُضْمر مَعهَا تَقْدِيره وانا كُنَّا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِن بِمَعْنى إِلَّا تَقْدِيره وَمَا كُنَّا عَن دراستهم إِلَّا غافلين قَرَأَ ابْن سِيرِين لَا تَنْفَع بِالتَّاءِ على مَا يجوز من تَأْنِيث الْمصدر وتذكيره لِأَن الْإِيمَان الَّذِي هُوَ فَاعل تَنْفَع مصدر وَقيل إِنَّمَا أنث الْإِيمَان لاشْتِمَاله على النَّفس قَوْله {فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} من أَضَافَهُ فَمَعْنَاه فَلهُ عشر حَسَنَات أَمْثَال حَسَنَة وَمن نون عشرا وَهِي قِرَاءَة الْحسن وَابْن جُبَير وَالْأَعْمَش قدره فَلهُ حَسَنَات عشر أَمْثَالهَا وَهُوَ كُله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ابْتِدَاء وَالْخَبَر لَهُ وَيزِيد الله فِي التَّضْعِيف مَا يَشَاء لمن يَشَاء وَالْعشرَة هِيَ أقل الْجَزَاء وَالْفضل بعد ذَلِك لمن يَشَاء الله قَوْله {دينا قيمًا} انتصب دينا بهداني مضمرة دلّت عَلَيْهَا هَدَانِي الأولى وَقيل تَقْدِيره عرفني دينا وَقيل هُوَ بدل من صِرَاط على الْموضع لِأَن هَدَانِي إِلَى صِرَاط وهداني صراطا بِمَعْنى وَاحِد فَحَمله على الْمَعْنى فأبدل دينا من صِرَاط وَمن قَرَأَ قيمًا مشددا فأصله قيوم على فيعل ثمَّ أبدل من الْوَاو يَاء وأدغم الْيَاء فِي الْيَاء وَمن خففه بناه على فعل وَكَانَ أَصله أَن يَأْتِي بِالْوَاو فَيَقُول قوما كَمَا قَالُوا عوض وحول وَلكنه شَذَّ عَن الْقيَاس قَوْله {مِلَّة إِبْرَاهِيم} بدل من دين قَوْله {حَنِيفا} حَال من إِبْرَاهِيم وَقيل هُوَ نصب على إِضْمَار أَعنِي قَوْله {ومحياي} حق الْيَاء أَن تكون مَفْتُوحَة كَمَا كَانَت الْكَاف فِي رَأَيْتُك وَالتَّاء فِي قُمْت لَكِن الْحَرَكَة فِي الْيَاء ثَقيلَة فَمن أسكنها فعلى الاستخفاف لكنه جمع بَين ساكنين وَالْجمع بَين ساكنين جَائِز إِذا كَانَ الأول حرف مد ولين لِأَن الْمَدّ الَّذِي فِيهِ يقوم مقَام حَرَكَة يستراح عَلَيْهَا فيفصل بَين الساكنين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 قَوْله {أغير الله} نصب بأبغي وَربا نصب على التَّفْسِير قَوْله {دَرَجَات} أَي إِلَى دَرَجَات فَلَمَّا حذف الْحَرْف نصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْأَعْرَاف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من جعل {المص} فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ كَانَ كتاب خَبره وَيجوز أَن تضمر الْخَبَر وترفع كتابا على إِضْمَار مُبْتَدأ قَوْله {وذكرى} فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على كتاب وَإِن شِئْت على إِضْمَار مُبْتَدأ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْمصدر أَو على أَن تعطفها على مَوضِع الْهَاء فِي بِهِ وَقيل ذكرى فِي مَوضِع خفض عطف على لتنذر لِأَن مَعْنَاهُ الْإِنْذَار فتعطف على الْمَعْنى قَوْله {قَلِيلا مَا تذكرُونَ} و {قَلِيلا مَا تؤمنون} وَنَحْوه هُوَ مَنْصُوب بِالْفِعْلِ الَّذِي بعده وَمَا زَائِدَة وَتَقْدِير النصب أَنه نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره تذكرا قَلِيلا تذكرُونَ أَو وقتا قَلِيلا تذكرُونَ فَإِن جعلت مَا وَالْفِعْل مصدرا لم يحسن أَن تنصب قَلِيلا بِالْفِعْلِ الَّذِي بعده لِأَنَّك تقدم الصِّلَة على الْمَوْصُول قَوْله {وَكم من قَرْيَة} كم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 لاشتغال الْفِعْل بالضمير وَهُوَ أهلكناها وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَهِي خبر وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب بإضمار فعل بعْدهَا تَقْدِيره وَكم أهلكنا من قَرْيَة أهلكناها وَلَا يجوز أَن تقدر الْفِعْل الْمُضمر قبلهَا لِأَنَّهَا لَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا لمضارعتها كم فِي الِاسْتِفْهَام وَلِأَن لَهَا صدر الْكَلَام إِذْ هِيَ نقيضة رب الَّتِي لَهَا صدر الْكَلَام أَيْضا وَتَقْدِير الْآيَة وَكم من قَرْيَة أردنَا إهلاكها فَجَاءَهَا بأسنا كَمَا قَالَ فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه أَي فَإِذا أردْت قِرَاءَة الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه قَوْله {بياتا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال وَقَوله {أَو هم قَائِلُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْقرْيَة قَوْله {إِلَّا أَن قَالُوا} أَن فِي مَوضِع نصب خبر كَانَ ودعواهم الِاسْم وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع على اسْم كَانَ ودعواهم الْخَبَر مقدما قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} الْحق نعت للوزن وَالْوَزْن مُبْتَدأ ويومئذ خَبره وَإِن شِئْت جعلت الْحق خَبرا عَن الْوَزْن ويومئذ ظرف ملغى تنصبه بِالْوَزْنِ وَيجوز نصب الْحق على الْمصدر ويومئذ خبر الْوَزْن فَإِذا جعلت الْحق خَبرا للوزن نصبت يَوْمئِذٍ على الظّرْف للوزن فَهُوَ عَامل فِيهِ وَإِن شِئْت على الْمَفْعُول على السعَة ويومئذ فِي صلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 الْمصدر فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَإِذا جعلت يَوْمئِذٍ خَبرا عَن الْوَزْن لم يكن فِي الصِّلَة وانتصب بِمَحْذُوف قَامَ يَوْمئِذٍ مقَامه تَقْدِيره وَالْوَزْن الْحق ثَابت يَوْمئِذٍ أَو مُسْتَقر يَوْمئِذٍ وَنَحْوه وَيحسن أَن يكون الْحق على هَذَا الْوَجْه بَدَلا من الْمُضمر الَّذِي فِي الظّرْف فَلَا يحسن تَقْدِيمه على الظّرْف وَإِن جعلت الْحق نعتا للوزن والظرف خَبرا للوزن جَازَ تَقْدِيم الْحق على الظّرْف وَلَا يجوز تَقْدِيم الْحق على الْوَزْن فِي الْوَجْهَيْنِ فَإِن جعلت الْحق خَبرا للوزن جَازَ تَقْدِيمه على الْوَزْن وَلَا يجوز تَقْدِيمه على الظّرْف لِأَن الظّرْف فِي صلَة الْوَزْن وَلَيْسَ الْحق الَّذِي هُوَ خبر الْوَزْن فِي صلته فَلَا يفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء قَوْله {معايش} جمع معيشة ووزنه مفاعل وَوزن معيشة مفعلة وَأَصلهَا معيشة ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْعين وَالْمِيم الزَّائِدَة لِأَنَّهَا من الْعَيْش فَلَا يحسن همزها لِأَنَّهَا أَصْلِيَّة كَانَ أَصْلهَا فِي الْوَاحِد الْحَرَكَة وَلَو كَانَت زَائِدَة أَصْلهَا فِي الْوَاحِد السّكُون لهمزتها فِي الْجمع نَحْو سفائن وَاحِدهَا سفينة على فعيلة فالياء زَائِدَة أَصْلهَا السّكُون وَكَذَلِكَ تهمز فِي الْجمع إِذا كَانَ مَوضِع الْيَاء ألفا أَو واوا زائدتين نَحْو عَجَائِز ورسائل لِأَن الْوَاحِد عَجُوز ورسالة وَقد روى خَارِجَة عَن نَافِع همز معايش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 ومجازه أَنه شبه الْيَاء الْأَصْلِيَّة بالزائدة فأجراها مجْراهَا وَفِيه بعد وَكثير من النَّحْوِيين لَا يُجِيزهُ قَوْله {قَلِيلا مَا تشكرون} مثل قَلِيلا مَا تذكرُونَ قَوْله {إِلَّا إِبْلِيس} نصب على الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس وَقيل هُوَ من الْجِنْس قَوْله {مَا مَنعك أَلا تسْجد} مَا اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار وَهِي رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَأَن فِي مَوضِع نصب بمنعك مفعول بهَا وَلَا زَائِدَة وَالتَّقْدِير أَي شَيْء مَنعك من السُّجُود فَفِي مَنعك ضمير الْفَاعِل يعود على مَا وَإِذ ظرف زمَان مَاض وَالْعَامِل فِيهِ تسْجد قَوْله {لأقعدن لَهُم صراطك} أَي على صراطك بِمَنْزِلَة ضرب زيد الظّهْر والبطن أَي على الظّهْر والبطن قَوْله {مذؤوما مَدْحُورًا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي اخْرُج قَوْله {فتكونا} نصب على جَوَاب النَّهْي قَوْله {إِلَّا أَن تَكُونَا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا كَرَاهَة أَن تَكُونَا أَو لِئَلَّا تَكُونَا وَالْهَاء فِي هَذِه بدل من يَاء وَهِي للتأنيث وَمن أجل أَنَّهَا بدل من يَاء انْكَسَرَ مَا قبلهَا وَبقيت بِلَفْظ الْهَاء فِي الْوَصْل وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب هَاء تَأْنِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 قبلهَا كسرة وَلَا هَاء تَأْنِيث تبقى بِلَفْظ الْهَاء فِي الْوَصْل غير هَذِه أَصْلهَا هاذي قَوْله {لَكمَا لمن الناصحين} اللَّام فِي لَكمَا مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره اني نَاصح لَكمَا لمن الناصحين فَإِن جعلت الْألف وَاللَّام فِي الناصحين للتعريف وليستا بِمَعْنى الَّذِي جَازَ أَن تتَعَلَّق بالناصحين وَهُوَ قَول الْمَازِني ونداء الرب قد كثر حذف يَا مِنْهُ فِي الْقُرْآن وَعلة ذَلِك أَن فِي حذف يَا من نِدَاء الرب تَعَالَى معنى التَّعْظِيم لَهُ والتنزيه وَذَلِكَ أَن النداء فِيهِ طرف من معنى الْأَمر لِأَنَّك إِذا قلت يَا زيد فَمَعْنَاه تعال يَا زيد أَدْعُوك يَا زيد فحذفت يَا من نِدَاء الرب ليزول معنى الْأَمر وَينْقص لِأَن يَا تؤكده وَتظهر مَعْنَاهُ وَكَانَ فِي حذف يَاء التَّعْظِيم والإجلال والتنزيه للرب فَكثر حذفهَا فِي الْقُرْآن وَالْكَلَام فِي نِدَاء الرب لذَلِك الْمَعْنى قَوْله {وَإِن لم تغْفر لنا} دخلت أَن على لم لِترد الْفِعْل إِلَى أَصله فِي لَفظه وَهُوَ الِاسْتِقْبَال لِأَن لم ترد الْمُسْتَقْبل إِلَى معنى الْمُضِيّ وَإِن ترد الْمَاضِي إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال فَلَمَّا صَارَت لم وَلَفظ الْمُسْتَقْبل بعْدهَا بِمَعْنى الْمَاضِي ردتها إِن إِلَى الِاسْتِقْبَال لِأَن إِن ترد الْمَاضِي إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 قَوْله {جَمِيعًا} حَال من الْمُضمر فِي اهبطا قَوْله {بَعْضكُم لبَعض عَدو} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا وَكَذَلِكَ وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين قَوْله {ولباس التَّقْوَى} من نَصبه عطفه على لِبَاس الْمَنْصُوب بأنزلنا وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَالْقطع مِمَّا قبله وَذَلِكَ نَعته أَو بدل مِنْهُ أَو عطف بَيَان عَلَيْهِ وَخير خَبره وَيجوز رفع لِبَاس على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره وَستر الْعَوْرَة لِبَاس التَّقْوَى أَي الْمُتَّقِينَ يُرِيد لِبَاس أهل التَّقْوَى ثمَّ حذف الْمُضَاف فَأَما من نصب لباسا فَإِن ذَلِك يكون إِشَارَة إِلَى اللبَاس أَو إِلَى كل مَا تقدم وَهِي مُبْتَدأ وَخير خَبره وَذَلِكَ إِذا نصبت لِبَاس التَّقْوَى وَيكون معنى الْآيَة فِي الرّفْع ولباس التَّقْوَى خير لكم عِنْد الله من لِبَاس الثِّيَاب الَّتِي هِيَ للزِّينَة وَقَالَ قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباسا يَعْنِي مَا أنزلنَا من الْمَطَر فنبت بِهِ الْكَتَّان والقطن وَنبت بِهِ الْكلأ الَّذِي هُوَ سَبَب نَبَات الصُّوف والوبر وَالشعر على ظُهُور الْبَهَائِم وَهَذَا الْمَعْنى يُسمى التدريج لِأَنَّهُ تَعَالَى سمى الشَّيْء باسم مَا أندرج عَنهُ وَقد قيل فِي لِبَاس التَّقْوَى فِي قِرَاءَة من رفع انه لِبَاس الصُّوف والخشن مِمَّا يتواضع بِهِ لله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 قَوْله {لَا يفتننكم} مَعْنَاهُ اثبتوا على طَاعَة الله وَالرُّجُوع عَن مَعَاصيه مثل قَوْله فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ قَوْله {ينْزع عَنْهُمَا} ينْزع فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أخرج قَوْله {من حَيْثُ} حَيْثُ مَبْنِيَّة وَإِنَّمَا بنيت لِأَنَّهَا لَا تدل على مَوضِع بِعَيْنِه وَلِأَن مَا بعْدهَا من تَمامهَا كالصلة والموصول وبنيت على حَرَكَة لِأَن قبل آخرهَا سَاكِنا وَكَانَ الضَّم أولى بحركتها لِأَنَّهَا غَايَة فَأعْطيت غَايَة الحركات وَهِي الضمة لِأَنَّهَا أقوى الحركات وَقيل بنيت على الضَّم لِأَن أَصْلهَا حوث فدلت الضمة على الْوَاو وَيجوز فتحهَا قَوْله {مُخلصين} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أَدْعُوهُ قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره تعودُونَ عودا مثل مَا بَدَأَكُمْ وَقيل تَقْدِيره تخرجُونَ خُرُوجًا مثل مَا بَدَأَكُمْ قَوْله {فريقا هدى} نصب بهدى {وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} نصب بإضمار فعل فِي معنى مَا بعده تَقْدِيره وأضل فريقا وتقف على تعودُونَ على هَذَا التَّقْدِير وان نصبت فريقا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وفريقا على الْحَال من الْمُضمر فِي تعودُونَ لم تقف على تعودُونَ وتقف على الضَّلَالَة وَالتَّقْدِير كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ فِي هَذِه الْحَال وَقد قَرَأَ أبي بن كَعْب تعودُونَ فريقين فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة فَهَذَا يبين أَنه نصب على الْحَال فَلَا تقف على تعودُونَ إِذا نصبت على الْحَال قَوْله {فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة} من رفع خَالِصَة وَهِي قِرَاءَة نَافِع وَحده رفع على خبر الْمُبْتَدَأ أَي هِيَ خَالِصَة وَيكون قَوْله للَّذين آمنُوا تبيينا للخلوص وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لهي وَالْمعْنَى هِيَ تخلص للْمُؤْمِنين فِي يَوْم الْقِيَامَة وَمن نصب خَالِصَة نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي الَّذين وَالْعَامِل فِي الْحَال والاستقرار والثبات الَّذِي قَامَ للَّذين آمنُوا مقَامه فالظروف وحروف الْجَرّ تعْمل فِي الْأَحْوَال إِذا كَانَت أَخْبَارًا عَن الْمُبْتَدَأ لِأَن فِيهَا ضميرا يعود على الْمُبْتَدَأ وَلِأَنَّهَا قَامَت مقَام مَحْذُوف جَار على الْفِعْل هُوَ الْعَامِل فِي الْحَقِيقَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الضَّمِير على الْحَقِيقَة أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت زيد فِي الدَّار وثوب على زيد فتقديره زيد مُسْتَقر فِي الدَّار أَو ثَابت فِي الدَّار وثوب مُسْتَقر أَو ثَابت على زيد فَفِي ثَابت ومستقر ضمير مَرْفُوع يعود على الْمُبْتَدَأ فَإِذا حذفت ثَابتا أَو مُسْتَقرًّا وأقمت الظّرْف مقَامه أَو حرف الْجَرّ قَامَ مقَامه فِي الْعَمَل وانتقل الضَّمِير فَصَارَ مُقَدرا مُتَوَهمًا فِي الظّرْف وَفِي حرف الْجَرّ فأفهمه وَاللَّام فِي الَّذين وَفِي فِي قَوْلك فِي الدَّار وعَلى من قَوْلك على زيد متعلقات بذلك الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَت مقَامه فالحال هِيَ من ذَلِك الضَّمِير الَّذِي انْتقل إِلَى حرف الْجَرّ والرافع لذَلِك الضَّمِير هُوَ الناصب للْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَالتَّقْدِير قل هِيَ ثَابِتَة للَّذين آمنُوا فِي حَال خلوصها لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وَقد قَالَ الْأَخْفَش إِن قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مُتَعَلق بقوله أخرج لِعِبَادِهِ فَأخْرج هُوَ الْعَامِل فِي الظّرْف الَّذِي هُوَ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَقيل قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مُتَعَلق بحرم فَهُوَ الْعَامِل فِيهِ فَالْمَعْنى على قَول الْأَخْفَش قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وعَلى قَول غَيره قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ وَلَا يحسن أَن يتَعَلَّق الظّرْف بزينة لِأَنَّهُ قد نعت وَلَا يعْمل الْمصدر وَلَا اسْم الْفَاعِل إِذا نعت لِأَنَّهُ يخرج عَن شبه الْفِعْل لِأَنَّهُ يَقع فِيهِ تَفْرِيق بَين الصِّلَة والموصول وَذَلِكَ أَن مَعْمُول الْمصدر فِي صلته ونعته لَيْسَ فِي صلته فَإِذا قدمت النَّعْت على الْمَعْمُول قدمت مَا لَيْسَ فِي الصِّلَة على مَا هُوَ فِي الصِّلَة وَفِي قَول الْأَخْفَش تَفْرِيق بَين الصِّلَة والموصول لِأَنَّهُ إِذا علق الظّرْف بأخرج صَار فِي صلَة الَّتِي وَقد فرق بَينه وَبَين الَّتِي بقوله والطيبات من الرزق قل هِيَ للَّذين آمنُوا لِأَن الْمَعْطُوف على مَا قبل الصِّلَة وعَلى الْمَوْصُول لَا يَأْتِي إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُول وَفِي الْحَيَاة الدُّنْيَا من تَمام الْمَوْصُول فقد فرق بَين بعض الِاسْم وَبَعض قَوْله والطيبات من الرزق قل هِيَ للَّذين آمنُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 وَيجوز أَن يكون فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مُتَعَلقا بالطيبات من الرزق فَيكون التَّقْدِير وَمن حرم الطَّيِّبَات من الرزق فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يحسن تعلق فِي الْحَيَاة بالرزق لِأَنَّك قد فرقت بَينهمَا بقوله قل هِيَ للَّذين آمنُوا وَيجوز أَن يتَعَلَّق الظّرْف بآمنوا قَوْله {مَا ظهر} مَا فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْفَوَاحِش قَوْله {وَأَن تُشْرِكُوا} وَأَن تَقولُوا أَن فيهمَا فِي مَوضِع نصب عطف على الْفَوَاحِش قَوْله {إِمَّا يَأْتينكُمْ} أما حرف للشّرط وَدخلت النُّون الْمُشَدّدَة لتأكيد الشَّرْط لِأَنَّهُ غير وَاجِب وَبني الْفِعْل مَعَ النُّون على الْفَتْح قَوْله {كلما} نصب بلعنت وَفِيه معنى الشَّرْط قَوْله {اداركوا} أَصْلهَا تداركوا على وزن تفاعلوا ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الدَّال فسكن أول المدغم فاحتيج إِلَى ألف الْوَصْل فِي الِابْتِدَاء فثبتت الْألف فِي الْخط وَلَا يُسْتَطَاع على وَزنهَا مَعَ ألف الْوَصْل لِأَنَّك ترد الزَّائِد أَصْلِيًّا فَتَقول وَزنهَا افاعلوا فَتَصِير تَاء تفاعلوا فَاء الْفِعْل لادغامها فِي فَاء الْفِعْل وَذَلِكَ لَا يجوز فان وزنتها على الأَصْل جَازَ فَقلت تفاعلوا قَوْله {جَمِيعًا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي اداركوا قَوْله {وَمن فَوْقهم غواش} غواش مُبْتَدأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وَالْمَجْرُور خَبَرهَا وَأَصلهَا أَن لَا تَنْصَرِف لِأَنَّهَا على فواعل جمع غاشية إِلَّا أَن التَّنْوِين دَخلهَا عوضا من الْيَاء وَقيل عوضا من ذهَاب حَرَكَة الْيَاء وَهُوَ أصح فَلَمَّا التقى ساكنان الْيَاء سَاكِنة والتنوين سَاكن حذفت الْيَاء لالتقاء الساكنين فَصَارَ التَّنْوِين تَابعا للكسرة الَّتِي كَانَت قبل الْيَاء المحذوفة وَقيل بل حذفت حذفا فَلَمَّا نقص الْبناء عَن فواعل دخله التَّنْوِين فَصَارَ فواع مثل جوَار فَهَذَا إعرابه فِي الرّفْع والخفض وَإِذا كَانَ مَنْصُوبًا ثبتَتْ الْيَاء مَنْصُوبَة بِغَيْر تَنْوِين كَقَوْلِك رَأَيْت جواري غير منصرف قَوْله {تجْرِي من تَحْتهم الْأَنْهَار} تجْرِي فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي صُدُورهمْ قَوْله {لَوْلَا أَن هدَانَا الله} أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي لَوْلَا هِدَايَة الله لنا مَوْجُودَة أَو حَاضِرَة لهلكنا أَو لشقينا وَاللَّام وَمَا بعْدهَا جَوَاب لَوْلَا قَوْله {أورثتموها} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من تلكم أَعنِي من الْمُبْهم وَالْكَاف وَالْمِيم فِي تلكم للخطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَقد تقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 الْكَلَام على الِاسْم من تِلْكَ وعَلى أَصْلهَا وَمَا حذف مِنْهَا وعَلى اللَّام عِنْد قَوْله تِلْكَ الرُّسُل فِي الْبَقَرَة قَوْله {أَن قد وجدنَا} أَن فِي مَوضِع نصب بنادى على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ قَوْله {أَن لعنة} من خفف أَن أَو شددها فموضعها نصب بأذن أَو بمؤذن على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن وَثمّ هَاء مضمرة إِذا خففت وَيجوز أَن تكون فِي حَال التَّخْفِيف بِمَعْنى أَي الَّتِي للتفسير فَلَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَقد قَرَأَ الأ عمش بِالتَّشْدِيدِ وَالْكَسْر على إِضْمَار القَوْل أَي فَقَالَ أَن لعنة الله وَبينهمْ ظرف الْعَامِل فِيهِ مُؤذن أَو أذن فَإِن جعلت بَينهم نعتا لمؤذن جَازَ وَلَكِن لَا يعْمل فِي أَن مُؤذن إِذْ قد نَعته قَوْله {يعْرفُونَ كلا} فِي مَوضِع رفع نعت لرجال قَوْله {لم يدخلوها وهم يطمعون} إِن حملت الْمَعْنى على أَنهم دخلُوا كَانَ وهم يطمعون ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يدخلوها مَعْنَاهُ أَنهم يئسوا من الدُّخُول وَلم يكن لَهُم طمع فِي الدُّخُول لَكِن دخلُوا وهم على يأس من ذَلِك أَي لم يدخلوها فِي حَال طمع مِنْهُم بِالدُّخُولِ بل دخلُوا وهم على يأس من الدُّخُول وَإِن جعلت مَعْنَاهُ أَنهم لم يدخلوها بعد وَلَكنهُمْ يطمعون فِي الدُّخُول لم يكن للجملة مَوضِع من الْإِعْرَاب وَتَقْدِيره لم يدخلوها وَلَكنهُمْ يطمعون فِي الدُّخُول برحمة الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وَقد رُوِيَ هَذَا التَّفْسِير عَن لصحابة وَالتَّابِعِينَ وَقيل إِن طمع هَا هُنَا بِمَعْنى علم أَي وهم يعلمُونَ أَنهم سيدخلون قَوْله {تِلْقَاء} نصب على الظّرْف وَجمع تِلْقَاء تلاقي قَوْله {وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا} مَا فِي مَوضِع خفض عطف على مَا الأولى قَوْله {هدى وَرَحْمَة} حالان من الْهَاء فِي فصلناه تَقْدِيره هاديا وَذَا رَحْمَة وَأَجَازَ الْفراء وَالْكسَائِيّ هدى وَرَحْمَة بالخفض يجعلانه بَدَلا من علم وَهدى فِي مَوضِع خفض أَيْضا على هَذَا الْمَعْنى وَيجوز وَرَحْمَة بِالرَّفْع على تَقْدِير هُوَ هدى وَرَحْمَة قَوْله {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} يَوْم نصب بيقول قَوْله {أَو نرد} مَرْفُوع عطف على الِاسْتِفْهَام على معنى أَو هَل نرد لِأَن معنى هَل لنا من شُفَعَاء هَل يشفع لنا أحد أَو هَل نرد فعطفته على الْمَعْنى قَوْله {فنعمل} نصب لِأَنَّهُ جَوَاب التَّمَنِّي بِالْفَاءِ فَهُوَ نصب على إِضْمَار أَن حملا على مصدر مَا قبله فالفاء فِي الْمَعْنى تعطف مصدرا على مصدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 قَوْله {حثيثا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره طلبا حثيثا وَيجوز أَن نصبا على الْحَال أَي حاثا قَوْله {وَالشَّمْس وَالْقَمَر} عطف على السَّمَوَات وَمن رفع فعلى الِابْتِدَاء ومسخرات الْخَبَر وَكَذَلِكَ من رفع والنجوم فِي النَّحْل رفع على الْقطع والابتداء ومسخرات الْخَبَر قَوْله {تضرعا وخفية} نصب على الْمصدر أَو على الْحَال على معنى ذَوي تضرع قَوْله {إِن رَحْمَة الله قريب} ذكر قَرِيبا لِأَن الرَّحْمَة وَالرحم سَوَاء فَحَمله على الْمَعْنى وَقَالَ الْفراء إِنَّمَا أَتَى قريب بِغَيْر هَاء ليفرق بَين قريب من النّسَب وَبَينه من الْقرب وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة ذكر قَرِيبا على تذكير الْمَكَان أَي مَكَانا قَرِيبا وَقَالَ الْأَخْفَش الرَّحْمَة هُنَا الْمَطَر فَذكر على الْمَعْنى وَقيل إِنَّمَا ذكر على النّسَب أَي ذَات قرب قَوْله {نشرا} من فتح النُّون جعله مصدرا فِي مَوضِع الْحَال وَمن ضم النُّون والشين جعله جمع نشور الَّذِي يُرَاد بِهِ فَاعل كطهور بِمَعْنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 طَاهِر كَأَن الرّيح نَاشِرَة للْأَرْض أَي محيية لَهَا إِذْ تَأتي بالمطر وَيجوز أَن يكون جمع نشور بِمَعْنى مفعول كركوب وحلوب كَأَن الله أَحْيَاهَا لتأتي بالمطر وَقيل هُوَ جمع ناشر كقاتل وَقتل وَكَذَلِكَ القَوْل فِي قِرَاءَة من ضم النُّون وأسكن الشين تَخْفِيفًا وَقد قيل إِن من فتح النُّون وأسكن الشين إِنَّه مصدر بِمَنْزِلَة كتاب الله أعمل فِيهِ معنى الْكَلَام فَأَما من قَرَأَ بِالْبَاء مَضْمُومَة فَهُوَ جمع بشير على بشر ثمَّ أسكن الشين تَخْفِيفًا جمع فعيلا على فعل ونصبه على الْحَال أَيْضا قَوْله {إِلَّا نكدا} حَال من الْمُضمر فِي يخرج وَيجوز نَصبه على الْمصدر على معنى ذَا نكد وَكَذَلِكَ هُوَ مصدر على قِرَاءَة أبي جَعْفَر بِفَتْح الْكَاف وَقَرَأَ طَلْحَة بِإِسْكَان الْكَاف تَخْفِيفًا كَمَا تخفف كَتفًا قَوْله {من إِلَه غَيره} من رفع غيرا جعله نعتا لإله على الْموضع أَو جعل غيرا بِمَعْنى إِلَّا فأعربها مثل إِعْرَاب مَا يَقع بعد إِلَّا فِي هَذَا الْموضع وَهُوَ الرّفْع على الْبَدَل من اله على الْموضع كَمَا قَالَ وَمَا من إِلَه إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الله فَرفع على الْبَدَل من مَوضِع اله وَكَذَلِكَ لَا اله أَلا الله بدل من اله على الْموضع وَلكم الْخَبَر عَن اله وَيجوز أَن يضمر الْخَبَر تَقْدِيره مالكم من اله غَيره فِي الْوُجُود أَو فِي الْعَالم وَنَحْوه والخفض فِي غير على النَّعْت على اللَّفْظ وَلَا يجوز على الْبَدَل على اللَّفْظ كَمَا لَا يجوز دُخُول من لَو حذفت الْمُبدل مِنْهُ لِأَنَّهَا لَا تدخل فِي الْإِيجَاب قَوْله {آلَاء الله} وَاحِد آلَاء إِلَى أَو ألى أَو الي أَو إِلَيّ بِمَنْزِلَة وَاحِد آنَاء اللَّيْل قَوْله {وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هودا} {وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا} كُله عطف على أرسلنَا فِي قَوْله أرسلنَا نوحًا أَي وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هودا وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيبا وَكَذَلِكَ ولوطا تَقْدِيره وَأَرْسَلْنَا لوطا وان شِئْت نصبته على معنى وَاذْكُر لوطا قَوْله {إِلَّا أَن يَشَاء الله} أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل تَقْدِيره إِلَّا بِمَشِيئَة الله قَوْله {أَن لَو نشَاء} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 يهد وَقَرَأَ مُجَاهِد نهد بالنُّون وَأَن على قِرَاءَته فِي مَوضِع نصب بنهد قَوْله {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} إِن عِنْد سِيبَوَيْهٍ مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة ولزمت اللَّام فِي خَبَرهَا عوضا من التَّشْدِيد وَقيل لَزِمت اللَّام لتفرق بَين أَن المخففة من الثَّقِيلَة وَبَين إِن إِذا كَانَت بِمَعْنى مَا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِن بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا تَقْدِيره وَمَا وجدنَا أَكْثَرهم إِلَّا فاسقين قَوْله {أَن لَا أَقُول} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره بِأَن لَا أَو فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خَبره قَوْله {فَإِذا هِيَ ثعبان} إِذا للمفاجأة بِمَنْزِلَة قَوْلك خرجت فَإِذا زيد قَائِم وَيجوز نصب ثعبان وقائم على الْحَال وَإِذا خبر الِابْتِدَاء وَإِذا الَّتِي للمفاجأة عِنْد الْمبرد ظرف مَكَان فَلذَلِك جَازَ أَن يكون خَبرا عَن الجثث وَقَالَ غَيره هِيَ ظرف زمَان على حَالهَا فِي سَائِر الْكَلَام لَكِن إِذا قلت خرجت فَإِذا زيد تَقْدِيره فَإِذا حُدُوث زيد وَوُجُود زيد وَنَحْوه من المصادر ثمَّ حذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه كَمَا تَقول اللَّيْلَة الْهلَال أَي حُدُوث الْهلَال فِي اللَّيْلَة ثمَّ حذف على ذَلِك التَّقْدِير وظروف الزَّمَان تكون خَبرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 عَن المصادر وَمثله فَإِذا هِيَ بَيْضَاء للناظرين قَوْله {فَمَاذَا تأمرون} مَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَذَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَثمّ هَاء محذوفة من الصِّلَة تَقْدِيره فَأَي شَيْء الَّذِي تأمرون بِهِ وَيجوز أَن تجْعَل مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع نصب بتأمرون وَلَا تضمر محذوفا قَوْله {إِمَّا أَن تلقي وَإِمَّا أَن نَكُون} أَن فِي مَوضِع نصب فيهمَا عِنْد الْكُوفِيّين كَأَنَّهُ قَالَ إِمَّا أَن تفعل إِلَّا لِقَاء كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... قَالُوا الرّكُوب فَقُلْنَا تِلْكَ عادتنا ... أَو تَنْزِلُونَ فَإنَّا معشر نزل ... فنصب الرّكُوب وَأَجَازَ بعض النَّحْوِيين أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع على معنى إِمَّا هُوَ الا لِقَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 قَوْله أَن {ألق} أَن فِي مَوضِع نصب أَي بِأَن ألق وَيجوز أَن تكون تَفْسِيرا بِمَعْنى أَي فَلَا يكون لَهَا مَوضِع من الاعراب قَوْله {مهما} هُوَ حرف للشّرط وَأَصله مَا مَا فَمَا الأولى للشّرط وَالثَّانيَِة تَأْكِيد فاستثقل حرفان بِلَفْظ وَاحِد فأبدلوا من ألف مَا الأولى هَاء وَقيل هِيَ مَه الَّتِي للزجر دخلت على مَا الَّتِي للشّرط وجعلتا كلمة وَاحِدَة وَحكى ابْن الأنبارى مهمن يكرمني أكْرمه وَقَالَ الأَصْل من من يكرمني من الثَّانِيَة تَأْكِيد بِمَنْزِلَة مَا فأبدل من نون من الأولى هَاء كَمَا أبدلوا من ألف مَا الأولى هَاء فِي مهما وَذَلِكَ لمؤاخاة مَا من فِي أَشْيَاء وَأَن افْتَرقَا فِي شَيْء وَاحِد فكره اجْتِمَاع لفظ من مرَّتَيْنِ كَمَا كره ذَلِك فِي مَا قَوْله {الطوفان} هُوَ جمع طوفانة وَقيل هُوَ مصدر كالنقصان وَالْجَرَاد واحده جَرَادَة تقع للذّكر وَالْأُنْثَى وَلَا يفرق بَينهمَا تَقول رَأَيْت جَرَادَة ذكرا أَو أُنْثَى قَوْله {آيَات مفصلات} نصب على الْحَال مِمَّا قبله ومفصلات نعت للآيات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 قَوْله {هم بالغوه} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت لأجل قَوْله {الَّتِي باركنا فِيهَا} الَّتِي فِي مَوضِع نصب على النَّعْت للمشارق والمغارب ومشارق مفعول ثَان لأورثنا وَيجوز أَن تكون الَّتِي فِي مَوضِع خفض على النَّعْت للْأَرْض وَيجوز أَن تكون الَّتِي نعتا لمفعول ثَان لأورثنا مَحْذُوف تَقْدِيره وأورثنا الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا الْقَوْم الَّذين كَانُوا وَيكون مَشَارِق ومغارب ظرفين للاستضعاف وَفِيه بعد لَا يجوز إِلَّا على حذف حرف الْجَرّ وَالْهَاء فِي فِيهَا تعود على الْمَشَارِق والمغارب أَو على الأَرْض أَو على الَّتِي إِذا جَعلتهَا نعتا للْأَرْض المحذوفة قَوْله {ودمرنا مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن} فِي كَانَ اسمهما يعود على مَا وَالْجُمْلَة خَبَرهَا وَالْهَاء محذوفة من يصنع تعود على اسْم كَانَ وَهُوَ ضمير مَا وَقيل كَانَ زَائِدَة وَأَجَازَ بعض الْبَصرِيين أَن يكون فِرْعَوْن اسْم كَانَ يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم ويصنع الْخَبَر وَهُوَ بعيد وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْله وَإنَّهُ كَانَ يَقُول سفيهنا على الله أَن سفيهنا اسْم كَانَ وَأكْثر الْبَصرِيين لَا يُجِيزهُ لِأَن الْفِعْل الثَّانِي أولى بِرَفْع الِاسْم الَّذِي بعده من الْفِعْل الأول وَيلْزم من أجَاز هَذَا أَن يُجِيز يقوم زيد على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر والتقديم وَالتَّأْخِير وَلم يجزه أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 قَوْله {أصنام لَهُم} لَهُم فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لأصنام قَوْله {إِلَهًا} الثَّانِي نصب على الْبَيَان لِأَن أبغيكم قد تعدى إِلَى مفعولين غير وَالْكَاف وَالْمِيم قَوْله {يسومونكم} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من آل فِرْعَوْن وَقَوله {يقتلُون} بدل من يسومونكم أَو حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يسومونكم قَوْله {ثَلَاثِينَ لَيْلَة} أَي تَمام ثَلَاثِينَ لَيْلَة أَو انْقِضَاء ثَلَاثِينَ لَيْلَة وَلَا يحسن نصب ثَلَاثِينَ على الظّرْف للوعد لِأَن الْوَعْد لم يكن فِيهَا فَهِيَ مفعول ثَان لوعد على تَقْدِير حذف الْمُضَاف واقامة الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه قَوْله {فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة} أعَاد ذكر أَرْبَعِينَ للتَّأْكِيد وَقيل ليعلم أَن الْعشْر لَيَال وَلَيْسَت بساعات وَقيل ليعلم أَن الثَّلَاثِينَ تمت بِغَيْر الْعشْر إِذْ يحْتَمل أَن يكون الثَّلَاثُونَ إِنَّمَا تمت بالعشر فَأَعَادَ ذكر الْأَرْبَعين ليعلم أَن الْعشْر غير الثَّلَاثِينَ وانتصب الْأَرْبَعُونَ على أَنه فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ فتم مِيقَات ربه معدودا أَرْبَعِينَ لَيْلَة أَو مُقَدرا هَذَا الْقدر قَوْله {دكا} من مد فعلى تَقْدِير حذف مُضَاف أَي مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 أَرض دكاء وَالْأَرْض الدكاء هِيَ المستوية وَقيل مثل نَاقَة دكاء وَهِي الَّتِي لَا سَنَام لَهَا مستوية الظّهْر مَعْنَاهُ جعله مستويا بِالْأَرْضِ لَا ارْتِفَاع لَهُ على الأَرْض وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ مثل حَمْرَاء فِيهِ ألف التَّأْنِيث وَهِي صفة وَذَلِكَ عِلَّتَانِ وَمن نونه وَلم يمده جعله مصدر دككت الأَرْض دكا أَي جَعلتهَا مستوية وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مفعول وَفِيه حذف مُضَاف أَيْضا لِأَن الْفِعْل الَّذِي قبله وَهُوَ جعله لَيْسَ من لَفظه وَتَقْدِيره وَجعله ذَا دك أَي ذَا اسْتِوَاء قَوْله {صعقا} حَال من مُوسَى قَوْله {فَخذهَا} أَصله فَأَخذهَا وأصل خُذ أؤخذ لَكِن لم يسْتَعْمل على الأَصْل وَحذف تَخْفِيفًا لِاجْتِمَاع الضمات وَالْوَاو وحرف الْحلق وَقد قَالُوا اؤمر واؤخذ فَاسْتعْمل على الأَصْل وَمِنْه قَوْله وَأمر أهلك وَلَو اسْتعْمل على التَّخْفِيف لقَالَ وَمر أهلك وَهُوَ جَائِز فِي الْكَلَام قَوْله {من حليهم} أَصله من حلويهم جمع حلي فعل على فعول مثل كَعْب وكعوب ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء بعد كسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 مَا قبلهَا وَهُوَ اللَّام ليَصِح سُكُون الْيَاء وَبقيت الْحَاء على ضمتها وَمن كسرهَا اتبعها كسرة اللَّام قَوْله {قَالَ ابْن أم} من فتح الْمِيم جعل الاسمين اسْما وَاحِدًا كخمسة عشر والفتحة فِي ابْن بِنَاء وَلَيْسَت بإعراب كالتاء من خَمْسَة عشر وكالفتحة فِي رويدك إِذا أردْت الْأَمر بِمَعْنى أرود وَقيل الأَصْل ابْن أما ثمَّ حذفت الْألف وَذَلِكَ بعيد لِأَن الْألف عوض من يَاء وَحذف الْيَاء إِنَّمَا يكون فِي النداء وَلَيْسَ أم بمنادى وَمن كسر الْمِيم أضَاف ابْنا إِلَى أم وفتحة ابْن فَتْحة إِعْرَاب لِأَنَّهُ منادى مُضَاف قَوْله {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} قومه وَسبعين مفعولان لاختار وَقَومه انتصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ مِنْهُ أَي من قومه قَوْله {اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا} إِنَّمَا أَنْت على تَقْدِير حذف أمة تَقْدِيره اثْنَتَيْ عشرَة أمة وأسباط بدل من اثْنَتَيْ عشر وأمم نعت لأسباط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 قَوْله {إِذْ يعدون} الْعَامِل فِي إِذْ سل تَقْدِيره سلهم عَن وَقت عدوهم فِي السبت قَوْله {شرعا} نصب على الْحَال من الْحيتَان وأفصح اللُّغَات أَن تنصب الظّرْف مَعَ السبت وَالْجُمُعَة فَتَقول الْيَوْم السبت وَالْيَوْم الْجُمُعَة فتنصب الْيَوْم على الظّرْف لِأَن السبت وَالْجُمُعَة فيهمَا معنى الْفِعْل لِأَن السبت بِمَعْنى الرَّاحَة وَالْجُمُعَة بِمَعْنى الِاجْتِمَاع فتنصب الْيَوْم على الظّرْف وترفع مَعَ سَائِر الْأَيَّام فَنَقُول الْيَوْم الْأَحَد وَالْيَوْم الْأَرْبَعَاء لِأَنَّهُ لَا معنى فعل فيهمَا فالابتداء هُوَ الْخَبَر فترفعهما قَوْله {قَالُوا معذرة} من نَصبه فعلى الْمصدر وَمن رَفعه فعلى خبر الِابْتِدَاء وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ الرّفْع لأَنهم لم يُرِيدُوا أَن يعتذروا من أَمر لَزِمَهُم اللوم عَلَيْهِ وَلَكِن قيل لَهُم لم تعظون قَالُوا أَمر عظتنا معذرة قَوْله {بِعَذَاب بئيس} من قَرَأَ بِالْيَاءِ من غير همز فأصله بئس على وزن فعل ثمَّ أسكن الْهمزَة لُغَة فِي حرف الْحلق إِذا كَانَ عينا بعد أَن كسر الْبَاء لكسرة الْهمزَة على الِاتِّبَاع كَمَا يَقُولُونَ فِي شهد شهد وَشهد ثمَّ أبدل من الْهمزَة يَاء وَقيل أَنه فعل مَاض مَنْقُول إِلَى التَّسْمِيَة ثمَّ وصف بِهِ مثل مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله عز وَجل ينْهَى عَن قيل وَقَالَ فَأصل الْيَاء همزَة واصلة بئس مثل علم ثمَّ كسرت الْبَاء لِلِاتِّبَاعِ ثمَّ اسكن على لُغَة من قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 فِي علم علم ثمَّ أبدل من الْهمزَة يَاء فَأَما من قَرَأَ بِالْهَمْزَةِ على فعيل فَإِنَّهُ جعله مصدر بئس يبأس وَحكي أَبُو زيد بئس يبأس بئيسا فهم مثل النذير والنكير وَالتَّقْدِير على هَذَا بِعَذَاب ذِي بئس أَي ذِي بؤس فَأَما من قَرَأَ على فيعل فَأَنَّهُ جعله صفة للعذاب كضيغم وَقد رُوِيَ عَن عَاصِم كسر الْهمزَة على فيعل وَهُوَ بعيد لِأَن هَذَا الْبناء إِنَّمَا يكون فِي المعتل الْعين كسيد وميت وَفِي هَذَا الْحَرْف قراءات شَاذَّة غير مَا ذكرنَا يطول شرحها قَوْله {إِنَّا لَا نضيع أجر المصلحين} تَقْدِيره مِنْهُم ليعود على الْمُبْتَدَأ من خَبره عَائِد وَهُوَ وَالَّذين يمسكون قَوْله {كَأَنَّهُ ظلة} الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْجَبَل وَقيل الْجُمْلَة فِي مَوضِع رفع على خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ كَأَنَّهُ ظله وَإِذ فِي مَوضِع نصب باذكر مضمرة وَمثله وَإِذ أَخذ رَبك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 قَوْله {من ظُهُورهمْ} بدل من بني آدم باعادة الْخَافِض وَهُوَ بدل بعض من كل وَقد ذكرنَا حكم بلَى وعللها وأصل ألفها وَالْفرق بَينهَا وَبَين نعم ومعناهما وتصرفهما فِي الْكَلَام فِي كتاب كلا قَوْله {أَن تَقولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {سَاءَ مثلا الْقَوْم} فِي سَاءَ ضمير الْفَاعِل ومثلا تَفْسِير وَالْقَوْم رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبلهم خبرهم أَو رفع إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره سَاءَ الْمثل مثلا هم الْقَوْم الَّذين مثل نعم رجلا زيد وَقَالَ الْأَخْفَش تَقْدِيره سَاءَ مثلا مثل الْقَوْم قَوْله {وَأَن عَسى} أَن فِي مَوضِع خفض عطف على ملكوت قَوْله {عَسى أَن يكون} أَن فِي مَوضِع رفع بعسى قَوْله {ويذرهم} من رَفعه قطعه مِمَّا قبله وَمن جزمه عطفه على مَوضِع الْفَاء فِي قَوْله فَلَا هادي لَهُ لِأَنَّهَا فِي مَوضِع جزم إِذْ هُوَ جَوَاب الشَّرْط قَوْله {أَيَّانَ مرْسَاها} مرسى فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وأيان خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ ظرف مَبْنِيّ على الْفَتْح وَإِنَّمَا بني لِأَن فِيهِ معنى الِاسْتِفْهَام قَوْله {إِلَّا بَغْتَة} نصب على أَنَّهَا مصدر فِي مَوضِع الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ الله} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع قَوْله {آتيتنا صَالحا} صَالحا نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره ايتاء صَالحا قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء} أَي ذَا شرك أَو ذَوي شرك فَهُوَ رَاجع إِلَى قِرَاءَة من قَرَأَ شُرَكَاء جمع شريك فَلَو لم يقدر الْحَذف فِيهِ لم يكن ذَلِك ذما لَهما لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى أَنَّهُمَا جعلا لله نَصِيبا فِيمَا آتاهما من مَال وَزرع وَغَيره وَهَذَا مدح فان لم تقدر حذف مُضَاف فِي آخر الْكَلَام قدرته فِي أول الْكَلَام لَا بُد من أحد الْوَجْهَيْنِ فِي قِرَاءَة من قَرَأَ شركا على وزن فعل تَقْدِيره جعلا لغيره شركا فَإِن لم تقدر حذفا انْقَلب الْمَعْنى وَصَارَ الذَّم مدحا فأفهمه قَرَأَ ابْن جُبَير {إِن الَّذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} نصب عباد وأمثالكم وَتَخْفِيف إِن بجعلها بِمَعْنى مَا فينصب على خَبَرهَا وسيبويه يخْتَار فِي إِن المخففة الَّتِي بِمَعْنى مَا رفع الْخَبَر لِأَنَّهَا أَضْعَف من مَا والمبرد يجريها مجْرى مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 قَوْله {طيف} من قرأة على فعل جعله مصدر طَاف يطِيف وَقيل هُوَ مخفف من طيف كميت وميت قَوْله {تضرعا} مصدر وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {وَالْآصَال} جمع أصل وأصل جمع أصيل وَقيل الآصال جمع أصيل وَهُوَ الْعشي وَقَرَأَ أَبُو مجلز بِكَسْر الْهمزَة جعله مصدر أصلنَا أَي دَخَلنَا فِي الْعشي فافهمه تصب إِن شَاءَ الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْأَنْفَال قَوْله تَعَالَى {ذَات بَيْنكُم} أصل ذَات عِنْد الْبَصرِيين ذَوَات فقلبت الْوَاو ألفا وحذفت لسكونها وَسُكُون الْألف بعْدهَا فَبَقيَ ذَات وَدلّ على ذَلِك قَوْله تَعَالَى فِي التَّثْنِيَة ذواتا أفنان فَرَجَعت الْوَاو إِلَى أَصْلهَا وكل الْعلمَاء والقراء وقفُوا على ذَات بِالتَّاءِ إِلَّا أَبَا حَاتِم فَأَنَّهُ أجَاز الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ وَقَالَ قطرب الْوَقْف على ذَات بِالْهَاءِ حَيْثُ وَقعت لِأَنَّهَا هَاء تَأْنِيث ذِي مَال قَوْله {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك} الْكَاف فِي كَمَا فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر يجادلونك أَي جدالا كَمَا وَقيل هِيَ نعت لمصدر دلّ عَلَيْهِ معنى الْكَلَام تَقْدِيره قل الْأَنْفَال ثَابِتَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 لله وَالرَّسُول ثبوتا كَمَا أخرجك وَقيل هِيَ نعت لحق أَي هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا كَمَا وَقيل الْكَاف فِي مَوضِع رفع وَالتَّقْدِير كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ فَاتَّقُوا الله فَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر وَقيل الْكَاف بِمَعْنى الْوَاو للقسم أَي الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول وَالَّذِي أخرجك قَوْله {وجلت قُلُوبهم} مُسْتَقْبل وَجل يوجل وَمن الْعَرَب من يَقُول ييجل يُبدل من الْوَاو يَاء وَمِنْهُم من يكسر الْيَاء الأولى وَمِنْهُم من يفتح الْيَاء الأولى ويبدل من الثَّانِيَة ألفا كَمَا قَالُوا رَأَيْت الزيدان فأبدلوا من الْيَاء ألفا فَيَقُول يَا جلّ قَوْله {إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم} أَن بدل من إِحْدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وَهُوَ بدل الاشتمال وأحدى مفعول ثَان ليعد تَقْدِيره وَإِذ يَعدكُم الله ملك احدى الطَّائِفَتَيْنِ وَإِنَّمَا قدرت حذف مُضَاف لِأَن الْوَعْد لَا يَقع على الْأَعْيَان إِنَّمَا يَقع على الْأَحْدَاث قَوْله {وَإِذ يَعدكُم} إِذْ فِي مَوضِع نصب بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ يَعدكُم وَرُوِيَ عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {بِأَلف من الْمَلَائِكَة} جعله جمع ألف فعلا على أفعل كفلس وأفلس وتصديق هَذِه الْقِرَاءَة قَوْله تَعَالَى بِخَمْسَة آلَاف فآلف جمع ألف لما دون الْعشْرَة وَهِي وَاقعَة على خَمْسَة آلَاف الْمَذْكُورَة فِي آل عمرَان قَوْله {مُردفِينَ} من فتح الدَّال جعله حَالا من الْكَاف وَالْمِيم فِي مُمِدكُمْ أَو نعتا لِأَلف تَقْدِيره يمدكم متبعين بِأَلف وَالْهَاء فِي جعله يعود على الْألف لِأَنَّهُ مُذَكّر وَقيل تعود على الأرداف وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله مُردفِينَ وَقيل تعود على الْإِمْدَاد وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله مُمِدكُمْ وَقيل تعود على قبُول الدُّعَاء وَدلّ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 قَوْله تَعَالَى فَاسْتَجَاب لكم وَكَذَلِكَ الْهَاء فِي بِهِ يحْتَمل الْوُجُوه كلهَا وَيحْتَمل أَن تعود على الْبُشْرَى لِأَنَّهَا بِمَعْنى الاستبشار وَمن كسر الدَّال فِي مُردفِينَ جعله صفة لِأَلف مَعْنَاهُ أردفوا بِعَدَد آخر خَلفهم وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَهُوَ عدد وَقيل معنى الصّفة أَنهم جَاءُوا بعد الْيَأْس أَي اردفوهم بعد استغاثتهم حكى أَبُو عُبَيْدَة ردفني وأردفني بِمَعْنى تَبِعنِي وَأكْثر النَّحْوِيين على أَن أردفه حمله خَلفه وَردفهُ تبعه وَحَكَاهُ النّحاس عَن أبي عبيد أَيْضا فَلَا يحسن على هَذَا أَن يكون صفة للْمَلَائكَة إِذْ لَا يعلم من صفتهمْ أَنهم حملُوا خَلفهم أحدا من النَّاس قَوْله {أَمَنَة} مفعول من أَجله قَوْله {فَوق الْأَعْنَاق} أَي الرؤوس فَوق عِنْد الْأَخْفَش زَائِدَة وَالْمعْنَى أضربوا الْأَعْنَاق وَقَالَ الْمبرد فَوق يدل على اباحة ضرب وُجُوههم لِأَنَّهَا فَوق الْأَعْنَاق وَقَوله {كل بنان} يَعْنِي الْأَصَابِع وَغَيرهَا من الْأَعْضَاء قَوْله {ذَلِك بِأَنَّهُم} ذَلِك فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء أَو على أَنه خبر ابْتِدَاء تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك أَو ذَلِك الْأَمر قَوْله {وَمن يُشَاقق الله} من شَرط فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 فَإِن الله شَدِيد الْعقَاب والعائد مَحْذُوف تَقْدِيره فَإِن الله شَدِيد الْعقَاب لَهُ قَوْله {وَأَن للْكَافِرِينَ} أَن فِي مَوضِع رفع عطف على ذَلِكُم وذلكم فِي مَوضِع رفع مثل ذَلِك الْمُتَقَدّم وَقَالَ الْفراء وَأَن للْكَافِرِينَ فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي وَبِأَن للْكَافِرِينَ وَيجوز أَن تضمر وَاعْلَمُوا أَن وَالْهَاء فِي فذوقوه ترجع إِلَى ذَلِكُم وَذَلِكَ اشارة إِلَى الْقَتْل يَوْم بدر قَوْله {زحفا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {متحرفا} و {متحيزا} نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يولهم قَوْله {وَأَن الله} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير وَلِأَن الله وَيجوز الْكسر على الِاسْتِئْنَاف قَوْله {مِنْهُ بلَاء} الْهَاء فِي مِنْهُ تعود على الظفر بالمشركين وَقيل على الرَّمْي قَوْله {وتخونوا أماناتكم} جزم على الْعَطف على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 لَا تخونوا وان شِئْت كَانَ نصبا على جَوَاب النَّهْي بِالْوَاو قَوْله {وَأَنْتُم تَسْمَعُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي توَلّوا وَمثله وهم معرضون قَوْله {هُوَ الْحق} هُوَ فاصلة تؤذن أَن الْخَبَر معرفَة أَو مَا قَارب الْمعرفَة وَقيل دخلت لتؤذن أَن كَانَ لَيست بِمَعْنى وَقع وَحدث وَأَن الْخَبَر منتظر وَقيل دخلت لتؤذن أَن مَا بعْدهَا خبر بنعت لما قبلهَا وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ زَائِدَة كَمَا زيدت مَا فِي فبمَا رَحْمَة وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ عماد قَوْله {أَلا يعذبهم الله} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره من أَن لَا يعذبهم وَذكر الْأَخْفَش أَن أَن زَائِدَة وَهُوَ قد نصب بهَا وَلَيْسَ هَذَا حكم الزَّائِد وَقَوله {وهم يصدون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي يعذبهم قَوْله {وتصدية} هُوَ من صد يصد إِذا ضج وَأَصله تصددة فأبدلوا من إِحْدَى الدالين يَاء وَمعنى تصدية ضجا بالتصفيق وَقيل هُوَ من صد يصد إِذا منع وَقيل هُوَ من الصدى الْمعَارض لصوتك من جبل أَو هَوَاء فَكَأَن المصفق يُعَارض بتصفيقه من يُرِيد فِي صلَاته فالياء أَصْلِيَّة على هَذَا والمكاء الصفير وَهُوَ مصدر كالدعاء والهمزة بدل من وَاو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 لقَولهم مكا يمكو إِذا نفخ وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَمَا كَانَ صلَاتهم بِالنّصب إِلَّا مكاء وتصدية بِالرَّفْع وَهَذَا لَا يجوز إِلَّا فِي شعر عِنْد الضَّرُورَة لِأَن اسْم كَانَ هُوَ الْمعرفَة وخبرها هُوَ النكرَة فِي أصُول الْكَلَام وَالنَّظَر وَالْمعْنَى قَوْله {أَنما غَنِمْتُم} مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من الصِّلَة تَقْدِيره غنمتموه وَالْخَبَر فَأن لله خمسه وَعلة فتح أَن فِي هَذَا أَنَّهَا خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره فَحكمه أَن لله خمسه وَقد قيل أَن مُؤَكدَة للأولى وَهَذَا لَا يجوز لِأَن الأولى تبقى بِغَيْر خبر وَلِأَن الْفَاء تحول بَين الْمُؤَكّد وتأكيده وَلَا يحسن زيادتها فِي مثل هَذَا الْموضع قَوْله {والركب أَسْفَل مِنْكُم} أَسْفَل نعت لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره والركب مَكَانا أَسْفَل مِنْكُم وَأَجَازَ الْأَخْفَش وَالْفراء وَالْكسَائِيّ أَسْفَل بِالرَّفْع على تَقْدِير مَحْذُوف من أول الْكَلَام تَقْدِيره وَمَوْضِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الركب أَسْفَل مِنْكُم قَوْله {من حييّ} من أظهر الياءين جعل الْمَاضِي تبعا للمستقبل فَلَمَّا لم يجز الْإِدْغَام فِي الْمُسْتَقْبل لِأَن حركته غير لَازِمَة تنْتَقل من رفع إِلَى نصب أَو إِلَى حذف جزم أجْرى الْمَاضِي مجْرَاه وَإِن كَانَت حَرَكَة لامه لَازِمَة على أَن حَرَكَة لَام الْمَاضِي قد تسكن أَيْضا لاتصالها بمضمر مَرْفُوع فقد صَارَت فِي تغيرها كَلَام الْمُسْتَقْبل فجرت فِي الْإِظْهَار مجْرَاه فَأَما من أدغم فللفرق بَين مَا تلْزم لامه حَرَكَة لَازِمَة كالماضي وَبَين مَا تلْزم لامه حَرَكَة تنْتَقل كالمستقبل فِي قَوْله أَن يحيي الْمَوْتَى هَذَا لَا يجوز إدغامه فأدغم الْمَاضِي لِاجْتِمَاع المثلين وَحسن الْإِدْغَام للُزُوم الْحَرَكَة لامه وَقد انْفَرد الْفراء بِجَوَاز الْإِدْغَام فِي الْمُسْتَقْبل وَلم يجزه غَيره قَوْله {إِذْ يريكهم} الْعَامِل فِي إِذْ فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد ذَا يريكهم وَقَوله {وَإِذ يريكموهم} عطف على إِذْ الأولى وَرجعت الْوَاو مَعَ مِيم الْجمع مَعَ الْمُضمر لِأَن الْمُضمر يرد المحذوفات إِلَى أُصُولهَا وَأَجَازَ يُونُس حذف الْوَاو مَعَ الْمُضمر أجَاز يريكمهم بِإِسْكَان الْمِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَبِضَمِّهَا من غير وَاو وَالْإِثْبَات أحسن وأفصح وَبِه أَتَى الْقُرْآن قَوْله {بطرا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال والبطر أَن يتقوى بنعم الله على الْمعاصِي قَوْله {جَار} يجمع جَار على أجوار فِي الْقَلِيل وجيران فِي الْكثير وعَلى جيرة قَوْله {يضْربُونَ} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمَلَائِكَة وَلَو جعلته حَالا من الَّذين كفرُوا لجَاز وَلَو كَانَ فِي مَوضِع يضْربُونَ ضاربين لم يجز حَتَّى يظْهر الضَّمِير لِأَن أسم الْفَاعِل إِذا جرى صفة أَو حَالا أَو خَبرا أَو عطفا على غير من هُوَ لَهُ لم يجز أَن يسْتَتر فِيهِ ضمير فَاعله وَلَا بُد من إِظْهَاره لَو قلت رَأَيْت رجلا مَعَه إمرأة ضاربها غَدا أَو السَّاعَة فَرفعت ضاربها على النَّعْت للْمَرْأَة لم يجز حَتَّى تَقول ضاربها هُوَ لِأَن الْفِعْل لَيْسَ لَهَا فَإِن نصبت على النَّعْت للرجل جَازَ وَلم تحتج إِلَى إِظْهَار الضَّمِير لِأَن الْفِعْل لَهُ فان كَانَ فِي مَوضِع ضاربها يضْربهَا جَازَ على الْوَجْهَيْنِ وَلم يحْتَج إِلَى إِظْهَار ضمير قَوْله {وَأَن الله لَيْسَ بظلام للعبيد} أَن فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي قَوْله بِمَا قدمت وَأَن شِئْت فِي مَوضِع رفع على إِلَى ذَلِك أَو على إِضْمَار وَذَلِكَ قَوْله {كدأب آل فِرْعَوْن} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره فعلنَا بهم ذَلِك فعلا مثل عادتنا فِي آل فِرْعَوْن إِذْ كفرُوا والدأب الْعَادة وَمثله الثَّانِي إِلَّا أَن الأول للْعَادَة فِي التعذيب وَالثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 للْعَادَة فِي التَّغْيِير وَتَقْدِير الثَّانِي غَيرنَا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا فِي آل فِرْعَوْن لما كذبُوا قَوْله {فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء} الْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره فانبذ إِلَيْهِم الْعَهْد وَقَاتلهمْ على اعلام مِنْك لَهُم وَفِي صدر الْآيَة حذف آخر تَقْدِيره واما تخافن من قوم بَيْنك وَبينهمْ عهد خِيَانَة فانبذ إِلَيْهِم ذَلِك الْعَهْد أَي رده عَلَيْهِم إِذا خفت نقضهم الْعَهْد وَقَاتلهمْ على إِعْلَام مِنْك لَهُم وَهَذَا من لطيف معجز الْقُرْآن واختصاره إِذْ قد جمع الْمعَانِي الْكَثِيرَة من الْأَوَامِر وَالْأَخْبَار فِي اللَّفْظ الْيَسِير قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا سبقوا} من قَرَأَهُ بِالتَّاءِ جعله خطابا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتقدم مخاطبته فِي صدر الْكَلَام وَالَّذين مفعول أول وسبقوا فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَمن قَرَأَهُ بِالْيَاءِ جعله للْكفَّار فَفِيهِ ضميرهم لتقدم ذكرهم فِي قَوْله الَّذين كفرُوا فهم لَا يُؤمنُونَ وَفِي قَوْله ثمَّ ينقضون وَلَا يَتَّقُونَ ولعلهم يذكرُونَ وَقَوله إِلَيْهِم فالمفعول الأول مُضْمر وسبقوا فِي مَوضِع الثَّانِي تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أنفسهم سبقوا وَقيل ان أَن مضمرة مَعَ سبقوا فسد مسد المفعولين كَمَا سدت فِي قَوْله أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا تَقْدِيره وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَن سبقوا فقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْله تَعَالَى أفغير الله تأمروني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 أعبد ان تَقْدِيره أَن أعبد ثمَّ حذفت أَن فَرفع الْفِعْل وَقيل الْفَاعِل فِي قِرَاءَة من قرا بِالْيَاءِ هُوَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَيكون مثل قِرَاءَة التَّاء الَّذين كفرُوا وسبقوا مَفْعُولا حسب وَقيل فَاعل حسب مُضْمر فِيهِ تَقْدِيره وَلَا يَحسبن من خَلفهم الَّذين كفرُوا سبقوا فَالَّذِينَ كفرُوا وسبقوا مَفْعُولا حسب وَمن فتح أَنهم لَا يعجزون جعل الْكَلَام مُتَعَلقا بِمَا قبله تَقْدِيره سبقوا لأَنهم فَأن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ فَمَعْنَاه وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا فاتوا من الله لأَنهم لَا يفوتون الله وَمن كسر أَن فعلى الِابْتِدَاء وَالْقطع قَوْله {وَآخَرين من دونهم} مَنْصُوب عطف على عَدو الله قَوْله {حَسبك الله وَمن اتبعك} من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على معنى الْكَاف فِي حَسبك الله لِأَنَّهَا فِي التَّأْوِيل فِي مَوضِع نصب لِأَن معنى حَسبك الله أَي يَكْفِيك الله فعطفت من على الْمَعْنى وَقيل من فِي مَوضِع رفع عطف على اسْم الله تَعَالَى أَو على الِابْتِدَاء وتضمر الْخَبَر أَي وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ كَذَلِك وَقيل فِي مَوضِع رفع عطف على حسب لقبح عطفه على اسْم الله لما جَاءَ من الْكَرَاهَة فِي قَول الْمَرْء مَا شَاءَ الله وشئت وَلَو كَانَ بِالْفَاءِ أَو ثمَّ لحسن الْعَطف على اسْم الله جلّ ذكره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وَالْهَاء فِي ترهبون بِهِ تعود على مَا وَقيل على الْقُوَّة وَقيل على الرِّبَاط وَقيل على الاعداد وَالْقُوَّة هِيَ الرَّمْي وَقيل الْحُصُون وَقيل ذُكُور الْخَيل ورباط الْخَيل الْإِنَاث قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله} كتاب رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره لَوْلَا كتاب من الله تدارككم وَهُوَ مَا تقدم فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ من اباحة الْمَغَانِم لهَذِهِ الآمة وَقيل هُوَ مَا سبق أَن الله لَا يعذب إِلَّا بعد إنذار وَقيل هُوَ مَا سبق أَن الله يغْفر الصَّغَائِر لمن اجْتنب الْكَبَائِر وَقيل هُوَ مَا سبق أَن الله يغْفر لأهل بدر مَا تقدم من ذنوبهم وَمَا تَأَخّر قَوْله {لمسكم} جَوَاب لَوْلَا قَوْله {حَلَالا طيبا} حَال من الْمُضمر فِي كلوا أَو من مَا قَوْله {خِيَانَتك} خِيَانَة تجمع على خيائن وأصل الْيَاء الأولى الْوَاو لِأَنَّهَا من خَان يخون إِلَّا أَنهم فرقوا بِالْيَاءِ بَينه وَبَين جمع خَائِنَة وخوائن قَوْله {من ولايتهم} من فتح الْوَاو جعله مصدرا لوَلِيّ يُقَال هُوَ ولي وَمولى بَين الْولَايَة بِالْفَتْح وَمن كسر الْوَاو جعله مصدرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الْوَالِي يُقَال هُوَ وَال بَين الْولَايَة وَقد قيل هما لُغَتَانِ فِي مصدر الْوَلِيّ قَوْله {إِلَّا تفعلوه} الْهَاء تعود على التناصر وَقيل تعود على التَّوَارُث أَي أَلا تَفعلُوا التَّوَارُث على الْقرَابَات كَمَا تعبدكم الله وتتركوا التَّوَارُث بِالْهِجْرَةِ تكن فِي الأَرْض فتْنَة وَفَسَاد إِلَّا تَفعلُوا التناصر فِي الدّين تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير بالْكفْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة التَّوْبَة قَوْله تَعَالَى {بَرَاءَة} مصدر مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَإِلَى الَّذين خَبره قَوْله {وأذان} عطف على بَرَاءَة وَخَبره إِلَى النَّاس فَهُوَ عطف جملَة على جملَة وَقيل خبر الِابْتِدَاء أَن الله برىء من الْمُشْركين على تَقْدِير لِأَن الله وَقَوله {من الله} فِي الْمَوْضِعَيْنِ نعت لبراءة ولأذان وَلذَلِك حسن الِابْتِدَاء بالنكرة وَلَك أَن ترفع بَرَاءَة على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هَذِه بَرَاءَة وَمعنى بَرَاءَة من الله اعلام من الله قَوْله {يَوْم الْحَج} الْعَامِل فِيهِ الصّفة لأذان وَقيل الْعَامِل فِيهِ مخزي وَلَا يحسن أَن يعْمل فِيهِ أَذَان لِأَنَّك قد وَصفته فَخرج عَن حكم الْفِعْل قَوْله {أَن الله بَرِيء} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف اللَّام أَو الْبَاء إِن جعلته خَبرا لأذان فَلَيْسَ هُوَ هُوَ فَلَا بُد من تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ على كل حَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 قَوْله {وَرَسُوله} ارْتَفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره أَي وَرَسُوله برىء أَيْضا من الْمُشْركين فَحذف لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَقد أجَاز قوم رَفعه على الْعَطف على مَوضِع اسْم الله قبل دُخُول أَن وَقَالُوا الْأَذَان بِمَعْنى القَوْل فَكَأَنَّهُ لم يُغير معنى الْكَلَام بِدُخُولِهِ وَمنع ذَلِك جمَاعَة لِأَن أَن الْمَفْتُوحَة قد غيرت معنى الِابْتِدَاء إِذْ هِيَ وَمَا بعْدهَا مصدر فَلَيْسَتْ هِيَ كالمكسورة الَّتِي لَا تدل على غير التَّأْكِيد فَلَا يُغير معنى الِابْتِدَاء دُخُولهَا فَأَما عطف وَرَسُوله على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي برىء فَهُوَ قَبِيح عِنْد كثير من النَّحْوِيين حَتَّى يؤكده وَقد أجَازه كثير مِنْهُم فِي هَذَا الْموضع وان لم يؤكده لِأَن الْمَجْرُور يقوم مقَام التوكيد فعطفه على الْمُضمر فِي برىء حسن جيد وَقد أَتَى الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي الْقُرْآن من غير تَأْكِيد وَلَا مَا يقوم مقَام التَّأْكِيد قَالَ جلّ ذكره مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا فعطف الْآبَاء على الْمُضمر الْمَرْفُوع وَلَا حجَّة فِي دُخُول لَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا دخلت بعد وَاو الْعَطف وَالَّذِي يقوم مقَام التَّأْكِيد إِنَّمَا يَأْتِي قبل وَاو الْعَطف فِي مَوضِع التَّأْكِيد التَّأْكِيد لَو أَتَى بِهِ لم يكن إِلَّا قبل وَاو الْعَطف نَحْو قَوْله تَعَالَى فَأذْهب أَنْت وَرَبك وَلَكِن جَازَ ذَلِك لِأَن الْكَلَام قد طَال بِدُخُول لَا فَقَامَ الطول مقَام التَّأْكِيد وَقد قَرَأَ عِيسَى بن عمر وَرَسُوله بِالنّصب عطفا على اللَّفْظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 قَوْله {من الله} فتحت النُّون لالتقاء الساكنين وَكَانَ الْفَتْح أولى بهَا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلِئَلَّا تَجْتَمِع كسرتان وَبَعض الْعَرَب يكسر على الْقيَاس قَوْله {كل مرصد} تَقْدِيره على كل مرصد فَلَمَّا حذف على نصب وَقيل هُوَ ظرف قَوْله {وَإِن أحد} أرتفع أحد بِفِعْلِهِ تَقْدِيره وان استحارك أحد لِأَن إِن أم حُرُوف الْجَزَاء فَهِيَ بِالْفِعْلِ أَن يَليهَا أولى قَوْله {كَيفَ وَإِن يظهروا} المستفهم عَنهُ مَحْذُوف تَقْدِيره كَيفَ لَا تَقْتُلُوهُمْ وَقيل التَّقْدِير كَيفَ يكون لَهُم عهد قَوْله {أَئِمَّة الْكفْر} وزن أَئِمَّة أَفعلهُ جمع إِمَام كحمار وأحمرة فأصلها أأممة ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْمِيم الأولى على الْهمزَة الساكنة وأدغمت فِي الْمِيم الثَّانِيَة وأبدل من الْهمزَة الْمَكْسُورَة يَاء مَكْسُورَة لِأَن حَقّهَا قبل الادغام أَن تبدل ألفا لانفتاح مَا قبلهَا إِذْ أَصْلهَا السّكُون لِأَنَّهَا فَاء الْفِعْل فَهِيَ فَاء أفعلة فأصلها الْبَدَل فَلذَلِك جرت على الْبَدَل بعد إِلْقَاء الْحَرَكَة عَلَيْهَا وَلم تجر على بَين بَين كَمَا جرت الْمَكْسُورَة فِي أئذا وأئنا وأئفكا لِأَن هَذِه حَرَكَة الْهمزَة فِيهَا لَازِمَة غير منقولة وَتلك حركتها عارضة منقولة عَن الْمِيم الأولى إِلَيْهَا فجرت على أَصْلهَا فِي السّكُون وَهُوَ الْبَدَل وَجَرت هَذِه الْأُخْرَى على أَصْلهَا فِي الْحَرَكَة وَهُوَ بَين بَين فِي التَّخْفِيف أَي بَين الْهمزَة وَالْيَاء أَعنِي فِي ذَلِك كُله على قِرَاءَة من خفف الثَّانِيَة وَلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 يحققها قَوْله {فَالله أَحَق أَن تخشوه} الله مُبْتَدأ وَأَن تخشوه بدل مِنْهُ وأحق خبر الِابْتِدَاء وَإِن شِئْت جعلت فَالله مُبْتَدأ وَأَن تخشوه ابْتِدَاء ثَانِيًا وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر الأول وَيجوز أَن يكون الله مُبْتَدأ وأحق خَبره وَأَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ وَمثله أَحَق أَن يرضوه وأحق فِي الْمَوْضِعَيْنِ أفعل مَعَهُمَا تَقْدِير حذف بِهِ يتم الْكَلَام تَقْدِيره فَالله أَحَق من غَيره بالخشية إِن قدرت حرف الْجَرّ وَإِن جعلت أَن بَدَلا أَو ابْتِدَاء ثَانِيًا فالتقدير فخشية الله أَحَق من خشيَة غَيره وَكَذَلِكَ تَقْدِير أَحَق أَن يرضوه قَوْله {أَن تتركوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب ويسد مسد المفعولين لحسب عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْمبرد هِيَ مفعول أول وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف قَوْله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} فِي هَذَا الْكَلَام حذف مُضَاف من أَوله أَو من آخِره تَقْدِيره إِن كَانَ الْحَذف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 من أَوله أجعلتم أَصْحَاب سِقَايَة الْحَاج وَأَصْحَاب عمَارَة الْمَسْجِد الْحَرَام لمن آمن بِاللَّه وَإِن قدرت الْحَذف من آخِره كَانَ تَقْدِيره أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام كَإِيمَانِ من آمن بِاللَّه وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا ليَكُون الْمُبْتَدَأ هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى وَبِه يَصح الْكَلَام والفائدة قَوْله {وَيَوْم حنين} نصب يَوْمًا على الْعَطف على مَوضِع فِي مَوَاطِن كَثِيرَة تَقْدِيره ونصركم يَوْم حنين قَوْله {لَهُم فِيهَا نعيم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت للجنات وَالْهَاء فِي فِيهَا للجنات وَهُوَ جمع بِالْألف وَالتَّاء يُرَاد بِهِ الْكَثْرَة وَقيل هِيَ ترجع على الرَّحْمَة وَقيل هِيَ ترجع على الْبُشْرَى وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله يبشرهم وَكَذَلِكَ الْهَاء فِي فِيهَا الثَّانِيَة تحْتَمل مَا احتملت الأولى من الْوُجُوه قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} من نون عُزَيْرًا رَفعه بِالِابْتِدَاءِ وَابْن خَبره وَلَا يحسن حذف التَّنْوِين على هَذَا من عُزَيْر لالتقاء الساكنين وَلَا تحذف ألف ابْن من الْخط وَيكسر التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَمن لم ينون عُزَيْرًا جعله أَيْضا مُبْتَدأ وَابْن صفة لَهُ فيحذف التَّنْوِين على هَذَا اسْتِخْفَافًا ولالتقاء الساكنين وَلِأَن الصّفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 والموصوف كاسم وَاحِد وتحذف ألف ابْن من الْخط وَالْخَبَر مُضْمر تَقْدِيره وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله صاحبنا أَو نَبينَا وَيكون هَذَا الْمُضمر هُوَ الْمُبْتَدَأ وعزير خَبره وَيجوز أَن يكون عُزَيْر مُبْتَدأ وَابْن خَبرا ويحذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين إِذْ هُوَ مشبه بحروف الْمَدّ واللين فَتثبت ألف ابْن فِي الْخط إِذا جعلته خَبرا وَأَجَازَ أَبُو حَاتِم أَن يكون عُزَيْر اسْما أعجميا لَا ينْصَرف وَهُوَ بعيد مَرْدُود لِأَنَّهُ لَو كَانَ أعجميا لأنصرف لِأَنَّهُ على ثَلَاثَة أحرف وياء التصغير لَا يعْتد بهَا وَلِأَنَّهُ عِنْد كل النَّحْوِيين عَرَبِيّ مُشْتَقّ من قَوْله تَعَالَى وتعزروه قَوْله {فِي كتاب الله يَوْم} كتاب مصدر عَامل فِي يَوْم وَلَا يجوز أَن يكون كتاب هُنَا يعْنى بِهِ الذّكر وَلَا غَيره من الْكتب لِأَنَّهُ يمْنَع حِينَئِذٍ أَن يعْمل فِي يَوْم لِأَن الْأَسْمَاء الَّتِي تدل على الْأَعْيَان لَا تعْمل فِي الظروف إِذْ لَيْسَ فِيهَا من معنى الْفِعْل شَيْء فَأَما فِي فَهِيَ مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَهُوَ صفة لاثني عشر الَّذِي هُوَ خبر لِأَن كَأَنَّهُ قَالَ إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا مثبتة فِي كتاب الله يَوْم خلق وَلَا يحسن أَن تتَعَلَّق فِي بعدة لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بالْخبر وَهُوَ اثْنَا عشر قَوْله {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره} إِنَّمَا دخلت إِلَّا لِأَن يَأْبَى فِيهِ معنى الْمَنْع وَالْمَنْع من بَاب النَّفْي فَدخلت إِلَّا للْإِيجَاب وَفِي الْكَلَام حذف تَقْدِيره ويأبى الله كل شَيْء يريدونه من كفرهم إِلَّا أَن يتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 نوره فَأن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء وَالْهَاء فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} تعود على الْكُنُوز وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى يكنزون وَقيل تعود على الْأَمْوَال لِأَن الذَّهَب وَالْفِضَّة أَمْوَال وَقيل تعود على الْفضة وَحذف مَا يعود على الذَّهَب لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَقيل تعود على الذَّهَب لِأَنَّهُ يؤنث وَيذكر وَقيل تعود على النَّفَقَة وَدلّ على ذَلِك يُنْفقُونَ وَقيل انها تعود على الذَّهَب وَالْفِضَّة بِمَعْنى وَلَا يُنْفِقُونَهَا وَلَكِن اكْتفى برجوعها على الْفضة من رُجُوعهَا على الذَّهَب كَمَا تَقول الْعَرَب أَخُوك وَأَبُوك رأبته يُرِيدُونَ رأيتهما وَالْهَاء فِي {عَلَيْهَا} و {بهَا} تحْتَمل كل وَاحِدَة مِنْهُمَا الْوُجُوه الَّتِي فِي الْهَاء فِي يُنْفِقُونَهَا الْمَذْكُورَة قَوْله {كَافَّة} مصدر فِي مَوضِع الْحَال بِمَنْزِلَة قَوْلك عافاك الله عَافِيَة وعافيك عَافِيَة ورأيتهم عَامَّة وخاصة قَوْله {ثمَّ وليتم مُدبرين} نصب مُدبرين على الْحَال الْمُؤَكّدَة وَلَا يجوز أَن تكون الْحَال الْمُطلقَة لِأَن قَوْله ثمَّ وليتم يدل على الاستدبار فالحال الْمُؤَكّدَة لما دلّ عَلَيْهِ صدر الْكَلَام بِمَنْزِلَة قَوْله تَعَالَى وَهُوَ الْحق مُصدقا وَقَوله وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا وكقولك هُوَ زيد مَعْرُوفا قَوْله {ثَانِي اثْنَيْنِ} نصب ثَانِي على الْحَال من الْهَاء فِي أخرجه وَهِي تعود على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام تَقْدِيره إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 مُنْفَردا من جَمِيع النَّاس إِلَّا أَبَا بكر وَمَعْنَاهُ أحد اثْنَيْنِ وَقيل هُوَ حَال من مُضْمر مَحْذُوف تَقْدِيره فَخرج ثَانِي اثْنَيْنِ وَالْهَاء فِي عَلَيْهِ تعود على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد علم أَنه لَا يضرّهُ شَيْء إِذْ كَانَ خُرُوجه بِأَمْر الله جلّ ذكره لَهُ وَأما قَوْله {ثمَّ أنزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ} فالسكينة على الرَّسُول أنزلت يَوْم حنين لِأَنَّهُ خَافَ على الْمُسلمين وَلم يخف على نَفسه فَنزلت عَلَيْهِ السكينَة من أجل الْمُؤمنِينَ لَا من أجل خَوفه على نَفسه قَوْله {وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} كل الْقُرَّاء على رفع كلمة على الِابْتِدَاء وَهُوَ وَجه الْكَلَام وَأتم فِي الْمَعْنى وَقَرَأَ الْحسن وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ بِالنّصب بِجعْل وَفِيه بعد من الْمَعْنى وَمن الْإِعْرَاب أما الْمَعْنى فَأن كلمة الله لم تزل عالية فيبعد نصبها بِجعْل لما فِي هَذَا من ابهام أَنَّهَا صَارَت عَلَيْهِ وَحدث ذَلِك فِيهَا وَلَا يلْزم ذَلِك فِي كلمة الَّذين كفرُوا لِأَنَّهَا لم تزل مجعولة كَذَلِك سفلى بكفرهم وَأما امْتِنَاعه من الْإِعْرَاب فَإِنَّهُ يلْزم أَلا يظْهر الِاسْم وَأَن يُقَال وكلمته هِيَ الْعليا وَإِنَّمَا جَازَ إِظْهَار الِاسْم فِي مثل هَذَا فِي الشّعْر وَقد أجَازه قوم فِي الشّعْر وَغَيره وَفِيه نظر لقَوْله وأخرجت الأَرْض أثقالها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 قَوْله {خفافا وثقالا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي انفروا أَي انفروا رجالة وركبانا وَقيل مَعْنَاهُ شبانا وشيوخا قَوْله {أَن يجاهدوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف فِي أَي فِي أَن يجاهدوا وَقيل تَقْدِيره كَرَاهَة أَن يجاهدوا قَوْله {يبغونكم} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ولأوضعوا خلالكم وخلالكم نصب على الظّرْف قَوْله {إِلَّا مَا كتب} مَا فِي مَوضِع رفع بيصيبنا قَوْله {طَوْعًا أَو كرها} مصدران فِي مَوضِع الْحَال أَي طائعين أَو كارهين قَوْله {أَن تقبل} أَن فِي مَوضِع نصب بِمَنْع وَأَن فِي قَوْله أَنهم فِي مَوضِع رفع بِمَنْع لِأَنَّهَا فاعلة قَوْله {قل أذن خير لكم} اذن خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره قل هُوَ أذن خير أَي هُوَ مستمع خير لكم أَي هُوَ مستمع مَا يحب استماعه وقابل مَا يحب قبُوله وَالْمرَاد بالأذن هُنَا جملَة صَاحب الْأذن وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ أَي هُوَ مستمع خير وَصَلَاح لَا مستمع شَرّ وَفَسَاد قَوْله {وَرَحْمَة} من رَفعهَا عطفها على أذن أَي هُوَ مستمع خير وَهُوَ رَحْمَة للَّذين آمنُوا فَجعل النَّبِي هُوَ الرَّحْمَة لِكَثْرَة وُقُوعهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 بِهِ وعَلى يَدَيْهِ وَقيل تَقْدِيره وَهُوَ ذُو رَحْمَة وَقد قَرَأَ حَمْزَة بالخفض فِي رَحْمَة عطفا على خير أَي وَهُوَ أذن رَحْمَة أَي مستمع رَحْمَة فَكَمَا أضَاف أذنا إِلَى الْخَيْر أَضَافَهُ إِلَى الرَّحْمَة لِأَن الرَّحْمَة من الْخَيْر وَالْخَيْر من الرَّحْمَة وَلَا يحسن عطف رَحْمَة على الْمُؤمنِينَ لِأَن اللَّام فِي للْمُؤْمِنين زَائِدَة وَتَقْدِيره ويؤمن الْمُؤمنِينَ أَي يُصدقهُمْ وَلَا يحسن وَيصدق الرَّحْمَة إِلَّا أَن تجْعَل الرَّحْمَة هُنَا الْقُرْآن فَيجوز عطفها على الْمُؤمنِينَ وتنقطع مِمَّا قبلهَا وَالتَّفْسِير يدل على أَنَّهَا مُتَّصِلَة بأذن خير لكم لِأَن فِي قِرَاءَة أبي وَابْن مَسْعُود وَرَحْمَة لكم بالخفض وَبِذَلِك قَرَأَ الْأَعْمَش فَهَذَا يدل على الْعَطف على خير وَهُوَ وَجه الْكَلَام قَوْله {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن الْجُمْلَة الأولى حذفت لدلَالَة الثَّانِيَة عَلَيْهَا تَقْدِيره عِنْده وَالله أَحَق أَن يرضوه وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه فَحذف أَن يرضوه الأول لدلَالَة الثَّانِي فالهاء على قَوْله فِي يرضوه تعود على الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الْمبرد لَا حذف فِي الْكَلَام لَكِن فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره عِنْده وَالله أَحَق أَن يرضوه وَرَسُوله فالهاء فِي يرضوه عِنْد الْمبرد تعود على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَقَالَ الْفراء الْمَعْنى وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه وَالله افْتِتَاح كَلَام وَيلْزم الْمبرد من قَوْله أَن يجوز مَا شَاءَ الله وشئت بِالْوَاو لِأَنَّهُ يَجْعَل الْكَلَام جملَة وَاحِدَة وَقد نهي عَن ذَلِك إِلَّا بثم وَلَا يلْزم سِيبَوَيْهٍ ذَلِك لِأَنَّهُ يَجْعَل الْكَلَام جملتين فَقَوْل سِيبَوَيْهٍ هُوَ الْمُخْتَار فِي الْآيَة وَالله مُبْتَدأ وَأَن يرضوه بدل وأحق الْخَبَر وان شِئْت كَانَ الله مُبْتَدأ وان يرضوه مُبْتَدأ ثَان وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر الأول وَمثله فَالله أَحَق أَن تخشوه وَقد مضى شَرحه بأبين من هَذَا قَوْله {فَأن لَهُ نَار جَهَنَّم} مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن أَن مبدلة من الأولى فِي مَوضِع نصب بيعلموا وَقَالَ الْجرْمِي والمبرد هِيَ مُؤَكدَة للأولى فِي مَوضِع نصب وَالْفَاء زَائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 على هذَيْن الْقَوْلَيْنِ وَيلْزم فِي الْقَوْلَيْنِ جَوَاز الْبَدَل والتأكيد قبل تَمام الْمُبدل مِنْهُ وَقبل تَمام الْمُؤَكّد فالقولان عِنْد أهل النّظر ناقصان لِأَن أَن من قَوْله ألم يعلمُوا أَنه لم يتم قبل الْفَاء فَكيف تبدل مِنْهَا أَو تؤكد قبل تَمامهَا وتمامها هُوَ الشَّرْط وَجَوَابه لِأَن الشَّرْط وَجَوَابه خبر أَن وَلَا يتم إِلَّا بِتمَام خَبَرهَا وَقَالَ الْأَخْفَش هِيَ فِي مَوضِع رفع لِأَن الْفَاء قطعت مَا قبلهَا مِمَّا بعْدهَا تَقْدِيره فوجوب النَّار لَهُ وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان أَن خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره فَالْوَاجِب أَن لَهُ نَار جَهَنَّم فالفاء فِي هذَيْن الْقَوْلَيْنِ جَوَاب الشَّرْط وَالْجُمْلَة خبر أَن وَقَالَ غَيرهمَا إِن أَن من فَأن مَرْفُوعَة بالاستقرار على إِضْمَار مجرور بَين الْفَاء وَأَن تَقْدِيره فَلهُ أَن لَهُ نَار جَهَنَّم وَهُوَ قَول الْفَارِسِي واختياره قَوْله {أَن تنزل} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره من أَن تنزل وَيجوز على قِيَاس قَول الْخَلِيل وسيبويه أَن يكون فِي مَوضِع خفض على ارادة من لِأَن حرف الْجَرّ قد كثر حذفه مَعَ أَن فَعمل مضمرا وَلَا يجوز ذَلِك عِنْدهمَا مَعَ غير أَن لِكَثْرَة حذفه مَعَ أَن خَاصَّة قَوْله {كَالَّذِين من قبلكُمْ} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَعدا كَمَا وعد الَّذين من قبلكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 قَوْله {كَمَا استمتع} الْكَاف أَيْضا فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره استمتاعا كاستمتاع الَّذين من قبلكُمْ قَوْله {وَالَّذين لَا يَجدونَ} الَّذين فِي مَوضِع خفض عطف على الْمُؤمنِينَ وَلَا يحسن عطفه على الْمُطوِّعين لِأَنَّهُ لم يتم اسْما بعد لِأَن فيسخرون عطف على يَلْمِزُونَ هَكَذَا ذكر النّحاس فِي الْإِعْرَاب وَهُوَ عِنْدِي وهم مِنْهُ قَوْله {خلاف رَسُول الله} مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مصدر والخوالف النِّسَاء وَاحِدهَا خالفة وَلَا يجمع فَاعل على فواعل إِلَّا فِي شعر أَو قَلِيل من الْكَلَام قَالُوا فَارس وفوارس وهالك وهوالك وَقد قَالُوا للرجل خالفة وَخَالف إِذا كَانَ غير نجيب وَمن فتح السِّين فِي {دَائِرَة السوء} فَمَعْنَاه الْفساد والرداءة وَمن ضمهَا فَمَعْنَاه الْهَزِيمَة وَالْبَلَاء وَالضَّرَر وَالْمَكْرُوه والدائرة هُوَ مَا يُحِيط بالإنسان حَتَّى لَا يكون لَهُ مِنْهُ مخلص وأضيفت إِلَى السوء وَالسوء على وَجه التَّأْكِيد وَالْبَيَان بِمَنْزِلَة قَوْله شمس النَّهَار وَلَو لم يذكر اللَّيْل لعلم الْمَعْنى كَذَا لَو لم يذكر السوء لعلم الْمَعْنى بِلَفْظ الدائرة فَقَط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 قَوْله {مَرَدُوا} نعت لمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره وَمن أهل الْمَدِينَة قوما مَرَدُوا وَالْمَجْرُور خبر الِابْتِدَاء وَلَا تعلمهمْ نعت أَيْضا للمحذوف قَوْله {تطهرهُمْ وتزكيهم} حالان من الْمُضمر فِي خُذ وَهُوَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَالتَّاء فِي أول الْفِعْلَيْنِ للخطاب وَيجوز أَن يكون تطهرهُمْ نعتا لصدقة وتزكيهم حَالا من الْمُضمر فِي خُذ وَالتَّاء فِي تطهرهُمْ لتأنيث الصَّدَقَة لَا للخطاب وتزكيهم للخطاب وَمن همز {مرجون} جعله من أرجأت الْأَمر إِذا أَخَّرته وَمن لم يهمز جعله من الرَّجَاء هَذَا قَول الْمبرد وَقيل هُوَ أَيْضا من التَّأْخِير يُقَال ارجأت الْأَمر وأرجيته بِمَعْنى أَخَّرته لُغَتَانِ قَوْله {قد نبأنا الله من أخباركم} نبأ بِمَعْنى أعلم وَأَصله أَن يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفعولين وَيجوز أَن يقْتَصر على وَاحِد وَلَا يقْتَصر بِهِ على اثْنَيْنِ دون الثَّالِث وَكَذَلِكَ لَا يجوز تَقْدِير زِيَادَة من فِي قَوْله من أخباركم لِأَنَّك لَو قدرت زيادتها لصار نبأ قد تعدى إِلَى مفعولين دون الثَّالِث وَذَلِكَ لَا يجوز وَإِنَّمَا تعدى إِلَى مفعول وَاحِد وَهُوَ نَا ثمَّ تعدى بِحرف جر وَلَو أضمرت مَفْعُولا ثَالِثا لحسن تَقْدِير زِيَادَة من على مَذْهَب الْأَخْفَش لِأَنَّهُ قد أجَاز زِيَادَة من فِي الْجَواب وَيكون التَّقْدِير قد نبأنا الله أخباركم مشروحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر لَا يزَال بنيانهم قَوْله {ضِرَارًا وَكفرا وَتَفْرِيقًا} {وَإِرْصَادًا} كلهَا انتصبت على الْمصدر وَيجوز أَن تكون مفعولات من أجلهَا وَالْهَاء فِي بُنْيَانه فِي قِرَاءَة من ضم أَو فتح تعود على من هُوَ صَاحب الْبُنيان والبنيان مصدر بنى حكى أَبُو زيد بنيت بنيانا وَبِنَاء وبنية وَقيل الْبُنيان جمع بنيانة كتمرة وتمر قَوْله {جرف هار} هار أَصله هائر وَقَالَ أَبُو حَاتِم أَصله هاور ثمَّ قلب فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا فَصَارَت الْوَاو وَالْيَاء آخرا فحذفها التَّنْوِين كَمَا حذفت الْوَاو وَالْيَاء من غاز ورام وَذَلِكَ فِي الرّفْع والخفض وَحكى الْكسَائي تهور وتهير وَحكى الْأَخْفَش هرت تهار كخفت تخَاف وَأَجَازَ النحويون أَن يجْرِي هار على الْحَذف وَلَا يقدر الْمَحْذُوف لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله مقلوبا فَيصير كَالصَّحِيحِ تعرب الرَّاء بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَلَا يرد الْمَحْذُوف فِي النصب كَمَا يفعل بغاز ورام وَمن رأى هَذَا جعله على وزن فعل كَمَا قَالُوا يَوْم رَاح فَرفعُوا وَهُوَ مقلوب من رائح لكِنهمْ لما كثر استعمالهم لَهُ مقلوبا جَعَلُوهُ فعلا فأعربوه بِوُجُوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الْإِعْرَاب وَيجوز عِنْدهم أَن يجْرِي على الْقيَاس كغاز ورام فَيكون وَزنه فَاعِلا مقلوبا إِلَى فالع ثمَّ يعل لأجل استثقال الْحَرَكَة على حرف الْعلَّة وَدخُول التَّنْوِين كَمَا اعلوا قَوْلهم قَاض ورام وغاز فِي الرّفْع والخفض وصححوه فِي النصب لخفة الْفَتْح قَوْله {وَعدا عَلَيْهِ حَقًا} مصدران مؤكدان قَوْله {التائبون} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم التائبون أَو على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَقيل الْخَبَر قَوْله الآمرون وَمَا بعده قَوْله {كَاد يزِيغ قُلُوب} كَاد فِيهَا إِضْمَار الحَدِيث فَلذَلِك ولي كَاد تزِيغ والقلوب رفع بتزيغ وَقيل الْقُلُوب رفع بكاد وتزيغ ينوى بِهِ التَّأْخِير كَمَا أَجَازُوا ذَلِك فِي كَانَ فِي مثل قَوْله مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَفِي قَوْله وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا وَقَالَ أَبُو حَاتِم من قَرَأَ يزِيغ بِالْيَاءِ لم يرفع الْقُلُوب بكاد وَقيل ان فِي كَاد اسْمهَا وَهُوَ ضمير الحزب أَو الْفَرِيق أَو الْقَبِيل لتقدم ذكر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ فَرفع الْقُلُوب بتزيغ وَالْيَاء وَالتَّاء فِي تزِيغ سَوَاء لِأَن تذكير الْجمع وتأنيثه جَائِز على معنى الْجمع وعَلى معنى الْجَمَاعَة وَإِنَّمَا جَازَ الْإِضْمَار فِي كَاد وَلَيْسَت مِمَّا يدْخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر لِأَنَّهَا تلْزم الاتيان لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بِخَبَر أبدا فَصَارَت كالداخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر من الْأَفْعَال فَجَاز إِضْمَار اسْمهَا فِيهَا وإضمار الحَدِيث فِيهَا وَلَا يجوز مثل ذَلِك فِي عَسى لِأَنَّهَا قد تَسْتَغْنِي عَن الْخَبَر إِذا وَقعت أَن بعْدهَا وَلِأَن خَبَرهَا لَا يكون إِلَّا أَن وَمَا بعْدهَا وَلَا تقع أَن بعد كَاد خَبرا لَهَا إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر وَكَذَلِكَ لَا تحذف أَن بعد عَسى إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر قَوْله {وَاديا} جمعه أَوديَة وَلم يَأْتِ فَاعل وأفعله إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْف وَحده قَوْله {عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} مَا فِي مَوضِع رفع بعزيز وعزيز نعت لرَسُول وَيجوز أَن تكون مَا مُبْتَدأ وعزيز خَبره وَالْجُمْلَة نعت لرَسُول وَيجوز أَن يكون عَزِيز مُبْتَدأ وَمَا فاعلة تسد مسد الْخَبَر وَالْجُمْلَة نعت لرَسُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {أَكَانَ للنَّاس عجبا} اللَّام فِي للنَّاس مُتَعَلقَة بعجب وَلَا تتَعَلَّق بكان لِأَنَّهُ فعل لَا يدل على حدث وَإِنَّمَا يدل على الزَّمَان فَقَط فضعفت فَلَا تتَعَلَّق بِهِ حُرُوف الْجَرّ وَمثله إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون اللَّام فِي للرؤيا مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف يدل على الْمَحْذُوف تعبرون وَفِيه اخْتِلَاف وعجبا خبر كَانَ وَأَن أَوْحَينَا اسْم كَانَ تَقْدِيره أَكَانَ عجبا للنَّاس وحينا إِلَى رجل مِنْهُم أَن أنذر النَّاس قَوْله {مرجعكم} ابْتِدَاء وَالْخَبَر إِلَيْهِ وجميعا انتصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي مرجعكم قَوْله {وعد الله حَقًا} مصدران وَالْعَامِل فِي وعد مرجعكم لِأَنَّهُ بِمَعْنى وَعدكُم وَعدا وَأَجَازَ الْفراء رفع وعد جعله خَبرا لمرجعكم وَأَجَازَ رفع وعد وَحقّ على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَهُوَ حسن وَلم يقْرَأ بِهِ أحد قَوْله {ضِيَاء} مفعول ثَان لجعل مَعْنَاهُ جعل الشَّمْس ذَات ضِيَاء وَمن قَرَأَهُ بهمزتين وَهِي قِرَاءَة قنبل عَن ابْن كثير فَهُوَ على الْقلب قدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 الْهمزَة الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل فِي مَوضِع الْيَاء المنقلبة عَن وَاو الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل فَصَارَت الْيَاء بعد الْألف والهمزة قبل الْألف فأبدل من الْيَاء همزَة لوقوعها وَهِي أَصْلِيَّة بعد ألف زَائِدَة كَمَا قَالُوا سقاء وَأَصله سقاي لِأَنَّهُ من سقى يسْقِي وَيجوز أَن تكون الْيَاء لما نقلت بعد الْألف رجعت إِلَى الْوَاو الَّذِي هُوَ أَصْلهَا فأبدل مِنْهَا همزَة كَمَا قَالُوا دُعَاء وَأَصله دعاو لِأَنَّهُ من دَعَا يدعوا فَيصير وزن ضِيَاء على قِرَاءَة قنبل فلاعا وَأَصلهَا فعال قَوْله {استعجالهم} مصدر تَقْدِيره استعجالا مثل استعجالهم ثمَّ أَقَامَ الصّفة وَهِي مثل مقَام الْمَوْصُوف وَهُوَ الاستعجال ثمَّ أَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ استعجالهم مقَام الْمُضَاف وَهُوَ مثل هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَقيل تَقْدِيره فِي استعجالهم وَقيل كاستعجالهم فَلَمَّا حذف حرف الْجَرّ نصب وَيلْزم من قدر حذف حرف الْجَرّ مِنْهُ أَن يُجِيز زيد الْأسد فينصب الْأسد على تَقْدِير كالأسد قَوْله {يهْدِيهم رَبهم} أصل هدى أَن يتَعَدَّى بِحرف جر وَبِغير حرف كَمَا قَالَ الله تَعَالَى اهدنا الصِّرَاط وَقَالَ تَعَالَى فاهدوهم إِلَى صِرَاط قَوْله {وَلَا أدراكم} رُوِيَ أَن الْحسن قَرَأَ بِالْهَمْز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وَلَا أصل لَهُ فِي الْهَمْز لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال درأت إِذا دفعت ودريت بِمَعْنى علمت وادريت غَيْرِي أَي اعلمته قَوْله {وَإِذا أذقنا} إِذا فِيهَا معنى الشَّرْط وَلَا تعْمل وتحتاج إِلَى جَوَاب غير مجزوم إِلَّا فِي شعر فَأَنَّهُ قد يقدر فِي الْجَواب الْجَزْم فِي الشّعْر فتعطف على مَعْنَاهُ فتجزم الْمَعْطُوف على الْجَواب كَمَا قَالَ قيس بن الخطيم ... إِذا قصرت أسيافنا كَانَ وَصلهَا ... خطانا إِلَى أَعْدَائِنَا فنضارب ... فَجزم نضارب عطف على مَوضِع جَوَاب إِذا وَهُوَ كَانَ وجوابها عِنْد الْبَصرِيين فِي هَذِه الْآيَة قَوْله إِذا لَهُم مكر فَإِذا جَوَاب إِذا تَقْدِيره عِنْدهم مكروا وَمَعْنَاهُ استهزؤوا وكذبوا قَوْله {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} من رفع مَتَاعا جعله خبر الْبَغي والظرف ملغى وَهُوَ على أَنفسكُم وعَلى مُتَعَلقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 بالبغي وَلَا ضمير فِي على أَنفسكُم لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَبَر الِابْتِدَاء وَيجوز أَن ترفع مَتَاعا على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي ذَلِك مَتَاع أَو هُوَ مَتَاع فَيكون على أَنفسكُم خبر بَغْيكُمْ وَيكون فِيهِ ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ وعَلى مُتَعَلقَة بالاستقرار وبالثبات أَو نَحوه تَقْدِيره إِنَّمَا بَغْيكُمْ هُوَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فَإِذا جعلت على أَنفسكُم خَبرا عَن الْبَغي كَانَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا بَغْيكُمْ رَاجع عَلَيْكُم مثل قَوْله وَإِن أسأتم فلهَا وَإِن جعلت مَتَاعا خبر الْبَغي كَانَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا بغي بَعْضكُم على بعض مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا مثل قَوْله تَعَالَى فَسَلمُوا على أَنفسكُم وَقد قَرَأَ حَفْص عَن عَاصِم مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالنّصب جعل على أَنفسكُم مُتَعَلقا ببغيكم وَرفع الْبَغي بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم لأجل مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا مَذْمُوم أَو مَنْهِيّ عَنهُ أَو مَكْرُوه وَنَحْوه وَحسن الْحَذف لطول الْكَلَام وَلَا يحسن أَن يكون على أَنفسكُم الْخَبَر لِأَن مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا دَاخل فِي الصِّلَة فَيُفَرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء وَذَلِكَ لَا يجوز وَلَا بُد من تَقْدِير حذف الْخَبَر إِلَّا أَن تنصب مَتَاع الْحَيَاة بإضمار فعل على تَقْدِير يمتعون مَتَاع أَو يَبْغُونَ مَتَاع فَيجوز أَن يكون على أَنفسكُم الْخَبَر وَمن نصب مَتَاع جعله مَفْعُولا من أَجله تعدى إِلَيْهِ الْبَغي وأضمر الْخَبَر على مَا ذكرنَا وعَلى مُتَعَلقَة بالاستقرار وَنَحْوه إِذا جعلت على أَنفسكُم الْخَبَر وَفِي الْمَجْرُور ضمير يعود على المبتداء وَيجوز نصب مَتَاع على الْمصدر الْمُطلق تَقْدِيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 يمتعون مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا أَو على إِضْمَار فعل دلّ عَلَيْهِ الْبَغي أَي يَبْغُونَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا إِذا جعلت على أَنفسكُم الْخَبَر قَوْله {وازينت} أَصله تزينت ووزنه تفعلت ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الزَّاي فسكن الأول فَدخلت ألف الْوَصْل لسكون أول الْفِعْل وَإِنَّمَا سكن الأول عِنْد الْإِدْغَام لِأَن كل حرف أدغمته فِيمَا بعده فَلَا بُد من اسكان الأول أبدا فَلَمَّا أدغمت التَّاء فِي الزَّاي سكنت التَّاء فاحتيج عِنْد الِابْتِدَاء إِلَى ألف وصل وَله نَظَائِر كَثِيرَة فِي الْقُرْآن وَرُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَرَأَ وأزينت على وزن أفعلت مَعْنَاهُ جَاءَت بالزينة لكنه كَانَ يجب على مقاييس الْعَرَبيَّة أَن يُقَال وازانت مثل أقالت فتقلب الْيَاء ألفا لَكِن أَتَى بِهِ على الأَصْل وَلم يعله كَمَا أَتَى استحوذ على الأَصْل وَكَانَ الْقيَاس استحاذ وَقد قرىء وازيانت مثل احمارت وقرىء وازاينت وَالْأَصْل تزاينت ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الزَّاي على قِيَاس مَا تقدم ذكره فِي قِرَاءَة الْجَمَاعَة وَدخلت ألف الْوَصْل أَيْضا فِيهِ على الِابْتِدَاء على قِيَاس مَا تقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 قَوْله {قطعا من اللَّيْل مظلما} مظلما حَال من اللَّيْل وَلَا يكون نعتا لقطع لِأَنَّهُ يجب أَن يُقَال مظْلمَة فَأَما على قِرَاءَة الْكسَائي وَابْن كثير قطعا باسكاء الطَّاء فَيجوز أَن يكون مظلما نعتا لقطع وَأَن يكون حَالا من اللَّيْل قَوْله {فزيلنا بَينهم} هُوَ فعلنَا من زلت الشَّيْء عَن الشَّيْء فَأَنا أزيله إِذا نحيته وَالتَّشْدِيد للتكثير وَلَا يجوز أَن يكون فعلنَا من زَالَ يَزُول لِأَنَّهُ يلْزم فِيهِ الْوَاو فَيُقَال زولنا وَحكى الْفراء أَنه قرىء فزايلنا من قَوْلهم لَا أزايل فلَانا أَي لَا أفارقه فَأَما قَوْلهم لَا ازاوله فَمَعْنَاه لَا أخاتله وَمعنى زايلنا وزولنا وَاحِد قَوْله {شَهِيدا} نصب على التَّمْيِيز وَهُوَ عِنْد أبي اسحاق حَال من الله جلّ ذكره وَبِاللَّهِ فِي قَوْله كفى بِاللَّه فِي مَوضِع رفع وَهُوَ فَاعل كفى تَقْدِيره كفى الله شَهِيدا وَالْبَاء زَائِدَة مَعْنَاهَا مُلَازمَة الْفِعْل لما بعده فَالله تَعَالَى لم يزل هُوَ الْكَافِي بِمَعْنى سيكفي لَا يحول عَن ذَلِك أبدا قَوْله {إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} مولى بدل من الله أَو نعت وَالْحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 نعت أَيْضا لَهُ وَيجوز نَصبه على الْمصدر وَلم يقْرَأ بِهِ قَوْله {أَنهم لَا يُؤمنُونَ} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره بِأَنَّهُم أَو لأَنهم فَلَمَّا حذف الْحَرْف تعدى الْفِعْل فنصب الْموضع وَأَن الْمَفْتُوحَة أبدا مُشَدّدَة أَو مُخَفّفَة هِيَ حرف على انفرادها وَهِي اسْم مَعَ مَا بعْدهَا لِأَنَّهَا وَمَا بعْدهَا مصدر يحكم عَلَيْهَا بِوُجُوه الْإِعْرَاب على قدر الْعَامِل الَّذِي قبلهَا وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع خفض بِحرف الْجَرّ الْمَحْذُوف وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل لما كثر حذفه مَعَ أَن خَاصَّة عمل محذوفا عمله مَوْجُودا فِي اللَّفْظ وَقيل هَذِه الْآيَة فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من كَلِمَات وَهُوَ قَول حسن وَهُوَ بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ قَوْله {أَفَمَن يهدي إِلَى الْحق أَحَق أَن يتبع} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وأحق الْخَبَر فِي الْكَلَام حذف تَقْدِيره أَحَق مِمَّن لَا يهدي وَأَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف الْخَافِض وان شِئْت جَعلتهَا فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من من وَهُوَ بدل الاشتمال وأحق الْخَبَر وان شِئْت جعلت أَن مُبْتَدأ ثَانِيًا وأحق خَبَرهَا مقدم عَلَيْهَا وَالْجُمْلَة خبر عَن من قَوْله {فَمَا لكم} مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التوبيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 والتنبيه وَلكم الْخَبَر وَالْكَلَام تَامّ على لكم وَالْمعْنَى أَي شَيْء لكم فِي عبَادَة الْأَصْنَام قَوْله {وَلَكِن تَصْدِيق الَّذِي بَين يَدَيْهِ} تَصْدِيق خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره وَلَكِن كَانَ تَصْدِيق فَفِي كَانَ اسْمهَا هَذَا مَذْهَب الْفراء وَالْكسَائِيّ وَيجوز عِنْدهمَا الرّفْع على تَقْدِير وَلَكِن هُوَ تَصْدِيق قَوْله {وَلَكِن النَّاس} الِاخْتِيَار عِنْد جمَاعَة من النَّحْوِيين إِذا أَتَت لَكِن مَعَ الْوَاو أَن تشدد وَإِذا كَانَت بِغَيْر وَاو قبلهَا أَن تخفف قَالَ الْفراء لِأَنَّهَا إِذا كَانَت بِغَيْر وَاو أشبهت بل فخففت لتَكون مثلهَا فِي الِاسْتِدْرَاك وَإِذا أَتَت الْوَاو قبلهَا خَالَفت بل فشددت وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ ادخال اللَّام فِي خَبَرهَا كَانَ وانشدوا ... ولكنني من حبها لكميد ... وَمنعه البصريون لمُخَالفَة مَعْنَاهَا معنى ان فَمن شددها أعملها فِيمَا بعْدهَا فنصبه بهَا لِأَنَّهَا من أَخَوَات ان وَمن خففها رفع مَا بعْدهَا على الِابْتِدَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وَمَا بعده خَبره قَوْله {وَيَوْم يحشرهم كَأَن لم يَلْبَثُوا} الْكَاف من كَأَن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع نصب صفة لليوم وَفِي الْكَلَام حذف ضمير يعود على الْمَوْصُوف تَقْدِيره كَأَن لم يَلْبَثُوا قبله فَحذف قبل فَصَارَت الْهَاء مُتَّصِلَة بيلبثوا فحذفت لطول الِاسْم كَمَا تحذف من الصلات وَيجوز أَن يكون الْكَاف من كَأَن فِي مَوضِع نصب صفة لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَيَوْم يحشرهم حشرا كَأَن لم يَلْبَثُوا قبله إِلَّا سَاعَة وَيجوز أَن يكون الْكَاف فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي يحشرهم وَالضَّمِير فِي يَلْبَثُوا رَاجع على صَاحب الْحَال وَلَا حذف فِي الْكَلَام تَقْدِيره وَيَوْم يحشرهم مشبهة أَحْوَالهم أَحْوَال من لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة والناصب ليَوْم اذكر مضمرة وَيجوز أَن يكون الناصب لَهُ يَتَعَارَفُونَ قَوْله {مَاذَا يستعجل مِنْهُ المجرمون} مَا اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمعنى الِاسْتِفْهَام هُنَا التهدد وَذَا خبر الِابْتِدَاء بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء فِي مِنْهُ تعود على الْعَذَاب وان شِئْت جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر فِي الْجُمْلَة الَّتِي بعده وَالْهَاء فِي مِنْهُ تعود أَيْضا على الْعَذَاب فَإِن جعلت الْهَاء فِي مِنْهُ تعود على الله عز وَجل وَمَا وَذَا اسْما وَاحِدًا كَانَت مَا فِي مَوضِع نصب بيستعجل وَالْمعْنَى أَي شَيْء يستعجل المجرمون من الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 قَوْله {أَحَق هُوَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي ليستنبئونك إِذا جعلته بِمَعْنى يستخبرونك فان جعلته بِمَعْنى يستعلمونك كَانَ أَحَق هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع المفعولين لَهُ لِأَن أنبأ إِذا كَانَ بِمَعْنى أعلم تعدى إِلَى ثَلَاثَة مفعولين يجوز الِاكْتِفَاء بِوَاحِد وَلَا يجوز الِاكْتِفَاء بِاثْنَيْنِ دون الثَّالِث وَإِذا كَانَ أنبأ بِمَعْنى أخبر تعدت إِلَى مفعولين لَا يجوز الِاكْتِفَاء بِوَاحِد دون الثَّانِي ونبأ وأنبأ فِي التَّعَدِّي سَوَاء قَوْله {وَمَا تتلو مِنْهُ من قُرْآن} الْهَاء عِنْد الْفراء تعود على الشَّأْن على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره وَمَا تتلو من أجل الشَّأْن أَي يحدث لَك شَأْن فتتلو الْقُرْآن من أَجله قَوْله {وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر} أَصْغَر وأكبر فِي قِرَاءَة من فتح فِي مَوضِع خفض عطف على لفظ مِثْقَال ذرة وَقَرَأَ حَمْزَة بِالرَّفْع فيهمَا عطفهما على مَوضِع المثقال لِأَنَّهُ فِي مَوضِع رفع بيعزب قَوْله {الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من اسْم ان وَهُوَ أَوْلِيَاء أَو على أَعنِي وَيجوز الرّفْع على الْبَدَل من الْموضع وعَلى النَّعْت على الْموضع وعَلى إِضْمَار مُبْتَدأ وعَلى الِابْتِدَاء وَلَهُم الْبُشْرَى ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر الَّذين قَوْله {وَمَا يتبع الَّذين يدعونَ من دون الله شُرَكَاء} اننصب شُرَكَاء بيدعون ومفعول يتبع قَامَ مقَامه إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 لِأَنَّهُ هُوَ وَلَا ينصب الشُّرَكَاء بيتبع لِأَنَّك تَنْفِي عَنْهُم ذَلِك وَالله قد أخبر بِهِ عَنْهُم وَلَو جعلت مَا استفهاما بِمَعْنى الْإِنْكَار والتوبيخ كَانَت اسْما فِي مَوضِع نصب بيتبع وعَلى القَوْل الأول تكون مَا حرفا نافيا قَوْله {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} كل الْقُرَّاء قَرَأَهُ بِالْهَمْز وَكسر الْمِيم من قَوْلهم أَجمعت على أَمر كَذَا وَكَذَا إِذا عزمت عَلَيْهِ وأجمعت الْأَمر أَيْضا حسن بِغَيْر حرف جر كَمَا قَالَ الله جلّ ذكره إِذْ أَجمعُوا أَمرهم فَيكون نصب الشُّرَكَاء على الْعَطف على الْمَعْنى وَهُوَ قَول الْمبرد وَقَالَ الزّجاج هُوَ مفعول مَعَه وَقيل الشُّرَكَاء عطف على الْأَمر لِأَن تَقْدِيره فاجمعوا ذَوي الْأَمر مِنْكُم وَقيل تَأْوِيل الْأَمر هُنَا هُوَ كيدهم فيعطف الشُّرَكَاء على الْأَمر بِغَيْر حذف وَقيل انتصب الشُّرَكَاء على عَامل مَحْذُوف تَقْدِيره وَأَجْمعُوا شركاءكم فَدلَّ أجمع على جمع لِأَنَّك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 تَقول جمعت الشُّرَكَاء وَالْقَوْم وَلَا تَقول أَجمعت الشُّرَكَاء إِنَّمَا يُقَال أَجمعت فِي الْأَمر خَاصَّة فَلذَلِك لم يحسن عطف الشُّرَكَاء على الْأَمر على التَّقْدِير الْمُتَقَدّم وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء تَقْدِيره وَادعوا شركاءكم وَكَذَلِكَ هِيَ فِي حرف أبي وَادعوا شركاءكم وَقد روى الْأَصْمَعِي عَن نَافِع فاجمعوا بوصل الْألف وَفتح الْمِيم فَيحسن على هَذِه الْقِرَاءَة عطف الشُّرَكَاء على الْأَمر وَيحسن أَن تكون الْوَاو بِمَعْنى مَعَ وَقد قَرَأَ الْحسن بِرَفْع الشُّرَكَاء عطفا على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي فاجمعوا وَبِه قَرَأَ يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ وَحسن ذَلِك الْفَصْل الَّذِي وَقع بَين الْمَعْطُوف والمضمر كَأَنَّهُ قَامَ مقَام التَّأْكِيد وَهُوَ أَمركُم قَوْله {بِمَا كذبُوا بِهِ} الضَّمِير فِي كذبُوا يعود على قوم نوح أَي فَمَا كَانَ قوم الرُّسُل الَّذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بِمَا كذب بِهِ قوم نوح بل كذبُوا مثل تَكْذِيب قوم نوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 قَوْله {مَا جئْتُمْ بِهِ السحر} مَا مُبْتَدأ بِمَعْنى الَّذِي وجئتم بِهِ صلته وَالسحر خبر الِابْتِدَاء وَيُؤَيّد هَذَا أَن فِي حرف أبي مَا جئْتُمْ بِهِ سحر وَكلما ذكرنَا فِي كتَابنَا هَذَا وَفِي غَيره من قِرَاءَة أبي وَغَيره مِمَّا خَالف خطّ الْمُصحف فَلَا يقْرَأ بِهِ لمُخَالفَته الْمُصحف وَإِنَّمَا نذكرهُ شَاهدا لَا ليقْرَأ بِهِ فَاعْلَم ذَلِك وَيجوز أَن تكون مَا رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام وجئتم بِهِ الْخَبَر وَالسحر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ السحر وَيجوز أَن تكون مَا فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار فعل بعْدهَا تَقْدِيره أَي شَيْء جئْتُمْ بِهِ وَالسحر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف وَلَا يجوز أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع نصب لِأَن مَا بعْدهَا صلتها والصلة لَا تعْمل فِي الْمَوْصُول وَلَا تكون تَفْسِيرا لِلْعَامِلِ فِي الْمَوْصُول وَقد قَرَأَ أَبُو عَمْرو آلسحر بِالْمدِّ فعلى هَذِه الْقِرَاءَة تكون مَا استفهاما وجئتم بِهِ الْخَبَر وَالسحر خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي هُوَ السحر وَلَا يجوز على هَذِه الْقِرَاءَة أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي إِذْ لَا خبر لَهَا وَيجوز أَن تكون مَا فِي مَوضِع نصب على مَا تقدم وَيجوز أَن ترفع السحر على الْبَدَل من مَا وَخَبره خبر الْمُبدل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 مِنْهُ فَلذَلِك دخله الِاسْتِفْهَام إِذْ هُوَ بدل من اسْتِفْهَام ليستوي الْبَدَل والمبدل مِنْهُ فِي لفظ الِاسْتِفْهَام كَمَا تَقول كم مَالك أعشرون أم ثَلَاثُونَ فتجعل عشرُون بَدَلا من كم وَتدْخل ألف الِاسْتِفْهَام على عشْرين لِأَن الْمُبدل مِنْهُ وَهُوَ كم اسْتِفْهَام وَمعنى الِاسْتِفْهَام فِي هَذِه الْآيَة التَّقْرِير والتوبيخ وَلَيْسَ هُوَ باستخبار لِأَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قد علم أَنه سحر وَإِنَّمَا وبخهم بِمَا فعلوا وَلم يستخبرهم عَن شَيْء لم يُعلمهُ وَفِيه أَيْضا معنى التحقير لما جَاءُوا بِهِ وَأَجَازَ الْفراء نصب السحر فَجعل مَا شرطا وَنصب السحر على الْمصدر وتضمر الْفَاء مَعَ إِن الله سيبطله وَتجْعَل الْألف وَاللَّام فِي السحر زائدتين وَذَلِكَ كُله بعيد وَقد أجَاز عَليّ بن سُلَيْمَان حذف الْفَاء من جَوَاب الشَّرْط فِي الْكَلَام وَاسْتدلَّ على جَوَازه بقوله تَعَالَى وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة بِمَا كسبت أَيْدِيكُم وَلم يجزه غَيره إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 قَوْله {من فِرْعَوْن وملئهم} إِنَّمَا جمع الضَّمِير فِي ملئهم لِأَنَّهُ اخبار عَن جَبَّار والجبار يخبر عَنهُ بِلَفْظ الْجمع وَقيل لما ذكر فِرْعَوْن على أَن مَعَه غَيره فَرجع الضَّمِير عَلَيْهِ وعَلى من مَعَه وَقيل الضَّمِير رَاجع على آل فِرْعَوْن وَفِي الْكَلَام حذف وَالتَّقْدِير على خوف من آل فِرْعَوْن وملئهم وَالضَّمِير يعود على الْآل وَقَالَ الْأَخْفَش الضَّمِير يعود على الذُّرِّيَّة الْمُتَقَدّم ذكرهَا وَقيل الضَّمِير يعود على الْقَوْم الْمُتَقَدّم ذكرهم قَوْله {أَن يفتنهم} أَن فِي مَوضِع خفض بدل من فِرْعَوْن وَهُوَ بدل الاشتمال قَوْله {فَلَا يُؤمنُوا} عطف على ليضلوا فِي مَوضِع نصب عِنْد الْمبرد والزجاج وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء هُوَ مَنْصُوب جَوَاب للدُّعَاء وَقَالَ الْكسَائي وَأَبُو عُبَيْدَة هُوَ فِي مَوضِع جزم لِأَنَّهُ دُعَاء عَلَيْهِم قَوْله {ننجيك ببدنك} قيل هُوَ من النحاء أَي نخلصك من الْبَحْر مَيتا ليراك بَنو إِسْرَائِيل وَقيل مَعْنَاهُ نلقيك على نجوة من الأَرْض قَوْله {ببدنك} أَي بدرعك الَّتِي تعرف بهَا ليراك بَنو إِسْرَائِيل وَقيل معنى ببدنك أَي بجسدك لَا روح فِيك ليراك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 بَنو إِسْرَائِيل قَوْله {إِلَّا قوم يُونُس} انتصب قوم على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع ويجو ز أَن يكون على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي هُوَ غير مُنْقَطع على أَن يضمر فِي الْكَلَام حذف مُضَاف تَقْدِيره فلولا كَانَ أهل قَرْيَة آمنُوا وَيجوز الرّفْع على أَن تجْعَل إِلَّا بِمَعْنى غير صفة للأهل المحذوفين فِي الْمَعْنى ثمَّ تعرب مَا بعد إِلَّا بِمثل إِعْرَاب غير لَو ظَهرت فِي مَوضِع إِلَّا وَأَجَازَ الْفراء الرّفْع على الْبَدَل كَمَا قَالَ ... وبلدة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس ... فأبدل من أنيس وَالثَّانِي من غير الْجِنْس وَهِي لُغَة بني تَمِيم يبدلون وان كَانَ الثَّانِي لَيْسَ من جنس الأول وَأهل الْحجاز ينصبون إِذا اخْتلفَا وان كَانَ الْكَلَام منفيا وأنشدوا بَيت النَّابِغَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 .. إِلَّا أواري لايا مَا أبينها ... بِالرَّفْع وَالنّصب قَوْله {يُونُس} هُوَ اسْم أعجمي معرفَة وَلذَلِك لم ينْصَرف وَمثله يُوسُف وَقد رُوِيَ عَن الْأَعْمَش وَعَاصِم أَنَّهُمَا قرءا يُونُس ويوسف بِكَسْر النُّون وَالسِّين جعلاه فعلا مُسْتَقْبلا من أنس وأسف سمي بِهِ فَلم ينْصَرف للتعريف وَالْوَزْن الْمُخْتَص بِهِ الْفِعْل قَالَ أَبُو حَاتِم يجب أَن يهمزا وَترك الْهَمْز جَائِز حسن وان كَانَ أَصله الْهَمْز وَقد حكى أَبُو زيد فتح النُّون وَالسِّين فيهمَا على أَنَّهُمَا فعلان مستقبلان لم يسم فاعلهما سمي بهما أَيْضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة هود عَلَيْهِ السَّلَام إِذا جعلت هودا اسْما للسورة فَقلت هَذِه هود لم ينْصَرف عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل كامرأة سميتها بزيد أَو بِعَمْرو وَأَجَازَ عِيسَى صرفه لخفته كَمَا تصرف هِنْد اسْم امْرَأَة فان قدرت حذف مُضَاف مَعَ هود صرفته تُرِيدُ هَذِه سُورَة هود قَوْله {إِلَّا الَّذين صَبَرُوا} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل قَالَ الْفراء هُوَ مُسْتَثْنى من الْإِنْسَان لِأَنَّهُ بِمَعْنى النَّاس وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع قَوْله {وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} بَاطِل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده خَبره وَفِي حرف أبي وَابْن مَسْعُود وباطلا بِالنّصب جعلا مَا زَائِدَة ونصبا بَاطِلا بيعملون مثل قَلِيلا مَا تذكرُونَ وقليلا مَا تؤمنون قَوْله {ويتلوه شَاهد} الْهَاء فِي يتلوه لِلْقُرْآنِ فَتكون الْهَاء على هَذَا القَوْل فِي مِنْهُ لله جلّ ذكره وَالشَّاهِد الانجيل أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 يَتْلُو الْقُرْآن فِي التَّقْدِيم الانجيل من عِنْد الله فَتكون الْهَاء فِي قبله للانجيل أَيْضا وَقيل الْهَاء فِي يتلوه لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ فَيكون الشَّاهِد لِسَانه وَالْهَاء فِي مِنْهُ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ أَيْضا وَقيل لِلْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ الْهَاء فِي قبله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَقيل الشَّاهِد جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَالْهَاء فِي مِنْهُ على هَذَا القَوْل لله تَعَالَى وَفِي من قبله لجبريل أَيْضا وَقيل الشَّاهِد إعجاز الْقُرْآن فالهاء فِي مِنْهُ على هَذَا القَوْل لله تَعَالَى وَالْهَاء فِي قبله لِلْقُرْآنِ وَالْهَاء فِي يُؤمنُونَ بِهِ لِلْقُرْآنِ وَقيل لمُحَمد عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {إِمَامًا وَرَحْمَة} نصب على الْحَال من كتاب مُوسَى قَوْله {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع} مَا ظرف فِي مَوضِع نصب مَعْنَاهَا وَمَا بعْدهَا أبدا وَقيل مَا فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أَي بِمَا كَانُوا كَمَا يُقَال جزيته مَا فعل وَبِمَا فعل وَقيل مَا نَافِيَة وَالْمعْنَى لَا يَسْتَطِيعُونَ السّمع لما قد سبق لَهُم وَقيل الْمَعْنى لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يسمعوا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ لبغضهم لَهُ وَلَا يفقهوا حجَّة كَمَا تَقول فلَان لَا يَسْتَطِيع أَن ينظر إِلَى فلَان إِذا كَانَ يثقل عَلَيْهِ ذَلِك قَوْله {لَا جرم أَنهم} لَا جرم عِنْد الْخَلِيل وسيبويه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 بِمَعْنى حَقًا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا وجرم كلمة وَاحِدَة بنيتا على الْفَتْح فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر أَنهم فَأن فِي مَوضِع رفع عِنْدهمَا وَقيل عَن لخليل أَنه قَالَ إِن أَن فِي مَوضِع رفع بجرم وجرم بِمَعْنى بُد فَمَعْنَاه لَا بُد وَلَا محَالة قَالَ الْخَلِيل جِيءَ بِلَا ليعلم أَن الْمُخَاطب لم يبتدىء كَلَامه وَإِنَّمَا خَاطب من خاطبه وَقَالَ الزّجاج لَا نفي لما ظنُّوا أَنه يَنْفَعهُمْ وَاصل معنى جرم كسب من قَوْلهم فلَان جارم أَهله أَي كاسبهم وَمِنْه سمي الذَّنب جرما لِأَنَّهُ اكْتسب فَكَانَ الْمَعْنى عِنْده لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِك ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ جرم أَنهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون أَي كسب ذَلِك الْفِعْل لَهُم الخسران فِي الْآخِرَة فَأن من أَنهم على هَذَا القَوْل فِي مَوضِع نصب بجرم وَقَالَ الْكسَائي مَعْنَاهُ لاصد وَلَا منع عَن أَنهم فِي الْآخِرَة فَأن فِي مَوضِع نصب على قَوْله أَيْضا بِحَذْف حرف الْجَرّ قَوْله {بَادِي الرَّأْي} انتصب بَادِي على الظّرْف أَي فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 بَادِي الرَّأْي هَذَا على قِرَاءَة من لم يهمزه وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا بِهِ حذف مَعَه حرف الْجَرّ مثل وَاخْتَارَ مُوسَى قومه وَإِنَّمَا جَازَ أَن يكون فَاعل ظرفا كَمَا جَازَ ذَلِك فِي فعيل نَحْو قريب وملىء وفاعل وفعيل يتعاقبان نَحْو رَاحِم وَرَحِيم وعالم وَعَلِيم وَحسن ذَلِك فِي فَاعل لِإِضَافَتِهِ إِلَى الرَّأْي والرأي يُضَاف إِلَيْهِ الْمصدر وينتصب الْمصدر مَعَه على الظّرْف نَحْو قَوْلك أما جهد رَأْيِي فانك منطلق وَالْعَامِل فِي الظّرْف اتبعك وَهُوَ من بَدَأَ يَبْدُو إِذا ظهر وَيجوز فِي قِرَاءَة من لم يهمز أَن يكون من الِابْتِدَاء وَلكنه سهل الْهمزَة وَمن قَرَأَهُ بِالْهَمْز أَو قدر فِي الْألف أَنَّهَا بدل من همزَة فَهُوَ أَيْضا نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ أَيْضا اتبعك فالتقدير عَنهُ قد جعله من بَدَأَ يَبْدُو مَا اتبعك يَا نوح إِلَّا الأراذل فِيمَا ظهر لنا من الرَّأْي كَأَنَّهُمْ قطعُوا عَلَيْهِ فِي أول مَا ظهر لَهُم من رَأْيهمْ وَلم يتعقبوه بِنَظَر إِنَّمَا قَالُوا مَا ظهر لَهُم من غير تَيَقّن وَالتَّقْدِير عِنْد من جعله من الِابْتِدَاء فهمز مَا اتبعك يَا نوح إِلَّا أراذل فِي أول الْأَمر أَي مَا نرَاك فِي أول الْأَمر اتبعك إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 الأراذل وَجَاز تَأَخّر الظّرْف بعد إِلَّا وَمَا بعْدهَا من الْفَاعِل وصلته لِأَن الظروف يَتَّسِع فِيهَا مَالا يَتَّسِع فِي المفعولات فَلَو قلت فِي الْكَلَام مَا أَعْطَيْت أحدا إِلَّا زيدا درهما فأوقعت أسمين مفعولين بعد إِلَّا لم يجز لِأَن الْفِعْل لَا يصل بَالا إِلَى أسمين إِنَّمَا يصل إِلَى اسْم وَاحِد كَسَائِر الْحُرُوف أَلا ترى أَنَّك لَو قلت مَرَرْت بزيد عَمْرو فتوصل الْفِعْل اليهما بِحرف وَاحِد لم يجز وَكَذَلِكَ لَو قلت اسْتَوَى المَاء والخشبة الْحَائِط فتنصب بواو من اسْمَيْنِ لم يجز إِلَّا أَن تَأتي فِي جَمِيع ذَلِك بواو الْعَطف فَيجوز فيصل الْفِعْل اليهما بحرفين فَأَما قَوْلهم مَا ضرب الْقَوْم أَلا بَعضهم بَعْضًا فَإِنَّمَا جَازَ لِأَن بَعضهم بدل من الْقَوْم فَلم يصل الْفِعْل بعد إِلَّا إِلَّا إِلَى اسْم وَاحِد قَوْله {تزدري أعينكُم} أصل تزدري تزتري وَالدَّال مبدلة من تَاء لِأَن الدَّال حرف مجهور فقرن بالزاي لِأَنَّهَا مجهورة أَيْضا وَالتَّاء مهموسة ففارقت الزَّاي وَحسب الْبَدَل لقرب المخرجين وَالتَّقْدِير تزدريهم أعينكُم ثمَّ حذف الْإِضْمَار لطول الِاسْم قَوْله {فعميت عَلَيْكُم} من خففه من الْقُرَّاء حمله على معنى فعميتم عَن الْأَخْبَار الَّتِي أتتكم وَهِي الرَّحْمَة فَلم تؤمنوا بهَا وَلم تعم الْأَخْبَار نَفسهَا عَنْهُم وَلَو عميت هِيَ لَكَانَ لَهُم فِي ذَلِك عذرا إِنَّمَا عموا هم عَنْهَا فَهُوَ من المقلوب كَقَوْلِهِم أدخلت القلنسوة فِي رَأْسِي وأدخلت الْقَبْر زيدا فَقلت جَمِيع هَذَا فِي ظَاهر اللَّفْظ لِأَن الْمَعْنى لَا يشكل وَمثله قَوْله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 فَلَا تحسبن الله مخلف وعده رسله وَقيل معنى فعميت لمن قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ فخفيت فَيكون غير مقلوب على هَذَا وَتَكون الْأَخْبَار الَّتِي أَتَت من عِنْد الله خَفِي فهمها عَلَيْهِم لقلَّة مبالاتهم بهَا وَكَثْرَة إعراضهم عَنْهَا فَأَما مَعْنَاهُ على قِرَاءَة حَفْص وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ الَّذين قرأوا بِالتَّشْدِيدِ وَالضَّم على مَا لم يسم فَاعله فَلَيْسَ فِيهِ قلب وَلَكِن الله عماها عَلَيْهِم لما أَرَادَ بهم من الشقوة يفعل مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ وَهِي رَاجِعَة إِلَى الْقِرَاءَة الأولى لأَنهم لم يعموا عَنْهَا حَتَّى عماها الله عَلَيْهِم وَقد قَرَأَ أبي وَهِي قِرَاءَة الْأَعْمَش فعماها عَلَيْكُم أَي عماها الله عَلَيْكُم فَهَذَا شَاهد لمن ضم وشدد ونوح اسْم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام انْصَرف لِأَنَّهُ أعجمي خَفِيف وَقيل هُوَ عَرَبِيّ من ناح ينوح وَقد قَالَ بعض الْمُفَسّرين إِنَّمَا سمي نوحًا لِكَثْرَة نوحه على نَفسه قَوْله {إِلَّا من قد آمن} من فِي مَوضِع رفع بيؤمن قَوْله {وَمن آمن} من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على اثْنَيْنِ أَو على أهلك وَمن فِي قَوْله إِلَّا من سبق فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من الْأَهْل قَوْله {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} مجْراهَا فِي مَوضِع رفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 على الِابْتِدَاء وَمرْسَاهَا عطف عَلَيْهِ وَالْخَبَر بِسم الله وَالتَّقْدِير بِسم الله اجراؤها وارساؤها وَيجوز أَن يرتفعا بالظرف لِأَنَّهُ مُتَعَلق بِمَا قبله وَهُوَ اركبوا وَيجوز أَن يكون مجْراهَا فِي مَوضِع نصب على الظّرْف على تَقْدِير حذف ظرف مُضَاف إِلَى مجْراهَا بِمَنْزِلَة قَوْلك آتِيك مقدم الْحَاج أَي وَقت مقدم الْحَاج فَيكون التَّقْدِير بِسم الله وَقت اجرائها وارسائها وَقيل تَقْدِيره فِي النصب بِسم الله مَوضِع اجرائها ثمَّ حذف الْمُضَاف وَفِي التَّفْسِير مَا يدل على نَصبه على الظّرْف قَالَ الضَّحَّاك كَانَ يَقُول وَقت جريها بِسم الله فتجري وَوقت ارسائها بِسم الله فترسو وَالْبَاء فِي بِسم الله مُتَعَلقَة باركبوا وَالْعَامِل فِي مجْراهَا إِذا كَانَ ظرفا معنى الظّرْف فِي بِسم الله وَلَا يعْمل فِيهِ اركبوا لِأَنَّهُ لم يرد اركبوا فِيهَا فِي وَقت الجرى والرسو إِنَّمَا الْمَعْنى سموا بِسم الله وَقت الجرى والرسو وَالتَّقْدِير اركبوا الْآن متبركين باسم الله فِي وَقت الجري والرسو وَإِذا رفعت مجْراهَا بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خَبره كَانَت الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الضَّمِير فِي فِيهَا لِأَن فِي الْجُمْلَة عَائِدًا يعود على الْهَاء فِي فِيهَا وَهُوَ الْهَاء فِي مجْراهَا لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا للسفينة وَيكون الْعَامِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 فِي الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ حَال مَا فِي فِيهَا من معنى الْفِعْل وَلَا يحسن أَن تكون هَذِه الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اركبوا لِأَنَّهُ لَا عَائِد فِي الْجُمْلَة يعود على الْمُضمر فِي اركبوا لِأَن الْمُضمر فِي بِسم الله ان جعلته خَبرا لمجراها فَإِنَّمَا يعود على الْمُبْتَدَأ وَهُوَ مجْراهَا وان رفعت مجْراهَا بالظرف لم يكن فِيهِ ضمير وَالْهَاء فِي مجْراهَا إِنَّمَا تعود على الْهَاء فِي فِيهَا فَإِذا نصبت مجْراهَا على الظّرْف عمل فِيهِ بِسم الله وَكَانَت الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اركبوا على تَقْدِير قَوْلك خرج بثيابه وَركب بسلاحه وَمِنْه قَوْله وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ فقولك بثيابه وبسلاحه بالْكفْر وَبِه كلهَا فِي مَوضِع الْحَال فَكَذَلِك بِسم الله مجْراهَا فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اركبوا إِذا نصبت مجْراهَا على الظّرْف تَقْدِيره اركبوا فِيهَا متبركين بِسم الله فِي وَقت الجري والرسو فَيكون فِي بِسم الله ضمير يعود على الْمُضمر فِي اركبوا وَهُوَ ضمير المأمورين فَتَصِح الْحَال مِنْهُم لأجل الضَّمِير الَّذِي يعود عَلَيْهِم وَلَا يحسن على هَذَا التَّقْدِير أَن تكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر وَهُوَ الْهَاء فِي فِيهَا لِأَنَّهُ لَا عَائِد يعود على ذِي الْحَال وَلَا يَكْتَفِي بالمضمر فِي مجْراهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من جملَة الْحَال إِنَّمَا هُوَ ظرف ملغى وَإِذا كَانَ ملغى لم يعْتد بالضمير الْمُتَّصِل بِهِ وَإِنَّمَا يكون مجْراهَا فِي جملَة الْحَال لَو رفعته بِالِابْتِدَاءِ وَلَو أَنَّك جعلت الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء فِي فِيهَا على أَن تنصب مجْراهَا على الظّرْف لصار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 التَّقْدِير اركبوا فِيهَا متبركين بِسم الله فِي وَقت الجري وَلَيْسَ الْمَعْنى على ذَلِك لَا يخبر عَن السَّفِينَة بالتبرك إِنَّمَا التَّبَرُّك لركابها وَلَو جعلت مجْراهَا وَمرْسَاهَا فِي مَوضِع اسْم فَاعل لكَانَتْ حَالا مقدرَة ولجاز ذَلِك ولجعلتها فِي مَوضِع نصب على الْحَال من اسْم الله تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَت ظرفا فِيمَا تقدم من الْكَلَام على أَن لَا تجْعَل مجْراهَا فِي مَوضِع اسْم فَاعل فَأَما إِن جعلت مجْراهَا بِمَعْنى جَارِيَة وَمرْسَاهَا بِمَعْنى راسية فكونه حَالا مقدرَة حسن وَهَذِه الْمَسْأَلَة يُوقف بهَا على جَمِيع مَا فِي الْكَلَام وَالْقُرْآن من نظيرها وَذَلِكَ لمن فهمها حق فهمها وتدبرها حق تدبرها فَهِيَ من غر الْمسَائِل المشكلة فَأَما فتح الْمِيم وَضمّهَا فِي مجْراهَا فَمن فتح أجْرى الْكَلَام على جرت مجْرى وَمن ضم أجراه على أجراها الله مجْرى وَقد قَرَأَ عَاصِم الجحدرى مجريها ومرسيها بِالْيَاءِ جَعلهمَا نعتا لله جلّ ذكره وَيجوز أَن يَكُونَا فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هُوَ مجريها ومرسيها قَوْله {وَكَانَ فِي معزل} من كسر الزَّاي جعله اسْما للمكان وَمن فتح فعلى الْمصدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 قَوْله {يَا بني اركب مَعنا} الأَصْل فِي بني بِثَلَاث ياءات يَاء التصغير وَيَا بعْدهَا هِيَ لَام الْفِعْل وياء بعد لَام الْفِعْل وَهِي يَاء الْإِضَافَة فَلذَلِك كسرت لَام الْفِعْل لِأَن حق يَاء الْإِضَافَة فِي الْمُفْرد أَن يكسر مَا قبلهَا أبدا فأدغمت يَاء التصغير فِي لَام الْفِعْل لِأَن حق يَاء التصغير السّكُون والمثلان من غير حُرُوف الْمَدّ واللين إِذا اجْتمعَا وَكَانَ الأول سَاكِنا لم يكن بُد من ادغامه فِي الثَّانِي وحذفت يَاء الْإِضَافَة لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وحذفها فِي النداء هُوَ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب لِأَنَّهَا حلت مَحل التَّنْوِين والتنوين فِي المعارف لَا يثبت فِي النداء فَوَجَبَ حذف مَا هُوَ مثل التَّنْوِين وَمَا يقوم مقَامه وَهُوَ يَاء الْإِضَافَة وَقَوي حذفهَا فِي مثل هَذَا لِاجْتِمَاع الْأَمْثَال المستثقلة مَعَ الْكسر وَهُوَ ثقيل أَيْضا وَقد قَرَأَ عَاصِم بِفَتْح الْيَاء وَذَلِكَ أَنه أبدل من كسرة لَام الْفِعْل فَتْحة استثقالا لِاجْتِمَاع الياءات مَعَ الكسرة فَانْقَلَبت يَاء الْإِضَافَة ألفا ثمَّ حذف الْألف كَمَا تحذف الْيَاء فَبَقيت الفتحة على حَالهَا وَقَوي حذف الْألف لِأَنَّهَا عوض مِمَّا يحذف فِي النداء وَهُوَ يَاء الْإِضَافَة وَقد قَرَأَ ابْن كثير فِي غير هَذَا الْموضع فِي لُقْمَان بِإِسْكَان الْيَاء وبالتخفيف وَذَلِكَ أَنه حذف يَاء الْإِضَافَة للنداء فَبَقيت يَاء مَكْسُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 مُشَدّدَة والكسرة كياء فاستثقل ذَلِك فَحذف لَام الْفِعْل فَبَقيت يَاء التصغير سَاكِنة قَوْله {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} الْعَامِل فِي الْيَوْم هُوَ من أَمر الله تَقْدِيره لَا عَاصِم من أَمر الله الْيَوْم وَلَا عَاصِم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمن أَمر الله الْخَبَر وَمن مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره لَا عَاصِم مَانع من أَمر الله الْيَوْم وَيجوز أَن يكون من أَمر الله صفة لعاصم وَيعْمل فِي الْيَوْم ويضمر خَبرا لعاصم وَلَا يجوز أَن تتَعَلَّق من بعاصم وَلَا أَن ينصب الْيَوْم بعاصم لِأَنَّهُ يلْزم أَن ينون عَاصِمًا وَلَا يَبْنِي على الْفَتْح لِأَنَّهُ يصير مَا تعلق بِهِ وَمَا عمل فِيهِ من تَمَامه فَيصير بِمَنْزِلَة قَوْلك لَا خيرا من زيد فِي الدَّار وَنَظِيره لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَوْله {إِلَّا من رحم} من فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَعَاصِم على بَابه تَقْدِيره لَا أحد يمْنَع من أَمر الله لَكِن من رحم الله فَإِنَّهُ مَعْصُوم وَقيل من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من مَوضِع عَاصِم وَذَلِكَ على تقديرين أَحدهمَا أَن يكون عَاصِم على بَابه فَيكون التَّقْدِير لَا يعْصم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا الله وَقيل إِلَّا الراحم والراحم هُوَ الله جلّ ذكره وَالتَّقْدِير الثَّانِي أَن يكون عَاصِم بِمَعْنى مَعْصُوم فَيكون التَّقْدِير لَا مَعْصُوم من أَمر الله الْيَوْم إِلَّا المرحوم قَوْله {إِنَّه عمل غير صَالح} الْهَاء تعود على السُّؤَال أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 إِن سؤالك إيَّايَ أَن أنجي كَافِرًا عمل غير صَالح وَقيل مَعْنَاهُ أَن سؤالك مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم عمل غير صَالح فاللفظ فِي هذَيْن التَّقْدِيرَيْنِ من قَول الله لنوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل هُوَ من قَول نوح عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ وَذَلِكَ أَنه قَالَ لَهُ اركب مَعنا وَلَا تكن مَعَ الْكَافرين إِن كونك مَعَ الْكَافرين عمل غير صَالح فَيكون هَذَا من قَول نوح لِابْنِهِ مصلا بِمَا قبله وَقيل الْهَاء فِي إِنَّه تعود على ابْن نوح وَفِي الْكَلَام حذف مُضَاف تَقْدِيره أَن ابْنك ذُو عمل غير صَالح فَأَما الْهَاء فِي قِرَاءَة الْكسَائي فَهِيَ رَاجِعَة على الابْن بِلَا اخْتِلَاف لِأَنَّهُ قَرَأَ عمل بِكَسْر الْمِيم وَفتح اللَّام وَنصب غيرا قَوْله {من إِلَه غَيره} يجوز رفع غير على النَّعْت أَو الْبَدَل من لفظ اله وَقد قرىء بهما وَيجوز النصب على الِاسْتِثْنَاء قَوْله {مدرارا} حَال من السَّمَاء وَأَصله الْهَاء وَالْعرب تحذف الْهَاء من مفعال على طَرِيق النّسَب قَوْله {لكم آيَة} نصب آيَة على الْحَال من النَّاقة قَوْله {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} من فتح الْمِيم بنى يَوْمًا على الْفَتْح لاضافته إِلَى غير مُتَمَكن وَهُوَ إِذْ وَمن كسر الْمِيم أعرب وخفض لِإِضَافَتِهِ الخزى إِلَى الْيَوْم فَلم يبنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 قَوْله {وَأخذ الَّذين ظلمُوا الصَّيْحَة} إِنَّمَا حذفت التَّاء من أَخذ لِأَنَّهُ قد فرق بَين الْمُؤَنَّث وَهُوَ الصَّيْحَة وَبَين فعله وَهُوَ أَخذ بقوله الَّذين ظلمُوا وَهُوَ مفعول أَخذ فَقَامَتْ التَّفْرِقَة مقَام التَّأْنِيث وَقد قَالَ فِي آخر السُّورَة فِي قصَّة شُعَيْب وَأخذت فَجرى بالتأنيث على الأَصْل وَلم يعْتد بالتفرقة وَقيل إِنَّمَا حذفت التَّاء لِأَن تَأْنِيث الصَّيْحَة غير حَقِيقِيّ إِذْ لَيْسَ لَهَا ذكر من لَفظهَا وَقيل إِنَّمَا حذفت التَّاء لِأَنَّهُ حمل على معنى الصياح إِذْ الصَّيْحَة والصياح بِمَعْنى وَاحِد وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي كل مَا شابهه قَوْله {قَالُوا سَلاما} انتصب سَلاما على الْمصدر وَقيل هُوَ مَنْصُوب بقالوا كَمَا تَقول قلت خيرا لِأَنَّهُ لم يحك قَوْلهم إِنَّمَا السَّلَام معنى قَوْلهم فأعمل القَوْل فِيهِ كَمَا تَقول قلت حَقًا لمن سمعته يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَلم تذكر مَا قَالَ إِنَّمَا جِئْت بِلَفْظ يُحَقّق قَوْله فأعملت فِيهِ القَوْل وَكَذَلِكَ سَلام فِي الْآيَة إِنَّمَا هُوَ معنى مَا قَالُوا لَيْسَ هُوَ لَفظهمْ بِعَيْنِه فيحكى وَلَو رفع لَكَانَ محكيا وَكَانَ هُوَ قَوْلهم بِعَيْنِه فالنصب أبدا فِي هَذَا وَشبهه مَعَ القَوْل إِنَّمَا هُوَ معنى مَا قَالُوا لَا قَوْلهم بِعَيْنِه وَالرَّفْع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 على أَنه قَوْلهم بِعَيْنِه حَكَاهُ عَنْهُم قَوْله {قَالَ سَلام} رَفعه على الْحِكَايَة لقَولهم وَهُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَو مُبْتَدأ تَقْدِيره قَالَ هُوَ سَلام أَو أَمْرِي سَلام أَو عَلَيْكُم سَلام فنصبهما جَمِيعًا يجوز على مَا تقدم ورفعهما يجوز على الْحِكَايَة والإضمار قَوْله {فَمَا لبث أَن جَاءَ} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره فَمَا لبث عَن أَن جَاءَ وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون فِي مَوضِع رفع بلبث تَقْدِيره عِنْده فَمَا لبث مَجِيئه أَي مَا أَبْطَأَ مَجِيئه يعجل فَفِي لبث على القَوْل الأول ضمير إِبْرَاهِيم وَلَا ضمير فِيهِ على القَوْل الثَّانِي وَقيل مَا بِمَعْنى الَّذِي وَفِي الْكَلَام حذف مُضَاف تَقْدِيره فَالَّذِي لبث إِبْرَاهِيم قدر مَجِيئه بعجل أَرَادَ أَن يبين قدر إبطائه فَفِي لبث ضمير الْفَاعِل وَهُوَ إِبْرَاهِيم أَيْضا قَوْله {وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} من رفع يَعْقُوب جعله مُبْتَدأ وَمَا قبله خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال الْمقدرَة من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي بشرناها فَيكون يَعْقُوب دَاخِلا فِي الْبشَارَة وَيجوز رفع يَعْقُوب على إِضْمَار فعل تَقْدِيره ويحث من وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَيكون يَعْقُوب غير دَاخل فِي الْبشَارَة وَمن نصب يَعْقُوب جعله فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على إِسْحَاق وَلكنه لم ينْصَرف للتعريف والعجمة وَهُوَ مَذْهَب الْكسَائي وَهُوَ ضَعِيف عِنْد سِيبَوَيْهٍ والأخفش إِلَّا بِإِعَادَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 الْخَافِض لِأَنَّك فرقت بَين الْجَار وَالْمَجْرُور بالظرف وَحقّ الْمَجْرُور أَن يكون ملاصقا للْجَار وَالْوَاو قَامَت مقَام حرف الْجَرّ أَلا ترى أَنَّك لَو قلت مَرَرْت بزيد وَفِي الدَّار عَمْرو قبح وَحقّ الْكَلَام مَرَرْت بزيد وَعَمْرو فِي الدَّار وبشرناها بِإسْحَاق وَيَعْقُوب من وَرَائه وَقيل يَعْقُوب مَنْصُوب مَحْمُول على مَوضِع بِإسْحَاق وَفِيه بعد أَيْضا للفصل بَين حرف الْعَطف والمعطوف بقوله وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب كَمَا كَانَ فِي الْخَفْض وَيَعْقُوب فِي هذَيْن الْقَوْلَيْنِ دَاخل فِي الْبشَارَة وَقيل هُوَ مَنْصُوب بِفعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام وَتَقْدِيره وَمن وَرَاء إِسْحَاق وهبنا لَهُ يَعْقُوب فَلَا يكون دَاخِلا فِي الْبشَارَة قَوْله {وَهَذَا بعلي شَيخا} انتصب شيخ على الْحَال من الْمشَار إِلَيْهِ وَالْعَامِل فِي الْحَال وَالْإِشَارَة والتنبيه وَلَا تجوز هَذِه الْإِشَارَة إِلَّا إِذا كَانَ الْمُخَاطب يعرف صَاحب الْحَال فَتكون فَائِدَة الْأَخْبَار فِي الْحَال فان كَانَ لَا يعرف صَاحب الْحَال صَارَت فَائِدَة الْأَخْبَار إِنَّمَا هِيَ فِي معرفَة صَاحب الْحَال وَلَا يجوز أَن تقع لَهُ الْحَال لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى أَنه فلَان فِي حَال دون حَال لَو قلت هَذَا زيد قَائِما لمن لَا يعرف زيدا لم يجز لِأَنَّك تخبره أَن الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ زيد فِي حَال قِيَامه فَإِن زَالَ عَن الْقيام لم يكن زيدا وَإِذا كَانَ الْمُخَاطب يعرف زيدا بِعَيْنِه فَإِنَّمَا أفدته وُقُوع الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 مِنْهُ وَإِذا لم يعرف عينه فَإِنَّمَا أفدته معرفَة عينه فَلَا يَقع مِنْهُ حَال لما ذكرنَا وَالرَّفْع فِي شيخ يجوز من خَمْسَة أوجه تركنَا ذكرهَا لاشتهارها قَوْله {وجاءته الْبُشْرَى يجادلنا} مَذْهَب الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ أَن يجادلنا فِي موقع جادلنا لِأَن جَوَاب لما يجب أَن يكون مَاضِيا فَجعل الْمُسْتَقْبل مَكَانَهُ كَمَا كَانَ حق جَوَاب الشَّرْط أَن يكون مُسْتَقْبلا فَيجْعَل فِي مَوْضِعه الْمَاضِي وَقيل الْمَعْنى أقبل يجادلنا فَهُوَ حَال من إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {هن أطهر لكم} ابْتِدَاء وَخبر لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين غَيره وَقد رُوِيَ أَن عِيسَى بن عمر قَرَأَ أطهر بِالنّصب على الْحَال وَجعل هن فاصلة وَهُوَ بعيد ضَعِيف قَوْله {ضَيْفِي} أَصله الْمصدر فَلذَلِك لَا يثنى وَلَا يجمع قَوْله {إِلَّا امْرَأَتك} قَرَأَهُ أَبُو عَمْرو وَابْن كثير بِالرَّفْع على الْبَدَل من أحد وانكر أَبُو عبيد الرّفْع على الْبَدَل وَقَالَ يجب على هَذَا أَن يرفع يلْتَفت بِجعْل لَا نفيا وَيصير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 الْمَعْنى إِذا أبدلت الْمَرْأَة من أحد وجزمت يلْتَفت على النَّهْي أَن الْمَرْأَة أُبِيح لَهَا الِالْتِفَات وَذَلِكَ لَا يجوز وَلَا يَصح عِنْده الْبَدَل إِلَّا بِرَفْع يلْتَفت وَلم يقْرَأ بِهِ أحد وَقَالَ الْمبرد مجَاز هَذِه الْقِرَاءَة أَن المُرَاد بِالنَّهْي الْمُخَاطب وَلَفظه لغيره كَمَا تَقول لخادمك لَا يخرج فلَان فَلفظ النَّهْي لفُلَان وَمَعْنَاهُ للمخاطب فَمَعْنَاه لَا تَدعه يخرج فَكَذَلِك معنى النَّهْي إِنَّمَا هُوَ للوط أَي لَا تَدعهُمْ يلتفتون إِلَّا امْرَأَتك وَكَذَلِكَ قَوْلك لَا يقم أحد إِلَّا زيد مَعْنَاهُ انههم عَن الْقيام إِلَّا زيدا فَأَما النصب فِي امْرَأَتك فعلى الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ نهي وَلَيْسَ بِنَفْي وَيجوز أَن يكون مُسْتَثْنى من قَوْله فَأسر بأهلك إِلَّا امْرَأَتك وَلَا يجوز فِي الْمَرْأَة على هَذَا إِلَّا النصب إِذا جَعلتهَا مُسْتَثْنَاة من الْأَهْل وَإِنَّمَا حسن الِاسْتِثْنَاء بعد النَّهْي لِأَنَّهُ كَلَام تَامّ كَمَا أَن قَوْلك جَاءَنِي الْقَوْم كَلَام تَامّ ثمَّ تَقول إِلَّا زيد فتستثني وتنصب قَوْله {أَو أَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء} من قَرَأَهُ بالنُّون فيهمَا عطفه على مفعول نَتْرُك وَهُوَ مَا وَلَا يجوز عطفه على مفعول تأمرك وَهُوَ أَن لِأَن الْمَعْنى يتَغَيَّر وَمن قَرَأَ مَا تشَاء بِالتَّاءِ كَانَ أَو أَن نَفْعل مَعْطُوفًا على مفعول تأمرك وَهُوَ أَن بِخِلَاف الْوَجْه الأول وَمن قَرَأَ تفعل وتشاء بِالتَّاءِ فيهمَا جَازَ عطف أَو أَن تفعل على مفعول نَتْرُك وَهُوَ مَا وعَلى مفعول تأمرك وَهُوَ أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وَقد شرحنا هَذِه الْآيَة مُفْردَة فِي كتاب آخر قَوْله {شقاقي} مَعْنَاهُ مشاقي وَهُوَ فِي مَوضِع رفع بيجرمنكم قَوْله {ضَعِيفا} حَال من الْكَاف فِي نرَاك لِأَنَّهُ من رُؤْيَة الْعين قَوْله {من يَأْتِيهِ} من فِي مَوضِع نصب بتعلمون وَهُوَ فِي الْمَعْنى مثل وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح أَي يعلم هذَيْن الجنسين كَذَلِك الْمَعْنى فِي الْآيَة فَسَوف تعلمُونَ هذَيْن الجنسين وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون من استفهاما فَتكون فِي مَوضِع رفع وَكَون من الثَّانِيَة مَوْصُولَة يدل على أَن الأولى مَوْصُولَة أَيْضا وَلَيْسَت باستفهام قَوْله {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} مَا ظرف فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره وَقت دوَام السَّمَوَات وَالْأَرْض قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} مَا فِي مَوضِع نصب على اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 قَوْله {وَأما الَّذين سعدوا} قِرَاءَة حَفْص وَالْكسَائِيّ وَحَمْزَة بِضَم السِّين حملا على قَوْلهم مَسْعُود وَهِي لُغَة قَليلَة شَاذَّة وَقَوْلهمْ مَسْعُود إِنَّمَا جَاءَ على حذف الزَّائِد كَأَنَّهُ من أسعده الله وَلَا يُقَال سعده الله فَهُوَ مثل قَوْلهم أجنه الله فَهُوَ مَجْنُون فمجنون أَتَى على جنه الله وَإِن كَانَ لَا يُقَال كَذَلِك مَسْعُود أَتَى على سعده الله وَإِن كَانَ لَا يُقَال وَضم السِّين فِي سعدوا بعيد عِنْد أَكثر النَّحْوِيين إِلَّا على تَقْدِير حذف الزَّائِد كَأَنَّهُ قَالَ وَأما الَّذين أسعدوا قَوْله {وَإِن كلا لما ليوفينهم} من شدد إِن أَتَى بهَا على أَصْلهَا وأعملها فِي كل وَاللَّام فِي لما لَام تَأْكِيد دخلت على مَا وَهِي خبر إِن وليوفينهم جَوَاب الْقسم تَقْدِيره وَإِن كلا لخلق أَو لبشر ليوفينهم وَلَا يحسن أَن تكون مَا زَائِدَة فَتَصِير اللَّام دَاخِلَة على ليوفينهم ودخولها على لَام الْقسم لَا يجوز وَقد قيل أَن مَا زَائِدَة لَكِن دخلت لتفصل بَين اللامين اللَّذين يتلقيان الْقسم وَكِلَاهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 مَفْتُوح ففصل بَينهمَا بِمَا فَأَما من خفف أَن فَأَنَّهُ خفف استثقالا للتضعيف وأعملها فِي كل مثل عَملهَا مُشَدّدَة وَاللَّام فِي لما على حَالهَا فَأَما تَشْدِيد لما فِي قِرَاءَة عَاصِم وَحَمْزَة وَابْن عَامر فَإِن الأَصْل فِيهَا لمن مَا ثمَّ أدغم النُّون فِي الْمِيم فَاجْتمع ثَلَاث ميمات فِي اللَّفْظ فحذفت الْمِيم الْمَكْسُورَة وَتَقْدِيره وان كلا لمن خلق ليوفينهم رَبك وَقيل التَّقْدِير لمن مَا بِفَتْح الْمِيم فِي من فَتكون مَا زَائِدَة وتحذف إِحْدَى الميمات لتكرر الْمِيم فِي اللَّفْظ على مَا ذكرنَا فالتقدير لخلق ليوفينهم وَقد قيل إِن لما فِي هَذَا الْموضع مصدر لم لَكِن أجري فِي الْوَصْل مجْرَاه فِي الْوَقْف وَفِيه بعد لِأَن اجراء الشَّيْء فِي الْوَصْل مجْرَاه فِي الْوَقْف إِنَّمَا يجوز فِي الشّعْر وَقد حُكيَ عَن الْكسَائي أَنه قَالَ لَا أعرف وَجه التثقيل فِي لما وَقد قَرَأَ الزُّهْرِيّ لما مُشَدّدَة منونة مصدر لم وَلَو جعلت إِن فِي حَال التَّخْفِيف بِمَعْنى مَا لرفعت كلا ولصار التَّشْدِيد فِي لما على معنى إِلَّا كَمَا قَالَ إِن كل نفس لما عَلَيْهَا بِمَعْنى مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا على قِرَاءَة من شدد لما وَفِي حرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 أبي وَإِن كل إِلَّا ليوفينهم ان بِمَعْنى مَا وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَإِن كل لما ليوفينهم فَجعل إِن بِمَعْنى مَا وَلما بِمَعْنى إِلَّا وَرفع كل بِالِابْتِدَاءِ فِي ذَلِك كُله وليوفينهم الْخَبَر وَقد قيل إِن مَا زَائِدَة فِي قِرَاءَة من خفف وليوفينهم هُوَ الْخَبَر قَوْله {إِلَّا قَلِيلا مِمَّن أنجينا مِنْهُم} نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَأَجَازَ الْفراء الرّفْع فِيهِ على الْبَدَل من أولو وَهُوَ عِنْده مثل قَوْله إِلَّا قوم يُونُس هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَيجوز فِيهِ الرّفْع على الْبَدَل عِنْده كَمَا قَالَ ... وبدلة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير والا العيس ... فَرفع اليعافير على الْبَدَل من أنيس وَحقه النصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع من الْكَلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله تَعَالَى {قُرْآنًا عَرَبيا} قُرْآنًا حَال من الْهَاء فِي أَنزَلْنَاهُ وَمَعْنَاهُ أَنزَلْنَاهُ مجموعا وعربيا حَال أُخْرَى وَيجوز أَن يكون قُرْآنًا تَوْطِئَة للْحَال وعربيا هُوَ الْحَال كَمَا تَقول مَرَرْت بزيد رجلا صَالحا فَرجل تَوْطِئَة للْحَال وَصَالح هُوَ الْحَال قَوْله {إِذْ قَالَ يُوسُف} الْعَامِل فِي إِذْ هُوَ قَوْله الغافلين وَقَرَأَ طَلْحَة بن مصرف يؤسف بِكَسْر السِّين والهمز جعله عَرَبيا على يفعل من الأسف لكنه لم ينْصَرف للتعريف وَوزن الْفِعْل وَحكى أَبُو زيد يؤسف بِفَتْح السِّين والهمز جعله يفعل من الأسف أَيْضا فَهُوَ عَرَبِيّ وَلم ينْصَرف لما ذكرنَا وَمن ضم السِّين جعله أعجميا لم ينْصَرف للتعريف والعجمة وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب يفعل فَلذَلِك لم يكن عَرَبيا على هَذَا الْوَزْن قَوْله {يَا أَبَت} التَّاء فِي يَا أَبَت إِذا كسرتها فِي الْوَصْل بدل من يَاء الْإِضَافَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَلَا يجمع بَين التَّاء وياء الْإِضَافَة عِنْده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 وَلَا يُوقف عِنْده على قَوْله يَا أَبَت إِلَّا بِالْهَاءِ إِذْ لَيْسَ ثمَّ يَاء مقدرَة وَبِذَلِك وقف ابْن كثير وَابْن عَامر وَقَالَ الْفراء الْيَاء فِي النِّيَّة فَيُوقف على قَوْله يَا أَبَت بِالتَّاءِ وَبِذَلِك وقف أَكثر الْقُرَّاء اتبَاعا للمصحف وَقَرَأَ ابْن عَامر بِفَتْح التَّاء قدر أَن التَّاء محذوفة على حد حذفهَا فِي التَّرْخِيم ثمَّ ردهَا وَلم يعْتد بهَا فَفَتحهَا كَمَا كَانَ الِاسْم قبل رُجُوعهَا مَفْتُوحًا كَمَا قَالُوا يَا طَلْحَة يَا أُمَيْمَة بِالْفَتْح فَقِيَاس الْوَقْف على هَذَا أَن تقف بِالْهَاءِ كَمَا يُوقف على طَلْحَة وَأُمَيْمَة وَقيل أَنه أَرَادَ يَا أبتا ثمَّ حذف الْألف لِأَن الفتحة تدل عَلَيْهَا فَيجب على هَذَا أَن تقف بِالتَّاءِ لِأَن الْألف مُرَادة مقدرَة وَقيل أَنه أَرَادَ يَا أبتاه ثمَّ حذف وَهَذَا لَيْسَ مَوضِع ندبة وَأَجَازَ النّحاس ضم التَّاء على التَّشْبِيه بتاء طَلْحَة إِذا لم يرخم وَمنعه الزّجاج قَوْله {ساجدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي رَأَيْتهمْ لِأَنَّهُ من رُؤْيَة الْعين وَإِنَّمَا أخبر عَن الْكَوَاكِب بِالْيَاءِ وَالنُّون وهما لن يعقل لِأَنَّهُ لما أخبر عَنْهُمَا بِالطَّاعَةِ وَالسُّجُود وهما من فعل من يعقل جرى ساجدين على الاخبار عَمَّن يعقل إِذْ قد حكى عَنْهَا فعل من يعقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 قَوْله {آيَات للسائلين} فِي وزن آيَة أَرْبَعَة أَقْوَال قَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ فعلة وَأَصلهَا أيية ثمَّ أبدلوا من الْيَاء الساكنة ألفا هَذَا معنى قَوْله وَمثله عِنْده غَايَة وثاية واعتلال هَذَا عِنْده شَاذ لأَنهم أعلوا الْعين وصححوا اللَّام وَالْقِيَاس اعتلال اللَّام وَتَصْحِيح الْعين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ آيَة فعلة بِفَتْح الْعين وَأَصلهَا آيية فقلبت الْيَاء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَهُوَ شَاذ فِي الاعلال إِذْ كَانَ الأَصْل أَن تعل الْيَاء الثَّانِيَة وتصحح الأولى فَيُقَال أياة وَقَالَ بعض الْكُوفِيُّونَ آيَة فعلة وَأَصلهَا آيية فقلبت الْيَاء الأولى ألفا لانكسارها وتحرك مَا قبلهَا وَكَانَت الأولى أولى بِالْعِلَّةِ من الثَّانِيَة لثقل الكسرة عَلَيْهَا وَهَذَا قَول صَالح جَار على الْأُصُول وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي آيَة وَزنهَا فاعلة وَأَصلهَا آيية فأسكنت الْيَاء الأولى استثقالا للكسرة على الْيَاء وأدغموها فِي الثَّانِيَة فَصَارَت آيَة مثل لفظ دَابَّة ووزنها ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 خففوا الْيَاء كَمَا قَالُوا كينونة بتَخْفِيف الْيَاء سَاكِنة وَأَصلهَا كينونة ثمَّ خففوا فحذفوا الْيَاء الأولى المتحركة استثقالا للياء الْمُشَدّدَة مَعَ طول الْكَلِمَة وَهَذَا قَول بعيد من الْقيَاس إِذْ لَيْسَ فِي آيَة طول يجب الْحَذف مَعَه كَمَا فِي كينونة قَوْله {كَمَا أتمهَا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره اتماما كَمَا أتمهَا قَوْله {أَرضًا يخل لكم} أَرضًا ظرف وَذكر النّحاس أَنه غير مُبْهَم وَكَانَ حق الْفِعْل أَن لَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ إِلَّا بِحرف لَكِن حذف الْحَرْف كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... كَمَا عسل الطَّرِيق الثَّعْلَب ... وَفِي قَوْله نظر قَوْله {تأمنا} أَصله تأمننا ثمَّ أدغمت النُّون الأولى فِي الثَّانِيَة وبقى الاشمام يدل على ضمة النُّون الأولى والاشمام هُوَ ضمك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 شفتيك من غير صَوت يسمع فَهُوَ بعد الادغام وَقبل فَتْحة النُّون الثَّانِيَة وَابْن كيسَان يُسمى الاشمام الاشارة وَيُسمى الرّوم اشماما وَالروم صَوت ضَعِيف يسمع خفِيا يكون فِي الْمَرْفُوع والمخفوض والمنصوب الَّذِي لَا تَنْوِين فِيهِ والإشمام لَا يكون إِلَّا فِي الْمَرْفُوع قَوْله {يرتع} من كسر الْعين من الْقُرَّاء جعله من رعى فَحذف الْيَاء على الْجَزْم فَهُوَ لَا يفتعل وَالتَّاء زَائِدَة من رعي الْغنم وَقيل هُوَ من قَوْلهم رعاك الله أَي حرسك الله فَمَعْنَاه على هَذَا نتحارس وَمن قَرَأَهُ بِإِسْكَان الْعين أسكنها للجزم وَجعله من رتع فَهُوَ يفعل وَالتَّاء أَصْلِيَّة قَوْله {أَن تذْهبُوا بِهِ} و {أَن يَأْكُلهُ} أَن الأولى فِي مَوضِع رفع بيحزنني وَأَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع نصب بأخاف قَوْله {عشَاء} نصب على الظّرْف وَهُوَ فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي جَاءُوا قَوْله {وَلَو كُنَّا} قَالَ الْمبرد لَو بِمَعْنى ان قَوْله {بِدَم كذب} أَي ذِي كذب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 قَوْله {فَصَبر جميل} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره فأمري صَبر جميل أَو فشأني صَبر جميل وَقَالَ قطرب تَقْدِيره فصبري صَبر وَجَمِيل نعت للصبر وَيجوز النصب وَلم يقْرَأ بِهِ على الْمصدر على تَقْدِير فَأَنا أَصْبِر صبرا وَالرَّفْع الِاخْتِيَار فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْر وَلَو كَانَ أمرا لَكَانَ الِاخْتِيَار فِيهِ النصب قَوْله {يَا بشرى} قَرَأَهُ ابْن أبي إِسْحَاق وَغَيره بياء مُشَدّدَة من غير ألف وَعلة ذَلِك أَن يَاء الْإِضَافَة حَقّهَا أَن ينكسر مَا قبلهَا فَلَمَّا لم يُمكن ذَلِك فِي الْألف قلبت يَاء فأدغمت فِي يَاء الْإِضَافَة وَمثله هُدَايَ وَقد قَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ بِغَيْر يَاء كَأَنَّهُمْ جعلُوا بشرى اسْما للمنادى فَيكون فِي مَوضِع ضم وَقيل إِنَّه إِنَّمَا نَادَى الْبُشْرَى كَأَنَّهُ قَالَ يَا أيتها الْبُشْرَى هَذَا زَمَانك وعَلى هَذَا الْمَعْنى قَرَأَ الْقُرَّاء يَا حسرة على الْعباد بِالتَّنْوِينِ كَأَنَّهُ نَادِي الْحَسْرَة قَوْله {وأسروه} الْهَاء ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام وَالضَّمِير لأخوته وَقيل الضَّمِير للتجار وبضاعة نصب على الْحَال من يُوسُف مَعْنَاهُ مبضوعا قَوْله {دَرَاهِم} فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من ثمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 قَوْله {هيت لَك} هِيَ لَفْظَة مَبْنِيَّة غير مَهْمُوزَة يجوز فِيهَا فتح التَّاء وَكسرهَا وَضمّهَا وَالْكَسْر فِيهِ بعد لاستثقال الكسرة بعد الْيَاء وَمَعْنَاهَا الاستجلاب ليوسف إِلَى نَفسهَا بِمَعْنى هَلُمَّ لَك وَمِنْه قَوْلهم هيت فلَان بفلان إِذا دَعَاهُ فَأَما من همزه فَإِنَّهُ جعله من تهيأت لَك وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا لم تخبره بِحَالِهَا أَنَّهَا تهيأت لَهُ إِنَّمَا دَعَتْهُ إِلَى نَفسهَا فَأَما من همز وَضم التَّاء فَهُوَ حسن لِأَنَّهُ جعله من تهيأت لَك جعله فعلا اجراه على الاخبار لَهُ بِحَالِهَا بِالتَّاءِ وَهِي تَاء الْمُتَكَلّم وَيبعد الْهَمْز مَعَ كسر التَّاء لِأَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لم يخاطبها فَيكون التَّاء للخطاب لَهَا إِنَّمَا هِيَ دَعَتْهُ وخاطبته فَلَا يحسن مَعَ الْهَمْز إِلَّا ضم التَّاء وَلَو كَانَ الْخطاب من يُوسُف لقَالَ هيت لي على الاخبار عَن نَفسه وَذَلِكَ لَا يقْرَأ بِهِ وَأما فتح الْهَاء وَكسرهَا فلغتان وَلَك فِي هيت لَك تَبْيِين مثل سقيا لَك قَوْله {معَاذ الله} نصب على الْمصدر تَقول عاذ بِهِ معَاذًا ومعاذة وعياذا وعياذة قَوْله {إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي} رَبِّي فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَأحسن خبر إِن وان شِئْت جعلت الْهَاء للْحَدِيث اسْم إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وربي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَأحسن خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خبر إِن قَوْله {إِنَّه لَا يفلح} الْهَاء للْحَدِيث وَهِي اسْم إِن وَمَا بعْدهَا الْخَبَر قَوْله {لَوْلَا أَن رأى} أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف وَحكم لَو أَن تدخل على الْأَفْعَال لما فِيهَا من معنى الشَّرْط وَلَا تجزم بهَا الْأَفْعَال وان كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط لِأَنَّهَا لَا تغير معنى الْمَاضِي إِلَى الِاسْتِقْبَال كَمَا تفعل حُرُوف الشَّرْط وَمَعْنَاهَا امْتنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره فَأن وَقع بعْدهَا الِاسْم ارْتَفع على إِضْمَار فعل الا إِن فَإِنَّهَا يرْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ لِأَن الْفِعْل الَّذِي فِي صلبها يُغني عَن إِضْمَار فعل قبلهَا فَإِن زِدْت مَعهَا لَا زَالَ مِنْهَا معنى الشَّرْط وَوَقع بعْدهَا الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مُضْمر فِي أَكثر الْكَلَام وَلَا بُد لَهَا من جَوَاب مظهر أَو مُضْمر وَلَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء وَيصير مَعْنَاهَا امْتنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره فتقدير الْآيَة لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه فِي ذَلِك الْوَقْت لَكَانَ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فَالْخَبَر وَالْجَوَاب محذوفان وان كَانَت لَوْلَا بِمَعْنى هلا وَقع بعْدهَا الْفِعْل نَحْو قَوْله فلولا كَانَت قَرْيَة وَهُوَ كثير وَمَعْنَاهَا فِي هَذَا الْموضع التحضيض على الشَّيْء وَلَك أَن تضمر الْفِعْل بعْدهَا فَتَقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 لَوْلَا فعلت خيرا وان شِئْت قلت لَوْلَا خيرا ونظيرها فِي هَذَا الْمَعْنى لوما فَهَذَا تصرف لَو وَلَوْلَا فاعرفه فَإِنَّهُ مُشكل كثير التكرير قَوْله {كَذَلِك لنصرف} الْكَاف فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره أَمر الْبَرَاهِين كَذَلِك وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب نعتا لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره أريناه الْبَرَاهِين رُؤْيَة كَذَلِك قَوْله {وَإِن كَانَ قَمِيصه} إِن للشّرط وَهِي ترد جَمِيع الْأَلْفَاظ الْمَاضِيَة إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال الا كَانَ لقُوَّة كَانَ وَكَثْرَة تصرفها وَذَلِكَ أَنَّهَا يعبر بهَا عَن جَمِيع الْأَفْعَال قَوْله {حاش لله} الأَصْل فِي حاش أَن تكون بِالْألف لَكِن وَقعت فِي الْمُصحف بِغَيْر ألف اكْتِفَاء بالفتحة من الْألف كَمَا حذفت النُّون فِي لم يَك وحاشى فعل ماضي على فَاعل مَأْخُوذ من الحشا وَهُوَ النَّاحِيَة كَمَا قَالَ الْهُذلِيّ ... بِأَيّ الحشا صَار الخليط المباين ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 أَي بِأَيّ نَاحيَة صَار الخليط وَلَا يحسن أَن يكون حرفا عِنْد أهل النّظر وَأَجَازَ ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَمنعه الْكُوفِيُّونَ لِأَنَّهُ لَو كَانَ حرف جر مَا دخل على حرف جر لِأَن الْحُرُوف لَا يحذف مِنْهَا إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا تَضْعِيف نَحْو لَعَلَّ وعل وَمعنى حاش لله بعد يُوسُف عَن هَذَا الَّذِي رمي بِهِ لله أَي لخوفه الله ومراقبته لَهُ وَقَالَ الْمبرد تكون حاشى حرفا وَتَكون فعلا وَاسْتدلَّ على أَنَّهَا تكون فعلا بقول النَّابِغَة ... وَلَا أحاشي من الأقوام من أحد ... فَمن أحد فِي مَوضِع نصب بأحاشي وَقَالَ غَيره حاشى حرف وأحاشي فعل أَخذ من الْحَرْف وَبني من حُرُوفه كَمَا قَالُوا لَا اله إِلَّا الله ثمَّ اشتق من حُرُوف هَذِه الْجُمْلَة فعل قَالُوا هلل الرجل وَمثله قَوْلهم بسمل فلَان إِذا قَالَ بِسم الله وحوقل إِذا قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَهُوَ كثير وَقَالَ الزّجاج معنى حاش لله بَرَاءَة لله تَعَالَى فَمَعْنَاه قد تنحى يُوسُف من هَذَا الَّذِي رمي بِهِ وَحكى أهل اللُّغَة حَشا لله بِحَذْف الْألف الأولى وَهِي لُغَة وَالنّصب بحاشى عِنْد الْمبرد فِي الِاسْتِثْنَاء أحسن لِأَنَّهَا فعل فِي أَكثر أحوالها وسيبويه يرى الْخَفْض بهَا لِأَنَّهَا حرف جر قَوْله {ثمَّ بدا لَهُم} فَاعل بدا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَحْذُوف قَامَ مقَامه ليسجننه وَقَالَ الْمبرد فَاعله الْمصدر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ بدا وَقيل الْفَاعِل مَحْذُوف لم يعوض عَنهُ شَيْء تَقْدِيره ثمَّ بدا لَهُم رأى قَوْله {مَا كَانَ لنا أَن نشْرك بِاللَّه من شَيْء} أَن اسْم كَانَ وَلنَا خبر كَانَ وَمن شَيْء فِي مَوضِع نصب مفعول نشْرك وَمن زَائِدَة تؤكد النَّفْي قَوْله {سميتموها} أصل سمى أَن يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يجوز حذف أَحدهمَا فَالثَّانِي هُنَا مَحْذُوف تَقْدِيره سميتموها آلِهَة وَأَنْتُم توكيد للتاء فِي سميتموها ليحسن الْعَطف عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 قَوْله {فيسقي ربه خمرًا} سقى واسقى لُغَتَانِ وَقيل سقى مَعْنَاهُ ناول المَاء واسقى جعل لَهُ سقيا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وأسقيناكم مَاء فراتا أَي جعلنَا لكم ذَلِك قَوْله {سمان} الْخَفْض على النَّعْت للبقرات وَكَذَلِكَ خضر خفضت على النَّعْت لسنبلات وَيجوز النصب فِي سمان وَفِي خضر على النَّعْت لسبع كَمَا قَالَ تَعَالَى سبع سماوات طباقا على النَّعْت لسبع وَيجوز خفض طباق على النَّعْت لسموات وَلَكِن لَا يقْرَأ إِلَّا بِمَا صحت رِوَايَته وَوَافَقَ خطّ الْمُصحف قَوْله {دأبا} نصب على الْمصدر لِأَن معنى تزرعون يدل على تدأبون قَالَ أَبُو حَاتِم من فتح الْهمزَة فِي دأبا وَهِي قِرَاءَة حَفْص عَن عَاصِم جعله مصدر دئب وَمن أسكن جعله مصدر دأبت وَفتح الْهمزَة فِي الْفِعْل هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل اللُّغَة وَالْفَتْح والإسكان فِي الْمصدر لُغَتَانِ كَقَوْلِهِم النَّهر وَالنّهر والسمع والسمع وَقيل إِنَّمَا حرك وأسكن لأجل حرف الْحلق قَوْله {خير حَافِظًا} انتصب حفظا على الْبَيَان لأَنهم نسبوا إِلَى أنفسهم حفظ أخي يُوسُف فَقَالُوا وَإِنَّا لَهُ لحافظون فَرد عَلَيْهِم يَعْقُوب ذَلِك فَقَالَ الله تَعَالَى خير حفظا من حفظكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 فَأَما من قَرَأَهُ حَافِظًا فنصبه على الْحَال عِنْد النّحاس حَال من الله جلّ ذكره على أَن يَعْقُوب رد لَفظهمْ بِعَيْنِه إِذْ قَالُوا وَإِنَّا لَهُ لحافظون فَأخْبرهُم أَن الله هُوَ الْحَافِظ فَجرى اللفظان على سِيَاق وَاحِد وَالْإِضَافَة فِي هَذِه الْقِرَاءَة جَائِزَة تَقول الله خير حَافظ كَمَا قَالَ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَلَا يجوز الْإِضَافَة فِي الْقِرَاءَة الأولى لَا تَقول الله خير حفظ لِأَن الله تَعَالَى لَيْسَ هُوَ الْحِفْظ وَهُوَ تَعَالَى الْحَافِظ وَقَالَ بعض أهل النّظر إِن حَافِظًا لَا ينْتَصب على الْحَال لِأَن أفعل لَا بُد لَهَا من بَيَان وَلَو جَازَ نَصبه على الْحَال لجَاز حذفه وَلَو حذف لنَقص بَيَان الْكَلَام ولصار اللَّفْظ وَالله خير فَلَا يدرى معنى الْخَيْر فِي أَي نوع هُوَ وَجَوَاز الْإِضَافَة يدل على أَنه لَيْسَ بِحَال ونصبه على الْبَيَان أحسن كنصب حفظ وَهُوَ قَول الزّجاج وَغَيره قَوْله {مَا نبغي} مَا فِي مَوضِع نصب بنبغي وَهِي اسْتِفْهَام وَيجوز أَن يكون نفيا فَيحسن الْوَقْف على نبغي وَلَا يحسن فِي الِاسْتِفْهَام الْوَقْف على نبغي لِأَن الْجُمْلَة الَّتِي بعده فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {قَالُوا جَزَاؤُهُ من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ} جَزَاؤُهُ الأول مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَ إخْوَة يُوسُف جَزَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 السَّارِق عندنَا كجزائه عنْدكُمْ وَقيل التَّقْدِير جَزَاء السرق عندنَا كجزائه عنْدكُمْ فالهاء تعود على السَّارِق أَو على السرق ثمَّ ارْتَفَعت من بِالِابْتِدَاءِ وَهِي بِمَعْنى الَّذِي أَو للشّرط قَوْله {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر من وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط أَو جَوَاب للابهام الَّذِي فِي الَّذِي وَالْهَاء فِي فَهُوَ تعود على الاستبعاد وَالْهَاء فِي جَزَائِهِ الْأَخير تعود على السَّارِق أَو على السرق وَقيل أَن جَزَاؤُهُ الأول ابْتِدَاء وَمن خَبره على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره قَالَ اخوة يُوسُف جَزَاء السرق استبعاد من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ أَي فالاستبعاد جَزَاء السرق والهاءات تعود على السرق لَا غير فِي هَذَا القَوْل وَقيل أَن جَزَاؤُهُ الأول مُبْتَدأ وَمن ابْتِدَاء ثَان وَهِي شَرط أَو بِمَعْنى الَّذِي وفهو جَزَاؤُهُ خبر الثَّانِي وَالثَّانِي وَخَبره خبر عَن الأول وجزاؤه الثَّانِي يعود على الِابْتِدَاء الأول لِأَنَّهُ مَوْضُوع مَوضِع الْمُضمر كَأَنَّك قلت فَهُوَ هُوَ قَوْله {استيأسوا} وييأس هُوَ كُله من يئس ييأس فَأَما مَا رَوَاهُ البزي عَن ابْن كثير من تَأْخِير الْيَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 بعد ألف فَهُوَ على الْقلب قدم الْهمزَة قبل الْيَاء فَصَارَت يأيس ثمَّ خفف الْهمزَة فأبدل مِنْهَا ألفا قَوْله {إِنَّه من يتق ويصبر} من شَرط رفع بِالِابْتِدَاءِ وفإن الله وَمَا بعده الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر إِن الأولى وَالْهَاء للْحَدِيث وَيصير عطف على يتق فَأَما مَا رَوَاهُ قنبل عَن ابْن كثير أَنه قَرَأَ يَتَّقِي بياء فان مجازه أَنه جعل من بِمَعْنى الَّذِي فَرفع يَتَّقِي لِأَنَّهُ صلَة لمن وَعطف وَيصير على معنى الْكَلَام لِأَن من وَإِن كَانَت بِمَعْنى الَّذِي فَفِيهَا معنى الشَّرْط وَلذَلِك تدخل الْفَاء فِي خَبَرهَا فِي أَكثر الْمَوَاضِع فَلَمَّا كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط عطف وَيصير على ذَلِك الْمَعْنى فجزمه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فَأَصدق وأكن فَجزم وأكن حمله على معنى فَأَصدق لِأَنَّهُ بِمَعْنى أصدق مَجْزُومًا لِأَنَّهُ جَوَاب التَّمَنِّي وَقد قيل أَن من فِي هَذِه الْقِرَاءَة للشّرط والضمة مقدرَة فِي الْيَاء من يَتَّقِي حذفت للجزم كَمَا قَالَ ... ألم يَأْتِيك والأنباء تنمي ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وَفِي هَذَا ضعف لِأَنَّهُ أَكثر مَا يجوز هَذَا التَّقْدِير فِي الشّعْر وَقد قيل أَن من بِمَعْنى الَّذِي ويصبر مَرْفُوع على الْعَطف على يَتَّقِي لَكِن حذفت الضمة اسْتِخْفَافًا وَفِيه بعد أَيْضا وَقد حكى الْأَخْفَش أَنه سمع من الْعَرَب رسلنَا بِإِسْكَان اللَّام تَخْفِيفًا واثبات الْيَاء فِي يَتَّقِي مَعَ جزم يصبر لَيْسَ بِالْقَوِيّ على أَي وَجه تأولته قَوْله {كَذَلِك نجزي} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف أَي جَزَاء كَذَلِك نجزي الظَّالِمين قَوْله {إِلَّا أَن يَشَاء الله} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي إِلَّا بِأَن يَشَاء الله قَوْله {نرفع دَرَجَات من نشَاء} قَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ بتنوين دَرَجَات فَيكون فِي مَوضِع نصب بنرفع وحرف الْجَرّ مَحْذُوف مَعَ دَرَجَات تَقْدِيره نرفع من نشَاء إِلَى دَرَجَات وَمن لم ينون دَرَجَات نصبها بنرفع وأضافها إِلَى من قَوْله {فقد سرق} سرق فعل ماضي محكى تَقْدِيره فقد قيل سرق أَخ لَهُ إِذْ لَا يجوز أَن يقطعوا بالسرق على يُوسُف لِأَن أَنْبيَاء الله أجل من ذَلِك وَإِنَّمَا حكوا أمرا قد قيل وَلم يقطعوا بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 قَوْله {مَكَانا} نصب على الْبَيَان قَوْله {أَن نَأْخُذ} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي أعوذ بِاللَّه معَاذًا من أَن نَأْخُذ قَوْله {نجيا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي خلصوا وَهُوَ وَاحِد يُؤَدِّي عَن معنى الْجمع قَوْله {وَمن قبل مَا فرطتم فِي يُوسُف} يجوز أَن تكون مَا زَائِدَة وَتَكون من مُتَعَلقَة بفرطتم تَقْدِيره وفرطتم من قبل فِي يُوسُف وَفِيه بعد للتفريق بَين حرف الْعَطف والمعطوف عَلَيْهِ وَقبل مَبْنِيَّة لحذف مَا أضيف إِلَيْهِ تَقْدِيره وَمن قبل هَذَا الْوَقْت فرطتم فِي يُوسُف فَإِن جعلت مَا وَالْفِعْل مصدرا لم تتَعَلَّق من بفرطتم لِأَنَّك تقدم الصِّلَة على الْمَوْصُول لَكِن تتَعَلَّق بالاستقرار لِأَن الْمصدر مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خَبره وَفِيه نظر وَيجوز أَن تكون من مُتَعَلقَة بتعلموا فِي قَوْله ألم تعلمُوا فَيكون مَا فرطتم مصدرا فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على أَن وَالْعَامِل تعلمُوا وَفِيه قبح للتفريق بَين حرف الْعَطف والمعطوف بِمن قبل وَهُوَ حسن عِنْد الْكُوفِيّين وقبيح عِنْد الْبَصرِيين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 قَوْله {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم} لَا يجوز أَن يكون الْعَامِل فِي الْيَوْم لَا تَثْرِيب لِأَنَّهُ يصير من تَمَامه وَقد بني تَثْرِيب على الْفَتْح وَلَا يجوز بِنَاء الِاسْم قبل تَمَامه لَكِن تنصب الْيَوْم على الظّرْف وتجعله خَبرا لتثريب وَعَلَيْكُم صفة لتثريب وعَلى مُتَعَلقَة بمضمر هُوَ صفة لتثريب فِي الأَصْل تَقْدِيره لَا تَثْرِيب ثَابت عَلَيْكُم الْيَوْم فتنصب الْيَوْم على الِاسْتِقْرَار وَيجوز أَن تنصب الْيَوْم بعليكم وتضمر خَبرا لتثريب لِأَن عَلَيْكُم وَمَا عملت فِيهِ صفة لتثريب وَيجوز أَن تجْعَل عَلَيْكُم خبر تَثْرِيب وتنصب الْيَوْم بعليكم والناصب لليوم فِي الأَصْل هُوَ الْمَحْذُوف الَّذِي تعلّقت بِهِ على قَوْله {فَارْتَد بَصيرًا} نصب على الْحَال قَوْله {وخروا لَهُ سجدا} حَال من الْمُضمر فِي خروا وَهِي حَال مقدرَة قَوْله {بَغْتَة} حَال وَأَصله الْمصدر قَوْله {ولدار الْآخِرَة} هَذَا الْكَلَام فِيهِ حذف مُضَاف تَقْدِيره ولدار الْحَال الْآخِرَة وَقد قَالَ الْفراء إِن هَذَا من اضافة الشَّيْء إِلَى نَفسه لِأَن الدَّار هِيَ الْآخِرَة وَقيل إِنَّه من اضافة الْمَوْصُوف إِلَى صفته لِأَن الدَّار وصفت بِالآخِرَة كَمَا قَالَ فِي مَوضِع آخر وللدار الْآخِرَة على الصّفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 قَوْله {وَلَكِن تَصْدِيق} انتصب تَصْدِيق على خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره وَلَكِن كَانَ ذَلِك تَصْدِيق وَيجوز الرّفْع على تَقْدِير وَلَكِن هُوَ تَصْدِيق وَلم يقْرَأ بِهِ أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الرَّعْد قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِي أنزل إِلَيْك} الَّذِي فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على آيَات أَو على إِضْمَار هُوَ وَالْحق نعت للَّذي وَيجوز أَن يكون الَّذِي فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على الْكتاب وَيكون الْحق رفعا على إِضْمَار مُبْتَدأ قَوْله {بِغَيْر عمد ترونها} يجوز أَن يكون ترونها فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لعمد وَيكون الْمَعْنى أَن ثمَّ عمدا وَلَكِن لَا يرى وَيجوز أَن تكون ترونها لَا مَوضِع لَهُ من الْإِعْرَاب وَأَنْتُم ترونها فَلَا يكون أَيْضا ثمَّ عمد وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من السَّمَوَات وَالْمعْنَى أَنه لَيْسَ ثمَّ عمد أَلْبَتَّة قَوْله {أئذا كُنَّا} الْعَامِل فِي إِذا فعل مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ معنى الْكَلَام تَقْدِيره أنبعث إِذا وَمن قَرَأَهُ على لفظ الْخَبَر كَانَ تَقْدِيره لَا نبعث إِذا كُنَّا لأَنهم أَنْكَرُوا الْبَعْث فَدلَّ إنكارهم على هَذَا الْحَذف وَلَا يجوز أَن يعْمل كُنَّا فِي إِذا لِأَن الْقَوْم لم ينكروا كَونهم تُرَابا إِنَّمَا أَنْكَرُوا الْبَعْث بعد كَونهم تُرَابا فَلَا بُد من إِضْمَار فعل يعْمل فِي إِذا بِهِ يتم الْمَعْنى وَقيل لَا يعْمل كُنَّا فِي إِذا لِأَن إِذا مُضَافَة إِلَى كُنَّا والمضاف لَا يعْمل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 وَلَا يجوز أَن يعْمل فِي إِذا مبعوثون لِأَن مَا بعد إِن لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا قَوْله {وَلكُل قوم هاد} هاد ابْتِدَاء وَمَا قبله خَبره وَهُوَ وَلكُل قوم وَاللَّام مُتَعَلقَة بالاستقرار أَو الثَّبَات وَيجوز أَن يكون هاد عطف على مُنْذر فَتكون اللَّام مُتَعَلقَة بمنذر أَو بهاد تَقْدِيره فَإِنَّمَا أَنْت مُنْذر أَو هاد لكل قوم قَوْله {يعلم مَا تحمل} إِن جعلت بِمَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت فِي مَوضِع نصب بيعلم وَالْهَاء محذوفة من تحمل تَقْدِيره تحمله وان جعلت مَا استفهاما كَانَت فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَتحمل خَبره وتقدر هَاء محذوفة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بيعلم وَفِيه بعد لحذف الْهَاء من الْخَبَر وَأكْثر مَا يجوز فِي الشّعْر وَالْأَحْسَن أَن تكون مَا فِي مَوضِع نصب بتحمل وَهِي اسْتِفْهَام قَوْله {سَوَاء مِنْكُم من أسر} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَسَوَاء خبر مقدم وَالتَّقْدِير ذُو سَوَاء مِنْكُم من أسر وَيجوز أَن يكون سَوَاء بِمَعْنى مستو فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير حذف ذُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 قَوْله {خوفًا وَطَمَعًا} مصدران قَوْله {زبد مثله} ابْتِدَاء وَخبر وَقَالَ الْكسَائي زبد مُبْتَدأ وَمثله نَعته وَالْخَبَر وَمِمَّا يوقدون وَالْجُمْلَة وَقيل خبر زبد قَوْله فِي النَّار قَوْله {جفَاء} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي فَيذْهب وَهُوَ ضمير الزّبد قَوْله {وَمن صلح} من فِي مَوضِع نصب مفعول مَعَه أَو فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على أُولَئِكَ أَو على الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يدْخلُونَهَا وَحسن الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع بِغَيْر تَأْكِيد لأجل ضمير الْمَنْصُوب الَّذِي حَال بَينهمَا فَقَامَ مقَام التَّأْكِيد قَوْله {الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} ابْتِدَاء وطوبى ابْتِدَاء ثَان وَلَهُم خبر طُوبَى وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من من أَو على إِضْمَار أَعنِي وَيجوز أَن يكون طُوبَى فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار جعل لَهُم طُوبَى وتنصب وَحسن مآب وَلم يقْرَأ بِهِ أحد قَوْله {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون} مثل ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم مثل الْجنَّة أَو فِيمَا يقص عَلَيْكُم مثل الْجنَّة وَقَالَ الْفراء تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار الْخَبَر تَقْدِيره حذف مثل وزيادتها وان الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ عَمَّا أضيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 إِلَيْهِ مثل لَا عَن مثل بِعَيْنِه فَهُوَ ملغى وَالْخَبَر عَمَّا بعده وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار كَمَا يُقَال حلية فلَان أسمر على تَقْدِير حذف الْحِلْية قَوْله {كفى بِاللَّه شَهِيدا} انتصب شَهِيدا على الْبَيَان وَبِاللَّهِ فِي مَوضِع رفع قَوْله {وَمن عِنْده} من فِي مَوضِع رفع عطف على مَوضِع بِاللَّه أَو فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على اللَّفْظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله تَعَالَى {كتاب أَنزَلْنَاهُ} كتاب رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هَذَا كتاب وأنزلناه فِي مَوضِع النَّعْت للْكتاب قَوْله {عوجا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان هُوَ مفعول بيبغون وَاللَّام محذوفة من الْمَفْعُول الأول تَقْدِيره ويبغون لَهَا عوجا قَوْله {فيضل الله} رفع فيضل لِأَنَّهُ مُسْتَأْنف وَيبعد عطفه على مَا قبله لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى أَن الرَّسُول إِنَّمَا أرْسلهُ الله ليضل وَالرَّسُول لم يُرْسل للضلال إِنَّمَا أرسل للْبَيَان وَقد أجَاز الزّجاج نَصبه على أَن تحمله على مثل قَوْله تَعَالَى ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا لِأَنَّهُ لما آل أَمرهم إِلَى الضلال مَعَ بَيَان الرَّسُول لَهُم صَار كَأَنَّهُ إِنَّمَا أرسل لذَلِك قَوْله {أَن أخرج قَوْمك} أَن فِي مَوضِع نصب تَقْدِيره بِأَن أخرج وَقيل هِيَ لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب بِمَعْنى أَي الَّتِي تكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 للتفسير قَوْله {ويذبحون} إِنَّمَا زيدت بِالْوَاو لتدل على أَن الثَّانِي غير الأول وَحذف الْوَاو فِي غير هَذَا الْموضع إِنَّمَا هُوَ على الْبَدَل فَالثَّانِي بعض الأول قَوْله {وَمَا كَانَ لنا أَن نأتيكم} أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا اسْم كَانَ وبأذن الله الْخَبَر وَيجوز أَن يكون لنا الْخَبَر وَالْأول أحسن قَوْله {وَمَا لنا أَلا نتوكل على الله} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار تَقْدِيره وَمَا لنا فِي أَن لَا نتوكل على الله وَمَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلنَا الْخَبَر وَمَا بعد لنا فِي مَوضِع الْحَال كَمَا تَقول مَالك قَائِما وَمَالك فِي أَن لَا تقوم قَوْله {وَمن وَرَائه عَذَاب} أَي من قدامه وَقيل تَقْدِيره وَمن وَرَاء مَا يعذب بِهِ عَذَاب غليظ فالهاء على القَوْل الأول تعود على الْكَافِر وَفِي القَوْل الثَّانِي تعود على الْعَذَاب قَوْله {مثل الَّذين كفرُوا} مثل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَفِيمَا يقص عَلَيْكُم مثل الَّذين كفرُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وَقَالَ الْكسَائي كرماد الْخَبَر على حذف مُضَاف تَقْدِيره مثل أَعمال الَّذين كفرُوا مثل رماد هَذِه صفته وَقيل أَعْمَالهم بدل من مثل وكرماد الْخَبَر وَقيل أَعْمَالهم ابْتِدَاء ثَان وكرماد خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن مثل وَلَو كَانَ فِي الْكَلَام لحسن خفض الْأَعْمَال على الْبَدَل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وَقيل هُوَ مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن الَّذين هم الْمخبر عَنْهُم فالقصد إِلَى الَّذين وَمثل مقحم وَالتَّقْدِير الَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كرماد فَالَّذِينَ مُبْتَدأ وأعمالهم ابْتِدَاء ثَان وكرماد خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين وان شِئْت جعلت أَعْمَالهم رفعا عَن الْبَدَل من الَّذين على الْمَعْنى وكرماد خبر الَّذين تَقْدِيره أَعمال الَّذين كفرُوا كرماد هَذِه صفته قَوْله {فِي يَوْم عاصف} أَي عاصف رِيحه كَمَا تَقول مَرَرْت بِرَجُل قَائِم أَبوهُ ثمَّ تحذف الْأَب إِذا علم الْمَعْنى وَقيل تَقْدِيره فِي يَوْم ذِي عصوف قَوْله {أجزعنا أم صَبرنَا} إِذا وَقعت ألف الِاسْتِفْهَام مَعَ التَّسْوِيَة على مَاض دخلت أم بعْدهَا على مَاض أَو على مُسْتَقْبل أَو على جملَة نَحْو أم أَنْتُم صامتون وَإِذا دخلت الْألف بعد التَّسْوِيَة على أسم جِئْت بِأَو بَين الاسمين نَحْو سَوَاء عَليّ أَزِيد عنْدك أَو عَمْرو وَإِن لم تدخل ألف الِاسْتِفْهَام جِئْت بِالْوَاو بَين الاسمين نَحْو سَوَاء عَليّ زيد وَعَمْرو قَوْله {وَمَا أَنْتُم بمصرخي} من فتح الْيَاء وَهِي قِرَاءَة الْجَمَاعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 فأصلها ياءان يَاء الْجمع وياء الْإِضَافَة وَفتحت لالتقاء الساكنين وَكَانَ الْفَتْح أخف مَعَ الياءات من الْكسر وَيجوز أَن يكون أدغم يَاء الْجمع فِي يَاء الْإِضَافَة وَهِي مَفْتُوحَة فَبَقيت على فتحهَا وَهُوَ أَصْلهَا والإسكان فِي يَاء الْإِضَافَة إِنَّمَا هُوَ للتَّخْفِيف وَمن كسر الْيَاء وَهِي قِرَاءَة حَمْزَة وَبِه قَرَأَ الْأَعْمَش وَيحيى بن وثاب فَالْأَصْل عِنْده فِي مصرخي ثَلَاث ياءات يَاء الْجمع وياء الْإِضَافَة وَيَا زيدت للمد كَمَا زيدت فِي بهي لِأَن يَاء الْمُتَكَلّم كهاء الْغَائِب وَقد زادوا يَاء مَعَ تَاء الْمُؤَنَّث حَيْثُ كَانَت بِمَنْزِلَة هَاء الْغَائِب قَالَ الشَّاعِر ... رميتيه فأصميت ... وَمَا أَخْطَأت الرَّمية ... ثمَّ حذفت الْيَاء الَّتِي للمد وَبقيت الْيَاء الْمُشَدّدَة مَكْسُورَة كَمَا تحذف من بهي وَتبقى الْهَاء مَكْسُورَة وَقد كَانَ الْقيَاس اسْتِعْمَال الْيَاء صلَة لياء الْمُتَكَلّم كَمَا فعلوا بهاء الْغَائِب لَكِن رفضوا اسْتِعْمَال ذَلِك لثقل الكسرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 على الْيَاء فالقراءة بِكَسْر الْيَاء فِيهَا بعد من جِهَة الِاسْتِعْمَال وَهِي حَسَنَة على الْأُصُول لَكِن الأَصْل إِذا طرح صَار اسْتِعْمَاله مَكْرُوها بَعيدا وَقد ذكر قطرب أَنَّهَا لُغَة فِي بني يَرْبُوع يزِيدُونَ على يَاء الْإِضَافَة يَاء وَأنْشد ... مَاض إِذا مَا هم بالمضي ... قَالَ لَهَا هَل لَك يَا تافي ... قَوْله {إِلَّا أَن دعوتكم} أَن فِي مَوضِع نصب اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله {تحيتهم فِيهَا سَلام} ابْتِدَاء وَخير وَالْهَاء وَالْمِيم يحْتَمل أَن يَكُونَا فِي تَأْوِيل فَاعل أَي يحيى بَعضهم بَعْضًا بِالسَّلَامِ وَيحْتَمل أَن يَكُونَا فِي تَأْوِيل مفعول لم يسم فَاعله أَي يحيون بِالسَّلَامِ على معنى تحييهم الْمَلَائِكَة وَلَفظ الضَّمِير الْخَفْض لإضافة الْمصدر إِلَيْهِ وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الَّذين وَهِي حَال مقدرَة أَو حَال من الْمُضمر فِي خَالِدين وَلَا تكون حَالا مقدرَة وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لجنات مثل تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار فَأَما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 خَالِدين فِيهَا فَيحْتَمل أَن تكون حَالا من الَّذين حَالا مقدرَة وَيحْتَمل أَن تكون نعتا لجنات أَيْضا وَيلْزم إِظْهَار الضَّمِير فَتَقول خَالِدين هم فِيهَا وَإِنَّمَا ظهر لِأَنَّهُ جرى نعتا لغير من هُوَ لَهُ وَحسن كل ذَلِك لِأَن فِيهِ ضميرين ضمير الجنات وَضمير الَّذين وَقد مضى نَظِيره فيقاس عَلَيْهِ مَا شابهه وَنصب جنَّات على حذف حرف الْجَرّ وَهُوَ نَادِر لَا يُقَاس عَلَيْهِ تَقول دخلت الدَّار وأدخلت زيدا الدَّار تُرِيدُ فِي الدَّار وَالدَّلِيل على أَن دخلت لَا يتَعَدَّى أَن نقيضه لَا يتَعَدَّى وَهُوَ خرجت وكل فعل لَا يتَعَدَّى نقيضه لَا يتَعَدَّى هُوَ فافهمه قَوْله {وبرزوا لله جَمِيعًا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي برزوا قَوْله {وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار} مفعولان لأحلوا وجهنم بدل من دَار قَوْله {يقيموا الصَّلَاة} تَقْدِيره عِنْد أبي إِسْحَاق قل لَهُم ليقيموا الصَّلَاة ثمَّ حذف اللَّام لتقدم لفظ الْأَمر وَقَالَ الْمبرد يقيموا جَوَاب لأمر مَحْذُوف تَقْدِيره قل لَهُم أقِيمُوا الصَّلَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 يقيموا وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ جَوَاب قل وَفِيه بعد لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَوَاب لَهُ على الْحَقِيقَة لِأَن أَمر الله لنَبيه لَيْسَ فِيهِ أَمر لَهُم بِإِقَامَة الصَّلَاة وَله نَظَائِر فِي الْقُرْآن قَوْله {دائبين} نصب على الْحَال من الشَّمْس وَالْقَمَر وَغلب الْقَمَر لِأَنَّهُ مُذَكّر قَوْله {من كل مَا سألتموه} مَا نكرَة عِنْد الْأَخْفَش وسألتموه نعت لما وَهِي فِي مَوضِع خفض وَقيل مَا وسألتموه مصدر فِي مَوضِع خفض قَوْله {هَذَا الْبَلَد آمنا} الْبَلَد بدل من هَذَا أَو عطف بَيَان وآمنا مفعول ثَان قَوْله {مهطعين مقنعي رؤوسهم} حالان من الضَّمِير الْمَحْذُوف تَقْدِيره إِنَّمَا يؤخرهم ليَوْم تشخص فِيهِ أَبْصَارهم فِي هَاتين الْحَالَتَيْنِ قَوْله {وأنذر النَّاس يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب فَيَقُول الَّذين ظلمُوا} يَوْم مفعول لأنذروا وَلَا يحسن أَن يكون ظرفا للانذار لِأَنَّهُ لَا إنذار يَوْم الْقِيَامَة وفيقول عطف على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 يَأْتِيهم وَلَا يحسن نَصبه على جَوَاب الْأَمر لِأَن الْمَعْنى يتَغَيَّر فَيصير إِن أنذرتهم فِي الدُّنْيَا قَالُوا رَبنَا أخرنا وَلَيْسَ الْأَمر على ذَلِك إِنَّمَا قَوْلهم وسؤالهم التَّأْخِير إِذا أَتَاهُم الْعَذَاب وَرَأَوا الْحَقَائِق قَوْله {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} من نصب لتزول فَاللَّام لَام جحد وَالنّصب على إِضْمَار أَن وَلَا يحسن إظهارها كَمَا يجوز ذَلِك مَعَ لَام كي لِأَن لَام الْجحْد مَعَ الْفِعْل كالسين مَعَ الْفِعْل فِي سيقوم إِذْ هُوَ نفي مُسْتَقْبل فَكَمَا لَا يحسن أَن تفرق بَين السِّين وَالْفِعْل كَذَا لَا يحسن أَن يفرق بَين اللَّام وَالْفِعْل وَتَقْدِيره وَمَا كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال على التصغير والتحقير لمكرهم أَي هُوَ أَضْعَف وأحقر من ذَلِك فالجبال فِي هَذِه الْقِرَاءَة تَمْثِيل لأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ ونبوته ودلائله وَقيل هِيَ تَمْثِيل لِلْقُرْآنِ وَالضَّمِير فِي مَكْرهمْ لقريش وعَلى هَذِه الْقِرَاءَة أَكثر الْقُرَّاء أَعنِي كسر اللَّام الأولى وَفتح الثَّانِيَة وَقد قَرَأَ الْكسَائي بِفَتْح اللَّام الأولى وَضم الثَّانِيَة فَاللَّام الأولى لَام تَأْكِيد على هَذِه الْقِرَاءَة وَإِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَالْهَاء مضمرة مَعَ أَن تَقْدِيره وَإنَّهُ كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال فَهَذِهِ الْقِرَاءَة تدل على تَعْظِيم مَكْرهمْ وَمَا ارتكبوا من فعلهم وَالْجِبَال أَيْضا يُرَاد بهَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أَتَى بِهِ مثل الأول وَتَقْدِيره مثل الْجبَال فِي الْقُوَّة والثبات وَالْهَاء وَالْمِيم ترجع على كفار قُرَيْش وَقيل أَنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 ترجع على نمْرُود بن كنعان فِي محاولته الصعُود إِلَى السَّمَاء لِيُقَاتل من فِيهَا وَالْجِبَال هِيَ الْمَعْهُودَة كَذَا قَالَ أهل التَّفْسِير وَقد رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قرءا وَإِن كَاد مَكْرهمْ لتزول بِفَتْح اللَّام الأولى وَضم الثَّانِيَة وَكَاد فِي مَوضِع كَانَ قَالَ عِكْرِمَة وَغَيره هُوَ نمْرُود بن كوش حِين أَتَّخِذ التابوت وشده إِلَى النسور بعد أَن أجاعها أَيَّامًا وَجعل فِيهِ خَشَبَة فِي رَأسهَا لحم وَجلسَ هُوَ وَصَاحبه فِي التابوت فرفعتهما النسور إِلَى حَيْثُ شَاءَ الله وهاب نمْرُود الِارْتفَاع فَقَالَ لصَاحبه صوب الْخَشَبَة فصوبها وانحطت النسور فظنت الْجبَال انه أَمر من عِنْد الله نزل من السَّمَاء فَزَالَتْ عَن موَاضعهَا قَوْله {مخلف وعده رسله} هُوَ من الاتساع لمعْرِفَة الْمَعْنى تَقْدِيره مخلف رسله وعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْحجر قَوْله تَعَالَى {رُبمَا} فِيهَا أَربع لُغَات يُقَال رُبمَا مخفف وَرُبمَا مشدد ربتما بِالتَّاءِ وَالتَّخْفِيف وبالتاء وَالتَّشْدِيد على تَأْنِيث الْكَلِمَة وَحكى أَبُو حَاتِم الْوُجُوه الْأَرْبَعَة بِفَتْح الرَّاء وَلَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَجِيء بِمَا لتكف رب عَن الْعَمَل وَقيل جي بهَا لتمكن وُقُوع الْفِعْل بعْدهَا وَقَالَ الْأَخْفَش مَا فِي مَوضِع خفض بِرَبّ وَهِي نكرَة قَوْله {ذرهم} وَزنه افعلهم وَأَصله أَو ذرهم فحذفت الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة فِي الأَصْل وَقيل بَين كسرتين فِي الأَصْل لِأَن ألف الْوَصْل مَكْسُورَة والذال وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة فِي الِاسْتِقْبَال فحقها الْكسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 لِأَن الْمَاضِي وذر وَلَا يَأْتِي يفعل بِالْفَتْح من فعل إِلَّا أَن يكون فِيهِ حرف حلق وَلَا حرف حلق فِي وذر وَإِنَّمَا فتحت الذَّال لِأَنَّهَا مَحْمُولَة على مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ يدع فَلَمَّا كَانَ يذر بِمَعْنى يدع ويدع فَتحه حرف الْحلق وأصل داله الْكسر فحذفت الْوَاو من يدع على أَصله وَلم يلْتَفت إِلَى الفتحة الَّتِي أحدث حرف الْحلق فَلَمَّا كَانَ يذر بِمَعْنى يدع ومحمولا عَلَيْهِ فِي فتح عينه حذفت أَيْضا الْوَاو على الأَصْل لَو اسْتعْمل فَلَمَّا حذفت الْوَاو لما ذكرنَا استغني عَن ألف الْوَصْل فَبَقيَ ذرهم كَمَا هُوَ فِي التِّلَاوَة وَأَصله وعلته مَا ذكرنَا قَوْله {إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم} كتاب مُبْتَدأ وَلها الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نعت للقرية وَيجوز حذف الْوَاو من وَلها لَو كَانَ فِي الْكَلَام قَوْله {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر} نَحن فِي مَوضِع نصب على التَّأْكِيد لاسم أَن وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ ونزلنا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر إِن وَلَا يجوز أَن تكون نَحن فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَن الَّذِي بعْدهَا لَيْسَ بِمَعْرِِفَة وَلَا مَا قاربها بل هُوَ مَا يقوم مقَام النكرَة إِذْ هُوَ جملَة والجمل تكون نعتا للنكرات فَحكمهَا حكم النكرات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 قَوْله {كَذَلِك نسلكه} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف وَالْهَاء فِي نسلكه تعود على التَّكْذِيب وَقيل على الذّكر قَوْله {فظلوا فِيهِ يعرجون} الضَّمِير فِي فظلوا وَفِي يعرجون للْمَلَائكَة أَي لَو فتح الله بَابا فِي السَّمَاء فَصَعدت الْمَلَائِكَة فِيهِ وَالْكفَّار ينظرُونَ لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا وسحرنا وَمعنى سكرت غشيت أَي غطيت وَقيل الضَّمِير للْكفَّار أَي لَو فتح الله بَابا فِي السَّمَاء فَصَعِدُوا هم فِيهِ لم يُؤمنُوا ولقالوا سحرنَا وسكرت أبصارنا وَالْهَاء فِي فِيهِ للباب قَوْله {وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين} من فِي مَوضِع نصب عطف على مَوضِع لكم لِأَن معنى جعلنَا لكم فِي الأَرْض معايش أنعشناكم وقويناكم وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين وَيجوز أَن تنصب من على إِضْمَار فعل تَقْدِيره وَجَعَلنَا لكم فِي الأَرْض معايش وأنعشنا من لَسْتُم لَهُ برازقين وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون من فِي مَوضِع خفض عطفا على الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم وَلَا يجوز الْعَطف على المخفوض عِنْد الْبَصرِيين وَأَجَازَ الْفراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 أَن تكون من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على معايش على أَن تكون من يُرَاد بهَا الاماء وَالْعَبِيد أَي جعلنَا لكم فِي الأَرْض مَا تَأْكُلُونَ وَجَعَلنَا لكم من يخدمكم وتستمتعون بِهِ قَوْله {إِلَّا من اسْترق السّمع} من فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَأَجَازَ الزّجاج أَن تكون من فِي مَوضِع خفض على تَقْدِير إِلَّا مِمَّن اسْترق السّمع وَهُوَ بعيد قَوْله {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} كَانَ أصل الْكَلَام ملاقح لِأَنَّهُ من ألقحت الرّيح الشّجر فَهِيَ ملقح وَالْجمع ملاقح لَكِن أَتَى على تَقْدِير حذف الزَّائِد كَأَنَّهُ جَاءَ على لقحت فَهِيَ لاقح وَالْجمع لَوَاقِح فاللفظ أَتَى على هَذَا التَّقْدِير وَالْمعْنَى على الآخر لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِالزِّيَادَةِ وَقد قَرَأَ حَمْزَة الرّيح لَوَاقِح بِالتَّوْحِيدِ وَأنْكرهُ أَبُو حَاتِم لأجل تَوْحِيد لفظ الرّيح وَجمع النَّعْت وَهُوَ حسن لِأَن الْوَاحِد يَأْتِي بِمَعْنى الْجمع قَالَ الله تَعَالَى ذكره وَالْملك على أرجائها بِمَعْنى الْمَلَائِكَة وَحكى الْفراء جَاءَت الرّيح من كل مَكَان كَذَا قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 قَوْله {كلهم أَجْمَعُونَ} أَجْمَعُونَ معرفَة توكيد لَكِن لَا ينْفَرد كَمَا ينْفَرد كلهم تَقول كل الْقَوْم أَتَانِي وَلَا تَقول أجمع الْقَوْم أَتَانِي وَقَالَ الْمبرد أَجْمَعُونَ مَعْنَاهُ غير مُتَفَرّقين وَهُوَ وهم مِنْهُ عِنْد غَيره لِأَنَّهُ يلْزمه أَن ينصبه على الْحَال قَوْله {إِلَّا إِبْلِيس} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول عِنْد من جعل إِبْلِيس لَيْسَ من الْمَلَائِكَة بقوله كَانَ من الْجِنّ وَقيل هُوَ اسْتثِْنَاء من الأول بقوله وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لأدم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس فَلَو كَانَ من غير الْمَلَائِكَة لم يكن مَأْمُورا لِأَن الْأَمر بِالسُّجُود إِنَّمَا وَقع للْمَلَائكَة خَاصَّة وَقد يَقع على الْمَلَائِكَة اسْم الْجِنّ لاستتارهم عَن أعين بني آدم وَقد قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون فالجنة الْمَلَائِكَة قَوْله {وَإِن جَهَنَّم} جَهَنَّم لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم معرفَة أعجمي وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَلكنه مؤنث معرفَة وَمن جعله عَرَبيا اشتقه من قَوْلهم ركية جهنام إِذا كَانَت بعيدَة القعر فسميت النَّار جَهَنَّم لبعد قعرها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 قَوْله {إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} إخْوَانًا حَال من الْمُتَّقِينَ أَو من الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي ادخلوها أَو من الضَّمِير فِي آمِنين وَيجوز أَن تكون حَالا مقدرَة من الْهَاء وَالْمِيم فِي صُدُورهمْ قَوْله {تبشرون} أَصله تبشرونني لَكِن حذف نَافِع النُّون الثَّانِيَة الَّتِي دخلت للفصل بَين الْفِعْل وَالْيَاء لِاجْتِمَاع المثلين وَكسر النُّون الَّتِي هِيَ عَلامَة الرّفْع لمجاورتها الْيَاء وَحذف الْيَاء لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وَفِيه بعد لكسر نون الْإِعْرَاب وحقها الْفَتْح لالتقاء الساكنين وَلِأَنَّهُ أَتَى بعلامة الْمَنْصُوب بياء كالمخفوض وَقد جَاءَ كسر نون الرّفْع وَحذف النُّون الَّتِي مَعَ الْيَاء فِي ضمير الْمَنْصُوب فِي الشّعْر قَالَ الْأَعْشَى ... أبالموت الَّذِي لَا بُد أَنِّي ... ملاق لَا أَبَاك تخوفيني ... أَرَادَ تخوفينني فَحذف النُّون الثَّانِيَة وَكسر نون الْمُؤَنَّث لمجاورتها الْيَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 وَالنُّون فِي تخوفينني عَلامَة الرّفْع فِي فعل الْوَاحِد كالنون فِي تبشرون الَّتِي هِيَ علم الرّفْع وَقد قَالَ قوم أَن النُّون المحذوفة هِيَ الأولى وَذَلِكَ بعيد لِأَنَّهَا علم الرّفْع وَعلم الرّفْع لَا يحذف من الْأَفْعَال إِلَّا لجازم أَو ناصب وَقد خَالف جمَاعَة الْقُرَّاء نَافِعًا فِي قِرَاءَته فَقَرَأَ ابْن كثير تبشرون بتَشْديد النُّون وَكسرهَا وَهِي قِرَاءَة حَسَنَة لِأَنَّهُ أدغم النُّون الَّتِي هِيَ علم الرّفْع فِي النُّون الَّتِي دخلت لتفصل بَين الْيَاء وَالْفِعْل وَحذف الْيَاء لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وَقَرَأَ جمَاعَة الْقُرَّاء غَيرهمَا بنُون مَفْتُوحَة مُخَفّفَة هِيَ علم الرّفْع وَلم يعدوا الْفِعْل إِلَى مفعول كَمَا فعل نَافِع وَابْن كثير قَوْله {إِلَّا آل لوط} آل نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع لِأَن آل لوط لَيْسُوا من الْقَوْم الْمُجْرمين الْمُتَقَدّم ذكرهم قَوْله {إِلَّا امْرَأَته} نصب على الِاسْتِثْنَاء من آل لوط قَوْله {أَن دابر هَؤُلَاءِ} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْأَمر إِن كَانَ الْأَمر بَدَلا من ذَلِك أَو بَدَلا من ذَلِك ان جعلت الْأَمر عطف بَيَان على ذَلِك وَقَالَ الْفراء أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي بِأَن دابر قَوْله {مصبحين} و {مشرقين} و {يستبشرون} كلهَا نصب على الْحَال مِمَّا قبلهَا قَوْله {هَؤُلَاءِ ضَيْفِي} و {عَن ضيف إِبْرَاهِيم} تَقْدِيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 ذَوُو ضَيْفِي وَعَن ذَوي ضيف إِبْرَاهِيم وَعَن أَصْحَاب ضيف إِبْرَاهِيم ثمَّ حذف الْمُضَاف قَوْله {عَن الْعَالمين} مَعْنَاهُ عَن ضِيَافَة الْعَالمين قَوْله {الأيكة} لم يخْتَلف الْقُرَّاء فِي الْهمزَة والخفض هُنَا وَفِي قَاف وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الشُّعَرَاء وصاد فِي فتح التَّاء وخفضها فَمن فتح التَّاء قَرَأَهُ بلام بعْدهَا يَاء وَجعل ليكة اسْم الْبَلدة فَلم يصرفهُ للتأنيث والتعريف ووزنه فعله وَمن قَرَأَهُ بالخفض جعل أَصله أيكة اسْم لموْضِع فِيهِ شجر ودوم ملتف ثمَّ أَدخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام للتعريف فَانْصَرف قَوْله كَمَا {أنزلنَا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمفعول مَحْذُوف تَقْدِيره أَنا النذير الْمُبين عقَابا أَو عذَابا مثل مَا أنزلنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة النَّحْل قَوْله تَعَالَى {أَتَى أَمر الله} هُوَ بِمَعْنى يَأْتِي أَمر الله وَحسن لفظ الْمَاضِي فِي مَوضِع الْمُسْتَقْبل لصدق اتيان الْأَمر فَصَارَ فِي أَنه لابد أَن يَأْتِي بِمَنْزِلَة مَا قد مضى وَكَانَ فَحسن الْإِخْبَار عَنهُ بالماضي وَأكْثر مَا يكون هَذَا فِيمَا يخبرنا الله جلّ ذكره بِهِ أَنه يكون فلصحة وُقُوعه وَصدق الْمخبر بِهِ صَار كَأَنَّهُ شَيْء قد كَانَ قَوْله {أَن أنذروا} أَن فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الرّوح وَالروح هُنَا الْوَحْي أَو فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي بِأَن أنذروا قَوْله {وزينة} نصب على إِضْمَار فعل أَي وَجَعَلنَا زِينَة وَقيل هُوَ مفعول من أَجله أَي وللزينة قَوْله {أَن تميد بكم} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله وَقيل تَقْدِيره كَرَاهَة أَن تميد وَقيل مَعْنَاهُ لِئَلَّا تميد قَوْله {مَاذَا أنزل ربكُم} مَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّقْرِير وَذَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ خبر مَا وَأنزل ربكُم صلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ذَا وَمَعَ أنزل هَاء محذوفة تعود على ذَا تَقْدِيره مَا الَّذِي أنزلهُ ربكُم وَلما كَانَ السُّؤَال مَرْفُوعا جرى الْجَواب على ذَلِك فَرفع أساطير الْأَوَّلين على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر أَيْضا تَقْدِيره قَالُوا هُوَ أساطير الْأَوَّلين وَأما الثَّانِي فَمَا وَذَا اسْم وَاحِد فِي مَوضِع نصب بأنزل وَمَا اسْتِفْهَام أَيْضا وَلما كَانَ السُّؤَال مَنْصُوبًا جرى الْجَواب على ذَلِك فَقَالَ قَالُوا خيرا أَي أنزل خيرا قَوْله {طيبين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي تتوفاهم قَوْله {كن فَيكون} قَرَأَهُ ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ بِنصب فَيكون عطفا على أَن تَقول وَمن رَفعه قطعه مِمَّا قبله أَي فَهُوَ يكون وَمَا بعد الْفَاء يسْتَأْنف وَيبعد النصب فِيهِ على جَوَاب كن لِأَن لَفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَار عَن قدرَة الله إِذْ لَيْسَ ثمَّ مَأْمُور بِأَن يفعل شَيْئا فَالْمَعْنى فَإِنَّمَا نقُول لَهُ كن فَهُوَ يكون وَمثله فِي لفظ الْأَمر وَلَيْسَ بِأَمْر قَوْله تَعَالَى أسمع بِهِ وَأبْصر لَفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ التَّعَجُّب فَلَمَّا كَانَ معنى كن الْخَبَر بعد أَن يكون فَيكون جَوَابا لَهُ فينصب على ذَلِك وَيبعد أَيْضا من جِهَة أُخْرَى وَذَلِكَ أَن جَوَاب الْأَمر إِنَّمَا جزم لِأَنَّهُ فِي معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 الشَّرْط فَإِذا قلت قُم أكرمك جزمت الْجَواب لِأَنَّهُ بِمَعْنى أَن تقم فأكرمك وَكَذَلِكَ إِذا قلت قُم فأكرمك إِنَّمَا نصبت لِأَنَّهُ فِي معنى ان تقم فأكرمك وَهَذَا إِنَّمَا يكون أبدا فِي فعلين مختلفي اللَّفْظ ومختلفي الفاعلين فَإِن اتفقَا فِي اللَّفْظ وَالْفَاعِل وَاحِد لم يجز لِأَنَّهُ لَا معنى لَهُ لَو قلت قُم تقم وقم فتقوم واخرج فَتخرج لم يكن لَهُ معنى كَمَا أَنَّك لَو قلت إِن تخرج تخرج وان تقم فتقوم لم يكن لَهُ معنى لِاتِّفَاق الْفِعْلَيْنِ والفاعلين وَكَذَلِكَ كن فَيكون لما اتّفق لفظ الْفِعْلَيْنِ والفاعلان وَاحِد لم يحسن أَن يكون فَيكون جَوَابا للْأولِ وَالنّصب على الْجَواب إِنَّمَا يجوز على بعد على التَّشْبِيه فِي كن بِالْأَمر الصَّحِيح وعَلى التَّشْبِيه بالفعلين الْمُخْتَلِفين وَقد أجَاز الْأَخْفَش فِي قَوْله تَعَالَى قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا أَن يكون يقيموا جَوَابا لقل وَلَيْسَ هُوَ بِجَوَاب لَهُ على الْحَقِيقَة لِأَن أَمر الله تَعَالَى لنَبيه عَلَيْهِ السَّلَام بالْقَوْل لَيْسَ فِيهِ بَيَان الْأَمر لَهُم بِأَن يقيموا الصَّلَاة حَتَّى يَقُول لَهُم أقِيمُوا الصَّلَاة فنصب فَيكون على جَوَاب كن إِنَّمَا يجوز على التَّشْبِيه على مَا ذكرنَا وَهُوَ بعيد لفساد الْمَعْنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وَقد أجَازه الزّجاج وعَلى ذَلِك قَرَأَ ابْن عَامر بِالنّصب فِي سُورَة الْبَقَرَة وَفِي آل عمرَان وَفِي غَافِر فَأَما فِي هَذِه السُّورَة وَفِي يس فالنصب حسن على الْعَطف على نقُول لِأَن قبله أَن قَوْله {الَّذين صَبَرُوا} الَّذين فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الَّذين هَاجرُوا أَو فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَالْمِيم فِي لنبوئنهم أَو على إِضْمَار أَعنِي قَوْله {إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} اثْنَيْنِ تَأْكِيد بِمَنْزِلَة وَاحِد فِي قَوْله تَعَالَى إِنَّمَا الله اله وَاحِد قَوْله {الدّين واصبا} نصب على الْحَال قَوْله {وَلَهُم مَا يشتهون} مَا رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَهُم الْخَبَر وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون مَا فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير ويجعلون لَهُم مَا يشتهون وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين كَمَا لَا يجوز جعلت لي طَعَاما إِنَّمَا يجوز جعلت لنَفْسي طَعَاما فَلَو كَانَ لفظ الْقُرْآن ولأنفسهم مَا يشتهون جَازَ مَا قَالَ الْفراء عِنْد الْبَصرِيين وَهَذَا أصل يحْتَاج إِلَى تَعْلِيل وَبسط كثير قَوْله {ظلّ وَجهه مسودا} وَجهه اسْم ظلّ ومسودا الْخَبَر وَيجوز فِي الْكَلَام أَن تضمر فِي ظلّ اسْمهَا وترفع وَجهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 ومسودا على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر ظلّ قَوْله {وتصف ألسنتهم الْكَذِب} اللِّسَان يذكر وَيُؤَنث فَمن أنثه قَالَ فِي جمعه ألسن وَمن ذكره قَالَ فِي جمعه أَلْسِنَة وَبِذَلِك أَتَى الْقُرْآن وَالْكذب مَنْصُوب بتصف وَأَن لَهُم بدل من الْكَذِب بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ وَقد قرىء الْكَذِب بِثَلَاث ضمات على أَنه نعت للألسنة وَهُوَ جمع كَاذِب وتنصب أَن لَهُم بتصف قَوْله {لَا جرم أَن لَهُم النَّار} أَن فِي مَوضِع رفع بجرم بِمَعْنى وَجب ذَلِك لَهُم وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى كسبهم أَن لَهُم النَّار وأصل معنى جرم كسب وَمِنْه المجرمون أَي الكاسبون الذُّنُوب قَوْله {وَهدى وَرَحْمَة} مفعولان من أجلهما قَوْله {مِمَّا فِي بطونه} الْهَاء تعود على الْأَنْعَام لِأَنَّهَا تذكر وتؤنث يُقَال هُوَ الْأَنْعَام وَهِي الْأَنْعَام فَجرى هَذَا الْحَرْف على لُغَة من يذكر وَالَّذِي فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ على لُغَة من يؤنث حُكيَ هَذَا عَن يُونُس بن حبيب الْبَصْرِيّ وَجَوَاب ثَان وَهُوَ أَن الْهَاء فِي بطونه تعود على الْبَعْض لِأَن من فِي قَوْله مِمَّا فِي بطونه دلّت على التَّبْعِيض وَهُوَ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 لَهُ لبن مِنْهَا فتقديره مِمَّا فِي بطُون الْبَعْض الَّذِي لَهُ لبن وَلَيْسَ لكلها لبن وَهُوَ قَول أبي عُبَيْدَة وَجَوَاب ثَالِث وَهُوَ أَن الْهَاء فِي بطونه تعود على الْمَذْكُور تَقْدِيره نسقيكم مِمَّا فِي بطُون الْمَذْكُور وَجَوَاب رَابِع وَهُوَ أَن الْهَاء تعود على النعم لِأَن الْأَنْعَام وَالنعَم سَوَاء فِي الْمَعْنى وَجَوَاب خَامِس وَهُوَ أَن الْهَاء تعود على وَاحِد الْأَنْعَام وواحدها نعم وَالنعَم مُذَكّر وَالنعَم وَاحِد الْأَنْعَام وَالْعرب تصرف الضَّمِير إِلَى الْوَاحِد وان كَانَ لفظ الْجمع قد تقدم قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ الْأَعْشَى ... فَإِن تعهديني ولي لمة ... فَإِن الْحَوَادِث أودى بهَا ... فَقَالَ بهَا فَرد الضَّمِير فِي أودى على الْحدثَان أَو على الْحَادِث وَذكر لِأَنَّهُ لَا مُذَكّر لَهَا من لَفظهَا وَجَوَاب سادس وَهُوَ أَن الْهَاء تعود على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 الذُّكُور خَاصَّة حُكيَ هَذَا القَوْل عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي وَدلّ ذَلِك أَن اللَّبن للفحل فَشرب اللَّبن من الْإِنَاث وَاللَّبن للفحل فَرجع الضَّمِير عَلَيْهِ وَاسْتدلَّ بِهَذَا على أَن اللَّبن فِي الرَّضَاع للفحل وَالْهَاء فِي قَوْله {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ} تعود على وَاحِد الثمرات الْمُتَقَدّمَة الذّكر فَهِيَ تعود على الثَّمر كَمَا عَادَتْ الْهَاء فِي بطونه على وَاحِد الْأَنْعَام وَهُوَ النعم وَقيل بل تعود على مَا المضمرة لِأَن التَّقْدِير وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب مَا تَتَّخِذُونَ مِنْهُ فالهاء مَا ودلت من عَلَيْهَا وَجَاز حذف مَا كَمَا جَازَ حذف من فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم أَي إِلَّا من لَهُ مقَام فحذفت من لدلَالَة من عَلَيْهَا فِي قَوْله وَمَا منا وَقيل الْهَاء فِي مِنْهُ تعود على الْمَذْكُور كَأَنَّهُ قَالَ تَتَّخِذُونَ من الْمَذْكُور سكرا وَالْهَاء فِي قَوْله {فِيهِ شِفَاء للنَّاس} تعود على الشَّرَاب الَّذِي هُوَ الْعَسَل وَقيل بل تعود على الْقُرْآن قَوْله {مَا لَا يملك لَهُم رزقا من السَّمَاوَات وَالْأَرْض شَيْئا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 انتصب شَيْء على الْبَدَل من رزق وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين مَنْصُوب برزق والرزق عِنْد الْبَصرِيين اسْم لَيْسَ بمصدر فَلَا يعْمل إِلَّا فِي شعر قَوْله {بعد توكيدها} هَذِه الْوَاو فِي التوكيد هِيَ الأَصْل وَيجوز أَن تبدل مِنْهَا همزَة فَتَقول تَأْكِيد وَلَا يحسن أَن يُقَال الْوَاو بدل من الْهمزَة كَمَا لَا يحسن ذَلِك فِي أحد إِذْ أَصله وحد فالهمزة بدل من الْوَاو قَوْله {أنكاثا} نصب على الْمصدر وَالْعَامِل فِيهِ نقضت لِأَنَّهُ بِمَعْنى نكثت نَكثا فأنكاث جمع نكث قَالَ الزّجاج أنكاثا نصب لِأَنَّهُ فِي معنى الْمصدر قَوْله {دخلا} مفعول من أَجله قَوْله {أَن تكون أمة} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره بِأَن تكون أَو لِأَن تكون قَوْله {هِيَ أربى من أمة} هِيَ مُبْتَدأ وأربى فِي مَوضِع رفع خبر هِيَ وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَن تكون هِيَ فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وأربى فِي مَوضِع نصب خبر كَانَ وَهُوَ قِيَاس قَول الْبَصرِيين لأَنهم أَجَازُوا أَن تكون هِيَ وَهُوَ وَأَنا وَأَنت وَشبه ذَلِك فواصل لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب مَعَ كَانَ وَأَخَوَاتهَا وان وَأَخَوَاتهَا وَالظَّن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 وأخواته إِذا كَانَ بعدهن معرفَة أَو مَا قرب من الْمعرفَة وأربى من أمة هُوَ مِمَّا يقرب من الْمعرفَة لملازمة من لأَفْعَل ولطول الِاسْم لِأَن من وَمَا بعْدهَا من تَمام أفعل وَإِنَّمَا فرق البصريون فِي هَذِه الْآيَة وَلم يجيزوا أَن تكون هِيَ فاصلة لِأَن اسْم كَانَ نكرَة فَلَو كَانَ معرفَة لحسن وَجَاز وَالْهَاء فِي {يبلوكم الله بِهِ} ترجع على الْعَهْد وَقيل ترجع على الْكَثْرَة وَالتَّكَاثُر قَوْله {من كفر بِاللَّه} من فِي مَوضِع رفع بدل من الْكَاذِبين قَوْله {إِلَّا من أكره} من نصب على الِاسْتِثْنَاء وَالْهَاء فِي قَوْله {إِنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان} تعود على الشَّيْطَان لَعنه الله وَقيل للْحَدِيث وَالْخَبَر وَالْهَاء فِي قَوْله {هم بِهِ مشركون} تعود على الله جلّ ذكره وَقيل على الشَّيْطَان على معنى هم من أَجله مشركون بِاللَّه قَوْله {وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا} من مُبْتَدأ وفعليهم الْخَبَر قَوْله {لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب} الْكَذِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 نصب بتصف وَمَا وتصف مصدر وَمن رفع الْكَذِب وَضم الْكَاف والذال جعله نعتا للألسنة وَقَرَأَ الْحسن وَطَلْحَة وَمعمر الْكَذِب بالخفض وَفتح الْكَاف جَعَلُوهُ نعتا لما أَو بَدَلا مِنْهَا قَوْله {أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} حَنِيفا حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي اتبع وَلَا يحسن أَن يكون حَالا من إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَيْهِ وَمعنى حَنِيفا مائلا عَن كل الْأَدْيَان إِلَى دين إِبْرَاهِيم وأصل الحنف الْميل وَمِنْه الْأَحْنَف قَوْله {وَلَا تحزن عَلَيْهِم} الْهَاء وَالْمِيم تعودان على الْكفَّار أَي لَا تحزن على تخلفهم عَن الْإِيمَان وَدلّ على ذَلِك قَوْله يمكرون وَقيل الضَّمِير للشهداء الَّذين نزل فيهم وَإِن عَاقَبْتُمْ إِلَى آخر السُّورَة أَي لَا تحزن على قتل الْكفَّار اياهم والضيق بِالْفَتْح الْمصدر وبالكسر الِاسْم وَحكى الْكُوفِيُّونَ أَن الضّيق بِالْفَتْح يكون فِي الْقلب والصدر وبالكسر يكون فِي الثَّوْب وَفِي الدَّار وَنَحْو ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 بِسم الله الرَّحْمَن تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْإِسْرَاء معنى سُبْحَانَ الله تَنْزِيه الله من السوء وَهُوَ مَرْوِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانتصب على الْمصدر كَأَنَّهُ وضع مَوضِع سبحت الله تسبيحا وَهُوَ معرفَة إِذا أفرد وَفِي آخِره زائدتان الْألف وَالنُّون فَامْتنعَ من الصّرْف للتعريف والزائدتين وَحكي عَن سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يُنكره فَيَقُول سبحانا بِالتَّنْوِينِ وَقَالَ أَبُو عبيد انتصب على النداء كَأَنَّهُ قَالَ يَا سُبْحَانَ الله يَا سُبْحَانَ الَّذِي أسرى قَوْله {ذُرِّيَّة من حملنَا} ذُرِّيَّة مفعول ثَانِي لنتخذوا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ ووكيلا مفعول أول وَهُوَ مُفْرد مَعْنَاهُ الْجمع وَاتخذ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين مثل قَوْله تَعَالَى وَاتخذ الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَيجوز نصب ذُرِّيَّة على النداء فَأَما من قَرَأَ يتخذوا بِالْيَاءِ فذرية مفعول ثَان لَا غير وَيبعد النداء لِأَن الْيَاء للغيبة والنداء للخطاب فَلَا يَجْتَمِعَانِ إِلَّا على بعد وَقيل ذُرِّيَّة فِي الْقِرَاءَتَيْن بدل من وَكيل وَقيل نصب على إِضْمَار أَعنِي وَيجوز الرّفْع فِي الْكَلَام على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ على الْبَدَل من الْمُضمر فِي يتخذوا وَلَا يحسن ذَلِك فِي قِرَاءَة التَّاء لِأَن الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ الْغَائِب وَيجوز الْخَفْض على الْبَدَل من بني إِسْرَائِيل وَأَن فِي قَوْله / أَلا يتخذوا / فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي لِئَلَّا يتخذوا فَأَما من قَرَأَ بِالتَّاءِ فتحتمل أَن ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن تكون لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَهِي للتفسير بِمَعْنى أَي فَتكون لَا نهيا وَيكون معنى الْكَلَام قد خرج فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 من الْخَبَر إِلَى النَّهْي وَالْوَجْه الثَّانِي أَن تكون أَن زَائِدَة لَيست للتفسير وَيكون الْكَلَام خَبرا بعد خبر على إِضْمَار القَوْل تَقْدِيره وَقُلْنَا لَهُم لَا تَتَّخِذُوا وَالْوَجْه الثَّالِث أَن تكون أَن فِي مَوضِع نصب وَلَا زَائِدَة وحرف الْجَرّ مَحْذُوف مَعَ أَن تَقْدِيره وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل لِأَن تَتَّخِذُوا من دوني وَكيلا أَي كَرَاهَة أَن تَتَّخِذُوا قَوْله {خلال الديار} نصب على الظّرْف قَوْله {كلا نمد هَؤُلَاءِ} نصبت كلا بنمد وَهَؤُلَاء بدل من كل على معنى الْمُؤمن وَالْكَافِر يرْزق قَوْله {نفيرا} نصب على الْبَيَان قَوْله {إِمَّا يبلغن عنْدك} قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بتَشْديد النُّون وبألف على التَّثْنِيَة لتقدم ذكر الْوَالِدين وَأعَاد الضَّمِير فِي أَحدهمَا على طَرِيق التَّأْكِيد كَمَا قَالَ أموات ثمَّ قَالَ غير أَحيَاء على التَّأْكِيد فَيكون أَحدهمَا بَدَلا من الضَّمِير وأو كِلَاهُمَا عطف على أَحدهمَا وَقيل ثني الْفِعْل وَهُوَ مقدم على لُغَة من قَالَ قاما أَخَوَاك كَمَا ثبتَتْ عَلامَة التَّأْنِيث فِي الْفِعْل الْمُقدم عِنْد جَمِيع الْعَرَب فَيكون أَحدهمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 رفعا بِفِعْلِهِ على هَذَا وَكِلَاهُمَا عطف على أَحدهمَا قَوْله {وعد الْآخِرَة} مَعْنَاهُ وعد الْمرة الْآخِرَة ثمَّ حذف فَهُوَ فِي الأَصْل صفة قَامَت مقَام مَوْصُوف لِأَن الْآخِرَة نعت للمرة فحذفت الْمرة وأقيمت الْآخِرَة مقَامهَا وَالْكَلَام هُوَ رد على قَوْله تَعَالَى لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ قَوْله {وليتبروا مَا علوا} مَا وَالْفِعْل مصدر أَي وليتبروا علوهم أَي وَقت علوهم أَي وليهلكوا ويفسدوا زمن تمكنهم فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك جئْتُك مقدم الْحَاج وخفوق النَّجْم أَي وَقت ذَلِك قَوْله {عَسى ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ} أَن فِي مَوضِع نصب بعسى وَقد تقدم شرح ذَلِك وَال هُنَا بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَسَى من الله وَاجِبَة فقد كَانَ ذَلِك قَوْله {ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ} دعاءه نصب على الْمصدر وَفِي الْكَلَام حذف تَقْدِيره ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دُعَائِهِ بِالْخَيرِ ثمَّ حذف الْمَوْصُوف وَهُوَ دُعَاء ثمَّ حذفت الصّفة المضافة وَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 قَوْله {عَلَيْك حسيبا} نصب على الْبَيَان وَقيل على الْحَال قَوْله {انْظُر كَيفَ فضلنَا} كَيفَ فِي مَوضِع نصب بفضلنا وَلَا يعْمل فِيهِ انْظُر لِأَن الِاسْتِفْهَام يعْمل فِيهِ مَا قبله قَوْله {أكبر دَرَجَات} أكبر خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ الْآخِرَة ودرجات نصب على الْبَيَان وَمثله تَفْضِيلًا قَوْله {ابْتِغَاء رَحْمَة} و {خشيَة إملاق} كِلَاهُمَا مفعول من أَجله قَوْله {وَلَا تقربُوا الزِّنَى} من قصر الزِّنَى جعله مصدر زنى يَزْنِي زنى وَمن مده جعله مصدر زاني يزاني زناء ومزاناة قَوْله {وَمن قتل مَظْلُوما} مَظْلُوما نصب على الْحَال قَوْله {إِنَّه كَانَ منصورا} الْهَاء تعود على الْوَلِيّ وَقيل على الْمَقْتُول وَقيل على الدَّم وَقيل على الْقَتْل وَقَالَ أَبُو عبيد هِيَ للْقَاتِل وَمَعْنَاهُ أَن الْقَاتِل إِذا اقيد مِنْهُ فِي الدُّنْيَا فَقتل فَهُوَ مَنْصُور وَفِيه بعد فِي التَّأْوِيل قَوْله {مرحا} نصب على الْمصدر وَقَرَأَ يَعْقُوب مرحا بِكَسْر الرَّاء فَيكون نَصبه على الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 قَوْله {نفورا} نصب على الْحَال قَوْله {وَقل لعبادي يَقُولُوا} قد مضى الِاخْتِلَاف فِي نَظِيره فِي سُورَة إِبْرَاهِيم فَهُوَ مثله قَوْله {أَيهمْ أقرب} ابْتِدَاء وَخبر وَيجوز أَن تكون أَيهمْ بِمَعْنى الَّذِي بَدَلا من الْوَاو فِي يَبْتَغُونَ تَقْدِيره يَبْتَغِي الَّذِي هُوَ أقرب الْوَسِيلَة فَأَي على هَذَا التَّقْدِير مَبْنِيَّة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَفِيه اخْتِلَاف وَنظر سَنذكرُهُ فِي سُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَوْله {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب} أَن الأولى فِي مَوضِع نصب مفعول ثَان لمنع وَأَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع فَاعل لمنع تَقْدِيره وَمَا منعنَا الارسال بِالْآيَاتِ الَّتِي اقترحتها قُرَيْش إِلَّا تَكْذِيب الْأَوَّلين بِمِثْلِهَا فَكَانَ ذَلِك سَبَب اهلاكهم وَلَو أرسلها إِلَى قُرَيْش فكذبوا لأهلكوا وَقد تقدم فِي علم الله تَعَالَى تَأْخِير عقابهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَلم يرسلها لذَلِك قَوْله {مبصرة} نصب على الْحَال قَوْله {والشجرة الملعونة} نصب الشَّجَرَة على الْعَطف على الرُّؤْيَا أَي وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا والشجرة الملعونة قَوْله {خلقت طينا} نصب على الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 قَوْله {يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم} الْعَامِل فِي يَوْم فعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ لَا يظْلمُونَ يَوْم ندعوا وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله وَلَا يظْلمُونَ فتيلا وَلَا يحسن أَن يعْمل فِيهِ نَدْعُو لِأَن يَوْمًا مُضَاف إِلَيْهِ وَلَا يعْمل الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُمَا كاسم وَاحِد وَلَا يعْمل الشَّيْء فِي نَفسه وَالْبَاء فِي بإمامهم تتَعَلَّق بندعو فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لندعو تعدى إِلَيْهِ بِحرف جر وَيجوز أَن تتَعَلَّق الْبَاء بِمَحْذُوف والمحذوف فِي مَوضِع الْحَال فَيكون التَّقْدِير نَدْعُو كل أنَاس مختلطين بإمامهم أَي فِي هَذِه الْحَال وَمَعْنَاهُ ندعوهم وإمامهم فيهم وَمَعْنَاهُ على القَوْل الأول ندعوهم باسم إمَامهمْ وَهُوَ معنى مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِيره وَقد رُوِيَ عَن الْحسن أَن الإِمَام هُنَا الْكتاب الَّذِي فِيهِ أَعْمَالهم فَلَا تحْتَمل على هَذَا أَن تكون الْبَاء إِلَّا مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَذَلِكَ الْمَحْذُوف فِي مَوضِع الْحَال تَقْدِيره ندعوهم وَمَعَهُمْ كِتَابهمْ الَّذِي فِيهِ أَعْمَالهم كَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير ندعوهم ثَابتا مَعَهم كِتَابهمْ أَو مُسْتَقرًّا مَعَهم كِتَابهمْ وَنَحْو ذَلِك فَلَا يتَعَدَّى نَدْعُو على هَذَا التَّأْوِيل إِلَّا إِلَى مفعول وَاحِد قَوْله {فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى} هُوَ من عمي الْقلب فَهُوَ ثلاثي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 من عمي فَلذَلِك أَتَى بِغَيْر فعل ثلاثي وَفِيه معنى التَّعَجُّب وَلَو كَانَ من عمى الْعين لقَالَ فَهُوَ فِي الْآخِرَة أَشد عمى أَو أبين عمى لِأَن فِيهِ معنى التَّعَجُّب وعمى الْعين شَيْء ثَابت كَالْيَدِ وَالرجل فَلَا يتعجب مِنْهُ إِلَّا بِفعل ثلاثي وَكَذَلِكَ حكم مَا جرى مجْرى التَّعَجُّب وَقيل لما كَانَ عمى الْعين أَصله الرباعي لم يتعجب مِنْهُ إِلَّا بِإِدْخَال فعل ثلاثي لينقله التَّعَجُّب إِلَى الرباعي وَإِذا كَانَ فعل المتعجب مِنْهُ رباعيا لم يكن نَقله إِلَى أَكثر من ذَلِك فَلَا بُد من إِدْخَال فعل ثلاثي نَحْو بَان وَشد وَكثر وَشبهه هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقد حكى الْفراء مَا أعماه وَمَا اعوره وَلَا يجوزه البصريون قَوْله {سنة من قد} نصب على الْمصدر أَي سنّ الله ذَلِك سنة يَعْنِي سنّ الله أَن من أخرج نبيه هلك وَقَالَ الْفراء الْمَعْنى كَسنة من فَلَمَّا حذف الْكَاف نصب قَوْله {وَقُرْآن الْفجْر} نصب بإضمار فعل تَقْدِيره واقرأوا قُرْآن الْفجْر وَقيل تَقْدِيره أقِم قُرْآن الْفجْر قَوْله {قبيلا} نصب على الْحَال قَوْله {وَمَا منع النَّاس أَن يُؤمنُوا} أَن فِي مَوضِع نصب لمفعول ثَان لمنع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 قَوْله {إِلَّا أَن قَالُوا} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل منع أَي وَمَا منع النَّاس الْإِيمَان إِلَّا قَوْلهم كَذَا وَكَذَا قَوْله {كفى بِاللَّه شَهِيدا} الله جلّ ذكره فِي مَوضِع رفع بكفى وشهيدا حَال أَو بَيَان تَقْدِيره قل كفى الله شَهِيدا قَوْله {تسع آيَات بَيِّنَات} يجوز أَن تكون بَيِّنَات فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لآيَات أَو فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لتسْع قَوْله {وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل} بِالْحَقِّ الأول حَال مُقَدّمَة من الْمُضمر فِي أَنزَلْنَاهُ وبالحق الثَّانِي حَال مُقَدّمَة من الْمُضمر فِي نزل وَيجوز أَن تكون الْبَاء فِي الثَّانِي مُتَعَلقَة بِنزل على جِهَة التعدى قَوْله {قل لَو أَنْتُم} لَوْلَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط فَإِن لم يظْهر أضمر فَهُوَ مُضْمر فِي هَذَا وَأَنْتُم رفع بِالْفِعْلِ الْمُضمر قَوْله {لفيفا} نصب على الْحَال قَوْله {وقرآنا فرقناه} انتصب قُرْآن بإضمار فعل تَفْسِيره فرقناه تَقْدِيره وفرقنا قُرْآنًا فرقناه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 وَيجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على مبشرا وَنَذِيرا على معنى وَصَاحب قُرْآن ثمَّ حذف الْمُضَاف فَيكون فرقناه نعتا لِلْقُرْآنِ قَوْله {أيا مَا تدعوا} أَي نصب بتدعوا وَمَا زَائِدَة للتَّأْكِيد قَوْله {للأذقان سجدا} نصب على الْحَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل إِعْرَاب سُورَة الْكَهْف قَوْله تَعَالَى {قيمًا} نصب على الْحَال من الْكتاب قَوْله {كَبرت كلمة} كلمة نصب على التَّفْسِير وَفِي كَبرت ضمير فَاعل تَقْدِيره كَبرت مقالتهم اتخذ الله ولدا وَمن رفع كلمة جعل كَبرت بِمَعْنى عظمت وَلم يضمر فِيهِ شَيْئا فارتفعت الْكَلِمَة بِفِعْلِهَا وَتخرج نعت للكلمة قَوْله {إِن يَقُولُونَ إِلَّا كذبا} إِن بِمَعْنى مَا وكذبا نصب بالْقَوْل قَوْله {أسفا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {زِينَة لَهَا} مفعول ثَان لجعلنا أَن جعلته بِمَعْنى صيرنا وان جعلته بِمَعْنى خلقنَا نصبت زِينَة على أَنه مفعول من أَجله لِأَن خلقنَا لَا يتَعَدَّى إِلَّا إِلَى مفعول وَاحِد قَوْله {سِنِين} نصب على الظّرْف و {عددا} مصدر وَقيل نعت لسنين على معنى ذَات عدد وَقَالَ الْفراء مَعْنَاهُ مَعْدُودَة فَهُوَ على هَذَا نعت لسنين قَوْله {أحصى لما لَبِثُوا أمدا} أمدا نصب لِأَنَّهُ مفعول لأحصى كَأَنَّهُ قَالَ لنعلم أَهَؤُلَاءِ أحصى للأمد أم هَؤُلَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 وَقيل هُوَ مَنْصُوب بلبثوا وَأَجَازَ الزّجاج نَصبه على التَّمْيِيز وَمنعه غَيره لِأَنَّهُ إِذا نَصبه على التَّمْيِيز جعل أحصى اسْما على أفعل وأحصى أَصله مِثَال الْمَاضِي من أحصى يحصي وَقد قَالَ الله عز وَجل أَحْصَاهُ الله ونسوه وأحصى كل شَيْء عددا فَإِذا صَحَّ أَنه يَقع فعلا مَاضِيا لم يُمكن أَن يسْتَعْمل مِنْهُ أفعل من كَذَا إِنَّمَا يَأْتِي أفعل من كَذَا أبدا من الثلاثي وَلَا يَأْتِي من الرباعي الْبَتَّةَ إِلَّا فِي شذوذ نَحْو قَوْلهم مَا أولاه للخير وَمَا أعطَاهُ للدرهم فَهُوَ شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ فَإِذا لم يُمكن أَن يَأْتِي أفعل من كَذَا من الرباعي علم أَن أحصى لَيْسَ هُوَ أفعل من كَذَا إِنَّمَا هُوَ فعل مَاض وَإِذا كَانَ فعلا مَاضِيا لم يَأْتِ مَعَه التَّمْيِيز وَكَانَ تعديه إِلَى أمدا أبين وَأظْهر وَإِذا نصبت أمدا بلبثوا فَهُوَ ظرف لَكِن يلزمك أَن تكون عديت أحصى بِحرف جر لِأَن التَّقْدِير أحصى للبثهم فِي الأمد وَهُوَ مِمَّا لَا يحْتَاج إِلَى حرف فيبعد ذَلِك بعض الْبعد فنصبه بأحصى أولى وَأقوى فَأَما قَوْله {لنعلم أَي الحزبين} وَقَوله {فَلْينْظر أَيهَا أزكى} فالرفع عِنْد أَكثر النَّحْوِيين فِي هَذَا على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 خبر وَالْفِعْل مُعَلّق غير معمل فِي اللَّفْظ وَعلة سِيبَوَيْهٍ فِي ذَلِك أَنه لما حذف الْعَائِد على أَي بناها على الضَّم وَسَنذكر شرح الِاخْتِلَاف فِي أَي فِي مَرْيَم قَوْله {شططا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره قولا شططا وَيجوز أَن ينصبه القَوْل قَوْله {وَإِذ اعتزلتموهم} أَي واذْكُرُوا إِذْ اعتزلتموهم قَوْله {ذَات الْيَمين} و {ذَات الشمَال} ظرفان قَوْله {فِرَارًا} و {رعْبًا} منصوبان على التَّمْيِيز قَوْله {إِذْ يتنازعون} الْعَامِل فِي إِذْ ليعلموا قَوْله {ثَلَاثَة} أَي هم ثَلَاثَة وَكَذَلِكَ مَا بعده من خَمْسَة وَسَبْعَة قَوْله {وثامنهم كلبهم} إِنَّمَا جِيءَ بِالْوَاو هُنَا لتدل على تَمام الْقِصَّة وَانْقِطَاع الْحِكَايَة عَنْهُم وَلَو جِيءَ بهَا مَعَ رَابِع وسادس لجَاز وَلَو حذفت من الثَّامِن لجَاز لِأَن الضَّمِير الْعَائِد يَكْفِي من الْوَاو تَقول رَأَيْت عمرا وَأَبوهُ جَالس وان شِئْت حذفت الْوَاو للهاء العائدة على عَمْرو وَلَو قلت رَأَيْت عمرا وَبكر جَالس لم يجز حذف الْوَاو إِذْ لَا عَائِد يعود على عَمْرو وَيُقَال لهَذِهِ الْوَاو وَاو الْحَال وَيُقَال وَاو الِابْتِدَاء وَيُقَال وَاو إِذْ أَي هِيَ بِمَعْنى إِذْ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى ولطائفة قد أهمتهم أنفسهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 قَوْله {ثَلَاث مائَة سِنِين} من نون الْمِائَة استبعد الْإِضَافَة إِلَى الْجمع لِأَن أصل هَذَا الْعدَد أَن يُضَاف إِلَى وَاحِد يتَبَيَّن جنسه نَحْو عِنْدِي مائَة دِرْهَم وَمِائَة ثوب فنون الْمِائَة إِذْ بعْدهَا جمع وَنصب سِنِين على الْبَدَل من ثَلَاث وَقَالَ الزّجاج سِنِين فِي مَوضِع نصب عطف بَيَان على ثَلَاث وَقيل هِيَ فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من مائَة لِأَنَّهَا فِي معنى مئين وَمن لم ينون أضَاف مائَة إِلَى سِنِين وَهِي قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ أضافا إِلَى الْجمع كَمَا يفْعَلَانِ فِي الْوَاحِد وَجَاز لَهما ذَلِك لِأَنَّهُمَا إِذا أضافا إِلَى وَاحِد فَقَالَا ثلثمِائة سنة فَسنة بِمَعْنى سِنِين لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِك فحملا الْكَلَام على مَعْنَاهُ فَهُوَ حسن فِي الْقيَاس قَلِيل فِي الِاسْتِعْمَال لِأَن الْوَاحِد أخف من الْجمع وَإِنَّمَا يبعد من جِهَة قلَّة الِاسْتِعْمَال وَإِلَّا فَهُوَ الأَصْل قَوْله {وازدادوا تسعا} تسعا مفعول بِهِ بازدادوا وَلَيْسَ بظرف تَقْدِيره وازدادوا لبث تسع سِنِين وَزَاد أَصله فعل يتَعَدَّى إِلَى مفعولين قَالَ الله جلّ ذكره وزدناهم هدى لَكِن لما رَجَعَ فعل إِلَى افتعل نقص من التعدى وتعدى إِلَى مفعول وَاحِد وأصل الدَّال الأولى فِي وازدادوا تَاء الافتعال وَأَصله وازتيدوا فقلبت الْيَاء ألفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وأبدل من التَّاء دَالا لتَكون فِي الْجَهْر كالدال الَّتِي بعْدهَا وَالزَّاي الَّتِي قبلهَا وَكَانَت الدَّال أولى بذلك لِأَنَّهَا من مخرج التَّاء فَيكون عمل اللِّسَان من مَوضِع وَاحِد فِي القَوْل والجهر قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات إِنَّا لَا نضيع أجر من أحسن عملا} خبر إِن الأولى أُولَئِكَ لَهُم جنَّات وَقيل خَبَرهَا إِنَّا لَا نضيع أجر من احسن عملا لِأَن مَعْنَاهُ انا لَا نضيع أجرهم وَقيل الْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره ان الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات يجازيهم الله بأعمالهم وَدلّ على ذَلِك قَوْله انا لَا نضيع أجر من أحسن عملا قَوْله {من سندس} هُوَ جمع واحده سندسة وَوَاحِد العبقري عبقرية وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى عبقر وَوَاحِد الرفرف رفرفة وَوَاحِد الأرائك أريكة قَوْله {قلت مَا شَاءَ الله} مَا اسْم نَاقص بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره قلت الْأَمر مَا شَاءَ الله أَي مَا شاءه الله ثمَّ حذفت الْهَاء من الصِّلَة وَقيل مَا شَرط اسْم تَامّ وَشاء فِي مَوضِع يَشَاء وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره قلت مَا شَاءَ الله كَانَ وَلَا هَاء مقدرَة فِي هَذَا الْوَجْه لِأَن مَا إِذا كَانَت للشّرط والاستفهام اسْم تَامّ لَا يجتاح إِلَى صلَة وَلَا إِلَى إِلَى عَائِد من صلَة قَوْله {إِن ترن أَنا أقل} أَنا فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 وَأَقل مفعول ثَان لترني وَإِن شِئْت جعلت أَنا تَأْكِيدًا لضمير الْمُتَكَلّم فِي ترني وَيجوز فِي الْكَلَام رفع أقل تجْعَل أَنا مُبْتَدأ وَأَقل الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لترني قَوْله {غورا} نصب لِأَنَّهُ خبر أصبح تَقْدِيره ذَا غور قَوْله {وأحيط بثمره} الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله لأحيط مُضْمر وَهُوَ الْمصدر وَيجوز أَن يكون بثمره فِي مَوضِع رفع على الْمَفْعُول لأحيط قَوْله {بثمره} من قَرَأَ بِضَمَّتَيْنِ جعله جمع ثَمَرَة كخشبة وخشب وَيجوز أَن يكون جمع الْجمع كَأَنَّهُ جمع ثمار مثل حمَار وحمر وثمار جمع ثَمَرَة كأكمة وإكام وَمن قَرَأَ بِفتْحَتَيْنِ جعله جمع ثَمَرَة كخشبة وخشب وَمن أسكن الثَّانِي وَضم الأول فعلى الاستخفاف وَأَصله ضمتان قَوْله {هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} من رفع الْحق جعل الْولَايَة مُبْتَدأ وهنالك خَبره وَالْحق نعت للولاية وَالْعَامِل فِي هُنَالك الِاسْتِقْرَار الْمَحْذُوف الَّذِي قَامَ هُنَالك مقَامه وَيجوز أَن يكون لله خبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 الْولَايَة وَمن خفض الْحق جعله نعتا لله جلّ ذكره أَي لله ذِي الْحق وألغى هُنَالك فَيكون الْعَامِل فِي هُنَالك الِاسْتِقْرَار الَّذِي قَامَ لله مقَامه وَلَا يحسن الْوَقْف على هُنَالك فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِي هُنَالك إِذا جعلت لله الْخَبَر منتصرا فَيحسن الْوَقْف على هُنَالك على هَذَا الْوَجْه وهنالك يحْتَمل أَن يكون ظرف زمَان وظرف مَكَان وَأَصله الْمَكَان تَقول اجْلِسْ هُنَالك وَهَاهُنَا وَهُنَاكَ وأقم هُنَالك وَاللَّام فِي هُنَالك تدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ قَوْله {على رَبك صفا} نصب على الْحَال قَوْله {وَيَوْم نسير الْجبَال} الْعَامِل فِي يَوْم فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم نسير الْجبَال وَلَا يحسن أَن يكون الْعَامِل مَا قبله لِأَن حرف الْعَطف يمْنَع من ذَلِك قَوْله {إِلَّا إِبْلِيس} نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع على مَذْهَب من رأى أَن إِبْلِيس لم يكن من الْمَلَائِكَة وَقيل هُوَ من الأول لِأَنَّهُ من الْمَلَائِكَة كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 قَوْله {وَمَا منع النَّاس أَن يُؤمنُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول منع قَوْله {إِلَّا أَن تأتيهم} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل منع قَوْله {الْعَذَاب قبلا} من ضم الْقَاف جعله جمع قبيل أَي يَأْتِيهم الْعَذَاب قبيلا قبيلا أَي صفا صفا أَي أجناسا وَقيل مَعْنَاهُ شَيْء بعد شَيْء من جنس وَاحِد فَهُوَ نصب على الْحَال وَقيل مَعْنَاهُ مُقَابلَة أَي يقابلهم عيَانًا من حَيْثُ يرونه وَكَذَلِكَ الْمَعْنى فِي قِرَاءَة من كسر الْقَاف أَي يَأْتِيهم مُقَابلَة أَي عيَانًا حكى أَبُو زيد لقِيت فلَانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا وقبيلا بِمَعْنى وَاحِد أَي عيَانًا ومقابلة قَوْله {وَتلك الْقرى أهلكناهم} تِلْكَ فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وأهلكناهم الْخَبَر وَإِن شِئْت كَانَت تِلْكَ فِي مَوضِع نصب على إِضْمَار فعل يفسره أهلكناهم قَوْله {لمهلكهم} من فتح اللَّام وَالْمِيم جعله مصدر هَلَكُوا مهْلكا وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول على لُغَة من أجَاز تعدى هلك وَمن لم يجز تعديه فَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 مُضَاف إِلَى الْفَاعِل وَمن فتح الْمِيم وَكسر اللَّام جعله اسْما للزمان تَقْدِيره لوقت مهلكهم وَقيل هُوَ مصدر هلك أَيْضا أَتَى نَادرا مثل الْمرجع والمحيض وَمن ضم الْمِيم وَفتح اللَّام جعله مصدر أهلكوا قَوْله {سربا} مصدر وَقيل هُوَ مفعول ثَان لاتخذ قَوْله {وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء فِي أنسانيه وَهُوَ بدل الاشتمال وَقَوله {فِي الْبَحْر عجبا} مصدر إِن جعلته من قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وتقف على الْبَحْر كَأَنَّهُ لما قَالَ فَتى مُوسَى وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر قَالَ مُوسَى أعجب عجبا وَإِن جعلت عجبا من قَول فَتى مُوسَى كَانَ مَفْعُولا ثَانِيًا لاتخذ وَقيل أَنه من قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كُله تَقْدِيره وَاتخذ مُوسَى سَبِيل الْحُوت فِي الْبَحْر تعجب عجبا فالوقف على عجبا على هَذَا التَّأْوِيل حسن قَوْله {قصصا} مصدر أَي رجعا يقصان الْأَثر قصصا قَوْله {تحط بِهِ خَبرا} خَبرا مصدر لِأَن معنى تحط بِهِ تخبره قَوْله {علمت رشدا} رشدا مفعول من أَجله مَعْنَاهُ هَل اتبعك للرشد على أَن تعلمني مِمَّا علمت فَتكون على وَمَا بعْدهَا حَالا وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا لتعلمني تَقْدِيره على أَن تعلمني أمرا ذَا رشد والرشد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 والرشد لُغَتَانِ قَوْله {لاتخذت} من خفف التَّاء جعله من تخذت فَأدْخل اللَّام الَّتِي هِيَ لجواب لَو على التَّاء الَّتِي هِيَ فَاء الْفِعْل حكى أهل اللُّغَة تخذت أَتَّخِذ وَحكى سِيبَوَيْهٍ استخذ فلَان أَرضًا أَصله اتخذ على افتعل لكنه أبدل من التَّاء الأولى سينا وَمن شدده جعله افتعل فأدغم التَّاء الْأَصْلِيَّة فِي الزَّائِدَة وَقَالَ الْأَخْفَش التَّاء الأولى فِي اتخذ بدل من وَاو وَالْوَاو بدل من همزَة وَقيل بدل من يَاء وَالْيَاء بدل من همزَة حَكَاهُ ابْن كيسَان عَنهُ قَوْله {تغرب فِي عين} هُوَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْهَاء فِي وجدهَا قَوْله {إِمَّا أَن تعذب وَإِمَّا أَن تتَّخذ فيهم} أَن فِي مَوضِع نصب فيهمَا وَقيل فِي مَوضِع رفع وَهُوَ أبين على فَأَما هُوَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... فسيرا فَأَما حَاجَة تقضيانها ... وَإِمَّا مقيل صَالح وصديق ... فالرفع على إِضْمَار مُبْتَدأ وَالنّصب على إِضْمَار فعل أَي فَأَما تفعل أَن تعذب أَي تفعل الْعَذَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 قَوْله {فَلهُ جَزَاء الْحسنى} من رفع جَزَاء جعله مُبْتَدأ وَله الْخَبَر وَتَقْدِيره فَلهُ جَزَاء الْخلال الْحسنى فالحسنى فِي مَوضِع خفض بِإِضَافَة الْجَزَاء إِلَيْهَا وَقيل هِيَ فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من جَزَاء وَحذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَالْحُسْنَى على هَذَا الْجنَّة كَأَنَّهُ قَالَ فَلهُ الْجنَّة وَمن نصب جَزَاء ونونه جعل الْحسنى مُبْتَدأ وَله الْخَبَر وَنصب جَزَاء على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال تَقْدِيره فَلهُ الْخلال جَزَاء أَو الْجنَّة جَزَاء أَي مجزيا بهَا وَقيل جَزَاء نصب على التَّمْيِيز وَقيل على الْمصدر وَمن نصب وَلم ينونه فَإِنَّمَا حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَالْحُسْنَى فِي مَوضِع رفع وَفِيه بعد قَوْله {لَا يكادون يفقهُونَ} من ضم الْيَاء قدر حذف مفعول تَقْدِيره لَا يفقهُونَ أحدا قولا ولاحذف مَعَ فتح الْيَاء قَوْله {يَأْجُوج وَمَأْجُوج} لم ينصرفا لِأَنَّهُمَا اسمان لقبيلتين مَعَ التَّعْرِيف وَقيل مَعَ العجمة وَمن همزه جعله عَرَبيا مشتقا من أجيج النَّار وَمن ذَلِك قَوْله ملح أجاج فهما على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وزن يفعول ومفعول وَيجوز أَن يكون من لم يهمز أَن يَنْوِي الْهَمْز وَلَكِن خففه فَيكون عَرَبيا أَيْضا قَوْله {بالأخسرين أعمالا} أعمالا نصب على التَّمْيِيز قَوْله {عَنْهَا حولا} نصب بيبغون أَي متحولا يُقَال حَال من يحول حولا إِذا تحول مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام قَوْله تَعَالَى {ذكر رَحْمَة رَبك} قَالَ الْفراء هُوَ مَرْفُوع بكهيعص وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِ الزّجاج وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره فِيمَا يقص عَلَيْك ذكر رَحْمَة رَبك وَقيل تَقْدِيره هَذَا الَّذِي يُتْلَى ذكر رَحْمَة رَبك وَتَقْدِير الْكَلَام ذكر رَبك عَبده زَكَرِيَّا برحمة قَوْله {إِذْ نَادَى ربه} الْعَامِل فِي إِذْ هُوَ ذكر قَوْله {شيبا} نصب على التَّفْسِير وَقيل هُوَ مصدر شَاب شيبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 قَوْله {يَرِثنِي وَيَرِث} من جزمه جعله جَوَابا للطلب لِأَنَّهُ كالأمر فِي الحكم وَمن رَفعه جعله نعتا للْوَلِيّ أَو على الْقطع تَقْدِيره اذا جعلته نعتا فَهَب لي من لَدُنْك وليا وَارِثا علمي ونبوتي قَوْله {من الْكبر عتيا} نصب ببلغت وَتَقْدِيره سنا عتيا وَأَصله عتوا وَهُوَ مصدر عتا يعتو فأبدلوا من الْوَاو يَاء وَمن الضمة الَّتِي قبلهَا كسرة لتصح الْيَاء وَلِأَن ذَلِك أخف ولتتفق رُءُوس الاي وَقد قرىء بِكَسْر الْعين لاتباع الْكسر الْكسر قَوْله {قَالَ كَذَلِك} الْكَاف فِي مَوضِع رفع أَي قَالَ الْأَمر كَذَلِك فَهِيَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف قَوْله {سويا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تكلم أَو نعت لثلاث لَيَال وَكَذَلِكَ بشرا قَوْله {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} صَبيا نصب على الْحَال قَوْله {وَحَنَانًا} عطف على الحكم قَوْله {مَكَانا قصيا} ظرف وَقيل هُوَ مفعول بِهِ على تَقْدِير فقصدت بِهِ مَكَانا قصيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 قَوْله {فناداها من تحتهَا} من كسر الْمِيم فِي من كَانَ الضَّمِير فِي فناداها ضمير عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَي فناداها عِيسَى من تحتهَا أَي من تَحت ثِيَابهَا وَيجوز أَن يكون الضَّمِير لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام وَيكون التَّقْدِير فناداها جِبْرِيل من دونهَا أَي من أَسْفَل من موضعهَا كَمَا تَقول دارى تَحت دَارك أَي أَسْفَل من دَارك وبلدي تَحت بلدك أَي أَسْفَل مِنْهُ وكما قَالَ فِي الْجنَّة تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار أَي من أَسْفَل مِنْهَا فتحت يُرَاد بهَا الْجِهَة المحاذية للشىء فَيكون جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كلمها من الْجِهَة المحاذية لَهَا لَا من أَسْفَل مِنْهَا واذا كَانَ الضَّمِير لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ تَحت بِمَعْنى أَسْفَل لِأَن مَوضِع ولادَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَسْفَل مِنْهَا وَيدل على أَن 4 تَحت تقع بِمَعْنى الْجِهَة المحاذية للشىء قَوْله {قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي فِي الْموضع المحاذي لَك لَا أَنه أَسْفَلهَا فَأَما فتح الْمِيم من من فانه جعل من هُوَ الْفَاعِل وَلَيْسَ فِي فناداها ضمير فَاعل وَمن فِي هَذِه الْقِرَاءَة هُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسْفَل مِنْهَا فَوَقَعت من للخصوص فِي هَذَا وَأَصلهَا أَن تكون للْعُمُوم وَقد قيل أَيْضا ان من لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام كَالْأولِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 قَوْله {تساقط عَلَيْك رطبا} نصب رطبا على الْبَيَان وَقيل هُوَ مفعول لهزي وَهَذَا انما يكون على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ وَالتَّخْفِيف أَو التَّشْدِيد أَو بِفَتْح التَّاء وَالتَّشْدِيد وَفِي تساقط ضمير النَّخْلَة وَيجوز أَن يكون ضمير الْجذع هَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ كَمَا قَالُوا ذهبت بعض أَصَابِعه فَأَما من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ فَلَا يكون فِي يساقط الا ضمير الْجذع فَأَما من قَرَأَ بِضَم التَّاء وَالتَّخْفِيف وَكسر الْقَاف فرطب مفعول تساقط وَقيل هُوَ حَال وَالْمَفْعُول مُضْمر تَقْدِيره تساقط ثَمَرهَا عَلَيْك رطبا جنيا نعت والنخلة تدل على الثَّمر فَحسن حذفه وَالْبَاء فِي بجذع زَائِدَة قَوْله {وقري عينا} نصب على التَّفْسِير قَوْله {فإمَّا تَرين} وَزنه فِي الأَصْل تفعلين كتضربين وأصل لَفظه ترأيين فألقيت حَرَكَة الْهمزَة على الرَّاء كَمَا يفعل فِي ترى ثمَّ أبدل من الْيَاء الْمَكْسُورَة الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل الْفَا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا ثمَّ حذف الْألف لسكونها وَسُكُون يَاء التَّأْنِيث بعْدهَا فبقى تَرين فَدخلت النُّون الْمُشَدّدَة للتَّأْكِيد فحذفت نون الاعراب للْبِنَاء وَكسرت الْيَاء لسكونها وَسُكُون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 أول النُّون الْمُشَدّدَة وَلم تحذف الْيَاء اذ لَيْسَ قبلهَا كسرة تدل عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ قد حذف لَام الْفِعْل قبلهَا فَصَارَت تَرين كَمَا هِيَ فِي التِّلَاوَة فَافْهَم ذَلِك قَوْله {أمك بغيا} أصل بغيا بغوي فَهُوَ فعول لَكِن أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَكسرت الْغَيْن لمجاورتها الياءين ولتصح الْيَاء الساكنة وفعول هُنَا بِمَعْنى فاعلة وَلذَلِك أَتَى بِغَيْر هَاء وَهُوَ صفة للمؤنث كَمَا يَأْتِي فعول بِغَيْر هَاء للمؤنث اذا كَانَ بِمَعْنى مفعول كَقَوْلِه تَعَالَى {فَمِنْهَا ركوبهم} وَلَيْسَ بغيا فِي الأَصْل على وزن فعيل وَلَو كَانَ فعيلا للزمته الْهَاء للمؤنث لِأَن فعيلا اذا كَانَ للمؤنث بِمَعْنى فَاعل لَزِمته الْهَاء كَقَوْلِهِم امْرَأَة رحيمة وعليمة بِمَعْنى راحمة وعالمة فَلَمَّا أَتَى بغي بِغَيْر هَاء علم أَنه فعول وَلَيْسَ بفعيل قَوْله {يَا أُخْت هَارُون} التَّاء فِي أُخْت لَيست بِأَصْل لَكِنَّهَا بِمَنْزِلَة الأَصْل لِأَنَّهَا زيدت للالحاق لِأَن أصل الِاسْم أخوة على فعلة فحذفت الْوَاو وضمت الْهمزَة لتدل على الْوَاو المحذوفة كَمَا كسرت الْبَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 فِي بنت لتدل على الْيَاء المحذوفة وأصل بنت بنية فبقى الإسم على حرفين الْهمزَة وَالْخَاء فزيدت التَّاء وَألْحق بِبِنَاء فعل والتصغير وَالْجمع يدلان على مَا قُلْنَا لِأَنَّك تردها إِلَى أَصْلهَا فِي التصغير وَالْجمع فَتَقول أخية وأخوات وَحذف الْوَاو فِيهَا على غير قِيَاس وَقيل لِكَثْرَة الإستعمال وَكَانَ الْقيَاس أَن تَقول فِي الْوَاحِدَة أخاة تقلب الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَكَذَلِكَ التَّاء فِي بنت زيدت لتلحق الإسم بِبِنَاء جذع لِأَن الْيَاء مِنْهَا حذفت على غير قِيَاس إِلَّا أَن بِنْتا لَا ترد الْيَاء فِيهَا فِي الْجمع وَترد فِي التصغير تَقول فِي التصغير بنية كَمَا تَقول فِي أُخْت أَخِيه وَتقول فِي الْجمع بَنَات وَلَا تَقول بنيات كَمَا تَقول أَخَوَات قَوْله من كَانَ فِي المهد صَبيا صَبيا نصب على الْحَال وَكَانَ زَائِدَة وَالْعَامِل فِي الْحَال الأستقرار وَقيل كَانَ كَانَ هُنَا بِمَعْنى وَقع وَحدث وفيهَا اسْمهَا مُضْمر وصبيا حَال أَيْضا وَالْعَامِل فِيهِ نُكَلِّم وَقيل كَانَ وَقَالَ الزّجاج من للشّرط وَالْمعْنَى من كَانَ فِي المهد صَبيا كَيفَ نكلمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 قَوْله {مَا دمت حَيا} مَا فِي مَوضِع نصب على الظّرْف أَي حِين دوَام حَياتِي وَقيل فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَحيا خبر دمت وَالتَّاء اسْم دَامَ لِأَن دَامَ من أَخَوَات كَانَ قَوْله {وَبرا بوالدتي} عطف على مُبَارَكًا ومبارك مفعول ثَان لجعل وَمن خفض برا عطفه على الصَّلَاة قَوْله {قَول الْحق} من رفع قولا أضمر مُبْتَدأ وَجعل قَول الْحق خَبره تَقْدِيره ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم ذَلِك قَول الْحق أَو هَذَا الْكَلَام قَول الْحق وَقيل ان هُوَ الْمُضمر كِنَايَة عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ بِكَلِمَة الله جلّ ذكره كَانَ وَقد سَمَّاهُ الله كلمة اذ بِالْكَلِمَةِ يكون وَلذَلِك قَالَ الْكسَائي على هَذَا الْمَعْنى ان قَول الْحق نعت لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام وَمن نصب قولا فعلى الْمصدر أَي أَقُول قَول الْحق قَوْله {وَإِن الله رَبِّي} من قتح أَن عطفها على الصَّلَاة وَمن كسرهَا اسْتَأْنف الْكَلَام بهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 قَوْله {إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا} صديق خبر كَانَ وَنَبِي نعت لصديق وَقيل هُوَ خبر بعد خبر قَوْله {أراغب أَنْت عَن آلهتي} رَاغِب مُبْتَدأ وَأَنت رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّغْبَة ويسد مسد الْخَبَر وَحسن الِابْتِدَاء بنكرة لاعتمادها على ألف الِاسْتِفْهَام قبلهَا قَوْله {قَالَ سَلام عَلَيْك} ابْتِدَاء وَالْمَجْرُور خَبره وَحسن الِابْتِدَاء بنكرة لِأَن فِيهَا معنى الْمَنْصُوب وفيهَا أَيْضا معنى التبري والمتاركة فَلَمَّا أفادت فَوَائِد جَازَ الِابْتِدَاء بهَا وَالْأَصْل أَن لَا بيتدأ بنكرة الا أَن تفِيد فَائِدَة عِنْد الْمُخَاطب قَوْله {مرضيا} أَصله مرضو على وزن مفعول وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو لقَولهم الرضْوَان ثمَّ أبدلوا من الْوَاو يَاء وكسروا مَا قبلهَا لتصح الْيَاء الساكنة وَلِأَنَّهُ أخف من الْوَاو قَوْله {وقربناه نجيا} نجيا نصب على الْحَال قَوْله {خروا سجدا وبكيا} انتصبا على الْحَال وَيكون بكيا جمع باك وَقيل بكيا نصب على الْمصدر وَلَيْسَ بِجمع باك تَقْدِيره خروا سجدا وَبكوا بكيا وَأَصله فِي الْوَجْهَيْنِ بكويا على فعول ثمَّ أدغمت الْوَاو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 فِي الْيَاء وَكسر مَا قبلهَا ليَصِح سُكُون الْيَاء وَلِأَنَّهُ أخف وَقد كسر جمَاعَة من الْقُرَّاء الْيَاء ليتبع الْكسر الْكسر وليكون أخف فِي عمل اللِّسَان قَوْله {إِلَّا سَلاما} نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل هُوَ بدل من لَغْو قَوْله {تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث من عبادنَا من كَانَ تقيا} نورث يتَعَدَّى الى مفعولين لِأَنَّهُ رباعي من أورث فالمفعول الأول هَاء محذوفة من صلَة الَّتِي لطول الِاسْم تَقْدِيره نورثها وَالْمَفْعُول الثَّانِي من فِي قَوْله من كَانَ تقيا وَمن مُتَعَلقَة بنورث أَو بتقي وَالتَّقْدِير تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورثها من كَانَ تقيا من عبادنَا قَوْله {فِيهَا جثيا} نصب على الْحَال ان جعلتة جمع جاث وَنصب على الْمصدر ان لم تَجْعَلهُ جمعا وَجَعَلته مصدرا وَأَصله فِي الْوَجْهَيْنِ جثوو على فعول ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْوَاو فثقل اللَّفْظ بِضَمَّتَيْنِ وواوين متطرفتين فابدلوا من الْوَاو يَاء وَكسر مَا قبلهَا لتصح الْيَاء الساكنة وَلِأَنَّهُ أخف وَقَرَأَ جمَاعَة من الْقُرَّاء بِكَسْر الْجِيم على الِاتِّبَاع للخفة والمجانسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 قَوْله {أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن عتيا} قَرَأَ هَارُون القارىء بِنصب أَيهمْ أعمل فِيهَا لننزعن وَالرَّفْع فِي أَيهمْ عِنْد الْخَلِيل على الْحِكَايَة فَهُوَ ابْتِدَاء وَخَبره أَشد تَقْدِيره ثمَّ لننزعن من كل شيعَة الَّذِي من أجل عتوه يُقَال أَي هَؤُلَاءِ أَشد عتيا وَهُوَ كَقَوْل الشَّاعِر ... فأبيت لَا حرج وَلَا محروم ... أَي بِمَنْزِلَة الَّذِي يُقَال لَهُ لَا حرج وَلَا محروم وَهَذَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَرْفُوع بِلَا لِأَنَّهَا كليس وَخبر لَيْسَ مَحْذُوف تَقْدِيره لَا حرج وَلَا محروم فِي مَكَاني وَالْيَاء تعود على اسْم بَات وَالْجُمْلَة خبر بَات وَمن جعله حِكَايَة جعل الْجُمْلَة المحكية خبر بَات وَالْهَاء فِي لَهُ الْمقدرَة عَائِدَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 على الَّذِي وَذهب يُونُس على أَن أيا رفع بِالِابْتِدَاءِ على الْحِكَايَة ويعلق الْفِعْل وَهُوَ لننزعن فَلَا يعمله فِي اللَّفْظ وَلَا يجوز أَن يعلق مثل لننزعن عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل وانما يجوز أَن يعلق مثل أَفعَال الشَّك وَشبههَا مِمَّا لم يتَحَقَّق وُقُوعه وَذهب سِيبَوَيْهٍ الى أَن أيا مَبْنِيَّة على الضَّم لِأَنَّهَا عِنْده بِمَنْزِلَة الَّذِي وَمَا لَكِن خالفتهما فِي جَوَاز الاضافة فِيهَا فاعربت لما جَازَت فِيهَا الاضافة فَلَمَّا حذف من صلتها مَا يعود عَلَيْهَا لم تقو فَرَجَعت الى أَصْلهَا وَهُوَ الْبناء كَالَّذي وَمَا وَلَو أظهرت الضَّمِير لم يجز الْبناء عِنْده وَتَقْدِير الْكَلَام عِنْده ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ هُوَ أَشد كَمَا تَقول لننزعن الَّذِي هُوَ أَشد ويقبح حذف هُوَ مَعَ الَّذِي وقرىء تَمامًا على الَّذِي أحسن بِرَفْع أحسن على تَقْدِير حذف هُوَ والحذف مَعَ الَّذِي قَبِيح وَمَعَ أَي حسن فَلَمَّا خَالَفت أَي أخواتها حسن الْحَذف مَعهَا فَلَمَّا حذفت هُوَ بنيت أيا على الضَّم وَقد اعْترض سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْله وَقيل كَيفَ يبْنى الْمُضَاف وَهُوَ مُتَمَكن وَفِيه نظر وَلَو ظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 الضَّمِير الْمَحْذُوف مَعَ أَي لم يكن فِي أَي الا النصب عِنْد الْجَمِيع وَقَالَ الْكسَائي لننزعن وَاقعَة على الْمَعْنى وَقَالَ الْفراء معنى لننزعن لننادين فَلم يعْمل لِأَنَّهُ بِمَعْنى النداء وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين انما لم يعْمل لننزعن فِي أَيهمْ لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط والمجازاة فَلم يعْمل مَا قبلهَا فِيهَا وَالْمعْنَى لننزعن من كل فرقة إِن تشايعوا أَو لم يتشايعوا كَمَا تَقول ضربت الْقَوْم أَيهمْ غضب وَالْمعْنَى ان غضبوا أَو لم يغضبوا وَعَن الْمبرد أَن أَيهمْ رفع لِأَنَّهُ مُتَعَلق بشيعة وَالْمعْنَى من الَّذين تشايعوا أَيهمْ أَي من الَّذين تعاونوا فنظروا أَيهمْ قَوْله {إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة} انتصبا على الْبَدَل من مَا الَّتِي فِي قَوْله {حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون} قَوْله {ونرثه مَا يَقُول} حرف الْجَرّ مَحْذُوف تَقْدِيره ونرث مِنْهُ مَا يَقُول أَي نرث مِنْهُ مَاله وَولده وَقَوله {ويأتينا فَردا} حَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 قَوْله {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن} من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يملكُونَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء على أَنه لَيْسَ من الأول قَوْله {وتخر الْجبَال هدا} هدا مصدر قَوْله {أَن دعوا للرحمن ولدا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {للرحمن أَن يتَّخذ ولدا} أَن فِي مَوضِع رفع يَنْبَغِي قَوْله {إِن كل من} إِن بِمَعْنى مَا وكل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر إلااتي الرَّحْمَن واتي اسْم فَاعل والرحمن فِي مَوضِع نصب بالاتيان وعبدا نصب على الْحَال وَمثله فَردا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة طه قَوْله تَعَالَى {إِلَّا تذكرة} مفعول من أَجله أَو على الْمصدر وتنزيلا مصدر قَوْله {طوى} من ترك تنوينه فعلته أَنه معدول كعمر وَهُوَ معرفَة وَقيل هُوَ مؤنث اسْم للبقعة وَهُوَ معرفَة وَمن نونه جعله اسْما للمكان غير معدول كصرد وَهُوَ بدل من الْوَادي فِي الْوَجْهَيْنِ قَوْله {وَمَا تِلْكَ بيمينك} تِلْكَ عِنْد الزّجاج بِمَعْنى الَّتِي وبيمينك صلتها وَهِي عِنْد الْفراء بِمَعْنى هَذِه وَهَذِه وَتلك عِنْده تحتاجان الى صلَة كَالَّتِي وَذكر قطرب عَن ابْن عَبَّاس أَن تِلْكَ بِمَعْنى هَذِه وَمَا فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا الْخَبَر وَمعنى الِاسْتِفْهَام فِي هَذِه التَّنْبِيه قَوْله {تخرج بَيْضَاء} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تخرج واية بدل من بَيْضَاء حَال أَيْضا أَي تخرج مبينَة عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 قدرَة الله جلّ ذكره وَقيل آيَة انتصبت باضمار فعل التَّقْدِير آتيناك آيَة اخرى وَالرَّفْع جَائِز فِي غير الْقرَان على هَذِه آيَة قَوْله {وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي هَارُون} هَارُون بدل من وَزِير وَقيل هُوَ مَنْصُوب باجعل على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أَي وَاجعَل لي هَارُون أخي وزيرا قَوْله {نسبحك كثيرا} كثيرا نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره نسبحك تسبيحا كثيرا أَو نعت لوقت مَحْذُوف تَقْدِيره نسبحك وقتا طَويلا وَمن قَرَأَ بوصل ألف اشْدُد وَفتح ألف أشركه جعله على الدُّعَاء والطلب فَهُوَ مَبْنِيّ وَمن قطع ألف اشْدُد وَضم ألف أشركه وَهُوَ ابْن عَامر جعله مَجْزُومًا جَوَابا لأجعل فالألفان ألفا الْمُتَكَلّم وهما فِي الْقِرَاءَة الأولى الْألف الأولى ألف وصل وَالثَّانيَِة ألف قطع قَوْله {أَن اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 ان فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا وَالْهَاء الأولى فِي اقذفيه لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالثَّانيَِة للتابوت قَوْله {فِي كتاب لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى} مَا بعد كتاب صفة لَهُ من الجملتين وربي فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض تَقْدِيره لَا يضل الْكتاب عَن رَبِّي وَلَا ينسى وَيجوز أَن يكون رَبِّي فِي مَوضِع رفع يَنْفِي عَنهُ الضلال وَالنِّسْيَان وَقد بَينا هَذِه الْآيَة فِي كتاب الْهِدَايَة بأشبع من هَذَا قَوْله {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} الرّفْع فِي يَوْم على خبر مَوْعدكُمْ على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره مَوْعدكُمْ وَقت يَوْم الزِّينَة وَقد نصب الْحسن يَوْم الزِّينَة على الظّرْف وَقَوله {وَأَن يحْشر النَّاس ضحى} أَن فِي مَوضِع رفع عطف على يَوْم على تَقْدِير مَوْعدكُمْ وَقت يَوْم الزِّينَة وَوقت حشر النَّاس وَقيل أَن فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على الزِّينَة وَمن نصب يَوْم الزِّينَة جعل أَن فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على يَوْم الزِّينَة وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير مَوْعدكُمْ وَقت حشر النَّاس أَو فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على الزِّينَة قَوْله {مَكَانا سوى} الْمَكَان مَنْصُوب على أَنه مفعول ثَان لجعل وَلَا يجوز نَصبه بالموعد لِأَنَّهُ قد وصف بقوله تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 {لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت} والأسماء الَّتِي تعْمل عمل الْأَفْعَال اذا وصفت أَو صغرت لم تعْمل لِأَنَّهَا تخرج عَن شبه الافعال بِالصّفةِ والتصغير اذ الْأَفْعَال لَا تُوصَف وَلَا تصغر فاذا خرجت بِالصّفةِ والتصغير عَن شبه الْفِعْل امْتنعت من الْعَمَل وَهَذَا أصل لَا يخْتَلف فِيهِ البصريون وَكَذَلِكَ اذا أخْبرت عَن المصادر أَو عطفت عَلَيْهَا لم يجز أَن تعملها فِي شَيْء بعد ذَلِك لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول لِأَن الْمَعْمُول فِيهِ دَاخل فِي صلَة الْمصدر وَالْخَبَر والمعطوف غير داخلين فِي الصِّلَة وَلَا يحسن أَن يكون مَكَانا فِي هَذَا الْموضع ظرفا لِأَن الْموعد لم تجره الْعَرَب مَعَ الظروف مجْرى سَائِر المصادر مَعهَا أَلا ترى أَنه قد قَالَ تَعَالَى {إِن موعدهم الصُّبْح} بِالرَّفْع وَلَو قلت ان خُرُوجهمْ الصُّبْح لم يجز إلاالنصب فِي الصُّبْح على تَقْدِير وَقت الصُّبْح وَقد جَاءَ الْموعد اسْما للمكان قَالَ الله جلّ ذكره {وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ} وَقد قيل مَعْنَاهُ لمَكَان موعدهم وَقَوله {سوى} هُوَ صفة لمَكَان لَكِن من كسر السِّين جعله نَادرا لِأَن فعلا لم يَأْتِ صفة إِلَّا قَلِيلا مثل هم قوم عدى وَمن ضم السِّين أَتَى بِهِ على الْأَكْثَر لِأَن فعلا كثير فِي الصِّفَات نَحْو رجل حطم ولبد وشكع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 وَهُوَ كثير قَوْله {إِن هَذَانِ لساحران} من رفع هَذَانِ حمله على لُغَة لبني الْحَارِث بن كَعْب يأْتونَ بالمثنى بِالْألف على كل حَال قَالَ بَعضهم ... تزَود منا بَين أذنَاهُ طعنة ... دَعَتْهُ هابي التُّرَاب عقيم ... وَقيل إِن بِمَعْنى نعم وَفِيه بعد لدُخُول اللَّام فِي الْخَبَر وَذَلِكَ لَا يكون الا فِي شعر كَقَوْلِه ... أم الْحُلَيْس لعجوز شهر بِهِ ... ترْضى من اللَّحْم بِعظم الرقبه ... وَكَانَ وَجه الْكَلَام لأم الْحُلَيْس عَجُوز وَكَذَلِكَ كَانَ وَجه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 الْكَلَام فِي الْآيَة ان حملت ان على معنى نعم إِن لهذان ساحران كَمَا تَقول نعم لهذان ساحران وَنعم لمُحَمد رَسُول الله وَفِي تَأَخّر اللَّام مَعَ لفظ ان بعض الْقُوَّة على نعم وَقيل إِن الْمُبْهم لما لم يظْهر فِيهِ اعراب فِي الْوَاحِد وَلَا فِي الْجمع جرت التَّثْنِيَة على ذَلِك فَأتي بِالْألف على كل حَال وَقيل الْهَاء مضمرة مَعَ ان وَتَقْدِيره انه هَذَانِ لساحران كَمَا تَقول إِنَّه زيد منطلق وَهُوَ قَول حسن لَوْلَا أَن دُخُول اللَّام فِي الْخَبَر يبعده فَأَما من خفف إِن فَهِيَ قِرَاءَة حَسَنَة لِأَنَّهُ أصلح الاعراب وَلم يُخَالف الْخط لَكِن دُخُول اللَّام فِي الْخَبَر يَعْتَرِضهُ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ يقدر أَنَّهَا المخففة من الثَّقِيلَة ارْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر لنَقص بنائها فَرجع مَا بعْدهَا الى أَصله وَاللَّام لَا تدخل فِي خبر ابْتِدَاء أَتَى على أصلة إِلَّا فِي شعر على مَا ذكرنَا وَأما على مَذْهَب الْكُوفِيّين فَهُوَ من أحسن شَيْء لأَنهم يقدرُونَ إِن الْخَفِيفَة بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا فتقدير الْكَلَام مَا هَذَانِ إِلَّا ساحران فَلَا خلل فِي هَذَا التَّقْدِير إِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 مَا ادعوهُ أَن اللَّام تَأتي بِمَعْنى إِلَّا قَوْله {يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى} من قَرَأَ يخيل بِالْيَاءِ جعل أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا مفعول لم يسم فَاعله ليُخَيل وَمن قَرَأَ تخيل بِالتَّاءِ وَهُوَ ابْن ذكْوَان فانه جعل أَن فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي تخيل وَهُوَ بدل الاشتمال وَيجوز مثل ذَلِك فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ على أَن تجْعَل الْفِعْل ذكر على الْمَعْنى وَيجوز أَن تكون أَن فِي قِرَاءَة من قَرَأَ بِالتَّاءِ فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير خذف الْبَاء تَقْدِيره تخيل اليه من سحرهم بِأَنَّهَا تسْعَى وَتجْعَل الْمصدر أَو اليه فِي مَوضِع مفعول لم يسم فَاعله قَوْله {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} مُوسَى فِي مَوضِع رفع بأوجس وخيفة مفعول لأوجس وأصل خيفة خوفة ثمَّ أبدل من الْوَاو يَاء وَكسر مَا قبلهَا ليَصِح بِنَاء فعلة وانما خَافَ مُوسَى أَن يفتتن النَّاس وَقيل لما أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَحْي بالقاء عَصَاهُ خَافَ وَقيل بل غلب عَلَيْهِ طبع البشرية عِنْد مُعَاينَة مالم يعتده وَالله اعْلَم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 قَوْله {وألق مَا فِي يَمِينك تلقف مَا صَنَعُوا} من جزم تلقف جعله جَوَابا لِلْأَمْرِ وَمن رَفعه وَهُوَ ابْن ذكْوَان رفع على الْحَال من مَا وَهِي الْعَصَا وَقيل هُوَ حَال من الملقي وَهُوَ مُوسَى نسب اليه التلقف لما كَانَ عَن فعله وحركته كَمَا قَالَ {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} وَهِي حَال مقدرَة لِأَنَّهَا انما تلقفت حبالهم بعد أَن أَلْقَاهَا قَوْله {إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر} مَا اسْم إِن بِمَعْنى الَّذِي وَكيد خَبَرهَا وَالْهَاء محذوفة من صَنَعُوا تَقْدِيره إِن الَّذِي صنعوه كيد سَاحر وَمن قَرَأَ كيد سحر فَمَعْنَاه كيد ذِي سحر وَيجوز فِي الْكَلَام نصب كيد بصنعوا وَلَا تضمر هَاء على أَن تجْعَل مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل وَيجوز فتح أَن على معنى لِأَن مَا صَنَعُوا قَوْله {إِنَّمَا تقضي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا} مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل وَهَذِه نصب على الظّرْف والحياة بدل من هَذِه أَو نعت تَقْدِيره انما تقضى فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيجوز فِي الْكَلَام رفع هَذِه والحياة على أَن تجْعَل مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة مَعَ تقضى وَهَذِه خبز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 ان الْحَيَاة بدل من هَذِه أَو نعت تَقْدِيره ان الَّذِي تقضيه أَمر هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا قَوْله {وَالَّذِي فطرنا} الَّذِي فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على مَا وان شِئْت على الْقسم قَوْله {وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ} مَا فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على الْخَطَايَا وَقيل هُوَ حرف ناف فاذا جعلت مَا نافيه تعلّقت من بالخطايا واذا جعلت مَا بِمَعْنى الَّذِي تعلّقت من بأكرهتنا قَوْله {لَا تخَاف دركا وَلَا تخشى} من رفع تخَاف جعلة حَالا من الْفَاعِل وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالتَّقْدِير اضْرِب لَهُم طَرِيقا فِي الْبَحْر غير خَائِف دركا وَلَا خاشيا وَيُقَوِّي رفع يخَاف اجماع الْقُرَّاء على رفع يخْشَى وَهُوَ مَعْطُوف على يخَاف وَيجوز رفع تخَاف على الْقطع أَي أَنْت لَا تخَاف دركا وَقيل إِن رَفعه على أَنه نعت لطريق على تَقْدِير حذف فِيهِ وَمن جزم تخَاف وَهُوَ حَمْزَة جعله جَوَاب الْأَمر وَهُوَ فَاضْرب وَالتَّقْدِير إِن تضرب لَا تخف دركا مِمَّن خَلفك ويرتفع وَلَا تخشى على الْقطع أَي وَأَنت لَا تخشى غرقا وَقيل ان الْجَزْم فِي لَا تخف على النَّهْي وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون وَلَا تخشى فِي مَوضِع جزم وَتثبت الْألف كَمَا تثبت الْيَاء وَالْوَاو على تَقْدِير حذف الْحَرَكَة مِنْهُمَا وَهَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 لايجوز فِي الْألف لِأَنَّهَا لَا تتحرك أبدا الا بتغييرها الى غَيرهَا وَالْوَاو وَالْيَاء يتحركان وَلَا يتغيران قَوْله {ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا} يجوز أَن يكون الْوَعْد بِمَعْنى الْمَوْعُود كَمَا جَاءَ الْخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق فنصب وَعدا على هَذَا التَّقْدِير على أَنه مفعول ثَان ليعدكم على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره ألم يَعدكُم ربكُم تَمام وعد حسن وَيجوز أَن يكون انتصب وعد على الْمصدر قَوْله {وواعدناكم جَانب الطّور الْأَيْمن} انتصب جَانب على أَنه مفعول ثَان لواعد وَلَا يحسن أَن ينْتَصب على الظّرْف لِأَنَّهُ ظرف مَكَان مُخْتَصّ غير مُبْهَم وَإِنَّمَا تتعدى الْأَفْعَال والمصادر الى ظروف الْمَكَان بِغَيْر حرف جر اذا كَانَت مبهمه هَذَا أصل لااختلاف فِيهِ وَتَقْدِير الْآيَة وواعدناكم اتيان جَانب الطّور ثمَّ حذف الْمُضَاف قَوْله {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} الْملك مصدر فِي قِرَاءَة من ضم أَو فتح أَو كسر الْمِيم وَهِي لُغَات وَالتَّقْدِير مَا أخلفنا موعدك بملكنا الصَّوَاب بل أخلفناه بخطيئتنا والمصدر مُضَاف فِي هَذَا الى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول مَحْذُوف كَمَا يُضَاف فِي مَوضِع اخر الى الْمَفْعُول ويحذف الْفَاعِل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 نَحْو قَوْله تَعَالَى {بسؤال نعجتك} وَقَوله {دُعَاء الْخَيْر} وَقيل إِن من قَرَأَهُ بِضَم الْمِيم جعله مصدر قَوْلهم هُوَ ملك بَين الْملك وَمن كسر جعله مصدر هُوَ مَالك بَين الْملك وَمن فتح جعله اسْما قَوْله {فَكَذَلِك ألْقى السامري} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره فَألْقى السامري القاء كَذَلِك قَوْله {يَا ابْن أم} من فتح الْمِيم أَرَادَ يَا بن أُمِّي ثمَّ ابدل من الْيَاء الَّتِي للاضافة ألفا ثمَّ حذف الْألف اسْتِخْفَافًا لِأَن الفتحة تدل عَلَيْهَا وَقيل بل جعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فبناهما على الْفَتْح وَمن كسر الْمِيم فعلى أصل الاضافة لَكِن حذف الْيَاء لِأَن الكسرة تدل عَلَيْهَا وَكَانَ الأَصْل انبانها لِأَن الْأُم غير منادى انما المنادى هُوَ الابْن وَحذف الْيَاء انما يحسن ويختار مَعَ المنادى بِعَيْنِه وَالأُم لَيست بمناداة قَوْله {لن تخلفه} من قَرَأَ بِكَسْر اللَّام فعلى معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 لن تَجدهُ مخلفا كَمَا تَقول أحمدته أَي وجدته مَحْمُودًا وَقيل إِن مَعْنَاهُ مَحْمُول على التهدد أَي لَا بُد لَك من أَن تصير اليه وَمن فتح اللَّام فَمَعْنَاه لن يخلفكه الله والمخاطب مُضْمر مفعول لم يسم فَاعله وَالْفَاعِل هُوَ الله سُبْحَانَهُ تَعَالَى وَالْهَاء الْمَفْعُول الثَّانِي والمخاطب فِي الْقِرَاءَة الأولى فَاعل على الْمَعْنيين جَمِيعًا وأخلف يتَعَدَّى الى مفعولين فَالثَّانِي مَحْذُوف فِي قِرَاءَة من كسر اللَّام وَالتَّقْدِير لن تخلف أَنْت الله الْموعد الَّذِي قدر أَن ستأتيه قَوْله {كَذَلِك نقص عَلَيْك} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي نقص عَلَيْك قصصا كَذَلِك قَوْله {زرقا} حَال من الْمُجْرمين قَوْله {قاعا} حَال أَيْضا قَوْله {إِلَّا عشرا} نصب بلبثتم قَوْله {إِن لَك أَلا} أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهَا اسْم إِن وَمن فتح {وَأَنَّك لَا تظمأ} عطفها على أَن لَا تَقْدِيره وَإِن لَك عدم الْجُوع وَعدم الظمأ فِي الْجنَّة وَيجوز أَن تكون أَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع عطف على الْموضع وَمن كسر فعلى الِاسْتِثْنَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 قَوْله {أفلم يهد لَهُم كم أهلكنا} فَاعل يهد مُضْمر وَهُوَ الْمصدر تَقْدِيره أفلم يهد الْهدى لَهُم وَقيل الْفَاعِل مُضْمر على تَقْدِير الْأَمر تَقْدِيره أفلم يهد الْأَمر لَهُم كم أهلكنا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ كم هُوَ فَاعل يهد وَهُوَ غلط عِنْد الْبَصرِيين لِأَن كم لَهَا صدر الْكَلَام وَلَا يعْمل مَا قبلهَا فِيهَا انما يعْمل فِيهَا مَا بعْدهَا كأي فِي الِاسْتِفْهَام وَالْعَامِل فِي كم الناصب لَهَا عِنْد الْبَصرِيين أهلكنا قَوْله {زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} نصبت زهرَة على فعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ متعنَا لِأَن متعنَا بِمَنْزِلَة جعلنَا فَكَأَنَّهُ قَالَ جعلنَا لَهُم زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُوَ قَول الزّجاج وَقيل هِيَ بدل من الْهَاء فِي بِهِ على الْموضع كَمَا تَقول مَرَرْت بِهِ أَخَاك وَأَشَارَ الْفراء الى أَن نَصبه على الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ متعنَا قَالَ كَمَا تَقول مَرَرْت بِهِ الْمِسْكِين وَقدره متعناهم بِهِ زهرَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وزينة فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 قَالَ إِن كَانَت معرفَة فان الْعَرَب تَقول مَرَرْت بِهِ الشريف الْكَرِيم يَعْنِي تنصبه على الْحَال على تَقْدِير زِيَادَة الْألف وَاللَّام وَيجوز أَن تنصب زهرَة على أَنَّهَا مَوْضُوعَة مَوضِع المصدرو مَوضِع زِينَة مثل {صنع الله} و {وعد الله} وَفِيه نظر قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْأَحْسَن أَن تنصب زهرَة على الْحَال ويحذف التَّنْوِين لسكونه وَسُكُون اللَّام من الْحَيَاة كَمَا قرىء {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} بِنصب النَّهَار بسابق على تَقْدِير حذف التَّنْوِين لسكونه وَسُكُون اللَّام وَتَكون الْحَيَاة مخفوضة على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله إِلَى مَا متعنَا فَيكون التَّقْدِير وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى الْحَيَاة الدُّنْيَا زهرَة أَي فِي حَال زهرتها وَلَا يحسن أَن تكون زهرَة بَدَلا من مَا على الْموضع فِي قَوْله الى مَا متعنَا لِأَن لنفتنهم مُتَعَلق بمتعنا فَهُوَ دَاخل فِي صلَة مَا ولنفتنهم دَاخل أَيْضا فِي الصِّلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَلَا يتَقَدَّم الْمُبدل على مَا هُوَ فِي الصِّلَة لِأَن الْبَدَل لَا يكون الا بعد تَمام الصِّلَة للمبدل مِنْهُ فَامْتنعَ بدل زهرَة من مَا على الْموضع قَوْله {بَيِّنَة مَا} مَا فِي مَوضِع خفض باضافة الْبَيِّنَة اليها وَأَجَازَ الْكسَائي تَنْوِين بَيِّنَة فَتكون مَا بَدَلا من بَيِّنَة قَوْله {فستعلمون من أَصْحَاب} من فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا يعْمل فِيهَا ستعلمون لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام والاستفهام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله وَأَجَازَ الْفراء أَن تكون من فِي مَوضِع نصب يستعملون حمله على غير الِاسْتِفْهَام جعل من للْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الانبياء عَلَيْهِم السَّلَام قَوْله تَعَالَى {من ذكر من رَبهم مُحدث} مُحدث نعت للذّكر وَأَجَازَ الْكسَائي نَصبه على الْحَال وَأَجَازَ الْفراء رَفعه على النَّعْت لذكر على الْموضع لِأَن من زَائِدَة وَذكر فَاعل قَوْله {وأسروا النَّجْوَى الَّذين ظلمُوا} الَّذين بدل من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أَسرُّوا وَالضَّمِير يعود على النَّاس وَقيل الَّذين رفع على إِضْمَار هم الَّذين وَقيل الَّذين فِي مَوضِع نصب على أَعنِي وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع خفض نعت للنَّاس وَقيل الَّذين رفع بأسروا وأتى لفظ الضَّمِير فِي أَسرُّوا على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَقيل الَّذين رفع على اضمار يَقُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 قَوْله {فِيهِ ذكركُمْ} الذّكر مُبْتَدأ و {فِيهِ} الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لكتاب قَوْله {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} الا فِي مَوضِع غير وَهِي نعت لالهة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْكسَائِيّ تَقْدِيره غير الله فَلَمَّا وضعت إِلَّا مَوضِع غير أعرب الِاسْم بعْدهَا بِمثل اعراب غير وَقَالَ الْفراء إِلَّا بِمَعْنى سوى قَرَأَ يحيى بن يعمر هَذَا ذكر من معي وَذكر من قبلي بِالتَّنْوِينِ على تَقْدِير حذف تَقْدِيره هَذِه ذكر ذكر من معي وَذكر من قبلي قَوْله {الْحق} نصب بيعلمون وَقَرَأَ الْحسن بِالرَّفْع على معنى هُوَ الْحق أَو هذاالحق قَوْله {بل عباد مكرمون} أَي بل هم عباد ابْتِدَاء وَخَبره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 وَأَجَازَ الْفراء بل عبادا مكرمين على معنة بل اتخذ عبادا قَوْله {كَانَتَا رتقا} إِنَّمَا وحد رتقا لِأَنَّهُ مصدر وَتَقْدِيره كَانَتَا ذواتي رتق قَوْله {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} من المَاء فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل وَيجوز فِي الْكَلَام حَيا بِالنّصب على أَنه الْمَفْعُول الثَّانِي وَيكون من المَاء فِي مَوضِع الْبَيَان قَوْله {فِي فلك يسبحون} أَتَى يسبحون بِالْوَاو وَالنُّون وَهُوَ خبر عَمَّا لَا يعقل وَحقّ الْوَاو وَالنُّون أَلا يَكُونَا إِلَّا لمن يعقل وَلَكِن لما أخبر عَنْهَا أَنَّهَا تفعل فعلا كَمَا يخبر عَمَّن يعقل أَتَى الْخَبَر عَنْهَا كالخبر عَمَّن يقعل قَوْله {أَفَإِن مت فهم الخالدون} حق ألف الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على حرف شَرط أَن تكون رتبتها قبل جَوَاب الشَّرْط فَالْمَعْنى أفهم الخالدون إِن مت وَمثله {أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم} وَهُوَ كثير قَوْله {وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة} من رفع مِثْقَالا جعل كَانَ تَامَّة لَا تحْتَاج الى خبر وَمن نَصبه جعل كَانَ نَاقِصَة فَهُوَ خَبَرهَا وَاسم كَانَ مُضْمر فِيهَا تَقْدِيره وَإِن كَانَ الظُّلم مِثْقَال حَبَّة فلتقدم ذكر الظُّلم جَازَ اضماره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 قَوْله {أَتَيْنَا بهَا} من قَرَأَهُ بِالْقصرِ فَمَعْنَاه جِئْنَا بهَا وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد اتينا بِالْمدِّ على معنى جازينا بهَا فَهُوَ فاعلنا وَلَا يحسن أَن يكون أفعلنا لِأَنَّهُ يلْزم حذف الْبَاء من بهَا لِأَن أفعل لَا يتَعَدَّى بِحرف وَفِي حذف الْبَاء مُخَالفَة لِلْخَطِّ قَوْله {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} الْعَامِل فِي اذ اتينا ابراهيم أَي آتيناه رشده فِي وَقت قَالَ لِأَبِيهِ قَوْله {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} ابراهيم رفع على اضمار هُوَ ابراهيم ابْتِدَاء وَخبر محكي وَقيل تَقْدِيره الَّذِي يعرف بِهِ ابراهيم وَقيل هُوَ رفع على النداء الْمُفْرد فَتكون ضمته بِنَاء وَله قَامَ مقَام الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله ليقال وان شِئْت أضمرت الْمصدر ليقوم مقَام الْفَاعِل وَله فِي مَوضِع نصب قَوْله {ولوطا آتيناه} لوطا نصب باضمار فعل تَقْدِيره واتينا لوطا آتيناه وانتصب بعده {نوحًا} و {دَاوُد} على معنى وَاذْكُر يَا مُحَمَّد نوحًا وَاذْكُر دَاوُد قَوْله {وَالطير} عطف على الْجبَال وَقيل هُوَ مفعول مَعَه وَيجوز الرّفْع تعطفه على الْمُضمر فِي {يسبحْنَ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 قَوْله {إِذْ ذهب مغاضبا} مغاضبا نصب على الْحَال وَمَعْنَاهُ غضب على قومه لرَبه اذ لم يجبهُ قومه وَالْغَضَب على الْقَوْم كَانَ لمخالفتهم أَمر رَبهم قَوْله {رغبا ورهبا} نصب على الْمصدر قَوْله {وَالَّتِي أحصنت} الَّتِي فِي مَوضِع نصب على معنى وَاذْكُر الَّتِي وَكَذَلِكَ {وَذَا النُّون} قَوْله {وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين} آيَة مفعول ثَان لجعل وَلم يثن لِأَن التَّقْدِير عِنْد سِيبَوَيْهٍ وجعلناها آيَة للْعَالمين وَجَعَلنَا ابْنهَا آيَة ثمَّ حذف الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَتَقْدِيره عِنْد الْمبرد على غير حذف لَكِن يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم تقديرة عِنْده وجعلناها آيَة للْعَالمين وَابْنهَا قَوْله {ننجي الْمُؤمنِينَ} قَرَأَهُ ابْن عَامر وَأَبُو بكر عَن عَاصِم بنُون وَاحِدَة وجيم مُشَدّدَة وَكَانَ يجب أَن يفتح الْيَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 لِأَنَّهُ فعل مَاض لم يسم فَاعله وَيجب ان ترفع الْمُؤمنِينَ على هَذِه الْقِرَاءَة لِأَنَّهُ مفعول لم يسم فَاعله وَفعل مَاض لم يسم فَاعله وَلَكِن أَتَى على اضمار الْمصدر أَقَامَهُ مقَام الْفَاعِل وَهُوَ بعيد لِأَن الْمَفْعُول أولى بِأَن يقوم مقَام الْفَاعِل وانما يقوم الْمصدر مقَام الْفَاعِل عِنْد عدم الْمَفْعُول بِهِ أَو عِنْد اشْتِغَال الْمَفْعُول بِهِ بِحرف الْجَرّ نَحْو قيم وسير بزيد فَأَما الْيَاء فأسكنها فِي مَوضِع الْفَتْح كَمَا يسكنهَا فِي مَوضِع الرّفْع وَهُوَ بعيد أَيْضا انما يجوز فِي الشّعْر وَقَالَ بعض الْعلمَاء ان نجي لَيْسَ هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وانما أدغم النُّون الثَّانِيَة فِي الْجِيم وَهُوَ قَول بعيد أَيْضا لِأَن النُّون لَا تُدْغَم فِي الْجِيم ادغاما صَحِيحا يكون مِنْهُ التَّشْدِيد انما تخفى عِنْد الْجِيم والاخفاء لَا يكون معة تَشْدِيد وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وَأَصله ننجي بنونين وبالتشديد على نَفْعل لَكِن حذفت النُّون الثَّانِيَة لِاجْتِمَاع النونين كَمَا حذفت احدى التائين فِي تفرقون وتظاهرون وَشبهه وَاسْتدلَّ من قَالَ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الأخرين على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 قَوْله بِسُكُون الْيَاء فِي ننجي فَدلَّ سكونها على أَنه فعل مُسْتَقْبل وَهَذَا أَيْضا قَول ضَعِيف لِأَن المثلين فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء لَا يحذف الثَّانِي اسْتِخْفَافًا الا اذا اتّفقت حَرَكَة المثلين نَحْو تتفرقون وتتعاونون فان اخْتلفت حَرَكَة المثلين لم يجز حذف الثَّانِي نَحْو تتغافر الذُّنُوب وتتناتج الدَّوَابّ والنونان فِي ننجي قد اخْتلفت حركتهما فَلَا يجوز حذف الْبَتَّةَ فِي احداهما وَأَيْضًا فان النُّون الثَّانِيَة أَصْلِيَّة والأصلي لَا يجوز حذفه الْبَتَّةَ وَالتَّاء المحذوفة فِي {تفَرقُوا} {وتعاونوا} زَائِدَة فحذفها حسن اذا اتّفقت الحركتان قَوْله {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج} جَوَاب اذا مَحْذُوف وَالْمعْنَى قَالُوا {يَا ويلنا} فَحذف القَوْل وَقيل جوابها {واقترب الْوَعْد الْحق} وَالْوَاو زَائِدَة وَقيل جوابها {فَإِذا هِيَ شاخصة} قَوْله {آذنتكم على سَوَاء} يحْتَمل {على سَوَاء} أَن يكون فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ايذانا على سَوَاء وَيحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال من الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من المفعولين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 وهم المخاطبون وَمثله فِي الْجَوَاز قَوْله {فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء} فِي مَوضِع الْحَال من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْكفَّار أَي مستوين فِي الْعلم بِنَقْض الْعَهْد وَهَذَا كَقَوْلِهِم لَقِي زيد عمرا ضاحكين وكقول الشَّاعِر ... فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ... فخاليين حَال من التَّاء وَمن الْكَاف وَفِيه اخْتِلَاف من أجل اخْتِلَاف العاملين فِي صَاحِبي الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَج قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس} أَي نِدَاء مُفْرد وَهَا للتّنْبِيه وَلَا يجوز فِي النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ الا الرّفْع وَهُوَ نعت لمفرد لِأَنَّهُ لَا بُد مِنْهُ وَهُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَأَجَازَ الْمَازِني النصب فِيهِ على مَوضِع أَي لِأَن المنادى مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى وانما ضم لِأَنَّهُ مَبْنِيّ وانما بني لوُقُوعه موقع الْمُخَاطب والمخاطب لَا يكون اسْما ظَاهرا انما يكون مضمرا كافا أَو تَاء وَالدَّلِيل على أَن المنادى مُخَاطب أَنَّك لَو قلت وَالله لَا خاطبت زيدا ثمَّ قلت يَا زيد لحنثت لِأَنَّهُ خطاب فَلَمَّا وَقع موقع الْمُضمر بني كَمَا أَن الْمُضمر مَبْنِيّ أبدا لكنه فِي أَصله مُتَمَكن فِي الاعراب فَبنِي على حَرَكَة واختبر لَهُ الضَّم لقُوته وَقيل لشبهه بقبل وَبعد وَفِي عِلّة ضمه أَقْوَال غير هَذِه يطول ذكرهَا قَوْله {كتب عَلَيْهِ أَنه من تولاه} أَن فِي مَوضِع رفع بكتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 وَقَوله {فَأَنَّهُ يضله} ذكر الزّجاج أَن أَن الثَّانِيَة عطف على الأولى فِي مَوضِع رفع ثمَّ قَالَ وَالْفَاء الأجود فِيهَا أَن تكون فِي مَوضِع الْجَزَاء ثمَّ رَجَعَ فنقض ذَلِك وَقَالَ وَحَقِيقَة أَن الثَّانِيَة انها مكررة على جِهَة التَّأْكِيد لِأَن الْمَعْنى كتب على الشَّيْطَان أَنه من تولاه أضلّهُ وَقد أَخذ عَلَيْهِ اجازته ذَلِك أَن تكون الْفَاء عاطفة لِأَن {من تولاه} شَرط وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط وَلَا يجوز الْعَطف على أَن الأولى الا بعد تَمامهَا لِأَن مَا بعْدهَا من صلتها فاذا لم تتمّ بصلتها لم يجز الْعَطف عَلَيْهَا إِذْ لَا يعْطف على الْمَوْصُول إِلَّا بعد تَمَامه وَالشّرط وَجَوَابه فِي هَذِه الْآيَة هما خبر أَن الأولى وَأخذ عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله أَن الثَّانِيَة مكررة للتَّأْكِيد وَقيل كَيفَ تكون للتَّأْكِيد والمؤكد لم يتم وانما يصلح التَّأْكِيد بعد تَمام الْمُؤَكّد وَتَمام أَن الأولى عِنْد قَوْله {السعير} وَالصَّوَاب فِي أَن الثَّانِيَة أَن تكون فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره كتب على الشَّيْطَان أَنه من تولاه فَشَأْنه أَنه يضله أَو فأمرة أَنه يضله أَي فَشَأْنه الاضلال وَيجوز أَن تكون أَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع بالاستقرار إِن تضمر لَهُ تَقْدِيره كتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 عَلَيْهِ أَنه من تولاه فَلهُ أَنه يضله أَي فَلهُ اضلاله وهدايته الى عَذَاب السعير قَوْله {ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق} ذَا فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك وَأَجَازَ الزّجاج أَن يكون ذَا فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى فعل الله ذَلِك بِأَنَّهُ الْحق قَوْله {ثَانِي عطفه} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يُجَادِل وَهُوَ رَاجع على من فِي قَوْله من يُجَادِل وَمَعْنَاهُ يُجَادِل فِي ايات الله بِغَيْر علم معرضًا عَن الذّكر قَوْله {ذَلِك بِمَا قدمت} ذَلِك مُبْتَدأ وَبِمَا قدمت الْخَبَر قَوْله {وَأَن الله} أَن فِي مَوضِع خفض عطف على بِمَا وَقيل أَن فِي مَوضِع رفع على معنى وَالْأَمر أَن الله وَالْكَسْر على الِاسْتِئْنَاف حسن قَوْله {يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه} قَالَ الْكسَائي اللَّام فِي غير موضعهَا وَمن فِي مَوضِع نصب بيدعو وَالتَّقْدِير يَدْعُو من لضره أقرب من نَفعه أَي يَدْعُو إِلَهًا لضره أقرب من نَفعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَلَام حذف مفعول وَاللَّام فِي موضعهَا وَمن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وضره مُبْتَدأ وَأقرب خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من و {لبئس الْمولى} خبر من تَقْدِيره يَدْعُو إِلَهًا لمن ضره أقرب من نَفعه لبئس الْمولى وَقَالَ الْأَخْفَش يَدْعُو بِمَعْنى يَقُول وَمن مُبْتَدأ وضره مُبْتَدأ ثَان وَأقرب خَبره وَالْجُمْلَة صلَة من وَخبر من مَحْذُوف تَقْدِيره يَقُول لمن ضره أقرب من نَفعه الهه وَقد شرحنا هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كتاب مُفْرد لِأَن فِيهَا نظر واعترضات على هَذِه الْأَقْوَال وفيهَا أَقْوَال أخر غير هَذِه وَهِي مشكلة يَتَّسِع فِيهَا القَوْل وَلذَلِك كثر الِاخْتِلَاف فِيهَا قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} خبر إِن قَوْله {إِن الله يفصل} وَأَجَازَ البصريون إِن زيدا انه منطلق كَمَا يجوز إِن زيدا هُوَ منطلق وَمنعه الْفراء وَأَجَازَهُ فِي الايه لِأَن فِيهَا معنى الْجَزَاء فَحمل الْخَبَر على الْمَعْنى قَوْله {وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب} ارْتَفع كثير على الْعَطف على من فِي قَوْله {يسْجد لَهُ من} وَجَاز ذَلِك لِأَن السُّجُود هُوَ التذلل والانقياد فالكفار الَّذين حق عَلَيْهِم الْعَذَاب أذلاء تَحت قدر الله وتدبيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 فهم منقادون لما سبق فيهم من علم الله لَا يخرجُون عَمَّا سبق فِي علم الله فيهم وَقيل ارْتَفع كثير بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَيجوز النصب كَمَا قَالَ {والظالمين أعد لَهُم عذَابا أَلِيمًا} باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ واهان كثيرا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب أَو وَخلق كثيرا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْمَعْنى وَإِنَّمَا اختير فِيهِ الرّفْع عِنْد الْكسَائي لِأَنَّهُ مَحْمُول على معنى الْفِعْل لِأَن مَعْنَاهُ وَكثير أَبى السُّجُود قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} مَا فِي مَوضِع رفع بيصهر و {والجلود} عطف على {مَا} وَالْمعْنَى يذاب بِهِ مَا فِي بطونهم وتذاب بِهِ جُلُودهمْ وَالْهَاء فِي {بِهِ} تعود على {الْحَمِيم} قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ويصدون} انما عطف {ويصدون} وَهُوَ مُسْتَقْبل على {كفرُوا} وَهُوَ مَاض لِأَن يصدون فِي مَوضِع الْحَال والماضي يكون حَالا مَعَ قد وَقيل هُوَ عطف على الْمَعْنى لِأَن تَقْدِيره ان الْكَافرين والصادين وَقيل الْوَاو زَائِدَة ويصدون خبر ان وَقيل خبر ان مَحْذُوف تَقْدِيره ان الَّذين كفرُوا وفعلوا كَذَا وَكَذَا خسروا وهلكوا وَشبه ذَلِك من الاضمار الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} ارْتَفع سَوَاء على أَنه خبر ابْتِدَاء مقدم تَقْدِيره العاكف والبادي فِيهِ سَوَاء وَفِي هَذِه الْقِرَاءَة دَلِيل على أَن الْحرم لَا يملك لِأَن الله تَعَالَى قد سوى فِيهِ بَين الْمُقِيم وَغَيره وَقيل ان {سَوَاء} رفع بِالِابْتِدَاءِ و {العاكف} رفع بِفِعْلِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَفِيه بعد لِأَنَّك لَا بُد أَن تجْعَل سَوَاء بِمَعْنى مستو وَلذَلِك يعْمل وَلَا يحسن أَن يعْمل مستو حَتَّى يعْتَمد على شَيْء قبله فان جعلت سَوَاء وَمَا بعده فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعلنا حسن أَن يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَيكون يمعنى مستو فَترفع العاكف بِهِ ويسد مسد الْخَبَر وَقَرَأَ حَفْص عَن عَاصِم بِالنّصب جعله مصدرا عمل فِيهِ معنى جعلنَا كَأَنَّهُ قَالَ سويناه للنَّاس سَوَاء وَيرْفَع العاكف بِهِ أَي مستويا فِيهِ العاكف والمصدر يَأْتِي بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل فَسَوَاء وَإِن كَانَ مصدرا فَهُوَ بِمَعْنى مستو كَمَا قَالَ رجل عدل بِمَعْنى عَادل وعَلى ذَلِك أجَاز سِيبَوَيْهٍ وَغَيره مَرَرْت بِرَجُل سَوَاء درهمه وبرجل سَوَاء هُوَ والعدم أَي مستو وَيجوز نصب سَوَاء على الْحَال من الْمُضمر الْمُقدر مَعَ حرف الْجَرّ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 قَوْله {للنَّاس} والظرف عَامل فِيهِ أَو من الْهَاء فِي {جَعَلْنَاهُ} وَجَعَلنَا عَامل فِيهِ وَيجوز نَصبه على أَنه مفعول ثَان لجعلنا وتخفض {العاكف} على النَّعْت للنَّاس أَو على الْبَدَل وَقد قرىء بخفض العاكف على الْبَدَل من النَّاس وَقيل على النَّعْت لِأَن النَّاس جنس من أَجنَاس الْخَلَائق جَعَلْنَاهُ سَوَاء للعاكف فِيهِ والبادى قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} الْبَاء فِي {بإلحاد} زَائِدَة وَالْبَاء فِي {بظُلْم} مُتَعَلقَة بيرد قَوْله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم} انما دخلت اللَّام فِي ابراهيم على أَن بوأت مَحْمُول على معنى جعلت وأصل بوأ أَن لَا يتَعَدَّى بِحرف وَقيل اللَّام زَائِدَة وَقيل هِيَ مُتَعَلقَة بمصدر مَحْذُوف قَوْله {أَن لَا تشرك} أَي بِأَن لَا فَهِيَ فِي مَوضِع نصب وَقيل هِيَ زَائِدَة للتوكيد وَقيل هِيَ بِمَعْنى أَي للتفسير قَوْله {وعَلى كل ضامر يَأْتِين} انما قيل يَأْتِين لِأَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 ضامرا بِمَعْنى الْجمع ودلت كل على الْعُمُوم فَأتى الْخَبَر على الْمَعْنى بِلَفْظ الْجمع وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود يأْتونَ رده على النَّاس قَوْله {من الْأَوْثَان} من لابانة الْجِنْس وَجعلهَا الْأَخْفَش للتَّبْعِيض على معنى فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي هُوَ بعض الْأَوْثَان وَمن جعل من لابانة الْجِنْس فَمَعْنَاه فَاجْتَنبُوا الرجس الَّذِي الْأَوْثَان مِنْهُ فَهُوَ أَعم فِي النَّهْي وَأولى قَوْله {حنفَاء لله} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي {اجتنبوا} وَكَذَلِكَ {غير مُشْرِكين} قَوْله {فتخطفه الطير} من قَرَأَ بشديد الطَّاء فأصله عِنْده فتتخطفه على تتفعل ثمَّ حذف احدى التَّاءَيْنِ اسْتِخْفَافًا لِاتِّفَاق حركتهما وَمن خففه بناه على خطف يخطف كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا من خطف الْخَطفَة} وفيهَا قراءات شاذه ومشهورة يطول شرحها قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم} ذَا فِي مَوضِع رفع على اضمار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 مُبْتَدأ مَعْنَاهُ الْأَمر ذَلِك أَو على الِابْتِدَاء على معنى ذَلِك الْأَمر وَقيل مَوضِع ذَا نصب على معنى اتبعُوا ذَلِك من أَمر الله قَوْله {وَالْبدن} جمع بدن مثل وثن ووثن يُقَال للواحدة بدن وَقيل هُوَ جمع بدنه مثل خَشَبَة وخشب وَيجوز ضم الثَّانِي على هذاالقول وَبِه قَرَأَ ابْن أبي اسحاق والاسكان أحسن لِأَنَّهُ فِي الأَصْل نعت إِذْ هُوَ مُشْتَقّ من البدانة وَلَيْسَ مثل خَشَبَة وخشب لِأَن هَذَا اسْم فالضم فِيهِ أحسن قَوْله {صواف} نصب على الْحَال لَكِن لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ فواعل فَهُوَ جمع وَهُوَ لَا نَظِير لَهُ فِي الْوَاحِد فَمنع من الصّرْف لهاتين العلتين وَمَعْنَاهُ مصطفة وَقد قَرَأَهُ الْحسن وَغَيره صوافي بياء مَفْتُوحَة ونصبه على الْحَال وَمَعْنَاهُ خَالِصَة لله من الشّرك فَهُوَ مُشْتَقّ من الصفاء وقرأه قَتَادَة صَوَافِن بالنُّون وَمعنى الصافنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 الَّتِي جمعت رِجْلَيْهَا وَرفعت سنابكها وَقيل هِيَ المعقولة بالحبال للنحر والصافن عرق فِي مقدم رجل الْفرس إِذا ضرب عَلَيْهِ رفع رجله وَقَوله {إِلَّا أَن يَقُولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهَا بِمَعْنى الا بِأَن يَقُولُوا قَوْله {الَّذين إِن مكناهم} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من من فِي قَوْله {ولينصرن الله من ينصره} وهم أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم قَوْله {وبئر معطلة} هُوَ عطف على قَرْيَة وَقيل هُوَ عطف على العروش قَوْله {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة} هَذَا الْكَلَام عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل خبر وَلَيْسَت الْفَاء بِجَوَاب لقَوْله {ألم تَرَ} وَالْمعْنَى عِنْدهمَا انتبه يَا ابْن آدم أنزل الله من السَّمَاء مَاء فَحدث مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فَلذَلِك أَتَى {فَتُصْبِح} مَرْفُوعا وَقَالَ الْفراء هُوَ خبر وَمَعْنَاهُ أعلم أَن الله ينزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة قَوْله {مِلَّة أبيكم} مله نصب على اضمار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 اتبعُوا مِلَّة أبيكم وَقَالَ الْفراء هُوَ مَنْصُوب على حذف حرف الْجَرّ وَتَقْدِيره كملة أبيكم فَلَمَّا حذف حرف الْجَرّ نصب وَتَقْدِيره عِنْده وسع عَلَيْكُم فِي الدّين كملة أبيكم لِأَن {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} يدل على وسع عَلَيْكُم وَهُوَ قَول بعيد قَوْله {أَن تقع على الأَرْض} أَن فِي وضع نصب على معنى كَرَاهَة أَن تقع وَلِئَلَّا تقع ومخافة أَن تقع قَوْله {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} هُوَ لله جلّ ذكره عِنْد أَكثر الْمُفَسّرين وَقَالَ الْحسن هُوَ لابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام وَقَوله {وَفِي هَذَا} أَي وسماكم الْمُسلمين فِي هذاالقران وَالضَّمِير فِي سَمَّاكُم يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَيْضا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْمُؤمنِينَ قَوْله تَعَالَى {قد أَفْلح} قَرَأَ ورش بالقاء حَرَكَة الْهمزَة على الدَّال وَحذف الْهمزَة وانما حذفت الْهمزَة لِأَنَّهَا لما ألقيت حركتها على مَا قبلهَا بقيت سَاكِنة وَقبلهَا الدَّال سَاكِنة لِأَن الْحَرَكَة عَلَيْهَا عارضة وَاجْتمعَ مَا يشبه الساكنين فحذفت الْهمزَة لالتقاء الساكنين وَكَانَت أولى بالحذف لِأَنَّهَا قد اختلت بِزَوَال حركتها وَلِأَن بهَا وَقع الاستثقال وَلِأَنَّهَا هِيَ الساكنة فِي اللَّفْظ قَوْله {لِأَمَانَاتِهِمْ} أَمَانَة مصدر وَحقّ الْمصدر أَن لَا يجمع لدلالته على الْقَلِيل وَالْكثير من جنسه لكنه لما اخْتلفت أَنْوَاع الْأَمَانَة لوقوعها على الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالطُّهْر وَالْحج وَغير ذَلِك من الْعِبَادَات جَازَ جمعهَا لِأَنَّهَا لاخْتِلَاف أَنْوَاعهَا شابهت الْمَفْعُول بِهِ فَجمعت كَمَا يجمع الْمَفْعُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 بِهِ وَقد أَجمعُوا على الْجمع فِي قَوْله {أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَقد قَرَأَ ابْن كثير بِالتَّوْحِيدِ فِي {قد أَفْلح} وَدَلِيله اجماعهم على التَّوْحِيد فِي وَعَهْدهمْ وَلم يقل وعهودهم وَهُوَ مصدر مثل الْأَمَانَة فَقَرَأَ بِالتَّوْحِيدِ مثل الْعَهْد على أصل الْمصدر وَمثله القَوْل فِي صلَاتهم وصلواتهم قَوْله {وشجرة} نصب عطف على {جنَّات من نخيل} واجاز الْفراء فِيهَا الرّفْع على تَقْدِير وَثمّ شَجَرَة وَتخرج وَمَا بعْدهَا نعت للشجرة قَوْله {ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة} مفعولان لخلق لِأَنَّهُ بِمَعْنى صيرنا وَخلق اذا كَانَ بِمَعْنى أحدث واخترع تعدى الى مفعول وَاحِد واذا كَانَ بِمَعْنى صير تعدى الى مفعولين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 قَوْله سيناء من فتح السِّين جعله كحمراء فَلم يصرف لهمزة التَّأْنِيث وَالصّفة وَقيل لهمزة التَّأْنِيث وللزومها وَلَا يصلح أَن يكون وَزنه فعلالا لِأَن فعلالا لم يَأْتِ اسْما فَيكون هَذَا مُلْحقًا بِهِ إِنَّمَا جَاءَ فعلال فِي المصادر خَاصَّة نَحْو الزلزال وَلَو كَانَ فعلالالانصرف فَهُوَ لَا يصرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة للُزُوم العلتين إِيَّاه التَّأْنِيث وَالصّفة فَأَما من كسر السِّين فانه نجعله اسْما مُلْحقًا بسرداح كعلباء وحرباء فالهمزة كالياء فِي درحاية فَهُوَ فعلال وَلَا يجوز أَن يكون فعلاء اذ لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلاء وَلَا تُوجد همزَة التَّأْنِيث فِي فعلاء وَكَانَ حَقه أَن ينْصَرف كَمَا ينْصَرف علْبَاء وحرباء لكنه اسْم لبقعة أولأرض وَهُوَ معرفَة فَلم ينْصَرف للتأنيث والتعريف وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ اسْم أعجمي معرفَة فَهُوَ كامرأة سميتها بِجَعْفَر وَمثله فِي ترك الِانْصِرَاف للتأنيث والتعريف قَوْله {وطور سينين} فَلم ينْصَرف سينين لِأَنَّهُ معرفَة اسْم لبقعة أولأرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 وَهُوَ فعليل كررت فِيهِ اللَّام كخنذيذ وَلَا يجوز أَن يكون وَزنه فعلين كغسلين لِأَن الْأَخْفَش وَغَيره حكوا أَن وَاحِد سينين سينينة وَلَا يجوز مثل هَذَا التَّأْوِيل فِي غسلين إِذْ لم يسمع غسلينة قَوْله {تنْبت بالدهن} من ضم التَّاء فِي تنْبت جعل الْبَاء زَائِدَة لَان الْفِعْل يتَعَدَّى بِغَيْر حرف لِأَنَّهُ رباعي من أنبت الشَّيْء لَكِن قيل ان الْبَاء دخلت لتدل على لُزُوم الانبات ومداومته كَقَوْلِه {اقْرَأ باسم رَبك} وَقيل ان الْبَاء فِي {بالدهن} انما دخلت على مفعول ثَان هُوَ فِي مَوضِع الْحَال وَالْأول مَحْذُوف تَقْدِيره تنْبت جناها بالدهن أَي وَفِيه دهن كَمَا تَقول خرج بثيابه وَركب بسلاحه أَي خرج لابسا وَركب متسلحا فالمجرور فِي مَوضِع الْحَال فَأَما من فتح التَّاء فالباء للتعدية لَا غير لأنة ثلاثي لَا يتَعَدَّى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال وَقد قَالُوا انبت الزَّرْع وَنبت فَتكون القراءتان بِمَعْنى قَوْله منزلا من ضم الْمِيم جعله مصدرا من أنزل إِذْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 قبله انزلني وَمَعْنَاهُ انزالا مُبَارَكًا وَيجوز أَن يكون اسْما للمكان كَأَنَّهُ قَالَ أنزلني مَكَانا أَو موضعا فَهُوَ مفعول بِهِ لَا ظرف كَأَنَّهُ قَالَ اجْعَل لي مَكَانا وَمن فتح الْمِيم حعله مصدرا لفعل ثلاثي لِأَن أنزل يدل على نزل وَيجوز أَن يكون اسْما للمكان أَيْضا قَوْله {وَيشْرب مِمَّا تشربون} مَا وَالْفِعْل مصدر فَلَا يحْتَاج الى عَائِد وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الَّذِي ويحذف الْعَائِد من {تشربون} أَي مِمَّا تشربونه وَقَالَ الْفراء تَقْدِيره مِمَّا تشربون مِنْهُ ثمَّ حذفت مِنْهُ قَوْله {أَنكُمْ مخرجون} أَن بدل من أَن الأولى المنصوبة بيعد عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْجرْمِي والمبرد هِيَ تَأْكِيد للأولى لِأَن الْبَدَل من أَن لَا يكون إِلَّا بعد تَمام صلتها ويلزمهما أَيْضا أَن لَا يجوز التَّأْكِيد لِأَن التَّأْكِيد لَا يكون إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُول بصلته وصلته هُوَ الْخَبَر وَالْخَبَر يتم الى قَوْله {مخرجون} وَلم يَأْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 بعد وَقَالَ الْأَخْفَش أَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع بالظرف وَهُوَ اذا تَقْدِيره أيعدكم أَنكُمْ اذا متم اخراجكم أَي وَقت موتكم اخراجكم قَوْله {إِذا متم} الى {مخرجون} ضع رفع على خبر أَن الأولى وَالْعَامِل فِي اذا مُضْمر كَأَنَّك قلت أيعدكم أَنكُمْ حَادث اذا متم اخراجكم وَلَا يجوز أَن يعْمل فِيهِ اخراجكم لِأَنَّهُ يصير فِي صلَة الاخراج وَهُوَ مقدم عَلَيْهِ وَتَقْدِيم الصِّلَة على الْمَوْصُول لَا يجوز وَلَا يحسن أَيْضا أَن يعْمل فِي اذا قَوْله متم لِأَن اذا مُضَافَة اليه وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ بعضه وَهَذَا كَقَوْلِك الْيَوْم الْقِتَال فاليوم خبر عَن الْقِتَال وَالْعَامِل فِي الْيَوْم مُضْمر كَأَنَّك قلت الْيَوْم يحدث الْقِتَال أَو حَادث الْقِتَال وَلَا يجوز أَن يعْمل فِي الْيَوْم الْقِتَال لِأَنَّهُ يصير فِي صلته وَهُوَ مقدم عَلَيْهِ فَذَلِك غير جَائِز وَهَذَا الْمُضمر الْعَامِل فِي الظروف فِيهِ ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ فاذا أَقمت الظّرْف الْمَجْرُور مقامة وحذفتة صَار ذَلِك الضَّمِير مُتَوَهمًا فِي الظّرْف أَو الْمَجْرُور لقِيَامه مقَام الْخَبَر الَّذِي كَانَ فِيهِ ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة أصل فِي هَذَا الْحَد فافهمها فانها مشكلة قَوْله {هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون} من فتح التَّاء بِنَاء على الْفَتْح وَالْوَقْف عَلَيْهِ لمن فتح التَّاء عِنْد الْبَصرِيين بِالْهَاءِ وَحكى اليزيدي عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 أبي عَمْرو أَن الْوَقْف فيهمَا جَمِيعًا على ت وموضعه نصب كَأَنَّهُ مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر كَأَنَّك قلت بعدا بعدا لما توعدون وَقيل مَوْضِعه رفع كَأَنَّهُ قَالَ الْبعد الْبعد لما توعدون وَمن كسر التَّاء وقف بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ جمع كبيضة وبيضات كَأَن وَاحِد هَيْهَات هيهة وَبَعض الْعَرَب ينونه للْفرق بَين الْمعرفَة والنكرة كَأَنَّهُ إِذا لم ينون معرفَة بِمَعْنى الْبعد لما توعدون بَين الْمعرفَة والنكرة وَإِذا نون فَهُوَ نكرَة كَأَنَّهُ قَالَ بعدا لما توعدون وكررت هَيْهَات للتَّأْكِيد قَوْله {تترا} فِي مَوضِع نصب على الْمصدر أَو على الْحَال من الرُّسُل أَي أرسلنَا رسلنَا متواترين أَي مُتَتَابعين وَمن نونه وَهُوَ أَبُو عَمْرو جعله على أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون وَزنه فعلا كبغل وَهُوَ مصدر دخل التَّنْوِين فِيهِ على فَتْحة الرَّاء أَو يكون مُلْحقًا بِجَعْفَر والتنوين دخل على ألف الألحاق كأرطى فاذا وقفت على هَذَا الْوَجْه جَازَت الإمالة لِأَنَّك تنوي أَنَّك تقف على الْألف الَّتِي دخلت للالحاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 لَا على ألف التَّنْوِين فتميلها إِن شِئْت واذا وقفت على الْوَجْه الأول لم تجز الامالة لِأَنَّك تقف على الْألف الَّتِي هِيَ عوض من التَّنْوِين لَا غير وَمن لم ينونه جعل أَلفه للتأنيث والمصادر كثيرا مَا يلْحقهَا ألف التَّأْنِيث كالدعوى والذكرى فَلم ينْصَرف للتأنيث ولزومه وَالتَّاء فِي جَمِيع الْوُجُوه يدل عَن وَاو وأصلة وَترى لِأَنَّهُ من المواترة وَهُوَ الشَّيْء يتبع الشَّيْء قَوْله {وَإِن هَذِه أمتكُم} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ أَي وَبِأَن هَذِه أَو لِأَن هَذِه والحرف مُتَعَلق باتقون وَقَالَ الْكسَائي هِيَ فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي قَوْله {بِمَا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ الْفَاء هِيَ فِي مَوضِع نصب باضمار فعل تَقْدِيره وَاعْلَمُوا أَن هَذِه وَمن كسر ان فَهُوَ على الِاسْتِئْنَاف قَوْله {أمة وَاحِدَة} نصب على الْحَال وَيجوز الرّفْع على اضمار مُبْتَدأ أَو على الْبَدَل من امتكم الَّتِي هِيَ خبر إِن أَو على أَنه خبر بعد خبر قَوْله {زبرا} حَال أَي مثل زبر قَوْله {أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 خبر أَن نسارع لَهُم على تَقْدِير حذف بِهِ أَي نسارع لَهُم بِهِ فِي الْخيرَات وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وَقَالَ هِشَام تَقْدِيره نسارع لَهُم فِيهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير وَهُوَ الْخيرَات وَمَا الَّتِي هِيَ اسْم أَن هِيَ لِلْخَيْرَاتِ وَمثله عِنْده قَوْلك إِن زيدا تكلم عَمْرو فِي زيد أَي فِيهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير وَلم يجز سِيبَوَيْهٍ هَذَا الا فِي الشّعْر وَقد قيل خبر أَن مَحْذُوف قَوْله {إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون} خبر إِن قَوْله {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبران وَمعنى فِي الْخيرَات أَي فِي عمل الْخيرَات قَوْله {سامرا} حَال وَمثله {مستكبرين} قَوْله {تهجرون} من فتح التَّاء جعله من الهجران أَي مستكبرين بِالْبَيْتِ الْحَرَام سامرا أَي تسمرون بِاللَّيْلِ فِي اللَّهْو واللعب لأمنكم فِيهِ مَعَ خوف النَّاس فِي مواطنهم تهجرون آياتي وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم من كتابي وَمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 ضم التَّاء جعله من الهجر وَهُوَ الهذيان وَمَا لَا خير فِيهِ من الْكَلَام قَوْله {فَمَا اسْتَكَانُوا} هُوَ استفعلوا من الْكَوْن وَأَصله استكونوا نم أعل وَقيل هُوَ افتعلوا من السّكُون لَكِن اشبعت فَتْحة الْكَاف فَصَارَت ألفا وَالْقَوْل الأول أصح فِي الِاشْتِقَاق وَالثَّانِي أصح فِي الْمَعْنى قَوْله {قَالَ رب ارْجِعُونِ} انما جَاءَت المخاطبة من أهل النَّار بِلَفْظ الْجَمَاعَة لِأَن الْجَبَّار يخبر عَن نَفسه بِلَفْظ الْجَمَاعَة فخوطب بِالْمَعْنَى الَّذِي يخبر هُوَ بِهِ عَن نَفسه وَقيل مَعْنَاهُ التكرير ارْجِعْنَ ارْجِعْنَ ارْجِعْنَ فَجمع فِي المخاطبة ليدل على معنى التكرير وَكَذَلِكَ قَالَ الْمَازِني فِي قَوْله {ألقيا فِي جَهَنَّم} مَعْنَاهُ ألق ألق قَوْله {سخريا} من ضم السِّين جعله من السخرة والتسخير وَمن كسرهَا جعله من الهزء واللعب وَقيل هما لُغَتَانِ بِمَعْنى الهزء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 قَوْله {أَنهم هم الفائزون} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول ثَان لجزيتهم تَقْدِيره اني جزيتهم الْيَوْم بصبرهم الْفَوْز والفوز النجَاة وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام أَي اني جزيتهم بصبرهم لأَنهم الفائزون فِي علمي وَمَا تقدم لَهُم من حكمي قَوْله {كم لبثتم} كم فِي مَوضِع نصب بلبثتم و {عدد سِنِين} نصب على الْبَيَان وسنين جمع مُسلم بِالْيَاءِ وَالنُّون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة النُّور قَوْله تَعَالَى {سُورَة أنزلناها} رفعت سُورَة على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هَذِه سُورَة وأنزلناها صفة لسورة وانما احْتِيجَ الى اضمار مُبْتَدأ وَلم ترفع سُورَة بِالِابْتِدَاءِ لِأَنَّهَا نكرَة وَلَا يبتدا بنكرة الا أَن تكون منعوتة واذا جعلت {أنزلناها} نعتا لم يكن فِي الْكَلَام خبر لَهَا لِأَن نعت الْمُبْتَدَأ لَا يكون خَبرا لَهُ فَلم يكن بُد من اضمار مُبْتَدأ ليَصِح نعت السُّورَة بأنزلناها وَقَرَأَ عِيسَى بن عمر سُورَة أنزلناها بِالنّصب على اضمار فعل تَفْسِيره أنزلناها تَقْدِيره أنزلنَا سُورَة أنزلناها وَلَا يجوز أَن يكون أنزلناها صفة لسورة على هَذِه الْقِرَاءَة لِأَن الصّفة لَا تفسر مَا يعْمل فِي المصوف كَمَا أَن الصِّلَة لَا تفسر مَا يعْمل فِي الْمَوْصُوف وَقيل ان النصب على تَقْدِير اتل سُورَة أنزلناها فعلى هَذَا التَّقْدِير يحسن أَن يكون أنزلناها نعتا للسورة لِأَنَّهُ غير مُفَسّر لِلْعَامِلِ فِي السُّورَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 قَوْله {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا} الِاخْتِيَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ الرّفْع لِأَنَّهُ لم يقْصد بذلك قصد اثْنَيْنِ بأعيانهما فالرفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ على الِابْتِدَاء على تَقْدِير خبر مَحْذُوف تَقْدِيره فِيمَا فرض عَلَيْكُم الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا وَقيل الْخَبَر مَا بعده وَهُوَ فاجلدوا كَمَا تَقول زيد فَاضْرِبْهُ وَكَأن الْفَاء زَائِدَة وَقد قرىء بأَرْبعَة شُهَدَاء وَهُوَ شَاذ وَيكون شُهَدَاء نعتا لأربعة أَو حَالا من نكرَة قَوْله إِلَّا الَّذين تَابُوا الَّذين فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء وان شِئْت فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الْمُضمر فِي لَهُم قَوْله {إِلَّا أنفسهم} وَرفع على الْبَدَل من شُهَدَاء وَهُوَ اسْم كَانَ {وَلَهُم} الْخَبَر وَيجوز نصب شُهَدَاء على خبر كَانَ مقدما و {أنفسهم} اسْمهَا وَيجوز نصب أنفسهم على الِاسْتِثْنَاء أَو على خبر كَانَ وَلم يقْرَأ بِهِ قَوْله {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} انتصب ثَمَانِينَ على الْمصدر وجلدة على التَّفْسِير وَكَذَلِكَ انتصاب {مائَة جلدَة} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 قَوْله {فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات} انتصب أَربع على الْمصدر وَالْعَامِل فِيهَا شَهَادَة وَالشَّهَادَة مَرْفُوعَة على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره فَالْحكم أَو فالفرض شَهَادَة أحدهم أَربع مَرَّات أَي فَالْحكم أَن يشْهد أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه انه لمن الصَّادِقين وَقيل الشَّهَادَة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي فَعَلَيْهِم أَو فلازم لَهُم أَن يشْهد أحدهم أَربع شَهَادَات قَوْله {إِنَّه لمن الصَّادِقين} فِي مَوضِع نصب مفعول بِهِ بِشَهَادَة وَلم تفتح إِن من أجل اللَّام الَّتِي فِي الْخَبَر مثل قَوْلك علمت ان زيدا لمنطلق وَقَوله {بِاللَّه} مُتَعَلق بشهادات فَهُوَ فِي صلتها إِن أعملت الثَّانِي وان قدرت اعمال الأول وَهُوَ شَهَادَة كَانَت الْبَاء مُتَعَلقَة بِشَهَادَة وَمن رفع أَربع فعلى خبر شَهَادَة كَمَا تَقول صَلَاة الظّهْر أَربع رَكْعَات وَيكون بِاللَّه مُتَعَلق بشهادات وَلَا يجوز تعلقه بِشَهَادَة لِأَنَّك كنت تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء وَهُوَ أَربع شَهَادَات وَيكون إِنَّه لمن الصَّادِقين مُتَعَلق بشهادات وَلَا يتَعَلَّق بِشَهَادَة لما ذكرنَا من التَّفْرِقَة بَين الصِّلَة والموصول قَوْله {وَالْخَامِسَة} ارْتَفع على الْعَطف على أَربع فِي قِرَاءَة من رَفعه أَو على الْقطع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 قَوْله {أَن تشهد أَربع شَهَادَات} لَا يحسن فِي أَربع غير النصب بتشهد وَأَن فِي مَوضِع رفع بيدرأوا تَقْدِيره وَيدْفَع عَنْهَا الْحَد شهادتها أَربع شَهَادَات بِاللَّه انه لمن الْكَاذِبين فانه وَمَا بعده فِي مَوضِع نصب بتشهد وَكسرت ان لأجل اللَّام الَّتِي فِي الْخَيْر وَبِاللَّهِ يحسن تعلق الْبَاء فِيهِ بِالْأولِ أَو الثَّانِي قَوْله {وَالْخَامِسَة} وَهُوَ الثَّانِي من نَصبه عطفه على أَربع شَهَادَات أَو على اضمار فعل تَقْدِيره وَتشهد الْخَامِسَة وَهُوَ مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر وَأَصله نعت أقيم مقَام المنعوت كَأَنَّهُ قَالَ وَتشهد الشَّهَادَة الْخَامِسَة ثمَّ حذف الْوَجْهَيْنِ وَمن رفع فعلى الِابْتِدَاء قَوْله {أَن لعنة الله} و {أَن غضب الله} أَن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع رفع خبر الْخَامِسَة ان رفعتها بِالِابْتِدَاءِ أَو فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض إِن نصبت {وَالْخَامِسَة} وَالْخَامِسَة نعت قَامَ مقَام المنعوت فِي الرّفْع وَالتَّقْدِير وَالشَّهَادَة الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ وَأَن غضب الله عَلَيْهَا وَلَا يجوز تعلق الْبَاء بِالشَّهَادَةِ المحذوفة لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِالصّفةِ وَذَلِكَ لَا يجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 قَوْله {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة} عصبَة خبر إِن وَيجوز نَصبه وَيكون الْخَبَر {لكل امْرِئ مِنْهُم} قَوْله {أَن تعودوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره لِئَلَّا تعودوا أَو كَرَاهَة أَن تعودوا فَهُوَ مفعول من أَجله قَوْله {دينهم الْحق} قَرَأَ مُجَاهِد بِرَفْع الْحق جعله نعتا لله جلّ ذكره وَالنّصب على النَّعْت للدّين قَوْله {يغضوا من أَبْصَارهم} من لبَيَان الْجِنْس وَلَيْسَت للتَّبْعِيض قَوْله غير أولي الاربة من نصب غير نَصبه على الِاسْتِثْنَاء أَو على الْحَال وَمن خفضه جعله نعتا لِأَن التَّابِعين لَيْسَ بِمَعْرِِفَة صَحِيحَة الْعين إِذْ لَيْسَ بمعهود وَيجوز أَن يخْفض على الْبَدَل وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ بِمَنْزِلَة {غير المغضوب عَلَيْهِم} قَوْله {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم الَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب وَيجوز أَن يَكُونُوا فِي مَوضِع نصب باضمار فعل تَقْدِيره كاتبوا الَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب قَوْله {مثل نوره كمشكاة} مثل ابْتِدَاء وَالْكَاف الْخَبَر وَالْهَاء فِي نوره تعود على الله جلّ ذكره وَقيل على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 وَقيل على الايمان فِي قلب الْمُؤمن قَوْله {دري} من ضم الدَّال وشدد الْيَاء نسبه الى الدّرّ لفرط صِفَاته فَهُوَ فعلي وَيجوز أَن يكون وَزنه فعيلا غير مَنْسُوب لكنه مُشْتَقّ من الدرء فَخفف الْهمزَة فَانْقَلَبت يَاء فادغم الْيَاء الَّتِي قبلهَا فِيهَا فَأَما من قَرَأَ بِكَسْر الدَّال والهمزة فانه جعله فعيلا من الدرء كبناء فسيق وسكير وَمَعْنَاهُ أَنه يرفع الظلمَة لتلألئه وضيائه فَهُوَ من درأت النُّجُوم تدرأ اذا اندفعت فَأَما من قَرَأَهُ بِضَم الدَّال والهمزة فانه جعله فعيلا أَيْضا من درأت النُّجُوم إِذا اندفعت وَهُوَ صفة قَلِيل النظير وَنَظِيره من الْأَسْمَاء المريق وَمثله فِي الصِّفَات الْعلية والسرية قَوْله {وَالْآصَال} هُوَ جمع أصل والاصل جمع أصيل كرغيف ورغف وَقيل جمع الْأَصِيل أصائل وَقيل أصائل جمع آصال قَوْله {ظلمات} من رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر من فَوْقه أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ ظلمات أَو هَذِه ظلمات وَمن خفضها جعلهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 بَدَلا من ظلمات الأولى والسحاب مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَمن فَوْقه الْخَبَر قَوْله {لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين} من قَرَأَهُ بِالْيَاءِ أضمر الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَالَّذين ومعجزين مَفْعُولا حسب وَيجوز أَن يكون الَّذين هم الفاعلون وتضمر الْمَفْعُول الأول لحسب ومعجزين الثَّانِي وَالتَّقْدِير لَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أنفسهم معجزين وَمن قَرَأَهُ بِالتَّاءِ فالنبي عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الْفَاعِل و {الَّذين} و {معجزين} مَفْعُولا حسب قَوْله {كل قد علم صلَاته} رفعت كلا بِالِابْتِدَاءِ وَفِي علم ضمير الله جلّ ذكره وَيجوز على هَذَا نصب كل باضمار فعل يفسره مَا بعده تَقْدِيره علم الله كلا علم صلَاته فان جعلت الضَّمِير فِي علم لكل بعد نصب كل لِأَنَّهُ فَاعل وَقع على شَيْء من سَببه فاذا نصبته باضمار فعل عديت فعله الى نَفسه وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتِلَاف وفيهَا نظر لِأَن الْفَاعِل عدى فعله الى نَفسه وانما يجوز ذَلِك فِي الْأَفْعَال الدَّاخِلَة على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كظننت وَعلمت هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فالنصب فِي كل وَهُوَ فَاعل لَا يجوز عِنْده وَيجوز عِنْد الْكُوفِيّين قَوْله {وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد} من الثَّانِيَة زَائِدَة وَمن الثَّالِثَة للْبَيَان وَالتَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء جبالا فِيهَا من برد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 أَي جبالا من هَذَا النَّوْع وَقَالَ الْفراء التَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء من جبال برد فَمن برد على قَول الْفراء فِي مَوضِع خفض وعَلى قَول الْبَصرِيين فِي مَوضِع نصب على الْبَيَان أَو على الْحَال وَقد قيل ان من الثَّالِثَة زَائِدَة وَالتَّقْدِير وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا برد أَي ينزل من جبال فِي السَّمَاء بردا فَهَذَا يدل على أَن فِي السَّمَاء جبالا ينزل مِنْهَا الْبرد وعَلى القَوْل الأول يدل على أَن فِي السَّمَاء جبال برد قَوْله {يذهب بالأبصار} قَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر بِضَم الْيَاء من يذهب وَهَذَا يُوجب أَن لَا يُؤْتى بِالْبَاء لِأَنَّهُ رباعي من أذهب والهمزة تعاقب الْبَاء وَلَكِن أجَازه الْمبرد وَغَيره على أَن تكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِالْمَصْدَرِ لِأَن الْفِعْل يدل على اذ مِنْهُ أَخذ تَقْدِيره يذهب ذَهَابه بالأبصار وعَلى هَذَا أَجَازُوا ادخل بزيد السجْن كَأَنَّهُ قَالَ أَدخل السجْن دُخُولا بزيد قَوْله {ويتقه} من أسكن الْقَاف فعلى الاستخفاف كَمَا قَالُوا كتف فِي كتف وَمن كسرهَا فعلى الأَصْل لِأَن الْيَاء الَّتِي بعد الْقَاف حذفت للجزم قَوْله {طَاعَة} رفع على الِابْتِدَاء أَي طَاعَة أولى بكم أَو على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 اضمار مُبْتَدأ أَي أمرنَا طَاعَة وَيجوز النصب على الْمصدر قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا} أصل وعد أَن يتعدي الى مفعولين وَلَك أَن تقتصر على أَحدهمَا فَلذَلِك تعدى فِي هَذِه الاية الى مفعول وَاحِد وَفسّر الْعدة بقوله {ليَستَخْلِفنهم} كَمَا فسر الْعدة فِي الْمَائِدَة بقوله {لَهُم مغْفرَة} وكما فسر الْوَصِيَّة فِي النِّسَاء بقوله {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} قَوْله {يعبدونني} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من {الَّذين آمنُوا} أَو فِي مَوضِع رفع على الْقطع قَوْله {ثَلَاث عورات} من نصب ثَلَاثًا جعله بَدَلا من قَوْله {ثَلَاث مَرَّات} و {ثَلَاث مَرَّات} نصب على الْمصدر وَقيل لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الْمصدر وَلَيْسَ بمصدر على الْحَقِيقَة وَقيل هُوَ ظرف وَتَقْدِيره ثَلَاثَة أَوْقَات أَي يستأذنوكم فِي ثَلَاثَة أَوْقَات وَهَذَا أصح فِي الْمَعْنى لأَنهم لم يؤمروا أَن يستأذنهم العبيد وَالصبيان ثَلَاث مَرَّات انما أمروا أَن يستأذنوهم فِي ثَلَاثَة أَوْقَات أَلا ترى أَنه قد بَين الْأَوْقَات فَقَالَ {من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} فَبين الثَّلَاث المرات بالأوقات فَعلم أَنَّهَا ظرف وَهُوَ الصَّحِيح فاذا كَانَت ظرفا أبدلت مِنْهَا {ثَلَاث عورات} على قِرَاءَة من نصب ثَلَاث عورات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 وَلَا يَصح هَذَا الْبَدَل حَتَّى يقدر محذوفا مُضَافا تَقْدِيره أَوْقَات ثَلَاث عورات فتبدل أَوْقَات ثَلَاث عورات من ثَلَاث مَرَّات وَكِلَاهُمَا ظرف فتبدل ظرفا من ظرف فَيصح الْمَعْنى والاعراب فَأَما من قَرَأَ ثَلَاث عورات بِالرَّفْع فانه جعله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هَذِه ثَلَاث عورات أَي هَذِه أَوْقَات ثَلَاث عورات ثمَّ حذف الْمُضَاف اتساعا وَهَذِه اشارة الى الثَّلَاثَة الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة قبل هَذَا وَلَكِن اتَّسع فِي الْكَلَام فَجعلت الْأَوْقَات عورات لِأَن ظُهُور الْعَوْرَة فِيهَا يكون وَهُوَ مثل قَوْلهم نهارك صَائِم وليلك قَائِم أخْبرت عَن النَّهَار بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ فِيهِ يكون وأخبرت عَن اللَّيْل بِالْقيامِ لِأَنَّهُ فِيهِ يكون وَمِنْه قَوْله تَعَالَى بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار أضبف الْمَكْر الى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما لَا يمكران إِلَّا أَن الْمَكْر يكون فيهمَا من فاعلهما فاضيف الْمَكْر اليهما اتساعا كَذَلِك أخْبرت عَن الْأَوْقَات بالعورات لِأَن فِيهَا تظهر من النَّاس فَلذَلِك امْر الله عباده أَن لَا يدْخل عَلَيْهِم فِي هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاثَة عبد وَلَا صبي الا بعد اسْتِئْذَان وأصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 الْوَاو فِي العورات الْفَتْح لَكِن أسكنت لِئَلَّا يلْزم فِيهَا الْقلب لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَمثله بيضات وَهَذَا الْأَمر انما كَانَ من الله للْمُؤْمِنين اذ كَانَت الْبيُوت بِغَيْر أَبْوَاب قَوْله {وَالْقَوَاعِد} هُوَ جمع قَاعد على النّسَب أَي ذَات قعُود فَلذَلِك حذفت الْهَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لما لم يَقع الا للمؤنث استغني عَن الْهَاء وَقيل حذفت الْهَاء للْفرق بَينه وَبَين الْقَاعِدَة بِمَعْنى الْجَالِسَةُ قَوْله {غير متبرجات} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يَضعن وَقيل حَال من هن الَّتِي فِي ثيابهن قَوْله {وَأَن يستعففن} أَن فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء و {خير} الْخَبَر قَوْله {جَمِيعًا أَو أشتاتا} كِلَاهُمَا حَال من الْمُضمر فِي تَأْكُلُوا قَوْله {تَحِيَّة} مصدرلأن {فَسَلمُوا} مَعْنَاهُ فَحَيوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 قَوْله {كدعاء بَعْضكُم} الْكَاف فِي مَوضِع نصب مفعول ثَان لجعل قَوْله {لِوَاذًا} مصدر وَقيل حَال بِمَعْنى ملاوذين وَصَحَّ لِوَاذًا بِالْوَاو لصِحَّته فِي لاوذ ومصدر فَاعل لَا يعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْفرْقَان قَوْله تَعَالَى {تبَارك} هُوَ تفَاعل من الْبركَة وَالْبركَة الْكَثْرَة من كل خير وَمَعْنَاهُ تَعَالَى عطاؤه أَي زَاد وَكثر وَقيل مَعْنَاهُ دَان وَثَبت إنعامه وَهُوَ من برك الشَّيْء اذا ثَبت قَوْله {ليَكُون للْعَالمين} الضَّمِير فِي يكون للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقيل للفرقان قَوْله {وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلين} يخاطبون مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَام بذلك وَوَاحِد أساطير أسطورة وَقيل وَاحِدهَا أسطار بِمَنْزِلَة أَقْوَال وأقاويل قَوْله {ثبورا} مصدر وَقيل هُوَ مفعول بِهِ قَوْله {مَا لهَذَا الرَّسُول} وَقعت اللَّام مُنْفَصِلَة فِي الْمُصحف وَعلة ذَلِك أَنه كتب على لفظ المملي كَأَنَّهُ كَانَ يقطع لَفظه فَكتب الْكَاتِب على لَفظه وَقَالَ الْفراء أَصله مَا بَال هَذَا ثمَّ حذفت با فَبَقيت اللَّام مُنْفَصِلَة وَقيل إِن أصل حُرُوف الْجَرّ أَن تَأتي مُنْفَصِلَة مِمَّا بعْدهَا نَحْو فِي وَعَن وعَلى فَأتى مَا هُوَ على حرف على قِيَاس مَا هُوَ على حرفين وَمثله {فَمَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 و {فَمَال الَّذين كفرُوا} قَوْله {قل أذلك خير أم جنَّة الْخلد} قيل هُوَ مَرْدُود على قَوْله {إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات} فَرد فِي الْجنَّة على مَا لَو شَاءَ تَعَالَى كَونه فِي الدُّنْيَا فَذَلِك اشارة الى مَا ذكر من الجنات والقصور فِي الدُّنْيَا وَقيل هُوَ مَرْدُود على مَا قبله من ذكر السعير وَالنَّار وَجَاز التَّفْضِيل بَينهمَا على مَا جَاءَ عَن الْعَرَب حكى سِيبَوَيْهٍ الشَّقَاء أحب إِلَيْك أم السَّعَادَة وَلَا يجوز عِنْد النحوين السَّعَادَة خير من الشَّقَاء لِأَنَّهُ لاخير فِي الشَّقَاء فَيَقَع فِيهِ التَّفَاضُل وانما يَأْتِي أفعل أبدا فِي التَّفْضِيل بَين شَيْئَيْنِ فِي خير أَو شَرّ وَفِي أَحدهمَا من الْفضل أَو من الشَّرّ ماليس فِي الآخر وَكِلَاهُمَا فِيهِ فضل اَوْ شَرّ إِلَّا أَن أَحدهمَا أَكثر من الآخر فضلا أَو شرا وَقد أجَاز الْكُوفِيُّونَ الْعَسَل أحلى من الْخلّ وَلَا حلاوة فِي الْخلّ فيفاضل بَينه وَبَين حلاوة الْعَسَل وَلَا يُجِيز هَذَا البصريون وَلَا يجوز الْمُسلم خير من النَّصْرَانِي إِذْ لَا هير فِي النَّصْرَانِي وَلَو قلت الْيَهُودِيّ خير من النَّصْرَانِي لم يجز إِذْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 لَا خير فِي وَاحِد مِنْهُمَا فان قلت الْيَهُودِيّ شَرّ من النَّصْرَانِي جَازَ إِذْ الشَّرّ فيهمَا مَوْجُود وَقد يكون أَحدهمَا أَكثر شرا قولة {لَا بشرى يَوْمئِذٍ للمجرمين} لَا يجوز أَن يعْمل لَا بشرى فِي يَوْمئِذٍ إِذا جعلت لَا وبشرى مثل لَا رجل وبنيت على الْفَتْح وَلَكِن تجْعَل يَوْمئِذٍ خَبرا لبشرى لِأَن الظروف تكون خَبرا عَن المصادر و {للمجرمين} صفة لبشرى أَو تبيينا لَهُ وَيجوز أَن تجْعَل للمجرمين خَبرا لبشرى و {يَوْمئِذٍ} تبيينا لبشرى وَإِن قدرت أَن بشرى غير مَبْنِيَّة مَعَ لَا جَازَ أَن تعملها فِي يَوْمئِذٍ لِأَن الْمعَانِي تعْمل فِي الظروف قَوْله {الْملك يَوْمئِذٍ الْحق للرحمن} يجوز أَن تنصب يَوْمئِذٍ بِالْملكِ فَهُوَ فِي صلته مثل قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ} وَيجوز نصب يَوْمئِذٍ بالرحمن تقدر فِي الظّرْف التَّأْخِير تَقْدِيره الْملك الْحق للرحمن يَوْمئِذٍ أَي الْملك الْحق لمن يرحم يَوْمئِذٍ عباده الْمُؤمنِينَ قَوْله {يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بشرى} الْعَامِل فِي يَوْم مَحْذُوف تَقْدِيره يمْنَعُونَ الْبشَارَة يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة وَلَا يعْمل فِيهِ لَا بشرى لِأَن مَا بعد النَّفْي لَا يعْمل فِيمَا قبله وَقيل التَّقْدِير وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة و {الْملك} مُبْتَدأ و {الْحق} نَعته و {للرحمن} الْخَبَر وَأَجَازَ الزّجاج الْحق بِالنّصب على الْمصدر فَيكون {للرحمن} خبر {الْملك} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 قَوْله {حجرا} نصب على الْمصدر قَوْله {وَقوم نوح} عطف على الضَّمِير فِي دمرناهم وَقيل انتصب على اذكر وَقيل على اضمار فعل يفسره أغرقناهم أَي وأغرقنا قوم نوح لما كذبُوا الرُّسُل أغرقناهم وَقَوله {وعادا وَثَمُود} وَمَا بعده كُله عطف على قوم نوح اذا نصبتهم باضمار اذكر أَو على الْعَطف على الْمُضمر فِي دمرناهم وَلَا يجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على الضَّمِير فِي جعلناهم قَوْله {وكلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال} كلا نصب باضمار فعل تَقْدِيره وأنذرنا كلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال لِأَن ضرب الْأَمْثَال أعظم الانذار فَجَاز أَن يكون تَفْسِيرا لأنذرنا قَوْله {بعث الله رَسُولا} نصب على الْحَال وَقيل على الْمصدر وَهُوَ بِمَعْنى رِسَالَة قَوْله {إِن كَاد ليضلنا} تَقْدِيره عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِنَّه كَاد ليضلنا وَعند الْكُوفِيّين مَا كَاد إِلَّا يضلنا فَاللَّام بِمَعْنى الا عِنْدهم وَإِن بِمَعْنى مَا وَهِي مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَاللَّام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 لَام التَّأْكِيد قَوْله {لَوْلَا أَن صَبرنَا} أَن فِي مَوضِع رفع وَقد تقدم شرحها قَوْله {وأناسي كثيرا} وَاحِد أناسي إنسي وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون وَاحِدهَا إنْسَانا وَأَصله عِنْده أناسين ثمَّ أبدل من النُّون يَاء وَلَا قِيَاس يسعده فِي ذَلِك وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز فِي جمع سرحان سراحي وَذَلِكَ لَا يُقَال قَوْله {إِلَّا من شَاءَ أَن يتَّخذ} من فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الْجِنْس الأول وَأَن فِي مَوضِع نصب شَاءَ بِمَعْنى الا من شَاءَ الاتخاذ قَوْله {الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا} الرَّحْمَن فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ الرَّحْمَن وَقيل الرَّحْمَن مُبْتَدأ و {فاسأل} الْخَبَر وَقيل هُوَ بدل من الْمُضمر فِي اسْتَوَى وَيجوز الْخَفْض على الْبَدَل من الْحَيّ وَيجوز النصب على الْمَدْح و {خَبِيرا} نصب بقوله {فاسأل} وَهُوَ نعت لمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ فاسأل عَنهُ انسانا خَبِيرا وَقد قيل الْخَبِير هُوَ الله لَا اله الا هُوَ فَيكون التَّقْدِير فاسأل عَنهُ مخبرا خَبِيرا وَلَا يحسن أَن يكون خَبِيرا حالالأنك ان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي فاسأل لم يجز لِأَن الْخَبِير لَا يحْتَاج أَن يسْأَل غَيره عَن شَيْء وانما يحْتَاج ان يسْأَل هُوَ عَن الْأُمُور لخبره بهَا فان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي بِهِ لم يجز لِأَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 المسؤول عَنهُ وَهُوَ الرَّحْمَن خَبِير أبدا وَالْحَال أَكثر أمرهَا أَنَّهَا لما ينْتَقل ويتغير فان جَعلتهَا الْحَال الْمُؤَكّدَة الَّتِي لَا تنْتَقل مثل {وَهُوَ الْحق مُصدقا} و {وَهَذَا صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا} جَازَ وَفِيه نظر قَوْله {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ} عباد رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر الَّذين يَمْشُونَ وَقَالَ الْأَخْفَش الَّذين يَمْشُونَ نعت للعباد وَالْخَبَر مَحْذُوف وَقَالَ الزّجاج الَّذين يَمْشُونَ نعت وَالْخَبَر أُولَئِكَ يجزون الغرفة قَوْله {قَالُوا سَلاما} نصب على الْمصدر وَمَعْنَاهُ تَسْلِيمًا فأعمل القَوْل فِيهِ لِأَنَّهُ لم يحك قَوْلهم بِعَيْنِه انما حكى معنى قَوْلهم وَلَو حكى قَوْلهم بِعَيْنِه لَكَانَ محكيا وَلم يعْمل فِيهِ القَوْل فانما أخبر تَعَالَى ذكره أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم اذا خاطبهم الجاهلون بِاللَّه بِمَا يكْرهُونَ قَالُوا سدادا من القَوْل لم يجاوبوهم بِلَفْظ سَلام بِعَيْنِه وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا مَنْسُوخ لِأَن الايه نزلت بِمَكَّة قبل أَن يؤمروا بِالْقِتَالِ وَمَا تكلم سِيبَوَيْهٍ فِي شَيْء من النَّاسِخ والمنسوخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 غير هَذِه الْآيَة فَهُوَ من التسلم وَلَيْسَ من التَّسْلِيم قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَلم يُؤمر الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ أَن يسلمُوا على الْمُشْركين فاستدل سِيبَوَيْهٍ بذلك أَنه من التسلم وَهُوَ الْبَرَاءَة من الشَّرّ وَلَيْسَ من التَّسْلِيم الَّذِي هُوَ التَّحِيَّة قَوْله {وَكَانَ بَين ذَلِك قواما} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا وَالتَّقْدِير كَانَ الانفاق بَين ذَلِك قواما وقواما خبر كَانَ وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون {بَين ذَلِك} اسْم كَانَ وَهُوَ مَفْتُوح كَمَا قَالَ {وَمنا دون ذَلِك} فدون عِنْده مُبْتَدأ وَهُوَ مَفْتُوح وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ أَلْفَاظ كثر اسْتِعْمَال الْفَتْح فِيهَا فَتركت على حَالهَا فِي مَوضِع الرّفْع وَكَذَا يَقُول فِي قَوْله {لقد تقطع بَيْنكُم} هُوَ مَرْفُوع بتقطع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 وَلكنه ترك مَفْتُوحًا لِكَثْرَة وُقُوعه كَذَلِك والبصريون على خِلَافه فِي ذَلِك قَوْله {يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ} من جزم جعله بَدَلا من يلق لِأَنَّهُ جَوَاب الشَّرْط وَلِأَن لِقَاء الأثام هُوَ تَضْعِيف الْعَذَاب وَالْخُلُود فأبدل مِنْهُ اذ الْمَعْنى يشْتَمل بعضه على بعض وعَلى هَذَا الْمَعْنى يجوز بدل الْأَفْعَال بَعْضهَا من بعض فان تباينت مَعَانِيهَا لم يجز بدل بَعْضهَا من بعض وَمن رفع فعلى الْقطع أَو على الْحَال قَوْله {متابا} مصدر فِيهِ معنى التوكيد لِأَنَّهُ أَتَى بعد لفظ فعله قَوْله {كراما} و {صمًّا وعميانا} كلهَا أَحْوَال قَوْله {فَسَوف يكون لزاما} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهِ و {لزاما} الْخَبَر وَالتَّقْدِير فَسَوف يكون جَزَاء التَّكْذِيب عذَابا لَازِما قيل ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَهُوَ مَا نزل بهم يَوْم بدر من الْقَتْل والأسر وَقيل ذَلِك فِي الْآخِرَة وَقَالَ الْفراء فِي يكون مَجْهُول وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَن الْمَجْهُول إِنَّمَا يُفَسر بالجمل لَا بالمفردات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الشُّعَرَاء قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ آيَات الْكتاب} تِلْكَ ابْتِدَاء وآيات الْخَبَر وَهِي اشارة الى مَا نزل من الْقُرْآن وَقيل بل هِيَ اشارة الى هَذِه الْحُرُوف الَّتِي فِي أَوَائِل السورلأن مِنْهَا تأتلف آيَات الْقُرْآن وَقيل تِلْكَ فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هَذِه تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين الَّتِي كُنْتُم وعدتم بهَا فِي كتبكم لأَنهم وعدوا فِي التَّوْرَاة والانجيل بانزال الْقُرْآن قَوْله {أَلا يَكُونُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله {وَإِذ نَادَى} أَي واتل عَلَيْهِم اذ نَادَى قَوْله أَن عبدت أَن فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من نعْمَة وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير لِأَن عبدت ثمَّ حذف الْحَرْف وحذفه مَعَ أَن كثير فِي الْكَلَام وَالْقُرْآن وَلذَلِك قَالَ بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 النَّحْوِيين إِن أَن فِي مَوضِع خفض بالخافض الْمَحْذُوف لِأَنَّهُ لما كثر حذفة مَعَ أَن عمل وان كَانَ محذوفا قَوْله {فَإِنَّهُم عَدو لي} عَدو وَاحِد يُؤَدِّي عَن الجماعه فَلَا يجمع وَيَأْتِي للمؤنث بِغَيْر هَاء تَقول هِيَ عَدو الله وَحكى الْفراء عدوة الله وَقَالَ الْأَخْفَش الصَّغِير من قَالَ عدوة بِالْهَاءِ فَمَعْنَاه معادية وَمن قَالَ عَدو بِغَيْر هَاء فَلَا يجمع وَلَا يثنى وانما ذَلِك على النّسَب قَوْله {إِلَّا رب الْعَالمين} نصب على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي لَيْسَ من الأول لأَنهم كَانُوا يعْبدُونَ أصناما واقرارهم بِاللَّه مَعَ عِبَادَتهم الْأَصْنَام لَا يَنْفَعهُمْ وَأَجَازَ الزّجاج أَن يكون من الأول لأَنهم كَانُوا يعْبدُونَ الله مَعَ أصنامهم قَوْله {فارهين} حَال من الْمُضمر فِي تنحتون قَوْله {أَصْحَاب الأيكة} من فتح التَّاء جعله اسْما للبلدة فَلم يصرفهُ للتعريف والتأنيث ووزنه فعلة وَمن خفض التَّاء جعله مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام فخفضه لاضافة أَصْحَاب اليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 وَأَصله أيكة اسْم لموْضِع فِيهِ شجر ودوم ملتف وَلم يعرف الْمبرد ليكة على فعلة انما هِيَ عِنْده أيكة دَخلهَا حرفا التَّعْرِيف فَانْصَرَفت وَقِرَاءَة من فتح التَّاء عِنْده غلط انما تكون التَّاء مَكْسُورَة بالاضافة وَاللَّام لَام التَّعْرِيف ألْقى عَلَيْهَا حَرَكَة الْهمزَة الْمَفْتُوحَة فانفتحت كَمَا قَالُوا فِي الْأَحْمَر لحمر وَفِي اسْأَل سل قَوْله {مَا أغْنى عَنْهُم} مَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع نصب بأغنى وَيجوز أَن تكون حرف نفي وَمَا الثَّانِيَة فِي مَوضِع رفع بأغنى قَوْله {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} يجوز أَن يكون بِهِ فِي مَوضِع الْمَفْعُول لنزل وَيجوز أَن يكون بِهِ فِي مَوضِع الْحَال كَمَا تَقول خرج زيد بثيابه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ} أَي دخلُوا كَافِرين وَخَرجُوا كَافِرين لم يرد أَنهم دخلُوا بِشَيْء يحملونه مَعَهم انما أَرَادَ أَنهم دخلُوا على حَال وَخَرجُوا على تِلْكَ الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 قَوْله {ذكرى وَمَا كُنَّا} مَوضِع ذكرى عِنْد الْكسَائي نصب على الْحَال وَقَالَ الزّجاج على الْمصدر لِأَن معنى {إِلَّا لَهَا منذرون} أَي مذكرون ذكرى وَيجوز أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي انذارنا ذكرى أَو ذَلِك ذكرى أَو تِلْكَ ذكرى وَيجوز تنوينها اذا جَعلتهَا مصدرا قَوْله {أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} نصبت أيا بينقلبون وَهُوَ نعت لمصدر مَحْذُوف لينقلبون تَقْدِيره أَي انقلاب يَنْقَلِبُون وَلَا يجوز نَصبه بسيعلم لِأَن الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله لِأَن لَهُ صدر الْكَلَام انما يعْمل فِيهِ مَا بعده وَقيل انما لم يعْمل فِيهِ مَا قبله لِأَنَّهُ خبر وَلَا يعْمل الْخَبَر فِي الِاسْتِفْهَام لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة النَّمْل قَوْله تَعَالَى {هدى وبشرى} حالان من الْكتاب قَوْله {بشهاب قبس} من أضَاف فانه أضَاف النَّوْع الى جنسه بِمَنْزِلَة قَوْلك ثوب خَز وَقَالَ الْفراء هُوَ اضافة الشَّيْء الى نَفسه كَصَلَاة الأولى وَلَيْسَ مثله لِأَن صَلَاة الاولى انما هِيَ فِي الأَصْل مَوْصُوف وَصفَة فأضيف الْمَوْصُوف الى صفته وَأَصلهَا الصَّلَاة الأولى وَمن نون شهابا جعل قبسا بَدَلا مِنْهُ وَقيل هِيَ صفة لَهُ وَلَو نصبت قبسا فِي غير الْقُرْآن لجَاز على الْحَال أَو على الْمصدر أَو على الْبَيَان والشهاب كل ذى نور والقبس مَا يقتبس من جمر وَنَحْوه فَمَعْنَاه لمن لم ينون بشهاب من قبس والقبس الْمصدر والقبس الِاسْم كَمَا أَن معنى ثوب خَز ثوب من خَز قَوْله {تصطلون} أصل الطَّاء تَاء ووزنه تفتعلون فابدلوا من التَّاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 طاء لمؤاخاتها الصَّاد فِي الاطباق وأعلت لَام الْفِعْل فحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا قَوْله {نُودي أَن بورك} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْحَرْف أَي نُودي لِأَن بورك أَو بِأَن بورك والمصدر مُضْمر يقوم مقَام الْفَاعِل أَي نُودي النداءلأن بورك وَقيل أَن فِي مَوضِع رفع على أَنه مفعول لم يسم فَاعله لنودي وَحكى الْكسَائي باركك الله وَبَارك فِيك قَوْله {تهتز} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْهَاء فِي {رَآهَا} وَكَذَلِكَ {كَأَنَّهَا جَان} فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا وَتَقْدِيره فَلَمَّا راها مهتزة مشبهة جانا ولى مُدبرا وَرَأى من رُؤْيَة الْعين قَوْله {مُدبرا} حَال من مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {إِلَّا من ظلم} من فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وَقَالَ الْفراء هُوَ اسْتثِْنَاء من الْجِنْس لَكِن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مَحْذُوف وَهَذَا بعيد وَأَجَازَ بعض النَّحْوِيين أَن تكون إِلَّا بِمَعْنى الْوَاو وَهَذَا أبعد لاختلاط الْمعَانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 قَوْله {تخرج بَيْضَاء} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تخرج وَهُوَ ضمير الْيَد قَوْله {آيَاتنَا مبصرة} حَال من الْآيَات وَمَعْنَاهُ مبينَة وَمن قَرَأَ مبصرة بِفَتْح الصَّاد جعله مصدرا قَوْله {غير بعيد} نعت لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره فَمَكثَ وقتا غير بعيد أَو لمصدر مَحْذُوف أَي مكثا غير بعيد قَوْله {من سبإ} من صرفه جعله اسْما لأَب أَو لحي وَمن لم يصرفهُ جعله اسْما للقبيلة أَو للمدينة أولامرأة فَلم يصرف للتعريف والتأنيث وَمن أسكن الْهمزَة فعلى نِيَّة الْوَقْف وَقيل أسكن لتوالي سبع حركات اسْتِخْفَافًا وَهُوَ بعيد كُله قَوْله {أَلا يسجدوا} أَن فِي مَوضِع نصب بيهتدون وَلَا زَائِدَة وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْأَعْمَال وَلَا غير زَائِدَة وَقيل هِيَ فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من السَّبِيل وَلَا زَائِدَة فَأَما قِرَاءَة الْكسَائي أَلا يَا اسجدوا بتَخْفِيف أَلا فانه على معنى أَلا يَا هَؤُلَاءِ اسجدوا فَلَا للتّنْبِيه وَيَا للنداء وَحذف المنادى لدلَالَة حرف النداء عَلَيْهِ واسجدوا مَبْنِيّ على هَذِه الْقِرَاءَة وعَلى الْقِرَاءَة الأولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 مَنْصُوب بَان قَوْله {إِنَّه من سُلَيْمَان} وَإنَّهُ الْكسر فيهمَا على الِابْتِدَاء وَأَجَازَ الْفراء الْفَتْح فيهمَا فِي الْكَلَام على أَن يكون موضعهما رفعا على الْبَدَل من كتاب وَأَجَازَ أَن يَكُونَا فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ قَوْله {أَلا تعلوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي بِأَن لَا تعلوا وَقيل فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من كتاب تَقْدِيره اني ألقِي إِلَيّ أَلا تعلوا وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ بِمَعْنى أَي للتفسير لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب بِمَنْزِلَة {أَن امشوا} قَوْله {أَذِلَّة وهم صاغرون} حالان من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي انخرجنهم وَالتَّاء فِي {عفريت} زَائِدَة كزيادتها فِي طاغوت وَجمعه عفاريت وعفار كَمَا تَقول فِي جمع طاغوت طواغيت وطواغ فطواغ وعفار مثل جوَار الْيَاء محذوفة قيل لالتقاء الساكنين وهما الْيَاء والتنوين وَقيل للتَّخْفِيف وَهُوَ أصح وَإِن عوضت قلت عفاري وطواغي وانما دخل هَذَا الضَّرْب التَّنْوِين وَهُوَ لَا ينْصَرف لِأَن الْيَاء لما حذفت للتَّخْفِيف نقص الْبناء الَّذِي من أَجله لم ينْصَرف فَلَمَّا نقص دخل التَّنْوِين وَقيل بل دخل التَّنْوِين عوضا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 من حذف الْيَاء فاذا صَارَت هَذِه الْأَسْمَاء الَّتِي هِيَ جموع لَا تَنْصَرِف الى حَال النصب رجعت الْيَاء وامتنعت من الصّرْف قَوْله {وصدها مَا كَانَت تعبد} مَا فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهَا الفاعلة للصد وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب بصدها على حذف حرف الْجَرّ وَفِي صدها ضمير الْفَاعِل وَهُوَ الله جلّ ذكره أَو سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَي وصدها الله عَن عبادتها أَو وصدها سُلَيْمَان عَن عبادتها قَوْله {إِنَّهَا كَانَت} من كسر ان كسر على الِابْتِدَاء وَمن فتح جعلهَا بَدَلا من مَا اذا كَانَت فاعلة وَقيل بل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار تَقْدِيره لِأَنَّهَا كَانَت قَوْله {مَعَ سُلَيْمَان} قيل مَعَ حرف مَبْنِيّ على الْفَتْح لِأَنَّهُ قد يكون اسْما ظرفا فقوي بالتمكين فِي بعض أَحْوَاله فَبنِي وَهُوَ حرف مَبْنِيّ على الْفَتْح لكَونه اسْما فِي بعض أَحْوَاله وَحقه السّكُون وَقيل هُوَ اسْم ظرف فَلذَلِك فتح كالظروف فان أسكت الْعين فَهُوَ حرف لاغير قَوْله {أَن اعبدوا الله} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار تَقْدِيره بِأَن اعبدوا الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 قَوْله قَالُوا {اطيرنا} أَصله تطيرنا ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الطَّاء فسكنت لِأَن أول المدغم لَا يكون الا سَاكِنا وَلَا يدغم حرف فِي حرف حَتَّى يسكن الأول فَلَمَّا سكن الأول اجتلبت ألف وصل فِي الِابْتِدَاء ليبتدأ بهَا وَكسرت لسكونها وَسُكُون مَا بعْدهَا وَقيل بل كسرت لكسرة ثَالِث الْفِعْل أَو فَتحه وَلم يفتح لفتحة ثَالِث الْفِعْل لِئَلَّا يشبه ألف الْمُتَكَلّم وضمت لضمة ثَالِث الْفِعْل لِئَلَّا يخرج من كسر الى صم فوزن اطيرنا على الأَصْل تفعلنا وَلَا يُمكن وَزنه على لَفظه إِذْ لَيْسَ فِي الْأَمْثِلَة افعلنا بحرفين مشددين متواليين وَقد ذكرنَا {مهلك} فِي الْكَهْف قَوْله {قَالُوا تقاسموا بِاللَّه لنبيتنه} {وَأَهله ثمَّ لنقولن} من قَرَأَهُ بِالتَّاءِ فِي الْكَلِمَتَيْنِ فانه جعل تقاسموا أمرا وَهُوَ فعل مَبْنِيّ وَكَذَلِكَ من قَرَأَهُ بالنُّون فيهمَا وَمن قرأهما بِالْيَاءِ جعل تقاسموا فعلا مَاضِيا لِأَنَّهُ اخبار عَن غَائِب وَالْأول اخبار عَن مُخَاطب أَو عَن مخبر عَن نَفسه قَوْله فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ إِنَّا دمرناهم من قَرَأَ انا بِالْكَسْرِ فعلى الِابْتِدَاء وَكَيف خبر كَانَ مقدم لِأَن الأستفهام لَهُ صدر الْكَلَام وعاقبة اسْم كَانَ وَلَا يعْمل انْظُر فِي كَيفَ وَلَكِن يعْمل فِي مَوضِع الْجُمْلَة كلهَا وَقيل كَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث وعاقبة اسْمهَا وَلَا خبر لَهَا وَكَيف فِي مَوضِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 الْحَال وَالتَّقْدِير فَانْظُر يَا مُحَمَّد على أَي حَال وَقع عَاقِبَة أَمرهم ثمَّ فسر كَيفَ وَقعت الْعَاقِبَة فَقَالَ مُفَسرًا مستأنفا إِنَّا دمرناهم وقومهم فاما من قَرَأَ أَنا بِالْفَتْح فانه جعل كَيفَ خبر كَانَ وَالْعَاقبَة اسْمهَا وَأَن بَدَلا من الْعَاقِبَة وَكَيف فِي مَوضِع الْحَال وان شِئْت جعلت أَنا خبر كَانَ وَالْعَاقبَة اسْمهَا وَكَيف فِي مَوضِع الْحَال وَالتَّقْدِير فَانْظُر يَا مُحَمَّد على أَي حَال كَانَ عَاقِبَة أَمرهم تدميرهم وَقيل أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ لأَنا دمرناهم وَيجوز فِي الْكَلَام نصب عَاقِبَة على خبر كَانَ وَتجْعَل أَنا اسْم كَانَ وَقيل مَوضِع أَنا رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ أَنا دمرناهم وَالْجُمْلَة خبر كَانَ قَوْله {إِلَّا الله وَمَا يَشْعُرُونَ} الرّفْع فِي اسْم الله جلّ ذكره على الْبَدَل من من قَوْله {فَتلك بُيُوتهم خاوية} خاوية نصب على الْحَال وَيجوز الرّفْع فِي خاوية فِي الْكَلَام من خَمْسَة أوجه الأول أَن تكون بُيُوتهم بَدَلا من تِلْكَ وخاوية خبر الْبيُوت وَالثَّانِي أَن تكون خاوية خَبرا ثَانِيًا وَالثَّالِث أَن ترفع خاوية على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ خاوية وَالرَّابِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 ان تجْعَل خاوية بَدَلا من الْبيُوت وَالْخَامِس أَن تجْعَل بُيُوتهم عطف بَيَان على تِلْكَ وخاوية خبر تِلْكَ قَوْله {ولوطا} انتصب لوطا على معنى وَاذْكُر أَو على معنى وَأَرْسَلْنَا لوطا قَوْله الله خير أما يشركُونَ إِنَّمَا جَازَت المفاضلة فِي هَذَا وَلَا خير فِي آلِهَتهم لأَنهم خوطبوا على مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ لأَنهم كَانُوا يظنون فِي آلِهَتهم فَخُوطِبُوا على زعمهم وظنهم وَقد قيل ان خيرا هُنَا لَيست بافعل انما هِيَ فعل فَلَا يلْزم تفاضل بَين شَيْئَيْنِ كَمَا قَالَ حسان ... فشركما لخير كَمَا الْفِدَاء ... أَي فَالَّذِي فِيهِ الشَّرّ مِنْكُمَا فدَاء للَّذي فِيهِ الْخَيْر قَوْله {بل ادارك علمهمْ} من قَرَأَهُ على افْعَل بناه على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 أَن علمهمْ فِي قيام السَّاعَة قد تناهى لَا مزِيد عِنْدهم فِيهِ أَي لَا يعلمُونَ ذَلِك أبدا اذ لَا مزِيد فِي علمهمْ يُقَال اِدَّرَكَ الثَّمر اذا تناهى وَقيل مَعْنَاهُ الانكار أَي هَل أدْرك علمهمْ فِي الْآخِرَة شَيْئا أَي لم يدْرك شَيْئا ولاوقفوا مِنْهُ على حَقِيقَة وَقيل مَعْنَاهُ بل كمل علمهمْ فِي أَمر الْآخِرَة فَلَا مزِيد فِيهِ وَدلّ على أَنه على الانكار قَوْله {بل هم فِي شكّ مِنْهَا} أَي لم يدركوا وَقت حدوثها فهم عَنْهَا عمون والعمى عَن الشَّيْء أعظم من الشَّك فِيهِ وَمن قَرَأَهُ بِأَلف وصل مشددا فأصله تدارك ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الدَّال وَدخلت ألف الْوَصْل فِي الِابْتِدَاء لسكون أول المشدد كَقَوْلِه اطيرنا وَمَعْنَاهُ بل تَكَامل علمهمْ فِي قيام السَّاعَة فَلَا مزِيد عِنْدهم وَقيل مَعْنَاهُ بل تتَابع علمهمْ فِي أَمر الاخرة فَلم يبلغُوا الى شَيْء قَوْله {فِي الْآخِرَة} فِي بِمَعْنى الْبَاء أَي بالاخرة اي بِعلم الاخرة قَوْله {ردف لكم} اللَّام زَائِدَة وَمَعْنَاهُ ردفكم وَمثله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت} وَمثله {إِن كُنْتُم للرؤيا تعبرون} وَهُوَ كثير اللَّام فِيهِ زَائِدَة لَا تتَعَلَّق بِشَيْء وَفِيه اخْتِلَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 قَوْله {تكلمهم أَن النَّاس} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره تكلمهم بَان النَّاس وَيجوز أَن لَا تقدر حذف حرف الْجَرّ وَتجْعَل أَن مَفْعُولا بهَا على أَن تجْعَل تكلمهم بِمَعْنى تخبرهم وَمن كسران فعلى الِاسْتِئْنَاف قَوْله {وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور} الْعَامِل فِي يَوْم فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَوْم ينْفخ قَوْله {صنع الله} نصب على الْمصدر لِأَنَّهُ تَعَالَى لما قَالَ وَهِي تمر مر السَّحَاب دلّ على أَنه تَعَالَى صنع ذَلِك فَعمل فِي صنع الله وَيجوز نَصبه على الاغراء وَيجوز الرّفْع على معنى ذَلِك صنع الله قَوْله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا} من شَرط رفع بِالِابْتِدَاءِ وفله الْجَواب وَهُوَ الْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الْقَصَص قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} تِلْكَ فِي مَوضِع رفع بِمَعْنى هَذِه تِلْكَ وآيات بدل مِنْهَا وَيجوز فِي الْكَلَام آن تكون تِلْكَ فِي مَوضِع نصب بنتلوا وتنصب آيَات على الْبَدَل من تِلْكَ قَوْله {وَجعل أَهلهَا شيعًا} مفعولان لجعل لِأَنَّهَا بِمَعْنى صير فان كَانَت بِمَعْنى خلق تعدت الى مفعول وَاحِد كَقَوْلِه {وَجعل الظُّلُمَات والنور} وَخلق اذا كَانَت بِمَعْنى صير تعدت الى مفعولين نَحْو {ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة} وَإِن كَانَت بِمَعْنى اخترع وأحدث تعدت الى مفعول وَاحِد نَحْو {خلق الله السَّمَاوَات} قَوْله {قُرَّة عين} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ قُرَّة عين لي وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَالْخَبَر لَا تقتلوه وَيجوز نَصبه باضمار فعل يفسره لَا تقتلوه تَقْدِيره اتْرُكُوا قُرَّة عين لَا تقتلوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 قَوْله {لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} أَن فِي مَوضِع رفع وَالْجَوَاب مَحْذُوف وَقد تقدم شَرحه قَوْله {بلغ أشده} عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَزنه أفعل وَهُوَ عِنْده جمع شدَّة كنعمة وأنعم وَقَالَ غَيره هُوَ جمع شدّ مثل قد وأقد وَقيل هُوَ وَاحِد وَلَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم مُفْرد على فعل بِغَيْر هَاء إِلَّا أصبعا فِي بعض لغاته قَوْله {وَهَذَا من عدوه} أَي من أعدائه وَمَعْنَاهُ اذا نظر اليهما النَّاظر قَالَ ذَلِك قَوْله {خَائفًا} خبر أصبح وان شِئْت على الْحَال وَفِي الْمَدِينَة الْخَبَر قَوْله {فَإِذا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه} الَّذِي مُبْتَدأ وَمَا بعده صلته ويستصرخه الْخَبَر وَيجوز أَن تكون اذا هِيَ الْخَبَر ويستصرخه حَال قَوْله تمشي فِي مَوضِع الْحَال من {إِحْدَاهمَا} وَالْعَامِل فِيهِ جَاءَت و {على استحياء} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تمشي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 وَالْعَامِل فِيهِ تمشي وَيجوز أَن يكون على استحياء فِي مَوضِع الْحَال الْمُقدمَة من الْمُضمر فِي قَالَت وَالْعَامِل فِيهِ قَالَت وَالْأول أحسن وَيحسن الْوَقْف على تمشي على القَوْل الثَّانِي وَلَا يحسن أَن يُوقف على القَوْل الأول الا على استحياء قَوْله {قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك} ذَلِك مُبْتَدأ وَمَا بعده خَبره وَمَعْنَاهُ عِنْد سِيبَوَيْهٍ ذَلِك بَيْننَا قَوْله {أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت} نصبت أيا بقضيت وَمَا زَائِدَة للتَّأْكِيد وخفضت الْأَجَليْنِ باضافة أَي اليهما وَقَالَ ابْن كيسَان مَا فِي مَوضِع خفض باضافة أَي اليها وَهِي نكرَة والأجلين بدل من مَا كَذَلِك قَالَ فِي قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} ان رَحْمَة بدل من مَا وَكَانَ يتلطف فِي أَن لَا يَجْعَل شَيْئا زَائِدا فِي الْقرَان وَيخرج لَهُ وَجها يُخرجهُ من الزِّيَادَة قَوْله {أَن يَا مُوسَى} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْحر أَي بَان يَا مُوسَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 قَوْله {أَن ألق عصاك} عطف عَلَيْهَا قَوْله {مُدبرا} نصب على الْحَال وَكَذَلِكَ مَوضِع قَوْله وَلم يعقب مَوضِع نصب على الْحَال أَيْضا قَوْله {من الرهب} مُتَعَلقَة بولى أَي ولى مُدبرا من الرهب قَوْله {فذانك} هُوَ تَثْنِيَة ذَا الْمَرْفُوع وَهُوَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَألف ذَا محذوفة لدُخُول ألف التَّثْنِيَة عَلَيْهَا وَمن قَرَأَهُ بتَشْديد النُّون فانه جعل التَّشْدِيد عوضا من ذهَاب ألف ذَا وَقيل إِن من شدد إِنَّمَا بناه على لُغَة من قَالَ فِي الْوَاحِد ذَلِك فَلَمَّا ثنى أثبت اللَّام بعد نون التَّثْنِيَة ثمَّ أدغم اللَّام فِي النُّون على حكم ادغام الثَّانِي فِي الأول وَالْأَصْل أَن يدغم الأول فِي الثَّانِي أبدا الا أَن تمنع من ذَلِك عِلّة فيدغم الثَّانِي فِي الأول وَالْعلَّة الَّتِي منعت فِي هَذَا أَن يدغم الأول فِي الثَّانِي أَنه لَو فعل ذَلِك لصار فِي مَوضِع النُّون الَّتِي تدل على التَّثْنِيَة لَام مُشَدّدَة فيتغير لفظ التَّثْنِيَة فأدغم الثَّانِي فِي الأول لذَلِك فَصَارَت نونا مُشَدّدَة وَقد قيل انه لما ثنى أثبت اللَّام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 الَّتِي فِي ذَلِك قبل النُّون ثمَّ أدغم الأول فِي الثَّانِي على اصول الادغام فَصَارَت نونا مُشَدّدَة وَقيل إِنَّه إِنَّمَا شدد النُّون فِي هَذِه المبهمات ليفرق بَين النُّون الَّتِي هِيَ عوض من حَرَكَة وتنوين أَو من تَنْوِين وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الْوَاحِد أَو مُقَدّر فِيهِ ذَلِك وَبَين مَا هُوَ غير مَوْجُود فِي الْوَاحِد وَقيل شددت للْفرق بَين النُّون الَّتِي تحذف فِي الاضافة وَالنُّون الَّتِي لَا تحذف فِي الاضافة أبدا وَهِي نون تَثْنِيَة الْمُبْهم وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي تَشْدِيد النُّون فِي اللَّذَان واللذين وَهَذَانِ وَشبهه قَوْله {ردْءًا} حَال من الْهَاء فِي أرْسلهُ وَكَذَلِكَ يصدقني حَال فِي قِرَاءَة من رَفعه أَو نعت لردء وَمن جزمه فعلى جَوَاب الطّلب قَوْله {وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين} انتصب يَوْم على أَنه مفعول بِهِ على السعَة كَأَنَّهُ قَالَ واتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة ولعنة يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ حذفت اللَّعْنَة لدلَالَة الأولى عَلَيْهَا وَقَامَ يَوْم قِيَامهَا وانتصب انتصابها وَيجوز أَن تنصب الْيَوْم على أَن تعطفه على مَوضِع فِي هَذِه الدُّنْيَا كَمَا قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 .. إِذا مَا تلاقينا من الْيَوْم أَو غَدا ... وَيجوز نصب يَوْم على أَنه ظرف للمقبوحين أَي وهم من المقبوحين يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قدم الظّرْف قَوْله بصائر وَهدى وَرَحْمَة نصب كُله على الْحَال من الْكتاب قَوْله {وَلَكِن رَحْمَة من رَبك} انتصبت الرَّحْمَة على الْمصدر عِنْد الْأَخْفَش بِمَعْنى وَلَكِن رَحِمك رَبك يَا مُحَمَّد رَحْمَة وَهُوَ مفعول من أَجله عِنْد الزّجاج أَي وَلَكِن للرحمة فعل ذَلِك أَي من أجل الرَّحْمَة وَقَالَ الْكسَائي هِيَ خبر كَانَ مضمرة بِمَعْنى وَلَكِن كَانَ ذَلِك رَحْمَة من رَبك وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى وَلَكِن هِيَ رَحْمَة قَوْله {بطرت معيشتها} الْمَعيشَة نصب عِنْد الْمَازِني على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره بطرت فِي معيشتها وَقَالَ الْفراء هِيَ نصب على التَّفْسِير وَهُوَ بعيد لِأَنَّهَا معرفَة وَالتَّفْسِير لَا يكون الا نكرَة وَقيل هِيَ نصب ببطرت وبطرت بِمَعْنى جهلت أَي جهلت شكر معيشتها ثمَّ حذف الْمُضَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 قَوْله {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ} مَا الثَّانِيَة للنَّفْي لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب وَقَالَ بعض الْعلمَاء الطَّبَرِيّ وَغَيره هِيَ فِي مَوضِع نصب بيختار وَلَيْسَ ذَلِك بِحسن فِي الاعراب لِأَنَّهُ لَا عَائِد يعود على مَا فِي الْكَلَام وَهُوَ أَيْضا بعيد فِي الْمَعْنى والاعتقاد لِأَن كَونهَا للنَّفْي يُوجب أَن تعم جَمِيع الْأَشْيَاء أَنَّهَا حدثت بِقدر الله واختياره وَلَيْسَ للْعَبد فِيهَا شَيْء غير اكتسابه بِقدر من الله واذا جعلت مَا فِي مَوضِع نصب بيختار لم تعم جَمِيع لِأَشْيَاء أَنَّهَا مختارة لله انما أوجبت أَنه يخْتَار مَا لَهُم فِيهِ الْخيرَة لَا غير وَنفي مَا لَيْسَ لَهُم فِيهِ خيرة وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الْقَدَرِيَّة والمعتزلة فكون مَا للنَّفْي أولى فِي الْمَعْنى وَأَصَح فِي التَّفْسِير وَأحسن فِي الِاعْتِقَاد وَأقوى فِي الْعَرَبيَّة أَلا ترى أَنَّك لَو جعلت مَا فِي مَوضِع نصب لَكَانَ ضميرها فِي كَانَ اسْمهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 ولوجب نصب الْخيرَة وَلم يقْرَأ بذلك أحد وَقد قيل فِي تَفْسِير هَذِه الاية ان مَعْنَاهَا وَرَبك يَا مُحَمَّد يخلق مَا يَشَاء ويختار لولايته ورسالته من يُرِيد ثمَّ ابْتَدَأَ بِنَفْي الِاخْتِيَار عَن الْمُشْركين وانهم لَا قدرَة لَهُم فَقَالَ مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة أَي لَيْسَ الْولَايَة والرسالة وَغير ذَلِك باختيارهم وَلَا بمرادهم وَالله أعلم بمراده فِي ذَلِك وَهَذِه الْآيَة تحْتَاج الى بسط كثير أَكثر من هَذَا وَفِيمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ كِفَايَة قَوْله {مَا إِن مفاتحه لتنوء} مَا فِي مَوضِع نصب بآتيناه مَفْعُولا ثَانِيًا وان وَاسْمهَا وخبرها وَمَا يتَّصل بهَا الى قَوْله أولي الْقُوَّة صلَة مَا وَوَاحِد أولي ذِي قَوْله ويكأن الله أَصْلهَا وى مُنْفَصِلَة من الْكَاف قَالَ سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي مَعْنَاهَا ان الْقَوْم انتبهوا أَو نبهوا فَقَالُوا وي وَهِي كلمة يَقُولهَا المتندم اذا أظهر ندامته وَقَالَ الْفراء وي مُتَّصِلَة بِالْكَاف وَأَصلهَا وَيلك أَن الله ثمَّ حذف اللَّام واتصلت الْكَاف أَن وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى والاعراب لِأَن الْقَوْم لم يخاطبوا أحدا وَلِأَن حذف اللَّام من هَذَا لايعرف وَلِأَنَّهُ كَانَ يجب أَن تكون أَن مَكْسُورَة إِذْ لاشيء يُوجب فتحهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 قَوْله {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} انتصب الْوَجْه على الِاسْتِثْنَاء وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى الصّفة كَأَنَّهُ قَالَ غير وَجهه كَمَا قَالَ ... وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان ... أَي غير الفرقدين فَغير صفة لكل كَذَلِك جَوَاز الْآيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة العنكبوت قَوْله تَعَالَى {أَن يتْركُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب قَوْله {أَن يَقُولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض أَي بِأَن يَقُولُوا أولأن يَقُولُوا وَقيل هِيَ بدل من الأول قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} مَا فِي مَوضِع نصب وَهِي نكرَة أَي سَاءَ شَيْئا يحكمونه وَقيل مَا فِي مَوضِع رفع وَهِي معرفَة تَقْدِيره سَاءَ الشَّيْء الَّذِي يحكمونه وَقَالَ ابْن كيسَان مَا مَعَ الْفِعْل مصدر فِي مَوضِع رفع تَقْدِيره سَاءَ حكمهم قَوْله {بِوَالِديهِ حسنا} أَي وصيناه بِوَالِديهِ ذَا حسن ثمَّ أَقَامَ الصّفة مقَام الْمَوْصُوف وَهُوَ الْأَمر ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ ذَا وَأقَام الْمُضَاف اليه مقَامه وَهُوَ حسن قَوْله {ولنحمل خطاياكم} لَفظه الْأَمر وَمَعْنَاهُ الشَّرْط وَالْجَزَاء 2 قَوْله {ألف سنة} ألف نصب على الظّرْف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 وَخمسين نصب على الِاسْتِثْنَاء وانما انتصب الِاسْتِثْنَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ كالمفعول اذ هُوَ مُسْتَغْنى عَنهُ كالمفعول فَأتى بعد تَمام الْكَلَام فانتصب كالمفعول ونصبه عِنْد الْفراء بَان وأصل عِنْده إِن لَا فاذا نصب نصب بَان واذا رفع رفع بِلَا ونصبه عِنْد الْمبرد على أَنه مفعول بِهِ والا عِنْده قَامَت مقَام الْفِعْل الناصب للاسم فَهِيَ تقوم مقَام أستثنى فلَانا وَلَا يسْتَثْنى من الْعدَد إِلَّا أقل من النّصْف عِنْد أَكثر النَّحْوِيين قَوْله {وَإِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ} نصب ابراهيم على الْعَطف على الْهَاء فِي فأنجيناه وَقيل هُوَ مَعْطُوف على نوح فِي قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا} أَي وَأَرْسَلْنَا ابراهيم وَقيل هُوَ مَنْصُوب باضمار فعل أَي وَاذْكُر ابراهيم قَوْله {وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء} أَي وَلَا من فِي السَّمَاء بمعجز فَيكون فِي السَّمَاء نعتا لمن المحذوفة فِي مَوضِع رفع ثمَّ يقوم النَّعْت مقَام المنعوت وَفِيه بعد لِأَن نعت النكرَة كالصلة لَهَا وَلَا يحسن حذف الْمَوْصُول وَقيام الصِّلَة مقَامه والحذف فِي الصّفة أحسن مِنْهُ فِي الصِّلَة قَوْله وَقَالَ إِنَّمَا اخذتم من دون الله أوثانا مَوَدَّة بَيْنكُم مَا بِمَعْنى الَّذِي وَهِي اسْم إِن وَالْهَاء مضمره تعود على مَا تَقْدِيره إِن الَّذين اتخذتموهم وأوثانا مفعول ثَان لاتخذتم وَالْهَاء المحذوفة هِيَ الْمَفْعُول الأول لاتخذتم ومودة خبر إِن وَقيل هِيَ رفع باضمار هِيَ مَوَدَّة وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَفِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبران وَبَيْنكُم خفض باضافة مَوَدَّة اليه وَجَاز ان تجْعَل الَّذِي اتخذوه من دون الله مَوَدَّة على الاتساع وَتَصْحِيح ذَلِك أَن يكون التَّقْدِير ان الَّذين اتخذتموهم من دون الله أوثانا ذَوُو مَوَدَّة بَيْنكُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 وَقد قرىء بِنصب مَوَدَّة وَذَلِكَ على أَن تكون مَا كَافَّة لَان عَن الْعَمَل فَلَا ضمير مَحْذُوف فِي اتخذتم فَيكون أوثانا مَفْعُولا لاتخذتم لِأَنَّهُ تعدى الى مفعول وَاحِد وَاقْتصر عَلَيْهِ كَمَا قَالَ {إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم} وَتَكون مَوَدَّة مَفْعُولا من أَجله أَي انما اتخذتم الْأَوْثَان من دون الله للمودة فِيمَا بَيْنكُم لالأن عِنْد الْأَوْثَان نفعا أَو ضرا وَمن نون مَوَدَّة نصب أَو رفع جعل بَيْنكُم ظرفا فنصبه وَهُوَ الأصلا والاضافة اتساع فِي الْكَلَام وَالْعَامِل فِي الظّرْف الْمَوَدَّة وَيجوز ان تنصب بَيْنكُم فِي قِرَاءَة من نون مَوَدَّة على الصّفة للمصدر لِأَنَّهُ نكرَة والنكرات تُوصَف بالظروف والجمل وَالْأَفْعَال فاذا نصبت بَيْنكُم عل الظّرْف جَازَ ان يكون قَوْله {فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ظرفا للمودة أَيْضا وَكِلَاهُمَا مُتَعَلق بالعامل وَهُوَ مَوَدَّة لِأَنَّهُمَا ظرفا مَكَان أَو ظرفا زمَان وَلَا ضمير فِي وَاحِد من هذَيْن الظرفين اذا لم يقم وَاحِد مِنْهُمَا مقَام مَحْذُوف مُقَدّر وَإِذا جعلت قَوْله بَيْنكُم صفة لمودة كَانَ مُتَعَلقا بِمَحْذُوف وَفِيه ضمير كَانَ فِي الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ صفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 على الْحَقِيقَة فَيكون فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي مَوضِع الْحَال من ذَلِك الضَّمِير فِي بَيْنكُم وَالْعَامِل فِيهِ الظّرْف وَهُوَ بَيْنكُم وَفِي الظّرْف وَهُوَ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ضمير يعود على ذِي الْحَال وَالصّفة لابد أَن يكون فِيهَا عَائِد على الْمَوْصُوف فاذا قَامَ مقَام الصّفة ظرف صَار ذَلِك الضَّمِير فِي الظّرْف كَمَا يكون فِي الظّرْف اذا كَانَ خَبرا لمبتدأ أَو حَالا وَقد تقدم شَرحه ولايجوز أَن يعْمل فِي قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُوَ حَال من الْمُضمر فِي بَيْنكُم مَوَدَّة لِأَنَّك قد وصفت الْمصدر بقوله بَيْنكُم وَلَا يعْمل بعد الصّفة لِأَن الْمَعْمُول فِيهِ دَاخل فِي الصِّلَة وَالصّفة غير دَاخِلَة فِي الصِّلَة فَتكون قد فرقت بَين الصِّلَة والموصول فَلَا يعْمل فِيهِ اذا كَانَ حَالا من الْمُضمر فِي بَيْنكُم إِلَّا بَيْنكُم وَفِيه ضمير يعود على الْمُضمر فِي بَيْنكُم وَهُوَ هُوَ لِأَن كل حَال لَا بُد أَن يكون فِيهِ ضمير يعود على ذِي الْحَال كالصفة وَأَيْضًا فان قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِذا جعلته حَالا من الْمُضمر فِي بَيْنكُم والمضمر فِي بَيْنكُم انما ارْتَفع بالظرف وَجب أَن يكون الْعَامِل فِي الْحَال الظّرْف أَيْضا لِأَن الْعَامِل فِي ذِي الْحَال هُوَ الْعَامِل فِي الْحَال أبدا لِأَنَّهَا هُوَ فِي الْمَعْنى فَلَا يخْتَلف الْعَامِل فيهمَا لِأَنَّهُ لَو اخْتلف لَكَانَ قد عمل عاملان فِي شَيْء وَاحِد اذ الْحَال هِيَ صَاحب الْحَال فَلَا يخْتَلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 الْعَامِل فيهمَا وَيجوز أَن يكون فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا صفة لمودة وَبَيْنكُم صفة أَيْضا فَلَا بُد أَن يكون فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا ضمير يعود على الْمَوَدَّة وَالْعَامِل فِيهَا الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ صفة على الْحَقِيقَة وَفِيه كَانَ الضَّمِير فَلَمَّا قَامَ الظّرْف مقَامه انْتقل الضَّمِير الى الظّرْف كَمَا ينْتَقل الى الظروف إِذا كَانَت اخبارا للمبتدأ وَتَقْدِير الْمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا اتخذتم من دون الله أوثانا مَوَدَّة مُسْتَقِرَّة بَيْنكُم ثَابِتَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ حذفت مُسْتَقِرَّة وفيهَا ضمير وثابتة وفيهَا ضمير يعودان على الْمَوَدَّة وَقَامَ بَيْنكُم مقَام مُسْتَقِرَّة الَّتِي هِيَ صفة فَصَارَ الضَّمِير الَّذِي كَانَ فِيهَا يعود على الْمَوْصُوف فِي بَيْنكُم وَصَارَت صفة للمودة لِأَنَّهَا خلف عَن الصّفة وَكَذَلِكَ حذفت ثَابِتَة وفيهَا ضمير وأقمت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مقَامهَا فَصَارَ الضَّمِير فِي قَوْلك فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَذَلِك الْمَحْذُوف هُوَ الْعَامِل فِي الظرفين وَقَامَ مقَام المحذوفين الصفتين فصارا صفتين فيهمَا ضميران يعودان على الْمَوْصُوف وعَلى هَذَا يُقَاس كل مَا شابهه فَافْهَم هَذِه المسالة فقد كشفت لَك فِيهَا سرائر النَّحْو وغرائبه قَوْله {وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين} حرف الْجَرّ فِي قَوْله فِي الْآخِرَة مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره وانه صَالح فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين وَقيل هُوَ تَبْيِين تقدم وَقيل هُوَ مُتَعَلق بالصالحين وَالْألف وَاللَّام للتعريف وليستا بِمَعْنى الَّذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 قَوْله {ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} هُوَ عطف على الْهَاء فِي أنجيناه وَقيل عطف رد على نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا} وَقيل هُوَ نصب على تَقْدِير وَاذْكُر لوطا وَالْعَامِل فِي اذا هُوَ الْعَامِل فِي لوط قَوْله {وعادا وَثَمُود} عطف على الَّذين فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم} وعادا وثمودا وَقيل هُوَ عطف على الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله {فَأَخَذتهم الرجفة} وَهُوَ أقرب من الأول وَقيل التَّقْدِير وأهلكنا عادا وثمودا وَقَوله {وَقَارُون وَفرْعَوْن وهامان} عطف على عَاد فِي جَمِيع وجوهه وَهِي اسماء أَعْجَمِيَّة معرفَة فَلذَلِك لم تصرف وَقيل انهم عطف على الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله تَعَالَى {فصدهم عَن السَّبِيل} أَي فصد قَارون وَفرْعَوْن وهامان قَوْله {كَمثل العنكبوت} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مثل الَّذين اتَّخذُوا} وَقيل هُوَ فِي مَوضِع نصب على الظّرْف وَجمع العنكبوت عناكيب وعناكب وعكاب وعكب وأعكب قَوْله {إِلَّا الَّذين ظلمُوا} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من أهل أَو على الِاسْتِثْنَاء قَوْله {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا} أَن فِي مَوضِع رفع فَاعل يَكفهمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 قَوْله {لنبوئنهم من الْجنَّة غرفا} من قَرَأَهُ لنثوينهم بالثاء فَهُوَ من الثوى فغرف مَنْصُوبَة على حذف حرف الجرلأنه لايتعدى الى مفعولين ولايحسن أَن تنصب الغرف على الظّرْف لِأَنَّهُ مَخْصُوص وَلَا يتَعَدَّى الْفِعْل الى الْمَخْصُوص من ظرف الْمَكَان إِلَّا بِحرف لَا تَقول جَلَست دَارا فالتقدير لنثوينهم فِي غرف فَلَمَّا حذف الْحَرْف نصب وَمن قَرَأَهُ بِالْبَاء جعل غرفا مَفْعُولا ثَانِيًا لِأَنَّهُ يتَعَدَّى الى مفعولين تَقول بوأت زيدا منزلا فَأَما قَوْله {وَإِذ بوأنا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت} فَاللَّام زَائِدَة كزيادتها فِي ردف لكم انما هُوَ ردفكم وبوأنا ابراهيم قَوْله {وليتمتعوا} من كسر اللَّام جعلهَا لَام كي وَيجوز أَن تكون لَام أَمر وَمن أسكنها فَهِيَ لَام أَمر لَا غير وَلَا يجوز أَن تكون مَعَ الاسكان لَام كي لِأَن لَام كي حذفت بعْدهَا أَن فَلَا يجوز حركتها أَيْضا لضعف عوامل الْأَفْعَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الرّوم قَوْله تَعَالَى {فِي بضع سِنِين} الأَصْل فِي سنة أَن لَا تجمع بِالْيَاءِ وَالنُّون وَالْوَاو وَالنُّون لِأَن الْوَاو وَالنُّون لمن يعقل وَلَكِن جَازَ ذَلِك فِي سنة وان كَانَت مِمَّا لَا يعقل للحذف الَّذِي دَخلهَا لِأَن أَصْلهَا سنوة على فعله وَقيل سنهة دَلِيله قَوْلهم سنوات وَقَوْلهمْ سانهت من السنين وَكسرت السِّين فِي سِنِين لتدل على أَنه جمع على غير الأَصْل لِأَن كل مَا جمع جمع السَّلامَة لَا يتَغَيَّر فِيهِ بِنَاء الْوَاحِد فَلَمَّا تغير بِنَاء الْوَاحِد فِي هَذَا الْجمع بِكَسْر أَوله وَقد كَانَ مَفْتُوحًا فِي الْوَاحِد علم أَنه جمع على غير أَصله قَوْله {من قبل وَمن بعد} قبل وَبعد مبنيان وهما ظرفا زمَان أَصلهمَا الاعراب وانما بنيا لِأَنَّهُمَا تعرفا بِغَيْر مَا تتعرف بِهِ الْأَسْمَاء وَذَلِكَ أَن الْأَسْمَاء تتعرف بِالْألف وَاللَّام وبالاضافة الى الْمعرفَة وبالاضمار وبالاشارة وبالعهد وَلَيْسَ فِي قبل وَبعد شَيْء من ذَلِك فَلَمَّا تعرفا بِخِلَاف مَا تتعرف بِهِ الْأَسْمَاء وَهُوَ حذف مَا أضيفا اليه خالفا الْأَسْمَاء وشابها الْحُرُوف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 فبنيا كَمَا تبنى الْحُرُوف وَكَانَ أَصلهمَا أَن يبنيا على سُكُون لِأَنَّهُ أصل الْبناء لَكِن قبل الاخر سَاكن فيهمَا وَأَيْضًا فَأَنَّهُ قد كَانَ لَهما فِي الأَصْل تمكن لِأَنَّهُمَا يعربان إِذا أضيفا أَو نكرا فبنيا على حَرَكَة وَأَيْضًا فانه لم يكن بُد من حَرَكَة أَو حذف وَلَا يُمكن الْحَذف فِي حُرُوف السَّلامَة فحرك الثَّانِي لِأَن الْبناء فِيهِ وانما وَجب أَن تكون الْحَرَكَة ضما دون الْكسر وَالْفَتْح لِأَنَّهُمَا أشبها المنادى الْمُفْرد إِذْ المنادى يعرب اذا أضيف أَو نكر كَمَا يفعل بهما فبنيا على الضَّم كَمَا بني المنادى الْمُفْرد وَقد قَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان انما بنيا لِأَنَّهُمَا متعلقان بِمَا بعدهمَا فأشبها الْحُرُوف إِذْ الْحُرُوف مُتَعَلقَة بغَيْرهَا لَا تفِيد شَيْئا الا بِمَا بعْدهَا وَقيل انما بنيا على الضَّم لِأَنَّهُمَا غايتان وَقد اقْتصر عَلَيْهِمَا وَحذف مَا بعدهمَا فبنيا لمخالفتهما الْأَسْمَاء وأعطيا الضَّم لِأَنَّهُ غَايَة الحركات وَقيل لما تضمنا الْمَحْذُوف بعدهمَا صَارا كبعض اسْم وَبَعض الِاسْم مَبْنِيّ وَقَالَ الْفراء لما تضمنا مَعْنيين يَعْنِي مَعْنَاهُمَا فِي أَنفسهمَا وَمعنى مِمَّا بعدهمَا الْمَحْذُوف بنيا وأعطيا الضمة لِأَنَّهَا أقوى الحركات وَقَالَ هِشَام لما لم يجز أَن يفتحا فيشبها حَالهمَا فِي الاضافة وَلم يجز ان يكسرا فيشبها الْمُضَاف الى الْمُخَاطب وَلم يسكنا لِأَن مَا قبل الاخر سَاكن لم يبْق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 الا الضَّم فأعطياه وَأَجَازَ الْفراء رَأَيْتُك بعد بِالتَّنْوِينِ رفع وبعدا بِالنّصب منونا وهما معرفَة وَأَجَازَ هِشَام رَأَيْتُك بعد يَا هَذَا بِالْفَتْح غير منون على اضمار الْمُضَاف وَمعنى الْآيَة لله الْأَمر من قبل كل شَيْء وَمن بعد كل شَيْء فَلَمَّا حذف مَا بعد قبل وَبعد وتضمنا مَعْنَاهُ خالفا الْأَسْمَاء فبنيا قَوْله وعد الله مصدر مُؤَكد قَوْله {ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساؤوا السوأى أَن كذبُوا} عَاقِبَة اسْم كَانَ والسوأى خَبَرهَا وَأَن كذبُوا مفعول من أَجله وَيجوز أَن تكون السوأى مَفْعُوله بأساءوا {أَن كذبُوا} خبر كَانَ وَمن نصب عَاقِبَة جعلهَا خبر كَانَ والسوأى اسْمهَا وَيجوز أَن يكون أَن كذبُوا اسْمهَا والسوأى مفعول لأساءوا قَوْله {أَن خَلقكُم} أَن فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْمَجْرُور قبلهَا خَبَرهَا وَكَذَلِكَ كل مَا بعده من صفة قَوْله {كخيفتكم} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره تخافونهم خيفة كخيفتكم أَنفسكُم أَي مثل خوفكم أَنفسكُم يَعْنِي مثل خوفكم شركاءكم وَمثله {كَذَلِك نفصل} تَقْدِيره نفصل الْآيَات تَفْصِيلًا كَذَلِك أَي مثل ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 قَوْله {فطْرَة الله} نصب باضمار فعل تَقْدِيره اتبع فطْرَة الله وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله {فأقم وَجهك للدّين} لِأَن مَعْنَاهُ اتبع الدّين وَقيل {فطْرَة الله} انتصب على الْمصدر لِأَن الْكَلَام دلّ على فطر الله الْخلق فطْرَة قَوْله {منيبين إِلَيْهِ} حَال من الضَّمِير فِي فأقم وانما جمع لِأَنَّهُ مَرْدُود على الْمَعْنى لِأَن الْخطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خطاب لأمته فتقديره فأقيموا وُجُوهكُم منيبين إِلَيْهِ وَقَالَ الْفراء فأقم وَجهك وَمن مَعَك فَلذَلِك قَالَ منيبين قَوْله {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا} يؤنث وَيذكر وَهُوَ جمع سليط كرغيف ورغفان فَمن ذكره فعلى معنى الْجمع وَمن أنثه فعلى معنى الْجَمَاعَة قَوْله {وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت} شَرط وَجَوَابه {إِذا هم يقنطون} فاذا جَوَاب بِمَنْزِلَة الْفَاء لِأَنَّهَا لَا يبتدأ بهَا كَمَا لَا يبتدأ للمفاجأة وَالَّتِي للشّرط يبتدأ بهَا ولاتكون جَوَابا للشّرط واذا الَّتِي للمفاجأة بِالْفَاءِ وانما لم يبتدأ بهَا لِأَنَّهَا الَّتِي للمفاجأة فاذا الَّتِي فِيهَا معنى الشَّرْط غير الَّتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 لَا يبتدأ لَهَا فَأَشْبَهت الْفَاء فَوَقَعت موقعها وَصَارَت جَوَابا للشّرط وَقد تدخل على اذا الَّتِي للمفاجأة الْفَاء فِي جَوَاب الشَّرْط وَذَلِكَ للتَّأْكِيد فاعلمه قَوْله {كسفا} من فتح السِّين جعله جمع كسفة مثل قَوْلك كسرة وَكسر وَمن أسكن فعلى التَّخْفِيف وَالْهَاء فِي قَوْله {من خلاله} تعود على السَّحَاب وَيجوز أَن تعود على الكسف لكنه ذكر كَمَا قَالَ {من الشّجر الْأَخْضَر} قَوْله {وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ} حَقًا خبر كَانَ وَنصر اسْمهَا وَيجوز أَن تضمر فِي كَانَ اسْمهَا وترفع نصرا بالأبتداء وعلينا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَيجوز فِي الْكَلَام رفع حق على اسْم كَانَ لِأَنَّهُ قد وصف بعلينا وتنصب نصرا على خبر كَانَ وَيجوز رفعهما جَمِيعًا على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وتضمر فِي كَانَ الحَدِيث وَالْأَمر وَالْجُمْلَة خبر كَانَ قَوْله {فرأوه مصفرا} الْهَاء تعود على الزَّرْع وَقيل على السَّحَاب وَقيل على الرّيح وَذكرت الرّيح لِأَن الْهَاء للمرسل مِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 وَقيل ذكرت اذلاذكر لَهَا فتأنيثها غير حَقِيقِيّ قَوْله {لظلوا من بعده} مَعْنَاهُ ليظلوا فالماضي فِي مَوضِع الْمُسْتَقْبل وَحسن هَذَا لِأَن الْكَلَام بِمَعْنى المجازاة والمجازاة لَا تكون الا بمستقبل هَذَا هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة لُقْمَان قَوْله تَعَالَى {هدى وَرَحْمَة} حالان من تِلْكَ ولايحسن أَن يَكُونَا حَالا من الْكتاب لِأَنَّهُ مُضَاف اليه فَلَا عَامل يعْمل فِي الْحَال اذ لَيْسَ لصَاحب الْحَال عَامل وَفِيه اخْتِلَاف وَمن رفع وَرَحْمَة جعل هدى فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ هدى وَرَحْمَة وَيجوز أَن يكون خبر {تِلْكَ} و {آيَات} بدل من تِلْكَ قَوْله {ويتخذها} من نَصبه عطفه على ليضل وَمن رفع عطف على {يَشْتَرِي} أَو على الْقطع وَالْهَاء فِي يتخذها تعود على الْآيَات قَوْله {بِغَيْر عمد ترونها} ترونها فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لعمد فَيمكن أَن يكون ثمَّ عمد وَلَكِن لَا ترى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْحَال من السَّمَوَات وَلَا عمد ثمَّ الْبَتَّةَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على الْقطع وَلَا عمد ثمَّ أَيْضا قَوْله {مَاذَا خلق الَّذين من دونه} مَا اسْتِفْهَام فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَخَبره ذَا وَهُوَ بِمَعْنى الَّذِي تَقْدِيره فأروني أَي شَيْء الَّذِي خلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 من دونه وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بأروني ويجوزأن تكون مَا فِي مَوضِع نصب بِخلق وَهِي اسْتِفْهَام وَتجْعَل ذَا زَائِدَة وَيجوز أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع نصب بأروني وَذَا زَائِدَة وتضمر الْهَاء مَعَ خلق تعود على الَّذِي أَي فأروني الْأَشْيَاء الَّتِي خلقهَا الَّذين من دونه قَوْله {وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ} أَي وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ لُقْمَان ولقمان اسْم معرفَة فِيهِ زائدتان كعثمان فَلذَلِك لم ينْصَرف وَقد يجوز أَن يكون أعجميا وَقد قَالَ عِكْرِمَة إِنَّه كَانَ نَبيا وَفِي الْخَبَر انه كَانَ حَبَشِيًّا أسود قَوْله {وَهنا} نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره حَملته أمه بوهن أَي بِضعْف قَوْله {أَن اشكر لي} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي بِأَن اشكر لي وَقيل هِيَ بِمَعْنى أَي لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب وَقد تقدم القَوْل فِي {إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة} فِي الْأَنْبِيَاء وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مثله نَتْرُك ذكره لتقدم الْكَلَام فِي نَظِيره قَوْله {مَعْرُوفا} نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وصاحبهما فِي الدُّنْيَا صحابا مَعْرُوفا قَوْله {مرحا} مصدر فِي مَوضِع الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 قَوْله {نعمه ظَاهِرَة وباطنة} حالان وَمن قَرَأَ نعْمَة بِالتَّوْحِيدِ جعل مَا بعده نعتا لَهُ قَوْله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة} أَن فِي مَوضِع رفع نَفْعل مُضْمر تَقْدِيره لَو وَقع ذَلِك قَوْله {وَالْبَحْر} من رَفعه جعله مُبْتَدأ ومابعده خَبره وَهُوَ {يمده} وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال وَمن نصب الْبَحْر عطفه على مَا وَهِي اسْم أَن و {أَقْلَام} خبر أَن فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَوْله {كَنَفس وَاحِدَة} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر لخلقكم وَتَقْدِيره إِلَّا مثل بعث نفس وَاحِدَة قَوْله {هُوَ جَازَ} ابْتِدَاء وَخبر وَمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَن تقف على جَازَ وَنَظِيره بِغَيْر يَاء ليعرف أَنه كَانَ فِي الْوَصْل كَذَلِك وَحكى يُونُس أَن بعض الْعَرَب يقف بِالْيَاءِ لزوَال التَّنْوِين الَّذِي من أَجله حذفت الْيَاء وَهُوَ الْقيَاس قَوْله {إِن الله عليم خَبِير} عليم خير ان وخبير نَعته وَيجوز أَن يكون خَبرا بعد خبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة السَّجْدَة قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيل الْكتاب} رفع بِالِابْتِدَاءِ و {لَا ريب فِيهِ} الْخَبَر وعَلى اضمار مُبْتَدأ أَي هَذَا تَنْزِيل أَو المتلو تَنْزِيل أَو هَذِه الْحُرُوف تَنْزِيل ودلت {الم} على ذكر الْحُرُوف وَيجوز النصب فِي الْكَلَام على الْمصدر وَيجوز أَن يكون {لَا ريب فِيهِ} فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب و {من رب الْعَالمين} الْخَبَر وَهُوَ أحْسنهَا وَمن مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف وان جعلت {لَا ريب فِيهِ} الْخَبَر كَانَت من مُتَعَلقَة بتنزيل قَوْله {أم يَقُولُونَ افتراه} أم هُنَا لِلْخُرُوجِ من خبر الى خبر آخر وَقيل هِيَ بِمَعْنى بل قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} من أسكن اللَّام فِي خلقه جعله مصدرا لِأَن قَوْله {أحسن كل شَيْء} يدل على خلق كل شَيْء خلقا فَهُوَ مثل {صنع الله} و {كتاب الله عَلَيْكُم} وَقيل هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 بدل من كل وَقيل هُوَ مفعول ثَان وَأحسن بِمَعْنى افهم فيتعدى الى مفعولين وَيجوز فِي الْكَلَام خلقه بِالرَّفْع على معنى ذَلِك خلقه وَمن قَرَأَ بِفَتْح اللَّام جعله فعلا مَاضِيا فِي مَوضِع نصب نعتا لكل أَو فِي مَوضِع خفض نعتا لشَيْء قَوْله {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} الْعَامِل فِي اذا فعل مُضْمر تَقْدِيره أنبعث اذا غيبنا وتلفنا فِي الأَرْض قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم} تَتَجَافَى فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي {خروا} وَكَذَلِكَ {يدعونَ} فِي مَوضِع الْحَال وَكَذَلِكَ {سجدا} وَكَذَلِكَ مَوضِع {وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَكَذَلِكَ مَوضِع {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} كلهَا أَحْوَال من الْمُضمر فِي خروا وَفِي سجدا وَيحسن أَن يكون بعد كل حَال حَالا من الْمُضمر الَّذِي فِي الْحَال الَّذِي قبله وَقد مضى نَظِيره قَوْله {خوفًا وَطَمَعًا} مفعولان من أجلهما وَقيل مصدران قَوْله مَا أُخْفِي لَهُم من أسكن الْيَاء جعل الْألف ألف الْمُتَكَلّم وَالْيَاء حَقّهَا الضَّم لِأَنَّهُ فعل مُسْتَقْبل لَكِن أسكنت اسْتِخْفَافًا وَمن فتح الْيَاء جعله فعلا مَاضِيا لم يسم فَاعله وَفِيه ضمير يقوم مقَام الْفَاعِل وَمَا ان جَعلتهَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت فِي مَوضِع نصب بتَعَلُّم وَتَكون الْهَاء محذوفة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 الصِّلَة على قِرَاءَة من أسكن الْيَاء أَي أخفيه لَهُم وَلَا حذف فِي قِرَاءَة من فتح الْيَاء لِأَن الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي أُخْفِي الَّذِي لم يسم فَاعله يعود على الَّذِي فان جعلت مَا استفهاما كَانَت فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ فِي قِرَاءَة من فتح الْيَاء وَفِي مَوضِع نصب بأخفى فِي قِرَاءَة من أسكن الْيَاء وَالْجُمْلَة كلهَا فِي مَوضِع نصب بتَعَلُّم سدت مسد المفعولين قَوْله فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه الْهَاء تعود على الْكتاب أضَاف الْمصدر الى الْمَفْعُول يَقُوله تَعَالَى {بسؤال نعجتك} وَتَقْدِيره من لِقَاء مُوسَى الْكتاب فاضمر مُوسَى لتقدم ذكره وأضيف الْمصدر الى الْكتاب وَيجوز أَن تعود الْهَاء على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيكون قد أضَاف الْمصدر الى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ مَحْذُوف كَقَوْلِه {لَا يسمعوا دعاءكم} أَي دعَاكُمْ اياهم وَكَقَوْلِه {لمقت الله أكبر من مقتكم} تَقْدِيره لمقت الله اياكم أكبر من مقتكم أَنفسكُم وَقيل الْهَاء تعود على مَا لَاقَى مُوسَى أَي فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مَا لَاقَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من قومه من الْأَذَى والتكذيب وَقيل تعود على مُوسَى من غير تَقْدِير حذف مفعول أَي لَا تكن يَا مُحَمَّد فِي مرية من أَن تلقى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة الاسراء وَقيل الْهَاء تعود على مُوسَى وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَهُوَ التَّوْرَاة اي فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مُوسَى التَّوْرَاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 قَوْله {كلما أَرَادوا} كلما ظرف قَوْله {أولم يهد لَهُم كم أهلكنا} فَاعل يهد مصدره تَقْدِيره أولم يهد الْهدى لَهُم وَهُوَ قَول الْمبرد وَقَالَ الْفراء كم هِيَ الْفَاعِل ليهد وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين لِأَن كم لَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا لِأَنَّهَا فِي الْخَبَر بمنزلتها فِي الِاسْتِفْهَام لَهَا صدر الْكَلَام فَلَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا كَمَا لَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله وَقيل الْفَاعِل ليهد هُوَ الله جلّ ذكره تَقْدِيره أَو لم يهد الله لَهُم وَمن قَرَأَ نهد بالنُّون فالفاعل هُوَ الله تَعَالَى بِلَا اشكال وَلَا خلاف وَهِي قِرَاءَة أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَقَتَادَة وَكم عِنْد عِنْد الْبَصرِيين فِي هَذِه الْآيَة فِي مَوضِع نصب بأهلكنا قَوْله {وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح} مَتى فِي مَوضِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 نصب على الظّرْف وَهِي خبر الِابْتِدَاء وَهُوَ هَذَا وَالْفَتْح نعت لهَذَا أَو عطف بَيَان وَيجوز أَن يكون مَتى فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير حذف مَعَ هَذَا تَقْدِيره مَتى وَقت هَذَا الْفَتْح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الاحزاب قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي} أَي نِدَاء مُفْرد مَبْنِيّ على الضَّم وَهَا للتّنْبِيه وَهُوَ لَازم لأي وَالنَّبِيّ نعت لأي لَا يسْتَغْنى عَنهُ لِأَنَّهُ هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَلَا يجوز نَصبه على الْموضع عِنْد أَكثر النَّحْوِيين وَأَجَازَهُ الْمَازِني جعله كَقَوْلِك يَا زيد الظريف بِنصب الظريف على مَوضِع زيد وَهَذَا نعت يسْتَغْنى عَنهُ ونعت أَي لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَلَا يحسن نَصبه على الْموضع وَأَيْضًا فان نعت أَي هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى فَلَا يحسن نَصبه وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ صلَة لأي وَلَا يعرف فِي كَلَام الْعَرَب اسْم مُفْرد صلَة لأي قَوْله وَكفى بِاللَّه وَكيلا بِاللَّه فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ الْفَاعِل و {وَكيلا} نصب على الْبَيَان أَو على الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 قَوْله {وَالله يَقُول الْحق} الْحق نعت لمصدر مَحْذُوف أَي يَقُول القَوْل الْحق وَيجوز أَن يكون الْحق مَفْعُولا لِلْقَوْلِ قَوْله {وَلَكِن مَا تَعَمّدت} مَا فِي مَوضِع خفض عطف على مَا فِي قَوْله {فِيمَا أخطأتم} وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء تَقْدِيره وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ تؤاخذون بِهِ قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا} أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي لَيْسَ من الأول قَوْله {وَإِذ يَقُول} {وَإِذ قَالَت} الْعَامِل فيهمَا فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد اذ يَقُول واذ قَالَت قَوْله {إِن بُيُوتنَا عَورَة} عَورَة خبر إِن وَهُوَ مصدر فِي الأَصْل وَهُوَ بِمَعْنى ذَات عَورَة وَيجوز أَن يكون اسْم فَاعل أَصله عَورَة ثمَّ أسكن تَخْفِيفًا وَيجوز أَن يكون مصدرا فِي مَوضِع اسْم الْفَاعِل كَمَا تَقول رجل عدل أَي عَادل قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} وَزنه أفعلة جمع شحيح مثل رغيف وأرغفة وَلَكِن نقلت حَرَكَة الْحَاء الأولى الى الشين وأدغمت فِي الثَّانِيَة وَأَصله أشححة وَنصب على الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ {والقائلين} فَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 حَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين هَذَا قَول الْفراء وَأَجَازَ أَيْضا أَن يعْمل فِيهِ فعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ المعوقين فَهُوَ حَال من الْفَاعِل فِي الْفِعْل الْمُضمر كَأَنَّهُ قَالَ يعوقون أشحة وَيجوز عِنْده أَن يكون الْعَامِل فِيهِ {وَلَا يأْتونَ} فَهُوَ حَال من الْمُضمر فِي يأْتونَ وَأَجَازَ أَيْضا نَصبه على الذَّم وَلَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين أَن يكون الْعَامِل المعوقين ولاالقائلين لِأَنَّهُ يكون دَاخِلا فِي صلَة الْألف وَاللَّام وَقد فرقت بَينهمَا بقوله {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس} وَهُوَ غير دَاخل فِي الصِّلَة إِلَّا أَن تجْعَل {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين فَيجوز أَن يكون أَيْضا أشحة حَالا من ذَلِك الْمُضمر وَيعْمل فِيهِ الْقَائِلين لِأَنَّهُ كُله دَاخل فِي صلَة الْألف وَاللَّام من الْقَائِلين وَلَا يحسن أَن يكون أشحة حَالا من الْمُضمر فِي المعوقين وَلَا من الْمُضمر فِي يأْتونَ على مَذْهَب الْبَصرِيين بِوَجْه لِأَن {والقائلين} عطف على المعوقين غير دَاخل فِي صلته وأشحه ان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي المعوقين كَانَ دَاخِلا فِي الصِّلَة وَكَذَلِكَ وَلَا يأْتونَ فقد فرقت بَين الصِّلَة والموصول بالمعطوف وَلَا يحسن أَيْضا على مَذْهَب الْبَصرِيين أَن يعْمل فِيهِ فعل مُضْمر يفسره المعوقين كَمَا لم يجز أَن يعْمل فِيهِ المعوقين لِأَن مَا فِي الصِّلَة لَا يُفَسر مَا لَيْسَ فِي الصِّلَة فَافْهَم ذَلِك وَالصَّحِيح انه حَال من الْمُضمر فِي يأْتونَ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 الْعَامِل فِيهِ وَقَوله وَلَا يأْتونَ حَال من الْمُضمر فِي الْقَائِلين وَكِلَاهُمَا دَاخل فِي الصله وَكَذَلِكَ ان جعلتهما جَمِيعًا حَالين من الْمُضمر فِي الْقَائِلين فَهُوَ حسن فكلاهما دَاخل فِي الصِّلَة فَأَما نَصبه على الذَّم فَجَائِز قَوْله {هَلُمَّ إِلَيْنَا} مَعْنَاهُ أَقبلُوا الينا وَهَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَغَيرهم يَقُول هلموا للْجَمَاعَة وهلمي للْمَرْأَة وأصل هَلُمَّ هَا المم فها للتّنْبِيه والمم مَعْنَاهُ اقصد الينا وَأَقْبل الينا لَكِن كثر الِاسْتِعْمَال فِيهَا فحذفت ألف الْوَصْل من المم لما تحركت اللَّام بضمة الْمِيم الأولى عِنْد الْإِدْغَام فَصَارَت هَا لم فحذفت ألف هَا لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا لِأَن حركتها عارضة كَمَا حذفت الْوَاو فِي قَالُوا الْآن فِي قِرَاءَة ورش وَقد تحركت اللَّام فَلم يعْتد بحركتها لِأَنَّهَا عارضة كَذَلِك حَرَكَة اللَّام من لم لم يعْتد بهَا وَجَرت على أَصْلهَا فحذفت ألف هَا لسكونها وَسُكُون اللَّام فِي الأَصْل فاتصلت الْهَاء بِاللَّامِ فَصَارَت هَلُمَّ كَمَا ترى وَفتحت الْمِيم لالتقاء الساكنين كَمَا تَقول رد وَمد وَقد قيل إِن أالف هَا إِنَّمَا حذفت لسكونها وَسُكُون اللَّام قبل أَن تلقى حَرَكَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 الْمِيم الأولى على اللَّام فَصَارَت هلمم فألقيت حَرَكَة الْمِيم الأولى على اللَّام وأدغمت فِي الَّتِي بعْدهَا فَصَارَت هَلُمَّ كَمَا ترى قَوْله {إِلَّا قَلِيلا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره إلااتيانا قَلِيلا أَو إِلَّا وقتا قَلِيلا وَمثله {مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا} قَوْله {أشحة على الْخَيْر} حَال من الْمُضمر فِي {سلقوكم} وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ قَوْله {وَمَا زادهم} الْهَاء وَالْمِيم تعود على النظرلأن معنى قَوْله {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ} وَلما نظر وَقيل الْمُضمر يعود على الرُّؤْيَة وجازلأن رَأْي تدل على الرُّؤْيَة تذكيرها لِأَن تأنيثها غير حَقِيقِيّ قَوْله {صدقُوا مَا عَاهَدُوا} مَا فِي مَوضِع نصب بصدقوا وَهِي وَالْفِعْل مصدر تَقْدِيره صدقُوا الْعَهْد أَي وفوا بِهِ قَوْله فتعالين هُوَ من الْعُلُوّ وَأَصله الِارْتفَاع وَلَكِن كثر اسْتِعْمَاله حَتَّى اسْتعْمل فِي معنى انْزِلْ فَيُقَال للمتعالي تعال أَي انْزِلْ قَوْله {وَقرن فِي بيوتكن} من كسر الْقَاف جعله من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 الْوَقار والتوقر فِي الْبيُوت فَيكون مثل عدن وزن لِأَنَّهُ مَحْذُوف الْفَاء وَهُوَ الْوَاو وَيجوز أَن يكون من الْقَرار فَيكون مضعفا يُقَال قر فِي الْمَكَان يقر هَذِه اللُّغَة الْمَشْهُورَة فَيكون أصلة واقررن ثمَّ تبدل من الرَّاء الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل يَاء كَرَاهَة التَّضْعِيف كَمَا أبدلوا فِي قِيرَاط ودينار فَتَصِير الْيَاء مَكْسُورَة فَتلقى حركتها على الْقَاف وتحذف لسكونها وَسُكُون الرَّاء ويستغنى عَن ألف الْوَصْل لتحرك الْقَاف فَيصير قرن وَقيل بل حذفت الرَّاء الأولى كَرَاهَة التَّضْعِيف كَمَا قَالُوا ظلت وَالْأَصْل ظللت فأبقيت حركتها على الْقَاف فحذفت ألف الْوَصْل لتحرك الْقَاف أَيْضا فَأَما من قَرَأَ بِفَتْح الْقَاف فَهِيَ لُغَة حَكَاهَا أَبُو عبيد عَن الْكسَائي أَنه يُقَال قررت فِي الْمَكَان أقرّ وَهِي لُغَة قَليلَة وَقد أنكرها الْمَازِني وَغَيره ثمَّ جرى الاعتلال على الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين فِي الْكسر أَولا وَقد قيل إِنَّه أَخذ من قررت بِهِ عينا أقرّ ثمَّ أعل على أحد الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورين أَولا فاعلمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 قَوْله {أهل الْبَيْت} نصب على النداء وان شِئْت على الْمَدْح وَيجوز فِي الْكَلَام الْخَفْض على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي عَنْكُم عِنْد الْكُوفِيّين وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْغَائِب يُبدل من الْمُخَاطب لاختلافهما وَقيل لم يجزلأن الْبَدَل بَيَان والمخاطب والمخاطب لَا يحتاجان الى بَيَان قَوْله {والحافظين فروجهم والحافظات} أعمل الأول من هذَيْن الْفِعْلَيْنِ وَكَانَ قِيَاسه على أصُول هذاالباب لَو أخر مفعول الْفِعْل الأول أَن يُقَال والحافظاتها وَلَكِن لما قدمه اسْتغنى عَن الضَّمِير لبَيَان الْمَعْنى فِي أَن الأول هُوَ المعمل إِذْ مَفْعُوله بعده لم يتَأَخَّر بعد الْفِعْل الثَّانِي وَحذف الضَّمِير من هَذَا اذا مَا تقدم مَعْمُول الأول حسن فصيح واثبات الضَّمِير اذا تَأَخّر مفعول الأول فِي آخر الْكَلَام أحسن وأفصح وَمثله فِي الْقيَاس {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} لَو تَأَخّر الْمَفْعُول الى اخر الْكَلَام لَكَانَ وَجه الْكَلَام والذاكراته فَلَمَّا تقدم حسن حذف الضَّمِير واثباته فِي الْكَلَام جَائِز لتقدم ذكره قَوْله {وَالله أَحَق أَن تخشاه} الله ابْتِدَاء وأحق خبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 وَأَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض وَإِن شِئْت جعلت أَن وَمَا بعْدهَا ابْتِدَاء ثَانِيًا وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن الله وان شِئْت جعلت أَن وَمَا بعْدهَا بَدَلا من الله تَعَالَى مُبْتَدأ واحق خَبره وَلَا يجوز أَن تقدر اضافة أَحَق الى أَن الْبَتَّةَ لِأَن أفعل لَا يُضَاف إِلَّا الى مَا هُوَ بعضه قَوْله {سنة الله} مصدر عمل فِيهِ معنى مَا قبله قَوْله {الَّذين يبلغون} الَّذين فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل أَو على النَّعْت لقَوْله {فِي الَّذين خلوا} قَوْله {وَلَكِن رَسُول الله} رَسُول خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره وَلَكِن كَانَ مُحَمَّد رَسُول الله وَمن رَفعه فعلى اضمار هُوَ أَي هُوَ رَسُول الله قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} عطف على الْأزْوَاج وَمَا بعدهن وَالْعَامِل أَحللنَا وَمن قَرَأَ أَن وهبت نَفسهَا بِفَتْح أَن وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن جعل أَن بَدَلا من امْرَأَة وَقيل هُوَ على حذف الْجَرّ أَي لِأَن وهبت قَوْله {خَالِصَة} حَال قَوْله {لكيلا يكون عَلَيْك} اللَّام مُتَعَلقَة بقوله أَحللنَا وَقيل بفرضنا قَوْله {بِمَا آتيتهن كُلهنَّ} كُلهنَّ تَأْكِيد للمضمر فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 يرضين وَلَا يجوز أَن يكون تَأْكِيدًا للمضمر فِي آتيتهن لِأَن الْمَعْنى على خِلَافه قَوْله {إِلَّا مَا ملكت} مَا فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من النِّسَاء أَو فِي مَوضِع نصب على الاستثاء وَلَا يجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بملكت لِأَن الصِّلَة لَا تعْمل فِي الْمَوْصُول وَفِي الْكَلَام هَاء محذوفة من الصِّلَة بهَا يتم الْكَلَام تَقْدِيره الا مَا ملكته يَمِينك وَيجوز أَن تجْعَل مَا وَالْفِعْل مصدرا فِي مَوضِع الْمَفْعُول فَيكون الْمصدر فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الْجِنْس وَلَا يحْتَاج الى حذف هَاء تَقْدِيره إِلَّا ملك يَمِينك وَملك بِمَعْنى مَمْلُوك فَيكون بِمَنْزِلَة قَوْلهم هَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه قَوْله {غير ناظرين إناه} إناه ظرف زمَان وَهُوَ مقلوب من آن الَّذِي بِمَعْنى لحين فقلبت النُّون قبل الْألف وغيرت الْهمزَة الى الكسرة فَمَعْنَاه غير ناظرين آنه أَي حِينه ثمَّ قلب وَغير على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 مَا ذكرت قَوْله {غير} هُوَ مَنْصُوب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم وَالْعَامِل فِيهِ يُؤذن وَلَا يحسن أَن تجْعَل غير وَصفا للطعام لِأَنَّهُ يلْزم فِيهِ أَن تظهر الضَّمِير الَّذِي فِي ناظرين فَيلْزم أَن تَقول غير ناظرين أَنْتُم إناه لِأَن اسْم الْفَاعِل اذا جرى صفة أَو خَبرا أَو حَالا أَو صلَة على غير من هُوَ لَهُ لم يسْتَتر فِيهِ ضمير الْفَاعِل وَذَلِكَ فِي الْفِعْل جَائِز فَلَو قَالَ فِي الْكَلَام إِن أذن لكم الى طَعَام لاتنتظرون اناه فَكُلُوا لجَاز أَن يكون لَا تنتظرون وَصفا للطعام وَأَن يكون حَالا من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم أَلا ترى أَنَّك تَقول زيد تضربه فزيد مُبْتَدأ وتضربه خبر لَهُ وَهُوَ فعل للمخاطب لَيْسَ هُوَ لزيد وَفِيه ضمير الْمُخَاطب مستتر وَلَوْلَا الْهَاء مَا كَانَ خَبرا لزيد لِأَنَّهُ لم يعد عَلَيْهِ شَيْء من سَببه وَلَا من ذكره فَلَو جعلت فِي مَوضِع تضربه ضاربه لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير فَتَقول زيد ضاربه أَنْت وَكَذَلِكَ قِيَاس الَّذِي تضربه زيد فتضربه صلَة الَّذِي وَفِيه ضمير الْمُخَاطب فان جعلت مَوْضِعه ضاربه أظهرت الضَّمِير فَقلت الَّذِي ضاربه أَنْت زيد وَكَذَلِكَ الصفه وَالْحَال فِي قوتك مَرَرْت بِرَجُل تضربه ومررت بزيد تضربه ان جعلت فِي مَوضِع تضربه اسْم فَاعل لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير من الصّفة وَالْحَال كَمَا ظهر من الْخَبَر والصلة فَهَذَا معنى قولي لَك اذا جرى اسْم الْفَاعِل على غير من هُوَ لَهُ خَبرا أَو صفة أَو حَالا أَو صلَة لم يكن بُد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 من اظهار الضَّمِير وَيجوز ذَلِك فِي الْفِعْل وَلَا يظْهر الضَّمِير فافهمه قَوْله {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} فِي مَوضِع نصب عطف على {غير ناظرين} أَو فِي مَوضِع خفض عطف على ناظرين قَوْله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وَكَذَلِكَ وَلَا أَن تنْكِحُوا عطف عَلَيْهَا قَوْله {فِيهَا إِلَّا قَلِيلا} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يجاورونك أَي يجاورونك إِلَّا فِي حَال قلتهم وذلتهم وَقيل هُوَ نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا جوارا قَلِيلا أَو وقتا قَلِيلا قَوْله {ملعونين} حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يجاورونك وَقيل هُوَ نصب على الذَّم والشتم قَوْله {سنة الله} نصب على الْمصدر أَي سنّ الله تَعَالَى ذَلِك سنة فِيمَن أرجف بالأنبياء ونافق قَوْله {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} أَي لم يزل كَذَلِك ورحيما حَال من الْمُضمر فِي غَفُورًا وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ أَي يغْفر فِي حَال رَحمته وَيجوز أَن يكون نعتا لغَفُور وَأَن يكون خَبرا بعد خبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة سبأ قَوْله تَعَالَى {يعلم مَا يلج فِي الأَرْض} يعلم حَال من اسْم الله جلّ ذكره وَيجوز أَن يكون مستأنفا قَوْله {ينبئكم إِذا مزقتم} الْعَامِل فِي اذا فعل دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره ينبئكم بِالْبَعْثِ أَو بِالْحَيَاةِ أَو بالنشور اذا مزقتم وَأَجَازَ بَعضهم أَن يكون الْعَامِل مزقتم وَلَيْسَ بجيد لِأَن اذا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا من الْجمل وَالْأَفْعَال وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ كبعضه كَمَا لَا يعْمل بعض الِاسْم فِي بعض وَلَا يجوز أَن يكون الْعَامِل ينبئكم لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرهُمْ ذَلِك الْوَقْت فَلَيْسَ الْمَعْنى عَلَيْهِ قَوْله {يَا جبال أوبي مَعَه وَالطير} من نصب الطير عطفه على مَوضِع الْجبَال لِأَنَّهَا فِي مَوضِع نصب بِمَعْنى النداء وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَقيل هِيَ مفعول مَعَه وَقَالَ أَبُو عَمْرو هُوَ مَنْصُوب باضمار فعل تَقْدِيره وسخرنا لَهُ الطير وَقَالَ الْكسَائي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 تَقْدِيره وَآتَيْنَاهُ الطير كَأَنَّهُ مَعْطُوف على فضل وَقد قَرَأَهُ الْأَعْرَج بِالرَّفْع عطفه على لفظ الْجبَال وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أوبي وَحسن ذَلِك لِأَن مَعَه قد فصلت بَينهمَا فَقَامَتْ مقَام التَّأْكِيد قَوْله {أَن اعْمَلْ} أَن تَفْسِير لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب بِمَعْنى أَي وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره لِأَن اعْمَلْ أَي وألنا لَهُ الْحَدِيد لهَذَا الْأَمر قَوْله {غدوها شهر} ابْتِدَاء وَخبر تَقْدِيره مسير غدوها مسيرَة شهر وَكَذَلِكَ رواحها شهر وانما احْتِيجَ الى ذَلِك لِأَن الغدو والرواح ليسَا بالشهر انما يكونَانِ فِيهِ قَوْله {وَمن الْجِنّ من يعْمل} من فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَمَا قبلهَا الْخَبَر وَقيل من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على مَعْمُول سخرنا أَي وسخرنا لَهُ من الْجِنّ من يعْمل قَوْله {وَمن يزغ} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي شَرط اسْم تَامّ ونذقه الْجَواب وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء قَوْله {منسأته} من قَرَأَهُ بِأَلف فَأصل الْألف همزَة مَفْتُوحَة لَكِن أَتَى الْبَدَل فِي هَذَا وَالْقِيَاس أَن تجْعَل الْهمزَة بَين الْهمزَة وَالْألف فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 التَّخْفِيف وَهَذَا أَتَى على الْبَدَل من الْهمزَة وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ والهمز هُوَ الأَصْل قَوْله {تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا} أَن فِي مَوضِع رفع بدل من الْجِنّ وَالتَّقْدِير تبين للانس أَن الْجِنّ لَو كَانُوا وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام قَوْله {آيَة جنتان} جنتان بدل من آيَة وَهِي اسْم كَانَ وَيجوز أَن ترفع جنتين على اضمار مُبْتَدأ هِيَ جنتان وَتَكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على التَّفْسِير قَوْله {فِي مساكنهم} من قَرَأَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَفتح الْكَاف جعله مصدرا فَلم يجمعه وأتى بِهِ على الْقيَاس لِأَن فعل يفعل قِيَاس مصدره أَن يَأْتِي بِالْفَتْح نَحْو المقعد والمدخل والمخرج وَقيل هُوَ اسْم مُفْرد للمكان يُؤَدِّي عَن الْجمع وَمن كسر الْكَاف جعله اسْما للمكان كالمسجد وَقيل هُوَ أَيْضا مصدر خرج عَن الأَصْل كالمطلع قَوْله {بَلْدَة} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هَذِه بَلْدَة وَكَذَلِكَ وَرب غَفُور أَي وَهَذَا رب غَفُور قَوْله {ذَلِك جزيناهم} ذَلِك فِي مَوضِع نصب بجزينا قَوْله {ذواتي أكل خمط} من أضَاف الْأكل الى الخمط جعل الْأكل هُوَ الثَّمر والخمط شجر فأضاف الثَّمر الى شَجَرَة كَمَا تَقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 هَذَا تمر نخل وعنب كرم وَقيل لما لم يحسن أَن يكون الخمط نعتا للْأَكْل لِأَن الخمط اسْم شَجَرَة بِعَينهَا وَلم يحسن أَن يكون بَدَلا لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الأول وَلَا هُوَ بعضه وَكَانَ الجنى وَالثَّمَر من الشّجر أضيف على تَقْدِير من كَقَوْلِك هَذَا ثوب خَز فَأَما من نونه فانه جعل الخمط عطف بَيَان على الْأكل فَبين أَن الْأكل لهَذَا الشّجر الَّذِي هُوَ الخمط اذ لم يُمكن أَن يكون وَصفا وَلَا بَدَلا فَبين بِهِ أكل أَي شجر هُوَ قَوْله {ليَالِي وأياما} هما ظرفان للسير والليالي جمع لَيْلَة وَهُوَ على غير قِيَاس كَانَ أصل واحده ليلاة فَجمع على غير لفظ واحده مثل ملاقح جمع ملقحة وَلم يسْتَعْمل ملقحة وَكَذَلِكَ مشابه جمع مشبهة وَلم يسْتَعْمل قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} من خفف صدق نصب ظَنّه انتصاب الظّرْف أَي صدق فِي ظَنّه وَيجوز على الاتساع أَن تنصبه انتصاب الْمَفْعُول بِهِ وَقيل هُوَ مصدر فَأَما من شدد صدق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 فَظَنهُ مفعول بِصدق وَمن قَرَأَ بتَخْفِيف صدق نصب ابليس وَرفع الظَّن جعل الظَّن فَاعل صدق وَنصب ابليس لِأَنَّهُ مفعول بِهِ بِصدق وَالتَّقْدِير وَلَقَد صدق ظن ابليس ابليس كَمَا تَقول ضرب زيدا غُلَامه أَي ضرب غُلَام زيد وَمن خفف ورفعهما جَمِيعًا جعل ظَنّه بَدَلا من ابليس وَهُوَ بدل الاشتمال قَوْله {مَاذَا قَالَ ربكُم} مَا فِي مَوضِع نصب بقال وَذَا زَائِدَة وَدَلِيل ذَلِك قَوْله تَعَالَى {قَالُوا الْحق} فنصب الْجَواب بقال وَكَذَلِكَ يجب أَن يكون السُّؤَال وَيجوز فِي الْكَلَام رفع الْحق على أَن تكون مَا استفهاما فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَذَا بِمَعْنى الَّذِي خَبره وَمَعَ قَالَ هَاء محذوفة تَقْدِيره أَي شَيْء الَّذِي قَالَه ربكُم فَرفع الْجَواب اذ السُّؤَال مَرْفُوع وَقد مضى لهَذَا نَظَائِر قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ} هُوَ عطف على اسْم ان وَيكون لعلى هدى خبر الثَّانِي وَهُوَ اياكم وَخبر الأول مَحْذُوف لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ هَذَا اخْتِيَار الْمبرد وسيبويه يرى أَن لعلى هدى خبر الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 وَخبر الثَّانِي مَحْذُوف لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَلَو عطفت أَو اياكم على مَوضِع اسْم ان فِي الْكَلَام لَقلت أَو أَنْتُم وَتَكون لعلى هدى خبر الثَّانِي لَا غير وَخبر الأول مَحْذُوف وَلَا اخْتِلَاف فِي هَذَا لِأَن الْعَطف على مَوضِع اسْم ان لَا يكون الا بعد مُضِيّ الْخَبَر فَلَا بُد من اضمار خبر الأول قبل الْمَعْطُوف ليعطف على الْموضع بعد اتيان الْخَبَر قَوْله {إِلَّا كَافَّة} حَال وَمَعْنَاهُ جَامع النَّاس قَوْله {قل لكم ميعاد يَوْم} أضَاف الميعاد الى الْيَوْم على السعَة وَيجوز فِي الْكَلَام ميعاد يَوْم منونين مرفوعين يُبدل الثَّانِي من الأول وَهُوَ هُوَ على تَقْدِير وَقت ميعاد يَوْم وميعاد ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر وَيجوز أَن تنصب يَوْمًا على الظّرْف وَتَكون الْهَاء فِي عَنهُ تعود على الظّرْف فان جَعلتهَا تعود على الميعاد أضفت يَوْمًا الى مَا بعده فَقلت يَوْم لَا تستأخرون عَنهُ وَلَا يجوز اضافة يَوْم الى مَا بعده اذا جعلت الْهَاء لليوم لِأَنَّك تضيف الشَّيْء الى نَفسه وَهُوَ الْيَوْم تضيفه الى جملَة فِيهَا هَاء هِيَ الْيَوْم فَتكون أضفت الْيَوْم الى الْهَاء وَهُوَ هِيَ قَوْله {لَوْلَا أَنْتُم} لَا يجوز عِنْد الْمبرد غير هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 تَأتي تضمير مَرْفُوع كَمَا كَانَ الْمظهر مَرْفُوعا وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ لولاكم والمضمر فِي مَوضِع خفض بضد مَا كَانَ الْمظهر وَمنعه الْمبرد قَوْله {عندنَا زلفى} زلفى فِي مَوضِع نصب على الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ إزلافا والزلفى الْقُرْبَى كَأَنَّهُ قَالَ تقربكم عندنَا تَقْرِيبًا وَالَّتِي عِنْد الْفراء للأموال وَالْأَوْلَاد وَقيل هِيَ للأولاد خَاصَّة وَحذف خَاصَّة وَحذف خبر الأمواء لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ تَقْدِيره وَمَا أَمْوَالكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم ثمَّ حذف الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ قَوْله {إِلَّا من آمن} من فِي مَوضِع نصب عِنْد الزّجاج على الْبَدَل من الْكَاف وَالْمِيم فِي تقربكم وَهُوَ وهم لِأَن الْمُخَاطب لَا يُبدل مِنْهُ وَلَكِن هُوَ نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقد جَاءَ بدل الْغَائِب من الْمُخَاطب باعادة الْعَامِل وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لقد كَانَ لكم فيهم أُسْوَة حَسَنَة} ثمَّ أبدل من الْكَاف وَالْمِيم باعادة الْخَافِض فَقَالَ لمن كَانَ يَرْجُو قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف} جَزَاء خير أُولَئِكَ ويجو فِي الْكَلَام جَزَاء الضعْف بتنوين جَزَاء وَرفع الضعْف على الْبَدَل من جزاءه وَيجوز حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَرفع الضعْف وَلَا يقْرَأ بِشَيْء من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 ذَلِك وَيجوز نصب جَزَاء على الْحَال وَرفع الضعْف على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر لَهُم وَالْجُمْلَة خبر أُولَئِكَ قَوْله {أَن تقوموا} ان فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من وَاحِدَة أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هِيَ أَن تقوموا وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام قَوْله {مثنى وفرادى} حالان من الْمُضمر فِي تقوموا قَوْله {قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب} من رفع علام جعله نعتا لرب على الْموضع أَو الْبَدَل مِنْهُ أَو على الْبَدَل من الْمُضمر فِي يقذف وَمن نَصبه وَهُوَ عِيسَى بن عمر جعله نعتا لرب على اللَّفْظ أَو على الْبَدَل وَيجوز الرّفْع على أَنه خبر بعد خبر أَو على إِضْمَار مُبْتَدأ قَوْله {التناوش} هُوَ من ناش ينوش اذا تنَاول فَمَعْنَاه من أَيْن لَهُم تنَاول التَّوْبَة بعد الْمَوْت وَقيل بعد الْبَعْث وَلَا أصل لَهُ فِي الْهَمْز وَمن همزه فَلِأَن الْوَاو انضمت بعد ألف زَائِدَة فهمزها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 وَقيل هُوَ من النتيش وَهِي الْحَرَكَة فِي ابطاء وَأَصله الْهَمْز على هَذَا لَا غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة فاطر قَوْله تَعَالَى {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا} لَا يجوز تَنْوِين جَاعل لِأَنَّهُ لما مضى ورسلا مفعول ثَان وَقيل انتصب على اضمار فعل لِأَن اسْم الْفَاعِل بِمَعْنى الْمَاضِي لَا يعْمل النصب قَوْله {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} هَذِه أعداد معدولة فِي حَال تنكيرها فتعرفت بِالْعَدْلِ فمنعت من الصّرْف للعدل والتعريف وَقيل للعدل وَالصّفة والفائدة فِي الْعدْل أَنَّهَا تدل على التكرير فَمَعْنَى مثنى اثْنَان اثْنَان وَثَلَاث ثَلَاثَة ثَلَاثَة وَكَذَلِكَ رباع وَقد تقدم فِي أول النِّسَاء شرح هَذَا قَوْله {غير الله} من رفع غيرا جعله فَاعِلا كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 تَقول هَل ضَارب غير زيد بِمَعْنى إِلَّا زيد وَقيل هُوَ نعت الْخلق على الْموضع وَيجوز النصب على الِاسْتِثْنَاء وَمن خفضه جعله نعتا لخلق على اللَّفْظ قَوْله {بِاللَّه الْغرُور} من فتح الْغَيْن جعله اسْما للشَّيْطَان وَمن ضمهَا جعله جمع غَار كَقَوْلِك جَالس وجلوس وَقيل هُوَ جمع غر وغر مصدر وَقيل هُوَ مصدر كالدخول قَوْله {الَّذين كفرُوا لَهُم عَذَاب} الَّذين فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من اصحاب أَو فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من حزبه أَو فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي ليكونوا قَوْله {يمكرون السَّيِّئَات} السَّيِّئَات نصب على المصدرلأن يمكرون بِمَعْنى يسيئون وَقيل تَقْدِيره يمكرون المكرات السَّيِّئَات ثمَّ حذف المنعوت وَقيل هُوَ مفعول بِهِ ويمكرون بِمَعْنى يعْملُونَ قَوْله {وَالَّذين آمنُوا} الَّذين فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء ومغفرة ابْتِدَاء ثَان وَلَهُم الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 قَوْله {حسرات} نصب على الْمَفْعُول من أَجله أَو على الْمصدر وَالْهَاء فِي يرفعهُ تعود على الْكَلم وَقيل على الْعَمَل تعود فَيجوز النصب فِي الْعَمَل على القَوْل الثَّانِي باضمار فعل يفسره يرفعهُ وَلَا يجوز على القَوْل الأول إِلَّا الرّفْع قَوْله {وَلَو كَانَ ذَا قربى} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا تَقْدِيره وَلَو كَانَ الْمَدْعُو ذَا قربى وَيجوز فِي الْكَلَام وَلَو كَانَ ذُو قربى وَتَكون كَانَ بِمَعْنى وَقع أوعلى حذف الْخَبَر قَوْله {مُخْتَلف ألوانه} اي خلق مُخْتَلف ألوانه فالهاء ترجع على الْمَحْذُوف ومختلف رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله من الْمَجْرُور خَبره وألوانه فَاعل قَوْله {كَذَلِك إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره اخْتِلَافا مثل ذَلِك الِاخْتِلَاف الْمُتَقَدّم ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 قَوْله {أساور} جمع أسورة وأسورة جمع سوار وسوار وَحكي فِي الْوَاحِد إسوار وَجمعه اساوير قَوْله {جنَّات عدن} الرّفْع فِي جنَّات على الِابْتِدَاء يدْخلُونَهَا الْخَبَر أَو على اضمار مبتدا أَي هِيَ جنَّات ويدخلونها نعت لجنات قَوْله {يحلونَ فِيهَا} {ولباسهم فِيهَا حَرِير} كِلَاهُمَا نعت لجنات رفعتها أَو نصبتها على الْبَدَل من الْخيرَات أَو على اضمار فعل يفسره مَا بعده وَيجوز أَن يَكُونَا فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع يعود على الْمَرْفُوع فِي يدْخلُونَهَا لِأَن فِي كلا الْحَالين عائدين أَحدهمَا يعود على الْمَرْفُوع فِي يدْخلُونَهَا والاخر على الْمَنْصُوب قَوْله {الَّذِي أحلنا} الَّذِي فِي مَوضِع نصب نعت لاسم ان أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو على أَنه خب بعد خبر أَو على الْبَدَل من غَفُور أَو على الْبَدَل من الْمُضمر فِي شكور فوله {دَار المقامة} المقامة مَعْنَاهَا الاقامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 قَوْله {استكبارا} مفعول من أَجله قَوْله {ومكر السيء} هُوَ من اضافة الْمَوْصُوف الى صفته وَتَقْدِيره ومكر الْمَكْر السَّيئ وَدَلِيله قَوْله تَعَالَى بعد ذَلِك وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا باهله فمكر السيىء انتصب على الْمصدر ثمَّ أضيف إِلَى نَعته اتساعا كَصَلَاة الأولى وَمَسْجِد الْجَامِع قَوْله {أَن تَزُولَا} أَن مفعول من أَجله أَي لِئَلَّا تَزُولَا وَقيل مَعْنَاهُ من أَن تَزُولَا لِأَن معنى يمسك يمْنَع قَوْله {فَإِذا جَاءَ أَجلهم} لَا يجوز أَن يعْمل بَصيرًا فِي اذا لِأَن مَا بعد ان لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا لَو قلت الْيَوْم إِن زيدا خَارج تنصب الْيَوْم بِخَارِج لم يجز وَلَكِن الْعَامِل فِيهَا جَاءَ لِأَن اذا فِيهَا معنى الْجَزَاء والأسماء الَّتِي يجازى بهَا يعْمل فِيهَا مَا بعْدهَا تَقول من أكْرم يكرمني فاكرم هُوَ الْعَامِل فِي من بلااختلاف فَأَشْبَهت اذا حُرُوف الشَّرْط لما فِيهَا من مَعْنَاهُ فَعمل فِيهَا مَا بعْدهَا وَكَانَ حَقّهَا أَن لَا يعْمل فِيهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا من الْجمل وَفِي جَوَازه اخْتِلَاف وَفِيه نظر لِأَن إِذا لَا يجازى بهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي الشّعْر فالموضع الَّذِي يجازي بهَا يُمكن أَن يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي يَليهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 كَمَا يعْمل فِي مَا وَمن اللَّتَيْنِ للشّرط والموضع الَّذِي لَا يجازى فِيهِ بهَا لَا يحسن أَن يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي يَليهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا والمضاف اليه لَا يعْمل فِي الْمُضَاف لِأَنَّهُ من تَمَامه كَمَا لَا يعْمل الشَّيْء فِي نَفسه وَفِي تَقْدِير إِضَافَة إِذا اخْتِلَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة يس قَوْله تَعَالَى {يس} حق النُّون الساكنة من هجاء يس اذا وصلت كلامك أَن تُدْغَم ف الْوَاو بعْدهَا أبدا وَقد قَرَأَ جمَاعَة باظهار النُّون من يس وَنون والقلم وَالْعلَّة فِي ذَلِك ان هَذِه الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور حَقّهَا أَن يُوقف على كل حرف مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيست بِخَبَر لما قبلهَا وَلَا يخبر عَنْهَا وَلَا يعْطف بَعْضهَا على بعض كالعدد فحقها الْوَقْف والسكون عَلَيْهَا وَلذَلِك لم تعرب فَوَجَبَ اظهار النُّون عِنْد الْوَاو لِأَنَّهَا مَوْقُوف عَلَيْهَا غير مُتَّصِلَة بِمَا بعْدهَا هَذَا أَصْلهَا وَمن أدغم أجراها مجْرى الْمُتَّصِل والاظهار أولى بهَا لما ذكرنَا وَقد قَرَأَ عِيسَى بن عمر بِفَتْح النُّون على أَنه مفعول بِهِ على معنى اذكر ياسين لكنه لم ينْصَرف لِأَنَّهُ مؤنث اسْم للسورة وَلِأَنَّهُ أعجمي فَهُوَ على زنة هابيل وقابيل وَيجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 أَن يكون أَرَادَ أَن يصله بِمَا بعده فَالتقى ساكنان الْيَاء وَالنُّون ففتحه لالتقاء الساكنين فَبنِي على الْفَتْح كأين وَكَيف وَقد قرىء بِكَسْر النُّون حركت أَيْضا لالتقاء الساكنين فَكسرت على أصل اجْتِمَاع الساكنين فَجعلت كخير فِي الْقسم وأوائل السُّور قد قيل فِيهَا انها قسم أقسم الله بهَا لشرفها وَلِأَنَّهَا مباني أَسْمَائِهِ قَوْله {على صِرَاط مُسْتَقِيم} خب ثَان لِأَن وَقيل على مُتَعَلقَة بِالْمُرْسَلين قَوْله {تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم} من رفْعَة أضمر مُبْتَدأ أَي هُوَ تَنْزِيل وَمن نَصبه جعله مصدرا وَيجوز الْخَفْض فِي الْكَلَام على الْبَدَل من الْقرَان قَوْله {مَا أنذر آباؤهم} مَا حرف ناف لِأَن آبَاءَهُم لم ينذروا برَسُول قبل مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَقيل موضعهَا نصب لِأَنَّهَا فِي مَوضِع الْمصدر وَهُوَ قَول عِكْرِمَة لِأَنَّهُ قَالَ قد أنذر اباؤهم وَتَقْدِيره لتنذر قوما انذارا مثل امذار ابائهم فَمَا وَالْفِعْل مصدر قَوْله {ونكتب مَا قدمُوا} أَي ذكر مَا قدمُوا ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 حذف الْمُضَاف وَكَذَلِكَ واثارهم أَي ونكب ذكر اثارهم وَهِي الخطى الى الْمَسَاجِد وَقيل هِيَ مَا سنوا من سنة حَسَنَة فَعمل بهَا بعدهمْ قَوْله وكل شَيْء نصب باضمار فعل تَقْدِيره وأحصينا كل شىء أحصيناه وَهُوَ الِاخْتِيَار ليعطف مَا عمل فِيهِ الْفِعْل على مَا عمل فِيهِ الْفِعْل وَيجوز الرّفْع على الِابْتِدَاء وأحصيناه الْخَبَر قَوْله {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة} أصح مَا يُعْطي النّظر وَالْقِيَاس فِي مثل وَأَصْحَاب أَنَّهُمَا مفعولان لَا ضرب دَلِيله قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء} فَلَا خلاف أَن مثلا ابْتِدَاء وكماء خَبره فَهَذَا ابْتِدَاء وَخبر بِلَا شكّ ثمَّ قَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع اخر وَاضْرِبْ لَهُم مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ فَدخل اضْرِب على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَعمل فِي الِابْتِدَاء ونصبه فَلَا بُد أَن يعْمل فِي الْخَبَر أَيْضا لِأَن كل فعل دخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَعمل فِي الِابْتِدَاء فلابد أَن يعْمل فِي الْخَبَر اذ هُوَ هُوَ فقد تعدى اضْرِب الَّذِي هُوَ لتمثيل الْأَمْثَال الى مفعولين بلااختلاف فِي هَذَا فَوَجَبَ أَن يجْرِي فِي غير هَذَا الْموضع على ذَلِك فَيكون قَوْله وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 مفعولين لاضرب كَمَا كَانَ فِي دُخُوله على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَقد قيل ان أَصْحَاب الْقرْيَة بدل من مثل وَتَقْدِيره وَاضْرِبْ لَهُم مثلا مثل أَصْحَاب الْقرْيَة فالمثل الثَّانِي بدل من الأول ثمَّ حذف الْمُضَاف قَوْله بِمَا {غفر لي رَبِّي} تكون مَا وَالْفِعْل مصدرا أَي بغفران رَبِّي لي وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى الَّذِي وتحذف الْهَاء من الصِّلَة تَقْدِيره الَّذِي غفره لي رَبِّي وَيجوز أَن تكون مَا استفهاما وَفِيه معنى التَّعَجُّب من مغفره الله لَهُ تَقْدِيره بِأَيّ شَيْء غفر لي رَبِّي على التقليل لعمله والتعظيم لمغفرة الله لَهُ فتبتدىء بِهِ فِي هَذَا الْوَجْه وَفِي كَونه استفهاما بعد لثبات الْألف فِي مَا وحقها أَن تحذف فِي الِاسْتِفْهَام اذا دخل عَلَيْهَا حرف جر نَحْو فَبِمَ تبشرون وَلَا يحسن اثبات ألف مَا فِي الِاسْتِفْهَام الا فِي شعر فَبعد لذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 قَوْله {وَمَا كُنَّا منزلين} مَا زَائِدَة عِنْد أَكثر الْعلمَاء وَقَالَ بَعضهم هِيَ اسْم فِي مَوضِع خفض عطف على جند وَهُوَ معنى غَرِيب حسن قَوْله {يَا حسرة} نِدَاء منكور وانما نَادَى الْحَسْرَة ليتحسر بهَا من خَالف الرُّسُل وَكفر بهم وَالْمرَاد بندائها تحسر الْمُرْسل اليهم بهَا فمعناها تعالي يَا حسرة فَهَذَا أوانك وإبانك الَّذِي يجب أَن تحضري فِيهِ ليتحسر بك من كفر بالرسل قَوْله {كم أهلكنا} كم فِي مَوضِع نصب بأهلكنا وَأَجَازَ الْفراء أَن تنصبها بيروا وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد جَمِيع الْبَصرِيين لِأَن الِاسْتِفْهَام وَمَا وَقع موقعه لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله قَوْله {أَنهم إِلَيْهِم} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من كم وَكم وَمَا بعْدهَا من الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بيروا قَوْله {وَإِن كل لما جَمِيع} أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَزَالَ عَملهَا لنقصها فارتفع مَا بعْدهَا على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر ولزمت اللَّام فِي خَبَرهَا فرقا بَين الْخَفِيفَة الَّتِي بِمَعْنى مَا وَبَين المخففة من الثَّقِيلَة وَمن قَرَأَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 لما بِالتَّشْدِيدِ جعل لما بِمَعْنى إِلَّا وَإِن بِمَعْنى مَا وَتَقْدِيره وَمَا كل إِلَّا جَمِيع فَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر وَحكى سِيبَوَيْهٍ سَأَلتك بِاللَّه لما فعلت بِمَعْنى إِلَّا فعلت وَقَالَ الْفراء لما بِمَعْنى لمن مَا ثمَّ إدغم النُّون فِي الْمِيم فاجتمعت ثَلَاث ميمات فحذفت احداهن اسْتِخْفَافًا وَشبهه بقَوْلهمْ عُلَمَاء بَنو فلَان يُرِيدُونَ على المَاء ثمَّ أدغم وَحذف احدى اللامين اسْتِخْفَافًا قَوْله {وَآيَة لَهُم الأَرْض} اية ابْتِدَاء وَالْأَرْض الْخَبَر وَقيل لَهُم الْخَبَر وَالْأَرْض رفع على الِابْتِدَاء وأحييناها الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع التَّفْسِير للجملة الأولى قَوْله {وَمَا عملته أَيْديهم} مَا فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على ثمره وَيجوز أَن تكون نَافِيَة أَي وَلم تعمله أَيْديهم وَمن قَرَأَ عملت بِغَيْر هَاء كَانَ الْأَحْسَن أَن تكون مَا فِي مَوضِع خفض وتحذف الْهَاء من الصِّلَة وَيبعد أَن تكون نافيه لِأَنَّك تحْتَاج الى اضمار مفعول لعملت قَوْله {قدرناه منَازِل} أَي قدرناه ذَا منَازِل ثمَّ حذف الْمُضَاف وَيجوز أَن يكون حذف حرف الْجَرّ من الْمَفْعُول الأول وَلم يحذف مُضَافا من الثَّانِي تَقْدِيره قدرناه لَهُ منَازِل وارتفع الْقَمَر على الِابْتِدَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 وقدرناه الْخَبَر وَيجوز رَفعه على اضمار مُبْتَدأ وقدرناه فِي مَوضِع الْحَال من الْقَمَر وَيجوز نَصبه على اضمار فعل يفسره قدرناه حَالا من الْقَمَر انما هُوَ تَفْسِير لما نصب الْقَمَر قَوْله {فَلَا صريخ لَهُم وَلَا هم ينقذون} فتحت صريخ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ مَعَ لَا ويختار فِي الْكَلَام لَا صريخ بِالرَّفْع والتنوين لأجل اتيان لَا ثَانِيَة مَعَ معرفَة لَو قلت فِي الْكَلَام لَا رجل فِي الدَّار وَلَا زيد لَكَانَ الِاخْتِيَار فِي رجل الرّفْع والتنوين لاتيان لَا بعده مَعَ معرفَة لَا يحسن فِيهَا إِلَّا الرّفْع قَوْله {يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر} أَن فِي مَوضِع رفع بينبغي قَالَه الْفراء وَغَيره قَوْله {وَآيَة لَهُم أَنا حملنَا} آيَة ابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَقيل أَنا هُوَ الْخَبَر فاذا جعلت لَهُم الْخَبَر كَانَت أَن رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَالْجُمْلَة الْخَبَر وَأَن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع التَّفْسِير لاية فَمن أجل تعلق أَن بِمَا قبلهَا جَازَ رَفعهَا بِالِابْتِدَاءِ وَلَو لم تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا لم ترْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِك الْخَفِيفَة الَّتِي يجوز أَن ترْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وان لم تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا تَقول أَن تقوم خير لَك فَأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 ابْتِدَاء وَخير الْخَبَر وَلَو قلت أَنَّك منطلق خير لَك لم يجز عِنْد الْبَصرِيين وَالْهَاء وَالْمِيم فِي ذرياتهم تعود على قوم نوح وَفِي لَهُم تعود على أهل مَكَّة وَقيل الضميران لأهل مَكَّة قَوْله {إِلَّا رَحْمَة منا} نصب رَحْمَة على حذف حرف الْجَرّ أَي إِلَّا برحمة وَقَالَ الْكسَائي هُوَ نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ الزّجاج هُوَ مفعول من أَجله ومتاعا مثله ومعطوف عَلَيْهِ قَوْله {يخصمون} من قَرَأَهُ بِفَتْح الْيَاء وَالْخَاء مشددا الصَّاد فأصله عِنْده يختصمون ثمَّ ألْقى حَرَكَة التَّاء على الْخَاء وأدغمها فِي الصَّاد وَمن قَرَأَ بِفَتْح الْيَاء وَكسر الْخَاء مشددا فانه لم يلق حَرَكَة الْيَاء على الْخَاء إِذْ أدغمها وَلَكِن حذف الفتحة لما أدغم فَاجْتمع ساكنان الْخَاء والمشدد فَكسر الْخَاء لالتقاء الساكنين وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي قِرَاءَة من اختلس فَتْحة الْخَاء إِنَّمَا اختلسها لِأَنَّهَا لَيست بِأَصْل للخاء وَكَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 من قَرَأَ باخفاء حَرَكَة الْخَاء اخفاها لِأَنَّهَا لَيست بِأَصْل فِي الْخَاء وَلم يُمكنهُ اسكان الْخَاء لِئَلَّا يجمع بَين ساكنين فَيلْزمهُ الْحَذف أَو التحريك قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور} فِي الصُّور فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ قَامَ مقَام الْفَاعِل إِذْ الْفِعْل لما لم يسم فَاعله والصور جمع صُورَة وأصل الْوَاو الْحَرَكَة وَلَكِن أسكنت تَخْفِيفًا فأصله الصُّور أَي صور بني آدم وَقيل هُوَ الْقرن الَّذِي ينْفخ فِيهِ الْملك فَهُوَ وَاحِد وَهَذَا القَوْل أشهر قَوْله {يَا ويلنا} هُوَ نِدَاء مُضَاف وَالْمعْنَى يَقُول الْكفَّار تعال ياويل فَهَذَا زَمَانك وإبانك وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر والمنادى مَحْذُوف كَأَنَّهُمْ قَالُوا لبَعْضهِم يَا هَؤُلَاءِ ويلا لنا فَلَمَّا أضَاف حذف اللَّام الثانيه وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ اللَّام الأولى هِيَ المحذوفة وَأَصله عِنْدهم وي لنا وَقد أَجَازُوا ويل زيد بِفَتْح اللَّام وَهِي عِنْدهم لَام الْجَرّ وَلَام الْجَرّ لَا تفتح مَعَ غير الْمُضمر وأجازوا الضَّم وَفِي ذَلِك دَلِيل ظَاهر بَين أَن الثَّانِيَة هِيَ المحذوفة قَوْله {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن} هَذَا مُبْتَدأ وَمَا الْخَبَر على أَنَّهَا بِمَعْنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من وعد أَو على أَنَّهَا وَمَا بعْدهَا مصدر فَلَا تقدر حذفا وَالتَّقْدِير فَقَالَ لَهُم الْمُؤْمِنُونَ أَو فَقَالَ لَهُم الْمَلَائِكَة هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن فتقف على هَذَا القَوْل على مرقدنا وتبتدىء هَذَا مَا وعد وَيجوز أَن تكون هَذَا فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لمرقدنا فتقف على هَذَا وَتَكون مَا فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هَذَا مَا وعد أَو حق مَا وعد أَو بعثكم مَا وعد قَوْله {وَلَهُم مَا يدعونَ} مَا ابْتِدَاء بِمَعْنى الَّذِي أَو مصدر مَعَ مَا بعْدهَا أَو نكرَة وَمَا بعْدهَا صفة لَهَا وَلَهُم الْخَبَر وأصل يدعونَ يَد تعيون على وزن يفتعلون من دَعَا يَدْعُو فأسكنت الْيَاء بعد أَن ألقيت حركتها على مَا قبلهَا وحذفت لسكونها وَسُكُون مَا بعْدهَا وَقيل بل ضمت الْعين لأجل وَاو الْجمع بعْدهَا وَلم تلق عَلَيْهَا حَرَكَة الْيَاء لِأَن الْعين كَانَت متحركة فَصَارَت يدتعون فادغمت التَّاء فِي الدَّال وَكَانَ ذَلِك أولى من ادغام الدَّال فِي التَّاء لِأَن الدَّال حرف مجهور وَالتَّاء حرف مهموس والمجهور أقوى من المهموس وَكَانَ رد الْحَرْف الى الْأَقْوَى أولى من رده الى الاضعف فأبدلوا من التَّاء دَالا وأدغمت الدَّال الأولى فِيهَا فَصَارَت يدعونَ قَوْله سَلام ارْتَفع على الْبَدَل من مَا الَّتِي فِي قَوْله وَلَهُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 مَا يدعونَ وَيجوز أَن يكون نعتا لما اذا جَعلتهَا نكرَة تَقْدِيره وَلَهُم شىء يَدعُونَهُ مُسلم وَيجوز أَن يكون سَلام خبر مَا وَلَهُم ظرف ملغى وَفِي قِرَاءَة عبد الله سَلاما بِالنّصب على الْمصدر أَو حَال فِي معنى مُسلما قَوْله قولا نصب على الْمصدر أَي يَقُولُونَهُ قولا يَوْم الْقِيَامَة أَو قَالَ الله جلّ ذكره ذَلِك قولا قَوْله {أَن لَا تعبدوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار أَي بِأَن لَا قَوْله {ركوبهم} انما اتى بِغَيْر تَاء على جِهَة النّسَب عِنْد الْبَصرِيين وَالرُّكُوب مَا يركب بِالْفَتْح وَالرُّكُوب بِالضَّمِّ اسْم الْفِعْل وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها قَرَأت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 ركوبتهم بِالتَّاءِ وَهُوَ الأَصْل عِنْد الْكُوفِيّين ليفرق بَين مَا هُوَ فَاعل وَبَين مَا هُوَ مفعول فَيَقُولُونَ امْرَأَة صبور وشكور فَهَذَا فَاعل وَيَقُولُونَ نَاقَة حلوبة وركوبة فيثبتون الْهَاء لِأَنَّهُ مفعول وَقد تقدم ذكر نصب فَيكون وَشبهه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الصافات قَوْله تَعَالَى بزينة الْكَوَاكِب من خفض الْكَوَاكِب وَنون بزينة وَهِي قِرَاءَة خفض عَن عَاصِم وَحَمْزَة فانه أبدل الْكَوَاكِب من زِينَة لِأَنَّهَا هِيَ الوينة وَقد قَرَأَ أبوبكر عَن عَاصِم بِنصب الْكَوَاكِب وتنوين زِينَة على أَنه أعمل الزِّينَة فِي الْكَوَاكِب فنصبها بهَا تَقْدِيره بِأَن زينا الْكَوَاكِب فِيهَا وَقيل النصب على اضمار أَعنِي تَقْدِيره على الْبَدَل من زِينَة على الْموضع فَأَما قِرَاءَة الْجَمَاعَة بِحَذْف التَّنْوِين والاضافة فَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ على تَقْدِير انا زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بتزيين الْكَوَاكِب أَي بِحسن الْكَوَاكِب وَقد يجوز أَن يكون حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَالْكَوَاكِب بدل من زِينَة كَقِرَاءَة من نون زِينَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 قَوْله وحفظا هُوَ نصب على الْمصدر أَي وحفظناها حفظا قَوْله لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ إِنَّمَا دخلت الى مَعَ يسمعُونَ فِي قِرَاءَة من خفف السِّين وَهُوَ لَا يحْتَاج الى حرف جر لِأَنَّهُ جرى مجْرى مطاوعه وَهُوَ يستمع فَكَمَا كَانَ يستمع يتَعَدَّى بالى تعدى يسمع بالى وَفعلت فِي التَّعَدِّي سَوَاء فَيسمع مُطَاوع س سمع واستمع أَيْضا مُطَاوع سمع فتعدى سمع مثل تعدِي مطاوعه وَقيل معنى دُخُول الى فِي هَذَا أَنه حمل على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى لَا يميلون بِالسَّمْعِ اليهم يُقَال سَمِعت اليه كلَاما أَي أملت سَمْعِي اليه قَوْله {بل عجبت} من ضم التَّاء جعله اخبارا عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن نَفسه أَو اخبارا من كل مُؤمن عَن نَفسه بالعجب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 من انكار الْكفَّار الْبَعْث مَعَ ثبات الْقُدْرَة على الِابْتِدَاء لِلْخلقِ فَهُوَ مثل الْقِرَاءَة بِفَتْح التَّاء فِي أَن التَّعَجُّب من النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمثله فِي قِرَاءَة من ضم التَّاء قَوْله أسمع بهم وَأبْصر أَي هم مِمَّن يجب أَن يُقَال فيهم مَا أسمعهم وأبصرهم يَوْم الْقِيَامَة وَمثله فَمَا أصبرهم على النَّار قَوْله دحورا مصدر لِأَن معنى يقذفون يدحرون قَوْله {مَا لكم لَا تناصرون} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر كَمَا تَقول مَالك قَائِما قَوْله {يَسْتَكْبِرُونَ} يجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ أَو فِي مَوضِع رفع على خبر ان وَكَانَ ملغاة قَوْله {لذائقوا الْعَذَاب} الْعَذَاب خفض بالاضافة وَيجوز فِي الْكَلَام النصب على أَن يعْمل فِيهِ لذائقوا يقدر حذف النُّون اسْتِخْفَافًا للاضافة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 قَوْله فواكه رفع على الْبَدَل من رزق أَو على هم فواكه أَي ذَوُو فواكه قَوْله {لَا فِيهَا غول} غول رفع بِالِابْتِدَاءِ وفيهَا الْخَبَر وَلَا يجوز بِنَاؤُه على الْفَتْح مَعَ لَا لِأَنَّك قد فرقت بَينهَا وَبَين لابالظرف قَوْله {هَل أَنْتُم مطلعون} رُوِيَ أَن بَعضهم قَرَأَهُ مطلعون بِالتَّخْفِيفِ وَكسر النُّون وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَنَّهُ جمع بَين الاضافة وَالنُّون وَكَانَ حَقه أَن يَقُول مطلعي بياء مُشَدّدَة وَكسر الْعين قَوْله فَاطلع الْقِرَاءَة بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ فعل مَاض وَزنه افتعل وقرىء فَأطلع على أفعل وَهُوَ فعل مَاض أَيْضا بِمَنْزِلَة اطلع يُقَال طلع وأطلع واطلع بِمَعْنى وَاحِد وَيجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 أَن يكون مُسْتَقْبلا لكنه نصب على أَنه جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ قَوْله {وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي} مَا بعد لَوْلَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف ولكنت جَوَاب لَوْلَا تَقْدِيره وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي تداركتني أَو استنقذتني وَنَحْوه لَكُنْت مَعَك فِي النَّار فَأَما لَو فيرتفع مَا بعْدهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ باضمار فعل وَقد تقدم ذكر ذَلِك قَوْله {إِلَّا موتتنا} نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقيل هُوَ مصدر قَوْله {تخرج فِي أصل الْجَحِيم} ان شِئْت جعلته خَبرا بعد خبر وان شِئْت جعلته نعتا للشجرة قَوْله {طلعها كَأَنَّهُ} ابْتِدَاء وَمَا بعده خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت للشجرة أَو فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تخرج قَوْله {سَلام على نوح} أَي يُقَال لَهُ سَلام على نوح فَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر محكي وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود سَلاما بِالنّصب على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 أَنه أعمل تركنَا فِيهِ أَي تركنَا عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا فِي الاخرين قَوْله {إِنَّا كَذَلِك نجزي} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره جَزَاء كَذَلِك نجزي قَوْله {مَاذَا تَعْبدُونَ} مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَذَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ الْخَبَر تَقْدِيره أَي شَيْء الَّذِي تعبدونه وَيجوز أَن تكون مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع نصب بتعبدون قَوْله {أئفكا آلِهَة} آلِهَة بدل من إفْك وإفك مَنْصُوب بتريدون قَوْله {فَمَا ظنكم} ابْتِدَاء وَخبر قَوْله {ضربا} مصدر لِأَن فرَاغ بِمَعْنى فَضرب قَوْله {خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} مَا فِي مَوضِع نصب بِخلق عطف على الْكَاف وَالْمِيم فِي خَلقكُم وَهِي وَالْفِعْل مصدر أَي خَلقكُم وعملكم وَهَذَا أليق بهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {من شَرّ مَا خلق} فأجمع الْقُرَّاء المشهورون وَغَيرهم من أهل الشذوذ على اضافة شَرّ الى مَا خلق وَذَلِكَ يدل على خلقه للشر وَقد فَارق عَمْرو بن عبيد رَئِيس الْمُعْتَزلَة جمَاعَة الْمُسلمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 فَقَرَأَ من شَرّ مَا خلق بِالتَّنْوِينِ ليثبت أَن مَعَ الله خالقين يخلقون الشَّرّ وَهَذَا الحاد وَالصَّحِيح أَن الله جلّ ذكره أعلمنَا أَنه خلق الشَّرّ وأمرنا أَن نتعوذ مِنْهُ بِهِ فاذا خلق الشَّرّ وَهُوَ خَالق الْخَيْر بِلَا اخْتِلَاف دلّ ذَلِك على أَنه خلق أَعمال الْعباد كلهَا من خير وَشر فَيجب أَن تكون مَا وَالْفِعْل مصدرا فَيكون معنى الْكَلَام أَنه تَعَالَى عَم جَمِيع الْأَشْيَاء أَنَّهَا مخلوقة لَهُ فَقَالَ وَالله خَلقكُم وعملكم وَقد قَالَت الْمُعْتَزلَة ان مَا بِمَعْنى الَّذِي قرارا من أَن يقرُّوا بِعُمُوم الْخلق لله وانما اخبر على قَوْلهم انه خلقهمْ وَخلق الْأَشْيَاء الَّتِي نحتت مِنْهَا الْأَصْنَام وَبقيت الْأَعْمَال والحركات غير دَاخِلَة فِي خلق الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك بل كل من خلق الله لَا خَالق الا الله وَخلق الله لابليس الَّذِي هُوَ الشَّرّ كُله يدل على خلق الله لجَمِيع الْأَشْيَاء وَقد قَالَ تَعَالَى هَل من خَالق غير الله وَقَالَ خَالق كل شَيْء وَيجوز أَن تكون مَا استفهاما فِي مَوضِع نصب بتعملون على التحقير لعملهم والتصغير لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 قَوْله {فَلَمَّا أسلما وتله للجبين} جَوَاب لما مَحْذُوف تَقْدِيره فَلَمَّا أسلما رحما أَو سَعْدا وَنَحْوه وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين الْجَواب تله وَالْوَاو زَائِدَة وَقَالَ الْكسَائي جَوَاب لما ناديناه وَالْوَاو زَائِدَة قَوْله {فَانْظُر مَاذَا ترى} من فتح التَّاء من ترى فَهُوَ من الرَّأْي وَلَيْسَ من نظر الْعين لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بِرُؤْيَة شَيْء انما أمره أَن يدبر رَأْيه فِيمَا أَمر بِهِ فِيهِ وَلَا يحسن أَن يكون ترى من الْعلم لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يتَعَدَّى الى مفعولين وَلَيْسَ فِي الْكَلَام غير وَاحِد وَهُوَ مَاذَا فجعلهما اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع الَّذِي نصب بترى وَإِن شِئْت جعلت مَا ابْتِدَاء استفهاما وَذَا بِمَعْنى الَّذِي خبر الِابْتِدَاء وتوقع ترى على هَاء تعود على الَّذِي وتحذفها من الصِّلَة وَلَا يحسن عمل ترى وَهِي بِمَعْنى الَّذِي لِأَن الصِّلَة لَا تعْمل فِي الْمَوْصُول وَمن قَرَأَ بِضَم التَّاء وَكسر الرَّاء فَهُوَ أَيْضا بِمَنْزِلَة الرَّأْي لكنه نقل بِالْهَمْزَةِ الى الرباعي فحقه أَن يتَعَدَّى الى مفعولين بِمَنْزِلَة أعْطى وَلَكِن لَك أَن تقتصر على أَحدهمَا بِمَنْزِلَة أعْطى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 فتقديره مَاذَا ترينا فَنًّا الْمَفْعُول الأول وماذا الثَّانِي لَكِن حذف الأول اقتصارا على الثَّانِي كأعطى تَقول أَعْطَيْت درهما وَلَا تذكر الْمُعْطى وَلَو كَانَ من الْبَصَر لوَجَبَ أَن يتَعَدَّى الى مفعولين لَا يقْتَصر على أَحدهمَا كظننت وَلَيْسَ فِي الْكَلَام غير وَاحِد وَلَا يجوز اضمار الثَّانِي كَمَا جَازَ فِيهِ من الرَّأْي لِأَن الرَّأْي لَيْسَ فعله من الْأَفْعَال الَّتِي تدخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كرأيت من رُؤْيَة الْبَصَر إِذا نقلته الى الرباعي وَلَو كَانَ من الْعلم لوَجَبَ أَن يتَعَدَّى الى ثَلَاثَة مفعولين فلابد أَن يكون من الرَّأْي وَالْمعْنَى فَانْظُر مَاذَا تحملنا عَلَيْهِ من الرَّأْي هَل نصبر أم نجزع يَا بني يُقَال أريته الشىء اذا جعلته يَعْتَقِدهُ وَمَا وَذَا على مَا تقدم من تفسيرهما قَوْله {إل ياسين} من فتح الْهمزَة ومده جعله الا الَّذِي أَصله أهل أضافة الى ياسين وَهِي فِي الْمُصحف مُنْفَصِلَة فقوي ذَلِك عِنْده وَمن كسر الْهمزَة جعله جمعا مَنْسُوبا الى إلياسين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 وإلياسين جمع إلْيَاس وَهُوَ جمع السَّلامَة لَكِن الْيَاء الْمُشَدّدَة فِي النّسَب حذفت مِنْهُ وَأَصله إلياسي فَتَقول إلياسيين فالسلام على من نسب الى الياس من أمته وَالسَّلَام فِي الْوَجْه الأول على أهل ياسين وَقد قَالَ الله تَعَالَى ذكره على بعض الأعجمين وأصلة الأعجميين بياء مُشَدّدَة وَلَكِن حذفت لثقله وَثقل الْجمع وتحذف أَيْضا هذة الْيَاء فِي الْجمع المكسر كَمَا خذفت فِي الْمُسلم قَالُوا المسامعة والمهالبة وواحدهم مسمعي ومهلبي قَوْله {الله ربكُم وَرب} من نصب الثَّلَاثَة الْأَسْمَاء جعل الله بَدَلا من أحسن وربكم نعتا لَهُ وَرب عطف عَلَيْهِ أَو على أَعنِي وَمن رفع فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر قَوْله {إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} أَو عِنْد الْبَصرِيين على بَابهَا للتَّخْيِير وَالْمعْنَى اذا راهم الرَّائِي مِنْكُم قَالَ مائَة ألف أَو يزِيدُونَ وَقيل أَو بِمَعْنى بل وَقيل أَو بِمَعْنى الْوَاو وَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 مَذْهَب الْكُوفِيّين قَوْله {أَلا إِنَّهُم من إفكهم} ان تكسر بعد أَلا على الِابْتِدَاء وَلَوْلَا اللَّام الَّتِي فِي خَبَرهَا لجَاز فتحهَا على أَن تجْعَل أَلا بِمَعْنى حَقًا قَوْله {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} من فِي مَوضِع نصب بفاتنين أَي لَا يفتنون الا من سبق فِي علم الله أَنه يصلى الْجَحِيم فَدلَّ ذَلِك على أَن ابليس لَا يضل أحدا إِلَّا من سبق لَهُ فِي علم الله أَنه يضله وَأَنه من أهل النَّار وَهَذَا بَيَان شاف فِي نقض مَذْهَب الْقَدَرِيَّة وَقَرَأَ الْحسن صال الْجَحِيم بِضَم اللَّام على تَقْدِير صالون فَحذف النُّون للاضافة وَحذف الْوَاو لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا وَتَكون من للْجَمَاعَة وأتى لفظ هُوَ موحدا رد على لفظ من وَذَلِكَ كُله حسن كَمَا قَالَ تَعَالَى {من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا} ثمَّ قَالَ تَعَالَى {فَلهم أجرهم} فَوحد أَولا على اللَّفْظ ثمَّ جمع على الْمَعْنى لِأَن من تقع للْوَاحِد والاثنين وَالْجَمَاعَة بِلَفْظ وَاحِد وَقيل إِنَّه قَرَأَ بِالرَّفْع على الْقلب كَأَنَّهُ قَالَ صالي ثمَّ قلب فَصَارَ صايل ثمَّ حذف الْيَاء فَبَقيت اللَّام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 مَضْمُومَة وَهُوَ بعيد قَوْله {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام} تَقْدِيره عِنْد الْكُوفِيّين وَمَا منا إِلَّا من لَهُ مقَام فَحذف الْمَوْصُول وَأبقى الصِّلَة وَهُوَ بعيد جدا وَقَالَ البصريون تَقْدِيره وَمَا منا ملك إِلَّا لَهُ مقَام على أَن الْمَلَائِكَة تبرأت مِمَّن يَعْبُدهَا وتعجبت من ذَلِك قَوْله {وَإِن كَانُوا ليقولون لَو أَن} إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين ولزمت اللَّام فِي خَبَرهَا للْفرق بَينهَا وَبَين ان الْخَفِيفَة الَّتِي بِمَعْنى مَا فاسم ان مُضْمر وَكَانُوا وَمَا بعْدهَا خبر ان وَالْوَاو اسْم كَانَ وليقولون خبر كَانَ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِن بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا وَالتَّقْدِير وَمَا كَانُوا إِلَّا يَقُولُونَ لَو أَن وَأَن بعد لَو مَرْفُوع على اضمار فعل عِنْد سِيبَوَيْهٍ قَوْله وَسَلام وَقَوله وَالْحَمْد مرفوعان بِالِابْتِدَاءِ وَالْمَجْرُور خبر لكل وَاحِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة ص قَرَأَ الْحسن صَاد بِكَسْر الدَّال لالتقاء الساكنين قيل هُوَ أَمر من صادى يصادي فَهُوَ أَمر مَبْنِيّ بِمَنْزِلَة قَوْلك رام زيدا وَعَاد الْكَافِر فَمَعْنَاه صَاد الْقُرْآن بعملك أَي قابله بِهِ وقرأه عِيسَى بن عمر بِفَتْح الدَّال جعله مَفْعُولا بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ اتل صَاد وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم للسورة معرفَة فَهُوَ كمؤنث سميتها بِبَاب وَقيل الدَّال لالتقاء الساكنين الْألف وَالدَّال وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْقسم وحرف الْقسم مَحْذُوف كَمَا أجَاز سِيبَوَيْهٍ الله لَأَفْعَلَنَّ وَقَرَأَ ابْن أبي اسحاق صَاد بِالْكَسْرِ والتنوين على الْقسم كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ على اعمال حرف الْجَرّ وَهُوَ مَحْذُوف لِكَثْرَة الْحَذف فِي بَاب الْقسم وَقيل انما نون على التَّشْبِيه بالأصوات الَّتِي تنون للْفرق بَين الْمعرفَة والنكرة نَحْو إيه وإيه وصه وصه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 قَوْله {ولات حِين مناص} لات عِنْد سِيبَوَيْهٍ مشبهه بليس وَلَا تسْتَعْمل الا مَعَ الْحِين وَاسْمهَا مُضْمر فِي الْجُمْلَة مُقَدّر مَحْذُوف وَالْمعْنَى وَلَيْسَ الْحِين حِين مناص أَي لَيْسَ الْوَقْت وَقت مهرب وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يرفع الْحِين بعْدهَا ويضمر الْخَبَر وَهُوَ قَلِيل وَالْوَقْف عَلَيْهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء وَأبي اسحاق وَابْن كيسَان بِالتَّاءِ وَعَلِيهِ جمَاعَة الْقُرَّاء وَبِه أَتَى خطّ الْمُصحف وَالْوَقْف عَلَيْهَا عِنْد الْمبرد وَالْكسَائِيّ بِالْهَاءِ بِمَنْزِلَة ربه وَذكر أَبُو عبيد أَن الْوَقْف على لَا ويبتدىء تحين مناص وَهُوَ بعيد مُخَالف لخط الْمُصحف الْمجمع عَلَيْهِ وَذكر أَبُو عبيد أَنَّهَا فِي الامام تحين التَّاء مُتَّصِلَة بِالْحَاء فَأَما قَول الشَّاعِر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 .. طلبُوا صلحنا ولات أَوَان ... يخْفض مَا بعد لات فانما ذَلِك عِنْد أبي اسحاق لِأَنَّهُ أَرَادَ ولات أواننا أَوَان صلح أَي لَيْسَ وقتنا وَقت صلح ثمَّ حذف الْمُضَاف وبناه ثمَّ دخل التَّنْوِين عوضا عَن الْمُضَاف الْمَحْذُوف فَكسرت النُّون لالتقاء الساكنين وَصَارَ التَّنْوِين تَابعا للكسرة فَهُوَ بِمَنْزِلَة يَوْمئِذٍ وَحِينَئِذٍ وَقَالَ الأخش تَقْدِيره ولات حِين أَوَان ثمَّ حذف حِين وَهَذَا بعيد لَا يجوز أَن يحذف الْمُضَاف إِلَّا وَيقوم الْمُضَاف اليه فِي الاعراب مقَامه فَيجب أَن يرفع أَوَان وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَه الْمبرد وَرَوَاهُ بِالرَّفْع قَوْله {جند مَا هُنَالك مهزوم} ابْتِدَاء وَخبر وهنالك ظرف ملغى وَمَا زَائِدَة وَيجوز أَن يكون هُنَالك الْخَبَر ومهزوم نعت للجند قَوْله {كذبت قبلهم قوم نوح} انما دخلت عَلامَة التَّأْنِيث فِي كذبت لتأنيث الْجَمَاعَة قَوْله خصمان خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره نَحن خصمان قَوْله {إِذْ تسوروا} الْعَامِل فِي إِذْ نبأ وانما قَالَ تسوروا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 بِلَفْظ الْجمع لِأَن الْخصم مصدر يدل على الْجمع فَجمع على الْمَعْنى وَتَقْدِيره ذَوُو الْخصم وَكَذَلِكَ إِذا قلت الْقَوْم خصم فَمَعْنَاه ذَوُو خصم وَيجوز خصوم كَمَا تَقول عدُول وَقَالَ الْفراء إِذْ بِمَعْنى لما وَالْعَامِل فِي إِذْ الثَّانِيَة تسوروا وَقيل الْعَامِل فِيهَا نبأ على أَن الثَّانِيَة تَبْيِين لما قبلهَا قَوْله {فغفرنا لَهُ ذَلِك} فِي مَوضِع نصب بغفرنا أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك قَوْله {الخلطاء} جمع خليط كظريف وظرفاء فعيل اذا كَانَ صفة جمع على فعلا إِلَّا أَن يكون فِيهِ وَاو فَيجمع على فعال نَحْو طَوِيل وطوال قَوْله {الْجِيَاد} جمع جواد وَقيل هُوَ جمع جائد قَوْله {حب الْخَيْر} هُوَ مفعول بِهِ وَلَيْسَ بمصدر لِأَنَّهُ لم يخبر أَنه أحب حبا مثل حب الْخَيْر انما أخبر أَنه اثر حب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 الْخَيْر وَقد قيل هُوَ مصدر وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى قَوْله {رَحْمَة منا} مصدر وَقيل هُوَ مفعول من أَجله قَوْله {وذكرى} فِي مَوضِع نصب عطف على الرَّحْمَة وَقيل فِي مَوضِع رفع على وَهِي ذكرى قَوْله {وَاذْكُر عبادنَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} ابراهيم وَمَا بعده نصب على الْبَدَل من عبادنَا فهم كلهم داخلون فِي الْعُبُودِيَّة وَالذكر وَمن قَرَأَهُ عَبدنَا بِالتَّوْحِيدِ جعل ابراهيم وَحده بَدَلا من عَبدنَا وَعطف عَلَيْهِ مَا بعده فَيكون ابراهيم دَاخِلا فِي الْعُبُودِيَّة وَالذكر واسحاق وَيَعْقُوب داخلان فِي الذّكر لَا غير وهما داخلان فِي الْعُبُودِيَّة فِي غير هَذِه الاية قَوْله {الأخيار} هُوَ جمع خير وَخير مخفف من خير كميت وميت قَوْله {بخالصة ذكرى الدَّار} من نون بخالصة جعل ذكرى بَدَلا مِنْهَا تَقْدِيره انا اخلصناهم بذكرى الدَّار وَالدَّار فِي مَوضِع نصب بذكرى لِأَنَّهُ مصدر وَيجوز أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع نصب بخالصة على أَن خَالِصَة مصدر كالعاقبة وَيجوز أَن نصب بخالصة على أَن خَالِصَة مصدر كالعاقبة وَيجوز أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 تكون ذكرى فِي مَوضِع رفع بخالصة وَمن أضَاف خَالِصَة الى ذكرى جَازَ أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع نصب أَو رفع قَوْله {جنَّات عدن} جنَّات نصب على الْبَدَل من لحسن ماب ومفتحة نصب على النَّعْت لجنات وَالتَّقْدِير عِنْد الْبَصرِيين مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب مِنْهَا وَقَالَ الْفراء التَّقْدِير مفتحة لَهُم أَبْوَابهَا فالألف وَاللَّام عِنْده بدل من الْمُضمر الْمَحْذُوف الْعَائِد على الْمَوْصُوف فاذا جِئْت بِهِ حذفتهما وَهَذَا لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْحَرْف لَا يكون عوضا من الِاسْم وَأَجَازَ الْفراء نصب الْأَبْوَاب بمفتحة ويضمر فِي مفتحة ضمير الجنات قَوْله {هَذَا فليذوقوه حميم} هَذَا ابْتِدَاء وحميم خَبره وَقيل فليذوقوه خبر هَذَا وَدخلت الْفَاء للتّنْبِيه الَّذِي فِي هَذَا وَيرْفَع حميم على تَقْدِير هَذَا حميم وَقيل هَذَا رفع على خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره الْأَمر هَذَا وَيرْفَع حميم على هُوَ حميم وَقيل تَقْدِيره مِنْهُ حميم وَيجوز أَن يكون هَذَا فِي مَوضِع نصب بيذوقوه وَالْفَاء زَائِدَة كَقَوْلِك هَذَا زيد فَاضْرب وَلَوْلَا الْفَاء لَكَانَ الِاخْتِيَار النصب لِأَنَّهُ أَمر فَهُوَ بِالْفِعْلِ أولى وَهُوَ جَائِز مَعَ ذَلِك قَوْله {وَآخر من شكله أَزوَاج} ابْتِدَاء وَخبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 من شكله صفة لأخر وَلذَلِك حسن الِابْتِدَاء بالنكرة لما وصفت وَالْهَاء فِي شكله تعود على الْمَعْنى أَي وَأخر من شكل مَا ذكرنَا وَقيل تعود على الْحَمِيم وَمن قَرَأَ واخر بِالتَّوْحِيدِ رَفعه بِالِابْتِدَاءِ ايضا وازواج ابْتِدَاء ثَان وَمن شكله خبر الْأزْوَاج وَالْجُمْلَة خبر اخر وَلم يحسن أَن يكون أَزوَاج خَبرا عَن اخر لَان الْجمع لَا يكون خَبرا عَن الْوَاحِد وَقيل اخر صفة لمَحْذُوف هُوَ الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَهُم عَذَاب اخر من ضرب مَا تقدم وترفع أَزْوَاجًا بالظرف وَهُوَ من شكله وَلَا يحسن هَذَا فِي قِرَاءَة من قَرَأَ وَأخر بِالْجمعِ لِأَنَّك إِذا رفعت الْأزْوَاج بالظرف لم يكن فِي الظّرْف ضمير وَهُوَ صفة وَالصّفة لابد لَهَا من ضمير يعود على الْمَوْصُوف فَهُوَ رفع بالظرف وَلَا يرفع الظّرْف فاعلين قَوْله مالنا لَا نرى مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَلنَا الْخَبَر وَلَا نرى فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي لنا قَوْله أتخذناهم من قَرَأَهُ على الْخَبَر أضمر استفهاما تعادله أم تَقْدِيره أمفقودون هم أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار وَيجوز أَن تكون أم معادلة لما فِي قَوْله مَا لنا لَا نرى لِأَن أم انما تَأتي معادلة للاستفهام وَقد قيل ذَلِك وَمن قَرَأَ بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام جعل أم معادلة لَهُ أَو لمضمر كَالْأولِ وَيجوز أَن تكون أم معادلة لما فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ الله تَعَالَى {مَا لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين} وَقَالَ {مَا لكم كَيفَ تحكمون أم لكم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 وَقد وَقعت أم معادلة لمن قَالَ الله تَعَالَى {فَمن يُجَادِل الله عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة أم من يكون} قَوْله {إِن ذَلِك لحق تخاصم} حق خبر ان وتخاصم رفع على تَقْدِير هُوَ تخاصم وَقيل هُوَ بدل من حق وَقيل هُوَ خبر بعد خبر لَان وَقيل هُوَ بدل من ذَلِك على الْموضع قَوْله إِلَّا أَنما أَن فِي مَوضِع رفع بيوحى مفعول لم يسم فَاعله وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي يُوحى الي بأنما أَو لأنما وَالِي تقوم مقَام الْفَاعِل ليوحى وَالْأول أَجود قَوْله {قَالَ فَالْحق وَالْحق أَقُول} انتصب الْحق الأول على الاغراء أَي اتبعُوا الْحق أَو اسمعوا الْحق أَو الزموا الْحق وَقيل هُوَ نصب على الْقسم كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ فتنصب حِين حذفت الْجَار وَدلّ على أَنه قسم قَوْله لأملان وَهُوَ قَول الْفراء وَغَيره وَمن رفع الأول جعله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَنا الْحق كَمَا قَالَ {ثمَّ ردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَالْخَبَر مُضْمر تَقْدِيره فَالْحق مني كَمَا قَالَ {الْحق من رَبك} وانتصب الْحق الثَّانِي بأقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الزمر قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيل الْكتاب} ابْتِدَاء وَالْخَبَر من الله وَقيل هُوَ رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هَذَا تَنْزِيل الْكتاب وَأَجَازَ الْكسَائي النصب على تَقْدِير اقرأوا تَنْزِيل أَو اتبعُوا تَنْزِيل وَقَالَ الْفراء النصب على الاغراء قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا} ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالُوا مَا نعبدهم وَقيل الَّذين رفع بِفعل مُضْمر تَقْدِيره وَقَالَ الَّذين اتَّخذُوا قَوْله زلفى فِي مَوضِع نصب على الْمصدر قَوْله {أم من هُوَ قَانِت} من خفف أَمن جعله نِدَاء وَلَا حذف فِي الْكَلَام وَلَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ حذف حرف النداء من الْمُبْهم وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَقيل هُوَ اسْتِفْهَام بِمَعْنى التَّنْبِيه واضمر معادلا للألف تَقْدِيره أَمن هُوَ قَانِت ليفعل كَذَا وَكَذَا كمن هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 بِخِلَاف ذَلِك وَدلّ على الْمَحْذُوف قَوْله {قل هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ} وَهَذَا أقوى وَمن شدد أَمن فانما أَدخل أم على من وأضمر لَهَا معادلا أَيْضا قبلهَا وَالتَّقْدِير العاصون رَبهم خير أم من هُوَ قَانِت وَمن بِمَعْنى الَّذِي وَلَيْسَت باستفهام لِأَن أم لَا تدخل على مَا هُوَ اسْتِفْهَام إِذْ هِيَ للاستفهام وَدلّ على هَذَا الْحَذف حَاجَة أم الى المعادلة وَدلّ عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله {هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ} قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا فِي هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَة} ابْتِدَاء وَمَا قبله الْخَبَر وَهُوَ الْمَجْرُور وَفِي مُتَعَلقَة بأحسنوا على أَن حَسَنَة هِيَ الْجنَّة وَالْجَزَاء فِي الاخرة أَو مُتَعَلقَة بحسنة على أَن الْحَسَنَة مَا يعْطى العَبْد فِي الدُّنْيَا مِمَّا يسْتَحبّ فِيهَا وَقيل هُوَ مَا يعْطى من مُوالَاة الله اياه ومحبته لَهُ وَالْجَزَاء فِي الدُّنْيَا وَالْأول أحسن لِأَن الدُّنْيَا لَيست بدار جَزَاء قَوْله {قُرْآنًا عَرَبيا} قرانا تَوْطِئَة للْحَال وعربيا حَال وَقيل قرانا توكيد لما قبله وعربيا حَال من الْقرَان قَوْله {الشَّفَاعَة جَمِيعًا} هُوَ نصب على الْحَال وأتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 جَمِيع وَلَيْسَ قبله إِلَّا لفظ وَاحِد لِأَن الشَّفَاعَة مصدر يدل على الْقَلِيل وَالْكثير فَحمل جَمِيع على الْمَعْنى قَوْله وَحده هُوَ نصب على الْمصدر عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل وَهُوَ حَال عِنْد يُونُس قَوْله أَن تَقول نفسا أَن مفعول من أَجله قولة {أفغير الله تأمروني أعبد} غير مَنْصُوب بأعبد تَقْدِيره قل أعبد غير الله فِيمَا تأمروني وَقيل هُوَ نصب بتأمروني على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره قل أتأمروني بِعبَادة غير الله فِيمَا تأمروني لِأَن أعبد أَصله أَن أعبد وَلَكِن حذفت أَن فارتفع فَهِيَ فِي الْكَلَام مقدرَة وَهِي بدل من غير فَوَجَبَ أَن تحل مَحَله فِي التَّقْدِير وَهِي وَالْفِعْل مصدر فَلذَلِك كَانَ التَّقْدِير قل أتأمروني بِعبَادة غير الله وَلَو ظَهرت أَن لم يجز نصب غير بأعبد لِأَنَّهُ يصير فِي الصِّلَة وَقد قَدمته على الْمَوْصُول ونصبه بأعبد أبين من نَصبه بتأمروني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 قَوْله {بل الله فاعبد} نصب باعبد وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء هُوَ نصب باضمار فعل تَقْدِيره بل اعبد الله فاعبد وَالْفَاء للمجازاة عِنْد أبي اسحاق وزائدة عِنْد الْأَخْفَش قَوْله {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته} ابْتِدَاء وَخبر وجميعا حَال وَأَجَازَ الْفراء فِي الْكَلَام قَبضته بِالنّصب على تَقْدِير حذف الْخَافِض أَي فِي قَبضته وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الْبَصرِيين لَو قلت زيد قبضتك أَي فِي قبضتك لم يجز قَوْله {وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} ابْتِدَاء وَخبر وَيجوز فِي الْكَلَام مَطْوِيَّات بِالنّصب على الْحَال وَيكون بِيَمِينِهِ الْخَبَر قَوْله {إِلَى جَهَنَّم زمرا} نصب على الْحَال قَوْله {جاؤوها فتحت} قيل الْوَاو زَائِدَة وَفتحت جَوَاب اذا وَقيل الْوَاو تدل على فتح أَبْوَاب الْجنَّة قبل اتيان الَّذين اتَّقوا الله اليها وَالْجَوَاب مَحْذُوف أَي حَتَّى اذا جاءوها امنوا وَقيل الْجَواب وَقَالَ لَهُم خزنتها وَالْوَاو زَائِدَة قَوْله حافين نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين وَوَاحِد حافين حاف وَقَالَ الْفراء لَا وَاحِد لَهُ لِأَن هَذَا الِاسْم لَا يَقع لَهُم إِلَّا مُجْتَمعين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الْمُؤمن قَوْله حم قَرَأَ عِيسَى بن عمر حَامِيم بِفَتْح الْمِيم لالتقاء الساكنين أَرَادَ الْوَصْل وَلم يرد الْوَقْف وَالْوَقْف هُوَ الأَصْل فِي الْحُرُوف الْمُقطعَة وَذكر الْأَعْدَاد اذا قلت وَاحِد اثْنَان ثلَاثه أَرْبَعه فان عطفت بَعْضهَا على بعض أَو أخْبرت عَنْهَا أعربت وَكَذَلِكَ الْحُرُوف وَقيل انتصب حَامِيم على اضمار فعل تَقْدِيره اتل حَامِيم أَو قَرَأَ حَامِيم وَلَكِن لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم للسورة فَهُوَ اسْم لمؤنث وَلِأَنَّهُ على وزن الِاسْم الأعجمي كهابيل قَوْله {إِذْ تدعون إِلَى الْإِيمَان فتكفرون} الْعَامِل فِي اذ فعل تَقْدِيره اذْكروا اذ تدعون وَلَا يجوز أَن يعْمل فِيهِ لمقت لِأَن خبر الِابْتِدَاء قد تقدم قبله وَلَيْسَ بداخل فِي الصِّلَة واذ دَاخله فِي صلَة لمقت اذا أعملته فِيهَا فَتكون قد فرقت بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر الِابْتِدَاء وَلَا يحسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 أَن يعْمل فِي اذ تدعون لِأَنَّهَا مُضَافَة اليه وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف وَلَا يجوز أَن يعْمل فِي إِذْ مقتكم لِأَن الْمَعْنى لَيْسَ عَلَيْهِ لأَنهم لم يَكُونُوا ماقتين لأَنْفُسِهِمْ وَقت أَن دعوا الى الايمان فَكَفرُوا قَوْله {يَوْم هم بارزون} هم بارزون ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض باضافة يَوْم اليها وظروف الزَّمَان إِذا كَانَت بِمَعْنى إِذْ أضيفت الى الْجمل الى الْفِعْل وَالْفَاعِل والى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كَمَا تفعل باذ فاذا كَانَت بِمَعْنى إِذا لم تضف إِلَّا الى الْفِعْل وَالْفَاعِل كَمَا تفعل باذا فان وَقع بعد إِذا اسْم مَرْفُوع فباضمار فعل ارْتَفع لِأَن إِذا فِيهَا معنى الشَّرْط وَهِي لما يسْتَقْبل وَالشّرط لَا يكون إِلَّا لمستقبل فِي اللَّفْظ أَو فِي الْمَعْنى وَالشّرط لَا يكون إِلَّا بِفعل فَهِيَ بِالْفِعْلِ أولى فَلذَلِك وَليهَا الْفِعْل مضمرا أَو مظْهرا وَلَيْسَت إِذْ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَا معنى للشّرط فِيهَا إِذْ هِيَ لما مضى وَالشّرط لَا يكون لما مضى فَافْهَم ذَلِك قَوْله {وَلَا شَفِيع يطاع} يطاع نعت لشفيع وَهُوَ فِي مَوضِع خفض على لفظ شَفِيع أَو فِي مَوضِع رفع على مَوضِع شَفِيع لِأَنَّهُ مَرْفُوع فِي الْمَعْنى وَمن زَائِدَة للتَّأْكِيد وَالْمعْنَى مَا للظالمين حميم وَلَا شَفِيع يطاع قَوْله فينظروا فِي مَوضِع على جَوَاب الِاسْتِفْهَام وَإِن شِئْت فِي مَوضِع جزم على الْعَطف على يَسِيرُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 قَوْله كَيفَ كَانَ عَاقِبَة كَيفَ خبر كَانَ وعاقبة اسْمهَا وَفِي كَيفَ ضمير يعود على الْعَاقِبَة كَمَا تَقول أَيْن زيد وَكَيف عَمْرو فَفِي أَيْن وَكَيف ضميران يعودان على المبتداء وهما خبران مقدمان لَهما صدر الْكَلَام وَيجوز أَن تكون كَانَ بِمَعْنى حدث فَلَا تحْتَاج الى خبر فَتكون كَيفَ ظرفا ملغى لَا ضمير فِيهِ وَكَذَلِكَ الَّذين كَانُوا من قبلهم فِيهِ الْوَجْهَانِ وَكَذَلِكَ كَانُوا هم أَشد مِنْهُم فِي الْوَجْهَانِ وَيكون أَشد إِذا جعلت كَانَ بِمَعْنى حدث حَالا مقدرَة قَوْله {وَإِن يَك كَاذِبًا} انما حذفت النُّون من يَك على قَول سِيبَوَيْهٍ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقَالَ الْمبرد لِأَنَّهَا أشبهت نون الاعراب يُرِيد فِي قَوْلك تدخلين وتدخلون وتدخلان قَوْله {مثل دأب} هُوَ بدل من مثل الأول قَوْله {يَوْم تولون} بدل من يَوْم الأول قَوْله {الَّذين يجادلون} الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من من فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هم الَّذين قَوْله {النَّار يعرضون عَلَيْهَا} النَّار بدل من سوء الْعَذَاب أَو على اضمار مُبْتَدأ ويعرضون الْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 وَيجوز فِي الْكَلَام النصب على اضمار فعل تَقْدِيره يأْتونَ النَّار يعرضون عَلَيْهَا وَيجوز الْخَفْض على الْبَدَل من الْعَذَاب قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة} يَوْم نصب بادخلوا إِذا وصلت الْألف وَمن قطع ألف أدخلُوا وَكسر الْخَاء نصب آل فِرْعَوْن بأدخلوا وَمن قَرَأَهُ بوصل الْألف وَضم الْخَاء نصب آل فِرْعَوْن على النداء الْمُضَاف قَوْله {إِنَّا كُنَّا لكم تبعا} تبعا مصدر فِي مَوضِع خبر كَانَ وَلذَلِك لم يجمع قَوْله {إِنَّا كل فِيهَا} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر ان وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء نصب كل على النَّعْت للمضمر لمنصوب بَان وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْمُضمر لَا ينعَت وَلِأَن كلا نكرَة فِي اللَّفْظ وكل وان كَانَ لَفظه نكرَة فَهُوَ معرفَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ على تَقْدِير الاضافة والحذف وَلَا يجوز الْبَدَل لِأَن الْخَبَر عَن نَفسه لَا يُبدل مِنْهُ غَيره قَوْله {هدى} فِي مَوضِع نصب على الْحَال وذكرى عطف عَلَيْهِ قَوْله {وَالْإِبْكَار} من فتح الْهمزَة فَهُوَ جمع بكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 قَوْله {مَا هم ببالغيه} الْهَاء تعود على مَا يُرِيدُونَ أَي ماهم ببالغي ارادتهم فِيهِ وَقيل الْهَاء تعود على الْكبر قَوْله {يسْحَبُونَ} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي أَعْنَاقهم وَقيل هُوَ مَرْفُوع على الِاسْتِئْنَاف وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ والسلاسل بِالنّصب يسْحَبُونَ بِفَتْح الْيَاء نصب السلَاسِل بيسحبون وَقد قرىء والسلاسل بالخفض على الْعَطف على الْأَعْنَاق وَهُوَ غلط لِأَنَّهُ يصير الأغلال فِي الْأَعْنَاق وَفِي السلَاسِل وَلَا معنى للغل فِي السلسلة وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْحَمِيم وَهُوَ أَيْضا لَا يجوز لِأَن الْمَعْطُوف المخفوض لَا يتَقَدَّم على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لَا يجوز مَرَرْت وَزيد بِعَمْرو وَيجوز فِي الْمَرْفُوع تَقول قَامَ وَزيد عَمْرو وَيبعد فِي الْمَنْصُوب لَا يحسن رَأَيْت وزيدا عمرا وَلم يجزه أحد فِي المخفوض قَوْله {ذَلِكُم بِمَا كُنْتُم} ذَلِكُم ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره ذَلِكُم الْعَذَاب بفرحكم فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي وَهُوَ معنى قَوْله بِغَيْر الْحق قَوْله {فَأَي آيَات الله تنكرون} أَي نصب بتنكرون وَلَو كَانَ مَعَ الْفِعْل هَاء كَانَ الِاخْتِيَار الرّفْع فِي أَي بِخِلَاف ألف الِاسْتِفْهَام تدخل على الِاسْم وَبعدهَا فعل وَاقع على ضمير الِاسْم هَذَا يخْتَار فِيهِ النصب نَحْو قَوْلك أزيدا ضَربته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب حم السَّجْدَة قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم} تَنْزِيل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمن الرَّحْمَن نَعته والرحيم نعت ثَان وَكتاب خَبره وَقَالَ الْفراء رَفعه على اضمار هَذَا قَوْله {قُرْآنًا عَرَبيا} حَال وَقيل نَصبه على الْمَدْح وَلم يجز الْكسَائي وَالْفراء نَصبه على الْحَال وَلَكِن انتصب عِنْدهمَا بفصلت أَي فصلت اياته كَذَلِك وأجازا فِي الْكَلَام الرّفْع على النَّعْت لكتاب قَوْله {بشيرا وَنَذِيرا} حالان من الايات وَالْعَامِل فِي الْأَحْوَال كلهَا فصلت وَيجوز أَن يكون بشيرا وَنَذِيرا حَالين من كتاب لِأَنَّهُ قد نعت وَالْعَامِل فِي الْحَال معنى التَّنْبِيه الْمُضمر أَو معنى الاشارة اذا قدرته هَذَا كتاب فصلت اياته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 قَوْله {يُوحى إِلَيّ أَنما} أَن فِي مَوضِع رفع بيوحى قَوْله سَوَاء نصب على الْمصدر بِمَعْنى اسْتِوَاء أَي اسْتَوَت اسْتِوَاء وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وللسائلين الْخَبَر بِمَعْنى مستويات لمن سَأَلَ فَقَالَ فِي كم خلقت وَقيل لمن سَأَلَ لجَمِيع الْخلق لأَنهم يسْأَلُون الْقُوت وَغَيره من عِنْد الله جلّ ذكره وَمن خفض جعله نعتا للأيام أولأربعة والقراء المشهورون على النصب لَا غير قَوْله {أَتَيْنَا طائعين} انما أخبر عَن السوات وَالْأَرضين بِالْيَاءِ وَالنُّون عِنْد الْكُوفِيّين وَالْكسَائِيّ لِأَن الْمَعْنى أَتَيْنَا بِمن فِينَا طائعين فَأخْبر عَمَّن يعقل بِالْيَاءِ وَالنُّون وَهُوَ الأَصْل وَقيل لما أخبر عَنْهَا بالْقَوْل الَّذِي هُوَ لمن يعقل أخبر عَنْهَا من يعقل بِالْيَاءِ وَالنُّون قَوْله {فقضاهن سبع سماوات} سبع بدل من الْهَاء وَالنُّون أَي فَقضى سبع سموات وَالسَّمَاء تذكر على معنى السّقف وتؤنث أَيْضا وَالْقرَان أَتَى على التَّأْنِيث فَقَالَ سبع سموات وَلَو أَتَى على التَّذْكِير لقَالَ سَبْعَة سموات قَوْله {وَيَوْم يحْشر أَعدَاء الله إِلَى النَّار} الْعَامِل فِي يَوْم فعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 دلّ عَلَيْهِ يُوزعُونَ تَقْدِيره ويساق النَّاس يَوْم يحْشر أَو وَاذْكُر يَوْم وَلَا يعْمل فِيهِ يحْشر لِأَن يَوْمًا مُضَاف اليه وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِي الْمُضَاف قَوْله {وَأما ثَمُود فهديناهم} ثَمُود رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ معرفَة اسْم للصلة وَقد قَرَأَهُ الْأَعْمَش بِالصرْفِ جعله اسْما للحي وَرُوِيَ عَن الْأَعْمَش وَعَاصِم أَنَّهُمَا قراه بِالنّصب وَترك الصّرْف ونصبه على اضمار فعل يفسره فهديناهم لِأَن أما فِيهَا معنى الشَّرْط فَهِيَ بِالْفِعْلِ أولى فالنصب عِنْده أقوى وَالرَّفْع حسن بَالغ وَهُوَ الِاخْتِيَار عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَتَقْدِير النصب مهما يكن من شىء فهدينا ثَمُود هديناهم قَوْله {تستترون أَن يشْهد} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره عَن أَن يشْهد وَمن أَن يشْهد قَوْله {وذلكم ظنكم} ابْتِدَاء وَخبر وأرداكم خبر ثَان وَقيل ظنكم بدل من ذَلِكُم وأرداكم الْخَبَر وَقَالَ الْفراء أرداكم حَال والماضي لَا يحسن أَن يكون حَالا عِنْد الْبَصرِيين الا على اضمار قد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 قَوْله {ذَلِك جَزَاء أَعدَاء الله النَّار} ذَلِك مُبْتَدأ وَجَزَاء خَبره وَالنَّار من جَزَاء وَقيل ارْتَفَعت النَّار على اضمار مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْبَيَان للجملة الأولى قَوْله نزلا مصدر وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {وَمن آيَاته أَنَّك} ان رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْمَجْرُور قبلهَا خبر الِابْتِدَاء وَقيل أَن رفع بالاستقرار وَجَاز الِابْتِدَاء بالمفتوحة لتقدم المخفوض عَلَيْهَا قَوْله {خاشعة} نصب على الْحَال من الأَرْض لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين قَوْله {وربت} حذفت لَام الْفِعْل لسكونها وَسُكُون تَاء التَّأْنِيث وَهُوَ من رَبًّا يَرْبُو اذا زَاد وَمِنْه الرِّبَا فِي الدّين الْمحرم وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وربأت بِالْهَمْز من الربيئة وَهُوَ الِارْتفَاع فَمَعْنَاه ارْتَفَعت يُقَال ربأ يربأ وربؤ يربؤ اذا ارْتَفع قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم} خبر ان أُولَئِكَ ينادون وَقيل الْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره ان الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم خسروا أَو أهلكوا وَنَحْوه قَوْله {إِلَّا مَا قد قيل للرسل} مَا وَالْفِعْل مصدر فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله ليقال لِأَن الْفِعْل يتَعَدَّى الى الْمصدر فيقام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 الْمصدر مقَام الْفَاعِل وان كَانَ لَا يتَعَدَّى الى مفعول فَهُوَ يتَعَدَّى إِلَى الْمصدر والظروف قَوْله {وَلَوْلَا كلمة} كلمة رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف لَا يظْهر عِنْد سِيبَوَيْهٍ قَوْله {وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ فِي آذانهم وقر} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده خَبره وَوقر مُبْتَدأ وَفِي اذانهم الْخَبَر وَلَا يُؤمنُونَ صلَة الَّذين قَوْله {يتَبَيَّن لَهُم أَنه الْحق} الْهَاء فِي أَنه الله تَعَالَى وَقيل للقران وَقيل للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَن فِي مَوضِع رفع بيتبين لِأَنَّهُ فَاعل قَوْله {من أكمامها} هُوَ جمع كم وَمن قَالَ أكمة جعله جمع كمام قَوْله {أولم يكف بِرَبِّك أَنه} بِرَبِّك فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ فَاعل يكف وَأَنه بدل من رَبك على الْموضع فَهِيَ فِي مَوضِع رفع أَو تكون فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من اللَّفْظ وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف اللَّام أَي لِأَنَّهُ على كل شَيْء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة حم عسق قَوْله تَعَالَى {كَذَلِك يوحي إِلَيْك} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَحيا مثل ذَلِك يوحي الله اليك تَقْدِير فِيهِ التَّأْخِير بعد يُوحى وَاسم الله تَعَالَى فَاعل وَمن قَرَأَ يُوحى على مالم يسم فَاعله فالاسم مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ أَو على اضمار مُبْتَدأ أَو باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ يوحيه الله أَو الله يوحيه أَو هُوَ الله وَيجوز أَن يكون الْعَزِيز الْحَكِيم خبرين عَن الله جلّ ذكره وَيجوز أَن يَكُونَا نعتين وَله مَا فِي السَّمَوَات الْخَبَر قَوْله {فريق فِي الْجنَّة} ابْتِدَاء وَخبر وَكَذَلِكَ فريق فِي السعير وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء النصب فِي الْكَلَام فِي فريق على معنى وتنذر فريقا فِي الْجنَّة وفريقا فِي السعير يَوْم الْجمع قَوْله {فاطر السَّمَاوَات} هُوَ نعت لله جلّ ذكره أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ فاطر وَأَجَازَ الْكسَائي فاطر بِالنّصب على النداء وَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 غَيره على الْمَدْح وَيجوز فِي الْكَلَام الْخَفْض على الْبَدَل من الْهَاء فِي عَلَيْهِ قَوْله {لَيْسَ كمثله شَيْء} الْكَاف حرف جر وشىء اسْم لَيْسَ وكمثله الْخَبَر قَوْله {أَن أقِيمُوا الدّين} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله مَا وصّى أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ أَن أقِيمُوا وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الْهَاء فِي بِهِ الأول أوالثاني وَفِيه بعد من أجل مَا يعود على مَا قَوْله بغيا بَينهم بغيا مفعول من أَجله قَوْله {حجتهم} رفع على الْبَدَل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وداحضة الْخَبَر وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وداحضة الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر الَّذين قَوْله {من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} الْهَاء فِي لَهُ لله جلّ ذكره وَقيل للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله {إِلَّا الْمَوَدَّة} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} إِنَّمَا ذكر قَرِيبا لِأَن التَّقْدِير لَعَلَّ وَقت السَّاعَة قريب أَو قيام السَّاعَة قريب وَنَحْوه وَقيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 ذكر على النّسَب أَي ذَات قرب وَقيل للْفرق بَينه وَبَين قرَابَة النّسَب وَقيل ذكرلأن التَّأْنِيث غير حَقِيقِيّ وَقيل ذكر لِأَنَّهُ حمل على الْمَعْنى لِأَن السَّاعَة بِمَعْنى الْبَعْث والحشر فَذكر لتذكير الْبَعْث والحشر قَوْله مشفقين نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين قَوْله {ويستجيب الَّذين آمنُوا} الَّذين فِي مَوضِع نصب لِأَن الْمَعْنى ويجيب الله الَّذين آمنُوا وَقيل هُوَ على حذف اللَّام أَي يستجيب الله للَّذين امنوا اذا دعوا قَوْله {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} من قَرَأَ فبمَا بِالْفَاءِ جعلهَا جَوَاب الشَّرْط لِأَن مَا للشّرط وَمن قَرَأَ بِغَيْر فَاء فعلى تحذف الْفَاء وارادتها وَحسن ذَلِك لِأَن مَا لم تعْمل فِي اللَّفْظ شَيْئا لِأَنَّهَا دخلت على لفظ الْمَاضِي وَقيل بل جعل مَا بِمَعْنى الَّذِي فاستغنى عَن الْفَاء لكنه جعله مَخْصُوصًا واذا كَانَت مَا للشّرط كَانَ عَاما فِي كل مُصِيبَة فَهُوَ أولى وَأقوى الْمَعْنى وَقد قَالَ الله جلّ ذكره {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} فَلم تأت الْفَاء فِي الْجَواب قَوْله {وَيعلم الَّذين يجادلون} من نَصبه فعلى اضمار أَن لِأَنَّهُ مَصْرُوف عَن الْعَطف على مَا قبله لِأَن الَّذِي قبله شَرط وَجَزَاء و الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 ذَلِك غير وَاجِب فَصَرفهُ عَن الْعَطف على اللَّفْظ وَعطفه على مصدر الْفِعْل الَّذِي قبله والمصدر اسْم فَلم يُمكن عطف فعل على اسْم فأضمر أَن تكون مَعَ الْفِعْل مصدرا فيعطف حِينَئِذٍ مصدرا على مصدر فَلَمَّا أضمر أَن نصب بهَا الْفِعْل فَأَما من رَفعه فانه على الِاسْتِئْنَاف لما لم يحسن الْعَطف على اللَّفْظ الَّذِي قبله قَوْله {وَالَّذين اسْتَجَابُوا} الَّذين فِي مَوضِع خفض عطف على {للَّذين آمنُوا} قَوْله {وَلمن صَبر} ابْتِدَاء وَالْخَبَر {إِن ذَلِك لمن عزم الْأُمُور} والعائد مَحْذُوف وَالتَّقْدِير ان ذَلِك لمن عزم الْأُمُور مِنْهُ أَو لَهُ قَوْله {يَقُولُونَ هَل} وَفِي مَوضِع نصب على الْحَال من {الظَّالِمين} لِأَن ترى من رؤيه الْعين وَكَذَلِكَ يعرضون وخاشعين وَيَنْظُرُونَ كلهَا أَحْوَال من الظَّالِمين وَمن ضمير هم فِي تراهم الثَّانِي وَفِي يعرضون وَفِي خاشعين قَوْله {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا} أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ ولبشر الْخَبَر قَوْله {أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي} من نصبهما عطفهما على معنى قَوْله {إِلَّا وَحيا} لِأَنَّهُ بِمَعْنى الا أَن يوحي وَلَا يجوز الْعَطف على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 ان يكلمة لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ نفي الرُّسُل أَو نفي الْمُرْسل اليهم وَذَلِكَ لَا يجوز وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء كَأَنَّهُ قَالَ أوهو يُرْسل وَيجوز ان يكون حَالا عطفه على {إِلَّا وَحيا} على قَول من جعله فِي مَوضِع الْحَال قَوْله مَا كنت تَدْرِي {مَا الْكتاب} مَا الأولى نفي وَالثَّانيَِة رفع الِابْتِدَاء لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَالْكتاب الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بتدري قَوْله {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ} الْهَاء للْكتاب وَقيل للايمان وَقيل للتنزيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الزخرف قَوْله تَعَالَى {صفحا} نصب على المصدرلأن معنى {أفنضرب} أفنصفح وَقيل هُوَ حَال بِمَعْنى صافحين قَوْله {إِن كُنْتُم} من فتح أَن جعلهَا مَفْعُولا من أَجله وَمن كسر جعلهَا للشّرط وَمَا قبل ان جَوَاب لَهَا لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي اللَّفْظ قَوْله خلق الْأزْوَاج هُوَ جمع زوج وَكَانَ حَقه أَن يجمع على أفعل الا أَن الْوَاو تستثقل فِيهَا الضمة فَرد الى جمع فعل كَمَا رد فعل الى جمع أفعل فِي قَوْلهم زمن وأزمن قَوْله {ظلّ وَجهه مسودا} وَجهه اسْم ظلّ ومسودا خَبره وَيجوز أَن يكون فِي ظلّ ضمير وَهُوَ اسْمهَا يعود على أحد وَوَجهه بدل من الضَّمِير ومسودا خبر ظلّ وَيجوز فِي الْكَلَام رفع وَجهه على الِابْتِدَاء وَرفع مسود على خَبره وَالْجُمْلَة خبر ظلّ وَفِي ظلّ اسْمهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 قَوْله {وَهُوَ كظيم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال قَوْله {وَكم أرسلنَا من نَبِي} كم فِي مَوضِع نصب بارسلنا قَوْله {أَو من ينشأ} من فِي مَوضِع نصب باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ أجعلتم من ينشأ وَقَالَ الْفراء هُوَ فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف قَوْله {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم} الْبيُوت بدل من من باعادة الْخَافِض فَهُوَ بدل الاشتمال من جِهَة الْفِعْل قَوْله {وَإِن كل ذَلِك لما} فِي قِرَاءَة من خفف إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين وَاسْمهَا كل لَكِن لما خففت وَنقص وَزنهَا عَن وزن الْفِعْل ارْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ على اصلة وَيجوز فِي الْكَلَام نصب كل بَان وان نقصت كَمَا يعْمل الْفِعْل وَهُوَ لم يَك زيد قَائِما وَيجوز أَن يكون اسْم إِن مضمرا هَاء محذوفة وكل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر إِن وَفِيه قبح لتأخير اللَّام فِي الْخَبَر وَاللَّام لَام تَأْكِيد وَإِن عِنْد الْكُوفِيّين بِمَعْنى مَا وَلما بِمَعْنى إِلَّا فِي قِرَاءَة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 شدد وَمن خفف فَمَا عِنْدهم زَائِدَة وَاللَّام دَاخِلَة على مَتَاع وَقيل مَا نكرَة ومتاع بدل من مَا قَوْله {ملك مصر} لم ينْصَرف مصر لِأَنَّهُ مُذَكّر سمي بِهِ مؤنث وَلِأَنَّهُ معرفَة قَوْله {ابْن مَرْيَم} مَرْيَم لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم أعجمي وَهُوَ معرف وَقيل هُوَ معرفَة مؤنث فَلم ينْصَرف وَهُوَ عَرَبِيّ من رام فَهُوَ مفعل لَكِن أَتَى على الأَصْل بِمَنْزِلَة استحوذ وَكَانَ حَقه لَو جرى على الِاعْتِدَال أَن يُقَال مرام كَمَا يُقَال فِي مفعل من دَامَ مدام وَمن كال مكال قَوْله {وَإنَّهُ لعلم} الْهَاء لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل لِلْقُرْآنِ أَي لَا كتاب بعده قَوْله {قل إِن كَانَ للرحمن ولد فَأَنا أول العابدين} ان بِمَعْنى مَا وَالْكَلَام على ظَاهره والعابدين من الْعِبَادَة وَقيل ان للشّرط وَمعنى العابدين الجاحدين لقولكم ان لَهُ ولدا وَقيل ان للشّرط والعابدين على بَابه وَالْمعْنَى فانا أول مِمَّن عَبده على أَنه لَا ولد لَهُ قَوْله {وقيله يَا رب} من نَصبه عطفه على قَوْله {سرهم ونجواهم} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 أَي نسْمع سرهم ونجواهم ونسمع قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على مفعول يعلمُونَ الْمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ وهم يعلمُونَ الْحق ويعلمون قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على مفعول يَكْتُبُونَ الْمَحْذُوف تَقْدِيره وَرُسُلنَا لديهم يَكْتُبُونَ ذَلِك وقيله أَي يَكْتُبُونَ قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على معنى وَعِنْده علم السَّاعَة لِأَن مَعْنَاهُ وَيعلم السَّاعَة فَكَأَنَّهُ قَالَ وَيعلم السَّاعَة وَيعلم قيله وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر أَي وَيَقُول قيله وَمن قَرَأَهُ بالخفض عطفه على السَّاعَة فِي قَوْله وَعِنْده علم السَّاعَة وَعلم قيله وقرأه مُجَاهِد والأعرج بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وقيله قيل يَا رب وَقيل تَقْدِيره وقيله يَا رب مسموع أَو متقبل وَنَحْوه وَقَرَأَ أَبُو قلَابَة يَا رب بِالنّصب وبخفض قيله تَقْدِيره أَنه أبدل من الْيَاء ألفا وحذفها لدلَالَة الفتحة عَلَيْهَا ولخفة الْألف وَالْقَوْل والقال والقيل بِمَعْنى وَاحِد وَالْهَاء فِي قيله ترجع على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل على مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 وقولة {وَقل سَلام} هُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره وَقل أَمْرِي مسالمة مِنْكُم وَلم يُؤمر بِالسَّلَامِ عَلَيْهِم انما أَمر بالتبرىء مِنْهُم وَمن مسالمة دينهم وَهَذَا قبل أَن يُؤمر بِالْقِتَالِ لِأَن السُّورَة مَكِّيَّة ثمَّ نسخ بِالْأَمر بِالْقِتَالِ وَقَالَ الْفراء مَعْنَاهُ وَقل سَلام عَلَيْكُم وَهَذَا مَرْدُود لِأَن النَّهْي قد أَتَى أَن لَا يبدأوا بِالسَّلَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الدُّخان قَوْله تَعَالَى {أمرا من عندنَا} امرا نصب عِنْد الْأَخْفَش على الْحَال بِمَعْنى امرين وَقَالَ الْمبرد هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ انا أَنزَلْنَاهُ انزالا وَقَالَ الْجرْمِي هُوَ حَال من نكرَة وَهُوَ أَمر حَكِيم وَحسن ذَلِك لما وصفت النكرَة وَأَجَازَ هَذَا رجل مُقبلا وَقَالَ الزّجاج هُوَ مصدر كَأَنَّهُ قَالَ يفرق فرقا فَهُوَ بِمَعْنى فرق وَقيل يفرق بِمَعْنى يُؤمر فَهُوَ أَيْضا مصدر عمل فِيهِ مَا قبله قَوْله {رَحْمَة من رَبك} قَالَ الْأَخْفَش رَحْمَة نصب على الْحَال وَقَالَ الْفراء هُوَ مفعول بمرسلين وَجعل الرَّحْمَة النَّبِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الزّجاج رَحْمَة مفعول من أَجله أَي للرحمة وَحذف مفعول مرسلين وَقيل هِيَ بدل من أَمر وَقيل هِيَ نصب على الْمصدر قَوْله {أَنى لَهُم الذكرى} الذكرى رفع بِالِابْتِدَاءِ وأنى الْخَبَر قَوْله {قَلِيلا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره كشفا قَلِيلا أوقتا قَلِيلا قَوْله {رب السَّمَاوَات} من رَفعه جعله نعتا للسميع أَو على إِضْمَار مُبْتَدأ وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك قَوْله {يَوْم نبطش} يَوْم نصب باضمار فعل تَقْدِيره اذكر يامحمد يَوْم نبطش قَوْله {أَن أَدّوا إِلَيّ} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن أَدّوا الي وَعباد الله نصب بأدوا وَقيل هُوَ نِدَاء مُضَاف ومفعول أَدّوا اذا نصبت عبادا على النداء مَحْذُوف أَي أَدّوا الي أَمركُم يَا عباد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 قَوْله {وَأَن لَا تعلوا} أَن عطف على أَن الأولى فِي مَوضِع نصب قَوْله {أَن ترجمون} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار أَي من أَن ترجمون أَي تشتمون قَوْله {فَدَعَا ربه أَن هَؤُلَاءِ} أَن فِي مَوضِع نصب بدعا وَمن كسر فعلى اضمار القَوْل أَي فَقَالَ إِن هَؤُلَاءِ قَوْله {واترك الْبَحْر رهوا} رهوا حَال فِي معنى سَاكن حَتَّى يحصلوا فِيهِ وَلَا ينفروا عَنهُ يُقَال عَيْش رَاه أَي سَاكن وادع وَقيل الرهو المتفرق أَي اتركه على حَاله مُتَفَرقًا طَرِيقا طَرِيقا حَتَّى يحصلوا فِيهِ قَوْله {كم تركُوا} كم فِي مَوضِع نصب بتركوا قَوْله {كَذَلِك وأورثناها} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مُضْمر تَقْدِيره الْأَمر كَذَلِك وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير تفعل فعلا كَذَلِك بِمن نُرِيد هَلَاكه قَوْله {إِلَّا موتتنا} رفعت موتتنا على خبر مَا لِأَن ان بِمَعْنى مَا فالتقدير مَا هِيَ الا موتتنا الأولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 قَوْله {وَالَّذين من قبلهم} الَّذين فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على قوم تبع أَو على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر أَو فِي مَوضِع نصب على اضمار فعل دلّ عَلَيْهِ أهلكناهم قَوْله إِن يَوْم الْفَصْل يَوْم اسْم ان وخبرها ميقاتهم وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء نصب ميقاتهم بَان ويجعلان يَوْم الْفَصْل ظرفا للميقات فِي مَوضِع خبر إِن أَي إِن ميقاتهم فِي يَوْم الْفَصْل قَوْله {يَوْم لَا يُغني} هُوَ بدل من يَوْم الأول قَوْله {إِلَّا من رحم الله} من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي ينْصرُونَ تَقْدِيره لَا ينصر إِلَّا من رحم الله وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالتَّقْدِير الا من رحم الله فيعفى عَنهُ وَقيل هِيَ بدل من مولى الأولى التَّقْدِير يَوْم لَا يُغني الا من رحم الله أَي لَا يشفع الا من رحم الله وَهَذَا دَلِيل على جَوَاز الشَّفَاعَة من الْمُؤمنِينَ للْمُؤْمِنين من أهل الذُّنُوب باذن الله تَعَالَى وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء هِيَ فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء المقطع قَوْله {ذُقْ إِنَّك} من قَرَأَهُ بِكَسْر إِن جعلهَا مُبْتَدأ بهَا يُرَاد بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 انك كنت تَقول هَذَا لنَفسك فِي الدُّنْيَا وَيُقَال لَك وَهُوَ أَبُو جهل لَعنه الله وَقيل مَعْنَاهُ فِي الْكسر التَّعْرِيض بِهِ بِمَعْنى أَنْت الذَّلِيل المهان السَّاعَة بِخِلَاف مَا كنت تَقول وَيُقَال لَك فِي الدُّنْيَا وَمن فتح فعلى تَقْدِير حذف لَام الْجَرّ أَي لِأَنَّك أَو بأنك أَنْت الَّذِي كَانَ يُقَال لَك ذَلِك فِي الدُّنْيَا وتقوله لنَفسك رُوِيَ أَنه كَانَ يَقُول أَنا أعز أهل الْوَادي وأمنعهم فالكسر يدل على ذَلِك قَوْله {مُتَقَابلين} حَال من الْمُضمر فِي يلبسُونَ قَوْله {كَذَلِك} الْكَاف فِي مَوضِع رفع أَي الْأَمر كَذَلِك وَقيل فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره يفعل بالمتقين فعلا كَذَلِك قَوْله {يدعونَ} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي زوجناهم وَكَذَلِكَ آمِنين وَكَذَلِكَ لَا يذوقون قَوْله {إِلَّا الموتة} اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَقيل إِلَّا بِمَعْنى بعد وَقيل بِمَعْنى سوى وَالْأول أحسن قَوْله {فضلا من رَبك} مصدر عمل فِيهِ يدعونَ فِيهَا وَقيل الْعَامِل ووقاهم وَقيل الْعَامِل آمِنين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الجاثية قَوْله تَعَالَى {آيَات لقوم يوقنون} وآيات لقوم يعْقلُونَ من قَرَأَ آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَسْر التَّاء عطفه على لفظ اسْم إِن فِي قَوْله {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض لآيَات} وتقدر حذف فِي من قَوْله تَعَالَى {وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار} أَي وَفِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار فتحذف فِي لتقدم ذكرهَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَفِي خَلقكُم} فَلَمَّا تقدّمت مرَّتَيْنِ حذفهَا مَعَ الثَّالِث لتقدم ذكرهَا فَبِهَذَا يَصح النصب فِي آيَات الْآخِرَة وَإِن لم تقدر هَذَا الْحَذف كنت قد عطفت على عاملين مُخْتَلفين وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين والعاملان هما إِن الناصبة فِي الخافضة فتعطف بِالْوَاو على عاملين مختلفي الاعراب ناصب وخافض فاذا قدرت حذف فِي لتقدم ذكرهَا لم يبْق إِلَّا أَن تعطف على عَامل وَاحِد وَذَلِكَ حسن وَقد جعله بعض الْكُوفِيّين من بَاب الْعَطف على عاملين وَلم يقدر حذف فِي وَذَلِكَ بعيد وعَلى تَقْدِير الْحَذف من مثل هَذِه الْآيَة أنْشد سِيبَوَيْهٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 .. أكل امرىء تحسبين امرا ... ونار توقد بِاللَّيْلِ نَارا ... فخفض ونار وَنصب نَارا الاخير عطفه على كل الْمَنْصُوب بتحسبين وعَلى امرىء المخفوض بِكُل فعطف على عاملين مُخْتَلفين فقدره سِيبَوَيْهٍ على حذف كل مَعَ نَار لتقدم ذكرهَا كَأَنَّهُ قَالَ وكل نَار ثمَّ حذف كلا لتقدم ذكرهَا فَيسلم بِهَذَا التَّقْدِير من الْعَطف على عاملين وَحذف حرف الْجَرّ اذا تقدم ذكره جَائِز وعَلى ذَلِك أجَاز سِيبَوَيْهٍ مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِلَّا صَالح فَصَالح يُرِيد الا بِصَالح ثمَّ حذف الْبَاء لتقدم ذكرهَا وَقد قيل إِن قَوْله وَاخْتِلَاف اللَّيْل مَعْطُوف على السَّمَوَات وآيات نصب على التكرير لما طَال الْكَلَام فِي الأولى لَكِن كررت فيهمَا لما طَال الْكَلَام كَمَا تَقول مَا زيد قَائِما وَلَا جَالِسا زيد فتنصب جَالِسا على أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 زيدا الْأَخير هُوَ الأول وَلَكِن أظهرته ثَانِيَة للتَّأْكِيد وَلَو كَانَ الْأَخير غير الأول لم يجز نصب جَالس لِأَن خبر مَالا يتَقَدَّم على اسْمهَا لِأَنَّهَا لَا تتصرف فَهِيَ بِخِلَاف لَيْسَ وَكَذَلِكَ آيَات الْأَخِيرَة هِيَ الأولى لَكِن أظهرت لما طَال الْكَلَام للتَّأْكِيد فَلَا يلْزم فِي ذَلِك عطف على عاملين على هَذَا التَّقْدِير فافهمه فَأَما من رفع آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ فانه عطف ذَلِك على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمَوْضِع ان وَمَا عملت فِيهِ رفع على الِابْتِدَاء لِأَنَّهَا لَا تدخل الا على مُبْتَدأ وَخَبره فَرفع وَعطف على الْموضع قبل دُخُول إِن ولابد من اضمار فِي والا يدْخلهُ أَيْضا الْعَطف على عاملين على الِابْتِدَاء والمخفوض وَقد منع البصريون زيد فِي الدَّار والحجرة عَمْرو بخفض الْحُجْرَة وَيجوز أَن يكون انما رفع على الْقطع والاستئناف فعطف جملَة على جملَة وَمذهب الْأَخْفَش أَن ترْتَفع الْآيَات بالاستقرار وَهُوَ الظّرْف فَلَا يدْخلهُ عطف على عاملين قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين} هُوَ مجزوم مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى قل لَهُم اغفروا يغفروا وَقد مضى ذكر هَذَا بأشبع من هَذَا قَوْله {ثمَّ يصر مستكبرا} هُوَ حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يصر وَكَذَلِكَ مَوضِع قَوْله كَأَن لم يسْمعهَا وَقَوله كَأَن فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 أُذُنَيْهِ وقرا كِلَاهُمَا حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يصر وَمن الْمُضمر فِي مستكبر تَقْدِيره ثمَّ يصر على الْكفْر بآيَات الله فِي حَال تكبره وَحَال تصامه وَإِن شِئْت قدرته ثمَّ يصر مستكبرا مشبها من لم يسْمعهَا مشبها من فِي أذنية وقر قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} ان جعلت مَا معرفَة كَانَت فِي مَوضِع رفع بساء فَاعل وان جَعلتهَا نكرَة كَانَت فِي مَوضِع نصب على الْبَيَان قَوْله {فَمن يهديه} من اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا قَوْله {سَوَاء محياهم ومماتهم} سَوَاء خبر لما بعده ومحياهم مُبْتَدأ أَي محياهم ومماتهم سَوَاء أَي مستو فِي الْبعد من رَحْمَة الله والضميران فِي محياهم ومماتهم للْكفَّار فَلَا يحسن أَن تكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الَّذين آمنُوا اذلا عَائِد يعود عَلَيْهِم من حَالهم وَيبعد عِنْد سِيبَوَيْهٍ رفع محياهم بِسَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ باسم فَاعل وَلَا يشبه باسم الْفَاعِل انما هُوَ مصدر فَأَما من نصب سَوَاء فانه جعله حَالا من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَجْعَلهُ وَيرْفَع محياهم ومماتهم بِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنى مستو وَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل الْكَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 فِي كَالَّذِين وَيكون الضميران فِي محياهم ومماتهم يعودان على الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ وفيهَا نظر قَوْله {مَا كَانَ حجتهم إِلَّا أَن قَالُوا} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وحجتهم الْخَبَر وَيجوز رفع حجتهم وَتجْعَل أَن فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ قَوْله {وَخلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ} بِالْحَقِّ فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَلَيْسَت الْبَاء للتعدية قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يخسر المبطلون} يَوْم الأول مَنْصُوب بيخسر ويومئذ تَكْرِير للتَّأْكِيد قَوْله {ينْطق عَلَيْكُم} فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب أَو من ذَا وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لذا وَيجوز أَن يكون كتَابنَا بَدَلا من هَذَا وينطق الْخَبَر قَوْله {والساعة لَا ريب فِيهَا} السَّاعَة رفع على الِابْتِدَاء أَو على الْعَطف على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمن نصب السَّاعَة عطفها على وعد قَوْله {إِن نظن إِلَّا ظنا} تَقْدِيره عِنْد الْمبرد ان نَحن الا نظن ظنا وَقيل الْمَعْنى إِن نظن إِلَّا أَنكُمْ تظنون ظنا وانما احْتِيجَ الى هَذَا التَّقْدِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 لِأَن الْمصدر فَائِدَته كفائدة الْفِعْل فَلَو جرى الْكَلَام على غير حذف لصار تَقْدِيره إِن نظن إِلَّا نظن وَهَذَا كَلَام نَاقص وَلم يجز النحويون مَا ضربت إِلَّا ضربا لِأَن مَعْنَاهُ مَا ضربت إِلَّا ضربت وَهَذَا كَلَام لَا فَائِدَة فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الاحقاف قَوْله تَعَالَى {وَمن أضلّ مِمَّن يَدْعُو} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَمن الثَّالِثَة فِي مَوضِع نصب بيدعو وَهِي بِمَعْنى الَّذِي وَمَا بعْدهَا صلتها قَوْله {إِمَامًا وَرَحْمَة} حالان من الْكتاب قَوْله {كفى بِهِ شَهِيدا} نصب على الْحَال أَو على الْبَيَان وَبِه الْفَاعِل وَالْبَاء زَائِدَة للتوكيد قَوْله {لِسَانا عَرَبيا} حالان من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي مُصدق أَو من الْكتاب لِأَنَّهُ قد نعت بمصدق فَقرب من الْمعرفَة أَو من ذَا وَالْعَامِل فِي الْحَال الاشارة أَو التَّنْبِيه وَقيل ان عَرَبيا هُوَ الْحَال وَلِسَانًا تَوْطِئَة للْحَال قَوْله {وبشرى} فِي مَوضِع رفع عطف على كتاب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع نصب على الْمصدر قَوْله {بِوَالِديهِ حسنا} وَزنه فعل وَلَيْسَ بفعلى لِأَن فعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة وَأَيْضًا فان فعلى فِي مثل هَذَا الْموضع لَا يسْتَعْمل الا بِالْألف وَاللَّام وَالنّصب فِيهِ على انه قَامَ مقَام مُضَاف مَحْذُوف تَقْدِيره وَوَصينَا الانسان بِوَالِديهِ أمرا ذَا حسن فَحذف الْمَوْصُوف وَقَامَت الصّفة مقَامه كَمَا قَالَ {أَن اعْمَلْ سابغات} أَي دروعا سابغات ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ ذَا وَأقَام الْمُضَاف اليه مقَامه وَهُوَ حسن وَمن قَرَأَ إحسانا نصب على الْمصدر وَتَقْدِيره وَوَصينَا الانسان بِوَالِديهِ أَن يحسن اليهما احسانا وَقَرَأَ على الْمصدر وَتَقْدِيره وَوَصينَا الانسان وَالِديهِ أَن يحسن اليهما احسانا وَقَرَأَ عِيسَى بن عمر حسنا بِفتْحَتَيْنِ تَقْدِيره فعلا حسنا قَوْله {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} أصل ثَلَاثِينَ شهرا أَن ينْتَصب لِأَنَّهُ ظرف لَكِن فِي الْكَلَام حذف ظرف مُضَاف تَقْدِيره وأمد حمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا فاخبرت بظرف عَن ظرف وَهَذَا حق الْكَلَام أَن يكون الِابْتِدَاء هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى وَلَوْلَا هَذَا الاضمار لنصبت ثَلَاثِينَ على الظّرْف وَلَو فعلت ذَلِك لانقلب الْمَعْنى وَتغَير ولصارت الْوَصِيَّة فِي ثَلَاثِينَ شهرا كَمَا تَقول كَلمته ثَلَاثِينَ شهرا أَي كَلمته فِي هَذِه الْمدَّة فيتغير الْمَعْنى بذلك فَلم يكن بُد من اضمار ظرف ليَصِح الْمَعْنى الَّذِي قصد اليه لِأَنَّهُ تَعَالَى انما أَرَادَ أَن يبين كم أمد الْحمل والفصال عَن الرَّضَاع ودلت هَذِه الْآيَة أَن أقل الْحمل سِتَّة أشهر لِأَنَّهُ تَعَالَى قد بَين فِي غير هَذَا الْموضع ان أمد الرَّضَاع سنتَانِ وَبَين هَا هُنَا ان أمد الرَّضَاع وَالْحمل ثَلَاثُونَ شهرا فاذا اسقطت سنتَيْن من ثَلَاثِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 شهرا بَقِي أمد الْحمل سِتَّة أشهر قَوْله {وَيلك آمن} وَيلك نصب على الْمصدر وَيجوز رَفعه على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَهَذِه المصادر الَّتِي لَا أَفعَال لَهَا من لَفظهَا الِاخْتِيَار فِيهَا اذا أضيفت النصب وَيجوز الرّفْع وَلذَلِك أجمع الْقُرَّاء على النصب فِي قَوْله وَيْلكُمْ لَا تفتروا وَشبهه كثير وَيجوز فِيهَا الرّفْع فان كَانَت غير مُضَافَة فالاختيار فِيهَا الرّفْع وَيجوز النصب وَلذَلِك أجمع الْقُرَّاء على الرّفْع فِي قَوْله {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} وفويل لَهُم وَشبهه كثير فان كَانَت المصادر من أَفعَال جَارِيَة عَلَيْهَا فالاختيار فِيهَا إِذا كَانَت معرفَة الرّفْع وَيجوز النصب نَحْو الْحَمد لله وَالشُّكْر للرحمن ابْتِدَاء وَخبر فان كَانَت نكرَة فالاختيار فِيهَا النصب وَيجوز الرّفْع نَحْو حمدا لزيد وشكرا لعَمْرو فَهِيَ بضد الأول فاعرفها وَلم يجز الْمبرد فِي قَوْله {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} الا الرّفْع لعِلَّة ذكرهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 قَوْله خلت النّذر النّذر جمع نَذِير كرسول ورسل وَيجوز أَن يكون اسْما للمصدر قَوْله {رَأَوْهُ عارضا} الْهَاء فِي رَأَوْهُ للسحاب وَقيل للرعد وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله {فأتنا بِمَا تعدنا} قَوْله {فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} مَا بِمَعْنى الَّذِي وَإِن بِمَعْنى مَا الَّتِي للنَّفْي وَالتَّقْدِير وَلَقَد مكناهم فِي الَّذِي مَا مكناكم فِيهِ قد مَعَ الْمَاضِي للتوقع والقرب وَمَعَ الْمُسْتَقْبل للتقليل قَوْله {فَمَا أغْنى عَنْهُم سمعهم} مَا نَافِيَة وَالْمَفْعُول من شَيْء تَقْدِيره فَمَا أغْنى عَنْهُم شَيْئا وَيجوز أَن تكون مَا ستفهاما فِي مَوضِع نصب بأعني وَدخُول من للتَّأْكِيد يدل على أَن مَا للنَّفْي قَوْله {وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} مَا رفع بحاق وَهِي وَمَا بعْدهَا مصدر وَفِي الْكَلَام حذف مُضَاف تَقْدِيره وحاق بهم عِقَاب مَا كَانُوا بِهِ يستهزءون أَي عِقَاب استهزائهم لِأَن الِاسْتِهْزَاء لَا يحل عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا يحل عَلَيْهِم عِقَابه وَهُوَ فِي الْقرَان كثير مثل قَوْله {فوقاه الله سيئات مَا مكروا} أَي عِقَاب السَّيِّئَات وَمثله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 {وقهم السَّيِّئَات وَمن تق السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ} أَي وقهم عِقَاب السَّيِّئَات وَمن تق عِقَاب السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ فقد رَحمته وَمثله {ترى الظَّالِمين مشفقين مِمَّا كسبوا وَهُوَ وَاقع بهم} أَي وعقابه وَاقع بهم وَلَيْسَ السَّيِّئَات يَوْم الْقِيَامَة تحل بالكفار وَتَقَع بهم انما يحل بهم عقابها فافهمه قَوْله {قربانا آلِهَة} قرْبَان مصدر وَقيل مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مفعول باتخذوا وآلهة بدل مِنْهُ قَوْله {وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون} مَا فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على افكهم والافك الْكَذِب وَالتَّقْدِير ذَلِك كذبهمْ وافترؤهم اي الآلهه كذبهمْ وافتراؤهم وَمن قَرَأَ أفكهم جعله فعلا مَاضِيا وَمَا فِي مَوضِع رفع أَيْضا عطف على ذَلِك وَقيل على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أفكهم وَحسن ذَلِك للتفرقة بالمضمر الْمَنْصُوب بَينهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 فَقَامَ مقَام التَّأْكِيد قَوْله {بِقَادِر على أَن يحيي} انما دخلت الْبَاء على أصل الْكَلَام قبل دُخُول ألف الِاسْتِفْهَام على لم وَقيل دخلت لِأَن فِي الْكَلَام لفظ نفي وَهُوَ {أولم يرَوا أَن الله} فَحمل على اللَّفْظ دون الْمَعْنى قَوْله {وَيَوْم يعرض} انتصب يَوْم على اضمار فعل تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم يعرض قَوْله {بَلَاغ} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي ذَلِك بَلَاغ وَلَو نصب فِي الْكَلَام على الْمصدر أَو على النَّعْت لساعة لجَاز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله تَعَالَى {فَضرب الرّقاب} نصب على الْمصدر أَي فاضربوا الرّقاب ضربا وَلَيْسَ الْمصدر فِي هَذَا بموصول فَلَا يُنكر مُنكر تَقْدِيم الرّقاب عَلَيْهِ لِأَن الْمصدر انما يكون مَا بعده من صلته اذا كَانَ بِمَعْنى أَن فعل أَو أَن يفعل فان لم يكن كَذَلِك فَلَا صلَة لَهُ انما هُوَ توكيد للْفِعْل لَا غير قَوْله {وَالَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم} الَّذين ابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر وتعسا نصب على الْمصدر وَالنّصب الِاخْتِيَار لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من فعل مُسْتَعْمل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على الِابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا} فينظروا فِي مَوضِع جزم على الْعَطف على يَسِيرُوا أَو فِي مَوضِع نصب على الْجَواب للاستفهام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 قَوْله {من قريتك الَّتِي أخرجتك} هَذَا أَيْضا مِمَّا حذف مِنْهُ الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف اليه مقَامه تَقْدِيره الَّتِي أخرجك أَهلهَا فَحذف الْأَهْل وَقَامَ ضمير الْقرْيَة مقامهم فَصَارَ ضمير الْقرْيَة مَرْفُوعا كَمَا كَانَ الاهل مرفوعين بأخرج فاستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج وَظَهَرت عَلامَة التَّأْنِيث لتأنيث الْقرْيَة وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ وَاقع بهم} تَقْدِيره وعقابه وَاقع بهم ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْعقَاب وَقَامَ ضمير الْكسْب مقَامه فَصَارَ ضميرا ملفوظا بِهِ وَلم يسْتَتر لِأَن مَعَه الْوَاو وَلِأَن الْفِعْل لم يكن للعقاب فَلم يسْتَتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْعقَاب فِي الْفِعْل واستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج لِأَنَّهُ كَانَ فعلا للأهل فاستتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْأَهْل فِي فعل الْأَهْل وَجَاز ذَلِك وَحسن لتقدم ذكر الْقرْيَة وَلِأَن الْفِعْل فِي صلَة الَّتِي وَالَّتِي للقرية فَلم يكن بُد من ضمير يعود على الَّتِي وَضمير الْمَرْفُوع الْعَائِد على الَّذِي وَالَّتِي يسْتَتر فِي الْفِعْل الَّذِي فِي الصِّلَة أبدا اذا كَانَ الْفِعْل لَهُ فاعرفه وَمثله فِي الْحَذف {فَإِذا عزم الْأَمر} أَي عزم أَصْحَاب الْأَمر ثمَّ حذف الْأَصْحَاب وَلم يسْتَتر الْأَمر فِي الْفِعْل لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر قَوْله مثل الْجنَّة الَّتِي مثل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم مثل الْجنَّة وَقَالَ يُونُس معنى مثل الْجنَّة صفة الْجنَّة فَمثل مُبْتَدأ وفيهَا انهار من مَاء مُبْتَدأ وَخبر فِي مَوضِع خبر مثل وَقَالَ الْكسَائي تَقْدِيره مثل أَصْحَاب الْجنَّة فَمثل على قَوْله ابتداءو {كمن هُوَ خَالِد} الْخَبَر وَقيل مثل زَائِدَة وَالْخَبَر إِنَّمَا هُوَ عَن الْجنَّة وَالْجنَّة فِي الْمَعْنى رفع بِالِابْتِدَاءِ {أَنهَار من مَاء} ابْتِدَاء وفيهَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الْجنَّة قَوْله {من خمر} فِي مَوضِع رفع نعت لأنهار وَكَذَلِكَ {من عسل} وَيجوز فِي الْكَلَام لَذَّة على النَّعْت لأنهار وَيجوز النصب على الْمصدر كَمَا تَقول هُوَ لَك هبة لِأَن هُوَ لَك يقوم مقَام وهبته لَك قَوْله {قَالَ آنِفا} نَصبه على الْحَال أَي مَاذَا قَالَ مُحَمَّد مبتدئا لوعظه الْمُتَقَدّم يهزؤن بذلك وَيجوز أَن يكون انفا ظرفا أَي مَاذَا قَالَ قبل هَذَا الْوَقْت أَي مَاذَا قَالَ قبل خروجنا فَهُوَ من الِاسْتِئْنَاف قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} ذكراهم ابْتِدَاء وأنى لَهُم الْخَبَر وَفِي جَاءَتْهُم ضمير السَّاعَة وَالْمعْنَى فَأنى لَهُم الذكرى اذا جَاءَتْهُم السَّاعَة مثل قَوْله {وأنى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد} قَوْله {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} طَاعَة رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 مَحْذُوف تَقْدِيره طَاعَة وَقَول مَعْرُوف أمثل وَقيل التَّقْدِير منا طَاعَة وَقيل هُوَ خبرابتداء مُضْمر تَقْدِيره أمرنَا طَاعَة فتقف فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ على أولى لَهُم وَقيل طَاعَة نعت لسورة وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره فاذا أنزلت سُورَة محكمَة ذَات طَاعَة وَقَول مَعْرُوف ذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت فَلَا تقف على {فَأولى لَهُم} فِي هَذَا القَوْل وَالْقَوْلَان الأوان أبين وَأشهر قَوْله {أَن تفسدوا} أَن فِي مَوضِع نصب خبر عَسى تَقوله عَسى زيد أَن يقوم وَأَن لَازِمَة للْخَبَر فِي أشهر اللُّغَات وَمن الْعَرَب من يحذف أَن فَيَقُول عَسى زيد يقوم وَكَاد بضد ذَلِك الْأَشْهر فِيهَا حذف أَن من الْخَبَر تَقول كَاد زيد يقوم وَمن الْعَرَب من يَقُول كَاد زيد أَن يقوم وَهُوَ قَلِيل قَوْله {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} يضْربُونَ حَال من الْمَلَائِكَة قَوْله {فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} خبر ان وَدخلت الْفَاء فِي الْخَبَر لِأَن اسْم ان الَّذِي وَالَّذِي فِيهِ ابهام فشابه الشَّرْط لِأَنَّهُ مُبْهَم قَوْله {وَأَنْتُم الأعلون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي تدعوا وَكَذَلِكَ {وَالله مَعكُمْ وَلنْ يتركم أَعمالكُم} قَوْله {يتركم} {تهنوا} قد حذفت الْفَاء مِنْهُمَا وَهِي وَاو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 وَأَصله توهنوا ويوتركم ثمَّ حذفت الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة وأتبع سَائِر أَمْثِلَة الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم يكن فِيهِ يَاء على الِاتِّبَاع لِئَلَّا يخْتَلف الْفِعْل كَمَا حذفوا الْهمزَة من الْفِعْل الرباعي إِذا أخبر الْمخبر بِهِ عَن نَفسه فَقَالَ أَنا أكْرم زيدا أَنا أحسن الْعلم وَذَلِكَ لِاجْتِمَاع همزتين زائدتين ثمَّ أتبع سَائِر الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم تكن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الْفَتْح قَوْله تَعَالَى {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} أَي الى صِرَاط ثمَّ حذفت الى فانتصب الصِّرَاط لِأَنَّهُ مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى قَوْله {شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} انتصب الثَّلَاثَة على الْحَال الْمقدرَة وَهِي أَحْوَال من الْكَاف فِي أَرْسَلْنَاك وَالْعَامِل فِيهَا أرسل كَمَا أَنه هُوَ الْعَامِل فِي صَاحب الْحَال قَوْله {إِن الَّذين يُبَايعُونَك} خبر إِن انما يبايعون الله وَيجوز أَن يكون الْخَبَر يَد الله فَوق أَيْديهم وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر إِن قَوْله {تقاتلونهم أَو يسلمُونَ} يسلمُونَ عِنْد الْكسَائي عطف على تقاتلون وَقَالَ الزّجاج وَهُوَ اسْتِئْنَاف أَي أَو هم يسلمُونَ وَفِي قِرَاءَة أبي أَو يسلمُوا بِالنّصب على اضمار أَن وَمَعْنَاهُ عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا أَن يسلمُوا وَقَالَ الْكسَائي مَعْنَاهُ حَتَّى يسلمُوا قَوْله {وَأُخْرَى لم تقدروا} أُخْرَى فِي مَوضِع نصب على الْعَطف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 على مَغَانِم وَفِي الْكَلَام حذف مُضَاف التَّقْدِير وَعدكُم الله ملك مَغَانِم وَملك أُخْرَى لِأَن الْمَفْعُول الثَّانِي لوعد لَا يكون إِلَّا مصدرا لِأَن الجثث لَا يَقع الْوَعْد إِنَّمَا يَقع على ملكهَا وحيازتها تَقول وعدتك غُلَاما فَلم تعده رَقَبَة غُلَام إِنَّمَا وعدته ملك رَقَبَة غُلَام قَوْله {سنة الله} نصب على الْمصدر لِأَن معنى {لولوا الأدبار} سنّ الله توليتهم الأدبار سنة كَمَا سنّهَا فِيمَا خلا من الْأُمَم الْكَافِرَة وَيجوز فِي الْكَلَام سنة بِالرَّفْع على معنى تِلْكَ سنة فتضمر الِابْتِدَاء وَسنة خبر لَهُ قَوْله {بِبَطن مَكَّة} لم تَنْصَرِف مَكَّة لِأَنَّهَا معرفَة اسْم لمؤنث وَهُوَ الْمَدِينَة قَوْله {وَالْهَدْي معكوفا أَن يبلغ مَحَله} الْهَدْي مَنْصُوب على الْعَطف على الْكَاف وَالْمِيم فِي صدوكم وَأَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف الْخَافِض أَي عَن أَن يبلغ قَوْله {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء مؤمنات} ارْتَفع رجال بالأبتداء وَنسَاء عطف عَلَيْهِم وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي بالحضرة أَو بالموضع أَو بِمَكَّة وَنَحْو ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 قَوْله {أَن تطؤوهم} أَن فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من رجال أَو نسَاء أَو فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَالْمِيم فِي تعلموهم التَّقْدِير على القَوْل الأول وَلَوْلَا وطؤكم رجَالًا مُؤمنين لم تعلموهم فتصيبكم مِنْهُم معرة وعَلى القَوْل الثَّانِي وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ لم تعلمُوا وطأهم فتصيبكم وَهُوَ بدل الاشتمال فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْقَوْل الأول أبين وَأقوى فِي الْمَعْنى وَالْوَطْء هُنَا الْقَتْل وَقَوله {تعلموهم} فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لرجال وَنسَاء وَجَوَاب لَوْلَا مَحْذُوف قَوْله {مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ} حالان من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي لتدخلن وَالْوَاو محذوفة من لتدخلن وَهِي وَاو ضمير الْجَمَاعَة وحذفت لسكونها وَسُكُون أول المشدد كَذَلِك لاتخافون حَال أَيْضا مِنْهُم أَي غير خَائِفين قَوْله {مُحَمَّد رَسُول الله} ابْتِدَاء وَخبر {وَالَّذين مَعَه أشداء} ابْتِدَاء أَيْضا وَخبر ورحماء خبر ثَان فَيكون الاخبار بالشدة وَالرَّحْمَة وَمَا بعد ذَلِك من ركوعهم وسجودهم وَضرب الْأَمْثَال بهم عَن الَّذين مَعَ النَّبِي وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرفع دَرَجَة مِنْهُم لأَنهم إِنَّمَا أدركوا هَذِه الدرجَة بِهِ وعَلى يَدَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل مُحَمَّد ابْتِدَاء وَرَسُول الله نعت لَهُ وَالَّذين مَعَه عطف على مُحَمَّد وأشداء خبر الِابْتِدَاء عَن الْجَمِيع ورحماء خبر ثَان عَنْهُم فَيكون النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دَاخِلا فِي جَمِيع مَا اخبر بِهِ عَنْهُم من الشدَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 وَالرَّحْمَة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود وَضرب الْأَمْثَال الْمَذْكُورَة وتقف على القَوْل الأول على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تقف عَلَيْهِ فِي القَوْل الثَّانِي قَوْله {ركعا سجدا} حالان من الْهَاء وَالْمِيم فِي {تراهم} لِأَنَّهُ من رُؤْيَة الْعين وَكَذَلِكَ {يَبْغُونَ} حَال مِنْهُم أَيْضا قَوْله {سِيمَاهُمْ} ابْتِدَاء من {أثر السُّجُود} الْخَبَر وَيجوز أَن يكون الْخَبَر {فِي وُجُوههم} وَذَلِكَ أبين وَأحسن قَوْله {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة} ذَلِك ابْتِدَاء وَمثلهمْ الْخَبَر قَوْله {وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل} عطف على مثل الأول فَلَا تقف على التَّوْرَاة إِذا جعلته على مثل الاول وَيكون الْمَعْنى انهم قد وصفوا فِي التَّوْرَاة والانجيل بِهَذِهِ الصِّفَات الْمُتَقَدّمَة وَتَكون الْكَاف فِي قَوْله كزرع أخرج شطأه خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره هم كزرع فتبتدىء بِالْكَاف وتقف على الانجيل وَيجوز أَن يكون {وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل} ابْتِدَاء وكزرع الْخَبَر فتقف على التَّوْرَاة وتبتدىء وَمثلهمْ فِي الانجيل كزرع ولاتقف على الانجيل وَلَا تبتدىء بِالْكَاف فِي هَذَا القَوْل لِأَنَّهَا خبر الِابْتِدَاء وَيكون الْمَعْنى أَنهم قد وصفوا فِي الْكِتَابَيْنِ بصفتين وصفوا فِي التَّوْرَاة أَنهم أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم تراهم ركعا سجدا يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا وَأَن سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود ووصفوا فِي الانجيل أَنهم كزرع أخرج شطأه الى تَمام الصّفة وَالْقَوْل الأول قَول مُجَاهِد وَالثَّانِي قَول الضَّحَّاك وَقَتَادَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الحجرات قَوْله تَعَالَى {كجهر بَعْضكُم لبَعض} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره جَهرا كجهر قَوْله {أَن تحبط أَعمالكُم} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار تَقْدِيره لِأَن تحبط مثل {رَبنَا ليضلوا عَن سَبِيلك} قَوْله {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} خبر إِن أُولَئِكَ الَّذين وَقيل هُوَ نعت للَّذين وَالْخَبَر لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر ان قَوْله إِن الَّذين يُنَادُونَك خبر إِن أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر ان وَيجوز فِي الْكَلَام نصب أَكْثَرهم على الْبَدَل من الَّذين وَهُوَ بدل الشىء وَالثَّانِي بعضه قَوْله وَإِن طَائِفَتَانِ ارْتَفع طَائِفَتَانِ باضمار فعل التَّقْدِير وان اقتتل طَائِفَتَانِ أَو وَإِن كَانَ طَائِفَتَانِ لِأَن إِن للشّرط وَالشّرط لَا يكون إِلَّا بِفعل فَلم يكن بُد من اضمار فعل وَهُوَ مثل وَإِن أحد من الْمُشْركين وَلَا يجوز حذف الْفِعْل مَعَ شَيْء من حُرُوف الشَّرْط العاملة الا مَعَ ان وَحدهَا وَذَلِكَ لقوتها وَأَنَّهَا أصل حُرُوف الشَّرْط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 قَوْله أَن تصيبوا أَن فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ مفعول من أَجله وفتصبحوا عطف عَلَيْهِ قَوْله {قل لم تؤمنوا} انما أَتَت لم وَلم تأت لن لِأَنَّهُ نفي لما مضى وَلنْ إِنَّمَا هِيَ نفي لما يسْتَقْبل فالقوم انما أخبروا عَن أنفسهم بايمان قد مضى فنقى الله تَعَالَى قَوْلهم بلم وَلَو أخبروا عَن أنفسهم بايمان سَيكون لَكَانَ النَّفْي بلن أَلا ترى الى قَوْله تَعَالَى فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ فَقَالَ فَقل لن تخْرجُوا معي أبدا لأَنهم انما قَالُوا نخرج مَعَك يَا مُحَمَّد مستأذنين فِي خُرُوج مؤتنف فَلذَلِك نفي بلن وَلم ينف بلم قَوْله {لَا يلتكم من أَعمالكُم} من قَرَأَ بلام بعد الْيَاء فَهُوَ من لات يليت مثل كال يَكِيل وَمن قَرَأَهُ بِهَمْزَة بعد الْيَاء فَهُوَ من ألت يألت وَفِيه لُغَتَانِ احداهما ألت يألت وَبِه قَرَأَ الْجَمَاعَة فِي سُورَة الطّور وَمَا ألتناهم واللغة الْأُخْرَى ألت يألت وَبِه قَرَأَ ابْن كثير فِي سُورَة الطّور وَمَا ألتناهم وَكله بِمَعْنى النَّقْص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة ق قَوْله تَعَالَى وَالْقرَان قسم وَجَوَابه عِنْد الْأَخْفَش قد علمنَا على حذف اللَّام أَي لقد علمنَا وَقَالَ الزّجاج الْجَواب مَحْذُوف تَقْدِيره وَالْقُرْآن الْمجِيد لنبعثن لأَنهم أَنْكَرُوا الْبَعْث فِي الْآيَة بعده وَقيل مَا قبل الْقسم يقوم مقَام الْجَواب وان معنى ق قضي الْأَمر وَالْقُرْآن الْمجِيد فَقضى الْأَمر هُوَ الْجَواب ودلت ق على ذَلِك وَقيل ق اسْم للجبل فتقديره هُوَ ق وَالْقرَان الْمجِيد وَالْجُمْلَة تسد مسد جَوَاب الْقسم قَوْله أئذا متْنا الْعَامِل فِي اذا فعل مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام لأَنهم قوم انكروا الْبَعْث فكأنهم قَالُوا أنبعث اذا متْنا وَلَا يعْمل فِيهِ متْنا لِأَن اذا مُضَافَة الى متْنا والمضاف اليه لَا يعْمل فِي الْمُضَاف قَوْله وَحب الحصيد هَذَا عِنْد الْكُوفِيّين من اضافة الشَّيْء الى نَفسه تَقْدِيره عِنْدهم وَالْحب الحصيد أَي المحصود ثمَّ حذف الْألف وَاللَّام من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 الْحبّ وأضافة الى الحصيد وَهُوَ نَعته والنعت هُوَ المنعوت وَهُوَ عِنْد الْبَصرِيين اضافة صَحِيحَة لكنه فِيهِ حذف مَوْصُوف واقامة الصّفة مقَامه تَقْدِيره وَحب النبت الحصيد أَي المحصود فَحذف النبت وَأقَام نَعته مقَامه فأضيف الْحبّ الى الحصيد على هَذَا التَّقْدِير قَوْله رزقا للعباد مصدر وَقيل مفعول من أَجله قَوْله {إِن كل إِلَّا كذب الرُّسُل} ان بِمَعْنى مَا وكل ابْتِدَاء وَإِلَّا وَمَا بعْدهَا الْخَبَر وكل بِمَعْنى كلهم حكى سِيبَوَيْهٍ مَرَرْت بِكُل جَالِسا فنصب جَالِسا على الْحَال لِأَن كلا معرفه إِذْ تَقْدِيره كلهم وَلذَلِك أجَاز بعض النَّحْوِيين كل منطلق فَبنى كلا على الضَّم لحذف مَا أضيف اليه جعله كقبل وَبعد قَوْله توسوس بِهِ الْهَاء تعود على مَا وَقيل على الانسان وَالْبَاء فِي مَوضِع الى قَوْله {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن قعيدا مَحْذُوف من أول الْكَلَام لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَمذهب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 الْمبرد أَن قعيدا الَّذِي فِي التِّلَاوَة للْأولِ وَلَكِن أخر اتساعا وَحذف قعيد من الثَّانِي لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَمذهب الْأَخْفَش وَالْفراء أَن قعيدا الَّذِي فِي التِّلَاوَة يُؤَدِّي عَن اثْنَيْنِ وَأكْثر وَلَا حذف فِي الْكَلَام قَوْله مَعهَا سائق ابْتِدَاء وَمَعَهَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الصفه لنَفس أَو لكل قَوْله لقد كنت فِي غَفلَة هُوَ خطاب للْكفَّار وَقيل للْكَافِرِ وَالْمُؤمن وَقيل للنَّبِي صلى اللة عَلَيْهِ وَسلم قَوْله هَذَا مَا لدي عتيد هَذَا مُبْتَدأ وَمَا وعتيد خبران وَقيل مَا الْخَبَر وعتيد بدل من مَا أَو نعت لَهَا أَو رفع على اضمار مُبْتَدأ وَيجوز فِي الْكَلَام نصب عتيد على الْحَال قَوْله ألقيا فِي جَهَنَّم هَذَا مُخَاطبَة للقرين وانما ثنى لِأَنَّهُ أَرَادَ التكرير بِمَعْنى ألق ألق وَقيل انما أَتَى مثنى لِأَن الْعَرَب تخاطب الْوَاحِد بِلَفْظ الِاثْنَيْنِ وبلفظ الْجَمَاعَة وَقيل انما ثنى لِأَن أقل أعوان من لَهُ حَال وَشرف اثْنَان وَأكْثر فَثنى على ذَلِك وَقيل انما هُوَ مُخَاطبَة للسائق والحافظ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 قَوْله الَّذِي جعل الَّذِي فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من كل أَو على أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر فألقياه قَوْله من خشِي الرَّحْمَن من فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من لكل أَو فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر ادخلوها وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف وَالتَّقْدِير فَيُقَال لَهُم ادخلوها قَوْله سرَاعًا حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَنْهُم وَالْعَامِل فِيهِ تشقق وَقيل الْمَعْنى فَيخْرجُونَ سرَاعًا فَيكون حَالا من الْمُضمر فِي وَيخرجُونَ وَيخرجُونَ هُوَ الْعَامِل فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الذاريات قَوْله تَعَالَى والذاريات فَالْحَامِلَات فالجاريان فَالْمُقَسِّمَات كل هَذِه صِفَات قَامَت مقَام مَوْصُوف مقسم بِهِ على تَقْدِير الْقسم بخالقه ومسيره وَهُوَ الله لَا إِلَه الا هُوَ تَقْدِيره وَرب الرِّيَاح الذاريات فالسحاب الْحَامِلَات وقرا فالسفن الْجَارِيَات فالملائكة المقسمات وَالْجَوَاب إِنَّمَا توعدون لصَادِق قَوْله يسرا نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره جَريا يسرا قَوْله يَوْم هم على النَّار يفتنون يَوْم مَبْنِيّ على الْفَتْح لِأَن اضافته غير مَحْضَة لِأَنَّهُ أضيف الى غير مُتَمَكن وموضعه نصب على معنى الْجَزَاء يَوْم هم على النَّار يفتنون وَقيل مَوْضِعه رفع على الْبَدَل من يَوْم الدّين وَقيل هُوَ مَنْصُوب وَلَيْسَ بمبني ونصبه على اضمار تَقْدِيره الْجَزَاء يَوْم هم قَوْله كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون اسْم كَانَ الْمُضمر الَّذِي فِيهَا وَهُوَ الْوَاو ويهجعون خبر كَانَ وقليلا نعت لمصدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره كَانُوا وقتا قَلِيلا يهجعون أَو هجوعا قَلِيلا يهجعون وَمَا زَائِدَة للتوكيد وان شِئْت جعلت مَا وَالْفِعْل مصدرا فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي كَانَ وقليلا خبر كَانَ تَقْدِيره كَانَ هجوعهم من اللَّيْل قَلِيلا وان شِئْت رفعت الْمصدر بِقَلِيل ونصبت قَلِيلا على خبر كَانَ وَلَا يجوز ان تنصب قَلِيلا بيهجعون الا وَمَا زَائِدَة لِأَنَّك ان نصبته بيهجعون وَمَا وَالْفِعْل مصدر كنت قد قدمت الصِّلَة على الْمَوْصُول وَيجوز ان يكون قَلِيلا خبر كَانَ وَاسْمهَا فِيهَا وَمَا نَافِيَة وَهُوَ قَول الضَّحَّاك وَيكون الْوَقْف على قَلِيلا حسنا وَهُوَ قَول يَعْقُوب وَغَيره وَلَا يُوقف على قَلِيل فِي الْأَقْوَال الأول قَوْله {إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون} من نصب مثلا بناه على الْفَتْح لاضافته الى غير مُتَمَكن وَهُوَ أَنكُمْ وَمَا زَائِدَة للتوكيد وَقيل هُوَ مَبْنِيّ على الْفَتْح لكَون مثل وَمَا اسْما وَاحِدًا فَلَمَّا جعلا شَيْئا وَاحِدًا بني مثل على الْفَتْح وَهُوَ قَول الْمَازِني وَقيل ان مثلا مَنْصُوب على الْحَال من نكرَة وَهُوَ لحق وَهُوَ قَول الْجرْمِي وَقيل هُوَ حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي قَوْله لحق وَمَا زَائِدَة وَمثل مُضَاف الى أَنكُمْ وَلم ينْصَرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 لاضافة الى غير مُتَمَكن وَهِي اضافة غير مَحْضَة وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين انتصب مثل على حذف الْكَاف تَقْدِيره إِنَّه لحق كَمثل مَا أَنكُمْ تنطقون وَمَا زَائِدَة تَقْدِيره كَمثل نطقكم وَلَا يجوز ذَلِك عِنْد الْبَصرِيين وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد من نصب فَجَائِز أَن يكون على التوكيد بِمَعْنى انه لحق حَقًا مثل نطقكم فَأَما من رفع مثل فانه جعله صفة لحق لِأَنَّهُ نكرَة إِذْ اضافته غير مَحْضَة لِأَن الْأَشْيَاء الَّتِي يَقع التَّمَاثُل بهابين المتما ثلين كَثِيرَة فَلم ينْصَرف باضافته الى أَنكُمْ لذَلِك فَلَمَّا لم ينْصَرف حسن وصف لحق بِهِ كَمَا تَقول مَرَرْت بِرَجُل مثلك وأنكم على هَذِه الْأَقْوَال فِي مَوضِع خفض بِمثل وَهِي وَمَا بعْدهَا مصدر التَّقْدِير انه لحق مثل نطقكم قَوْله قَالُوا سَلاما انتصب سَلام على الْمصدر أَو بِوُقُوع القَوْل عَلَيْهِ قَوْله قَالَ سَلام ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَ سَلام عَلَيْكُم وَقيل هُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَمْرِي سَلام وَمن قَرَأَ سلم فعلى تَقْدِير نَحن سلم وَقيل هُوَ بِمَعْنى سَلام كَمَا يُقَال هُوَ حل وحلال بِمَعْنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 قَوْله وَقَالَت عَجُوز عقيم عَجُوز خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَنا عَجُوز قَوْله وَقوم نوح من خفض قوما عطفه على قَوْله وَفِي عَاد أذ أرسلنَا وَقيل هُوَ مَعْطُوف على وَفِي مُوسَى وَقيل على وَفِي الأَرْض وَمن نَصبه عطفه على الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله فَأَخَذتهم وَقيل تَقْدِيره وأهلكنا قوم نوح وَقيل على معنى وَاذْكُر قوم نوح وَقيل هُوَ مَعْطُوف على فأخذناه وَقيل على فنبذناهم قَوْله كَذَلِك مَا أَتَى الْكَاف فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر كَذَلِك وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف قَوْله المتين خبر بعد خبر لَان وَقيل هُوَ نعت للرزاق أَو لذِي الْقُوَّة أَو على اضمار مُبْتَدأ أَو نعت لاسم ان على الْموضع وَمن خفضه جعله نعتا للقوة وَذكر لِأَنَّهُ تَأْنِيث غير حَقِيقِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الطّور قَوْله تَعَالَى يَوْم تمور السَّمَاء مورا الْعَامِل فِي يَوْم وَاقع أَي إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع يَوْم تمور السَّمَاء وَلَا يعْمل فِيهِ دَافع لِأَن الْمَنْفِيّ لَا يعْمل فِيمَا قبل النَّافِي لَا تَقول طَعَامك مَا زيد اكلا رفعت اكلا أَو نصبته اَوْ أدخلت عَلَيْهِ الْبَاء فان رفعت الطَّعَام بِالِابْتِدَاءِ وأوقعت اكلا على هَاء جَازَ وَمَا بعد الطَّعَام خَبره ويقبح حذف الْهَاء قَوْله فويل للمكذبين ابْتِدَاء عَامل فِي يَوْمئِذٍ وللمكذبين الْخَبَر وَالْفَاء جَوَاب الْجُمْلَة الْمُتَقَدّمَة وَحسن ذَلِك لِأَن فِي الْكَلَام معنى الشَّرْط لِأَن الْمَعْنى اذا كَانَ مَا ذكر فويل يَوْمئِذٍ للمكذبين قَوْله هَذِه النَّار ابْتِدَاء وَخَبره مقول تَقْدِيره يُقَال لَهُم هَذِه النَّار وَمثله فِي اضمار القَوْل قَوْله كلوا وَاشْرَبُوا أَي يُقَال لَهُم كلوا وَاشْرَبُوا قَوْله هَنِيئًا نصب على الْمصدر قَوْله بكاهن وَلَا مَجْنُون يجوز فِي الْكَلَام النصب على الْعَطف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 على مَوضِع بكاهن فِي لُغَة اهل الْحجاز وَيجوز الرّفْع على الْعَطف على مَوضِع بكاهن فِي لُغَة بني تَمِيم وعَلى اضمار مُبْتَدأ أَي وَلَا هُوَ مَجْنُون قَوْله سَحَاب مركوم رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هَذَا سَحَاب قَوْله يَوْم لَا يُغني انتصب يَوْم على الْبَدَل من يومهم ويومهم مَنْصُوب بيلاقوا مفعول بِهِ وَلَيْسَ نَصبه على الظّرْف قَوْله فذرهم أَصله فاوذرهم وَلَكِن حذفت الْوَاو لِأَنَّهُ بِمَعْنى فَدَعْهُمْ فَحمل على تطيره فِي الْمَعْنى وعَلى مَا يقوم مقَامه لأَنهم استغنوا عَن اسْتِعْمَال ودع بقَوْلهمْ ترك وَكَذَلِكَ وذرهم لم يسْتَعْمل كَمَا لم يسْتَعْمل ودع وانما حذفت الْوَاو من يدع لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة يزن الدَّال كالزاي فِي الْحَرَكَة لَكِن فتحت الدَّال فِي يدع لأجل حرف الْحلق بعْدهَا وَأَصلهَا الْكسر كالزاي من يزن فحذفت الْوَاو على الأَصْل لوقوعها بَين يَاء وكسرة وحذفت من يذر لِأَنَّهُ بِمَعْنى يدع وَقد تقدم ذكر هَذَا قَوْله وإدبار النُّجُوم ادبار ظرف زمَان تَقْدِيره وسبحه وَقت ادبار النُّجُوم وَمثله وإدبار السُّجُود على قِرَاءَة من كسر الْهمزَة فاما من فتحهَا فِي ق فانه جعله جمع دبر وَهُوَ ظرف متسع فِيهِ حُكيَ عَن الْعَرَب جئْتُك دبر الصَّلَاة وكل هَذَا إِنَّمَا هُوَ على حذف وَقت كَمَا تَقول جئْتُك مقدم الْحَاج وخفوق النَّجْم أَي وَقت ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة النَّجْم قَوْله تَعَالَى وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اسْتَوَى أَي اسْتَوَى عَالِيا يَعْنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فالضميران لجبريل وَقَالَ الْفراء هُوَ عطف على الضَّمِير فِي اسْتَوَى جعل فِي اسْتَوَى ضمير مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ضمير جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عطف الْمُضمر الْمَرْفُوع من غير أَن يُؤَكد وَهُوَ قَبِيح عِنْد الْبَصرِيين وَكَانَ الْقيَاس عِنْدهم لَو حملت الاية على هَذَا الْمَعْنى أَن تَقول فَاسْتَوَى هُوَ وَهُوَ الْأُفق واستوى يَقع للْوَاحِد وَأكْثر مَا يَقع من اثْنَيْنِ وَلذَلِك جعل الْفراء الضميرين لاثْنَيْنِ قَوْله أَو أدنى أَو على بَابهَا وَالْمعْنَى فَكَانَ لَو رَآهُ الرَّائِي مِنْكُم قَالَ هُوَ قدر قوسين أَو أدنى فِي الْقرب قَوْله مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى من خفف كذب جعل مَا فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي فِيمَا رأى وَمَا بِمَعْنى الَّذِي وَرَأى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 وَاقعَة على هَاء محذوفة أَي رَآهُ وَرَأى من رُؤْيَة الْعين وَيجوز أَن تكون مَا وَالْفِعْل مصدرا فَلَا يحْتَاج الى اضمار هَاء وَمن شدد كذب جعل مَا مَفْعُولا بِهِ على أحد الْوَجْهَيْنِ وَلَا يقدر حذف حرف جر فِيهِ لِأَن الْفِعْل اذا شدد تعدى بِغَيْر حرف قَوْله نزلة أُخْرَى مصدر فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ وَلَقَد رَاه نازلا نزلة أُخْرَى وَهُوَ عِنْد الْفراء نصب لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الظّرْف اذ مَعنا مرّة اخرى وَالْهَاء فِي رَاه تعود على جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله ومالهم بِهِ من علم الْهَاء تعود على الْأَسْمَاء لِأَن التَّسْمِيَة والأسماء بِمَعْنى قَوْله وَكم من ملك كم خبر وموضعها رفع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا تغني الْخَبَر قَوْله هُوَ أعلم بِمن ضل أعلم بِمَعْنى عَالم وَمثله وَهُوَ أعلم بِمن اهْتَدَى وَفِيه نظر لِأَن أفعل انما يكون بِمَعْنى فَاعل اذا كَانَ للمخبر عَن نَفسه وَيجوز أَن يَكُونَا على بابهما للتفضيل فِي الْعلم أَي هُوَ أعلم من كل أحد بِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ وبغيرهما وَمثل ذَلِك هُوَ أعلم بكم وَهُوَ أعلم بِمن اتَّقى قَوْله ليجزي الَّذين اللَّام مُتَعَلقَة بِالْمَعْنَى لِأَن معنى وَللَّه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض هُوَ مَالك لجَمِيع يهدي من يَشَاء ويضل من يَشَاء ليجزي وَقيل اللَّام مُتَعَلقَة بقوله لَا تغني شفاعتهم قَوْله الَّذين يجتنبون الَّذين فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الَّذين فِي قَوْله وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا قَوْله إِلَّا اللمم اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وَهُوَ صغائر الذُّنُوب من قَوْلهم أَلممْت بالشَّيْء إلماما إِذا قللت مِنْهُ وزرت لماما أَي قَلِيلا وَهُوَ أحسن الْأَقْوَال فِيهِ قَوْله أَلا تزر أَن فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله لم ينبأ بِمَا فِي صحف مُوسَى أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي ذَلِك أَلا تزر وَالْهَاء محذوفة مَعَ أَن أَي أَنه لَا تزر قَوْله وَأَن لَيْسَ للانسان وَأَن سَعْيه أَن فِي الْمَوْضِعَيْنِ عطف على أَلا تزر وَأَجَازَ الزّجاج سَوف يرى بِفَتْح الْيَاء على اضمار الْهَاء أَي سَوف يرَاهُ وَلم يجزه الْكُوفِيّين لِأَنَّهُ يصير سَعْيه قد عمل فِيهِ أَن وَيرى وَهُوَ جَائِز عِنْد الْمبرد وَغَيره لِأَن دُخُول أَن على سَعْيه وعملها فِيهِ يدل على الْهَاء المحذوفة من يرى وعَلى هَذَا أجَاز البصريون إِن زيدا ضربت بِغَيْر هَاء قَوْله ثمَّ يجزاه الْهَاء تعود على السَّعْي اي يجزى بهوالجزاء نصب على الْمصدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 قَوْله وَأَن إِلَى رَبك وَأَنه هُوَ أضْحك وَأَنه هُوَ أمات وَأَنه خلق أَن فِي جَمِيع ذَلِك عطف على أَلا تزر على أحد وجهيها وَكَذَلِكَ أَن فِيمَا بعد ذَلِك قَوْله عادا الأولى أدغم نَافِع وَأَبُو عَمْرو التَّنْوِين فِي اللَّام من الأولى بعد أَن ألقيا حَرَكَة الْهمزَة المضمومة من أولى على لَام التَّعْرِيف وَقد منع الْمبرد وَغَيره ذَلِك لِأَنَّهُمَا أدغما سَاكِنا فِي مَا أصلة السّكُون وحركته عارضة والعارض لَا يعْتد بِهِ وَوجه قراءتهما بالادغام هُوَ حكى الْمَازِني وَغَيره من قَول الْعَرَب لحمر جَاءَ يعنون الْأَحْمَر فاعتدوا بحركة اللَّام وابتدأوا بهَا واستغنوا بهَا عَن ألف الْوَصْل فَكَذَلِك من أدغم التَّنْوِين من عَاد فِي اللَّام من الأولى اعْتد بالحركة على اللَّام وعَلى ذَلِك قَالُوا سل زيدا إِنَّمَا هُوَ اسْأَل فَلَمَّا ألْقى حَرَكَة الْهمزَة على السِّين اعْتد بهَا فَحذف ألف الْوَصْل وعَلى ذَلِك قَالُوا رد وعض وَمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 وأصلة افْعَل ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْعين على الْفَاء واعتدوا بهَا فحذفوا ألف الْوَصْل لاعتدادهم بحركة الْفَاء وَإِن كَانَت عارضة قَوْله والمؤتفكة نصب بأهوى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الْقَمَر قَوْله تَعَالَى مزدجر الدَّال بدل من تَاء وَهُوَ مفتعل من الزّجر وانما أبدلت الدَّال من التَّاء لِأَن التَّاء مهموسا وَالزَّاي مجهورة ومخرجهما قريب من الاخر فأبدلوا من التَّاء حرفا هُوَ من مخرجها يُوَافق الزَّاي فِي الْجَهْر وَهِي الدَّال قَوْله مدكر أَصله مذتكر فَهُوَ مفتعل من الذّكر لَكِن الذَّال حرف مجهور قوي وَالتَّاء مهموسة ضَعِيفَة فأدلوا من التَّاء حرفا من مخرجها مِمَّا يُوَافق الذَّال فِي الْجَهْر وَهُوَ الدَّال ثمَّ أدغمت الذَّال فِي الدَّال وَيجوز مُذَكّر بِالذَّالِ على ادغام الثَّانِي فِي الأول وَبِذَلِك قَرَأَ قَتَادَة قَوْله حِكْمَة رفع عل الْبَدَل من مَا فِي قَوْله مَا فِيهِ مزدجر وَمَا رفع بجاء فَاعل أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ حِكْمَة قَوْله فَمَا تغن النّذر مَا اسْتِفْهَام يجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب بتغني وَيجوز أَن تكون نَافِيَة على حذف مفعول تغني وحذفت الْيَاء من تغني والواوا من يدع الداع وَشبه ذَلِك من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 خطّ الْمُصحف لِأَنَّهُ كتب على لفظ الادراج والوصل وَلم يكْتب على حكم الأَصْل وَالْوَقْف وَقد غلط بعض النَّحْوِيين فَقَالَ انما حذفت الْيَاء فِي فَمَا تغن النّذر لِأَن مَا بِمَنْزِلَة لم فجزمت كَمَا تجزم لم وَهَذَا خطأ لِأَن لم انما تَنْفِي وَترد الْمُسْتَقْبل مَاضِيا وَمَا تَنْفِي الْحَال فَلَا يجوز أَن يَقع أَحدهمَا موقع الآخر لاخْتِلَاف معنييهما قَوْله يَوْم يدع يَوْم نصب على اضمار فعل أَي اذكر يَوْم يدع وَلَا يعْمل فِيهِ تول لِأَن التولي فِي الدُّنْيَا وَيَوْم يدع الداع فِي الاخرة وَلذَلِك يحسن الْوَقْف على عَنْهُم وتبتدىء يَوْم يدع الداع وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِي يَوْم خشعا أَو يخرجُون قَوْله خشعا نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَنْهُم فيقبح الْوَقْف على عَنْهُم وان جعلته حَالا من الضَّمِير فِي يخرجُون حسن الْوَقْف على عَنْهُم وَكَذَلِكَ مَوضِع يخرجُون حَال من الضَّمِير المخفوض فِي أَبْصَارهم وَكَذَلِكَ مَوضِع كَأَنَّهُمْ جَراد حَال من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ مَوضِع مهطعين كلهَا نصب على الْحَال قَوْله فَالتقى المَاء المَاء اسْم للْجِنْس فَلذَلِك لم يقل الماءان بعد ذكره لخُرُوج المَاء من موضِعين من السَّمَاء والارض وأصل مَاء موه فابدلوا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَت مَاء وَالْألف خُفْيَة وَالْهَاء خُفْيَة فَاجْتمع خفيان عين وَلَام فأبدلوا من الْهَاء حرفا قَوِيا جلدا وَهُوَ الْهمزَة وَدلّ على هَذَا التَّقْدِير قَوْلهم فِي الْجمع أمواه ومياه وَفِي التصغير موية فَرد الى أَصله قَوْله وَلَقَد تركناها الْهَاء للعقوبة وَقيل للسفينة قَوْله فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر كَيفَ خبر كَانَ وعذابي اسْمهَا وَيجوز أَن تكون كَيفَ فِي مَوضِع الْحَال وَكَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث وَالْعَذَاب رفع بكان وَلَا خبر لَهَا قَوْله ريحًا صَرْصَرًا أَصله صرر من الشَّيْء إِذا صَوت لَكِن أبدلوا من الرَّاء الثَّانِيَة صادا قَوْله تنْزع النَّاس كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر تنْزع فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لريح وَكَأَنَّهُم فِي مَوضِع نصب على الْحَال من النَّاس تَقْدِيره انا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا نازعة للنَّاس مشبهين أعجاز نخل وَهِي حَال مقدرَة أَي يكونُونَ كَذَلِك وَقد قيل الْكَاف فِي مَوضِع نصب بِفعل مُضْمر تَقْدِيره فتتركهم كأعجاز نخل أَي مثل أعجاز نخل قَوْله نخل منقعر انما ذكر منقعر لِأَن النّخل يذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 وَيُؤَنث فَلذَلِك قَالَ منقعر وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أعجاز نخل خاوية فأنث قَوْله وَنذر قيل هُوَ مصدر بِمَعْنى انذاري وَقيل هُوَ جمع نَذِير قَوْله أبشرا منا وَاحِد نصب باضمار فعل تَقْدِيره أنتبع بشرا منا وَاحِد وَدلّ على الْحَذف قَوْله نتبعه وَمنا وَاحِد صفتان لبشر قَوْله وسعر قيل هُوَ مصدر سعر الرجل إِذا طاش وَقيل هُوَ جمع سعير قَوْله من الْكذَّاب ابْتِدَاء وَخبر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بسيعلمون قَوْله فتنه لَهُم مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مصدر قَوْله واصطبر هُوَ افتعل من الصَّبْر وَأَصله اصتبر فأبدلوا من التَّاء حرفا يؤاخي الصَّاد فِي الاطباق وَهُوَ الطَّاء ليعْمَل اللِّسَان فِي الاطباق عملا وَاحِدًا مثله مصطبر هُوَ مفتعل من الصَّبْر دَلِيله انك أذا صغرت أَو جمعت حذفت الطَّاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 إِذْ هِيَ بدل من تَاء تَقول مصيبر ومصابر كَمَا تفعل بمكتسب قَوْله إِلَّا ال لوط ال نصب على الِاسْتِثْنَاء وَأَصله أهل ثمَّ أبدلوا من الْهَاء همزَة لخفائها فصارا أَلا فأبدلوا من الْهمزَة الساكنة ألفا كَمَا فعلوا فِي اتى وامن وَيدل على ذَلِك قَوْلهم فِي التصغير أهيل قَوْله بِسحر انما انْصَرف لِأَنَّهُ نكرَة وَلَو كَانَ معرفَة لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اذا كَانَ معرفَة فَهُوَ معدول عَن الْألف وَاللَّام إِذْ تعرف بِغَيْرِهِمَا وَحقّ هَذَا الصِّنْف أَن يتعرف بهما فَلَمَّا لم يتعرف بهما صَار معدولا عَنْهُمَا فثقل مَعَ ثقل التَّعْرِيف فَلم ينْصَرف فان نكر انْصَرف وَمثله بكرَة إِلَّا أَن بكرَة لم تَنْصَرِف للتأنيث والتعريف وَمثله غدْوَة فان نكرا انصرفا كسحر قَوْله نعْمَة من عندنَا نعْمَة مفعول من أَجله وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على تَقْدِير تِلْكَ نعْمَة قَوْله كَذَلِك نجزي الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره نجزي من شكر جَزَاء كَذَلِك أَي مثل ذَلِك قَوْله عَن ضَيفه لَا تكَاد الْعَرَب تثني ضيفا وَلَا تجمعه لِأَنَّهُ مصدر وَتَقْدِير الاية عَن ذَوي ضيفة وَقد ثناه بَعضهم وَجمعه قَوْله إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر كَانَ الِاخْتِيَار على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 أصُول الْبَصرِيين رفع كل كَمَا أَن الِاخْتِيَار عِنْدهم فِي قَوْلك زيد ضَربته الرّفْع وَالِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين النصب فِيهِ بِخِلَاف قَوْلنَا زيد أكرمته لِأَنَّهُ قد تقدم فِي الاية شَيْء عمل فِيمَا بعده وَهُوَ إِن فالاختيار عِنْدهم النصب فِيهِ وَقد اجْمَعْ الْقُرَّاء على النصب فِي كل على الِاخْتِيَار فِيهِ عِنْد الْكُوفِيّين ليدل ذَلِك على عُمُوم الْأَشْيَاء الْمَخْلُوقَات أَنَّهَا لله لخلاف مَا قَالَه أهل الزيغ إِن ثمَّ مخلوقات لغير الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَقَوله تَعَالَى الله خَالق كل شَيْء يرد قَوْلهم وانما دلّ النصب فِي كل على الْعُمُوم لِأَن التَّقْدِير إِنَّا خلقنَا كل شىء خلقناه بِقدر فخلقناه تَأْكِيد وَتَفْسِير لخلقنا الْمُضمر الناصب لكل واذا خذفته واظهرت الأول صَار التقديرانا خلقنَا كل شَيْء بِقدر فَهَذَا لفظ عَام يعم جَمِيع الْمَخْلُوقَات وَلَا يجوز أَن يكون خلقناه صفة لشَيْء لِأَن الصّفة والصلة لَا يعملان فِيمَا قبل الْمَوْصُوف وَلَا الْمَوْصُول وَلَا يكونَانِ تَفْسِير لما يعْمل فِيمَا قبلهمَا فاذا لم يكن خلقناه صفة لشَيْء لم يبْق الا أَنه تَأْكِيد وَتَفْسِير للمضمر الناصب لكل وَذَلِكَ يدل على الْعُمُوم وَأَيْضًا فان النصب هُوَ الِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين لِأَن إِنَّا عِنْدهم تطلب الْفِعْل فَهِيَ بِهِ أولى فالنصب عِنْدهم فِي كل هُوَ الِاخْتِيَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 فاذا انضاف اليه معنى الْعُمُوم وَالْخُرُوج من الشّبَه كَانَ النصب أقوى كثيرا من الرّفْع قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد أفردت هَذِه الْمَسْأَلَة باشبع من هَذَا التَّفْسِير فِي غير هَذَا الْكتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الرَّحْمَن جلّ ذكره قَوْله الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان الشَّمْس ابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره الشَّمْس وَالْقَمَر يجريان بحسبان أَي بِحِسَاب قيل بحسبان هُوَ الْخَبَر قَوْله أَلا تطغوا أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض تَقْدِيره لِئَلَّا تطغوا فتطغوا فِي مَوضِع نصب بِأَن وَقيل أَن بِمَعْنى أَي لَا مَوضِع لَهُ فَيكون تطغوا على هَذَا مَجْزُومًا بِلَا قَوْله وَالْحب ذُو العصف وَالريحَان قَرَأَهَا ابْن عَامر بِالنّصب عطفا على الأَرْض لِأَن قَوْله وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام مَعْنَاهُ خلقهَا فعطف وَالْحب على ذَلِك أَي وَخلق الْحبّ وَالريحَان وَمن رفع عطف على فَاكِهَة وَفَاكِهَة ابْتِدَاء وفيهَا الْخَبَر وَمن خفض الريحان عطفه على العصف وَجعل الريحان بِمَعْنى الرزق قَوْله رب المشرقين رب رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ رب المشرقين وَقيل هُوَ بدل من الْمُضمر فِي خلق وَيجوز فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 الْكَلَام الْخَفْض على الْبَدَل من رَبكُمَا قَوْله وَالريحَان أَصله ريوحان ثمَّ أبدلوا من الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء كميت وهين ثمَّ خففت الْيَاء كَمَا تَقول ميت وهين ولين وَلزِمَ التَّخْفِيف فِي ريحَان لطوله وللحاق الزيادتين فِي اخره وهما الْألف وَالنُّون فوزنه فيعلان وَلَو كَانَ وَزنه فعلان لَقلت روحان لِأَنَّهُ من الرّوح وَلم يتَمَكَّن بدل الْوَاو يَاء اذ لَا عِلّة توجب ذَلِك فَلَمَّا أجمع على لفظ الْيَاء فِيهِ علم أَن لَهُ أصلا خفف مِنْهُ وَهُوَ مَا ذكرنَا وَقد أجَاز بَعضهم أَن يكون فعلان وَالْيَاء بدل من وَاو كَمَا ابدلوا من الْيَاء واوا فِي أشاوى أَصْلهَا أشايا قَوْله يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ أَي من أَحدهمَا ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ أحد واتصل الضَّمِير بِمن كَمَا قَالَ على رجل من القريتين أَي من أحدى القريتين ثمَّ حذف الْمُضَاف وَحذف الْمُضَاف جَائِز كثير شَائِع فِي كَلَام الْعَرَب كَقَوْلِه واسأل الْقرْيَة وَكَقَوْلِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 الَّتِي أخرجتك قَوْله كالاعلام الْكَاف فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي المنشات قَوْله من نَار ونحاس من رفع النّحاس عطفه على الشواظ وَهُوَ اصح فِي الْمَعْنى لِأَن الشواظ اللهب الَّذِي لَا دُخان فِيهِ والنحاس الدُّخان وَكِلَاهُمَا يتكون من النَّار فَأَما من قَرَأَ ونحاس بالخفض فانه عطفه على النَّار وَفِيه بعد لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى أَن اللهب من الدُّخان يتكون وَلَيْسَ كَذَلِك انما يتكون من النَّار وَقد رُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه قَالَ لَا يكون الشواظ إِلَّا من نَار وَشَيْء آخر مَعَه يَعْنِي يكون من شَيْئَيْنِ من نَار ودخان وَحكي مثله عَن الْأَخْفَش فعلى هَذَا يَصح خفض النّحاس وَقد قيل إِن التَّقْدِير يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار وَشَيْء من نُحَاس نم حذف شَيْئا وَأقَام من نَار وَهُوَ صفته مقَامه وَحذف حرف الْجَرّ لتقدم ذكره فَيكون الْمَعْنى كَقِرَاءَة من رفع نُحَاسا قَوْله فَيُؤْخَذ بالنواصي لَيْسَ فِي يُؤْخَذ ضمير وبالنواصي يقوم مقَام الْفَاعِل وَتَقْدِيره فَيُؤْخَذ بنواصيهم وَقيل التَّقْدِير فَيُؤْخَذ بالنواصي مِنْهُم وَلَا يجوز أَن يكون يُؤْخَذ ضمير يعود على الْمُجْرمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 لِأَنَّهُ يلْزم أَن يَقُول فيؤخذون وَيلْزم أَن يعدى أَخذ الى مفعولين أَحدهمَا بِالْبَاء وَلَا يجوز ذَلِك انما يُقَال أخذت الناصية وَأخذت بالناصية وَلَو قلت أخذت الدَّابَّة بالناصية لم يجز وَحكي عَن الْعَرَب أخذت الخطام وَأخذت بالخطام بِمَعْنى وَقد قيل إِن مَعْنَاهُ فَيُؤْخَذ كل وَاحِد بالنواصي وَلَيْسَ بصواب لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى الى مفعولين أَحدهمَا بِالْبَاء على مَا ذكرنَا وَقد يجوز أَن يتَعَدَّى الى مفعولين أَحدهمَا بِحرف جر غير الْبَاء نَحْو أخذت ثوبا من زيد فَهَذَا الْمَعْنى غير الأول فَلَا يحسن مَعَ الْبَاء مفعول اخر الا أَن تجعلها بِمَعْنى من أجل فَيجوز أَن تَقول أخذت زيدا بِعَمْرو أَي من أَجله وبذنبه فاعرفه قَوْله ذواتا أفنان ذواتا تَثْنِيَة ذَات على الأَصْل لِأَن أصل ذَات ذَوَات لَكِن حذفت الْوَاو تَخْفِيفًا وللفرق بَين الْوَاحِد وَالْجمع ودلت التَّثْنِيَة وَرُجُوع الْوَاو فِيهَا على أصل الْوَاحِد وأفنان جمع فنن على قَول من جعل أفنانا بِمَعْنى أَغْصَان وَمن جعلهَا بِمَعْنى أَجنَاس وأنواع كَانَ الْوَاحِد فَنًّا وَكَانَ حَقه أَن يجمع على فنون قَوْله وجنى الجنتين دَان ابْتِدَاء وَخبر ودان كقاض وغاز معتل اللَّام قَوْله متكئين على فرش حَال وَالْعَامِل فِيهِ مُضْمر تَقْدِيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 ينعمون متكئين وَدلّ على ذَلِك أَن الْآيَات فِي صفة النَّعيم وَقيل هُوَ حَال من من فِي قَوْله وَلمن خَافَ قَوْله كأنهن الْيَاقُوت كأنهن فِي مَوضِع الْحَال من قاصرات الطّرف كَأَنَّهُ قَالَ فِيهِنَّ قاصرات الطّرف مشبهات الْيَاقُوت وَذكر النّحاس ان الْكَاف فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَهُوَ بعيد لَا وَجه لَهُ قَوْله فِيهِنَّ خيرات أصل خيرات على وزن فيعلات لَكِن خفف كميت وَهن وهين ابْتِدَاء وفيهن الْخَبَر قَوْله على رَفْرَف خضر ورفرف اسْم للْجمع فَلذَلِك نعت بخضر وَهُوَ جمع أَخْضَر فَهُوَ كَقَوْلِك رَهْط كرام وَقوم لئام وَقيل هُوَ جمع وَاحِدَة رفرفة وَمثله وعبقري قيل واحده عبقرية وَقيل عبقري وَاحِد يدل على الْجمع مَنْسُوب الى عبقر وَهُوَ مَوضِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْوَاقِعَة قَوْله تَعَالَى إِذا وَقعت الْوَاقِعَة اذا ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ وَقعت لِأَنَّهَا قد يجازى بهَا فَعمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا كَمَا يعْمل فِي مَا وَمن اللَّتَيْنِ للشّرط فِي قَوْلك مَا تفعل أفعل وَمن تكرم أكْرم فَمن وَمَا فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ الَّذِي بعْدهَا بِلَا اخْتِلَاف فان دخلت ألف الِاسْتِفْهَام على اذا خرجت عَن حد الشَّرْط فَلَا يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا نَحْو أئذا متْنا أئذا كُنَّا وَشبهه وَقد أجَاز النّحاس عمل متْنا فِي اذا وَهُوَ بعيد وَإِنَّمَا لم يجاز باذا فِي كل الْكَلَام وتعمل كَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا مُخَالفَة لحروف الشَّرْط لما فِيهَا من التَّحْدِيد والتوقيت فِي جَوَاز وُقُوع مَا بعْدهَا وَكَونه بِغَيْر احْتِمَال وحروف الشَّرْط غَيرهَا انما هِيَ للشىء يُمكن أَن يَقع وَأَن لَا يَقع وَقد تقع إِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 للشىء لابد لَهُ أَن يَقع نَحْو إِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا الشَّمْس كورت وَنَحْوه قَوْله خافضة رَافِعَة رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ خافضة رَافِعَة خبر بعد خبر وَمن قَرَأَ بِالنّصب فعلى الْحَال من الْوَاقِعَة وَفِيه بعد لِأَن الْحَال فِي أَكثر أحوالها انما تكون لما يُمكن أَن يكون وَيُمكن أَن لَا يكون وَالْقِيَامَة لَا شكّ فِي أَنَّهَا ترفع قوما الى الْجنَّة وتخفض اخرين الى النَّار لابد من ذَلِك فَلَا فَائِدَة فِي الْحَال وَقد أجَاز الْفراء على اضمار وَقعت خافضة رَافِعَة قَوْله إِذا رجت الْعَامِل فِي اذا عِنْد الزّجاج وَقعت وَهَذَا بعيد اذا أعملت وَقعت فِي اذا الأولى فان أضمرت لاذا الأولى عَاملا اخر حسن عمل وَقعت فِي اذا الثَّانِيَة الا أَن تجْعَل اذا الثَّانِيَة بَدَلا من الأولى فَيجوز عمل وَقعت فيهمَا جَمِيعًا قَوْله فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 أَصْحَاب الأول مُبْتَدأ وَمَا ابْتِدَاء ثَان وَهِي اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّعَجُّب والتعظيم وَأَصْحَاب الثَّانِي خبر مَا وَمَا وخبرها خبر أَصْحَاب الأول وَجَاز ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْجُمْلَة مَا يعود على الْمُبْتَدَأ لِأَن الْمَعْنى ماهم فهم يعود على الْمُبْتَدَأ الأول فَهُوَ كَلَام مَحْمُول على مَعنا لَا على لَفظه وَمثله الحاقة مَا الحاقة وَالْقَارِعَة مَا القارعة وَإِنَّمَا ظهير الِاسْم الثَّانِي وَحقه أَن يكون مضمرا لتقدم اظهاره ليَكُون أجل فِي التَّعْظِيم والتعجب وأبلغ وَمثله أَيْضا وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة قَوْله وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي نَعته وَأُولَئِكَ المقربون ابْتَدَأَ وَخبر فِي مَوضِع خبر الأول وَقيل السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي خَبره وَأُولَئِكَ خبر ثَان أَو بدل على معنى السَّابِقُونَ الى طَاعَة الله هم السَّابِقُونَ الى رَحْمَة الله قَوْله ثلة خبر ابْتِدَاء أَي هم ثلة وَقَلِيل عطف عَلَيْهِ وعَلى سرر خبر ثَان قَوْله متكئين ومتقابلين حالان من الْمُضمر فِي سرر وَلَو كَانَ على سرر ملغى غير خبر لم يكن فِيهِ ضمير قَوْله وحور عين من رَفعه حمله على الْمَعْنى لِأَن معنى الْكَلَام فِيهَا أكواب وأباريق فعطف وحور عين على الْمَعْنى وَلم يعْطف على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 اللَّفْظ وَمن خفضه عطفه على مَا قبله وَحمله أَيْضا على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى ينعمون بفاكهة وَلحم وبحور عين وَيجوز النصب على أَن يحمل على الْمَعْنى أَيْضا لِأَن معنى يطوف عَلَيْهِم بِكَذَا وَكَذَا يُعْطون كَذَا وَكَذَا ثمَّ عطف حورا على مَعْنَاهُ قَوْله عين هُوَ جمع عيناء وَأَصله عين على فعل كَمَا تَقول حَمْرَاء وحمر فَكسرت الْعين لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فتشبه ذَوَات الْوَاو وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب يَاء سَاكِنة قبلهَا ضمة وَلَا وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة وَمن الْعَرَب من يَقُول حير عين على الِاتِّبَاع قَوْله جَزَاء مصدر وَقيل مفعول من أَجله قَوْله إِلَّا قيلا نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل نصب بيسمعون قَوْله سَلاما سَلاما نصب بالْقَوْل وَقيل هُوَ نصب على الْمصدر وَقيل هُوَ نعت لقيل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى سَلام عَلَيْكُم ابْتِدَاء وَخبر قَوْله إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ الضَّمِير يعود على الْحور الْمُتَقَدّم الذّكر وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ ضنير لم يجر لَهُ ذكر إِلَّا أَنه عرف مَعْنَاهُ قَوْله عربا هُوَ جمع عروب وَمن أسكن الرَّاء فعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 التَّخْفِيف كعضد وعضد والأتراب جمع ترب قَوْله أئذا متْنا من كسر الْمِيم من متْنا جعل فعله أَتَى على فعل يفعل كخاف يخَاف والمستقبل عِنْده يمات وَقيل هُوَ شَاذ فِي المعتل أَتَى على فعل يفعل بِضَم الْعين فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا أَتَى فِي السَّالِم فضل يفضل على فعل يفعل وَهُوَ شَاذ أَيْضا قَوْله شرب الهيم من فتح الشين جعله مصدر شرب وَمن ضمهَا جعله اسْما للمصدر ونصبه على الْمصدر أَي شربا مثل شرب الهيم ثمَّ حذف الْمَوْصُوف والمضاف وَقد تقدم لَهُ نَظَائِر والهيم جمع هيماء وَكسرت الْهَاء لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فَهِيَ مثل عين وَقيل هُوَ جمع هائم قَوْله فظلتم أَصْلهَا ظللتم ثمَّ حذفت اللَّام الأولى وَقد قرىء بِكَسْر الظَّاء على أَن حَرَكَة اللَّام الأولى ألقيت على الظَّاء ثمَّ حذفت قَوْله لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ هَذِه الضمة فِي يمسهُ يجوز أَن تكون اعرابا وَلَا نفيا أَي لَيْسَ يمسة الا الْمُطهرُونَ يَعْنِي الْمَلَائِكَة فَهُوَ خبر وَلَيْسَ بنهي وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة وَغَيرهم وَقيل لَا للنَّهْي والضمة فِي يمسهُ بِنَاء وَالْفِعْل مجزوم فَيكون ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 أمرا من الله أَن لَا يمس الْقرَان إِلَّا طَاهِر وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَغَيره فَيكون معنى التطهر على القَوْل الأول من الذُّنُوب والخطايا وعَلى القَوْل الثَّانِي التطهر بِالْمَاءِ قَوْله فَأَما إِن كَانَ جَوَاب أما وَإِن فِي الْفَاء فِي قَوْله فَروح اي فَلهُ روح ابْتِدَاء وَخبر وَقيل الْفَاء جَوَاب أما وَإِن جوابها فِيمَا قبلهَا لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي للفظ وَقَالَ الْمبرد جَوَاب إِن مَحْذُوف وَلَا يَلِي أما إِلَّا الْأَسْمَاء والجمل وفيهَا معنى الشَّرْط وَكَانَ حَقّهَا أَن لَا يَليهَا الا الْفِعْل للشّرط الَّذِي فِيهَا لَكِنَّهَا نائبة عَن فعل لِأَن مَعْنَاهَا مهما يكن من شَيْء فَالْأَمْر كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا نابت بِنَفسِهَا عَن فعل وَالْفِعْل لَا يَلِيهِ فعل امْتنع أَن يَليهَا الْفِعْل ووليها الِاسْم أَو الْجمل وَتَقْدِير الِاسْم أَن يكون بعد جوابها فاذا اردت أَن تعرف اعراب الِاسْم الَّذِي بعْدهَا فَاجْعَلْ موضعهَا مهما وَقدر الِاسْم بعد الْفَاء وَأدْخل الْفَاء على الْفِعْل وَمعنى أما عِنْد أبي اسحاق أَنَّهَا خُرُوج من شَيْء الى شَيْء أَي دع مَا كُنَّا فِيهِ وَخذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 فِي غَيره قَوْله فسلام لَك ابْتِدَاء وَخبر قَوْله فَنزل أَي فَلهم نزل وَمن حميم نعت لنزل وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر قَوْله حق الْيَقِين الْيَقِين نعت قَامَ منعوت تَقْدِيره حق الْخَبَر الْيَقِين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَدِيد قَوْله تَعَالَى مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض أَي وَمَا فِي الأَرْض ثمَّ حذفت مَا على أَنَّهَا نكرَة موصوفه قَامَت الصّفة مقَامهَا وَهِي فِي الأَرْض وَلَا يحسن أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي وتحذف لِأَن الصِّلَة لَا تقوم مقَام الْمَوْصُوف عِنْد الْبَصرِيين وَتقوم الصّفة مقَام الْمَوْصُوف عِنْد الْجَمِيع فَحَمله على الاجماع أولى من حَملَة على الِاخْتِلَاف قَوْله الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات الَّذِي فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو نعت لما قبله أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي قَوْله وَهُوَ مَعكُمْ مَعكُمْ نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ الْمَعْنى تَقْدِيره وَهُوَ شَاهد مَعكُمْ قَوْله وَمَا لكم لَا تؤمنون مَا ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر وَلَا تؤمنون حَال قَوْله وكلا وعد الله انتصب كلا بوعد وَمن قَرَأَهُ بِالرَّفْع جعل وعد نعتا لكل فَلَا يعْمل فِيهِ فرفعه على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 أُولَئِكَ كل وعد الله الْحسنى وَقد منع بعض النَّحْوِيين أَن يكون وعد صفة لكل لِأَنَّهُ معرف تَقْدِيره كلهم فَلَا يكون الْخَبَر إِلَّا وعد وَهُوَ بعيد لَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَلا فِي الشّعْر قَوْله من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ قد تقدم ذكره فِي الْبَقَرَة قَوْله قرضا مصدر أَتَى على غير الْمصدر كَمَا قَالَ انبتكم من الأَرْض نباتا وكما قَالُوا أَجَابَهُ جابة وَقيل هُوَ مفعول بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ يقْرض الله مَالا حَلَالا قَوْله يَوْم ترى يَوْم نصب وَالْعَامِل فِيهِ وَله أجر وَيسْعَى فِي مَوضِع نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين قَوْله بشراكم ابْتِدَاء وجنات خَبره وَتَقْدِيره بشراكم دُخُول جنَّات ثمَّ حذف الْمُضَاف وَمَعْنَاهُ يُقَال لَهُم ذَلِك وَأَجَازَ الْفراء نصب جنَّات على الْحَال وَيكون الْيَوْم خبر بشراكم وَتَكون جنَّات حَالا لَا معنى لَهُ اذ لَيْسَ فِيهَا معنى فعل وَأَجَازَ أَن يكون بشراكم فِي مَوضِع نصب على معنى يبشرونهم بالبشرى وَنصب جنَّات بالبشرى وَكله بعيد لِأَنَّهُ يفرق بَين الصِّلَة والموصول بِالْيَوْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 قَوْله خَالِدين فِيهَا نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم قَوْله يَوْم يَقُول يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ ذَلِك هُوَ الْفَوْز وَقيل هُوَ بدل من الْيَوْم الأول قَوْله فَضرب بَينهم بسور الْبَاء زَائِدَة وسور فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِالْمَصْدَرِ اي ضربا بسور قَوْله وَمَا نزل من الْحق مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع خفض عطف على ذكر وَفِي نزل ضمير الْفَاعِل يعود على مَا وَلَا يجوز أَن يكون مَا مَعَ الْفِعْل مصدرا لِأَن الْفِعْل يبْقى بِغَيْر فَاعل وَمن قَرَأَ نزل بِالتَّشْدِيدِ جعل فِي نزل اسْم الله جلّ ذكره مضمرا وَقدر هَاء محذوفة تعود على مَا لِأَن الْفِعْل لما شدد تعدى الى مفعول قَوْله وَالشُّهَدَاء رفع عطف على الصديقين وَلَهُم أجرهم ونورهم تعود على الْجَمِيع وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَعند رَبهم الْخَبَر وَلَهُم أجرهم ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر الشُّهَدَاء ان شِئْت وَالضَّمِير يعود على الشُّهَدَاء فَقَط قَوْله اعلموا أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا أَن سدت مسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 مفعولي علم وَمَا كَافَّة لِأَن عَن الْعَمَل والحياة ابْتِدَاء وَلعب الْخَبَر وَالدُّنْيَا فِي مَوضِع رفع نعت للحياة قَوْله كَمثل غيث الْكَاف فِي مَوضِع رفع نعت لتفاخر أَو على أَنَّهَا خبر بعد خبر للحياة قَوْله عرضهَا كعرض ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لجنة وَكَذَلِكَ أعدت نعت أَيْضا للجنة قَوْله مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض قَوْله فِي الأَرْض فِي مَوضِع رفع صفة للمصيبة على الْموضع لِأَن من زَائِدَة وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع خفض على النَّعْت على اللَّفْظ وَفِي الصّفة ضمير يعود على الْمَوْصُوف وَيجوز أَن يكون فِي الأَرْض ظرفا لأصاب أَو للمصيبة فَلَا يكون فِيهِ حِينَئِذٍ ضمير قَوْله تبرأها الضَّمِير يعود على الْمُصِيبَة وَقيل على الأَرْض وَقيل على الْأَنْفس قَوْله الَّذين يَبْخلُونَ الَّذِي فِي مَوضِع رفع على اضمار مبتداء على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف اَوْ فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من كل أَو على أَعنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 قَوْله فِيهِ بَأْس شَدِيد ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْحَدِيد قَوْله أَلا ابْتِغَاء رضوَان الله ابْتِغَاء اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وَيجوز أَن يكون بَدَلا من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي كتبناها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المجادلة قَوْله تَعَالَى الَّذين يظهرون الَّذين ابْتِدَاء وماهن أمهاتهم الْخَبَر وَأَتَتْ مَا فِي هَذَا على لُغَة أهل الْحجاز وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع نصب ببصير على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي جَوَاز اعمال فعيل قَوْله إِلَّا اللائي اللائي فِي مَوضِع رفع خبر مَا بعد إِلَّا الْمُوجبَة لِأَن ان بِمَعْنى مَا فِي قَوْله إِن أمهاتهم واللغتان متفقتان فِي الايجاب على الرّفْع فِي الْخَبَر وَكَذَلِكَ ان تقدم الْخَبَر على الِاسْم فالرفع فِي الْخَبَر لَا غير قَوْله مُنْكرا وزورا نعتان لمصدر مَحْذُوف نصب بالْقَوْل اي ليقولون قولا مُنكر وقولا زورا أَي كذبا وبهتانا وَلَو رفعته لانقلب الْمَعْنى لِأَنَّك كنت تحكي قَوْلهم فتخبر أَنهم يَقُولُونَ هَاتين اللفظتين وَلَيْسَ اللَّفْظ بِهَاتَيْنِ اللفظتين يُوجب ذمهم قَوْله ثمَّ يعودون لما قَالُوا اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون أَي يعودون لوطء الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَهن الْأزْوَاج فَمَا وَالْفِعْل مصدر أَي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 لقَولهم والمصدر فِي مَوضِع الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم هَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه فيصيرمعنى لقَولهم للمقول فِيهِ الظِّهَار أَي لوطئه بعد التظاهر مِنْهُ فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة من قبل الْوَطْء وَقيل التَّقْدِير ثمَّ يعودون لامساك الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَلَا يُطلق وَقَالَ الْأَخْفَش اللَّام مُتَعَلّقه بتحرير وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالْمعْنَى فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة لما نطقوا بِهِ من الظِّهَار فتقدير الاية عِنْده وَالَّذين يظهرون من نِسَائِهِم فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة للفظهم بالظهار ثمَّ يعودون للْوَطْء وَقَالَ أهل الظَّاهِر أَن اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون وان الْمَعْنى ثمَّ يعودون لقَولهم فيقولونه مرّة أُخْرَى فَلَا يلْزم الْمظَاهر عِنْدهم كَفَّارَة حَتَّى يظاهر مرّة أُخْرَى وَهَذَا غلط لِأَن الْعود لَيْسَ هُوَ أَن يرجع الانسان الى مَا كَانَ فِيهِ دَلِيله تسميتهم للاخرة الْمعَاد وَلم يكن فِيهَا أحد فَيَعُود اليها وَقد قَالَ قَتَادَة مَعْنَاهُ ثمَّ يعودون لما قَالُوا من التَّحْرِيم فيحلونه فَاللَّام على هَذَا مُتَعَلقَة بيعودون قَوْله يَوْم يَبْعَثهُم يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ وللكافرين عَذَاب مهين أَي فِي هَذَا الْيَوْم قَوْله مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة ثَلَاثَة خفض باضافة نجوى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 اليها والنجوى بِمَعْنى السركما قَالَ تَعَالَى نهوا عَن النَّجْوَى وَبَين يَدي نَجوَاكُمْ وَيجوز أَن يكون ثَلَاثَة بَدَلا من نجوى والنجوى بِمَعْنى المتناجين كَمَا قَالَ تَعَالَى لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر وَيجوز فِي الْكَلَام رفع ثَلَاثَة على الْبَدَل من مَوضِع نجوى لِأَن موضعهَا رفع وَمن زَائِدَة وَلَو نصبت ثَلَاثَة على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي نجوى اذا جعلته بِمَعْنى المتناجين جَازَ فِي الْكَلَام قَوْله يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا جَمِيعًا نصب على الْحَال قَوْله استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان هَذَا مِمَّا جَاءَ على أَصله وشذ على الْقيَاس وَكَانَ قياسة استحاذ كَمَا تَقول استقام الْأَمر واستجاب الدَّاعِي قَوْله اباءهم أَو أَبْنَاءَهُم أصل أَب أَبُو على فعل دَلِيله قَوْلهم أَبَوَانِ فِي التَّثْنِيَة وحذفت الْوَاو مِنْهُ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَو جرى على أصُول الاعتلال وَالْقِيَاس لَقلت أَبَاك فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض ولقلت أَبَا فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض بِمَنْزِلَة عَصا وعصاك وَبَعض الْعَرَب يفعل فِيهِ ذَلِك وَلَكِن جرى على غير قِيَاس الاعتلال فِي أَكثر اللُّغَات وَحسن ذَلِك فِيهِ لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله وتصرفه فَأَما ابْن فالساقط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 مِنْهُ يَاء وَأَصله بني مُشْتَقّ من بنى يبْنى وَالْعلَّة فِيهِ كالعلة فِي أَب وَقد قيل إِن السَّاقِط مِنْهُ وَاو لقَولهم الْبُنُوَّة وَهُوَ غلط لِأَن الْبُنُوَّة وَزنهَا الفعولة وَأَصلهَا البنوية فادغمت الْيَاء فِي الْوَاو وغلبت الْوَاو للضمتين قبلهَا وَلَو كَانَت ضمة وَاحِدَة لغيرت الى الْكسر وغلبت الْيَاء وَلَكِن لَو أَتَى بِالْيَاءِ فِي هَذَا لوَجَبَ تَغْيِير ضمتين فتستحيل الْكَلِمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَشْر قَوْله تَعَالَى من خيل وَلَا ركاب يجوز فِي الْكَلَام وَلَا ركابا بِالنّصب تعطفه على مَوضِع من خيل لِأَن من زَائِدَة وخيل مفعول بِهِ قَوْله كي لَا يكون دولة دولة خبر كَانَ وَفِي كَانَ اسْمهَا تَقْدِيره كي لَا يكون الْفَيْء دولة وَمن قَرَأَ تكون بِالتَّاءِ وَرفع دولة جعلهَا اسْم كَانَ كَانَ بِمَعْنى وَقع وَلَا يحْتَاج الى خبر وَلَا فِي الْقِرَاءَتَيْن غير زَائِدَة قَوْله يَبْتَغُونَ فضلا من الله يَبْتَغُونَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْفُقَرَاء وَمن الضَّمِير فِي أخرجُوا قَوْله وَالَّذين تبوءوا الدَّار الَّذِي فِي مَوضِع خفض عطف على الْفُقَرَاء وَيُحِبُّونَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الَّذين وَمثله وَلَا يَجدونَ ويؤثرون أَو فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر يحبونَ قَوْله كَمثل الشَّيْطَان الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره مثل هَؤُلَاءِ كَمثل الشَّيْطَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 قَوْله لَا يخرجُون مَعَهم وَلَا ينصرونهم لم يجزما لِأَنَّهُمَا جوابان لقسمين قبلهمَا وَلم يعْمل فيهمَا الشَّرْط قَوْله لَا يقاتلونكم جَمِيعًا جَمِيعًا نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع قَوْله فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النَّار أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وَالْعَاقبَة الْخَبَر وخالدين حَال وَيجوز رفع خَالِدين على خبر أَن ويلغى الظّرْف وَبِه قَرَأَ الْأَعْمَش وكلا الْوَجْهَيْنِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ سَوَاء وَقَالَ الْمبرد نصب خَالِدين على الْحَال أولى لِئَلَّا يلغى الظّرْف مرَّتَيْنِ فِي النَّار وفيهَا وَلَا يجوز عِنْد الْفراء الا نصب خَالِدين على الْحَال لِأَنَّك لَو رفعت خَالِدين على خبر أَن كَانَ حق فِي النَّار أَن يكون مُؤَخرا فَيقدم الْمُضمر على الْمظهر لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير عِنْده فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا خالدان فِيهَا فِي النَّار وَهَذَا جَائِز عِنْد الْبَصرِيين إِذا كَانَ الْمُضمر فِي اللَّفْظ بعد الْمظهر وَإِن كَانَت رُتْبَة الْمظهر التَّأْخِير انما ينظر الى اللَّفْظ عِنْدهم وَكلهمْ أجَاز ضرّ زيدا طَعَامه لتأخير الضَّمِير فِي اللَّفْظ وان كَانَت رتبته التَّقْدِيم لِأَنَّهُ فَاعل قَوْله خَاشِعًا متصدعا حالان من الْهَاء فِي رَأَيْته وَرَأَيْت من رُؤْيَة الْعين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 قَوْله المصور هُوَ مفعل من صور يصور وَلَا يحسن أَن يكون من صَار يصير لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن يُقَال الْمصير بِالْيَاءِ وَهُوَ نعت بعد نعت أَو خبر بعد خبر وَيجوز نَصبه فِي الْكَلَام ولابد من فتح الْوَاو فتنصبه بالبارىء أَي هُوَ الله الْخَالِق البارىء المصور يَعْنِي آدم عَلَيْهِ السَّلَام وبنيه وَلَا يجوز نَصبه مَعَ كسر الْوَاو لِأَنَّهُ مفعول ويروى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ بِفَتْح الْوَاو وَكسر الرَّاء على التَّشْبِيه بالْحسنِ الْوَجْه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الممتحنة قَوْله تَعَالَى تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة تلقونَ فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لأولياء قَوْله يخرجُون الرَّسُول فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي كفرُوا قَوْله أَن تؤمنوا أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله قَوْله إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ ان للشّرط وَجَوَاب الشَّرْط فِيمَا تقدم من الْكَلَام لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي اللَّفْظ قَوْله جهادا نصب على الْمصدر فِي مَوضِع الْحَال وَقيل هُوَ مفعول من أَجله وَمثله وابتغاء مرضاتي قَوْله يَوْم الْقِيَامَة يفصل بَيْنكُم يَوْم ظرف الْعَامِل فِيهِ تنفعكم وتقف على الْقِيَامَة وَقيل يفصل هُوَ الْعَامِل فِي الظّرْف وتقف على بَيْنكُم وَلَا تقف على الْقِيَامَة قَوْله إِنَّا برَاء مِنْكُم هُوَ جمع بَرِيء ككريم وكرماء وَأَجَازَ أَبُو عَمْرو وَعِيسَى بن عمر برَاء بِكَسْر الْبَاء جعلاه ككريم وكرام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 وَأَجَازَ الْفراء برَاء بِفَتْح الْبَاء بِلَفْظ الْوَاحِد يدل على الْجمع كَقَوْلِه تَعَالَى إِنَّنِي برَاء مِمَّا تَعْبدُونَ وبراء فِي الأَصْل مصدر فَهُوَ يَقع للْوَاحِد وَالْجمع بِلَفْظ وَاحِد وتحقيقه إِنَّنِي ذُو برَاء أَي ذُو تبرؤ مِنْكُم قَوْله أَن تبروهم أَن فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وَمثله أَن تولوهم وَقيل هما مفعولان من أجلهما قَوْله إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم قَول اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله مهاجرات نصب على الْحَال من الْمُؤْمِنَات قَوْله مؤمنات مفعول ثَان لعلم وَهن الأول قَوْله أَن تنكحوهن أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْجَرّ تَقْدِيره فِي أَن تنكحوهم أَي لَيْسَ عَلَيْكُم حرج فِي نِكَاحهنَّ إِذا اتيتموهن أُجُورهنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الصَّفّ قَوْله تَعَالَى كبر مقتا نصب على الْبَيَان قَوْله أَن تَقولُوا أَن فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَمَا قبلهَا الْخَبَر تَقْدِيره قَوْلكُم مَالا تَفْعَلُونَ كبر مقتا عِنْد الله وَيجوز أَن تكون أَن فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ أَن تَقولُوا وَفِي كبر ضمير فَاعل أَي كبر المقت مقتا وَهَذَا مِمَّا أضمر من غير تقدم ذكر قبله لكنه أضمر على شريطة التَّفْسِير ففسر بمقت وَحسن أَن يكون كبر مقتا خَبرا لِلْقَوْلِ لِأَنَّهُ بِمَعْنى الذَّم تَقْدِيره قَوْلكُم مَالا تَفْعَلُونَ مَذْمُوم وَقَامَ قَوْله كبر مقتا مقَام مَذْمُوم كَمَا تَقول زيد نعم رجلا فَترفع زيدا بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده خَبره وَلَيْسَ فِيهِ مَا يعود عَلَيْهِ لكنه جَازَ وَحسن لِأَن مَعْنَاهُ الْمَدْح فَكَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير زيد ممدوح وَقَامَ قَوْلك نعم رجلا مقَام ممدوح فافهمه قَوْله صفا مصدر فِي مَوضِع الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 قَوْله كَأَنَّهُمْ بُنيان فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يُقَاتلُون أَي يُقَاتلُون مشبهين بنيانا مرصوصا قَوْله واذ قَالَ عِيسَى الْعَامِل فِي اذ فعل مُضْمر تَقْدِيره وَاذْكُر اذ قَالَ قَوْله مُصدقا وَمُبشرا حالان من عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله تؤمنون بِاللَّه وتجاهدون هَذَا عِنْد الْمبرد لَفظه لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ الْأَمر كَأَنَّهُ قَالَ آمنُوا وَجَاهدُوا وَلذَلِك قَالَ يغْفر لكم ويدخلكم بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر فَهُوَ مَحْمُول على الْمَعْنى وَدلّ على ذَلِك أَن فِي حرف عبد الله آمنُوا على الْأَمر وَقَالَ غَيره تؤمنون وتجاهدون عطف بَيَان على مَا قبله كَأَنَّهُ لما قَالَ تَعَالَى هَل أدلكم على تِجَارَة لم يدر مَا التِّجَارَة فبينها بالايمان وَالْجهَاد فَعلم أَن التِّجَارَة هِيَ الايمان وَالْجهَاد فَيكون على هَذَا يغْفر جَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى هَل تؤمنون بِاللَّه وتجاهدون يغْفر لكم لِأَنَّهُ قد بَين التِّجَارَة بالايمان وَالْجهَاد فَهِيَ هما فكأنهما قد لفظ بهما فِي مَوضِع بعد هَل فَحمل الْجَواب على ذَلِك الْمَعْنى وَقد قَالَ الْفراء يغْفر جَوَاب الِاسْتِفْهَام فان اراد هَذَا الْمَعْنى فَهُوَ حسن وان لم يردهُ فَذَلِك غير جَائِز لِأَن الدّلَالَة لَا تجب بهَا الْمَغْفِرَة انما تجب الْمَغْفِرَة بِالْقبُولِ وَالْعَمَل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 قَوْله واخرى تحبونها أُخْرَى فِي مَوضِع خفض على الْعَطف على تِجَارَة أَي هَل أدلكم على خلة أُخْرَى تحبونها هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وترفع نصر على اضمار مُبْتَدأ أَي ذَلِك نصر أَو هِيَ نصر وَقَالَ الْفراء اخرى فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالتَّقْدِير عِنْده وَلكم خلة أُخْرَى وَهُوَ اخْتِيَار الطَّبَرِيّ وَاسْتدلَّ على هَذَا بقوله نصر وَفتح بِالرَّفْع على الْبَدَل من أُخْرَى قَوْله ظَاهِرين نصب على خبر أصبح وَالضَّمِير اسْمهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْجُمُعَة قَوْله تَعَالَى يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم كلهَا نعوت لرَسُول وَكَذَلِكَ مِنْهُم نعت أَيْضا فِي مَوضِع نصب كلهَا قَوْله واخرين مِنْهُم فِي مَوضِع خفض عطف على الْأُمِّيين وَقيل فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي يعلمهُمْ أَو يزكيهم وَقيل هُوَ مَعْطُوف على معنى يَتْلُو عَلَيْهِم لِأَن مَعْنَاهُ يعرفهُمْ بآياته قَوْله لما يلْحقُوا أصل لما لم زيدت عَلَيْهِ مَا لينفى بهَا مَا قرب من الْحَال وَلَو لم يكم مَعهَا مَا لكَانَتْ نفي مَاض لَا غير فاذا قلت لم يقم زيد فَهُوَ نفي لمن قَالَ قَامَ زيد واذا قلت لما يقم زيد فَهُوَ نفي لمن قَالَ قد قَامَ زيد قَوْله يحمل أسفارا يحمل حَال من الْحمار قَوْله بئس مثل الْقَوْم مثل مَرْفُوع ببئس وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْبَيَان لجملة محذوفة تَقْدِيره بئس مثل الْقَوْم هَذَا الْمثل لَكِن حذف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ قَوْله فانه ملاقيكم هَذَا خبر ان وانما دخلت الْفَاء فِي خبر ان لِأَنَّهُ قد نعت اسْمهَا بِالَّذِي والنعت هُوَ المنعوت وَالَّذِي مُبْهَم والابهام حد من حُدُود الشَّرْط فَدخلت الْفَاء فِي الْخَبَر لما فِي الَّذِي من الابهام الَّذِي هُوَ من حُدُود الشَّرْط وَحسن ذَلِك لِأَن الَّذِي وصل بِفعل وَلَو وصل بِغَيْر فعل لم يجز دُخُول الْفَاء فِي الْخَبَر وَلَو قلت ان أَخَاك فجالس لم يجز اذ لَيْسَ فِي الْكَلَام مَا فِيهِ ابهام وَيجوز أَن يكون الَّذِي تفرون مِنْهُ هُوَ الْخَبَر وَتَكون الْفَاء فِي فانه ملاقيكم جَوَاب الْجُمْلَة كَمَا تَقول زيد منطلق فَقُمْ اليه قَوْله يَوْم الْجُمُعَة يجوز اسكان الْمِيم اسْتِخْفَافًا وَقيل هِيَ لُغَة وَقيل لما كَانَ فِيهِ معنى الْفِعْل صَار بِمَنْزِلَة رجل هزأة أَي يهزأ بِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَة معنى التجميع أسكن لِأَنَّهُ مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى أَو يُشبههُ فَصَارَ كهزأة للَّذي يهزأ مِنْهُ وَفِيه لُغَة ثَالِثَة الْجُمُعَة بِفَتْح الْمِيم على نسب الْفِعْل اليها كَأَنَّهَا تجمع النَّاس كَمَا يُقَال رجل لحنة اذا كَانَ يلحن النَّاس وقرأه إِذا كَانَ يقرىء النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المُنَافِقُونَ قَوْله تَعَالَى إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ الْعَامِل فِي اذا جَاءَك لِأَن فِيهَا معنى الشَّرْط وَقد تقدّمت علتها قَوْله يعلم إِنَّك لرَسُوله كسرت إِن لدُخُول اللَّام فِي خَبَرهَا فالفعل مُعَلّق عَن الْعَمَل فِي اللَّفْظ وَهُوَ عَالم فِي الْمَعْنى فِي الْجُمْلَة وَلَا تعلق عَن الْعَمَل الا الْأَفْعَال الَّتِي تنصب الِابْتِدَاء وَالْخَبَر قَوْله إِنَّهُم سَاءَ مَا كَانُوا يعْملُونَ مَا فِي مَوضِع رفع بساء على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَكَانُوا يعْملُونَ صلَة مَا وَالْهَاء محذوفة أَي يَعْمَلُونَهُ وَقَالَ الْأَخْفَش مَا نكرَة فِي مَوضِع نصب وَكَانُوا يعْملُونَ نَعته والهاءمحذوفة أَيْضا من الصّفة وحذفها من الصِّلَة أحسن وَهُوَ جَائِز من الصّفة وَقَالَ ابْن كيسَان مَا وَالْفِعْل مصدر فِي مَوضِع رفع بساء فَلَا يحْتَاج الى هَاء محذوفة على قَوْله قَوْله وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا يسْتَغْفر لكم هَذَانِ فعلان أعمل الثَّانِي مِنْهُمَا وَهُوَ يسْتَغْفر وَلَيْسَ فِيهِ ضمير لِأَن فَاعله بعده وَلَو أعمل الأول فِي الْكَلَام وَهُوَ تَعَالَوْا لقيل تَعَالَوْا يسْتَغْفر لكم الى رَسُول الله لِأَن تَقْدِيره تَعَالَوْا الى رَسُول الله يسْتَغْفر لكم فَفِي يسْتَغْفر ضمير الْفَاعِل على هَذَا التَّقْدِير قَوْله لن يغْفر الله لَهُم لن هِيَ الناصبة للْفِعْل عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْخَلِيل أَصْلهَا لَا أَن فحذفت الْهمزَة لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال ثمَّ حذفت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 الْألف لسكونها وَسُكُون النُّون فَبَقيت لن وَلنْ مَوْضُوعَة لنفي الْمُسْتَقْبل فاذا قلت لن يقوم زيد فانما هُوَ نفي لمن قَالَ سيقوم زيد وَلذَلِك لَا يجوز دُخُول السِّين وسوف مَعَ لن لِأَنَّهَا تدخل على مُسْتَقْبل فَلَا يحْتَاج الى السِّين وسوف مَعهَا فَأن هِيَ الناصبة للْفِعْل عِنْد الْخَلِيل وَقد ألزمع سِيبَوَيْهٍ أَن لَا يجوز زيدا لن أضْرب لِأَنَّهُ فِي صلَة أَن على قَول الْخَلِيل وَذَلِكَ جَائِز عِنْدهمَا وَقد منع بعض النَّحْوِيين وَهُوَ عَليّ بن سُلَيْمَان أَن يجوز زيدا لن أضْرب من جِهَة أَن لن لَا تَنْصَرِف فَهِيَ ضَعِيفَة لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَا بعْدهَا كَمَا لم يجز أَن يتَقَدَّم اسْم إِن عَلَيْهَا وعوامل الْأَسْمَاء أقوى من عوامل الْأَفْعَال فاذا لم يتَقَدَّم مَا بعد عوامل الْأَسْمَاء عَلَيْهَا وَهِي أقوى من عوامل الْأَفْعَال كَانَ ذَلِك فِي عوامل الْأَفْعَال أبعد وَكَذَلِكَ لم عِنْده والبصريون على جَوَازه مَعَ لن قَوْله ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل هَذَا وَجه الْكَلَام لِأَن الْفِعْل مُتَعَدٍّ الى مفعول لِأَنَّهُ من أخرج فَأَما من قَرَأَ ليخرجن بِفَتْح الْيَاء فالفعل غير مُتَعَدٍّ من خرج لكنه ينصب الْأَذَل على الْحَال وَالْحَال لَا يكون فِيهَا الْألف وَاللَّام إِلَّا فِي نَادِر يسمع وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ حكى سِيبَوَيْهٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 ادخُلُوا الأول فَالْأول نَصبه على الْحَال وَأَجَازَ يُونُس مَرَرْت بِهِ الْمِسْكِين نصب الْمِسْكِين على الْحَال وَلَا يُقَاس على هَذَا الشذوذ وَخُرُوجه عَن الْقيَاس قَوْله فَأَصدق وأكن من حذف الْوَاو عطفه على مَوضِع الْفَاء لِأَن موضعهَا جزم على جَوَاب التَّمَنِّي وَمن أثبت الْوَاو عطفه على لفظ فَأَصدق وَالنّصب فِي فَأَصدق على اضمار أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة التغابن قَوْله تَعَالَى أبشر يهدوننا انما جمع يهدوننا لِأَنَّهُ رده على معنى بشر لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة تَنْفِي هَذَا الْموضع وَيكون للْوَاحِد نَحْو قَوْله مَا هَذَا بشرا وَقد أجَاز النحويون رَأَيْت ثَلَاثَة نفر وَثَلَاثَة رَهْط حملا على الْمَعْنى وَلم يجيزوا رَأَيْت ثَلَاثَة قوم وَلَا ثَلَاثَة بشر وَالْفرق بَينهمَا أَن نَفرا ورهطا لما دون الْعشْرَة من الْعدَد فاضيف مَا دون الْعشْرَة من الْعدَد اليه إِذْ هُوَ نظيرة وَقوم قد يَقع لما فَوق الْعشْرَة من الْعدَد فَلم يحسن اضافة مَا دون الْعشْرَة من الْعدَد الى مَا فَوْقهَا وَأما بشر فَيَقَع للْوَاحِد فَلم يُمكن اضافة عدد الى وَاحِد وَبشر رفع بِالِابْتِدَاءِ وَقيل باضمار فعل قَوْله يَوْم يجمعكم يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ ثمَّ لتنبؤن قَوْله وأنفقوا خيرا انتصب خير عِنْد سِيبَوَيْهٍ على اضمار فعل تدل عَلَيْهِ الْكَلَام لِأَنَّهُ لما قَالَ وأنفقوا دلّ على أَنه أَمرهم أَن يَأْتُوا فعل خير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 فَكَأَنَّهُ قَالَ واتوا خيرا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ خبر كَانَ مضمرة أَي يكن خيرا وَقَالَ الْفراء وَالْكسَائِيّ هُوَ نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وانفقوا انفاقا خيرا وَقيل هُوَ نصب بأنفقوا وَالْخَيْر المَال على هَذَا القَوْل وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين هُوَ نصب على الْحَال وَهُوَ بعيد أَيْضا فِي الْمَعْنى والاعراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الطَّلَاق قَوْله تَعَالَى بَالغ أمره انتصب الْأَمر ببالغ لِأَنَّهُ بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال وَقد قرىء بالاضافة وَأَجَازَ الْفراء فِي الْكَلَام بَالغ أمره بِالتَّنْوِينِ وَرفع الْأَمر ببالغ أَو بالآبتداء وَبَالغ خَبره وَالْجُمْلَة خبر ان قَوْله واللائي يئسن اللائي ابْتِدَاء ويئسن وَمَا بعده صلته الى نِسَائِكُم وَإِن ارتبتم شَرط فعدتهن ابْتِدَاء وَثَلَاثَة أشهر خَبره وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط وَالشّرط وَجَوَابه وَمَا تعلق بِهِ خبر عَن اللائي وَالتَّقْدِير ان ارتبتم فِيهِنَّ فأمد عدتهن ثَلَاثَة أشهر وَوَاحِد اللائي الَّتِي قَوْله وَأولَات الْأَحْمَال ابْتِدَاء وأجلهن ابْتِدَاء ثَان وَأَن يَضعن الْخَبَر وَأَن فِي مَوضِع رفع وَهِي وَالْفِعْل مصدر وَالثَّانِي وَخَبره خبر الأول وَيجوز أَن يكون أَجلهنَّ بَدَلا من أولات وَأَن يَضعن الْخَبَر وَهُوَ بدل الاشتمال وَوَاحِد أولات ذَات قَوْله وَإِن كن أولات حمل فِي كَانَ اسْمهَا وَأولَات الْخَبَر تَقْدِيره وان كَانَ المطلقات أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ قَوْله قد أنزل الله إِلَيْكُم ذكرا رَسُولا انتصب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 ذكر بأنزل وانتصب رَسُول على نعت ذكر تَقْدِيره ذكرا ذَا رَسُول ثمَّ حذف الْمُضَاف وَقيل انتصب رَسُول على الْبَدَل من ذكر وَرَسُول بِمَعْنى رِسَالَة وَقيل هُوَ بدل وَرَسُول على بَابه لَكِن مَعْنَاهُ قد أظهر الله ذكرا رَسُولا لِأَن أنزل دلّ على اظهار أَمر لم يكن فَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنى رِسَالَة على هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ وَقيل هُوَ نصب على اضمار أرسلنَا وَقيل هُوَ نصب على اضمار أَعنِي وَقيل هُوَ نصب على الاغراء أَي اتبعُوا رَسُولا أَو الزموا رَسُولا وَقيل هُوَ نصب بِفعل دلّ ذكرا عَلَيْهِ تَقْدِيره قد أنزل الله اليكم ذكرا تَذكرُوا رَسُولا أَو فَذكر رَسُولا وَقيل هُوَ نصب بِذكر لِأَنَّهُ مصدر يعْمل عمل الْفِعْل تَقْدِيره قد أنزل الله اليكم أَن تَذكرُوا رَسُولا قَوْله يَتْلُوا نعت لرَسُول قَوْله لِتَعْلَمُوا اللَّام مُتَعَلقَة بتنزل وَقيل بِخلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة التَّحْرِيم قَوْله تَعَالَى تبتغي فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تحرم قَوْله تَحِلَّة نصب بِفَرْض ووزنه تفعلة وَأَصله تحللة ثمَّ ألقيت حَرَكَة اللَّام الأولى على الْحَاء وأدغمت فِي الثَّانِيَة قَوْله قُلُوبكُمَا انما جمع الْقلب وهما اثْنَان لِأَن كل شَيْء لَيْسَ فِي الانسان مِنْهُ غير وَاحِد اذا قرن بِهِ مثله فَهُوَ جمع وَقيل لِأَن التَّثْنِيَة جمع لِأَنَّهَا جمع شَيْء الى شَيْء قَوْله نبأت بِهِ الْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره نبأت بِهِ صاحبتها يَعْنِي عَائِشَة وَحَفْصَة رَضِي الله عَنْهُمَا وَحَفْصَة هِيَ المخبرة عَائِشَة بالسر وَكَذَلِكَ الْمَفْعُول مَحْذُوف أَيْضا من قَوْله تَعَالَى عرف بعضه فِي قِرَاءَة من شدد الرَّاء أَي عرفهَا بعضه أَي بعض مَا أفشت لصاحبتها وَأعْرض عَن بعض تكرما مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعرفهَا بِهِ فَأَما من خفف الرَّاء فَهُوَ على معنى جازى على بعضه وَلم يجاز على بعض احسانا مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يحسن أَن يكون مَعْنَاهُ أَنه لم يدر بعضه لِأَن الله قد أخبرنَا أَنه قد أظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 نبيه عَلَيْهِ فَلَا جَائِز أَن يظهره على مَا أفشت وَيعرف بعض مَا أظهره عَلَيْهِ دون بعض أَو يعرف بَعْضًا وينكر بَعْضًا قَوْله فان الله هُوَ مَوْلَاهُ هُوَ فاصلة ومولاه خبران وَيجوز أَن يكون هُوَ ابْتِدَاء ومولاه الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر ان وتقف على مَوْلَاهُ على هَذَا لَا تجاوزه قَوْله وَجِبْرِيل ابْتِدَاء وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ وظهير خبر وَيجوز أَن يكون وَجِبْرِيل عطفا على مَوْلَاهُ وَالْمولى بِمَعْنى الْوَلِيّ وتقف على جِبْرِيل على هَذَا وَيكون وَصَالح الْمُؤمنِينَ ابْتِدَاء وَالْمَلَائِكَة عطف وظهير خبر وَيجوز أَن يكون وَصَالح الْمُؤمنِينَ عطفا على جِبْرِيل وَجِبْرِيل عطف على مَوْلَاهُ وَالْمولى بِمَعْنى الْوَلِيّ لِأَن الْمَلَائِكَة وَالْمُؤمنِينَ أَوْلِيَاء الْأَنْبِيَاء وناصروهم فتقف على هَذَا على الْمُؤمنِينَ وَيكون قَوْله وَالْمَلَائِكَة ابْتِدَاء وظهير خَبره الا أَن الْمُتَعَارف عِنْد الْقُرَّاء الْوَقْف على مَوْلَاهُ وَيكون جِبْرِيل ابْتِدَاء يبتدأ بِهِ قَوْله أَن يُبدلهُ أَن فِي مَوضِع نصب خبر عَسى وَمثله أَن يكفر قَوْله قوا أَنفسكُم قوا فعل قد اعتل فاؤه ولامه فالفاء محذوفة لوقوعها بَين يَاء وكسرة فِي قَوْلك يقي على مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ انما حذفت للْفرق بَين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي وَغير الْمُتَعَدِّي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 فحذفت فِي يعد ويقي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَثبتت فِي يوجل لِأَنَّهُ غير مُتَعَدٍّ ويلزمهم أَن لَا يحذفوا فِي يرم ويثق لِأَنَّهُمَا غير متعديين ولابد من الْحَذف فيهمَا وَاللَّام محذوفة لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا وَالنُّون محذوفة للْبِنَاء عِنْد الْبَصرِيين وللجزم عِنْد الْكُوفِيّين وَأَصله أوقيوا فحذفت الْوَاو لما ذكرنَا فاستغنى عَن ألف الْوَصْل ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْقَاف وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا فَصَارَت قوا وَقيل بل حذفت الضمة عَن الْيَاء اسْتِخْفَافًا وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا وضمت الْقَاف لأجل الْوَاو لِئَلَّا تنْقَلب يَاء فيتغير الْمَعْنى وَقد تقدم لهَذَا نَظَائِر قَوْله وَمَرْيَم ابنت عمرَان مَرْيَم نصب على الْعَطف على مثلا وَابْنَة نعت لَهَا أَو بدل وَلم تَنْصَرِف مَرْيَم للتأنيث ولتعريف وَقيل انه اسْم أعجمي وَقيل عَرَبِيّ قَوْله ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا امْرَأَة نوح وَامْرَأَة لوط مفعولان لضرب وَقيل امْرَأَة نوح بدل من مثل على تَقْدِير مثل امْرَأَة نوح ثمَّ حذف مثل الثَّانِي لدلَالَة الأول عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْملك قَوْله تَعَالَى طباقا نعت لسبع وَهُوَ جمع طبقَة كرحبة ورحاب وَقيل جمع طبق كجبل وجبال قَوْله كرتين نصب لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ فَارْجِع الْبَصَر رجعتين قَوْله خاسئا حَال من الْبَصَر وَكَذَلِكَ وَهُوَ حسير ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْبَصَر قَوْله كلما ألقِي كلما نصب بألقي على الظّرْف قَوْله فَاعْتَرفُوا بذنبهم انما وحد الذَّنب وَالْأَخْبَار عَن جمَاعَة لِأَنَّهُ مصدر يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير قَوْله فسحقا نصب على اضمار فعل أَي ألزمهم الله سحقا وَقيل هُوَ مصدر جعل بَدَلا من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَالرَّفْع يجوز فِي الْكَلَام على الِابْتِدَاء قَوْله أَلا يعلم من خلق من فِي مَوضِع رفع بيعلم وَالْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره أَلا يعلم الْخَالِق خلقه فَدلَّ ذَلِك على أَن مَا يسر الْخلق من قَوْلهم وَمَا يجهرون بِهِ كل من خلق الله لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وأسروا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور أَلا يعلم الْخَالِق خلقه فَكل من خلق الله وَقد قَالَ بعض أهل الزيغ إِن من فِي مَوضِع نصب اسْم للمسرين والجاهرين ليخرج الْكَلَام عَن عُمُومه وَيدْفَع عُمُوم الْخلق عَن الله جلّ ذكره وَلَو كَانَ كَمَا زعم لقَالَ أَلا يعلم مَا خلق لِأَنَّهُ انما تقدم ذكر مَا تكن الصُّدُور فَهُوَ فِي مَوضِع مَا وَلَو أَتَت مَا فِي مَوضِع من لَكَانَ فِيهِ أَيْضا بَيَان الْعُمُوم أَن الله خَالق كل شَيْء من أَقْوَال الْخلق أسروها أَو أظهروها خيرا كَانَت أَو شرا ويقوى ذَلِك قَوْله تَعَالَى انه عليم بِذَات الصُّدُور وَلم يقل عليم المسرين والجاهرين وَتَكون مَا فِي مَوضِع نصب وانما تخرج الاية من هَذَا الْعُمُوم اذا جعلت من فِي مَوضِع نصب اسْما للأناس المخاطبين قبل هَذِه الاية وَقَوله بِذَات الصُّدُور يمْنَع من ذَلِك قَوْله أَن يخسف وَأَن يُرْسل أَن فيهمَا فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من من وَهُوَ بدل الاشتمال وَقَالَ النّحاس أَن مفعولة وَلم يذكر الْبَدَل وَوَجهه مَا ذكرت لَك قَوْله صافات حَال من الطير وَكَذَلِكَ ويقبضن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 قَوْله أَفَمَن يمشي ابْتِدَاء ومكبا حَال مِنْهُ وَأهْدى خَبره قَوْله وَجعل لكم السّمع انما وحد السّمع لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مصدر ثمَّ سمي بِهِ قَوْله مَتى هَذَا الْوَعْد هَذَا مبتداء والوعد نَعته وَمَتى فِي مَوضِع رفع خبر هَذَا وَفِيه ضمير مَرْفُوع يعود على هَذَا وَقيل هَذَا رفع بَالا ستقرار وَمَتى ظرف فِي مَوضِع نصب فَلَا يكون فِيهِ ضمير قَوْله تدعون هُوَ تفتعلون من الدُّعَاء وَأَصله تدتعيون ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الدَّال على ادغام الثَّانِي فِي الأول لِأَن الثَّانِي أَضْعَف من الأول وأصل الادغام أَن تُدْغَم الأضعف فِي الْأَقْوَى لِيَزْدَادَ قُوَّة من الادغام وَالدَّال مجهورة وَالتَّاء مهموسة والمجهور أقوى من المهموس فَلذَلِك أدغم الثَّانِي فِي الأول ليصير اللَّفْظ بِحرف مشدد مجهور فَهُوَ أحسن من أَن يصير بِحرف مهموس قَوْله فَمن يأتيكم ابْتِدَاء وَخبر وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط قَوْله بِمَاء معِين يجوز أَن يكون معِين فعيلا من معن المَاء اذا كثر وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا من الْعين وأصلة معيون ثمَّ أعل بِأَن اسكنت الْيَاء اسْتِخْفَافًا وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا ثمَّ قلبت الْوَاو بَاء لانكسار الْعين قبلهَا وَقيل بل حذفت الْوَاو لسكونها وَسُكُون الْيَاء قبلهَا فتقديره على هَذَا فَمن يأتيكم بِمَاء يرى بِالْعينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة نون والقلم قَوْله تَعَالَى نون والقلم قد تقدم وَجه الاظهار والادغام فِي النُّون فِي يس وَغَيرهَا وَقد قرىء بِفَتْح النُّون على أَنه مفعول بِهِ أَي اذكر نون أَو اقْرَأ نون وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ معرفَة وَهُوَ اسْم لؤنث وَهِي السُّورَة وَقيل لِأَنَّهُ اسْم أعجمي وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ انما فتحت النُّون لالتقاء الساكنين كأين وَكَيف كَأَن القارىء وصل قِرَاءَته وَلم يدغم فَاجْتمع ساكنان النُّون وَالْوَاو ففتحت النُّون وَقَالَ الْفراء انما فتحت على التَّشْبِيه بثم وَقَالَ غير فتحت لِأَنَّهَا اشتبهت نون الْجمع وَقَالَ أَبُو حَاتِم لما حذفت مِنْهَا وَاو الْقسم نصبت بِالْفِعْلِ الْمقسم بِهِ كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ فتنصب الأسم بِالْفِعْلِ كَأَنَّهُ فِي التَّمْثِيل وان كَانَ لَا يسْتَعْمل أقسم الله وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ الله لَأَفْعَلَنَّ بالخفض أعمل حرف الْقسم وَهُوَ مَحْذُوف وَجَاز ذَلِك فِي هَذَا وان كَانَ لَا يجوز فِي غَيره لِكَثْرَة اسْتِعْمَال الْحَذف فِي بَاب الْقسم وَمن جعل نون قسما جعل الْجَواب مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك قَوْله أَن كَانَ ذَا مَال أَن مفعول من أَجله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 وَالْعَامِل فِيهِ فعل مُضْمر تَقْدِيره يكفر أَو يجْحَد من أجل أَن كَانَ ذَا مَال وَلَا يجوز أَن يكون الْعَامِل تتلى وَلَا قَالَ لِأَن مَا بعد اذا لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا لِأَن اذا تُضَاف الى الْجمل الَّتِي بعْدهَا وَلَا يعْمل الْمُضَاف اليه فِيمَا قبل الْمُضَاف وَقَالَ جَوَاب الْجَزَاء وَلَا يعْمل فِيمَا قبل الْجَزَاء لِأَن حكم الْعَامِل أَن يكون قبل الْمَعْمُول فِيهِ وَحكم الْجَواب أَن يكون بعد الشَّرْط فَيصير مقدما مُؤَخرا فِي حَال وَذَلِكَ لَا يجوز فلابد من اضمار عَامل لِأَن على مَا ذكرنَا قَوْله مصبحين حَال من الْمُضمر فِي ليصر مِنْهَا الْمَرْفُوع وَلَا خبر لأصبح فِي هَذَا لِأَنَّهَا بِمَعْنى داخلين فِي الاصباح قَوْله بأيكم الْمفْتُون الْبَاء وَالْمعْنَى أَيّكُم الْمفْتُون وَقيل الْبَاء غير زَائِدَة لَكِنَّهَا بِمَعْنى فِي وَقيل الْمفْتُون بِمَعْنى الْفُتُون وَالتَّقْدِير فِي أَيّكُم الْفُتُون أَي الْجُنُون وكتبت أَيّكُم فِي الْمُصحف فِي هَذَا الْموضع خَاصَّة بياءين والف قبلهمَا وَعلة ذَلِك أَنهم كتبُوا الْهمزَة صُورَة على التَّحْقِيق وَصُورَة على التَّخْفِيف فالألف صُورَة الْهمزَة على التَّحْقِيق وَالْيَاء الأولى صورتهَا على التَّخْفِيف لِأَن قبل الْهمزَة كسرة فاذا خففتها فَحكمهَا أَن تبدل مِنْهَا يَاء وَالْيَاء الثَّانِيَة صُورَة الْيَاء الْمُشَدّدَة وَكَذَلِكَ كتبُوا بأييد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 بياءين على هَذِه الْعلَّة وَكَتَبُوا ولأاوضعوا بِأَلفَيْنِ وَكَذَلِكَ أَولا أذبخنه وَلَا الى الْجَحِيم وَلَا الى الله تحشرون كتب كُله بِأَلفَيْنِ احدهما وَهِي الأولى صُورَة الْهمزَة على التَّحْقِيق وَالثَّانيَِة صورتهَا على التَّخْفِيف وَقد قيل الأولى صُورَة الْهمزَة وَالثَّانيَِة صُورَة حركتها وَقيل هِيَ فَتْحة أشبعت فتولدت مِنْهَا ألف وَفِيه بعد وَهَذَا انما هُوَ تَعْلِيل لخط الْمُصحف اذ قد أَتَى على ذَلِك وَلَا سَبِيل لتحريفه وَهَذَا الْبَاب يَتَّسِع وَهُوَ كثير فِي الْخط خَارج عَن الْمُتَعَارف بَين الْكتاب من الْخط فلابد أَن يخرج من ذَلِك وَجه يَلِيق بِهِ وسنذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى مستقصى مُعَللا فِي غير هَذَا قَوْله قَالَ اساطير الْأَوَّلين أَي هَذِه أساطير فأساطير خبر ابْتِدَاء مُضْمر قَوْله كَذَلِك الْعَذَاب الْعَذَاب ابْتِدَاء وَكَذَلِكَ الْخَبَر أَي الْعَذَاب الَّذِي يحل بالكفار مثل هَذَا الْعَذَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 قَوْله مَا لكم كَيفَ تحكمون مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَلكم الْخَبَر وَكَيف فِي مَوضِع نصب بتحكمون قَوْله أم لكم أَيْمَان علينا بالغه أَيْمَان ابْتِدَاء وعلينا خبر وبالغة نعت لأيمان وَقَرَأَ الْحسن بَالِغَة بِالنّصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي علينا قَوْله يَوْم يكْشف انتصب يَوْم على اذكر يامحمد فتبتدىء بِهِ وَيجوز أَن ينصبه يَأْتُوا أَي يَأْتُوا بشركائهم فِي هَذَا الْيَوْم وَلَا يحسن الِابْتِدَاء بِهِ قَوْله خاشعة أَبْصَارهم نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يدعونَ أَو من الْمُضمر فِي يَسْتَطِيعُونَ وأبصارهم رفع بِفِعْلِهَا وترهقهم فِي مَوضِع الْحَال مثل الأول وان شِئْت كَانَ مُنْقَطِعًا من الأول قَوْله فذرني وَمن يكذب من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على ضمير الْمُتَكَلّم وان شِئْت على أَنه مفعول مَعَه قَوْله لَوْلَا أَن تَدَارُكه أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 مَحْذُوف وَلَا يكَاد يسْتَعْمل مَعَ لَوْلَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ الا محذوفا وَالتَّقْدِير لَوْلَا مداركة الله اياه لحقته أَو استنقذته وَشبهه ولنبذ جَوَاب لَوْلَا وَذكر تَدَارُكه لِأَن النِّعْمَة وَالنعَم بِمَعْنى وَاحِد فَحمل على الْمَعْنى وَقيل ذكر لِأَنَّهُ فرق بَينهمَا بِالْهَاءِ وَقيل لِأَن تَأْنِيث النِّعْمَة غير حَقِيقِيّ إِذْ لَا ذكر لَهَا من لَفظهَا وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود لَوْلَا أَن تداركته بِالتَّاءِ على تَأْنِيث اللَّفْظ قَوْله وَهُوَ مَذْمُوم ابْتِدَاء وخب فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي نبذ قَوْله وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك إِن عِنْد الْكُوفِيّين بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا وَتَقْدِيره وَمَا يكَاد الَّذين كفرُوا الا يزلقونك وَإِن عِنْد الْبَصرِيين مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مُضْمر مَعهَا وَاللَّام لَام التَّأْكِيد لَزِمت هَذَا النَّوْع لِئَلَّا تشبه إِن الَّتِي بِمَعْنى مَا وَقد مضى نَظِيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الحاقة قَوْله تَعَالَى {الحاقة مَا الحاقة} الحاقه ابْتِدَاء وَمَا ابْتِدَاء ثَان وَمَا بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام الَّذِي مَعْنَاهُ التَّعْظِيم والتعجب والحاقة الثَّانِيَة خبر مَا وَمَا وخبرها خبر عَن الحاقة الأولى وَجَاز أَن تكون الْجُمْلَة خَبرا عَنْهَا وَلَا ضمير فِيهَا يعود على الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهَا مَحْمُولَة على معنى الحاقة مَا أعظمها وأهولها وَقيل الْمَعْنى الحاقة مَا هِيَ على التَّعْظِيم لأمرها ثمَّ أظهر الِاسْم ليَكُون أبين فِي التَّعْظِيم وَقد مضى ذكر هَذَا فِي الْوَاقِعَة وَمثله القارعة مَا القارعة قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة مَا ابْتِدَاء وَمَا الثَّانِيَة ابْتِدَاء ثَان والحاقة خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بادراك وأدراك وَمَا اتَّصل بِهِ خبر عَن مَا الأولى وَفِي أَدْرَاك ضمير فَاعل يعود على مَا الأولى وَمَا الأولى وَالثَّانيَِة اسْتِفْهَام فَلذَلِك لم يعْمل أَدْرَاك فِي مَا الثَّانِيَة وَعمل فِي الْجُمْلَة وهما اسْتِفْهَام فيهمَا معنى التَّعْظِيم والتعجب وأدراك فعل يتَعَدَّى الى مفعولين الْكَاف الْمَفْعُول الأول وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الثَّانِي وَمثله وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 ثمَّ ماأدراك مَا يَوْم الدّين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة كُله على قِيَاس وَاحِد فقس بعضه على بعض قَوْله فَأَما ثَمُود فأهلكوا ثَمُود رفع بِالِابْتِدَاءِ وفأهلكوا الْخَبَر وَحقّ الْفَاء أَن تكون قبله وَالتَّقْدِير مهما يكن من شَيْء فثمود أهلكوا وَثَمُود اسْم للقبيلة وَهُوَ معرفَة فَلذَلِك لم ينْصَرف للتأنيث ولتعريف وَقيل هُوَ اعجمي معرفَة فَلذَلِك لم ينْصَرف وَيجوز صرفه فِي الْكَلَام وَقد قرىء بذلك فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن غير هَذَا على أَنه اسْم للْأَب وَمثله وَأما عَاد فأهلكوا إِلَّا أَن عادا انْصَرف لخفته اذ هُوَ على ثَلَاثَة أحرف الْأَوْسَط سَاكن كهند ودعد ومصر وَنَحْو ذَلِك قَوْله سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام انتصب سبع وَثَمَانِية على الظّرْف وحسوما نعت للأيام بِمَعْنى متتابعة وَقيل هُوَ نصب على الْمصدر بِمَعْنى تبَاع قَوْله فِيهَا صرعى فِي مَوضِع نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين قَوْله كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على الْحَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 من الْمُضمر فِي صرعى أَي مشبهين أعجاز نخل خوت من التأكل قَوْله فَيَوْمئِذٍ وَقعت الْوَاقِعَة الْعَامِل فِي الظّرْف وَقعت قَوْله فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية الْعَامِل فِي الظّرْف واهية قَوْله يَوْمئِذٍ تعرضون الْعَامِل فِي الظّرْف تعرضون قَوْله مَا أغْنى عني ماليه مَا فِي مَوضِع نصب بأغنى وَيجوز أَن تكون نَافِيَة على حذف مفعول أغْنى أَي مَا أغْنى عني مَالِي شَيْئا قَوْله ذرعها سَبْعُونَ ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لسلسلة قَوْله قَلِيلا مَا تؤمنون وقليلا مَا تذكرُونَ انتصب قَلِيلا فِي هَذَا الْموضع بتؤمنون وتذكرون وَمَا زَائِدَة وَحَقِيقَته أَنه نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره وقتا قَلِيلا تذكرُونَ أَو تذكرا قَلِيلا تذكرُونَ وَكَذَلِكَ قَلِيلا مَا تؤمنون وَلَا يجوز أَن تجْعَل مَا وَالْفِعْل مصدرا وتنصب قَلِيلا بِمَا بعد مَا لِأَن فِيهِ تَقْدِيم الصِّلَة على الْمَوْصُول لِأَن مَا عمل فِيهِ الْمصدر فِي صلَة الْمصدر ابدا فَلَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ قَوْله تَنْزِيل من رب الْعَالمين خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف أَي هُوَ تَنْزِيل قَوْله عَنهُ حاجزين نعت لأحد لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة فَحمل النَّعْت على الْمَعْنى فَجمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سورى سَأَلَ سَائل قَوْله تَعَالَى سَأَلَ من ترك الْهمزَة احْتمل ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يكون من السُّؤَال لَكِن أبدل من الْهمزَة ألفا وَهُوَ بدل على غير قِيَاس لكنه جَائِز حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره وَالثَّانِي ان يكون الْألف بَدَلا من وَاو حكى سِيبَوَيْهٍ وَغَيره سلت تسال لُغَة بِمَنْزِلَة خفت تخَاف وَالْوَجْه الثَّالِث ان يكون الْألف بَدَلا من يَاء من سَالَ يسيل بِمَنْزِلَة كال يَكِيل وأصل سَأَلَ اذا كَانَ من السُّؤَال ان يتَعَدَّى الى مفعولين نَحْو قَوْله فَلَا تسألن ماليس وَيجوز أَن يقْتَصر على وَاحِد كأعطيت وكسوت نَحْو قَوْله تَعَالَى واسألوا مَا أنفقتم فاذا اقتصرت على وَاحِد جَازَ أَن يتَعَدَّى بِحرف جر الى ذَلِك الْوَاحِد نَحْو قَوْله تَعَالَى سَأَلَ سَائل بِعَذَاب تَقْدِيره سَالَ سَائل النَّبِي بِعَذَاب وَالْبَاء بِمَعْنى عَن وَإِذا جعلت سَالَ من السَّيْل لم تكن الْبَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 بِمَعْنى عَن وَكَانَت على بَابهَا وَأَصلهَا للتعدى فَأَما الْهمزَة فِي سَائل فتحتمل ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن تكون أَصْلِيَّة من السُّؤَال وَالثَّانِي أَن تكون بَدَلا من وَاو على لُغَة من قَالَ سلت تسال كخفت تخَاف وَالثَّالِث أَن تكون بَدَلا من يَاء على أَن تجْعَل سَالَ من السَّيْل قَوْله يَوْم تكون السماءالعامل فِي الظّرْف نرَاهُ وَيجوز أَن يكون بَدَلا من قريب وَالْعَامِل فِي قريب نرَاهُ وَقيل الْعَامِل يبصرونهم وَالْهَاء وَالْمِيم فِي يبصرونهم تعود على الْكفَّار وَالضَّمِير الْمَرْفُوع للْمُؤْمِنين أَي يبصر الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين يَوْم الْقِيَامَة أَي يرونهم فَيَنْظُرُونَ اليهم فِي النَّار وَقيل تعود على الْحَمِيم وَهُوَ بِمَعْنى الْجمع أَي يبصر الْحَمِيم حميمه وَقيل الضميران يعودان على الْكفَّار أَي يبصر التابعون المتبوعين فِي النَّار قَوْله إِنَّهَا لظى نزاعة لظى خبر ان فِي مَوضِع رفع ونزاعة خبر ثَان وَقيل لظى فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من هَا فِي انها ونزاعة خبران فِي مَوضِع رفع وَقيل لظى خبر ان ونزاعة بدل من لظى أَو رفع على اضمار مُبْتَدأ وَقيل الضَّمِير فِي انها للقصة ولظى مُبْتَدأ ونزاعة خبر لظى وَالْجُمْلَة خبران وَمن نصب نزاعة فعلى الْحَال وَهِي قِرَاءَة خفص عَن عَاصِم وَالْعَامِل فِي نزاعة مَا دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 معنى التلظي كَأَنَّهُ قَالَ كلا انها تتلظى فِي حَال نَزعهَا للشوى وَقد منع الْمبرد جَوَاز نصب نزاعة وَقَالَ لَا تكون لظى الا نزاعة للشوى فَلَا معنى للْحَال إِنَّمَا الْحَال فِيمَا يجوز أَن يكون وَيجوز أَن لَا يكون هَذَا معنى قَوْله وَالْحَال فِي هَذَا جَائِزَة لِأَنَّهَا تؤكد مَا تقدمها كَمَا قَالَ وَهُوَ الْحق مُصدقا وَلَا يكون الْحق أبدا إِلَّا مُصدقا وَقَالَ تَعَالَى وَهَذَا صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا وَلَا يكون صِرَاط الله جلّ ذكره أبدا أَلا مُسْتَقِيمًا فَلَيْسَ يلْزم ان لَا يكون الْحَال إِلَّا للشَّيْء الَّذِي يُمكن أَن يكون وَيُمكن أَن لَا يكون هَذَا أصل لَا يَصح فِي كل مَوضِع فَقَوله لَيْسَ بجيد وَقد قيل ان هَذَا انما هُوَ اعلام لمن ظن انه لَا يكون فَتَصِح الْحَال على هَذَا بِغَيْر اعْتِرَاض قَوْله تَدْعُو من أدبر خبر ثَالِث لَان وان شِئْت قطعته مِمَّا قبله قَوْله خلق هلوعا حَال من الْمُضمر فِي خلق وَهِي الْحَال الْمقدرَة لِأَنَّهُ انما يحدث فِيهِ الْهَلَع بعد خلقه لَا فِي حَال خلقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 قَوْله جزوعا ومنوعا خبر كَانَ مضمرة أَي يكون جزوعا وَيكون منوعا أَو يصير وَنَحْوه وَقيل هُوَ نعت لهلوع وَفِيه بعد لِأَنَّك تنوي بِهِ التَّقْدِيم قبل اذا قَوْله فَمَال الَّذين كفرُوا مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وَالَّذين الْخَبَر ومهطعين حَال وَهُوَ عَامل فِي قبلك وقبلك ظرف مَكَان قَوْله عزين نصب على الْحَال أَيْضا من الَّذين وَهُوَ جمع عزة وانما جمع بِالْوَاو وَالنُّون وَهُوَ مؤنث لَا يعقل ليَكُون ذَلِك عوضا مِمَّا حذف مِنْهَا قيل ان اصلها عزهة كَمَا أَن أصل سنة سنهة ثمَّ حذفت الْهَاء فَجعل جمعه بِالْوَاو وَالنُّون عوضا من الْحَذف قَوْله يَوْم يخرجُون يَوْم بدل من يومهم ويومهم نصب بيلاقوا مفعول بِهِ قَوْله سرَاعًا حَال من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا من الْمُضمر قَوْله خاشعة حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ ترهقهم ذلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله تَعَالَى أَن أنذر قَوْمك أَن لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب إِنَّمَا هِيَ للْبَيَان بِمَعْنى أَي وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن أنذر وَمثلهَا فِي الْوَجْهَيْنِ أَن اعبدوا الله قَوْله لَيْلًا وَنَهَارًا ظرفا زمَان وَالْعَامِل فيهمَا دَعَوْت قَوْله إِلَّا فِرَارًا مفعول ثَان ليزدهم قَوْله وإنني كلما كلما نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ جعلُوا قَوْله دعوتهم جهارا جهارا نصب على الْحَال أَي مجاهرا بِالدُّعَاءِ لَهُم وَقيل التَّقْدِير ذَا جهار وَيجوز ان يكون نصبا على الْمصدر قَوْله مدرارا نصب على الْحَال من السَّمَاء وَلم تثبت الْهَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 لِأَن مفعالا للمؤنث يكون بِغَيْر هَاء اذا كَانَ جَارِيا على الْفِعْل نَحْو امْرَأَة مذكار ومئناث ومطلاق قَوْله سموات طباقا هُوَ مصدر وَقيل هُوَ نعت لسبع وَأَجَازَ الْفراء فِي غير الْقرَان خفض طباق على النَّعْت لسموات قَوْله نورا وسراجا مفعولان لجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى صير فَهُوَ يتَعَدَّى الى مفعولين وَمثله بساطا قَوْله من الأَرْض نباتا نَبَات مصدر لفعل دلّ عَلَيْهِ أنبتكم أَي فنبتم نباتا وَقيل هُوَ مصدر أنبتكم على حذف الزِّيَادَة قَوْله وَولده من قَرَأَهُ بِضَم الْوَاو جعله جمع ولد كوثن ووثن وَقيل هِيَ لُغَة فِي الْوَاحِد يُقَال ولد وَولد بِمَنْزِلَة بخل وبخل قَوْله وَلَا يَغُوث ويعوق انتصبا على الْعَطف على ود وَهن أَسمَاء أصنام وَلم ينْصَرف يَغُوث ويعوق لِأَنَّهُمَا على وزن بِقوم وَيَقُول وهما معرفَة وَقد قَرَأَ الْأَعْمَش بصرفهما وَذَلِكَ بعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 كَأَنَّهُ جَعلهمَا نكرتين وَهَذَا لَا معنى لَهُ إِذْ لَيْسَ كل صنم اسْمه يَغُوث ويعوق إِنَّمَا هما اسمان لصنمين معلومين مخصوصين فَلَا وَجه لتنكيرها قَوْله مِمَّا خطيئاتهم مَا زَائِدَة للتوكيد وخطيئاتهم خفض بِمن قَوْله من الْكَافرين ديارًا هُوَ فيعال من دَار يَدُور أَي لَا تذر على الأَرْض من يَدُور مِنْهُم وَأَصله ديوار ثمَّ أدغم الْوَاو فِي الْيَاء مثل ميت الَّذِي أَصله ميوت ثمَّ أدغم الثَّانِي فِي الأول وَيجوز أَن يكون أبدلوا من الْوَاو يَاء ثمَّ أدغموا الْيَاء الأولى فِي الثَّانِيَة وَلَا يجوز أَن يكون ديار فعالا لِأَنَّهُ يلْزم أَن يُقَال فِيهِ دوار وَلَيْسَ اللَّفْظ كَذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة قل أَو حَيّ قَوْله تَعَالَى أَنه اسْتمع أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ مفعول لم يسم فَاعله لأوحي ثمَّ عطف مَا بعْدهَا من لفظ أَن عَلَيْهَا فان فِي مَوضِع رفع فِي ذَلِك كُله وَقيل فتحت أَن فِي سَائِر الاي ردا على الْهَاء فِي امنا بِهِ وَجَاز ذَلِك وَهُوَ مُضْمر مخفوض على حذف الْخَافِض لِكَثْرَة حذفه مَعَ أَن والعطف فِي فتح أَن على امنا بِهِ أتم فِي الْمَعْنى من الْعَطف على أَنه اسْتمع لِأَنَّك لَو عطفت وَأَنا ظننا وَأَنا لما سمعنَا الْهدى وَأَنه كَانَ رجال من الانس وَأَنا لمسنا وَشبهه على أَنه اسْتمع لم يجز لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا أُوحِي اليهم انما هُوَ أَمر أخبروا بِهِ عَن أنفسهم وَالْكَسْر فِي جَمِيع هَذَا أبين وَعَلِيهِ جمَاعَة من الْقُرَّاء وَالْفَتْح فِي ذَلِك على الْحمل على معنى امنا بِهِ وَفِيه بدع فِي الْمَعْنى لأَنهم لم يخبروا انهم آمنُوا بِأَنَّهُم لما سمعُوا الْهدى امنوا بِهِ وَلم يخبروا أَنهم امنوا أَنه كَانَ رجال انما حكى الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا ذَلِك مخبرين بِهِ عَن أنفسهم لأصحابهم فالكسر أولى بذلك قَوْله وَأَنه كَانَ رجال الْهَاء فِي أَنه اسْم أَن وَهُوَ اضمار الحَدِيث وَالْخَبَر وَرِجَال اسْم كَانَ ويعوذون خبر كَانَ وَمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 الانس نعت لرجال وَلذَلِك حسن أَن تكون النكرَة اسْما لَكَانَ لما نعت قربت من الْمعرفَة فَجَاز أَن تكون اسْم كَانَ وَكَانَ وَاسْمهَا وخبرها خبر عَن أَن قَوْله فَوَجَدْنَاهَا ملئت وجد يتَعَدَّى الى مفعولين الْهَاء الأول وملئت فِي مَوضِع الثَّانِي وَيجوز أَن تعديها الى وَاحِد وَتجْعَل ملئت فِي مَوضِع الْحَال على اضمار قد وَالْأول أحسن وحرسا نصب على التَّفْسِير وَكَذَلِكَ شهبا قَوْله وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله الْهَاء فِي أَنه للْحَدِيث وَهِي اسْم أَن وَفِي كَانَ اسْمهَا وَمَا بعْدهَا الْخَبَر وَقيل سفيهنا اسْم كَانَ وَيَقُول الْخَبَر مقدم وَفِيه بعد لِأَن الْفِعْل اذا تقدم عمل فِي الِاسْم بعده وَيجوز أَن تكون كَانَ زَائِدَة قَوْله وَلنْ نعجزه هربا هربا نصب على الْمصدر الَّذِي فِي مَوضِع الْحَال قَوْله وَأَن الْمَسَاجِد لله أَن فِي مَوضِع رفع عطف على أَنه اسْتمع وَقيل فِي مَوضِع خفض على اضمار الْخَافِض وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَالْكسَائِيّ وَقيل فِي مَوضِع نصب لعدم الْخَافِض وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من النَّحْوِيين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 قَوْله فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا من فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام وأضعف الْخَبَر وناصرا نصب على الْبَيَان وَكَذَلِكَ عددا وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بسيعلمون فان جعلت من بِمَعْنى الَّذِي كَانَت فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ وترفع أَضْعَف وَأَقل على اضمار هُوَ ابْتِدَاء وَخبر فِي صلَة من اذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وَلَا صلَة لَهَا اذا كَانَت استفهاما قَوْله عذَابا مفعول لنسلكه بِمَعْنى فِي عَذَاب يُقَال سلكه واسلكه لُغَتَانِ بِمَعْنى وَقد قرىء نسلكه بِضَم النُّون على أسلكته فِي كَذَا قَوْله إِلَّا بلاغا نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل هُوَ نصب على الْمصدر على اضمار فعل وَتَكون إِلَّا على هَذَا القَوْل مُنْفَصِلَة وان للشّرط وَلَا بِمَعْنى لم وَالتَّقْدِير اني لن يجيرني من الله أحد وَلنْ أجد من دونه ملتحدا ان لم أبلغ رسالات رَبِّي بلاغا والملتحد الملجأ قَوْله وَمن يعْص الله وَرَسُوله فان لَهُ نَار جَهَنَّم هَذَا شَرط وَجَوَابه الْفَاء وَهُوَ عَام فِي كل من عصى الله إِلَّا مَا بَينه الْقرَان من غفران الصَّغَائِر باجتناب الْكَبَائِر وَمن الغفران لمن تَابَ وَعمل صَالحا وَمَا بَينه النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام من اخراج الْمُوَحِّدين من أهل الذُّنُوب من النَّار قَوْله قل إِن أَدْرِي أَقَرِيب إِن بِمَعْنى مَا وَقَرِيب رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع بقريب وتسد مسد الْخَبَر وان شِئْت جعلهَا خَبرا لقريب وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بأدري وَالْهَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 مخذوفة من توعدون تعود على مَا وَالتَّقْدِير أَقَرِيب الْوَقْت الَّذِي توعدونه وَلَك أَن تجْعَل مَا وَالْفِعْل مصدرا فَلَا تحْتَاج الى عَائِد قَوْله إِلَّا من ارتضى من رَسُول من فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من أحد لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة قَوْله ليعلم أَن قد الضَّمِير فِي ليعلم يعود على الله جلّ ذكره وَقيل على النَّبِي وَقيل على الْمُشْركين وَالضَّمِير فِي أبلغوا يعود على الْأَنْبِيَاء وَقيل على الْمَلَائِكَة الَّتِي تنزل بِالْوَحْي الى الْأَنْبِيَاء قَوْله عددا نصب على الْبَيَان وَلَو كَانَ مصدرا لأدغم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المزمل قَوْله تَعَالَى يأيها المزمل أصل المزمل المتزمل ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الزَّاي قَوْله نصفه بدل من اللَّيْل وَقيل انتصب على اضمار قُم نصفه وهما ظرفا زمَان قَوْله وطأ من فتح الْوَاو ونصبه على الْبَيَان وَمن كسرهَا وَمد نَصبه على الْمصدر قَوْله كثيبا خبر كَانَ ومهيلا نَعته وأصل مهيلا مهيولا وَهُوَ مفعول من هلت فألقيت حَرَكَة الْيَاء على الْهَاء فَاجْتمع ساكنان فحذفت الْوَاو لالتقاء الساكنين وَكسرت الْهَاء لتصح الْيَاء الَّتِي بعْدهَا فوزن لَفظه مقيل وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء والأخفش ان الْيَاء هِيَ المحذوفة وَالْوَاو تدل على معنى فَهِيَ الْبَاقِيَة وَكَانَ يلْزمهُم أَن يَقُولُوا مهول الا انهم قَالُوا كسرت الْهَاء قبل حذف الْيَاء لمجاورتها الْيَاء فَلَمَّا حذفت الْيَاء انقلبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا فالياء فِي مهيلا على قَوْلهم زَائِدَة وعَلى القَوْل الأول أَصْلِيَّة وَقد أَجَازُوا كلهم أَن يَأْتِي على أَصله فِي الْكَلَام فَتَقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 مهيول وَكَذَلِكَ مبيوع وَشبهه من ذَوَات الْيَاء فان كَانَ من ذَوَات الْوَاو لم يجز أَن يَأْتِي على أَصله عِنْد الْبَصرِيين وَأَجَازَهُ الْكُوفِيّين نَحْو مقوول ومصووغ وأجازوا كلهم مبوع ومهول على لُغَة من قَالَ بوع الْمَتَاع وَقَول القَوْل وَهِي لُغَة هُذَيْل وَيكون الِاخْتِلَاف فِي الْمَحْذُوف مِنْهُ على مَا تقدم قَوْله رب الْمشرق من رَفعه فعلى الِابْتِدَاء وَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْخَبَر وَيجوز أَن يضمر لَهُ مُبْتَدأ أَي هُوَ رب الْمشرق وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك أَو نعتا لَهُ قَوْله وذرني والمكذبين المكذبين عطف على النُّون وَالْيَاء أَو الْمَفْعُول مَعَه قَوْله ومهلهم قَلِيلا قَلِيلا نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف قَوْله يَوْم ترجف الْعَامِل فِي يَوْم الِاسْتِقْرَار الدَّال عَلَيْهِ لدينا كَمَا تَقول إِن خَلفك زيدا الْيَوْم فالعامل فِي الْيَوْم الِاسْتِقْرَار الدَّال عَلَيْهِ خَلفك وَهُوَ الْعَامِل فِي خَلفك أَيْضا وَجَاز أَن يعْمل فِي ظرفين لاختلافهما لِأَن أَحدهمَا ظرف مَكَان والاخر ظرف زمَان كَأَنَّك قلت إِن زيدا مُسْتَقر خَلفك الْيَوْم كَذَلِك الاية تقديرها إِن أَنْكَالًا وَجَحِيمًا مُسْتَقِرَّة عندنَا يَوْم ترجف قَوْله كَمَا أرسلنَا الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لرَسُول أَو لمصدر مَحْذُوف قَوْله يَوْمًا يَجْعَل يَوْم نصب بتتقون وَلَيْسَ بظرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768 لكفرتهم لأَنهم لَا يكفرون ذَلِك الْيَوْم الا أَن تجْعَل يكفرون بِمَعْنى يجحدون فتنصب الْيَوْم بيكفرون على أَنه مفعول بِهِ لَا ظرف وَيجْعَل نعتا لليوم ان جعلت الضَّمِير فِي يَجْعَل يعود على الْيَوْم فان جعلته يعود على الله جلّ ذكره لم يكن نعتا لليوم الا على اضمار الْهَاء على تَقْدِير يما يَجْعَل الله الْولدَان فِيهِ شيبا فَيكون نعتا لليوم لأجل الضَّمِير قَوْله السَّمَاء منفطر بِهِ إِنَّمَا أَتَى بمنفطر بِغَيْر هَاء وَالسَّمَاء مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ بِمَعْنى النّسَب أَي السَّمَاء ذَات انفطار بِهِ وَقيل انما ذكر لِأَن السَّمَاء بِمَعْنى السّقف والسقف مُذَكّر وَقَالَ الْفراء السَّمَاء تذكر وتؤنث فَأتى منفطر على التَّذْكِير قَوْله وَنصفه وَثلثه من خفضهما عطفهما على ثُلثي اللَّيْل أَي وَأدنى من نصفه وَثلثه وَمن نصبهما عطفهما على أدنى أَي وَتقوم نصفه وَثلثه قَوْله علم أَن لن تحصوه اذا جعلته بِمَعْنى تحفظُوا قدره يدل على قُوَّة الْحِفْظ لأَنهم اذا لم يحصوه فَهُوَ غير مَحْدُود فَهُوَ أدنى من النّصْف وَأدنى من الثُّلُث غير مَحْدُود وَإِذا نصب فَهُوَ مَحْدُود محصي غير مَجْهُول فالخفض أقوى فِي الْمَعْنى لقَوْله أَن لن تحصوه الا أَن تحمل تحصوه على معنى تطيقوه فتتساوى القراءتان فِي الْقُوَّة واجاز الْفراء خفض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 769 نصفه عطفه على ثُلثي وَنصب ثلثه عطفه على أدنى قَوْله أَن سَيكون مِنْكُم مرضى أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَالْهَاء مضمرة وسيكون الْخَبَر وَالسِّين عوض عَن التَّشْدِيد ومرضى اسْم كَانَ ومنكم الْخَبَر وأتى سَيكون على لفظ التَّذْكِير لِأَن تَأْنِيث مرضى غير حَقِيقِيّ قَوْله واخرون عطف على مرضى قَوْله هُوَ خيرا نصب على أَنه مفعول ثَان لتجدوا وَهُوَ فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 770 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المدثر قَوْله تَعَالَى المدثر أَصله المندثر ثمَّ أدغمت التَّاء فِي الدَّال لِأَنَّهُمَا من مخرج وَاحِد وَالدَّال أقوى من الثَّاء لِأَنَّهَا مجهورة وَالتَّاء مهموسة فَردا بِلَفْظ الْأَقْوَى مِنْهُمَا لِأَن ذَلِك تَقْوِيَة للحرف وَلم يردا بِلَفْظ الناء لِأَنَّهُ اضعاف للحرف لِأَن رد الْأَقْوَى الى الأضعف نقص فِي الْحَرْف وَفِي اللَّفْظ وَكَذَلِكَ حكم أَكثر الادغام فِي الحرفين الْمُخْتَلِفين أَن يرد الأضعف مِنْهُمَا الى لفظ الْأَقْوَى قَوْله وَلَا تمنن تستكثر ارْتَفع تستكثر لِأَنَّهُ حَال أَي لَا تعط عَطِيَّة لتأْخذ أَكثر مِنْهَا وَقيل ارْتَفع بِحَذْف أَن وَتَقْدِيره لاتضعف يَا مُحَمَّد أَن تستكثر من الْخَيْر فَلَمَّا حذف أَن رفع قَوْله فاذا نقر فِي الناقور قَامَ مقَام مَا لم يسم فَاعله وَقبل الْمصدر مُضْمر يقوم مقَام الْفَاعِل قَوْله فَذَلِك يَوْمئِذٍ ذَلِك ابْتِدَاء ويومئذ بدل مِنْهُ وَيَوْم عسير خبر الِابْتِدَاء وعسير نعت ليَوْم وَكَذَلِكَ غير يسير نعت ليَوْم أَيْضا وَقيل يَوْمئِذٍ نصب على أَعنِي قَوْله ذَرْنِي وَمن خلقت من فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على النُّون وَالْيَاء أَو مفعول مَعَه قَوْله وحيدا حَال من الْهَاء المضمرة فِي خلقت أَي خلقته وحيدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 771 قَوْله وَجعلت لَهُ مَالا ممدودا لَهُ فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعلت لِأَنَّهَا بِمَعْنى صيرت يتَعَدَّى الى مفعولين قَوْله وبنين شُهُودًا واحده ابْن وانما حذفت ألف الْوَصْل فِي الْجمع وتحركت الْبَاء لِأَن الْجمع يرد الشَّيْء الى أَصله وَأَصله بني على فعل فَلَمَّا جمع رد الى أَصله فَقَالُوا بَنِينَ فَلَمَّا تحركت الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل وَانْفَتح مَا قبلهَا ألفا وحذفت لسكونها وَسُكُون يَاء الْجمع بعْدهَا وَكسر قبل الْيَاء على أصل يَاء الْجمع فِي النصب والخفض وَكَانَ حَقّهَا أَن يبْقى مَا قبلهَا مَفْتُوحًا ليدل على الْألف الذاهبة كَمَا قَالُوا مصطفين واعلين لَكِن ابْن جرى فِي علته فِي الْوَاحِد على غير قِيَاس وَكَانَ حَقه أَن يكون بِمَنْزِلَة عَصا ورحى وَأَن لَا تدخله ألف وصل وَلَا يسكن أَوله فَلَمَّا خرج عَن أَصله فِي الْوَاحِد خرج فِي الْجمع أَيْضا عَن أصُول الْعِلَل لِأَن الْجمع فرع بعد الْوَاحِد وَقد قَالُوا فِي النّسَب اليه بنوي فَردُّوهُ الى أَصله وأصل هَذِه الْوَاو ألف منقلبه عَن يَاء وَهِي لَام الْفِعْل وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ النّسَب اليه على لَفظه فَأجَاز ابْني وَمنعه غَيره قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا سقر قد تقدم القَوْل فِيهِ لِأَنَّهُ مثل وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 772 قَوْله وَلَا تذر انما حذفت الْوَاو لِأَنَّهُ حمل على نَظِيره فِي الِاسْتِعْمَال وَالْمعْنَى وَهُوَ تدع لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُمَا جَمِيعًا لم يسْتَعْمل مِنْهُمَا مَاض فَحمل تذر على تدع فحذفت فاؤه كَمَا حذفت كَمَا حذفت فِي تدع وانما حذفت فِي تدع لوقوعها بَين يَاء وكسرة لِأَن فَتْحة الدَّال عارضة انما انفتحت من أجل حرف الْحلق وَالْكَسْر أَصْلهَا فَبنِي الْكَلَام على أَصله وَقدر ذَلِك فِيهِ فحذفت وَاو تدع لذَلِك وَحمل عَلَيْهِ تذر لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ ومشابه لَهُ فِي امْتنَاع اسْتِعْمَال الْمَاضِي مِنْهُمَا قَوْله لواحة رفع على اضمار هِيَ لواحة وَلم تَنْصَرِف سقر لِأَنَّهَا معرفَة مؤنث قَوْله عَلَيْهَا تِسْعَة عشر تِسْعَة عشر فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَعَلَيْهَا الْخَبَر وهما اسمان حذف بَينهمَا حرف الْعَطف وتضمناه فبنيا لتضمنهما معنى الْحَرْف وبنيا على الْفَتْح لخفته وَقيل بنيا على الْفَتْح الَّذِي كَانَ للواو المحذوفة وَأَجَازَ الْفراء اسكان الْعين فِي الْكَلَام من ثَلَاثَة عشر الى تِسْعَة عشر قَوْله تَعَالَى أَصْحَاب جمع صَاحب على حذف الزَّائِد من صَاحب كَأَنَّهُ جمع لصحب مثل كتف وأكتاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 773 قَوْله مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا ان جعلت مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا كَانَت فِي مَوضِع نصب بأراد وان جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي كَانَت مَا استفهاما اسْما تَاما رفعا بِالِابْتِدَاءِ وَذَا الْخَبَر وَأَرَادَ صلَة ذَا وَالْهَاء محذوفة مِنْهُ أَي مَا الَّذِي أَرَادَهُ الله بِهَذَا على تَقْدِير أَي شَيْء الَّذِي أَرَادَهُ الله بِهَذَا مثلا ومثلا نصب على الْبَيَان قَوْله كَذَلِك يضل الله من يَشَاء الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف قَوْله إِنَّهَا لاحدى الْكبر لَا يجوز حذف الْألف وَاللَّام من الْكبر وَمَا هُوَ مثله إِلَّا أخر فانه قد حذفت مِنْهُ الْألف وَاللَّام وتضمن مَعْنَاهُمَا فتعرف بتضمنه مَعْنَاهُمَا فَلذَلِك لم ينْصَرف فِي النكرَة فَهُوَ معدول عَن الْألف وَاللَّام قَوْله نذيرا للبشر نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي قُم من قَوْله قُم فَأَنْذر هَذَا قَول الْكسَائي وَقيل هُوَ حَال من الْمُضمر فِي إِنَّهَا وَقيل من إِحْدَى وَقيل من هُوَ وَقيل هُوَ نصب على اضمار فعل اي صيرها الله نذيرا أَي ذَات انذار فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر أَي انذار ذَات أنذار فَذكر اللَّفْظ على النّسَب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر أَي انذار للبشر كَمَا قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 774 فَكيف كَانَ نَكِير أَي إنكاري لَهُم وَقيل هُوَ نصب على اضمار أَعنِي قَوْله وَكُنَّا نكذب وَكُنَّا نَخُوض انما ضمت الْكَاف فِي هَذَا وَفِي أول مَا كَانَ مثله نَحْو قمنا وَقُلْنَا وَأَصله كُله الْفَتْح لتدل الضمة على أَنه نقل من فعل الى فعل وَقيل انما ضمت لتدل على أَنه من ذَوَات الْوَاو وَقيل لتدل على أَن السَّاقِط وَاو وكلا الْقَوْلَيْنِ يسْقط لكسرهم الأول من خفت وَهُوَ من ذَوَات الْوَاو فِي الْعين مثل كَانَ والساقط مِنْهُ وَاو فِي الِاخْتِيَار كالساقط من قُمْت وَقلت وَكنت فكسرهم أول خفت يدل على أَنهم انما كسروا ليدل على أَنه من فعل بِكَسْر الْعين فَأَما كسرهم لأوّل بِعْت فليدل ذَلِك على أَنه نقل من فعل إِلَى فعل وليد على أَنه من ذَوَات الْيَاء وعَلى أَن السَّاقِط يَاء فلاجتماع هَذِه الْعِلَل وَقع الضَّم وَالْكَسْر فِي أول ذَلِك فاعلمه قَوْله وَمَا يذكرُونَ أَلا أَن يَشَاء الله مفعول يذكرُونَ مَحْذُوف أَي يذكرُونَ شَيْئا وَأَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء أَو فِي مَوضِع خفض على اضمار الْخَافِض ومفعول يَشَاء مَحْذُوف أَي إِلَّا أَن يشاءه الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 775 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْقِيَامَة قَوْله تَعَالَى لَا أقسم لَا زَائِدَة لِأَنَّهَا فِي حكم المتوسطة لِأَن الْقُرْآن كُله نزل مرّة وَاحِدَة الى سَمَاء الدُّنْيَا ثمَّ نزل على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بعد ذَلِك فِي نَيف وَعشْرين سنة على مَا شَاءَ الله مِمَّا يُرِيد أَن ينزل شَيْئا بعد شَيْء وَلَو ابْتِدَاء مُتَكَلم بِكَلَام لم يجز لَهُ أَن يَأْتِي بِلَا زَائِدَة فِي أول كَلَامه وَقيل لَا غير زَائِدَة انما هِيَ رد لكَلَام مُتَقَدم فِي سُورَة أُخْرَى وَلَا الثَّانِيَة غير زَائِدَة أخبرنَا الله جلّ ذكره انه أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة وَأَنه لم يقسم بِالنَّفسِ اللوامة وَمن قَرَأَ لأقسم بِغَيْر ألف جعل ذَلِك لَام قسم دخلت على أقسم وَفِيه بعد لحذف النُّون وانما حَقه لأقسمن وانما جَازَ ذَلِك بالحذف فِي هَذَا لِأَنَّهُ جعل أقسم حَالا فاذا كَانَ حَالا لم تلْزمهُ النُّون فِي الْقسم لِأَن النُّون انما تلْزم فِي أَكثر الْأَحْوَال لتفرق بَين الْحَال والاستقبال وَقد قيل انه للاستقبال وَلَكِن حذفت النُّون كَمَا أَجَازُوا حذف اللَّام من الْقسم واثبات النُّون وأنشدوا ... وقتيل مرّة أثأرن فانه فرغ وَإِن أَخَاهُم لم يثأر ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 776 وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ حذف النُّون الَّتِي تصْحَب اللَّام فِي الْقسم قَوْله بلَى قَادِرين هُوَ نصب على الْحَال من فَاعل فِي فعل مُضْمر تَقْدِيره بلَى نجمعها قَادِرين وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَقيل انتصب قَادِرين لِأَنَّهُ وَقع فِي مَوضِع نقدر التَّقْدِير بلَى نقدر فَلَمَّا وضع الِاسْم مَوضِع الْفِعْل نصب وَهُوَ قَول بعيد من الصَّوَاب يلْزم مِنْهُ نصب قَائِم فِي قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل قَائِم لِأَنَّهُ فِي مَوضِع يقوم قَوْله يسْأَل أَيَّانَ يَوْم القيامه أَيَّانَ ظرف زمَان بِمَعْنى مَتى وَهُوَ مَبْنِيّ وَكَانَ حَقه الاسكان لَكِن اجْتمع ساكنان الْألف وَالنُّون ففتحت النُّون لالتقاء الساكنين ككيف وَأَيْنَ وانما وَجب لأيان الْبناء لِأَنَّهَا بِمَعْنى مَتى فَفِيهَا معنى الِاسْتِفْهَام فَأَشْبَهت حرف الِاسْتِفْهَام فبنيت اذ الْحُرُوف أَصْلهَا الْبناء قَوْله وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر انما أَتَى جمع بِلَفْظ التَّذْكِير وَالشَّمْس مُؤَنّثَة لِأَنَّهُ حمل على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ وَجمع النوران أَو الضياءان وَهُوَ قَول الْكسَائي وَقيل لما كَانَ التَّقْدِير وَجمع بَين الشَّمْس وَالْقَمَر ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 777 الْفِعْل لتذكير بَين وَقيل لما كَانَ الْمَعْنى تجمعَا اذ لَا يتم الْكَلَام الا بالقمر وَالْقَمَر مُذَكّر غلب الْمُذكر على الأَصْل فِي تَأْخِير الْفِعْل بعدهمَا وَقَالَ الْمبرد لما كَانَ تَأْنِيث الشَّمْس غيرحقيقي جَازَ فِيهِ التَّذْكِير اذ لم يَقع التَّأْنِيث فِي هَذَا النَّوْع فرقا بَين شَيْء وَشَيْء اخر قَوْله أَيْن المفر المفر مصدر فَهُوَ بِمَعْنى أَيْن الْفِرَار قَوْله بل الانسان على نَفسه بَصِيرَة الانسان ابْتِدَاء وبصيرة ابْتِدَاء ثَان وعَلى نَفسه خبر بَصِيرَة وَالْجُمْلَة خبر عَن الانسان وَتَحْقِيق تَقْدِيره بل على الانسان رقباء من نَفسه على نَفسه يشْهدُونَ عَلَيْهِ وَيجوز أَن تكون بَصِيرَة خَبرا عَن الانسان وَالْهَاء فِي بَصِيرَة للْمُبَالَغَة وَقيل لما كَانَ مَعْنَاهُ حجَّة على نَفسه دخلت لتأنيث الْحجَّة قَوْله وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة وُجُوه ابْتِدَاء وناضرة نعت لَهَا والى رَبهَا ناظرة خبر الِابْتِدَاء وَيجوز ان تكون ناضرة خَبرا والى رَبهَا ناظرة خبر ثَان وَيجوز أَن تكون ناظرة كنعتا لناضرة أَو لوجوه وناضرة خبر عَن الْوُجُوه وَدخُول الى مَعَ النّظر بدل على أَنه نظر الْعين وَلَيْسَ من الِانْتِظَار وَلَو كَانَ من الِانْتِظَار لم تدخل مَعَه الى أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول انتظرت الى زيد وَتقول نظرت الى زيد فالى تصْحَب نظر الْعين وَلَا تصْحَب نظر الِانْتِظَار فَمن قَالَ ان ناظرة بِمَعْنى منتظرة فقد أَخطَأ فِي الْمَعْنى وَفِي الاعراب وَوضع الْكَلَام فِي غير مَوْضِعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 778 وَقد ألحد بعض الْمُعْتَزلَة فِي هَذَا الْموضع وَبلغ بِهِ التعسف وَالْخُرُوج من الْجَمَاعَة الى أَن قَالَ إِلَى لَيست بِحرف جر انما هِيَ اسْم وَاحِد آلَاء وربها مخفوض باضافة إِلَى اليه لَا بِحرف الْجَرّ وَالتَّقْدِير عِنْده نعْمَة رَبهَا منظرة وَهَذَا محَال فِي الْمَعْنى لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة أَي ناعمة وَقد أخبرنَا أَنَّهَا ناعمة فَدخل النَّعيم بهَا وَظَهَرت دلائله عَلَيْهَا فَكيف ينْتَظر مَا أخبرنَا الله أَنه حَال فِيهَا إِنَّمَا ينْتَظر الشَّيْء الَّذِي هُوَ غير مَوْجُود فَأَما أَمر مَوْجُود حَال فَكيف ينْتَظر وَهل يجوز أَن تَقول أَنا انْتظر زيدا وَهُوَ مَعَك لم يفارقك وَلَا يؤمل مفارقتك هَذَا جهل عَظِيم من متأوله وَذهب بعض الْمُعْتَزلَة الى أَن ناظرة من نظر الْعين وَلَكِن قَالَ مَعْنَاهُ الى ثَوَاب رَبهَا ناظرة وَهُوَ أَيْضا خُرُوج عَن الظَّاهِر وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز نظرت الى زيد بِمَعْنى نظرت الى عَطاء زيد وَهَذَا نقض لكَلَام الْعَرَب وَفِيه اخْتِلَاط الْمعَانِي ونقضها على أَنا نقُول لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لَكَانَ أعظم الثَّوَاب المنتظر النّظر اليه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ قَوْله فَلَا صدق وَلَا صلى لَا الثَّانِيَة نفي وَلَيْسَت بعاطفة فَمَعْنَاه فَلم يصدق وَلم يصل قَوْله يتمطى فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ذهب وَأَصله يتمطط من الْمُطَيْطَاء وَلَكِن أبدلوا من الطَّاء الثَّانِيَة يَاء وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا والتمطط التمدد قَوْله سدى نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يتْرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 779 وَأَن سدت مسد المفعولين لحسب قَوْله الذّكر وَالْأُنْثَى بدل من الزَّوْجَيْنِ وَجعل بِمَعْنى خلق فَلذَلِك تعدت الى مفعول وَاحِد قَوْله أَن يحيي الْمَوْتَى لَا يجوز الادغام فِي الياءين عِنْد النَّحْوِيين كَمَا لَا يجوز اذا لم تنصب الْفِعْل لِأَنَّك لَو أدغمت لالتقى ساكنان إِذْ الثَّانِي سَاكن وَالْأول لَا يدغم حَتَّى يسكن وَكَذَلِكَ كل حرف أدغمته فِي حرف بعده لابد من اسكان الأول وَقد أَجمعُوا على منع الادغام فِي حَال الرّفْع فَأَما فِي حَال النصب فقد أجَازه الْفراء لأجل تحرّك الْيَاء الثَّانِيَة وَهُوَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْحَرَكَة عارضة لَيست بِأَصْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 780 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة هَل أَتَى قَوْله تَعَالَى هَل أَتَى على الانسان قيل هَل بِمَعْنى قدو الْأَحْسَن أَن تكون هَل على بَابهَا للاستفهام الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْرِير وانما هُوَ تَقْرِير لمن أنكر الْبَعْث فَلَا بُد أَن يَقُول نعم قد مضى دهر طَوِيل لَا انسان فِيهِ فَيُقَال لَهُ من أحدثه بعد أَن لم يكن وَكَونه بعد عَدمه كَيفَ يمْتَنع عَلَيْهِ بَعثه واحياؤه بعد مَوته وَهُوَ معنى قَوْله وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ أَي فَهَلا تذكرُونَ فتعلمون أَن من أنشأ شَيْئا بعد أَن لم يكن على غير مِثَال قَادر على اعادته بعد عَدمه وَمَوته قَوْله إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا حالان من الْهَاء وَسميع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 781 وبصير نعت لسميع وَإِمَّا للتَّخْيِير على بَابهَا وَمعنى التَّخْيِير أَن الله أخبرنَا أَنه اخْتَار قوما للسعادة وقوما للشقاوة فَالْمَعْنى أَن يخلقه إِمَّا سعيدا وَإِمَّا شقيا وَهَذَا من أبين مَا يدل على أَن الله تَعَالَى قدر الاشياء كلهَا وَخلق قوما للسعادة وبعملها يعْملُونَ وقوما للشقاوة وبعملها يعْملُونَ فالتخيير هُوَ اعلام من الله تَعَالَى أَنه يخْتَار مَا يَشَاء وَيفْعل مَا يَشَاء بِجعْل من يَشَاء شاكرا وَمن يَشَاء كَافِرًا وَلَيْسَ التَّخْيِير للانسان وَقيل هِيَ حَال مقدرَة وَالتَّقْدِير إِمَّا أَن يحدث مِنْهُ عِنْد فهمه الشُّكْر فَهُوَ عَلامَة السَّعَادَة وَإِمَّا أَن يحدث مِنْهُ الْكفْر وَهُوَ عَلامَة الشقاوة وَذَلِكَ كُله على مَا سبق فِي علم الله تَعَالَى فيهم وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ أَن تكون مَا زَائِدَة وَإِن للشّرط وَلَا يجوز هَذَا عِنْد الْبَصرِيين لِأَن إِن الَّتِي للشّرط لَا تدخل على الْأَسْمَاء إِذْ لَا يجازى بالأسماء إِلَّا أَن تضمر بعد إِن فعلا فَيجوز نَحْو قَوْله تَعَالَى وَإِن أحد من الْمُشْركين فاضمر استجارك بعد إِن وَدلّ عَلَيْهِ استجارك الثَّانِي فَحسن حذفه وَلَا يُمكن اضمار فعل بعد ان هَاهُنَا لِأَنَّهُ يلْزم رفع شَاكر وكفور بذلك الْفِعْل وَأَيْضًا فانه لَا دَلِيل على الْفِعْل الْمُضمر فِي الْكَلَام وَقيل فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير انا خلقنَا الانسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا فجعلناه سميعا بَصيرًا فيكونان حَالين من الانسان على هَذَا وَهُوَ قَول حسن فلار تَخْيِير للانسان فِي نَفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 782 قَوْله سلاسلا وقواريرا أَصله كُله أَن لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ جمع وَالْجمع ثقيل وَلِأَنَّهُ لَا يجمع فَخَالف سَائِر الْجمع وَلِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فِي الْوَاحِد وَلِأَنَّهُ غَايَة الجموع إِذْ لَا يجمع فثقل فَلم ينْصَرف فَأَما من صرفه من الْقُرَّاء فَإِنَّهَا لُغَة لبَعض الْعَرَب حكى الْكسَائي أَنهم يصرفون كل مَا لَا ينْصَرف الا أفعل مِنْك وَقَالَ الْأَخْفَش سمعنَا من الْعَرَب من يصرف هَذَا وَجَمِيع مَالا ينْصَرف وَقيل انما صرفه لِأَنَّهُ وَقع فِي الْمُصحف بِالْألف فَصَرفهُ على الِاتِّبَاع لخط الْمُصحف وانما كتب فِي الْمُصحف بِأَلف لِأَنَّهَا رُؤُوس الْآي فَأَشْبَهت القوافي والفواصل الَّتِي تزاد فِيهَا الْألف للْوَقْف وَقيل انما صرفه لِأَنَّهُ جمع كَسَائِر الجموع قد جمعه بعض الْعَرَب كالواحد فَانْصَرف كم ينْصَرف الْوَاحِد أَلا ترى الى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحفصة أنكن لأنتن صواحبات يُوسُف فَجمع صَوَاحِب بِالْألف وَالتَّاء كَمَا يجمع الْوَاحِد فَانْصَرف كَمَا ينْصَرف الْوَاحِد وَحكى الْأَخْفَش مواليات فلَان فَجمع موَالِي فَصَارَ كالواحد وَأنْشد النحويون للفرزدق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 783 .. وَإِذا الرِّجَال رَأَوْا يزِيد رَأَيْتهمْ ... خضع الرّقاب نواكس الْأَبْصَار ... وَرَوَوْهُ بِكَسْر السِّين من نواكس جَعَلُوهُ جمع نواكس بِالْيَاءِ وَالنُّون فحذفت النُّون للاضافة وَالْيَاء لالتقاء الساكنين وبقييت السِّين مَكْسُورَة فِي اللَّفْظ فَدلَّ جمعه على أَنه يجمع كَسَائِر الجموع والجموع كلهَا منصرفة فصرف هَذَا أَيْضا على ذَلِك قَوْله مزاجها كافورا عينا انتصب عينا على الْبَدَل من كافور وَقيل على الْبَدَل من كأس على الْموضع وَقيل على الْحَال من الْمُضمر فِي مزاجها وَقيل باضمار فعل اي يشربون عينا أَي مَاء عين ثمَّ حذف الْمُضَاف وَقَالَ الْمبرد انتصب على اضمار أَعنِي قَوْله ذَلِك الْيَوْم الْيَوْم نعت لذَلِك أَو بدل مِنْهُ قَوْله جنَّة وَحَرِيرًا نصب بجزاهم مفعول ثَان وَالتَّقْدِير دُخُول جنَّة وَلبس حَرِير ثمَّ حذف الْمُضَاف فيهمَا ومتكئين حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي جزاهم وَالْعَامِل فِيهِ جزى وَلَا يعْمل فِيهِ صَبَرُوا لِأَن الصَّبْر فِي الدُّنْيَا كَانَ والاتكاء وَالْجَزَاء فِي الْآخِرَة وَكَذَلِكَ مَوضِع لَا يرَوْنَ نصب على الْحَال أَيْضا مثل متكئين أَو على الْحَال من الْمُضمر فِي متكئين وَلَا يحسن أَن يكون متكئين صفة لجنة لِأَنَّهُ يلْزم اظهار الْمُضمر الَّذِي فِي متكئين لِأَنَّهُ يجْرِي صفة لغير من هُوَ لَهُ قَوْله ودانية عَلَيْهِم دانية نصب على الْعَطف على جنَّة وَهُوَ نعت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 784 قَامَ مقَام منعوت تَقْدِيره وجنة دانية وَقيل دانية حَال عطف على متكئين أَو على مَوضِع لَا يرَوْنَ والظلال رفع بدانية لِأَنَّهُ فَاعل الدنو وَقد قرىء ودانيا بالتذكير ذكر للتفرقة وَقيل لتذكير الْجمع وَيجوز رفع دانية على خبر الظلال فَيكون الظلال مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم أَو من الْمُضمر فِي متكئين إِذا جعلت لَا يرَوْنَ حَالا مِنْهُ وَيجوز دَان بِالرَّفْع والتذكير على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَيذكر على مَا تقدم قَوْله ويسقون فِيهَا كأسا كَانَ مزاجها زنجبيلا عينا انتصب عينا على الْبَدَل من كأس أَو على اضمار يسقون أَي يسقون مَاء عين ثمَّ حذف الْمُضَاف أَو على اضمار أَعنِي قَوْله تسمى سلسبيلا فِي تسمى مفعول مَا لم يسم فَاعله مُضْمر يعود على الْعين وسلسبيلا مفعول ثَان وَهُوَ اسْم أعجمي نكرَة فَلذَلِك انْصَرف قَوْله وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت رَأَيْت الأول غير مُتَعَدٍّ الى مفعول عِنْد أَكثر الْبَصرِيين وَثمّ ظرف مَكَان وَقَالَ الْفراء والأخفش ثمَّ مفعول بِهِ لرأيت قَالَ الْفراء تَقْدِيره واذا رَأَيْت مَا ثمَّ فَمَا الْمَفْعُول فحذفت مَا وَقَامَت ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 785 مقَامهَا وَلَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين حذف الْمَوْصُول وَقيام صلته مقَامه قَوْله عاليهم ثِيَاب من نَصبه فعلى الظّرْف بِمَعْنى فَوْقهم وَقيل هُوَ نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي لقاهم أَو من الْمُضمر فِي جزاهم أَعنِي الْهَاء وَالْمِيم وَثيَاب رفع بعاليهم اذا جعلته حَالا وان جعلته ظرفا رفعت ثيابًا بِالِابْتِدَاءِ وعاليهم الْخَبَر وَفِي عاليهم ضمير مَرْفُوع وَإِن شِئْت رفعته بالاستقرار وَلَا ضمير فِي عاليهم لِأَنَّهُ يصير بِمَنْزِلَة فعل مقدم على فَاعله واذا رفعت ثِيَاب بِالِابْتِدَاءِ فعاليهم بِمَنْزِلَة فعل مُؤخر عَن فَاعله فَفِيهِ ضمير وَمن أسكن الْيَاء فِي عاليهم رَفعه بِالِابْتِدَاءِ وَثيَاب الْخَبَر وعالي بِمَعْنى الْجَمَاعَة كَمَا قَالَ تَعَالَى سامرا تهجرون فَأتى بِلَفْظ الْوَاحِد يُرَاد بِهِ الْجَمَاعَة وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فَقطع دابر الْقَوْم إِنَّمَا هُوَ أدبار الْقَوْم فَاكْتفى بِالْوَاحِدِ عَن الْجمع وَيجوز أَن يكون ثِيَاب رفعا بفعلهم لِأَن عَالِيا اسْم فَاعل فَهُوَ مُبْتَدأ وَثيَاب فَاعل يسد مسد خبر عاليهم فَيكون عَال على هَذَا مُفردا لَا يُرَاد بِهِ الْجمع كَمَا تَقول قَائِم الزيدون فتوحد لِأَنَّهُ جرى مجْرى حكم الْفِعْل الْمُتَقَدّم فَوحد إِذْ قد رفع مَا بعده وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 786 مَذْهَب الْأَخْفَش وعاليهم نكرَة لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ الِانْفِصَال اذ هُوَ بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال فَلذَلِك جَازَ نَصبه على الْحَال وَمن أجل أَنه نكرَة منع غير الْأَخْفَش رَفعه بِالِابْتِدَاءِ قَوْله خضر وإستبرق من خفض خضرًا جعله نعتا لسندس وسندس اسْم للْجمع وَقيل هُوَ جمع واحده سندسه وَهُوَ مارق من الديباج وَمن رَفعه جعله نعتا لثياب وَمن رفع واستبرق عطفه على ثِيَاب وَمن خفضه عطفه على سندس والاستبرق مَا غلظ من الديباج واستبرق اسْم أعجمي نكرَة فَلذَلِك انْصَرف وألفه ألف قطع فِي الْأَسْمَاء الأعجمية وَقد قَرَأَهُ ابْن مُحَيْصِن بِغَيْر صرف وَهُوَ وهم إِن جعله اسْما لِأَنَّهُ نكرَة منصرفة وَقيل بل جعله فعلا مَاضِيا من برق فَهُوَ جَائِز فِي اللَّفْظ بعيد فِي الْمَعْنى وَقيل انه فِي الأَصْل فعل مَاض على استفعل من برق فَهُوَ عَرَبِيّ من البريق فَلَمَّا سمي بِهِ قطعت أَلفه لِأَنَّهُ لَيْسَ من أصل الْأَسْمَاء أَن يدخلهَا ألف الْوَصْل وانما دخلت فِي أَسمَاء معتلة مُغيرَة عَن أَصْلهَا مَعْدُودَة لَا يُقَاس عَلَيْهَا قَوْله إِنَّا نَحن نزلنَا نَحن فِي مَوضِع نصب على الصّفة لاسم ان لِأَن الْمُضمر يُوصف بالمضمر اذ هُوَ بِمَعْنى التَّأْكِيد لَا بِمَعْنى التحلية وَلَا يُوصف بالمظهر لِأَنَّهُ بِمَعْنى التحلية والمضمر مستغن عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 787 التحلية لِأَنَّهُ لم يضمر الا بعد أَن عرف تحليته وعينه وَهُوَ مُحْتَاج الى التَّأْكِيد ليتأكد الْخَبَر عَنهُ وَلَا يجوز أَن يكون نَحن فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب ونزلنا الْخَبَر وَيجوز أَن يكون نَحن رفعا الِابْتِدَاء ونزلنا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر ان وَقَوله ويذرون وَرَاءَهُمْ يَوْمًا وَرَاء بِمَعْنى قُدَّام وأمام وَجَاز ذَلِك فِي وَرَاء لِأَنَّهَا بِمَعْنى التواري فَمَا توارى عَنْك مِمَّا هُوَ امامك وقدامك وخلفك يُسمى وَرَاء لتواريه عَنْك وَيَوْما مفعول بيذرون وَقد ذكرنَا أصل يذرون وعلته قَوْله اثما أَو كفورا أَو للاباحة أَي لَا تُطِع هَذَا الضَّرْب وَقَالَ الْفراء أوفي هَذَا بِمَنْزِلَة لَا أَي لَا تُطِع من أَثم وَلَا من كفر وَهُوَ بِمَعْنى الاباحة الَّتِي ذكرنَا وَقيل أَو بِمَعْنى الْوَاو وَفِيه بعد قَوْله وَمَا تشاءون إِلَّا أَن يَشَاء الله أَن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء أَو فِي مَوضِع خفض على قَول الْخَلِيل باضمار الْخَافِض وعَلى قَول غَيره فِي مَوضِع نصب اذ قد حذف الْخَافِض تَقْدِيره الا بِأَن يَشَاء الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 788 وَلِهَذَا نَظَائِر كَثِيرَة قد تقدّمت ذكرنَا اعرابها مرّة على قَول الْخَلِيل وسيبويه وَمرَّة على قَول غَيرهمَا اختصارا وَمرَّة ذكرنَا الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا تَنْبِيها قَوْله والظالمين نصب على اضمار فعل أَي ويعذب الظَّالِمين أعد لَهُم عذَابا لِأَن اعداد الْعَذَاب يؤول الى الْعَذَاب فَلذَلِك حسن اضمار يعذب اذ قد دلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام وَلَا يجوز اضمار أعد لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف فانما يضمر فِي هَذَا وَمَا شابهه فعل يتَعَدَّى بِغَيْر حرف مِمَّا يدل عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام وفحوى الْخطاب وَفِي حرف عبد الله وللظالمين اعد لَهُم بلام الْجَرّ فِي الظَّالِمين على تَقْدِير وَأعد للظالمين أعد لَهُم وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنَّمَا انتصب والظالمين لِأَن الْوَاو الَّتِي مَعَه ظرف للْفِعْل وَهُوَ أعد وَهَذَا كَلَام لَا يتَحَصَّل مَعْنَاهُ وَيجوز رفع الظَّالِمين على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خَبره وَقد سمع الْأَصْمَعِي من يقْرَأ بذلك وَلَيْسَ بمعمول بِهِ فِي الْقُرْآن لِأَنَّهُ مُخَالف لخط الْمُصحف ولجماعة الْقُرَّاء وَقد جعله الْفراء فِي الرّفْع بِمَنْزِلَة قَوْله تَعَالَى وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ وَلَيْسَ مثله لِأَن والظالمين قبله فعل عمل فِي مفعول فعطفت الْجُمْلَة على الْجُمْلَة فَوَجَبَ أَن يكون الْخَبَر فِي الْجُمْلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 789 الثَّانِيَة مَنْصُوبًا كَمَا كَانَ الْخَبَر فِي الْجُمْلَة الأولى فِي قَوْله يدْخل من يَشَاء وَقَوله وَالشعرَاء قبله جملَة من ابْتِدَاء وَخبر فَوَجَبَ أَن تكون الْجُمْلَة الثَّانِيَة كَذَلِك فالرفع هُوَ الْوَجْه فِي الشُّعَرَاء وَيجوز النصب فِي غير الْقرَان وَالنّصب هُوَ الْوَجْه فِي والظالمين وَيجوز الرّفْع فِي غير الْقُرْآن فَهَذَا أصل يعْتَمد عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 790 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المرسلات قَوْله تَعَالَى عرفا نصب على الْحَال من المرسلات وَهِي الرِّيَاح ترسل متتابعة وَمن جعل المرسلات الْمَلَائِكَة نصب عرفا على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي يرسلها الله بِالْعرْفِ أَي بِالْمَعْرُوفِ قَوْله عصفا ونشرا مصدران مؤكدان قَوْله ذكرا مفعول بِهِ قَوْله عذرا أَو نذرا نصب على الْمصدر فَمن ضم الذَّال جعله جمع عذير ونذير بِمَعْنى اعذار وانذار وَمن أسكن الذَّال جَازَ أَن يكون مخففا من الضَّم بِمَعْنى اعذار وانذار كَمَا قَالَ فَكيف كَانَ نَكِير أَي انكاري لَهُم أَي عَاقِبَة ذَلِك وَيجوز أَن يكون غير مخفف وسكونه أصل على أَن يكون مصدرا بِمَنْزِلَة شكر قَوْله إِنَّمَا توعدون لوَاقِع مَا اسْم ان ولواقع الْخَبَر وَالْهَاء محذوفة من توعدون وَبهَا تتمّ صلَة مَا تَقْدِيره توعدونه وحذفها من الصِّلَة حسن لطول الِاسْم وَقَرِيب مِنْهُ حذفهَا من الصّفة وَلَا يجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 791 حذفهَا من الْخَبَر إِلَّا فِي شعر وَإِن جَوَاب الْقسم الْمُتَقَدّم قَوْله فاذا النُّجُوم طمست النُّجُوم عِنْد الْبَصرِيين رفع باضمار فعل لِأَن فِيهَا معنى المجازاة فَهِيَ بِالْفِعْلِ أولى وَمثله إِذا الشَّمْس كورت وَإِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا السَّمَاء انفطرت وَهُوَ كثير فِي الْقرَان وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مَا بعد اذا رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَجَوَاب اذا فِي قَوْله تَعَالَى فاذا النُّجُوم مَحْذُوف تَقْدِيره وَقع الْفَصْل وَقيل جوابها ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين قَوْله ليَوْم الْفَصْل اللَّام تتَعَلَّق بِفعل مُضْمر تَقْدِيره أجلت ليَوْم الْفَصْل وَقيل هُوَ بدل من أَي باعادة الْخَافِض وَقيل اللَّام بِمَعْنى الى قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل قد تقدم ذكره فِي الحاقة وَغَيرهَا قَوْله ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين ويل حَيْثُ وَقع فِي هَذِه السُّورَة وَمَا شابهها ابْتِدَاء ويومئذ ظرف عمل فِيهِ معنى ويل وللمكذبين الْخَبَر قَوْله كفاتا مفعول ثَان لنجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى نصير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 792 قَوْله أَحيَاء وأمواتا حالان أَي تجمعهم الأَرْض فِي هَاتين الْحَالَتَيْنِ والكفت الْجمع وَقيل هُوَ نصب بكفات أَي تكفت الْأَحْيَاء والأموات أَي تضمهم أَحيَاء على ظهرهَا وأمواتا فِي بَطنهَا قَوْله هَذَا يَوْم لَا ينطقون ابْتِدَاء وَخبر والاشارة الى الْيَوْم وقرأه الْأَعْمَش وَغَيره يَوْم بِالْفَتْح فَيجوز أَن يكون مَبْنِيا عِنْد الْكُوفِيّين لاضافته الى الْفِعْل وَهُوَ مَرْفُوع فِي الْمَعْنى وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب والاشارة الى غير الْيَوْم وَيجوز أَن تكون الفتحة اعرابا وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين لِأَن الْفِعْل مُعرب وانما يبْنى عِنْد الْبَصرِيين إِذا أضيف الى مَبْنِيّ فَتكون الاشارة الى غير الْيَوْم وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء على كل حَال قَوْله كَذَلِك نجزي الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي جَزَاء كَذَلِك نجزي قَوْله واتمتعوا قَلِيلا قَلِيلا نعت لصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره وتمتعوا تمتعا قَلِيلا أَو وقتا قَلِيلا وَهُوَ مَنْصُوب تمَتَّعُوا فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَّا أَنه يكون مرّة مَفْعُولا فِيهِ وَمرَّة مَفْعُولا مُطلقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 793 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة يتساءلون قَوْله تَعَالَى عَم أَصله عَن مَا فحذفت الْألف لدُخُول حرف الْجَرّ على مَا وَهِي اسْتِفْهَام للْفرق بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر والفتحة تدل على الْألف ووقف عَلَيْهِ ابْن كثير فِي رِوَايَة البزي عَنهُ بِالْهَاءِ لبَيَان الْحَرَكَة لِئَلَّا تحذف الْألف ويحذف مَا يدل عَلَيْهَا ووقف جمَاعَة الْقُرَّاء غَيره بالاسكان وَكَذَلِكَ مَا شابهه من مَا الَّتِي للاستفهام اذا دخل عَلَيْهَا حرف جر فَهَذَا حكمهَا وَلَا يجوز اثبات الالف إِلَّا فِي شعر كَمَا لَا يجوز حذف الْألف اذا كَانَت مَا خَبرا نَحْو وَمَا الله بغافل عَمَّا يعْملُونَ قَوْله عَن النبأ بدل من مَا باعادة الْخَافِض وَقيل التَّقْدِير يتساءلون عَن النبأ ثمَّ حذف الْفِعْل لدلَالَة الأول عَلَيْهِ فَعَن الأولى مُتَعَلقَة بيتساءلون الظَّاهِر وَالثَّانيَِة بالمضمر قَوْله مهادا مَفْعُولا ثَانِيًا لجعل وَمثله أوتادا وَمثله سباتا لِأَن جعل بِمَعْنى صير وَمثله لباسا ومعاشا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 794 قَوْله وخلقناكم أَزْوَاجًا أَزْوَاجًا نصب على الْحَال أَي ابتدعناكم مُخْتَلفين ذُكُورا واناثا وقصارا وطوالا وَخلق بِمَعْنى ابتدع فَلذَلِك لَا يتَعَدَّى الا الى مفعول وَاحِد قَوْله سِرَاجًا مفعول لجعلنا وَهِي بِمَعْنى خلقنَا يتَعَدَّى الى مفعول وَاحِد أَيْضا وَلَيْسَت بِمَعْنى صيرنا مثل مَا تقدم قَوْله ألفافا هُوَ جمع لف يُقَال نَبَات لف ولفيف اذا كَانَ مجتمعا وَقيل هُوَ جمع الْجمع كَأَن الْوَاحِد لفاء وَألف كحمراء وأحمر ثمَّ يجمع لفاء على لف كَمَا تَقول حَمْرَاء وحمر ثمَّ تجمع لف على ألفاف كَمَا تَقول قفل وأقفال قَوْله يَوْم ينْفخ بدل من يَوْم الأول قَوْله أَفْوَاجًا حَال من الْمُضمر فِي تأتون قَوْله لابثين فِيهَا أحقابا أحقابا ظرف زمَان وَمن قَرَأَهُ لبثين شبهه بِمَا هُوَ خلقَة فِي الانسان نَحْو حذر وَفرق وَهُوَ بعيد لِأَن اللّّبْث لَيْسَ مِمَّا يكون خلقَة فِي الانسان وَبَاب فعل انما هُوَ لما يكون خلقَة فِي الشَّيْء وَلَيْسَ اللّّبْث بخلقة وأحقاب ظرف فِي الْوَجْهَيْنِ قَوْله لَا يذوقون فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي لابثين وَقيل هُوَ نعت لأحقاب وَاحْتمل الضَّمِير لِأَنَّهُ فعل فَلم يجب اظهاره وان كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 795 قد جرى صفة على غير من هُوَ لَهُ وانما جَازَ أَن يكون نعتا لأحقاب لأجل الضَّمِير الْعَائِد على الأحقاب فِي فِيهَا وَلَو كَانَ فِي مَوضِع يذوقون اسْم فَاعل لم يكن بُد من اظهار الضَّمِير اذا جعلته وصف لأحقاب قَوْله إِلَّا حميما بدل من برد اذا جعلت الْبرد من الْبُرُودَة فان جعلته النّوم كَانَ إِلَّا حميما اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول قَوْله كذابا من شدد جعله مصدر كذب زيدت فِيهِ الْألف كَمَا زيدت فِي اكراما وَقَوْلهمْ تَكْذِيبًا جعلُوا التَّاء عوضا من تَشْدِيد الْعين وَالْيَاء بَدَلا من الْألف غيروا أَوله كَمَا غيروا آخِره وأصل مصدر الرباعي أَن يَأْتِي على عدد حُرُوف الْمَاضِي بِزِيَادَة ألف مَعَ تَغْيِير الحركات وَقد قَالُوا تكلما فَأتى الْمصدر على عدد حُرُوف الْمَاضِي بِغَيْر زِيَادَة ألف وذل لِكَثْرَة حُرُوفه وضمت اللَّام وَلم تكسر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم على تفعل وَلم يفتحوا لِئَلَّا يشبه الْمَاضِي وقرأه الْكسَائي كذابا بِالتَّخْفِيفِ جعله مصدرى كَاذِب كذابا وَقيل هُوَ مصدر كذب كَقَوْلِك كتبت كتابا قَوْله وكل شَيْء أحصيناه كتابا كتاب مصدر لِأَن أحصيناه بِمَعْنى كتبناه وكل نصب باضمار فعل أَي وأحصينا كل شَيْء أحصيناه وَيجوز الرّفْع على الِابْتِدَاء قَوْله جَزَاء وَعَطَاء مصدران وحسابا نعت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 796 لعطاء قَوْله رب السَّمَوَات من رَفعه وخفض الرَّحْمَن فعلى اضمار هُوَ والرحمن نعت لِرَبِّك وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك وَمن رَفعه وَرفع الرَّحْمَن جعله مُبْتَدأ والرحمن خَبره أَو نعتا لَهُ وَلَا يملكُونَ الْخَبَر وَمن خفض الرَّحْمَن وَرفع رَبًّا جعله نعتا لِرَبِّك وَمن خفض الرَّحْمَن وخفض رَبًّا جعله نعتا لرب وَرب السَّمَوَات بدل من رَبك وَمن خفض رَبًّا وَرفع الرَّحْمَن رَفعه على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ الرَّحْمَن وَإِن شِئْت على الِابْتِدَاء وَلَا يملكُونَ الْخَبَر قَوْله صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ حالان قَوْله إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي يَتَكَلَّمُونَ أَو فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 797 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة النازعات قَوْله تَعَالَى غرقا مصدر وَمثله نشطا وسبحا وسبقا قَوْله أمرا مفعول بِهِ بالمدبرات وَقيل هُوَ مصدر وَقيل نصب باسقاط حرف الْجَرّ أَي بِأَمْر وانما بعد نَصبه بالمدبرات لأ التَّدْبِير لَيْسَ الى الْمَلَائِكَة انما هُوَ الى الله جلّ ذكره فَهِيَ مُرْسلَة بِمَا يدبره الله ويريده وَلَيْسَ التَّدْبِير لَهَا الا أَن تحمله على معنى تدبره بِأَمْر الله لَهَا وَجَوَاب الْقسم مَحْذُوف تَقْدِيره وَرب هَذِه الْمَذْكُورَات لتبعثن وَدلّ على ذَلِك انكارهم الْبَعْث فِي قَوْله يَقُولُونَ أئنا لمردودون فِي الحافرة وَقيل الْجَواب إِن فِي ذَلِك لعبرة وَقيل جَوَابه يَوْم ترجف على تَقْدِير حذف اللَّام أَي ليَوْم ترجف قَوْله طوى اذْهَبْ طوى فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الْوَادي وَمن كسر الطَّاء وَهِي قِرَاءَة الْحسن فَهُوَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 798 مَوضِع نصب على الْمصدر كثنى وعدى وَسوى تَقْدِيره بالوادي الْمُقَدّس مرَّتَيْنِ وَمن ترك صرفه جعله معدولا عَن طاو كعمر وَزفر وَهُوَ معرفَة وَمن صرفه جعله كحطم غير معدول وَقيل انما ترك صرفه لِأَنَّهُ اسْم لبقعة وَهُوَ معرفَة قَوْله نكال الْآخِرَة مصدر وَقيل مفعول من أَجله قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك نصب الأَرْض باضمار فعل يفسره دحاها وَالرَّفْع جَائِز على الِابْتِدَاء وَالنّصب عِنْد الْبَصرِيين الِاخْتِيَار وَقَالَ الْفراء الرّفْع وَالنّصب سَوَاء فِيهِ وَمثله وَالْجِبَال أرساها قَوْله مَتَاعا لكم ولأنعامكم نصب على الْمصدر قَوْله فَأَما من طَغى من ابْتِدَاء وَالْخَبَر فان الْجَحِيم وَمَا بعده وَمثله وَأما من خَافَ لَكِن فِي الْخَبَر حذف عَائِد بِهِ يتم الْخَبَر تَقْدِيره فان الْجَحِيم هِيَ المأوى لَهُ وفان الْجنَّة هِيَ المأوى لَهُ وَقيل تَقْدِيره هِيَ مَأْوَاه وَالْألف وَاللَّام عوض من الْمَحْذُوف قَوْله أَيَّانَ مرْسَاها مرْسَاها ابْتِدَاء وأيان الْخَبَر وَهُوَ ظرف مَبْنِيّ بِمَعْنى مَتى وانما بني لتَضَمّنه معنى الِاسْتِفْهَام الَّذِي هُوَ للحرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 799 فَلَمَّا قَامَ مقَام الْحَرْف واستفهم بِهِ بني كَمَا يبْنى الْحَرْف وَبني على حَرَكَة لسكون مَا قبل الآخر قَوْله فيمَ أَنْت حذفت ألف مَا كَمَا حذفت من عَم وَشبهه فَهُوَ مثله فِي الْعلَّة وَالْحكم وَقد تقدم ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 800 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة عبس قَوْله تَعَالَى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى أَن مفعول من أَجله وَقيل هِيَ فِي مَوضِع خفض على اضمار اللَّام وَقيل هِيَ بِمَعْنى إِذْ قَوْله فتنفعه الذكرى من نَصبه جعله جَوَاب لَعَلَّ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ غير مُوجب فَأشبه التَّمَنِّي والاستفهام وَهُوَ غير مَعْرُوف عِنْد الْبَصرِيين وَمن رَفعه عطفه على يذكر قَوْله وَأما من جَاءَك يسْعَى من ابْتِدَاء وَيسْعَى حَال وَكَذَلِكَ وَهُوَ يخْشَى ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال أَيْضا قَوْله فَأَنت عَنهُ تلهى ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر من وَمثله أما من اسْتغنى فَأَنت لَهُ تصدى قَوْله ثمَّ السَّبِيل يسره الْهَاء والسبيل مفعولان ليسره على حذف اللَّام من السَّبِيل أَي ثمَّ للسبيل يسره قَوْله مَا اكفره مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وأكفره الْخَبَر على معنى أَي شَيْء حمله على الْكفْر مَعَ مَا يرى من الْآيَات الدَّالَّة على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 801 التَّوْحِيد وَيجوز أَن تكون مَا ابْتِدَاء تَعَجبا أَي هُوَ مِمَّن يتعجب مِنْهُ فَيُقَال فِيهِ مَا أكفره وأكفره الْخَبَر أَيْضا قَوْله أَنا صببنا من فتح أَن جعلهَا فِي مَوضِع خفض على تَقْدِير اللَّام أَي لأَنا وَقيل فِي مَوضِع نصب لعدم اللَّام وَقيل فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الطَّعَام لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء مُشْتَمِلَة على الطَّعَام مِنْهَا يتكون لِأَن معنى إِلَى طَعَامه الى حُدُوث طَعَامه كَيفَ يَتَأَتَّى فالاشتمال فِي هَذَا انما هُوَ من الثَّانِي على الأول لِأَن الِاعْتِبَار انما هُوَ فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يتكون مِنْهَا الطَّعَام لَا فِي الطَّعَام بِعَيْنِه قَوْله مَتَاعا لكم نصب على الْمصدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 802 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة التكوير قَوْله تَعَالَى إِذا الشَّمْس كورت قد تقدم الْكَلَام فِي رفع مَا بعد اذا فِي المرسلات وَغَيرهَا قَوْله مُطَاع ثمَّ ثمَّ ظرف مَكَان قَوْله على الْغَيْب بظنين دُخُول على يدل على أَن ضنينا بالضاد بِمَعْنى بخيل يُقَال بخلت عَلَيْهِ وَلَو كَانَ بالظاء بِمَعْنى مِنْهُم لَكَانَ بِالْيَاءِ كَمَا يُقَال هُوَ مُتَّهم بِكَذَا وَلَا يُقَال على كَذَا وَيجوز أَن تكون على فِي مَوضِع الْبَاء فتحسن الْقِرَاءَة بالظاء قَوْله إِلَّا أَن يَشَاء الله أَن فِي مَوضِع خفض باضمار الْبَاء أَو فِي مَوضِع نصب بِحَذْف الْخَافِض قَوْله فَأَيْنَ تذهبون حَقه أَن يكون بالى لِأَن ذهب لَا يتَعَدَّى وَتَقْدِيره فالى أَيْن تذهبون لَكِن حذفت الى كَمَا قَالُوا ذهبت الشَّام أَي الى الشَّام وَخرجت السُّوق أَي الى السُّوق وَلم يحك سِيبَوَيْهٍ من هَذَا غير ذهبت الشَّام أَي الى الشَّام وَدخلت الْبَيْت أَي الى الْبَيْت وَأَيْنَ ظرف مَكَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 803 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الانفطار قَوْله تَعَالَى ماغرك مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وغرك الْخَبَر قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين قد تقدم الْكَلَام فِيهِ وَفِي نَظِيره فِي الحاقة وَفِي الْوَاقِعَة وَغَيرهمَا قَوْله يَوْم لَا تملك نفس لنَفس شَيْئا من فتح يَوْمًا جعله فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من يَوْم الَّذِي قبله أَو فِي مَوضِع نصب على الظّرْف أَو على الْبَدَل من يَوْم الدّين الأول وَهُوَ مَبْنِيّ عِنْد الْكُوفِيّين لاضافته الى الْفِعْل ومعرب عِنْد الْبَصرِيين نصب على الْبَدَل من يَوْم الأول وَيجوز نَصبه على الظّرْف للجزاء وَهُوَ الدّين وانما لم يكن مَبْنِيا عِنْدهم لِأَنَّهُ أضيف الى مُعرب وانما يبْنى اذا أضيف الى مَبْنِيّ مثل يَوْمئِذٍ وَمن رَفعه جعله بَدَلا من يَوْم الدّين الَّذِي قبله وَيجوز أَن يرفع على اضمار هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 804 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة المطففين قَوْله تَعَالَى ويل لِلْمُطَفِّفِينَ ابْتِدَاء وَخبر وَالْمُخْتَار فِي ويل وَشبهه اذا لم يكن مُضَافا الرّفْع وَيجوز النصب فان كَانَ مُضَافا اَوْ مُعَرفا كَانَ الِاخْتِيَار فِيهِ النصب نَحْو قَوْله وَيْلكُمْ لاتفتوا وويل أَصله مصدر من فعل لم يسْتَعْمل وَقَالَ الْمبرد فِي ويل لِلْمُطَفِّفِينَ وَفِي ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين وَشبهه لَا يجوز فِيهِ الا الرّفْع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدُعَاء عَلَيْهِم انما هُوَ اخبار ان ذَلِك ثَبت لَهُم وَلَو كَانَ الْمصدر من فعل مُسْتَعْمل كَانَ الِاخْتِيَار فِيهِ اذا أضيف أَو عرف بِالْألف وَاللَّام وَالرَّفْع وَيجوز النصب فان نكر فالاختيار فِيهِ النصب وَيجوز الرّفْع نَحْو الْحَمد لله وَالشُّكْر لزيد الرّفْع الِاخْتِيَار وَنَحْو حمدا لله وشكرا لَهُ الِاخْتِيَار النصب إِذا نكر بضد الأول وَقد ذكر ذَلِك كُله قَوْله كالوهم أَو وزنوهم يجوز أَن يكون هم ضمير مَرْفُوع مُؤَكد للواو فِي كالوا ووزنوا فَيكْتب بِأَلف وَيجوز أَن يكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 805 ضمير مفعول فِي مَوضِع نصب بكالوا أَو وزنوا فَيكْتب بِغَيْر ألف بعد الْوَاو وَهُوَ فِي الْمُصحف بِغَيْر ألف وعَلى فِي قَوْله على النَّاس فِي مَوضِع من وكال وَوزن يتعديان الى مفعولين أَحدهمَا بِحرف جر وَالْآخر بِغَيْر حرف قَوْله يَوْم يقوم النَّاس يَوْم نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ فعل دلّ عَلَيْهِ مبعوثون أَي يبعثون يَوْم يقوم النَّاس وَيجوز أَن يكون بَدَلا من ليَوْم على الْموضع وَهُوَ مَبْنِيّ عِنْد الْكُوفِيّين على الْفَتْح وموضعه نصب على مَا ذكرنَا ومعرب مَنْصُوب عِنْد الْبَصرِيين قَوْله سِجِّين هُوَ فعيل من السّجل وَالنُّون بدل من اللَّام وَقيل هُوَ فعيل من السجْن قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين قد تقدم الْكَلَام فِيهِ وَفِي نَظِيره فِي الحاقة وَغَيرهَا قَوْله كتاب رفع على أَنه خبر ان والظرف ملغى أَو يكون خَبرا بعد خبر أَو على اضمار هُوَ قَوْله ثمَّ يُقَال هَذَا الَّذِي ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْمبرد الْمصدر مُضْمر يقوم مقَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 806 الْفَاعِل وَلَا تقوم الجمله عِنْده مقَام الْفَاعِل قَوْله قَالَ أساطير رفع على اضمار هَذِه قَوْله لفي عليين هُوَ جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه كعشرين فَجرى مجْرَاه وَقد قيل إِن عليين صفة للْمَلَائكَة فَلذَلِك جمع بِالْوَاو وَالنُّون قَوْله من تسنيم عينا انتصب عين عِنْد الْأَخْفَش بيسقون وَعند الْمبرد باضمار أَعنِي وَعند الْفراء بتسنيم وَكَانَ حَقه عِنْده الاضافة فَلَمَّا نون تسنيما نصب عينا بِهِ وَقيل انتصب على الْحَال على أَنَّهَا بِمَعْنى جَارِيَة فَهِيَ حَال من تسنيم على أَن تسنيما اسْم للْمَاء الْجَارِي من علو كَأَنَّهُ يجْرِي من علو الْجنَّة فَهُوَ معرفه تَقْدِيره ومزاجه من المَاء العالي جَارِيا من علو قَوْله يشرب بهَا نعت للعين وَبهَا بِمَعْنى مِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 807 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الانشقاق قد تقدم القَوْل فِيمَا يرْتَفع بعد إِذا نَحْو إِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا الأَرْض مدت انه على اضمار فعل عِنْد الْبَصرِيين وعَلى الِابْتِدَاء عِنْد الْكُوفِيّين ابْتِدَاء وَخبر وَالْعَامِل فِي إِذا اذكر وَقيل الْعَامِل انشقت وَقيل الْعَامِل فملاقيه وَجَوَاب اذا أَذِنت على تَقْدِير زِيَادَة الْوَاو وَقيل الْجَواب مَحْذُوف وَمثله اذا الثَّانِيَة وَقيل جوابها أَلْقَت على حذف الْوَاو وانما تحْتَاج اذا الى جَوَاب اذا كَانَت للشّرط فان عمل فِيهَا مَا قبلهَا لم تحتج الى جَوَاب وَلم تكن للشّرط قَوْله فملاقيه رفع على اضمار فَأَنت ملاقيه ابْتِدَاء وَخبر قَوْله مَسْرُورا حَال من الْمُضمر فِي يَنْقَلِب قَوْله ظن أَن لن يحور أَن سدت مسد المفعولين لظن قَوْله فَمَا لَهُم مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَلَا يُؤمنُونَ حَال من الْهَاء وَالْمِيم وَالْعَامِل فِيهِ معنى الِاسْتِفْهَام الَّذِي تعلّقت بِهِ اللَّام فِي لَهُم قَوْله إِلَّا الَّذين امنوا الَّذين نصب على الِاسْتِثْنَاء من الْهَاء وَالْمِيم فِي فبشرهم وَقيل هُوَ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة البروج قَوْله تَعَالَى وَالسَّمَاء ذَات البروج جَوَابه قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود أَي لقتل وَقيل جَوَابه إِن بَطش رَبك لشديد وَقيل الْجَواب مَحْذُوف قَوْله وَالْيَوْم الْمَوْعُود الْمَوْعُود نعت لليوم وَثمّ ضمير مَحْذُوف بِهِ تتمّ الصّفة تَقْدِيره الْمَوْعُود بِهِ وَلَوْلَا ذَلِك مَا صحت الصّفة اذ لَا ضمير يعود على الْمَوْصُوف من صفته قَوْله النَّار ذَات الْوقُود النَّار بدل من الْأُخْدُود وَهُوَ بدل الاشتمال وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ خفض على الْجوَار وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين هُوَ بدل وَلَكِن تَقْدِيره قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود نارها ثمَّ صَارَت الْألف وَاللَّام بَدَلا من الضَّمِير وَقدره بعض الْبَصرِيين قتل أَصْحَاب النَّار الَّتِي فِيهَا قَوْله ذُو الْعَرْش الْمجِيد من خفضه جعله نعتا للعرش وَقيل لَا يجوز أَن يكون نعتا للعرش لِأَنَّهُ من صِفَات الله جلّ ذكره وانما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 809 هُوَ نعت للرب فِي قَوْله إِن بَطش رَبك لشديد وَمن رَفعه جعله نعتا لذُو أَو خَبرا بعد خبر قَوْله فعال لما يُرِيد رفع على إِضْمَار هُوَ أَو على أَنه خبر بعد خبر أَو على الْبَدَل مِمَّا قبله أَي من ذُو الْعَرْش قَوْله فِرْعَوْن وَثَمُود بدل من الْجنُود فِي مَوضِع خفض أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي وَلَا ينصرفان للتعريف والعجمة فِي فِرْعَوْن والتأنيث والتعريف فِي ثَمُود إِذْ هُوَ اسْم للقبيلة قَوْله مَحْفُوظ من رَفعه جعله نعتا لِلْقُرْآنِ وَمن خفضه جعله نعتا للوح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الطارق قَوْله تَعَالَى إِن كل نفس لما عَلَيْهَا من قَرَأَ بتَخْفِيف لما جعل مَا زَائِدَة وَإِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة ارْتَفع مَا بعْدهَا لنقصها وَهِي جَوَاب الْقسم كَأَنَّهُ قَالَ إِن كل نفس لعليها حَافظ وتصحيحه إِنَّه لعلى كل نفس حَافظ فحافظ مُبْتَدأ ولعليها الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر كل وَدخلت اللَّام ولزمت للْفرق بَين إِن المخففة من الثَّقِيلَة وَبَين إِن بِمَعْنى مَا نَافِيَة وَمن شدد لما جعل لما بِمَعْنى إِلَّا وَإِن بِمَعْنى مَا تَقْدِيره مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ حكى سبيويه نشدتك الله لما فعلت أَي إِلَّا فعلت قَوْله يَوْم تبلى السرائر يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ لقادر وَلَا يعْمل فِيهِ رجعه لِأَنَّك كنت تفرق بَين الصِّلَة والموصول بِخَبَر ان وَهَذَا على قَول من قَالَ رجعه بِمَعْنى بَعثه واحيائه بعد مَوته وَمن قَالَ رجعه بِمَعْنى رد المَاء فِي الاحليل أَو قَالَ رد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 الشَّيْخ الى أَحْوَاله من النُّطْفَة أَو على حبس المَاء فَلَا يخرج من الاحليل نصب يَوْمًا بِفعل مُضْمر أَي اذكر يَوْم تبلى وَلَا يعْمل فِيهِ لقادر لِأَنَّهُ لم يرد انه يقدر على رد المَاء فِي الاحليل وَغير ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وانما أخبر بذلك انه يقدر عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا لَو يَشَاء ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْأَعْلَى قَوْله تَعَالَى فَجعله غثاء أحوى الْهَاء وغثاء مفعولان لجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى صير وأحوى نعت للغثاء بِمَعْنى أسود وَقيل أحوى حَال من المرعى وأحوى بِمَعْنى أَخْضَر أَي أخرج خضرته فَجعله غثاء والغثاء الهشيم كغثاء السَّيْل قَوْله فَلَا تنسى لَا بِمَعْنى لَيْسَ وَهُوَ خبر وَلَيْسَ بنهي إِذْ لَا يجوز أَن ينْهَى الانسان عَن النسْيَان لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ قَوْله إِلَّا مَا شَاءَ الله مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء أَي لست تنسى الا مَا شَاءَ الله أَن يرفع تِلَاوَته وينسخة بِغَيْر بدل وَقيل تنسى بِمَعْنى تتْرك فَيكون الْمَعْنى الا مَا شَاءَ الله أَن يَأْمُرك بِتَرْكِهِ فتتركه وَقيل معنى ذَلِك الا مَا شَاءَ الله وَلَيْسَ يَشَاء الله أَن تنسى مِنْهُ شَيْئا فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله فِي هود فِي الْمَوْضِعَيْنِ خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك قيل مَعْنَاهُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبك وَلَيْسَ يَشَاء جلّ ذكره ترك شَيْء من الخلود لتقدم مَشِيئَته لَهُم بالخلود وَفِيه أَقْوَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 كَثِيره غير هَذَا قد أفردناها وبيناها فِي كتاب مُفْرد وَقيل إِلَّا مَا شَاءَ الله اسْتثِْنَاء من فَجعله غثاء أحوى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الغاشية قَوْله تَعَالَى خاشعة خبر وُجُوه وَذَلِكَ فِي الْآخِرَة قَوْله عَامله رفع على اضمار هِيَ وَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فتقف على هَذَا التَّأْوِيل على خاشعة وَيجوز أَن تكون عاملة خَبرا بعد خبر عَن وُجُوه فَيكون الْعَمَل فِي النَّار لما لم تعْمل فِي الدُّنْيَا أعملها الله فِي النَّار وَهُوَ قَول الْحسن وقتاده وَلَا تقف على هَذَا على خاشعة قَوْله وُجُوه يَوْمئِذٍ ناعمة ابْتِدَاء وَخبر وراضية خبر ثَان أَو على اضمار هِيَ قَوْله إِلَّا من تولى من فِي مَوضِع رفع على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل هُوَ اسْتثِْنَاء من الْجِنْس على اضمار بعد فَذكر أَي فَذكر عبَادي الا من تولى أَو على اضمار بعد مُذَكّر أَي انما أَنْت مُذَكّر النَّاس إِلَّا من تولى وَقيل من فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم قَوْله إِن إِلَيْنَا ايابهم قَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر بتَشْديد الْيَاء وَفِيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 بعد لِأَنَّهُ مصدر اب يؤوب إيابا وأصل الْبَاء وَاو وَلَكِن انقلبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا وَكَانَ يلْزم من شدد أَن يَقُول إوابهم لِأَنَّهُ من الْوَاو أَو يَقُول إيوابهم فيبدل من الأول المشدد يَاء كَمَا قَالُوا ديوَان وَأَصله دوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 816 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْفجْر قَوْله تَعَالَى بعاد إرم إرم فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لعاد أَو على الْبَدَل وَمعنى إرم الْقَدِيمَة وَمن جعل إرم مَدِينَة قدر فِي الْكَلَام حذفا تَقْدِيره بِمَدِينَة عَاد إرم وَقيل تَقْدِيره بعاد صَاحِبَة ارْمِ وارم مُؤَنّثَة معرفَة على هَذَا القَوْل فَلذَلِك لم تَنْصَرِف وَانْصَرف عَاد لِأَنَّهُ مُذَكّر خَفِيف وَقد قيل ان ارْمِ مَدِينَة عَظِيمَة مَوْجُودَة فِي هَذَا الْوَقْت وَقيل هِيَ الاسكندرية وَقيل هِيَ دمشق قَوْله صفا صفا حَال قَوْله وَثَمُود الَّذين لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم للقبيلة وَهُوَ معرفَة وموضعه خفض على الْعَطف على عَاد وَالَّذين فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لثمود أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار هم قَوْله وَلَا يحضون على طَعَام الْمِسْكِين مفعول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 يحضون مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَا يحضون النَّاس أَو أنفسهم وَنَحْوه على طَعَام الْمِسْكِين وَمن قَرَأَهُ تحاضون لم يقدر حذف مفعول إِنَّمَا هُوَ تتحاضون فِيمَا بَيْنكُم على الْخَيْر لَا يتَعَدَّى قَوْله وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم بجهنم فِي مَوضِع رفع مفعول لما لم يسم فَاعله وَقيل الْمصدر مُضْمر وَهُوَ الْمَفْعُول لما لم يسم فَاعله وَيجوز أَن يكون الْمَفْعُول يَوْمئِذٍ قَوْله يَوْمئِذٍ بدل من الأول وَقيل الْعَامِل فِيهِ يتَذَكَّر قَوْله وأنى لَهُ الذكرى رفع بِالِابْتِدَاءِ وأنى الْخَبَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُشكل اعراب سُورَة الْبَلَد قَوْله تَعَالَى لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد لَا زَائِدَة وَقيل هِيَ بِمَعْنى الا وَقيل لَا غير زَائِدَة وَهِي رد لكَلَام قبله والبلد نعت لهَذَا أَو بدل أَو عطف بَيَان قَوْله أَن لن يقدر أَن سدت مسد مفعولي حسب وَمثله أَن لم يره أحد وأصل يره يرَاهُ ثمَّ خففت الْهمزَة وحذفت الْألف للجزم قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة فك رَقَبَة فك بدل من الْعقبَة أَو على اضمار هِيَ فك ابْتِدَاء وَخبر وَقد تقدم الْكَلَام على نَظِير وَمَا أَدْرَاك فِي الحاقة وَغَيرهَا قَوْله يَتِيما نصب باطعام وأو مِسْكينا عطف عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 819 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الشَّمْس قَوْله تَعَالَى قد أَفْلح من زكاها فِي زكى ضمير من وَبِه تتمّ الصِّلَة أَي من زكى نَفسه بِالْعَمَلِ الصَّالح قَوْله وَقد خَابَ من دساها أَي أخْفى نَفسه بِالْعَمَلِ السيىء وَقيل إِن فِي زكاها ودساها ضميرا يعود على الله جلّ وَعز أَي قد أَفْلح من زَكَّاهُ الله وَقد خَابَ من خذله الله وَهَذَا بعيد إِذْ لَا ضمير يعود على من من صلته وانما يعود الضَّمِير على اسْم الله جلّ ذكره وَلَكِن إِن جعلت من اسْما للنَّفس وأنثت على الْمَعْنى فَقلت زكاها ودساها جَازَ لِأَن الْهَاء وَالْألف تعودان على من حِينَئِذٍ فيصلح الْكَلَام كَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير قد أفلحت النَّفس الَّتِي زكاها الله وَقد خابت النَّفس الَّتِي خذلها الله وأخفاها وَمعنى دساها أخفاها بِالْعَمَلِ السيىء أَو تكون من بِمَعْنى الْفرْقَة أَو الطَّائِفَة أوالجماعة فتعود الْهَاء فِي زكاها ودساها على من وَيحسن الْكَلَام بَان يكن الضَّمِير فِي زكاها ودساها لله جلّ ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 ودساها أَصله دسسها من دسست الشَّيْء اذا أخفيته لَكِن أبدلوا من السِّين الْأَخِيرَة يَاء وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا قَوْله نَاقَة الله نصب على الاغراء أَي احْذَرُوا نَاقَة الله وسقياها فِي مَوضِع نصب عطف على نَاقَة قَوْله فسواها الْهَاء تعود على الدمدمة وَدلّ على ذَلِك قَوْله فدمدم أَي سوى بَينهم فِي الْعقُوبَة قَوْله فَلَا يخَاف عقباها من قَرَأَهُ بِالْفَاءِ فالفعل لله جلّ ذكره وَمن قَرَأَهُ بِالْوَاو فالفعل للعاقر أَي انْبَعَثَ أشقاها وَلَا يخَاف عقباها وَيجوز أَن يكون من قراه بِالْوَاو جعل الْفِعْل لله كالفاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة اللَّيْل قَوْله تَعَالَى وَمَا خلق الذّكر مَا وَالْفِعْل مصدر أَي وَخلق الذّكر وَالْأُنْثَى وَقيل مَا بِمَعْنى من أقسم الله جلّ ذكره بِنَفسِهِ وَقيل مَا بِمَعْنى الَّذِي وَأَجَازَ الْفراء خفض الذّكر وَالْأُنْثَى على الْبَدَل من مَا جعلهَا بِمَعْنى الَّذِي قَوْله فَأَما من أعْطى من رفع بِالِابْتِدَاءِ وفسنيسره الْخَبَر وَهُوَ شَرط وَجَوَابه وَمثله وَأما من بخل قَوْله وَمَا يُغني عَنهُ مَاله مَا فِي مَوضِع نصب بيغني وَهِي اسْتِفْهَام عمل فِيهِ مَا بعده وَيجوز أَن تكون مَا نَافِيَة حرفا ويحذف مفعول يُغني أَي وَلَيْسَ يُغني عَنهُ مَاله شَيْئا إِذا هلك قَوْله إِن علينا للهدى للهدى اسْم إِن وعلينا الْخَبَر وَمثله وَإِن لنا للآخرة وَالْأولَى وَلَام التَّأْكِيد تدخل على الِابْتِدَاء وعَلى اسْم ان اذا تَأَخّر وعَلى خبر إِن إِلَّا أَن يكون مَاضِيا أَو يكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 ظرفا يَلِي ان وعَلى الظّرْف اذا وَقع موقع الْخَبَر وان لم يكن خَبرا وَكَانَ الْخَبَر بعده نَحْو لزيد قَائِم وَإِن فِي الدَّار لزيدا وَإِن زيدا لقائم وليقوم ولفي الدَّار ولأبوه منطلق وَإِن زيدا لفي الدَّار قَائِم ولقائم فان قدمت لقائم على فِي الدَّار لم تدخل اللَّام فِي الظّرْف لمجيئك بِاللَّامِ فِي الْخَبَر وَإِذا تَأَخّر الْخَبَر جَازَ دُخُول اللَّام فيهمَا لِأَن الظّرْف ملغى قَوْله إِلَّا ابْتِغَاء وَجه ربه ابْتِغَاء نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَأَجَازَ الْفراء الرّفْع فِي ابْتِغَاء على الْبَدَل من مَوضِع نعْمَة وَهُوَ بعيد قَوْله إِن سعيكم هُوَ جَوَاب الْقسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الضُّحَى قَوْله تَعَالَى مَا وَدعك مَا جَوَاب الْقسم قَوْله ألم يجدك يَتِيما الْكَاف ويتيما مفعولان ليجد وَمثله ووجدك ضَالًّا ووجدك عائلا قَوْله وَمَا قلى الْمَفْعُول مَحْذُوف أَي وَمَا قلاك أَي وَمَا ابغضك وَلَا يسْتَعْمل ودع الا بِالتَّشْدِيدِ لَا يُقَال ودع قَالَ سِيبَوَيْهٍ استغنوا عَنهُ بترك قَوْله فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر الْيَتِيم نصب بتقهر وَحقه التَّأْخِير بعد الْفَاء وَتَقْدِيره مهما يكن من شَيْء فَلَا تقهر الْيَتِيم وَمثله وَأما السَّائِل فَلَا تنهر وَلَو كَانَ مَعَ تقهر وتنهر هَاء لَكَانَ الِاخْتِيَار فِي الْيَتِيم وَفِي السَّائِل الرّفْع وَيجوز النصب وَلَا يجوز مَعَ حذف الْهَاء إِلَّا النصب واليتيم والسائل اسْما يدلان على الْجِنْس قَوْله وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث الْبَاء مُتَعَلقَة بِحَدَث وتقديرها أَن تكون بعده وَالتَّقْدِير مهما يكن من شَيْء فَحدث بِنِعْمَة رَبك قَوْله ولسوف يعطيك رَبك الْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف كَمَا تَقول أَعطيتك وتسكت فالتقدير يعطيك مَا تُرِيدُ فترضى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الم نشرح قَوْله تَعَالَى ألم نشرح الْألف نقلت الْكَلَام من النَّفْي فَردته ايجابا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة التِّين قَوْله وطور سينين هَذِه لُغَة فِي سيناء وَقد تقدم ذكره قَوْله وَهَذَا الْبَلَد الِاسْم من هَذَا ذَا عِنْد الْبَصرِيين والذال وَحدهَا عِنْد الْكُوفِيّين هُوَ الِاسْم وَهُوَ اسْم مُبْهَم مَبْنِيّ وَإِنَّمَا بني لِأَنَّهُ لَا يخص مُسَمّى بِعَيْنِه بل ينْتَقل الى كل مشار اليه فَلَا يسْتَقرّ على شَيْء بِعَيْنِه فَخَالف الْأَسْمَاء فَدخل لمُخَالفَته الْأَسْمَاء فِي مشابهة الْحُرُوف لِأَن الْحُرُوف مخالفه للأسماء فَبنِي كَمَا تبنى الْحُرُوف وَقَالَ الْفراء إِنَّمَا لم يعرب لِأَن آخِره ألف وَالْألف لَا تتحرك وَهَذَا قَول ضَعِيف يلْزم فِيهِ بِنَاء مُوسَى وعصا ومثنى وَشبهه وَقد تقدم ذكر هَذَا بأشبع من هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 قَوْله فَمَا يكذبك بعد مَا اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ ويكذبك الْخَبَر قَوْله بِأَحْكَم الْحَاكِمين إِنَّمَا انْصَرف أحكم وَهُوَ صفة على وزن الْفِعْل لِأَنَّهُ أضيف فَخرج عَن شبه الْأَفْعَال لِأَنَّهَا لَا تُضَاف فَانْصَرف الى الْخَفْض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 826 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة العلق قَوْله تَعَالَى اقْرَأ بِسم رَبك دخلت الْبَاء فِي اسْم لتدل على الْمُلَازمَة والتكرير وَمثله أخذت بالخطام فان قلت اقْرَأ اسْم رَبك وَأخذت الخطام لم يكن فِي الْكَلَام مَا يدل على لُزُوم الْفِعْل وتكريره وَأَجَازَ النحويون اقْرَأ يَا هَذَا بِحَذْف الْهمزَة على تَقْدِير ابدال الْألف من الْهمزَة قبل الْأَمر كَمَا قَالَ اتستبدلون الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خير فالألف فِي أدنى على قَول جمَاعَة بدل من همزَة وَهُوَ من الدناءة فَلَمَّا دخله الْأَمر حذفت اللف للْبِنَاء وَهُوَ مَبْنِيّ عِنْد الْبَصرِيين ومعرب عِنْد الْكُوفِيّين قَوْله وَرَبك الأكرم ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي اقْرَأ قَوْله أَن رَاه اسْتغنى أَن مفعول من أَجله وَالْهَاء وَاسْتغْنى مفعولان لرَأى وَرَأى بِمَعْنى الْعلم يتَعَدَّى الى مفعولين وَقد قَرَأَ قنبل عَن ابْن كثير أَن رأه بِغَيْر ألف بعد الْهمزَة كَأَنَّهُ حذف لَام الْفِعْل كَمَا حذفت فِي حاش لله وَحكي حذفهَا عَن الْعَرَب حُكيَ أصَاب النَّاس واوتر أهل مَكَّة فحذفوا الْألف لدلَالَة الفتحة عَلَيْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 وَقد قيل إِنَّمَا سهلت الْهمزَة على الْبَدَل فَاجْتمع أَلفَانِ فحذفت الثَّانِيَة لالتقاء الساكنين فَلَمَّا نقصت الْكَلِمَة ردَّتْ الْهمزَة الى أَصْلهَا وَقيل إِنَّمَا حذفت الْألف لسكونها وَسُكُون السِّين بعْدهَا لِأَن الْهَاء حرف خَفِي لَا يعْتد بِهِ وحرى الْوَقْف على لفظ الْوَصْل فحذفت فِي الْوَقْف كَمَا حذفت فِي الْوَصْل لِئَلَّا يخْتَلف وَقيل إِنَّمَا حذفت الْألف لِأَن مضارع رأى قد اسْتعْمل بِحَذْف عينه بعد القاء حركته على مَا قبله اسْتِعْمَالا صَار فِيهِ كالأصل لَا يجوز غَيره فَقَالُوا نرى وَترى وَيرى فَجرى الْمَاضِي على ذَلِك فَلم يُمكن حذف الْعين إِذْ لَيْسَ قبلهَا سَاكن تلقى عَلَيْهِ الْحَرَكَة فحذفت اللَّام قَوْله أَرَأَيْت الْيَاء سَاكِنة لَا يجوز تحركها الْبَتَّةَ لاتصال الْمُضمر الْمَرْفُوع بهَا وَمن لم يهمز أَرَأَيْت جعل الْهمزَة بَين الْهمزَة وَالْألف وَقيل أبدل مِنْهَا ألفا وَالْأول هُوَ الأَصْل قَوْله لنسفعا هَذِه النُّون هِيَ نون التَّأْكِيد الْخَفِيفَة دخلت مَعَ لَام الْقسم وَالْوَقْف عَلَيْهَا اذا انْفَتح مَا قبلهَا بِالْألف وتحذف فِي الْوَقْف اذا انْضَمَّ مَا قبلهَا أَو انْكَسَرَ وَيرد مَا حذف من أدجلها لَو قلت الزيدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 هَل يقومن يَا هَذَا بالنُّون الْخَفِيفَة ثمَّ وقفت عَلَيْهِ رددت الْوَاو الَّتِي هِيَ عَلامَة الضَّمِير وَترد النُّون الَّتِي هِيَ للرفع فَتَقول هَل يقومُونَ وَكَذَلِكَ تَقول للمؤنث هَل تضربن زيدا فان وقفت وددت الْيَاء الَّتِي هِيَ عَلامَة التَّأْنِيث وَترد النُّون الَّتِي هِيَ عَلامَة الرّفْع فَتَقول هَل تضربين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم شرح مُشكل اعراب سُورَة الْقدر قَوْله تَعَالَى إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر الْهَاء تعود على الْقرَان وان لم يجر لَهُ ذكر اذ قد فهم الْمَعْنى قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر مَا الأولى اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وأدراك فعل فِيهِ ضمير الْفَاعِل يعود على مَا وَالْكَاف مفعول أول لأدراك وَمَا الثَّانِيَة اسْتِفْهَام ابْتِدَاء ثَان وَلَيْلَة خبر عَن الثَّانِي وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لأدراك وأدراك ومفعولاها خبر مَا الأولى وَمثله وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة وَقد تقدم الْكَلَام على هَذَا فِي الحاقة وَفِي غَيرهَا قَوْله سَلام هِيَ ابْتِدَاء وَخبر قَوْله حَتَّى مطلع الْفجْر الأَصْل فِي قِيَاس مطلع فتح اللَّام لِأَن اسْم الْمَكَان والمصدر من فعل يفعل المفعل وَقد شذت حُرُوف فَأَتَت فِيهَا الكسرة لُغَة نَحْو الْمَسْجِد والمجلس وَقَرَأَ الْكسَائي مطلع بِكَسْر اللَّام جعله مِمَّا خرج عَن قِيَاسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة لم يكن قَوْله تَعَالَى لم يكن الَّذين كسرت النُّون لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا وَأَصلهَا واصلها السّكُون للجزم وحذفت الْوَاو قبلهَا لسكونها وَسُكُون النُّون وَلم ترد الْوَاو عِنْد حَرَكَة النُّون لِأَن الْحَرَكَة عارضة لَا يعْتد بهَا وَمثله قُم اللَّيْل وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن فِي كل فعل مجزوم أَو مَبْنِيّ وعينه وَاو أَو يَاء أَو ألف مبدلة من أَحدهمَا وَلَا يحسن حذف النُّون من يكن فِي هَذَا على لُغَة من قَالَ لم يَك زيد قَائِما لِأَنَّهَا قد تحركت وانما يجوز حذفهَا اذا كَانَت سَاكِنة فِي الْوَصْل فتشبه بحروف الْمَدّ واللين فتحذف للمشابهة ولكثرة الِاسْتِعْمَال واذا تحركت زَالَت المشابهة وَامْتنع الْحَذف الا فِي شعر فقد أَتَى حذفهَا بعد أَن تحركت لالتقاء الساكنين قَوْله وَالْمُشْرِكين عطف على أهل وَلَا يحسن عطف الْمُشْركين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 على الَّذين لِأَنَّهُ يَنْقَلِب الْمَعْنى وَيصير الْمُشْركين من أهل الْكتاب وَلَيْسوا مِنْهُم قَوْله منفكين مَعْنَاهُ مفارقين بَعضهم بَعْضًا أَي مُتَفَرّقين وَدلّ على ذَلِك قَوْله وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب فَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم قد انْفَكَّ الشَّيْء من الشَّيْء اذا فَارقه فَلَا يحْتَاج الى خبر اذا كَانَ بِمَعْنى مُتَفَرّقين وَلَو كَانَ بِمَعْنى زائلين لَا حتاج الى خبر لِأَنَّهُ من أَخَوَات كَانَ قَوْله رَسُول بدل من الْبَيِّنَة أَو رفع على اضمار هِيَ رَسُول وَيَتْلُو فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لرَسُول وَفِي حرف أبي رَسُولا بِالنّصب على الْحَال قَوْله فِيهَا كتب ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت لصحف قَوْله مُخلصين وحنفاء حالان من الْمُضمر فِي يعبدوا قَوْله وَذَلِكَ دين الْقيمَة ذَلِك ابْتِدَاء وَدين خبر ذَلِك وَالْقيمَة صفة قَامَت مقَام مَوْصُوف مَحْذُوف تَقْدِيره دين الْملَّة الْقيمَة أَي المستقيمة وَقيل تَقْدِيره دين الْجَمَاعَة الْقيمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 قَوْله وَالْمُشْرِكين الثَّانِي فِي مَوضِع نصب عطف على الَّذين وَقيل فِي مَوضِع خفض عطف على أهل كَالْأولِ فِي علته قَوْله جزاؤهم عِنْد رَبهم ابْتِدَاء وجنات خَبره اي جزاؤهم دُخُول جنَّات وتجري نعت لجنات قَوْله خَالِدين حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي جزاؤهم وَجَاز ذَلِك لِأَن الْمصدر لَيْسَ بِمَعْنى أَن فعل وَأَن يفعل فَيحْتَاج أَن لَا يفرق بَينه وَبَين مَا تعلق بِهِ انما يمْتَنع ان يفرق بَينه وَبَين مَا تعلق بِهِ اذا كَانَ بِمَعْنى أَن فعل وَأَن يفعل وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ وأبدا ظرف زمَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 833 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الزلزلة قَوْله تَعَالَى إِذا زلزلت إِذا ظرف زمَان مُسْتَقْبل وَالْعَامِل فِيهِ زلزلت وَجَاز ذَلِك لِأَنَّهَا بِمَعْنى الشَّرْط مَا بعْدهَا فِي تَقْدِير مجزوم بهَا فَكَمَا جَازَ عمله فِيمَا بعْدهَا وَهِي فِي الحكم مُضَافَة الى الْجُمْلَة بعْدهَا جَازَ عمل مَا بعْدهَا فِيهَا كَمَا يعْمل فِي من وَمَا اللَّتَيْنِ للشّرط مَا بعدهمَا ة تعملان هما فِيمَا بعدهمَا تَقول من تكرم اكرمه وَمَا تفعل أفعل فَمَا وَمن فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ المجزوم الَّذِي بعدهمَا وهما جزما مَا بعدهمَا فجرت اذا إِذْ كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط على مَا وَمن وَإِن كَانَت فِي التَّقْدِير مُضَافَة الى الْجُمْلَة بعْدهَا قَوْله زِلْزَالهَا مصدر كَمَا تَقول ضربتك ضربك وَحسن اضافته الى الضَّمِير لتتفق رُؤُوس الْآي على لفظ وَاحِد والزلزال بِالْفَتْح الِاسْم وَالْكَسْر مصدر وَقيل هما جَمِيعًا مصدر وَقد قَرَأَ عَاصِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 الجحدري وزلزلوا زلزالا بِالْفَتْح وَقَرَأَ زِلْزَالهَا بِالْفَتْح قَوْله مَالهَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام اسْم تَامّ وَلها الْخَبَر قَوْله أشتاتا حَال من النَّاس قَوْله فَمن يعْمل مِثْقَال من شَرط وَهُوَ اسْم مُبْتَدأ تَامّ ويره الْخَبَر مثله الثَّانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة العاديات قَوْله تَعَالَى ضَبْحًا مصدر فِي مَوضِع الْحَال مثل أصبح ماؤكم غورا قَوْله قدحا مصدر مَحْض لِأَن فالموريات بِمَعْنى فالقادحات قَوْله صبحا ظرف زمَان عمل فِيهِ الْمُغيرَات قَوْله نقعا مفعول بِهِ نصب بأثرن قَوْله جمعا حَال قَوْله إِذا بعثر الْعَامِل فِي اذا عِنْد الْمبرد بعثر وَلَا يعْمل فِيهِ يعلم وَلَا خَبِير لِأَن الانسان لَا يُرَاد مِنْهُ الْعلم وَالِاعْتِبَار ذَلِك الْوَقْت انما يعْتَبر فِي الدُّنْيَا وَيعلم وَلَا يعْمل مَا بعد ان فِيمَا قبلهَا لَو قلت يَوْم الْجُمُعَة إِن زيدا قَائِم لم يجز إِلَّا على كلامين واضمار عَامل ليَوْم كَأَنَّك قلت اذكر يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ قلت ان زيدا قَائِم وَلَا يعْمل فِيهِ قَائِم الْبَتَّةَ فَأَما يَوْمئِذٍ الثَّانِي فالعامل فِيهِ خَبِير وَجَاز أَن يعْمل ابعد اللَّام فِيمَا قبلهَا لِأَن التَّقْدِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 فِي اللَّام أَن تكون فِي الِابْتِدَاء وانما دخلت فِي الْخَبَر لدُخُول ان على الِابْتِدَاء فَيعْمل الْخَبَر فِيمَا قبله وان كَانَ فِيهِ لَام على أصل حكم اللَّام فِي التَّقْدِير قبل الْمُبْتَدَأ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 837 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة القارعة قَوْله تَعَالَى القارعة مَا القارعة وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة قد تقدم الْكَلَام فِيهَا وَفِيمَا كَانَ مثلهَا مثل وَمَا أَدْرَاك ماهيه وَشبهه فِي الحاقة وَفِي الْوَاقِعَة وَفِي الْقدر فأغنى ذَلِك عَن تكريره قَوْله يَوْم يكون النَّاس الْعَامِل فِي يَوْم القارعة أَي تقرع اذان الْخلق يَوْم يكون وَقيل القارعة رفع باضمار فعل وَذَلِكَ الْفِعْل عَامل فِي يَوْم تَقْدِيره ستأتي القارعة وَالْأول أحسن قَوْله كالفراش الْكَاف فِي مَوضِع نصب خبر كَانَ وَمثله كالعهن والعهن جمع عهنة قَوْله من ثقلت مَوَازِينه من شَرط اسْم تَامّ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وفهو الْخَبَر وَمثله من خفت قَوْله هيه الْهَاء دخلت للْوَقْف لبَيَان حَرَكَة الْيَاء قَوْله نَار رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ نَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 838 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة أَلْهَاكُم قَوْله تَعَالَى لترون الْجَحِيم من قَرَأَ بِضَم التَّاء جعله فعلا رباعيا مَنْقُولًا من رأى من رُؤْيَة الْعين فتعدى بنقله الى الرباعي الى مفعولين قَامَ أَحدهمَا مقَام الْفَاعِل وَهُوَ الْمُضمر فِي لترون مفعول لم يسم فَاعله والجحيم الْمَفْعُول الثَّانِي وَمن فتح التَّاء جعله فعلا ثلاثيا غير مَنْقُول الى الرباعي فعداه الى مفعول وَاحِد لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ من رُؤْيَة الْعين أَصله لترأيون فألقيت حَرَكَة الْهمزَة على الرَّاء كَمَا فعل ذَلِك فِي يرى وَترى على التسهيل تسهيلا مستمرا فِي هَذَا الْبناء حَيْثُ وَقع مُسْتَقْبلا فَبَقيَ لتريون فَلَمَّا تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا قلبت ألفا وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا فَبَقيَ لترون ثمَّ دخلت النُّون الْمُشَدّدَة فحذفت نون الاعراب للْبِنَاء وحركت الْوَاو بِالضَّمِّ لسكونها وَسُكُون أول النُّون الْمُشَدّدَة وَلَا يجوز همز الْوَاو من لترون لانضمامها لِأَن حركتها عارضة لالتقاء الساكنين وهما الْوَاو وَأول المشدد أَلا ترى أَنَّك لم ترد لَام الْفِعْل الَّتِي قد حذفت قبل الْوَاو لسكونها وَسُكُون وَاو الضَّمِير وَقد تحركت وَاو الضَّمِير لسكونها وَسُكُون أول النُّون الْمُشَدّدَة الَّتِي للتَّأْكِيد فَلَمَّا لم يعْتد بحركتها لم ترد لَام الْفِعْل وَلم يجز همزها وَمثله الثَّانِي وَلم يجز حذف الْوَاو لالتقاء الساكنين لِأَنَّهُ قد حذف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 لَام الْفِعْل قبلهَا وَلِأَن قبلهَا فَتْحة والفتحة لَا تدل على الْوَاو وَلَو حذفت قَوْله عين الْيَقِين نصب على الْمصدر لِأَن مَعْنَاهَا لتعايننها عيَانًا يَقِينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْعَصْر قَوْله تَعَالَى وَالْعصر هُوَ قسم وَالْوَاو بدل من الْبَاء وَتَقْدِيره وَرب الْعَصْر وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي كل قسم بِغَيْر الله وَالْعصر الدَّهْر قَوْله إِلَّا الَّذين آمنُوا الَّذين فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من الانسان لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْجَمَاعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْهمزَة قَوْله تَعَالَى ويل لكل همزَة ويل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهُوَ الِاخْتِيَار وَيجوز نَصبه على الْمصدر أَو على الاغراء وَقد مضى شَرحه قَوْله الَّذِي جمع مَالا الَّذِي فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ الَّذِي أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي أَو فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من كل قَوْله يحْسب أَن مَاله أخلده أَن تسد مسد مفعولي حسب قَوْله وعدده عدد فعل مَاض مَبْنِيّ على الْفَتْح وَقَرَأَ الْحسن بِالتَّخْفِيفِ فَهُوَ مَنْصُوب على الْعَطف على مَال أَي وَجمع عدده وَلَا يحسن أَن يكون بِمَعْنى التَّشْدِيد فعلا مَاضِيا على اظهار التَّضْعِيف لِأَن اظهار التَّضْعِيف فِي مثل هَذَا لَا يجوز إِلَّا فِي شعر وَكسر السِّين فِي يحْسب وَفتحهَا لُغَتَانِ مشهورتان ويروى أَن الْكسر لُغَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَائِز فِي كل فعل مُسْتَقْبل من حسب قَوْله لينبذن هَذَا الْفِعْل وَنَظِيره مَبْنِيّ على الْفَتْح لأجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 ملاصقة النُّون لَهُ وَفِيه ضمير يعود على الَّذِي وَقَرَأَ الْحسن لينبذان على التَّثْنِيَة رده على المَال وصاحبة ويروى عَنهُ لينبذن بِضَم الذَّال على الْجمع رده على الْهمزَة واللمزة وَالْمَال قَوْله وَمَا أَدْرَاك مَا الحطمة قد تقدم ذكرهَا قَوْله نَار الله رفع على اضمار هِيَ ابْتِدَاء وَخبر قَوْله مؤصدة من همزَة جعله من آصدت الْبَاب إِذا أطبقته لُغَة مَعْرُوفَة وَمن لم يهمز جعله مخففا من الْهمزَة وَيجوز أَن يكون جعله من أوصدت لُغَة مَشْهُورَة فِيهِ وَهُوَ مثل قَوْلهم وكدت وأكدت والتأكيد والتوكيد بِمَعْنى وَمثله أرخت الْكتاب وورخته لُغَتَانِ وَقَوله بالوصيد يدل على أوصدت بِالْوَاو وَلَو كَانَ من آصدت كَانَ بالأصيد قَوْله فِي عمد من قَرَأَهُ بِفتْحَتَيْنِ جعله اسْما للْجمع لِأَن بَاب فعول وفعيل وفعال أَن يجمع على فعل نَحْو كتاب وَكتب وَرَسُول ورسل ورغيف ورغف وَقد قَالُوا أَدِيم وأدم وأفيق وأفق فَهَذَا بِمَنْزِلَة عَمُود وَعمد بِالْفَتْح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْفِيل قَوْله تَعَالَى كَيفَ فعل رَبك كَيفَ ظرف وَالْعَامِل فِيهِ فعل وَلَا يعْمل فِيهِ تَرَ لِأَن فِيهِ معنى الِاسْتِفْهَام وَلَا يعْمل فِيهِ مَا قبله ولمشابهته الْألف بني وَبني على الْفَتْح لسكون مَا قبله وَلِأَنَّهُ يَاء الْكسر بعد الْيَاء ثقيله قَوْله أبابيل وَاحِدهَا إبول كعجول وعجاجيل وَقيل وَاحِدهَا إبيل كسكين وسكاكين وَقيل وَاحِدهَا إبال كدينار ودنانير وأصل دِينَار دنار دَلِيله تَكْرِير النُّون فِي الْجمع والتصغير وَقيل هُوَ جمع لَا وَاحِد لَهُ وَقيل هُوَ اسْم للْجمع قَوْله ترميهم فِي مَوضِع نصب نعت لطير وَكَذَلِكَ أبابيل نعت لطير كَأَنَّهُ قَالَ جماعات مُتَفَرِّقَة قَوْله كعصف الْكَاف فِي مَوضِع نصب مفعول ثَان لجعل لِأَنَّهُ بِمَعْنى صير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 844 تفسر مُشكل اعراب سُورَة قُرَيْش قَوْله تَعَالَى لِإِيلَافِ اللَّام مُتَعَلقَة عِنْد الْأَخْفَش بقوله فجعلهم كعصف أَي فعل بهم ذَلِك لتأتلف قُرَيْش وَفِيه بعد لاجماع الْجَمِيع على الْجَوَاز على الْوَقْف على اخر ألم تَرَ وَقيل اللَّام مُتَعَلقَة بِفعل مُضْمر تَقْدِيره اعجبوا لايلاف قُرَيْش رحْلَة الشتَاء والصيف وتركهم عبَادَة رب هَذَا الْبَيْت وَهُوَ مَذْهَب الْفراء وَقَالَ الْخَلِيل اللَّام مُتَعَلقَة بقوله فليعبدوا كَأَنَّهُ قَالَ لِأَن ألف الله قُريْشًا ايلافا فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت قَوْله إيلافهم بدل من الأول لزِيَادَة الْبَيَان كَمَا تَقول سَمِعت كلامك كلامك زيدا وإيلاف مصدر فعل رباعي وَمن قَرَأَهُ إلفهم جعله مصدر فعل ثلاثي وَأَجَازَ الْفراء إيلافهم بِالنّصب على الْمصدر قَوْله رحْلَة الشتَاء نصب بايلافهم وَفِيه لُغَتَانِ حَكَاهُمَا ابو عبيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 845 ألفته وآلفته وعَلى ذَلِك قرىء لِإِيلَافِ وءلالف من ألف وَمن آلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 846 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى أَرَأَيْت الَّذِي من خفف الْهمزَة جعلهَا بَين الْهمزَة وَالْألف وَقيل أبدل مِنْهَا ألفا وَجَاز ذَلِك وَبعدهَا سَاكن لِأَن الْألف يَقع بعْدهَا السَّاكِن والمشدد على مَذْهَب جَمِيع النَّحْوِيين وَيَقَع بعْدهَا السَّاكِن غير المشدد على مَذْهَب يُونُس وابي عَمْرو والكوفيين وَمنعه سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَيجوز حذف الْهمزَة وَبِه قَرَأَ الْكسَائي وَيكون أَرَأَيْت من رُؤْيَة الْقلب وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف وَفِيه بعد فِي الاعراب والحذف وَهُوَ أمكن فِي الْمَعْنى من رُؤْيَة الْعين وَيكون من رُؤْيَة الْعين فَلَا يحْتَاج الى حذف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْكَوْثَر قَوْله تَعَالَى إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر اصل إِنَّا إننا فحذفت احدى النونات لِاجْتِمَاع الْأَمْثَال والمحذوفة هِيَ الثَّانِيَة بِدلَالَة جَوَاز حذفهَا فِي إِن فَتَقول إِن زيد لقائم فتحذف الثَّانِيَة وَتبقى الأولى على سكونها سَاكِنة وَلَو كَانَت المحذوفة هِيَ الأولى لبقيت الثَّانِيَة متحركة لِأَنَّهَا كَذَلِك كَانَت قبل الْحَذف وَلَا يجوز حذف الثَّالِثَة لِأَنَّهَا من الِاسْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْكَافِرُونَ قَوْله تَعَالَى الْكَافِرُونَ نعت لأي لَا يجوز حذفه لِأَنَّهُ هُوَ المنادى فِي الْمَعْنى وَلَا يجوز عِنْد أَكثر النَّحْوِيين نَصبه كَمَا جَازَ يازيد الظريف بِالنّصب على النَّعْت على مَوضِع زيد لِأَنَّهُ فِي مَوضِع نصب بالنداء وَقد مضى شَرحه وَمَا فِي الْأَرْبَعَة الْمَوَاضِع فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ الَّذِي قبل كل وَاحِدَة وَهِي بِمَعْنى الَّذِي وَالْهَاء محذوفة من الْفِعْل الَّذِي بعد كل وَاحِدَة أَي تعبدونه وأعبده وعبدتموه وَقيل مَا وَالْفِعْل مصدر فَلَا يحْتَاج على هَذَا الى تَقْدِير حذف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة النَّصْر قَوْله تَعَالَى إِذا جَاءَ نصر الله الْعَامِل فِي إِذا جَاءَ وَقد تقدم شَرحه قَوْله يدْخلُونَ حَال من النَّاس لِأَن رَأَيْت من رُؤْيَة الْعين قَوْله أَفْوَاجًا نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يدْخلُونَ وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ وأفواج جمع فَوْج وَقِيَاسه أَفْوَاج لِأَن الضمة تستثقل فِي الْوَاو فشبهوا فعلا بِفعل فجمعوه جمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة تبت قَوْله تَعَالَى مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب مَا فِي مَوضِع نصب بأغنى وَهِي اسْتِفْهَام اسْم تَامّ وَقيل مَا نفي ومفعول اغنى مَحْذُوف تَقْدِيره مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَكَسبه شَيْئا قَوْله وَمَا كسب مَا عطف على مَاله وَهِي بِمَعْنى الَّذِي أَو مَعَ الْفِعْل مصدر أَي كَسبه ولابد من تَقْدِير هَاء محذوفة إِذا جَعلتهَا بِمَعْنى الَّذِي أَي كَسبه قَوْله وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب امْرَأَته عطف على الْمُضمر فِي سيصلى وحمالة رفع على اضمار هِيَ ابْتِدَاء وَخبر وَقيل امْرَأَته رفع بِالِابْتِدَاءِ وحمالة خَبره وَقيل الْخَبَر فِي جيدها حَبل ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْخَبَر وَكَذَلِكَ رفع الْحَبل بالاستقرار وَالْجُمْلَة خبر امْرَأَته وحمالة نعت للْمَرْأَة وَإِذا جعلت حمالَة الْخَبَر كَانَ قَوْله فِي جيدها حَبل ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي حمالَة وَكَذَلِكَ إِذا جعلت وَامْرَأَته حمالَة ابْتِدَاء وخبرا جَازَ أَن تكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الْهَاء فِي أغْنى عَنهُ وَقيل إِن فِي جيدها حَبل خبر ثَان لامْرَأَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 851 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الاخلاص قَوْله تَعَالَى قل هُوَ الله أحد هُوَ ابْتِدَاء وَهُوَ اضمار الحَدِيث أَو الْخَبَر أَو الْأَمر وَالله ابْتِدَاء وَأحد خَبره وَالْجُمْلَة خبر عَن هُوَ تَقْدِيره قل يَا مُحَمَّد الحَدِيث الْحق الله أحد وَقد قَرَأَ أَبُو عَمْرو بِحَذْف التَّنْوِين من أحد لالتقاء الساكنين قَوْله الله الصَّمد ابْتِدَاء وَخبر وَقيل الصَّمد نَعته وَمَا بعده خبر وَقيل الصَّمد رفع على اضمار الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة خبر عَن الله جلّ ذكره وَقيل هِيَ جملَة خبر بعد خبر عَن هُوَ وَقيل إِنَّه بدل من أحد وَقيل هُوَ بدل من اسْم الله الأول وانما وَقع هَذَا التكرير فِي الصِّفَات للتعظيم والتفخيم وَلذَلِك أظهر الِاسْم بعد أَن تقدم مظْهرا وَكَانَ حَقه أَن يكون الثَّانِي مضمرا لتقدم ذكره مظْهرا لَكِن اظهاره أكد فِي التَّعْظِيم والتفخيم كَذَلِك قَالَ أَصْحَاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة والحاقة مَا الحاقة وَالْقَارِعَة مَا القارعة فأعيد فِي جَمِيعه الِاسْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 852 مظْهرا وَقد تقدم مظْهرا وَذَلِكَ للتعظيم والتفخيم ولمعنى التَّعَجُّب الَّذِي فِيهِ وَكَذَلِكَ قَوْله وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور وَكَانَ حَقه كُله أَن يُعَاد مضمرا لَكِن أظهر لما ذكرنَا وانما وَقعت هُوَ كِنَايَة فِي أول الْكَلَام لِأَنَّهُ كَلَام جرى على جَوَاب سَائل لِأَن الْيَهُود سَأَلت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ان يصف لَهُم ربه وينسبه لَهُم فَأنْزل الله قل يامحمد هُوَ الله أحد أَي الحَدِيث الَّذِي سَأَلْتُم عَنهُ الله أحد الله الصَّمد الى اخرها وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء هوكناية عَن مفردو الله خَبره وَأحد بدل من الله وأصل أحد وحد فأبدل من الْوَاو همزَة وَهُوَ قَلِيل فِي الْوَاو الْمَفْتُوحَة وَأحد بِمَعْنى وَاحِد قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي أحد بِمَعْنى وَاحِد سَقَطت الْألف مِنْهُ على لُغَة من يَقُول وحد فِي الْوَاحِد وأبدلت الْهمزَة من الْوَاو الْمَفْتُوحَة كَمَا أبدلت فِي قَوْلهم امْرَأَة أَنَاة أَصْلهَا وناة من ونى يني إِذا فتر وَلم يسمع ابدال الْهمزَة من الْوَاو الْمَفْتُوحَة إِلَّا فِي أحد وأناة وَقيل أصل أحد وَاحِد فأبدلوا من الْوَاو همزَة فَاجْتمع همزتان فحذفت وَاحِدَة تَخْفِيفًا فَهُوَ وَاحِد فِي الأَصْل وَقد قيل ان أحدا بِمَعْنى أول لَا ابدال فِيهِ وَلَا تَغْيِير بِمَنْزِلَة الْيَوْم الْأَحَد وكقولهم لَا أحد فِي الدَّار وَفِي أحد فَائِدَة لَيست فِي وَاحِد لِأَنَّك اذا قلت لَا يقوم لزيد وَاحِد جَازَ أَن يقوم لَهُ اثْنَان واكثر واذا قلت لَا يقوم لَهُ اُحْدُ نفيت الْكل وَهَذَا انما يكون فِي النَّفْي خَاصَّة وَأما فِي الايجاب فَلَا يكون فِيهِ ذَلِك الْمَعْنى وَأحد اذا كَانَ بِمَعْنى وَاحِد وَقع فِي الايجاب تَقول مربنا أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 853 أَي وَاحِد فَكَذَا قل هُوَ الله اُحْدُ أَي وَاحِد قَوْله لم يلد أَصله لم يُولد فحذفت الْوَاو كحذفها من يزن ويعد وَقد مضى ذكره مكررا قَوْله وَلم يكن لَهُ كفوا أحد أحد اسْم كَانَ وَكفوا خبر كَانَ وَله ملغى وَقيل لَهُ الْخَبَر وَهُوَ قِيَاس قَول سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ يقبح عِنْده الغاء الظّرْف اذا تقدم وَخَالفهُ الْمبرد فَأَجَازَهُ على غير قبح وَاسْتشْهدَ بالاية وَلَا شَاهد للمبرد فِي الاية لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون كفوا حَالا من أحد مقدما لِأَن نعت النكرَة اذا تقدم عَلَيْهَا نصب على الْحَال كَمَا قَالُوا وَقع أَمر فَجْأَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الفلق قَوْله تَعَالَى من شَرّ مَا خلق مَا بِمَعْنى الَّذِي وَالضَّمِير مَحْذُوف من الصِّلَة وَدلّ ذَلِك على أَن الله جلّ ذكره خَالق كل شَيْء وَكَذَلِكَ إِن جعلت مَا وَالْفِعْل مصدرا دلّ على ذَلِك إِلَّا أَنه لَا ضمير مَحْذُوف من الْكَلَام وَمن قراه من شَرّ بِالتَّنْوِينِ فقد ألحد وَغير اللَّفْظ وَالْمعْنَى لِأَنَّهُ يَجْعَل مَا نفيا وَيقدم من وَهِي مُتَعَلقَة عِنْده بِخلق فَيقدم مَا بعد النَّفْي عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد جَمِيع النَّحْوِيين لِأَن تَقْدِيره عِنْده مَا خلق من شَرّ فَيخرج الْكَلَام عَن حَده وَيصير الى النَّفْي فَبعد مَا هُوَ دُعَاء وتعوذ يصير خَبرا نفيا مُعْتَرضًا بَين تعويذين وَذَلِكَ إلحاد ظَاهر وَخطأ بَين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة النَّاس قَوْله تَعَالَى بِرَبّ النَّاس أصل النَّاس عِنْد سِيبَوَيْهٍ أنَاس وَالْألف وللام بدل من الْهمزَة قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي النَّاس جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه بِمَنْزِلَة الابل وَالْخَيْل وَالنعَم وَالْبَقر والغزاة والقضاة لَا وَاحِد لهَذِهِ الجموع من ألفاظها قَالَ والانسان لَيْسَ بِوَاحِد النَّاس وَالْقَاضِي لَيْسَ بِوَاحِد الْقُضَاة قَالَ وَوزن النَّاس من الْفِعْل فعل وَأَصله نسي من نسيت فأخرت الْعين وقدمت اللَّام فَصَارَ فِي الحكم نيسا فَصَارَت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا قَالَ وَقَالَ بعض النَّحْوِيين النَّاس أَصله الأناس فسهلت الْهمزَة وأبدل نون من لَام التَّعْرِيف الساكنة وأدغمت فِي النُّون الَّتِي بعْدهَا فَصَارَت نونا مُشَدّدَة كَمَا قَالَ الله لَكنا هُوَ الله رَبِّي يُرِيد لَكِن أَنا وَقَالَ وَالْفراء يبطل هَذَا الْجَواب وَيَقُول وجدنَا الْعَرَب تَقول فِي تصغيره نويس قَالَ الْفراء وَلَو كَانَ مَا قَالُوا صَحِيحا لقيل فِي التصغير أنيس وأنيس قَوْله ملك وإله بدل من رب أَو نعت لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 قَوْله من الْجنَّة وَالنَّاس النَّاس خفض عطف على الوسواس أَي من شَرّ الوسواس وَالنَّاس وَلَا يجوز عطفه على الْجنَّة لِأَن النَّاس لَا يوسوسون فِي صُدُور وَالنَّاس انما يوسوس الْجِنّ فَلَمَّا اسْتَحَالَ الْمَعْنى حَملته على الْعَطف على الوسواس تمّ الْكتاب بِحَمْد الله وَمِنْه وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد واله وَصَحبه وَسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857