الكتاب: حاشية السندي على سنن النسائي (مطبوع مع السنن) المؤلف: محمد بن عبد الهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ) الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب الطبعة: الثانية، 1406 - 1986 عدد الأجزاء: 8   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- حاشية السندي على سنن النسائي السندي، محمد بن عبد الهادي الكتاب: حاشية السندي على سنن النسائي (مطبوع مع السنن) المؤلف: محمد بن عبد الهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ) الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب الطبعة: الثانية، 1406 - 1986 عدد الأجزاء: 8   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] [ كتاب الطهارة ] (تَأْوِيل قَوْله عز وَجل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم الْآيَة) يُرِيد رَحمَه الله تَعَالَى أَن تَمام مَا يذكر فِي كتاب الطَّهَارَة فِي هَذَا الْكتاب بِمَنْزِلَة بَاب الطَّهَارَة أَو كتاب الطَّهَارَة فِي غَيره وَتَمام الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة فِي الطَّهَارَة دَاخِلَة فِي هَذِه التَّرْجَمَة وَأما مَا ذكر فِيهَا من الحَدِيث فَأَما أَن مُرَاده بذلك التَّنْبِيه أَن الطَّهَارَة تبدأ بِغسْل الْيَدَيْنِ كَمَا ذكره الْفُقَهَاء فَإِنَّهُم عدوا الْبدَاءَة بِالْغسْلِ الْمَذْكُور من سنَن الْوضُوء وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث وَغَيره لَكِن فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث عَلَيْهِ بحث ظَاهر إِذْ سوق الحَدِيث الْمَذْكُور لَيْسَ لافادة ابْتِدَاء الْوضُوء بِغسْل الْيَدَيْنِ لَا مُطلقًا وَلَا مُقَيّدا بِوضُوء يكون بعد الْقيام من النّوم إِذْ لَا دلَالَة لَهُ على كَون الْغسْل للْوُضُوء ليَقَع بداءته بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لافادة منع إِدْخَال الْيَدَيْنِ فِي المَاء إِذا لم تكن طهارتهما مَعْلُومَة أَو إِذا كَانَت نجاستهما مشكوكة قبل غسلهمَا ثَلَاثًا وَلَا دلَالَة لذَلِك على أَن الْوضُوء يبْدَأ بِمَاذَا نعم فِي الْبَاب أَحَادِيث أخر تدل على أَن الْوضُوء يبْدَأ بِغسْل الْيَدَيْنِ وَلَو كَانَتَا طاهرتين جزما كَمَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 الْوضُوء على الْوضُوء مثلا وَأما مُرَاده بالتبعية على أَن المَاء الْمَطْلُوب للْوُضُوء يَنْبَغِي أَن يكون خَالِيا من شُبْهَة النَّجَاسَة فضلا عَن تحققها وَهَذَا أقرب إِلَى الحَدِيث وان كَانَ الأول هُوَ الْمَشْهُور بَين الْفُقَهَاء وَالله تَعَالَى أعلم [1] قَوْله إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه الظَّاهِر أَن الْمَقْصُود إِذا شكّ أحدكُم فِي يَدَيْهِ مُطلقًا سَوَاء كَانَ لأجل الاستيقاظ من النّوم أَو لأمر آخر الا أَنه فرض الْكَلَام فِي جزئي وَاقع بَينهم على كَثْرَة ليَكُون بَيَان الحكم فِيهِ بَيَانا فِي الكلى بِدلَالَة الْعقل فَفِيهِ احالة للْأَحْكَام إِلَى الاستنباط ونوطه بالعلل فَقَالُوا فِي بَيَان سَبَب الحَدِيث أَن أهل الْحجاز كَانُوا يستنجون بِالْحِجَارَةِ وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ فَإِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ عَرِقَ فَلَا يَأْمَن حَالَة النّوم أَن تَطوف يَده على ذَلِك الْموضع النَّجس فنهاهم عَن إِدْخَال يَده فِي المَاء فَلَا يغمس بِالتَّخْفِيفِ من بَاب ضرب هُوَ الْمَشْهُور وَيحْتَمل أَن يكون بِالتَّشْدِيدِ من بَاب التفعيل أَي فَلَا يدْخل فِي وضوئِهِ بِفَتْح الْوَاو أَي المَاء الْمعد للْوُضُوء وَفِي رِوَايَة فِي الْإِنَاء أَي الظّرْف الَّذِي فِيهِ المَاء أَو غَيره من الْمَائِعَات قَالُوا هُوَ نهي أدب وَتَركه اساءة وَلَا يفْسد المَاء وَجعله أَحْمد للتَّحْرِيم وَقَوله حَتَّى يغسلهَا أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 ندبا بِشَهَادَة التَّعْلِيل بقوله لِأَن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده لِأَن غَايَته الشَّك فِي نَجَاسَة الْيَدَيْنِ وَالْوُجُوب لَا يَبْنِي على الشَّك وَعند أَحْمد وجوبا وَلَا يبعد من الشَّارِع الْإِيجَاب لرفع الشَّك وَفِي الحَدِيث دلَالَة على أَن الْإِنْسَان يَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِيَاط فِي مَاء الْوضُوء وَاسْتدلَّ بِهِ على أَن المَاء الْقَلِيل يَتَنَجَّس بِوُقُوع النَّجَاسَة وان لم يتَغَيَّر أحد أَوْصَافه وَفِيه أَنه يجوز أَن يكون النَّهْي لاحْتِمَال الْكَرَاهَة لَا لاحْتِمَال النَّجَاسَة وَيجوز أَن يُقَال الْوضُوء بِمَا وَقع فِيهِ النَّجَاسَة مَكْرُوه فجَاء النَّهْي عِنْد الشَّك فِي النَّجَاسَة تَحَرُّزًا عَن الْوُقُوع فِي هَذِه الْكَرَاهَة على تَقْدِير النَّجَاسَة وَأَيْضًا يُمكن أَن يكون النَّهْي بِنَاء على احْتِمَال أَن يتَغَيَّر المَاء بِمَا على الْيَد من النَّجَاسَة فيتنجس فَمن أَيْن علم أَنه يَتَنَجَّس المَاء بِوُقُوع النَّجَاسَة مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم وَيُؤْخَذ من هَذَا الحَدِيث أَن النَّجَاسَة الْغَيْر المرئية يغسل محلهَا لازالتها ثَلَاث مَرَّات إِذْ مَا شرع ثَلَاث مَرَّات عِنْد توهمها الا لأجل أزالتها فَعلم أَن ازالتها تتَوَقَّف على ذَلِك وَلَا يكون بِمرَّة وَاحِدَة إِذْ يبعد أَن ازالتها عِنْد تحققها بِمرَّة ويشرع عِنْد توهمها ثَلَاث مَرَّات لازالتها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2] يشوص فَاه بِالسِّوَاكِ بِفَتْح الْيَاء وَضم الشين الْمُعْجَمَة وبالصاد الْمُهْملَة أَي يدلك الْأَسْنَان بِالسِّوَاكِ عرضا قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 [3] وَهُوَ يستن الِاسْتِنَانُ اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْأَسْنَانِ أَيْ يُمِرُّهُ عَلَيْهَا وَطَرَفُ السِّوَاكِ بِفَتْحِ الرَّاءِ عأعأ بِتَقْدِيم الْعين الْمَفْتُوحَة عَلَى الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أُعْ أُعْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْعَيْنِ السَّاكِنَةِ وَفِي رِوَايَة أَخ بِكَسْر همزَة وخاء مُعْجمَة وَإِنَّمَا اخْتلفت الروَاة لتقارب مخارج هَذِه الْحُرُوف وَكلهَا ترجع إِلَى حِكَايَة صَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جعل السِّوَاك على طرف اللِّسَان يستاك إِلَى فَوْقِ بَاب هَلْ يَسْتَاكُ الْإِمَامُ بِحَضْرَةِ رَعيته كَأَنَّهُ أَشَارَ بِخُصُوص التَّرْجَمَة بالامام إِلَى أَن الاستياك بِحَضْرَة الْغَيْر يَنْبَغِي أَن يكون مَخْصُوصًا بِمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 لَا يكون ذَاك مستقذرا مِنْهُ لكَونه إِمَامًا وَنَحْوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4] سَأَلَ الْعَمَل أَي طلب كل مِنْهُمَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَجعله عَاملا على طرف قلت أَي اعتذارا عَن دخولهما مَعَه مَعَ كَونهمَا جَاءَا لطلب الْعَمَل تَحت شفته أَي حَال كَون السِّوَاك ثَابتا تَحت شفته قلصت أَي حَال كَون الشّفة قد ارْتَفَعت بِوَضْع السِّوَاك تحتهَا قَوْله [5] مطهرة للفم بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا لُغَتَانِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَهُوَ كُلُّ آلَةٍ يُتَطَهَّرُ بِهَا شُبِّهَ السِّوَاكُ بِهَا لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْفَمَ وَالطَّهَارَةُ النَّظَافَة ذكره النَّوَوِيّ قلت لَا حَاجَة إِلَى اعْتِبَار التَّشْبِيه لِأَن السِّوَاك بِكَسْر السِّين اسْم للعود الَّذِي يدلك بِهِ الْأَسْنَان وَلَا شكّ فِي كَونه آلَة لطهارة الْفَم بِمَعْنى نظافته ومرضاة بِفَتْح مِيم وَسُكُون رَاء وَالْمرَاد أَنه آلَة لرضا الله تَعَالَى بِاعْتِبَار أَن اسْتِعْمَاله سَبَب لذَلِك وَقيل مطهرة ومرضاة بِفَتْح مِيم كل مِنْهُمَا مصدر بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 مطهر للفم وَمرض للرب تَعَالَى أَو هما باقيان على المصدرية أَي سَبَب للطَّهَارَة وَالرِّضَا وَجَاز أَن يكون مرضاة بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي مرضِي للرب انْتهى قلت وَالْمُنَاسِب بِهَذَا الْمَعْنى أَن يُرَاد بِالسِّوَاكِ اسْتِعْمَال الْعود لَا نفس الْعود أما على مَا قيل أَن اسْم السِّوَاك قد يسْتَعْمل بِمَعْنى اسْتِعْمَال الْعود أَيْضا أَو على تَقْدِير الْمُضَاف ثمَّ لَا يخفى أَن الْمصدر إِذا كَانَ بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل يكون بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل من ذَلِك الْمصدر لَا من غَيره فَيَنْبَغِي أَن يكون هَا هُنَا مطهرة ومرضاة بِمَعْنى طَاهِر وراض لَا بِمَعْنى مطهر وَمرض وَلَا معنى لذَلِك فَلْيتَأَمَّل ثمَّ الْمَقْصُود فِي الحَدِيث التَّرْغِيب فِي اسْتِعْمَال السِّوَاك وَهَذَا ظَاهر قَوْله بْنُ الْحَبْحَابِ بِحَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ الأولى سَاكِنة قَوْله قد أكثرت عَلَيْكُم أَي بالغت فِي تَكْرِير طلبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 مِنْكُم وَفِي هَذَا الاخبار ترغيب فِيهِ وَهَذَا بِمَنْزِلَة التَّأْكِيد لما سبق من التكرير لمن علم بِهِ سَابِقًا وبمنزلة التكرير والتأكيد جَمِيعًا لمن لم يعلم بِهِ وَفِي بعض النّسخ قد أَكثرْتُم عَليّ فِي السِّوَاك وَهَذَا يَقْتَضِي أَنهم طلبُوا مِنْهُ إِيجَابه أَو تخفيفه بِأَن يرفع تَأَكد نَدبه عَنْهُم أوأنهم عدوا مَا قَالَه فِي شَأْنه كثيرا فَقَالَ لَهُم ذَلِك إنكارا عَلَيْهِم ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [7] لَوْلَا أَن أشق أَي لَوْلَا خوف أَن أشق فَلَا يرد أَن لَوْلَا لانْتِفَاء الشَّيْء لوُجُود غَيره وَلَا وجود للْمَشَقَّة هَا هُنَا لأمرتهم أَي أَمر إِيجَاب والا فالندب ثَابت وَفِيه دلَالَة على أَن مُطلق الْأَمر للآيجاب بِالسِّوَاكِ أَي بِاسْتِعْمَالِهِ لِأَن السِّوَاك هُوَ الْآلَة وَقيل أَنه يُطلق على الْفِعْل أَيْضا فَلَا تَقْدِير كَذَا ذكره الْحَافِظ بن حجر فِي الْفَتْح وَفِيه دلَالَة على أَنه لَا مَانع من إِيجَاب السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة الا مَا يخَاف من لُزُوم الْمَشَقَّة على النَّاس وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون الصَّوْم غير مَانع من ذَلِك وَمِنْه يُؤْخَذ مَا ذكره المُصَنّف من التَّرْجَمَة وَلَا يخفى أَن هَذَا من المُصَنّف استنباط دَقِيق وتيقظ عَجِيب فَللَّه دره مَا أدق وَأحد فهمه قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 [8] قَالَت بِالسِّوَاكِ وَلَا يخفى أَن دُخُوله الْبَيْت لَا يخْتَص بِوَقْت دون وَقت فَكَذَا السِّوَاك وَلَعَلَّه إِذا انْقَطع عَن النَّاس للوحي وَقيل كَانَ ذَلِك لاشتغاله بِالصَّلَاةِ النَّافِلَة فِي الْبَيْت وَقيل غير ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 [9] الْفطْرَة خمس الْفطْرَة بِكَسْر الْفَاء بِمَعْنى الْخلقَة وَالْمرَاد هَا هُنَا هِيَ السّنة الْقَدِيمَة الَّتِي اخْتَارَهَا الله تَعَالَى للأنبياء فَكَأَنَّهَا أَمر جبلي فطروا عَلَيْهَا وَلَيْسَ المُرَاد الْحصْر فقد جَاءَ عشر من الْفطْرَة فَالْحَدِيث من أَدِلَّة أَن مَفْهُوم الْعدَد غير مُعْتَبر والاستحداد اسْتِعْمَال الحديدة فِي الْعَانَة وَفِي هَذَا الحَدِيث قصّ الشَّارِب وَجَاء فِي بعض الرِّوَايَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 حلق وَفِي الْبَعْض أَخذ الشَّارِب وَقد اخْتَار كثير القص وحملوا الْحلق وَغَيره عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [13] فَلَيْسَ منا أَي من أهل طريقتنا المقتدين بسنتنا المهتدين بهدينا وَلم يرد خُرُوجه من الْإِسْلَام نعم سوق الْكَلَام على هَذَا الْوَجْه يُفِيد التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد فَلَا يَنْبَغِي الاهمال قَوْله وَقت من التَّوْقِيت أَي عَن وحدد ومفاد الحَدِيث أَن أَرْبَعِينَ أَكثر الْمدَّة وَقيل الأولى أَن يكون من جُمُعَة إِلَى جُمُعَة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 [15] أحفوا الشَّوَارِب وأعفوا اللحى الْمَشْهُور قطع الْهمزَة فيهمَا وَقيل وَجَاء حفا الرجل شَاربه يحفوه كاحفى إِذا استأصل أَخذ شعره وَكَذَلِكَ جَاءَ عَفَوْت الشّعْر وأعفيته لُغَتَانِ فعلى هَذَا يجوز أَن تكون همزَة وصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 واللحى بِكَسْر اللَّام أفْصح جمع لحية قَالَ الْحَافِظ بن حجر الاحفاء بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء الِاسْتِقْصَاء وَقد جَاءَت رِوَايَات تدل على هَذَا الْمَعْنى ومقتضاها أَن الْمَطْلُوب الْمُبَالغَة فِي الازالة وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَمذهب مَالك قصّ الشَّارِب حَتَّى يَبْدُو طرف الشّفة كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث خمس من الْفطْرَة وَهُوَ مُخْتَار النَّوَوِيّ قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 النَّوَوِيّ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَحْفُوا فَمَعْنَاهُ أَزِيلُوا مَا طَالَ على الشفتين قلت وَعَلِيهِ عمل غَالب النَّاس الْيَوْم وَلَعَلَّ مَالِكًا حمل الحَدِيث على ذَلِك بِنَاء على أَنه وجد عمل أهل الْمَدِينَة عَلَيْهِ فَإِنَّهُ رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يَأْخُذ فِي مثله بِعَمَل أهل الْمَدِينَة فالمرجو أَنه الْمُخْتَار وَالله تَعَالَى أعلم واعفاء اللِّحْيَة توفيرها وَأَن لَا تقص كالشوارب قيل والمنهى قصها كصنع الْأَعَاجِم وشعار كثير من الْكَفَرَة فَلَا يُنَافِيهِ مَا جَاءَ من أَخذهَا طولا وَلَا عرضا للاصلاح قَوْله أبعد أَي تِلْكَ الْحَاجة أَو نَفسه عَن أعين النَّاس قَوْله الْمَذْهَب مفعل من الذّهاب وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون مصدرا أَو اسْم مَكَان وعَلى الْوَجْهَيْنِ فتعريفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 للْعهد الْخَارِجِي وَالْمرَاد مَحل التخلي أَو الذّهاب إِلَيْهِ بقرينه أبعد فَإِنَّهُ اللَّائِق بالابعاد وَقيل بل صَار فِي الْعرف اسْما لموْضِع التغوط كالخلاء ائْتِنِي بِوضُوء بِفَتْح الْوَاو قَوْله [18] إِلَى سباطة قوم السباطة بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرْمَى فِيهِ التُّرَابُ وَالْأَوْسَاخُ وَمَا يُكْنَسُ مِنَ الْمَنَازِلِ وَقِيلَ هِيَ الْكُنَاسَةُ نَفسهَا واضافتها إِلَى الْقَوْم إِضَافَة اخْتِصَاص لَا ملك فَهِيَ كَانَت مُبَاحَة وَيحْتَمل الْملك وَيكون الْإِذْن مِنْهُم ثَابتا صَرِيحًا أَو دلَالَة وَقد اتَّفقُوا على أَن عَادَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَالَة الْبَوْل الْقعُود كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث عَائِشَة فَلَا بُد أَن يكون الْقيام فِي هَذَا الْوَقْت لسَبَب دَعَا إِلَى ذَلِك وَقد عينوا بعض الْأَسْبَاب بالتخمين وَالله تَعَالَى أعلم بالتحقيق فتنحيت عَنهُ تبعدت على ظن أَنه يكره الْقرب فِي تِلْكَ الْحَالة كَمَا عَلَيْهِ الْعَادة فدعاني لَا كَون كالسترة عَن نظر الأغيار إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 [19] إِذا دخل الْخَلَاء أَي أَرَادَ دُخُوله والخلاء بِالْفَتْح وَالْمدّ مَوضِع قَضَاء الْحَاجة من الْخبث بِضَمَّتَيْنِ جمع خَبِيث والخبائث جمع خبيثة وَالْمرَاد ذكران الشَّيَاطِين واناثهم وَقد جَاءَت الرِّوَايَة بِإِسْكَان الْبَاء فِي الْخبث أَيْضا اما على التَّخْفِيف أَو على أَنه اسْم بِمَعْنى الشَّرّ وَحِينَئِذٍ فالخبائث صفة النُّفُوس فَيشْمَل ذُكُور الشَّيَاطِين واناثهم وَالْمرَاد التَّعَوُّذ عَن الشَّرّ وَأَصْحَابه قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 [20] وَهُوَ بِمصْر رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 تفِيد أَن الْأَمر كَانَ بِالشَّام وَلَا تنَافِي لَا مَكَان أَنه وَقع لَهُ هَذَا فِي البلدتين جَمِيعًا بِهَذِهِ الكراييس بياءين مثناتين من تَحت يَعْنِي بيُوت الْخَلَاء قيل وَيفهم من كَلَام بعض أهل اللُّغَة أَنه بالنُّون ثمَّ الْيَاء وَكَانَت تِلْكَ الكراييس بنيت إِلَى جِهَة الْقبْلَة فثقل عَلَيْهِ ذَلِك وَرَأى أَنه خلاف مَا يفِيدهُ الحَدِيث بِنَاء على أَنه فهم الْإِطْلَاق لَكِن يُمكن أَن يكون محمل الحَدِيث الصَّحرَاء وَإِطْلَاق اللَّفْظ جَاءَ على مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَادة يَوْمئِذٍ إِذْ لم يكن لَهُم كنف فِي الْبيُوت فِي أول الْأَمر وَيُؤَيِّدهُ الْجمع بَين أَحَادِيث هَذَا الْبَاب مِنْهَا مَا ذكره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 المُصَنّف وَمِنْهَا مَا لم يذكرهُ وَلذَلِك مَال إِلَيْهِ الطَّحَاوِيّ من عُلَمَائِنَا وَالْمَسْأَلَة مُخْتَلف فِيهَا بَين الْعلمَاء والاحتراز عَن الِاسْتِقْبَال والاستدبار فِي الْبيُوت أحوط وَأولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَلَكِن شرقوا الخ أَي خُذُوا فِي نَاحيَة الْمشرق أَو نَاحيَة الْمغرب لقَضَاء حَاجَتكُمْ وَهَذَا خطاب لأهل الْمَدِينَة وَمن قبلته على ذَلِك السمت وَالْمَقْصُود الْإِرْشَاد إِلَى جِهَة أُخْرَى لَا يكون فِيهَا اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَلَا استدبارها وَهَذَا مُخْتَلف بِحَسب الْبِلَاد فللكل أَن يَأْخُذُوا بِهَذَا الحَدِيث بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى لَا بِالنّظرِ إِلَى اللَّفْظ قَوْله وَاسع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 بن حبَان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة قَوْله ارتقيت أَي صعدت على ظهر بيتنا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم وَغَيره على ظهر بَيت حَفْصَة فالاضافة مجازية بِاعْتِبَار أَنَّهَا أُخْته بل الْإِضَافَة إِلَى حَفْصَة كَذَلِك لتَعلق السكني والا فالبيت كَانَ ملكا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على لبنتين تَثْنِيَة لبنة بِفَتْح اللَّام وَكسر الْمُوَحدَة وتسكن مَعَ فتح اللَّام وَكسرهَا وَاحِدَة الطوب مُسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس والمستقبل لَهُ يكون مستدبرا للْقبْلَة فَيدل على الرُّخْصَة عَمَّا جَاءَ عَنهُ النَّهْي وللمانع أَن يحمل على أَنه قبل النَّهْي أَو بعده لكنه مَخْصُوص بِهِ وَالنَّهْي لغيره أَو كَانَ للضَّرُورَة وَالنَّهْي عِنْد عدمهَا إِذْ الْفِعْل لَا عُمُوم لَهُ وَأما أَنه فعل ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 لبَيَان الْجَوَاز فبعيد وَكَيف وَلم تكن رُؤْيَة بن عمر لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْحَالة عَن قصد من بن عمر وَلَا عَن قصد مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل كَانَت اتفاقية من الطَّرفَيْنِ وَمثله لَا يكون لبَيَان الْجَوَاز وَالْحَاصِل للْكَلَام مساغ من الطَّرفَيْنِ وَهَذِه الْحَاشِيَة لَا تتحمل الْبسط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [24] إِذا بَال أحدكُم لَا مَفْهُوم لهَذَا الْقَيْد بل إِنَّمَا جَاءَ لِأَن الْحَاجة إِلَى أَخذه يكون حِينَئِذٍ فَإِذا كَانَ الْأَخْذ بِالْيَمِينِ غير لَائِق عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ فَعِنْدَ عدم الْحَاجة بِالْأولَى قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 [29] بَال قَائِما اعْتَادَ الْبَوْل قَائِما وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَفِيهَا من حَدثكُمْ أَنه كَانَ يَبُول قَائِما وَكَذَا التَّعْلِيل بقولِهَا مَا كَانَ يَبُول الا جَالِسا أَي مَا كَانَ يعْتَاد الْبَوْل الا جَالِسا فَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث حَدِيث حُذَيْفَة وَذَلِكَ لِأَن مَا وَقع مِنْهُ قَائِما كَانَ نَادرا جدا والمعتاد خِلَافه وَيُمكن أَن يكون هَذَا مَبْنِيا على عدم علم عَائِشَة بِمَا وَقع مِنْهُ قَائِما وَالْحَاصِل أَن عَادَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْبَوْل قَاعِدا وَمَا وَقع مِنْهُ قَائِما فعلى خلاف الْعَادة لضَرُورَة أَو لبَيَان الْجَوَاز وَأجَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 بَعضهم بترجيح حَدِيث حُذَيْفَة بِأَن فِي حَدِيث عَائِشَة شَرِيكًا الْقَاضِي وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ بِسُوءِ الْحِفْظِ وَقَول التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث عَائِشَة أَنه أصح شَيْء فِي الْبَاب لَا يدل على صِحَّته وَتَصْحِيح الْحَاكِم لَهُ لَا عِبْرَة بِهِ لِأَن تساهل الْحَاكِم فِي التَّصْحِيح مَعْرُوف وَقَوله على شَرط الشَّيْخَيْنِ غلط لِأَن الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْ لِشَرِيكٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَمُسْلِمٌ خَرَّجَ لَهُ اسْتِشْهَادًا لَا احتجاجا قلت وَالْمُصَنّف أَشَارَ إِلَى الْجَواب بِوَجْه آخر وَهُوَ أَن يحمل حَدِيث عَائِشَة على الْبَيْت فَإِنَّهَا كَانَت عَالِمَة بأحواله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَيْت فَالْمَعْنى من حَدثكُمْ أَنه بَال قَائِما فِي الْبَيْت لَا تُصَدِّقُوهُ وَمَعْلُوم أَن حَدِيث حُذَيْفَة كَانَ خَارج الْبَيْت وَهُوَ مُرَاده بالصحراء فِي التَّرْجَمَة فَلَا اشكال أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [30] كَهَيئَةِ الدرقة أَي شَيْء مثل هَيْئَة الدرقة فالكاف بِمَعْنى مثل مُبْتَدأ والدرقة بدال وَرَاء مهملتين مفتوحتين الترس إِذا كَانَ من جُلُود لَيْسَ فِيهِ خشب وَلَا عصب فوضعها الخ أَي جعلهَا حائلة بَينه وَبَين النَّاس وبال مُسْتَقْبلا لَهَا فَقَالَ بعض الْقَوْم قيل لَعَلَّ الْقَائِل كَانَ منافقا فَنهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 عَن الْأَمر الْمَعْرُوف كصاحب بني إِسْرَائِيل نهى عَن الْمَعْرُوف فِي دينهم فوبخه وهدده بِأَنَّهُ من أَصْحَاب النَّار لما عيره بِالْحَيَاءِ وَبِأَن فعله فعل النِّسَاء قلت وَالنَّظَر فِي الرِّوَايَات يرجح أَنه كَانَ مُؤمنا الا أَنه قَالَ ذَلِك تَعَجبا لما رَآهُ مُخَالفا لما عَلَيْهِ عَادَتهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانُوا قريبي الْعَهْد بهَا كَمَا تبول الْمَرْأَة أَي فِي التستر وَعَلِيهِ حمله النَّوَوِيّ فَقَالَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ شَهَامَةَ الرِّجَالِ لَا تَقْتَضِي التستر على هَذَا الْحَال وَقيل أَو فِي الْجُلُوس أَو فيهمَا وَكَانَ شَأْن الْعَرَب الْبَوْل قَائِما وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يُفِيد تعجبهم من الْقعُود نعم ذكر مَا أصَاب صَاحب بني إِسْرَائِيل أنسب بالتستر صَاحب بني إِسْرَائِيل بِالرَّفْع أَو بِالنّصب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 قَوْله [31] فِي كَبِير أَي فِي أَمر يشق عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَاز عَنهُ لَا يستنزه بنُون سَاكِنة بعْدهَا زَاي مُعْجمَة ثمَّ هَاء أَي لَا يتَجَنَّب وَلَا يتحرز عَنهُ كَانَ يمشي أَي بَين النَّاس بالنميمة هِيَ نقل كَلَام الْغَيْر بِقصد الاضرار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وَالْبَاء للمصاحبة أَو التَّعْدِيَة على أَنه يمشي بالنميمة ويشيعها بَين النَّاس ثمَّ دَعَا بعسيب بمهملتين بِوَزْن فعيل وَهِي جَرِيدَة لم يكن فِيهَا خوص بِاثْنَيْنِ قيل الْبَاء زَائِدَة وَهِي حَال فغرس قيل أَي عِنْد رَأسه ثَبت ذَلِك بِإِسْنَاد صَحِيح لَعَلَّه أَي الْعَذَاب يُخَفف على بِنَاء الْمَفْعُول أَو لَعَلَّه أَي مَا فعلت يُخَفف على بِنَاء الْفَاعِل وَالْمَفْعُول مَحْذُوف أَي الْعَذَاب مَا لم ييبسا بِفَتْح مثناة تحتية أولى وَسُكُون الثَّانِيَة وَفتح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 الْمُوَحدَة أَو كسرهَا أَي العودان قيل الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يُسَبِّحُ مَا دَامَ رَطْبًا فَيَحْصُلُ التَّخْفِيفُ بِبَرَكَةِ التَّسْبِيحِ وَعَلَى هَذَا فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ مِنَ الْأَشْجَارِ وَغَيرهَا وَكَذَلِكَ مَا فِيهِ بركَة كالذكر وتلاوة الْقُرْآن من بَاب أولى وَيُؤَيِّدهُ مَا جَاءَ عَن بعض الصَّحَابَة أَنه اوصى بذلك وَقيل بل هُوَ أَمر مَخْصُوص بِهِ لَيْسَ لمن بعده أَن يفعل مثل ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حكيمة الخ حكيمة وَأُمَيْمَة ورقيقة كلهَا بِالتَّصْغِيرِ ورقيقة بقافين قَوْله قدح بِفتْحَتَيْنِ من عيدَان اخْتلف فِي ضَبطه أهوَ بِالْكَسْرِ والسكون جمع عود أَو بِالْفَتْح والسكون جمع عيدانه بِالْفَتْح وَهِي النَّخْلَة الطَّوِيلَة المتجردة من السعف من أَعْلَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 إِلَى أَسْفَله وَقيل الْكسر أشهر رِوَايَة ورد بِأَنَّهُ خطأ معنى لِأَنَّهُ جَمْعَ عُودٍ وَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَعْوَادُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا قدح لحفظ المَاء بِخِلَاف من فتح الْعين فَإِن المُرَاد حِينَئِذٍ قدح مِنْ خَشَبٍ هَذِهِ صِفَتُهُ يُنْقَرُ لِيَحْفَظَ مَا يَجْعَل فِيهِ قلت والجمعية غير ظَاهِرَة على الْوَجْهَيْنِ وان حمل على الْجِنْس يَصح الْوَجْهَانِ الا أَن يُقَال حمل عيدَان بِالْفَتْح على الْجِنْس أقرب لِأَنَّهُ مِمَّا فرق بَينه وَبَين وَاحِدَة بِالتَّاءِ وَمثله يَجِيء للْجِنْس بل قَالُوا إِن أَصله الْجِنْس يسْتَعْمل فِي الْجمع أَيْضا فَلَا اشكال فِيهِ بِخِلَاف العيدان بِالْكَسْرِ جمع عود وَأجَاب بَعضهم على تَقْدِير الْكسر بِأَنَّهُ جمع اعْتِبَارا للأجزاء فارتفع الاشكال على الْوَجْهَيْنِ ثمَّ قيل لَا يُعَارضهُ مَا جَاءَ أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ بَوْل اما لِأَن المُرَاد أَن ذَلِك إِذا طَال مُكْثِهِ وَمَا يُجْعَلُ فِي الْإِنَاءِ لَا يَطُولُ مكثه غَالِبا أَو لِأَن المُرَاد هُنَاكَ كَثْرَة النَّجَاسَة فِي الْبَيْت بِخِلَاف مَا فِي الْقدح فَإِنَّهُ لَا يحصل بِهِ النَّجَاسَة لمَكَان آخر قَوْله فانخنثت بِنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ ثَاءٌ مُثَلّثَة فِي النِّهَايَة انْكَسَرَ وانثنى لاسترخاء أَعْضَائِهِ عِنْد الْمَوْت وَلَا يخفى أَن هَذَا لَا يمْنَع الْوَصِيَّة قبل ذَلِك وَلَا يَقْتَضِي أَنه مَاتَ فَجْأَة بِحَيْثُ لاتمكن مِنْهُ الْوَصِيَّة وَلَا يتَصَوَّر كَيفَ وَقد علم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم بِقرب أَجله قبل الْمَرَض ثمَّ مرض أَيَّامًا نعم هُوَ يُوصي إِلَى على بِمَاذَا كَانَ بِالْكتاب وَالسّنة فَالْوَصِيَّة بهما لَا تخْتَص بعلي بل يعم الْمُسلمين كلهم وان كَانَ المَال فَمَا ترك مَالا حَتَّى يحْتَاج إِلَى وَصِيَّة إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [34] عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ بِفَتْح السِّين وَسُكُون الرَّاء وَكسر جِيم آخِره سين مُهْملَة غير منصرف للعلمية والعجمة وَسَمَاع قَتَادَة عَن عبد الله بن سرجس أثْبته أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم ونفاه أَحْمد بن حَنْبَل قَوْله فِي جُحر بِضَم جِيم وَسُكُون حاء مُهْملَة وَهُوَ مَا يحتفره الْهَوَام وَالسِّبَاع لأنفسها لِأَنَّهُ قد يكون فِيهِ مَا يُؤْذِي صَاحبه من حَيَّة أَو جن أَو غَيرهمَا قَوْله وَمَا يكره من الْبَوْل فِي الْجُحر الظَّاهِر أَن مَا مَوْصُولَة مُبْتَدأ وَالْخَبَر مُقَدّر أَي لماذا إِذْ الظَّاهِر أَن السُّؤَال عَن سَبَب الْكَرَاهَة يُقَال أَنَّهَا أَي جنس الْجُحر وَلذَلِك قَالَ مسَاكِن الْجِنّ بِصِيغَة الْجمع والتأنيث لمراعاة الْخَبَر قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 [36] عَن عبد الله بن مُغفل على وزن مفعول من التغفيل قَوْله فِي مستحمه بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد الْمِيم أَصله الْموضع الَّذِي يغسل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 فِيهِ بالحميم وَهُوَ المَاء الْحَار ثمَّ شاع فِي مُطلق المغتسل وَالْمرَاد أَنه إِذا بَال ثمَّ اغْتسل فكثيرا مَا يتَوَهَّم أَنه أَصَابَهُ شَيْء من المَاء النَّجس فَذَلِك يُؤَدِّي إِلَى تطرق الشَّيْطَان إِلَيْهِ بالأفكار الرَّديئَة وَالْمرَاد بعامة الوسواس معظمه وغالبه وَقد حمل الْعلمَاء الحَدِيث على مَا إِذا اسْتَقر الْبَوْل فِي ذَلِك الْمحل وَأما إِذا كَانَ بِحَيْثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَوْلُ وَلَا يَسْتَقِرُّ أَوْ كَانَ فِيهِ منفذ كالبالوعة فَلَا نهى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [37] فَلم يرد عَلَيْهِ السَّلَام تأديبا لَهُ وَالْمرَاد أخر الرَّد كَمَا فِي الحَدِيث الْآتِي وَالتَّأْخِير يَكْفِي فِي التَّأْدِيب وَيحْتَمل أَنه ترك الرَّد أَحْيَانًا وأخره أَحْيَانًا على حسب اخْتِلَاف النَّاس فِي التَّأْدِيب وَغَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 [38] عَن حضين هُوَ بضاد مُعْجمَة مصغر بن قنفذ بِضَم قَاف وَفَاء بَينهمَا نون سَاكِنة آخِره ذال مُعْجمَة قَوْله بن سنة بِفَتْح سين مُهْملَة وَتَشْديد نون قَوْله أَن يَسْتَطِيب أَي يستنجي قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 [40] إِنَّمَا أَنا لكم مثل الْوَالِد أعلمكُم كَمَا يعلم الْوَالِد وَلَده مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مُطلقًا وَلَا يُبَالِي بِمَا يستحيا بِذكرِهِ فَهَذَا تمهيد لما يبين لَهُم من آدَاب الْخَلَاء إِذْ الْإِنْسَان كثيرا مَا يستحي من ذكرهَا سِيمَا فِي مجْلِس العظماء يَأْمر بِثَلَاثَة أَحْجَار أما لِأَن الْمَطْلُوب الانقاء والايتار وهما يحصلان غَالِبا بِثَلَاثَة أَحْجَار أَو الانقاء فَقَط وَهُوَ يحصل غَالِبا بهَا والرمة بِكَسْر الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم هِيَ الْعظم الْبَالِي وَالْمرَاد هَا هُنَا مُطلق الْعظم كَمَا سبق وَيحْتَمل أَن يُقَال الْعظم الْبَالِي لَا ينْتَفع بِهِ فَإِذا منع عَن تلويثه فَغَيره بِالْأولَى قَوْله وَقَالَ لَهُ رجل زَاد بن ماجة من الْمُشْركين أَي استهزاء حَتَّى الخراءة بِكَسْر خاء وَفتح رَاء بعْدهَا ألف ممدودة ثمَّ هَاء هُوَ الْقعُود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 عِنْد الْحَاجة وَقيل هُوَ فعل الْحَدث وَأنكر بَعضهم فتح الْخَاء لَكِن فِي الصِّحَاح خرئ خراءة ككره كَرَاهَة وَهُوَ يُفِيد صِحَة الْفَتْح وَقيل لَعَلَّه بِالْفَتْح مصدر وبالكسر اسْم وَقيل المُرَاد هَيْئَة الْقعُود للْحَدَث قلت وَهَذَا الْمَعْنى يَقْتَضِي أَن يكون بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الرَّاء وهمزة كجلسة لهيئة الْجُلُوس أجل بِسُكُون اللَّام أَي نعم قَالَ الطَّيِّبِيّ جَوَاب سلمَان من بَاب أسلوب الْحَكِيم لِأَن الْمُشرك لما اسْتَهْزَأَ كَانَ من حَقه أَن يهدد أَو يسكت عَن جَوَابه لَكِن مَا الْتفت سلمَان إِلَى استهزائه وَأخرج الْجَواب مخرج المرشد الَّذِي يرشد السَّائِل الْمجد يَعْنِي لَيْسَ هَذَا مَكَان الِاسْتِهْزَاء بل هُوَ جد وَحقّ فَالْوَاجِب عَلَيْك ترك العناد وَالرُّجُوع إِلَيْهِ قلت وَالْأَقْرَب أَنه رد لَهُ بِأَن مَا زَعمه سَببا للاستهزاء لَيْسَ بِسَبَب لَهُ حَتَّى الْمُسلمُونَ يصرحون بِهِ عِنْد الْأَعْدَاء وَأَيْضًا هُوَ أَمر يُحسنهُ الْعقل عِنْد معرفَة تفضيله فَلَا عِبْرَة بالاستهزاء بِهِ بِسَبَب الْإِضَافَة إِلَى أَمر يستقبح ذكره فِي الْإِجْمَال وَالْجَوَاب بِالرَّدِّ لَا يُسمى باسم أسلوب الْحَكِيم فَلْيتَأَمَّل بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَي لِأَنَّهُ لَا يُفِيد الانقاء عَادَة أَو لَان هَذَا الْعدَد هُوَ الْمَطْلُوب على اخْتِلَاف الْمذَاهب وَالْأَقْرَب أَن الانقاء والايتار مطلوبان جَمِيعًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [42] قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره الخ قَالَ الْحَافِظ مَا حَاصله أَنه روى أَبُو إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث عَن أبي عُبَيْدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وَعبد الرَّحْمَن جَمِيعًا لَكِن أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه بن مَسْعُود على الصَّحِيح فَتكون رِوَايَته مُنْقَطِعَة فمراد أبي إِسْحَاق بِقَوْلِهِ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ أَيْ لَسْتُ أرويه الْآن عَنهُ وَإِنَّمَا أرويه عَن عبد الرَّحْمَن قَوْله الْغَائِط هُوَ فِي الأَصْل اسْم للمكان المطمئن من الأَرْض ثمَّ اشْتهر فِي نفس الْخَارِج من الْإِنْسَان وَالْمرَاد هَا هُنَا هُوَ الأول إِذْ لَا يحسن اسْتِعْمَال الْإِتْيَان فِي الْمَعْنى الثَّانِي هَذِه ركس بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 الْكَاف أَي نجس مَرْدُودَة لنجاستها وَفَسرهُ المُصَنّف بِطَعَام الْجِنّ وَفِي ثُبُوته فِي اللُّغَة نظر قيل لَيْسَ فِيهِ أَنه اكْتفى بحجرين فَلَعَلَّهُ زَاد عَلَيْهِ ثَالِثا لَا يُقَال لم تكن الْأَحْجَار حَاضِرَة عِنْده حَتَّى يزِيد والا لم يطْلب من غَيره وَلم يطْلب من بن مَسْعُود إِحْضَار ثَالِث أَيْضا فَيدل هَذَا على اكتفائه بهما لأَنا نقُول قد طلب من بن مَسْعُود أَولا ثَالِثَة وَهُوَ يَكْفِي فِي طلب الثَّالِث عِنْد رمي الروثة وَلَا حَاجَة إِلَى طلب الْجَدِيد على أَنه جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد ائْتِنِي بِحجر وَرِجَاله ثِقَات أثبات وعَلى تَقْدِير أَنه اكْتفى بِاثْنَيْنِ ضَرُورَة لَا يلْزم الرُّخْصَة بِلَا ضَرُورَة وَلَا يلْزم أَن لَا يكون التَّثْلِيث سنة فَلْيتَأَمَّل قَوْله [43] إِذا استجمرت أَي اسْتعْملت الْأَحْجَار الصغار للاستنجاء أَو بخرت الثِّيَاب أَو أكفان الْمَيِّت وَالْأول أشهر وَعَلِيهِ بنى المُصَنّف كَلَامه فأوتر يُرِيد أَن إِطْلَاقه يَشْمَل الِاكْتِفَاء بِالْوَاحِدِ أَيْضا وَقد يُقَال الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد فِي الرِّوَايَات الاخر سِيمَا الْعَادة تَقْتَضِيه والانقاء عَادَة لَا يحصل بِالْوَاحِدِ قَوْله بن قرط بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وطاء مُهْملَة قَوْله فَإِنَّهَا تجزى قيل هُوَ بِفَتْح التَّاء كَمَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئا أَي تغني عَن المَاء وارجاع الضَّمِير إِلَيْهِ وَإِن لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر لِأَنَّهُ مَفْهُوم بالسياق قَوْله نحوى أَي مقارب لي فِي السن إِدَاوَةً بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 كَانَ يَفْعَله أَي فَهُوَ أولى وَأحسن وَلم يرد أَن الِاكْتِفَاء بالأحجار لَا يجوز قَوْله [47] فَلَا يتنفس فِي الْإِنَاء أَي من غير ابانته عَن الْفَم وَهَذَا نَهْيُ تَأْدِيبٍ لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ إِذْ قد يخرج مَعَ النَّفس بصاق أَو مخاط أَو بخار ردئ فَيحصل للْمَاء بِهِ رَائِحَةً كَرِيهَةً فَيَتَقَذَّرُ بِهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَن شربه ثمَّ حِين علمهمْ آدَاب حَالَة إِدْخَال المَاء فِي الْجوف علمهمْ آدَاب حَالَة إِخْرَاجه أَيْضا تتميما للفائدة وَبِهَذَا ظهر الْمُنَاسبَة بَين الجملتين فَلَا يمس فتح الْمِيم أفْصح من ضمهَا وَلَا يتمسح وَلَا يسْتَنْج كَمَا فِي رِوَايَة وَالْمَقْصُود أَن الْيَمين شرِيف فَلَا يَسْتَعْمِلهُ فِي الْأُمُور الرَّديئَة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 [49] وَيسْتَقْبل الْقبْلَة ظَاهره أَي حَالَة الِاسْتِنْجَاء لَكِن الرِّوَايَة السَّابِقَة صَرِيحَة أَن المُرَاد الِاسْتِقْبَال حَال قَضَاء الْحَاجة والْحَدِيث وَاحِد فَالظَّاهِر أَن المُرَاد ذَلِك وَاخْتِلَاف الْعبارَات من الروَاة وَلذَا جوز كثير مِنْهُم الِاسْتِقْبَال حَالَة الِاسْتِنْجَاء وان منعُوا مِنْهُ حَالَة قَضَاء الْحَاجة وَقَالُوا الْقيَاس فَاسد لظُهُور الْفرق وقاس بَعضهم وَمنعُوا فِي الْحَالَتَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 [50] دلك يَده بِالْأَرْضِ أَي مُبَالغَة فِي تنظيفها وَإِزَالَة للرائحة الكريهة عَنْهَا قَوْله طهُورا بِفَتْح الطَّاء أَي مَاء قَوْله هَذَا أشبه بِالصَّوَابِ أَي كَوْنَ الْحَدِيثِ مِنْ مُسْنَدِ جَرِيرٍ أَوْلَى مِنْ كَونه من أبي هُرَيْرَة قيل فِي تَرْجِيحِ النَّسَائِيِّ رِوَايَةَ أَبَانٍ عَلَى رِوَايَةِ شَرِيكٍ نَظَرٌ فَإِنَّ شَرِيكًا أَعْلَى وَأَوْسَعُ رِوَايَةً وَأَحْفَظُ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَلَمْ يخرج لأَبَان على أَنه يُمكن أَن يكون الحَدِيث من مُسْند جرير وأبى هُرَيْرَة جَمِيعًا وَيكون عِنْد إِبْرَاهِيم بالطريقين جَمِيعًا وَالله تَعَالَى أعلم بَاب التَّوْقِيت فِي المَاء أَي التَّحْدِيد فِيهِ بِأَن أَي قدر يَتَنَجَّس بِوُقُوع النَّجَاسَات وَأي قدر لَا يكون قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 [52] وَمَا ينوبه من نَاب الْمَكَان وانتابه إِذا تردد إِلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى ونوبة بعد نوبَة وَهُوَ عطف على المَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 بطرِيق الْبَيَان نَحْو أعجبني زيد وَكَرمه قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن سُؤْر السبَاع نجس والا لم يكن لسؤالهم عَنهُ وَلَا لجوابه إيَّاهُم بِهَذَا الْكَلَام معنى قلت وَكَذَا على أَن الْقَلِيل من المَاء يَتَنَجَّس بِوُقُوع النَّجَاسَة قُلَّتَيْنِ زَاد عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج بِسَنَد مُرْسل بقلال هجر قَالَ بن جريج وَقد رَأَيْت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أَو قربتين وشيئا فَانْدفع مَا يتَوَهَّم من الْجَهَالَة لم يحمل الْخبث بِفتْحَتَيْنِ أَي يَدْفَعهُ عَن نَفسه لَا أَنه يضعف عَن حمله إِذْ لَا فرق إِذا بَين مَا بلغ من المَاء قُلَّتَيْنِ وَبَين مَا دونه والْحَدِيث إِنَّمَا ورد مورد الْفَصْل والتحديد بَين الْمِقْدَار الَّذِي يَتَنَجَّس وَبَين الَّذِي لَا يَتَنَجَّس ويؤكد الْمَطْلُوب رِوَايَة لَا ينجس رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَغَيره قَوْله [53] لَا تزرموه بِضَم تَاء واسكان زَاي مُعْجمَة وَبعدهَا رَاء مُهْملَة أَي لَا تقطعوا عَلَيْهِ الْبَوْل يُقَال زرم الْبَوْل بِالْكَسْرِ إِذا انْقَطع وأزرمه غَيره فَصَبَّهُ عَلَيْهِ أَخذ مِنْهُ المُصَنّف ان المَاء لَا ينجس وان قل وَذَلِكَ لِأَن الدَّلْو من المَاء قَلِيل وَقد صب على الْبَوْل فيختلط بِهِ فَلَو تنجس المَاء باختلاط الْبَوْل يلْزم أَن يكون هَذَا تكثيرا للنَّجَاسَة لَا إِزَالَة لَهَا وَهُوَ خلاف الْمَعْقُول فَلَزِمَ أَن المَاء لَا يَتَنَجَّس باختلاط النَّجس وَأَن قل وَفِيه بحث أما أَو لَا فَيجوز أَن يكون صب المَاء عَلَيْهِ لدفع رَائِحَة الْبَوْل لَا لتطهير الْمَسْجِد وَتَكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 طَهَارَته بالجفاف بعد وَالطَّهَارَة بالجفاف قَول لعلمائنا الْحَنَفِيَّة وَهُوَ أقوى دَلِيلا وَلذَا مَال إِلَيْهِ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيث بَوْل الْكلاب فِي الْمَسْجِد وَأما ثَانِيًا فَيجوز أَن يفرق بَين وُرُود المَاء على النَّجَاسَة فيزيلها وَبَين وُرُود النَّجَاسَة عَلَيْهِ فتنجسه كَمَا يَقُول بِهِ الشَّافِعِيَّة وَأما ثَالِثا فَيمكن أَن يُقَال كَانَت الأَرْض رخوة فَشَرِبت الْبَوْل لَكِن بَقِي بظاهرها أَجزَاء الْبَوْل فحين صب عَلَيْهِ المَاء تسفلت تِلْكَ الْأَجْزَاء وَاسْتقر مَكَانهَا أَجزَاء المَاء فَحَيْثُ كثر المَاء وجذب مرَارًا كَذَلِك ظَاهرهَا وَبَقِي مُسْتقِلّا بأجزاء المَاء الطاهرة فصب المَاء إِذا كَانَ على هَذَا الْوَجْه لَا يُؤَدِّي إِلَى نَجَاسَة بل يُؤَدِّي إِلَى طَهَارَة ظَاهر الأَرْض فَلْيتَأَمَّل قَوْله [56] فتناوله النَّاس أَي بألسنتهم وَلمُسلم قَالُوا مَه مَه قلت أَو أَرَادوا أَن يتناولوه بِأَيْدِيهِم فقد قَامُوا إِلَيْهِ وأهريقوا بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْهَاء أَو فتحهَا أَي صبوا تَحْقِيق الْكَلِمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 يطْلب من كتب التصريف واللغة فَإِنَّمَا بعثتم أَي بعث نَبِيكُم على تَقْدِير الْمُضَاف وَقَالَ السُّيُوطِيّ إِسْنَادُ الْبَعْثِ إِلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمَبْعُوثُ بِمَا ذُكِرَ لَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا فِي مَقَامِ التَّبْلِيغِ عَنْهُ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَو هم مبعوثون مِنْ قِبَلِهِ بِذَلِكَ أَيْ مَأْمُورُونَ وَكَانَ ذَلِكَ شَأْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ بَعَثَهُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ يَقُول يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا قلت وَيحْتَمل أَن يكون إِشَارَة إِلَى قَوْله تَعَالَى كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس الْآيَة فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الْبَعْث وَيصْلح أَن يكون هَذَا هُوَ وَجه مَا قيل عُلَمَاء هَذِه الْأمة كالأنبياء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [57] فِي المَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الدَّائِم أَي الَّذِي لَا يجرى ثمَّ يتَوَضَّأ بِالرَّفْع أَي ثمَّ هُوَ يتَوَضَّأ مِنْهُ كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنه جملَة مستأنفة لبَيَان أَنه كَيفَ يَبُول فِيهِ مَعَ أَنه بعد ذَلِك يحْتَاج إِلَى اسْتِعْمَاله فِي اغتسال أَو نَحوه وبعيد من الْعَاقِل الْجمع بَين هذَيْن الْأَمريْنِ والطبع السَّلِيم يستقذره وَلم يَجعله مَعْطُوفًا على جملَة لَا يبولن لما فِيهِ من عطف الاخبار على الْإِنْشَاء قَوْله عطشنا بِكَسْر الطَّاء الطّهُور بِفَتْح الطَّاء قيل هُوَ للْمُبَالَغَة من الطَّهَارَة فَيُفِيد التَّطْهِير وَالْأَقْرَب أَنه اسْم لما يتَطَهَّر بِهِ كَالْوضُوءِ لما يتَوَضَّأ بِهِ وَله نَظَائِر فَهُوَ اسْم للآلة الْحِلُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيِ الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ بِفَتْحِ الْمِيم قَالَ الْخطابِيّ وعوام النَّاس يَكْسِرُونَهَا وَإِنَّمَا هُوَ بِالْفَتْحِ يُرِيدُ حَيَوَانَ الْبَحْرِ إِذا مَاتَ فِيهِ وَلما كَانَ سُؤَالهمْ مشعرا بِالْفرقِ بَين مَاء الْبَحْر وَغَيره أجَاب بِمَا يُفِيد اتِّحَاد الحكم لكل بالتفصيل وَلم يكتف بقوله نعم فَهُوَ اطناب فِي الْجَواب فِي مَحَله وَهَذَا إِشَارَة المرشد الْحَكِيم قَوْله [60] سكت هنيهة بِضَم هَاء وَفتح نون وَسُكُون يَاء أَي زَمَانا قَلِيلا وَالْمرَاد بِالسُّكُوتِ لَا يقْرَأ الْقُرْآن جَهرا وَلَا يسمع النَّاس والا فالسكوت الْحَقِيقِيّ يُنَافِي القَوْل فَلَا يَتَأَتَّى السُّؤَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 بقوله مَا تَقول فِي سكوتك وَهَذَا ظَاهر معنى فِي زَمَانه وَبَين خطاياي أَي بَين أَفعَال لَو فعلتها تصير خَطَايَا فالمطلوب الْحِفْظ وتوفيق التّرْك أَو بَين مَا فعلتها من الْخَطَايَا وَالْمَطْلُوب الْمَغْفِرَة كَمَا فِيمَا بعد نقني بِالتَّشْدِيدِ أَي طهرني مِنْهَا بأتم وَجه وآكده بالثلج أَي بأنواع المطهرات وَالْمرَاد مغْفرَة الذُّنُوب وسترها بأنواع الرَّحْمَة والألطاف قيل والخطايا لكَونهَا مؤدية إِلَى نَار جَهَنَّم نزلت بمنزلتها فَاسْتعْمل فِي نَحْوهَا من المبردات مَا يسْتَعْمل فِي اطفاء النَّار وَالْبرد بِفَتْح الرَّاء حب الْغَمَام وَحَيْثُ التَّطْهِير من الْمعاصِي غسلالها بِهَذِهِ الْآلَات تَشْبِيها لَهُ بِالْغسْلِ الشَّرْعِيّ أَفَادَ الْكَلَام أَن هَذِه الْآلَات تفِيد الْغسْل الشَّرْعِيّ والا لما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 حسن هَذِه الِاسْتِعَارَة مَأْخَذ المُصَنّف من التَّرْجَمَة قَوْله [62] وَأكْرم نزله بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الزَّاي وَهُوَ فِي الأَصْل قرى الضَّيْف قَوْله فليغسله أَي الْإِنَاء سبع مَرَّات قَالَ أَبُو الْبَقَاء مَرَّاتٍ سَبْعًا عَلَى الصِّفَةِ فَلَمَّا قُدِّمَتِ الصِّفَةُ وأضيف إِلَى الْمصدر نصبت نصب الْمصدر قلت إِعْطَاء اسْم الْعدَد إِلَى الْمَعْدُود لَا يحْتَاج إِلَى اعْتِبَار هَذَا التَّكَلُّف فَإِن مَا بَينهمَا من الملابسة يُغني عَن هَذَا وَمَعْلُوم أَن الأَصْل فِي مثل هَذَا الْعدَد هُوَ الْإِضَافَة إِلَى الْمَعْدُود فَكيف يُقَال هُوَ خلاف الأَصْل ثمَّ من لم يَأْخُذ بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث يعْتَذر بِأَنَّهُ مَنْسُوخ لِأَن أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث كَانَ يُفْتى بِثَلَاث مَرَّات وَعمل الرَّاوِي بِخِلَاف مرويه من أَمَارَات النّسخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 [64] إِذا ولغَ يُقَال ولغَ الْكَلْب يلغ بِفَتْح اللَّام فيهمَا أَي شرب بِطرف لِسَانه قَوْله فليرقه يُؤْخَذ مِنْهُ تنجس المَاء وَأَن الْغسْل لتطهير الْإِنَاء لَا لمُجَرّد التَّعَبُّد وَكَذَا يُؤْخَذ ذَلِك من رِوَايَة طهُور إِنَاء أحدكُم بِضَم الطَّاء فَإِن كَون الْغسْل طهُورا يَقْتَضِي تنجس الْإِنَاء وَالظَّاهِر أَنه مَا تنجس الا بِوَاسِطَة تنجس المَاء قَوْله [66] تَابع على بن مسْهر الخ قَالَ بن عبد الْبر لم يذكرهُ الْحفاظ من أَصْحَاب الْأَعْمَش وَقَالَ بن مَنْدَه لَا يعرف عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ بن عَدِيٍّ لَكِنْ فِي رَفْعِهِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَكَذَا ذَكَرَ الْإِرَاقَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 [67] أَمر بقتل الْكلاب ثَبت نسخ هَذَا الْأَمر وعفروه أَي الْإِنَاء وَهُوَ أَمر من التعفير وَهُوَ التمريغ فِي التُّرَاب الثَّامِنَة بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة أَي الْمرة الثَّامِنَة وَمن لم يقل بِالزِّيَادَةِ على السَّبع يَقُول أَنه عد التعفير فِي أحدى الغسلات غسلة ثامنة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 [68] عَن حميدة الْأَكْثَر على ضم حائها قَوْله فَسَكَبت بتاء التَّأْنِيث الساكنة أَي صبَّتْ أَو على صِيغَة التَّكَلُّم وَلَا يَخْلُو عَن بعد وضُوءًا بِفَتْح الْوَاو فَشَرِبت مِنْهُ أَي أَرَادَت الشّرْب أَو شرعت فِيهِ فأصغى أَي أمال لَيست بِنَجس بِفتْحَتَيْنِ مصدر نجس الشَّيْء بِالْكَسْرِ فَلذَلِك لم يؤنث كَمَا لم يجمع فِي قَوْله تَعَالَى انما الْمُشْركُونَ نجس وَالصّفة مِنْهُ نجس بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا وَلَو جعل الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 صفة يحْتَاج التَّذْكِير إِلَى التَّأْوِيل أَي لَيْسَ بِنَجس مَا يلغ فِيهِ إِنَّمَا هِيَ من الطوافين الخ إِشَارَة إِلَى عِلّة الحكم بِطَهَارَتِهِ وَهِي أَنَّهَا كَثِيرَة الدُّخُول فَفِي الحكم بنجاستها حرج وَهُوَ مَدْفُوع وَظَاهر هَذَا الحَدِيث وَغَيره أَنه لَا كَرَاهَة فِي سؤرها وَعَلِيهِ الْعَامَّة وَمن قَالَ بِالْكَرَاهَةِ فَلَعَلَّهُ يَقُول ان اسْتِعْمَال النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم السؤر كَانَ لبَيَان الْجَوَاز وَاسْتِعْمَال غَيره لَا دَلِيل فِيهِ وَفِي مجمع الْبحار أَن أَصْحَاب أبي حنيفَة خالفوه وَقَالُوا لَا بَأْس بِالْوضُوءِ بسؤر الْهِرَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يَنْهَاكُم أَي الله وَذكر الرَّسُول لِأَنَّهُ مبلغ فَيَنْبَغِي رَفعه على الِابْتِدَاء وَحذف الْخَبَر أَي وَرَسُوله يبلغ وَالْجُمْلَة مُعْتَرضَة أَي يَنْهَاكُم أَي الرَّسُول وَذكر الله للتّنْبِيه على أَن نهى الرَّسُول نهى الله وَجَاء بِصِيغَة التَّثْنِيَة أَي ينهيانكم وَهُوَ ظَاهر لفظا لَكِن فِيهِ اشكال معنى حَيْثُ نهى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْخَطِيب الَّذِي قَالَ وَمن يعصهما وَالْجَوَاب أَن مثل هَذَا اللَّفْظ يخْتَلف بِحَسب الْمُتَكَلّم والمخاطب وَالله تَعَالَى أعلم فَإِنَّهَا أَي لُحُوم الْحمر أَو الْحمر رِجْس أَي قذر وَقد يُطلق على الْحَرَام وَالنَّجس وأمثالهما وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هَا هُنَا النَّجس فارجاع الضَّمِير إِلَى الْحمر يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يطهر جلده بالدباغ أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [70] أتعرق الْعرق بِفَتْح فَسُكُون الْعظم إِذا أَخذ عَنهُ مُعظم اللَّحْم أَي كنت آخذ عَنهُ اللَّحْم بالأسنان حَيْثُ وضعت لبَيَان الحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 أَو للتأنيس وَإِظْهَار الْمَوَدَّة يتوضؤون التَّذْكِير للتغليب والاجتماع قيل كَانَ قبل الْحجاب وَقيل بل هِيَ الزَّوْجَات والمحارم وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على جَوَاز اسْتِعْمَال الْفضل لِأَنَّهُ قد يُؤَدِّي إِلَى فرَاغ الْمَرْأَة قبل الرجل أَو الْعَكْس فيستعمل كل مِنْهُمَا فضل الآخر وَمن هُنَا يُؤْخَذ التَّرْجَمَة الْآتِيَة من الحَدِيث الَّذِي ذكر لأَجلهَا قَوْله بمكوك بِفَتْح مِيم وَتَشْديد كَاف قيل المُرَاد هَا هُنَا الْمَدّ وان كَانَ قد يُطلق على الصَّاع وَالْمدّ بِضَم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 فتشديد مكيال مَعْرُوف قيل سمى بذلك لِأَنَّهُ يمْلَأ فِي الْإِنْسَان إِذا مدهما ومكاكي كأناسى جمعه على ابدال الْيَاء من الْكَاف الْأَخِيرَة وادغامها فِي يَاء الْجمع قَوْله [75] انما الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ أفردت النِّيَّة لكَونهَا مصدرا وَوجه الِاسْتِدْلَال أَن الْجَار وَالْمَجْرُور خبر وَالظَّاهِر من جِهَة الْقَوَاعِد تعلقه بِكَوْن عَام وَالْمعْنَى أَعمال الْمُكَلّفين لَا تتَحَقَّق وَلَا تكون الا بِالنِّيَّةِ وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى أَن وجود الْعَمَل يتَوَقَّف على النِّيَّة وَالْوَاقِع يشْهد بِخِلَافِهِ فَإِن الْوُجُود الْحسي لَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة وَأَيْضًا الْأَنْسَب بِكَلَام الشَّارِع هُوَ الْوُجُود الشَّرْعِيّ فَلَا بُد من تَقْدِير كَون خَاص هُوَ الْوُجُود الشَّرْعِيّ ومرجعه إِلَى الصِّحَّة أَو الِاعْتِبَار فَالْمَعْنى الْأَعْمَال لَا تتَحَقَّق شرعا وَلَا تصح فَلَا تعْتَبر الا بِالنِّيَّةِ وَعُمُوم الْأَعْمَال تَشْمَل الْوضُوء فَيلْزم أَن لَا يُوجد الْوضُوء شرعا وَلَا يتَحَقَّق الا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ الْمَطْلُوب وَفِيه بحث لِأَن الْأَعْمَال أَن أبقيت على عمومها يلْزم أَن لَا تُوجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الْمُبَاحَات بل والمحرمات شرعا وَلَا يعد فاعلها فَاعِلا شرعا الا بِالنِّيَّةِ وان خصت بالعبادات يتَوَقَّف الدَّلِيل على اثبات أَن الْوضُوء عبَادَة وَقد يُجَاب بتخصيص الْأَعْمَال بالأفعال الشَّرْعِيَّة الَّتِي علم وجودهَا من جِهَة الشَّارِع وَالْوُضُوء مِنْهَا بِلَا ريب لَكِن ينْتَقض الدَّلِيل بِنَحْوِ طَهَارَة الثَّوْب وَالْبدن لتحققهما بِلَا نِيَّة أَيْضا مَعَ أَنَّهُمَا من الْأُمُور الشَّرْعِيَّة فَالْأَحْسَن الْجَواب بِإِثْبَات أَن الْوضُوء عبَادَة لَو رَود الثَّوَاب عَلَيْهِ لفَاعِله مُطلقًا فِي الْأَحَادِيث وكل مَا هَذَا شَأْنه فَهُوَ عبَادَة وَقد يُقَال أَن أَحَادِيث الثَّوَاب تَكْفِي فِي اثبات الْمَطْلُوب من غير حَاجَة إِلَى ضم هَذَا الحَدِيث لِأَنَّهَا تدل على أَن الْوضُوء عبَادَة وَقد أَجمعُوا على أَن الْعِبَادَة لَا تكون الا بِالنِّيَّةِ أَو لأَنهم اتَّفقُوا على أَن الثَّوَاب يتَوَقَّف على النِّيَّة وَقد علم أَن الْوضُوء مُطلقًا يُثَاب عَلَيْهِ فَلَزِمَ أَن الْوضُوء مُطلقًا يتَوَقَّف على النِّيَّة وَالله تَعَالَى أعلم بَقِي أَن هَذَا الحَدِيث هَل هُوَ مسوق لاشْتِرَاط النِّيَّة فِي الْعِبَادَات أم لَا وَالظَّاهِر أَنه غير مسوق لذَلِك كَمَا صرح بِهِ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ فِي شرح المصابيح وان كَانَ كَلَام الْفُقَهَاء وَغَيرهم على أَنه مسوق لَهُ وَذَلِكَ لِأَن قَوْله وَإِنَّمَا لامرئ مَا نوى أَي مَا نَوَاه من خير أَو شَرّ أَو نِيَّة وَكَذَا قَوْله فَمن كَانَت هجرته الخ بالتفريع على مَا تقدم بِالْفَاءِ يَأْبَى تَخْصِيص النِّيَّة بِالنِّيَّةِ الشَّرْعِيَّة وَيَقْتَضِي أَن المُرَاد بِالنِّيَّةِ فِي الحَدِيث مُطلق الْقَصْد أَعم من أَن يكون نِيَّة خير أَو شَرّ قَالَ القَاضِي النِّيَّة لُغَة الْقَصْد وَشرعا توجه الْقلب نَحْو الْفِعْل ابْتِغَاء لوجه الله تَعَالَى وامتثالا لأَمره وَهِي فِي الحَدِيث مَحْمُولَة على الْمَعْنى اللّغَوِيّ ليحسن تطبيقه على مَا بعده وتقسيمه بقوله فَمن كَانَت هجرته الخ فَالْمَعْنى أَن الْأَعْمَال أَي الْأَفْعَال الاختيارية لَا تُوجد الا بِالنِّيَّةِ وَالْقَصْد الدَّاعِي للْفَاعِل إِلَى ذَلِك الْفِعْل وَإِنَّمَا لامرئ مَا نوى أَي لَيْسَ للْفَاعِل من عمله الا نِيَّته أَو منويه أَي الَّذِي يرجع إِلَيْهِ من الْعَمَل نفعا أَو ضرا هِيَ النِّيَّة فَإِن الْعَمَل بحسبها يحْسب خيرا وشرا ويجزى الْمَرْء على الْعَمَل بحسبها ثَوابًا وعقابا يكون الْعَمَل تَارَة حسنا وَتارَة قبيحا بِسَبَبِهَا ويتعدد الْجَزَاء بتعددها وَقَوله لامرئ بِمَعْنى لكل امْرِئ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات وَذَلِكَ لِأَن انما يتَضَمَّن النَّفْي فِي أول الْكَلَام والاثبات على آخر جُزْء مِنْهُ فالنكرة صَارَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 فِي حيّز النَّفْي فتفيد الْعُمُوم على أَن النكرَة فِي الاثبات قد يقْصد بهَا الْعُمُوم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى علمت نفس وَلَا يخفى أَنه يظْهر على هَذَا الْمَعْنى تَفْرِيع فَمن كَانَت هجرته على مَا قبله أَشد ظهورا وَالْمرَاد أَن من هجرته إِلَى الله تَعَالَى والى رَسُوله قصدا وَنِيَّة فَهجرَته إِلَيْهِمَا أجرا وثوابا وَلِهَذَا الْمَعْنى زِيَادَة تَفْصِيل ذَكرْنَاهُ فِي حَاشِيَة الْأَذْكَار وصحيح البُخَارِيّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [76] وحانت صَلَاة الْعَصْر أَي وَالْحَال أَنه قد حضرت صَلَاة الْعَصْر فالواو للْحَال بِتَقْدِير قد النَّاس الْوضُوء بِفَتْح الْوَاو هَا هُنَا وَفِيمَا بعد يَنْبع بِضَم الْبَاء وَيجوز كسرهَا وَفتحهَا أَي يسيل وَيجْرِي قَوْله بِتَوْرٍ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ شِبْهِ الطَّسْتِ وَقِيلَ هُوَ الطست يتفجر أَي يخرج وَالْبركَة قَالَ أَبُو الْبَقَاء بِالْجَرِّ عطف على الطّهُور أَي عطف الْوَصْف على الشَّيْء مثل أعجبني زيد وَعلمه قَالَ وَصَفَهُ بِالْبَرَكَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالْكَثْرَةِ من الْقَلِيل وَلَا معنى للرفع هُنَا قلت لَا بعد فِي الاخبار بِأَن الْبركَة من الله تَعَالَى فِي مثل هَذَا الْمقَام دفعا لَا يهام قدره الْغَيْر عَلَيْهِ واعترافا بالمنة واظهارا للنعمة لقصد الشُّكْر فلاوجه من منع الرّفْع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 [78] توضئوا بِسم الله أَي متبركين أَو مبتدئين بِهِ أَو قائلين هَذَا اللَّفْظ على أَن الْجَار وَالْمَجْرُور أُرِيد بِهِ لَفظه وعَلى كل تَقْدِير يحصل الْمَطْلُوب وَعدل عَن الحَدِيث الْمَشْهُور بَينهم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ لما فِي إِسْنَاده من التَّكَلُّم حَتَّى توضئوا من عِنْد آخِرهم أَيْ تَوَضَّئُوا كُلُّهُمْ حَتَّى وَصَلَتِ النَّوْبَةُ إِلَى الآخر فَمن بِمَعْنى إِلَى وَقيل كلمة من للآبتداء وَالْمعْنَى توضئوا وضُوءًا ناشئا من عِنْد آخِرهم وَكَون الْوضُوء نَشأ من آخِرهم فِي وصف التوضوء يسْتَلْزم حُصُول الْوضُوء للْكُلّ وَهُوَ المُرَاد كِنَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سكبت أَي صببت قَوْله فَتَوَضَّأ أَي بن عَبَّاس لأجل الاخبار بِوضُوء رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مرّة مرّة فَعلم بِهِ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَحْيَانًا اكْتفى بِمرَّة فِي الْوضُوء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 [81] تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَخذ من إِطْلَاقه تثليث الْمسْح أَيْضا لَكِن إِطْلَاق هَذَا الْكَلَام فِيمَا إِذا كَانَ غسل الْأَعْضَاء ثَلَاثًا وَالْمسح مرّة سَائِغ وَهُوَ يدْفع الِاسْتِدْلَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [82] فقرع ظَهْري بعصا أَي ضربه بهَا وَلَيْسَ المُرَاد الضَّرْب الشَّديد بل وضع الْعَصَا للأعلام فَعدل أَي مَال عَن وسط الطَّرِيق إِلَى النَّاحِيَة سطيحة هِيَ من المزاد مَا كَانَ من جلدين سطح أَحدهمَا على الآخر وَذكر من ناصيته شَيْئا أَي ذكر أَنه على شَيْء من الناصية وَشَيْء من الْعِمَامَة قَوْله استوكف فِي النِّهَايَةِ أَيِ اسْتَقْطَرَ الْمَاءَ وَصَبَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَالَغَ حَتَّى وَكَفَ مِنْهَا ثَلَاثًا قلت هُوَ من وكف الْبَيْت والدمع إِذا تقاطر فَلَا دلَالَة للفظ على تَخْصِيص الْيَدَيْنِ فكأنهم أخذُوا ذَلِك من بعض الامارات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 قَوْله تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَخذ من اطلاقه تثليث الْمسْح أَيْضا لَكِن اطلاق هَذَا الْكَلَام فِيمَا اذا كَانَ غسل الْأَعْضَاء ثَلَاثًا وَالْمسح مرّة سَائِغ وَهُوَ يدْفع الِاسْتِدْلَال وَالله أعلم قَوْله فقرع ظهرى بَعْضًا أَي ضربه بهَا وَلَيْسَ المُرَاد الضَّرْب الشَّديد بل وضع الْعَصَا للعلام فَعدل أَي مَال عَن وسط الطَّرِيق إِلَى النَّاحِيَة سطحية هِيَ من المزاد مَا كَانَ من جلدين سطح أَحدهمَا على الآخر وَذكر منم ناصيته شَيْئا أى ذكر أَنه على شَيْء من الْعِمَامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 [84] عَن حمْرَان بِضَم فَسُكُون قَوْله فأفرغ على يَدَيْهِ أَي صب المَاء عَلَيْهِمَا وَظَاهره أَنه جَمعهمَا فِي الْغسْل وَاحْتِمَال التَّفْرِيق بعيد وَاخْتَارَ بعض الْفُقَهَاء التَّفْرِيق ثمَّ مسح رَأسه أَي مرّة كَمَا يدل عَلَيْهِ ترك ذكر ثَلَاثًا وَقد رجح غير وَاحِد من الْمُحَقِّقين أَن الْمرة هِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 مُقْتَضى الْأَدِلَّة لَا يحدث نَفسه فيهمَا أَي يدْفع الوسوسة مهما أمكن وَقيل يحْتَمل الْعُمُوم إِذْ لَيْسَ هُوَ من بَاب التَّكْلِيف حَتَّى يجب دفع الْحَرج والعسر بل من بَاب ترَتّب ثَوَاب مَخْصُوص على عمل مَخْصُوص أَي من بَاب الْوَعْد على الْعَمَل فَمن حصل مِنْهُ ذَلِك الْعَمَل يحصل لَهُ ذَلِك الثَّوَاب وَمن لَا فَلَا نعم يجب أَن يكون ذَلِك الْعَمَل مُمكن الْحُصُول فِي ذَاته وَهُوَ هُنَا كَذَلِك فَإِن المتجردين عَن شواغل الدُّنْيَا يَتَأَتَّى مِنْهُم هَذَا الْعَمَل على وَجهه غفر لَهُ الخ حمله الْعلمَاء على الصَّغَائِر لَكِن كثيرا من الْأَحَادِيث يَقْتَضِي أَن مغْفرَة الصَّغَائِر غير مَشْرُوطَة بِقطع الوسوسة فَيمكن أَن يكون الشَّرْط لمغفرة الذُّنُوب جَمِيعًا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 قَوْله ثمَّ يستنثر قيل الِاسْتِنْشَاق هُوَ إِدْخَال المَاء فِي أَنفه بِأَن جذبه برِيح أَنفه والاستنثار أخراجه مِنْهُ بريحه بإعانة يَده أَو بغَيْرهَا بعد إِخْرَاج الْأَذَى لما فِيهِ من تنقية مجْرى النَّفس وَلما ورد أَن الشَّيْطَان يبيت على خيشومه وَقيل الاستنثار تَحْرِيك النثرة وَهِي طرف الْأنف وَقيل الِاسْتِنْشَاق والاستنثار وَاحِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أبن لَقِيط كفعيل بن صبرَة بِفَتْح فَكسر أَو سُكُون قَوْله أَسْبغ الْوضُوء أَي أكمله وَبَالغ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ على الْمَفْرُوض كمية وَكَيْفِيَّة بالتثليث والدلك وَتَطْوِيل الْغرَّة وَغير ذَلِك وَبَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق زَاد بن الْقطَّان فِي رِوَايَته والمضمضة وَصَححهُ والاقتصار على ذكر هَذِه الْخِصَال مَعَ أَن السُّؤَال كَانَ عَن الْوضُوء أما من الروَاة بِسَبَب أَن الْحَاجة دعتهم إِلَى نقل الْبَعْض وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بَين كَيْفيَّة الْوضُوء بِتَمَامِهَا أَو من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِنَاء على أَن مقصد السَّائِل الْبَحْث عَن هَذِه الْخِصَال وَأَن أطلق لَفظه فِي السُّؤَال اما بِقَرِينَة حَال أَو وَحي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 أَو الْهَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [90] فليستنثر ثَلَاث مَرَّات الْأَمر فِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله عِنْد الْعلمَاء للنَّدْب لدَلِيل لَاحَ لَهُم وَعند الظَّاهِرِيَّة للْوُجُوب على خيشومه بِفَتْح خاء مُعْجمَة قيل أَعلَى الْأنف وَقيل كُله وَقَالَ التوربشتي هُوَ أقْصَى الْأنف الْمُتَّصِل بالبطن الْمُقدم من الدِّمَاغ ومبيت الشَّيْطَان أما حَقِيقَة لِأَنَّهُ أحد منافذ الْجِسْم يتَوَصَّل مِنْهَا إِلَى الْقلب وَالْمَقْصُود من الاستنثار إِزَالَة آثاره وَأما مجَازًا فَإِن مَا ينْعَقد فِيهِ من الْغُبَار والرطوبة قذرات توَافق الشَّيْطَان فَالْمُرَاد أَن الخيشوم مَحل قذر يصلح لبيتوتة الشَّيْطَان فَيَنْبَغِي للْإنْسَان تنظيفة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [91] هَذَا طهُور بِضَم الطَّاء أَي وضوءه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالْإِشَارَة إِلَى تَمام مَا فعله من الْوضُوء والاقتصار من الرَّاوِي قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 [92] فَدَعَا بِطهُور بِفَتْح الطَّاء فَقُلْنَا أَي فِي أَنْفُسنَا أَو فِيمَا بَيْننَا أَلا ليعلمنا من التَّعْلِيم أَو الاعلام فَأتى على بِنَاء الْمَفْعُول وطست بِالْجَرِّ عطف على اناء من الْكَفّ الخ أَي فعل كلا مِنْهُمَا بِالْيَدِ اليمني الَّتِي أَخذ بهَا المَاء وَهَذَا لَا يُفِيد اتِّحَاد المَاء لَهما وَلَا معنى لحمل هَذَا الْكَلَام على اتِّحَاد المَاء مرّة وَاحِدَة تَصْرِيح بالوحدة فَهُوَ هَذَا أَي فَليعلم هَذَا فَإِنَّهُ هُوَ هَذَا فَحذف الْجَزَاء وأقيمت علته مقَامه قَوْله فكفأ بِالْهَمْزَةِ أَي أمال ذَلِك التور قَوْله هَذَا خطأ أَي قَول شُعْبَة عَن مَالك بن عرفطة خطأ من شُعْبَة وَقد اتّفق الْحفاظ على تخطئة شُعْبَة فِي هَذَا الِاسْم كالترمذي وَأبي دَاوُد وَأحمد كَمَا ذكره المُصَنّف رَحِمهم الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 [95] أَن مُحَمَّد بن عَليّ هُوَ مُحَمَّد الباقر وعَلى هُوَ زين العابدين وعَلى الثَّانِي هُوَ عَليّ بن أبي طَالب وَالْحُسَيْن هُوَ سبط رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَوْله بِوضُوء هُوَ بِفَتْح الْوَاو فِي الْمَوْضِعَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الْأَوَّلين فقربته من التَّقْرِيب فَغسل كفيه الْفَاء لتفسير الْبَدَلِيَّة أَو للتعقيب وَمعنى فَبَدَأَ فَأَرَادَ الْبدَاءَة وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ هما المشهوران فِي قَوْله تَعَالَى فَنَادَى نوح ربه فَقَالَ رب فالفاء فِي فَقَالَ يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ ثمَّ قَامَ قَائِما أَي قيَاما فَهُوَ مصدر على زنة الْفَاعِل وَيحْتَمل أَنه حَال مُؤَكدَة مثل قَوْله تَعَالَى وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين ناولني أَي اعطني فِي الْيَد فعجبت أَي من الشّرْب قَائِما إِذْ الْمُعْتَاد هُوَ الشّرْب قَاعِدا وَهُوَ الْوَارِد فِي الْأَحَادِيث وَلذَلِك قَالَ بعض الْعلمَاء بِأَن الشّرْب قَائِما مَخْصُوص بِفضل الْوضُوء بِهَذَا الحَدِيث وبماء زَمْزَم لما جَاءَ فِيهِ أَيْضا وَفِي غَيرهَا لَا يَنْبَغِي الشّرْب قَائِما للنهى وَالْحق أَنه جَاءَ فِي غَيرهَا أَيْضا فَالْوَجْه أَن النَّهْي للتنزيه وَكَانَ لأمر طبي لَا لأمر ديني وَمَا جَاءَ فَهُوَ لبَيَان الْجَوَاز وَالله تَعَالَى أعلم يَقُول أَي على لوضوئه بِضَم الْوَاو أَي فِي شَأْن وضوئِهِ وَشرب بِالْجَرِّ عطف على وضوئِهِ قَوْله [96] حَتَّى أنقاهما والانقاء عَادَة يكون بِثَلَاث وَقد جَاءَ التَّصْرِيح بذلك فِي الرِّوَايَات السَّابِقَة فَلَا فادة هَذَا الْمَعْنى ذكر المُصَنّف هَذَا الحَدِيث فِي هَذِه التَّرْجَمَة وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ غسل الذراعين وَيحْتَمل أَن مُرَاده التَّنْبِيه على أَن الْمَقْصُود الانقاء دون التَّثْلِيث وَهَذَا بعيد مُخَالف لقواعد الْأُصُول لوُجُوب حمل الْمُجْمل على الْمفصل وأقوال الْفُقَهَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [97] إِلَى الْمرْفقين وَبِه تبين حد الْغسْل ثمَّ ردهما هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 الرَّد لَيْسَ بمسح ثَان بل هُوَ اسْتِيعَاب للمسح الأول لتَمام الشّعْر إِذْ الْعَادة أَن الشّعْر ينثني عِنْد الْمسْح فالمسح الأول لَا يستوعبه وبالرد يحصل الِاسْتِيعَاب وَهَذَا ظَاهر لَكِن الرَّاوِي سمى هَذَا الْمسْح مسحا مرَّتَيْنِ نظرا إِلَى الصُّورَة كَمَا سَيَجِيءُ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الرَّد لَيْسَ بمسح ثَان بل هُوَ اسْتِيعَاب للمسح الأول لتَمام الشّعْر إِذْ الْعَادة أَن الشّعْر ينثني عِنْد الْمسْح فالمسح الأول لَا يستوعبه وبالرد يحصل الِاسْتِيعَاب وَهَذَا ظَاهر لَكِن الرَّاوِي سمى هَذَا الْمسْح مسحا مرَّتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 [100] ثمَّ أمرت أَي الْيَد على الْخَدين وَلَعَلَّ ذَلِك لِأَنَّهُ قد تبقى عَلَيْهِمَا بَقِيَّة المَاء فيمر الْإِنْسَان الْيَد الْخَالِي عَلَيْهِمَا أَو إِزَالَة لَهُ سِيمَا فِي أَيَّام الْبرد قَوْله كنت آتيها مكَاتبا أَي وَالْحَال أَنِّي كنت مكَاتبا وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَلَعَلَّه كَانَ عبدا لبَعض أقرباء عَائِشَة وَأَنَّهَا كَانَت ترى جَوَاز دُخُول العَبْد على سيدته وأقربائها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [101] من غرفَة وَاحِدَة قيل هُوَ بِفَتْح غين وَهُوَ بِالْفَتْح مصدر للمرة من غرف إِذا أَخذ المَاء بالكف وبالضم المغروف أَي ملْء الْكَفّ قلت وَالْوَجْه جَوَاز الْفَتْح وَالضَّم كَمَا بهما الْقِرَاءَة فِي قَوْله تَعَالَى الا من اغترف غرفَة بِيَدِهِ وَصفَة الْوحدَة على تَقْدِير الْفَتْح للتَّأْكِيد وعَلى الضَّم للتأسيس وَقيل هما بِمَعْنى الْمصدر وَقيل بِمَعْنى المغترف وَهُوَ الْقدر الصَّالح فِي الْكَفّ بعد الاغتراف وَقيل المفتوح للمصدر للمرة والمضموم اسْم للقدر الْحَاصِل فِي الْكَفّ بالاغتراف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالسباحتين السَّبَّاحَةُ وَالْمُسَبِّحَةُ الْأُصْبُعُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بذلك لِأَنَّهَا يشار بهَا عِنْد التَّسْبِيح وَهَذَا اسْم إسلامي وضعوها مَكَان السبابَة لما فِيهِ من الدّلَالَة على الْمَعْنى الْمَكْرُوه قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 [103] خرجت الْخَطَايَا من فِيهِ أَي خرجت خَطَايَا فِيهِ من فِيهِ فاللآم بدل من الْمُضَاف إِلَيْهِ أَو للْعهد بِالْقَرِينَةِ الْمُتَأَخِّرَة وَهَكَذَا فِيمَا بعد فَلَا يرد أَن تَمام الْخَطَايَا إِذا خرجت من فِيهِ فَمَاذَا يخرج من سَائِر الْأَعْضَاء وَقد حملُوا الْخَطَايَا على الصَّغَائِر وَالْمُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى اسْتدلَّ بقوله حَتَّى تخرج من أُذُنَيْهِ على أَن الْأُذُنَيْنِ من الرَّأْس لِأَن خُرُوج الْخَطَايَا مِنْهُمَا بمسح الرَّأْس انما يحسن إِذا كَانَا مِنْهُ وَعدل عَن الحَدِيث الْمَشْهُور فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ حَدِيث الاذنان من الرَّأْس لما قيل أَن حمادا تردد فِيهِ أهوَ مَرْفُوع أم مَوْقُوف وَإِسْنَاده لَيْسَ بقائم نعم قد جَاءَ بطرق عديدة مَرْفُوعا فتقوى رَفعه وَخرج من الضعْف لَكِن الِاسْتِدْلَال بِمَا اسْتدلَّ بِهِ المُصَنّف أَجود وَأولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وَهَذَا من تدقيق نظره رَحمَه الله تَعَالَى نَافِلَة لَهُ أَي زَائِدَة على مَا تخرج بِهِ الْخَطَايَا عَن أَعْضَاء الْوضُوء فَيخرج بهَا سَائِر الْخَطَايَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والخمار أَي الْعِمَامَةَ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُغَطِّي بِهَا رَأْسَهُ كَمَا أَن الْمَرْأَة تغطي الرَّأْس بخمارها وَقد اعتذر من لَا يَقُول بِالْمَسْحِ على الْعِمَامَة عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ من أَخْبَار الْآحَاد فَلَا يُعَارض الْكتاب لِأَن الْكتاب يُوجب مسح الرَّأْس وَمسح الْعِمَامَة لَا يُسمى مسح الرَّأْس على أَنه حِكَايَة حَال فَيجوز أَن تكون الْعِمَامَة صَغِيرَة رقيقَة بِحَيْثُ ينفذ البلة مِنْهَا إِلَى الرَّأْس وَيُؤَيِّدهُ اسْم الْخمار فَإِن الْخمار مَا تستر بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وَذَاكَ يكون عَادَة بِحَيْثُ يُمكن نُفُوذ البلة مِنْهَا إِلَى الرَّأْس إِذا كَانَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 البلة كَثِيرَة فَكَأَنَّهُ عبر باسم الْخمار عَن الْعِمَامَة لكَونهَا كَانَت لصغرها كالخمار على أَن الحَدِيث يحْتَمل أَن يكون قبل نزُول الْمَائِدَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [107] فَمسح ناصيته وعمامته أَخذ بِهِ الشَّافِعِي فجوز للآستيعاب مسح الْعِمَامَة إِذا مسح بعض الراس وَحمل أَحَادِيث مسح الْعِمَامَة مُطلقًا إِذا لبس على طَهَارَة قَوْله تخلف أَي عَن الْعَسْكَر بمطهرة بِكَسْر الْمِيم يحسر من نصر وَضرب أَي أَرَادَ أَو شرع أَن يكْشف عَن ذِرَاعَيْهِ فَأَلْقَاهُ أَي الْكمّ بعد إِخْرَاج الْيَد من دَاخِلَة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 [109] فبرز لِحَاجَتِهِ أَي خرج إِلَى البرَاز بِفَتْح الْبَاء وَهُوَ الْوَاسِع من الأَرْض قَالَ وَصَلَاة الامام أَي الْخصْلَة الثَّانِيَة صَلَاة الامام قَوْله [110] ويل للعقب بِفَتْح عين فَكسر قَاف مُؤخر الْقدَم والاعقاب جمعهَا وَالْمعْنَى ويل لصَاحب الْعقب المقصر فِي غسلهَا نَحْو واسأل الْقرْيَة أَو الْعقب تخْتَص بِالْعَذَابِ إِذا قصر فِي غسلهَا والْحَدِيث الثَّانِي يُوضح الْمَعْنى وَالْمرَاد بالعقب الْجِنْس وَالْجمع فِي الحَدِيث الثَّانِي لِأَنَّهُ جَاءَ فِي قوم تسامحوا فِي غسل الرجلَيْن وَلَا حَاجَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 إِلَى حمل الْجمع على معنى التَّثْنِيَة وَالْمرَاد ويل لأعقابهم أَو أعقاب من يصنع صنيعهم قَوْله تلوح أَي تظهر مِمَّا آثره لباقي الرجل لأجل عدم مساس المَاء إِيَّاهَا ومساسه لباقي الرجل أَسْبغُوا الْوضُوء فِيهِ دَلِيل على أَن التهديد كَانَ لتسامحهم فِي الْوضُوء لالنجاسة على أَعْقَابهم فَيلْزم من الحَدِيث بطلَان الْمسْح على الرجلَيْن على الْوَجْه الَّذِي يَقُول بِهِ من يجوز الْمسْح عَلَيْهِمَا وَهُوَ أَن يكون على ظَاهر الْقَدَمَيْنِ وَهَذَا ظَاهر فَتعين الْغسْل وَهُوَ الْمَطْلُوب وَأما القَوْل بِالْمَسْحِ على وَجه يستوعب ظَاهر الْقدَم وباطنه وَكَذَا القَوْل بِأَن اللَّازِم أحد الْأَمريْنِ أما الْغسْل وَأما الْمسْح على الظَّاهِر وهم قد اخْتَارُوا الْغسْل فلزمهم استيعابه فورد الْوَعيد لتركهم ذَلِك فَهُوَ مِمَّا لم يقل بِهِ أحد فَلَا يضر احْتِمَاله لبطلانه بالِاتِّفَاقِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [112] مَا اسْتَطَاعَ إِشَارَة إِلَى شدَّة الْمُحَافظَة على التَّيَامُن وَالطهُور بِضَم الطَّاء وَنَعله أَي لبس نَعله وَترَجله أَي تَسْرِيح شعره قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 [114] وخلل بَين الْأَصَابِع أَي مُبَالغَة فِي التَّنْظِيف واطلاقه يَشْمَل أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 (بَاب حد الْغسْل) ذكر فِي حَدِيث عُثْمَان الدَّال على أَن الْيَد إِلَى الْمرْفق وَالرجل إِلَى الكعب أَو الدَّال على أَن الْغسْل يثلث دون الْمسْح بَاب الْوضُوء فِي النَّعْل أَرَادَ بِالْوضُوءِ غسل الرجل فَإِنَّهُ الْمُتَعَارف فِي الْوضُوء دون الْمسْح وَقَوله فِي النَّعْل أَي وَقت لبس النَّعْل أَي إِذا كَانَ الْإِنْسَان لابس نَعْلَيْنِ فِي رجلَيْنِ يجب عَلَيْهِ غسل رجلَيْنِ وَلَا يجوز لَهُ الِاكْتِفَاء بِالْمَسْحِ على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 النَّعْلَيْنِ كَمَا فِي الْخُفَّيْنِ قَوْله سبتية بِكَسْر مُهْملَة وَسُكُون مُوَحدَة بعْدهَا مثناة فوقية نِسْبَة إِلَى السبت وَالْمرَاد الَّتِي لَا شعر لَهَا والسبت هُوَ الْحلق وَمعنى يتَوَضَّأ فِيهَا أَي يتَوَضَّأ فِي حَال لبسهَا والمتبادر مِنْهُ أَنه يتَوَضَّأ الْوضُوء الْمُعْتَاد فِي حَال لبسهَا فاستدل بِهِ المُصَنّف على غسل الرجلَيْن دون الْمسْح وَلَو كَانَ الْوضُوء حَال لبسهَا لَهُ على الْوَجْه الْمُعْتَاد لذكر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بِيَسِير أَي بِقَلِيل وَالْمرَاد أَنه أسلم بعد نزُول مائدة وَرَأى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ حَال إِسْلَامه وَعلم بِهِ أَن الْمسْح حكم بَاقٍ لَا أَنه مَنْسُوخ بمائدة كَمَا زَعمه من لَا يَقُول بِهِ وَلذَلِك يعجبهم حَدِيث جرير وكل من تَأَخّر إِسْلَامه بعد نزُول مائدة والا فرؤيته قبل نزُول مائدة لَا يَكْفِي فِي الْمَطْلُوب وَتَأَخر الْإِسْلَام لَا يَقْتَضِي تَأَخّر الرُّؤْيَة بَقِي أَن حَدِيث جرير من أَخْبَار الْآحَاد فَلَا يُعَارض الْقُرْآن وَغَيره من أَحَادِيث الْبَاب يجوز أَن يكون قبل نزُول مائدة فَلَا دلَالَة فِيهَا على بَقَاء الحكم بعد نُزُولهَا الا أَن يُقَال الْقُرْآن يحْتَمل الْمسْح على قِرَاءَة الْجَرّ فَيحمل على مسح الْخُفَّيْنِ تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة أَو يُقَال تَوَاتر عدم نسخه بِعَمَل الصَّحَابَة بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كثيرا مِنْهُم عمِلُوا بِهِ وَمثله يَكْفِي فِي افادة التَّوَاتُر وَنسخ النَّص وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 قَوْله [125] تخلف يَا مُغيرَة هُوَ وَمَا بعده بِصِيغَة الْأَمر قَوْله [126] أَن لَا ننزع خفافنا ظَاهره أَن اعْتِبَار الْمدَّة من وَقت اللّبْس لَا من وَقت الْمسْح أَو الْحَدث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 [127] الا من جَنَابَة أَي لَكِن ننزع من جَنَابَة فالاستثناء مُنْقَطع أَو معنى قَوْله من غَائِط وَبَوْل الخ أَي من كل حدث الا من جَنَابَة فالاستثناء مُتَّصِل قَوْله [129] ائْتِ عليا فِيهِ أَنه يَنْبَغِي لأهل الْعلم إرشاد السَّائِل إِلَى من كَانَ أعلم بجوابه فَإِنَّهُ أعلم بذلك مني لَان الْمُعْتَاد لبس الْخفاف فِي الْأَسْفَار دون الْحَضَر وعَلى أعلم بِحَال السّفر من عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَأْمر أَي أَمر إِبَاحَة ورخصة لَا أَمر إِيجَاب قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 [130] وَهَذَا وضوء من لم يحدث فَبين أَن لغير الْمُحدث أَن يَكْتَفِي بِالْمَسْحِ مَوضِع الْغسْل وَلَعَلَّ مَا جَاءَ من مسح الرجلَيْن من بعض الصَّحَابَة أَحْيَانًا ان صَحَّ يكون مَحَله غير حَالَة الْحَدث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [131] يتَوَضَّأ لكل صَلَاة أَي يعْتَاد ذَلِك وان كَانَ قد يجمع بَين صَلَاتَيْنِ وَأكْثر بِوضُوء وَاحِد أَيْضا وَيحْتَمل أَن جَوَاب أنس حَسْبَمَا اطلع عَلَيْهِ وَلَعَلَّه لم يطلع على خِلَافه وان كَانَ ثَابتا فِي الْوَاقِع نصلي الصَّلَوَات أَي المتعددة لَا جَمِيع صلوَات الْيَوْم وَيحْتَمل الْمَعْنى الثَّانِي لِأَن الْقَضِيَّة جزئية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بِوضُوء بِفَتْح الْوَاو بِالْوضُوءِ بِضَم الْوَاو وَالظَّاهِر أَن المُرَاد وضوء الصَّلَاة لَا غسل الْيَدَيْنِ وَالْمرَاد بِالْأَمر أَعم من أَمر الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْقصر اضافي أَي مَا أمرت بِالْوضُوءِ عِنْد الطَّعَام لَا أَمر ندب وَلَا أَمر وجوب فَلَا يشكل الحَدِيث بِالْوضُوءِ لطواف أَو لمس مصحف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 قَوْله لم تكن تَفْعَلهُ أَي لم تكن تعتاده والا فقد ثَبت أَنه كَانَ يَفْعَله قبل ذَلِك أَحْيَانًا وَقد فعله بالصهباء أَيَّام خَيْبَر حِين طلب الأزواد فَلم يُؤْت الا بالسويق قَالَ عمدا فعلته لما كَانَ وُقُوع غير الْمُعْتَاد يحْتَمل أَن يكون عَن سَهْو دفع ذَلِك الِاحْتِمَال ليعلم أَنه جَائِز لَهُ وَلغيره قَوْله حفْنَة بِفَتْح فساكن أَي ملْء كف بهَا أَي فعل بهَا نضح قيل هُوَ الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وعَلى هَذَا معنى إِذا تَوَضَّأ أَي أَرَادَ أَن يتَوَضَّأ وَقيل رش الْفرج بِالْمَاءِ بعد الِاسْتِنْجَاء ليدفع بِهِ وَسْوَسَة الشَّيْطَان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَكَأَنَّهُ يُؤَخِّرهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 أَحْيَانًا إِلَى الْفَرَاغ من الْوضُوء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [137] وَأخرج بِلَال فضل وضوئِهِ ظَاهره أَنه الَّذِي بَقِي فِي الْإِنَاء بعد الْفَرَاغ من الْوضُوء وَيحْتَمل أَنه الْمُسْتَعْمل فِيهِ والأخير هُوَ الْأَظْهر فِي الحَدِيث الْآتِي فَابْتَدَرَهُ النَّاس أَي استبقوا إِلَى أَخذه وركزت على بِنَاء الْمَفْعُول أَي غرزت وَفِي نُسْخَة ركز أَي بِلَال على بِنَاء الْفَاعِل العنزة بِفَتْح مُهْملَة وَنون هِيَ عَصا أقصر من الرمْح بَين يَدَيْهِ أَي قدامه وَرَاء العنزة وَهَذَا يدل على أَن مُرُور شَيْء وَرَاء الستْرَة لَا يضر قَوْله وضوءه بِفَتْح الْوَاو وَالظَّاهِر أَنه المَاء الْمُسْتَعْمل فَهَذَا يدل على طَهَارَة المَاء الْمُسْتَعْمل وَحَدِيث الْخُصُوص غير مسموع لكَون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الأَصْل هُوَ الْعُمُوم (بَاب فرض الْوضُوء) أَي الْمَفْرُوض من الْوضُوء فالاضافة بَيَانِيَّة أَو الْوضُوء الْمَفْرُوض فالاضافة من إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف عِنْد من يجوزها قَوْله [139] لَا يقبل الله قبُول الله تَعَالَى الْعَمَل رِضَاهُ بِهِ وثوابه عَلَيْهِ فَعدم الْقبُول أَن لَا يثيبه عَلَيْهِ بِغَيْر طهُور بِضَم الطَّاء فعل التَّطْهِير وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا وَبِفَتْحِهَا اسْم للْمَاء أَو التُّرَاب وَقيل بِالْفَتْح يُطلق على الْفِعْل وَالْمَاء فههنا يجوز الْوَجْهَانِ وَالْمعْنَى بِلَا طهُور وَلَيْسَ الْمَعْنى صَلَاة ملتبسة بِشَيْء مُغَاير للطهور إِذْ لَا بُد من مُلَابسَة الصَّلَاة بِمَا يغاير الطّهُور ضد الطّهُور حملا لمُطلق المغاير على الْكَامِل وَهُوَ الْحَدث من غلُول بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة أَصله الْخِيَانَة فِي خُفْيَة وَالْمرَاد مُطلق الْخِيَانَة وَالْحرَام وغرض المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى أَن الحَدِيث يدل على افتراض الْوضُوء للصَّلَاة ونوقش بِأَن دلَالَة الحَدِيث على الْمَطْلُوب يتَوَقَّف على دلَالَته على انْتِفَاء صِحَة الصَّلَاة بِلَا طهُور وَلَا دلَالَة عَلَيْهِ بل على انْتِفَاء الْقبُول وَالْقَبُول أخص من الصِّحَّة وَلَا يلْزم من انْتِفَاء الْأَخَص انْتِفَاء الْأَعَمّ وَلذَا ورد انْتِفَاء الْقبُول فِي مَوَاضِع مَعَ ثُبُوت الصِّحَّة كَصَلَاة العَبْد الْآبِق وَقد يُقَال الأَصْل فِي عدم الْقبُول هُوَ عدم الصِّحَّة وَهُوَ يَكْفِي فِي الْمَطْلُوب الا إِذا دلّ دَلِيل على أَن عدم الْقبُول لأمر آخر سوى عدم الصِّحَّة وَلَا دَلِيل هَا هُنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَأرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَي غير الْمسْح فقد جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْمسْح كَانَ مرّة فِي رِوَايَة سعيد بن مَنْصُور ذكره الْحَافِظ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ قَالَ فَقَوله فَمن زَاد على هَذَا الخ من أقوى الْأَدِلَّة على عدم الْعدَد فِي الْمسْح وَأَن الزِّيَادَة غير مُسْتَحبَّة وَيحمل الْمسْح ثَلَاثًا ان ثَبت على الِاسْتِيعَاب لَا أَنَّهَا مسحات مُسْتَقلَّة لجَمِيع الرَّأْس جمعا بَين الْأَدِلَّة انْتهى وَقد جَاءَ فِي بعض رِوَايَات هَذَا الحَدِيث أَو نقص والمحققون على أَنه وهم لجَوَاز الْوضُوء مرّة مرّة ومرتين مرَّتَيْنِ أَسَاءَ أَي فِي مُرَاعَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 آدَاب الشَّرْع وتعدى فِي حُدُوده وظلم نَفسه بِمَا نَقصهَا من الثَّوَاب قَوْله [141] فَإِنَّهُ أمرنَا أَي ايجابا أَو ندبا مؤكدا أَو أَمر غَيرهم ندبا بِلَا تَأْكِيد فَظهر الْخُصُوص وَكَذَا قَوْله وَلَا ننزى ان قُلْنَا أَن الانزاء مَكْرُوه مُطلقًا فَإِن قُلْنَا لَا كَرَاهَة فِي حق الْغَيْر فالخصوص ظَاهر وَهُوَ من الانزاء يُقَال نزى الذّكر على الْأُنْثَى رَكبه وأنزيته أَنا قيل سَبَب الْكَرَاهَة قطع النَّسْل واستبدال الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خير لَكِن ركُوبه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْبَغْل وَمن الله تَعَالَى على عباده بقوله وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير دَلِيل على عدم الْكَرَاهَة أُجِيب بِأَنَّهُ كالصور فَإِن عَملهَا حرَام واستعمالها فِي الْفرس مُبَاح قَوْله [143] بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا أَي يغفرها أَو يمحوها من كتب الْحفظَة وَيكون ذَلِك المحو دَلِيلا على غفرانها الدَّرَجَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 أَي منَازِل الْجنَّة اسباغ الْوضُوء إِتْمَامه بتطويل الْغرَّة والتثليث والدلك على المكاره جمع مكره بِفَتْح الْمِيم من الكره بِمَعْنى الْمَشَقَّة كبرد المَاء وألم الْجِسْم والاشتغال بِالْوضُوءِ مَعَ ترك أُمُور الدُّنْيَا وَقيل وَمِنْهَا الْجد فِي طلب المَاء وشرائه بِالثّمن الغالي وَكَثْرَة الْخَطَأ ببعد الدَّار وانتظار الصَّلَاة بِالْجُلُوسِ لَهَا فِي الْمَسْجِد أَو تعلق الْقلب بهَا وَالتَّأَهُّب لَهَا فذلكم الْإِشَارَة إِلَى مَا ذكر من الْأَعْمَال الرِّبَاط بِكَسْر الرَّاء قيل أُرِيد بِهِ الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى وَرَابطُوا وَحَقِيقَته ربط النَّفس والجسم مَعَ الطَّاعَات وَقيل المُرَاد هُوَ الْأَفْضَل والرباط مُلَازمَة ثغر الْعَدو لمَنعه وَهَذِه الْأَعْمَال تسد طرق الشَّيْطَان عَنهُ وتمنع النَّفس عَن الشَّهَوَات وعداوة النَّفس والشيطان لَا تخفى فَهَذَا هُوَ الْجِهَاد الْأَكْبَر الَّذِي فِيهِ قهر أعدى عدوه فَلذَلِك قَالَ الرِّبَاط بالتعريف والتكرار تَعْظِيمًا لشأنه قَوْله [144] فِي الْمَسَاجِد الْأَرْبَعَة لَعَلَّ المُرَاد بهَا مَسْجِد مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَسْجِد قبَاء وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى كَمَا أَمر أَي أَمر إِيجَاب فَيحصل الثَّوَاب لمن اقْتصر على الْوَاجِبَات فِي الْوضُوء أَو أَمر إِيجَاب أَو ندب فَيتَوَقَّف على المندوبات وَلَا يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز لجَوَاز أَن يُرَاد بِالْأَمر مُطلق الطّلب الشَّامِل للايجاب وَالنَّدْب مَا قدم من التَّقْدِيم من عمل من ذَنْب قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 [145] فالصلوات الْخمس أَي فِي حق ذَلِك الَّذِي أتم الْوضُوء لما بَينهُنَّ أَي من الصَّغَائِر كَمَا جَاءَ [146] حَتَّى يُصليهَا يَقْتَضِي أَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ الْأُخْرَى هِيَ الصَّلَاة الْمُتَأَخِّرَة فَهَذِهِ مغْفرَة للذنوب قبل أَن يرتكبها وَمَعْنَاهَا تَقْدِير أَنه يُؤَاخذ بِمَا يفعل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 [147] وغسلت رجليك إِلَى الْكَعْبَيْنِ فِيهِ تَصْرِيح بِأَن وَظِيفَة الرجلَيْن هِيَ الْغسْل لَا الْمسْح اغْتَسَلت أَي صرت طَاهِرا من عَامَّة خطاياك أَي غالبها أَي مِمَّا يتَعَلَّق بأعضاء الْوضُوء وَهِي الْغَالِبَة فَلذَلِك قيل عَامَّة الْخَطَايَا وَالْمرَاد بالخطايا الصَّغَائِر عِنْد الْعلمَاء خرجت على صِيغَة الْخطاب فَإِن الْخَطَايَا إِذا خرجت من الْإِنْسَان فقد خرج الْإِنْسَان مِنْهَا لافتراق كل مِنْهُمَا على صَاحبه فَيجوز نِسْبَة الْخُرُوج إِلَى كل مِنْهُمَا كَيَوْم وَلدتك أمك قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ بِفَتْح يَوْم بِنَاء لاضافته إِلَى جملَة صدرها مَبْنِيّ قلت الْبناء جَائِز لَا وَاجِب فَيجوز الْجَرّ اعرابا وَالظَّاهِر أَن الْمَعْنى خرجت من الْخَطَايَا كخروجك مِنْهَا يَوْم وَلدتك أمك وَفِيه أَن الْخُرُوج من الْخَطَايَا فرع الدُّخُول فِيهَا فَلَا يتَصَوَّر يَوْم الْولادَة وَأَيْضًا هَذَا يُفِيد مغْفرَة الْكَبَائِر أَيْضا فَإِن الْإِنْسَان يَوْم الْولادَة طَاهِر عَن الصَّغَائِر والكبائر جَمِيعًا وَلَا يَقُول بِهِ الْعلمَاء وَالْجَوَاب أَنه مُتَعَلق بِمَا يدل عَلَيْهِ خرجت أَي صرت طَاهِرا من الْخَطَايَا أَي الصَّغَائِر كطهارتك مِنْهَا يَوْم وَلدتك أمك وَهَذَا صَحِيح وَحمل التَّشْبِيه على ذَلِك بأدلة غير بعيدَة فَلْيتَأَمَّل قَوْله لقد كَبرت بِكَسْر الْبَاء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 [148] عَبده وَرَسُوله زَاد التِّرْمِذِيّ اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت أَي تَعْظِيمًا لعمله وان كَانَ الدُّخُول يكون من بَاب غلب عَلَيْهِ عمل أَهله إِذْ أَبْوَاب الْجنَّة مَعْدُودَة لأهل أَعمال مَخْصُوصَة كالريان لمن غلب عَلَيْهِ الصّيام قَوْله [149] يَا بني فروخ بِفَتْح فَاء وَتَشْديد رَاء وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ قِيلَ هُوَ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ كثر نَسْله فولد الْعَجم مَا تَوَضَّأت أَي خوفًا من سوء ظنكم بتغيير الْمَشْرُوع وَفِيه أَن أسرار الْعلم تكْتم عَن الْجَاهِلين يبلغ الْحِلْية بِكَسْر مُهْملَة وَسُكُون لَام وخفة يَاء يُطلق على السيما فَالْمُرَاد هَا هُنَا التحجيل من أثر الْوضُوء يَوْم الْقِيَامَة وعَلى الزِّينَة وَالْمرَاد مَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى يحلونَ فِيهَا من أساور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 [150] خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْكَسْرُ قَلِيلٌ دَار قوم بِالنّصب على الِاخْتِصَاص أَو النداء أَو بِالْجَرِّ على الْبَدَل من ضمير عَلَيْكُم وَالْمرَاد أهل الدَّار تجوزا أَو بِتَقْدِير مُضَاف ان شَاءَ الله قَالَه تبركا وَعَملا بقوله وَلَا تقولن لشَيْء الْآيَة أَو لَان المُرَاد الدّفن فِي تِلْكَ الْمقْبرَة أَو الْمَوْت على الْإِيمَان وَهُوَ مَا يحْتَاج إِلَى قيد الْمَشِيئَة بِالنّظرِ إِلَى الْجَمِيع وددت قَالَ الطَّيِّبِيّ فان قلت فَأَي اتِّصَال لهَذَا الوداد بِذكر أَصْحَاب الْقُبُور قلت عِنْد تصور السَّابِقين يتَصَوَّر اللاحقون أَو كوشف لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَالم الْأَرْوَاح فشاهد الْأَرْوَاح المجندة السَّابِقين مِنْهُم واللاحقين أَنِّي رَأَيْت أَي فِي الدُّنْيَا بل أَنْتُم أَصْحَابِي لَيْسَ نفيا لاخوتهم وَلَكِن ذكره مزية لَهُم بالصحبة على الاخوة فهم أخوة وصحابة واللاحقون اخوة فَحسب قَالَ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اخوة وأخواني أَي المُرَاد بأخواني أَو الَّذين لَهُم أخوة فَقَط وَأَنا فرطهم بِفتْحَتَيْنِ أَي أَنا أتقدمهم على الْحَوْض أهيئ لَهُم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كَيفَ تعرف أَي يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمْ فَهموا من تمنى الرُّؤْيَة وتسميتهم باسم الاخوة دون الصُّحْبَة أَنه لَا يراهم فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يتَمَنَّى عَادَة مَا لم يُمكن حُصُوله وَلَو حصل اللِّقَاء فِي الدُّنْيَا لكانوا صحابة وفهموا من قَوْله أَنا فرطهم أَنه يعرفهُمْ فِي الْآخِرَة فسألوا عَن كَيْفيَّة ذَلِك أَرَأَيْت أَي أَخْبرنِي وَالْخطاب مَعَ كل من يصلح لَهُ من الْحَاضِرين أَو السَّائِلين غر بِضَم فتشديد جمع الْأَغَر وَهُوَ الْأَبْيَض الْوَجْه محجلة اسْم مفعول من التحجيل والمحجل من الدَّوَابّ الَّتِي قَوَائِمهَا بيض بهم بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي وَهُوَ الْأَشْهر للازدواج دهم وَالْمرَاد سود وَالثَّانِي تَأْكِيد للْأولِ غر الخ أَي وَسَائِر النَّاس لَيْسُوا كَذَلِك اما لاخْتِصَاص الْوضُوء بِهَذِهِ الْأمة من بَين الْأُمَم وَحَدِيث هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء من قبلي إِن صَحَّ لَا يدل على وجود الْوضُوء فِي سَائِر الْأُمَم بل فِي الْأَنْبِيَاء أَو لاخْتِصَاص الْغرَّة والتحجيل وَأَنا فرطهم ذكره تَأْكِيدًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [151] فَأحْسن الْوضُوء هُوَ الاسباغ مَعَ مُرَاعَاة الْآدَاب بِلَا اسراف يقبل الإقبال بِالْقَلْبِ أَن لَا يغْفل عَنْهُمَا وَلَا يتفكر فِي أَمر لَا يتَعَلَّق بهما وَيصرف نَفسه عَنهُ مهما أمكن والاقبال بِالْوَجْهِ أَن لَا يتلفت بِهِ إِلَى جِهَة لَا يَلِيق بِالصَّلَاةِ الِالْتِفَات إِلَيْهَا ومرجعه الْخُشُوع والخضوع فَإِن الْخُشُوع فِي الْقلب والخضوع فِي الْأَعْضَاء قلت يُمكن أَن يكون هَذَا الحَدِيث بِمَنْزِلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 التَّفْسِير لحَدِيث عُثْمَان وَهُوَ من تَوَضَّأ نَحْو وضوئي الخ وعَلى هَذَا فَقَوله أحسن الْوضُوء هُوَ أَن يتَوَضَّأ نَحْو ذَلِك الْوضُوء وَقَوله فِي حَدِيث عُثْمَان لَا يحدث نَفسه فيهمَا هُوَ أَن يقبل عَلَيْهِمَا بِقَلْبِه وَوَجهه وَقَوله فِي ذَلِك الحَدِيث غفر لَهُ الخ أُرِيد بِهِ أَنه يجب لَهُ الْجنَّة وَلَا شكّ أَن لَيْسَ المُرَاد دُخُول الْجنَّة مُطلقًا فَإِنَّهُ يحصل بِالْإِيمَان بل المُرَاد دُخُولا أوليا وَهَذَا يتَوَقَّف على مغْفرَة الصَّغَائِر والكبائر جَمِيعًا بل مغْفرَة مَا يفعل بعد ذَلِك أَيْضا نعم لَا بُد من اشْتِرَاط الْمَوْت على حسن الخاتمة وَقد يَجْعَل هَذَا الحَدِيث بِشَارَة بذلك أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْوضُوء من الْمَذْي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون ذال مُعْجمَة وَتَخْفِيف يَاء أَو بِكَسْر ذال وَتَشْديد يَاء هُوَ المَاء الرَّقِيق اللزج يخرج عَادَة عِنْد الملاعبة والتقبيل قَوْله مذاء بِالتَّشْدِيدِ وَالْمدّ للْمُبَالَغَة فِي كَثْرَة الْمَذْي لرجل جَالس إِلَى جَنْبي الظَّاهِر أَن المُرَاد أَي فِي مَجْلِسه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا يدل على حُضُوره مجْلِس الْجَواب كَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات وَهَذَا يرد على من اسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ على جَوَاز الِاكْتِفَاء بِالظَّنِّ مَعَ إِمْكَان حُصُول الْعلم وَفِيه أَنه يَنْبَغِي أَن لَا يذكر مَا يتَعَلَّق بِالْجِمَاعِ والاستمتاع عِنْد الاصهار قَوْله [153] إِذا بنى الرجل إِلَى قَوْله فسل كَانَ جَوَاب إِذا مُقَدّر أَي مَاذَا عَلَيْهِ مَا أَدْرِي فسل يغسل مذاكيره هُوَ جَمْعُ ذَكَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيلَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ وَقِيلَ وَاحِدُهُ مِذْكَارٌ وَإِنَّمَا جمع مَعَ أَنه فِي الْجَسَد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وَاحِد بِالنّظرِ إِلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ وَأَطْلَقَ عَلَى الْكُلِّ اسْمَهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْمَجْمُوعِ كَالذَّكَرِ فِي حكم الْغسْل وَقد جَاءَ الْأَمر بِغسْل الْأُنْثَيَيْنِ صَرِيحًا قبل غسلهمَا احْتِيَاطًا لِأَن الْمَذْي رُبمَا انْتَشَر فَأصَاب الْأُنْثَيَيْنِ أَو لتقليل الْمَذْي لِأَن برودة المَاء تضعفه وَذهب أَحْمد وَغَيره إِلَى وجوب غسل الذّكر والأنثيين للْحَدِيث قَوْله فَأمرت عمارا لَا مُنَافَاة بَين الرِّوَايَتَيْنِ لجَوَاز أمره كلا من عمار ومقداد قَوْله فلينضح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فرجه أَي ليغسله قَوْله [158] أَن الْمَلَائِكَة تضع الخ أَيْ تَضَعُهَا لِتَكُونَ وِطَاءً لَهُ إِذَا مَشَى وَقيل هُوَ بِمَعْنى التَّوَاضُع لَهُ تَعْظِيمًا لَهُ بِحَقِّهِ وَقِيلَ أَرَادَ بِوَضْعِ الْأَجْنِحَةِ نُزُولَهُمْ عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَتَرْكِ الطَّيَرَانِ وَقِيلَ أَرَادَ إِظْلَالَهُمْ بهَا وعَلى التقادير فالفعل غير مشَاهد لَكِن بأخبار الصَّادِق صَار كالمشاهد ففائدته إِظْهَار تَعْظِيم الْعلم بِوَاسِطَة الاخبار وَيحْتَمل أَن الْمَلَائِكَة يَتَقَرَّبُون إِلَى الله تَعَالَى بذلك ففائدة فعلهم بِكَوْن ذَلِك فَائِدَة الاخبار إِظْهَار جلالة الْعلم عِنْد النَّاس وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله الا من جَنَابَة أَي فَمِنْهَا تنْزع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَلَكِن لَا تنْزع من غَائِط فَفِي الْكَلَام تَقْدِير بِقَرِينَة قَوْله شكى الْأَقْرَب أَنه على بِنَاء الْمَفْعُول وَالرجل بِالرَّفْع على أَنه نَائِب الْفَاعِل وَجُمْلَة يجد الشَّيْء اسْتِئْنَاف أَو صفة للرجل على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس وَجعله حَالا بعيد معنى وَيحْتَمل أَن يُقَال نَائِب الْفَاعِل وَالْجَار وَالْمَجْرُور وَالرجل مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة خَبره وَالْجُمْلَة اسْتِئْنَاف بَيَان للشكاية كَأَنَّهُ قيل مَاذَا قيل فِي الشكاية فَأُجِيب قيل الرجل يجد الخ وَأما جعل شكا مَبْنِيا للْفَاعِل وَالرجل فَاعله فبعيد فَإِن اللَّائِق حِينَئِذٍ أَن يكْتب شكا بِالْألف وَأَن يكون قَوْله لَا ينْصَرف بِالْخِطَابِ لَا الْغَيْبَة ثمَّ الْغَايَة تدل على أَنه إِذا وجد ريحًا أَو سمع صَوتا ينْصَرف لأجل الْوضُوء وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالْمَقْصُود بقوله حَتَّى يجد ريحًا الخ أَي حَتَّى يتَيَقَّن بطرِيق الْكِنَايَة أَعم من أَن يكون بِسَمَاع صَوت أَو وجدان ريح أَو يكون بِشَيْء آخر وَغَلَبَة الظَّن عِنْد بعض الْعلمَاء فِي حكم الْمُتَيَقن فَبَقيَ أَن الشَّك لَا عِبْرَة بِهِ بل يحكم بِالْأَصْلِ الْمُتَيَقن وان طَرَأَ الشَّك فِي زَوَاله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [161] فَلَا يدْخل يَده فِي الْإِنَاء أَي فِي الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء الْوضُوء وَلذَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فِي الْوضُوء بِفَتْح الْوَاو فَهَذَا يدل على أَن الْوَقْت وَقت لادخال الْيَد فِي الْوضُوء وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف التَّرْجَمَة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 [162] إِذا نعس بِفتْحَتَيْنِ فلينصرف بإتمام الصَّلَاة مَعَ تَخْفيف لَا بقطعها لَعَلَّه يَدْعُو على نَفسه مَوضِع الدُّعَاء لَهُ من غَلَبَة النعاس وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف أَن النعاس لَا ينْقض الْوضُوء إِذْ لَو كَانَ ناقضا للْوُضُوء لما منع الشَّارِع عَن الصَّلَاة بخشيته أَن يَدْعُو على نَفسه بل وَجب أَن يذكر الشَّارِع أَنه لَا تصح صلَاته مَعَ النعاس أَو نَحوه لانتقاض وضوئِهِ قَوْله [164] إِذا أفْضى أَي وصل إِلَيْهِ الرجل بِيَدِهِ أمارى أجادل من حرسه بِفتْحَتَيْنِ أَي خدمه قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 [165] إِلَّا مُضْغَة بِضَم مِيم وَسُكُون ضاد مُعْجمَة ثمَّ غين مُعْجمَة أَو بضعَة بِفَتْح مُوَحدَة وَسُكُون ضاد مُعْجمَة ثمَّ عين مُهْملَة ومعناهما قِطْعَة من اللَّحْم وَهُوَ شكّ من الرَّاوِي وصنيع المُصَنّف يُشِير إِلَى تَرْجِيح الْأَخْذ بِهَذَا الحَدِيث حَيْثُ أخر هَذَا الْبَاب وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بالتعارض حصل الشَّك فِي النَّقْض وَالْأَصْل عَدمه فَيُؤْخَذ بِهِ وَلِأَن حَدِيث بسرة يحْتَمل التَّأْوِيل بِأَن يَجْعَل مس الذّكر كِنَايَة عَن الْبَوْل لِأَنَّهُ غَالِبا يرادف خُرُوج الْحَدث مِنْهُ وَيُؤَيِّدهُ أَن عدم انْتِقَاض الْوضُوء بِمَسّ الذّكر قد علل بعلة دائمة وَهِي أَن الذّكر بضعَة من الْإِنْسَان فَالظَّاهِر دوَام الحكم بدوام علته وَدَعوى أَن حَدِيث قيس بن طلق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 مَنْسُوخ لَا تعويل عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مسني بِرجلِهِ ليوقظني وَمَعْلُوم أَن ذَاك كَانَ مسابلا شَهْوَة فاستدل بِهِ المُصَنّف على أَن الْمس بِلَا شَهْوَة لَا ينْقض وَأما بالشهوة فالدليل على عدم الانتقاض أَن الأَصْل هُوَ الْعَدَم حَتَّى يظْهر دَلِيل الانتقاض للقائل بِهِ وَهَذَا يَكْفِي فِي القَوْل بِعَدَمِ النَّقْض بل سَيظْهر دَلِيل الْعَدَم وَهُوَ حَدِيث الْقبْلَة إِذْ الْقبْلَة لَا تَخْلُو عَادَة عَن مس بِشَهْوَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [167] غمز رجْلي لِأَن رجلهَا كَانَ فِي مَوضِع سُجُوده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يعلمهَا بالغمز أَنه يُرِيد السُّجُود وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الْمس وَالْقَوْل بِأَنَّهُ كَانَ بِحَائِل بعيد يحْتَاج إِلَى دَلِيل قَوْله والبيوت يَوْمئِذٍ الخ اعتذار عَنْهَا بِأَنَّهَا مَا كَانَت تَدْرِي وَقت سُجُوده لعدم الْمِصْبَاح والا لما احْتَاجَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الغمز كل مرّة بل هِيَ ضمت رجلهَا إِلَيْهَا وَقت السُّجُود قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 [169] أعوذ برضاك أَي متوسلا برضاك من أَن تسخط عَليّ وتغضب أعوذ بك مِنْك أَي أعوذ بِصِفَات جمالك عَن صِفَات جلالك فَهَذَا اجمال بعد شَيْء من التَّفْصِيل وتعوذ بتوسل جَمِيع صِفَات الْجمال عَن صِفَات الْجلَال والا فالتعوذ من الذَّات مَعَ قطع النّظر عَن شَيْء من الصِّفَات لَا يظْهر وَقيل هَذَا من بَاب مُشَاهدَة الْحق والغيبة عَنِ الْخَلْقِ وَهَذَا مَحْضُ الْمَعْرِفَةِ الَّذِي لَا يحيطه الْعباد لَا أحصى ثَنَاء عَلَيْك أَي لَا أَسْتَطِيع فَردا من ثنائك على شَيْء من نعمائك وَهَذَا بَيَان لكَمَال عجز الْبشر عَن أَدَاء حُقُوق الرب تَعَالَى وَمعنى أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك أَي أَنْت الَّذِي أثنيت على ذاتك ثَنَاء يَلِيق بك فَمن يقدر على أَدَاء حق ثنائك فالكاف زَائِدَة وَالْخطاب فِي عَائِد الْمَوْصُول بملاحظة الْمَعْنى نَحْو انا الَّذِي سمتني أُمِّي حيدره وَيحْتَمل أَن الْكَاف بِمَعْنى على والعائد إِلَى الْمَوْصُول مَحْذُوف أَي أَنْت ثَابت دَائِم على الْأَوْصَاف الجليلة الَّتِي اثنيت بهَا على نَفسك وَالْجُمْلَة على الْوَجْهَيْنِ فِي مَوضِع التَّعْلِيل وَفِيه إِطْلَاق لفظ النَّفس على ذَاته تَعَالَى بِلَا مشاكلة وَقيل أَنْت تَأْكِيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 للمجرور فِي عَلَيْك فَهُوَ من اسْتِعَارَة الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوضِع الْمَجْرُور الْمُتَّصِل إِذْ لَا مُنْفَصِل فِي الْمَجْرُور وَمَا فِي كَمَا مَصْدَرِيَّة وَالْكَاف بِمَعْنى مثل صفة ثَنَاء وَيحْتَمل ان تكون مَا على هَذَا التَّقْرِير مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة وَالتَّقْدِير مثل ثَنَاء أثنيته أَو مثل الثَّنَاء الَّذِي أثنيته على أَن الْعَائِد الْمُقدر ضمير الْمصدر ونصبه على كَونه مَفْعُولا مُطلقًا وَإِضَافَة الْمثل إِلَى الْمعرفَة لَا يضر فِي كَونه صفة نكرَة لِأَنَّهُ متوغل فِي الْإِبْهَام فَلَا يتعرف بِالْإِضَافَة وَقيل أَصله ثناؤك الْمُسْتَحق كثنائك على نَفسك فَحذف الْمُضَاف من الْمُبْتَدَأ فَصَارَ الضَّمِير الْمَجْرُور مَرْفُوعا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يقبل من التَّقْبِيل وَهَذَا لَا يَخْلُو عَن مس بِشَهْوَة عَادَة فَهُوَ دَلِيل على أَن الْمس بِشَهْوَة لَا ينْقض الْوضُوء قَوْله وان كَانَ مُرْسلا أَي لِأَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من عَائِشَة كَمَا قَالَه أَبُو دَاوُد قلت والمرسل حجَّة عندنَا وَعند الْجُمْهُور وَقد جَاءَ مَوْصُولا عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَبِالْجُمْلَةِ فقد رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسنه فَالْحَدِيث حجَّة بالِاتِّفَاقِ وَيُؤَيِّدهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 أَحَادِيث الْمس السَّابِقَة وَالْقَوْل بِأَن عدم النَّقْض بالمس من خَصَائِصه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَمَا ذكره بعض الشَّافِعِيَّة يحْتَاج إِلَى دَلِيل قَوْله توضؤوا الخ قد ثَبت أَن عُمُومه مَنْسُوخ أَو مؤول بِغسْل الْيَد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أثوار أقط جمع ثَوْر بمثلثة بِمَعْنى قِطْعَة من الأقط بِفَتْح فَكسر هُوَ اللَّبن الجامد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 الْيَابِس الَّذِي صَار كالحجر قَوْله [174] قَالَ بن عَبَّاس أتوضأ أَي اعتراضا على أبي هُرَيْرَة فِي الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار قَوْله قَالَ مُحَمَّد الْقَارئ يُرِيد أَن مُحَمَّد بن بشار زَاد فِي رِوَايَته لفظ الْقَارئ وَأَن عمر بن عَليّ أسقطها قيل وَفِي بعض النّسخ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد الْقَارئ وَأَظنهُ خطأ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مِمَّا غيرت النَّار أَي مسته وَالْمرَاد مَا يعم الطَّبْخ والشواء كَمَا يدل عَلَيْهِ الرِّوَايَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 قَوْله [182] أكل كَتفًا أَي كتف شَاة وَهُوَ بِفَتْح فَكسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وَلم يمس مَاء كِنَايَة عَن ترك الْوضُوء فَكَأَنَّهُ ترك الْوضُوء فَغسل الْيَدَيْنِ لبَيَان الْجَوَاز قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 [183] من غير احْتِلَام للتنصيص على أَن الْجَنَابَة الاختيارية لَا تفْسد الصَّوْم فضلا عَن الاضطرارية قَوْله [185] كَانَ آخر الْأَمريْنِ أَي تحقق الْأَمر أَن الْوضُوء وَالتّرْك لَكِن كَانَ آخرهما التّرْك وَهَذَا نَص فِي النّسخ وَلَوْلَا هَذَا الحَدِيث لكَانَتْ الْأَحَادِيث متعارضة فَلْيتَأَمَّل قَوْله فَثُرِّيَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ بل بِالْمَاءِ قَوْله فَأمره النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد مَا أسلم كَمَا هُوَ الظَّاهِر وَأما حمل أسلم على أَنه أَرَادَ الْإِسْلَام فَأمره النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يسلم ليُوَافق الحَدِيث الْآتِي فبعيد فَالظَّاهِر أَنه أَمر بالاغتسال إِزَالَة لوسخ الْكفْر ودفعا لاحْتِمَال الْجَنَابَة إِذْ الْكَافِر لَا يَخْلُو عَن ذَلِك وَهَذَا الِاغْتِسَال ندب عِنْد الْجُمْهُور وَاجِب عِنْد احْمَد لظَاهِر الْأَمر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [189] إِن ثُمَامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 بِضَم مُثَلّثَة وَمِيم مُخَفّفَة بن أَثَال بِضَم ومثلثة مُخَفّفَة إِلَى نجل قيل بجيم سَاكِنة وَهُوَ المَاء الْقَلِيل النابع وَقيل هُوَ المَاء الْجَارِي قلت أَو بخاء مُعْجمَة جمع نَخْلَة أَي إِلَى بُسْتَان لِأَن الْبُسْتَان لَا يَخْلُو عَن المَاء عَادَة فَمَا قيل الْجِيم هُوَ الصَّوَاب لَيْسَ بِشَيْء كَيفَ وَقد صَرَّحُوا أَن الْخَاء رِوَايَة الْأَكْثَر وَقَالَ عِيَاض الرِّوَايَة بِالْخَاءِ وَذكر بن دُرَيْد بِالْجِيم ثمَّ دخل الْمَسْجِد الخ فَقدم الِاغْتِسَال على الْإِسْلَام وَهُوَ وان كَانَ فِيهِ تَعْظِيم الْإِسْلَام لَكِن تَقْدِيمه على الِاغْتِسَال أولي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [190] فَقَالَ لي اغْتسل لَعَلَّه أمره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 بذلك لإِزَالَة مَا أَصَابَهُ من تُرَاب أَو غَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [191] بَين شعبها بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة أَي نَوَاحِيهَا قيل يداها ورجلاها وَقيل نواحي الْفرج الْأَرْبَع وَضمير جلس للواطيء وَضمير شعبها للْمَرْأَة وأحيل التَّعْيِين إِلَى قرينَة الْمقَام ثمَّ اجْتهد كِنَايَة عَن معالجة الايلاج والْحَدِيث يدل على أَن الْإِنْزَال غير مَشْرُوط فِي وجوب الْغسْل بل الْمدَار على الايلاج قَوْله [193] وَإِذا فضخت المَاء بِالْفَاءِ وَالضَّاد وَالْخَاء المعجمتين أَي دفقت وَالْمرَاد بِالْمَاءِ الْمَنِيّ على أَنه تَعْرِيف للْعهد بِقَرِينَة الْمقَام وَفِيه أَن المنى إِذا سَأَلَ بِنَفسِهِ من ضعفه وَلم يَدْفَعهُ الْإِنْسَان فَلَا غسل عَلَيْهِ وَالله أعلم قَوْله فَسَأَلت أَي بِوَاسِطَة الْمِقْدَاد أَو عمار كَمَا سبق وَقد بَين سَببه بِأَنَّهُ استحيا لمَكَان ابْنَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فَمن قَالَ يحْتَمل أَنه سَأَلَ بِنَفسِهِ أَيْضا مِمَّا يأباه الطَّبْع السَّلِيم وعَلى هَذَا فالخطاب فِي هَذِه الرِّوَايَة وَالرِّوَايَة السَّابِقَة بِالنّظرِ إِلَى نقل الْجَواب بِمَعْنَاهُ وَذكر الْمَنِيّ فِي الْجَواب لزِيَادَة الإفادة والا فَالْجَوَاب قد تمّ بِبَيَان حَال الْمَذْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 [195] مَا يرى الرجل أَي من الْحلم إِذا أنزلت المَاء نِسْبَة الْإِنْزَال إِلَى الْإِنْسَان نظرا إِلَى أَن هَذَا المَاء عَادَة لَا ينزل الا بِاجْتِهَاد من الْإِنْسَان فَصَارَ انزالا مِنْهُ قَوْله [196] ان الله لَا يستحيي من الْحق تمهيد لسؤالها عَمَّا يستقبح اظهاره عَادَة وَفِيه أَن سُؤال العَبْد يشبه التخلق بأخلاق الله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 نعم أَي إِذا رَأَتْ المَاء كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَات الحَدِيث فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد أُفٍّ لَك استحقارا لَهَا وانكارا عَلَيْهَا وأصل آلَاف وسخ الْأَظْفَار وَفِيه لُغَات كَثِيرَة مَذْكُورَة فِي محلهَا أشهرها تَشْدِيد الْفَاء وَكسرهَا للْبِنَاء والتنوين للتنكير وَالْكَاف هَا هُنَا وَفِيمَا بعد مَكْسُورَة لخطاب الْمَرْأَة أَو ترى الْمَرْأَة قيل إِنْكَارُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ قَضِيَّةَ احْتِلَامِ النِّسَاءِ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ وُقُوعِهِ من النِّسَاء قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ قُلْتُ وَظَهَرَ لِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقَعُ لَهُنَّ احْتِلَامٌ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَعُصِمْنَ مِنْهُ تَكْرِيمًا لَهُ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عُصِمَ هُوَ مِنْهُ ثُمَّ بَلغنِي أَن بعض أَصْحَابنَا بحث فِي الدَّرْسِ مَنْعَ وُقُوعِ الِاحْتِلَامِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُنَّ لَا يطعن غَيره لايقظة وَلَا نَوْمًا وَالشَّيْطَانُ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ فَسُرِرْتُ بذلك كثيرا اه قلت وَهَذَا لَا يُنَافِي الِاسْتِدْلَال بِهِ على قلَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الْوُقُوع لِأَنَّهُ لَو كَانَ كثير الْوُقُوع لما خَفِي عَلَيْهِنَّ عَادَة وَالله تَعَالَى أعلم تربت يَمِينك أَي لصقت بِالتُّرَابِ بِمَعْنى افْتَقَرت وَهِي كلمة جَارِيَة على أَلْسِنَة الْعَرَب لَا يُرِيدُونَ بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب بل اللوم وَنَحْوه فَمن أَيْن يكون الشّبَه أَي الشّبَه يكون من المَاء فَإِذا ثَبت المَاء فخروجه مُمكن إِذا كثر وفاض وَلم يرد أَن الشّبَه يكون من الِاحْتِلَام وَأَنه دَلِيل عَلَيْهِ والشبه بِفتْحَتَيْنِ أَو بِكَسْر فَسُكُون قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 [197] فَضَحكت أم سَلمَة قيل فِي التَّوْفِيق يجوز اجْتِمَاع عَائِشَة وَأم سَلمَة فِي وَاحِد فَبَدَأت إِحْدَاهمَا بالإنكار وساعدتها الْأُخْرَى فَأقبل صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا بالإنكار وَكَذَا يجوز تعدد الْقَضِيَّة أَيْضا بِأَن نسيت أم سليم الْجَواب فَجَاءَت ثَانِيًا للسؤال وأرادت بالمجيء ثَانِيًا زِيَادَة التَّحْقِيق والتثبيت وَالله تَعَالَى أعلم فَفِيمَ أَي فَلم فكلمة فِي بِمَعْنى اللَّام وَفِي نُسْخَة فَبِمَ بِالْبَاء قَوْله [199] المَاء من المَاء أَي وجوب الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ من أجل خُرُوج المَاء الدافق فَالْأول المَاء المطهر وَالثَّانِي الْمَنِيّ وَهَذَا الحَدِيث يُفِيد الْحصْر عرفا أَي لَا يجب الْغسْل بِلَا مَاء فَيَنْبَغِي أَن لَا يجب بالادخال أَن لم ينزل فيعارض حَدِيث إِذا قعد بَين شعبها فالجمهور على أَن حَدِيث المَاء من المَاء مَنْسُوخ لقَوْل أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بن كَعْب كَانَ المَاء من المَاء فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ ترك بعده وَأمر بِالْغسْلِ إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان وَقَالَ بن عَبَّاس حَدِيث المَاء من المَاء فِي الِاحْتِلَام لافي الْجِمَاع واليه أَشَارَ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة تَوْفِيقًا بَين الْأَحَادِيث لَكِن رد بِأَن مورد حَدِيث المَاء من المَاء هُوَ الْجِمَاع لَا الِاحْتِلَام كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم صَرِيحًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَاء الرجل الخ قيل مَا ذكر فِي صِفَةِ الْمَاءَيْنِ إِنَّمَا هُوَ فِي غَالِبِ الْأَمر واعتدال الْحَال والا فقد يخْتَلف أحوالهما للعوارض فَأَيّهمَا سبق أَي تقدم فِي الْإِنْزَال أَو غلب وَكثر فِي الْمِقْدَار وَالضَّمِير للماءين وعَلى الأول لَو جعل للرجل وَالْمَرْأَة لَكَانَ لَهُ وَجه كَانَ الشّبَه أَي شبه الْوَلَد بِالْأَبِ أَو الْأُم فِي المزاج والذكورة وَالْأُنُوثَة وَكَانَ تَامَّة أَو نَاقِصَة وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي لَهُ أَو الِاسْم الضَّمِير والشبه خبر بِتَقْدِير سَبَب الشّبَه أَو صَاحب الشّبَه فَلْيتَأَمَّل قَوْله تستحاض على بِنَاء الْمَفْعُول وَهَذَا الْفِعْل من الْأَفْعَال اللَّازِمَة الْبناء للْمَفْعُول فَزَعَمت أَي قَالَت وَهَذَا من اسْتِعْمَال الزَّعْم فِي القَوْل الْحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 انما ذَلِك بِكَسْر الْكَاف على خطاب الْمَرْأَة أَي إِنَّمَا ذَلِك الدَّم الزَّائِد على الْعَادة السَّابِقَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الدَّم الَّذِي اشتكته عرق أَي دم عرق لَا دم حيض فَإِنَّهُ من الرَّحِم الْحَيْضَة بِفَتْح الْحَاء أَي دم الْحيض أَو بِالْكَسْرِ حَالَة الْحيض أَو هَيئته بِمَعْنى أَن يكون الدَّم على هَيئته يعرف أَنه دم حيض وَقد جَاءَ أَن دم الْحيض يعرف فَلَعَلَّ بعض النِّسَاء تعرفة فاغسلي عَنْك الدَّم الظَّاهِر أَنه أَمر بِغسْل مَا على بدنهَا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 الدَّم فَلَا بُد من تَقْدِير أَي واغتسلي وَتَركه اما من الروَاة أَو لظُهُور وجوب الِاغْتِسَال وَيحْتَمل أَن يُقَال مَعْنَاهُ واغسلي عَنْك أثر الدَّم وَهُوَ الْجَنَابَة أَو نصب الدَّم بِنَزْع الْخَافِض أَي للدم وَلَا يخفى بعد هذَيْن الِاحْتِمَالَيْنِ وعَلى الْوُجُوه فالاستدلال بِهِ على وجوب الِاغْتِسَال للْحيض بعيد وَفِي بعض النّسخ فاغتسلي واغسلي عَنْك الدَّم وعَلى هَذِه النُّسْخَة يظْهر الِاسْتِدْلَال وَالظَّاهِر أَنه قصد الِاسْتِدْلَال بالرواية الثَّانِيَة وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله [203] إِن هَذِه لَيست بالحيضة ذكرُوا أَنه بِالْفَتْح لَا غير لِأَن المُرَاد اثبات الِاسْتِحَاضَة وَنفي الْحيض فَالْمَعْنى أَن هَذَا الدَّم لَيْسَ بحيض وَإِنَّمَا هُوَ دم عرق والتأنيث أَولا والتذكير ثَانِيًا لمراعاة الْخَبَر قلت وَالْفَتْح أظهر لَكِن يُمكن الْكسر على أَن الْمَعْنى هَذِه الْحَالة أَو هَذِه الْهَيْئَة لَيست بِحَالَة الْحيض أَو هَيئته وَلَكِن هَذَا الدَّم دم عرق فالحالة حَالَة الِاسْتِحَاضَة فالاستدراك يحسن نظرا إِلَى لَازمه فَلْيتَأَمَّل قَوْله [204] فَكَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة أَي فِي غير أَيَّام الْحيض بِاجْتِهَاد مِنْهَا أَو بِحمْل كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَهَذَا ظَاهر هَذَا اللَّفْظ لَكِن سَيَجِيءُ مَا يدل على أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَمر بذلك فِي مركن هُوَ بِكَسْر مِيم اجانة تغسل فِيهَا الثِّيَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 قَوْله ختنة بِفتْحَتَيْنِ أَي أُخْت زَوجته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله ملآن وَفِي بعض النّسخ ملأى وَكَذَا فِي مُسلم جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ قَالَ النَّوَوِيّ وهما صَحِيح التَّذْكِير على اللَّفْظ والتأنيث على الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِجَابَة قدر مَا كَانَت الخ أَي قدر عادتك السَّابِقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 قَوْله [208] كَانَت تهراق الدَّم على بِنَاء الْمَفْعُول من هراق وَنصب الدَّم أَو الرّفْع وأصل هراق أراق بدلت الْهمزَة هَاء وَيُقَال يهريق بِفَتْح الْهَاء لِأَن الْهَاء مَوضِع الْهمزَة وَلَو كَانَت الْهمزَة ثَابِتَة فِي الْمُضَارع لكَانَتْ مَفْتُوحَة وَيُقَال إهراق يهريق بِسُكُون الْهَاء جمعا بَين الْبَدَل وَالْأَصْل وَنصب الدَّم تَشْبِيها بالمفعول وَهُوَ فِي الْمَعْنى تَمْيِيز الا أَنه لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم التَّمْيِيز مُرَاعَاة لقواعد الاعراب وَقيل هُوَ تَمْيِيز وتعريفه زَائِد وَالْأَصْل يهراق دَمهَا فأسند الْفِعْل إِلَى ضمير الْمَرْأَة مُبَالغَة وَجعل الدَّم تمييزا وَقيل يجوز تَعْرِيف التَّمْيِيز لَو رَود أَمْثَاله كثيرا وَقيل على إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَي بالدماء أَو على إِضْمَار الْفِعْل أَي يهريق الله تَعَالَى الدَّم مِنْهَا أَو لما قيل يهراق كَأَنَّهُ قيل مَا تهريق قَالَ تهريق الدَّم وَالرَّفْع على أَنه بدل من ضمير تهراق أَو نَائِب الْفَاعِل ان كَانَ يهراق بِلَفْظ التَّذْكِير فَإِذا خلفت ذَلِك من التخليف أَي جَعلتهَا وَرَاءَهَا وَالْمرَاد إِذا مَضَت تِلْكَ الْأَيَّام والليالي ثمَّ لتستثفر بمثلثة قبل الْفَاء والاستثفار أَن تشد ثوبا تحتجر بِهِ يمسك مَوضِع الدَّم ليمنع السيلان ثمَّ لتصلي كَذَا فِي نسختنا بِإِثْبَات الْيَاء على الاشباع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 أَو على أَنه عومل المعتل مُعَاملَة الصَّحِيح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ركضة بِفَتْح فَسُكُون الضَّرْب بِالرجلِ كَمَا تفعل الدَّابَّة وَقد جَاءَ أَنَّهَا ركضة من ركضات الشَّيْطَان فَلَعَلَّ معنى من الرَّحِم أَي فِي الرَّحِم وَالْمرَاد أَن الشَّيْطَان ضرب بِالرجلِ فِي الرَّحِم حَتَّى فتق عرقها وَقيل ان الشَّيْطَان وجد بذلك طَرِيقا إِلَى التلبيس عَلَيْهَا فِي أَمر دينهَا فَصَارَ كَأَنَّهَا ركضة نالها من ركضاته فِي الرَّحِم قَوْله قدر أقرائها أَي حَيْضهَا وَقَوله الَّتِي صفة الْقدر لتأويله بالمدة وَلها بِمَعْنى فِيهَا قَوْله [211] بنت أبي حُبَيْش بِضَم حاء مُهْملَة وَفتح مُوَحدَة وَسُكُون مثناة تحتية بعْدهَا شين مُعْجمَة وَاسم أبي حُبَيْش قيس فَلِذَا كَانَ فِيمَا سبق بنت قيس ثمَّ هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا مَبْنِيَّة على إِطْلَاق الْقُرْء على الْحيض وَلِهَذَا ذكره المُصَنّف كَمَا ذكره فِي بعض النّسخ ليَكُون دَلِيلا على أَن المُرَاد بالقرء فِي الْقُرْآن الْحيض والمحققون على أَن الْقُرْء من الأضداد يُطلق على الْحيض وَالطُّهْر قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 [213] عرق عاند شُبِّهَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى خلاف عَادَته وَقيل العاند الَّذِي لَا يسكن فَأمرت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 على بِنَاء الْمَفْعُول وَالظَّاهِر فِي مثله أَن الْقَائِل والآمر هُوَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالْحَاصِل أَنَّهَا أمرت بِالْجمعِ بَين الصَّلَاتَيْنِ بِغسْل فَفِيهِ دلَالَة على الْجمع لعذر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله نفست على بِنَاء الْمَفْعُول مرها أَن تَغْتَسِل هَذَا الِاغْتِسَال كَانَ للتنظيف لأجل الْإِحْرَام وَلَيْسَ هُوَ من قبيل الِاغْتِسَال من النّفاس لِأَن ذَلِك الِاغْتِسَال يكون عِنْد انْقِطَاع النّفاس لَا فِي أَثْنَائِهِ وَحَال قِيَامه فَإِنَّهُ لَا ينفع حِينَئِذٍ وَهَذَا الِاغْتِسَال الْمَأْمُور بِهِ كَانَ فِي ابْتِدَاء النّفاس وَحَال قِيَامه فَلَا وَجه لذكر هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يعرف أَي مَعْرُوف بَين النِّسَاء وَلَعَلَّ المُرَاد أَن بعض النِّسَاء تعرفه وَالله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أعلم قَوْله [222] أَي اللَّيْل أَي أَي طرفِي اللَّيْل فِي الْأَمر سَعَة بِفَتْح السِّين أَي حَيْثُ أَبَاحَ لنا الْأَمريْنِ وَبَين لنا نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك بِتَقْدِيم الْغسْل مرّة وتأخيره أُخْرَى لَكِن قد يُقَال لَا دلَالَة فِي الحَدِيث على جَوَاز التَّأْخِير الَّذِي فِيهِ سَعَة لجَوَاز أَنه كَانَ يغْتَسل أول اللَّيْل إِذا كَانَت الْجَنَابَة أول اللَّيْل ويغتسل آخِره إِذا كَانَت الْجَنَابَة آخِره الا أَن يُقَال يفهم التَّأْخِير بِقَرِينَة السُّؤَال وبقرينة تَقْرِير عَائِشَة السَّائِل على قَوْله الْحَمد لله الخ فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 [223] كل ذَلِك مفعول لمقدر أَي يفعل كل ذَلِك أَو مُبْتَدأ خَبره مُقَدّر أَي كل ذَلِك يَفْعَله وَجُمْلَة رُبمَا الخ بَيَان لَهُ وَمعنى كل ذَلِك أَي كلا من الِاغْتِسَال أول اللَّيْل والاغتسال آخِره قَوْله [224] كنت أخدم من بَاب نصر ولني قفاك أَي اجْعَلْهُ إِلَى مثل يولوكم الادبار فأستره للمتكلم أَي أستر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بقفاي قَوْله فَسلمت يحْتَمل أَنَّهَا سلمت على فَاطِمَة أَو عَلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وعَلى الثَّانِي يكون دَلِيلا على جَوَاز السَّلَام على المشتغل بالاغتسال للتقرير من هَذَا على اعْتِبَار الْإِشَارَة إِلَى الشَّخْص الدَّاخِل وَفِيه دَلِيل على جَوَاز التَّكَلُّم للمغتسل قَوْله حزرته بِمُهْملَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة ثمَّ رَاء مُهْملَة أَي قدرته وخمنته قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 [228] وَهُوَ الْفرق بِفتْحَتَيْنِ وَجوز سُكُون الثَّانِي مكيال يسع سِتَّة عشر رطلا قَوْله بمكوك بِفَتْح مِيم وَتَشْديد كَاف أَي بمدومكاكي كأناسى قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 [230] يَكْفِي من الْغسْل أَي فِي الْغسْل من كَانَ خيرا مِنْكُم يُرِيد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله على أَنه لَا وَقت أَي لَا حد وَكَأَنَّهُ أَخذ ذَلِك من قَوْلهَا وَهُوَ قدر الْفرق فَإِنَّهُ يدل عرفا على أَنه كَلَام تخميني لَا تحقيقي فَلَو كَانَ قدرا محدودا لما اكتفت بذلك بل بيّنت الْحَد وَأَنه لَا يجوز الزِّيَادَة عَلَيْهِ أَو أَخذ ذَلِك من أَن الرِّوَايَة السَّابِقَة تدل على أَنه كَانَ يغْتَسل وَحده بقدح هُوَ قدر الْفرق وَهَذِه الرِّوَايَة تدل على أَنه هُوَ وَعَائِشَة يغتسلان من قدر الْفرق فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون المَاء محدودا بِحَيْثُ لَا تجوز الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 [234] أنازع رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْإِنَاء أَي أَنا أجره إِلَى نَفسِي وَهُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يجره إِلَى نَفسه وَهَذَا من حسن الْعشْرَة مَعَ الْأَهْل قَوْله سُئِلت على بِنَاء الْمَفْعُول إِذا كَانَت كيسة فِي الْمجمع أَرَادَت حسن الْأَدَب فِي اسْتِعْمَال المَاء مَعَ الرجل قلت فَسرهَا الْأَعْرَج بقوله لَا تذكر فرجا وَلَا تباله والفرج معرفَة فِي حيّز النكرَة يعم فرجهَا وَفرج الزَّوْج وَلَا تباله بِفَتْح التَّاء أَصله تتباله بتاءين حذفت إِحْدَاهمَا من تباله الرجل إِذا أرى من نَفسه ذَلِك وَلَيْسَ بِهِ أَي وَلَا تَأتي بِأَفْعَال المراة البلهاء والأبلة خلاف الْكيس وَالْمَرْأَة بلهاء كحمراء من مركن بِكَسْر الْمِيم نفيض على أَيْدِينَا أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 نبدأ باليدين وَلذَا قَالَت حَتَّى ننقيهما بضمير التَّثْنِيَة ثمَّ نفيض عَلَيْهَا أَي على أبداننا وارجاع الضَّمِير وان لم يجر لَهَا ذكر لكَونهَا مَعْلُومَة وَاعْتِبَار الْأَبدَان شَائِع فِي مثل هَذَا الْموضع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَن يمتشط الخ أَي عَن الْإِكْثَار فِي الامتشاط والزينة بِفضل الْمَرْأَة قيل المُرَاد بِالْفَضْلِ الْمُسْتَعْمل فِي الْأَعْضَاء لَا الْبَاقِي فِي الْإِنَاء وَيَردهُ قَوْله وليغترفا جَمِيعًا وَقيل بل النَّهْي مَحْمُول على التَّنْزِيه وَقد رأى بَعضهم أَن معَارض هَذَا الحَدِيث أقوى قَوْله يبادرني فِيهِ دَلِيل على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُرِيد أَن يسْبق على صَاحبه فلولا جَازَ اسْتِعْمَال الْفضل لما قصد السَّبق لما فِيهِ من افساد المَاء على الآخر وَبِالْجُمْلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فالجمهور على جَوَاز اسْتِعْمَال فضل كل مِنْهُمَا الآخر والأدلة كَثِيرَة وَقد نسب إِلَى أَحْمد القَوْل بِعَدَمِ جَوَاز الْفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [240] فِي قَصْعَة أَي من قَصْعَة وَهُوَ بدل مِمَّا قبله والقصعة نوع من الْإِنَاء وَقَوله فِيهَا أثر الْعَجِين يدل على ان الطَّاهِر الْقَلِيل لَا يخرج المَاء عَن الطّهُورِيَّة قَوْله [241] أَشد ضفر رَأْسِي قَالَ النَّوَوِيّ بِفَتْح ضاد وَسُكُون فَاء هُوَ الْمَشْهُور رِوَايَة أَي أحكم فتل شعري وَقيل هُوَ لحن وَالصَّوَاب ضمهما جمع ضفيرة كسفن جمع سفينة وَلَيْسَ كَمَا زَعمه بل الصَّوَاب جَوَاز الآمرين وَالْأول أرجح رِوَايَة قَالَ بن الْعَرَبِيّ يَقْرَؤُهُ النَّاس بِإِسْكَان الْفَاء وَإِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِهَا لِأَنَّهُ بِسُكُون الْفَاء مصدر ضفر رَأسه ضفرا وبالفتح هُوَ الشَّيْء المضفور كالشعر وَغَيره والضفر نسج الشّعْر وَإِدْخَال بعضه فِي بعض قلت الْمصدر يسْتَعْمل بِمَعْنى الْمَفْعُول كثيرا كالخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق فَيجوز اسكانه على أَنه مصدر بِمَعْنى المضفور مَعَ أَنه يُمكن ابقاؤه على مَعْنَاهُ المصدري لِأَن شدّ المنسوج يكون بشد نسجه كَمَا يُشِير إِلَيْهِ كَلَام النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أفأنقضه أَي أيجب على شرعا النَّقْض أم لَا والا فَهِيَ مخيرة وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَنه قَالَ لَا فَالْمُرَاد أَنه لَا يجب لَا أَنه لَا يجوز انما يَكْفِيك أَي فِي تَمام الِاغْتِسَال لَا فِي غسل الرَّأْس فَقَط والا لما كَانَ لقَوْله ثمَّ تفيضي معنى وعَلى هَذَا فكلمة انما تدل على عدم افتراض الدَّلْك والمضمضة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَالِاسْتِنْشَاق فِي الْغسْل أَن تحثى بِسُكُون الْيَاء لِأَنَّهَا يَاء الْخطاب وَالنُّون محذوفة بِالنّصب وَلَا يجوز نصب الْيَاء ثمَّ تفيضي فِي بعض النّسخ تفيضين بِإِثْبَات النُّون وَكَأَنَّهُ على الِاسْتِئْنَاف وَفِي بَعْضهَا الأول بالنُّون وَكَأَنَّهُ على اهمال أَن تَشْبِيها لَهَا بِمَا المصدرية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [242] انْقَضى رَأسك وامتشطي أَشَارَ بالترجمة إِلَى أَن المُرَاد بذلك هُوَ الِاغْتِسَال لاحرام الْحَج كَمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة جَابر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الا أَشهب يُرِيد أَن أَشهب رَوَاهُ عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وَالْمَعْرُوف انما هُوَ مَالك عَن بن شهَاب فَقَط قَوْله [245] فَيغسل مَا على فَخذيهِ أَي من أثر المنى لِئَلَّا يكثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 بافاضة المَاء على الْبدن فيتلوث بِهِ الْبدن قَوْله [246] قَالَ عَمْرو وَلَا أعلمهُ أَي عَطاء بن السَّائِب الا قَالَ الخ وَلَا يخفى أَن ظَاهره غسل الْيُسْرَى مرّة ثَانِيَة لَا غسلهمَا كَمَا فِي التَّرْجَمَة فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بالترجمة إِلَى أَن المُرَاد فيجمعهما فِي الْغسْل بِقَرِينَة الرِّوَايَات الْمُتَقَدّمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [247] كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة ظَاهره أَنه يغسل الرجلَيْن أَيْضا فَكَأَنَّهُ يغسلهما أَحْيَانًا ويؤخرهما إِلَى الْفَرَاغ من الْغسْل أَحْيَانًا مُرَاعَاة للمكان فيخلل بهَا أصُول شعره لِأَنَّهُ أسهل لوصول المَاء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 [248] حَتَّى يصل إِلَى شعره كلمة حَتَّى بِمَعْنى كي أَي كي يصل المَاء إِلَى شعره ويستوعبه قَوْله [249] يشرب رَأسه من التشريب أَو الاشراب أَي يسْقِيه المَاء وَالْمرَاد بِهِ مَا سبق من التَّخْلِيل قَوْله [250] أما أَنا فأفيض الخ أما بِفَتْح همزَة وَتَشْديد مِيم وأفيض بِضَم الْهمزَة من الافاضة وقسيم أما مَا ذكره النَّاس الْحَاضِرُونَ أَي أما أَنْتُم فتفعلون مَا ذكرْتُمْ وَفِيه سنية التَّثْلِيث فِي الافاضة على الرَّأْس وَألْحق بِهِ غَيره فَإِن الْغسْل أولى بالثتليث من الْوضُوء الْمَبْنِيّ على التَّخْفِيف فِي مجمع الْبحار قلت لَكِن بعض الْأَحَادِيث تدل على أَنه كَانَ يقْصد بِالثلَاثِ الِاسْتِيعَاب مرّة لَا التّكْرَار مَرَّات كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي حَاشِيَة سنَن أبي دَاوُد وَالله تَعَالَى أعلم وَمعنى ثَلَاث أكف ثَلَاث حفنات ملْء الْكَفَّيْنِ ذكره فِي الْمجمع وأكف بِفَتْح همزَة وَضم كَاف فمشددة جمع كف قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 [251] فَأَخْبرهَا كَيفَ تَغْتَسِل أَي بَين لَهَا كَيْفيَّة الِاغْتِسَال فرْصَة بِكَسْر فَاء وَسُكُون رَاء وصاد مُهْملَة أَي قِطْعَة من قطن أَو صوف تقْرض أَي تقطع من مسك الْمَشْهُور كسر الْمِيم وَالْمرَاد الطّيب الْمَعْلُوم أَي مطيبة من مسك فعلى هَذَا فمتعلق الْجَار خَاص بِقَرِينَة الْمقَام وَأنْكرهُ بعض بِأَنَّهُم مَا كَانُوا أهل وسع يَجدونَ الْمسك فَالْوَجْه فتح الْمِيم أَي كائنة من جلد عَلَيْهِ صوف فمتعلق الْجَار عَام وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فرْصَة ممسكة يحمل على الأول على أَنَّهَا مطيبة بمسك وعَلى الثَّانِي على أَنَّهَا خلق قد مسكت كثيرا لَا جَدِيد قلت الْأَحَادِيث تفِيد الْمَعْنى الأول حَتَّى قد جَاءَ فِي الاحداد وَلَا تمس طيبا الا إِذا طهرت نبذة من قسط أَو أظفار فَلْيتَأَمَّل فاستتر كَذَا أَي حَيَاء من أَن يواجهها بِذكر مَحل الدَّم سُبْحَانَ الله تَعَجبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 من عدم فهمها الْمَقْصُود قَوْله [252] لَا يتَوَضَّأ بعد الْغسْل أَي يصلى بعد الِاغْتِسَال وَقبل الْحَدث بِلَا وضوء جَدِيد اكْتِفَاء بِالْوضُوءِ الَّذِي كَانَ قبل الِاغْتِسَال أَو بِمَا كَانَ فِي ضمن الِاغْتِسَال وَالله تَعَالَى أعلم بِالْحَال قَوْله غسله بِضَم الْغَيْن أَي مَاء الْغسْل على حذف الْمُضَاف وَهُوَ اسْم للْمَاء الَّذِي يغْتَسل بِهِ فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير مُضَاف وَقَوله من الْجَنَابَة مُتَعَلق بِفعل الِاغْتِسَال الْمَفْهُوم فِي ضمنه فدلكها تنظيفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 لَهَا تنحى تبعد عَن مَكَانَهُ بالمنديل بِكَسْر الْمِيم وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه غسل الرجلَيْن مرَّتَيْنِ مرّة لتتميم الْوضُوء وَمرَّة لتنظيفهما عَن أثر الْمَكَان الَّذِي اغْتسل فِيهِ قَوْله [254] وَجعل يَقُول أَي يمسحه عَن الْبدن قَوْله تَوَضَّأ تَخْفِيفًا للجنابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قَوْله غسل يَدَيْهِ أَي أَحْيَانًا يقْتَصر على ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَأَحْيَانا يتَوَضَّأ لتكميل الْحَال قَوْله أَيَنَامُ أَي أيحسن لَهُ النّوم فَقَوله إِذا تَوَضَّأ مَعْنَاهُ يحسن لَهُ إِذا تَوَضَّأ والا فالوضوء عِنْد الْجُمْهُور مَنْدُوب لَا وَاجِب وَالْأَمر عِنْدهم مَحْمُول على النّدب لدَلِيل لَاحَ لَهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 قَوْله [260] أَن تصيبه الْجَنَابَة من اللَّيْل أَي فِي اللَّيْل مثله إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة أَو هِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَانِ أَيِ ابْتِدَاءِ إِصَابَةِ الْجَنَابَة اللَّيْل ذكره الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ تَوَضَّأ أَي ندبا وَقَالَ طَائِفَة بِالْوُجُوب واغسل ذكرك الْوَاو لَا تفِيد التَّرْتِيب وَالْعقل يَقْتَضِي تَقْدِيم غسل الذّكر على الْوضُوء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قَوْله بن نجي بِضَم نون وَفتح جِيم وَتَشْديد يَاء وثقة النَّسَائِيّ وَنظر البُخَارِيّ فِي حَدِيثه قَوْله لَا تدخل الْمَلَائِكَة حملت على مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَالْبَرَكَةِ لَا الْحَفَظَةُ فَإِنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ الْجُنُبَ وَلَا غَيره وَحمل الْجنب على من يتهاون بِالْغسْلِ ويتخذ تَركه عَادَة لَا من يُؤَخر الِاغْتِسَال إِلَى حُضُور الصَّلَاة وَأَشَارَ المُصَنّف بالترجمة إِلَى أَن المُرَاد من لم يتَوَضَّأ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَرخّص فِي النّوم بِوضُوء فَلَا بُد من تَخْصِيص فِي الحَدِيث وَحمل الْكَلْب على غير كلب الصَّيْد وَالزَّرْع وَنَحْوهمَا وَأما الصُّورَة فَهِيَ صُورَة ذِي روح قيل إِذا كَانَ لَهَا ظلّ وَقيل بل أَعم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وَمَال النَّوَوِيّ إِلَى إِطْلَاق الحَدِيث لَكِن أَدِلَّة التَّخْصِيص أقوى وَأظْهر وَالله أعلم قَوْله [262] أَن يعود أَي إِلَى أَهله بعد أَن جَامع تَوَضَّأ أَي بَين الْجِمَاع الأول وَالْعود زَاد الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ أنشط للعود وَقد حمله قوم على الْوضُوء الشَّرْعِيّ لِأَنَّهُ الظَّاهِر وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وأوله قوم بِغسْل الْفرج وَقَالُوا إِنَّمَا شرع الْوضُوء للعبادات لَا لقَضَاء الشَّهَوَات وَلَو شرع لقَضَاء الشَّهْوَة لَكَانَ الْجِمَاع أَولا مثل الْعود فَيَنْبَغِي أَن يشرع لَهُ والانصاف أَنه لَا مَانع من النّدب وَالْجِمَاع يَنْبَغِي أَن يكون مَسْبُوقا بِذكر الله مثل بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا فَلَا مَانع من ندب الْوضُوء لَهُ ثَانِيًا تَخْفِيفًا للجنابة بِخِلَاف الأول فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 [263] طَاف على نِسَائِهِ أَي دَار وَهُوَ كِنَايَة عَن الْجِمَاع بِغسْل وَاحِد وَفِي رِوَايَة فِي غسل وَالْمعْنَى وَاحِد أَي يجامعهن ملتبسا ومصحوبا بنية غسل وَاحِد وَتَقْدِيره والا فالغسل بعد الْفَرَاغ من جماعهن وَهَذَا يحْتَمل أَنه كَانَ يتَوَضَّأ عقب الْفَرَاغ من كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَيحْتَمل ترك الْوضُوء لبَيَان الْجَوَاز ومحمله على عدم وجوب الْقسم عَلَيْهِ أَو على أَنه كَانَ برضاهن وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ أَو عِنْد تَمام الدّور عَلَيْهِنَّ وَابْتِدَاء دور آخر أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِهِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمَرْأَة فِي نوبَة ضَرَّتهَا مَمْنُوع مِنْهُ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 [265] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ قَوْله لَيْسَ الْجَنَابَة بِالنّصب على أَن لَيْسَ من أدوات الِاسْتِثْنَاء وَالْمرَاد بِعُمُوم شَيْء مَا يجوز الْعقل فِيهِ الْقِرَاءَة من الْأَحْوَال والا فحالة الْبَوْل وَالْغَائِط مثل الْجَنَابَة لَكِن خروجهما عقلا أغْنى عَن الِاسْتِثْنَاء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 [267] فحدت عَنهُ بِكَسْر الْحَاء من حاد يحيد أَي ملت عَنهُ إِلَى جِهَة أُخْرَى لَا ينجس بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا أَي الْحَدث لَيْسَ بِنَجَاسَة تمنع عَن المصاحبة وتقطع عَن المجالسة وَإِنَّمَا هُوَ أَمر تعبدي أَو الْمُؤمن لَا ينجس أصلا ونجاسة بعض الْأَعْيَان اللاصقة بأعضائه أَحْيَانًا لَا توجب نَجَاسَة الْأَعْضَاء نعم تِلْكَ الْأَعْيَان يجب الِاحْتِرَاز عَنْهَا فَإِذا لم تكن فَمَا بَقِي الا أَعْضَاء الْمُؤمن فَلَا وَجه للِاحْتِرَاز عَنْهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَو كَانَت هُنَاكَ نَجَاسَة لكَانَتْ تِلْكَ النَّجَاسَة فِي أَعْضَاء الْمُؤمن إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ عين نَجِسَة لاصقة بِهِ وَالْمُؤمن لَا ينجس بِهَذِهِ الصّفة فَلَا نَجَاسَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَأَهوى إِلَيْهِ أَي مَال إِلَيْهِ وَمد يَده نَحوه وَلَا مُنَافَاة بَين الرِّوَايَتَيْنِ فَيمكن أَنه حِين أَهْوى إِلَيْهِ حاد حُذَيْفَة بِلَا كَلَام ثمَّ يَوْم جَاءَ قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فَقَالَ حُذَيْفَة اني جنب الخ قَوْله ص [269] فانسل عَنهُ أَي ذهب عَنهُ فِي خُفْيَة سُبْحَانَ الله تعجب مِمَّا فعل واعتقد من نَجَاسَة الْمُؤمن قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 [270] ناوليني الثَّوْب أَي من الْحُجْرَة إِنِّي لَا أُصَلِّي كنابة عَن الْحيض فَقَالَ أَنه أَي الْحيض أَو الدَّم لَيْسَ فِي يدك حَتَّى يمْنَع عَن إِدْخَال الْيَد فِي الْمَسْجِد قَوْله الْخمْرَة بِضَم خاء مُعْجمَة وَسُكُون مِيم مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الرَّجُلُ مِنْ حَصِيرٍ وَنَحْوِهِ من الْمَسْجِد مُتَعَلق بقال أَي قَالَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد ناوليني الْخمْرَة لِأَن المناولة كَانَت من الْحُجْرَة كَمَا سبق كَذَا يفهم من تَقْرِير عِيَاض وَهَذَا مَبْنِيّ على اتِّحَاد الْقَضِيَّة وَالْأَظْهَر تعددها وَتعلق من يناوليني وَلما كَانَت المناولة من الْمَسْجِد أَشد من مناولة من فِي الْمَسْجِد من الْخَارِج اعتذرت بِالْحيضِ فِيهَا كَمَا اعتذرت بِهِ فِي المناولة من الْخَارِج فَلْيتَأَمَّل وَلِهَذَا زِيَادَة إِيضَاح فِي حاشيتنا على صَحِيح مُسلم حيضتك بِفَتْح الْحَاء أَي الدَّم أَو بِكَسْرِهَا أَي نَجَاسَة الْحيض وَالْفَتْح أشهر وَأظْهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 [273] فِي حجر احدانا بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا قيل حجر الثَّوْب هُوَ طرفَة الْمُقدم والانسان يُربي وَلَده فِي حجره وَاسم الْحجر يُطلق على الثَّوْب والحضن إِلَى الْمَسْجِد لَا يَقْتَضِي الدُّخُول فِيهِ والبسط يَتَأَتَّى مِمَّن هُوَ فِي الْخَارِج أَيْضا قَوْله [275] يُومِئ إِلَى رَأسه أَي يُخرجهُ إِلَى وَهِي فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الْحُجْرَة قَوْله مجاور أَي معتكف قَوْله أرجل من الترجيل بِمَعْنى تَسْرِيح الشّعْر قَوْله طامث بِالْمُثَلثَةِ أَي حَائِض وَأَنا عارك أَي حَائِض الْعرق بِضَم عين وَسُكُون رَاء الْعظم الَّذِي أَخذ مِنْهُ مُعظم اللَّحْم وَبَقِي عَلَيْهِ قَلِيل فَيقسم من الْأَقْسَام على بتَشْديد فِيهِ أَي فِي شَأْنه أَي يَقُول أَقْسَمت عَلَيْك أَن تبدئي بِهِ أَو وَالله ابدئي بِهِ فأعترق مِنْهُ يُقَالُ اعْتَرَقْتَ الْعَظْمَ وَعَرَّقْتَهُ وَتَعَرَّقْتَهُ إِذَا أَخَذْتَ عَنهُ اللَّحْم بأسنانك وَيَضَع فَمه حَيْثُ وضعت إِظْهَارًا للمودة وبيانا للْجُوَاز وَفِيه مَا كَانَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 من اللطف بِأَهْل بَيته قَوْله [283] أَنا مُضْطَجِعَة بِالرَّفْع وَقَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ وَيجوز النصب قلت بعيد هَا هُنَا وَإِنَّمَا شرَّاح صَحِيح البُخَارِيّ جوزوه فِي رِوَايَة البُخَارِيّ بِلَفْظ بَيْنَمَا أَنا مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجِعَة بِنَاء على أَن يكون الظّرْف خَبرا ومضطجعة حَالا فَلْيتَأَمَّل فِي الخميلة بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَكسر مِيم وَهِي القطيفة ذَات الخمل وَهُوَ الهدب فانسللت خرجت بتدريج تقذرت بِنَفسِهَا أَن تضاجعه وَهِي كَذَلِك أَو خشيت أَن يُصِيب شَيْء من دَمهَا وَأَن يطْلب مِنْهَا استمتاعا ثِيَاب حيضتي بِكَسْر الْحَاء وَاخْتَارَهُ كثير أَي الثِّيَاب الَّتِي أعددتها لألبسها حَالَة الْحيض وَجوز الْفَتْح بِمَعْنى الْحيض كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة وَالْمعْنَى على تَقْدِير مُضَاف أَي الثِّيَاب الَّتِي ألبسها زمن الْحيض أنفست بِفَتْح نون وَكسر فَاء أَي أحضت وَفِي الْولادَة بِضَم النُّون وَجوز بَعضهم الضَّم فيهمَا قَوْله [284] فِي الشعار بِكَسْر الْمُعْجَمَة وبالعين الْمُهْملَة الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد لِأَنَّهُ يَلِي الشّعْر طامث بطاء مُهْملَة وثاء مُثَلّثَة أَي حَائِض فَقَوله حَائِض ذكر تاكيدا وَلم يعده بِإِسْكَان الْعين وَضم الدَّال أَي لم يُجَاوِزهُ إِلَى غَيره بل اقْتصر عَلَيْهِ قَوْله احدانا أَي إِحْدَى نِسَائِهِ ثمَّ يُبَاشِرهَا أَي فَوق الْإِزَار والمباشرة فَوق الْإِزَار لَا يُمكن أَن تكون جماعا حَتَّى يُقَال كَيفَ أطلقت الْمُبَاشرَة مَعَ أَن جماع الْحَائِض حرَام قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 [286] أَن تتزر أَي بِأَن تتزر قيل صَوَابه تأتزر بِهَمْزَة وَتَخْفِيف تَاء لَا بتشديدها كَمَا هُوَ الْمَشْهُور إِذْ الْهمزَة لَا تُدْغَم فِي التَّاء وَلَا يخفى أَنه منقوض باتخذ من أَخذ قَوْله [287] عَن بدية بِضَم مُوَحدَة وَفتح دَال مُهْملَة وبياء مُشَدّدَة يَقُول ندبة بِفَتْح نون ودال جَمِيعًا آخِره مُوَحدَة وَقيل بِسُكُون الدَّال وَحكى بِضَم النُّون وَسُكُون الدَّال قَوْله يُبَاشر الْمَرْأَة قَالَ السُّيُوطِيّ أَي يسْتَمْتع فِي غير الْفرج أَنْصَاف الفخذين والركبتين لَعَلَّ المُرَاد تَارَة يبلغ أَنْصَاف الفخذين وَتارَة الرُّكْبَتَيْنِ محتجزة بِهِ بزاي مُعْجمَة أَي شَادَّة لَهُ على حجزها وَهُوَ وَسطهَا قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 [288] وَلم يجامعوهن فِي الْبيُوت أَي لم يصاحبوهن وَلم يساكنوهن وَلم يخالطوهن وَلَيْسَ المُرَاد الْوَطْء إِذْ لَا يساعده قَوْله فِي الْبيُوت فَلَا يُنَاسب الْوَاقِع وَكَذَا المُرَاد بقوله وَلَا يجامعوهن فِي الْبيُوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 والْحَدِيث تَفْسِير لِلْآيَةِ وَبَيَان أَن لَيْسَ المُرَاد بالاعتزال مُطلق المجانبة بل المجانبة مَخْصُوصَة أنجامعهن طلبا للرخصة فِي الْوَطْء أَيْضا تتميما لمُخَالفَة الْأَعْدَاء فتمعر بِالْعينِ الْمُهْملَة أَي تغير فَبعث فِي آثارهما أَي رَسُولا ليحضرا عِنْده فَسَقَاهُمَا اللَّبن إِظْهَارًا للرضا وَزَاد الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَقَالَ لَهُمَا قَوْلَا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ فَإِنَّهُمَا بِيَدِكَ لَا يملكهما أحد غَيْرك قَوْله أَو نصف دِينَار قيل التَّخْيِير يدل على أَنه مُسْتَحبّ لَكِن هَذَا لَو لم يكن أَو للتقسيم إِلَى أَن الْإِتْيَان فِي أول الْحيض لَكِن رِوَايَات الحَدِيث ناظرة إِلَى التَّقْسِيم نعم فِي الحَدِيث نوع اضْطِرَاب فِي التَّقْدِير وَلذَا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث ضَعِيف بِاتِّفَاق الْحفاظ وَكَأَنَّهُ لذَلِك قَالَ كثير من الْعلمَاء أَنه يسْتَغْفر الله وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ قَوْله [290] لَا نرى قَالَ السُّيُوطِيّ بِضَم النُّون أَي لَا نظن وَهَذَا بِالنّظرِ إِلَى أَن غالبهم مَا أَرَادوا الا الْحَج أَو الْمَقْصد الْأَصْلِيّ لَهُم كَانَ هُوَ الْحَج والا فقد كَانَ فيهم من اعْتَمر أَولا وَمِنْهُم عَائِشَة كَمَا سبق فَلَمَّا كَانَ أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسرف بِفَتْح مُهْملَة وَكسر رَاء مَوضِع قريب من مَكَّة وَهُوَ مَمْنُوع من الصّرْف وَقد يصرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 أنفست بِفَتْح فَكسر أَو ضم فَكسر كَمَا تقدم أَي أحضت كتبه الله أَي فَلَا تَقْصِير فِيهِ مِنْك حَتَّى تبْكي غير أَن لَا تطوفي كلمة لَا زَائِدَة أَو الْمَقْصُود إِخْرَاج الطّواف عَمَّا يقْضِي الْحَاج لَا إِخْرَاج عدم الطّواف وَيُمكن ابقاء لَا على مَعْنَاهَا على أَنه اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم من الْكَلَام السَّابِق أَي فَلَا فرق بَيْنك وَبَين الْحَاج غير أَن لَا تطوفي ثمَّ المُرَاد غير الطّواف وَمَا يتبعهُ من السَّعْي لِأَنَّهُ لَا يجوز تَقْدِيمه على الطّواف ولكونه تَابعا لم يذكر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله واستثفري بمثلثة قبل الْفَاء أَي أمسكي مَوضِع الدَّم عَن السيلان بِثَوْب وَنَحْوه وَفِي بعض النّسخ استذفري بذال مُعْجمَة قبل الْفَاء بقلب الثَّاء ذالا قَوْله [292] بنت مُحصن بِكَسْر مِيم وَسُكُون حاء وَفتح صَاد مهملتين قَوْله حكيه بضلع بِكَسْر مُعْجمَة وَفتح لَام أَي بِعُود وَفِي الأَصْل وَاحِد أضلاع الْحَيَوَان أُرِيد بِهِ الْعود لشبهه بِهِ وَقد تسكن اللَّام تَخْفِيفًا قَالَ الْخطابِيّ وَإِنَّمَا أَمر بحكه لينقلع المتجسد مِنْهُ اللاصق بِالثَّوْبِ ثمَّ يتبعهُ المَاء ليزيل الْأَثر وَزِيَادَة السدر للْمُبَالَغَة والا فالماء يَكْفِي وَذكر المَاء لِأَنَّهُ الْمُعْتَاد وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن غَيره من الْمَائِعَات لَا تجزى كَيفَ وَلَو كَانَ لبَيَان اللَّازِم لوَجَبَ السدر أَيْضا وَلَا قَائِل بِهِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 [293] وَكَانَت تكون فِي حجرها تكون زَائِدَة قَوْله حتية بِالْمُثَنَّاةِ أَي حكيه ثمَّ اقرصيه القرص بالصَّاد الْمُهْملَة الدَّلْكُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ حَتَّى يذهب أَثَره ثمَّ أنضحيه أَي بَقِيَّة الثَّوْب بِنَاء على أَنه مَشْكُوك كَمَا يَقُول بِهِ مَالك أَو الْموضع الأول مِنْهُ لزِيَادَة التَّنْظِيف وَهُوَ الظَّاهِر قَوْله [294] إِذا لم ير فِيهِ أَذَى أَي أثر المنى وَقد يسْتَدلّ بِهِ على عدم طَهَارَة الْمَنِيّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 [295] اغسل الْجَنَابَة أَي أَثَرهَا وَهُوَ المنى أَو أُرِيد بِهِ المنى مجَازًا بقع المَاء بِضَم مُوَحدَة وَفتح قَاف جمع بقْعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وَهِي الْقطعَة الْمُخْتَلفَة اللَّوْن قَوْله افرك الفرك دلك الشَّيْء حَتَّى ينقلع من بَاب نصر قَوْله فِي حجره بِتَقْدِيم حاء مَفْتُوحَة أَو مَكْسُورَة على جِيم سَاكِنة عَلَى ثَوْبِهِ أَيْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأغْرب من قَالَ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 الْمَالِكِيَّة على ثوب الصَّبِي فنضحه من يرى وجوب الْغسْل يحملهُ على الْغسْل الْخَفِيف وَيحمل قَوْله وَلم يغسلهُ على أَنه لم يُبَالغ فِي غسله قَوْله يغسل أَي بالمبالغة ويرش أَي يغسل غسلا خَفِيفا وَهَذَا تَأْوِيل الحَدِيث عِنْد من يرى وجوب الْغسْل فيهمَا وَهُوَ تَأْوِيل بعيد قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 [305] من عكل بِضَم عين وَسُكُون كَاف اسْم قَبيلَة وَسَيَجِيءُ أَنهم من عرينة بِضَم عين وَفتح رَاء مهملتين بعْدهَا يَاء سَاكِنة والتوفيق أَن بَعضهم كَانُوا من عكل وَبَعْضهمْ من عرينة أهل ضرع أَي أهل لبن ريف بِكَسْر رَاء وَسُكُون يَاء أَي أهل زرع واستوخموا الْمَدِينَة أَي استثقلوها وكرهوا الْإِقَامَة بهَا فَأمر لَهُم قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ زَائِدَةً أَوْ للتَّعْلِيل أَو لشبه الْملك أَو للاختصاص وَلَيْسَت للتَّمْلِيك بذود بِفَتْح مُعْجمَة آخِره مُهْملَة أَي جمَاعَة من النوق وَهُوَ اسْم جمع مَخْصُوص بالإناث من الْإِبِل لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَأَبْوَالهَا جمع بَوْل وَاسْتدلَّ بِهِ غير وَاحِد كالمصنف على أَن بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه طَاهِر وَمن لم ير ذَلِك يحملهُ على ضَرُورَة التَّدَاوِي ثمَّ مِنْهُم من يرى الِاسْتِعْمَال للتداوي بَاقِيا وَمِنْهُم من يرى أَن ذَلِك إِذا علم بِالْقطعِ وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ لغيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قلت فَقَوْل هَؤُلَاءِ رَاجع إِلَى الْخُصُوص وَكَانُوا بِنَاحِيَة الْحرَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 بِفَتْح حاء مُهْملَة وَتَشْديد رَاء أَرض ذَات حِجَارَة سود وَالْجُمْلَة مُعْتَرضَة الطّلب بِفتْحَتَيْنِ أَي الطالبين لَهُم فسمروا بتَخْفِيف الْمِيم على بِنَاء الْفَاعِل وَالضَّمِير للصحابة وَجوز تَشْدِيد الْمِيم أَي كحلوها بمسامير محماة قَوْله [306] من عرينة بِالتَّصْغِيرِ كَمَا تقدم فاجتووا بِالْجِيم أَي كَرهُوا الْمقَام فِيهَا لعدم مُوَافقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 هواءها لَهُم إِلَى لقاح بِكَسْر لَام أَي نُوق ذَات ألبان قَوْله [307] عِنْد الْبَيْت أَي الْكَعْبَة وملأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 أَي جمَاعَة وَقد نحرُوا جزورا بِفَتْح الْجِيم هُوَ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِلَّا أَنَّ لَفْظَة الْجَزُور مؤنث فَقَالَ بَعضهم جَاءَ فِي مُسلم أَنه أَبُو جهل هَذَا الفرث أَي فرث الْجَزُور المذبوحة وَهِي جَارِيَة أَي صَغِيرَة وَاسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ المُصَنّف على طَهَارَة فرث مَا يُؤْكَل لحْمَة ورد بِأَن الدَّم نجس وَكَانَ مَعَه دم كَمَا فِي رِوَايَة وَاسْتدلَّ آخَرُونَ على أَن مَا يمْنَع انْعِقَاد الصَّلَاة ابْتِدَاء لَا يبطل الصَّلَاة بَقَاء وَاعْتذر من لَا يرى ذَلِك إِمَّا بِأَن هَذَا قبل نزُول حكم النَّجَاسَة أَو بِأَنَّهُ لَعَلَّه مَا علم فِي الصَّلَاة بِالنَّجَاسَةِ لاستغراقه فِي شَأْن الصَّلَاة ثمَّ لَعَلَّه أَعَادَهَا وَالله تَعَالَى أعلم فِي قليب بِفَتْح الْقَاف أَي بِئْر لم تطو قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 [308] فبصق فِيهِ فلولا أَنه طَاهِر مَا فعل ذَلِك قَوْله [309] فَلَا يبزق بزق كبصق كِلَاهُمَا من بَاب نصر بَين يَدَيْهِ تَعْظِيمًا لجِهَة الْقبْلَة وَلَا عَن يَمِينه تَعْظِيمًا لملك الْحَسَنَات سِيمَا فِي الصَّلَاة الَّتِي هِيَ من عِظَام الْحَسَنَات والا فبزق وان لم يفعل ذَلِك فَلْيفْعَل كَمَا فعل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فقد بزق صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الثَّوْب ثمَّ رد بعضه على بعض قَوْله بِالْبَيْدَاءِ بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالْمدّ هِي الشَّرَفُ الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي طَرِيق مَكَّة أَو بِذَات الْجَيْش قيل هِيَ من الْمَدِينَة على بريد بَينهَا وَبَين العقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 سَبْعَة أَمْيَال وَالشَّكّ من بعض الروَاة عَن عَائِشَة أَو مِنْهَا وَقد جَاءَ فِي حَدِيث عمار أَنَّهَا ذَات الْجَيْش بِالْجَزْمِ عقد بِكَسْر الْمُهْملَة هِيَ القلادة لي أَي معي فَاللَّام للاختصاص والا فَهُوَ كَانَ لأسماء استعارته مِنْهَا [310] على التماسه لأجل طلبه أَقَامَت برَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْبَاء للتعدية وَنسبَة الْفِعْل إِلَيْهَا للسَّبَبِيَّة فجَاء أَبُو بكر لم تقل أبي تَنْبِيها على أَنه مَا راعي الْأُبُوَّة فِي الْغَضَب فِي الله يطعن بِضَم الْعين فِي الطعْن بِنَحْوِ الرمْح وَهُوَ الْحسي وبالفتح الطعْن بالْقَوْل فِي النّسَب وَهُوَ الْمَعْنَوِيّ وَحكى فيهمَا الضَّم وَالْفَتْح أَيْضا إِلَّا مَكَان رَسُول الله أَي كَون رَأسه ووجوده على فَخذي أسيد بن حضير بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا بِأول بركتكم بل هِيَ مسبوقة بغيرهامن البركات قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 [311] أبي جهيم بِالتَّصْغِيرِ بن الصمَّة بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم قَوْله بِئْر الْجمل بِفَتْح جِيم وَمِيم مَوضِع مَعْرُوف بذلك بِالْمَدِينَةِ وَمعنى من نَحوه من جِهَته وَقد أَخذ بعض عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة كَمَا صرح بِهِ فِي الْبَحْر من هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله التَّيَمُّم مَعَ الْقُدْرَة على المَاء فِي الْوضُوء الْمَنْدُوب دون الْوَاجِب قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 [312] فِي سَرِيَّة بِفَتْح سين وَكسر رَاء وَتَشْديد يَاء أَي فِي قِطْعَة من الْجَيْش فتمعكت تقلبت فِي التُّرَاب كَأَنَّهُ ظن أَن إِيصَال التُّرَاب إِلَى جَمِيع الْأَعْضَاء وَاجِب فِي الْجَنَابَة كايصال المَاء وَبِه يظْهر أَن الْمُجْتَهد يُخطئ ويصيب ثمَّ نفخ فِيهَا تقليلا للتراب ودفعا لما ظن أَنه لَا بُد من الْإِكْثَار فِي اسْتِعْمَال التُّرَاب ثمَّ مسح الخ ظَاهره الِاكْتِفَاء بضربة وَاحِدَة الا أَن يُقَال التَّقْدِير ثمَّ ضرب وَمسح كفيه لَكِن هَذَا الْوَجْه يردهُ رِوَايَات هَذَا الحَدِيث أَو يُقَال الحَدِيث لبَيَان كَيْفيَّة الْمسْح فِي تيَمّم الْجَنَابَة وَبَيَان أَنه كتيمم الْوضُوء وَأما الضربات فمعلومة من خَارج فَترك بعض الضربات لَا يدل على عَدمه فِي التَّيَمُّم فَقَالَ أَي عمر لعمَّار نوليك من التَّوْلِيَة أَي جعلناك واليا على مَا تصديت عَلَيْهِ من التَّبْلِيغ وَالْفَتْوَى بِمَا تعلم كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه مَا يتَذَكَّر فَلَيْسَ لَهُ أَن يُفْتى بِهِ لَكِن لَك يَا عمار أَن تفتى بذلك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ حق هَذَا الحَدِيث أَن تجْعَل تَرْجَمته التَّيَمُّم للجنابة لَكِن تَرْجَمته فِي نسختنا التَّيَمُّم فِي الْحَضَر مَعَ أَن هَذِه التَّرْجَمَة قد سبقت أَيْضا لَكِن تَرْجَمَة التَّيَمُّم للجنابة ستجيء فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم وَكَأَنَّهُ أَخذ هَذِه التَّرْجَمَة من تيَمّم النَّبِي صلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم للتعليم قَوْله عرس من التَّعْرِيس وَهُوَ نزُول الْمُسَافِر آخر اللَّيْل للاستراحة وَالنَّوْم بأولات الْجَيْش بِضَم الْهمزَة جمع ذَات وَيُقَال لذاك الْموضع ذَات الْجَيْش أَيْضا كَمَا سبق من جزع بِفَتْح جِيم وَسُكُون مُعْجمَة خرزيماني ظفار بِكَسْر أَوله وفتحه مَدِينَة بسواحل الْيمن وَهُوَ مَبْنِيّ على الْكسر كقطام وروى أظفار لكنه خطأ ذكره صَاحب النِّهَايَة فحبس على بِنَاء الْمَفْعُول وَرفع النَّاس أَو الْفَاعِل وَنصب النَّاس وضميره للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ابْتِغَاء أَي لأجل طلب عقدهَا وَلم ينقضوا أَي لم يسقطوا من نقض بَاب نصر فمسحوا بِالْحَاء الْمُهْملَة أَو الْخَاء الْمُعْجَمَة كَمَا فِي بعض النّسخ أَي غيروا وبدلوا لِكَثْرَة التُّرَاب وأيديهم إِلَى المناكب أَي من الظُّهُور إِلَى المناكب وَلذَلِك عطف عَلَيْهِ قَوْله وَمن بطُون أَيْديهم إِلَى الآباط وَهَذَا اما لِأَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعا كَذَلِك ثمَّ نسخ أَو لاجتهادهم وَعدم سُؤَالهمْ فوقعوا فِيهِ خطأ وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 قَوْله [316] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى هُوَ مَعْطُوف على قَوْله عَن أبي مَالك كَمَا بَينه فِي الْأَطْرَاف قَوْله رُبمَا نمكث الشَّهْر والشهرين أَي فِي مَكَان فيصيبنا الْجَنَابَة لطول الْمكْث وَلَا مَاء ثمَّة أفنتيمم فَإِذا لم أجد المَاء أَي وَكنت جنبا فَبين أَن اجْتِهَاده يَقْتَضِي تَأْخِير الصَّلَاة لَا جَوَاز التَّيَمُّم للجنابة فتمرغت تقلبت أَن كَانَ مُخَفّفَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 من الثَّقِيلَة أَي أَن الشَّأْن اتَّقِ الله أَي فِي ذكر أَحْكَامه فَلَا تذكر الا عَن تحفظ إِن شِئْت كَأَنَّهُ رأى أَن أصل التَّبْلِيغ قد حصل مِنْهُ وَزِيَادَة التَّبْلِيغ غير وَاجِب عَلَيْهِ فَيجوز لَهُ تَركه ان رأى عمر فِيهِ مصلحَة وَلَكِن نوليك كَأَنَّهُ مَا قطع بخطئه وَإِنَّمَا لم يذكرهُ فجوز عَلَيْهِ الْوَهم وعَلى نَفسه النسْيَان وَالله تَعَالَى أعلم وَهَذَا الحَدِيث يُفِيد أَن الِاسْتِيعَاب إِلَى الذِّرَاع غير مَشْرُوط فِي التَّيَمُّم قَوْله [317] عَن التَّيَمُّم أَي للجنابة فَلم يدر مَا يَقُول أَي وَيصْلح جَوَابا لَهُ بل قَالَ أَنا أفعل كَذَا وَيُمكن أَن الْإِنْسَان يَأْخُذ فِي خَاصَّة نَفسه بِحكم فِيهِ شدَّة مَعَ وجود مَا هُوَ أخف مِنْهُ وعَلى هَذَا فَمن روى أَنه قَالَ للسَّائِل لَا تصل فَكَأَنَّهُ أَخذ ذَلِك من الفحوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [320] فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَبُو مُوسَى كَانَ قَائِلا بِعُمُوم التَّيَمُّم للمحدث وَالْجنب وبن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 مَسْعُود كَانَ قَائِلا بِخُصُوصِهِ بالمحدث فَجرى بَينهمَا الْبَحْث فَقَالَ أَبُو مُوسَى مُعْتَرضًا عَلَيْهِ أَو لم تَرَ عمر الخ قيل لِأَنَّهُ أخبر عَن شَيْء حَضَره مَعَه وَلم يذكرهُ فجوز عَلَيْهِ الْوَهم كَمَا جوز على نَفسه النسْيَان قلت فتبع بن مَسْعُود عمر فِي ذَلِك فَلَعَلَّ من ترك الْأَخْذ بِظَاهِر حَدِيث عمار تبع بن مَسْعُود وبناؤهم على تَجْوِيز الْوَهم عَلَيْهِ لَا على التَّكْذِيب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [321] وَلَا مَاء بِفَتْح الْهمزَة على الْبناء أَي معي مَوْجُود أَي مَعَك أَو مَعَ الْقَوْم وَالْجُمْلَة حَال وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب بِلَا اشكال والصعيد فسره بعض بِالتُّرَابِ وَبَعض بِوَجْه الأَرْض مُطلقًا وان لم يكن عَلَيْهِ تُرَاب فيجوزون التَّيَمُّم وان كَانَ صخرا لَا تُرَاب عَلَيْهِ قَوْله [322] وضوء الْمُسلم بِفَتْح الْوَاو أَي طهوره أطلق عَلَيْهِ اسْم الْوضُوء مجَازًا لَان الْغَالِب فِي الطّهُور هُوَ الْوضُوء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 [323] وَلَيْسوا على وضوء بِضَم الْوَاو ثمَّ الظَّاهِر أَن مُرَاد المُصَنّف بالترجمة أَن من لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا يُصَلِّي وَلَا يُعِيد وَوجه استدلاله بِالْحَدِيثِ تَنْزِيل عدم مَشْرُوعِيَّة التَّيَمُّم منزلَة عدم التُّرَاب بعد المشروعية إِذْ مرجعهما إِلَى تعذر التَّيَمُّم وَهُوَ الْمُؤثر هَا هُنَا قلت وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لظَاهِر قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم أَو كَمَا قَالَ إِذْ الصَّلَاة على حَالَة غَايَة مَا يستطيعه الْإِنْسَان فِي تِلْكَ الْحَالة وَغير المستطاع سَاقِط وَلَا يسْقط بِهِ المستطاع الا بِدَلِيل هُوَ الْمُوَافق للْقِيَاس والاصول فَإِن سُقُوط تَكْلِيف الشَّرْط لتعذره لَا يسْتَلْزم سُقُوط تَكْلِيف الْمَشْرُوط لَا حَالا وَلَا أصلا كستر الْعَوْرَة وطهارة الثَّوْب وَالْمَكَان وَغير ذَلِك فَإِن شَيْئا من ذَلِك لَا يسْقط بِهِ طلب الصَّلَاة عَن الذِّمَّة وَلَا يتَأَخَّر بل يُصَلِّي الْإِنْسَان وَلَا يُعِيد وَالطَّهَارَة كَذَلِك بل تعذر الرُّكْن لَا يسْقط تَكْلِيف بَاقِي الْأَركان فَكيف الشَّرْط كَمَا إِذا تعذر غسل بعض أَعْضَاء الْوضُوء لعدم الْمحل فَإِنَّهُ يغسل الْبَاقِي وَلَا يسْقط الْوضُوء وكما إِذا عجز عَن الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة وَكَذَا الْقيام وَغَيره قلت بل قد علم سُقُوط الطَّهَارَة تَخْفِيفًا بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْذُور فَالْأَقْرَب أَنه يُصَلِّي وَلَا يُعِيد كَمَا يمِيل إِلَيْهِ كَلَام المُصَنّف وَكَذَا كَلَام البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 صَحِيحه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أصبت أَي حَيْثُ عملت باجتهادك فَكل مِنْهُمَا مُصِيب من هَذِه الْحَيْثِيَّة وان كَانَ الأول مخطئا بِالنّظرِ إِلَى ترك الصَّلَاة بِالتَّيَمُّمِ وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الْمِيَاه) قَالَ الله عز وَجل وأنزلنا الخ قلت مَا ذكر من أول الْكتاب إِلَى هُنَا مُتَعَلق بِتَأْوِيل قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا أقمتم إِلَى الصَّلَاة الْآيَة وَذَلِكَ لِأَن الْآيَة سيقت لبَيَان الْوضُوء وَالْغسْل وَالتَّيَمُّم الَّذِي يكون نَائِبا عَنْهُمَا عِنْد فقد المَاء وَعدم الْقُدْرَة على اسْتِعْمَاله فَمَا ذكر من أَحَادِيث هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا بِمَنْزِلَة الْبَيَان لِلْآيَةِ فَالْآن يشرع فِي أَحَادِيث تتَعَلَّق بِأَحْكَام الْمِيَاه وان كَانَ كثير من هَذِه الْأَحْكَام قد مَضَت فِي أَحْكَام الطَّهَارَة أَيْضا لَكِن لما كَانَ ذكرهَا هُنَاكَ تبعا مَا اكْتفى بذلك بل وضع هَذَا الْكتاب لبيانها ليبحث عَنْهَا اصالة وَصدر الْكتاب بآيَات من الْقُرْآن تَنْبِيها على أَن الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي الْكتاب بِمَنْزِلَة الْبَيَان لهَذِهِ الْآيَات وأمثالها هَكَذَا غَالب أَحَادِيث الْأَحْكَام بَيَان وَشرح لآيَات من الْقُرْآن وَيظْهر امتثاله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لقَوْله تَعَالَى لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [325] ان المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد وبن ماجة ان المَاء لَا يجنب فَمَعْنَى قَوْله لَا يُنجسهُ على وفْق تِلْكَ الرِّوَايَة أَنه لَا يُنجسهُ شَيْء من جَنَابَة الْمُسْتَعْمل أَو حَدثهُ أَي إِذا اسْتعْمل مِنْهُ جنب أَو مُحدث فَلَا يصير الْبَقِيَّة نجسا بجنابة الْمُسْتَعْمل أَو حَدثهُ وعَلى هَذَا فَهَذَا الحَدِيث خَارج عَن مَحل النزاع وَهُوَ أَن المَاء هَل يصير نجسا بِوُقُوع النَّجَاسَة أم لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وَمَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَالله أعلم قَوْله أتتوضأ على صِيغَة الْخطاب أَو الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر وَقَول النَّوَوِيّ الثَّانِي تَصْحِيف رده الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي شرح أبي دَاوُد كَمَا نَقله السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَته على أبي دَاوُد وبضاعة بِفَتْح الْبَاء وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وأجيز كسرهَا وَحكى بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْحيض بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْيَاء الْخرق الَّتِي يمسح بهَا دم الْحيض وَالنَّتن ضبط بِفتْحَتَيْنِ قيل عَادَة النَّاس دَائِما فِي الْإِسْلَام والجاهلية تَنْزِيه الْمِيَاه وصونها عَن النَّجَاسَات فَلَا يتَوَهَّم أَن الصَّحَابَة وهم أطهر النَّاس وأنزههم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك عمدا مَعَ عزة المَاء فيهم وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك من أجل أَن هَذِه الْبِئْر كَانَت فِي الأَرْض المنخفضة وَكَانَت السُّيُول تحمل الأقذار من الطّرق وتلقيها فِيهَا وَقيل كَانَت الرّيح تلقي ذَلِك وَيجوز أَن يكون السَّيْل وَالرِّيح تلقيان جَمِيعًا وَقيل يجوز أَن الْمُنَافِقين كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك [326] المَاء طهُور من يَقُول يَتَنَجَّس الْقَلِيل بِوُقُوع النَّجَاسَة يحمل المَاء على الْكثير بِقَرِينَة مَحل الْخطاب وَهُوَ بِئْر بضَاعَة لَا يُنجسهُ شَيْء أَي مَا دَامَ لَا يُغَيِّرهُ وَأما إِذا غَيره فَكَأَنَّهُ أخرجه عَن كَونه مَاء فَمَا بَقِي على الطّهُورِيَّة لكَونهَا صفة المَاء والمغير كَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقلت أَنَتَوَضَّأُ ظَاهره أَنه بِصِيغَة الْخطاب وَلذَا جزم النَّوَوِيّ أَنه الصَّوَاب لَكِن يجوز أَن يكون للمتكلم مَعَ الْغَيْر أَي أَيجوزُ لنا التَّوَضُّؤ مِنْهَا وَفِيه من مُرَاعَاة الْأَدَب مَالا يخفى بِخِلَاف الْخطاب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ أَنا نَتَوَضَّأ ذكره الْوَلِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الْعِرَاقِيّ فَلْيتَأَمَّل (بَاب التَّوْقِيت) فِي المَاء أَي بَاب مَا يدل على التَّحْدِيد فِيهِ وجودا وعدما وَكَذَا جمع فِيهِ من الْأَحَادِيث مَا ذكر قبل هَذَا فِي بَابَيْنِ فِي بَاب التَّوْقِيت وَبَاب عدم التَّوْقِيت وَشرح الْأَحَادِيث ودلالتها على الْمَطْلُوب قد سبق قَرِيبا قَوْله لَا تزرموه من أزرم أَي لَا تقطعوا عَلَيْهِ الْبَوْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 قَوْله عطشنا من بَاب علم قَوْله وَالْبرد بِفتْحَتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 قَوْله [337] مَا بالهم وبال الْكلاب أَي أَمر النَّاس بقتل الْكلاب أَولا ثمَّ نسخ ذَلِك الْأَمر وَقَالَ مَا بَال النَّاس وبال الْكلاب أَي لَيْسَ بَين الْفَرِيقَيْنِ مَا يَقْتَضِي الْقَتْل وَيحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك حِين وجود الْأَمر بِالْقَتْلِ حثا لَهُم على ذَلِك أَي مَا لَهُم يراعون الْكلاب وَلَا يقتلونها مَعَ وجود الْأَمر وَقَوله وَرخّص أَي فِي اقتنائه أَو عدم قَتله قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 [340] لَيست بِنَجس بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر وَلذَا لم يؤنث وَلم يجمع فِي قَوْله تَعَالَى أَنما الْمُشْركُونَ نجس قَوْله الْعرق بِفَتْح فَسُكُون أَي الْعظم الَّذِي بَقِي عَلَيْهِ شَيْء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 من اللَّحْم وأتعرق أَي آخذ بالأسنان قَوْله يتوضؤون أَي مَعَ أَنه يُؤَدِّي إِلَى فرَاغ بَعضهم قبل بعض فَيبقى للْآخر مِنْهُم الْفضل فلولا جَازَ ذَلِك مَا فعلوا قَوْله بمكوك بِفَتْح فتشديد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 (كتاب الْحيض والاستحاضة) قَوْله [348] لَا نرى على بِنَاء الْمَفْعُول وَيحْتَمل الْفَاعِل غير أَن لَا تطوفي كلمة لَا زَائِدَة إِذْ الطّواف هُوَ الْمُسْتَثْنى من جملَة مَا يقْضِي الْحَاج وَأخذ المُصَنّف من الحَدِيث أَن الْحيض يُسمى نفاسا وَهَذَا ظَاهر وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أَخذ مِنْهُ أَن بدايته من حِين خلق النِّسَاء لعُمُوم بَنَات آدم كلهَا لَكِن شُمُول هَذَا الِاسْم لحواء خَفِي الا أَن يُقَال أَنه صَار اسْما لنَوْع النِّسَاء كَوَلَد آدم لنَوْع الْإِنْسَان حَتَّى قَالُوا فِي حَدِيث أَنا سيد ولد آدم أَن الِاسْم يَشْمَل آدم أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَزَعَمت أَي قَالَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 قَوْله واستثفري أَي امسكي مَوضِع الدَّم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 قَوْله [356] فَذكر شَأْنهَا على بِنَاء الْمَفْعُول وَلكنهَا ركضة أَي ركضة من ركضات الشَّيْطَان فِي الرَّحِم فلتغتسل عِنْد كل صَلَاة ضعف النَّوَوِيّ ثُبُوت الِاغْتِسَال عِنْد كل صَلَاة مَرْفُوعا كَمَا فِي هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الحَدِيث قَوْله وَأمرت على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَعَلَّ هَذَا الْجمع فِيمَن نسيت أَيَّام حَيْضهَا فَلَا تعرف الْحيض من الِاسْتِحَاضَة أَو تعرف بِأَدْنَى عَلامَة وَهَذَا هُوَ وَجه قَوْله [361] تجْلِس أَيَّام أقرائها فِي الحَدِيث الْآتِي وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 قَوْله يعرف لَعَلَّه يعرفهُ بعض النِّسَاء لقُوَّة معرفتهن قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 [368] كُنَّا لَا نعد الصُّفْرَة والكدرة شَيْئا ظَاهره أَنَّهُمَا ليسَا من الْحيض أصلا واليه يمِيل كَلَام المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة وَهُوَ الْمُوَافق لحَدِيث فَإِنَّهُ دم أسود يعرف لَكِن الْجُمْهُور حملوه على مَا إِذا رَأَتْ ذَلِك بعد الطُّهْر كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد واليه أَشَارَ البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة حَيْثُ قَالَ بَاب الصُّفْرَة والكدرة فِي غير أَيَّام الْحيض وَمِنْهُم من قَالَ أَنَّهُمَا حيض مُطلقًا وَهَذَا مُشكل جدا قَوْله [369] وَلَا يجامعوهن فِي الْبيُوت أَي وَلَا يصاحبوهن فِي الْبيُوت مَا خلا الْجِمَاع ظَاهره أَنه يحل لَهُ الِانْتِفَاع بِمَا تَحت الْإِزَار مَا عدا الْجِمَاع كَمَا قَالَ مُحَمَّد وَوَافَقَهُ قوم لَكِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الْجُمْهُور على مَنعه وَالْأول أقوى دَلِيلا وَالثَّانِي أحوط وأوفق بِاتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [372] لم يعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 بِسُكُون الْعين وَضم الدَّال أَي لم يرد عَلَيْهِ قَوْله وَاسع كَأَنَّهَا أَرَادَت مَا لَا يقْتَصر على قدر مَوضِع الدَّم فَقَط قَوْله [376] عَن بدية بِضَم مُوَحدَة وَفتح دَال وَتَشْديد يَاء وَالثَّانِي ندبة بِفَتْح نون ودال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 آخِره مُوَحدَة قَوْله يبلغ أَنْصَاف الفخذين أَي تَارَة والركبتين أَي أُخْرَى قَوْله [377] وَهِي طامث أَي حَائِض عارك أَي حَائِض فَيقسم من أقسم بِاللَّه على بتَشْديد الْيَاء فِيهِ فِي شَأْنه وَفِي الْبِدَايَة بِهِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 [381] فِي حجر أحدانا بِتَقْدِيم الْحَاء الْمُهْملَة الْمَكْسُورَة أَو الْمَفْتُوحَة على الْجِيم قَوْله [382] أحرورية أَنْت بِفَتْح حاء مُهْملَة فضم رَاء أَي أخارجية وهم طَائِفَة من الْخَوَارِج نسبوا إِلَى حروراء بِالْمدِّ وَالْقصر مَوضِع قريب من كوفة وَكَانَ عِنْدهم تشدد فِي أَمر الْحيض شبهتها بهم فِي تشددهم فِي الْأَمر واكثارهم فِي الْمسَائِل تعنتا وَقيل أَرَادَت أَنَّهَا خرجت عَن السّنة كَمَا خَرجُوا عَنْهَا وَإِنَّمَا شددت عَلَيْهَا لشهرة أَمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 سُقُوط الصَّلَاة عَن الْحَائِض وَلَا نؤمر بِالْقضَاءِ وَلَو كَانَ الْقَضَاء وَاجِبا لأمر بِهِ فَهَذَا اسْتِدْلَال مِنْهَا بالتقرير وَفِيه أَن الْأَمر بالشَّيْء لَيْسَ أمرا بِقَضَائِهِ إِذا فَاتَ بِعُذْر شَرْعِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فتبسطها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 بِلَا دُخُول فِي الْمَسْجِد وَهُوَ مُمكن قَوْله [386] فيناولها رَأسه بِإِخْرَاج الرَّأْس من الْمَسْجِد إِلَيْهَا وَفِيه أَن إِخْرَاج الْبَعْض من الْمَسْجِد لَا يضر بالاعتكاف قَوْله يدني من الادناء أَي يقرب إِلَى بتَشْديد الْيَاء رَأسه بِالنّصب مفعول يدني قَوْله أرجل من الترجيل قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 [390] الا قَالَت بأبا أَصله بِأبي بِالْيَاءِ أبدلت الْيَاء ألفا وَالتَّقْدِير هُوَ مفدى بِأبي أَو فديته بِأبي أسمعت بِكَسْر التَّاء على خطاب الْمَرْأَة لتخرج الْعَوَاتِق هُوَ صِيغَة أَمر بِاللَّامِ من الْخُرُوج جمع عاتق والعاتق من النِّسَاء مَنْ بَلَغَتِ الْحُلُمَ أَوْ قَارَبَتْ أَوِ اسْتَحَقَّتِ التَّزْوِيجَ أَوْ هِيَ الْكَرِيمَةُ عَلَى أَهْلِهَا أَوِ ذَوَات الْخُدُور بالْعَطْف هُوَ الْمَشْهُور والخدور بِضَم خاء مُعْجمَة ودال مُهْملَة جمع خدر بِكَسْر خاء وَسُكُون دَال وَهُوَ سِتْرٌ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءه وَالْحيض بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء جمع حَائِض وَهُوَ بِالرَّفْع عطف على الْعَوَاتِق وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل الحَدِيث والشراح وَيحْتَمل أَن يكون بِفَتْح وَسُكُون بِالْجَرِّ مَعْطُوفًا على الْخُدُور نعم الْحيض فِي قَوْله وتعتزل الْحيض جمع حَائِض لَا غير الْخَيْر ذكر الْخطْبَة وتعتزل الْحيض الْمُصَلِّي أَي فِي وَقت الصَّلَاة وَفِيه أَنه لَيْسَ لحائض أَن تحضر مَحل الصَّلَاة وَقت الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 قَوْله [391] قَالَت بلَى أَي بل طفت قَوْله نفست على بِنَاء الْمَفْعُول والظرف مُتَعَلق بِالْحَدِيثِ قَوْله [393] فِي وَسطهَا أَي فِي محاذاة وَسطهَا بِفتْحَتَيْنِ وَعلم مِنْهُ أَن نفَاسهَا لَا يمْنَع الصَّلَاة عَلَيْهَا مَعَ أَن الْمَيِّت كالامام فَلَزِمَ مِنْهُ أَن النُّفَسَاء طَاهِر وَالْمُؤمن لَا ينجس وَالْحَدَث أَمر تعبدي وَالله تَعَالَى أعلم [394] كَانَت تكون زَائِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قَوْله بضلع بِكَسْر ضاد مُعْجمَة وَفتح لَام أَي بِعُود بِمَاء وَسدر أَي مُبَالغَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 (كتاب الْغسْل وَالتَّيَمُّم) يُرِيد الْبَحْث عَنْهُمَا على وَجه الإستقلال وَذكر بعض مَا فَاتَ من أبحاثهما وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 قَوْله [400] لَوْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَرْفَعَ حَدِيثًا لَمْ يرفعهُ تَعْظِيمًا للنسبة إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وخوفا من أَن يَقع مِنْهُ فِيهَا خطأ فَيَقَع فِي الْكَذِب عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم ومقصود هِشَام أَن وقف أَيُّوب لَا يضر فِي الرّفْع إِذا ثَبت الرّفْع بطرِيق آخر على وَجهه قَوْله [401] فَلَا يدْخل الْحمام هُوَ بِالتَّشْدِيدِ بَيت مَعْرُوف وَاللَّفْظ نهى أَو نفى بِمَعْنى النَّهْي ونهيهم عَن ذَلِك لِأَن الدُّخُول فِيهِ لَا يَخْلُو عَن نظر بعض إِلَى عَورَة بعض الا بمئزر بِكَسْر مِيم ثمَّ مُعْجمَة ثمَّ مُهْملَة بِمَعْنى الْإِزَار وَرخّص بِهِ لِأَنَّهُ يُؤمن بِهِ من كشف الْعَوْرَة وَنظر الْبَعْض إِلَى عَورَة آخَرين وَهَذَا لَا يَقْتَضِي وجود الحمامات يَوْمئِذٍ فِي بِلَاد الْإِسْلَام فَلَا يُنَافِي حَدِيث ستفتح لكم أَرض الْعَجم مِمَّا يُفِيد أَنه لم يكن يَوْمئِذٍ بِبِلَاد الْإِسْلَام حمام قَوْله وَالْبرد بِفتْحَتَيْنِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 [404] أيغتسل قبل أَن ينَام أَي أيغتسل مُتَّصِلا بالجنابة أَو ينَام بعد الْجَنَابَة ثمَّ يغْتَسل وَهَذَا هُوَ المُرَاد بِمَا سَيَجِيءُ من قَوْله أيغتسل من أول اللَّيْل أَو من آخِره وَلذَلِك قَالَ يَوْم سمع الْجَواب الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 والا فَلَو كَانَ الِاغْتِسَال مَعَ الْجَنَابَة الا ان الْجَنَابَة كَانَت تَارَة أول اللَّيْل وَتارَة آخِره فَلَا سَعَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالبراز بِالْفَتْح اسْم للفضاء الْوَاسِع حَلِيم لَا يعجل بالعقوبة فَلَا يَلِيق بِالْعَبدِ أَن يسْتَدلّ بترك الْعقُوبَة على فعل على رِضَاهُ بِهِ حييّ بِكَسْر أولى الياءين مُخَفّفَة وَرفع الثَّانِيَة مُشَدّدَة أَي الله تَعَالَى تَارِك للقبائح سَاتِر للعيوب والفضائح يحب الْحيَاء والستر من العَبْد ليَكُون متخلقا بأخلاقه تَعَالَى فَهُوَ تَعْرِيض للعباد وحث لَهُم على تحرى الْحيَاء قَوْله فليتوار صِيغَة أَمر بِاللَّامِ أَي فليستتر بِشَيْء وَفِي بعض النّسخ بِثُبُوت الْألف فِي آخِره اما للأشباع أَو لمعاملة المعتل مُعَاملَة الصَّحِيح قَوْله [408] فَلم يردهَا من الْإِرَادَة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 [409] يغْتَسل عُريَانا أَي فالعرى فِي مَحل مَأْمُون عَن نظر الْغَيْر بِمَنْزِلَة السّتْر وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن شرع من قبلنَا شرع لنا خر عَلَيْهِ أَي سقط عَلَيْهِ من فَوق وَلَكِن لَا غنى بِي عَن بركاتك أَي فأجمعه لكَونه من جملَة بركاتك وَظَاهر الحَدِيث أَن الله تَعَالَى كلمة بِلَا وَاسِطَة وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِوَاسِطَة الْملك قَوْله [410] وَهُوَ الْفرق بِفتْحَتَيْنِ وبسكون الثَّانِي اناء مَعْرُوف وَلَعَلَّ وَجه الِاسْتِدْلَال أَنه عِنْد اجْتِمَاع شَخْصَيْنِ على اناء وَاحِد لَا يتَمَيَّز أَيهمَا أَكثر أخذا وان كلا مِنْهُمَا أَخذ أَي قدر فَلَو كَانَ فِي المَاء حد مُقَدّر لَا يجوز الِاغْتِسَال بِدُونِهِ لما جَازَ الِاجْتِمَاع الْمُؤَدِّي إِلَى الِاشْتِبَاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَقد سبق تَقْدِير آخر للاستدلال لَكِن هَذَا التَّقْرِير أحسن وَأولى وَالله تَعَالَى أعلم (بَاب الرُّخْصَة فِي ذَلِك) أَي أَن مَا ذكر من الِاجْتِمَاع رخصَة يجوز تَركهَا بسبق أَحدهمَا على الآخر كَمَا يفهم من الْمُبَادرَة قَوْله [415] قد سترته أَي فَاطِمَة وَترك ذكرهَا من الروَاة فِيهَا أثر الْعَجِين فخلط طَاهِر يسير بِالْمَاءِ لَا يُخرجهُ عَن الطّهُورِيَّة حِين قضى غسله أَي أتم وَفرغ مِنْهُ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 [416] فَإِذا تور بَيَان للمشار إِلَيْهِ أَي فَنَظَرت إِلَى الْمشَار إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ تور فأفيض من الافاضة قَوْله [417] لِأَن أصبح بِفَتْح اللَّام وَأصْبح بِضَم الْهمزَة وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره أحب مطليا يُقَال طليته بنورة أَو غَيرهَا لطخته بهَا وأطليت افتعلت مِنْهُ إِذا فعلته بِنَفْسِك فَيحْتَمل أَن يكون مطليا بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الطَّاء وَتَشْديد الْيَاء اسْم مفعول من طليته أَو بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الطَّاء وَتَخْفِيف الْيَاء اسْم فَاعل من اطليت وَالثَّانِي هُوَ المضبوط وَهُوَ خبر أصبح ان كَانَ نَاقِصا أَو حَال من ضَمِيره ان كَانَ تَاما بقطران بِفَتْح فَكسر دهن يستحلب من شجر يطلي بِهِ الأجرب وَالْكَلَام كِنَايَة عَن صَيْرُورَته أجرب أنضخ بخاء مُعْجمَة أَي يفور مني رَائِحَة الطّيب وَقيل بحاء مُهْملَة وَهُوَ أقل من الْمُعْجَمَة وَقيل بعكسه فَقَالَت طيبت أَي رد القَوْل بن عمر ثمَّ أصبح محرما أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 بعد أَن اغْتسل بِقَرِينَة أَنه طَاف على النِّسَاء وَقد بَقِي أثر الطّيب كَمَا يعلم من رد عَائِشَة قَول بن عمر بذلك وَقد جَاءَ صَرِيحًا أَيْضا فاستدل بِهِ المُصَنّف على أَن بَقَاء أثر الطّيب لَا يمْنَع صِحَة الِاغْتِسَال وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر من هَذَا الحَدِيث وَقد جوز بَعضهم أَنه تطيب ثَانِيًا بعد الِاغْتِسَال وَمَا بَقِي من آثَار الطّيب بعد الْإِحْرَام كَانَ أثرا للثَّانِي إِذْ بَقَاء أثر الأول بعد الِاغْتِسَال على وَجه الْكَمَال والسبوغ بعيد وَجوز آخَرُونَ أَن المُرَاد بِالطّوافِ دُخُوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِنَّ لَا الْجِمَاع فَلَا حَاجَة إِلَى فرض الِاغْتِسَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [418] هَذِه غسلة بِالْكَسْرِ أَي كَيْفيَّة الِاغْتِسَال للجنابة وَصفته [419] ثمَّ يفرغ من الافراغ أَي يصب قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 [420] أروى بَشرته أَي جعله مبلولا قَوْله [422] واتسقت الْأَحَادِيث أَي اتّفقت الْأَحَادِيث وَالْمرَاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 حَدِيث عَائِشَة وَحَدِيث بن عمر فيفرغ من الافراغ قَوْله ان شَاءَ فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه يَفْعَله أَحْيَانًا ويتركه أَحْيَانًا وَكَأَنَّهُ حسب مَا يَقْتَضِيهِ الْوَقْت أَو لبَيَان الْجَوَاز حَتَّى ينقيها من الانقاء لم يمسح وَقد سبق أَنه كَانَ يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة فَأَما أَن يُقَال ذَاك عُمُوم يخص بِهَذَا أَو يُقَال لَعَلَّه تَارَة يفعل هَذَا وَتارَة ذَاك لبَيَان الْجَوَاز وَفِيه أَن الْمسْح يحصل فِي ضمن الْغسْل وَأَن الضمني كَاف فِي سُقُوط التَّكْلِيف وعَلى هَذَا لَو فرض أَن الْوَاجِب مسح الرجلَيْن كَمَا يَقُول الرافضة فَهُوَ يتَأَدَّى بغسلهما دون الْعَكْس فالغسل أحوط وَالله تَعَالَى أعلم كَانَ غسل بِضَم الْغَيْن قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 [423] أَنه قد اسْتَبْرَأَ الْبشرَة همزَة فِي آخِره أَي أوصل البلل إِلَى جَمِيعهَا قَوْله [424] نَحْو الحلاب بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام وموحدة اناء يسع قدر حلب نَاقَة بَدَأَ بشق رَأسه بِكَسْر الشين أَي نصفه وناحيته فَقَالَ بهما من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل والْحَدِيث دَال على أَنه لَا يقْصد بالتثليث الكرار بل الِاسْتِيعَاب فَلَا دَلِيل فِي تثليث الصب على الرَّأْس لمن يَقُول بالتكرار فِي الْغسْل كَمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فرْصَة بِكَسْر فَسُكُون أَي قِطْعَة من قطن أَو صوف ممسكة بِضَم مِيم فَفتح ثَانِيَة ثمَّ سين مُشَدّدَة مَفْتُوحَة أَي مطلية بالمسك وَقد سبق بَيَان أَن هَذَا التَّفْسِير هُوَ الصَّحِيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 سبح من التَّسْبِيح أَي قَالَ سُبْحَانَ الله فأخذتها بِضَم التَّاء من قَول عَائِشَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [428] ثمَّ أَفَاضَ على رَأسه وَسَائِر جسده وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ لَا يَقْتَضِي الْعدَد وَالْأَصْل عَدمه أَو الْمُتَبَادر مِنْهُ عِنْد عدم ذكر عدد الْمرة ولائه أَو لَو كَانَ هُنَاكَ تكْرَار لذكرت فَحَيْثُمَا ذكرت علم الْمرة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قَوْله ينضخ أَي يفوح روى بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف وَحده الِاغْتِسَال إِذْ الْعَادة أَنه لَو تكَرر الِاغْتِسَال عدد تكَرر الْجِمَاع لما بَقِي من أثر الطّيب شَيْء فضلا عَن الِانْتِفَاع وَالله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 أعلم قَوْله أَعْطَيْت على بِنَاء الْمَفْعُول خمْسا لم يرد الْحصْر بل ذكر مَا حَضَره فِي ذَلِك الْوَقْت مِمَّا من الله تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِ ذكره اعترافا بِالنعْمَةِ وَأَدَاء لشكرها وامتثالا لأمر وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث لَا افتخارا لم يُعْطهنَّ على بِنَاء الْمَفْعُول وَرفع أحد أَي من الْأَنْبِيَاء أَو من الْخلق نصرت على بِنَاء الْمَفْعُول بِالرُّعْبِ بِضَم الرَّاء وَسُكُون عين أَي بقذفه من الله فِي قُلُوب الْأَعْدَاء بِلَا أَسبَاب ظاهرية وآلات عَادِية لَهُ بل بضدها فَإِنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يرْبط الْحجر ببطنه من الْجُوع وَلَا يُوقد النَّار فِي بيوته وَمَعَ هَذَا الْحَال كَانَ الْكَفَرَة مَعَ مَا عِنْدهم من الْمَتَاع والآلات والأسباب فِي خوف شَدِيد من بأسه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يشكل بِأَن النَّاس يخَافُونَ من بعض الْجَبَابِرَة مسيرَة شهر وَأكْثر فَكَانَت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 بلقيس تخَاف من سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مسيرَة شهر وَهَذَا ظَاهر وَقد بَقِي آثَار هَذِه الْخَاصَّة فِي خلفاء أمته مَا داموا على حَاله وَالله تَعَالَى أعلم مَسْجِدا مَوضِع صَلَاة وَطهُورًا بِفَتْح الطَّاء وَالْمرَاد أَن الأَرْض مَا دَامَت على حَالهَا الْأَصْلِيَّة فَهِيَ كَذَلِك والا فقد تخرج بِالنَّجَاسَةِ عَن ذَلِك والْحَدِيث لَا يَنْفِي ذَلِك والْحَدِيث يُؤَيّد القَوْل بِأَن التَّيَمُّم يجوز على وَجه الأَرْض كلهَا وَلَا يخْتَص بِالتُّرَابِ وَيُؤَيّد أَن هَذَا الْعُمُوم غير مَخْصُوص قَوْله فأينما أدْرك الرجل بِالنّصب الصَّلَاة بِالرَّفْع وَهَذَا ظَاهر سِيمَا فِي بِلَاد الْحجاز فَإِن غالبها الْجبَال وَالْحِجَارَة فَكيف يَصح أَو يُنَاسب هَذَا الْعُمُوم إِذا قُلْنَا ان بِلَاد الْحجاز لَا يجوز التَّيَمُّم مِنْهَا الا فِي مَوَاضِع مَخْصُوصَة فَلْيتَأَمَّل قَوْله الشَّفَاعَة أَي الْعُظْمَى وَكَانَ النَّبِي أَي قبلي وَفِيهِمْ نوح فقد قَالَ تَعَالَى انا ارسلنا نوحًا إِلَى قومه وآدَم نعم قد اتّفق فِي وَقت آدم أَنه مَا كَانَ على وَجه الأَرْض غير أَوْلَاده فعمت نبوته لأهل الأَرْض اتِّفَاقًا وَكَذَا اتّفق مثله فِي نوح بعد الطوفان حَيْثُ لم يبْق الا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 كَانَ مَعَه فِي السَّفِينَة وَهَذَا لَا يُؤَدِّي إِلَى الْعُمُوم وَأما دُعَاء نوح على أهل الأَرْض كلهَا واهلاكهم فَلَا يتَوَقَّف على عُمُوم الدعْوَة بل يَكْفِي فِيهِ عُمُوم بُلُوغ الدعْوَة وَقد بلغت دَعوته الْكل لطول مدَّته كَيفَ والايمان بِالنَّبِيِّ بعد بُلُوغ الدعْوَة وَثُبُوت النُّبُوَّة وَاجِب سَوَاء كَانَ مَبْعُوثًا إِلَيْهِم أم لَا كايماننا بالأنبياء السَّابِقين مَعَ عدم بعثتهم إِلَيْنَا وَفرق بَين المقامين وَالله تَعَالَى أعلم وَقد سَقَطت من هَذِه الرِّوَايَة الْخصْلَة الْخَامِسَة وَهِي ثَابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لنَبِيّ قبلي وَأما كَون الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا فهما أَمر وَاحِد مُتَعَلق بِالْأَرْضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 قَوْله [433] مَا كَانَ فِي الْوَقْت أَي مَا دَامَ الرجل ثَابتا فِي الْوَقْت وَهَذَا ظرف لعاد أصبت السّنة أَي وَافَقت الحكم الْمَشْرُوع وَهَذَا تصويب لاجتهاده وتخطئه لاجتهاد الآخر وَفِيه أَن الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد لَا يُنَافِي الْأجر فِي الْعَمَل الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِر ثُبُوت الْأجر لَهُ وَلمن قَلّدهُ على وَجه يَصح سهم جمع أَي سهم من الْخَيْر جمع فِيهِ أجر الصَّلَاتَيْنِ قَوْله [435] تَذَاكر على ومقداد وعمار فِيهِ تَوْجِيه التَّوْفِيق بَين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 مَا جَاءَ أَن عليا أَمر الْمِقْدَاد تَارَة وَأمر عمارا أُخْرَى فليغسل ذَلِك مِنْهُ أَي ذكره ذكر بِوَجْه الْكِنَايَة لظُهُور الْأَمر بِالْقَرِينَةِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 [439] يغسل ذكره خبر بِمَعْنى الْأَمر فصح عطف قَوْله ثمَّ ليتوضأ عَلَيْهِ وَفِي بعض النّسخ هما متوافقان قَوْله فلينضح أَي فليغتسل قَوْله [442] صليت مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد مَا تَوَضَّأ وتوضأت كَمَا جَاءَ صَرِيحًا لَكِن المُصَنّف نبه بالترجمة على أَن هَذَا الْمُخْتَصر مَحْمُول على ذَلِك المطول قَوْله نعس بِفتْحَتَيْنِ وَعلم أَن النعاس لَا ينْقض الْوضُوء وَقد سبق تَقْرِيره قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 [445] إِذا أفْضى قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ الْفُقَهَاءُ الْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 (كتاب الصَّلَاة) قَوْله [448] عِنْد الْبَيْت أَي الْكَعْبَة المشرفة إِذْ أقبل أحد الثَّلَاثَة ظَاهر النُّسْخَة أَن إِذْ بِلَا ألف وَأَن الْألف التالية مُتَعَلقَة بِمَا بعده وَهُوَ من الإقبال وَالْمعْنَى أَنه جَاءَهُ ثَلَاثَة فَأقبل مِنْهُم وَاحِد إِلَيْهِ بَين رجلَيْنِ حَال من مُقَدّر أَي أقبل إِلَى وَاحِد من الثَّلَاثَة وَالْحَال أَنِّي كنت بَين رجلَيْنِ قَالُوا هما حَمْزَة وجعفر وَيحْتَمل أَن يقْرَأ إِذا قيل على أَن الْألف جُزْء من إِذا وَقيل من القَوْل أَي سَمِعت قَائِلا يَقُول فِي شأني هُوَ أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن أَي هُوَ أوسطهم وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أَنهم جاؤه وهم ثَلَاثَة وَفِي رِوَايَة سَمِعت قَائِلا يَقُول أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن وَلَا مُنَافَاة بَين الرِّوَايَتَيْنِ فالوجهان فِي كَلَام المُصَنّف صَحِيحَانِ لفظا وَمعنى فَأتيت على بِنَاء الْمَفْعُول بطست بِفَتْح طاء وَسُكُون سين هُوَ الْمَعْرُوف وَحكى بَعضهم كسر الطَّاء وَهُوَ اناء مَعْرُوف وَاللَّفْظ مؤنث من ذهب لَا شكّ أَنه كَانَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى فَهُوَ إِذا مُبَاح بل بأَمْره فَهُوَ وَاجِب فَمن قَالَ اسْتِعْمَال الذَّهَب حرَام فسؤاله لَيْسَ فِي مَحَله حَتَّى يحْتَاج إِلَى جَوَاب ملأى بالتأنيث لتأنيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الطست وَفِي نُسْخَة ملآن بالتذكير لتأويله بالاناء حِكْمَة وايمانا منصوبان على التَّمْيِيز وَالْمرَاد انها كَانَت ممتلئة بِشَيْء إِذا أفرغ فِي الْقلب يزِيد بِهِ ايمانا وَحِكْمَة فشق على بِنَاء الْفَاعِل أَي الْآتِي أَو على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا فِي الْوَجْهَيْنِ قَوْله فَغسل وَقَوله مَلِيء إِلَى مراق الْبَطن بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد الْقَاف هُوَ مَا سفل من الْبَطن ورق من جلده ثمَّ أتيت على بِنَاء الْمَفْعُول فَقيل أَي قَالَ أهل السَّمَاء الدُّنْيَا لجبريل من هَذَا الفاتح وَمن مَعَك كَأَنَّهُ ظهر لَهُم بِبَعْض الامارات أَن مَعَه أحدا وَقد أرسل إِلَيْهِ أَي الرَّسُول للاسراء لَا بِالْوَحْي إِذْ بعيد أَن يخفى عَلَيْهِم أَمر نبوته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هَذِه الْمدَّة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ قيل فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَحذف وَالْأَصْل جَاءَ وَنعم الْمَجِيء مجيئة وَقيل بل هُوَ من بَاب حذف الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَي نعم الْمَجِيء الَّذِي جَاءَ أَو مَجِيء جَاءَ قلت من هُوَ تَنْزِيل نعم الْمَجِيء منزلَة خير مقدم كَأَنَّهُ قيل خير مقدم قدم وَلَا بعد فِي وجود اسْتِعْمَال لم يبْحَث عَنهُ النُّحَاة وَالله تَعَالَى أعلم فَأتيت على بِنَاء الْفَاعِل أَي مَرَرْت على آدم فَمثل ذَلِك أَي فَجرى مثل ذَلِك أَو فعلوا مثل ذَلِك أَو فَقَالُوا مثله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 بَكَى قيل مَا يبكيك قَالُوا لم يكن بكاء مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حسدا على فَضِيلَة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأمته فَإِن الْحَسَد مَذْمُوم من آحَاد الْمُؤمنِينَ وَأَيْضًا منزوع مِنْهُم فِي ذَلِك الْعَالم فَكيف كليم الله الَّذِي اصطفاه الله تَعَالَى برسالته وَكَلَامه بل كَانَ أسفا على مَا فَاتَهُ من الْأجر بِسَبَب قلَّة اتِّبَاع قومه وَكَثْرَة مخالفتهم وشفقته عَلَيْهِم حَيْثُ لم ينتفعوا بمتابعته انْتِفَاع هَذِه الْأمة بمتابعة نَبِيّهم وَقيل بل أَرَادَ بالبكاء تبشير نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَإِدْخَال السرُور عَلَيْهِ بِأَن أَتْبَاعه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَكثر وَلَعَلَّ تَحْصِيل هَذَا الْغَرَض بالبكاء آكِد من تَحْصِيله بِوَجْه آخر فَفِيهِ إِظْهَار أَنه نَالَ منالا يغبطه مثل مُوسَى وَالله تَعَالَى أعلم وَإِطْلَاق الْغُلَام لم يرد بِهِ استقصار شَأْنه فَإِن الْغُلَام قد يُطلق وَيُرَاد بِهِ القوى الطرى الشَّاب وَالْمرَاد مِنْهُ استقصار مدَّته مَعَ استكمال فضائله واستتمام سَواد أمته ثمَّ رفع على بِنَاء الْمَفْعُول أَي قرب آخر مَا عَلَيْهِم أَي ذَلِك الدُّخُول آخر دُخُول يَدُوم عَلَيْهِم وَيبقى لَهُم فَهُوَ بِالرَّفْع خبر مَحْذُوف أَولا يعودون آخر أجل كتب عَلَيْهِم فَهُوَ بِالنّصب ظرف وَبِهَذَا ظهر كَثْرَة مَا خلق الله تَعَالَى من الْمَلَائِكَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وهم كلهم أهل الرَّحْمَة وَالرِّضَا فبه ظهر معنى سبقت رَحْمَتي غَضَبي فَإِذا نبقها بِفَتْح أَو كسر فَسُكُون مُوَحدَة وككتف أَي ثَمَرهَا وواحدته بهاء قلال بِكَسْر الْقَاف جمع قلَّة بِالضَّمِّ وَهِي الجرة وهجر بِفتْحَتَيْنِ اسْم مَوضِع كَانَ بِقرب الْمَدِينَة الفيلة بِكَسْر فَاء وَفتح تَحْتَانِيَّة جمع الْفِيل باطنان عَن أبصار الناظرين وَهَذَا لَا يستبعد عَن قدرَة الْقَادِر الْحَكِيم الْفَاعِل لما يَشَاء ثمَّ فرضت على هُوَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بذلك تشريف نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَإِظْهَار فَضله حَتَّى يُخَفف عَن أمته بمراجعته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَمَا قَالُوا أَنه لَا بُد للنسخ من الْبَلَاغ أَو من تمكن الْمُكَلّفين من الْمَنْسُوخ فَذَلِك فِيمَا يكون المُرَاد ابتلاءهم وَلَعَلَّ من جملَة أسرار هَذِه الْقَضِيَّة رفع التُّهْمَة عَن جناب مُوسَى حَيْثُ بَكَى بألطف وَجه حَيْثُ وَفقه الله تَعَالَى من جملَة الْأَنْبِيَاء لهَذَا النصح فِي حق هَذِه الْأمة حَتَّى لَا يخْطر ببال أحد أَنه بَكَى حسدا فَهَذَا يشبه قَضِيَّة رفع الْحجر ثَوْبه دفعا للتُّهمَةِ عَنهُ كَمَا ذكر الله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها وَالله تَعَالَى أعلم وان أمتك لن يطيقوا ذَلِك كَأَنَّهُ علم ذَلِك من أَنهم أَضْعَف مِنْهُم جسدا وَأَقل مِنْهُم قُوَّة وَالْعَادَة أَن مَا يعجز عَنهُ القوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 يعجز عَنهُ الضَّعِيف أَن قد أمضيت تَفْسِير للنداء لما فِيهِ من معنى القَوْل أَو بِأَن قد أمضيت فريضتي أَي بِحِسَاب خمسين أجرا وخففت عَن عبَادي حَيْثُ جَعلتهَا فِي الْعدَد خمْسا وأجزى من الْجَزَاء قَوْله [449] حَتَّى أَمر فِيهِ إِحْضَار لتِلْك الْحَالة البديعة فَلِذَا عبر بالمضارع هِيَ خمس عددا وَخَمْسُونَ أجرا قد استحييت هَذِه الرِّوَايَة تدل على أَنه مَنعه الْحيَاء عَن الْمُرَاجَعَة لاكون الْخمس لَا تقبل النّسخ وَسَيَجِيءُ مَا يدل على أَن كَون الْخمس لَا تقبل النّسخ مَنعه عَن ذَلِك فَالْوَجْه أَن يَجْعَل الْأَمْرَانِ مانعين الا أَنه وَقع الِاقْتِصَار من الروَاة على ذكر أَحدهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خطوها بِفَتْح فَسُكُون أَي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 تضع رجلهَا عِنْد مُنْتَهى بصرها وَاسْتدلَّ بِهِ أَن يكون قطعهَا بَين الأَرْض وَالْأَرْض فِي خطْوَة وَاحِدَة لِأَن الَّذِي فِي الأَرْض يَقع بَصَره على السَّمَاء فبلغت سبع سماوات فِي سبع خطوَات واليها المُهَاجر بِفَتْح الْجِيم بِمَعْنى المهاجرة على أَنه مصدر وَلَو كَانَ اسْم مَكَان لَكَانَ اللَّائِق وَهِي المُهَاجر صليت بطور سيناء وَهَذَا أصل كَبِير فِي تتبع آثَار الصَّالِحين والتبرك بهَا وَالْعِبَادَة فِيهَا بِبَيْت لحم قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ بِالْحَاء الْمُهْملَة فَقَدَّمَنِي من التَّقْدِيم ثمَّ صعد كعلم أَي جِبْرِيل أَو الْبراق أَو على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْبَاء على الْوَجْهَيْنِ للتعدية وَالْجَار وَالْمَجْرُور نَائِب الْفَاعِل عَن الثَّانِي فغشيني بِكَسْر الشين ضَبَابَة كسحابة وزنا وَمعنى قيل هِيَ سَحَابَة تغشى الأَرْض كالدخان فَخَرَرْت بخاء مُعْجمَة من ضرب وَنصر أَي سَقَطت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 ثمَّ رددت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وَفِي نُسْخَة ردَّتْ بِصِيغَة التَّأْنِيث أَي الصَّلَوَات وعَلى الْوَجْهَيْنِ على بِنَاء الْمَفْعُول وَهَذَا بَيَان مَا آل إِلَيْهِ الْأَمر آخرا بعد تَمام المراجعات وَلَيْسَ المُرَاد أَنه بِسُقُوط الْعشْر صَارَت خمْسا وَأما قَوْله تَعَالَى فَارْجِع إِلَى رَبك فمتعلق بِسُقُوط الْعشْر وَأما قَوْله فَسَأَلته التَّخْفِيف فَقَالَ اني يَوْم خلقت الخ فَمَعْنَاه فَسَأَلت التَّخْفِيف فَخفف عشرا وَهَكَذَا حَتَّى وصلت إِلَى خمس فحين وصلت إِلَى خمس قَالَ اني يَوْم خلقت الخ وَلَيْسَ المُرَاد أَنه رَاجع بعد أَن صَارَت خمْسا فَرد الله مُرَاجعَته بِمَا يدل على أَن الْخمس لَا يقبل النّسخ كَمَا هُوَ الظَّاهِر لمُخَالفَته لسَائِر الرِّوَايَات مُخَالفَة بَينه فَلْيتَأَمَّل صرى بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة آخرهَا ألف مَقْصُورَة أَي عَزِيمَة بَاقِيَة لَا تقبل النّسخ قَوْله أسرى على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 انْتهى على بِنَاء الْفَاعِل أَي السّير أَو الْمَفْعُول فِي السَّمَاء السَّادِسَة قيل أَصْلهَا فِي السَّادِسَة ورأسها فِي السَّابِعَة فَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث حَدِيث أنس عرج على بِنَاء الْمَفْعُول فرَاش بِفَتْح فَاء هُوَ طير مَعْرُوف يتهافت على السراج وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة كَأَن المُرَاد أَنه قرر لَهُ اعطاءها وَأَنه ستنزل عَلَيْك وَنَحْوه والا فالآيات مدنيات وَيغْفر على بِنَاء الْفَاعِل أَي الله أَو الْمَفْعُول وَهُوَ مَعْطُوف على مَا قبله بِتَقْدِير أَن أَي وَأَن يغْفر ومفعوله الْمُقْحمَات بِضَم مِيم وَسُكُون قَاف وَكسر حاء أَيِ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الَّتِي تُقْحِمُ أَصْحَابَهَا فِي النَّار وَلَعَلَّ المُرَاد أَن الله تَعَالَى لَا يؤاخذهم بكلها بل لَا بُد أَن يغْفر لَهُم بَعْضهَا وان شَاءَ غفر لَهُم كلهَا وَقيل المُرَاد بالغفران أَن لَا يخلد صَاحبهَا فِي النَّار أَو المُرَاد الغفران لبَعض الْأمة وَلَعَلَّه ان كَانَ هُنَاكَ تَأْوِيل فَمَا ذكرت أقرب والا فتفويض هَذَا الْأَمر إِلَى علمه تَعَالَى أولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [452] وَأَخْرَجَا حشوه هَكَذَا فِي نسختنا وَهُوَ بِفَتْح فَسُكُون أَي مَا فِي وسط بَطْنه وَفِي نُسْخَة السُّيُوطِيّ حشوته وَهِي بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الامعاء ثمَّ كبسا جَوْفه أَي ستراه حِكْمَة وعلما أَي حَال كَونه ذَا حِكْمَة وَعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 [453] أول مَا فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا رَكْعَتَانِ بِالرَّفْع وَالظَّاهِر أَن أول بِالنّصب ظرف وَمَا مَصْدَرِيَّة حينية وَالتَّقْدِير على نُسْخَة نصب رَكْعَتَيْنِ كَانَت الصَّلَاة أول أَوْقَاتهَا افتراضها رَكْعَتَيْنِ وعَلى نُسْخَة الرّفْع الصَّلَاة أول أَوْقَات افتراضها رَكْعَتَانِ ثمَّ المُرَاد هِيَ الصَّلَاة الْمُخْتَلفَة سفر أَو حضرا فَلَا يشكل بِصَلَاة الْمغرب وَالْفَجْر وَقَوله فأقرت أَي رجعت بعد نزُول الْقصر فِي السّفر إِلَى الْحَالة الأولى بِحَيْثُ كَأَنَّهَا كَانَت مقررة على الْحَالة الْأَصْلِيَّة وَمَا ظَهرت الزِّيَادَة فِيهَا أصلا فَلَا يشكل بِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة يُفِيد أَن صَلَاة السّفر قصرت بعد أَن كَانَت تَامَّة فَكيف يَصح القَوْل بِأَنَّهَا أقرَّت وَأَيْضًا انْدفع أَن يُقَال مُقْتَضى هَذَا الحَدِيث أَن الزِّيَادَة على الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَصح وَلَا يجوز كَمَا فِي صَلَاة الْفجْر فَكيف كَانَت عَائِشَة تتمها فِي السّفر فَلْيتَأَمَّل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [454] رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَال ليشْمل جَمِيع الصَّلَوَات الرّبَاعِيّة قَوْله [456] وَفِي الْخَوْف رَكْعَة هَذَا على رَأْي من يرى أَن اللَّازِم فِي الْخَوْف رَكْعَة وَاحِدَة وَلَو اقْتصر عَلَيْهَا جَازَ قَوْله [457] كَيفَ تقصر الصَّلَاة أَي بِلَا خوف مَعَ أَن الرُّخْصَة فِي الْقُرْآن مُقَيّدَة بالخوف وَأَشَارَ بن عمر فِي الْجَواب إِلَى أَن النَّبِي أعلم بِالْقُرْآنِ وَقد أَخذنَا ببيانه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 [458] ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعر الرَّأْس صفة رجل وَالْإِضَافَة لفظية فَلَا يمْنَع وُقُوعه صفة نكرَة وَقيل حَال وَهُوَ بعيد لوُقُوعه حَالا عَن نكرَة مَحْضَة يسمع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو بالنُّون على بِنَاء الْفَاعِل وَكَذَا قَوْله وَلَا نفهم دوى صَوته بِفَتْح الدَّال وَكسر الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء وَقيل وَحكى ضم الدَّال وَهُوَ مَا يظْهر من الصَّوْت وَيسمع عِنْد شدته وَبعده فِي الْهَوَاء تَشْبِيها بِصَوْت النَّحْل عَنِ الْإِسْلَامِ أَيْ عَنْ شَرَائِعِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ بِالرَّفْع على أَنه خبر مَحْذُوف أَي هُوَ هَل على غَيْرهنَّ أَي من جنس الصَّلَاة والا لَا يَصح النَّفْي فِي الْجَواب ضَرُورَة أَن الصَّوْم وَالزَّكَاة غَيْرهنَّ الا أَن تطوع حمله الْقَائِل بِالْوُجُوب بِالشُّرُوعِ على أَنه اسْتثِْنَاء مُتَّصِل لِأَنَّهُ الأَصْل وَالْمعْنَى الا إِذا شرعت فِي التَّطَوُّع فَيصير وَاجِبا عَلَيْك وَاسْتدلَّ بِهِ على أَن الشُّرُوع مُوجب قلت لَكِن لَا يظْهر هَذَا فِي الزَّكَاة إِذْ الصَّدَقَة قبل الْإِعْطَاء لَا تجب وَبعده لَا تُوصَف بِالْوُجُوب فَمَتَى يُقَال أَنَّهَا صَارَت وَاجِبَة بِالشُّرُوعِ فَيلْزم اتمامها فَالْوَجْه أَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع أَي لَكِن التَّطَوُّع جَائِز أَو وَارِد فِي الشَّرْع وَيُمكن أَن يُقَال أَنه من بَاب نفي وَاجِب آخر على معنى لَيْسَ عَلَيْك وَاجِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 آخر الا التَّطَوُّع والتطوع لَيْسَ بِوَاجِب فَلَا وَاجِب غير الْمَذْكُور وَالله تَعَالَى أعلم وَلَعَلَّ الِاقْتِصَار على الْمَذْكُورَات لِأَنَّهُ لم يشرع يَوْمئِذٍ غَيرهَا أَفْلح ان صدق يدل على أَن مدَار الْفَلاح على الْفَرَائِض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وَالسّنَن وَغَيرهَا تكميلات لَا يفوت أصل الْفَلاح بهَا قَوْله [459] صلوَات خمس هَكَذَا فِي بعض النّسخ فَهُوَ اما مَرْفُوع بِتَقْدِير هِيَ خمس أَو جُمْلَتهَا خمس أَو مَنْصُوب لَكِن حذف الْألف خطأ على دأب كِتَابَة أهل الحَدِيث فَإِنَّهُم كثيرا مَا يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوب بِلَا ألف وَفِي بعض النّسخ خمْسا بِالْألف وَهُوَ وَاضح هَل قبلهن أَو بعدهن شَيْئا أَي هَل افْترض قبلهن أَو بعدهن شَيْئا قَوْله [460] أَلا تُبَايِعُونَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ حث لَهُم على ذَلِك وَفِي عنوان الرسَالَة تَنْبِيه على أَنَّهَا الْعلَّة الباعثة على ذَلِك وَلذَلِك عدل عَن الضَّمِير إِلَى الظَّاهِر وَأما الصَّلَاة فَيحْتَمل أَن يكون مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن يكون من غَيره فقدمنا من التَّقْدِيم تعبدوا الله أَي تطيعوه بِمَا تطيقون من ذَلِك وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا أَي اخلاصا بِلَا رِيَاء أَو معنى تعبدوا الله توحدوه وَجُمْلَة وَلَا تُشْرِكُوا تَأْكِيد لَهُ أَن لَا تسألوا أَي طَمَعا فِيمَا عِنْدهم والا فَطلب الدّين وَنَحْوه وَالْعلم وَمثله غير دَاخل فِيهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 [461] خمس صلوَات الظَّاهِر أَنه مُبْتَدأ لتخصيصه بِالْإِضَافَة خَبره كتبهن أَي أوجبهن وفرضهن وَقد اسْتدلَّ بِالْعدَدِ على عدم وجوب الْوتر لَكِن دلَالَة مَفْهُوم الْعدَد ضَعِيفَة عِنْدهم وَقد يُقَال لَعَلَّه اسْتدلَّ على ذَلِك بقوله من جَاءَ بِهن الخ حَيْثُ رتب دُخُول الْجنَّة على أَدَاء الْخمس وَلَو كَانَ هُنَاكَ صَلَاة غير الْخمس فرضا لما رتب هَذَا الْجَزَاء على أَدَاء الْخمس قلت هَذَا منقوض بفرائض غير الصَّلَوَات فَلْيتَأَمَّل لم يضيع من التضييع اسْتِخْفَافًا بحقهن احْتِرَازًا عَمَّا إِذا ضَاعَ شَيْء سَهوا ونسيانا أَن يدْخلهُ من الادخال وَالْمرَاد الادخال أَولا وَهَذَا يَقْتَضِي أَن المحافظ على الصَّلَوَات يوفق للصالحات بِحَيْثُ يدْخل الْجنَّة ابْتِدَاء والْحَدِيث يدل على أَن تَارِك الصَّلَوَات مُؤمن كَمَا لَا يخفى وَمعنى عذبه أَي على قدر ذنُوبه وَمعنى أدخلهُ الْجنَّة أَي ابْتِدَاء بمغفرته وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 قَوْله أَرَأَيْتُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِفَتْحِ الْهَاء وسكونها من درنه بِفتْحَتَيْنِ أَي وسخة فَكَذَلِك الخ ان قلت من أَي التَّشْبِيه هَذَا التَّشْبِيه قلت هُوَ من تَشْبِيه الْهَيْئَة وَلَا حَاجَة فِيهِ إِلَى تكلّف اعْتِبَار تَشْبِيه الْأَجْزَاء بالأجزاء فَلَا يُقَال أَي شَيْء يعْتَبر مثلا للنهر فِي جَانب الصَّلَاة يمحو الله بِهن الْخَطَايَا خصها الْعلمَاء بالصغائر وَلَا يخفى أَنه بِحَسب الظَّاهِر لَا يُنَاسب التَّشْبِيه بالنهر فِي إِزَالَة الدَّرن إِذْ النَّهر الْمَذْكُور لَا يبْقى من الدَّرن شَيْئا أصلا وعَلى تَقْدِير أَن يبْقى فابقاء الْقَلِيل وَالصَّغِير أقرب من ابقاء الْكثير الْكَبِير فاعتبار بَقَاء الْكَبَائِر وارتفاع الصَّغَائِر قلب لما هُوَ الْمَعْقُول نظرا إِلَى التَّشْبِيه فَلَعَلَّ مَا ذكرُوا من التَّخْصِيص مَبْنِيّ على أَن للصغائر تَأْثِيرا فِي درن الظَّاهِر فَقَط كَمَا يدل عَلَيْهِ مَا ورد من خُرُوج الصَّغَائِر من الْأَعْضَاء عِنْد التَّوَضُّؤ بِالْمَاءِ بِخِلَاف الْكَبَائِر فَإِن لَهَا تَأْثِيرا فِي درن الْبَاطِن كَمَا جَاءَ أَن العَبْد إِذا ارْتكب الْمعْصِيَة تحصل فِي قلبه نقطة سَوْدَاء وَنَحْو ذَلِك وَقد قَالَ تَعَالَى بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَقد علم أَن أثر الْكَبَائِر يذهبها التَّوْبَة الَّتِي هِيَ ندامةبالقلب فَكَمَا أَن الْغسْل إِنَّمَا يذهب بدرن الظَّاهِر دون الْبَاطِن فَكَذَلِك الصَّلَاة فتفكر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [463] أَن الْعَهْد أَي الْعَمَل الَّذِي أَخذ الله تَعَالَى عَلَيْهِ الْعَهْد والميثاق من الْمُسلمين كَيفَ وَقد سبق أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بايعهم على الصَّلَوَات وَذَلِكَ من عهد الله تَعَالَى الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ أَي الَّذِي يفرق بَين الْمُسلمين والكافرين ويتميز بِهِ هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ صُورَة على الدَّوَام الصَّلَاة وَلَيْسَ هُنَاكَ عمل على صفتهَا فِي افادة التميز بَين الطَّائِفَتَيْنِ على الدَّوَام فقد كفر أَي صُورَة وتشبها بهم إِذْ لَا يتَمَيَّز الا الْمُصَلِّي وَقيل يخَاف عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّيه إِلَى الْكفْر وَقيل كفر أَي أُبِيح دَمه وَقيل المُرَاد من تَركهَا جحدا وَقَالَ أَحْمد تَارِك الصَّلَاة كَافِر لظَاهِر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 [465] ان أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد أَي فِي حُقُوق الله فَلَا يشكل بِمَا جَاءَ انه يبْدَأ بالدماء فَإِن ذَاك فِي الْمَظَالِم وَحُقُوق النَّاس بِصَلَاتِهِ الْبَاء زَائِدَة تدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْآتِيَة فيكمل بِهِ مَا نقص من الْفَرِيضَة ظَاهره أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 من فَاتَتْهُ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فصلى نَافِلَة يحْسب عَنهُ النَّافِلَة مَوضِع الْمَكْتُوبَة وَقيل بل مَا نقص من خشوع الْفَرِيضَة وآدابها يجْبر بالنافلة ورد بِأَن قَوْله وَسَائِر الْأَعْمَال كَذَلِك لَا يُنَاسِبه إِذْ لَيْسَ فِي الزَّكَاة الا فرض أَو فضل فَكَمَا تكمل فرض الزَّكَاة بفضلها كَذَلِك فِي الصَّلَاة وَفضل الله أوسع وَكَرمه أَعم وَأتم وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 قَوْله [468] يدخلني الْجنَّة من الادخال أَي يدخلني الله بِهِ أَو يدخلني ذَلِك الْعَمَل على الْإِسْنَاد الْمجَازِي وَالْمرَاد الدُّخُول ابْتِدَاء والا فَيَكْفِي الْإِيمَان والمضارع مَرْفُوع وَالْجُمْلَة صفة عمل وَيُمكن جزم الْمُضَارع بِتَقْدِير أَي أَن عملته أَو على أَنه جَوَاب الْأَمر وَفِيه بَيَان أَنه 7 هِيَ نَفسه لاتيان ذَلِك الْعَمَل بِحَيْثُ كَانَ الاخبار فِي حَقه سَببا لدُخُول الْجنَّة تعبد الله بِمَعْنى الْمصدر أَو خبر بِمَعْنى الْأَمر وَالْعِبَادَة التَّوْحِيد وَجُمْلَة وَلَا تشرك تَأْكِيد لَهُ أَو الطَّاعَة مُطلقًا وَجُمْلَة وَلَا تشرك لبَيَان الْإِخْلَاص وَترك الرِّيَاء وعَلى الثَّانِي قَوْله وتقيم الخ تَخْصِيص بعد التَّعْمِيم ذرها أَمر لَهُ بِأَن يتْرك نَاقَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ حَبسهَا وَقت السُّؤَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 [469] وبذي الحليفة الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ قصرهَا لِأَنَّهُ خرج حَاجا إِلَى مَكَّة لَا لِأَن ذَا الحليفة حد الْقصر كَمَا توهم قَوْله بالهاجرة قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ اشتداد الْحر نصف النَّهَار قلت كَذَلِك قَالَ أهل اللُّغَة لَكِن المُرَاد هَا هُنَا بعد الزَّوَال فَكَانَ مُرَادهم نصف النَّهَار وَمَا يُقَارِبه عنزة بِمُهْملَة وَنون مفتوحتين هِيَ مثل نصف الرمْح أَو أكبر شَيْئا وَفِي طرفها حَدِيدَة قَوْله [471] لن يلج بِكَسْر اللَّام أَي لَا يدْخل وَقَوله صل لَعَلَّ المُرَاد بِهِ الدَّوَام وَلَعَلَّه لَا يوفق للمداومة الا من سبقت لَهُ هَذِه السَّعَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَآذِنِّي بِالْمدِّ وَتَشْديد النُّون بادغام نون الْكَلِمَة فِي نون الْوِقَايَة من الايذان بِمَعْنى الاعلام أَي أعلمني فَأَمْلَتْ من الْإِمْلَاء أَي أَلْقَت على لأكتب وَصَلَاة الْعَصْر بالْعَطْف فَالظَّاهِر أَنَّهَا غير الْوُسْطَى وَهُوَ يُخَالف الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي سَيَجِيءُ الا أَن يَجْعَل الْعَطف للتفسير وَالظَّاهِر أَن هَذَا كَانَ من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ فَزَعَمت عَائِشَة أَنه جُزْء من الْآيَة أَو كَانَ جُزْءا فنسخ وَزَعَمت بَقَاءَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 [474] فقد حَبط عمله بِكَسْر الْبَاء أَي بَطل قيل أُرِيد بِهِ تَعْظِيم الْمعْصِيَة لَا حَقِيقَة اللَّفْظ يكون مجَاز التَّشْبِيه قلت وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْعَمَل لَا يحبط الا بالْكفْر لَكِن ظَاهر قَوْله تَعَالَى لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم الْآيَة يُفِيد أَنه يحبط بِبَعْض الْمعاصِي أَيْضا فَيمكن أَن يكون ترك الْعَصْر عمدا من جملَة تِلْكَ الْمعاصِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 [475] كُنَّا نحزر بحاء مُهْملَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة ثمَّ رَاء مُهْملَة من نصر أَي نقدر وَفِي الآخرتين على نصف ذَلِك هَذَا يَقْتَضِي أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الآخرتين أَحْيَانًا سوى الْفَاتِحَة أَيْضا هَذَا ثمَّ مَا جَاءَ من الِاخْتِلَاف فِي قدر الْقِرَاءَة يحمل على اخْتِلَاف الْأَوْقَات قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 [478] من فَاتَتْهُ صَلَاة ظَاهر الْعُمُوم لكل وَقيل الْوَقْت ذهَاب الْوَقْت مُطلقًا وَقيل الْوَقْت الْمُخْتَار وَقيل ذهَاب الْجَمَاعَة وتر أَهله وَمَاله يرْوى بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أَخذ فَيكون أَهله هُوَ نَائِب الْفَاعِل وَالْمَقْصُود أَنه ليحذر من تفوتها كحذره من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ الدَّاودِيّ أَي يجب عَلَيْهِ من الأسف والاسترجاع مثل الَّذِي يجب على من وتر أَهله وَمَاله اه قلت وَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء من الأسف أصلا فَلْيتَأَمَّل وَالْوَجْه أَن المُرَاد أَنه حصل لَهُ من النُّقْصَان فِي الْآجر فِي الْآخِرَة مَا لَو وزن بِنَقص الدُّنْيَا لما وازنه الانقصان من نقص أَهله وَمَاله وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الحَدِيث غير دَاخل فِي تَرْجَمَة صَلَاة الْعَصْر فِي السّفر بل هَذَا بحث آخر وَتَحْقِيق مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [479] خَالفه مُحَمَّد بن إِسْحَاق قيل وَجه مُخَالفَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق لليث أَنه خَالفه فِي السَّنَد فَقَالَ بن إِسْحَاق سَمِعت نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وَقَالَ اللَّيْث عَن عرَاك بن مَالك أَنه بلغه أَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة وَفِي الْمَتْن فَإِن الأول وَقفه على نَوْفَل وَالثَّانِي رَفعه قَوْله أعتم بِفَتْح أَي أخر الْعشَاء أَنه لَيْسَ أحد الخ أَي هِيَ مَخْصُوصَة بكم فاللائق بكم أَن تنتفعوا بهَا بالاشتغال بهَا والانتظار لَهَا لِأَن الِانْتِظَار كالاشتغال بهَا أجرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 [485] يتعاقبون فِيكُم أَيْ تَأْتِي طَائِفَةٌ عَقِبَ طَائِفَةٍ ثُمَّ تَعُودُ الأولى عقب الثَّانِيَة وَضمير فِيكُم للمصلين أَو مُطلق الْمُؤمنِينَ وَالْوَاو فِي يتعاقبون لعلامة جمع الْفَاعِل على لُغَة أكلوني البراغيث وَلَيْسَ بفاعل أَو هُوَ ضمير مُبْهَم بَينه مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ أَو قَوْله مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ مُبْتَدأ خَبره يتعاقبون فِيكُم تقدم عَلَيْهِ لفظا هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي مثله ورد بِأَن فِي هَذَا الحَدِيث وَقع اخْتِصَار من الروَاة وَالْأَصْل إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ كَمَا رَوَاهُ الْبَزَّار ثمَّ يعرج الَّذين باتوا لَيْلًا أَو نَهَارا كَمَا فِي رِوَايَة وَمُقْتَضى اجْتِمَاعهم فِي الصَّلَاتَيْنِ أَنه يخْتَلف مجيئهم وذهابهم حسب اخْتِلَاف النَّاس فِي الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 [486] صَلَاة الْجمع الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة أَي صَلَاة أحدكُم مَعَ الْجمع أَي الْجَمَاعَة أَو بِحَذْف الْمُضَاف أَي صَلَاة آحَاد الْجَمِيع والا فَلَيْسَ الْمَطْلُوب تَفْضِيل صَلَاة الْمَجْمُوع على صَلَاة الْوَاحِد بل تَفْضِيل صَلَاة الْوَاحِد على صلَاته بِاعْتِبَار الْحَالين ثمَّ إِنَّه جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات بِسبع وَعشْرين دَرَجَة فَيحْتَمل على أَنه اوحى إِلَيْهِ أَولا بِخمْس وَعشْرين ثمَّ بِسبع وَعشْرين تفضلا من الله تَعَالَى حَيْثُ زَاد دَرَجَتَيْنِ أَو على أَن المُرَاد فِي أحد الْحَدِيثين التكثير دون التَّحْدِيد وَالله تَعَالَى أعلم كَانَ مشهودا أَي يشهده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الْمَلَائِكَة ويحضره وَلَا يخفي أَن طَائِفَة من الْمَلَائِكَة على الْبَدَلِيَّة تشهد الصَّلَوَات كلهَا وكلتا الطَّائِفَتَيْنِ لَا يحْضرُون صَلَاة الْفجْر أَو الْعَصْر بتمامهما أَيْضا لقَولهم تركناهم وهم يصلونَ فكأنهم يشْهدُونَ الْقُرْآن جَمِيعًا ثمَّ تذْهب طَائِفَة عِنْد تَمام الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الْفجْر أَو الرَّابِعَة من الْعَصْر قبل الْفَرَاغ من الصَّلَاة فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [488] بَيت الْمُقَدّس كمرجع أَو كاسم الْمَفْعُول من التَّقْدِيس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَصرف على بِنَاء الْمَفْعُول أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك ولظهور البعدية من السُّوق لم يقل ثمَّ صرف إِلَى الْقبْلَة اللَّام فِيهَا للْعهد وَالْمرَاد الْقبْلَة الْمَعْهُودَة بَين الْمُسلمين وَهِي الْكَعْبَة المشرفة والا فقد كَانَ بَيت الْمُقَدّس قبْلَة لَهُم قَالَ تَعَالَى سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَوْله وَجه على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أَمر بِأَن يتَوَجَّه فانحرفوا إِلَى الْكَعْبَة أَي انصرفوا إِلَيْهَا وهم فِي الصَّلَاة لخَبر الْوَاحِد وَفِيه نسخ الْقطعِي بالظني وَقد قررهم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك الا أَن يمْنَع الظنية وَيَدعِي أَنه قد حَفَّتْهُ أَمَارَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أدَّت إِلَى الْقطع وَفِيه أَن مَا عمل على وفْق الْمَنْسُوخ قبل الْعلم بالنسخ فَهُوَ صَحِيح وَأَن حكم النَّاسِخ يثبت من وَقت الْعلم فَيَنْبَغِي أَن لَا يتْرك مَا ثَبت لاحْتِمَاله النّسخ لِأَن حكم النّسخ لَا يثبت الا من حِين الْعلم وَقبل الثَّابِت وَهُوَ حكم الْمَنْسُوخ فَلْيتَأَمَّل وَيَنْبَغِي أَن يكون احْتِمَال الْمعَارض والتأويل مثله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يسبح من التَّسْبِيح أَي يُصَلِّي النَّافِلَة قبل بِكَسْر الْقَاف غير أَنه أَي لكنه وَهَذَا يدل على عدم وجوب الْوتر قَوْله [491] يُصَلِّي على دَابَّته أَي النَّافِلَة قَوْله [492] حَيْثُمَا تَوَجَّهت بِهِ الْبَاء للتعدية أَو المصاحبة قَوْله بقباء بِضَم الْقَاف وَهَذَا يذكر وَيصرف وَقيل يقصر وَيُؤَنث وَيمْنَع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 فاستقبلوها بِكَسْر الْبَاء على أَنه صِيغَة أَمر وَهُوَ من كَلَام الْآتِي أَو بِفَتْح الْبَاء على أَنه صِيغَة مَاض وَهُوَ حِكَايَة لحالهم قيل وَالظَّاهِر هُوَ الأول لِأَن الثَّانِي يُغني عَنهُ قَوْله فاستداروا الْكَعْبَة وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الِاسْتِقْبَال يسْتَلْزم تقدم الْقَوْم على الامام الا أَن يُقَال بِأَن الامام تحول من مَكَانَهُ فِي مقدم الْمَسْجِد إِلَى مؤخره ثمَّ تحولت الرِّجَال حَتَّى صَارُوا خَلفه وَيلْزم وُقُوع مشي كثير فِي أثْنَاء الصَّلَاة الا أَن يُقَال كَانَ وُقُوعه قبل التَّحْرِيم أَو لم تتوال الخطا كَذَا قيل وَمرَاده بقوله قبل التَّحْرِيم أَي قبل الشُّرُوع فِي الصَّلَاة أَو قبل أَن يصير الْعَمَل فِي الصَّلَاة حَرَامًا وَالْأول يأباه ظَاهر لفظ الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [494] أما ان جِبْرِيل أما بِالتَّخْفِيفِ حرف استفتاح بِمَنْزِلَة أَلا امام رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِكَسْر الْهمزَة وَهُوَ حَال لكَون اضافته لفظية نظرا إِلَى الْمَعْنى أَو بِفَتْح الْهمزَة وَهُوَ ظرف وَالْمعْنَى يمِيل إِلَى الأول ومقصود عُرْوَة بذلك أَن أَمر الْأَوْقَات عَظِيم قد نزل لتحديدها جِبْرِيل فعلمها النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِالْفِعْلِ فَلَا يَنْبَغِي التَّقْصِير فِي مثله اعْلَم أَمر من الْعلم أَي كن حَافِظًا ضابطا لَهُ وَلَا تقله عَن غَفلَة أَو من الاعلام أَي بَين لي حَالَة واسنادك فِيهِ يحْسب بِضَم السِّين من الْحساب خمس صلوَات كل وَاحِدَة مِنْهَا مرَّتَيْنِ تحديدا لأوائل الْأَوْقَات وأواخرها وَهُوَ بِالنّصب مفعول يحْسب أَو صليت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يسْأَل هُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ على بِنَاء الْفَاعِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 [495] كَمَا أسمعك من الاسماع قَالَ أَبُو بَرزَة كَانَ أَي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يحب النّوم قبلهَا لما فِيهِ من تَعْرِيض صَلَاة الْعشَاء على الْفَوات وَلَا الحَدِيث الخ لما فِيهِ من تَعْرِيض قيام اللَّيْل بل صَلَاة الْفجْر على الْفَوات عَادَة وَقد جَاءَ الْكَلَام بعْدهَا فِي الْعلم وَنَحْوه مِمَّا لَا يخل فَلذَلِك خص هَذَا الحَدِيث بِغَيْرِهِ يذهب الذَّاهِب بعد الْفَرَاغ مِنْهَا كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق لِأَن الحَدِيث مسوق لتحديد الْوَقْت الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَيَّة حَيَاة الشَّمْس اما بِبَقَاء الْحر أَو بصفاء اللَّوْن بِحَيْثُ لَا يظْهر فِيهِ تغير أَو بالأمرين جَمِيعًا فيعرفه فَإِذا كَانَ هَذَا وَقت الْفَرَاغ فَيكون الشُّرُوع بِغَلَس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله زاغت أَي زَالَت قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 [497] عَن خباب بِمُعْجَمَة وموحدتين كعلام قَوْله حر الرمضاء كحمراء بضاد مُعْجمَة هِيَ الرمل الْحَار لحرارة الشَّمْس فَلم يشكنا من أشكى إِذا أَزَال شكواه فِي النِّهَايَة شكوا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدَامَهُمْ مِنْهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى صَلَاةِ الظَّهْرِ وَسَأَلُوهُ تَأْخِيرَهَا قَلِيلا فَلم يجبهم إِلَى ذَلِك قَالَ وَهَذَا الحَدِيث يذكرهُ أهل الحَدِيث فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لما قيل لَهُ فِي تَعْجِيلهَا أَي شكوا إِلَيْهِ فِي شَأْن التَّعْجِيل قَالَ نَعَمْ وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِمْ تَحْتَ جِبَاهِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَنُهُوا عَنْ ذَلِك قلت وَهَذَا التَّأْوِيل بعيد وَالثَّابِت أَنهم كَانُوا يَسْجُدُونَ على طرف الثَّوْب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل أَن يكون هَذَا قبل أَن يَأْمُرهُم بِالْإِبْرَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا زِيَادَةَ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِ الْإِبْرَادِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقيل مَعْنَاهُ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى وَرخّص لنا فِي الابراد وعَلى هَذَا يظْهر التَّوْفِيق بَين الْأَحَادِيث قَوْله [498] إِذا نزل منزلا أَي قبيل الظّهْر لَا مُطلقًا كَيفَ وَقد صَحَّ عَن أنس إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر وَإِن كَانَ بِنصْف النَّهَار مُتَعَلق بِمَا يفهم من السُّوق من التَّعْجِيل أَي يعجل وَلَا يُبَالِي بهَا وَإِن كَانَت بِنصْف النَّهَار وَالْمرَاد قرب النّصْف إِذْ لَا بُد من الزَّوَال وَالله تَعَالَى أعلم بِالْحَال قَوْله [499] أبرد بِالصَّلَاةِ من الابراد وَهُوَ الدُّخُول فِي الْبرد وَالْبَاء للتعدية أَي أدخلها فِي الْبرد وأخرها عَن شدَّة الْحر فِي أول الزَّوَال فَكَانَ حد التَّأْخِير غَالِبا أَن يظْهر الْفَيْء للجدر قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 [500] فأبردوا عَن الصَّلَاة قيل كلمة عَن بِمَعْنى الْبَاء أَو زَائِدَة وأبرد مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ بِمَعْنى أَدخل فِي الْبرد وَقيل مُتَعَلقَة بأبردوا بتضمين معنى التَّأْخِير وَلَا بُد من تَقْدِير الْمُضَاف وَهُوَ الْوَقْت فَإِن قدر مَعَ ذَلِك مفعول أبردوا أعنى بِالصَّلَاةِ فَالْمَعْنى أدخلوها فِي الْبرد مؤخرين إِيَّاهَا عَن وَقتهَا الْمُعْتَاد وَإِن لم يقدر لَهُ مفعول يكون الْمَعْنى ادخُلُوا أَنْتُم فِي الْبرد مؤخرين إِيَّاهَا عَن وَقتهَا وَالله تَعَالَى أعلم من فيح جَهَنَّم أَي شدَّة غليانها وانتشار حرهَا وَالْجُمْهُور حمله على الْحَقِيقَة إِذْ لَا يستبعد مثله وَقيل خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّم فِي الْحر فاحذروها وَاجْتَنبُوا ضرها قَوْله عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الخ الظَّاهِر أَن هَذِه الْوَاقِعَة بِمَكَّة قبل إِسْلَام أبي هُرَيْرَة وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا الْكَلَام لمن حَضَره يَوْمئِذٍ وَأَبُو هُرَيْرَة أَخذ الحَدِيث من بعض أُولَئِكَ فَالْحَدِيث مُرْسل صَحَابِيّ لَكِن مُرْسل الصَّحَابِيّ كالمتصل وَيحْتَمل على بعد مَجِيء جِبْرِيل مرّة ثَانِيَة بعد إِسْلَام أبي هُرَيْرَة وَيكون الحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 مُتَّصِلا وَالله تَعَالَى أعلم فصلى أَي جِبْرِيل أَو النَّبِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين رأى أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَو جِبْرِيل الظل مثله أَي قدر قامته وَلم يكن فِي تِلْكَ الْأَيَّام فَيْء كَمَا جَاءَ أَو كَانَ وَالْمرَاد سوى فَيْء الزَّوَال ضَرُورَة أَن الْمَقْصُود تَحْدِيد الْوَقْت وتعيينه وفيء الزَّوَال لَا يتَعَيَّن زَمَانا وَلَا مَكَانا فَعِنْدَ اعْتِبَاره فِي الْمثل لَا يحصل التَّحْدِيد أصلا ثمَّ صلى بِهِ الظّهْر أَي فرغ مِنْهَا وَأما فِي الْعَصْر الأول فَالْمُرَاد بقوله صلى شرع فِيهَا وَهَذَا لِأَن تَعْرِيف وَقت الصَّلَاة بالمرتين يَقْتَضِي أَن يعْتَبر الشُّرُوع فِي أولى الْمَرَّتَيْنِ والفراغ فِي الثَّانِيَة مِنْهُمَا ليتعين بهما الْوَقْت وَيعرف أَن الْوَقْت من شُرُوع الصَّلَاة فِي أولى الْمَرَّتَيْنِ إِلَى الْفَرَاغ مِنْهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة وَهَذَا معنى قَول جِبْرِيل الصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك أمس وَصَلَاة الْيَوْم أَي وَقت الصَّلَاة من وَقت الشُّرُوع فِي الْمرة الأولى إِلَى وَقت الْفَرَاغ فِي الْمرة الثَّانِيَة وَبِهَذَا ظهر صِحَة هَذَا القَوْل فِي صَلَاة الْمغرب وان صلى فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقت وَاحِد وَسقط مَا يتَوَهَّم أَن لفظ الحَدِيث يُعْطي وُقُوع الظّهْر فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر فِي الْيَوْم الأول فَيلْزم اما التَّدَاخُل فِي الْأَوْقَات وَهُوَ مَرْدُود عِنْد الْجُمْهُور ومخالف لحَدِيث لَا يدْخل وَقت صَلَاة حَتَّى يخرج وَقت صَلَاة أُخْرَى أَو النّسخ وَهُوَ يفوت التَّعْرِيف الْمَقْصُود بامامة جِبْرِيل مرَّتَيْنِ فَإِن الْمَقْصُود فِي أول الْمَرَّتَيْنِ تَعْرِيف أول الْوَقْت وبالثانية تَعْرِيف آخِره وَعند النّسخ لَا يحصل ذَلِك على أَن قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك الخ تَصْرِيح فِي رد القَوْل بالنسخ ثمَّ قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك الخ يَقْتَضِي بِحَسب الظَّاهِر أَن لَا يجوز الْعَصْر بعد المثلين لكنه مَحْمُول على بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار فَفِيمَا يدل الدَّلِيل على وجود وَقت سوى الْوَقْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 الْمُخْتَار يَقُول بِهِ كالعصر وَفِيمَا لم يقم دَلِيل على ذَلِك بل قَامَ على خِلَافه كالظهر حَيْثُ اتَّصل الْعَصْر بِمُضِيِّ وقته الْمُخْتَار نقُول فِيهِ بِأَن وقته كُله مُخْتَار وَلَيْسَ لَهُ وَقت سوى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [503] كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الخ أَي قدر تَأْخِير الصَّلَاة عَن الزَّوَال مَا يظْهر فِيهِ قدر ثَلَاثَة أَقْدَام للظل أَي يصير ظلّ كل انسان ثَلَاثَة أَقْدَام من اقدامه فَيعْتَبر قدم كل انسان بِالنّظرِ إِلَى ظله وَالْمرَاد أَن يبلغ مَجْمُوع الظل الْأَصْلِيّ وَالزَّائِد هَذَا الْمبلغ لَا أَن يصير الزَّائِد هَذَا الْقدر وَيعْتَبر الْأَصْلِيّ سوى ذَلِك فَهَذَا قد يكون لزِيَادَة الظل الْأَصْلِيّ كَمَا فِي أَيَّام الشتَاء وَقد يكون لزِيَادَة الظل الزَّائِد بِسَبَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 التبريد كَمَا فِي أَيَّام الصَّيف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله صلى معي هَكَذَا فِي نسختنا ثُبُوت الْيَاء وَالظَّاهِر حذفهَا وَكَانَ الْيَاء الْمَوْجُودَة للآشباع وَأما لَام الْكَلِمَة فَهِيَ محذوفة أَو هِيَ لَام الْكَلِمَة الا أَن المعتل عومل مُعَاملَة الصَّحِيح وَقد تكَرر الْوَجْهَانِ فِي مَوَاضِع فَكُن على ذكر مِنْهُمَا فلعلي مَا أُعِيد بعد ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الحَدِيث فِي وَقت الظّهْر وَالْعصر مُوَافق لحَدِيث امامة جِبْرِيل فيؤيد بطلَان قَول من يَقُول بالنسخ فَلْيتَأَمَّل قَوْله [505] وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا أَي ظلها فِي الْحُجْرَة لم يظْهر الْفَيْء أَي ظلها لم يصعد وَلم يعل على الْحِيطَان أَو لم يزل قلت وَهُوَ الْأَظْهر لِأَن الْغَالِب أَن ظلّ الشَّمْس يظْهر على الْحِيطَان قبل الْمثل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [506] وهم يصلونَ أَي الْعَصْر وَمَعْلُوم أَنهم صحابة مَا يصلونَ فِي وَقت لَا يَنْبَغِي التَّأْخِير إِلَيْهِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 [507] وَيذْهب الذَّاهِب أَي بعد الصَّلَاة بِقَرِينَة السِّيَاق قَوْله محلقة اسْم فَاعل من التحليق بِمَعْنى الِارْتفَاع أَي مُرْتَفعَة قَوْله [509] حَتَّى دَخَلنَا على أنس بن مَالك أَي وبيته فِي جنب الْمَسْجِد وَهَذَا يُفِيد تَعْجِيل الْعَصْر بِلَا ريب قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا أخر عمر بن عبد الْعَزِيز الظّهْر رَحمَه الله تَعَالَى على عَادَة الْأُمَرَاء قبْلَة قبل أَن تبلغه السّنة فِي تَقْدِيمهَا فَلَمَّا بلغته صَار إِلَى التَّقْدِيم وَيحْتَمل أَنه أَخّرهَا لشغل وَعذر عرض لَهُ وَظَاهر الحَدِيث يَقْتَضِي التَّأْوِيل الأول وَهَذَا كَانَ حِين ولي عمر بن عبد الْعَزِيز الْمَدِينَة نِيَابَة لَا فِي خِلَافَته لِأَن أنسا رضى الله تَعَالَى عَنهُ توفّي قبل خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز بِنَحْوِ تسع سِنِين قَوْله عجلت من التَّعْجِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 قَوْله تِلْكَ أَي الصَّلَاة الْمُتَأَخِّرَة عَن الْوَقْت وَقَوله فَكَانَت بَين قَرْني الشَّيْطَان كِنَايَة عَن قرب الْغُرُوب وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْطَان عِنْد الطُّلُوع والاستواء والغروب ينْتَصب دون الشَّمْس بِحَيْثُ يكون الطُّلُوع والغروب بَين قرنيه فَنقرَ أَرْبعا كَأَنَّهُ شبه كل سَجْدَتَيْنِ من سجداته من حَيْثُ أَنه لَا يمْكث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فيهمَا وَلَا بَينهمَا بنقر طَائِر إِذا وضع منقاره يلتقط شَيْئا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَتقدم جِبْرِيل الخ وَكَانَت امامة جِبْرِيل بأَمْره تَعَالَى فاقتداء النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَالنَّاس اقْتِدَاء مفترض بمفترض فَلَا يَسْتَقِيم اسْتِدْلَال من اسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ على جَوَاز اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل حَتَّى وَجَبت أَي غربت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 حِين انْشَقَّ الْفجْر أَي طلع ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمَ الثَّانِيَ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شخصه أَي أَتَاهُ بِحَيْثُ فرغ من الصَّلَاة وَقد كَانَ ظلّ الرجل مثل شخصه بِخِلَاف مَا تقدم من الْعَصْر فِي الْيَوْم الأول فَإِنَّهُ شرع فِي الصَّلَاة وَكَانَ ظلّ الشَّيْء مثله وَقد تقدم تَحْقِيقه فنمنا ثمَّ قمنا ظَاهره أَن جَابِرا قد حضر هَذِه الصَّلَاة لَكِن الْمَشْهُور أَن هَذِه الصَّلَاة كَانَت بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة فَأَما أَن يُقَال أَن هَذَا الْكَلَام كَلَام من سمع جَابر الحَدِيث عَنهُ ثمَّ ذكره جَابر على وَجه الْحِكَايَة أَو نقُول بِتَعَدُّد الْوَاقِعَة كَمَا ذكرت فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وعَلى الثَّانِي فَقَوْل جَابر يُعلمهُ مَوَاقِيت يحمل على زِيَادَة الايقان وَالْحِفْظ وَالله تَعَالَى أعلم امْتَدَّ الْفجْر أَي طَال وَلَعَلَّه مَا انْتظر الْأَسْفَار التَّام لتطويل الْقِرَاءَة فصلى بِحَيْثُ وَقع الْفَرَاغ عِنْد الْأَسْفَار فضبط آخر الْوَقْت بالفراغ من الثَّانِيَة كَمَا ضبط أَوله بِالشُّرُوعِ فِي الأولى وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 قَوْله [514] من أدْرك رَكْعَتَيْنِ غَالب الرِّوَايَات من أدْرك رَكْعَة وَمعنى فقد أدْرك أَي تمكن مِنْهُ بِأَن يضم إِلَيْهَا بَاقِي الرَّكْعَات وَلَيْسَ المُرَاد أَن الرَّكْعَة تَكْفِي عَن الْكل وَمن يَقُول بِالْفَسَادِ بِطُلُوع الشَّمْس فِي أثْنَاء الصَّلَاة يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد أَن من تأهل للصَّلَاة فِي وَقت لَا يَفِي الا لركعة وَجب عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاة كصبي بلغ وحائض طهرت وَكَافِر أسلم وَقد بَقِي من الْوَقْت مَا يَفِي رَكْعَة وَاحِدَة تجب عَلَيْهِ صَلَاة ذَلِك الْوَقْت لَكِن رِوَايَة فليتم صلَاته كَمَا سَيَجِيءُ تَأتي هَذَا التَّأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 [518] لَا صَلَاة بعد الْعَصْر الخ نفى بِمَعْنى النَّهْي مثل لَا رفث وَلَا فسوق قَوْله [519] عِنْد الْفجْر أَي عِنْد طلوعه حِين وَقع أَي حِين غَابَ وَسقط حَاجِب الشَّمْس أَي طرفها الَّذِي بغيبته تغيب الشَّمْس كلهَا وأنعم أَن يبرد أَي أَطَالَ الابراد قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 [520] يرْمونَ ويبصرون من الابصار والْحَدِيث يدل على التَّعْجِيل وعَلى أَنه يقْرَأ فِيهَا السُّور الْقصار إِذْ لَا يتَحَقَّق مثل هَذَا الا عِنْد التَّعْجِيل وَقِرَاءَة السُّور الْقصار فَلْيتَأَمَّل قَوْله بالمخمص بميم مَضْمُومَة وخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ مِيم مَفْتُوحَة مُشَدّدَة اسْم مَوضِع كَانَ لَهُ أجره أَي فِي هَذِه الصَّلَاة أَو فِي مُطلق الصَّلَاة أَو فِي كل عمل وَالله تَعَالَى أعلم حَتَّى يطلع الشَّاهِد كِنَايَة عَن غرُوب الشَّمْس لِأَن بغروبها يظْهر الشَّاهِد وَالْمُصَنّف حمله على تَأْخِير الْغُرُوب وَهُوَ بعيد لِأَن غَايَة الْأَمر جَوَاز التَّأْخِير لَا وُجُوبه وَلَو حمل الحَدِيث عَلَيْهِ لأفاد الْوُجُوب فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 [522] مَا لم تحضر الْعَصْر يدل على أَن أول وَقت الْعَصْر كَانَ مَعْلُوما عِنْدهم بل ظَاهر سوق هَذِه الرِّوَايَة أَن أَوَائِل كل الْأَوْقَات مَعْلُومَات عِنْدهم كَأَنَّهَا أَمر مَعْرُوف عَنهُ وَإِنَّمَا سيق الحَدِيث لتحديد الْأَوَاخِر وَالْمرَاد بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار ثَوْرُ الشَّفَقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ انْتِشَارُهُ وَثَوَرَانُ حُمْرَتِهِ مِنْ ثَارَ الشَّيْءُ يَثُورُ إِذَا انْتَشَرَ وَارْتَفَعَ قَوْله [523] فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا أَي لم يبين لَهُ الْأَوْقَات بالْكلَام بل أمره بِالْإِقَامَةِ يَوْمَيْنِ ليبين لَهُ بِالْفِعْلِ كَمَا تقدم حِين انْشَقَّ الْفجْر أَي طلع كَأَنَّهُ شقّ مَوضِع طلوعه فَخرج مِنْهُ انتصف النَّهَار قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين هُوَ على سَبِيل الِاسْتِفْهَام قلت فَيحمل أَن يكون بِفَتْح الْهمزَة مثل اصْطفى الْبَنَات وأفترى أَو بِكَسْرِهَا على أَن حرف الِاسْتِفْهَام مُقَدّر كَمَا فِي قَول الْقَائِل طلعت الشَّمْس ثمَّ يحمل الحَدِيث على بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار نعم قد علم فِي الْبَعْض أَنه لَيْسَ لَهُ وَقت سوى الْوَقْت الْمُخْتَار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 [524] وَكَانَ الْفَيْءُ هُوَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ قَدْرَ الشرَاك بِكَسْر الشين أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهر هَذِه الرِّوَايَة أَن المُرَاد الْفَيْء الاصلي لَا الزَّائِد بعد الزَّوَال وَلذَلِك اسْتثْنى فِي وَقت الْعَصْر الْعُنُق بِمُهْملَة وَنون مفتوحتين وقاف سير سريع ذكره السُّيُوطِيّ قلت لَكِن إِلَى التَّوَسُّط أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 [525] يُصَلِّي الهجير أَي الظّهْر الَّتِي تدعونها تسمونها الأولى فَإِنَّهَا أول صَلَاة صلاهَا جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تدحض أَي تَزُول حَتَّى يرجع الظَّاهِر حِين يرجع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وَلَعَلَّ كلمة حَتَّى وَقعت مَوضِع حِين سَهوا من بعض وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سَطَعَ الْفجْر أَي ارْتَفع وَظهر قَوْله سَوَاء أَي مُسَاوِيَة للغروب حَال من مفعول صلاهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 قَوْله بالهاجرة فِي الصِّحَاح هُوَ نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر وَفِي الْقَامُوس هُوَ من الزَّوَال إِلَى الْعَصْر وَلَا يخفى أَن الأول لَا يَسْتَقِيم وَالثَّانِي لَا يُفِيد تعين الْوَقْت الْمَطْلُوب وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هُوَ الأول على تَسْمِيَة مَا هُوَ قريب من النّصْف نصفا وَلَعَلَّ الْمَطْلُوب أَنه كَانَ يُصَلِّي الظّهْر فِي أول وَقتهَا أَي لَا يؤخرها تَأْخِيرا كثيرا فَلَا يُنَافِي الابراد وَلَعَلَّ تَخْصِيص أَيَّام الْحر لبَيَان أَن الْحر لَا يمنعهُ من أول الْوَقْت فَكيف إِذا لم يكن هُنَاكَ حر إِذا وَجَبت الشَّمْس أَي سَقَطت وغربت وَالْعشَاء الظَّاهِر لفظا أَنه عطف وَمعنى أَنه مُبْتَدأ أَو مفعول لمَحْذُوف أَي عجل الْعشَاء أَحْيَانًا وأخرها أَحْيَانًا وَجُمْلَة كَانَ إِذا رَآهُمْ الخ بَيَان لحين التَّعْجِيل وَالتَّأْخِير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [528] لسُقُوط الْقَمَر أَي غيبته وَكَانَ هَذَا هُوَ الْغَالِب والا فقد علم أَنه كَانَ يعجل تَارَة وَيُؤَخر أُخْرَى حَسْبَمَا يرى من الْمصلحَة ولان دلَالَة الحَدِيث على بَيَان الشَّفق غير ظَاهِرَة الا بِوَجْه بعيد فَلْيتَأَمَّل قَوْله الْعَتَمَة بِفتْحَتَيْنِ أَي الْعشَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 [531] أَو خلوا بِكَسْر خاء مُعْجمَة وَسُكُون لَام أَي مُنْفَردا أعتم أَي أخر الصَّلَاة الصَّلَاة بِالنّصب على الإغراء أَو التَّقْدِير عجلها أَو أَخّرهَا فبدد بتَشْديد الدَّال أَي فرق ثمَّ على الصدغ بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة لَا يقصر من التَّقْصِير أَي لَا يبطىء وَلَا يبطش من نصر وَضرب أَي لَا يستعجل الا هَكَذَا أَي بِالتَّأْخِيرِ إِلَى مثل هَذَا الْوَقْت وَيفهم مِنْهُ أَن تَأْخِير الْعشَاء أحب من تَعْجِيلهَا قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 [532] رقد النِّسَاء والولدان قيل أَي الَّذين بِالْمَسْجِدِ قلت أَو الَّذين بِالْبُيُوتِ بعد انتظارهم للأزواج والآباء الَّذين بِالْمَسْجِدِ قَوْله أَنه الْوَقْت أَي الأحب لَوْلَا أَن أشق على أمتِي أَي لأمرتهم بِهِ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 [535] مَا ينتظرها غَيْركُمْ أَي فانتظاركم شرف مَخْصُوص بكم فَلَا تكرهوه إِلَى ثلث اللَّيْل فَعلم مِنْهُ آخر الْوَقْت المرغوب [536] حَتَّى ذهب عَامَّة اللَّيْل أَي غالبه والمتبادر مِنْهُ أَنه صلى بعد أَن ذهب من النّصْف الْأَخير أَيْضا شَيْء أَنه لوَقْتهَا بِفَتْح اللَّام قَوْله وَلَوْلَا أَن تثقل بِصِيغَة التَّأْنِيث أَي الصَّلَاة هَذِه السَّاعَة أَو التَّذْكِير أَي التَّأْخِير لصليت بهم هَذِه السَّاعَة أَي ليطول انتظارهم فيكثر بذلك انتفاعهم بِهَذِهِ الصَّلَاة الْمَخْصُوصَة بهم لِأَن المنتظر للصَّلَاة كَالَّذي فِي الصَّلَاة قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 [538] لم تزالوا فِي الصَّلَاة التنكير للتعميم أَي أَي صَلَاة أنتظرتموها فَأنْتم فِيهَا مَا دَامَ انتظرتموها وَلَوْلَا ضعف الضَّعِيف هُوَ بِضَم أَو فتح فَسُكُون والسقم بِضَم فَسُكُون أَو بِفتْحَتَيْنِ وَمُقْتَضى الْمُوَافقَة أَن يخْتَار فيهمَا الضَّم مَعَ السّكُون ثمَّ السقم هُوَ الْمَرَض والضعف أَعم فقد يكون بِدُونِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [539] إِلَى وبيص خَاتمه قَالَ السُّيُوطِيّ هُوَ البريق وزنا وَمعنى قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 [540] مَا فِي النداء أَي الْأَذَان كَمَا فِي رِوَايَة والصف الأول أَي من الْخَيْر وَالْبركَة كَمَا فِي رِوَايَة ثمَّ لم يَجدوا أَي سَبِيلا إِلَى تَحْصِيله بطرِيق الا أَن يستهموا عَلَيْهِ أَي بِأَن يستهموا عَلَيْهِ فَالضَّمِير فِي عَلَيْهِ رَاجع لما وَقيل للمذكور من النداء والصف الأول والاستفهام الاقتراع أَي الا بِالْقُرْعَةِ وَفِيه تجهيل للمتساهلين فِي هَذَا الْأَمر فَلَا يرد أَنهم قد علمُوا بِخَبَر الصَّادِق وهم بسعة من تَحْصِيله بِلَا استهام وَمَعَ هَذَا لَا يحصلونه فَكيف يصدق الْخَبَر بِأَنَّهُم لَو علمُوا لاستهموا التهجير أَي التبكير إِلَى الصَّلَوَات مُطلقًا وَقيل الْإِتْيَانُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَن التهجير من الهاجرة لاستبقوا إِلَيْهِ أَي سبق بَعضهم بَعْضًا إِلَيْهِ لَا بِسُرْعَة فِي الْمَشْي فِي الطَّرِيق فَإِنَّهُ مَمْنُوع بل بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ والانتظار فِي الْمَسْجِد قبل الآخر وَلَو حبوا كَمَا يمشي الصَّبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 أول أمره قَوْله [541] لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب الخ أَي الِاسْم الَّذِي ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه لهَذِهِ الصَّلَاة اسْم الْعشَاء والأعراب يسمونها الْعَتَمَة فَلَا تكثروا اسْتِعْمَال ذَلِك الِاسْم لما فِيهِ من غَلَبَة الْأَعْرَاب عَلَيْكُم بل أَكْثرُوا اسْتِعْمَال اسْم الْعشَاء مُوَافقَة لِلْقُرْآنِ فَالْمُرَاد النَّهْي عَن اكثار اسْم الْعَتَمَة لَا عَن اسْتِعْمَاله أصلا فَانْدفع مَا يتَوَهَّم من التَّنَافِي بَين أَحَادِيث الْبَابَيْنِ فَإِنَّهُم يعتمون من أعتم إِذا دخل فِي الْعَتَمَة وَهِي الظلمَة وعَلى بِمَعْنى اللَّام أَي يؤخرون الصَّلَاة ويدخلون فِي ظلمَة اللَّيْل بِسَبَب الْإِبِل وحلبها وَالله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 أعلم قَوْله أَن كَانَ كلمة أَن مخففه من المثقلة أَي أَن الشَّأْن كَانَ الخ متلفعات بِعَين مُهْملَة بعد الْفَاء أَي متلففات بأكسيتهن مَا يعرفن أَي حَال الِانْصِرَاف فِي الطّرق لَا فِي دَاخل الْمَسْجِد كَمَا زَعمه الْمُحَقق بن الْهمام لِأَن جملَة مَا يعرفن حَال من فَاعل ينْصَرف فَيجب الْمُقَارنَة بَينهمَا من الْغَلَس أَي لأجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الظلمَة لَا لأجل التلفع قَوْله [547] قريب مِنْهُم أَي من أهل خَيْبَر فَأَغَارَ عَلَيْهِم أَي وَقع عَلَيْهِم وَقَاتلهمْ خربَتْ خَيْبَر أَي على أَهلهَا وَفتحت على الْمُسلمين قَالَه تفاؤلا حِين رأى فِي أَيدي أَهلهَا آلَات الْهدم صباح الْمُنْذرين بِفَتْح الذَّال والمخصوص بالذم مَحْذُوف أَي صباحهم وَالضَّمِير للْقَوْم قَوْله [548] أسفروا بِالْفَجْرِ من يرى أَن التغليس أفضل يحملهُ على التَّأْخِير حِين تبين وينكشف بِحَقِيقَة الْأَمر وَيعرف يَقِينا طُلُوع الْفجْر أَو يَخُصُّهُ بِاللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ لِأَنَّ أَوَّلَ الصُّبْحِ لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَأمروا بالأسفار احْتِيَاطًا أَو على تَطْوِيل الصَّلَاة وَهُوَ الأوفق بِحَدِيث مَا أسفرتم بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أعظم أَي لِلْأجرِ وَهُوَ مُخْتَار الطَّحَاوِيّ من عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 [552] بَين صلاتيكم هَاتين الظَّاهِر أَن المُرَاد بهما الظّهْر وَالْعصر أَي يُصَلِّي الْعَصْر بَين ظهركم وعصركم وَالْمَقْصُود أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعجل وَإِنَّهُم يؤخرون إِلَى أَن ينفسح الْبَصَر أَي يَتَّسِع وَهَذَا آخر وقته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه أخر الْوَقْت بِمَعْنى أَنه لَا يجوز بعده بل ذَاك هُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ حَدِيث من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 [553] من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة الخ لَا دلَالَة لَهُ على حكم من أدْرك دون الرَّكْعَة الا بِالْمَفْهُومِ وَلَا حجَّة فِيهِ عِنْد من لَا يَقُول بِهِ وَلذَلِك يَقُول عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْمَفْهُوم أَن من أدْرك التَّحْرِيمَة فِي الْوَقْت فقد أدْرك الا فِي الصُّبْح وَالْجُمُعَة لما عِنْدهم من الدَّلِيل على ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 [559] وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان أَي اقترانه أَو أَن الشَّيْطَان يدنو مِنْهَا بِحَيْثُ يكون طُلُوعهَا بَين قَرْني الشَّيْطَان وغرض اللعين أَن يَقع سُجُود من يسْجد للشمس لَهُ فَيَنْبَغِي لمن يعبد ربه تَعَالَى أَن لَا يُصَلِّي فِي هَذِه السَّاعَات احْتِرَازًا من التَّشْبِيه بعبدة الشَّيْطَان فِي تِلْكَ السَّاعَات أَي الثَّلَاث قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 [560] أَو نقبر فِيهِنَّ من قبر الْمَيِّت من بَاب نصر وَضرب لُغَة وَظَاهر الحَدِيث كَرَاهَة الدّفن فِي هَذِه الْأَوْقَات وَهُوَ قَول أَحْمد وَغَيره وَمن لَا يَقُول بِهِ يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد صَلَاة الْجِنَازَة على الْمَيِّت بطرِيق الْكِنَايَة للملازمة بَين الدّفن وَالصَّلَاة وَلَا يخفى أَنه تَأْوِيل بعيد لَا ينساق إِلَيْهِ الذِّهْن من لفظ الحَدِيث يُقَال قَبره إِذا دَفنه وَلَا يُقَال قَبره إِذا صلى عَلَيْهِ بازغة أَي طالعة ظَاهِرَة لَا يخفى طُلُوعهَا وَحين يقوم قَائِم الظهيرة أَي يقف الظل الَّذِي يقف عَادَة عِنْد الظهيرة حَسْبَمَا يرى وَيظْهر فَإِن الظل عِنْد الظهيرة لَا يظْهر لَهُ حَرَكَة سريعة حَتَّى يظْهر بمرأى الْعين أَنه وَاقِف وَهُوَ سَائِر وَحين تضيف بتَشْديد الْيَاء بعد الضَّاد الْمَفْتُوحَة وَضم الْفَاء صِيغَة الْمُضَارع أَصله تتضيف بالتاءين حذفت إِحْدَاهمَا أَي تميل قَوْله وَكَانَ أَي عمر من أحبهم إِلَى جملَة مُعْتَرضَة فِي الْبَين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 قَوْله لَا يتحسر أحدكُم هَكَذَا فِي نسختنا بسين وَرَاء بعد الْحَاء الْمُهْملَة أَي لَا يتعجز وَلَا يتثقل عَن أَدَاء الصَّلَوَات فِي الْوَقْت اللَّائِق بهَا فَيصَلي بِسَبَب ذَلِك عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو غُرُوبهَا لأجل تَأْخِيرهَا عَن الْوَقْت اللَّائِق بهَا وَفِي بعض النّسخ لَا يتحر برَاء بعد الْحَاء على أَنه نهى من التَّحَرِّي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وَهُوَ الْمَشْهُور فِي هَذَا الحَدِيث وَمَعْنَاهُ ظَاهر وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقه أَيْضا قَوْله [567] حَتَّى تبزغ الشَّمْس بزوغ الشَّمْس طُلُوعهَا من حد نصر قَوْله [570] أوهم عمر هَكَذَا فِي النّسخ بِالْألف وَالصَّوَاب وهم بِكَسْر الْهَاء أَي غلط أَو بِفَتْح الْهَاء أَي ذهب وهمه إِلَى مَا قَالَ كَمَا صَرَّحُوا فِي مثله وَهُوَ الْمَشْهُور فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث يُقَال أوهم فِي صلَاته أَو فِي الْكَلَام إِذا أسقط مِنْهَا شَيْئا وَوهم بِالْكَسْرِ إِذا غلط وَوهم بِالْفَتْح يهم إِذا ذهب وهمه الا أَن يُقَال المُرَاد ان الحَدِيث كَانَ مُقَيّدا فأسقط الْقَيْد من الْكَلَام نِسْيَانا ثمَّ تبع إِطْلَاقه ومقصود عَائِشَة أَن عمر كَانَ يرى الْمَنْع بعد الْعَصْر مُطلقًا وَهُوَ خطأ وَالصَّوَاب أَن الْمَمْنُوع هُوَ التَّحَرِّي بِالصَّلَاةِ فِي النِّهَايَة التَّحَرِّي هُوَ الْقَصْد وَالِاجْتِهَاد فِي الطّلب والعزم على تَخْصِيص الشَّيْء بِالْفِعْلِ وَالْقَوْل فالمنهي عَنهُ تَخْصِيص الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورين بِالصَّلَاةِ واعتقادهما أولى وَأَحْرَى للصَّلَاة أَو أَرَادَت عَائِشَة أَن الْمنْهِي عَنهُ هُوَ الصَّلَاة عِنْد الطُّلُوع والغروب بخصوصهما لَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر مُطلقًا وعَلى كل تَقْدِير فقد وَافق عمر على رِوَايَة الْإِطْلَاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 أَصْحَابه فَالْوَجْه أَن رِوَايَته صَحِيحَة والاطلاق مُرَاد وَالتَّقْيِيد فِي بعض الرِّوَايَات لَا يدل على نَفْيه بل لَعَلَّه كَانَ للتغليظ فِي النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [571] إِذا طلع حَاجِب الشَّمْس أَي طرفها الَّذِي يطلع أَولا وَالْمرَاد ثَانِيًا هُوَ الطّرف الَّذِي يغيب آخرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَا يكون الخ أَي قربا يَلِيق بِهِ تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 قيد رمح أَي قدره وتسجر على بِنَاء الْمَفْعُول أَي توقد فَالْأولى التَّصْدِيق بامثال هَذَا وَترك الْجِدَال ثمَّ لَعَلَّ الْمَقْصُود بَيَان أَن الصَّلَاة مُبَاحَة إِلَى طُلُوع الشَّمْس والى الْغُرُوب فِي الْجُمْلَة وَهَذَا لَا يُنَافِي كَرَاهَة النَّفْل بعد أَدَاء صَلَاة الْفجْر وَالْعصر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [573] الا أَن تكون الشَّمْس الخ دلَالَة الِاسْتِثْنَاء على الْجَوَاز بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ غير مُعْتَبر عِنْد قوم وَدلَالَة الْإِطْلَاق أقوى مِنْهُ عِنْد آخَرين وَيَكْفِي لصِحَّته جَوَاز بعض أَفْرَاد الصَّلَاة كالقضاء وَكَأن الْقَائِلين بِالْإِطْلَاقِ اعتمدوا بعض مَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 أعلم قَوْله [574] السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر ادّعى كثير مِنْهُم الْخُصُوص لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فإته مرّة رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فَقضى بعد الْعَصْر ثمَّ التزمهما والتزام الْقَضَاء مَخْصُوص بِهِ قطعا وَجوز بَعضهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 الصَّلَاة بعد الْعَصْر لسَبَب وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 قَوْله كُنَّا نصليها الخ وَالظَّاهِر أَن الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْمغرب جائزتان بل مندوبتان وَلم أر للمانعين جَوَابا شافيا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يصلى الا رَكْعَتَيْنِ خفيفتين أى قبل الْفَرْض قَوْله قَالَ حروعبد قيل هما أَبُو بكر وبلال ثمَّ انته أَمر من الِانْتِهَاء فَمَا دَامَت أى وَكَذَا انته مَا دَامَت أى الشَّمْس كَأَنَّهَا حجفة بِتَقْدِيم حاء مُهْملَة على جِيم مفتوحتين أَي ترس فِي عدم الْحَرَارَة وَإِمْكَان النّظر حَتَّى يقوم العمود على ظله لعمود خَشَبَة يقوم عَلَيْهَا الْبَيْت وَالْمرَاد حَتَّى يبلغ الظل فِي الْقلَّة غَايَته بِحَيْثُ لَا يظْهر إِلَّا تَحت العمود وَمحل قِيَامه فَيصير كَأَن العمود قَائِم عَلَيْهِ وَالْمرَاد وَقت الاسْتوَاء قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 [585] أَيَّة سَاعَة شَاءَ الظَّاهِر أَن الْمَعْنى لَا تمنعوا أحدا دخل الْمَسْجِد للطَّواف وَالصَّلَاة عِنْد الدُّخُول أَيَّة سَاعَة يُرِيد الدُّخُول فَقَوله أَيَّة سَاعَة ظرف لقَوْله لَا تمنعوا لالطاف وَصلى فَفِي دلَالَة الحَدِيث على التَّرْجَمَة بحث كَيفَ وَالظَّاهِر أَن الطّواف وَالصَّلَاة حِين يُصَلِّي الامام الْجُمُعَة بل حِين يخْطب الْخَطِيب يَوْم الْجُمُعَة بل حِين يُصَلِّي الامام أحدى الصَّلَوَات الْخمس غير مَأْذُون فِيهَا للرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [586] إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ظَاهره أَنه كَانَ يجمع بَينهمَا فِي وَقت الْعَصْر وَمن لَا يَقُول بِهِ يحمل قَوْله إِلَى وَقت الْعَصْر على معنى إِلَى قرب وَقت الْعَصْر وَيحمل الْجمع على الْجمع فعلا لَا وقتا وَهُوَ أَن يُصَلِّي الظّهْر فِي آخر وقته بِحَيْثُ يتَّصل خُرُوج الْوَقْت وَدخُول وَقت الْعَصْر بفراغه ثمَّ يُصَلِّي الْعَصْر فِي أول وقته وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 [588] وَهُوَ فِي زراعة بِفَتْح زَاي مُعْجمَة وَشدَّة رَاء مُهْملَة الَّتِي تزرع حَتَّى إِذا كَانَ بَين الصَّلَاتَيْنِ ظَاهره أَنه جمع جمع تَقْدِيم فِي آخر وَقت الظّهْر وَيحْتَمل أَنه جمع فعلا وَأما جمع التَّأْخِير فَهَذَا اللَّفْظ يَأْبَى عَنهُ وَالله تَعَالَى أعلم فَليصل هَذِه الصَّلَاة بِضَم الْيَاء وَتَشْديد اللَّام وَالْمرَاد فَليصل هَكَذَا أَو بِفَتْح الْيَاء وَتَخْفِيف اللَّام فليجمع هَذِه الصَّلَاة قَوْله ثمانيا أَي ثَمَانِي رَكْعَات أَربع رَكْعَات لِلظهْرِ وَأَرْبع رَكْعَات للعصر وَالْأَحْسَن فِي تَأْوِيله أَنه جمع فعلا لَا وقتا فَأخر الظّهْر إِلَى آخر وقته وَعجل الْعَصْر فِي أول وقته وَهُوَ الأوفق بقوله أخر الظّهْر وَعجل الْعَصْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأولى أَي الظّهْر فَإِنَّهُم كَانُوا يسمون الظّهْر الأولى لكَونهَا أول صَلَاة صلى جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ صلى الله تعالىعليه وَسلم ثَمَان سَجدَات أَي ثَمَان رَكْعَات فَأُرِيد بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَة بِاسْتِعْمَال اسْم الْجُزْء فِي الْكل قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 [591] إِلَى الحمي بِكَسْر حاء وَفتح مِيم وَقصر ألف وَفِي بعض النّسخ الْحمى وَهُوَ بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَالْمِيم مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة فَحْمَة الْعشَاء بِفَتْح فَاء وَسُكُون حاء هِيَ أول سَواد اللَّيْل قَوْله سرف بِفَتْح فَكسر قَوْله [594] إِذا عجل كسمع وَالْبَاء فِي بِهِ للتعدية وَظَاهر هَذَا الحَدِيث هُوَ الْجمع وقتا لَا فعلا قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 قَوْله إِلَى الْحمى بِكَسْر الْحَاء وَفتح مِيم وَقصر ألف وَفِي بعض الْحمى وَهُوَ بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَالْمِيم مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة فَحْمَة الْعشَاء بِفَتْح فَاء وَسُكُون حاء هِيَ أول سَواد قَوْله اللَّيْل قَوْله سرف بِفَتْح فَكسر قَوْله تَعَالَى اذا عجل كسمع وَالْبَاء فِي بِهِ للتعدية وَظَاهر هَذَا الحَدِيث هُوَ الْجمع وقتا لَا فعلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 [595] لما بهَا بِفَتْح اللَّام أَي للَّذي بهَا من الْمَرَض الشَّديد أَو بِكَسْر اللَّام أَي هِيَ فِي الشدَّة والتعب لما بهَا من الْمَرَض يسايره يُوَافقهُ فِي السّير وَهُوَ يحافظ على الصَّلَاة الْجُمْلَة حَال قَوْله [596] حَتَّى كَاد الشَّفق أَن يغيب هَذَا صَرِيح فِي الْجمع فعلا إِذا جد بِهِ السّير الْبَاء للتعدية أَي جعله السّير مُجْتَهدا مسرعا قَوْله الا بِجمع بِفَتْح فَسُكُون أَي بِمُزْدَلِفَة وَلم يذكر عَرَفَات وَكَأَنَّهُ بِنَاء على أَنه يجمع هُنَاكَ أَحْيَانًا لَا دَائِما لما قَالَ بعض الْعلمَاء ان شَرطه الامام الْأَعْظَم وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 [597] فأسرع السّير بِالنّصب مفعول أسْرع وفاعله الضَّمِير حَتَّى حانت أَي حضرت الصَّلَاة بِالرَّفْع أَي حضرت أَو بِالنّصب على الإغراء أَي بِتَقْدِير أَتُرِيدُ الصَّلَاة أَو أَتُصَلِّي الصَّلَاة كَمَا قَالَه أَبُو الْبَقَاء ثمَّ سلم وَاحِدَة أَي تَسْلِيمه وَاحِدَة والاكتفاء بالواحدة وَارِد وان كَانَ الْغَالِب الْإِثْنَيْنِ قَوْله [599] أَو حز بِهِ أَمر أَي نزل بِهِ مُهِمّ قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 [602] لِئَلَّا يكون على أمته حرج أَي لِئَلَّا يتحرج من يفعل ذَلِك من أمته والا فالجمع إِذا حملناه على الْجمع فعلا كَمَا سبق فَهُوَ جَائِز لَهُم على مُقْتَضى تَحْدِيد الْأَوْقَات لِأَن كلا من الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقتهَا الا أَن الأولى فِي آخر الْوَقْت وَالثَّانيَِة فِي أول الْوَقْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 قَوْله بنمرة مَوضِع بِعَرَفَة أَمر بالقصواء كحمراء اسْم نَاقَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال لكل نَاقَة مَقْطُوعَة الْأذن قصواء قَالُوا وَلم تكن نَاقَته مَقْطُوعَة الْإِذْن قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ الا بِجمع كَأَنَّهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا اطلع على جمع عَرَفَة وَلَا على جمع السّفر قبل وَقتهَا أَي يعْتَاد الصَّلَاة بعد طُلُوع الْفجْر بِشَيْء ويومئذ صلى أول مَا طلع وَلم يرد أَنه صلى قبل الطُّلُوع فَإِنَّهُ خلاف مَا ثَبت قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وَتَشْديد رَاء الْإِحْسَان وبر الْوَالِدين ضد العقوق وَهُوَ الْإِسَاءَة وتضييع الْحُقُوق قَوْله [611] أَقَامَ الصَّلَاة أَصله إِقَامَة الصَّلَاة لَكِن حذفت التَّاء تَخْفِيفًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى [609] فَلَمَّا أَتَى الشّعب بِكَسْر مُعْجمَة وَسُكُون مُهْملَة الطَّرِيق الْمَعْهُودَة للْحَاج وَقد ثَبت أَنه تَوَضَّأ هُنَاكَ بِمَاء زَمْزَم وَلم يقل إهراق المَاء أَي مَوضِع بَال يُرِيد أَنه حفظ اللَّفْظ المسموع وراعاه فِي التَّبْلِيغ وَأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يحترزون عَن نِسْبَة الْبَوْل ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْفَصْل الْقَلِيل لَا يضر بِالْجمعِ قَوْله [610] على وَقتهَا أَي فِي وَقتهَا الْمَنْدُوب وبر الْوَالِدين بِكَسْر مُوَحدَة وأوحينا إِلَيْهِم فعل الْخيرَات وإقام الصَّلَاة قَوْله [612] قَالَ نعم وَبعد الْإِقَامَة وَحدث الخ يُرِيد أَن الصَّلَاة لَا تسْقط بذهاب الْوَقْت بل تقضى ثمَّ ان قبل بِخُصُوص الْقَضَاء بالمكتوبات يكون الحَدِيث دَلِيلا على وجوب الْوتر عِنْد عبد الله والا فَلَا قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 [614] يرقد عَن الصَّلَاة الْجُمْلَة صفة الرجل بِاعْتِبَار أَن تَعْرِيفه للْجِنْس فَهُوَ فِي الْمَعْنى كالنكرة فَيصح أَن يُوصف بِالْجُمْلَةِ وَجعلهَا حَالا بعيد معنى أَو يغْفل بِضَم الْفَاء كفارتها يدل على أَنه لَا يَخْلُو عَن تَقْصِير مَا بترك الْمُحَافظَة لَكِن يَكْفِي فِي محو تِلْكَ الْخَطِيئَة الْقَضَاء وَمَا سَيَجِيءُ أَنه لَا تَفْرِيط فِي النّوم فبالنظر إِلَى الذَّات قَوْله [615] أَنه لَيْسَ فِي النّوم تَفْرِيط لَيْسَ المُرَاد أَن نفس فعل النّوم والمباشرة بأسبابه لَا يكون فِيهِ تَفْرِيط أَي تَقْصِير فَإِنَّهُ قد يكون فِيهِ تَفْرِيط إِذا كَانَ فِي وَقت يُفْضِي فِيهِ النّوم إِلَى فَوَات الصَّلَاة مثلا كالنوم قبل الْعشَاء وَإِنَّمَا المُرَاد أَن مَا فَاتَ حَالَة النّوم فَلَا تَفْرِيط فِي فَوته لِأَنَّهُ فَاتَ بِلَا اخْتِيَار وَأما الْمُبَاشرَة بِالنَّوْمِ فالتفريط فِيهَا تَفْرِيط حَالَة الْيَقَظَة وَلَفظ الْيَقَظَة بِفتْحَتَيْنِ قَوْله حَتَّى يَجِيء ظَاهره أَنه لَا يجوز الْجمع وقتا بِتَأْخِير الأولى إِلَى وَقت الثَّانِيَة كَمَا يَقُول عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة لَكِن قد يُقَال إِطْلَاقه يُنَافِي جمع مُزْدَلِفَة فِي الْحَج وَهُوَ خلاف الْمَذْهَب وَعند التَّقْيِيد يُمكن تَقْيِيده بِمَا يُخرجهُ عَن الدّلَالَة بِأَن يُقَال أَن يُؤَخر صَلَاة بِلَا مُبِيح شرعا وَأَيْضًا المُرَاد بقوله حَتَّى يَجِيء وَقت الْأُخْرَى أَي حَتَّى يخرج وَقت تِلْكَ الصَّلَاة بطرِيق الْكِنَايَة لِأَن الْغَالِب أَنه بِدُخُول الثَّانِيَة يخرج وَقت الأولى وَذَلِكَ لِأَن خُرُوج الأولى منَاط للتفريط وَلَا دخل فِيهِ لدُخُول وَقت الثَّانِيَة وَأَيْضًا مورد الْكَلَام صَلَاة الصُّبْح والتفريط فِيهَا يتَحَقَّق بِمُجَرَّد الْخُرُوج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 بِلَا دُخُول وَقت أُخْرَى فمضمون الْكَلَام أَن المذموم هُوَ التَّأْخِير إِلَى خُرُوج الْوَقْت وَإِذا جَازَ الْجمع فِي السّفر فَلَا نسلم خُرُوج وَقت الأولى بِدُخُول وَقت الثَّانِيَة لِأَن الشَّارِع قرر وَقت الثَّانِيَة وقتالهما فَكل مِنْهُمَا فِي وَقتهَا حِينَئِذٍ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فليصلها أحدكُم الخ أَي ليصل الوقتية من الْغَد للْوَقْت وَلما كَانَت الوقتية من الْغَد عين المنسية فِي الْيَوْم بِاعْتِبَار أَنَّهَا وَاحِدَة من خمس كالفجر وَالظّهْر مثلا صَحَّ رَجَعَ الضَّمِير وَالْمَقْصُود الْمُحَافظَة على مُرَاعَاة الْوَقْت فِيمَا بعد وَأَن لَا يتَّخذ الْإِخْرَاج عَن الْوَقْت والاداء فِي وَقت أُخْرَى عَادَة لَهُ وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُوَافق لحَدِيث عمرَان بن الْحصين أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صلى بهم قُلْنَا يَا رَسُول الله الا نقضيها لوَقْتهَا من الْغَد فَقَالَ نهاكم ربكُم عَن الرِّبَا ويقبله مِنْكُم وَلم يقل أحد بتكرار الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أقِم الصَّلَاة لذكري بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وَهِي الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة لَكِن ظَاهرهَا لَا يُنَاسب الْمَقْصُود فاوله بَعضهم بِأَن الْمَعْنى وَقت ذكر صَلَاتي على حذف الْمُضَاف أَو المُرَاد بِالذكر الْمُضَاف إِلَى الله تَعَالَى ذكر الصَّلَاة لكَون ذكر الصَّلَاة يُفْضِي إِلَى فعلهَا المفضي إِلَى ذكر الله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 فِيهَا فَصَارَ وَقت ذكر الصَّلَاة كَأَنَّهُ وَقت لذكر الله فَقيل فِي مَوضِع أقِم الصَّلَاة لذكرها لذكر الله وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 بعض النّسخ للذِّكْرَى بلام الْجَرّ ثمَّ لَام التَّعْرِيف وَآخره ألف مَقْصُورَة وَهِي قِرَاءَة شَاذَّة لَكِنَّهَا أوفق بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمُوَافق لما سَيَجِيءُ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ هَكَذَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأسرينا أَي سرنا لَيْلًا فَذكر لَيْلَة تَأْكِيدًا لذَلِك قَوْله فحبسنا على بِنَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الْمَفْعُول فَقَالَ مَا على الأَرْض تبشيرا وتهوينا لما لحقهم من الْمَشَقَّة بِفَوَات الصَّلَاة قَوْله عرسنا من التَّعْرِيس أَي نزلنَا آخر اللَّيْل ليَأْخُذ كل انسان الخ أَي لنخرج من هَذَا الْمحل قَوْله [624] من يكلؤنا بِهَمْزَة فِي آخِره أَي يحفظ لنا وَقت الصُّبْح لَا نرقد جملَة مستأنفة فِي مَحل التَّعْلِيل فَضرب على آذانهم أَي ألْقى عَلَيْهِم نوم شَدِيد مَانع عَن وُصُول الْأَصْوَات إِلَى الآذان بِحَيْثُ كَأَنَّهُ ضرب الْحجاب عَلَيْهَا قَوْله أدْلج بِالتَّخْفِيفِ أَي سَار أول اللَّيْل [625] ثمَّ عرس بِالتَّشْدِيدِ أَي نزل آخِره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 (كتاب الْأَذَان) قَوْله بَدْء الْأَذَان بِالْهَمْز فِي آخِره أَي ابتداؤه قَوْله فيتحينون أَي يقدرُونَ حينها ليأتوا إِلَيْهَا فِيهِ والحين الْوَقْت وَلَيْسَ يُنَادى بهَا أحد قيل كلمة لَيْسَ بِمَعْنى لَا النافية وَهِي حرف فَلَا اسْم لَهَا وَلَا خبر وَقيل بل فِيهَا ضمير الشَّأْن أَو اسْمهَا أحد قد أخر فتكلموا أَي الْمُسلمُونَ اتَّخذُوا بِكَسْر الْخَاء على صِيغَة الْأَمر ناقوسا هِيَ خَشَبَة طَوِيلَة تضرب بخشبة أَصْغَر مِنْهَا وَالنَّصَارَى يعلمُونَ بهَا أَوْقَات الصَّلَاة بل قرنا أَي ينْفخ فِيهِ فَيخرج مِنْهُ صَوت يكون عَلامَة للأوقات كَمَا كَانَت الْيَهُود يَفْعَلُونَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى بوقا بِضَم الْبَاء وَقَالَ عمر الخ حمل النداء هَا هُنَا على نَحْو الصَّلَاة جَامِعَة لَا على الْأَذَان الْمَعْهُود لِأَن ظَاهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 الحَدِيث أَن عمر قَالَ ذَلِك وَقت المذاكرة وَالْأَذَان الْمَعْهُود إِنَّمَا كَانَ بعد الرُّؤْيَا وعَلى هَذَا فادراج المُصَنّف الحَدِيث فِي الْبَاب لِأَن هَذَا النداء كَانَ من جملَة بداءة الْأَذَان ومقدماته وَقيل يُمكن حمله على الْأَذَان الْمَعْهُود بِاعْتِبَار أَن فِي الْكَلَام تَقْديرا للاختصار مثل فافترقوا فَرَأى عبد الله بن زيد الْأَذَان فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقص عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ فَقَالَ عمر أَولا تبعثون الخ وَيرد عَلَيْهِ أَن عمر حضر بعد أَن سمع صَوت ذَلِك الْأَذَان على مَا يفِيدهُ حَدِيث عبد الله بن زيد رائي الْأَذَان فَلَا يَصح بِالنّظرِ إِلَى ذَلِك الْأَذَان أَن عمر قَالَ أَولا تبعثون رجلا وَقد يُجَاب بِأَنَّهُ يجوز أَن يكون عمر فِي نَاحيَة من نواحي الْمَسْجِد حِين جَاءَ عبد الله بن زيد برؤيا الْأَذَان عِنْده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قصّ الرُّؤْيَا سمع الصَّوْت حِين ذَلِك فَحَضَرَ عِنْده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَشَارَ بقوله أَو لَا تبعثون رجلا إِلَى أَن عبد الله لَا يصلح لذَلِك فَابْعَثُوا رجلا آخر يصلح لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [627] أَن يشفع الْأَذَان مَحْمُول على التغليب والا فكلمة التَّوْحِيد مُفْردَة فِي آخِره وَكَذَا قَوْله يُوتر الْإِقَامَة مَحْمُول على التغليب أَو مَعْنَاهُ أَن يَجْعَل على نصف الْأَذَان فِيمَا يصلح للانتصاف فَلَا يشكل بِتَكَرُّر التَّكْبِير فِي أَولهَا وَلَا بِكَلِمَة التَّوْحِيد فِي آخرهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [628] كَانَ الْأَذَان أَي كَانَت كَلِمَات الْأَذَان مكررة وَالْإِقَامَة مُفْردَة نظرا إِلَى الْغَالِب كَمَا سبق قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 [629] قَالَ الله أكبر الله أكبر أشهد الخ ظَاهره أَن التَّكْبِير مَرَّتَانِ كَسَائِر الْكَلِمَات لَكِن سَيَجِيءُ ضبط عدد الْكَلِمَات فَيظْهر مِنْهُ أَن التَّكْبِير أَربع مَرَّات ثمَّ هَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي الترجيع وَالثَّابِت فِي أَذَان بِلَال عَدمه فَالْوَجْه القَوْل بِجَوَاز الْأَمريْنِ قَوْله [630] تسع عشرَة كلمة الخ هَذَا الْعدَد لَا يَسْتَقِيم الا على تربيع التَّكْبِير فِي أول الْأَذَان والترجيع والتثنية فِي الْإِقَامَة وَقد ثَبت عدم الترجيع فِي أَذَان بِلَال وأفراد الْإِقَامَة فَالْوَجْه جَوَاز الْكل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 [632] مقفل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ زمَان رُجُوعه بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء متنكبون أَي معرضون يُقَالُ نَكَّبَ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وتنكب أَي تنحى وَأعْرض فظلنا بِكَسْر لَام أولى أَي فَكُنَّا نحكيه أَي صَوت الْمُؤَذّن ونهزأ بِهِ أَي نحكيه استهزاء بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 فَسمع أَي وَقت الْحِكَايَة الصَّوْت أَي صوتنا بِالْأَذَانِ حَتَّى وقفنا بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء ثمَّ قَالَ ارْجع فامدد صَوْتك هَذَا صَرِيح فِي أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أمره بالترجيع فَسقط مَا توهمه النفاة أَنه كَرَّرَه لَهُ تَعْلِيما فَظَنهُ ترجيعا فَأَعْطَانِي صرة اسْتدلَّ بِهِ بن حِبَّانَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَعَارَضَ بِهِ الحَدِيث الْوَارِد فِي النَّهْي عَنهُ ورده بن سيد النَّاس بِأَن حَدِيث أبي مَحْذُورَة مُتَقَدم على إِسْلَامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ النَّهْي فَحَدِيثه مُتَأَخّر وَالْعبْرَة بالمتأخر فَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بَلْ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّأْلِيفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 لحداثة عَهده بِالْإِسْلَامِ كَمَا أعْطى يَوْمئِذٍ غَيْرَهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَلَبَهَا الِاسْتِدْلَالَ لِمَا يَبْقَى فِيهَا من الْإِجْمَال قَوْله وبرك بتَشْديد الرَّاء أَي قَالَ بَارك الله عَلَيْك أَو فِيك أَو لَك فِي الأولى من الصُّبْح أَي فِي المناداة الأولى وَفِي نُسْخَة فِي الأول أَي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 تؤذن الْآنَ بِهَا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَخْ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الْأَذَانِ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَتَجْدِيدِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهَا تَرْجَمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ تَرَاجِمَ لَا يُؤَلِّفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَطَرْدُ الشَّيْطَانِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ كَلِمَاتٌ جَامِعَةٌ لِعَقِيدَةِ الْإِيمَانِ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَوْعَيْهِ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ وَالسَّمْعِيَّاتِ فابتداء بِإِثْبَاتِ الذَّاتِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْكَمَالِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ أَضْدَادِهَا الْمُضَمَّنَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى قلَّة كلمتها وَاخْتِصَارِ صِيغَتِهَا مُشْعِرَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ لِمُتَأَمِّلِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَنَفْيِ ضِدِّهَا مِنَ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فِي حَقِّهِ وَهَذِهِ هِيَ عُمْدَةُ الايمان والتوحيد لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْجَائِزَةِ الْوُقُوعِ وَتِلْكَ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ بَابِ الْوَاجِبَاتِ وَهُنَا كَمَّلَ تَرَاجِمَ العقائد العقليات فِيمَا بِالصَّلَاةِ ورتبها بَعْدَ إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ إِذْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِهَا مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ الصّلَاةُ والسَّلَامُ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ واليقاء فِي التَّنْعِيمِ الْمُقِيمِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَهِيَ آخِرُ تَرَاجِمِ الْعَقَائِدِ الاسلامية ثمَّ كرر ذَلِك عِنْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 فِي النداء الأول وَالْمرَاد الْأَذَان دون الْإِقَامَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأذنا فِي الْمجمع أَي ليؤذن أَحَدكُمَا ويجيب الآخر اه يُرِيد أَن اجْتِمَاعهمَا فِي الْأَذَان غير مَطْلُوب لَكِن مَا ذكر من التَّأْوِيل يسْتَلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فَالْأولى أَن يُقَال الْإِسْنَاد مجازي أَي ليتَحَقَّق بَيْنكُمَا أَذَان وَإِقَامَة كَمَا فِي بَنو فلَان قتلوا وَالْمعْنَى يجوز لكل مِنْكُمَا الْأَذَان وَالْإِقَامَة أيكما فعل حصل فَلَا يخْتَص بأكبر كالامامة وَخص الْأَكْبَر بِالْإِمَامَةِ لمساواتهما فِي سَائِر الْأَشْيَاء الْمُوجبَة للتقدم كالأقرئية والأعلمية بِالنِّسْبَةِ لمساواتهما فِي الْمكْث والحضور عِنْده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ يسْتَلْزم الْمُسَاوَاة فِي هَذِه الصِّفَات عَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شببة بالفتحات جمع شَاب قَوْله رَفِيقًا من الرِّفْق أَو من الرقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 قَوْله بَادر أَي كل مِنْهُم أَرَادو اأن يسْبقُوا غَيرهم بِالْإِسْلَامِ بِإِسْلَام أهل حوائنا الحواء بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَالْمَدِّ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَاءٍ أَي ذهب بِأَن أهل قريتنا أَسْلمُوا إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ من عِنْده فَلَمَّا قدم قريته قَوْله يُؤذن بلَيْل أَي الْأَذَان الْمَعْرُوف فِي الشَّرْع إِذْ هُوَ الْمُتَبَادر من إِطْلَاق اللَّفْظ الشَّرْعِيّ وَأَيْضًا لَا يحسن قَوْله فَكُلُوا وَاشْرَبُوا الا حِينَئِذٍ وَهَذَا الْأَمر للْإِبَاحَة والرخصة وَبَيَان بَقَاء اللَّيْل بعد أَذَان بِلَال قَوْله [639] الا أَن ينزل هَذَا ويصعد هَذَا يُرِيد قلَّة مَا بَينهمَا من الْمدَّة لَا التَّحْدِيد قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 ليوقظ من الايقاظ نائمكم بِالنّصب ليتأهب للصَّلَاة بِالْغسْلِ وَنَحْوه قَالُوا سَبَب ذَلِك أَن الصَّلَاة كَانَت بِغَلَس فَيحْتَاج تَحْصِيلهَا إِلَى التأهب من اللَّيْل فَوضع لَهُ الْأَذَان قبيل الْفجْر لذَلِك وَيرجع الْمَشْهُور أَنه من الرجع المتعدى الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى إِنَّه على رجعه لقادر لَا من الرُّجُوع اللَّازِم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَإِن رجعك الله وَقَوله عز من قَائِل ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين وَيحْتَمل أَن يكون من الارجاع وَهُوَ الْمُوَافق لما قبله لفظا وعَلى الْوَجْهَيْنِ قائمكم بِالنّصب وَيحْتَمل أَن يكون من الرُّجُوع اللَّازِم وقائمكم بِالرَّفْع لكنه لَا يُوَافق مَا قبله وَالْمرَاد بالقائم المتهجد وَذَلِكَ لينام لَحْظَة ليُصبح نشيطا أَو يتسحر أَن أَرَادَ الصّيام وَلَيْسَ أَي ظُهُور الْفجْر الصَّادِق أَن يَقُول أَي أَن يظْهر هَكَذَا أَشَارَ بِهِ إِلَى هَيْئَة ظُهُور الْفجْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 الْكَاذِب وَالْقَوْل أُرِيد بِهِ فعل الظُّهُور وَإِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل شَائِع قَوْله [643] فَجعل يَقُول أَي يفعل فَهُوَ من إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل وَجُمْلَة ينحرف يَمِينا وَشمَالًا بَيَان لَهُ وَهَذَا الانحراف يكون بالحيعلة لابلاغ النداء إِلَى الطَّرفَيْنِ قَوْله والبادية أَي الصَّحرَاء لأجل الْغنم فارفع صَوْتك أَي بِالْأَذَانِ أَي وَلَا تخفضه ظنا مِنْك أَن الرّفْع للاحضار وَلَيْسَ هُنَاكَ أحد يقْصد احضاره فَإِنَّهُ لَا يسمع مدى صَوت بِفَتْح مِيم وخفة مُهْملَة مَفْتُوحَة بعْدهَا ألف أَي غَايَة صَوته وَفِي نُسْخَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 مد صَوت الْمُؤَذّن بِفَتْح مِيم وَتَشْديد دَال أَي تطويله وَالْمرَاد أَن من سمع مُنْتَهى الصَّوْت أَو مده يشْهد لَهُ فَكيف من سمع الْأَذَان سَمَاعا بَينا وَهَذِه الشَّهَادَة لإِظْهَار شرفه وعلو دَرَجَته والا فَكفى بِاللَّه شَهِيدا سمعته أَي قَوْله لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن الخ وَقيل بل الْمَعْنى سَمِعت مَا قلت لَك بخطاب لي قلت وَالْمرَاد مَضْمُون مَا قلت لَك وَلَو كَانَ بِغَيْر طَرِيق الْخطاب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بمدى صَوته وَفِي نُسْخَة بِمد صَوته قيل مَعْنَاهُ بِقدر صَوته وَحده فَإِن بلغ الْغَايَة من الصَّوْت بلغ الْغَايَة من الْمَغْفِرَة وان كَانَ صَوته دون ذَلِك فمغفرته على قدره أَو الْمَعْنى لَو كَانَ لَهُ ذنُوب تملأ مَا بَين مَحَله الَّذِي يُؤذن فِيهِ إِلَى مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ صَوته لغفر لَهُ وَقيل يُغْفَرُ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا فَعَلَهُ فِي زمَان مُقَدّر بِهَذِهِ الْمسَافَة قَوْله [646] ويصدقه من سَمعه أَي يشْهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة أَو يصدقهُ يَوْم يسمع وَيكْتب لَهُ أجر تصديقهم بِالْحَقِّ من صلى مَعَه أَي إِن كَانَ إِمَامًا أَو مَعَ امامه ان كَانَ مقتديا بِإِمَام آخر لحكم الدّلَالَة لَكِن هَذَا يَقْتَضِي أَن يخص بِمن حضر بأذانه وَالْأَقْرَب الْعُمُوم تَخْصِيصًا للمؤذن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 بِهَذَا الْفضل وَفضل الله أوسع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [647] كنت أؤذن وَلَعَلَّه أذن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام حجَّة الْوَدَاع أَو فِي وَقت آخر وَالله تَعَالَى اعْلَم والتثويب هُوَ الْعود إِلَى الاعلام بعد الاعلام وَقَول الْمُؤَذّن الصَّلَاة خير من النّوم لَا يَخْلُو عَن ذَلِك فَسمى تثويبا قَوْله [649] قَالَ آخر الْأَذَان كَأَنَّهُمْ ضبطوه لِئَلَّا يتَوَهَّم تربيع التَّكْبِير بِالْقِيَاسِ على الأول أَو تَثْنِيَة كلمة معنى التَّوْحِيد بِالْقِيَاسِ على غَالب الْكَلِمَات وَلَعَلَّ أَفْرَاد كلمة التَّوْحِيد فِي الْأَذَان لموافقة معنى التَّوْحِيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مطيرة أَي ذَات مطر صلوا فِي رحالكُمْ أذن لَهُم فِي ترك الْحُضُور لَا إِيجَاب لذَلِك فَقَوله حَيّ على الصَّلَاة نِدَاء بالحضور لمن يُرِيد ذَلِك فَلَا مُنَافَاة بَين مؤداهما قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 [654] أذن بِالصَّلَاةِ الظَّاهِر أَنه أتم الْأَذَان وَقَالَ بعد الْفَرَاغ مِنْهُ أَلا صلوا وَيحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك بعد حَيّ على الْفَلاح وعَلى الأول يُقَال كَانَ هَذَا القَوْل أَحْيَانًا فِي الْوسط وَأَحْيَانا بعد الْفَرَاغ يَقُول أَي بِأَن يَقُول أَو يَقُول تَفْسِير ليأمر وَقيل مُقَدّر فِي الْكَلَام بعده قَوْله بالقصواء كالحمراء اسْم نَاقَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فرحلت بتَشْديد الْحَاء على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 [656] دفع رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي نزل من عَرَفَة وَأَصله دفع مطيه للنزول ثمَّ اشْتهر فِي النُّزُول قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 [660] صلى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِإِقَامَة ظَاهره تعدد الْإِقَامَة وَمَا سبق يدل على وحدتها فَلَا يَخْلُو الحَدِيث عَن نوع اضْطِرَاب قَوْله [661] قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْقِتَالِ مَا نَزَلَ أَي من صَلَاة الْخَوْف قَوْله [662] عَن أَربع صلوَات يَوْم الخَنْدَق لَا يُنَافِي مَا تقدم لامتداد الْوَقْعَة فَيمكن أَن يكون كل مِنْهُمَا فِي يَوْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 على أَن الْمَعْنى أَنهم شغلوه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اجْتمع أَربع صلوَات وَذَلِكَ لِأَن الْعشَاء كَانَت فِي الْوَقْت وَحِينَئِذٍ يُمكن أَن يكون الْمغرب فِي الْوَقْت لَكِنَّهَا كَانَت فِي آخر الْوَقْت وَالْعشَاء فِي أَولهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله عِصَابَة بِكَسْر الْعين أَي جمَاعَة قَوْله [664] فَدخل الْمَسْجِد وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة لَعَلَّ محمله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 مَا إِذا كَانَ الْكَلَام وَغَيره مُبَاحا فِي الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [665] فَقَالَ مثل قَوْله أَي وَافقه فِي كَلِمَات الْأَذَان لَكِن فِيمَا يصلح للموافقة لِأَنَّهُ فِي حَيّ على الصَّلَاة بِمثلِهِ يعد استهزاء أَو عَازِب أَي بعيد غَائِب عَن أَهله قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 [666] يعجب رَبك كيسمع أَي يرضى مِنْهُ ويثيبه عَلَيْهِ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسَرِ الظَّاء المعجمتين وَتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ قِطْعَةٌ مُرْتَفِعَةٌ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ وأدخلته الْجنَّة أَي حكمت بِهِ أَو سأدخله الْجنَّة قَوْله الحَدِيث أَي أذكرهُ بِتَمَامِهِ وَلم يذكرهُ هَا هُنَا لكنه يذكرهُ فِي أَبْوَاب من الصَّلَاة مفرقا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 [668] إِلَّا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَهَا مرَّتَيْنِ الظَّاهِر قلتهَا بِالْخِطَابِ وَالْمَوْجُود فِي نسختنا قَالَهَا بالغيبة وَهُوَ اما على الِالْتِفَات أَو على حذف الْجَزَاء وَإِقَامَة علته مقَامه أَي كررت لِأَن مُؤذن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَهَا مرَّتَيْنِ وَأما قَوْله فَإِذا سمعنَا الخ فَلَعَلَّ مُرَاده أَن بَعضهم كَانَ أَحْيَانًا يؤخرون الْخُرُوج إِلَى الْإِقَامَة اعْتِمَادًا على تَطْوِيل قِرَاءَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [669] ثمَّ أقما أَخذ مِنْهُ أَن كلا مِنْهُمَا يُقيم لنَفسِهِ وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون الْأَذَان كَذَلِك وَهُوَ بعيد وَأَنت قد عرفت تَوْجِيه الحَدِيث فِيمَا سبق على وَجه لَا يرد عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يلْزم مِنْهُ مَا أَخذه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 [670] وَله ضراط حَقِيقَته مُمكنَة فَالظَّاهِر حمله عَلَيْهَا وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ شدَّة نفاره حَتَّى لَا يسمع التأذين قيل لِأَن من يسمع يشْهد للمؤذن يَوْم الْقِيَامَة فيهرب من السماع لأجل ذَلِك فَإِذا قضى على الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل وَالضَّمِير للمنادى أقبل أَي فوسوس كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم إِذا ثوب من التثويب على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل وَالْمرَاد أَي أقيم فَإِنَّهُ اعلام بِالصَّلَاةِ ثَانِيًا يخْطر بِفَتْح يَاء وَكسر طاء أَي يوسوس بِمَا يكون حَائِلا بَين الْإِنْسَان وَمَا يَقْصِدهُ وَيُرِيد إقبال نَفسه عَلَيْهِ مِمَّا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ من خشوع وَغَيره وَأكْثر الروَاة على ضم الطَّاء أَي يسْلك ويمر وَيدخل بَين الْإِنْسَان وَنَفسه فَيكون حَائِلا بَينهمَا على الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا أَولا حَتَّى يظل بِفَتْح الظَّاء أَي يصير ان بِكَسْر الْهمزَة نَافِيَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 [672] واقتد بأضعفهم عطف على مُقَدّر أَي فَأمهمْ واقتد بأضعفهم وَقيل هُوَ عطف على الخبرية السَّابِقَة بِتَأْوِيل أمّهم وَعدل إِلَى الأسمية دلَالَة على الدَّوَام والثبات وَقد جعل فِيهِ الامام مقتديا وَالْمعْنَى كَمَا أَن الضَّعِيف يَقْتَدِي بصلاتك فاقتد أَنْت أَيْضا بضعفه واسلك لَهُ سَبِيل التخفف فِي الْقيام وَالْقِرَاءَة بِحَيْثُ كَأَنَّهُ يقوم ويركع على مَا يُرِيد وَأَنت كالتابع الَّذِي يرْكَع بركوعه وَالله تَعَالَى أعلم وَاتخذ الخ مَحْمُول على النّدب عِنْد كثير وَقد أَجَازُوا أَخذ الْأُجْرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [673] فَقولُوا مثل مَا يَقُول الا فِي الحيعلتين فَيَأْتِي بِلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه لحَدِيث عمر وَغَيره فَهُوَ عَام مَخْصُوص وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُؤَيّدهُ النّظر فِي الْمَعْنى لِأَن إِجَابَة حَيّ على الصَّلَاة بِمثلِهِ يعد استهزاء وَهَذَا التَّخْصِيص قد صرح بِهِ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة أَيْضا وعَلى هَذَا فَيجوز أَن يكون مثل هَذَا التَّخْصِيص مُسْتَثْنى من قَوْلهم لَا يجوز التَّخْصِيص الا بالمقارن لِأَن هَذَا التَّخْصِيص مِمَّا يُؤَيّدهُ الْعقل وَالنَّقْل جَمِيعًا ثمَّ طَرِيق القَوْل الْمَرْوِيّ أَن يَقُول كل كلمة عقب فرَاغ الْمُؤَذّن مِنْهَا لَا أَن يَقُول الْكل بعد فرَاغ الْمُؤَذّن من الْأَذَان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 [675] فَكبر اثْنَتَيْنِ أَي فِي الْمَرَّتَيْنِ ليُوَافق رِوَايَات الْأَذَان وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 قَوْله صلى الله عَلَيْهِ عشرا قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالُوا صَلَاة الرب تَعَالَى الرَّحْمَة قلت وَهُوَ الْمَشْهُور فَالْمُرَاد أَنه تَعَالَى ينزل على الْمصلى أنواعا من الرَّحْمَة والألطاف وَقد جوز بَعضهم كَون الصَّلَاة بِمَعْنى ذكر مَخْصُوص فَالله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 تَعَالَى يذكر الْمصلى بِذكر مَخْصُوص تَشْرِيفًا لَهُ بَين الْمَلَائِكَة كَمَا فِي الحَدِيث وان ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُم لَا يُقَال يلْزم مِنْهُ تَفْضِيل الْمُصَلِّي على النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ يُصَلِّي الله تَعَالَى عَلَيْهِ عشرا فِي مُقَابلَة صَلَاة وَاحِدَة على النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لأَنا نقُول هِيَ وَاحِدَة بِالنّظرِ إِلَى أَن الْمصلى دَعَا بهَا مرّة وَاحِدَة فَلَعَلَّ الله تَعَالَى يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك مَا لَا يعد وَلَا يُحْصى على أَن الصَّلَاة على وَاحِد بِالنّظرِ إِلَى حَاله وَكم من وَاحِد لَا يُسَاوِيه ألف فَمن أَيْن التَّفْضِيل الْوَسِيلَة قيل هِيَ فِي اللُّغَة الْمنزلَة عِنْد الْملك ولعلها فِي الْجنَّة عِنْد الله تَعَالَى أَن يكون كالوزير عِنْد الْملك بِحَيْثُ لَا يخرج رزق ومنزلة الا على يَدَيْهِ وبواسطته أَن أكون أَنا هُوَ من وضع الضَّمِير الْمَرْفُوع مَوضِع الْمَنْصُوب على أَن أَنا تَأْكِيد أَو فصل وَيحْتَمل أَن يكون أَنا مُبْتَدأ خَبره هُوَ وَالْجُمْلَة خبر أكون وَالله تَعَالَى أعلم حلت عَلَيْهِ أَي نزلت عَلَيْهِ وَفِي نُسْخَة لَهُ وَاللَّام بِمَعْنى على وَلَا يَصح تَفْسِير الْحل بِمَا يُقَابل الْحُرْمَة فانها حَلَال لكل مُسلم وَقد يُقَال بل لَا تحل الا لمن أذن لَهُ فَيمكن أَن يَجْعَل الْحل كِنَايَة عَن حُصُول الْإِذْن فِي الشَّفَاعَة لَهُ ثمَّ المُرَاد شَفَاعَة مَخْصُوصَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [679] حِين يسمع الْمُؤَذّن أَي يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه الا الله فَقَوله وَأَنا أشهد عطف على قَول الْمُؤَذّن أَي وَأَنا أشهد كَمَا تشهد رَبًّا تَمْيِيز أَي بربوبيته قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 [680] رب هَذِه الدعْوَة بِفَتْح الدَّال هِيَ الْأَذَان ووصفها بالتمام لِأَنَّهَا ذكر الله وَيَدْعُو بهَا إِلَى الصَّلَاة فَيسْتَحق أَن تُوصَف بالكمال والتمام وَمعنى رب هَذِه الدعْوَة أَنه صَاحبهَا أَو المتمم لَهَا وَالزَّائِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 فِي أَهلهَا والمثيب عَلَيْهَا أحسن الثَّوَاب والآمر بهَا وَنَحْو ذَلِك الصَّلَاة الْقَائِمَة أَي الَّتِي ستقوم والفضيلة الْمرتبَة الزَّائِدَة على مَرَاتِب الْخَلَائق الْمقَام الْمَحْمُود كَذَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ بِاللَّامِ وَرِوَايَة البُخَارِيّ وَغَيره بالتنكير ونصبه على الظَّرْفِيَّة أَي ابعثه يَوْم الْقِيَامَة فأقمه الْمقَام أَو ضمن أبعثه معنى أقمه أَو على أَنه مفعول بِهِ وَمعنى ابعثه اعطه الا حلت لَهُ كَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِإِثْبَات الا وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ بِدُونِ الا وَهُوَ الظَّاهِر وَأما من فَيَنْبَغِي أَن يَجْعَل من قَوْله من قَالَ استفهامية للانكار فَيرجع إِلَى النَّفْي وَقَالَ بِمَعْنى يَقُول أَي مَا من أحد يَقُول ذَلِك الا حلت لَهُ وَمثله من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده الا بِإِذْنِهِ وَهل جَزَاء الْإِحْسَان الا الْإِحْسَان وَأَمْثَاله كَثِيرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [681] لمن شَاءَ ذكره دلَالَة على عدم وُجُوبهَا وَالْمرَاد بالأذانين الْأَذَان وَالْإِقَامَة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة وَهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله يدل على جَوَاز الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْمغرب بل ندبهما وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 [682] فيبتدرون السَّوَارِي أَي يتسارعون ويستبقون إِلَيْهَا للاستتار بهَا عِنْد الصَّلَاة وهم كَذَلِك أَي فِي الصَّلَاة يُرِيد أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يراهم ويقرهم على تِلْكَ الْحَالة وَلَا يُنكر عَلَيْهِم وَلم يكن بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة شَيْء أَي وَقت كثير يُرِيد أَنهم كَانُوا يسرعون فِي الرَّكْعَتَيْنِ لقلَّة مَا بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة من الْوَقْت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قِطْعَة أَي قطع الْمَسْجِد بِالْمَشْيِ أَي خرج مِنْهُ عصى أَبَا الْقَاسِم كَأَنَّهُ علم أَن خُرُوجه لَيْسَ لضَرُورَة تبيح لَهُ الْخُرُوج كحاجة الْوضُوء مثلا ثمَّ هُوَ مَحْمُول على الرّفْع لِأَن مثله لَا يعرف الا من جِهَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 [685] يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ الخ هَذَا صَرِيح فِي جَوَاز الْوتر بِوَاحِدَة وعَلى جَوَاز الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر بل نَدبه قَوْله [686] حَتَّى استثقل أَي صَار ثقيلا بِغَلَبَة النّوم عَلَيْهِ وَلم يتَوَضَّأ لِأَن نَومه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ حَدثا لِأَنَّهُ لَا ينَام قلبه قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 [687] فَلَا تقوموا لَعَلَّ النَّهْي عَن قيام لانتظار الامام قَائِما وَأما الْقيام من مَكَان إِلَى آخر لأجل تَسْوِيَة الصُّفُوف وَنَحْوه فَغير منهى عَنهُ ثمَّ هَذَا الحَدِيث يدل على جَوَاز الْإِقَامَة قبل رُؤْيَة الامام فادخاله فِي هَذِه التَّرْجَمَة خَفِي فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الْمَسَاجِد) قَوْله [688] من بنى مَسْجِدا يذكر الله فِيهِ على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع التَّعْلِيل كَأَنَّهُ قيل بني ليذكر الله تَعَالَى فِيهِ فَهَذَا فِي معنى مَا جَاءَ يَبْتَغِي وَجه الله بَيْتا للتعظيم أَي عَظِيما وَإسْنَاد الْبناء إِلَى الله مجَاز وَالْبناء مجَاز عَن الْخلق والإسناد حَقِيقَة قَالَ بن الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي يبنيه كَانَ بَعيدا من الْإِخْلَاص قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 [689] من أَشْرَاط السَّاعَة أَي عَلَامَات قربهَا أَن يتباهى يتفاخر فِي الْمَسَاجِد فِي بنائهاوهذا الحَدِيث مِمَّا يشْهد بصدقه الْوُجُود فَهُوَ من جملَة المعجزات الباهرة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [690] قَالَ أَرْبَعُونَ عَاما قَالُوا لَيْسَ المُرَاد بِنَاء إِبْرَاهِيم لِلْمَسْجِدِ الْحَرَام وَبِنَاء سُلَيْمَان لِلْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فان بَينهمَا مُدَّة طَوِيلَة بِلَا ريب بل المُرَاد بناؤهما قبل هذَيْن البناءين وَالْأَرْض لَك مَسْجِد أَي مَا دَامَت على الْحَالة الْأَصْلِيَّة الَّتِي خلقت عَلَيْهَا وَأما إِذا تنجست فَلَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 [691] الا مَسْجِد الْكَعْبَة اخْتلف فِي معنى هَذَا الِاسْتِثْنَاء فَقيل مَعْنَاهُ ان الصَّلَاة فِي مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِدُونِ ألف صَلَاة وَنقل بن عبد الرَّحْمَن عَن جمَاعَة أهل الْأَثر أَن مَعْنَاهُ أَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة ثمَّ أيده بِمَا أخرجه من حَدِيث بن عمر مَرْفُوعا صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاة فِي غَيره الا الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ أفضل مِنْهُ بِمِائَة صَلَاة ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ قَوْله الْبَيْت أَي الْكَعْبَة فأغلقوا عَلَيْهِم أَي بَاب الْبَيْت أول من ولج أَي دخل اليمانيين بتَخْفِيف الْيَاء الْأَخِيرَة أفْصح من التَّشْدِيد نِسْبَة إِلَى الْيمن قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 [693] حكما يُصَادف حكمه أَي يُوَافق حكم الله تَعَالَى وَالْمرَاد التَّوْفِيق للصَّوَاب فِي الِاجْتِهَاد وَفصل الْخُصُومَات بَين النَّاس فأوتيه على بِنَاء الْمَفْعُول من الايتاء ونائب الْفَاعِل ضمير مستتر لِسُلَيْمَان وَالضَّمِير الْمَنْصُوب لمسؤله أَن لَا يَأْتِيهِ أَي لَا يَجِيئهُ وَلَا يدْخلهُ أحد لَا ينهزه لَا يحركه أَن يُخرجهُ من الْإِخْرَاج أَو الْخُرُوج وَالظَّاهِر أَن فِي الْكَلَام اختصارا وَالتَّقْدِير أَن لَا يَأْتِيهِ أحدا لَا يُخرجهُ من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه وَقَوله أَن يُخرجهُ من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه بدل من تَمام هَذَا الْكَلَام الْمُشْتَمل على الِاسْتِثْنَاء الا أَنه حذف الِاسْتِثْنَاء لدلَالَة الْبَدَل عَلَيْهِ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 [694] آخر الْمَسَاجِد أَي آخر الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة الْمَشْهُود لَهَا بِالْفَضْلِ أَو آخر مَسَاجِد الْأَنْبِيَاء أَو أَنه يبْقى آخر الْمَسَاجِد ويتأخر عَن الْمَسَاجِد الآخر فِي الفناء أَي فَكَمَا أَنه تَعَالَى شرف آخر الْأَنْبِيَاء شرف كَذَلِك مَسْجده الَّذِي هُوَ آخر الْمَسَاجِد بِأَن جعل الصَّلَاة فِيهِ كألف صَلَاة فِيمَا سواهُ الا الْمَسْجِد الْحَرَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 [695] مَا بَين بَيْتِي المُرَاد الْبَيْت الْمَعْهُود وَهُوَ بَيْتُ عَائِشَةَ الَّذِي صَارَ فِيهِ قَبْرُهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ مَا بَين الْمِنْبَر وَبَيت عَائِشَة وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجنَّة قيل على ظَاهره وَأَنه قد نقل من الْجنَّة وسينقل إِلَيْهَا وَقيل المُرَاد أَن الْعِبَادَة فِيهَا سَبَب مؤد إِلَى رَوْضَة من رياض الْجنَّة قَوْله [696] رواتب فِي الْجنَّة جمع راتبة من رتب إِذا انتصب قَائِما أَي ان الأَرْض الَّتِي هُوَ فِيهَا من الْجنَّة فَصَارَت القوائم مقرها الْجنَّة أَو أَنه سينقل إِلَى الْجنَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تمارى تجَادل أسس بنيت قَوَاعِده من أول يَوْم من أَيَّام بنائِهِ هُوَ مَسْجِدي هَذَا هَذَا نَص فِي أَن المُرَاد بِالْمَسْجِدِ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن مَسْجده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا مَسْجِد قبَاء كَمَا زَعمه أَصْحَاب التَّفْسِير لكَونه أوفق للقصة قَوْله [698] رَاكِبًا وماشيا أَي رَاكِبًا أَحْيَانًا وماشيا أُخْرَى قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 [699] كَانَ لَهُ عدل عمْرَة الْعدْل بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح بِمَعْنى الْمثل وَقيل بِالْفَتْح مَا عادله من جنسه وبالكسر مَا لَيْسَ من جنسه وَقيل بِالْعَكْسِ قلت وَالْأَقْرَب أَن الْفَتْح فِي الْمسَاوِي حتما وَالْكَسْر فِي الْمسَاوِي عقلا إِذْ الحسى يدْرك بِفَتْح الْعين والعقلى بالفكر الْمُحْتَاج إِلَى خفض الْعين وغمضها وَهَذَا مثل العوج والعلاقة فهما بِالْفَتْح فِي المبصرات وبالكسر فِي المعقولات وَهَذَا مَبْنِيّ على مَا قَالُوا أَن الْوَاضِع الْحَكِيم لم يهمل مُنَاسبَة الْأَلْفَاظ بالمعاني قَضَاء لحق الْحِكْمَة وعَلى هَذَا فَالْأَقْرَب فِي الحَدِيث كسر الْعين وَبِه ضبط فِي بعض النّسخ المصححة وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمعْنَى كَانَ فعله الْمَذْكُور مثل عمْرَة لَهُ إِذْ كَانَ من الْأجر مثل أجر عمْرَة وعَلى الأول عدل عمْرَة بِالنّصب وعَلى الثَّانِي بِالرَّفْع فليفهم وروى التِّرْمِذِيّ عَن أسيد بن حضير مَرْفُوعا الصَّلَاة فِي مَسْجِد قبَاء كعمرة وَكَلَامه يُفِيد أَنه صَحِيح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [700] لَا تشد الرّحال الخ نفى بِمَعْنى النَّهْي أَو نهى وَشد الرّحال كِنَايَة عَن السّفر وَالْمعْنَى لَا يَنْبَغِي شدّ الرّحال وَالسّفر من بَين الْمَسَاجِد الا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد وَأما السّفر للْعلم وزيارة الْعلمَاء والصلحاء وللتجارة وَنَحْو ذَلِك فَغير دَاخل فِي حيّز الْمَنْع وَكَذَا زِيَارَة الْمَسَاجِد الْأُخَر بِلَا سفر كزيارة مَسْجِد قبَاء لأهل الْمَدِينَة غير دَاخل فِي حيّز النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 [701] ان بأرضنا بيعَة بِكَسْر الْبَاء معبد النَّصَارَى أَو الْيَهُود واستوهبناه أَي سألناه أَن يُعْطِينَا من فضل طهوره بِفَتْح الطَّاء وَالظَّاهِر أَن المُرَاد مَا اسْتَعْملهُ فِي الْوضُوء وَسقط من أَعْضَائِهِ الشَّرِيفَة وَيحْتَمل أَن المُرَاد مَا بَقِي فِي الْإِنَاء عِنْد الْفَرَاغ من الْوضُوء وانضحوا بِكَسْر الضَّاد أَي رشوا وَفِيه من التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين مَالا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 يخفى فَإِنَّهُ لَا يزِيدهُ الا طيبا الظَّاهِر ان المُرَاد أَن فضل الطّهُور لَا يزِيد المَاء الزَّائِد الا طيبا فَيصير الْكل طيبا وَالْعَكْس غير مُنَاسِب فَلْيتَأَمَّل قَالَ دَعْوَة حق يدل على تَصْدِيقه وايمانه وَلَعَلَّه لما آمن بِأول مَا سمع دَعْوَة الْحق ألحقهُ تَعَالَى بِرِجَال الْغَيْب تلعة بِفَتْح فَسُكُون مسيل المَاء من أَعلَى الْوَادي وَأَيْضًا مَا انحدر من الأَرْض وتلاع بِالْكَسْرِ جمعه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [702] فِي عُرْضِ الْمَدِينَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَانِبُ والناحية من كل شَيْء فِي حَيّ بتَشْديد الْيَاء أَي قَبيلَة من بني النجار اسْم قَبيلَة وهم أَخْوَاله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَأَنِّي أنظر أَي الْآن استحضارا لتِلْك الْهَيْئَة رديفة هُوَ الَّذِي يركب خلف الرَّاكِب وَالْمرَاد أَنه كَانَ رَاكِبًا خلف النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وهما على بعير وَاحِد وَهُوَ الظَّاهِر أَو على بَعِيرَيْنِ لَكِن أَحدهمَا يَتْلُو الآخر بِفنَاء بِكَسْر فَاء وَمد أَي طرح رَحْله عِنْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 دَاره مرابض الْغنم جمع مربض أَي مأواها أَمر على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول ثامنوني أَي أعطوني حائطكم بِالثّمن والحائط الْبُسْتَان إِذا كَانَ محاطا الا إِلَى الله أَي من الله أَولا نرغب بِثمنِهِ ليخرج مَا فِيهَا من عِظَام الْمُشْركين وصديدهم وَيبعد عَن ذَلِك الْمَكَان تنظيفا وتطهيرا لَهُ عضادتيه بِكَسْر عين مُهْملَة وضاد مُعْجمَة وعضادتا الْبَاب خشبتاه من جانبيه يرتجزون يتعاطون الرجز وَهُوَ قسم من الشّعْر تنشيطا لنفوسهم ليسهل عَلَيْهِم الْعَمَل وهم يَقُولُونَ وَفِي نُسْخَة وَهُوَ يَقُول وَهُوَ الظَّاهِر وَأما الأول فَفِيهِ نِسْبَة قَوْله إِلَى الْكل لكَونه رئيسهم ولرضاهم بقوله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [703] لما نزل على بِنَاء الْمَفْعُول أَي نزل بِهِ مرض الْمَوْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 فَطَفِقَ أَي جعل خميصة هِيَ كسَاء لَهُ أَعْلَام فَإِذا أعتم أَي احْتبسَ نَفسه عَن الْخُرُوج وَقيل أَي سخن بالخميصة وَأخذ بِنَفسِهِ من شدَّة الْحر وَهُوَ كَذَلِك أَي فِي تِلْكَ الْحَالة وَمرَاده بذلك أَن يحذر أمته أَن يصنعوا بقبره مَا صنع الْيَهُود وَالنَّصَارَى بقبور أَنْبِيَائهمْ من اتخاذهم تِلْكَ الْقُبُور مَسَاجِد أما بِالسُّجُود إِلَيْهَا تَعْظِيمًا لَهَا أَو بجعلها قبْلَة يتوجهون فِي الصَّلَاة نَحْوهَا قيل وَمُجَرَّد اتِّخَاذ مَسْجِد فِي جوَار صَالح تبركا غير مَمْنُوع ثمَّ اسْتشْكل ذكر النَّصَارَى فِي الحَدِيث بِأَن نَبِيّهم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ إِلَى الْآن مامات أُجِيب بِأَنَّهُ كَانَ فيهم أَنْبيَاء غَيْرُ مُرْسَلِينَ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ أَوْ المُرَاد بالأنبياء فِي الحَدِيث الْأَنْبِيَاء وكبار أتباعهم وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة مُسلم قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَوِ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعم من أَن يكون على وَجه الابتداع أَو الِاتِّبَاع فَالْيَهُودُ ابْتَدَعَتْ وَالنَّصَارَى اتَّبَعَتْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَارَى تُعَظِّمُ قُبُورَ جَمْعٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تعظمهم الْيَهُود قَوْله كَنِيسَة بِفَتْح الْكَاف أَي معبدًا لِلنَّصَارَى فِيهَا تصاوير صور ذوى الْأَرْوَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 ان أُولَئِكَ قيل بِكَسْر الْكَاف لِأَن الْخطاب لمؤنث وَقد تفتح قلت كَأَن الْفَتْح لتوجيه الْخطاب إِلَى كل مَا يصلح لَهُ لَا لتوجيهه إِلَيْهِمَا وَأَنت خَبِير بِأَن مُقْتَضى تَوْجِيه الْخطاب إِلَيْهِمَا أَن يُقَال أولئكما لَا أُولَئِكَ بِالْكَسْرِ وَعند الافراد يَنْبَغِي الْفَتْح بتوجيه الْخطاب إِلَى كل مَا يصلح لَهُ فَلْيتَأَمَّل تيك الصُّور بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون التَّحْتِيَّة أَي تِلْكَ الصُّور شرار الْخلق بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة أَي لأَنهم ضمُّوا إِلَى كفرهم الْأَعْمَال القبيحة فهم أقبح النَّاس عقيدة وَعَملا قَوْله فَرجل بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْجِيم أَي قدم وَالْمرَاد خطْوَة تكْتب على بِنَاء الْمَفْعُول وضميره للرجل حَسَنَة بِالنّصب مفعول ثَان للكتابة لتضمينها معنى الْجعل تمحو سَيِّئَة أَي أَن كَانَت والا فَكل الخطوات تكْتب حَسَنَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [706] فَلَا يمْنَعهَا الحَدِيث مُقَيّد بِمَا علم من الْأَحَادِيث الاخر من عدم اسْتِعْمَال طيب وزينة فَيَنْبَغِي أَن لَا يَأْذَن لَهَا إِلَّا إِذا خرجت على الْوَجْه الْجَائِز وَيَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن لَا تخرج بذلك الْوَجْه للصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الا على قلَّة لما علم أَن صلَاتهَا فِي الْبَيْت أفضل نعم إِذا أَرَادَت الْخُرُوج بذلك الْوَجْه فَيَنْبَغِي أَن لَا يمْنَعهَا الزَّوْج وَقَول الْفُقَهَاء بِالْمَنْعِ مَبْنِيّ على النّظر فِي حَال الزَّمَان لَكِن الْمَقْصُود يحصل بِمَا ذكرنَا من التَّقْيِيد الْمَعْلُوم من الْأَحَادِيث فَلَا حَاجَة إِلَى القَوْل بِالْمَنْعِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 [707] فَلَا يقربنا أَي الْمُسلمين فِي مَسَاجِدنَا ظَاهر التَّقْيِيد يَقْتَضِي أَن قربهم فِي الْأَسْوَاق غير مَنْهِيّ عَنهُ وَيُؤَيِّدهُ التَّعْلِيل لِأَن الْمَسَاجِد مَحل اجْتِمَاع الْمَلَائِكَة دون الْأَسْوَاق وَكَانَ الْمَقْصُود مُرَاعَاة الْمَلَائِكَة الْحَاضِرين فِي الْمَسَاجِد لِلْخَيْرَاتِ والا فالانسان لَا يَخْلُو عَن صُحْبَة ملك فَيَنْبَغِي لَهُ دوَام التّرْك لهَذِهِ الْعلَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [708] إِذا وجد ريحهما من الرجل أَي فِي الْمَسْجِد فَأخْرج على بِنَاء الْمَفْعُول أَي تأديبا لَهُ على مَا فعل من الدُّخُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 فِي الْمَسْجِد مَعَ الرَّائِحَة الكريهة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله إِذا أَرَادَ أَن يعْتَكف صلى الصُّبْح الخ ظَاهره أَن الْمُعْتَكف يشرع فِي الِاعْتِكَاف بعد صَلَاة الصُّبْح وَمذهب الْجُمْهُور أَنه يشرع من لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَقد أَخذ بِظَاهِر الحَدِيث قوم إِلَّا أَنهم حملوه على أَنه يشرع من صبح الْحَادِي وَالْعِشْرين فَرد عَلَيْهِم الْجُمْهُور بِأَن الْمَعْلُوم أَنه كَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر ويحث أَصْحَابه عَلَيْهِ وَعدد الْعشْر عدد اللَّيَالِي فَيدْخل فِيهَا اللَّيْلَة الأولى والا لَا يتم هَذَا الْعدَد أصلا وَأَيْضًا من أعظم مَا يطْلب بالاعتكاف أَدْرَاك لَيْلَة الْقدر وَهِي قد تكون لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي سعيد فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يكون معتكفا فِيهَا لَا أَن يعْتَكف بعْدهَا وَأجَاب النَّوَوِيّ عَن الْجُمْهُور بِتَأْوِيل الحَدِيث أَنه دخل معتكفا وَانْقطع فِيهِ وتخلى بِنَفسِهِ بعد صَلَاة الصُّبْح لَا أَن ذَلِك وَقت ابْتِدَاء الِاعْتِكَاف بل كَانَ قبل الْمغرب معتكفا لَا يُنَافِي جملَة الْمَسْجِد فَلَمَّا صلى الصُّبْح انْفَرد اه وَلَا يخفى ان قَوْلهَا كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يعْتَكف يُفِيد أَنه كَانَ يدْخل الْمُعْتَكف حِين يُرِيد الِاعْتِكَاف لَا أَنه يدْخل فِيهِ بعد الشُّرُوع فِي الِاعْتِكَاف فِي اللَّيْل وَأَيْضًا الْمُتَبَادر من لفظ الحَدِيث أَنه بَيَان لكيفية الشُّرُوع فِي الِاعْتِكَاف وعَلى هَذَا التَّأْوِيل لم يكن بَيَانا لكيفية الشُّرُوع ثمَّ لَازم هَذَا التَّأْوِيل أَن يُقَال السّنة للمعتكف أَن يلبث أول لَيْلَة فِي الْمَسْجِد وَلَا يدْخل فِي الْمُعْتَكف وَإِنَّمَا يدْخل فِيهِ من الصُّبْح والا يلْزم ترك الْعَمَل بِالْحَدِيثِ وَعند تَركه لَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل وَالْجُمْهُور لَا يَقُول بِهَذِهِ السّنة فيلزمهم ترك الْعَمَل بِالْحَدِيثِ وَأجَاب القَاضِي أَبُو يعلى من الْحَنَابِلَة بِحمْل الحَدِيث على أَنه كَانَ يفعل ذَلِك فِي يَوْم الْعشْرين ليستظهر ببياض يَوْم زِيَادَة قبل يَوْم الْعشْر قلت وَهَذَا الْجَواب هُوَ الَّذِي يفِيدهُ النّظر فِي أَحَادِيث الْبَاب فَهُوَ أولى وبالاعتماد أَحْرَى بَقِي أَنه يلْزم مِنْهُ أَن يكون السّنة الشُّرُوع فِي الِاعْتِكَاف من صبح الْعشْرين استظهارا بِالْيَوْمِ الأول وَلَا بعد فِي الْتِزَامه وَكَلَام الْجُمْهُور لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُم مَا تعرضوا لَهُ لَا اثباتا وَلَا نفيا وَإِنَّمَا تعرضوا لدُخُول لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَهُوَ حَاصِل غَايَة الْأَمر أَن قواعدهم تَقْتَضِي أَن يكون هَذَا الْأَمر سنة عِنْدهم فلنقل بِهِ وَعدم التَّعَرُّض لَيْسَ دَلِيلا على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 الْعَدَم وَمثل هَذَا الْإِيرَاد يرد على جَوَاب النَّوَوِيّ مَعَ ظُهُور مُخَالفَته للْحَدِيث فَضرب لَهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل بِتَأْوِيل الْأَمر خباء بِكَسْر خاء وَمد هُوَ أحد بيُوت الْعَرَب من وبر أَو صوف وَلَا يكون من شعر وَيكون على عمودين أَو ثَلَاثَة آلبر يردن بِمد الْهمزَة مثل آللَّهُ أذن لكم والاستفهام للانكار وآلبر بِالنّصب مفعول يردن أَي مَا أردن الْبر وَإِنَّمَا أردن قَضَاء مُقْتَضى الْغيرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [710] فِي الأكحل بِفَتْح همزَة وَسُكُون كَاف وَفتح حاء هُوَ عرق الْحَيَاة فِي الْيَد إِذا قطع لم يرق الدَّم فَضرب عَلَيْهِ أَي لَهُ أَو لِأَن الْخَيْمَة تعلوه تعدى بعلي قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 [711] يحمل أُمَامَة حَال من فَاعل خرج وَهِي صبية يحملهَا أَي عَادَة وَالْجُمْلَة اعتراضية فصلى عطف على خرج وَكَانَت الصَّلَاة بِجَمَاعَة كَمَا جَاءَ صَرِيحًا وَهِي شَأْن الْفَرَائِض فَعلم بِهِ جَوَاز هَذَا الْفِعْل فِي الْفَرْض وَبِه قَالَ الْجُمْهُور لَكِن بِلَا ضَرُورَة لَا يَخْلُو عَن كَرَاهَة وَفعله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لضَرُورَة أَو لبَيَان الْجَوَاز وروى عَن الْمَالِكِيَّة عدم الْجَوَاز فِي الْفَرَائِض قَالَ النَّوَوِيّ ادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنَ الْخَصَائِصِ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ لَا دَلِيل لَهَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يتَيَقَّن النَّجَاسَةُ وَالْأَعْمَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى ذَلِك وَإِنَّمَا فعل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز قَوْله ثُمَامَة بِضَم مُثَلّثَة وَتَخْفِيف بن أَثَال بِضَم همزَة بعْدهَا مُثَلّثَة آخِره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 لَام بِلَا تَشْدِيد طَاف على بعير قد جَاءَ أَنه فعل ذَلِك لمَرض أَو لزحام قيل هُوَ من خَصَائِصه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذْ يحْتَمل أَن يكون رَاحِلَته عصمت من التلويث كَرَامَة لَهُ فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ غَيره وَذَلِكَ لِأَن الْمَأْمُور بِهِ بقوله تَعَالَى وليطوفوا طواف الْإِنْسَان فَلَا يَنُوب طواف الدَّابَّة مَنَابه الا عِنْد الضَّرُورَة بمحجن بكسرميم وَسُكُون حاء وَفتح جِيم وَنون عَصا محنية الرَّأْس وَزَاد مُسلم وَيقبل المحجن قَوْله [714] عَن التحلق أَي جلوسهم حَلقَة قيل يكره قبل الصَّلَاة الِاجْتِمَاع للْعلم والمذاكرة ليشتغل بِالصَّلَاةِ وينصت للخطبة الذّكر فَإِذا فرغ مِنْهَا كَانَ الِاجْتِمَاع والتحلق بعد ذَلِك وَقيل النَّهْي عَن التحلق إِذا عَم الْمَسْجِد وَعَلِيهِ فَهُوَ مَكْرُوه وَغير ذَلِك لَا بَأْس بِهِ وَقيل نهى عَنهُ لِأَنَّهُ يقطع الصُّفُوف وهم مأمورون بتراص الصُّفُوف وَمَا جَاءَ عَن بن مَسْعُود كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَوَى على الْمِنْبَر استقبلناه بوجوهنا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ يحْتَمل على أَنه بالتوجه إِلَيْهِ فِي الصُّفُوف لَا بالتحلق حول الْمِنْبَر وَمَا جَاءَ عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم جلس يَوْمًا على الْمِنْبَر وَجَلَسْنَا حوله رَوَاهُ البُخَارِيّ يُمكن حمله على غير يَوْم الْجُمُعَة وَعَن البيع الخ أَي مُطلقًا من اخْتِصَاصه بِيَوْم الْجُمُعَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 [715] عَن تناشد الْأَشْعَار أَي المذمومة وَمَا جَاءَ فَيحمل على الْمَحْمُود كَمَا يُشِير إِلَيْهِ تَرْجَمَة المُصَنّف فِي الْبَاب الثَّانِي وَلما كَانَ الْغَالِب فِي الشّعْر المذموم أطلق النَّهْي وَقيل النَّهْي مَحْمُول على التَّنْزِيه وَمَا جَاءَ فَهُوَ مَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز قَوْله [716] وَهُوَ ينشد من أنْشد فلحظ أَي نظر إِلَيْهِ بِطرف الْعين نظرا يُفِيد النَّهْي عَنهُ قَوْله ينشد ضَالَّة من نشدتها إِذا طلبتها من بَاب نصر لَا وجدت يحْتَمل أَنه دُعَاء عَلَيْهِ فكلمة لَا لنفي الْمَاضِي ودخولها على الْمَاضِي بِلَا تكْرَار فِي الدُّعَاء جَائِز وَفِي غير الدُّعَاء الْغَالِب هُوَ التّكْرَار كَقَوْلِه تَعَالَى فَلَا صدق وَلَا صلى وَيحْتَمل أَن لَا ناهية أَي لَا تنشد وَقَوله وجدت دُعَاء لَهُ لإِظْهَار أَن النَّهْي مِنْهُ نصح لَهُ إِذا الدَّاعِي لخير لَا يُنْهِي الا نصحا لَكِن اللَّائِق حِينَئِذٍ الْفَصْل بِأَن يُقَال لَا وجدت لِأَن تَركه موهم الا أَن يُقَال الْموضع مَوضِع زجر فَلَا يضر بِهِ الايهام لكَونه إِيهَام شَيْء هُوَ آكِد فِي الزّجر قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 [718] مر رجل بسهام يتَصَدَّق بهَا كَمَا فِي مُسلم خُذ بنصالها جمع نصل بِفَتْح فَسُكُون حَدِيدَة السهْم وَالرمْح وَالسيف أَي لِئَلَّا يخرج أحد وَكَذَا حكم السُّوق كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي الحَدِيث قَوْله فذهبنا أَي أردنَا أَو شرعنا فَجعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 أَي جعلنَا فِي طَرفَيْهِ وَقَامَ وَسطه شَبكَ أَي جمع بَين أَصَابِع يَدَيْهِ وجعلهما بَين رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالتَّشَهُّد وَهَذَا الْفِعْل يُسمى تطبيقا وَهُوَ مَنْسُوخ بالِاتِّفَاقِ فِي أول الْإِسْلَام وَكَذَا قيام الامام فِي الْوسط إِذا كَانَ اثْنَان يقتديان بِهِ مَنْسُوخ وَكَأن بن مَسْعُود مَا بلغه النّسخ وَالله تَعَالَى أعلم لَكِن يشكل حِينَئِذٍ اسْتِدْلَال المُصَنّف على جَوَاز التشبيك فِي الْمَسْجِد إِذْ لَا دَلِيل فِي الْمَنْسُوخ الا أَن يُقَال نسخه من حَيْثُ كَونه سنة الرُّكُوع مثلا لَا يسْتَلْزم نسخ كَونه جَائِزا فِي الْمَسْجِد فَإِذا ثَبت الْجَوَاز فِي وَقت لزم بَقَاؤُهُ إِلَى أَن يظْهر نَاسخ الْجَوَاز فَلْيتَأَمَّل قَوْله [721] وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ فَهَذَا يدل على جَوَاز ذَلِك وَمَا جَاءَ من النَّهْي يحمل على مَا إِذا خَافَ بِهِ كشف الْعَوْرَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 [723] وكفارتها دَفنهَا أَي سترهَا فِي تُرَاب الْمَسْجِد وَمفَاده أَنه لَيْسَ بخطيئة لتعظيم الْمَسْجِد والا لما أَفَادَ الدّفن شَيْئا بل لتأذى النَّاس بِهِ وبالدفن ينْدَفع التأذي وَقد وَقع التَّصْرِيح بِهِ فِي حَدِيث رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن من تنخم فِي الْمَسْجِد فليغيب نخامته أَن يُصِيب جلد مُؤمن أَو ثَوْبه فيؤذيه وروى أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن من تنخع فِي الْمَسْجِد فَلم يدفنه فسيئة وان دَفنه فحسنة فَلم يَجعله سَيِّئَة الا بِقَيْد عدم الدّفن وَفِي حَدِيث مُسلم وجدت فِي مساوي أَعمال أمتِي نخاعة تكون فِي الْمَسْجِد لَا تدفن وَزعم بعض أَنه لتعظيم الْمَسْجِد فَقَالَ ان اضْطر إِلَى ذَلِك كَانَ البصاق فَوق البواري والحصر خيرا من البصاق تحتهَا لِأَن البواري لَيست من الْمَسْجِد حَقِيقَة وَلها حكم الْمَسْجِد بِخِلَاف مَا تحتهَا وَهَذَا بعيد بِالنّظرِ إِلَى الْأَحَادِيث وَالْأَقْرَب عكس ذَلِك لِأَن التأذي فِي البواري أَكثر من التأذي فِيمَا تحتهَا بِمَنْزِلَة الدّفن لَهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [724] قبل وَجهه إِذا صلى أَي أَنه يناجيه وَيقبل عَلَيْهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْجِهَة وَهُوَ تَعَالَى من هَذِه الْحَيْثِيَّة كَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْجِهَة فَلَا يَلِيق القاء البصاق فِيهَا قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 [725] رأى نُخَامَةً قِيلَ هِيَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ وَقِيلَ النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ مِنَ الصَّدْرِ وَبِالْمِيمِ مِنَ الرَّأْس وَقَالَ يبصق عَن يسَاره ظَاهر الْإِطْلَاق يعم الْمَسْجِد وَغَيره بل الْوَاقِعَة كَانَت فِي الْمَسْجِد كَمَا يدل الحَدِيث فَيدل على أَن الحكم لَيْسَ مُعَللا بتعظيم الْمَسْجِد والا لَكَانَ الْيَمين واليسار سَوَاء بل الْمَنْع عَن تِلْقَاء الْوَجْه للتعظيم بِحَالَة الْمُنَاجَاة مَعَ الرب تَعَالَى وَعَن الْيَمين للتأدب مَعَ ملك الْيَمين كَمَا يفهم من الْأَحَادِيث خلوقا بِفَتْح خاء مُعْجمَة طيب مركب يتَّخذ من الزَّعْفَرَان وَغَيره من أَنْوَاع الطّيب قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 [729] أَبْوَاب رحمتك تَخْصِيص الرَّحْمَة بِالدُّخُولِ وَالْفضل بِالْخرُوجِ لِأَن الدُّخُول وضع لتَحْصِيل الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة وخارج الْمَسْجِد هُوَ مَحل طلب الرزق وَهُوَ المُرَاد بِالْفَضْلِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فليركع إِطْلَاقه يَشْمَل أَوْقَات الْكَرَاهَة وَغَيرهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمن لَا يَقُول بِهِ يَخُصُّهُ بِغَيْر أَوْقَات الْكَرَاهَة وَالْأَمر للنَّدْب كَمَا تدل عَلَيْهِ التَّرْجَمَة الثَّانِيَة فِي الْكتاب ويتأدى ذَلِك بِصَلَاة الْفَرْض أَيْضا فَلَا يبْقى تَخْصِيص الحَدِيث بِمَا إِذا لم تقم الْمَكْتُوبَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وصبح بتَشْديد الْبَاء أَي نزل صباحا بِالْمَدِينَةِ حِين رَجَعَ من الْغَزْوَة وَفِي الحَدِيث اخْتِصَار جَاءَهُ الْمُخَلفُونَ المذكورون فِي قَوْله تَعَالَى وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب إِلَى آخر مَا ذكر من حَالهم بضعا بِكَسْر الْبَاء أَي عددا دون الْعشْرَة حَتَّى جِئْت الخ أَخذ مِنْهُ المُصَنّف أَنه جلس بِلَا صَلَاة وَمن قَوْله فمضيت أَنه خرج بِلَا صَلَاة وَهُوَ مُحْتَمل فَلْيتَأَمَّل الْمُغْضب اسْم مفعول من أغضب إِذا أوقع فِي الْغَضَب [731] مَا خَلفك بتَشْديد اللَّام ابتعت ظهرك أَي اشْتريت مركبك تَجِد على فِيهِ تغْضب على لأَجله قَوْله فنمر على الْمَسْجِد أَي فالخروج قصدا إِلَى الْمَسْجِد غير لَازم فِي صِحَة الصَّلَاة نعم الْأجر يخْتَلف بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 [733] فِي مُصَلَّاهُ لفظ الحَدِيث يعم الْمَسْجِد وَغَيره وَكَانَ المُصَنّف حمله على الْخُصُوص للرواية الَّتِي بعْدهَا فَإِن فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْخُصُوص فِي الْجُمْلَة وعَلى كل تَقْدِير فَالْمُرَاد بقْعَة صلى فِيهَا فَقَط أَو تَمام الْمَسْجِد مثلا وَالْأول هُوَ الظَّاهِر وَيحْتَمل الثَّانِي أَيْضا مَا لم يحدث من أحدث أَي لم ينْقض وضوءه ظَاهره عُمُوم النَّقْض لغير الِاخْتِيَارِيّ أَيْضا وَيحْتَمل الْخُصُوص اللَّهُمَّ الخ بَيَان لصَلَاة الْمَلَائِكَة بِتَقْدِير تَقول قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 [735] فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ جَمْعُ عَطَنٍ وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِل حول المَاء قَالُوا لَيْسَ عِلّة الْمَنْع نَجَاسَة الْمَكَان إِذْ لَا فرق حِينَئِذٍ بَين أعطان الْإِبِل وَبَين مرابض الْغنم مَعَ أَن الْفرق بَينهمَا قد جَاءَ فِي الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا الْعلَّة شدَّة نفار الْإِبِل فقد يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى بطلَان الصَّلَاة أَو قطع الْخُشُوع وَغير ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَسْجِدا الخ حمله على الْعُمُوم لَكِن مُقْتَضى الْأَحَادِيث أَن يخص هَذَا الْعُمُوم فالاستدلال بِهِ فِي مَحل النّظر قَوْله فتتخذه أَي مَوضِع صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فنضحته بِمَاء أَي ليتلين وَعند مَالك لدفع الشَّك وَإِزَالَة احْتِمَال النَّجَاسَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 [738] على الْخمْرَة بِضَم الْخَاء سجادة من حَصِير وَنَحْوه قَوْله [739] وَقد امتروا من الامتراء أَي جرى كَلَامهم فِي شَأْن الْمِنْبَر مِم أَي من أَي شَجَرَة عوده أَي عود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 الْمِنْبَر أَن مرى أَن تفسيريه لما فِي الْإِرْسَال من معنى القَوْل أَن يعْمل لي أعوادا أَي يجمعها ويصورها ويرتبها على وَجه يُمكن الْجُلُوس عَلَيْهَا من طرفاء الغابة مَوضِع قريب من الْمَدِينَة والطرفاء نوع من الشّجر ثمَّ جَاءَ بهَا أَي بالأعواد وَكَذَا سَائِر الضمائر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 تعود إِلَى الأعواد رقى بِكَسْر الْقَاف أَي صعد صلى عَلَيْهَا أَي على تِلْكَ الأعواد وَكَانَت صلَاته على الدرجَة الْعليا من الْمِنْبَر ذكره فِي فتح الْبَارِي وانما صلى ليراه النَّاس كلهم بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ على الأَرْض فَإِنَّهُ يرَاهُ بعض دون بعض ثمَّ نزل عَن دَرَجَات الْمِنْبَر وَمَشى إِلَى وَرَائه حَتَّى صَار بِحَيْثُ يكون رَأسه وَقت السُّجُود مُتَّصِلا بِأَصْل الْمِنْبَر فَسجدَ كَذَلِك والقهقرى بِالْقصرِ الْمَشْي إِلَى خلف ثمَّ عَاد إِلَى دَرَجَات الْمِنْبَر بعد الْقيام من السَّجْدَة الثَّانِيَة وَهَذَا الْعَمَل الْقَلِيل لَا يبطل الصَّلَاة وَقد فعله صلى الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لبَيَان كَيْفيَّة الصَّلَاة وَجَوَاز هَذَا الْعَمَل فَلَا اشكال وَيفهم مِنْهُ ان نظر المقتدى إِلَى أَمَامه جَائِز لتأتموا أَي لتقتدوا ولتعلموا من التَّعَلُّم أَي الْعلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [740] يُصَلِّي على حمَار قد اتَّفقُوا على جَوَازهَا خَارج الْبَلدة ونجاسة الْحمار لَا تمنع ذَلِك قَوْله مَا نعلم أحدا الخ الحَدِيث فِي مُسلم وَغَيره قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا غلط من عَمْرو وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف يُصَلِّي على رَاحِلَته وبعيره وَالصَّوَاب أَن الصَّلَاة على الْحمار من فعل أنس ورده النَّوَوِيّ بِأَن عمرا ثِقَة نقل شَيْئا مُحْتملا فَلَعَلَّهُ كَانَ الْحمار مرّة وَالْبَعِير مرّة أَو مَرَّات لَكِن قد يُقَال أَنه شَاذ مُخَالف لرِوَايَة الْجُمْهُور فِي الْبَعِير وَالرَّاحِلَة والشاذ من أَقسَام الْمَرْدُود وَهُوَ الْمُخَالف لرِوَايَة الْجَمَاعَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 (كتاب الْقبْلَة) قَوْله فاستقبلوها روى بِفَتْح الْبَاء على الْخَبَر وَكسرهَا على الْأَمر وَقد تقدم تَرْجِيح الْكسر وَكَانَت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وُجُوههم إِلَى الشَّام وَهُوَ غير الْقبْلَة حِينَئِذٍ الا أَنهم مَا علمُوا بذلك واعتمدوا على الدَّلِيل الْمَنْسُوخ الَّذِي هُوَ دَلِيل ظَاهر أَو لَيْسَ بِدَلِيل عِنْد التَّحْقِيق فَكل من خَفِي عَلَيْهِ جِهَة الْقبْلَة فصلى إِلَى جِهَة أُخْرَى اعْتِمَادًا على دَلِيل ظَاهر أَو هُوَ لَيْسَ بِدَلِيل عِنْد التَّحْقِيق فَحكمه حكم هَؤُلَاءِ يمِيل إِلَى الْقبْلَة إِذا علم بهَا وَمَا صلى قبل الْعلم فَذَاك صَحِيح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [746] مثل مؤخرة الرحل بِالْهَمْزَةِ وَتركهَا لُغَة قَليلَة وَمنع مِنْهَا بَعضهم وَكسر الْخَاء وتخفيفها لُغَة فِي آخرته بِالْمدِّ وَكسر الْخَاء الْخَشَبَة الَّتِي يسْتَند إِلَيْهَا رَاكب الْبَعِير قَوْله يركز يغرز الحربة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء دون الرمْح عريضة النصل قَوْله فليدن أَمر من الدنو بِمَعْنى الْقرب لَا يقطع جملَة مستأنفة بِمَنْزِلَة التَّعْلِيل أَي لِئَلَّا يقطع الشَّيْطَان بِأَن يحمل على الْمُرُور من يقطع عَلَيْهِ صلَاته حَقِيقَة عِنْد قوم كَالْمَرْأَةِ وَالْحمار وَالْكَلب الْأسود وخشوعا عِنْد آخَرين وَيحْتَمل ان المُرَاد بالشيطان هُوَ الْكَلْب فقد جَاءَ فِي الحَدِيث انه شَيْطَان قَوْله الحجي بحاء مُهْملَة وجيم مفتوحتين أَي حَاجِب الْكَعْبَة نَحوا من ثَلَاثَة أَذْرع فَعلم مِنْهُ أَنه يَنْبَغِي أَن يَجْعَل بَينه وَبَين الستْرَة هَذَا الْقدر قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 [750] مثل آخِرَة الرحل أَي قدره فَإِنَّهُ يقطع الخ وَظَاهر الحَدِيث أَن مُرُور هَذِه الْأَشْيَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 يبطل الصَّلَاة وَبِه قَالَ قوم وَالْجُمْهُور على خِلَافه فَلذَلِك أَوله النَّوَوِيّ وَغَيره بِأَن المُرَاد بِالْقطعِ نقص الصَّلَاة لشغل الْقلب بِهَذِهِ الْأَشْيَاء وَلَيْسَ المُرَاد ابطالها ثمَّ رد النَّوَوِيّ دَعْوَى نسخ الحَدِيث وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْخَوْفِ عَلَى قَطْعِهَا بِالشَّغْلِ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَفْتِنُ وَالْحِمَارَ ينهق وَالْكَلب يخوف فيشوش الْمُتَفَكِّرُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَطِعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ آيِلَةً إِلَى الْقَطْعِ جعلهَا قَاطِعَة قلت شغل الْقلب لَا يرْتَفع بمؤخرة الرحل إِذْ الْمَار وَرَاء مؤخرة الرحل فِي شغل الْقلب قريب من الْمَار فِي شغل الْقلب أَن لم يكن مؤخرة الرحل فِيمَا يظْهر فالوقاية بمؤخرة الرحل على هَذَا الْمَعْنى غير ظَاهر وَالله تَعَالَى أعلم الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ الْكِلَابِ السُّودِ وَقيل بل هُوَ أَشد ضَرَرا من غَيره فَسمى شَيْطَانا وعَلى كل تَقْدِير لَا اشكال بِكَوْن مُرُور الشَّيْطَان نَفسه لَا يقطع الصَّلَاة لجَوَاز أَن يكون الْقطع مُسْتَندا إِلَى مَجْمُوع الْخلق الشيطاني فِي الصُّورَة الْكَلْبِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [751] الْمَرْأَة الْحَائِض يحْتَمل أَن المُرَاد مَا بلغت سنّ الْحيض أَي الْبَالِغَة وعَلى هَذَا فالصغيرة لَا تقطع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [752] على أتان بِالْمُثَنَّاةِ أُنْثَى الْحمار ترتع ترعى وَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَن مُرُور الْحمار لَا يقطع لما تقرر أَن ستْرَة الامام ستْرَة الْقَوْم فَلَا يتَحَقَّق الْمُرُور المضر فِي حق الامام وَالْقَوْم الا إِذا مرت بَين يَدي الامام مَا بَينه وَبَين الستْرَة وَلَا دلَالَة لحَدِيث بن عَبَّاس على ذَلِك قَوْله كليبة بِالتَّصْغِيرِ وحمارة بِالتَّاءِ وَهِي لُغَة قَليلَة والأفصح حمَار بِلَا تَاء للذّكر وَالْأُنْثَى فَلم يزجرا أَو لم يؤخرا هما على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على الْمُرُور بَين الْمصلى والسترة وَلَا على أَن الكلبة كَانَت سَوْدَاء وَكَذَا فِي دلَالَة الْأَحَادِيث اللاحقة على أَن الْمُرُور لَا يقطع بحث فَهَذِهِ الْأَحَادِيث لَا تعَارض حَدِيث الْقطع أصلا قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 [754] على حمَار لَعَلَّ الْحمار مر وَرَاء الستْرَة إِذْ لَا دلَالَة للفظ على أَنه مر بَينه وَبَين الستْرَة فنزلوا أَي من كَانَ على الْحمار ففرع بفاء وَرَاء وَعين مُهْملَة وَفِي الرَّاء يجوز التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد أَي حجز وَفرق وَلَو سلم مُرُور الجاريتين بَين يَدَيْهِ أَي بَينه وَبَين الستْرَة فَالْجَوَاب أَن الَّذِي يقطع الصَّلَاة مُرُور الْبَالِغَة لِأَنَّهَا المتبادرة من اسْم الْمَرْأَة وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة الْمَرْأَة الْحَائِض كَمَا تقدم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انسللت أَي خرجت بتأن وتدريج وَهَذِه الْجُمْلَة مستأنفة كَأَنَّهُ قيل لَهَا فَمَاذَا تفعلين قَالَت انسللت الخ ثمَّ لَا دلَالَة فِيهِ على أَنَّهَا مرت بَين يَدَيْهِ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 [756] مَاذَا عَلَيْهِ أَي من الْإِثْم أَو الضَّرَر لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ خيرا لَهُ أَي لَكَانَ الْوُقُوف خيرا لَهُ من الْمُرُور عِنْده وَلِهَذَا علق بِالْعلمِ والا فالوقوف خير لَهُ سَوَاء علم أولم يعلم وَخير فِي بعض النّسخ بِلَا ألف كَمَا فِي نسخ أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَمُسلم وَفِي بَعْضهَا بِأَلف كَمَا فِي نسخ البُخَارِيّ قيل هُوَ مَرْفُوع على أَنه اسْم كَانَ وَأَنت خَبِير بِأَن الْقَوَاعِد تأبى ذَلِك لِأَن قَوْله أَن تقف بِمَنْزِلَة الِاسْم الْمعرفَة فَلَا يصلح أَن يكون خَبرا لَكَانَ وَيكون النكرَة اسْما لَهُ بل أَن مَعَ الْفِعْل يكون اسْما لَكَانَ مَعَ كَون الْخَبَر معرفَة مُتَقَدّمَة مثل قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ قَوْلهم الا أَن قَالُوا وَله نَظَائِر فِي الْقُرْآن وَكَذَا الْمَعْنى يَأْبَى ذَلِك عِنْد التَّأَمُّل فَالْوَجْه أَن اسْم كَانَ ضمير الشَّأْن وَالْجُمْلَة مفسرة للشأن أَو أَن خيرا مَنْصُوب على أَنه خبر كَانَ وَترك الْألف بعده من تسَامح أهل الحَدِيث فَإِنَّهُم كثيرا مَا يتركون كِتَابَة الْألف بعد الِاسْم الْمَنْصُوب كَمَا صرح بِهِ النَّوَوِيّ والسيوطي وَغَيرهمَا فِي مَوَاضِع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [757] فَلَا يدع أَي فَلَا يتْرك بل يَدْفَعهُ مَا اسْتَطَاعَ كَمَا فِي رِوَايَة فليقاتله حملوه على أَشد الدّفع وَاسْتَعْملهُ بعض قَلِيل على ظَاهره وَاللَّفْظ مَعَهم إِذْ أَقسَام الدّفع كلهَا مندرجة فِي الدّفع مَا اسْتَطَاعَ قَوْله بحذائه أَي بحذاء الْبَيْت وَبَين الطّواف بِضَم طاء وَتَشْديد وَاو قلت لَكِن الْمقَام يَكْفِي ستْرَة وعَلى هَذَا فَلَا يصلح هَذَا الحَدِيث دَلِيلا لمن يَقُول لَا حَاجَة فِي مَكَّة إِلَى ستْرَة فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 [760] لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور بالاستقبال إِلَيْهَا لما فِيهِ من التَّشَبُّه بعبادتها وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا الظَّاهِر أَن المُرَاد بِالْجُلُوسِ مَعْنَاهُ الْمُتَعَارف وَقيل كِنَايَة عَن قَضَاء الْحَاجة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 [761] إِلَى سَهْوَةٍ بِمُهْمَلَةٍ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدرٌ فِي الْأَرْضِ قَلِيلا وَقيل هُوَ الصّفة بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ وَقِيلَ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ أَوِ الطاق يوضع فِيهِ الشَّيْء وسائد جمع وسَادَة قَوْله [762] ويحتجرها بِاللَّيْلِ أَي يتخذها كالحجرة لِئَلَّا يمر عَلَيْهِ مارو يتوفر خشوعه فَفطن لَهُ بِفَتْح الطَّاء أَي علمُوا بِهِ اكلفوا بِفَتْح اللَّام من كلف بِكَسْر اللَّام أَي تحملوا من الْعَمَل مَا تطيقونه على الدَّوَام والثبات لَا تفعلونه أَحْيَانًا وتتركونه أَحْيَانًا لَا يمل بِفَتْح الْمِيم أَي لَا يقطع الإقبال بِالْإِحْسَانِ عَنْكُم حَتَّى تملوا فِي عِبَادَته أَي والاكثار قد يُؤَدِّي إِلَى الملال وَإِن أحب الخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 عطف على قَوْله فَإِن الله لَا يمل أَي أَن الأحب من الْأَعْمَال مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه وَالْمُكثر قل مَا يداوم فَلَا يكون عمله ممدوحا عِنْده تَعَالَى ثمَّ ترك مُصَلَّاهُ ذَلِك الخ أَي خوفًا من حرصهم على ذَلِك أَولا ثمَّ عجزهم عَنهُ آخرا أثْبته ثمَّ داوم عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 قَوْله أولكلكم ثَوْبَان قَالَه إنكارا على السَّائِل لظُهُور الْأَمر بِحَيْثُ لَا يُمكن الشَّك من عَاقل فِي جَوَاز الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد نعم ذكر الْعلمَاء أَن الاحسن الصَّلَاة فِي ثَوْبَيْنِ ان تيَسّر وَهَذَا أَمر آخر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله طَرفَيْهِ أَي طرفِي الثَّوْب والعاتق بَين الْمَنْكِبَيْنِ إِلَى أصل الْعُنُق قَوْله زره بِتَقْدِيم الْمُعْجَمَة على الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة من بَاب نصر وَالْمرَاد اربط جيبه لِئَلَّا تظهر عورتك ثمَّ صل فِيهِ قَوْله [766] عاقدين أزرهم حَال من فَاعل يصلونَ والأزر بِضَم فَسُكُون جمع ازار للنِّسَاء اللائي يصلين وَرَاء الرِّجَال لَا ترفعن رؤسكن من السُّجُود وَذَلِكَ لِئَلَّا ينْكَشف من عورات الرِّجَال شَيْء عِنْد السُّجُود لضيق الْإِزَار فَيَقَع نظر النِّسَاء عَلَيْهِ قَوْله فدعوني أَي نادوني مفتوقة أَي مخروقة مشقوقة يظْهر مِنْهَا الْعَوْرَة أَلا تغطى أَي خُذ من كل مِنْهَا شَيْئا واشتر بِهِ ثوبا يستر عَوْرَته والاست بِكَسْر الْهمزَة من أَسمَاء الدبر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مرط بِكَسْر وَسُكُون كسَاء قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 [769] لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء أَي إِذا كَانَ وَاسِعًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ان وضع على عَاتِقه مِنْهُ شَيْئا يصير كالازار جَمِيعًا وَيكون أستر وأجمل بِخِلَافِهِ إِذا لم يضع قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 [770] فَرُّوجُ حَرِيرٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ آخِره جِيم وَجوز ضم أَوله وَتَخْفِيف الرَّاء هُوَ قبَاء مشقوق من خلف فلبسه قبل تَحْرِيم الْحَرِير أَو كَانَ مخلوطا بِغَيْرِهِ وعَلى الأول يحْتَمل أَن يكون نَزعه لكراهته وَقَوله لَا يَنْبَغِي ابْتِدَاء لتحريمه وَيحْتَمل أَنه من بَاب كَرَاهَته للزِّينَة الْكَثِيرَة فِي هَذِه الدَّار قبل التَّحْرِيم وَهُوَ الْوَجْه على التَّقْدِير الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [771] شغلتني أَعْلَام هَذِه هَذَا مَبْنِيّ على أَن الْقلب قد بلغ من الصفاء عَن الأغيار الْغَايَة حَتَّى يظْهر فِيهِ أدنى شَيْء يظْهر لَك ذَلِك إِذا نظرت إِلَى ثوب بلغ فِي الْبيَاض الْغَايَة والى مَا دون ذَلِك فَيظْهر فِي الأول من أثر الْوَسخ مَالا يظْهر فِي الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم إِلَى أبي جهم أَي الَّذِي أهْدى تِلْكَ الخميصة إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلما خَافَ عَلَيْهِ أَن ينكسر خاطره برد الْهَدِيَّة قَالَ وأتوني بأنبجانيه بِفَتْح همزَة وَسُكُون نون وَكسر بَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 ويروى فتحهَا وياء مُشَدّدَة للنسبة بعد النُّون وَهِي كسَاء غليظ لَا علم لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حَمْرَاء من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 لَا يرى لبس الْأَحْمَر يحملهَا على المخططة وَهُوَ الْمَرْوِيّ من رَوَاهُ الحَدِيث (كتاب الْإِمَامَة) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 قَوْله [777] قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْبَاء للتعدية وَفِيه تَقْدِيم أهل الْفضل وَالْعلم فِي الْإِمَامَة الصُّغْرَى والكبرى جَمِيعًا وَأَنَّهُمْ فَهموا من تَقْدِيم أبي بكر فِي الصُّغْرَى تَقْدِيمه فِي الْكُبْرَى أَيْضا بعد بَيَان عمر لَهُم ذَلِك وَلَيْسَ ذَلِك لقياس الْكُبْرَى على الصُّغْرَى حَتَّى يُقَال أَنه قِيَاس بَاطِل بل لَان الصُّغْرَى يَوْمئِذٍ كَانَت من وظائف الامام الْكَبِير فتفويضها إِلَى أحد عِنْد الْمَوْت دَلِيل على نَصبه للكبرى فَلْيتَأَمَّل وَأَن الأعلم مقدم على الأقرأ لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قدم أَبَا بكر دون أبي مَعَ قَوْله أقرؤكم أبي كَذَا قَالُوا قَوْله الْبَراء بِالتَّشْدِيدِ وَالْمدّ كَانَ يبرى النبل قَوْله فعض على شَفَتَيْه أَي إِظْهَارًا للكراهة لفعله وَلَا تقل أَنِّي صليت أَي خوفًا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 الْفِتْنَة قَوْله واجعلوها أَي الصَّلَاة مَعَهم سبْحَة بِضَم سين وَسُكُون بَاء مُوَحدَة أَي نَافِلَة وَفِيه جَوَاز الصَّلَاة مَعَ أَئِمَّة الْجور لأَنهم الَّذين من شَأْنهمْ التَّأْخِير على هَذَا الْوَجْه قَوْله أقرؤهم أَي أَكْثَرهم قُرْآنًا وأجودهم قِرَاءَة فأقدمهم هِجْرَة أما لِأَن الْقدَم فِي الْهِجْرَة شرف يَقْتَضِي التَّقْدِيم أَو لَان من تقدم هجرته فَلَا يَخْلُو غَالِبا عَن كَثْرَة الْعلم بِالنِّسْبَةِ إِلَى من تَأَخّر بِالسنةِ حملوها على أَحْكَام الصَّلَاة وَلَا تؤم الرجل بِصِيغَة الْخطاب وَنصب الرجل وَالْخطاب لمن يصلح لَهُ وَالْمرَاد بالسلطان مَحل السُّلْطَان وَهُوَ مَوضِع يملكهُ الرجل أَوله فِيهِ تسلط بِالتَّصَرُّفِ كصاحب الْمجْلس وامامه فَإِنَّهُ أَحَق من غَيره وان كَانَ أفقه لِئَلَّا يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى التباغض وَالْخلاف الَّذِي شرع الِاجْتِمَاع لرفعه والتكرمة الْمَوْضِعُ الْخَاصُّ لِجُلُوسِ الرَّجُلِ مِنْ فِرَاشٍ أَوْ سَرِير مِمَّا يعد لَا كَرَامَة وَهِي تَفْعَلهُ من الْكَرَامَة الا أَن يَأْذَن لَك قيل مُتَعَلق بالفعلين وَقيل بِالثَّانِي فَقَط فَلَا يجوز الْإِمَامَة لصَاحب الْبَيْت وان أذن وَفِي هَذَا الحَدِيث جوابان النّسخ بامامة أبي بكر مَعَ أَن أقرأهم أبي وَكَانَ أَبُو بكر أعلمهم كَمَا قَالَ أَبُو سعيد وَدَعوى أَن الحكم مَخْصُوص بالصحابة وَكَانَ أقرؤهم أعلمهم لكَوْنهم يَأْخُذُونَ الْقُرْآن بالمعاني وَبَين الجوابين تنَاقض لَا يخفى وَلَفظ الحَدِيث يُفِيد عُمُوم الحكم وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 قَوْله [783] لَا يؤم الرجل على بِنَاء الْمَفْعُول وَفِيه أَن الْوَالِي مقدم مُطلقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 قَوْله ليصلح من الْإِصْلَاح فحبس على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل أَي حَبسه الْإِصْلَاح يمشي فِي الصُّفُوف وَفِي مُسلم فخرق أَي الصُّفُوف وَلَعَلَّه لما رأى من الفرجة فِي الصَّفّ الأول وَقيل هَذَا جَائِز للامام مَكْرُوه لغيره فِي التصفيق أَي فِي ضرب كل يَده بِالْأُخْرَى اعلاما لأبي بكر بِحُضُورِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يلْتَفت فِي صلَاته لما غلب عَلَيْهِ من الْخُشُوع والحضور يَأْمُرهُ أَن يُصَلِّي أَي مَكَانَهُ أماما فَرفع يدل على أَن رفع الْيَدَيْنِ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاة مَشْرُوع فَحَمدَ الله أَي على أَمر التكريم فَإِنَّهُ علم أَن الْأَمر بذلك تكريم مِنْهُ وَلذَلِك تَأَخّر والا فَلَا يجوز ترك امْتِثَال الْأَمر للتأدب ان كَانَ الْأَمر للْوُجُوب مثلا فصلى بِالنَّاسِ أَخذ مِنْهُ أَن الامام الرَّاتِب إِذا حضر بعد أَن دخل نَائِبه فِي الصَّلَاة يتَخَيَّر بَين أَن يأتم بِهِ أَو يؤم هُوَ وَيصير النَّائِب مَأْمُوما من غير أَن يقطع الصَّلَاة وَلَا يبطل شَيْء من ذَلِك صَلَاة أحد من الْمَأْمُومين وَالْأَصْل عدم الخصوصية خلافًا للمالكية وَفِيه جَوَاز احرام الْمَأْمُوم قبل الامام وَأَن الامام قد يكون فِي بعض صلَاته إِمَامًا وَفِي بَعْضهَا مَأْمُوما وَلَا يخفى أَنه لَا بُد حِينَئِذٍ من اعلام النَّائِب للامام الرَّاتِب عدد مَا صلى من الرَّكْعَات وَمَا بقى وَمحل مَا وصل إِلَيْهِ فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة أَو السُّورَة ثمَّ يلْزم فرَاغ الْمُتَقَدِّمين قبل فرَاغ الامام فِيمَا إِذا جَاءَ الرَّاتِب بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 الرَّكْعَة الأولى وَالله تَعَالَى أعلم نابكم عرضكم انما التصفيق للنِّسَاء أَي مَشْرُوع لَهُنَّ فعله إِذا نابهن شَيْء كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَات الحَدِيث أَو هُوَ من أَفعَال النِّسَاء ولعبهن فَلَا يَلِيق لأحد أَن يَفْعَله فِي الصَّلَاة فَقَوله من نابه على الأول يحمل على الرِّجَال وعَلى الثَّانِي يعم الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْأول مُخْتَار الْجُمْهُور بِشَهَادَة الْأَحَادِيث وَالثَّانِي مُخْتَار الْمَالِكِيَّة تصلي للنَّاس أَي إِمَامًا لَهُم والا فَالصَّلَاة لله وَيحْتَمل أَن تكون اللَّام بِمَعْنى الْبَاء قَوْله متوشحا متلحفا بِثَوْبِهِ وَهُوَ أَن يعْقد طرفِي الثَّوْب على صَدره قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 [787] فَلَا يصلين أَي الزائر قَوْله [788] أَن عتْبَان بِكَسْر الْعين قَوْله انها أَي الْقِصَّة تكون الْمظْلمَة أَي تُوجد الظلمَة فَكَانَ تَامَّة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 [789] وَأَنا بن ثَمَان سِنِين وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد بن سبع سِنِين وَفِيه دَلِيل على امامة الصَّبِي للمكلفين وَمن لَا يَقُول بِهِ يحمل الحَدِيث على أَنه كَانَ بِلَا علم من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلَا حجَّة فِيهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [790] حَتَّى تروني قَالَ الْعلمَاء سَبَب النَّهْي أَن لَا يَطُولَ عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ عَارض فَيتَأَخَّر بِسَبَبِهِ قَوْله نجي فعيل من الْمُنَاجَاة أَي مناج وَلَعَلَّه كَانَ أمرا ضَرُورِيًّا أَو فعل ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَن الْفَصْل بَين الْإِقَامَة والشروع لَا يضر بِالصَّلَاةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 [792] إِذا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذكر ظَاهره قبل ان يشرع فِي الصَّلَاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 مَكَانكُمْ أَي الزموه وَلَعَلَّه مَا أَرَادَ الْقيام وَإِنَّمَا أَرَادَ الِاجْتِمَاع وَعدم التَّفَرُّق وَلَو بالقعود ينطف بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَكسرهَا أَي يقطر رَأسه بِالرَّفْع فَاعل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [793] فَجعل يشق النَّاس أَي صفوفهم اما لِأَنَّهُ يجوز للامام ذَلِك أَو لِأَنَّهُ رأى فرجه فِي الصَّفّ الأول كَمَا تقدم وصفح من التصفيح بِمَعْنى التصفيق لَا يمسك عَنهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي رأى التصفيق مستمرا غير مُنْقَطع فَأَوْمأ بِالْهَمْزَةِ أَي أَشَارَ بالمضي فِي الصَّلَاة مَكَانَهُ ليؤتم بِهِ أَي ليقتدى بِهِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوع وَقَوله فَإِذا ركع الخ بَيَان لذَلِك قَوْله تأخرا عَن الصُّفُوف من بعدكم من الصَّفّ الثَّانِي وَغَيره وَالْخطاب لأهل الصَّفّ الأول أَو من بعدكم من اتِّبَاع الصَّحَابَة وَالْخطاب للصحابة مُطلقًا يتأخرون عَن الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة حَتَّى يؤخرهم الله عَن رَحمته أَو جنته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 قَوْله يسمعنا من الاسماع كَانَ يسمع النَّاس التَّكْبِير وَيُعلمهُم الِانْتِقَال إِلَى حَال قَوْله [799] ثمَّ قَامَ فصلى بيني وَبَينه كَانَ هَذَا الْكَلَام كَلَام وَاحِد مِنْهُمَا فَقَالَ كل أَنه صلى بيني وَبَينه يُشِير بِهِ إِلَى صَاحبه وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن الامام يقوم بحذائهما لَا يتقدمهما قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 [800] يحملنا على بعير بِالْجَزْمِ جَوَاب أَمر مُقَدّر أَي احملهما يحملنا مثل قَوْله تَعَالَى قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا الصَّلَاة أَي قل لَهُم أقِيمُوا يقيموا ووطب بِفَتْح وَاو وَسُكُون طاء هُوَ زق يكون فِيهِ سمن وَلبن وَهُوَ جلد الْجذع فَمَا فَوْقه وَجمعه أَو طَابَ أَي فَبَعَثَنِي بِبَعِير لركوبهما ووطب من لبن للزاد وَجَعَلَنِي دَلِيلا لَهما فِي اخفاء الطَّرِيق هُوَ مصدر أخْفى كَمَا هُوَ المضبوط أَي فِي طَرِيق تخفيهما على النَّاس وَلَو جعل اسْم تَفْضِيل من الخفاء لَكَانَ لَهُ وَجه ثمَّ هَذَا الحَدِيث يدل على تَأَخّر الْإِثْنَيْنِ عَن الامام وَعَلِيهِ عمل أهل الْعلم وَلَهُم فِيهِ أَحَادِيث أخر أقوى من هذاوحملوا الحَدِيث السَّابِق على أَنه لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فعل لضيق الْمَكَان أَحْيَانًا أَو على النّسخ قَوْله [801] أَن جدته قيل صميره لإسحاق ومليكة هِيَ أم سليم أم أنس ومليكة جدة أنس وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله فأصلي لكم بِالنّصب على أَنه جَوَاب الْأَمر أَو بِالرَّفْع لخفاء السَّبَبِيَّة وَفِي بعض النّسخ فَلَا صلى لكم بِكَسْر اللَّام وَنصب الْمُضَارع وَالْفَاء زَائِدَة أَي قومُوا الْأَصْلِيّ أماما لكم أَو بِتَقْدِير فَذَلِك الْقيام لأصلي لكم فنضحته أَي ليلين أَو لدفع الشَّك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 قَوْله [802] وَمَا هُوَ أَي الَّذِي فِي الْبَيْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 قَوْله [806] فَقَالَ لي هَكَذَا أَي فعل بِي هَكَذَا وَقَوله فَأخذ برأسي الخ تَفْسِير لذَلِك الْفِعْل قَوْله يمسح مناكبنا أَي ليعلم بِهِ تَسْوِيَة الصَّفّ لَا تختلفوا بالتقدم والتأخر فِي الصُّفُوف كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَات الحَدِيث فتختلف بِالنّصب على أَنه جَوَاب النَّهْي أَي اخْتِلَاف الصُّفُوف سَبَب لاخْتِلَاف الْقُلُوب بِجعْل الله تَعَالَى كَذَلِك ليلني بِكَسْر لامين وخفة نون بِلَا يَاء قبلهَا وَيجوز اثبات الْيَاء وَتَشْديد النُّون على التَّأْكِيد وَالْوَلِيّ الْقرب وَالْمرَاد بِالْبَيَانِ تَرْتِيب الْقيام فِي الصُّفُوف أولو الأحلام ذُو والعقول الراجحة وَاحِدهَا حلم بِالْكَسْرِ لِأَن الْعقل الرَّاجِح يتسبب للحلم والاناة والتثبت فِي الْأُمُور والنهى بِضَم نون وَفتح هَاء وَألف جمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 نهية بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْعقل لِأَنَّهُ ينْهَى صَاحبه عَن الْقَبِيح ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ أَي يقربون مِنْهُم فِي هَذَا الْوَصْف قيل هم المراهقون ثمَّ الصّبيان المميزون ثمَّ النِّسَاء فجبذني أَي جرني فنحاني بتَشْديد الْحَاء أَي بعدني عَن الصَّفّ الأول لَا يسؤك الله دُعَاء بِأَن يُؤمنهُ تَعَالَى من السوء أَهْلُ الْعُقَدِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْقَافِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي أَصْحَابَ الْوِلَايَاتِ عَلَى الْأَمْصَارِ مِنْ عَقْدِ الْأَلْوِيَةِ لِلْأُمَرَاءِ وَرُوِيَ الْعَقْدَةَ يُرِيدُ الْبيعَة المعقودة للولاة آسى بِمد الْهمزَة آخِره ألف أَي مَا أَحْزَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 قَوْله فعدلت بتَشْديد الدَّال على بِنَاء الْمَفْعُول أَي سويت قَوْله يقوم من التَّقْوِيم أَي يسوى كَمَا يقوم القداح بِكَسْر الْقَاف جمع قدح بِكَسْر قَاف فَسُكُون دَال سهم قبل أَن يراش وَقيل مُطلقًا وَالْأَقْرَب أَن يقوم على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّقْوِيم وَجعله على بِنَاء الْفَاعِل وَجعل ضَمِيره للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعيد خَارِجا أَي لتقدم لتقيمن من الْإِقَامَة بنُون التوكيد وَالْخطاب للْجمع وَالْمرَاد بِالْإِقَامَةِ تسويتها واخراجها عَن الاعوجاج وَالْمعْنَى لَا بُد من أحد الْأَمريْنِ اما إِقَامَة الصُّفُوف مِنْكُم أَو إِيقَاع الْخلاف من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 الله تَعَالَى فِي قُلُوبكُمْ فيقل الْمَوَدَّة وَيكثر التباغض وَالْمرَاد بالوجوه فِي الحَدِيث الْقُلُوب كَمَا فِي رِوَايَة وَذَلِكَ لِأَن الِاخْتِلَاف فِي الْقُلُوب بالتباغض والتعادي ينشأ مِنْهُ الِاخْتِلَاف فِي الْوُجُوه بِأَن يدبر كل صَاحبه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [811] يَتَخَلَّل الصُّفُوف أَي يدْخل خلالها على الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة أَي على الصَّفّ الْمُتَقَدّم فِي كل مَسْجِد أَو فِي كل جمَاعَة فالجمع بِاعْتِبَار تعدد الْمَسَاجِد أَو تعدد الْجَمَاعَات أَو المُرَاد الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة على الصَّفّ الْأَخير فَالصَّلَاة من الله تَعَالَى تَشْمَل كل صف على حسب تقدمه الا الْأَخير فَلَا حَظّ لَهُ مِنْهَا لفَوَات التَّقَدُّم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 [813] اني لأَرَاكُمْ من خَلْفي الخ الظَّاهِر أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يراهم بِعَيْنِه على خرق الْعَادة فَيرى بهَا بِلَا مُقَابلَة فَإِن الْحَقَّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا عَقْلًا عُضْوٌ مَخْصُوصٌ وَلَا مُقَابَلَةٌ وَلَا قرب وَإِنَّمَا تِلْكَ الْأُمُور عَادِية يجوز حُصُولُ الْإِدْرَاكِ مَعَ عَدَمِهَا عَقْلًا وَقِيلَ كَانَتْ لَهُ عين خلف ظَهره يرى من وَرَاءه وَأَنَّهَا لَا يحجبها ثوب وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ صُوَرُهُمْ تَنْطَبِعُ فِي حَائِطِ قِبْلَتِهِ كَمَا تَنْطَبِعُ فِي الْمِرْآةِ فَيَرَى أَمْثِلَتَهُمْ فيشاهد أفعالهم ثمَّ قيل هَذَا الْكَلَام أَعنِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ الخ تَعْلِيل لِلْأَمْرِ أَي أَمرتكُم بذلك لما علمت من حالكم من التَّقْصِير فِي ذَلِك بِسَبَب اني أَرَاكُم من خَلْفي الخ قلت وَيحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك تحريضا للضعفاء على التَّسْوِيَة بِنَاء على اخلالهم بهَا بِسَبَب الْغَيْبَة عَن نظره إِذْ كثير من الضُّعَفَاء يهتمون فِي الْحُضُور مَا لَا يهتمون فِي الْغَيْبَة وَيحْتَمل أَن بعض الْمُنَافِقين كَانُوا لايهتمون بِأَمْر الصُّفُوف فَقيل لَهُم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وَلَا يخلوا بِأَمْر الصُّفُوف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وتراصوا أَي تلاصقوا حَتَّى لَا يكون بَيْنكُم فُرْجَة من رص الْبناء إِذا لصق بعضه بِبَعْض قَوْله [815] راصوا صفوفكم بانضمام بَعْضكُم إِلَى بعض على السوَاء وقاربوا بَينهَا أَي اجعلوا مَا بَين كل صفّين من الْفَصْل قَلِيلا بِحَيْثُ يقرب بعض الصُّفُوف إِلَى بعض وحاذوا بالأعناق قيل الظَّاهِر أَن الْبَاء زَائِدَة وَالْمعْنَى اجعلوا بعض الْأَعْنَاق فِي مُقَابلَة بعض الْحَذف بحاء مُهْملَة وذال مُعْجمَة مفتوحتين الْغنم الصغار الحجازية وَاحِدهَا حذفة بِالتَّاءِ قَوْله [816] عِنْد رَبهم أَي فِي مَحل قربه وقبوله قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 [817] يُصَلِّي على الصَّفّ الأول ثَلَاثًا أَي يَدْعُو لَهُم بِالرَّحْمَةِ ويستغفر لَهُم ثَلَاث مَرَّات كَمَا فعل بالمحلقين والمقصرين وَالظَّاهِر أَنه دَعَا لَهُم أَعم من أَن يكون بِلَفْظ الصَّلَاة أَو غَيره وَيحْتَمل خُصُوص لفظ الصَّلَاة أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [819] وصل صفا بِأَن كَانَ فِيهِ فُرْجَة فسدها أَو نُقْصَان فأتمه وَالْقطع بِأَن يقْعد بَين الصُّفُوف بِلَا صَلَاة أَو منع الدَّاخِل من الدُّخُول فِي الفرجات مثلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [820] خير صُفُوف الرِّجَال أَي أَكْثَرهَا أجرا وشرها أَي أقلهَا أجرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 وَفِي النِّسَاء بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَن مقاربة أنفاس الرِّجَال للنِّسَاء يخَاف مِنْهَا أَن تشوش الْمَرْأَة على الرجل وَالرجل على الْمَرْأَة ثمَّ هَذَا التَّفْصِيل فِي صُفُوف الرِّجَال على إِطْلَاقه وَفِي صُفُوف النِّسَاء عِنْد الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ كَذَا قيل وَيُمكن حمله على إِطْلَاقه لمراعاة السّتْر فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فدفعونا أَي النَّاس من الزحام نتقي هَذَا أَي الْقيام بَين السَّوَارِي لقطع السَّوَارِي الصَّفّ قَوْله السقيم أَي الْمَرِيض والضعيف جبلة أَو لقرب مرض قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 [824] فِي تَمام أَي مَعَ تَمام الْأَركان وَالرُّكُوع وَالسُّجُود أَي لم يكن تخفيفه يُفْضِي إِلَى اختلال فِي الْأَركان قَوْله فأوجز أَي أخفف فِي الْقِرَاءَة وَغَيرهَا كَرَاهِيَة أَن أشق بالتطويل على أمه على تَقْدِير حُضُورهَا الْجَمَاعَة وَيحْتَمل أَن هَذَا إِذا كَانَ عَالما بِحُضُور الْأُم فَإِنَّهَا إِذا سَمِعت بكاء الْوَلَد وَهِي فِي الصَّلَاة يشْتَد عَلَيْهَا التَّطْوِيل وَرُبمَا يُؤْخَذ مِنْهُ أَن الامام يجوز لَهُ مُرَاعَاة من دخل الْمَسْجِد بالتطويل ليدرك الرَّكْعَة كَمَا لَهُ أَن يُخَفف لأجلهم وَلَا يُسمى مثله رِيَاء بل هُوَ إِعَانَة على الْخَيْر وتخليص عَن الشَّرّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [826] ويؤمنا بالصافات لرغبة المقتدين بِهِ فِي سَماع قِرَاءَته وقوتهم على التَّطْوِيل بِحَيْثُ يكون هَذَا بِالنّظرِ إِلَيْهِم تَخْفِيفًا فَرجع الْأَمر إِلَى أَنه يَنْبَغِي لَهُ أَن يُرَاعِي حَالهم قَوْله [827] حَامِل أُمَامَة بِضَم الْهمزَة وَقد سبق الحَدِيث قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 [828] أَلا يخْشَى أَي فَاعل هَذَا الْفِعْل حقيق بِهَذِهِ الْعقُوبَة فحقه أَن يخْشَى هَذِه الْعقُوبَة وَلَا يحسن مِنْهُ ترك الخشية ولافادة هَذَا الْمَعْنى أَدخل حرف الِاسْتِفْهَام للانكار على عدم الخشية وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَن من يفعل ذَلِك تلْحق بِهِ هَذِه الْعقُوبَة قطعا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَكَانَ أَي الْبَراء غير كذوب أَي حَتَّى يتَوَهَّم مِنْهُ أَنه كذب فِي تَبْلِيغ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَفِيه أَن الْكَذِب فِي الْأَحْكَام لَا يَتَأَتَّى عَادَة الا من كذوب يُبَالغ فِي الْكَذِب وَالْمَقْصُود التَّوَثُّق بِمَا حدث ثمَّ سجدوا أَي فَحق المقتدى أَن يتَأَخَّر عَن امامه فِي الْأَفْعَال لَا أَن يقارنه وَأَيْضًا الْمُقَارنَة قد تُؤدِّي إِلَى تقدم المقتدى على الامام وَذَلِكَ بالِاتِّفَاقِ منهى عَنهُ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 [830] أقرَّت الصَّلَاة بِالْبرِّ وَالزَّكَاة وروى قرت أَي اسْتَقَرَّتْ مَعهَا وقرنت بهَا أَي هِيَ مقرونة بِالْبرِّ وَهُوَ الصدْق وجماع الْخَيْر ومقرونة بِالزَّكَاةِ فِي الْقُرْآن مَذْكُورَة مَعهَا وَقيل أَي قرنت بهما وَصَارَ الْجَمِيع مَأْمُورا بِهِ فأرم الْقَوْم روى بالزاي الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم أَي أَمْسكُوا عَن الْكَلَام وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بالراء وَتَشْديد الْمِيم أَي سكتوا وَلم يجيبوا وَقد خشيت أَي خفت أَن تبكعني بِفَتْح مثناة وَسُكُون مُوَحدَة أَي توبخني بِهَذِهِ الْكَلِمَة وتستقبلني بالمكروه وسنتنا أَي مَا يَلِيق بِنَا من السّنة وَمَا يَنْبَغِي لنا من الطَّرِيق يجبكم جَوَاب الْأَمر أَي يستجب لكم يسمع الله بِالْجَزْمِ جَوَاب أَي يستجب لكم فَتلك بِتِلْكَ أَي فَزِيَادَة امامكم أَولا فِي السُّجُود منجبرة بزيادتكم عَلَيْهِ فِي السُّجُود آخرا فَيصير سُجُودكُمْ كسجود الامام أَو زيادتكم آخرا فِي السُّجُود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 فِي مُقَابلَة زِيَادَة امامكم عَلَيْكُم السُّجُود أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [831] عملت على نَاضِح لي من النَّهَار الناضح من الْإِبِل الَّذِي يستقى عَلَيْهِ يُرِيد أَنه صَاحب عمل شَدِيد فِي النَّهَار وَمن كَانَ كَذَلِك لَا يُطيق الْقيام الطَّوِيل بِاللَّيْلِ أفتان كعلام مُبَالغَة الفاتن أَي أقاصد أَن توقع النَّاس فِي الْفِتْنَة وَالْمَشَقَّة على وَجه الْكَمَال يَعْنِي أَن هَذَا الْعَمَل لَا يَفْعَله الا من يقْصد الْفِتْنَة بِالنَّاسِ قَوْله [832] فصرع عَنهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي سقط عَن ظهرهَا فجحش بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء الْمُهْملَة على بِنَاء الْمَفْعُول قشر وخدش جلده فصلينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 وَرَاءه قعُودا بعد أَن قَامُوا فَأَشَارَ لَهُم بالقعود فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ بِالرَّفْع على أَنه تَأْكِيد لضمير الْفَاعِل فِي قَوْله صلوا وروى أَجْمَعِينَ بِالنّصب قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد نَصبه على الْحَال وَبِه يعرف أَن رِوَايَة أَجْمَعُونَ بِالرَّفْع على التَّأْكِيد من تَغْيِير الروَاة لِأَن شَرطه فِي الْعَرَبيَّة تقدم التَّأْكِيد بِكُل اه قلت وَهَذَا الشَّرْط فِيمَا يظْهر ضَعِيف وَقد جوز غير وَاحِد خلاف ذَلِك فَالْوَجْه جَوَاز الرّفْع على التَّأْكِيد وَقَالَ الْبَدْر الدماميني نصب على الْحَال أَي مُجْتَمعين أَو على أَنه تَأْكِيد لجلوسا وَكِلَاهُمَا لَا يَقُول بِهِ البصريون لِأَن أَلْفَاظ التَّأْكِيد معارف قلت ذَلِك ان سلم فَمَا دَامَ تَأْكِيدًا وَإِذا جعل حَالا يكون بِمَعْنى مُجْتَمعين فَلَا تَعْرِيف فَلْيتَأَمَّل فَالْوَجْه صِحَة الْوَجْهَيْنِ أَعنِي الرّفْع وَالنّصب وَقد جَاءَت الرِّوَايَة بهما ثمَّ ظَاهر الحَدِيث وجوب الْجُلُوس إِذا جلس الامام وَأكْثر الْفُقَهَاء على خلَافَة وَادعوا نُسْخَة بِحَدِيث مَرضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي توفّي فِيهِ وَقَالُوا قد أم النَّاس فِيهِ جَالِسا وَالنَّاس كَانُوا وَرَاءه قيَاما وَهُوَ آخر الْأَمريْنِ وَلذَلِك عقب المُصَنّف هَذَا الحَدِيث بِحَدِيث الْمَرَض وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يُؤذنهُ من الايذان بِمَعْنى الاعلام أسيف كحزين لفظا وَمعنى مَتى يقوم هَكَذَا بِالرَّفْع بِثُبُوت الْوَاو فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا يقم بِالْجَزْمِ وَحذف الْوَاو وَهُوَ الْأَظْهر لكَون مَتى من أدوات الشَّرْط الجازمة للمضارع وَوجه الرّفْع أَنَّهَا أهملت حملا على إِذا كَمَا تعْمل إِذا حملا على مَتى لَا يسمع من الاسماع أَو السماع وَالْأول أظهر وَأشهر فَلَو أمرت عمر كلمة لَو لِلتَّمَنِّي أَو للشّرط وَالْجَوَاب مُقَدّر أَي لَكَانَ أولى صواحبات يُوسُف أَي مِثْلهنَّ فِي كَثْرَة الالحاح فَلَمَّا دخل فِي الصَّلَاة وجد أَي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 فَلَمَّا دخل فِي أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ أَي فِي منصب الْإِمَامَة وتقرر إِمَامًا لَهُم وَاسْتمرّ على ذَلِك أَيَّامًا وجد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة فِي بعض تِلْكَ الْأَيَّام أَو لما دخل فِي الصَّلَاة فِي بعض تِلْكَ الْأَيَّام وجد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة وَلَيْسَ المُرَاد أَنه حِين دخل فِي تِلْكَ الصَّلَاة الَّتِي جرى فِي شَأْنهَا الْكَلَام وجد فِي أَثْنَائِهَا خفَّة من نَفسه فَلَا يُنَافِي هَذِه الرِّوَايَة الرِّوَايَات الآخر لهَذَا الحَدِيث يهادي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا فِي الْمَشْي تخطان لِأَنَّهُ لَا يقدر على فعلهمَا لضَعْفه حسه بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد السِّين أَي نَفسه الْمدْرك بحس السّمع فَذهب أَي أَرَادَ وَقصد فَأَوْمأ بِهَمْزَة فِي آخِره أَي أَشَارَ أَن قُم كَمَا أَنْت قَائِم أَي كن قَائِما مثل قيامك وَالْمرَاد ابق على مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْقيام وَأَن تفسيريه لما فِي الْإِيمَاء من معنى القَوْل حَتَّى قَامَ عَن يسَار أبي بكر جَالِسا أَي ثَبت عَن يسَاره جَالِسا وَالنَّاس يقتدون بِصَلَاة أبي بكر من حَيْثُ أَنه كَانَ يسمع النَّاس تكبيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَاسْتدلَّ الْجُمْهُور بِهَذَا الحَدِيث على نسخ حَدِيث إِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا لَكِن قد جَاءَ عَن عَائِشَة وَأنس أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم صلى خلف أبي بكر فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وروى بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وبن عبد الْبر عَن عَائِشَة قَالَت من النَّاس من يَقُول كَانَ أَبُو بكر الْمُقدم بَين يَدي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّفّ وَمِنْهُم من يَقُول كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْمُقدم وَهَذَا يُفِيد الِاضْطِرَاب فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَلَعَلَّ سَبَب ذَلِك عظم الْمُصِيبَة فعلى هَذَا فَالْحكم بنسخ ذَلِك الحكم الثَّابِت بِهَذِهِ الْوَاقِعَة المضطربة لَا يَخْلُو عَن خَفَاء وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 قَوْله أَلا بتَخْفِيف اللَّام للعرض والاستفتاح لما ثقل بِضَم الْقَاف أَي اشْتَدَّ مَرضه فَقَالَ الْفَاء زَائِدَة إِذْ الْفَاء لَا تدخل على جَوَاب لما أُصَلِّي الْهمزَة للاستفهام دعوا أَي اتْرُكُوا لي فِي المخضب بِكَسْر مِيم وَسُكُون خاء وَفتح ضاد معجمتين ثمَّ الْمُوَحدَة المركن لينوء بنُون مضموم ثمَّ وَاو ثمَّ همزَة أَي ليقوم بِمَشَقَّة عكوف مجتمعون يَا عمر صل بِالنَّاسِ كَأَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ رأى أَن أمره بذلك كَانَ تكريما مِنْهُ لَهُ وَالْمَقْصُود أَدَاء الصَّلَاة بِإِمَام لَا تعْيين أَنه الامام وَلم يدر مَا جرى بَينه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَبَين بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 أَزوَاجه فِي ذَلِك والا لما كَانَ لَهُ تَفْوِيض الْإِمَامَة إِلَى عمر وَأَمرهمَا أَي الرجلَيْن اللَّذين مَعَه أعرض من الْعرض أسمت من التَّسْمِيَة أَي أذكرت لَك اسْمه قَوْله اخْتِلَاف نِيَّة الامام وَالْمَأْمُوم يُرِيد اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل قَوْله يؤمهم ظَاهر تَرْجَمَة المُصَنّف أَن الِاخْتِلَاف مُطلقًا حَاصِل على الْوَجْهَيْنِ فَلْيتَأَمَّل أَصْحَاب نواضح هِيَ الْإِبِل الَّتِي يستقى عَلَيْهَا يُرِيد أَنهم أَصْحَاب عمل فدلالة هَذَا الحَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 على جَوَاز اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل وَاضِحَة وَالْجَوَاب عَنهُ مُشكل جدا وَأَجَابُوا بِمَا لَا يتم وَقد بسطت الْكَلَام فِيهِ فِي حَاشِيَة بن الْهمام قَوْله [837] صَلَاة الْجَمَاعَة أَي صَلَاة كل وَاحِد من الْجَمَاعَة والفذ الْمُنْفَرد وَقد تقدم الحَدِيث مَعَ بَيَان التَّوْفِيق بَين رواياته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 قَوْله أشهد بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام ان هَاتين أَي الْعشَاء وَالصُّبْح وَالْإِشَارَة إِلَيْهِمَا لحضور الصُّبْح واتصال الْعشَاء بهَا مِمَّا تقدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 على مثل صف الْمَلَائِكَة أَي على أجر أَو فضل هُوَ مثل أجر صف الْمَلَائِكَة أَو فَضله وَظَاهره أَن الْمَلَائِكَة أَكثر أجرا وفضلا من بني آدم فَلْيتَأَمَّل لابتدرتموه أَي سبق كل مِنْكُم على آخر لتحصيله أزكى أَي أَكثر أجرا وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف التَّرْجَمَة وَقَوله وَمَا كَانُوا أَكثر أَي قدر كَانُوا أَكثر فَذَلِك الْقدر أحب مِمَّا دونه قَوْله [844] فصففنا خَلفه وَكَانُوا جمَاعَة فَعلم مِنْهُ جَوَاز النَّافِلَة بِجَمَاعَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 [846] لَو عرست من التَّعْرِيس وَهُوَ النُّزُول آخر اللَّيْل وَجَوَاب لَو مَحْذُوف أَي لَكَانَ أحسن أَو هِيَ لِلتَّمَنِّي مَا ألقيت على بِنَاء الْمَفْعُول على بِالتَّشْدِيدِ نومَة نَائِب الْفَاعِل مثلهَا أَي مثل النومة الَّتِي ألقيت الْيَوْم والاضمار بِقَرِينَة الْحُضُور فآذن من الايذان بِمَعْنى الاعلام إِذْ التأذين لَا يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول وَقَوله فَأذن من التأذين قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 [847] استحوذ عَلَيْهِم أَي استولى عَلَيْهِم وحولهم إِلَيْهِ القاصية أَي الشَّاة المنفردة عَن القطيع الْبَعِيدَة مِنْهُ قيل المُرَاد أَن الشَّيْطَان يتسلط على من يخرج عَن عقيدة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة والأوفق بِالْحَدِيثِ أَن الْمُنْفَرد مَا ذكره السَّائِب أَي يتسلط على من يعْتَاد الصَّلَاة بالانفراد وَلَا يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله هَمَمْت أَي قصدت فيحطب أَي فَيجمع ثمَّ آمُر بِالصَّلَاةِ ليظْهر من حضر مِمَّن لم يحضر ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال أَيْ آتِيهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَوْ أُخَالِفُ مَا أظهرت من إِقَامَة الصَّلَاة ذَاهِبًا إِلَى رجال لآخذهم على غَفلَة فَأحرق من التحريق أَو الاحراق أَو مرماتين بِكَسْر الْمِيم الأولى أَو فتحهَا قيل المرماة ظلف الشَّاة وَقيل سهم صَغِير يتَعَلَّم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 بِهِ الرَّمْيُ وَهُوَ أَحْقَرُ السِّهَامِ وَأَرْذَلُهَا أَيْ لَوْ دُعِيَ إِلَى أَنْ يُعْطَى سَهْمَيْنِ مِنْ هَذِه السِّهَام لأسرع الْإِجَابَة وَقيل غير ذَلِك وَالْمَقْصُود أَنَّ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْجَمَاعَةِ لَوْ علم أَنه يدْرك الشَّيْء الحقير من مَتَاع الدُّنْيَا لبادر إِلَى حُضُور الْجَمَاعَة لأَجله ايثارا للدنيا على مَا أعده الله تَعَالَى من الثَّوَاب على حُضُور الْجَمَاعَة وَهَذِه الصّفة لَا تلِيق بِغَيْر الْمُنَافِقين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [849] حَيْثُ يُنَادي بِهن أَي فِي الْمَسَاجِد مَعَ الْجَمَاعَات وأنهن من سنَن الْهدى أَي طرقها وَلم يرد السّنة المتعارفة بَين الْفُقَهَاء وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ تِلْكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 السّنة بِالنّظرِ إِلَى الْجَمَاعَة لَضَلَلْتُمْ وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد لكَفَرْتُمْ وَهُوَ على التَّغْلِيظ أَو على التّرْك تهاونا وَقلة مبالاة وَعدم اعتقادها حَقًا أَو لفعلتم فعل الْكَفَرَة وَقَالَ الْخطابِيّ أَنه يُؤَدِّي إِلَى الْكفْر بِأَن تتركوا شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى تخْرجُوا عَن الْمَسْأَلَة نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ نقارب بَين الخطا أَي تحصيلا لفضلها وَيَنْبَغِي أَن يكون اخْتِيَار أبعد الطّرق مثله لَكِن لَا يخفى أَن فضل الخطا لأجل الْحُضُور فِي الْمَسْجِد وَالصَّلَاة فِيهِ والانتظار لَهَا فِيهِ فَيَنْبَغِي أَن يكون نفس الْحُضُور خير مِنْهُ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم يهادي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يُؤْخَذ من جانبيه يتمشى بِهِ إِلَى الْمَسْجِد من ضعفه وتمايله قَوْله [850] فَلَمَّا ولى أَي أدبر فأجب أَمر من الْإِجَابَة أَي أجب النداء وَأتبعهُ بِالْفِعْلِ ظَاهره وجوب الْجَمَاعَة لَا بِمَعْنى أَنَّهَا وَاجِبَة فِي الصَّلَاة حَتَّى تبطل الصَّلَاة بِدُونِهَا بل بِمَعْنى أَنَّهَا وَاجِبَة على الْمصلى يَأْثَم بِتَرْكِهَا قَالَ النَّوَوِيّ أجَاب الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي ترك الْجَمَاعَة مَعَ إِدْرَاك فَضلهَا وَقد علم أَن حُضُور الْجَمَاعَة يسْقط بالعذر إِجْمَاعًا وَأما كَونه رخص أَولا ثمَّ منع فبوحي جَدِيد نزل فِي الْحَال أَو لتغيير اجْتِهَاد أَن جوز الِاجْتِهَاد للأنبياء كَقَوْل الْأَكْثَر وَيحْتَمل أَنه رخص أَولا بِمَعْنى أَنه لَا يجب عَلَيْك الْحُضُور ثمَّ أمره بالإجابة ندبا قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 [851] فحى هلا بِالتَّنْوِينِ وَجَاء بِالْألف بِلَا تَنْوِين وَسُكُون اللَّام وهما كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً فَحَيَّ بِمَعْنَى أَقْبِلْ وهلا بِمَعْنى أسْرع وَجمع بَينهمَا للْمُبَالَغَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [852] فَذهب لِحَاجَتِهِ وَأمر غَيره أَن يؤم بهم وَاعْتذر إِلَيْهِم بِالْحَدِيثِ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 [853] إِذا حضر الْعشَاء بِفَتْح الْعين فِي الْمَوْضِعَيْنِ طَعَام آخر النَّهَار وَيفهم مِنْهُ أَن تَقْدِيم الطَّعَام إِذا حضر عِنْده لَا إِذا وجده مطبوخا فَقَط وقيدوا بِمَا إِذا تعلق بِهِ نَفسه وَله حَاجَة إِلَيْهِ والا يقدم الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [855] كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ حَضَرَهَا ظَاهره أَن أَدْرَاك فضل الْجَمَاعَة يتَوَقَّف على أَن يسْعَى لَهَا بِوَجْهِهِ وَلَا يقصر فِي ذَلِك سَوَاء أدْركهَا أم لَا فَمن أدْرك جزأ مِنْهَا وَلَو فِي التَّشَهُّد فَهُوَ مدرك بِالْأولَى وَلَيْسَ الْفضل والاجر مِمَّا يعرف بِالِاجْتِهَادِ فَلَا عِبْرَة بقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 من يُخَالف قَوْله الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب أصلا قَوْله فَقَامَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ ظَاهره أَن الْمجْلس كَانَ فِي غير الْمَسْجِد وعَلى هَذَا يَنْبَغِي ان سمع الْأَذَان يُعِيد الصَّلَاة وَيحْتَمل أَن المُرَاد فَقَامَ أَي إِلَى الصَّلَاة ثمَّ رَجَعَ أَي فرغ عَنْهَا وَالْأَقْرَب أَن مَوضِع الْمجْلس من الْمَسْجِد كَانَ غير مَوضِع الصَّلَاة وعَلى هَذَا فالمجلس كَانَ فِي الْمَسْجِد وَهُوَ الْأَظْهر الاوفق بالروايات وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله إِذا جِئْت على الأول مَعْنَاهُ أَي جِئْت إِلَى مَحل مَا سَمِعت فِيهِ النداء وعَلى الثَّانِي ظَاهر فصل مَعَ النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 أَي ادراكا لفضل الْجَمَاعَة قَوْله [858] فِي مَسْجِد الْخيف أَي مَسْجِد مني وَحجَّة الْوَدَاع فَلَا يُمكن أَن يتَوَهَّم نسخ هَذَا الحكم ترْعد تضطرب وترجف وَهُوَ على بِنَاء الْمَفْعُول من الارعاد فرائصهما جمع فريصة وَهِي لحْمَة ترتعد عِنْد الْفَزع وَالْكَلَام كِنَايَة عَن الْفَزع فَصَليَا مَعَهم هَذَا تَصْرِيح فِي عُمُوم الحكم فِي أَوْقَات الْكَرَاهَة أَيْضا ومانع عَن تَخْصِيص الحكم بِغَيْر أَوْقَات الْكَرَاهَة لاتفاقهم على أَنه لَا يَصح اسْتثِْنَاء المورد من الْعُمُوم والمورد صَلَاة الْفجْر فَإِنَّهَا أَي الَّتِي صليتما مَعَ الامام أَو الَّتِي صليتما فِي الرحل وَقد قَالَ بِكُل طَائِفَة وَالْأَحَادِيث مُخْتَلفَة وَلذَلِك قَالَ جمَاعَة الْأَمر فِي ذَلِك إِلَى الله مَا شَاءَ مِنْهُمَا يَجْعَل فرضا يَجعله فرضا وَالْآخر نفلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [859] يؤخرون الصَّلَاة عَن وَقتهَا ظَاهره الْإِخْرَاج عَن الْوَقْت وَعَلِيهِ حمله المُصَنّف وَقيل المُرَاد الْإِخْرَاج عَن الْوَقْت الْمَنْدُوب قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 [860] على البلاط هُوَ مَوضِع مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ يصلونَ أَي على البلاط لَا فِي الْمَسْجِد وبن عمر قد صلى قبلهم فِي الْمَسْجِد هَذَا على مَا فهمه المُصَنّف من أَن الحَدِيث يدل عَلَيْهِ التَّرْجَمَة لَا تُعَاد الصَّلَاة فِي يَوْم مرَّتَيْنِ ظرف لما يفهم من الْكَلَام أَي فَلَا تصلى مرَّتَيْنِ لَا لتعاد والا لجَاز الْإِعَادَة مرّة وَهَذَا لَا يُنَاسب الْمقَام وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد لَا تصلوا مرَّتَيْنِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ ان صَحَّ هَذَا الحَدِيث يحمل على مَا إِذا صلاهَا مَعَ الامام فَلَا يُعِيد قلت والى هَذَا التَّأْوِيل أَشَارَ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة بل زَاد عَلَيْهِ أَن تكون الصَّلَاة مَعَ الامام فِي الْمَسْجِد قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَفِي رِوَايَة لَا تصلوا مَكْتُوبَة فِي يَوْم مرَّتَيْنِ فَالْمُرَاد أَي كلتاهما على وَجه الْفَرْض وَيرجع ذَلِك إِلَى أَن الْأَمر بِالْإِعَادَةِ اخْتِيَار وَلَيْسَ بحتم عَلَيْهِ وَعند كثير من الْعلمَاء إِذا صلى مَعَ الامام وَقد صلى قبل ذَلِك فِي الْبَيْت يَنْوِي مَعَ الامام نَافِلَة فَلَا اشكال عَلَيْهِم هُنَالك نعم يلْزم عَلَيْهِم الاشكال فِيمَا قَالُوا فِيهِ بِالْإِعَادَةِ كالمغرب بِمُزْدَلِفَة فَإِنَّهُ إِذا صلاهَا فِي الطَّرِيق يُعِيدهَا بِمُزْدَلِفَة فَتَأمل وَقَالَ الْخطابِيّ وَقَوله لَا تُعَاد الخ أَي إِذا لم تكن عَن سَبَب كَالرّجلِ يدْرك الْجَمَاعَة وهم يصلونَ فيصلى مَعَهم ليدرك فَضِيلَة الْجَمَاعَة تَوْفِيقًا بَين الْأَحَادِيث ورفعا للِاخْتِلَاف بَينهَا قَوْله [861] إِذا أتيتم الصَّلَاة أَي خَرجْتُمْ إِلَيْهَا وأردتم حُضُورهَا وَلَيْسَ المُرَاد ظَاهره لِأَنَّهُ لَا يُنَاسب قَوْله فَلَا تأتوها وَأَنْتُم تسعون وَالْمرَاد بالسعي الْإِسْرَاع البليغ وَقد يُطلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 على مُطلق الْمَشْي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله فَلَا تنَافِي بَين الْآيَة والْحَدِيث فِي الذّهاب إِلَى الْجُمُعَة تمشون الْمَشْي وان كَانَ يعم السَّعْي لَكِن التَّقْيِيد بقوله وَعَلَيْكُم السكينَة خصّه بِغَيْرِهِ وَلَوْلَا التَّقْيِيد صَرِيحًا لكفى الْمُقَابلَة فِي افادته قَوْله ينحدر أَي ينزل يسْرع من الْإِسْرَاع وَيحمل على مَا دون السَّعْي كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى فِي التَّرْجَمَة أُفٍّ لَك خطاب للساعي بعد مَوته استحضارا لصورته حِين مر بقبره أَو لَعَلَّه كشف عَنهُ فَرَآهُ وخاطبه فَكبر ذَلِك فِي ذرعي الذرع الوسع والطاقة وَالْمرَاد فَعظم وقعه وَجل عِنْدِي وَفِي رِوَايَة فَكسر ذَلِك من ذرعى أَي ثبطني عَمَّا أردته وَالْحَاصِل أَنه ظن أَن الْخطاب مَعَه فثقل عَلَيْهِ أحدثت من الاحداث وَهُوَ اسْتِفْهَام وَقَوله مَا ذَاك أَي أَي اسْتِفْهَام هَذَا وَأي شَيْء يَقْتَضِيهِ أففت من التأفيف أَي قلت لي أُفٍّ لَك وَمُقْتَضَاهُ أَنِّي فعلت شَيْئا يقتضى التأفيف فَغَلَّ بِمَعْنى الْخِيَانَة فدرع بِضَم دَال مُهْملَة وَكسر رَاء مُشَدّدَة أَي ألبس عوضهَا درعا من نَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 قَوْله المهجر أَي المبادر إِلَى الصَّلَاة قبل النَّاس يهدي من الاهداء أَو المُرَاد بِهِ التَّصَدُّق بهَا تقربا إِلَى الله تَعَالَى وَقيل الاهداء إِلَى الْكَعْبَة لَكِن لَا يُنَاسِبه الدَّجَاجَة والبيضة إِذْ اهداؤهما إِلَى الْكَعْبَة غير مَعْهُود الْبَدنَة بِفتْحَتَيْنِ والدجاجة بِفَتْح الدَّال وَكسرهَا وَضمّهَا وَقيل بِالْفَتْح للحيوان وبالكسر للنَّاس أَي يَجْعَل اسْما للنَّاس قَوْله [865] فَلَا صَلَاة نفي بِمَعْنى النَّهْي مثل قَوْله تَعَالَى فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج فَلَا يَنْبَغِي الِاشْتِغَال لمن حضر الْإِقَامَة الا بالمكتوبة ثمَّ النَّهْي مُتَوَجّه إِلَى الشُّرُوع فِي غير تِلْكَ الْمَكْتُوبَة لمن عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَكْتُوبَة وَأما إتْمَام الْمَشْرُوعَة قبل الْإِقَامَة فضروري لَا اخْتِيَاري فَلَا يَشْمَلهُ النَّهْي وَكَذَا الشُّرُوع خلف الامام فِي النَّافِلَة لمن أدّى الْمَكْتُوبَة قبل ذَلِك فَلَا يُنَافِي الحَدِيث مَا سبق من الْإِذْن فِي الشُّرُوع فِي النَّافِلَة خلف الامام لمن أدّى الْفَرْض وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يُصَلِّي أَي يشرع فِيهَا فَقَالَ أَتُصَلِّي أَي وَهُوَ تغير للمشروع قَالَه على وَجه الْإِنْكَار وَلَا يخفى أَن مورده سنة الْفجْر فَلَا وَجه لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاة والْحَدِيث فِي غَيرهَا قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 [868] أَيهمَا صَلَاتك أَي الَّتِي جِئْت لأَجلهَا إِلَى الْمَسْجِد وَقصد أَدَائِهَا فِيهِ فان كَانَت تِلْكَ الصَّلَاة هِيَ الْفَرْض فَهَل الْعَاقِل يُؤَخر مَقْصُوده إِذا وجد وَيقدم عَلَيْهِ غَيره وان كَانَت هِيَ السّنة فَذَاك عكس الْمَعْقُول إِذْ الْبَيْت أولى من الْمَسْجِد فِي حق السّنة وَأَيْضًا السّنة للْفَرض فَكيف تقصد هِيَ دونه وَالْمَقْصُود الزّجر واللوم على مَا فعل قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 [870] وَيَسْتَأْخِر بَعضهم ولعلهم المُنَافِقُونَ أَو الجهلة من الْأَعْرَاب وَالله تَعَالَى أعلم وَدلَالَة الحَدِيث على انْفِرَاد ذَلِك الْبَعْض غير ظَاهِرَة قَوْله [871] زادك الله حرصا أَي أَن منشأ هَذَا الْفِعْل هُوَ الْحِرْص على الْعِبَادَة وادراك فضل الامام والحرص على الْخَيْر مَطْلُوب مَحْبُوب لَكِن لَا تعد إِلَى مثل هَذَا الْفِعْل لأَجله لِأَن الْحِرْص لَا يسْتَعْمل على وَجه يُخَالف الشَّرْع وَإِنَّمَا الْمَحْمُود أَن يَأْتِي بِهِ على وفْق الشَّرْع وَقَوله لَا تعد فَهِيَ من الْعود وَالظَّاهِر أَن المُرَاد لَا تعد إِلَى أَن تركع دون الصَّفّ ثمَّ تلْحقهُ لكَون الْخُطْوَةَ وَالْخُطْوَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُفْسِدِ الصَّلَاةَ لَكِنَّ التَّحَرُّز عَنْهَا أولى وَقيل لَا تَعُدْ إِلَى أَنْ تَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ سعيا بِحَيْثُ يضيق عَلَيْك النَّفس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 [872] أَلا تحسن من التحسين أَو الْإِحْسَان كَيفَ يُصَلِّي لنَفسِهِ أَي أَن الصَّلَاة لَهُ تَنْفَعهُ فَيَنْبَغِي للعاقل أَن يراعيها من ورائي تحْتَمل أَنَّهَا جَارة أَو مَوْصُولَة وَلَا دلَالَة للْحَدِيث على الرُّكُوع دون الصَّفّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [873] قبل الظّهْر رَكْعَتَيْنِ قد جَاءَ قبل الظّهْر رَكْعَتَانِ وَأَرْبع رَكْعَات وَلَا أختلاف لجَوَاز أَنه فعل أَحْيَانًا هَذَا وَأَحْيَانا ذَاك نعم الحَدِيث القولي يُؤَيّد الْأَخْذ بالأربع ويرجحه وَهُوَ حَدِيث من ثابر على اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَلذَلِك أَخذ بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 [874] من هَا هُنَا أَي من الْمشرق وَأَشَارَ ثَانِيًا إِلَى الْمغرب أَي إِذا كَانَت الشَّمْس فِي جِهَة الْمشرق كَمَا كَانَت فِي جِهَة الْمغرب وَقت الْعَصْر وَالْمرَاد أَنه يُصَلِّي وَقت الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ وقبيل الزَّوَال أَرْبعا وَتسَمى هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الْأَوَّابِينَ بِتَسْلِيم على الْمَلَائِكَة يُرِيد التَّشَهُّد كَمَا قَالَه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ذكره التِّرْمِذِيّ وسمى تَسْلِيمًا لما فِيهِ من قَول السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الثَّانِيَة بِجعْل التَّسْلِيم فِي آخِره بِحمْل ذَلِك التَّسْلِيم على تَسْلِيم الْخُرُوج وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 (كتاب الِافْتِتَاح) قَوْله إِذا افْتتح التَّكْبِير فِي الصَّلَاة لَعَلَّ الْمَعْنى إِذا ابْتَدَأَ فِي الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ فنصب التَّكْبِير بِنَزْع الْخَافِض والْحَدِيث يدل على الْجمع بَين التسميع والتحميد وعَلى رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَعند رفع الرَّأْس مِنْهُ وَمن لَا يَقُول بِهِ يرَاهُ مَنْسُوخا بِمَا لَا يدل عَلَيْهِ فَإِن عدم الرّفْع أَحْيَانًا ان ثَبت لَا يدل على عدم استنان الرّفْع إِذْ شَأْن السّنة تَركهَا أَحْيَانًا وَيجوز استنان الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَلَا وَجه لدعوى النّسخ وَالْقَوْل بِالْكَرَاهَةِ وَالله تَعَالَى أعلم رفع الْيَدَيْنِ إِلَى قَوْله ثمَّ يكبر هَذَا صَرِيح فِي تَقْدِيم الرّفْع على التَّكْبِير فَالْأَوْجه الْأَخْذ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 وَحمل مَا يحْتَملهُ وَغَيره عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حاذتا أُذُنَيْهِ لَا تنَاقض بَين الْأَفْعَال الْمُخْتَلفَة لجَوَاز وُقُوع الْكل فِي أَوْقَات مُتعَدِّدَة فَيكون الْكل سنة الا إِذا دلّ الدَّلِيل على نسخ الْبَعْض فَلَا مُنَافَاة بَين الرّفْع إِلَى المكبين أَو إِلَى شحمة الْأُذُنَيْنِ أَو إِلَى فروع الْأُذُنَيْنِ أَي أعاليهما وَقد ذكر الْعلمَاء فِي التَّوْفِيق بسطا لَا حَاجَة إِلَيْهِ لكَون التَّوْفِيق فرع التَّعَارُض وَلَا يظْهر التَّعَارُض أصلا قَوْله يرفع بهَا صَوته وَقد جَاءَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 فِي بعض الرِّوَايَات يخْفض بهَا صَوته لَكِن أهل الحَدِيث يرونه وهما وان رَجحه بعض الْفُقَهَاء وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله حِيَال أُذُنَيْهِ بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَلَام أَي تلقاءهما ثمَّ مَالك بن الْحُوَيْرِث وَوَائِل بن حجر مِمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم آخر عمره فروايتهما الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ دَلِيل على بَقَائِهِ وَبطلَان دَعْوَى نسخه كَيفَ وَقد روى مَالك هَذَا جلْسَة الاسْتِرَاحَة فحملوها على أَنَّهَا كَانَت فِي آخر عمره فِي سنّ الْكبر فَهِيَ لَيْسَ مِمَّا فعلهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قصدا فَلَا يكون سنة وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون الرّفْع الَّذِي رَوَاهُ ثَابتا لَا مَنْسُوخا لكَونه فِي آخر عمره عِنْدهم فَالْقَوْل بِأَنَّهُ مَنْسُوخ قريب من التَّنَاقُض وَقد قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمَالِك هَذَا وَأَصْحَابه صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فروع أُذُنَيْهِ أعاليهما وَفرع كل شَيْء أَعْلَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 قَوْله مدا أَي رفعا بليغا أَو رفعا وَهُوَ مصدر من غير لفظ الْفِعْل كقعدت جُلُوسًا الا أَنه على الأول للنوع وعَلى الثَّانِي للتَّأْكِيد هنيهة بِضَم هَاء وَفتح نون وَسُكُون يَاء أَي زَمَانا يَسِيرا وَالْمرَاد السُّكُوت قبل الْقِرَاءَة أَو بعد الْفَاتِحَة والْحَدِيث يدل على أَن النَّاس تركُوا بعض السّنَن وَقت الصَّحَابَة فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَاد على الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 قَوْله [885] الله أكبر كَبِيرا أَي كَبرت كَبِيرا وَيجوز أَن يكون حَالا مُؤَكدَة أَو مصدرا بِتَقْدِير تَكْبِيرا كَبِيرا كثيرا أَي حمدا كثيرا ابتدرها اثْنَا عشر أَي يُرِيد كل مِنْهَا أَن يسْبق على غَيره فِي رَفعهَا إِلَى مَحل الْعرض أَو الْقبُول قَوْله قبض بِيَمِينِهِ الخ الْأَحَادِيث الدَّالَّة على أَن السّنة هِيَ الْوَضع دون الْإِرْسَال كَثِيرَة شهيرة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 [889] قلت لأنظرن أَي قلت فِي نَفسِي وعزمت على النّظر والتأمل فِي صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم والرسغ وَهُوَ مفصل بَين الْكَفّ والساعد وَالْمرَاد أَنه وضع بِحَيْثُ صَار وسط كَفه الْيُمْنَى على الرسغ وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون بَعْضهَا على الْكَفّ الْيُسْرَى وَالْبَعْض على الساعد على فَخذه وركبته أَي وضع بِحَيْثُ صَار بَعْضهَا على الْفَخْذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَبَعضهَا على الرّكْبَة حد مرفقه أَي غَايَة الْمرْفق على فَخذه أَي مستعليا على الْفَخْذ مرتفعا عَنهُ ثمَّ قبض اثْنَتَيْنِ أَي الْخِنْصر والبنصر وَحلق حلقه أَي جعل الْإِبْهَام وَالْوُسْطَى حَلقَة ثمَّ رفع أُصْبُعه أَي المسبحة وَقد أَخذ بِهِ الْجُمْهُور وَأَبُو حنيفَة وصاحباه كَمَا نَص عَلَيْهِ مُحَمَّد فِي موطئِهِ وَغَيره الا أَن بعض مَشَايِخ الْمَذْهَب أنكرهُ وَلَكِن أهل التَّحْقِيق من عُلَمَاء الْمَذْهَب نصوا على أَن قَوْلهم مُخَالف للرواية والدراية فَلَا عِبْرَة بِهِ وَأما تَحْرِيك الْأصْبع فقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فَأخذ بِهِ قوم الا أَن الْجُمْهُور مَا أَخذ بِهِ لخلو غَالب الرِّوَايَات عَنهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مُخْتَصرا اسْم فَاعل من الِاخْتِصَار هُوَ وضع الْيَد على الخاصرة وَقيل هُوَ أَن يمسك بِيَدِهِ مخصرة أَي عَصا يتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَقيل هُوَ أَن يختصر السُّورَة فَيقْرَأ من آخرهَا آيَة أَو آيَتَيْنِ وَقيل هُوَ أَن لَا يتم قِيَامهَا وركوعها وسجودها قَوْله [891] ضَرْبَة بِيَدِهِ بِالنّصب مفعول قَالَ على أَنه بِمَعْنى فعل أَن هَذَا الصلب بِالرَّفْع على أَنه خبر أَن أَو النصب على أَنه صفة هَذَا وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي رَابَنِي مِنْك وَالْمرَاد أَنه شِبْهَ الصَّلْبِ لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ يَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الْجذع وَهَيْئَةُ الصَّلْبِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتَيْهِ وَيُجَافِيَ بَيْنَ عَضُدَيْهِ فِي الْقِيَامِ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 [892] قد صف بَين قَدَمَيْهِ كَانَ المُرَاد قد وصل بَينهمَا وَلَو رَاح بَينهمَا أَي اعْتمد على إِحْدَاهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 مَرَّةً وَعَلَى الْأُخْرَى مَرَّةً لِيُوصِلَ الرَّاحَةَ إِلَى كل مِنْهُمَا قَوْله وَأَنا من الْمُسلمين كَأَنَّهُ كَانَ يَقُول أَحْيَانًا كَذَلِك لارشاد الْأمة إِلَى ذَلِك ولاقتدائهم بِهِ فِيهِ والا فاللائق بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أول الْمُسلمين كَمَا جَاءَ فِي كثير من الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 قَوْله [897] ظلمت نَفسِي إِظْهَار للعبودية وتعظيم للربوبية والا فَهُوَ مَعَ عصمته مغْفُور لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر لَو كَانَ هُنَاكَ ذَنْب وَقيل بل الْمَغْفِرَة فِي حَقه مَشْرُوطَة بالاستغفار وَالْأَقْرَب أَن الاسْتِغْفَار لَهُ زِيَادَة خير وَالْمَغْفِرَة حَاصِلَة بِدُونِ ذَلِك لَو كَانَ هُنَاكَ ذَنْب وَفِيه إرشاد للْأمة إِلَى الاسْتِغْفَار وَمعنى وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك أَن الشَّرّ لَيْسَ قربا إِلَيْك وَلَا يتَقرَّب بِهِ وَقيل انه لَا ينْسب إِلَيْك بِانْفِرَادِهِ فَلَا يُقَال خَالق الشَّرّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 أَنا بك وَإِلَيْك أَي وجودي بايجادك ورجوعي إِلَيْك أوبك أعْتَمد وَإِلَيْك ألتجيء تَبَارَكت أَي تزايد خيرك وَكثر قَوْله وَبِحَمْدِك قيل الْوَاو للْحَال وَالتَّقْدِير وَنحن ملتبسون بحَمْدك وَقيل زَائِدَة وَالْجَار وَالْمَجْرُور حَال ملتبسين بحَمْدك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 [899] وَتَعَالَى جدك فِي النِّهَايَة أَي علا جلالك وعظمتك قَوْله [901] وَقد حفزه النَّفس بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء وَالزَّاي الْمُعْجَمَة وَالنَّفس بِفتْحَتَيْنِ أَي جهده من شدَّة السَّعْي إِلَى الصَّلَاة وأصل الحفز الدّفع العنيف وَفِي النِّهَايَة الحفز الْحَث والاعجال فأرم الْقَوْم بِفَتْح رَاء مُهْملَة وَتَشْديد مِيم أَي سكتوا وَيحْتَمل اعجام الزَّاي وَتَخْفِيف الْمِيم أَي أَمْسكُوا عَن الْكَلَام وَالْأول أشهر رِوَايَة أَي سكت الْقَائِل خوفًا من النَّاس يبتدرونها أَي كل مِنْهُم يُرِيد أَن يسْبق على غَيره فِي رَفعهَا إِلَى مَحل الْعرض أَو الْقبُول وَجُمْلَة أَيهمْ يرفعها حَال أَي قَاصِدين ظُهُور أَيهمْ يرفعها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 [902] يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَشَارَ بالترجمة إِلَى أَن المُرَاد بِالْحَمْد لله الخ لَيْسَ هَذَا اللَّفْظ بل تَمام السُّورَة على الْوَجْه الَّذِي يقْرَأ فَكَأَنَّهُ قَالَ يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ فَدخل فِيهِ الْبَسْمَلَة ان قُلْنَا انها جُزْء من السُّورَة لَكِن قِرَاءَة السُّورَة يبْدَأ بهَا شرعا تبركا فَلَا دَلِيل فِي الحَدِيث لمن يَقُول لَا يقْرَأ الْبَسْمَلَة أصلا نعم بَقِي الْبَحْث أَنَّهَا تقْرَأ سرا أَو جَهرا وسيعرف حَقِيقَته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 [904] إِذْ أغفى الاغفاء بالغين الْمُعْجَمَة النّوم الْقَلِيل فِي الْمجمع الاغفاء السّنة وَهِي حَالَة الْوَحْي غَالِبا وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الاعراض عَمَّا كَانَ فِيهِ آنِفا بِالْمدِّ أَي قَرِيبا [907] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم انا أعطيناك الْكَوْثَر أَرَادَ أَن ظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن الْبَسْمَلَة جُزْء من السُّورَة لِأَنَّهُ بَين السُّورَة بِمَجْمُوع الْبَسْمَلَة وَمَا بعْدهَا وَيحْتَمل أَنَّهَا خَارِجَة وَبَدَأَ السُّورَة بهَا تبركا وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ يَنْبَغِي بداءة السُّورَة بهَا وقراءتها مَعهَا نعم لَا يلْزم مِنْهُ الْجَهْر بهَا فيختلج على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يجتذب ويقتطع قَوْله [905] صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم يدل على أَن الْبَسْمَلَة تقْرَأ فِي أول الْفَاتِحَة وَلَا يدل على الْجَهْر بهَا وَآخر الحَدِيث يدل على رفع هَذَا الْعَمَل إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 [906] فَلم يسمعنا من الاسماع وَقَوله فَلم نسمعها بِصِيغَة الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر من السماع وَهَذِه الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي ترك الْجَهْر بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 [909] فَهِيَ خداج بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي غير تَامَّة فَقَوله غير تَمام تَفْسِير لَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِنَصّ فِي افتراض الْفَاتِحَة بل يحْتَمل الافتراض وَعَدَمه وَكَأَنَّهُ لذَلِك عدل عَنهُ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى حَدِيث قسمت الصَّلَاة فِي الِاسْتِدْلَال على الافتراض وَقَوله فِي نَفسك أَي سرا وَوجه الِاسْتِدْلَال هُوَ أَن قسْمَة الْفَاتِحَة جعلت قسْمَة للصَّلَاة واعتبرت الصَّلَاة مقسومة باعتبارها وَلَا يظْهر ذَلِك الا عِنْد لُزُوم الْفَاتِحَة فِيهَا ثمَّ لَا يخفى مَا فِي الحَدِيث من الدّلَالَة على خُرُوج الْبَسْمَلَة من الْفَاتِحَة وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف أَنَّهَا لَا تقْرَأ وَهُوَ بعيد لجَوَاز أَن لَا تكون جُزْءا من الْفَاتِحَة وَيرد الشُّرُوع بِالْقِرَاءَةِ بهَا مَعَ الْفَاتِحَة تبركا فَمن أَيْن جَاءَ أَنَّهَا لَا تقْرَأ فَالْحق أَن مُقْتَضى الْأَدِلَّة أَنَّهَا تقْرَأ سرا لَا جَهرا كَمَا هُوَ مَذْهَب عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَكَونهَا لَا تقْرَأ أصلا كمذهب مَالك أَو تقْرَأ جَهرا كمذهب الشَّافِعِي لَا تساعده الْأَدِلَّة وَلَعَلَّ مُرَاد المُصَنّف الِاسْتِدْلَال على عدم لُزُوم قرَاءَتهَا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 قَوْله [910] لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي عمره قطّ أَو لمن لم يقْرَأ فِي شَيْء من الصَّلَوَات قطّ حَتَّى لَا يُقَال لَازم الأول افتراض الْفَاتِحَة فِي عمره مرّة وَلَو خَارج الصَّلَاة ولازم الثَّانِي افتراضها مرّة فِي صَلَاة من الصَّلَوَات فَلَا يلْزم مِنْهُ الافتراض لكل صَلَاة وَكَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاة لمن ترك الْفَاتِحَة وَلَو فِي بعض الصَّلَوَات إِذْ لَازِمَة أَنه بترك الْفَاتِحَة فِي بعض الصَّلَوَات تفْسد الصَّلَوَات كلهَا مَا ترك فِيهَا وَمَا لم يتْرك فِيهَا إِذْ كلمة لَا لنفي الْجِنْس وَلَا قَائِل بِهِ بل مَعْنَاهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِالْفَاتِحَةِ من الصَّلَوَات الَّتِي لم يقْرَأ فِيهَا فَهَذَا عُمُوم مَحْمُول على الْخُصُوص بِشَهَادَة الْعقل وَهَذَا الْخُصُوص هُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر إِلَى الإفهام من مثل هَذَا الْعُمُوم وَهَذَا الْخُصُوص لَا يضر بِعُمُوم النَّفْي للْجِنْس لشمُول النَّفْي بعد لكل صَلَاة ترك فِيهَا الْفَاتِحَة وَهَذَا يَكْفِي فِي عُمُوم النَّفْي ثمَّ قد قرروا أَن النَّفْي لَا يعقل الا مَعَ نِسْبَة بَين أَمريْن فَيَقْتَضِي نفي الْجِنْس أمرا مُسْتَندا إِلَى الْجِنْس ليتعقل النَّفْي مَعَ نسبته فَإِن كَانَ ذَلِك الْأَمر مَذْكُورا فِي الْكَلَام فَذَاك والا يقدر من الْأُمُور الْعَامَّة كالكون والوجود أما الْكَمَال فقد حقق الْمُحَقق الْكَمَال ضعفه لِأَنَّهُ مُخَالف للقاعدة لَا يُصَار إِلَيْهِ الا بِدَلِيل والوجود فِي كَلَام الشَّارِع يحمل على الْوُجُود الشَّرْعِيّ دون الْحسي فمفاد الحَدِيث نفي الْوُجُود الشَّرْعِيّ للصَّلَاة الَّتِي لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 عين نفي الصِّحَّة وَمَا قَالَ أَصْحَابنَا أَنه من حَدِيث الْآحَاد وَهُوَ ظَنِّي لَا يُفِيد الْعلم وَإِنَّمَا يُوجب الْعَمَل فَلَا يلْزم مِنْهُ الافتراض فَفِيهِ أَنه يَكْفِي فِي الْمَطْلُوب أَنه يُوجب الْعَمَل ضَرُورَة أَنه يُوجب الْعَمَل بمدلوله لَا بِشَيْء آخر ومدلوله عدم صِحَة صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فوجوب الْعَمَل بِهِ يُوجب القَوْل بِفساد تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ الْمَطْلُوب فَالْحق أَن الحَدِيث يُفِيد بطلَان الصَّلَاة إِذا لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب نعم يُمكن أَن يُقَال قِرَاءَة الامام قِرَاءَة المقتدى كَمَا ورد بِهِ بعض الْأَحَادِيث فَلَا يلْزم بطلَان صَلَاة المقتدى إِذا ترك الْفَاتِحَة وَقرأَهَا الامام بَقِي أَن الحَدِيث يُوجب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي تَمام الصَّلَاة لَا فِي كل رَكْعَة لَكِن إِذا ضم إِلَيْهِ قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَافْعل فِي صَلَاتك كلهَا للأعرابي الْمُسِيء صلَاته يلْزم افتراضها فِي كل رَكْعَة وَلذَلِك عقب هَذَا الحَدِيث بِحَدِيث الْأَعرَابِي فِي صَحِيح البُخَارِيّ فَللَّه دره مَا أدقه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَصَاعِدا ظَاهره وجوب مَا زَاد على الْفَاتِحَة بِمَعْنى بطلَان الصَّلَاة بِدُونِهِ وَقد اتَّفقُوا أَو غالبهم على عدم الْوُجُوب بِهَذَا الْمَعْنى فلعلهم يحملونه على معنى فَمَا كَانَ صاعدا فَهُوَ أحسن وَالله تَعَالَى أعلم نقيضا صَوتا كصوت الْبَاب إِذا فتح أبشر من الابشار أُوتِيتهُمَا على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا لم يؤتهما حرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 مِنْهُمَا أَي مِمَّا فِيهِ من الدُّعَاء الا أَعْطيته أَي أَعْطَيْت مُقْتَضَاهُ والمرجو أَن هَذَا لَا يخْتَص بِهِ بل يعمه وَأمته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [913] ألم يقل الله الخ مُطلق الْأَمر وان كَانَ لَا يُفِيد الْفَوْر لَكِن الْأَمر هَا هُنَا مُقَيّد بقوله إِذا دعَاكُمْ أَي الرَّسُول فَيلْزم الاستجابة وَقت الدُّعَاء بِلَا تَأْخِير وَضمير دعَاكُمْ للرسول وَذكر الله للتّنْبِيه على أَن دعاءه دُعَاء الله واستجابته لَهُ تَعَالَى لَا يلْزم من وجوب استجابته فِي الصَّلَاة بَقَاء الصَّلَاة وَإِنَّمَا لَازمه رفع اثم الْفساد قَوْلك بِالنّصب أَي أذكرهُ وَالْقُرْآن الْعَظِيم عطف على السَّبع المثاني وَإِطْلَاق اسْم الْقُرْآن على بعضه شَائِع قَوْله وَهِي مقسومة الخ أَي وَقَالَ تَعَالَى هِيَ مقسومة الخ قَوْله الطول بِضَم الطَّاء وَفتح وَاو جمع الطولي السِّتَّة مَعْلُومَة وَالسَّابِعَة هِيَ سُورَة التَّوْبَة وَقيل غَيرهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [917] قد خالجنيها أَي نَازَعَنِي الْقِرَاءَة وَالظَّاهِر أَنه قَالَ نهيا وانكارا لذَلِك نعم هُوَ إِنْكَار لما سوى الْفَاتِحَة دونهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 [919] أنازع الْقُرْآن على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْقُرْآن مَنْصُوب بِتَقْدِير فِي الْقُرْآن أَي أُحَارب فِي قِرَاءَته كَأَنِّي أجذبه إِلَى غَيْرِي وغيري يجذبه منى إِلَيْهِ يحْتَمل أَنهم جهروا بِالْقِرَاءَةِ خَلفه فشغلوه وَالْمَنْع مَخْصُوص بِهِ وَيحْتَمل أَنه ورد فِي غير الْفَاتِحَة كَمَا فِيمَا تقدم وَيحْتَمل الْعُمُوم فَلَا يقْرَأ فِيمَا يجْهر الامام أصلا لَا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيرهَا لَا سرا وَلَا جَهرا وَمَا جَاءَ عَن أبي هُرَيْرَة من قَوْله اقْرَأ بهَا يَا فَارسي يحمل على السِّرّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [920] أَلا بِأم الْقُرْآن ظَاهر هَذِه الرِّوَايَة إِبَاحَة الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ وَلَو جهر الامام فَلَعَلَّ من يمْنَع عَنْهَا يَقُول أَن النَّهْي يقدم على الْإِبَاحَة عِنْد التَّعَارُض وَلَا يخفي أَن الْمُعَارضَة حَال السِّرّ مفقودة فالمنع حِينَئِذٍ غير ظَاهر حَالَة السِّرّ وَلِهَذَا مَال مُحَمَّد وَبَعض الْمَشَايِخ وَغَيرهم إِلَى قِرَاءَة الْفَاتِحَة حَال السِّرّ وَرجحه على الْقَارئ فِي شرح موطأ مُحَمَّد وَرَأى أَنه الْأَحْوَط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 لذَلِك نعم هُوَ إِنْكَار لما سوى الْفَاتِحَة دونهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 [921] وَإِذا قَرَأَ أَي الامام فأنصتوا أَي اسْكُتُوا للاستماع وَهَذَا لَا يكون الا حَالَة الْجَهْر وَهَذَا الحَدِيث صَححهُ مُسلم وَلَا عِبْرَة بِتَضْعِيف من ضعفه وَالْمُصَنّف أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث تَفْسِير لِلْآيَةِ فَيحمل عُمُوم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن على خُصُوص قِرَاءَة الامام قَوْله [923] فَالْتَفت الي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 أَي أَبُو الدَّرْدَاء والى هَذَا أَشَارَ المُصَنّف بقوله انما هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خطأ الخ أَي رَفعه خطأ وَالصَّوَاب وَقفه قَوْله يجزئني من الاجزاء أَي يَكْفِينِي مِنْهُ أَي أقرؤه مقَام الْقُرْآن مَا دَامَ مَا أحفظه والا فالسعي فِي حفظه لَازم وَهَذَا يدل على أَن الْعَاجِز عَن الْقُرْآن يَأْتِي بالتسبيحات وَلَا يقْرَأ تَرْجَمَة الْقُرْآن بِعِبَارَة أُخْرَى غير نظم الْقُرْآن قَوْله [925] إِذا أَمن الْقَارئ أَخذ مِنْهُ المُصَنّف الْجَهْر بآمين إِذْ لَو أسر الامام بآمين لما علم الْقَوْم بتأمين الامام فَلَا يحسن الْأَمر إيَّاهُم بالتأمين عِنْد تأمينه وَهَذَا استنباط دَقِيق يرجحه مَا سبق من التَّصْرِيح بالجهر وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر نعم قد يُقَال يَكْفِي فِي الْأَمر معرفتهم لتأمين الامام بِالسُّكُوتِ عَن الْقِرَاءَة لَكِن تِلْكَ معرفَة ضَعِيفَة بل كثيرا مَا يسكت الامام عَن الْقِرَاءَة ثمَّ يَقُول آمين بل الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة والتأمين هُوَ اللَّائِق فيتقدم تَأْمِين المقتدى على تَأْمِين الامام إِذا اعْتمد على هَذِه الامارة لَكِن رِوَايَة إِذا قَالَ الامام وَلَا الضَّالّين رُبمَا يرجح هَذَا التَّأْوِيل فَلْيتَأَمَّل وَالْأَقْرَب أَن أحد اللَّفْظَيْنِ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 تَصَرُّفَات الروَاة وَحِينَئِذٍ فرواية إِذا أَمن أشهر وَأَصَح فَهِيَ أشبه أَن تكون هِيَ الأَصْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 [931] بضعَة وَثَلَاثُونَ بِكَسْر الْبَاء وَقد تفتح من الثَّلَاث إِلَى التسع والْحَدِيث يدل على جَوَاز التَّحْمِيد للعاطس جَهرا قَوْله [932] فَسَمعته وَأَنا خَلفه ظَاهره الْجَهْر بآمين فَمَا نهنهها أَي منعهَا وكفها عَن الْوُصُول إِلَيْهِ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 [933] كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي ظَاهره أَن السُّؤَال عَن كَيْفيَّة الْوَحْي نَفسه لَا عَن كَيْفيَّة الْملك الْحَامِل لَهُ وَيدل عَلَيْهِ أول الْجَواب لَكِن آخر الْجَواب يمِيل إِلَى أَن الْمَقْصُود بَيَان كَيْفيَّة الْملك الْحَامِل فَيُقَال يلْزم من كَون الْملك فِي صُورَة الْإِنْسَان كَون الْوَحْي فِي صُورَة مَفْهُوم متبين أول الوهلة فبالنظر إِلَى هَذَا اللَّازِم صَار بَيَانا لكيفية الْوَحْي فَلذَلِك قوبل بصلصلة الجرس وَيحْتَمل أَن المُرَاد للسؤال عَن كَيْفيَّة الْحَامِل أَي كَيفَ يَأْتِيك حَامِل الْوَحْي وَقَوله فِي مثل صلصلة الجرس يأتيني فِي صَوت متدارك لَا يدْرك فِي أول الوهلة كصوت الجرس أَي يَجِيء فِي صُورَة وهيئة لَهَا مثل هَذَا الصَّوْت فنبه بالصوت الْغَيْر الْمَعْهُود على أَنه يَجِيء فِي هَيْئَة غير معهودة فَلِذَا قابله بقوله فِي صُورَة الْفَتى وعَلى الْوَجْهَيْنِ فصلصلة الجرس مِثَال لصوت الْوَحْي والصلصلة بصادين مهملتين مفتوحتين بَينهمَا لَام سَاكِنة صَوت وُقُوع الْحَدِيد بعضه على بعض والجرس بِفتْحَتَيْنِ الجلجل الَّذِي يعلق فِي رُؤُوس الدَّوَابّ وَوجه الشّبَه هُوَ أَنه صَوت متدارك لَا يدْرك فِي أول الوهلة فَيفْصم يضْرب أَي فَيقطع عني حَامِل الْوَحْي الْوَحْي وَقد وعيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 عَنهُ أَي حفظت عَنهُ أَي أَجِدهُ فِي قلبِي مكشوفا متبينا بِلَا التباس وَلَا اشكال فينبذه كيضرب أَي يلقيه إِلَى فِي صَوت انسان وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 قَوْله يتَمَثَّل أَي يتَصَوَّر تَعْرِيف الْملك للْعهد أَي جِبْرِيل الْمَعْرُوف بِأَنَّهُ حَامِل الْوَحْي ورجلا نَصبه على الْمصدر أَي مثل رجل أَو الْحَال بِتَقْدِير هَيْئَة رجل أَو التَّمْيِيز والتمثل ظُهُور الشَّيْء فِي مِثَال غَيره والأرواح القوية يُمكن ظُهُورهَا بِإِذن الله تَعَالَى فِي صور كَثِيرَة وأمثلة عديدة فِي حَالَة وَاحِدَة من غير أَن يَمُوت الْجِسْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 الْأَصْلِيّ الَّذِي هُوَ ذُو أَجْنِحَة كَثِيرَة فَلَا يرد أَن الجائي كَانَ روح جِبْرِيل فَيَنْبَغِي أَن يَمُوت الْجِسْم الْقَدِيم لَهُ لمفارقة الرّوح إِيَّاه والا فَلَيْسَ الجائي روح جِبْرِيل وَلَا جِسْمه فَمَا معنى مَجِيئه بِالْوَحْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ليتفصد بِالْفَاءِ وَتَشْديد الْمُهْملَة أَي ليجري ويسيل عرقا تَمْيِيز قَوْله يعالج يتَحَمَّل يُحَرك شفتية أَي لكل حرف عقب سَمَاعه من جِبْرِيل ثمَّ تَقْرَأهُ بِالنّصب عطف على جمعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 بتقديران فَهُوَ عطف الْفِعْل على الِاسْم الصَّرِيح قَوْله [936] قلت كذبت يفهم مِنْهُ أَنه لَا يَأْثَم الرجل بتكذيب الْحق إِذا ظهر لَهُ أَمارَة خِلَافه وَبنى عَلَيْهِ التَّكْذِيب وَأَن الْقُرْآن مَا لم يتواتر لَا يكفر صَاحبه بالتكذيب فَلْيتَأَمَّل ان الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف أَي على سبع لُغَات مَشْهُورَة بالفصاحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وَكَأن ذَاك رخصَة أَولا تسهيلا عَلَيْهِم ثمَّ جمعه عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حِين خَافَ الِاخْتِلَاف عَلَيْهِم فِي الْقُرْآن وَتَكْذيب بَعضهم بَعْضًا على لُغَة قُرَيْش الَّتِي أنزل عَلَيْهَا أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أعجل من حد سمع أَي آخذه وأجره وَهُوَ فِي الصَّلَاة لببته بِالتَّشْدِيدِ يُقَال لببت الرجل تلبيبا إِذا جعلت فِي عُنُقه ثوبا وجررته بِهِ قَوْله أساوره أَي أواثبه من سَار إِلَيْهِ وثب قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 [939] أضاة بني غفار الأضاة بِوَزْن حَصَاة الغدير أَن تقرئ أمتك من الاقراء وَنصب أمتك وَجوز أَنه من الْقِرَاءَة وَرفع الْأمة وَالْمعْنَى أوفق بِالْأولِ إِذْ أَمر أحد بِفعل غَيره غير مستحسن فَلْيتَأَمَّل معافاته بِفَتْح التَّاء لِأَنَّهُ مَنْصُوب وَهُوَ مُفْرد لَا جمع لَا تطِيق ذَلِك أَي يَوْمئِذٍ لعدم ممارسة النَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 كلهم لُغَة قُرَيْش فَلَو كلفوا بِالْقِرَاءَةِ بهَا لثقل عَلَيْهِم يَوْمئِذٍ بِخِلَاف مَا إِذا مارسوا كَمَا عَلَيْهِ الْأَمر الْيَوْم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تخَالف قراءتي أَي يقْرؤهَا قِرَاءَة تخَالف قراءتي أَو هُوَ يُخَالف قراءتي وعَلى الأول تخَالف بِالْمُثَنَّاةِ فوقية وعَلى الثَّانِي بالتحتية من علمك من التَّعْلِيم لَا تُفَارِقنِي نهى أَو نفي بِمَعْنى النَّهْي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 كُلهنَّ أَي كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ شاف كَاف أَو مَجْمُوع من شاف كَاف وأفرادهما على لفظ كل فَإِنَّهُ مُفْرد مُذَكّر وَالْأول أظهر وبالمقصود أوفق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [941] مَا حاك فِي صدرك أَي أثر شكّ فِي صَدْرِي وَلَا وَقع وَقد جَاءَ صَرِيحًا أَنه وَقع فِي صَدره يَوْمئِذٍ شكّ عصمه الله تَعَالَى مِنْهُ ببركة نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم استزده أَي اطلب من الله تَعَالَى الزِّيَادَة على حرف وَاحِد أَو من جِبْرِيل بِنَاء على أَنه وَاسِطَة قَوْله المعقلة فِي النِّهَايَة أَي الْمُشَدّدَة بالعقال أَو التَّشْدِيد فِيهِ للتنكير قَوْله أَن يَقُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 نسيت آيَة كَيْت بِالتَّخْفِيفِ لما فِيهِ من التَّشَبُّه لفظا بِمن ذمه الله تَعَالَى بقوله كَذَلِك أتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى فالاحتراز عَن مثل هَذَا القَوْل أحسن بل هُوَ نسي بِالتَّشْدِيدِ أَي الله تَعَالَى قد أَزَال عَن قلبه مَا أَزَال فَلْيقل نسيت بِالتَّشْدِيدِ لكَونه أوفق بالواقع وَأبْعد من الْوُقُوع فِي الْمَكْرُوه استذكروا الْقُرْآن أَي اُذْكُرُوهُ واحفظوه وَذكره بِالسِّين للْمُبَالَغَة تفصيا بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة أَي خُرُوجًا وتخلصا قَوْله من النعم من عقله بِضَم عين وقاف جَمِيعًا وَقد يسكن الْقَاف جمع عقال بِكَسْر الْعين وَهُوَ حَبل صَغِير يشد بِهِ ساعد الْبَعِير إِلَى فَخذه وتذكير الضَّمِير لِأَن النعم يذكر وَيُؤَنث ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قَوْله [944] فِي رَكْعَتي الْفجْر المُرَاد أَنه يقْرَأ فيهمَا بالآيتين أَو السورتين بعد الْفَاتِحَة الا أَنه تَركهَا الرَّاوِي لظهورها قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 [946] أَقرَأ فيهمَا بِأم الْكتاب مُبَالغَة فِي التَّخْفِيف وَمثله لَا يُفِيد الشَّك فِي الْقِرَاءَة وَلَا يقْصد بِهِ ذَلِك وَلَا دَلِيل فِيهِ لمن يَقُول بالاقتصار على الْفَاتِحَة ضَرُورَة أَن حَقِيقَة اللَّفْظ الشَّك فِي الْفَاتِحَة أَيْضا وَهُوَ مَتْرُوك بالِاتِّفَاقِ وَعند الْحمل على مَا قُلْنَا لَا يلْزم الِاقْتِصَار فالحمل على الِاقْتِصَار مُشكل وَقد ثَبت خِلَافه كَمَا تقدم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [947] فَالْتبسَ عَلَيْهِ أَي اشْتبهَ عَلَيْهِ وَاسْتشْكل وضميره للروم بِاعْتِبَار أَنه اسْم مِقْدَار من الْقُرْآن لَا يحسنون من الْإِحْسَان أَو التحسين الطّهُور بِضَم الطَّاء وَجوز الْفَتْح على أَنه اسْم للْفِعْل وَالْحمل على المَاء لَا يُنَاسب الْمقَام فَإِنَّمَا يلبس كيضرب أومن التلبيس أَي يخلط وَفِيه تَأْثِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 الصُّحْبَة وان الأكملين فِي أكمل الْأَحْوَال يظْهر فيهم أدنى أثر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [950] وَالنَّخْل باسقات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 أَي السُّورَة الْمُشْتَملَة على هَذِه الْآيَة فَهُوَ من إِرَادَة الْكل باسم الْجُزْء قَوْله [952] فأمنا بهما ليبين بذلك أَنَّهُمَا عظيمتان تقومان مقَام سورتين عظيمتين كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد فِي صَلَاة الْفجْر قَوْله أبلغ أَي أعظم فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة وَكَأن الْوَقْت كَانَ يساعد الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لم ير على بِنَاء الْمَفْعُول أَي فِي الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 [955] الم تَنْزِيل قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَا دلَالَة فِيهِ على المداومة عَلَيْهِمَا نعم قد ثبتَتْ قراءتهما فَيَنْبَغِي للأئمة قراءتهما وَلَا يحسن المداومة على تَركهمَا بالمرة وَقد قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يدل على المداومة وعَلى كل تَقْدِير فالمداومة عَلَيْهِمَا خير من المداومة على تَركهمَا وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله تَوْبَة أَي لاجل التَّوْبَة شكرا أَي على قبُول التَّوْبَة وتوفيق الله تَعَالَى إِيَّاه عَلَيْهَا فحين يجْرِي فِي الْقُرْآن ذكر من الله تَعَالَى لتِلْك التَّوْبَة نشكره تَعَالَى على تِلْكَ النِّعْمَة وَكَون السَّجْدَة للشكر لَا يسْتَلْزم عدم الْوُجُوب كَمَا أَنه لَا يسْتَلْزم الْوُجُوب فَيَنْبَغِي الرُّجُوع فِي معرفَة أحد الامرين إِلَى خَارج وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 [958] وَسجد من عِنْده أَي من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَكَأن الْمُشْركين سجدوا تبعا للْمُسلمين وَقد ذكرُوا فِي سَببه قصَّة طَوِيلَة وَالله أعلم بثبوتها قَوْله [960] فَلم يسْجد أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اسْتدلَّ بِهِ من لَا يرى السُّجُود فِي الْمفصل كمالك وَحمل مَا جَاءَ فِي سُجُود النَّجْم على النّسخ لكَونه كَانَ بِمَكَّة أُجِيب بِأَن الْقَارئ امام للسامع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 فَيجوز أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ترك السُّجُود اتبَاعا لزيد لِأَنَّهُ الْقَارئ فَهُوَ امام وَترك زيد لأجل صغره فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على عدم السُّجُود وَأجِيب أَيْضا بِأَنَّهُ لَعَلَّه على غير وضوء فَأَخَّرَهُ فَظَنهُ زيد أَنه ترك بل لَعَلَّ معنى كَلَام زيد أَنه لم يسْجد فِي الْحَال بل أَخّرهُ وَأَيْضًا بِأَن السُّجُود غير وَاجِب فَلَعَلَّهُ تَركه أَحْيَانًا لبَيَان الْجَوَاز وَبِالْجُمْلَةِ فقد جَاءَ عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي الْمفصل فالأخذ بِرِوَايَة الْمُثبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 أولى من النَّافِي لجَوَاز أَن النَّافِي مَا اطلع عَلَيْهِ وَفِي شرح الْمُوَطَّأ وَقَالَ بِالسُّجُود فِي الْمفصل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَغَيرهم وَاسْتدلَّ بعض الْمَالِكِيَّة بِأَن أَبَا سَلمَة قَالَ لأبي هُرَيْرَة لما سجد لقد سجدت فِي سُورَة مَا رَأَيْت النَّاس يَسْجُدُونَ فِيهَا فَدلَّ هَذَا على أَن النَّاس تَرَكُوهُ وَجرى الْعَمَل بِتَرْكِهِ ورده بن عبد الْبر بِأَن أَي عمل يدعى مَعَ مُخَالفَة الْمُصْطَفى وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [967] ووكيع عَن سُفْيَان وَكِيع مَعْطُوف على سُفْيَان وَالْمرَاد بِهِ بن عُيَيْنَة أَو من روى عَنهُ وَكِيع فَالْمُرَاد بِهِ الثَّوْريّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْأَطْرَاف قَوْله [968] يَعْنِي الْعَتَمَة فسر بذلك لِأَن الْعشَاء قد يُطلق على صَلَاة الْمغرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 قَوْله كل صَلَاة أَي كل رَكْعَة أَو كل صَلَاة سَرِيَّة وجهرية فَمَا أسمعنا بِفَتْح الْعين فِي الأول وسكونها فِي الثَّانِي أَي يجْهر فِيمَا جهر ويخافت فِيمَا خَافت وَلَا يظنّ أَن مَوَاضِع السِّرّ لَا قِرَاءَة فِيهَا قَوْله [971] فنسمع مِنْهُ الْآيَة أَي يقْرَأ بِحَيْثُ نسْمع الْآيَة من جملَة مَا قَرَأَ وَهَذَا يدل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 على أَن الْجَهْر الْقَلِيل فِي السّريَّة لَا يضر وعَلى أَن الْجمع بَين الْجَهْر والسر لَا يكره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يطولها لعلمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم برغبة من خَلفه فِي التَّطْوِيل وَعند ذَلِك يجوز التَّطْوِيل والا فالتخفيف هُوَ الْمَطْلُوب للامام قَوْله يسمعنا الْآيَة كَذَلِك كَمَا أَنه يقْرَأ يسمعنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 الْآيَة أَحْيَانًا قَوْله [975] وَكَانَ يُطِيل فِي الرَّكْعَة الأولى يعينهم بذلك على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 إِدْرَاك فَضلهَا قَوْله بالسماء ذَات البروج الخ مَا جَاءَ فِي اخْتِلَاف الْقِرَاءَة يحمل على اخْتِلَاف الْأَوْقَات والاحوال فَلَا تنَافِي فِي أَحَادِيث الْقِرَاءَة قَوْله [981] هَلُمِّي لي وضُوءًا بِفَتْح الْوَاو أَي أحضري لي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 مَاء أتوضأ بِهِ من أمامكم أَي من عمر بن عبد الْعَزِيز قَوْله [982] وَيقْرَأ فِي الْمغرب بقصار الْمفصل الخ الْمفصل عبارَة عَن السَّبع الْأَخير من الْقُرْآن أَوله سُورَة الحجرات سمى مفصلا لِأَن سُورَة قصار كل سُورَة كفصل من الْكَلَام قيل طواله إِلَى سُورَة عَم وأوساطه إِلَى الضُّحَى وَقيل غير ذَلِك ثمَّ يُؤْخَذ من هَذَا الحَدِيث وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي فِي الْبَاب الثَّانِي وَمن حَدِيث رَافع بن خديج كُنَّا ننصرف عَن الْمغرب وان أَحَدنَا ليبصر مواقع نبله أَن عَادَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمغرب قِرَاءَة السُّور الْقصار فَلَعَلَّ مَا سيجئ من قِرَاءَة السُّور الطوَال فِي الْمغرب كَانَ مِنْهُ أَحْيَانًا لبَيَان الْجَوَاز قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 [984] وَهُوَ يُصَلِّي الْمغرب قد جَاءَ أَنَّهَا صَلَاة الْعشَاء وَهِي أنسب بسوق هَذِه الْقِصَّة وَالْحمل على تعدد الْوَاقِعَة بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [985] مَا صلى بعْدهَا صَلَاة أَي بِالنَّاسِ وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 قَوْله [989] أَتَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَي دَائِما بِحَيْثُ كَأَنَّهُ اللَّازِم وَلَا يجوز غَيره فالانكار على الْتِزَام الْقصار وَفِيه أَنه يَنْبَغِي للامام أَن يقْرَأ مَا قَرَأَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَحْيَانًا تبركا بقرَاءَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم واحياء لسنته وآثاره الجميلة فمحلوفه أَرَادَ بالمحلوف الله الَّذِي لَا يسْتَحق الْحلف الا بِهِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي الله قسمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 باطول الطوليين يَعْنِي الْأَنْعَام والأعراف وأطولهما الْأَعْرَاف وَصدق هَذَا الْوَصْف على غير الْأَعْرَاف لَا يضر لِأَنَّهُ عينهَا بِالْبَيَانِ قَوْله رمقت النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي نظرت إِلَيْهِ وتأملت فِي قِرَاءَته قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 [993] على سَرِيَّة أَي جعله أَمِيرا على طَائِفَة من الْجَيْش فيختم بقل هُوَ الله أحد أَي يخْتم قِرَاءَته بِقِرَاءَة قل هُوَ الله أحد أَي يقْرَأ بقل هُوَ الله أحد فِي آخر مَا يقْرَأ من الْقُرْآن وَالْحَاصِل أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَرَّرَهُ على ذَلِك وبشره عَلَيْهِ بِمَا بشره فَعلم بِهِ جَوَاز الْجمع بَين السُّور المتعددة فِي رَكْعَة قَوْله وَجَبت لَا دلَالَة فِي الحَدِيث على عُمُوم الْوُجُوب لكل قَارِئ الا بِالنّظرِ إِلَى أَن الظَّاهِر أَن الْوُجُوب جَزَاء لقرَاءَته فَالظَّاهِر عُمُومه لكل عَامل عمله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [995] فَذكر ذَلِك لَهُ كَأَنَّهُ عظم ذَلِك ترديده هَذِه السُّورَة لتعدل أَي تَسَاوِي ثلث الْقُرْآن أجرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 قَوْله عَن مَنْصُور عَن هِلَال بن يسَاف الخ فِي بعض النّسخ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرّحْمَنِ مَا أَعْرِفُ إِسْنَادًا أطول من هَذَا وَنقل عَن السُّيُوطِيّ أَنه قَالَ فِيهِ سِتَّة من التَّابِعين قَالَ وَالْمَرْأَة هِيَ امْرَأَة أبي أَيُّوب قَوْله فصلى الْعشَاء الْآخِرَة الخ ظَاهر صَنِيع المُصَنّف يمِيل إِلَى أَنه جمع بَين رِوَايَة صَلَاة الْمغرب وَرِوَايَة صَلَاة الْعشَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 بِالْحملِ على تعدد الْقَضِيَّة فَلذَلِك اسْتدلَّ بكلتا الرِّوَايَتَيْنِ لَكِن وُقُوع مثل هَذِه الْقَضِيَّة مرَّتَيْنِ بعيد الا أَن يُقَال يحْتَمل أَنه وَقع من معَاذ مرَّتَيْنِ ثمَّ رفع الواقعتان إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مرّة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 قَوْله [1002] قد شكاك النَّاس أَي أهل كوفة وَكَانَ سعد أَمِيرا من جِهَة عمرعليهم فجاؤوا عِنْد عمر وَشَكوا سَعْدا فَطَلَبه عمر وَقَالَ لَهُ ذَلِك اتئد بتَشْديد التَّاء بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة وَقبلهَا همزَة مَفْتُوحَة أَي أتثبت وَلَا أتعجل وَفِي بعض النّسخ أمد بتَشْديد الدَّال كَمَا فِي أبي دَاوُد أَي أَزِيد وأطول وأحذف أَي أخفف وَمَا آلو بِهَمْزَة ممدودة أَي لَا أقصر فِي صَلَاة اقتديت بهَا وَهِي صَلَاة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [1003] مَا يحسن من الْإِحْسَان أَو التحسين لَا أخرم من بَاب ضرب أَي لَا أنقص أركد من بَاب نصر أَي أسكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 وأطيل الْقيام قَوْله [1004] اني لأعرف النَّظَائِر أَي السُّور المتقاربة فِي الطول قَوْله هَذَا بِفَتْح هَاء وَتَشْديد ذال مُعْجمَة أَي تسرع اسراعا فِي قِرَاءَته كَمَا تسرع فِي انشاد الشّعْر والهذ سرعَة الْقطع ونصبه على الْمصدر وَهُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار بِحَذْف أداته يقرن بِضَم الرَّاء أَو كسرهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 قَوْله وَآل حم أَي صَاحب حم أَي السُّورَة المصدرة بحم قَوْله [1007] فَلَمَّا جَاءَ ذكر مُوسَى أَو عِيسَى أَي جَاءَ قَوْله تَعَالَى ثمَّ أرسلنَا مُوسَى وأخاه أَو ذكر عِيسَى وَهَذَا شكّ من الرَّاوِي وَعِيسَى مَذْكُور فِي جنبه فَلِذَا جمع بَينهمَا سعلة بِفَتْح سين وَسُكُون عين قيل أَخَذته بِسَبَب الْبكاء ثمَّ لَا يخفى أَن الِاقْتِصَار على بعض السُّورَة هَا هُنَا لضَرُورَة فالاستدلال بِهِ على الِاقْتِصَار بِلَا ضَرُورَة لَا يتم فَالْأولى الِاسْتِدْلَال بقرَاءَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْأَعْرَاف فِي الْمغرب حَيْثُ فرقها فِي رَكْعَتَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1008] وقف وتعوذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 عمل بِهِ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة فِي الصَّلَاة النَّافِلَة كَمَا هُوَ المورد قَوْله جسرة بِفَتْح جِيم وَسُكُون سين بنت دجَاجَة قَالَ السُّيُوطِيّ بِفَتْح دَال وجيمين وَالْمَعْرُوف أَنَّهَا بِالْفَتْح فِي الْحَيَوَان وبالكسر فِي الْإِنْسَان وَهُوَ المضبوط فِي بعض النّسخ المصححة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَامَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي اللَّيْل حَتَّى أصبح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 كَذَا فِي بعض النّسخ المصححة أَي إِلَى أَن دخل وَقت الصُّبْح وَفِي بعض النّسخ حَتَّى إِذا أصبح وعَلى هَذَا فجواب إِذا مُقَدّر أَي تَركهَا أَي الْآيَة قَوْله [1011] رفع صَوته ليتدبروه ويأخذوا عَنهُ وَلَا تجْهر أَي كل الْجَهْر بِقَرِينَة الْأَمر بالتوسط وَقد يُقَال مُقْتَضى الْآيَة أَن الْجَهْر هُوَ الاعلان الْبَالِغ حَده فَلْيتَأَمَّل وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا أَي بَين الْمَذْكُور من الْجَهْر والمخافتة وَيحصل بِهِ الْأَمر ان جَمِيعًا عدم الاخلال بِسَمَاع الْحَاضِرين والاحتراز عَن سبّ أَعدَاء الدّين قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 [1013] وَأَنا على عريشي الْعَريش كل مَا يستظل بِهِ وَيُطلق على بيُوت مَكَّة لِأَنَّهَا كَانَت عيدانا تنصب ويظلل عَلَيْهَا قَوْله [1014] يمد صَوته مدا أَي يُطِيل الْحُرُوف الصَّالِحَة للاطالة يَسْتَعِين بهَا على التدبر والتفكر وتذكير من يتَذَكَّر قَوْله [1015] زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ أَي بتحسين أَصْوَاتكُم عِنْد الْقِرَاءَة فَإِن الْكَلَام الْحسن يزِيد حسنا وزينة بالصوت الْحسن وَهَذَا مشَاهد وَلما رأى بَعضهم أَن الْقُرْآن أعظم من أَن يحسن بالصوت بل الصَّوْت أَحَق بِأَن يحسن بِالْقُرْآنِ قَالَ مَعْنَاهُ زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ هَكَذَا فسره غير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث وَزَعَمُوا أَنه من بَاب الْقلب وَقَالَ شُعْبَة نهاني أَيُّوب أَن أحدث زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وَرَوَاهُ معمر عَن مَنْصُور عَن طَلْحَة زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ وَهُوَ الصَّحِيح وَالْمعْنَى اشتغلوا بِالْقُرْآنِ واتخذوه شعارا وزينة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 [1017] مَا أذن الله بِكَسْر الذَّال أَي مَا اسْتمع لشَيْء مسموع كاستماعه لنَبِيّ وَالْمرَاد جنس النَّبِي وَالْقُرْآن الْقِرَاءَة أَو كَلَام الله مُطلقًا وَلما كَانَ الِاسْتِمَاع على الله تَعَالَى محالا لِأَنَّهُ شَأْن من يخْتَلف سَمَاعه بِكَثْرَة التَّوَجُّه وقلته وسماعه تَعَالَى لَا يخْتَلف قَالُوا هَذَا كِنَايَة عَن تقريب الْقَارئ واجزال ثَوَابه يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ أَي يحسن صَوته بِهِ حَال قِرَاءَته أَو هُوَ الْجَهْر وَقَوله يجْهر بِهِ تَفْسِير لَهُ أَو يلين ويرقق صَوته ليجلب بِهِ إِلَى نَفسه والى السامعين الْحزن والبكاء وَيَنْقَطِع بِهِ عَن الْخلق إِلَى الْخَالِق جلّ وَعلا قَوْله [1018] يَعْنِي أُذُنه بِفَتْح همزَة وذال مُعْجمَة مَعًا أَي استماعه قَوْله [1019] لقد أُوتِيَ من مَزَامِير آل دَاوُد وَفِي النِّهَايَةِ شَبَّهَ حُسْنَ صَوْتِهِ وَحَلَاوَةَ نَغْمَتِهِ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ وَدَاوُدُ هُوَ النَّبِيُّ وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي حسن الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ وَالْمرَاد بآل دَاوُد نَفسه وَكَثِيرًا مَا يُطلق آل فلَان على نَفسه قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 [1022] ثمَّ نعتت قِرَاءَته أَي وصفت وبينت بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ بِأَن قَرَأت كقراءته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَرْفًا حَرْفًا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ نَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ أَيْ مُرَتَّلَةً نَحْوَ أَدْخَلْتُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا أَي منفردين قَوْله [1023] حِين يهوى كيضرب أَي يسْقط ويهبط أَنِّي لأشبهكم صَلَاة الخ يَقُول لَهُم ذَلِك ترغيبا لَهُم فِي فعل مثلهَا قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 [1026] ثمَّ لم يعد قد تكلم نَاس فِي ثُبُوت هَذَا الحَدِيث والقوى أَنه ثَابت من رِوَايَة عبد الله بن مَسْعُود نعم قد روى من رِوَايَة الْبَراء لَكِن التَّحْقِيق عدم ثُبُوته من رِوَايَة الْبَراء فَالْوَجْه أَن الحَدِيث ثَابت لَكِن يَكْفِي فِي إِضَافَة الصَّلَاة إِلَى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَونه صلى هَذِه الصَّلَاة أَحْيَانًا وان كَانَ الْمُتَبَادر الاعتياد والدوام فَيجب الْحمل على كَونهَا كَانَت أَحْيَانًا تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة ودفعا للتعارض وعَلى هَذَا فَيجوز أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ترك الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ اما لكَون التّرْك سنة كالفعل أَو لبَيَان الْجَوَاز فَالسنة هِيَ الرّفْع لَا التّرْك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 [1027] لَا يُقيم أَي لَا يعدل وَلَا يسوى وَالْمَقْصُود الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلذَا قَالَ الْجُمْهُور بافتراض الطُّمَأْنِينَة وَالْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة وَمُحَمّد عدم الافتراض لَكِن نَص الطَّحَاوِيّ فِي آثاره على أَن مَذْهَب أبي حنيفَة وصاحبيه افتراض الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهُوَ أقرب إِلَى الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1028] اعتدلوا فِي الرُّكُوع أَي توسطوا فِيهِ بَين الِارْتفَاع والانخفاض وَكَذَا توسطوا فِي السُّجُود بَين الافتراش وَالْقَبْض بِوَضْع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع الْمرْفقين عَنْهَا والبطن عَن الْفَخْذ وَبسط الْكَلْب هُوَ وضع الْمرْفقين مَعَ الْكَفَّيْنِ على الأَرْض قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 [1029] فليؤمكم أحدكُم أَي ليقدم عَلَيْكُم فِي الْقيام وليقم مقَام الامام من الْقَوْم وليفرش كفيه على فَخذيهِ ن افرش أَي ليجعلهما كالفراش لَهما أَي ليضعهما على فَخذيهِ فِي التَّشَهُّد وَالظَّاهِر أَن مُرَاده أَنه لَا يطبق فِي التَّشَهُّد إِذا كَانُوا أَكثر من ثَلَاثَة وَقَوله فَكَأَنَّمَا أنظر كَلَام يتَعَلَّق بالتطبيق أَي رَأَيْته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم طبق فَكَأَنَّمَا أنظر الخ والتطبيق هُوَ أَن يجمع بَين أَصَابِع يَدَيْهِ ويجعلها بَين رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالتَّشَهُّد وَهُوَ مَنْسُوخ بالِاتِّفَاقِ كَمَا سَيذكرُهُ المُصَنّف وَهَذَا الَّذِي ذكرت هُوَ مُقْتَضى ظَاهر هَذِه الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْكتاب لَكِن الظَّاهِر أَن فِيهِ اختصارا فَفِي رِوَايَة مُسلم وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ وَإِذا ركع أحدكُم فليفرش ذِرَاعَيْهِ على فَخذيهِ وليجنأ وليطبق بَين كفيه فلكأني أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلَافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله ليجنأ بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْجِيم آخِره همزَة أَي ليركع وعَلى هَذَا فَمَعْنَى ليفرش كفيه الخ أَي ليفرش أحدكُم ذِرَاعَيْهِ أُرِيد بالكف الذِّرَاع أَي عِنْد الرُّكُوع وَفِيه اخْتِصَار أَي ليطبق بَين كفيه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1030] فَخَالف بَين أصابعنا أَي بالتشبيك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 قَوْله أمرنَا على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 [1036] وجافى بمرفقيه أَي بعدهمَا عَن الْجنب قَوْله [1038] جافى بَين إبطَيْهِ لَا بُد من إِضَافَة بَين إِلَى مُتَعَدد فيتوهم أَن ذَلِك المتعدد هَا هُنَا إبطَيْهِ بالتثنية وَلَيْسَ كَذَلِك بل إبطَيْهِ أحد طرفِي المتعدد والطرف الثَّانِي مَحْذُوف أَي بَين إبطَيْهِ وَبَين مَا يليهما من الْجنب وَالْمعْنَى بَين كل من إبطَيْهِ وَمَا يليهما من الْجنب وَالْحَاصِل أَن المُرَاد بابطيه كل وَاحِد مِنْهُمَا فَمَا بَقِي مُتَعَددًا فَلَا بُد من اعْتِبَار أَمر آخر يحصل بِالنّظرِ إِلَيْهِ التَّعَدُّد وَهَذَا معنى قَول من قَالَ أَي ينحى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 كل ابط عَن الْجنب الَّذِي يَليهَا وَلَو أبقى الْكَلَام على ظَاهره لم يستقم كَمَا لَا يخفى قَوْله اعتدل أَي توَسط بَين الِارْتفَاع والانخفاض وَفَسرهُ بقوله فَلم ينصب رَأسه وَلم يقنعه وَنصب الرَّأْس مَعْرُوف والاقناع يُطلق على رفع الرَّأْس وخفضه من الأضداد وَالْمرَاد هَا هُنَا الثَّانِي وَفِي النِّهَايَة وَوَقع فِي بعض النّسخ فَلم ينصب وَالْمَشْهُور فَلَا يصوب أَي لم يخفضه جدا وعَلى هَذَا فالاقناع بِمَعْنى الرّفْع وَكَذَا على مَا فِي بعض النّسخ فَلم يصب من صب المَاء وَالْمرَاد الْإِنْزَال بِحمْل الاقناع على معنى الرّفْع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 [1040] لبس القسي بِفَتْح الْقَاف وَكسر السِّين الْمُشَدَّدَةِ نِسْبَةً إِلَى مَوْضِعٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الثِّيَابُ الْقَسِّيَّةُ وَهِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ تُعْمَلُ بِالْقَسِّ من بِلَاد مصر مِمَّا يَلِي الفرماء وَأَن أَقرَأ وَأَنا رَاكِع قيل ذَلِك لما فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود من الذّكر وَالتَّسْبِيح فَلَو كَانَت قِرَاءَة الْقُرْآن فيهمَا لزم الْجمع بَين كَلَام الله وَكَلَام غَيره فِي مَحل واحده كَأَنَّهُ كره لذَلِك وَفِيه أَن الرَّكْعَة الأولى لَا تَخْلُو عَن دُعَاء استفتاح فَلَزِمَ من الْقِرَاءَة فِيهَا الْجمع فَتَأمل قَوْله [1042] وَلَا أَقُول نهاكم لم يرد أَنه نهى مَخْصُوص بِهِ إِذْ الأَصْل فِي التشريع الْعُمُوم بل أَرَادَ أَن اللَّفْظ ورد خطابا لَهُ فَقَط وَلم يخاطبه بِلَفْظ عَام يَشْمَلهُ وَغَيره نعم حكم الْغَيْر ثَابت بِعُمُوم عَن لبس القسي هُوَ بِضَم اللَّام مصدر لبس الثَّوْب بِكَسْر الْبَاء المفدم بِضَم مِيم وَفتح فَاء وَتَشْديد دَال مُهْملَة مَفْتُوحَة فِي النِّهَايَةِ هُوَ الثَّوْبُ الْمُشْبَعُ حُمْرَةً كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَنَاهِي حمرته فَهُوَ كالممتنع من قبُول الصَّبْغ قَوْله [1043] وَعَن لبوس بِفَتْح لَام مصدر لبس قَوْله كشف النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الستارة أَي فِي آخر مَرضه من مُبَشِّرَات النُّبُوَّة أَي مِمَّا يظْهر للنَّبِي من الْمُبَشِّرَات حَالَة النُّبُوَّة وَهِي بِكَسْر الشين مَا اشْتَمَل على الْخَبَر السار من وَحي والهام ورؤيا وَنَحْوهَا وَلَا يخفي ان الالهام للأولياء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 أَيْضا بَاقٍ فَكَأَن المُرَاد لم يبْق فِي الْغَالِب الا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَي المبشر بهَا أويرى غَيره لأَجله فَعَظمُوا الخ أَي اللَّائِق بِهِ تَعْظِيم الرب فَهُوَ أولى من الدُّعَاء وان كَانَ الدُّعَاء جَائِزا أَيْضا فَلَا يُنَافِي أَنه كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه اللَّهُمَّ اغْفِر لي فاجتهدوا فِي الدُّعَاء أَي أَنه مَحل لاجتهاد الدُّعَاء وَأَن الِاجْتِهَاد فِيهِ جَائِز بِلَا ترك أَوْلَوِيَّة وَكَذَلِكَ التَّسْبِيح فَإِنَّهُ مَحل لَهُ أَيْضا قمن بِكَسْر مِيم وَفتحهَا أَي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 جدير وخليق قيل بِفَتْح الْمِيم مصدر وبكسرها صفة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 [1048] سبوح قدوس فِي النِّهَايَةِ يُرْوَيَانِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالضَّم أَكثر اسْتِعْمَالا وهما مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هما مرفوعان على أَنَّهُمَا خبر مَحْذُوف أَي هُوَ أَو أَنْت وَقيل بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أُعَظِّمُ أَوْ أَذْكَرُ أَوْ أَعْبَدُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ قِيلَ المُرَاد بِهِ جِبْرِيل وَقيل هُوَ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ مَلَكٌ أَعْظَمُ خِلْقَةً قَوْله [1049] الجبروت والملكوت هما مُبَالغَة الْجَبْر وَهُوَ الْقَهْر وَالْملك وَهُوَ التَّصَرُّف أَي صَاحب الْقَهْر وَالتَّصَرُّف الْبَالِغ كل مِنْهُمَا غَايَته والكبرياء قيل هِيَ الْعَظَمَةُ وَالْمِلْكُ وَقِيلَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِ الذَّاتِ وَكَمَالِ الْوُجُودِ وَلَا يُوصَفُ بِهَا الا الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 حَتَّى تطمئِن رَاكِعا أَي فَلم يَأْمُرهُ بالتسبيح فِيهِ فَدلَّ على عدم وجوب التَّسْبِيح فِيهِ وَأَنه [1050] لَك ركعت أَي لَا لغيرك خضعت وَإسْنَاد خشع أَي تواضع وخضع إِلَى السّمع وَغَيره مِمَّا لَيْسَ من شَأْنه الْإِدْرَاك والتأثر كِنَايَة عَن كَمَال الْخُشُوع والخضوع أَي قد بلغ غَايَته حَتَّى كَأَنَّهُ ظهر أَثَره فِي هَذِه الْأَعْضَاء وَصَارَت خاشعة لِرَبِّهَا والمخ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد الدِّمَاغ والعصب بِفتْحَتَيْنِ أطناب المفاصل قَوْله يرمقه كينصر أَي ينظر إِلَيْهِ وَلَا يشْعر أَي الرجل بنظره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد جهدت على بِنَاء الْفَاعِل أَي بذلت غَايَة وسعى أَو على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أصابني التَّعَب وَالْمَشَقَّة بِكَثْرَة الْإِعَادَة ثمَّ اركع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 يَصح بِدُونِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 قَوْله [1060] قَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد أَي مَعَ قَوْله سمع الله لمن حَمده وَإِنَّمَا تَركه لظُهُور أَنه من وظائف الامام وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي جمع التَّحْمِيد مَعَه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 قَوْله يبتدرونها أَي يَسْتَبقُونَ فِي كتَابَتهَا يُرِيد كل مِنْهُم أَن يسْبق صَاحبه فِي ذَلِك قَاصِدين أَيهمْ يَكْتُبهَا أَولا أَي سَابِقًا وَقبل الآخرين وَضمير التَّأْنِيث لهَذِهِ الْكَلِمَة قَوْله [1063] فَقولُوا رَبنَا وَلَك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 الْحَمد بِالْوَاو وَقد جَاءَ بِدُونِهَا قَالُوا وَبِتَقْدِير أَنْت رَبنَا أَو الهنا وَلَك الْحَمد قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 [1064] يجبكم الله بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر أَي يستجب لكم وَكَذَا قَوْله يسمع الله بِمَعْنى يستجب لكم فَتلك بِتِلْكَ فَتلك اللحظة الَّتِي تقدمكم أمامكم مجبورة بِتِلْكَ اللحظة الَّتِي تأخرتم عَنهُ قَوْله وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع كلمة إِذا مُجَرّدَة عَن الظَّرْفِيَّة بِمَعْنى الْوَقْت أَي كَانَ وَقت رُكُوعه وَوقت رَفعه رَأسه مِنْهُ وَوقت سُجُوده قَرِيبا من السوَاء أَي من الْمُسَاوَاة قَوْله ملْء السَّمَاوَات تَمْثِيل وتقريب وَالْمرَاد تَكْثِير الْعدَد أَو تَعْظِيم الْقدر وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد كالعرش والكرسي وَنَحْوهمَا قَالَ النَّوَوِيّ ملْء بِكَسْر الْمِيم وبنصب الْهمزَة بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 اللَّام ورفعهما وَالْأَشْهر النصب وَمَعْنَاهُ لَو كَانَ جسما ملأها لعظمته انْتهى قَوْله أهل الثَّنَاء بالننصب على الِاخْتِصَاص أَو الْمَدْح أَو بِتَقْدِير يَا أهل الثَّنَاء أَو بِالرَّفْع بِتَقْدِير أَنْت أهل الثَّنَاء وَقَوله خير مَا قَالَ العَبْد اما مُبْتَدأ خَبره لَا مَانع الخ وَجُمْلَة كلنا لَك عبد مُعْتَرضَة أَو خبر مَحْذُوف أى هَذَا الْكَلَام أى مَا سبق من الذّكر خير مَا قَالَ وَقَوله لَا نَازع دُعَاء مُسْتَقل وَمَا فِي مَا أَعْطَيْت يعم الْعُقَلَاء وَغَيرهم وَالْجد البخت وَمن فِي قَوْله مِنْك بِمَعْنى عِنْد أَو بِمَعْنى بدل أى لَا ينفع بدل طَاعَتك وتوفيقك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 البخت والحظوظ وعَلى هَذَا الْمَعْنى بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ الْمَشْهُور على أَلْسِنَة أهل الحَدِيث وَجوز بَعضهم كسرهَا أى لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اجْتِهَاده وَعَمله وانما يَنْفَعهُ فضلك قَوْله [1070] على رِعْلٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَذَكْوَانَ بذال مُعْجمَة مَفْتُوحَة غير منصرف وَعصيَّة بِضَم عين وَفتح صَاد وَتَشْديد يَاء عَصَتْ الله اسْتِئْنَاف كَأَنَّهُ قيل لم دَعَا عَلَيْهِم وضميره للْكُلّ وَفِي وَصله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 لفظا بعصية لفظا مُنَاسبَة المجانسة كَمَا لَا يخفى قَوْله هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي قدرا يَسِيرا يسْتَدلّ بِهِ من يَقُول بِالْقُنُوتِ سرا وَلَا دلَالَة فِيهِ على ذَلِك لما علم أَن قِيَامه بَين الرُّكُوع وَالسُّجُود بِقدر الرُّكُوع وَالسُّجُود وَكَانَ يجمع بَين التسميع والتحميد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَنْج بِفَتْح الْهمزَة من الانجاء اشْدُد وطأتك بِفَتْح الْوَاو أَصْلهَا الدوس بالقدم سمى بِهِ الاهلاك لِأَن من يطؤ عَلَى شَيْءٍ بِرِجْلِهِ فَقَدِ اسْتَقْصَى فِي هَلَاكِهِ وَالْمعْنَى خذهم اخذا شَدِيدا انْتهى مَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت الْأَقْرَب أَن المُرَاد هَا هُنَا الْعقُوبَة وَالْأَخْذ كَمَا يدل عَلَيْهِ آخر الْكَلَام لَا الاهلاك كَمَا يدل عَلَيْهِ أَوله فَلْيتَأَمَّل وَاجْعَلْهَا أَي الْوَطْأَة أَو الْأَيَّام وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ سِنِينَ عَلَيْهَا كَسِنِي يُوسُف المُرَاد الْقَحْط والتشبيه بسني يُوسُف لتشديد الْقَحْط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 واستمراره زَمَانا واجراء سِنِين مجْرى الْجمع الْمُذكر السَّالِمِ فِي الْإِعْرَابِ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ وَسُقُوطِ النُّونِ بِالْإِضَافَة شَائِع قَوْله [1074] وضاحية مُضر أَي أهل الْبَادِيَة مِنْهُم وَجمع الضاحية ضواحي قَوْله لأقربن من التَّقْرِيب أَي لأقربن إِلَى أفهامكم بِالْبَيَانِ الفعلى صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ أُصَلِّي كَمَا صلى فَخُذُوا بصلاتي لتدركوا بِهِ صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فمراده الْحَث على الْأَخْذ بِصَلَاتِهِ قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 [1077] على أَحيَاء جمع حَيّ بِمَعْنى الْقَبِيلَة أَي على قبائل من قبائل الْعَرَب قَوْله [1078] فَأنْزل الله تَعَالَى لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء هَذَا يدل على انه نسخ لعن الْكَافرين فِي الصَّلَاة وَالظَّاهِر أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحملهُ على لعن الْكَافِر الْمعِين وَيرى لعن مُطلق الْكَافرين فِي الصَّلَاة جَائِزا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 [1080] فَلم يقنت هَذَا يدل على ان الْقُنُوت فِي الصُّبْح كَانَ أَيَّامًا ثمَّ نسخ أَو أَنه كَانَ مَخْصُوصًا بأيام المهام وَالثَّانِي أنسب بِأَحَادِيث الْقُنُوت واليه مَال أَحْمد وَغَيره انها أَي الْقُنُوت أَو الدَّوَام عَلَيْهِ وتأنيث الضَّمِير بِاعْتِبَار الْخَبَر قَوْله [1081] فَأخذ قَبْضَة بِفَتْح الْقَاف أَو ضمهَا أبرده من التبريد أحوله من التَّحْوِيل لجبهتي أَي لأضع عَلَيْهَا الْجَبْهَة وَذَلِكَ لشدَّة الْحر وَعلم من هَذَا جَوَاز الْفِعْل الْقَلِيل قَوْله [1082] لقد ذَكرنِي هَذَا قَالَ ذكر لترك النَّاس تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 [1083] فِي كل خفض وَرفع أُرِيد الْغَالِب وَلَا فَلَا تَكْبِير عِنْد الرّفْع من الرُّكُوع قَوْله [1084] أَن لَا أخر من الخرور وَهُوَ السُّقُوط أَي لَا أسقط إِلَى السُّجُود الا قَائِما أَي أرجع من الرُّكُوع إِلَى الْقيام ثمَّ أخر مِنْهُ إِلَى السُّجُود وَلَا أخر من الرُّكُوع إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فهمه المُصَنّف وَقيل مَعْنَاهُ لَا أَمُوت الا ثَابتا على الْإِسْلَام فَهُوَ مثل وَلَا تموتن الا وَأَنْتُم مُسلمُونَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَقَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وَأُمُورِي إِلَّا قُمْتُ بِهِ مُنْتَصِبًا لَهُ وَقيل مَعْنَاهُ لَا أغبن وَلَا أغبن وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث مِمَّا أشكل على النَّاس فهمه وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف فِي مَعْنَاهُ أحسن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 [1088] وَكَانَ لَا يفعل ذَلِك فِي السُّجُود الظَّاهِر أَنه كَانَ يفعل ذَلِك أَحْيَانًا وَيتْرك أَحْيَانًا لَكِن غَالب الْعلمَاء على ترك الرّفْع وَقت السُّجُود وَكَأَنَّهُم أخذُوا بذلك بِنَاء على أَن الأَصْل هُوَ الْعَدَم فحين تَعَارَضَت روايتا الْفِعْل وَالتّرْك أخذُوا بِالْأَصْلِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 [1089] وَإِذا نَهَضَ أَي قَامَ قَوْله [1090] يعمد أحدكُم على حذف حرف الْإِنْكَار أَي أيعمد فيبرك بِالنّصب جَوَاب الِاسْتِفْهَام وَالْمرَاد النَّهْي عَن بروك الْجمل وَهُوَ أَن يضع رُكْبَتَيْهِ على الأَرْض قبل يَدَيْهِ كَمَا سَيَجِيءُ التَّصْرِيح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة وَقد أَخذ بِهِ الْبَعْض وَالْبَعْض أَخذ بِمَا سبق وَالْأَقْرَب أَن النَّهْي للتنزيه وَمَا سبق بَيَان الْجَوَاز فان قيل كَيفَ شبه وضع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ ببروك الْجمل مَعَ أَن الْجمل يضع يَدَيْهِ قبل رجلَيْهِ قُلْنَا لِأَن ركبة الْإِنْسَان فِي الرجل وركبة الدَّوَابّ فِي الْيَد فَإِذا وضع رُكْبَتَيْهِ أَولا فقد شابه الْجمل فِي البروك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 كَذَا فِي المفاتيح قَوْله أَمر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد أَمر على بِنَاء الْمَفْعُول وَأَن يسْجد على بِنَاء الْفَاعِل وَيحْتَمل أَن يعكس وَيحْتَمل بناؤهما للْفَاعِل على ان ضمير يسْجد للْمُصَلِّي على سَبْعَة أَعْضَاء وَفِي بعض النّسخ أعظم على تَسْمِيَة كُلُّ عُضْوٍ عَظْمًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِظَامٌ كَثِيرَة وَلَا يكف أَي لَا يضم وَلَا يجمع عِنْد السُّجُود شعره أَو ثِيَابه صونا لَهما عَن التُّرَاب بل يرسلهما ويتركهما حَتَّى يقعا إِلَى الأَرْض فَيكون الْكل سَاجِدا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1094] سَبْعَة آرَاب بِهَمْزَة ممدودة أَي أَعْضَاء جمع إرب بِكَسْر فَسُكُون قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 [1095] على جَبينه وَأَنْفه أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن المُرَاد بِالْوَجْهِ فِي أَعْضَاء السَّجْدَة الجبين وَالْأنف فَذكر هَذَا الحَدِيث تَفْسِيرا للْحَدِيث السَّابِق قَوْله [1096] الْجَبْهَة وَالْأنف لِكَوْنِهِمَا من أَجزَاء الْوَجْه فعدهما بِمَنْزِلَة عد الْوَجْه عدتا وَاحِدَة من السَّبْعَة والا يلْزم الزِّيَادَة على السَّبْعَة قَوْله [1097] على الْأنف أَي إِلَى الْأنف وَمَا يتَّصل بِهِ من الْجَبْهَة ليُوَافق الْأَحَادِيث السَّابِقَة قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 [1098] أَن يكفت كيضرب أَي يضم وَيجمع قَوْله [1100] وَقَدمَاهُ منصوبتان هَذَا هُوَ المُرَاد بِالسُّجُود على الْقَدَمَيْنِ وَقد سبق شرح الحَدِيث قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 [1101] إِذا أَهْوى هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا هوى أَي سقط وَهُوَ أقرب وفتخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي لينها حَتَّى تنثني فيوجهها نَحْو الْقبْلَة قَوْله [1102] فَكَانَت يَدَاهُ أَي فِي السُّجُود بحذاء الْأُذُنَيْنِ قَوْله وَرفع عجيزته أَي عَجزه وَالْعجز مُؤخر الشَّيْء والعجيزة للْمَرْأَة فاستعارها للرجل قَوْله جخى بجيم ثمَّ خاء مُعْجمَة كصلى أَي فتح عضديه وجافى عَن جَنْبَيْهِ وَرفع بَطْنه عَن الأَرْض قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 [1106] فرج بَين يَدَيْهِ أَي بَينهمَا وَبَين مَا يليهما من الْجنب والا لَا يَسْتَقِيم قَوْله حَتَّى يَبْدُو فَلَيْسَ المتعدد الَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ بَين لفظ يَدَيْهِ بل هُوَ أحد طرفِي المتعدد والطرف الثَّانِي مَحْذُوف وَهَذَا معنى قَول الْمُحَقق بن حجر فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ أَي نحى كل يَد عَن الْجنب الَّذِي يَليهَا قَوْله بَين يَدي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي قدامه وَلَو لم أكن فِي الصَّلَاة لأبصرت إبطَيْهِ لأجل التَّفْرِيج أَي لكني كنت وَرَاءه فِي الصَّلَاة أَي فَلم يُمكن لأجل شغلها النّظر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 [1108] عفرَة إبطَيْهِ بِضَم مُهْملَة أَو فتحهَا وَسُكُون فَاء بَيَاض غير خَالص بل كلون وَجه الأَرْض أَرَادَ منبت الشّعْر من الابطين بمخالطة بَيَاض الْجلد سَواد الشّعْر وَكَأَنَّهُ كَانَ ينظر فِي الصَّلَاة وَهَذَا لَا يضر حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق لِأَنَّهُ مُخْتَلف حسب اخْتِلَاف النَّاس فِي الصَّلَاة قَوْله حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بِالتَّكْبِيرِ وَفِي بعض النّسخ عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ وَنَصّ النَّوَوِيّ على أَن الروَاة عَن النَّسَائِيّ اخْتلفُوا فَرَوَاهُ عَنهُ بَعضهم بِالتَّكْبِيرِ وَبَعْضهمْ بِالتَّصْغِيرِ قَالَ وهما صَحِيحَانِ فعبد الله وَعبيد الله اخوان وهما ابْنا عبد الله بن الْأَصَم وَكِلَاهُمَا روى عَن عَمه يزِيد بن الْأَصَم قَوْله جافى يَدَيْهِ نحاهما عَمَّا يليهما من الْجنب لَو أَن بهمة بِفَتْح فَسُكُون الْوَاحِدَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالتَّاء للوحدة والبهم بِلَا تَاء يُطلق على الْجمع قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 [1110] اعتدلوا فِي السُّجُود أَي توسطوا بَين الافتراش وَالْقَبْض بِوَضْع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع الْمرْفقين عَنْهَا والبطن عَن الْفَخْذ وَهُوَ أشبه بالتواضع وأبلغ فِي تَمْكِين الْجَبْهَة وَأبْعد من الكسالة انبساط الْكَلْب هُوَ مصدر على غير لفظ الْفِعْل كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا قَوْله عَن نقر الْغُرَاب هُوَ تَخْفيف السُّجُود بِحَيْثُ لَا يَمْكُثُ فِيهِ إِلَّا قَدْرَ وَضْعِ الْغُرَابِ منقاره فِيمَا يُرِيد أكله وافتراش السَّبع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 وَهُوَ أَنْ يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يَرْفَعَهُمَا عَنِ الْأَرْضِ كَمَا يَبْسُطُ السَّبُعُ وَالْكَلْبُ وَالذِّئْبُ ذِرَاعَيْهِ وَالِافْتِرَاشُ افْتِعَالٌ مِنَ الْفُرُشِ وَأَنْ يُوَطِّنَ الخ أَي أَن يتَّخذ لنَفسِهِ من الْمَسْجِد مَكَانا معينا لَا يُصَلِّي الا فِيهِ كالبعير لَا يبرك من عطنة الا فِي مبرك قديم وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْرُكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ السُّجُودَ مِثْلَ بُرُوكِ الْبَعِيرِ قلت وَهَذَا لَا يُوَافق لفظ الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1113] وَلَا أكف أَي لَا أضم فِي السُّجُود احْتِرَازًا عَن التُّرَاب قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 [1114] وَرَأسه معقوص جمع الشّعْر وسط رَأسه أولف ذوائبه حول رَأسه وَنَحْو ذَلِك كَفعل النِّسَاء انما مثل هَذَا الخ أَرَادَ من انْتَشَر شعره سقط على الأَرْض عِنْد سُجُوده فثياب عَلَيْهِ والمعقوص لم يسْقط شعره فَيُشبه بمكتوف أَي مشدود الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا يقعان على الأَرْض فِي السُّجُود قَوْله بِالظَّهَائِرِ جَمْعُ ظَهِيرَةٍ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَار سجدنا على ثيابنا الظَّاهِر أَنَّهَا الثِّيَاب الَّتِي هم لابسوها ضَرُورَة أَن الثِّيَاب فِي ذَلِك الْوَقْت قَليلَة فَمن أَيْن لَهُم ثِيَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 فاضلة فَهَذَا يدل على جَوَاز أَن يسْجد الْمصلى على ثوب هُوَ لابسه كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور قَوْله حبي بِكَسْر الْحَاء أَي حَبِيبِي وَعَن لبس بِضَم اللَّام القسي بِفَتْح قَاف فتشديد سين مَكْسُورَة فياء مُشَدّدَة ثِيَاب فِيهَا أضلاع من حَرِير المفدمة بدال مُهْملَة مُشَدّدَة مَفْتُوحَة أَي المتشبعة الَّتِي بلغت الْغَايَة وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله معصوب أَي مشدود بِخرقَة لما بِهِ من الوجع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 قمن بِفَتْح قَاف وَكسر مِيم أَو فتحهَا أَي جدير خليق وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله [1121] فَحل شناقها بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة الْخَيط الَّذِي تعلق بِهِ الْقرْبَة أَو الَّذِي يشد بِهِ فمها وَقَوله اجْعَل فِي قلبِي نورا الخ المُرَاد بِالنورِ أما الْهِدَايَة والتوفيق للخير وَهَذَا يَشْمَل الْأَعْضَاء كلهَا لظُهُور آثاره فِي الْكل أَو المُرَاد ظَاهر النُّور وَالْمَقْصُود أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْتَضِيءُ بِهِ فِي تِلْكَ الظُّلَمِ وَمن تبعه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يتَأَوَّل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 الْقُرْآن أَي يرَاهُ معنى قَوْله تَعَالَى فسبح بِحَمْد رَبك وَعَملا بِمُقْتَضَاهُ قَوْله [1124] بعض جواريه كَأَنَّهَا استبعدت اتيانه زَوْجَة أُخْرَى لمراعاته الْقسم سَوَاء قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أم لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَت باسم الْجَارِيَة مَا يعم الزَّوْجَة وَهُوَ الْمُوَافق لما سَيَجِيءُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1126] أحسن الْخَالِقِينَ أَي المقدرين أَو لَو فرض هُنَاكَ خَالق آخر لَكَانَ أحْسنهم خلقا والا فَهَل من خَالق غير الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 قَوْله [1131] انه ذهب إِلَى بعض نِسَائِهِ هَذَا مَبْنِيّ على عدم وجوب الْقسم عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 قَوْله ثمَّ آل عمرَان ظَاهره عدم وجوب التَّرْتِيب وَقَوله لَا يمر بِآيَة تخويف أَو تَعْظِيم الا ذكره أَي ذكر مقتضي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 ذَلِك التخويف أَو التَّعْظِيم قَوْله فحزرناه بحاء مُهْملَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة ثمَّ رَاء مُهْملَة أَي قَدرنَا وخمنا قَوْله [1136] وَعَلَيْك اذْهَبْ أَو عَلَيْك السَّلَام فَهَذَا رد للسلام لَكِن وَقع الِاقْتِصَار من بعض الروَاة على هَذَا الْقدر والا فقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات تَاما وَيحْتَمل أَنه اقْتصر على ذَلِك لبَيَان جَوَاز الِاقْتِصَار على ذَلِك وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات تَاما فَنقل من الروَاة بِالْمَعْنَى يرمق كينصر أَي ينظر إِلَى صلَاته مَا عبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 على صِيغَة الْخطاب وَمَا استفهامية انها لم تتمّ الخ الضَّمِير للقصة يسبغ من الاسباغ أَي يكمل وَيقْرَأ مَا تيَسّر ظَاهره أَن الْفَرْض مُطلق الْقُرْآن كَمَا هُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا خُصُوص الْفَاتِحَة كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور الا أَن يحمل على الْفَاتِحَة لكَونهَا المتيسرة عَادَة أَو يُقَال أَن الْأَعرَابِي لكَونه جَاهِلا عَادَة اكْتفى عَنهُ بِمَا تيَسّر مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1137] أقرب مَا يكون العَبْد من ربه عز وَجل الظَّاهِر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَكَانَ تَامَّة وَالْجَار مُتَعَلق بأقرب وَلَيْسَت من تفضيلية وَالْمعْنَى شَاهد كَذَلِك فَلَا يرد أَن اسْم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل الا بِأحد أُمُور ثَلَاثَة لَا بأمرين كالاضافة وَمن فَكيف اسْتعْمل هَا هُنَا بأمرين فَافْهَم وَخبر أقرب مَحْذُوف أَي حَاصِل لَهُ وَجُمْلَة وَهُوَ ساجد حَال من ضمير حَاصِل أَو من ضمير لَهُ وَالْمعْنَى أقرب أكوان العَبْد من ربه تبَارك وَتَعَالَى حَاصِل لَهُ حِين كَونه سَاجِدا وَلَا يرد على الأول أَن الْحَال لَا بُد أَن يرتبط بِصَاحِبِهِ وَلَا ارتباط هَا هُنَا لِأَن ضمير هُوَ ساجد للْعَبد لَا لأَقْرَب لأَنا نقُول يَكْفِي فِي الارتباط وجود الْوَاو من غير حَاجَة إِلَى الضَّمِير مثل جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أَي فِي السُّجُود قيل وَجه الا قربية أَن العَبْد فِي السُّجُود دَاع لِأَنَّهُ أَمر بِهِ وَالله تَعَالَى قريب من السَّائِلين لقَوْله تَعَالَى وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني الخ وَلِأَن السُّجُود غَايَة فِي الذل والانكسار وتعفير الْوَجْه وَهَذِه الْحَالة أحب أَحْوَال العَبْد كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود وَلِأَن السُّجُود أول عبَادَة أَمر الله تَعَالَى بهَا بعد خلق آدم فالمتقرب بهَا أقرب وَلِأَن فِيهِ مُخَالفَة لابليس فِي أول ذَنْب عصى الله بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَقْرَبُ بِالرُّتْبَةِ وَالْكَرَامَةِ لَا بالمسافة والمساحة لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن الْمَكَان وَالزَّمَانِ وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ الصَّاحِبِ فِي تَذْكَرَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْجِهَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْعَبْدَ فِي انْخِفَاضِهِ غَايَةُ الانخفاض يكون أقرب إِلَى الله تَعَالَى قلت بني ذَلِك على أَن الْجِهَة المتوهم ثُبُوتهَا لَهُ تَعَالَى جلّ وَعلا جِهَة الْعُلُوّ والْحَدِيث يدل على نَفيهَا والا فالجهة السُّفْلى لَا ينافيها هَذَا الحَدِيث بل يُوهم ثُبُوتهَا بل قد يبْحَث فِي نفي الْجِهَة الْعليا بِأَن الْقرب إِلَى العالي يُمكن حَالَة الانخفاض بنزول العالي إِلَى المنخفض كَمَا جَاءَ نُزُوله تَعَالَى كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء على أَن المُرَاد الْقرب مَكَانَهُ ورتبة وكرامة لَا مَكَانا فَلَا تتمّ الدّلَالَة أصلا ثمَّ الْكَلَام فِي دلَالَة الحَدِيث على نفي الْجِهَة والا فكونه تَعَالَى منزها عَن الْجِهَة مَعْلُوم بأدلته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بوضوئه بِفَتْح الْوَاو أَي مَاء الْوضُوء مرافقتك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 بِالنّصب بِتَقْدِير أَسأَلك مرافقتك أَو غير ذَلِك يحْتَمل فتح الْوَاو أَي أتسأل ذَلِك وَغَيره أم تسأله وَحده وسكونها أَي أسأَل ذَلِك أم غَيره هُوَ ذَلِك أَي الْمَسْئُول ذَلِك لاغير فأعني على نَفسك أَي على تَحْصِيل حَاجَة نَفسك الَّتِي هِيَ المرافقة وَالْمرَاد تَعْظِيم تِلْكَ الْحَاجة وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى معاونة مِنْك وَمُجَرَّد السُّؤَال مني لَا يَكْفِي فِيهَا أَو الْمَعْنى فوافقني بِكَثْرَة السُّجُود قاهرا بهَا على نَفسك وَقيل أَعنِي على قهر نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن مَا ذكرت لَا يحصل الا بقهر نَفسك الَّتِي هِيَ أعدى عَدوك فَلَا بُد لي من قهر نَفسك بصرفها عَن الشَّهَوَات وَلَا بُد لَك أَن تعاونني فِيهِ وَقيل مَعْنَاهُ كن لي عونا فِي إصْلَاح نَفسك وَجعلهَا طَاهِرَة مُسْتَحقَّة لما تطلب فَإِنِّي أطلب إصْلَاح نَفسك من الله تَعَالَى وأطلب مِنْك أَيْضا اصلاحها بِكَثْرَة السُّجُود لله فَإِن السُّجُود كاسر للنَّفس ومذل لَهَا وَأي نفس انْكَسَرت وذلت اسْتحقَّت الرَّحْمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَسكت عني أَي امسك عني الْكَلَام مَلِيًّا بتَشْديد الْيَاء أَي قدرا من الزَّمَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 قَوْله منصت من الانصات أَي سَاكِت مستمع أول من يُجِيز أَي الصِّرَاط فيعرفون على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَالضَّمِير على الأول للْمَلَائكَة وَالرسل وعَلى الثَّانِي لمن يُرِيد أَن يخرج أَن النَّار بِفَتْح أَن بِحَذْف اللَّام أَو بدل من العلامات وبالكسر على الِاسْتِئْنَاف الْحبَّة بِكَسْر الْحَاء بزور الْبُقُول وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ صَغِيرٌ يَنْبُتُ فِي الْحَشِيشِ فَأَما بِالْفَتْح فَهِيَ الْحِنْطَة وَالشعِير وَنَحْوهمَا وحميل السَّيْل مَا يحملهُ السَّبِيل من الزُّور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 والحشيش وَغَيرهمَا قَوْله [1141] بَين ظهراني صلَاته أَي فِي أثْنَاء صلَاته أَنه قد حدث أَمر كِنَايَة عَن الْمَوْت أَو الْمَرَض كل ذَلِك لم يكن أَي مَا وَقع شَيْء مِمَّا قُلْتُمْ ارتحلني اتَّخَذَنِي رَاحِلَة لَهُ بالركوب على ظَهْري أَن أعجله من التَّعْجِيل أَو الاعجال وَظهر مِنْهُ أَن تَطْوِيل سَجْدَة على سَجْدَة لَا يضر قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 [1147] خوى بيدَيْهِ بِمُعْجَمَة وواو مُشَدّدَة من خوى بِالتَّخْفِيفِ إِذا خلا أَيْ جَافَى بَطْنَهُ عَنِ الْأَرْضِ وَرَفَعَهَا وَجَافَى عضديه عَن جَنْبَيْهِ حَتَّى يخوى مَا بَين ذَلِك وضح إبطَيْهِ بِفتْحَتَيْنِ أَي بَيَاض تحتهما وَذَلِكَ لمبالغة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 فِي رفعهما وتجافيهما عَن الجنبين والوضح الْبَيَان من كل شَيْء قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 [1151] فَقعدَ فِي الرَّكْعَة الأولى هَذَا الحَدِيث يدل على ثُبُوت جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَمن لَا يَقُول بهَا حملهَا على أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا فِي آخر عمره حِين ثقل وَلم يفعل قصدا وَالسّنة مَا فعله قصدا لَا مَا فعله بِسَبَب آخر لَكِن أورد عَلَيْهِ قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمَالِك وَأَصْحَابه صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَأَقل ذَلِك أَن يكون مُسْتَحبا وَأَيْضًا قد جَاءَ الْأَمر بهَا فِي بعض رِوَايَات حَدِيث الْأَعرَابِي الْمُسِيء صلَاته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 قَوْله [1157] ان من سنة الصَّلَاة قد قرروا أَن هَذَا اللَّفْظ فِي حكم الرّفْع أَن تضجع من الاضجاع أَي تفرش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 قَوْله واستقباله بِالرَّفْع عطف على أَن تنصب وَكَذَا الْجُلُوس قَوْله ثمَّ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قد سبق حَدِيث الْإِشَارَة وَأَنَّهَا أَخذ بهَا الْجُمْهُور من عُلَمَائِنَا وَغَيرهم وَأَن إِنْكَار من أنكر من مَشَايِخنَا لَا عِبْرَة بِهِ قَوْله ثمَّ أتيتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه من قَابل فِي أَيَّام الْبرد قَوْله [1160] عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي هَكَذَا فِي أصُول قيل وَهُوَ تَحْرِيف من النساخ وَالصَّوَاب المعاوى كَمَا فِي مُسلم بِضَم الْمِيم وَكسر الْوَاو نِسْبَة إِلَى بني مُعَاوِيَة من الْأَنْصَار ذكره فِي الْمَشَارِق وَغَيره قَوْله وَرمى ببصره إِلَيْهَا أَي الْتفت بِهِ إِلَيْهَا قَوْله [1162] إِذا جلسنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَي فِي رَأس كل رَكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة الثنائية أَو الرّبَاعِيّة وَترك ذكر الْقعدَة الْأَخِيرَة من الثلاثية لقلتهَا وَظُهُور أَن حكمهَا كَحكم غَيرهَا من القعدات فِي هَذَا الذّكر فَلَا يرد أَن الحَدِيث لَا يَشْمَل الْقعدَة الْأَخِيرَة من الرّبَاعِيّة ثمَّ أَن المُصَنّف قدم تشهد بن مَسْعُود لما صَرَّحُوا بِهِ من أَنه أصح التشهدات ثبوتا بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ أَحَق بالاعتناء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله علم من التَّعْلِيم أَو الْعلم وَقَوله فواتح الْخَيْر وخواتمه كِنَايَة عَن تَمام الْخَيْر أعجبه إِلَيْهِ ظَاهره عُمُوم الدُّعَاء وَمن لَا يَقُول بِهِ يَخُصُّهُ بالوارد أَي أعجبه إِلَيْهِ من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة إِذْ كل دُعَاء لَا يُنَاسب الصَّلَاة فخصوه بالوارد وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 قَوْله [1167] جَوَامِع الْكَلم أَي من جَوَامِع الْكَلم لِلْخَيْرَاتِ قَوْله كَمَا يعلمنَا الْقُرْآن أَي يهتم بحفظنا إِيَّاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 قَوْله [1168] فَإِن الله هُوَ السَّلَام قَالَ النَّوَوِيّ أَي ان السَّلَام اسْم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَلَا يخفى أَن مُجَرّد كَونه اسْما من أَسْمَائِهِ تَعَالَى لَا يمْنَع عَن كَون السَّلَام بِمَعْنى آخر ثَابت لَهُ تَعَالَى أَو مَطْلُوب الاثبات لَهُ تَعَالَى فَلَا يَصح قَوْله فَإِن الله الخ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكره عِلّة للنَّهْي الا أَن يكون مَبْنِيا على أَن يكون السَّلَام فِي قَوْلهم السَّلَام على فلَان من أَسْمَائِهِ تَعَالَى يَعْنِي السَّلَام حفيظ أَو رَقِيب عَلَيْك مثلا وَالْأَقْرَب أَن يُقَال مَعْنَاهُ الله هُوَ معطي السَّلامَة فَلَا يحْتَاج إِلَى أَن يدعى لَهُ بالسلامة أَو أَنه تَعَالَى هُوَ السَّالِم من الْآفَات الَّتِي لأَجلهَا يطْلب السَّلَام عَلَيْهِ وَلَا يطْلب السَّلَام الا على من يُمكن لَهُ عرُوض الْآفَات فَلَا يُنَاسب طلب السَّلَام عَلَيْهِ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَيْمَنَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ الحَدِيث قَالَ بن سيد النَّاس فِي شرح التِّرْمِذِيّ قَالَ بن عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَيْمَنَ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ الرّحْمَنِ النَّسَائِيِّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَيْمَنَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ فِي إِسْنَادِهِ وَأَيْمَنُ لَا بَأْسَ بِهِ الحَدِيث خَطَأٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ ثِقَةٌ تَخَرَّجَ حَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجْ هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ لَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ عَنْ أبي الزبير من وَجه يَصح ةقال الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله قد تَابع أَمن على الثَّوْريّ وبن جريح عَن أبي الزبير الرضف برَاء وضاد مُعْجَمه وَفَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 قَوْله [1176] فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ على الرضف بِفَتْح رَاء وَسُكُون ضاد معجمةوفاء الْحِجَارَة المحماة الْوَاحِدَة الرضفة وَالْمرَاد بقوله فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي جُلُوس الرَّكْعَتَيْنِ فِي غير الثنائية يدل عَلَيْهِ قَوْله حَتَّى يقوم وَكَونه على الرضف كِنَايَة عَن التَّخْفِيف وَحَتَّى فِي قَوْله حَتَّى يقوم للتَّعْلِيل بِقَرِينَة الْجَواب بقوله ذَاك يُرِيد وَلَا يُنَاسب هَذَا الْجَواب كَون حَتَّى للغاية فَلْيتَأَمَّل قَوْله [1177] فَقَامَ فِي الشفع الخ يدل على أَن الْقعدَة الأولى لَيست مِمَّا يبطل بِتَرْكِهَا الصَّلَاة بل يُجزئ عَنْهَا سُجُود السَّهْو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 قَوْله [1183] فخرق الصُّفُوف أَي شقها وصفح النَّاس من التصفيح وَهُوَ ضَرْبِ صَفْحَةِ الْكَفِّ عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الْأُخْرَى ليؤذنوه من الايذان أَي ليعلموه بمجيئه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان كَمَا أَنْت أَي كن كَمَا أَنْت أَي على الْحَال الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا فَإِن تفسيرية لما فِي الْإِيمَاء من معنى القَوْل وَفِي بعض النّسخ كلمة أَي تفسيرية قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 [1184] رافعو أَيْدِينَا أَي بِالسَّلَامِ وَلذَا عقبه بالرواية الثَّانِيَة الشَّمْس بِضَم فَسُكُون أَو بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ شُمُوسٍ وَهُوَ النُّفُورُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي لَا يسْتَقرّ لسبقه وحدته وأذنابها كَثِيرَة الِاضْطِرَاب وَالْمَقْصُود النَّهْي عَن الْإِشَارَة بِالْيَدِ عِنْد السَّلَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 فنسلم أَي فِي الصَّلَاة وبهذه الرِّوَايَة تبين أَن الحَدِيث مسوق للنَّهْي عَن رفع الْأَيْدِي عِنْد السَّلَام إِشَارَة إِلَى الْجَانِبَيْنِ وَلَا دلَالَة فِيهِ على النَّهْي عَن الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ وَلذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ الِاسْتِدْلَال بِهِ على النَّهْي عَن الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ جهل قَبِيح وَقد يُقَال الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ وَلَفظ مَا بالهم رافعين أَيْديهم فِي الصَّلَاة إِلَى قَوْله اسكنوا فِي الصَّلَاة تَمام فصح بِنَاء الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ وخصوص المورد لَا عِبْرَة بِهِ الا أَن يُقَال ذَلِك إِذا لم يُعَارضهُ عَن الْعُمُوم عَارض والا يحمل على خُصُوص المورد وَهَهُنَا قد صَحَّ وَثَبت الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ ثبوتا لَا مرد لَهُ فَيجب حمل هَذَا اللَّفْظ على خُصُوص المورد تَوْفِيقًا ودفعا للتعارض قلت كَانَ من علل ترك الْإِشَارَة إِلَى التَّوْحِيد فِي التَّشَهُّد بِأَنَّهَا تنَافِي السُّكُوت أَخذ ذَلِك من هَذِه الرِّوَايَة أَعنِي لفظ اسكنوا فِي الصلاةوالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1186] فَرد عَليّ إِشَارَة مَنْصُوب على الْمصدر بِحَذْف أَي رد إِشَارَة يُرِيد أَنه رد عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ وَهَذَا فعل قَلِيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 لَا يُنَافِي الصَّلَاة وَقد صرح بِهِ الْعلمَاء قَوْله موجه اسْم مفعول أَي جعل وَجهه والجاعل هُوَ الله أَو اسْم فَاعل بِمَعْنى مُتَوَجّه من وَجه بِمَعْنى توجه وَالْمَقْصُود أَنه مَا كَانَ وَجهه إِلَى جِهَة الْقبْلَة قَوْله مشرقا اسْم فَاعل من التَّشْرِيق أَي آخِذا نَاحيَة الْمشرق وَكَذَا قَوْله أَو مغربا قَوْله [1191] إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة أَي إِذا دخل فِيهَا إِذْ قبل التَّحْرِيم لَا يمْنَع أَي لما فِيهِ من قطع التَّوَجُّه للصَّلَاة فتفوته الرَّحْمَة وَهَذَا إِذا لم يكن لإِصْلَاح مَحل السُّجُود وَإِلَّا فَيجوز بِقدر الضَّرُورَة قَوْله فَمرَّة بِالنّصب أَي فافعل مرّة وَلَا تزد عَلَيْهَا لإِصْلَاح مَحل السُّجُود وَهَذَا قِطْعَة من أَوله مُتَعَلق بمسح الْحَصَى وَإِلَّا فَلَا دلَالَة لهَذَا الْقدر على تعين الْفِعْل قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 [1193] يرفعون أَبْصَارهم كَمَا يفعل كثير من النَّاس حَال الدُّعَاء وَقد اخْتلف فِيهِ حَال الدُّعَاء خَارج الصَّلَاة فجوزه بعض بِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء وَمنعه بعض لينتهن بِضَم الْهَاء وَتَشْديد النُّون أَي أُولَئِكَ الأقوام عَن ذَلِك أَي عَن رفعهم أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لتخطفن بِفَتْح الْفَاء على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لتسلبن بِسُرْعَة أَي أَن أحد الْأَمريْنِ وَاقع لَا محَالة اما الِانْتِهَاء مِنْهُم أَو خطف أَبْصَارهم من الله عُقُوبَة على فعلهم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 [1194] أَن يلتمع أَي لِئَلَّا يختلس ويختطف بِسُرْعَة قَوْله [1195] مُقبلا على العَبْد بِالْإِحْسَانِ والغفران وَالْعَفو لَا يقطع عَنهُ ذَلِك مَا لم يلْتَفت مَا لم يتَعَمَّد الِالْتِفَات إِلَى مَالا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ فَإِذا صرف وَجهه بالالتفات إِلَى مَالا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ انْصَرف عَنهُ بِقطع ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله اختلاس أَي سلب الشَّيْطَان من كَمَال صلَاته وَضمير يختلسه مَنْصُوب على الْمصدر قَوْله يسمع من الاسماع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 [1200] فَالْتَفت إِلَيْنَا لبَيَان جَوَاز الِالْتِفَات وليطلع على حَالهم فيرشدهم إِلَى الصَّوَاب مَعَ دوَام توجه قلبه إِلَى الله بِخِلَاف غَيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَكِن هَذَا يَقْتَضِي أَن رُؤْيَته من وَرَائه مَا كَانَت على الدَّوَام وَالله تَعَالَى أعلم فَلَا تَفعلُوا ائتموا بأئمتكم يُرِيد أَن الْقيام مَعَ قعُود الامام يشبه تَعْظِيم الامام فِيمَا شرع لتعظيم الله وَحده فَلَا يجوز وَلَا يخفى دوَام هَذِه الْعلَّة فَيَنْبَغِي أَن يَدُوم هَذَا الحكم فَالْقَوْل بنسخه كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور خَفِي جدا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1201] يلْتَفت فِي صلَاته قيل النَّافِلَة وَيحْتَمل الْفَرْض أَيْضا وَالْحَاصِل أَن التفاته كَانَ متضمنا الْمصلحَة بِلَا ريب مَعَ دوَام حُضُور الْقلب وتوجهه إِلَى الله تَعَالَى على وَجه الْكَمَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال وَلَا يلوى وَلَا يضْرب قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 [1202] بقتل الأسودين هما الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَإِطْلَاق الأسودين اما لتغليب الْحَيَّة على الْعَقْرَب أَو لِأَن عقرب الْمَدِينَة يمِيل إِلَى السوَاد وَأخذ كثير من الرُّخْصَة فِي الْقَتْل أَن الْقَتْل لَا يفْسد الصَّلَاة لَكِن قد يُقَال يَكْفِي فِي الرُّخْصَة انْتِفَاء الْإِثْم فِي افساد الصَّلَاة وَأما بَقَاء الصَّلَاة بعد هَذَا الْفِعْل فَلَا يدل عَلَيْهِ الرُّخْصَة فَتَأمل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1206] فَمشى عَن يَمِينه كَانَ الْبَاب فِي إِحْدَى جهتيه وَيُمكن هَذَا بِعَمَل يسير وَالله تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 أعلم قَوْله تنحنح أَي للأذان وَالدُّخُول وَفِي بعض النّسخ سبح وَهُوَ أقرب لما بعده أَن التنحنح كَانَ عَلامَة عدم الْإِذْن وَيُمكن لَهُ وضعان أَحدهمَا يدل على الْإِذْن وَالْآخر على عَدمه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 قَوْله أزيز بزاءين معجمتين ككريم أَي حنين من الخشية وَهُوَ صَوت الْبكاء قيل وَهُوَ أَن يَجِيش جَوْفه ويغلى بالبكاء والمرجل بِكَسْر الْمِيم اناء يغلى فِيهِ المَاء قَوْله [1215] أعوذ بِاللَّه مِنْك الخ يُفِيد أَن خطاب الشَّيْطَان لَا يبطل الصَّلَاة وَإِطْلَاق الْفُقَهَاء يَقْتَضِي الْبطلَان عِنْدهم فلعلهم يحملونه على مَا إِذا كَانَ الْكَلَام مُبَاحا بشهاب بِكَسْر الشين شعلة من النَّار ساطعة ثمَّ أردْت أَن آخذه لَا يلْزم مِنْهُ أَن أَخذه وربطه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 غير مُفسد لجَوَاز أَن يكون مُفْسِدا وَيحمل لَهُ ذَلِك لضَرُورَة أَو بِلَا ضَرُورَة نعم يلْزم أَن تكون ارادته غير مفْسدَة فليفهم لَوْلَا دَعْوَة أخينا أَي ب قَوْله رب هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي لأصبح أَي لاخذته وربطته فَأصْبح موثقًا وَالْمرَاد لَوْلَا توهم عدم استجابة هَذِه الدعْوَة لاخذته لَا أَنه بِالْأَخْذِ يلْزم عدم استجابتها إِذْ لَا يبطل اخْتِصَاص تَمام الْملك لِسُلَيْمَان بِهَذَا الْقدر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1216] اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي لَيْسَ هَذَا من كَلَام النَّاس نعم هُوَ دُعَاء بِمَا لَا يَلِيق فَكَأَنَّهُ لهَذَا ذكره هَا هُنَا تحجرت وَاسِعًا أَي قصدت أَن تضيق مَا وَسعه الله من رَحمته أَو اعتقدته ضيقا لِأَن هَذَا الْكَلَام نَشأ من ذَلِك الِاعْتِقَاد قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 [1218] انا حَدِيث عهد بجاهلية الْجَاهِلِيَّة مَا قبل وُرُود الشَّرْع سموا جَاهِلِيَّة لجهالاتهم وَالْبَاء فِيهَا مُتَعَلقَة بِعَهْد فجَاء الله عطف على مُقَدّر أَي كُنَّا فِيهَا فجَاء الله يَتَطَيَّرُونَ التطير التفاؤل بالطير مثلا إِذا شرع فِي حَاجَة وطار الطير عَن يَمِينه يرَاهُ مُبَارَكًا وان طَار عَن يسَاره يرَاهُ غير مبارك ذَاك شَيْء الخ أَي لَيْسَ لَهُ أصل يسْتَند إِلَيْهِ وَلَا لَهُ برهَان يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَا هُوَ فِي كتاب نَازل من لَدَيْهِ وَقيل مَعْنَاهُ أَنه مَعْفُو لِأَنَّهُ يُوجد فِي النَّفس بِلَا اخْتِيَار نعم الْمَشْي على وَفقه مَنْهِيّ عَنهُ فَلذَلِك قَالَ فَلَا يصدنهم أَي لَا يمنعهُم عَمَّا هم فِيهِ وَلَا يخفى أَن التفريغ على هَذَا الْمَعْنى يكون بَعيدا الْكُهَّان كالحكام جمع كَاهِن وَالنَّهْي عَن إتيانهم لأَنهم يَتَكَلَّمُونَ فِي مُغَيَّبَاتٍ قَدْ يُصَادِفُ بَعْضُهَا الْإِصَابَةَ فيخاف الْفِتْنَة على الْإِنْسَان بذلك وَلِأَنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنَ الشَّرَائِعِ واتيانهم حرَام بِإِجْمَاع الْمُسلمين كَمَا ذكرُوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 يخطون خطهم مَعْرُوف بَينهم فَمن وَافق خطه يحْتَمل الرّفْع وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَالنّصب وَالْفَاعِل ضمير وَافق بِحَذْف مُضَاف أَي وَافق خطه خطّ النَّبِي فَذَاك قيل مَعْنَاهُ أَي فخطه مُبَاح وَلَا طَرِيق لنا إِلَى معرفَة الْمُوَافقَة فَلَا يُبَاح وَقيل فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إِصَابَتَهُ فِيمَا يَقُولُ لَا أَنه أَبَاحَ ذَلِك لفَاعِله قَالَ النَّوَوِيّ قد اتَّفقُوا على النَّهْي عَنهُ الْآن إِذا عطس من بَاب نصر وَضرب فحدقني من التحديق وَهُوَ شدَّة النّظر أَي نظرُوا إِلَى نظر زجر كَيْلا أَتكَلّم فِي الصَّلَاة واثكل أمِّياه بِضَم ثاء وَسُكُون كَاف وبفتحهما هُوَ فقد الام الْوَلَد وأمياه بِكَسْر الْمِيم أَصله أُمِّي زيد عَلَيْهِ الْألف لمد الصَّوْت وهاء السكت وَهِي تثبت وَقفا لَا وصلا يسكتوني من التسكيت أَو الاسكات لكني سكت مُتَعَلق بِمَحْذُوف مثل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 أردْت أَن أخاصمهم وَهُوَ جَوَاب لما بِأبي وَأمي أَي هُوَ مفدى بهما جملَة مُعْتَرضَة وَلَا كَهَرَنِي أَي مَا انتهرني وَلَا أغْلظ لي فِي القَوْل أَو وَلَا استقبلني بِوَجْه عبوس من كَلَام النَّاس أَي مَا يجْرِي فِي مخاطباتهم ومحاوراتهم إِنَّمَا هُوَ أَي مَا يحل فِيهَا من الْكَلَام التَّسْبِيح الخ أَي وأمثالها وَهَذَا الْكَلَام يتَضَمَّن الْأَمر بِالْإِعَادَةِ عِنْد قوم فَلذَلِك مَا أمره بذلك صَرِيحًا وَالْكَلَام جهلا لَا يفْسد الصَّلَاة عِنْد آخَرين فَقَالُوا عدم الْأَمر بِالْإِعَادَةِ لذَلِك اطَّلَعت بتَشْديد الطَّاء إِلَى غنيمَة بِالتَّصْغِيرِ والجوانية بِفَتْح جِيم وَتَشْديد وَاو بعد الْأَلِفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا مَوضِع بِقرب أحد آسَفُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 السِّين أَي أغضب فصككتها أَي لطمتها فَعظم من التَّعْظِيم عَليّ بِالتَّشْدِيدِ أَفلا أعْتقهَا أَي عَن بعض الْكَفَّارَات الَّذِي شَرط فِيهِ الْإِسْلَام أَيْن الله قيل مَعْنَاهُ فِي أَي جِهَة يتَوَجَّه المتوجهون إِلَى الله تَعَالَى وَقَوْلها فِي السَّمَاء أَي فِي جِهَة السَّمَاء يتوجهون وَالْمَطْلُوب معرفَة أَن تعترف بِوُجُودِهِ تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 لَا اثبات الْجِهَة وَقيل التَّفْوِيض أسلم قَوْله [1220] فَيرد عَليّ أَي بالْقَوْل حِين كَانَ الْكَلَام مُبَاحا فِي الصَّلَاة وَأَن تقوموا لله قَانِتِينَ أَي ساكتين عَمَّا لَا يَنْبَغِي من الْكَلَام فَهَذَا الحَدِيث تَفْسِير لقَوْله تَعَالَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ قَوْله [1219] فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ أَي عَن ذَلِك الْكَلَام الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ لَا عَن مُطلق الْكَلَام فَلَا اشكال بالاذكار وَالْقِرَاءَة [1221] مَا قرب وَمَا بعد أَي تفكرت فِيمَا يصلح للْمَنْع من الْوُجُوه الْقَرِيبَة أَو الْبَعِيدَة أَيهَا كَانَت سَببا لترك رد السَّلَام قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 [1224] إِحْدَى صَلَاتي العشى بِفَتْح الْعين وَكسر مُعْجمَة وَتَشْديد يَاء أَي آخر النَّهَار مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخَرَجتِ السَّرَعَانُ بِفتْحَتَيْنِ وَجوز سُكُون الرَّاء المسرعون إِلَى الْخُرُوج وَضبط بِضَم أَو كسر فَسُكُون جمع سريع قصرت الصَّلَاة بِضَم الصَّاد أَو على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 قيل وَهُوَ الْأَشْهر فهاباه تَعْظِيمًا وتبجيلا لمعرفتهما جاهه وَقدره زادهما الله تَعَالَى يُسمى ذَا الْيَدَيْنِ لذَلِك قيل اسْمه خرباق بِكَسْر خاء مُعْجمَة وباء مُوَحدَة آخِره قَاف لم أنس وَلم تقصر خرج على حسب الظَّن وَيعْتَبر الظَّن قيدا فِي الْكَلَام ترك ذكره بِنَاء على أَن الْغَالِب فِي بَيَان أَمْثَال هَذِه الْأَشْيَاء أَن يجْرِي فِيهَا الْكَلَام بِالنّظرِ إِلَى الظَّن فَكَأَنَّهُ قيل مَا نسيت وَلَا قصرت فِي ظَنِّي وَهَذَا الْكَلَام صَادِق لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلَا يتَوَهَّم فِيهِ شَائِبَة كذب وَلَيْسَ مبْنى الْجَواب على كَون الصدْق الْمُطَابقَة للظن بل على أَنه مُطَابقَة الْوَاقِع فَافْهَم قَالَ وَقَالَ أكما قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أَي قَالَ الرَّاوِي قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد مَا جزم ذُو الْيَدَيْنِ بِوُقُوع الْبَعْض أكما قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ فجَاء فصلى قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ رُجُوع الْمصلى إِلَى قَول غَيره وَترك الْعَمَل بِيَقِين نَفسه لجَوَاز أَنه سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبنى عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ قلت يُمكن أَنه شكّ فَأخذ بقول الْغَيْر والجزم بِأَنَّهُ تذكر لَا يَخْلُو عَن نظر وَالله تَعَالَى أعلم وَاسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ من قَالَ الْكَلَام مُطلقًا لَا يبطل الصَّلَاة بل مَا يكون لاصلاحها فَهُوَ مَعْفُو وَمن يَقُول بِإِبْطَال الْكَلَام مُطلقًا يحمل الحَدِيث على أَنه قبل نسخ إِبَاحَة الْكَلَام فِي الصَّلَاة لَكِن يشكل عَلَيْهِم أَن النّسخ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 كَانَ قبل بدر وَهَذِه الْوَاقِعَة قد حضرها أَبُو هُرَيْرَة وَكَانَ إِسْلَامه أَيَّام خَيْبَر وَقَالَ صَاحب الْبَحْر من عُلَمَائِنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 الْحَنَفِيَّة وَلم أر لهَذَا الْإِيرَاد جَوَابا شافيا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1228] فأدركه ذُو الشمالين الخ هَذَا يدل على أَن ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ ذُو الشمالين وَقد نَص كثير مِنْهُم على أَنه غَيره والاتحاد وهم من قَائِله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 يُتَابَعِ الزُّهْرِيُّ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ ذُو الشمالين وَلَا يخفى أَن المُصَنّف روى أَن الْمُتَكَلّم ذُو الشمالين عَن عمرَان عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيلْزم مِنْهُ أَنه قد تَابعه على ذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 عمرَان فَلَا يَصح قَوْله لم يُتَابع الزُّهْرِيّ كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1232] لم يسْجد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا بَعْدَهُ ان صَحَّ هَذَا يحمل على السَّلَام الَّذِي سلمه سَهوا فِي وسط الصَّلَاة وعَلى هَذَا الْمَعْنى يصير الْكَلَام قَلِيل الجدوى لكنه يَصح ويندفع للتنافي بَينه وَبَين مَا صَحَّ من أَنه سجد للسَّهْو وَقد قيل هَذَا غير صَحِيح قَالَ بن عبد الْبر وَقَدِ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ من رِوَايَته خَاصَّة وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكُلُّهُمْ تَرَكُوهُ لِاضْطِرَابِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيما فِي هَذَا الشَّأْن والغلط لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَشَرٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 الا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [1237] فِي ثَلَاث رَكْعَات من الْعَصْر فَدخل كَلَام المُصَنّف يُشِير ان الْوَاقِعَة متحدة وَهُوَ أظهر وعَلى هَذَا كَونه سلم من رَكْعَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَكَذَا كَونه دخل الْبَيْت أَو قعد فِي نَاحيَة الْمَسْجِد وَغير ذَلِك مِمَّا اشْتبهَ على الروَاة لطول الزَّمَان وَيحْتَمل تعدد الْوَاقِعَة وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 [1238] فليلغ الشَّك من الالغاء بالغين الْمُعْجَمَة وَفِي بعض النّسخ فليلق من الالقاء بِالْقَافِ أَي لِيطْرَح الشَّك أَي الزَّائِد الَّذِي هُوَ مَحل الشَّك وَلَا يَأْخُذ بِهِ فِي الْبناء وليبن على الْيَقِين أَي الْمُتَيَقن وَهُوَ الْأَقَل وَحمله عُلَمَاؤُنَا على مَا إِذا لم يغلب ظَنّه على شَيْء والا فَعِنْدَ غَلَبَة الظَّن مَا بَقِي شكّ فَمَعْنَى إِذا شكّ أحدكُم أَي إِذا بَقِي شاكا وَلم يتَرَجَّح عِنْده أحد الطَّرفَيْنِ بِالتَّحَرِّي وَغَيرهم حملُوا الشَّك علىمطلق التَّرَدُّد فِي النَّفس وَعدم الْيَقِين شفعتا لَهُ صلَاته أَي السجدتان صارتا لَهُ كالركعة السَّادِسَة فَصَارَت الصَّلَاة بهما سِتّ رَكْعَات فَصَارَت شفعا ترغيما للشَّيْطَان سَببا لاغاظته واذلاله فَإِنَّهُ تكلّف فِي التلبيس على العَبْد فَجعل الله تَعَالَى لَهُ طَرِيق جبر بسجدتين فأضل سَعْيه حَيْثُ جعل وسوسته سَببا للتقرب بِسَجْدَة اسْتحق هُوَ بِتَرْكِهَا الطَّرْد قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 [1240] فليتحر الَّذِي يرى أَنه الصَّوَاب أَي فليطلب مَا يغلب على ظَنّه ليخرج بِهِ عَن الشَّك فَإِن وجد فليبن عَلَيْهِ والا فليبن على الْأَقَل لحَدِيث أبي سعيد السَّابِق كَذَا ذكره عُلَمَاؤُنَا وَالْجُمْهُور حمله على الْيَقِين أَي فليأخذ بِالْأَقَلِّ الَّذِي هُوَ الْيَقِين وليبن عَلَيْهِ لحَدِيث أبي سعيد السَّابِق وَلَا يخفى أَنه لَا يبْقى على هَذَا القَوْل للتحري كثير معنى فَلْيتَأَمَّل قَوْله [1242] فَزَاد أَو نقص شكّ وَسَيَجِيءُ الْجَزْم بِأَنَّهُ زَاد أنبأتكموه أَي أَخْبَرتكُم بِهِ فَأَيكُمْ مَا شكّ مَا زَائِدَة أَحْرَى ذَلِك إِلَى الصَّوَاب أَي أقربه وأغلبه وَهُوَ مَا يغلب عَلَيْهِ ظَنّه وَعند الْجُمْهُور هُوَ الْأَقَل الْمُتَيَقن بِهِ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 [1244] فأخبروه بصنيعه فَثنى رجله ظَاهر انه أَخذ ب قَوْلهم فَيحْتَمل أَنه شكّ فَأخذ بذلك وَيحْتَمل أَنه ذكر حِين أَخْبرُوهُ فَأخذ بِهِ عَن ذكر لَا لمُجَرّد قَوْلهم وَالله تَعَالَى أعلم إِذا أوهم أَي أسقط مِنْهَا شَيْئا ظَاهره أَن الْكَلَام كَانَ فِي صُورَة نُقْصَان لَكِن الْمُحَقق فِي الْوَاقِع هُوَ الزِّيَادَة ثمَّ لَا يخفى أَنه إِذا أسقط يَنْبَغِي لَهُ اتيان مَا اسقطه لَا التَّحَرِّي فَالظَّاهِر أَن المُرَاد بأوهم أَنه تردد فِي اسقاطه لَا أَنه أسْقطه جزما وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لسَائِر الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 قَوْله فَلبس عَلَيْهِ بِفَتْح الْبَاء مُخَفّفَة أَو مُشَدّدَة أَي خلط فليسجد ظَاهره ان يَكْتَفِي بالسجدتين على الْبناء على الْيَقِين وعَلى الْبناء على غَالب ظَنّه وان قُلْنَا انه لَا بُد من اعْتِبَار الْبناء فِي الحَدِيث بِشَهَادَة الْأَحَادِيث الْأُخَر فَيجوز اعْتِبَار الْبناء على الْيَقِين أَي فليسجد بعد مَا بنى على الْيَقِين كَمَا يُمكن اعْتِبَار الْبناء على غَالب الظَّن فَلَا وَجه للاستدلال بِالْحَدِيثِ على الْبناء على غَالب الظَّن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من شكّ أَو أوهم الظَّاهِر أَنه شكّ من الروَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خمْسا حمله عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة على أَنه جلس على الرَّابِعَة إِذْ ترك هَذَا الْجُلُوس عِنْدهم مُفسد وَلَا يخفى أَن الْجُلُوس على رَأس الرَّابِعَة اما على ظن أَنَّهَا رَابِعَة أَو على ظن أَنَّهَا ثَانِيَة وكل من الْأَمريْنِ يُفْضِي إِلَى اعْتِبَار الْوَاقِعَة مِنْهُ أَكثر من سَهْو وَاحِد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 واثبات ذَلِك بِلَا دَلِيل مُشكل وَالْأَصْل عَدمه فَالظَّاهِر أَنه مَا جلس أصلا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ان ظن أَنَّهَا رَابِعَة فالقيام إِلَى الْخَامِسَة يحْتَاج إِلَى أَنه نسي ذَلِك وَظهر لَهُ أَنَّهَا ثَالِثَة مثلا واعتقد أَنه أَخطَأ فِي جُلُوسه وَعند ذَلِك يَنْبَغِي أَن يسْجد للسَّهْو فَتَركه لسجود السَّهْو أَولا يحْتَاج إِلَى القَوْل أَنه نسي ذَلِك الِاعْتِقَاد أَيْضا ثمَّ قَوْله وَمَا ذَاك بعد أَن قيل لَهُ يَقْتَضِي أَنه نسي بِحَيْثُ مَا تنبه لَهُ بتذكيرهم أَيْضا وَهَذَا لَا يَخْلُو عَن بعد وان قُلْنَا أَنه ظن أَنَّهَا ثَانِيَة سَهوا ونسيانا فَذَاك النسْيَان مَعَ بعده يَقْتَضِي أَن لَا يجلس على رَأس الْخَامِسَة بل يجلس على رَأس السَّادِسَة فالجلوس على رَأس الْخَامِسَة يحْتَاج إِلَى اعْتِبَار سَهْو آخر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1256] مَا فعلت مَا نَافِيَة وَبَقِي ذَلِك على حسب مَا ظَنّه قلت برأسي بلَى أَي بل قد فعلت وَأَنت يَا أَعور أَي تشهد بذلك فوشوش الْقَوْم الوشوشة بشين مُعْجمَة مكررة كَلَام مختلط خَفِي لَا يكَاد يفهم وروى بسين مُهْملَة وَيُرِيد بِهِ الْكَلَام الْخَفي قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 [1257] فَحل حبوته بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة أَو ضمهَا وَسُكُون الْمُوَحدَة مَا يحتبى بِهِ الْإِنْسَان من ثوب وَنَحْوه قَوْله أمامهم بِفَتْح الْهمزَة أَو كسرهَا وَالنّصب على الْحَال بِتَأْوِيل إِمَامًا لَهُم أَو على أَن الْإِضَافَة لفظية فَإِنَّهُ بِمَعْنى يؤمهم من نسي شَيْئا عُمُومه مَخْصُوص بِغَيْر الْأَركان فان السُّجُود لَا يُجزئ عَن الرُّكْن عِنْد الْعلمَاء واستدلال مُعَاوِيَة بِالْحَدِيثِ اما لِأَنَّهُ علم بِأَن الْجُلُوس الأول لَيْسَ بِرُكْن أَو لِأَنَّهُ اعْتمد على ظَاهر الْعُمُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 [1262] تنقضى فيهمَا أَي فِي أثرهما وَالْمرَاد الركعتان الأخيرتان وَالْمعْنَى إِذا كَانَ فِي قعُود الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فالمضاف مُقَدّر فِي موضِعين فَافْهَم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 [1265] وَوضع رَأسه بذلك الْمنزل من يَدَيْهِ أَي وضع رَأسه بِحَيْثُ صَار اليدان محاذيتين للاذنين وحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 مرفقه على صِيغَة الْمَاضِي عطف على الْأَفْعَال السَّابِقَة وعَلى بِمَعْنى عَن أَي رَفعه عَن فَخذه أَو بِمَعْنَاهُ وَالْحَد الْمَنْع والفصل بَين الشَّيْئَيْنِ أَي فصل بَين مرفقه وجنبه وَمنع أَن يلتصق فِي حَالَة استعلائه على فَخذه وَجوز أَن يكون اسْما مَرْفُوعا مُضَافا إِلَى الْمرْفق على الِابْتِدَاء خَبره على فَخذه وَالْجُمْلَة حَال أَو اسْما مَنْصُوبًا عطفا على مفعول وضع أَي وضع حد مرفقه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الْمُوَافق للرواية الْمُتَقَدّمَة فِي الْكتاب وَهِي وَجعل حد مرفقه الْأَيْمن على فَخذه وَسَيَجِيءُ أَيْضا وَجوز بَعضهم أَنه مَاض من التَّوْحِيد أَي جعل مرفقه مُنْفَردا عَن فَخذه أَي رَفعه وَهَذَا أبعد الْوُجُوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَقبض يَعْنِي أَصَابِعه كلهَا وَلَا يُنَافِي حَدِيث الْحلقَة لجَوَاز وُقُوع الْكل فِي الْأَوْقَات المتعددة فَيكون الْكل جَائِزا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 قَوْله ويتحامل أَي يعْتَمد وَالْمرَاد وَضعهَا وبسطها على فَخذه الْيُسْرَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1272] أحد أحد فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَشِرْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الَّذِي تَدعُوهُ وَاحِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 [1274] قد أحناها أَي ميلها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1276] أَو لتخطفن على بِنَاء الْمَفْعُول وَفتح الْفَاء أَي لتسلبن أَبْصَارهم بِسُرْعَة قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 [1277] قبل ان يفْرض التَّشَهُّد ظَاهره ان التَّشَهُّد فِي مَحَله فرض وَيحْتَمل أَن المُرَاد قبل أَن يشرع التَّشَهُّد وَقَوله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 فَإِن الله عز وَجل هُوَ السَّلَام وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ قَرِيبا قَوْله [1278] كَمَا يعلمنَا السُّورَة أَي بِكَمَال الإهتمام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 وَإِذا قَالَ وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يجبكم الله قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْجِيم أَيْ يَسْتَجِبْ لَكُمُ الدُّعَاءَ ثُمَّ إِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَتلك بِتِلْكَ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ اجعلوات تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَكَذَلِكَ رفعكم من الرُّكُوع يكن بَعْدَ رَفْعِهِ وَمَعْنَى تِلْكَ بِتِلْكَ أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِى سبقكم الامام بهَا فِي قَدْرُ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَيْ أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَا وَاوٍ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاو وبحذفها وَالْأَمر ان جائزتان وَلَا تَرْجِيع لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَعَلَى إِثْبَاتِ الْوَاوِ يَكُونُ قَوْلُهُ رَبَّنَا مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ سَمِعَ الله لمن حمد رَبنَا فاستجب حمدنا ودعاءنا وَلَك الْحَمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 لتوقف الصَّلَاة عَلَيْهِ أجرا أَو كمالا تَعْظِيمًا لأمر الصَّلَاة قَوْله سياحين صفة الْمَلَائِكَة يُقَال ساح فِي الأَرْض يسيح سياحة إِذا ذهب فِيهَا وَأَصله من السيح وَهُوَ المَاء الْجَارِي المنبسط على الأَرْض والسياح بِالتَّشْدِيدِ كالعلاء مُبَالغَة مِنْهَا يبلغوني من الابلاغ أَو التَّبْلِيغ وَفِيه حث على الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ وتعظيم لَهُ صلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم واجلال لمنزلته حَيْثُ سخر الْمَلَائِكَة الْكِرَام لهَذَا الشَّأْن الفخم قَوْله والبشر بِكَسْر الْبَاء اسْم من الاستبشار أَي الطلاقة وآثار السرُور فِي وَجهه [1283] أما يرضيك قيل هَذَا بعض مَا أعْطى من الرِّضَا فِي قَوْله تَعَالَى ولسوف يعطيك رَبك فترضى وَفِي هَذِه الْبشَارَة من بِشَارَة الْأمة وَحسن حَالهم مَا فِيهِ فان جَزَاء الصَّلَاة رَاجع إِلَيْهِم فَلذَلِك حصل لَهُ غَايَة السرُور صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله عجلت من بَاب علم وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن حق السَّائِل أَن يتَقرَّب إِلَى الْمَسْئُول مِنْهُ قبل طلب الْحَاجة بِمَا يُوجب لَهُ الزلفى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 عِنْده ويتوسل بشفيع لَهُ بَين يَدَيْهِ ليَكُون أطمع فِي الاسعاف وأحق بالإجابة فَمن عرض السُّؤَال قبل تَقْدِيم الْوَسِيلَة فقد استعجل تجب على بِنَاء الْمَفْعُول وَهُوَ بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر وَكَذَا تعط قَوْله [1285] أَنه لم يسْأَل كَأَنَّهُ رأى أَن سُكُوته اعراض عَن الْجَواب أَو لَعَلَّ فِي الْجَواب اشكالا وَالله تَعَالَى أعلم وَأما تَشْبِيه صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة إِبْرَاهِيم فَلَعَلَّهُ بِالنّظرِ إِلَى مَا يفِيدهُ وَاو الْعَطف من الْجمع والمشاركة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 وَعُمُوم الصَّلَاة الْمَطْلُوبَة لَهُ وَلأَهل بَيته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي شَارك أهل بَيته مَعَه فِي الصَّلَاة وَاجعَل الصَّلَاة عَلَيْهِ عَامَّة لَهُ وَلأَهل بَيته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم كَذَلِك فَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لما رأى أَن الصَّلَاة عَلَيْهِ من الله تَعَالَى ثَابِتَة على الدَّوَام كَمَا هُوَ مفَاد صِيغَة الْمُضَارع الْمُفِيد للاستمرار التجددي فِي قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي فدعاء الْمُؤمنِينَ بِمُجَرَّد الصَّلَاة عَلَيْهِ قَلِيل الجدوى بَين لَهُم أَن يَدْعُو لَهُ بِعُمُوم صلَاته لَهُ ولاهل بَيته ليَكُون دعاؤهم مستجلبا لفائدة جَدِيدَة وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما ذكره عُلَمَاء الْمعَانِي فِي الْقُيُود أَن محط الْفَائِدَة فِي الْكَلَام هُوَ الْقَيْد الزَّائِد وَكَأَنَّهُ لهَذَا خص إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُوما بِعُمُوم الصَّلَاة لَهُ وَلأَهل بَيته على لِسَان الْمَلَائِكَة وَلِهَذَا ختم بقوله انك حميد مجيد كَمَا ختمت الْمَلَائِكَة صلَاتهم على أهل بَيت إِبْرَاهِيم بذلك وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين وَجه الشّبَه هُوَ كَون كل من الصَّلَاتَيْنِ أفضل وَأولى وَأتم من صَلَاة من قبله أَي كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم صَلَاة هِيَ أتم وَأفضل من صَلَاة من قبله كَذَلِك صل على مُحَمَّد صَلَاة هِيَ أفضل وَأتم من صَلَاة من قبله وَلَك أَن تجْعَل وَجه الشّبَه مَجْمُوع الْأَمريْنِ من الْعُمُوم والأفضلية وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لَيْسَ التَّشْبِيه من بَاب الحاق النَّاقِص بالكامل بل بَيَان حَال مَالا يعرف بِمَا يعرف قلت قد يُقَال كَيفَ يَصح ذَلِك مَعَ كَون الْمُخَاطب بقوله صل هُوَ الله تَعَالَى فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ لَعَلَّ وَجه إِظْهَار مُحَمَّد فِي قَوْله وَآل مُحَمَّد مَعَ تقدم ذكره هُوَ أَن اسْتِحْقَاق الْآل بالاتباع لمُحَمد فالتنصيص على اسْمه آكِد فِي الدّلَالَة على استحقاقهم وَالله تَعَالَى أعلم قد علمْتُم على بِنَاء الْفَاعِل من الْعلم أَي كَمَا علمْتُم فِي التَّشَهُّد أَو بِمَا جرى على الْأَلْسِنَة فِي كَيْفيَّة سَلام بَعضهم على بعض أَو على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّعْلِيم أَي كَمَا علمْتُم فِي التَّشَهُّد وعَلى الْوَجْهَيْنِ فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على كَون الصَّلَاة فِي التَّشَهُّد وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 قَوْله [1298] فَلْيقل التَّحِيَّات حملت التَّحِيَّات على الْعِبَادَات القوليةوالصلاة على الفعلية بِاعْتِبَار أَن الصَّلَاة أمهَا والطيبات على الْمَالِيَّة وَالْمَقْصُود اخْتِصَاص الْعِبَادَات بأنواعها بِاللَّه علينا لَعَلَّ المُرَاد بِهِ جمَاعَة الْمُصَلِّين مَعَه فَوضع التَّشَهُّد على الْوَجْه الْمُنَاسب للصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة الَّتِي هِيَ الأَصْل فِي الْفَرْض الَّذِي هُوَ أصل الصَّلَوَات كل عبد صَالح أَي عَم كلهم فتستغنون بذلك عَن قَوْلكُم السَّلَام على فلَان وَفُلَان وَقيل أَي أصَاب ثَوَابه أَو بركاته كل عبد أعجبه إِلَيْهِ أَي من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة أَو مُطلقًا قَولَانِ قَوْله [1299] ثمَّ سليه حَاجَتك كَأَنَّهُ أَخذ مِنْهُ كَون هَذَا الذّكر بعد التَّشَهُّد إِذْ الْمَعْهُود سُؤال الْحَاجَات هُنَاكَ والا فَلَا دلَالَة فِي لفظ الحَدِيث على ذَلِك وَقد جَاءَ الدُّعَاء فِي السُّجُود وَغَيره يَقُول نعم نعم جَوَاب للطلب أَي أُعْطِيك مطلوبك وَفِيه أَن نعم يُجَاب بهَا الْجُمْلَة الطلبية للوعد بالمطلوب والتوجه إِلَى الطَّالِب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 [1300] بِأَن لَك الْحَمد توسل إِلَيْهِ بِكَوْنِهِ الْمَحْمُود وَبِمَا بعده والمسئول غير مَذْكُور قَوْله [1301] قد غفر لَهُ ثَلَاثًا يحْتَمل الْخُصُوص والعموم لكل قَائِل بِعُمُوم الْعلَّة لَا لدلَالَة اللَّفْظ على الْعُمُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 [1302] إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا فِي فَتْحِ الْبَارِي فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يعرى عَن تَقْصِير وَلَو كَانَ صديقا قلت بل فِيهِ أَن الْإِنْسَان كثير التَّقْصِير وان كَانَ صديقا لَان النعم عَلَيْهِ غير متناهية وقوته لَا تطِيق بأَدَاء أقل قَلِيل من شكرها بل شكره من جملَة النعم أَيْضا فَيحْتَاج إِلَى شكر هُوَ أَيْضا كَذَلِك فَمَا بَقِي لَهُ الا الْعَجز وَالِاعْتِرَاف بالتقصير الْكثير كَيفَ وَقد جَاءَ فِي جملَة أدعيته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ظلمت نَفسِي من عنْدك أَي من مَحْض فضلك من غير سَابِقَة اسْتِحْقَاق مني أَو مغْفرَة لائقة بعظيم كرمك وَبِهَذَا ظهر الْفَائِدَة لهَذَا الْوَصْف والا فَطلب الْمَغْفِرَة يُغني عَن هَذَا الْوَصْف ظَاهرا فَلْيتَأَمَّل قَوْله [1303] إِنِّي لَأحبك فِيهِ مزِيد تشريف مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وترغيب لَهُ فِيمَا يُرِيد أَن يلقى عَلَيْهِ من الذّكر قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 [1304] على الرشد بِفتْحَتَيْنِ أَو ضم فَسُكُون قَوْله [1305] أما على ذَلِك أَي أما مَعَ التَّخْفِيف والايجاز فقد دَعَوْت الخ أَو اما على تَقْدِير اعتراضكم بِالتَّخْفِيفِ فَأَقُول قد دَعَوْت الخ وَالظَّاهِر ان أما هَذِه لمُجَرّد التَّأْكِيد وَلَيْسَ لَهَا عديل فِي الْكَلَام كاما الْوَاقِع فِي أَوَائِل الْخطب فِي الْكتب بعد ذكر الْحَمد وَالصَّلَاة من قَوْلهم أما بعد فَكَذَا وَجمع الدَّعْوَات بِاعْتِبَار أَن كل كلمة دَعْوَة بِفَتْح الدَّال أَي مرّة من الدُّعَاء فَإِن الدعْوَة للمرة كالجلسة هُوَ أُبَيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ هَذَا من كَلَام عَطاء يَقُول ان الرجل الَّذِي تبعه هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 السَّائِب وَهُوَ أَبُو عَطاء فَلذَلِك قَالَ هُوَ أبي لَكِن السَّائِب كنى عَن نَفسه بِرَجُل فَقَالَ تبعه رجل الْقَصْد أَي التَّوَسُّط بِلَا افراط وتفريط مضرَّة اسْم فَاعل من أضرّ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 [1307] من شَرّ مَا عملت الخ أَي من شَرّ مَا فعلت من السَّيِّئَات وَمَا تركت من الْحَسَنَات أَو من شَرّ كل شَيْء مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ كسبى أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1308] بعد الا تعوذ اما لِأَنَّهُ مَا أوحى بِهِ إِلَيْهِ الا يَوْمئِذٍ أَو لِأَنَّهَا مَا كَانَت تتفطن للتعوذ قبل ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من فتْنَة الْمَسِيح بِفَتْح مِيم وَكسر سين مُخَفّفَة آخِره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 حاء مُهْملَة هُوَ الْمَشْهُور وَقيل بتَشْديد السِّين وَقيل باعجام الْخَاء وَهُوَ تَصْحِيف وَوجه التَّسْمِيَة أَنه مَمْسُوح الْعين أَو يمسح الأَرْض الْمحيا وَالْمَمَات أَي الْحَيَاة وَالْمَوْت أَو زمَان ذَلِك أَي من محنة الدُّنْيَا وَمَا بعْدهَا أَو مِمَّا يكون حَالَة الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر المأثم هُوَ الْأَمر الَّذِي يَأْثَم بِهِ الْإِنْسَان أَو هُوَ الْإِثْم نَفسه والمغرم قيل المُرَاد مغرم الذُّنُوب والمعاصي وَالظَّاهِر أَن المُرَاد الدّين قيل وَالْمرَاد مَا يلْزم الذِّمَّة من الدّين فِيمَا يكرههُ الله تَعَالَى أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ وَأما دَيْنٌ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا يستعاذ مِنْهُ قلت وَالظَّاهِر أَن المُرَاد مَا يُفْضِي إِلَى الْمعْصِيَة بِسَبَب مَا وَالله تَعَالَى أعلم مَا أَكثر بِفَتْح الرَّاء فعل التَّعَجُّب مَا تستعيذ مَا مَصْدَرِيَّة كَانَ هَذَا الْقَائِل رأى أَن الدّين إِنَّمَا يتَعَلَّق بِضيق الْحَال وَمثله لَا يحْتَرز عَنهُ أَصْحَاب الْكَمَال غرم بِكَسْر الرَّاء حدث بتَشْديد الدَّال وَحَاصِل الْجَواب أَن الدّين يُؤَدِّي إِلَى خلل بِالدّينِ فَلذَلِك وَقعت الْعِنَايَة بِالْمَسْأَلَة عَنهُ وَقَوله فليتعوذ ظَاهره الْوُجُوب لَكِن الْجُمْهُور حملوه على النّدب وَقَالَ بَعضهم بِالْوُجُوب فَيَنْبَغِي الإهتمام بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 قَوْله الْهدى بِفَتْح فَسُكُون أَي السِّيرَة والهيئة والطريقة قَوْله فطفف من التطفيف أَي نقص فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود مثلا مَا صليت أَي صَلَاة كَامِلَة وَيُمكن أَنه يخل بالفرائض سِيمَا عِنْد من يُوجب الطُّمَأْنِينَة 1309 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 [1312] وَلَو مت بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وَقَوله على غير فطْرَة قيل الْفطْرَة الْملَّة وَأَرَادَ توبيخه على سوء صَنِيعه ليرتدع عَنهُ وَقيل أَرَادَ بهَا الصَّلَاة لكَونهَا أكبر أَعمال الْإِيمَان قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 [1315] كُنَّا نعد لَهُ من الاعداد أَي نهيئ لَهُ وَهَذَا طرف من حَدِيث طَوِيل وَيتم بَيَان الْوتر فِي بَقِيَّته وَسَيَجِيءُ فِي أول أَبْوَاب قيام اللَّيْل وَلَا يخفى دلَالَته على أَن الْجُلُوس على رَأس كل رَكْعَتَيْنِ فِي النَّفْل غير لَازم وَأَنه يجوز الزِّيَادَة فِي النَّفْل على أَربع رَكْعَات فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 اللَّيْل يسمعنا من الإسماع أَي يجْهر بِهِ بِحَيْثُ نَسْمَعهُ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 [1318] يرْمونَ بِأَيْدِيهِم أَي يشيرون بهَا كَأَنَّهَا أَي الْأَيْدِي الشَّمْس بِسُكُون الْمِيم وَضمّهَا مَعَ ضم الشين وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ بَلْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ بأذنابها وأرجلها قَوْله [1319] حَتَّى يرى على بِنَاء الْمَفْعُول [1319] بَيَاض خَدّه بِالرَّفْع قَوْله [1320] السَّلَام عَلَيْكُم عَن شِمَاله مُقْتَضَاهُ أَنه يزِيد فِي الْيَمين وَرَحْمَة الله تَشْرِيفًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 لأهل الْيَمين بمزيد الْبر ويقتصر على الْيَسَار على قَوْله السَّلَام عَلَيْكُم وَقد جَاءَ زيادةورحمة الله فِي الْيَسَار أَيْضا وَعَلِيهِ الْعَمَل فَلَعَلَّهُ كَانَ يتْرك أَحْيَانًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 قَوْله [1326] إِذا سلمنَا أَي عِنْد الْفَرَاغ من الصَّلَاة فليلتفت أَي بادارة الْوَجْه يمنة ويسرة قَوْله عتْبَان بِكَسْر الْعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وَسُكُون الْمُثَنَّاة فَوق وموحدة قَوْله [1327] قد أنْكرت على صِيغَة الْمُتَكَلّم بصرى مَفْعُوله قيل أَرَادَ بِهِ ضعف بَصَره كَمَا عِنْد مُسلم أَو عماه كَمَا عِنْد غَيره وَقيل فِي التَّوْفِيق أَرَادَ بالعمى الْقرب مِنْهُ وَأَن السُّيُول أَيَّام الأمطار فَلَوَدِدْت بِكَسْر الدَّال الأولى أَي تمنيت فغدا على بتَشْديد الْيَاء أَي جاءعندي قَوْله [1328] فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَعَلَّ سنة الْعشَاء مَعْدُودَة من صَلَاة الْعشَاء تبعا وَيسْجد سَجْدَة أَي بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة كلهَا كَمَا فهمه المُصَنّف فترجم لَهُ بَاب السُّجُود بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة وَالْأَقْرَب أَن المُرَاد وَكَانَ يسْجد سَجْدَة من سُجُود تِلْكَ الرَّكْعَات وَالْمَقْصُود بَيَان طول سُجُود تِلْكَ الصَّلَاة كلهَا وَالله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 تَعَالَى أعلم قَوْله وركعته أَي رُكُوعه قَرِيبا من السوَاء أَي رُكُوعه كَانَ يُقَارب قِيَامه وَكَذَا غَيره هَذَا هُوَ الْمُتَبَادر من لفظ الحَدِيث وَقد جَاءَ صَرِيحًا فِي صَلَاة اللَّيْل وَيحْتَمل أَن المُرَاد كَانَ قِيَامه فِي ركعاته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 مقاربا وَكَذَا الرُّكُوع أَي قيام كل رَكْعَة يُقَارب قيام الْأُخْرَى وركوعها ركوعها وَهَكَذَا وَهَذَا بعيد من حَيْثُ دلَالَة اللَّفْظ وَمن حَيْثُ أَنه مُخَالف لما علم من تطويله الرَّكْعَة الأولى وَيحْتَمل أَن المُرَاد أَنه إِذا طول فِي الْقيام طول فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود بِقَدرِهِ وَإِذا خفف خفف فِي الْكل أَيْضا بِقَدرِهِ وعَلى قِيَاسه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قمن أَي خرجن إِلَى بُيُوتهنَّ وَثَبت أَي قعد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مَكَانَهُ ليقعد الرِّجَال خوفًا من الْفِتْنَة بلقاء الرِّجَال النِّسَاء فِي الطَّرِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انحرف أَي عَن جِهَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 الْقبْلَة وَمَال بِوَجْهِهِ إِلَى الْقَوْم أَو انْصَرف إِلَى الْبَيْت وَالْأول أقرب قَوْله بِالتَّكْبِيرِ أَي لأجل جهرهم بذلك قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رفع الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ وَالذكر عقيب المكتوبات وباستحبابه قَالَ بن حزم من الْمُتَأَخِّرين قَالُوا أَصْحَاب الْمذَاهب الْمَشْهُورَة على عدم الِاسْتِحْبَاب فَلِذَا حمل الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا الحَدِيث على أَنه جهر وقتا ليعلمهم صفة الذّكر لَا أَنه جهر بِهِ دَائِما قَالَ وَالْمُخْتَار ذكر الله سرا لَا جَهرا الا عِنْد إِرَادَة التَّعْلِيم فيجهر بِقدر حَاجَة التَّعْلِيم قَوْله [1337] إِذا انْصَرف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بالانصراف السَّلَام اسْتغْفر تحقيرا لعمله وتعظيما لجناب ربه وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون حَال العابد فَيَنْبَغِي أَن يُلَاحظ عَظمَة جلال ربه وحقارة نَفسه وَعَمله لَدَيْهِ فَيَزْدَاد تضرعا واستغفارا كلما يزْدَاد عملا وَقد مدح الله عباده فَقَالَ كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ أَنْت السَّلَام أَي السَّالِم من الْآفَات ومنك السَّلَام أَي السَّلامَة مِنْهَا مَطْلُوبَة مِنْك أَو حَاصِلَة من عنْدك فالسالم من سلمته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 قَوْله [1339] أهل النِّعْمَة بِالنّصب على الِاخْتِصَاص أَو الْمَدْح أَو الْبَدَل من مفعول نعْبد أَو الرّفْع بِتَقْدِير هُوَ الْحسن بِالْجَرِّ صفة الثَّنَاء قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 [1344] ان تكلم أَي أحد أَو مُتَكَلم بِخَير قبل هَذَا الذّكر ثمَّ ذكر هَذَا الذّكر عقبه كَانَ هَذَا الذّكر طابعا بِفَتْح الْبَاء أَي خَاتمًا وَكسر الْبَاء لُغَة عَلَيْهِنَّ أَي على تِلْكَ الْكَلِمَات الَّتِي هِيَ خير إِذْ الْغَالِب أَن الْخَيْر يكون كَلِمَات مُتعَدِّدَة فَلذَلِك جمع الضَّمِير وَفِيه ترغيب إِلَى تَكْثِير الْخَيْر وتقليل الشَّرّ حَيْثُ اختير فِي جَانِبه الافراد واشارة إِلَى أَن جَمِيع الْخيرَات تثبت بِهَذَا الذّكر إِذا كَانَ هَذَا الذّكر عَقبهَا وَلَا تخْتَص هَذِه الْفَائِدَة بِالْخَيرِ الْمُتَّصِل بِهَذَا الذّكر فَقَط وَالْمرَاد أَنه يكون مثبتا لذَلِك الْخَيْر رَافعا إِلَى دَرَجَة الْقبُول أَمْثَاله عَن حضيض الرَّد كَفَّارَة لَهُ أَي مغْفرَة للذنب الْحَاصِل فَيُسْتَحَب للأنسان ختم الْمجْلس بِهِ أَي مجْلِس كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 [1345] عَن جسرة بِفَتْح الْجِيم قَوْله فَقَالَت أَي الْيَهُودِيَّة كذبت كذبتها بِنَاء على عدم علمهَا بِالْعَذَابِ فِي الْقَبْر قبل ذَلِك واعتمدت فِي ذَلِك على عَادَة الْيَهُود فِي الْكَذِب لنقرض لنقطع الْجلد قيل الْجلد الملبوس فَوق الْجَسَد وَقيل بل جلدهمْ وَهُوَ الْمُوَافق لسَائِر طرق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 الحَدِيث فَهَذَا من الإصر الَّذِي حملوه قَوْله عصمَة بِكَسْر الْعين أَي يعصمني من النَّار وَغَضب الْجَبَّار [1346] من نقمتك بِكَسْر أَو فتح وبفتحتين ضد النِّعْمَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 قَوْله خلَّتَانِ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام أَي خصلتان لَا يحصيهما من الإحصاء أَي لَا يحافظ وَلَا يداوم عَلَيْهِمَا قَوْله الصَّلَوَات الْخمس مُبْتَدأ خَبره الْجُمْلَة الَّتِي بعده والعائد مَحْذُوف أَي دبر كل صَلَاة مِنْهَا يعقدهن أَي يضبطهن ويحفظ عددهن أَو يعْقد لأجلهن بِيَدِهِ [1348] فَأَيكُمْ يعْمل أَي لتساوى هَذِه الْحَسَنَات وَلَا يبْقى مِنْهَا شَيْء أَي بل السَّيِّئَات فِي الْعَادة أقل من هَذَا الْعدَد فتغلب عَلَيْهَا هَذِه الْحَسَنَات الْحَاصِلَة بِهَذَا الذّكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 الْمُبَارك فينيمه من أَنَام قَوْله مُعَقِّبَات اسْم فَاعل من التعقيب أَي أذكار يعقب بَعْضهَا بَعْضًا أَو تعقب لصَاحِبهَا عَاقِبَة حميدة [1349] لَا يخيب قائلهن عَن أجرهن أَي كَيْفَمَا كَانَ وَلَو عَن غَفلَة هَذَا هُوَ ظَاهر هَذَا اللَّفْظ وَالله تَعَالَى أعلم وَقد ذكر بَعضهم أَنه لَا أجر فِي الْأَذْكَار إِذا كَانَت عَن غَفلَة سوى الْقِرَاءَة قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 [1350] فَقَالَ اجْعَلُوهَا كَذَلِك هَذَا يَقْتَضِي أَنه الأولى لَكِن الْعَمَل على الأول لشهرة أَحَادِيثه وَالله تَعَالَى أعلم وَلَيْسَ هَذَا من الْعَمَل برؤيا غير الْأَنْبِيَاء بل هُوَ من الْعَمَل بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَيمكن أَنه علم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 بِحَقِيقَة الرُّؤْيَا بِوَحْي أَو الْهَام أَو بِأَيّ وَجه كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تقولينهن أَي مَوضِع تَمام مَا اشتغلت بِهِ من الْأَذْكَار عدد خلقه هُوَ وَمَا عطف عَلَيْهِ منصوبات بِنَزْع الْخَافِض أَي بِعَدَد جَمِيع مخلوقاته وبمقدار رضَا ذَاته الشَّرِيفَة أَي بِمِقْدَار يكون سَببا لرضاه تَعَالَى أَو بِمِقْدَار يرضى بِهِ لذاته ويختاره فَهُوَ مثل مَا جَاءَ وبملء مَا شِئْت من شَيْء بعد وَفِيه إِطْلَاق النَّفس عَلَيْهِ تَعَالَى من غير مشاكلة وبمقدار ثقل عَرْشه وبمقدار زِيَادَة كَلِمَاته أَي بِمِقْدَار يساويهما يُسَاوِي الْعَرْش وزنا والكلمات عددا وَقيل نصب الْكل على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 الظَّرْفِيَّة بِتَقْدِير قدر أَي قدر عدد مخلوقاته وَقدر رضَا ذَاته فَإِن قلت كَيفَ يَصح تَقْيِيد التَّسْبِيح بِالْعدَدِ الْمَذْكُور مَعَ أَن التَّسْبِيح هُوَ التَّنْزِيه عَن جَمِيع مَا لَا يَلِيق بجنابه الاقدس وَهُوَ أَمر وَاحِد فِي ذَاته لَا يقبل التَّعَدُّد وَبِاعْتِبَار صدوره عَن الْمُتَكَلّم لَا يُمكن اعْتِبَار هَذَا الْعدَد فِيهِ لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يقدر عَلَيْهِ وَلَو فرض قدرته عَلَيْهِ أَيْضا لما صَحَّ هَذَا الْعدَد بالتسبيح الا بعد ان صدر مِنْهُ هَذَا الْعدَد أَو عزم على ذَلِك واما بِمُجَرَّد أَنه قَالَ مرّة سُبْحَانَ الله لَا يحصل مِنْهُ هَذَا الْعدَد قلت لَعَلَّ التَّقْيِيد بملاحظة اسْتِحْقَاق ذَاته الاقدس الاطهر ان يصدر من الْمُتَكَلّم التَّسْبِيح بِهَذَا العددفالحاصل أَن الْعدَد ثَابت لقَوْل الْمُتَكَلّم لَكِن لَا بِالنّظرِ إِلَى الْوُقُوع بل بِالنّظرِ إِلَى الإستحقاق أَي هُوَ تَعَالَى حقيق بِأَن يَقُول الْمُتَكَلّم التَّسْبِيح فِي حَقه بِهَذَا الْعدَد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1353] من سبقكم أَي فضلا وَكَذَا من بعدكم أَي فضلا وَلَا عِبْرَة بِالسَّبقِ والتأخر الزمانيين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 [1354] من سبح فِي دبر صَلَاة الْغَدَاة أَي على الدَّوَام أَو وَلَو مرّة وَهُوَ الْأَظْهر وَالْمرَاد أَنه إِذا سبح غفر لَهُ مَا سبق فعله هَذَا من الذُّنُوب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يجاور أَي يعْتَكف أَي قبل أَن يلْتَزم الْعشْر الاواخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 [1356] وَقد رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة أَي لَيْلَة الْقدر فأنسيتها على بِنَاء الْمَفْعُول فمطرنا على بِنَاء الْمَفْعُول لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين فَهِيَ كَانَت لَيْلَة الْقدر تِلْكَ السّنة لصدق مَا ذكر صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من عَلامَة لَيْلَة الْقدر فِي تِلْكَ السّنة بقوله وَقد رَأَيْتنِي أَسجد فوكف سَأَلَ وَجهه مبتل فَمَا بَقِي وَجهه الْكَرِيم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك الا لِأَنَّهُ مَا مسح جَبهته قَوْله [1357] قعد فِي مُصَلَّاهُ مِمَّا جَاءَ عَن عَائِشَة أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم لَا يقْعد الا مِقْدَار مَا يَقُول اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَاذَا الْجلَال والاكرام يحمل على أَن المُرَاد كَانَ لَا يقْعد على هَيئته مُسْتَقْبل الْقبْلَة أَو أَنه لَا يقْعد فِي صَلَاة بعْدهَا سنة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 [1358] وينشدون الشّعْر من الانشاد وَلَعَلَّه الشّعْر الْمُشْتَمل على النصائح أَو غير الْمُشْتَمل على القبائح قَوْله [1359] فَأكْثر مَا رَأَيْت الخ أَخْبَار عَمَّا رأى وَكَذَا حَدِيث بن مَسْعُود الْآتِي فَلَا تنَاقض ولازم الْحَدِيثين أَنه كَانَ يفعل أَحْيَانًا هَذَا وَأَحْيَانا هَذَا فَدلَّ على جَوَاز الامرين وَأما تخطئة بن مَسْعُود فَإِنَّمَا هِيَ لاعتقاد أَحدهمَا وَاجِبا بِعَيْنِه وَهَذَا خطأ بِلَا ريب واللائق أَن ينْصَرف إِلَى جِهَة حَاجته والا فاليمين أفضل بِلَا وجوب وَالظَّاهِر أَن حَاجته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم غَالِبا الذّهاب إِلَى الْبَيْت وبيته إِلَى الْيَسَار فَلِذَا أَكثر ذَهَابه إِلَى الْيَسَار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1360] يرى أَن حتما عَلَيْهِ وَفِي بعض النّسخ أَن حَقًا عَلَيْهِ أَن لَا ينْصَرف الخ كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 وَأورد عَلَيْهِ أَن حتما أَو حَقًا نكرَة وَقَوله أَن لَا ينْصَرف بِمَنْزِلَة الْمعرفَة وتنكير الِاسْم مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر لَا يجوز وَأجِيب بِأَنَّهُ من بَاب الْقلب قلت وَهَذَا الْجَواب يهدم أساس الْقَاعِدَة إِذْ يَتَأَتَّى مثله فِي كل مُبْتَدأ نكرَة مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر فَمَا بَقِي ل قَوْلهم بِعَدَمِ الْجَوَاز فَائِدَة ثمَّ الْقلب لَا يقبل بِلَا نُكْتَة فَلَا بُد لمن يجوز ذَلِك من بَيَان نُكْتَة فِي الْقلب هَا هُنَا وَقيل بل النكرَة المخصصة كالمعرفة قلت ذَلِك فِي صِحَة الِابْتِدَاء بهَا وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون الِابْتِدَاء بهَا صَحِيحا مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر وَقد صَرَّحُوا بامتناعه وَيُمكن أَن يَجْعَل اسْم أَن قَوْله أَن لَا ينْصَرف وَخَبره الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ عَلَيْهِ وَيجْعَل حَقًا أَو حتما حَالا من ضمير عَلَيْهِ أَي يرى أَن عَلَيْهِ الِانْصِرَاف عَن يَمِينه فَقَط حَال كَونه حَقًا لَازِما وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَائِما أَي أَحْيَانًا وَقَاعِدا أَي أَحْيَانًا أخر وَكَذَا تَقْدِير مَا بعده والا يشكل كَمَا لَا يخفى قَوْله متلفعات أَي متلففات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 (بَاب النَّهْي عَن مبادرة الامام أَي السبقة عَلَيْهِ) قَوْله [1363] إِنِّي امامكم فِيهِ أَن امْتنَاع التَّقَدُّم عَلَيْهِ لكَونه إِمَامًا فَيعم الحكم كل امام لَا لكَونه نَبيا ليختص بِهِ قَوْله قَالَ الْجنَّة وَالنَّار فالجنة تكْثر الْبكاء شوقا وخوفا من الحرمان وَالنَّار خوفًا قَوْله [1364] بَقِي سبع أَي سبع لَيَال ثمَّ كَانَت سادسة أَي مِمَّا بَقِي من اللَّيَالِي السِّت وَهِي الَّتِي تلِي لَيْلَة الْقيام وَهَكَذَا الْخَامِسَة قَوْله لَو نفلتنا قيام هَذِه اللَّيْلَة فِي الصِّحَاح نفلتك تنفيلا أَي أَعطيتك نفلا وَفِي الْقَامُوس نفله النَّفْل أَي بِالتَّخْفِيفِ وأنفله ونفله أَي بِالتَّشْدِيدِ أَي أعطَاهُ إِيَّاه فَيجوز هَا هُنَا التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد وَالْمرَاد لَو قُمْت بِنَا هَذِه اللَّيْلَة بِتَمَامِهَا وَحشر النَّاس أَي جمعهم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 [1365] إِنِّي ذكرت وَأَنا فِي الْعَصْر شَيْئا يُفِيد أَن تذكر مَا لَا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ فِيهَا لَا يُبْطِلهَا وَلَا يُنَافِي خشوعها من تبر بِكَسْر تَاء وَسُكُون مُوَحدَة أَي من ذهب غير مصكوك قَوْله قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 [1366] إِلَى بطحان بِضَم بَاء فَسُكُون عِنْد أهل الحَدِيث وبفتح فَكسر عِنْد أهل اللُّغَة وَهُوَ وَاد بِالْمَدِينَةِ (كتاب الْجُمُعَة) قَوْله [1367] نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ أَي الْآخرُونَ زَمَانا فِي الدُّنْيَا الْأَولونَ منزلَة وكرامة يَوْم الْقِيَامَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَإِنْ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فِي الدُّنْيَا عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَهِيَ سَابِقَةٌ إيَّاهُم فِي الْآخِرَةِ بِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ يُحْشَرُ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ وَأَوَّلُ مَنْ يُقْضَى بَيْنَهُمْ وَأَوَّلُ من يدْخل الْجنَّة وَفِي مُسلم نَحن الْآخرُونَ من أهل الدُّنْيَا وَالسَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة المقضى لَهُم قبل الْخَلَائق وَبِمَعْنَاهُ مَا رَوَاهُ المُصَنّف بعد هَذَا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ إِحْرَازُ فَضِيلَةِ الْيَوْمِ السَّابِقِ بِالْفَضْلِ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ السَّبْقُ إِلَى الْقَبُولِ وَالطَّاعَةِ الَّتِي حُرِمَهَا أَهْلُ الْكِتَابِ فَقَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى بَيْدَ مثل غير وزنا وَمعنى واعرابا أُوتُوا الْكتاب اللَّام للْجِنْس فَيحمل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم على كِتَابهمْ وبالنسبة إِلَيْنَا على كتَابنَا وَهَذَا بَيَان زِيَادَة شرف آخر لنا أَي فَصَارَ كتَابنَا نَاسِخا لكتابهم وشريعتنا ناسخة لشريعتهم وللناسخ فضل على الْمَنْسُوخ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَأْكِيدِ الْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ أَو المُرَاد بَيَان أَن هَذَا يرجع إِلَى مُجَرّد تقدمهم علينا فِي الْوُجُود وتأخرنا عَنْهُم فِيهِ وَلَا شرف لَهُم فِيهِ أَو هُوَ شرف لنا أَيْضا من حَيْثُ قلَّة انتظارنا أَمْوَاتًا فِي البرزخ وَمن حَيْثُ حِيَازَة الْمُتَأَخر عُلُوم الْمُتَقَدّم دون الْعَكْس فَقَوْلهم الْفضل للمتقدم لَيْسَ بكلي وَهَذَا الْيَوْم الظَّاهِر أَنه أوجب عَلَيْهِم يَوْم الْجُمُعَة بِعَيْنِه وَالْعِبَادَة فِيهِ فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِهِمْ أَن يُبدل الله لَهُم يَوْم السبت فأجيبوا إِلَى ذَلِك وَلَيْسَ بمستبعد من قوم قَالُوا لنبيهم اجْعَل لنا الها ذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 فهدانا الله بالثبات عَلَيْهِ حِين شرع لنا الْعِبَادَة فِيهِ الْيَهُود غَدا أَي يعْبدُونَ الله فِي يَوْم بعد يَوْم الْجُمُعَة فَأخذ المُصَنّف قَوْله كتب الله الْوُجُوب وَالظَّاهِر أَن الحكم بِالنّظرِ إِلَى الْكل وَاحِد فَحَيْثُ ان ذَلِك الحكم هُوَ الْوُجُوب بِالنِّسْبَةِ إِلَى قوم تعين أَنه الْوُجُوب بِالنّظرِ إِلَى الآخرين وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 قَوْله تهاونا قيل هُوَ مفعول لأَجله أَو حَال أَي متهاونا وَلَعَلَّ المُرَاد لقلَّة الاهتمام بأمرها لَا اسْتِخْفَافًا بهَا لِأَن الاستخفاف بفرائض الله كفر وَمعنى طبع الله الخ أَي ختم عَلَيْهِ وغشاه وَمنعه الألطاف والطبع بِالسُّكُونِ الْخَتْم وبالحركة الدنس وَأَصله الدنس والوسخ يغشيان السَّيْف من طبع السَّيْف ثمَّ اسْتعْمل فِي الآثام والقبائح وَقَالَ الْعِرَاقِيّ المُرَاد بالتهاون التّرْك بِلَا عذر وبالطبع أَن يصير قلبه قلب مُنَافِق وَهَذَا يَقْتَضِي أَن تهاونا مفعول مُطلق للنوع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1370] عَن ودعهم أَي تَركهم مصدر ودعه إِذا تَركه وَقَول النُّحَاة ان الْعَرَب أماتوا ماضي يدع ومصدره يحمل على قلَّة استعمالهما وَقيل قَوْلهم مَرْدُود والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم وَقَالَ السُّيُوطِيّ وَالظَّاهِر أَن اسْتِعْمَاله هَا هُنَا مِنَ الرُّوَاةِ الْمُوَلَّدِينَ الَّذِينَ لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبيَّة قلت لَا يخفى على من تتبع كتب الْعَرَبيَّة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 أَن قَوَاعِد الْعَرَبيَّة مَبْنِيَّة على الاستقراء النَّاقِص دون التَّام عادةوهي مَعَ ذَلِك أكثريات لَا كليات فَلَا يُنَاسب تغليط الروَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْقُرْطُبِيّ والختم عبارَة عَمَّا يخلقه الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم من الْجَهْل والجفاء وَالْقَسْوَة وَقَالَ القَاضِي فِي شرح المصابيح الْمَعْنى أَن أحد الْأَمريْنِ كَائِن لَا محَالة اما الِانْتِهَاء عَن ترك الْجَمَاعَات أَو ختم الله تَعَالَى على قُلُوبهم فَإِن اعتياد ترك الْجُمُعَة يغلب الرين على الْقلب ويزهد النُّفُوس فِي الطَّاعَات وَقَوله وليكتبن أَي من المردودين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1371] على كل محتلم أَي ذكر كَمَا هُوَ مُقْتَضى الصِّيغَة وَمُقْتَضى كَون الِاحْتِلَام غَالِبا يكون فيهم وهم يبلغون بِهِ دون النِّسَاء وَبعد ذَلِك فَلَا بُد من حمل هَذَا الْعُمُوم على الْخُصُوص بِمَا إِذا لم يكن لَهُ عذر وَعلة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1372] فليتصدق بِدِينَار أَي لِأَن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات وَالظَّاهِر أَن الْأَمر للاستحباب وَلذَلِك جَاءَ التَّخْيِير بَين الدِّرْهَم وَالنّصف وَلَا بُد من التَّوْبَة مَعَ ذَلِك فانها الماحية للذنب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 [1373] خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ جملَة طلعت صفة يَوْم للتنصيص على التَّعْمِيم كَمَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى وَلَا طَائِر يطير بجناحية فَإِن الشَّيْء إِذا وصف بِصفة تعم جنسه يكون تنصيصا على اعْتِبَار استغراقه أَفْرَاد الْجِنْس قيل هُوَ خير أَيَّام الْأُسْبُوع وَأما بِالنّظرِ إِلَى أَيَّام السّنة فَخَيرهَا يَوْم عَرَفَة فِيهِ خلق الخ قيل هَذِه القضايا لَيست لذكر فَضِيلَة لِأَن إِخْرَاج آدم وَقيام السَّاعَة لَا يعد فَضِيلَة وَقيل بل جَمِيعهَا فَضَائِل وَخُرُوج آدم سَبَب وجود الذُّرِّيَّة من الرُّسُل والأنبياء والأولياء والساعة سَبَب تَعْجِيل جَزَاء الصَّالِحين وَمَوْت آدم سَبَب لنيله إِلَى مَا أعد لَهُ من الكرامات قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 [1374] وَفِيه النفخة أَي الثَّانِيَة وَفِيه الصعقة الصَّوْت الهائل يفزع لَهُ الْإِنْسَان وَالْمرَاد النفخة الأولى أَو صعقة مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وعَلى هَذَا فالنفخة يحْتَمل الأولى أَيْضا فَأَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِيهِ تَفْرِيع على كَون الْجُمُعَة من أفضل الْأَيَّام وَقَوله فَإِن صَلَاتكُمْ الخ تَعْلِيل للتفريع أَي هِيَ معروضة على كعرض الْهَدَايَا على من أهديت إِلَيْهِ فَهِيَ من الْأَعْمَال الفاضلة ومقربة لكم إِلَى كَمَا يقرب الْهَدِيَّة الْمهْدي إِلَى الْمهْدي إِلَيْهِ وَإِذا كَانَت بِهَذِهِ المثابة فَيَنْبَغِي اكثارها فِي الْأَوْقَات الفاضلة فَإِن الْعَمَل الصَّالح يزِيد فضلا بِوَاسِطَة فضل الْوَقْت وعَلى هَذَا لَا حَاجَة إِلَى تَقْيِيد الْعرض بِيَوْم الْجُمُعَة كَمَا قيل قَالُوا الخ لَا بُد هَا هُنَا أَولا من تَحْقِيق لفظ أرمت ثمَّ النّظر فِي السُّؤَال وَالْجَوَاب وَبَيَان انطباقهما فَأَما أرمت فبفتح الرَّاء كضربت أَصله أرممت من أرم بتَشْديد الْمِيم إِذا صَار رميما فحذفوا إِحْدَى الميمين كَمَا فِي ظلت وَلَفظه اما على الْخطاب أَو الْغَيْبَة على أَنه مُسْتَند إِلَى الْعِظَام وَقيل من أرم بتَخْفِيف الْمِيم أَي فني وَكَثِيرًا مَا يرْوى بتَشْديد الْمِيم وَالْخطاب فَقيل هِيَ لُغَة نَاس من الْعَرَب وَقيل بل خطأ وَالصَّوَاب سُكُون التَّاء لتأنيث الْعِظَام أَو أرممت بفك الْإِدْغَام وَأما تَحْقِيق السُّؤَال فوجهه أَنهم فَهموا عُمُوم الْخطاب فِي قَوْله فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة للحاضرين وَلمن يَأْتِي بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَوا أَن الْمَوْت فِي الظَّاهِر مَانع عَن السماع وَالْعرض فسألوا عَن كَيْفيَّة عرض صَلَاة من يُصَلِّي بعد الْمَوْت وعَلى هَذَا فَقَوْلهم وَقد أرمت كِنَايَة عَن الْمَوْت وَالْجَوَاب بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان الله حرم الخ كِنَايَة عَن كَون الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم أَو بَيَان لما هُوَ خرق للْعَادَة المستمرة بطرِيق التَّمْثِيل أَي ليجعلوه مقيسا عَلَيْهِ للعرض بعد الْمَوْت الَّذِي هُوَ خلاف الْعَادة المستمرة وَيحْتَمل أَن الْمَانِع من الْعرض عِنْدهم فنَاء الْبدن لَا مُجَرّد الْمَوْت ومفارقة الرّوح الْبدن لجَوَاز عود الرّوح إِلَى الْبدن مَا دَامَ سالما عَن التَّغْيِير الْكثير فَأَشَارَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَقَاء بدن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهَذَا هُوَ ظَاهر السُّؤَال وَالْجَوَاب بَقِي أَن السُّؤَال مِنْهُم على هَذَا الْوَجْه يشْعر بِأَنَّهُم مَا علمُوا أَن الْعرض على الرّوح الْمُجَرّد مُمكن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 فَيَنْبَغِي أَن يبين لَهُم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه يُمكن الْعرض على الرّوح الْمُجَرّد ليعلموا ذَلِك وَيُمكن الْجَواب عَن ذَلِك بِأَن سُؤَالهمْ يَقْتَضِي أَمريْن مُسَاوَاة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَغَيرهم بعد الْمَوْت وَأَن الْعرض لَا يُمكن على الرّوح الْمُجَرّد والاعتقاد الأول أَسْوَأ فَأَرْشَدَهُمْ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِالْجَوَابِ إِلَى مَا يُزِيلهُ وَأخر مَا يزِيل الثَّانِي إِلَى وَقت يُنَاسِبه تدريجا فِي التَّعْلِيم وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله بليت بِفَتْح الْبَاء أَي صرت بَالِيًا عتيقا قَوْله [1375] الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب أَي أَمر مُؤَكد أَو هُوَ كَانَ وَاجِبا أول الْأَمر ثمَّ نسخ وُجُوبه على كل محتلم أَي بَالغ فَشَمَلَ من بلغ من السن أَو الاحبال وَالْمرَاد بَالغ خَال عَن عذر يُبِيح التّرْك والا فالمعذور مُسْتَثْنى بقواعد الشَّرْع وَالْمرَاد الذّكر كَمَا هُوَ مُقْتَضى الصِّيغَة وَأَيْضًا الِاحْتِلَام أَكثر مَا يبلغ بِهِ الذُّكُور دون الاناث وفيهن الْحيض أَكثر وعمومه يَشْمَل الْمُصَلِّي وَغَيره لَكِن الحَدِيث الَّذِي بعده وَغَيره يَخُصُّهُ بالمصلي ويمس فتح الْمِيم أفْصح من ضمهَا وَهُوَ خبر بِمَعْنى الْأَمر مَا قدر عَلَيْهِ للتعميم وَقيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 للتَّأْكِيد لِيَفْعَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْكَثْرَةِ وَالْأَوَّلُ أظهر وَلَو من طيب المراة وَهُوَ مَا ظهر لَونه وخفي رِيحه وَهُوَ مَكْرُوه للرِّجَال فاباحته لَهُ يدل على تَأَكد الْأَمر فِي ذَلِك قَوْله [1376] إِذا جَاءَ أحدكُم أَي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 أَرَادَ الْمَجِيء فليغتسل ندبا أَو وجوبا ثمَّ نسخ قَوْله [1379] يسكنون الْعَالِيَة هِيَ مَوَاضِع خَارج الْمَدِينَة وسخ بِفتْحَتَيْنِ لاشتغالهم بِأَمْر المعاش الرّوح بِالْفَتْح نسيم الرّيح أَرْوَاحهم جمع ريح لِأَن أَصْلهَا الْوَاو وَتجمع عَلَى أَرْيَاحٍ قَلِيلًا وَعَلَى رِيَاحٍ كَثِيرًا أَيْ كَانُوا إِذا مر النسيم عَلَيْهِم تكيف بأرواحهم وَحملهَا إِلَى النَّاس وَالْحَاصِل أَنهم يعرقون لمشيهم من مَكَان بعيد والعرق إِذا اجْتمع مَعَ وسخ ولباس صوف يثير رَائِحَة كريهة فَإِذا حملهَا الرّيح إِلَى النَّاس يتأذون بهَا فحثهم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على الِاغْتِسَال دفعا للأذى لَا لوُجُوبه بِعَيْنِه فحين انْدفع الْأَذَى فَلَا يجب الِاغْتِسَال فَمَا جَاءَ من وجوب الِاغْتِسَال محمله على أَن دفع الْأَذَى حِينَئِذٍ كَانَ بذلك الطَّرِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فبها أَي فيكتفي بهَا أَي بِتِلْكَ الفعلة الَّتِي هِيَ الْوضُوء وَقيل فبالسنة أَخذ وَقيل بل الأولى بِالرُّخْصَةِ أَخذ لِأَن السّنة يَوْم الْجُمُعَة الْغسْل وَقيل بل بالفريضة أَخذ وَلَعَلَّ من قَالَ بِالسنةِ أَرَادَ مَا جوزته السّنة وَلَا يخفى بعد دلَالَة اللَّفْظ على هَذِه الْمعَانِي نعمت بِكَسْر فَسُكُون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 هُوَ الْمَشْهُور وروى بِفَتْح فَكسر كَمَا هُوَ الأَصْل وَالْمَقْصُود أَن الْوضُوء ممدوح شرعا لَا يذم من يقْتَصر عَلَيْهِ قَوْله [1381] من غسل روى مشددا ومخففا قيل أَي جَامع امْرَأَته قبل الْخُرُوج إِلَى الصَّلَاة لِأَنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ فِي الطَّرِيق من غسل امْرَأَته بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف إِذا جَامعهَا وَقيل أَرَادَ غسل غَيره لِأَنَّهُ إِذا جَامعهَا أحوجها إِلَى الْغسْل وَقيل أَرَادَ غسل الْأَعْضَاء للْوُضُوء وَقيل غسل رَأسه كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وأفرد بِالذكر لما فِيهِ من الْمُؤْنَة لأجل الشّعْر أَو لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ الدُّهْنَ والْخِطْمِيَّ وَنَحْوَهُمَا وَكَانُوا يغسلونه أَولا ثمَّ يغتسلون واغتسل أَي للْجُمُعَة وَقيل هما بِمَعْنى والتكرار للتَّأْكِيد وَغدا أَي خرج إِلَى الْجُمُعَة أول النَّهَار وابتكر أَي أدْرك أول الْخطْبَة ودنا أَي قرب وَلم يلغ لم يتَكَلَّم فَإِن الْكَلَام حَال الْخطْبَة لَغْو أَو اسْتمع الْخطْبَة وَلم يغيرها صيامها الظَّاهِر أَنه بِالرَّفْع بدل من الْعَمَل قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 [1382] رأى حلَّة وَكَانَت من حَرِير وَفِي قَول عمر دلَالَة على أَن التجمل يَوْم الْجُمُعَة كَانَ مَشْهُورا بَينهم مَطْلُوبا كالتجمل للوفود وَقد قَرَّرَهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَإِنَّمَا رده من حَيْثُ أَن الْحَرِير لَا يَلِيق بِهِ وَمعنى لَا خلاق لَهُ لاحظ لَهُ فِي لبس الْحَرِير كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة كسوتنيها أَي أعطيتنيها قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 [1385] قعدت الْمَلَائِكَة لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَة فَبعث اللَّهُ مَلَائِكَةً بِصُحُفٍ مِنْ نُورٍ وَأَقْلَامٍ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 نور قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمَذْكُورِينَ غير الْحفظَة طوت الْمَلَائِكَة الصُّحُف قَالَ الْحَافِظ بن حجر المُرَاد صُحُفِ الْفَضَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْخُشُوعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُهُ الْحَافِظَانِ المهجر اسْم فَاعل من التهجير قيل المُرَاد بِهِ الْمُبَادرَة إِلَى الْجُمُعَة بعد الصُّبْح وَقيل بل فِي قرب الهاجرة أَي نصف النَّهَار كالمهدي أَي الْمُتَصَدّق ببدنة بِفتْحَتَيْنِ أَي الْإِبِل وَقيل المُرَاد كَالَّذي يهديها إِلَى مَكَّة وَلَا يُنَاسِبه الدَّجَاجَة والْحَدِيث يدل على أَن الْبَدنَة لَا تَشْمَل الْبَقَرَة بطة فَوق الدَّجَاجَة دجَاجَة بِفَتْح الدَّال فِي الافصح وَيجوز الْكسر وَالضَّم قَوْله رجل قدم بدنه التّكْرَار فِي الْجمع للْإِشَارَة إِلَى أَن الْأجر الْمَذْكُور موزع على سَاعَات فالآتي فِي أول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 كل سَاعَة وَآخِرهَا يشتر كَانَ فِي نوع ذَلِك الْأجر كالتصدق بالبدنة مثلا وان تَفَاوتا من حَيْثُ الصِّفَات فالآتي فِي أول تِلْكَ السَّاعَة كالمعطي للبدنة السمينة وَمن بعده كالمتصدق بِمَا دون ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1388] غسل الْجَنَابَة أَي كَغسْل الْجَنَابَة بعد أَن يجنب لحَدِيث من غسل واغتسل كَمَا تقدم من احتمالاته ثمَّ رَاح أَي فِي السَّاعَة الأولى بِقَرِينَة مَا بعده قرب بتَشْديد الرَّاء والساعات مَحْمُولَة على لحظات قرب الزَّوَال عِنْد مَالك وعَلى السَّاعَات النجومية عِنْد غَيره وَعَلِيهِ بنى المُصَنّف استدلاله على الْوَقْت وأيده بِحَدِيث بعده إِذْ السَّاعَة فِيهِ مَحْمُولَة على السَّاعَة النجومية قطعا وعَلى هَذَا فوقت خُرُوج الامام يكون فِي السَّاعَة السَّادِسَة قيل وفيهَا نزُول الشَّمْس وَلَا يخفى أَن نزُول الشَّمْس فِي آخر السَّاعَة السَّادِسَة وَأول السَّاعَة السَّابِعَة وَمُقْتَضى الحَدِيث ان الامام يخرج عِنْد أول السَّاعَة السَّادِسَة وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون خُرُوج الامام قبل الزَّوَال فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1389] اثْنَتَا عشرَة سَاعَة المُرَاد هَا هُنَا السَّاعَة النجومية وَالْمرَاد أَنَّهَا فِي عدد السَّاعَات كَسَائِر الْأَيَّام يسْأَل الله أَي فِي سَاعَة مِنْهَا وَهَذِه السَّاعَات عرفية وَضمير التمسوها رَاجع إِلَى هَذِه السَّاعَة وَقَوله آخر سَاعَة ظرف لالتمسوا وَالْمرَاد بهَا السَّاعَة النجومية فَلَا اشكال فِي الظَّرْفِيَّة بِأَن يُقَال كَيفَ يلْتَمس السَّاعَة فِي السَّاعَة قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 [1390] فنريح نواضحنا أَي نريحها من الْعَمَل وتعب السَّقْي أَو للرعي قلت أَي سَاعَة أَي تصلونَ أَيَّة سَاعَة أَو ترجعون أَيَّة سَاعَة وعَلى الثَّانِي الْمُتَبَادر أَن الصَّلَاة كَانَت قبل الزَّوَال الا أَن يؤول بِقرب الزَّوَال قَوْله [1391] وَلَيْسَ للحيطان فَيْء يستظل بِهِ أَي بعد الزَّوَال بِقَلِيل قَوْله [1392] ان الْأَذَان أُرِيد بِهِ النداء الشَّامِل للاقامة وَلذَلِك قيل كَانَ أول وَالْمرَاد أول مِنْهُ فَأول بِالرَّفْع اسْم كَانَ والعائد مَحْذُوف وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة أبي دَاوُد كَانَ أَوله ونصبه على أَنه خبر بعيد معنى وَإِذا كَانَ الأول حِين جُلُوس الامام فثانية الْإِقَامَة وَالثَّالِث مَا أَمر بِهِ عُثْمَان والزوراء بِفَتْح مُعْجمَة وَسُكُون وَاو وَرَاء ممدودة دَار بِالسوقِ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 [1393] غير مُؤذن وَاحِد أَي الَّذِي يُؤذن فِي الْأَوْقَات كلهَا وَالَّذِي يُؤذن غَالِبا فَلَا يرد أَن بن أم مَكْتُوم قد ثَبت كَونه مُؤذنًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1395] وَقد خرج الامام أَي للخطبة شرع فِيهَا أم لابل قد جَاءَ صَرِيحًا والأمام يخْطب وَهَذَا صَرِيح فِي جَوَاز الرَّكْعَتَيْنِ حَال الْخطْبَة للداخل فِي تِلْكَ الْحَالة وَالْمَانِع عَنْهُمَا يسْتَدلّ بِحَدِيث إِذا قلت لصاحبك انصت الخ وَذَلِكَ لِأَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ أَعلَى من رَكْعَتي التَّحِيَّة فَإِذا منع مِنْهُ منع مِنْهُمَا بِالْأولَى وَفِيه بحث أما أَو لَا فَلِأَنَّهُ اسْتِدْلَال بِالدّلَالَةِ أَو الْقيَاس فِي مُقَابلَة النَّص فَلَا يسمع وَأما ثَانِيًا فَلِأَن الْمُضِيّ فِي الصَّلَاة لمن شرع فِيهَا قبل الْخطْبَة جَائِز بِخِلَاف الْمُضِيّ فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ لمن شرع فِيهِ قبل فَكَمَا لَا يَصح قِيَاس الصَّلَاة بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ بَقَاء لَا يَصح ابْتِدَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 [1396] إِلَى جذع نَخْلَة أَي أصل نَخْلَة كحنين النَّاقة أَي باكية كصوت النَّاقة وَهَذَا من المعجزات الباهرة جدا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 [1398] صيامها وقيامها بِالْجَرِّ بدل من سنة قَوْله [1399] فقد آذيت أَي النَّاس وَهَذَا إِذا لم تكن فِي الصُّفُوف فُرْجَة أَو طلع الامام الْمِنْبَر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 [1401] فقد لَغَا أَي وَمن لَغَا فَلَا أجر لَهُ قَوْله [1403] كَمَا أَمر أَي أَمر إِيجَاب فَيخْتَص بِالْوضُوءِ أَو أَمر ندب فَيكون غسلا لما قبله لذنوب مَا قبله من الْجُمُعَة أَي من الاسبوع قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 [1404] خطْبَة الْحَاجة الظَّاهِر عُمُوم الْحَاجة للنِّكَاح وَغَيره فَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يَأْتِي بِهَذَا ليستعين بِهِ على قَضَائهَا وتمامها وَلذَلِك قَالَ الشَّافِعِي الْخطْبَة سنة فِي أول الْعُقُود كلهَا مثل البيع وَالنِّكَاح وَغَيرهمَا وَالْحَاجة إِشَارَة إِلَيْهَا وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِالْحَاجةِ النِّكَاح إِذْ هُوَ الَّذِي تعارف فِيهِ الْخطْبَة دون سَائِر الْحَاجَات وعَلى كل تَقْدِير فَوجه ذكر المُصَنّف الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب لِأَن الأَصْل اتِّحَاد الْخطْبَة فَمَا جَازَ أَو جَاءَ فِي مَوضِع جَازَ فِي مَوضِع آخر أَيْضا وَكَأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1405] إِذا رَاح أَي ذهب وَمَشى إِلَيْهَا وَلم يرد رواح آخر النَّهَار يُقَال رَاح وَتَروح إِذا سارأى وَقت كَانَ وَقَالَ مَالك الرواح لَا يكون الا بعد الزَّوَال فَأخذ مِنْهُ أَن الذّهاب إِلَى الْجُمُعَة يكون بعد الزَّوَال كَذَا قيل قَوْله بذة بِفَتْح فتشديد ذال مُعْجمَة أَي هَيْئَة تدل على الْفقر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 [1408] صل رَكْعَتَيْنِ قيل أمره ليرى النَّاس هيأته فيترحمون عَلَيْهِ لَكِن مُقْتَضى السُّؤَال بقوله أصليت الخ أَنه مَا قصد بِالْأَمر ذَلِك ثمَّ كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَا كَلَام الْمُجيب لَيْسَ من بَاب الْكَلَام حَالَة الْخطْبَة فَلَا يَشْمَلهُ النَّهْي لِأَن الامام إِذا شرع فِي الْكَلَام فَمَا بقيت الْخطْبَة تِلْكَ السَّاعَة وَقَالَ خُذ ثَوْبك فِيهِ أَن الْمُحْتَاج يقدم نَفسه وَأَن الْإِنْسَان يبْدَأ بِنَفسِهِ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 [1410] وَهُوَ يقبل من الإقبال قَوْله [1411] حفظت ق وَالْقُرْآن الْمجِيد قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ اخْتِيَارِ ق أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ وَالْمَوَاعِظِ الشَّدِيدَةِ وَالزَّوَاجِرِ الْأَكِيدَةِ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 [1412] بِأُصْبُعِهِ السبابَة كَأَنَّهُ يرفعها عِنْد التَّشَهُّد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يَعْثرَانِ من العثرة وَهِي الزلة من حد نصر أَي يمشيان مَشى صَغِير يمِيل فِي مَشْيه تَارَة إِلَى هُنَا وَتارَة إِلَى هُنَا لضَعْفه فِي الْمَشْي فحملها من كَمَال مَا وضع الله تَعَالَى فِيهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من الرَّحْمَة قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 [1414] ويقل اللَّغْو أَي الْكَلَام الْقَلِيل الجدوى أَي غَالب كَلَامه جَامع لمطالب جمة وَأما الْكَلَام الْقَاصِر عَن ذَلِك الْحَد فَكَانَ قَلِيلا وَقيل الْقلَّة بِمَعْنى الْعَدَم فاللغو مَالا فَائِدَة فِيهِ ويطيل الصَّلَاة أَي صلَاته كَانَت طَوِيلَة عَمَّا عَلَيْهِ النَّاس وخطبته بِالْعَكْسِ وَكَانَت كل من الصَّلَاة وَالْخطْبَة متوسطة فِي بَابهَا بَين الطول وَالْقصر كَمَا جَاءَ وَكَانَت خطبَته قصدا وَصلَاته قصدا وَقيل المُرَاد أَن صلَاته كَانَت أطول من خطبَته وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله وَلَا يأنف من بَاب سمع أَي لَا يستنكف مَعَ الارملة أَي مَعَ الْمَرْأَة الضعيفة قَوْله قصدا أَي متوسطة بَين الْقصر والطول وَكَذَا الصَّلَاة وَلَا يلْزم مساواتهما إِذْ توَسط كل يعْتَبر فِي بَابه كَمَا تقدم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 [1419] فَيعرض لَهُ الرجل فِيهِ دلَالَة على أَنه لَا مَانع بعد الْخطْبَة قبل الصَّلَاة من الْكَلَام وَإِنَّمَا الْمَنْع حَالَة الْخطْبَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 [1420] وَصَلَاة السّفر أَي فِي غير الثلاثية قَوْله مخول كمحمد قَوْله بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى الِاخْتِلَاف مَحْمُول على جَوَاز الْكل واستنانه وَأَنه فعل تَارَة هَذَا وَتارَة ذَاك فَلَا تعَارض فِي أَحَادِيث الْبَاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 قَوْله فقد أدْرك أَي تمكن من ادراكه بِضَم الرَّكْعَة الثَّانِيَة إِلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 قَوْله [1426] فَليصل بعْدهَا أَرْبعا فاطلاقه يدل على أَنه يجوز أَن يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد وَمَا جَاءَ انه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم صلى رَكْعَتَيْنِ حمله المُصَنّف على أَن ذَاك للامام وَنبهَ عَلَيْهِ بالترجمة الثَّانِيَة فَلَا تعَارض وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 قَوْله [1430] وَفِيه تيب على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّوْبَة أَي قبل تَوْبَته مصيخة من أصاخ أَي مستمعة شفقا أَي خوفًا من قِيَامهَا وَفِيه أَن الْبَهَائِم تعلم الْأَيَّام بِعَينهَا وَأَنَّهَا تعلم أَن الْقِيَامَة تقوم يَوْم الْجُمُعَة وَلَا تعلم الوقائع الَّتِي بَين زمانها وَبَين الْقِيَامَة أَو مَا تعلم أَن تِلْكَ الوقائع مَا وجدت إِلَى الْآن وَالله تَعَالَى أعلم لَا تعْمل على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لَا تحث وَلَا تساق والمطى جمع مَطِيَّة وَهِي النَّاقة الَّتِي ركب مطاها أَي ظهرهَا وَقيل يمطي بهَا فِي السّير أَي يمد تِلْكَ السَّاعَة بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة فَهُوَ كَذَلِك أَي فالجالس فِي تِلْكَ السَّاعَة منتظرا كَذَلِك أَي مصل قَوْله لَا يُوَافِقهَا أَي لَا يصادفها قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 [1432] قَائِم يُصَلِّي أَي قَائِم يُصَلِّي أَو ثَابت فِي مَكَانَهُ يُصَلِّي ان فسرنا الحَدِيث بِمَا فسره عبد الله بن سَلام والا فالعادة عِنْد الِانْتِظَار الْقعُود (كتاب تَقْصِير الصَّلَاة فِي السّفر) قَوْله [1433] فقد أَمن النَّاس أَي فَمَا بالهم يقصرون الصَّلَاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 فَقَالَ صَدَقَة أَي شرع لكم ذَلِك رَحْمَة عَلَيْكُم وَإِزَالَة للْمَشَقَّة عَنْكُم نظرا إِلَى ضعفكم وفقركم وَهَذَا الْمَعْنى يَقْتَضِي أَن مَا ذكر فِيهِ من الْقَيْد فَهُوَ اتفاقي ذكره على مُقْتَضى ذَلِك الْوَقْت والا فَالْحكم عَام والقيد لَا مَفْهُوم لَهُ وَلَا يخفى مَا فِي الحَدِيث من الدّلَالَة على اعْتِبَار الْمَفْهُوم فِي الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة وَأَنَّهُمْ كَانُوا يفهمون ذَلِك ويرون أَنه الأَصْل وَأَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قررهم على ذَلِك وَلَكِن بَين أَنه قد لَا يكون مُعْتَبرا أَيْضا بِسَبَب من الْأَسْبَاب فَإِن قلت يُمكن التَّعَجُّب مَعَ عدم اعْتِبَار الْمَفْهُوم أَيْضا بِنَاء على أَن الأَصْل هُوَ الاتمام وَالْقصر رخصَة جَاءَت مُقَيّدَة لضَرُورَة فَعِنْدَ انْتِفَاء الْقَيْد مُقْتَضى الْأَدِلَّة هُوَ الاخذ بِالْأَصْلِ قلت هَذَا الأَصْل إِنَّمَا يعْمل بِهِ عِنْد انْتِفَاء الْأَدِلَّة وَأما مَعَ وجود فعل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَافِهِ فَلَا عِبْرَة بِهِ وَلَا يتعجب من خِلَافه فَلْيتَأَمَّل قَوْله فاقبلوا صدقته الْأَمر يَقْتَضِي وجوب الْقبُول وَأَيْضًا العَبْد فَقير فاعراضه عَن صَدَقَة ربه يكون مِنْهُ قبيحا وَيكون من قبيل أَن رَآهُ اسْتغنى وَفِي رد صَدَقَة أحد عَلَيْهِ من التأذى عَادَة مَا لَا يخفى فَهَذِهِ من أَمَارَات الْوُجُوب فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1434] صَلَاة الْحَضَر هِيَ مَحل الاوامر الْمُطلقَة وَصَلَاة الْخَوْف هِيَ مَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا الْآيَة يفعل أَي وَقد قصر بِلَا خوف فَهُوَ دَلِيل يثبت بِهِ الحكم كَمَا يثبت بِالْقُرْآنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 قَوْله وَأقَام بهَا أَي بِمَكَّة وَالْمرَاد الْإِقَامَة بهَا وبحواليها من عَرَفَات وَمنى وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 قَوْله [1445] آمن مَا كَانَ النَّاس وَأَكْثَره قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ آمَنَ وَأَكْثَرُ مَنْصُوبَانِ نَصْبَ الظّرْف وَالتَّقْدِير زمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 آمن مَا كَانَ النَّاس فَحذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَقَالَ وَضمير أَكْثَره عَائِد إِلَى جنس النَّاس وَهُوَ مُفْرد قلت وَهَذَا غلط وَإِنَّمَا هُوَ عَائِد إِلَى مَا كَانَ النَّاس بِنَاء على أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَكَانَ تَامَّة وَالنَّاس بِالرَّفْع فَاعله أَلا نرى أَن كَانَ فِي الأَصْل آمن مَا كَانَ النَّاس وَأكْثر مَا كَانَ النَّاس وَحَاصِل الْمَعْنى فِي زمن كَانَ النَّاس فِيهِ أَكثر أمنا وعددا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وصدرا من امارته بِكَسْر الْهمزَة أَي خِلَافَته قَوْله [1449] حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ لَقَدْ صليت الخ أَي إنكارا على عُثْمَان فعله قيل وَإِنَّمَا فعل عُثْمَان ذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 حِين سمع من بعض الاعراب أَنهم قصروا الصَّلَاة تَمام السّنة بِنَاء على أَنهم رَأَوْا عُثْمَان يقصر فِي موسم الْحَج فَأَتمَّ لأجل دفع مثل هَذَا الْخلَل فَإِن الْحَج مجمع عَظِيم يحضر فِيهِ الْعَالم وَالْجَاهِل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1453] أَقَامَ بِمَكَّة خَمْسَة عشر أَي أَيَّام الْفَتْح واقامته عشرا كَانَت فِي حجَّة الْوَدَاع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 [1454] يمْكث المُهَاجر بعد قَضَاء نُسكه ثَلَاثًا يُرِيد أَنه يفهم مِنْهُ أَنه إِذا زَاد رَابِعا يصير مُقيما بِمَكَّة وَلَيْسَ لَهُ الْإِقَامَة بهَا بعد أَن هجرها لله تَعَالَى فَيلْزم مِنْهُ أَن من يقْصد الْإِقَامَة بِموضع أَرْبعا يصير مُقيما بِهِ فَهَذَا حد الْإِقَامَة وَأما اقامته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة عشرا أَو خَمْسَة عشر فَيحْتَمل أَن تكون بِلَا قصد أَو كَانَت بِمَكَّة وحواليها من المشاعر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قصرت بِالْخِطَابِ وَأَتْمَمْت بالتكلم وَأَفْطَرت بِالْخِطَابِ وَصمت بالتكلم أَحْسَنت بِكَسْر التَّاء على خطاب الْمَرْأَة وَهَذَا الحَدِيث يدل على عدم وجوب الْقصر لَكِن بعض الْأَحَادِيث تدل على الْوُجُوب وَقد علم أَنه عَادَته المستمرة فالأخذ بهَا لَا يَخْلُو عَن احْتِيَاط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 [1458] طنفسة لَهُ بِكَسْر طاء وَفَاء وضمهما وبكسر فَفتح بِسَاط لَهُ خمل رَقِيق لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَأَتْمَمْتُهَا لَعَلَّ الْمَعْنى لَو كنت صليت النَّافِلَة على خلاف مَا جَاءَت السّنة لأتممت الْفَرْض على خلَافهَا أَي لَو تركت الْعَمَل بِالسنةِ لَكَانَ تَركهَا لاتمام الْفَرْض أحب وَأولى من تَركهَا لاتيان النَّفْل وَلَيْسَ الْمَعْنى لَو كَانَت النَّافِلَة مَشْرُوعَة لَكَانَ الاتمام مَشْرُوعا حَتَّى يرد عَلَيْهِ مَا قيل أَن شرع الْفَرْض تَامَّة يُفْضِي إِلَى الْحَرج إِذْ يلْزم حِينَئِذٍ الاتمام وَأما شرع النَّفْل فَلَا يُفْضِي إِلَى حرج لكَونهَا إِلَى خيرة الْمُصَلِّي ثمَّ معنى لَا يزِيد على الرَّكْعَتَيْنِ أَي فِي هَذِه الصَّلَاة أَي الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا لَهُم فِي ذَلِك الْوَقْت أوفى غير الْمغرب إِذْ لَا يَصح ذَلِك فِي الْمغرب قطعا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 (كتاب الْكُسُوف) قَوْله آيتان قيل المُرَاد أَيْ كُسُوفَهُمَا آيَتَانِ لِأَنَّهُ الَّذِي خَرَجَ الْحَدِيثُ بِسَبَبِهِ قلت يحْتَمل أَن المُرَاد أَنَّهُمَا ذاتا وَصفَة آيتان أَو أَرَادَ أَنَّهُمَا إِذا كَانَا آيَتَيْنِ فتغييرهما يكون مُسْندًا إِلَى تصرفه تَعَالَى لَا دخل فِيهِ لمَوْت أَو حَيَاة كشأن الْآيَات وَمعنى كَونهمَا آيَتَيْنِ أَنَّهُمَا عَلَامَتَانِ لِقُرْبِ الْقِيَامَةِ أَوْ لِعَذَابِ اللَّهِ أَوْ لِكَوْنِهِمَا مُسَخَّرَيْنِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْتَ حُكْمِهِ وَقيل أَنَّهُمَا من الْآيَات الدَّالَّة على وحدانيته تَعَالَى وَعِظَمِ قُدْرَتِهِ أَوْ عَلَى تَخْوِيفِ الْعِبَادِ مِنْ بأسه وسطوته [1459] لَا ينكسفان بالتذكير لتغليب الْقَمَر كَمَا فِي القمرين لمَوْت أحد الخ قَالَ ذَلِك لِأَنَّهَا انكسفت يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَزعم النَّاس أَنَّهَا انكسفت لمَوْته فَدفع صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وهمهم بِهَذَا الْكَلَام وَذكر الْحَيَاة استطرادي بهما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 بكسوفهما قَوْله اترامى أَي أرمي بأسهم جمع سهم مَا أحدثه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم زعم أَنه لَا بُد أَن يُقرر فِي الْكُسُوف شَيْئا من السّنَن فَأَرَادَ أَن ينظره حَتَّى حسر على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أزيل وكشف مَا بهَا ثمَّ قَامَ الخ ظَاهره أَنه شرع فِي الصَّلَاة بعد الانجلاء وَأَنه صلى بركوع وَاحِد وَهَذَا مستبعد بِالنّظرِ إِلَى سَائِر الرِّوَايَات وَلذَلِك أجَاب بَعضهم بِأَن هَذِه الصَّلَاة كَانَت تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ انْجِلَاءِ الْكُسُوفِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 لَا أَنَّهَا صَلَاة الْكُسُوف ورده النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ مُخَالف لظَاهِر الرِّوَايَة الْأُخْرَى لهَذَا الحَدِيث لكنه ذكر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 جَوَابا لَا يُوَافق هَذِه الرِّوَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1464] فكسفت الشَّمْس بِفَتْح كَاف وسين كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الصِّحَاح كسفت الشَّمْس كسوفا وكسفها الله كسفا يتَعَدَّى انْتهى فَيمكن بِنَاء كسفت للْمَفْعُول أَيْضا قَوْله ان هِيَ مُخَفّفَة تفسيرية [1465] الصَّلَاة جَامِعَة بِنصب الصَّلَاة على الإغراء وَنصب جَامِعَة على الْحَال أَي احضروا الصَّلَاة حَال كَونهَا جَامِعَة للْجَمَاعَة وَيجوز رفعهما على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر أَربع رَكْعَات أَي أَربع ركوعات فِي رَكْعَتَيْنِ فِي كل رَكْعَة ركوعين قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَاب وَبَاقِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 الرِّوَايَات الْمُخَالفَة معللة ضَعِيفَة ورد بِأَنَّهُ أخرجهَا مُسلم وَغَيره بأسانيد صَحِيحَة فَالْحكم بالضعف غير صَحِيح وَقيل الِاخْتِلَاف يحمل على تعدد الوقائع وَالْمرَاد بِهِ بَيَان جَوَاز الْجَمِيع ورد بِأَن وُقُوع الْكُسُوف مَرَّات كَثِيرَة فِي قدر عشر سِنِين فِي الْمَدِينَة مستبعد جدا لم يعْهَد وُقُوعه كَذَلِك وَلِهَذَا حكم عُلَمَاؤُنَا بالتعارض فطرحوا الْكل وَأخذُوا بِالْأَصْلِ وَالْأَصْل فِي الرُّكُوع الِاتِّحَاد دون التَّعَدُّد وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 كَذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1470] قيَاما شَدِيدا أَي على النُّفُوس وَالْمرَاد بِهَذَا الْقيام الصَّلَاة بِتَمَامِهَا وَقَوله يقوم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 بِالنَّاسِ الخ بَيَان للْقِيَام الشَّديد وَهَذَا من قبيل إِحْضَار هَيْئَة الْقيام فِي الْحَال فَلذَلِك أَتَى بِصِيغَة الْمُضَارع وَكَذَا مَا بعده ثَلَاث رَكْعَات أَرَادَ بالركعة هُنَا الرُّكُوع كَمَا تقدم مثله سِجَال المَاء بِكَسْر السِّين وخفة الْمِيم جمع سجل بِفَتْح فَسُكُون هُوَ الدَّلْو المملوء مِمَّا قَامَ بهم أَي لأجل قيامهم ذَلِك الْقيام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 المفضي إِلَى الغشى أَو لما لحقهم قَوْله [1472] حَتَّى يفرج عَنْكُم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يزَال عَنْكُم التخويف فِي مقَامي يحْتَمل الْمصدر وَالْمَكَان وَالزَّمَان وعدتم على بِنَاء الْمَفْعُول قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ هَذِه الرِّوَايَة أوضح من رِوَايَة الصَّحِيح مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْته فِي مقَامي هَذَا حَتَّى قَالَ الْكرْمَانِي فِيهِ دلَالَة على أَنه رأى ذَاته تَعَالَى المقدسة فِي ذَلِك الْمقَام بِنَاء على عُمُوم الشَّيْء لَهُ تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة قل الله شَهِيد الْآيَة وَالْعقل لَا يمنعهُ لَكِن بيّنت رِوَايَة المُصَنّف أَن كل شَيْء مَخْصُوص بالموعود كفتن الدُّنْيَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 وفتوحها وَالْجنَّة وَالنَّار لَكِن قد يُقَال هُوَ تَعَالَى دَاخل فِي الْمَوْعُود لِأَن النَّاس يرونه تَعَالَى فِي الْجنَّة فَلْيتَأَمَّل قطفا بِكَسْر فَسُكُون عنقود وروى أَكْثَرهم بِالْفَتْح وَإِنَّمَا هُوَ بِالْكَسْرِ ذكره فِي الْمجمع يحطم كيضرب أَي يكسرهُ ويزاحمه كَمَا يفعل الْبَحْر من شدَّة الأمواج بن لحي بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ سيب السوائب أَي شرع لباقي قُرَيْش أَن يتْركُوا النوق ويعتقوها من الْحمل وَالرُّكُوب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وَنَحْو ذَلِك للأصنام نَعُوذ بِاللَّه تَعَالَى من ذَلِك قَوْله أغير من الْغيرَة وَهِي تغير يحصل من الاستنكاف وَذَلِكَ محَال على الله فَالْمُرَاد هُنَا أغضب [1474] أَن يَزْنِي أَي لأجل أَن يَزْنِي لَو تعلمُونَ الخ قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن الله تَعَالَى قد خصّه بِعلم لَا يُعلمهُ غَيره وَلَعَلَّه مَا رَآهُ فِي مَقَامِهِ مِنَ النَّارِ وَشَنَاعَةِ مَنْظَرِهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ تَعْلَمُونَ مِنْ عِظَمِ انْتِقَامِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الْجَرَائِمِ وَشِدَّةِ عِقَابِهِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَة وَمَا بعْدهَا مَا أعلم وَتَرَوْنَ النَّارَ كَمَا رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا وَفِي غَيره لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم فِيمَا علمتموه وَلَا يخفى أَنهم علمُوا بِوَاسِطَة خَبره إِجْمَالا فَالْمُرَاد التَّفْصِيل كعلمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَالْمَعْنى لَو تعلمُونَ مَا أعلم كَمَا أعلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1475] عائذا بِاللَّه قيل بِمَعْنى الْمصدر أَي أستعيذ استعاذة بِاللَّه أَو هُوَ حَال أَي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 فَقَالَ مَا قَالَ من الدُّعَاء عائذا بِاللَّه تَعَالَى من عَذَاب الْقَبْر وروى بِالرَّفْع أَي أَنا عَائِذ بِاللَّه فخرجنا إِلَى الْحُجْرَة لَعَلَّ المُرَاد إِلَى ظَاهر الْحُجْرَة وَهُوَ الْمُوَافق لقولها فَكنت بَين الْحُجْرَة وَالله تَعَالَى أعلم كُنَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 نَسْمَعهُ أَي نسْمع النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [1477] فِي صفة زَمْزَم قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ تَفَرَّدَ النَّسَائِيّ عَن عُبَيْدَة بِقَوْلِهِ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ وَهُوَ وَهَمٌ بِلَا شكّ فَإِن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ هَذَا هُوَ الَّذِي ذكره الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فيخشى أَن يكون الْوَهم من عَبدة فَإِنَّهُ مَرْوَزِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ فَاحْتَمَلَ أَنَّ النَّسَائِيَّ سَمِعَهُ مِنْهُ بِمِصْرَ فَدخل عَلَيْهِ الْوَهم لعدم الْكتاب وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا بِطَرِيقٍ آخر من غير هَذِه الزِّيَادَة انْتهى وَعُرِضَ هَذَا عَلَى الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ قد أَجَاد وَأحسن الانتقاد قلت وَبِهَذَا ظهر أَن مَا قيل فِي التَّوْفِيق حمل الرِّوَايَات على تعدد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 الوقائع بعيد جدا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 قَوْله [1482] لم تعدني هَذَا وَأَنا فيهم الخ أَي مَا وَعَدتنِي هَذَا وَهُوَ أَن تُعَذبهُمْ وَأَنا فيهم بل وَعَدتنِي خِلَافه وَهُوَ أَن لَا تُعَذبهُمْ وَأَنا فيهم يُرِيد بِهِ قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم الْآيَة وَهَذَا من بَاب التضرع فِي حَضرته وَإِظْهَار غناهُ وفقر الْخلق وَأَن مَا وعد بِهِ من عدم الْعَذَاب مَا دَامَ فيهم النَّبِي يُمكن أَن يكون مُقَيّدا بِشَرْط وَلَيْسَ مثله مَبْنِيا على عدم التَّصْدِيق بوعده الْكَرِيم وَهَذَا ظَاهر وَالله تَعَالَى أعلم أدنيت الْجنَّة مني على بِنَاء الْمَفْعُول من الادناء قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْحُجُبَ كُشِفَتْ لَهُ دُونَهَا فَرَآهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا وَطُوِيَتِ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهَا مَثَلَتْ لَهُ فِي الْحَائِطِ كَمَا تَنْطَبِعُ الصُّورَةُ فِي الْمِرْآةِ فَرَأى جَمِيع مَا فِيهَا مِنْ قُطُوفِهَا جَمْعُ قِطْفٍ وَهُوَ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 يُقْطَفُ مِنْهَا أَيْ يُقْطَعُ وَيُجْتَنَى تُعَذَّبُ فِي هرة أَي لأجل هرة وَفِي شَأْنهَا قَوْله خشَاش الأَرْض أَي هوامها وحشراتها ولت أَي أَدْبَرت الْمَرْأَة وَالْحَاصِل أَن الْهِرَّة فِي النَّار مَعَ الْمَرْأَة لَكِن لَا لتعذب الْهِرَّة بل لتَكون عذَابا فِي حق الْمَرْأَة صَاحب السبتيتين هَكَذَا فِي نُسْخَة النَّسَائِيّ وَفِي كتب الْغَرِيب صَاحب السائبتين فِي النِّهَايَة سائبتان بدنتان أهداهما النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبَيْت فَأَخذهُمَا رجل من الْمُشْركين فَذهب بهما وسماهما سائبتين لِأَنَّهُ سيبهما لله تَعَالَى يدْفع على بِنَاء الْمَفْعُول المحجن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 بِكَسْر الْمِيم عَصا معوجة الرَّأْس قَوْله فافزعوا بِفَتْح الزَّاي الجؤا قَوْله غرضين بِفَتْح مُعْجمَة ومهملة أَي هدفين [1484] قيد رُمْحَيْنِ بِكَسْر الْقَاف أَي قدرهما ليحدثن من الْأَحْدَاث بالنُّون الثَّقِيلَة وشأن هَذِه الشَّمْس مَرْفُوع بالفاعلية فدفعنا على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول أَي دفعنَا الانطلاق فوافينا أَي وجدنَا قطّ أَي دَائِما أَو أبدا فَلذَلِك اسْتعْمل فِي الاثبات والا فقد أَجمعُوا على أَنه لَا يسْتَعْمل الا فِي النَّفْي لَا نسْمع لَهُ صَوتا لَا يدل على أَنه قَرَأَ سرا لجَوَاز أَنه قَرَأَ جَهرا وَلم يسمعهُ هَؤُلَاءِ لبعدهم وَظَاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 الحَدِيث أَنه ركع رُكُوعًا وَاحِدًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَزعًا بِفَتْح فَكسر أَي خَائفًا وَقيل أَو بِفَتْح الزاء على أَنه مصدر بِمَعْنى الصّفة أَو هُوَ مفعول مُطلق لمقدر وَقَوله إِن الله عز وَجل إِذَا بَدَا لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 خشع لَهُ قَالَ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ هَذِه الزِّيَادَة غير صَحِيحَة نقلا فَيجب تَكْذِيب ناقلها وَبنى ذَلِك على ان قَول الفلاسفة فِي بَاب الخسوف والكسوف حق لما قَامَ عَلَيْهِ من الْبَرَاهِين القطعية وَهُوَ أَن خُسُوفُ الْقَمَرِ عِبَارَةٌ عَنِ انْمِحَاءِ ضَوْئِهِ بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَقْتَبِسُ نُورَهُ مِنَ الشَّمْسِ وَالْأَرْضُ كُرَةٌ وَالسَّمَاءُ مُحِيطَةٌ بِهَا مِنَ الْجَوَانِبِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَمَرُ فِي ظِلِّ الْأَرْضِ انْقَطَعَ عَنْهُ نُورُ الشَّمْسِ وَأَن كسوف الشَّمْس مَعْنَاهُ وُقُوع جرم الْقَمَر بَين النَّاظر وَالشَّمْس وَذَلِكَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ عَلَى دَقِيقَةٍ وَاحِدَة قَالَ بن الْقيم إِسْنَاد هَذِه الرِّوَايَة لامطعن فِيهِ وَرُوَاته ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ وَلَكِنْ لَعَلَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَلِهَذَا لَا تُوجَدُ فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْكُسُوفِ فَقَدْ روى حَدِيث الْكُسُوف عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بضعَة عشر صحابيا فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ اللَّفْظَة فَمن هَا هُنَا نَشأ احْتِمَال الادراج وَقَالَ السُّبْكِيّ قَول الفلاسفة صَحِيح كَمَا قَالَ الْغَزالِيّ لَكِن إِنْكَار الْغَزالِيّ هَذِه الزِّيَادَة غير جيد فَإِنَّهُ مَرْوِيّ فِي النَّسَائِيّ وَغَيره وتأويله ظَاهِرٌ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنَّ الْعَالِمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ ومقدر الكائنات سُبْحَانَهُ يقدر فِي أزل الْأَزَل خُسُوفَهُمَا بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَوُقُوفِ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالشَّمْسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتَ تَجَلِّيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمَا فَالتَّجَلِّي سَبَبٌ لِكُسُوفِهِمَا قَضَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُقَارِنُ تَوَسُّطَ الْأَرْضِ وَوُقُوفَ جِرْمِ الْقَمَرِ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي مُنَازعَة الفلاسفة فِيمَا قَالُوا إِذا دلّت عَلَيْهِ براهين قَطْعِيَّة انْتهى قلت وَيحْتَمل أَن المُرَاد إِذا بدا أَي بَدو الْفَاعِل للْمَفْعُول أَي إِذا تصرف فِي شَيْء من خلقه بِمَا يَشَاء خشع لَهُ أَي قبل ذَلِك وَلم يأب عَنهُ وصلوا كأحدث صَلَاة فِيهِ أَنه يَنْبَغِي أَن يُلَاحظ وَقت الْكُسُوف فيصلى لأَجله صَلَاة هِيَ مثل مَا صلاهَا من الْمَكْتُوبَة قبيلها وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 عدد الرَّكْعَات على حسب تِلْكَ الصَّلَاة وَأَن يكون الرُّكُوع وَاحِدًا وَمُقْتَضى هَذَا الحَدِيث أَنه يجب على النَّاس الْعَمَل بِهَذَا وان سلم أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم صلى بركوعين لِأَن هَذَا أَمر للنَّاس وَذَلِكَ فعل فَلْيتَأَمَّل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 قَوْله رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قبل ركوعين فِي كل رَكْعَة ويبعده مَا فِي بعض الرِّوَايَات من قَوْله وَسُئِلَ عَنْهَا فَلْيتَأَمَّل قَوْله [1489] مثل صَلَاتنَا أَي الْمَعْهُودَة فَيُفِيد اتِّحَاد الرُّكُوع أَو مثل مَا نصلي فِي الْكُسُوف فَيلْزم توقفه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 على معرفَة تِلْكَ الصَّلَاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 قَوْله تكعكعت أَي تَأَخَّرت [1493] مَا بقيت الدُّنْيَا أَي لعدم فنَاء فواكه الْجنَّة وَقيل لم يَأْخُذهُ لِأَن الدُّنْيَا فانية فَلَا يُنَاسِبهَا الْفَوَاكِه الْبَاقِيَة وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ النَّاسُ لَكَانَ إِيمَانُهُمْ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالْغَيْبِ فيخشى أَن ترفع التَّوْبَة فَلم ينفع نفسا إيمَانهَا كَالْيَوْمِ أَي كمنظر الْيَوْم وَالْمرَاد بِالْيَوْمِ الْوَقْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 فَالْمَعْنى كالمنظر الَّذِي رَأَيْته الْآن يكفرن العشير أَي الزَّوْج قيل لم يعد بِالْبَاء لِأَنَّ كُفْرَ الْعَشِيرِ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الِاعْتِرَافِ بِخِلَاف الْكفْر بِاللَّه ويكفرن الْإِحْسَان كَأَنَّهُ بَيَان لقَوْله يكفرن العشير إِذْ المُرَاد كفر إحسانه لَا كفر ذَاته وَالْمرَاد بِكفْر الْإِحْسَان تغطيته وجحده لَو أَحْسَنت الْخطاب لكل من يصلح لذَلِك من الرِّجَال الدَّهْر بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة أَي تَمام الْعُمر شَيْئا أَي وَلَو حَقِيرًا لَا يُوَافق هَواهَا من أَي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 نوع كَانَ قَوْله [1495] لَا نسْمع لَهُ صَوتا يُمكن أَنه حِكَايَة لحَال من كَانَ مَعَ سمره فِي الصُّفُوف الْبَعِيدَة وَلَا يلْزم من عدم سماعهم نفي الْجَهْر قَوْله وينفخ أَي تأسفا على حَال الْأمة لما رأى فِي ذَلِك الْموقف من الْأُمُور الْعِظَام حَتَّى النَّار فخاف عَلَيْهِم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 قَوْله يفتنون على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يختبرون بالسؤال قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 [1502] حَتَّى ينْكَشف مَا بكم من التخويف قَوْله [1503] يخْشَى أَن تكون السَّاعَة اما لِأَن غَلَبَة الخشية والدهشة وفجأة الْأُمُور الْعِظَام يذهل الْإِنْسَان عَمَّا يعلم أَو لاحْتِمَال أَن يكون الْأُمُور الْمَعْلُومَة وُقُوعهَا بَينه وَبَين السَّاعَة كَانَت مُقَيّدَة بِشَرْط وَالله تَعَالَى اعْلَم وَقيل المُرَاد قَامَ فَزعًا كالخاشي أَن تكون السَّاعَة وَقيل لَعَلَّ هَذَا الْكُسُوفَ كَانَ قَبْلَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ الْأُمُور الْمَعْلُوم وُقُوعهَا بَينه وَبَين السَّاعَة وَقيل هَذَا ظن من الرَّاوِي أَنه خشِي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خشِي ذَلِك حَقِيقَة وَلَا عِبْرَة بظنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 (كتاب الاسْتِسْقَاء) قَوْله [1504] هَلَكت الْمَوَاشِي أَي ضعفت عَن السّفر لقلَّة الْقُوت وانقطعت السبل لذَلِك ولكونها لَا تَجِد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 فِي طرقها من الكلا مَا يُقيم قوتها أَو لِأَن النَّاس مَا يَجدونَ فِي الطَّرِيق مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِيهَا فمطرنا على بِنَاء الْمَفْعُول وانقطعت السبل لِكَثْرَة الأمطار وَلَا يُمكن الْمَشْي مَعهَا وَهَلَكت الْمَوَاشِي من كَثْرَة الْبرد والاكام بِكَسْر الْهمزَة أَو بِفَتْح وَمد جَمْعُ أَكَمَةَ بِفَتَحَاتٍ وَهِيَ التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ وَقِيلَ مَا ارْتَفع من الأَرْض فانجابت أَي تقطعت كَمَا يَنْقَطِع الثَّوْب قطعا مُتَفَرِّقَة قَوْله وقلب بِالتَّخْفِيفِ أَو التَّشْدِيد أَي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 تفاؤلا بِأَن يقلب الله تَعَالَى الْحَال من عسر إِلَى يسر قَوْله مُتَبَذِّلًا بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ من التبذل وَهُوَ ترك التزين والتهيء بالهيئة الْحَسَنَة الجميلة على جِهَة التَّوَاضُع وَيحْتَمل أَن يكون بِتَقْدِيم الْمُوَحدَة من الابتذال بِمَعْنَاهُ [1506] فَلم يخْطب خطبتكم هَذِه أَي بل كَانَ خطبَته الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار والتضرع قَوْله خميصة قسم من الأكسية قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 [1509] وحول للنَّاس ظَهره أَي اسْتقْبل الْقبْلَة تبتيلا إِلَى الله انْقِطَاعًا عَمَّا سواهُ قَوْله ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ يدل على تَقْدِيم الْخطْبَة على الصَّلَاة وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على بَيَان الْجَوَاز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 قَوْله وَرفع يَدَيْهِ أَي فِي الدُّعَاء قَوْله [1513] لَا يرفع يَدَيْهِ أَي لايبالغ فِي الرّفْع والا فَأصل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 الرّفْع ثَابت فِي مُطلق الدُّعَاء وَآخر الحَدِيث يشْعر بِهَذَا الْمَعْنى قَوْله عَن آبي اللَّحْم بِأَلف ممدودة فَاعل من أَبى بِمَعْنى امْتنع قَوْله [1514] أَحْجَار الزَّيْت هُوَ مَوضِع بِالْمَدِينَةِ مقنع من أقنع أَي رَافع كفيه قَوْله [1515] وأجدب الْبِلَاد أَي غلت الاسعار فِيهَا حَتَّى أوسعنا على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل على أَنه ضمير لله أَو للرسول أَو لدعائه وأمطرنا على بِنَاء الْمَفْعُول مَا هُوَ أَي الشَّأْن الا أَن تكلم أَي بَان تكلم وَالْبَاء الْمقدرَة بِمَعْنى المصاحبة والمقارنة وَالْجَار وَالْمَجْرُور مُتَعَلق بتمزق وَالْمعْنَى مَا الشَّأْن الا تمزق السَّحَاب وتقطع تمزقا مُتَّصِلا ومقرونا مَعَ تكَلمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك الْكَلَام قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 [1517] قحط الْمَطَر على بِنَاء الْفَاعِل أَي احْتبسَ وروى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي حبس اللَّهُمَّ اسقنا بوصل الْهمزَة وَيجوز قطعهَا قزعة بِفتْحَتَيْنِ أَي قِطْعَة من غيم فانشأت أَي خرجت تمطر على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 فتقشعت أَي أقلعت وتصدعت وانها أَي الْمَدِينَة الْإِكْلِيلِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ كُلُّ شَيْءٍ دَار بَين جَوَانِب الشَّيْء أَي صَارَت السحابة حول الْمَدِينَة كالدائرة حول الشَّيْء فَصَارَ كَانَ الْمَدِينَة فِي مثل الدائرة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1518] أَن يغيثنا قيل فتح أَوله أشهر من ضمه من غاث الله الْبِلَاد يغيثها إِذا أرسل إِلَيْهَا الْمَطَر أغثنا قيل كَذَا الرِّوَايَة بِالْهَمْزَةِ أَيْ هَبْ لَنَا غَيْثًا وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ وَقيل غثنا أولى لِأَنَّهُ من غاث وَأَمَّا أَغِثْنَا فَإِنَّهُ مِنَ الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْمَعُونَةِ قلت والاعانة أَيْضا مُنَاسبَة للمقام فِي الْجُمْلَة كَانَ المُرَاد أعنا على طَاعَتك برزقك وَبَين سلع بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام جبل بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 مثل الترس الظَّاهِر أَن التَّشْبِيه فِي الْقدر وَهُوَ الْمُنَاسب بقوله فَلَمَّا توسطت السَّمَاء انتشرت سبتا بسين ثمَّ مُوَحدَة ثمَّ مثناة من فَوق أَي أسبوعا وَكَانَ الْيَهُود تسمى الاسبوع سبتا بِاسْمِ أَعْظَمِ أَيَّامِهِ عِنْدَهُمْ فَتَبِعَهُمُ الْأَنْصَارُ فِي هَذَا الِاصْطِلَاح كَمَا أَن الْمُسلمين سموا الْأُسْبُوع جُمُعَة لذَلِك وَفِي بعض النّسخ سِتا بسين وتاء مُشَدّدَة فَقيل تَصْحِيف وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ فَإِنَّهُ مَا غَابَتْ الشَّمْس الا مَا بَين الجمعتين وَهُوَ سِتَّة أَيَّام فَلْيتَأَمَّل قَوْله حوالينا بِفَتْح اللَّام أَي اجْعَل الْمَطَر حول الْمَدِينَة والظراب بِكَسْر مُعْجمَة وَآخره مُوَحدَة جمع ظرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 بِفَتْح فَكسر وَقد تسكن هُوَ الْجَبَل المنبسط لَيْسَ العالي قَوْله صيبا أَي مَطَرا قَوْله مَا أَنْعَمت أَي مَا أنزلت عَلَيْهِم من مطر بهَا بِكَوْنِهَا من الله وَمن فَضله كَافِرين أَو بِسَبَبِهَا كَافِرين بالمعبود والمنعم الَّذِي أنعم عَلَيْهِم لِأَنَّهَا تصير سَببا للنسبة إِلَى غَيره تَعَالَى الْكَوْكَب أَي موجد إِيَّاهَا وَبِالْكَوْكَبِ جَاءَت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 قَوْله [1525] بِنَوْء كَذَا وَكَذَا يُرِيدُونَ بِهِ بعض الْكَوَاكِب وَهَذَا فِيمَن يرى أَن الْكَوْكَب هُوَ الْمُؤثر وَأما من يرَاهُ عَلامَة وَيرى الْمُؤثر هُوَ الله تَعَالَى فَلَيْسَ من الْكَافرين لَكِن مَعَ ذَلِك الِاحْتِرَاز عَن هَذِه الْكَلِمَة أولى وَقَوله على سقياي بِضَم السِّين اسْم من سقَاهُ الله قَوْله سقينا على بِنَاء الْمَفْعُول [1526] بِنَوْء المجدح بِكَسْر الْمِيم هُوَ نجم من النُّجُوم الدَّالَّة على الْمَطَر عِنْد الْعَرَب قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 [1527] حَتَّى أهم الشَّاب بِالنّصب مفعول أهم وَالرُّجُوع بِالرَّفْع فَاعله أَي ثقل عَلَيْهِ الرُّجُوع بِوَاسِطَة كَثْرَة الْمَطَر حَتَّى أوقعه فِي الْهم فتكشطت أَي تكشفت قَوْله سنة أَي قحط [1528] ثار السَّحَاب أَمْثَال الْجبَال هَذَا بِالنّظرِ إِلَى الْمَآل وَمَا سبق من قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 [1518] طلعت سَحَابَة مثل الترس كَانَ بِالنّظرِ إِلَى مَا عَلَيْهِ فِي أول الْحَال فَلَا مُنَافَاة [1528] مثل الجوبة بِفَتْح الْجِيم ثمَّ الْمُوَحدَة هِيَ الحفرة المستديرة الواسعة وَالْمرَاد هَا هُنَا الفرجة فِي السَّحَاب بالجود بِفَتْح الْجِيم الْمَطَر الْوَاسِع (كتاب صَلَاة الْخَوْف) قَالَ النَّوَوِيّ روى أَبُو دَاوُد وَغَيره وُجُوهًا فِي صَلَاة الْخَوْف يبلغ مجموعها سِتَّة عشر وجهاوقال الْخطابِيّ صَلَاة الْخَوْف أَنْوَاع صلاهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي أَيَّام مُخْتَلفَة وأشكال متباينة يتحَرَّى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 فِي كلهَا مَا هُوَ أحوط للصَّلَاة وأبلغ فِي الحراسة وَهِي على اخْتِلَاف صورها متفقة الْمَعْنى قَالَ الامام أَحْمد أَحَادِيث صَلَاة الْخَوْف صِحَاح كلهَا وَيجوز أَن تكون كلهَا فِي مَرَّات مُخْتَلفَة على حسب شدَّة الْخَوْف وَمن صلى بِصفة مِنْهَا فَلَا حرج عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يَقع فِي شَيْء من الْأَحَادِيث المروية فِي صَلَاة الْخَوْف تعرض لكيفية صَلَاة الْمغرب قَوْله [1529] صف خَلفه بِالْجَرِّ بدل من طَائِفَة ثمَّ نكص أَي تَأَخّر إِلَى مصَاف أُولَئِكَ بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد الْفَاء جمع مصف أَي إِلَى محَال هم صفوا فِيهَا لِلْعَدو وَظَاهره أَنه اقْتصر على رَكْعَة وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة أظهر فِي هَذَا الْمَعْنى لقَوْله وَلم يقضوا أَي الرَّكْعَة الثَّانِيَة الا أَن يحمل على أَن المُرَاد أَنهم مَا أعادوا حَالَة الامن مَا صلوا فِي الْخَوْف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1530] موازي الْعَدو أَي مُقَابِله قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 [1532] وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ عَمِلَ بِظَاهِرِهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالضَّحَّاك وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ إِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ وَجَبَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي السَّفَرِ وَجَبَ رَكْعَتَانِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَالِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَرَكْعَةٌ أُخْرَى يَأْتِي بِهَا مُنْفَرِدًا كَمَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فِي صَلَاة الْخَوْفِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ بَين الْأَدِلَّة قلت لَا مُنَافَاة بَين وجوب وَاحِدَة وَالْعَمَل بِاثْنَتَيْنِ حَتَّى يحْتَاج إِلَى التَّأْوِيل للتوفيق لجَوَاز أَنهم عمِلُوا بالأحب وَالْأولَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 [1535] الا أَنَّهَا كَانَت عقبا أَي تسْجد طَائِفَة بعد طَائِفَة فهم يتعاقبون السُّجُود تعاقب الْغُزَاة قَامَت طَائِفَة مِنْهُم أَي فِي حذاء الْعَدو سجد الَّذين كَانُوا قيَاما أَي فِي آخر صلَاتهم ظَاهره أَن الَّذين كَانُوا مَعَه آخرا مَا سجدوا سُجُود الرَّكْعَة الأولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 [1536] مصافو الْعَدو أَي هم مصافون الْعَدو ثمَّ قَامُوا أَي على التَّعَاقُب فَقَامَتْ طَائِفَة أَولا وَطَائِفَة أُخْرَى بعدهمْ لَا أَنه قَامَت الطائفتان مَعًا والا لزم أَن لَا يكون وجاه الْعَدو الا الامام وَحده قَوْله [1537] وِجَاهَ الْعَدُوِّ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا أَيْ مُوَاجِهَهُ الْعَدو قَوْله [1539] قبل نجد بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ نَجْدٍ فوازينا أَي قابلنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 الْحَافِظ ب حَجَرٍ وَالذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَصْلَهَا الْهَمْزَةُ فَقُلِبَتْ واوا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 [1543] ثُمَّ أَقْبَلَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَاعد وَمن مَعَه لَا يخفى أَنه فِي هَذِه الْحَالة لم يبْق أحد فِي هَذِه الصُّورَة وجاه الْعَدو فَكَانَ هَذِه الصُّورَة فِيمَا إِذا كَانَ الْخَوْف قَلِيلا بِحَيْثُ لَا يضر عدم بَقَاء أحد وجاه الْعَدو سَاعَة وَلَا يُرْجَى مِنْهُم خوف بذلك أَو لَان الْعَدو إِذا رَأَوْهُمْ فِي الصَّلَاة ذَاهِبين آيبين لَا يقعوا عَلَيْهِم بِخِلَاف مَا لَو لم يَفْعَلُوا ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1544] أَجمعُوا أَمركُم من الْإِجْمَاع أَي اعزموا عَلَيْهِ قد أخذُوا حذرهم أَي مَا فِيهِ الحذر قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 [1545] وَلَهُم رَكْعَة ظَاهره أَنهم اكتفوا بِرَكْعَة وَاحِدَة وَحمله على أَن لَهُم رَكْعَة مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وركعة أُخْرَى صلوها لأَنْفُسِهِمْ لَا يَخْلُو عَن بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 وَالرِّوَايَة الْآتِيَة تؤيد الِاحْتِمَال الأول أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 قَوْله بعسفان بِضَم عين مُهْملَة وَسُكُون سين مُهْملَة قَرْيَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة غرَّة بِكَسْر غين مُعْجمَة وَتَشْديد رَاء أَي غَفلَة فِي صَلَاة الظّهْر يُرِيدُونَ فَلَو حملنَا عَلَيْهِم كَانَ أحسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 قَوْله أَرْبعا أَي وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ وَلَا يخفى أَنه يلْزم فِيهِ اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل قطعا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 وَلم أر لَهُم عَنهُ جَوَابا شافيا قَوْله فَهِيَ أَي الرَّكْعَة لَهُ أَي للآمام اثْنَتَانِ أَي تَمام ثِنْتَيْنِ بهَا تتمّ لَهُ اثْنَتَانِ (كتاب الْعِيدَيْنِ) قَوْله [1556] وَقد أبدلكم الله بهما أَي فِي مقابلتهما يُرِيد أَنه نسخ ذَيْنك الْيَوْمَيْنِ وَشرع فِي مقابلتهما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 هذَيْن الْيَوْمَيْنِ وَقَوله وَيَوْم الْأَضْحَى بِفَتْح الْهمزَة جمع أضحاة شَاة يضحى بهَا وَبِه سمى يَوْم الْأَضْحَى قَوْله فَأَمرهمْ أَي أَمر الْمُسلمين عُمُوما لَا أُولَئِكَ الْقَوْم خُصُوصا [1557] بعد مَا ارْتَفع مُتَعَلق بِأَمْر وَأَن يخرجُوا لَعَلَّه ضَاقَ الْوَقْت عَن إِدْرَاك الصَّلَاة فِي وَقتهَا مَعَ الاستعداد فَأمر بِالتَّأْخِيرِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْعَوَاتِق جمع عاتق وَهِي الَّتِي قاربت الْبلُوغ [1558] وَذَوَاتُ الْخُدُورِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جمع خدر بِكَسْر الْخَاء السّتْر أَو الْبَيْت وَالْحيض بِضَم حاء مُهْملَة وَتَشْديد يَاء جمع حَائِض قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 [1560] من استبرق هُوَ الْحَرِير الغليظ ابتع اشْتَرِ فتجمل بهَا للعيد مِنْهُ علم أَن التجمل يَوْم الْعِيد كَانَ عَادَة متقررة بَينهم وَلم ينكرها النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَعلم بَقَاؤُهَا من لَا خلاق لَهُ من لَا نصيب لَهُ فِي الْآخِرَة فِي الْحَرِير ديباج بِكَسْر الدَّال أَي حَرِير قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 [1561] أَن يُصَلِّي قبل الامام أَي مُطلقًا أَو فِي الْمصلى قَوْله [1563] ان أول مَا نبدأ بِهِ قد يُقَال مَا نبدأ بِهِ هُوَ الأول فَمَا معنى إِضَافَة الأول إِلَيْهِ وَالْجَوَاب أَنه يُمكن اعْتِبَار أُمُور مُتعَدِّدَة مُبْتَدأ بهَا بِاعْتِبَار تقدمها على غَيرهَا كَانَ يعْتَبر جَمِيع مَا يَقع أول النَّهَار مُبْتَدأ بِهِ فَمَا يكون مِنْهَا مُتَقَدما يُقَال لَهُ أَولهَا ثمَّ قَوْله نذبح يَنْبَغِي أَن يكون مَعْطُوفًا على مُقَدّر أَي فنصلي ثمَّ نذبح وَلَا يَسْتَقِيم عطفه على أَن نصلي لِأَنَّهُ خبر عَن الأول وَالْأول لَا يَتَعَدَّد الا أَن يُرَاد بِالْأولِ مَا يعم الأول حَقِيقَة أَو إِضَافَة أَي يكون أول بِالنّظرِ إِلَى مَا بعده وعَلى هَذَا يعْتَبر أولية الْأَمريْنِ أَعنِي الصَّلَاة وَالذّبْح بِالنّظرِ إِلَى الْأكل وَالشرب اللَّذين هما من متعلقات هَذَا الْيَوْم دينا فَكَأَنَّهُ اعْتبر الصَّلَاة والنحر وَالْأكل وَالشرب مُبْتَدأ بهَا ثمَّ اعْتبر الصَّلَاة والنحر أول الْمُبْتَدَأ بهَا على أَن الصَّلَاة أول حَقِيقَة والنحر أول إِضَافَة نقدمه من التَّقْدِيم أَي نجعله فذبح الظَّاهِر أَن الْفَاء لجواب شَرط مُقَدّر أَي إِذا عرفت ذَلِك فاعرف أَنه ذبح أَبُو بردة قبل ذَلِك فَقَالَ الخ جَذَعَة بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَهِي مَا طعنت فِي الثَّانِيَة وَالْمرَاد أَي من المعزاذ الْجذع من الضَّأْن مجزئة والمسنة مَا طعنت فِي الثَّالِثَة وَلنْ توفّي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 من الْإِيفَاء أَي تُجزئ كَمَا فِي بعض النّسخ قَوْله [1567] فَسَأَلَ أَبَا وَاقد سُؤال اختبار أَو لزِيَادَة التوثيق وَيحْتَمل أَنه نسي وَأما احْتِمَال انه مَا علم بذلك أصلا فيأباه قرب عمر مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 [1571] وَمن أحب أَن يُقيم من الْإِقَامَة أَي يسكن وَيقْعد وَعلم مِنْهُ أَن سَماع خطْبَة الْعِيد غير وَاجِب قَوْله وَحبشِي أَي بِلَال قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 [1575] متوكئا على بِلَال التوكؤ على الْعَصَا هُوَ التحامل عَلَيْهَا وَالْمرَاد أَنه كَانَ مُعْتَمدًا على يَد بِلَال كَمَا يفِيدهُ رِوَايَة صَحِيح البُخَارِيّ وَذكرهمْ من التَّذْكِير ثمَّ مَال وَمضى إِلَى النِّسَاء قيل هَذَا مَخْصُوص بِالنَّبِيِّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 وَقيل بل يعم الْأَئِمَّة كلهم فَيَنْبَغِي لَهُم وعظ النِّسَاء فَإِن اكثركن أَي أَكثر جنس النِّسَاء لَا أَكثر المخاطبات من سفلَة النِّسَاء بِفَتْح السِّين وَكسر الْفَاء الساقطة من النَّاس سفعاء كحمراء والسفعة نوع من السوَاد وَلَيْسَ بالكثير تكثرن من الْإِكْثَار الشكاة بِفَتْح الشين أَي التشكي العشير أَي الزَّوْج أقرطهن جمع قرط بِضَم قَاف وَسُكُون رَاء نوع من حلى الْأذن فِي ثوب بِلَال أَي ليصرف النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مصارف الصَّدَقَة قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 [1577] والأمام يخْطب أَخذ من إِطْلَاقه شُمُوله لخطبة الْعِيد وَلَا يُنَافِيهِ الرُّخْصَة فِي الذّهاب لجَوَاز وجوب الِاسْتِمَاع لمن أَقَامَ وَعدم جَوَاز الْكَلَام لَهُ فَلْيتَأَمَّل قَوْله [1578] وَأحسن الْهدى هدى مُحَمَّد هما بِضَم فَفتح أَو بِفَتْح فَسُكُون وَالْأول بِمَعْنى الْإِرْشَاد وَالثَّانِي بِمَعْنى الطَّرِيق محدثاتها يُرِيد الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 أَصْلٌ يَشْهَدُ لَهَا بِالصِّحَّةِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْبِدَعِ كَذَا ذكره الْقُرْطُبِيّ وَالْمرَاد المحدثات فِي الدّين وعَلى هَذَا فَقَوله وكل بِدعَة ضَلَالَة على عُمُومه وكل ضَلَالَة فِي النَّار أَي صَاحبهَا فِي النَّار والساعة بِالرَّفْع على الْعَطف أَو النصب على قصد الْمَعِيَّة كهاتين التَّشْبِيه فِي الْمُقَارنَة بَينهمَا أَي لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُصْبُعٌ أُخْرَى كَمَا أَنَّهُ لَا نَبِي بَينه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَبَين السَّاعَة أَو فِي قلَّة التَّفَاوُت بَينهمَا فَإِن الْوُسْطَى تزيد على المسبحة بِقَلِيل فَكَأَنَّهُ مَا بَينه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَبَين السَّاعَة فِي الْقلَّة قدر زِيَادَة الْوُسْطَى على المسبحة وجنتاه الوجنة بتثليت الْوَاو وابدالها همزَة هِيَ أَعلَى الخد وضياعا هُوَ بِالْفَتْح الْهَلَاك ثمَّ سمى بِهِ كل مَا هُوَ بصدد أَن يضيع لَوْلَا يقوم بأَمْره أحد كالأطفال فالى أَي أمره وعَلى أَي اصلاحه كَانَ النَّبِي صلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَولا لَا يُصَلِّي على من مَاتَ مديونا زجرا فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى الْفتُوح عَلَيْهِ كَانَ يقْضِي دينه وَكَانَ من خَصَائِصه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يجب على الامام ذَلِك الْآن وَقيل بل هُوَ الحكم فِي حق كل امام يجب عَلَيْهِ أَن يقْضِي دين الْمَدْيُون من بَيت المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله [1580] من هَا هُنَا هُوَ اسْتِفْهَام وَفِي الْكَلَام اخْتِصَار أَي فَقيل لَهُ فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَقَالَ لَهُم قومُوا وَالْمعْنَى فَقَالَ لمن هَا هُنَا أَي بِالْبَصْرَةِ من أهل الْمَدِينَة قومُوا فَحذف اللَّام نصف صَاع بر دَلِيل لعلمائنا الْحَنَفِيَّة فِي الْقدر قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 لَهُ وَفَاءً لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ النَّاسُ فِي الِاسْتِدَانَةِ ويهملوا الْوَفَاء فزجرهم عَن ذَلِك الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَبَادِيَ الْفُتُوحِ قَالَ مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قضا ذَلِك الجين أَوْ كَانَ يَقْضِيهِ تَكَرُّمًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ فَقِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ دَيْنَ مَنْ مَاتَ وَعَلِيهِ دين اذا لم يُخَالف وَفَاءً وَكَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَالضَّيَاعُ بِفَتْحِ الضَّادِ الْأَطْفَالُ وَالْعِيَالُ وَأَصْلُهُ مَصْدَرُ ضَاعَ يَضِيعُ فَسَمَّى الْعِيَالَ بِالْمَصْدَرِ كَمَا يُقَالُ مَاتَ وَتَرَكَ فَقْرًا أَيْ فُقَرَاءَ وَإِنْ كُسِرَتِ الضَّادُ كَانَ جمع ضائع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 [1586] شهِدت الْخُرُوج بِالْخِطَابِ وحرف الِاسْتِفْهَام مُقَدّر وَلَوْلَا مَكَاني مِنْهُ أَي قَرَابَتي مِنْهُ من صغره أَي لأجل صغره فَإِنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ صَغِيرا بن الصَّلْت بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون لَام ومثناة فوقية تهوى بِيَدِهَا من أَهْوى أَي تميل يَدهَا إِلَى حلقها لتأْخذ مِنْهُ حليا تَتَصَدَّق بهَا ثمَّ الْأَقْرَب أَن الحلى كَانَت ملكا لَهُنَّ وَيحْتَمل أَنَّهَا ملك لِأَزْوَاجِهِنَّ الا أَنَّهُنَّ تصدقن فِي حضورهم وَلَا يَخْلُو عَن بعد قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 [1587] وَلَا بعْدهَا أَي فِي الْمصلى وَأما مَا قبلهَا فَيحْتَمل الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد فَلْيتَأَمَّل قَوْله وانكفأ بِهَمْزَة فِي آخِره أَي انْقَلب وَمَال أَمْلَحَيْنِ الْأَمْلَحُ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَقِيلَ هُوَ النقي الْبيَاض قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 [1591] ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة فِيهِ أَنه يُجزئ حُضُور الْعِيد عَن حُضُور الْجُمُعَة لَكِن لَا يسْقط بِهِ الظّهْر كَذَا قَالَه الْخطابِيّ وَمذهب عُلَمَائِنَا لُزُوم الْحُضُور للْجُمُعَة وَلَا يخفى أَن أَحَادِيث الْبَاب دَالَّة على سُقُوط لُزُوم حُضُور الْجُمُعَة بل بَعْضهَا يَقْتَضِي سُقُوط الظّهْر أَيْضا كروايات حَدِيث بن الزبير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله جَارِيَتَانِ الْجَارِيَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُلَامِ فِي الرِّجَالِ يقعان على من دون الْبلُوغ فيهمَا بدفين بِضَم الدَّال وَفتحهَا وَهُوَ الَّذِي لَا جَلَاجِلَ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ فَهُوَ المزهر وَالْمرَاد تضربان بدفين مَعَ الْغناء فانتهرهما أَي منعهما لعدم اطِّلَاعه على تَقْرِير النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اياهما على ذَلِك وَفِي الحَدِيث دلَالَة على إِبَاحَة الْغناء أَيَّام السرُور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 [1594] اطلع إِلَيْهِم أَي نظر وَلكَون اللّعب كَانَ بِالسِّلَاحِ عد من بَاب اعداد الْقُوَّة للاعداء فَلذَلِك لعبوا فِي حَضرته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد وقررهم على ذَلِك وَفِي الحَدِيث دلَالَة على جَوَاز نظر الْمَرْأَة إِلَى الرِّجَال إِذا كَانَ الْمَقْصد النّظر إِلَى لعبهم مثلا لَا إِلَى وُجُوههم وَقيل كَانَ قبل بُلُوغ عَائِشَة أَو قبل تَحْرِيم النّظر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاقدروا أَي اعرفوا قدرهَا وراعوا حَالهَا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 [1596] بَنو أرفدة بِفَتْح همزَة وَسُكُون رَاء وَكسر فَاء وَقد تفتح قيل هُوَ لعب للحبشة وَقيل اسْمُ جِنْسٍ لَهُمْ وَقِيلَ اسْمُ جَدِّهِمُ الْأَكْبَرِ قَوْله وتغنيان أَي ترفعان أصواتهما بانشاد الْأَشْعَار مسجى مغطى فَزعم أَبُو بكر أَنه غير عَالم بحقيقته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 [1597] أَيَّام منى أَي أَيَّام عيد الْأَضْحَى بِالْمَدِينَةِ لَا بمنى وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 (كتاب قيام اللَّيْل) قَوْله [1598] وَلَا تتخذوها قبورا أَي كالقبور فِي الْخُلُو عَن ذكر الله وَالصَّلَاة أَو لَا تَكُونُوا كالأموات فِي الْغَفْلَة عَن ذكر الله وَالصَّلَاة فَتكون الْبيُوت لكم قبورا مسَاكِن للأموات قَوْله [1599] من حَصِير أَي كَانَ يَجْعَل الْحَصِير كالحجرة لينقطع بِهِ إِلَى الله تَعَالَى عَن الْخلق فصلى فِيهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ليَالِي لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يخرج إِلَى الْمَسْجِد وَيُصلي فِيهَا لما فِي الْبَيْت من الضّيق والا فالبيت للنافلة أفضل كَمَا سَيَجِيءُ وَقد جَاءَ أَن هَذِه الصَّلَاة كَانَت فِي لَيَال من رَمَضَان فَقَالَ مَا زَالَ الخ إنكارا عَلَيْهِم حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم فَإِن قلت مَا وَجه هَذِه الخشية وَقد جَاءَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء مَا يُبدل القَوْل لَدَى وَهُوَ يَقْتَضِي أَن لَا تزاد الصَّلَوَات على خمس قلت لَو سلم ذَلِك فَلَا يلْزم من فرضيته قيام رَمَضَان زِيَادَة على خمس صلوَات فِي مَفْرُوض كل يَوْم فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته قد ورد هَذَا الحَدِيث فِي صَلَاة رَمَضَان فِي مَسْجده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا كَانَ صَلَاة رَمَضَان فِي الْبَيْت خيرا مِنْهَا فِي مَسْجده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَكيف غَيرهَا فِي مَسْجِد آخر نعم كثير من الْعلمَاء يرَوْنَ أَن صَلَاة رَمَضَان فِي الْمَسْجِد أفضل وَهَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 يُخَالف هَذَا الحَدِيث لِأَن مورده صَلَاة رَمَضَان الا أَن يُقَال صَار أفضل حِين صَار أَدَاؤُهَا فِي الْمَسْجِد من شعار الْإِسْلَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1600] بِهَذِهِ الصَّلَاة أَي الصَّلَاة بعد الْمغرب أَو النَّافِلَة مُطلقًا وَالْأول أقرب وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون للصَّلَاة الَّتِي بعد الْمغرب زِيَادَة اخْتِصَاص بِالْبَيْتِ فَوق اخْتِصَاص مُطلق النَّافِلَة بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1601] أَلا أنبئك بِأَعْلَم أهل الأَرْض فِيهِ أَن اللَّائِق بالعالم أَن يدل السَّائِل على أعلم مِنْهُ ان علم بِهِ فاستلحقته أَي طلبت مِنْهُ أَن يلْحق بِي فِي الذّهاب إِلَيْهَا فِي هَاتين الشيعتين الشيعتان الفرقتان وَالْمرَاد تِلْكَ الحروب الَّتِي جرت عَن خلق نَبِي الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم هُوَ بِضَمَّتَيْنِ وَقد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 يسكن الثَّانِي وَكَون خلقه الْقُرْآن هُوَ أَنه كَانَ متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه ويوضحه أَن جَمِيع مَا قصّ الله تَعَالَى فِي كِتَابه من مَكَارِم الْأَخْلَاق مِمَّا قصه من نَبِي أَو ولي أَو حث عَلَيْهِ أَو ندب إِلَيْهِ كَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم متخلقا بِهِ وكل مَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ فِيهِ ونزه كَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يحوم حوله فِي أول هَذِه السُّورَة بقوله قُم اللَّيْل الا قَلِيلا التَّخْفِيف بقوله ان رَبك يعلم أَنَّك تقوم الخ نعد من الاعداد وَطهُوره بِفَتْح الطَّاء أَي مَاء للطَّهَارَة لما شَاءَ بِفَتْح لَام وَتَشْديد مِيم أَي حِين شَاءَ أَو بِكَسْر لَام وَتَخْفِيف مِيم أَي لأجل مَا شَاءَ أَن يَبْعَثهُ لَهُ من الْأَعْمَال وَيُصلي ثَمَانِي رَكْعَات الخ هَذَا هُوَ مَحل الْخَطَأ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف فِيمَا بعد فَفِي مُسلم يُصَلِّي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهَا الا فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 الثَّانِيَة فيذكر الله وَيَحْمَدهُ ويدعوه ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم ثمَّ يقوم فَيصَلي التَّاسِعَة ثمَّ يقْعد فيذكر الله تَعَالَى وَيَحْمَدهُ ويدعوه ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد مَا يسلم وَهُوَ قَاعد فَتلك إِحْدَى عشرَة يَا بني وَسَيَأْتِي فِي الْكتاب مَا يُوَافقهُ وَأخذ اللَّحْم فِيهِ أَنه أَخذ اللَّحْم فِي آخر عمره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَعَلَّ ذَلِك لفرحته بقدومه على الله بِمَا جَاءَهُ من البشارات الأخروية صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم صلى من النَّهَار فِيهِ أَن النَّوَافِل تقضى كالفرائض قَوْله ايمانا أَي يحملهُ على ذَلِك الْإِيمَان بِاللَّه أَو بِفضل رَمَضَان واحتسابا أَي يحملهُ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 إِرَادَة وَجه الله وَطلب الْأجر مِنْهُ لَا الرِّيَاء وَغَيره قَوْله لَو نفلتنا بتَشْديد الْفَاء أَو تخفيفها أَي أَعطيتنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 قَوْله [1606] يسمونه السّحُور الضَّمِير هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي والسحور هُوَ الْمَفْعُول الأول فَهُوَ من تَقْدِيم الْمَفْعُول الثَّانِي على الأول قَوْله [1607] عقد الشَّيْطَان أَي إِبْلِيس أَو بعض جُنُوده وَلَعَلَّه بِالنّظرِ إِلَى كل شخص شَيْطَانه ثَلَاث عقد بِضَم عين وَفتح قَاف جمع عقدَة بِسُكُون قَاف وَلَعَلَّه أُرِيد بهَا مَا يكون سَببا لثقل فِي الرَّأْس يثبط النَّائِم عَن الْقيام ويجلب إِلَيْهِ النّوم والكسل يضْرب على كل عقدَة أَي بِيَدِهِ احكاما لَهَا لَيْلًا طَويلا أَي اعْتقد لَيْلًا طَويلا وروى بِالرَّفْع أَي عَلَيْك ليل طَوِيل وَيُمكن أَنه مفعول ليضْرب على تَقْدِير النصب أَي يضْرب هَذِه الْكَلِمَة ويلزمها ويخيلها إِلَى النَّائِم فَإِن صلى وَلَو رَكْعَتَيْنِ وتخصيصه بِالثلَاثِ ليمنع كل عقدَة من وَاحِد من الْأُمُور الثَّلَاث أَعنِي الذّكر وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 [1608] حَتَّى أصبح لَعَلَّه ترك الْعشَاء وَظَاهر كَلَام المُصَنّف أَنه ترك صَلَاة اللَّيْل بَال الشَّيْطَان قيل على حَقِيقَته وَقيل مجَاز عَن سد الشَّيْطَان أُذُنه عَن سَماع صياح الديك وَنَحْوه مِمَّا يقوم بِسَمَاع أهل التَّوْفِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 [1610] رحم الله رجلا خبر عَن اسْتِحْقَاقه الرَّحْمَة واستيجابه لَهَا أَو دُعَاء لَهُ بهَا ومدح لَهُ بِحسن مَا فعل قَوْله وطرقه أَي أَتَاهُ لَيْلًا وَفَاطِمَة بِالنّصب عطف على الضَّمِير [1611] وَيَقُول وَكَانَ الْإِنْسَان الخ إِنْكَار لجدل على لِأَنَّهُ تمسك بالتقدير والمشيئة فِي مُقَابلَة التَّكْلِيف وَهُوَ مَرْدُود وَلَا يَتَأَتَّى الا عَن كَثْرَة جدله نعم التَّكْلِيف هَا هُنَا ندبي لَا وجوبي فَلذَلِك انْصَرف عَنْهُم وَقَالَ ذَلِك وَلَو كَانَ وجوبيا لما تَركهم على حَالهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله هويا بِفَتْح هَاء وَتَشْديد يَاء أَي حينا طَويلا [1612] وَأَنا أعرك من بَاب نصر أَي أدلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 قَوْله [1613] شهر الله أَي صَوْم شهر الله قيل وَالْمرَاد صَوْم يَوْم عَاشُورَاء لَا صَوْم الشَّهْر كُله صَلَاة اللَّيْل ظَاهره أَنَّهَا أفضل من السّنَن الرَّوَاتِب وَمن لَا يَقُول بِهِ لَعَلَّه يحمل الحَدِيث على أَن المُرَاد بقوله بعد الْفَرِيضَة أَي بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 الْفَرَائِض وَمَا يتبعهَا من السّنَن قَوْله [1615] رجل أَتَى قوما ظَاهره أَن السَّائِل أحد الثَّلَاثَة الَّذين يُحِبهُمْ الله وَلَيْسَ كَذَلِك بل معطيه فَلَا بُد من تَقْدِير مُضَاف أَي معطى رجل وَكَذَا قَوْله وَقوم بِتَقْدِير مُضَاف أَي وعابد قوم فتخلفهم رجل بأعقابهم فَخرج من بَينهم بِحَيْثُ صَار خَلفهم فِي ظُهُورهمْ فَقَوله بأعقابهم بِمَعْنى فِي ظُهُورهمْ بِمَنْزِلَة التَّأْكِيد لما يدل عَلَيْهِ تخلفهم مِمَّا يعدل بِهِ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي مِمَّا يَجْعَل عديلا لَهُ ومثلا ومساويا فِي الْعَادة يتملقني هَذَا على حِكَايَة كَلَام الله تَعَالَى فِي شَأْن ذَلِك الرجل والملق بِفتْحَتَيْنِ الزِّيَادَة فِي الدُّعَاء والتضرع بصدره تَأْكِيد الإقبال فَإِنَّهُ لَا يكون الا بالصدر حَتَّى يقتل على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله [1616] سمع الصَّارِخ قيل هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 الديك قَوْله الْهوى بِفَتْح وَتَشْديد يَاء أَي الْحِين الطَّوِيل قَوْله أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَبِكَ يَهْتَدِي من فِيهَا وَقيل الْمُنَزَّهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُقَالُ فُلَانٌ مُنَوِّرٌ أَي متبرئ من الْعَيْب وَيُقالُ هُوَ اسْمُ مَدْحٍ تَقُولُ فُلَانٌ نُورُ الْبَلَد أَي مزينه قيام كعلام أَي الْقَائِم بتدبيره وَأمره السَّمَاوَات وَغَيرهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 [1619] أَنْت حق أَي وَاجِب الْوُجُود وَوَعدك حق أَي صَادِق لَا يُمكن التَّخَلُّف فِيهِ وَهَكَذَا يُفَسر حق فِي كل مَحل بِمَا يُنَاسب ذَلِك الْمحل وَمُحَمّد حق التَّأْخِير للتواضع وَهُوَ أنسب بمقام الدُّعَاء وَذكره على أَفْرَاده لذَلِك وليتوسل بِكَوْنِهِ نَبيا حَقًا إِلَى إِجَابَة الدُّعَاء وَقيل هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ ومقام الدُّعَاء يَأْبَى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم لَك أسلمت أَي انقدت وخضعت وَبِك خَاصَمت أَي بحجتك مَا قدمت وَمَا أخرت أَي مَا فعلت قبل وَمَا سأفعل بعد أَو مَا فعلت وَمَا تركت قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 [1620] فِي عرض الوسادة الْمَشْهُور فتح عين الْعرض وَقيل بِالضَّمِّ بِمَعْنى الْجَانِب وَهُوَ بعيد لمقابلته بالطول يمسح النّوم عَن وَجهه أَي يُزِيلهُ عَن الْعَينَيْنِ بِالْمَسْحِ قَوْله قَالَ اللَّهُمَّ الخ قد سبق غير هَذَا فِي الاستفتاح فِي حَدِيث عَائِشَة وَلَا مُنَافَاة لوُقُوع كل من ذَلِك أَحْيَانًا أَو للْجمع بَين الْكل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 [1625] فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَي مبدعهما اهدني أَي ثبتني أَو زِدْنِي هِدَايَة لما اخْتلف فِيهِ على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله أَهْوى أَي مد يَده فاستل بتَشْديد اللَّام أَي أخرج فاستن بتَشْديد النُّون أَي اسْتعْمل السِّوَاك فِي الْأَسْنَان قَوْله مَا كُنَّا نشَاء الخ أَي أَن صلَاته ونومه مَا كَانَا مخصوصين بِوَقْت دون وَقت بل كَانَا مُخْتَلفين فِي الْأَوْقَات وكل وَقت صلى فِيهِ أَحْيَانًا نَام فِيهِ أَحْيَانًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 [1630] وَكَانَ ينَام نصف اللَّيْل الظَّاهِر أَن المُرَاد كَانَ ينَام من الْوَقْت الَّذِي يعْتَاد فِيهِ النّوم إِلَى نصف اللَّيْل أَو المُرَاد بِاللَّيْلِ مَا سوى الْوَقْت الَّذِي لَا يعْتَاد فِيهِ النّوم من أول وَالْقَوْل بِأَنَّهُ ينَام من أول الْغُرُوب لَا يَخْلُو عَن بعد وَالله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 تَعَالَى أعلم قَوْله [1631] عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر الْكَثِيب هُوَ مَا ارْتَفع من الرمل كَالتَّلِّ الصَّغِير قيل هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الاعلام بقبره الشريف وَمن ثمَّ اخْتلفُوا فِيهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ الصاحب هَذَا صَرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ الْحَيَاةِ لِمُوسَى فِي قَبْرِهِ فَإِنَّهُ وَصَفَهُ بِالصَّلَاةِ وأَنَّهُ قَائِمٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوصَفُ بِهِ الرُّوحُ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِهِ الْجَسَدُ وَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْقَبْرِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَوْصَافِ الرُّوحِ لم يحْتَج لتخصيصه وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي هَذَا الحَدِيث ان الصَّلَاةُ تَسْتَدْعِي جَسَدًا حَيًّا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَونهَا حَيَاة حَقِيقَة أَن تكون لَا بُد مَعَهَا كَمَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 لَمْ يَحْتَجْ لِتَخْصِيصِهِ بِالْقَبْرِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّلَاةُ تَسْتَدْعِي جَسَدًا حَيًّا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا حَيَاةً حَقِيقَةً أَنْ تَكُونَ الْأَبْدَانُ مَعَهَا كَمَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا بل يكون لَهَا حكم آخر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا بَلْ يَكُونُ لَهَا حُكْمٌ آخر قَوْله أجل كنعم وزنا وَمعنى [1638] صَلَاة رغب ورهب أَي صَلَاة رَغْبَة فِي استجابة دعائها وَرَهْبَة من رده أَن لَا يُهْلِكنَا أنظر إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الْأَنْبِيَاء دعوا على أممهم بِالْهَلَاكِ وَهُوَ يَدْعُو لَهُم بِعَدَمِ الْهَلَاك أَن لَا يظْهر من الاظهار أَي لَا يَجْعَل غَالِبا علينا عدوا من الْكَفَرَة أَن لَا يلْبِسنَا بِكَسْر الْبَاء أَي لَا يخلطنا فِي معارك الْحَرْب شيعًا فرقا مُخْتَلفين يقتل بَعضهم بَعْضًا وَيحْتَمل أَن هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث هِيَ المرادة بقوله تَعَالَى قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم الْآيَة فالعذاب من فَوق يكون إِشَارَة إِلَى الاهلاك الْعَام بِلَا مداخلة عَدو لاستناده إِلَى الله تَعَالَى وَمن تَحت الأرجل إِشَارَة إِلَى غَلَبَة الْكَفَرَة على الْمُسلمين لكَون الْكَفَرَة يسْتَحقُّونَ الاذلال والاستحقار فَإِذا غلبوا يصير الْعَذَاب كَأَنَّهُ جَاءَ من الْأَسْفَل فَلَعَلَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم استشعر من هَذِه الْآيَة استحقاقهم لهَذِهِ الْخِصَال الثَّلَاث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 فَطلب أَن يدْفع الله عَنْهُم فَرفع الِاثْنَان وَبَقِي الثَّالِث كَمَا هُوَ الْمشَاهد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1639] أَحْيَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اللَّيْل أَي غالبه وَبِه ظهر التَّوْفِيق وَشد المئزر كِنَايَة عَن اجْتِنَاب النِّسَاء أَو الْجد وَالِاجْتِهَاد فِي الْعَمَل أَو عَنْهُمَا قَوْله مَه أَي انكفى عَن الْمَدْح بالإكثار فِي الصَّلَاة فَإِن الْإِكْثَار لَا يمدح صَاحبه وَإِنَّمَا يمدح صَاحب التَّوَسُّط [1642] لَا يمل بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد اللَّام أَي يقطع اللَّيْل بِالْإِحْسَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 عَنْكُم حَتَّى تقطعوا مَا تعتادوا من الْعِبَادَة وَلَا يخفى أَن الْإِكْثَار يُفْضِي إِلَى ذَلِك قَوْله فترت بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي كسلت عَن الْقيام نشاطه بِفَتْح النُّون أَي قدر نشاطه قَوْله فَقيل لَهُ الخ الْقَائِل زعم أَن الِاجْتِهَاد ينشأ من الْحَاجة إِلَى الْمَغْفِرَة فَأَشَارَ إِلَى أَن الشُّكْر يَقْتَضِي الِاجْتِهَاد وَلَا شكّ أَن الْمَغْفِرَة نعْمَة عَظِيمَة تَقْتَضِي زِيَادَة شكر فَيَنْبَغِي لصَاحبه زِيَادَة اجْتِهَاد قَوْله تزلع أَي تشقق بزاي وَعين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 مُهْملَة قَوْله [1648] فَإِذا بَقِي من قِرَاءَته الخ يحمل على أَنه كَانَ يفعل أَحْيَانًا هَذَا وَأَحْيَانا ذَاك وَبِه يحصل التَّوْفِيق قَوْله [1649] فَإِذا غبر أَي بَقِي قَوْله [1651] كَانَ وَكَانَ أَي كَانَ كَذَا وَكَانَ كَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 ثمَّ يأوى إِلَى فرَاشه فينام أَي يرجع وَيَجِيء إِلَى حَاجته أَي حَاجَة الْبَوْل وَنَحْوه والى طهوره بِفَتْح الطَّاء يخيل بتَشْديد الْيَاء على بِنَاء الْمَفْعُول إِلَى بتَشْديد الْيَاء فآذنه بِهَمْزَة ممدودة أَي أعلمهُ قبل أَن يغفى من الاغفاء وَهُوَ النّوم الْخَفِيف لحم ككرم وَعلم أَي كثر لَحْمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 قَوْله [1652] يمْتَنع من وَجْهي أَي من التَّقْبِيل قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 [1657] بعد مَا حطمه النَّاس الحطم الْكسر أَي بعد مَا ضعف بِمَا حمله النَّاس من الأثقال يُقَالُ حَطَمَ فُلَانًا أَهْلُهُ إِذَا كَبِرَ فِيهِمْ كَأَنَّهُمْ بِمَا حَمَّلُوهُ مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا كَبِيرا محطوما قَوْله [1658] حَتَّى تكون أَي السُّورَة بِوَاسِطَة الترتيل قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 [1659] لست كَأحد مِنْكُم يُفِيد أَنه مَخْصُوص بَينهم بِأَن لَا ينقص فِي الْأجر فِي صلَاته قَاعِدا وَقَائِمًا قَوْله من صلى قَائِما فَهُوَ أفضل الخ حمله كثير من الْعلمَاء على التَّطَوُّع وَذَلِكَ لِأَن أفضل يَقْتَضِي جَوَاز الْقعُود بل فَضله وَلَا جَوَاز للقعود فِي الْفَرَائِض مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام فَلَا يتَحَقَّق فِي الْفَرَائِض ان يكون الْقيام أفضل وَيكون الْقعُود جَائِزا بل ان قدر على الْقيام فَهُوَ الْمُتَعَيّن وان لم يقدر عَلَيْهِ يتَعَيَّن الْقعُود أَو مَا يقدر عَلَيْهِ بَقِي أَنه على هَذَا الْمحمل يلْزم جَوَاز النَّفْل مُضْطَجعا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَالْقعُود وَقد الْتَزمهُ بعض الْمُتَأَخِّرين لَكِن أَكثر الْعلمَاء أَنْكَرُوا ذَلِك وعدوه بِدعَة وحدثا فِي الْإِسْلَام وَقَالُوا لَا يعرف أَن أحدا صلى قطّ على جنبه مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَلَو كَانَ مَشْرُوعا لفعلوه أَو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 فعله النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَو مرّة تبيينا للْجُوَاز فَالْوَجْه أَن يُقَال لَيْسَ الحَدِيث بمسوق لبَيَان صِحَة الصَّلَاة وفسادها وَإِنَّمَا هُوَ لبَيَان تَفْضِيل إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ الصحيحتين على الْأُخْرَى وصحتهما تعرف من قَوَاعِد الصِّحَّة من خَارج فِي أصل الحَدِيث أَنه إِذا صحت الصَّلَاة قَاعِدا فَهِيَ على نصف صَلَاة الْقَائِم فرضا كَانَت أَو نفلا وَكَذَا إِذا صحت الصَّلَاة نَائِما فَهِيَ على نصف الصَّلَاة قَاعِدا فِي الْأجر وَقَوْلهمْ ان الْمَعْذُور لَا ينتقص من أجره مَمْنُوع وَمَا استدلوا بِهِ عَلَيْهِ من حَدِيث إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل وَهُوَ مُقيم صَحِيح لَا يُفِيد ذَلِك وَإِنَّمَا يُفِيد أَن من كَانَ يعْتَاد عملا إِذا فَاتَهُ لعذر فَذَاك لَا ينقص من أجره حَتَّى لَو كَانَ الْمَرِيض أَو الْمُسَافِر تَارِكًا للصَّلَاة حَالَة الصِّحَّة وَالْإِقَامَة ثمَّ صلى قَاعِدا أَو قاصرا حَالَة الْمَرَض أَو السّفر فَصلَاته على نصف صَلَاة الْقَائِم فِي الْأجر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1663] كَالَّذي يسر بِالصَّدَقَةِ وَقد قَالَ تَعَالَى ان تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ وان تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم فَالظَّاهِر من الحَدِيث أَن السِّرّ أفضل من الْجَهْر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف لَكِن الَّذِي يَقْتَضِيهِ امْرَهْ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر ارْفَعْ من صَوْتك أَن الإعتدال فِي الْقِرَاءَة أفضل فاما أَن يحمل الْجَهْر فِي الحَدِيث على الْمُبَالغَة والسر على الِاعْتِدَال أَو على أَن هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ الْحَال تَقْتَضِي السِّرّ والا فالاعتدال فِي ذَاته أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 [1664] ثمَّ افْتتح آل عمرَان مُقْتَضَاهُ عدم لُزُوم التَّرْتِيب بَين السُّور فِي الْقِرَاءَة قَوْله [1666] مثنى مثنى أَي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا معنى مثنى لما فِيهِ من التكرير ومثنى الثَّانِي تَأْكِيد لَهُ وَالْمَقْصُود أَنه يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يُصليهَا كَذَلِك فَهُوَ خبر بِمَعْنى الْأَمر قيل يحْتَمل أَن المُرَاد أَن يسلم فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَيحْتَمل ان المُرَاد أَنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 يتَشَهَّد فِي كل رَكْعَتَيْنِ قَوْله هَذَا الحَدِيث عِنْدِي خطأ يُرِيد زِيَادَة وَالنَّهَار قَوْله مثنى مثنى أَي صل مثنى مثنى فَإِنَّهُ الْمُنَاسب بقوله فَإِذا خشيت وَالْخطاب مَعَ ذَلِك الرجل أَو مَعَ كل من يصلح لَهُ وَفِيه أَنه يَنْبَغِي تَأْخِير الْوتر مهماأمكن فيصليه إِذا خشِي بِالتَّأْخِيرِ طُلُوع الْفجْر وَهَذَا هُوَ المُرَاد بالخشية أَي إِذا خشيت طُلُوع الْفجْر بِالتَّأْخِيرِ وَلَيْسَ المُرَاد أَنَّك إِذا صرت مترددا بَين طُلُوع الْفجْر وَعَدَمه فأوتر وَالله تَعَالَى أعلم وَظَاهر الحَدِيث مَعَ أَحَادِيث أخر يُفِيد جَوَاز الْوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَالْقَوْل بِأَنَّهُ كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 ثمَّ نسخ إثْبَاته مُشكل قَوْله [1675] أوتروا فَإِن الله الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ يُرِيد بالوتر فِي هَذَا الحَدِيث قيام اللَّيْل فَإِن الْوتر يُطلق عَلَيْهِ كَمَا يفهم من الْأَحَادِيث فَلذَلِك خص الْخطاب بِأَهْل الْقُرْآن وتر بِكَسْر الْوَاو وتفتح أَي وَاحِد فِي ذَاته لَا يقبل الانقسام والتجزى وَوَاحِد فِي صِفَاته لَا مثل لَهُ وَلَا شَبيه وَوَاحِد فِي أَفعاله فَلَا معِين لَهُ يحب الْوتر أَي يثيب عَلَيْهِ ويقبله من عَامله قَوْله [1676] لَيْسَ بحتم ظَاهره عدم الْوُجُوب كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور قَوْله [1677] النّوم على وتر أَي يكون النّوم عقب الْوتر لَا قبله لَا أَنه لَا بُد من نوم بعده وَلَعَلَّه أوصاه بذلك لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ الْفَوْت بِالنَّوْمِ فَفِيهِ أَن من خَافَ فَوَات الْوتر فَالْأَفْضَل لَهُ التَّقْدِيم وَمن لَا فالتأخير فِي حَقه أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 [1679] فصلى بِأَصْحَابِهِ الظَّاهِر أَنه صلى بهم الْفَرْض وَالنَّفْل جَمِيعًا فَيكون اقْتِدَاء الْقَوْم بِهِ فِي الْفَرْض من اقْتِدَاء المفترض بالمنفل لَا وتران أَي لَا يجْتَمع وتران أَولا يجوز وتران فِي لَيْلَة بِمَعْنى لَا يَنْبَغِي لكم أَن تجمعوهما وَلَيْسَت لَا نَافِيَة للْجِنْس والا لَكَانَ لَا وترين بِالْيَاءِ لِأَن الِاسْم بعد لَا النافية للْجِنْس يبْنى على مَا ينصب بِهِ وَنصب التَّثْنِيَة بِالْيَاءِ الا أَن يكون هَا هُنَا حِكَايَة فَيكون الرّفْع للحكاية وَقَالَ السُّيُوطِيّ على لُغَة من ينصب الْمثنى بِالْألف قَوْله فان كَانَ لَهُ حَاجَة أَي إِلَى أَهله ألم نزل بأَهْله كِنَايَة عَن الْجِمَاع وثب أَي قَامَ سَرِيعا قَوْله [1681] من أَوله أَي أول اللَّيْل وانْتهى وتره أَي اخْتَار آخر الْعُمر الْوتر فِي آخر اللَّيْل فَهُوَ أحب قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 [1682] كَانَ يَأْمر بذلك أَي أَمر ندب قَوْله [1685] حَتَّى طلعت الشَّمْس ثمَّ صلى أَي قَضَاء أَي فَكَذَلِك يقْضِي الْوتر بعد الْوَقْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 قَوْله [1686] كَانَ يُوتر على الرَّاحِلَة وَهَذَا من عَلَامَات عدم الْوُجُوب قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 [1692] فاركع بِوَاحِدَة توتر يحْتَمل الْجَزْم على أَنه جَوَاب الْأَمر وَالرَّفْع على الِاسْتِئْنَاف أَي تجْعَل أَنْت بذلك تَمام مَا صليت وترا فَإِن تِلْكَ الْوَاحِدَة كَمَا أَنَّهَا بذاتها وتر كَذَلِك يصير بهَا جَمِيع صَلَاة اللَّيْل وترا قَوْله [1694] توتر لَهُ مَا قد صلى أَي تجْعَل تِلْكَ الْوَاحِدَة لَهُ تَمام مَا صلى وترا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 [1697] ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا ظَاهره أَنَّهَا بِسَلام وَاحِد وَلذَلِك اسْتدلَّ بِهِ المُصَنّف على التَّرْجَمَة ان عَيْني تنام وَلَا ينَام قلبِي أَي وَالنَّوْم انما هُوَ حدث لما فِيهِ من احْتِمَال الْخُرُوج بِلَا علم النَّائِم بِهِ وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِي حَقي فنومي لَيْسَ بِحَدَث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 [1698] كَانَ لَا يسلم فِي رَكْعَتي الْوتر أَي حَتَّى يضم إِلَيْهِمَا الرَّكْعَة الثَّالِثَة فَيسلم بعْدهَا قَوْله [1699] ويقنت قبل الرُّكُوع ظَاهره الْقُنُوت فِي الْوتر نعم لَا يدل هَذَا الحَدِيث على كَونه وَاجِبا فِي الْوتر وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 قَوْله [1708] يُوتر بِثَلَاث عشرَة رَكْعَة هُوَ من تَسْمِيَة تَمام صَلَاة اللَّيْل وترا ثمَّ الِاخْتِلَاف مَحْمُول على اخْتِلَاف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْوتر حق الخ قد يسْتَدلّ بِهِ من يَقُول بِوُجُوب الْوتر بِنَاء على أَن الْحق هُوَ اللَّازِم الثَّابِت على الذِّمَّة وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَقْرُونا بالوعيد على تَاركه ويجيب من لَا يرى الْوُجُوب أَن معنى حق أَنه مَشْرُوع ثَابت وَمعنى لَيْسَ منا كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات لَيْسَ من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 أهل سنتنا وعَلى طريقتنا أَو المُرَاد من لم يُوتر رَغْبَة عَن السّنة فَلَيْسَ منا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 [1714] بِسَلام وَلَا بِكَلَام أَي وَلَا بقعود كَمَا سَيَجِيءُ وَيلْزم مِنْهُ أَن الْقعُود على آخر كل رَكْعَتَيْنِ غير وَاجِب قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 [1719] ثمَّ ينْهض أَي يقوم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 يسمعنا من الإسماع يُرِيد أَنه يجْهر بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 [1727] فَلَمَّا كبر كعلم قَوْله [1728] مَا ألوت أَي مَا قصرت فِي أَن أَضَع قدمي فَفِيهِ حذف الْجَار من أَن المصدرية وَهُوَ قِيَاس قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 [1733] وَيرْفَع بسبحان الْملك القدوس صَوته بالثالثة أَي فِي الْمرة الثَّالِثَة فَلَا يلْزم تعلق الْجَار الْوَاحِد مرَّتَيْنِ بِفعل وَاحِد قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 [1743] خَالفه يحيى بن سعيد فَذكر حَدِيث الظّهْر وَأَن رجلا قَرَأَ فِيهِ بسبح اسْم رَبك لَا يخفى أَن الظَّاهِر أَنَّهُمَا حديثان وَلَا بعد فِي ذَلِك مَعَ اتِّحَاد الْإِسْنَاد فَمثل هَذِه الْمُخَالفَة لَا تضر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 [1745] أقولهن فِي الْوتر الظَّاهِر أَن المُرَاد عَلمنِي أَن أقولهن فِي الْوتر بِتَقْدِير أَن أَو بِاسْتِعْمَال الْفِعْل مَوضِع الْمصدر مجَازًا ثمَّ جعله بَدَلا من كَلِمَات إِذْ يستبعد أَنه علمه الْكَلِمَات مُطلقًا ثمَّ هُوَ من نَفسه وضعهن فِي الْوتر وَيحْتَمل أَن قَوْله أقولهن صفة كَلِمَات كَمَا هُوَ الظَّاهِر لَكِن يُؤْخَذ مِنْهُ أَنه علمه أَن يَقُول تِلْكَ الْكَلِمَات فِي الْوتر لَا أَنه علمه نفس تِلْكَ الْكَلِمَات مُطلقًا ثمَّ قد أطلق الْوتر فَيشْمَل الْوتر طول السّنة فَصَارَ هَذَا الحَدِيث دَلِيلا قَوِيا لمن يَقُول بِالْقُنُوتِ فِي الْوتر طول السّنة وَمعنى تولني أَي تول أَمْرِي وَأَصْلحهُ فِيمَن توليت أُمُورهم وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي وَقَوله واليت فِي مُقَابلَة عاديت كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي بعض الرِّوَايَات قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 [1747] كَانَ يَقُول فِي آخر وتره يحْتَمل أَنه كَانَ يَقُول فِي آخر الْقيام فَصَارَ هُوَ من الْقُنُوت كَمَا هُوَ مُقْتَضى كَلَام المُصَنّف وَيحْتَمل أَنه كَانَ يَقُول فِي قعُود التَّشَهُّد وَهُوَ ظَاهر اللَّفْظ قَوْله [1748] لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ الا فِي الاسْتِسْقَاء لَا يخفى أَن المُرَاد هَا هُنَا أَنه لَا يُبَالغ فِي الرّفْع لَا أَنه لَا يرفع أصلا فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على التَّرْجَمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَيسْجد أَي بعد الْوتر أَو يسْجد فِي صَلَاة اللَّيْل كل سَجْدَة قدر مَا يقْرَأ الخ وَالْمُصَنّف فهم الْمَعْنى الأول وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 [1758] لَا يدع أَرْبعا قبل الظّهْر يُفِيد أَن الْغَالِب فِي عمله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي قبل الظّهْر أَرْبعا لَا رَكْعَتَيْنِ وَمَا جَاءَ انه كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يقْتَصر عَلَيْهِمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1759] رَكعَتَا الْفجْر أَي سنة الْفجْر وَهِي الْمَشْهُورَة بِهَذَا الِاسْم وَيحْتَمل الْفَرْض خير من الدُّنْيَا أَي خير من أَن يُعْطي تَمام الدُّنْيَا فِي سَبِيل الله تَعَالَى أَو هُوَ على اعْتِقَادهم أَن فِي الدُّنْيَا خيرا والا فذرة من الْآخِرَة لَا يساويها الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 [1762] ثمَّ يضطجع قد جَاءَ الْأَمر بِهَذَا الِاضْطِجَاع فَهُوَ أحسن وَأولى وَمَا روى من الْإِنْكَار عَن بعض الْفُقَهَاء لَا وَجه لَهُ أصلا ولعلهم مَا بَلغهُمْ الحَدِيث والا فَمَا وَجه انكارهم قَوْله [1763] كَانَ يقوم اللَّيْل أَي غالبه أَو كُله فَترك قيام اللَّيْل أصلا حِين ثقل عَلَيْهِ أَي فَلَا تزد أَنْت فِي الْقيام أَيْضا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى التّرْك رَأْسا قَوْله رَكْعَتي الْفجْر أَي سنته فَلَا يُمكن حملهَا على الْفَرْض أصلا قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 [1773] وبدا الصُّبْح بِلَا همزَة أَي ظهر وَتبين أَو بِهَمْزَة أَي شرع فِي الطُّلُوع وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 قَوْله [1779] إِذا أَضَاء لَهُ بِهَمْزَة فِي آخِره أَي ظهر وَتبين لَهُ قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 [1783] لَا يتوسد الْقُرْآن بِنصب الْقُرْآن على المفعولية فِي الصِّحَاح وسدته الشَّيْء أَي بتَشْديد السِّين فتوسده إِذا جعله تَحت رَأسه وَفِي الْقَامُوس يحْتَمل كَونه مدحا أَي لَا يمتهنه وَلَا يطرحه بل يجله ويعظمه وذما أَي لَا يكب عل ى تِلَاوَته اكباب النَّائِم على وسَادَة وَمن الأول قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا توسدوا الْقُرْآن وَمن الثَّانِي أَن رجلا قَالَ لأبي الدَّرْدَاء اني أُرِيد أَن أطلب الْعلم فأخشى أَن أضيعه فَقَالَ لِأَن تتوسد الْعلم خير لَك من أَن تتوسد الْجَهْل انْتهى وَكَلَام النِّهَايَة وَالْمجْمَع يُفِيد أَن التوسد لَازم وَالْقُرْآن مَرْفُوع على الفاعلية وَالتَّقْدِير لَا يتوسد الْقُرْآن مَعَه فَقَالَا أَرَادَ بالتوسد النّوم وَالْكَلَام يحْتَمل الْمَدْح أَي لَا ينَام اللَّيْل عَن الْقُرْآن فَيَكُونُ الْقُرْآنُ مُتَوَسِّدًا مَعَهُ بَلْ هُوَ يُدَاوِمُ على قِرَاءَته ويحافظ عَلَيْهَا والذم بِمَعْنى أَنه لَا يحفظ من الْقُرْآن شَيْئا أَو لَا يُدِيمُ قِرَاءَتَهُ فَإِذَا نَامَ لَمْ يَتَوَسَّدْ مَعَهُ الْقُرْآن وَالْوَجْه هُوَ الأول وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1784] الا كتب لَهُ أجر صلَاته يفيدأنه يكْتب لَهُ الْأجر وان لم يقْض فَمَا جَاءَ من الْقَضَاء فللمحافظة على الْعَادة ولمضاعفة الْأجر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 [1787] يبلغ بِهِ من الْبلُوغ وَالْبَاء للتعدية أَي يرفعهُ قَوْله وَهُوَ يَنْوِي أَن يقوم أَي سواءكان الْقيام عَادَة لَهُ قبل ذَلِك أَو لَا فَهَذَا الحَدِيث أَعم وَيحْتَمل أَن يخص بِمن يعْتَاد ذَلِك قَوْله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 [1789] صلى من النَّهَار أَي يقْضِي فِي النَّهَار مَا فَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ قَوْلُهُ [1790] مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَي من نَام فِي اللَّيْل عَن ورده الحزب بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي الْمُعْجَمَة الْورْد وَهُوَ مَا يَجْعَل الْإِنْسَان وَظِيفَة لَهُ من صَلَاة أَو قِرَاءَة أَو غَيرهمَا وَالْحمل على اللَّيْل بِقَرِينَة النّوم وَيشْهد لَهُ آخر الحَدِيث وَهُوَ قَوْله مَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر ثمَّ الظَّاهِر أَنه تحريض على الْمُبَادرَة وَيحْتَمل أَن فضل الْأَدَاء مَعَ المضاعفة مَشْرُوط بِخُصُوص الْوَقْت وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن النَّوَافِل تقضي وَقَالَ السُّيُوطِيّ الحزب هُوَ الْجُزْء من الْقُرْآن يصلى بِهِ وَقَوله كتب لَهُ الخ تفضل مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقيام مَعَ أَن نِيَّته الْقيام وَظَاهره أَن لَهُ أجره مكملا مضاعفا لِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَصِدْقِ تَلَهُّفِهِ وَتَأَسُّفِهِ وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُضَاعَفٍ إِذِ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَكْمَلُ وَأفضل وَالظَّاهِر الأول قلت بل هُوَ الْمُتَعَيّن والا فَأصل الْأجر يكْتب بِالنِّيَّةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1792] حِين تَزُول الشَّمْس لَا يَخْلُو عَن اشكال إِذْ الصَّلَاة فِي هَذَا الْوَقْت مَكْرُوهَة وَلَوْلَا الْكَرَاهَة لما يظْهر فَائِدَة فِي تعينه وَالْأَقْرَب أَن هَذَا من تَصَرُّفَات الروَاة نعم لَو حمل الحزب على الْقُرْآن بِلَا صَلَاة لاندفع الْوَجْه الأول من الْإِيرَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1794] من ثابر أَي واظب عَلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 دخل الْجنَّة أَي أَولا والا فالدخول مُطلقًا حَاصِل بِمُجَرَّد الْإِيمَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 قَوْله [1812] لما نزل بِعَنْبَسَةَ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي نزل بِهِ الْمَوْت يتَصَوَّر أَي يتلوى ويصيح ويقلب ظهرا لبطن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 وَقيل يتضور أَي يظْهر الضور بِمَعْنى الضّر يُقَال ضاره يضوره ويضيره وَآخر الحَدِيث يُفِيد أَنه كَانَ يفعل ذَلِك فَرحا بِالْمَوْتِ اعْتِمَادًا على صدق الْموعد وَقَوله فَمَا تركتهن الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ أَنه يحسن من الْعَالم أَو مِمَّن يَقْتَدِي بِهِ أَن يَقُول مثل ذَلِك وَلَا يُرِيد بِهِ تَزْكِيَة نَفسه بل يُرِيد حث السامعين على التخلق بخلقه فِي ذَلِك وتحريضهم على الْمُحَافظَة عَلَيْهِ وتنشيطهم لفعله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 (كتاب الْجَنَائِز) قَوْله [1818] لَا يتمنين أحد مِنْكُم الْمَوْت نهى بنُون الثَّقِيلَة قيل وان اطلق النَّهْي عَن تمني الْمَوْت فَالْمُرَاد مِنْهُ الْمُقَيد كَمَا فِي حَدِيث أنس لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت من ضرّ أَصَابَهُ فِي نَفسه أَو مَاله لِأَنَّهُ فِي معنى التبرم عَن قَضَاء الله فِي أَمر يضرّهُ فِي الدُّنْيَا وينفعه فِي أخراه وَلَا يكره التَّمَنِّي لخوف فِي دينه من فَسَاد اما محسنا بِكَسْر الْهمزَة بِتَقْدِير يكون أَي لَا يَخْلُو المتمني اما يكون محسنا فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَعَلَّه يزْدَاد خيرا بِالْحَيَاةِ وَأما مسيئا فَكَذَلِك لَيْسَ لَهُ أَن يتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَعَلَّه أَنْ يَسْتَعْتِبَ أَيْ يَرْجِعَ عَنِ الْإِسَاءَةِ وَيَطْلُبُ رضَا الله تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَجُمْلَة اما محسنا الخ بِمَنْزِلَة التَّعْلِيل للنَّهْي وَيُمكن أَن يكون اما بِفَتْح الْهمزَة وَالتَّقْدِير اما ان كَانَ محسنا فَلَيْسَ لَهُ التَّمَنِّي لِأَنَّهُ لَعَلَّه يزْدَاد بِالْحَيَاةِ خيرا فَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى فَأَما ان كَانَ من المقربين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 2 احيني من الْإِحْيَاء أَي أبقني على الْحَيَاة قَالَ الْعِرَاقِيّ لما كَانَت الْحَيَاة حَاصِلَة وَهُوَ متصف بهَا حسن الْإِتْيَان بِمَا أَي مَا دَامَت الْحَيَاة متصفة بِهَذَا الْوَصْف وَلما كَانَت الْوَفَاة مَعْدُومَة فِي حَال التَّمَنِّي لم يحسن أَن يَقُول مَا كَانَت بل أَتَى بإذا الشّرطِيَّة فَقَالَ إِذا كَانَت أَي إِذا آل الْحَال إِلَى أَن تكون الْوَفَاة بِهَذَا الْوَصْف قَوْله [1821] أَلا لَا يتَمَنَّى خبر بِمَعْنى النَّهْي فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا الْمَوْتَ فَلْيَقُلْ أَي فَلَا يتمن صَرِيحًا بل يعدل عَنهُ إِلَى التَّعْلِيق بِوُجُود الْخَيْر فِيهِ قَوْله 823 وَقد اكتوى فِي بَطْنه سبعا أَي يحمل مَا جَاءَ من النَّهْي عَن الكي على التَّنْزِيه قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 [1824] هاذم اللَّذَّات بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بِمَعْنى قاطعها أَو بِالْمُهْمَلَةِ من هدم الْبناء وَالْمرَاد الْمَوْت وَهُوَ هَادِم اللَّذَّات أما لِأَن ذكره يزهد فِيهَا أَو لِأَنَّهُ إِذا جَاءَ مَا يبْقى من لذائذ الدُّنْيَا شَيْئا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقولُوا خيرا أَي ادعوا لَهُ بِالْخَيرِ لَا بِالشَّرِّ وادعو بِالْخَيرِ مُطلقًا لَا بِالْوَيْلِ وَنَحْوه وَالْأَمر للنَّدْب وَيحْتَمل أَن المُرَاد أَي فَلَا تَقولُوا شرا فالمقصود النَّهْي عَن الشَّرّ لَا الْأَمر بِالْخَيرِ وأعقبني من الاعقاب أَي أبدلني وعوضني مِنْهُ أَي فِي مُقَابلَته عُقبى كبشرى أَي بَدَلا صَالحا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 [1826] لقنوا مَوْتَاكُم المُرَاد من حَضَره الْمَوْت لَا من مَاتَ والتلقين أَن يذكر عِنْده لَا أَن يَأْمُرهُ بِهِ والتلقين بعد الْمَوْت قد جزم كثير أَنه حَادث وَالْمَقْصُود من هَذَا التَّلْقِين أَن يكون آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَلذَلِك إِذا قَالَ مرّة فَلَا يُعَاد عَلَيْهِ الا ان تكلم بِكَلَام آخر قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 [1828] موت الْمُؤمن بعرق الجبين قيل هُوَ لما يعالج من شدَّة الْمَوْت فقد تبقى عَلَيْهِ بَقِيَّة من ذنُوب فيشدد عَلَيْهِ وَقت الْمَوْت ليخلص عَنْهَا وَقيل هُوَ من الْحيَاء فَإِنَّهُ إِذا جَاءَت الْبُشْرَى مَعَ مَا كَانَ قَدِ اقْتَرَفَ مِنَ الذُّنُوب حصل لَهُ بذلك خجل وحياء من الله تَعَالَى فعرق لذَلِك جَبينه وَقيل يحْتَمل أَنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ عَلَامَةٌ جُعِلَتْ لِمَوْتِ الْمُؤْمِنِ وان لم يعقل مَعْنَاهُ قَوْله حاقنتي فِي الْقَامُوس الحاقنة الْمعدة وَمَا بَين الترقوتين وحبل العاتق أَو مَا سفل من الْبَطن وذاقنتي بذال مُعْجمَة الذَّقَنُ وَقِيلَ طَرَفُ الْحُلْقُومِ وَقِيلَ مَا يَنَالُهُ الذقن من الصَّدْر قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 [1831] كشف الستارة أَي كَانَت عِنْد كشف الستارة وبسببه حَتَّى كَأَنَّهَا نفس كشف الستارة أَن يرْتَد أَي يرجع عَن ذَلِك الْمقَام ويتأخر السجف بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَهُوَ السّتْر قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 [1832] يَا ليته مَاتَ بِغَيْر مولده لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يرد بذلك يَا ليته مَاتَ بِغَيْر الْمَدِينَة بل أَرَادَ يَا ليته كَانَ غَرِيبا مُهَاجرا بِالْمَدِينَةِ وَمَات بهَا فَإِن الْمَوْت فِي غير مولده فِيمَن مَاتَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا يتَصَوَّر بِأَن يُولد فِي الْمَدِينَة وَيَمُوت فِي غَيرهَا كَذَلِك يتَصَوَّر بِأَن يُولد فِي غير الْمَدِينَة وَيَمُوت بهَا فَلْيَكُن التَّمَنِّي رَاجعا إِلَى هَذَا الشق حَتَّى لَا يُخَالف الحَدِيث حَدِيث فضل الْمَوْت بِالْمَدِينَةِ المنورة إِلَى مُنْقَطع أَثَره أَي إِلَى مَوضِع قطع أَجله فَالْمُرَاد بالأثر الاجل لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر ذكره الطَّيِّبِيّ قلت وَيحْتَمل أَن المُرَاد إِلَى مُنْتَهى سَفَره ومشيه فِي الْجنَّة مُتَعَلق بقيس وَظَاهره أَنه يعْطى لَهُ فِي الْجنَّة هَذَا الْقدر لأجل مَوته غَرِيبا وَقيل المُرَاد أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره بِهَذَا الْقدر وَدلَالَة اللَّفْظ على هَذَا الْمَعْنى خُفْيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1833] إِذا حضر الْمُؤمن على بِنَاء الْمَفْعُول أَي حَضَره الْمَوْت اخْرُجِي الْخطاب للنَّفس فيستقيم هَذَا الْخطاب مَعَ عُمُوم الْمُؤمن للذّكر وَالْأُنْثَى مرضيا عَنْك بِكَسْر الْكَاف على خطاب النَّفس إِلَى روح الله بِفَتْح الرَّاء رَحمته وَرَيْحَان أَي طيب كأطيب ريح الْمسك حَال أَي حَال كَونه مثل أطيب ريح الْمسك وَقيل صفة مصدر أَي خُرُوجًا كخروج أطيب ريح الْمسك فَلهم اللَّام الْمَفْتُوحَة للابتداء وهم مُبْتَدأ خَبره أَشد وَقيل يجوز أَن تكون اللَّام جَارة وَالتَّقْدِير لَهُم فَرح هُوَ أَشد فَرحا على توصيف الْفَرح بِكَوْنِهِ فَرحا على الْمجَاز يقدم من الْقدوم مَاذَا فعل فلَان على بِنَاء الْفَاعِل وَالْمرَاد مَا شَأْنه وحاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 فَإِذا قَالَ أَي فِي الْجَواب أما أَتَاكُم أَي أَنه مَاتَ ذهب بِهِ على بِنَاء الْمَفْعُول إِلَى أمه الهاوية أَي أَنه لم يلْحق بِنَا فقد ذهب بِهِ إِلَى النَّار والهاوية من أَسمَاء النَّار وتسميتها أما بِاعْتِبَار أَنَّهَا مأوى صَاحبهَا كالأم مأوى الْوَلَد ومفزعه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فأمه هاوية بمسح هُوَ بِكَسْر الْمِيم كسَاء مَعْرُوف وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ ثوب من الشّعْر غليظ مَعْرُوف قَوْله [1834] فقد هلكنا لكَون الْمَوْت مبغوضا إِلَى النَّفس بالطبع وَلَيْسَ أَي لَيْسَ المُرَاد بِالَّذِي تذْهب إِلَيْهِ الْبَاء زَائِدَة أَي مَا تفهم أَنْت من الْإِطْلَاق وَلَكِن المُرَاد التَّقْيِيد بِحَالَة الاحتضار حِين يبشر الْمُؤمن بِخَير وَالْكَافِر ينذر بشر طمح كمنع أَي امْتَدَّ وَعلا وحشرج الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 كدحرج فِي النِّهَايَةِ الْحَشْرَجَةُ الْغَرْغَرَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَتَرَدُّدُ النَّفس واقشعر الْجلد أَي قَامَ شعره قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 [1839] ان أَبَا بكر قبل من التَّقْبِيل قَوْله بِالسُّنُحِ بِضَمِّ السِّينِ وَالنُّونِ وَقِيلَ بِسُكُونِهَا مَوْضِعٌ بعوالي الْمَدِينَة مسجى بِفَتْح جِيم مُشَدّدَة كمغطى وزنا وَمعنى [1841] بِبرد حبرَة بِوَزْن عنبة على الْوَصْف أَو الْإِضَافَة وَهُوَ برد يمَان لَا يجمع الله عَلَيْك موتتين رد لما زعم عمر أَنه يرجع إِلَى الدُّنْيَا بِأَنَّهُ لَو رَجَعَ لمات ثَانِيًا وَهُوَ عِنْد الله أَعلَى قدرا من أَن يجمع لَهُ موتتين فقدمتها أَي مت تِلْكَ الموتة فَالضَّمِير وَقع مَنْصُوبًا على المصدرية قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 [1842] وَقد مثل على بِنَاء الْمَفْعُول مخففا أَو مشددا على أَن التَّشْدِيد للْمُبَالَغَة وَهِي أنسب بالْمقَام أَي فعل بِهِ مَا يُغير الصُّورَة سجى بتَشْديد الْجِيم أَي غطى صَوت باكية أَي امْرَأَة باكية فَلَا تبْكي نفى بِمَعْنى النَّهْي أَو فَلم تبْكي هُوَ شكّ من الرَّاوِي هَل نهى أَو اسْتِفْهَام وَالْمرَاد أَن هَذَا الْجَلِيل الْقدر الَّذِي تظله الْمَلَائِكَة لَا يَنْبَغِي أَن يبكي عَلَيْهِ بل يفرح لَهُ بِمَا صَار إِلَيْهِ قَوْله فقضت أَي الْأَجَل أَي مَاتَت وَلكنهَا أَي بُكَائِي والتأنيث للْخَبَر وَالْمرَاد أَن الْبكاء بِلَا صَوت رَحْمَة وبصوت مُنكر فَفرق بَين بُكَائِي وبكائك فَلَا يُؤْخَذ حكم أَحدهمَا من الآخر تنْزع على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 [1844] من ربه مَا أدناه الْجَار وَالْمَجْرُور مُتَعَلق بِحَسب الْمَعْنى بقوله أدناه أَي أَي شَيْء جعله قَرِيبا من ربه والصيغة للتعجب تنعاه أَي تخبر بِمَوْتِهِ قَوْله [1846] قد غلب على بِنَاء الْمَفْعُول أَي غَلبه الْمَوْت وشدته وَكَذَا قَوْله قد غلبنا عَلَيْك أَي تَقْدِيره تَعَالَى غَالب علينا فِي موتك والا فحياتك محبوبة لدينا لجميل سعيك فِي الْإِسْلَام وَالْخَيْر فصحن النِّسَاء من الصياح فَإِذا وَجب أَي مَاتَ أَي الْمَمْنُوع هُوَ الْبكاء بعد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 الْمَوْت لَا فِي قربه باكية أَي امْرَأَة باكية وَتَخْصِيص الْمَرْأَة لِأَن الْبكاء شَأْنهَا أَو نفس باكية ان كدت مُخَفّفَة أَي ان الشَّأْن جهازك بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي السّفر وَالْمرَاد تممت جهاز آخرتك وَهُوَ الْعَمَل الصَّالح بِالْمَوْتِ أوقع أجره أَي أثبت وَأوجب بِمُقْتَضى الْوَعْد عَلَيْهِ أَي على عمله فَهُوَ مُتَعَلق بِالْأَجْرِ أَو على ذَاته الْكَرِيمَة فَهُوَ مُتَعَلق بأوقع المطعون الَّذِي قَتله الطَّاعُون والمبطون الَّذِي قَتله الْبَطن وَصَاحب الْهدم بِفتْحَتَيْنِ الْبناء المنهدم وَصَاحب ذَات الْجنب فِي النِّهَايَة هِيَ الدملة الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَظْهَرُ فِي بَاطِنِ الْجَنْبِ وَتَنْفَجِرُ إِلَى دَاخل وقلما يسلم صَاحبهَا وَصَاحب الحرق بِفتْحَتَيْنِ النَّار وَصَاحب النَّار من قتلته النَّار بِجمع بِضَم الْجِيم بِمَعْنى الْمَجْمُوع وَجوز كسر الْجِيم وَهِي الَّتِي تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي تَمُوت بكرا فانها مَاتَتْ مَعَ شَيْءٍ مَجْمُوعٍ فِيهَا غَيْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 مُنْفَصِل عَنْهَا من حمل أَو بكارة قَوْله [1847] لما أَتَى نعى بِفَتْح نون فَسُكُون عين وَتَشْديد يَاء أَي خبر مَوْتهمْ جلس أَي فِي الْمَسْجِد يعرف فِيهِ الْحزن أَي يظْهر فِي وَجهه الْحزن وَهُوَ بِضَم فَسُكُون أَو بِفتْحَتَيْنِ وَالْجُمْلَة حَال من صئر الْبَاب بِكَسْر صَاد مُهْملَة أَي الشق الَّذِي كَانَ بِالْبَابِ فاحث من حثى يحثو أَي ارْمِ قيل يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّأْدِيبَ يَكُونُ بِمِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ وَهَذَا إِرْشَادٌ عَظِيمٌ قَلَّ مَنْ يتفطن لَهُ أرْغم الله أنف الْأَبْعَد تضجر مِنْهُ مَا تركت أَي من التَّعَب بفاعل أَي مَا أَمرك بِهِ على وَجهه قَوْله [1848] ببكاء أَهله عَلَيْهِ أَي إِذا تسبب فِيهِ ورضى بِهِ فِي حَيَاته قَوْله [1849] ببكاء الْحَيّ أَي الْقَبِيلَة والأهل وَالْمرَاد بالحي مَا يُقَابل الْمَيِّت قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 [1851] لَا تنوحوا نهى من ناحت الْمَرْأَة تنوح أَي لَا تبكوا عَليّ بالصياح والمدح لم ينح على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله [1852] أَخذ على النِّسَاء أَي أَخذ مِنْهُنَّ الْعَهْد أَن لَا يَنحن أَي بِأَن لَا يَنحن من النوح أسعدننا أَي وافقننا على النِّيَاحَة واسعاد النِّسَاء فِي المناحات هُوَ أَن تقوم امْرَأَة فتقوم مَعهَا للموافقة والمعاونة على مرادها وَكَانَ ذَلِك فِيهِنَّ عَادَة فَإِذا فعلت إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ذَلِك فَلَا بُد لَهَا أَن تفعل بهَا مثل ذَلِك مجازاة على فعلهَا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 [1854] أَكَانَ يعذب يُرِيد إِنْكَار ذَلِك وَأَنه بعيد من الْوُقُوع فَلذَلِك رد عَلَيْهِ عمرَان بقوله كذبت أَنْت والا فصورته اسْتِفْهَام وَهُوَ إنْشَاء فَلَا يصلح للتكذيب قَوْله وَهل بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْهَاء أَي غلط وَنسي [1855] ان صَاحب الْقَبْر ليعذب أَي بذنوب وَلَا تزر الخ أَي فَكيف يعذب الْمَيِّت ببكاء غَيره بعد أَن مَاتَ وَانْقطع عمله أصلا فاستبعدت عَائِشَة الحَدِيث لِأَنَّهَا رَأَتْهُ مُخَالفا لِلْقُرْآنِ لَكِن الحَدِيث صَحِيح فقد جَاءَ بِوُجُوه فَالْوَجْه محمله على مَا إِذا تسبب لذَلِك بِوَجْه أَو رضى بِهِ حَالَة الْحَيَاة فبذلك ينْدَفع التدافع بَينه وَبَين الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 قَوْله ان الله يزِيد الْكَافِر فَحملت الْمَيِّت على الْكَافِر وَأنْكرت الْإِطْلَاق وَقد جَاءَ فِيهِ الزِّيَادَة كَقَوْلِه تَعَالَى زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب وَقَوله فَلَنْ نَزِيدكُمْ الا عذَابا لَكِن قد يُقَال زِيَادَة الْعَذَاب بِعَمَل الْغَيْر أَيْضا مشكلة مُعَارضَة بقوله وَلَا تزر الخ فَيَنْبَغِي أَن تحمل الْبَاء فِي قَوْله بِبَعْض بكاء أَهله على المصاحبة لَا السَّبَبِيَّة وَتَخْصِيص الْكَافِر حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مَحل للزِّيَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1858] رأى ركبا بِفَتْح فَسُكُون أَي جمَاعَة راكبين على بصهيب أَي أحضرهُ عِنْدِي لَا تبك خَافَ أَن يُفْضِي بكاؤه إِلَى الْبكاء بعد الْمَوْت والا فَالْحَدِيث فِي الْبكاء بعد الْمَوْت قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 [1859] فَإِن الْعين دامعة فِيهِ أَن بكاءهن كَانَ بدمع الْعين لَا بالصياح فَلذَلِك رخص فِي ذَلِك وَبِه يحصل التَّوْفِيق بَين أَحَادِيث الْبَاب وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 [1860] لَيْسَ منا أَي من أهل طريقتنا قَوْله [1861] من حلق أَي رَأسه أَو لحيته لمصيبة وَلَا خرق أَي ثَوْبه وَلَا سلق بِالتَّخْفِيفِ أَي رفع صَوته بالبكاء عِنْد الْمُصِيبَة قَوْله قبض أَي قَارب الْقَبْض وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ الْقَعْقَعَةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الشَّنِّ الْيَابِسِ إِذَا حُرِّكَ شَبَّهَ الْبَدَنَ بِالْجِلْدِ الْيَابِسِ الْخَلِقِ وَحَرَكَةَ الرُّوحِ فِيهِ بِمَا يُطْرَحُ فِي الْجِلْدِ من حَصَاة أَو نَحْوهَا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 [1869] عِنْد الصدمة مرّة من الصدم وَهُوَ ضرب شَيْء صلب بِمثلِهِ ثمَّ اسْتعْمل فِي كل مَكْرُوه حصلت بَغْتَة وَالْمعْنَى الصَّبْر الَّذِي يحمد عَلَيْهِ صَاحبه ويثاب عَلَيْهِ فَاعله بجزيل الْأجر مَا كَانَ مِنْهُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 [1870] أحبك الله دُعَاء لَهُ بِزِيَادَة محبَّة الله لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد أَنه يحب وَلَده حبا شَدِيدا يطْلب لَك مثله من الله تَعَالَى فَفَقدهُ أَي الابْن أَو الْأَب وَهُوَ الْأَلْيَق بِمَا سَيَجِيءُ فِي آخر بَاب الْجَنَائِز فِي الْكتاب وَقَوله فَقَالَ أَي فَقَالَ لَهُ حِين لقِيه فِي الطَّرِيق مَا يَسُرك بِتَقْدِير همزَة الِاسْتِفْهَام أَي أما يَسُرك قَوْله بصفيه أَي بمحبه الْخَاص وَهُوَ الْوَلَد بِثَوَاب مُتَعَلق بقوله لَا يرضى دون الْجنَّة أَي سواهَا فَجَزَاؤُهُ الْجنَّة أَي دُخُولهَا أَولا وَيلْزم مِنْهُ مغْفرَة الذُّنُوب أجمع صَغِيرَة أَو كَبِيرَة قَوْله [1872] احتسب ثَلَاثَة أَي طلب أجر مصيبتهم مِنْهُ تَعَالَى بِالصبرِ عَلَيْهَا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 [1873] يتوفى لَهُ على بِنَاء الْمَفْعُول الْحِنْث بِكَسْر حاء مُهْملَة وَسُكُون نون أَي الذَّنب وَالْمرَاد أَنهم لم يحتلموا وَظَاهر الحَدِيث أَن هَذَا الْفضل مَخْصُوص بِمن مَاتَ أَوْلَاده صغَارًا وَقيل إِذا ثَبت هَذَا الْفضل فِي الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ كَلٌّ عَلَى أَبَوَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَثْبُتُ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي بَلَغَ مَعَه السَّعْي وَوصل لَهُ مِنْهُ الْمَنْفَعَة وَتوجه إِلَيْهِ الْخطاب بالحقوق قلت يَأْبَى عَنهُ قَوْله بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ أَيْ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ للأولاد إِذْ لَا يلْزم فِي الْكَبِير أَن يكون مرحوما فضلا أَن يرحم أَبوهُ بِفضل رَحمته نعم قد جَاءَ دُخُول الْجنَّة بِسَبَب الصَّبْر مُطلقًا كَمَا فِي حَدِيث إِن الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن الحَدِيث وَقد تقدم آنِفا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 [1875] فَتَمَسهُ النَّار الْمَشْهُور عِنْدهم نصب فَتَمَسهُ على أَنه جَوَاب النَّفْي لَكِن يشكل ذَلِك بِأَن الْفَاء فِي جَوَاب النَّفْي تدل على سَبَبِيَّة الأول للثَّانِي قَالَ تَعَالَى لَا يقْضى عَلَيْهِم فيموتوا وَمَوْت الْأَوْلَاد لَيْسَ سَببا لدُخُول النَّار بل سَبَب للنجاة عَنْهَا وَعدم الدُّخُول فِيهَا بل لَو فرض صِحَة السَّبَبِيَّة فَهِيَ غير مُرَادة هَا هُنَا لِأَن الْمَطْلُوب أَن من مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة ولد لَا يدْخل بعد ذَلِك النَّار الا تَحِلَّة الْقسم وعَلى تَقْدِير كَونه جَوَابا يصير الْمَعْنى فَاسِدا قطعا إِذْ لَازمه أَن موت ثَلَاثَة من الْوَلَد لَا يتَحَقَّق لمُسلم قطعا وَأَنه لَو تحقق لدخل ذَلِك الْمُسلم النَّار دَائِما الا قدر تَحِلَّة الْقسم فَالْوَجْه الرّفْع على أَن الْفَاء عاطفة للتعقيب وَالْمعْنَى أَنه بعد موت ثَلَاثَة ولد لَا يتَحَقَّق الدُّخُول فِي النَّار الا تَحِلَّة الْقسم وَأقرب مَا قيل فِي تَوْجِيه النصب أَن الْفَاء بِمَعْنى الْوَاو المفيدة للْجمع وَهِي تنصب الْمُضَارع بعد النَّفْي كالفاء وَالْمعْنَى لَا يجْتَمع موت ثَلَاثَة من الْوَلَد وَمَسّ النَّار الا تَحِلَّة الْقسم وللعلماء هَا هُنَا كَلِمَات بعيدَة تَكَلَّمت على بَعْضهَا فِي حَاشِيَة صَحِيح البُخَارِيّ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَا ينْحل بِهِ الْيَمين قَالَ الْجُمْهُور المُرَاد بِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَوْله [1877] لقد احتظرت بحظار شَدِيد الخ بِفَتْح حاء مُهْملَة وتكسر هُوَ مَا يَجْعَل حول الْبُسْتَان من قضبان والاحتظار فعل الحظار أَي قد احتميت بحمى عَظِيم من النَّار يقيك حرهَا قَوْله نعى زيدا الخ أَي أخبر بموتهم وَفِيه أَن الاخبار بِمَوْت أحد جَائِز وَالَّذِي من النَّهْي عَن النعي لَيْسَ المُرَاد بِهِ هَذَا وَإِنَّمَا المُرَاد نعي الْجَاهِلِيَّة الْمُشْتَمل على ذكر المفاخر وَغَيرهَا تَذْرِفَانِ بِكَسْر الرَّاء أَي تسيلان قَوْله النَّجَاشِيّ قيل هُوَ بِفَتْح نون أَو كسرهَا وعَلى الأول تخفف الْيَاء أَو تشدد وعَلى الثَّانِي التَّشْدِيد لَا غير قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 [1880] إِذْ بصر بِامْرَأَة بِضَم الصَّاد وَالْبَاء للتعدية مثل بصرت بِمَا لم يبصروا بِهِ فَتَرَحَّمت إِلَيْهِم أَي ترحمت ميتهم وَقلت فِيهِ رحم الله ميتكم مفضيا ذَلِك إِلَيْهِم ليفرحوا بِهِ وعزيتهم من التَّعْزِيَة أَي أَمرتهم بِالصبرِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ أعظم الله أجركُم الكدى بِضَم فَفتح مَقْصُورا جمع كدية بِضَم فَسُكُون وَهِي الأَرْض الصلبة قيل أَرَادَ الْمَقَابِر لِأَنَّهَا كَانَت فِي مَوَاضِع صلبة والْحَدِيث يدل على مَشْرُوعِيَّة التَّعْزِيَة وعَلى جَوَاز خُرُوج النِّسَاء لَهَا حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك ظَاهر السُّوق يُفِيد أَن المُرَاد مَا رَأَيْت أبدا كَمَا لم يرهَا فلَان وَأَن هَذِه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 الْغَايَة من قبيل حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط وَمَعْلُوم ان الْمعْصِيَة غير الشّرك لَا تُؤدِّي إِلَى ذَلِك فَأَما أَن يحمل على التَّغْلِيظ فِي حَقّهَا واما أَن يحمل على أَنه علم فِي حَقّهَا أَنَّهَا لَو ارتكبت تِلْكَ الْمعْصِيَة لأفضت بهَا إِلَى مَعْصِيّة تكون مؤدية إِلَى مَا ذكر والسيوطي رَحمَه الله تَعَالَى مشربه القَوْل بنجاة عبد الْمطلب فَقَالَ لذَلِك أَقُول لَا دلَالَة فِي هَذَا الحَدِيث عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَوَهِّمُونَ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَتِ امْرَأَةٌ مَعَ جِنَازَةٍ إِلَى الْمَقَابِرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا مُوجِبًا لِلْخُلُودِ فِي النَّارِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ الَّتِي يُعَذَّبُ صَاحِبُهَا ثُمَّ يَكُونُ آخِرُ أَمْرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُؤَوِّلُونَ مَا وَرَدَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي أهل الْكَبَائِر من أَنهم لَا يدْخلُونَ الْجنَّة بِأَن المُرَاد لَا يَدْخُلُونَهَا مَعَ السَّابِقِينَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا أَوَّلًا بِغَيْر عَذَاب فغاية مَا يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الْمَذْكُور هُوَ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ مَعَهُمُ الْكُدَى لَمْ تَرَ الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ عَذَابٌ أَو شدَّة أَو مَا شَاءَ الله تَعَالَى من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 أَنْوَاعِ الْمَشَاقِّ ثُمَّ يَؤُولُ أَمْرُهَا إِلَى دُخُولِ الْجنَّة قطعا وَيكون عبد الْمطلب كَذَلِك لَا يرى الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الِامْتِحَانُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَشَاقٍّ أُخَرَ وَيَكُونُ مَعْنَى الحَدِيث لم ترى الْجنَّة حَتَّى يَجِيء الْوَقْت الَّذِي يرى فِيهِ عبد الْمطلب فَتَرَيْنَهَا حِينَئِذٍ فَتَكُونُ رُؤْيَتُكِ لَهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْ رُؤْيَة غَيْرك مَعَ السَّابِقين هَذَا مَدْلُول الحَدِيث على قَوَاعِد أهل السّنة لَا معنى لَهُ غير ذَلِك على قواعدهم وَالذِي سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ شَرَفِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَمْ تبلغهم الدعْوَة وحكمهم فِي الْمَذْهَب مَعْرُوف انْتهى كَلَام السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقَالَ أَي للنِّسَاء الحاضرات وَكَانَت فيهم أم عَطِيَّة أَو أَكثر من ذَلِك بِكَسْر الْكَاف قيل خطاب لَام عَطِيَّة قلت بل رئيستهن سَوَاء كَانَت هِيَ أَو غَيرهَا وَيدل الحَدِيث على أَنه لَا تَحْدِيد فِي غسل الْمَيِّت بل الْمَطْلُوب التَّنْظِيف لَكِن لَا بُد من مُرَاعَاة الايتار فآذنني بِمد الْهمزَة وَتَشْديد النُّون الأولى من الايذان وَيحْتَمل أَن يَجْعَل من التأذين وَالْمَشْهُور الأول حقوه بِفَتْح الْحَاء وَالْكَسْر لُغَة فِي الأَصْل معقد الْإِزَار ثمَّ يُرَاد بِهِ الْإِزَار للمجاورة أشعرنها من الاشعار أَي اجعلنه شعارا وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَإِنَّمَا أَمر بذلك تبركا وَفِيه دلَالَة على أَن التَّبَرُّك بأثار أهل الصّلاح مَشْرُوع وَقَوله عكاشة بِضَم فتشديد كَاف ثمَّ قَالَ مَا قَالَت اسْتِفْهَام للتعجب من قَوْلهَا فَعدم الْإِنْكَار عَلَيْهَا دَلِيل للْجُوَاز عمرت على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّعْمِير وَفِيه معْجزَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [1883] ثَلَاثَة قُرُون قيل أَرَادَ هَا هُنَا الشُّعُور وكل ضفيرة من ضفائر الشّعْر قرن وجعلن ضفيرتين من القرنين وَوَاحِدَة من الناصية قَوْله [1884] ابدأن بميامنها خبر بِمَعْنى الْأَمر قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 [1895] فقبر لَيْلًا أَي من غير أَن يعلم بِهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيصلى عَلَيْهِ غير طائل أَي غير جيد فزجر أَي نهى أَن يقبر الْإِنْسَان لَيْلًا أَي قبل أَن يصلى عَلَيْهِ هُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فالمقصود هُوَ التَّأْكِيد فِي مُرَاعَاتهمْ حُضُوره وَصلَاته على الْمَيِّت صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ولى أحدكُم أَخَاهُ أَي أَمر تَجْهِيزه وتكفينه فليحسن كَفنه قيل بِسُكُون الْفَاء مصدر أَي تكفينه فَيشْمَل الثَّوْب وهيئته وَعَمله وَالْمَعْرُوف الْفَتْح قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب هُوَ الصَّحِيح قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْمُرَادُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 بِتَحْسِينِهِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ لَا كَوْنُهُ ثمينا لحَدِيث النَّهْي عَن المغالاة انْتهى قَوْله [1896] فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب لِأَنَّهُ يظْهر فِيهَا أدنى وسخ فيزال قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 [1897] فِي ثَلَاثَة أَثوَاب فِي طَبَقَات بن سعد ازار ورداء ولفافة سحُولِيَّة بِضَم أَوله أَو فَتحه نِسْبَة إِلَى قَرْيَة بِالْيمن قَوْله [1898] لَيْسَ فِيهَا قَمِيص الخ الْجُمْهُور على أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الثِّيَابِ الَّتِي كُفِّنَ فِيهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَمِيص وَلَا عِمَامَة أصلا وَقيل مَا كَانَ الْقَمِيص والعمامة من الثَّلَاثَة بل كَانَا زائدين على الثَّلَاثَة قَالَ الْعِرَاقِيّ وَهُوَ خلاف الظَّاهِر قلت بل يردهُ حَدِيث أبي بكر فِي كم كفن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَائِشَة فِي ثَلَاثَة أَثوَاب فَقَالَ أَبُو بكر لثوب عَلَيْهِ كفنوني فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرين وَهُوَ حَدِيث صَحِيح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 قَوْله يَمَانِية بِالتَّخْفِيفِ وَأَصله يمنية بِالتَّشْدِيدِ نِسْبَة إِلَى الْيمن لَكِن قدمت إِحْدَى الياءين ثمَّ قلبت ألفا أَو حذفت وَعوض مِنْهَا بِأَلف على خلاف الْقيَاس كُرْسُف بِضَم كَاف وسين مُهْملَة مَعًا بَينهمَا رَاء سَاكِنة الْقطن قَوْلهم أَي قَول النَّاس أَي ذكر لَهَا أَن النَّاس يَقُولُونَ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَوْبَيْنِ وَبرد حبرَة الْحبرَة كالعنبة مَا كَانَ مخططا من الْبرد اليمانية وَقَوْلهمْ برد حبرَة بِالْإِضَافَة أَو التوصيف وَلَكنهُمْ أَي النَّاس الْحَاضِرين على التَّكْفِين فآذنوني بِمد الْهمزَة أَي اعلموني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 أُصَلِّي عَلَيْهِ اسْتِئْنَاف وَلَيْسَ بِجَوَاب أَمر والا لَكَانَ أصل بِلَا يَاء الا أَن يُقَال الْيَاء للاشباع أَو لمعاملة الْمُعَلل مُعَاملَة الصَّحِيح وَهُوَ تكلّف بِلَا حَاجَة نهاك الله اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُصَلِّ على أحد مِنْهُم كَانَ بعد أُجِيب بِأَن عُمَرَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا منع فَإِن قلت كَيفَ لعمر أَن يَقُول أَو يعْتَقد ذَلِك وَفِيه اتهام للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بارتكاب الْمنْهِي عَنهُ قلت لَعَلَّه جوز للنسيان والسهو فَأَرَادَ أَن يذكرهُ ذَلِك وَيُمكن أَن يُقَال قَوْله نهاك ذكره على وَجه الاستفسار وَالسُّؤَال كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَة أَلَيْسَ الله نهاك ليتوسل بِهِ إِلَى فهم مَا ظَنّه نهيا وَأما مَا يشْعر بِهِ بَعضهم أَن النَّهْي كَانَ متحققا لِأَن الصَّلَاة اسْتِغْفَار للْمَيت وَقد نهى صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَن الاسْتِغْفَار للْمُشْرِكين بقوله تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين فَلَيْسَ بِشَيْء إِذْ لَا يلْزم من كَون الْمَيِّت منافقا أَن يكون مُشْركًا وَالظَّاهِر أَن الحكم كَانَ فِي حق الْمُشْركين هُوَ النَّهْي وَفِي حق الْمُنَافِقين التَّخْيِير ثمَّ نزل الْمَنْع وَالنَّهْي وَالله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 تَعَالَى أعلم قَوْله وَقد وضع الخ هَذَا الحَدِيث مُخَالف للْحَدِيث السَّابِق فَإِنَّهُ صَرِيح فِي أَنه حضر الصَّلَاة عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ الْقَمِيص قيل وَرِوَايَة بن عَبَّاس عَن عمر كَمَا ذكرهَا التِّرْمِذِيّ وصححها أَشد صَرَاحَة فِي ذَلِك فَفِيهَا دعى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم للصَّلَاة عَلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ إِلَى أَن قَالَ ثمَّ صلى عَلَيْهِ وَمَشى مَعَه فَقَامَ على قَبره حَتَّى فرغ مِنْهُ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعَ الْجِنَازَة إِلَى أَن أَتَى بِهِ الْقَبْر وَهَذَا الحَدِيث يُفِيد أَنه جَاءَ بعد ذَلِك وَألبسهُ الْقَمِيص بعد وَقد تكلّف بَعضهم فِي التَّوْفِيق بِمَا لَا يدْفع الْإِيرَاد بِالْكُلِّيَّةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1902] الا قَمِيص عبد الله بن أبي فَفِيهِ أَنه انما ألبسهُ قَمِيصه مُكَافَأَة لقميص أعطَاهُ الْعَبَّاس قَوْله [1903] لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا كِنَايَةٌ عَنِ الْغَنَائِمِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا مَنْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْفُتُوحِ أَيْنَعَتْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ أَي نَضِجَتْ يهدبها بِفَتْح أَوله وَكسر الدَّال الْمُهْملَة أَي يجتنيها وَقيل بِتَثْلِيث الدَّال الْمُهْملَة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 [1904] اغسلوا الْمحرم ظَاهره أَن المُرَاد كل محرم وَكَونه جَاءَ فِي مَخْصُوص لَا يضر إِذْ الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ وَمن لَا يرى عُمُوم الحكم يحمل اللَّام على الْعَهْد أَي ذَلِك الْمحرم الَّذِي هُوَ مورد الْكَلَام وَيرى أَن الحكم مَخْصُوص بِهِ وَلَا يخفى أَن الأَصْل هُوَ الْعُمُوم وان كَانَ اللَّفْظ مَخْصُوصًا فَلَا بُد لمُدعِي الْخُصُوص من دَلِيل وَمَا ذكرُوا من حَدِيث يَنْقَطِع عمل الْمَيِّت لَا يصلح لَهُ فَلْيتَأَمَّل ثمَّ ظَاهر الحَدِيث أَنه يُكفن فِيمَا يغسل فِيهِ من الثَّوْبَيْنِ وَلَا تمسوه بِضَم التَّاء وَكسر الْمِيم من الامساس وَلَا تخمروا أَي لَا تغطوا قَوْله [1905] أطيب الطّيب أَي من أطيب الطّيب كَمَا فِي الرِّوَايَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 الْآتِيَة قَوْله حَتَّى صف النَّاس فِيهِ تكْرَار الصَّلَاة إِذْ يستبعد من الصَّحَابَة دَفنهَا بِلَا صَلَاة وَالصَّلَاة على الْقَبْر بعد الصَّلَاة على الْمَيِّت وَمن لم ير ذَلِك يحمل على الْخُصُوص قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 [1908] قَالَ قدموني كَانَ يعْتَقد أَنهم يسمعُونَ قَوْله فَيَقُول لَهُم ذَلِك أَو أَنه تَعَالَى يجْرِي على لِسَانه ذَلِك ليخبر عَنهُ رَسُوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس فَتحصل الْفَائِدَة بِوَاسِطَة ذَلِك الاخبار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1909] إِذا وضعت الْجِنَازَة يحْتَمل أَن المُرَاد بالجنازة الْمَيِّت أَي إِذا وضعت الْمَيِّت على السرير وَيحْتَمل أَن المُرَاد بهَا السرير أَي إِذا وضع عَلَى الْكَتِفِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِن كَانَت صَالحه فَإِن المُرَاد هُنَاكَ الْمَيِّت وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا وضع الرجل الصَّالح على سَرِيره كَذَا قيل قلت بل هُوَ الْمُتَعَيّن إِذْ على الثَّانِي يكون قَوْله فاحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم تَكْرَارا وَلَا يُمكن جعله تَأْكِيدًا إِذْ لَا يُنَاسِبهَا الْفَاء فَلْيتَأَمَّل نعم ضمير احتملها بالسرير أنسب إِذْ هُوَ الْمَحْمُول اصالة وَالْمَيِّت تبعا لَكِن يَكْفِي فِي صِحَة إِرَادَة الْمَيِّت كَونه مَحْمُولا تبعا وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالضمير السرير بالاستخدام قَالَت قدموني قيل يحْتَمل أَن الْقَائِل الرّوح أَو الْجَسَد بِوَاسِطَة رد الرّوح إِلَيْهِ وَقَوله يسمع صَوتهَا الخ يدل على أَنه قَول بِلِسَانِ الْمَقَالِ لَا بِلِسَانِ الْحَالِ وَلَوْ سَمِعَهَا أَي صَوت النَّفس الْغَيْر الصَّالِحَة لصعق أَي يغشى عَلَيْهِ من شدَّة ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 الصَّوْت فَإِنَّهُ يَصِيح بِصَوْت مُنكر وَأما الصَّالح فبخلافه وَقيل يحْتَمل الصَّعق من صَوت الصَّالح أَيْضا لكَونه غير مألوف قلت وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن المُرَاد لَو سَمعه أَحْيَانًا والا فَلَو سَمعه على الدَّوَام لما بَقِي غير مألوف وَالله تَعَالَى أعلم [1910] أَسْرعُوا بالجنازة ظَاهره الْأَمر للحملة بالإسراع فِي الْمَشْي وَيحْتَمل الْأَمر بالإسراع فِي التَّجْهِيز وَقَالَ النَّوَوِيّ الأول هُوَ الْمُتَعَيّن لقَوْله فشر تضعونه عَن رِقَابكُمْ وَلَا يخفى أَنه يُمكن تَصْحِيحه على الْمَعْنى الثَّانِي بِأَن يَجْعَل الْوَضع عَن الرّقاب كِنَايَة عَن التبعيد عَنهُ وَترك التَّلَبُّس بِهِ فَخير تقدمونها إِلَيْهِ الظَّاهِر أَن التَّقْدِير فَهِيَ خير أَي الْجِنَازَة بِمَعْنى الْمَيِّت لمقابلته بقوله فشر فَحِينَئِذٍ لَا بُد من اعْتِبَار الِاسْتِخْدَام فِي ضمير إِلَيْهِ الرَّاجِع إِلَى الْخَيْر وَيُمكن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 أَن يقدر فلهَا خير أَو فهناك خير لَكِن لَا تساعده الْمُقَابلَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله رويدا أَي امهلوا وَلَا تسرعوا يدبون أَي يبطئون فِي الْمَشْي المربد بِكَسْر مِيم وَفتح بَاء مَوضِع بِالْبَصْرَةِ وأهوى أَي مديده إِلَى السَّوْط ليسوقهم بِهِ خلوا أَي الْمضيق نرمل من بَاب نصر رملا بِفتْحَتَيْنِ أَي نسرع فِي الْمَشْي قَوْله [1914] إِذا مرت بكم جَنَازَة فَقومُوا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الْقِيَامُ مَنْسُوخ وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَبَعض الْمَالِكِيَّة هُوَ مُخَيّر وَاخْتَلَفُوا فِي قِيَامِ مَنْ يُشَيِّعُهَا عِنْدَ الْقَبْرِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ لَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ قَالُوا وَالنَّسْخُ إِنَّمَا هُوَ فِي قيام من مرت بِهِ وَلِهَذَا قَالَ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا وَقَالُوا هُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِهِ لِلنَّدَبِ وَالْقُعُودِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَلَا تصح دَعْوَى النَّسْخِ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَلم يتَعَذَّر أه قَوْله [1915] حَتَّى تخلفه بِضَم تَاء وَتَشْديد لَام أَي تتجاوزه وتجعله خلفهَا وَنسبَة التخليف إِلَى الْجِنَازَة مجازية وَالْمرَاد تخليف حاملها وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 قَوْله انه من أهل الأَرْض أَي أهل الذِّمَّة وسمى أهل الذِّمَّة بِأَهْل الأَرْض لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ أَقَرُّوهُمْ عَلَى عمل الأَرْض وَحمل الْخراج قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 [1922] ان للْمَوْت فَزعًا أَي فَلَا يَنْبَغِي الِاسْتِمْرَار على الْغَفْلَة على رُؤْيَة الْمَيِّت فالقيام لترك الْغَفْلَة والتشمير للْجدّ وَالِاجْتِهَاد فِي الْخَيْر وَفِي بعض النّسخ ان الْمَوْت فزع أَي ذُو فزع أَو هُوَ من بَاب الْمُبَالغَة وَمعنى قَوْله فَإِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا أَي تَعْظِيمًا لهول الْمَوْت وفزعه لَا تَعْظِيمًا للْمَيت فَلَا يخْتَص الْقيام بميت دون ميت قَوْله [1923] وَلم يعد بعد ذَلِك من الْعود وَاسْتدلَّ بِهِ الْجُمْهُور على النّسخ قَوْله [1924] قَالَ بن عَبَّاس نعم ثمَّ جلس أَي ترك الْقيام لَهَا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 [1927] فكره أَن يَعْلُو رَأسه هَذَا تَأْوِيل وَقع فِي خاطر الْحسن والا فَمُقْتَضى الْأَحَادِيث أَنه كَانَ لتعظيم أَمر الْمَوْت وَقد جَاءَ بِهِ الْأَمر أَيْضا الا ان يُقَال هَذَا مِمَّا انْضَمَّ إِلَى دواعي الْقيام أَيْضا وَكَانَت الدَّوَاعِي مُتعَدِّدَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1929] إِنَّمَا قمنا للْمَلَائكَة لَا مُعَارضَة إِذْ يجوز تعدد الاغراض والعلل فَيكون الْقيام مَطْلُوبا تَعْظِيمًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 لأمر الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة جَمِيعًا وَغير ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بن حَلْحَلَةَ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَلَامَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيةُ مَفْتُوحَة قَوْله مستريح ومستراح مِنْهُ الْوَاو بِمَعْنى أَو وَالتَّقْدِير هَذَا الْمَيِّت أَو كل ميت اما مستريح أَو مستراح مِنْهُ أَو بمعناها على أَن هَذَا الْكَلَام بَيَان لمقدر يَقْتَضِيهِ الْكَلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الْمَيِّت أَو كل ميت أحد رجلَيْنِ فَقَالَ مستريح ومستراح مِنْهُ وَقَالَ السُّيُوطِيّ الْوَاو فِيهِ بِمَعْنى أَو وَهِي لِلتَّقْسِيمِ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِهِ التَّقْدِيرُ النَّاس أَو الْمَوْتَى مستريح أَو مستراح مِنْهُ قلت وَلَا يخفى مَا فِيهِ من عدم الْمُطَابقَة بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَلْيتَأَمَّل قَوْله مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا هُوَ التَّعَبُ وَزْنًا وَمَعْنًى وأذاها من عطف الْعَام على الْخَاص كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت وَمَا أشبهه بعطف المتساويين وَالْعَبْد الْفَاجِر قيل يحْتَمل أَن المُرَاد الْكَافِر أَو مَا يعمه والعاصي وَكَذَا الْمُؤمن يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ التقى خَاصَّة وَيحْتَمل كل مُؤمن قلت وَالظَّاهِر عُمُوم الْمُؤمن وَحمل الْفَاجِر على الْكَافِر لمقابلته بِالْمُؤمنِ إِذْ مَحل التَّأْوِيل هُوَ الثَّانِي لَا الأول فَإِن التَّأْوِيل فِي الأول من قبيل نزع الْخُف قبل الْوُصُول إِلَى المَاء وَلذَلِك حمله المُصَنّف على الْكَافِر كَمَا نبه عَلَيْهِ بالترجمة الثَّانِيَة يستريح مِنْهُ الْعباد الخ إِذْ يقل الأمطار ويضيق فِي الأرزاق بشؤم مَعَاصيه مَعَ أَنه قد يظلم أَيْضا ويوقع النَّاس فِي الْإِثْم وَغير ذَلِك قَوْله [1931] أَوْصَابِ الدُّنْيَا جَمْعُ وَصَبٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ مَعًا ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَهُوَ دَوَامُ الْوَجَعِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا على فتور الْبدن قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 [1932] مر بِجنَازَة على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا فَأثْنى وَقَوله خيرا بِالنّصب على الْمصدر أَي ثَنَاء حسنا أَنْتُم شُهَدَاء الله قيل الْخطاب مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِالْحِكْمَةِ بِخِلَافِ من بعدهمْ وَقيل بل المُرَاد هم وَمن كَانُوا على صفتهمْ فِي الْإِيمَان وَقيل الصَّوَاب أَن ذَلِك يخْتَص بالثقات والمتقين وَقَالَ النَّوَوِيّ قيل هَذَا مَخْصُوص بِمن أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ثَنَاؤُهُمْ مُطَابِقًا لأفعاله فَهُوَ من أهل الْجنَّة وَالصَّحِيح أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَت أَفعاله تَقْتَضِي ذَلِك أم لَا إِذْ الْعقُوبَة غير وَاجِبَة فالهام الله تَعَالَى الثَّنَاء عَلَيْهِ دَلِيل على أَنه شَاءَ الْمَغْفِرَة لَهُ وَبِهَذَا يظْهر فَائِدَة الثَّنَاء والا فَإِذا كَانَت أَفعاله مقتضية للجنة لم يكن للثناء فَائِدَة قلت وَلَعَلَّه لهَذَا جَاءَ لَا تَذكرُوا الْمَوْتَى الا بِخَير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1934] شهد لَهُ أَرْبَعَة ظَاهره الْعُمُوم كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 [1935] لَا تَذكرُوا هلكاكم الا بِخَير قيل لَعَلَّه مَا نهى عَن الثَّنَاء بِالشَّرِّ فِيمَن قَالَ فِي حَقه وَجَبت كَمَا تقدم لخُصُوص النَّهْي عَن السب بِغَيْر الْمُنَافِق وَالْكَافِر والمتظاهر بفسق وبدعة وَأما هَؤُلَاءِ فَلَا يحرم ذكرهم بِالشَّرِّ للتحذير عَن طريقهم والإقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم فَلَعَلَّ الَّذِي مَا نهى عَنهُ فِيهِ كَانَ من هَؤُلَاءِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 [1936] فَإِنَّهُم قد أفضوا أَي وصلوا إِلَى مَا قدمُوا من التَّقْدِيم أَي لأَنْفُسِهِمْ من الْأَعْمَال وَالْمرَاد جزاؤها أَي فَلَا ينفع سبهم فيهم كَمَا ينفع سبّ الْحَيّ فِي النَّهْي والزجر حَتَّى لَا يَقع فِي الْهَلَاك نعم قد يتَضَمَّن سبهم مصلحَة الْحَيّ كَمَا إِذا كَانَ لتحذيره عَن طريقهم مثلا فَيجوز لذَلِك كَمَا تقدم قَوْله [1937] يتبع الْمَيِّت أَي إِلَى الْقَبْر أَهله أَي عَادَة إِذا كَانَ لَهُ أهل وَكَذَا مَاله أَي عبيده وَيبقى وَاحِد عمله أَي مَعَه فَيَنْبَغِي أَن يهتم بصلاحه لَا بصلاحهما قَوْله على الْمَيِّت ظَاهره الْوُجُوب لَكِن حمله الْعلمَاء على مُطلق التأكد يعودهُ أَي يزوره وَيسْأل عَن حَاله ويشهده أَي يحضر جنَازَته وَيُصلي عَلَيْهِ ويشمته من التشميت وَهُوَ أَن يَقُول يَرْحَمك الله [1938] إِذا عطس أَي رَحمَه الله وَينْصَح لَهُ أَي يُرِيد لَهُ الْخَيْر فِي جَمِيع أَحْوَاله وَهُوَ المُرَاد بقوله إِذا غَابَ أَو شهد إِذْ الْأَحْوَال لَا تَخْلُو عَن غيبَة وَحُضُور وَالْمَقْصُود أَنه لَا يقصر النصح على الْحُضُور كَحال من يُرَاعِي الْوَجْه بل ينصح لأجل الْإِيمَان فيسوى بَين السِّرّ والاعلان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 [1939] وابرار الْقسم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْحلف وَفِي بعض النّسخ ابرار الْمقسم بِضَم مِيم وَسُكُون قَاف وَكسر سين وَهُوَ الْحَالِف وابراره تَصْدِيقه بِمَعْنى أَنه لَو حلف أحد على أَمر وَأَنت تقدر على جعله بارا فِيهِ كَمَا لَو أقسم أَن لايفارقك حَتَّى تفعل كَذَا فافعل وَعَن المياثر جمع مئثر بِكَسْر مِيم وَسُكُون همزَة هِيَ وِطَاءٌ مَحْشُوٌّ يُتْرَكُ عَلَى رَحْلِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّاكِب وَالْحُرْمَة إِذا كَانَ من حَرِير أَو أَحْمَر كَذَا قيل والقسية بِفَتْح قَاف وَتَشْديد سين وياء وَقد تقدم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 [1940] كَانَ لَهُ من الْأجر قِيرَاط وَهُوَ عبارَة عَن ثَوَاب مَعْلُوم عِنْد الله تَعَالَى عبر عَنهُ بِبَعْض أَسمَاء الْمَقَادِير وَفسّر بجبل عَظِيم تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ أحد بِضَمَّتَيْنِ وَيحْتَمل أَن ذَلِك الْعَمَل يتجسم على قدر جرم الْجَبَل الْمَذْكُور تثقيلا للميزان قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 [1942] الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة أَي اللَّائِق بِحَالهِ أَن يكون خلف الْجِنَازَة والماشي حَيْثُ شَاءَ أَي من الْيَمين واليسار والقدام وَالْخلف فَإِن حَاجَة الْحمل قد تَدْعُو إِلَى جَمِيع ذَلِك والطفل بِعُمُومِهِ يَشْمَل من اسْتهلّ وَمن لَا وَبِه أَخذ أَحْمد وَغَيره لَكِن الْجُمْهُور أخذُوا بِحَدِيث جَابر الطِّفْل لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ حَتَّى يستهل تَرْجِيحا للنَّهْي عَن الْحل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 عِنْد التَّعَارُض قَوْله ان أَخَاكُم أَي النَّجَاشِيّ وَفِيه الصَّلَاة على الْغَائِب وَالْمَسْأَلَة مُخْتَلف فِيهَا بَين الْفُقَهَاء وَظَاهر الحَدِيث لمن جوز وَغَيرهم يدعونَ الْخُصُوص تَارَة وَحُضُور الْجِنَازَة بَين يَدَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أُخْرَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله طُوبَى قيل هُوَ اسْم الْجنَّة أَو شَجَرَة فِيهَا وَأَصلهَا فعلى من الطّيب وَقيل فَرح وقرة عين وَهَذَا تَفْسِير لَهُ بِالْمَعْنَى الْأَصْلِيّ وَلم يُدْرِكهُ أَي لم يدْرك أَوَانه بِالْبُلُوغِ أَو غير ذَلِك أَي بل غير ذَلِك أحسن وَأولى وَهُوَ التَّوَقُّف خلق الله الخ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَال الْمُسلمين فِي الْجنَّة قلت وَقد صرح كثير من أهل التَّحْقِيق أَن التَّوَقُّف فِي مثله أحوط إِذْ لَيست الْمَسْأَلَة مِمَّا يتَعَلَّق بهَا عمل وَلَا عَلَيْهَا إِجْمَاع وَهِي خَارِجَة عَن مَحل الْإِجْمَاع على قَوَاعِد الْأُصُول إِذْ مَحل الْإِجْمَاع هُوَ مَا يدْرك بِالِاجْتِهَادِ دون الْأُمُور المغيبة فَلَا اعْتِدَاد بِالْإِجْمَاع فِي مثله لَو تمّ على قواعدهم فالتوقف أسلم على أَن الْإِجْمَاع لَو تمّ وَثَبت لَا يَصح الْجَزْم فِي مَخْصُوص لِأَن ايمان الْأَبَوَيْنِ تَحْقِيقا غيب وَهُوَ المناط عِنْد الله وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [1949] الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ظَاهره أَنه تَعَالَى يعاملهم بِمَا لَو عاشوا لعملوه وَتمسك بِهِ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 قَالَ انهم فِي مَشِيئَته تَعَالَى وَهُوَ مَنْقُول عَن حَمَّاد وبن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ عَنِ الشَّافِعِي قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ مُقْتَضَى مَنْعِ مَالِكٍ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْحَابه وَقَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا وَإِذَا كَانَ لَا يُعَذِّبُ الْعَاقِلَ لِكَوْنِهِ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَأَنْ لَا يُعَذِّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ من بَاب أولى قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ لَيْسَا بِالْأَعْمَالِ وَإلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الذَّرَارِيُّ لَا فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ بَلِ الْمُوجِبُ لَهُمَا هُوَ اللُّطْفُ الرَّبَّانِيُّ وَالْخِذْلَانُ الْإِلَهِيُّ الْمُقَدَّرُ لَهُمْ فِي الْأَزَلِ فَالْوَاجِبُ فِيهِمُ التَّوَقُّفُ فَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ سَعِيدٌ حَتَّى لَوْ عَاشَ عَمِلَ بِعَمَل أهل الْجنَّة وَمِنْهُم بِالْعَكْسِ قلت والى التَّوَقُّف مَال كثير وَأَجَابُوا عَمَّا اسْتدلَّ بِهِ النَّوَوِيّ بِأَن الْآيَة مَحْمُولَة على عَذَاب الدُّنْيَا عَذَاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 استئصال كَمَا هُوَ الْمُنَاسب بسياقها وسباقها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1952] عَن بن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَرَارِي الْمُشْركين الخ قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يسمع بن عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ ذَلِكَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عمار بن أبي عمار عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَقُولُ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ هُمْ مِنْهُمْ حَتَّى حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُهُ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ هُوَ خَلَقَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ فَأَمْسَكت عَن قولي ذكره السُّيُوطِيّ قَوْله [1953] أُهَاجِر مَعَك أَي أسكن مَعَك مُهَاجرا غنم كسمع قسم بِكَسْر الْقَاف بِمَعْنى النَّصِيب مَا على هَذَا الخ أَي مَا آمَنت بك لأجل الدُّنْيَا وَلَكِن آمَنت لأجل أَن أَدخل الْجنَّة بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيل الله أرمى على بِنَاء الْمَفْعُول أَن تصدق الله هُوَ بِالتَّخْفِيفِ من الصدْق فِي الْمَوْضِعَيْنِ من بَاب نصر أَي ان كنت صَادِقا فِيمَا تَقول وتعاهد الله عَلَيْهِ يجزك على صدقك بِإِعْطَاء مَا تريده فصلى عَلَيْهِ فَهَذَا يدل على الصَّلَاة على الشَّهِيد قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 [1954] فصلى على أهل أحد أَي فِي آخر عمره فَهَذَا يحمل على الْخُصُوص عِنْد الْكل وَحمله على الدُّعَاء تَأْوِيل بعيد بِحَيْثُ يقرب أَن يُسمى تحريفا لَا تَأْوِيلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَنِّي فرط لكم بِفتْحَتَيْنِ أَي أتقدمكم لأهيئ لكم وَفِيه أَن هَذَا توديع لَهُم وَأَنا شَهِيد عَلَيْكُم يحمل كلمة على فِي مثله على معنى اللَّام أَي شَهِيد لكم بأنكم آمنتم وصدقتموني وَفِيه تشريف لَهُم وتعظيم والا فَالْأَمْر مَعْلُوم عِنْده تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 [1955] فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمُظْهِرِيُّ فِي شرح المصابيح المُرَاد بِالثَّوْبِ الْوَاحِد الْقَبْر الْوَاحِد إِذْ لَا يجوز تجريدهما بِحَيْثُ تتلاقى بشرتهما وَنَقله غير وَاحِد وأقروه عَلَيْهِ لَكِن النّظر فِي الحَدِيث يردهُ بَقِي أَنه مَا معنى ذَلِك والشهيد يدْفن بثيابه الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فَكَانَ هَذَا فِيمَن قطع ثَوْبه وَلم يبْق على بدنه أَو بَقِي مِنْهُ قَلِيل لِكَثْرَة الجروح وعَلى تَقْدِير بَقَاء شَيْء من الثَّوْب السَّابِق فَلَا اشكال لكَونه فاصلا عَن ملاقاة الْبشرَة وَأَيْضًا قد اعتذر بَعضهم عَنهُ بِالضَّرُورَةِ وَقَالَ بَعضهم جمعهَا فِي ثوب وَاحِد هُوَ أَن يقطع الثَّوْب الْوَاحِد بَينهمَا شَهِيد على هَؤُلَاءِ أَي لَهُم بِأَنَّهُم بذلوا أَرْوَاحهم لله وَلم يصل عَلَيْهِم من يَقُول بِالصَّلَاةِ على الشَّهِيد يرى أَن مَعْنَاهُ مَا صلى على أحد كصلاته على حَمْزَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 حَيْثُ صلى عَلَيْهِ مرَارًا وَصلى على غَيره مرّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أحصنت أَي تزوجت فَلَمَّا أذلقته بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَلَغَتْ مِنْهُ الْجَهْدَ حَتَّى قلق فَأدْرك على بِنَاء الْمَفْعُول وَلم يصل عَلَيْهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ العصاة قَوْله [1957] أحسن إِلَيْهَا أوصى بذلك لِأَنَّهَا تابت وَلِأَن أهل الْقَرَابَة قد يُؤْذونَ بذلك لما لحقهم من الْعَار فشكت بتَشْديد الْكَاف على بِنَاء الْفَاعِل وَنصب الثِّيَاب أَو على بِنَاء الْمَفْعُول وَرفع الثِّيَاب أَي جمعت ولفت لِئَلَّا تنكشف فِي تقلبها واضطرابها ثمَّ صلى عَلَيْهَا ليعلم أَنَّهَا مَاتَت تائبة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 فالإمام مُخَيّر أَن جَادَتْ من الْجُود كَأَنَّهَا تَصَدَّقت بِالنَّفسِ لله حَيْثُ أقرَّت لله بِمَا أدّى إِلَى الْمَوْت قَوْله فجزأهم بتَشْديد الزَّاي وتخفيفها وَفِي آخِره همزَة أَي فرقهم أَجزَاء ثَلَاثَة وَهَذَا مَبْنِيّ على تَسَاوِي قيمتهم وَقد استبعد وُقُوع ذَلِك من لايقول بِهِ بِأَنَّهُ كَيفَ يكون رجل لَهُ سِتَّة أعبد من غير بَيت وَلَا مَال وَلَا طَعَام وَلَا قَلِيل أَو كثير وَأَيْضًا كَيفَ تكون السِّتَّة مُتَسَاوِيَة قيمَة قلت يُمكن أَن يكون فَقِيرا حصل لَهُ العبيد فِي غنيمَة وَمَات بعد ذَلِك عَن قريب وَأَيْضًا يجوز أَنه مَا بَقِي بعد الْفَرَاغ من تَجْهِيزه وتكفينه وَقَضَاء دُيُونه الا ذَلِك وَأما تَسَاوِي كثير فِي الْقيمَة فَغير عَزِيز وَبِالْجُمْلَةِ أَن الْخَبَر إِذا صَحَّ لَا يتْرك الْعَمَل بِهِ بِمثل تِلْكَ الاستبعادات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله غل أَي خَان فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ أَي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 قدرا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ أوكلمة مَا نَافِيَة قَوْله صلوا على صَاحبكُم كَانَ لَا يُصَلِّي أَولا على الْمَدْيُون الَّذِي مَا ترك وَفَاء تحذيرا من الدّين ثمَّ لما توسع الله تَعَالَى عَلَيْهِ كَانَ يُؤَدِّي الدّين وَيُصلي عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ أَي هَذَا الْعَهْد مقرون بِالْوَفَاءِ بِمَعْنى عَلَيْك أَن تفي بِهِ وَاسْتدلَّ بِهِ من يَقُول بِصِحَّة الْكفَالَة عَن الْمَيِّت وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 قَوْله بمشاقص جمع مشقص بِكَسْر مِيم وَفتح قَاف نَصْلُ السَّهْمِ إِذَا كَانَ طَوِيلًا غَيْرَ عَرِيضٍ أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مَنْ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ لِعِصْيَانِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَجَابَ الْجُمْهُور بِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ زَجْرًا لِلنَّاسِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَهَذَا كَمَا ترك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي أول الْأَمر الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ زَجْرًا لَهُمْ عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 التَّسَاهُلِ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَعَنْ إِهْمَالِ وَفَائِهَا وَأَمَرَ أَصْحَابه بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ صلوا على صَاحبكُم قَوْله [1965] من تردى أَي سقط يتردى أَي من جبال النَّار إِلَى أَوديتهَا خَالِدا مخلدا ظَاهره يُوَافق قَوْله تَعَالَى وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا الْآيَة لعُمُوم الْمُؤمن نفس الْقَاتِل أَيْضا لَكِن قَالَ التِّرْمِذِيّ قد جَاءَت الرِّوَايَة بِلَا ذكر خَالِدا مخلدا أبدا وَهِي أصح لما ثَبت من خُرُوج أهل التَّوْحِيد من النَّار قلت ان صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول على من يسْتَحل ذَلِك أَو على أَنه يسْتَحق ذَلِك الْجَزَاء وَقيل هُوَ مَحْمُول على الامتداد وَطول الْمكْث كَمَا ذكرُوا فِي الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم وَمن تحسى آخِره ألف أَي شرب وتجرع والسم بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَقيل مُثَلّثَة السِّين دَوَاء قَاتل يطْرَح فِي طَعَام أَو مَاء فَيَنْبَغِي أَن يحمل تحسى على معنى أَدخل فِي بَاطِنه ليعم الْأكل وَالشرب جَمِيعًا ثمَّ انْقَطع على شَيْء خَالِد يَقُول لَيْسَ هَذَا من متن الحَدِيث بل هُوَ من كَلَام الرَّاوِي عَن خَالِد أَي أَن خَالِدا يَقُول انْقَطع شَيْء من متن الحَدِيث بعد قَوْله وَمن قتل نَفسه بحديدة وَهَذَا الِانْقِطَاع اما بِسُقُوط لفظ أَو بالتردد فِيهِ أَنه أَي لفظ يجَأ بِهَمْزَة فِي آخِره مضارع وجأته بالسكين إِذا ضَربته بهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 قَوْله [1966] أخر عني أَي كلامك أَو نَفسك أَو بِمَعْنى تَأَخّر قَوْله [1967] الا فِي الْمَسْجِد ظَاهر فِي الْجَوَاز فِي الْمَسْجِد نعم كَانَت عَادَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خَارج الْمَسْجِد فَالْأَقْرَب أَن يُقَال الأولى أَن تكون خَارج الْمَسْجِد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 مَعَ الْجَوَاز فِيهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [1969] فصلوا عَلَيْهَا أَي لَيْلًا وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُود فِي التَّرْجَمَة وَهَذَا الحَدِيث نَص فِي التّكْرَار وَقد سبق جَوَاب من يُنكر ذَلِك عَنهُ قَوْله [1971] نعى للنَّاس أَي أخْبرهُم بِمَوْتِهِ قَوْله سَمِعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 شُعْبَة يَقُول السَّاعَة الخ الظَّاهِر أَنه بَيَان كَيْفيَّة تحملهم الحَدِيث لَكِن فِي الْكَلَام اخْتِصَار وَكَانَ أَصله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 كُنَّا عِنْد بَاب أبي الزبير منتظرين لِخُرُوجِهِ ونقول السَّاعَة يخرج أَبُو الزبير من الْبَيْت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقَامَ فِي وَسطهَا أَي محاذاة وَسطهَا وَهُوَ بِسُكُون السِّين وَفتحهَا بِمَعْنى فَلِذَا جوز الْوَجْهَانِ وَقد فرق بَعضهم بَينهمَا قَوْله [1977] مِمَّا يَلِي الْقَوْم أَي فِي الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الامام وَالْقَوْم وَرَاءه أَي جِهَة الْقبْلَة السّنة إِطْلَاق الصَّحَابِيّ السّنة حكمه الرّفْع عِنْدهم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 [1981] أحسن شَيْء عِيَادَة بِالنّصب على التَّمْيِيز أَي أحسن النَّاس من حَيْثُ الْعِبَادَة قَوْله [1982] فَكبر عَلَيْهَا خمْسا قَالُوا كَانَت التَّكْبِيرَات على الْجَنَائِز مُخْتَلفَة أَولا ثمَّ رفع الْخلاف وَاتفقَ الْأَمر على أَربع الا أَن بعض الصَّحَابَة مَا علمُوا بذلك فَكَانُوا يعْملُونَ بِمَا عَلَيْهِ الْأَمر أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 [1983] وزوجا خيرا من زوجه هَذَا من عطف الْخَاص على الْعَام على أَن المُرَاد بالأهل مَا يعم الخدم أَيْضا وَفِيه إِطْلَاق الزَّوْج على الْمَرْأَة قيل هُوَ أفْصح من الزَّوْجَة فِيهَا قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ هَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ وَلَا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِزَوْجِهَا فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُمْكِنُ الِاشْتِرَاك فِيهَا وَالرجل يقبل ذَلِك قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 [1985] فَلَمَّا بَينهمَا أَي للْفرق الَّذِي بَينهمَا بعلو الثَّانِي على الأول فَهُوَ بِفَتْح اللَّام للابتداء وَتَخْفِيف مَا على أَنَّهَا مَوْصُولَة قَوْله [1986] وصغيرنا وَكَبِيرنَا الْمَقْصُود فِي مثله التَّعْمِيم فَلَا يشكل بِأَن الْمَغْفِرَة مسبوقة بِالذنُوبِ فَكيف تتَعَلَّق بالصغير وَلَا ذَنْب لَهُ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 [1987] سنة وَحقّ هَذِه الصِّيغَة عِنْدهم حكمهَا الرّفْع لَكِن فِي افادته الافتراض بحث نعم يَنْبَغِي أَن تكون الْفَاتِحَة أولي وَأحسن من غَيرهَا من الْأَدْعِيَة وَلَا وَجه للْمَنْع عَنْهَا وعَلى هَذَا كثير من محققي عُلَمَائِنَا الا أَنهم قَالُوا يقْرَأ بنية الدُّعَاء وَالثنَاء لَا بنية الْقِرَاءَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 [1991] الا شفعوا فِيهِ بِالتَّشْدِيدِ أَي قبلت شفاعتهم فِيهِ قَوْله [1993] ولتحسن شفاعتكم من الْحسن أَي لتكن شفاعتكم على وَجه حسن لَائِق قَوْله أَرْبَعُونَ فسره بذلك لما جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات تَفْسِيره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 بذلك الْعدَد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثمَّ قعد أَي ترك الْقيام فَهُوَ مَنْسُوخ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 [78] 2001 - وَلم يلْحد من ألحد أَو لحد كمنع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل أَي الحفار وَفِي بعض النّسخ وَلما يلْحد وَلما بِمَعْنى لم وَالْجُمْلَة حَال وَقَوله فَجَلَسَ جَوَاب لما بِالْفَاءِ على أَنَّهَا زَائِدَة كَانَ على رؤوسنا الطير كِنَايَة عَن السّكُون وَالْوَقار لِأَن الطير لَا يكَاد يَقع الا على شَيْء سَاكن قَوْله زملوهم بتَشْديد الْمِيم أَي لفوهم وغطوهم بدمائهم فِي ثِيَابهمْ الملطخة بِالدَّمِ من غير غسل [2002] لَيْسَ كلم بِفَتْح فَسُكُون الْجرْح وَالْمرَاد بِهِ الْعُضْو الجريح لقَوْله يكلم على بِنَاء الْمَفْعُول أَو المُرَاد مَعْنَاهُ ويكلم بِمَعْنى يعْمل وَيفْعل يدمى كيرضى قَوْله عبد الله بن معية بِالتَّصْغِيرِ وَيُقَال عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ أَيْضا السوَائِي بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو العامري حَدِيثه مُرْسل قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 [2003] حَيْثُ أصيبا يحْتَمل أَن المُرَاد منع النَّقْل إِلَى أَرض أُخْرَى أَو الدّفن فِي خُصُوص الْبقْعَة الَّتِي أصيبا فِيهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2006] ان عمك هُوَ أَبُو طَالب وَلَا تحدثن نهى من الإحداث الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 أَي لَا تفعلن فاغتسلت مَبْنِيّ على أَنه غسله وَأَن من يغسل الْمَيِّت يَنْبَغِي لَهُ أَن يغْتَسل وَيحْتَمل أَن يخص ذَلِك بالكافر لقَوْله تَعَالَى إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس لَكِن الْأَحَادِيث تَقْتَضِي الْعُمُوم نعم لَو قيل ان اغتساله من جِهَة المواراة ومواراة الْكَافِر توجب الْغسْل لنجاسته لَكَانَ لَهُ وَجه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الحدوا من لحد كمنع أَو ألحد قَوْله [2009] والشق لغيرنا فِي الْمجمع لأهل الْكتاب وَالْمرَاد تَفْضِيل اللَّحْد وَقيل قَوْله لنا أَي لي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 وَالْجمع للتعظيم فَصَارَ كَمَا قَالَ فَفِيهِ معْجزَة لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَو الْمَعْنى اختيارنا فَيكون تَفْضِيلًا لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ النَّهْي عَن الشق فقد ثَبت أَن فِي الْمَدِينَة رجلَيْنِ أَحدهمَا يلْحد وَالْآخر لَا وَلَو كَانَ الشق مَنْهِيّا عَنهُ لمنع صَاحبه قلت لَكِن فِي رِوَايَة أَحْمد والشق لأهل الْكتاب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْحفر علينا الخ كَانَ مُرَادهم أَن يرخص لَهُم بِأَدْنَى حفر فَمَنعهُمْ عَن ذَلِك وَأمرهمْ بالاعماق وَالْإِحْسَان وَوَقع النَّقْل عَنْهُم بِالْجمعِ وأعمقوا من الاعماق وأحسنوا من الْإِحْسَان بِمَعْنى الْإِكْمَال فِي الْحفر قَوْله [2012] قطيفة حَمْرَاء الْمَشْهُور أَنه فرشها بعض موَالِيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من غير علم الصَّحَابَة بذلك وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 السُّيُوطِيّ زَاد بن سعد فِي الطَّبَقَات قَالَ وَكِيع هَذَا للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسِطَ تَحْتَهُ شَمْلٌ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يَلْبَسُهَا قَالَ وَكَانَتْ أَرْضٌ نَدِيَّةٌ وَلَهُ من طَرِيق أُخْرَى عَنْ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْرِشُوا لِي قَطِيفَتِي فِي لَحْدِي فَإِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَى أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ قَوْله [2013] أَو نقبر من بَاب نصر وَضرب لُغَة ثمَّ حمل كثير على صَلَاة الْجِنَازَة وَلَعَلَّه من بَاب الْكِنَايَة لملازمة بَينهمَا وَلَا يخفى أَنه معنى بعيد لَا ينساق إِلَيْهِ الذِّهْن من لفظ الحَدِيث قَالَ بَعضهم يُقَال قَبره إِذا دَفنه وَلَا يُقَال قَبره إِذا صلى عَلَيْهِ وَالْأَقْرَب أَن الحَدِيث يمِيل إِلَى قَول أَحْمد وَغَيره ان الدّفن مَكْرُوه فِي هَذِه الْأَوْقَات بازغة أَي طالعة ظَاهره لَا يخفى طُلُوعهَا وَحين يقوم قَائِم الظهيرة أَي يقف ويستقر الظل الَّذِي يقف عَادَة عِنْد الظهيرة حسب مَا يَبْدُو فان الظل عِنْد الظهيرة لَا يظْهر لَهُ سويعة حَرَكَة حَتَّى يظْهر بمرأى الْعين أَنه وَاقِف وَهُوَ سَائِر حَقِيقَة وَالْمرَاد عِنْد الاسْتوَاء وَحين تضيف بتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاة بعد الضَّاد الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وَضم الْفَاء صِيغَة الْمُضَارع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 أَصله تتضيف بالتاءين حذفت إِحْدَاهمَا أَي تميل قَوْله [2015] جهد شَدِيد بِفَتْح الْجِيم أَي مشقة شَدِيدَة وَحكى ضمهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 [2022] فَإِن صَلَاتي لَهُ رَحْمَة من هُنَا قد أَخذ الْخُصُوص من ادّعى ذَلِك وَهَذِه دلَالَة غير قَوِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2023] على قبر منتبذ أَي مُنْفَرد بعيد عَن الْقُبُور قَوْله على جَنَازَة بن الدحداح بدالين وحاءين مهملات وَيُقَال أَبُو الدحداح كَمَا فِي بعض نسخ الْكتاب معرورى بِضَم مِيم وَفتح الراءين بعد الثَّانِيَة ألف المُرَاد مَالا سرج عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 [2027] ان يبْنى على الْقَبْر قيل يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ لِيُرْفَعَ عَنْ أَنْ يُنَالَ بِالْوَطْءِ كَمَا يَفْعَلُهُ كثير من النَّاس أَو الْبناء حوله أَو يُزَاد عَلَيْهِ بِأَن يُزَاد التُّرَاب الَّذِي خرج مِنْهُ أَو بِأَن يُزَاد طولا وعرضا عَن قدر جَسَد الْمَيِّت أَو يجصص قَالَ الْعِرَاقِيّ ذكر بَعضهم أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ كَون الجص أحرق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 بالنَّار وَحِينَئِذٍ فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي قلت التطيين لَا يُنَاسب مَا ورد من تَسْوِيَة الْقُبُور المرتفعة كَمَا سبق وَكَذَا لَا يُنَاسب بقوله أَن يبْنى عَلَيْهِ وَالظَّاهِر أَن المُرَاد النَّهْي عَن الِارْتفَاع وَالْبناء مُطلقًا وافراد التجصيص لِأَنَّهُ أتم فِي احكام الْبناء فَخص بِالنَّهْي مُبَالغَة أَو يكْتب عَلَيْهِ يحْتَمل النَّهْي عَن الْكِتَابَة مُطلقًا ككتابة اسْم صَاحب الْقَبْر وتاريخ وَفَاته أَو كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْو ذَلِك لِلتَّبَرُّكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُوطَأَ أَوْ يَسْقُطَ عَلَى الأَرْض فَيصير تَحت الأرجل قَالَ الْحَاكِم بعد تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث فِي الْمُسْتَدْرك الْإِسْنَاد صَحِيح وَلَيْسَ الْعَمَل عَلَيْهِ فَإِن أَئِمَّة الْمُسلمين من الشرق والغرب يَكْتُبُونَ عَلَى قُبُورِهِمْ وَهُوَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّهُ مُحدث وَلم يبلغهم النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2028] عَن تقصيص الْقُبُور بِمَعْنى التجصيص أَو يَبْنِي عَلَيْهِ من عطف الْفِعْل على الْمصدر بِتَقْدِير ان وَكَذَا أَو يجلس عَلَيْهَا أحد قيل أَرَادَ الْقعُود لقَضَاء الْحَاجة أَو للإحداد والحزن بِأَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 يلازمه وَلَا يرجع عَنهُ أَو أَرَادَ احترام الْمَيِّت وتهويل الْأَمر فِي الْقعُود عَلَيْهِ تهاونا بِالْمَيتِ وَالْمَوْت أَقْوَال وروى أَنه رأى رجلا مُتكئا على قبر فَقَالَ لَا تؤذ صَاحب الْقَبْر قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ نهي عَن الْجُلُوس عَلَيْهِ لما فِيهِ من الاستخفاف بِحَق أَخِيه وَحمله مَالك على الْحَدث لما روى أَن عليا كَانَ يقْعد عَلَيْهِ وَحرمه أَصْحَابنَا وَكَذَا الِاسْتِنَاد والاتكاء كَذَا فِي الْمجمع قلت وَيُؤَيّد الْحمل على ظَاهره مَا جَاءَ من النَّهْي عَن وَطئه قَوْله فسوى أَي جعل مُتَّصِلا بِالْأَرْضِ أَو المرادأنه لم يَجْعَل مسنما بل جعل مسطحًا وان ارْتَفع عَن الأَرْض بِقَلِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2031] عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ وَآخِرُهُ جِيمٌ اسْمُهُ حَيَّانُ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِد كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قَوْله مشرفا بِكَسْر الرَّاء من أشرف إِذا ارْتَفع قيل وَالْمرَاد هُوَ الَّذِي بنى عَلَيْهِ حَتَّى ارْتَفع دون الَّذِي أعلم عَلَيْهِ بالرمل والحصا وَالْحجر ليعرف فَلَا يُوطأ وَلَا فَائِدَة فِي الْبناء عَلَيْهِ فَلذَلِك نهى عَنهُ وَذهب كثير إِلَى أَن الِارْتفَاع الْمَأْمُور إِزَالَته لَيْسَ هُوَ التسنيم على وَجه يعلم أَنه قبر وَالظَّاهِر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 أَن التَّسْوِيَة لَا تناسب التسنيم وَلَا صُورَة أَي صُورَة ذِي روح الا طمستها طمسها أمحاها بِقطع رَأسهَا وتغيير وَجههَا وَنَحْو ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله نَهَيْتُكُمْ الخ فِيهِ جمع بَين النَّاسِخ والمنسوخ والاذن بقوله فزوروها قيل يعم الرِّجَال وَالنِّسَاء وَقيل مَخْصُوص بِالرِّجَالِ كَمَا هُوَ ظَاهر الْخطاب لَكِن عُمُوم عِلّة التَّذْكِير الْوَارِدَة فِي الْأَحَادِيث قد تؤيد عُمُوم الحكم الا ان يمْنَع كَونه تذكرة فِي حق النِّسَاء لِكَثْرَة غفلتهن وَالله تَعَالَى أعلم [2032] مَا بدا بِلَا همز أَي ظهر لكم الا فِي سقاء أَي قربَة فِي الأسقية أَي الظروف والا لَا يَصح الْمُقَابلَة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 [2033] وَلَا تَقولُوا هجرا بِضَم الْهَاء أَي مَا لَا يَنْبَغِي من الْكَلَام فَإِنَّهُ يُنَافِي الْمَطْلُوب الَّذِي هُوَ التَّذْكِير قَوْله فَبكى وأبكى الخ كَأَنَّهُ اخذ مَا ذكر فِي التَّرْجَمَة من الْمَنْع عَن الاسْتِغْفَار أَو من مُجَرّد أَنه الظَّاهِر على مُقْتَضى وجودهَا فِي وَقت الْجَاهِلِيَّة لَا من قَوْله بَكَى وأبكى إِذْ لَا يلْزم من الْبكاء عِنْد الْحُضُور فِي ذَلِك الْمحل الْعَذَاب أَو الْكفْر بل يُمكن تحَققه مَعَ النجَاة وَالْإِسْلَام أَيْضا لَكِن من يَقُول بنجاة الْوَالِدين لَهُم ثَلَاث مسالك فِي ذَلِك مَسْلَك أَنَّهُمَا مَا بلغتهما الدعْوَة وَلَا عَذَاب على من لم تبلغه الدعْوَة لقَوْله تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين الخ فَلَعَلَّ من سلك هَذَا المسلك يَقُول فِي تَأْوِيل الحَدِيث أَن الاسْتِغْفَار فرع تَصْوِير الذَّنب وَذَلِكَ فِي أَوَان التَّكْلِيف وَلَا يعقل ذَلِك فِيمَن لم تبلغه الدعْوَة فَلَا حَاجَة إِلَى الاسْتِغْفَار لَهُم فَيمكن أَنه مَا شرع الاسْتِغْفَار الا لأهل الدعْوَة لَا لغَيرهم وان كَانُوا ناجين وَأما من يَقُول بِأَنَّهُمَا أحييا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَآمَنا بِهِ فَيحمل هَذَا الحَدِيث على أَنه كَانَ قبل الاحياء وَأما من يَقُول بِأَنَّهُ تَعَالَى يوفقهما للخير عِنْد الامتحان يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ يَقُول بِمَنْع الاسْتِغْفَار لَهما قطعا فَلَا حَاجَة لَهُ إِلَى تَأْوِيل فاتضح وَجه الحَدِيث على جَمِيع المسالك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله كلمة مَنْصُوبَة على الْحَال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 أَو بِتَقْدِير أَعنِي أَو مَرْفُوعَة على حذف الْمُبْتَدَأ أَي هِيَ كلمة أُحَاج أشفع وَأشْهد كَمَا أشفع وَأشْهد لغيرك من الْمُسلمين الَّذين مَاتُوا بِالْمَدِينَةِ وَنَحْوهم كَمَا جَاءَ كنت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شافعا وشهيدا [2035] مَا لم أَنه صِيغَة الْمُتَكَلّم على بِنَاء الْمَفْعُول من النَّهْي قَوْله فَنزلت وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار والنازل فِي واقعه أبي طَالب مَا قبل ذَلِك وَهُوَ قَوْله تَعَالَى مَا كَانَ للنَّبِي الخ فَلَا مُنَافَاة قَوْله [2037] لما كَانَت لَيْلَتي الَّتِي هُوَ عِنْدِي أَي لَيْلَة من جملَة اللَّيَالِي كَانَ فِيهَا عِنْدهَا انْقَلب أَي رَجَعَ من صَلَاة الْعشَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 الا ريثما ظن بِفَتْح رَاء وَسُكُون يَاء بعْدهَا مُثَلّثَة أَي قدر مَا ظن رويدا أَي بِرِفْق وتقنعت ازاري كَذَا فِي الْأُصُولِ بِغَيْرِ بَاءٍ وَكَأَنَّهُ بِمَعْنَى لبست ازاري فَلِذَا عدي بِنَفسِهِ فأحضر من الاحضار بحاء مُهْملَة وضاد مُعْجمَة بِمَعْنى الْعَدو فَلَيْسَ الا أَن اضطجعت أَي فَلَيْسَ بعد الدُّخُول مني الا الِاضْطِجَاع فالمذكور اسْم لَيْسَ وخبرها مَحْذُوف حشيا بِفَتْح حاء مُهْملَة وَسُكُون شين مُعْجمَة مَقْصُور أَي مُرْتَفعَة النَّفس متواترته كَمَا يحصل للمسرع فِي الْمَشْي رابية أَي مُرْتَفعَة الْبَطن لتخبرني بِفَتْح لَام وَنون ثَقيلَة مضارع للواحدة المخاطبة من الاخبار فتكسر الرَّاء هَا هُنَا وتفتح فِي الثَّانِي فَأَنت السوَاد أَي الشَّخْص فلهزني بزاي مُعْجمَة فِي آخِره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 واللهز الضَّرْب بِجمع الْكَفّ فِي الصَّدْر وَفِي بعض النّسخ فلهدني بِالدَّال الْمُهْملَة من اللهد وَهُوَ الدّفع الشَّديد فِي الصَّدْر وَهَذَا كَانَ تأديبا لَهَا من سوء الظَّن أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله من الحيف بِمَعْنى الْجور أَي بِأَن يدْخل الرَّسُول فِي نوبتك على غَيْرك وَذكر الله لتعظيم الرَّسُول وَالدّلَالَة على أَن الرَّسُول لَا يُمكن أَن يفعل بِدُونِ اذن من الله تَعَالَى فَلَو كَانَ مِنْهُ جور لَكَانَ بِإِذن الله تَعَالَى لَهُ فِيهِ وَهَذَا غير مُمكن وَفِيه دلَالَة على أَن الْقسم عَلَيْهِ وَاجِب إِذْ لَا يكون تَركه جورا الا إِذا كَانَ وَاجِبا وَقد وضعت بِكَسْر التَّاء لخطاب الْمَرْأَة أهل الديار أَي الْقُبُور تَشْبِيها للقبر بِالدَّار فِي الْكَوْن مسكنا الْمُسْتَقْدِمِينَ أَي الْمُتَقَدِّمين وَلَا طلب فِي السِّين وَكَذَا الْمُسْتَأْخِرِينَ إِن شَاءَ الله للتبرك أَو للْمَوْت على الْإِيمَان قَوْله [2038] فِي أدناه فِي قربه وَلَا مُخَالفَة بَين الْحَدِيثين لجَوَاز تعدد الْوَاقِعَة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 [2039] كلما كَانَت لَيْلَتهَا أَي فِي آخر عمره بعد حجَّة الْوَدَاع وَالله تَعَالَى أعلم متواعدون غَدا أَي كَانَ كل منا ومنكم وعد صَاحبه حُضُور غَد أَي يَوْم الْقِيَامَة ومواكلون أَي متكل بَعضهم على بعض فِي الشَّفَاعَة وَالشَّهَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فرط بِفتْحَتَيْنِ أَي متقدمون زائرات الْقُبُور قيل كَانَ ذَاك حِين النَّهْي ثمَّ أذن لَهُنَّ حِين نسخ النَّهْي وَقيل بَقينَ تَحت النَّهْي لقلَّة صبرهن وَكَثْرَة جزعهن قلت وَهُوَ الْأَقْرَب إِلَى تخصيصهن بِالذكر واتخاذ الْمَسْجِد عَلَيْهَا قبل أَن يَجْعَلهَا قبْلَة يسْجد إِلَيْهَا كالوثن وَأما من اتخذ مَسْجِدا فِي جوَار صَالح أَو صلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 فِي مَقْبرَة من غير قصد التَّوَجُّه نَحوه فَلَا حرج فِيهِ وَقَالَ جمَاعَة بِالْكَرَاهَةِ مُطلقًا والسرج جمع سراج وَالنَّهْي عَنهُ لِأَنَّهُ تَضْييع مَال بِلَا نفع وَيُشبه تَعْظِيم الْقُبُور كاتخاذها مَسَاجِد قَوْله لِأَن تجْلِس بِفَتْح اللَّام مُبْتَدأ خَبره خير [2044] حَتَّى تحرق من الإحراق وضميره للجمرة ثِيَابه بِالنّصب وَتَفْسِير الْجُلُوس وَالْخلاف فِيهِ قد تقدم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَسَاجِد أَي قبْلَة للصَّلَاة يصلونَ إِلَيْهَا أَو بنوا مَسَاجِد عَلَيْهَا يصلونَ فِيهَا وَلَعَلَّ وَجه الْكَرَاهَة أَنه قد يُفْضِي إِلَى عبَادَة نفس الْقَبْر سِيمَا فِي الْأَنْبِيَاء والاحبار قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 [2048] لقد سبق هَؤُلَاءِ شرا كثيرا أَي سَبَقُوهُ حَتَّى جَعَلُوهُ وَرَاء ظُهُورهمْ ووصلوا إِلَى الْخَيْر وَالْكفَّار بِالْعَكْسِ يَا صَاحب السبتيتين بِكَسْر السِّين نِسْبَة إِلَى السبت وَهُوَ جُلُود الْبَقر المدبوغة بالقرظ يتَّخذ مِنْهَا النِّعَال أُرِيد بهما النَّعْلَانِ المتخذان من السبت وَأمره بِالْخلْعِ احتراما للمقابر عَن الْمَشْي بَينهَا بهما أَو لقذر بهما أَو لاختياله فِي مَشْيه قيل وَفِي الحَدِيث كَرَاهَة الْمَشْي بالنعال بَين الْقُبُور قلت لَا يتم الا على بعض الْوُجُوه الْمَذْكُورَة قَوْله التسهيل فِي غير السبتية يُرِيد أَن قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 [2049] انه ليسمع قرع نعَالهمْ يدل على جَوَاز الْمَشْي فِي الْمَقَابِر بالنعل إِذْ لَا يسمع قرع النَّعْل إِلَّا إِذا مَشوا بهَا والْحَدِيث الْمُتَقَدّم يدل على عدم الْجَوَاز فَيَنْبَغِي رفع التَّعَارُض لحمل هَذَا على غير السبتية تَوْفِيقًا بَين الْحَدِيثين وَأَنت قد عرفت أَن دلَالَة الحَدِيث الْمُتَقَدّم على عدم الْجَوَاز إِنَّمَا هِيَ على بعض الْوُجُوه وَكَذَا قد يبْحَث فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث على الْجَوَاز بِأَن يُقَال لَا يلْزم من ذَلِك جَوَاز مشيهم بهَا فَإِنَّهُ يجوز أَنه ذكر ذَلِك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على عادات النَّاس وَلَا يلْزم من هَذِه الْحِكَايَة من غير إِنْكَار تَقْرِير مشيهم بهَا سِيمَا إِذا سبق مِنْهُ النَّهْي الَّذِي تقدم فعلى تَقْدِير تَسْلِيم دلَالَة الحَدِيث الْمُتَقَدّم على النَّهْي لَا يُعَارضهُ هَذَا الحَدِيث وَلَا يدل علىخلافه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَيُقْعِدَانِهِ من الاقعاد [2050] فِي هَذَا الرجل أَي فِي الرجل الْمَشْهُور بَين أظْهركُم وَلَا يلْزم مِنْهُ الْحُضُور وتركهما مَا يشْعر بالتعظيم لِئَلَّا يصير تلقينا وَهُوَ لَا يُنَاسب مَوضِع الإختيار قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 [2051] كنت أَقُول كَمَا يَقُول النَّاس يُرِيد أَنه كَانَ مُقَلدًا فِي دينه للنَّاس فَلم يكن مُنْفَردا عَنْهُم بِمذهب فَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ حَقًا كَانَ مَا عَلَيْهِ أَو بَاطِلا لَا دَريت أَي لَا حققت بِنَفْسِك أَمر الدّين وَلَا تليت أَي وَلَا تبِعت من حقق الْأَمر على وَجهه أَي تَقْلِيد غير المحق لَا ينفع وَإِنَّمَا ينفع تَقْلِيد أهل التَّحْقِيق فَفِيهِ أَن تَقْلِيد أهل التَّحْقِيق نَافِع وَالله تَعَالَى أعلم وَقيل أَصله تَلَوت بِالْوَاو بِمَعْنى قَرَأت الا أَنه قلبت الْوَاو للازدواج بَين أُذُنَيْهِ أَي على وَجهه قَوْله [2052] من يقْتله بَطْنه قيل هُوَ أَن يقْتله الإسهال وَقيل الإستسقاء قيل الْوُجُود شَاهد أَن الْمَيِّت بالبطن لَا يزَال عقله حَاضرا وذهنه بَاقِيا إِلَى حِين مَوته فَيَمُوت وَهُوَ حَاضر الْعقل عَارِف بِاللَّه قَوْله يفتنون أَي يمْتَحنُونَ بسؤال الْملكَيْنِ فِي الْقُبُور الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 [2053] كفى ببارقة السيوف أَي بِالسُّيُوفِ البارقة من البروق بِمَعْنى اللمعان وَالْإِضَافَة من إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف أَي ثباتهم عِنْد السيوف وبذلهم أَرْوَاحهم لله تَعَالَى دَلِيل ايمانهم فَلَا حَاجَة إِلَى السُّؤَال وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 قَوْله ضمة الْقَبْر وضغطته بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة عصره وزحمته قيل وَالْمرَاد التقاء جانبيه على جَسَد الْمَيِّت قَالَ النَّسَفِيّ يُقَالُ إِنَّ ضَمَّةَ الْقَبْرِ إِنَّمَا أَصْلُهَا أَنَّهَا أُمُّهُمْ وَمِنْهَا خُلِقُوا فَغَابُوا عَنْهَا الْغَيْبَةَ الطَّوِيلَةَ فَلَمَّا ردوا إِلَيْهَا ضَمَّتْهُمْ ضَمَّةَ الْوَالدَةِ غَابَ عَنْهَا وَلَدُهَا ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا فَمَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعًا ضَمَّتْهُ بِرَأْفَةٍ وَرِفْقٍ وَمَنْ كَانَ عَاصِيًا ضَمَّتْهُ بِعُنْفٍ سخطا مِنْهَا عَلَيْهِ لِرَبِّهَا قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 [2055] هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْش زَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَزَادَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَالَ الْحَسَنُ تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ فَرَحًا بِرُوحِهِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً لَوْ كَانَ أحد ناجيا مَا نجا مِنْهَا سعد بن معَاذ قَوْله [2056] فِي عَذَاب الْقَبْر أَي فِي السُّؤَال فِي الْقَبْر وَلما كَانَ السُّؤَال يكون سَببا للعذاب فِي الجملةولو فِي حق بعض عبر عَنهُ باسم الْعَذَاب فَالْمُرَاد بالتثبيت فِي الْآخِرَة هُوَ تثبيت الْمُؤمن فِي الْقَبْر عِنْد سُؤال الْملكَيْنِ إِيَّاه قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 [2058] فسر بذلك على بِنَاء الْمَفْعُول من السرُور وَالْمرَاد أزيل عَنهُ مَا لحقه من الْغم والحزن بِاحْتِمَال أَن يكون الْمَيِّت مُؤمنا معذبا فِي الْقَبْر وَيحْتَمل أَن يُقَال لجَوَاز السرُور بِعَذَاب عَدو الله من حيثية عداوته مَعَ الله تَعَالَى أَن لَا تدفنوا أَي لَوْلَا خشيَة أَن يُفْضِي سماعكم إِلَى ترك أَن يدْفن بَعْضكُم بَعْضًا أَن يسمعكم من الاسماع عَذَاب الْقَبْر أَي الصَّوْت الَّذِي هُوَ أَثَره والا فالعذاب لَا يسمع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 [2060] من فتْنَة الْمحيا هُوَ بِالْقصرِ مفعل من الْحَيَاة أُرِيد بِهِ الْحَيَاة وبالممات الْمَوْت قَوْله فَذكر الْفِتْنَة الخ الْفِتْنَة هِيَ الامتحان والاختبار وَالْمرَاد هَا هُنَا سُؤال الْملكَيْنِ روى أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَى يُفْتَنُونَ فِي قُبُورهم سبعا وَكَانُوا يستحبون أَن يطعموا عَنْهُم تِلْكَ الْأَيَّام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 [2062] ضج الْمُسلمُونَ ضجة أَي صاحوا صَيْحَة سكنت بالنُّون بعد الْكَاف أَو التَّاء قَرِيبا قيل وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ الْفِتْنَتَيْنِ الشِّدَّةُ وَالْهَوْلُ وَالْعُمُومُ قَوْله فارتاع الارتياع الْفَزع وَالْمرَاد أَنه صَار ذَلِك الْكَلَام عِنْده بِمَنْزِلَة خبر لم يسْبق بِهِ علم وَيكون شنيعا مُنْكرا ثمَّ رده بقوله إِنَّمَا تفتن الْيَهُود الخ بِنَاء على أَنه مَا أوحى إِلَيْهِ قبل وَمُقْتَضى الظَّاهِر أَنه لَو كَانَ لأوحى إِلَيْهِ فَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْإِنْكَار بِمُجَرَّد عدم الدَّلِيل بل لقِيَام أَمارَة مَا على الْعَدَم أَيْضا فِيهِ أَنه يجوز إِنْكَار مَالا يثبت الا بِدَلِيل إِذا لم يقم عَلَيْهِ دَلِيل وَظهر امارة مَا على عَدمه وان كَانَ حَقًا وَلَا اثم بانكاره قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 [2066] دخلت يَهُودِيَّة عَلَيْهَا الظَّاهِر أَن هَذِه الْوَاقِعَة غير الأولى وَهِي مُتَأَخِّرَة عَنْهَا فَهَذِهِ الْوَاقِعَة كَانَت بعد أَن أوحى إِلَيْهِ وَأما قَوْلهَا دخلت عَلَيْهَا عجوزتان الخ فَذَاك عين هَذِه الْوَاقِعَة الا انه وَقع الِاقْتِصَار على ذكر الْوَاحِدَة أَحْيَانًا وَجَاء ذكرهمَا أُخْرَى قَوْله [2067] وَلم أنعم من أنعم أَي لم تطب نَفسِي بذلك لظُهُور كذب الْيَهُود وافترائهم فِي الدّين وتحريفهم الْكتاب قَوْله بحائط بُسْتَان سمع حَال بِتَقْدِير قد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 [2068] فِي كَبِير أَي فِيمَا يثقل عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَاز عَنهُ بلَى أَي بل فِيمَا يثقل بِنَاء على اتخاذهما عَادَة وَبعد الاعتياد يصعب الِاحْتِرَاز وان كَانَ قبل ذَلِك لَا يصعب فصح الْإِيجَاب وَالسَّلب جَمِيعًا وَلِلنَّاسِ فِيهِ كَلَام كثير يمشي أَي بَين النَّاس بالنميمة الْبَاء للمصاحبة وَيحْتَمل أَنَّهَا للتعدية أَي يجْرِي النميمة لَعَلَّه أَن يُخَفف أَن زَائِدَة تَشْبِيها لكلمة لَعَلَّ بعسى وَضمير لَعَلَّه للعذاب أَو للشأن وَضمير يُخَفف للعذاب الْبَتَّةَ ان كَانَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَيجوز أَن يكون مَبْنِيا للْفَاعِل فضميره للْفِعْل وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَكَذَا ضمير لَعَلَّه يجوز أَن يكون للْفِعْل قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 [2070] فَمن أهل الْجنَّة أَي فَيعرض عَلَيْهِ من مقاعد أهل الْجنَّة أَو فمقعده من مقاعد أهل الْجنَّة حَتَّى يَبْعَثهُ الله وَبعد الْبَعْث يَنْقَطِع الْعرض ويتحقق الدُّخُول قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 [2071] قيل هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله يحْتَمل أَن الْإِشَارَة إِلَى الْقَبْر أَي الْقَبْر مَقْعَدك إِلَى أَن يَبْعَثك الله إِلَى المقعد المعروض وَحَتَّى غَايَة للعرض أَي يعرض عَلَيْك إِلَى الْبَعْث ثمَّ بعد الْبَعْث تدخله ثمَّ هَذَا القَوْل يعم أهل الجنةوالنار كَمَا فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة والتخصيص بِأَهْل النَّار وَقع من الروَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2073] إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن هِيَ بِفتْحَتَيْنِ الرّوح وَالْمرَاد روح الْمُؤمن الشَّهِيد كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَات الحَدِيث طَائِر ظَاهره ان الرّوح يتشكل ويتمثل بِأَمْر الله تَعَالَى طائرا كتمثل الْملك بشرا وَيحْتَمل أَن المُرَاد أَن الرّوح يدْخل فِي بدن طَائِر كَمَا فِي رِوَايَات قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد إِذا فسرنا الحَدِيث بِأَن الرّوح يتشكل طيرا فالأشبه أَن ذَلِك فِي الْقُدْرَة على الطيران فَقَط لَا فِي صُورَة الْخلقَة لِأَن شكل الْإِنْسَان أفضل الأشكال قلت هَذَا إِذا كَانَ الرّوح الانساني لَهُ شكل فِي نَفسه وَيكون على شكل الْإِنْسَان واما إِذا كَانَ فِي نَفسه لَا شكل لَهُ بل يكون مُجَردا وَأَرَادَ الله تَعَالَى أَن يتشكل ذَلِك الْمُجَرّد لحكمة مَا فَلَا يبعد أَن يتشكل أول الْأَمر على شكل الطَّائِر وَأما على الثَّانِي فقد أورد عَلَيْهِ الشَّيْخ علم الدّين الْعِرَاقِيّ أَنه لَا يَخْلُو أما أَن يحصل للطير الْحَيَاة بِتِلْكَ الْأَرْوَاح أَولا وَالْأول عين مَا تَقوله التناسخية وَالثَّانِي مُجَرّد حبس للأرواح وتسجن وَأجَاب السُّبْكِيّ بِاخْتِيَار الثَّانِي وَمنع كَونه حبسا وتسجنا لجَوَاز أَن يقدر الله تَعَالَى فِي تِلْكَ الأجواف من السرُور وَالنَّعِيم مَالا يجده فِي الفضاء الْوَاسِع وَلِهَذَا الْكَلَام بسط ذكرته فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد تعلق فِي شجر الْجنَّة هَكَذَا فِي بعض النّسخ بِثُبُوت قَوْله تعلق وَسقط فِي بَعْضهَا وَهُوَ بِضَم اللَّام وَقيل أَو بِفَتْحِهَا وَمَعْنَاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 تَأْكُل وترعى قَوْله ليرينا بِفَتْح اللَّام مصَارِعهمْ أَي الْمحَال الَّتِي قتلوا فِيهَا وَالضَّمِير للكفرة بالْأَمْس أَي من يَوْم الْقَتْل تكلم من التكليم [2074] مَا أَنْتُم بأسمع أَي يسمعُونَ كسماعكم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 جيفوا بتَشْديد الْيَاء على بِنَاء الْفَاعِل كَمَا هُوَ مُقْتَضى ظَاهر الصِّحَاح أَي صَارُوا جيفا مُنْتِنَة والجيفة بِكَسْر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 الْجِيم جيفة الْمَيِّت إِذا أنتن فَهُوَ أخص من الْميتَة قَوْله [2076] وَهل بن عُمَرَ بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ غَلِطَ وَزْنًا وَمَعْنًى كَذَا قَالَه السُّيُوطِيّ إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى الحَدِيث لَا يَقْتَضِي أَنه المسمع لَهُم بل يَقْتَضِي أَنهم يسمعُونَ فَلْيَكُن المسمع لَهُم فِي تِلْكَ الْحَالة هُوَ الله تَعَالَى لَا هُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على أَنه يُمكن أَن الله تَعَالَى أحياهم فَلَا يلْزم أسماع الْمَوْتَى بل الاحياء كَمَا قَالَ قَتَادَة وَأَيْضًا الْآيَة فِي الْكَفَرَة وَالْمرَاد أَنَّك لَا تجعلهم منتفعين بمايسمعون مِنْك كالموتى والْحَدِيث لَا يُخَالِفهُ وَلَا يثبت الِانْتِفَاع للْمَيت وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث صَحِيح وَقد جَاءَ بطرِيق فتخطئته غير متجهة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 [2077] كل بن آدم أَي جَمِيع أَجْزَائِهِ وأعضائه والقضية جزئية بِالنّظرِ إِلَى أَفْرَاد بن آدم ضَرُورَة أَن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء الا عجب الذَّنب هُوَ بِفَتْح مُهْملَة وَسُكُون جِيم أصل الذَّنب وَظَاهر الحَدِيث أَنه يبْقى قيل هُوَ عظم لطيف هُوَ أول مَا يخلق من الْآدَمِيّ وَيبقى مِنْهُ ليعاد تركيب الْخلق عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما روى بن أبي الدُّنْيَا عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وماهو قَالَ مثل حَبَّة خَرْدَل وَقَالَ المظهري أَرَادَ طول بَقَائِهِ لَا أَنه لَا يبلي أصلا لِأَنَّهُ خلاف المحسوس وَقيل أَمر الْعجب عجب فَإِنَّهُ آخر مَا يخلق وَأول مَا يخلق يخلق الأول بِفَتْح الْيَاء أَي يصير خلقا وَالثَّانِي بضَمهَا مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ أَيْ أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنَ الْإِنْسَانِ هُوَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْقِيهِ إِلَى أَنْ يُرَكَّبَ الْخَلْقُ مِنْهُ تَارَة أُخْرَى وعَلى مَا قَالَ المظهري ثمَّ يُعِيدهُ أَولا ليخلق مِنْهُ تَارَة أُخْرَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله كَذبَنِي من التَّكْذِيب أَي أنْكرت مَا أخْبرت بِهِ من الْبَعْث وَأنْكرت قدرتي عَلَيْهِ بِأَعَز بأثقل بل الْكل على حد سَوَاء يُمكن بِكَلِمَة كن هَذَا بِالنّظرِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَأما بِالنّظرِ إِلَى عُقُولهمْ وعادتهم فآخر الْخلق أسهل كَمَا قَالَ تَعَالَى وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ فَلَا وَجه للتكذيب أصلا [2078] وَأما شَتمه أَي ذكره أَسْوَأ كَلَام وأشنعه فِي حَقي وان كَانَت الشناعة فِي الأول أَيْضا مَوْجُودَة بِنِسْبَة الْكَذِب إِلَى اخباره وَالْعجز إِلَيْهِ تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا لَكِنَّهَا دون الشناعة فِي هَذَا يظْهر ذَلِك إِذا نظر النَّاظر إِلَى كَيْفيَّة تَحْصِيل الْوَلَد والمباشرة بأسبابه مَعَ النّظر إِلَى غَايَة نزاهته تَعَالَى وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حِين حَضرته الْوَفَاة ظرف لِلْقَوْلِ الْمُتَأَخر لَا للاسراف الْمُتَقَدّم اسحقوني قيل روى اسحكوني واسهكوني وَالْكل بِمَعْنى وَهُوَ الدق والطحن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 [2079] ثمَّ اذروني من أذراه أَي أطاره فِي الرّيح فِي الْبَحْر لتتفرق الْأَجْزَاء بِحَيْثُ لَا يكون هُنَاكَ سَبِيل إِلَى جمعهَا فَيحْتَمل أَنه رأى أَن جمعه يكون حِينَئِذٍ مستحيلا وَالْقُدْرَة لَا تتَعَلَّق بالمستحيل فَلذَلِك قَالَ فوَاللَّه لَئِن قدر الله فَلَا يلْزم أَنه نفى الْقُدْرَة فَصَارَ بذلك كَافِرًا فَكيف يغْفر لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَا نفى الْقُدْرَة على مُمكن وَإِنَّمَا فرض غير المستحيل مستحيلا فِيمَا لم يثبت عِنْده أَنه مُمكن من الدّين بِالضَّرُورَةِ وَالْكفْر هُوَ الأول لَا الثَّانِي وَيحْتَمل أَن شدَّة الْخَوْف طيرت عقله فَمَا الْتفت إِلَى مَا يَقُول وَمَا يفعل وَأَنه هَل يَنْفَعهُ أم لَا كَمَا هُوَ الْمشَاهد فِي الْوَاقِع فِي مهلكة فَإِنَّهُ قد يتَمَسَّك بِأَدْنَى شَيْء لاحْتِمَال أَنه لَعَلَّه يَنْفَعهُ فَهُوَ فِيمَا قَالَ وَفعل فِي حكم الْمَجْنُون وَأجَاب بعض بِأَن هَذَا رجل لم تبلغه الدعْوَة وَهَذَا بعيد وَالله تَعَالَى أعلم أد أَمر من الْأَدَاء قَوْله ملاقو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 الله بِالْبَعْثِ لِلْحسابِ وَالْجَزَاء غرلًا بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون رَاء جمع أغرل وَهُوَ الَّذِي لم يختن أَي يحشرون كَمَا خلقُوا لَا يفقد مِنْهُم شَيْء قلت كَانَ هَذَا فِي سَلامَة الْأَعْضَاء لَا فِي الطول وَالْعرض وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2082] وَأول من يكسى إِبْرَاهِيم هَذِه خُصُوصِيَّة وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون أفضل من نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قيل لِأَنَّهُ جرد عَن الثِّيَاب فِي سَبِيل الله حِين ألْقى فِي النَّار فَقَالَ تَعَالَى يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2083] فَكيف بالعورات أَي تنكشف العورات وَينظر بَعضهم إِلَى عَورَة بعض يُغْنِيه عَن النّظر إِلَى غَيره فضلا عَن الْعَوْرَة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ظَاهره أَنه حشر الْآخِرَة وغالب الْعلمَاء على أَنه حشر فِي الدُّنْيَا وَهُوَ آخر أَشْرَاط الْقِيَامَة وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسب لما سَيَجِيءُ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 القيلولة والبيتوتة وَنَحْوهمَا فَيحمل قَوْله [2085] يَوْم الْقِيَامَة على معنى قرب يَوْم الْقِيَامَة أَو بعد زمَان آخر العلامات من يَوْم الْقِيَامَة مجَازًا إِعْطَاء للقريب من الشَّيْء حكم ذَلِك الشَّيْء قَوْله ويسعون من السَّعْي أَي يجرونَ فِي الأَرْض من شدَّة الْمَشْي الآفة أَي آفَة الْمَوْت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 [2086] بِذَات القتب أَي بالناقة وَهَذَا لَا يُنَاسب الْآخِرَة والقتب بِفتْحَتَيْنِ للجمل كالاكاف لغيره قَوْله [2087] فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال أَي طَرِيق النَّار لَعَلَّهُم الَّذين ارْتَدُّوا بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من أَصْحَاب مُسَيْلمَة وَنَحْوهم قَوْله فيقعده من أقعد قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 [2089] أرسل ملك الْمَوْت الخ لَمْ يَرِدْ تَسْمِيَتُهُ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَوَرَدَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ اسْمَهُ عِزْرَائِيلُ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة ذكره السُّيُوطِيّ صَكَّة لطمة فَقَأَ بِهَمْزَة فِي آخِره أَي شقّ متن ثَوْر بِفَتْح مِيم وَسُكُون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 مثناة من فَوق هُوَ الظّهْر ثُمَّ مَهْ هِيَ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَتْ أَلِفُهَا وَألْحق بهَا هَاء السكت أَي مَاذَا أَن يُدْنِيه من الادناء أَي يقربهُ رمية بِفَتْح الرَّاء أَي قدر رمية فَلَو كنت ثمَّ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْمِيم أَي هُنَاكَ تَحت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 الْكَثِيب بِالْمُثَلَّثَةِ وَآخِرِهِ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنٍ عَظِيمٍ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ وَفِيه اشكال من حَيْثُ أَنه كَيفَ لمُوسَى أَن يلطم ملك الْمَوْت الَّذِي جَاءَهُ من الله تَعَالَى ليقْبض روحه وَمن حَيْثُ أَنه يُفِيد أَن مُوسَى مَا كَانَ مُعْتَقدًا للْمَوْت والفناء لَهُ بل كَانَ يعْتَقد الْبَقَاء لَهُ أَو يَظُنّهُ فَانْظُر إِلَى قَول الْملك عبد لَا يُرِيد الْمَوْت وَانْظُر إِلَى قَوْله أَي رب ثمَّ مَه حَتَّى إِذا علم أَنه بِالآخِرَة الْمَوْت قَالَ فَالْآن وَالنَّاس مَا ذكرُوا فِي تَأْوِيله مَا يدْفع الْإِيرَاد بِتَمَامِهِ بل ولايفي بِبَعْضِه وَالْأَقْرَب أَن الحَدِيث من المشتبهات الَّتِي يُفَوض تَأْوِيلهَا إِلَى الله تَعَالَى لَكِن ان أول فأقرب التَّأْوِيل أَن يُقَال كَأَن مُوسَى مَا علم أَولا أَنه جَاءَهُ بِإِذن الله بِسَبَب اشْتِغَاله بِأَمْر من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بقلوب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَمَّا سمع مِنْهُ أجب رَبك أَو نَحوه وَصَارَ ذَلِك قَاطعا لَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ وَلم ينْتَقل ذهنه بِمَا استولى عَلَيْهِ من سُلْطَان الِاشْتِغَال أَنه جَاءَ بِأَمْر الله حركه نوع غضب وَشدَّة حَتَّى فعل مَا فعل وَلَعَلَّ سر ذَلِك إِظْهَار وجاهته عِنْد الْمَلَائِكَة الْكِرَام فَصَارَ ذَلِك سَببا لهَذَا الأَصْل وَأما قَول الْملك لَا يُرِيد الْمَوْت فَذَاك بِالنّظرِ إِلَى ظَاهر مَا فعل من الْمُعَامَلَة وَأما قَوْله ارْجع إِلَيْهِ فَقل الخ فَلَعَلَّ ذَلِك لنقله من حَالَة الْغَضَب إِلَى حَالَة اللين ليتنبه بِمَا فعل وَأما قَول مُوسَى ثمَّ مَاذَا فَلَعَلَّهُ لم يكن لشك مِنْهُ فِي الْمَوْت بِالآخِرَة بل لتقرير أَنه لَا يستبعد الْمَوْت حَالا إِذا كَانَ هُوَ آخر الْأَمر مَآلًا وَكَون الْمَوْت آخر الْأَمر مَعْلُوم عِنْده فَلم يكن مَا وَقع مِنْهُ لاستبعاده الْمَوْت حَالا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِين انْتقل إِلَى حَالَة اللين علم أَن مَا وَقع مِنْهُ لَا يَنْبَغِي وُقُوعه مِنْهُ وَكَذَا علم أَن مَا جَاءَ بِهِ الْملك عِنْده من قَوْله يضع يَده الخ بِمَنْزِلَة الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يستبعد الْمَوْت أَو يُرِيد الْحَيَاة حَالا فَأَرَادَ بِهَذَا الِاعْتِذَار عَمَّا فعل وَقرر أَن الَّذِي فعله لَيْسَ لاستبعاده الْمَوْت حَالا إِذْ لَا يَجِيء ذَلِك مِمَّن يعلم أَن الْمَوْت هُوَ آخر امْرَهْ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ ان الَّذِي فعله إِنَّمَا فعله لأمر آخر كَانَ من مُقْتَضى ذَلِك الْوَقْت فِي تِلْكَ الْحَالة الَّتِي كَانَ فِيهَا وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الصّيام) الْمَشْهُور بَينهم تَقْدِيم الزَّكَاة على الصَّوْم وَذكرهَا فِي جنب الصَّلَاة وَالْوَاقِع فِي كثير من نسخ النَّسَائِيّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 تَقْدِيم الصَّوْم فَمن قدم الزَّكَاة فقد رَاعى قَوْله تَعَالَى أقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَمن قدم الصَّوْم فَلَعَلَّهُ رَاعى أول حَدِيث فِي الْبَاب فَفِيهِ تَقْدِيم الصَّوْم على الزَّكَاة وَذكره فِي جنب الصَّوْم وَمَعَ ذَلِك لَا يَخْلُو عَن مُنَاسبَة معنوية من حَيْثُ أَن كلا من الصَّلَاة وَالصَّوْم عبَادَة بدنية بِخِلَاف الزَّكَاة فَإِنَّهَا عبَادَة مَالِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2090] ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعره حَال لِأَنَّهُ فِي معنى النكرَة لكَون الْإِضَافَة لفظيه والْحَدِيث قد تقدم فِي أول كتاب الصَّلَاة قَوْله [2091] نهينَا فِي الْقُرْآن بقوله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء ان تبدلكم تَسُؤْكُمْ وَالْمرَاد بقوله عَن شَيْء أَي غير ضَرُورِيّ لما فِيهِ من احْتِمَال أَن يكون من تِلْكَ الْأَشْيَاء أَن يَجِيء الرجل الْعَاقِل الخ فَإِنَّهُ لكَونه من أهل الْبَادِيَة لَا يعلم بِالْمَنْعِ فَيسْأَل ولكونه عَاقِلا يسْأَل عَمَّا يَلِيق السُّؤَال عَنهُ فبالذي خلق الخ الْبَاء للقسم أَي أقسمك بِهِ قَالَ ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 لزِيَادَة التوثيق والتثبيت كَمَا يُؤْتى بالتأكيد لذَلِك وَيَقَع ذَلِك فِي أَمر يهتم بِشَأْنِهِ وَلم يقل ذَلِك لاثبات النُّبُوَّة بِالْحلف فَإِن الْحلف لَا يَكْفِي فِي ثُبُوتهَا ومعجزاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَشْهُورَة مَعْلُومَة فَهِيَ ثَابِتَة بِتِلْكَ المعجزات قَوْله آللَّهُ بِمد الْهمزَة للاستفهام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى آللَّهُ أذن لكم قَوْله [2092] بَين ظهرانيهم أَي بَينهم قد أَجَبْتُك هَذَا بِمَنْزِلَة الْجَواب بِنَحْوِ أَنا حَاضر وَنَحْوه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 اللَّهُمَّ كَأَنَّهُ بِمَنْزِلَة با الله أشهد بك فِي كَون مَا أَقُول حَقًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 قَوْله [2094] أَيّكُم بن عبد الْمطلب نسبه إِلَى جده لكَونه كَانَ مَشْهُورا بَين الْعَرَب وَأما أَبوهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فقد مَاتَ صَغِيرا فَلم يشْتَهر بَين النَّاس اشتهار جده المرتفق أَي المتكئ على وسَادَة فَانِي آمَنت أَخْبَار عَمَّا تقدم لَهُ من الْإِيمَان أَو هُوَ إنْشَاء للايمان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 [2095] أَجود النَّاس أَي على الدَّوَام أَجود مَا يكون قَالَ بن الْحَاجِب الرّفْع فِي أَجود هُوَ الْوَجْه لانك ان جعلت فِي كَانَ ضميرا يعود إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يكن أَجود بِمُجَرَّدِهِ خَبرا لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى مَا يكون وَهُوَ كَون وَلَا يَسْتَقِيم الْخَبَر بالكون عَمَّا لَيْسَ بِكَوْن أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول زيد أَجود مَا يكون فَيجب أَن يكون اما مُبْتَدأ خَبره قَوْله فِي رَمَضَان وَالْجُمْلَة خبر أَو بَدَلا من ضمير فِي كَانَ فَيكون من بدل اشْتِمَال كَمَا تَقول كَانَ زيد عمله حسنا وان جعلته ضمير الشَّأْن تعين رفع أَجود على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وان لم يَجْعَل فِي كَانَ ضمير تعين الرّفْع على أَنه اسْمهَا وَالْخَبَر فِي رَمَضَان حِين يلقاه جِبْرِيل قيل يحْتَمل أَن يكون زِيَادَة الْجُود بِمُجَرَّد لِقَاء جِبْرِيل أَو بمدارسة آيَات الْقُرْآن لما فِيهِ من الْحَث علىمكارم الْأَخْلَاق وَالثَّانِي أوجه كَيفَ وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على مَذْهَب أهل الْحق أفضل من جِبْرِيل فَمَا جَالس الْأَفْضَل الا الْمَفْضُول قلت قِرَاءَة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن فِي صَلَاة اللَّيْل وَغَيرهَا كَانَت دائمه وَيُمكن أَن يكون لنزول جِبْرِيل عَن الله تَعَالَى كل لَيْلَة تَأْثِير أَو يُقَال يُمكن أَن تكون مَكَارِم الْأَخْلَاق كالجود وَغَيره فِي الْمَلَائِكَة أتم لكَونهَا جبلية وَهَذَا لَا يُنَافِي أَفضَلِيَّة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بِاعْتِبَار كَثْرَة الثَّوَاب على الْأَعْمَال أَو يُقَال انه زِيَادَة الْجُود كَانَ بِمَجْمُوع اللِّقَاء والمدارسة أَو يُقَال أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْتَار الْإِكْثَار فِي الْجُود فِي رَمَضَان لفضله أَو لشكر نزُول جِبْرِيل عَلَيْهِ كل لَيْلَة فاتفق مُقَارنَة ذَلِك بنزول جِبْرِيل وَالله تَعَالَى أعلم من الرّيح الْمُرْسلَة أَي الْمُطلقَة المخلاة على طبعها وَالرِّيح لَو أرْسلت على طبعها لكَانَتْ فِي غَايَة الهبوب قَوْله [2096] أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ قَالَ فِي الْأَطْرَاف كَذَا رَوَاهُ أَبُو بكر بن السّني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 عَن النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَحسب وَلم يذكر فِيهِ البُخَارِيّ وَفِي نُسْخَة هُوَ أَبُو بكر الطَّبَرَانِيّ قَوْله من لعنة تذكر وَكَانَ المُرَاد أَنه مَا كَانَ يلعن علىكثرة لِأَن من يكثر اللَّعْنَة تذكر لعنته وَمن يقل تنسى لعنته ان حصل مِنْهُ مرّة اتِّفَاقًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2097] فتحت أَبْوَاب الْجنَّة أَي تَقْرِيبًا للرحمة إِلَى الْعباد وَلِهَذَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَبْوَاب الرحمةوفي بَعْضهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَهَذَا يدل على أَن أَبْوَاب الْجنَّة كَانَت مغلقة وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب إِذْ ذَلِك لَا يَقْتَضِي دوَام كَونهَا مفتحة قَوْله غلقت أَبْوَاب النَّار أَي تبعيدا للعقاب عَن الْعباد وَهَذَا يَقْتَضِي أَن أَبْوَاب النَّار كَانَت مَفْتُوحَة وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا لجَوَاز ان يكون هُنَاكَ غلق قبيل ذَلِك وغلق أَبْوَاب النَّار لَا يُنَافِي موت الْكَفَرَة فِي رَمَضَان وتعذيبهم بالنَّار فِيهِ إِذْ يَكْفِي فِي تعذيبهم فتح بَاب صَغِير من الْقَبْر إِلَى النَّار غير الْأَبْوَاب الْمَعْهُودَة الْكِبَار وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَي شددت وأوثقت بالاغلال وَفِي رِوَايَة وسلسلت وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَلَا يُنَافِيهِ وُقُوع الْمعاصِي إِذْ يَكْفِي فِي وجود الْمعاصِي شرارة النَّفس وخباثتها وَلَا يلْزم ان تكون كل مَعْصِيّة بِوَاسِطَة شَيْطَان والا لَكَانَ لكل شَيْطَان شَيْطَان ويتسلسل وَأَيْضًا مَعْلُوم أَنه مَا سبق إِبْلِيس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 شَيْطَان آخر فمعصيته مَا كَانَت الا من قبل نَفسه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 قَوْله وينادي مُنَاد الخ فَإِن قلت أَي فَائِدَة فِي هَذَا النداء مَعَ أَنه غير مسموع للنَّاس قلت قد علم النَّاس بِهِ بأخبار الصَّادِق وَبِه يحصل الْمَطْلُوب بِأَن يتَذَكَّر الْإِنْسَان كل لَيْلَة بِأَنَّهَا لَيْلَة المناداة فيتعظ بهَا [2107] يَا باغي الْخَيْر مَعْنَاهُ يَا طَالب الْخَيْر أقبل على فعل الْخَيْر فَهَذَا أوانك فَإنَّك تُعْطى جزيلا بِعَمَل قَلِيل وَيَا طَالب الشَّرّ أمسك وَتب فَإِنَّهُ أَوَان التَّوْبَة قَوْله [2109] لَا يَقُولَن أحدكُم صمت رَمَضَان فَذكر رَمَضَان بِلَا شهر دَلِيل على جَوَاز إِطْلَاقه كَذَلِك وَالنَّهْي لَيْسَ رَاجعا إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَاجع إِلَى نِسْبَة الصَّوْم إِلَى نَفسه فِيهِ كُله مَعَ أَن قبُوله عِنْد الله تَعَالَى فِي مَحل الْخطر قَوْله لَا بُد من غَفلَة أَي فيعصي فِي حَال الْغَفْلَة بِوَجْه لَا يُنَاسب الصَّوْم فَكيف يدعى بعد ذَلِك الصَّوْم لنَفسِهِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 [2110] تعدل حجَّة أَي تساويها ثَوابًا لَا فِي سُقُوط الْحَج عَن الذِّمَّة عِنْد الْعلمَاء قَوْله فَاسْتهلَّ على هِلَال رَمَضَان على بِنَاء الْفَاعِل أَي تبين هلاله أَو الْمَفْعُول أَي رؤى هلاله كَذَا ذكر الْوَجْهَيْنِ فِي الصِّحَاح وَقَوله [2111] هَكَذَا أمرنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ أَنه أمرنَا أَن لَا نقبل شَهَادَة الْوَاحِد فِي حق الْإِفْطَار أَو أمرنَا أَن نعتمد على رُؤْيَة أهل بلدنا وَلَا نعتمد على رُؤْيَة غَيرهم والى الْمَعْنى الثَّانِي تميل تَرْجَمَة المُصَنّف وَغَيره لَكِن الْمَعْنى الأول مُحْتَمل فَلَا يَسْتَقِيم الِاسْتِدْلَال إِذْ الِاحْتِمَال يفْسد الِاسْتِدْلَال وَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَن الْمُتَبَادر هُوَ الثَّانِي فبنوا عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 [2112] فَقَالَ رَأَيْت الْهلَال قبُول خبر الْوَاحِد مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ بالسماء عِلّة تمنع أبصار الْهلَال وَقَوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَهُ أَتَشهد الخ تَحْقِيق لاسلامه وَفِيه أَنه إِذا تحقق إِسْلَامه وَفِي السَّمَاء غيم يقبل خَبره فِي هِلَال رَمَضَان مُطلقًا سَوَاء كَانَ عدلا أم لَا حرا أم لَا وَقد يُقَال كَانَ الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ كلهم عُدُولًا فَلَا يلْزم قبُول شَهَادَة غير الْعدْل الا أَن يمْنَع ذَلِك لقَوْله تَعَالَى إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2113] أذن فِي النَّاس من التأذين أَو الايذان وَالْمرَاد مُطلق النداء والاعلام قَوْله فِي الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ أَي فِي أَنه من رَمَضَان أَو من شعْبَان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 صُومُوا أَي صَوْم الْفَرْض وأفطروا أَي لَا تفطروا قبله بِلَا عذر مُبِيح وانسكوا من نسك من بَاب نصر وَالْمرَاد الْحَج أَي الْأُضْحِية [2116] فان غم بِضَم فتشديد مِيم أَي حَال بَيْنكُم وَبَين الْهلَال غيم رَقِيق فَإِن شهد شَاهِدَانِ أَي وَلَو بِلَا عِلّة والا فَمَعَ الْعلَّة يَكْفِي الْوَاحِد فِي رَمَضَان كَمَا تقدم وَقد مَال إِلَى الْأَخْذ بِهَذَا الْإِطْلَاق بعض الْمُتَأَخِّرين من أَصْحَابنَا كالجمهور وَهُوَ الْوَجْه وَاشْتِرَاط الجم الْغَفِير بِلَا غيم لَا يَخْلُو عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 خَفَاء من حَيْثُ الدَّلِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاقدروا لَهُ بِضَم الدَّال وَجوز كسرهَا أَي قدرُوا لَهُ تَمام العددالثلاثين وَقد جَاءَ بِهِ الرِّوَايَة فَلَا الْتِفَات إِلَى تَفْسِير آخر قَوْله [2121] لَا تَصُومُوا أَي بنية الْفَرْض وَلَا تفطروا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 بِلَا عذر قَوْله [2125] من يتَقَدَّم الشَّهْر أَي يستقبله بِالصَّوْمِ وَفِيه أَن محمل الحَدِيث الْفَرْض فَلَا اشكال بِهَذَا الحَدِيث بنية النَّفْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2126] لَا تقدمُوا الشَّهْر أَصله لَا تتقدموا بالتاءين حَتَّى تروا الْهلَال قبله أَي قبل الصَّوْم [2129] وَلَا تستقبلوا الشَّهْر الخ من لَا يرى الْكَرَاهَة بنية النَّفْل يحمل هَذَا وَأَمْثَاله على مَا إِذا كَانَ بنية الشَّك أَو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 بنية رَمَضَان قَوْله غيايه بغين معجمةوتحتيتين بَينهمَا ألف سَاكِنة هِيَ السحابة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 قَوْله [2131] فَلبث تسعا وَعشْرين أَي بِلَا دُخُول عَلَيْهِنَّ ثمَّ دخل عَلَيْهِنَّ فَقلت أَي حِين دخل آلَيْت أَي حَلَفت شهرا فِيهِ اخْتِصَار يُوضحهُ سَائِر الرِّوَايَات أَي أَن لَا تدخل علينا شهرا وَجعل شهرا للايلاء لَا يساعده النّظر فِي الْمَعْنى الشَّهْر التَّعْرِيف للْعهد أَي هَذَا الشَّهْر وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الشَّهْر كَانَ بالهلال لَا بِالْأَيَّامِ وَكَأَنَّهُ خَفِي الْهلَال على النَّاس وَعلم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِهِ بقول جِبْرِيل كَمَا سَيَجِيءُ فَلذَلِك اعترضت عَائِشَة بِمَا اعترضت فَبين لَهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَقِيقَة الْأَمر لَكِن مُقْتَضى الْعد أَن الشَّهْر كَانَ على الْأَيَّام الا أَن يُقَال زعمت عَائِشَة أَن الشَّهْر ثَلَاثُونَ وان رؤى الْهلَال قبل ذَلِك وَهَذَا بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أفشته أَي أظهرته موجدته غضبته قَوْله الشَّهْر تسع أَي ذَلِك الشَّهْر أَو المُرَاد الشَّهْر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 أَحْيَانًا يكون كَذَلِك قَوْله [2135] وَنقص فِي الثَّالِثَة وَالْمرَاد أَن ذَلِك الشَّهْر أَو الشَّهْر أَحْيَانًا يكون تسعا وَعشْرين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وَهَكَذَا كل مَا جَاءَ من هَذَا الْقَبِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2138] الشَّهْر يكون إِلَى قَوْله وَيكون ثَلَاثِينَ أَي أَحْيَانًا كَذَا وَأَحْيَانا كَذَا وَالْمَقْصُود أَنه إِذا كَانَ مُخْتَلفا فَالْعِبْرَة بِرُؤْيَة الْهلَال قَوْله أُميَّة أَي منسوبة إِلَى الْأُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 بِاعْتِبَار الْبَقَاء على الْحَالة الَّتِي خرجنَا عَلَيْهَا من بطُون أمهاتنا فِي عدم معرفَة الْكِتَابَة والحساب فَلذَلِك مَا كلفنا الله تَعَالَى بِحِسَاب أهل النُّجُوم وَلَا بالشهور الشمسية الْخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لَكِنَّهَا مُخْتَلفَة كَمَا بَين بِالْإِشَارَةِ مرَّتَيْنِ كَمَا فِي كثير من الرِّوَايَات فَالْعِبْرَة حِينَئِذٍ للرؤية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2144] فَإِن فِي السّحُور بِفَتْح السِّين مَا يتسحر بِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وبالضم أكله والوجهان جائزان هَا هُنَا وتوصيف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 الطَّعَام بِالْبركَةِ بِاعْتِبَار مَا فِي أكله من الْأجر وَالثَّوَاب والتقوية على الصَّوْم وَمَا يتضمنه من الذّكر وَالدُّعَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 فِي ذَلِك الْوَقْت قَوْله [2152] قَالَ هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تطلع الظَّاهِر أَن المُرَاد بِالنَّهَارِ هُوَ النَّهَار الشَّرْعِيّ وَالْمرَاد بالشمس الْفجْر وَالْمرَاد أَنه فِي قرب طُلُوع الْفجْر حَيْثُ يُقَال أَنه النَّهَار نعم مَا كَانَ الْفجْر طالعا قَوْله [2153] الا هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي قدر يسير قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 [2160] كِلَاهُمَا لَا يألو عَن الْخَيْر أَي لَا يقصر عَنهُ بل يطْلب ويجتهد فِيهِ وَلكَون كلا مُفْرد اللَّفْظ صَحَّ إِلَيْهِ رُجُوع الضَّمِير الْمُفْرد يُؤَخر الصَّلَاة أَي صَلَاة الْمغرب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 قَوْله انها أَي ان هَذَا الطَّعَام أَو التسحر والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر [2162] أَعْطَاكُم الله أَي ندبكم إِلَيْهِ أَو خصكم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 بإباحته دون أهل الْكتاب قَوْله [2166] ان فصل مَا بَين صيامنا الْفَصْل بِمَعْنى الْفَاصِل وَمَا مَوْصُولَة واضافته من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة أَي الْفَارِق الَّذِي بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَكلَة السحر والأكلة بِضَم الْهمزَة اللُّقْمَة وبالفتح للمرة وان كثر الْمَأْكُول كالغداء قيل وَالرِّوَايَة فِي الحَدِيث بِالضَّمِّ وَالْفَتْح صَحِيح وَقيل الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة الْفَتْح وَالسحر بِفتْحَتَيْنِ آخر اللَّيْل والأكلة بِالضَّمِّ لَا تَخْلُو عَن إِشَارَة إِلَى انه يَكْفِي اللُّقْمَة فِي حُصُول الْفرق قيل وَذَلِكَ لحُرْمَة الطَّعَام وَالشرَاب وَالْجِمَاع عَلَيْهِم إِذا نَامُوا كَمَا كَانَ علينا فِي بَدْء الْإِسْلَام ثمَّ نسخ فَصَارَ السّحُور فارقا فَلَا يَنْبَغِي تَركه قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 [2168] إِذا نَام قبل أَن يتعشى لَا مَفْهُوم لهَذَا الْقَيْد بل المُرَاد أَنه وَلَو قبل أَن يتعشى فَلَو نَام بعد أَن يتعشى يحرم عَلَيْهِ بِالْأولَى وَقَوله حَتَّى انتصف النَّهَار أَي فَمضى على صَوْمه حَتَّى انتصف النَّهَار قَوْله [2169] هُوَ سَواد اللَّيْل أَي الْمَذْكُور من الْخَيْطَيْنِ سَواد اللَّيْل وَبَيَاض النَّهَار قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 [2170] وَيرجع قائمكم الْمَشْهُور أَنه من الرجع الْمُتَعَدِّي وقائمكم بِالنّصب أَي يرد قائمكم إِلَى حَاجته قبل الْفجْر وَلَيْسَ الْفجْر أَن يَقُول هَكَذَا أَي لَيْسَ ظُهُور الْفجْر أَن يظْهر هَكَذَا قَوْله [2172] لَا تقدمُوا قبل الشَّهْر بصيام هُوَ من التَّقْدِيم بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَهُوَ نهي وَقَوله قبل الشَّهْر بصيام هُوَ من التَّقَدُّم وَالْبَاء فِي بصيام للتعدية وَقد حمل هَذَا النَّهْي كثير من الْعلمَاء على أَن يكون بنية رَمَضَان أَو لتكثير عدد صِيَامه أَو لزِيَادَة احتياطه بِأَمْر رَمَضَان أَو على صَوْم يَوْم الشَّك وَلَا يخفى أَن قَوْله فِي بعض الرِّوَايَات وَلَا يَوْمَيْنِ لَا يُنَاسب الْحمل على صَوْم الشَّك إِذْ لَا يَقع الشَّك عَادَة فِي يَوْمَيْنِ وَالِاسْتِثْنَاء بقوله الا رجل الخ لَا يُنَاسب التأويلات الْأُخَر إِذْ لَازمه جَوَاز صَوْم يَوْم أَو اثْنَيْنِ قبل رَمَضَان لمن يعتاده لَا بنية رَمَضَان مثلا وَهَذَا فَاسد وَالله تَعَالَى أعلم أَتَى ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم عَادَته على صِيَامه أَي مَعَ صِيَام رَمَضَان مُتَّصِلا بِهِ قَوْله [2173] لَا يتقدمن أَي لَا يستقبلن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 [2166] قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 [2175] كَانَ يصل شعْبَان برمضان أَي يصومهما لَكِن يحمل شعْبَان على غالبه قَوْله يَصُوم أَي يسْتَمر على الصَّوْم حَتَّى لَا يفْطر أَي فِي هَذَا الشَّهْر [2177] أَو عَامَّة شعْبَان أَو بِمَعْنى بل أَي بل غالبه قَوْله [2178] تفطر فِي رَمَضَان أَي للْحيض فَمَا تقدر أَن لاحْتِمَال أَن يريدها رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا يَصُوم فِي شعْبَان أَي فَكَانَت تقدر أَن تقضي فِيهِ بِسَبَب كَثْرَة صِيَامه فِيهِ وَأَيْضًا قد ضَاقَ الْوَقْت فَتعين عَلَيْهَا الصّيام بل كَانَ يَصُومهُ كُله أَي يَصُومهُ بِحَيْثُ يَصح أَن يُقَال فِيهِ أَنه يَصُومهُ كُله لغاية قلَّة الْمَتْرُوك بِحَيْثُ يُمكن أَن لَا يعْتد بِهِ من غَايَة قلته قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 [2179] حَتَّى نقُول قد صَامَ أَي قد داوم عَلَيْهِ قَوْله [2182] وَلَا صَامَ شهرا كَامِلا قطّ أَي بالتحقيق وَأما شعْبَان فَكَانَ يَصُوم كُله بالتأويل كَمَا سبق فَلَا مُنَافَاة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 وَالله ان صَامَ بِكَسْر الْهمزَة للنَّفْي أَي مَا صَامَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 قَوْله ويتحرى أَي يقْصد وَيَرَاهُ أولى وَأَحْرَى قَوْله فَتنحّى أَي احْتَرز عَن أكله وَقَالَ اعتذارا عَن ذَلِك اني صَائِم [2188] الَّذِي يشك فِيهِ أَي فِي أَنه من رَمَضَان أَو من شعْبَان بِأَن يتحدث النَّاس بِرُؤْيَة الْهلَال فِيهِ بِلَا ثَبت وَحمل عُلَمَاء الحَدِيث على أَن يَصُوم بنية رَمَضَان شكا أَو جزما وَأما إِذا جزم بِأَنَّهُ نفل فَلَا كَرَاهَة وَقَالَ بَعضهم بِالْكَرَاهَةِ مُطلقًا وَالْحكم بِأَنَّهُ عصى تَغْلِيظ على تَقْدِير القَوْل بِالْكَرَاهَةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لتفطرن من الْإِفْطَار [2189] هَات الْآن مَا عنْدك من الْحجَّة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 [2191] ايمانا واحتسابا نصبهما على الْعلَّة أَي يكون الدَّاعِي إِلَى الْقيام الْإِيمَان بِاللَّه أَو تَفْضِيل رَمَضَان وَطلب الثَّوَاب من الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 [2192] يرغب النَّاس من التَّرْغِيب بعزيمة أَمر فِيهِ بِالْإِضَافَة أَي من غير أَن يَأْمُرهُم بِقطع أَمر وَحكم فِيهِ من افتراض وَندب نعم التَّرْغِيب على هَذَا الْوَجْه يسْتَلْزم النّدب قَوْله من غير أَن يَأْمُرهُم بعزيمة أَي افتراض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 [2203] قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 [2208] خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه أَي طهر من الذُّنُوب كطهارته يَوْم وَلدته أمه لَا كخروجه مِنْهَا يَوْم وَلدته أمه إِذْ لَا ذَنْب عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يخرج مِنْهُ ثمَّ ظَاهره الشُّمُول للكبائر والتخصيص فِي مثله بعيد قَوْله وسننت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم أَي ندبت لكم وَإِنَّمَا قَالَ لكم إِذْ هُوَ نفع مَحْض لَا ضَرَر فِيهِ أصلا فَمن فعل نَالَ أجرا عَظِيما وَمن ترك فَلَا اثم عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 [2211] الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ قد ذكرُوا لَهُ مَعَاني لَكِن الْمُوَافق للأحاديث أَنه كِنَايَة عَن تَعْظِيم جَزَائِهِ وَأَنه لَا حد لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تفيده الْمُقَابلَة فِي حَدِيث مَا من حَسَنَة عَملهَا بن آدم الا كتب لَهُ عشر حَسَنَات إِلَى سبعمائه ضعف الا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزى بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى انما يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب وَذَلِكَ لِأَن اخْتِصَاصه من بَين سَائِر الْأَعْمَال بِأَنَّهُ مَخْصُوص بعظيم لَا نِهَايَة لعظمته ولاحد لَهَا وَأَن ذَلِك الْعَظِيم هُوَ الْمُتَوَلِي لجزائه مِمَّا ينساق الذِّهْن مِنْهُ إِلَى أَن جزاءه مِمَّا لَا حد لَهُ وَيُمكن أَن يُقَال على هَذَا معنى قَوْله لي أَي أَنا مُنْفَرد بِعلم مِقْدَار ثَوَابه وتضعيفه وَبِه تظهر الْمُقَابلَة بَينه وَبَين قَوْله كل عمل بن آدم لَهُ الا الصّيام هُوَ لي أَي كل عمله لَهُ بِاعْتِبَار أَنه عَالم بجزائه وَمِقْدَار تَضْعِيفه إِجْمَالا لما بَين الله تَعَالَى فِيهِ الا الصَّوْم فَإِنَّهُ الصَّبْر الَّذِي لَا حد لجزائه جدا بل قَالَ انما يُوفي الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب وَيحْتَمل أَن يُقَال معنى قَوْله كل عمل بن آدم لَهُ الخ أَن جَمِيع أَعمال بن آدم من بَاب الْعُبُودِيَّة والخدمة فَتكون لائقة لَهُ مُنَاسبَة لحاله بِخِلَاف الصَّوْم فَإِنَّهُ من بَاب التَّنَزُّه عَن الْأكل وَالشرب والاستغناء عَن ذَلِك فَيكون من بَاب التخلق بأخلاق الرب تبَارك وَتَعَالَى وَأما حَدِيث مَا من حَسَنَة عَملهَا بن آدم الخ فَيحْتَاج على هَذَا الْمَعْنى إِلَى تَقْدِير بِأَن يُقَال كل عمل بن آدم جَزَاؤُهُ مَحْدُود لِأَنَّهُ لَهُ أَي على قدره الا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي فَجَزَاؤُهُ غيرمحصور بل أَنا الْمُتَوَلِي لجزائه على قدري وَالله تَعَالَى أعلم حِين يفْطر من الْإِفْطَار أَي يفرح حِينَئِذٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 طبعا وان لم يَأْكُل لما فِي طبع النَّفس من محبَّة الْإِرْسَال وَكَرَاهَة التَّقْيِيد [2212] وَحين يلقى ربه أَي ثَوَابه على الصَّوْم لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاو هُوَ الْمَشْهُور وَجوز بَعضهم فتح الْمُعْجَمَة أَي تغير رَائِحَته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 [2212] أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك أَي صَاحبه عِنْد الله بِسَبَبِهِ أَكثر قبولا ووجاهة وأزيد قربا مِنْهُ تَعَالَى من صَاحب الْمسك بِسَبَب رِيحه عنْدكُمْ وَهُوَ تَعَالَى أَكثر اقبالا عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ من اقبالكم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 على صَاحب الْمسك بِسَبَب رِيحه قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 [2215] يدع شَهْوَته وَطَعَامه لأجلي تَعْلِيل لاختصاصه بعظيم الْجَزَاء جنَّة بِضَم الْجِيم وَتَشْديد النُّون أَي وقاية وَستر من النَّار أَو مِمَّا يُؤَدِّي العَبْد إِلَيْهَا من الشَّهَوَات قَوْله [2216] فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 آخِره ثاء مُثَلّثَة وَالْمرَاد بالرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَلَا يَصْخَبْ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يرفع صَوته وَلَا يغْضب على أحد فَإِن شاتمه الخ أَي خاصمه بِاللِّسَانِ أَو الْيَد فَلْيقل اني صَائِم أَي فليعتذر عِنْده من عدم الْمُقَابلَة بِأَن حَاله لَا يساعد الْمُقَابلَة بِمثلِهِ أَو فليذكر فِي نَفسه أَنه صَائِم ليمنعه ذَلِك عَن الْمُقَابلَة بِمثلِهِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 [2220] عَلَيْك بِالصَّوْمِ أَي الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ الْمُتَبَادر فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ فِي كسر الشَّهْوَة وَدفع النَّفس الأمارة والشيطان أَو لَا مثل لَهُ فِي كَثْرَة الثَّوَاب كَمَا سبق وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِالصَّوْمِ كف النَّفس عَمَّا لَا يَلِيق وَهُوَ التَّقْوَى كلهَا وَقد قَالَ تَعَالَى ان أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم قَوْله [2222] فَإِنَّهُ لَا عدل بِكَسْر الْعين أَو فتحهَا أَي لَا مثل لَهُ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 [2233] لأمر الصَّوْم فَعَادَ إِلَيَّ بِالْجَوَابِ الْأَوَّل تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَإِنَّهُ يَكْفِي وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 قَوْله الصَّوْم جنَّة مَا لم يخرقها كيضرب أَي فَتلك الْجنَّة تقيه مَا لم يخرقها كشأن جنَّة الْقِتَال فَقَوله مَا لم يخرقها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 مُتَعَلق بمقدر يَقْتَضِيهِ الْمقَام وَالْمرَاد الْخرق بالغيبة كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَة الدَّارمِيّ قَوْله [2234] فَلَا يجهل بِفَتْح الْهَاء أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ الْجَهْل كالصياح والسفه وَنَحْو ذَلِك جهل بِكَسْر الْهَاء قَوْله [2236] لَا يدْخل فِيهِ أحد غَيرهم لَا يُنَافِيهِ مَا جَاءَ فِي بعض الْأَعْمَال أَن صَاحبه يفتح لَهُ تمامأبواب الْجنَّة إِذْ يجوز أَن لَا يدْخل من هَذَا الْبَاب ان لم يكن من الصائمين وَيجوز أَن لَا يفعل أحد ذَلِك الْعَمَل الا وَفقه الله لاكثار الصَّوْم بِحَيْثُ يصير من الصائمين شرب أَي عِنْد الْبَاب ومتصلا بِالدُّخُولِ وَلَعَلَّ من يدْخل من الْأَبْوَاب الْأُخَر لم يشرب عِنْد الدُّخُول مُتَّصِلا بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 [2238] من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله أَي تصدق بِهِ فِي سَبِيل الْخَيْر مُطلقًا أَو فِي الْجِهَاد كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر هَذَا خير أَي عمل الَّذِي فعلت خير تَشْرِيفًا وتعظيما لعمله أَو هَذَا الْبَاب خير لدخولك مِنْهُ تَعْظِيمًا لَهُ مَا على أحد الخ أَي لَيْسَ لَهُ ضَرُورَة إِلَى أَن يدعى من جَمِيع الْأَبْوَاب إِذْ الْبَاب الْوَاحِد يَكْفِي لدُخُوله الْجنَّة قَوْله [2239] وَنحن شباب بِفَتْح الشين جمع شَاب لَا نقدر على شَيْء أَي على زواج للفقر بِالْبَاءَةِ بِالْمدِّ وَالْهَاء على الْأَفْصَح يُطلق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 على الْجِمَاع وَالْعقد وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هَا هُنَا العقد وَضمير فَإِنَّهُ يرجع إِلَيْهِ على أَن المُرَاد بِهِ الْجِمَاع بطرِيق الِاسْتِخْدَام وتذكيره لملاحظة الْمَعْنى وَيحْتَمل أَن المُرَاد الْجِمَاع وَالْمرَاد عَلَيْكُم أَن تجامعوا النِّسَاء بِالْوَجْهِ الْمَعْلُوم شرعا أَغضّ أحبس وَأحْصن وأحفظ فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ قيل الْأَمر لَا يكون الا للمخاطب فَلَا يجوز عَلَيْهِ بِزَيْدٍ وَأَمَّا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّمَا حَسُنَ لِتَقَدُّمِ الْخِطَابِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ كَأَنَّهُ قَالَ من لم يسْتَطع مِنْكُم فالغائب فِي الحَدِيث فِي معنى الْمُخَاطب [2240] فَإِنَّهُ أَي الصَّوْم لَهُ لِلْفَرجِ وَجَاء بِكَسْر الْوَاو وَالْمدّ أَي كسر شَدِيد يذهب شَهْوَته وَالْمرَاد التَّشْبِيه قَوْله من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة يحْتَمل أَن المُرَاد هَا هُنَا الْجِمَاع أَو العقد بِتَقْدِير الْمُضَاف أَي مؤنه وأسبابه أَو المُرَاد هِيَ الْمُؤَن والأسباب اطلاقا للاسم على مَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 يلازم مُسَمَّاهُ فليتزوج أَمر ندب عِنْد الْجُمْهُور قَوْله [2243] ذَا طول بِفَتْح الطَّاء أَي سَعَة قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 [2244] فِي سَبِيل الله يحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ مُجَرّد إصْلَاح النِّيَّة وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِهِ أَنه صَامَ حَال كَونه غازيا وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادر [2244] زحزح الله وَجهه أَي بعده سبعين خَرِيفًا أَي مَسَافَة سبعين عَاما وَهُوَ كِنَايَة عَن حُصُول الْبعد الْعَظِيم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 [2254] مسيرَة مائَة عَام والتوفيق بِحمْل أحد العددين أَو كليهمَا على التكثير أَو أَنه تَعَالَى زَاد للصَّوْم الْأجر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 فَأَتمَّ مائَة بعد مَا كَانَ سبعين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَيْسَ من الْبر الخ بِكَسْر الْبَاء أَي من الطَّاعَة وَالْعِبَادَة وَظَاهره أَن ترك الصَّوْم أولى ضَرُورَة أَن الصَّوْم مَشْرُوع طَاعَة فَإِذا خرج عَن كَونه طَاعَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يجوز وَلَا أقل من كَون الأولى تَركه وَمن يَقُول أَن الصَّوْم هُوَ الأولى فِي السّفر يسْتَعْمل الحَدِيث فِي مورده أَي لَيْسَ من الْبر إِذا بلغ الصَّائِم هَذَا الْمبلغ من الْمَشَقَّة وَكَأَنَّهُ مَبْنِيّ على تَعْرِيف الصَّوْم للْعهد وَالْإِشَارَة إِلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 مثل صَوْم ذَلِك الصَّائِم نعم الأَصْل هُوَ عُمُوم اللَّفْظ لَا خُصُوص المورد لَكِن إِذا أدّى عُمُوم اللَّفْظ إِلَى تعَارض الْأَدِلَّة يحمل على خُصُوص المورد كَمَا هَا هُنَا وَقيل من فِي قَوْله لَيْسَ من الْبر زَائِدَة وَالْمعْنَى لَيْسَ هُوَ الْبر بل قَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ أَبَرَّ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حج أَو جِهَاد ليقوى عَلَيْهِ وَالْحَاصِل أَن الْمَعْنى على الْقصر لتعريف الطَّرفَيْنِ وَقيل محمل الحَدِيث على من يَصُوم وَلَا يقبل الرُّخْصَة قَوْله [2258] لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا أَي مثل صَوْم صَاحبكُم هَذَا قَوْله ذكر الرجل أَي الْمَجْهُول الَّذِي فِي السَّنَد قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 [2262] قد ظلل بتَشْديد اللَّام الأولى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي جعل عَلَيْهِ شَيْء يظله من الشَّمْس لغَلَبَة الْعَطش عَلَيْهِ وحر الصَّوْم [2263] حَتَّى بلغ كرَاع الغميم بِضَم الْكَاف والغميم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة اسْم وَاد أَمَام عسفان فَدَعَا بقدح من مَاء بعد الْعَصْر فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْفطر للْمُسَافِر بعد الشُّرُوع فِي الصَّوْم وَمن يَقُول بِخِلَافِهِ فَلَا يَخْلُو قَوْله عَن اشكال قَوْله ادنيا من الادناء وَالْمعْنَى قربا أنفسكما من الطَّعَام [2264] فَقَالَ ارحلوا لصاحبيكم أَي قَالَ لسَائِر الصَّحَابَة المفطرين ارحلوا لصاحبيكم أَي لأبي بكر وَعمر لِكَوْنِهِمَا صَائِمين أَي شدوا الرحل لَهما على الْبَعِير اعْمَلُوا من الْعَمَل أَي عاونوهما فِيمَا يحتاجان إِلَيْهِ وَالْمَقْصُود أَنه قررهما على الصَّوْم فَهُوَ جَائِز أَو أَنه أَشَارَ إِلَى أَن صَاحب الصَّوْم كل على غَيره فَهُوَ مَكْرُوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 [2267] فَقَالَ انْتظر الْغَدَاء أَي امْكُث حَتَّى يحضر الْغَدَاء فَكل مَعْنَاهُ ادن من الدنو حَتَّى أخْبرك عَن الْمُسَافِر أَي أَنْت مُسَافر وَقد وضع الله عَن الْمُسَافِر صَوْم الْفَرْض بِمَعْنى وضع عَنهُ لُزُومه فِي تِلْكَ الْأَيَّام وخيره بَين أَن يَصُوم تِلْكَ الْأَيَّام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 وَبَين عدَّة من أَيَّام أخر فَكيف صَوْم النَّفْل وَنصف الصَّلَاة أَي من الرّبَاعِيّة لَا إِلَى بدل بِخِلَاف الصَّوْم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 قَوْله وَعَن الحبلىوالمرضع أى أذا خافتا على الْحَبل والرضيع أَو على أَنفسهمَا ثمَّ هَل وضع ألى قَضَاء أَو فدَاء أَولا إِلَى قَضَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 وَلَا فدَاء الحَدِيث سَاكِت فَكل من يَقُول بِبَعْضِه لَا بُد لَهُ من دَلِيل يُقَال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 [2283] أنس بن مَالك هُوَ غير أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [2283] فَسقط الصوام كحكام جَمِيع صَائِم أَي مَا قدرُوا على قَضَاء حَاجتهم ذهب المفطرون بِالْأَجْرِ أَي حصل لَهُم بالإعانة فِي سَبِيل الله من الْأجر فَوق مَا حصل للصائمين بِالصَّوْمِ بِحَيْثُ يُقَال كَأَنَّهُمْ أخذُوا الْأجر كُله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 [2284] الصّيام فِي السّفر كالافطار فِي الْحَضَر أَي كالافطار فِي غير رَمَضَان فمرجعه إِلَى أَن الصَّوْم خلاف الأولى أَو فِي رَمَضَان فمدلوله أَنه حرَام وَالْأول هُوَ أقرب وَمَعَ ذَلِك لَا بُد عِنْد الْجُمْهُور من حمله على حَالَة مَخْصُوصَة كَمَا إِذا أجهده الصَّوْم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2287] أَتَى قُدَيْدًا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى التَّصْغِيرِ مَوْضِعٌ قريب من عسفان فَشرب أَي بعد الْعَصْر فَأفْطر أَي بعد مَا أصبح صَائِما قَوْله [2290] حَتَّى أَتَى عسفان بِضَم فَسُكُون قَرْيَة قريبَة من مَكَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 [2291] فَشرب نَهَارا ثمَّ أفطر أَي داوم على الْإِفْطَار إِلَى مَكَّة قَوْله [2292] يَصُوم وَيفْطر أَي فَيجوز الْوَجْهَانِ قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 [2294] قَالَ ان ثمَّ ذكر الخ فَقَالَ ثمَّ ذكر بعد ان كلمةمعناه معنى مَا ذكرت فِي ان شِئْت صمت الخ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 ثمَّ ظَاهر الحَدِيث جَوَاز الْأَمريْنِ من غير تَرْجِيح لأَحَدهمَا لَا للصَّوْم وَلَا للافطار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أسرد بِضَم الرَّاء أَي أتابعه قَوْله [2301] اني رجل أسرد الصّيام هُوَ بِصِيغَة الْمُتَكَلّم نظرا إِلَى الْمَعْنى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 والا فَالظَّاهِر يسْرد لِأَنَّهُ صفة لرجل وَلَيْسَ بِخَبَر آخر والا لم يبْق فِي قَوْله رجل فَائِدَة فَتَأمل قَوْله [2303] هِيَ رخصَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 الضَّمِير للافطار والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر وَالْكَلَام جَاءَ على اعْتِقَاد السَّائِل فَلَا يلْزم أَن ظَاهره تَرْجِيح الْإِفْطَار حَيْثُ قَالَ فَحسن وَقَالَ فِي الصَّوْم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2312] ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالك بن قِطْعَة قيل ضَبطه الامام النَّوَوِيّ فِي أَمَاكِن من شرح مُسلم قِطْعَة قِطْعَة بِكَسْر الْقَاف واسكان الْمُهْملَة وَضَبطه فِي التَّقْرِيب بِضَم الْقَاف وَفتح الْمُهْملَة قَوْله لايعيب من الْعَيْب أَي لَا يُنكر الصَّائِم على الْمُفطر افطاره دينا وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم صَوْمه فهما جائزان قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 [2313] حَتَّى إِذا كَانَ بالكديد بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَكَانٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وقُدَيْدٍ قَالَ عِيَاضٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْموضع الَّذِي أفطر فِيهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم والقصة وَاحِدَةٍ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ وَالْجَمِيعُ مِنْ عَمَلِ عُسْفَانَ انْتهى قلت فَفِي آخر كَلَامه إِشَارَة إِلَى وَجه التَّوْفِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 [2316] لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ الخ سَببهَا أَنه شقّ عَلَيْهِم رَمَضَان فَرخص لَهُم فِي الْإِفْطَار مَعَ الْقُدْرَة على الصَّوْم فَكَانَ يَصُوم بعض ويفتدى بعض حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَهَذِه الْآيَة هِيَ المرادة بقوله حَتَّى نزلت الْآيَة بعْدهَا وَقيل الناسخة قَوْله تَعَالَى وَأَن تَصُومُوا خير لكم وَفِيه أَنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 يدل على أَن الصَّوْم خير من الافتداء فَهَذَا يدل على جَوَاز الافتداء فَلَا يصلح نَاسِخا لَهُ بل هُوَ من جملَة الْمَنْسُوخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يكلفونه أَي يعدونه مشقة على أنفسهم ويحملونه بكلفة وصعوبة فِي الْكَشَّاف وَغَيره من التفاسير أَن هَذَا الْمَعْنى مبْنى على قِرَاءَة بن عَبَّاس وَهِي يطوقونه تفعيل من الطوق ثمَّ ذكرُوا عَنهُ رِوَايَات أخر ثمَّ ذكرُوا أَنه يَصح هَذَا الْمَعْنى على قِرَاءَة يطيقُونَهُ أَي يبلغون بِهِ غَايَة وسعهم وطاقتهم وعَلى هَذَا لَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير حرف النَّفْي على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة وَالْمَشْهُور أَنه على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة يقدر حرف النَّفْي وَالله تَعَالَى أعلم [2317] لَيست بمنسوخة أَي الْآيَة على هَذَا الْمَعْنى لَيست مَنْسُوخَة وَجُمْلَة لَيست مَنْسُوخَة مُعْتَرضَة بَين تَفْسِير الْآيَة الا الَّذِي يُطيق قد يُؤْخَذ مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى التَّوْجِيه الْمَشْهُور وَهُوَ تَقْدِير لَا للْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة على هَذَا الْمَعْنى لَا يشفى على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله [2318] أحرورية أَنْت بِفَتْح حاء وَضم رَاء أولى أَي خارجية وهم طَائِفَة من الْخَوَارِج نسبوا إِلَى حروراء بِالْمدِّ وَالْقصر وَهُوَ مَوضِع قريب من الْكُوفَة وَكَانَ عِنْدهم تشدد فِي أَمر الْحيض شبهتها بهم فِي تشددهم فِي أَمرهم وَكَثْرَة مسائلهم وتعنتهم بهَا وَقيل أَرَادَت أَنَّهَا خرجت عَن السّنة كَمَا خَرجُوا عَنْهَا وَلَعَلَّ عَائِشَة زعمت أَن سؤالها تعنت لظُهُور الحكم عِنْد الْخَواص والعوام فتغلظت فِي الْجَواب وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله إِن كَانَ هِيَ مُخَفّفَة أَي أَن الشَّأْن وَاحِد الكونين زَائِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 [2320] فاتموا بَقِيَّة يومكم فِيهِ دَلِيل على التَّرْجَمَة فَإِنَّهُ بالإتمام لمن أكل وَمن لم يَأْكُل قَوْله أهل الْعرُوض ضبط بِفَتْح الْعين يُطلق على مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَا حولهما قَوْله أذن من التأذين بِمَعْنى النداء أَو الايذان وَالْمُصَنّف حمل الحَدِيث على صَوْم النَّفْل لِأَن صَوْم عَاشُورَاء لَيْسَ بِفَرْض وَلَكِن اسْتدلَّ صَاحب الصَّحِيح على عُمُوم الحكم وَذَلِكَ لِأَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 الْأَحَادِيث تدل على افتراض صَوْم عَاشُورَاء من جُمْلَتهَا هَذَا الحَدِيث فَإِن هَذَا الاهتمام يَقْتَضِي الافتراض وعَلى هَذَا فَالْحَدِيث ظَاهر فِي جَوَاز الصَّوْم بنية من نَهَار فِي صَوْم الْفَرْض وَمَا قيل أَنه إمْسَاك لَا صَوْم مَرْدُود بِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر فَلَا يُصَار إِلَيْهِ بِلَا دَلِيل نعم قد قَامَ الدَّلِيل فِيمَن أكل قبل ذَلِك وَمَا قيل أَنه جَاءَ فِي أبي دَاوُد انهم أَتموا بَقِيَّة الْيَوْم وقضوه قُلْنَا هُوَ شَاهد صدق لنا عَلَيْكُم حَيْثُ خص الْقَضَاء بِمن أتم بَقِيَّة الْيَوْم لَا بِمن صَامَ تَمَامه فَعلم أَن من صَامَ تَمَامه بنية من نَهَار فقد جَازَ صَوْمه لَا يُقَال يَوْم عَاشُورَاء مَنْسُوخ فَلَا يَصح بِهِ اسْتِدْلَال لأَنا نقُول دلّ الحَدِيث على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا وجوب صَوْم عَاشُورَاء وَالثَّانِي أَن الصَّوْم الْوَاجِب فِي يَوْم بِعَيْنِه يَصح بنية من نَهَار والمنسوخ هُوَ الأول وَلَا يلْزم من نسخه نسخ الثَّانِي وَلَا دَلِيل على نسخه أَيْضا بَقِي فِيهِ بحث وَهُوَ أَن الحَدِيث يَقْتَضِي أَن وجوب الصَّوْم عَلَيْهِم مَا كَانَ مَعْلُوما من اللَّيْل وَإِنَّمَا علم من النَّهَار وَحِينَئِذٍ صَار اعْتِبَار النِّيَّة من النَّهَار فِي حَقهم ضَرُورِيًّا كَمَا إِذا شهد الشُّهُود بالهلال يَوْم الشَّك فَلَا يلْزم جَوَاز الصَّوْم بنية من النَّهَار بِلَا ضَرُورَة وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2322] وَقد أهْدى إِلَى حيس هُوَ شَيْء يتَّخذ من تمر وَسمن وَغَيرهمَا فخبأت لَهُ مِنْهُ أَي أفردت لَهُ مِنْهُ حِصَّة وَتركته مَسْتُورا عَن أعين الأغيار أدنيه أَمر من الادناء أَي قربيه وَهَذَا يدل على جَوَاز الْفطر للصَّائِم تَطَوّعا بِلَا عذر وَعَلِيهِ كثير من محققي عُلَمَائِنَا لكِنهمْ أوجبوا الْقَضَاء كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث صوما يَوْمًا مَكَانَهُ وَهَذَا الحَدِيث وان كَانَ ظَاهره عدم الْقَضَاء لكنه لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ وَكَذَا حَدِيث أم هَانِئ لَا يدل على عدم الْقَضَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 [2312] فَهَذَا القَوْل غير بعيد دَلِيلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثمَّ دَار على الثَّانِيَة ظَاهره أَنه فِي ذَلِك الْيَوْم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 وَالرِّوَايَة السَّابِقَة صَرِيحَة فِي خلاف ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تطعمينيه من الاطعام قَوْله [2330] وَقد فرضت الصَّوْم أَي نَوَيْت وَقد يُؤْخَذ مِنْهُ أَنه يلْزم بِالنِّيَّةِ مَعَ الشُّرُوع هُوَ أَو بدله وَهُوَ الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 [2331] من لم يبيت من بَيت بِالتَّشْدِيدِ إِذا نوى لَيْلًا أَي من لم ينْو لَيْلًا وَقد رجح التِّرْمِذِيّ وَقفه وعَلى تَقْدِير الرّفْع فالاطلاق غير مُرَاد فَحَمله كثير على صِيَام الْفَرْض لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر وَبَعْضهمْ على غير الْمُتَعَيّن شرعا كالقضاء وَالْكَفَّارَة وَالنّذر الْمعِين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2333] من لم يجمع من الْإِجْمَاع أَي من لم ينْو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 وَالْعَزِيمَةُ أَجْمَعْتَ الرَّأْيَ وَأَزْمعْتَهُ وَعَزَمْتَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 قَوْله [2345] أَيَّام الْبيض أَي أَيَّام اللَّيَالِي الْبيض الَّتِي يكون الْقَمَر فِيهَا من الْمغرب إِلَى الصُّبْح قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 [2350] بل كَانَ يصله برمضان أَي بل كَانَ يَصُومهُ كُله فيصله برمضان وَالْمرَاد الْغَالِب كَمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 [2354] أَكثر صياما مِنْهُ لشعبان صياما مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَلَا وَجه لجره كَمَا قيل قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 [2356] كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله أَي أَكْثَره وَقيل أَحْيَانًا يَصُوم كُله وَأَحْيَانا أَكْثَره وَقيل معنى كُله أَنه لَا يخص أَوله بِالصَّوْمِ أَو وَسطه أَو آخِره بل يعم أَطْرَافه بِالصَّوْمِ وان كَانَ بِلَا اتِّصَال الصّيام بعضه بِبَعْض قَوْله [2357] وَهُوَ شهر ترفع الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى رب الْعَالمين قيل مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ قُلْتُ يحْتَمل أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ فَتُعْرَضُ عَرْضًا بَعْدَ عَرْضٍ وَلِكُلِّ عَرْضٍ حِكْمَةٌ يُطْلِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَسْتَأْثِرُ بِهَا عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 تُعْرَضُ فِي الْيَوْمِ تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جملَة أَو بِالْعَكْسِ قَوْله [2360] كَانَ يتحَرَّى صِيَام الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس أَي يقصدهما ويراهما أَحْرَى وَأولى قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 [2368] وقلما يفْطر يَوْم الْجُمُعَة أَي يَصُومهُ مَعَ يَوْم الْخَمِيس لَا أَنه يَصُومهُ وَحده فَلَا يُنَافِي مَا جَاءَ من النَّهْي عَنهُ لكَونه مَحْمُولا على صَوْم الْجُمُعَة وَحدهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2370] يتحَرَّى فَضله أَي يرَاهُ ويعتقده وَقَوله يَعْنِي شهر رَمَضَان الخ يدل على أَن قَوْله الا هَذَا الْيَوْم فِيهِ اخْتِصَار أَي وَهَذَا الشَّهْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2371] أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ أَي حَتَّى يصدقوني فِيمَا أَقُول وَهَذَا يدل على أَنه بلغه من بعض خلاف مَا يَقُول وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 [2373] من صَامَ الْأَبَد فَلَا صَامَ قيل هَذَا إِذا صَامَ أَيَّام الْكَرَاهَة أَيْضا والا فَلَا منع قَوْله [2374] فَلَا صَامَ وَلَا أفطر أَي مَا صَامَ لقلَّة أجره وَمَا أفطر لتحمله مشقة الْجُوع والعطش وَقيل دُعَاء عَلَيْهِ زجرا لَهُ عَن ذَلِك وَقيل بل لَا يبْقى لَهُ حَظّ من الصَّوْم لكَونه يصير عَادَة لَهُ وَلَا هُوَ مفطر حَقِيقَة فلاحظ لَهُ من الْإِفْطَار وَقيل النَّهْي إِنَّمَا هُوَ إِذا صَامَ أَيَّام الْكَرَاهَة وَلَا نهى بِدُونِ ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 قَوْله [2383] سُئِلَ عَن صَوْمه فَغَضب يحْتَمل أَنه مَا أَرَادَ إِظْهَار مَا خَفِي من عِبَادَته بِنَفسِهِ فكره لذَلِك سُؤَاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 أَو أَنه خَافَ على السَّائِل فِي أَن يتَكَلَّف فِي الِاقْتِدَاء بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ الْإِخْلَاص فِي النِّيَّة أَو أَنه يعجز بعد ذَلِك قَوْله قيل للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رجل يَصُوم الدَّهْر أَي ذكر لَهُ رجل يَصُوم الدَّهْر فعلى هَذَا رجل نَائِب الْفَاعِل وَمَا بعده صفته وَيحْتَمل أَن قيل بِمَعْنَاهُ وَرجل مُبْتَدأ وَمَا بعده صفته وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي مَا حكمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 [2385] وددت أَنه لم يطعم الدَّهْر أَي وددت أَنه مَا أكل لَيْلًا وَلَا نَهَارا حَتَّى مَاتَ جوعا وَالْمَقْصُود بَيَان كَرَاهَة عمله وَأَنه مَذْمُوم الْعَمَل حَتَّى يتَمَنَّى لَهُ الْمَوْت بِالْجُوعِ أَكثر أَي هُوَ أَكثر من الْحَد الَّذِي يَنْبَغِي وَأما قَوْله فِي النّصْف أَنه أَكثر فَهُوَ بِنَاء على النّظر إِلَى أَحْوَال غَالب النَّاس فَإِنَّهُ بِالنّظرِ إِلَى غالبهم يضعف ويخل فِي إِقَامَة الْفَرَائِض وَغَيره والا فَهُوَ صَوْم دَاوُد وَقد جَاءَ أَنه أحب الصّيام بِمَا يذهب وحر الصَّدْر بِفتْحَتَيْنِ قبل غشه ووساوسه وَقيل حقده وَقيل مَا يحصل فِي الْقلب من الكدورات وَالْقَسْوَة وَيَنْبَغِي ان يُرَاد هَا هُنَا الْحَاصِلَة بالإعتياد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 على الْأكل وَالشرب فَإِن شرع الصَّوْم لتصقيل الْقلب فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الْقدر يَكْفِي فِي ذَلِك وَيحْتَمل أَن يُقَال طَالب الْعِبَادَة لَا يطمئن قلبه بِلَا عبَادَة فَأَشَارَ إِلَى أَن الْقدر الْكَافِي فِي الاطمئنان هَذَا الْقدر وَالْبَاقِي زَائِد عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2387] أَو يُطيق ذَلِك أحد كَأَنَّهُ كرهه لِأَنَّهُ مِمَّا يعجز عَنهُ فِي الْغَالِب فَلَا يرغب فِيهِ فِي دين سهل سمح ذَلِك صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَي وَصَوْم دَاوُد أفضل الصّيام وَكَأَنَّهُ تَركه لتقريره ذَلِك مرَارًا أُطِيق ذَلِك أَي أقدر عَلَيْهِ مَعَ أَدَاء حُقُوق النِّسَاء فمرجع هَذَا إِلَى خوف فَوَات حُقُوق النِّسَاء فَإِن ادامة الصَّوْم يخل بحظوظهن مِنْهُ والا فَكَانَ يُطيق أَكثر مِنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يواصل قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 [2389] وَلم يفتش لنا كنفا بتفحتين قيل هُوَ بِمَعْنى الْجَانِب وَالْمرَاد أَنه لم يقربهَا قَالَ صم يَوْمَيْنِ وَأفْطر يَوْمًا إِلَى قَوْله صم أفضل الصّيام صِيَام دَاوُد الظَّاهِر أَن هَذِه الرِّوَايَة لَا تَخْلُو عَن تَحْرِيف من الروَاة فَإِن عبد الله كَانَ يستزيد وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يزِيد لَهُ وَهَذَا التَّرْتِيب لَا يُنَاسب ذَلِك كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَوَقع لي أَي شدد على فِي القَوْل قَوْله هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ أَيْ غَارَتْ وَدَخَلَتْ فِي موضعهَا ونفهت بِكَسْر الْفَاء أَي تعبت وكلت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 [2399] وَلَا يفر إِذا لَاقَى كَأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الصَّوْم لَا يضعف جدا بل قد يبْقى مَعَه الْقُوَّة إِلَى هَذَا الْحَد وان كَانَ كثير مِنْهُم يضعفون وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2400] حَتَّى قَالَ فِي خَمْسَة أَيَّام أَي اقْرَأ الْقُرْآن فِي خَمْسَة أَيَّام قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 [2402] فألقيت لَهُ وسَادَة أَدَم هِيَ بِكَسْر الْوَاو المخدة وأدم بتفحتين الْجلد ربعَة بِفَتْح فَسُكُون أَو بِفتْحَتَيْنِ أَي متوسطة لَا كَبِيرَة وَلَا قَصِيرَة حشوها الحشو مَا يحشى بهَا الْفرش وَغَيرهَا لِيف لِيف النّخل بِالْكَسْرِ مَعْرُوف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 قلت يَا رَسُول الله أَي زد لي لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ شَطْرُ الدَّهْرِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر بِالرَّفْع على الْقطع أَي على تَقْدِير الْمُبْتَدَأ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ صَوْمِ دَاوُدَ قَالَ وَيَجُوزُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 فِي قَوْله صِيَام يَوْم الحركات الثَّلَاث ثمَّ ظَاهر الحَدِيث أَن صَوْم دَاوُد أفضل الصّيام مُطلقًا أَي سَوَاء بِكَرَاهَة صَوْم الدَّهْر أم لَا ثمَّ الْأَحَادِيث تفِيد كَرَاهَة صَوْم الدَّهْر وَمَا جَاءَ من تَقْرِيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمن قَالَ اني رجل أسرد الصَّوْم لَا يدل على خلاف اذلا يلْزم من السرد كَونه يَصُوم الدَّهْر بِتَمَامِهِ فَلْيتَأَمَّل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 قَوْله [2408] شَهْرُ الصَّبْرِ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ فَسُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ حبس النَّفس عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَالْجِمَاع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 [2409] فقد صَامَ الدَّهْر ثمَّ قَالَ صدق الخ هَذَا مَبْنِيّ على ان رَمَضَان لَا يحْسب صَوْمه بِعشْرَة وانما يحْسب غَيره وَمَا جَاءَ من أتبع رَمَضَان سِتا من شَوَّال فقد صَامَ الدَّهْر أَو نَحْو ذَلِك مَبْنِيّ على أَن صَوْم رَمَضَان أَيْضا يحْسب بِعشْرَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 [2414] قَوْله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 [2419] يَأْمر بصيام ثَلَاثَة أَيَّام أول خَمِيس واثنين واثنين هَذَا يدل على أَنه كَانَ يَأْمر بتكرار الْإِثْنَيْنِ وَقد سبق من فعله أَنه كَانَ يُكَرر الْخَمِيس فَدلَّ الْمَجْمُوع على أَن الْمَطْلُوب إِيقَاع صِيَام الثَّلَاثَة فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ اما بتكرار الْخَمِيس أَو بتكرار الْإِثْنَيْنِ والوجهان جائزان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2420] وَأَيَّام الْبيض أَي أَيَّام اللَّيَالِي الْبيض بِوُجُود الْقَمَر طول اللَّيْل وَفِي الحَدِيث اخْتِصَار مثل وَخَيرهَا صِيَام أَيَّام الْبيض وَأَيَّام الْبيض كَذَا وَكَذَا وَذكر بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي صَوْمِهَا أَنَّهُ لَمَّا عَمَّ النُّورُ لَيَالِيَهَا نَاسَبَ أَنْ تَعُمَّ الْعِبَادَةُ نَهَارَهَا وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكُسُوفَ يَكُونُ فِيهَا غَالِبًا وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ أُمِرْنَا بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 بأعمال الْبر عِنْد الْكُسُوف قَوْله [2421] فَصم الغر أَي الْبيض اللَّيَالِي بالقمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 قَوْله [2427] وَجدتهَا تدمى كترضى أَي تحيض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 (كتاب الزَّكَاة) قَوْله [2435] لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ بَعَثَهُ إِلَيْهَا فِي ربيع الأول قبل حجَّة الْوَدَاع وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ وَقِيلَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَعَثَهُ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا فَجَزَمَ الغساني بِالْأولِ وبن عَبْدِ الْبَرِّ بِالثَّانِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قَدِمَ فِي عَهْدِ عمر فَتوجه إِلَى الشَّام فَمَاتَ بهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2 قوما أهل كتاب أَي الْيَهُود فقد كَثُرُوا يَوْمئِذٍ فِي أقطار الْيمن فادعهم إِلَى أَن يشْهدُوا الخ أَي فادعهم بالتدريج إِلَى ديننَا شَيْئا فَشَيْئًا وَلَا تَدعهُمْ إِلَى كُله دفْعَة لِئَلَّا يمنعهُم من دُخُولهمْ فِيهِ مَا يَجدونَ فِيهِ من كَثْرَة مُخَالفَته لدينهم فَإِن مثله قد يمْنَع من الدُّخُول وَيُورث التنفير لمن أَخذ قبل على دين آخر بِخِلَاف من لم يَأْخُذ على آخر فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَن الْكَافِر غير مُكَلّف بالفروع كَيفَ وَلَو كَانَ ذَاك مَطْلُوبا للَزِمَ أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 التَّكْلِيف بِالزَّكَاةِ بعد الصَّلَاة وَهَذَا بَاطِل بالِاتِّفَاقِ وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ مسوقا لتفاصيل الشَّرَائِع بل لكيفية الدعْوَة إِلَى الشَّرَائِع إِجْمَالا وَأما تفاصيلها فَذَاك أَمر مفوض إِلَى معرفَة معَاذ فَترك ذكر الصَّوْم وَالْحج لَا يضر كَمَا لَا يضر ترك تفاصيل الصَّلَاة وَالزَّكَاة تُؤْخَذ من أغنيائهم وَترد على فقرائهم الظَّاهِر أَن المُرَاد من اغنياء أهل تِلْكَ الْبَلدة وفقرائهم فَالْحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول بِمَنْع نقل الزَّكَاة من بَلْدَة إِلَى بَلْدَة وَيحْتَمل أَن المُرَاد من أَغْنِيَاء الْمُسلمين وفقرائهم حَيْثُمَا كَانُوا فَيُؤْخَذ من الحَدِيث جَوَاز النَّقْل فَاتق دَعْوَة الْمَظْلُوم أَي فَلَا تظلمهم فِي الْأَخْذ خوفًا من دُعَائِهِمْ عَلَيْك وَفِيه أَن الظُّلم يَنْبَغِي تَركه للْكُلّ وان كَانَ لَا يُبَالِي بِالْمَعَاصِي لخوفه مِنْهُ وَأَنه مُنْفَرد عَن سَائِر الْمعاصِي بِمَا فِيهِ من خوف دَعْوَة الْمَظْلُوم وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فَإِنَّهَا لَيست بَيْنهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ أَيْ لَيْسَ لَهَا صَارِفٌ يَصْرِفُهَا وَلَا مَانِعٌ يَمْنَعُهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ مَا طَلَبَ واما أَن يُؤَخر لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلُهُ وَهَذَا كَمَا قُيِّدَ مُطْلَقُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ ذكره السُّيُوطِيّ قَوْله [2436] من عددهن لأصابع يَدَيْهِ يُرِيد أَن ضمير عددهن لأصابع يَدَيْهِ أَن لَا آتِيك يُرِيد انه كَانَ كَارِهًا لَهُ ولدينه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا إِن الله تَعَالَى من عَلَيْهِ واني كنت أمرا الخ الظَّاهِر ان كَانَ زَائِدَة وَالْمرَاد أَنِّي فِي الْحَال لَا أَعقل شَيْئا الخ وَلَيْسَ المُرَاد أَنه كَانَ فِي سالف الزَّمَان كَذَلِك ومقصوده أَنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 ضَعِيف الرَّأْي عقيم النّظر فَيَنْبَغِي للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يجْتَهد فِي تَعْلِيمه وافهامه بِمَا بَعثك مَا استفهامية وَالْجُمْلَة بَيَان السُّؤَال أسلمت وَجْهي إِلَى الله أَي جعلت ذاتي منقادة لحكمه وسلمت جَمِيع مَا يرد على مِنْهُ تَعَالَى فَالْمُرَاد بِالْوَجْهِ تَمام النَّفس وتخليت التخلي التفرغ أَرَادَ التبعد من الشّرك وَعقد الْقلب على الْإِيمَان أَي تركت جَمِيع مَا يعبد من دون الله وصرت عَن الْميل إِلَيْهِ فَارغًا وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ بعد أَن نطق بِالشَّهَادَتَيْنِ لزِيَادَة رسوخ الْإِيمَان فِي الْقلب وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا إنْشَاء الْإِسْلَام لِأَنَّهُ فِي معنى الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَة بالرسالة قد سبقت مِنْهُ بقوله الا مَا عَلمنِي الله وَرَسُوله أَو أَن هَذَا الْكَلَام يتَضَمَّن الشَّهَادَة بالرسالة لما فِي أسلمت وَجْهي من الدّلَالَة على قبُوله جَمِيع أَحْكَامه تَعَالَى وَمن جملَة تِلْكَ الْأَحْكَام أَن يشْهد الْإِنْسَان لرَسُوله بالرسالة فَفِيهِ أَن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ هُوَ إِظْهَار التَّوْحِيد وَالشَّهَادَة بالرسالة بِأَيّ عبارَة كَانَت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2437] اسباغ الْوضُوء شطر الْإِيمَان فِي رِوَايَة مُسلم الطّهُور شطر الْإِيمَان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 وَذكروا فِي تَوْجِيهه وُجُوهًا لَا تناسب رِوَايَة الْكتاب مِنْهَا أَن الْإِيمَانَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ وَالْوُضُوءَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الظَّاهِر وَهَذَا ان تمّ يُفِيد أَن الْوضُوء شطر الْإِيمَان كَرِوَايَة مُسلم لَا أَن اسباغه شطر الْإِيمَان كَمَا فِي رِوَايَة الْكتاب مَعَ أَنه لَا يتم لِأَنَّهُ يقتضى أَن يَجْعَل الْوضُوء مثل الْإِيمَان وعديله لَا نصفه أَو شطره وَكَذَا غَالب مَا ذكرُوا وَالْأَظْهَر الْأَنْسَب لما فِي الْكتاب أَن يُقَال أَرَادَ بِالْإِيمَان الصَّلَاة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ الله لِيُضيع ايمانكم الْكَلَام على تَقْدِير مُضَاف أَي إِكْمَال الْوضُوء شطرا كَمَال الصَّلَاة وتوضيحه أَن إِكْمَال الصَّلَاة باكمال شرائطها الْخَارِجَة عَنْهَا واركانها الدَّاخِلَة فِيهَا وَأعظم الشَّرَائِط الْوضُوء فَجعل إكماله نصف إِكْمَال الصَّلَاة وَيحْتَمل أَن المُرَاد التَّرْغِيب فِي إِكْمَال الْوضُوء وتعظيم ثَوَابه حَتَّى كَأَنَّهُ بلغ إِلَى نصف ثَوَاب الْإِيمَان وَالله تَعَالَى أعلم وَالْحَمْد لله تملأ بِالتَّاءِ الفوقانية بِاعْتِبَار الْكَلِمَة وَظَاهره أَن الْأَعْمَال تتجسد عِنْد الْوَزْن وَالتَّسْبِيح وَالتَّكْبِير يمْلَأ بالافراد أَي كل مِنْهُمَا أَو مجموعهما وَفِي بعض النّسخ يملآن بالتثنية وَالظَّاهِر أَن هَذَا يكون عِنْد الْوَزْن كَمَا فِي عديله وَلَعَلَّ الْأَعْمَال تصير أجساما لَطِيفَة نورانية لَا تتزاحم بَعْضهَا وَلَا تزاحم غَيرهَا كَمَا هُوَ الْمشَاهد فِي الْأَنْوَار إِذْ يُمكن أَن يسرج ألف سراج فِي بَيت وَاحِد مَعَ أَنه يمتلئ نورا من وَاحِد من تِلْكَ السرج لَكِن كَونه لَا يزاحم يجْتَمع مَعَه نور الثَّانِي وَالثَّالِث ثمَّ لَا يمْتَنع امتلاء الْبَيْت من النُّور جُلُوس القاعدين فِيهِ لعدم الْمُزَاحمَة فَلَا يرد أَنه كَيفَ يتَصَوَّر ذَلِك مَعَ كَثْرَة التسبيحات والتقديسات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 مَعَ أَنه يلْزم من وجود وَاحِد أَن لَا يبْقى مَكَان لشخص من أهل الْمَحْشَر وَلَا لعلم آخر متجسد مثل تجسد التَّسْبِيح وَغَيره وَالله تَعَالَى أعلم وَالصَّلَاة نور لَعَلَّ لَهَا تَأْثِيرا فِي تنوير الْقُلُوب وانشراح الصُّدُور برهَان دَلِيل على صدق صَاحبهَا فِي دَعْوَى الْإِيمَان إِذْ الاقدام على بذل المَال خَالِصا لله لَا يكون الا من صَادِق فِي ايمانه وَالصَّبْر ضِيَاء أَي نور قوي فقد قَالَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَلَعَلَّ المُرَاد بِالصبرِ الصَّوْم وَهُوَ لكَونه قهرا على النَّفس قامعا لشهوتها لَهُ تَأْثِير عَادَة فِي تنوير الْقلب بأتم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 وَجه حجَّة لَك ان عملت بِهِ أَو عَلَيْك ان قرأته بِلَا عمل بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2438] ثمَّ أكب أَي سقط على مَاذَا حلف أَي على التعين ان لم يبين نعم ظهر من قَرَائِن الْأَحْوَال أَنه من الْأُمُور الشَّدِيدَة الهائلة مَا من عبد وَفِيه أَن مرتكب الصَّغَائِر إِذا أَتَى بالفرائض لَا يعذب إِذْ لَا يُنَاسب أَن يُقَال يُمكن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 أَن يكون هَذَا بعد خُرُوجه من الْعَذَاب إِذْ يَأْبَى عَنهُ ادخل بِسَلام وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى ان تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ الْآيَة وَأَن الْكَبَائِر المخلة لدُخُول الْجنَّة ابْتِدَاء هِيَ الموبقات السَّبع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2439] هَل على من يدعى من تِلْكَ الْأَبْوَاب الِاسْتِفْهَام هَا هُنَا بِمَعْنى النَّفْي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى هَل جَزَاء الْإِحْسَان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 الا الْإِحْسَان وَأما قَوْله فَهَل يدعى فَهُوَ اسْتِفْهَام تَحْقِيق قَوْله الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا من قَالَ الخ اسْتثِْنَاء من هَذَا الحكم وَفِيه أَنه يَصح رَجَعَ الضَّمِير إِلَى الْحَاضِر فِي الذِّهْن ثمَّ تَفْسِيره للمخاطب إِذا سَأَلَ عَنهُ وَمعنى الا من قَالَ هَكَذَا أَي الا من تصدق من الْأَكْثَرين فِي جَمِيع الجوانب وَهُوَ كِنَايَة عَن كَثْرَة التَّصَدُّق فَذَاك لَيْسَ من الأخسرين وَقَوله قَالَ اما بِمَعْنى تصدق وَقَوله هَكَذَا إِشَارَة إِلَى حثية فِي الجوانب الثَّلَاث أَي تصدق فِي جَمِيع جِهَات الْخَيْر تصدقا كالحثى فِي الْجِهَات الثَّلَاث أَو بِمَعْنى فعل أَي الا من فعل بِمَالِه فعلا مثل الحثى فِي الْجِهَات الثَّلَاث وَهُوَ كِنَايَة عَن التَّصَدُّق الْعَام فِي جِهَات الْخَيْر وحثيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بَيَان للمشار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 إِلَيْهِ بهكذا وَالْعرب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال [2440] تطؤه بأخفافها رَاجع للابل لِأَن الْخُف مَخْصُوص بهَا كَمَا أَن الظلْف وَهُوَ المنشق من القوائم مُخْتَصّ بالبقر وَالْغنم والظباء والحافر مُخْتَصّ بالفرس والبغل وَالْحمار والقدم للآدمي ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ وتنطحه بقرونها رَاجع للبقر وتنطحه الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة كسر الطَّاء وَيجوز الْفَتْح نفدت بِكَسْر الْفَاء واهمال الدَّال أَو بِفَتْحِهَا واعجام الذَّال قَوْله [2441] الا جعل أَي مَاله وَالظَّاهِر جَمِيع المَال لَا قدر الزَّكَاة فَقَط شُجَاع بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الْحَيَّة الذّكر وَقيل الْحَيَّة مُطلقًا أَقرع لَا شعر على رَأسه لِكَثْرَة سمه وَقيل هُوَ الْأَبْيَض الرَّأْس من كَثْرَة السم وَهُوَ يفر مِنْهُ كَانَ هَذَا فِي أول الْأَمر قبل أَن يصير طوقا لَهُ مَا بخلوا بِهِ ظَاهره أَنه يَجْعَل قدر الزَّكَاة طوقا لَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي بخل بِهِ وَظَاهر الحَدِيث أَنه الْكل وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد فِي الْقُرْآن مَا بخلوا بِزَكَاتِهِ وَهُوَ كل المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال ثمَّ لَا تنَافِي بَين هَذَا وَبَين قَوْله تَعَالَى وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة الْآيَة إِذْ يُمكن أَن يَجْعَل بعض أَنْوَاع المَال طوقا وَبَعضهَا يحمى عَلَيْهِ فِي نَار جَهَنَّم أَو يعذب حينا بِهَذِهِ الصّفة وحينا بِتِلْكَ الصّفة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 [2442] لَا يُعْطِي حَقَّهَا أَيْ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا وَالْجُمْلَة صفة ابل فِي نجدتها ورسلها قيل النجدة الشدَّة أَو السّمن وَالرسل بِالْكَسْرِ الهينة وَالثَّانِي أَي يُعْطِي وَهِيَ سِمَانٌ حِسَانٌ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا فَتِلْكَ نَجْدَتُهَا وَيُعْطِي فِي رِسْلِهَا وَهِيَ مَهَازِيلُ وَفِي النِّهَايَة وَالْأَحْسَن وَالله تَعَالَى أعلم أَن الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ الشِّدَّةَ وَالْجَدْبَ وَبِالرِّسْلِ الرَّخَاءَ وَالْخِصْبَ لِأَنَّ الرِّسْلَ اللَّبَنُ وَإِنَّمَا يَكْثُرُ فِي حَالِ الرخَاء وَالْخصب وَالْمعْنَى أَنه يخرج حق الله حَال الضّيق والجدب وَحَال السعَة وَالْخصب وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق للتفسير الَّذِي فِي الحَدِيث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 وَهُوَ ظَاهر كأغذ مَا كَانَت بغين مُعْجمَة وذال مُعْجمَة مُشَدّدَة أَي أسْرع وَأنْشط وأسره بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء أَي كأسمن مَا كَانَت من السِّرّ وَهُوَ اللب وَقيل مِنَ السُّرُورِ لِأَنَّهَا إِذَا سَمِنَتْ سَرَّتِ النَّاظِرَ إِلَيْهَا وَرُوِيَ وَآشَرِهِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَتَخْفِيفِ رَاء أَي أبطره وأنشطه يبطح على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يلقى على وَجهه بقاع القاع الْمَكَان الْوَاسِع قرقر بِفَتْح القافين الْمَكَان المستوي كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة أَي على هَذَا المعذب والا فقد جَاءَ أَنه يُخَفف عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 عَلَيْهِ من صَلَاة مَكْتُوبَة فَيرى سَبيله اما إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار كَمَا فِي مُسلم عَقْصَاءُ هِيَ الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنَيْنِ وَلَا عَضْبَاءُ هِيَ الْمَكْسُورَة الْقرن قَوْله [2443] لما توفّي على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا اسْتخْلف أَي جعل خَليفَة وَكفر أَي منع الزَّكَاة وعامل مُعَاملَة من كفر أَو ارْتَدَّ لإنكاره افتراض الزَّكَاة قيل انهم حملُوا قَوْله تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة على الْخُصُوص بِقَرِينَة ان صَلَاتك سكن لَهُم فَرَأَوْا أَن لَيْسَ لغيره أَخذ زَكَاة فَلَا زَكَاة بعده كَيفَ تقَاتل النَّاس أَي من يمْنَع من الزَّكَاة من الْمُسلمين حَتَّى يَقُولُوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 اما أَن يحمل على أَنه كَانَ قبل شرع الْجِزْيَة أَو على أَن الْكَلَام فِي الْعَرَب وهم لَا يقبل مِنْهُم الْجِزْيَة والا فالقتال فِي أهل الْكتاب يرْتَفع بالجزية أَيْضا وَالْمرَاد بِهَذَا القَوْل إِظْهَار الْإِسْلَام فَشَمَلَ الشَّهَادَة لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالرسالة وَالِاعْتِرَاف بِكُل مَا علم مَجِيئه بِهِ من فرق بِالتَّشْدِيدِ أَو التَّخْفِيف أَي من قَالَ بِوُجُوب الصَّلَاة دون الزَّكَاة أَو يفعل الصَّلَاة وَيتْرك الزَّكَاة فَإِن الزَّكَاة حق المَال أَشَارَ بِهِ إِلَى دُخُولهَا فِي قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا بِحقِّهِ وَلذَلِك رَجَعَ عمر إِلَى أبي بكر وَعلم أَن فعله مُوَافق للْحَدِيث وَأَنه قد وفْق بِهِ من الله تَعَالَى عقَالًا هُوَ بِكَسْر الْعين الْحَبل الَّذِي يعقل بِهِ الْبَعِير وَلَيْسَ من الصَّدَقَة فَلَا يحل لَهُ الْقِتَال فَقيل أَرَادَ الْمُبَالغَة بِأَنَّهُم لَو منعُوا من الصَّدَقَة مَا يُسَاوِي هَذَا الْقدر لحل قِتَالهمْ فَكيف إِذا منعُوا الزَّكَاة كلهَا وَقيل قد يُطلق العقال على صَدَقَة عَام وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا مَا هُوَ أَي سَبَب رجوعي إِلَى رأى أبي بكر الا أَن رَأَيْت الخ أَي لما ذكر أَبُو بكر من قَوْله فَإِن الزَّكَاة حق المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله [2444] فِي كل أَرْبَعِينَ لَعَلَّ هَذَا إِذا زَاد الْإِبِل على مائَة وَعشْرين فيوافق الْأَحَادِيث الْأُخَر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 لَا يفرق ابل عَن حِسَابهَا أَي تحاسب الْكل فِي الْأَرْبَعين وَلَا يتْرك هزال وَلَا سمين وَلَا صَغِير وَلَا كَبِير نعم الْعَامِل لَا يَأْخُذ الا الْوسط مُؤْتَجِرًا بِالْهَمْزَةِ أَي طَالبا لِلْأجرِ وَقَوله وَشطر ابله الْمَشْهُور رِوَايَة سُكُون الطَّاء من شطر على أَنه بِمَعْنى النّصْف وَهُوَ بِالنّصب عطف على ضمير آخِذُوهَا لِأَنَّهُ مفعول وَسقط نون الْجمع للاتصال أَو هُوَ مُضَاف إِلَيْهِ الا أَنه عطف على مَحَله وَيجوز جَرّه أَيْضا وَالْجُمْهُور على أَنه حِين كَانَ التَّغْرِير بالأموال جَائِزا فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ فَلَا يجوز الْآن أَخذ الزَّائِد على قدر الزَّكَاة وَقيل مَعْنَاهُ أَنه يُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وان أدّى ذَلِك إِلَى نصف المَال كَأَن كَانَ لَهُ ألف شَاة فاستهلكها بعد أَن وَجَبت عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاة إِلَى أَن بَقِي لَهُ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الْألف وان كَانَ ذَلِك نصفا للقدر الْبَاقِي ورد بِأَن اللَّائِق بِهَذَا الْمَعْنى أَن يُقَال انا آخذوا شطر مَاله لَا آخِذُوهَا وَشطر مَاله بالْعَطْف كَمَا فِي الحَدِيث وَقيل وَالصَّحِيح أَن يُقَال وَشطر مَاله بتَشْديد الطَّاء وَبِنَاء الْمَفْعُول أَي يَجْعَل الْمُصدق مَاله نِصْفَيْنِ وَيتَخَيَّر عَلَيْهِ فَيَأْخُذ الصَّدَقَة من خير النصفين عُقُوبَة وَأما أَخذ الزَّائِد فَلَا وَلَا يخفى أَنه قَول يَأْخُذ الزِّيَادَة وَصفا وتغليطا للرواة بِلَا فَائِدَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا أَيْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقه وواجب من واجباته قَوْله أوسق بِفَتْح الْألف وَضم السِّين جمع وسق بِفَتْح وَاو أَو كسرهَا وَسُكُون سين والوسق سِتُّونَ صَاعا وَالْمعْنَى إِذا خرج من الأَرْض أقل من ذَلِك فِي الْمكيل فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهِ وَبِه أَخذ الْجُمْهُور وَخَالفهُم أَبُو حنيفَة وَأخذ بِإِطْلَاق حَدِيث فِيمَا سقته السَّمَاء الْعشْر الحَدِيث [2446] خَمْسِ ذَوْدٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْملَة وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بِإِضَافَة خمس وروى بتنوينه على أَن ذود بدل مِنْهُ والذود مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ لَا وَاحِدَ لَهُ من لَفظه وَإِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِد بعير وَقيل بل نَاقَة فَإِن الذود فِي الاناث دون الذُّكُور لَكِن حملوه فِي الحَدِيث على مَا يعم الذّكر وَالْأُنْثَى فَمن ملك خمْسا من الْإِبِل ذُكُورا يجب عَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَة فَالْمَعْنى إِذا كَانَ الْإِبِل أقل من خمس فَلَا صَدَقَة فِيهَا خمس أَوَاقٍ كجوار جمع أُوقِيَّة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء وَيُقَال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 لَهَا الوقية بِحَذْف الْألف وَفتح الْوَاو وَهِي أَرْبَعُونَ درهما وَخَمْسَة أَوَاقٍ مِائَتَا دِرْهَم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان هَذِه فَرَائض الصَّدَقَة أَي هَذِه الصَّدقَات الْمَذْكُورَة فِيمَا سَيَجِيءُ هِيَ المفروضات من جنس الصَّدَقَة فرض رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي أوجب أَو شرع أَو قدر لِأَن ايجابها بِالْكتاب الا أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 التَّحْدِيد وَالتَّقْدِير عَرفْنَاهُ بِبَيَان النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي أَمر الله بِلَا وَاو وَكَذَا فِي أبي دَاوُد فَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الَّتِي الْأُولَى وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بواو الْعَطف عَلَى وَجْهِهَا أَيْ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا الحَدِيث فَلَا يُعْط أَي الزَّائِد أَو فَلَا يُعْطه الصَّدَقَة أصلا لِأَنَّهُ انْعَزل بالجور بنت مَخَاض بِفَتْح الْمِيم والمعجمة المخففة الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحول وَدخلت فِي الثَّانِي وحملت أمهَا والمخاض الْحَامِل أَي دخل وَقت حملهَا وان لم تحمل فَابْن لبون ذكر بن اللَّبُون هُوَ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ حولان وَصَارَت أمه لبونا بِوَضْع الْحمل وتوصيفه بالذكورة مَعَ كَونه مَعْلُوما من الِاسْم اما للتَّأْكِيد وَزِيَادَة الْبَيَان أَو لتنبيه رب المَال والمصدق لطيب رب المَال نفسا بِالزِّيَادَةِ الْمَأْخُوذَة إِذا تَأمله فَيعلم أَنه سقط عَنهُ مَا كَانَ بإزائه من فضل الْأُنُوثَة فِي الْفَرِيضَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِ وليعلم الْمُصدق أَن سنّ الذُّكُورَة مَقْبُولَة من رب المَال فِي هَذَا النَّوْع وَهَذَا أَمر نَادِر وَزِيَادَة الْبَيَان فِي الْأَمر الْغَرِيب النَّادِر ليتَمَكَّن فِي النَّفس فضل تمكن مَقْبُول كَذَا ذكره الْخطابِيّ حَقه بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَشْديد الْقَاف هِيَ الَّتِي أَتَت عَلَيْهَا ثَلَاث سِنِين وَمعنى طروقه الْفَحْل هِيَ الَّتِي طرقها أَي نزا عَلَيْهَا والطروقة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 بِفَتْح الطَّاء فعولة بِمَعْنى مفعولة جَذَعَة بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا أَربع سِنِين فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون الخ أَي إِذا زَاد بِجعْل الْكل على عدد الأربعينات والخمسينات مثلا إِذا زَاد وَاحِد على الْعدَد الْمَذْكُور يعْتَبر الْكل ثَلَاث أربعينات وَوَاحِد وَالْوَاحد لَا شَيْء فِيهِ وَثَلَاث أربعينات فِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَة حقة لخمسين وبنتا لبون لأربعين وَهَكَذَا وَلَا يظْهر التَّغْيِير الا عِنْد زِيَادَة عشر فَإِذا تبَاين الخ أَي اخْتلف الْأَسْنَان فِي بَاب الْفَرِيضَة بِأَن يكون الْمَفْرُوض سنا وَالْمَوْجُود عِنْد صَاحب المَال سنا آخر فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة الضَّمِير للقصة وَالْمرَاد أَن الحقة تقبل مَوضِع الْجَذعَة مَعَ شَاتين أَو عشْرين درهما حمله بعض على أَن ذَاك تفَاوت قيمَة مَا بَين الْجَذعَة والحقة فِي تِلْكَ الْأَيَّام فَالْوَاجِب هُوَ تفَاوت الْقيمَة لَا تعْيين ذَلِك فاستدل بِهِ على جَوَاز أَدَاء الْقيم فِي الزَّكَاة وَالْجُمْهُور على تعْيين ذَلِك الْقدر بِرِضا صَاحب المَال والا فليطلب السن الْوَاجِب وَلم يجوزوا الْقيمَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 وَمعنى استيسرتا لَهُ أَي كَانَتَا موجودتين فِي مَاشِيَته مثلا ثَلَاث شِيَاه بِالْكَسْرِ جمع شَاة هرمة بِفَتْح فَكسر أَي كَبِيرَة السن الَّتِي سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ بِفَتْحِ وَقد تضم أَي ذَات عيب وَلَا تَيْس الْغنم أَي فَحل الْغنم الْمعد لضرابها اما لِأَنَّهُ ذكر وَالْمُعْتَبر فِي الزَّكَاة الاناث دون الذُّكُور لِأَن الاناث أَنْفَع للْفُقَرَاء واما لِأَنَّهُ مُضر بِصَاحِب المَال لِأَنَّهُ يعز عَلَيْهِ وعَلى الأول قَوْله الا أَن يَشَاء الْمُصدق بتَخْفِيف الصَّاد وَكسر الدَّال الْمُشَدّدَة وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور أَي الْعَامِل على الصَّدقَات والإستثناء مُتَعَلق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 بالأقسام الثَّلَاث فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى التَّفْوِيض إِلَى اجْتِهَاد الْعَامِل لكَونه كَالْوَكِيلِ للْفُقَرَاء فيفعل مَا يرى فِيهِ الْمصلحَة وَالْمعْنَى لَا تُؤْخَذ كَبِيرَة السن وَلَا المعيبة ولااليس الا أَن يرى الْعَامِل أَن ذَلِك أفضل للْمَسَاكِين فَيَأْخذهُ نظرا لَهُم وعَلى الثَّانِي اما بتَخْفِيف الصَّاد وَفتح الدَّال الْمُشَدّدَة أَو بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال مَعًا وَكسر الدَّال أَصله الْمُتَصَدّق فأدغمت التَّاء فِي الصَّاد وَالْمرَاد صَاحب المَال وَالِاسْتِثْنَاء مُتَعَلق بالاخير أَي لَا يُؤْخَذ فَحْلُ الْغَنَمِ إِلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إِضْرَارٌ بِهِ وَلَا يجمع بَين متفرق مَعْنَاهُ عِنْد الْجُمْهُور على النَّهْي أَي لَا يَنْبَغِي لمالكين يجب على مَال كل مِنْهُمَا صَدَقَة وَمَا لَهما متفرق بِأَن يكون لكل مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ شَاة فَتجب فِي مَال كل مِنْهُمَا شَاة وَاحِدَة أَن يجمعا عِنْد حُضُور الْمُصدق فِرَارًا عَن لُزُوم الشَّاة إِلَى نصفهَا إِذْ عِنْد الْجمع يُؤْخَذ من كل المَال شَاة وَاحِدَة وعَلى هَذَا قِيَاس وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع بِأَن يكون لكل مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة فَيكون عَلَيْهِمَا عِنْد الِاجْتِمَاع ثَلَاث شِيَاه أَن يفرقا مَا لَهما ليَكُون على كل وَاحِد شَاة وَاحِدَة فَقَط وَالْحَاصِل أَن الْخَلْط عِنْد الْجُمْهُور مُؤثر فِي زِيَادَة الصَّدَقَة ونقصانها لَكِن لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فِرَارًا عَن زِيَادَة الصَّدَقَة وَيُمكن تَوْجِيه النَّهْي إِلَى الْمُصدق أَي لَيْسَ لَهُ الْجمع والتفريق خشيَة نُقْصَان الصَّدَقَة أَي لَيْسَ لَهُ أَنه إِذا رأى نُقْصَانا فِي الصَّدَقَة على تَقْدِير الِاجْتِمَاع أَن يفرق أَو رأى نُقْصَانا على تَقْدِير التَّفَرُّق أَن يجمع وَقَوله خشيَة الصَّدَقَة مُتَعَلق بالفعلين على التَّنَازُع أَو بِفعل يعم الْفِعْلَيْنِ أَي لَا يفعل شَيْء من ذَلِك خشيَة الصَّدَقَة وَأما عِنْد أبي حنيفَة لَا أثر للخلطة فَمَعْنَى الحَدِيث عِنْده على ظَاهر النَّفْي على أَن النَّفْي رَاجع إِلَى الْقَيْد وَحَاصِله نفي الْخَلْط لنفي الْأَثر أَي لَا أثر للخلطة والتفريق فِي تقليل الزَّكَاة وتكثيرها أَي لَا يفعل شَيْء من ذَلِك خشيَة الصَّدَقَة إِذْ لَا أثر لَهُ فِي الصَّدَقَة وَالله تَعَالَى أعلم وَمَا كَانَ من خليطين الخ مَعْنَاهُ عِنْد الْجُمْهُور أَن مَا كَانَ متميزا لَاحَدَّ الخلطين من المَال فَأخذ السَّاعِي من ذَلِك المتميز يرجع إِلَى صَاحبه بِحِصَّتِهِ بِأَن كَانَ لكل عشرُون وَأخذ السَّاعِي من مَال أَحدهمَا يرجع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 بِقِيمَة نصف شَاة وان كَانَ لأَحَدهمَا عشرُون وَللْآخر أَرْبَعُونَ مثلا فَأخذ من صَاحب عشْرين يرجع إِلَى صَاحب أَرْبَعِينَ بالثلثين وان أَخذ مِنْهُ يرجع على صَاحب عشْرين بِالثُّلثِ وَعند أبي حنيفَة يحمل الخليط على الشَّرِيك إِذْ المَال إِذا تميز فَلَا يُؤْخَذ زَكَاة كل الا من مَاله وَأما إِذا كَانَ المَال بَينهمَا على الشّركَة بِلَا تميز وَأخذ من ذَلِك الْمُشْتَرك فَعنده يجب التراجع بِالسَّوِيَّةِ أَي يرجع كل مِنْهُمَا على صَاحبه بِقدر مَا يُسَاوِي مَاله مثلا لأَحَدهمَا أَرْبَعُونَ بقرة وَللْآخر ثَلَاثُونَ وَالْمَال مُشْتَرك غير متميز فَأخذ السَّاعِي عَن صَاحب أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَعَن صَاحب ثَلَاثِينَ تبيعا وَأعْطى كل مِنْهُمَا من المَال الْمُشْتَرك فَيرجع صَاحب أَرْبَعِينَ بأَرْبعَة أَسْبَاع التبيع على صَاحب ثَلَاثِينَ وَصَاحب ثَلَاثِينَ بِثَلَاثَة أَسْبَاع المسنة على صَاحب أَرْبَعِينَ وَاحِدَة بِالنّصب على نزع الْخَافِض أَي بِوَاحِدَة أَو هِيَ صفة وَالتَّقْدِير بِشَاة وَاحِدَة الا أَن يَشَاء رَبهَا أَي فَيعْطى شَيْئا تَطَوّعا وَفِي الرقة بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْقَاف الْفضة الْخَالِصَة مَضْرُوبَة كَانَت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 أَولا قَوْله [2448] إِذا هِيَ أَي الْإِبِل لم يُعْط على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل وَمن حَقّهَا أَن تحلب بحاء مُهْملَة وَالظَّاهِر أَن المُرَاد وَالله تَعَالَى أعلم من حَقّهَا الْمَنْدُوب حلبها على المَاء لِمَنْ يَحْضُرُهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْحَلْبُ بِمَوْضِعِ الْمَاءِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَى الْمُحْتَاجِ مِنْ قَصْدِ الْمَنَازِلِ وَذَكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ بِالْجِيمِ وَفَسَّرَهُ بِالْإِحْضَارِ إِلَى الْمُصدق وَتعقبه بن دحْيَة وَجزم بِأَنَّهُ تَصْحِيف أَلا لَا يَأْتِين أَي لَيْسَ لاحدكم أَن يَأْخُذ الْبَعِير ظلما أَو خِيَانَة أَو غلولا فَيَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة رُغَاءٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَغَيْنٌ مُعْجَمَةٌ صَوْتُ الْإِبِلِ يُعَارٌ بِتَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ صَوْتُ الْمَعْزِ كنز أحدهم أَي مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة من المَال وَلم يؤد زَكَاته شجاعا بِضَم الشين وَهُوَ مَنْصُوب على الخبرية وكتابته بِلَا ألف كَمَا فِي بعض النّسخ مَبْنِيّ على عَادَة أهل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 الحَدِيث فِي كِتَابَة الْمَنْصُوب بِلَا ألف أَحْيَانًا حَتَّى يلقمه من ألقمه حجرا أَي أدخلهُ فِي فَمه قَوْله إِذا كَانَت رسلًا لأَهْلهَا رسلًا بِكَسْر الرَّاء بِمَعْنى اللين وَكَذَا مَا كَانَ من الْإِبِل وَالْغنم من عشر إِلَى خمس وَعشْرين وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بِهِ الْمَعْنى الأول أَي إِذا اتَّخَذُوهَا فِي الْبَيْت لاجل اللَّبن وَأخذ التَّرْجَمَة من مَفْهُوم فِي كل ابل سَائِمَة وَيحْتَمل على بعد أَنه أَرَادَ الثَّانِي أَي إِذا كَانَت دون أَرْبَعِينَ فَأخذ من قَوْله [2449] من كل أَرْبَعِينَ أَنه لَا زَكَاة فِيمَا دون أَرْبَعِينَ لَكِن هَذَا مُخَالف لسَائِر الْأَحَادِيث وَقد تقدم حمل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 الحَدِيث على مَا ينْدَفع بِهِ التَّنَافِي بَين الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2452] أَن يَأْخُذ أَي فِي الْجِزْيَة من كل حالم أَي بَالغ عدله بِفَتْح الْعين أَو كسرهَا مَا يُسَاوِي الشَّيْء قيمَة معافر بِفَتْح الْمِيم برود بِالْيمن تبيعا مَا دخل فِي الثَّانِيَة مُسِنَّة مَا دخل فِي الثَّالِثَة قَوْله عجل بِكَسْر الْعين ولد الْبَقر تَابع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 تبع أَي أمه وَلذَلِك يُسمى تبيعا جذع بِفتْحَتَيْنِ أَي ذكر أَو جَذَعَة أَي أُنْثَى قَوْله جماء هِيَ الَّتِي لَا قرن لَهَا وماذا حَقّهَا ظَاهره الْحق الْوَاجِب الَّذِي فِيهِ الْكَلَام لَكِن مَعْلُوم أَن ذَلِك الْحق الْوَاجِب هُوَ الزَّكَاة لَا الْمَذْكُور فِي الْجَواب فَيَنْبَغِي أَن يَجْعَل السُّؤَال عَن الْحق الْمَنْدُوب وَتركُوا السُّؤَال عَن الْوَاجِب الَّذِي كَانَ فِيهِ الْكَلَام لظُهُوره عِنْدهم اطراق فَحلهَا أَي اعارته للضراب واعارة دلوها لاخراج المَاء من الْبِئْر لمن يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا دلو مَعَه يقضمها بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 الْقَضْمُ بِقَافٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ الْفَحْل أَي الذّكر الْقوي بِأَسْنَانِهِ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 [2457] أَن لَا نَأْخُذ راضع لبن أَي صَغِيرا يرضع اللَّبن أَو المُرَاد ذَات لبن بِتَقْدِير الْمُضَاف أَي ذَات راضع لبن وَالنَّهْي على الثَّانِي لِأَنَّهَا من خِيَار المَال وعَلى الأول لَان حق الْفُقَرَاء فِي الاوساط وَفِي الصغار اخلال بحقهم وَقيل الْمَعْنى أَن مَا أعدت للدر لَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْء ثمَّ فِي نسخ الْكتاب راضع لبن بِدُونِ من وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من راضع لبن بِكَلِمَة من وَهِي زَائِدَة وَقد نقل السُّيُوطِيّ عبارَة الْكتاب بِمن فِي الْحَاشِيَة وَالله تَعَالَى أعلم كوماء أَي مشرفة السنام عالية قَوْله فآتاه بِالْمدِّ [2458] فَصِيلًا مَخْلُولًا أَيْ مَهْزُولًا وَهُوَ الَّذِي جُعِلَ فِي أَنْفِهِ خِلَالٌ لِئَلَّا يَرْضَعَ أُمَّهُ فَتَهْزِلَ اللَّهُمَّ لَا تبَارك فِيهِ أَي ان ثَبت صدقته تِلْكَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ اللَّهُمَّ صل الخ لقَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم ان صَلَاتك سكن لَهُم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 [2460] قَالَ أرضوا مصدقيكم علم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن عامليه لَا يظْلمُونَ وَلَكِن أَرْبَاب الْأَمْوَال لمحبتهم بالأموال يعدون الْأَخْذ ظلما فَقَالَ لَهُم مَا قَالَ فَلَيْسَ فِيهِ تَقْرِير للعاملين على الظُّلم وَلَا تَقْرِير للنَّاس على الصَّبْر عَلَيْهِ وعَلى إِعْطَاء الزِّيَادَة على مَا حَده الله تَعَالَى فِي الزَّكَاة قَوْله [2461] إِذا أَتَاكُم الْمُصدق بتَخْفِيف الصَّاد وَتَشْديد الدَّال الْمَكْسُورَة وَهُوَ الْعَامِل فليصدر أَي يرجع قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 [2462] عَن مُسلم بن ثفنة بمثلثة وَفَاء وَنون مفتوحات وَقيل كسر الْفَاء قَالُوا هُوَ خطأ من وَكِيع وَالصَّوَاب مُسلم بن شُعْبَة قَوْله اسْتعْمل بن عَلْقَمَة أبي بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم على عرافة قومه بِكَسْر الْعين أَي الْقيام بأمورهم ورياستهم أَن يُصدقهُمْ من التَّصْدِيق أَي يَأْخُذ مِنْهُم الصَّدقَات يُقَال لَهُ سعد بِفَتْح أَوله وَقيل بكسره اخْتلف فِي صحبته لنشبر من شبرت الثَّوْب أشبره كنصر فِي شعب بِكَسْر الشين وَاد بَين جبلين والشعاب بِكَسْر الشين جمعه فاعمد من عمد كضرب والمضارع لاحضار تِلْكَ الْهَيْئَة مُمْتَلِئَةً مَحْضًا وَشَحْمًا أَيْ سَمِينَةً كَثِيرَةَ اللَّبَنِ وَالْمَحْضُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ اللَّبَنُ والشافع الحابل بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَي الْحَامِل إِلَى عنَاق بِفَتْح الْعين وَالْمرَاد مَا كَانَ دون ذَلِك معتاط قيل هِيَ الَّتِي امْتنعت عَن الْحمل لسمنها وَهُوَ لَا يُوَافق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 مَا فِي الحَدِيث الا أَن يُرَاد بقوله وَقد حَان ولادها الْحمل أَي أَنَّهَا لم تحمل وَهِي فِي سنّ يحمل فِيهِ مثلهَا قَوْله [2464] منع بن جميل الخ أَي منعُوا الزَّكَاة وَلم يؤدوها إِلَى عمر مَا يَنْقِمُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يُنْكِرُ أَو يكره الزَّكَاة الا لأجل أَنه كَانَ فَقِيرا فأغناه الله فَجعل نعْمَة الله تَعَالَى سَببا لكفرها أدراعه جمع درع الْحَدِيد وأعتده بِضَم الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة جمع عتد بتفحتين هُوَ مَا يعده الرَّجُلُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ وَقِيلَ الْخَيْلُ خَاصَّةً وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَبْدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ ولعلهم طالبوا خَالِدا بِالزَّكَاةِ عَن أَثمَان الدروع والأعتد بِظَنّ أَنَّهَا للتِّجَارَة فَبين لَهُم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا وقف فِي سَبِيل الله فَلَا زَكَاة فِيهَا أَو لَعَلَّه أَرَادَ أَن خَالِدا لَا يمْنَع الزَّكَاة ان وَجَبت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قد جعل أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله تَبَرعا وتقربا إِلَيْهِ تَعَالَى وَمثله لَا يمْنَع الْوَاجِب فَإِذا أخبر بعد الْوُجُوب أَو منع فَيصدق فِي قَوْله ويعتمد على فعله وَالله تَعَالَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 أعلم فَهِيَ عَلَيْهِ الظَّاهِر أَن ضمير عَلَيْهِ للْعَبَّاس وَلذَلِك قيل أَنه ألزمهُ بِتَضْعِيفِ صَدَقَتِهِ لِيَكُونَ أَرْفَعَ لِقَدْرِهِ وَأَنْبَهَ لِذِكْرِهِ وأنفى للذم عَنهُ وَالْمعْنَى فَهِيَ صدقته ثَابِتَة عَلَيْهِ سيصدق بهَا ويضيف إِلَيْهَا مثلهَا كرما وعَلى هَذَا فَمَا جَاءَ فِي مُسلم وَغَيره فَهِيَ على مَحْمُول على الضَّمَان أَي أَنا ضَامِن متكفل عَنهُ والا فالصدقة عَلَيْهِ وَيحْتَمل أَن ضمير عَلَيْهِ لرَسُول الله وَهُوَ الْمُوَافق لما قيل انه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم استسلف مِنْهُ صَدَقَة عَاميْنِ أَو هُوَ عجل صَدَقَة عَاميْنِ إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَمعنى على عِنْدِي لَا يُقَال لَا يبْقى حِينَئِذٍ للمبتدأ عَائِد لأَنا نقُول ضمير فَهِيَ لصدقة الْعَبَّاس أَو زَكَاته فَيَكْفِي للربط كَأَنَّهُ قيل فصدقته على الرَّسُول وَقيل فِي التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن الأَصْل على وهاء عَلَيْهِ لَيست ضميرا بل هِيَ هَاء السكت فالياء فِيهَا مُشَدّدَة أَيْضا وَهَذَا بعيد مُسْتَغْنى عَنهُ بِمَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2465] مثله سَوَاء أَي هَذِه الرِّوَايَة مثل السَّابِقَة وَسَوَاء تَأْكِيد للمماثلة قَوْله أقتل على بِنَاء الْمَفْعُول كَأَنَّهُ شكى أَن الْعَامِل شدد عَلَيْهِ فِي الْأَخْذ وَكَاد يُفْضِي ذَلِك إِلَى قتل رب المَال بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْحَال فِي وقته ذَاك فَكيف بعده وَحَاصِل الْجَواب أَن الزَّكَاة شرعت لتصرف فِي مصارفها وَلَوْلَا ذَاك لما أخذت أصلا وَلَيْسَت مِمَّا لَا فَائِدَة فِي أَخذهَا فَلَيْسَ لرب المَال أَن يشدد فِي الْإِعْطَاء حَتَّى يُفْضِي ذَاك إِلَى تَشْدِيد الْعَامِل وَيحْتَمل أَن هَذَا الشاكي هُوَ الْعَامِل يشكو شدَّة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 أَرْبَاب الْأَمْوَال فِي الْإِعْطَاء حَتَّى يخَاف أَن يُؤَدِّي ذَاك إِلَى الْقَتْل وَمعنى بعْدك أَي بعد غيبتي عَنْك وذهابي إِلَى أَرْبَاب الْأَمْوَال وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَوْلَا اسْتِحْقَاق المصارف لما أَخذنَا الزَّكَاة بل تركنَا الْأَمر إِلَى أَصْحَاب الْأَمْوَال وَالنَّظَر للمصارف يَدْعُو إِلَى تحمل المشاق فَلَا بُد من الصَّبْر عَلَيْهَا وَهَذَا الْوَجْه أنسب بترجمة المُصَنّف وموافقة لفظ الحَدِيث للوجهين غير خُفْيَة قَوْله [2467] لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ حملوها على مَالا يكون للتِّجَارَة وَمن يَقُول بِالزَّكَاةِ فِي الْفرس يحمل الْفرس على فرس الرّكُوب وَأما مَا أعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 للنماء فَفِيهِ عِنْده صَدَقَة على الْوَجْه الْمُبين فِي كتب الْفُرُوع قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 [2477] قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ أَيْ تركت لكم أَخذ زَكَاتهَا وتجاوزت عَنهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي سبق وجوب ثمَّ نسخه من كل مِائَتَيْنِ أَي مِائَتي دِرْهَم وَلذَلِك قَالَ وَلَيْسَ فِيمَا دون مِائَتَيْنِ زَكَاة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 (بَاب زَكَاة الحلى) بِضَم حاء وَكسر لَام وَتَشْديد تحتية جمع حلى بِفَتْح حاء وَسُكُون لَام كثدى وثدي وَالْجُمْهُور على أَنه لَا زَكَاة فِيهَا وَظَاهر كَلَام المُصَنّف على وُجُوبهَا فِيهَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَأجَاب الْجُمْهُور بِضعْف الْأَحَادِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ لم يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شَيْء لَكِن تعدد أَحَادِيث الْبَاب وتأييد بَعْضهَا بِبَعْض يُؤَيّد القَوْل بِالْوُجُوب وَهُوَ الْأَحْوَط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مسكتان بِفَتَحَات أَي سواران وَالْوَاحد مسكة بِفَتَحَات والسوار من الحلى مَعْرُوف وتكسر السِّين وتضم وسورته السوار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 بِالتَّشْدِيدِ أَي ألبسته إِيَّاه قَوْله [2481] لَهُ زَبِيبَتَانِ تَثْنِيَةُ زَبِيبَةٍ بِفَتْحِ الزَّايِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ قيل هما النُّكْتَتَانِ السَّوْدَاوَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ وَقِيلَ نُقْطَتَانِ يَكْتَنِفَانِ فَاه وَقيل غير ذَلِك أَو يطوقه بِفَتْح أَوله وَتَشْديد الطَّاء وَالْوَاو المفتوحتين أَي يصير لَهُ ذَلِك الشجاع طوقا قَوْله بِلِهْزِمَتَيْهِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّايِ بَيْنَهُمَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ فِي صَحِيح البُخَارِيّ يَعْنِي شدقيه وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي اللَّحْيَيْنِ تَحت الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْجَامِع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 هما لحم الْأُذُنَيْنِ الَّذِي يَتَحَرَّك إِذا أكل الْإِنْسَان قَوْله [2484] لَا يحل فِي الْبر بِكَسْر الْحَاء أَي لَا يجب وَمِنْه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 قَوْله تَعَالَى أم أردتم أَن يحل عَلَيْكُم غضب أَي يجب على قِرَاءَة الْكسر وَمِنْه حل الدّين حلولا وَأما الَّذِي بِمَعْنى النُّزُول فبضم الْحَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى أَو تحل قَرِيبا من دَارهم قَوْله [2488] فِيمَا سقت السَّمَاء أَي الْمَطَر من بَاب ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَالْمرَاد مَالا يحْتَاج سقيه إِلَى مُؤنَة والبعل بموحدة مَفْتُوحَة وَعين مُهْملَة سَاكِنة مَا شَرِبَ مِنَ النَّخِيلِ بِعُرُوقِهِ مِنَ الْأَرْضِ من غير سقى السَّمَاء وَلَا غَيرهَا بالسواني جمع سانية وَهِي بعير يستقى عَلَيْهِ والنضح بِفَتْح فَسُكُون هُوَ السقى بالرشا وَالْمرَاد مَا يحْتَاج إِلَى مُؤنَة الْآلَة وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِعُمُوم الحَدِيث على وجوب الزَّكَاة فِي كل مَا أخرجته الأَرْض من قَلِيل وَكثير وَالْجُمْهُور جعلُوا هَذَا الحَدِيث لبَيَان مَحل الْعشْر وَنصفه وَأما الْقدر الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ فَأخذُوا من حَدِيث لَيْسَ فِيمَا دون خمس أوسق صَدَقَة وَهَذَا أوجه لما فِيهِ من اسْتِعْمَال كل من الْحَدِيثين فِيمَا سيق لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالدوالي جمع دالية آلَة لاخراج المَاء قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 [2491] إِذا خرصتم الْخرص تَقْدِير مَا على النّخل من الرطب تَمرا وَمَا على الْكَرم من الْعِنَب زبيبا ليعرف مِقْدَار عشره ثمَّ يخلى بَينه وَبَين مَالِكه وَيُؤْخَذ ذَلِك الْمِقْدَار وَقت قطع الثِّمَار وَفَائِدَته التَّوسعَة على أَرْبَاب الثِّمَار فِي التَّنَاوُل مِنْهَا وَهُوَ جَائِز عِنْد الْجُمْهُور خلافًا للحنفية لإفضائه إِلَى الرِّبَا وحملوا أَحَادِيث الْخرص على أَنَّهَا كَانَت قبل تَحْرِيم الرِّبَا ودعوا الثُّلُث من الْقدر الَّذِي قررتم بالخرص وبظاهره قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَغَيرهمَا وَحمل أَبُو عُبَيْدَة الثُّلُث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 على قدر الْحَاجة وَقَالَ يتْرك قدر احتياجهم ومشهور مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَذَا مَذْهَب مَالك أَن لَا يتْرك لَهُم وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ المتحصل من صَحِيح النّظر يعْمل بِالْحَدِيثِ وَقَالَ الْخطابِيّ إِذا أَخذ الْحق مِنْهُم مُسْتَوفى أضرّ بهم فَإِنَّهُ يكون مِنْهُ الساقطة والهالكة وَمَا يَأْكُلهُ الطير وَالنَّاس وَقيل معنى الحَدِيث أَن لم يرْضوا بخرصكم فدعوا لَهُم الثُّلُث وَالرّبع ليتصرفوا فِيهِ ويضمنوا لكم حَقه وتتركوا الْبَاقِي إِلَى أَن يجِف فَيُؤْخَذ حَقه لَا أَنه يتْرك لَهُم بِلَا خرص وَلَا إِخْرَاج وَقيل اتْرُكُوا لَهُم ذَلِك ليتصدقوا مِنْهُ على جيرانهم وَمن يطْلب مِنْهُم لَا أَنه لَا زَكَاة عَلَيْهِم فِي ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجعرور بِضَم جِيم وَسُكُون عين مُهْملَة وَرَاء مكررة ضرب رَدِيء من التَّمْر يحمل رطبا صغَارًا لَا خير فِيهِ ولون حبيق بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وقاف نوع رَدِيء من التَّمْر مَنْسُوب إِلَى رجل اسْمه ذَاك الرذالة بِضَم الرَّاء واعجام الذَّال الرَّدِيء قَوْله [2493] صَالح بن أبي عريب بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء قَوْله وَقد علق رجل وَكَانُوا يعلقون فِي الْمَسْجِد ليَأْكُل مِنْهُ من يحْتَاج إِلَيْهِ قِنَا حشف القنا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح مَقْصُور هُوَ العذق بِمَا فِيهِ من الرطب والقنو بِكَسْر الْقَاف أَو ضمهَا وَسُكُون النُّون مثله والحشف بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْيَابِس الْفَاسِد من التَّمْر وقنا حشف بِالْإِضَافَة وَفِي نُسْخَة قنو حشف فَجعل يطعن فِي الْقَامُوس طعنه بِالرُّمْحِ كمنع وَنصر ضربه يَأْكُل حشفا أَي جَزَاء حشف فَسمى الْجَزَاء باسم الأَصْل وَيحْتَمل أَن يَجْعَل الْجَزَاء من جنس الأَصْل ويخلق الله تَعَالَى فِي هَذَا الرجل شهاء الحشف فيأكله فَلَا يُنَافِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى وَلكم فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 [2494] فِي طَرِيق مأتى كمرمى أَي مسلوك فعرفها أَمر من التَّعْرِيف فَإِن جَاءَ صَاحبهَا أَي فَهُوَ الْمَطْلُوب والا أَي وان لم يَجِيء فلك أَي فَهِيَ لَك قَالَ السُّيُوطِيّ نقلا عَن بن مَالك فِي هَذَا الْكَلَام حذف جَوَاب الشَّرْط الأول وَحذف فعل الشَّرْط بعد إِلَّا وَحذف الْمُبْتَدَأ من جملَة الْجَواب للشّرط الثَّانِي وَالتَّقْدِير فَإِن جَاءَ صَاحبهَا أَخذهَا والا يَجِيء فَهِيَ لَك وَظَاهر الحَدِيث أَنه يملكهَا الْوَاجِد مُطلقًا وَقد يُقَال لَعَلَّ السَّائِل كَانَ فَقِيرا فَأَجَابَهُ على حسب حَاله فَلَا يدل على أَن الْغنى يملك وَفِيه أَنه كم من فَقير يصير غَنِيا فالاطلاق فِي الْجَواب لَا يحسن الا عِنْد إِطْلَاق الحكم فَلْيتَأَمَّل وَمَا لم يكن فِي طَرِيق مأتى الخ قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد العادي الَّذِي لَا يعرف مَالِكه وَفِي الرِّكَاز بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْكَاف آخِره زَاي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 مُعْجمَة من ركزه إِذا دَفنه وَالْمرَاد الْكَنْز الجاهلي المدفون فِي الأَرْض وَإِنَّمَا وَجب فِيهِ الْخمس لِكَثْرَة نَفعه وسهولة أَخذه قَوْله العجماء هِيَ الْبَهِيمَة لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم وكل مَالا يقدر على الْكَلَام فَهُوَ أعجم جرحها بِفَتْح الْجِيم على الْمصدر لَا غير وَهُوَ بِالضَّمِّ اسْم مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَن الْكَلَام فِي فعلهَا لَا فِيمَا حصل فِي جَسدهَا من الْجرْح وان حمل جرحها بِالضَّمِّ على جرح حصل فِي جَسَد مجروحها يكون الْإِضَافَة بعيدَة وَأَيْضًا الهدر حَقِيقَة هُوَ الْفِعْل لَا أَثَره فِي الْمَجْرُوح فَلْيتَأَمَّل جَبَّار بِضَم جِيم وخفة مُوَحدَة أَي هدر قَالَ السُّيُوطِيّ وَالْمُرَادُ الدَّابَّةُ الْمُرْسَلَةُ فِي رَعْيِهَا أَوِ الْمُنْفَلِتَةُ من صَاحبهَا وَالْحَاصِل أَن المُرَاد مَا لم يكن مَعَه سائق وَلَا قَائِد من الْبَهَائِم إِذا أتلف شَيْئا نَهَارا فَلَا ضَمَان على صَاحبهَا والمعدن بِكَسْر الدَّال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 وَالْمرَاد أَنه إِذا اسْتَأْجر رجلا لاستخراج مَعْدن أَو لحفر بِئْر فانهار عَلَيْهِ أَو وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد أَن كَانَ الْبِئْر فِي ملك الرجل فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وتفاصيل الْمسَائِل فِي كتب الْفُرُوع قَوْله نحل هُوَ ذُبَاب الْعَسَل وَالْمرَاد الْعَسَل وَاديا كَانَ فِيهِ النَّحْل ولى بِكَسْر لَام مُخَفّفَة على بِنَاء الْفَاعِل أَو مُشَدّدَة على بِنَاء الْمَفْعُول وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غيث أَي والا فَلَا يلْزم عَلَيْك حفظه لِأَن الذُّبَاب غير مَمْلُوك فَيحل لمن يَأْخُذهُ وَعلم أَن الزَّكَاة فِيهِ غير وَاجِبَة على وَجه يجْبر صَاحبه على الدّفع لَكِن لَا يلْزم الامام حمايته الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 الا بأَدَاء الزَّكَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فرض أَي أوجب والْحَدِيث من أَخْبَار الْآحَاد فمؤداه الظَّن فَلذَلِك قَالَ بِوُجُوبِهِ دون افتراضه من خص الْفَرْض بالقطعى وَالْوَاجِب بالظني زَكَاة رَمَضَان هِيَ صَدَقَة الْفطر ونصبها على المفعولية وصاعا بدل مِنْهَا أَو حَال أَو على نزع الْخَافِض أَي فِي زَكَاة رَمَضَان وَالْمَفْعُول صَاعا على الْحر وَالْعَبْد على بِمَعْنى عَن إِذْ لَا وجوب على العَبْد وَالصَّغِير كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات إِذْ لَا مَال للْعَبد وَلَا تَكْلِيف على الصَّغِير نعم يجب على العَبْد عِنْد بعض وَالْمولى نَائِب فَعدل بِالتَّخْفِيفِ أَي قَالُوا ان نصف صَاع من بر سَاوَى فِي الْمَنْفَعَة وَالْقيمَة صَاعا من شعير أَو تمر فيساويه فِي الاجزاء فَالْمُرَاد أَي قاسوه بِهِ وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنهم إِنَّمَا قاسوه لعدم النَّص مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبر بِصَاع أَو نصفه والا فَلَو كَانَ عِنْدهم حَدِيث بالصاع لما خالفوه أَو بِنصفِهِ لما احتاجوا إِلَى الْقيَاس بل حكمُوا بذلك وَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ الْقَرِيب لظُهُور عزة الْبر وقلته فِي الْمَدِينَة فِي ذَلِك الْوَقْت فَمن الَّذِي يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر مِنْهُ حَتَّى يتَبَيَّن بِهِ حكمه أَنه صَاع أَو نصفه وَأما حَدِيث أبي سعيد فَظَاهره أَن بَعضهم كَانُوا يخرجُون صَاعا من بر أَيْضا لَكِن لَعَلَّه قَالَ ذَلِك بِنَاء على أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شرع لَهُم صَاعا من غير الْبر وَلم يبين لَهُم حَال الْبر فقاس عَلَيْهِ أَبُو سعيد حَال الْبر وَزعم أَنه ان ثَبت من أحد الْإِخْرَاج فِي وقته للبر لَا بُد أَنه أخرج الصَّاع لَا نصفه أَو لَعَلَّ بَعضهم أدّى أَحْيَانًا الْبر فَأدى صَاعا بِالْقِيَاسِ فَزعم أَبُو سعيد أَن الْمَفْرُوض فِي الْبر ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فقد علم بالأحاديث أَن إِخْرَاج الْبر لم يكن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 مُعْتَادا متعارفا فِي ذَلِك الْوَقْت فقد روى بن خُزَيْمَة فِي مُخْتَصر الْمسند الصَّحِيح عَن بن عمر قَالَ لم يكن الصَّدَقَة على عهد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا التَّمْر وَالزَّبِيب وَالشعِير وَلم تكن الْحِنْطَة وروى البُخَارِيّ عَن أبي سعيد كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفطر صَاعا من طَعَام وَكَانَ طعامنا يَوْمئِذٍ الشّعير وَالزَّبِيب والأقط وَالتَّمْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من الْمُسلمين اسْتِدْلَال بِالْمَفْهُومِ فَلَا عِبْرَة بِهِ عِنْد من لَا يَقُول بِهِ وَلذَا يُوجب فِي العَبْد الْكَافِر بِإِطْلَاق النُّصُوص الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 قَوْله [2506] لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَكُنَّا نفعله الظَّاهِر أَن المُرَاد سقط الْأَمر بِهِ لَا إِلَى نهى بل إِلَى إِبَاحَة وَالْأَمر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 فِي ذَاته حسن فَفعل النَّاس لذَلِك وَهَذَا بِنَاء على اعْتِبَار بَقَاء الْأَمر السَّابِق أمرا جَدِيدا وَاعْتِبَار رفع ذَلِك الْبَقَاء رفع الْأَمر فَقيل لم نؤمر بِهِ وَلذَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفطر مَنْسُوخ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كيسَان الْأَصَم وَأَشْهَب من الْمَالِكِيَّة وبن اللبان من الشَّافِعِيَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ وَمِنْهُمْ من أول الحَدِيث الدَّال على الافتراض فَحمل فرض على معنى قدر قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ نقل فِي عرف الشَّرْع إِلَى الْوُجُوب وَالْحمل عَلَيْهِ أولى وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الحَدِيث يضعف كَون الافتراض قَطْعِيا وَيُؤَيّد القَوْل بِأَنَّهُ ظَنِّي وَهَذَا هُوَ مُرَاد الْحَنَفِيَّة بقَوْلهمْ أَنه وَاجِب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2508] أَو نصف صَاع من قَمح هُوَ بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْمِيم الْبر قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 [2509] مِنْ سُلْتٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُثَنَّاةٍ نوع من الشّعير يشبه الْبر قَوْله [2511] أَو صَاعا من أقط بِفَتْح فَكسر اللَّبن المتحجر قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 [2512] صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ظَاهره أَنه أَرَادَ بِالطَّعَامِ الْبر لَكِن قد عرفت تَوْجِيهه قَوْله [2513] فِيمَا علم النَّاس من التَّعْلِيم من سمراء الشَّام أَي الْقَمْح الشَّامي الا تعدل أَي تساويه فِي الْمَنْفَعَة وَالْقيمَة وَهِي مدَار الْأَجْزَاء فتساويه فِي الْأَجْزَاء أَو المُرَاد تساويه فِي الْأَجْزَاء قَوْله [2514] أَو صَاعا من دَقِيق هَذِه زِيَادَة من سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَهِي وهم مِنْهُ فأنكروا عَلَيْهِ هَذِه الزِّيَادَة فَتَركهَا قَوْله [2518] لَا نخرج غَيره هَذَا يدل على مَا حققنا أَنهم مَا كَانُوا يخرجُون الْبر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 [2520] الْمِكْيَال مكيال أهل الْمَدِينَة أَي الصَّاع الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْكَفَّارَات وَتجب إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر بِهِ صَاع الْمَدِينَة وَكَانَت الصيعان مُخْتَلفَة فِي الْبِلَاد وَالْوَزْن وزن أهل مَكَّة أَي وزن الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَالْمرَاد أَن الْوَزْن الْمُعْتَبر فِي بَاب الزَّكَاة وزن أهل مَكَّة وَهِي الدَّرَاهِم الَّتِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 الْعشْرَة مِنْهَا بسبعة مَثَاقِيل وَكَانَت الدَّرَاهِم مُخْتَلفَة الأوزان فِي الْبِلَاد وَكَانَت دَرَاهِم أهل مَكَّة هِيَ الدَّرَاهِم الْمُعْتَبرَة فِي بَاب الزَّكَاة فأرشد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك بِهَذَا الْكَلَام وَقيل ان أهل الْمَدِينَة أهل زراعات فهم أعلم بأحوال الْمِكْيَال وَأهل مَكَّة أَصْحَاب تِجَارَات فهم أعلم بِالْمَوَازِينِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأعلمهم من الاعلام تُؤْخَذ من أغنيائهم الخ الظَّاهِر أَن الضميرين لَهُم فيفهم مِنْهُ الْمَنْع عَن النَّقْل لَكِن يحْتَمل جعل الضميرين للْمُسلمين فَلذَلِك مَا جزم المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة وَالله تَعَالَى أعلم وكرائم أَمْوَالهم أَي خِيَارهَا فَإِن الْحق يتَعَلَّق بالوسط قَوْله قَالَ رجل أَي من بني إِسْرَائِيل كَمَا فِي مُسْند الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 أَحْمد فالاستدلال بِهِ مَبْنِيّ على أَن شرع من قبلنَا شرع لنا مَا لم يظْهر النّسخ لأتصدقن هِيَ من بَاب الِالْتِزَام كالنذر فَصَارَ الصَّدَقَة وَاجِبَة فصح الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي صَدَقَة الْفَرْض فَأَصْبحُوا أَي الْقَوْم الَّذين كَانَ فيهم ذَلِك الْمُتَصَدّق تصدق على بِنَاء الْمَفْعُول وَهُوَ أَخْبَار بِمَعْنى التَّعَجُّب أَو الْإِنْكَار اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على سَارِق أَي لأجل وُقُوع الصَّدَقَة فِي يَده دون من هُوَ أَشد حَالا مِنْهُ أَو هُوَ للتعجب كَمَا يُقَال سُبْحَانَ الله فَأتى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي فَأرى فِي الْمَنَام ورؤيا غير الْأَنْبِيَاء وان كَانَ لَا حجَّة فِيهَا لَكِن هَذِه الرُّؤْيَا قد قررها النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَحصل الِاحْتِجَاج بتقريره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلَعَلَّ أَن تستعف بِهِ من زنَاهَا ظَاهره أَنه أعْطى لَعَلَّ حكم عَسى فأقيم أَن مَعَ الْمُضَارع مَوضِع الِاسْم وَالْخَبَر جَمِيعًا هَا هُنَا وَأدْخل ان فِي الْخَبَر فِيمَا بعد وَيُمكن أَن يَجْعَل ان مَعَ الْمُضَارع اسْم لَعَلَّ وَيكون الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 الْخَبَر محذوفا أَي يحصل وَنَحْوه قَوْله [2524] بِغَيْر طهُور بِضَم الطَّاء من غلُول بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمرَاد الْحَرَام والْحَدِيث قد تقدم فِي كتاب الطَّهَارَة قَوْله [2525] من طيب أَي حَلَال وَقد يُطلق على المستلذ بالطبع وَالْمرَاد هَا هُنَا هُوَ الْحَلَال وَجُمْلَة لَا يقبل الله الخ مُعْتَرضَة لبَيَان أَنه لَا ثَوَاب فِي غير الطّيب لَا أَن ثَوَابه دون هَذَا الثَّوَاب إِذْ قد يتَوَهَّم من التَّقْيِيد أَنه شَرط لهَذَا الثَّوَاب بِخُصُوصِهِ لَا لمُطلق الثَّوَاب فمطلق الثَّوَاب يكون بِدُونِهِ أَيْضا فَذكر هَذِه الْجُمْلَة دفعا لهَذَا التَّوَهُّم وَمعنى عدم قبُوله أَنه لَا يثيب عَلَيْهِ وَلَا يرضى بِهِ بِيَمِينِهِ الْمَرْوِيّ عَن السّلف فِي هَذَا وَأَمْثَاله أَن يُؤمن الْمَرْء بِهِ ويكل علمه إِلَى الْعَلِيم الْخَبِير وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن الرِّضَا بة وَالْقَبُول وَإِن كَانَت تَمْرَة ان وصلية أَي وَلَو كَانَت الصَّدَقَة شَيْئا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 حَقِيرًا فتربو عطف على أَخذهَا أَي تزيد تِلْكَ الصَّدَقَة كَمَا يُربي والتشبيه يعْتَبر بَين لَازم الأول وَبَين هَذَا أَي يُرَبِّيهَا الرَّحْمَن كَمَا يربى فَلُوَّهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَي الصَّغِير من أَوْلَاد الْفرس فَإِن تَرْبِيَته تحْتَاج إِلَى مُبَالغَة فِي الاهتمام بِهِ عَادَة والفصيل ولد النَّاقة وَكلمَة أَو للشَّكّ من الرَّاوِي أَو التنويع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2526] لَا شكّ فِيهِ أَي فِي مُتَعَلّقه وَالْمرَاد تَصْدِيق بلغ حد الْيَقِين بِحَيْثُ لَا يبْقى مَعَه أدنى توهم لخلافه والا فَمَعَ بَقَاء الشَّك لَا يحصل الْإِيمَان أَو ايمان لَا يشك الْمَرْء فِي حُصُوله لَهُ بِأَن يتَرَدَّد هَل حصل لَهُ الْإِيمَان أم لَا وَالْوَجْه هُوَ الأول وَالله تَعَالَى أعلم لَا غلُول بِضَم الْغَيْن أَي لَا خِيَانَة مِنْهُ فِي غنائمه طول الْقُنُوت أَي ذَات طول الْقُنُوت أَي الْقيام قيل مُطلقًا وَقيل فِي صَلَاة اللَّيْل وَهُوَ الأوفق بِفِعْلِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جهد الْمقل بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُ من قل لَهُ المَال وَالْمرَاد مَا يُعْطِيهِ الْمقل على قدر طاقته وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيث خير الصَّدَقَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 مَا كَانَ عَن ظهر غنى لعُمُوم الْغَنِيّ للقلى وغنى الْيَد من هجر أَي هِجْرَة من هجر وعقر جَوَاده أَي فرسه وَالْمرَاد قتل من صرف نَفسه وَمَاله فِي سَبِيل الله قَوْله [2527] إِلَى عرض مَاله بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء أَي جَانِبه وَظَاهر الْأَحَادِيث أَن الْأجر على قدر حَال الْمُعْطِي لَا على قدر المَال الْمُعْطى فَصَاحب الدرهمين حَيْثُ أعْطى نصف مَاله فِي حَال لَا يعْطى فِيهَا الا الأقوياء يكون أجره على قدر همته بِخِلَاف الْغنى فَإِنَّهُ مَا أعْطى نصف مَاله وَلَا فِي حَال لَا يعْطى فِيهَا عَادَة وَيحْتَمل ان يُقَال لَعَلَّ الْكَلَام فِيمَا إِذا صَار إِعْطَاء الْفَقِير الدِّرْهَم سَببا لاعطاء ذَلِك الْغَنِيّ تِلْكَ الدَّرَاهِم وَحِينَئِذٍ يزِيد أجر الْفَقِير فَإِن لَهُ مثل أجر الْغَنِيّ وَأجر زِيَادَة دِرْهَم لَكِن لفظ الحَدِيث لَا يدل على هَذَا الْمَعْنى وَلَا يُنَاسِبه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَيَجِيء بِالْمدِّ أَي من أُجْرَة الْعَمَل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 [2530] أَبُو عقيل بِفَتْح الْعين لَغَنِيّ عَن صَدَقَة هَذَا أَي الَّذِي جَاءَ بالصاع وَمُرَاد الْمُنَافِقين أَن أحدا لَا يعْطى فتكلموا فِيمَن أعْطى الْقَلِيل بِهَذَا الْوَجْه وفيمن أعْطى الْكثير بِأَنَّهُ مراء قَوْله [2531] إِن هَذَا المَال خضرَة بِفَتْح الْخَاء وَكسر ضاد وحلوة بِضَم مُهْملَة أَي كفاكهة أَو كبقلة يرغب فِيهَا لحسن لَوْنهَا وَطيب طعمها فأنث لذَلِك بِطيب نفس أَي بِلَا سُؤال وَلَا طمع أَو بِطيب نفس الْمُعْطى وانشراح صَدره بِإِشْرَافِ نَفْسٍ أَيْ تَطَّلِعُ إِلَيْهِ وَتَطْمَعُ فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 وَهُوَ أَيْضا يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ نفس الْآخِذ أَو الْمُعْطِي كَالَّذي يَأْكُل أَي لَا يَنْقَطِع شهاؤه فَيبقى فِي حيرة الطّلب على الدَّوَام وَلَا يقْضِي شهواته الَّتِي لأَجلهَا طلبه وَالْيَد الْعليا الْمَشْهُور تَفْسِيرهَا بالمنفقة وَهُوَ الْمُوَافق للأحاديث وَقيل عَلَيْهِ كثيرا مَا يكون السَّائِل خيرا من الْمُعْطِي فَكيف يَسْتَقِيم هَذَا التَّفْسِير وَلَيْسَ بِشَيْء إِذْ التَّرْجِيح من جِهَة الْإِعْطَاء وَالسُّؤَال لَا من جَمِيع الْوُجُوه وَالْمَطْلُوب التَّرْغِيب فِي التَّصَدُّق والتزهيد فِي السُّؤَال وَمِنْهُم من فسر الْعليا بالمتعففة عَن السُّؤَال حَتَّى صحفوا المنفقة فِي الحَدِيث بالمتعففة وَالْمرَاد الْعُلُوّ قدرا وعَلى الْوَجْهَيْنِ فالسفلى هِيَ السائلة اما لِأَنَّهَا تكون تَحت يَد الْمُعْطِي وَقت الْإِعْطَاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 ولكونها ذليلة بذل السُّؤَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله وابدأ أَي فِي الْإِعْطَاء بِمن تعول أَي بِمن عَلَيْك مُؤْنَته وَمَا بَقِي مِنْهُم فَتصدق بِهِ على الْغَيْر أمك بِالنّصب أَي أعْطهَا أَو لَا ثمَّ أدناك أَي الْأَقْرَب إِلَيْك نسبا وسببا قَوْله [2534] عَن ظهر غنى أَي بِمَا يبْقى خلفهَا غنى لصَاحبه قلبِي كَمَا كَانَ للصديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَو قَالَ بِي فَيصير الْغَنِيّ للصدقة كالظهر للْإنْسَان وَرَاء الْإِنْسَان فاضافه الظّهْر إِلَى الْغنى بَيَانِيَّة لبَيَان أَن الصَّدَقَة إِذا كَانَت بِحَيْثُ يبْقى لصَاحِبهَا الْغنى بعْدهَا اما لقُوَّة قلبه أَو لوُجُود شَيْء بعْدهَا يسْتَغْنى بِهِ عَمَّا تصدق فَهُوَ أحسن وان كَانَت بِحَيْثُ يحْتَاج صَاحبهَا بعْدهَا إِلَى مَا أعْطى ويضطر إِلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي لصَاحِبهَا التَّصَدُّق بِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2535] تصدق بِهِ على نَفسك أَي اقْضِ بِهِ حوائج نَفسك قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 [2536] ثمَّ قَالَ تصدقوا أَي فِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة كَمَا تقدم فِي أَبْوَاب الْجُمُعَة بذة بِفَتْح فتشديد ذال مُعْجمَة أَي سَيِّئَة أَن تفطنوا فِي الْقَامُوس فطن بِهِ واليه وَله كفرح وَنصر وكرم وانتهره أَي مَنعه من الْعود إِلَى مثل ذَلِك وَهُوَ الْإِعْطَاء مَعَ حَاجَة النَّفس مَعَ قلَّة الصَّبْر قَوْله [2537] مولى آبى اللَّحْم بِمد الْهمزَة كَانَ يَأْبَى اللَّحْم وَلَا يَأْكُلهُ وَقيل مَا يَأْكُل مَا ذبح للأصنام أَن أقدد لَحْمًا أَي أقطعه فأطعمته مِنْهُ أَي أَعْطيته الْأجر بَيْنكُمَا أَي أَن رضيت بذلك يحل لَهُ إِعْطَاء مثل هَذَا مِمَّا يجْرِي فِيهِ الْمُسَامحَة وَلَيْسَ المُرَاد تَقْرِير العَبْد على أَن يعْطى بِغَيْر رضَا الْمولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 [2538] على كل مُسلم أَي يتَأَكَّد فِي حَقه نَدبه لَا أَنه وَاجِب يعتمل يكْتَسب الملهوف بِالنّصب صفة ذَا الْحَاجة أَي المكروب الْمُحْتَاج فَإِنَّهَا أَي الْإِمْسَاك عَن الشَّرّ والتأنيث للْخَبَر قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 [2539] إِذا تَصَدَّقت الْمَرْأَة من بَيت زَوجهَا مَحْمُول على مَاذَا عملت بِرِضَاهُ بِإِذن صَرِيح أَو بِإِذن مَفْهُوم مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جرت الْعَادة بِهِ هَذَا إِذا علمت أَن نفس الزَّوْج كنفوس غَالب النَّاس فِي السماحة وان شكت فِي رِضَاهُ فَلَا بُد من صَرِيح الْإِذْن وَأما إِعْطَاء الْكثير فَلَا بُد فِيهِ من صَرِيح الْأذن أَيْضا والخازن الَّذِي بِيَدِهِ حفظ الطَّعَام أَو نَحوه وَرُبمَا هُوَ الَّذِي يُبَاشر الْإِعْطَاء كل وَاحِد مِنْهُمَا أَي من الزَّوْج وَالزَّوْجَة وهما الأَصْل وَالْخَادِم تَابع فَترك ذكره ثمَّ الْمُمَاثلَة فِي أصل الْأجر وَقدره قَولَانِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 [2540] لامْرَأَة عَطِيَّة أَي من مَال الزَّوْج والا فالعطية من مَالهَا لَا يحْتَاج إِلَى اذن عِنْد الْجُمْهُور قَوْله [2541] عَنْ فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ وَسِينٍ مُهْملَة قَوْله اجْتَمعْنَ عِنْده قَالَ السُّيُوطِيّ زَاد بن حبَان لم يُغَادر مِنْهُنَّ وَاحِدَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 فَقُلْنَ وَفِي رِوَايَة بن حبَان فَقلت بِالْمُثَنَّاةِ وَهَذَا يُفِيد أَن عَائِشَة هِيَ السائلة أَيَّتنَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَيُّنَا بِلَا تَاءٍ وَهُوَ الْأَفْصَح لُحُوقا نصب على التَّمْيِيز أَطْوَلكُنَّ بِالرَّفْع عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقا بِي وَلم يقل طولا كن لَان اسْم التَّفْضِيل إِذا أضيف يجوز فِيهِ ترك الْمُطَابقَة يذرعنها أَي يقدرن بِذِرَاع وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فَأخذُوا قَصَبَة يَذْرَعُونَهَا بتذكير الضَّمِير وَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ مَا هُنَا فَكَانَت سَوْدَة الخ كَذَا وَقع فِي رِوَايَة احْمَد وَغَيره لَكِن نَص غير وَاحِد أَن الصَّوَاب زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا وَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَبَقِيَتْ سَوْدَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 إِلَى أَن توفيت فِي خلَافَة مُعَاوِيَة قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ قلت عِنْدِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَسَقَطَ لَفْظَةُ زَيْنَبَ وَأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ فَأَخَذْنَ قَصَبَةً فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا أَي حَقِيقَة وَكَانَت أسرعهن لُحُوقا بِهِ زَيْنَبُ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فَأَسْقَطَ الرَّاوِي لَفْظَةَ زَيْنَبَ وَقَدَّمَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الأولى وَالْحَاصِل أَنَّهُنَّ فهمن ابْتِدَاء ظَاهر الطول ثمَّ عرفن بِمَوْت زَيْنَب أول أَن المُرَاد بطول الْيَد كَثْرَة الْعَطاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2542] أَي الصَّدَقَة أفضل مُبْتَدأ وَخبر ان تصدق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 أَي تَتَصَدَّق بالتاءين فحذفت إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا وَيحْتَمل أَن يكون بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال جَمِيعًا شحيح قيل الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ وَقِيلَ هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ وَمن قبيل الطَّبْع تَأمل بِضَم الْمِيم الْعَيْش أَي الْحَيَاة فَإِن المَال يعز على النَّفس صرفه حِينَئِذٍ فَيصير محبوبا وَقد قَالَ تَعَالَى لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَوْله [2545] وَهُوَ يحتسبها يُرِيد أجرهَا من الله بِحسن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 النِّيَّة وَهُوَ أَن يَنْوِي بِهِ أَدَاء مَا وَجب عَلَيْهِ من الْإِنْفَاق بِخِلَاف مَا إِذا أنْفق ذاهلا قَوْله [2546] من يَشْتَرِيهِ مني من لَا يرى بيع الْمُدبر مِنْهُم من يحملهُ على أَنه كَانَ مُدبرا مُقَيّدا بِمَرَض أَو بِمدَّة كعلمائنا وَمِنْهُم من يحملهُ على أَنه دبره وَهُوَ مديون كأصحاب مَالك وَالْأول بعيد وَالثَّانِي يردهُ آخر الحَدِيث وَالْأَقْرَب أَن هَذَا الحَدِيث دَلِيل الْجَوَاز من غير معَارض قوى يحوج إِلَى تَأْوِيله قَوْله [2547] ان مثل الْمُنفق الْمُتَصَدّق أَي الْمُنفق على نَفسه وَأَهله الْمُتَصَدّق فِي سبل الْخَيْر فَإِن الْبُخْل يمْنَع الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَلذَلِك جمع بَينهمَا وَقد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 جَاءَ الإقتصار على أَحدهمَا لِكَوْنِهِمَا كالمتلازمين عَادَة جبتان بِضَم جِيم وَتَشْديد مُوَحدَة تَثْنِيَة جُبَّة وَهُوَ ثوب مَخْصُوص أَو جنتان بنُون بدل بَاء تَثْنِيَةُ جُنَّةٍ وَهِيَ الدِّرْعُ وَهَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وصوبوا النُّون لقَوْله من حَدِيد وتواسعت عَلَيْهِ الدرْع وَغير ذَلِك نعم إِطْلَاق الْجُبَّة بِالْبَاء على الْجنَّة بالنُّون مجَازًا غير بعيد فَيَنْبَغِي أَن يكون الْجنَّة بالنُّون هُوَ المُرَاد فِي الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهِمَا بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء جمع ثدى بِفَتْح فَسُكُون إِلَى تراقيهما بِفَتْح مثناة من فَوق وَكسر قَاف جمع ترقوة وهما العظمان المشرفان فِي أَعلَى الصَّدْر وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا جبل عَلَيْهِ الْإِنْسَان من الشُّح وَلذَلِك جمع بَين الْبَخِيل والجواد فِيهِ وَأما قَوْله اتسعت عَلَيْهِ الدرْع فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا يفِيض الله تَعَالَى على من يَشَاء من التَّوْفِيق للخير فيشرح لذَلِك صَدره أَو مرت أَي جَاوَزت ذَلِك الْمحل وَهَذَا شكّ من الرَّاوِي حَتَّى تجن بِضَم أَوله وَكسر الْجِيم وَتَشْديد النُّون من أجن الشَّيْء إِذا ستره بَنَانَهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ أَصَابِعه وَتَعْفُو أَثَره أَي تمحو أثر مَشْيه بسبوغها وكمالها كَثوب من يجر على الأَرْض إِشَارَة إِلَى كَمَال الاتساع والاسباغ وَالْمرَاد أَن الْجواد إِذا هم بِالنَّفَقَةِ اتَّسع لذَلِك بِتَوْفِيق الله تَعَالَى صَدره وطاوعته يَدَاهُ فامتدتا بالعطاء والبذل والبخيل يضيق صَدره وتنقبض يَده من الْإِنْفَاق فِي الْمَعْرُوف واليه أَشَارَ بقوله قَلَصَتْ أَيِ انْقَبَضَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 كل حَلقَة بِسُكُون اللَّام يوسعها أَي يَحْكِي هَيْئَة توسعة الْبَخِيل تِلْكَ الْجنَّة فَلَا تتسع أَي قَائِلا فَلَا تتسع بتوسعة الْبَخِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2548] حَتَّى تعفى أَثَره بتَشْديد الْفَاء للْمُبَالَغَة أَي تَعْفُو قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 [2549] ثمَّ دَعَوْت بِهِ أَي بذلك الشَّيْء فَنَظَرت إِلَيْهِ أَنه أَي قدر قَالَت نعم تَصْدِيق وَتَقْرِير لما بعد الِاسْتِفْهَام من النَّفْي أَي مَا أُرِيد ذَلِك بل أُرِيد أَن يعطيني الله تَعَالَى من غير علمي بذلك ضَرُورَة أَن الَّذِي يدْخل بِعلم الْإِنْسَان مَحْصُور ورزق الله أوسع من ذَلِك فيطلب مِنْهُ تَعَالَى ان يُعْطي بِلَا حصر وَلَا عد وَحَاصِل الِاسْتِفْهَام اما تريدين تقليل الصَّدَقَة ورزق الله وَحَاصِل الْجَواب أَنَّهَا مَا تُرِيدُ ذَلِك بل تُرِيدُ التكثير فيهمَا قَالَ مهلا أَي استعملي الرِّفْق والتأني فِي الْأُمُور واتركي الاستعجال الْمُؤَدِّي إِلَى أَن تطلبي علم مَالا فَائِدَة فِي علمه لَا تحصي صِيغَة نهي الْمُؤَنَّث من الإحصاء وَالْيَاء للخطاب أَي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 لَا تعدِي مَا تُعْطِي قَوْله فيحصى بِالنّصب جَوَاب أَي حَتَّى يعطيك الله أَيْضا بِحِسَاب وَلَا يرزقك من غير حِسَاب وَالْمرَاد التَّعْلِيل قَوْله [2551] مَا أَدخل على الزبير قيل مَا أَعْطَانِي قوتا لي وَقيل بل المُرَاد أَعم لَكِن المُرَاد إِعْطَاء مَا علمت فِيهِ بالاذن دلَالَة أرضخ من بَاب فتح والرضخ برَاء وضاد مُعْجمَة وخاء كَذَلِك الْعَطِيَّة القليلة وَلَا توكي بِضَم الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْكَاف صِيغَة نهي المخاطبة من الايكاء بِمَعْنى الشد والربط أَي لَا تمنعي مَا فِي يدك فيوكي بِالنّصب فيشدد الله عَلَيْك أَبْوَاب الرزق وَفِيه أَن السخاء يفتح أَبْوَاب الرزق وَالْبخل بِخِلَافِهِ قَوْله [2552] وَلَو بشق تَمْرَة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة أَي نصفهَا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 [2553] فأشاح بِوَجْهِهِ أَي صرف وَجهه كَأَنَّهُ يَرَاهَا وَيخَاف مِنْهَا أَو جد على الايصاء باتقائها إِذْ اقبل إِلَيْنَا فِي خطابه فَإِن المشيح يُطلق على الْخَائِف والجاد فِي الْأَمر والمقبل عَلَيْك قَوْله [2554] عامتهم من مُضر أَي غالبهم من مُضر بل كلهم اضراب إِلَى التَّحْقِيق فَفِيهِ أَن قَوْله عامتهم كَانَ عَن عدم التَّحْقِيق وَاحْتِمَال أَن يكون الْبَعْض من غير مُضر أول الوهلة فَتغير أَي انقبض فَدخل لَعَلَّه لاحْتِمَال أَن يجد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 فِي الْبَيْت مَا يدْفع بِهِ فاقتهم فَلَعَلَّهُ مَا وجد فَخرج والأرحام وَلَعَلَّه قصد بذلك التَّنْبِيه على أَنهم من ذَوي أَرْحَامكُم فيتأكد لذَلِك وصلهم تصدق رجل قيل هُوَ مجزوم بلام أَمر مقدرَة أَصله ليتصدق وَهَذَا الْحَذف مِمَّا جوزه بعض النُّحَاة قلت الْوَاجِب حِينَئِذٍ أَن يكون يتَصَدَّق بياء تحتية بل تَاء فوقية وَلَا وَجه لحذفها فَالْوَجْه أَنه صِيغَة مَاض بِمَعْنى الْأَمر ذكر بِصُورَة الاخبار مُبَالغَة وَبِه انْدفع قَوْله انه لَو كَانَ مَاضِيا لم يساعد عَلَيْهِ قَوْله وَلَو بشق تَمْرَة لِأَن ذَلِك لَو كَانَ اخبارا معنى وَأما إِذا كَانَ أمرا معنى فَلَا يتَأَمَّل حَتَّى رَأَيْت كومين ضبط بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا قَالَ بن السراج هُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا كُوِّمَ وَبِالْفَتْحِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفع كالرابية قَالَ عِيَاض فالفتح هَا هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْكَثْرَةُ وَالتَّشْبِيهُ بِالرَّابِيَةِ يَتَهَلَّل يَسْتَنِير وَيظْهر عَلَيْهِ أَمَارَات السرُور كَأَنَّهُ مذهبَة ذكرُوا أَن الرِّوَايَة فِي النَّسَائِيّ بِضَم مِيم وَسُكُون ذال مُعْجمَة وَفتح هَاء ثمَّ مُوَحدَة قَالَ القَاضِي عِيَاض وَهُوَ الصَّوَاب وَمَعْنَاهُ فضَّة مذهبَة أَي مموهة بِالذَّهَب فَهَذَا أبلغ فِي حسن الْوَجْه وإشراقه أَو هُوَ تَشْبِيه بالمذهبة من الْجُلُود وَهِي شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ وَتَجْعَلُ فِيهِ خُطُوطًا وَضبط بَعضهم بدال مُهْملَة وَضم الْهَاء بعْدهَا نون قَالُوا هُوَ إِنَاء الدّهن من سنّ فِي الْإِسْلَام الخ أَي أَتَى بطريقة مرضية يقْتَدى بِهِ فِيهَا كَمَا فعل الْأنْصَارِيّ الَّذِي أَتَى بَصَره فَلهُ أجرهَا أَي أجر عَملهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2555] الَّذِي يعطاها على بِنَاء الْمَفْعُول ونائب الْفَاعِل ضمير الْمَوْصُول والمنصوب للصدقة وَالْمعْنَى الَّذِي يُرَاد أَن يعْطى الصَّدَقَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 [2556] اشفعوا تشفعوا على بِنَاء الْمَفْعُول من التشفيع أَي تقبل شفاعتكم أَحْيَانًا فَتكون سَببا لقَضَاء حَاجَة الْمُحْتَاج فَإِن قصدتم ذَلِك يكون لكم أجر على الشَّفَاعَة وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة اشفعوا تؤجروا وَهُوَ أظهر قَوْله [2557] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان الرجل الخ اللَّفْظ صَرِيح فِي الرّفْع لَكِن السُّوق يَقْتَضِي أَن قَوْله ان الرجل ليسألني الخ من قَول مُعَاوِيَة وَإِنَّمَا الْمَرْفُوع اشفعوا تؤجروا وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي بعض رِوَايَات أبي دَاوُد وَهُوَ مقتضي سوق رِوَايَته الْمَشْهُورَة وسوقها أقوى فِي اقْتِضَاء الْوَقْف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وان من الْغيرَة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة [2558] وَمن الْخُيَلَاء بِضَم خاء مُعْجمَة وَالْكَسْر لُغَة وَفتح يَاء مَمْدُود الإختيال فِي الرِّيبَة بِكَسْر الرَّاء أَي مَوَاضِع التُّهْمَة والتردد فتظهر فائدتها وَهِي الرهبة والانزجار وان لم تكن رِيبَة تورث البغض والفتن اختيال الرجل بِنَفسِهِ أَي اظهاره الاختيال والتكبر فِي نَفسه بِأَن يمشي مشي المتكبرين قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن يقدم فِي الْحَرْب بنشاط نفس وَقُوَّة قلب لَا يجبن وَعند الصَّدَقَة قيل هُوَ أَن يهزه سجية السخاء فيعطيها طيبَة بهَا نَفسه من غير من وَلَا استكثار وان كَانَ كثيرا بل كلما يعْطى فَلَا يُعْطِيهِ الا وَهُوَ مُسْتَقل لَهُ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 [2559] وَلَا مخيلة بِمَعْنى الْخُيَلَاء قَوْله [2560] كالبنيان بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة أَي كالحائط وَالْمرَاد أَن من شَأْن الْمُؤمن أَن يكون على الْحق الَّذِي هُوَ مُقْتَضى الْإِيمَان وَيلْزم مِنْهُ توَافق الْمُؤمنِينَ على ذَلِك الْحق وتناصرهم وتأييد بَعضهم لبَعض الَّذِي يعْطى مَا أَمر بِهِ من غير زِيَادَة أَو نُقْصَان فِيهِ بهوى طيبَة بهَا بِالصَّدَقَةِ نَفسه أَي يكون رَاضِيا بذلك قَالَ ذَلِك إِذْ كثيرا مَالا يرضى الْإِنْسَان بِخُرُوج شَيْء من يَده وان كَانَ ملكا لغيره أحد المتصدقين أَي يُشَارك صَاحب المَال فِي الصَّدَقَة فيصيران متصدقين وَيكون هُوَ أَحدهمَا هَذَا على أَن الرِّوَايَة بِفَتْح الْقَاف وَهُوَ الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ نعم جَوَاز الْكسر على أَن اللَّفْظ جمع أَي هُوَ متصدق من المتصدقين قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 [2561] الجاهر بِالْقُرْآنِ قد سبق الحَدِيث قَوْله [2562] لَا ينظر الله أَي نظر رَحْمَة أَولا والا فَلَا يغيب أحد عَن نظره وَالْمُؤمن مَرْحُوم بِالآخِرَة قطعا الْعَاق لوَالِديهِ المقصر فِي أَدَاء الْحُقُوق إِلَيْهِمَا المترجلة الَّتِي تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ فَأَمَّا فِي الْعلم والرأي فمحمود والديوث وَهُوَ الَّذِي لَا غيرَة لَهُ على أَهله لَا يدْخلُونَ الْجنَّة لَا يسْتَحقُّونَ الدُّخُول ابْتِدَاء والمدمن الْخمر أَي المديم شربه الَّذِي مَاتَ بِلَا تَوْبَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 [2563] لَا يكلمهم الله الخ كِنَايَة عَن عدم الِالْتِفَات إِلَيْهِم بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة المسبل من الإسبال بِمَعْنى الارخاء عَن الْحَد الَّذِي يَنْبَغِي الْوُقُوف عِنْده وَالْمرَاد إِذا كَانَ عَن مخيلة وَالله تَعَالَى أعلم والمنفق بتَشْديد الْفَاء أَي المروج سلْعَته بِكَسْر السِّين مبيعه قَوْله [2565] وَلَو بظلف الظِّلْفُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ للْفرس والبغل والخف للبعير وَالْمَقْصُود الْمُبَالغَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 [2566] الا دعى لَهُ أَي للْمولى شُجَاع بِالرَّفْع على أَنه نَائِب الْفَاعِل لدعى أَو بِالنّصب على أَنه حَال مقدم كَمَا فِي بعض النّسخ وَلَا عِبْرَة بالخط ونائب الْفَاعِل هُوَ فَضله الَّذِي منع أَي دعى لَهُ فَضله شجاعا يتلمظ يُدِير لِسَانه عَلَيْهِ وَيتبع أَثَره وعَلى تَقْدِير رفع شُجَاع فَضله بِالرَّفْع بدل مِنْهُ بِنَاء على مَا قَالُوا ان الْمُبدل مِنْهُ لَيْسَ فِي حكم التنحية حَتَّى جوزوا ذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ فَقَالُوا الْجِنّ بدل من شُرَكَاء مَعَ أَنه لَا معنى لقَوْله وَجعلُوا لله الْجِنّ بِدُونِ شُرَكَاء أَو هُوَ خبر مَحْذُوف أَي هُوَ فَضله وَيجوز أَن ينصب بِتَقْدِير أعنى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من استعاذ الخ حَاصله من توسل بِاللَّه فِي شَيْء يَنْبَغِي أَن لَا يحرم مَا أمكن [2567] وَمن أَتَى بِلَا مدأى فعل مَعْرُوفا حَال كَونه واصلا اليكم أَو بِالْمدِّ أَعْطَاكُم الْمَعْرُوف والى لتضمين معنى الْوُصُول أَو الْإِحْسَان بِالْمثلِ بل بِأَحْسَن قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 [2568] وَإِنِّي كنت امْرأ كَانَ زَائِدَة أَو بِمَعْنى صَار قَوْله بِمَا بَعثك مَا استفهامية وَقد سبق الحَدِيث قَرِيبا محرم أَي حرم الله تَعَالَى على كل مُسلم تعرض بِكُل مُسلم بِكُل وَجه الا مَا إباحه الدَّلِيل أَخَوان أَي هما أَي المسلمان أَو يُفَارق أَي إِلَى أَن يُفَارق فالمضارع مَنْصُوب بعد أَو بِمَعْنى إِلَى أَن وَحَاصِله أَن الْهِجْرَة من دَار الشّرك إِلَى دَار الْإِسْلَام وَاجِب على كل من آمن فَمن ترك فَهُوَ عَاص يسْتَحق رد الْعَمَل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2569] رجل أَخذ كِنَايَة عَن مداومة الْجِهَاد معتزل مُنْفَرد عَن النَّاس يدل على جَوَاز الْعُزْلَة إِذا خَافَ الْفِتْنَة فِي شعب بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة ويعتزل شرور النَّاس قيل يَنْبَغِي أَن يقْصد بِهِ تَركهم عَن شَره الَّذِي يسْأَل بِاللَّه على بِنَاء الْفَاعِل أَي الَّذِي يجمع بَين القبيحين أَحدهمَا السُّؤَال بِاللَّه وَالثَّانِي عدم الْإِعْطَاء لمن يسْأَل بِهِ تَعَالَى فَمَا يُرَاعِي حُرْمَة اسْمه تَعَالَى فِي الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا وَأما جعله مَبْنِيا للْمَفْعُول فبعيد إِذْ لَا صنع للْعَبد فِي أَن يسْأَله السَّائِل بِاللَّه فَلَا وَجه للْجمع بَينه وَبَين ترك الْإِعْطَاء فِي هَذَا الْمحل وَالْوَجْه فِي افادة ذَلِك الْمَعْنى أَن يُقَال الَّذِي لَا يعْطى إِذا سُئِلَ بِاللَّه وَنَحْوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 [2570] فَرجل أَي فأحدهم معطى رجل فتخلفه أَي مَشى خَلفه وَقوم أَي وَالثَّانِي قَارِئ قوم مِمَّا يعدل بِهِ أَي يُسَاوِيه يتملقني أَي يتَضَرَّع لدي بِأَحْسَن مَا يكون وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 [2572] بِهَذَا الطّواف الْبَاء زَائِدَة فِي خبر لَيْسَ ترده اللُّقْمَة أَي يرد على الْأَبْوَاب لأجل اللُّقْمَة أَو أَنه إِذا أَخذ لقْمَة رَجَعَ إِلَى بَاب آخر فَكَأَن اللُّقْمَة ردته من بَاب إِلَى بَاب وَالْمرَاد لَيْسَ الْمِسْكِين الْمَعْدُود فِي مصارف الزَّكَاة هَذَا الْمِسْكِين بل هَذَا دَاخل فِي الْفَقِير وَإِنَّمَا الْمِسْكِين المستور الْحَال الَّذِي لَا يعرفهُ أحد الا بالتفتيش وَبِه يتَبَيَّن الْفرق بَين الْفَقِير والمسكين فِي المصارف وَقيل المُرَاد لَيْسَ الْمِسْكِين الْكَامِل الَّذِي هُوَ أَحَق بِالصَّدَقَةِ وأحوج إِلَيْهَا الْمَرْدُود على الْأَبْوَاب لأجل اللُّقْمَة وَلَكِن الْكَامِل الَّذِي لَا يجد الخ فَمَا الْمِسْكِين قيل مَا تَأْتِي كَثِيرًا لِصِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَعَلِيهِ هَذَا الحَدِيث وَلَا يفْطن لَهُ على بِنَاء الْمَفْعُول مخففا فَيتَصَدَّق بِالنّصب جَوَاب النَّفْي وَكَذَا فَيسْأَل قَوْله [2573] الْأكلَة بِضَم الْهمزَة اللُّقْمَة قَوْله [2574] إِن لم تجدي الخ أَي يَنْبَغِي أَن لَا يرجع عَن الْبَاب محروما قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 [2575] والعائل الْفَقِير المزهو كالمدعو أَي المتكبر قَوْله [2576] الحلاف أَي كثير الْحلف لترويج مبيعه قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 [2577] السَّاعِي أَي الكاسب الَّذِي يكْسب المَال على الأرملة أَي لأجل التَّصَدُّق عَلَيْهَا والمسكين عطف على الأرملة من لَا زوج لَهَا من النِّسَاء قَوْله [2578] بذهيبة تَصْغِير الذَّهَب للْإِشَارَة إِلَى تقليله وَفِي نُسْخَة بِلَا تَصْغِير بتربتها أَي مخلوطة بترابها بن علاثة بِضَم عين مُهْملَة وَتَخْفِيف لَام ومثلثة صَنَادِيد قُرَيْش أَي أَشْرَافهم وَالْوَاحد صنديد بِكَسْر الصَّاد قَالَ أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اعتذارا كث اللِّحْيَة أَي غليظها مشرف الوجنتين أَي مرتفعهما والوجنة مثلث الْوَاو أَعلَى الخد غائر الْعَينَيْنِ أَي ذاهبهما إِلَى الدَّاخِل ناتئ بِالْهَمْزَةِ أَي مُرْتَفع الجبين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 أيأمنني أَي الله حَيْثُ بَعَثَنِي رَسُولا إِلَيْهِم فَإِن مدَار الرسَالَة على الْأَمَانَة ان من ضئضئ الخ أَي مَنعه عَن الْقَتْل ثمَّ ذكر هَذِه الْقَضِيَّة ليعلم أَن وُقُوع هَذَا الْأَمر الشنيع من الرجل غير بعيد فَفِي الحَدِيث اخْتِصَار والضئضئ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ همزَة هُوَ الأَصْل يُرِيد أَنه يخرج من نَسْله وعقبه كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت الْوَجْه أَن يُقَال من قبيلته إِذْ لَا يُقَال لنسل الرجل أَنه أَصله الا أَن يُقَال بِنَاء على اعْتِبَار الْإِضَافَة بَيَانِيَّة وَالْخُرُوج مِنْهُ خُرُوج من نَسْله وَالله تَعَالَى أعلم لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ أَي حلقهم بالصعود إِلَى مَحل الْقبُول أَو بالنزول إِلَى الْقُلُوب ليفقهوا يَمْرُقُونَ أَي يخرجُون وَظَاهره أَنهم كفرة وَبِه يَقُول أهل الحَدِيث أَو بَعضهم لَكِن أهل الْفِقْه على إسْلَامهمْ فَالْمُرَاد الْخُرُوج من حُدُود الْإِسْلَام أَو كَمَاله من الرَّمية بِفَتْح رَاء وَتَشْديد يَاء هِيَ الصَّيْد المرمى لِأَنَّهُ ذَاته مرمية قَتْلَ عَادٍ أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 قَوْله [2579] تحملت حمالَة بِفَتْح الْحَاء مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَةٍ أَو غَرَامَة أَي تكفلت مَالا لاصلاح ذَات الْبَين قَالَ الْخطابِيّ هِيَ أَن يَقع بَين الْقَوْم التشاجر فِي الدِّمَاء وَالْأَمْوَال وَيخَاف من ذَلِك الْفِتَن الْعَظِيمَة فيتوسط الرجل فِيمَا بَينهم يسْعَى فِي ذَات الْبَين وَيضمن لَهُم مَا يترضاهم بذلك حَتَّى يسكن الْفِتْنَة قَوْله [2580] أقِم أَي كن فِي الْمَدِينَة مُقيما ان الصَّدَقَة أَي الْمَسْأَلَة لَهَا كَمَا فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة أَلا لأحد ثَلَاثَة أَي لَا تحل الا لصَاحب ضَرُورَة ملجئة إِلَى السُّؤَال كأصحاب هَذِه الضرورات وَالله تَعَالَى أعلم قواما بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يَقُومُ بِحَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ أَو سدادا بِكَسْر السِّين مَا يَكْفِي حَاجته والسداد بِالْكَسْرِ كل شَيْء سددت بِهِ خللا وَالشَّكّ من بعض الروَاة وَالظَّاهِر أَن هَذَا قلب من بعض الروَاة والا فَهَذِهِ الْغَايَة إِنَّمَا يُنَاسب الثَّانِي وللغاية الَّتِي تَجِيء هُنَاكَ تناسب الأول وَقد جَاءَت الرِّوَايَات كَذَلِك كَرِوَايَة مُسلم وَغَيره جَائِحَة أَي آفَة فاجتاحت أَي أستأصلت مَاله كالغرق والحرق وَفَسَاد الزَّرْع حَتَّى يشْهد أَي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 أَصَابَته فاقة إِلَى أَن ظَهرت ظهورا بَينا وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الشَّهَادَة بل الظُّهُور وَالْمَقْصُود بِالذَّاتِ أَنه ان أَصَابَته فاقة بالتحقيق ذَوي الحجى بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة الْعقل سحت بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي حرَام قَوْله [2581] إِنَّمَا أَخَاف أَي مَا أَخَاف عَلَيْكُم الْفقر وَإِنَّمَا أَخَاف عَلَيْكُم الْغنى أَو يَأْتِي الْخَيْر أَي المَال لقَوْله تَعَالَى ان ترك خيرا فَكيف يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الشَّرّ حَتَّى يخَاف مِنْهُ تكلم بِضَم حرف المضارعة من التكليم الرُّحَضَاءَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَمْدُودَةٍ هُوَ عَرَقٌ يَغْسِلُ الْجِلْدَ لِكَثْرَتِهِ قَوْله أشاهد السَّائِل وَفِي نُسْخَة أفشاهد السَّائِل الخ يُرِيد التَّمْهِيد للجواب عَن شَاهد السَّائِل أَي عَمَّا اعْتمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 السَّائِل عَلَيْهِ فِي سُؤَاله بِتَقْدِير نفس الشَّاهِد حَتَّى يُجيب عَنهُ أَي أشاهد السَّائِل هَذَا وَهُوَ أَنه لَا يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ مِمَّا ينْبت الرّبيع قيل هُوَ الْفَصْل الْمَشْهُور بالانبات وَقيل هُوَ النَّهر الصَّغِير المنفجر عَن النَّهر الْكَبِير أَو يلم بِضَم الْيَاء وَكسر اللَّام أَي يقرب من الْقَتْل ثمَّ الْمَوْجُود فِي نسخ الْكتاب إِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ بِدُونِ كلمة مَا قبل يقتل وَهُوَ اما مبْنى على أَن من فِي مِمَّا ينْبت تبعيضية وَهِي اسْم عِنْد الْبَعْض فَيصح أَن يكون اسْم ان وَيقتل خبر ان أَو كلمة مَا مقدرَة والموصول مَعَ صلته اسْم ان وَالْجَار وَالْمَجْرُور أعنى مِمَّا ينْبت خَبره وَقَوله الا آكِلَة الْخضر كلمة الا بتَشْديد اللَّام استثنائية والآكلة بِمد الْهمزَة وَالْخضر بِفَتْح خاء وَكسر ضاد معجتمتين قيل نوع من الْبُقُول لَيْسَ من جيدها وأحرارها وَقيل هُوَ كلأ الصَّيف الْيَابِس وَالِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع أَي لَكِن آكِلَة الخضرة تنْتَفع بأكلها فَإِنَّهَا تَأْخُذ الْكلأ على الْوَجْه الَّذِي يَنْبَغِي وَقيل مُتَّصِل مفرغ فِي الاثبات أَي يقتل كل آكِلَة الا آكِلَة الْخضر وَالْحَاصِل أَن مَا ينبته الرّبيع خير لَكِن مَعَ ذَلِك يضر إِذا لم تستعمله الآكلة على وَجهه وَإِذا اسْتعْملت على وَجهه لَا يضر فَكَذَا المَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال إِذا امتدت خاصرتاها أَي شبعت اسْتقْبلت عين الشَّمْس تستمرئ بذلك فثلطت بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَاللَّام أَي أَلْقَت رجيعها سهلا رَقِيقا خضرَة بِفَتْح فَكسر أَي كبقلة خضرَة فِي المنظر حلوة أَي كفاكهة حلوة فِي الذَّوْق فلكثرة ميل الطَّبْع يَأْخُذ الْإِنْسَان بِكُل وَجه فيؤديه ذَلِك إِلَى الْوَجْه الَّذِي لَا يَنْبَغِي فَيهْلك ان أعْطى مِنْهُ الْيَتِيم الخ أَي بعد أَن أَخذه بِوَجْهِهِ والى هَذَا الْقَيْد أَشَارَ بِذكر يَقْتَضِيهِ فِي الْمُقَابل فَلَا بُد فِي الْخَبَر من أَمريْن أَحدهمَا تَحْصِيله بِوَجْهِهِ وَالثَّانِي صرفه فِي مصارفه وَعند انْتِفَاء أَحدهمَا يصير ضَرَرا وعَلى هَذَا فقد ترك مُقَابل الْمَذْكُور هَا هُنَا فِيمَا بعد أعنى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 وَالَّذِي يَأْخُذهُ بِغَيْر حَقه أَي أَو لَا يَسْتَعْمِلهُ بعد أَخذه بِحقِّهِ فِي مصارفه فَفِي الْكَلَام صِيغَة الاحتباك وَقد يُقَال فِيهِ إِشَارَة إِلَى الْمُلَازمَة بَين القيدين فَلَا يوفق الْمَرْء للصرف فِي المصارف الا إِذا أَخذه بِوَجْهِهِ قَلما يصرف فِي غير مصارفه وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [2582] اثْنَتَانِ أَي فَفِيهَا أَجْرَانِ فَهَذَا حث على التَّصَدُّق على الرَّحِم والاهتمام بِهِ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 [2583] تصدقن الظَّاهِر أَنه أَمر ندب بِالصَّدَقَةِ النَّافِلَة لِأَنَّهُ خطاب بالحاضرات وبعيد أَنَّهُنَّ كُلهنَّ مِمَّن فرض عَلَيْهِنَّ الزَّكَاة وَكَأن المُصَنّف حمله على الزَّكَاة لِأَن الأَصْل فِي الْأَمر الْوُجُوب وَلَو من حليكن بِضَم حاء وَكسر لَام وَتَشْديد تحتية على الْجمع وجوزوا فتح الْحَاء وَسُكُون اللَّام على أَنه مُفْرد قلت الافراد يُنَاسب الْإِضَافَة إِلَى الْجمع الا ان يحمل على الْجِنْس وَلَا دلَالَة فِيهِ على وجوب الزَّكَاة فِي الحلى وان حملنَا الحَدِيث على الزَّكَاة لِأَن الْأَدَاء من الحلى لَا يقتضى الْوُجُوب فِيهَا خَفِيف ذَات الْيَد أَي قَلِيل المَال وَلَا تخبر من نَحن أَي بِلَا سُؤال والا فَعِنْدَ السُّؤَال يجب الاخبار فَلَا يُمكن الْمَنْع عَنهُ وَلذَلِك أخبر بِلَال بعد السُّؤَال أجر الْقَرَابَة أَي أجر وَصلهَا قَوْله [2584] لِأَن يحتزم بِفَتْح اللَّام وَالْكَلَام من قبيل وَأَن تَصُومُوا خير لكم أَي مَا يلْحق الْإِنْسَان بالاحتزام من التَّعَب الدنيوي خير مِمَّا يلْحقهُ بالسؤال من التَّعَب الاخروي فَعِنْدَ الْحَاجة يَنْبَغِي لَهُ أَن يخْتَار الأول وَيتْرك الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 [2585] مزعة لحم بِضَم مِيم وَحكى كسرهَا وَفتحهَا وَسُكُون زَاي مُعْجمَة وَعين مُهْملَة الْقطعَة الْيَسِيرَة من اللَّحْم وَالْمرَاد أَنه يَجِيء ذليلا لَا جَاهَ لَهُ وَلَا قَدْرَ كَمَا يُقَالُ لَهُ وَجه عِنْد النَّاس أَو لَيْسَ لَهُ وَجه أَو أَنه يعذب فِي وَجهه حَتَّى يسْقط لَحْمه أَو أَنه يَجْعَل لَهُ ذَلِك عَلامَة يعرف بِهِ وَالظَّاهِر مَا قيل أَنه جازاه الله من جنس ذَنبه فَإِنَّهُ صرف بالسؤال مَاء وَجهه عِنْد النَّاس قَوْله [2586] عَن بسطَام بِكَسْر الْمُوَحدَة وَحكى فتحهَا قَالَ بن الصَّلَاحِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَفَهُ قَوْله على أُسْكُفَّة الْبَاب بِهَمْزَة مَضْمُومَة وَسُكُون سين مُهْملَة وَضم كَاف وَتَشْديد فَاء عتبته مَا فِي الْمَسْأَلَة من الضَّرَر أَو الْإِثْم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 [2587] أسأَل على تَقْدِير حرف الِاسْتِفْهَام وَالْمرَاد أسأَل المَال من غير الله المتعال والا فَلَا منع للسؤال من الله تَعَالَى بل هُوَ الْمَطْلُوب فتسأل الصَّالِحين أَي القادرين على قَضَاء الْحَاجة أَو أخيار النَّاس لأَنهم لَا يحرمُونَ السَّائِلين ويعطون مَا يُعْطون عَن طيب نفس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2588] إِذا نفد بِكَسْر الْفَاء واهمال أَي فرغ مَا يكون مَا مَوْصُولَة لَا شَرْطِيَّة والا لوَجَبَ يكن بِحَذْف الْوَاو وَالْفَاء فِي قَوْله فَلَنْ أدخره لتضمن الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط أَي لَيْسَ أحبسه عَنْكُم وَلَا أَن فَرد بِهِ دونكم وَمن يستعفف يعفه من شَرْطِيَّة هُنَا وَفِيمَا بعد والفعلان مجزومان أَي من يطْلب العفاف وَهُوَ ترك السُّؤَال يُعْطه الله العفاف وَمن يتصبر أَي تكلّف فِي تحمل مشاق الصَّبْر وَفِي التَّعْبِير بِبَاب لتكلف إِشَارَة إِلَى أَن ملكة الصَّبْر تحْتَاج فِي الْحُصُول إِلَى الِاعْتِبَار وَتحمل المشاق من الْإِنْسَان يصبره الله من التصبير أَي جعله صَابِرًا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 [2590] من يضمن لي وَاحِدَة أَي خصْلَة وَاحِدَة يُرِيد من يديم على هَذِه الْخصْلَة فَلهُ الْجنَّة فِي مقابلتها أَن لَا يسْأَل النَّاس شَيْئا أَي من مَالهم والا فَطلب مَاله عَلَيْهِم لَا يضر وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 [2592] جَاءَت أَي مَسْأَلته خموشا بِضَم أَوله مَنْصُوب على الْحَال وَهُوَ مصدر أَو جمع من خَمش الْجلد قشره بِنَحْوِ عود أَو كدوحا مثل خموشا وزنا وَمعنى وأو للشَّكّ من بعض الروَاة وماذا يُغْنِيه أَي مَا الْغنى الْمَانِع عَن السُّؤَال وَلَيْسَ المُرَاد بَيَان الْغنى الْمُوجب لِلزَّكَاةِ أَو الْمحرم لأخذها من غير سُؤال قَوْله [2593] لَا تلحفوا فِي الْمَسْأَلَة من ألحف أَو لحف بِالتَّشْدِيدِ أَي ألح عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 [2595] سرحتني بتَشْديد الرَّاء أَي أرسلتني أُوقِيَّة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء أَي أَرْبَعُونَ درهما قَوْله [2596] فَقَالَت لي أَي أَهلِي والتأنيث لِأَن المُرَاد الْمَرْأَة أَو لِأَن الْأَهْل جمع معنى فولى بتَشْديد اللَّام أَي أدبر وَهُوَ مغضب بِفَتْح الضَّاد أَي موقع فِي الْغَضَب انك تُعْطى من شِئْت أَي لَا تُعْطى فِي المصارف وَإِنَّمَا تتبع فِيهِ مشيئتك أَن لَا أجد أَي لأجل أَن لَا أجد وَله أُوقِيَّة أَو عدلها هَذَا يدل على أَن التَّحْدِيد بِخَمْسِينَ درهما لَيْسَ مَذْكُورا على وَجه التَّحْدِيد بل هُوَ مَذْكُور على وَجه التَّمْثِيل للقحة بِفَتْح اللَّام على أَنَّهَا لَام ابْتِدَاء واللقحة بِفَتْح اللَّام أَو كسرهَا النَّاقة الْقَرِيبَة الْعَهْد بالنتاج أَو الَّتِي هِيَ ذَات لبن قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 [2597] لَا تحل الصَّدَقَة أَي سؤالها والا فَهِيَ تحل للْفَقِير وان كَانَ قَوِيا صَحِيح الْأَعْضَاء إِذا أعطَاهُ أحد بِلَا سُؤال مرّة بِكَسْر مِيم وَتَشْديد رَاء أَي قُوَّة سوى صَحِيح الْأَعْضَاء قَوْله فَقلب بتَشْديد اللَّام جلدين بِفَتْح جِيم وَسُكُون لَام أَي قويين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 [2598] ان شئتما أَي أعطيتكما كَمَا فِي رِوَايَة وَهَذَا يدل على أَنه لَو أدّى أحد إِلَيْهِمَا يحل لَهما أَخذه وَيُجزئ عَنهُ والا لم يَصح لَهُ أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا بمشيئتهما فَقَوله ولاحظ فِيهَا الضَّمِير للصدقة على تَقْدِير الْمُضَاف أَي فِي سؤالها أَو للمسألة الْمَعْلُومَة من الْمقَام مكتسب أَي قَادر على الْكسْب قَوْله كدوح بِضَمَّتَيْنِ أَي آثَار القشر ترك أَي الكدوح أَو السُّؤَال وَهَذَا لَيْسَ بِتَخْيِير بل هُوَ توبيخ مثل قَوْله تَعَالَى فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر ذَا سُلْطَان قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن يسألة حقة من بَيت المَال الَّذِي فِي يَده أَو شَيْئا ظَاهره أَنه عطف على ذَا سُلْطَان وَلَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 يَسْتَقِيم أذ السُّؤَال يتَعَدَّى إِلَى مفعولين الشَّخْص وَالْمَطْلُوب الْمُحْتَاج إِلَيْهِ وَذَا سُلْطَان هُوَ الأول وَترك الثَّانِي للْعُمُوم وشيئا هَا هُنَا لَا يصلح أَن يكون الأول بل هُوَ الثَّانِي الا أَن يُرَاد بشيئا شخصا وَمعنى لَا يجد مِنْهُ أَي من سُؤَاله بدا وَهُوَ تكلّف بعيد فَالْأَقْرَب أَن يُقَال تَقْدِيره أَو يسْأَل شَيْئا الخ وَحذف هَا هُنَا الْمَفْعُول الأول لقصد الْعُمُوم أَو يقدر يسْأَل ذَا سُلْطَان أَي شَيْء كَانَ أَو غَيره شَيْئا لَا يجد مِنْهُ بدا فَهُوَ من عطف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 شَيْئَيْنِ على شَيْئَيْنِ الا أَنه حذف من كل مِنْهُمَا مَا ذكر مماثله فِي الآخر من صَنْعَة الاحتباك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2603] لَا أرزأ بِتَقْدِيم الرَّاء الْمُهْملَة على الزَّاي الْمُعْجَمَة آخِره همزَة أَي لَا آخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا وَأَصْلُهُ النَّقْصُ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 [2604] بعمالة بِضَم الْعين الْمُهْملَة أَي رزق الْعَامِل إِذا أَعْطَيْت على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله [2605] ألم أخبر على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد الِاسْتِفْهَام عَن مُتَعَلق الاخبار لَا عَنهُ نَفسه تعْمل على عمل أَي تسْعَى عَلَيْهِ فتعطى على بِنَاء الْمَفْعُول عمالة بِضَم الْعين أَي أُجْرَة إِنِّي أردْت بِضَم التَّاء الَّذِي أردْت بِفَتْح التَّاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 فتموله أَي إِذا أخذت فَإِن شِئْت أبقه عنْدك مَالا وَإِن شِئْت تصدق بِهِ فَلَا تتبعه أَي من أتبع مخففا أَي فَلَا تجْعَل نَفسك تَابِعَة لَهُ ناظرة إِلَيْهِ لأجل أَن يحصل عنْدك أشارة إِلَى أَن الْمدَار على عدم تعلق النَّفس بِالْمَالِ لَا على عدم أَخذه ورده على الْمُعْطى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2606] تلِي من الْولَايَة غير مشرف من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 الْأَشْرَاف أَي غير طامع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 قَوْله [2609] إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ تَنْبِيهٌ على الْعلَّة فِي تَحْرِيم الزَّكَاة عَلَيْهِم وَأَن التَّحْرِيم لِكَرَامَتِهِمْ وَتَنْزِيهِهِمْ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَمَعْنَى أَوْسَاخِ النَّاسِ أَنَّهَا تَطْهِير لأموالهم ونفوسهم كَمَا قَالَ الله تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا فَهِيَ كغسالة الأوساخ قَوْله [2610] من أنفسهم أَي أَنه يعد وَاحِدًا مِنْهُم فَحكمه كحكمهم فَيَنْبَغِي أَن لَا تحل الزَّكَاة لِابْنِ أُخْت هاشمي كَمَا لَا تحل لهاشمي ولإفادة هَذَا الْمَعْنى ذكر المُصَنّف هَذَا الحَدِيث هَا هُنَا قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظ مَا يقتضى توريثه وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه بَينه وَبينهمْ ارتباط وَقَرَابَةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِرْثِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي إِفْشَاءِ سرهم بِحَضْرَتِهِ وَنَحْو ذَلِك قَوْله [2612] وان مولى الْقَوْم مِنْهُم أَي فَلَا تحل لَك لكونك مَوْلَانَا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 [2613] بسط يَده أَي أكل قَوْله [2614] ولاءها بِفَتْح الْوَاو أَي لأَنْفُسِهِمْ اشتريها أَي مَعَ ذَلِك الشَّرْط كَمَا فِي رِوَايَة وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِر لِأَن مواليها كَانُوا يأبون الشِّرَاء بِدُونِ هَذَا الشَّرْط فَكيف يتَحَقَّق مِنْهُم الشِّرَاء بِدُونِهِ نعم يلْزم مِنْهُ أَن يفْسد البيع لِأَنَّهُ شَرط فِي نفع لأحد الْعَاقِدين وَمثله مُفسد وَأَيْضًا هُوَ من بَاب الخداع فتجويزه مُشكل وَلَا مخلص الا بالْقَوْل بِأَن للشارع أَن يخص من شَاءَ بِمَا يَشَاء فَيمكن أَنه خص هَذَا البيع بِالْجَوَازِ ليبطل عَلَيْهِم الشَّرْط بعد وجوده للْمُبَالَغَة فِي الانزجار وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 [2614] هُوَ لَهَا صَدَقَة فَالظَّاهِر أَن صَدَقَة بِالرَّفْع خبر وَلها بِمَعْنى فِي حَقّهَا مُتَعَلق بهَا قَالَ بن مَالِكٍ يَجُوزُ فِي صَدَقَةٌ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خبر هُوَ وَلها صفة صَدَقَة فَصَارَت حَالا وَالنّصب على الْحَال أَو يَجْعَل لَهَا الْخَبَر انْتهى فَلْيتَأَمَّل قَوْله وَكَانَ زَوجهَا حرا أَي حِين خيرت فالتخيير لِلْعِتْقِ لَا لكَون الزَّوْج عبدا وَبِه قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَمَا جَاءَ أَنه كَانَ عبدا فمحمله أَن الرَّاوِي مَا علم بِعِتْقِهِ فَزعم بَقَاءَهُ على الْحَال الأولى وَمن أثبت الْحُرِّيَّة فمعه زِيَادَة علم فَيقبل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأضاعه أَي بترك الْقيام بِالْخدمَةِ والعلف وَنَحْوهَا أبتاعه أَي أشتريه [2615] انه بَائِعه اسْم فَاعل أَي يَبِيعهُ برخص بِضَم رَاء وَسُكُون خاء ضد الغلاء فان الْعَائِد أَي بِالْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيّ بِخِلَاف مَا إِذا رده الْإِرْث فَلَا يُسمى صَاحبه عَائِدًا وَالْحَاصِل أَن مَا أخرجه الْإِنْسَان لله فَلَا يَنْبَغِي لِأَن يَجْعَل لنَفسِهِ بِفعل اخْتِيَاري وَلَا ينْتَقض بِنِكَاح الْأمة الْمُعتقَة فَإِنَّهُ من بَاب زِيَادَة الْإِحْسَان فَلْيتَأَمَّل ثمَّ هَذَا الْكَلَام لَا يُفِيد التَّحْرِيم أَو عدم الْجَوَاز إِذْ لم يعلم عود الْكَلْب فِي قيئه بِحرْمَة أَو عدم جَوَاز وَلَكِن تفِيد أَنه قَبِيح مَكْرُوه بِمَنْزِلَة الْمَكْرُوه المستقذر طبعا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 [2618] فتؤدى على بِنَاء الْمَفْعُول وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 (كتاب مَنَاسِك الْحَج) قَوْله [2619] فِي كل عَام أَي هُوَ مَفْرُوض على كل انسان مُكَلّف فِي كل سنة أَو هُوَ مَفْرُوض عَلَيْهِ مرّة وَاحِدَة لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ الخ أَي لوَجَبَ الْحَج كل عَام وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَن أَمر افتراض الْحَج كل عَام كَانَ مفوضا إِلَيْهِ حَتَّى لَو قَالَ نعم لحصل وَلَيْسَ بمستبعد إِذْ يجوز أَن يَأْمر الله تَعَالَى بِالْإِطْلَاقِ ويفوض أَمر التَّقْيِيد إِلَى الَّذِي فوض إِلَيْهِ الْبَيَان فَهُوَ ان أَرَادَ أَن يبقيه على الْإِطْلَاق يبقيه عَلَيْهِ وان أَرَادَ أَن يُقَيِّدهُ بِكُل عَام يُقَيِّدهُ بِهِ ثمَّ فِيهِ إِشَارَة إِلَى كَرَاهَة السُّؤَال فِي النُّصُوص الْمُطلقَة والتفتيش عَن قيودها بل يَنْبَغِي الْعَمَل باطلاقها حَتَّى يظْهر فِيهَا قيد وَقد جَاءَ الْقُرْآن مُوَافقا لهَذِهِ الْكَرَاهَة ذروني أَي اتركوني من السُّؤَال عَن الْقُيُود فِي المطلقات مَا تركتكم عَن التَّكْلِيف فِي الْقُيُود فِيهَا وَلَيْسَ المُرَاد لَا تَطْلُبُوا مني الْعلم مَا دَامَ لَا أبين لكم بنفسي وَاخْتِلَافهمْ عطف على كَثْرَة السُّؤَال إِذْ الِاخْتِلَاف وان قل يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك وَيحْتَمل أَنه عطف على سُؤَالهمْ فَهُوَ أَخْبَار عَمَّن تقدم بِأَنَّهُ كثر اخْتلَافهمْ فِي الْوَاقِع فأداهم إِلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 الْهَلَاك وَهُوَ لَا يُنَافِي أَن الْقَلِيل من الِاخْتِلَاف مؤد إِلَى الْفساد فَإِذا أَمرتكُم الخ يُرِيد أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يَقْتَضِي دوَام الْفِعْل وَإِنَّمَا يَقْتَضِي جنس الْمَأْمُور بِهِ وَأَنه طَاعَة مَطْلُوبَة يَنْبَغِي أَن يَأْتِي كل انسان مِنْهُ على قدر طاقته وَأما النَّهْي فَيَقْتَضِي دوَام التّرْك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2620] لَا تَسْمَعُونَ سَماع قبُول وَلَا تطيعون ان سَمِعْتُمْ وَقَوله لَا تطيعون كالتتميم للْأولِ والتأكيد لَهُ أَو لبَيَان أَن الطَّاعَة تَنْتفِي اصالة لتعذرها أَو تعسرها لَا لاستلزام انْتِفَاء السّمع انتفاءها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2621] وَلَا الظعن بِفتْحَتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي وَالْأولَى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة مصدر ظعن يظعن بِالضَّمِّ إِذا سَار وَفِي الْمجمع الظعن الرَّاحِلَة أَي لَا يقوى على السّير وَلَا على الرّكُوب من كبر السن قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ الإِمَام أَحْمد وَلَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا أصح مِنْهُ وَلَا يخفى أَن الْحَج وَالْعمْرَة عَن الْغَيْر ليسَا بواجبين على الْفَاعِل فَالظَّاهِر حمل الْأَمر على النّدب وَحِينَئِذٍ فَفِي دلَالَة الحَدِيث على وجوب الْعمرَة خَفَاء لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 [2622] الْحجَّة المبرورة قيل هِيَ الَّتِي لَا يخالطها إِثْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ وَقِيلَ هِيَ المقبولة الْمُقَابلَة بِالْبرِّ وَهُوَ الثَّوَاب وَمن عَلَامَات الْقَبُولِ أَنْ يَرْجِعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ وَلَا يعاود الْمعاصِي وَقيل هِيَ الَّتِي لَا رِيَاء فِيهَا وَقيل هِيَ الَّتِي لَا يعقبها مَعْصِيّة وهما داخلان فِيمَا قبلهمَا لَيْسَ لَهَا جَزَاء الا الْجنَّة أَي دُخُولهَا أَولا والا فمطلق الدُّخُول يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَان وعَلى هَذَا فَهَذَا الحَدِيث من أَدِلَّة أَن الْحَج يغْفر بِهِ الْكَبَائِر أَيْضا لحَدِيث رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه بل هَذَا الحَدِيث يُفِيد مغْفرَة مَا تقدم من الذُّنُوب وَمَا تَأَخّر وَالله تَعَالَى أعلم وَالْعمْرَة إِلَى الْعمرَة قيل يحْتَمل أَن تكون إِلَى بِمَعْنَى مَعَ أَيِ الْعُمْرَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 مَعَ الْعمرَة أَو بمعناها مُتَعَلقَة بكفارة أَي تكفر إِلَى الْعمرَة ولازمة أَنَّهَا تكفر الذُّنُوب الْمُتَأَخِّرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2625] وَفد الله ثَلَاثَة فِي الْقَامُوس وَفد إِلَيْهِ وَعَلِيهِ يفد وَفْدًا ورد وَفِي الصِّحَاح وَفد فلَان على الْأَمِير أَي ورد رَسُولا فَهُوَ وَافد وَالْجمع وَفد مثل صَاحب وَصَحب فَالْمَعْنى السائرون إِلَى الله القادمون عَلَيْهِ من الْمُسَافِرين ثَلَاثَة أَصْنَاف فتخصيص هَؤُلَاءِ من بَين العابدين لاخْتِصَاص السّفر بهم عَادَة والْحَدِيث اما بعد انْقِطَاع الْهِجْرَة أَو قبلهَا لَكِن ترك ذكرهَا لعدم دوامها وَالسّفر للْعلم لَا يطول غَالِبا فَلم يذكرُوا السّفر إِلَى الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث لَا تشد الرّحال الا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد لَيْسَ بِمَثَابَة السّفر إِلَى الْحَج وَنَحْوه فَترك وَيحْتَمل أَن لَا يُرَاد بِالْعدَدِ الْحصْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 [2626] جِهَاد الْكَبِير أَي هما بِمَنْزِلَة الْجِهَاد لفاعلهما وكل هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين يُمكن لَهُم الْوُصُول إِلَيْهِمَا قَوْله [2627] فَلم يرْفث بِضَم الْفَاء وَلم يفسق بِضَم السِّين الرَّفَث القَوْل الْفُحْش وَقيل الْجِمَاع وَقَالَ الْأَزْهَرِي الرَّفَث اسْم لكل مَا يُريدهُ الرجل من الْمَرْأَة وَالْفِسْق ارْتِكَاب شَيْء من الْمعْصِيَة وَالظَّاهِر أَن المُرَاد نفي الْمعْصِيَة بالْقَوْل والجوارح جَمِيعًا وَهُوَ المُرَاد بقوله تَعَالَى فَلَا رفث وَلَا فسوق وَالله تَعَالَى أعلم رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه أَي صَار أَو رَجَعَ من ذنُوبه أَو فرغ من الْحَج وَحمله على معنى رَجَعَ إِلَى بَيته بعيد وَقَوله كَيَوْم وَلدته أمه خبر على الأول أَو حَال على الْوُجُوه الاخر بِتَأْوِيل كنفسه يَوْم وَلدته أمه إِذْ لَا معنى لتشبيه الشَّخْص بِالْيَوْمِ وَقَوله كَيَوْم يحْتَمل الاعراب وَالْبناء على الْفَتْح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2628] فنجاهد بِالنّصب جَوَاب الْعرض وَلَكِن هُوَ بِالتَّخْفِيفِ حرف اسْتِدْرَاك أَو بِالتَّشْدِيدِ على خطاب النسْوَة أَو حرف اسْتِدْرَاك فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 [2630] تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة أَي اجعلوا أَحدهمَا تَابعا للْآخر وَاقعا على عقبَة أَي إِذا حججتم فاعتمروا وَإِذا اعتمرتم فحجوا فَإِنَّهُمَا متابعان الْكِير بِكَسْر الْكَاف كير الْحداد الْمَبْنِيّ من الطين وَقيل زق ينْفخ بِهِ النَّار فالمبني من الطين كور وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هَا هُنَا نفس النَّار على الأول ونفخها على الثَّانِي والخبث بِفتْحَتَيْنِ ويروى بِضَم فَسُكُون هُوَ الْوَسخ والردئ الْخَبيث قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 [2631] دون الْجنَّة أَي سواهَا قَوْله [2632] أَكنت قاضيه أَي الدّين فاقضوا الله أَي دينه فَهُوَ أَي الله أَحَق بِالْوَفَاءِ ظَاهره أَن حق الله يقدم على حق العَبْد عِنْد الإجتماع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 [2635] من خثعم بِفَتْح مُعْجمَة وَسُكُون مُثَلّثَة فَفتح مُهْملَة غير منصرف للعلمية وَوزن الْفِعْل أَو التَّأْنِيث لكَونه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 اسْم قَبيلَة أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا يُفِيد أَن افتراض الْحَج لَا يشْتَرط لَهُ الْقُدْرَة على السّفر وَقد قرر صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَهُوَ يُؤَيّد أَن الِاسْتِطَاعَة الْمُعْتَبرَة فِي افتراض الْحَج لَيست بِالْبدنِ وَإِنَّمَا هِيَ بالزاد وَالرَّاحِلَة وَالله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 تَعَالَى أعلم قَوْله رَدِيف هُوَ الرَّاكِب خلف آخر قَوْله [2642] فحول وَجهه من الشق الآخر أَي فحول الْفضل وَجهه من الشق الآخر إِلَى شقّ الخثعمية ينظر إِلَيْهَا أَو كلمة من بِمَعْنى إِلَى وَضمير حول للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالشق الآخر هُوَ شقّ الخثعمية سمى آخر لكَون الْفضل كَانَ نَاظرا قبل ذَلِك إِلَى غير شقها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 [2644] أَنْت أكبر ولد أَبِيك فحج عَنهُ يُرِيد أَن الْأَكْبَر أَحَق بتخليص ذمَّة الْأَب من غَيره قَوْله وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلِهَا لَهُ وَتَجْنِيبِهَا إِيَّاهُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَفِعْلِ مَا يَفْعَله قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 [2648] بِالرَّوْحَاءِ بِفَتْح الرَّاء الْمَمْدُود اسْم مَوضِع قَالُوا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي وَأَصْحَابه من المحفة بِكَسْر الْمِيم وَحكى فتحهَا وَتَشْديد الْفَاء مركب من مراكب النِّسَاء كالهودج الا أَنَّهَا لَا تقبب كَمَا يقبب الهودج كَذَا فِي الصِّحَاح قَوْله [2649] فِي خدرها بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي سترهَا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 [2650] من ذِي الْقعدَة بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا لَا نرى الا الْحَج حِكَايَة لحَال غَالب الْقَوْم والا فَكَانَ فيهم من نوى الْعمرَة بل قد جَاءَ أَنَّهَا كَانَت مُحرمَة بِعُمْرَة أَن يحل أَي يَجْعَل نُسكه عمْرَة وَالْجُمْهُور على أَن هَذَا لَا يجوز الْيَوْم وَأحمد على الْجَوَاز قَوْله يهل من أهل أَي يحرم وَهُوَ خبر بِمَعْنى الْأَمر فَإِن خبر الشَّارِع آكِد فِي الطّلب من الْأَمر وَالْمرَاد أَنه لَا يُؤَخر عَن ذِي الحليفة والا فالتقديم عِنْد الْجُمْهُور جَائِز وَذي الحليفة بِالتَّصْغِيرِ مَوضِع مَعْلُوم [2651] من الْجحْفَة بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء الْمُهْملَة الساكنة من قرن بِفَتْح فَسُكُون وغلطوا الْجَوْهَرِي فِي قَوْله أَنه بِفتْحَتَيْنِ من يَلَمْلَم بِفَتْح الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح اللامين بَينهمَا مِيم سَاكِنة قَوْله [2652] أَيْن تَأْمُرنَا أَن نهل إِلَى قَوْله يهل وَجه كَونه جَوَاب الْأَمر مَا تقدم من أَن خبر الشَّارِع بِمَعْنى الْأَمر قَوْله بن بهْرَام بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسرهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 [2653] وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات العقيق أَيْضا وَالْمَشْهُور أَن عمر هُوَ الَّذِي عين لَهُم ذَات عرق من غير أَن يبلغهُ الحَدِيث فَإِن صَحَّ هَذَا الْخَبَر فَهَذَا من مُوَافقَة عمر الصَّوَاب فِي الِاجْتِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَقت أَي حدد وَعين للْإِحْرَام بِمَعْنى أَنه لَا يجوز التَّأْخِير عَنهُ لَا بِمَعْنى أَنه لَا يجوز التَّقْدِيم عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 [2654] وَقَالَ هن لَهُنَّ أَي لأهلهن الَّذِي قررت لأجلهم فِيمَا سبق وَلكُل آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ من غير أهلهن أَي لكل مار عَلَيْهِنَّ من غير أهلهن الَّذين قررت لأجلهم قيل هَذَا يَقْتَضِي أَن الشَّامي إِذا مر بِذِي الحليفة فميقاته ذُو الحليفة وَعُمُوم وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة يَقْتَضِي أَن مِيقَاته الْجحْفَة فهما عمومان متعارضان قلت انه لَا تعَارض إِذْ حَاصِل العمومين أَن الشَّامي الْمَار بِذِي الحليفة لَهُ ميقاتان أُصَلِّي وميقات بِوَاسِطَة الْمُرُور بِذِي الحليفة وَقد قرروا أَن الْمِيقَات مَا يحرم مجاوزته بِلَا احرام لَا مَا لَا يجوز تَقْدِيم الْإِحْرَام عَلَيْهِ فَيجوز أَن يُقَال ذَلِك الشَّامي لَيْسَ لَهُ مُجَاوزَة شَيْء مِنْهُمَا بِلَا احرام فَيجب عَلَيْهِ أَن يحرم من أَولهمَا وَلَا يجوز التَّأْخِير إِلَى آخرهما فَإِنَّهُ إِذا احرم من اولهما لم يُجَاوز شَيْئا مِنْهُمَا بِلَا احرام وَإِذا أخر إِلَى آخرهما فقد جَاوز الأول مِنْهُمَا بِلَا احرام وَذَلِكَ غير جَائِز لَهُ وعَلى هَذَا فَإِذا جَاوز هُنَا بِلَا احرام فقد ارْتكب حرامين بِخِلَاف صَاحب مِيقَات وَاحِد فَإِنَّهُ إِذا جاوزه بِلَا احرام فقد ارْتكب حَرَامًا وَاحِدًا وَالْحَاصِل أَنه لَا تعَارض فِي ثُبُوت ميقاتين لوَاحِد نعم لَو كَانَ معنى الْمِيقَات مَالا يجوز تَقْدِيم الْإِحْرَام عَلَيْهِ لحصل التَّعَارُض وَبِهَذَا ظهر اندفاع التَّعَارُض بَين حَدِيث ذَات عرق والعقيق أَيْضا دون الْمِيقَات أَي دَاخله حَيْثُ ينشئ أَي يهل حَيْثُ ينشئ السّفر من أنشأ إِذا أحدث يُفِيد أَنه لَيْسَ لمن كَانَ دَاخل الْمِيقَات أَن يُؤَخر الْإِحْرَام عَن أَهله يَأْتِي ذَلِك الحكم على أهل مَكَّة أَي فَلَيْسَ لأهل مَكَّة أَن يؤخروا الْإِحْرَام عَن مَكَّة وَيشكل عَلَيْهِ قَول عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة حَيْثُ جوزوا لمن كَانَ دَاخل الْمِيقَات التَّأْخِير إِلَى آخر الْحل وَلأَهل مَكَّة إِلَى آخر الْحرم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 من حَيْثُ أَنه مُخَالف للْحَدِيث وَمن حَيْثُ أَن الْمَوَاقِيت لَيست مِمَّا يثبت بِالرَّأْيِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 قَوْله [2657] لمن أَرَادَ الْحَج وَالْعمْرَة يُفِيد بِظَاهِرِهِ أَن الْإِحْرَام على من يُرِيد النُّسُكَيْنِ لَا من يُرِيد مَكَّة وَمر بِهَذِهِ الْمَوَاقِيت وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن هَذِه الْمَوَاقِيت مَوَاقِيت لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا لَا لِلْحَجِّ فَقَط فَيلْزم أَن تكون مَكَّة لأَهْلهَا ميقاتا لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا لَا لِلْحَجِّ فَقَط كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور واعتمار عَائِشَة من التَّنْعِيم لَا يُعَارض هَذَا وَهَذَا الْإِيرَاد لصَاحب الصَّحِيح مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ على الْجُمْهُور قَوْله مبدأه بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا وَالْبَاء سَاكِنة فِيهَا أَي ابْتِدَاء حجه وَهُوَ مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة كَذَا ذكره عِيَاض فِي شرح مُسلم قَوْله فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 [2660] الْمُعَرَّسِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَة ثمَّ سين مُهْملَة عَن سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ وَالتَّقْدِير لَا يَخْلُو عَن نظر أَتَى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أرى فِي الْمَنَام قَوْله فلتغتسل أَي للتنظيف الظَّاهِرِيّ لَا للتطهير فَلذَلِك شرع مَعَ النّفاس قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 [2664] إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطوف بِالْبَيْتِ أَي أَصَالَة وَأما السَّعْي فَيتَأَخَّر تبعا للطَّواف إِذْ لَا يجوز تَقْدِيمه لِأَن الْحيض وَالنّفاس يمنعان عَنهُ أَصَالَة قَوْله بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون مُوَحدَة وَمد جبل بَين الْحَرَمَيْنِ [2665] بَين قَرْني الْبِئْر هما قرنا الْبِئْر المبنيان على جانبيها أَو هما خشبتان فِي جَانِبي الْبِئْر لأجل الْبِئْر وَقَوله كَيفَ كَانَ لَا يَخْلُو عَن اشكال لِأَن الِاخْتِلَاف بَينهمَا كَانَ فِي أصل الْغسْل لَا فِي كيفيته فَالظَّاهِر ان إرْسَاله كَانَ للسؤال عَن أَصله الا أَن يُقَال أرْسلهُ ليسأله عَن الأَصْل والكيفية على تَقْدِير جَوَاز الأَصْل مَعًا فَلَمَّا علم جَوَاز الأَصْل بِمُبَاشَرَة أبي أَيُّوب سكت عَنهُ وَسَأَلَ عَن الْكَيْفِيَّة لَكِن قد يُقَال مَحل الْخلاف هُوَ الْغسْل بِلَا احْتِلَام فَمن أَيْن علم بِمُجَرَّد فعل أبي أَيُّوب جَوَاز ذَلِك الا أَن يُقَال لَعَلَّه علم ذَلِك بقرائن وأمارات وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله فطأطأه أَي خفضه قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 [2666] أَو بورس بِفَتْح فَسُكُون نبت أصفر طيب الرّيح يصْبغ بِهِ قَوْله [2667] لَا يلبس بِفَتْح الْبَاء وَلَا الْبُرْنُس بِضَم الْبَاء وَالنُّون كل ثوب رَأسه مِنْهُ وَلَا الْعِمَامَة بِكَسْر الْعين الا لمن اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم أَنه لَا يجوز الخفان لمحرم الا لمن لَا يجد وَلَو كَانَ من ظَاهره لوَجَبَ ترك اللَّام أَي لَا يلبس محرم خُفَّيْنِ الا من لَا يجد ثمَّ الْجَواب غير مُطَابق للسؤال ظَاهر لِأَن السُّؤَال عَمَّا يجوز لبسه لَا عَمَّا لَا يجوز وَفِي الْجَواب مَا لَا يجوز وَالْجَوَاب أَنه عدل عَن بَيَان الملبوس الْجَائِز إِلَى بَيَان غير الْجَائِز لِأَن غير الْجَائِز منحصر وَأما الْجَائِز فَلَا ينْحَصر فَبين غير الْجَائِز ليعرف أَن الْبَاقِي جَائِز وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 [2668] وَهُوَ ينزل عَلَيْهِ على بِنَاء الْمَفْعُول بالجعرانة بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الْعين وَتَخْفِيف الرَّاء وَقد تكسر الْعين وتشدد الرَّاء فَأَشَارَ إِلَى عمر أَي لعلمه بِأَنِّي أَتَمَنَّى رُؤْيَته فِي تِلْكَ الْحَال أَن تعال أَن تفسيرية وتعال بِفَتْح اللَّام فَأَتَاهُ رجل أَي فقد أَتَاهُ رجل وَالْجُمْلَة بَيَان لعِلَّة الْوَحْي لِأَن الرجل جَاءَهُ بعد الْوَحْي متضمخ بِطيب بِالرَّفْع صفة رجل أَي يفوح مِنْهُ رَائِحَة الطّيب فالطيب كَانَ بجسده وَكَانَ لابس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 جُبَّة فَلذَلِك أمره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِغسْل الطّيب مَعَ الْأَمر بِنَزْع الْجُبَّة لما احْتَاجَ إِلَى غسله بعد النزع إِذا نزل بِسَبَب سُؤَاله يَغِطُّ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ والغطيط صَوت النَّائِم الْمَعْرُوف لذَلِك أَي لما طَرَأَ عَلَيْهِ وَقت الْوَحْي فسرى بسين مَضْمُومَة وَرَاء مُشَدّدَة وتخفف مَكْسُورَة أَي كشف عَنهُ مَا طرأه حَالَة الْوَحْي وَأما الطّيب فاغسله أمره بذلك اما لخُصُوص الطّيب الَّذِي كَانَ وَهُوَ الخلوق كَمَا جَاءَ بِهِ التَّصْرِيح فِي رِوَايَات فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ لغير الْمحرم أَيْضا أَو لحَال الْإِحْرَام وعَلى الثَّانِي فاستعماله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الطّيب قبل الْإِحْرَام مَعَ بَقَائِهِ بعد الْإِحْرَام نَاسخ لهَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 الحَدِيث لِأَن هَذَا الحَدِيث كَانَ أَيَّام الْفَتْح واستعماله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الطّيب كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع قَوْله القمص بِضَمَّتَيْنِ جمع قَمِيص [2670] وَلَا زعفران قَالَ السُّيُوطِيّ منصرف لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الا الْألف وَالنُّون فَقَط قَوْله [2671] السَّرَاوِيل لمن لَا يجد ازارا الخ أَخذ بِإِطْلَاقِهِ أَحْمد وَهُوَ أرْفق وَحمل الْجُمْهُور هَذَا الحَدِيث على حَدِيث بن عمر فقيدوه بِالْقطعِ حملا للمطلق على الْمُقَيد وَأجَاب أَحْمد بِأَن حَدِيث بن عمر كَانَ قبل هَذَا الْإِطْلَاق وَقد يُقَال قد جَاءَ التَّقْيِيد فِي رِوَايَات بن عَبَّاس فِي الْخُف كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْكتاب نعم التَّقْيِيد فِي الْإِزَار مَا جَاءَ فِي شَيْء من الْأَحَادِيث لَا فِي حَدِيث بن عمر وَلَا فِي حَدِيث بن عَبَّاس فَلْيتَأَمَّل وَبِالْجُمْلَةِ فالمحل مَحل كَلَام وَأما قَوْله والخفين فَالظَّاهِر والخفان لكَونه مُبْتَدأ الا أَن يُقَال كَانَ فِي الأَصْل وَلبس الْخُفَّيْنِ ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأبقى الْمُضَاف إِلَيْهِ على حَاله من الْجَرّ وَهُوَ جَائِز وَارِد على قلَّة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَلَا تنتقب الْمَرْأَة الْحَرَام أَي الْمُحرمَة والنقاب مَعْرُوف للنِّسَاء لَا يَبْدُو مِنْهُ الا العينان القفازين بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد تلبسه نسَاء الْعَرَب فِي أَيْدِيهنَّ يغط الْأَصَابِع والكف والساعد من الْبرد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 قَوْله [2682] إِنِّي لبدت من التلبيد وَهُوَ أَن يَجْعَل الْمحرم صَمْغًا أَوْ غَيْرَهُ لِيَتَلَبَّدَ شَعْرُهُ أَيْ يَلْتَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْغُبَارُ وَلَا يُصِيبُهُ الشَّعَثُ وَلَا الْقَمْلُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَطُولُ مكثه فِي الْإِحْرَام فَلَا أحل من الْإِحْرَام من الْحَج يَوْم النَّحْر قَوْله يهل من الاهلال وَهُوَ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ قَوْله [2684] قبل أَن يحل من الاحلال أَو الْحل أَي قبل أَن يحل كل الْحل بِالطّوافِ وَالْمرَاد قبل أَن يطوف وَقَوْلها بيَدي مُتَعَلق بطيبت قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 [2687] لحرمه حِين أحرم قَالَ النَّوَوِيّ ضبطوه بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَرَوِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ وَأَنْكَرَ ثَابِتٌ الضَّمَّ عَلَى الْمُحدثين وَقَالَ الصَّوَاب الْكسر وَالْمرَاد بِهِ الْإِحْرَام قَوْله [2688] يَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاء يحْتَمل أَن الضَّمِير لطيب النَّاس أَي طيبكم الَّذِي تستعملونه عِنْد الْإِحْرَام لَيْسَ لَهُ بَقَاء بِخِلَاف طيب رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ كَانَ بَاقِيا بعد الْإِحْرَام كَمَا سَيَجِيءُ أَو لطيب رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّفْسِير على زعم الرَّاوِي والا فقد تبين خِلَافه وَهِي أَرَادَت بقوله لَيْسَ يشبه طيبكم أَي كَانَ أطيب من طيبكم أَو نَحْو هَذَا لَا مَا فهم الرَّاوِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 [2691] وَحين يُرِيد أَن يزور الْبَيْت الظَّاهِر أَن الْوَاو زَائِدَة أَي ولحله حِين يُرِيد الخ أَو التَّقْدِير وَكَانَ لِحلِّهِ حِين يُرِيد أَن يزور الخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2693] إِلَى وَبِيصُ الطِّيبِ هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَصَادُهُ مُهْملَة قَوْله فِي مفرق بِفَتْح مِيم وَكسر رَاء هُوَ الْمَكَان الَّذِي يفرق فِيهِ الشّعْر فِي وسط الرَّأْس قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 [2694] فِي مفارق جمع مفرق قِيلَ ذَكَرَتْهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَعْمِيمًا لِجَوَانِبِ الرَّأْسِ الَّتِي يفرق فِيهَا الشّعْر وَأَحَادِيث الْبَاب أدل دَلِيل على جَوَاز اسْتِعْمَال طيب قبل الْإِحْرَام يبْقى جرمه بعده وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَمن لَا يَقُول بِهِ يدعى الْخُصُوص وَلَكِن الخصائص لَا تثبت الا بِدَلِيل والعموم الأَصْل وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ ادَّهَنَ بِأَطْيَبِ دُهْنٍ يجده للطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ بالغالية الجيدة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 قَوْله [2704] لِأَن أطلي يُقَال طليته بِكَذَا إِذا لطخته واطليت افتعلت مِنْهُ إِذا فعلته بِنَفْسِك فالتشديد هَا هُنَا أظهر وان خففت تقدر الْمَفْعُول أَي نَفسِي بالقطران بِفَتْح فَكسر مَعْرُوف وَاللَّام فِي لِأَن أطلي مَفْتُوحَة وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره أحب ينضخ طيبا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي يفوح أَو بِالْمُهْمَلَةِ أَي يترشح قَوْله أَن يتزعفر الرجل أَي يسْتَعْمل الزَّعْفَرَان فِي الْبدن أَو مُطلقًا وَلَا اخْتِصَاص لهَذَا الحَدِيث بِحَالَة الْإِحْرَام نعم إِطْلَاقه يَشْمَل حَالَة الْإِحْرَام أَيْضا بل حَالَة الْإِحْرَام أولى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 [2709] وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهِيَ الثِّيَابُ الْمَخِيطَةُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ ثِيَابٌ قِصَارٌ لِأَنَّهَا قُطِعَتْ عَنْ بُلُوغِ التَّمَامِ وَقيل المقطع من الثِّيَاب الْمفصل على الْبدن أَي الَّذِي يفصل أَولا على الْبدن ثمَّ يخاط مِنْ قَمِيصٍ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يُقَطَّعُ مِنْهَا كَالْأُزُرِ وَالْأَرْدِيَةِ مُتَضَمِّخٌ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ متلطخ بخلوق بِفَتْح خاء مُعْجمَة آخِره قَاف طِيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 [2710] وَهُوَ مصفر بتَشْديد الْفَاء الْمَكْسُورَة مُسْتَعْمل للصفرة فِي لحيته وَتلك الصُّفْرَة هِيَ الخلوق قَوْله [2711] أَن يضمدهما بضاد مُعْجمَة وَمِيم مَكْسُورَة أَي يلطخهما بصبر بِفَتْح صَاد مُهْملَة وَكسر مُوَحدَة فِي الْأَشْهر مَعْلُوم قَوْله [2712] لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ أَيْ علمت فِي ابْتِدَاء شروعي مَا علمت الْآن من لُحُوق الْمَشَقَّة بِأَصْحَابِي بانفرادهم بِالْفَسْخِ حَتَّى توقفوا وترددوا وراجعوه لما سقت الْهدى حَتَّى فسخت مَعَهم قَالَه حِين أَمرهم بِالْفَسْخِ فترددوا وجعلتها أَي النّسك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 والتأنيث بِاعْتِبَار الْمَفْعُول الثَّانِي أَعنِي عمْرَة لكَونه كالخبر فِي الْمَعْنى أَو لجعلت الْحجَّة ثيابًا صبيغا أَي مصبوغة وَهُوَ فعيل بِمَعْنى الْمَفْعُول فَلذَلِك ترك التَّاء محرشا فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالتَّحْرِيشِ هُنَا ذِكْرَ مَا يُوجب عتابه لَهَا قَوْله فاقعصته أَي قتلته الرَّاحِلَة قتلا سَرِيعا قَوْله خَارِجا رَأسه وَوَجهه قيل كشف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 الْوَجْه لَيْسَ لمراعاة الْإِحْرَام وَإِنَّمَا هُوَ لصيانة الرَّأْس من التغطية كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَزعم أَن هَذَا التَّأْوِيل لَازم عِنْد الْكل قلت ظَاهر الحَدِيث يُفِيد أَن الْمحرم يجب عَلَيْهِ كشف وَجهه أَيْضا وان الْأَمر بكشف وَجه الْمَيِّت لمراعاة الْإِحْرَام نعم من لَا يَقُول بمراعاة احرام الْمَيِّت يحمل الحَدِيث على الْخُصُوص وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يؤول الحَدِيث كَمَا زعم النَّوَوِيّ وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله افراد الْحَج الْمُحَقِّقُونَ قَالُوا فِي نُسكه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه الْقرَان وَقد صَحَّ ذَلِك من رِوَايَة اثْنَي عشر من الصَّحَابَة بِحَيْثُ لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَقد جمع أَحَادِيثهم بن حزم الظَّاهِرِيّ فِي حجَّة الْوَدَاع لَهُ وَذكره حَدِيثا حَدِيثا قَالُوا وَبِه يحصل الْجمع بَين أَحَادِيث الْبَاب أما أَحَادِيث الافراد فمبنية على أَن الرَّاوِي سَمعه يُلَبِّي بِالْحَجِّ فَزعم أَنه مُفْرد بِالْحَجِّ فَأخْبر على حسب ذَلِك وَيحْتَمل أَن المُرَاد بإفراد الْحَج أَنه لم يحجّ بعد افتراض الْحَج عَلَيْهِ الا حجَّة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 وَاحِدَة وَأما أَحَادِيث التمنع فبنيه على أَنه سَمعه يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ فَزعم أَنه متمتع وَهَذَا لَا مَانع مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا مَانع من افراد نسك بِالذكر للقارن على أَنه قد يختفي الصَّوْت بِالثَّانِي وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالتمتع الْقرَان لِأَنَّهُ من الاطلاقات الْقَدِيمَة وهم كَانُوا يسمون الْقُرْآن تمتعا وَالله تَعَالَى أعلم وَقيل معنى أفرد أَو تمتّع أَنه أَمر بِهِ فان الْآمِر بالشَّيْء يُسمى فَاعِلا وَأما أَحَادِيث الْقرَان فَلَا تحْتَمل مثل هَذَا التَّأْوِيل قَوْله [2717] موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة أَي قرب طلوعه لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة من أوفى عَلَيْهِ أشرف قَوْله [2718] لَا نرى بِفَتْح النُّون أَي لَا نعتقد وَقيل بِضَم النُّون وَالْمرَاد لَا ننوي الا الْحَج لكَونه الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ فِي الْخُرُوج أَو لِأَن الغالبين فيهم مَا نووا الا الْحَج وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2719] الصَّبِي بن معبد هُوَ بِضَم صَاد مُهْملَة وَفتح بَاء مُوَحدَة وَتَشْديد يَاء قَوْله مكتوبين على لَعَلَّه أَخذ من قَوْله تَعَالَى وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله أَنَّهُمَا مفروضان على الْإِنْسَان هريم بِالتَّصْغِيرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 العذيب تَصْغِير عذب اسْم مَاء لبني تَمِيم على مرحلة من كوفة مَا هَذَا بأفقه من بعيره أَي ان عمر منع من الْجمع واشتهر ذَلِك الْمَنْع وَهُوَ لَا يدْرِي بِهِ فَهُوَ وَالْبَعِير سَوَاء فِي عدم الْفَهم يَا هَنَّاهْ أَيْ يَا هَذَا وَأَصْلُهُ هَنَّ ألحقت الْهَاء لبَيَان الْحَرَكَة فَصَارَ ياهنة وَأُشْبِعَتِ الْحَرَكَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا فَقِيلَ يَا هَنَّاهْ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هَذِه اللَّفْظَة تخْتَص بالنداء هديت على بِنَاء الْمَفْعُول وتاء الْخطاب أَي هداك الله بِوَاسِطَة من أَفْتَاك أَو هداك من أَفْتَاك فَإِن قلت كَانَ عمر يمْنَع عَن الْجمع فَكيف قَرَّرَهُ على ذَلِك بِأَحْسَن تَقْرِير قلت كَأَنَّهُ يرى جَوَاز ذَلِك لبَعض الْمصَالح وَيرى أَنه جوز للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك فَكَأَنَّهُ كَانَ يرى أَن من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 عرض لَهُ مصلحَة اقْتَضَت الْجمع فِي حَقه فالجمع فِي حَقه سنة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2722] عَن عَليّ بن الْحُسَيْن هُوَ زين العابدين كَمَا فِي فتح الْبَارِي قَوْله ألم تكن تنْهى على صِيغَة الْخطاب وتنهى على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 أَي أَنِّي أنهى النَّاس جَمِيعًا عَن الْجمع كَمَا كَانَ عمر ينهاهم وَأَنت فَكيف لَك أَن تفعل وتخالف أَمر الْخَلِيفَة فَأَشَارَ عَليّ إِلَى انه لَا طَاعَة لأحد فِيمَا يُخَالف سنة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمن علم بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أمره من التأمير أَي جعله أَمِيرا وقرنت أَي جمعت بَين الْحَج وَالْعمْرَة هَذَا وَأَمْثَاله من أقوى الْأَدِلَّة على أَنه كَانَ قَارنا لِأَنَّهُ مُسْتَند إِلَى قَوْله وَالرُّجُوع إِلَى قَوْله عِنْد الِاخْتِلَاف هُوَ الْوَاجِب خُصُوصا لقَوْله تَعَالَى فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول وعموما لَان الْكَلَام إِذا كَانَ فِي حَال أحد وَحصل فِيهِ الِاخْتِلَاف يجب الرُّجُوع فِيهِ إِلَى قَوْله لِأَنَّهُ أَدْرِي بِحَالهِ وَمَا أسْند أحد مِمَّن قَالَ بِخِلَافِهِ إِلَى قَوْله فَتعين الْقُرْآن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2727] ثمَّ لم ينزل فِيهَا أَي فِي النَّهْي عَن هَذِه الْخصْلَة وَهِي الْجمع قَالَ فيهمَا رجل أَي عمر فَإِنَّهُ كَانَ ينْهَى عَن الْجمع كعثمان قَوْله لبيْك حجَّة وَعمرَة هَذَا أصرح الْكل وَلَا يُمكن الْخلاف بعده أصلا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 [2731] مَا تعدونا الا صبيانا أَي كأنكم مَا تأخذون بقولنَا لعدكم ايانا صبيانا حِينَئِذٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 قَوْله تمتّع اعْلَم أَن التَّمَتُّع عِنْد الصَّحَابَة كَانَ شَامِلًا للقران أَيْضا واطلاقه على مَا يُقَابل الْقرَان اصْطِلَاح حَادث وَقد جَاءَ أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَارنا فَالْوَجْه أَن يُرَاد بالتمتع هَا هُنَا فِي شَأْنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْقرَان تَوْفِيقًا بَين الْأَحَادِيث وَالْمعْنَى انْتفع بِالْعُمْرَةِ إِلَى أَن حج مَعَ الْجمع بَينهمَا فِي الْإِحْرَام وَمعنى قَوْله بَدَأَ بِالْعُمْرَةِ أَنه قدم الْعمرَة ذكرا فِي التَّلْبِيَة فَقَالَ لبيْك عمْرَة وحجا فَلَمَّا قدم أَي قَارب دُخُول مَكَّة فقد جَاءَ أَنه قَالَ لَهُم بسرف من كَانَ مِنْكُم أهْدى أَي سَوَاء كَانَ قَارنا أَو مُعْتَمِرًا وَبِه أَخذ أَئِمَّتنَا وَأحمد وليقصر من التَّقْصِير وَلم يَأْمر بِالْحلقِ مَعَ أَنه أفضل ليبقى الشّعْر لِلْحَجِّ إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله تَفْسِير لقَوْله تَعَالَى وَسَبْعَة إِذا رجعتم وَفِيه أَن لَيْسَ المُرَاد إِذا فَرَغْتُمْ من النّسك كَمَا قَالَه عُلَمَاؤُنَا وَلَا يخفى أَن هَذَا مَرْفُوع لَا من قَول بن عمر ثمَّ خب بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَتَشْديد مُوَحدَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 أَي مَشى مشيا سَرِيعا مَعَ تقَارب الخطا وَهُوَ الْمَعْنى بالرمل قَوْله [2733] إِذا رَأَيْتُمُوهُ قد ارتحل فارتحلوا أَي ارتحلوا مَعَه ملبين بِالْعُمْرَةِ ليعلم أَنكُمْ قدمتم السّنة على قَوْله وَأَنه لَا طَاعَة لَهُ فِي مُقَابلَة السّنة فَلم ينههم أَي بعد أَن سبق بَينه وَبَين على مَا سبق وَعلم أَن عليا وَأَصْحَابه مَا انْتَهوا عَن ذَلِك بقوله وَقيل هَذَا رُجُوع من عُثْمَان عَن النَّهْي عَن الْمُتْعَة ويبعده آخر الحَدِيث أخبر على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَانَ عليا أَرَادَ أَن يُعِيد مَعَه الْكَلَام ليرْجع عَن النَّهْي وَالْحَاصِل أَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يريان أَن التَّمَتُّع فِي وقته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَتَركه أفضل وَعلي كَانَ يرَاهُ أَنه السّنة أَو أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 [2734] إِلَّا من جهل أَمر الله أَي حكمه وشرعه قَالَ ذَلِك اعْتِمَادًا على نهي عمر وَأَنه لَا ينْهَى عَن الْمَشْرُوع وصنعناها مَعَه أَي وَكَانَ نهى عمر بتأول قَوْله رويدك بِضَم الرَّاء أَي أخر فَلَعَلَّ فتياك تخَالف مَا أحدث عمر فيغضب عَلَيْك قد فعله أَي فَلَا نهى عَنهُ لذاته بل لِأَن النَّاس لَا يؤدون حق الْحَج لأَجله أَن يظلوا بِفَتْح الْيَاء والظاء وَتَشْديد اللَّام معرسين من أعرس إِذا دخل بامرأته عِنْد بنائها وَالْمرَاد هَا هُنَا الْوَطْء أَي ملمين بنسائهم وَضمير بِهن للنِّسَاء بِقَرِينَة الْمقَام فِي الْأَرَاك بِفَتْح الْهَمْز شجر مَعْرُوف وَلَعَلَّه أُرِيد هَا هُنَا أَرَاك كَانَ بِقرب عَرَفَات يُرِيد أَن الْأَفْضَل للْحَاج أَن يتفرق شعره ويتغير حَاله والتمتع فِي حق غَالب النَّاس صَار مُؤديا إِلَى خلَافَة فنهيتهم لذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2736] وانها لفي كتاب الله أَي فَاعْلَم تَأْوِيل الْكتاب وَالسّنة وان النَّهْي عَنْهَا لَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة إِذْ لَا يظنّ بِهِ أَنه قصد بِهِ إِظْهَار مُخَالفَته للْكتاب وَالسّنة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 [2737] إِنِّي قصرت من التَّقْصِير وَفِي رِوَايَة أَنه قصر لحجته قَالَ بن حزم فِي حجَّة الْوَدَاع لَهُ وَهَذَا مُشكل يتَعَلَّق بِهِ من يَقُول أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مُتَمَتِّعا وَالصَّحِيح الَّذِي لَا يشك فِيهِ وَالَّذِي نَقله الكواف أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يقصر من شعره شَيْئا وَلَا أحل من شَيْء من احرامه إِلَى أَن حلق بمنى يَوْم النَّحْر وَلَعَلَّ مُعَاوِيَة عني بِالْحجَّةِ عمْرَة الْجِعِرَّانَة لِأَنَّهُ قد أسلم حِينَئِذٍ وَلَا يسوغ هَذَا التَّأْوِيل فِي رِوَايَة من روى أَنه كَانَ فِي ذِي الْحجَّة أَو لَعَلَّه قصر عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بَقِيَّة شعر لم يكن اسْتَوْفَاهُ الحلاق بعد قصره مُعَاوِيَة على الْمَرْوَة يَوْم النَّحْر وَقد قيل ان الْحسن بن عَليّ أَخطَأ فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فَجعله عَن معمر وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظ أَنه عَن هِشَام وَهِشَام ضَعِيف قلت لَكِن كَلَام أبي دَاوُد فِي سنَنه يدْفع هَذَا الْجَواب حَيْثُ بَين أَن الْحسن بن عَليّ لَيْسَ بمنفرد بِهَذَا الحَدِيث بل مَعَه مُحَمَّد بن يحيى أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فمشطتني بِالتَّخْفِيفِ أَي سرحت شعر رَأْسِي وأصلحته بذلك أَي بالتمتع فليتئد بتاء مُشَدّدَة بعْدهَا همزَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 افتعال من التؤدة أَي ليتأن وَلَا يتعجل بالمضي على فتيانا فَأتمُّوا أَي فاقتدوا بِهِ وخذوا بقوله واتركوا قَوْلنَا ان خَالف قَوْله قَالَ تَعَالَى وَأَتمُّوا الْحَج أَي واتمام كل بإتيانه بسفر جَدِيد أَو باحرام جَدِيد لَا يَجْعَل أَحدهمَا تَابعا للْآخر لم يحل أَي والمتمتع قد يحل إِذا لم يكن تمتعه على وَجه الْقرَان وَالْحَاصِل أَن الْجمع بَين الْقُرْآن وَالسّنة قد أَدَّاهُ إِلَى النَّهْي عَن التَّمَتُّع وَالْقرَان جَمِيعًا فَيحصل حِينَئِذٍ الاتمام والحل يَوْم النَّحْر لَا قبله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2739] قَالَ فِيهَا أَي فِي النَّهْي عَن الْمُتْعَة قَائِل بِرَأْيهِ فَلَا عِبْرَة لَهُ فِي مُقَابلَة صَرِيح السّنة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2740] تسع حجج بكسرالحاء الْمُهْملَة وبجيم مكررة أَي تسع سِنِين ثمَّ أذن من التأذين والايذان أَي نَادَى وَأعلم وَالْمرَاد أَمر بالنداء فَنَادَى الْمُنَادِي وَيحْتَمل على بعد أَن يقْرَأ على بِنَاء الْمَفْعُول حَاج أَي خَارج إِلَى الْحَج يلْتَمس أَي يقْصد وَيطْلب والإفراد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 بإفراد كل لفظا يأتم بتَشْديد الْمِيم أَي يقْتَدى وَيفْعل مَا يفعل تَفْسِير للاقتداء وَالْمرَاد يفعل مثل مَا يفعل كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد ينزل الْقُرْآن الخ هُوَ حث على التَّمَسُّك بِمَا أخبر بِهِ عَن فعله لَا ننوى الا الْحَج أَي أول الْأَمر وَقت الْخُرُوج من الْبيُوت والا فقد أحرم بعض بِالْعُمْرَةِ أَو هُوَ خبر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَال غالبهم أَو المُرَاد أَن الْمَقْصد الْأَصْلِيّ من الْخُرُوج كَانَ الْحَج وان نوى بعض الْعمرَة قَوْله غير أَن لَا تطوفي كلمة لَا زَائِدَة أَو هُوَ اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم أَي لَا فرق بَيْنك وَبَين الْمحرم غير أَن لَا تطوفي قَوْله منيخ من أَنَاخَ حَيْثُ حج كَأَنَّهُ بِمَعْنى حِين حج من اسْتِعَارَة ظرف الْمَكَان للزمان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 ففلت بِالتَّخْفِيفِ أَي أخرجت مَا فِيهِ من الْقمل قَوْله [2744] وامكث حَرَامًا كَمَا أَنْت أَي ابق محرما على مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْإِحْرَام قيل مَا فَائِدَة قَوْله كَمَا أَنْت وَقَوله وامكث محرما يُغني عَنهُ قلت كَأَنَّهُ صرح بذلك تَنْبِيها على أَن مَا عَلَيْهِ احرام ليتبين بذلك أَن الْإِحْرَام الْمُبْهم احرام شرعا وَهَذَا مَطْلُوب مُهِمّ فَيحْتَاج إِلَى زِيَادَة التَّنْبِيه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 [2745] قد نضحت الْبَيْت أَي طيبته بنضوح بِفَتْح النُّون ضرب من الطّيب تفوح رَائِحَته قَوْله [2746] عَام نزل الْحجَّاج بِابْن الزبير أَي جَاءَ يقاتله من قبل مَرْوَان فَقيل لَهُ أَي لِابْنِ الزبير قتال بِالرَّفْع فَاعل كَائِن ان يصدوك أَي يمنعوك عَن الْبَيْت إِذا أصنع إِذا من الْحُرُوف الناصبة للْفِعْل الْمُضَارع وأصنع مَنْصُوب بهَا كَمَا صنع من التَّحَلُّل حِين حصر بِالْحُدَيْبِية وَلذَلِك أوجب أَو لَا عمْرَة لكَونه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حِين الْإِحْصَار مُعْتَمِرًا ثمَّ حِين لاحظ أَن أَمر الْحَج وَالْعمْرَة وَاحِد أوجب الْحَج مَعَ الْعمرَة وَأهْدى بِفَتْح الْهمزَة فعل مَاض من الاهداء بِقديد بِالتَّصْغِيرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 بطوافه الأول أَي بِأول طواف طافه بعد النَّحْر وَالْحلق فَإِنَّهُ ركن الْحَج عِنْدهم لَا الَّذِي طافه حِين الْقدوم وان كَانَ هُوَ الْمُتَبَادر من اللَّفْظ فَإِنَّهُ للقدوم وَلَيْسَ بِرُكْن لِلْحَجِّ لَكِن بعض رِوَايَات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 حَدِيث بن عمر يبعد هَذَا التَّأْوِيل وَيَقْتَضِي أَن الطّواف الَّذِي يُجزئ عَنْهُمَا هُوَ الَّذِي حِين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 الْقدوم فَفِي بَعْضهَا ثمَّ قدم أَي مَكَّة فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا وَفِي بَعْضهَا ثمَّ قدم فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا فَلم يحل حَتَّى حل مِنْهُمَا جَمِيعًا وَفِي بَعْضهَا وَكَانَ يَقُول أَي بن عمر لَا يحل حَتَّى يطوف طَوافا وَاحِدًا يَوْم يدْخل مَكَّة وَفِي بعض فَخرج حَتَّى إِذا جَاءَ الْبَيْت طَاف بِهِ سبعا وَبَين الصَّفَا والمروة سبعا لم يزدْ عَلَيْهِ وَرَأى أَنه مجزئ عَنهُ وَأهْدى وَفِي بعض ثمَّ طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة لم يحل مِنْهُمَا حَتَّى أحل مِنْهُمَا لحجه يَوْم النَّحْر وَفِي بعض ثُمَّ انْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ على ذَلِك وَلم ينْحَر وَلم يحلق حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر فَنحر وَحلق وَرَأى أَنه قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ وكل هَذِه الرِّوَايَات فِي الصَّحِيح وَالنَّظَر فِي هَذِه الرِّوَايَات يبعد ذَلِك التَّأْوِيل لَكِن القَوْل بِأَنَّهُ مَا كَانَ يرى طواف الافاضة مُطلقًا أَو للقران أَيْضا قَول بعيد بل قد ثَبت عَنهُ طواف الافاضة مَرْفُوعا فاما أَنه لَا يرى طواف الافاضة للقارن ركن الْحَج بل يرى أَن الرُّكْن فِي حَقه هُوَ الأول والافاضة سنة أَو نَحْوهَا وَهَذَا لَا يَخْلُو عَن بعد أَو أَنه يرى دُخُول طواف الْعمرَة فِي طواف الْقدوم لِلْحَجِّ وَيرى أَن طواف الْقدوم من سنَن الْحَج للمفرد الا أَن الْقَارِن يُجزئهُ ذَلِك عَن سنة الْقدوم لِلْحَجِّ وَعَن فرض الْعمرَة وَتَكون الافاضة عِنْده ركنا لِلْحَجِّ فَقَط وَقيل المُرَاد بِالطّوافِ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَلَا يخفى بعده أَيْضا فَإِن مُطلق اسْم الطّواف ينْصَرف إِلَى طواف الْبَيْت سِيمَا وَهُوَ مُقْتَضى الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَالرغْبَاء بِفَتْح الرَّاء مَعَ الْمَدّ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْقصر وَحكى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 الْفَتْح وَالْقصر كالسكرى من الرَّغْبَة وَمَعْنَاهُ الطّلب فِي الْمَسْأَلَة قَوْله [2753] مر أَصْحَابك أَمر ندب عِنْد الْجُمْهُور وَأمر وجوب عِنْد الظَّاهِرِيَّة أَن يرفعوا إِظْهَارًا لشعار الْإِحْرَام وتعليما للجاهل مَا يسْتَحبّ لَهُ فِي ذَلِك الْمقَام قَوْله أهل أَي أول الْهلَال [2754] فِي دبر الصَّلَاة أَي رَكْعَتي الْإِحْرَام قَالَ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ الَّذِي يستحبه أهل الْعلم قلت فَإِنَّهُم حملُوا اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي مَوضِع الْإِحْرَام على الإختلاف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 بِحَسب الْعلم بِأَن النَّاس لكثرتهم مَا تيَسّر لكلهم الِاطِّلَاع على تَمام الْحَال فبعضهم اطلعوا على تلبيته دبر الصَّلَاة وَبَعْضهمْ على تلبيته عِنْد الاسْتوَاء على الرَّاحِلَة وَبَعْضهمْ على تلبيته حِين اسْتِوَاء الرَّاحِلَة على الْبَيْدَاء فَزعم كل أَن مَا سَمعه أول تلبيته وَأَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أحرم بهَا فَنقل الْأَمر على وفْق ذَلِك وَكَانَ الْأَمر أَنه أحرم من بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة فِي مَسْجِد ذِي الحليفة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الَّذِي تكذبون فِيهَا هَكَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي كَانَت عِنْدِي بتذكير الْمَوْصُول وَكَأَنَّهُ لاعْتِبَار أَنه الْمَكَان وَأما التَّأْنِيث فَهُوَ الأَصْل ثمَّ رَأَيْت أَن التَّأْنِيث فِي غَالب النّسخ فَلَعَلَّهُ الْمُعْتَمد وَمعنى تكذبون فِيهَا فِي شَأْنهَا وَنسبَة الْإِحْرَام إِلَيْهَا بِأَنَّهُ كَانَ من عِنْدهَا مَا أهل أَي مَا رفع صَوته بِالتَّلْبِيَةِ الا من مَسْجِد ذِي الحليفة أَي حِين ركب لَا حِين فرغ من الرَّكْعَتَيْنِ فَإِن بن عمر كَانَ يظنّ الاهلال عِنْد الرّكُوب وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 قَوْله [2761] أَقَامَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة فتدارك أَي تدافع النَّاس أَي دفع بَعضهم بَعْضًا إِلَى الْخُرُوج أَو تزاحموا عِنْد الْخُرُوج واستثفرى أَي شدى مَحل الدَّم بِثَوْب قَوْله أَقبلنَا أَي أقبل غالبنا وَفِيهِمْ جَابر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 بسرف بِكَسْر الرَّاء عركت حَاضَت حل مَاذَا أَي حل أَي حُرْمَة فَإِن بالاحرام يحصل حرم مُتعَدِّدَة الْحل كُله أَي حل الْحرم كلهَا ان هَذَا أَمر كتبه الله أَي قدره من غير اخْتِيَار العَبْد فِيهِ فَلَا عتب على العَبْد بِهِ فاغتسلي لاحرام الْحَج قد حللت من حجتك وعمرتك صَرِيح فِي أَنَّهَا كَانَت قارنة وَأَن الْقَارِن يَكْفِيهِ طواف الْحَج من النُّسُكَيْنِ إِنِّي أجد فِي نَفسِي أَي حَيْثُمَا اعْتَمَرت عمْرَة مُسْتَقلَّة كَسَائِر الْأُمَّهَات لَيْلَة الحصبة بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي لَيْلَة الْإِقَامَة بالمحصب بعد النَّفر من منى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 قَوْله فِي حجَّة الْوَدَاع بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا قَوْله فأهللنا أَي بَعْضنَا وَفِيهِمْ كَانَت عَائِشَة فَقَالَ انقضي رَأسك بِضَم الْقَاف وضاد مُعْجمَة أَي حلي ضفره وامتشطي لَعَلَّ المُرَاد بذلك هُوَ الِاغْتِسَال لاحرام الْحَج كَمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة جَابر ودعى الْعمرَة قَالَ عُلَمَاؤُنَا أَي اتركيها واقضيها بعد وَقَالَ الشَّافِعِي أَي اتركي الْعَمَل للْعُمْرَة من الطّواف وَالسَّعْي لَا أَنَّهَا تتْرك الْعمرَة أصلا وَإِنَّمَا أمرهَا أَن تدخل الْحَج على الْعمرَة فَتكون قارنة وعَلى هَذَا فَتكون عمرتها من التَّنْعِيم تَطَوّعا لاقضاء عَن وَاجِب وَلَكِن أَرَادَ أَن يطيب نَفسهَا فأعمرها وَكَانَت قد سَأَلته ذَلِك ليحصل لَهَا عمْرَة مُسْتَقلَّة كَمَا حصل لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي لَا يُشَاكِلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ وَلَوْ تَأَوَّلَهُ مُتَأَوِّلٌ على الترخيص فِي نسخ الْعمرَة كَمَا أذن لأَصْحَابه فِي نسخ الْحَجِّ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ نقض الرَّأْس والامتشاط جَائِز فِي الْإِحْرَامِ بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا وَقَدْ يُتَأَوَّلُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَعْذُورَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالِامْتِشَاطِ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ بِالْأَصَابِعِ لِغُسْلِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَلْزَمُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 مِنْهُ نقضه هَذِه مَكَان عمرتك ظَاهر فِي أَن الثَّانِيَة قَضَاء عَن الأولى كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَكِن قد يُقَال لَو كَانَ قَضَاء لعلمها أَو لَا لتنوي لَا أخبر بِهِ بعد الْفَرَاغ فَلْيتَأَمَّل قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ رَفْعُ مَكَانٍ عَلَى الْخَبَرِ أَي عوض عمرتك الَّتِي تركتهَا وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ كَائِنَةٌ مَكَان عمرتك أَو مجعولة مَكَانهَا فَطَافَ الَّذين أهلوا بِالْعُمْرَةِ أَي لركن الْعمرَة ثمَّ طافوا طَوافا آخر أَي لركن الْحَج فَإِنَّمَا طافوا أَي للركن طَوافا وَاحِدًا والا فقد ثَبت أَن الْكل طافوا طوافين طافوا حِين الْقدوم بِمَكَّة وطافوا للافاضة لَكِن الَّذين أَحْرمُوا بِالْعُمْرَةِ فطوافهم الأول ركن الْعمرَة وَالثَّانِي ركن الْحَج وَأما الَّذين جمعُوا فطوافهم الأول سنة الْقدوم وَالثَّانِي ركن الْحَج وَالْعمْرَة جَمِيعًا عِنْد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 من يَقُول بِدُخُول أَفعَال الْعمرَة فِي الْحَج وَقيل بل المُرَاد بِالطّوافِ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2765] ان ضباعة بِضَم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة أَن تشْتَرط وَمن لَا يَقُول بالاشتراط يدعى الْخُصُوص بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2766] الشَّرْط بَين النَّاس أَي هُوَ مثل الشَّرْط بَين النَّاس فَيجوز أَو الشَّرْط بَين النَّاس لَا بَين العَبْد وربه تَعَالَى فَلَا يجوز وعَلى هَذَا فمراده بِذكر الحَدِيث أَنه يعلم الحَدِيث وتأويله بِأَنَّهُ مَخْصُوص بهَا وَالله تَعَالَى أعلم ومحلى بِفَتْح مِيم وَكسر الْحَاء أَي مَكَان تحللي قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 [2769] يُنكر الِاشْتِرَاط لَا دَلِيل فِيهِ لمن يُنكر لجَوَاز أَن يكون إِنْكَار أَتَى عَن عدم الِاطِّلَاع على نقيضه وَمَعْرِفَة أَن الحكم مَخْصُوص بهَا حسبكم أَي كافيكم وَلَا مُعَارضَة بَينه وَبَين جَوَاز الإشتراط قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 [2771] فِي بضع عشرَة مائَة اعرابه كاعراب خمس عشرَة أَي فِي ألف ومئات فَوْقه وأشعر الاشعار أَن يطعن فِي أحد جَانِبي سَنَام الْبَعِير حَتَّى يسيل دَمهَا ليعرف أَنَّهَا هدى ويتميز ان خلطت وَعرفت إِذا ضلت ويرتدع عَنْهَا السراق ويأكلها الْفُقَرَاء ان ذبحت فِي الطَّرِيق لخوف الْهَلَاك وَهُوَ جَائِز عِنْد الْجُمْهُور وَمن أنكر فَلَعَلَّهُ أنكر الْمُبَالغَة لَا أَصله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بدنه بِضَم فَسُكُون جمع وبفتحتين مُفْرد قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 [2774] ثمَّ سلت أَي أزاله بِأُصْبُعِهِ فَلَمَّا اسْتَوَت بِهِ أَي رَاحِلَته وَهِي غير الَّتِي أشعرها قَوْله فافتل من فتل كضرب [2775] ثمَّ لَا يجْتَنب أَي بعد أَن يبْعَث بِتِلْكَ الْهَدَايَا إِلَى مَكَّة فالمرء يبْعَث الْهدى إِلَى مَكَّة لَا يحرم عَلَيْهِ مَا يحرم على الْمحرم كَمَا زعم بن عَبَّاس وَمُرَاد عَائِشَة الرَّد عَلَيْهِ قَوْله [2776] قبل أَن يبلغ التَّقْيِيد بذلك لكَونه مَحل الْخلاف وَأما بعد بُلُوغ الْهدى مَحَله فَلَا يَقُول بن عَبَّاس أَيْضا بَقَاء الْحُرْمَة قَوْله [2780] من عهن بِكَسْر فَسُكُون الصُّوف الْمَصْبُوغ ألوانا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 [2781] قد حلوا بِعُمْرَة أَي بِجعْل نسكهم عمْرَة قَوْله [2782] أماط عَنهُ أَي أَزَال عَنهُ فَلَمَّا اسْتَوَت بِهِ الْبَيْدَاء هَذَا يُفِيد أَنه أهل حِين اسْتِوَاء الرَّاحِلَة على الْبَيْدَاء وَهَذَا خلاف مَا تقدم عَن بن عَبَّاس أَنه أهل بعد الصَّلَاة فَلَعَلَّهُ تحقق عِنْده الْأَمر بعد هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 فَرجع عَنهُ إِلَى مَا تحقق عِنْده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله غنما أَي حَال كَون الْهدى غنما والْحَدِيث صَرِيح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 فِي جَوَاز تَقْلِيد الْغنم فَلَا وَجه لمنع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 فِي جَوَاز تَقْلِيد الْغنم فَلَا وَجه لمنع من منع ذَلِك قَوْله [2788] ثمَّ لَا يحرم من أحرم أَي لَا يصير محرما قَوْله [2792] بعث بِالْهدى أَي بعث أحدهم بِالْهدى والْحَدِيث يدل على أَن الَّذِي يبْعَث بِالْهدى مُخَيّر بَين أَن يصير محرما وَبَين أَن يبْقى حَلَالا قَوْله مَعَ أبي بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم تُرِيدُ أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وعنها [2793] حَتَّى ينْحَر الْغَايَة لبَيَان الدَّوَام وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا قَائِل بِالْحُرْمَةِ بعد هَذِه الْغَايَة فَإِذا لَا حُرْمَة إِلَى هَذِه الْغَايَة فَلَا حُرْمَة أصلا وَهُوَ الْمَطْلُوب قَوْله قَالَت وَلَا نعلم الْحَاج يحله من أحل أَي يَجعله حَلَالا خَارِجا عَن الْإِحْرَام بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى فِي حق النِّسَاء [2795] الا الطّواف بِالْبَيْتِ أَي طواف الافاضة وَأما الْحلق فَلَا يحله بِالْكُلِّيَّةِ قَوْله [2796] وَيخرج بِالْهدى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يخرج من يبْعَث مَعَه الْهدى بِالْهدى قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 وَيلك كلمة بِمَعْنى الدُّعَاء بِالْهَلَاكِ وَقد لَا يُرَاد بهَا الْحَقِيقَة بل الزّجر وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 [2802] إِذا ألجئت على بِنَاء الْمَفْعُول أَي اضطررت وَهل بعد أَن ركب اضطرارا لَهُ المقاومة على الرّكُوب أَو لَا بُد من النُّزُول إِذا رأى قُوَّة على الْمَشْي قَولَانِ وَقد يُؤْخَذ من قَوْله حَتَّى يجد ظهرا تَرْجِيح القَوْل الأول وَقد يمْنَع ذَلِك بِأَنَّهَا لَيست غَايَة لمداومة الرّكُوب عَلَيْهَا بل هِيَ غَايَة لجَوَاز الرّكُوب كلما ألجيء إِلَيْهِ أَي لَهُ أَن يركب كلما ألجئ إِلَى أَن يجد ظهرا فَلْيتَأَمَّل قَوْله [2803] وَلَا نرى بِضَم النُّون وَفتحهَا وَهُوَ أقرب أَي لَا نعزم وَلَا ننوى وَالْمرَاد بعض الْقَوْم أَي غالبهم كَمَا تقدم مرَارًا أَلا ترى إِلَى قَوْلهَا طفنا مَعَ أَنَّهَا مَا طافت لكَونهَا حَاضَت وَجُمْلَة طفنا حَال أَي قد طفنا وَجَوَاب لما أَمر رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا هُوَ دَلِيل النّسخ وَقد قَالَ بِهِ أَحْمد والظاهرية وَالْجُمْهُور على أَن النّسخ كَانَ مَخْصُوصًا بالصحابة قَالَ أَو مَا كنت كَأَنَّهُ استفهم تقريرا والا فقد علم بِهِ قبل انها حَاضَت وَيحْتَمل أَنه نسي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 [2805] أَهْلَلْنَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَاب بِالنّصب على الِاخْتِصَاص وَقد سبق مرَارًا أَن المُرَاد الْغَالِب ومذاكيرنا تقطر من الْمَنِيّ يُرِيد قرب الْعَهْد بِالْجِمَاعِ لأبركم أَي أطوعكم لله وَلَوْلَا الْهدى أَي معي وَلَو اسْتقْبلت الخ أَي لَو علمت فِي ابْتِدَاء شروعي مَا علمت الْآن من لُحُوق الْمَشَقَّة بِأَصْحَابِي بانفرادهم بِالْفَسْخِ حَتَّى توقفوا وترددوا وراجعوا لما سقت الْهدى حَتَّى فسخت مَعَهم قَالَ حِين أَمرهم بِالْفَسْخِ فترددوا عُمْرَتنَا هَذِه أَي الَّتِي فِي أَيَّام الْحَج أَو الَّتِي فسخنا الْحَج بهَا وَالْجُمْهُور على الأول وَأحمد والظاهرية على الثَّانِي قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 [2808] بل لنا خَاصَّة أَي التَّمَتُّع عَام لَكِن فسخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ خَاص وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَمن يرى الْفَسْخ عَاما يرى أَن هَذَا الحَدِيث لَا يصلح للمعارضة قَوْله [2809] كَانَت لنا رخصَة أَي بِوَصْف الْفَسْخ والا فَلَا خُصُوص قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 [2813] كَانُوا يرَوْنَ الضَّمِير لأهل الْجَاهِلِيَّة لَا للصحابة كَمَا يُوهِمهُ كَلَام بَعضهم لقَوْله ويجعلون الْمحرم صفر وَلَيْسَ هَذَا من شَأْن الصَّحَابَة قَالَ السُّيُوطِيّ وَهَذَا من تحكمات أهل الْجَاهِلِيَّة الْفَاسِدَة وَقَوله ويجعلون الْمحرم صفر قَالَ السُّيُوطِيّ نقلا عَن النَّوَوِيّ وَهُوَ مَصْرُوفٌ بِلَا خِلَافٍ وَحَقُّهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ لَكِنَّهُ كُتِبَ بِدُونِهَا يَعْنِي عَلَى لُغَة ربيعَة أَي لُغَة من يقف على الْمَنْصُوب بِلَا ألف فَإِن الْخط مَدَاره على الْوَقْف وَلَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ مُنَوَّنًا وَفِي الْمُحْكَمِ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا يَصْرِفُهُ وَمَعْنَى يَجْعَلُونَ يُسَمُّونَ وَيَنْسُبُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَيْهِ لِئَلَّا تَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ فَتَضِيقَ بِذَلِكَ أَحْوَالُهُمْ وَهُوَ المُرَاد بالنسيء إِذا برأَ بِفتْحَتَيْنِ وهمزة وَتَخْفِيف الدَّبَرْ بِفَتْحَتَيْنِ الْجُرْحُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ الْبَعِير أَي زَالَ عَنْهَا الجروح الَّتِي حصلت بِسَبَب سفر الْحَج عَلَيْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 وَعَفَا الْوَبَرْ أَيْ كَثُرَ وَبَرُ الْإِبِلِ الَّذِي قلعته رِحَالُ الْحَجِّ وَانْسَلَخَ صَفَرْ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظ كلهَا تقْرَأ سَاكِنَةَ الْآخِرِ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا لِأَنَّ مُرَادُهُمُ السَّجْعَ الْحِلُّ كُلُّهُ أَيْ حِلٌّ يَحِلُّ لَهُ فِيهِ جَمِيع مَا يحرم على الْمحرم حَتَّى جماع النِّسَاء وَذَلِكَ تَمام الْحل قَوْله [2814] وَكَانَ فِيمَن لم يكن مَعَه الْهدى هَكَذَا فِي صَحِيح مُسلم وَبِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَكِن فِي صَحِيح بِإِسْنَاد آخر وَكَانَ طَلْحَة بن عبيد الله فِيمَن سَاق الْهدى فَلم يحل قَوْله [2815] دخلت الْعمرَة فِي الْحَج من جوز الْفَسْخ يَقُول دخلت نِيَّة الْعمرَة فِي نِيَّة الْحَج بِحَيْثُ أَن من نوى الْحَج صَحَّ لَهُ الْفَرَاغ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ وَمن لَا يجوز الْفَسْخ يَقُول حلت فِي أشهر الْحَج وَصحت بِمَعْنى دخلت فِي وَقت الْحَج وشهوره وَبَطل مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة من عدم حل الْعمرَة فِي أشهر الْحَج أَو دخل أَفعَال الْعمرَة فِي أَفعَال الْحَج فَلَا يجب على الْقَارِن الا احرام وَاحِد وَطواف وَاحِد وَهَكَذَا وَمن لَا يَقُول بِوُجُوب الْعمرَة يَقُول ان المُرَاد أَنه سقط افتراضها بِالْحَجِّ فَكَأَنَّهَا دخلت فِيهِ وَبَعض الِاحْتِمَالَات لَا يُنَاسب الْمقَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تخلف أَي تَأَخّر عَنهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 [2816] أَن يناولوه سَوْطه أَي وَقد نَسيَه كَمَا فِي رِوَايَة أَو سقط عَنهُ كَمَا فِي أُخْرَى وَجمع بَينهمَا بِأَن أُرِيد بالسقوط النسْيَان أَو الْعَكْس تجوزا ثمَّ شدّ أَي حمل عَلَيْهِ وأبى بَعضهم أَي امْتَنعُوا عَن الْأكل طعمه بِضَم فَسُكُون أَي طَعَام وَالْمَقْصُود بِنِسْبَة الطَّعَام إِلَيْهِ تَعَالَى قطع التَّسَبُّب عَنْهُم أَي فَلَا اثم عَلَيْكُم والا فَكل الطَّعَام مِمَّا يطعم الله تَعَالَى عَبده فَافْهَم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 [2818] حَتَّى إِذا كَانُوا أَي فِي الطَّرِيق أَو فِي أثْنَاء ذَلِك بَين الرفاق الرفاق ككتاب جمع الرّفْقَة مُثَلّثَة الرَّاء وَسُكُون الْفَاء وَهِي جمَاعَة توافقهم فِي السّفر بِالْأُثَايَةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَمُثَلَّثَةٍ مَوْضِعٌ بطرِيق الْجحْفَة إِلَى مَكَّة بَين الرُّوَيْثَة بِالتَّصْغِيرِ وَالْعَرج بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وجيم قَرْيَة جَامِعَة على أَيَّام من الْمَدِينَة حَاقِفٌ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ قَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ نَائِم قد انحنى فِي نَومه وَقيل أَي وَاقِف منحن رَأسه بَين يَدَيْهِ إِلَى رجلَيْهِ وَقيل الحاقف الَّذِي لَجأ إِلَى حقف وَهُوَ مَا انعطف من الرمل لَا يرِيبهُ من راب يريب أَو أراب أَي لَا يتَعَرَّض لَهُ وَلَا يزعجه قَوْله بن جثامة بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ ثاء مُثَلّثَة مُشَدّدَة بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة وبالمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 [2819] أَو بودان بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة هما مكانان بَين الْحَرَمَيْنِ مَا فِي وَجْهي من الْكَرَاهَة أما انه أَي الشان وَفِي نُسْخَة أَنا وعَلى النسختين فهمزة ان مَكْسُورَة للابتداء الا أَنا بِفَتْح الْهمزَة أَي لأَنا حرم بِضَمَّتَيْنِ أَي محرمون والتوفيق بَين هَذَا وَمَا تقدم أَن هَذَا قد صيد لَهُ أَو هَذَا فِي الْحمار الْحَيّ وَمَا سبق فِيمَا لم يصد لَهُ وَكَون هَذَا كَانَ حَيا مِمَّا لَا يُوَافقهُ الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 [2824] عَام الْحُدَيْبِيَة بِهَذَا تبين أَن تَركه الْإِحْرَام ومجاوزته الْمِيقَات بِلَا احرام كَانَ قبل أَن تقرر الْمَوَاقِيت فَإِن تَقْرِير الْمَوَاقِيت كَانَ سنة حج الْوَدَاع كَمَا روى عَن أَحْمد أَن نقتطع قَالَ السُّيُوطِيّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يَقْطَعَنَا الْعَدُوُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أرفع بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ أُكَلِّفُهُ السَّيْرَ السَّرِيعَ شأوا بِالْهَمْز أَيْ قَدْرَ عَدْوِهِ وَهُوَ قَائِلٌ مِنَ الْقَيْلُولَةِ بالسقيا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 بِضَم السِّين مَوضِع قَوْله فاضلة أَي قِطْعَة فاضلة أَي فضلَة وَبَقِيَّة قَوْله فاختلست أَي سلبت فأشفقوا أَي خَافُوا هَل أشرتم الخ يدل على أَنهم لَو أشاروا أَو أعانوا لما كَانَ لَهُم أَن يَأْكُلُوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 قَوْله [2827] صيد الْبر أَي مصيده حَلَال أَي وَأَنْتُم حرم كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَهُوَ بِضَمَّتَيْنِ جمع حرَام بِمَعْنى الْمحرم أَو يصاد قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد كَذَا فِي النّسخ والجاري على قوانين الْعَرَبيَّة أَو يصد لِأَنَّهُ مَعْطُوف على المجزوم وَذكر فِي حَاشِيَة الْكتاب نقلا عَن الشَّيْخ ولي الدّين هَكَذَا الرِّوَايَة بِالْألف وَهِي جَائِزَة على لُغَة قلت وَالْوَجْه نصب يصاد على أَن أَو بِمَعْنى الا أَن فَلَا اشكال قَوْله عَمْرو بن أبي عَمْرو لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ قَدْ تَبِعَ النَّسَائِيَّ على هَذَا بن حزم وسبقهما إِلَى تَضْعِيفِهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَكِنْ وَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وبن عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَكفى بهما فَوَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهِ وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُدَ على خَبره فَهُوَ عِنْده حسن أَو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 صَحِيح قَوْله جنَاح أَي اثم والحدأة بِكَسْر حاء مُهْملَة وَفتح دَال بعْدهَا همزَة كعنبة أخس الطُّيُور تخطف أَطْعِمَة النَّاس من أَيْديهم والفأرة بِهَمْزَة سَاكِنة وتسهل الْعَقُور بِفَتْح الْعين مُبَالغَة عَاقِر وَهُوَ الْجَارِح المفترس قَوْله الأبقع هُوَ الَّذِي فِي ظَهره أَو فِي بَطْنه بَيَاض وَقد أَخذ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 الْقَيْدِ طَائِفَةٌ وَأَجَابَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةَ أصح قَوْله عكاز بِضَم عين وَشدَّة كَاف عَصا ذَات حَدِيدَة إِلَّا يُطْفِئ من الاطفاء [2831] عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ هِيَ الْحَيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ وَاحِدُهَا جَان هُوَ الدَّقِيق الْخَفِيف إِلَّا ذَا الطفيتين هُوَ بِضَم طاء وَسُكُون فَاء الخطان الأبيضان على ظهر الْحَيَّة والأبتر الْقصير الذَّنب يطمسان الْبَصَر أَي يخطفان بِمَا فيهمَا من الخاصية وَقيل يقصدان الْبَصَر باللسع قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 [2832] وَهُوَ حرَام أَي وَالْحَال أَن الْقَائِل حرَام أَي محرم أَي دَاخل فِي الْحرم قَوْله والفويسقة هِيَ الْفَأْرَة تَصْغِير فاسقة لخروجها من جُحر على النَّاس وافسادها قَوْله [2835] فِي الْحرم بِفتْحَتَيْنِ أَي حرم مَكَّة أَو بِضَمَّتَيْنِ جمع حرَام أَي فِي الْمَوَاضِع الْمُحرمَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 [2836] عَن الضبع بِفَتْح مُعْجمَة وَضم مُوَحدَة حَيَوَان مَعْرُوف فَأمرنِي أَي أَمر إِبَاحَة ورخصة أصيد هِيَ أَي أَفِي قَتلهَا جَزَاء قَوْله وَهُوَ محرم بِهَذَا أَخذ عُلَمَاؤُنَا فجوزوا نِكَاح الْمحرم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 [2842] لَا ينْكح بِفَتْح الْيَاء أَي لَا يعْقد لنَفسِهِ وَلَا يخْطب كينصر من الْخطْبَة بِكَسْر الْخَاء وَهَذَا يمْنَع تَأْوِيل النِّكَاح فِي الحَدِيث بِالْجِمَاعِ كَمَا قيل وَلَا ينْكح بِضَم الْيَاء أَي لَا يعْقد لغيره وكل مِنْهَا يحْتَمل النَّهْي وَالنَّفْي بِمَعْنى النَّهْي وغالب أهل الحَدِيث وَالْفِقْه أخذُوا بِهَذَا الحَدِيث وَرَأَوا أَن حَدِيث بن عَبَّاس وهم لما جَاءَ عَن مَيْمُونَة وَرَافِع خِلَافه فرجحوا حَدِيث مَيْمُونَة وَرَافِع لكَون مَيْمُونَة صَاحِبَة الْوَاقِعَة فَهِيَ أعلم بهَا من غَيرهَا وَرَافِع كَانَ سفيرا بَين النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَبَينهَا وبن عَبَّاس كَانَ إِذْ ذَاك صَغِيرا وَلكَون حَدِيثهمَا أوفق بِالْحَدِيثِ القولي الَّذِي رَوَاهُ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقَالُوا وَلَو سلم أَن حَدِيث بن عَبَّاس يُعَارض حَدِيث ميمونه يسْقط الحديثان للتعارض وَيبقى حَدِيث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 عُثْمَان القولي سالما عَن الْمُعَارضَة فيؤيد بِهِ وَلَو سلم أَن حَدِيث بن عَبَّاس لَا يسْقط وَلَا يُعَارضهُ حَدِيث مَيْمُونَة وَرَافِع فَلَا شكّ أَنه حِكَايَة فعل يحْتَمل الْخُصُوص وَحَدِيث عُثْمَان قَول نَص فِي التشريع فَيُؤْخَذ بِهِ قطعا على مُقْتَضى الْقَوَاعِد وَقَالَ بَعضهم بل حَدِيث بن عَبَّاس أرجح سندا فقد أخرجه السِّتَّة فَلَا يُعَارضهُ شَيْء من حَدِيث مَيْمُونَة وَرَافِع وَالْأَصْل فِي الْأَفْعَال الْعُمُوم فَيقدم على حَدِيث عُثْمَان أَيْضا فَيُؤْخَذ بِهِ دون غَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2845] احْتجم وَهُوَ محرم تجوز الْحجامَة للْمحرمِ عِنْد كثير بِلَا حلق شعر لَكِن سَيَجِيءُ أَنه احْتجم فِي الرَّأْس والحجامة لَا تَخْلُو عَادَة عَن حلق فالأوفق بِالْحَدِيثِ أَن يُقَال بِجَوَاز حلق مَوضِع الْحجامَة إِذا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2848] من وثء بِفَتْح وَاو وَسُكُون مُثَلّثَة آخِره همزَة والعامة تَقول بِالْيَاءِ وَهُوَ غلط وجع يُصِيب اللَّحْم وَلَا يبلغ الْعظم أَو وجع يُصِيب الْعظم من غير كسر قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 [2850] وسط رَأسه قَالَ السُّيُوطِيّ بِفَتْح السِّين أَي متوسطة بلحى جمل بِفَتْح لَام وَحكى كسرهَا وَسُكُون مُهْملَة وجمل بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 [2851] أَو انسك بِضَم السِّين أَي اذْبَحْ أَي ذَلِك بتَشْديد الْيَاء لبَيَان التَّخْيِير وَأَنه يجوز كل وَاحِد مَعَ الْقُدْرَة على الآخر قَوْله وَتصدق فِيهِ اخْتِصَار أَي افْعَل التَّصَدُّق أَو مَا يقوم مقَامه قَوْله فوقصته الوقص كسر الْعُنُق [2853] وَلَا تمسوه بِطيب من الْمس وَالْبَاء للتعدية قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 [2854] وَلَا تمسوه طيبا من الامساس قَوْله فأقعصه أَي قَتله قتلا سَرِيعا والتذكير بملاحظة الْإِبِل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 [2857] وَأَنه لَفظه بعيره أَي رَمَاه قَوْله [2858] أقبل رجل حَرَامًا قَالَ الامام النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ فِي مُعظم النّسخ حَرَامًا وَفِي بَعْضهَا حرَام وَهَذَا هُوَ الْوَجْه وَالْأول وَجهه ان يكون حَالا وَقد جَاءَت الْحَال من النكرَة على قلَّة فوقص على بِنَاء الْمَفْعُول وألبسوه ثوبيه من الألباس قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 [2859] أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ للتبرك فَلَا يضر فِي الْإِيجَاب أَو هُوَ شَرط لما بعده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2860] من عرج أَو كسر الخ كسر على بِنَاء الْمَفْعُول وعرج بِكَسْر الرَّاء على بِنَاء الْفَاعِل فِي الصِّحَاح بِفَتْح الرَّاء إِذا أَصَابَهُ شَيْء فِي رجله فَجعل يمشي مشْيَة العرجان وبالكسر إِذا كَانَ ذَلِك خلقَة وَفِي النِّهَايَة إِذا صَار أعرج أَي من أحرم ثمَّ حدث لَهُ بعد الْإِحْرَام مَانع من الْمُضِيّ على مُقْتَضى الْإِحْرَام غير احصار الْعَدو بِأَن كَانَ أحد كسر رجله أوصار أعرج من غير صَنِيع من أحد يجوز لَهُ أَن يتْرك الْإِحْرَام وان لم يشْتَرط التَّحَلُّل وَقَيده بَعضهم بالإشتراط وَمن يرى أَنه من بَاب الْإِحْصَار لَعَلَّه يَقُول معنى حل كَاد أَن يحل قبل أَن يصل إِلَى نُسكه بِأَن يبْعَث الْهدى مَعَ أحد ويواعده يَوْمًا بِعَيْنِه يذبحها فِيهِ فِي الْحرم فيتحلل بعد الذّبْح قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 [2862] بِذِي طوى اسْم مَوضِع بِقرب مَكَّة حِين يقدم مُتَعَلق بكان ينزل على أكمة بِفَتَحَات دون الْجَبَل وَأَعْلَى من الرابية وَقيل دون الرابية بنى على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله [2863] فَأصْبح بالجعرانة أَي فَرجع إِلَى الْجِعِرَّانَة لَيْلًا فَأصْبح بهَا كبائت فِيهَا أَي كَأَنَّهُ بَات بالجعرانة لَيْلًا وَمَا خرج مِنْهَا من بطن سرف بِكَسْر الرَّاء قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 [2864] كَأَنَّهُ سبيكة فضَّة بِالْإِضَافَة فِي الْقَامُوس سبيكة كسفينة الْقطعَة المذوبة المُرَاد تشبيهه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالقطعة من الْفضة فِي الْبيَاض والصفاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2865] الَّتِي بالبطحاء أَي مِمَّا يَلِي الْمَقَابِر السُّفْلى أَي الَّتِي تلِي بَاب الْعمرَة قَوْله دخل مَكَّة أَي يَوْم الْفَتْح وَلِوَاؤُهُ أَبيض قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 [2867] وَعَلِيهِ المغفر بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْفَاء هُوَ المنسوج من الدرْع على قدر الرَّأْس أَي على رَأسه المغفر فَلَا تعَارض بَينه وَبَين حَدِيث وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء إِذْ يحْتَمل أَن تكون الْعِمَامَة فَوق المغفر أَو بِالْعَكْسِ أَو كَانَ أول دُخُوله على رَأسه المغفر ثمَّ أزاله وَلبس الْعِمَامَة بعد ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم بن خطل بِفتْحَتَيْنِ وَقد أجَاز صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي قَتله حَيْثُ كَانَ لكَونه كَانَ يُؤْذِيه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2870] عَن أبي الْعَالِيَة الْبَراء بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ كَانَ يبرى النبل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 [2873] فِي عمْرَة الْقَضَاء قيل هِيَ عمْرَة كَانَت قَضَاء عَمَّا صد عَنْهَا عَام الْحُدَيْبِيَة وَقيل بل الْقَضَاء بِمَعْنى المقاضاة والمصالحة فَإِنَّهُ صَالح عَلَيْهَا كفار قُرَيْش الْيَوْم نَضْرِبكُمْ فِي النِّهَايَة سُكُون الْبَاءِ مِنْ نَضْرِبْكُمْ مِنْ جَائِزَاتِ الشِّعْرِ وَمَوْضِعُهَا الرّفْع قلت نبه على ذَلِك لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن جزمه لكَونه جَوَاب الْأَمر فَإِن جعله جَوَابا فَاسد معنى وَلَعَلَّ المُرَاد نَضْرِبكُمْ أَن نقضتم الْعَهْد وصددتموه عَن الدُّخُول والا فَلَا يَصح ضَربهمْ لمَكَان الْعَهْد على تَنْزِيله أَي لأجل تَنْزِيله بِمَكَّة أَي نَضْرِبكُمْ حَتَّى ننزله بِمَكَّة وَقيل المُرَاد تَنْزِيل الْقُرْآن يزِيل الْهَام بِالتَّخْفِيفِ الرَّأْس عَن مقِيله أَي مَوْضِعه مستعار من مَوضِع القائلة وَيذْهل بِضَم الْيَاء أَي يَجعله ذاهلا فَقَالَ لَهُ عمر الخ كَأَنَّهُ رأى أَن الشّعْر مَكْرُوه فَلَا يَنْبَغِي أَن يكون بَين يَدَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 وَسلم وَفِي حرمه تَعَالَى وَلم يلْتَفت إِلَى تَقْرِير النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لاحْتِمَال أَن يكون قلبه مشتغلا بِمَا مَنعه عَن الِالْتِفَات إِلَى الشّعْر أسْرع فيهم أَي فِي التَّأْثِير فِي قُلُوبهم مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ بِنُونٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْملَة من الرَّمْي بِالسَّهْمِ أَي فَيجوز للْمصْلحَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2874] حرمه الله أَي حكم بِكَوْنِهِ حرما يَوْمئِذٍ وان ظهر بَين النَّاس بعد ذَلِك على لِسَان الْأَنْبِيَاء وَلما كَانَ إِبْرَاهِيم أول نَبِي أظهر ذَلِك بعد الطوفان أَو مُطلقًا قيل حرمه إِبْرَاهِيم بِحرْمَة الله أَي بِتَحْرِيمِهِ وَالْحَاصِل أَن تَحْرِيمه منتسب إِلَى الله تَعَالَى على الدَّوَام فَلَا بُد من مراعاته لَا يعضد على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لَا يقطع وَلَا ينفر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 بتَشْديد الْفَاء على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لَا يتَعَرَّض لَهُ بالإصطياد وَغَيره وَلَا يلتقط على بِنَاء الْفَاعِل لقطته بِضَم لَام وَفتح قَاف أَو بسكونه الا من عرفهَا من التَّعْرِيف قيل أَي على الدَّوَام ليحصل بِهِ الْفرق بَين الْحرم وَغَيره والا لَا يحسن ذكره هَا هُنَا فِي مَحل ذكر الاحكام الْمَخْصُوصَة بِالْحرم الثَّابِتَة لَهُ بِمُقْتَضى التَّحْرِيم وَمن لَا يَقُول بِوُجُوب التَّعْرِيف على الدَّوَام يرى أَن تَخْصِيصه كتخصيص الْإِحْرَام بِالنَّهْي عَن الفسوق فِي قَوْله فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال مَعَ أَن النَّهْي عَام وَحَاصِله زِيَادَة الاهتمام بِأَمْر الْإِحْرَام وَبَيَان أَن الاجتناب عَن الفسوق فِي الْإِحْرَام آكِد فَكَذَا التَّخْصِيص هَا هُنَا لزِيَادَة الاهتمام بِأَمْر الْحرم وَأَن التَّعْرِيف فِي لقطته متأكد وَلَا يختلي على بِنَاء الْمَفْعُول خلاه بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَقصر وَحكى بِمد هُوَ الرطب من النَّبَات الا الأذخر بِهَمْزَة مَكْسُورَة وذال مُعْجمَة نبت مَعْرُوف طيب الرَّائِحَة وَجوز فِيهِ الرّفْع على الْبَدَل وَالنّصب على الِاسْتِثْنَاء وَلم يرد الْعَبَّاس ان يَسْتَثْنِي بل أَرَادَ أَن يلقن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك بل أَرَادَ أَن يلْتَمس مِنْهُ ذَلِك وَأما اسْتِثْنَاؤُهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بِوَحْي جَدِيد أَو لتفويض من الله تَعَالَى إِلَيْهِ مُطلقًا أَو مُعَلّقا بِطَلَب أحد اسْتثِْنَاء شَيْء من ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2875] وَأحل لي سَاعَة مُقْتَضَاهُ أَنه لَيْسَ لأحد بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُقَاتل بِمَكَّة ابْتِدَاء مَعَ اسْتِحْقَاق أَهلهَا الْقِتَال وَعَلِيهِ بعض الْفُقَهَاء إِذْ خُصُوص الْحُرْمَة بِمَكَّة وخصوص حل الْقِتَال بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا يظْهر حِينَئِذٍ والا فبدون اسْتِحْقَاق الْأَهْل لَا يحل الْقِتَال فِي غير مَكَّة أَيْضا وَمعنى الِاسْتِحْقَاق لَو جَوَّزنَا فِي مَكَّة لغيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يبْق للاختصاص معنى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 [2876] يبْعَث الْبعُوث بِضَم الْمُوَحدَة جمع بعث بِمَعْنى الْمَبْعُوث أَي يُرْسل الجيوش لقِتَال عبد الله بن الزبير سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَكَانَ عَمْرو أَمِير الْمَدِينَة من جِهَة يزِيد بن مُعَاوِيَة فَكتب إِلَيْهِ أَن يُوَجه إِلَى بن الزبير جيوشا حِين امْتنع عَن بيعَته وَأقَام بِمَكَّة فَبعث بعثا أحَدثك بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر الْغَد بِالنّصب أَي ثَانِي يَوْم الْفَتْح وَضمير سمعته ووعاه لِلْقَوْلِ أَي حفظه قلبِي وَضمير أبصرته للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وتفكيك الضَّمِير مَعَ ظُهُور الْقَرِينَة لَا يضر وَالْمَقْصُود الْمُبَالغَة فِي تَحْقِيق حفظه ذَلِك القَوْل وَأَخذه عَنهُ عيَانًا وَقَوله حِين تكلم يحْتَمل التَّعَلُّق بِمَا قبله وَبِمَا بعده إِن مَكَّة الخ مَعْنَاهُ أَن تَحْرِيمهَا بِوَحْي الله تَعَالَى وَأمره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 لَا أَنه اصْطلحَ النَّاس على تَحْرِيمهَا بِغَيْر امْرَهْ أَن يسفك بِكَسْر الْفَاء وَحكى ضمهَا أَي يسيله يعضد بِضَم الضَّاد هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل الحَدِيث قيل وَالصَّحِيح الْكسر أَي يقطع وَإِنَّمَا أذن على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَالْحَاصِل أَن استدلاله بَاطِل بِوَجْهَيْنِ من جِهَة الْخُصُوص وَعدم الْبَقَاء وَقد عَادَتْ حرمتهَا الخ كِنَايَة عَن عود حرمتهَا بعد تِلْكَ السَّاعَة كَمَا كَانَت قبل تِلْكَ السَّاعَة فَلَا اشكال بِأَن الْخطْبَة كَانَت فِي الْغَد من يَوْم الْفَتْح وعود الْحُرْمَة كَانَ بعد تِلْكَ السَّاعَة لَا فِي الْغَد فَمَا معنى الْيَوْم وَلَا بِأَن أمس هُوَ يَوْم الْفَتْح وَقد رفعت الْحُرْمَة فِيهِ فَكيف قيل كحرمتها بأمس وَيحْتَمل أَن يُقَال الْيَوْم ظرف للْحُرْمَة لَا للعود وَمعنى كحرمتها أَي كرفع حرمتهَا أَي الْعود كالرفع حَيْثُ كَانَ كل مِنْهُمَا بأَمْره تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2877] يَغْزُو هَذَا الْبَيْت أَي يَقْصِدهُ بالهدم وَقتل الْأَهْل بِالْبَيْدَاءِ هِيَ الْمَفَازَة الَّتِي لَا شَيْء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 فِيهَا وَلَعَلَّ المُرَاد هَا هُنَا هِيَ الْمَفَازَة الَّتِي بِقرب الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة بِهَذَا الِاسْم بَين النَّاس قَوْله الْبعُوث بِضَم الْبَاء أَي الجيوش قَوْله يكون لَهُم أَي يصير لَهُم ذَلِك الْمحل قبورا بِلَا عَذَاب وَالْحَاصِل أَن الْمَوْت والخسف يشملهم ظَاهرا لَكِن حَالهم بعد ذَلِك كَحال الْمُؤمن فِي قَبره لَا كَحال من خسف بِهِ استحقاقا قَوْله ليؤمن من أم بتَشْديد الْمِيم إِذا قصد وَالنُّون ثَقيلَة للتَّأْكِيد أَي ليقصدن هَذَا الْبَيْت جَيش الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 قَوْله [2881] خمس فواسق الْمَشْهُور الْإِضَافَة وروى بِالتَّنْوِينِ على الْوَصْف وَبَينهمَا فِي الْمَعْنى فرق دَقِيق ذكره بن دَقِيق لِأَن الْإِضَافَة تَقْتَضِي الحكم على خمس من الفواسق بِالْقَتْلِ أشعر التَّخْصِيص بِخِلَاف الحكم فِي غَيرهَا بطرِيق الْمَفْهُوم وَأما التَّنْوِين فَيَقْتَضِي وصف الْخمس بِالْفِسْقِ من جِهَة الْمَعْنى وَقد يشْعر بِأَن الحكم مترتب على ذَلِك وَهُوَ الْقَتْل مُعَلل بِمَا جعل وَصفا وَهُوَ الْفسق فَيَقْتَضِي ذَلِك التَّعْمِيم لكل فَاسق من الدَّوَابّ وَهُوَ ضد مَا اقْتَضَاهُ الأول من الْمَفْهُوم من التَّخْصِيص قَوْله فابتدرناها أَي سبق كل منا صَاحبه إِلَى قَتلهَا وَفِيه أَن حَيَّة غير الْبيُوت تقتل وَلَو كَانَ حرما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 قَوْله فأضرمنا أوقدنا وقاها فِيهِ أَخْبَار بِأَنَّهَا سلمت مِمَّا فعلوا من اضرام النَّار وَغَيره وَتَسْمِيَة فعلهم شرا للمشاكلة أَو المُرَاد بِالشَّرِّ مَا هُوَ ضَرَر فِي حق الْغَيْر قَوْله الفويسق تَصْغِير فَاسق وَهُوَ تَصْغِير تحقير ويقتضى زِيَادَة الذَّم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 قَوْله [2892] بِحرَام الله أَي بِتَحْرِيمِهِ الا لِمُنْشِد من أنْشد أَي الا لمعرف قد سبق الْخلاف أَنه هَل يلْزم دوَام التَّعْرِيف أَو يَكْفِي التَّعْرِيف سنة كَسَائِر الْبِلَاد مجربا أَي ذَا تجربة قَوْله اسْتِقْبَال الْحَاج اسْتدلَّ عَلَيْهِ بقول بن رَوَاحَة خلوا بني الْكفَّار لدلالته على أَنهم اسْتَقْبلُوهُ والْحَدِيث قد مضى قَوْله أغيلمة تَصْغِير أغلمة وَالْمرَاد الصّبيان وَلذَلِك صغرهم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 [2895] يفعل هَذَا أَي الرّفْع فِي غير مَحَله أَو الرّفْع عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت وَذَلِكَ لِأَن الْيَهُود أَعدَاء الْبَيْت فَإِذا رَأَوْهُ رفعوا أَيْديهم لهدمه وتحقيره وَلَيْسَ المُرَاد أَن الْيَهُود يزورونه ويرفعون الْأَيْدِي عِنْده بذلك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 [2896] مَكَانا فِي دَار يعلى الخ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَة إِلَى أَن وَجهه أَن الْبَيْت كَانَ يرى من ذَلِك الْمَكَان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله صَلَاة فِي مَسْجِدي الخ قد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْمَسَاجِد قَوْله [2898] الا الْمَسْجِد الْكَعْبَة هَكَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي عِنْدِي بتعريف الْمَسْجِد بِاللَّامِ وَالَّذِي فِي بَاب الْمَسَاجِد الا مَسْجِد الْكَعْبَة بِالْإِضَافَة وَهُوَ الْأَظْهر وَوجه هَذِه النُّسْخَة أَن يَجْعَل بَدَلا بِتَقْدِير مُضَاف أَي مَسْجِد الْكَعْبَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 [2900] ألم ترى خطاب للْمَرْأَة وجزمه بِحَذْف النُّون أَي ألم تعلمي أَن قَوْمك بِكَسْر الْكَاف يُرِيد قُريْشًا لَوْلَا حدثان الْمَشْهُور كسر الْحَاء وَسُكُون الدَّال وَقيل يجوز بالفتحتين أَي لَوْلَا قرب عَهدهم بالْكفْر يُرِيد أَن الْإِسْلَام لم يتَمَكَّن فِي قُلُوبهم فَلَو هدمت لربما نفروا مِنْهُ لأَنهم يرَوْنَ تَغْيِيره عَظِيما لَئِن كَانَت عَائِشَة الخ قيل لَيْسَ هَذَا شكا فِي سَماع عَائِشَة فَإِنَّهَا الحافظة المتقنة لكنه جرى على مَا يعْتَاد فِي كَلَام الْعَرَب من الترديد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 للتقرير وَالتَّعْيِين قلت هُوَ مَا سمع من عَائِشَة بِلَا وَاسِطَة فَيمكن أَنه جوز الْخَطَأ على الْوَاسِطَة فَشك لذَلِك على أَن خطأ عَائِشَة مُمكن وَبِالْجُمْلَةِ فسماع عَائِشَة عِنْد بن عمر لَيْسَ قَطْعِيا فالتعليق لافادة ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم مَا أرى بِضَم الْهمزَة أَي مَا أَظن استلام الرُّكْنَيْنِ أَي مسحهما وَالسِّين فِيهِ أَصْلِيَّة وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ السَّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ يُقَالُ اسْتَلم أَي أصَاب السَّلَام وَهِي الْحِجَارَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ الْحجر بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم هُوَ الْموضع الْمُسَمّى بِالْحَطِيمِ لم يتم على بِنَاء الْفَاعِل من التَّمام أَو على بِنَاء الْمَفْعُول من الاتمام على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم أَي الْقَوَاعِد الْأَصْلِيَّة الَّتِي بنى إِبْرَاهِيم الْبَيْت عَلَيْهَا فالركنان اللَّذَان يَلِيَانِ الْحجرَ لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ وَإِنَّمَا هُمَا بَعْضُ الْجِدَارِ الَّذِي بَنَتْهُ قُرَيْشٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَلِمْهُمَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [2901] حَدَاثَة عهد بِفَتْح الْحَاء أَي قربه خلفا بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَسُكُون لَام أَي بَابا من خَلفه مُقَابلا لهَذَا الْبَاب الَّذِي من قُدَّام قَوْله [2902] حَدِيثُ عَهْدٍ كَذَا رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَحَذْفِ الْوَاوِ فِي مثل هَذَا وَالصَّوَاب حَدِيث عهد ورد بِأَنَّهُ من قبيل وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ فقد قَالُوا تَقْدِيره أول فريق كَافِر أَو فَوْج كَافِر يُرِيدُونَ أَن هَذِه الْأَلْفَاظ مُفْردَة لفظا وَجمع معنى فَيمكن رِعَايَة لَفظهَا وَلَا يخفى أَن لفظ الْقَوْم كَذَلِك وَأجِيب أَيْضا بِأَن فعيلا يَسْتَوِي فِيهِ الْجمع والافراد قَوْله فهدم على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 [2903] مَا أخرج مِنْهُ من الْحجر وألزقته أَي ألصقت بَابه بِالْأَرْضِ بِحَيْثُ مَا بَقِي مرتفعا عَن وَجههَا كأسنمة الْإِبِل جمع سَنَام متلاحكة أَي متلاصقة شَدِيدَة الِاتِّصَال قَوْله يخرب من التخريب قَالُوا هَذَا التخريب عِنْد قرب الْقِيَامَة حَيْثُ لَا يبْقى فِي الأَرْض أحد يَقُول الله الله [2904] ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ تَثْنِيَةُ سُوَيْقَةٍ وَهِيَ تَصْغِيرُ السَّاقِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَلِذَلِكَ ظَهَرَتِ التَّاءُ فِي تَصْغِيرِهَا وَإِنَّمَا صَغَّرَ السَّاقَيْنِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى سُوقِ الْحَبَشَة الدقة قَوْله واجاف أَي رد الْبَاب عَلَيْهِم مَلِيًّا بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء أَي زَمَانا طَويلا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 [2907] ودنا خُرُوجه أَي قرب خُرُوجه من الْكَعْبَة وَحدث بِمَعْنى أحدث أَي فعل وَأبْدى فِي الْكَعْبَة شَيْئا أَي فَأَرَدْت أَن أحققه رَكْعَتَيْنِ هَذَا يَقْتَضِي أَن بِلَالًا ذكر لَهُ كم صلى وَقَوله ونسيت أَن أسأله كم صلى يُفِيد أَنه مَا ذكر لَهُ ذَلِك فَالظَّاهِر أَن تعْيين كَون الصَّلَاة الرَّكْعَتَيْنِ كَانَ من بن عمر بِنَاء على الْأَخْذ بِالْأَقَلِّ إِذْ أقل الصَّلَاة النهارية أَن تكون رَكْعَتَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 [2908] فِي وَجه الْكَعْبَة أَي فِي محاذاة الْبَاب قَوْله وَلم يصل قيل علم أُسَامَة بذلك لكَونه كَانَ مَشْغُولًا فَمَا اطلع على الصَّلَاة فَأخْبر بِحَسب ذَلِك والمثبت مقدم هَذِه الْإِشَارَة إِلَى الْكَعْبَة المشرفة أوجهتها وعَلى الثَّانِي الْحصْر وَاضح وعَلى الأول بِاعْتِبَار من كَانَ دَاخل الْمَسْجِد أَو من كَانَ بِمَكَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2910] حَدِيث عَهدهم بِرَفْع عَهدهم على الفاعلية وَلَيْسَ عِنْدِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 يُفِيد أَن كلا من الْأَمريْنِ مَانع من ذَلِك قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 [2918] كَانَ يَقُود بن عَبَّاس أَي حِين كف بَصَره عِنْد الشقة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْقَاف بِمَعْنى النَّاحِيَة الَّذِي يَلِي الْحجر بِفتْحَتَيْنِ أَي الْحجر الْأسود والموصول صفة الرُّكْن مِمَّا يَلِي الْبَاب أَي بَاب الْبَيْت أَي الَّتِي بَين الْحجر وَالْبَاب أما أنبئت على صِيغَة الْخطاب وَبِنَاء الْمَفْعُول أَي أخْبرت قَوْله [2919] أَن مسحهما يحطان بالتثنية وَالضَّمِير للركنين والعائد إِلَى الْمسْح مُقَدّر أَي بِهِ وَفِي نُسْخَة يحط بالافراد وَهُوَ أظهر فَهُوَ أَي الطّواف كَعدْل رَقَبَة أَي مثل اعتاق رَقَبَة فِي الثَّوَاب وَالْكَاف زَائِدَة وَالْعدْل يجوز فِيهِ فتح الْعين وَكسرهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بخزامة بِكَسْرِ الْخَاءِ هِيَ حَلْقَةٌ مِنْ شَعْرٍ تُجْعَلُ فِي أحد جَانِبي منخري الْبَعِير وَإِنَّمَا مَنعه عَن ذَلِك وَأمره بالقود بِالْيَدِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يفعل بالبهائم وَهُوَ مثلَة والترجمة تُؤْخَذ من الْأَمر لكَونه كلَاما قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 [2921] فِي نذر أَي لأجل نذر نَذره قَوْله صَلَاة أَي كَالصَّلَاةِ فِي كثير من الْأَحْكَام أَو مثلهَا فِي الثَّوَاب أَو فِي التَّعْلِيق بِالْبَيْتِ فأقلوا أَي فَلَا تكثروا فِيهِ الْكَلَام وان كَانَ جَائِزا لِأَن مماثلته بِالصَّلَاةِ يَقْتَضِي ان لَا يتَكَلَّم فِيهِ أصلا كَمَا لَا يتَكَلَّم فِيهَا فحين أَبَاحَ الله تَعَالَى فِيهِ الْكَلَام رَحْمَة مِنْهُ تَعَالَى على العَبْد فَلَا أقل من أَن يكثر فِيهِ ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 [2924] يَا بني عبد منَاف تقدم الحَدِيث فِي مبَاحث أَوْقَات الصَّلَاة قَوْله [2926] إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَفِيهِ أَن الإحتراز عَن طواف النِّسَاء مَعَ الرِّجَال مهما أمكن أحسن حَيْثُ أجَاز لَهَا فِي حَال إِقَامَة الصَّلَاة الَّتِي هِيَ حَالَة اشْتِغَال الرِّجَال بِالصَّلَاةِ لَا فِي حَال طواف الرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله على بعير يرَوْنَ أَنه كَانَ للزحام أَو لنَوْع مرض فقد جَاءَ الْأَمْرَانِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِك بِلَا عذر لِأَن الْوَاجِب طواف الْإِنْسَان بالقران وَهَذَا حَقِيقَة للمركب ويضاف إِلَى الْإِنْسَان بالمجاز فَلَا يجوز بِلَا ضَرُورَة بِمِحْجَنِهِ بِكَسْر الْمِيم مَعْرُوف قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 [2929] ينْهَى عَن ذَلِك أَي يَقُول الطّواف يُوجب التَّحْلِيل فَمن أَرَادَ الْبَقَاء على احرامه فَعَلَيهِ أَن لَا يطوف وَالْحَاصِل أَنه كَانَ يرى الْفَسْخ الَّذِي أَمر بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الصَّحَابَة أحرم بِالْحَجِّ قد جَاءَ مِنْهُ أَنه تمتّع بِالْعُمْرَةِ وَهَذَا الْجَواب يَقْتَضِي أَنه أَرَادَ بالتمتع الْقرَان فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 [2930] لما قدم يُرِيد أَنه لَا يَأْتِي أَهله اقْتِدَاء بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك واتيانا للنسك على الْوَجْه الَّذِي أَتَى بِهِ هُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [2931] لَوْلَا أَن معي الْهدى لأحللت فهم مِنْهُ أَن الْمَانِع هُوَ الْهدى لَا الْجمع فَصَاحب الْجمع كالمتمتع والمفرد يجوز لَهُ الْفَسْخ ان قُلْنَا بِعُمُومِهِ للصحابه وَلمن بعدهمْ كَمَا عَلَيْهِ الْبَعْض قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 [2932] فَطَافَ طَوافا وَاحِدًا أَي للركن وَقد تقدم الْبَحْث فِي حَدِيث بن عَمْرو فِي أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم طَاف للقدوم والافاضة قطعا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2933] أَن يصد على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا أَن صددت قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 [2936] بك حفيا أَي معتنيا بشأنك بالتقبيل وَالْمسح وَالْكَلَام وان كَانَ خطابا للحجر فالمقصود اسماع الْحَاضِرين ليعلموا أَن الْغَرَض الِاتِّبَاع لَا تَعْظِيم الْحجر كَمَا كَانَ عَلَيْهِ عَبدة الْأَوْثَان فالمطلوب تَعْظِيم أَمر الرب وَاتِّبَاع نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله كَيفَ يقبل ذكر فِي حَدِيث وان رَآهُ خَالِيا قبله ثَلَاثًا قيل ترْجم المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنَنه الْكُبْرَى بقوله كم يقبله وَهُوَ الْأَلْيَق قلت وَكَأَنَّهُ رَاعى هَا هُنَا أَنه قبله إِذا رَآهُ خَالِيا فعده كَيْفيَّة وَلما كَانَ دلَالَة الحَدِيث على الكمية ظَاهِرَة دون الْكَيْفِيَّة صَار تَرْجَمَة الْكَيْفِيَّة أوفق بدأبه لِأَن دأبه رَحمَه الله تَعَالَى التَّنْبِيه على الدقائق فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 [2939] ثمَّ مضى على يَمِينه أَي أَخذ فِي الطّواف من يَمِين نَفسه أَو يَمِين الْبَيْت يَعْنِي أَنه بَدَأَ من يَمِين الْبَيْت إِذْ الْحجر الْأسود فِي يَمِينه فَإِذا بَدَأَ بِهِ فقد بَدَأَ بِالْيَمِينِ وَيَمِين الْبَيْت إِنَّمَا يظْهر للمحاذاة للباب إِذْ الْبَاب بِمَنْزِلَة الْوَجْه فَمَا كَانَ فِي يسَار المحاذي فَهُوَ يَمِين الْبَيْت على قِيَاس من يُحَاذِي وَجه انسان فيسار المحاذي يَمِين من يحاذيه وَالْأَقْرَب هُوَ الأول وَهُوَ أَن المُرَاد يَمِين الطَّائِف وَالله تَعَالَى أعلم فَقَالَ وَاتَّخذُوا الخ للتّنْبِيه على أَن فعله تَفْسِير لهَذِهِ الْآيَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 [2940] يرمل الثَّلَاث الرمل بِفتْحَتَيْنِ اسراع الْمَشْي مَعَ تقَارب الخطا وَهُوَ الخبب وَهُوَ دون الْعَدو والوثوب من بَاب نصر قَوْله [2941] فَإِنَّهُ يسْعَى أَي يسْرع وَقد يَجِيء السَّعْي بِمَعْنى الْمَشْي مُطلقًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله سَجْدَتَيْنِ أَي رَكْعَتَيْنِ من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم الْجُزْء قَوْله اسْتَلم هُوَ افتعال من السَّلَام بِمَعْنى التَّحِيَّة أَو السلمة بِكَسْر اللَّام بِمَعْنى الْحجر وَمَعْنَاهُ على هَذَا لمس الْحجر أَو تنَاوله وَنَظِيره اكتحل من الْكحل بِمَعْنى الْحجر الْمَخْصُوص وَمعنى اكتحل أصَاب الْكحل وَالْمرَاد بالركن الْأسود الْحجر الْأسود وَأطلق عَلَيْهِ اسْم الرُّكْن بعلاقة الْحُلُول وَلذَلِك وصف بالأسود وَتعلق اسْتَلم على التَّقْرِير الثَّانِي مَبْنِيّ على التَّجْرِيد مثل أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا يخب من بَاب نصر وَالْجُمْلَة بَيَان كَيْفيَّة الطّواف قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 [2944] من الْحجر إِلَى الْحجر أَي فِي تَمام دورة الطّواف قَوْله وَهَنَتْهُمْ رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ أَضْعَفَتْهُمْ يَثْرِبَ بِالْفَتْحِ غير منصرف فَاطلع بِالتَّخْفِيفِ أَي أوقفهُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 [2945] وَأَن يمشوا صَرِيح فِي أَنه لَا رمل بَين الرُّكْنَيْنِ وَهُوَ معَارض بِمَا تقدم من قَول جَابر رمل من الْحجر إِلَى الْحجر وَهُوَ اثبات فَلِذَا أَخذ بِهِ النَّاس وَيحْتَمل أَن يكون قَول بن عَبَّاس رخصَة فِي حق بعض الضِّعَاف نَاحيَة الْحجر بِكَسْر مُهْملَة وَسُكُون أَي لَا فِي نَاحيَة الرُّكْنَيْنِ فَلذَلِك جوز الْمَشْي فِي نَاحيَة الرُّكْنَيْنِ لهَؤُلَاء بِفَتْح اللَّام قَالَ الشَّيْخ عز الدّين فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنَ الْجِهَادِ قَالَ وَعِلَّتُهُ فِي حَقنا تذكر نعْمَة الله تَعَالَى على نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِالْعِزَّةِ وَالْقُوَّة بعد ذَلِك قَوْله [2946] إِن زحمت على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا أَو غلبت أَي فَهَل لي أَن أتركه فَأَشَارَ بن عمر إِلَى ان طَالب السّنَن يَنْبَغِي لَهُ أَن يبعد هَذَا السُّؤَال من نَفسه فَإِنَّهُ شَأْن من يُرِيد ترك السّنَن وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يعرف أَنه سنة ثمَّ يسْعَى فِي تَحْصِيله مهما أمكن من غير وُقُوع فِي الْمَحَارِم كإيذاء الْمُسلمين وَإِذا أَرَادَ ذَلِك فَلَا يمنعهُ الزحام وَغَيره من تَحْصِيله على وَجهه قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 [2949] الا الرُّكْنَيْنِ اليمانيين هُوَ تَغْلِيب وَالْمرَاد الْأسود واليماني وَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَقد يشدد قَوْله [2951] من نَحْو مُتَعَلق بالولي أَي يَلِيهِ من نَاحيَة دور الجمحيين بِضَم الْجِيم وَفتح الْمِيم وَكسر الْحَاء بعْدهَا بَاء مُشَدّدَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 [2954] على بعير أَي رَاكِبًا عَلَيْهِ بمحجن بِكَسْر مِيم وَسُكُون حاء مُهْملَة هُوَ عَصا معوج الرَّأْس وَفعله الطّواف على الْبَعِير مَحْمُول على عذر كَمَا جَاءَ قَوْله وَتقول الخ أَي تَطوف عُرْيَانَة وتنشد هَذَا الشّعْر وَحَاصِله الْيَوْم أَي يَوْم الطّواف أما أَن ينْكَشف كل الْفرج أَو بعضه وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا أحل لأحد أَن ينظر إِلَيْهِ قصدا تُرِيدُ أَنَّهَا كشفت الْفرج لضَرُورَة الطّواف لَا لاباحة النّظر إِلَيْهِ والاستمتاع بِهِ فَلَيْسَ لأحد أَن يفعل ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يُؤذن من التأذين بِمَعْنى النداء مُطلقًا والايذان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 [2957] وَلَا يطوف بِالْجَزْمِ على النَّهْي لفظا وَيحْتَمل أَنه نفى بِمَعْنى النَّهْي قَوْله الْأَنْفس مُؤمنَة أَي فَمن يردهَا فليؤمن [2958] عهد فَأَجله أَو أمده هُوَ شكّ إِلَى أَرْبَعَة أشهر قلت وَالَّذِي فِي التِّرْمِذِيّ عَن على من كَانَ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عهد فعهده إِلَى مدَّته وَمن لَا مُدَّة لَهُ فَأَرْبَعَة أشهر قلت وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر إِلَى قَوْله الا الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين ثمَّ لم ينقصوكم شَيْئا الْآيَة وَبِه ظهر أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة اختصارا مخلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حَتَّى صَحِلَ ضبط بِكَسْر الْحَاء أَي ذهب حِدته قَوْله سَبْعَة بِضَمَّتَيْنِ أَي سبع الطّواف وَلَيْسَ بَينه الخ ظَاهره أَنه لَا حَاجَة إِلَى الستْرَة فِي مَكَّة وَبِه قيل وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَن الطائفين كَانُوا يَمرونَ وَرَاء مَوضِع السُّجُود أَو وَرَاء مَا يَقع فِيهِ نظر الخاشع قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 [2961] نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ يُفِيد أَن بداية الله ذكرا يَقْتَضِي الْبِدَايَة عملا وَالظَّاهِر أَنه يَقْتَضِي ندب الْبِدَايَة عملا لَا وُجُوبهَا وَالْوُجُوب فِيمَا نَحن فِيهِ من دَلِيل آخر فرقى بِكَسْر الْقَاف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 حَتَّى تصوبت أَي تسفلت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 قَوْله [2964] شرب من مَاء زَمْزَم وَهُوَ قَائِم هَذَا مَخْصُوص بمورده وَقيل فعله لبَيَان الْجَوَاز وَقيل بل لضَرُورَة فَإِنَّهُ مَا وجد محلا للقعود هُنَاكَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الَّذِي يخرج مِنْهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي الْبَاب الْمَعْهُود بِالْخرُوجِ مِنْهُ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 [2967] إِنَّمَا كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يطوفون أَي فجَاء الْقُرْآن بِنَفْي الْإِثْم لرد مَا زَعَمُوا من الْإِثْم لَا لإِفَادَة أَنه مُبَاح وَلَيْسَ بِوَاجِب فَكَانَت أَي الطّواف بَينهمَا والتأنيث بِاعْتِبَار الْخَبَر وَالْمرَاد ثَابتا بِالسنةِ أَنه مَطْلُوب فِي الشَّرْع فَلَيْسَ مِمَّا لَا مبالاة بِتَرْكِهِ قَوْله [2968] أَن لَا يطوف أَي بِأَن لَا يطوف أَو فِي أَن لَا يطوف بِتَقْدِير حرف الْجَرّ من أَن لَو كَانَت كَمَا أولتها أَي لَو كَانَ المُرَاد بِالنَّصِّ مَا تَقول وَهُوَ عدم الْوُجُوب لَكَانَ نظمه فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا تُرِيدُ أَن الَّذِي يسْتَعْمل للدلالة على عدم الْوُجُوب عينا هُوَ رفع الْإِثْم عَن التّرْك وَأما رفع الْإِثْم عَن الْفِعْل فقد يسْتَعْمل فِي الْمُبَاح وَقد يسْتَعْمل فِي الْمَنْدُوب أَو الْوَاجِب أَيْضا بِنَاء على أَن الْمُخَاطب يتَوَهَّم فِيهِ الْإِثْم فيخاطب نفي الْإِثْم وان كَانَ الْفِعْل فِي نَفسه وَاجِبا وَفِيمَا نَحن فَهِيَ كَذَلِك فَلَو كَانَ الْمَقْصُود فِي هَذَا الْمقَام الدّلَالَة على عدم الْوُجُوب عينا لَكَانَ الْكَلَام اللَّائِق بِهَذِهِ الدّلَالَة أَن يُقَال فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يتطوف بهما قبل أَن يسلمُوا مُتَعَلق بِمَا بعده الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 مَنَاة الطاغية مَنَاة اسْم صنم والطاغية صفة وَيجوز الْإِضَافَة على معنى مَنَاة الْفرْقَة الطَّاغِيَةِ وَهُمُ الْكُفَّارُ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفتح الْمُعْجَمَة ولامين الأولى مَفْتُوحَة مُشَدّدَة اسْم مَوضِع يتحرج أَي يخَاف الْحَرج قد سنّ أَي شرع وجوبا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 قَوْله [2973] وَيَدْعُو بَين ذَلِك أَي بَين مَرَّات هَذَا الذّكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 وليشرف على بِنَاء الْفَاعِل أَي ليَكُون مَرْفُوعا من أَن يَنَالهُ أحد غشوه أَي ازدحموا عَلَيْهِ وكثروا قَوْله بن جمْهَان بِضَم الْجِيم قَوْله [2976] ان أَمْشِي عومل مُعَاملَة الصَّحِيح أَو الْيَاء للإشباع قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 [2977] الا أَنه قَالَ وَأَنا شيخ كَبِير أَي الا قَوْله وَأَنا شيخ كَبِير فَإِن سعيد بن جُبَير لم يذكرهُ قَوْله ليرى من الاراءة قَوْله [2980] الا شدا أَي عدوا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 [2981] انصبت قدماه بتَشْديد الْبَاء أَي انحدرتا بالسهولة حَتَّى وصلتا إِلَى بطن الْوَادي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 قَوْله وَأَصْحَابه أَي الَّذين وافقوه فِي الْقرَان وَقيل بل مُطلقًا وَالصَّحَابَة كَانُوا مَا بَين قَارن ومتمتع وكل مِنْهُمَا يَكْفِيهِ سعي وَاحِد وَعَلِيهِ بني المُصَنّف تَرْجَمته وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 قَوْله فِي عمرته قَالُوا عمْرَة الْجِعِرَّانَة فَإِنَّهُ أسلم حِينَئِذٍ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 [2989] فِي أَيَّام الْعشْر أَي عشر ذِي الْحجَّة قد أَنْكَرُوا هَذَا لظُهُور أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا حل إِلَّا فِي منى وعَلى تَقْدِير صِحَّته قد سبق تَوْجِيهه فَلْيتَأَمَّل هُنَاكَ قَوْله مَا يفعل من أهل بِالْحَجِّ وَأهْدى حَاصِل هَذِه التَّرْجَمَة وَالَّتِي ستجيء أَن الَّذِي أهْدى لَا يفْسخ وَلَا يخرج من احرامه الا بالنحر حَاجا أَو مُعْتَمِرًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [2991] وَمن أهل بِحجَّة فليتم حجه هَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَنه مَا أَمرهم بِفَسْخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ بل أَمرهم بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ مَعَ أَن الصَّحِيح الثَّابِت بِرِوَايَة أَرْبَعَة عشر من الصَّحَابَة هُوَ أَنه أَمر من لم يسق الْهدى بِفَسْخ الْحَج وَجعله عمْرَة من جُمْلَتهمْ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحِينَئِذٍ لَا بُد من حمل هَذَا الحَدِيث على من سَاق الْهدى وَبِه تنْدَفع الْمُنَافَاة بَين الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَليقمْ من الْقيام أَي فليثبت على احرامه أَو الْإِقَامَة أَي فليبق فِي حَاله فَلَا ينْتَقل عَنْهَا ثَابتا على احرامه لَكِن قَوْلهَا فَأَقَامَ على احرامه يُؤَيّد الثَّانِي وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله بالعرج بِفَتْح فَسُكُون اسْم مَوضِع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 [2993] ثوب بالصبح بتَشْديد الْوَاو على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أقيم بالصبح أَو بِنَاء الْفَاعِل أَي أَقَامَ الصُّبْح فَسمع الرغوة ألخ فِي الْمجمع هُوَ بِالْفَتْح للمرة من الرُّغَاء وبالضم الِاسْم وَضبط فِي بعض النّسخ الأولى بِالْفَتْح وَالثَّانيَِة بِالْكَسْرِ على أَنَّهَا للحالة والهيئة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 [2995] تَحت سرحة بِفَتْح فَسُكُون هِيَ الشَّجَرَة الْعَظِيمَة ونفح بِيَدِهِ بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي رمى وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَال لَهُ السربة ضبط بِضَم السِّين وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة سر أَي قطعت سررهم يَعْنِي ولدُوا تحتهَا قَوْله [2996] فَفتح الله أسماعنا أَي لسَمَاع خطبَته حَيْثُمَا كُنَّا حَتَّى أَن كُنَّا أَي أَن الشَّأْن بحصى الْخذف أَي بالحصى الَّذِي يرْمى بِهِ بَين الأصبعين وَالْمَقْصُود بَيَان الْقدر قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 [2998] فمنا الملبي وَمنا المكبر الظَّاهِر أَنهم يجمعُونَ بَين التَّلْبِيَة وَالتَّكْبِير فَمرَّة يُلَبِّي هَؤُلَاءِ وَيكبر آخَرُونَ وَمرَّة بِالْعَكْسِ فَيصدق فِي كل مرّة أَن الْبَعْض يكبر وَالْبَعْض يُلَبِّي وَالظَّاهِر أَنهم مَا فعلوا ذَلِك الا لأَنهم وجدوا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فعل مثله ثمَّ رَأَيْت أَن الْحَافِظ بن حجر ذكر مَا هُوَ صَرِيح فِي ذَلِك قَالَ عِنْد أَحْمد وبن أبي شيبَة والطَّحَاوِي من طَرِيق مُجَاهِد عَن معمر عَن عبد الله قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَمَا ترك التَّلْبِيَة حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة الا أَن يخالطها بتكبير فَالْأَقْرَب لِلْعَامِلِ أَن يَأْتِي بالذكرين جَمِيعًا لَكِن يكثر التَّلْبِيَة وَيَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ فِي أَثْنَائِهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لاتخذناه أَي يَوْم النُّزُول الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 [3002] لَيْلَة الْجُمُعَة لَعَلَّ المُرَاد بهَا لَيْلَة السبت فأضيفت إِلَى الْجُمُعَة لاتصالها بهَا وَالْمرَاد أَنَّهَا نزلت يَوْم الْجُمُعَة فِي قرب اللَّيْلَة فَالله تَعَالَى جمع لنا فِيهِ بَين عيدين عيد الْجُمُعَة وَعِيد عَرَفَات من غير تصنع منا رَحْمَة علينا فَلهُ الْمِنَّة وَالْفضل قَوْله [3003] أَكثر من أَن يعْتق أَي أَكثر من جِهَة الْإِعْتَاق وبملاحظته فَلَيْسَتْ من هَذِه تفضيلية وَإِنَّمَا التفضيلية من الَّتِي فِي قَوْلهَا من يَوْم عَرَفَة وانه ليدنو أَي بِالرَّحْمَةِ إِلَى الْخَلَائق قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 [3004] ان يَوْم عَرَفَة أَي لمن كَانَ بِعَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق أَي مُطلقًا وَقَوله [3005] عِنْد سرادقه هُوَ بِضَم السِّين قيل الْخَيْمَة وَقيل هُوَ الَّذِي يُحِيط بالخيمة وَله بَاب يدْخل مِنْهُ إِلَى الْخَيْمَة وَقيل هُوَ مَا يمد فَوق الْبَيْت قَوْله فسطاطه هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر ضرب من الْأَبْنِيَة فِي السّفر دون السرادق وَبِهَذَا ظهر منشا الْخلاف بَين الْعلمَاء فِي التَّلْبِيَة فِي عَرَفَات وَظهر أَن الْحق مَعَ أَي الْفَرِيقَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 [3006] من بغض عَليّ أَي لأجل بغضه أَي وَهُوَ كَانَ يتَقَيَّد بالسنن فَهَؤُلَاءِ تركوها بغضا لَهُ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 [3010] يُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا أَي بِلَا ضَرُورَة وَقد اسْتدلَّ بِهِ من لَا يَقُول بِالْجمعِ فِي السّفر وَالْأَقْرَب أَنه نفي فَلَا يُعَارض الْإِثْبَات قَوْله الحمس بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْمِيم جمع أحمس لأَنهم تحمسوا فِي دينهم أَي تشددوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 [3012] ثمَّ أفيضوا أَي ادفعوا أَنفسكُم أَو مَطَايَاكُمْ أَيهَا القريش من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس أَي غَيْركُمْ وَهُوَ عَرَفَات وَالْمَقْصُود أَي ارْجعُوا من ذَلِك الْمَكَان وَلَا شكّ أَن الرُّجُوع من ذَلِك الْمَكَان يسْتَلْزم الْوُقُوف فِيهِ لِأَنَّهُ مَسْبُوق بِهِ فَلَزِمَ من ذَلِك الْأَمر بِالْوُقُوفِ من حَيْثُ وقف النَّاس وَهُوَ عَرَفَة قَوْله [3014] فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اليكم الخ إرْسَاله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الرَّسُول بذلك لتطييب قُلُوبهم لِئَلَّا يتحزنوا ببعدهم عَن موقف رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ويروا ذَلِك نقصا فِي الْحَج أَو يَظُنُّوا أَن ذَلِك الْمَكَان الَّذِي هم فِيهِ لَيْسَ بموقف وَيحْتَمل أَن المُرَاد بَيَان أَن هَذَا خير مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قُرَيْش من الْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة وانه شَيْء اخترعوه من أنفسهم وَالَّذِي أورثه إِبْرَاهِيم هُوَ الْوُقُوف بِعَرَفَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 [3015] فحدثنا أَن نَبِي الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَي فحدثنا طَويلا من جملَته هَذَا قَوْله [3016] الْحَج عَرَفَة قيل التَّقْدِير مُعظم الْحَج وقُوف يَوْم عَرَفَة وَقيل إِدْرَاك الْحَج إِدْرَاك وقُوف يَوْم عَرَفَة وَالْمَقْصُود أَن إِدْرَاك الْحَج يتَوَقَّف على إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة فقد تمّ حجه أَي أَمن من الْفَوات والا فَلَا بُد من الطّواف قَوْله [3017] فجالت بِهِ النَّاقة فِي مَشَارِق عِيَاض جالت بِهِ الْفرس أَي ذهبت عَن مَكَانهَا ومشت وَهُوَ رَافع يَدَيْهِ أَي يجتذب بهَا رَأسهَا إِلَيْهِ ليمنعها من السرعة فِي السّير لَا تجاوزان رَأسه بالنزول عَنهُ إِلَى مَا تَحْتَهُ على هينته بِكَسْر الْهَاء أَي سكينته وَلَعَلَّ المُرَاد أَن ذَلِك كَانَ إِذا لم يجد فجوة والا فقد جَاءَ وَإِذا وجد فجوة نَص قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 [3018] يكبح رَاحِلَته من كبحت الدَّابَّة إِذا جذبت رَأسهَا إِلَيْك وَأَنت رَاكب ومنعتها من سرعَة السّير إِن ذفراها ذفرى الْبَعِير بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة أصل أُذُنه وهما ذفريان والذفري مُؤَنّثَة وألفها للتأنيث أَو للالحاق قادمة الرحل أَي طرف الرحل الَّذِي قُدَّام الرَّاكِب لَيْسَ فِي ايضاع الْإِبِل أَي اسراعها فِي السّير وَمِنْه أوضع الْبَعِير إِذا حمله على سرعَة السّير قَوْله [3019] لما دفع الدّفع مُتَعَدٍّ لَكِن شاع اسْتِعْمَاله بِلَا ذكر الْمَفْعُول فِي مَوضِع رَجَعَ لظُهُوره أَي دفع نَفسه أَو مطيه حَتَّى أَنه يفهم مِنْهُ معنى اللَّازِم وَقيل سمى الرُّجُوع من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 عَرَفَات ومزدلفة دفعا لِأَن النَّاس فِي مَسِيرهمْ ذَاك مدفوعون يدْفع بَعضهم بَعْضًا شنق نَاقَته بِفَتْح نون خَفِيفَة من حد ضرب أَي ضم وضيق زمامها يُقَال شنق الْبَعِير إِذا كَفَفْت زمامه وَأَنت رَاكِبه قَوْله [3020] وَهُوَ كَاف من الْكَفّ قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 [3023] يسير الْعُنُق أَي السّير الْوسط المائل إِلَى السرعة فجوة بِفَتْح فَاء وَسُكُون جِيم الْموضع المتسع بَين الشَّيْئَيْنِ نَص أَي حرك النَّاقة ليستخرج أقْصَى سَيرهَا قَوْله [3024] إِلَى الشّعب بِكَسْر الشين الْجَبَل بَين الطَّرِيقَيْنِ الْمصلى أَي الْمحل الَّذِي تحسن فِيهِ الصَّلَاة هَذِه اللَّيْلَة للْحَاج أمامك قدامك قَوْله [3025] فَقلت يَا رَسُول الله الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْوَجْهُ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِير أَتُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ أَتُصَلِّي الصَّلَاةَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ بِالنّصب على الإغراء وَيجوز الرّفْع بإضمار فعل أَي حانت الصَّلَاة أَو حضرت الصَّلَاة أمامك بِالرَّفْع مُبْتَدأ وَخبر وَالْمرَاد مَوضِع الصَّلَاة كَمَا فِي الْمصلى أمامك لم يحل بِضَم الْحَاء أَي لم يفكوا مَا على الْجمال من الأدوات قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 [3028] لم يسبح بَينهمَا أَي لم يتَنَفَّل بَين الصَّلَاة وَلَا على أثر وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَا عقب وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا عقب الأولى وَلَا عقب الثَّانِيَة وَهَذَا تَأْكِيد بِالنّظرِ إِلَى الأولى تأسيس بِالنّظرِ إِلَى الثَّانِيَة فَلْيتَأَمَّل قَوْله [3029] لَيْسَ بَينهمَا سَجْدَة أَي صَلَاة نَافِلَة قَوْله بِإِقَامَة وَاحِدَة وَقد جَاءَ فِي نفس حَدِيث بن عمر مَا يُفِيد الْجمع باقامتين لحَدِيث جَابر فَالْوَجْه الْأَخْذ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيّ وَغَيره من عُلَمَائِنَا قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 [3031] أَقبلنَا نسير حَتَّى بلغنَا ظَاهره أَنه مَا نزل لَكِن المُرَاد أَنه مَا صلى فِي سباق قُرَيْش بِضَم السِّين أَي فِيمَن سبق مِنْهُم إِلَى منى قَوْله [3032] فِي ضعفه أَهله أَي فِي الضُّعَفَاء من أَهله وَهُوَ جمع ضَعِيف قيل هُوَ غَرِيب قَوْله [3035] أَن تغلس من التغليس وَهُوَ السّير بِغَلَس أَي آخر اللَّيْل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 [3037] امْرَأَة ثبطة بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَكسر الْمُوَحدَة أَو سكونها وطاء مُهْملَة أَي ثَقيلَة بطينة قَوْله [3038] مَا رَأَيْت رَسُول الله الخ هَذَا الحَدِيث من مشكلات الْأَحَادِيث وَقد تَكَلَّمت عَلَيْهِ فِي حَاشِيَة صَحِيح البُخَارِيّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 وأبى دَاوُد وَالصَّحِيح فِي مَعْنَاهُ أَن مُرَاده مَا رَأَيْته صلى صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة لغير وَقتهَا الْمُعْتَاد لقصد تحويلها عَن وَقتهَا الْمُعْتَاد وتقريرها فِي غير وَقتهَا الْمُعْتَاد لما فِي صَحِيح البُخَارِيّ من رِوَايَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ان هَاتين الصَّلَاتَيْنِ حولتا عَن وقتهما فِي هَذَا الْمَكَان وَهَذَا معنى وجيه وَيحمل قَوْله قبل ميقاتها على هَذَا الْمِيقَات الْمُعْتَاد وَيُقَال على أَنه غلس تغليسا شَدِيدا يُخَالف التغليس الْمُعْتَاد لَا أَنه صلى قبل أَن يطلع الْفجْر فقد جَاءَ فِي حَدِيثه وَحَدِيث غَيره أَنه صلى بعد طُلُوع الْفجْر وعَلى هَذَا الْمَعْنى لَا يرد شَيْء سوى الْجمع بِعَرَفَة وَلَعَلَّه كَانَ يرى ذَلِك للسَّفر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من صلى صَلَاتنَا إِلَى قَوْله [3039] فقد تمّ حجه أَي أَمن من الْفَوات على أحسن وَجه وأكمله والا فَأصل التَّمام بِهَذَا الْمَعْنى بوقوف عَرَفَة كَمَا تقدم فِيمَا سبق وَأَيْضًا شُهُود الصَّلَاة مَعَ الصَّلَاة لَيْسَ بِشَرْط للتمام عِنْد أحد قَوْله [3040] فَلم يدْرك أَي على أحسن وَجه قَوْله [3041] لم أدع حبلا بحاء مُهْملَة مَفْتُوحَة وموحدة سَاكِنة هُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْلِ وَقِيلَ الضَّخْمُ مِنْهُ وَقيل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 الحبال من الرمل كالجبال فِي غير الرمل وَقيل الحبال مَا دون الْجبَال فِي الِارْتفَاع لَيْلًا أَو نَهَارا يدل على أَن الْجمع بَين جُزْء من النَّهَار وجزء من اللَّيْل لَيْسَ بِشَرْط بل لَو أدْرك جُزْءا من النَّهَار وَحده لكفى فِي حُصُول الْحَج فقد تمّ قد سبق مَعْنَاهُ وَقضى تفثه أَي أتم مُدَّة ابقاء النفث أَعنِي الْوَسخ وَغَيره مِمَّا يُنَاسب الْمحرم فَحل لَهُ أَن يزِيل عَنهُ التفث بحلق الرَّأْس وقص الشَّارِب والأظفار وَحلق الْعَانَة وَإِزَالَة الشعث والدرن والوسخ مُطلقًا قَوْله [3044] من جَاءَ لَيْلَة جمع أَي جَاءَ عَرَفَات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 أَيَّام منى ثَلَاثَة أَي سوى يَوْم النَّحْر وَإِنَّمَا لم يعد يَوْم النَّحْر من أَيَّام منى لِأَنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بمنى بل فِيهِ مَنَاسِك كَثِيرَة قَوْله أشرق صِيغَة أَمر من الْإِشْرَاق وَقَوله ثبير بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 وَبِالرَّاءِ جَبَلٌ عَظِيمٌ بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ مِنْهَا إِلَى منى وَهُوَ منادى بِتَقْدِير يَا ثبير أَي لتطلع الشَّمْس عَلَيْك حَتَّى نفيض إِلَى منى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 قَوْله كَانَ يسير نَاقَته بِالتَّشْدِيدِ وَالْمرَاد سيرا وسطا مُعْتَادا قَوْله أوضع أَي أجْرى جمله قَوْله ومحسر بِكَسْر السِّين الْمُشَدّدَة قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 [3055] فَلم يزل يُلَبِّي أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رمى أَي شرع فِي رمى الْجَمْرَة أَو فرغ مِنْهُ قَولَانِ قَوْله [3057] القط لي صِيغَة أَمر من لقط كنصر وَإِنَّمَا هلك بتَخْفِيف اللَّام مُتَعَدٍّ بِمَعْنى أهلك وَقد جَاءَ مُتَعَدِّيا كَمَا فِي الْقَامُوس كَمَا جَاءَ لَازِما وَهُوَ الْأَكْثَر وَالْفَاعِل الغلو بِالرَّفْع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 قَوْله وَهُوَ كَاف من الْكَفّ بحصى الْخذف الْخذف بخاء وذال معجمتين رمى الْإِنْسَان بحصاة وَنَحْوهَا من بَين سبابتيه من بَاب ضرب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 قَوْله وَهُوَ محرم يدل على جَوَاز الاستظلال للْمحرمِ وعَلى أَن الرّكُوب كَانَ يَوْم النَّحْر [3062] خُذُوا مَنَاسِككُم أَي تعلموها مني واحفظوها وَهَذَا لَا يدل على وجوب الْمَنَاسِك وَإِنَّمَا يدل على وجوب قَوْله لَا ضرب الخ تَعْرِيض لِلْأُمَرَاءِ بِأَنَّهُم أَحْدَثُوا هَذِه الْأُمُور وَإِلَيْك إِلَيْك اسْم فعل أَي تبعد وتنح قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 الْأَخْذ والتعلم فَمن اسْتدلَّ بِهِ على وجوب شَيْء من الْمَنَاسِك فدليله فِي مَحل النّظر فَلْيتَأَمَّل قَوْله أغيلمة صَغِير أغلمة وَالْمرَاد الصّبيان وَلذَلِك صغرهم ونصبه على الإختصاص على حمرات جمع حمر جمع تَصْحِيح يلطح من اللطح بِالْحَاء الْمُهْملَة الضَّرْب الْخَفِيف أبيني بِضَم همزَة وَفتح مُوَحدَة وَسُكُون مثناة من تَحت ثمَّ نون مَكْسُورَة ثمَّ يَاء مُشَدّدَة قيل هُوَ تَصْغِيرُ ابْنِي كَأَعْمَى وَأُعَيْمَى وَهُوَ اسْمٌ مُفْرد يدل على الْجمع أَو جمع بن مَقْصُورا كَمَا جَاءَ ممدودا بَقِي أَن الْقيَاس حِينَئِذٍ عِنْد الْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم أبيناي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 فَكَأَنَّهُ رد الْألف إِلَى الْوَاو على خلاف الْقيَاس ثمَّ قلب الْوَاو يَاء وأدغم الْيَاء فِي الْيَاء وَكسر مَا قبله وَيحْتَمل ان يكون مَقْصُور الآخر لَا مشدده فَالْأَمْر أظهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3066] أَمر إِحْدَى يدل على أَنه تَخْصِيص وَالْحكم عُمُوما أَن يكون الرَّمْي بعد طُلُوع الشَّمْس قَوْله [3067] لَا حرج ظَاهره أَنه لَا عُقُوبَة وَلَا دم وَلَا اثم وَمن يُوجب الدَّم يؤوله بِأَن المُرَاد لَا اثم لِأَنَّهُ فعل خطأ وَلَا اثم فِي الْخَطَأ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 قَوْله [3069] فِي البيتوتة أَي فِي شَأْنهَا أَو فِي تَركهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 قَوْله [3073] لَا تَقولُوا سُورَة الْبَقَرَة كره أَن تُضَاف السُّورَة إِلَى الْبَقَرَة ورده إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بِأَنَّهُ جَاءَ وَورد فِي كَلَام بن مَسْعُود فَيحمل على أَنه صَار اسْما وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 [3077] وبعضنا يَقُول رميت بست الخ الظَّاهِر أَن الْأَمر مَبْنِيّ على التسامح وَقيام الْأَكْثَر مقَام الْكل قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 [3083] الَّتِي تلِي المنحر منحر الظَّاهِر أَن المُرَاد قرب الْجمار إِلَى الْمَسْجِد وَحِينَئِذٍ توصيفها بِأَنَّهَا تلِي المنحر لَا يَخْلُو عَن خَفَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 [3084] أفطيب هُوَ أَي لَا شكّ فِي كَونه طيبا فالطيب قبل الطّواف حَلَال إِذا حلق وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 (كتاب الْجِهَاد) قَوْله [3085] اخْرُجُوا نَبِيّهم قَالَه تأسفا على مَا فعلوا ليهلكن بِضَم الْكَاف من الْهَلَاك فَعرفت الظَّاهِر أَنه من كَلَام أبي بكر بِتَقْدِير قَالَ أَبُو بكر فَعرفت إِذْ بن عَبَّاس يَوْمئِذٍ كَانَ صَغِيرا وَلم يكن مَعَه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله فَلَمَّا آمنا الخ قَالُوا ذَلِك ليرخص لَهُم فِي الْقِتَال حولنا من التَّحْوِيل أَي حول الْمُسلمين بِالْهِجْرَةِ وَلم يرد بن عَبَّاس نَفسه إِذْ هُوَ لم يُهَاجر أَولا أمرت على بِنَاء الْمَفْعُول أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فكفوا أَي أنفسهم عَن الْقِتَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2 [3086] الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم أَي منعُوا عَنهُ حِين أرادوه وطلبوه بِأَنْفسِهِم قَوْله نعم عَن أبي هُرَيْرَة أَي قَالَ الزُّهْرِيّ نعم عَن سعيد بن الْمسيب رَاوِيا عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله [3087] بجوامع الْكَلم أَي الْكَلم الجامعة من إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف والجوامع جمع جَامِعَة قَالَ الْهَرَوِيّ يَعْنِي الْقُرْآن جمع الله تَعَالَى فِي أَلْفَاظ يسيرَة مِنْهُ مَعَاني كَثِيرَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 وَكَذَلِكَ كَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ بِأَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مَعَاني كَثِيرَة ونصرت على بِنَاء الْمَفْعُول بِالرُّعْبِ أَي بايقاع الله تَعَالَى الْخَوْف فِي قُلُوب الْأَعْدَاء بِلَا أَسبَاب عَادِية كَمَا لأبناء الدُّنْيَا قَوْله أتيت بمفاتيح قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الرُّؤْيَا أَوْحَى اللَّهُ فِيهَا لنَبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَمْلِكُ الْأَرْضَ وَيَتَّسِعُ سُلْطَانُهَا وَيَظْهَرُ دِينُهَا ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ ذَلِكَ كَذَلِك فملكت أمته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الْأَرْضِ مَا لَمْ تَمْلِكْهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّة نبوته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قلت صدق الرُّؤْيَا قد يتَحَقَّق لغير نَبِي أَيْضا وَلَيْسَ من الخوارق فدلالته على النُّبُوَّة خُفْيَة فَلْيتَأَمَّل قَالَ وَذَلِكَ لِأَن من ملك مغلقا فقدتمكن مِنْ فَتْحِهِ وَمِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا أَيْ تَسْتَخْرِجُونَهَا يَعْنِي الْأَمْوَالَ وَمَا فتح عَلَيْهِم من زهرَة الدُّنْيَا قَوْله النَّاس أَي مُشْركي الْعَرَب أوكلهم والْحَدِيث قبل شرع الْجِزْيَة [3090] حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله كِنَايَة عَن إِظْهَار الْإِسْلَام وقبوله فَدخل فِيهِ الشهادتان وَغَيرهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 [3091] لما توفّي على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا اسْتخْلف وَقَوله وَكفر أَي عَامل مُعَاملَة من كفر بِمَنْعه الزَّكَاة أَو لأَنهم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 ارْتَدُّوا بإنكارهم وجوب الزَّكَاة عَلَيْهِم فَإِن الزَّكَاة حق المَال أَشَارَ بِهِ إِلَى اندراجه فِي قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الا بِحقِّهِ عنَاقًا بِفَتْح الْعين وَهُوَ لَيْسَ من سنّ الزَّكَاة فَأَما هُوَ على الْمُبَالغَة أَو مبْنى على أَن من عِنْده أَرْبَعُونَ سخلة يجب عَلَيْهِ وَاحِدَة مِنْهَا وَأَن حول الامهات حول النِّتَاج وَلَا يسْتَأْنف لَهَا حول مَا هُوَ أَي سَبَب رجوعي إِلَى رَأْي أبي بكر الا أَن رَأَيْت لما ذكر لي من الدَّلِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لما جمع أَي الْعَسْكَر وَفِي نُسْخَة أجمع من الْإِجْمَاع أَي عزم لقتالهم أَي لأَجله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 قَوْله قد شرح على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله وألسنتكم أَي بِإِقَامَة الْحجَج وبالذم بالشعر وبالنهي والزجر قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 [3097] وَلم يحدث نَفسه من التحديث قيل بِأَن يَقُول فِي نَفسه يَا لَيْتَني كنت غازيا أَو المُرَاد وَلم ينْو الْجِهَاد وعلامته اعداد الْآلَات قَالَ تَعَالَى وَلَو أَرَادوا الْخُرُوج لأعدوا لَهُ عدَّة شُعْبَة بِضَم فَسُكُون قيل أشبه الْمُنَافِقين المتخلفين عَن الْجِهَاد فِي وصف التَّخَلُّف وَلَعَلَّه مَخْصُوص بوقته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَمَا روى عَن بن الْمُبَارك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3098] لَا تطيب من الطّيب وأنفسهم فَاعله وَلَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ من الْجمال وَالدَّوَاب أَي وَفِي مشيهم مشقة تَامَّة عَلَيْهِم ماتخلفت أَي بل مشيت مَعَ كل سَرِيَّة قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 [3099] وَهُوَ يملها من أمل الْكتاب عَلَيْهِ أَي أملي عَلَيْهِ أَي ألقِي عَلَيْهِ ليكتب فَثقلَتْ على أَنه حدث فِي أَعْضَائِهِ ثقل محسوس من ثقل القَوْل النَّازِل عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى انا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا سترض بتَشْديد الضَّاد أَي ستكسر ثمَّ سرى عَنهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي كشف وأزيل غير أولي الضَّرَر مفعول فَأنْزل الله عَلَيْهِ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز تَأْخِير التَّخْصِيص بِغَيْر المستقل لمصْلحَة ولازمه جَوَاز الِاسْتِثْنَاء الْمُتَأَخر وَالْجُمْهُور على مَنعه قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 [3100] حَتَّى هَمت أَي قصدت وأرادت فَخذه وَالْمرَاد كَادَت ترض أَي تكسر قَوْله بالكتف هُوَ عظم كَانُوا يَكْتُبُونَ فِيهِ لقلَّة الْقَرَاطِيس وَقَوله واللوح بِمَعْنى أَو اللَّوْح [3102] فَكيف فِي أَي فَكيف تَقول فِي شأني قَوْله [3103] ففيهما فَجَاهد أَي جَاهد نَفسك أَو الشَّيْطَان فِي تَحْصِيل رضاهما وايثار هواهما على هَوَاك وَقيل الْمَعْنى فاجتهد فِي خدمتهما وَإِطْلَاق الْجِهَاد للمشاكلة وَالْفَاء الأولى فصيحة وَالثَّانيَِة زَائِدَة وزيادتها فِي مثل هَذَا شَائِع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ قَوْله فالزمها من لزمَه كسمع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 [3104] فَإِن الْجنَّة أَي نصيبك مِنْهَا لَا يصل إِلَيْك الا بِرِضَاهَا بِحَيْثُ كَأَنَّهُ لَهَا وَهِي قَاعِدَة عَلَيْهِ فَلَا يصل إِلَيْك الا من جِهَتهَا فَإِن الشَّيْء إِذا صَار تَحت رجل أحد فقد تمكن مِنْهُ وَاسْتولى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يصل إِلَى آخر الا من جِهَته وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [3105] فِي شعب بِكَسْر الشين أَي وَاد من الشعاب بِكَسْر الشين أَيْضا أَي من الأودية يُرِيد المعتزل عَن الْخلق وَفِي قَوْله ويدع النَّاس إِشَارَة إِلَى أَن صَاحب الْعُزْلَة يَنْبَغِي لَهُ أَن ينظر فِي الْعُزْلَة إِلَى ترك النَّاس عَن شَره لَا إِلَى خلاصه عَن شرهم فَفِي الأول تحقير النَّفس وَفِي الثَّانِي تحقيرهم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 [3106] إِن من خير النَّاس رجلا بِالْألف فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا بِدُونِ الْألف فَهُوَ اما مَنْصُوب وَترك الْألف كِتَابَة فِي الْمَنْصُوب عِنْدهم كثيرا أَو مَرْفُوع والتقديران الشَّأْن من خير النَّاس رجل لَا يرعوي أَي لَا ينكف وَلَا ينزجر من ارعوى إِذا كف وَقد ارعوى عَن الْقَبِيح وَقيل الارعواء النَّدَم على الشَّيْء وَتَركه قَوْله [3107] فتطعمه النَّار من طعم أَي فتأكله النَّار أَو من أطْعم على بِنَاء الْفَاعِل وَالضَّمِير لله أَو على بِنَاء الْمَفْعُول ونائب الْفَاعِل النَّار حَتَّى يرد من التَّعْلِيق بالمحال العادي ليدل على أَن دُخُول الباكي من خشيَة الله فِي النَّار محَال وَمثله قَوْله تَعَالَى حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط وَلَعَلَّ الله تَعَالَى لَا يوفق للبكاء من الخشية الا من أَرَادَ لَهُ النجَاة من النَّار ابْتِدَاء فِي منخري مُسلم تَثْنِيَة منخر بِفَتْح الْمِيم وَالْخَاء وبكسرهما وبضمهما وكمجلس خرق الْأنف كَذَا فِي الْقَامُوس وَقيل بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْخَاء وَقد تكسر ميمه اتبَاعا للخاء وَقد يفتح الْخَاء اتبَاعا للميم خرق الْأنف وَحَقِيقَته مَوضِع النخر وَهُوَ صَوت الْأنف وَفِيه أَن الْمُسلم الْحَقِيقِيّ إِذا جَاهد لله خَالِصا لَا يدْخل النَّار وعَلى هَذَا فَمن علم فِي حَقه خِلَافه فَلَا بُد أَن لَا يكون مُسلما بالتحقيق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 أَو لم يُجَاهد من الْإِخْلَاص وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3109] لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّار خبر مَحْذُوف أَي شيآن لَا يَجْتَمِعَانِ أَو هُوَ على لُغَة أكلوني البراغيث وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَقَوله مُسلم قتل كَافِرًا بِتَقْدِير مَعْطُوف أَي وَالْكَافِر الَّذِي قَتله وَقَوله ثمَّ سدد وقارب يُفِيد أَنه مَشْرُوط بِعَدَمِ الانحراف بعد ذَلِك وفيح جَهَنَّم أَي أثر فيح جَهَنَّم من الْحَرَارَة وفيح جَهَنَّم انتشارها والحسد تقبيح للحسد وَبَيَان أَنه لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يحْسد فَإِنَّهُ لَيْسَ من شَأْنه ذَلِك فَمَعْنَى لَا يَجْتَمِعَانِ هَا هُنَا أَنه لَيْسَ من شَأْن الْمُؤمن أَن يجمعهما وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِالْإِيمَان كَمَاله فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3110] وَلَا يجْتَمع الشُّح والايمان أَي لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يجمع بَينهمَا إِذْ الشُّح أبعد شَيْء من الْإِيمَان أَو المُرَاد بِالْإِيمَان كَمَاله كَمَا تقدم أَو المُرَاد أَنه قَلما يجْتَمع الشُّح والايمان وَاعْتبر ذَلِك بِمَنْزِلَة الْعَدَم وَأخْبر بِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَيُؤَيّد الْوَجْهَيْنِ الْأَخيرينِ مَا سَيَجِيءُ لَا يجمع الله تَعَالَى الْإِيمَان وَالشح فِي قلب مُسلم قَوْله فِي سَبِيل الله حمله على أَن المُرَاد سَبِيل الْخَيْر مُطلقًا لَا الْجِهَاد بِخُصُوصِهِ وعَلى كل تَقْدِير فَلَا بُد من الْإِسْلَام وَالْإِخْلَاص الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سهرت فِي الْقَامُوس سهر كفرح لم ينم لَيْلًا قَوْله الغدوة الخ أَي سَاعَة من أول النَّهَار أَو آخِره [3118] أفضل من الدُّنْيَا أَي من انفاقها أَو هُوَ على اعْتِقَادهم الْخَيْر فِي حُصُول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 الدُّنْيَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حق على الله أَي وَاجِب بِمُقْتَضى وعده العفاف بِفَتْح الْعين أَي الْكَفّ عَن الْمَحَارِم قَوْله [3122] لَا يُخرجهُ من الْإِخْرَاج الا الْجِهَاد بِالرَّفْع وَالْجُمْلَة حَال وتصديق كَلمته عطف على الْجِهَاد وَالْمرَاد بِالْكَلِمَةِ كلمة التَّوْحِيد أَو الدّين من أجر أَي فَقَط أَو غنيمَة أَي مَعَه قَوْله انتدب الله أَي تكفل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 [3123] لايخرجه الا الْإِيمَان بِي هَذَا من كَلَامه تَعَالَى فَلَا بُد من تَقْدِير القَوْل هَا هُنَا أَي قَائِلا لَا يُخرجهُ وَهُوَ حَال من فَاعل انتدب أَو تَقْدِير مَا يُؤَدِّي مؤداه أول الْكَلَام وَالْمعْنَى سَمِعت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حاكيا عَن الله انتدب أَو يَقُول قَالَ الله تَعَالَى انتدب الله وَنَحْو ذَلِك فَيكون من بَاب وضع الظَّاهِر مَوضِع الضَّمِير وَأَصله انتدبت وَهَذَا فِي كَلَامه تَعَالَى كثير وَيكون قَوْله الا الْإِيمَان بِي من بَاب الِالْتِفَات انه أَي ذَلِك الْخَارِج ضَامِن أَي ذُو ضَمَان أَو مَضْمُون مرعى حَاله على أَنه فَاعل بِمَعْنى الْمَفْعُول حَتَّى أدخلهُ من الادخال قَوْله وَالله أعلم فِيهِ أَن الْأجر للمخلص لَا لمن يظْهر مِنْهُ عِنْد النَّاس أَنه مُجَاهِد [3124] وتوكل الله أَي تكفل أَو يرجعه من الرجع الْمُتَعَدِّي أَي يردهُ لَا من الرُّجُوع فَإِنَّهُ لَازم وَجعله من الارجاع بعيد فَإِنَّهُ غير فصيح قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 [3125] مَا من غَازِيَة أَي جمَاعَة أَو سَرِيَّة أَو طَائِفَة غَازِيَةٍ تَغْزُو عَادَ الضَّمِيرُ بِالتَّأْنِيثِ وَالْإِفْرَادِ عَلَى لفظ غَازِيَة فتصيبون عَادَ بِالتَّذْكِيرِ وَالْجَمْعِ عَلَى مَعْنَاهَا إِلَّا تَعَجَّلُوا الخ هَذَا فِيمَن لم ينْو الْغَنِيمَة بغزوه وَأما من نوى فقد استوفى أجره كُله من الْآخِرَة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَوْله كَمثل الصَّائِم الْقَائِم أَي مَا دَامَ فِي الْجِهَاد قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 [3128] لَا أَجِدهُ أَي لَا أَجِدهُ مَعَ أَنَّك تستطيعه وَقَوله لَا تفتر من بَاب نصر أَي تديم على الْقيام من غير فتور وَالْجُمْلَة حَال قَوْله وَأُخْرَى أَي وَعِنْدِي خصْلَة أُخْرَى أَو وأعلمك خصْلَة أُخْرَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله كَانَ حَقًا على الله أَي وَاجِبا عَلَيْهِ بِمُقْتَضى وعده الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 [3132] أَن يغْفر لَهُ الظَّاهِر كل ذنُوبه صغائره وكبائره وَيحْتَمل التَّخْصِيص بِالْبَعْضِ هَاجر الخ أَي وَلَو ترك الْهِجْرَة فَقَالَ ان للجنة أَي لَيْسَ الْمَطْلُوب الْمَغْفِرَة فَقَط بل تَحْصِيل الدَّرَجَات أَيْضا مَطْلُوب والاخبار بِمثل هَذَا الْخَبَر رُبمَا يُؤَدِّي إِلَى قصر الهمة على تَحْصِيل الْمَغْفِرَة وَهُوَ يُفْضِي إِلَى الحرمان عَن الدَّرَجَات الْمَطْلُوبَة فَلَا يَنْبَغِي الاخبار وَلَوْلَا أَن أشق أَي أَنا مَعَ حُصُول الْمَغْفِرَة لي قطعا أُرِيد الْجِهَاد فِي سَبِيل الله لتَحْصِيل الْخَيْر فَكيف حَال الْغَيْر أَن يتخلفوا بعدِي أَي فَيُوجب ذَلِك إِلَى مشيهم معي على الرجل وَفِيه من الْمَشَقَّة عَلَيْهِم مَا لَا يخفى ولوددت يحْتَمل أَن يكون ذَاك قبل قَوْله تَعَالَى وَالله يَعْصِمك من النَّاس وَيحْتَمل أَن يكون بعده لجَوَاز تمني المستحيل كَمَا فِي لَيْت الشَّبَاب يعود وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 قَوْله الْحميل أَي الْكَفِيل وَالظَّاهِر أَن تَفْسِير الزعيم مدرج من بعض الروَاة [3133] آمن بِي بِالْقَلْبِ وَأسلم بِالظَّاهِرِ فِي ربض الْجنَّة بِفتْحَتَيْنِ فِي الْمجمع هُوَ مَا حولهَا خَارِجا عَنْهَا تَشْبِيها بأبنية حول المدن وَتَحْت القلاع قلت يَنْبَغِي أَن يُرَاد هَا هُنَا فِي طرف الْجنَّة داخلها لَا خَارِجا عَنْهَا والا يلْزم الْمنزلَة بَين المنزلتين فَلْيتَأَمَّل مطلبا أَي مَحل طلب أَي مَا من مَكَان يطْلب فِيهِ الْخَيْر الا حَضَره وَطلب فِيهِ الْخَيْر وَأخذ مِنْهُ حَظه مهربا أَي مَا من مَكَان يهرب إِلَيْهِ من الشَّرّ ويلجأ إِلَيْهِ ويعتصم بِهِ للخلاص مِنْهُ الا هرب إِلَيْهِ واعتصم بِهِ قَوْله باطرقه بِضَم الرَّاء جمع طَرِيق تسلم أَي كَيفَ تسلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 [3134] وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كَمثل الْفرس فِي الطول بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو وَهُوَ الْحَبل الَّذِي يشد أحد طَرفَيْهِ فِي وتد والطرف الآخر فِي يَد الْفرس وَهَذَا من كَلَام الشَّيْطَان ومقصوده أَن المُهَاجر يصير كالمقيد فِي بِلَاد الغربة لَا يَدُور الا فِي بَيته وَلَا يخالطه الا بعض معارفه فَهُوَ كالفرس فِي طول لَا يَدُور وَلَا يرْعَى الا بِقَدرِهِ بِخِلَاف أهل الْبِلَاد فِي بِلَادهمْ فَإِنَّهُم مبسوطون لَا ضيق عَلَيْهِم فأحدهم كالفرس الْمُرْسل فَهُوَ جهد النَّفس بِفَتْح الْجِيم بِمَعْنى الْمَشَقَّة والتعب وَالْمرَاد بِالْمَالِ الْجمال وَالْعَبِيد وَنَحْوهمَا أَو المَال مُطلقًا وَإِطْلَاق الْجهد للمشاكلة أَي تنقيصه واضاعته وَالله تَعَالَى أعلم وان غرق كسمع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 قَوْله ليذكر على بِنَاء الْمَفْعُول أَي ليرى مَنْزِلَته ومرتبته فِي الشجَاعَة ليغنم أَي ليحصل لَهُ الْغَنِيمَة [3136] ليرى مَكَانَهُ على بِنَاء الْمَفْعُول أَي ليرى مَنْزِلَته ومرتبته فِي الشجَاعَة وَهَذَا رِيَاء وَمَا سبق من الذّكر سَمعه كلمة الله أَي دينه قَوْله ثَلَاثَة أَي ثَلَاثَة أَنْوَاع لَا ثَلَاثَة أشخاص اسْتشْهد على بِنَاء الْمَفْعُول أَي قتل شَهِيدا صُورَة فِي اعْتِقَاد النَّاس فَعرفهُ من التَّعْرِيف كذبت أَي فِي دَعْوَى كَون الْقِتَال فِيك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 [3137] فقد قيل هَذَا مَبْنِيّ على أَن الْعَادة حُصُول هَذَا القَوْل والا فحبط الْعَمَل لَا يتَوَقَّف على هَذَا القَوْل بل يَكْفِي فِيهِ أَنه نوى الرِّيَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3138] الا عقَالًا بِكَسْر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 الْعين حَبل يشد بِهِ ذِرَاع الْبَعِير قَوْله لَا شَيْء لَهُ أَي لَا أجر لَهُ وابتغى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي طلب قَوْله فوَاق نَاقَة بِضَم الْفَاء وَفتحهَا قدر مَا بَين الحلبتين من الرَّاحَة لِأَنَّهَا تحلب ثمَّ تتْرك سويعة ترْضع الفصيل لتدر ثمَّ تحلب وَقيل يحْتَمل مَا بَين الْغَدَاة إِلَى الْمسَاء أَو مَا بَين أَن تحلب فِي ظرف فَامْتَلَأَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 ثمَّ تحلب فِي ظرف آخر أَو مَا بَين جر الضَّرع إِلَى جَرّه مرّة أُخْرَى وَهُوَ أليق بالترغيب فِي الْجِهَاد ونصبه على الظّرْف بِتَقْدِير وَقت فوَاق نَاقَة أَي وقتا مُقَدرا بذلك أَو على اجرائه مجْرى الْمصدر أَي قتالا قَلِيلا [3141] من عِنْد نَفسه أَي من قلبه وَقَوله صَادِقا بِمَنْزِلَة التَّأْكِيد ثمَّ مَاتَ أَي كَيْفَمَا كَانَ وَلَو على فرَاشه جرح على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا نكب وَقَوله نكبة بِفَتْح نون مثل العثرة تدمي الرجل فِيهَا كاغزر بِتَقْدِيم الْمُعْجَمَة على الْمُهْملَة أَي أَكثر دَمًا طَابع بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا الْخَاتم يخْتم بِهِ على الشَّيْء قَوْله من شَاب شيبَة فِي سَبِيل الله أَي مارس الْجِهَاد حَتَّى يشيب طَائِفَة من شعره وَيحْتَمل أَن المُرَاد بسبيل الله الْإِسْلَام وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة من شَاب فِي الْإِسْلَام شيبَة لَكِن لَا يُنَاسِبه آخر الحَدِيث كَانَت أَي الشيبة لَهُ نورا [3142] بلغ الْعَدو هُوَ مخفف وضميره للسهم أَو هُوَ مشدد وضميره لمن وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف أَي سَهْمه وَالْأول أقرب قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 [3143] من بلغ بِسَهْم الظَّاهِر أَنه مخفف وَالْبَاء للتعدية إِلَى الْمَفْعُول الثَّانِي وَالْأول مَحْذُوف أَي بلغ الْكَافِر بِسَهْم أَي من أوصل سَهْما إِلَى كَافِر وَيحْتَمل أَنه مشدد من التَّبْلِيغ وَالْبَاء زَائِدَة وبالتشديد قد ضبط فِي بعض النّسخ وَقَوله من رمى بِسَهْم أَي وان لم يبلغهُ فَهُوَ ترق من الْأَعْلَى وَيجوز عَكسه بِمَعْنى من بلغ إِلَى مَكَان سَهْمه يكون لَهُ دَرَجَة وان لم يرم وان رمى يكون لَهُ كَذَا ذكره فِي الْمجمع وَالْمعْنَى الثَّانِي مَبْنِيّ على التَّخْفِيف فَهُوَ الْوَجْه وَقَوله فَهُوَ ترق من الْأَعْلَى بعيد وَالْأَقْرَب تنزل من الْأَعْلَى وَالْوَجْه الثَّانِي غير مُنَاسِب لحَدِيث كَعْب الْآتِي فَلْيتَأَمَّل قَوْله وَاحْذَرْ أَي من الزِّيَادَة فِي حَدِيثه وَلَو سَهوا قَوْله [3144] أما انها لَيست أَي الدرجَة وَالْبَاء فِي قَوْله بِعتبَة أمك لَيْسَ ارْتِفَاع الدرجَة الْعَالِيَة من الدرجَة السافلة مثل ارْتِفَاع دَرَجَة بَيتكُمْ قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 [3145] فَبلغ الْعَدو أَي وصل إِلَى مَكَانَهُ كَانَ فدَاء بِالرَّفْع على أَنه اسْم كَانَ كل عُضْو مِنْهُ بِالْجَرِّ على الْإِضَافَة وَضمير مِنْهُ لمن أعتق عضوا بِالنّصب على أَنه خبر كَانَ مِنْهُ للقربة بِتَأْوِيل الشَّخْص أَو الْإِنْسَان قَوْله يحْتَسب أَي يَنْوِي فِي صَنعته بِفَتْح فَسُكُون أَي عمله ومنبله اسْم فَاعل من نبله بِالتَّشْدِيدِ أَو أنبله إِذا نَاوَلَهُ النبل ليرمي بِهِ وَالْمرَاد من يقوم بِجنب الرَّامِي أَو خَلفه يناوله النبل وَاحِدًا بعد وَاحِد أَو يرد عَلَيْهِ النبل المرمى بِهِ وَيحْتَمل أَن المُرَاد من يُعْطي النبل من مَاله تجهيزا للغازي وامدادا لَهُ قَوْله لَا يكلم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لَا يجرح وَالله أعلم الخ جملَة مُعْتَرضَة لبَيَان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 أَن الْمدَار على الْإِخْلَاص الباطني الْمَعْلُوم عِنْد الله لَا على مَا يظْهر للنَّاس وجرحه بِضَم الْجِيم يثعب بِفَتْح يَاء وَسُكُون مُثَلّثَة وَفتح عين مُهْملَة آخِره مُوَحدَة أَي يجْرِي وَكَلَام بَعضهم يَقْتَضِي أَنه بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي يسيل قَوْله [3148] كلم يكلم أَي صَاحب كلم أَي جرح قَوْله زملوهم أَي غطوهم وادفنوهم يدمي بِفَتْح الْيَاء وَالْمِيم أَي يجرى دَمه قَوْله [3149] وَولى النَّاس بتَشْديد اللَّام أَي ولوا ظُهُورهمْ كِنَايَة عَن الْفِرَار وَفِيهِمْ طَلْحَة أَي مَعَهم طلحةوهو زَائِد على هَذَا الْعدَد أَو وَاحِد مِنْهُم طَلْحَة وعد الْكل أنصارا تَغْلِيبًا والا فَلَيْسَ طَلْحَة مِنْهُم وَالْوَجْه هُوَ الْأَخير لما فِي آخر الحَدِيث فقاتل قتال الْأَحَد عشر وَالله تَعَالَى اعْلَم كَمَا أَنْت أَي كن على الْحَال الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا واثبت عَلَيْهَا وَلَا تقَاتلهمْ وعَلى هَذَا فالكاف بِمَعْنى على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 وَمَا مَوْصُولَة والعائد مَحْذُوف حس بِفَتْح الْحَاء وَكسر السِّين الْمُشَدّدَة من الْأَصْوَات المبنية يُقَال عِنْد التوجع لَو قلت بِسم الله أَخذ مِنْهُ أَن من يطعنه الْعَدو يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول بِسم الله أَو نَحْو ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي أَن يظْهر التوجع وَلَا يلْزم من هَذَا أَن كل من يَقُول بِسم الله إِذا طعن أَو قطعت أَصَابِعه يرفعهُ الْمَلَائِكَة بل الظَّاهِر أَن المُرَاد الاخبار بِمَا قدر لطلْحَة بِخُصُوصِهِ تَقْديرا مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 قَوْله [3150] قَاتل أخي قد جَاءَ أَنه عَمه فَكَأَنَّهُ أطلق عَلَيْهِ اسْم الْأَخ مجَازًا تَشْبِيها لَهُ بالأخ وَشَكوا بتَشْديد الْكَاف من الشَّك رجل مَاتَ بسلاحه مقول الصَّحَابَة فقفل بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء أَي رَجَعَ أَن أرتجز أَي انشد الرجز عنْدك لمشي الْجمال وَنَحْوه وَالرجز نوع من الشّعْر من قَالَ هَذَا أَي من نظمه أَنْت نظمته أَو غَيْرك يهابون أَي ليخافون أَن يصلوا عَلَيْهِ أَي يرحموا عَلَيْهِ ويدعوا لَهُ بِالرَّحْمَةِ من الله أَو خَافُوا أَن يصلوا عَلَيْهِ صَلَاة الْجِنَازَة يَوْم مَاتَ فالمضارع أَي يهابون بِمَعْنى الْمَاضِي وعَلى الثَّانِي فِيهِ نوع تأنيس لقَوْل من يَقُول يُصَلِّي على الشَّهِيد فَلْيتَأَمَّل يَقُولُونَ أَي فِي بَيَان سَبَب ذَلِك جاهدا أَي جادا مبالغا فِي سَبِيل الْبر مُجَاهدًا لأعدائه قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 [3151] لَا يَجدونَ حمولة بِفَتْح الْحَاء مَا يحمل عَلَيْهِ من بعير أَو فرس أَو بغل أَو حمَار قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 [3153] يقبضهَا رَبهَا أَي يميتها أهل الْوَبر أَي أهل الْبَوَادِي فَإِنَّهُم يتخذون بُيُوتهم من وبر الْإِبِل وَأهل الْمدر أهل المدن والقرى وَالْمرَاد أَن يكون لي هَؤُلَاءِ عبيدا فَأعْتقهُمْ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 [3155] الا الدّين أَي الا ترك وَفَاء الدّين إِذْ نفس الدّين لَيْسَ من الذُّنُوب وَالظَّاهِر أَن ترك الْوَفَاء ذَنْب إِذا كَانَ مَعَ الْقُدْرَة على الْوَفَاء فَلَعَلَّهُ المُرَاد وَالله تَعَالَى أعلم وَذكر السُّيُوطِيّ عَن بعض الْعلمَاء فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ فِيهِ تَنْبِيه على أَن حُقُوق الْآدَمِيّين لَا تكفر لكَونهَا مَبْنِيَّة على المشاحة والتضييق وَيُمكن أَن يُقَال أَن هَذَا مَحْمُول على الدّين الَّذِي هُوَ خطيئته وَهُوَ الَّذِي استدانه صَاحبه على وَجه لَا يجوز بِأَن أَخذه بحيلة أَو غصبه فَثَبت فِي ذمَّته الْبَدَل أَو أدان غير عازم على الْوَفَاء لِأَنَّهُ اسْتثْنى ذَلِك من الْخَطَايَا وَالْأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء أَن يكون من الْجِنْس فَيكون الدّين الْمَأْذُون فِيهِ مسكوتا عَنهُ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاء فَلَا يلْزم الْمُؤَاخَذَة بِهِ لجَوَاز أَن يعوض الله صَاحبه من فَضله قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 [3159] مَا على الأَرْض من نفس الخ من زَائِدَة وَنَفس اسْم مَا وَالْجَار وَالْمَجْرُور أَعنِي على الأَرْض لَو تَأَخّر لَكَانَ صفة لنَفس فحين تقدم يكون حَالا وَفَائِدَته تَعْمِيم الحكم لأهل الأَرْض والاحتراز عَن أهل السَّمَاء وَجُمْلَة تَمُوت صفة نفس وَجُمْلَة وَلها خبر حَال من ضمير تَمُوت وَجُمْلَة تحب خبر مَا وَجُمْلَة وَلها الدُّنْيَا حَال من فَاعل ترجع وَالْمعْنَى من مَاتَ وَله خير عِنْد الله لَا يحب الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا وَلَو جعل لَهُ تَمام الدُّنْيَا بعد الرُّجُوع فَفِيهِ أَن الْآخِرَة خير من الدُّنْيَا فَمن لَهُ نصيب مِنْهَا لَا يرضى بِتَرْكِهِ إِيَّاهَا بِتمَام الدُّنْيَا قَوْله الا الْقَتِيل أَي أَنه يحب الرُّجُوع حرصا على تَحْصِيل فضل الشَّهَادَة مرَارًا لَا لاختيار نفس الدُّنْيَا على الْآخِرَة قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 [3160] يُؤْتى بِالرجلِ أَي الشَّهِيد أَو غَيره فَإِنَّهُ يتَمَنَّى الرُّجُوع إِذا رأى فضل الشَّهِيد لَكِن الْمُوَافق للْحَدِيث الْمُتَقَدّم هُوَ الأول وَيُمكن التَّوْفِيق بِحمْل الحَدِيث السَّابِق على أَيَّام البرزخ وَهَذَا على مَا بعد دُخُول الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ مَبْنِيّ على إِمْكَان غفول بعض النَّاس عَن فنَاء الدُّنْيَا ان تردني إِلَى الدُّنْيَا أَي عشر مَرَّات أَو مرّة وعَلى الثَّانِي فَمَعْنَى فأقتل فِي سَبِيلك عشر مَرَّات أَن يقتل ثمَّ يحيا من سَاعَته فِي مَكَانَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يقرصها على بِنَاء الْمَفْعُول وضميرها للقرصة ونصبه على أَنه مفعول مُطلق ونائب الْفَاعِل ضمير الْأَحَد قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 [3162] الشَّهَادَة بِصدق أَي لَا لمُجَرّد الرَّغْبَة فِي فضل الشُّهَدَاء من غير أَن يرضى بحصولها ان حصلت وسؤال الشَّهَادَة مرجعه سُؤال الْمَوْت الَّذِي لَا محَالة وَاقع على أحسن حَال وَهُوَ فنَاء النَّفس فِي سَبِيل الله وَتَحْصِيل رِضَاهُ وَهُوَ مَحْبُوب من هَذِه الْجِهَة فَيجوز أَن يسْأَل وَلَا يضر مَا يلْزمه من مَعْصِيّة الْكَافِر وفرحة الْأَعْدَاء وحزن الْأَوْلِيَاء فَلْيتَأَمَّل وان مَاتَ على فرَاشه أَي وَلم يقتل فِي سَبِيل الله قَوْله [3163] خمس من قبض فِيهِنَّ أَي خمس أَحْوَال أَو صِفَات ثمَّ ذكر أَصْحَاب هَذِه الْأَحْوَال وَالصِّفَات فَإِن بيانهم يسْتَلْزم مَعْرفَتهَا ويغني عَن بَيَانهَا وَالْمرَاد بسبيل الله فِي الأول الْجِهَاد وَفِي غَيره وَهُوَ الْمُتَبَادر أَيْضا فَإِنَّهُ المُرَاد عرفا من مُطلق هَذَا الِاسْم وَأَيْضًا الْمعَاد معرفَة يكون عين الأول لَكِن مُقْتَضى الْأَحَادِيث الْمُطلقَة خِلَافه فَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْإِسْلَام تَوْفِيقًا بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين الْأَحَادِيث الْمُطلقَة وان كَانَ مُقْتَضى أصُول كثير من الْفُقَهَاء أَن يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد لَكِن المرجو هَا هُنَا هُوَ الأول وَالله تَعَالَى أعلم وَالْغَرق بِكَسْر الرَّاء الَّذِي مَاتَ بِالْغَرَقِ قَوْله والمتوفون بتَشْديد الْفَاء الْمَفْتُوحَة [3164] إِلَى رَبنَا أَي رافعين اختصامهم إِلَى الله فِي الَّذين يتوفون على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 شكّ أَن مَقْصُود الشُّهَدَاء بذلك الحاق المطعون مَعَهم وَرفع دَرَجَته إِلَى درجاتهم وَأما الْأَمْوَات على الْفرش فَلَعَلَّهُ لَيْسَ مقصودهم أَصَالَة أَن لَا ترفع دَرَجَة المطعون إِلَى دَرَجَات الشُّهَدَاء فَإِن ذَلِك حسد مَذْمُوم وَهُوَ منزوع عَن الْقُلُوب فِي ذَلِك الدَّار وَإِنَّمَا مُرَادهم أَن ينالوا دَرَجَات الشُّهَدَاء كَمَا نَالَ المطعون مَعَ مَوته على الْفراش فَمَعْنَى قَوْلهم إِخْوَاننَا مَاتُوا على فرشهم كَمَا متْنا أَي فَإِن نالوا مَعَ ذَلِك دَرَجَات الشُّهَدَاء يَنْبَغِي أَن ننالها أَيْضا وعَلى هَذَا فَيَنْبَغِي أَن يعْتَبر هَذَا الْخِصَام خَارج الْجنَّة والا فقد جَاءَ فِيهَا وَلكم فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم فَيَنْبَغِي أَن ينَال دَرَجَة الشُّهَدَاء من يشتهيها فِي الْجنَّة وَالظَّاهِر أَن الله تَعَالَى ينْزع من قلب كل أحد فِي الْجنَّة اشتهاء دَرَجَة من فَوْقه ويرضيه بدرجته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3165] يعجب من رجلَيْنِ الْعجب وَأَمْثَاله مِمَّا هُوَ من قبيل الانفعال إِذا نسب إِلَى الله تَعَالَى يُرَاد بِهِ غَايَته فغاية الْعجب بالشَّيْء استعظامه فَالْمَعْنى عَظِيم شَأْن هذَيْن عِنْد الله وَقيل بل المُرَاد بالعجب فِي مثله التعجيب فَفِيهِ إِظْهَار أَن هَذَا الْأَمر عَجِيب وَقيل بل الْعجب صفة سمعية يلْزم إِثْبَاتهَا مَعَ نفي التَّشْبِيه وَكَمَال التَّنْزِيه كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل التَّحْقِيق فِي أَمْثَاله وَقد سُئِلَ مَالك عَن الاسْتوَاء فَقَالَ الاسْتوَاء مَعْلُوم والكيف غير مَعْلُوم والايمان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَمثله الْكَلَام فِي الضحك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 [3167] من رابط أَي لَازم الثغر للْجِهَاد جرى لَهُ مثل ذَلِك أَي مَعَ انْقِطَاع الْعَمَل فضلا من الله تَعَالَى فَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث حَدِيث إِذا مَاتَ بن آدم انْقَطع عَنهُ عمله الا من ثَلَاثَة فَإِن المُرَاد بَيَان أَنه لَا يبْقى الْعَمَل الا لهَؤُلَاء الثَّلَاثَة فَإِن عَمَلهم بَاقٍ فَلْيتَأَمَّل الفتان بِضَم فتشديد جمع فاتن وَقيل بِفَتْح فتشديد للْمُبَالَغَة وَفسّر على الأول بالمنكر والنكير وَالْمرَاد أَنَّهُمَا لَا يجيئان إِلَيْهِ للسؤال بل يَكْفِي مَوته مرابطا فِي سَبِيل الله شَاهدا على صِحَة ايمانه أَو انهما لَا يضرانه وَلَا يزعجانه وعَلى الثَّانِي بالشيطان وَنَحْوه مِمَّن يُوقع الْإِنْسَان فِي فتْنَة الْقَبْر أَي عَذَابه أَو يملك الْعَذَاب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 [3171] على أم حرَام هُوَ ضد الْحَلَال بنت ملْحَان بِكَسْر مِيم وَسُكُون لَام فتطعمه من الاطعام تفلى رَأسه بِفَتْح تَاء وَسُكُون فَاء وَكسر لَام أَي تفرق شعر رَأسه وتفتش الْقمل مِنْهُ قيل كَانَت محرما مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِوَاسِطَة أَن أمه من بني النجار وَقيل بل هُوَ من خَصَائِصه مَا يضحكك من الاضحاك أَي مَا سَبَب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 ضحكك عرضوا على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أظهر الله تَعَالَى صورهم وأحوالهم حَال ركوبهم لي وَهُوَ تَعَالَى قَادر على كل شَيْء ثبج بِفَتْح مُثَلّثَة ثمَّ فتح مُوَحدَة ثمَّ جِيم أَي وَسطه ومعظمه وَالْمرَاد الْبَحْر المالح فَإِنَّهُ الْمُتَبَادر من اسْم الْبَحْر ملوكا بِالنّصب على الْحَال وَفِي بعض النّسخ مُلُوك بِلَا ألف وَهُوَ اما مَنْصُوب أَو مَرْفُوع بتقديرهم مُلُوك وَالْجُمْلَة حَال على الأسرة بِفَتْح فَكسر فتشديد رَاء جمع سَرِير كالأعزة جمع عَزِيز والأذلة جمع ذليل أَي قَاعِدين على الأسرة أَنْت بِكَسْر التَّاء على خطاب الْمَرْأَة فصرعت على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أسقطت حِين خرجت إِلَى الْبر من الْبَحْر قَوْله [3172] وَقَالَ عندنَا هُوَ من القيلولة لَا من القَوْل فَلَمَّا قدمت لَهَا بغلة أَي حِين خرجت إِلَى الْبر قَوْله وعدنا أَي الْمُؤمنِينَ لَا بأعيانهم فَلذَلِك شكّ أَبُو هُرَيْرَة فِي حُضُوره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 [3173] أنْفق فِيهَا نَفسِي بالحضور فِيهَا والقتال لَا بِالْقَتْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي يَد الْإِنْسَان فَلذَلِك قَالَ فَإِن أقتل على بِنَاء الْمَفْعُول من أفضل الشُّهَدَاء فَإِن الَّذِي لم يرجع بِشَيْء من النَّفس وَالْمَال من أفضلهم الْمُحَرر بتَشْديد الرَّاء الأولى مَفْتُوحَة أَي الْمُعْتق من النَّار على مُقْتَضى ذَلِك الْعَمَل أَو النجيب وَيحْتَمل أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أخبرهُ بأنك ان حضرت فقتلت فَإنَّك من أفضل الشُّهَدَاء وان رجعت فَأَنت مُحَرر من النَّار والْحَدِيث الَّاتِي يدل على أَنه بشر كل من حضر بذلك فَقَوله بذلك مَبْنِيّ على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 أَنه حِينَئِذٍ يكون مندرجا فِيمَن بشروا بذلك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حررهما الله من التَّحْرِير أَي أعتقهما الله من النَّار وَفِي نُسْخَة أحرزهما الله من الأحراز أَي حفظهما الله وَيُمكن أَن يَجْعَل قَول أبي هُرَيْرَة الْمُحَرر من الْأَحْرَار قَوْله [3176] حَالَتْ بَينهم وَبَين الْحفر أَي منعتهم من الْحفر أَخذ الْمعول بِكَسْر الْمِيم آلَة فندر بدال مُهْملَة أَي سقط فَبَرَق بِفَتْح الرَّاء من البريق بِمَعْنى اللمعان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 رفعت على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أظهرت ويغنمنا بتَشْديد النُّون من التغنيم وَيخرب من خرب بِالتَّشْدِيدِ أَو أخرب دعوا الْحَبَشَة ألخ أَي اتْرُكُوا الْحَبَشَة وَالتّرْك مَا داموا تاركين لكم وَذَلِكَ لِأَن بِلَاد الْحَبَشَة وعرة وَبَين الْمُسلمين وَبينهمْ مفاوز وقفار وبحار فَلم يُكَلف الْمُسلمين بِدُخُول دِيَارهمْ لِكَثْرَة التَّعَب وَأما التّرْك فبأسهم شَدِيد وبلادهم بَارِدَة وَالْعرب وهم جند الْإِسْلَام كَانُوا من الْبِلَاد الحارة فَلم يكلفهم دُخُول بِلَادهمْ وَأما إِذا دخلُوا بِلَاد الْإِسْلَام وَالْعِيَاذ بِاللَّه فَلَا يُبَاح ترك الْقِتَال كَمَا يدل عَلَيْهِ مَا ودعوكم وَأما الْجمع بَين الحَدِيث وَبَين قَوْله تَعَالَى قَاتلُوا الْمُشْركين كَافَّة فبالتخصيص أما عِنْد من يجوز تَخْصِيص الْكتاب بِخَبَر الْآحَاد فَوَاضِح وَأما عِنْد غَيره فَلِأَن الْكتاب مَخْصُوص لخُرُوج الذِّمِّيّ وَقيل يحْتَمل أَن تكون الْآيَة ناسخة للْحَدِيث لضعف الْإِسْلَام ثمَّ قوته قلت وَعَلِيهِ الْعَمَل وَالله تَعَالَى أعلم قيل فِي الحَدِيث حجَّة على من قَالَ انهم أماتوا ماضي يدع الا أَن يكون مُرَادهم قلَّة وُرُود ذَلِك وَقيل يحْتَمل أَن يكون من تصرف الروَاة المولدين بِالْمَعْنَى وَيحْتَمل أَن يكون فِي الأَصْل وَادعوا بِالْألف بِمَعْنى سالموا وصالحوا ثمَّ سقط الْألف من بعض الروَاة أَو الْكتاب وَيحْتَمل أَن مَجِيئه لقصد المشاكلة كَمَا روعي الجناس فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 قَوْله واتركوا التّرْك مَا تركوكم وَالْحق أَنه جَاءَ على قلَّة فقد قرئَ فِي الشواذ مَا وَدعك بِالتَّخْفِيفِ وَجَاء فِي بعض الاشعار أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قوما بِالنّصب بدل من التّرْك كالمجان بِفَتْح مِيم وَتَشْديد نون وَهُوَ الترس المطرقة بِالتَّخْفِيفِ اسْم مفعول من الاطراق وروى بِفَتْح الطَّاء وَتَشْديد الرَّاء وَهُوَ الترس المطرق الَّذِي جعل على ظَهره طراق والطراق بِكَسْر الطَّاء جلد يقطع على مِقْدَار الترس فيلصق على ظَهره شبه وُجُوههم بالترس لبسطها وتدويرها وبالمطرقة لغلظها وَكَثْرَة لَحمهَا [3177] يلبسُونَ الشّعْر ظَاهره أَنهم يتخذون مِنْهُ ثيابًا وَيحْتَمل أَن المُرَاد شُعُورهمْ كثيفة طَوِيلَة فَهِيَ إِذا سدلوها كَانَت كاللباس وَكَذَا يَمْشُونَ الخ يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ أَنهم يتخذون مِنْهُ النِّعَال وَأَن يُرَاد أَن ذوائبهم لطولها ولوصولها إِلَى أَرجُلهم كالنعال لَهُم قَوْله [3178] على من دونه فِي المَال بِنَاء على ظَاهر الْحَال بضعيفها فللفقراء عِنْد الله من الشّرف مَا لَيْسَ للأغنياء قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 [3179] ابغوني الضَّعِيف بِهَمْزَة وصل من بغيتك الشَّيْء طلبته لَك أَو بِهَمْزَة قطع من أبغيته الشَّيْء طلبته لَهُ أَو أعنته على طلبته أَو جعلته طَالبا لَهُ قَوْله [3180] من جهز وتجهيز الْغَازِي تحميله واعداد مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْغَزْو خَلفه بتَخْفِيف اللَّام أَي صَار خَليفَة لَهُ ونائبا عَنهُ فِي قَضَاء حوائج أَهله بِخَير احْتِرَاز عَن الْخِيَانَة فِي الْأَهْل بِسوء النّظر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ملاءة بِضَم مِيم وَمد هِيَ الْإِزَار والريطة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 [3182] من يبْتَاع يَشْتَرِي مربد بِكَسْر مِيم وَفتح بَاء مَوضِع يَجْعَل فِيهِ التَّمْر لينشف بِئْرَ رُومَةَ بِضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ بإقامتي الْحجَّة على الْأَعْدَاء على لِسَان الْأَوْلِيَاء فَإِن الْمَقْصُود كَانَ اسماع من يعاديه قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 [3184] يَا فلَان هَلُمَّ أَي تعال إِلَى هَذَا الْبَاب فَادْخُلْ الْجنَّة مِنْهُ ذَلِك الْمَدْعُو من تَمام الْأَبْوَاب لَا توى لَا ضيَاع وَلَا خسارة وَالْمرَاد بِأَنَّهُ فَازَ كل الْفَوْز وَلَا يخفى مَا بَين الرِّوَايَتَيْنِ من التدافع وَالظَّاهِر أَنه لسهو من بعض الروَاة وَيحْتَمل أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ وقعتا فِي مجْلِس بِأَن أوحى إِلَيْهِ أَو لَا بالمناداة من بَاب وَاحِد فَأخْبر بِهِ فَسَأَلَهُ أَبُو بكر هَل فِي النَّاس من يُنَادي من تَمام الْأَبْوَاب وَأوحى إِلَيْهِ ثَانِيًا بالمناداة من تَمام الْأَبْوَاب فَأخْبر بِهِ فمدح ذَلِك الْمُنَادِي أَبُو بكر على حسب مَا هُوَ اللَّائِق بِكُل مجْلِس وبشره النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ يُنَادي من تَمام الْأَبْوَاب وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله [3185] من كل مَال لَهُ أَي من أَي مَال لَهُ كَانَ كلهم يَدعُوهُ أَي كل وَاحِد مِنْهُم يَدعُوهُ إِلَى مَا عِنْده من الْبَاب وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله ليَأْتِيَن الضَّمِير للرجل أَي يحضر فِي الْمَحْشَر بأضعاف عمله وَالْحَاصِل أَنهم يحْضرُون بصحائف أَعْمَالهم عِنْد الْحساب والأعمال تكْتب مَعَ المضاعفات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 [3188] وَأنْفق الْكَرِيمَة أَي الْأَمْوَال العزيزة عَلَيْهِ وياسر الشَّرِيك أَي عَامله باليسر والسهولة والمعاونة لَهُ ونبهه ظَاهر الْقَامُوس أَنه بِالضَّمِّ والسكون بِمَعْنى الْقيام من النّوم وَضَبطه السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد بِفَتْح فَسُكُون بِمَعْنى ضد النّوم وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْكتاب بِفَتْح فَكسر مُوَحدَة الانتباه من النّوم وَالظَّاهِر أَن قَوْله فَكسر مُوَحدَة غلط وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله رِيَاء بِالْمدِّ أَي ليراه النَّاس وسَمعه بِضَم السِّين أَي ليسمعوه لَا يرجع بالكفاف بِفَتْح كَاف وَهُوَ مَا كَانَ على قدر الْحَاجة وَالْمرَاد أَن يرجع مثل مَا كَانَ قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 [3189] كَحُرْمَةِ أمهاتهم تَغْلِيظ وَتَشْديد أَو إِشَارَة إِلَى وجوب توقيرهن والا فحرمة الْأُمَّهَات مُؤَبّدَة دون حُرْمَة نسَاء الْمُجَاهدين يخلف مُحْتَمل أَنه من خَلفه إِذا نابه أَو من خَلفه إِذا جَاءَ بعده وهما من حد نصر وَذَلِكَ لِأَن الخائن فِي الْأَهْل كالنائب للْأَصْل وَقد جَاءَ بعده فِي الْأَهْل فَمَا ظنكم أَي إِذا كَانَ حَال من خانه خِيَانَة وَاحِدَة فَمَا حَال من زَاد على ذَلِك وَمَا ظنكم بِهِ أَو إِذا خير الْغَازِي فَمَا ظنكم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 بِحِسَابِهِ هَل يَأْخُذ الْكل أَو يتْرك شَيْئا وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما سيجىء قَوْله وَمن خَافَ ثارهن بِفَتْح ثاء مُثَلّثَة وَسُكُون همزَة أَي انتقامهن لَكِن قد جَاءَ النَّهْي فَلَعَلَّ هَذَا قبل النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 [3194] وَمَا تَعدونَ الشَّهَادَة الا من قتل يحْتَمل أَن تكون من مَوْصُولَة وَالشَّهَادَة بِمَعْنى الشَّهِيد أَو جَارة أَي مَا تَعدونَ الشَّهَادَة الا لأجل قتل والبطن أَي الْمَوْت بِمَرَض الْبَطن الاسهال وَالِاسْتِسْقَاء والحرق بِفتْحَتَيْنِ أَي الْمَوْت بالاحتراق بالنَّار وَكَذَا الْغَرق بِفتْحَتَيْنِ يَعْنِي الْهدم بِكَسْر الدَّال وَهُوَ الَّذِي مَاتَ تَحت بِنَاء انْهَدم عَلَيْهِ وَقَوله شَهَادَة هَا هُنَا بِمَعْنى شَهِيد وَكَذَا فِيمَا بعد وَأما فِيمَا سبق فعلى ظَاهره والمجنوب أَي الَّذِي مَاتَ بِمَرَض مَعْلُوم بِذَات الْجنب بِجمع قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن تَمُوت وَفِي بَطنهَا ولد زَاد فِي النِّهَايَة وَقيل أَو تَمُوت بكرا قَالَ وَالْجُمْعُ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ كَالذُّخْرِ بِمَعْنَى الْمَذْخُورِ وَكَسَرَ الْكِسَائِيُّ الْجِيمَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مَاتَتْ مَعَ شَيْءٍ مَجْمُوعٍ فِيهَا غَيْرِ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا مِنْ حمل أَو بكارة فَإِذا وَجب أَي مَاتَ من الْوُجُوب وَهُوَ السُّقُوط قَالَ تَعَالَى فَإِذا وَجَبت جنوبها باكية أَي نفس باكية أَو امْرَأَة باكية فَأفَاد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّهْي عَن الْبكاء بالصياح بعد الْمَوْت لَا قبله قَوْله [3195] مَا دَامَ بَينهُنَّ أَي حَيا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 (كتاب النِّكَاح) قَوْله بسرف بِفَتْح سين وَكسر رَاء اسْم مَوضِع بِقرب مَكَّة [3196] فَلَا تزعزعوها من زعزع بزاي مُعْجمَة مكررة وَعين مُهْملَة مكررة إِذا حرك أَي فَلَا تحركوا الْجِنَازَة تَعْظِيمًا لَهَا فَكَانَ يقسم لثمان من جملتهن مَيْمُونَة فَيَنْبَغِي لكم أَن تعرفوا فَضلهَا وتراعوه قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 [3198] يطوف على نِسَائِهِ أَي يدْخل عَلَيْهِنَّ اما لعدم وجوب الْقسم عَلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَو كَانَ ذَلِك عِنْد قدومه من سفر قبل تَقْرِير الْقسم أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الدَّوَرَانِ عَلَيْهِنَّ وَابْتِدَاءِ دَوْرٍ آخر أَو كَانَ ذَلِك عِنْد اذن صَاحِبَة النّوبَة وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي نَوْبَةِ ضَرَّتِهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ قَوْله [3199] كنت أغار من الْغيرَة قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي أعيب عَلَيْهِنَّ لِأَن من غَار عَابَ وَيدل عَلَيْهِ قَوْلهَا أَو تهب الْمَرْأَة نَفسهَا للرجل وَهُوَ هَا هُنَا تقبيح وتنفير لِئَلَّا تهب النِّسَاء أَنْفسهنَّ لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأي منزلَة أشرف من الْقرب مِنْهُ لَا سِيمَا مُخَالطَة اللحوم ومسابكة الْأَعْضَاء وَقَوْلها قلت وَالله مَا أرى رَبك الخ كِنَايَة عَن ترك ذَلِك التنفير والتقبيح لما رَأَتْ من مسارعة الله تَعَالَى فِي مرضاة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي كنت أنفر النِّسَاء عَن ذَلِك فَلَمَّا رَأَيْت الله عز وَجل أَنه يُسَارع فِي مرضاة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تركت ذَلِك لما فِيهِ من الاخلال بمرضاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم وَقَالَ النَّوَوِيّ معنى يُسَارع فِي هَوَاك يُخَفِّفُ عَنْكَ وَيُوَسِّعُ عَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ وَلِهَذَا خيرك وَقيل قَوْلهَا الْمَذْكُور أبرزته الْغيرَة وَالدّلَالَة والا فاضافة الْهوى إِلَى الرَّسُول صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم غير مُنَاسبَة فَإِنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم منزه عَن الْهوى لقَوْله تَعَالَى وَمَا ينْطق عَن الْهوى وَهُوَ من ينْهَى النَّفس عَن الْهوى وَلَو قَالَت فِي مرضاتك كَانَ أولى وَقد يُقَال المذموم هُوَ الْهوى الْخَالِي عَن الْهدى لقَوْله تَعَالَى وَمن اتبع هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله وَالله تَعَالَى أعلم فَلْيتَأَمَّل قَوْله [3200] إِنِّي قد وهبت نَفسِي لَك هبة الْحرَّة نَفسهَا لَا تصح فَتحمل على التَّزْوِيج نَفسهَا مِنْهُ بِلَا مهر مجَازًا أَو تَفْوِيض الْأَمر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 إِلَيْهِ وَالثَّانِي أظهر وأنسب بتزويجه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا من غَيره فرأ من الرَّأْي فِي بتَشْديد الْيَاء أَي فِي شأني وَلَو خَاتمًا من حَدِيد يدل على أَن الْمهْر غير مَحْدُود بل مُطلق المَال يصلح ان يكون مهْرا وَهُوَ ظَاهر قَوْله تَعَالَى أَن تَبْتَغُوا باموالكم وَمن يحده يحمل الحَدِيث على الْمهْر الْمُعَجل فَزَوجهُ بِمَا مَعَه أَي بتعليمها إِيَّاه كَمَا يدل عَلَيْهِ بعض رِوَايَات الحَدِيث وَمن لم يَأْخُذ بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث فِي الْمهْر يدعى الْخُصُوص بِمَا عَن أبي النُّعْمَان الصَّحَابِيّ قَالَ زوج رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة على سُورَة من الْقُرْآن وَقَالَ لَا يكون لأحد بعْدك رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3201] فَلَا عَلَيْك أَن تعجلِي خَافَ عَلَيْهَا من صغر سنّهَا أَن تميل إِلَى الدُّنْيَا وَزينتهَا وَبَين أَن التَّخْيِير لَا يُنَافِي المشورة والتوقف إِلَيْهَا قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 [3202] أَو كَانَ طَلَاقا أَي فالتخيير لَيْسَ بِطَلَاق إِذا اخْتَارَتْ الزَّوْج قَوْله [3204] حَتَّى أحل لَهُ النِّسَاء أَي بقوله إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك الْآيَة فَهِيَ ناسخة لقَوْله تَعَالَى لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 [3206] ذَا طول بِفَتْح الطَّاء أَي ذَا قدرَة على الْمهْر وَالنَّفقَة فليتزوج أَمر ندب عِنْد الْجُمْهُور فَإِنَّهُ أَي التَّزَوُّج أَغضّ أحبس وَأحْصن أحفظ لَهُ لِلْفَرجِ وَجَاء بِكَسْر الْوَاو وَالْمدّ أَي كسر شَدِيد يذهب بشهوته قَوْله [3207] فِي فتاة أَي شَابة أَي هَل لَك رَغْبَة فِي تزَوجهَا فَدَعَا عبد الله فَإِن عُثْمَان طلب مِنْهُ الْخلْوَة ليذكر لَهُ حَدِيث الزواج فحين رأى بن مَسْعُود أَنه لَا حَاجَة لَهُ إِلَيْهِ نَادَى عَلْقَمَة إِلَى الْمجْلس لعدم الْحَاجة إِلَى بَقَاء الْخلْوَة فَحدث يحْتَمل انه حدث بذلك لتحسين كَلَام عُثْمَان أَي أَن مَا ذكرت من النِّكَاح فقد حث عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَكِن لَا حَاجَة لي إِلَيْهِ وَيحْتَمل أَنه قصد الرَّد عَلَيْهِ بِنَاء على أَن الْخطاب فِي الحَدِيث بالشباب كَمَا فِي رِوَايَات الحَدِيث فَالْمَعْنى انما يحث على النِّكَاح من هُوَ فِي سنّ الشَّبَاب والباءة بِالْمدِّ وَالْهَاء على الْأَفْصَح يُطلق على الْجِمَاع وَالْعقد وَيصِح فِي الحَدِيث كل مِنْهُمَا بِتَقْدِير مُضَاف أَي مُؤْنَته وأسبابه أَو المُرَاد هَا هُنَا بِلَفْظ الْبَاءَة هِيَ الْمُؤَن والاسباب اطلاقا للْآخر على مَا يلازم مُسَمَّاهُ قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 [3209] يَا معشر الشَّبَاب المعشر الطَّائِفَة الَّتِي يشملها وصف كالنوع وَالْجِنْس وَنَحْوه والشباب بِفَتْح الشين وَالتَّخْفِيف جمع شَاب وَكَذَا مصدر شب قَوْله [3211] بعض مَا مضى مِنْك أَي من الْقُوَّة والشهوة فَإِن الْقُوَّة ترجع بمخالطة الشَّابَّة قَوْله عُثْمَان هُوَ بن مَظْعُون التَّبَتُّلُ هُوَ الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحِ انْقِطَاعًا إِلَى عبَادَة الله تَعَالَى وَقد رد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم التبتل عَلَيْهِ حَيْثُ نَهَاهُ عَنهُ لاختصينا الاختصاء من خصيت الْفَحْل إِذا سللت خصيته أَي أخرجتها واختصيت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 إِذا فعلت ذَلِك بِنَفْسِك وَفعله بِنَفسِهِ حرَام فَلَيْسَ بِمُرَاد إِنَّمَا المُرَاد قطع الشَّهْوَة بمعالجة أَو التبتل والانقطاع إِلَى الله تَعَالَى بترك النِّسَاء أَي لفعلنَا فعل المختصي فِي ترك النِّكَاح والانقطاع عَنهُ اشتغالا بِالْعبَادَة وَالنَّوَوِيّ حمله على ظَاهره فَقَالَ مَعْنَاهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِّ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لِيُمْكِنَنَا التَّبَتُّلُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيّ حرَام صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَمَا سبق أحسن لما فِيهِ من حمل ظنهم على أحسن الظنون فَلْيتَأَمَّل قَوْله الْعَنَت أَي الْوُقُوع فِي الْهَلَاك بالزنى عَنهُ أَي عَن أبي هُرَيْرَة عبر عَنهُ باسم الْغَيْبَة لِأَن الْكَلَام فِي مَحل اعراض النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَمثل هَذَا الْمقَام يُنَاسب الْغَيْبَة فَافْهَم [3215] جف الْقَلَم أَي جف الْقَلَم بالفراغ من كِتَابَة مَا هُوَ كَائِن فِي حَقك أَي قد كتب عَلَيْك وَقضي مَا تَلقاهُ فِي حياتك والمقدر لَا يتبدل بالأسباب فَلَا يَنْبَغِي ارْتِكَاب الْأَسْبَاب الْمُحرمَة لأَجله نعم إِذا شرع الله تَعَالَى سَببا أَو أوجبه فالمباشرة بِهِ شَيْء آخر فَقَوله فاختص على ذَلِك أَو دع لَيْسَ من بَاب التَّخْيِير بل التوبيخ كَقَوْلِه تَعَالَى فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر أَي ان شِئْت قطعت عضوك بِلَا فَائِدَة وان شِئْت تركته وَقَوله على ذَلِك أَي مَعَ أَنَّك تلاقي مَا قدر عَلَيْك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تَعَالَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 [3216] وَلَقَد أرسلنَا رسلًا وهم الَّذين أَمر الله بالاقتداء بهداهم فَقَالَ فبهداهم اقتده قَوْله [3217] لكني أُصَلِّي أَي أَنا لَا أفعل ذَلِك الَّذِي ذكر وَلَكِنِّي أُصَلِّي الخ فَمن رغب عَن سنتي قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ تَرَكَهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ أَوْ تَرَكَ النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ مَأْذُونٌ فِيهَا أَو نَحْو ذَلِك فَلَا يتَنَاوَلهُ هَذَا الذَّم وَالنَّهْي قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 [3219] فَهَلا بكرا أَي فَهَلا تزوجت بكرا وَقَوله تلاعبها وتلاعبك تَعْلِيل للترغيب فِي الْبكر سَوَاء كَانَت الْجُمْلَة مستأنفة كَمَا هُوَ الظَّاهِر أَو صفة لبكر أَي ليَكُون بَيْنكُمَا كَمَال التألف والتأنس فَإِن الثّيّب قد تكون معلقَة الْقلب بالسابق قَوْله بعدِي أَي بعد غيبتي عَنْك [3220] أم أَيّمَا بتَشْديد الْيَاء أَي ثَيِّبًا قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 [3221] فَخَطَبَهَا عَليّ أَي عقب ذَلِك بِلَا مهلة كَمَا تدل عَلَيْهِ الْفَاء فَعلم أَنه لاحظ الصغر بِالنّظرِ إِلَيْهِمَا وَمَا بَقِي ذَاك بِالنّظرِ إِلَى عَليّ فَزَوجهَا مِنْهُ فَفِيهِ أَن الْمُوَافقَة فِي السن أَو المقاربة مرعية لكَونهَا أقرب إِلَى المؤالفة نعم قد يتْرك ذَاك لما هُوَ أَعلَى مِنْهُ كَمَا فِي تَزْوِيج عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تزوج الْمولى الْعَرَبيَّة أَي فالكفاءة بِالْإِسْلَامِ لَا بِمَا اعتبرها كثير من الْفُقَهَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْبَتَّةَ مُتَعَلق بطلق وَالْمرَاد طَلقهَا ثَلَاثًا فَإِن الثَّلَاث تقطع وصلَة النِّكَاح والبت الْقطع [3222] فَزَعَمت فَاطِمَة أَي قَالَت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 فَكنت أَضَع ثِيَابِي عِنْده للأمن من نظره إِلَى حَتَّى أنْكحهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أُسَامَة بن زيد مَعَ كَونهَا عَرَبِيَّة جليلة وَأُسَامَة من الموَالِي وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُود فِي التَّرْجَمَة وسآخذ بالقضية يُفِيد أَن الْعَمَل كَانَ على أَن للمطلقة ثَلَاثًا السُّكْنَى وَقد جَاءَ أَن مَرْوَان أَخذ بقول فَاطِمَة فَكَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَيْهِ بعد ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تبنى أَي اتَّخذهُ ابْنا على الْعَادة الْقَدِيمَة الَّتِي نسخت بعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 [3223] وأنكحه ابْنة أَخِيه وَهِي عَرَبِيَّة وتنسب إِلَيْهِ قَوْله [3225] ان أَحْسَاب أهل الدُّنْيَا أَي فضائلهم الَّتِي يرغبون فِيهَا ويميلون إِلَيْهَا ويعتمدون عَلَيْهَا فِي النِّكَاح وَغَيره هُوَ المَال وَلَا يعْرفُونَ شرفا أخر مُسَاوِيا لَهُ بل مدانيا أَيْضا علما أَو دينا وورعا وَهَذَا هُوَ الَّذِي صدقه الْوُجُود فَصَاحب المَال فيهم عَزِيز كَيْفَمَا كَانَ وَغَيره ذليل كَذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 [3226] فَخَشِيت أَن تدخل أَي الْبكر لصغرها وخفة عقلهَا بيني وبينهن فتورث الْفِتَن وَتُؤَدِّي إِلَى الْفِرَاق فَذَاك الَّذِي فعلت من أَخذ الثّيّب أحسن أَو أولى أَو خير اذن أَي إِذا كَانَ لهَذَا الْغَرَض وبتلك النِّيَّة فَإِن نظام الدّين خير من لَذَّة الدُّنْيَا على مَالهَا أَي لأجل مَالهَا وَالْمرَاد أَن النَّاس يراعون هَذِه الْخِصَال فِي الْمَرْأَة ويرغبون فِيهَا لأَجلهَا وَلم يرد أَنه يَنْبَغِي أَن يُرَاعِي الدّين كَمَا قَالَ فَعَلَيْك بِذَات الدّين أَي خُذ ذَات الدّين واطلبها واظفر بهَا أَيهَا المسترشد حَتَّى تفوز بِخَير الدَّاريْنِ تربت بِكَسْر الرَّاء من ترب إِذا افْتقر فلصق بِالتُّرَابِ وَهَذِه كلمة تجرى على لِسَان الْعَرَب مقَام الْمَدْح والذم وَلَا يُرَاد بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب دَائِما وَقد يُرَاد بهَا الدُّعَاء أَيْضا وَالْمرَاد هَا هُنَا اما الْمَدْح أَي اطلب ذَات الدّين أَيهَا الْعَاقِل الَّذِي يحْسد عَلَيْك لكَمَال عقلك فَيَقُول الْحَاسِد حسدا تربت يداك أَو الذَّم أَو الدُّعَاء عَلَيْهِ بِتَقْدِير ان خَالَفت هَذَا الْأَمر قَوْله حسب بِفتْحَتَيْنِ أَي شرف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 فَضِيلَة من جِهَة الْآبَاء أَو حسن الْأَفْعَال والخصال ومنصب قدر بَين النَّاس [3227] الا انها لَا تَلد كَأَنَّهُ علم ذَلِك بِأَنَّهَا لاتحيض أَو بِأَنَّهَا كَانَت عِنْد زوج آخر فَمَا ولدت الْوَدُود أَي كثير الْمحبَّة للزَّوْج كَانَ المُرَاد بهَا الْبكر أَو يعرف ذَلِك بِحَال قرابتها وَكَذَا معرفَة الْوَلُود أَي كثير الْولادَة يعرف بذلك فِي الْبكر وَاعْتِبَار كَونهَا ودودا مَعَ أَن الْمَطْلُوب كَثْرَة الْأَوْلَاد كَمَا يدل عَلَيْهِ التَّعْلِيل لِأَن الْمحبَّة هِيَ الْوَسِيلَة إِلَى مَا يكون سَببا للأولاد مُكَاثِر بكم أَي الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي رِوَايَة بن حبَان قَوْله بغى أَصله فعول فَلذَلِك يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث [3228] وَكَانَت صديقته أَي يَزْنِي بهَا قبل الْإِسْلَام أَو قبل تَحْرِيم الزِّنَى سوادا أَي شخصا فَبت أَمر من البيتوتة فِي الرحل فِي الْمنزل هَذَا الدلْدل بِضَم دالين مهملتين بَينهمَا لَام سَاكِنة الْقُنْفُذ ولعلها شبهته بِهِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَظْهَرُ فِي اللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ يُخْفِي رَأْسَهُ فِي جَسَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ الخندمة بِفَتْح مُعْجمَة وَسُكُون نون ودال مُهْملَة مَفْتُوحَة جبل بِمَكَّة إِلَى الْأَرَاك بِفَتْح كَبْلَهُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الْقَيْدُ الضَّخْمُ لَا تنكحها قيل هُوَ نهي تَنْزِيه أَو هُوَ مَنْسُوخ بقوله تَعَالَى وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَقيل حرَام كَمَا هُوَ الظَّاهِر قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 [3229] وَهِي لَا تمنع يَد لامس أَي أَنَّهَا مطاوعة لمن أرادها وَهَذَا كِنَايَة عَن الْفُجُور وَقيل بل هُوَ كِنَايَة عَن بذلها الطَّعَام قيل وَهُوَ الْأَشْبَه وَقَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِهَا وَهِيَ تَفْجُرُ ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ المُرَاد السخاء لقيل لَا ترد يَد ملتمس إِذْ السَّائِل يُقَال لَهُ الملتمس لَا لامس وَأما اللَّمْس فَهُوَ الْجِمَاع أَو بعض مقدماته وَأَيْضًا السخاء مَنْدُوب إِلَيْهِ فَلَا تكون الْمَرْأَة معاقبة لأَجله مُسْتَحقَّة للفراق فَإِنَّهَا أما أَن تُعْطى مَالهَا أَو مَال الزَّوْج وعَلى الثَّانِي على الزَّوْج صونه وَحفظه وَعدم تمكينها مِنْهُ فَلم يتَعَيَّن الْأَمر بتطليقها وَقيل المُرَاد أَنَّهَا تتلذذ بِمن يلمسها فَلَا ترد يَده وَلم يرد الْفَاحِشَة الْعُظْمَى والا لَكَانَ بذلك قَاذِفا وَقيل الْأَقْرَب أَن الزَّوْج علم مِنْهَا أَن أحدا لَو أَرَادَ مِنْهَا السوء لما كَانَت هِيَ ترده لَا أَنه تحقق وُقُوع ذَلِك مِنْهَا بل ظهر لَهُ ذَلِك بقرائن فأرشده الشَّارِع إِلَى مفارقتها احْتِيَاطًا فَلَمَّا علم أَنه لَا يقدر على فراقها لمحبته لَهَا وَأَنه لَا يصبر على ذَلِك رخص لَهُ فِي إِثْبَاتهَا لِأَن محبته لَهَا مُحَققَة وَوُقُوع الْفَاحِشَة مِنْهَا متوهم استمتع بهَا أَي كن مَعهَا قدر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 مَا تقضي حَاجَتك ثمَّ لَا دلَالَة فِي الحَدِيث على جَوَاز نِكَاح الزَّانِيَة ابْتِدَاء ضَرُورَة أَن الْبَقَاء أسهل من الِابْتِدَاء على أَن الحَدِيث مُحْتَمل كَمَا تقدم وَقيل هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع ورد بِأَنَّهُ حسن صَحِيح وَرِجَال سَنَده رجال الصَّحِيحَيْنِ فَلَا يلْتَفت إِلَى قَول من حكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاظفر بِذَات الدّين أَي اطلبها حَتَّى تفوز بهَا وَتَكون محصلا بهَا غَايَة الْمَطْلُوب فَالْأَمْر بهَا نهى عَن ضدها والزانية من أَشد الأضداد فَيَنْبَغِي أَن يكون نِكَاحهَا مَكْرُوها بِهَذَا الحَدِيث قَوْله تسرهُ أَي الزَّوْج [3231] إِذا نظر أَي لحسنها ظَاهرا أَو لحسن أخلاقها بَاطِنا ودوام اشتغالها بِطَاعَة الله وَالتَّقوى فِي نَفسهَا بتمكين أحد من نَفسهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 قَوْله مَتَاع أَي مَحل للاستمتاع لَا مَطْلُوبَة بِالذَّاتِ فتؤخذ على قدر الْحَاجة قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 [3235] أَن يُؤْدم على بِنَاء الْمَفْعُول من أَدَم بِلَا مد أَو بِمد أَي يوفق ويؤلف بَيْنكُمَا فالنظر إِلَى الْأَجْنَبِيَّة لقصد النِّكَاح جَائِز قَوْله وأدخلت على بِنَاء الْمَفْعُول [3236] أَن تدخل نساءها أَي على أَزوَاجهنَّ ومرادها الرَّد على من كره التَّزْوِيج وَالدُّخُول فِي شَوَّال قَوْله الْخطْبَة فِي النِّكَاح بِكَسْر الْخَاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 قَوْله فانكحني من النِّكَاح فَقَالَ بِالْفَاءِ فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا قَالَ بِلَا فَاء وَهُوَ الظَّاهِر فَإِن هَذَا رُجُوع إِلَى أول الْقِصَّة والى مَا جرى قبل الْخطْبَة حَال الْعدة فالفاء لَا تناسبه وَالْمرَاد قَالَ قبل ذَلِك حَال بَقَاء الْعدة امْرَأَة عُتَيّة ضبط بِالْإِضَافَة وعتية بِعَين مُهْملَة مَضْمُومَة ومثناة فوقية مَفْتُوحَة وياء مُشَدّدَة وَالْأَقْرَب إِلَى الأذهان أَن يكون بالتوصيف وغنية بالغين الْمُعْجَمَة وَالنُّون الضيفان بِكَسْر الضَّاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 جمع ضيف قَوْله [3239] لَا تناجشوا النجش بِفَتْح فَسُكُون هُوَ أَن يمدح السّلْعَة ليروجها أَو يزِيد فِي الثّمن وَلَا يُرِيد شراءها ليغتر بذلك غَيره وَجِيء بالتفاعل لِأَن التُّجَّار يتعارضون فيفعل هَذَا بِصَاحِبِهِ على أَن يُكَافِئهُ بِمثل مَا فعل فنهوا عَن أَن يَفْعَلُوا مُعَارضَة فضلا عَن أَن يفعل بَدَأَ وَلَا يبع حَاضر جَاءَ على صِيغَة النَّهْي بِسُقُوط الْيَاء وعَلى صِيغَة النَّفْي بِإِثْبَات الْيَاء وَهُوَ بِمَعْنى النَّهْي فَلِذَا عطف على النَّهْي السَّابِق وَكَذَا مَا بعده أَي لَا يبع الْمُقِيم بالبلدة لباد لبدوي وَهُوَ أَن يَبِيع الْحَاضِر مَال البادي نفعا لَهُ بِأَن يكون دلالا وَذَلِكَ يتَضَمَّن الضَّرَر فِي حق الْحَاضِرين فَإِنَّهُ لَو ترك البادي لَكَانَ عَادَة بَاعه رخيصا على بيع أَخِيه قيل المُرَاد السّوم وَالنَّهْي للْمُشْتَرِي دون البَائِع لِأَن البَائِع لَا يكَاد يدْخل على البَائِع وَإِنَّمَا الْمَشْهُور زِيَادَة المُشْتَرِي على الْمُشْتَرى وَقيل يحْتَمل الْحمل على ظَاهره فَيمْنَع البَائِع أَن يَبِيع على بيع أَخِيه وَهُوَ أَن يعرض سلْعَته على المُشْتَرِي الراكن إِلَى شِرَاء سلْعَة غَيره وَهِي أرخص أَو أَجود ليزهده فِي شِرَاء سلْعَة الْغَيْر قَالَ عِيَاض وَهُوَ الأولى وَلَا يخْطب من الْخطْبَة بِكَسْر الْخَاء بِمَعْنى التمَاس النِّكَاح من حد نصر وَهُوَ يحْتَمل النَّفْي وَالنَّهْي وَقَالُوا هَذَا وَكَذَا مَا قبله إِذا تَرَاضيا وَلم يبْق بَينهمَا الا العقد وَلَا منع قبل ذَلِك وَالْجُمْهُور على عدم خُصُوص هَذَا الحكم بِالْمُسلمِ خلافًا للْأَذْرَعِيّ فَعِنْدَ الْجُمْهُور ذكر الْأَخ المنبئ عَن الْإِسْلَام خرج مخرج الْغَالِب فَلَا مَفْهُوم لَهُ عِنْد الْقَائِل بِهِ وَلَا تسْأَل المراة الصِّيغَة تحْتَمل النَّهْي وَالنَّفْي وَالْمعْنَى على النَّهْي قيل هُوَ نهي للمخطوبة عَن أَن تسْأَل الْخَاطِب طَلَاق الَّتِي فِي نِكَاحه وللمرأة من أَن تسْأَل طَلَاق الضرة أَيْضا وَالْمرَاد الْأُخْت فِي الدّين وَفِي التَّعْبِير باسم الْأُخْت تشنيع لفعلها وتأكيد للنَّهْي عَنهُ وتحريض لَهَا على تَركه وَكَذَا التَّعْبِير باسم الْأَخ فِيمَا سبق لتكتفيء افتعال من كفأ بِالْهَمْزَةِ أَي لتكب مَا فِي انائها من الْخَيْر وَهُوَ عِلّة للسؤال وَالْمرَاد أَنَّهَا لَا تسْأَل طَلاقهَا لتصرف بِهِ مَالهَا من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة من الزَّوْج عَنْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 قَوْله [3241] حَتَّى ينْكح أَي لينتظر حَتَّى ينْكح فيتركها أَو يَتْرُكهَا فيخطبها فَهَذِهِ لَيست غَايَة لقَوْله لَا يخْطب حَتَّى يُقَال يلْزم مِنْهَا جَوَاز الْخطْبَة إِذا نكح مَعَ أَنَّهَا لَا تجوز حِينَئِذٍ بل غَايَة للإنتظار الْمَفْهُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَعَن الْحَرْث عطف على قَوْله عَن الزُّهْرِيّ وَضمير انهما سَأَلَا لأبي سَلمَة وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 [3244] فِيهِ شَيْء كِنَايَة عَن رداءته وَكَانَ يَأْتِيهَا أَصْحَابه أَي كَانُوا يَجْتَمعُونَ فِي بَيتهَا لكرمها وجودهَا وعطائها عَلَيْهِم فَإِذا حللت أَي للأزواج بِالْخرُوجِ من الْعدة فآذنيني بِالْمدِّ من الايذان بِمَعْنى الاعلام أَي اخبريني بحالك فَإِنَّهُ غُلَام أَي من الأصاغر لَا من الأكابر لَا شَيْء لَهُ أَي فَقير صَاحب شَرّ أَي كثير الضَّرْب للنِّسَاء وَفِيه أَنه يجوز ذكر مثل هَذِه الْأَوْصَاف إِذا دعت الْحَاجة إِلَيْهِ وَأَنه يجوز الْخطْبَة على خطْبَة آخر قبل الركون على أَن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خطبهَا لأسامة قبل ذَلِك بالتعريض حَيْثُ قَالَ فَإِذا حللت فآذنيني وَالْمُصَنّف أَخذ مِنْهُ جَوَاز ذَلِك إِذا كَانَ مَأْذُونا من الْخَاطِب كالنبي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذْ مَعْلُوم رضَا الْكل بِمَا قضى فَهُوَ كالمأذون فِي ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فسخطته بِكَسْر الْخَاء أَي مَا رضيت بِهِ يَغْشَاهَا أَي يدْخلُونَ عَلَيْهَا [3245] تَضَعِينَ ثِيَابك أَي لَيْسَ هُنَاكَ من تَخَافِينَ نظره فَلَا يضع عَصَاهُ أَي كثير الضَّرْب للنِّسَاء كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة وَقيل كثير السّفر وَقيل كثير الْجِمَاع والعصا كِنَايَة عَن الْعُضْو وَهَذَا أبعد الْوُجُوه فصعلوك كعصفور أَي فَقير لَا مَال لَهُ صفة كاشفة واغتبطت بِهِ على بِنَاء الْفَاعِل من الِاغْتِبَاط من غبطه فاغتبط أَي كَانَت النِّسَاء تغبطني لوفور حظي مِنْهُ وَظَاهر الحَدِيث أَنه لَا نَفَقَة وَلَا سُكْنى للمطلقة ثَلَاثًا وَمن لَا يَقُول بِهِ يعْتَذر بقول عمر لَا نَدع كتاب الله وَسنة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بقول امْرَأَة لَا نَدْرِي أحفظت أم نسيت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 [3246] فَإِن فِي أعين الْأَنْصَار شَيْئا بِالْهَمْزِ وَاحِدُ الْأَشْيَاءِ قِيلَ الْمُرَادُ صِغَرٌ وَقِيلَ زرقة وَلَو جعل بالنُّون صَحَّ دراية لَا رِوَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 [3248] تأيمت حَفْصَة أَي صَارَت بِلَا زوج بعد موت خُنَيْس بِالتَّصْغِيرِ فتوفى على بِنَاء الْمَفْعُول فَلَبثت أَي مكثت ليَالِي منتظرا جَوَابه يومي المُرَاد بِهِ مُطلق الْوَقْت لَا مَا يُقَابل اللَّيْلَة فَلم يرجع بِفَتْح يَاء وَكسر جِيم أَي فَلم يرد إِلَى جَوَابا أوجد أغضب فَخَطَبَهَا أَي التمس نِكَاحهَا وجدت عَليّ أَي غضِبت عَليّ وَلم أكن لأفشي من الإفشاء أَي أظهر وَالْجَوَاب فِي مثل هَذَا قد يُفْضِي إِلَى ذَلِك فَتركت لذَلِك قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 [3250] مَا كَانَ أقل حياءها فِي الْقَامُوس أَقَله جعله قَلِيلا كقلله فَمَا استفهامية وَكَانَ زَائِدَة وَفِي أقل ضمير لما وحياءها بِالنّصب مفعول أقل أَي أَي شَيْء جعل حياءها قَلِيلا وَالْمَقْصُود التَّعَجُّب من قلَّة حيائها حَيْثُ عرضت نَفسهَا على الرجل قَوْله اذْكُرْهَا أَي من ذكرهَا أَي خطبهَا أَي اخطبها لاجلي وَالْتمس نِكَاحهَا لي يذكرك يخطبك أَستَأْمر أستخير [3251] إِلَى مَسْجِدِهَا أَيْ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَعَلَّهَا اسْتَخَارَتْ لِخَوْفِهَا مِنْ تَقْصِيرٍ فِي حَقه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكهَا بِغَيْرِ أَمْرٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بِهَذِهِ الْآيَة قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 [3252] أنكحني من السَّمَاء أَي أنزل مِنْهُ ذَلِك قَوْله [3253] كَمَا يعلمنَا السُّورَة أَي يعتني بشأن الاستخارة لعظم نَفعهَا وعمومه كَمَا يعتني بالسورة يَقُول بَيَان لقَوْله يعلمنَا الاستخارة إِذا هم أحدكُم بِالْأَمر أَي أَرَادَهُ كَمَا فِي رِوَايَة بن مَسْعُود وَالْأَمر يعم الْمُبَاح وَمَا يكون عبَادَة الا أَن الاستخارة فِي الْعِبَادَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى ايقاعها فِي وَقت معِين والا فَهِيَ خير وَيسْتَثْنى مَا يتَعَيَّن ايقاعه فِي وَقت معِين إِذْ لَا يتَصَوَّر فِيهِ التّرْك فليركع الْأَمر للنَّدْب من غير الْفَرِيضَة يَشْمَل السّنَن الرَّوَاتِب الا أَن يُرَاد الْفَرِيضَة مَعَ توابعها استخيرك أَي أسأَل مِنْك أَن ترشدني إِلَى الْخَيْر فِيمَا أُرِيد بِسَبَب أَنَّك عَالم وأستعينك أَي أطلب مِنْك العون على ذَلِك ان كَانَ خيرا وَرِوَايَة غَالب الْكتب وأستقدرك بقدرتك وَالظَّاهِر أَن أَحدهمَا نقل بِالْمَعْنَى وَالْأَقْرَب أَن رِوَايَة الْكتاب هِيَ النَّقْل بِالْمَعْنَى لشهرة رِوَايَة الْكتب الْأُخَر وَأَسْأَلك أَي أسَال ذَلِك لأجل فضلك الْعَظِيم لَا لاستحقاقي بذلك وَلَا لوُجُوب عَلَيْك إِن كنت تعلم الترديد فِيهِ رَاجع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 إِلَى عدم علم العَبْد بمتعلق علمه تَعَالَى إِذْ يَسْتَحِيل أَن يكون خيرا وَلَا يُعلمهُ الْعَلِيم الْخَبِير وَهَذَا ظَاهر فاقدره لي بِضَم الدَّال أَو كسرهَا أَي اجْعَلْهُ مَقْدُورًا لي أَو قدره لي أَي يسره فَهُوَ مجَاز عَن التَّيْسِير فَلَا يُنَافِي كَون التَّقْدِير أزليا شَرّ لي فِي ديني ومعاشي يَنْبَغِي أَن يَجْعَل الْوَاو هَا هُنَا بِمَعْنى أَو بِخِلَاف قَوْله خير لي فِي كَذَا وَكَذَا فَإِن هُنَاكَ على بَابهَا لِأَن الْمَطْلُوب حِين تيسره أَن يكون خيرا من جَمِيع الْوُجُوه وَأما حِين الصّرْف فَيَكْفِي أَن يكون شرا من بعض الْوُجُوه ثمَّ رضني بِهِ أَي اجْعَلنِي رَاضِيا بذلك وَيُسمى حَاجته أَي عِنْد قَوْله ان هَذَا الْأَمر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله غَيْرِي بِأَلف مَقْصُورَة أَي ذَات غيرَة أَي فَلَا يُمكن لي الِاجْتِمَاع مَعَ سَائِر الزَّوْجَات مصبية بِضَم مِيم من أصبت الْمَرْأَة أَي ذَات صبيان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 [3254] وَلَيْسَ أحد من أوليائي شَاهد الظَّاهِر أَنه بِالنّصب خبر لَيْسَ وَلَا عِبْرَة بِخَطِّهِ بِلَا ألف وَالْمرَاد أَن النِّكَاح يحْتَاج إِلَى مشورة الْأَوْلِيَاء فَكيف يتم بِدُونِ حضورهم فَيذْهب غيرتك من الاذهاب فستكفين صبيانك من الْكِفَايَة على بِنَاء الْمَفْعُول وصبيانك بِالنّصب على أَنه مفعول ثَان كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فَسَيَكْفِيكَهُم أَي فسيكفيك الله تَعَالَى مُؤنَة صبيانك شَاهد وَلَا غَائِب هُوَ هَا هُنَا بِالرَّفْع على الوصفية وَخبر لَيْسَ يكره قُم فزوج قيل كَانَ صَغِيرا فالولي حَقِيقَة هُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 [3259] قد بدا لي أَي ظهر لي أَي هُوَ أَن لَا أَتزوّج فِي هَذِه اللَّيْلَة فاليوم بِمَعْنى الْوَقْت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 قَوْله الأيم بِفَتْح فتشديد تحتية مَكْسُورَة فِي الأَصْل من لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالْمرَاد هَا هُنَا الثّيّب لرِوَايَة الثّيّب ولمقابلته بالبكر وَقيل وَهُوَ الْأَكْثَر اسْتِعْمَالا أَحَق هُوَ يَقْتَضِي الْمُشَاركَة فَيُفِيد أَن لَهَا حَقًا فِي نِكَاحهَا ولوليها حَقًا وحقها أَو كد من حَقه فَإِنَّهَا لَا تجبر لاجل الْوَلِيّ وَهُوَ يجْبر لأَجلهَا فان أبي زَوجهَا القَاضِي فَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث حَدِيث لَا نِكَاح الا بولِي صماتها بِضَم الصَّاد السُّكُوت قَوْله واليتيمة يدل على جَوَاز نِكَاح الْيَتِيمَة بالاستئذان قبل الْبلُوغ وَمن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 لَا يجوز ذَلِك يحمل الْيَتِيمَة على الْبَالِغَة وتسميتها يتيمة بِاعْتِبَار مَا كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يستأمرها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 أمرهَا من لَا يرى ذَلِك لَازِما يَقُول أَنه لتطييب خاطرها أحب وَأولى قَوْله [3266] فِي أبضاعهن أَي أَنْفسهنَّ أَو فروجهن قَوْله [3268] بنت خذام بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وذال مُعْجمَة قَوْله وَهِي ثيب ظَاهره أَنه لَا إِجْبَار على الثّيّب وَلَو صَغِيرَة لِأَن ذكر هذاالوصف يشْعر بِأَنَّهُ مدَار الرَّد وَمن لَا يرى أَن الْمُؤثر فِي عدم الاخبار الْبلُوغ يرى أَن هَذِه حِكَايَة حَال لَا عُمُوم لَهَا فَيحْتَمل أَن تكون بَالِغَة فَصَارَ حق الْفَسْخ سَبَب ذَلِك الا أَنه اشْتبهَ على الرَّاوِي فَزعم أَنه الْحق لكَونهَا ثَيِّبًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 [3269] ليرْفَع بِي أَي ليزيل عَنهُ بانكاحي إِيَّاه خسيسته دناءة أَي أَنه خسيس فَأَرَادَ أَن يَجعله بِي عَزِيزًا والخسيس الدنيء والخسة والخساسة الْحَالة الَّتِي يكون عَلَيْهَا الخسيس يُقَال رفع خسيسته إِذا فعل بِهِ فعلا يكون فِيهِ رفعته فَجعل الْأَمر إِلَيْهَا يُفِيد أَن النِّكَاح مُنْعَقد الا ان نفاذه إِلَى أمرهَا أللنساء بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَلَام الْجَرّ قَوْله [3270] وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا أَيْ لَا سَبِيل عَلَيْهَا أَولا ولَايَة عَلَيْهَا وَهَذَا يدل على أَنه لَيْسَ على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 الصَّغِير ولَايَة الاجبار لغير الْأَب وَعند الشَّافِعِي لَا فَائِدَة لأمرها فَلذَلِك حمل بَعضهم الْيَتِيمَة على الْبَالِغَة كَمَا تقدم قَوْله [3275] لَا ينْكح من النِّكَاح وَالثَّانِي من الانكاح وَلَا يخْطب كينصر من الْخطْبَة وَقد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 تقدم الْكَلَام على الْحَدِيثين فِي بَاب الْحَج قَوْله [3277] وَالتَّشَهُّد فِي الْحَاجة الظَّاهِر عُمُوم الْحَاجة للنِّكَاح وَغَيره وَيُؤَيِّدهُ بعض الرِّوَايَات فَيَنْبَغِي أَن يَأْتِي الْإِنْسَان بِهَذَا يَسْتَعِين بِهِ على قَضَائهَا وتمامها وَلذَلِك قَالَ الشَّافِعِي الْخطْبَة سنة فِي أول الْعُقُود كلهَا مثل البيع وَالنِّكَاح وَغَيرهمَا وَالْحَاجة إِشَارَة إِلَيْهَا وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِالْحَاجةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 النِّكَاح إِذْ هُوَ الَّذِي تعارف فِيهِ الْخطْبَة دون سَائِر الْحَاجَات قَوْله فقد رشد بِفَتْح الشين هُوَ الْمَشْهُور الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى لَعَلَّهُم يرشدون إِذْ الْمُضَارع بِالضَّمِّ لَا يكون للماضي بِالْكَسْرِ وَلذَلِك لما قَرَأَ شهَاب الدّين الْموصِلِي فِي مجْلِس الْحَافِظ الْمزي رشد بِالْكَسْرِ رد عَلَيْهِ الشَّيْخ بقوله تَعَالَى لَعَلَّهُم يرشدون أَو بِالْكَسْرِ ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله تَعَالَى فَأُولَئِك تحروا رشدا بِفتْحَتَيْنِ فَإِن فعلا بِفتْحَتَيْنِ مصدر فعل بِكَسْر الْعين كفرح فَرحا وَسخط سخطا وَلذَلِك رد الشَّيْخ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى فَأُولَئِك تحروا رشدا وَأَنت لَو تَأَمَّلت وجدت بِكَلَام الْمزي الْموصِلِي موقعا عَظِيما وَدلَالَة باهرة على فطانتهما وَالله تَعَالَى أعلم غوى بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا وَصوب عِيَاض الْفَتْح [3279] بئس الْخَطِيب أَنْت قَالُوا أنكر عَلَيْهِ التَّشْرِيك فِي الضَّمِير الْمُقْتَضِي لتوهم التَّسْوِيَة ورد بِأَنَّهُ ورد مثله فِي كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَالْوَجْه أَن التَّشْرِيك فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 الضَّمِير يخل بالتعظيم الْوَاجِب ويوهم التَّشْرِيك بِالنّظرِ إِلَى بعض الْمُتَكَلِّمين وَبَعض السامعين فيختلف حكمه بِالنّظرِ إِلَى الْمُتَكَلِّمين والسامعين وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 قَوْله [3280] قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ قد جَاءَ فِي هَذَا اللَّفْظ رِوَايَات لَكِن لما كَانَ هَذَا اللَّفْظ أنسب بالْمقَام أَشَارَ المُصَنّف بإيراده فِي هَذِه التَّرْجَمَة إِلَى أَنه الأَصْل وَبَاقِي الْأَلْفَاظ رِوَايَات بِالْمَعْنَى وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 [3281] ان أَحَق الشُّرُوط الخ خبر ان مَا استحللتم وان يُوفى بِهِ مُتَعَلق بِأَحَق أَي أليق الشُّرُوط بالايفاء شُرُوط النِّكَاح وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ كل مَا شَرطه الزَّوْج ترغيبا للْمَرْأَة فِي النِّكَاح مَا لم يكن مَحْظُورًا وَمن لَا يَقُول بِالْعُمُومِ يحملهُ على الْمهْر فَإِنَّهُ مَشْرُوط شرعا فِي مُقَابلَة الْبضْع أَو على جَمِيع مَا تستحقه الْمَرْأَة بِمُقْتَضى الزواج من الْمهْر وَالنَّفقَة وَحسن المعاشرة فَإِنَّهَا كَأَنَّهَا التزمها الزَّوْج بِالْعقدِ قَوْله [3283] جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة بِكَسْر الرَّاء فَأَبت أَي طَلقنِي ثَلَاثًا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمُوَحدَة بِلَا خلاف كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي كتاب الطَّلَاق فِي حَاشِيَة الْكتاب وَكَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ والمضبوط فِي بعض النّسخ المصححة مَعَ عَلامَة التَّصْحِيح لَكِن قَالَ السُّيُوطِيّ هَا هُنَا بِفَتْح الزَّاي وَفتح الْمُوَحدَة وَلَعَلَّه سَهْو وَالله تَعَالَى أعلم الا مثل هدبة الثَّوْب هُوَ بِضَم هَاء وَسُكُون دَال طرفه الَّذِي لم ينسج تُرِيدُ أَن الَّذِي مَعَه رخو أَو صَغِير كطرف الثَّوْب لَا يُغني عَنْهَا وَالْمرَاد أَنه لَا يقدر على الْجِمَاع لَا أَي لَا رُجُوع لَك إِلَى رِفَاعَة عُسَيْلَتك تَصْغِير الْعَسَل وَالتَّاء لَان الْعَسَل يذكر وَيُؤَنث وَقيل على إِرَادَة اللَّذَّة وَالْمرَاد لَذَّة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 الْجِمَاع لَا لَذَّة إِنْزَال المَاء فَإِن التصغير يَقْتَضِي الِاكْتِفَاء بالتقليل فيكتفي بلذة الْجِمَاع وَلَيْسَ المُرَاد بقوله تَذُوقِي عُسَيْلَته عبد الرَّحْمَن بن الزبير بِخُصُوصِهِ بل زوج آخر غير رِفَاعَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 قَوْله [3284] لست لَك بمخلية اسْم فَاعل من الاخلاء أَي لست بمنفردة بك وَلَا خَالِيَة من ضرَّة درة بِضَم دَال مُهْملَة وَتَشْديد رَاء ثُوَيْبَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءِ التَّصْغِيرِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَوْلَاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ فَلَا تعرضن من الْعرض قَوْله [3285] وَأحب من شركتني بِكَسْر الرَّاء قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 [3288] لَا يجمع على بِنَاء الْمَفْعُول نهى أَو نفي بِمَعْنَاهُ وَيحْتَمل بِنَاء الْفَاعِل على الْوَجْهَيْنِ على أَن الضَّمِير لأحد أَو ناكح وَالْمرَاد أَنه لَا يجمع فِي النِّكَاح بِعقد وَاحِد أَو عقدين أَو فِي الْجِمَاع بِملك الْيَمين قَوْله [3290] أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا بِأَن كَانَت الْعمة سَابِقَة فَإِن اللاحقة هِيَ الْمَنْكُوحَة على السَّابِقَة وَفِي الرِّوَايَة اخْتِصَار أَي وَكَذَا الْعَكْس قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 [3291] عَن أَربع نسْوَة أَي عَن الْجمع بَين اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ على الْوَجْه الَّذِي سَيَجِيءُ وَقَوله يجمع بَينهُنَّ الْأَقْرَب أَنه بِتَقْدِير أَن يجمع بَينهُنَّ أَي بَين ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ بدل عَن أَربع نسْوَة وَيحْتَمل أَنه صفة نسْوَة بِمَعْنى أَنه يُمكن الْجمع بَينهُنَّ لَوْلَا النَّهْي فَنهى عَن الْجمع بَينهُنَّ لذَلِك أَي أَربع نسْوَة يجْتَمع فِي الْوُجُود عَادَة فَيمكن لذَلِك الْجمع لَوْلَا النَّهْي فَنهى حَتَّى لَا يجمع بَينهُنَّ أحد فَهُوَ نهي مُقَيّد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 [3300] مَا حرمته الْولادَة بِكَسْر الْوَاو حُرْمَة الرَّضَاع بِكَسْر الرَّاء وَفتحهَا أَي يصير الرَّضِيع ولدا للمرضعة بِالرّضَاعِ فَيحرم عَلَيْهِ مَا يحرم على وَلَدهَا وَفِي الْمَسْأَلَة بسط مَوْضِعه كتب الْفِقْه قَوْله فَحَجَبَتْهُ أَي مَا أَذِنت لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهَا بِلَا حجاب قَوْله تنوق هُوَ بتاء مثناة فَوق مَفْتُوحَة ثمَّ نون مَفْتُوحَة ثمَّ وَاو مُشَدّدَة ثمَّ قَاف أَي تخْتَار وتبالغ فِي الِاخْتِيَار قَالَ القَاضِي وَضَبطه بَعضهم بتاءين الثَّانِيَة مَضْمُومَة أَي تميل وَقَوله [3304] فِي قُرَيْش أَي غير بني هَاشم وَتَدعنَا بني هَاشم أَي تنْكح النِّسَاء من غير بني هَاشم وعندك أحد صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْوَاحد وَالْكثير وَمِنْه قَوْله تَعَالَى يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء ان اتقيتن قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 [3306] أُرِيد على بنت حَمْزَة أَي أرادوه لأَجلهَا قَوْله [3307] بِخمْس مَعْلُومَات وصفهَا بذلك للِاحْتِرَاز عَمَّا شكّ فِي وُصُوله إِلَى الْجوف وَهِي مِمَّا يقْرَأ ظَاهره يُوجب القَوْل بتغيير الْقُرْآن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 فَلَا بُد من تَأْوِيله فَقيل ان الْخمس أَيْضا مَنْسُوخَة تِلَاوَة الا أَن نسخهَا كَانَ فِي قرب وَفَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلم يبلغ بعض النَّاس فَكَانُوا يقرؤنه حِين توفّي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تركُوا تِلَاوَته حِين بَلغهُمْ النّسخ فَالْحَاصِل أَن كلا من الْعشْر وَالْخمس مَنْسُوخ تِلَاوَة بَقِي الْخلاف فِي بَقَاء الْخمس حكما وَالْجُمْهُور على عَدمه إِذْ لَا اسْتِدْلَال بالمنسوخ تِلَاوَة لِأَنَّهُ لَيْسَ بقرآن بعد النّسخ وَلَا هُوَ سنة وَلَا إِجْمَاع وَلَا قِيَاس وَلَا اسْتِدْلَال بِمَا وَرَاء الْمَذْكُورَات فَلَا يصلح للاستدلال مُطلقًا فَلَا عِبْرَة بِهِ فِي مُقَابلَة إِطْلَاق النَّص وَيَكْفِي لِلْجُمْهُورِ أَن يَقُولُوا لَا يتْرك إِطْلَاق النَّص الا بِدَلِيل وَلَا نسلم أَن الْمَنْسُوخ تِلَاوَة دَلِيل فَلَا بُد لمن يدعى خلاف الْإِطْلَاق اثبات أَنه دَلِيل ودونه خرط القتاد وَلَا يخفى أَن الْمَنْسُوخ تِلَاوَة لَو كَانَ دَلِيلا لوَجَبَ نَقله وَلم يقل أحد بذلك وَأما فِيمَا بَقِي فِيهِ الحكم بعد النّسخ فَإِن ثَبت فبقاء الحكم فِيهِ بِدَلِيل آخر لَا أَن الْمَنْسُوخ دَلِيل فَافْهَم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3308] لَا تحرم الا ملاجة بِكَسْر الْهمزَة للمرة من أملجته أمه أَرْضَعَتْه وَالْمرَاد لَا تحرم المصة والمصتان كَمَا سَيَجِيءُ وَتَخْصِيص المصة والمصتين يجوز أَن يكون لموافقة السُّؤَال كَمَا يَقْتَضِيهِ رِوَايَات الحَدِيث فَلَا يدل على أَن الثَّلَاث مُحرمَة عِنْد الْقَائِل بِالْمَفْهُومِ ثمَّ هَذَا الحَدِيث يجوز أَن يكون حِين كَانَ الْمحرم الْعشْر أَو الْخمس فَلَا يُنَافِي كَون الحكم بعد النّسخ هُوَ الْإِطْلَاق الْمُوَافق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 لظَاهِر الْقُرْآن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْخَطفَة أَي الرضعة القليلة يَأْخُذهَا الصَّبِي من الثدي بِسُرْعَة قَوْله [3312] فَإِن الرضَاعَة من المجاعة أَي الرضَاعَة الْمُحرمَة فِي الصغر حِين يسد اللَّبن الْجُوع فَإِن الْكَبِير لَا يشبعه الا الْخبز وَهُوَ عِلّة لوُجُوب النّظر والتأمل وَقَالَ يُرِيد أَن المصة والمصتين لَا تسد الْجُوع فَلَا تثبت بذلك الْحُرْمَة والمجاعة مفعلة من الْجُوع قلت فَإِن كَانَ كِنَايَة عَن كَون الرضَاعَة الْمُحرمَة لَا تثبت بالمصة والمصتين فَلَا مُخَالفَة بَينه وَبَين مَا كَانَ عَلَيْهِ عَائِشَة من ثُبُوت الرضَاعَة فِي الْكَبِير وان كَانَ كِنَايَة عَن كَون الرضَاعَة الْمُحرمَة لَا تثبت فِي الْكَبِير فَلَا بُد من القَوْل بِأَن عَائِشَة كَانَت عَالِمَة بالتاريخ فرأت أَن هَذَا الحَدِيث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 مَنْسُوخ بِحَدِيث سهلة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله إِنَّمَا أرضعتني الْمَرْأَة أَي امْرَأَة أَخِيه لَا أَخُوهُ كَأَنَّهَا زعمت أَن أَحْكَام الرَّضَاع تثبت بَين الرَّضِيع والمرضع قَوْله [3317] تربت يَمِينك إِظْهَار لكَرَاهَة ذكر هَذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 الْكَلَام فَإِنَّهُ مَعْلُوم أَن المراة هِيَ الْمُرضعَة لَا الرجل قَوْله إِنِّي لأرى فِي وَجه أبي حُذَيْفَة أَي الْكَرَاهَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 [3320] من دُخُول سَالم أَي لأجل دُخُوله عَليّ وَأَبُو حُذَيْفَة زوج سهلة وَقد تبنى سالما كَانَ التبني غير مَمْنُوع فَكَانَ يسكن مَعَهم فِي بَيت وَاحِد فحين نزل قَوْله تَعَالَى ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ وَحرم التبني كره أَبُو حُذَيْفَة دُخُول سَالم مَعَ اتِّحَاد الْمسكن وَفِي تعدد الْمسكن كَانَ عَلَيْهِم تَعب فَجَاءَت سهلة لذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه أَي سالما قَوْله فَكَانَت أَي الحكم الْمَذْكُور والتأنيث للْخَبَر وَالْمرَاد بِهِ حل ارضاع الْكَبِير وَثُبُوت الْحُرْمَة بِهِ رخصَة لسالم لضَرُورَة لَا تتَنَاوَل غَيره قَوْله [3322] تحرمي عَلَيْهِ أَي تصيري حَرَامًا عَلَيْهِ بذلك اللَّبن فَيذْهب بِسَبَبِهِ الْغيرَة وَلَا تهابه نفي بِمَعْنى النَّهْي أَي لَا تخافه فَإِنَّهُ صدق قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 [3324] سَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي سوى عَائِشَة فَإِنَّهَا كَانَت تزْعم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 عُمُوم ذَلِك لكل أحد وَالْجُمْهُور على الْخُصُوص وَلَو كَانَ الْأَمر إِلَيْنَا لقلنا بِثُبُوت ذَلِك الحكم فِي الْكَبِير عِنْد الضَّرُورَة كَمَا فِي المورد وَأما القَوْل بالثبوت مُطلقًا كَمَا تَقول عَائِشَة فبعيد وَدَعوى الْخُصُوص لَا بُد من إِثْبَاتهَا قَوْله أنهى عَن الغيلة بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتحهَا وَقيل الْكسر لَا غير هُوَ ان يُجَامع الرجل زَوجته وَهِي مرضع وَأَرَادَ النَّهْي عَن ذَلِك لما اشْتهر أَنَّهَا تضر بِالْوَلَدِ ثمَّ رَجَعَ حِين تحقق عِنْده عدم الضَّرَر فِي بعض النَّاس وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه فوض إِلَيْهِ فِي بعض الْأُمُور ضوابط فَكَانَ ينظر فِي الجزئيات واندراجها فِي الضوابط ليحكم عَلَيْهَا بِأَحْكَام الضوابط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ذكر ذَلِك أَي عزل المَاء وَهُوَ الْإِنْزَال خَارج الْفرج الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 [3327] لَا عَلَيْكُم أَي مَا عَلَيْكُم ضَرَر فِي التّرْك فَأَشَارَ إِلَى أَن ترك الْعَزْل أحسن فَإِنَّمَا هُوَ أَي الْمُؤثر فِي وجود الْوَلَد وَعَدَمه الْقدر لَا الْعَزْل فَأَي حَاجَة إِلَيْهِ قَوْله [3328] إِن مَا قدر فِي الرَّحِم سَيكون مَا مَوْصُولَة اسْم ان لَا كَافَّة وسيكون خَبَرهَا أَي ان الَّذِي قدر أَن يكون فِي الرَّحِم سَيكون قَوْله مَا يذهب عني مذمة الرَّضَاع بِكَسْر الذَّال وَفتحهَا بِمَعْنى ذمام الرَّضَاع بِكَسْر الذَّال وَفتحهَا وَحقه أَي أَنَّهَا قد خدمتك وَأَنت طِفْل فكافئها بخادم يكفيها المهنة قَضَاء لحقها ليَكُون الْجَزَاء من جنس الْعَمَل وَقيل بِالْكَسْرِ من الذِّمَّة والذمام وبالفتح من الذَّم فههنا يجب الْكسر وَقيل بل بِالْفَتْح وَالْكَسْر هُوَ الْحق وَالْحُرْمَة الَّتِي يذم مضيعها وَبِالْجُمْلَةِ فالسؤال عَمَّا كَانَ الْعَرَب يعتادونه ويستحسنونه عِنْد فصَال الصَّبِي من إِعْطَاء الظير شَيْئا سوى الْأُجْرَة غرَّة بِضَم مُعْجمَة وَتَشْديد مُهْملَة هُوَ الْمَمْلُوك قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 [3330] فَأَعْرض عني تَنْبِيها على أَنه لَا يَلِيق بالعاقل فِي مثل هَذَا الا ترك الزَّوْجَة لَا السُّؤَال ليتوسل بِهِ إِلَى ابقائها عِنْده وَكَيف بهَا أَي كَيفَ يزْعم الْكَذِب بهَا أَو يجْزم بِهِ وَقد زعمت أَنَّهَا قد أرضعتكما وَهُوَ أَمر مُمكن وَلَا يعلم عَادَة الا من قبلهَا فَكيف تكذب فِيهِ دعها أَي الْمَرْأَة وَقد أَخذ بِظَاهِرِهِ أَحْمد وَالْجُمْهُور على أَنه أرشده إِلَى الْأَحْوَط وَالْأولَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَمَعَهُ الرَّايَة الدَّالَّة على الْإِمَارَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 [3332] نكح امْرَأَة أَبِيه على قَوَاعِد أهل الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُم كَانُوا يَتَزَوَّجُونَ بِأَزْوَاج آبَائِهِم ويعدون ذَلِك من بَاب الْإِرْث وَلذَلِك ذكر الله تَعَالَى النَّهْي من ذَلِك بِخُصُوصِهِ بقوله وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم مُبَالغَة فِي الزّجر عَن ذَلِك فالرجل سلك مسلكهم فِي عد ذَلِك حَلَالا فَصَارَ مُرْتَدا فَقتل لذَلِك وَهَذَا تَأْوِيل الحَدِيث عِنْد من لَا يَقُول بِظَاهِرِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَأخذ مَاله ظَاهره من قتل مُرْتَدا فَمَا لَهُ فَيْء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3333] من غشيانهن أَي جماعهن لأجل الْأزْوَاج أَي هَذَا لكم حَلَال أَي هَذَا النَّوْع وَهُوَ مَا ملكه الْيَمين بِالسَّبْيِ لَا بِالشِّرَاءِ كَمَا هُوَ المورد وَالْأَصْل وان كَانَ عُمُوم اللَّفْظ لَا خُصُوص السَّبَب لَكِن قد يخص بِالسَّبَبِ إِذا كَانَ هُنَاكَ مَانع من الْعُمُوم كَمَا هَا هُنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 [3334] نهى عَن الشّغَار بِكَسْر الشين والغين الْمُعْجَمَة وَسَيَجِيءُ تَفْسِيره قَوْله لَا جلب وَلَا جنب بِفتْحَتَيْنِ وكل مِنْهُمَا يكون فِي الزَّكَاة والسباق أما الجلب فِي الزَّكَاة فَهُوَ أَن ينزل الْمُصدق مَوْضِعًا ثُمَّ يُرْسِلَ مَنْ يَجْلِبُ إِلَيْهِ الْأَمْوَالَ مِنْ أَمَاكِنِهَا لِيَأْخُذَ صَدَقَتَهَا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأمر بِأخذ صَدَقَاتهمْ على مِيَاههمْ وأماكنهم وَالْجنب فِي الزَّكَاة هُوَ أَنْ يَنْزِلَ الْعَامِلُ بِأَقْصَى مَوَاضِعِ أَصْحَابِ الصَّدَقَةِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْأَمْوَالِ أَنْ تُجْنَبَ إِلَيْهِ أَيْ تحضر وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُجَنِّبَ رَبُّ الْمَالِ بِمَالِهِ أَي يبعده من مَوْضِعِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ الْعَامِلُ إِلَى الْإِبْعَادِ فِي طلبه وَأما الجلب فِي السباق هُوَ ان يتبع الْفَارِس رجلا فرسه ليزجره وَيَجْلِبَ عَلَيْهِ وَيَصِيحَ حَثًّا لَهُ عَلَى الْجَرْيِ فَنهى عَنهُ وَالْجنب فِي السِّباقِ أَنْ يُجَنِّبَ فَرَسًا إِلَى فَرَسِهِ الَّذِي سَابق عَلَيْهِ فَإِذا فتر المركوب يتَحَوَّل إِلَى المجنوب [3335] وَلَا شغار يدل على أَن النَّهْي عَنهُ مَحْمُول على عدم المشروعية وَعَلِيهِ اتِّفَاق الْفُقَهَاء وَمن انتهب أَي سلب واختلس وَأخذ فهرا نهبه بِالضَّمِّ أَي لَا لمُسلم وَالنهبَة بِالضَّمِّ هُوَ المَال المنهوب وبالفتح مصدر وَيُمكن الْفَتْح هَا هُنَا على أَنه مصدر للتَّأْكِيد وَالْمَفْعُول مَحْذُوف بِقَرِينَة الْمقَام أَي لَا لمُسلم لَيْسَ منا أَي من أهل طريقتنا وسنتنا أَو مؤذننا وَالظَّاهِر أَنه لَيْسَ من الْمُؤمنِينَ أصلا وَإِجْمَاع أهل السّنة على خِلَافه فَلَا بُد من التَّأْوِيل بِنَحْوِ مَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 [3337] وَلَيْسَ بَينهمَا صدَاق أَي بل يَجْعَل كل مِنْهُمَا بنته صدَاق زَوجته وَالنَّهْي عَنهُ مَحْمُول على عدم المشروعية بالِاتِّفَاقِ كَمَا تقدم نعم عِنْد الْجُمْهُور لَا ينْعَقد أصلا وَعِنْدنَا لَا يبْقى شغارا بل يلْزم فِيهِ مهر الْمثل وَبِه يخرج عَن كَونه شغارا لَا أَنه مَأْخُوذ فِيهِ عدم الصَدَاق وَالظَّاهِر أَن عدم مَشْرُوعِيَّة الشّغَار يُفِيد بُطْلَانه وَأَنه لَا ينْعَقد لَا أَنه ينْعَقد نِكَاحا آخر فَقَوْل الْجُمْهُور أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 [3339] فَصَعدَ النّظر بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ وَصَوَّبَ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَي خفض فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَظَرَ إِلَى أَعْلَاهَا وَأَسْفَلِهَا يَتَأَمَّلهَا وَفعل ذَلِك بعد أَن وهبت نَفسهَا لَهُ لم يقْض فِيهَا شَيْئا من قبُول وَاخْتِيَار أَو رد صَرِيح لترجع إِن لم تكن الخ من حسن أدبه وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاء جملَة قَالَ سهل مَاله رِدَاء مُعْتَرضَة فِي الْبَين لبَيَان أَنه مَا كَانَ عِنْده الا ازار وَاحِد وَمَا كَانَ عِنْده رِدَاء وَلذَلِك رد عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِمَا رد وَقَوله فلهَا نصفه مُتَعَلق بقوله هَذَا ازاري موليا من ولى ظَهره بِالتَّشْدِيدِ أَي أدبر قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 [3340] فَكَانَ صدَاق مَا بَينهمَا الْإِسْلَام الصَدَاق بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْمهْر وَالْكَسْر أفْصح وَالْمعْنَى صدَاق الزَّوْج الَّذِي بَينهمَا الْإِسْلَام أَي إِسْلَام أبي طَلْحَة وتأويله عِنْد من لَا يَقُول بِظَاهِرِهِ أَن الْإِسْلَام صَار سَببا لاستحقاقه لَهَا كالمهر لَا أَنه الْمهْر حَقِيقَة وَمن جوز أَن الْمَنْفَعَة الدِّينِيَّة تكون مهْرا لَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل وَلَا يخفى أَن الرِّوَايَة الْآتِيَة ترد التَّأْوِيل الْمَذْكُور وَقد يؤول بِأَنَّهَا اكتفت عَن الْمُعَجل بِالْإِسْلَامِ وَجعلت الْكل مُؤَجّلا بِسَبَبِهِ فَلْيتَأَمَّل فَكَانَ أَي الْإِسْلَام قَوْله وَلَا أَسأَلك غَيره أَي معجلا فَصَارَ الْإِسْلَام بِمَنْزِلَة الْمُعَجل وَبَقِي الْمُؤَجل دينا على الذِّمَّة وَلَا يخفي بعد التَّأْوِيل قَوْله وَجعله أَي عتقهَا صَدَاقهَا قيل يجوز الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 ذَلِك لكل من يُرِيد أَن يفعل كَذَلِك وَقيل بل هُوَ مَخْصُوص بِهِ إِذْ يجوز لَهُ النِّكَاح بِلَا مهر وَلَيْسَ لغيره ذَلِك سَوَاء قُلْنَا مَعْنَاهُ أَنه أعْتقهَا فِي مُقَابلَة العقد أَو أَنه أعْتقهَا من غير شَرط ثمَّ تزَوجهَا بِلَا مهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يُؤْتونَ أُجُورهم مرَّتَيْنِ أَي فِي كل عمل أَو فِي الْأَعْمَال الَّتِي عملوها فِي هَذِه الْأَحْوَال [3344] ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا أَي فتزوجه زِيَادَة فِي الْإِحْسَان إِلَيْهَا فَيسْتَحق بِهِ مضاعفة الْأجر وَلَيْسَ هُوَ من بَاب الْعود إِلَى صدقته حَتَّى ينْتَقض بِهِ الْأجر قَوْله عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ خِفْتُمْ الخ إِذْ لَيْسَ نِكَاح مَا طَابَ سَببا للعدل فِي الظَّاهِر حَتَّى يُؤمن بِهِ من يخَاف عَدمه بل قد يكون النِّكَاح سَببا للجور للْحَاجة إِلَى الْأَمْوَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 [3346] بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا أَي يعدل فِيهِ فَيبلغ بِهِ سنة مهر مثلهَا فيعطيها تَفْسِير الْقسْط وَفِيه دلَالَة على النَّهْي عَن تزوج امْرَأَة يخَاف فِي شَأْنهَا الْجور مُنْفَرِدَة أَو مجتمعة مَعَ غَيرهَا قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 [3347] عَن ذَلِك أَي عَن الْمهْر فعل أَي تزوج الْأزْوَاج أَو زوج الْبَنَات أُوقِيَّة بِضَم همزَة فَسُكُون وَاو فتشديد يَاء بعد الْقَاف الْمَكْسُورَة هِيَ أَرْبَعُونَ درهما ونش بِفَتْح نون وَتَشْديد شين مُعْجمَة اسْم لعشرين درهما أَو هُوَ بِمَعْنى النّصْف من كل شَيْء قَوْله [3348] كَانَ الصَدَاق أَي صدَاق غَالب النَّاس قَوْله أَلا لَا تغلو صدَاق النِّسَاء هُوَ من الغلو وَهُوَ مُجَاوزَة الْحَد فِي كل شَيْء يُقَال غاليت فِي الشَّيْء وبالشيء وغلوت فِيهِ غلوا إِذا جَاوَزت فِيهِ الْحَد وَصدق النِّسَاء بِضَمَّتَيْنِ مهورهن ونصبه بِنَزْع الْخَافِض أَي لَا تبالغوا فِي كَثْرَة الصَدَاق وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات بِصدق النِّسَاء أَو فِي صدق النِّسَاء بِظُهُور الْخَافِض وَلَيْسَ من الغلاء ضد الرخَاء كَمَا يُوهِمهُ كَلَام بَعضهم فَجعله مضارعا من أغْلى وَالله تَعَالَى أعلم مكرمَة بِفَتْح مِيم وَضم رَاء بِمَعْنى الْكَرَامَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 [3349] مَا أصدق من أصدق الْمَرْأَة إِذا سمى لَهَا صَدَاقا أَو اعطاها وَلَا أصدقت على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمعْنَى أَنه إِذا كَانَ يتَوَلَّى تَقْرِير الصَدَاق فَلَا يزِيد على هَذَا الْقدر فَلَا يرد زِيَادَة مهر أم حَبِيبَة لِأَن ذَلِك قد قَرَّرَهُ النَّجَاشِيّ وَأَعْطَاهُ من عِنْده فَكَأَنَّهُ ترك الشَّيْء لكَونه كسرا وان الرجل ليغالي كَذَا فِي بعض النّسخ وَهُوَ من غاليت وَفِي بَعْضهَا ليغلى وَالْوَجْه ليغلو لكَونه من الغلو كَمَا تقدم بِصَدقَة بِفَتْح فضم حَتَّى يكون لَهَا عَدَاوَة فِي نَفسه أَي حَتَّى يعاديها فِي نَفسه عِنْد أَدَاء ذَلِك الْمهْر لثقله عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَو عِنْد مُلَاحظَة قدره وتفكره فِيهِ بالتفصيل كلفت من كلف بِكَسْر اللَّام إِذا تحمل علق الْقرْبَة ويروى عرق الْقرْبَة بالراء أَي تحملت كل شَيْء حَتَّى عرقت كعرق الْقرْبَة وَهُوَ سَيَلَانُ مَائِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِعَرَقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حاملها وَقيل أَرَادَ تحملت عرق الْقرْبَة وَهُوَ مُسْتَحِيل وَالْمرَاد أَنه يحمل الْأَمر الشَّديد الشبيه بالمستحيل وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَرَقُ الْقِرْبَةِ مَعْنَاهُ الشِّدَّةُ وَلَا أَدْرِي مَا أَصله فَلم أدر أَي لصِغَر سني وَأُخْرَى أَي وخصلة أُخْرَى مَكْرُوهَة كالمغالاة فِي الْمهْر هَذِه صفة مغازيكم أَو مَاتَ عطف على قتل وَقَوله قتل فلَان الخ مقول القَوْل قد أوقر الْوِقْرُ بِالْكَسْرِ الْحِمْلُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي حمل الْبَغْل وَالْحمار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 أَو دف دَفُّ الرَّحْلِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ جَانِبُ كور الْبَعِير وَهُوَ سَرْجه يطْلب التِّجَارَة أَي فَمن خرج للتِّجَارَة فَلَيْسَ بِشَهِيد قَوْله [3351] وَبِه أثر الصُّفْرَة أَي طيب النِّسَاء قيل أَنه تعلق بِهِ من طيب الْعَرُوس وَلم يَقْصِدهُ وَقيل بل يجوز للعروس زنة نواة الظَّاهِر أَنه كَانَ وزنا مقررا بَينهم وَقيل هِيَ ثَلَاثَة دَرَاهِم فَإِن أَرَادَ بِهِ أَن الْمهْر كَانَ ثَلَاثَة دَرَاهِم فَقَوله من ذهب يَأْبَى ذَلِك وان أَرَادَ أَنه وزن ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو هُوَ قدر من ذهب قِيمَته ثَلَاثَة دَرَاهِم فَهُوَ مُحْتَمل واثباته مُحْتَاج إِلَى نقل وَكَذَا من قَالَ المُرَاد خَمْسَة دَرَاهِم وَلَو بِشَاة يُفِيد أَنَّهَا قَليلَة من أهل الْغنى قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 [3352] بشاشة الْعرس أَي طلاقة الْوَجْه الْحَاصِلَة أَيَّام الْعرس عَادَة والعرس بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُون الثَّانِي مَعْلُوم فَقلت أَي بعد أَن سَأَلَ قَوْله [3353] أَو حباء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ أَي عَطِيَّة وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْج سوى الصَدَاق بطرِيق الْهِبَة أَو عدَّة بِالْكَسْرِ مَا يعد الزَّوْج انه يُعْطِيهَا قبل عصمَة النِّكَاح أَي قبل عقد النِّكَاح والعصمة مَا يعتصم بِهِ من عقد وَسبب لمن أعْطِيه على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لمن أعطَاهُ الزَّوْج أَي مَا يقبضهُ الْوَلِيّ قبل العقد فَهُوَ للْمَرْأَة وَمَا يقبضهُ بعده فَلهُ قَالَ الْخطابِيّ هَذَا يتَأَوَّل على مَا يَشْتَرِطه الْوَلِيّ لنَفسِهِ سوى الْمهْر قَوْله كصداق نسائها أَي مهر الْمثل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 [3354] لَا وكس بِفَتْح فَسُكُون أَي لَا نُقْصَان مِنْهُ وَلَا شطط بِفتْحَتَيْنِ لَا زِيَادَة عَلَيْهِ وَأَصله الْجور والعدوان بروع بِكَسْر الْبَاء وَجوز فتحهَا قيل الْكسر عِنْد أهل الحَدِيث وَالْفَتْح عِنْد أهل اللُّغَة أشهر قَوْله وَلم يجمعها أَي يجمع ذَلِك الْمَرْأَة إِلَى نَفسه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 [3358] مَا سُئِلت على بِنَاء الْمَفْعُول من جلة بِكَسْر وَتَشْديد جمع جليل بِجهْد رَأْي بِفَتْح جِيم وَسُكُون هَاء وَيجوز ضم الْجِيم الطَّاقَة والغاية والوسع فَمن الله أَي من توفيقه فمنى أَي من قُصُور علمي وَمن تسويل الشَّيْطَان وتلبيسه وَجه الْحق فِيهِ [3358] مِنْهُ برَاء كقفاء أَو ككرماء جمع بَرِيء وَالْجمع للتعظيم أَو لإِرَادَة مَا فَوق الْوَاحِد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 فَرح فَرحا لموافقة رَأْيه الْحق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 قَوْله [3360] جلدته مائَة قَالَ بن الْعَرَبِيّ يَعْنِي أدبته تعزيرا وأبلغ بِهِ عدد الْحَد تنكيلا لَا أَنه رأى حَده بِالْجلدِ حدا لَهُ قلت لِأَن الْمُحصن حَده الرَّجْم لَا الْجلد وَلَعَلَّ سَبَب ذَلِك أَن الْمَرْأَة إِذا أحلّت جاريتها لزَوجهَا فَهُوَ اعارة الْفروج فَلَا يَصح لَكِن الْعَارِية تصير شُبْهَة تسْقط الْحَد الا أَنَّهَا شُبْهَة ضَعِيفَة جدا فيعزر صَاحبهَا قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث غير مُتَّصِل وَلَيْسَ الْعَمَل عَلَيْهِ قلت قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي إِسْنَاده اضْطِرَاب سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول لم يسمع قَتَادَة من حبيب بن سَالم هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ عَن خَالِد بن عرفطة وَلَا يخفى أَن هَذَا الِانْقِطَاع غير مَوْجُود فِي سَنَد النَّسَائِيّ فَلْيتَأَمَّل ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف أهل الْعلم فِيمَن يَقع على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 جَارِيَة امْرَأَته فَعَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة الرَّجْم وَعَن بن مَسْعُود التَّعْزِير وَذهب أَحْمد وَإِسْحَاق إِلَى حَدِيث النُّعْمَان بن بشير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان استكرهها الخ قَالَ الْخطابِيّ لَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء يَقُول بِهِ وخليق أَن يكون مَنْسُوخا وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه حُصُول الْإِجْمَاع من فُقَهَاء الْأَمْصَار بعد التَّابِعين على ترك القَوْل بِهِ دَلِيل على انه ان ثَبت صَار مَنْسُوخا بِمَا ورد من الاخبار فِي الْحُدُود ثمَّ أخرج عَن أَشْعَث قَالَ بَلغنِي أَن هَذَا كَانَ قبل الْحُدُود وَذكر هَذَا الْحَازِمِي فِي نَاسِخِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَاد مَنْسُوخ قلت وَبَين رواياته تعَارض لَا يخفي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3364] وَعَلَيْهِ الشَّرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مَقْصُورٌ هُوَ الْمِثْلُ يُقَالُ هَذَا شروي هَذَا أَي مثله قَوْله إِن رجلا هُوَ بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 [3365] إِنَّك تائه هُوَ الحائر الذَّاهِب عَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم عَنْهَا عَن الْمُتْعَة الاهلية أَي دون الوحشية وَكَأَنَّهُ مَا الْتفت إِلَيْهِ بن عَبَّاس لما ثَبت عِنْده من نسخ هَذَا النَّهْي بِالرُّخْصَةِ فِي الْمُتْعَة بعد ذَلِك كايام الْفَتْح لَكِن قد ثَبت النّسخ بعد ذَلِك نسخا مُؤَبَّدًا وَهَذَا ظَاهر لمن يتتبع الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الإنسية بِكَسْر فَسُكُون نِسْبَة إِلَى الْإِنْس وهم بَنو آدم أَو بِضَم فَسُكُون نِسْبَة إِلَى الْإِنْس خلاف الْوَحْش أَو بِفتْحَتَيْنِ نِسْبَة إِلَى الإنسة بِمَعْنى الْإِنْس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 أَيْضا وَالْمرَاد هِيَ الَّتِي تألف الْبيُوت قَوْله أَنْت ورداك أَي مَعَ رداك أَو ورداك مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف مثل كَمَا ترى أَو ردئ وَالْجُمْلَة حَال أَي أَنْت تكفيني وَالْحَال أَن رداك كَمَا ترى وَالتَّقْدِير ورداك يَكْفِينِي وَالْجُمْلَة مُعْتَرضَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الدُّف بِضَم الدَّال وَفتحهَا مَعْرُوف وَالْمرَاد اعلان النِّكَاح بالدف ذكره فِي النِّهَايَة وَالصَّوْت قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه ذهب بعض النَّاس إِلَى أَن المُرَاد السماع وَهُوَ خطأ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عندنَا اعلان النِّكَاح واضطراب الصَّوْت بِهِ وَالذكر فِي النَّاس ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ وَقَالَ بعض أهل التَّحْقِيق مَا ذكره الْبَيْهَقِيّ مُحْتَمل وَلَيْسَ الحَدِيث نصا فِيهِ فَالْأول مُحْتَمل أَيْضا فالجزم بِكَوْنِهِ خطأ لَا دَلِيل عَلَيْهِ عِنْد الْإِنْصَاف وَالله تَعَالَى أعلم فَلَا يُمكن أَن يكون مُرَاده أَن الإستدلال بِهِ على السماع خطأ وَهَذَا ظَاهر لِأَن الإحتمال يفْسد الإستدلال لَكِن قد يُقَال ضم الصَّوْت إِلَى الدُّف شَاهد صدق على أَن المُرَاد هُوَ السماع إِذْ لَيْسَ الْمُتَبَادر عِنْد الضَّم غَيره مثل تبادره فصح الإستدلال إِذْ ظُهُور الإحتمال يَكْفِي فِي الإستدلال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 ثمَّ قد جَاءَ فِي الْبَاب مَا يُغني وَيَكْفِي فِي افادة أَن المُرَاد هُوَ السماع فانكاره يشبه ترك الْإِنْصَاف وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْله [3371] فَقيل لَهُ بالرفاء والبنين الرفاء بِكَسْر الرَّاء وَالْمدّ قَالَ الْخطابِيّ كَانَ من عَادَتهم أَن يَقُولُوا بالرفاء والبنين والرفاء من الرفو يَجِيء بمعنيين أَحدهمَا التسكين يُقَال رفوت الرجل إِذا سكنت مَا بِهِ من روع وَالثَّانِي أَن يكون بِمَعْنى الْمُوَافقَة والالتئام وَمِنْه رفوت الثَّوْب وَالْبَاء مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى أَيْ أَعْرَسْتَ ذكره الزَّمَخْشَرِيّ قَوْله ردع بمفتوحتين فساكنة كلهَا مهملات وروى اعجام الْعين الْأَثر مَهيم بمفتوحة فساكنة فتحتية مَفْتُوحَة فميم سَاكِنة أَي مَا شانك وَهِي كلمة يَمَانِية قيل يحْتَمل أَنه إِنْكَار وَيحْتَمل أَنه سُؤال قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 [3375] بن بِي فِي النِّهَايَةِ الْبِنَاءُ وَالِابْتِنَاءُ الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَنَى عَلَيْهَا قُبَّةً لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ بنى الرجل على أَهله وَقَالَ الْجَوْهَرِي بنى على أَهله بِنَاء أَي زفها والعامة تَقول بنى بأَهْله وَهُوَ خطأ ورد عَلَيْهِ فِي النِّهَايَة بِأَنَّهُ قد جَاءَ فِي الحَدِيث وَغَيره بنى بأَهْله وَعَاد الْجَوْهَرِي اسْتَعْملهُ فِي كِتَابه وَفِي الْقَامُوس بني على أَهله وَبهَا زفها كابتنى وَالْحَاصِل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 أَنه جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ لَكِن يجب التَّنْبِيه على أَن الْبَاء فِي هَذَا الحَدِيث لَيست هِيَ الْبَاء الَّتِي اخْتلفُوا فِيهَا فَإِنَّهَا الْبَاء الدَّاخِلَة على الْمَرْأَة الْمَدْخُول بهَا والمدخول بهَا هَا هُنَا متروكة فَيجوز تَقْدِير على أَهلِي أَو بأهلي وَالْبَاء الْمَذْكُورَة بَاء التَّعْدِيَة وَالْمعْنَى اجْعَلنِي بانيا على أَهلِي أَو بأهلي فَلَا اشكال فِي هَذَا الحَدِيث على الْقَوْلَيْنِ كَمَا لَا يخفي الحطمية ضبط بِضَم فَفتح أَي الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ أَيْ تَكْسِرُهَا وَقِيلَ هِيَ العريضة الثَّقِيلَة وَقيل هِيَ منسوبة إِلَى قَبيلَة يُقَال لَهَا حطمة وَكَانُوا يعْملُونَ الدروع وَهَذَا أشبه الْأَقْوَال قَوْله وأدخلت الخ اتِّخَاذِ اللَّعِبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ الْجَوَارِي بِهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَببه الصُّوَرِ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون هَذَا مَنْهِيّا عَنهُ فَكَانَت قَضِيَّة عَائِشَة هَذِه فِي أول الْهِجْرَة قبل تَحْرِيم الصُّور قَالَ السُّيُوطِيّ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِنَّ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِنَّ كَمَا جَازَ لِلْوَلِيِّ الباس الصَّبِي الْحَرِير قلت وَهَذَا لَا يتمشى على أصُول عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة إِذْ لَيْسَ للْوَلِيّ عِنْدهم الالباس وَهَذَا هُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْأَحَادِيث لما جَاءَ النَّهْي فِي صغَار أهل الْبَيْت من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 تنَاول الصَّدَقَة وَكَذَا جَاءَ النَّهْي فِي الصغار عَن الْخمر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3380] فَأخذ نَبِي الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 وَسلم فِي زقاق خَيْبَر بِضَم زَاي الطَّرِيق قَالَ السُّيُوطِيّ كَذَا فِي أَصْلِنَا فَأَخَذَ وَفِي مُسْلِمٍ فَأَجْرَى قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَلَا يُخِلُّ بِمَرَاتِبِ أَهْلِ الْفَضْلِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلْقِتَالِ أَو رياضة الدَّابَّةِ أَوْ تَدْرِيبِ النَّفْسِ وَمُعَانَاةِ أَسْبَابِ الشَّجَاعَةِ وَإِنِّي لأرى بَيَاض الخ قَالَ السُّيُوطِيّ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَار قلت لَكِن الْجُمْهُور على أَنه عَورَة وَقد جَاءَت بِهِ أَدِلَّة وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ كَانَ لَا عَن عمد كَمَا يدل عَلَيْهِ رِوَايَة مُسلم خربَتْ خَيْبَر قيل هُوَ دُعَاء بِمَنْزِلَة أَسْأَلُ اللَّهَ خَرَابَهَا وَقِيلَ إِخْبَارٌ بِخَرَابِهَا عَلَى الْكفَّار وَفتحهَا على الْمُسلمين مُحَمَّد تَقْدِيره هَذَا مُحَمَّد وَالْخَمِيس هُوَ بخاء مُعْجمَة مَرْفُوع عطف على مُحَمَّد وَهُوَ الْجَيْش سمى بذلك لكَونه يكون على خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مُقَدَّمَةٌ وَسَاقَةٌ وَمَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَقَلْبٌ وَقيل لتخميس الْغَنَائِم وَيرد بِأَنَّهُ اسْم جاهلي وَلم يكن هُنَاكَ تخميس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 عَنْوَةً بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحًا هَذَا الْمَشْهُور فِي تَفْسِيره لَكِن التَّحْقِيق أَن المُرَاد أَخذنَا الْقرْيَة حَال كَونهَا ذليلة ولازم ذَلِك قهر الْغَانِمين فالتفسير الْمَشْهُور تَفْسِير باللازم والا فالعنوة مصدر عنت الْوُجُوه للحي القيوم أَي ذلت وخضعت وَالله تَعَالَى أعلم فَجمع السَّبي مَا أَخذ من العبيد والاماء دحْيَة بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا بنت حييّ بِضَم الْحَاء وَكسرهَا أَعْطَيْت دحْيَة الخ كَأَنَّهُ ظهر لَهُ من ذَلِك عدم رضَا النَّاس باختصاص دحْيَة بِمِثْلِهَا فخاف الْفِتْنَة عَلَيْهِم فكره ذَلِك قَالَ الْمَازرِيّ يحْتَمل ان يكون دحْيَة رد الْجَارِيَة بِرِضَاهُ أَو أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي جَارِيَةٍ مِنْ حَشْو السَّبي لَا أفضلهن فَلَمَّا أَن رَآهُ أَخَذَ أَشْرَفَهُنَّ اسْتَرْجَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا فَأَهْدَتْهَا أَيْ زَفَّتْهَا فَأَصْبَحَ عَرُوسًا هُوَ يُطْلَقُ على الزَّوْج وَالزَّوْجَة مُطلقًا نطعا بِكَسْر فَفتح هوالمشهور وَجوز فتح النُّون مَعَ فتح الطَّاء واسكان الطَّاء مَعَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 كل من كسر النُّون وَفتحهَا بالأقط بِفَتْح فَكسر لبن يَابِس متحجر فحاسوا حيسة أَي خلطوا بَين الْكل وجعلوه طَعَاما وَاحِدًا قَوْله حِين عرس بهَا هَكَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي عندنَا من التَّعْرِيس وَالْمَشْهُور أعرس إِذا دخل بِالْمَرْأَةِ عِنْد بنائها وعرس بِالتَّشْدِيدِ إِذا نزل آخر اللَّيْل وَلذَلِك حكم بَعضهم فِي مثله بِأَنَّهُ خطأ وَقيل هُوَ لُغَة فِي أعرس [3381] فِيمَن ضرب عَلَيْهَا الْحجاب أَي أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ لَا من السريات قَوْله وطأ أَي أصلح لَهَا الْمَكَان خَلفه قَوْله عِنْد الْعرس بِضَمَّتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي وَهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله يبين المُرَاد من الصَّوْت الْوَارِد عِنْد النِّكَاح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي خَمِيلٍ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ بِوَزْنِ كَرِيمٍ هِيَ الْقَطِيفَةُ وَهِيَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ خَمْلٌ مِنْ أَي شَيْء كَانَ قَوْله فرَاش للرجل أَي يجوز اتِّخَاذ ثَلَاثَة فرش للرجل الخ [3385] وَالرَّابِع للشَّيْطَان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 [3387] زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْمَدِّ أَيْ قَدْرَهَا وَقَوله لِيَتَحَلَّقَ هُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْحَلْقَةِ وَهُوَ أَنْ يتعمدوا ذَلِك قَالَه فِي النِّهَايَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 أَي للإفتخار الَّذِي هُوَ مِمَّا يحمل عَلَيْهِ الشَّيْطَان ويرضى بِهِ أَو هُوَ من عمل الشَّيْطَان أَو هُوَ مِمَّا لَا ينْتَفع بِهِ أحد فَيَجِيء الشَّيْطَان يرقد عَلَيْهِ فَصَارَ لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أنماطا ضرب من الْبسط لَهُ خمل رَقِيق قَوْله إِن هَذَا منا قَلِيل نظرا إِلَى مَا تستحقه أَنْت من الْكَرَامَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 (كتاب الطَّلَاق) قَوْله [3389] مر عبد الله فَلْيُرَاجِعهَا إمحاء لأثر الْمَكْرُوه بِقدر الْإِمْكَان فَإِذا طهرت أَي من الْحَيْضَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 الثَّانِيَة فَقيل أَمر بامساكها فِي الطُّهْر الأول وَجوز تطليقها فِي الطُّهْر الثَّانِي للتّنْبِيه على أَن المراجع يَنْبَغِي أَن لَا يكون قَصده بالمراجعة تطليقها فَإِنَّهَا الْعدة ظَاهره أَن تِلْكَ الْحَالة وَهِي حَالَة الطُّهْر عين الْعدة فَتكون الْعدة بالأطهار لَا الْحيض وَيكون الطُّهْر الأول الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق محسوبا من الْعدة وَمن لَا يَقُول بِهِ يَقُول المُرَاد فَإِنَّهَا قبل الْعدة بِضَمَّتَيْنِ أَي اقبالها فَإِنَّهَا بِالطُّهْرِ صَارَت مقبلة للْحيض وَصَارَ الْحيض مُقبلا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 لَهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فتغيظ يدل على حُرْمَة الطَّلَاق فِي الْحيض حَتَّى تحيض حَيْضَة أَي ثَانِيَة وتطهر مِنْهَا وَبِه حصل مُوَافقَة هَذِه الرِّوَايَة بالروايات السَّابِقَة وحسبت على بِنَاء الْمَفْعُول والصيغة للمؤنث أَو على بِنَاء الْفَاعِل والصيغة للمتكلم قَوْله فَردهَا عَليّ من كَلَام بن عمر أَي فَرد الطَّلقَة على أَي أنكرها شرعا عَليّ وَلم يرهَا شَيْئا مَشْرُوعا فَلَا يُنَافِي هَذَا لُزُوم الطَّلَاق أَو فَرد الزَّوْجَة على وَأَمرَنِي بالرجعة إِلَيْهَا إِذا طهرت ظَاهره من الْحيض الأول وَيُمكن حمله على الطُّهْر من الْحيض الثَّانِي تَوْفِيقًا بَين رِوَايَات الحَدِيث قَوْله قبل عدتهن بِضَم الْقَاف وَالْبَاء قَالَ السُّيُوطِيّ أَيْ إِقْبَالِهَا وَأَوَّلِهَا وَحِينَ يُمْكِنُهَا الدُّخُولُ فِيهَا والشروع وَذَلِكَ حَال الطُّهْر قلت هَذَا على وفْق مذْهبه وَقد تقدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 الْكَلَام على وفْق مَذْهَب من يَقُول بذلك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3394] طَلَاق السّنة بِمَعْنى أَن السّنة قد وَردت باباحتها لمن احْتَاجَ إِلَيْهَا لَا بِمَعْنى أَنَّهَا من الْأَفْعَال المسنونة الَّتِي يكون الْفَاعِل مأجورا باتيانها نعم إِذا كف الْمَرْء نَفسه من غَيره عِنْد الْحَاجة وآثر هَذَا النَّوْع من الطَّلَاق لكَونه مُبَاحا فَلهُ أجر على ذَلِك لَا على نفس الطَّلَاق فَلَا يرد أَنَّهَا كَيفَ تكون سنة وَهِي من أبْغض الْمُبَاحَات كَمَا جَاءَ بِهِ الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله ثمَّ تَعْتَد بعد ذَلِك بِحَيْضَة هَذَا صَرِيح فِي أَن الْعدة تكون بِالْحيضِ لَا بالأطهار قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 فَتعْتَد بِتِلْكَ التطليقة أَي اعْتد بِتِلْكَ التطليقة وتحسب فِي الطلقات الثَّلَاث أم لَا لعدم مصادفتها وَقتهَا وَالشَّيْء يبطل قبل أَوَانه سِيمَا وَقد لحقته الرّجْعَة المبطلة لأثره مَه أَي اسْكُتْ قَالَه ردعا لَهُ وزجرا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 عَن التَّكَلُّم بِمثلِهِ إِذْ كَونهَا تحسب أَمر ظَاهر لَا يحْتَاج إِلَى سُؤال سِيمَا بعد الْأَمر بمراجعته إِذْ لَا رَجْعَة الا عَن طَلَاق وَيحْتَمل أَنه اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّقْرِير أَي مَا يكون ان لم يحْسب بِتِلْكَ الطَّلقَة فأصله مَاذَا يكون ثمَّ قلبت الْألف هَاء [3399] إِن عجز عَن الرّجْعَة أَي أفلم تحسب حِينَئِذٍ فَإِذا حسبت فتحسب بعد الرّجْعَة أَيْضا إِذْ لَا أثر للرجعة فِي ابطال الطَّلَاق نَفسه واستحمق أَي فعل فعل الْجَاهِل الأحمق بِأَن أبي عَن الرّجْعَة بِلَا عجز قَالُوا وَبِمَعْنى أَو وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَيلْعَبُ بِكِتَاب الله يحْتَمل بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول أَي يستهتر بِهِ وَالْمرَاد بِهِ قَوْله تَعَالَى الطَّلَاق مَرَّتَانِ إِلَى قَوْله وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا فَإِن مَعْنَاهُ التَّطْلِيق الشَّرْعِيّ تَطْلِيقَة بعد تَطْلِيقَة على التَّفْرِيق دون الْجمع والارسال مرّة وَاحِدَة وَلم يرد بالمرتين التَّثْنِيَة وَمثله قَوْله تَعَالَى ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين أَي كرة بعد كرة لَا كرتين اثْنَتَيْنِ وَمعنى قَوْله فإمساك بِمَعْرُوف تَخْيِير لَهُم بعد أَن علمهمْ كَيفَ يطلقون بَين ان يمسكوا النِّسَاء بِحسن الْعشْرَة وَالْقِيَام بمواجبهن وَبَين أَن يسرحوهن السراح الْجَمِيل الَّذِي علمهمْ وَالْحكمَة فِي التَّفْرِيق مَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أَي قد يقلب الله تَعَالَى قلب الزَّوْج بعد الطَّلَاق من بغضها إِلَى محبتها وَمن الرَّغْبَة عَنْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 إِلَى الرَّغْبَة فِيهَا وَمن عَزِيمَة امضاء الطَّلَاق إِلَى النَّدَم عَلَيْهِ فَلْيُرَاجِعهَا وَقَوله وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا أَي بِالْجمعِ بَين الثَّلَاث وَالزِّيَادَة عَلَيْهَا فكلاهما لعب واستهزاء وَالْجد والعزيمة أَن يُطلق وَاحِدًا وان أَرَادَ الثَّلَاث يَنْبَغِي أَن يفرق [3401] أَلا أَقتلهُ لِأَن اللّعب بِكِتَاب الله كفر وَلم يرد أَن الْمَقْصُود الزّجر والتوبيخ وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الْكَلَام ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْجمع بَين الثَّلَاث فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث هُوَ بِدعَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو ثَوْر لَيْسَ بِحرَام لَكِن الأولى التَّفْرِيق وَظَاهر الحَدِيث التَّحْرِيم وَالْجُمْهُور على أَنه إِذا جمع بَين الثَّلَاث يَقع الثَّلَاث وَلَا عِبْرَة بِخِلَاف ذَلِك عِنْدهم أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فيقتلونه أَي الْمُسلمُونَ قصاصا ان لم يَأْتِ بالشهود وان كَانَ لَهُ ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله عِنْد بعض لَكِن لَا يصدق بِمُجَرَّد الدَّعْوَى فِي الْقَضَاء فكره كَأَنَّهُ مَا اطلع على وُقُوع الْوَاقِعَة فَرَأى الْبَحْث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 عَن مثله قبل الْوُقُوع من فضول الْعلم مَعَ أَنه يخل فِي الْبَحْث عَن الضَّرُورِيّ وَالله تَعَالَى أعلم فَتَقْتُلُونَهُ بِالْخِطَابِ للْمُسلمين أَو لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالْجمع للتعظيم [3402] كذبت عَلَيْهَا ان أَمْسَكتهَا أَي مُقْتَضى مَا جرى من اللّعان أَن لَا أمْسكهَا ان كنت صَادِقا فِيمَا قلت فان أَمْسَكتهَا فَكَأَنِّي كنت كَاذِبًا فِيمَا قلت فَلَا يَلِيق الْإِمْسَاك وَظَاهر أَنه لَا يَقع التَّفْرِيق بِمُجَرَّد اللّعان بل يلْزم أَن يفرق الْحَاكِم بَينهمَا أَو الزَّوْج يفرق بِنَفسِهِ وَمن يَقُول بِخِلَافِهِ يعْتَذر بِأَن عويمرا مَا كَانَ عَالما بالحكم وَفِيه أَنه لَو كَانَ عَن جهل كَيفَ قَرَّرَهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَفِيه أَن الثَّلَاث تجوز دفْعَة إِذا كَانَت الْحَالة تَقْتَضِيه وتناسبه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بِثَلَاث تَطْلِيقَات فقد جَاءَ مَا يَقْتَضِي أَنه أرسل بالثالثة فَلَعَلَّهُ جمع نظرا إِلَى أَنه حصل الثَّلَاث وَاجْتمعت فِي الْوُجُود عِنْد الثَّالِثَة وعَلى هَذَا فَلَا مُنَاسبَة لهَذَا الحَدِيث بالمطلوب وَهِي الثَّلَاث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 دفْعَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ألم تعلم أَن الثَّلَاث الخ لما كَانَ الْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف على وُقُوع الثَّلَاث دفْعَة وَقد جَاءَ فِي حَدِيث ركَانَة بِضَم الرَّاء أَنه طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا أردْت الا وَاحِدَة فَقَالَ وَالله مَا أردْت الا وَاحِدَة فَهَذَا يدل على أَنه لَو أَرَادَ الثَّلَاث لوقعت وَإِلَّا لم يكن لتحليفه معنى وَهَذَا الحَدِيث بِظَاهِرِهِ يدل على عدم وُقُوع الثَّلَاث دفْعَة بل تقع وَاحِدَة أَشَارَ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة إِلَى تَأْوِيله بِأَن يحمل الثَّلَاث فِي الحَدِيث على الثَّلَاث المتفرقة لغير الْمَدْخُول بهَا وَإِذا طلق غير الْمَدْخُول بهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَة تقع الأولى وتلغو الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة لعدم مصادفتهما الْمحل فَهَذَا معنى كَون الثَّلَاث ترد إِلَى الْوَاحِدَة وعَلى هَذَا الْمَعْنى انْدفع الاشكال عَن الْجُمْهُور وَحصل التَّوْفِيق بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين مَا يَقْتَضِي وُقُوع الثَّلَاث من الْأَدِلَّة وَهَذَا محمل دَقِيق لهَذَا الحَدِيث الا أَنه لَا يُوَافق مَا جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيث ان عمر بعد ذَلِك أمضى الثَّلَاث إِذْ هُوَ مَا أمضى الثَّلَاث المتفرقة لغير الْمَدْخُول بهَا بل أمضى الثَّلَاث دفْعَة للمدخول بهَا وَغير الْمَدْخُول بهَا فليتامل فَالْوَجْه فِي الْجَواب أَنه مَنْسُوخ وَقد قَرَّرْنَاهُ فِي حَاشِيَة مُسلم وحاشية أبي دَاوُد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله عَن رجل طلق امْرَأَته أَي ثَلَاثًا [3407] فَدخل بهَا أَي خلا سمى الْخلْوَة دُخُولا فَإِنَّهَا من مقدماته وَلَا بُد من الْحمل على هَذَا الْمَعْنى لِأَن الْمَفْرُوض عدم الْجِمَاع كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يواقعها حَتَّى يَذُوق الآخر أَي غير الأول وَلَو ثَالِثا أَو رَابِعا قَوْله حَتَّى يَذُوق أَي الآخر لَا عبد الرَّحْمَن بِخُصُوصِهِ قَوْله تجْهر بِمَا تجْهر كره الْجَهْر بِمثل ذَلِك فِي حَضرته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تَعْظِيمًا لشأنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وتحقيرا لتِلْك الْمقَالة الْبَعِيدَة عَن أهل الْحيَاء قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 [3410] اللَّهُمَّ غفرا بِفَتْح فَسُكُون بِمَعْنى الْمَغْفِرَة ونصبه بِتَقْدِير اغْفِر لي أَو أَسأَلك أَو أرزقني وَنَحْو ذَلِك وَلما كَانَ منشأ الْخَطَأ العجلة المذمومة طلب مِنْهُ الْمَغْفِرَة والا فقد جَاءَ رفع عَن أمتِي الْخَطَأ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث لَا نعرفه الا من حَدِيث سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد بِهَذَا وَإِنَّمَا هُوَ عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوف وَلم يعرف مُحَمَّد حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 وَكَانَ عَليّ بن نَاصِر حَافِظًا صَاحب حَدِيث قلت فَكَأَن قَول المُصَنّف هَذَا حَدِيث مُنكر إِشَارَة إِلَى أَن رَفعه مُنكر وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ الْجُمْهُور على أَنَّهَا طَلْقَة وَاحِدَة قَوْله إِن الغميصاء أَو الرميصاء بِضَم وَفتح الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 وَمد فيهمَا فِي حَاشِيَة السُّيُوطِيّ هِيَ غير أم سليم على الصَّحِيح حَتَّى تذوق أَي وَهِي مَا ذاقت على مُقْتَضى مَا قَالَت فتؤاخذ باقرارها قَوْله فيغلق الْبَاب من أغلق الْبَاب والمرادالخلوة قَوْله هَذَا أولى بِالصَّوَابِ أَي من الَّذِي قبله كَمَا فِي عبارَة الْكُبْرَى قَوْله الواشمة هِيَ فاعلة الوشم وَهُوَ أَنْ يُغْرَزَ الْجِلْدُ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِكُحْلٍ أَوْ نِيلٍ فَيَزْرَقَّ أَثَرُهُ أَوْ يَخْضَرَّ وَالْمُوْتَشِمَةَ هِيَ الَّتِي يفعل بهَا ذَلِك كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ أَي وَهِي راضية والواصلة هِيَ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرِ إِنْسَانٍ آخَرَ والموصولة الَّتِي يفعل بهَا ذَلِك عَن رِضَاهَا [3416] وآكل الرِّبَا أَي آخذ الرِّبَا سَوَاء أكل بعد ذَلِك أَولا لَكِن لما كَانَ الْغَرَض الْأَصْلِيّ هُوَ الْأكل عبر عَنهُ بِأَكْلِهِ وموكله أَي معطيه والمحلل والمحلل لَهُ الأول من الْإِحْلَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 وَالثَّانِي من التَّحْلِيل وهما بِمَعْنى وَاحِد وَلذَا روى الْمحل وَالْمحل لَهُ بلام وَاحِدَة مُشَدّدَة والمحلل والمحلل بلامين أولاهما مُشَدّدَة ثمَّ الْمُحَلّل من تزوج مُطلقَة الْغَيْر ثَلَاثًا لتحل لَهُ والمحلل لَهُ هُوَ الْمُطلق وَالْجُمْهُور على أَن النِّكَاح بنية التَّحْلِيل بَاطِل لِأَن اللَّعْن يَقْتَضِي النَّهْي وَالْحُرْمَة فِي بَاب النِّكَاح تَقْتَضِي عدم الصِّحَّة وَأجَاب من يَقُول بِصِحَّتِهِ أَن اللَّعْن قد يكون لخسة الْفِعْل فَلَعَلَّ اللَّعْن هَا هُنَا لِأَنَّهُ هتك مروأة وَقلة حمية وخسة نفس أما بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلّل لَهُ فَظَاهر وَأما الْمُحَلّل فَإِنَّهُ كالتيس يعير نَفسه بِالْوَطْءِ لغَرَض الْغَيْر وتسميته محللا يُؤَيّد القَوْل بِالصِّحَّةِ وَمن لَا يَقُول بهَا يَقُول أَنه قصد التَّحْلِيل وان كَانَت لَا تحل قَوْله فَقلت ثَلَاثًا أَي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 طَلقنِي ثَلَاثًا فَهُوَ جَوَاب بِحَسب الْمَعْنى قَوْله ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لم تحرم مَا أحل الله لَك فَهَذَا بِظَاهِرِهِ يدل على أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي تَحْرِيم الْمَرْأَة كَمَا جَاءَ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حرم مَارِيَة فَنزلت [3420] عَلَيْك أغْلظ الْكَفَّارَة لَعَلَّه أغْلظ فِي ذَلِك لينزجر النَّاس ويرتدعوا عَن ذَلِك وَإِلَّا فَظَاهر الْقُرْآن يَقْتَضِي كَفَّارَة الْيَمين فقد قَالَ تَعَالَى قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم الخ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فتواصيت أَي توافقت وَحَفْصَة بِالنّصب أقرب أَي مَعَ حَفْصَة حَتَّى لَا يلْزم الْعَطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع بِلَا تَأْكِيد وَلَا فصل مَا دخل مَا زَائِدَة [3421] ريح مَغَافِير هُوَ شَيْء حُلْو لَهُ ريح كريهة وَكَانَ صلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يحب الرَّائِحَة الكريهة فَلذَلِك ثقل عَلَيْهِ مَا قَالَتَا وعزم على عدم الْعود وعَلى هَذَا فقد حرم الْعَسَل قَوْله حِين تخلف مُتَعَلق بحَديثه أَي يحدث مَا وَقع لَهُ حِين التَّخَلُّف فَلَا تَقربهَا بِفَتْح الرَّاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 [3422] فَقلت لامرأتي الحقي بأهلك الخ أَي فالحقي بأهلك إِذا لم يكن بنية الطَّلَاق لم يكن طَلَاقا قَوْله الَّذين تيب عَلَيْهِم أَي الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن بقوله وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا الْآيَة 154 قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 [3427] ثمَّ أعتقنا على بِنَاء الْمَفْعُول فَقَالَ أَن راجعتها ظَاهره أَن الْحر يملك ثَلَاث طلقات وان صَار حرا بعد الطلقتين فَلهُ الرُّجُوع بعد طَلْقَتَيْنِ لبَقَاء الثَّالِث الْحَاصِل بِالْعِتْقِ لَكِن الْعَمَل على خِلَافه فَيمكن ان يُقَال ان هَذَا كَانَ حِين كَانَت الطلقات الثَّلَاث وَاحِدَة كَمَا رَوَاهُ بن عَبَّاس فالطلقتان للْعَبد حِينَئِذٍ كَانَتَا وَاحِدَة وَهَذَا بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 أَمر قد تقرر أَنه مَنْسُوخ الْآن فَلَا اشكال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله عَن الْحسن قيل هُوَ سَهْو إِمَّا من المُصَنّف أَو من شَيْخه وَالصَّوَاب أَبُو الْحسن كَمَا فِيمَا تقدم قَوْله وَمن لم يكن محتلما الخ أَخذ مِنْهُ أَن غير الْبَالِغ لَا عِبْرَة بطلاقه إِذْ لَا عِبْرَة بِكُفْرِهِ وَهُوَ أَشد من الطَّلَاق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أنبت على بِنَاء الْفَاعِل من الانبات فاستبقيت على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 قَوْله [3432] رفع الْقَلَم كِنَايَة عَن عدم كِتَابَة الآثام عَلَيْهِم فِي هَذِه الْأَحْوَال وَهُوَ لَا يُنَافِي ثُبُوت بعض الْأَحْكَام الدُّنْيَوِيَّة والأخروية لَهُم فِي هَذِه الْأَحْوَال كضمان الْمُتْلفَات وَغَيره فَلذَلِك من فَاتَتْهُ صَلَاة فِي النّوم فصلى فَفعله قَضَاء عِنْد كثير من الْفُقَهَاء مَعَ أَن الْقَضَاء مَسْبُوق بِوُجُوب الصَّلَاة فَلَا بُد لَهُم من القَوْل بِالْوُجُوب حَالَة النّوم وَلِهَذَا الصَّحِيح أَن الصَّغِير يُثَاب على الصَّلَاة وَغَيرهَا من الْأَعْمَال فَهَذَا الحَدِيث رفع عَن أمتِي الْخَطَأ مَعَ أَن الْقَاتِل خطأ يجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وعَلى الْعَاقِلَة الدِّيَة وعَلى هَذَا فَفِي دلَالَة الحَدِيث على عدم وُقُوع طَلَاق هَؤُلَاءِ بحث وَالله تَعَالَى أعلم وَيتَعَلَّق بِهَذَا الحَدِيث أبحاث أخر ذَكرنَاهَا فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد وَفِي كتاب الْحُدُود حَتَّى يكبر أَي يَحْتَلِم أَو يبلغ وَالثَّانِي أظهر وَعَلِيهِ يحمل رِوَايَة يَحْتَلِم وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد يبلغ بِلَا احْتِلَام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 قَوْله [3434] حدثت بِهِ أَنْفسهَا يحْتَمل الرّفْع على الفاعلية وَالنّصب على المفعولية وَالثَّانِي أظهر معنى وَالْأول يَجْعَل كِنَايَة عَمَّا لم تحدث بِهِ ألسنتهم وَقَوله مَا لم تكلم بِهِ أَو تعْمل صَرِيح فِي أَنه مغفول مَا دَامَ لم يتَعَلَّق بِهِ قَول أَو فعل فَقَوْلهم إِذا صَار عزما يُؤَاخذ بِهِ مُخَالف لذَلِك قطعا ثمَّ حَاصِل الحَدِيث أَن العَبْد لَا يُؤَاخذ بِحَدِيث النَّفس قبل التَّكَلُّم بِهِ وَالْعَمَل بِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي ثُبُوت الثَّوَاب على حَدِيث النَّفس أصلا فَمن قَالَ إِنَّه معَارض بِحَدِيث من هم بحسنة فَلم يعملها كتب لَهُ حَسَنَة فقد وهم بَقِي الْكَلَام فِي اعْتِقَاد الْكفْر وَنَحْوه وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ من حَدِيث النَّفس بل هُوَ مندرج فِي الْعَمَل وَعمل كل شَيْء على حَسبه ونقول الْكَلَام فَمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 يتَعَلَّق بِهِ تكلم أَو عمل بِقَرِينَة مَا لم يتَكَلَّم الخ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا هُوَ من أَفعَال الْقلب وعقائده لَا كَلَام فِيهِ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله طيب المرقة أَي اصلحها وطبخها جيدا أَو هُوَ صِيغَة الصّفة فَأَوْمأ أَي أَشَارَ ذَلِك الْفَارِسِي إِلَيْهِ إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم [3436] أَن تعال أَن تفسيرية يُرِيد أَن يَدعُوهُ إِلَى المرقة أَي وَهَذِه أَي ادعني وَهَذِه والا لَا أقبل دعوتك وَلَعَلَّ الْوَقْت مَا كَانَ يساعد الِانْفِرَاد بذلك فكره انْفِرَاده عَنْهَا بذلك فعلق قبُول الدعْوَة بالاجتماع فَإِن رضى الدَّاعِي بذلك دعاهما والاتركهما ومقصود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْإِشَارَة المفهومة تسْتَعْمل فِي الْمَقَاصِد وَالطَّلَاق من جُمْلَتهَا فَيصح اسْتِعْمَالهَا فِيهِ قَوْله إِنَّمَا الْأَعْمَال الخ قد سبق الْكَلَام على الحَدِيث تَفْصِيلًا فِي كتاب الطَّهَارَة ومقصود المُصَنّف أَن قَول إِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى يَشْمَل مَا نوى من كَلَامه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَأَنا مُحَمَّد أَي اسْما ووصفا فَلَا يُمكن مُطَابقَة اسْم المذمم لي واطلاقه عَليّ وارادتي بِهِ بِوَجْه من الْوُجُوه فَلَا يعود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 الشتم واللعن إِلَى أصلا بل رَجَعَ إِلَيْهِم لأَنهم الَّذين يصدق عَلَيْهِم مُسَمّى هَذَا الِاسْم وَصفا وَظهر بِهَذَا اللَّفْظ إِذا قصد بِهِ معنى لَا يحْتَملهُ لَا يثبت لَهُ الحكم المسوق لَهُ الْكَلَام قَوْله من أجل أَنَّهُنَّ اخترنه يُشِير إِلَى أَنَّهُنَّ لَو لم يكن اخترنه كَانَ مَا قَالَ طَلَاقا وَهُوَ خلاف مَا يفِيدهُ ظَاهر الْقُرْآن فَإِنَّهُ يُفِيد أَن الِاخْتِيَار للدنيا لَيْسَ بِطَلَاق وَإِنَّمَا إِذا اخْترْنَ الدُّنْيَا يَنْبَغِي لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُطَلِّقهُنَّ وَلِهَذَا قَالَ أهل التَّحْقِيق أَن هَذَا الِاخْتِيَار خَارج عَن مَحل النزاع فَلَا يتم بِهِ الإستدلال على مسَائِل الإختيار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 فَلْيتَأَمَّل قَوْله فَهَل كَانَ طَلَاقا أَي كَمَا يزْعم من يَقُول إِذا اخْتَارَتْ الزَّوْج كَانَ طَلَاقا أَيْضا لَكِن قد عرفت أَن هَذِه الصُّورَة غير دَاخِلَة فِي الْمُتَنَازع فِيهِ قَوْله غُلَام وَجَارِيَة بَينهمَا زواج [3446] ابدئي بالغلام قيل أَمر بذلك لِئَلَّا تخْتَار الزَّوْجَة نَفسهَا ان بَدَأَ بإعتاقها قلت وَهَذَا لَا يمْنَع اعتاقهما مَعًا فَيمكن أَن يُقَال بَدَأَ بِالرجلِ لشرفه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فخيرت فِي زَوجهَا فَظهر بِهِ خِيَار الْعتْق للْمَرْأَة مُطلقًا أَو إِذا كَانَ زَوجهَا عبدا على اخْتِلَاف المذهبين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 [3447] وَقَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي فِيهَا خبز وأدم فِي الْمجمع الادم ككتب فِي كتب فَظَاهره أَنه بالضمتين جمع نعم يجوز السّكُون فِي كل مَا كَانَ بِضَمَّتَيْنِ وعَلى هَذَا فَالظَّاهِر أَن الأول بِضَم فَسُكُون مُفْرد وَالثَّانِي بِضَمَّتَيْنِ جمع وَمعنى أَدَم الْبَيْت الْأدم الَّتِي تُوجد فِي الْبيُوت غَالِبا كالخل وَالْعَسَل وَالتَّمْر وَلنَا هَدِيَّة فَبين أَن الْعين الْوَاحِدَة يخْتَلف حكمهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 باخْتلَاف جِهَات الْملك قَوْله فَقَالَ كلوه أَي واعطوني آكل وَهَذَا هُوَ مَحل السُّؤَال فَفِيهِ اخْتِصَار والا فعائشة لَيست هاشمية فَيحل لَهَا الصَّدَقَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَكَانَ زَوجهَا حرا أَي حِين أعتقت قيل حَدِيث عَائِشَة قد اخْتلف فِيهِ كَمَا سيجئ وَحَدِيث بن عَبَّاس لَا اخْتِلَاف فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ عبدا فالأخذ بِهِ أحسن وَقيل بل كَانَ فِي الأَصْل عبدا ثمَّ أعتق فَلَعَلَّ من قَالَ عبد لم يطلع على إِعْتَاقه فاعتمد على الأَصْل فَقَالَ عبد بِخِلَاف من قَالَ انه مُعتق فمعه زِيَادَة علم وَلَعَلَّ عَائِشَة اطَّلَعت على ذَلِك بعد فَوَقع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 الإختلاف فِي خَبَرهَا فالتوفيق مُمكن بِهَذَا الْوَجْه فالاخذ بِهِ أحسن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَن أعدهَا لَهُم أَي اشتريك مِنْهُم بهَا وأعدها لَا أَنَّهَا شرطت الْوَلَاء لنَفسهَا بأَدَاء الدَّرَاهِم فِي الْكِتَابَة إِعَانَة لبريرة فَإِن ذَلِك لَا يجوز بل اشْتريت وأعتقت لَا أَي اشْترى وَلَا أعد الدَّرَاهِم [3451] هَا الله كلمة هَا بدل من وَاو الْقسم وَمَا بعْدهَا مجرور وَيُقَال هَا الله مَوضِع وَالله بِقطع الْهمزَة مَعَ أثبات ألفها وحذفه إِذا أَي إِذا شرطُوا الْوَلَاء لأَنْفُسِهِمْ وَلِلنَّاسِ فِي تَحْقِيق هَذِه الْكَلِمَة كَلَام طَوِيل الذيل فتركناه مَخَافَة التَّطْوِيل مَعَ كِفَايَة مَا ذكرنَا فِي ظُهُور مَعْنَاهَا واشترطي لَهُم الْوَلَاء أَي اتركيهم على مَا هم عَلَيْهِ من اشْتِرَاط الْوَلَاء لَهُم وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الخداع وَقد أنكر الْجُمْهُور البيع بِالشّرطِ فَكيف إِذا كَانَ فِيهِ خداع وَقد أول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 بَعضهم هَذَا اللَّفْظ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهَا مَا شرطت لَهُم مَا باعوا مِنْهَا فَالصَّحِيح فِي الْجَواب أَنه تَخْصِيص من الشَّارِع ليبطل عَلَيْهِم مثل هَذَا الشَّرْط بعد أَن اعتقدوا ثُبُوته لِئَلَّا يطْمع أحد فِي مثله أصلا وَالله تَعَالَى أعلم لَيست فِي كتاب أَي مُخَالفَة لحكم الله قَوْله لمن ولى النِّعْمَة أَي نعْمَة الْإِعْتَاق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 قَوْله وَفرقت بِكَسْر الرَّاء أَي خفت وَهُوَ من قَول شُعْبَة والصيغة للمتكلم وسمعته للمخاطب قَوْله فِي علية بِضَم الْعين وَكسرهَا وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة وتشديدالياء أَي غرفَة [3455] فَنَادَى بِلَالًا الْمَشْهُور أَنه اسْتَأْذن بِوَاسِطَة عبد لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِوَاسِطَة اسْتِئْذَان ذَلِك العَبْد لَهُ آلَيْت أَي حَلَفت من الدُّخُول عَلَيْهِنَّ وَهَذَا لَيْسَ من بَاب الايلاء الْمُؤَدِّي إِلَى الطَّلَاق الْمَشْهُور بَين الْفُقَهَاء بالبحث عَنهُ وَلكنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 ايلاء لُغَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَلَيْسَ أَي الشَّأْن قَوْله قبل أَن أكفر من التَّكْفِير أَي أعْطى الْكَفَّارَة لَا تَقربهَا بِفَتْح الرَّاء أَي مرّة ثَانِيَة قَوْله قَالَ رَحِمك الله يَا رَسُول الله الظَّاهِر أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بَدَأَ بِالدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ فَقَالَ لَهُ يَرْحَمك الله كَمَا تقدم فقابله الرجل بِمثل ذَلِك أَو بِأَحْسَن مِنْهُ حَيْثُ اسْتعْمل صِيغَة الْمُضِيّ وَوَقع الإختصار من الروَاة فَنقل الْبَعْض الأول وَالْبَعْض الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 الآخر وَفِي تَقْرِير النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك دلَالَة على جَوَاز الدُّعَاء بِالرَّحْمَةِ لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله وسع بِكَسْر السِّين أَي يدْرك كل صَوت [3460] فَكَانَ يخفي عَليّ بتَشْديد الْيَاء يُرِيد أَنَّهَا تَشْكُو سرا حَتَّى يخفى عَليّ وَأَنا حَاضر كَلَامهَا قَوْله المنتزعات والمختلعات فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي اللَّاتِي يَطْلُبْنَ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ من ازواجهن بِغَيْر عذر وَكَونهَا المنافقات أَي أَنَّهَا كالمنافقات فِي أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ دُخُول الْجنَّة مَعَ من يدخلهَا أَو لَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي الْغَلَس بِفتْحَتَيْنِ أَي ظلمَة آخر اللَّيْل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 [3462] لَا أَنا وَلَا ثَابت يحْتَمل أَن لَا الثَّانِيَة مزيدة وَالْخَبَر مَحْذُوف بعدهمَا أَي مجتمعان أَي لَا يُمكن لنا اجْتِمَاع وَيحْتَمل أَنَّهَا غير زَائِدَة وان خبر كل مَحْذُوف أَي لَا أَنا مجتمعة مَعَ ثَابت وَلَا ثَابت مُجْتَمع معي قَوْله أكره الْكفْر فِي الْإِسْلَام أَي أَخْلَاق الْكفْر فِي حَال الْإِسْلَام أَو أكره الرُّجُوع إِلَى الْكفْر بعد الدُّخُول فِي الْإِسْلَام وَعدم الْمُوَافقَة مَعَ الزَّوْج وَشدَّة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 الْعَدَاوَة فِي الْبَين قد يُفْضِي إِلَى ذَلِك فَلذَلِك أُرِيد الْخلْع قَوْله لَا تمنع أَي يدلامس غربها من التَّغْرِيب بِمَعْنى التبعيد أَي طَلقهَا كَمَا تقدم أَن تتبعها نَفسِي أَي من شدَّة الْمحبَّة وَالْكَلَام عَلَيْهِ قد تقدم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 قَوْله لَاعن أَي أَمر بِاللّعانِ قَوْله إِن عِنْده من ذَلِك علم هُوَ بِالنّصب اسْم ان وان كتب بِصُورَة الْمَرْفُوع وَيحْتَمل أَن يكون مَرْفُوعا بِتَقْدِير ضمير الشَّأْن أَي إِن الشَّأْن عِنْده من ذَلِك بِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمدّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَشَرِيكٌ هَذَا صَحَابِيٌّ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ أَنه يَهُودِيّ بَاطِل [3468] وَكَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 أَخُو الْبَراء هَكَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي عِنْدِي وَغَيرهَا وَالصَّوَاب وَكَانَ أَخا الْبَراء بن مَالك فَلْيتَأَمَّل فلاعن أَي أَمر بِاللّعانِ أبصروه أَي وَلَدهَا سبطا بِفَتْح فَكسر أَو سُكُون أَي مسترسل الشّعْر قضىء الْعَينَيْنِ بِالْهَمْز وَالْمدّ على وزن فعيل أَي فَاسد الْعَينَيْنِ بِكَثْرَةِ دَمْعٍ أَوْ حُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أكحل ذُو سَوَادٌ فِي أَجْفَانِ الْعَيْنِ خِلْقَةً جَعْدًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الَّذِي شَعْرُهُ غَيْرُ سَبْطٍ حَمْشَ السَّاقَيْنِ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمِيمٍ سَاكِنَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ يُقَالُ رَجُلٌ حَمْشُ السَّاقَيْنِ وَأَحْمَشُ السَّاقَيْن أَي دقيقهما فأنبئت على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله أَرْبَعَة شُهَدَاء والا فحد الْمَشْهُور نصب الأول بِتَقْدِير أقِم وَرفع الثَّانِي بِتَقْدِير يثبت أَو يجب حد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 [3469] مَا يُبرئ بِالتَّشْدِيدِ من التبرئة فَإِنَّهَا مُوجبَة أَي للعذاب فِي حق الْكَاذِب فتلكأت أَي توقفت أَن تَقول سَائِر الْيَوْم قيل أُرِيد بِالْيَوْمِ الْجِنْس أَي جَمِيع الْأَيَّام أَو بقيتها وَالْمرَاد مُدَّة عمرهم ربعا بِفَتْح فَسُكُون أَي متوسطا غير طَوِيل وَلَا قصير من كتاب الله أَي من حكمه بدرء الْحَد عَمَّن لَاعن أَو من اللّعان الْمَذْكُور فِي كِتَابه تَعَالَى أَو من حكمه الَّذِي هُوَ اللّعان لَكَانَ لي وَلها شَأْن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 فِي إِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا كَذَا قَالُوا وَيلْزم ان يُقَام الْحَد بالأمارات على من لم يُلَاعن فَالْأَقْرَب أَن يُقَال لَوْلَا حكمه تَعَالَى بدرء الْحَد بِلَا تَحْقِيق لَكَانَ لي وَلها شَأْن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَا ابْتليت على بِنَاء الْمَفْعُول آدم كأفعل أَي أسمر اللَّوْن قيل هُوَ من أدمة الأَرْض وَهُوَ لَوْنهَا وَبِه سمى آدم خدلا بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَسُكُون دَال مُهْملَة وَلَام هُوَ الغليظ الممتلئ السَّاق بَين بالشبه فلاعن أَي أَمر بِاللّعانِ وَظَاهره أَن اللّعان وَقع بعد وضع الْحمل وَأَنَّهُمْ توقفوا فِيهِ إِلَى الْوَضع [3470] تظهر فِي الْإِسْلَام الشَّرّ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 أَنه اشْتهر وشاع عَنْهَا الْفَاحِشَة وَلَكِن لم يثبت بَيِّنَة وَلَا اعْتِرَاف قَوْله قططا بِفتْحَتَيْنِ أَو كسر الأولى شديدالجعودة والتقبض كشعر السودَان قَوْله على فِيهِ أَي فَم الرجل الْملَاعن وَلَا يتَصَوَّر فِي الْمَرْأَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 الا ان يكون محرما مِنْهَا [3473] سُبْحَانَ الله تعجب من خَفَاء هَذَا الحكم الْمَشْهُور عَلَيْهِ فَفرق بَينهمَا من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 التَّفْرِيق وَفِيه أَنه لَا بُد من تَفْرِيق الْحَاكِم أَو الزَّوْج بعد اللّعان وَلَا يَكْفِي اللّعان فِي التَّفْرِيق وَمن لَا يَقُول بِهِ يرى أَن مَعْنَاهُ فأظهر أَن اللّعان مفرق بَينهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بَين أخوي بني العجلان أَي بَين الرجل وَالْمَرْأَة مِنْهُم وتسميتهما أخوي بني العجلان لتغليب الذّكر على الْأُنْثَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَالِي أَي المَال الَّذِي صرف عَلَيْهَا فِي الْمهْر وَغَيره وَالتَّقْدِير مَا شَأْن مَالِي أَو أيذهب مَالِي فَهِيَ الظَّاهِر أَن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 الضَّمِير لِلْمَالِ بِاعْتِبَار أَنه دَرَاهِم أَو دَنَانِير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بَاب إِذا عرض من التَّعْرِيض بامرأته وَشَكتْ بِصِيغَة التَّأْنِيث وَالظَّاهِر وَشك بِصِيغَة التَّذْكِير كَمَا فِي الْكُبْرَى وَقيل يحْتَمل أَن يكون من السُّكُوت أَي لم يُصَرح بِمَا يُوجب الْقَذْف قَوْله غُلَاما أسود أَي على خلاف لوني حمر بِضَم فَسُكُون جمع أَحْمَر [3478] من أَوْرَق أَي أسود وَالْوَرق سَواد فِي غَيره وَجمعه ورق بِضَم وَاو فَسُكُون ونزعة عرق يُقَال نَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ إِذَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بالعرق هَا هُنَا الأَصْل من النّسَب تَشْبِيها بعرق الثَّمر وَمَعْنَى نَزَعَهُ أَشْبَهَهُ وَاجْتَذَبَهُ إِلَيْهِ وَأَظْهَرَ لَوْنَهُ عَلَيْهِ قَوْله فَلَيْسَتْ من الله أَي من دينه أَو رَحمته وَهَذَا تَغْلِيظ لفعلها وَمعنى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 [3481] وَلَا يدخلهَا الله جنته أَي لَا تسْتَحقّ أَن يدخلهَا الله جنته مَعَ الْأَوَّلين وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ أَي الرجل ينظر إِلَى وَلَده وَهُوَ كِنَايَة عَن الْعلم بِأَنَّهُ وَلَده أَو الْوَلَد ينظر إِلَى الرجل فَهُوَ تقبيح لفعله وَالله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 تَعَالَى أعلم قَوْله الْوَلَد للْفراش أَي لصَاحب الْفراش أَي لمن كَانَت الْمَرْأَة فراشا لَهُ وللعاهر الزَّانِي الْحجر أَي الحرمان وَقيل كنى بِهِ عَن الرَّجْم وَفِيه أَنه لَيْسَ كل زَان يرْجم وَقد يُقَال فِي صدق هَذَا الْكَلَام ثُبُوت الرَّجْم لَهُ أَحْيَانًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شبها بِفتْحَتَيْنِ واحتجبي مِنْهُ مُرَاعَاة للشبه فَكَأَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أرشد إِلَى أَنه مَعَ الحاق الْوَلَد بالفراش يُؤْخَذ فِي الْأَحْكَام بالأحوط قَوْله يتطئها هُوَ افتعال من الْوَطْء وَأَصله يوتطئها أبدلت الْوَاو تَاء وأدغمت فِي التَّاء كَمَا فِي يَتَعَدَّ وَيَتَّقِي من الْوَعْد والوقاية [3485] فَلَيْسَ لَك بِأَخ أَي فِي اسْتِحْسَان الدُّخُول والا فَهُوَ أَخ فِي ظَاهر الشَّرْع للإلحاق وَقيل هَذِه الزِّيَادَة غير مَعْرُوفَة فِي هَذَا الحَدِيث بل هِيَ زايدة بَاطِلَة مَرْدُودَة وَمِنْهُم من تمسك بهَا فَقَالَ بِعَدَمِ الْإِلْحَاق بل أعْطى عبد بن زَمعَة الْوَلَد على انه عَبده وَهَذَا تَأْوِيل بعيد قَوْله أَتُقِرَّانِ لهَذَا أَي أترضيان بِكَوْن الْوَلَد للثَّالِث وتتركان دَعْوَاهُ مُسَامَحَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 [3488] صَارَت عَلَيْهِ الْقرعَة أَي خرجت الْقرعَة باسمه ثُلثي الدِّيَة أَي الْقيمَة وَالْمرَاد قيمَة الْأُم فَإِنَّهَا انْتَقَلت إِلَيْهِ من يَوْم دفع عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ وَهَذَا الحَدِيث يدل على ثُبُوت الْقَضَاء بِالْقُرْعَةِ وعَلى أَن الْوَلَد لَا يلْحق بِأَكْثَرَ من وَاحِد بل عِنْد الِاشْتِبَاه يفصل بَينهم بالمسامحة أَو بِالْقُرْعَةِ لَا بالقيافة وَلَعَلَّ من يَقُول بالقيافة يحمل حَدِيث عَليّ على مَا إِذا لم يُوجد الْقَائِف وَقد أَخذ بَعضهم بِالْقُرْعَةِ عِنْد الإشتباه وَالله تَعَالَى أعلم وَضحك أَي فَرحا وسرورا بِتَوْفِيق الله تَعَالَى عَلَيْهِ للصَّوَاب وَلذَلِك قَرَّرَهُ على ذَلِك أَو تَعَجبا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْحَال حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 جَمْعُ نَاجِذٍ وَهِيَ الْأَضْرَاسُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمرَاد الأول لِأَنَّهُ مَا كَانَ يبلغ بِهِ الضحك إِلَى أَن تبدو آخِرُ أَضْرَاسِهِ كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِي صِفَةِ ضحكه التبسم وان أَرَادَ بِهِ الْأَوَاخِرُ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُرَادَ مُبَالَغَةُ مِثْلِهِ فِي ضَحِكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَادَ ظُهُورُ نَوَاجِذِهِ فِي الضَّحِكِ وَهُوَ أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ لِاشْتِهَارِ النواجذ بأواخر الْأَسْنَان قَوْله أَتَاهُ نفر أَي خبر نفر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله متشاكسون أَي مُخْتَلفُونَ متنازعون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 بَاب الْقَافة جمع قائف وَهُوَ من يسْتَدلّ بالخلقة على النّسَب وَيلْحق الْفُرُوع بالأصول بالشبه والعلامات قَوْله تبرق بِفَتْح التَّاء وَضم الرَّاء أَي تضئ وَتَسْتَنِيرُ مِنَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ [3493] أَسَارِيرُ وَجْهِهِ هِيَ خطوط تَجْتَمِع فِي الْجَبْهَة وتتكسر الم ترى بتفح رَاء وَسُكُون يَاء على خطاب الْمَرْأَة أَن مجززا بجيم وزايين معجمتين اولاهما مُشَدّدَة مَكْسُورَة وَوجه سروره ان النَّاس كَانُوا يطعنون فِي نسب أُسَامَة من زيد لكَونه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 اسود وَزيد أَبيض وهم كَانُوا يعتمدون على قَول الْقَائِف فبشهادة هَذَا الْقَائِف ينْدَفع طعنهم وَقد أَخذ بَعضهم من هَذَا الحَدِيث القَوْل بالقيافة فِي اثبات النّسَب لِأَن سروره بِهَذَا القَوْل دَلِيل صِحَّته لِأَنَّهُ لَا يسر بِالْبَاطِلِ بل يُنكره وَمن لَا يَقُول بذلك يَقُول وَجه السرُور هُوَ أَن الْكَفَرَة الطاعنين كَانُوا يَعْتَقِدُونَ القيافة فَصَارَ قَول الْقَائِف حجَّة عَلَيْهِم وَهُوَ يَكْفِي فِي السرُور قَوْله المدلجي بِضَم مِيم وَسُكُون دَال وَكسر لَام قَوْله اللَّهُمَّ أهده من أنكر تَخْيِير الْوَلَد يرى أَنه مَخْصُوص ضَرُورَة أَن الصَّغِير لَا يَهْتَدِي بِنَفسِهِ إِلَى الصَّوَاب وَالْهِدَايَة من الله تَعَالَى للصَّوَاب لغير هَذَا الْوَلَد غير لَازِمَة بِخِلَاف هَذَا فقد وفْق للخير بدعائه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ النُّون أظهرت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 حَاجَتهَا إِلَى الْوَلَد وَلَعَلَّ مَحل الحَدِيث بعد الْحَضَانَة مَعَ ظُهُور حَاجَة الام إِلَى الْوَلَد واستغناء الْأَب عَنهُ مَعَ عدم ارادته إصْلَاح الْوَلَد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان ربيع بِضَم رَاء وَفتح مُوَحدَة وَتَشْديد يَاء مثناة من تَحت [3497] أَن تَتَرَبَّص أَي تنْتَظر حَيْضَة من لَا يَقُول بِهِ يَقُول ان الْوَاجِب فِي الْعدة ثَلَاثَة قُرُوء بِالنَّصِّ فَلَا يتْرك النَّص بِخَبَر الْآحَاد وَقد يُقَال هَذَا مَبْنِيّ على أَن الْخلْع طَلَاق وَهُوَ مَمْنُوع والْحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول أَنه لَيْسَ بِطَلَاق على أَنه لَو سلم أَنه طَلَاق فالنص مَخْصُوص فَيجوز تَخْصِيصه ثَانِيًا بالِاتِّفَاقِ أما عِنْد من يَقُول بالتخصيص بِخَبَر الْآحَاد مُطلقًا فَظَاهر وَأما عِنْد غَيره فلمكان التَّخْصِيص أَولا والمخصوص الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 أَولا يجوز تَخْصِيصه بِخَبَر الْآحَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حَدِيثَة عهد بِهِ أَي بِالزَّوْجِ أَي بِدُخُولِهِ عَلَيْك أَو بِالْجِمَاعِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَن الْحيض الْوَاحِد أَيْضا غير لَازم فِي ذَاته وَإِنَّمَا اللَّازِم الِاسْتِبْرَاء ان علمت بِالْجِمَاعِ المغالية بِفَتْح مِيم وغين مُعْجمَة من بني مغالة بطن من الْأَنْصَار قَوْله الْقبْلَة أَي التَّوَجُّه فِي الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس بافتراض التَّوَجُّه إِلَى الْكَعْبَة أَو بِالْعَكْسِ ان قُلْنَا أَن النّسخ فِي الْقبْلَة كَانَ مرَّتَيْنِ كَمَا قيل وعَلى الْوَجْهَيْنِ كَون هَذَا مَنْسُوخا من الْقُرْآن يَقْتَضِي أَن لَهُ ذكرا فِي الْقُرْآن وَهُوَ غير ظَاهر الا أَن يُقَال كَانَ فِي الْقُرْآن الا أَنه نسخ حكما وتلاوة أَو نقُول المُرَاد بِالْقُرْآنِ الْوَحْي وَالْحكم مُطلقًا وَيحْتَمل أَن يقْرَأ قَوْله فَأول نسخ على بِنَاء الْفَاعِل وَيُرَاد بالقبلة افتراض التَّوَجُّه إِلَى الْكَعْبَة فَيصح بِلَا تَأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم فنسخ من ذَلِك أَي الْكَلَام الثَّانِي نسخ من الْكَلَام الأول بعض صور الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 المطلقات وَهِي صور الاياس وَأوجب فِيهَا ثَلَاثَة أشهر مَكَان ثَلَاثَة قُرُوء فَقَالَ أَي نَاسِخا من الأول بعض الصُّور أَيْضا وَهِي مَا إِذا كَانَ الطَّلَاق قبل الدُّخُول فَلَا عدَّة هُنَاكَ أصلا قَوْله تحد من الاحداد وَهُوَ الْمَشْهُور وَقيل جَاءَ حد من بَاب نصر والاحداد ترك الزِّينَة للعدة والمضارع هَا هُنَا بِمَعْنى الْمصدر بِتَقْدِير أَن المصدرية أَو بِدُونِهَا فَاعل لَا يحل [3500] أَرْبَعَة أشهر وَعشرا مَنْصُوب بِمَحْذُوف أَي فَإِنَّهَا تحد عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَوْله فِي شَرّ أحلاسها بِفَتْح همزَة جمع حلْس بِكَسْر حاء وَسُكُون لَام وَهُوَ كسَاء يَلِي ظهر الْبَعِير أَي شَرّ ثِيَابهَا مَأْخُوذ من حلْس الْبَعِير [3501] فَلَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا أَي فَلَا تصبر فِي الْإِسْلَام أَرْبَعَة أشهر وَعشرا إنكارا لطلب التَّرَبُّص بعد ان خفف الله تَعَالَى برحمته مَا خفف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بن قهد بِالْقَافِ قَوْله أفأكحلها بِضَم الْحَاء وَقيل أَو بِفَتْحِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 [3502] وَإِنَّمَا هِيَ أَي الْعدة أَرْبَعَة أشهر وَعشرا بِنصب الجزأين على حِكَايَة لفظ الْقُرْآن وَقيل بِرَفْع الأول على الأَصْل وَجَاء برفعهما على الأَصْل ببعرة بِفَتْح الْبَاء وَسُكُون الْعين أَو فتحهَا وَكَانَت عِنْد الْخُرُوج ترمي ببعرة كَأَنَّهَا تَقول كَانَ جلوسها فِي الْبَيْت وحبسها نَفسهَا سنة بِالنِّسْبَةِ إِلَى حق الزَّوْج عَلَيْهَا كالرمية بالبعرة قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 [3506] ان سبيعة بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمُوَحدَة واسكان التَّحْتِيَّة نفست على بِنَاء الْمَفْعُول أَي ولدت كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ وَقلت أَو على بِنَاء الْفَاعِل بِكَسْر الْفَاء فَإِن الَّذِي بِمَعْنى الْولادَة جَاءَ فِيهِ وَجْهَان وَالَّذِي بِمَعْنى الْحيض الْأَشْهر فِي بِنَاء الْفَاعِل قَوْله إِذا تعلت بتشديداللام من تعلى إِذا ارْتَفع أَو برأَ أَي إِذا ارْتَفَعت وطهرت أَو خرجت من نفَاسهَا وسلمت والظرف مُتَعَلق بِأَمْر لَا لاستمرار الْعدة إِلَى وَقت الْخُرُوج من النّفاس بل بِنَاء على أَنَّهَا استفتت فِي هَذَا الْوَقْت أَو بتنكح وَالتَّقْيِيد بِهِ لَا لاستمرار الْعدة إِلَى وَقت الْخُرُوج من النّفاس بل لِأَن الْعَادة أَن النِّكَاح يُؤَخر إِلَى وَقت الْخُرُوج من النّفاس قَوْله عَن أبي السنابل بِفَتْح السِّين قَوْله تشوفت بِالْفَاءِ أَي طمحت وتشرفت فعيب كَبيع من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 من الْعَيْب قَوْله [3509] أبعد الاجلين يُرِيد أَنه قد جَاءَت آيتان متعارضتان إِحْدَاهمَا تَقْتَضِي أَن الْعدة فِي حَقّهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَهِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَالثَّانيَِة تَقْتَضِي أَن الْعدة فِي حَقّهَا وضع الْحمل وَهِي قَوْله تَعَالَى وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ وَلم ندر أَن الْعَمَل بِأَيِّهِمَا فَالْوَجْه الْعَمَل بالأحوط وَهُوَ الْأَخْذ بالأجل الْمُتَأَخر فَإِن تَأَخّر وضع الْحمل عَن أَرْبَعَة أشهر وَعشر يُؤْخَذ بِهِ وان تقدم يُؤْخَذ بأَرْبعَة أشهر نعم قد يتساويان فَلَا يبْقى أبعد الْأَجَليْنِ بل هما يَجْتَمِعَانِ لَكِن هَذَا الْقسم لقلته لم يذكر فحطت بحاء وطاء مهملتين وَالثَّانيَِة مُشَدّدَة أَي مَالَتْ إِلَيْهِ وَنزلت بقلبها نَحوه فَلَمَّا خَشوا كرضوا أَي الثَّانِي وَمن مَعَه أَن تفتات افتعال من الْفَوْت يُقَال فَاتَهُ وافتاته الْأَمر أَي ذهب عَنهُ وأفاته إِيَّاه غَيره وَالْبَاء هَا هُنَا للتعدية إِلَى الْمَفْعُول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 الثَّانِي وَالْأول مَحْذُوف وَالْمعْنَى أَن تفيتهم نَفسهَا وَيُمكن ان يكون الْبَاء فِي نَفسهَا بِمَعْنى فِي أَو للآلة بِتَقْدِير الْمُضَاف وَيكون الْمَفْعُول الْمُقدر جارا ومجرورا من افتات عَلَيْهِ إِذا تفرد بِرَأْيهِ دونه فِي التَّصَرُّف فِيهِ وَالتَّقْدِير أَن تفتات على أَهلهَا فِي أَمر نَفسهَا أَو بِرَأْي نَفسهَا وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَات الحَدِيث قَوْله [3510] وَالْآخر كهل بِفَتْح فَسُكُون أَي شيخ غيبا بِالتَّحْرِيكِ جمع غَائِب كخادم وخدم كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة الْمُوَطَّأ قلت وَيجوز أَن يكون بِضَم فمفتوحة مُشَدّدَة ذكره فِي الْقَامُوس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 قَوْله بن بعكك بموحدة ثُمَّ عَيْنٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ كَافَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 قَوْله [3518] فَلم تنشب بِفَتْح أَوله وثالثه أَي فَلم يتَأَخَّر وَضعهَا الْحمل عَن موت الزَّوْج للخطاب جمع خَاطب كالحكام جمع حَاكم قَوْله لَكِن عَمه أَي عبد الله بن مَسْعُود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 [3521] لَا يَقُول ذَلِك بل يَقُول بأبعد الْأَجَليْنِ فَالظَّاهِر أَن بن الْعم يتبعهُ وَهَذَا الَّذِي نقلت مِنْهُ غير ثَابت عَنهُ وَلِهَذَا أنكر عَلَيْهِ مُحَمَّد فَقَالَ إِنِّي لجريء بِحَذْف همزَة الِاسْتِفْهَام قَالَ قَالَ أَي بن مَسْعُود أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظ أَي أبعد الْأَجَليْنِ وَهَذَا من أبن سمعود إِنْكَار لما نقل عَنهُ بن أبي ليلى فَعلم أَن مَا نقل عَنهُ بن أبي ليلى غير ثَابت لأنزلت الخ يُرِيد أَن قَوْله تَعَالَى وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ بعد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَالْعَمَل على الْمُتَأَخِّرَة لِأَنَّهَا ناسخة للمتقدمة قَوْله من شَاءَ لَاعَنته أَي مَا يخالفني فَإِن شَاءَ فليجتمع معي حَتَّى نلعن الْمُخَالف للحق وَهَذَا كِنَايَة عَن قطعه وجزمه بِمَا يَقُول من وهم بِخِلَافِهِ قَوْله لَا وكس بِفَتْح فَسُكُون أَي نُقْصَان مِنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 [3524] وَلَا شطط بِفتْحَتَيْنِ أَي لَا زِيَادَة عَلَيْهِ فِي بروع بِكَسْر الْمُوَحدَة أَو فتحهَا قَوْله تحد من الاحداد فَاعل لَا يحل بِتَقْدِير أَن تحد قَوْله لامْرَأَة تؤمن الخ يُرِيد أَن مَفْهُوم الصّفة يدل على أَنه لَا إحداد على الْكِتَابِيَّة وَلَا ينتهض هَذَا دَلِيلا على من لَا يَقُول بِالْمَفْهُومِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 قَوْله فِي طلب أَعْلَاجٍ جَمْعُ عَلْجٍ وَهُوَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَجَمِ وَالْمرَاد عبيد قاصية أَي بعيدَة من أَهلهَا أَو من النَّاس مطقا الْكتاب أَي الْقدر الْمَكْتُوب من الْعدة أَجله أَي آخِره قَوْله عَن الفريعة بِضَم الْفَاء وَفتح الرَّاء قَوْله علوجا جمع علج قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 [3530] بِطرف الْقدوم بِفَتْح الْقَاف وَتَخْفِيف الدَّال وتشديدها مَوضِع على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة فَذكرت لَهُ النقلَة فِي الْقَامُوس النقلَة بِالضَّمِّ الِانْتِقَال قَوْله وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَ إِخْرَاجٍ أَي إِلَى آخِره والناسخ هُوَ قَوْله فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف لَا يُقَال هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى أَرْبَعَة أشهر وَعشرا لدلالتها على السّنة فَإِن قَوْله مَتَاعا إِلَى الْحول يدل على السّنة وَهِي مَنْسُوخَة اتِّفَاقًا لأَنا نقُول مَنْسُوخَة فِي حق الْمدَّة وَلَا يلْزم مِنْهُ كَونهَا مَنْسُوخَة فِي حق الْمَكَان فَلْيتَأَمَّل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 قَوْله شاسعة أَي بعيدَة لَا دلَالَة لهَذَا الحَدِيث على أَن الْعدة من وَقت وُصُول الْخَبَر دون الْمَوْت الا أَن يُقَال الْأَمر يدل على أَن الْمدَّة تعْتَبر من وَقت الْأَمر لَا من وَقت الْمَوْت لَكِن يرد عَلَيْهِ أَن الْأَمر كَانَ بعد وَقت الْخَبَر فَإِن اعتذر عَنهُ باتحاد الْيَوْم يُقَال يجوز أَن يكون ذَلِك الْيَوْم يَوْم الْمَوْت أَيْضا وَلَا مَانع عقلا من ذَلِك على أَنه لَا دلَالَة للفظ الحَدِيث على اتِّحَاد يَوْم الْخَبَر وَيَوْم الْأَمر فَلْيتَأَمَّل قَوْله فدهنت بدال مُهْملَة جَارِيَة بِالنّصب كَأَنَّهَا فعلت ذَلِك لتقليل مَا فِي يَديهَا وَالْمرَاد بعارضيها جانبا وَجههَا ثمَّ مُقْتَضى الحَدِيث أَن لَا تتْرك الزِّينَة وَالطّيب فَوق ثَلَاث لَيَال لقصد الْإِحْدَاد وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن تسْتَعْمل الطّيب والزينة بعد ثَلَاث لَيَال كَيفَ وَقد لَا تَجِد أصلا فَكَانَ مُرَاد الْأزْوَاج المطهرات من اسْتِعْمَال الطّيب الْبعد عَن شُبْهَة الاحداد ظَاهرا لَا أَن الحَدِيث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 يَقْتَضِي اسْتِعْمَال الطّيب والزينة وَالله تَعَالَى أعلم [3533] وَقد اشتكت عينهَا بِالرَّفْع أَو النصب وعَلى الثَّانِي فَاعل اشتكت ضمير الْبِنْت افأكحلها من بَاب نصر أَو منع حفشا بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء الْبَيْت الصَّغِير الضّيق فتفتض بتشديدالضاد الْمُعْجَمَة فسره مَالك بقوله تتمسح قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 [3534] وَلَا ثوب عصب بِفَتْح عين وَسُكُون صَاد مهملتين هُوَ برود يمنية يعصب غزلها أَي يرْبط ثمَّ يصْبغ وينسج فَيَأْتِي مخططا لِبَقَاءِ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبْيَضَ لَمْ يَأْخُذهُ صبغ يُقَال برد عصب بِالْإِضَافَة والتنوين وَقيل برود مخططة وَهَذِه الرِّوَايَة تَقْتَضِي شُمُول النَّهْي لثوب عصب وَرِوَايَة أبي دَاوُد الا ثوب عصب وَذَاكَ صَرِيح فِي جَوَاز ثوب عصب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله نبذا بِضَم النُّون وَسُكُون الْبَاء أَي شَيْئا قَلِيلا قسط بِضَم قَاف وَسُكُون مُهْملَة قَالَ النَّوَوِيّ الْقسْط والاظفار نَوْعَانِ معروفان من البخور خص فيهمَا لإِزَالَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 الرَّائِحَة الكريهة لَا للتطيب قَوْله المعصفر أَي الْمَصْبُوغ بالعصفر فَلَا الممشقة على لفظ اسْم مفعول من التفعيل الْمَصْبُوغ بطين أَحْمَر يُسمى مشقا بِكَسْر الْمِيم والتأنيث بِاعْتِبَار موصوفها الثِّيَاب قَوْله الْجلاء بِكَسْر وَمد الاثمد وَقيل بِالْفَتْح وَالْمدّ وَالْقصر ضرب من الْكحل صبرا بِفَتْح فَكسر أَو سُكُون وَقد تكسر الصَّاد عصارة شجر مر [3537] انه يشب الْوَجْه بِضَم الشين الْمُعْجَمَة من شب النَّار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 أوقدها فتلألأت ضِيَاء ونورا أَي يلونه ويحسنه تغلفين بِهِ رَأسك من التغليف أَي تغطين أَو تجعلين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 كالغلاف لرأسك وَالْمرَاد تكثرين مِنْهُ على شعرك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 قَوْله نسخ ذَلِك أَي ذَلِك الحكم وَهُوَ الْوَصِيَّة قَوْله [3545] أَنه شَيْء تطول بِهِ أَي أحسن وتطوع وَهُوَ غير لَازم أم كُلْثُوم فِي غَالب الرِّوَايَات أم شريك عوادها هم الزوار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 قسقاسته الْعَصَا أَي تحريكه الْعَصَا قَوْله أَن يقتحم عَليّ أَي يدْخل عَلَيْهِ سَارِق وَنَحْوه قَوْله فَخَاصَمته أَي وَكيله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 فَحَصَبه الظَّاهِر ان المُرَاد الْأسود رمى الشّعبِيّ بالحصباء قَالَ عمر ذكره الْأسود اسْتِشْهَادًا بِهِ على النَّهْي أَي قَالَ عمر لفاطمة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله طلقت على بِنَاء الْمَفْعُول فجدي بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الدَّال أَي فاقطعي ثَمَرَتهَا وتفعلي مَعْرُوفا كَانَ المُرَاد بالتصدق الْفَرْض وبالمعروف التَّطَوُّع والْحَدِيث فِي الْمُطلقَة وَالْمُصَنّف اخذ مِنْهُ حكم المتوفي عَنْهَا زَوجهَا لِأَن الْمُطلقَة مَعَ أَنَّهَا تجْرِي عَلَيْهَا النَّفَقَة من الزَّوْج فِيمَا دون الثَّلَاث بِاتِّفَاق وَفِي الثَّلَاث على الِاخْتِلَاف إِذا جَازَ لَهَا الْخُرُوج لهَذِهِ الْعلَّة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث فجواز الْخُرُوج للمتوفي عَنْهَا زَوجهَا بِالْأولَى وَلَا أقل من الْمُسَاوَاة لاشتراك هَذِه الْعلَّة بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وَلكَون اثبات الحكم بِالْحَدِيثِ فِي المتوفي عَنْهَا زَوجهَا أدق دون الْمُطلقَة عدل فِي التَّرْجَمَة فِي المجتبي إِلَى مَا ترى لكَونه يُرَاعِي الدقة فِي التَّرْجَمَة وَقد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 قَالَ فِي الْكُبْرَى بَاب خُرُوج المبتوتة بِالنَّهَارِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لما أَمر من التأمير المُصَنّف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 على أَن الْقُرْء الْحيض دون الاطهار لَكِن الْعلمَاء قَالُوا ان لفظ الْقُرْء مُشْتَرك بَين الْمَعْنيين فَلَا يلْزم من اسْتِعْمَاله فِي هَذَا الحَدِيث فِي الْحيض أَن يكون فِي كل مَوضِع فَلَا يثبت أَن المُرَاد بالقرء الْمَذْكُور فِي آيَة الْعدة مَاذَا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 (كتاب الْخَيل) قَوْله [3561] أذال النَّاس الْخَيل الاذالة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة الاهانة أَي أهانوها واستخفوا بهَا بقلة الرَّغْبَة فِيهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُمْ وَضَعُوا أَدَاةَ الْحَرْبِ عَنْهَا وأرسلوها وَقد وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَيِ انْقَضَى أَمْرُهَا وَخَفَّتْ أثقالها فَلم يبْقى قتال الْآن الْآن جَاءَ الْقِتَال التّكْرَار للتَّأْكِيد وَالْعَامِل فِي الظّرْف جَاءَ الْقِتَال أَي شرع الله الْقِتَال الْآن فَكيف يرفع عَنْهُم سَرِيعا أَو المُرَاد بل الْآن اشْتَدَّ الْقِتَال فَإِنَّهُم قبل ذَلِك كَانُوا فِي أَرضهم وَالْيَوْم جَاءَ وَقت الْخُرُوج إِلَى الْأَرَاضِي الْبَعِيدَة وَيحْتَمل أَن الأول مُتَعَلق بِمِقْدَار أَي فعلوا مَا ذكرت الْآن ويزيغ من أزاغ إِذا مَال وَالْغَالِب اسْتِعْمَاله فِي الْميل عَن الْحق إِلَى الْبَاطِل وَالْمرَاد يمِيل الله تَعَالَى لَهُم أَي لأجل قِتَالهمْ وسعادتهم قُلُوب أَقوام عَن الْإِيمَان إِلَى الْكفْر ليقاتلوهم وياخذوا مَا لَهُم وَيحْتَمل على بعد أَن المُرَاد يمِيل الله تَعَالَى قُلُوب أَقوام إِلَيْهِم ليعينهم على الْقِتَال ويرق الله تَعَالَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 أُولَئِكَ الأقوام المعينين من هَؤُلَاءِ الْأمة بِسَبَب إِحْسَان هَؤُلَاءِ إِلَى أُولَئِكَ فَالْمُرَاد بالأمة الرؤساء وبالأقوام الِاتِّبَاع وعَلى الأول المُرَاد بالأمة المجاهدون من الْمُؤمنِينَ وبالأقوام الْكَفَرَة وَالله تَعَالَى أعلم حَتَّى تقوم السَّاعَة يَجِيء أعظم مقدماتها وَهُوَ الرّيح الَّذِي لَا يبْقى بعده مُؤمن على الأَرْض الْخَيْر وَقد جَاءَ تَفْسِيره بِالْأَجْرِ وَالْغنيمَة قلت وَيُزَاد الْعِزَّة والجاه بِالْمُشَاهَدَةِ فَيحمل مَا جَاءَ على التَّمْثِيل دون التَّحْدِيد أَو على بَيَان أعظم الْفَوَائِد الْمَطْلُوبَة بل على بَيَان الْفَائِدَة المترتبة على مَا خلق لَهُ وَهُوَ الْجِهَاد والجاه وَنَحْوه حَاصِل بالِاتِّفَاقِ لَا بِالْقَصْدِ وَالله تَعَالَى أعلم غير ملبث اسْم مفعول من البثه غَيره أَو لبثه بِالتَّشْدِيدِ وَأَنْتُم تتبعوني تَكُونُونَ بعدِي فَإِن التَّابِع يكون بعد الْمَتْبُوع أَو تَلْحَقُونَ بِي بِالْمَوْتِ وَلَا يشكل على الثَّانِي قَوْله أفنادا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض وَهُوَ ظَاهر فَلْيتَأَمَّل وافنادا بِالْفَاءِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ جمع فند وعقر دَار الْمُؤمنِينَ فِي النِّهَايَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَصْلُهَا وَمَوْضِعُهَا كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى وَقْتِ الْفِتَنِ أَي تكون الشَّامُ يَوْمَئِذٍ آمِنًا مِنْهَا وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ بِهِ أسلم قَوْله ثَلَاثَة أَي أَصْحَاب الْخَيل ثَلَاثَة فِي سَبِيل الله أَي فِي الْجِهَاد فيتخذها لَهُ أَي للْجِهَاد وَلَا تغيب بِالتَّشْدِيدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 وَالضَّمِير للخيل مرج بِفَتْح فَسُكُون أَي أَرض وَاسِعَة ذَات نَبَات كثير قَوْله فَأطَال لَهَا أَي فِي حبلها فِي مرج أَي مرعي طيلها بِكَسْر الطَّاء هُوَ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي وَتَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ لِيَدُورَ فِيهِ وَيَرْعَى وَلَا يَذْهَبَ لِوَجْهِهِ وَيُقَال لَهُ الطول بِالْكَسْرِ أَيْضا فاستنت من الاستنان أَي جرت شرفا بِفتْحَتَيْنِ هُوَ العالي من الأَرْض وَالْمرَاد طلقا أَو طلقين لم يرد أَن تسقى أَي لم يرد صَاحب الْفرس أَن يسقى الْفرس المَاء أَي فَإِن كَانَ هَذَا حَاله إِذا لم يرد فَإِن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 أَرَادَ فبالأولى يسْتَحق أَن يكْتب لَهُ حَسَنَات وَهَذَا لَا يُخَالف حَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لِأَن الْمَفْرُوض وجودالنية فِي أصل ربط هَذِه الْفرس وَتلك كَافِيَة تغَنِّيا أَي إِظْهَارًا للغنى عِنْد النَّاس وَتَعَفُّفًا أَيِ اسْتِغْنَاءً بِهَا عَنِ الطَّلَبِ مِنَ النَّاس حق الله فِي رقابها وَلَا ظُهُورهَا فسر من أوجب الزَّكَاة فِي الْخَيل الْحق فِي الرّقاب بهَا وَفِي الظُّهُور بالاعارة من الْمُحْتَاج وَيُمكن لمن لَا يُوجب الزَّكَاة فِيهَا أَن يَقُول المُرَاد بِالْحَقِّ الشُّكْر وَمعنى فِي رقابها لأجل تمْلِيك رقابها وظهورها أَي لأجل إِبَاحَة ظُهُورهَا وَفِي الْكَلَام هَا هُنَا نوع بسط ذَكرْنَاهُ فِي مَحل آخر ونواء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ أَي معاداة ومناواة الجامعة أَي الْعَامَّة المتناولة لكل خير وَشر الفاذة المنفردة فِي مَعْنَاهَا القليلة النظير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 قَوْله [3564] من الْخَيل لَعَلَّ ترك ذكرهَا فِي حَدِيث حبب إِلَى من دنياكم النِّسَاء وَالطّيب لعَدهَا من الدّين لكَونهَا آلَة الْجِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تسموا صِيغَة أَمر من التسمي عبد الله الخ لما فِيهِ من الِاعْتِرَاف بالعبودية لله تَعَالَى وَالْمرَاد هما وأمثالهما وارتبطوا الْخَيل قيل هُوَ كِنَايَة عَن تسمينها للغزو وأكفالها جمع كفل وَهُوَ الْفَخْذ وَالْمَقْصُود من الْمسْح تنظيفها من الْغُبَار وتعرف حَال سمنها وَقد يحصل بِهِ الانس للْفرس بِصَاحِبِهِ وقلدوها أَي طلب الاعداد لاعلاء الدّين والدفاع عَن الْمُسلمين أَي اجعلوا ذَلِك لَازِما لَهَا كلزوم القلائد للاعناق وَلَا تقلدوها الأوتار قيل جمع وتر بِالْكَسْرِ وَهُوَ الدَّم وَالْمعْنَى لَا تقلدوها طلب دِمَاء الْجَاهِلِيَّة أَي اقصدوا بهَا الْخَيْر وَلَا تقصدوا بهَا الشَّرّ وَقيل جمع وتر الْقوس فَإِنَّهُم كَانُوا يعلقونها بأعناق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 الدَّوَابّ لدفع الْعين وَهُوَ من شعار الْجَاهِلِيَّة فكره ذَلِك كميت بِالتَّصْغِيرِ هُوَ الَّذِي لَونه بَين السوَاد والحمرة يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث أغر الَّذِي فِي وَجهه غرَّة أَي بَيَاض محجل من التحجيل بِتَقْدِيم الْمُهْملَة على الْجِيم وَهُوَ الَّذِي فِي قوائمه بَيَاض أَو أشقر الشقر فِي الْخَيل هِيَ الْحمرَة الْخَالِصَة أَو أدهم أسود قَوْله يكره الشكال بِكَسْر الشين وَسَيذكر المُصَنّف تَفْسِيره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 قَوْله [3568] الشؤم فِي ثَلَاثَة اتَّفقُوا على أَن اعْتِقَاد التَّأْثِير لغيره تَعَالَى فَاسد والأسباب العادية باجراء الله تَعَالَى إِيَّاهَا أسبابا عَادِية وَاقعَة قطعا فَقيل المُرَاد أَن التشاؤم بِهَذِهِ الْأَشْيَاء جَائِز بِمَعْنى انها أَسبَاب عَادِية لما يَقع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 فِي قلب المتشائم بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فَلَو تشاءم بهَا الْإِنْسَان بِالنّظرِ إِلَى كَونهَا أسبابا عَادِية لَكَانَ ذَلِك جَائِزا بِخِلَاف غَيرهَا فالتشاؤم بهَا بَاطِل إِذْ لَيست هِيَ من الْأَسْبَاب العادية لما يَظُنّهُ فِيهَا المتشائم بهَا وَأما اعْتِقَاد التَّأْثِير فِي غَيره تَعَالَى ففاسد قطعا فِي الْكل وَقيل بل هُوَ بَيَان أَنه لَو كَانَ لَكَانَ فِي هَذِه الْأَشْيَاء لكنه غير ثَابت فِي هَذِه الْأَشْيَاء فَلَا ثُبُوت لَهُ أصلا وَبَعض الرِّوَايَات وان كَانَ يَقْتَضِي هَذَا الْمَعْنى لَكِن غَالب الرِّوَايَات يُؤَيّد الْمَعْنى الأول وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَفِي الربعة بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْمُوَحدَة الدَّار قَوْله الْبركَة فِي نواصي الْخَيل المُرَاد من الْبركَة هُوَ الْخَيْر الَّذِي سَيَجِيءُ قَوْله مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا أَي ملازم لَهَا كَأَنَّهُ مَعْقُود فِيهَا كَذَا فِي الْمجمع وَالْمرَاد أَنَّهَا أَسبَاب لحُصُول الْخَيْر لصَاحِبهَا فَاعْتبر ذَاك كَأَنَّهُ عقد للخير فِيهَا ثمَّ لما كَانَ الْوَجْه هُوَ الْأَشْرَف وَلَا يتَصَوَّر العقد فِي الْوَجْه الا فِي الناصية اعْتبر ذَاك عقدا لَهُ فِي الناصية الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 قَوْله يحْتَسب أَي يَنْوِي فِي صنعه بِفَتْح فَسُكُون أَي عمله ومنبله من أنبل أَو نبل بِالتَّشْدِيدِ إِذا نَاوَلَهُ النبل ليرمي بِهِ وَقد سبق بَيَانه فِي كتاب الْجِهَاد وان ترموا احب فَإِن الرَّمْي من الْأَسْبَاب الْقَرِيبَة وَأَيْضًا يعم الرَّاكِب والماشي وَمَعْرِفَة الرّكُوب لَا يحْتَاج إِلَيْهَا الا الرَّاكِب وَلَيْسَ اللَّهْو أَي الْمَشْرُوع أَو الْمُبَاح أَو الْمَنْدُوب أَو نَحْو ذَلِك فَهُوَ على حذف الصّفة مثل وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة أَي صَالِحَة أَو التَّعْرِيف للْعهد وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد أَن لفظ الحَدِيث كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَهُوَ كل شَيْء يلهو بِهِ الرجل بَاطِل الا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امْرَأَته فَإِنَّهُنَّ من الْحق وَرِوَايَة الْكتاب من تَصَرُّفَات الروَاة ثمَّ نقل السُّيُوطِيّ عَن بعض مثل مَا ذكرنَا من التَّقْدِير وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بدعوتين أَي بمرتين من الدُّعَاء إِحْدَاهمَا اجْعَلنِي أحب أَهله وَالثَّانِي أحب مَاله أما قَوْله اللَّهُمَّ خولتني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 فتمهيد لذَلِك وَهُوَ من التخويل بِمَعْنى التَّمْلِيك وَقَوله وجعلتني لَهُ كالتفسير لَهُ قَوْله التَّشْدِيد فِي حمل الْحمير على الْخَيل أَي انزائها عَلَيْهَا وَتَخْصِيص انزاء الْحمر على الْخَيل إِمَّا لِأَنَّهُ الْمُعْتَاد دون الْعَكْس ولكونه الْمَذْكُور فِي الْحَدِيثين الْمَذْكُورين وَأما الْعَكْس فَلَيْسَ النَّهْي عَنهُ بِصَرِيح وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِالْقِيَاسِ وَقد يمْنَع صِحَة الْقيَاس بِأَن هَا هُنَا قطعا لنسل الْخَيل بِخِلَاف الْعَكْس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَو حملنَا من الْحمل أَي أنزينا وَكلمَة لَو شَرْطِيَّة جوابها لكَانَتْ لنا مثل هَذِه وَالْإِشَارَة إِلَى بغلة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الَّذين لَا يعلمُونَ أَي أَحْكَام الشَّرِيعَة أَو مَا هُوَ الأولى والأنسب بالحكمة أَو هُوَ منزل منزلَة اللَّازِم أَي من لَيْسُوا من أهل الْمعرفَة أصلا قيل سَبَب الْكَرَاهَة استبدال الْأَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خير وَاسْتدلَّ على جَوَاز اتِّخَاذ البغال بركوب رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا وبامتنان الله تَعَالَى على النَّاس بهَا بقوله وَالْخَيْل وَالْبِغَال أُجِيب بِجَوَاز أَن تكون البغال كالصور فَإِن عَملهَا حرَام واستعمالها فِي الْفرش مُبَاح وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ لَا أَجَابَهُ على حسب ظَنّه وَإِلَّا فقد ثَبت أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فيهمَا سرا وَمن لَا يرى الْقِرَاءَة فِي تَمام الرَّكْعَات الْأَرْبَع يُمكن أَن يحمل الْجَواب على ذَلِك بِنَاء على حمل السُّؤَال على السُّؤَال عَن الْقِرَاءَة فِي تَمام الرَّكْعَات وَلَا يَخْلُو عَن بعد فَلَعَلَّهُ من كَلَام السَّابِق بِتَقْدِير قَالَ يقْرَأ فِي نَفسه أَي سرا خمشا بِفَتْح خاء مُعْجمَة وَسُكُون مِيم مصدر خَمش وَجهه خمشا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 أَي قشر دَعَا عَلَيْهِ بِأَن يخمش وَجهه أَو جلده ونصبه بِفعل مُقَدّر كجدعا هَذِه الْمَسْأَلَة فَبَلغهُ فَكيف يخفى بِحَيْثُ لَا يظْهر أصلا وَيلْزم مِنْهُ أَنه مَا بلغ لَكِن قد ثَبت بأدلة قولية الْبَلَاغ بِنَحْوِ لَا صَلَاة الا بِفَاتِحَة الْكتاب مثلا بل كَانَ يقْرَأ فَيسمع الْآيَة أَحْيَانًا وَهُوَ يَكْفِي فِي الْبَلَاغ لَكِن الظَّاهِر أَن بن عَبَّاس مَا بلغه ذَلِك فَرَأى مَا رأى مَا اختصنا أَي أهل الْبَيْت أمرنَا أَي أَمر إِيجَاب أَو ندب مُؤَكد والا فمطلق النّدب عَام وَالْوَجْه الْحمل على النّدب الْمُؤَكّد إِذْ لم يقل أحد بِوُجُوب الاسباغ فِي حق الْمَوْجُودين من أهل الْبَيْت الا أَن يُقَال كَانَ الْأَمر مَخْصُوصًا فِي حق الْمَوْجُودين فِي وقته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان نسبغ من الاسباغ وَلَا ننزى من الانزاء وَهُوَ أَيْضا يحمل على تَأَكد الْكَرَاهَة والا فاصل الْكَرَاهَة عَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أوعد الله للمجاهدين [3582] كَانَ شبعه بِكَسْر فَفتح وريه بِكَسْر وَحكى فتحهَا وَتَشْديد يَاء وبوله الخ يدل على أَنه كَمَا توزن الْأَعْمَال كَذَلِك الاجرام الْمُتَعَلّقَة بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من الحفياء بِفَتْح حاء مُهْملَة وَسُكُون فَاء مَمْدُود وَيقصر مَوضِع على أَمْيَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 من الْمَدِينَة وَقد يُقَال بِتَقْدِيم الْيَاء على الْفَاء أمدها غايتها الَّتِي لم تضمر من الاضمار أَو التضمير وَالْأول أشهر رِوَايَة وَعلم مِنْهُ أَن مَا تقدم فِيمَا أضمرت من الْخَيل واضمار الْفرس وتضميرها تقليل عَلفهَا مُدَّة وادخالها بَيْتا وتجليلها لتعرق ويجف عرقها فيخف لَحمهَا وتقوى على الجري وَقيل هُوَ تسمينها أَولا ثمَّ ردهَا إِلَى الْقُوت بني زُرَيْق بِضَم مُعْجمَة فَفتح مُهْملَة قَوْله لَا سبق هُوَ بِفَتْح الْبَاء مَا يَجْعَل للسابق على سبقه من المَال وبالسكون مصدر قَالَ الْخطابِيّ الصَّحِيح رِوَايَة الْفَتْح أَي لَا يحل أَخذ المَال بالمسابقة الا فِي هَذِه الثَّلَاثَة وَهِي السِّهَام وَالْخَيْل وَالْإِبِل وَقد ألحق بهَا مَا بمعناها من آلَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 الْحَرْب لِأَن فِي الْجعل عَلَيْهَا ترغيبا فِي الْجِهَاد وتحريضا عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا تسبق على بِنَاء الْمَفْعُول على قعُود بِفَتْح قَاف هُوَ من الْإِبِل مَا أمكن أَن يركب وَأَدْنَاهُ أَن يكون لَهُ سنتَانِ ثمَّ هُوَ قعُود إِلَى أَن يدْخل فِي السّنة السَّادِسَة ثمَّ هُوَ جمل سبقت على بِنَاء الْمَفْعُول أَن حَقًا على الله فِي إعرابه اشكال عِنْد النَّاس من حَيْثُ أَنه يلْزم أَن يكون اسْم أَن نكرَة وخبرها أَن مَعَ الْفِعْل وَهُوَ فِي حكم الْمعرفَة بل من أتم المعارف حَتَّى يَجْعَل مُسْندًا إِلَيْهِ مَعَ كَون الْخَبَر معرفَة نَحْو قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ قَوْلهم الا أَن قَالُوا بِنصب قَوْلهم على الخبرية وَرفع أَن قَالُوا محلا على أَنه اسْم كَانَ وَقد أُجِيب بِالْقَلْبِ وَلَا يخفى بعده وَلَعَلَّ الْأَقْرَب من ذَلِك أَن يَجْعَل على الله خَبرا وَحقا حَالا من ضَمِيره فَلْيتَأَمَّل أَن لَا يرْتَفع أَي بِرَفْع النَّاس إِيَّاه وَفِي نُسْخَة أَن لَا يرفع على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد رفع النَّاس وَأما مَا رَفعه الله فَلَا وَاضع لَهُ قَوْله لَا جلب وَلَا جنب بِفتْحَتَيْنِ وَقد سبق فِي كتاب النِّكَاح الحَدِيث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 نهبة بِضَم النُّون أَي مَالا قَوْله [3592] أَن لَا يرفع شَيْء نَفسه الْأَقْرَب بِنَاء الْفَاعِل وَنصب نَفسه وَأما جعله مَبْنِيا للْمَفْعُول وَرفع نَفسه على انه بدل من شَيْء فبعيد بَقِي أَن النَّاقة مَا رفعت نَفسهَا وَالظَّاهِر أَن الْمدَار على أَن يرفع شَيْء بِلَا اسْتِحْقَاق سَوَاء هُوَ رفع نَفسه أم لَا بَاب سَهْمَان الْخَيل بِضَم سين وَسُكُون هَاء جمع سهم قَوْله [3593] سَهْما للزبير قيل اللَّام فِيهِ للتَّمْلِيك وَفِي قَوْله للْفرس للسبيبة وَبِهَذَا الحَدِيث أَخذ الْجُمْهُور فَقَالُوا للفارس ثَلَاثَة أسْهم وَمن لَا يَقُول بِهِ يعْتَذر عَنهُ بِأَن الْأَحَادِيث متعارضة فقد جَاءَ للفارس سَهْمَان وَالْأَصْل أَن لَا تزيد الدَّابَّة على راكبها فَأخذ بِمَا يُؤَيّدهُ الْقيَاس وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 ( كتاب الأحباس ) مصدر أحبسه يُقَال حَبسه وأحبسه أَي وَقفه قَوْله [3594] الا بغلته يحْتَمل الِاتِّصَال بِتَأْوِيل مَا قبله بِنَحْوِ مَا ترك شَيْئا الا بغلته أَو بِتَقْدِير وَلَا ترك شَيْئا الا بغلته والانقطاع على ظَاهره والشهباء الْبَيْضَاء جعلهَا ظَاهره أَنه صفة أَرضًا فَترك حكم غَيرهَا مقايسة يحْتَمل أَنه مُسْتَأْنف لبَيَان حَال جَمِيع مَا ترك أَي جعل الْمَذْكُورَات كلهَا صَدَقَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 قَوْله أحب إِلَى الخ أَي فَأُرِيد أَن أَتصدق لقَوْله تَعَالَى لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا الْآيَة غير مُتَمَوّل مَالا أَي غير متخذ إِيَّاه مَالا لنَفسِهِ بل يَأْكُلهُ ويطعمه بِالْمَعْرُوفِ قَوْله [3599] غير مُتَمَوّل فِيهِ أَي غير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 متجر فِيهِ قَوْله ليسألنا من أَمْوَالنَا أَي ليطلب منا التَّصَدُّق بِبَعْض أَمْوَالنَا ويأمرنا بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 قَوْله وسبل بتَشْديد الْبَاء أَي اجْعَل ثَمَرَتهَا فِي سَبِيل الله قَوْله بثمغ بِفَتْح مُثَلّثَة وَسُكُون مِيم وغين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 مُعْجمَة أَرض بِالْمَدِينَةِ قَوْله [3606] اعتزال الْأَحْنَف بن قيس مَا كَانَ أَي بِأَيّ سَبَب اعتزل عَن عَليّ وَمُعَاوِيَة جَمِيعًا وَلَعَلَّ حَاصِل الْجَواب أَنه ترك النَّاس تَعْظِيمًا لقتل عُثْمَان وخوفا على نَفسه الْوُقُوع فِي مثله وَرَأى أَن النَّاس قد يَجْتَمعُونَ على بَاطِل كقتلة عُثْمَان وَالله تَعَالَى أعلم ملية بِالتَّصْغِيرِ هِيَ الْإِزَار أَو الريطة كَمَا أَنْت أَي كن على الْحَال الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا من يبْتَاع أَي يَشْتَرِي مربد بِكَسْر مِيم وَفتح بَاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 مَوضِع يَجْعَل فِيهِ التَّمْر لينشف بِئْر رومة بِضَم رَاء اسْم بِئْر بِالْمَدِينَةِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ باقامتي الْحجَّة على الْأَعْدَاء على لِسَان الْأَوْلِيَاء فَإِن الْمَقْصُود كَانَ اسماع من يعاديه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله عَلَيْهِ ملاءة بِضَم مِيم وَمد هِيَ الْإِزَار والريطة قد قنع بتَشْديد النُّون أَي ألْقى على رَأسه لدفع الْحر أَو غَيره قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 [3608] من صلب مَالِي أَي من أصل مَالِي وَرَأس مَالِي لَا مِمَّا أثمره المَال من الزِّيَادَة وأصل المَال عِنْد التُّجَّار أعز شَيْء من مَاء الْبَحْر أَي مَاء الْبِئْر الَّذِي فِي الْبَيْت وَهُوَ كَمَاء الْبَحْر مالح يَعْنِي أَنِّي شَهِيد أَي شهدُوا لي بِأَنِّي شَهِيد مقتول ظلما وهم ظلمَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 قَوْله فركله أَي ضربه بِرجلِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 كتاب الْوَصَايَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ النِّصْفُ وَنَصَبَهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَيْ أَهَبُ الشَّطْرَ وَكَذَلِكَ قَوْله فَالثُّلُث الْكَرَاهِيَة فِي تَأْخِير الْوَصِيَّة أى لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُؤَخر الْوَصِيَّة أما باخراج مَا يحوجه اليها أَو بتقديمها على الْمَرَض مَعَ وجود مَا يحوجه اليها فَلذَلِك ذكر فِي الْبَاب من الْأَحَادِيث مَا يقتضى التَّصَدُّق بِالْمَالِ قبل حُلُول الْآجَال لما فِيهِ من الْخُرُوج عَن كَرَاهِيَة تَأْخِير الْوَصِيَّة لانْتِفَاء الْحَاجة إِلَيْهَا أصلا فَلْيتَأَمَّل قَوْله أَن تصدق بِفَتْح أى هِيَ تصدقك شحيح أى من شَأْنه الشُّح للْحَاجة إِلَى المَال تخشى الْفقر بِصَرْف المَال وَتَأمل الْبَقَاء أَي ترجوه وَلَا تمهل نهى من الْإِمْهَال بلغت أَي النَّفس وَقد كَانَ لفُلَان أى وَقد صَار للْوَارِث أى قَارب أَن يصير لَهُ أَن لم توص بِهِ فَلَيْسَ بالتصدق بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 كثير فضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله اعلموا أَنه لَيْسَ مِنْكُم أحد خطاب للموجودين فِي ذَلِك الْوَقْت عِنْده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لالتمام الْأمة فَلَا يرد أَن فِي الْأمة من كَانَ على خلاف ذَلِك كنحو أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَالك خطاب لكل من يصلح لَهُ قَوْله [3613] يَقُول بن آدم مَالِي كَأَنَّهُ أَفَادَ بِهَذَا التَّفْسِير أَن المُرَاد التكاثر فِي الْأَمْوَال وَإِنَّمَا مَالك يَا بن آدم إِنْكَار مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على بن آدم بِأَن مَاله هُوَ مَا انْتفع بِهِ فِي الدُّنْيَا بِالْأَكْلِ أَو اللّبْس أَو فِي الْآخِرَة بالتصدق وَأَشَارَ بقوله فأفنيت فأبليت إِلَى أَن مَا أكل أَو لبس فَهُوَ قَلِيل الجدوى لَا يرجع إِلَى عَاقِبَة وَقَوله أَو تَصَدَّقت فأمضيت أَي أردْت التَّصَدُّق فأمضيت أَو تَصَدَّقت فَقدمت لآخرتك قَوْله يهدي من أهْدى أَي يُعْطي بعد مَا قضى حَاجته وَهُوَ قَلِيل الجدوى وَلَا يعتاده الا دنيء الهمة وَإِنَّمَا مثل بذلك لِأَن الثَّانِي أشهر وَإِلَّا فالعكس أولى فَإِن الَّذِي شبع رُبمَا يتَوَقَّع حَاجته إِلَى ذَلِك الشَّيْء بِخِلَاف الَّذِي يعْتق أَو يتَصَدَّق عِنْد مَوته الا أَن يُقَال قد لَا يصير عِنْد مَوته فَيحْتَاج إِلَى ذَلِك الشَّيْء فَلذَلِك يعد اعتاقه وَتصدقه فَضِيلَة مَا لَكِن هَذَا إِذا لم يكن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 بطرِيق الْوَصِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3615] مَا حق امْرِئ أَي مَا اللَّائِق بِهِ يُوصي فِيهِ صفة شَيْء أَي يصلح أَن يُوصي فِيهِ وَيلْزمهُ أَن يُوصي فِيهِ أَن يبيت هُوَ خبر عَن الْحق وَفِي رِوَايَة بِدُونِ أَن فَيقدر أَن أَو يَجْعَل الْفِعْل بِمَعْنى الْمصدر مثل وَمن آيَاته يريكم الْبَرْق وَأما رِوَايَة فيبيت بِالْفَاءِ فَالظَّاهِر أَن الْفَاء زَائِدَة وَالله تَعَالَى أعلم الا ووصيته هُوَ حَال مُسْتَثْنى من أَعم الْأَحْوَال أَي لَيْسَ حَقه البيتوتة فِي حَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 الا فِي حَال كَون الْوَصِيَّة مَكْتُوبَة عِنْده قَوْله قَالَ لَا أجَاب بذلك أَو لَا لزعمه أَن السُّؤَال عَن الْوَصِيَّة بِمَال كتب أَي فرض وَأوجب قَالَ تَعَالَى كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت الْآيَة وَلَا يخفى أَن هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة فَالْأَوْجه أَن تَفْسِير الْكِتَابَة بِالْأَمر بهَا والحث عَلَيْهَا بِنَحْوِ مَا حق امْرِئ مُسلم الحَدِيث أَي إِذا كَانَ الْوَصِيَّة مِمَّا يجوز تَركه فَكيف جَاءَ فِيهَا من الْحَث والتأكيد وَظهر لَهُ من هَذَا الْكَلَام أَن مَقْصُود السَّائِل مُطلق الْوَصِيَّة فَقَالَ أوصى بِكِتَاب الله أَي بِدِينِهِ أَو بِهِ وبنحوه ليشْمل السّنة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 قَوْله فانخنثت بِنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ ثَاءٌ مُثَلّثَة فِي النِّهَايَة انْكَسَرَ وانثنى لاسترخاء أَعْضَائِهِ عِنْد الْمَوْت وَلَا يخفى أَن هَذَا لَا يمْنَع الْوَصِيَّة قبل ذَلِك وَلَا يَقْتَضِي أَنه مَاتَ فَجْأَة بِحَيْثُ لَا تمكن مِنْهُ الْوَصِيَّة وَلَا تتَصَوَّر فَكيف وَقد علم أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم بِقرب أَجله قبل الْمَرَض ثمَّ مرض أَيَّامًا نعم هُوَ يُوصي إِلَى عَليّ بِمَا إِذا كَانَ الْكتاب وَالسّنة فَالْوَصِيَّة بهما لَا تخْتَص بعلي بل يعم الْمُسلمين كلهم وان كَانَ المَال فَمَا ترك مَالا حَتَّى يحْتَاج إِلَى وَصِيَّة إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3626] أشفيت مِنْهُ أَي قاربت الْمَوْت مِنْهُ وَلَيْسَ يَرِثنِي أَي لَيْسَ أحد يَرِثنِي الا ابْنَتي ضمير لَيْسَ لأحد الْمُنكر الْمُسْتَفَاد من الْمقَام أَو هُوَ من حذف اسْم لَيْسَ وَالثَّانِي قد مَنعه كثير من النُّحَاة وَلَيْسَ اسْم لَيْسَ ضمير الشَّأْن لفساد الْمَعْنى عِنْد التَّأَمُّل قيل المُرَاد لَيْسَ أحد من أَصْحَاب الْفَرَائِض أَو من الْوَلَد أَو من النِّسَاء أَو مِمَّن يخَاف عَلَيْهِ الضّيَاع والا فقد كَانَ لَهُ عصبات وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْله أَن تذر وَرثتك قلت فَالشَّطْر أَي فَأعْطى النّصْف أَو فَاجْعَلْ النّصْف صَدَقَة وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ مَنْصُوب بمقدر وَكَذَا قَوْله فَالثُّلُث وَقيل أَي فأهب الشّطْر وَهُوَ غير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 مُنَاسِب للمقام الا أَن يُقَال الْهِبَة صَدَقَة قَالَ الثُّلُث قيل بِالنّصب على الإغراء أَو بِتَقْدِير اعط أَو بِالرَّفْع بِتَقْدِير يَكْفِيك الثُّلُث وَالثلث كثير أَي كَاف فِي الْمَطْلُوب أَو هُوَ أَيْضا كثير وَالنُّقْصَان عَنهُ أولى والى الثَّانِي مَال كثير أَن تتْرك بِفَتْح الْهمزَة من قبيل وَأَن تَصُومُوا خيرا لكم وَجَوَاز الْكسر على أَنَّهَا شَرْطِيَّة وَخير بِتَقْدِير فَهُوَ خير جوابها وَحذف الْفَاء مَعَ الْمُبْتَدَأ مِمَّا جوزه الْبَعْض وان مَنعه الْأَكْثَر عَالَة فُقَرَاء جمع عائل يَتَكَفَّفُونَ النَّاس أَي يَسْأَلُونَهُمْ بأكفهم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 قَوْله [3634] لَو غض النَّاس بمعجمتين وَالثَّانيَِة مُشَدّدَة أَي نَقَصُوا مِنْهُ أَي من الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة إِلَى الرّبع قَوْله [3636] جدَاد النّخل فِي الْقَامُوس الجداد مُثَلّثَة اسْم من الْجد بِمَعْنى الْقطع المستأصل وَالْمرَاد قطع الثِّمَار ان يراك الْغُرَمَاء سامحوا فِي الطّلب بِالتَّأْخِيرِ وَغَيره فبيدر من بيدر الطَّعَام كومه والبيدر مَوْضِعه أغروا بِي على بِنَاء الْمَفْعُول من أغرى بِهِ أَي لزمَه أَن يُؤَدِّي أَمَانَة وَالِدي أَي وَلَا يبْقى لي شَيْء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 [3638] لم ينقص أَي مَعَ الْأَدَاء مَا نقص شَيْء قَوْله [3637] دون سِنِين أَي بِغَيْر ضم سِنِين إِلَى السّنة الأولى قَوْله فَأتى الْيَهُودِيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي لجَابِر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 [3639] هَل لَك أَن تَأْخُذ الْجذاذ أَي تشرع فِيهِ فَآذِنِّي بتَشْديد النُّون من الايذان أَي فَإِذا شرعت فِيهِ فَأَخْبرنِي وَهَذَا معنى مَا فِي الْكُبْرَى فَإِذا حضر الْجذاذ فَآذِنِّي فَجعل على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا قَوْله يجد وَلَا يخفى مَا بَين الرِّوَايَات من التَّفَاوُت نعم أصل الْمَقْصُود فِي الْكل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 مُتحد قَوْله لتقصع قيل تمضغ جرتها أَو تخرجها من الْجوف إِلَى الْفَم مرَارًا والجرة بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَتَشْديد الرَّاء مَا يُخرجهُ الْبَعِير فيأكله مرّة ثَانِيَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 بَاب إِذا اوصى لعشيرته الْأَقْرَبين أَي فوصيته لتَمام قبيلته وَلَا يخْتَص بهَا بعض دون بعض كَمَا أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حِين أَمر بانذار عشيرته الْأَقْرَبين عمم الْإِنْذَار لتَمام قُرَيْش وهم قبيلته وَمَا خص بِهِ أحدا مِنْهُم دون غَيره قَوْله فَعم أَي عمهم بالإنذار وَخص أَي خص من كَانَ أَهلا لذَلِك بِالْخِطَابِ والنداء أَنْقِذُوا من الانقاذ أَي خلصوها من النَّار بترك أَسبَابهَا والاشتغال بِأَسْبَاب الْجنَّة من الله من رَحمته أَو دفع عَذَابه أَو بدله وَثُبُوت الشَّفَاعَة لَا يُوجب أَنه يملك شَيْئا سِيمَا إِذا كَانَ مُحْتَاجا فِيهَا إِلَى الْإِذْن من الله تَعَالَى فقد قَالَ الله تَعَالَى قل لله الشَّفَاعَة جَمِيعًا غير أَن لكم رحما اسْتثِْنَاء مُنْقَطع سَأَبلُّهَا من بل الرَّحِم من بَاب نصر إِذا وصل أَي سأصلها فِي الدُّنْيَا وَلَا أغْنى من الله شَيْئا كَذَا فِي النِّهَايَة قلت أَو بالشفاعة فِي الْآخِرَة أَي ان آمنتم لَكِن الْوَصْل الْمَشْهُور هُوَ وصل الدُّنْيَا لَا وصل الْآخِرَة واستعير البل لوصل الرَّحِم لِأَن بعض الْأَشْيَاء تتصل بالنداوة وتتفرق باليبس فاستعير البل للوصل واليبس القطيعة بِبلَالِهَا فِي الْقَامُوس بِلَال ككتاب المَاء ويثلث وكل مَا يبل بِهِ الْحلق وَفِي الْمجمع البلال بِكَسْر بَاء ويروى بِفَتْحِهَا قيل شبه القطيعة بالحرارة تطفأ بِالْمَاءِ وَفِي النِّهَايَة بالبلال جَمْعُ بَلَلٍ وَقِيلَ هُوَ كُلُّ مَا بَلَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 الْحَلْقَ مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله اشْتَروا أَنفسكُم أَي خلصوها بطريقة من ربكُم من عَذَابه قَوْله [3646] سليني مَا شِئْت أَي مِمَّا أقدر عَلَيْهِ من أُمُور الدُّنْيَا فأعطيك قَوْله [3649] افتلتت نَفسهَا على بِنَاء الْمَفْعُول افتعال من فلتت أَي مَاتَت فَجْأَة وَأخذت نَفسهَا فلتة يُقَال أفتلته إِذا سلبه وافتلت فلَان بِكَذَا على بِنَاء الْمَفْعُول إِذا فوجئ بِهِ قبل أَن يستعد لَهُ ويروى بِنصب النَّفس بِمَعْنى افتلتها الله نَفسهَا يعدى إِلَى مفعولين كاختلسه الشَّيْء واستلبه إِيَّاه فَبنى الْفِعْل للْمَفْعُول فَصَارَ الأول مضمرا وَبَقِي الثَّانِي مَنْصُوبًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 وَيرْفَع النَّفس على أَنه مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد نَاب عَن الْفَاعِل أَي أخذت نَفسهَا فلتة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 قَوْله [3650] أَن أَتصدق بِفَتْح على أَنَّهَا مَعَ مَا بعْدهَا فَاعل ينفع وَضبط بَعضهم بِالْكَسْرِ على أَنَّهَا شَرْطِيَّة وَالْفَاعِل مَا يفهم أَي التَّصَدُّق قَوْله انْقَطع عَنهُ عمله أَي ثَوَاب عمله وَلما كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة انْقَطع الثَّوَاب من كل أَعماله تعلق بِهِ قَوْله الا من ثَلَاثَة أَي ثَلَاثَة أَعمال وَقيل بل الإستثناء مُتَعَلق بِالْمَفْهُومِ أَي يَنْقَطِع بن آدم من كل عمل الا من ثَلَاثَة أَعمال وَالْحَاصِل أَن الإستثناء فِي الظَّاهِر مُشكل وبأحد الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين ينْدَفع الاشكال وَالله تَعَالَى أعلم جَارِيَة أَي غير مُنْقَطِعَة كالوقف أَو مَا يديم الْوَلِيّ اجراءها عَنهُ واليه يمِيل تَرْجَمَة المُصَنّف كترجمة أبي دَاوُد قيل لبَقَاء ثَمَرَات هَذِه الْأَعْمَال بَقِي ثَوَابهَا وَفِي عد الْوَلَد من الْأَعْمَال تجوز لَا يخفى قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 [3652] يكفر عَنهُ من التَّكْفِير أَي سيئاته أَو هَذِه السَّيئَة وَهُوَ ترك الْوَصِيَّة مَعَ كَثْرَة المَال وعده سَيِّئَة لما فِيهِ من النُّقْصَان والحرمان عَن الثَّوَاب الْعَظِيم مَعَ وجود الْإِمْكَان قَوْله نوبيه فِي الْقَامُوس النوب بِالضَّمِّ جيل من السودَان وبلاد وَاسِعَة للسودان بجنوب الصَّعِيد مِنْهَا بِلَال الحبشي قَالَ ائْتِنِي بهَا لأعرف أَنَّهَا مُؤمنَة أم لَا وَكَأَنَّهَا كَانَت أوصت بمؤمنة أَو بِسَبَب يَقْتَضِي الْإِيمَان أَو أَنه أحب أَن يعْتق عَنْهَا مُؤمنَة لَا أَن الْوَصِيَّة بِمُطلق الرَّقَبَة لَا تتأدى الا بالمؤمنة وَالله تَعَالَى أعلم فَإِنَّهَا مُؤمنَة يُفِيد أَنه لَا حَاجَة فِي الْإِيمَان إِلَى الْبُرْهَان بل التَّقْلِيد كَاف والا لسألها عَن الْبُرْهَان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 وَأَنه لَا يتَوَقَّف على أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله بل يَكْفِي فِيهِ اعْتِقَاد رَبِّي الله وَمُحَمّد رَسُوله نعم يَنْبَغِي أَن يعْتَبر ذَاك ايمانا مَا لم يظْهر مِنْهُ مَا يُنَافِيهِ من اعْتِقَاد الشّرك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مخرفا بِالْفَتْح هُوَ الْحَائِط من النّخل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 قَوْله [3664] سقى المَاء أَي فِي ذَلِك الْوَقْت لقلته يَوْمئِذٍ أَو على الدَّوَام قَوْله ضَعِيفا أَي غير قَادر على تَحْصِيل مصَالح الامارة ودرء مفاسدها مَا أحب لنَفْسي أَي من السَّلامَة عَن الْوُقُوع فِي الْمَحْذُور وَقيل تَقْدِيره أَي لَو كَانَ حَالي كحالك فِي الضعْف والا فقد كَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مُتَوَلِّيًا على أُمُور الْمُسلمين حَاكما عَلَيْهِم فَكيف يَصح أحب لَك مَا أحب لنَفْسي قلت وَفِيمَا ذكرت غنى عَن ذَلِك فَتَأمل فَلَا تأمرن بتَشْديد الْمِيم وَالنُّون الثَّقِيلَة أَي فَلَا تسلطن وَلَا تصيرن أَمِيرا وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ معنى اني أَرَاك ضَعِيفا عَن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 الْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَمِيرِ مِنْ مُرَاعَاةِ مصَالح رَعيته الدُّنْيَوِيَّة والدينية وَذَلِكَ لَان الْغَالِب عَلَيْهِ كَانَ الاحتقار بالدنيا وبأموالها الَّذين بمراعاتهما يَنْتَظِم مصَالح الدّين وَيتم الْأَمر وَقد كَانَ أَفْرَطَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى انْتَهَى بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ يُفْتِيَ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ لِلْمَالِ وَإِنْ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ الْكَنْز الَّذِي وبخ الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن فَلذَلِك نَهَاهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِمَارَة وَولَايَة مَال الْأَيْتَام وَأَمَّا مَنْ قَوِيَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَعَدَلَ فِيهَا فَإِنَّهُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظله قَوْله كل من مَال يَتِيمك حملوه على مَا يسْتَحقّهُ من الْأُجْرَة بِسَبَب مَا يعْمل فِيهِ وَيصْلح لَهُ وَلَا مباذر قيل وَلَا مُسْرِف فَهُوَ تَأْكِيد وعَلى هَذَا الذَّال مُعْجمَة لَكِن تكْرَار لَا يبعده وَقيل وَلَا مبادر بُلُوغ الْيَتِيم بإنفاق مَاله فالدال مُهْملَة وَلَا متأثل وَلَا متخذ مِنْهُ أصل مَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 قَوْله كَانَ يكون الخ أَحدهمَا زَائِد وَيحْتَمل أَن يَجْعَل الْكَاف جَارة وَأَن مَصْدَرِيَّة وَيجْعَل هَذَا بَيَانا لحالهم حِين نزلت هَذِه الْآيَة قبل أَن يُؤذن لَهُم فِي الْخَلْط أَي حَالهم مثل أَن يكون الخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الموبقات المهلكات الشّرك هُوَ وَمَا بعده بِالرَّفْع وَضبط بِالنّصب أَيْضا وَلَا يظْهر لَهُ كَبِير وَجه يَوْم الزَّحْف أَي الْجِهَاد ولقاء الْعَدو فِي الْحَرْب وأصل الزَّحْف الْجَيْش يزحفون إِلَى الْعَدو أَي يَمْشُونَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 (كتاب النَّحْل) بِضَم فَسُكُون مصدر نحلته أَي أَعْطيته وَيُطلق على الْمُعْطِي أَيْضا والنحلة بِكَسْر فَسُكُون وَجوز الضَّم بِمَعْنى الْعَطِيَّة قَوْله يشهده من الاشهاد فاردده يدل على جَوَاز الرُّجُوع فِي الْهِبَة للْوَلَد ولعلل من لَا يَقُول بِهِ يحمل على أَنه رَجَعَ قبل أَن يتم الْأَمر بِالْقَبْضِ من جِهَته وَنَحْو ذَلِك واليه يُشِير مَا سَيَجِيءُ من رِوَايَة فَإِن رَأَيْت أَن تنفذه أنفذته فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم وَقيل لفظ الْوَلَد يَشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى فَمُقْتَضى الحَدِيث التَّسْوِيَة بَينهمَا فِي الْعَطِيَّة وَرِوَايَة كل بنيك مَحْمُولَة على التغليب ان كَانَ لَهُ اناث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 قَوْله [3680] فَلَا إِذا أَي فَلَا تختر وَاحِدًا إِذا بِكَثْرَة الْإِعْطَاء فَإِنَّهُ يخل فِي التَّسْوِيَة فِي الْبر قَوْله فالتوى أَي تثاقل وَأخر بذلك سنة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 فَلَا تشهدني إِذا كِنَايَة عَن تَركه قيل من خَصَائِصه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا يشْهد على جور قلت هَذَا بِالْعُمُومِ أشبه فقد جَاءَ اللَّعْن فِي شَاهد الرِّبَا لِأَنَّهُ معِين وَالْمَقْصُود بِلَفْظ الحَدِيث التّرْك لَا جَوَاز اشهاد الْغَيْر وَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَأشْهد على هَذَا غَيْرِي فَلَعَلَّ المُرَاد أَيْضا التّرْك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 [3685] وصف بِيَدِهِ بكفه أجمع كَذَا لَعَلَّه كِنَايَة عَن إِشَارَة النَّفْي أَو التَّسْوِيَة وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الْهِبَة) قَوْله [3688] أَنا أصل أَي أصل من أصُول الْعَرَب وعشيرة أَي قَبيلَة من قبائلهم من الله عَلَيْك الظَّاهِر أَنَّهَا جملَة دعائية وَيحْتَمل أَنه مصدر أَي كمن الله تَعَالَى عَلَيْك فَهُوَ قريب من قَوْله تَعَالَى أحسن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 كَمَا أحسن الله إِلَيْك من أَمْوَالكُم لَعَلَّه زَاد من للدلالة على أَنه يرد عَلَيْهِم من أَمْوَالهم أَو نِسَائِهِم مَا يَتَيَسَّر رده إِذْ الْعَادة أَنه لَا يَتَيَسَّر رد الْكل أما مَا كَانَ لي الخ كَأَنَّهُ أَخذ مِنْهُ هبة الْمشَاع لَكِن الظَّاهِر أَن الْمَوْهُوب هَا هُنَا وان كَانَ مشَاعا نظرا إِلَى ظَاهر الْكَلَام بَين الْوَاهِب وَغَيره لَكِن بالتحقيق نصيب كل ممتاز عَن نصيب غَيره فَلَا شيوع ثمَّ لَا شيوع بِالنّظرِ إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ بل الْكل هبة لَهُم على التَّوْزِيع بِأَن يكون لكل زَوجته وَأَوْلَاده الا أَن يعْتَبر صُورَة الشُّيُوع فِي الطَّرفَيْنِ أَو أَحدهمَا فَلْيتَأَمَّل فَمن تمسك أَي من أَرَادَ أَن يُعْطِيهِ بِلَا عوض أَي فليعطه وعلينا فِي كل رَقَبَة سِتّ فَرَائض جمع فَرِيضَة بِمَعْنى النَّاقة يفيئه من أَفَاء وَركب النَّاس أَي أحاطوه أقسم أَي قائلين ذَلِك طَالِبين مِنْهُ قسم المَال الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 فألجؤه من ألجا بِهَمْزَة فِي آخِره أَي أحوجوه وجعلوه مُضْطَرّا فخطفت من خطف كسمع وَقيل أَو كضرب لكنه روى إِذْ سلب وَالضَّمِير للشجرة ثمَّ لم تَلْقَوْنِي أَي ثمَّ لَا أتغير عَن خلقي بِكَثْرَة الْإِعْطَاء أَو هُوَ للتراخي فِي الاخبار من سنامه بِفَتْح السِّين مَا ارْتَفع من ظهر الْجمل وبرة بِفتْحَتَيْنِ أَي شعره بكبة بِضَم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض بردعة بِفَتْح بَاء مُوَحدَة وَسُكُون مُهْملَة وَفتح مُعْجمَة أَو مُهْملَة وَجْهَان هِيَ الحلس وَهِي بِالْكَسْرِ كسَاء يلقِي تَحت الرحل على ظهر الْبَعِير أما مَا كَانَ لي أَي من الكبة بلغت أَي الكبة هَذِه الْمرتبَة والعزة فَلَا أرب بِفتْحَتَيْنِ أَي فَلَا حَاجَة الْخياط والمخيط هما بِالْكَسْرِ الأبرة فَيحمل أَحدهمَا على الْكَبِيرَة فيندفع التّكْرَار قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 [3689] لَا يرجع أحد فِي هِبته أَي لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوع وَهَذَا لَا يَنْفِي صِحَة الرُّجُوع إِذا رَجَعَ صَار الْمَوْهُوب ملكا لَهُ وان كَانَ الْفِعْل غير لَائِق الا وَالِد من وَلَده من لَا يرى لَهُ الرُّجُوع يحملهُ على أَنه يجوز للوالد أَن يَأْخُذهُ عَنهُ ويصرفه فِي نَفَقَته عِنْد الْحَاجة كَسَائِر أَمْوَاله كالعائد فِي قيئه قيل هُوَ تَحْرِيم للرُّجُوع وَقيل تقبيح وتشنيع لَهُ لِأَنَّهُ شبه بكلب يعود فِي قيئه وعود الْكَلْب فِي قيئه لَا يُوصف بِحرْمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3690] لَا يحل لرجل وَذكر النَّوَوِيّ وَغَيره أَن نفي الْحل لَيْسَ بِصَرِيح فِي افادة الْحُرْمَة لِأَن الْحل هُوَ اسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ فالمكروه يصدق عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بحلال وعَلى هَذَا فَهَذَا النَّفْي يحْتَمل الْحُرْمَة وَالْكَرَاهَة قَوْله أَلا من وَلَده أَي لَا يحل أَن يرجع فِيهَا من أحد الا من وَلَده قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 [3698] لَيْسَ لنا مثل السوء أَي لَا يَنْبَغِي لمُسلم أَن يفعل فعلا يضْرب لَهُ بِسَبَبِهِ مثل السوء كالمثل بالكلب الْعَائِد فِي قيئه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 ( كتاب الرقيى ) على وزن حُبْلَى وَصورتهَا أَن يَقُول جعلت لَك هَذِه الدَّار فَإِن مت قبلك فَهِيَ لَك وان مت قبلي عَادَتْ الي من المراقبة لِأَن كلا مِنْهُمَا يراقب موت صَاحبه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 قَوْله جَائِزَة أَي جَائِزَة مستمرة إِلَى الْأَبَد لَا رُجُوع لَهَا إِلَى الْمُعْطِي أصلا قَوْله للَّذي أرقبها على بِنَاء الْمَفْعُول أَي للَّذي أعْطى الرقبي قَوْله [3708] لَا رقبى أَي لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يجْعَلُوا دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ رقبى بِمَعْنى أَنه لَا يَلِيق بِالْمَصْلَحَةِ فَمن أرقب على بِنَاء الْمَفْعُول فَهُوَ بسبيل الْمِيرَاث أَي إِذا مَاتَ يكون مِيرَاثا لَهُ لَا يرجع إِلَى الْوَاهِب أصلا قَوْله لَا ترقبوا بِضَم التَّاء وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْقَاف أَي لَا تجعلوها رقبى فَهَذَا نهى لَكِن علله بقوله فَمن أرقب شَيْئا على بِنَاء الْفَاعِل لمن أرقبه على بِنَاء الْمَفْعُول أَي فَلَا تضيعوا أَمْوَالكُم وَلَا تخرجوها من أملاككم بالرقبى فالنهي بِمَعْنى أَنه لَا يَلِيق بِالْمَصْلَحَةِ وان فَعلْتُمْ يكون صَحِيحا وَقيل النَّهْي قبل التجويز فَهُوَ مَنْسُوخ بأدلة الْجَوَاز وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الْعُمْرَى هِيَ كحبلى اسْم من أعمرتك الدَّار أَي جعلت سكناهَا لَك مُدَّة عمرك لمن أعمرها على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 [3712] لَا تحل الرقبى وَلَا الْعُمْرَى أَي لَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يفعل نظرا إِلَى الْمصلحَة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 (كتاب الْعُمْرَى) هِيَ كحبلى كَمَا سبق اسْم من أعمرتك الدَّار أَي جعلت سكناهَا لَك مُدَّة عمرك قَالُوا هِيَ على ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن يَقُول أعمرتك هَذِه الدَّار فَإِذا مت فَهِيَ لورثتك وَلَا خلاف لأحد فِي أَنه هبة وَثَانِيها أَن يَقُول أعمرتها لَك مُطلقًا وَالثَّالِث أَن يضم إِلَيْهِ فَإِذا مت عَادَتْ إِلَى وَفِيهِمَا خلاف لَكِن مَذْهَب الْحَنَفِيَّة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 وَالصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي الْجَوَاز وَبطلَان الشَّرْط لإِطْلَاق الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3723] فَهُوَ لمعمره بِفَتْح الْمِيم قَوْله لَا ترقبوا من أرقب وَلَا تعمروا من أعمر فَمن أرقب على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا قَوْله أَو أعمر على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 [3732] لَا عمري وَلَا رقبى أَي لَا يَنْبَغِي فعلهمَا نظرا إِلَى الْمصلحَة أَي لَا رُجُوع للْوَاهِب فيهمَا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 قَوْله [3744] فقد قطع قَوْله بِالرَّفْع فَاعل قطع حَقه بِالنّصب مفعول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 قَوْله [3747] فَهِيَ لَهُ بتلة بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة أَي ملك وَاجِب لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ نقص لَا يجوز للمعطي بِكَسْر الطَّاء وَلَا ثنيا على وزن دنيا اسْم بِمَعْنى الِاسْتِثْنَاء أَي لَيْسَ لَهُ أَن يرد مِنْهَا إِلَى نَفسه شَيْئا بِشَرْط أَنَّهَا لَهُ بعد الْمَوْت أَو بِسَبَب أَنه اسْتثْنى لَهُ مِنْهَا شَيْئا وَجعله لَهُ بعد الْمَوْت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 [3755] إِذا أعمر وعقبه من بعده أعمر على بِنَاء الْمَفْعُول وَعقبَة بِالنّصب على الْمَعِيَّة وَلَا يَصح الرّفْع بالْعَطْف على الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي أعمر لعدم التَّأْكِيد والفصل فَإِذا لم يَجْعَل عقبه أَي قَائِما مقَام الَّذِي أعمر كَانَ للَّذي يَجْعَل أَي للجاعل أَعنِي الْمُعْطِي شَرطه بِالرَّفْع اسْم كَانَ لَا يقضون بِهَذَا أَي بِهَذَا الْإِطْلَاق بل يَأْخُذُونَ على وفْق التَّقْيِيد قضى بهَا أَي بالعمرى على اطلاقها قَوْله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 [3756] لَا يجوز لامْرَأَة هبة فِي مَالهَا قَالَ الْخطابِيّ أَخذ بِهِ مَالك قلت مَا أَخذ بِإِطْلَاقِهِ وَلَكِن أَخذ بِهِ فِيمَا زَاد على الثُّلُث وَهُوَ عِنْد أَكثر الْعلمَاء على معنى حسن الْعشْرَة واستطابة نفس الزَّوْج وَنقل عَن الشَّافِعِي أَن الحَدِيث لَيْسَ بِثَابِت وَكَيف نقُول بِهِ وَالْقُرْآن يدل على خِلَافه ثمَّ السّنة ثمَّ الْأَثر ثمَّ الْمَعْقُول وَيُمكن أَن يكون هَذَا فِي مَوضِع الِاخْتِيَار مثل لَيْسَ لَهَا أَن تَصُوم وَزوجهَا حَاضر الا بأذنه فَإِن فعلت جَازَ صَومهَا وان خرجت بِغَيْر اذنه فباعت جَازَ بيعهَا وَقد أعتقت مَيْمُونَة قبل أَن يعلم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعب ذَلِك عَلَيْهَا فَدلَّ هَذَا مَعَ غَيره على أَن هَذَا الحَدِيث أَن ثَبت فَهُوَ مَحْمُول على الْأَدَب وَالِاخْتِيَار وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث إِلَى عَمْرو بن شُعَيْب صَحِيح فَمن أثبت عَمْرو بن شُعَيْب لزمَه إِثْبَات هَذَا الا ان الْأَحَادِيث المتعارضة لَهُ أصح إِسْنَادًا وفيهَا وَفِي الْآيَات الَّتِي احْتج بهَا الشَّافِعِي دلَالَة على نُفُوذ تصرفها فِي مَالهَا دون الزَّوْج فَيكون حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب مَحْمُولا على الْأَدَب والإختيار كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لامْرَأَة عَطِيَّة يحْتَمل أَن المُرَاد هَا هُنَا من مَاله لَكِن الرِّوَايَة السَّابِقَة صَرِيحَة فِي أَن الْكَلَام فِي مَالهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3758] فَإِن كَانَت هَدِيَّة فَإِنَّمَا يَنْبَغِي الخ فِيهِ بَيَان للْفرق بَين الْهَدِيَّة وَالصَّدَََقَة وَأَن الْهَدِيَّة مَا يقْصد بِهِ التَّقَرُّب إِلَى الْمهْدي إِلَيْهِ وَالصَّدَََقَة مَا يقْصد بِهِ التَّقَرُّب إِلَى الله وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله حَتَّى صلى الظّهْر مَعَ الْعَصْر ظَاهره أَنه جمع بَينهمَا وقتا وَيلْزم مِنْهُ الْجمع بِلَا سفر وَذَلِكَ لِأَن قدوم الْوَفْد كَانَ بِالْمَدِينَةِ لَا فِي مَحل السّفر وَالْجمع بِلَا سفر لَا يجوز عِنْد الْقَائِلين بِهِ الا بِبَعْض الْأَعْذَار وَهِي غير ظَاهره هَا هُنَا سِيمَا لتَمام الْجَمَاعَة الْحَاضِرَة فَلَا بُد من الْحمل على الْجمع فعلا بِأَن أخر الأولى فَصلاهَا فِي آخر وَقتهَا وَقدم الثَّانِيَة فَصلاهَا فِي أول وَقتهَا أَو الْجمع مَكَانا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 بِمَعْنى أَنه قعد فِي ذَلِك الْمَكَان حَتَّى فرغ من الصَّلَاتَيْنِ فصلى الظّهْر فِي وَقتهَا ثمَّ قعد يتحدث مَعَهم حَتَّى صلى الْعَصْر فِي ذَلِك الْمَكَان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لقد هَمَمْت الخ قَالَه حِين أهْدى إِلَيْهِ أَعْرَابِي هَدِيَّة فَأعْطَاهُ فِي مقابلتها أَضْعَاف ذَلِك فقلله وطمع فِي أَكثر مِنْهُ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِمَّن لَا يطْمع فِي ثَوَابهَا بِهَذَا الْقدر وَقَوله الا من قرشي أَو أَنْصَارِي الخ كلمة أَو فِيهِ للتعميم فَلَا يُفِيد منع الْجمع بَين الْقبُول هَدَايَا كل من اسْتثْنى وَلَا يلْزم أَن لَا يقبل الا هَدِيَّة وَاحِد من هَؤُلَاءِ فَإِذا قبل هَدِيَّة وَاحِد فَلَيْسَ لَهُ أَن يقبل هَدِيَّة الآخر وَمثله قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَط بِعظم وَلذَلِك لما قَالَ الْمُزنِيّ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا إِلَّا كُوفِيًّا أَو بصريا فكلمهما أَنه يَحْنَث فَبلغ ذَلِك إِلَى بعض الْحَنَفِيَّة بِمصْر قَالَ ذَلِك الْحَنَفِيّ أَخطَأ الْمُزنِيّ وَخَالف الْكتاب وَالسّنة وَذكر الْآيَة الْمَذْكُورَة وَهَذَا الحَدِيث وَذكر أَن الْمُزنِيّ لما سمع ذَلِك رَجَعَ إِلَى قَوْله وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 (كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور) قَوْله 37610101010 0 - 1 - 0 كَانَت يَمِين يحلف عَلَيْهَا المُرَاد بِالْيَمِينِ الْمَحْلُوف بِهِ وَعَلَيْهَا بِمَعْنى بهَا ثمَّ الظَّاهِر نصب الْيَمين على الخبرية لِأَن قَوْله لَا ومقلب الْقُلُوب قد أُرِيد بِهِ لَفظه فَيجْرِي عَلَيْهِ حكم المعارف فَيتَعَيَّن ان يكون اسْم كَانَت الا ان يُقَال كَانَت فِيهَا ضمير الْقِصَّة وَكلمَة لَا فِي قَوْله لَا ومقلب الْقُلُوب اما زَائِدَة لتأكيد الْقسم كَمَا فِي قَوْله وَلَا أقسم أَو لنفي مَا تقدم من الْكَلَام مثلا يُقَال لَهُ هَل الْأَمر كَذَا فَيَقُول لَا ومقلب الْقُلُوب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2 [3763] وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا يُرِيد أَن مُقْتَضى مَا فِيهَا من اللَّذَّة وَالْخَيْر وَالنعْمَة أَن لَا يَتْرُكهَا أحد سمع بهَا فِي أَي نعْمَة كَانَ وَلَا يمْنَع عَنْهَا شَيْء من النعم وَلَا يسْتَغْنى عَنْهَا أحد بغَيْرهَا أَي شَيْء كَانَ وَالْمَطْلُوب مدحها ومدح مَا أعد فِيهَا وتعظيمها وتعظيم مَا فِيهَا دَار لَا يساويها دَار وَلَيْسَ المُرَاد الْحَقِيقَة حَتَّى يُقَال يلْزم أَن يكون جِبْرِيل بِهَذَا الْحلف حانثا وَيكون فِي هَذَا الْخَبَر كَاذِبًا وَهَذَا ظَاهر وَيحْتَمل أَن المُرَاد لَا يسمع بهَا أحد الا دَخلهَا ان بقيت على هَذِه الْحَالة فحفت بالمكاره أَي جعلت سبل الْوُصُول إِلَيْهَا المكاره والشدائد على الْأَنْفس كَالصَّوْمِ وَالزَّكَاة وَالْجهَاد وَلَعَلَّ لهَذِهِ الْأَعْمَال وجودا مثاليا ظهر بهافي ذَلِك الْعَالم وأحاطت الْجنَّة من كل جَانب وَقد جَاءَ الْكتاب وَالسّنة بِمثلِهِ وَمن جملَة ذَلِك قَوْله تَعَالَى وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا ثمَّ عرضهمْ أَي المسميات على الْمَلَائِكَة وَمَعْلُوم ان فِيهَا المعقولات والمعدومات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 وَالله تَعَالَى أعلم أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا الظَّاهِر ان جملَة الا دَخلهَا حَال بِتَقْدِير قد مُسْتَثْنى من أَعم الْأَحْوَال وَلَا يخفى أَنه لَا يتَصَوَّر النجَاة فِيهَا إِذا دَخلهَا فالاستثناء من قبيل التَّعْلِيق بالمستحيل أَي لَا ينجو مِنْهَا أحد فِي حَال الا حَال دُخُوله فِيهَا وَهُوَ مُسْتَحِيل فَصَارَت النجَاة مستحيلة وَقد قيل بِمثلِهِ فِي قَوْله تَعَالَى لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا الا سَلاما وَقَوله لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت الا الموتة الأولى قَوْله [3764] كَانَ حَالفا أَي مرِيدا للحلف قَوْله فوَاللَّه الخ من كَلَام عمر مَا حَلَفت بهَا أَي بِالْآبَاءِ أَو بِهَذِهِ اللَّفْظَة وَهِي وَأبي ذَاكِرًا من نَفسِي وَلَا آثرا أَي رَاوِيا من غَيْرِي بِأَن أَقُول قَالَ فلَان وأبى وَمعنى مَا حَلَفت بهَا مَا أجريت على لساني الْحلف بهَا فَيصح التَّقْسِيم إِلَى الْقسمَيْنِ والا فالراوي عَن الْغَيْر لَا يُسمى حَالفا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 [3769] وَلَا بِالْأَنْدَادِ أَي الْأَصْنَام وَنَحْوهَا مِمَّا كَانُوا يعتقدونها آلِهَة فِي الجاهليةقوله [3770] مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ظَاهره أَنه فِي الْيَمين على الْمَاضِي إِذْ الْكَذِب حَال الْيَمين يظْهر فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 وَيُمكن أَن يُقَال كَاذِبًا حَال مقدرَة أَي مُقَدرا كذبه فينطبق على الْيَمين فِي الْمُسْتَقْبل وَقَوله فَهُوَ كَمَا قَالَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 بِظَاهِرِهِ يُفِيد أَنه يصير كَافِرًا وَقد أول بضعفه فِي دينه وَخُرُوجه عَن الْكَمَال فِيهِ وَالْأَقْرَب أَن يُقَال ذَلِك رَاضِيا بِالدُّخُولِ فِي تِلْكَ الْملَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 [3772] فَإِن كَانَ كَاذِبًا أَي فِيمَا علق عَلَيْهِ الْبَرَاءَة قَوْله أَنكُمْ تنددون ضبط بتَشْديد الدَّال الأولى أَي تَتَّخِذُونَ أنداداقوله [3774] وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ أَي الْأَصْنَام قَوْله بِاللات أَي بِلَا قصد بل على طَرِيق جرى الْعَادة بَينهم لأَنهم كَانُوا قريبي الْعَهْد بالجاهلية وَقَوله لَا إِلَه إِلَّا الله اسْتِدْرَاك لما فَاتَهُ من تَعْظِيم الله تَعَالَى فِي مَحَله وَنفى لما تعاطى من تَعْظِيم الْأَصْنَام صُورَة وَأما من قصد الْحلف بالأصنام تَعْظِيمًا لَهَا فَهُوَ كَافِر نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ أقامرك بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر والمقامرة مصدر قامره إِذا طلب كل مِنْهُمَا أَن يغلب على صَاحبه فِي فعل أَو قَول ليَأْخُذ مَالا جعلاه للْغَالِب وَهَذَا حرَام بِالْإِجْمَاع الا أَنه اسْتثْنى مِنْهُ نَحْو سباق الْخَيل كَذَا فِي شرح التِّرْمِذِيّ للْقَاضِي أبي بكر فليتصدق ظَاهره بِمَا تيَسّر وَقيل بِمَا قصد أَن يقامر بِهِ من المَال وَالْأَمر للنَّدْب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3776] وَلَا تعد لَهُ من الْعود أَي لَا ترجع إِلَى هَذَا الْمقَال مرّة ثَانِيَة قَوْله [3777] قلت هجرا بِضَم فَسُكُون هُوَ الْقَبِيح من الْكَلَام قَوْله [3778] وتشميت الْعَاطِس أَي الدُّعَاء لَهُ بِالرَّدِّ إِذا حمد الله وابرار الْقسم أَي جعل الْحَالِف بارا فِي حلفه إِذا أمكن كَمَا إِذا حلف وَالله زيد يدْخل الدَّار الْيَوْم فَإِذا علم بِهِ زيد وَهُوَ قَادر عَلَيْهِ وَلَا مَانع مِنْهُ يَنْبَغِي لَهُ أَن يدْخل لِئَلَّا يَحْنَث الْقَائِل قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 [3779] مَا على الأَرْض يَمِين أُرِيد بِهِ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مجَازًا الا أَتَيْته أَي الْخَيْر وَتركت الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَوْله نستحمله أَي نطلب مِنْهُ مَا نركب عَلَيْهِ فِي غَزْوَة تَبُوك بِثَلَاث ذود بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة جمع النَّاقة بِمَعْنى أَي بِثَلَاث نُوق مَا أَنا حملتكم الخ يُرِيد أَن الْمِنَّة لله تَعَالَى لَا لمخلوق من مخلوقاته وَهُوَ الْفَاعِل حَقِيقَة أَو المُرَاد أَنِّي حَلَفت نظرا إِلَى ظَاهر الْأَسْبَاب وَهَذَا جَاءَ من الله تَعَالَى على خلاف تِلْكَ الْأَسْبَاب وعَلى كل تَقْدِير فَالْجَوَاب عَن الْحلف هُوَ قَوْله وَالله لَا أَحْلف على يَمِين الخ وَأخذ المُصَنّف من قَوْله الا كفرت الخ جَوَاز تَقْدِيم الْكَفَّارَة على الْحِنْث لَكِن التَّقْدِيم اللَّفْظِيّ لَا يدل على التَّقْدِيم الْمَعْنَوِيّ والعطف بِالْوَاو لَا يدل على التَّرْتِيب فَيجوز ان يكون الْمُتَأَخر مُتَقَدما نعم قد يُقَال الْأَمر فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة لَا دلَالَة لَهُ على وجوب تَقْدِيم الْحِنْث الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 كَمَا لَا دلَالَة لَهُ على وجوب تَقْدِيم الْكَفَّارَة وَمُقْتَضى هَذَا الْإِطْلَاق دَلِيل للمطلوب وعَلى هَذَا فَقَوْل من أوجب تَقْدِيم الْحِنْث مُخَالف لهَذَا الْإِطْلَاق فَلَا بُد لَهُ من دَلِيل يُعَارض هَذَا الْإِطْلَاق ويترجح عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَقِيم الْأَخْذ بِهِ وَترك هَذَا الْإِطْلَاق قَوْله [3783] ثمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خير كلمة ثمَّ مَحْمُولَة على معنى الْوَاو تَوْفِيقًا بَين الرِّوَايَات وَلَو حمل على ظَاهرهَا لوَجَبَ تَأْخِير الْحِنْث عَن الكفارةولم يقل بِهِ أحدقوله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 [3785] فليأت الَّذِي هُوَ خير ظَاهره كَلَام المُصَنّف يدل على أَنه أَخذ التَّقْدِيم من التَّقْدِيم اللفظى فَقَط وَقد عرفت أَنه لَا دلَالَة على التَّقْدِيم الْمَعْنَوِيّ قَوْله [3789] إِذا آلَيْت من الْإِيلَاء أَي حَلَفت على يَمِين أَي محلوف عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 [3792] لَا نذر وَلَا يَمِين فِيمَا لَا يملك الخ ظَاهره أَنه لَا ينْعَقد النّذر وَالْيَمِين فِي شَيْء من ذَلِك أصلا لَكِن مُقْتَضى بعض الْأَحَادِيث أَنه لَا يلْزم الْوَفَاء بهما بل يكونَانِ سببين لِلْكَفَّارَةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاستثنى أَي فَقَالَ ان شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن شَاءَ الخ أَي فَهُوَ مُخَيّر غير حنث بِكَسْر النُّون أَي حَال كَونه غير حانث فِي التّرْك فَهُوَ حَال من ضمير ترك قَوْله النِّيَّة فِي الْيَمين يُرِيد أَن الْيَمين على مَا نوى وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيث انما الْأَعْمَال اما لعُمُوم الْأَعْمَال الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال جَمِيعًا واما لإِطْلَاق قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 [3794] وَإِنَّمَا لامرئ مَا نوى عَن التَّقْيِيد بالْقَوْل وَالْفِعْل فَدلَّ على أَن لَهُ مَا نوى بقوله أَو فعله وَقد سبق للْحَدِيث زِيَادَة بسط فِي أول الْكتاب فَلَا نعيده قَوْله فتواصيت أَي توافقت ريح مَغَافِير شَيْء كريه الرَّائِحَة فَكَانَ عَادَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الِاحْتِرَاز عَمَّا لَهُ رَائِحَة كريهة وَمُرَاد المُصَنّف أَن يفهم من الحَدِيث أَن تَحْرِيم مَا أحل الله يَمِين وَأَن من قَالَ لَا آكل هَذَا وَنَحْوه بنية التَّحْرِيم يكون تَحْرِيمًا ويمينا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 [3796] فَإِذا فلق بِكَسْر الْفَاء وَفتح اللَّام جمع فلقَة بِكَسْر فَسُكُون بِمَعْنى الكسرة من الْخبز قَوْله كُنَّا أَي معشر التُّجَّار نسمي على بِنَاء الْمَفْعُول وَيحْتَمل أَنه على بِنَاء الْفَاعِل بِتَقْدِير نسمي أَنْفُسنَا السماسرة بِفَتْح السِّين الأولى وَكسر الثَّانِيَة جمع سمسار بِكَسْر السِّين وَهُوَ الْقيم بِأَمْر البيع والحافظ لَهُ قَالَ الْخطابِيّ هُوَ اسْم أعجمي وَكَانَ كثير مِمَّن يعالج البيع وَالشِّرَاء فيهم الْعَجم فتلقوا هَذَا الِاسْم عَنْهُم فَغَيره النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالتجار الَّذِي هُوَ من الْأَسْمَاء الْعَرَبيَّة يَا معشر التُّجَّار بِضَم فتشديد أَو كسر وَتَخْفِيف الْحلف بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام الْيَمين الكاذبة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي غير حَاشِيَة الْكتاب قلت وَيجوز سُكُون اللَّام أَيْضا ذكره فِي الْمجمع وَغَيره فشوبوا بِضَم الشين أَمر من الشوب بِمَعْنى الْخَلْط أَمرهم بذلك ليَكُون كَفَّارَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 لما يجْرِي بَينهم من الْكَذِب وَغَيره وَالْمرَاد بهَا صَدَقَة غير مُعينَة حسب تضاعيف الآثام وَاسْتدلَّ بِهِ المُصَنّف على أَن الْحلف الْكَاذِب بِلَا قصد لَا كَفَّارَة فِيهِ إِذْ لم يَأْمُرهُم بِالْكَفَّارَةِ الْمَعْلُومَة فِي الْحلف بِعَينهَا وَيُؤَيّد ذَلِك بِمَا يفهم من الرِّوَايَة الْآتِيَة أَنه اللَّغْو حَيْثُ جَاءَ اللَّغْو فِيهَا مَوضِع الْحلف وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 قَوْله [3801] نهى عَن النّذر أَي بِظَنّ أَنه يُفِيد فِي حُصُول الْمَطْلُوب والخلاص عَن الْمَكْرُوه من الْبَخِيل الَّذِي لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الطَّاعَة الا فِي مُقَابلَة شِفَاء مَرِيض وَنَحْوه مِمَّا علق النّذر عَلَيْهِ وَقَالَ الْخطابِيّ نهى عَن النّذر تَأْكِيدًا لأَمره وتحذيرا للتهاون بِهِ بعد إِيجَابه وَلَيْسَ النَّهْي لافادة أَنه مَعْصِيّة والا لما وَجب الْوَفَاء بِهِ بعد كَونه مَعْصِيّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3804] لَا يَأْتِي النّذر على بن آدم شَيْئا لم أقدره عَلَيْهِ الخ سوقه يَقْتَضِي أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَه حِكَايَة عَن الله تَعَالَى وَالْمرَاد بقوله على بن آدم أَي لِابْنِ آدم فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 [3806] فَلَا يَعْصِهِ ظَاهره أَنه لَا ينْعَقد أصلا وَقيل ينْعَقد يَمِينا وَفِيه كَفَّارَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 الْيَمين قَوْله وَلَا يستشهدون أَي لعلم النَّاس أَنه لَا شَهَادَة عِنْدهم فَهُوَ كِنَايَة عَن شَهَادَة الزُّور السّمن بِكَسْر فَفتح أَي يحبونَ ذَلِك ويتدارون لحصوله أَو يكثرون الْأكل وَالشرب فَإِنَّهُمَا من أَسبَابه وَهَذَا بَيَان دناءة هممهم قَوْله [3810] فِي قرن بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ قَوْله بخزامة بِكَسْر خاء مُعْجمَة بعْدهَا زَاي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 مُعْجمَة هُوَ مَا يَجْعَل فِي أنف الْبَعِير من شعر أَو غَيره ليقاد بِهِ بسير هُوَ بسين مُهْملَة مَفْتُوحَة وياء سَاكِنة مَا يقد من الْجلد قَوْله لتمش مَا قدرت ولتركب إِذا عجزت قَالُوا وَعَلَيْهَا الْهدى لذَلِك كَمَا جَاءَت بِهِ الرِّوَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 [3815] غير مختمرة أَي غير ساترة رَأسهَا بالخمار وَقد أمرهَا بالاختمار والاستتار لَان تَركه مَعْصِيّة لَا نذر فِيهِ وَأما الْمَشْي حافيا فَيصح النّذر فِيهِ فلعلها عجزت عَن الْمَشْي وَاللَّازِم حِينَئِذٍ الْهدى فَلَعَلَّهُ تَركه الرَّاوِي للاختصار وَأما الْأَمر بِالصَّوْمِ فمبني على أَن الْكَفَّارَة للنذر بِمَعْصِيَة كَفَّارَة الْيَمين وَقيل عجزت عَن الْهدى فَأمرهَا بِالصَّوْمِ لذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 [3816] فَأمرهَا أَن تَصُوم عَنْهَا من لَا يرى الصَّوْم جَائِزا يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد الافتداء فَإِنَّهَا إِذا افتدت فقد أدَّت الصَّوْم عَنْهَا وَهُوَ تَأْوِيل بعيد جدا وَأحمد جوز الصَّوْم فِي النّذر وَقَالَ هُوَ المورد وَالْقَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ جَوَازه مُطلقًا وَرجحه محققو أَصْحَابه بِأَنَّهُ الأوفق للدليل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَيْلَة نذر الخ من لَا يصحح الإعتكاف بِلَا صَوْم يرى أَن المُرَاد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 اللَّيْلَة مَعَ نَهَارهَا وَالرِّوَايَات تساعدهذا التَّأْوِيل قَوْله فَأمره أَن يعْتَكف لَا مَانع من القَوْل بِأَن نذر الْكَافِر ينعقدموقوفا على إِسْلَامه فَإِن أسلم لزمَه الْوَفَاء بِهِ فِي الْخَيْر وَالْكفْر وان كَانَ يمْنَع عَن انْعِقَاده مُنجزا لَكِن لَا نسلم أَنه يمْنَع عَنهُ مَوْقُوفا وَحَدِيث الْإِسْلَام يجب مَا قبله من الْخَطَايَا لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ فِي الْخَطَايَا لَا فِي النذور وَلَيْسَ النّذر مِنْهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3824] أَن أَنْخَلِع من مَالِي الخ أَي أخرج كُله وأتجرد مِنْهُ كَمَا يتجرد الْإِنْسَان وينخلع من ثِيَابه وَكَانَ ذَلِك حِين قبلت تَوْبَته من تخلفه من غزوةتبوك وَمعنى صَدَقَة إِلَى الله الخ أَي تقربا إِلَيْهِ والى رَسُوله وَفِيه أَن نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى غير الله تبعا فِي الْعِبَادَة لَا يضر بعد أَن يكون الْمَقْصد الْأَصْلِيّ التَّقَرُّب إِلَى الله لِأَن المتقرب إِلَى الله تَعَالَى متقرب إِلَى الرَّسُول قطعا فَلْيتَأَمَّل قيل هَذَا الانخلاع لَيْسَ بِظَاهِر فِي معنى النّذر وَإِنَّمَا هُوَ كَفَّارَة أَو شكر فَلَعَلَّهُ ذكره فِي الْبَاب لمشابهته فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 ايجابه على نَفسه مَا لَيْسَ بِوَاجِب لحدوث أمرقلت لَو ظهر الْإِيجَاب لما خَفِي كَونه نذرا وَالله تَعَالَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 أعلم قَوْله هَل يدْخل الارضون فِي المَال اخْتلفُوا فِيمَا إِذا نذر أَن يتَصَدَّق بِمَالِه هَل يَشْمَل الْأَرَاضِي أم تخْتَص بِمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة فنبه المُصَنّف على أَن الحَدِيث يَقْتَضِي دُخُول الْأَرَاضِي أَيْضا لِأَن قَول أبي هُرَيْرَة فَلم نغنم الا الْأَمْوَال أَرَادَ بالأموال فِيهِ الاراضي أَو مَا يَشْمَل الاراضي قطعا والا لَا يَسْتَقِيم الْحصْر ضَرُورَة أَنهم غنموا أَرَاضِي كَثِيرَة وَأَبُو هُرَيْرَة مِمَّن يعلم اللُّغَة واطلاقات الشَّرْع فَعلم أَن اسْم المَال يُطلق على الاراضي بل ينْصَرف إِلَيْهَا عِنْد الْإِطْلَاق فَكيف يخرج من اسْم المَال الاراضي قلت وَكَذَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث كَعْب السَّابِق بل دلَالَته عَلَيْهِ أظهر وَأقوى كمالا يخفى فَلْيتَأَمَّل قَوْله [3827] فَلم نغنم من غنم كسمع مدعم بِكَسْر مِيم وَسُكُون دَال مُهْملَة وَفتح عين مُهْملَة فَوجه أَي توجه أَو وَجه وَجهه هَنِيئًا لَك الْجنَّة لِأَنَّهُ مَاتَ شَهِيدا فِي خدمَة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان الشملة بِفَتْح فَسُكُون كسَاء يشْتَمل بِهِ وَقد أَخذهَا قبل الْقِسْمَة غلولا بِشِرَاك بِكَسْر شين مُعْجمَة حد سيور النَّعْل الَّتِي على وَجههَا شِرَاك من نَار أَي لَوْلَا رددت أَو هُوَ رد بعد الْفَرَاغ من الْقِسْمَة وقسمتها وَحدهَا لَا يتَصَوَّر فَلذَلِك قَالَ مَا قَالَ وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 [3831] فَلم يقل ان شَاءَ الله لَا اعراضا عَنهُ بعد مَا سمع فَإِنَّهُ بعيد عَن منصبه الْجَلِيل وَلَكِن لعدم الِالْتِفَات إِلَيْهِ لاشتغال قلبه بِمَا كَانَ فِيهِ من حب الْجِهَاد وَعلم مِنْهُ أَنه لَو قَالَ لنفعه لَو قَالَ إِن شَاءَ الله هَذَا أَخْبَار عَن قدر مُعَلّق فِي حَقه بِخُصُوصِهِ لَا أَن من يَقُول ذَلِك ينَال الْمَقْصد كَيفَ وَقد قَالَ سيدنَا مُوسَى ستجدني ان شَاءَ الله صَابِرًا وَلم يحصل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 [3832] كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة الْيَمين أَي إِذا كَانَ النّذر فِي مَعْصِيّة كَمَا سَيَجِيءُ قَوْله [3833] لَا نذر فِي مَعْصِيّة لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه لَا ينْعَقد أصلا إِذْ لَا يُنَاسب ذَلِك قَوْله وكفارته الخ بل مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ وَفَاء وَهَذَا هُوَ صَرِيح بعض الرِّوَايَات الصَّحِيحَة فَإِن فِيهَا لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة وَقَوله وكفارته ألخ مَعْنَاهُ أَنه ينْعَقد يَمِينا يجب فِيهِ الْحِنْث وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلَا يخفى أَن حَدِيث وَمن نذر أَن يَعْصِي الله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 وَأَمْثَاله لَا يَنْفِي ذَلِك فَلَا حجَّة للمخالف فِيهِ نعم هم يضعفون حَدِيث وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَيَقُولُونَ أَن فِي سَنَده سُلَيْمَان بن أَرقم وَهُوَ ضَعِيف وَأَنت خَبِير بِأَن الحَدِيث قد سبق عَن عقبةبن عَامر وَسَيَجِيءُ عَن عمرَان بن حُصَيْن وَحَدِيث عَائِشَة فِي بعض إِسْنَاده عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَفِي بَعْضهَا حَدثنَا أَبُو سَلمَة وَهَذَا يثبت سَماع الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَفِي بَعْضهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أبي كثير حَدثهُ أَنه سمع أَبَا سَلمَة وَهَذَا الِاخْتِلَاف يُمكن دَفعه بِإِثْبَات سَماع الزُّهْرِيّ مرّة عَن سُلَيْمَان عَن يحيى عَن أبي سَلمَة وَمرَّة عَن أبي سَلمَة نَفسه وَعند ذَلِك لَا قطع لضَعْفه سِيمَا حَدِيث عقبَة وَعمْرَان يُؤَيّد الثُّبُوت وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 قَوْله [3842] لَا نذر فِي غضب أَي فِيمَا يحمل عَلَيْهِ الْغَضَب من الْعَزْم على الْمعاصِي وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 قَوْله يهادي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا من ضعف بِهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 [3856] وَكَانَ دركا بِفتْحَتَيْنِ أَي سَبَب إِدْرَاك لِحَاجَتِهِ (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ فِيهِ الْمُزَارعَة والوثائق كَانَ مَا ذكره فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور اعْتَبرهُ بِمَنْزِلَة مَا بَين بَاب الْإِيمَان وَبَاب النذور وَاعْتبر كلا من الْإِيمَان وَالنُّذُور من الشُّرُوط لِأَنَّهُ كثيرا مَا يجرى فيهمَا التَّعْلِيق وَلذَلِك سمى هَذَا الْبَاب الثَّالِث من الشُّرُوط وَقَالَ فِيهِ يذكر الْمُزَارعَة والوثائق وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 قَوْله فَأعلمهُ من الاعلام قَوْله [3859] على طَعَامه أَي على أَنه يَأْكُل مَعَه أَو من بَيته قَوْله [3860] فَإِن سرت أَكثر من شهر نقصت الخ يُرِيد أَن الازدياد فِي الْأجر لأجل الاستعجال فِي السّير جَائِز وَأما النُّقْصَان فِيهِ لأجل الابطاء فمكروه فَإِن الأول يشبه الْعَطاء وَالْهِبَة وَالثَّانِي يشبه الظُّلم وَالنَّقْص من الْحق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3861] قُلْتُ لِعَطَاءٍ عَبْدٌ أُؤَاجِرُهُ سَنَةً بِطَعَامِهِ وَسَنَةً أُخْرَى بِكَذَا وَكَذَا الخ كَأَنَّهُ صور الْمُسْتَأْجر فِي الْمَسْأَلَة عَطاء كَمَا يُشِير إِلَيْهِ آخر كَلَام عَطاء وَهُوَ قَوْله لَا تحاسبني لما مضى وَمُقْتَضى جَوَابه أَن الاجارة بِالطَّعَامِ عِنْده جَائِزَة وَقَوله ويجزئك الخ فَإِنَّهُ لبَيَان أَن السّنة غير لَازِمَة وَإِنَّمَا اللَّازِم مَا شَرطه من الْأَيَّام وَقَوله أوآجرته الخ من كَلَام بن جريج وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 [3862] إِذا نكريها من الاكراء بِمَا على الرّبيع الساقي أَي بِمَا يزرع على الرّبيع أَي النَّهر الصَّغِير وَالْمرَاد من الساقي الَّذِي يستقى الزَّرْع ازرعها خطاب لصَاحب الأَرْض أَي ازرعها أَنْت بِنَفْسِك وَإِذا منحها أَي اعطها أَخَاك بِلَا أجر ليزرعهاقوله [3863] عَن الحقل الحقل الزَّرْع وَالْمرَاد كِرَاء الْمزَارِع والحقل الثُّلُث أَي كِرَاء الأَرْض بِثلث مَا يخرج مِنْهَا وسْقا بِفَتْح فَسُكُون قَوْله أَو لِيَدَعْهَا أَي ليتركها فارغة إِن لم يَزْرَعهَا بِنَفسِهِ قَوْله فَقَالَ وَلم أفهم لَعَلَّ المُرَاد مَا فهمت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 سر هَذَا النَّهْي وَبِأَيِّ سَبَب جَاءَ النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3868] وَأمر رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على الرَّأْس وَالْعين مُبْتَدأ وَخبر وَقَوله أَن نتقبل أَي نكرى الأَرْض بِبَعْض خرجها أَي بِبَعْض مَا خرج مِنْهَا قَوْله [3873] لِأَن يمنح بِفَتْح الْهمزَة من قبيل وَأَن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 تَصُومُوا خير لكم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 [3876] فضول أَرضين بِفتْحَتَيْنِ جمع أَرض أَي أراض فاضلة عَن قدر مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زرعه يكرون بِضَم يَاء المضارعة من أكرى أرضه قَوْله [3879] نهى عَن المخابرة الْمَشْهُور أَن المخابرة هِيَ الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض الْخَارِج وَهِي المحاقلة فَذكرهَا بعد يشبه التّكْرَار الا أَن يُقَال أحد النهيين لصَاحب الأَرْض وَالثَّانِي للآخذ لَكِن سَيَجِيءُ فِي كَلَام المُصَنّف أَن المخابرة بيع الْكَرم بالزبيب فَلَا اشكال حَتَّى يطعم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي حَتَّى يصير صَالحا للْأَكْل الا الْعَرَايَا جمع عرية وَظَاهر هَذَا الِاسْتِثْنَاء أَن المُرَاد مَا يُعْطِيهِ صَاحب المَال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 لبَعض الْفُقَرَاء من نَخْلَة أَو نخلتين ثمَّ يثقل عَلَيْهِ دُخُول الْفَقِير فِي مَاله كل يَوْم لخدمة النَّخْلَة فيسترد مِنْهُ النَّخْلَة على أَن يُعْطِيهِ قدرا من التَّمْر فِي أَوَانه وَلَا يُنَاسب للْحَدِيث تَفْسِير الْعرية بنخلة يَشْتَرِيهَا من يُرِيد أكل الرطب وَلَا نقد بِيَدِهِ يَشْتَرِيهَا بِهِ يَشْتَرِيهَا بِتَمْر بقى من قوته إِذْ لَا وَجه للرخصة فِي الشِّرَاء قبل بَدو الصّلاح بل هُوَ أحْوج إِلَى اشْتِرَاط بَدو الصّلاح من غَيره فَكيف يرخص لَهُ فِي خِلَافه من غير حَاجَة الا أَن يَجْعَل الِاسْتِثْنَاء عَن الْمُزَابَنَة كَمَا فِي سَائِر الْأَحَادِيث وان كَانَ بَعيدا من هَذَا الحَدِيث فَلْيتَأَمَّل قَوْله [3880] وَعَن الثنيا هِيَ كالدنيا وزنا اسْم من الِاسْتِثْنَاء الْمَجْهُول لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النزاع وَكَذَا اسْتثِْنَاء كيل مَعْلُوم لِأَنَّهُ قد لَا يبْقى بعده شَيْء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله المخاضرة بيع الثَّمر بالثاء الْمُثَلَّثَة أَرَادَ بِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 الرطب أَو الثِّمَار مُطلقًا قبل أَن يزهو أَي قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه بيع الْكَرم أَي بيع الْعِنَب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 الَّذِي على رُؤُوس الْكَرم قَوْله أزرعها أَي أعْطى غَيره ليزرع بالكراء خُذُوا زرعكم هَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي أَن الزَّرْع بِالْعقدِ الْفَاسِد مُلْحق بالزرع فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر اذنه وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ قيل ان حَدِيث رَافع بن خديج مُضْطَرب متْنا وسندا فَيجب تَركه وَالرُّجُوع إِلَى حَدِيث خَيْبَر وَقد جَاءَ أَنه عَامل أهل خَيْبَر بِشَطْر مَا يخرج مِنْهَا من تمر أَو زرع وَهُوَ يدل على جَوَاز الْمُزَارعَة وَبِه قَالَ أَحْمد والصاحبان من عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَكثير من الْعلمَاء أخذُوا بِالْمَنْعِ مُطلقًا أَو فِيمَا إِذا لم يكن الْمُزَارعَة تبعا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 للمساقاة كمالك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3894] بِمَا يكون على الساقي أَي بِمَا ينْبت على طرف النَّهر من الزَّرْع فيجعلونه كِرَاء الأَرْض وَقَالَ أكروا بِفَتْح الْهمزَة من الاكراء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 قَوْله [3895] وطواعية الله وَرَسُوله على وزن الْكَرَاهِيَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 قَوْله [3898] بِمَا ينْبت على الْأَرْبَعَاء جمع ربيع وَهُوَ النَّهر الصَّغِير وَشَيْء عطف على مَا ينْبت يسْتَثْنى صَاحب الأَرْض أَي يُخرجهُ لنَفسِهِ مِمَّا للزراع قَوْله قَالَ الماذيانات بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة قَالَ الْخطابِيّ هِيَ الْأَنْهَار وَهِي من كَلَام الْعَجم صَارَت دخيلا فِي كَلَامهم وأقبال الجداول بِهَمْزَة مَفْتُوحَة ثمَّ قَاف ثمَّ مُوَحدَة فِي النِّهَايَة هِيَ الْأَوَائِل والرؤس جمع قبل بِالضَّمِّ والقبل أَيْضا رَأس الْجَبَل والجداول جمع جدول وَهُوَ النَّهر الصَّغِير زجر عَنهُ أَي نهى عَنهُ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى النزاع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 على الرّبيع هُوَ النَّهر الصَّغِير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 قَوْله [3904] فَترك كِرَاء الأَرْض أَي احْتِرَازًا عَن الشُّبْهَة وأخذا بالأحوط فِي الْوَرع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 قَوْله سُئِلَ عَن الْخَبَر هُوَ بِكَسْر الْخَاء أشهر من فتحهَا وَهُوَ المخابرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 قَوْله [3921] عَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو الخ الظَّاهِر أَن الثَّمر بِالْمُثَلثَةِ لَا بِالْمُثَنَّاةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 قَوْله [3927] ان كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ الخ أَي فالنهي مَخْصُوص بِمَا إِذا أدّى إِلَى النزاع وَالْخِصَام والا فَلَا نهى أَو المُرَاد بِهَذَا الزّجر عَن الْخِصَام والنزاع لَا النَّهْي عَن الْكِرَاء فَإِن مثل هَذَا الْكَلَام كثيرا مَا يَجِيء لذَلِك النَّهْي فَلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 نهى أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي صِحَة مِنْهُ وَجَوَاز أَمر أَي حِين كَانَ صَحِيحا وَكَانَ أمره نَافِذا فِي أَمْوَاله كُله لَا صَبيا وَلَا مَرِيضا وشربها هُوَ بِكَسْر شين الْحَظ من المَاء وسواقيها جمع ساقية ببز ورك جمع بزر وَهُوَ كل حب يبزر للنبات وَالْبذْر هُوَ مَا عزل للزِّرَاعَة من الْحُبُوب وتسميد مَا يحْتَاج الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 فِي الْقَامُوس سمد الأَرْض تسميد اجْعَل فِيهَا السماد أَي السرقين برماد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 قَوْله وضحا فِي الْقَامُوس الوضح محركة الدِّرْهَم الصَّحِيح والمضبوط هَا هُنَا بِضَم فَسُكُون على أَنه جمع قراضا بِكَسْر الْقَاف أَي مُضَارَبَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 قَوْله اشتركت أَنا وعمار وَسعد الخ هَذَا يدل على جَوَاز الشّركَة فِي الْأَمْوَال الْمُبَاحَة كالاحتطاب وَنَحْوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وسفاتج جمع سفتجة قيل بِضَم السِّين وَقيل بِفَتْحِهَا وَأما التَّاء فمفتوحة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 فيهمَا فَارسي مُعرب وفسرها بَعضهم فَقَالَ هِيَ كتاب صَاحب المَال لوَكِيله أَن يدْفع مَالا قرضا يَأْمَن بِهِ من خطر الطَّرِيق كَذَا فِي الْمِصْبَاح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 قَوْله لَا مثنوية بِفَتْح مِيم وَتَشْديد للنسبة بِمَعْنى الرُّجُوع (كتاب عشرَة النِّسَاء) قَوْله [3939] حبب الي من الدُّنْيَا النِّسَاء قيل إِنَّمَا حبب إِلَيْهِ النِّسَاء لينقلن عَنهُ مَالا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال من أَحْوَاله ويستحيا من ذكره وَقيل حبب إِلَيْهِ زِيَادَة فِي الِابْتِلَاء فِي حَقه حَتَّى لَا يَلْهُوَ بِمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ عَمَّا كلف بِهِ من أَدَاء الرسَالَة فَيكون ذَلِك أَكثر لمشاقةوأعظم لأجره وَقيل غير ذَلِك وَأما الطّيب فَكَأَنَّهُ يُحِبهُ لكَونه يُنَاجِي الْمَلَائِكَة وهم يحبونَ الطّيب وَأَيْضًا هَذِه الْمحبَّة تنشأ من اعْتِدَال المزاج وَكَمَال الْخلقَة وَهُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَشد اعتدالا من حَيْثُ المزاج وأكمل خلقه وَقَوله قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ إِشَارَةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 إِلَى أَن تِلْكَ الْمحبَّة غير مَا نعقله عَن كَمَال الْمُنَاجَاة مَعَ الرب تبَارك وَتَعَالَى بل هُوَ مَعَ تِلْكَ الْمحبَّة مُنْقَطع إِلَيْهِ تَعَالَى حَتَّى أَنه بمناجاته تقر عَيناهُ وَلَيْسَ لَهُ قريرة الْعين فِيمَا سواهُ فمحبته الْحَقِيقِيَّة لَيست الا لخالقه تبَارك وَتَعَالَى كَمَا قَالَ لَو كنت متخذا أحدا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر وَلَكِن صَاحبكُم خَلِيل الرَّحْمَن أَو كَمَا قَالَ وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن محبَّة النِّسَاء وَالطّيب إِذا لم يكن مخلا لأَدَاء حُقُوق الْعُبُودِيَّة بل للانقطاع إِلَيْهِ تَعَالَى يكون من الْكَمَال والا يكون من النُّقْصَان فَلْيتَأَمَّل وعَلى مَا ذكر فَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ هِيَ ذَات رُكُوع وَسُجُود وَيحْتَمل أَن المُرَاد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 فِي صَلَاة الله تَعَالَى على أَو فِي أَمر الله تَعَالَى الْخلق بِالصَّلَاةِ على وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3942] من كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ الظَّاهِر أَن الحكم غير مَقْصُور على امْرَأتَيْنِ بل هُوَ اقْتِصَار على الْأَدْنَى فَمن لَهُ ثَلَاث أَو أَربع كَانَ كَذَلِك يمِيل أَي فعلا لَا قلبا والميل فعلا هُوَ المنهى عَنهُ بقوله تَعَالَى فَلَا تميلوا كل الْميل أَي بِضَم الْميل فعلا إِلَى الْميل قلبا أحدشقيه بِالْكَسْرِ أَي يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة غير مستوى الطَّرفَيْنِ بل يكون أَحدهمَا كالراجح وزنا كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا غيرمستوى الطَّرفَيْنِ بِالنّظرِ إِلَى الْمَرْأَتَيْنِ بل كَانَ يرجح إِحْدَاهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 [3943] فَلَا تلمني فِيمَا تملك وَلَا أملك أَي الْمحبَّة بِالْقَلْبِ فَإِن قلت بِمثلِهِ لَا يُؤَاخذ وَلَا يلام غَيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فضلا عَن أَن يلام هُوَ إِذْ لَا تَكْلِيف بِمثلِهِ فَمَا معنى هَذَا الدُّعَاء قلت لَعَلَّه مَبْنِيّ على جَوَاز التَّكْلِيف بِمثلِهِ وان رفع التَّكْلِيف تفضل مِنْهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يتَضَرَّع فِي حَضرته تَعَالَى ليديم هَذَا الْإِحْسَان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 أَو الْمَقْصُود إِظْهَار افتقار الْعُبُودِيَّة وَفِي مثله لَا الْتِفَات إِلَى مثل هَذِه الأبحاث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي مِرْطِي بِكَسْر هِيَ الملحفة والازار وَالثَّوْب الْأَخْضَر يسألنك الْعدْل التَّسْوِيَة كَانَ المُرَاد التَّسْوِيَة فِي الْمحبَّة أَو فِي إرْسَال النَّاس الْهَدَايَا فَإِنَّهُم كَانُوا يتحرون يَوْم عَائِشَة وَهن كرهن ذَلِك التَّخْصِيص فاحبي هَذِه أَي عَائِشَة أَي فَلَا تقومي لمن يقوم عَلَيْهَا ينشدنك من نشدكنصر إِذا سَأَلَ تساميني أَي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 أَي تساويني مَا عدا سُورَة أَي جَمِيع خصالها محمودة مَا عدا سُورَة بسين مَفْتُوحَة وَسُكُون وَاو فراء فهاء أَي ثوران وعجلة من حِدة بِكَسْر حاء وهاء فِي آخرهَا أَي شدَّة خلق وَمن للْبَيَان أَو التَّعْلِيل أَو الإبتداء تسرع من الْإِسْرَاع الفيأة بِفَتْح فَاء وهمزة الرُّجُوع أَي ترجع مِنْهَا سَرِيعا وَوَقعت بِي أَي سبتني على عَادَة الضرات أرقب أَي أنظر وأراعي لم أنشبها فِي الْقَامُوس نشبه الْأَمر أَي كسمع لزقة أَي مَا قُمْت لَهَا سَاعَة حَتَّى أثخنت عَلَيْهَا بِهَمْزَة ثمَّ مُثَلّثَة ثمَّ خاء مُعْجمَة ثمَّ نون أَي بالغت فِي جوابها وأفحمتها انها ابْنة أبي بكر إِشَارَة إِلَى كَمَال فهمها ومتانة عقلهَا حَيْثُ صبرت إِلَى أَن ثَبت أَن التَّعَدِّي من جَانب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 الْخصم ثمَّ أجابت بِجَوَاب الزام قَوْله وَكَانَت أَي فَاطِمَة [3946] ابْنة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَقًا أَي على أَحْوَاله وخصاله وآدابه على أتم وَجه وأوكده قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 [3947] كفضل الثَّرِيد هُوَ أفضل طَعَام الْعَرَب لِأَنَّهُ مَعَ اللَّحْم جَامع بَين اللَّذَّة وَالْقُوَّة وسهولة التَّنَاوُل وَقلة الْمُؤْنَة فِي المضغ فَيُفِيد أَنَّهَا جَامِعَة لحسن الْخلق وحلاوة الْمنطق وَنَحْو ذَلِك قَوْله [3949] فِي لِحَاف امْرَأَة بِكَسْر لَام مَا يتغطى بِهِ وَكفى بِهَذَا شرفا وفخرا وَفِيه أَن محبته تَابِعَة لعظم منزلتها عِنْد الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 [3950] كَانُوا يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة لما يرَوْنَ من حب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا أَكثر من حبه غَيرهَا ومرادهن أَن يَأْمُرهُم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يهدوا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ كَمَا جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَلَا يخفى أَن هَذَا كَلَام لَا يَلِيق بِصَاحِب المروأة ذكره فِي الْمجْلس فطلبهن من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يذكر للنَّاس مثل هذاالكلام أما لعدم تفطنهن لما فِيهِنَّ من شدَّة الْغيرَة أَو هُوَ كِنَايَة عَن التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي المحبةبألطف وَجه لِأَن منشأ تحري النَّاس زِيَادَة الْمحبَّة لعَائِشَة فَعِنْدَ التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة يرْتَفع التَّحَرِّي من النَّاس فَكَأَنَّهُ إِذا سَاوَى بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة فقد أَمرهم بِعَدَمِ التَّحَرِّي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأجفت من أجاف الْبَاب رده فَلَمَّا رفه على بِنَاء الْمَفْعُول من رفه بِالتَّشْدِيدِ أَي أزيح وأزيل عَنهُ الضّيق والتعب قَوْله [3953] ترى مَالا نرى تُرِيدُ أَنْت ترى جِبْرِيل وَتسمع كَلَامه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 وَنحن لَا نرَاهُ قَوْله فَضربت أَي الَّتِي عِنْدهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الكسرتين كالقطعتين وزنا وَمعنى وَكَذَا الفلقتين وَفِي الْمجمع الْكسر بِكَسْر كَاف الْقطعَة من الشَّيْء المكسور وَيَقُول غارت أمكُم اعتذارا عَنْهَا فَدفع الْقَصعَة الظَّاهِر أَن القصعتين كَانَتَا ملكا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَفعله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك كَانَ لارضاء من أرْسلت الطَّعَام والا فضمان التّلف يكون بِالْمثلِ وَهُوَ هَا هُنَا الْقيمَة الا أَن يُقَال القصعتان كَانَتَا متماثلتين فِي الْقيمَة بِحَيْثُ كَانَ كل مِنْهُمَا صَالِحَة أَن تكون بَدَلا لِلْأُخْرَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3956] وَمَعَهَا فهر فِي الْقَامُوس الفهر بِالْكَسْرِ حجر قدر مَا يدق بِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 الْجَوْز أَو مَا يمْلَأ الْكَفّ وَيُؤَنث وَالْجمع أفهار وفهور قَوْله [3959] فَلم تزل بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة أَي لم تزالا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 ملازمتين بِهِ ساعيتين فِي تَحْرِيمهَا عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 [3960] فَقَالَ قد جَاءَك شَيْطَانك أَي فأوقع عَلَيْك اني قد ذهبت إِلَى بعض أزواجي فَأَنت لذَلِك متحيرة متفتشة عني فَقلت أمالك شَيْطَان أَي فَقطعت ذَاك الْكَلَام واشتغلت بِكَلَام آخر فَأسلم على صِيغَة الْمَاضِي فَصَارَ مُسلما فَلَا يدلني على سوء لذَلِك واسلام الشَّيْطَان غير عَزِيز فَلَا يُنكر على أَنه من بَاب خرق الْعَادة فَلَا يرد أَو على صِيغَة الْمُضَارع من سلم بِكَسْر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 اللَّام أَي فَأَنا سَالم من شَره قَوْله [3964] لما كَانَت لَيْلَتي الَّتِي هُوَ عِنْدِي أَي بليلة من جملَة اللَّيَالِي الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدِي انْقَلب رَجَعَ من صَلَاة الْعشَاء الا ريثما ظن بِفَتْح رَاء وَسُكُون يَاء بعْدهَا مُثَلّثَة أَي قدر مَا ظن رويدا أَي بِرِفْق وأجافه أَي رده وتقنعت ازاري كَذَا فِي الْأُصُول بِغَيْر يَاء وَكَأَنَّهُ بِمَعْنَى لَبِسْتُ إِزَارِي فَلِذَا عُدِّيَ بِنَفْسِهِ وأحضر من الاحضار بحاء مُهْملَة وضاد مُعْجمَة بِمَعْنى الْعَدو وَلَيْسَ الا أَن اضطجعت أَي وَلَيْسَ بعد الدُّخُول مني الا الِاضْطِجَاع فالمذكور اسْم لَيْسَ وخبرها مَحْذُوف عائش ترخيم واختصار وَبِه ظهر أَنه قد يُزَاد على التَّرْخِيم بالاختصار فِي الْوسط عِنْد ظُهُور الدَّلِيل على الْمَحْذُوف رابية مُرْتَفعَة الْبَطن حشيا بِفَتْح حاء مُهْملَة وَسُكُون شين مُعْجمَة مَقْصُور أَي مُرْتَفع النَّفس متواتره كَمَا يحصل للمسرع فِي الْمَشْي لتخبرني بِفَتْح لَام وَنون ثَقيلَة مضارع للواحدة المخاطبة من الاخبار فتكسر الرَّاء هَا هُنَا وتفتح فِي الثَّانِي أَنْت السوَاد فلهدني بِالدَّال الْمُهْملَة من اللهد وَهُوَ الدّفع الشَّديد فِي الصَّدْر وَهَذَا كَانَ تأديبا لَهَا من سوء الظَّن أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله من الحيف بِمَعْنى الْجور أَي بِأَن يدْخل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 الرَّسُول فِي نوبتك على غَيْرك وَذكر الله لتعظيم الرَّسُول وَالدّلَالَة على أَن الرَّسُول لَا يُمكن أَن يفعل بِدُونِ اذن من الله تَعَالَى وَلَو كَانَ مِنْهُ جور لَكَانَ بِإِذن الله تَعَالَى لَهُ فِيهِ وَهَذَا غير مُمكن وَفِيه دلَالَة على أَن الْقسم عَلَيْهِ وَاجِب إِذْ لَا يكون تَركه جورا الا إِذا كَانَ وَاجِبا وَقد وضعت بِكَسْر التَّاء لخطاب المراة (كتاب تَحْرِيم الدَّم) بَيَان أَن اراقة دم مُسلم بِغَيْر حق حرَام قَوْله [3966] يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله الخ كَأَنَّهُ كِنَايَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَن إِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام أَو قبُول الْأَحْكَام وَبِه انْدفع أَن مُقْتَضى الْغَايَة ارْتِفَاع الْمُقَاتلَة بِمُجَرَّد الشَّهَادَتَيْنِ وَمُقْتَضى الْجُمْلَة الشّرطِيَّة عدم ارتفاعها بذلك حَتَّى يُصَلِّي وَيسْتَقْبل الْقبْلَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 وَيَأْكُل لحم ذَبِيحَة الْمُسلم واندفع أَيْضا أَن أكل لحم الذَّبِيحَة غير مَشْرُوط فِي الْإِسْلَام عِنْد أحد وَحصل التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَات الْمُخْتَلفَة فِي هَذَا الْبَاب فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ أَحَادِيث الْبَاب قد مَضَت مرَارًا فَلَا نعيده الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 قَوْله [3972] جمع شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحَدِيثين أَي روى كلا مِنْهُمَا لَا أَنه رَوَاهُمَا جَمِيعًا بِإِسْنَاد وَاحِد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 قَوْله ساره أَي تكلم مَعَه سرا فَقَالَ اقْتُلُوهُ الضَّمِير لمن تكلم فِيهِ السار وَهُوَ الظَّاهِر أَو للسار وَكَأَنَّهُ تكلم بِكَلَام علم مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه مَا دخل الْإِيمَان فِي قلبه فَأَرَادَ قَتله ثمَّ رَجَعَ إِلَى تَركه حِين تفكر فِي إِسْلَامه أَي اظهاره الْإِيمَان ظَاهر إِذْ مدَار الْعِصْمَة عَلَيْهِ لَا على الْإِيمَان الباطني وَظَاهر هَذَا التَّقْدِير يَقْتَضِي أَنه قد يجْتَهد فِي الحكم الجزئي فيخطئ فِي المناط نعم لَا يُقرر عَلَيْهِ وَلَا يمْضِي الحكم بِالنّظرِ إِلَيْهِ بل يُوقف للرُّجُوع من سَاعَته إِلَى دَرك المناط وَالْحكم بِهِ وَلَا يخفى بعده وَالْأَقْرَب أَن يُقَال أَنه قد أذن لَهُ فِي الْعَمَل بالباطن فَأَرَادَ أَن يعْمل بِهِ ثمَّ ترجح عِنْده الْعَمَل بِالظَّاهِرِ لكَونه أَعم وأشمل لَهُ ولأمته فَمَال إِلَيْهِ وَترك الْعَمَل بالباطن وَبَعض الْأَحَادِيث يشْهد لذَلِك وعَلى هَذَا فَقَوله انما أمرت أَي وجوبا والا فَأذن لَهُ فِي الْقَتْل بِالنّظرِ إِلَى الْبَاطِن وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ نعم أَي قَالَ أَي السار أَو من توجه إِلَيْهِ بالسؤال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 قَوْله [3984] الا الرجل أَي ذَنْب الرجل وَكَانَ المُرَاد كل ذَنْب ترجى مغفرته ابْتِدَاء الا قتل الْمُؤمن فَإِنَّهُ لَا يغْفر بِلَا سبق عُقُوبَة والا الْكفْر فَإِنَّهُ لَا يغْفر أصلا وَلَو حمل على الْقَتْل مستحلا لَا يبْقى الْمُقَابلَة بَينه وَبَين الْكفْر ثمَّ لَا بُد من حمله على مَا إِذا لم يتب والا فالتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ كَيفَ وَقد يدْخل الْقَاتِل والمقتول الْجنَّة مَعًا كَمَا إِذا قَتله وَهُوَ كَافِر ثمَّ آمن وَقتل وَلَعَلَّ هَذَا بعد ذكره على وَجه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 التَّغْلِيظ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأول أَي الَّذِي هُوَ أول قَاتل لَا أول الْأَوْلَاد كفل بِكَسْر الْكَاف هُوَ الْحَظ والنصيب أول من سنّ الْقَتْل فَهُوَ متبوع فِي هَذَا الْفِعْل وللمتبوع نصيب من فعل تَابعه وان لم يقْصد التَّابِع اتِّبَاعه فِي الْفِعْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله الخ الْكَلَام مسوق لتعظيم الْقَتْل وتهويل أمره وَكَيْفِيَّة أفادة اللَّفْظ ذَلِك هُوَ أَن الدُّنْيَا عَظِيمَة فِي نفوس الْخلق فزوالها يكون عِنْدهم عَظِيما على قدر عظمتها فَإِذا قيل قتل الْمُؤمن أعظم مِنْهُ أَو الزَّوَال أَهْون من قتل الْمُؤمن يُفِيد الْكَلَام من تَعْظِيم الْقَتْل وتهويله وتقبيحه وتشنيعه مَا لَا يحيطه الْوَصْف وَلَا يتَوَقَّف ذَلِك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 على كَون الزَّوَال اثما أَو ذَنبا حَتَّى يُقَال انه لَيْسَ بذنب فَكل ذَنْب من جِهَة كَونه ذَنبا أعظم مِنْهُ فَأَي تَعْظِيم حصل للْقَتْل يَجعله أعظم مِنْهُ وان أُرِيد بالزوال الازالة فازالة الدُّنْيَا يسْتَلْزم قتل الْمُؤمنِينَ كلهم فَكيف يُقَال ان قتل وَاحِد أعظم مِمَّا يسْتَلْزم قتل الْكل وَكَذَا لَا يتَوَقَّف على كَون الدُّنْيَا عَظِيمَة فِي ذَاتهَا أَو عِنْد الله حَتَّى يُقَال هِيَ لَا تَسَاوِي جنَاح بعوضة عِنْد الله وكل شَيْء أعظم مِنْهُ فَلَا فَائِدَة فِي القَوْل بِأَن قتل الْمُؤمن أعظم مِنْهُ وَقيل المُرَاد بِالْمُؤمنِ الْكَامِل الَّذِي يكون عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته فَإِنَّهُ الْمَقْصُود من خلق الْعَالم لكَونه مظْهرا لآيَات الله وأسراره وَمَا سواهُ فِي هَذَا الْعَالم الْحسي من السَّمَاوَات وَالْأَرْض مَقْصُود لأَجله ومخلوق ليَكُون مسكنا لَهُ ومحلا لتفكره فَصَارَ زَوَاله أعظم من زَوَال التَّابِع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [3991] مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد أَي فِيمَا بَينه وَبَين الله يقْضِي بَين النَّاس فِيمَا جرى بَينهم فَلَا مُنَافَاة بَين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 الْحكمَيْنِ قَوْله فيبوء أَي يرجع الْقَاتِل بإثمه الضَّمِير للْقَاتِل أَو الْمَقْتُول أَي يصير متلبسا بإثمه ثَابتا عَلَيْهِ ذَلِك أَو اثم الْمَقْتُول بتحميل اثمه عَلَيْهِ والتحميل قد جَاءَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى لِأَن ذَلِك لم يسْتَحق حمل ذَنْب الْغَيْر بِفِعْلِهِ وَأما إِذا اسْتحق رَجَعَ ذَلِك إِلَى أَنه حمل أثر فعله فَلْيتَأَمَّل قَوْله فاتقها أَي فَاتق هَذِه السَّيئَة القبيحة المؤدية إِلَى مثل هَذَا الْجَواب الفاضح قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 [3999] وأنى لَهُ التَّوْبَة أَي من أَيْن جَاءَت لَهُ التَّوْبَة وَأي دَلِيل جوز قبُول تَوْبَته قيل هَذَا تَغْلِيظ من بن عَبَّاس كَيفَ والمشرك تقبل تَوْبَته وَقد قَالَ تَعَالَى فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فَكيف لَا تقبل تَوْبَة الْقَاتِل وَقد قَالَ تَعَالَى وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَكَانَ يتَمَسَّك فِي قَوْله بِظَاهِر قَوْله وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا الْآيَة ويجيب عَن قَوْله وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ الْآيَة تَارَة بالنسخ وَتارَة بِأَن ذَاك إِذا قتل وَهُوَ كَافِر ثمَّ أسلم وَقَوله وَمن يقتل مُؤمنا الخ فِيمَن قتل وَهُوَ مُؤمن لَكِن النَّاس يرَوْنَ قَوْله تَعَالَى وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا مُقَيّدا بِالْمَوْتِ بِلَا تَوْبَة وَيَقُولُونَ بعد ذَلِك بِأَن المُرَاد بالخلود طول الْمكْث وَبِأَن هَذَا بَيَان مَا يسْتَحقّهُ بِعَمَلِهِ كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم ثمَّ أمره إِلَيْهِ تَعَالَى ان شَاءَ عذبه وان شَاءَ عَفا عَنهُ وَبِأَن هَذَا فِي المستحل وَلَهُم فِي ذَلِك متمسكات من الْكتاب وَالسّنة وَالله تَعَالَى أعلم تَشْخَبُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ تَسِيلُ أَوْدَاجُهُ هِيَ مَا أحَاط الْعُنُق من الْعُرُوق الَّتِي يقطعهَا الذَّابِح وَاحِدهَا ودج بِالتَّحْرِيكِ لقد أنزلهَا الله أَي آيَة وَمن يقتل مُؤمنا الْآيَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 قَوْله وانتهكوا أَي حُرْمَة التَّوْحِيد بالشرك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 قَوْله ناصيته أَي نَاصِيَة الْقَاتِل وَرَأسه فِي يَده أَي فِي يَد الْمَقْتُول وَالْجُمْلَة حَال بِلَا وَاو بل بالضمير وفيهَا ضمير للْقَاتِل والمقتول جَمِيعًا فَيجوز أَن تكون حَالا عَنْهُمَا أَو عَن أَحدهمَا حَتَّى يُدْنِيه من الادناء وَهُوَ مُتَعَلق بيجيء أَو يَقُول يُكَرر السُّؤَال حَتَّى يُدْنِيه وَضمير الْفَاعِل لله تَعَالَى وَضمير الْمَفْعُول للمقتول أَو الْفَاعِل للمقتول وَالْمَفْعُول للْقَاتِل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 قَوْله [4008] أشفقنا مِنْهَا أَي خفنا من الشدَّة الَّتِي فِيهَا فَنزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان للتَّخْفِيف علينا وَهَذَا يُفِيد خلاف مَا ذكره بن عَبَّاس وَالْجمع مُمكن بِأَنَّهُ بلغ بَعْضًا إِحْدَى الْآيَتَيْنِ أَو لَا ثمَّ بلغتهم الثَّانِيَة فظنوا الَّتِي بلغت ثَانِيًا أَنَّهَا نزلت ثَانِيًا الا أَن رِوَايَات هَذَا الحَدِيث فِي نَفسهَا أَيْضا متعارضة فالاعتماد على حَدِيث بن عَبَّاس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4009] يعبد الله أَي يوحده وَقَوله وَلَا يُشْرك بِهِ شَيْئا تَأْكِيد لَهُ وَلَا يضرّهُ صُورَة الْعَطف للمغايرة بِالْمَفْهُومِ أَو يطيعه فِيمَا يطيقه فَمَا بعده إِلَى قَوْله ويجتنب الْكَبَائِر تَخْصِيص بعد تَعْمِيم وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا لَا بُد مِنْهُ فِي كَونه عابدا لَهُ تَعَالَى وَأَن منَاط الْأَمر عَلَيْهِ فَمن أَتَى بِهَذَا الْقدر من الطَّاعَة فَلهُ الْجنَّة وان قصر فِي غَيره قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 [4010] وَقَول الزُّور حملوه على شَهَادَة الزُّور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ندا أَي مثلا وشريكا وَهُوَ خلقك أَي وَالْحَال أَنه انْفَرد بخلقك فَكيف لَك اتِّخَاذ شريك مَعَه وَجعل عبادتك مقسومة بَينهمَا فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَونه منزها عَن شريك وَكَون الشَّرِيك بَاطِلا فِي ذَاته لَو فرض وجود شريك نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ لما حسن مِنْك اتِّخَاذه شَرِيكا مَعَه فِي عبادتك بِنَاء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 على أَنه مَا خلقك وَإِنَّمَا خلقك هُوَ تَعَالَى مُنْفَردا بخلقك وَفِي الْخطاب إِشَارَة إِلَى أَن الشّرك من الْعَالم بِحَقِيقَة التَّوْحِيد أقبح مِنْهُ من غَيره وَكَذَا الْخطاب فِيمَا بعد إِشَارَة إِلَى نَحوه ولدك أَي الَّذِي هُوَ أحب الْأَشْيَاء عِنْد الْإِنْسَان عَادَة ثمَّ الْحَامِل على قَتله خوف أَن يَأْكُل مَعَك وَهُوَ فِي نَفسه من أخس الْأَشْيَاء فَإِذا قَارن الْقَتْل سِيمَا قتل الْوَلَد سِيمَا من الْعَالم بِحَقِيقَة الْأَمر كَمَا يدل عَلَيْهِ الْخطاب زَاد قبحا على قبح بحليلة جَارك الَّذِي يسْتَحق مِنْك التوقير والتكريم فَالْحَاصِل أَن هَذِه الذُّنُوب فِي ذَاتهَا قبائح أَي قبائح وَقد قارنها من الْأَحْوَال مَا جعلهَا فِي الْقبْح بِحَيْثُ لَا يحيطها الْوَصْف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4016] لَا يحل دم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 امْرِئ أَي اهراقه والمرء الْإِنْسَان أَو الذّكر لَكِن أُرِيد هَا هُنَا الْإِنْسَان مُطلقًا أَو أُرِيد الذّكر وَترك ذكر الْأُنْثَى على المقايسة والاتباع كَمَا هُوَ الْعَادة الْجَارِيَة فِي الْكتاب وَالسّنة يشْهد الخ إِشَارَة إِلَى أَن الْمدَار على الشَّهَادَة الظَّاهِرَة لَا على تَحْقِيق إِسْلَامه فِي الْوَاقِع مفارق الْجَمَاعَة أَي جمَاعَة الْمُسلمين لزِيَادَة التَّوْضِيح وَالنَّفس بِالنَّفسِ أَي النَّفس الَّتِي يطْلب قَتلهَا فِي مُقَابلَة النَّفس ثمَّ الْمَقْصُود فِي الحَدِيث بَيَان أَنه لَا يجوز قَتله الا بِإِحْدَى هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث لَا أَنه لَا يجوز الْقِتَال مَعَه فَلَا اشكال بالباغي لِأَن الْمَوْجُود هُنَاكَ الْقِتَال لَا الْقَتْل على أَنه يُمكن ادراجه فِي قَوْله النَّفس بِالنَّفسِ بِنَاء على أَن المُرَاد بِالْقَتْلِ فِي مُقَابلَة أَنه قَتله أَو أَنه ان لم يقتل قَتله والباغي كَذَلِك فَيشْمَل الصَّائِل أَيْضا وَيجوز أَن يَجْعَل قتل الصَّائِل من بَاب الْقِتَال لَا الْقَتْل أما قَاطع الطَّرِيق فأيضا يُمكن ادراجه فِي النَّفس بِالنَّفسِ اما لِأَنَّهُ ان لم يقتل يقتل أَو لِأَنَّهُ لَا يقتل الا بعد أَن يقتل نفسا وَأما الساب لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء فَهُوَ دَاخل فِي قَوْله التارك لِلْإِسْلَامِ بِنَاء على أَنه مُرْتَدا لَا أَنه يلْزم حِينَئِذٍ أَن قَتله للارتداد لَا للحد فَيَنْبَغِي أَن تقبل تَوْبَته وَقد يُقَال معنى الا ثَلَاثَة نفر الا أَمْثَال ثَلَاثَة نفر أَي مِمَّا ورد الشَّرْع فِيهِ بِحل قَتله فَيصير حَاصِل الحَدِيث أَنه لَا يحل الْقَتْل الا من أحل الشَّرْع قَتله فَرجع حَاصله إِلَى معنى قَوْله تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَهَذَا الْوَجْه أقرب إِلَى التَّوْفِيق بَين الْأَحَادِيث فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأرجل بِالرَّفْع على الْبَدَلِيَّة بِتَقْدِير الادم رجل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 قَوْله [4019] من بالبلاط بِفَتْح الْبَاء وَقيل بِكَسْر مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فَلم يقتلوني على لفظ الِاسْتِفْهَام قَوْله هنأت أَي شرور وَفَسَاد فَارق الْجَمَاعَة أَي خَالف مَا اتّفق عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ تفريقا بَين الْمُسلمين وإيقاعا للْخلاف بَينهم أَو يُرِيد يفرق كلمة أَو للشَّكّ وَيفرق بِمَعْنى أَن يفرق مفعول يُرِيد فَاقْتُلُوهُ أَي ادفعوه وَلَا تمكنوه مِمَّا يُرِيد فان أدّى الْأَمر إِلَى الْقَتْل فِي ذَلِك يحل قَتله فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة أَي حفظه تَعَالَى وَنَصره مَعَ الْمُسلمين إِذا اتَّفقُوا فَمن أَرَادَ التَّفْرِيق بَينهم فقد أَرَادَ صرف النَّصْر عَنْهُم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 [4021] وهم جَمِيع أَي يَجْتَمعُونَ على أَمر وَاحِد كاجتماعهم على امام مثل أبي بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 [4024] من عكل بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْكَاف أَبُو قَبيلَة وَقد جَاءَ أَن بَعضهم كَانُوا من عكل وَبَعْضهمْ من عرينة فاستوخموا أَي استثقلوها وَلم يُوَافق هواؤها أبدانهم وسقمت كسمعت فِي ابله أَي فِي الْإِبِل الَّتِي مَعَ الرَّاعِي فالاضافة لأدنى مُلَابسَة فتصيبوا بالشرب وَقد تقدم الْكَلَام فِي شرب الْبَوْل أول الْكتاب فَلَا حَاجَة إِلَى الْإِعَادَة فَبعث أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم نَاسا فِي أَثَرهم وَسمر بتَخْفِيف الْمِيم أَو تشديدها على بِنَاء الْفَاعِل أَي كحلهم بمسامير حميت حَتَّى ذهب بصرها ونبذهم أَي ألقاهم ونسبةهذه الْأَفْعَال إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لكَونه الْآمِر بهاقوله [4025] فاجتووا الْمَدِينَة بِالْجِيم افتعال من الجوى وَالْمرَاد كَرهُوا الْمقَام بهَا لضَرَر لحقهم بهَا وسمل على بِنَاء الْفَاعِل بميم مُخَفّفَة آخِره لَا م أَي فقأها وَلم يحسمهم أَي مَا قطع دِمَاءَهُمْ بالكي وَنَحْوه قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 [4027] أَو عرينة بِالتَّصْغِيرِ فَأمر لَهُم أَي بذود فَقَوله بذودمتعلق بِهِ وَجُمْلَة واجتووا الْمَدِينَة حَال وَقَوله أَو لقاح شكّ من الرَّاوِي واللقاح الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 بِالْكَسْرِ ذَات اللَّبن من النوق قَوْله [4029] لَو خَرجْتُمْ إِلَى ذودنا أَي لَكَانَ أحسن لكم وأرفق بحالكم أَو كلمة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 أَو لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير الْجَواب قَوْله [4031] فِي الْحرَّة بِفَتْح فتشديد اسْم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فِيهِ حِجَارَة سود قَوْله [4032] أهل ضرع أَي أهل لبن ريف بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون يَاء أَي أهل زرع فَبعث الطّلب بِفتْحَتَيْنِ جمع طَالب كخدم جمع خَادِم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 [4034] يكدم الأَرْض بِالدَّال الْمُهْملَة أَي يَتَنَاوَلهَا بِفِيهِ ويعض عَلَيْهَا بِأَسْنَانِهِ قيل مَا أَمر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَإِنَّمَا فعله الصَّحَابَة من عِنْد أنفسهم وَالْإِجْمَاع على أَن من وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل لَا يمْنَع المَاء إِذا طلب وَقيل فعل كل ذَلِك قصاصا لأَنهم فعلوا بالراعي مثل ذَلِك وَقيل بل لشدَّة جنايتهم كَمَا يُشِير إِلَيْهِ كَلَام أبي قلَابَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4036] اللَّهُمَّ عَطش من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 التعطيش الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْله عاتبة الله حَيْثُ شرع لَهُ التَّخْفِيف فِي الْعقُوبَة قَوْله على حلى بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء جمع حلى بِفَتْح وَتَخْفِيف مثل ثدى وثدى أى لأَجلهَا ورضخ بضاد وخاء معجمتين على الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 بِنَاء الْفَاعِل أى كسر أَن يرْجم لَعَلَّه عبر عَن الْكسر بِالْحجرِ بِالرَّجمِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 [4049] لم تقبل لَهُ صَلَاة قيل الْقبُول أخص من الاجزاء فَإِن الْقبُول هُوَ أَن يكون الْعَمَل سَببا لحُصُول الْأجر وَالرِّضَا والقرب من الْمولى والأجزاء كَونه سَببا لسُقُوط التَّكْلِيف عَن الذِّمَّة فَصَلَاة العَبْد الْآبِق صَحِيحَة مجزئة لسُقُوط التَّكْلِيف عَنهُ بهَا لَكِن لَا أجر لَهُ عَلَيْهَا لَكِن بَاقِي رِوَايَات الحَدِيث تدل على أَن المُرَاد مَا إِذا أبق بِقصد اللحاق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 بدار الْحَرْب ايثارا لدينهم وَلَا يخفى أَنه حِينَئِذٍ يصير كَافِرًا فَلَا تقبل لَهُ صَلَاة وَلَا تصح لَو فرض أَنه صلاهَا وَالله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 تَعَالَى أعلم قَوْله [4059] من بدل دينه عُمُومه يَشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى وَمِنْهُم من خص بِالذكر لما جَاءَ النَّهْي عَن قتل الاناث فِي الْحَرْب وَلَا يخفى مَا فِي الْمُخَصّص من الضعْف فِي الدّلَالَة على التَّخْصِيص فالعموم أقرب وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ المُرَاد بالذين الْحق وَهَذَا ظَاهر بِالسوقِ فَلَا يَشْمَل عُمُومه من أسلم من الْكَفَرَة وَلَا من انْتقل مِنْهُم من مِلَّة إِلَى مِلَّة أُخْرَى من ملل الْكفْر قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 [4065] يعْبدُونَ وثنا أَي بعد مَا أَسْلمُوا فأحرقهم قَالُوا كَانَ ذَلِك مِنْهُ عَن رأى واجتهاد لَا عَن تَوْقِيف وَلِهَذَا لما بلغه قَول بن عَبَّاس استحسنه وَرجع إِلَيْهِ كَمَا تدل عَلَيْهِ الرِّوَايَات قَوْله [4066] قَضَاء الله أَي هُوَ أَي الْقَتْل قَضَاء الله أواقض قَضَاء الله قَوْله أَمن من التَّأْمِين أَو الْإِيمَان عاصف أَي ريح شَدِيد اخْتَبَأَ بِهَمْزَة أَي اختفى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 [4067] أما كَانَ فِيكُم رجل رشيد أَي فطن لصواب الحكم وَفِيه أَن التَّوْبَة عَن الْكفْر فِي حَيَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَوْقُوفَة على رِضَاهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَن الَّذِي ارْتَدَّ وآذاه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا آمن سقط قَتله وَهَذَا رُبمَا يُؤَيّد القَوْل ان قتل الساب للارتداد لَا للحد وَالله تَعَالَى أعلم أَن يكون لَهُ خَائِنَة أعين قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن يضمر فِي قلبه غير مَا يظهره للنَّاس فَإِذا كف لِسَانه وَأَوْمَأَ بِعَيْنِه إِلَى ذَلِك فقد خَان وَقد كَانَ ظُهُور تِلْكَ الْخِيَانَة من قبيل عينه فسميت خَائِنَة الْأَعْين قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 [4070] وَكَانَت لَهُ أم ولد أَي غير مسلمة وَلذَلِك كَانَت تجترئ على ذَلِك الْأَمر الشنيع فيزجرها أَي يمْنَعهَا ذَات لَيْلَة يُمكن رَفعه على أَنه اسْم كَانَ ونصبه على أَنه خبر كَانَ أَي كَانَ الزَّمَان أَو الْوَقْت ذَات لَيْلَة وَقيل يجوز نَصبه على الظَّرْفِيَّة أَي كَانَ الْأَمر فِي ذَات لَيْلَة ثمَّ ذَات لَيْلَة قيل مَعْنَاهُ سَاعَة من لَيْلَة وَقيل مَعْنَاهُ لَيْلَة من اللَّيَالِي والذات مقحمة فَوَقَعت فِيهِ قيل تعدى بفي لتضمين معنى الطعْن يُقَال وَقع فِيهِ إِذا عابه وذمه إِلَى المغول بِكَسْر مِيم وَسُكُون غين معجمةوفتح وَاو مثل سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ قَتِيلا يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث لي عَلَيْهِ حق صفة لرجل أَي مُسلما يجب عَلَيْهِ طَاعَتي وإجابه دَعْوَتِي يتدلدل أَي يضطرب فِي مَشْيه ان دَمهَا هدر وَلَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم بِالْوَحْي صدق قَوْله وَفِيه دَلِيل على أَن الذِّمِّيّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 إِذا لم يكف لِسَانه عَن الله وَرَسُوله فَلَا ذمَّة لَهُ فَيحل قَتله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4071] لَيْسَ هَذَا أَي الْقَتْل للسب وَقلة الْأَدَب قَوْله تغيظ قيل لِأَنَّهُ سبّ أَبَا بكر قَالَ فوَاللَّه لأذهب الخ هَذَا من قَول أبي بَرزَة أَي أَن كَلَامي قد عظم عِنْد أبي بكر حَتَّى زَالَ بِسَبَب عظمه غَضَبه ثمَّ قَالَ أَي أَبُو بكر بعد أَن ذهب غَضَبه بِمَا قلت قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 [4078] اذْهَبْ بِنَا الْبَاء للمصاحبة أَو التَّعْدِيَة لَو سَمعك أَي سمع قَوْلك إِلَى هَذَا النَّبِي وَظهر لَهُ أَنَّك تعتقده نَبيا أَرْبَعَة أعين كِنَايَة عَن زِيَادَة الْفَرح وفرط السرُور إِذْ الْفَرح يُوجب قُوَّة الْأَعْضَاء وتضاعف القوى يشبه تضَاعف الْأَعْضَاء الحاملة لَهَا عَن تسع آيَات جمع آيَة وَهِي الْعَلامَة الظَّاهِرَة تسْتَعْمل فِي المحسوسات كعلامة الطَّرِيق وَغَيرهَا كَالْحكمِ الْوَاضِح وَالْمرَاد فِي الحَدِيث اما المعجزات التسع كَمَا هُوَ المُرَاد فِي قَوْله تَعَالَى أَدخل يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء فِي تسع آيَات وعَلى هَذَا فَالْجَوَاب فِي الحَدِيث مَتْرُوك ترك ذكره الرَّاوِي وَقَوله لَا تُشْرِكُوا الخ كَلَام مُسْتَأْنف ذكر عقب الْجَواب وَأما الْأَحْكَام الْعَامَّة شَامِلَة للملة كلهَا كَمَا جوز ذَاك فِي قَوْله تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات الخ وعَلى هَذَا فالمذكور فِي الحَدِيث هُوَ الْجَواب لَكِن زيد فِيهِ ذكر وَعَلَيْكُم خَاصَّة يهود لزِيَادَة الإفادة وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ الْبَاء فِي بِبَرِيءٍ للتعدية وَالسُّلْطَان السلطنةوالحكم أَي لَا تتكلموا بِسوء فِيمَن لَيْسَ لَهُ ذَنْب عِنْد السُّلْطَان ليَقْتُلهُ أَو يُؤْذِيه وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَي لَا تعاملوا بالربا وَلَا تأخذوه يهود بِحَذْف حرف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 النداء ان دَاوُد دَعَا الخ أَي فَنحْن نَنْتَظِر ذَلِك النَّبِي لنتبعه وَهَذَا مِنْهُم تَكْذِيب لقَولهم نشْهد أَنَّك نَبِي وَأَنَّهُمْ مَا قَالُوا عَن صدق اعْتِقَاد ضَرُورَة أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يدعى ختم النُّبُوَّة بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَالْقَوْل بِأَنَّهُ نَبِي يسْتَلْزم صدقه فِيهِ وانتظار نَبِي آخر يُنَافِيهِ فَانْظُر إِلَى تناقضهم وكذبهم وانا نَخَاف الخ عذر آخر كتركهم الْإِيمَان بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله [4079] من عقد عقدَة دأب أهل السحر أَن أحدهم يَأْخُذ خيطا فيعقد عَلَيْهِ عقدَة وَيتَكَلَّم عَلَيْهِ بِالسحرِ بنفث فَمن أَتَى بذلك فقد أَتَى بِعَمَل من أَعمال أهل السحر فقد أشرك أَي فقد أَتَى بِفعل من أَفعَال الْمُشْركين أَو لِأَنَّهُ قد يُفْضِي إِلَى الشّرك إِذا اعْتقد أَن لَهُ تاثيرا حَقِيقَة وَقيل المُرَاد الشّرك الْخَفي بترك التَّوَكُّل والاعتماد على الله سُبْحَانَهُ وَمن تعلق شَيْئا أَي علق شَيْئا بعنقه أَو عنق صَغِير من التَّعَلُّق بِمَعْنى التَّعْلِيق قيل المُرَاد تمائم الْجَاهِلِيَّة مثل الخرزات وأظفار السبَاع وعظامها وَأما مَا يكون من الْقُرْآن والأسماء الإلهية فَهُوَ خَارج عَن هَذَا الحكم بل هُوَ جَائِز لحَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَنه كَانَ يعلق على الصغار بعض ذَلِك وَقيل الْقبْح إِذا علق شَيْئا مُعْتَقدًا جلب نفع أَو دفع ضَرَر أما للتبرك فَيجوز وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر فِي شرح التِّرْمِذِيّ تَعْلِيق الْقُرْآن لَيْسَ من طَرِيق السّنة وَإِنَّمَا السّنة فِيهِ الذّكر دون التَّعْلِيق وكل إِلَيْهِ كِنَايَة عَن عدم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 العون مِنْهُ تَعَالَى قَوْله [4080] فاشتكى لذَلِك أَيَّامًا أَي مرض والأمراض جَائِزَة على الْأَنْبِيَاء وَكَونهَا بعد سحر هُوَ سَبَب عادي لَهَا لَا يضر وَلَا يُوجب نقصا فِي مَرَاتِبهمْ الْعلية عقد لَك عقدا بِضَم عين وَفتح قَاف جمع عقدَة كَأَنَّمَا نشط من عقال فِي النِّهَايَة إنماهو أنشط أَي حل وَلَا يَصح نشط فَإِنَّهُ بِمَعْنى عقد لَا حل قَوْله [4081] فَقَالَ الرجل ضمير قَالَ للرجل السَّابِق وَالرجل من جملَة الْمَقُول ناء بِأَلف ثمَّ همزَة أَو بِالْعَكْسِ أَي بعد قَاتل دون مَالك أَي قدامه قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 [4082] ان عدي على مَالِي عدي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي سرق مَالِي فان قتلت على بِنَاء الْمَفْعُول فَفِي الْجنَّة أَي فَأَنت فِيهَا وان قتلت على بِنَاء الْفَاعِل فَفِي النَّار أَي فمقتولك فِيهَا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 [4095] وَمن قتل دون دينه أَي من أَرَادَهُ أحد ليفتنه فِي دينه والا يُرِيد قَتله فَقبل الْقَتْل أَو قَاتل عَلَيْهِ حَتَّى قتل فَهُوَ شَهِيد وَجوز لَهُ إِظْهَار كلمة الْكفْر مَعَ ثُبُوت الْقلب على الْإِيمَان وَالْأولَى الصَّبْر على الْقَتْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4096] دون مظلمته أَي قَصده قَاصد بالظلم قَوْله [4097] من شهر سَيْفه شهر بِالتَّخْفِيفِ كمنع وبالتشديد أَي سل سَيْفه ثمَّ وَضعه أَي فِي النَّاس أَي ضَربهمْ بِهِ فدمه هدر أَي لادية وَلَا قصاص بقتْله قَوْله [4099] من رفع السِّلَاح أَي على النَّاس ثمَّ وَضعه فيهم قَوْله علينا أَي الْمُسلمين وَترك ذكر الذميين والمستأمنين للمقايسة أَو المُرَاد بعلينا كل من كَانَ أهل أَمن أَو حرَام الدَّم بِالْإِيمَان أَو الذِّمَّة أَو الإستئمان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 فَلَيْسَ منا أَي على طريقتنا وَلَا من أهل سنتنا أَو هُوَ تَغْلِيظ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَهُوَ بِالْيَمِينِ أَي على الْيَمين بذهيبة تَصْغِير ذهب وَالْهَاء لِأَن الذَّهَب يؤنث وَالْمُؤَنَّثُ الثَّلَاثِيُّ إِذَا صُغِّرَ أُلْحِقَ فِي تَصْغِيرِهِ الْهَاءُ وَقِيلَ هُوَ تَصْغِيرُ ذَهَبَةٍ عَلَى نِيَّةِ الْقطعَة مِنْهَا فصغرها على لَفظهَا صَنَادِيد رُؤَسَاء غائر الْعَينَيْنِ أَي داخلهما إِلَى القعر ناتئ بِالْهَمْز أَي مرتفعهما كث اللِّحْيَة بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْمُثَلَّثَة أَي كبيرها وكثيفها من يطع الله إِذا عصيته إِذْ الْخلق مأمورون باتباعه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عصى يتبعونه فِيهِ فَمن يطيعه وَمن فِي يطع استفهامية لَا شَرْطِيَّة فَالْوَجْه اثبات الْيَاء أَي من يُطِيع الله كَمَا فِي الْكُبْرَى وَالله تَعَالَى أعلم أيأمنني أَي الله تَعَالَى على أهل الأَرْض أَي على تَبْلِيغ الْوَحْي وَأَدَاء الرسَالَة إِلَيْهِم ان من ضئضئ بِكَسْر ضادين وَسُكُون الْهمزَة الأولى أَي من قبيلته يخرجُون الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 يظهرون لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ بالصعود إِلَى مَحل الْقبُول أَو النُّزُول إِلَى الْقُلُوب ليؤثر فِي قُلُوبهم بمرقون يخرجُون من الدّين قيل الْإِسْلَام وَقيل طَاعَة الامام من الرَّمية بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء هِيَ الَّتِي يرميها الرَّامِي من الصَّيْد قَوْله [4102] أَحْدَاث الْأَسْنَان أَي صغَار الْأَسْنَان فَإِن حَدَاثَة السن مَحل للْفَسَاد عَادَة سُفَهَاء الأحلام ضِعَاف الْعُقُول من خير قَول الْبَريَّة أَي يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْض الْأَقْوَال الَّتِي هِيَ من خِيَار أَقْوَال النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ أَي فِي الظَّاهِر مثل ان الحكم الا لله ونظائره كدعائهم إِلَى كتاب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 الله قَوْله أَتَى على بِنَاء الْمَفْعُول من عَن يَمِينه بِفَتْح الْمِيم مَوْصُولَة وَيحْتَمل على بعد كسر الْمِيم على أَنَّهَا حرف جَارة وَعَن اسْم بِمَعْنى الْجَانِب وَكَذَا من فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَخيرينِ وَأما قَوْله فَقَامَ رجل من وَرَائه فحرف جر قطعا مَا عدلت بِالتَّخْفِيفِ أَي مَا سويت بَين الْمُسْتَحقّين مَطْمُومُ الشَّعْرِ يُقَالُ طَمَّ شَعْرَهُ إِذَا جَزَّهُ وَاسْتَأْصَلَهُ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ قَالَ النَّوَوِيُّ السِّيمَا الْعَلَامَةُ والأفصح فِيهَا الْقصر وَبِه جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ لُغَةٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّحْلِيقِ حَلْقُ الرَّأْس وَلَا دلَالَة فِيهِ على كَرَاهَة الْحلق فَإِن كَون الشَّيْء عَلامَة لَهُم لَا يُنَافِي الاباحةلقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وآيتهم رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَيْسَ بِحرَام وَلَا مَكْرُوه وَقد جَاءَ فِي سنَن أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 الرَّأْس لَا يحْتَمل تَأْوِيلا وَقد يناقش فِي الِاسْتِدْلَال على أصُول مَذْهَب النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ يجوز عِنْدهم تَمْكِين الصَّغِير مِمَّا يحرم على الْبَالِغ كالحرير وَالذَّهَب فَلْيتَأَمَّل شَرّ الْخلق والخليقة الْخلق النَّاس والخليقة الْبَهَائِم وَقيل هما بِمَعْنى وَيُرِيد بهما جَمِيع الْخَلَائق قَوْله كفر أَي من أَعمال أهل الْكفْر فَإِنَّهُم الَّذين يقصدون قتال الْمُسلمين وتأويله بِحمْلِهِ على الْقِتَال مستحلا يُؤَدِّي إِلَى عدم صِحَة الْمُقَابلَة لكَون السباب مستحلا كفر أَيْضا فَلْيتَأَمَّل والسباب بِكَسْر سين مُهْملَة وخفة مُوَحدَة أَي شَتمه فسوق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 أَي من أَعمال أهل الفسوق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 قَوْله [4114] من خرج من الطَّاعَة أَي طَاعَة الامام وَفَارق الْجَمَاعَة أَي جمَاعَة الْمُسلمين المجتمعين على امام وَاحِد ميتَة بِكَسْر الْمِيم حَالَة الْمَوْت جَاهِلِيَّة صفة بِتَقْدِير أَي كميته أهل الْجَاهِلِيَّة وَيحْتَمل الْإِضَافَة وَالْمرَاد مَاتَ كَمَا يَمُوت أهل الْجَاهِلِيَّة من الضلال وَلَيْسَ المُرَاد الْكفْر يضْرب برهَا بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الرَّاء لَا يتحاشى أَي لَا يتْرك وَلَا يَفِي لذِي عهدها أَي لَا يَفِي لذِمِّيّ ذمَّته فَلَيْسَ مني أَي فَهُوَ خَارج عَن سنتي تَحت راية عمية بِكَسْر عين وَحكى ضمهَا وبكسر الْمِيم المشددةوبمثناة تحتية مُشَدّدَة هِيَ الْأَمر الَّذِي لَا يستبين وَجهه كقاتل الْقَوْم عصبية قيل قَوْله تَحت راية عمية كِنَايَة عَن جمَاعَة مُجْتَمعين على أَمر مَجْهُول لَا يعرف أَنه حق أَو بَاطِل وَفِيه أَن من قَاتل تعصبا لَا لإِظْهَار دين وَلَا لاعلاء كلمة الله وَإِن كَانَ المعصوب لَهُ حَقًا كَانَ على الْبَاطِل فقتلة بِكَسْر الْقَاف الْحَالة من الْقَتْل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 قَوْله [4116] إِذا أَشَارَ الْمُسلم على أَخِيه هُوَ ان يُشِير كل مِنْهُمَا على صَاحبه فهما على جرف جَهَنَّم بِضَم جِيم وَرَاء مُهْملَة مَضْمُومَة أَو سَاكِنة مستعار من جرف النَّهر الطّرف كالسيل وَهُوَ كِنَايَة عَن قربهما من جَهَنَّم خرا أَي سقطا أَي الْقَاتِل والمقتول قَوْله [4117] أَحدهمَا على الآخر أَي كل مِنْهُمَا على صَاحبه [4118] هَذَا الْقَاتِل أَي يسْتَحقّهُ لقَتله فَالْخَبَر مَحْذُوف وَالْأَقْرَب أَن هَذَا إِشَارَة إِلَى ذَات الْقَاتِل فَهُوَ مُبْتَدأ وَالْقَاتِل خَبره وَصِحَّة الْإِشَارَة بِاعْتِبَار إِحْضَار الْوَاقِعَة أَي هَذَا هُوَ الْقَاتِل فَلَا اشكال فِي كَونه فِي النَّار لِأَنَّهُ ظَالِم أَرَادَ قتل صَاحبه أَي مَعَ السَّعْي فِي أَسبَابه لِأَنَّهُ توجه بِسَيْفِهِ فَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْمُؤَاخَذَة بِمُجَرَّد نِيَّة الْقلب بِدُونِ عمل كَمَا زَعمه بعض فاستدلوا على أَن العَبْد يُؤْخَذ بالعزم ثمَّ قد اسْتدلَّ كثير على أَن مرتكب الْكَبِيرَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 مُسلم لقَوْله إِذا تواجه المسلمان فسماهما الْمُسلمين مَعَ كَونهمَا مباشرين بالذنب وَهَذَا الَّذِي قَالُوا ان مرتكب الْكَبِيرَة مُسلم حق لَكِن فِي كَون الحَدِيث دَلِيلا عَلَيْهِ نظر ظَاهر لِأَن التَّسْمِيَة فِي حيّز التَّعْلِيق لَا يدل على بَقَاء الِاسْم عِنْد تحقق الشَّرْط مثل إِذا أحدث الْمُتَوَضِّئ أَو الْمُصَلِّي بَطل وضوءه أَو صلَاته فَلْيتَأَمَّل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 قَوْله [4125] لَا ترجعوا أَي لَا تصيروا كفَّارًا نَصبه على الْخَبَر أَي كالكفار يضْرب اسْتِئْنَاف لبَيَان صيرورتهم كالكفرة أَو المُرَاد لَا ترتدوا عَن الْإِسْلَام إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ من عبَادَة الْأَصْنَام حَال كونكم كفَّارًا ضَارِبًا بَعْضكُم رِقَاب بعض وَالْأول أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 [4126] بِجِنَايَة أَبِيه أَي بِذَنبِهِ بِأَن يُعَاقب فِي الْآخِرَة عَلَيْهِ أَو فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَنَحْوه والا فَالدِّيَة تتحملها الْعَاقِلَة الا أَن يُقَال الْجِنَايَة هُوَ الْعمد لَا الْخَطَأ قَوْله بجريرة أَبِيه أَي بِجِنَايَتِهِ قَوْله [4128] لَا ألفينكم من الفيته وجدته وَالنَّهْي ظَاهرا يتَوَجَّه إِلَى الْمُتَكَلّم وَالْمرَاد تَوْجِيهه إِلَى الْمُخَاطب أَي لَا تَكُونُوا بعدِي كَذَلِك فَإِنَّهُم إِذا كَانُوا كَذَلِك يجدهم كَذَلِك فَإِن قلت كَيفَ يجدهم بعده قلت بعد مَوْتهمْ أَو تعرض حَالهم عَلَيْهِ أَو يَوْم الْقِيَامَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 [4131] استنصت النَّاس أَي قل لَهُم ليسكتوا حَتَّى يسمعوا قولي وَفِيه اهتمام وتعظيم لما يَقُوله (كتاب قسم الْفَيْء) الْفَيْء مَا حصل للْمُسلمين من أَمْوَال الْكفَّار من غير حَرْب وَلَا جِهَاد كَذَا فِي النِّهَايَة وَفِي الْمغرب هُوَ مَا نيل من الْكفَّار بعد مَا تضع الْحَرْب أَو زارها وَتصير الدَّار دَار الْإِسْلَام وَذكروا فِي حكمه أَنه لعامة الْمُسلمين وَلَا يُخَمّس وَلَا يقسم كالغنيمة وَالْمرَاد هَا هُنَا مَا يعم الْغَنِيمَة أَو الْغَنِيمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4133] عَن سهم ذِي الْقُرْبَى من الْغَنِيمَة الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خَمْسَة الْآيَة وَكَأَنَّهُ تردد أَنه لقربى الامام أَو لقربى الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَبين لَهُ بن عَبَّاس أَن المُرَاد الثَّانِي لَكِن الدَّلِيل الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك لَا يتم لجَوَاز أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قسم لَهُم ذَلِك لكَونه هُوَ الامام فقرابته قرَابَة الامام لَا لكَون المُرَاد قرَابَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الا ان يُقَال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 المُرَاد قسم لَهُم مَعَ قطع النّظر عَن كَونه إِمَامًا والمتبادر من نظم الْقُرْآن هُوَ قرَابَة الرَّسُول مَعَ قطع النّظر عَن هَذَا الدَّلِيل فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم رَأَيْنَاهُ دون حَقنا لَعَلَّه مبْنى على أَن عمر رَآهُمْ مصارف فَيجوز الصّرْف إِلَى بعض كَمَا فِي الزَّكَاة عِنْد الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب مَالك هَا هُنَا وَالْمُخْتَار من مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَالْخيَار للآمام ان شَاءَ قسم بَينهم بِمَا يرى وان شَاءَ أعْطى بَعْضًا دون بعض حسب مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة وبن عَبَّاس رَآهُمْ مستحقين لخمس الْخمس كَمَا يَقُول الشَّافِعِي هَا هُنَا وَفِي الزَّكَاة فَقَالَ بن عَبَّاس بِنَاء على ذَلِك أَنه عرض دون حَقهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أيمنا من لَا زوج لَهُ من الرِّجَال وَالنِّسَاء ويحذى بحاء مُهْملَة وذال مُعْجمَة من أحذيته إِذا أَعْطيته عائلنا أَي فقيرنا والغارم الْمَدْيُون قَوْله [4135] وَقسم أَبِيك هَكَذَا فِي نسختنا أَبِيك بِالْيَاءِ وَالظَّاهِر أَن الْجُمْلَة فعلية فَالْأَظْهر أَبوك بِالْوَاو الا أَن يَجْعَل أَبِيك تَصْغِير الْأَب اما لِأَن الْمقَام يُنَاسب التحقير أَو لِأَن اسْم الْوَلِيد يُنبئ عَن الصغر فصغره لذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون قسم بِفَتْح فَسُكُون مصدر قسم مُبْتَدأ وَالْخَبَر مُقَدّر أَي غير مُسْتَقِيم أَو غير لَائِق أَو نَحْو الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 ذَلِك أَو الْخمس كُله على أَن الْقسم بِمَعْنى الْمَقْسُوم من كثرت خصماؤه الظَّاهِر من جِهَة الْخط والسوق أَن من يفتح الْمِيم موصوله فَاعل ينجو وَيحْتَمل على بعد أَن فَاعل ينجو ضمير أَبِيه وَمن جَارة فَلْيتَأَمَّل المعازف بِعَين مُهْملَة وزاي مُعْجمَة وَفَاء أَي آلَات اللَّهْو من يجز بجيم وزاي مُعْجمَة مُشَدّدَة أَي يقطع جمتك بِضَم جِيم وَتَشْديد الْمِيم هِيَ من شعر الرَّأْس مَا سقط على الْمَنْكِبَيْنِ وَلَا كَرَاهَة فِي اتِّخَاذ الجمة فَلَعَلَّهُ كره لِأَنَّهُ كَانَ يتبختر بهَا فَلذَلِك أضَاف إِلَى السوء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4136] إِنَّمَا أرى هاشما وَالْمطلب شَيْئا وَاحِدًا المُرَاد بهاشم وَالْمطلب أولادهما أَي هم لكَمَال الإتحاد بَينهم فِي الْجَاهِلِيَّة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 وَالْإِسْلَام كشيء واحدقوله لِمَكَانِك بِمَعْنى المكانة وَالْفضل أَي لَا ننكر فَضلهمْ بِسَبَب فضلك الَّذِي جعلك الله مَقْرُونا بِهِ أَي بذلك الْفضل حَال كونك مِنْهُم فَحصل لَهُم بذلك فضل أَي فضل وَشرف أَي شرف قَوْله وبرة بِفتْحَتَيْنِ أَي شعرةقوله من سنامه بِفَتْح السِّين مَا ارْتَفع من ظهر الْجمل قَوْله مِمَّا أَفَاء الله خبر كَانَت أَي رده الله عَلَيْهِ أَي أعطَاهُ الله إِيَّاه وسمى الْعَطاء ردا للتّنْبِيه على أَن الْمُسْتَحقّين للأموال هم الْمُسلمُونَ والكفرة كالمتغلبين على أَمْوَال الْمُسلمين فَمَا جَاءَ إِلَى الْمُسلمين من الْكَفَرَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 فَكَأَنَّهُ رد إِلَيْهِم مِمَّا لم يوجف لم يسْرع وَلم يجر أَي مِمَّا بِلَا حَرْب فِي الكراع بِضَم كَاف الْخَيل قَوْله [4141] من صَدَقَة أَي مِمَّا كَانَت صَدَقَة فِي الْوَاقِع أَو مِمَّا ظهر لَهَا بعد ذَلِك أَنَّهَا صَدَقَة وان كَانَت حِين السُّؤَال غير عَالِمَة بذلك لَا نورث أَي نَحن يُرِيد معشر الْأَنْبِيَاء وَهَذَا الْخَبَر قد رَوَاهُ غير أبي بكر أَيْضا وتكفي رِوَايَة أبي بكر لوُجُوب الْعَمَل بِهِ وَلَا يرد أَن خبر الْآحَاد كَيفَ يخصص عُمُوم الْقُرْآن لِأَن ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى من بلغه الحَدِيث بِوَاسِطَة وَأما من أَخذه بِلَا وَاسِطَة فَالْحَدِيث بِالنّظرِ إِلَيْهِ كالقرآن فِي وجوب الْعَمَل فَيصح بِهِ التَّخْصِيص على أَن كثيرا من الْعلمَاء جوزالتخصيص بأخبار الاحاد فَلَا غُبَار أصلا وَهَهُنَا تحقيقات ذكرتها فِي حاشيتي الصَّحِيحَيْنِ قَوْله خمس الله الخ يُرِيد أَن ذكر الله للتبرك والتعظيم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 [4143] فَاجْتمع رَأْيهمْ ظَاهره أَنه يَقْتَضِي أَنه اشْتبهَ عَلَيْهِم معنى الْقُرْآن ومصرف سهم الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَعَلمُوا أَن ذكر الله لكَونه مِفْتَاح كَلَام الله تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَصفيه هُوَ مَا يصطفيه ويختاره لنَفسِهِ قَوْله وَسَهْم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ظَاهره أَن سَهْمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم زَائِد على الْخمس قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 [4147] خمس الْخمس يُرِيد أَن الْمَذْكُورين مستحقون للخمس فَلَا بُد من الْقِسْمَة بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مِمَّن فِيهِ غناء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 هُوَ بِالْفَتْح وَالْمدّ الْكِفَايَة أَي مِمَّن كَانَ فِي وجوده كِفَايَة للْمُسلمين يكفيهم بشجاعته فِي الْحَرْب مثلا قَوْله وَهُوَ أشبه الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَنه لَا يبْقى حِينَئِذٍ لذكرهم كثير فَائِدَة سوى الايهام الْبَاطِل لِأَن يتيمهم دَاخل فِي الْيَتَامَى فَذكر ذَوي القربي على حِدة لَا فَائِدَة فِيهِ الا أَن ظَاهر الْمُقَابلَة والعموم يُوهم أَن المُرَاد الْعُمُوم وَهُوَ بَاطِل على هَذَا التَّقْدِير فَمَا بَقِي فِي ذكرهم فَائِدَة الا هَذَا فَافْهَم وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 قَوْله [4148] قَالَ لَا نورث أَي فَلَو فصلت بَينهمَا بِالْقِسْمَةِ كَمَا يقسم الْإِرْث فقد أوهمت النَّاس بِالْإِرْثِ فَكيف أقسم سَبِيل المَال أَي مَال الله بجعله فِي الكراع وَالسِّلَاح وَنَحْوهمَا يَقُول هَذَا اقْسمْ لي بنصيبي من بن أخي أَي أقسم لي على قدر مَا يكون نَصِيبي لَو كَانَ لي ارث من بن أخي والا فَالظَّاهِر أَن الْعَبَّاس وعليا لَا يطلبان الْإِرْث بعد تقرر أَنه لَا ارث وَالله تَعَالَى أعلم كفيا ذَلِك على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يردان إِلَى مَا يكفيهما مُؤنَة ذَلِك فاستوعبت هَذِه الْآيَة النَّاس أَي عَامَّة الْمُسلمين كلهم أَي فالفيء لَهُم عُمُوما لَا يُخَمّس وَلَكِن يكون جملَة لمصَالح الْمُسلمين وَهَذَا مَذْهَب عَامَّة أهل الْفِقْه خلافًا للشَّافِعِيّ فَعنده يقسم الا بعض أَي الا العبيد يُرِيد انه لَا شَيْء للعبيد وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 (كتاب الْبيعَة) قَوْله على السّمع وَالطَّاعَة صلَة بَايعنَا بتضمين معنى الْعَهْد أَي على أَن نسْمع كلامك ونطيعك فِي مرامك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 وَكَذَا من يقوم مقامك من الْخُلَفَاء من بعْدك والمنشط وَالْمكْره مفعل بِفَتْح مِيم وَعين من النشاط وَالْكَرَاهَة وهما مصدران أَي فِي حَالَة النشاط وَالْكَرَاهَة أَي حَالَة انْشِرَاح صدورنا وَطيب قُلُوبنَا وَمَا يضاد ذَلِك أَو اسْما زمَان وَالْمعْنَى وَاضح أَو اسْما مَكَان أَي فِيمَا فِيهِ نشاطهم وكراهتهم كَذَا قيل وَلَا يخفى أَن مَا ذكره من الْمَعْنى على تَقْدِير كَونهمَا اسمى مَكَان معنى مجازى وَكَذَا قَالَ بَعضهم كَونهمَا اسمى مَكَان بعيد وَقَوله وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَي الامارة أَو كل أَمر أَهله الضَّمِير لِلْأَمْرِ أَي إِذا وكل الْأَمر إِلَى من هُوَ أهل لَهُ فَلَيْسَ لنا أَن نجره إِلَى غَيره سَوَاء كَانَ أَهلا أم لَا بِالْحَقِّ باظهاره وتبليغه لَا نَخَاف أَي لَا نَتْرُك قَول الْحق لخوف ملامتهم عَلَيْهِ وَأما الْخَوْف من غير ان يُؤَدِّي إِلَى ترك فَلَيْسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 بمنهى عَنهُ بل وَلَا فِي قدرَة الْإِنْسَان الِاحْتِرَاز عَنهُ قَوْله [4154] وأثره علينا الأثرة بِفتْحَتَيْنِ اسْم من الإستئثار الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 أَي وعَلى تَفْضِيل غَيرنَا علينا وَلَا يخفى أَنه لَا يظْهر لِلْبيعَةِ عَلَيْهِ وَجه لِأَنَّهُ لَيْسَ فعلا لَهُم وَأَيْضًا لَيْسَ هُوَ بأمرمطلوب فِي الدّين بِحَيْثُ يُبَايع عَلَيْهِ وَأَيْضًا عُمُومه يرفعهُ من أَصله لِأَن كل مُسلم إِذا بَايع على أَن يفضل عَلَيْهِ غَيره فَلَا يُوجد ذَلِك الْغَيْر الَّذِي يفضل وَهَذَا ظَاهر فَالْمُرَاد وعَلى الصَّبْر على أَثَرَة علينا أَي بَايعنَا على أَنا نصبر أَن أوثر غَيرنَا علينا وَضمير علينا قيل كِنَايَة عَن جمَاعَة الْأَنْصَار أَو عَام لَهُم ولغيرهم وَالْأول أوجه فَإِنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أوصى إِلَى الْأَنْصَار أَنه سَيكون بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا عَلَيْهَا يَعْنِي أَن الْأُمَرَاء يفضلون عَلَيْكُم غَيْركُمْ فِي العطايا والولايات والحقوق وَقد وَقع ذَلِك فِي عهد الْأُمَرَاء بعد الْخُلَفَاء للراشدين فصبروا انتهىقوله [4156] على النصح لكل مُسلم من النَّصِيحَة وَهِي إِرَادَة الْخَيْر وَفِي رِوَايَة بن حبَان فَكَانَ جرير إِذا اشْترى أَو بَاعَ يَقُول اعْلَم أَن مَا أَخذنَا مِنْك أحب إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناك فاخترت قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 [4158] على الْمَوْت أَي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اخْتِيَار أحد فالبيعة عَلَيْهِ لَا تتَصَوَّر لَكِن قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الْبيعَة على الْمَوْت فيفسر ذَلِك بالبيعة على الثَّبَات وان أدّى ذَلِك إِلَى الْمَوْت وعَلى هَذَا فمؤدي الْبيعَة على الْمَوْت والبيعة على عدم الْفِرَار وَاحِد فَوجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن بَعضهم بَايعُوا بِلَفْظ الْمَوْت وَبَعْضهمْ بِلَفْظ عدم الْفِرَار وَمُرَاد جَابر بِمَا ذكره تعْيين اللَّفْظ الَّذِي بَايع بِهِ هُوَ وَأَصْحَابه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4160] وَقد انْقَطَعت الْهِجْرَة أَي بعد الْفَتْح وَالْمرَاد الْهِجْرَة من مَكَّة لصيرورتها بعد الْفَتْح دَار إِسْلَام أَو إِلَى الْمَدِينَة من أَي مَوضِع كَانَت لظُهُور عزة الْإِسْلَام فِي كل نَاحيَة وَفِي الْمَدِينَة بخصوصها بِحَيْثُ مَا بَقِي لَهَا حَاجَة إِلَى هِجْرَة النَّاس إِلَيْهَا فَمَا بقيت هَذِه الْهِجْرَة فرضا وَأما الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوهَا فَهِيَ وَاجِبَة على الدَّوَام قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 [4161] وَحَوله عِصَابَة بِكَسْر الْعين أَي جمَاعَة وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَان بكذب على أحد تفترونه تختلقونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم أَي فِي قُلُوبكُمْ الَّتِي هِيَ بَين الْأَيْدِي والأرجل فِي مَعْرُوف لَا يخفى أَن أمره كُله مَعْرُوف وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ خِلَافه فَقَوله فِي مَعْرُوف للتّنْبِيه على عِلّة وجوب الطَّاعَة وعَلى أَنه لَا طَاعَة للمخلوق فِي غير الْمَعْرُوف وعَلى أَنه يَنْبَغِي اشْتِرَاط الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف فِي الْبيعَة لَا مُطلقًا شَيْئا أَي مِمَّا سوى الشّرك إِذْ لَا كَفَّارَة للشرك سوى التَّوْبَة عَنهُ فَهَذَا عَام مَخْصُوص نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَغَيره وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي أَن الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا وَأما قَوْله تَعَالَى فِي الْمُحَاربين لله وَرَسُوله ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم فقد سبق عَن بن عَبَّاس ان ذَلِك فِي الْمُشْركين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 [4163] ارْجع إِلَيْهِمَا لَعَلَّ ذَلِك حِين انْقَطَعت فَرِيضَة الْهِجْرَة فأضحكهما من الإضحاك أَي بدوام صحبتك مَعَهُمَا كَمَا أبكيتهما بِفِرَاقِك اياهما قَوْله [4164] عَن الْهِجْرَة هِيَ ترك الوطن والانتقال إِلَى الْمَدِينَة تأييدا وتقوية للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين واعانة لَهُم على قتال الْكَفَرَة وَكَانَت فرضا فِي أول الْأَمر ثمَّ صَارَت مَنْدُوبَة فَلَعَلَّ السُّؤَال كَانَ فِي آخر الْأَمر أَو لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خَافَ عَلَيْهِ لما كَانَ عَلَيْهِ الْأَعْرَاب من الضعْف حَتَّى أَن أحدهم ليقول ان حصل لَهُ مرض فِي الْمَدِينَة أَقلنِي بيعتك وَنَحْو ذَلِك وَلذَلِك قَالَ أَن أَمر الْهِجْرَة شَدِيد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 وَيحك للترحم فاعمل من وَرَاء الْبحار أَي فأت بالخيرات كلهَا وان كنت وَرَاء الْبحار وَلَا يَضرك بعْدك عَن الْمُسلمين لن يتْرك قَالَ السُّيُوطِيّ فِي غير حَاشِيَة الْكتاب بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي لن ينْقصك وَإِن أَقمت من وَرَاء الْبحار وسكنت أقْصَى الأَرْض يُرِيد أَنه من الترة كالعدة وَالْكَاف مفعول بِهِ قلت وَيحْتَمل أَنه من التّرْك فالكاف من الْكَلِمَة أَي لَا يتْرك شَيْئا من عَمَلك مهملا بل يجازيك على جَمِيع أعمالك فِي أَي مَحل فعلت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4165] أَن تهجر أَي تتْرك فَأُرِيد بِالْهِجْرَةِ التّرْك وَفِيه أَن ترك الْمعاصِي خير من ترك الوطن فَإِن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ من ترك الوطن هُوَ ترك الْمعاصِي هِجْرَة الْحَاضِر أَي الْمُقِيم بالبلاد والقرى والبادي الْمُقِيم بالبادية فيجيب إِذا أَي لَا حَاجَة فِي حَقه إِلَى ترك الوطن بل حُضُوره فِي الْجِهَاد يَكْفِي قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 [4166] هجروا الْمُشْركين أَي تركوهم فجاؤوا وَفِيه أَن ترك الوطن فِي الْجُمْلَة وَالْعود إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يضر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4167] أستقيم عَلَيْهِ أَي أثبت عَلَيْهِ وأعمله أَي أداوم عَلَيْهِ وَلَو بَقَاء فَإِن الْهِجْرَة لَا تَتَكَرَّر فَإِنَّهُ لَا مثل لَهَا أَي فِي ذَلِك الْوَقْت أَو فِي حق ذَلِك الرجل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 [4169] وَلَكِن جِهَاد كلمة لَكِن تفِيد مُخَالفَة مَا بعْدهَا لما قبلهَا فَالْمَعْنى فَمَا بقيت فَضِيلَة الْهِجْرَة وَلَكِن بقيت فَضَائِل فِي معنى الْهِجْرَة كالجهاد وَنِيَّة الْخَيْر فِي كل عمل يصلح لَهَا وَإِذا استنفرتم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي طلب الامام مِنْكُم الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد فانفروا أَي فاخرجوا قَوْله [4172] لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة أَي ترك دَار الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام لمن كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَأسلم هُنَاكَ إِذْ الْهِجْرَة هَا هُنَا هُوَ الْخُرُوج من الوطن إِلَى الْجِهَاد وبهذين التَّأْويلَيْنِ ظهر التَّوْفِيق بَين مَا سبق من انْقِطَاع الْهِجْرَة وَبَين ثُبُوتهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَو تَسْتَطِيع ذَلِك أَي مَا تَقول من السّمع وَالطَّاعَة فِي كل مَحْبُوب ومكروه أَو تطِيق شكّ من الرَّاوِي فبايعني والنصح أَي فبايعني على ذَلِك والنصح أَي وعَلى النصح بِالْجَرِّ عطف على مُقَدّر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 فَقَالَ أُبَايِعكُم على أَن لَا تُشْرِكُوا أَي وصحبة الْمُشرك قد تُؤدِّي إِلَى الشّرك والبيعة على ترك الشّرك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 تَتَضَمَّن الْبيعَة على ترك مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فَصَارَت متضمنة لِلْبيعَةِ على ترك صُحْبَة الْمُشرك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان امْرَأَة أسعدتني الاسعاد المعاونة فِي النِّيَاحَة خَاصَّة والمساعدة عَام فِي كل مَعُونَة وَكَانَ نسَاء الْجَاهِلِيَّة يسْعد بَعضهنَّ بَعْضًا على النِّيَاحَة فحين بايعهن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ترك النِّيَاحَة قَالَت أم عَطِيَّة أَنَّهَا ساعدتها امْرَأَة فِي النِّيَاحَة فَلَا بُد لَهَا من مساعدتها على ذَلِك قَضَاء لحقها ثمَّ لَا تعود فَرخص لَهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك قبل الْمُبَايعَة فَفعلت ثمَّ بَايَعت قَالُوا هَذَا الترخيص خَاص فِي أم عَطِيَّة وللشارع أَن يخص من يَشَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4181] قُلْنَا الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا أَي حَيْثُمَا أطلق الْبيعَة بل قيد بالاستطاعة هَلُمَّ نُبَايِعك أَي تبَايع كل وَاحِدَة منا بِالْيَدِ على الإنفراد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 فَإِن الْبيعَة بِالْيَدِ لَا يتَصَوَّر فِيهَا الِاجْتِمَاع وَلذَلِك أجابهن صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِنَفْي الْأَمريْنِ فَقَالَ اني لَا أُصَافح النِّسَاء أَي بِالْيَدِ انما قولي لمِائَة فَلَا حَاجَة إِلَى الِانْفِرَاد فِي الْبيعَة القولية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ارْجع أَي لَا حَاجَة إِلَى الْحُضُور عِنْدِي وَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رأى أَنه يكرههُ النَّاس ويتأذون بِهِ وَعلم أَنه لَا يتَأَذَّى بِهَذَا فَفعل هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَلم يبايعني لما فِيهِ من الْعَهْد والالزام وَالصَّغِير لَيْسَ أَهلا لذَلِك بل لَا يلْزمه شَيْء أَن ألزمهُ نَفسه فَأَي فَائِدَة فِي الْبيعَة مَعَه قَوْله بعنيه طلب مِنْهُ البيع اعانه لذَلِك العَبْد على وَفَاء مَا بَايع عَلَيْهِ من الْهِجْرَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 قَوْله وعك بِفتْحَتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي هُوَ الْحمى أَو ألمها أَقلنِي يُرِيد أَن مَا أَصَابَهُ قد أَصَابَهُ بشؤم مَا فعل من الْبيعَة فَلَو أقاله فَلَعَلَّهُ يذهب مَا لحقه بشؤمه من الْمُصِيبَة فَخرج أَي من الْمَدِينَة قصدا لاقالة أثر الْبيعَة كالكير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحَدِيد وَهُوَ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ تُخْرِجُهُ عَنْهَا وَتَنْصَعُ طَيِّبَهَا بِالنُّونِ وَالصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي تخلصه قَوْله الْمُرْتَد اعرابيا أَي الَّذِي يصير اعرابيا سَاكِنا بالبادية بعد أَن هَاجر قَوْله ارتددت أَي عَن الْهِجْرَة قَوْله وبدوت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 أَي خرجت إِلَى الْبَادِيَة وروى وبديت وَلَعَلَّه سَهْو فِي البدو أَي فِي الْخُرُوج إِلَى الْبَادِيَة أَي فَلَا يُنَافِي الْهِجْرَة الْخُرُوج إِلَيْهَا قَوْله والنصح الظَّاهِر أَنه بِالنّصب عطف على فِيمَا اسْتَطَعْت أَي فلقنني هذَيْن اللَّفْظَيْنِ وَيحْتَمل الْجَرّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 على الْعَطف على الْمَوْصُول وَفِيه بعد فَإِن النصح مِمَّا وَقع عَلَيْهِ الْبيعَة كالسمع وَالطَّاعَة وَلَيْسَ المُرَاد السّمع وَالطَّاعَة فِي المستطاع وَفِي النصح فَلْيتَأَمَّل قَوْله خباء بِكَسْر خاء بَيت من صوف أَو وبر لَا من شعر من ينتضل من انتضل الْقَوْم إِذا رموا للسبق وَيُقَال انتضلوا بالْكلَام والأشعار من هُوَ فِي جشرته أَي فِي إِخْرَاجه الدَّوَابّ إِلَى المراعي الصَّلَاة جَامِعَة أَي ائْتُوا الصَّلَاة وَالْحَال أَنَّهَا جَامِعَة فهما بِالنّصب وَيجوز رفعهما على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَقَالَ انه أَي ان الشَّأْن على مَا يُعلمهُ من الْعلم أَي على شَيْء يعلم النَّبِي ذَلِك الشَّيْء خيرا لَهُم جعلت عَافِيَتهَا أَي خلاصها عَمَّا يضر فِي الدّين فيدقق بدال مُهْملَة ثمَّ قَاف مُشَدّدَة مَكْسُورَة أَي يَجْعَل بَعْضهَا بَعْضًا دَقِيقًا وَفِي بعض النّسخ برَاء مُهْملَة مَوضِع دَال أَي يصير بَعْضهَا بَعْضًا رَقِيقا خفِيا وَالْحَاصِل أَن الْمُتَأَخِّرَة من الْفِتَن أعظم من الْمُتَقَدّمَة فَتَصِير الْمُتَقَدّمَة عِنْدهَا دقيقة رَفِيقَة روى برَاء سَاكِنة ففاء مَضْمُومَة من الرِّفْق أَي توَافق بَعْضهَا بَعْضًا أَو يَجِيء بَعْضهَا عقب بعض أَو فِي وقته وروى بدال مُهْملَة سَاكِنة ففاء مَكْسُورَة أَي يدْفع وَيصب أَن يزحزح على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 وليأت إِلَى النَّاس أَي ليؤدي إِلَيْهِم وَيفْعل بهم مَا يحب أَن يفعل بِهِ وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده أَو محبته بِقَلْبِه قَوْله [4192] وَلَو اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي أَي لَو جعل الْخَلِيفَة بعض عبيده أَمِيرا عَلَيْكُم فَلَا يرد أَن العَبْد لَا يصلح للخلافة على أَن الْمَطْلُوب الْمُبَالغَة فَلَا يلْتَفت إِلَى مثل هَذَا وَفِي قَوْله يقودكم بِكِتَاب الله إِشَارَة إِلَى أَنه لَا طَاعَة لَهُ فِيمَا يُخَالف حكم الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4193] من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله أَي لِأَنِّي أحكم نِيَابَة عَنهُ وَكَذَا أميره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحكم نِيَابَة عَنهُ فَالْحَاصِل أَن طَاعَة النَّائِب طَاعَة للْأَصْل قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 [4194] فِي سَرِيَّة أَي أَمِيرا فيهم فَنزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر حثا لأتباعه على أَن يطيعوه والى هَذَا الْمَعْنى تُشِير تَرْجَمَة المُصَنّف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4195] وَأنْفق الْكَرِيمَة أَي صرف الْأَمْوَال العزيزة عَلَيْهِ ونبهه بِضَم فَسُكُون أَي انتباهه من النّوم بالكفاف بِفَتْح الْكَاف أَي سَوَاء بِسَوَاء أَي لَا يرجع مثل مَا كَانَ وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْجِهَاد قَوْله جُنَّةٌ أَيْ كَالتُّرْسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ يُقْتَدَى بِرَأْيهِ وَنَظره فِي الْأُمُور الْعِظَام والوقائع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 الخطيرة وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَى رَأْيِهِ وَلَا يُنْفَرَدُ دُونَهُ بِأَمْر يُقَاتل من وَرَائه قيل المُرَاد أَنه يُقَاتل قدامه فوراء هَا هُنَا بِمَعْنى أَمَام وَلَا يُتْرَكَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ لَمَا فِيهِ من تعرضه للهلاك وَفِيه هَلَاك الْكل قلت وَهَذَا لَا يُنَاسب التَّشْبِيه بِالْجنَّةِ مَعَ كَونه خلاف ظَاهر اللَّفْظ فِي نَفسه فَالْوَجْه أَن المُرَاد أَنه يُقَاتل على وفْق رَأْيه وَأمره وَلَا يُخَالف عَلَيْهِ فِي الْقِتَال فَصَارَ كَأَنَّهُمْ خَلفه فِي الْقِتَال وَالله تَعَالَى أعلم ويتقى بِهِ أَي يعتصم بِرَأْيهِ أَو يلتجئ إِلَيْهِ من يحْتَاج إِلَى ذَلِك قَوْله إِنَّمَا الدّين النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح قلت لَا بِمَعْنى النافع والا لَا يَسْتَقِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى بل بِمَعْنى مَا يَلِيق وَيحسن لَهُ فَإِن الصّفة إِذا قسناها بِالنّظرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 إِلَى أحد فَأَما أَن يكون اللَّائِق وَالْأولَى بِهِ إِرَادَة ايجابها لَهُ أَو سلبها عَنهُ فارادة ذَلِك الطّرف اللَّائِق لَهُ هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وخلافه هُوَ الْغِشّ والخيانة واللائق بِهِ تَعَالَى أَن يحمد على كَمَاله وجلاله وجماله وَيثبت لَهُ من الصِّفَات وَالْأَفْعَال مَا يكون صِفَات كَمَال وَأَن ينزه عَن النقائص وَعَما لَا يَلِيق بعلى جنابه فارادة ذَلِك وَكَذَا كل مَا يَلِيق بجنابه الأقدس فِي حَقه تَعَالَى من نَفسه وَمن غَيره هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وَقس على هَذَا وَيُمكن أَن يُقَال النَّصِيحَة الخلوص عَن الْغِشّ وَمِنْه التَّوْبَة النصوح فالنصيحة لله تَعَالَى أَن يكون الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 عبدا خَالِصا لَهُ فِي عبوديته عملا واعتقادا وَالْكتاب أَي يكون خَالِصا فِي الْعَمَل بِهِ وَفهم مَعْنَاهُ عَن مُرَاعَاة الْهوى فَلَا يصرفهُ إِلَى هَوَاهُ بل يَجْعَل هَوَاهُ تَابعا لَهُ وَيحكم بِهِ على هَوَاهُ وَلَا يحكم بهواه عَلَيْهِ وعَلى هَذَا الْقيَاس وَقَالَ الْخطابِيّ النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح لَهُ والنصح فِي اللُّغَة الخلوص فالنصيحة لله تَعَالَى صِحَة الِاعْتِقَاد فِي حد وَحْدَانِيَّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ الله تَعَالَى الْإِيمَان بِهِ وَالْعَمَل بِمَا فِيهِ والنصح لرَسُوله التَّصْدِيق بنبوته وبذل الطَّاعَة لَهُ فِيمَا أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ والنصيحة لأئمة الْمُسلمين أَن يطيعهم فِي الْحق وَأَن لَا يرى الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ والنصيحة لعامة الْمُسلمين إرشادهم إِلَى مصالحهم قَوْله [4201] الا وَله بطانتان بطانة الرجل بِكَسْر الْبَاء صَاحب سره وداخله أمره قيل المُرَاد هَا هُنَا الْملك والشيطان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 لَا تألوه لَا تقصره خبالا بِفَتْح الْخَاء أَي من جِهَة الْفساد فِي أمره قَالَ السُّيُوطِيّ أَي لايقصر فِي افساد أمره فقد وقى أَي من كل بلَاء وَهُوَ أَي ذَلِك الَّذِي وقى من الَّتِي تغلب عَلَيْهِ من الْجَمَاعَة الَّتِي تغلب على بطانة السوء مِنْهُمَا من البطانتين أوالمعنى وَهُوَ أَي صَاحب البطانتين من جنس بطانة الَّتِي تغلب تِلْكَ البطانة عَلَيْهِ هَا هُنَا أَي من البطانتين فَإِن غلبت عَلَيْهِ بطانة الْخَيْر يكون خيرا وان غلبت عَلَيْهِ بطانة السوء يكون سَيِّئًا وَهَذَا أظهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَأمر من التأمير إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا من النَّار بِالْإِيمَان فَكيف ندْخلهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 قَوْله أَن لَا يُؤمر أَي حِين أَن لَا يُؤمر أَو كلمة أَن شَرْطِيَّة وَفِي كثير من النّسخ الا أَن يُؤمر بِمَعْصِيَة وَهُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4207] من صدقهم بكذبهم من التَّصْدِيق وَالْبَاء فِي بكذبهم بِمَعْنى فِي أَي أَنهم يكذبُون فِي الْكَلَام فَمن صدقهم فِي كَلَامهم ذَلِك وَقَالَ لَهُم صَدقْتُمْ تقربا بذلك إِلَيْهِم فَلَيْسَ مني تَغْلِيظ وَتَشْديد بِأَنَّهُ قد انْقَطع الْمُوَالَاة بيني وَبينهمْ على بتَشْديد الْيَاء وَمن لم يُصدقهُمْ أَي اتقاء وتورعا وَهَذَا لَا يكون الا للمتدين فَلذَلِك قَالَ فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون مُجَرّد الصَّبْر عَن صحبتهم فِي ذَلِك الزَّمَان مَعَ الْإِيمَان مفضيا إِلَى هَذِه الرُّتْبَة الْعلية أَو من صَبر يوفق لأعمال تفضيه إِلَى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 [4209] وَقد وضع أَي وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وضع رجله أَو الرجل وضع رجله فِي الغرز بِفَتْح مُعْجمَة فمهملة سَاكِنة ثمَّ مُعْجمَة هُوَ ركاب كور الْجمل إِذا كَانَ من جلد أَو خشب وَقيل مُطلقًا كلمة حق فَإِنَّهُ جِهَاد قل من ينجو فِيهِ وَقل من يصوب صَاحبه بل الْكل يخطئونه أَو لَا ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْت بأشد طَرِيق عِنْدهم بِلَا قتال بل صبرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 [4211] وانها سَتَكُون أَي بعد الْمَوْت ندامة فنعمت الْمُرضعَة أَي الْحَالة الموصلة إِلَى الامارة وَهِي الْحَيَاة والفاطمة الْحَالة القاطعة عَن الامارة وَهِي الْمَوْت أَي فنعمت حياتهم وَبئسَ مَوْتهمْ وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الْعَقِيقَة) هِيَ الذَّبِيحَة تذبح عَن الْمَوْلُود من العق وَهُوَ الْقطع قَوْله [4212] وَكَأَنَّهُ كره الإسم يُرِيد أَنه لَيْسَ فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 توهين لأمر الْعَقِيقَة وَلَا إِسْقَاط لوُجُوبهَا وَإِنَّمَا استبشع الِاسْم وَأحب أَن يُسَمِّيه بِأَحْسَن مِنْهُ كالنسيكة والذبيحة وَلذَلِك قَالَ من أحب أَن ينْسك عَن وَلَده بِضَم السِّين أَي يذبح قَالَ التوربشتي هَذَا الْكَلَام وَهُوَ كَأَنَّهُ كره الِاسْم غير سديد أدرج فِي الحَدِيث من قَول بعض الروَاة وَلَا يدْرِي من هُوَ وَبِالْجُمْلَةِ فقد صدر عَن ظن يحْتَمل الْخَطَأ وَالصَّوَاب وَالظَّاهِر أَنه هَا هُنَا خطأ لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْعَقِيقَة فِي عدَّة أَحَادِيث وَلَو كَانَ يكره الِاسْم لعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَمن سنته تَغْيِير الِاسْم إِذا كرهه وَالْأَوْجه أَن يُقَال يحْتَمل أَن السَّائِل ظن أَن اشْتِرَاك الْعَقِيقَة مَعَ العقوق فِي الِاشْتِقَاق مِمَّا يوهن أمرهَا فَأعْلم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن الَّذِي كرهه الله تَعَالَى من هَذَا الْبَاب هُوَ العقوق لَا الْعَقِيقَة وَيحْتَمل أَن العقوق هَا هُنَا مستعار للوالد بترك الْعَقِيقَة أَي لَا يجب أَن يتْرك الْوَالِد حق الْوَلَد الَّذِي هُوَ الْعَقِيقَة كمالا يجب أَن يتْرك الْوَلَد حق الْوَالِد الَّذِي هُوَ حَقِيقَة العقوق وَلَا يخفى أَن الْمُخَاطب مَا يهم هَذَا الْمَعْنى من الْجَواب وَلذَلِك أعَاد السُّؤَال فَقَالَ إِنَّمَا نَسْأَلك الخ فَالْوَجْه أَن يُقَال أَنه أطلق الِاسْم أَولا ثمَّ كرهه اما بالتفات مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ تَعَالَى وَسلم إِلَى ذَلِك أَو بِوَحْي أَو الْهَام مِنْهُ تَعَالَى إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله عَن الْغُلَام شَاتَان مُبْتَدأ وَخبر وَالْجُمْلَة جَوَاب لما يُقَال مَاذَا ينْسك أَو مَاذَا يُجزئ وَيحسن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 وَنَحْوه مكافئتان بِالْهَمْزَةِ أَي مساويتان فِي السن بِمَعْنى أَن لَا ينزل سنهما عَن سنّ أدنى مَا يُجزئ فِي الاضحية وَقيل مساويتان أَو متقاربتان وَهُوَ بِكَسْر الْفَاء من كافأه إِذا ساواه قَالَ الْخطابِيّ والمحدثون يفتحون الْفَاء وَأرَاهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا وَأما بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه مساويان فَيحْتَاج إِلَى شَيْء آخر يساويانه وَأما لَو قيل متكافئتان لَكَانَ الْكَسْرُ أَوْلَى وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَتْح وَالْكَسْر لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَافَأَتْ أُخْتَهَا فَقَدْ كوفئت فَهِيَ مكافئة ومكافأة أَو يكون مَعْنَاهُ معادلتان لما يجب فِي الاضحية مِنَ الْأَسْنَانِ وَيُحْتَمَلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ إِذَا نحر هَذَا ثمَّ هَذَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ تذبحهما معاقلت مُرَاد الزَّمَخْشَرِيّ أَن كلا من الْفَتْح وَالْكَسْر يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ اعْتِبَار شَيْء ثَالِث يساويانه أَو يساويهما وان اكْتفى بمساواة كل وَاحِدَة مِنْهُمَا صاحبتها صَحَّ الْفَتْح وَالْكَسْر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4213] عَن الْحسن وَالْحُسَيْن أَي ذبح عَنْهُمَا وَسَيَجِيءُ بَيَان مَا ذبح قَوْله [4214] قَالَ فِي الْغُلَام عقيقة كلمة فِي بِمَعْنى مَعَ كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات وَكَون الْعَقِيقَة مَعَ الْغُلَام أَنه سَبَب لَهَا وأميطوا أزيلوا بحلق رَأسه وَقيل هُوَ نهى عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ من تلطيخ رَأس الْمَوْلُود بِالدَّمِ وَقيل المُرَاد الْخِتَان قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 [4215] فِي الْغُلَام شَاتَان أَي فِي عقيقة الْغُلَام تُجزئ شَاتَان قَوْله [4217] على الْغُلَام كلمة على بِمَعْنى فِي كَمَا تقدم وَيحْتَمل أَن المُرَاد على أَب الْغُلَام أَو لما كَانَ الْغُلَام سَببا لوُجُوب الْعَقِيقَة جعل كَانَ الْعَقِيقَة وَاجِبَة عَلَيْهِ وعَلى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَسْتَقِيم الا على مَذْهَب من يَقُول بِوُجُوب الْعَقِيقَة بل بِوُجُوب الشاتين فِي عقيقة الْغُلَام وَالْجُمْهُور على خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم ذكرانا كن أَي شِيَاه الْعَقِيقَة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 [4219] بكبشين كبشين أَي عَن كل وَاحِد بكبشين وَلذَلِك كرر وَيحْتَمل أَن التكرير للتَّأْكِيد والكبشان عَن الْإِثْنَيْنِ على أَن كل وَاحِد عق عَنهُ بكبش قَوْله كل غُلَام أُرِيد بِهِ مُطلق الْمَوْلُود ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى رهين أَي مَرْهُون وَلِلنَّاسِ فِيهِ كَلَام فَعَن أَحْمد هَذَا فِي الشَّفَاعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِديهِ وَفِي النِّهَايَة أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَشبه الْمَوْلُود فِي لُزُومِهَا لَهُ وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يدالمرتهن وَقَالَ التوربشتي أَي انه كالشيء الْمَرْهُون لَا يتم الِانْتِفَاع بِهِ دون فكه وَالنعْمَة انما تتمّ على الْمُنعم عَلَيْهِ بقيامه بالشكر ووظيفته وَالشُّكْر فِي هَذِه النِّعْمَة مَا سنه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَن يعق عَن الْمَوْلُود شكر الله تَعَالَى وطلبا لِسَلَامَةِ الْمَوْلُود وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بذلك أَن سَلامَة الْمَوْلُود ونشوه على النَّعْت الْمَحْمُود رهينة بالعقيقة وَهَا هُنَا بسط ذَكرْنَاهُ فِي حَاشِيَة أبي داودقوله [4221] سمعته من سَمُرَة قيل لم يسمع الْحسن عَن سَمُرَة الا هَذَا الحَدِيث وَبَقِيَّة أَحَادِيث الْحسن عَن سَمُرَة مُرْسلَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 (كتاب الْفَرْع وَالْعَتِيرَة) قَوْله [4222] لَا فرع بِفتْحَتَيْنِ هُوَ أول مَا تلده النَّاقة فَكَانُوا يذبحونه لآلهتهم فَنهى الرجل عَنهُ وَلَا عتيرة شَاة تذبح فِي رَجَب قيل كَانَ الْفَرْع وَالْعَتِيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة ويفعلهما الْمُسلمُونَ فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وَقيل الْمَشْهُور أَنه لَا كَرَاهَة فيهمَا ثمَّ هما مستحبان وَالْمرَاد بِلَا فرع وَلَا عتيرة نفى وجوبهما أَو نفى التَّقَرُّب بالإراقة كالأضحية وَأما التَّقَرُّب بِاللَّحْمِ وتفرقته على الْمَسَاكِين فبر وَصدقَة قَوْله نهى لَعَلَّه من بعض الروَاة لزعمه أَن المُرَاد بِالنَّفْيِ النَّهْي على أَنه من قبيل قَوْله تَعَالَى فَلَا رفث وَلَا فسوق فَعبر بِالنَّهْي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 لقصد النَّقْل بِالْمَعْنَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان على كل بَيت الخ ظَاهره الْوُجُوب لكِنهمْ حملوه على النّدب الْمُؤَكّد يعتر كيضرب أَي يذبح قَوْله حق قَالَ الشَّافِعِي مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ بباطل وَقد جَاءَ على وفْق كَلَام السَّائِل وَلَا يُعَارضهُ حَدِيث لَا فرع وَلَا عتيرة فَإِنَّهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا ليسَا بواجبين بكرا بِفَتْح فَسُكُون هُوَ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ خير أَي فَهُوَ خير وَالْجُمْلَة جَزَاء الشَّرْط من أَن تذبحه أَي حِين يُولد كَمَا كَانَ عَادَتهم بوبره بِفتْحَتَيْنِ أَي بصوفه لكَونه قَلِيلا غير سمين فتكفأ كتمنع آخِره همزَة أَي تقلبه وتكبه يُرِيد أَنَّك إِذا ذبحته حِين يُولد يذهب اللَّبن فَصَارَ كَأَنَّك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 كفأت اناءك أَي المحلب وتوله بتَشْديد اللَّام أَي تفجعها بولدهاقوله [4226] وَمن شَاءَ فرع من التَّفْرِيع أَي ذبح الْفَرْع قَوْله [4228] اذبحوا لله أَي اذبحواان شِئْتُم وَاجْعَلُوا الذّبْح فِي رَجَب وَغَيره سَوَاء كَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه يُرِيد أَن الْأَمر للنَّدْب دون الْوُجُوب قَوْله نفرع من أفرع أَو فرع بِالتَّشْدِيدِ تغذوه أَي تعلفه ماشيتك فَاعل تغذوه وَيحْتَمل أَن يكون تغذوه للخطاب وماشيتك مَنْصُوب بِتَقْدِير مثل مَا شيتك أَو مَعَ ماشيتك استجمل بِالْجِيم أَي صَار جملا أَو بِالْحَاء أَي قوى للْحَمْل قَوْله [4230] وان هَذِه الْأَيَّام أَي أَيَّام الْأُضْحِية الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 قَوْله بإهابها قيل الاهاب الْجلد مُطلقًا وَقيل إِنَّمَا يُقَال لَهُ الاهاب قبل الدبغ لَا بعده وَلَا يخفى أَن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 المُرَاد هَا هُنَا الْجلد مُطلقًا فَهُوَ مجَاز على الثَّانِي إِنَّمَا حرم الله من التَّحْرِيم أكلهَا ظَاهره أَن مَا عدا ألماكول من أَجزَاء الْميتَة غير محرم الِانْتِفَاع بِهِ كالشعر وَالسّن والقرن وَنَحْوهَا قَالُوا لَا حَيَاة فِيهَا فَلَا ينجس بِمَوْت الْحَيَوَان قَوْله كَأَن أَعْطَاهَا أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا حرم أكلهَا لى بِنَاء الْمَفْعُول من التَّحْرِيم أَو على بِنَاء الْفَاعِل بِفَتْح فضم من الْحُرْمَة قَوْله أَلا دفعتم إهابها هَكَذَا فِي نسختنا من الدّفع بِالْفَاءِ وَالْعين الْمُهْملَة أَي أخذتموه وبعدتموه من اللَّحْم بالنزع عَنهُ وَالْأَقْرَب دبغتم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 بِالْبَاء والغين الْمُعْجَمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مسكها بِفَتْح مِيم فَسُكُون أَي جلدهَا شنا بِفَتْح فتشديد أَي عتيقا قَوْله [4241] أَيّمَا اهاب دبغ بِعُمُومِهِ يَشْمَل جلد مَأْكُول اللَّحْم وَغَيره وَبِه أَخذ كثير قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 [4242] الدّباغ طهُور بِفَتْح الطَّاء قَوْله [4243] عَن سَلمَة بن المحبق هُوَ بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمَكْسُورَة وَالْقَاف وَأَصْحَاب الحَدِيث يفتحون الْبَاء قَوْله ميتَة صفة لقربة على حذف الْمُضَاف أَي جلد ميتَة قَوْله [4246] ذَكَاة الْميتَة أَي ذَكَاة جُلُود الْميتَة قَوْله [4235] كَأَن أَعْطَاهَا أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا حرم أكلهَا على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّحْرِيم أَو على بِنَاء الْفَاعِل بِفَتْح فضم من الْحُرْمَة قَوْله [4237] أَلا دفعتم اهابها هَكَذَا فِي نسختنا من الدّفع بِالْفَاءِ وَالْعين الْمُهْملَة أَي أخذتموه وبعدتموه من اللَّحْم بالنزع عَنهُ وَالْأَقْرَب دبغتم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 [4248] مثل الحصان بِكَسْر الْحَاء الْفرس الْكَرِيم الذّكر لَو أَخَذْتُم اهابها قيل كلمة لَو لِلتَّمَنِّي بِمَعْنى لَيْت وَقيل كلمة شَرط حذف جوابها أَي لَكَانَ حسنا يطهرها المَاء والقرظ بِفتْحَتَيْنِ ورق يدبغ بِهِ ظَاهره وجوب اسْتِعْمَال المَاء فِي أثْنَاء الدّباغ قيل وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4249] أَن لَا تنتفعوا الخ قيل هَذَا الحَدِيث نَاسخ للْأَخْبَار السَّابِقَة لِأَنَّهُ كَانَ قبل الْمَوْت شهر فَصَارَ مُتَأَخِّرًا وَالْجُمْهُور على خِلَافه لِأَنَّهُ لَا يُقَاوم تِلْكَ الْأَحَادِيث صِحَة واشتهارا وَجمع كثير بَين هَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث السَّابِقَة بِأَن الاهاب اسْم لغير المدبوغ فَلَا مُعَارضَة بَين هَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث السَّابِقَة أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَمر أَي أذن وَرخّص أَن يسْتَمْتع على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 [4253] نهى عَن جُلُود السبَاع قيل قبل الدّباغ أَو مُطلقًا ان قيل بِعَدَمِ طَهَارَة الشّعْر بالدبغ كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وان قيل بِطَهَارَتِهِ فالنهي لكَونهَا من دأب الْجَبَابِرَة وَعمل المترفهين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4254] عَن الْحَرِير وَالذَّهَب أَي عَن استعمالهما للرِّجَال واطلاقه يَشْمَل اسْتِعْمَال الْحَرِير بالفرش وَقد جَاءَ عَنهُ النَّهْي صَرِيحًا فِي صَحِيح البُخَارِيّ ومياثر النمور أَي عَن أَن تفرش جلودها على السرج والرحال للجلوس عَلَيْهَا لما فِيهِ من التكبر أَو لِأَنَّهُ زِيّ الْعَجم أَو لِأَن الشّعْر نجس لَا يقبل الدّباغ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 [4255] عَن لبوس بِضَم اللَّام مصدر لبس بِكَسْر الْبَاء قَوْله [4256] ويستصبح بهَا النَّاس أَي ينورون بِهِ مصابيحهم هُوَ حرَام أَي بيع الشحوم أَو الِانْتِفَاع بهَا قَاتل أَي لعنهم أَو قَتلهمْ وَصِيغَة المفاعلة للْمُبَالَغَة جملوه فِي الْقَامُوس جمل الشَّحْم وأجمله أذابه أَي اسْتخْرجُوا دهنه قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أذابوها حَتَّى تصير ودكا فيزول عَنْهَا اسْم الشَّحْم وَفِي هَذَا ابطال كل حِيلَة يتَوَصَّل بهَا إِلَى محرم وَأَنه لَا يتَغَيَّر حكمه بتغيير هَيئته وتبديل اسْمه قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 [4258] ألقوها وَمَا حولهَا أَي إِذا كَانَ جَامِدا كَمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وكلوه أَي الْبَاقِي قيل وَمَا حولهَا يدل على أَنه جامد إِذْ لَو كَانَ مَائِعا لما كَانَ لَهُ حول يَعْنِي فَلَا حَاجَة إِلَى قيد زَائِد فِي الْكَلَام وستعرف فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة أَن هَذِه الْوَاقِعَة كَانَت فِي الجامد وَالْمرَاد بِمَا حولهَا مَا يظْهر وُصُول الْأَثر إِلَيْهِ فَفِيهِ تَفْوِيض إِلَى نظر الْمُكَلف فِي املاله قَوْله فليمقله الْمقل الغمس والغوص فِي المَاء وَالْمرَاد فليدخله فِي ذَلِك الْإِنَاء وَلَا يخفى أَن ذَلِك قد يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْت فَدلَّ الحَدِيث على أَن مَا لادم فِيهِ مَوته لَا ينجس المَاء وَغَيره والا لما أَمر بالغمس خوفًا من تنجس الطَّعَام وَنَحْوه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 (كتاب الصَّيْد والذبائح) قَوْله [4263] وان أَدْرَكته أَي الْكَلْب أَو الصَّيْد لم يقتل أَي الْكَلْب الصَّيْد وَالْجُمْلَة حَال فاذبح أَي الصَّيْد أَي ان أردْت أكله وَاذْكُر اسْم الله أَي لَا تكتف بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد إرْسَال الْكَلْب عَلَيْك أَي لِأَجلِك فَلَا تطعم أَي فَلَا تَأْكُل وَبِه اخذ الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه أَي لأجل نَفسه لَا لَك وَشرط الْحل أَن يمسك عَلَيْك كَمَا فِي الْكتاب وَالْأَصْل التَّحْرِيم أَيهَا أَي أَي تِلْكَ الْكلاب قتل أَي فَيحْتَمل أَنه قَتله كلب آخر غير كلبك وَحِينَئِذٍ لَا يحل لعدم التَّسْمِيَة عِنْد إرْسَاله قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 [4264] عَن صيد المعراض بِكَسْر مِيم وَسُكُون عين آخِره ضاد مُعْجمَة خَشَبَة ثَقيلَة أَو عَصا فِي طرفها حَدِيدَة أَو سهم لَا ريش لَهُ بحده بِأَن نفذ فِي اللَّحْم وَقطع شَيْئا من الْجلد بعرضه هُوَ بِفَتْح الْعين أَي بِغَيْر المحدد مِنْهُ وقيذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فعيل بِمَعْنى مفعول أَي حرَام لعد الله تَعَالَى الموقوذة من الْمُحرمَات والوقيذ والموقوذ الْمَقْتُول بِغَيْر محدد من عَصا أَو حجر أَو غَيرهمَا فَلَا تَأْكُل فَإنَّك الخ هَذَا وَأَمْثَاله ظَاهر فِي ان مَتْرُوك التَّسْمِيَة فِي الصَّيْد حرَام وَالله تَعَالَى أعلم وبالتعليل الْمَذْكُور فِي الحَدِيث يتَبَيَّن أَن الْحُرْمَة إِذا كَانَ الْكَلْب الآخر أرسل بِلَا تَسْمِيَة وَأما إِذا أرسل بِتَسْمِيَة فَيحل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 [4266] فاذكر اسْم الله عَلَيْهِ أَي عِنْد الرَّمْي لَا عِنْد الْأكل كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر فأدركت ذَكَاته أَي أَدْرَكته حَيا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 فذبحته قَوْله [4267] ان خزق بخاء وزاي معجمتين أَي جرح وَنفذ وَقتل بحده وَقطع شَيْئا من الْجلد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 قَوْله [4276] لَكنا لَا ندخل أَي الْمَلَائِكَة وَالْمرَاد طَائِفَة مِنْهُم والا فالحفظة يدْخلُونَ كل بَيت وَلَا صُورَة أَي صُورَة ذِي روح أَمر بقتل الْكلاب ثمَّ نسخ الْأَمر كَمَا جَاءَ صَرِيحًا قَوْله [4277] غير مَا اسْتثْنى مِنْهَا أَي غير الْكلاب الْمَعْلُومَة بِالِاسْتِثْنَاءِ وَسَيَجِيءُ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 [4280] لَوْلَا أَن الْكلاب أمة من الْأُمَم أَي أمة خلقت لمنافع أَو أمة تسبح وَهُوَ إِشَارَة إِلَى قَوْله وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَى قَوْله الا أُمَم أمثالكم فِي الدّلَالَة على الصَّانِع وَالتَّسْبِيح لَهُ قَالَ الْخطابِيّ انه كره افناء أمة من الْأُمَم بِحَيْثُ لَا تبقى منهاباقية لِأَنَّهُ مَا خلق الله عز وَجل خلقا الا وَفِيه نوع من حِكْمَة أَي إِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَلَا سَبِيل إِلَى قتل كُلهنَّ فَاقْتُلُوا أشرارهن وَهن السود البهيم الأسودالخالص أَي وأبقوا مَا سواهَا لتنتفعوا بهَا فِي الحراسة وَيُقَال أَن السود من الْكلاب شِرَارهَا قِيرَاط هُوَ مِقْدَار مَحْدُود عِنْد الله قَوْله [4281] وَلَا جنب أَي من يتهاون فِي الإغتسال وَقد سبق الحَدِيث فِي كتاب الطَّهَارَة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 [4283] أصبح يَوْمًا واجما مهتما وَهُوَ من أسكته الْهم وعلته الكآبة من وجم يجم لقد استنكرت هيئتك أَي أَرَاهَا متغيرة فيثقل على ذَلِك قَوْله أما وَالله مَا أخلفني أَي قبل هَذَا قطّ أَو لَيْسَ هَذَا مِنْهُ اخلاف الْوَعْد بل لَا بُد أَن وعده كَانَ مُقَيّدا بِأَمْر قد فقد ذَلِك الْأَمر والا فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ خلاف فِي الْوَعْد جرو كلب أَي كلب صَغِير تَحت نضد بِالتَّحْرِيكِ السرير الَّذِي ينضد عَلَيْهِ الثِّيَابُ أَيْ يُجْعَلُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَلَكنَّا لَا ندخل الخ أَي وَكَانَ الْوَعْد مُقَيّدا بِعَدَمِ الْمَانِع فَمَا أخلفت الْوَعْد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 [4284] من اقتنى أَي اتخذ نقص يحْتَمل بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول بِنَاء على أَنه جَاءَ لَازِما ومتعديا قيراطان لَعَلَّ الِاخْتِلَاف حسب اخْتِلَاف الزَّمَان فأولا شدد فِي أَمر الْكلاب حَتَّى أَمر بقتْله ثمَّ نسخ الْقَتْل وَبَين أَنه ينقص من الْأجر قيراطان ثمَّ خفف من ذَلِك إِلَى قِيرَاط وَالله تَعَالَى أعلم الا ضاريا أَي كَلْبا ضاريا أَي معلما أَو صَاحب مَاشِيَة أَي كَلْبا اتخذ للماشية أَو المُرَاد الا ضاريا أَي رجلا صائدا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 [4285] سُفْيَان بن أبي زُهَيْر الشَّنَائِيُّ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ نِسْبَة إِلَى أَزْدِ شَنُوءَةَ وَيُقَالُ فِيهِ الشَّنُوئِيُّ بِضَمِّ النُّون على الأَصْل قَوْله لَا يُغني عَنهُ زرعا وَلَا ضرعا المُرَاد بالضرع هَا هُنَا الْمَاشِيَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 قَوْله عَن ثمن الْكَلْب ظَاهره حُرْمَة بيعَة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَلَعَلَّ من لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَنه كَانَ حِين كَانَ الْأَمر بقتْله وَقد علم نسخه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَمهر الْبَغي هُوَ مَا تَأْخُذهُ الزَّانِيَة على الزِّنَى سمى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 مهْرا لكَونه على صورته وَالْبَغي الزَّانِيَة وَأَصله بغوى على وزن صبور فَلذَلِك اسْتَوَى فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث وحلوان الكاهن بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام مصدر حلوته إِذا أَعْطيته وَالْمرَاد مَا يعْطى على كهانته قَالَ أَبُو عبيد وَأَصله من الْحَلَاوَة شبه مَا يُعْطي الكاهن بِشَيْء حُلْو لاخذه إِيَّاه سهلا دون كلفة يُقَال حلوت الرجل إِذا أطعمته الحلو وَيُقَال للرشوة حلوان قَوْله [4294] وَكسب الْحجام ظَاهره التَّحْرِيم وَقد جَاءَ تَخْصِيصه بالأحرار دون العبيد وَبِه يَقُول أَحْمد وَالْجُمْهُور على أَنه للتنزيه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4295] عَن ثمن السنور وَالْكَلب قيل الأول للتنزيه وَالثَّانِي للتَّحْرِيم والْحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم وَقد حمله بعض الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 أهل الْعلم على الهر إِذا توحش فَلم يقدر على تَسْلِيمه وَزعم بعض أَن النَّهْي كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وَلَا دَلِيل على الْقَوْلَيْنِ وَمَا عَن عَطاء من أَنه لَا بَأْس بِثمن السنور لَا يصلح مُعَارضا للْحَدِيث كَذَا ذكره الْبَيْهَقِيّ الا كلب صيد قيل أَخذ قوم بِهَذَا الِاسْتِثْنَاء فَأَجَازُوا بَيْعَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ وَأَجَابُوا بِأَن الحَدِيث ضَعِيف بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث قلت لَعَلَّ المُرَاد الِاسْتِثْنَاء والا فَالْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِلَا اسْتثِْنَاء قَوْله مكلبة بِفَتْح اللَّام الْمُشَدّدَة أَي معلمة فاقتني من الاقناء أَو تَجدهُ قد صل بتَشْديد اللَّام أَي مَا لم ينتن وَلم يتَغَيَّر رِيحه يُقَال صل اللَّحْم وأصل لُغَتَانِ وَهَذَا على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب والا فالنتن لَا يحرم وَقد جَاءَ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أكل مَا تغير رِيحه وَلَعَلَّه أكل تَعْلِيما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 للْجُوَاز قَوْله [4297] فِي ذِي الحليفة من تهَامَة أَي لَيْسَ هُوَ الْمِيقَات الْمَشْهُور فِي أخريات الْقَوْم أَي فِي الْجَمَاعَات الْمُتَأَخِّرَة مِنْهُم فَدفع على بِنَاء الْمَفْعُول أَي جَاءَ سَرِيعا كَأَنَّهُ مَدْفُوع إِلَيْهِم فأكفئت بِضَم الْهمزَة وَكسر الْفَاء آخِره همزَة أَي قلبت وأريق مَا فِيهَا ند بتَشْديد الدَّال أَي شرد وَنَفر فأعياهم أَي أعجزهم ان لهَذِهِ الْبَهَائِم فِي هَذِه الْبَهَائِم أوابد أَي الَّتِي تتوحش وتنفر والْحَدِيث يدل على أَن مَا توحش مِنْهَا فَحكمه حكم الصَّيْد وَبِه يَقُول الْجُمْهُور قَوْله وَلَا تَدْرِي المَاء قَتله الخ يُفِيد أَن الأَصْل فِي الصَّيْد الْحُرْمَة فَإِذا حصل الشَّك يكون حَرَامًا كَمَا هُوَ الأَصْل قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 [4303] الا أَن ينتن من أنتن إِذا صَار ذَا نَتن وَقد سبق أَن الِاسْتِثْنَاء مَحْمُول على التَّنْزِيه دون التَّحْرِيم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالمروة بِفَتْح مِيم وَسُكُون رَاء حجر أَبيض براق يَجْعَل مِنْهُ كالسكين قَوْله فخزق الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 بخاء وزاي معجمتين أَي جرح قَوْله جَفا أَي غلظ طبعه لقلَّة مُخَالطَة الْعلمَاء وَلَا يعْتَاد تحمل الْأَذَى من النَّاس فيتغير خلقه بِأَدْنَى أَمر غفل بِضَم الْفَاء كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة الْكتاب وَالْمَشْهُور أَنه من بَاب نصر وَصرح فِي الْمجمع أَي يستولي عَلَيْهِ حبه حَتَّى يصير غافلا عَن غَيره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 افْتتن ضَبطه السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَقَالَ المُرَاد ذهَاب الدّين وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْكتاب أَي أَصَابَته فتْنَة وَكَلَام الصِّحَاح يُفِيد جَوَاز الْبناء للْفَاعِل أَيْضا وَفِي الْمجمع افْتتن لِأَنَّهُ ان وَافقه فِيمَا يَأْتِي ويذر فقد خاطر بِدِينِهِ وان خَالفه خاطر بِرُوحِهِ وَهَذَا لمن دخل مداهنة وَمن دخل آمرا وناهيا وناصحا كَانَ دُخُوله أفضل قلت إِذا دخل كَذَلِك فقدخاطر بِرُوحِهِ كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4311] يَوْم القاحة بِالْقَافِ وحاء مهملةوصحف مَنْ رَوَاهُ بِالْفَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ على ثَلَاث مراحل مِنْهَا رَأَيْتهَا تدمي مضارع رمى كرضى أَي تحيض فَكَانَ الظَّاهِر أَنَّهَا ماضي يكون وَجعلهَا بَعضهم من أَخَوَات ان وَكَأَنَّهُم زَعَمُوا أَنه لَا فَائِدَة فِي كَانَ هَا هُنَا وعَلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل كَانَ للظن لَا للتشبيه إِذْ لَا يظْهر لَهُ وَجه فَلْيتَأَمَّل قَوْله أنفجنا هُوَ بنُون وَفَاء وجيم من الانفاج وَهُوَ التهيج والاثارة فَقبله أَي فالقبول دَلِيل الْحل قَوْله بمروة بِفَتْح مِيم حجر أَبيض يَجْعَل مِنْهُ كالسكين قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 [4314] لَا آكله للكراهة طبعا لَا دينا وَلَا أحرمهُ وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه حَلَال لكنه مستقذر طبعا لَا يُوَافق كل ذِي طبع شرِيف فَلذَلِك من يَقُول بحرمته يَقُول كَانَ هَذَا قبل نزُول قَوْله تَعَالَى وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث وَبعد نُزُوله حرم الْخَبَائِث والضب من جملَته لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستقذره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 فَقرب على بناءالمفعول من التَّقْرِيب فَأَهوى مد وأمال ليتناول مِنْهُ أعافه بِفَتْح الْهمزَة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 أَي أكرهه قَوْله أقطا بِفَتْح فَكسر وأضبا بِفَتْح وَضم جمع ضَب تقذرا أَي كَرَاهَة طبعا لَا دينا لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكر فِي وَجه الْكَرَاهَة أَنه لم يكن بِأَرْض قومِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4319] عَن أكل الضباب بِالْكَسْرِ جمع ضَب وَلَا آمُر بأكلهن أَي لَا أرخص فِي أكلهن قَوْله [4320] مسخت دَوَاب يحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك قبل الْعلم بِأَن الممسوخ لَا يعِيش أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام أَو امْتنع بِمُجَرَّد المجانسة للممسوخ وَالْحَاصِل أَن حَدِيث ان الممسوخ لَا يبْقى أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام صَحِيح وَهَذَا الحَدِيث غير صَرِيح فِي الْبَقَاء كَمَا لَا يخفى وعَلى تَقْدِير أَنه يَقْتَضِي الْبَقَاء يجب حمله على أَنه قبل الْعلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 [4324] كل ذِي نَاب كالأسد وَالذِّئْب وَالْكَلب وأمثالها مِمَّا يعدو على النَّاس بأنيابه والناب السن الَّذِي خلف الرّبَاعِيّة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 [4326] لَا تحل النهبي بِضَم نون وَسُكُون هَاء مَقْصُور هُوَ المَال المنهوب وَالْمرَاد الْمَأْخُوذ من الْمُسلم أَو الذِّمِّيّ أَو الْمُسْتَأْمن قهرا لَا الماخوذ من أهل الْحَرْب قهرا فَإِنَّهُ حَلَال وَلَا تحل الْمُجثمَة بِضَم مِيم وَفتح الْمُثَلَّثَة الْحَيَوَانَات الَّتِي تنصب وترمى لتقتل أَي تحبس وَتجْعَل هدفا وترمى بِالنَّبلِ وَالْمرَاد أَنَّهَا ميتَة لَا يحل اكلها وَفعل التجثيم حرَام جَاءَ عَنهُ النَّهْي أَيْضا قَوْله [4327] وَأذن فِي الْخَيل يدل على حل لُحُوم الْخَيل وَعَلِيهِ الجمهورقوله أطعمنَا أَي أَبَاحَ لنا وَأذن لنا فِي أكلهَا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 [3331] لَا يحل أكل الخ اتّفق الْعلمَاء على أَنه حَدِيث ضَعِيف ذكره النَّوَوِيّ وَذكر بَعضهم أَنه مَنْسُوخ وَقَالَ بَعضهم لَو ثَبت لَا يُعَارض حَدِيث جَابر وَفِي الْكُبْرَى مَا نَصه قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الَّذِي قبل هَذَا الحَدِيث أصح وَيُشبه أَن يكون هَذَا ان كَانَ صَحِيحا أَن يكون مَنْسُوخا لِأَن قَوْله أذن فِي أكل لُحُوم الْخَيل دَلِيل على ذَلِك يُرِيد أَن الْإِذْن يُنبئ عَن منع سَابق وَهَذَا غير لَازم لَكِن قد يتَبَادَر إِلَى الأوهام وَفِيه نوع تأييد للنسخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الإنسية الْمَشْهُور كسر الْهمزَة وَسُكُون النُّون نِسْبَة إِلَى الانس الْمُقَابل للجن وَالْمرَاد الْأَهْلِيَّة وَفِيه وُجُوه أخر تقدّمت قَوْله نضيجا أَي مطبوخا ونيئا بِكَسْر نون وَسُكُون يَاء مثناة وبهمزة وَقد تبدل الْهمزَة يَاء وتدغم فبقال نيا بياء مُشَدّدَة أَي غير مطبوخ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 [4339] فأكفئوا الْقُدُور بِقطع همزَة وَكسر فَاء وبوصلها وَفتح فَاء لُغَتَانِ يُقَال كفيت الْإِنَاء وأكفأته بِهَمْزَة فِي آخِره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 إِذا كببته أَي اقلبوا الْقُدُور وأريقوا مَا فِيهَا قلت وَالْمُنَاسِب هَا هُنَا قطع الْهمزَة كَقَوْلِه فأكفأناها قَوْله صبح بِالتَّشْدِيدِ وَمَعَهُمْ الْمساحِي جمع مسحاة وَهِي آلَة من حَدِيد وميمه زَائِدَة من السحو بِمَعْنى الْكَشْف والازالة وَالْخَمِيس أَي الْجَيْش يسعون يسرعون فِي الْمَشْي إِلَى الْحصن يَنْهَاكُم ضَمِيره للرسول وَذكر الله للتبرك وتعظيم أَمر الرَّسُول أَو لله فَإِنَّهُ الْحَاكِم وَالرَّسُول مبلغ وعَلى هَذَا لَو قدر الرَّسُول خبر أَي وَرَسُوله يبلغكم كَانَ أظهر وَيحْتَمل رَجَعَ الضَّمِير لكل وَاحِد رِجْس أَي نجس هَذَا صَرِيح فِي أَن النَّهْي للْحُرْمَة حمرا بِضَمَّتَيْنِ جمع حمَار لمن شهد التَّخْصِيص رُبمَا يشْعر بِأَن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 الْكفَّار غير مكلفين بالفروع وَمن يَقُول بالتكليف يحملهُ على عدم التَّخْصِيص لِأَن من شهد هُوَ المنتفع بِالْأَحْكَامِ قَوْله [4343] لُحُوم الْخَيل والوحش كَأَنَّهُ أَخذ من إِطْلَاق الْوَحْش جَوَاز لحم الْحمار الوحشي لَكِن الْإِطْلَاق فِي الْحِكَايَة غير مُعْتَبر فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4344] بِبَعْض أثايا الروحاء فِي الْقَامُوس الاثاية بِالضَّمِّ ويثلث مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ فِيهِ مَسْجِد نبوي أَو ببردون العرج عَلَيْهَا مَسْجِد للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالظَّاهِر أَن أثايا جمع أثاية لتغليب أثاية على الْمَوَاضِع الَّتِي بقربها وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله شَأْنكُمْ بِالنّصب أَي خُذُوا شَأْنكُمْ هَذَا الْحمار بِالرَّفْع أَي بَين يديكم فافعلوا فِيهِ مَا شِئْتُم أَو شَأْنكُمْ بِالرَّفْع مُبْتَدأ أَي أَمركُم الْمَطْلُوب هَذَا الْحمار وَهُوَ لكم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 [4346] أَتَى بدجاجة فِي الْقَامُوس الدَّجَاجَة مَعْرُوفَة للذّكر وَالْأُنْثَى ويثلث أَن لَا آكله أَي هَذَا النَّوْع من الطُّيُور قَوْله [4347] فَلم يدن أَي لم يقرب ذَلِك الطَّعَام قَوْله [4348] عَن كل ذِي مخلب من الطير بِكَسْر الْمِيم وَفتح اللَّام كالنسر والصقر والبازي وَنَحْوهَا مِمَّا يصطاد من الطُّيُور بمخلبها والمخلب للطير بِمَنْزِلَة الظفر من الْإِنْسَان قَوْله عصفورا اسْم طَائِر قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 [4351] وَأَيْنَ تقع التمرة أَي أَي نفع لَهَا فِي بطن الرجل لقد وجدنَا فقدها أَي فَعرفنَا بذلك نَفعهَا حِين فقدناها وَلِهَذَا اشْتهر أَن الْأَشْيَاء تعرف باضدادها قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 [4352] نرصد عير قُرَيْش من رصد إِذا قعد لَهُ على طَرِيقه رقيبا من بَاب نصر أكلنَا الْخبط بِفتْحَتَيْنِ الْوَرق أَي ورق الْأَشْجَار فثابت أجسامنا أَي رجعت إِلَى الْحَالة الأولى ضلعا بِكَسْر مُعْجمَة وَفتح لَام وَقد تسكن وَاحِدَة الأضلاع ثَلَاث جزائر جمع جزور والقصة مَذْكُورَة هَا هُنَا على غير ترتيبها فكلمة ثمَّ لتراخي الاخبار وَكَذَا الْفَاء فِي قَوْله فأخرجنا من عَيْنَيْهِ الخ لتعقيب الاخبار وَالله تَعَالَى أعلم قلَّة من ودك الْقلَّة بِضَم الْقَاف وَتَشْديد اللَّام جرة مَعْلُومَة فِي حجاج عَيْنَيْهِ بِتَقْدِيم الْحَاء الْمُهْملَة الْمَكْسُورَة والمفتوحة على الْجِيم المخففة عظم مستدير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 حول الْعين جراب بِكَسْر الْجِيم قَوْله وَبضْعَة بِكَسْر الْبَاء وَقد تفتح مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع أَو الْوَاحِد إِلَى الْعشْر وزودنا بتَشْديد الْوَاو أَي جعل زادنا عطف على بعثنَا فأعطانا أَي أَبُو عُبَيْدَة فَلَمَّا أَن جزناه من الْجَوَاز بِالْجِيم بِمَعْنى الْقطع أَي قَطعنَا غالبه بِأَكْلِهِ لنخبط الْخبط أَي نضرب الأوراق لتسقط والخبط ضرب الشّجر بالعصا ليتناثر وَرقهَا بعلف الْإِبِل وَنَحْوه والخبط بالحركة الْوَرق وَشِيقَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَافٍ هِيَ أَن يَأْخُذ اللَّحْمُ فَيُغْلَى قَلِيلًا وَلَا يُنْضَجَ وَيُحْمَلَ فِي الْأَسْفَار وَقيل هِيَ القديد من أباعر جمع بعير عِيرَاتِ قُرَيْشٍ جَمْعُ عِيرٍ يُرِيدُ إِبِلَهُمْ وَدَوَابَّهُمُ الَّتِي كَانُوا يتاجرون عَلَيْهَا كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ وَفِي الْقَامُوس جمعه عيرات كعنبات وَقد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 تسكن قَوْله ضفدعا بِكَسْر الضَّاد وَالدَّال أَو بِفَتْح الدَّال [4355] عَن قَتله أَي عَن التَّدَاوِي بِهِ لِأَن التَّدَاوِي بِهِ يتَوَقَّف على الْقَتْل فَإِذا حرم الْقَتْل حرم التَّدَاوِي بِهِ أَيْضا وَذَلِكَ اما لِأَنَّهُ نجس أَو لِأَنَّهُ مستقذر والمتبادر انه حرَام لَا يجوز ذبحه وَأكله وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [4358] بقرية النَّمْل أَي بمساكنها وبيوتها قَوْله فأحرقت على بِنَاء الْمَفْعُول من الاحراق وَظَاهر الحَدِيث يُفِيد ان الاحراق كَانَ جَائِزا فِي شَرِيعَة ذَلِك النَّبِي فَلذَلِك مَا عَاتب الله تَعَالَى عَلَيْهِ بالاحراق وَإِنَّمَا عَاتب عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ على الْوَاحِدَة الَّتِي قرصت وَهُوَ غير جَائِز فِي شريعتنا فَلَا يجوز احراق الَّتِي قرصت أَيْضا وَأما قتل المؤذي فَجَائِز أَن قد الخ هُوَ بِتَقْدِير اللَّام مُتَعَلق بأهلكت تسبح إِشَارَة إِلَى أَن الْأمة مَطْلُوبَة الْبَقَاء وَلَو لم يكن فِيهَا الْبَقَاء وَلَو لم يكن فِيهَا فَائِدَة الا التَّسْبِيح لكفى دَاعيا إِلَى ابقائها الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 (كتاب الضَّحَايَا) فِيهَا أَربع لُغَات أضْحِية بِضَم الْهمزَة وَكسرهَا وَجَمعهَا الْأَضَاحِي بتَشْديد الْيَاء وتخفيفها واللغة الثَّالِثَة ضحية وَجَمعهَا ضحايا كعطية وعطايا وَالرَّابِعَة أضحاة بِفَتْح الْهمزَة وَالْجمع أضحى كارطاة وأرطى وَبهَا سمى يَوْم الْأَضْحَى قَوْله فَلَا يُؤْخَذ من شعره الخ حمله الْجُمْهُور على التَّنْزِيه قيل الْحِكْمَة فِيهِ أَنْ يُبْقِيَ كَامِلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 الْأَجْزَاء لِلْعِتْقِ من النَّار وَقيل التَّشْبِيه بالمحرم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4362] فَلَا يقلم يُقَال قلم الظفر كضرب وقلم بِالتَّشْدِيدِ أَي قطعه وَالتَّشْدِيد للْمُبَالَغَة وَالتَّخْفِيف هَا هُنَا أولى فَافْهَم قَوْله [4363] فَقَالَ أَلا يعتزل النِّسَاء كَأَنَّهُ زَعمه من قَول سعيد وَلم يبلغهُ الرّفْع وَزعم ان مَقْصُوده التَّشْبِيه بالمحرم فَاعْترضَ بِأَن اللَّائِق حِينَئِذٍ ترك النِّسَاء وَالطّيب أَيْضا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 [4365] قَالَ لرجل أمرت ظَاهر السُّوق أَنه على بِنَاء الْمَفْعُول للخطاب أَو بِنَاء الْفَاعِل للمتكلم أَي أَمرتك أَو أمرت النَّاس وَيحْتَمل أَنه على بِنَاء الْمَفْعُول للمتكلم وَالْمعْنَى أمرت بالتضحية فِي يَوْم الْأَضْحَى حَال كَونه عيدا أَو يَوْم الْأَضْحَى أَن اتَّخذهُ عيدا وَالْمعْنَى الأول أقرب إِلَى قَول الرجل الا منيحة أُنْثَى أصل المنيحة مَا يُعْطِيهِ الرجل غَيره ليشْرب لَبنهَا ثمَّ يردهَا عَلَيْهِ ثمَّ يَقع على كل شَاة لِأَن من شَأْنهَا أَن تمنح بهَا وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا وَإِنَّمَا مَنعه لِأَنَّهُ لم يكن عِنْده غَيرهَا ينْتَفع بِهِ قلت وَيحْتَمل أَن المُرَاد هَا هُنَا مَا أعطَاهُ غَيره ليشْرب اللَّبن وَمنعه لِأَنَّهُ ملك الْغَيْر وَقَول الرجل لزعمه ان المنحة لَا ترد وَلذَلِك قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم المنحة مَرْدُودَة وَالله تَعَالَى أعلم وَلَكِن تَأْخُذ الخ كَأَنَّهُ أرشده إِلَى أَن يُشَارك الْمُسلمين فِي الْعِيد وَالسُّرُور وَإِزَالَة الْوَسخ فَذَاك يَكْفِيهِ إِذا لم يجد الاضحية وَالله تَعَالَى أعلم وتقلم التَّشْدِيد أنسب هَا هُنَا تَمام أضحيتك أَي هُوَ مَا يتم بِهِ أضحيتك بِمَعْنى أَنه يكْتب لَك بِهِ أضْحِية تَامَّة لَا بِمَعْنى ان لَك أضْحِية نَاقِصَة ان لم تفعل ذَلِك وان فعلته تصير تَامَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالمصلى ليرغب النَّاس فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 قَوْله [4367] إِذا لم ينْحَر أَي الْبَعِير يذبح أَي الشَّاة وَنَحْوهَا قَوْله [4368] فليذبح شَاة مَكَانهَا أَي لعدم أَجزَاء مَا تقدم على الصَّلَاة قَوْله [4369] لَا يجزن من الْجَوَاز العوراء بِالْمدِّ تَأْنِيث الْأَعْوَر الْبَين عورها بِفتْحَتَيْنِ ذهَاب بصر إِحْدَى الْعَينَيْنِ أَي العوراء عورها يكون ظَاهرا بَينا ظلعها الْمَشْهُور على أَلْسِنَة أهل الحَدِيث فتح الظَّاء وَاللَّام وَضَبطه أهل اللُّغَة بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ العرج قلت كَأَن أهل الحَدِيث راعوا مشاكلة العور وَالْمَرَض وَالله تَعَالَى أعلم والكسيرة فسر بالمنكسرة الرجل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مفعول وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَبَعض رِوَايَات المُصَنّف كَمَا سَيَجِيءُ بدلهَا الْعَجْفَاء وَهِي المهزولة وَهَذِه الرِّوَايَة أظهر معنى لَا تنقى من أنقى إِذا صَار ذَا نقى أَي مخ فَالْمَعْنى الَّتِي مَا بَقِي لَهَا مخ من غَايَة العجف قَوْله وَلَا تحرمه على أحد من التَّحْرِيم وَالْمرَاد لَا تقل أَنَّهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 لَا تجوز عَن أحد والا فَلَا يتَصَوَّر التَّحْرِيم فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4372] أَن نستشرف الْعين والاذن أَي نبحث عَنْهُمَا ونتأمل فِي حَالهمَا لِئَلَّا يكون فيهمَا عيب قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ اخْتلف فِي المُرَاد بِهِ هَل هُوَ من التَّأَمُّل وَالنَّظَر من قَوْلهم استشرف إِذا نظر من مَكَان مُرْتَفع فَإِنَّهُ أمكن فِي النّظر والتأمل أَو هُوَ تحرى الْأَشْرَف بِأَن لَا يكون فِي عينه أَو أُذُنه نقص وَقيل المُرَاد بِهِ غير العضوين الْمَذْكُورين لِأَنَّهُ يدل على كَونه أصلا فِي جنسه قَالَ الْجَوْهَرِي أذن شرفاء أَي طَوِيلَة وَالْقَوْل الأول هُوَ الْمَشْهُور وَأَن لَا نضحي بتَشْديد الْحَاء [4373] وَلَا مُقَابلَة بِفَتْح الْبَاء وَكَذَا مدابرة الأولى هِيَ الَّتِي قطع مقدم أذنها وَالثَّانيَِة هِيَ الَّتِي قطع مُؤخر أذنها والشرقاء مشقوقة الْإِذْن والخرقاء الَّتِي فِي أذنها ثقب مستدير وَفِي رِوَايَة وَلَا بتراء أَي مَقْطُوعَة الذَّنب وَفِي بَعْضهَا جذعاء من الْجذع وَهُوَ قطع الْأنف أَو الْإِذْن أَو الشّفة وَهُوَ بالأنف أخص فَإِذا أطلق غلب عَلَيْهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 [4377] بأعضب الْقرن هِيَ الْمَكْسُورَة الْقرن قَوْله الا مُسِنَّة اسْم فَاعل من أَسِنَت إِذا طلع سنّهَا وَذَلِكَ بعد السنتين لَا من أسن الرجل إِذا كبر جَذَعَة بِفتْحَتَيْنِ قيل هِيَ من الضَّأْن مَا تمّ لَهُ سنة وَقيل دون ذَلِك قَوْله عتود بِفَتْح فضم وَهُوَ الَّذِي قوى على الرَّعْي واستقل بِنَفسِهِ عَن الْأُم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 قَوْله فَحَضَرَ الْأَضْحَى الخ الحَدِيث يدل على أَن الْمُسَافِر يُضحي كالمقيم يُوفى من أوفى إِذا أعْطى الْحق وافيا وَالْمرَاد يُجزئ ويكفى والثنى هُوَ المسن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 قَوْله أملحين قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي الاملح خَمْسَة أَقْوَال أَصَحهَا أَنه الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وبياضه أَكثر وَقيل هُوَ الْأَبْيَض الْخَالِص وَقيل هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَقيل هُوَ الْأسود تعلوه حمرَة قلت وَهَذِه الْأَرْبَعَة قَوْله أقرنين الأقرن الَّذِي لَهُ قرنان معتدلان ذكره السُّيُوطِيّ على صفاحهما أَي على صفحة الْعُنُق مِنْهُمَا وَهِي جَانِبه فعل ذَلِك ليَكُون أثبت وَأمكن لِئَلَّا تضطرب الذَّبِيحَة برأسها فتمنعه من إِكْمَال الذّبْح أَو تؤذية كَذَا ذكرُوا قَوْله وانكفأ أَي مَال وَرجع قَوْله [4389] والى جذيعة هَكَذَا فِي نسختنا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكتب على الذَّال عَلامَة التَّصْحِيح وَالَّذِي فِي النِّهَايَة وَغَيرهَا من كتب الْغَرِيب بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مُصَغَّرًا هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزَعَةٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ وبالتصغير ضَبطه الْجَوْهَرِي وَضَبطه بن فَارس بِفَتْح جِيم وَكسر زَاي وَقَالَ هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ كَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنى مفعولة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 وَمَا سمعناها فِي الحَدِيث الا مصغرة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أقرن أَي ذِي قرنين فحيل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة أَي كَامِل الْخلقَة لم تقطع أنثياه وَلَا اخْتِلَاف بَين هَذِه الرِّوَايَة وَبَين الرِّوَايَة الَّتِي بِخِلَافِهَا لحملهما على حَالين وكل مِنْهُمَا فِيهِ صفة مرغوبة فَإِن مَا قطع مِنْهُ أنثياه يكون أسمن وَأطيب لَحْمًا والفحيل أتم خلقه يمشي فِي سَواد أَي فِي رجلَيْهِ سَواد وَيَأْكُل فِي سَواد أَي فِي بَطْنه سَواد وَينظر فِي سَواد أَي حول عَيْنَيْهِ سَواد وَبَاقِيه أَبيض وَهُوَ أجمل قَوْله عشرا من الشَّاء بِبَعِير فَهَذَا يدل على ان الْبَعِير الْوَاحِد بِمَنْزِلَة عشر من الشَّاء وَعشر من الشَّاء تُجزئ فِي الْأُضْحِية عَن عشرَة فَكَذَا الْبَعِير الْوَاحِد ثمَّ حَدِيث بن عَبَّاس صَرِيح فِي ذَلِك قَالَ الْمظهر فِي شرح المصابيح عمل بِهَذَا الحَدِيث إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَقَالَ غَيره أَنه مَنْسُوخ قلت أخذُوا بِحَدِيث بن عمر وَالْجَزُور عَن سَبْعَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 [4393] ونشترك فِيهَا بِجَوَاز الشّركَة يَقُول الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك قَوْله من وَجه بتَشْديد الْجِيم أَي وَجه وَجهه وَالْمرَاد اسْتقْبل وَالْمرَاد أَن يكون مَعنا فِي هَذِه الْأُمُور أعد ذبحا بِكَسْر الذَّال اسْم لما يذبح وبالفتح مصدر والوجهان جائزان هَا هُنَا عنَاق لبن بِفَتْح الْمُهْملَة أُنْثَى من أَوْلَاد الْمعز دون المسنة وَالْإِضَافَة إِلَى اللَّبن اما للدلالة على أَنَّهَا صَغِيرَة ترْضع اللَّبن أَو للدلالة على أَنَّهَا سَمِينَة أعدت للبن هِيَ أحب أَي أطيب وأنفع لسمنها فانها خير نسيكتيك أَي خير ذبيحتك حَيْثُ تُجزئ عَن الْأُضْحِية بِخِلَاف الأولى قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 [4397] عنَاق جَذَعَةٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هِيَ صِفَةٌ لِلْعَنَاقِ وَلَا يُقَالُ عَنَاقَةٌ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمعز فَلَا حَاجَة إِلَى الثَّاء الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَلَنْ تَجْزِيَ بِفَتْحِ التَّاء وَسُكُون الْجِيم بِلَا همز أَي تقضى قَالَه الْجَوْهَرِي قَالَ بَنو تَمِيم يَقُولُونَ أَجْزَأت عَنْك شَاة بِالْهَمْز فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ وَبِهِمَا قُرِئَ لَا تُجْزِي نَفْسٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ أَبِي بُرْدَةَ كَمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 أَن قيام شهادةخزيمة مَقَامَ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ خَصَائِصِ خُزَيْمَةَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت قد ذكرُوا أَن للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يخص الْبَعْض بِحكم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فليعد ظَاهره وجوب الْأُضْحِية وَمن يَقُول بِهِ يحملهُ على أَن الْمَقْصُود بِالْبَيَانِ أَن السّنة لَا تتأدى بِالْأولَى بل يحْتَاج إِلَى الثَّانِيَة فَالْمُرَاد فليعد لتَحْصِيل سنة الْأُضْحِية ان أرادها فَذكر هنة بِفتْحَتَيْنِ تَأْنِيث هن وَيكون كِنَايَة عَن كل اسْم جنس وَهَذَا معنى قَول من قَالَ يعبر بهَا عَن كل شَيْء وَالْمرَاد هَا هُنَا الْحَاجة أَي فَذكر أَنهم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 فُقَرَاء محتاجون إِلَى اللَّحْم قَوْله إِنِّي اصدت أَصله اصطدت كَمَا فِي بعض النّسخ قلبت الطَّاء صادا وأدغمت بمروة بِفَتْح فَسُكُون أَي بِحجر أَبيض قَوْله نيب بتَشْديد الْيَاء أَي أنشب أنيابه فِيهَا والناب سنّ خلف الرّبَاعِيّة قَوْله [4401] أنهر الدَّم من أنهر أَي أجْرى قَالَ السُّيُوطِيّ الْإِنْهَارُ الْإسَالَةُ وَالصَّبُّ بِكَثْرَةٍ شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 [4402] فَعرض لَهَا على بِنَاء الْمَفْعُول أَي عرض لَهَا عَارض قَوْله [4403] الا بسن أَو ظفر اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم من الْكَلَام السَّابِق أَي فاذبح بِكُل آلَة تنهر الدَّم الا بسن أَو ظفر فَلَا تذبح بهما قَوْله مَا أنهر الدَّم الظَّاهِر أَن المُرَاد بِكَلِمَة مَا هِيَ الْآلَة أَي كل آلَة أنهرت الدَّم وَذكر اسْم الله على ذبيحتها فَكُلُوا ذبيحتها مَا لم تكن تِلْكَ الْآلَة سنا أَو ظفرا وَجُمْلَة وَذكر اسْم الله يحْتَمل الْعَطف والحالية فَعظم صَرِيح فِي أَن الْعلَّة كَونه عظما فَكل مَا صدق اسْم الْعظم عَلَيْهِ لَا تجوز الذَّكَاة بِهِ وَفِيه اخْتِلَاف بَين الْعلمَاء فمدى الْحَبَشَة بِضَم الْمِيم مَقْصُورا جمع مدية بِضَم مِيم وَكسرهَا وَقيل بِتَثْلِيث الْمِيم وَسُكُون الدَّال السكين وَالْمرَاد أَن الْحَبَشَة كفار فَلَا يجوز التَّشَبُّه بهم فِيمَا هُوَ من شعارهم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 [4405] إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَي أوجب عَلَيْكُم الْإِحْسَان فِي كل شَيْء فكلمة على بِمَعْنى فِي ومتعلق الْكِتَابَة مَحْذُوف وَالْمرَاد بِالْإِيجَابِ النّدب الْمُؤَكّد فَأحْسنُوا القتلة بِكَسْر الْقَاف للنوع واحسان القتلة أَن لَا يمثل وَلَا يزِيد فِي الضَّرْب بِأَن يبْدَأ بِالضَّرْبِ فِي غير الْمقَاتل من غير حَاجَة وَنَحْو ذَلِك الذبْحَة بِكَسْر الذَّال وليحد من الاحداد شفرته بِفَتْح الشين السكين الْعَظِيم أَي ليجعله حادا سريع الْقطع وليرح من الإراحة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 [4408] أما تكون الْهمزَة للاستفهام وَمَا نَافِيَة واللبة بِفَتْح فتشديد مُوَحدَة سَأَلَ ان الذَّكَاة منحصرة فيهمَا دَائِما فَأجَاب الا فِي الضَّرُورَة قَوْله [4410] انا لاقو الْعَدو غَدا أَي فَلَو استعملنا السيوف فِي الذَّبَائِح لكلت فتعجز عَن الْمُقَاتلَة نهبا بِفَتْح النُّون هُوَ المنهوب وَكَانَ هَذَا النهب غنيمَة ذكره النَّوَوِيّ والْحَدِيث قد تقدم قَرِيبا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 لَيْسَ السن كلمة لَيْسَ للاستثناء وَالسّن بِالنّصب قَوْله وأصبنا نهبة قيل بِفَتْح النُّون مصدر وبالضم اسْم لِلْمَالِ المنهوب قَوْله اثْنَتَيْنِ أَي خَصْلَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ هما إِحْسَان القتلة واحسان الذبْحَة [4411] فَأحْسنُوا الذّبْح بِفَتْح الذَّال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 قَوْله يسر إِلَيْك من الْإِسْرَار قَوْله من آوى مُحدثا روى بِكَسْر الدَّال أَي مَنْ نَصَرَ جَانِيًا وَآوَاهُ وَأَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وأحال بَينه وَبَين أَن يقْتَصّ مِنْهُ وَبِفَتْحِهَا فَالْمُرَاد الْأَمر المبتدع الَّذِي هُوَ خلاف السّنة وايواؤه الرضابة وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِالْبِدْعَةِ وَأَقَرَّ فَاعِلَهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا عَلَيْهِ فَقَدْ آوَاهُ مَنْ غير منار الأَرْض الْمنَار جمع مَنَارَة بِفَتْح الْمِيم وَهِي الْعَلامَة تجْعَل بَين الحدين قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 [4423] نهى ان تُؤْكَل أَي نهى لصَاحب الْأَضَاحِي عَن ابقاء اللحوم إِلَى مَا بعد ثَلَاث وَأَرَادَ بذلك ان يتصدقواعلى الْفُقَرَاء وَقَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن يكون ابْتِدَاء الثَّلَاث من يَوْم ذَبحهَا وَيحْتَمل أَن يكون من يَوْم النَّحْر بِأَن تَأَخّر ذَبحهَا إِلَى أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ وَهَذَا أظهر ذكره النَّوَوِيّ قَوْله [4426] ثمَّ قَالَ كلوا فَهَذَا ظَاهر فِي النّسخ وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ النّظر فِي أَحَادِيث الْبَاب ان الْمدَار على حَاجَة النَّاس فَإِن رأى حَاجتهم شَدِيدَة يَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يدّخر فَوق ثَلَاث والا فَلهُ ذَلِك وعَلى هَذَا فَلَا نسخ وَلَعَلَّ نهى على مَبْنِيّ على ذَلِك لَا على عدم بُلُوغ النّسخ إِلَيْهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 [4429] فَاشْرَبُوا فِي أَي وعَاء شِئْتُم صَرِيح فِي نسخ مَا سبق من النَّهْي عَن الدُّبَّاء وَنَحْوه وَأَنه لَا كَرَاهَة فِي الشّرْب فِي تِلْكَ الظروف لِأَن أقل مَرَاتِب الْأَمر الْإِبَاحَة والرخصة فَمن أَيْن الْكَرَاهَة وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 قَوْله دفت بِفَتْح دَال مُهْملَة وَتَشْديد فَاء والدافة جمَاعَة من الْأَعْرَاب جاؤوا الْمَدِينَة لينالوا من لُحُوم الْأَضْحَى وَالْمرَاد أَقبلُوا من الْبَادِيَة والدف سير سريع وتقارب فِي الخطا حَضْرَة بِفَتْح حاء مُهْملَة وَضمّهَا وَكسرهَا وَالضَّاد سَاكِنة وَادخرُوا ثَلَاثًا أَي لَا فَوق ثَلَاث يجملون بِالْجِيم من أجمل أَو جمل كضرب وَنصر والودك بِفتْحَتَيْنِ دسم اللَّحْم أَي يذيبون الشَّحْم ويستخرجون دهنه وَمَا ذَاك أَي مَا سَبَب هَذَا السُّؤَال مَعَ ظُهُور أَنه جَائِز الدافة بتَشْديد الْفَاء الْجَمَاعَة الَّتِي دفت أَي أردْت أَن تتصدقوا على أُولَئِكَ وَهَذَا ظَاهر فِيمَا قُلْنَا أَن الْمدَار على حَاجَة النَّاس فَلْيتَأَمَّل قَوْله ان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 يطعم من أطْعم والغني بِالرَّفْع فَاعله وَالْفَقِير بِالنّصب مَفْعُوله ثمَّ قَالَ هَكَذَا فِي نسختنا وَالصَّوَاب قَالَت أَي عَائِشَة الكراع بِضَم الْكَاف مَعْرُوف قَوْله فخبأ من خبأ بِالْهَمْزَةِ إِذا ادخر قَوْله دلى على بِنَاء الْمَفْعُول من التدلية أَي نزلوه من القلعة إِلَى خَارِجهَا يتبسم وَهَذَا تَقْرِير مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على تنَاوله إِذْ عَادَة النَّاس فِي تِلْكَ الْأَيَّام أكل الشَّحْم فَلَو كَانَ حَرَامًا لوَجَبَ أَن يبين أَنه لَا يجوز الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 أكله وَيلْزم مِنْهُ حلّه وَهُوَ يسْتَلْزم حل ذَبَائِحهم فَإِن الشَّحْم شَحم ذَبَائِحهم قَوْله [4436] اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَكُلُوا أرشدهم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك إِلَى حمل حَال الْمُؤمن على الصّلاح وان كَانَ جَاهِلا والى أَن الشَّك بِلَا دَلِيل لَا يضر وَأمرهمْ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأكل استحبا با وَلم يرد أَن تسميه الْأكل تنوب عَن تَسْمِيَة الذَّابِح كَمَا هُوَ ظَاهر الحَدِيث فَلم يقل أحد بالنيابة وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَن التَّسْمِيَة عِنْد الذّبْح لَيست بِشَرْط كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي بل الحَدِيث بِظَاهِرِهِ يدل على النِّيَابَة فَلَا بُد للْكُلّ من تَأْوِيل الحَدِيث بِمَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4437] خاصمهم الْمُشْركُونَ أَي خَاصم الْمُؤمنِينَ الْمُشْركُونَ فَقَالُوا فِي معرض الِاسْتِدْلَال على بطلَان دين الْمُسلمين بأنكم تحرمون ذَبِيحَة الله تَعَالَى الَّتِي هِيَ الْميتَة وتحللون ذبيحتكم وَهَذَا شَيْء بعيد فَأنْزل الله تَعَالَى دفعا لهَذِهِ الشُّبْهَة قَوْله وَلَا تَأْكُلُوا الخ وَحَاصِل الْجَواب أَن الذَّبِيحَة انما حلت لِأَنَّهُ قد ذكر عَلَيْهَا اسْم الله وَالْميتَة لم يذكر عَلَيْهَا اسْم الله فَحرمت لذَلِك وَمُقْتَضى هَذَا التَّفْسِير أَن مَتْرُوك التَّسْمِيَة لَا يحل وَلَو نَاسِيا فَكيف عَامِدًا وَالله أعلم قَوْله الْمُجثمَة اسْم مفعول من التجثيم وَقد سبق عَن قريب شرحها قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 [4439] أَن تصبر الْبَهَائِم أَي تمسك وَتجْعَل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 هدفا يَرْمِي إِلَيْهِ حَتَّى تَمُوت فَفِيهِ تَعْذِيب لَهَا وَتصير ميتَة لَا يحل أكلهَا وَيخرج جلدهَا عَن الِانْتِفَاع بِهِ قَوْله [4440] لَا تمثلوا من الْمثلَة من بَاب نصر أَي لَا تغيرُوا صورته بِالرَّمْي إِلَيْهِ قَوْله غَرضا بِفَتْح غين مُعْجمَة وَرَاء مُهْملَة أَي هدفا عج بتَشْديد الْجِيم أَي رفع صَوته قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 [4447] وَعَن الْجَلالَة بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد اللَّام مَا تَأْكُل الْعذرَة من الدَّوَابّ وَالْمرَاد مَا ظهر فِي لَحمهَا ولبنها نَتن فَيَنْبَغِي أَن تحبس أَيَّامًا ثمَّ تذبح وَكَذَا يظْهر النتن فِي عرقها فَلذَلِك منع عَن الرّكُوب عَلَيْهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4448] وَالشرب من فِي السقاء لِأَنَّهُ قد يكون فِي المَاء حَيَّة وَنَحْوهَا فَيدْخل فِي الْجوف فتؤذي الشَّارِب فَالْأَحْسَن تَركه وَقد جَاءَ بعض ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب الْبيُوع) قَوْله [4449] ان أطيب مَا أكل الرجل الخ الطّيب الْحَلَال والتفضيل فِيهِ بِنَاء على بعده من الشُّبُهَات الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 ومظانها وَالْكَسْب السَّعْي وَتَحْصِيل الرزق وَغَيره وَالْمرَاد المكسوب الْحَاصِل بِالطَّلَبِ وَالْجد فِي تَحْصِيله بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوع وَولد الْإِنْسَان من كَسبه أَي من المكسوب الْحَاصِل بالجد والطلب ومباشرة أَسبَابه وَمَال الْوَلَد من كسب الْوَلَد فَصَارَ من كسب الْإِنْسَان بِوَاسِطَة فَجَاز لَهُ أكله وَالْفُقَهَاء قيدوا ذَلِك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 بِمَا إِذا احْتَاجَ إِلَى مَال الْوَلَد فَيجوز لَهُ الْأَخْذ مِنْهُ على قدر الْحَاجة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4453] ان الْحَلَال بَين لَيْسَ الْمَعْنى كل مَا هُوَ حَلَال عِنْد الله تَعَالَى فَهُوَ بَين بِوَصْف الْحل يعرفهُ كل أحد بِهَذَا الْوَصْف وَأَن مَا هُوَ حرَام عِنْد الله تَعَالَى فَهُوَ كَذَلِك والا لم يبْق المشتبهات وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ وَالله تَعَالَى أعلم أَن الْحَلَال من حَيْثُ الحكم تبين بِأَنَّهُ لَا يضر تنَاوله وَكَذَا الْحَرَام بِأَنَّهُ يضر تنَاوله أَي هما بينان يعرف النَّاس حكمهمَا لَكِن يَنْبَغِي أَن يعلم النَّاس حكم مَا بَينهمَا من المشتبهات بِأَن تنَاوله يخرج من الْوَرع وَيقرب إِلَى تنَاول الْحَرَام وعَلى هَذَا فَقَوله الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين اعتذار لترك ذكر حكمهمَا أمورا مُشْتَبهَات بِسَبَب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 تجاذب الْأُصُول الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا أَمر الْحل وَالْحُرْمَة فِيهَا وسأضرب مثلا أَي لَا يضاح تِلْكَ الْأُمُور والحمى بِكَسْر الْحَاء وَالْقصر أَرض يحميها الْمُلُوك وَيمْنَعُونَ النَّاس عَن الدُّخُول فِيهَا فَمن دخله أوقع بِهِ الْعقُوبَة وَمن احتاط لنَفسِهِ لَا يُقَارب ذَلِك الْحمى خوفًا من الْوُقُوع فِيهِ والمحارم كَذَلِك يُعَاقب الله تَعَالَى على ارتكابها فَمن احتاط لنَفسِهِ لم يقاربها بالوقوع فِي المشتبهات يُوشك بِضَم الْيَاء وَكسر الشين أَي يقرب لِأَنَّهُ يتَعَاهَد بِهِ التساهل ويتمرن عَلَيْهِ ويجسر على شُبْهَة أُخْرَى أغْلظ مِنْهَا وَهَكَذَا حَتَّى يَقع فِي الْحَرَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4454] من أَيْن أصَاب المَال أَي من أَي وَجه أَي لَا يبْحَث أحد عَن الْوَجْه الَّذِي أصَاب المَال مِنْهُ أهوَ حَلَال أم هُوَ حرَام وَإِنَّمَا المَال نَفسه يكون مَطْلُوبا بِأَيّ وَجه وصل الْيَد إِلَيْهِ أَخذه وَمثل هَذَا الحَدِيث حَدِيث يَأْتِي على النَّاس زمَان يَأْكُلُون الرِّبَا قلت هُوَ زَمَاننَا هَذَا فَإنَّا لله وانا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَفِيه معْجزَة بَيِّنَة لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 [4456] ان من أَشْرَاط السَّاعَة أَي من عَلَامَات قرب الْقِيَامَة أَن يفشو أَي يظْهر وَالْمرَاد يكثر فَمَا بعده عطف تَفْسِير لَهُ وَيظْهر الْجَهْل بِسَبَب اهتمام النَّاس بِأَمْر الدُّنْيَا هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي كثير من النّسخ الْعلم فَمَعْنَى يظْهر يَزُول ويرتفع أَي يذهب الْعلم عَن وَجه الأَرْض وَالله تَعَالَى أعلم حَتَّى أَستَأْمر تَاجر بني فلَان أَي أشاوره بَيَان لِكَثْرَة الْجَهْل إِذْ لَا يجوز التَّعْلِيق فِي البيع لَكِن بعض الْعلمَاء جوزوا شَرط الْخِيَار لغيره أَو بَيَان لِكَثْرَة اهتمام النَّاس بِأَمْر الدُّنْيَا وحرصهم على اصلاحها الْكَاتِب الَّذِي يعرف أَن يكْتب بِالْعَدْلِ وَلَا يطْمع فِي المَال بِغَيْر حق وَالله تَعَالَى أعلمقوله البيعان بِفَتْح فتشديد يَاء أَي الْمُتَبَايعَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 وهما اللَّذَان جرى العقد بَينهمَا فَإِنَّهُمَا لَا يسميان بيعين الا حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ أَي لكل مِنْهُمَا خِيَار فسخ البيع مَا لم يفترقا عَن الْمجْلس بالأبدان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَهُوَ ظَاهر اللَّفْظ وَقيل المُرَاد بالمتبايعين المتساومان اللَّذَان جرى بَينهمَا كَلَام البيع وان لم يتم البيع بَينهمَا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وهما بِالْخِيَارِ إِذْ يجوز لكل مِنْهُمَا أَن يرجع عَن العقد مَا لم يفترقا بالأقوال وَهُوَ الْفَرَاغ عَن العقد فَصَارَ حَاصله لَهما الْخِيَار قبل تَمام العقد وَلَا يخفى أَن الْخِيَار قل تَمام العقد ضَرُورِيّ لَا فَائِدَة فِي بَيَانه مَعَ مَا فِيهِ من حمل البيع على السّوم وَحمل التَّفَرُّق على التَّفَرُّق بالأقوال وكل ذَلِك لَا يَخْلُو عَن بعد الا أَن يُجَاب عَن الأول بِأَنَّهُ لدفع ان الْمُوجب لَا خِيَار لَهُ لِأَنَّهُ أوجب ثمَّ بعض رِوَايَات حَدِيث التَّفَرُّق فِي الصَّحِيحَيْنِ يَنْفِي هَذَا الْحمل قطعا وَالله تَعَالَى أعلم فان صدقا أَي صدق البَائِع فِي صفة الْمَبِيع وَبَين مَا فِيهِ من عيب وَغَيره وَكَذَا المُشْتَرِي فِي الثّمن محق على بِنَاء الْمَفْعُول أَي محيت وَذَهَبت بركَة بيعهمَا قَوْله [4458] ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله الْكَلَام مسوق لافادة كَمَال الْغَضَب عَلَيْهِم والا فَلَا يغيب أحد عَن نظره تَعَالَى فَقَوله لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم أَي تلطفا وَرَحْمَة وَقَوله وَلَا يزكيهم أَي لَا يطهرهم عَن دنس الذُّنُوب بالمغفرة أَو لَا يثنى عَلَيْهِم بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة وَالْكل مُقَيّد بِأول الْأَحْوَال لَا بالدوام ثمَّ هَذَا بَيَان مَا يستحقونه وَفضل الله أوسع فقد قَالَ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء المسبل من أسبل أَي من يطول ثَوْبه ويرسله إِلَى الأَرْض إِذا مَشى وَاللَّفْظ مُطلق الا أَن بعض الرِّوَايَات تفِيد تقيده بِمَا إِذا فعل ذَلِك تكبرا وَأما غَيره فَأمره أخف ان شَاءَ الله تَعَالَى والمنفق من التنفيق أَو الْإِنْفَاق بِمَعْنى الترويج الا ان الْمَشْهُور رِوَايَة هُوَ الأول سلْعَته بِكَسْر السِّين أَي مَتَاعه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 والمنان عطاءه أَي يمن بِمَا يُعْطي وَهَذَا إِذا لم يُعْط شَيْئا الا مِنْهُ كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات [4460] وَكَثْرَة الْحلف بِفَتْح فَكسر أَو سُكُون فَإِنَّهُ أَي الْحلف وَالْمرَاد الكاذبة أَو مُطلقًا ثمَّ يمحق من المحق وَهُوَ المحو أَي يزِيل الْبركَة قَوْله الْحلف قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد المُرَاد الْيَمين الكاذبة قلت يُمكن ابقاؤه على إِطْلَاقه لِأَن الصَّادِق لترويج أَمر الدُّنْيَا وتحصيله يتَضَمَّن ذكر الله للدنيا وَهُوَ لَا يَخْلُو عَن كَرَاهَة مَا بِخِلَاف يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِنَّهَا لإِزَالَة التُّهْمَة فَلَا كَرَاهَة فِيهَا إِذا كَانَت صَادِقَة منفقة هُوَ وَمَا بعده مفعلة بِفَتْح مِيم وَعين أَي مَوضِع لنفاقها ورواجها ومظنة لَهُ فِي الْحَال وممحقة أَي مَوضِع لنُقْصَان الْبركَة ومظنة لَهُ فِي المَال بِأَن يُسَلط الله تَعَالَى عَلَيْهِ وُجُوهًا يتْلف فِيهَا اما سرقا أَو حرقا أَو غرقا أَو غصبا أَو نهبا أَو عوارض ينْفق فِيهَا من أمراض وَغير ذَلِك مِمَّا شَاءَ الله تَعَالَى كَذَا ذكره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 السُّيُوطِيّ قَوْله [4462] فضل مَاء بِالْمدِّ والتنوين هَذَا الحَدِيث يُفِيد ذمّ منع بن السَّبِيل فَلَا يدْخل فِيهِ منع زرع الْغَيْر وَلَا يلْزمه الْبَذْل فِيهِ وَفِي لَهُ أَي مَا عَلَيْهِ من الطَّاعَة مَعَ أَن الْوَفَاء وَاجِب عَلَيْهِ مُطلقًا بعد الْعَصْر للْمُبَالَغَة فِي الذَّم لِأَنَّهُ وَقت يَتُوب فِيهِ المقصر تَمام النَّهَار ويشتغل فِيهِ الْمُوفق بِالذكر وَنَحْوه فالمعصية فِي مثله أقبح قَوْله ونبتاعها أَي نشتريها فشوبوه بِضَم الشين أَمر من الشوب بِمَعْنى الْخَلْط أَمرهم بذلك ليَكُون كَفَّارَة لما يجْرِي بَينهم من الْكَذِب وَغَيره وَالْمرَاد بهَا صَدَقَة غير مُعينَة حسب تضاعيف الآثام وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 [4465] الا بيع الْخِيَار اسْتثِْنَاء من مَفْهُوم الْغَايَة أَي فان تفَرقا فَلَا خِيَار الا فِي بيع شَرط فِيهِ الْخِيَار فيمتد فِيهِ الْخِيَار إِلَى الْأَبَد الْمَشْرُوط وَقيل من نفس الحكم أَي الا أَن يكون بيعا جرى فِيهِ التخاير بِأَن قَالَ أَحدهمَا للْآخر فِي الْمجْلس اختر فَقَالَ اخْتَرْت فَلَا خِيَار قبل التَّفَرُّق والا أَن يكون بيعا شَرط فِيهِ عدم الْخِيَار أَي شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَار أصلا وَالْوَجْه الأول يعم المذهبين مَذْهَب من يَقُول بِخِيَار الْمجْلس وَمن يَنْفِيه والاخيران يختصان بِمذهب الْقَائِل بِهِ وَرِوَايَات الحَدِيث تدل على أَن المُرَاد الْمَعْنى الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 [4466] أَو يكون كلمة أَو بِمَعْنى الا أَن والمضارع مَنْصُوب أَي الا أَن يكون العقد ذَا خِيَار قَوْله [4472] إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ الخ هَذِه الرِّوَايَة تبطل تَأْوِيل من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 يُنكر خِيَار الْمجْلس فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4473] فَارق صَاحبه أَي خوفًا من أَن يرد البَائِع البيع بِمَالِه من الْخِيَار فَانْظُر إِلَى مَا فهم عبد الله من الحَدِيث وَهُوَ رَاوِيه هَل هُوَ الَّذِي يَقُول الْمُثبت للخيار فِي الْمجْلس أم هُوَ الَّذِي يَقُول النَّافِي لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4477] لَا بيع بَينهمَا أَي لَا يلْزم بِحَيْثُ يبطل الْخِيَار وَقد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 يُقَال هَذِه الرِّوَايَة ناظرة إِلَى قَول من يُفَسر الِافْتِرَاق بالافتراق بالأقوال فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4483] وَلَا يحل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 لهأن يُفَارق صَاحبه خشيَة أَن يستقيله أَي يبطل البيع بِسَبَب مَاله من الْخِيَار فَهَذَا يُفِيد وجود خِيَار الْمجْلس والا فَلَا خشيَة وَقيل بل يَنْفِيه لَان طلب الاقالة إِنَّمَا يتَصَوَّر إِذا لم يكن لَهُ خِيَار والا فيكفيه مَاله من الْخِيَار فِي ابطاله البيع عَن طلب الاقالة من صَاحبه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4484] أَنه يخدع على بِنَاء الْمَفْعُول لَا خلابة أَي لَا خداعة قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ الخداع بالْقَوْل اللَّطِيف قيل إِنَّمَا علمه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك ليطلع بِهِ صَاحبه على أَنه لَيْسَ من ذَوي البصائر فيراعيه وَيرى لَهُ كَمَا يرى لنَفسِهِ وَكَأن النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان أَخَوان ينظر بَعضهم لبَعض أَكثر مِمَّا ينظرُونَ لأَنْفُسِهِمْ وروى فِي آخر هَذَا الحَدِيث ثمَّ أَنْت بِالْخِيَارِ فِي كل سلْعَة ثَلَاث لَيَال قَالَ أَكثر أهل الْعلم وَهَذَا خَاص بِهَذَا الرجل وَحده وَلَا يثبت لغيره الْخِيَار بِهَذِهِ الْكَلِمَة قَوْله [4485] فِي عقدته بِضَم فَسُكُون أَي فِي رَأْيه وَنَظره فِي مصَالح نَفسه وعقله أحجر بِتَقْدِيم الْمُهْملَة على الْمُعْجَمَة أَي أمْنَعهُ قَوْله المحفلة بتَشْديد الْفَاء اسْم مفعول الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 وَهِي الْمُصراة والتحفيل هِيَ التصرية هَكَذَا الْمَشْهُور وسيذكرها المُصَنّف وسوق كَلَام المُصَنّف يُفِيد أَن بَينهمَا فرقا قَوْله [4486] أَو اللقحة بِفَتْح وَكسر فَسُكُون قَاف النَّاقة الْقَرِيبَة الْعَهْد بالنتاج وَفِي الصِّحَاح اللقحة كالقربة وَالْجمع لقح كقرب فَلَا يحفلها من التحفيل أَي فَلَا تحبس لَبنهَا فِي الضَّرع لتخدع بِهِ المُشْتَرِي قَوْله وَهُوَ أَي التصرية أَو الضَّمِير للتصرية التَّذْكِير بِاعْتِبَار الْخَبَر أخلاف النَّاقة أَي ضروعها جمع خلف بِالْكَسْرِ وَهُوَ الضَّرع لكل ذَات خف وظلف قَوْله [4487] لَا تلقوا الركْبَان من التلقي أَي لَا تستقبلوا الْقَافِلَة الجالبة للطعام قبل أَن يقدموا الْأَسْوَاق وَلَا تصروا هُوَ من التصرية عِنْد كثير وَقد روى عَن بعض الْمَشَايِخ أَنه كَانَ يَقُول لتلامذته مَتى أشكل عَلَيْكُم ضَبطه فاذكروا قَوْله تَعَالَى فَلَا تزكوا أَنفسكُم واضبطوه على هَذَا الْمِثَال فيرتفع الاشكال وَجوز بَعضهم انه بِفَتْح التَّاء وَضم الصَّاد وَتَشْديد الرَّاء من الصر بِمَعْنى الشد والربط والتصرية حبس اللَّبن فِي ضروع الْإِبِل وَالْغنم تغريرا للْمُشْتَرِي والصر هُوَ شدّ الضَّرع وربطه لذَلِك وَظَاهر كَلَام المُصَنّف يُشِير إِلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ فسر بالربط من ابْتَاعَ أَي اشْترى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 [4488] صَاع من تمر أَي صَاع مِمَّا هُوَ غَالب 3 أهل الْعلم قَالَ بن عبد الْبر أَن لبن التصرية اخْتَلَط بِاللَّبنِ الطَّارِئ فِي ملك المُشْتَرِي فَلم يتهيأ تَقْوِيم مَا للْبَائِع مِنْهُ لِأَن مَالا يعرف لَا يُمكن تقويمه فَحكم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِصَاع من تمر قطعا للنزاع وَالْحَاصِل أَن الطَّعَام بدل اللَّبن الْمَوْجُود فِي الضَّرع حَال البيع وَأما الْحَادِث بعد ذَلِك فقد حدث على ملك المُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِي ضَمَانه وَقد أَخذ الْجُمْهُور بِالْحَدِيثِ وَمن لَا يَأْخُذ بِهِ يعْتَذر عَنهُ بِأَن الْمَعْلُوم من قواعدالدين هُوَ الضَّمَان بِالْقيمَةِ أَو الثّمن وَهَذَا الضَّمَان لَيْسَ شَيْئا من ذَلِك فَلَا يثبت بِحَدِيث الْآحَاد على خلاف ذَلِك الْمَعْلُوم قطعا وَقَالُوا الحَدِيث من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَهُوَ غير فَقِيه وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَن لَهُ نَظَائِر كالدية فَإِنَّهَا مائَة بعير وَلَا تخْتَلف باخْتلَاف حَال الْقَتِيل والغرة فِي الْجِنَايَة على الْجَنِين وكل ذَلِك شرع قطعا للنزاع وَأما الحَدِيث فقد جَاءَ من رِوَايَة بن عمر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِوَجْه وَالطَّبَرَانِيّ بآخر وَمن رِوَايَة أنس أخرجه أَبُو يعلى وَمن رِوَايَة عَمْرو بن عَوْف أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الخلافيات وَقد رَوَاهُ بن مَسْعُود مَوْقُوفا كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَالْمَوْقُوف لَهُ حكم الرّفْع لتصريحهم أَنه مُخَالف للأقيسة وَالْمَوْقُوف الْمُخَالف مَرْفُوع حكما وبن مَسْعُود من أجلاء الْفُقَهَاء بالِاتِّفَاقِ وَقَوْلهمْ أَبُو هُرَيْرَة غير فَقِيه ضَعِيف أَيْضا فقد ذكره فِي الْإِصَابَة فِي فُقَهَاء الصَّحَابَة وَذكر أَنه كَانَ يُفْتى وَمن تتبع كتب الحَدِيث يجده حَقًا بِلَا ريب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4489] لَا سمراء أَي لَا يتَعَيَّن السمراء بِعَينهَا للرَّدّ بل الصَّاع من الطَّعَام الَّذِي هُوَ غَالب قوت الْبَلَد يَكْفِي أَو الْمَعْنى أَن الصَّاع لَا بُد أَن يكون من غير السمراء وَالْأول أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 [4490] أَن الْخراج بِالضَّمَانِ الْخراج بِالْفَتْح أُرِيد بِهِ مَا يخرج وَيحصل من غلَّة الْعين الْمُشْتَرَاة عبدا كَانَ أَو غَيره وَذَلِكَ بَان يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ يَعْثُرَ مِنْهُ عَلَى عيب كَانَ فِيهِ عِنْد البَائِع فَلَهُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ للْمُشْتَرِي مَا استغله لِأَن الْمَبِيع لَو تَلِفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ فِي ضَمَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَالْبَاءُ فِي قَوْله بِالضَّمَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَرَاجُ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ أَي بِسَبَبِهِ أَي ضَمَان الأَصْل سَبَب لملك خراجه وَقيل الْبَاء للمقابلة والمضاف مَحْذُوف وَالتَّقْدِير بَقَاء الْخراج فِي مُقَابلَة الضَّمَان أَي مَنَافِع الْمَبِيع بعد الْقَبْض تبقى للْمُشْتَرِي فِي مُقَابلَة الضَّمَان اللَّازِم عَلَيْهِ بِتَلف الْمَبِيع وَمن هَذَا الْقَبِيل الْغنم بالغرم وَفِي الْمقَام مبَاحث ذَكرنَاهَا فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد قَوْله [4491] وَأَن يَبِيع مهَاجر المُرَاد أَن يَبِيع حَاضر لباد لَكِن خص المُهَاجر نظرا إِلَى ذَلِك الْوَقْت وَذَلِكَ لِأَن الْأَنْصَار كَانُوا يَوْمئِذٍ أهل زرع والمهاجرين كَانُوا أهل تِجَارَة كَمَا روى عَن أبي هُرَيْرَة وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله والنجش بِفَتْح فَسُكُون هُوَ أَن يمدح السّلْعَة ليروجها أَو يزِيد فِي الثّمن وَلَا يُرِيد شراءها ليغتر بذلك غَيره قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 [4492] نهى أَن يَبِيع حَاضر هُوَ الْمُقِيم بالبلدة والبادي البدوي وَهُوَ أَن يَبِيع الْحَاضِر مَال البادي نفعا لَهُ بِأَن يكون دلالالة وَذَلِكَ يتَضَمَّن الضَّرَر فِي حق الْحَاضِرين فَإِنَّهُ لَو ترك البادي لَكَانَ عَادَة بَاعه رخيصا قَوْله [4496] وَلَا تناجشوا جِيءَ بالتفاعل لِأَن التُّجَّار يتعارضون فيفعل هَذَا بِصَاحِبِهِ على أَن يُكَافِئهُ بِمثل مَا فعل فنهوا عَن أَن يَفْعَلُوا مُعَارضَة فضلا عَن أَن يفعل بَدَأَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 [4501] لَا تلقوا الجلب هُوَ بِفَتْح لَام وسكونها مصدر بِمَعْنى المجلوب من مَحل إِلَى غَيره ليباع فِيهِ فَإِذا أَتَى سَيّده أَي الجالب فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَذَلِكَ لِأَن المتلقي كثيرا مَا يخدعه فيذكر لَهُ سعر السُّوق على خلاف مَا عَلَيْهِ فَإِن وجده كَذَلِك فَلهُ خِيَار فِي رد البيع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 [4502] وَلَا تسْأَل الْمَرْأَة المخطوبة طَلَاق أُخْتهَا الْمَوْجُودَة فِي بَيت الْخَاطِب بِأَن تَقول لَا أقبل النِّكَاح وَلَا أرْضى بِهِ الا بِطَلَاق السَّابِقَة قَوْله [4504] حَتَّى يبْتَاع أَي يَشْتَرِي وَهُوَ غَايَة لما يفهم أَي لينتظر حَتَّى يبْتَاع والا لَا تستقيم الْغَايَة ثمَّ هَذِه الْغَايَة تؤيد القَوْل أَن المُرَاد بِالْبيعِ المغيا الشِّرَاء والسوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قدحا بِفتْحَتَيْنِ وحلسا بِكَسْر حاء مُهْملَة كسَاء يَلِي ظهر الْبَعِير يفرش تَحت القتب فِيمَن يزِيد الظَّاهِر أَن فِي بِمَعْنى من وَكَانَا لفقير فَقَالَ بَعضهم أعْطى درهما فَقَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من يزِيد أَو كَمَا قَالَ فَأعْطى آخر دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَ مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 [4509] نهى عَن الْمُلَامسَة هِيَ أَن يَجْعَل العقد نفس اللَّمْس قَاطعا للخيار عِنْد البيع أَو قَاطعا للخيار بعد البيع أَو قَاطعا لكل خِيَار أَقْوَال والمنابذة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 أَن يَجْعَل نبذ الْمَبِيع كَذَلِك قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 [4512] عَن بيعَتَيْنِ الْمَشْهُور فتح الْبَاء وَالْأَقْرَب الْكسر على الْهَيْئَة قَوْله [4515] عَن لبستين بِكَسْر اللَّام للهيئة وَهُوَ الْمَشْهُور الْمُوَافق للمعقول وهما غير مذكورتين فِي الحَدِيث للإختصار قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 [4518] عَن بيع الْحَصَاة هُوَ أَن يَقُول أحد الْعَاقِدين إِذا نبذت إِلَيْك الْحَصَاة فقد وَجب البيع وَقبل ذَلِك لي الْخِيَار فَهَذَا يتَضَمَّن اثبات خِيَار إِلَى أجل مَجْهُول أَو هُوَ أَن يَرْمِي حَصَاة فِي قطيع غنم فَأَي شَاة أَصَابَهَا كَانَت مبيعة وَهُوَ يتَضَمَّن جَهَالَة الْمَبِيع وَقيل هُوَ أَن يَجْعَل الرَّمْي عين العقد وَهُوَ عقد مُخَالف لعقود الشَّرْع فَإِنَّهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول أَو التعاطي لَا بِالرَّمْي وَعَن بيع الْغرَر هُوَ مَا كَانَ لَهُ ظَاهر يغر المُشْتَرِي وباطن مَجْهُول وَقَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ مَا كَانَ بِغَيْر عُهْدَة وَلَا ثِقَة وَيدخل فِيهِ بُيُوع كَثِيرَة من كل مَجْهُول وَبيع الْآبِق والمعدوم وَغير مَقْدُور التَّسْلِيم وأفردت بَعْضهَا بِالنَّهْي لكَونه من مشاهير بُيُوع الْجَاهِلِيَّة وَقد ذكرُوا أَن الْغرَر الْقَلِيل أَو الضَّرُورِيّ مُسْتَثْنى من الحَدِيث كَمَا فِي الْإِجَارَة على الْأَشْهر مَعَ تفَاوت الْأَشْهر فِي الْأَيَّام وكما فِي الدُّخُول فِي الْحمام مَعَ تفَاوت النَّاس فِي صب المَاء والمكث فِيهِ وَنَحْو ذَلِك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 قَوْله لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَة بِالْمُثَلثَةِ ظَاهره عُمُوم النَّهْي مَا إِذا شرطُوا الْقطع وَمن يَقُول بِجَوَازِهِ مَعَ شَرط الْقطع يرى أَن النَّهْي كَانَ لاختصامهم بِسَبَب العاهات كَمَا يشْهد لذَلِك الرِّوَايَات الصحيحات وبالقطع تَنْقَطِع الْخُصُومَة فَيجوز وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَلَا تبتاعوا الثَّمر بِالتَّمْرِ الأول بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْمِيم الرطب على النخيل وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ الفوقانية وَسُكُون الْمِيم وَمثل هَذَا البيع يُسمى مزابنة مفاعلة من الزَّبْن بِمَعْنى الدّفع وَهَذَا البيع قد يُفْضِي إِلَى التدافع قَوْله [4523] أَنه نهى عَن المخابرة قد سبق مَا يتَعَلَّق بشرح هَذَا قَرِيبا وَأَن لَا يُبَاع كلمة لَا زَائِدَة ذكرت تذكيرا للنَّهْي لبعد النَّهْي أَي وَقَالَ لَا تَبِيعُوا الثَّمر الا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم وَالْمرَاد لَا تَبِيعُوا الرطب بِالتَّمْرِ وَالْعِنَب بالزبيب لشُبْهَة الرِّبَا وَرخّص فِي الْعَرَايَا جمع عرية فعيلة وَهِي عِنْد كثير نَخْلَة أَو نخلتين يَشْتَرِيهَا من يُرِيد أكل الرطب وَلَا نقد بِيَدِهِ يَشْتَرِيهَا بهَا فيشتريها بِتَمْر بَقِي من قوته فَرخص لَهُ فِي ذَلِك دفعا للْحَاجة فِيمَا دون خَمْسَة أَو سُقْ وَقد اخْتلفُوا فِي تَفْسِيرهَا اخْتِلَافا كثيرا لَكِن هَذَا الحَدِيث يُنَاسب مَا ذكرنَا وَقد سبق تَفْسِير آخر هُوَ الْمُنَاسب فِي الحَدِيث الْآتِي وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 [4524] حَتَّى يطعم أَي يصلح للْأَكْل الا الْعَرَايَا ظَاهره أَنه اسْتثِْنَاء عَن الآخير لَكِن الْمُنَاسب لسَائِر الرِّوَايَات أَنه اسْتثِْنَاء عَن الْمُزَابَنَة وَقد تقدم الْكَلَام قَوْله [4526] نهى عَن بيع الثِّمَار أَي على الْأَشْجَار حَتَّى تزهى من أزهى إِذا احمر أَو أصفر ان منع الله الثَّمر أَي من الْإِدْرَاك فَبِمَ أَي بِأَيّ وَجه أَي فِي مُقَابلَة أَي شَيْء مَال أَخِيه أَي الثّمن وَهَذِه الْعلَّة إِنَّمَا تُوجد إِذا لم يشْتَرط الْقطع وَمِنْه أَخذ المُصَنّف جَوَاز الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 البيع قبل بَدو الصّلاح بِشَرْط الْقطع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله جَائِحَة أَي آفَة أهلكت الثَّمَرَة أَن تَأْخُذ مِنْهُ أَي من أَخِيك شَيْئا أَي فِي مُقَابلَة الْهَالِك ظَاهره حُرْمَة الْأَخْذ وَوُجُوب وضع الْجَائِحَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَصْحَاب الحَدِيث قَالُوا وضع الْجَائِحَة لَازم بِقدر مَا هلك وَقَالَ الْخطابِيّ هِيَ لندب الْوَضع من طَرِيق الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان عِنْد الْفُقَهَاء وَلَا يخفى أَن هَذِه الرِّوَايَة تأبى ذَلِك جدا وَقيل الحَدِيث مَحْمُول على مَا هلك قبل تَسْلِيم الْمَبِيع إِلَى المُشْتَرِي فَإِنَّهُ فِي ضَمَان البَائِع بِخِلَاف مَا هلك بعد التَّسْلِيم لِأَن الْمَبِيع قد خرج عَن عُهْدَة البَائِع بِالتَّسْلِيمِ إِلَى المُشْتَرِي فَلَا يلْزمه ضَمَان مَا يَعْتَرِيه بعده وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِمَا روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أُصِيب فِي ثمار ابتاعها فَكثر دينه فَقَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا عَلَيْهِ وَلَو كَانَت الجوائح مَوْضُوعَة لم يصر مديونا بِسَبَبِهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله على مَا هِيَ استفهامية ثَبت ألفها مَعَ الْجَار على خلاف الْمَشْهُور قَوْله [4530] لَيْسَ لكم الا ذَلِك ظَاهره أَنه وضع الجائح بِمَعْنى أَنه لَا يُؤْخَذ مِنْهُ مَا عجز عَنهُ وَيحْتَمل أَن الْمَعْنى لَيْسَ لكم فِي الْحَال الا ذَلِك لوُجُوب الِانْتِظَار فِي غَيره لقَوْله تَعَالَى فنظرة إِلَى ميسرَة وَحِينَئِذٍ فَلَا وضع أصلا وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول بِعَدَمِ الْوَضع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 [4531] بيع الثَّمر سِنِين هُوَ أَن يَبِيع ثمره نَخْلَة أَو نخلات بِأَعْيَانِهَا سنتَيْن أَو ثَلَاثًا مثلا فَإِنَّهُ بيع شَيْء لَا وجود لَهُ حَال العقد قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 بِخرْصِهَا قيل بِكَسْر فَسُكُون اسْم بِمَعْنى المخروص أَي الْقدر الَّذِي يعرف بالتخمين وبفتح فَسُكُون مصدر بِمَعْنى التخمين وَيُمكن أَن يُرَاد بِهِ المخروص أَيْضا كالخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق وَالْمرَاد هَا هُنَا المخروص فَيصح الْوَجْهَانِ قلت هَذَا على أَن الْبَاء فِي بِخرْصِهَا للمقابلة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر الشَّائِع وَالْمرَاد أَي بِقدر المخروص الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 وَأما إِذا كَانَت للسَّبَبِيَّة فالخرص يكون مصدرا بِمَعْنَاهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بيع الْعَرَايَا بالرطب هَذَا يَقْتَضِي أَن الْعرية مَا يُعْطي صَاحب الْحَائِط لبَعض الْفُقَرَاء من النّخل ثمَّ يسْتَردّ مِنْهُ بِمَا يُعْطِيهِ من تمر أَو رطب لَا مَا يَشْتَرِيهِ من يُرِيد أكل الرطب بِمَا بَقِي عِنْده من التَّمْر كَمَا لَا يخفى فَلْيتَأَمَّل قَوْله أَو مَا دون خَمْسَة شكّ من الرَّاوِي أَو هُوَ تَعْمِيم فِي طرف النُّقْصَان لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن خَمْسَة أوسق ذكرت تحديدا لمنع النُّقْصَان فَفِيهِ بَيَان أَن خَمْسَة أوسق حد لمنع الزِّيَادَة فَقَط قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 [4545] أينقص الرطب تَنْبِيه على عِلّة الْمَنْع بعد اتِّحَاد الْجِنْس فَيجْرِي الْمَنْع فِي كل مَا يجْرِي فِيهِ هَذِه الْعلَّة قَالَ القَاضِي فِي شرح المصابيح لَيْسَ المُرَاد من الِاسْتِفْهَام اسْتِفْهَام الْقَضِيَّة فَإِنَّهَا جلية مستغنية عَن الاستكشاف بل التَّنْبِيه على أَن الْمَطْلُوب تحقق الْمُمَاثلَة حَال اليبوسة فَلَا يَكْفِي تماثل الرطب وَالتَّمْر على رطوبته وَلَا على فرض اليبوسة لِأَنَّهُ تخمين فَلَا يجوز بيع أَحدهمَا بِالْآخرِ وَبِه قَالَ أَكثر أهل الْعلم وَجوز أَبُو حنيفَة إِذا تَسَاويا كَيْلا حملا للْحَدِيث على النَّسِيئَة لما روى هَذَا الرَّاوِي أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الرطب بالثمر نَسِيئَة وَضَعفه بَين لِأَن النَّهْي عَن بَيْعه نَسِيئَة لَا يَسْتَدْعِي الْإِذْن فِي بَيْعه يدا بيد الا من طَرِيق الْمَفْهُوم وَهُوَ عِنْده غير مَنْظُور إِلَيْهِ فضلا عَن أَن يُسَلط على الْمَنْطُوق ليبطل إِطْلَاقه ثمَّ هَذَا التَّقْيِيد يفْسد السُّؤَال وَالْجَوَاب وترتيب النَّهْي عَلَيْهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ أذ كَونه نَسِيئَة يَكْفِي فِي عدم الْجَوَاز وَلَا دخل مَعَه للجفاف قلت الْمَشْهُور عِنْد الْحَنَفِيَّة فِي الْجَواب جَهَالَة زيد بن عَيَّاش ورده الْجُمْهُور بِأَن عدم معرفَة بعض لَا يضر فِي عدم معرفَة غَيره فَالْأَقْرَب قَول الْجُمْهُور وَلذَلِك خَالف الامام صَاحِبَاه وذهبا إِلَى قَول الْجُمْهُور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4547] عَن بيع الصُّبْرَة بِضَم صَاد وَسُكُون بَاء هِيَ الطَّعَام الْمُجْتَمع كالكومة وَجَمعهَا صَبر قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 [4549] أَن يَبِيعهُ بكيل طَعَام أَي من جنسه قَوْله عَن المخابرة كِرَاء الأَرْض بِبَعْض الْخَارِج والمزابنة بيع الرطب على رُؤُوس الْأَشْجَار بِالتَّمْرِ والمحاقلة بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بحنطة صَافِيَة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 [4551] بيع النَّخْلَة أَي مَا عَلَيْهَا من الثِّمَار مُنْفَرِدَة عَن النّخل حَتَّى تزهو هُوَ بِفَتْح التَّاء من زها النّخل يزهو إِذا ظَهرت ثَمَرَته وَالْمرَاد أَن يظْهر صَلَاحهَا وَعَن السنبل أَي عَن بيع مَا فِيهِ من الْحبّ يبيض بتَشْديد الضَّاد أَي يشْتَد حبه العاهة الآفة الَّتِي تصيب الزَّرْع أَو التَّمْر فتفسده قَوْله [4552] إِنَّا لَا نجد الصيحاني هُوَ ضرب من التَّمْر وَالظَّاهِر ان المُرَاد بالعذق أَيْضا نوع من التَّمْر بِجمع التَّمْر بِتَمْر مُخْتَلَطٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا يكون غَالِبا الا رديئا أَي ان أهل التَّمْر الْجيد لَا يُعْطون من الْجيد فِي مُقَابلَة الرَّدِيء بِقَدرِهِ وَلَا يرضون بِهِ فَكيف نَفْعل إِذا بعنا الْجيد هَل نزيد لَهُم من الردئ فَبين لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن من أَرَادَ تَحْصِيل الْجيد يَنْبَغِي لَهُ أَن يَبِيع رديئه بِنَقْد ثمَّ يَشْتَرِي بِهِ الْجيد وَلَيْسَ فِيهِ أَنه يَبِيع الرَّدِيء من صَاحب الْجيد لَكِن بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَل مَا إِذا بَاعَ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ لهَذَا اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على جَوَاز حِيلَة الرِّبَا لَكِن رده غير وَاحِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله جنيب نوع مَعْرُوف من أَنْوَاع التَّمْر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 قَوْله رَيَّان أَي الَّذِي سقى نخله مَاء كثير بعلا أَي مَا يشرب بعروقه وَلَا يسقى بالانهار أَنِّي بتَشْديد النُّون مَقْصُور من أدوات الِاسْتِفْهَام قَوْله [4555] لَا صاعي تمر كلمة لَا لنفي الْجِنْس ومدخولها مَنْصُوب مُضَاف وَالْمرَاد لَا يحل بيع صَاعَيْنِ من تمر بِصَاع مِنْهُ لَا أَنه لَا يتَحَقَّق شرعا فَيدل الحَدِيث على الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 بطلَان العقد فِي الرِّبَا قَوْله أوه فِي النِّهَايَة أوه كلمة يَقُولهَا الرجل عِنْد الشكاية والتوجع وَهِي سَاكِنة الْوَاو مَكْسُورَة الْهَاء وَرُبمَا قلبوا الْوَاو ألفا فَقَالُوا آه وَرُبمَا شَدَّدُوا الْوَاو وكسروها وَسَكنُوا الْهَاء فَقَالَ أوه وَرُبمَا حذفوا الْهَاء فَقَالُوا أَو وَبَعْضهمْ يفتح الْوَاو مَعَ التَّشْدِيد فَيَقُول أَو عين الرِّبَا أَي هَذَا العقد نفس الرِّبَا الممنوعة لَا نظيرها وَمَا فِيهِ شبهتها لَا تقربه من قرب كعلم أَي قربه يضر فضلا عَن مُبَاشَرَته قَوْله يَعْنِي بالورق بِفَتْح فَكسر الْفضة وَفِيه تَنْبِيه على أَن رَبًّا النَّسِيئَة يجْرِي فِي هَذِه الْأَشْيَاء عِنْد اخْتِلَاف الْبَدَلَيْنِ أَيْضا بِخِلَاف رَبًّا الْفضل فَإِنَّهَا لَا تكون الا عِنْد اتِّحَاد الْبَدَلَيْنِ الا هَاء هُوَ كجاء أَي هاك وَأهل الحَدِيث يَقُولُونَ بِالْقصرِ وَقَالَ الْخطابِيّ الصَّوَاب الْمَدّ وَقَالَ غَيره الْوَجْهَانِ جائزان وَالْمدّ أشهر وَهُوَ حَال أَي الا مقولا مِنْهُمَا أَي من الْمُتَعَاقدين فِيهِ خُذ وَخذ أَي يدا بيد قَوْله التَّمْر بِالتَّمْرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 إِلَى قَوْله يدا بيد أَي ومثلا بِمثل وَلذَلِك فرع عَلَيْهِ فَمن زَاد تفريعه لَا يظْهر الا بملاحظة مثلا بِمثل فَفِي الحَدِيث اخْتِصَار وَيحْتَمل أَنه من بَاب صَنْعَة الاحتباك فَذكر فِي الحكم يدا بيد وَترك مثلا بِمثل ثمَّ ذكر فِي التَّفْرِيع تَفْرِيع مثلا بِمثل وَترك تَفْرِيع يدا بيد فَلْيتَأَمَّل فَمن زَاد فِي الدّفع أَو ازْدَادَ بِأخذ الزِّيَادَة فقد أربى أَي أَتَى بالربا فَصَارَ عَاصِيا يُرِيد ان الرِّبَا لَا يتَوَقَّف على أَخذ الزِّيَادَة بل يتَحَقَّق باعطائها أَيْضا فَكل من الْمُعْطِي والآخذ عَاص الا مَا اخْتلفت ألوانه أَي أربى فِي تَمام تِلْكَ الْبيُوع الا فِي بيع اخْتلفت ألوان بدلية أَي أجناسه وَبِهَذَا ظهر أَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع مَعَ كَون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ محذوفا وَأَنه لَا بُد من تَقْدِير حرف الْجَرّ على خلاف الْقيَاس وَأما تَقْدِير الْمُسْتَثْنى مِنْهُ عَاما حَتَّى يكون الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا بِأَن يُقَال فقد أربى فِي كل بيع سَوَاء كَانَ من الْمَذْكُورَات أَو غَيرهَا الا فِي بيع اخْتلفت ألوان بدلية لَا يَخْلُو عَن اشكال معنى لأدائه إِلَى ثُبُوت الرِّبَا إِذا اتَّحد الْجِنْس فِي كل بيع فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4560] كَيفَ شِئْنَا أَي من حيتية الكمية والا فَلَا بُد من مُرَاعَاة يدا بيد كَمَا سَيَجِيءُ فَمن زَاد الخ مُتَعَلق بقوله مثلا بِمثل قَوْله جمع الْمنزل بِالرَّفْع فَاعل جمع أَي اجْتمعَا فِي منزل وَاحِد وَالْمرَاد فِي بَلْدَة وَاحِدَة لَا فِي بَيت واحدقوله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 [4562] فَقَالَ عبَادَة أَي بعد أَن ارْتكب مُعَاوِيَة بعض الْعُقُود الرَّديئَة أَو قصد أَن يرتكبها كَمَا يفهم من رِوَايَة مُسلم هَذَا الحَدِيث فَقَالَ مَا بَال رجال اسْتِدْلَال بِالنَّفْيِ على رد الحَدِيث الصَّحِيح بعد ثُبُوته مَعَ اتِّفَاق الْعُقَلَاء على بطلَان الِاسْتِدْلَال بِالنَّفْيِ وَظُهُور بُطْلَانه بِأَدْنَى نظر بل بديهة فَهَذَا جَرَاءَة عَظِيمَة يغْفر الله لنا وَله قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 [4563] وَكَانَ بَايع أَي فَقَامَ والا لما قَامَ خوفًا من مُعَاوِيَة تبرها وعينها أَي سَوَاء وَالْفِضَّة أكثرهما الْجُمْلَة حَال وَهَذَا الْقَيْد بِنَاء على الْمُتَعَارف وَالْعَادَة والا فقد جَاءَ وَإِذا اخْتلفت هَذِه الْأَصْنَاف فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد مديا كقفل مكيال لأهل الشَّام وَفِي الحَدِيث دلَالَة على أَن الْبر وَالشعِير الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 جِنْسَانِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور لَا وَاحِد كَمَا قَالَ مَالك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الكفة بِكَسْر الْكَاف كفة الْمِيزَان قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 [4568] قَالَ عمر الدِّينَار الخ قيل هَكَذَا فِي نُسْخَة المجتبي قَالَ عمر وَالَّذِي فِي الْكُبْرَى بن عمر وَذكره فِي الْأَطْرَاف فِي مُسْند بن عمر وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [4570] وَلَا تشفوا من أشف بِمُعْجَمَة وَفَاء إِذا أعْطى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 زَائِدا أَي لَا تفضلوا قَوْله [4573] حَتَّى تفصل أَي تميز بَين الذَّهَب والخرز قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 [4580] لَا رَبًّا الا فِي النَّسِيئَة كالكريمة وزنا قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ ثُمَّ قَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ على أَن المُرَاد لَا رَبًّا فِي الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة الا فِي النَّسِيئَة قَوْله [4581] أَرَأَيْت هَذَا الَّذِي تَقول أَي من أَنه لَا رَبًّا فِي الْفضل أشيئا أَي أَيكُون شَيْئا واعتباره مَنْصُوبًا على الْإِضْمَار الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 بِشَرْط التَّفْسِير بعيد نظرا إِلَى الْمَعْنى قَوْله بالنقيع قيل بالنُّون مَوضِع قريب بِالْمَدِينَةِ أَو بِالْبَاء مرَادا بِهِ بَقِيع الْغَرْقَد لَا بَأْس أَن تَأْخُذ يحْتَمل فتح همزَة أَن على أَنَّهَا ناصبة وَكسرهَا على أَنَّهَا شَرْطِيَّة جازمة أَي لَا بَأْس أَن تَأْخُذ بدل الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَبِالْعَكْسِ بِشَرْط التَّقَابُض فِي الْمجْلس وَالتَّقْيِيد بِسعْر الْيَوْم على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب وبينكما شَيْء حَال أَي لَا بَأْس مَا لم تفترقا وَالْحَال أَنه بَقِي بَيْنكُمَا شَيْء غير مَقْبُوض قيل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَو استبدل عَن الدّين شَيْئا مُؤَجّلا لَا يجوز لِأَنَّهُ بيع الكالىء بالكالئ وَقد نهى عَنهُ قلت وعَلى هَذَا لَو استبدل بعض الدّين وَأبقى بعضه على حَاله ثمَّ استبدله عِنْد قبض الْبَدَل فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون بِهِ بَأْس أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لبس أَي خلط بِسَبَب أَن يبْقى بَيْنكُمَا بَقِيَّة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 قَوْله [4586] إِذا كَانَ من قرض لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى جر نفع وَالْقَرْض إِذا جر النَّفْع يكون مَكْرُوها قَوْله رويدك أَي أمهلني قَوْله وَزَادَنِي الزِّيَادَة فِي أَدَاء الدّين من غير اشْتِرَاط استحبها كثير وعدوها صَدَقَة خُفْيَة قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 [4592] من هجر بِفتْحَتَيْنِ اسْم بلد قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد ذكر بَعضهم أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اشْترى السَّرَاوِيل وَلم يلبسهَا وَفِي الْهدى لِابْنِ قيم الجوزية أَنه لبسهَا فَقيل هُوَ سبق قلم لَكِن فِي مُسْند أبي يعلى والأوسط للطبراني بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ دخلت يَوْمًا السُّوق مَعَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ إِلَى البزازين فَاشْترى سَرَاوِيل بأَرْبعَة دَرَاهِم وَكَانَ لأهل السُّوق وزان فَقَالَ لَهُ زن وأرجح فوزن وأرجح وَأخذ السَّرَاوِيل فَذَهَبت لأحمله عَنهُ فَقَالَ صَاحب الشَّيْء أَحَق بشيئه أَن يحملهُ الا أَن يكون ضَعِيفا يعجز عَنهُ فيعينه أَخُوهُ الْمُسلم قلت يَا رَسُول الله وانك لتلبس السَّرَاوِيل فَقَالَ فِي السّفر والحضر وَاللَّيْل وَالنَّهَار فَإِنِّي أمرت بالستر فَلم أجد شَيْئا أستر مِنْهُ قلت وَيُؤَيِّدهُ أَنه اشْتَرَاهُ قبل الْهِجْرَة فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4594] الْمِكْيَال على مكيال أهل الْمَدِينَة أَي الصَّاع الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْكَفَّارَات وَيجب إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر بِهِ صَاع الْمَدِينَة وَكَانَت الصيعان مُخْتَلفَة فِي الْبِلَاد وَالْوَزْن الخ المُرَاد وزن الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَالْمرَاد أَن الْوَزْن الْمُعْتَبر فِي بَاب الزَّكَاة وزن أهل مَكَّة وَهِي الدَّرَاهِم الَّتِي الْعشْرَة مِنْهَا بسبعة مَثَاقِيل وَكَانَت الدَّرَاهِم مُخْتَلفَة الأوزان فِي الْبِلَاد وَكَانَت دَرَاهِم أهل مَكَّة هِيَ الدَّرَاهِم الْمُعْتَبرَة فِي بَاب الزَّكَاة فأرشد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك لهَذَا الْكَلَام كَمَا أرشد إِلَى بَيَان الصَّاع الْمُعْتَبر فِي بَاب الْكَفَّارَات وَصدقَة الْفطر بِمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 [4595] فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه قَالَ الْخطابِيّ أجمع أهل الْعلم على أَن الطَّعَام لَا يجوز بَيْعه قبل الْقَبْض وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِيمَا عداهُ قيل فَقَالَ مَالك هُوَ فِي الطَّعَام فَقَط وَقَالَ الشَّافِعِي وَمُحَمّد بل فِي كل شَيْء وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَهُوَ ظَاهر مَذْهَب أَحْمد أَنه فِيمَا سوى الْعقار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4597] حَتَّى يكتاله كِنَايَة عَن الْقَبْض أَو الْقَبْض عَادَة يكون بِالْكَيْلِ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 [4600] ان كل شَيْء بِمَنْزِلَة الطَّعَام فتخصيص الطَّعَام بِالذكر للاهتمام لكَونه مدَار التَّقْوَى ولكثرة الْحَاجة إِلَيْهِ بِخِلَاف غَيره قَوْله [4604] اشْتَرَاهُ بكيل خرج مخرج الْغَالِب الْمُعْتَاد فَلَا مَفْهُوم لَهُ فَوَافَقَ أَحَادِيث الْإِطْلَاق وَأَحَادِيث الْجزَاف قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 [4605] من يَأْمُرنَا قَالَ السُّيُوطِيّ هَذَا أصل إِقَامَة الْمُحْتَسب على أهل السُّوق إِلَى مَكَان سواهُ أَي ليتم الْقَبْض على آكِد وَجه قَوْله جزَافا مثلث الْجِيم وَالْكَسْر أفْصح هُوَ الْمَجْهُول الْقدر مَكِيلًا كَانَ أَو موزوناقوله [4608] رَأَيْت النَّاس يضْربُونَ هَذَا أصل فِي ضرب الْمُحْتَسب أهل الْأَسْوَاق إِذا خالفوا الحكم الشَّرْعِيّ فِي مبايعاتهم ومعاملاتهم قَوْله واهالة بِكَسْر الْهمزَة هِيَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْهَانِ مِمَّا يُؤْتَدَمُ بِهِ وَقِيلَ هِيَ مَا أُذِيبَ مِنَ الْأَلْيَةِ والشحم وَقيل الدسم الجامد سنخة بِفَتْح مُهْملَة وَكسر نون مُعْجمَة أَي متغيرة الرّيح قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 [4611] لَا يحل سلف وَبيع لسلف بِفتْحَتَيْنِ الْقَرْض وَيُطلق على السّلم وَالْمرَاد هَا هُنَا الْقَرْض أَي لَا يحل بيع مَعَ شَرط قرض بِأَن يَقُول بِعْتُك هَذَا العَبْد على أَن تسلفني ألفا وَقيل هُوَ أَن تقرضه ثمَّ تبيع مِنْهُ شَيْئا بِأَكْثَرَ من قِيمَته فَإِنَّهُ حرَام لِأَنَّهُ قرض جر نفعا أَو المُرَاد السّلم بِأَن أسلف إِلَيْهِ فِي شَيْء فَيَقُول فَإِن لم يتهيأ عنْدك فَهُوَ بيع عَلَيْك وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 مثل بِعْتُك هَذَا الثَّوْب نَقْدا بِدِينَار ونسيئة بدينارين وَهَذَا هُوَ بيعان فِي بيع وَهَذَا عِنْد من لَا يجوز الشَّرْط فِي البيع أصلا كالجمهور وَأما من يجوز الشَّرْط الْوَاحِد دون اثْنَيْنِ يَقُول هُوَ أَن يَقُول أبيعك هَذَا الثَّوْب وعَلى خياطته وقصارته وَهَذَا لَا يجوز وَلَو قَالَ أبيعك وعَلى خياطته فَلَا بَأْس بِهِ وَلَا بيع مَا لَيْسَ عنْدك قيل هُوَ كَبيع الْآبِق وَمَال الْغَيْر وَالْبيع قبل الْقَبْض وَالْجُمْهُور على جَوَاز بيع مَال الْغَيْر مَوْقُوفا وَهُوَ مُقْتَضى بعض الْأَحَادِيث وَمنعه الشَّافِعِي لظَاهِر هَذَا الحَدِيث قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد الْعين دون بيع الصّفة يَعْنِي أَن المُرَاد بيع الْعين دون الدّين كَمَا فِي السّلم فَإِن مَدَاره على الصّفة وَهَذَا جَائِز فِيمَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان بِالْإِجْمَاع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4612] لَيْسَ على رجل الخ أَي لَو بَاعَ ملك الْغَيْر لَا يلْزم عَلَيْهِ ذَلِك البيع حَتَّى يطْلب تَسْلِيم الْمَبِيع قَوْله [4613] فيسألني البيع هُوَ بِمَعْنى الْمَبِيع وَجُمْلَة لَيْسَ عِنْدِي صفته بِنَاء على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس وَمثله يُوصف بِالْجُمْلَةِ مثل كَمثل الْحمار يحمل أسفاراأو الْجُمْلَة حَال أبيعه بِتَقْدِير همزَة الِاسْتِفْهَام قَوْله [4614] كُنَّا نُسلف من أسلف وَالْمرَاد السّلم أَي نعطي الثّمن ونسلمه لأجل هَذِه الْأَشْيَاء إِلَى قوم الخ الْمَقْصُود بَيَان مَحل الحَدِيث السَّابِق وَأَنه فِي بيع الْعين لَا فِي السّلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 [4616] وهم يسلفون يُقَال أسلف اسلافا وَسلف تسليفا وَالِاسْم السّلف وَهُوَ على وَجْهَيْن أَحدهمَا قرض لَا مَنْفَعَة فِيهِ للمقرض غير الْأجر وَالشُّكْر وَالثَّانِي أَن يُعْطي مَالا فِي سلْعَة إِلَى أجل مَعْلُوم وَنصب السّنة السنتين اما على نزع الْخَافِض أَي إِلَى السّنة أَو على الْمصدر أَي اسلاف السّنة وَوزن مَعْلُوم بِالْوَاو فِي الْأُصُول فَقيل الْوَاو للتقسيم أَي بِمَعْنى أَو أَي كيل فِيمَا يُكَال وَوزن فِيمَا يُوزن وَقيل بِتَقْدِير الشَّرْط أَي فِي كيل مَعْلُوم ان كَانَ كيليا وَوزن مَعْلُوم ان كَانَ وزنيا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 أَو من أسلف فِي مَكِيل فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَمن أسلف فِي مَوْزُون فليسلف فِي وزن مَعْلُوم قَوْله إِلَى أجل مَعْلُوم قيل ظَاهره اشْتِرَاط الْأَجَل فِي السّلم وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَالصَّحِيح من مَذْهَب أَحْمد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يشْتَرط الْأَجَل وَالْمرَاد فِي الحَدِيث أَنه ان أجل اشْترط أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما كَمَا فِي قرينته وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله استسلف أَي اسْتقْرض بكرا بِفَتْح فَسُكُون الْفَتى من الْإِبِل كالغلام من الْإِنْسَان رباعيا كثمانيا وَهُوَ مَا دخل فِي السّنة السَّابِعَة لِأَنَّهَا زمن ظُهُور رباعيته والرباعية بِوَزْن ثَمَانِيَة خيارا مُخْتَارًا وَفِيه أَن رد الْقَرْض بالأجود من غير شَرط من السّنة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَكَذَا فِيهِ جَوَاز قرض الْحَيَوَان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز وَقَالُوا هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ ورده النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيل قلت بل دَلِيله حَدِيث سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَسَيَجِيءُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَذَلِكَ لِأَن الاستقراض فِي الْحَيَوَان بيع بِخِلَافِهِ فِي الدَّرَاهِم لِأَنَّهَا لَا تتَعَيَّن فَيكون رد الْمثل فِي الدَّرَاهِم كرد الْعين وَالْحَيَوَان يتَعَيَّن فَرد الْمثل فِيهِ رد للبدل وَهُوَ بيع فَلَا يجوز للنَّهْي ومرجعه إِلَى أَنه قد اجْتمع الْمُبِيح وَالْمحرم فَيقدم الْمحرم بَقِي أَن هَذَا مَبْنِيّ على قواعدهم وَلَا بعد فِي ذَلِك وَيُؤَيّد قَول أبي حنيفَة فِي الْجُمْلَة أَن استقراض الْجَارِيَة للْوَطْء ثمَّ ردهَا بِعَينهَا مِمَّا لَا يَقُول بِهِ أحد مَعَ أَنه يَنْبَغِي أَن يكون جَائِزا على أصل من يَقُول باستقراض الْحَيَوَان فأمل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4619] الا نجيبة أَي نَاقَة نجيبه قَوْله [4620] نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة أَي من الطَّرفَيْنِ أَو أَحدهمَا وَبِه قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة تَرْجِيحا للْمحرمِ على الْمَسِيح وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على النَّسِيئَة من الطَّرفَيْنِ جمعا بَينه وَبَين مَا يُفِيد الْإِبَاحَة وَلَا يخفى ان النَّسِيئَة إِذا كَانَت من الطَّرفَيْنِ فَلَا يجوز لِأَنَّهُ بيع الكالئ بالكالئ قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 [4622] السّلف فِي حَبل الحبلة هما بِفتْحَتَيْنِ ومعناهما محبول المحبولة فِي الْحَال على أَنَّهُمَا مصدران أُرِيد بهما الْمَفْعُول وَالتَّاء فِي الثَّانِي للْإِشَارَة إِلَى الْأُنُوثَة وَالسَّلَف فِيهِ هُوَ أَن يسلم المُشْتَرِي الثّمن إِلَى رجل عِنْده نَاقَة حُبْلَى وَيَقُول إِذا ولدت هَذِه النَّاقة ثمَّ ولدت الَّتِي فِي بَطنهَا فقد اشْتريت مِنْك وَلَدهَا بِهَذَا الثّمن فَهَذِهِ الْمُعَامَلَة شَبيهَة بالربا لكَونهَا حَرَامًا كالربا من حَيْثُ أَنه بيع مَا لَيْسَ عِنْد البَائِع وَهُوَ لَا يقدر على تَسْلِيمه فَفِيهِ غررقوله [4623] عَن بيع حَبل الحبلة هُوَ أَن يُقَال البَائِع وَعِنْده نَاقَة حُبْلَى إِذا ولدت هَذِه النَّاقة ثمَّ ولدت الَّتِي فِي بَطنهَا فقد بِعْتُك وَلَدهَا وَيُؤَيّد هَذَا التَّفْسِير الحَدِيث الأول وروى عَن بن عمر مَا يَقْتَضِي أَن المُرَاد أَن يُبَاع شَيْء بتا وَيجْعَل أجل ثمنة إِلَى أَن تنْتج النَّاقة ثمَّ ينْتج مَا فِي بَطنهَا واضافة البيع حِينَئِذٍ لأدنى ملابسةقوله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 [4527] عَن بيع هُوَ أَن يَبِيعهُ ثَمَرَة حَائِطه إِلَى سنتَيْن أَو أَكثر قَوْله [4628] بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ الْقِطْرِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ فِيهِ حُمْرَةٌ وَلَهَا أَعْلَامٌ فِيهَا بَعْضُ الخشونة إِلَى الميسرة أَي إِلَى وَقت مَعْلُوم يتَوَقَّع فِيهِ انْتِقَال الْحَال من الْعسر إِلَى الْيُسْر وَكَأَنَّهُ كَانَ وقتا معينا يتَوَقَّع فِيهِ ذَلِك فَلَا يرد الاشكال بِجَهَالَة الْأَجَل وآداهم للأمانة فِي الصِّحَاح أدّى دينه دِيَة أَي قَضَاهُ وَهُوَ آدى للأمانة مِنْك بِمد الْألف قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 [4629] وَربح مَا لم يضمن هُوَ ربح مَبِيع اشْتَرَاهُ فَبَاعَهُ قبل ان ينْتَقل من ضَمَان البَائِع الأول إِلَى ضَمَانه بِالْقَبْضِ والْحَدِيث قد مضى سَابِقًا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 [4633] وَعَن الثنيا هِيَ كالدنيا وزنا اسْم للاستثناء وَالْمرَاد أَنه لَا يجوز بمستثنية الْمَجْهُول لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النزاع وَالله تَعَالَى أعلم والمعاومة هِيَ بيع ثَمَر النّخل وَالشَّجر سنتَيْن أَو أَكثر قَوْله [4635] أبر نخلا من التَّأْبِير وَهُوَ التلقيح وَهُوَ أَن يشق طلع الاناث وَيُؤْخَذ من طلع الذُّكُور فَيُوضَع فِيهَا ليَكُون الثَّمر بِإِذن الله تَعَالَى أَجود مِمَّا لم يؤبر فَالَّذِي أبر أَي للْبَائِع الْمُبْتَاع أَي المُشْتَرِي لنَفسِهِ وَقت البيع قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 [4636] وَله مَال هِيَ إِضَافَة مجازية عِنْد غَالب الْعلمَاء كاضافة الجل إِلَى الْفرس لِأَن العَبْد لَا يملك وَلذَلِك أضيف المَال إِلَى البَائِع فِي قَوْله فَمَاله للْبَائِع وَلَا يُمكن مثله مَعَ كَون الْإِضَافَة حَقِيقِيَّة فِي المحلين وَقيل المَال للْعَبد لَكِن للسَّيِّد حق النزع مِنْهُ قَوْله فأعيا جملي أَي عجز عَن السّير أَن أسيبه بتَشْديد الْيَاء أَي أتركه فِي مَحل بعنيه أَي بِعْهُ منى قلت لَا اما للْحَاجة إِلَيْهِ فِي السّفر وَذَاكَ مَنعه عَن البيع أَو لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَأْخُذهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِلَا بدل فَامْتنعَ عَن البيع لذَلِك حملانه بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْمِيم أَي ركُوبه وبظاهره جوز أَحْمد اشْتِرَاط ركُوب الدَّابَّة فِي بيعهَا مُطلقًا وَقَالَ مَالك بِجَوَازِهِ ان كَانَت الْمسَافَة قريبَة كَمَا كَانَت فِي قَضِيَّة جَابر وَمن لَا يجوز ذَلِك مُطلقًا يَقُول مَا كَانَ ذَاك شرطا فِي العقد بل أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكرما وَسَماهُ بعض الروَاة شرطا وَبَعض رِوَايَات الحَدِيث يُفِيد أَنه كَانَ اعارة ماكستك قللت فِي ثمن جملك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 [4638] فأزحف الْجمل بزاي معجمةوحاء مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ أَيْ أَعْيَا وَوَقَفَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ المحدثون يَقُولُونَ بِفَتْح الْحَاء أَي على بِنَاء الْفَاعِل والأجود ضم الْألف أَي على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال زحف الْبَعِير إِذْ قَامَ من الاعياء وأزحفه السّير وَكَانَت لي إِلَيْهِ أَي الْجمل أَن عبد الله يُرِيد أَبَاهُ أُصِيب أَي اسْتشْهد يَوْم أحد وَترك جواري أَي بَنَات صغَارًا عشَاء أَي آخر النَّهَار أَي لَا فِي اللَّيْل وَبعد الْعشَاء قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 [4639] فَإِن كنت أَي فَإِن الشَّأْن كنت يهمني رَأسه أَي أَخَاف أَن يتَقَدَّم رَأسه على جمال النَّاس يهمني ذَلِك يَوْم الْحرَّة أَي يَوْم حَارب أهل الشَّام أهل الْمَدِينَة فِي الْحرَّة بِفَتْح فتشديد رَاء مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فِيهِ حِجَارَة سود وَيُقَال لكل أَرض ذَات حِجَارَة سودقوله سوء أَي رَدِيء هيأته أَي هيأت ذَلِك الناضح قَوْله [4642] فَخَيرهَا من زَوجهَا أَي فِي زَوجهَا قَوْله وخيرت على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 [4645] حَتَّى تقسم وَذَلِكَ لعدم الْملك قبل الْقِسْمَة إِذْ لَا يدْرِي كل غَانِم قبل الْقِسْمَة مَا يدْخل فِي سَهْمه فَلَو بَاعَ سَهْمه قبل ذَلِك فقد بَاعَ الْمَجْهُول قَوْله [4646] فِي كل شرك بِكَسْر أَوله وَسُكُون الرَّاء أَي كل مُشْتَرك ربعَة بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمسكن وَالدَّار بدل من شرك أَو حَائِط بُسْتَان لَا يصلح لَهُ أَن يَبِيع أَي يكره لَهُ البيع لَا أَن البيع حرَام كَذَا قَرَّرَهُ كثير من الْعلمَاء وان كَانَ ظَاهر الْأَحَادِيث يَقْتَضِي الْحُرْمَة قَوْله ابْتَاعَ أَي اشْترى واستتبعه أَي قَالَ للأعرابي اتبعني أَن كنت مبتاعا أَي مرِيدا لشرائه أَي فاشتر يلوذون أَي يتعلقون بهما ويحضرون مكالمتهما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 [4648] هَلُمَّ شَاهدا أَي هَات شَاهدا على مَا تَقول بتصديقك أَي بمعرفتي أَنَّك صَادِق فِي كل مَا تَقول أَو بِسَبَب أَنِّي صدقتك فِي أَنَّك رَسُول وَمَعْلُوم من حَال الرَّسُول عدم الْكَذِب فِيمَا يخبر سِيمَا لأجل الدُّنْيَا فَجعل أَي فَحكم بذلك وَشرع فِي حَقه اما بِوَحْي جَدِيد أَو بتفويض مثل هَذِه الْأُمُور إِلَيْهِ مِنْهُ تَعَالَى وَالْمَشْهُور أَنه رد الْفرس بعد ذَلِك على الْأَعرَابِي فَمَاتَ من ليلته عِنْده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 [4648] إِذا اخْتلف البيعان أَي فِي قدر الثّمن أَو فِي شَرط الْخِيَار مثلا يحلف البَائِع على مَا انكر ثمَّ يتَخَيَّر المُشْتَرِي بَين أَن يرضى بِمَا حلف عَلَيْهِ البَائِع وَبَين ان يحلف على مَا أنكر فَإِذا تحَالفا فاما أَن يرضى أَحدهمَا على مَا يَدعِي الآخر أَو يفْسخ البيع هَذَا إِذا كَانَت السّلْعَة قَائِمَة كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات وَقَوله أَو يتركا أَي يفسخا العقد هَكَذَا قَالُوا وَظَاهر الحَدِيث أَنه بعد حلف البَائِع يُخَيّر المُشْتَرِي بَين أَن يَأْخُذهُ بِمَا حلف عَلَيْهِ البَائِع وَبَين أَن يرد كَمَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 [4652] يَشْتَرِيهِ مني فِيهِ بيع الْمُدبر وَمن لَا يرَاهُ يحملهُ على التَّدْبِير الْمُقَيد أَو على أَنه كَانَ مديونا يَوْم دبر وَالْأول بعيد وَالثَّانِي يُبطلهُ آخر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم وَفِيه أَن السَّفِيه يحْجر وَيرد عَلَيْهِ تصرفه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 [4655] أَن أقضى عَنْك كتابتك أَي أشتريك وأعتقك وسمى ذَلِك قَضَاء للكتابة مجَازًا ثمَّ فِيهِ بيع الْمكَاتب وَمن لَا يرَاهُ يحملهُ على أَن البيع كَانَ بعد فسخ الْكِتَابَة وتعجيزها بِرِضا الطَّرفَيْنِ قَوْله ونفست بِكَسْر فَاء أَي رغبت وَالْجُمْلَة حَال من فَاعل قَالَت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 [4657] عَن بيع الْوَلَاء لَيْسَ المُرَاد بِهِ المَال بعد موت الْمُعْتق بِالْفَتْح وانتقاله إِلَى الْمُعْتق بِالْكَسْرِ بل المُرَاد هُوَ السَّبَب الَّذِي بَين الْمُعْتق وَالْمُعتق الَّذِي هُوَ سَبَب لانتقال هَذَا المَال قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 [4660] عَن بيع المَاء غَالب الْعلمَاء على أَن المَاء إِذا أحرزه انسان فِي انائه وَملكه يجوز بَيْعه وحملوا الحَدِيث على مَاء السَّمَاء والعيون والأنهار الَّتِي لَا مَالك لهاقوله [4662] عَن بيع فضل المَاء هُوَ مَا فضل عَن حَاجته وحاجة عِيَاله وماشيته وزرعه قَوْله مَاء الوهط ضبط بِفتْحَتَيْنِ مَالٌ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ وَقِيلَ قَرْيَة بِالطَّائِف وَأَصله الْموضع المطمئن قَوْله هَل علمت الخ يُرِيد أَن الْخمر حرَام فلعلك مَا علمت بذلك فَفعلت مَا فعلت لذَلِك فَسَار من السِّرّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْكَلَام الْخَفي ومفعوله انسانا وَقَوله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 [4665] ثمَّ حرم التِّجَارَة فِي الْخمر تَنْبِيها على أَنَّهُمَا فِي الْحُرْمَة سَوَاء وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد جَاءَ عَن عَائِشَة فِي بعض الرِّوَايَات لما نزلت سُورَة الْبَقَرَة نزل فِيهَا تَحْرِيم الْخمر فَنهى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ فِي الْآيَات الْمَذْكُورَة تَحْرِيم ذَلِك وَكَأَنَّهُ نسخت تِلَاوَته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 قَوْله والأصنام وَكَانُوا يعملونها من النّحاس وَنَحْوه ويبيعونها فَانْظُر إِلَى سخافة عُقُولهمْ حَيْثُ يعْبدُونَ أَرْبَابًا يبيعونها فِي الْأَسْوَاق قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 [4670] عَن بيع ضراب الْجمل أَي عَن أَخذ الْكِرَاء على ضرابه وَيَنْبَغِي لصَاحب الْفَحْل اعارته بِلَا كِرَاء فَإِن فِي الْمَنْع عَنْهَا قطع النَّسْل وَبيع الأَرْض للحرث أَي كِرَاء الأَرْض للزَّرْع وَقد سبق قَوْله [4671] عَن عسب الْفَحْل عسبه بِفَتْح فَسُكُون مَاؤُهُ فرسا كَانَ أَو بَعِيرًا أَو غَيرهمَا وضرابه أَيْضا وَلم ينْه عَن وَاحِد مِنْهُمَا بل عَن كِرَاء يُؤْخَذ عَلَيْهِ فَهُوَ بِحَذْف الْمُضَاف أَي كِرَاء عسبه وَقيل يُقَال لكرائه عسب أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 [4676] أَيّمَا امْرِئ كلمة مَا زَائِدَة لزِيَادَة الايهام وامرئ مجرور بِالْإِضَافَة أفلس يُقَال أفلس الرجل إِذا صَار إِلَى حَال لَا فلوس لَهُ أَو صَار ذَا فلس بعد أَن كَانَ ذَا دَرَاهِم ودنانير وَحَقِيقَته الِانْتِقَال من الْيُسْر إِلَى الْعسر قيل الْمُفلس لُغَة من لَا عين لَهُ وَلَا عرض وَشرعا مَا قصر مَا بِيَدِهِ عَمَّا عَلَيْهِ من الدُّيُون [4676] ثمَّ وجد رجل أَي بعد أَن بَاعهَا مِنْهُ وَلم يقبض من ثمنه شَيْئا كَمَا فِي رِوَايَة الْمُوَطَّأ عِنْد مَالك فَهُوَ أولى بِهِ أَي بذلك الَّذِي وجد من السّلْعَة أَي يجوز لَهُ أَن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 يَأْخُذهُ بِعَيْنِه وَلَا يكون مُشْتَركا بَينه وَبَين سَائِر الْغُرَمَاء وَبِهَذَا يَقُول الْجُمْهُور خلافًا للحنفية فَقَالُوا انه كالغرماء لقَوْله تَعَالَى وان كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة ويحملون الحَدِيث على مَا إِذا أَخذه على سوم الشِّرَاء مثلا أَو على البيع بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع أَي إِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي مُفلس فالأنسب أَن يخْتَار الْفَسْخ وَهُوَ تَأْوِيل بعيد وَقَوْلهمْ ان الله تَعَالَى لم يشرع للدائن عِنْد الافلاس الا الِانْتِظَار فَجَوَابه أَن الِانْتِظَار فِيمَا لَا يُوجد عِنْد الْمُفلس وَلَا كَلَام فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيمَا وجد عِنْد الْمُفلس وَلَا بُد أَن الدائنين يَأْخُذُونَ ذَلِك الْمَوْجُود عِنْده والْحَدِيث يبين أَن الَّذِي يَأْخُذ هَذَا الْمَوْجُود هُوَ صَاحب الْمَتَاع وَلَا يَجْعَل مقسوما بَين تَمام الدائنين وَهَذَا لَا يُخَالف الْقُرْآن وَلَا يَقْتَضِي الْقُرْآن خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4677] عَن الرجل أَي فِي الرجل يعْدم من أعدم الرجل إِذا افْتقر وَهُوَ صفة الرجل لِأَن تَعْرِيفه للْجِنْس لَا الْعَهْد انه بكسران وَالْجُمْلَة جَزَاء الشَّرْط وَالضَّمِير للمتاع قَوْله [4679] قَالَ حَدثنِي أسيد بن حضير بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ فِي كتاب بن جريج أسيد بن ظهير وَلَكِن حَدِيث بن جريج حَدثهمْ بِالْبَصْرَةِ قَالَ الْمزي وَهُوَ الصَّوَاب لِأَن أسيد بن حضير مَاتَ فِي زمن عمر وَصلى عَلَيْهِ فَكيف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 يدْرك زمن مُعَاوِيَة قَوْله إِذا وجدهَا أَي السّرقَة أَو الْأَمْتِعَة أَو الْأَمْوَال المسروقة أَو الْمَغْصُوبَة غير الْمُتَّهم أَي فِي يَد من اشْترى من الْغَاصِب وَالسَّارِق لَا فِي يَد الْغَاصِب أَو السَّارِق بِمَا اشْتَرَاهَا لِئَلَّا يتَضَرَّر من غير تَقْصِير مِنْهُ وَلَا يخفى مَا بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين حَدِيث سَمُرَة الْآتِي من الْمُعَارضَة لَكِن ان ثَبت أَن الْخُلَفَاء قضوا بِهَذَا الحَدِيث فَيَنْبَغِي أَن يكون الْعَمَل بِهِ أرجح الا أَن كثيرا من الْعلمَاء مَال إِلَى خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4680] سرق مِنْهُ على بِنَاء الْمَفْعُول الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 قَوْله أَحَق بهَا أَي بِالسَّرقَةِ على إِرَادَة الْمَسْرُوق باسم السّرقَة قَوْله [4681] بِعَين مَاله قَالَ الْخطابِيّ هَذَا فِي الْمَغْصُوب والمسروق وَنَحْوهمَا وَالْبَائِع يُطلق على المُشْتَرِي وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا قَوْله [4682] فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا أَي للناكح الأول من الناكحين أَو للْوَلِيّ الأول من الوليين ينفذ فِيهَا تصرفه دون تصرف الثَّانِي قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 [4684] حَتَّى يقْضِي عَنهُ دينه أَي أَو يرضى عَنهُ خَصمه فِي الدُّنْيَا أَو فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ فِي معنى الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4685] أما اني لم أنوه بك هُوَ صِيغَة الْمُضَارع من نوه تنويها إِذا رَفعه أَي لَا أرفع وَلَا أذكر لكم الا خيرا مأسورا بِالرَّفْع خبر ان أَي مَحْبُوس مَمْنُوع عَن دُخُول الْجنَّة أَو الاسْتِرَاحَة بهَا أَرَادَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُخبرهُ بذلك ليستعجل فِي أَدَاء الدّين عَنهُ قَوْله تدان بتَشْديد الدَّال من أدان إِذا اسْتقْرض وَهُوَ افتعال من الدّين وتكثر من الْإِكْثَار فِي الدّين ولاموها من اللوم ووجدوا عَلَيْهَا أَي غضبوا قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 [4688] إِذا اتبع بِضَم فَسُكُون فَكسر مخفف أَي أُحِيل على ملئ بِالْهَمْزَةِ ككريم أَو هُوَ كغني لفظا وَمعنى وَالْأول هُوَ الأَصْل لَكِن قد اشْتهر الثَّانِي على الْأَلْسِنَة فَليتبعْ بِإِسْكَان الْفَوْقِيَّة على الْمَشْهُور من تبع أَي فليقبل الْحِوَالَة وَقيل بشدها وَالْجُمْهُور على أَن الْأَمر للنَّدْب وَحمله بَعضهم على الْوُجُوب مطل الْغنى أَرَادَ بالغنى الْقَادِر على الْأَدَاء وَلَو كَانَ فَقِيرا ومطله مَنعه أَدَاء وَتَأْخِير القَاضِي منع قَضَاء مَا اسْتحق أَدَاؤُهُ زَاد الْقُرْطُبِيّ مَعَ التَّمَكُّن من ذَلِك وَطلب صَاحب الْحق حَقه قلت التَّمَكُّن من ذَلِك مُعْتَبر فِي الْغنى فَلَا حَاجَة إِلَى زِيَادَته وَالْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل لَا غير وان جوز فِي قَوْله مطل الْغنى ظلم الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول أَيْضا على معنى أَن يمْنَع الْغنى عَن إِيصَال الْحق إِلَيْهِ ظلم فَكيف منع الْفَقِير عَن إِيصَال الْحق إِلَيْهِ وَالْمعْنَى يجب وَفَاء الدّين وان كَانَ صَاحبه غَنِيا فالفقير بِالْأولَى لَكِن الْمَعْنى هَا هُنَا على الْقصر بِشَهَادَة تَعْرِيف الطَّرفَيْنِ والسوق أَي الظُّلم منع الْغنى دون الْفَقِير فَلَا يَصح على تَقْدِير الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول فَلْيتَأَمَّل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 قَوْله [4690] لَيُّ الْوَاجِدِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مطلة والواجد بِالْجِيم الْقَادِر على الْأَدَاء أَي الَّذِي يجد مَا يُؤَدِّي يحل عرضه أَي للدائن بِأَن يَقُول ظَلَمَنِي ومطلني وعقوبته بِالْحَبْسِ والتعزيرقوله [4692] أَنا أتكفل بِهِ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الضَّمَان عَن الْمَيِّت وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَنه كَانَ وَعدا وَلذَلِك قَالَ بِالْوَفَاءِ وَعبر بعض الروَاة عَنهُ بِلَفْظ الْكفَالَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خياركم أَي من خياركم قَوْله [4694] مَا تيَسّر أَي للمديون أَدَاؤُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 [4695] تجَاوز عَنهُ أَي لَا تتعرض لَهُ [4695] لَعَلَّ الله أَن يتَجَاوَز عَنَّا أَن زَائِدَة دخلت فِي خبر لَعَلَّ تَشْبِيها لَهَا بعسى قَوْله مُشْتَريا حَال وَكَذَا مَا بعده قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 [3345] من أعتق أَي مِمَّن يلْزم عتقه فَخرج الصَّبِي وَالْمَجْنُون شركا بِكَسْر الشين وَسُكُون الرَّاء أَي نَصِيبا [4699] مَا يبلغ ثمنه أَي ثمن الْبَاقِي لَا ثمن الْكل وَالْمرَاد بِالثّمن الْقيمَة إِذْ الْمدَار عَلَيْهَا بِقِيمَة العَبْد على الْإِضَافَة البيانية أَي أَي قيمَة هِيَ عدل ووسط لَا زِيَادَة فِيهَا وَلَا نقص أَو بِقِيمَة الْمُقَوّم الْعدْل الَّذِي يعْتَمد على كَلَامه وَوَقع فِي نسخ النَّسَائِيّ بِقِيمَة العَبْد وَالظَّاهِر أَنه سهووالصواب بِقِيمَة الْعدْل كَمَا فِي غَالب الْكتب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 [4700] فَلَا يبعها أَي تنزها قَوْله ربعَة بِفَتْح فَسُكُون أَي منزل وَقد سبق الحَدِيث قَرِيبا قَوْله [4702] أَحَق بسقبه السقب بِفتْحَتَيْنِ الْقرب وباء بسقبه صلَة أَحَق لَا للسبب أَي الْجَار أَحَق بِالدَّار الساقبة أَي الْقَرِيبَة وَمن لَا يَقُول بشفعة الْجَار يحمل الْجَار على الشَّرِيك فَإِنَّهُ يُسمى جارا أَو يحمل الْبَاء على السَّبَبِيَّة أَي أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَالْمَعُونَةِ بِسَبَبِ قُرْبِهِ مِنْ جَارِهِ وَلَا يخفى أَنه لَا معنى لقولنا الشَّرِيك أَحَق بِالدَّار الْقَرِيبَة كَمَا هُوَ مؤدى التَّأْوِيل الأول وَالظَّاهِر أَن الرِّوَايَة الْآتِيَة ترد التَّأْويلَيْنِ فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 [4704] فِي كل مَال لم يقسم أَي بَاقٍ على اشتراكه فَالشُّفْعَة إِنَّمَا هِيَ مَا دَامَت الأَرْض مُشْتَركَة بَينهم وَأما إِذا قسمت وَعين لكل مِنْهُم سَهْمه وَجعل لكل قِطْعَة طَرِيقا مُفْردَة فَلَا شُفْعَة وَظَاهره أَنه لَا شُفْعَة للْجَار وَإِنَّمَا الشُّفْعَة للشَّرِيك وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمن لَا يَقُول بهَا يحمل النَّفْي على نفي شُفْعَة الشّركَة لِأَن الشَّرِيك أولى بهَا من الْجَار فَإِذا قسمت الأَرْض وَعين لكل مِنْهُم سَهْمه وَطَرِيقه فَمَا بَقِي لَهُ الا الْأَوْلَوِيَّة فَهَذَا محمل الحَدِيث عِنْدهم قَوْله والجوار أَي ومراعاة الْجوَار وَهَذَا لَا دَلِيل فِيهِ لَا للمثبت وَلَا للنافي وَالله تَعَالَى هُوَ الْكَافِي وَهُوَ أعلم بِمَا هُوَ الْحق الوافي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 (كتاب الْقسَامَة والقود والديات) الْقسَامَة بِفَتْح قَاف وَتَخْفِيف سين مُهْملَة مَأْخُوذَة من الْقسم وَهِي الْيَمين وَهِي فِي عرف الشَّرْع حلف يكون عِنْد التُّهْمَة بِالْقَتْلِ أَو هِيَ مَأْخُوذَة من قسْمَة الْإِيمَان على الحالفين قَوْله [4706] كَانَ رجل خبر لأوّل قسَامَة على معنى قسَامَة كَانَت فِي هَذِه الْقَضِيَّة اسْتَأْجر رجلا هَكَذَا فِي النّسخ وَالْمَشْهُور فِي رِوَايَة البُخَارِيّ اسْتَأْجرهُ رجل من قُرَيْش من فَخذ أُخْرَى قيل وَهُوَ الَّذِي فِي الْكُبْرَى وَأما رِوَايَة الْكتاب فقد جعلهَا الْحَافِظ بن حجر رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي ذَر فِي البُخَارِيّ لَكِن قَالَ وَهُوَ مقلوب وَالصَّوَاب اسْتَأْجرهُ رجل من فَخذ أحدهم أَي من قَبيلَة بَعضهم وَالضَّمِير لقريش وَالْأَقْرَب من الجزء: 8 ¦ الصفحة: 2 فَخذ أُخْرَى كَمَا فِي البُخَارِيّ فَانْطَلق أَي الْأَجِير الْهَاشِمِي مَعَه أَي مَعَ الْمُسْتَأْجر الْقرشِي جوالق بِضَم جِيم وَكسر لَام وعَاء يكون من جُلُود وَغَيرهَا فَارسي مُعرب كَذَا فِي الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي الْمجمع هُوَ بِضَم جِيم وَكسر لَام الْوِعَاء وَالْجمع الجوالق بِفَتْح جِيم أَغِثْنِي من الاغاثة بِالْمُثَلثَةِ بعقال بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة أَي بِحَبل لَا تنفر الْإِبِل بِكَسْر الْفَاء وَضم الرَّاء والابل بِالرَّفْع فَاعله لَا تنفر الْإِبِل بِسُقُوط مَا فِي الجوالق وعقلت على بِنَاء الْمَفْعُول فَقَالَ الْفَاء زَائِدَة فِي جَوَاب لما فَحَذفهُ بِمُهْملَة وذال مُعْجمَة أَي رَمَاه كَانَ فِيهَا فِي تِلْكَ الرَّمية أَجله مَوته لَا على الْفَوْر بل على التَّرَاخِي بِأَن مرض ثمَّ مَاتَ الْمَوْسِم أَي موسم الْحَج شهِدت أَي قبل مبلغ من الابلاغ أَو التَّبْلِيغ مرّة من الدَّهْر أَي وقتا من الْأَوْقَات أَي فِي موسم من المواسم يَا آل قُرَيْش بِإِضَافَة الْآل إِلَى قُرَيْش وَفِي بعض النّسخ يالقريش بِفَتْح اللَّام دَاخِلَة على قُرَيْش للاستغاثة وَمَات المستاجر بِفَتْح الْجِيم أَي الْأَجِير بعد أَن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 3 أوصى بِمَا أوصى فَمَكثَ بِضَم الْكَاف ذكره الْقُسْطَلَانِيّ وافى الْمَوْسِم أَي أَتَاهُ فَأَتَتْهُ أَي أَبَا طَالب رجل مِنْهُم من قوم الْقَاتِل وَلَا تصبر يَمِينه على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل من صَبر كنصر وَضرب مَعْطُوف على تجيز وروى على صِيغَة النَّهْي وَالْيَمِين المصبورة هِيَ الَّتِي يحبس لأَجلهَا صَاحبهَا فالمصبور هُوَ الصاحب عين تطرف بِكَسْر الرَّاء أَي تتحرك يُرِيد أَنه مَاتَ الْكل وَحلف عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 4 بن عَبَّاس مَعَ أَنه لم يُولد حِينَئِذٍ اما لِأَنَّهُ تَوَاتر عِنْده أَو تكلم مَعَه بعض من وثق بِهِ وَيحْتَمل أَنه أخبرهُ بذلك النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خالفهما أَي خَالف يُونُس وَالْأَوْزَاعِيّ معمر فِيمَا بعد بن شهَاب الزُّهْرِيّ قَوْله ومحيصة هُوَ وحويصة بِضَم فَفتح ثمَّ يَاء مُشَدّدَة مَكْسُورَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 أَو مُخَفّفَة سَاكِنة وَجْهَان مشهوران فيهمَا أشهرهما التَّشْدِيد من جهد بِفَتْح جِيم أَي تَعب ومشقة فاتى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أَتَاهُ آتٍ وَكَذَا أخبر فِي فَقير هُوَ مثل الْفَقِير الْمُقَابل للغني بِئْر قريبَة القعر وَاسع الْفَم فَذهب أَي شرع كبر بتَشْديد الْبَاء أَي قدم الْأَكْبَر اما أَن يدوا مضارع ودى بِحَذْف الْوَاو كَمَا فِي يَفِي وَالضَّمِير للْيَهُود اما أَن يؤذنوا الظَّاهِر أَنه بِفَتْح الْيَاء من الْإِذْن بِمَعْنى الْعلم مثله قَوْله تَعَالَى فأذنوا بِحَرب وَضبط على بِنَاء الْمَفْعُول من الايذان بِمَعْنى الاعلام وَهُوَ أقرب إِلَى الْخط وَالْمرَاد أَنهم يَفْعَلُونَ أحد الامرين ان ثَبت عَلَيْهِم الْقَتْل دم صَاحبكُم الْمَقْتُول أَو دم صَاحبكُم الْقَاتِل على مَذْهَب من يرى الْقصاص بالقسامة فوداه أَي أعْطى دِيَته قَالُوا إِنَّمَا أعْطى دفعا للنزاع واصلاحا لذات الْبَين وجبرا لخاطرهم المكسور بقتل قريبهم والا فَأهل الْقَتِيل لَا يسْتَحقُّونَ الا أَن يحلفوا أَو يستحلفوا الْمُدَّعِي عَلَيْهِم مَعَ نكولهم وَلم يتَحَقَّق شَيْء من الْأَمريْنِ ثمَّ رِوَايَات الحَدِيث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6 لَا تَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَاخْتِلَاف وَلذَلِك ترك بعض الْعلمَاء بعض رواياته وَأخذ بروايات أخر لما الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 ترجح عِنْدهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4712] إِذا بمحيصة الْبَاء زَائِدَة كبر الْكبر بِضَم فَسُكُون بِمَعْنى الْأَكْبَر فتبرئكم من التبرئة أَي يرفعون ظنكم وتهمتكم أَو دعوتكم عَن أنفسهم وَقيل يخلصونكم عَن الْيَمين بِأَن يحلفوا فتنتهي الْخُصُومَة بحلفهم خمسين يَمِينا أَي بِخَمْسِينَ يميناقوله [4713] يقسم خَمْسُونَ من أقسم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 [4714] يَتَشَحَّط فِي دَمه أَي يضطرب فِيهِ ويتمرغ ويتخبط قَوْله [4716] الْكبر الْكبر بِضَم فَسُكُون بِمَعْنى الْأَكْبَر وتكريره للتَّأْكِيد وَهُوَ مَنْصُوب بِتَقْدِير عَامل أَي قدم الْأَكْبَر قَالُوا هَذَا عِنْد تساويهم فِي الْفضل وَأما إِذا كَانَ الصَّغِير ذَا فضل فَلَا بَأْس أَن يتَقَدَّم روى أَنه قدم وَفد من الْعرَاق على عمر بن عبد الْعَزِيز فَنظر عمر إِلَى شَاب مِنْهُم يُرِيد الْكَلَام فَقَالَ عمر كبر فَقَالَ الْفَتى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 ان الْأَمر لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ فِي الْمُسلمين من هُوَ أسن مِنْك فَقَالَ صدقت تكلم رَحِمك الله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 قَوْله برمتِهِ بِضَم رَاء وَتَشْديد مِيم قِطْعَة حَبل يشد بِهِ الاسير أَو الْقَاتِل للْقصَاص هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ يُرَاد بِهِ عرفا أدفعه إِلَيْك بكله فقسم رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم دِيَته عَلَيْهِم أَي على الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 يهود أَي على تَقْدِير أَن يقرُّوا بذلك كَأَنَّهُ أرسل إِلَى يهود أَنه يقسم الدِّيَة عَلَيْهِم ويعينهم بِالنِّصْفِ ان أقرُّوا فَلَمَّا لم يقرُّوا وداه من عِنْده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4021] النَّفس بِالنَّفسِ أَي النَّفس تقتل فِي مُقَابلَة النَّفس وَهَذَا بَيَان الموصوفين بالخصال الثَّلَاث إِذْ بيانهم يتَبَيَّن الصِّفَات الثَّلَاث والْحَدِيث قد سبق فِي كتاب تَحْرِيم الدَّم قَوْله [4722] قتل رجل على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل مَا أردْت قَتله أَي مَا كَانَ الْقَتْل عمدا أما أَنه ان كَانَ الخ يفيدأن مَا كَانَ ظَاهره العمدلا يسع فِيهِ كَلَام الْقَاتِل انه لَيْسَ بعمد فِي الحكم نعم يَنْبَغِي لوَلِيّ الْمَقْتُول أَن لَا يقْتله خوفًا من لُحُوق الْإِثْم بِهِ على تَقْدِير صدق دَعْوَى الْقَاتِل بنسعة بِكَسْر نون قِطْعَة جلد تجْعَل زماما للبعير وَغَيره قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 [4723] فَإِنَّهُ يبوء بِهَمْزَة بعد الْوَاو أَي يرجع باثمك واثم صَاحبك ظَاهره أَن الْوَلِيّ إِذا عَفا عَن الْقَاتِل بِلَا مَال يتَحَمَّل الْقَاتِل اثم الْوَلِيّ والمقتول جَمِيعًا وَلَا يَخْلُو عَن اشكال فَإِن أهل التَّفْسِير قد أولُوا قَوْله تَعَالَى إِنِّي أُرِيد أَن تبوء باثمي واثمك فضلا عَن اثم الْوَلِيّ وَلَعَلَّ الْوَجْه فِي هَذَا الحَدِيث أَن يُقَال المُرَاد بِرُجُوعِهِ باثمهما هُوَ رُجُوعه ملتبسا بِزَوَال اثمهما عَنْهُمَا وَيحْتَمل أَنه تَعَالَى يرضى بِعَفْو الْوَلِيّ فَيغْفر لَهُ ولمقتوله فَيرجع وَالْقَاتِل وَقد أزيل عَنْهُمَا اثمهما بالمغفرة وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمَشْهُور هُوَ الرِّوَايَة الْآتِيَة وَهِي يبوء بإثمه واثم صَاحبك أَي الْمَقْتُول وَقيل فِي تَأْوِيله أَي يرجع ملتبسا بإثمه السَّابِق وبالإثم الْحَاصِل لَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 بقتل صَاحبه فأضيف إِلَى الصاحب لأدنى مُلَابسَة بِخِلَاف مَا لَو قتل فَإِن الْقَتْل يكون كَفَّارَة لَهُ عَن اثم الْقَتْل وَهَذَا الْمَعْنى لَا يصلح للترغيب الا ان يُقَال التَّرْغِيب بِاعْتِبَار إِيهَام الْكَلَام بِالْمَعْنَى الظَّاهِر وَيجوز التَّرْغِيب بِمثلِهِ توسلا بِهِ إِلَى الْعَفو وَإِصْلَاح ذَات الْبَين كَمَا يجوز التَّعْرِيض فِي مَحَله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4726] كَانَا فِي جب بِضَم جِيم وَتَشْديد مُوَحدَة هُوَ بِئْر غير مطوي فَرفع المنقار الظَّاهِر أَن المُرَاد بالمنقار هَا هُنَا آلَة نقر الأَرْض أَي حفرهَا وَيُقَال لَهُ المنقر بِكَسْر الْمِيم والمعول وَالله تَعَالَى أعلم ان قتلته كنت مثله أَي فِي كَون كل مِنْهُمَا قَاتل نفس وان كَانَ هَذَا قتل بِالْبَاطِلِ وَأَنت قتلت بِالْحَقِّ لَكِن أطلق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 الْكَلَام لإيهامه ظَاهره ليتوسل بِهِ إِلَى الْعَفو أَو المُرَاد كنت مثله ان كَانَ الْقَاتِل صَادِقا فِي دَعْوَى أَن الْقَتْل لم يكن عمدا وَالله تَعَالَى أعلم فَرجع فَقَالَ أَي الْوَلِيّ ان قتلته على صِيغَة الْمُتَكَلّم قَوْله [4727] قَالَ بلَى فَإِن ذَاك ان شَرْطِيَّة أَي فَإِن كَانَ الْأَمر ذَاك فقد عَفَوْت عَنهُ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 [4729] الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار لم يرد أَن هَذَا الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار بل أَرَادَ أَن الْقَاتِل والمقتول يكونَانِ فِي النَّار فِيمَا إِذا التقى المسلمان بسيفيهما فَهُوَ خبر صَادِق فِي مَحَله لَكِن لإيهام الْكَلَام الْمَعْنى الأول ذكره ليَكُون وَسِيلَة إِلَى الْعَفو وَالله تَعَالَى أعلم [4730] فلحق الرجل على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد بِالرجلِ ولي الْمَقْتُول قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 [4731] فأعنفه من أعنف بالنُّون وَالْفَاء إِذا وبخ كعنف بِالتَّشْدِيدِ وَهَذِه قَضِيَّة أُخْرَى غير قَضِيَّة صَاحب النسعة وَلَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم بِوَحْي أَن الْقَتْل فِي حق هَذَا الْقَاتِل خير بِخِلَاف الْقَاتِل فِي الْوَاقِعَة السَّابِقَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4732] كَانَ قُرَيْظَة بِالتَّصْغِيرِ وَالنضير كالأمير وَخبر كَانَ مَحْذُوف أَي فِي الْمَدِينَة أَو بَينهمَا فرق فِي الشّرف وَنَحْو ذَلِك مائَة وسق بِفَتْح وَاو وَسُكُون سين وَكسر الْوَاو لُغَة سِتُّونَ صَاعا فَقَالُوا بَيْننَا الخ أَي قَالَت قُرَيْظَة ذَاك حِين أَبى النَّضِير دفع الْقَاتِل إِلَيْهِم جَريا على الْعَادة السالفة قَوْله يودون على بِنَاء الْمَفْعُول من الدِّيَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 [4734] هَل عهد إِلَيْك أَي أَوْصَاك الا مَا فِي كتابي لَا يخفى أَن مَا فِي كِتَابه مَا كَانَ من الْأُمُور الْمَخْصُوصَة بِهِ فالاستثناء اما بملاحظة الْكتاب فَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خص عليا بِأَن أمره أَن يكْتب دون غَيره أَو لبَيَان نفي الِاخْتِصَاص بأبلغ وَجه أَي لَو كَانَ شَيْء خصنا بِهِ لَكَانَ مَا فِي كتابي لَكِن الَّذِي فِي كتابي لَيْسَ مِمَّا خصنا بِهِ فَمَا خصنا بِشَيْء وَالله تَعَالَى أعلم من قرَاب سَيْفه بِكَسْر الْقَاف هُوَ وعَاء يكون فِيهِ السَّيْف بغمده وحمائله تَتَكَافَأ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 بتاءين أَي تتساوى فَيقْتل الشريف بالوضيع وَمِنْه أَخذ المُصَنّف أَن الْحر يقتل بِالْعَبدِ لمساواة الدِّمَاء وهم يَد أَي اللَّائِق بحالهم أَن يَكُونُوا كيد وَاحِدَة فِي التعاون والتعاضد على الْأَعْدَاء فَكَمَا أَن الْيَد الْوَاحِدَة لَا يُمكن أَن يمِيل بَعْضهَا إِلَى جَانب وَبَعضهَا إِلَى آخر فَكَذَلِك اللَّائِق بشأن الْمُؤمنِينَ يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَي ذمتهم فِي يدأقلهم عددا وَهُوَ الْوَاحِد أَو أسفلهم رُتْبَة وَهُوَ العَبْد يمشي بِهِ يعقده لمن يرى من الْكَفَرَة فَإِذا عقد حصل لَهُ الذِّمَّة من الْكل وَلَا يقتل مُؤمن بِكَافِر ظَاهره الْعُمُوم وَمن لَا يَقُول بِهِ يَخُصُّهُ بِغَيْر الذِّمِّيّ جمعا بَينه وَبَين مَا ثَبت من أَن لَهُم مالنا وَعَلَيْهِم مَا علينا وَلَا ذُو عهد من الْكَفَرَة كالذمي والمستأمن وَبَقِيَّة الحَدِيث قد سبقت قَوْله من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ اتّفق الْأَئِمَّة على أَن السَّيِّد لَا يقتل بِعَبْدِهِ وَقَالُوا الحَدِيث وَارِد على الزّجر والرضع ليرتدعوا وَلَا يقدموا على ذَلِك وَقيل ورد فِي عبد أعْتقهُ سَيّده فَسمى عَبده بِاعْتِبَار مَا كَانَ وَقيل مَنْسُوخ قلت حَاصِل الْوَجْه الأول أَن المُرَاد بقوله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 قَتَلْنَاهُ وَأَمْثَاله عاقبناه وجازيناه على سوء صَنِيعه الا أَنه عبر بِلَفْظ الْقَتْل وَنَحْوه للمشاكلة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَفَائِدَة هَذَا التَّعْبِير الزّجر والردع وَلَيْسَ المُرَاد أَنه تكلم بِهَذِهِ الْكَلِمَة لمُجَرّد الزّجر من غير أَن يُرِيد بِهِ معنى أَو أَنه أَرَادَ حَقِيقَته لقصد الزّجر فَإِن الأول يَقْتَضِي أَن تكون هَذِه الْكَلِمَة مُهْملَة وَالثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِب لمصْلحَة الزّجر وكل ذَلِك لَا يجوز وَكَذَا كل مَا جَاءَ فِي كَلَامهم من نَحْو قَوْلهم هَذَا وَارِد على سَبِيل التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد فمرادهم أَن اللَّفْظ يحمل على معنى مجازى مُنَاسِب للمقام فَائِدَة هَذِه الْفَائِدَة تنفعك فِي مَوَاضِع فاحفظها وَأما قَوْلهم ورد فِي عبد أعْتقهُ فمبنى على أَن من مَوْصُولَة لَا شَرْطِيَّة وَالْكَلَام أَخْبَار عَن وَاقعَة بِعَينهَا وَالله تَعَالَى أعلم [4736] وَمن جدع بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد للتكثير لَا يُنَاسب الْمقَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4739] أَنه نَشد أَي طلب تَحْقِيقه حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ بِمِسْطَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْخِبَاءِ وجنينها أَي وَقتلت الَّتِي فِي بَطنهَا من الْوَلَد قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 [4740] على أوضاح بحاء مُهْملَة هِيَ نوع من حلى صيغت من الدَّرَاهِم الصِّحَاح قَوْله [4741] ثمَّ رضخ بضاد وخاء معجمتين على بِنَاء الْفَاعِل أَي كسر وَبهَا رَمق أَي بَقِيَّة حَيَاة فَجعلُوا يتبعُون فِي الصِّحَاح تتبعت الشَّيْء تتبعا أَي تطلبته وَكَذَلِكَ تَبعته تتبيعا فَهَذَا يحْتَمل أَن يكون من التتبع لَكِن بالعدول إِلَى تَشْدِيد التَّاء الْمُثَنَّاة أَو من التتبيع وَالْبَاء الْمُوَحدَة على الْوَجْهَيْنِ مُشَدّدَة وَالْمرَاد يبحثون عِنْدهَا عَن النَّاس ويذكرونهم قَالَت نعم أَي حِين ذكرُوا الْقَاتِل قَالَت نعم بِالْإِشَارَةِ وَكَانَت قبل ذَلِك تَقول لَا بِالْإِشَارَةِ فَأمر رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد أَن حضر وَأقر بذلك كَمَا جَاءَ صَرِيحًا والا فَلَا عِبْرَة بقول الْمَقْتُول فضلا عَن إيمائه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 [4743] لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث اسْتدلَّ بالحصر على أَنه لَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَأَنت خَبِير أَن الْحصْر يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل لِأَن الْمُرْتَد يقتل وان لم يحارب بِقطع الطَّرِيق وَكَذَلِكَ غَيره وَقد ذكر تَأْوِيل الْحصْر فِيمَا تقدم فَلَا يَسْتَقِيم الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث على مُرَاده على أَنه جَاءَ فِي بعض رواياته النَّفس بِالنَّفسِ فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4744] شَيْء سوى الْقُرْآن أَي شَيْء مَكْتُوب والا فَلَا شكّ أَنه كَانَ عِنْده أَكثر مِمَّا ذكر الا أَن يعْطى الله كَأَنَّهُ اسْتثِْنَاء بِتَقْدِير مُضَاف أَي الا أثر إِعْطَاء الله الخ وَكَأَنَّهُ كتب بعدآثار مَا أعطَاهُ الله من الْفَهم وعده مِمَّا عِنْده من رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اما لِأَنَّهُ عرضه عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فقرره أَو لِأَنَّهُ لما استخرجه من كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عده مِمَّا عِنْده مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا يخفى أَن قَوْله أَن يعْطى الله على مَا ذكرنَا لَا يحمل على الِاسْتِقْبَال فَلْيتَأَمَّل وعَلى مَا ذكر ظهر عطف قَوْله أَو مَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة على قَوْله أَن يعْطى وَظهر وَجه كَون الِاسْتِثْنَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُتَّصِل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 وفكاك الْأَسير بِفَتْح فَاء وَكسرهَا أَي فِيهَا حكم الفكاك وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَأَنه من أَنْوَاع بر يهتم بِهِ وَالْمرَاد بالأسير أَسِير يصلح لذَلِك والا فَمن لَا يصلح لَهُ لَا يَنْبَغِي فكاكه قَوْله [4746] ان النَّاس قد تفشغ بفاء وشين مُعْجمَة وغين مُعْجمَة أَي فشار انْتَشَر فيهم مَا يسمعُونَ أَي مِنْك من كَثْرَة سُبْحَانَ الله صدق الله وَرَسُوله فَإِنَّهُ كَانَ يكثر ذَلِك فَزعم النَّاس أَن عِنْده علما مَخْصُوصًا بِهِ وَقد ذكر السُّيُوطِيّ هَا هُنَا مَا لَا يُنَاسب الْمقَام فليتنبه لذَلِك قَوْله [4747] فِي غير كنهه أَي فِي غير وقته الَّذِي يجوز فِيهِ قَتله وتتبين فِيهِ حَقِيقَة أمره من نقص وكنه الشَّيْء وقته أَو حَقِيقَته حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة أَي دُخُولهَا أَولا بِالِاسْتِحْقَاقِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 [4751] ان غُلَاما قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الْغُلَام الْجَانِي كَانَ حرا قلت أَرَادَ أَن الْغُلَام بِمَعْنى الصَّغِير لَا الْمَمْلُوك كَمَا فهمه المُصَنّف ثمَّ قَالَ وَكَانَت جِنَايَته خطأ وَكَانَت عَاقِلَته فُقَرَاء وَإِنَّمَا تواسى الْعَاقِلَة من وجد مِنْهُم وسعة وَلَا شَيْء على الْفَقِير مِنْهُم وَأما العَبْد إِذا جنى فجنايته فِي رقبته قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 [4755] ان أُخْت الرّبيع بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْقصاص أَي الحكم هُوَ الْقصاص الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 وَيحْتَمل النصب أَي أَدّوا الْقصاص وسلموه إِلَى مُسْتَحقّه أم الرّبيع بِفَتْح رَاء وَكسر بَاء وَتَخْفِيف يَاء أيقتص الخ أَخْبَار بَان الْكسر لَا يتَحَقَّق لَا رد الحكم لَو أقسم على الله أَي متوكلا عَلَيْهِ فِي حُصُول الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَوْله أنس بن النَّضر الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْقَائِل فِي هَذِه الرِّوَايَة أنس بن النَّضر والجارحة الرّبيع نَفسهَا لَا أُخْتهَا كَمَا سَيَجِيءُ بِخِلَاف الرِّوَايَة الأولى فِي الامرين فَيحمل على تعدد الْقَضِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4757] كسرت الرّبيع بِالتَّصْغِيرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 قَوْله [4758] عض يَد رجل أَي أَخذهَا بالأسنان فَانْتزع يَده أَي اجتذبها من فِيهِ ثنيته وَاحِدَة الثنايا وَهِي الْأَسْنَان الْمُتَقَدّمَة اثْنَتَانِ من فَوق وثنتان من أَسْفَل فاستعدى فِي الصِّحَاح استعديت على فلَان الْأَمِير فاعداني أَي استعنت بِهِ عَلَيْهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ تقضمها هُوَ بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة أفْصح من كسرهَا والقضم الْأكل بأطراف الْأَسْنَان الْفَحْل أَي الْجمل وَهُوَ إِشَارَة إِلَى عِلّة الاهدار وَقَوله إِن شِئْت الخ إِشَارَة إِلَى أَنه لَو فرض هُنَاكَ قصاص لَكَانَ ذَاك بِهَذَا الْوَجْه قَوْله فندرت أَي سَقَطت يعَض بِحَذْف همزَة الِاسْتِفْهَام وَالْأَصْل أيعض على طَرِيق الْإِنْكَار قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 [4763] كَمَا يعَض الْبكر بِفَتْح فَسُكُون هُوَ الْفَتى من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْغُلَام من الْإِنْسَان الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 قَوْله فأطلها بتَشْديد اللَّام الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 قَوْله فأندر أَي أسقط الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 قَوْله نترها بنُون وتاء مثناة من فَوق وَرَاء مُهْملَة فِي النِّهَايَة النتر جذب فِيهِ قُوَّة وجفوة قَوْله [4773] فأكب عَلَيْهِ أَي سقط عَلَيْهِ لينال شَيْئا بالاستعجال وَلم يصبر فطعنه تأديبا بعرجون بِضَم عين عود أصفر فِيهِ شماريخ العذق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 فاستقد أَي فاطلب مني الْقود وخذه مني وَقد جَاءَ فِي الْقصاص من نَفسه أَحَادِيث عديدة قَوْله [4775] فِي أَب كَانَ لَهُ أَي للْعَبَّاس فَصَعدَ الْمِنْبَر وَفِيه أَن الامام يطْلب الْعَفو فِي الْقود إِذا رأى فِيهِ مصلحَة لَا تسبوا فِيهِ أَن السباب مؤذ فَإِذا بَدَأَ بالسب وَعَاد إِلَيْهِ شَيْء من الْأَذَى بِسَبَبِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يطْلب فِيهِ الْقود لِأَنَّهُ جَاءَهُ كالجزاء لعمله قَوْله فجبذ فِي الْقَامُوس الجبذ الجذب وَلَيْسَ مقلوبه بل لُغَة صَحِيحَة كَمَا وهمه الْجَوْهَرِي فحمر من التحمير أَي جعلهَا حَمْرَاء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 [4776] احْمِلْ لي اعطني من الطَّعَام وَغَيره مَا أحمل عَلَيْهِمَا وَهَذَا من عَادَة جُفَاة الْأَعْرَاب وخشونتهم وَعدم تَهْذِيب أَخْلَاقهم لَا أَي لَا أحمل من مَالِي واستغفر الله من أَن أعتقد ذَلِك لَا أحمل لَك حَتَّى تقيدني من الاقادة وَلَعَلَّ المُرَاد الاخبار انه لَا يسْتَحق أَن يحمل لَهُ بِلَا أَخذ الْقود مِنْهُ والا فقد حمله بِلَا قَود وَفِيه دلَالَة على شرع الْقود للجبذة وَالله لَا أقيدكها كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه لكَمَال كرمه يعْفُو الْبَتَّةَ وَفِي أَمْثَال هَذِه الْأَحَادِيث دَلِيل على أَنه لَوْلَا المعجزات الا هَذَا الْخلق لكفى شَاهدا على النُّبُوَّة وَالله تَعَالَى أعلم عزمت أَي أَقْسَمت أَن لَا يبرح مقَامه أَي لَا يتْرك مقَامه بل يقوم مقَامه كَأَنَّهُ أَرَادَ إِظْهَار مَا أعطَاهُ الله من شرح الصَّدْر وسعة الْخلق ليقتدوا بِهِ فِي ذَلِك بِقدر وسعهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4777] يقص من نَفسه من أقص الْأَمِير فلَانا من فلَان إِذا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 اقْتصّ لَهُ مِنْهُ فجرحه مثل جرحه أَو قَتله قوداقوله فلاجه بتشديدالجيم أَي نازعه وخاصمه أَو بتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة قريب مِنْهُ [4778] لكم كَذَا وَكَذَا أَي أُعْطِيكُم ذَلِك الْقدر فِي مُقَابلَة الْقود الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 قَوْله [4780] فاستعصموا بِالسُّجُود أَي طلبُوا لأَنْفُسِهِمْ الْعِصْمَة بِإِظْهَار السُّجُود فَقتلُوا على بِنَاء الْمَفْعُول بازدحام الْقِتَال بِنصْف الْعقل بعد علمه بِإِسْلَامِهِمْ وَجعل لَهُم النّصْف لأَنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بَين ظهراني الْكفَّار فَكَانُوا كمن هلك بِجِنَايَة نَفسه وَجِنَايَة غَيره فَسقط حِصَّة جِنَايَته من الدِّيَة وَإِنِّي بَرِيء أَي من اعانته أَو من ادايته بعد هَذَا ان قتل أَلا لَا ترَاءى ناراهما هُوَ من الترائي وَهُوَ تفَاعل من الرُّؤْيَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ وَكَانَ أَصله تتراءى بتاءين حذفت إِحْدَاهمَا أَي لَا يَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن ينزل بِقرب الْكَافِر بِحَيْثُ يُقَابل نَار كل مِنْهُمَا نَار صَاحبه حَتَّى كَأَن نَار كل مِنْهُمَا ترى نَار صَاحبه قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 [4781] يتبع هَذَا أَي ولى الْمَقْتُول الَّذِي عَفا يتبع الْقَاتِل وَيطْلب مِنْهُ الدِّيَة بِالْمَعْرُوفِ أَي بِالْوَجْهِ اللَّائِق أَن يطْلب بِهِ وَيُؤَدِّي هَذَا أَي الْقَاتِل بِأَحْسَن وَجه فَإِن ولي الْمَقْتُول قد أحسن إِلَيْهِ حَيْثُ ترك دَمه بِالْمَالِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ المَال بِأَحْسَن وَجه قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 [4785] فَهُوَ بِخَير النظرين أَي هُوَ مُخَيّر بَين النظرين يخْتَار مِنْهُمَا مَا يَشَاء وَيرى لَهُ خيرا اما أَن يُقَاد أَي لأَجله الْقَاتِل واما أَن يفدى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يعْطى لَهُ الْفِدْيَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 [4788] وعَلى المقتتلين بِكَسْر التَّاء الثَّانِيَة أُرِيد بهم أَوْلِيَاء الْقَتِيل وَالْقَاتِل وَسَمَّاهُمْ مقتتلين لما ذكره الْخطابِيّ فَقَالَ يشبه أَن يكون معنى المقتتلين هَا هُنَا أَن يطْلب أَوْلِيَاء الْقَتِيل الْقود فَيمْتَنع القتلة فينشأ بَينهم الْحَرْب والقتال لأجل ذَلِك فجعلهم مقتتلين لما ذكرنَا أَن ينحجزوا أَيْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَوَدِ وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا فَقَدِ انْحَجَزَ عَنْهُ وَالِانْحِجَازُ مُطَاوِعُ حَجَزَهُ إِذا مَنعه أَي يَنْبَغِي لوَرَثَة الْمَقْتُول الْعَفو الأول فَالْأول أَي الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فَإِذا عفى مِنْهُم وَاحِد وان كَانَت امْرَأَة سقط الْقود وَصَارَ دِيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4789] فِي عميا بِكَسْر عين فتشديد مِيم مَقْصُور وَمثله الرميا وزنا أَي فِي حَالَة غير مبينَة لَا يدْرِي فِيهِ الْقَاتِل وَلَا حَال قَتله أَو فِي ترام جرى بَينهم فَوجدَ بَينهم قَتِيل فقود يَده أَي فَحكم قَتله قَود نَفسه وَعبر بِالْيَدِ عَن النَّفس مجَازًا أَي فَهُوَ قَود جَزَاء لعمل يَده الَّذِي هُوَ الْقَتْل فأضيف الْقود إِلَى الْيَد مجَازًا فَمن حَال بَينه أَي بَين الْقَاتِل وَبَينه أَي بَين الْقود بِمَنْع أَوْلِيَاء الْمَقْتُول عَن قَتله بعد طَلَبهمْ ذَلِك لَا بِطَلَب الْعَفو مِنْهُم فَإِنَّهُ جَائِز فَعَلَيهِ لعنة الله أَي يسْتَحق ذَلِك لَا يقبل مِنْهُ صرف قيل تَوْبَة لما فِيهَا من صرف الْإِنْسَان نَفسه من حَالَة الْمعْصِيَة إِلَى حَالَة الطَّاعَة وَلَا عدل أَي فدَاء مَأْخُوذ من التعادل وَهُوَ التَّسَاوِي لِأَن فدَاء الاسير يُسَاوِيه وَالْمرَاد التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد فِيمَن حَال بَين الْحُدُود وأمثالها قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 [4790] فِي عمية بِكَسْر عين وَتَشْديد مِيم بعْدهَا يَاء مُشَدّدَة وَمثلهَا رمية فِي الْوَزْن وَالْمعْنَى مَا سبق قَوْله قَتِيل الْخَطَأ أَي دِيَة قَتِيل الْخَطَأ بِتَقْدِير مُضَاف [4791] شبه الْعمد الشّبَه كالمثل يجوز فِي كل مِنْهُمَا الْكسر مَعَ السّكُون وفتحتان وَهُوَ صفة الْخَطَأ وَقَوله بِالسَّوْطِ مُتَعَلق بقتيل الْخَطَأ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 [4793] مَا كَانَ بِالسَّوْطِ بدل من الْخَطَأ أَو الأول بدل وَالثَّانِي بدل من الْبَدَل وَحَاصِل الْمَعْنى على الْوَجْهَيْنِ قَتِيل قتل كَانَ بِالسَّوْطِ والعصا قَوْله الْخَطَأ الْعمد أَي شبه الْعمد بِتَقْدِير مُضَاف ثنية مَا دخلت فِي السَّادِسَة [4794] إِلَى بازل عامها مُتَعَلق بثنية وَذَلِكَ فِي ابْتِدَاء السّنة التَّاسِعَة وَلَيْسَ بعده اسْم بل يُقَال بازل عَام وبازل عَاميْنِ خلفة بِفَتْح فَكسر هِيَ النَّاقة الحاملة إِلَى نصف أجلهَا ثمَّ هِيَ عشار قَوْله مُغَلّظَة أَي دِيَة مُغَلّظَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 [4801] ثَلَاثُونَ بنت مَخَاض هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحول وَبنت لبون الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حولان والحقة بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْقَاف هِيَ الَّتِي دخلت فِي الرَّابِعَة قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث لَا أعرف أحدا من الْفُقَهَاء قَالَ بِهِ رفع أَي زَاد وَهَذَا أَن أهل الْإِبِل تُؤْخَذ مِنْهُم الْإِبِل بِقِيمَتِهَا فِي ذَلِك الزَّمَان وَأما أهل الْقرى فَعَلَيْهِم مِقْدَار معِين من النَّقْد يُؤْخَذ عَنْهُم فِي مُقَابلَة الْإِبِل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 [4802] وَعشْرين بن مَخَاض ذُكُور فِي شرح السّنة عدل الشَّافِعِي عَن هَذَا إِلَى إِيجَاب عشْرين بني لبون ذُكُور لِأَن خشف بن مَالك مَجْهُول لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وروى أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ودى قَتِيل خَيْبَر مائَة من ابل الصَّدَقَة وَلَيْسَ فِي أَسْنَان ابل الصَّدَقَة بن مَخَاض إِنَّمَا فِيهَا بن لبون عِنْد عدم بنت الْمَخَاض وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن فِي الْكُبْرَى الْحجَّاج بن أَرْطَاة ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَعشْرين جَذَعَة بِفتْحَتَيْنِ قَوْله [4803] اثْنَي عشر ألفا هَذَا يُؤَيّد القَوْل أَن النَّقْد كَانَ مُخْتَلفا بِحَسب الْأَوْقَات فَإِن قيمَة الْإِبِل مُخْتَلفَة بِحَسب الْأَوْقَات وَالله تَعَالَى أعلم وَذكر قَوْله الا أَن أغناهم الله قَالَ فِي الْكَبِير والأطراف وبن ماجة بِلَفْظ ذَلِك وَقَوله وَمَا نقموا الا أَن أغناهم الله وَالْمرَاد أَن الله أغناهم بشرع الدِّيَة فأخذوهاقوله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 [4805] حَتَّى يبلغ الثُّلُث من دِيَتهَا يَعْنِي أَن المُرَاد تَسَاوِي الرجل فِي الدِّيَة فِيمَا كَانَ إِلَى ثلث الدِّيَة فَإِذا تجاوزت الثُّلُث وَبلغ الْعقل نصف الدِّيَة صَارَت دِيَة الْمَرْأَة على النّصْف من دِيَة الرجل قَوْله [4808] بدية الْحر مُتَعَلق بقضى ظَاهره أَنه حر بِقدر مَا أدّى سِيمَا رِوَايَة على قدر مَا عتق مِنْهُ وَهُوَ مُخَالف لظَاهِر حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَنه عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَالْفُقَهَاء أخذُوا بذلك الحَدِيث وَتركُوا هَذَا اما لِأَن الرّقّ فِيهِ هُوَ الأَصْل فَلَا يثبت خِلَافه الا بِدَلِيل غير معَارض أَو علمُوا بنسخ هَذَا الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْخطابِيّ أجمع عوام الْعلمَاء على أَن الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم فِي جِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ وَلم يذهب إِلَى هَذَا الحَدِيث أحد من الْعلمَاء فِيمَا بلغنَا الا إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقد روى فِي ذَلِك أَيْضا شَيْء عَن عَليّ بن أبي طَالب وَإِذا صَحَّ الحَدِيث وَجب القَوْل بِهِ إِذا لم يكن مَنْسُوخا أَو مُعَارضا بِمَا هُوَ أولى مِنْهُ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 [4809] أَن يودي على بِنَاء الْمَفْعُول من الدِّيَة دِيَة الْحر بِالنّصب على أَنه مصدر للنوع الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 قَوْله حذفت أَي رمتها والذال مُعْجمَة وَفِي الْحَاء الاهمال والاعجام ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد وَعَن الْخذف رمى الْحَصَاة قَوْله غرَّة أَي مَمْلُوكا عبدا أَو أمة وَرَأى طَاوس أَن الْفرس يقوم مقَام ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4817] الَّتِي قضى عَلَيْهَا هِيَ المتعدية على الَّتِي أسقطت الْجَنِين فَإِنَّهَا الْمقْضِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 عَلَيْهَا قَوْله بِحجر ولعلها رمت بِحجر وعمود جَمِيعًا [4818] غرَّة عبد أَو وليدة الْمَشْهُور تَنْوِين غرَّة وَمَا بعده بدل مِنْهُ أَو بَيَان لَهُ وروى بَعضهم بِالْإِضَافَة وَاو للتقسيم لَا للشَّكّ فَإِن كلا من العَبْد والامة يُقَال لَهُ الْغرَّة إِذْ الْغرَّة اسْم للْإنْسَان الْمَمْلُوك وَيُطلق على معَان أخر أَيْضا وَقضى بدية الْمَرْأَة المقتولة على عاقلتها أَي عَاقِلَة القاتلة وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْقَتْل كَانَ شبه العمدوليس بعمد كَمَا تدل عَلَيْهِ هَذِه الرِّوَايَة نعم الرِّوَايَات متعارضة فَفِي بَعْضهَا جَاءَ الْقصاص وَيُمكن التَّوْفِيق بِأَنَّهُ قضى بِالْقصاصِ ثمَّ وَقع الصُّلْح والتراضي على الدِّيَة وَفِيه أَن دِيَة الْعمد على الْقَاتِل لَا الْعَاقِلَة الا أَن يُقَال أَنهم تحملوا عَنْهَا برضاهم فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم وورثها بتشديدالراء وَالظَّاهِر أَن الضَّمِير للْقَاتِل بِنَاء على أَنَّهَا مَاتَت بعد ذَلِك أَيْضا وَلَا اسْتهلّ أَي وَلَا صَاح عِنْد الْولادَة ليعرف بِهِ أَنه مَاتَ بعد ان كَانَ حَيا يطلّ هُوَ اما مضارع بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة وَتَشْديد اللَّام أَي يهدر ويلغي أَو مَاض بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف اللَّام من الْبطلَان من أجل سجعه أَي قَالَ لَهُ ذَلِك لاجل سجعه قَالَ الْخطابِيّ لم يعبه بِمُجَرَّد السجع بل بِمَا تضمنه سجعه من الْبَاطِل أَو إِنَّمَا ضرب الْمثل بالكهان لأَنهم كَانُوا يروجون أقاويلهم الْبَاطِلَة بأسجاع ترقق الْقُلُوب ليميلوا إِلَيْهَا والا فالسجع فِي مَوضِع الْحق جَاءَ كثيرا قلت وَالظَّاهِر أَن مَا جَاءَ جَاءَ بِلَا قصد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 وَالْقَصْد إِلَيْهِ غير لَائِق مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4821] عَن عبيد بن نضيلة بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا وَيُقَال بن نَضْلَة بِالتَّكْبِيرِ بِفَتْح نون فَسُكُون ضاد مُعْجمَة قَوْله أدّى صِيغَة الْمُتَكَلّم من الدِّيَة وَلَا صَاح أَي عِنْد الْولادَة فَاسْتهلَّ أَي فَيُقَال أَنه اسْتهلّ وَلَا بُد من تَقْدِير مثل ذَلِك والاستهلال هُوَ الصياح عِنْد الْولادَة فَلَا يَصح أَن يعْطف عَلَيْهِ بِالْفَاءِ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 قَوْله تغرمني بِالْخِطَابِ وَتَشْديد الرَّاء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 قَوْله جارتان أَي ضرتان صخب بِفتْحَتَيْنِ أَي ارْتِفَاع صَوت ومخاصمة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 [4828] وَالْأُخْرَى أم غطيف قَالَ السُّيُوطِيّ الْمَعْرُوفُ أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ زَوْجُ حَمَلِ بن مَالك كَذَا فِي مبهمات الْخَطِيب وَأسد الْغَابَةِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الصَّحَابِيَّاتِ مَنِ اسْمُهَا أم عطيف بِالْعينِ الْمُهْملَة وَقد يُقَال أم عفيف بنت مسروح الهذلية زوج حمل بن مَالك الْهُذلِيّ تقدم ذكرهَا فِي مليكَة ثمَّ ذكر أم غطيف فِي الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَقَالَ هِيَ أم غطيف الهذليه فِي أم عفيف فِي الْعين الْمُهْملَة وَقَالَ فِي مليكَة أَنَّهَا بنت عُوَيْمِر الهذلية وَقيل بنت عويم بِغَيْر رَاء وتكني أم عفيف وَقيل غطيف وَالْأول الْمُعْتَمد وَالثَّانِي وَقع فِي كَلَام أبي عمر فَهُوَ تَصْحِيف وَهَذَا يدل على أَن مليكَة هِيَ الَّتِي فِي كنيتها اخْتِلَاف أَنَّهَا أم عفيف أَو أم غطيف وَهَذَا بعيد وَإِنَّمَا الْخلاف فِي كنية الْأُخْرَى وَأَيْضًا قَوْله وَالثَّانِي وَقع فِي كَلَام أبي عمر بعيد فقد جَاءَ عَن بن عَبَّاس أَنَّهَا أم غطيف كَمَا فِي النَّسَائِيّ وَذكر الْقُسْطَلَانِيّ فِي الدِّيات وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَأبي نعيم فِي الْمعرفَة عَن بن عَبَّاس أَن الْمَرْأَة الْأُخْرَى أم غطيف وَذكر أَن الَّذِي فِي مُسْند أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ أَن الرامية أم عفيف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لمولى أَي لمعتق بِالْفَتْح [4829] أَن يتَوَلَّى مُسلما أَي يتَّخذ مُسلما آخر غير مُعْتقه بِالْكَسْرِ مولى لَهُ وَيَقُول مولَايَ فلَان بِغَيْر اذنه أَي بِغَيْر اذن مَوْلَاهُ وَهَذَا الْقَيْد لزِيَادَة التقبيح والا فَلَا يجوز ذَلِك مَعَ الْإِذْن أَيْضا وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة من الِاخْتِصَار المخل لَكِن الرِّوَايَات الاخر مبينَة للمرادقوله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 [4830] من تطبب أَي تكلّف فِي الطِّبّ وَهُوَ لَا يُعلمهُ فَهُوَ ضَامِن لما أتْلفه بطبه قَوْله [4832] أشهد بِهِ أَي أشهد بِكَوْنِهِ ابْني أما انك الخ أَي جِنَايَة كل مِنْهُمَا قَاصِرَة عَلَيْهِ لَا تتعداه إِلَى غَيره وَلَعَلَّ المُرَاد الْإِثْم والا فَالدِّيَة متعدية وَيحْتَمل أَن يخص الْجِنَايَة بالعمد وَالْمرَاد أَنه لَا يقتل الا الْقَاتِل لَا غَيره كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَمر الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ أَخْبَار بِبُطْلَان أَمر الْجَاهِلِيَّة وَيُؤَيِّدهُ الحَدِيث الْآتِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 [4840] السَّادة لمكانها بتَشْديد الدَّال أَي الْبَاقِيَة الثَّابِتَة فِي مَكَانهَا أَي لم تخرج من الحدقة فَبَقيت فِي الظَّاهِر على مَا كَانَت وَلم يذهب جمال الْوَجْه لَكِن ذهب ابصارها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4842] خمْسا خمْسا مَنْصُوب على التَّمْيِيز أَي مُتَسَاوِيَة من حَيْثُ وجوب خمس من الْإِبِل فِي الدِّيَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 [4843] الْأَصَابِع عشر عشر أَي دِيَة الْأَصَابِع عشر عشر جعلت سَوَاء وان كَانَت مُخْتَلفَة الْمعَانِي وَالْمَنَافِع قصدا للضبط وَكَذَا الْأَسْنَان وَلَو اعْتبرت الْمَنْفَعَة لاختلف الْأَمر اخْتِلَافا شَدِيدا قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 [4852] وَفِي المواضح جمع مُوضحَة وَهِي الشَّجَّة الَّتِي توضح الْعظم أَي تظهره والشجة الْجراحَة وَإِنَّمَا تسمى شجة إِذا كَانَت فِي الْوَجْه والراس وَالْمرَاد فِي كل وَاحِدَة من الْمُوَضّحَة خمس قَالُوا وَالَّتِي فِيهَا خمس من الْإِبِل مَا كَانَ فِي الرَّأْس وَالْوَجْه وَأما فِي غَيرهمَا فَحُكُومَة عدل قَوْله أَن من اعتبط الخ يُقَال عبطت النَّاقة إِذا ذبحتها من غير مرض أَي من قَتله بِلَا جِنَايَة وَلَا جريرة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 [4853] فَإِنَّهُ قَود أَي فان الْقَاتِل يقتل بِهِ ويقاد إِذا أوعب جدعه أَي قطع جَمِيعه الدِّيَة أَي الْكَامِلَة فِي الادمي كُله وَفِي البيضتين أَي الخصيتين وَفِي المأمومة أَي فِي الشَّجَّة الَّتِي تصل إِلَى أم الدِّمَاغ وَهِي جلدَة فَوق الدِّمَاغ وَفِي الْجَائِفَة أَي الطعنة الَّتِي تبلغ جَوف الرَّأْس أوجوف الْبَطن وَفِي المنقلة هِيَ شجة يخرج مِنْهَا صغَار الْعظم وينقل عَن أماكنها وَقيل هِيَ الَّتِي تنقل الْعظم أَي تكسره قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 [4858] فالتقم عينه من خصَاصَة الْبَاب الْخَصَاصَة ضبط بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ الفرجة وَالْمعْنَى جعل فُرْجَة الْبَاب محاذي عينه كَأَنَّهَا لقْمَة لَهَا فَبَصر بِهِ بِضَم الصَّاد فتوخاه أَي طلبه ليفقأ كيمنع آخِره همزَة أَي ليشق انقمع أَي رد بَصَره وَرجع قَوْله من جُحر بِتَقْدِيم الْجِيم المضمومة على الْحَاء الْمُهْملَة الساكنة أَي من ثقب بمدري بِكَسْر مِيم وَسُكُون دَال مُهْملَة مَقْصُور شَيْء يعْمل من حَدِيد أَو خشب على شكل سنّ من أَسْنَان الْمشْط يسرح بِهِ الشّعْر تنظرني أَي تراني قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 [4860] فَلَا دِيَة لَهُ وَلَا قصاص لَكِن لَا يصدق الَّذِي فعل فِي ذَلِك الا بِشُهُود قَوْله فدرأه بِهَمْزَة أَي دَفعه فَلم يرجع من الْمُرُور بل اسْتمرّ مارا [4862] مَا ضَربته إِنَّمَا ضربت الشَّيْطَان أَي مَا ضَربته وَهُوَ بن أخي وَلَكِن ضَربته الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 وَهُوَ شَيْطَان فَلَا يرد أَنه لَا يَصح نفي الْحَقِيقَة فَلَا يَصح أَن يَقُول مَا ضَربته الا أَن يكون كذبا قَوْله فَقَالَ لم ينسخها بِشَيْء الخ قد سبق تَحْقِيق هَذَا الحَدِيث فِي كتاب تَحْرِيم الدَّم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الْكَاذِبَةُ الْفَاجِرَةُ كَاَلَّتِي يَقْتَطِعُ بِهَا الْحَالِفُ مَالَ غَيْرِهِ سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تغمس فِي الْإِثْم وَالنَّار وفعول للْمُبَالَغَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 [4869] لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ هَذَا وَأَمْثَاله حمله الْعلمَاء على التَّغْلِيظ وعَلى كَمَال الْإِيمَان وَقيل المُرَاد بِالْإِيمَان الْحيَاء لكَونه شُعْبَة من الْإِيمَان فَالْمَعْنى لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ يستحيي من الله تَعَالَى وَقيل المُرَاد بِالْمُؤمنِ ذُو الْأَمْن من الْعَذَاب وَقيل النَّفْي بِمَعْنى النَّهْي أَي لَا يَنْبَغِي للزاني أَن يَزْنِي وَالْحَال أَنه مُؤمن فَإِن مُقْتَضى الْإِيمَان أَن لَا يَقع فِي مثل هَذِه الْفَاحِشَة وَالله تَعَالَى أعلم (كتاب قطع السَّارِق) قَوْله [4870] وَلَا ينتهب نهبة النهب الاخذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَالنهبَة بِالْفَتْح مصدر وبالضم المَال المنهوب والتوصيف بالشرف بِاعْتِبَار متعلقها الَّذِي هُوَ المَال والتوصيف بِرَفْع أبصار النَّاس لبَيَان قسوة قلب فاعلها وَقلة رَحمته وحيائه قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 [4871] ثمَّ التَّوْبَة معروضة أَي من الله تَعَالَى على الْمُؤمن مَفْتُوح بَابهَا أَي فَإِذا تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ بعد أَي إِلَى وقتنا هَذَا قَوْله [4872] خلع ربقة الْإِسْلَام الربقة فِي الأَصْل عُرْوَة فِي حَبل يَجْعَل فِي عنق الْبَهِيمَة أَو يَدهَا وَالْمرَاد هَا هُنَا تَشْبِيه الْإِسْلَام بهَا كَأَنَّهُ طوق فِي عنق الْمُسلم لَازم بِهِ لُزُوم الربقة فَإِذا بَاشر بعض هَذِه الْأَفْعَال فَكَأَنَّهُ خلع هَذَا الطوق من عُنُقه قَوْله [4873] يسرق الْبَيْضَة أَي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَهَذَا تقليل لمسروقه بِالنّظرِ إِلَى يَده المقطوعة فِيهِ كَأَنَّهُ كالبيضة وَالْحَبل مِمَّا لَا قيمَة لَهُ وَقيل المُرَاد أَنه يسرق قدر الْبَيْضَة وَالْحَبل أَو لَا ثمَّ يجترئ إِلَى أَن يقطع يَده وَقيل المُرَاد بالبيضة بَيْضَة الْحَدِيد وبالحبل حَبل السَّفِينَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ قيمَة وَلَا يخفى أَنه لَا يُنَاسب سوق الحَدِيث فَإِنَّهُ مسوق لتحقير مسروقه وتعظيم عُقُوبَته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 [4874] من الكلاعيين نِسْبَة إِلَى ذِي كلاع بِفَتْح كَاف وخفة لَام قَبيلَة من الْيمن فحبسهم الْحَبْس للتُّهمَةِ جَائِز وَقد جَاءَ عَنهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه حبس رجلا فِي تُهْمَة كَمَا سَيَجِيءُ أخذت من ظهوركم أَي قصاصا وَنقل عَن أبي دَاوُد فِي بعض نسخ السّنَن أَنه قَالَ إِنَّمَا أرهبهم بِهَذَا القَوْل أَي لَا أحب الضَّرْب الا بعد الِاعْتِرَاف قلت كنى بِهِ أَنه لَا يحل ضَربهمْ فَإِنَّهُ لَو جَازَ لجَاز ضربكم أَيْضا قصاصا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 [4877] مَا اخالك بِكَسْر الْهمزَة هُوَ الشَّائِع الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور وَالْفَتْح لُغَة بعض وان كَانَ هُوَ الْقيَاس لكَونه صِيغَة الْمُتَكَلّم من خَال كخاف بِمَعْنى ظن قيل أَرَادَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تلقين الرُّجُوع عَن الِاعْتِرَاف وَللْإِمَام ذَلِك فِي السَّارِق إِذا اعْترف كَمَا يُشِير إِلَيْهِ تَرْجَمَة المُصَنّف وَمن لَا يَقُول بِهِ يَقُول لَعَلَّه ظن بالمعترف غَفلَة عَن معنى السّرقَة وأحكامها أَو لِأَنَّهُ استبعد اعترافه بذلك لِأَنَّهُ مَا وجد مَعَه مَتَاع وَاسْتدلَّ بِهِ من يَقُول لَا بُد فِي السّرقَة من تعددالاقرار فَقَالَ لَهُ قل الخ لَعَلَّ المُرَاد الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة من سَائِر الذُّنُوب أَو لَعَلَّه قَالَ ذَلِك ليعزم على عدم الْعود إِلَى مثله فَلَا دَلِيل لمن قَالَ الْحُدُود لَيست كَفَّارَات لأَهْلهَا مَعَ ثُبُوت كَونهَا كَفَّارَات بالأحاديث الصِّحَاح الَّتِي كَادَت تبلغ حد التَّوَاتُر كَيفَ وَالِاسْتِغْفَار مِمَّا أَمر بِهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اسْتغْفر لذنبك وَقد قَالَ تَعَالَى لقد تَابَ الله على النَّبِي لمعان ومصالح ذكرُوا فِي مَحَله فَمثله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 لَا يصلح دَلِيلا على بَقَاء ذَنْب السّرقَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4878] فَأمر بِقِطْعَة قيل أَي بعد اقراره بِالسَّرقَةِ قلت وَهُوَ الْوَارِد والا فَيحْتَمل أَن يُقَال أَنه بعد قيام الْبَيِّنَة قد تجاوزت عَنهُ وَقد جَاءَ انه قَالَ أبيعه مِنْهُ أَو أهبه لَهُ يُرِيد أَن يَجْعَل الرِّدَاء ملكا لَهُ فيرتفع مُسَمّى السّرقَة فَمَا قبل صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من ذَلِك وَقَالَ أَفلا كَانَ الخ أَي لَو تركته قبل احضاره عِنْدِي لنفعه ذَلِك وَأما بعد ذَلِك فَالْحق للشَّرْع لَا لَك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 [4881] أَنه طَاف بِالْبَيْتِ الْمَشْهُور أَن الْقَضِيَّة كَانَت فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَمَا سَيَجِيءُ ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْمَسْجِد حرز فِي حق النَّائِم عِنْد مَاله فِيهِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 [4885] تعافوا الْحُدُود أَي تجاوزوا عَنْهَا وَلَا ترفعوها إِلَى فَانِي مَتى علمتها أقمتها قَوْله [4887] تستعير الْمَتَاع قيل ذكرت الْعَارِية تعريفا لحالها الشنيعة لَا لِأَنَّهَا سَبَب الْقطع وَسبب الْقطع إِنَّمَا كَانَ السّرقَة لَا جحد الْعَارِية قَالَ الْجُمْهُور لَا قطع على من جحد الْعَارِية وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق بِالْقطعِ قلت قَول الرَّاوِي فَأمر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 بِالْفَاءِ ظَاهر فِي قَول أَحْمد وآب عَن تَأْوِيل الْجُمْهُور وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِك وَمَا جَاءَ من لفظ السّرقَة فِي بعض الرِّوَايَات فَيحْتَمل التَّأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 [4897] الا حبه بِكَسْر الْحَاء أَي محبوبه قَوْله يعْرفُونَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا قَوْله [4898] وَهِي لَا تعرف قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 [4904] خير لأهل الأَرْض أَي أَكثر بركَة فِي الرزق وَغَيره من الثِّمَار والأنهار من أَن يمطروا على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال مطرتهم السَّمَاء ومطروا قَوْله [4906] قطع رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مجن بِكَسْر فَفتح فتشديد نون اسْم لكل مَا يستر بِهِ من الترس وَنَحْوه ثمَّ ظَاهر الْكتاب نوط الْقطع بتحقق مُسَمّى السّرقَة قَالَ تَعَالَى وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا لَكِن الْأَئِمَّة اتَّفقُوا على تَقْيِيد هَذَا الْإِطْلَاق وَاخْتلفُوا فِي الْقدر الَّذِي يقطع فِيهِ وَلَا يخفى أَن حَدِيث فِي مجن قِيمَته خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم لَا يدل على تعْيين أَن ذَلِك الْقدر خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَلَا يَنْفِي الْقطع فِيمَا دونه لَا منطوقا وَلَا مفهوما لِأَنَّهُ حِكَايَة حَال لَا عُمُوم لَهُ وَكَذَا مَا جَاءَ من الْقطع فِي عشرَة دَرَاهِم وَقد جَاءَ التَّحْدِيد فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة بِربع دِينَار فَالْأَقْرَب القَوْل بِهِ وَمَا جَاءَ من الْقطع بِثَلَاثَة دَرَاهِم فقد جَاءَ أَن ثَلَاثَة دَرَاهِم كَانَ ربع الدِّينَار فِي ذَلِك الْوَقْت فَصَارَ الأَصْل ربع الدِّينَار وَقد اعْترف بِقُوَّة هَذَا القَوْل كثير من الْمُخَالفين وَمن زَاد فِي التَّحْدِيد على ربع الدِّينَار اعتذر بِأَن أَحَادِيث التَّحْدِيد لَا تَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَقد اتَّفقُوا على أَن لَا قطع بمطاق مُسَمّى السّرقَة وَيَد الْمُسلم لَهُ حُرْمَة فَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 يَنْبَغِي قطعهَا بِالشَّكِّ وَفِيمَا دون عشرَة دَرَاهِم حصل الشَّك بِوَاسِطَة الِاضْطِرَاب فِي الحَدِيث وَاخْتِلَاف الْأَئِمَّة فَالْوَجْه تَركه وَالْأَخْذ بِالْعشرَةِ الَّتِي لَا خلاف لأحد فِي الْقطع بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سرق كضرب [4909] من صفة النِّسَاء بِضَم صَاد وَتَشْديد فَاء قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 يَعْنِي ثمن الْمِجَن المُرَاد بِالثّمن الْقيمَة إِذْ الْأَشْيَاء تحد وتعرف بالقيم لَا بالأثمان ثمَّ المُرَاد مجن معِين وَهُوَ مَا قِيمَته ربع دِينَار أَو الْمِجَن عِنْدهم غَالِبا مَا كَانَ أقل من ربع دِينَار والا فالمجن مُخْتَلف الْقيمَة فَلَا يصلح للضبط وَأما ثلث دِينَار أونصف دِينَار فَهُوَ مُخَالف للمشهور وَهُوَ ربع دِينَار مَعَ مَا فِيهِ من الشَّك وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 قَوْله [4937] الا فِي الْمِجَن أَو ثمنه هُوَ شكّ من الروَاة وَالْمرَاد بِثمن الْمِجَن قِيمَته كَمَا تقدم قَوْله [4938] الْمِجَن أَرْبَعَة دَرَاهِم كَأَن قِيمَته كَانَت أَحْيَانًا أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو كَانَ ربع الدِّينَار كَانَ أَرْبَعَة دَرَاهِم فحدد عُرْوَة بذلك والا فالمدار على ربع الدِّينَار قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 [4940] لَا تقطع الْخمس أَي خمس أَصَابِع وَهُوَ كِنَايَة عَن الْيَد الا فِي الْخمس أَي خمس دَرَاهِم وَهَذَا لَا يُقَابل الْمَرْفُوع الصَّحِيح قَوْله [4941] فِي أدنى من حجفة بحاء مُهْملَة ثمَّ جِيم مفتوحتين هِيَ الدرقة وَهِي مَعْرُوفَة كَذَا ذكره النَّوَوِيّ قَوْله [4943] وَثمن الْمِجَن يَوْمئِذٍ دِينَار هَذَا حِكَايَة مَا بَلغهُمْ من ثمن الْمِجَن فِي بعض أَوْقَات تِلْكَ الْأَيَّام أَو هُوَ ثمن قسم من الْمِجَن فِي ذَلِك الزَّمَان فزعموا أَنه الْحَد لَكِن حِين أَن الْحَد ربع الدِّينَار فَلَا ينظر إِلَى هَذَا الْمقَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 [4957] فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ مُعَلّق أَي بالأشجار الجرين كأمير مَوضِع يجمع فِيهِ التَّمْر ويجفف وَالْمَقْصُود أَنه لَا بُد فِي تحقق الْحِرْز فِي الْقطع فِي حريسة الْجَبَل أَرَادَ بهَا الشَّاة المسروقة من المرعى والاحتراس أَن يُؤْخَذ الشَّيْء من المرعى يُقَال فلَان يَأْكُل الحرسات إِذا كَانَ يَأْكُل أَغْنَام النَّاس كَذَا نقل عَن شرح السّنة المراح بِفَتْح الْمِيم الْمحل ترجع إِلَيْهِ وتبيت فِيهِ قَوْله مَا أصَاب عبارَة عَن الثَّمر وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف [4958] من ذِي حَاجَة من زَائِدَة وَحَمَلُوهُ على حَالَة الِاضْطِرَار أَي فَقَالُوا إِنَّمَا أُبِيح للْمُضْطَر والخبنة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَنون مِعْطَفُ الْإِزَارِ وَطَرَفُ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ فِي ثَوْبه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ أَي على الْمُصِيب وَلَا بُد من تَقْدِير فِيهِ أَي فِي ذَلِك الثَّمر غَرَامَة مثلية الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 بالتثنية وَقد جَاءَ بالافراد فِي بعض نسخ أبي دَاوُد وَهُوَ أظهر وأمثل بقواعد الشَّرْع والتثنية من بَاب التَّعْزِير بِالْمَالِ وَالْجمع بَينه وَبَين الْعقُوبَة وغالب الْعلمَاء على نسخ التَّعْزِير بِالْمَالِ قَوْله [4959] فَقَالَ هِيَ أَي على من سَرَقهَا هِيَ وَمثلهَا والنكال أَي الْعقُوبَة قَوْله [4960] لَا قطع فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ فسر بِمَا كَانَ مُعَلّقا بِالشَّجَرِ قبل أَن يجد ويحرز كَمَا تقدم وَقيل المُرَاد بِهِ أَنه لَا قطع فِيمَا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد وَلَو بعد الْإِحْرَاز الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 وَلَا كثر بِفتْحَتَيْنِ جمار النّخل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 قَوْله [4971] على خائن هُوَ الاخذ مِمَّا فِي يَده على وَجه الْأَمَانَة وَلَا منتهب النهب الْأَخْذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَلَا مختلس الاختلاس أَخذ الشَّيْء من ظَاهر بِسُرْعَة قَالُوا كل ذَلِك لَيْسَ فِيهِ معنى السّرقَة قَالَ القَاضِي عِيَاض شرع الله إِيجَاب الْقطع على السَّارِق وَلم يَجْعَل ذَلِك فِي غَيرهَا كالاختلاس والانتهاب وَالْغَصْب لِأَن ذَلِك قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى السّرقَة وَلِأَنَّهُ يُمكن استرجاع هَذَا النَّوْع باستعداء الْوُلَاة ويسهل إِقَامَة الْبَيِّنَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 عَلَيْهِ بِخِلَاف السّرقَة فَعظم أمرهَا واشتدت عقوبتها ليَكُون أبلغ فِي الزّجر عَنْهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 قَوْله [4977] فَقَالَ اقْتُلُوهُ سُبْحَانَ من أجْرى على لِسَانه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا آل إِلَيْهِ عَاقِبَة أمره والْحَدِيث يدل بِظَاهِرِهِ على أَن السَّارِق فِي الْمرة الْخَامِسَة يقتل وَقد جَاءَ الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَرْفُوعا عَن جَابر فِي أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي الرِّوَايَة وَالْفُقَهَاء على خِلَافه فَقيل لَعَلَّه وجد مِنْهُ ارتداد أوجب قَتله وَهَذَا الِاحْتِمَال أوفق بِمَا فِي حَدِيث جَابر أَنهم جروه وألقوه فِي الْبِئْر إِذْ الْمُؤمن وان ارْتكب كَبِيرَة فَإِنَّهُ يقبر وَيصلى عَلَيْهِ لَا سِيمَا بعد إِقَامَة الْحَد وتطهيره وَأما الاهانة بِهَذَا الْوَجْه فَلَا تلِيق بِحَال الْمُسلم وَقيل بل حَدِيث الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَنْسُوخ بِحَدِيث لَا يحل دم امْرِئ مُسلم الحَدِيث وَأَبُو بكر مَا علم بنسخه فَعمل بِهِ وَفِيه أَن الْحصْر فِي ذَلِك الحَدِيث مُحْتَاج إِلَى التَّوْجِيه فَكيف يحكم بنسخ هَذَا الحَدِيث على أَن التَّارِيخ غير مَعْلُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 [4978] ثمَّ كشر بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ قيل هَكَذَا فِي النّسخ والكشر ظُهُور الْأَسْنَان للضحك وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى هَا هُنَا وَفِي الْكُبْرَى كسر بِالْمُهْمَلَةِ وَصحح عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى وَقد جَاءَ كشيش الأفعى بشينين معجمتين بِلَا رَاء بِمَعْنى صَوت جلدهَا إِذا تحركت يُقَال كشت تكش وَهَذَا الْمَعْنى صَحِيح هُنَا لوساعدته رِوَايَة قلت وُقُوع تَحْرِيف قَلِيل من النَّاسِخ غير بِعَبْد وَالله تَعَالَى أعلم فانصدعت الْإِبِل أَي تَفَرَّقت قَوْله [4979] لَا تقطع الْأَيْدِي فِي السّفر وَجَاء فِي رِوَايَات الحَدِيث فِي الْغَزْو وَهَذَا الحَدِيث أَخذ بِهِ الْأَوْزَاعِيّ وَلم يقل بِهِ أَكثر الْفُقَهَاء فَقَالَ قَائِل الحَدِيث ضَعِيف وَقَالَ قَائِل المُرَاد بقوله فِي غَزْو أَي فِي غنيمَة لِأَنَّهُ شريك بسهمه فِيهِ وَقيل هَذَا إِذا خيف لُحُوق الْمَقْطُوع يَده بدار الْحَرْب وَالله أعلم قَوْله [4980] وَلَو بنش بِفَتْح نون وَتَشْديد شين الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 عشرُون درهما وَقيل يُطلق على النّصْف من كل شَيْء فَالْمُرَاد وَلَو بِنصْف الْقيمَة أَو بِنصْف دِرْهَم وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمرَاد البيع مَعَ بَيَان الْحَال وَأمره بِالْبيعِ مَعَ أَنه يَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ لِأَن الْإِنْسَان قد لَا يقدر على إصْلَاح حَاله وَيكون غَيره قَادِرًا عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شعرته أَي الْعَانَة استحيي أَي ترك حَيا قَوْله وعلق يَده أَي ليَكُون عِبْرَة ونكالا قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَلَو ثَبت هَذَا الحكم لَكَانَ حسنا صَحِيحا لكنه لم يثبت وَيَرْوِيه الْحجَّاج بن أَرْطَاة قلت والْحَدِيث قد حسنه التِّرْمِذِيّ وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وان تكلم فِيهِ النَّسَائِيّ وَالله تَعَالَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 أعلم قَوْله لَا يغرم من التغريم أَي إِن وجد عِنْده عين الْمَسْرُوق يُؤْخَذ مِنْهُ وَإِلَّا يتْرك بعد إِجْرَاء الْحَد عَلَيْهِ وَلَا يضمن وَبِه أَخذ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَالْجُمْهُور يَتَكَلَّمُونَ فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ مُرْسل كَمَا ذكره المُصَنّف وَذَلِكَ لِأَن الْمسور بن إِبْرَاهِيم لم يسمع عَن عبد الرَّحْمَن وَرِوَايَته عَنهُ مُرْسلَة والمرسل لَيْسَ بِحجَّة عِنْد بعض فَكيف يُؤْخَذ بِهِ فِي مُقَابلَة الْعِصْمَة الثَّابِتَة لمَال الْمُسلم قطعا لَكِن الْإِرْسَال عِنْد أبي حنيفَة لَيْسَ بحرج فَإِن الْمُرْسل عِنْده حجَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَي الْأَعْمَال أفضل إِلَخ قد جَاءَ فِي أفضل الْأَعْمَال أَحَادِيث مُخْتَلفَة ذكر الْعلمَاء فِي التَّوْفِيق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 بَينهَا وُجُوهًا وَأحسن مَا قَالُوا أَنه خَاطب كل شخص بِالنّظرِ إِلَى مقَامه وَمَا يَقْتَضِيهِ حَاله كَمَا هُوَ حَال الْحَكِيم نعم لَا اشكال فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن الظَّاهِر أَن الْإِيمَان أفضل الْأَعْمَال على الْإِطْلَاق وَفِيه إِطْلَاق اسْم الْعَمَل على الْإِيمَان وَأَنه لَا يخْتَص بِأَفْعَال الْجَوَارِح وعَلى هَذَا فعطف الْعَمَل على الْإِيمَان فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن مثل ان الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من عطف الْأَعَمّ على الْأَخَص الا أَن يخص الْعَمَل فِي الْآيَة بِعَمَل الْجَوَارِح بِقَرِينَة الْمُقَابلَة فَيكون من عطف المتباينين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يشك فِيهِ أَي فِي مُتَعَلّقه وَهُوَ الْمُؤمن بِهِ وَالْمرَاد بِنَفْي الشَّك نفي احْتِمَال مُتَعَلقَة النقيض بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا هُوَ الْمَعْنى اللّغَوِيّ لَا نفي الِاحْتِمَال الْمسَاوِي كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي الِاصْطِلَاح فَرجع حَاصِل الْجَواب إِلَى أَنه التَّصْدِيق اليقيني دون الظني فَإِن التَّصْدِيق يكون على وَجه الْيَقِين وَالظَّن فَلَا يرد أَن الشَّك لَا يجْتَمع مَعَ التَّصْدِيق أصلا فَلَا فَائِدَة فِي هَذَا الْوَصْف وَحمل الشَّك فِيهِ على إِظْهَار الشَّك فِيهِ بِلَفْظ الِاسْتِثْنَاء بِأَن يَقُول أَنا مُؤمن ان شَاءَ الله بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثَلَاث أَي ثَلَاث خِصَال أَي خِصَال ثَلَاث وَهُوَ مُبْتَدأ للتخصيص وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة خبر أوصفه وَقَوله أَن يكون الله الخ خبر وَمعنى من كن أَي وجدن فَكَانَ تَامَّة أَو من كن مجتمعة فِيهِ وَهِي نَاقِصَة [4987] وجد بِهن بِسَبَب وجودهن فِيهِ أَو اجتماعهن فِيهِ حلاوة الْإِيمَان أَي انْشِرَاح الصَّدْر بِهِ وَلَذَّة الْقلب لَهُ تشبه لَذَّة الشَّيْء إِلَى حُصُول الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 فِي الْفَم وطعمه عطفه عَلَيْهَا كعطف التَّفْسِير وَقيل الْحَلَاوَة الْحسن وَبِالْجُمْلَةِ فللايمان لَذَّة فِي الْقلب تشبه الْحَلَاوَة الحسية بل رُبمَا يغلب عَلَيْهَا حَتَّى يدْفع بهَا أَشد المرارات وَهَذَا مِمَّا يعلم بِهِ من شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ ارزقناها مَعَ الدَّوَام عَلَيْهَا أحب إِلَيْهِ قيل هُوَ الْحبّ الِاخْتِيَارِيّ لَا الطبعي ومرجعه إِلَى أَن يخْتَار طاعتهما على هوى النَّفس وَغَيرهَا وَأَن يحب أَي غير الله فِي الله أَي لأَجله لَا لأجل هَوَاهُ وَأَن يبغض كل مَا يبغض فِي الله أَي لأَجله وهما جَمِيعًا خصْلَة وَاحِدَة للُزُوم بَينهمَا عَادَة وَحَاصِل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 هَذَا هُوَ أَن يكون الله تَعَالَى عِنْده هُوَ المحبوب بِالْكُلِّيَّةِ وَأَن يكون النَّفس مفقودا فِي جنب الله فَلَا يَرَاهَا أصلا الا لله من حَيْثُ كَونهَا عبدا لَهُ تَعَالَى وَعند ذَلِك يصير النَّفس وَغَيره سَوَاء الْوُجُود هَذَا الْقدر فِي الْكل فَينْظر إِلَى الْكل بِحَدّ سَوَاء وَلَا يرجح النَّفس على الْغَيْر أصلا بل رجح الْقَرِيب إِلَى الله بِقدر قربه على نَفسه وَحِينَئِذٍ يظْهر فِيهِ آثَار قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ نعم هَذَا لَا يُنَافِي تَقْدِيم نَفسه على غَيره فِي الْإِنْفَاق وَغَيره لأجل أَمر الله تَعَالَى بذلك وَأَن توقد الخ ظَاهره أَنه مُبْتَدأ خَبره أحب إِلَيْهِ لَكِن عد الْجُمْلَة من الْخِصَال غير مُسْتَقِيم فَالْوَجْه أَن يقدر أَن يكون وَيجْعَل أَن يُوقد الخ اسْما لَهُ وَأحب بِالنّصب خَبرا أَي وَأَن يكون ايقاد نَار عَظِيمَة فوقوعه فِيهَا أحب إِلَيْهِ من الشّرك أَي أَن يصير الشّرك عِنْده لقُوَّة اعْتِقَاده بجزائه الَّذِي هُوَ النَّار المؤبدة بِمَنْزِلَة جَزَائِهِ فِي الْكَرَاهَة والنفرة عَنهُ فَكَمَا أَنه لَو خير بَين نَار الْآخِرَة ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا كَذَلِك لَو خير بَين الشّرك ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا ومرجع هَذَا أَن يصير الْغَيْب عِنْده من قُوَّة الِاعْتِقَاد كالعيان كَمَا روى عَن عَليّ لَو كشف الغطاء مَا ازددت يَقِينا وَلَا يخفى أَن من تكون عقيدته من الْقُوَّة بِهَذَا الْوَجْه ومحبة الله تَعَالَى بذلك الْوَجْه فَهُوَ حقيق بِأَن يجدمن لَذَّة الْإِيمَان مَا يجد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من أحب الْمَرْء تَفْصِيل للموصوفين بِتِلْكَ الصِّفَات الثَّلَاث ليتبين بِهِ الصِّفَات الثَّلَاث وَالْمرَاد من الْمَرْء من يُحِبهُ من النَّاس يَشْمَل نَفسه وَغَيره [4988] أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ قيد على حسب وقته إِذْ النَّاس كَانُوا فِي وقته أَسْلمُوا بعد سبق الْكفْر وَهُوَ كِنَايَة عَن معنى بعد أَن رزقه الله الْإِسْلَام وهداه إِلَيْهِ وَالرُّجُوع على الأول على حَقِيقَته وعَلى الثَّانِي كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الْكفْر قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 [4990] وَوضع كفيه على فَخذيهِ أَي فَخذي نَفسه جَالِسا على هَيْئَة المتعلم كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَاخْتَارَهُ التوربشتي بِأَنَّهُ أقرب إِلَى التوقير وأشبه بسمت ذَوي الْأَدَب أَو فَخذي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكره الْبَغَوِيّ وَغَيره وَيُؤَيِّدهُ الْمُوَافقَة لقَوْله فأسند رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَرجحه بن حجر بِأَن فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة ثمَّ وضع يَدَيْهِ على ركبتي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بذلك الْمُبَالغَة فِي تعمية أمره ليقوى الظَّن أَنه من جُفَاة الْأَعْرَاب قلت وَهَذَا الَّذِي نَقله من رِوَايَة بن خُزَيْمَة هُوَ رِوَايَة المُصَنّف فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي ذَر والواقعة متحدة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 يَا مُحَمَّد كَرَاهَة النداء باسمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي حق النَّاس لَا فِي حق الْمَلَائِكَة فَلَا اشكال فِي نِدَاء جِبْرِيل بذلك على أَن التعمية كَانَت مَطْلُوبَة أَن تشهد الخ حَاصله أَن الْإِسْلَام هُوَ الْأَركان الْخَمْسَة الظَّاهِرِيَّة يسْأَله وَالسُّؤَال يَقْتَضِي الْجَهْل بالمسئول عَنهُ ويصدقه والتصديق هُوَ الْخَبَر بِأَن هَذَا مُطَابق للْوَاقِع وَهَذَا فرع معرفَة الْوَاقِع وَالْعلم بِهِ ليعرف مُطَابقَة هَذَا لَهُ [4990] أَن تؤمن بِاللَّه أَي تصدق فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ والايمان الْمَسْئُول عَنهُ الشَّرْعِيّ فَلَا دور وَفِي هَذَا التَّفْسِير إِشَارَة إِلَى أَن الْفرق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 بَين الْإِيمَان الشَّرْعِيّ واللغوي بِخُصُوص الْمُتَعَلّق فِي الشَّرْعِيّ وَحَاصِل الْجَواب أَن الْإِيمَان هُوَ الِاعْتِقَاد الباطني عَن الْإِحْسَان أَي الْإِحْسَان فِي الْعِبَادَة أَو الْإِحْسَان الَّذِي حث الله تَعَالَى عباده على تَحْصِيله فِي كِتَابه بقوله وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ كَأَنَّك ترَاهُ صفة مصدر مَحْذُوف أَي عبَادَة كَأَنَّك فِيهَا ترَاهُ أوحال أَي وَالْحَال كَأَنَّك ترَاهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُود على تَقْدِير الحالية أَن ينْتَظر بِالْعبَادَة تِلْكَ الْحَال فَلَا يُعِيد قبل تِلْكَ الْحَال بل الْمَقْصُود تَحْصِيل تِلْكَ الْحَال فِي الْعِبَادَة وَالْحَاصِل أَن الْإِحْسَان هُوَ مُرَاعَاة الْخُشُوع والخضوع وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فِي الْعِبَادَة على وَجه راعاه لَو كَانَ رائيا وَلَا شكّ أَنه لَو كَانَ رائيا حَال الْعِبَادَة لما ترك مَا قدر عَلَيْهِ من الْخُشُوع وَغَيره وَلَا منشأ لتِلْك المراعاة حَال كَونه رائيا إِلَّا كَونه تَعَالَى رقيبا عَالما مطلعا على حَاله وَهَذَا مَوْجُود وان لم يكن العَبْد يرَاهُ تَعَالَى وَلذَلِك قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْلِيله فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك أَي وَهُوَ يَكْفِي فِي مُرَاعَاة الْخُشُوع بذلك الْوَجْه فَإِن على هَذَا وصلية لَا شَرْطِيَّة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 وَالْكَلَام بِمَنْزِلَة فَإنَّك وان لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك فليفهم مَا المسؤل عَنْهَا الخ أَي هما متساويان فِي عدم الْعلم أَن تَلد الْأمة ربتها أَي أَن تحكم الْبِنْت على الْأُم من كَثْرَة العقوق حكم السيدة على أمهَا وَلما كَانَ العقوق فِي النِّسَاء أَكثر خصت الْبِنْت وَالْأمة بِالذكر وَقد ذكرُوا وُجُوهًا أخر فِي مَعْنَاهُ قَوْله وَأَن ترى الحفاة العراة كل مِنْهُمَا بِضَم الأول العالة جمع عائل بِمَعْنى الْفَقِير رعاء الشَّاء كل مِنْهُمَا بِالْمدِّ وَالْأول بِكَسْر الرَّاء وَالْمرَاد الاعراب وَأَصْحَاب الْبَوَادِي يتطاولون بِكَثْرَة الْأَمْوَال الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 فَلَبثت ثَلَاثًا أَي ثَلَاث لَيَال وَقد جَاءَ هَذَا فِي رِوَايَات كَثِيرَة وَهُوَ بَيَان لقَوْله فَلَبثت مَلِيًّا أَي زَمَانا طَويلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [4991] وانا لجُلُوس جمع جَالس كالقعود أَو هُوَ من إِطْلَاق الْمصدر مَوضِع الْجمع حَتَّى سلم من طرف السماط السماط بِكَسْر السِّين الصَّفّ من النَّاس وَفِي بعض النّسخ حَتَّى سلم فِي طرف الْبسَاط وَهَذَا يدل على أَنهم فرشوا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بساطا قَالَ أدنو صِيغَة الْمُتَكَلّم من الدنو بِمَعْنى الْقرب وهمزة الِاسْتِفْهَام مقدرَة قَالَ ادنه بِسُكُون الْهَاء للسكتة أَن تعبد الله أَي يوحده بِلِسَانِهِ على وَجه يعْتد بِهِ فَشَمَلَ الشَّهَادَتَيْنِ فَوَافَقَ هَذِه الرِّوَايَة رِوَايَة عمر وَكَذَا حَدِيث بني الْإِسْلَام على خمس وَجُمْلَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 [4991] وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا للتَّأْكِيد قَالَ إِذا فعلت على صِيغَة الْمُتَكَلّم أنكرناه استبعدنا كَلَامه وَقُلْنَا أَنه سَائل ومصدق وَبَين الوصفين تنَاقض قَالَ الْإِيمَان بِاللَّه أَي التَّصْدِيق بوحدانيته فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ كَمَا تقدم وتؤمن بِالْقدرِ الظَّاهِر أَنه من عطف الْفِعْل على الِاسْم الصَّرِيح وَالنّصب فِي مثله أحسن فَنَكس أَي طأطأ رَأسه أَي خفضه الرعاء البهم بِضَمَّتَيْنِ نعت للرعاء أَي السود وَقيل جمع بهيم بِمَعْنى الْمَجْهُول الَّذِي لَا يعرف وَمِنْه أبهم الْأَمر إِذا لم تعرف حَقِيقَته وَقيل أَي الْفُقَرَاء الَّذين لَا شَيْء لَهُم وعَلى هَذَا فهم رعاء لابل الْغَيْر لَا لابلهم إِذْ الْمَفْرُوض أَنه لَا شَيْء لَهُم وَقد يُقَال من يملك قدر الْقُوت على وَجه الضّيق لَا يُسمى غَنِيا وَلَا يُوصف بِأَن عِنْده شَيْئا فَلَا اشكال وَقد جَاءَ فِي بعض رِوَايَات الحَدِيث رعاء الْإِبِل والبهم بِفَتْح بَاء وَسُكُون هَاء هِيَ الصغار من أَوْلَاد الضَّأْن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 والمعز خمس لَا يعلمهَا دَلِيل على قَوْله مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل ثمَّ قَالَ أَي للنَّاس الْحَالين عِنْده بعد أَن خرج الرجل من الْمجْلس نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ قَالَ الْحَافِظُ بن حجر هَذَا وَهْمٌ لِأَنَّ دِحْيَةَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَقَدْ قَالَ عمر مَا يعرفهُ منا أحد قلت كَونه فِي صُورَة دحْيَة لَا يَقْتَضِي أَن لَا يمتاز عَنهُ بِشَيْء أصلا سِيمَا الامتياز بالأمور الْخَارِجَة فَيجوز أَنه ظهر لَهُم بِبَعْض الْقَرَائِن الْخَارِجَة بل الدَّاخِلَة الْخفية أَنه غير دحْيَة فَلَا وَجه لتوهيم الروَاة بِمَا ذكر فَلْيتَأَمَّل قَوْله [4992] أَو مُسلم بِسُكُون الْوَاو وَكَأَنَّهُ أرشده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 إِلَى أَنه لَا يجْزم بِالْإِيمَان لِأَن مَحَله الْقلب فَلَا يظْهر وَإِنَّمَا الَّذِي يجْزم بِهِ هُوَ الْإِسْلَام لظُهُوره فَقَالَ أَو مُسلم أَي قل أَو مُسلم على الترديد أَو الْمَعْنى أَو قل مُسلم بطرِيق الْجَزْم بِالْإِسْلَامِ وَالسُّكُوت عَن الْإِيمَان بِنَاء على أَن كلمة أَو اما للترديد أَو بِمَعْنى بل وَالرِّوَايَة الْآتِيَة تؤيد الْوَجْه الثَّانِي وعَلى الْوَجْه الثَّانِي يرد أَنه لَا وَجه لاعادة سعد القَوْل بِالْجَزْمِ بِالْإِيمَان لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الاعراض عَن ارشاده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّهُ لغَلَبَة ظن سعد فِيهِ بِالْخَيرِ أَو لشغل قلبه بِالْأَمر الَّذِي كَانَ فِيهِ مَا تنبه للارشاد وَالله تَعَالَى أعلم مَخَافَة أَن يكبوا أَي أُولَئِكَ الَّذين أعطيهم فِي النَّار أَي مَخَافَة أَن يرتدوا لضعف ايمانهم ان لم أعطهم أَو يتكلموا بِمَا لَا يَلِيق فسقطوا فِي النَّار قَوْله أَنه لَا يدْخل الْجنَّة أَي من بَين الْمُسلمين أَو من بَين النَّاس الا مُؤمن وَفِيه أَن الْإِسْلَام بِلَا ايمان لَا ينفع فِي دُخُول دَار السَّلَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 الْمُسلم المُرَاد بِهِ الْكَامِل فِي الْإِسْلَام وَالْمرَاد بقوله [4996] من سلم الْمُسلمُونَ من لَا يُؤْذِي أحدا بِوَجْه من الْوُجُوه لَا بِالْيَدِ وَلَا بِاللِّسَانِ واجراء الْحُدُود وَالتَّعْزِير وَمَا يسْتَحقّهُ الْمَرْء إصْلَاح أَو طلب للحق لَا ايذاء شرعا وَالْمَقْصُود أَن الْكَمَال فِي الْإِسْلَام لَا يتَحَقَّق بِدُونِ هَذَا وَلَا يكون الْمَرْء بِدُونِ هَذَا الْوَصْف مُؤمنا كَامِلا لَا أَنه إِذا تحقق هَذَا الْوَصْف تحقق هَذَا الْكَمَال فِي الْإِسْلَام وان كَانَ مَعَ ترك الصَّلَاة وَنَحْوهَا لجَوَاز عُمُوم الْمَحْمُول من الْمَوْضُوع وَمثله قَوْله وَالْمُؤمن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من صلى صَلَاتنَا أَي من أظهر شَعَائِر الْإِسْلَام وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 [4998] فَحسن إِسْلَامه بِضَم سين مُخَفّفَة أَي صَار حسنا بمواطأة الظَّاهِر الْبَاطِن وَيُمكن تَشْدِيد السِّين ليُوَافق رِوَايَة أحسن أحدكُم إِسْلَامه أَي جعله حسنا بالمواطأة الْمَذْكُورَة كَانَ أزلفها أَي أسلفها وقدمها يُقَال زلف وزلف مشددا ومخففا بِمَعْنى وَاحِد وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن حَسَنَات الْكَافِر مَوْقُوفَة ان أسلم تقبل والا ترد لَا مَرْدُودَة وعَلى هَذَا فنحو قَوْله تَعَالَى وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب مَحْمُول على من مَاتَ على الْكفْر وَالظَّاهِر أَنه لَا دَلِيل على خِلَافه وَفضل الله أوسع من هَذَا وَأكْثر فَلَا استبعاد فِيهِ وَحَدِيث الْإِيمَان يجب مَا قبله من الْخَطَايَا فِي السَّيِّئَات لَا فِي الْحَسَنَات الْقصاص بِالرَّفْع اسْم كَانَ أَي الْمُمَاثلَة الشَّرْعِيَّة وَضعهَا الله تَعَالَى فضلا مِنْهُ ولطفا لَا الْعَقْلِيَّة وَجُمْلَة الْحَسَنَة الخ بَيَان لذَلِك الْقصاص وَنعم الْقصاص هَذَا الْقصاص مَا أكْرمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 [4999] أَي الْإِسْلَام قيل تَقْدِيره أَي ذَوي الْإِسْلَام كَمَا يدل عَلَيْهِ الْجَواب وَيُوَافِقهُ رِوَايَة مُسلم أَي الْمُسلمين أفضل وَبِه ظهر دُخُول أَي على المتعدد وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد أَي افراد الْإِسْلَام أفضل وَمعنى من سلم الخ أَي إِسْلَام من سلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5000] أَي الْإِسْلَام خير أَي أَي خصاله وأعماله خير أَي كثير النَّفْع للْغَيْر وَسبب لارضائه تطعم هُوَ فِي تَقْدِير الْمصدر أَي اطعام الطَّعَام وَمثله تسمع بالمعيدي خير وتقرأ مضارع قَرَأَ أَي تَقُولُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ تَقُولُ اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا تَقول أقرئه السَّلَام فَإِن كَانَ مَكْتُوبًا أقرئه السَّلَام أَي اجْعَلْهُ يَقْرَؤُهُ قَوْله [5001] قَالَ لَهُ أَلا تغزو قَالَ سَمِعت الخ كَأَنَّهُ فهم أَن السَّائِل يرى الْجِهَاد من أَرْكَان الْإِسْلَام فَأجَاب بِمَا ذكر والا فَلَا يَصح التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث فِي ترك الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 مَا لم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث وَهَذَا ظَاهر بني الْإِسْلَام يُرِيد أَنه لَا بُد من اجْتِمَاع هَذِه الْأُمُور الْخَمْسَة ليَكُون الْإِسْلَام سالما عَن خطر الزَّوَال وَكلما زَالَ وَاحِد من هَذِه الْأُمُور يخَاف زَوَال الْإِسْلَام بِتَمَامِهِ وللتنبيه على هَذَا الْمَعْنى أَتَى بِلَفْظ الْبناء وَفِيه تَشْبِيه الْإِسْلَام بِبَيْت مخمسة زواياه وَتلك الزوايا أجزاؤه فبوجودها أجمع يكون الْبَيْت سالما وَعند زَوَال وَاحِد يخَاف على تَمام الْبَيْت وان كَانَ قد يبْقى معيوبا أَيَّامًا وَالله تَعَالَى أعلم شَهَادَة بِالْجَرِّ على الْبَدَلِيَّة من خمس أَو الرّفْع على أَنه خبر مَحْذُوف أَي هِيَ شَهَادَة الخ وَالْمرَاد الشَّهَادَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 بِالتَّوْحِيدِ على وَجه يعْتد بِهِ وَهُوَ أَن تكون مقرونة بِالشَّهَادَةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5002] فَمن وفى مِنْكُم قَالَ السُّيُوطِيّ بِالتَّخْفِيفِ التَّشْدِيد أَيْ ثَبَتَ عَلَى الْعَهْدِ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعْظِيم لِلْأجرِ بإضافته إِلَى عَظِيم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 والْحَدِيث قد سبق وَكَذَا الَّذِي بعده قَوْله بضع بِكَسْر الْبَاء وَحكى فتحهَا هُوَ فِي الْعدَد مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَهُوَ الصَّحِيح وَالْمرَاد بضع وَسَبْعُونَ خصْلَة أَو شُعْبَة أَو نَحْو ذَلِك وَفِي الرِّوَايَة الأولى نَص على الشعبة وَهُوَ بِضَم الشين القطعةمن الشَّيْء وَالْمرَاد الْخصْلَة وَهُوَ كِنَايَة عَن الْكَثْرَة فَإِن أَسمَاء الْعدَد كثيرا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 مَا تَجِيء كَذَلِك فَلَا يرد أَن الْعدَد قد جَاءَ فِي بَيَان الشّعب مُخْتَلفا وَالْمرَاد بِلَا اله الا الله مَجْمُوع الشَّهَادَتَيْنِ عَن صدق قلب أَو الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ فَقَط لَكِن عَن صدق قلبه على أَن الشَّهَادَة بالرسالة شُعْبَة أُخْرَى وَمعنى أوضعها أدناها وأقلها مِقْدَارًا واماطة الشَّيْء عَن الشَّيْء إِزَالَته عَنهُ واذهابه وَالْحيَاء بالمدلغة تغير وانكسار يعتري الْمَرْء مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِير فِي حق ذِي الْحق وَالْمرَاد هَا هُنَا اسْتِعْمَال هَذَا الْخلق على قَاعِدَة الشَّرْع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ملئ على بِنَاء الْمَفْعُول إِلَى مشاشه بِضَم مِيم وَتَخْفِيف هِيَ رُؤُوس الْعِظَام كالمرفقين والكتفين والركبتين قَوْله [5008] فَإِن لم يسْتَطع تَغْيِيره وازالته بِيَدِهِ فبلسانه أَي فلينكر بِلِسَانِهِ فبقلبه أَي فليكرهه بِقَلْبِه وَلَيْسَ المُرَاد فليغيره بِلِسَانِهِ وَقَلبه إِذْ اللِّسَان وَالْقلب لَا يصلحان للتغيير عَادَة سِيمَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع وَذَلِكَ أَي الِاكْتِفَاء بِالْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ أَضْعَف الْإِيمَان أَضْعَف أَعمال الْإِيمَان الْمُتَعَلّقَة بانكار الْمُنكر فِي ذَاته لَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع فَإِنَّهُ بِالنّظرِ إِلَيْهِ هُوَ تَمام الوسع والطاقة وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 [5009] فقد بَرِيء أَي من الْمُشَاركَة مَعَ أَهله فِي الْإِثْم قَوْله [5010] يكون لَهُ صفة الْحق على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس بأشد مجادلة بِنصب مجادلة على التَّمْيِيز وَفِيه مُبَالغَة حَيْثُ جعل المجادلة ذَات مجادلة وَلَا يجوز زجر مجادلة بِإِضَافَة اسْم التَّفْضِيل إِلَيْهَا لِأَنَّهُ يلْزم الْجمع بَين الْإِضَافَة وَمن وَاسم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل بهما وَأَيْضًا التنكير يَأْبَى احْتِمَال الْإِضَافَة من الْمُؤمنِينَ أَي مجادلة الْمُؤمنِينَ الَّذين أدخلُوا على بِنَاء الْمَفْعُول رَبنَا بِتَقْدِير حرف النداء أَي يَا رَبنَا أخواننا أَي هم إِخْوَاننَا أَو هُوَ مُبْتَدأ خَبره جملَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 كَانُوا الخ بصورهم فَإِن صُورَة الْوَجْه لَا تَتَغَيَّر بالنَّار لِأَن النَّار لَا تَأْكُل أَعْضَاء السُّجُود فَانْظُر أَنه كَيفَ يكون هَذَا ان لم يكن فِي الْقُلُوب محبته فِي الدُّنْيَا فَلَعَلَّ من لَا يتحابون لَا يشفعون هَذِه الشَّفَاعَة وَالله تَعَالَى يدْخل الْمحبَّة فِي قُلُوبهم فِي تِلْكَ الْحَالة ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَهُوَ قَوْله يعرضون على على بِنَاء الْمَفْعُول الثدي بِضَم مُثَلّثَة وَتَشْديد يَاء جمع ثدي بِفَتْح فَسُكُون الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 قَوْله [5012] ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم نُزُولهَا قَالَ الْيَوْم أكملت وَفِيه نِسْبَة الْإِكْمَال إِلَى الدّين وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف القَوْل بِزِيَادَة الْإِيمَان وَفِيه خَفَاء لَا يخفى فِي عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة أَي فقد جمع الله تَعَالَى لنا فِي يَوْم نُزُولهَا عيدين مِنْهُ تَعَالَى من غير تكلّف منافله الْحَمد على تَمام نعْمَته قَوْله [5013] أكون أحب إِلَيْهِ أفعل مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَقد سبق مَا قيل أَن المُرَاد بِهِ الْمحبَّة الاختيارية لَا الطبيعية وَكَذَا ذكرُوا أَن المُرَاد بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن لَا يكمل ايمانه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 [5016] مَا يحب لنَفسِهِ أَي من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْمرَاد الْجِنْس لَا خُصُوص النَّوْع والفرد إِذْ قد يكون جبرا لَا يقبل الِاشْتِرَاك كالوسيلة أَو لَا يَلِيق لغير من لَهُ وَنَحْو ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ المُرَاد بِهَذِهِ الْغَايَة وأمثالها أَنه لَا يكمل الْإِيمَان بِدُونِهَا لَا أَنَّهَا وَحدهَا كَافِيَة فِي كَمَال الْإِيمَان وَلَا يتَوَقَّف الْكَمَال بعد حُصُولهَا على شَيْء آخر حَتَّى يلْزم التَّعَارُض بَين هَذِه الغايات الْوَارِدَة فِي مثل هَذِه الْأَحَادِيث فَلْيتَأَمَّل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 [5018] لَا يحبك أَي حبا لائقا لَا على وَجه الافراط فَإِن الْخُرُوج عَن الْحَد غير مَطْلُوب وَلَيْسَ من عَلَامَات الْإِيمَان بل قد يُؤَدِّي إِلَى الْكفْر فَإِن قوما قد خَرجُوا عَن الْإِيمَان بالافراط فِي حب عِيسَى قَوْله [5019] حب الْأَنْصَار لنصرتهم وَكَذَا بغضهم لذَلِك وَأما الْحبّ والبغض لما يجْرِي بَين النَّاس من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة فخارجان عَن هَذَا الحكم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5020] من كن فِيهِ أَي مجتمعة ثمَّ المرجو أَن هَذِه الْأَرْبَع مجتمعة على وَجه الاعتياد والدوام لَا تُوجد فِي مُسلم إِذْ الْمُسلم لَا يَخْلُو عَن عيب فَلَا حَاجَة للْحَدِيث إِلَى تَأْوِيل فَإِن الحَدِيث من الاخبار بِالْغَيْبِ وَإِذا عَاهَدَ العهود هِيَ المواثيق الْمُؤَكّدَة بِالْإِيمَان وَوضع الأيادي فجر أَي شتم وَسَب وَذكر مَالا يَلِيق قَوْله ثَلَاث أَي مَجْمُوع ثَلَاث وَلَعَلَّ هَذِه الثَّلَاث مجتمعة مثل تِلْكَ الْأَرْبَع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 [5022] أَن لَا يحبني أَي لصحبتي وَقَرَابَتِي وَمَا أَعْطَانِي رَبِّي من الْفَضَائِل والكرامات وَكَذَا البغض وَلَيْسَ الْحبّ والبغض للأمور الدُّنْيَوِيَّة مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله إِيمَانًا أَي لأجل الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى وَرَسُوله أَو لأجل الْإِيمَان بِفضل رَمَضَان واحتسابا أَي لأجل طلب الْأجر مِنْهُ تَعَالَى لَا لأجل رِيَاء وَسُمْعَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 [5028] ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعر الرَّأْس يسمع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو بالنُّون على بِنَاء الْفَاعِل دوى صَوته بِفَتْح دَال وَكسر وَاو وَتَشْديد يَاء وَحكى ضم الدَّال هُوَ مَا يظْهر من الصَّوْت عِنْد شدته وَبعده فِي الْهَوَاء شَبِيها بِصَوْت النَّحْل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي أول كتاب الصَّلَاة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 [5029] انتدب الله أَي تكفل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي كتاب الْجِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انا هَذَا الْحَيّ الظَّاهِر أَنه بِالرَّفْع خبران أَي نَحن المعروفون [5031] الْإِيمَان بِاللَّه بدل من أَربع لكَونه عبارَة عَمَّا فسر بِهِ من الْأُمُور الْأَرْبَعَة وَلذَلِك رَجَعَ إِلَيْهِ ضمير الْمُؤَنَّث فِي قَوْله ثمَّ فَسرهَا لَهُم التَّفْسِير يدل على أَن المُرَاد بِالْإِيمَان الْإِسْلَام قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 [5033] يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء أَي يُعَاتب عَلَيْهِ فِي شَأْنه ويحثه على تَركه من الْإِيمَان أَي من شُعْبَة كَمَا تقدم وَلَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَة الْحيَاء باسم الْإِيمَان كَمَا ذكره السُّيُوطِيّ نقلا عَن غَيره قَوْله [5034] ان هَذَا الدّين يسر قَالَ السُّيُوطِيّ سَمَّاهُ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 والعزم والندم وَلنْ يشاد الدّين أحد هُوَ بِضَم الْيَاء وَتَشْديد الدَّال للْمُبَالَغَة من الشدَّة وَأَصله لَا يُقَابل الدّين أحد بالشدة وَلَا يجرى بَين الدّين وَبَينه مُعَاملَة بِأَن يشدد كل مِنْهُمَا على صَاحبه الا غَلبه الدّين وَالْمرَاد أَنه لَا يفرط أحد فِيهِ وَلَا يخرج عَن حد الِاعْتِدَال وَقَالَ بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّة فقد علم أَن كل متنطع أَي مُنْفَرد فِي الدّين يَنْقَطِع وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْمَنْع من طَلَبَ الْأَكْمَلِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ المحمودة بل الْمَنْع مِنْ الْإِفْرَاطِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَالِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ أَوْ إِخْرَاجِ الْفَرْض عَن وقته كمن بَات يُصَلِّي طول اللَّيْل كُله ويغالب النّوم إِلَى أَن غلبت عَيْنَاهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدِّدُوا أَيِ الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَارِبُوا أَيْ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذَ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ وَأَبْشِرُوا أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ أَوِ الْمُرَادُ تَبْشِيرُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْزَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الْأَمر وَأبْهم المبشر بِهِ تَعْظِيمًا وتفخيما وَاسْتَعِينُوا بالغدوة بِالْفَتْح سيرأول النَّهَار وَالرَّوْحَةُ بِالْفَتْحِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالدُّلْجَةُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ أَي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعِبَادَةِ بِإِيقَاعِهَا فِي الْأَوْقَاتِ المنشطة وَفِيه تَشْبِيه للسَّفر إِلَى الله تَعَالَى بِالسَّفرِ الْحسي وَمَعْلُوم أَن الْمُسَافِر إِذا اسْتمرّ على السّير انْقَطع وَعجز وَإِذا أَخذ الْأَوْقَات المنشطة نَالَ الْمَقْصد بالمداومة وغالب هَذَا الَّذِي ذكرته فِي شرح هَذَا الحَدِيث نقلته عَن حَاشِيَة السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله مَه اسكتي عَن مدحها فَإِن الْمَدْح لَيْسَ بالافراط وَإِنَّمَا هُوَ بالاستقامة مَا تطيقون أَي تطيقون المداومة عَلَيْهِ والا فَلَا شكّ أَن من يفعل شَيْئا فَلَا يفعل الا مَا يطيقه لَا يمل بِفَتْح مِيم وَتَشْديد لَام أَي لَا يعرض عَن العَبْد وَلَا يقطع عَنهُ الإقبال عَلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَان حَتَّى تملوا تعرضوا عَن عِبَادَته بعد الدُّخُول فِيهَا لملالة النَّفس أحب الدّين أَي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 قَوْله خير مَال الْمُسلم بِالنّصب على الخبرية غنم بِالرَّفْع على أَنه اسْم يكون يتبع بتَشْديد التَّاء من الافتعال أَو تخفيفها من تبع بِكَسْر الْبَاء مُجَردا شعف الْجبَال بِفتْحَتَيْنِ الأولى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة رُؤُوس الْجبَال ومواضع الْقطر أَي الْمَوَاضِع الَّتِي يسْتَقرّ فِيهَا الْمَطَر كالأودية وَفِيه أَنه يجوز الْعُزْلَة بل هِيَ أفضل أَيَّام الْفِتَن قَوْله العائرة أَي المترددة بَين قطيعين من الْغنم وَهِي الَّتِي تطلب الْفَحْل فتتردد بَين قطيعين وَلَا تَسْتَقِر مَعَ إِحْدَاهمَا وَالْمُنَافِق مَعَ الْمُؤمنِينَ بِظَاهِرِهِ وَمَعَ الْمُشْركين بباطنه تبعا لهواه وغرضه الْفَاسِد فَصَارَ بِمَنْزِلَة تِلْكَ الشَّاة وَفِيه سلب الرجولية عَن الْمُنَافِقين والغنمة وَاحِدَة وَالْغنم جمع فَفِي الحَدِيث تَثْنِيَة للْجمع بتأويله بِالْجَمَاعَة نقل السُّيُوطِيّ عَن الزَّمَخْشَرِيّ أَنه قَالَ فِي الْمفصل قديثنى الْجَمْعُ عَلَى تَأْوِيلِ الْجَمَاعَتَيْنِ وَالْفِرْقَتَيْنِ وَمِنْهُ هَذَا الحَدِيث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 قَوْله [5038] مثل الأترجة بِضَم همزَة وَرَاء وَتَشْديد جِيم وَهِي من أفضل الثِّمَار لكبر جرمها وَحسن منظرها وَطيب طعمها ولين ملمسها ولونها يسر الناظرين وَفِيه تَشْبِيه الْإِيمَان بالطعم الطّيب لكَونه خيرا باطنيا لَا يظْهر لكل أحد وَالْقُرْآن بِالرِّيحِ الطّيب ينْتَفع بِسَمَاعِهِ كل أحد وَيظْهر سَمحا لكل سامع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ القَاضِي يَعْنِي بن الكسار كَمَا فِي بعض النّسخ وَفِي الْأَطْرَاف بعد نقل كَلَام القَاضِي قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَهَذَا حَفْص بن عمر أَبُو عمر المهرقاني الرَّازِيّ مَعْرُوف وَقد ذكره أهل كتب الْأَسْمَاء وَعَلِيهِ عَلامَة النَّسَائِيّ قَالَ فِي التَّقْرِيب من الْعَاشِرَة قَوْله الربالي بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء وَبعد الْألف لَام نِسْبَة إِلَى جده ربال بن إِبْرَاهِيم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 (كتاب الزِّينَة) قَوْله [5040] عشرَة من الْفطْرَة بِكَسْر الْفَاء بِمَعْنى الْخلقَة وَالْمرَاد هَا هُنَا هِيَ السّنة الْقَدِيمَة اختارهاالله تَعَالَى للأنبياء فَكَأَنَّهَا أَمر جبلي فطرواعليها وَمن فِي قَوْله من الْفطْرَة تدل على عدم حصر الْفطْرَة فِيهَا وَلذَلِك جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات خمس من الْفطْرَة فلاتعارض بَين الرِّوَايَتَيْنِ لعدم الْحصْر وَقيل يحْتَمل أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم أَولا بالخمس ثمَّ علم بالعشر فاستقام الْكَلَام لَو أُرِيد الْحصْر أَيْضا بِلَا مُعَارضَة وَقيل يحْتَمل أَنْ تَكُونَ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة آكِد فلمزيد الاهتمام بهاأفردها بِالذكر ثمَّ عشرَة مُبْتَدأ بِتَقْدِير أَفعَال عشرَة أَو عشرَة أَفعَال وَالْجَار وَالْمَجْرُور خبر لَهُ أَو صفة وَمَا بعده خبر قصّ الشَّارِب أَي قطعه والشارب الشّعْر النَّابِت على الشّفة والقص هُوَ الْأَكْثَر فِي الْأَحَادِيث نَص الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 عَلَيْهِ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ مُخْتَار مَالك وَقد جَاءَ فِي بَعْضهَا الاحفاء وَهُوَ مُخْتَار أَكثر الْعلمَاء والاحفاء هُوَ الاستئصال وَاخْتَارَ كثير من الْمُحَقِّقين القص وحملوا عَلَيْهِ غَيره جمعا بَين الْأَحَادِيث وَغسل البراجم تنظيف الْمَوَاضِع الَّتِي يجْتَمع فِيهَا الْوَسخ وَالْمرَاد الاعتناء بهَا فِي الِاغْتِسَال واعفاء اللِّحْيَة أَي ارسالها وتوفيرها ونتف الابط أَي أَخذ شعره بالأصابع وَهل يَكْفِي الْحلق والتنوير فِي السّنة وَخص الابط بالنتف لِأَنَّهُ مَحل الرَّائِحَة الكريهة باحتباس الأبخرة عِنْد المسام والنتف يضعف أصُول الشّعْر وَالْحلق يقويها روى أَن الشَّافِعِي كَانَ يحلق المزين إبطه وَيَقُول السّنة النتف لكني لَا أقدر عَلَيْهِ وانتقاص بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة على الْمَشْهُور أَي انتقاص الْبَوْل بِغسْل المذاكير وَقيل هُوَ بِالْفَاءِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 أَي نضح المَاء على الذّكر الا أَن تكون الْمَضْمَضَة قيل هَذَا شكّ وَالْأَقْرَب أَنَّهَا الْخِتَان الْمَذْكُور فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة من جملَة الْخمس قَوْله وَمصْعَب مُنكر الحَدِيث رد بِأَن مُسلما روى عَنهُ فِي الصَّحِيح الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ونتف الضبع بِفَتْح الضَّاد المعجمةوسكون الْمُوَحَّدَةِ وَسَطُ الْعَضُدِ وَقِيلَ هُوَ مَا تَحْتَ الابط قَوْله اُحْفُوا أَمر من الاحفاء وَقيل وَجَاء حفا الرجل شَاربه يحفوه كأحفى إِذا استأصل أَخذ شعره وَكَذَلِكَ جَاءَ عَفَوْت الشّعْر وأعفيته وعَلى هَذَا يجوز أَن تكون همزَة وصل واللحى بِكَسْر لَام أفْصح من ضمهَا والْحَدِيث قد سبق فِي أول الْكتاب أَيْضا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 قَوْله [5047] من لم يَأْخُذ شَاربه أَي حِين احْتَاجَ إِلَى الْأَخْذ بَان طَال فَلَيْسَ منا تهديد شَدِيد وتغليظ فِي حق التارك وتأويله بِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل سنتنا مشهورقوله [5048] احلقوه كُله فِيهِ اذن فِي حلق الْكل قَوْله [5050] عَن القزع بقاف وزاي مُعْجمَة مفتوحتين قطع السَّحَاب وَالْمرَاد أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكَ مِنْهُ مَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَة غير محلوقةقوله ذُبَاب بذال مُعْجمَة مَضْمُومَة وموحدتين قيل هُوَ الشؤم أَي هَذَا شُؤْم وَقيل هُوَ الشَّرّ الدَّائِم لم أعنك أَي مَا قلت لَك ذَلِك يُرِيد أَنه أَخطَأ فِي الْفَهم وَأصَاب فِي الْفِعْل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 [5053] شعرًا رجلا يُقَال شعر رجل بِفَتْح رَاء وَكسر جِيم وَقيل بِفَتْحِهَا أَي مسترسل أَي كَأَنَّهُ مشط فتكسر قَلِيلا بالجعد بِفَتْح فَسُكُون أَي المنقبض بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا بالسبط بِكَسْر سين وَفتحهَا مَعَ سُكُون بَاء وَكسرهَا وَفتحهَا السبط من الشّعْر المنبسط المسترسل قَوْله [5054] أَن يمتشط أَحَدنَا كل يَوْم أَي المداومة عَلَيْهِ مَكْرُوهَة لما فِيهِ من الاهتمام بالتزين والتهالك فِيهِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 [5055] عَن التَّرَجُّل والترجيل تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه وتحسينه كَذَا فِي النِّهَايَة وَفِي الْقَامُوس التسريح حل الشّعْر وارساله وَهُوَ إِنَّمَا يكون باصلاحها بالامتشاط وَلذَلِك يفسرون الترجيل بالامتشاط ثمَّ الْغَالِب اسْتِعْمَال الترجيل فِي الرَّأْس والتسريح فِي اللِّحْيَة الا غبا الغب بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء أَن يفعل يَوْمًا وَيتْرك يَوْمًا وَالْمرَاد كَرَاهَة المداومة عَلَيْهِ وخصوصية الْفِعْل يَوْمًا وَالتّرْك يَوْمًا غير مرادقوله [5058] شعث الرَّأْس بِفَتْح شين مُعْجمَة وَكسر عين مُهْملَة أَي متفرق الشّعْر مُشْعَانٌّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَعَيْنٍ مُهْملَة وَآخره نون مُشَدّدَة هُوَ المنتفش الشّعْر الثائر الرَّأْس يُقَال رجل مُشْعَانٌّ وَمُشْعَانُّ الرَّأْسِ وَشَعْرٌ مُشْعَانٌّ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ عَن الإرفاه بِكَسْر الْهمزَة على الْمصدر وَالْمرَاد كَثْرَة التدهن والتنعم وَقيل التَّوَسُّع فِي الْمطعم وَالْمشْرَب لِأَنَّهُ من زِيّ الْأَعَاجِم وأرباب الدُّنْيَا وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ يُغني عَمَّا ذكرُوا فَهُوَ أعلم بالمراد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 [5059] يحب التَّيَامُن أَي اسْتِعْمَال الْيَمين فِيمَا يصلح لذَلِك وَيُحب التَّيَمُّن أَي الْبدَاءَة بِالْيَمِينِ فِي أُمُوره اللائقة بذلك قَوْله [5060] فِي حلَّة حَمْرَاء الظَّاهِر أَن الْجَار وَالْمَجْرُور حَال من رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا بَيَان الْحَال الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا متفكرا فِي جماله وَيحْتَمل أَنه حَال من أحد لكَونه فِي حيّز الفي فصح وُقُوعه ذَا حَال أَو مُتَعَلق برأيت لَا لكَون الرُّؤْيَة كَانَت فِي الْحلَّة بل لكَون مفعولها كَانَ فِي الْحلَّة حَال الرُّؤْيَة مثل رَأَيْت زيدا فِي الْمَسْجِد وَمثله كثير وَالْمرَاد بالحمراء المخططة لَا الْحَمْرَاء الْخَالِصَة كَمَا ذكره كثير وجمته هِيَ بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم مَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ قَوْله [5061] إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ أَي أَحْيَانًا فَلَا يُنَافِي مَا تقدم وَمَعْلُوم أَن شعر الرَّأْس تنضبط حَاله قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 [5062] وَرَأَيْت لَهُ لمة بِكَسْر لَام وَتَشْديد مِيم شعر الرَّأْس إِذا نزل عَن شحمة الْأذن وألم بالمنكبين وعَلى هَذَا فاطلاق الجمة اما مجَاز أَو بِاعْتِبَار حَال آخر قَوْله [5063] على قِرَاءَة من تأمروني أَقرَأ قَالَه يَوْم أَمر أَن يقْرَأ الْقُرْآن على مصحف عُثْمَان وَيتْرك مصحفه فَكَانَ بَينهمَا فرق بِاعْتِبَار أَن بعض مَا نسخ تِلَاوَته من الْقُرْآن قد بَقِي عِنْد بعض الصَّحَابَة مَكْتُوبًا فِي مصاحفهم ذؤابتين بذال مُعْجمَة بعْدهَا همزَة هِيَ الشّعْر المضفور من شعر الراس يُرِيد أَنه أَعلَى من زيد الَّذِي هُوَ كَاتب مصحف عُثْمَان منزلَة فِي الْقِرَاءَة وأقدم أخذا فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرُّجُوع إِلَى مَا كتبه زيد مِمَّا عِنْده وَمَا نظر رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَن هَذَا الْمُصحف مِمَّا أنْفق الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ فِي الْمَدِينَة قَوْله ادن من الدنو بِمَعْنى الْقرب وسمت من التَّسْمِيَة بِمَعْنى الدُّعَاء وَمَا بعده من عطف التَّفْسِير لَهُ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 [5067] عَن عَيَّاش بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة الْمُشَدّدَة والشين الْمُعْجَمَة بن عَبَّاس بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة الْقِتْبَانِي بِكَسْر قَاف وَسُكُون مثناة من فَوق ثمَّ مُوَحدَة ان شييم بِكَسْر مُعْجمَة وَضمّهَا بعْدهَا مثناة تحتية مَفْتُوحَة ثمَّ أُخْرَى سَاكِنة بن بيتان على صُورَة تَثْنِيَة بَيت رويفع بِضَم أَوله وَكسر الْفَاء لَعَلَّ الْحَيَاة الخ قَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فَطَالَتْ بِهِ الْحَيَاةُ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ بِإِفْرِيقِيَّةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ ذكره السُّيُوطِيّ من عقد لحيته قيل هُوَ معالجتها حَتَّى تَنْعَقِد وتتجعد وَقيل كَانُوا يعقدونها فِي الحروب تكبرا وعجبا فَأمروا بارسالها وَقيل هُوَ فتلها كفتل الْأَعَاجِم أَو تقلد وترا هُوَ بِفتْحَتَيْنِ وتر الْقوس أَو مُطلق الْحَبل قيل المُرَاد بِهِ مَا كَانُوا يعلقونه عَلَيْهِم من العوذ والتمائم الَّتِي يشدونها بِتِلْكَ الأوتار ويرون أَنَّهَا تعصم من الْآفَات وَالْعين وَقيل من جِهَة الاجراس الَّتِي يعلقونها بهَا وَقيل لِئَلَّا تختنق الْخَيل عِنْده شدَّة الركض برجيع دَابَّة هُوَ الروث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 قَوْله [5069] لَا تصبغ أَي لَا تخضبون اللِّحْيَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 [5075] كحواصل الْحمام أَي صُدُور الْحمام قيل المُرَاد كحواصل الْحمام فِي الْغَالِب لِأَن حواصل بعض الحمامات لَيست بسود وَقيل يُرِيد بالتشبيه أَن المُرَاد السوَاد الصّرْف غير مشوب بلون آخر لَا يريحون أَي لَا يشمون يُقَال رَاح يرِيح وَيرَاح وأراح قيل المُرَاد أَنهم وان دخلُوا الْجنَّة لَا يَجدونَ رِيحهَا وَلَا يتلذذون بِهِ وَقيل هُوَ تَغْلِيظ وَتَشْديد أَو المُرَاد أَنهم لَا يَجدونَ رِيحهَا مَعَ السَّابِقين ثمَّ الحَدِيث قد صَححهُ غير وَاحِد وَحسنه وخطئوا بن الْجَوْزِيّ فِي نسبته إِلَى الْوَضع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5076] بِأبي قُحَافَة بِضَم الْقَاف وَالِد أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كالثغامة بمثلثة مَفْتُوحَة وغين مُعْجمَة نَبَات لَهُ ثَمَر أَبيض غيروا هَذَا إِذا كَانَ الشيب غير مستحسن عِنْد الطباع كَمَا يدل عَلَيْهِ سوق الحَدِيث وَالنَّاس فِي ذَلِك مُخْتَلفُونَ وَالله تَعَالَى أعلم وَاجْتَنبُوا السوَاد لَعَلَّ المُرَاد الْخَالِص وَفِيه أَن الخضاب بِالسَّوَادِ حرَام أَو مَكْرُوه وللعلماء فِيهِ كَلَام وَقد مَال بعض إِلَى جَوَازه للغزاة ليَكُون أهيب فِي عين الْعَدو وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 قَوْله الشمط بِفتْحَتَيْنِ الشيب الْحِنَّاء والكتم هُوَ بكاف وتاء مثناة من فَوق مفتوحتين وَالْمَشْهُور تَخْفيف التَّاء وَبَعْضهمْ يشددها نبت يخلط بِالْحِنَّاءِ ويخضب بِهِ الشّعْر ثمَّ قيل المُرَاد هَا هُنَا اسْتِعْمَال كل مِنْهُمَا بالإنفراد لِأَن اجْتِمَاعهمَا يحصل بِهِ السوَاد وَهُوَ منهى عَنهُ وَيحْتَمل أَن المُرَاد الْمَجْمُوع وَالنَّهْي عَن السوَاد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 الْخَالِص وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَقد لطخ قيل لَيْسَ لِأَنَّهُ خضب بِهِ فَإِن شيبَة مَا بلغ ذَلِك الْحَد بل لِأَنَّهُ اغْتسل بِهِ فَبَقيَ مِنْهُ بعض آثاره والنسخ على أَن بن عمر مَا بلغه النّسخ وَالنَّهْي عِنْدهم مقدم على الْإِبَاحَة فَلِذَا أَخذ كثير بِالنَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم [5085] حَتَّى عمَامَته بِكَسْر الْعين قَوْله وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ من حَدِيث أبي قُتَيْبَة أخرجه فِي الْكُبْرَى وَهُوَ أخصر من هَذَا الحَدِيث قَوْله [5086] انما كَانَ شَيْء أَي انما وجد شَيْء من الشيب فِي صدغيه بِضَم صَاد وَسُكُون دَال والصدغ هُوَ الَّذِي عِنْد شحمة الْأذن من اللِّحْيَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 [5087] انما كَانَ الشمط بِفتْحَتَيْنِ الشيب عِنْد العنفقة هِيَ شعر فِي الشّفة السُّفْلى وَقيل شعر بَينهَا وَبَين الذقن قَوْله [5088] وتغيير الشيب أَي بِالسَّوَادِ وَالضَّرْب بالكعاب بِكَسْر الْكَاف هِيَ فصوص النَّرْد جمع كَعْب وكعبة واللعب بهَا حرَام وكرهها عَامَّة الصَّحَابَة وَقيل كَانَ بن مُغفل يَفْعَله مَعَ امْرَأَته من غير قمار وَقيل رخص بن الْمسيب بِلَا قمار والتبرج بالزينة أَيْ إِظْهَارُهَا لِلنَّاسِ الْأَجَانِبِ وَهُوَ الْمَذْمُومُ فَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَلَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا والرقى بِضَم الرَّاء وَفتح الْقَاف مَقْصُور جمع رقية بِضَم فَسُكُون العوذة الا المعوذات أَي وَنَحْوهَا مِمَّا هُوَ ذكر الله وَتَعْلِيقَ التَّمَائِمِ جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زعمهم فأبدله الْإِسْلَام وعزل المَاء بِغَيْر مَحَله أَي عَزله من إِقْرَارِهِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مَحَلُّهُ وَفِي قَوْله لغير مَحَلِّهِ تَعْرِيضٌ بِإِتْيَانِ الدُّبُرِ وَإِفْسَادَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 الصَّبِيِّ هُوَ إِتْيَانُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادُ الصَّبِيِّ غير مُحرمَة حَال من ضمير يكره وَالضَّمِير للأخير فَقَط أَو للمجموع بِتَأْوِيل الْمَجْمُوع أَو الْمَذْكُور وَالْمعْنَى كرهه وَلم يبلغ بِهِ حد التَّحْرِيم وَبَعض الْمَذْكُورَات حرَام فَالْوَجْه هُوَ الْوَجْه الأول وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5089] فَقبض يَده أَي عَن أَخذ الْكتاب من يَدهَا لَو كنت امْرَأَة أَي لَو كنت تراعين شعار النِّسَاء لخضبت يدك قَوْله [5090] عَن الخضاب بِالْحِنَّاءِ الظَّاهِر أَن السُّؤَال عَن خضاب الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد فِي النِّسَاء وَيُؤَيِّدهُ قَوْلهَا وَلَكِنِّي أكرهه لِأَن عَائِشَة مَا بلغت أَو أَن خضاب الرَّأْس كَذَا قيل وَقيل المُرَاد خضاب شعر الرَّأْس تَوْفِيقًا بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين الْأَحَادِيث الَّتِي تفِيد التَّرْغِيب فِي اسْتِعْمَال الْحِنَّاء فِي الْيَدَيْنِ فَأَما أَن يُقَال كَرَاهَته رِيحه لَا يَقْتَضِي ترك اسْتِعْمَال النِّسَاء للِاحْتِرَاز عَن التَّشَبُّه بِالرِّجَالِ أَو يُقَال كَرَاهَة عَائِشَة خضاب الرَّأْس لَا يتَوَقَّف على بُلُوغهَا أَو أَن خضاب الرَّأْس لجَوَاز أَنَّهَا تكره ذَلِك قبل بُلُوغ ذَلِك السن فِي غَيرهَا أَو فِي نَفسهَا ان بلغت ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 [5091] من المعافر بِفَتْح الْمِيم أَرض بِالْيمن بايلياء بِكَسْر الْهمزَة وَاللَّام بَينهمَا يَاء سَاكِنة بِالْمدِّ وَالْقصر مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس عَن الوشر بِفَتْح وَاو فَسُكُون شين مُعْجمَة وَرَاء مُهْملَة هُوَ معالجة الْأَسْنَان بِمَا يحددها ويرقق أطرافها تَفْعَلهُ الْمَرْأَة المسنة تتشبه بذلك بالشواب والوشم هُوَ أَن يغرز الْجلد بابرة ثمَّ يحشى كحلا أَو غَيره من خضرَة أَو سَواد والنتف أَي نتف الْبيَاض عَن اللِّحْيَة وَالرَّأْس أَو نتف الشّعْر عَن الْحَاجِب وَغَيره للزِّينَة أَو نتف الشّعْر عِنْد الْمُصِيبَة وَعَن مكامعة المكامعة المضاجعة بِغَيْر شعار بِكَسْر الشين وَهُوَ مَا يَلِي الْجَسَد من الثَّوْب أَي بِلَا حَاجِب من ثوب أَسْفَل ثِيَابه بِمَعْنى لبس الْحَرِير حرَام على الرِّجَال سَوَاء كَانَت تَحت الثِّيَاب أَو فَوْقهَا وَعَادَة جهال الْعَجم أَن يلبسوا تَحت الثِّيَاب ثوبا قَصِيرا من حَرِير ليلين أعضاءهم أَو يَجْعَل على مَنْكِبَيْه هُوَ أَن يلقِي الثَّوْب الْحَرِير على الْكَتِفَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 وَعَن النهبي بِضَم النُّون وَالْقصر هُوَ النَّهْبُ وَقَدْ يَكُونُ اسْمَ مَا يُنْهَبُ كَالْعُمْرَى والرقبي ركُوب النمور أَي جلودها ملقاة على السرج والرحال لما فِيهِ من التكبر أَو لِأَنَّهُ زِيّ الْعَجم أَو لَان الشّعْر نجس لَا يقبل الدّباغ ولبوس الخواتيم بِضَم اللَّام مصدر بِمَعْنى اللّبْس وَالْمرَاد بِذِي سُلْطَان من يحْتَاج إِلَيْهِ للمعاملة مَعَ النَّاس وَلغيره يكون زِينَة مَحْضَة فَالْأولى تَركه فالنهي للتنزيه وَقيل فِي إِسْنَاده رجل مُبْهَم فَلم يَصح الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5092] نهى عَن الزُّور سَيَجِيءُ شَرحه فِي الرِّوَايَة الآتيةقوله كبة بِضَم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض وَقَوله تزيد فِيهِ أَي تزيد ذَلِك فِي الرَّأْس قَوْله الْوَاصِلَة هِيَ الَّتِي تصل الشّعْر بِشعر آخر سَوَاء تصل بشعرها أَو شعر غَيرهَا وَالْمسْتَوْصِلَة الَّتِي تَأمر من يفعل بهَا وَكَذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 [5096] الواشمة والمستوشمة من الوشم وَقد تقدم قَرِيبا قبل هَذَا وَنَحْو لعن الله الْيَهُود وَأَمْثَاله أَخْبَار بِأَن الله لعن هَؤُلَاءِ لادعاء مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يبْعَث لعانا وَقد قَالَ الْمُؤمن لَا يكون لعانا قلت لعن الشَّيْطَان وَغَيره ورد فَالظَّاهِر أَن اللَّعْن على من يسْتَحقّهُ على قلَّة لَا يضر فَلذَلِك قيل لم يبْعَث لعانا بِصِيغَة الْمُبَالغَة وَوجه اللَّعْن مَا فِيهِ من تَغْيِير الْخلق يتَكَلَّف وَمثله قد حرم الشَّارِع فَيمكن تَوْجِيه اللَّعْن إِلَى فَاعله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 بِخِلَاف التَّغْيِير بالخضاب وَنَحْوه مِمَّا لم يحرمه الشَّارِع لعدم التَّكَلُّف فِيهِ قَوْله زعراء كحمراء تَأْنِيث أرعر أَي قَليلَة الشّعْر قَوْله وَالْمُتَنَمِّصَات النمص نتف الشّعْر والتفلج التَّكَلُّف لتَحْصِيل الفلجة بَين الْأَسْنَان بِاسْتِعْمَال بعض الالات وَقَوله لِلْحسنِ مُتَعَلق بالمتفلجات فَقَط أَو بِالْكُلِّ الْمُغيرَات أَي خلق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 الله قَوْله [5102] إِذا علمُوا ذَلِك أَي أَن الْمُعَامَلَة رِيَاء ولاوى الصَّدَقَة اسْم فَاعل من لواه أَي صرفه وَالْمرَاد مَانع الصَّدَقَة وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًا أَي الَّذِي يصير اعرابيا يسكن الْبَادِيَة قَوْله وَالْحَال من الْحل أَي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 الَّذِي ينْكح بنية أَن تحل الزَّوْجَة للمطلق والمحلل لَهُ هُوَ الْمُطلق قَوْله تشم مضارع من الوشم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 قَوْله الوشر هُوَ تَحْدِيد الْأَسْنَان وَقد سبق قَرِيبا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 قَوْله الاثمد بِكَسْر همزَة وَسُكُون مُثَلّثَة وَمِيم مَكْسُورَة قيل هُوَ الْحجر الْمَعْرُوف للاكتحال وَقيل هُوَ كحل أصفهاني يجلو من الاجلاء أَي يزِيدهُ نورا وينبت من الانبات الشّعْر بِفَتْح الْعين شعر أهداب الْعين قَوْله [5114] لم ير على بِنَاء الْمَفْعُول من الرُّؤْيَة أَي لم يظْهر الشيب مِنْهُ لقلته يصْبغ قد سبق لَهُ نوع تَحْقِيق قَوْله [5116] عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ الْحَافِظ هُوَ بن الْحَنَفِيَّة وَأما مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن فَلم يدْرك عَائِشَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 قَوْله بذكارة الطّيب هُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَرَاءٍ مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ وَالْكَافُورِ وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ وَهُوَ مَالا لون لَهُ والمؤنث طيب النِّسَاء كالخلوق والزعفران قَوْله مَا ظهر لَونه أَي مَا يكون لَهُ لون مَطْلُوب لكَونه زِينَة والا فالمسك وَغَيره من طيب الرِّجَال لَهُ لون ثمَّ هَذَا إِذا أَرَادَت الْخُرُوج والا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 فَعِنْدَ الزَّوْج تتطيب بِمَا شَاءَت قَوْله ردع بِفَتْح فَسُكُون وبعين مُهْملَة وَقيل بِمُعْجَمَة لطخ لم يعم الْبدن كُله من خلوق بِفَتْح خاء مُعْجمَة آخِره قَاف طيب يتركب من زعفران وَغَيره فأنهكه أَي بَالغ فِي غسله يدل الحَدِيث على شدَّة كَرَاهَة اسْتِعْمَال مَا لَهُ لون للرِّجَال الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 قَوْله استعطرت أَي اسْتعْملت الْعطر وَهُوَ الطّيب قَوْله فلتغتسل من الطّيب ظَاهره انها إِذا أَرَادَت الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد وَهِي قد اسْتعْملت الطّيب فِي الْبدن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 فلتغتسل مِنْهُ وتبالغ فِيهِ كَمَا تبالغ فِي غسل الْجَنَابَة حَتَّى يَزُول عَنْهَا الطّيب بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ لتخرج وَمثله قَوْله تَعَالَى وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه لَا أَنَّهَا إِذا خرجت بِطيب ثمَّ رجعت فعلَيْهَا الْغسْل لذَلِك لَكِن رِوَايَة أبي دَاوُد ظَاهِرَة فِي الثَّانِي فَقيل أمرهَا بذلك تشديدا عَلَيْهَا وتشنيعا لفعلها وتشبيها لَهُ بالزنى وَذَلِكَ لِأَنَّهَا هيجت بالتعطر شهوات الرِّجَال وَفتحت بَاب عيونهم الَّتِي بِمَنْزِلَة بريد الزِّنَى فَحكم عَلَيْهَا بِمَا يحكم على الزَّانِي من الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بخورا بِفَتْح بَاء وخفة خاء أَخذه دُخان الطّيب المحروق وَقيل هُوَ مَا يتبخر بِهِ الْعشَاء لَعَلَّ التَّخْصِيص لِأَن الْخَوْف عَلَيْهِنَّ فِي اللَّيْل أَكثر أَو لِأَن عادتهن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 اسْتِعْمَال البخور فِي اللَّيْل لِأَزْوَاجِهِنَّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5131] فَلَا تقربن بِفَتْح رَاء قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 [5135] إِذا استجمر تبخر بالالوة الْمَشْهُور فِيهِ ضم الْهمزَة وَاللَّام وَفتح الْوَاو الْمُشَدّدَة وَقد تفتح الْهمزَة وَحكى فِي اللَّام الكسرة وَفِي الْوَاو التَّخْفِيف وَهِي الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ قَالَ الْأَصْمَعِي اراها فارسية معربة غير مطراة بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء وَالرَّاء الْمُشَدّدَة أَي غير مخلوط أَو غير مرباة بِشَيْء آخر من جنس الطّيب وبكافور ألخ أَي تَارَة كَانَ يتبخر بِالْعودِ الْخَالِص وَأُخْرَى مخلوط بالكافور قَوْله [5136] أَهله الْحِلْية بِكَسْر فَسُكُون الظَّاهِر أَنه يمْنَع أَزوَاجه الْحِلْية مُطلقًا سَوَاء كَانَ من ذهب أَو فضَّة وَلَعَلَّ ذَلِك مَخْصُوص بهم ليؤثروا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَكَذَا الْحَرِير وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالأهل الرِّجَال من أهل الْبَيْت فَالْأَمْر وَاضح قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 [5137] أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين أَي تتحلينه ثمَّ حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ والعائد إِلَى الْمَوْصُول أَي مَا تتخذنه حلية لَكِن تظهره يحْتَمل أَن تكون الْكَرَاهَة إِذا ظَهرت وافتخرت بِهِ لَكِن الْفضة مثل الذَّهَب فِي ذَلِك فَالظَّاهِر أَن هَذَا لزِيَادَة التقبيح والتوبيخ وَالْكَلَام لافادة حُرْمَة الذَّهَب على النِّسَاء مَعَ قطع النّظر عَن الاظهار والافتخار وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الْآتِيَة لَكِن الْمَشْهُور جَوَاز الذَّهَب للنِّسَاء وَلذَلِك قَالَ السُّيُوطِيّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أمتِي حل لأناثها وَنقل بن شاهين مَا يدل على ذَلِك وَقَالَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ على ذَلِك قلت وَلَوْلَا الْإِجْمَاع لَكَانَ الظَّاهِر أَن يُقَال أَو لَا كَانَ الذَّهَب حَلَالا للْكُلّ ثمَّ حرم على الرِّجَال فَقَط ثمَّ حرم على النِّسَاء أَيْضا وَقَول بن شاهين أَنه كَانَ أَولا حَلَالا للْكُلّ ثمَّ أُبِيح للنِّسَاء دون الرِّجَال بِاعْتِبَار النّسخ مرَّتَيْنِ مَعَ أَن الْعلمَاء على أَنه إِذا دَار الْأَمر بَين نسخ وَاحِد ونسخين لَا يحكم بنسخين فَإِن الأَصْل عدم النّسخ فتقليله أليق بِالْأَصْلِ لَكِن الْإِجْمَاع هَا هُنَا دَاع إِلَى اعْتِبَار النسخين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خرصا بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 الرَّاء حلى الْأذن قَوْله فتخ بفتحفاء ومثناة من فَوق وَآخره خاء مُعْجمَة وَهِي خَوَاتِيم كبار يضْرب يَدهَا تعزيرا لَهَا على مَا فعلت من لبس الذَّهَب فانتزعت فَاطِمَة ظَاهر هَذَا أَن السلسلة كَانَت بَاقِيَة عِنْدهَا حِين كَانَت هَذِه الْقَضِيَّة لَكِن آخر الحَدِيث يدل على أَنَّهَا باعت قبل ذَلِك وَالْأَقْرَب أَن يُقَال ضمير فِي عُنُقهَا لبِنْت هُبَيْرَة وَلَعَلَّ تِلْكَ السلسلة اشترتها بنت هُبَيْرَة حِين باعتها فَاطِمَة وَكَانَت فِي عُنُقهَا حِينَئِذٍ فرأتها فَاطِمَة فانتزعت من عُنُقهَا لتذكر لَهَا حَالهَا فتقيس عَلَيْهَا حَال الفتخ وَالله تَعَالَى أعلم أيغرك الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 من الْغرُور أَي يَسُرك هَذَا القَوْل فتصيري بذلك مغرورة فتقعي فِي هَذَا الْأَمر الْقَبِيح بِسَبَبِهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5142] سِوَارَيْنِ من ذهب أَي ألبس سِوَارَيْنِ من ذهب سواران أَي لَك سواران طوق أَي أَيحلُّ طوق قرطين بِضَم قَاف وَسُكُون رَاء نوع من حلى الْأذن وَوجه النصب فِي السُّؤَال قد سبق وَأما فِي الْجَواب بِأَن يُقَال تَقْدِيره يبدلهما الله قرطين من نَار صلفت أَي قل خَيرهَا من بَاب علم كَمَا هُوَ المضبوط ثمَّ تصفره أَي فيجتمع صفرَة الزَّعْفَرَان مَعَ بريق الْفضة فيخيل إِلَى النُّفُوس أَنه من ذهب وَيُؤَدِّي من الزِّينَة مَا يُؤَدِّيه الذَّهَب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5143] مسكتي ذهب بِفتْحَتَيْنِ من حلى الْيَد قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 [5144] ان هذَيْن إِشَارَة إِلَى جنسهما لَا عينهما فَقَط حرَام قيل الْقيَاس حرامان الا أَنه مصدر وَهُوَ لَا يثنى وَلَا يجمع أَو التَّقْدِير كل وَاحِد مِنْهُمَا حرَام فأفرد لِئَلَّا يتَوَهَّم الْجمع وَقَالَ بن مَالك أَي اسْتِعْمَال هذَيْن فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْخَبَر على افراده وعَلى كل تَقْدِير فَالْمُرَاد استعمالهما لبسا والا فالاستعمال صرفا وانفاقا وبيعا جَائِز للْكُلّ وَاسْتِعْمَال الذَّهَب باتخاذ الْأَوَانِي مِنْهُ واستعمالها حرَام للْكُلّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 [5149] الا مقطعا أَي مكسرا مَقْطُوعًا وَالْمرَاد الشَّيْء الْيَسِير مثل السن وَالْأنف وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 قَوْله طرفَة بِفَتَحَات وعرفجة بِفَتْح مُهْملَة وَسُكُون أُخْرَى وَفتح فَاء بعْدهَا جِيم قَوْله يَوْم الْكلاب بِضَم كَاف وَتَخْفِيف لَام اسْم مَاء كَانَت فِيهِ وقْعَة مَشْهُورَة من أَيَّام الْعَرَب وَلَيْسَ من غَزَوَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بل كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَبِهَذَا الحَدِيث أَبَاحَ أَكثر الْعلمَاء اتِّخَاذ الْأنف من ذهب وربط الْأَسْنَان بِهِ روى أَن حَيَّان بن بشير ولى الْقَضَاء بأصبهان فَحدث بِهَذَا الحَدِيث وَقَرَأَ يَوْم الْكلاب بِكَسْر الْكَاف فَرد عَلَيْهِ رجل وَقَالَ انما هُوَ الْكلاب بِضَم الْكَاف فَأمر بحبسه فَرَآهُ بعض أَصْحَابه فَقَالَ لَهُ فيمَ حبست فَقَالَ حَرْب كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة حبست بِسَبَبِهَا فِي الْإِسْلَام من ورق الْمَشْهُور كسر الرَّاء على أَن المُرَاد الْفضة وروى عَن الْأَصْمَعِي فتحهَا على أَن المُرَاد ورق الشَّجَرَة وَزعم أَن الْفضة لَا تنتن لَكِن قَالَ بعض أَصْحَاب الْخِبْرَة أَن الْفضة تنتن وَالذَّهَب لَا قلت وَالرِّوَايَة الْآتِيَة صَرِيحَة فِي أَن المُرَاد الْفضة وَكَأَنَّهُ لهَذَا ذكر المُصَنّف تِلْكَ الرِّوَايَة بعد هَذِه الرِّوَايَة فَأَنْتن بِفَتْح الْهمزَة أَي صَار نَتنًا كريه الرَّائِحَة وَفِي إِسْنَاد الحَدِيث كَلَام للنَّاس لَكِن التِّرْمِذِيّ قَالَ حَدِيث حسن وَقَالَ نَاس انه مُرْسل وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 قَوْله [5163] قَالَ قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ الخ قيل قَالَ فِي الْكُبْرَى بعد إِيرَاده هَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ قَوْله خَاتم الذَّهَب حِين كَانَ الذَّهَب مُبَاحا للْكُلّ ثمَّ نسخ قَوْله [5166] وَعَن القسي بِفَتْح قَاف وَقد تكسر وَتَشْديد سين مُهْملَة نِسْبَة إِلَى بِلَاد يُقَال لَهَا القس وَهُوَ ثوب يغلبه الْحَرِير والمياثر جمع ميثرة بِكَسْر مِيم وَفتح مُثَلّثَة وطاء محشو يَجْعَل فَوق رَحل الْبَعِير تَحت الرَّاكِب وَهُوَ دأب المتكبرين وَمَفْهُوم الحَدِيث أَنَّهَا إِذا لم تكن حَمْرَاء لم تحرم لقصد الاسْتِرَاحَة خُصُوصا للضعفاء وَعَن الجعة بِكَسْر جِيم وَتَخْفِيف عين مُهْملَة هِيَ النَّبِيذ الْمُتَّخذ من الشّعير قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 [5168] عَن حَلقَة الذَّهَب أَي خَاتمه قَوْله انهنا صِيغَة أَمر من النَّهْي عَن الدُّبَّاء النَّهْي عَن الظروف مَنْسُوخ وَلَعَلَّ عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا بلغه نَاسخ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 [5172] لَا أَقُول نهى النَّاس قَالَ ذَلِك اما لِأَن مُرَاده حِكَايَة اللَّفْظ وَكَانَ اللَّفْظ مَخْصُوصًا غير عَام أَو لِأَنَّهُ جوز الْخُصُوص حكما فَقَالَ ذَلِك عَن تختم الذَّهَب هَذَا مَخْصُوص بِالرِّجَالِ وَكَذَا مَا بعده الا الْقِرَاءَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فان النَّهْي عَنْهَا عَام يَشْمَل الرِّجَال وَالنِّسَاء المفدمة هُوَ بِالْفَاءِ وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة أَي المصبغة الَّتِي بلغت الْغَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 [5184] عَن مياثر الأرجوان بِضَم همزَة وجيم بَينهمَا رَاء سَاكِنة ورد أَحْمَر مَعْرُوف وَالْمرَاد المياثر الَّتِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 هِيَ كالأرجوان فِي الْحمرَة وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 قَوْله مخصرة بِكَسْر مِيم وَسُكُون مُعْجمَة وبمهملة مَا يتَوَكَّأ عَلَيْهِ نَحْو الْعَصَا وَالسَّوْط قَوْله [5190] فَجعل يقرعه أَي يضْربهُ الا قد أوجعناك بالقرع وأغرمناك بالتسبب لإلقاء الْخَاتم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 [5195] حلية أهل النَّار بِكَسْر الْحَاء أَي زِيّ الْكفَّار فَإِن سلاسلهم وأغلالهم فِي النَّار من الْحَدِيد من شبه بِفتْحَتَيْنِ نوع من النّحاس يشبه الذَّهَب وَكَانُوا يتخذون مِنْهُ الْأَصْنَام قَوْله من ورق بِفَتْح الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 فَكسر أَي فضَّة فصه بِفَتْح فَاء وَيكسر وَتَشْديد صَاد مَعْرُوف حبشِي أَي على الْوَضع الحبشي وَقيل أَو صائغه حبشِي وعَلى هَذَا لامخالفة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين حَدِيث وفصة مِنْهُ وان قُلْنَا انه كَانَ حجرا أَو جزعا أَو نَحوه يكون بِالْحَبَشَةِ يظْهر الْمُخَالفَة بَين الْحَدِيثين وتدفع بالْقَوْل بِتَعَدُّد الْخَاتم كَمَا نقل عَن الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد ذَلِك وَالْأَشْبَه أَنَّ الَّذِي كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا هُوَ الْخَاتَمُ الَّذِي اتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ طَرَحَهُ وَاتَّخَذَ خَاتمًا من ورق أَي وَقَول الزُّهْرِيّ خَاتمًا من ورق سَهْو مِنْهُ وَقع مَوضِع من ذهب وَالله تَعَالَى أعلم وَنقش فِيهِ مُحَمَّد قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد وَكَذَا بِالرَّفْع على الْحِكَايَة وَنقش أَي أَمر بنقشه قلت بل رَفعه على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خبر وَالْجُمْلَة مفعول نقش على أَن المُرَاد بِمَجْمُوع الْجُمْلَة هَذَا اللَّفْظ لَا بِالنّظرِ إِلَى الْوُجُود اللَّفْظِيّ بل بِالنّظرِ إِلَى الْوُجُود الكتبي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5197] يتختم بِهِ فِي يَمِينه قد صَحَّ تختمه فِي الْيَمين واليسار جَمِيعًا فَقَالَ بَعضهم يجوز الْوَجْهَانِ وَالْيَمِين أفضل لِأَنَّهُ زِينَة وَالْيَمِين بهَا أولى وَقَالَ آخَرُونَ بنسخ الْيَمين لما جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الضعيفة أَنه تختم أَولا فِي الْيَمين ثمَّ حول إِلَى الْيَسَار وَمِنْهُم من يرى الْوَجْهَيْنِ مَعَ تَرْجِيح الْيَسَار اما لهَذَا الحَدِيث أَو لِأَنَّهُ إِذا كَانَ التَّخَتُّم فِي الْيَسَار يكون أَخذ الْخَاتم وَقت اللّبْس والنزع بِالْيَمِينِ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ التَّخَتُّم فِي الْيَمين وَالْوَجْه القَوْل بِجَوَاز الْوَجْهَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم مِمَّا يَلِي كَفه قَالَ الْعلمَاء قد جَاءَ خِلَافه أَيْضا لَكِن مِمَّا يَلِي كَفه أصح وَأكْثر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 فَهُوَ أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقَالُوا انهم الخ يدل على أَنه مَا اتخذ خَاتمًا الا عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا فَالْأَصْل تَركه وَقَالَ الْخطابِيّ وَذَلِكَ لِأَن الْخَاتم مَا كَانَ من عَادَة الْعَرَب لبسه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 قَوْله [5205] حديدا ملويا عَلَيْهِ فضَّة قيل هَذَا الحَدِيث أَجود إِسْنَادًا مِمَّا قبله لِأَن فِي إِسْنَاد الأول عبد الله بن مُسلم الْمروزِي وَقيل انه لَا يحْتَج بحَديثه وَقيل ثِقَة يُخطئ سِيمَا وَهَذَا الحَدِيث يعضده حَدِيث التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد وَلَو كَانَ مَكْرُوها لم يَأْذَن فِيهِ قلت وَالرِّوَايَة الْآتِيَة صَرِيحَة فِي الْجَوَاز وَقيل ان كَانَ الْمَنْع مَحْفُوظًا يحمل الْمَنْع على مَا كَانَ حديدا صرفا وَهَا هُنَا بِالْفِضَّةِ الَّتِي لويت عَلَيْهِ ترْتَفع الْكَرَاهَة وَالله تَعَالَى أعلم على خَاتم أَي أَمينا عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 قَوْله إِذا بجمر كثير يُرِيد أَن مَا جَاءَ بِهِ من الذَّهَب فَهُوَ جمر على هَذَا فَأَشَارَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَنه جمر فِي حق من يرَاهُ أحسن من حِجَارَة الْحرَّة فيتزين بِهِ وَأما من يرَاهُ مثله وَإِنَّمَا يقْضِي بِهِ حَاجته الدُّنْيَوِيَّة فَلَا يكون فِي حَقه جمرا واجزأ اسْم تَفْضِيل من الْأَجْزَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5207] على نقشه وَذَلِكَ لِئَلَّا تفوت مصلحَة نقش الإسم بِوُقُوع الإشتراك قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 [5209] لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين أَي لَا تقربوهم كَمَا قَالَ لَا ترَاءى ناراهما وَقيل أَرَادَ بالنَّار هَا هُنَا الرَّأْيَ أَيْ لَا تُشَاوِرُوهُمْ فَجَعَلَ الرَّأْيَ مثل الضَّوْء عِنْد الْحيرَة عَرَبيا أَي نقشا مَعْلُوما فِي الْعَرَب وَلم يكن ثمَّة نقش مَعْلُوم فيهم الا نقش خَاتمه لأَنهم مَا كَانُوا يلبسُونَ الخواتيم فَأَرَادَ بذلك أَنكُمْ لَا تجْعَلُوا نقش خواتيمكم نقش خَاتمِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 [5217] وَفِي يَد أبي بكر هَذَا بناءعلى أَن مَاله لَيْسَ بميراث بل لانتفاع الْمُسلمين فللخليفة أَن ينْتَفع مِنْهُ بِقدر حَاجته فَلَمَّا كثرت أَي الْكتب المحتاجة إِلَى الْخَتْم فَسقط قَالُوا ثمَّ انْتقض عَلَيْهِ الْأَمر وَكَانَ ذَلِك مبدأ الْفِتْنَة إِلَى قيام السَّاعَة وَمِنْه أَخذ أَن خَاتمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيهِ سر غَرِيب كخاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالله تَعَالَى أعلم وَنقش فِيهِ الخ قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد قلت كَأَنَّهُ فهم أَن النَّهْي مَخْصُوص بحياته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لزوَال الْمَحْذُور وَهُوَ وُقُوع الِاشْتِرَاك وَنَظِيره قَول من خصص النَّهْي عَن التكني بكنيته بحياته أَيْضا وَالْمُخْتَار فِي الْحَدِيثين إِطْلَاق النَّهْي قلت وَالظَّاهِر أَنه فهم خصوصه مُدَّة بَقَاء الْخَاتم وَالْأَقْرَب أَنه فهم من النَّهْي أَن الْمَقْصُود بِهِ أَن لَا تَتَعَدَّد الْخَوَاتِم على نقش وَاحِد فِيمَا إِذا كَانَ الْخَاتم مَقْصُودا صون نقشه عَن الِاشْتِرَاك كخواتم الْحُكَّام وَالْأَظْهَر مِنْهُ أَنه فهم الْإِطْلَاق الا أَنه رأى أَن خَاتمه الْجَدِيد نَائِب عَن الْخَاتم الْقَدِيم وللنائب حكم الأَصْل فَنقل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 نقشه إِلَيْهِ لَا يخل بِإِطْلَاق النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلمقوله [5219] لَام الْبَنِينَ مَعَهم أَجْرَاس جمع جرس بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ مَا يعلق بعنق الدَّابَّة أَو بِرَجُل الْبَازِي وَالصبيان وَكَذَا الجلاجل بِفَتْح أولى الجيمين وَكسر ثَانِيهمَا جمع جلجل بِضَم الْجِيم مَعَهم جلجل قيل أَنما كرهه لِأَنَّهُ يدل على أَصْحَابه بِصَوْتِهِ وَكَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحب أَن لَا يعلم الْعَدو بِهِ حَتَّى يَأْتِيهم فَجْأَة وَقيل غير ذَلِك قَوْله رفْقَة بِضَم رَاء وَكسرهَا مَعَ سُكُون فَاء جمَاعَة ترافقهم فِي سفرك قَوْله [5222] جلجل وَلَا جرس يدل على أَن بَينهمَا فرقا وَبَعْضهمْ فسر أَحدهمَا بِالْآخرِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 [5223] رث الثِّيَاب بِفَتْح فتشديد مُثَلّثَة الشَّيْء الْبَالِي من كل المَال أَي لي من كل أَنْوَاع المَال المتعارفة فِي ذَلِك الْوَقْت شَيْء فلير أَثَره عَلَيْك على بِنَاء الْمَفْعُول أَي البس ثوبا جَدِيدا جيدا ليعرف النَّاس أَنَّك غَنِي وليقصدك المحتاجون لطلب الزَّكَاة وَالصَّدقَات قيل هَذَا فِي تَحْسِين الثِّيَاب بالتنظيف والتجديد عِنْد الْإِمْكَان من غير أَن يُبَالغ فِي النعامة والرقة قَوْله دون أَي خسيس فليرى هَكَذَا فِي نسختنا بِثُبُوت الْألف كَأَنَّهُ للاشباع أَو مُعَاملَة المعتل مُعَاملَة الصَّحِيح وكرامته قد يكون المَال كَرَامَة إِذا صرفه العَبْد فِي مصارفه أَو هُوَ كَرَامَة وَإِنَّمَا الْخلاف يَجِيء من سوء صَنِيع العَبْد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والاستحداد أَي حلق الْعَانَة بِاسْتِعْمَال الْحَدِيد فِيهَا قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 أحفوا من الإحفاء وأعفوا من الاعفاء على الْمَشْهُور واللحى بِكَسْر اللَّام وَقد تقدم قَوْله أمْهل أَي اتركهم يكون حِين جَاءَ خبر مَوته أفرخ بِفَتْح همزَة وَضم رَاء جمع فرخ وَهُوَ ولد الطَّائِر يشبه بِهِ الصَّغِير وَحلق رؤوسهم لِأَن أمّهم شغلت بالمصيبة عَن ترجيل شُعُورهمْ وَغسل رؤوسهم فخاف عَلَيْهِم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 الْوَسخ وَالْقمل قَوْله عَن القزع بِفتْحَتَيْنِ قَوْله رجلا هُوَ خبر لفظا لَكِن المقصودالإخبار بِصفتِهِ مربوعا أَي متوسطا بَين الطول وَالْقصر كث اللِّحْيَة بِفَتْح فتشديد مُثَلّثَة هُوَ أَن لَا يكون اللِّحْيَة دقيقة وَلَا طَوِيلَة جمته بِضَم جِيم فتشديد مِيم قَوْله [5233] من ذِي لمة بِكَسْر لَام فتشديد مِيم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 [5336] ثَائِر الرَّأْس قد انْتَشَر شعر رَأسه من قلَّة الدّهن مَا يسكن من التسكين أَي يلم بِهِ شعثه وَيجمع مُتَفَرِّقه قَوْله [5237] أَن يحسن إِلَيْهَا إِلَى الجمة باصلاحها بِالْغسْلِ والتنظيف والادهان قَوْله وَأَن يترجل كل يَوْم لَعَلَّ هَذَا مَخْصُوص بِهِ والا فقد جَاءَ عَنهُ النَّهْي أَو لِأَن النَّهْي مَخْصُوص بِمن لَا يحْتَاج شعره إِلَى التَّرَجُّل كل يَوْم وَهَذَا كَانَ شعره مُحْتَاجا إِلَى ذَلِك لكثرته وَطوله وَالْأَقْرَب أَن المُرَاد بِكُل يَوْم أَي أَي يَوْم كَانَ فَالْمُرَاد بَيَان أَن التَّرَجُّل لَا يخْتَص بِيَوْم دون يَوْم بل كل يَوْم فِي جَوَازه سَوَاء وان كَانَ الافراط فِيهِ لَا يَنْبَغِي بل التَّوَسُّط هُوَ الْمَطْلُوب وعَلى هَذَا الْمَعْنى لَو جعل كل يَوْم مُتَعَلقا بمقدر هُوَ خبر مَحْذُوف أَي وَذَلِكَ جَائِز كل يَوْم كَانَ أحسن وكل ذَلِك وان كَانَ خلاف الظَّاهِر لَكِن قد يرتكب مثله للتوفيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5238] كَانَ يسدل من بَاب نصر وَضرب وَكَذَا فرق والسدل إرْسَال الشّعْر حول الرَّأْس من غير أَن يقسم بنصفين وَالْفرق أَن يقسمهُ نصفه من يَمِينه على الصَّدْر وَنصفه من يسَاره عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا جَائِز وَالْأَفْضَل الْفرق يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب لاحْتِمَال استناد عَمَلهم إِلَى أمره تَعَالَى أَو لتألفهم حِين دخل الْمَدِينَة ثمَّ فرق رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك كلمة بعد ذَلِك تَأْكِيد لما يفِيدهُ كلمة ثمَّ أَي حِين اطلع على أَحْوَالهم فَرَآهُمْ أضلّ النَّاس وَأَن التَّأْلِيف لَا يُؤثر فيهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 ثغامة بمثلثة مَفْتُوحَة وغين مُعْجمَة ثَمَر أَبيض لنَوْع من النَّبَات وَقد تقدم الحَدِيث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 قَوْله قصَّة بِضَم فتشديد شعر الناصية أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ يُرِيد أَنهم لَو كَانُوا أَحيَاء لمنعوا النَّاس عَن القبائح الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 قَوْله [5246] وَأخذ كبة بِضَم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 قَوْله [5257] أَن يزعفر الرجل جلده صَرِيح فِي أَن الْمنْهِي عَنهُ هُوَ اسْتِعْمَال الزَّعْفَرَان فِي الْبدن قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 [5287] أَن ألبس فِي أُصْبُعِي هَذِه الظَّاهِر أَن الْإِشَارَة إِلَى السبابَة قَالُوا يكره للرجل التَّخَتُّم فِي الْوُسْطَى وتاليتيها كَرَاهَة التَّنْزِيه وَيجوز للْمَرْأَة فِي كل الْأَصَابِع قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 [5289] إِلَيْهِ نظرة واليكم نظرة وَلَعَلَّه اتّفق لَهُ أَنه وَقع عَلَيْهِ نظره مرَارًا مُتَعَددًا فكره أَن يتفرق عَلَيْهِ نظره فَقَالَ مَا قَالَ وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله [5291] أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا فصنعوه فلبسوه فَطرح النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَطرح النَّاس قيل هَذَا وهم من الزُّهْرِيّ وَالصَّوَاب من ذهب مَكَان قَوْله من ورق وَقيل طَرحه إنكارا على النَّاس تشبههم قلت التَّشَبُّه بِهِ مَطْلُوب فَكيف يُنكر ذَلِك وَالْأَقْرَب أَن هَذِه الرِّوَايَة ان ثبتَتْ فطرحه خَاتم الْفضة لكَرَاهَة الزِّينَة تَنْزِيها وَكَانَ يلْبسهُ أَحْيَانًا بعد ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَلَا يلبسهَا فِي غَالب الْأَوْقَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 [5293] حَتَّى هلك فِي بِئْر أريس بِفَتْح فَكسر فَسُكُون اسْم حديقة بقباء قَالَ الْكرْمَانِي والأفصح صرفه [5295] أَنه رأى حلَّة سيراء بِكَسْر السِّين وَفتح التَّحْتَانِيَّة مَمْدُود نوع من البرود فِيهِ خطوط يخالطه حَرِير وَهُوَ على الْإِضَافَة وَله أَمْثَال كحلة سندس وحلة حَرِير وحلة خَز وَيَرْوِيه بَعضهم بِالتَّنْوِينِ وللوفد أَي لِلْخُرُوجِ على الْوَفْد من لَا خلاق لَهُ أَي فِي لبس الْحَرِير كَمَا جَاءَ بِهِ التَّصْرِيح وَيُمكن تحقق ذَلِك مَعَ الدُّخُول فِي الْجنَّة بِأَن يصرف الله تَعَالَى شهاه عَنهُ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى وَلكم فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم بل هَذَا لَازم فِي الْجنَّة والا لاشتهى كل أحد دَرَجَة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم فكساني أَي أَعْطَانِي قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 [5297] المضلع بالقز المضلع الَّذِي فِيهِ خطوط عريضة مثل الاضلاع والقز بِفَتْح فتشديد مُعْجمَة الْحَرِير قَوْله فأطرتها أَي قسمتهَا بَينهُنَّ بِأَن شققتها وَجعلت لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ قِطْعَة وَالْمرَاد بِنِسَائِي من كَانَ فِي بَيته من النِّسَاء يُقَال طَار لفُلَان فِي الْقِسْمَة كَذَا أَي صَار لَهُ وَوَقع فِي حِصَّته قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 [5299] حلَّة استبرق ديباج من حَرِير غليظ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 [5300] حلَّة سندس بِالضَّمِّ مَا رق من الديباج قَوْله استسقى أَي طلب المَاء دهقان بِكَسْر دَال وَضمّهَا رَئِيس الْقرْيَة ومقدم أَصْحَاب الزِّرَاعَة وَهُوَ مُعرب قيل هُوَ مثلث وَضم داله أشهر الثَّلَاثَة يصرف وَيمْنَع ونونه أَصْلِيَّة لقَوْله تدهقن وَقيل زَائِدَة من الدهق وَهُوَ الامتلاء فَحَذفهُ أَي رمى بِهِ إِلَيْهِم أَي إِلَى الْحَاضِرين اني نهيته أَي قبل هَذَا مرَارًا فَإِنَّهَا أَي الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة لَهُم أَي للكفرة بِقَرِينَة الْمُقَابلَة بقوله لنا للْمُسلمين قَوْله وأطوله الظَّاهِر أطولهم وَلَعَلَّ الْأَفْرَاد لمراعاة أَفْرَاد النَّاس لفظا يلمسونها أَي ينظرُونَ إِلَى لينها ويتعجبون مِنْهَا إِذْ مَا سبق لَهُم عهد بِمِثْلِهَا فخاف عَلَيْهِم أَن يميلوا بذلك إِلَى الدُّنْيَا ويستحسنوها فِي طباعهم فزهدهم عَنْهَا ورغبهم فِي الْآخِرَة وَقَالَ لَهُم لمناديل سعد أَي هَذَا فِي الدُّنْيَا قد أعد للبس الْمُلُوك وَمَعَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 ذَلِك لَا يُسَاوِي مناديل سعد فِي الْآخِرَة الَّتِي أعدت لإِزَالَة الْوَسخ وتنظيف الْأَيْدِي فَأَي نِسْبَة بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَا يَنْبَغِي للمرء الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَعَن الْآخِرَة قَوْله أوشك أَن تنزعه أَي قَارب نَزعه لبسه قَوْله [5303] أوشك مَا نَزَعته مَا مَصْدَرِيَّة أَي قَارب نزعك إِيَّاه اللّبْس قَوْله [5305] لَا تلبسوا نساءكم الْحَرِير قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَذْهَب بن الزبير قلت وَهُوَ ظَاهر قَول بن عمر كَمَا سَيَجِيءُ وَأَجْمعُوا بعده على إِبَاحَة الْحَرِير الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 للنِّسَاء قلت كَأَنَّهُ أَخذه من عُمُوم كلمة من وخصها الْجُمْهُور بِالذكر وَزَاد فِي الْكُبْرَى قَالَ بن الزبير أَنه من لبسه فِي الدُّنْيَا لم يدْخلهُ الْجنَّة قَالَ الله تَعَالَى ولباسهم فِيهَا حَرِير وَهَذَا مِنْهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ استنباط لطيف لَكِن دلَالَة هذاالكلام على الْحصْر غير لَازم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والقسية بِفَتْح قَاف وَقد تكسر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 وَتَشْديد سين وياء قَوْله [5310] من حكة أَي لأجل حكة وَالظَّاهِر أَن الحكة هِيَ عِلّة الرُّخْصَة وَقد جَاءَ أَن الْوَاقِعَة كَانَت فِي السّفر لَكِن السّفر اتفاقي لَا دخل لَهُ فِي الْعلَّة وَيحْتَمل أَن الْعلَّة مجموعها أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا وَكَانَ من جوز للحرب رأى أَن الْعلَّة كل مِنْهُمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله كَانَت بهما يَعْنِي الحكة لَعَلَّ المُرَاد يَعْنِي ضمير كَانَت لحكة وَلم يرد رخص لحكة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5312] فرأيتهما أزرار الطيالسة أَي رَأَيْت أَنَّهُمَا إِشَارَة إِلَى أزرار الطيالسة فَيجوز أَن يكون الزران من الْحَرِير حَتَّى رَأَيْت الطيالسة فَعلمت الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 بذلك أَن المُرَاد الْإِشَارَة إِلَى أَعْلَام الطيالسة وَالْحَاصِل أَنه تحقق عِنْده بعد ذَلِك أَن المُرَاد جَوَاز قدر الاصبعين للأعلام بعد أَن اشْتبهَ عَلَيْهِ أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مترجلا أَي شعر رَأسه قَوْله الْحبرَة بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء قيل هِيَ من برود الْيمن من الْقطن وَلذَا أحبه وَفِيه خطوط الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 خضر قيل لذَلِك كَانَ يُحِبهُ لِأَن الْأَخْضَر من ثِيَاب الْجنَّة وَقيل خطوط حمر والمحبة لاحْتِمَال الْوَسخ وَهُوَ الْمَشْهُور وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله [5317] قَالَ فِي النَّار فطرحهما فِي تنور أَهله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 قَوْله [5322] فانها أطهر وَأطيب لِأَنَّهُ يلوح فِيهَا أدنى وسخ فيزال بِخِلَاف سَائِر الألوان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 [5326] من الْخُيَلَاء بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء مَمْدُود وَكسر الْخَاء لُغَة الْكبر وَالْعجب والاختيال يتجلجل أَي يغوص فِي الأَرْض حَتَّى يخسف بِهِ والجلجلة حَرَكَة مَعَ صَوت قَوْله [5327] لم ينظر الله إِلَيْهِ أَي نظر رَحْمَة وَالْمرَاد أَنه لَا يرحمه مَعَ السَّابِقين استحقاقا وَجَزَاء وان كَانَ قد يرحمه تفضلا واحسانا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 [5329] مَوضِع الْإِزَار أَي الْموضع المحبوب لازار الْمُؤمن وَالْمرَاد الرجل دون الْمَرْأَة إِلَى أَنْصَاف السَّاقَيْن الظَّاهِر أَنْصَاف السَّاقَيْن بِدُونِ إِلَى لتَكون مَحْمُولا على الْموضع فَلَعَلَّ التَّقْدِير مَوضِع الْإِزَار مَوضِع أَن يكون الْإِزَار إِلَى أَنْصَاف السَّاقَيْن ثمَّ حذف مَا حذف لدلَالَة الْمَذْكُور عَلَيْهِ والعضلة هِيَ بِفَتَحَات كل لحم صلبة مكتنزة فِي الْبدن وَمِنْه عضلة السَّاق وَهِي المُرَاد هَا هُنَا وَلَا حق للكعبين أَي لَا تستر الْكَعْبَيْنِ بالإزار وَالظَّاهِر أَن هَذَا هُوَ التَّحْدِيد وان لم يكن هُنَاكَ خُيَلَاء نعم إِذا انْضَمَّ إِلَى الْخُيَلَاء اشْتَدَّ الْأَمر وبدونه الْأَمر أخف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5330] فَفِي النَّار أَي فموضعه من الْبدن فِي النَّار قَوْله [5331] مَا أَسْفَل قيل يحْتَمل أَنه مَنْصُوب على أَنه خبر كَانَ الْمَحْذُوف أَي مَا كَانَ أَسْفَل أَو مَرْفُوع بِتَقْدِير الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 الْمُبْتَدَأ أَي مَا هُوَ أَسْفَل وَيحْتَمل أَنه فعل مَاض قَوْله [5332] إِلَى مُسبل أَي إِرَادَة إِلَى مَا هُوَ أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ قَوْله [5333] المنان بِمَا أعْطى أَي الَّذِي إِذا أعْطى من واعتد بِهِ على الْمُعْطى بِالْفَتْح وَقيل الَّذِي إِذا كال أَو وزن نقص من الْحق وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لَهُم أجر غير ممنون أَي غير مَنْقُوص والمنفق بتَشْديد الْفَاء أَي المروج وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور رِوَايَة والا فَيجوز أَن يكون من الْإِنْفَاق بِمَعْنى الترويج قَوْله [5334] الإسبال فِي الْإِزَار الخ أَي الإسبال يتَحَقَّق فِي جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء والعمامة الإسبال فِيهَا بإرسال العذبات زِيَادَة على الْعَادة عددا وطولا وغايتها إِلَى نصف الظّهْر وَالزِّيَادَة عَلَيْهِ بِدعَة كَذَا ذكرُوا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 قَوْله ترخينه شبْرًا من الْحَد الَّذِي حد للرِّجَال قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 [5340] عَن اشْتِمَال الصماء الْمَشْهُور على الْأَلْسِنَة المضبوط فِي كتب الحَدِيث واللغة أَن الصَّمَّاءِ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ وَفِي حَاشِيَة السُّيُوطِيّ بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَالله تَعَالَى أعلم قيل هُوَ عِنْد الْعَرَب أَن يشْتَمل الرجل بِثَوْبِهِ بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ منفذ يخرج مِنْهُ يَده وَأما الْفُقَهَاء فَقَالُوا هُوَ أَن يشْتَمل بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جانبيه فيضعه على مَنْكِبَيْه فيبدو مِنْهُ فرجه وَالْفُقَهَاء بالتأويل فِي هَذَا وَذَاكَ أصح فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 الْكَلَام قَوْله حَرْقَانِيَّةً بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَوْدَاءَ عَلَى لَوْنِ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ إِلَى الْحَرَقِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ كَذَا فِي حَاشِيَة السُّيُوطِيّ قَوْله [5346] قد أرْخى أَي أرسل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 قَوْله [5347] لَا تدخل الْمَلَائِكَة قد تقدم الحَدِيث قَوْله تنْزع نمطا بِفتْحَتَيْنِ ثوب من صوف يفرش وَيجْعَل سترا ويطرح على الهودج وَإِلَّا مَا كَانَ رقما أَي نقشا فِي ثوب يُرِيد مَا لَا ظلّ لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5352] وَقد علقت قراما بِكَسْر الْقَاف الثَّوْب الملون الرَّقِيق قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 [5353] ذكرت الدُّنْيَا لَا يلْزم مِنْهُ الْميل إِلَيْهَا بل يجوز أَن يذكرهَا مَعَ الْكَرَاهَة وَمَعَ ذَلِك كره أَن يحضر لَدَيْهِ صُورَة الدُّنْيَا بِأَيّ وَجه كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5354] إِلَى سَهْوَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدِرٌ فِي الأَرْض قَلِيلا وَقيل كالصفة تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ وَقِيلَ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ أَوِ الطاق يوضع فِيهِ الشَّيْء قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 [5355] يرتفق عَلَيْهِمَا أَي يتكأ قَوْله [5356] أَشد النَّاس أَي من أَشد النَّاس الَّذين يضاهون يشبهون الله تَعَالَى فِي خلقه فالباء فِي بِخلق الله بِمَعْنى فِي قَوْله تلون وَجهه أَي تغير غَضبا لله قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 [5358] أصور هَذِه التصاوير أَي تصاوير ذَوي الْأَرْوَاح فَقَالَ أدنه أَمر من الدنو وَالْهَاء للسكتة من صور صُورَة أَي صُورَة ذِي روح قَوْله [5359] عذب حَتَّى ينْفخ الخ قد جعل غَايَة عَذَابه بنفخ الرّوح وَأخْبر أَنه لَيْسَ بنافخ فَيلْزم أَنه يبْقى معذبا دَائِما وَهَذَا فِي حق من كفر بالتصوير بِأَن صور مستحلا أَو لتعبد أَو يكون كَافِرًا فِي الأَصْل وَأما غَيره وَهُوَ العَاصِي بِفعل ذَلِك غير مستحل لَهُ وَلَا قَاصد أَن تعبد فيعذب ان لم يعف عَنهُ عذَابا يسْتَحقّهُ ثمَّ يخلص مِنْهُ أَو المُرَاد بِهِ الزّجر وَالتَّشْدِيد والتغليظ ليَكُون أبلغ فِي الارتداع وَظَاهره غير مُرَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 [5364] ان من أَشد النَّاس إِلَى قَوْله المصورون بِالرَّفْع على أَن اسْم ان ضمير الشَّأْن وعَلى رِوَايَة المصورين بِالنّصب هُوَ الإسم فَأَما أَن يقطع رؤوسها بِوَضْع صبغ يُغير على مَوضِع الرَّأْس فِيهِ تصاوير أَي سليمَة غير مهانة وبقطع الرَّأْس أَو بالجعل بساطا يَزُول ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يُصَلِّي فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 لحفنا أَي احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قد لَا يكون خَالِيا عَن الْأَذَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قبالان قبال النَّعْل ككتاب زِمَام بَين الْأصْبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا قَوْله [5369] شسع نعل أحدكُم بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 السِّين الْمُهْملَة أحد سيور النَّعْل فِي نعل وَاحِدَة قيل النَّهْي للشهرة وَقيل لما فِيهِ من الْمثلَة ومفارقة الْوَقار ومشابهة زِيّ الشَّيْطَان كَالْأَكْلِ بالشمال وللمشقة فِي الْمَشْي وَالْخُرُوج عَن الِاعْتِدَال فَرُبمَا يصير سَببا للعثار قَوْله [5371] على نطع بِفَتْح نون وَكسرهَا مَعَ فتح طاء وسكونها وَالْأول أشهر الْأَرْبَع ذكره الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 فِي الْمجمع قَوْله [5372] أوجع يشئزك بِضَم يَاء وبهمزة بعد الشين من أشأزه أقلقه أَي أوجع يقلقك فقد ذهب صفوها أَي فَلَا وَجه للبكاء عَلَيْهَا تدْرك أَمْوَالًا أَي غَنَائِم قَوْله قبيعة قبيعة السَّيْف كسفينة مَا على طرف مقبضه من فضَّة أَو حديدقوله قسى بِفَتْح فتشديد وياء مُشَدّدَة ثوب يغلبه الْحَرِير الرحل أَي للوضع على الرحل كالقطائف جمع قطيفة هِيَ كسَاء لَهُ خمل من الأرجوان بِضَم همزَة وجيم بَينهمَا رَاء سَاكِنة ورد أَحْمَر وَكَأَنَّهُم كَانُوا يتخذونها من القسي الْأَحْمَر للْفرس على الرحل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 [5377] خلت قوائمه حديدا هُوَ بِكَسْر الْخَاء من أَخَوَات علمت وظننت من الخيال أَي ظَنَنْت أَن قوائمه كَانَت حديداقوله يسير أَي يُرِيد السّير إِلَى الْمَدِينَة لَا أَنه كَانَ سائرا فِي تِلْكَ الْحَالة يتبع بِضَم الْيَاء من اتبع أَي يَجْعَل فَاه تَابعا للجهتين فِي الحيعلتين وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 (كتاب آدَاب الْقُضَاة) هَكَذَا فِي كثير من النّسخ ثم َّ كتاب الِاسْتِعَاذَة ثمَّ كتاب الْأَشْرِبَة وَفِي بَعْضهَا هَا هُنَا كتاب الْأَشْرِبَة ثمَّ كتاب آدَاب الْقُضَاة ثمَّ كتاب الإستعاذة قَوْله [5379] إِنَّ الْمُقْسِطِينَ جَمْعُ مُقْسِطٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أقسط أَي عدل علىمنابر من نور أَي مجَالِس رفيعة تتلألأ نورا وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد الْمنَازل الرَّفِيعَةِ الْمَحْمُودَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ يُقَالُ أَتَاهُ عَنْ يَمِينٍ إِذَا أَتَاهُ مِنَ الْجِهَة المحمودة والا فقد قَامَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة والنقلية على أَنه تَعَالَى منزه عَن مماثلة الْأَجْسَام والجوارح وَمَا وَلُوا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَي كَانَت لَهُم عَلَيْهِ ولَايَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ نقلا عَن غَيره الا شَيْئا قَلِيلا ذكره بِلَا نقل قَوْله سَبْعَة قَالَ السُّيُوطِيّ لَا مَفْهُوم لهَذَا الْعدَد فقد جَاءَت أَحَادِيث فِي هَذَا الْمَعْنى إِذا جمعت تفِيد أَنهم سَبْعُونَ الا ظله أَي ظلّ يتبع اذنه لَا يكون لأحد بِلَا اذنه أَو ظلّ عَرْشه على حذف الْمُضَاف وَقيل المُرَاد بالظل الْكَرَامَة أَو نعيم الْجنَّة قَالَ تَعَالَى وندخلهم ظلا ظليلا إِمَامٌ عَادِلٌ قَالَ الْقَاضِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 هُوَ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ نَظَرٌ فِي شَيْءٍ من أُمُور الْمُسلمين بَدَأَ بِهِ لِكَثْرَة مَنَافِعه فِي خَلَاءٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الْخَالِي مُعَلّقا بِالْمَسْجِدِ أَي شَدِيد الْحبّ لَهُ أَو هُوَ الملازم للْجَمَاعَة فِيهِ وَلَيْسَ المُرَاد دوَام الْقعُود فِي الْمَسْجِد ومنصب أَي ذَات الْحسب وَالنّسب الشريف إِلَى نَفْسِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ دَعَتْهُ إِلَى الزِّنَى بِهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ دَعَتْهُ لِنِكَاحِهَا فَخَافَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا أَوْ أَنَّ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَغَلَهُ عَن لذات الدُّنْيَا وشهواته فَقَالَ اني أَخَاف الله يحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك بِاللِّسَانِ أوبالقلب ليزجر نَفسه حَتَّى لَا تعلم شِمَاله هُوَ مُبَالغَة فِي الْإخْفَاء غالبه مِمَّا ذكره السُّيُوطِيّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 قَوْله [5381] إِذا حكم الْحَاكِم أَي أَرَادَ الحكم وَالْحَاصِل أَن اللَّازِم عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي إِدْرَاك الصَّوَاب وَأما الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَيْسَ بقدرته فَهُوَ مَعْذُور ان لم يصل إِلَيْهِ نعم ان وفْق للصَّوَاب فَلهُ أَجْرَانِ أجر الِاجْتِهَاد وَأجر الحكم بالحكم والا فَلهُ أجر وَاحِد هُوَ أجر الِاجْتِهَاد بَقِي أَن هَذَا هَل هُوَ اجْتِهَاد فِي معرفَة الحكم من أدلته أَو اجْتِهَاد فِي معرفَة حَقِيقَة الْحَادِثَة ليقضي على وفْق مَا عَلَيْهِ الْأَمر فِي نَفسه وغالب الْعلمَاء على أَن المُرَاد هُوَ الأول وَلذَلِك قَالُوا الحَدِيث فِي حَاكم عَالم للِاجْتِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5382] اسْتَعِنْ بِنَا فِي عَمَلك أَي استعملنا فِي بعض الولايات الْمُتَعَلّقَة بك بِمن سألناه أَي بِالَّذِي طلب منا الْعَمَل لِأَن الْعَمَل فِيهِ تَعب فِي الدُّنْيَا وَخَوف فِي الْآخِرَة وَلَا يرضى بِهِ وَلَا يَطْلُبهُ عَادَة الا من اتَّخذهُ سَببا لنيل الدُّنْيَا وَمثله لَا يسْتَحق لذَلِك قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 [5383] انكم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة بِفتْحَتَيْنِ اسْم من الايثار أَي ان الْأُمَرَاء بعدِي يفضلون عَلَيْكُم غَيْركُمْ يُرِيد أَنَّك ظَنَنْت هَذَا الْقدر أَثَرَة وَلَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن الأثرة مَا يكون بعدِي وَالْمَطْلُوب فِيهِ مِنْكُم الصَّبْر فَكيف تصبر إِذا لم تقدر أَن تصبر على هَذَا الْقدر فَعَلَيْك بِالصبرِ بِهِ حَتَّى تقدر على الصَّبْر فِيمَا بعد وَالْحَاصِل رَآهُ مستعجلا فأرشده إِلَى الصَّبْر على الْإِطْلَاق بألطف وَجه قَوْله الْإِمَارَة بِكَسْر الْهمزَة ان أعطيتهَا على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَفظ الْخطاب وَكَذَا وكلت إِلَيْهَا أَي إِلَى الْمَسْأَلَة وَهَذَا كِنَايَة عَن عدم العون من الله تَعَالَى فِي معرفَة الْحق والتوفيق للْعَمَل بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيْثُ اجترأ على السُّؤَال فقد اعْتمد على نَفسه فَلَا يسْتَحق العون أعنت على بِنَاء الْمَفْعُول أَيْضا قَوْله [5385] سَتَكُون ندامة أَي بعد الْمَوْت الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 وَلَعَلَّه المُرَاد بِيَوْم الْقِيَامَة فَإِن من مَاتَ فقد قَامَت قِيَامَته وَالله تَعَالَى أعلم الْمُرضعَة هِيَ الْحَيَاة الَّتِي هِيَ موصلة لَهُم إِلَى الامارة الفاطمة أَي الْمَوْت الْقَاطِع لَهُم عَن الامارة والتأنيث بِاعْتِبَار أَنه حَالَة وَالْمرَاد فنعمت حياتهم وَبئسَ مَوْتهمْ قَوْله أَمر من التأمير فتماريا تجادلا فِي تعْيين من هُوَ الأولى بذلك وَلَو أَنهم صَبَرُوا نزل فِيمَا فعلوا حَال قدومهم حَيْثُ نادوه من الْبَيْت لَا فِي جِدَال الشَّيْخَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَوْله سَمعه أَي سمع النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مناداته أَي مناداة الْقَوْم إِيَّاه بِأبي الحكم فضمير الْفَاعِل فِي سمع للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَضمير الْمَفْعُول لهانئ على حذف مُضَاف [5387] وهم يكنون اما بتَشْديد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 النُّون مَعَ ضم أَوله أَو بتخفيفها مَعَ فتح أَوله وضميرهم لقوم هَانِئ مَا أحسن هَذَا أَي الَّذِي ذكرت من الحكم على وَجه يرضى المتخاصمين فَإِنَّهُ لَا يكون دَائِما على هَذَا الْوَجْه الا بِكَوْنِهِ عدلا أَبُو شُرَيْح رِعَايَة للأكبر سنا وَشُرَيْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُور بِالْقضَاءِ فِيمَا بَين التَّابِعين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5388] عصمني الله أَي حِين أردْت أَن أقَاتل عليا من طرف عَائِشَة ولوا أَمرهم امْرَأَة أَي فَقلت فِي نَفسِي حِين تذكرت هَذَا الحَدِيث ان عَائِشَة امْرَأَة فَلَا تصلح لتولية الْأَمر إِلَيْهَا وَقد عصمه الله تَعَالَى فِيمَا جرى على مُعَاوِيَة وعَلى بِحَدِيث إِذا التقى المسلمان بسيفيهما الحَدِيث قَوْله [5389] ان فَرِيضَة الله الخ قد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْحَج قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 [5397] أَكْثرُوا على عبد الله أَي بن مَسْعُود فِي السُّؤَال وَعرض الوقائع المحتاجة إِلَى الحكم ليحكم فِيهَا انه قد أَتَى أَي مضى ان بلغنَا من التَّبْلِيغ وَالضَّمِير البارز مفعول أَو من الْبلُوغ وَالضَّمِير البارز فَاعله فليجتهد رَأْيه أَي ان كَانَ لَهُ أَهلا وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الِاجْتِهَاد نعم انه مَوْقُوف لكنه فِي حكم الرّفْع على مُقْتَضى الْقَوَاعِد بَقِي أَنه يدل على تَقْدِيم التَّقْلِيد بالسلف الصَّالِحين كالخلفاء الْأَرْبَعَة على الرَّأْي وَالْقِيَاس فَلْيتَأَمَّل وَكَأَنَّهُ لهَذَا حمل الحَدِيث المُصَنّف على صُورَة الإتفاق ليَكُون إِجْمَاعًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 [5400] أَشد من شتم يشتمونا هَؤُلَاءِ جملَة يشتمونا صفة شتم بِتَقْدِير الْعَائِد وَيكون الضَّمِير الْعَائِد مَفْعُولا مُطلقًا ثمَّ الْكَلَام من قبيل أكلوني البراغيث وَهَؤُلَاء الْآيَات هُوَ مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي من أَشد الشتم أَو يتْركُوا عطف على الْقَتْل أَي عرض عَلَيْهِم ان يقبلُوا الْقَتْل أَو التّرْك مَا تُرِيدُونَ أَي أَي شَيْء تُرِيدُونَ مائلين إِلَى مَا تَقولُونَ إسطوانة أَي مَنَارَة مُرْتَفعَة من الأَرْض وَلَا نرد عَلَيْكُم من الْوُرُود أَي حَتَّى تروا قراءتنا شتما لكم نسيح أَي نسير ونهيم من هام فِي البراري إِذا ذهب بِوَجْهِهِ على غير جادة وَلَا طلب مقصد الا وَله حميم فيهم أَي فَلذَلِك قبلوا مِنْهُم هَذَا الْكَلَام وتركوهم من الْقَتْل فَأنْزل الله عز وَجل رَهْبَانِيَّة أَي أوقعهَا فِي قُلُوبهم وجعلهم مائلين إِلَيْهَا وَالْآخرُونَ أَي الَّذين لقبوا عِنْد الْملك ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن عدم الحكم بِمَا أنزل الله هُوَ أَن يحكم بالْكفْر والهوى وَهُوَ مَطْلُوب المُصَنّف بِذكر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 قَوْله [5401] وَإِنَّمَا أَنا بشر أَي لَا أعلم من الْغَيْب الا مَا عَلمنِي رَبِّي كَمَا هُوَ شَأْن الْبشر أَلحن أَي أفطن لَهَا وَأعرف بهَا أَو أقدر على بَيَان مَقْصُوده وَأبين كلَاما أقطعه بِهِ الخ أَي أقطع لَهُ مَا هُوَ حرَام عَلَيْهِ يفضيه إِلَى النَّار قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد هَذَا فِي أول الْأَمر لما أمررسول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بِالظَّاهِرِ ويكل سرائر الْخلق إِلَى الله تَعَالَى كَسَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ خص صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أذن لَهُ أَن يحكم بالباطن أَيْضا وَأَن يقتل بِعِلْمِهِ خُصُوصِيَّة أنفرد بهَا عَن سَائِر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 الْخلق بِالْإِجْمَاع قَالَ الْقُرْطُبِيّ اجْتمعت الْأمة على أَنه لَيْسَ لأحد أَن يقتل بِعِلْمِهِ الا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قلت كَلَام الْقُرْطُبِيّ مَحْمُول على هَذِه الْأمة والا يشكل الْأَمر بقتل خضر فَتَأمل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 234 قَوْله [5402] بِهِ للكبرى اما لِأَنَّهَا ذَات الْيَد أَو لشبه بهَا أَو لِأَن فِي شَرِيعَته تَرْجِيح قَول الْكُبْرَى عِنْد الِاشْتِبَاه وَأما سُلَيْمَان فتوصل بالحيلة إِلَى معرفَة بَاطِن الْأَمر فأوهمهما أَنه يُرِيد قطع الْوَلَد لِيَعْرِفَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا قَطْعُهُ فَتَكُونَ هِيَ أمه فَلَمَّا رضيت الْكُبْرَى بِالْقطعِ وأبت الصُّغْرَى عرف ان الصُّغْرَى هِيَ الْأُم دون الْكُبْرَى وَلَعَلَّه مَا قضى بِهِ وَحده بل طلب الْإِقْرَار من الْكُبْرَى فأقرت بعد ذَلِك بِالْوَلَدِ للصغرى فَحكم بِالْإِقْرَارِ وللحاكم اسْتِعْمَال الْحِيلَة لمعْرِفَة الصَّوَاب لَكِن لَا يحكم الا بِوَجْهِهِ لَا بالحيلة فَقَط وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 قَوْله صبأنا أَي خرجنَا من دين آبَائِنَا إِلَى الدّين الْمَدْعُو إِلَيْهِ وهم أَرَادوا بذلك إِظْهَار الدُّخُول فِي الْإِسْلَام فَإِن الْكَفَرَة كَانُوا يَقُولُونَ للْمُسلمِ الصَّابِئ يَوْمئِذٍ لَكِن لما كَانَ اللَّفْظ غير صَرِيح فِي الْإِسْلَام جوز خَالِد قَتلهمْ وَجعل خَالِد قَتْلَى وَأسرى هَكَذَا فِي بعض النّسخ وعَلى هَذَا فقتلي جمع قَتِيل وَأسرى جمع أَسِير وَالتَّقْدِير جعل خَالِد بَعضهم قَتْلَى وَبَعْضهمْ أسرى وَفِي بعض النّسخ قتلا وأسرا بِالنّصب على أَنه مصدر أَي جعل يقتلهُمْ قتلا ويأسرهم أسرا مِمَّا صنع خَالِد من قتل من أظهر أَن مُرَاده الْإِسْلَام قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 [5406] لَا يحكم نهى أَو نفى بِمَعْنى النَّهْي وَذَلِكَ لِأَن الْغَضَب يفْسد الْفِكر ويغير الْحَال فَلَا يُؤمن عَلَيْهِ فِي الحكم وَقَالُوا وَكَذَا الْجُوع والعطش وأمثال ذَلِك قَوْله [5407] أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ظَاهره أَنه كَانَ مُسلما لَا منافقا كَمَا قيل إِذْ يبعد أَن يُقَال لمنافق ذَلِك فَالظَّاهِر أَنه وَقع فِيمَا وَقع من شدَّة الْغَضَب بِلَا اخْتِيَار مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم فِي شراج الْحرَّة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة آخِره جِيم جمع شرجة بِفَتْح فَسُكُون وَهِي مسايل المَاء بِالْحرَّةِ بِفَتْح فتشديد وَهِي أَرض ذَات حِجَارَة سود سرح أَمر من التسريح أَي أرسل اسْقِ يحْتَمل قطع الْهمزَة وَوَصلهَا أَن كَانَ بِفَتْح الْهمزَة حرف مصدري أَو مخفف ان وَاللَّام الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 مقدرَة أَي حكمت بِهِ لكَونه بن عَمَّتك وروى بِكَسْر الْهمزَة على أَنه مخفف ان وَالْجُمْلَة استئنافية فِي مَوضِع التَّعْلِيل فَتَلَوَّنَ أَي تغير وَظهر فِيهِ آثَار الْغَضَب إِلَى الْجدر بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الْجِدَار قيل المُرَاد بِهِ مَا رفع حول المزرعة كالجدار وَقيل أصُول الشّجر أمره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَولا بالمسامحة والايثار بِأَن يسقى شَيْئا يَسِيرا ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى جَاره فَلَمَّا قَالَ الْأنْصَارِيّ مَا قَالَ وَجَهل مَوضِع حَقه أمره بِأَن يَأْخُذ تَمام حَقه ويستوفيه فَإِنَّهُ أصلح لَهُ وَفِي الزّجر أبلغ [5407] فَلَمَّا أحفظ أَي أغضب من الحفيظة بِمَعْنى الْغَضَب قيل هَذَا من كَلَام الزُّهْرِيّ قَوْله [5408] أَنه تقاضى أَي طلب مِنْهُ قَضَاء الدّين ضع أَي اترك هَذَا الْقدر وابرئه مِنْهُ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 [5409] ففركت من سنبله أَي دلكته بِالْيَدِ لاخراج الْحبّ مِنْهُ استعدي عَلَيْهِ أَي اطلب مِنْهُ أَن ينْتَقم مِنْهُ لي مَا عَلمته من التَّعْلِيم اعتذر عَنهُ بِأَنَّهُ جَاهِل غَرِيب وجائع فَيَنْبَغِي لَك تَعْلِيم مثله واطعامه بوسق بِفَتْح فَسُكُون قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 عسيفا بِالْعينِ الْمُهْملَة أَجِيرا فَافْتَدَيْت بِمِائَة شَاة أَي أَعْطيته مائَة شَاة لذَلِك وَكَأَنَّهُ زعم أَن الْحق لزوج الزَّانِيَة بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا وَفسّر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبِيلَ بِالرَّجْمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى آيَةِ الشَّيْخِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 وَالشَّيْخَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت مَعَ قَوْله تَعَالَى الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا الْآيَة فَلْيتَأَمَّل [5411] فَرد عَلَيْك أَي عَلَيْهِم أَن يردوها عَلَيْك وَجلد ابْنه أَي بعد اقراره وَثُبُوت الزِّنَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِمُجَرَّد كَلَام الْأَب فَإِن اعْترفت قيل إِطْلَاقه يدل على كِفَايَة الْمَرْأَة فِي لُزُوم الْحَد قلت الْإِطْلَاق غير مُرَاد كَيفَ وَلَو ادَّعَت الْإِكْرَاه وَالْجُنُون مثلا يسْقط الرَّجْم فَعِنْدَ ذَلِك ينْصَرف الْمُطلق إِلَى مُقَيّد يكون مَعْلُوما فِي الشَّرْع وَقد علم أَربع مرار فِي ثُبُوت الْحَد فَيَنْصَرِف إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ النَّوَوِيّ فِي وَجه إرْسَال أنيس إِلَى الْمَرْأَة مَعَ أَن الْمَطْلُوب فِي حد الزِّنَى الدرء لَا الْإِثْبَات أَن هَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَيُعَرِّفَهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حَدَّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبَ بِهِ أَوْ تَعْفُو عَنهُ الا أَن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حد الزِّنَى قَوْله 5412 فَأرْسل إِلَيْهِ كَانَ الْإِرْسَال إِلَيْهِ مثل الْإِرْسَال إِلَى الْمَرْأَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم باثكال بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة بعْدهَا كَاف ثمَّ لَام وَهُوَ عذق النَّخْلَة بِمَا فِيهِ من الشماريخ قَوْله صفحوا من التصفيح أَي ضربوا أَيْديهم للاعلام يَعْنِي يَدَيْهِ أَي يحمد الله تَعَالَى على اكرام النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه بالتقدم بَين يَدَيْهِ ولكونه فهم أَن الْأَمر بذلك للاكرام لَا للايجاب اخْتَار عَلَيْهِ التأدب والا فَلَا يجوز ترك الْأَمر لَو كَانَ للآيجاب ثمَّ نكص أَي رَجَعَ إِلَى الْعقب بَين يَدي نبيه أَي بِلَا ضَرُورَة فَلَا يرد إِمَامَته فِي الْمَرَض مَعَ مَا جَاءَ فِيهِ من الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 الإختلاف قَوْله [5414] فَمر بهما أَي ظهر لَهما فَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين مَا تقدم قَرِيبا قَوْله [5415] فِي نسعة بِكَسْر النُّون قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 [5416] فِي شراج الْحرَّة بِكَسْر الشين وَقد تقدم الحَدِيث قَرِيبا قَوْله [5417] يطوف خلفهَا يبكي أَي حِين اخْتَارَتْ هِيَ الْفِرَاق بعد أَن أعتقت فخيرت أَلا تعجب أَي مَعَ أَن الْمُعْتَاد أَن الْحبّ يكون من الطَّرفَيْنِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 245 [5418] رجل من الْأَنْصَار قد تقدم الحَدِيث الا أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة للدّين وَمُقْتَضى الرِّوَايَة السَّابِقَة عَدمه فَلَعَلَّهُ كَانَ قَلِيلا غير مَنْظُور إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5419] فقد أوجب الله الخ أَي جَزَاؤُهُ ذَلِك وَأمر الْمَغْفِرَة وَرَاء ذَلِك قَضِيبًا أَي عودا من أَرَاك بِالْفَتْح شَجَرَة مَعْرُوفَة قَوْله بِالْمَعْرُوفِ أَي بِالْقدرِ الْمُعْتَاد بَين أهل الْعرف لَا الزَّائِد على قدر الْحَاجة وَمن لم ير الْقَضَاء على الْغَائِب يحمل الحَدِيث على أَنه أفتاها بِهِ وَبَين لَهَا أَنه حَلَال وَالْفَتْوَى غير الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 [5421] فِي قَضَاء أَي فِي أَمر وَاحِد كَمَا فِي بعض طرق الحَدِيث بقضاءين بِأَن يحكم بِلُزُوم الدّين وسقوطه مثلا إِذْ الْمَقْصُود من نصب الْقُضَاة قطع النزاع وَلَا يَنْقَطِع بِمثل هَذَا الْقَضَاء قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 [5423] الألد الْخصم أَي شَدِيد الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ قَوْله لَيْسَ لوَاحِد بَينه كِنَايَة عَن عدم رُجْحَان أَحدهمَا على الآخر بِأَن لَا يكون فِي يَد أَحدهمَا أَو يكون فِي يدهما جَمِيعًا وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله تخرزان من خرز الْخُف من بَاب نصر تدمى كترضى قَوْله آللَّهُ بِالْمدِّ أَي أنْشدكُمْ بِاللَّه والهمزة الممدودة عوض من حرف الْقسم تُهْمَة لكم بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا فُعْلَةٌ مِنَ اتهمَ وَالتَّاء بدل من الْوَاو وَكَذَا ذكره السُّيُوطِيّ يباهي بكم الْمَلَائِكَة أَي فَأَرَدْت أَن أحقق بِمَاذَا كَانَت المباهاة فللاهتمام بتحقيق ذَلِك الْأَمر والأشعار بتعظيمه استحلفتكم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 248 [5427] آمَنت بِاللَّه أَي بأَمْره أَن الْحَالِف يصدق إِذا أمكن ذَلِك أَو بِأَنَّهُ عَظِيم لَا يَنْبَغِي حرمَان من توسل بإسمه إِلَى أمره وكذبت بَصرِي أَي حكمت وأظهرت خطأه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 (كتاب الِاسْتِعَاذَة) قَوْله [5428] أَصَابَنَا طش بِفَتْح طاء وَتَشْديد شين مُعْجمَة الْمَطَر الضَّعِيف قَالَ قل هُوَ الله أحد جملَة قل هُوَ الله أحد أُرِيد بهَا السُّورَة الْمَعْهُودَة على أَنَّهَا لفعل مُقَدّر مثل قل أَي قل هَذِه السُّورَة المصدرة بقل هُوَ الله أحد والمعوذتين عطف عَلَيْهَا وَحين يُمْسِي من الامساء وَيُصْبِح من الاصباح ظرف للْفِعْل الْمُقدر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَاسْتَمَعْت أَي تَوَجَّهت تِلْقَاء كَلَامه ذَلِك وَمَا عرفت مَا يُرِيد قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 251 [5433] بغلة شهباء أَي بَيْضَاء فَعرف أَنِّي لم أفرح بهَا جدا أَي مَا حصل لي السرُور الْكَامِل كَأَن الْقلب كَانَ مَشْغُولًا بِمَا كَانَ فِي الْوَقْت من الظلمَة وَغَيرهَا فَمَا ظهر فِي الْقلب السرُور على أكمل وَجه بذلك كَمَا هُوَ حَال الحزين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5434] فأمنا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بهما فِي صَلَاة الْغَدَاة أَي ليعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 بذلك عقبَة أَنَّهُمَا مَعَ قلَّة حروفهما تقومان مقَام السورتين الطويلتين إِذْ الْمُعْتَاد فِي صَلَاة الْفجْر كَانَ هُوَ التَّطْوِيل ليفرح بهما ويعطيهما غَايَة التَّعْظِيم قَوْله قَرِيبا أَي فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة سررت على بِنَاء الْفَاعِل قَوْله فأجللت أَي عظمت فَأَشْفَقت أَي خفت هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي زَمَانا قَلِيلا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 قَوْله أبلغ عِنْد الله أَي أعظم فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 [5442] من علم لَا ينفع أَي صَاحبه فَإِن من الْعلم مَالا ينفع صَاحبه بل يصير عَلَيْهِ حجَّة وَفِي استعاذته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْأُمُور إِظْهَار للعبودية واعظام للرب تبَارك وَتَعَالَى وَأَن العَبْد يَنْبَغِي لَهُ مُلَازمَة الْخَوْف ودوام الافتقار إِلَى جنابه تَعَالَى وَفِيه حث للْأمة على ذَلِك وَتَعْلِيم لَهُم والا فَهُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم من هَذِه الْأُمُور وَفِيه أَن الْمَمْنُوع من السجع مَا يكون عَن قصد إِلَيْهِ وتكلف فِي تَحْصِيله وَأما مَا اتّفق حُصُوله بِسَبَب قُوَّة السليقة وفصاحة اللِّسَان فبمعزل عَن ذَلِك وَنَفس لَا تشبع أَي حريصة على الدُّنْيَا لَا تشبع مِنْهَا واما الْحِرْص على الْعلم وَالْخَيْر فمحمود مَطْلُوب قَالَ تَعَالَى وَقل رب زِدْنِي علما وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5443] مِنَ الْجُبْنِ هُوَ ضِدُّ الشُّجَاعَةِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ قيل هُوَ أَن يَمُوت غير تائب وَالظَّاهِر الْعُمُوم ويساعده المقامقوله [5444] أَن شُتَيْرَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ بن شكل بِفتْحَتَيْنِ أَو اسكان الْكَاف قَوْله وَشر مني هُوَ المنى الْمَشْهُور بِمَعْنى المَاء الْمَعْرُوف كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف مُضَافا إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 [5447] من أَن أرد على بِنَاء الْمَفْعُول من الرَّد وأرذل الْعُمر رديئه وَهُوَ مَا ينتقص فِيهِ من القوى الظَّاهِرَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 والباطنة فَيصير كالطفل قَوْله والهرم بِفتْحَتَيْنِ أقْصَى الْكبر وفتنة الْمحيا مفعل من الْحَيَاة فَهُوَ مَقْصُور لَا مَمْدُود قَوْله من الْهم والحزن بِفتْحَتَيْنِ وبضم فَسُكُون مثل رشد ورشد قيل الْفرق الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 بَينهمَا أَن الْحزن على مَا وَقع والهم فِيمَا يتَوَقَّع وَكثير مِنْهُم يجعلونه من بَاب التكرير والتأكيد وَكَثِيرًا مَا يَجِيء مثل هَذَا التَّأْكِيد بالْعَطْف مُرَاعَاة لتغاير اللَّفْظ قَوْله [5453] وضلع الدّين الضلع بِفتْحَتَيْنِ وَالضَّاد مُعْجمَة بِمَعْنى الثّقل والشدة وَالدّين بِفَتْح الدَّال هُوَ الرِّوَايَة أَي ثقل الدّين وشدته وَلَو كسرت الدَّال الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 لم يبعد من حَيْثُ الْمَعْنى لَكِن بعد من حَيْثُ الرِّوَايَة تحريفا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5454] أَكثر مَا يتَعَوَّذ من المغرم والمأثم الظَّاهِر أَن أَكثر صِيغَة التَّفْضِيل وَهُوَ بِالرَّفْع مُبْتَدأ مُضَاف إِلَى مَا بعده وَمَا فِي قَوْله مَا يتَعَوَّذ مَصْدَرِيَّة وَالْجَار وَالْمَجْرُور خبر الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَالتَّقْدِير كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَكثر تعوذه كَانَ من المغرم والمأثم ولازمه أَنه لَا يستعيذ من شَيْء قدر مَا يستعيذ مِنْهُمَا وَيُمكن أَن يكون أَكثر صيغه مَاض من الْإِكْثَار أَي أَنه قد أَكثر التَّعَوُّذ من المغرم والمأثم ولازمه أَنه يستعيذ مِنْهُمَا كثيرا وَلَا يلْزم أَن يكون تعوذه مِنْهُمَا أَكثر من تعوذه من الْأَشْيَاء الْأُخَر قيل والمغرم مصدر وضع مَوضِع الِاسْم يُرِيد مَغْرَمَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَقِيلَ الْمَغْرَمُ كَالْغُرْمِ وَهُوَ الدّين قلت وَالثَّانِي هُوَ الْمُوَافق لاخر الحَدِيث ثمَّ قَالَ وَالْمرَاد مَا استدين بِهِ فِيمَا يكره أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ اما فِيمَا يحْتَاج وَيقدر على أَدَائِهِ فَلَا يستعاذ مِنْهُ قلت الْمُوَافق للْحَدِيث هُوَ الدّين المفضي إِلَى الْمعْصِيَة بِوَاسِطَة الْعَجز عَن الْأَدَاء مَا أَكثر مَا تعوذ بِفَتْح الرَّاء على التَّعَجُّب وَمَا فِيمَا تعوذ مَصْدَرِيَّة كَأَنَّهَا تعجبت لاجل أَن الدّين يكرههُ من يحب التَّوَسُّع فِي الدُّنْيَا وَلَا يرضى بِضيق الْحَال وَلَيْسَ ذَاك من صِفَات الرِّجَال من غرم بِكَسْر رَاء وَحَاصِل الْجَواب أَن الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ لَيْسَ بحب التَّوَسُّع وَإِنَّمَا هُوَ لاجل مَا يُفْضِي إِلَيْهِ الدّين من الْخلَل فِي الدّين الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 قَوْله والذلة بِكَسْر الذَّال كالقلة وكل ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي للْإنْسَان الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ لافضائه كثيرا إِلَى الْخلَل فِي الدّين الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 قَوْله [5466] وَشر فتْنَة الْغنى هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْقصر الْيَسَار قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 [5468] فَإِنَّهُ بئس الضجيع ضجيعك بِفَتْح فَكسر من ينَام فِي فراشك أَي بئس الصاحب الْجُوع الَّذِي يمنعك من وظائف الْعِبَادَات ويشوش الدِّمَاغ ويثير الأفكار الْفَاسِدَة والخيالات الْبَاطِلَة والبطانة بِكَسْر بَاء مُوَحدَة هِيَ ضد الظهارة وَأَصلهَا فِي الثَّوْب فاتسع فِيمَا يستبطن من أمره قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 أيعدل الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 [5474] الدّين بالْكفْر قَالَ نعم أَرَادَ الرجل أَن قرانهما فِي الذّكر يَقْتَضِي قُوَّة الْمُنَاسبَة بَينهمَا فِي الْمضرَّة بِحَيْثُ ان كلا مِنْهُمَا يُسَاوِي الْأُخَر فَهَل الدّين بلغ هَذَا الْمبلغ حَتَّى اسْتحق أَن يَجْعَل عديلا للكفر وَيذكر قرينا مَعَه فِي الذّكر فَأجَاب بِأَنَّهُ كَذَلِك كَيفَ وَهُوَ يمْنَع دُخُول الْجنَّة كالكفر نعم هُوَ دائمي وَمنع الدّين إِلَى غَايَة الْأَدَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5475] وشماتة الْأَعْدَاء فرحتهم بمصائبه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 [5486] أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَزِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنَ الزَّلَلِ وَرُوِيَ بِالذَّالِ مِنَ الذُّلِّ أَوْ أَضِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَفِي رِوَايَةٍ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ الْأَوَّلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَيُقَدَّرُ فِي أَجْهَلَ عَلَى أَحَدٍ يُوَازِنُ قَوْله فِي الثَّانِي عَليّ وَالْمرَاد بِالْجَهْلِ لَا كَذَا قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 [5491] من دَرك الشَّقَاء الدَّرك بِفتْحَتَيْنِ وَحكى سُكُون الثَّانِي اللحاق والشقاء بِالْفَتْح وَالْمدّ الشدَّة أَي من لحاق الشدَّة وَقَالَ السُّيُوطِيّ وَالْمرَاد بالشقاء سوء الخاتمة نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ وَسُوءِ الْقَضَاءِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هُوَ بِمَعْنَى الْمَقْضِيِّ إِذْ حُكْمُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ قَالُوا فِي تَعْرِيف الْقَضَاء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 وَالْقَدَرِ الْقَضَاءُ هُوَ الْحُكْمُ بِالْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَزَلِ وَالْقَدَرُ هُوَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْجُزْئِيَّاتِ الَّتِي لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فِي الْإِنْزَالِ قَالَ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُوم وَجهد الْبلَاء بِفَتْح الْجِيم أَي شدَّة الْبلَاء قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ الْحَالة الَّتِي يخْتَار الْمَوْت عَلَيْهَا أَي لَو خير بَين الْمَوْت وَبَين تِلْكَ الْحَالة لأحب أَن يَمُوت تَحَرُّزًا عَن تِلْكَ الْحَالة وَقِيلَ هُوَ قِلَّةُ الْمَالِ وَكَثْرَةُ الْعِيَالِ قَالَ الْكرْمَانِي هَذِه الْكَلِمَة جَامِعَةٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إِمَّا أَنْ يُلَاحَظَ مِنْ جِهَةِ الْمَبْدَأِ وَهُوَ سُوءُ الْقَضَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَعَادِ وَهُوَ دَرَكُ الشَّقَاءِ أَوْ مِنْ جِهَة المعاش وَهُوَ إِمَّا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ جَهْدُ الْبَلَاءِ نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لَا مُقَابلَة على مَا ذكره بَين سوء الْقَضَاء وَغَيره بل غَيره كالتفصيل لجزئياته فالمقابلة يَنْبَغِي أَن تعْتَبر بِاعْتِبَار أَن مَجْمُوع الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة بِمَنْزِلَة الْقدر فَكَأَنَّهُ قَالَ من سوء الْقَضَاء وَالْقدر لَكِن أقيم أهم أَقسَام سوء الْقدر مقَامه بَقِي أَن الْمقْضِي من حَيْثُ الْقَضَاء أزلي فَأَي فَائِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ وَالظَّاهِر أَن المُرَاد صرف الْمُعَلق مِنْهُ فَإِنَّهُ قد يكون مُعَلّقا وَالتَّحْقِيق أَن الدُّعَاء مَطْلُوب لكَونه عبادةوطاعة وَلَا حاجةلنا فِي ذَلِك إِلَى أَن نَعْرِف الْفَائِدَة المترتبة عَلَيْهِ سوى مَا ذكرنَا قَوْله وسيئ الأسقام هِيَ مَا يكون سَببا لعيب وَفَسَاد عُضْو وَنَحْو ذَلِك الجزء: 8 ¦ الصفحة: 270 قَوْله [5494] فَلَمَّا نزلت المعوذتان بِكَسْر الواوقوله [5495] وَسُوء الْكبر بِكَسْر الْكَاف وَفتح الْبَاء أَي كبر السن وَهُوَ قريب من الْهَرم وَجعله بِسُكُون الْبَاء بِمَعْنى التكبر بعيد لكَونه كُله سَيِّئًا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 271 قَوْله من وعثاء السّفر بِفَتْح وَاو وَسُكُون عين مُهْملَة ومثلثة وَمد أَي شدته ومشقته وكآبة المنقلب بِفَتْح كَاف وهمزة ممدودة أَو سَاكِنة كرأفة ورآفة فِي الْقَامُوس هِيَ الْغم وَسُوء الْحَال والإنكسار الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 من حزن والمنقلب مصدر بِمَعْنى الانقلاب أَو اسْم مَكَان قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أَن يَنْقَلِب إِلَى أَهله كئيبا حَزينًا لعدم قَضَاء حَاجته أَو إِصَابَة آفَة لَهُ أَو يجدهم مرضى أَو مَاتَ مِنْهُم بَعضهم والحور بعد الكور الكور لف الْعِمَامَة والحور نقضهَا وَالْمرَاد الِاسْتِعَاذَة من النُّقْصَان بعد الزِّيَادَة أَو من الشتات بعد الانتظام أَي من فَسَاد الْأُمُور بعد صَلَاحهَا وَقيل من الرُّجُوع عَن الْجَمَاعَة بعد الْكَوْن فيهم وروى بعد الْكَوْن بنُون أَي الرُّجُوع من الْحَالة المستحسنة بعد أَن كَانَ عَلَيْهَا قيل هُوَ مصدر كَانَ تَامَّة أَي من التَّغَيُّر بعد الثَّبَات ودعوة الْمَظْلُوم استعاذة من الظُّلم فَإِنَّهُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ دَعْوَة الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حجاب وَسُوء المنظر هُوَ كل منظر يعقب النّظر إِلَيْهِ سوء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 قَوْله أَنْت الْخَلِيفَة أَي الْكَافِي قَوْله [5502] فِي دَار الْمقَام بِضَم الْمِيم أَي دَار الْإِقَامَة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 [5510] وفتنة الاحياء والأموات هما بِفَتْح الْهمزَة جمع حَيّ وميت أَي من الْفِتْنَة الَّتِي تلْحق الْأَحْيَاء والأموات قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 [5522] ان سيد الاسْتِغْفَار وَفِي رِوَايَة أفضل الاسْتِغْفَار أَي أَكثر ثَوابًا لقائله من بَين جنس الاسْتِغْفَار وَوجه كَونه كَذَلِك مِمَّا لَا يعرف بِالْعقلِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمر مفوض إِلَى الَّذِي قرر الثَّوَاب على الْأَعْمَال وَأَنا على عَهْدك أَي على الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ الَّتِي جرى بهَا الْمِيثَاق والعهد وَوَعدك بالثواب للْمُؤْمِنين على لِسَان الرُّسُل أَبُوء أَي أعترف دخل الْجنَّة أَي ابْتِدَاء والا فَكل مُؤمن يدْخل الْجنَّة بايمانه وَهَذَا فضل من الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 [5523] من شَرّ مَا عملت الخ أَي من شَرّ مَا فعلت من السَّيِّئَات وَمَا تركت من الْحَسَنَات أَو الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 من شَرّ كل شَيْء مِمَّا تعلق بِهِ كسبي أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 [5529] أَن أغتال على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال اغتاله أَي قَتله غيلَة بِكَسْر الْغَيْن وَهُوَ أَن يخدعه فَيذْهب بِهِ إِلَى مَوضِع لَا يرى فِيهِ فَإِذا صَار إِلَيْهِ قَتله أَي أعوذ بك من أَن يجيئني الْبلَاء من حَيْثُ لَا أشعر بِهِ قَوْله [5533] من التردي هُوَ السُّقُوط من العالي إِلَى السافل وَالْهدم بِفَتْح فَسُكُون مصدر هدم الْبناء نقضه وَالْمرَاد من أَن يهدم على الْبناء على أَنه مصدر مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَو من أَن أهدم الْبناء على أحد على أَنه مصدر مَبْنِيّ للْفَاعِل وَالْغَرق بِفتْحَتَيْنِ والحريق أَي الْعَذَاب المحرق وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الخ قد فسره الْخطابِيّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 282 بِأَن يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا فَيُضِلَّهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ أَوْ يَعُوقَهُ عَنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَظْلَمَةٍ تَكُونُ قِبَلَهُ أَوْ يُؤَيِّسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَوْ يُكَرِّهَ لَهُ الْمَوْتَ وَيُؤْسِفَهُ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يَرْضَى بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِنَاءِ وَالنُّقْلَةِ إِلَى دَار الْآخِرَة فيختم لَهُ ويلقى الله وَهُوَ ساخط عَلَيْهِ لديغا هوالملدوغ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 وَهُوَ من لدغته بعض ذَوَات السم قَوْله من أَن أزل بِفَتْح الْهمزَة وَكَذَا أضلّ وَكَذَا أظلم الأول وَأما الثَّانِي فبضم الْهمزَة واجهل بِفَتْح الْهمزَة ويجهل على بِنَاء الْمَفْعُول وَهَذَا الدُّعَاء هُوَ ختم بعض النّسخ وَنعم الدُّعَاء هُوَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 (كتاب الْأَشْرِبَة) قَوْله [5540] لما نزل تَحْرِيم الْخمر أَي لما قرب نُزُوله أَو لما أَرَادَ الله تَعَالَى أَن ينزله وفْق عمر لطلبه حَتَّى أنزلهُ بالتدريج الْمَذْكُور فِي الحَدِيث فالتحريم انما حصل بِآيَة الْمَائِدَة وَدُعَاء عمر كَانَ قبل ذَلِك فَلَا بُد من تَأْوِيل ظَاهر الحَدِيث بِمَا ذكرنَا وَالْمرَاد بِآيَة الْبَقَرَة قَوْله تَعَالَى قل فيهمَا اثم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس الْآيَة وَالْمرَاد بالإثم وَالله تَعَالَى أعلم الضَّرَر كَمَا يدل عَلَيْهِ مُقَابلَته بالمنافع وَلذَلِك مَا فهم الصَّحَابَة مِنْهَا الْحُرْمَة واما قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ الْآيَة فَلَعَلَّ المُرَاد نهي من لَهُ معرفَة من السكرِي فِي الْجُمْلَة أَو المُرَاد بِهِ النَّهْي عَن مُبَاشرَة أَسبَاب السكر عِنْد قرب الصَّلَاة لَا نهي السَّكْرَان لِأَنَّهُ لَا يفهم فَكيف ينْهَى قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 [5541] من فضيخ لَهُم بِفَتْح فَاء وخفة مُعْجمَة واعجام خاء شراب يتَّخذ من الْبُسْر من غير ان يمسهُ نَار وَقيل يتَّخذ من بر وتمر وَقيل يتَّخذ من بسر مفضوخ أَي مكسور قلت وَقد بَين أنس فِي الحَدِيث الفضيخ فَلَا حاجةالى بَيَانه وَمُرَاد أنس أَن الفضيخ هُوَ مَحل نزُول الْآيَة فَتَنَاول الْآيَة لَهُ أولى قَوْله فَقَالُوا أكفأها بِالْهَمْزَةِ فِي آخِره أَي أقلب وعاءها قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 [5546] هُوَ الْخمر أَي الْكَامِل فِي الْكَوْن خمرًا وَلَيْسَ المُرَاد الْحصْر وَالْمرَاد بَيَان تنَاول الْآيَة للقسمين لَا قصرهَا على أَحدهمَا قَوْله [5547] نهى عَن البلح وَالتَّمْر أَي عَن الْجمع بَين النَّوْعَيْنِ فِي الانتباذ لمسارعة الْإِسْكَار والاشتداد عِنْد الْخَلْط فَرُبمَا يَقع بذلك فِي شرب الْمُسكر وَقد جَاءَ مَا يُفِيد أَنه إِذا أَمن من الْإِسْكَار فَلَا بَأْس وَبِه أَخذ كثير من الْعلمَاء وَقَالَ بَعضهم النَّهْي للتنزيه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 [5548] وان يخلط البلح والزهو الزهو بِفَتْح الزَّاي وَضمّهَا وَسُكُون الْهَاء الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ الَّذِي بَدَا فِيهِ حُمْرَةٌ أَوْ صفرَة وطاب وَفِي الصِّحَاح وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ الزهو بِالضَّمِّ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 [5563] يبغى أَحدهمَا على صَاحبه أَي يشْتَد من الْبَغي وَهُوَ الْخُرُوج ومجاوزة الْحَد كَانَ يكره المذنب اسْم فَاعل من التذنيب يُقَال ذنبت البسرة تذنيبا إِذا ظهر فِيهِ الإرطاب قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 [5567] يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُشَدُّ وَيُرْبَطُ وَالْمرَاد الأسقية المتخذة من الْجلد فَإِنَّهَا يظْهر فِيهَا مَا اشْتَدَّ من غَيره لِأَنَّهَا تَنْشَق بالاشتداد القوى غَالِبا وَالْمَقْصُود فِي الْكل الِاحْتِرَاز عَن الْمُسكر فَإِن الْمُسكر حرَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 [5573] من هَاتين الشجرتين لَا على وَجه الْقصر عَلَيْهِمَا بل على معنى أَنه مِنْهُمَا وَلَا يقْتَصر على الْعِنَب وَقيل الْمَقْصُود بَيَان ذَلِك لأهل الْمَدِينَة وَلم يكن عِنْدهم مشروب الا من هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَقيل أَن مُعظم مَا يتَّخذ من الْخمر أَو أَشد مَا يكون فِي معنى المخامرة والإسكار انما هُوَ من هَاتين وَالله تَعَالَى أعلمقوله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 [5574] السكر خمر السكر بِفتْحَتَيْنِ قيل الْآيَة نزلت قبل تَحْرِيم الْخمر قَالَ بن عَبَّاس السكر مَا حرم وَهُوَ الْخمر والرزق الْحسن مَا بَقِي حَلَالا وَهُوَ الاعناب والتمور وَالسكر اسْم لما يسكر كَذَا نقل من شرح السّنة قَوْله [5578] وَهِي من خَمْسَة أَي الْخمر الْمَوْجُودَة بَين النَّاس المستعملة بَينهم والمرادتناول الْآيَة وَالْحُرْمَة لجَمِيع تِلْكَ الْأَقْسَام الْخَمْسَة لَا مُقْتَصرا عَلَيْهَا بل يعمها ويعم كل مَا خامر الْعقل لِأَن حَقِيقَة الْخمر مَا خامر الْعقل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 295 [5582] وكل مُسكر خمر يحْتَمل أَن المُرَاد أَن الْخمر اسْم لكل مَا يُوجد فِيهِ السكر من الْأَشْرِبَة وَمن ذهب إِلَى هَذَا قَالَ ان للشريعة أَن تحدث الْأَسْمَاء بعد أَن لم تكن كَمَا أَن لَهَا أَن تضع الْأَحْكَام وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ أَن كل مُسكر سوى الْخمر كَالْخمرِ فِي الْحُرْمَة وَالْحَد وعَلى هَذَا فَهُوَ يُؤَكد مَا قبله فِي الْجُمْلَة وَيحْتَمل أَن يُرَاد أَنه كَالْخمرِ فِي الْحَد فَقَط فَهُوَ تأسيس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 296 [5592] سُئِلَ عَن البتع بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة من فَوق وَعين مُهْملَة نَبِيذ الْعَسَل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 [5603] قلت البتع بِكَسْر مُوَحدَة وَسُكُون مثناة والمزر بِكَسْر مِيم وَسُكُون زَاي مُعْجمَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 قَوْله [5605] قَالَ حَبَّة تصنع أَي شراب حَبَّة [5606] فَقَالَ سبق مُحَمَّد الباذق فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَمْرُ تَعْرِيبُ بَادِه وَهُوَ اسْمُ الْخَمْرِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَوْ سَبَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِي غَيره من جنسه نَقله السُّيُوطِيّ قَوْله [5607] مَا أسكر كَثِيره أَي مَا يحصل السكر بِشرب كَثِيره فَهُوَ حرَام قَلِيله وَكَثِيره وان كَانَ قَلِيله غير مُسكر وَبِه أَخذ الْجُمْهُور وَعَلِيهِ الِاعْتِمَاد عِنْد عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة والاعتماد على القَوْل بِأَن الْمحرم هوالشربة المسكرة وماكان قبلهَا فحلال قد رده الْمُحَقِّقُونَ كَمَا رده المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 [5610] فتحينت فطره أَي فراعيت حِين فطره بنبيذ أدنه من الإدناء أَي قربه ألى فَإِذا هُوَ ينش بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الْمُعْجَمَة أَي يغلى قَوْله وتحليلهم مَا تقدمها الَّذِي يشرب فِي الْفرق قبلهَا الظَّاهِر أَن هَذَا تَحْرِيف و الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 الصَّوَاب مَا فِي الْكُبْرَى الَّذِي يسري فِي الْعُرُوق قبلهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والجعة بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة المخففة قَالَ أَبُو عبيد هِيَ النَّبِيذ الْمُتَّخذ من الشّعير قَوْله [5613] فِي تور بِالْمُثَنَّاةِ الْمَفْتُوحَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 اناء كالإجانة قَوْله [5614] عَن نَبِيذ الْجَرّ بِفَتْح الْجِيم وتشديدالراء وَاحِدهَا جرة وَهِي اناء مَعْرُوف من آنِية الفخار وَأَرَادَ المدهونة لِأَنَّهَا أسْرع فِي الشدَّة والتخمير قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 قَوْله نهى عَن الدُّبَّاء بِذَاتِهِ نهى على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد النهى عَن الانتباذ فِيهِ وَمعنى بِذَاتِهِ أَي مَعَ قطع النّظر عَن الاسكار أى الانتباذ فِيهِ وَحده مَمْنُوع وَلَو لم يكن مَعَه اسكار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالخريبة قيل هِيَ محلّة من محَال الْبَصْرَة عَن العكر بِفتْحَتَيْنِ الْوَسخ والدرن من كل شَيْء وَالْمرَاد هَا هُنَا درن الْخمر الْبَاقِي فِي الْوِعَاء وأوكى عَلَيْهِ من الايكاء بِمَعْنى الرَّبْط وَالْمرَاد ربط فَمه وَلَعَلَّ الْمَقْصُود بِالْبَيَانِ أَن الْوِعَاء يكون من الْجلد لِأَنَّهُ الذى يوكى عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 قَوْله والمزادة المجبوبة بجيم وموحدة مكررة هِيَ الَّتِى يخاط بَعْضهَا إِلَى بعض فقد يتَغَيَّر فِي هَذِه الظروف النَّبِيذ وَلَا يدْرِي بِهِ صَاحبهَا بِخِلَاف السقاء الْمُتَعَارف فانه يظْهر فِيهِ مَا اشْتَدَّ من غَيره لِأَنَّهَا تَنْشَق بالاشتداد القوى غَالِبا وَقد فسر بَعضهم المزادة المجبوبة بتفسير آخر وَقَوله ائْذَنْ لى يَا رَسُول الله فِي مثل هَذَا قَالَ الخ الظَّاهِر أَن الاشارة إِلَى أَمر مُتَعَلق بِالْمَجْلِسِ وَلَا يدْرِي مَاذَا وَالْأَقْرَب أَنه طلب الرُّخْصَة فِي بعض الْأَقْسَام الممنوعة فَبين لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالاشارة أَنَّك أذا رخصت لَك فِي بعض هَذِه الْأَقْسَام فلعلك تشربه وَقد فار فنقع فِي الْمُسكر الْحَرَام وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 309 قَوْله فِي تور برام ضبط بِكَسْر بَاء أَي تور حِجَارَة الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 قَوْله [5652] فَاشْرَبُوا فِي الأسقية كلهَا الخ قَالُوا هَذَا نَاسخ للنَّهْي الْمُتَقَدّم عَن الأوعية فَصَارَ بعد النّسخ مدَار الْحُرْمَة على الْإِسْكَار وَلَا دخل لظرف فِي حل أَو حُرْمَة هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَخَالفهُم مَالك فَرَأى أَن الْكَرَاهَة بَاقِيَة بعد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5655] إِذْ حل من الْحُلُول أَي نزل فَسمع لَهُم لَغطا بِفَتْح لَام وغين مُعْجمَة وَيجوز سُكُون الْغَيْن أَيْضا أصواتا مُخْتَلفَة لَا تفهم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 [5657] هداك للفطرة أَي لما جبل على حبه الْإِنْسَان إِذا لم يُعَارضهُ الْعَارِض وَبَقِي على السَّلامَة وَهُوَ أول غذَاء للْإنْسَان فَإِن الطِّفْل لَا يغذى الا بِهِ لَو أخذت الْخمر غوت أمتك فَإِنَّهَا تشارك فِي الِاسْم خمر الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ أُمَّهَات الْخَبَائِث فَيكون دَلِيلا على حُصُول الْخَبَائِث للْأمة قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 [5658] يسمونها بِغَيْر اسْمهَا قَالَه فِي مَحل الذَّم فَيدل على أَن التَّسْمِيَة وَالْحِيلَة لَا تجعلان الْحَرَام حَلَالا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يَزْنِي الزَّانِي قد تقدم الحَدِيث قَوْله [5661] ثمَّ ان شرب فَاقْتُلُوهُ الْجُمْهُور على أَن الْأَمر بِالْقَتْلِ مَنْسُوخ بل قد ادّعى الْعلمَاء الْإِجْمَاع على ذَلِك وللحافظ السُّيُوطِيّ فِيهِ بحث ذكره فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ وَانْفَرَدَ بالْقَوْل بِأَن الْحق بَقَاؤُهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 313 [5663] مَا أُبَالِي شرب الخ يُرِيد أَنه لَا فرق بَين الشّرك وَشرب الْخمر عِنْده يُرِيد أَنه بلغ من التَّقْوَى مبلغا صَار شرب الْخمر عِنْده بِمَنْزِلَة الشّرك أَو المُرَاد ان الْغَالِب أَن الْخمر يجر إِلَى الشّرك فِي عَاقِبَة الْأَمر فَصَارَ فِي دَرَجَته فِي نظر الْمُؤمن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5664] فَيقبل الله تَعَالَى مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ ذكر فِي حِكْمَة ذَلِك أَنَّهَا تبقى فِي عروقه وأعصابه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَقله بن الْقيم قَوْله قَالَ القَاضِي الخ ضمير قَالَ لمسروق وَالْقَاضِي حِينَئِذٍ مُبْتَدأ مَا بعده خَبره يُرِيد أَن هَدِيَّة القَاضِي حرَام فضلا عَن رشوته وَأما الرِّشْوَة فعندأهل الْوَرع الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 مثل الْكفْر فِي الْفِرَار عَنهُ وكفره أَن لَيْسَ لَهُ صَلَاة يُرِيد أَنه كفر مجَازًا بِمَعْنى أَن لَا تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا كالكافر لَا يقبل صلَاته قَوْله فعلقته بِكَسْر لَام أَي عشقته وأحبته وباطية خمر فِي الصِّحَاح الباطية اناء وَأَظنهُ معربا فَلم يرم بِفَتْح الْيَاء وَكسر الرَّاء من رام يريم أَي فَلم يبرح وَلم يتْرك كَذَلِك وادمان الْخمر أَي ملازمتها والدوام عَلَيْهَا أَن يخرج أَحدهمَا أَي الْخمر صَاحبه أَي الْإِيمَان ان لم يتب وان تَابَ فقد أخرج الْإِيمَان الْخمر فَللَّه الْحَمد الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 قَوْله [5668] فَلم ينتش من الانتشاء قيل هُوَ أَوَّلُ السُّكْرِ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَقِيلَ هُوَ السُّكْرُ نَفْسُهُ قلت وَالظَّاهِر أَن الثَّانِي هوالمراد مَاتَ كَافِرًا أَي كالكافر فِي عدم قبُول الصَّلَاة فَإِن الْكَافِر لَو صلى مَعَ الْكفْر لما قبلت صلَاته فَصَارَ شَارِب الْخمر مثله فِي عدم قبُول الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَإِن أذهبت الخ أَي مَا ذكر من عدم قبُول الصَّلَاة سبعا أَي سبع لَيَال إِذا لم تذْهب الْخمر عقله وَلم تَجْعَلهُ غافلا عَن شَيْء من الصَّلَوَات وَغَيرهَا من الْفَرَائِض وان أذهبت عقله وَجَعَلته غافلا عَن الْفَرَائِض لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 يَوْمًا قَوْله مخاصر هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَن يَأْخُذ الرجل بيد رجل آخر يتماشيان وَيَد كل وَاحِد مِنْهُمَا عِنْد خصر صَاحبه يزن بتَشْديد النُّون على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يتهم لم تقبل لَهُ تَوْبَة الظَّاهِر أَن المُرَاد أَنه ان تَابَ فِي أَرْبَعِينَ لَا يقبل تَوْبَته وان تَابَ بعد ذَلِك يقبل فِي الْمَرَّتَيْنِ وَفِي الْمرة الثَّالِثَة لَا يقبل التَّوْبَة أصلا وَهَذَا مُشكل الا أَن يُرَاد أَنه لَا يوفق للتَّوْبَة فِي هَذِه الْمدَّة فِي الْمَرَّتَيْنِ وَبعد الْمرة الثَّالِثَة لَا يوفق غَالِبا وَالْمرَاد بِعَدَمِ قبُول التَّوْبَة أَنه لَا يوفق للتَّوْبَة غَالِبا وَالله تَعَالَى أعلم من طِينَة الخبال قيل مُقَيّد بِعَدَمِ الْمَغْفِرَة أَي ان لم يغْفر لَهُ لقَوْله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ والخبال بِفَتْح الْخَاء الْفساد قَالَ السُّيُوطِيّ وَيكون فِي الْأَفْعَال والأبدان والعقول وَقد جَاءَ مُفَسرًا فِي الحَدِيث قلت وَلَعَلَّه أَرَادَ بذلك مَا فِي التِّرْمِذِيّ وَسَيَجِيءُ فِي النَّسَائِيّ مثله أَنه ان عَاد الرَّابِعَة لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 مَاتَ لم يتب الله عَلَيْهِ وسقاه من نهر الخبال قيل يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَمَا نهر الخبال قَالَ نهر من صديد أهل النَّار وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن المُرَاد بطينة الخبال هِيَ نهر الخبال وَهُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حرمهَا بِالتَّخْفِيفِ على بِنَاء الْمَفْعُول من الحرمان أَي يَجعله الله تَعَالَى محروما مِنْهَا فِي الْآخِرَة قَوْله منان أَي كثير الْمَنّ وَلَعَلَّ المُرَاد من لَا يُعْطي شَيْئا الا من كَمَا جَاءَ وَمَعَ ذَلِك فَلَا بُد من التَّأْوِيل قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 غرب من التَّغْرِيب وَهَذَا التَّغْرِيب من بَاب التَّعْزِير وَهُوَ غير دَاخل فِي الْحَد بِخِلَاف التَّغْرِيب فِي حد الزِّنَى وَقَول عمر لَا أغرب بعده مُسلما مَحْمُول على مثل هَذَا وَأما مَا كَانَ جزأ للحد فَلَا بُد مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5677] وَلَا تسكروا من سكر كعلم وَيفهم مِنْهُ أَن المُرَاد لَا تبلغوا بالشرب حد السكر فَيحل مَا كَانَ قبله وَلذَلِك رده المُصَنّف وَيحْتَمل أَن يُرَاد وَلَا تشْربُوا الْمُسكر تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة على أَن الْمَفْهُوم لَا يُعَارض الْأَدِلَّة الصَّرِيحَة عِنْد الْقَائِل بل عِنْد غَيره لَا عِبْرَة بِهِ أصلا فِي التَّحْرِيم فَلَا وَجه الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 للإستدلال بِهِ فِي مُقَابلَة الصرائح وَهَذَا ظَاهر قَوْله [5681] مَاء حبكن الْحبّ بِضَم مُهْملَة فتشديد فِي الصِّحَاح الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 هُوَ الخابية فَارسي مُعرب قَوْله [5683] وَالسكر من كل شَيْء روى بِفتْحَتَيْنِ بِمَعْنى الْمُسكر وبضم فَسُكُون وبهذه الرِّوَايَة اسْتدلَّ من يرى أَن الْحَرَام الْقدر الْمُسكر أَو الشربة الْأَخِيرَة الَّتِي عِنْدهَا يحصل السكر وَلَا حُرْمَة قبلهَا قَوْله [5687] عَن الباذق بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة قَوْله [5688] من سره أَن يحرم كل هَذِه الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث من التَّحْرِيم أَي من سره أَن يتَّخذ مَا حرم الله وَرَسُوله حَرَامًا فَإِن كَانَ محرما ذَلِك فليحرم النَّبِيذ وَالْمرَاد نَبِيذ الدُّبَّاء والحنتم وَنَحْوهمَا أَو النَّبِيذ الْمُسكر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 [5690] نَبِيذ الْبُسْر بحت لَا يحل الظَّاهِر أَن الْخَبَر لَا يحل وبحت بِتَقْدِير وان وجد بحت أَي خَالص وَهُوَ مَنْصُوب وَلَا عِبْرَة بالخط أَي وَلَو كَانَ بحتا أَي خَالِصا لَا يخالط الْبُسْر شَيْء آخر ومحمله الْمُسكر والكائن فِي الأوعية الْمَعْلُومَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5691] يقرقر بَطْني فِي الصِّحَاح قرقر بَطْنه صَوت قَوْله [5692] خشيت أَن أفتضح أَي لما يظْهر فِي من مبادئ السكر قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 [5693] ان لي جريرة تَصْغِير الجرة تروت بتَشْديد الْوَاو من التروي وَهُوَ من الرّيّ من الْخبث وَهُوَ بِفتْحَتَيْنِ النَّجس قَوْله [5694] فَوَجَدَهُ شَدِيدا لَعَلَّ المُرَاد بِهِ ان صَحَّ الحَدِيث أَنه وجده قَرِيبا إِلَى الْإِسْكَار وَأَنه ظهر فِيهِ مبادئ السكر الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 بِحَيْثُ انه لَو ترك على حَالَة لأسكر عَن قريب فقطب بتَشْديد الطَّاء أَو تخفيفه أَي جمع مَا بَين عَيْنَيْهِ كَمَا يَفْعَله العبوس أَي عبس وَجهه وَجمع جلدته لما وجد مَكْرُوها إِذا اغتلمت أَي اشتدت واضطربت عِنْد الغليان وَالْمرَاد إِذا قاربت الإشتداد وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 قَوْله [5708] فَزعم أَنه شرب الطلاء بِكَسْر الطَّاء وَالْمدّ مَا طبخ من عصير الْعِنَب الجزء: 8 ¦ الصفحة: 326 قَوْله [5711] دع مَا يَرِيبُكَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضمّهَا أَي مَا يشك فِيهِ إِلَى مَالا يشك فِيهِ وَالْمرَاد أَن مَا اشْتبهَ حَاله على الْإِنْسَان فتردد بَين كَونه حَلَالا أَو حَرَامًا فاللائق بِحَالهِ تَركه والذهاب إِلَى مَا يعلم حَاله وَيعرف أَنه حَلَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاعتزل ضيعتي هَذَا من كَمَال الْوَرع وَالتَّقوى فرحم الله من يطْلب ذَلِك ويبغي وَالله الْمُوفق 329 قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 كطلاء الْإِبِل أَي الَّذِي يطلي بِهِ الْإِبِل الأجرب ثلث ببغيه وَثلث بريحه هَكَذَا فِي كثير من النّسخ بِالْيَاءِ الجارة الدَّاخِلَة على الْبَغي مصدر بغي بموحدة وغين مُعْجمَة إِذا جَاوز الْحَد وَكَذَا بريحه جَار ومجرور أَي ثلث خَبِيث بِسَبَب بغيه وَثلث خَبِيث بِسَبَب رِيحه يُرِيد أَن الْعصير لَهُ ثَلَاث أَوْصَاف أَحدهَا بغيه أَي اشتداده واسكاره وَالثَّانِي أَنه إِذا اشْتَدَّ يحدث لَهُ ريح كريه وَالثَّالِث مذوق طيب فَيَنْبَغِي أَن يقسم أجزاءه على اوصافه وَصَارَ ثلثه للبغي وَالثَّانِي للريح وَالثَّالِث للذوق فالثلثان مِنْهُ خبيثان وَالثلث طيب فَإِذا أَزَال النَّار مِنْهُ ثُلثَيْهِ الخبيثين بَقِي الْبَاقِي طيبا فَصَارَ حَلَالا وَفِي بعض النّسخ ثلث يبغيه على أَنه مضارع بغي وَكَذَا يريحه فَمر من قبلك بِكَسْر قَاف وَفتح بَاء مُوَحدَة أَي ائْذَنْ الْحَاضِرين عنْدك الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 فِي شربه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5723] إِذا طبخ الطلاء على الثُّلُث يُرِيد على أَن يبْقى مِنْهُ الثُّلُث وَأما كَلَام عمر على الثُّلثَيْنِ فَالْمُرَاد على أَن يذهب الثُّلُثَانِ قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 [5729] مَا كَانَ طريا أَي مَا مضى عَلَيْهِ زمَان قَوْله لَا تحل شَيْئا أَي رد لقَولهم فِي الطلاء أَنه يحل إِذا ذهب ثُلُثَاهُ وَلَا يحرم الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار أَي وَلَا تحرمه رد لقَولهم الْوضُوء مِمَّا مست النَّار فَإِن الشَّيْء قبل مس النَّار لَا يُوجب الْوضُوء اللَّاحِق وَلَا يبطل الْوضُوء السَّابِق فَلَو كَانَ بعد مس النَّار لَا يُوجب الْوضُوء اللَّاحِق ومبطل للْوُضُوء السَّابِق لَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة أَن يُقَال أَن النَّار مُحرمَة وعَلى هَذَا فجملة مِمَّا مست النَّار جُزْء من الحَدِيث وَلَيْسَت من قبيل التَّرْجَمَة كَمَا كتبه كثير من الْكتاب فِي نسخ الْكتاب وَقد نبه على ذَلِك بعض المعتنين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5731] قَالَ اشرب الْعصير مَا لم يُزْبِد هُوَ بزاي مُعْجمَة وباء مُوَحدَة ودال مُهْملَة من أزبد الْبَحْر إِذا رمى بالزبد قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 [5735] على عشائكم بِفَتْح الْعين الطَّعَام فِي القلل بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام هِيَ الجرار الْكِبَار وَاحِدهَا قلَّة واجعلوه فِي الشنان بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة جمع شن بِفَتْحِهَا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد الشنان هِيَ الأسقية من الْأدم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 وَغَيرهَا وَاحِدهَا شن وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الْجلد الرَّقِيق أَو الْبَالِي من الْجُلُود قَوْله [5740] وَلَا يَجْعَل فِيهَا درديا دردي الزَّيْت وَغَيره بِضَم فساكن الكدر قَوْله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 [5743] فحدثها عَن النَّضر ابْنه يُرِيد أَنه يعْتَقد حلّه إِذا لم يكن مُسكرا وَلذَلِك يَفْعَله ابْنه فِي بَيته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5744] يكره أَن يَجْعَل نطل النَّبِيذ هُوَ مَا يبْقى من النَّبِيذ بعد الْخَالِص وَهُوَ العكر والدردي وَذَلِكَ هُوَ أَن يُؤْخَذ سلاف النَّبِيذ وماصفى مِنْهُ وَإِذا لم يبْق الا العكر والدردي صب عَلَيْهِ مَاء وخلطه بالنبيذ الطري ليشتدقوله [5746] على عكر بِفتْحَتَيْنِ قَوْله [5748] لَا بَأْس بنبيذ البختج هُوَ الْعصير الْمَطْبُوخ أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بخته قلت وَالظَّاهِر أَنه بِضَم بَاء الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 وَسُكُون مُعْجمَة فَإِنَّهُ الْمُوَافق للفارسي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الشامات [5752] كَأَنَّهُ جمع على إِرَادَة الْبِلَاد الشامية قَوْله [5753] قدح من عيدَان هُوَ بِالْفَتْح والسكون جمع عيدانه بِمَعْنى النَّخْلَة الطَّوِيلَة أَو بِالْكَسْرِ والسكون جمع عود وَقد تقدم فِي أول الْكتاب الْكَلَام فِي تَصْحِيح الضبطين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله [5754] اشرب المَاء على لفظ الْخطاب وَقَوله الَّذِي نجعت بِهِ على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَفظ الْخطاب أَي الَّذِي سقيته فِي الصغر وغذيت بِهِ فَقَالَ الْخمر تُرِيدُ تشديدا وتغليظا فِي أَمر النَّبِيذ أَي تَسْأَلنِي عَن النَّبِيذ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 335 لَا أَقُول لَك حَلَال فَتَشرب الْخمر بذلك قَوْله فتْنَة أَي ابتلاء فَفِيهِ نفع وضرر فالصغير يَرْبُو وَيزِيد قُوَّة وَهُوَ نفع وَضمير فِيهَا للنبيذ بِاعْتِبَار مَا فِيهِ من الْفِتْنَة وَفِي للسَّبَبِيَّة وَالْكَبِير يهرم وَهُوَ ضَرَر قَوْله كَانَ بن شبْرمَة لَا يشرب الا المَاء وَاللَّبن أَي يقْتَصر من بَين الْأَشْرِبَة عَلَيْهِمَا فَيتْرك كثيرا مِمَّا علم حلّه احْتِرَازًا من الْوُقُوع فِي الْحَرَام وَهَذَا كَمَال الْوَرع وَلَقَد أحسن المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى وأجاد حَيْثُ ختم الْكتاب بِهَذَا الْأَثر الْمُفِيد للحث على كَمَال الْوَرع وَالتَّقوى فنبه بِخَتْم الْكتاب على أَن نتيجة الْعلم هِيَ التَّقْوَى فقد قَالَ تَعَالَى إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم اللَّهُمَّ ارزقناها بِفَضْلِك يَا كريم الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وعَلى نبيه وحبيبه مُحَمَّد أكمل الصَّلَوَات وأشرف التسليمات وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336