الكتاب: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى المؤلف: دخيل بن صالح اللحيدان الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة 34 - العدد (117)   1422هـ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى دخيل بن صالح اللحيدان الكتاب: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى المؤلف: دخيل بن صالح اللحيدان الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة 34 - العدد (117)   1422هـ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] طرق التَّخْرِيج بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى إعداد: د. دخيل بن صَالح اللحيدان الْأُسْتَاذ المساعد فِي كُلية أصُول الدّين بالرياض ال ْمُقدمَة إنَّ الحمدَ للهِ نحمده ونستعينه، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، أما بعد1؛ فَأخْبرنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الملا قِرَاءَة عَلَيْهِ، عَن خَليفَة بن حمد النبهاني، عَن عبد الْغَنِيّ بن أبي سعيد العُمَري الدِهلوي ثمَّ الْمدنِي، عَن أَبِيه، عَن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن عبد الرَّحِيم الدِهلوي، عَن أَبِيه، عَن أبي طَاهِر: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن حسن الكُوْراني الْمدنِي، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْغَزِّي، عَن زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، عَن: أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي عَن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الْمِقْدَاد القَيسي، عَن أَحْمد بن أبي طَالب، عَن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن القبيطي، عَن أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ، عَن أبي مَنْصُور: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق الْخياط، عَن أبي طَاهِر: عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْمُؤَدب، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَليّ: مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن الصَّواف، قَالَ: ثَنَا بشر ابْن مُوسَى بن صَالح الْأَسدي، قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر: عبد الله بن الزبير بن عِيسَى الْحميدِي قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، قَالَ حَدثنَا يحيى بن سعيد، قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَنه سمع عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ يَقُول: سَمِعت عمر بن الْخطاب على الْمِنْبَر يخبر بذلك عَن رَسُول الله قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى" 2.   1 - هَذِه من صِيغ خطْبَة الْحَاجة، أخرجهَا الإِمَام مُسلم (فِي 7 كتاب الْجُمُعَة، 13 بَاب تَخْفيف الصَّلَاة وَالْخطْبَة، 2/593/868) من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ. 2 - أخرجه الْحميدِي (1/16/28) ، وَالْبُخَارِيّ (فِي 1 كتاب بَدْء الْوَحْي، 1 بَاب كَيفَ بَدْء الْوَحْي 1/9/1) عَن الْحميدِي، وَمُسلم (فِي 33 كتاب الْإِمَارَة، 45 بَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ" 3/1515/1907) عَن ابْن أبي عمر، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَاللَّفْظ للحميدي فِي مُسْنده. الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وَهَذَا الحَدِيث ابْتَدَأَ بِهِ الإِمَام البُخَارِيّ - ت 256هـ - كِتَابه الْجَامِع الصَّحِيح1، وحث على ابْتِدَاء المصنفات بِهِ2. وَمن الْمَعْلُوم أَن أفضل الْعُلُوم وأجلها مَا كَانَ مُتَعَلقا بِكَلَام الله وَكَلَام رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَيْثُ عَلَيْهِمَا مدَار أَحْكَام الشَّرِيعَة الإسلامية فِي العقيدة والعبادات والمعاملات وَسَائِر أَحْوَال النَّاس، وَقد عُني بهما السّلف وَالْخلف تَفْسِيرا وشرحاً ودراسة مستفيضة لموضوعاتهما، وَمن ذَلِك علم تَخْرِيج الْأَحَادِيث، لما لَهُ من فَوَائِد جمة تدل على أهميته، مِنْهَا: 1 - حفظ السّنة وتقريبها إِلَى عُمُوم الْمُسلمين. 2 - تَمْكِين الباحث من الْوُقُوف على الحَدِيث فِي مصادره، وَمَعْرِفَة أسانيده وطرقه وَأَلْفَاظه، وشواهده، من حَيْثُ تقويتها لَهُ، أَو تضعيفها بِبَيَان علله وَاخْتِلَاف الروَاة فِيهِ، كَمَا تفِيد ذَلِك فِي فهم مَعْنَاهُ، وَتَخْصِيص عَامه، وَتَقْيِيد مطلقه، وَبَيَان ناسخه. 3 - تقريب مناهج الْمُحدثين المتعددة فِي تَرْتِيب مؤلفاتهم، وَمَعْرِفَة الضوابط الدقيقة للتخريج العملي حَيْثُ يُحدد السَّبِيل الْمُنَاسبَة لتخريج الحَدِيث تبعا لحاله؛ لِأَنَّهُ قد يكون تَامّ اللَّفْظ أوناقصاً، وَيكون مُسْندًا أَو مُجَردا، ولِكُلٍ طَريقَة تخريجية تناسبه. 4 - معرفَة طرق التَّخْرِيج للمشتغلين فِي إعداد برامج الحاسوب فِي علم الحَدِيث، بِحَيْثُ تُبنى هَذِه البرامج عَلَيْهَا.   1 - سبق بَيَان مَوْضِعه. 2 - انْظُر: الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي للخطيب الْبَغْدَادِيّ 2/300. الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وَلَقَد كتب غير وَاحِد من أساتذة1 عُلُوم الحَدِيث الأفاضل فِي علم التَّخْرِيج وطرقه، وبالرغم من حوزهم فضل السَّبق فِي هَذَا الْمِضْمَار، إِلَّا أَنه قد بقيت مبَاحث ومسائل تحْتَاج إِلَى تَعْزِير وتحرير وإكمال، عُرفت من خلال المثافنة والمُدارسة، وَلَا سِيمَا مَعَ توفر كثير من المصادر الحديثية فِي السنوات الْأَخِيرَة، لأجل مزِيد من الإحكام فِي ضوابط تَخْرِيج الحَدِيث. وَمن أَوَائِل من عُنوا بِعلم التَّخْرِيج فِي هَذَا الْعَصْر الْأُسْتَاذ الدكتور: مَحْمُود الطَّحَّان2، وَقد حصر طرق التَّخْرِيج التفصيلية فِي خمسٍ، هِيَ: التَّخْرِيج عَن طَرِيق معرفَة رَاوِي الحَدِيث من الصَّحَابَة، والتخريج عَن طَرِيق معرفَة أول لفظ من متن الحَدِيث، والتخريج عَن طَرِيق معرفَة لفظ بارز من أَي جُزْء من متن الحَدِيث، والتخريج عَن طَرِيق معرفَة مَوْضُوع الحَدِيث، والتخريج عَن طَرِيق النّظر فِي صِفَات خَاصَّة فِي سَنَد الحَدِيث أَو مَتنه، وَكَذَا صنع الدكتور: عبد الْمهْدي بن عبد الْقَادِر3، ويستدرك على الدكتور الطَّحَّان التَّخْرِيج عَن طَرِيق رَاوِي الحَدِيث من التَّابِعين كالمراسيل، حَيْثُ أُفرد هَذَا النَّوْع من الْأَحَادِيث بمؤلفات خَاصَّة بهَا، كَمَا أفرده مَن أَلَّف فِي كتب الْأَطْرَاف بقسم مُسْتَقل، وَلذَا فَإِن تَعْبِير الدكتور عبد الْمهْدي أدق هُنَا حَيْثُ عبر عَن الطَّرِيقَة   1 - مِنْهُم: الدكتور مَحْمُود الطَّحَّان، وَكتابه: أصُول التَّخْرِيج، والدكتور عبد الْمَوْجُود عبد اللَّطِيف، وَكتابه: كشف اللثام عَن أسرار تَخْرِيج حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والدكتور عبد الْمهْدي عبد الْقَادِر، وَكتابه: طرق تَخْرِيج حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. 2 - أصُول التَّخْرِيج (35) . 3 - طرق تَخْرِيج حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (23) . الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الأولى بقوله: "التَّخْرِيج بالراوي الْأَعْلَى" فَشَمَلَ بذلك الصَّحَابِيّ والتابعي، ويستدرك عَلَيْهِمَا مَعًا: التَّخْرِيج عَن طَرِيق الْعِلَل المرتَّبة بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، والتخريج عَن طَرِيق غَرِيب أَلْفَاظ الحَدِيث المرتَّبة بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، والتخريج عَن طَرِيق الفهارس الْمرتبَة كَذَلِك، ويستدرك عَلَيْهِمَا أَيْضا عدد من كتب الْأَطْرَاف المطبوعة فِي الفترة الْأَخِيرَة مثل: إتحاف المهرة لِلْحَافِظِ ابْن حجر، وإطراف المُسْنِد المعتلى لَهُ أَيْضا، وَهِي أَكثر فَائِدَة من كتاب ذخائر الْمَوَارِيث للنابلسي1، كَمَا أَنَّهَا أولى بِالذكر مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا امتداد لصنيع الْحَافِظ الْمزي فِي كِتَابه: تحفة الْأَشْرَاف، حَيْثُ تشْتَمل على أَطْرَاف أشهر أُمَّهَات المصادر الحديثية، فقد ذكر الْحَافِظ ابْن حجر فِي مُقَدّمَة كِتَابه إتحاف المهرة: المصنفات الَّتِي جمع أطرافها ثمَّ قَالَ: "هَذِه المصنفات قَلَّ أَن يشذ عَنْهَا شَيْء من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة لاسيما فِي الْأَحْكَام إِذْ ضُمَّ إِلَيْهَا كتاب أَطْرَاف الْمزي"2، وَمن الجدير بِالذكر أَن تَرْتِيب المصادر الَّتِي بيَّنها مَن أَلَّف فِي علم التَّخْرِيج يُمكن أَن يعد غير كَاف، مَعَ عدم بَيَان مشتملات كثير من تِلْكَ المصادر مَعَ حَاجَة المُخَرِّج إِلَى مَعْرفَتهَا، وَلأَجل مزِيد الْعِنَايَة بِعلم التَّخْرِيج من طَرِيق الْإِسْنَاد، تمّ إعداد هَذَا   1 - لِأَنَّهُ فِي أَطْرَاف الْكتب السِّتَّة والموطأ، فَلم يزدْ عَن الْمزي إِلَّا فِي الْمُوَطَّأ، كَمَا أَنه مُخْتَصر جدا حَيْثُ لم يعْتَبر من دون الرَّاوِي الْأَعْلَى فِي التَّرْتِيب، فيواجه الباحث مشقة فِي الْوُصُول إِلَى مظان الحَدِيث فِيهِ، وَلَا سِيمَا عِنْد الْبَحْث فِي مرويات المكثرين فَأشبه طَريقَة تَرْتِيب المسانيد. 2 - 1/160 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 الْبَحْث فِي جَانب مُهِمّ مِنْهُ، أَلا وَهُوَ: التَّخْرِيج بِوَاسِطَة الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَكَانَ من أَسبَاب اخْتِيَار هَذَا الْمَوْضُوع أَيْضا: 1 - منزلَة علم التَّخْرِيج الجليلة، ودوره فِي حفظ السّنة النَّبَوِيَّة. 2 - حَاجَة الجهود السَّابِقَة فِيهِ إِلَى إِكْمَال، وتحرير وتأصيل فِي ضوء صَنِيع الْمُحدثين بعد توفر كتبهمْ. 3 - أَن طرق التَّخْرِيج تعد من أهم مبَاحث التَّخْرِيج، حَيْثُ تمكن الباحث من تَخْرِيج الْأَحَادِيث على وَجه الْمَطْلُوب، وَهِي مَا زَالَت بحاجة إِلَى مزِيد من الإحكام فِي ضوابطها بِحَيْثُ تَقربهَا، وتيسر تطبيقها. 4 - توفر كثير من المصادر الحديثية فِي السنوات الْأَخِيرَة، حَيْثُ يُسهم ذَلِك فِي استقصاء طرق التَّخْرِيج، وتوضيحها، وَبَيَان مناهج تَرْتِيب مَا يتَعَلَّق بهَا من مصَادر حَدِيثِيَّةٌ، كَمَا يُفِيد أَيْضا فِي تَفْصِيل مشتملاته الحديثية. وتشتمل خطة الْبَحْث بعد هَذِه الْمُقدمَة على: تمهيد، وَسِتَّة فُصُول وخاتمة وفهارس، على النَّحْو التَّالِي: - التَّمْهِيد: التَّعْرِيف بطرق التَّخْرِيج. - الْفَصْل الأول: التَّخْرِيج من طَرِيق المسانيد. - الْفَصْل الثَّانِي: التَّخْرِيج من طَرِيق معرفَة الصَّحَابَة. - الْفَصْل الثَّالِث: التَّخْرِيج من طَرِيق الْأَطْرَاف الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. - الْفَصْل الرَّابِع: التَّخْرِيج من طَرِيق الْعِلَل الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. - الْفَصْل الْخَامِس: التَّخْرِيج من طَرِيق غَرِيب أَلْفَاظ الحَدِيث الْمُرَتّب على الرَّاوِي الْأَعْلَى. الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 - الْفَصْل السَّادِس: التَّخْرِيج من طَرِيق الفهارس والموسوعات الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. - الخاتمة: وتشتمل على أهم نتائج الْبَحْث. - الفهارس. هَذَا وسميته: "طرق التَّخْرِيج بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى"، وَالله تَعَالَى أسأَل أَن ينفع بِهِ، وَأَن يغْفر لي ولوالدي ولذوي أرحامي ولعموم الْمُسلمين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 التَّمْهِيد: الْمطلب الأول: معنى الطّرق: ... التَّمْهِيد: التَّعْرِيف بطرق التَّخْرِيج: الْمطلب الأول: معنى الطّرق: الطّرق، جمع طَرِيق، وَهِي السَّبِيل والسيرة وَالْمذهب، قَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي - ت393هـ -: "الطَّرِيق: السَّبِيل، يذكر وَيُؤَنث، تَقول: الطَّرِيق الْأَعْظَم، وَالطَّرِيق الْعُظْمَى، وَالْجمع: أَطْرِقَه، وطُرق"1، وَقَالَ أَيْضا: "وطَرِيقة الرجل: مذْهبه، يُقَال: مَا زَالَ فلَان على طَريقَة وَاحِدَة، أَي: على حَالَة وَاحِدَة"، وَقَالَ ابْن مَنْظُور: "الطَّرِيقَة: السِّيرَة ... وَالْحَال"2.   1 - الصِّحَاح 1513، مَادَّة: طرق. 2 - اللِّسَان 10/221، مَادَّة: طرق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الْمطلب الثَّانِي: معنى التَّخْرِيج: لُغَة: الْخُرُوج مُقَابل الدُّخُول، وَهُوَ يتَضَمَّن معنى الظُّهُور وَالْبَيَان، والتخريج فِي أصل اللُّغَة من خَرَج، قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: أَحْمد بن فَارس بن زَكَرِيَّا - ت 395هـ -: "الْخَاء وَالرَّاء وَالْجِيم أصلان، وَقد يُمكن الْجمع بَينهمَا، إِلَّا أنّا سلكنا الطَّرِيق الْوَاضِح، فَالْأول: النفاذُ عَن الشَّيْء، وَالثَّانِي: اخْتِلَاف لَونَين". ثمَّ يَقُول من الأول: "فُلانُ خِرِّيجُ فُلان: إِذا كَانَ يتَعَلَّم مِنْهُ، كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أخرجه من حدِّ الجهلِ". وَيَقُول من الثَّانِي: "أَرضُُ مخرَّجةٌ، إِذا كَانَ نبتُها فِي مَكَان دون مَكَان، وخَرَّجَتِ الراعية المرتَعَ، إِذا أَكَلَت بَعْضهَا وتَرَكت بَعْضًا"3، وَقد جَاءَ المعنيان فِي معاجم اللُّغَة وقواميسها اللاحقة. اصْطِلَاحا: اسْتَعْملهُ أهل الحَدِيث فِي عدَّة معَان اصطلاحية، مِنْهَا الرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ، والعزو إِلَى المصادر، ويجمعها أَنه: بَيَان مصَادر الحَدِيث وَإِسْنَاده، وَمَتنه   3 - مُعْجم مقاييس اللُّغَة، 4/291، مَادَّة: خرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ودرجته بِحَسب الْحَاجة1.   1 - يحْتَاج: "معنى التَّخْرِيج عِنْد الْمُحدثين" إِلَى تأصيل وتحرير فِي ضوء صَنِيع الْمُحدثين الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم والمتأخرين، بِحَيْثُ يكون مَعْنَاهُ الاصطلاحي شَامِلًا لأكْثر استعمالاتهم لَهُ، إِذْ الأَصْل فِي التَّخْرِيج، أَنه: الرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ، وَمِنْه قَول الإِمَام مُسلم (مُقَدّمَة صَحِيحه 1/7) : "فَأَما مَا كَانَ مِنْهَا عَن قوم هم عِنْد أهل الحَدِيث متهمون ... فلسنا نتشاغل بتخريج حَدِيثهمْ"، وَقَول الْحَاكِم (فِي مُسْتَدْركه 1/14) : "حَدِيث لم يُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ"، وَقَول مُحَمَّد بن سعد الباوَرْدي (كَمَا فِي عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح 37) : "مَذْهَب أبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ أَن يُخَرِّج عَن كل من لم يجمع على تَركه"، وَقَول ابْن مَنْدَه (كَمَا فِي عُلُوم الحَدِيث 37) : "كَذَلِك أَبُو دَاوُد ... يُخَرّج الْإِسْنَاد الضَّعِيف"، وَقَول ابْن الصّلاح: "عَادَتهم أَن يُخَرِّجوا فِي مُسْند كل صَحَابِيّ مَا رَوَوْهُ من حَدِيثه"، وَقَول الْعِرَاقِيّ (فِي التَّقْيِيد والإيضاح 4) : "إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه يُخَرِّج أمثل مَا ورد"، وَقَول الْحَافِظ ابْن حجر (فِي النكت على عُلُوم الحَدِيث 1/447) : "الْبَزَّار.. يُخَرِّج الْإِسْنَاد ... وَيعْتَذر عَن تَخْرِيجه بِأَنَّهُ لم يعرفهُ إِلَّا من ذَلِك الْوَجْه"، وَقَوله (فِي هدي الساري 350) : "أَكثر الشَّيْخَانِ من تَخْرِيج مثل هَذَا". وَاسْتَعْملهُ متأخرو أهل الحَدِيث فِي استنباط أَسَانِيد مروياتهم من كتب الْأَجْزَاء والمشيخات وَنَحْوهَا (انْظُر كَلَام السخاوي فِي فتح المغيث 3/318) ، واستعملوه أَيْضا فِي عزو الحَدِيث إِلَى مصدره أَو الدّلَالَة على مَوْضِعه فِيهِ، وَهَذَا كُله بديل عَن الرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ، وَفرع لَهَا، يَقُول الْخَطِيب التبريزي فِي ذَلِك (مُقَدّمَة مشكاة المصابيح 1/6، وَهُوَ فِي تَخْرِيج أَحَادِيث مصابيح السّنة لِلْبَغوِيِّ) : "إِنِّي إِذا نسبت الحَدِيث إِلَيْهِم كَأَنِّي أسندت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم". وَقد حررت معنى التَّخْرِيج عِنْد الْمُحدثين فِي بحث مُفْرد، اسْمه "التَّخْرِيج عِنْد الْمُحدثين، مَعَانِيه، ومصادره، ووظائفه"، وَهُوَ مُحَكَّم، قيد النشر فِي الْعدَد الثَّامِن وَالْعِشْرين فِي " مجلة جَامِعَة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية". وَقد ذكرت فِيهِ نماذج من أَقْوَال الْمُحدثين غير مَا سبق، وَقربت مِنْهُ هُنَا مَا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 الْمطلب الثَّالِث: معنى طرق التَّخْرِيج: طرق التَّخْرِيج، هِيَ: سُبل الدّلَالَة على إِسْنَاد الحَدِيث، وَمَتنه، وموضعه فِي مصادره. ويرتبط معنى الطّرق بمعاني التَّخْرِيج، وَلِهَذَا جَاءَ مَعْنَاهَا شَامِلًا، فَيدْخل فِيهَا: مسالك الْمُحدثين فِي الدّلَالَة على أَسَانِيد الْأَحَادِيث ومتونها، ومسالك الْوُصُول إِلَيْهَا فِي مؤلفاتهم الحديثية، وَالدّلَالَة على موضعهَا فِيهَا، والأخير من بَاب التَّوَسُّع فِي التَّعْبِير، حَيْثُ يُسَمَّى الشَّيْء باسم مَا قرب مِنْهُ، وَهَذَا مَعْرُوف فِي أصل اللُّغَة، وَله نَظَائِر، مثل إِطْلَاق الراوية على المزادة، وعَلى الْبَعِير الَّذِي يحملهَا، قَالَ ابْن سَيّده: "الراوية: المزادة فِيهَا المَاء، ويُسمَّى الْبَعِير راوية على تَسْمِيَة الشَّيْء باسم غَيره لقُرْبه مِنْهُ"1.   1 - لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور، مَادَّة: روى، 14/346. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الْمطلب الرَّابِع: طرق التَّخْرِيج إِجْمَالا: تستنبط طرق التَّخْرِيج من مناهج تَرْتِيب المصادر الحديثية، حَيْثُ تَنْحَصِر فِي مسلكين أساسين: أَحدهمَا: التَّخْرِيج من طَرِيق الْإِسْنَاد، وَهَذَا الْبَحْث يتَعَلَّق بِبَعْض فروعه. وَالْآخر: التَّخْرِيج من طَرِيق الْمَتْن. وتندرج تحتهما جَمِيع طرق التَّخْرِيج التفصيلية، وَقد جَاءَت الْإِشَارَة إِلَى أصُول مناهج تَرْتِيب المصادر الحديثية فِي كَلَام أهل الحَدِيث، حَيْثُ يَقُول الإِمَام أَبُو بكر: أَحْمد ابْن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ - ت463هـ -: "من الْعلمَاء من يخْتَار تصنيف السّنَن وتخريجها على الْأَحْكَام وَطَرِيقَة الْفِقْه، وَمِنْهُم من يخْتَار تخريجها على الْمسند، وَضم أَحَادِيث كل وَاحِد من الصَّحَابَة بَعْضهَا إِلَى بعض"2، وَيَقُول الْحَافِظ: أَبُو عَمْرو: عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الشَهْرَزوري الْمَشْهُور بِابْن الصّلاح - ت 643هـ -: "وللعلماء بِالْحَدِيثِ فِي تصنيفه طريقتان: إِحْدَاهمَا: التصنيف على الْأَبْوَاب، وَهُوَ: تَخْرِيجه على أَحْكَام الْفِقْه وَغَيرهَا، وتنويعه أنواعاً، وَجمع مَا ورد فِي كل حكم وكل نوع فِي بَاب فباب، وَالثَّانيَِة: تصنيفه على المسانيد وَجمع حَدِيث كل صَحَابِيّ وَحده، وَإِن اخْتلفت أَنْوَاعه"3.   2 - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السَّامع 2/284. 3 - عُلُوم الحَدِيث 253. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَأَشَارَ آخَرُونَ إِلَى بعض التفصيلات فِي ذَلِك، حَيْثُ يَقُول الْحَافِظ أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي - ت 852هـ -: "وتصنيفه إِمَّا على المسانيد، أَو الْأَبْوَاب، أَو الْعِلَل، أَو الْأَطْرَاف"1، وَيَقُول السخاوي: "وَلَهُم طَريقَة أُخْرَى فِي جمع الحَدِيث وَهِي جمعه على حُرُوف المعجم فَيجْعَل حَدِيث: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ … "، فِي الْهمزَة، كَأبي مَنْصُور الديلمي فِي مُسْند الفردوس وَكَذَا عمل ابْن طَاهِر فِي أَحَادِيث الْكَامِل لِابْنِ عدي"2، ثمَّ قَالَ: "وَمِنْهُم من يرتب على الْكَلِمَات لَكِن غير متقيد بحروف مُقْتَصرا على أَلْفَاظ النُّبُوَّة فَقَط كالشهاب والمشارق للصنعاني وَهُوَ أحسنهما وأجمعهما لاقتصاره على الصَّحِيح خَاصَّة ثمَّ من هَؤُلَاءِ من يلم بغريب الحَدِيث وَإِعْرَابه أَو أَحْكَامه وآرائه فِيهِ"3. وَمن الجدير بِالذكر أَن المُخَرِّج بحاجة أَيْضا إِلَى معرفَة مشتملات هَذِه المصادر الحديثية؛ لأثرها فِي تَحْدِيد الْفَائِدَة المرجوة من كل وَاحِد مِنْهَا، وَقد اُعتنى بِهَذَا الْجَانِب فِي مَوْضُوعَات هَذَا الْبَحْث. وَمن صور التَّخْرِيج من خلال إِسْنَاد الحَدِيث: التَّخْرِيج بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى - وَهُوَ أقرب الروَاة إِلَى الْمَتْن - سَوَاء أَكَانَ صحابياً أَو تابعياً أَو غَيرهمَا، وتندرج ضمنهَا عدَّة طرق تفصيلية، مِنْهَا: 1 - التَّخْرِيج من طَرِيق المسانيد. 2 - التَّخْرِيج من طَرِيق معرفَة الصَّحَابَة. 3 - التَّخْرِيج من طَرِيق أَطْرَاف الْأَحَادِيث الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. 4 - التَّخْرِيج من طَرِيق الْعِلَل الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. 5 - التَّخْرِيج من طَرِيق غَرِيب أَلْفَاظ الحَدِيث الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. 6 - التَّخْرِيج من طَرِيق الفهارس والموسوعات الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. وَهِي الَّتِي سيتم - إِن شَاءَ الله - بَيَانهَا فِي الْفُصُول الْآتِيَة.   1 - نُخبة الْفِكر - مَعَ شرحها - 208 2 - فتح المغيث 2/338. 3 - فتح المغيث 2/342. الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الْفَصْل الأول: التَّخْرِيج من طَرِيق المسانيد: المبحث الأول: التَّعْرِيف بالمسانيد إِجْمَالا: الْمطلب الأول: مَعْنَاهَا: ... المبحث الأول: التَّعْرِيف بالمسانيد إِجْمَالا1: الْمطلب الأول: مَعْنَاهَا: لُغَة: المسانيد أَو المساند جمع مُسْند وَهُوَ مَأْخُوذ من السَّنَد، أَي المعتمد، قَالَ الْجَوْهَرِي: "السَّنَد مَا قابلك من الْجَبَل وَعلا عَن السَّطْح، وَفُلَان سَنَده أَي: معتمده"2. اصْطِلَاحا: الْمسند هُوَ الْكتاب الَّذِي يروي مُؤَلفه أَحَادِيث كل صَحَابِيّ على حِدة، كَمَا قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: "مِنْهُم من يخْتَار تخريجها على الْمسند، وَضم أَحَادِيث كل وَاحِد من الصَّحَابَة بَعْضهَا إِلَى بعض"3.   1 - قد فصلت مَا يتَعَلَّق بالمسانيد إِجْمَالا فِي بحث مُفْرد، اسْمه: "المسانيد، نشأتها، وأنواعها، وَطَرِيقَة ترتيبها"، وَهُوَ منشور فِي الْعدَد السَّادِس وَالْعِشْرين من "مجلة جَامِعَة الإِمَام مُحَمَّد ابْن سعود الإسلامية". 2 - الصِّحَاح، مَادَّة: سَنَد، 2/489. 3 - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي 2/284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الْمطلب الثَّانِي: مرتبتها بَين المصادر الحديثية: تعْتَبر المؤلفات على المسانيد من جِهَة الثُّبُوت وَعَدَمه فِي الْمرتبَة التالية للمصنفات على الْأَبْوَاب هَذَا من حَيْثُ الأَصْل، يَقُول الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: "وَمِمَّا يَتْلُو الصَّحِيحَيْنِ: سنَن أبي دَاوُد السجسْتانِي وَأبي عبد الرَّحْمَن النَّسَوي4 وَأبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ، وَكتاب مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة النَّيْسَابُورِي، الَّذِي شَرط فِيهِ على نَفسه إِخْرَاج مَا اتَّصل سَنَده بِنَقْل الْعدْل عَن الْعدْل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ كتب المسانيد الْكِبَار"5، وَذَلِكَ من أجل عناية أَصْحَابهَا - فِي الْغَالِب - بِجمع مرويات كل صَحَابِيّ دون النّظر إِلَى الصِّحَّة وَعدمهَا.   4 - صَحَّ، يُقال أَيْضا: النَّسَائِيّ نِسْبَة إِلَى مَدِينَة: نَسَا، والأجود الأول، قَالَ ابْن نَاصِر الدّين (فِي توضيح المشتبه 9/73) : "هُوَ الأجود فِي النِّسْبَة إِلَى نَسَا" يَعْنِي: النسوي. 5 - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السَّامع 2/185 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الْمطلب الثَّالِث: جهود الْمُحَقِّقين فِي تقريبها: يواجه الباحث مشقة فِي الْوُصُول إِلَى مظان الحَدِيث فِي المسانيد؛ بِسَبَب طَريقَة تأليفها، حَيْثُ يضيع على الباحث كثير من الْوَقْت وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الصَّحَابِيّ من المكثرين فِي الرِّوَايَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بأشهر المسانيد تَفْصِيلًا: الْمطلب الأول: مُسْند الإِمَام الْحميدِي: ... المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف1 بأشهر المسانيد تَفْصِيلًا: الْمطلب الأول: مُسْند الإِمَام الحُميدي. التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ الحُميدي: هُوَ: أَبُو بكر: عبد الله بن الزبير بن عِيسَى، واشتهر بالحميدي. روى عَن: سُفْيَان بن عُيينة - ت 198 هـ -، وَقد أَكثر عَنهُ الحُميدي حَتَّى ذكر الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي - ت 204هـ - أَن الحُميدي يحفظ لِسُفْيَان: عشرَة آلَاف حَدِيث، وروى أَيْضا عَن الإِمَام الشَّافِعِي نَفسه وَعَن شَيْخه: وَكِيع بن الْجراح - ت 197هـ -، وَغَيرهم. وروى عَنهُ: الإِمَام أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ - ت 256هـ -، وَالْإِمَام أَبُو زرْعَة: عبيد الله بن عبد الْكَرِيم الرَّازِيّ - ت 264هـ -، وَالْإِمَام أَبُو حَاتِم: مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ - ت 277هـ -، وَغَيرهم. وَهُوَ: إِمَام فَقِيه، وثقة حَافظ فِي الحَدِيث، قَالَ الإِمَام أَحْمد - ت 241هـ -: "الحُميدي عندنَا إِمَام"2، وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: "أثبت النَّاس فِي ابْن عُيينة: الْحميدِي، وَهُوَ رَئِيس أَصْحَاب ابْن عُيينة، وَهُوَ ثِقَة إِمَام"3، وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وافتتح الإِمَام البُخَارِيّ بروايته أول حَدِيث فِي الْجَامِع الصَّحِيح، فروى عَنهُ حَدِيث: " الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ "، وَيَقُول مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الذَّهَبِيّ - ت748هـ -: "هَذَا أول شَيْء افْتتح بِهِ البُخَارِيّ صَحِيحه فصيره كالخطبة لَهُ، وَعدل عَن رِوَايَته افتتاحاً بِحَدِيث مَالك الإِمَام إِلَى هَذَا الْإِسْنَاد؛ لجلالة الحُميدي وتقدمه؛ وَلِأَن إِسْنَاده هَذَا عزيزُ الْمثل جدا لَيْسَ بِهِ عنعنة أبدا، بل كل وَاحِد مِنْهُم صرح بِالسَّمَاعِ لَهُ"4، وَتُوفِّي الحُميدي سنة: 219هـ.   1 - اقتصرت فِي التَّعْرِيف بهَا على مَاله صلَة بطرق التَّخْرِيج. 2 - تَهْذِيب الْكَمَال 14/513. 3 - الْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/57. 4 - سير أَعْلَام النبلاء 10/620 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 التَّعْرِيف بِمُسْنَدِهِ: أَولا: اسْم الْكتاب: الْمسند: ثَانِيًا: مَوْضُوعه: مرويات الإِمَام الْحميدِي عَن شَيْخه سُفْيَان ابْن عُيينة - فِي الْغَالِب - مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة، ومُعَلَّة. ثَالِثا: مرتبَة الْكتاب بَين المسانيد، وَبَيَان شَرط مُؤَلفه فِيهِ: الْكتاب من المسانيد المعلة، وَلِهَذَا يعْتَبر أعلا من مرتبَة المسانيد الَّتِي جمعت الثَّابِت وَغَيره، وَبِدُون تَمْيِيز للمعل، وَأما شَرط مُؤَلفه، فَالَّذِي يظْهر من خلال الْمسند المطبوع أَنه قصره فِي الْغَالِب على مرويات شَيْخه سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَبَيَان عللها. رَابِعا: بَيَان مشتملاته: روى الحُميدي بِإِسْنَادِهِ عَن: "180" صحابياً - بِحَسب المطبوع -، وَلم يخرج أَحَادِيث طَلْحَة بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ أحد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ. وَعدد الْأَحَادِيث على حسب ترقيم محققه (حبيب الرَّحْمَن الأعظمي) : "1300"، واستدرك أَيْضا: حَدِيثا وَاحِدًا وجده فِي بعض النّسخ، وَنبهَ إِلَيْهِ، وَهَذَا الْعدَد بالمكرر، وَيدخل فِيهِ: الْمَرْفُوع، والمرسل، وَالْمَوْقُوف، والمقطوع، وَغَيرهَا، على حسب صَنِيع الْمُحَقق، وَالَّذِي يظْهر أَن الْمُحَقق حدثت لَهُ بعض الأوهام فِي ترقيمه، وَترك بعض الْأَسَانِيد بِدُونِ عد، مَعَ أَنه رقم أَمْثَالهَا، وَقد فَاتَهُ (68) حَدِيثا وإسناداً لم يرقمها، فاستدرك بَعْضهَا على نَفسه بعد نِهَايَة الترقيم مثل صَنِيعه عِنْد حَدِيث 195، حَيْثُ وضع بعده (195/1، 195/2) ، وَرُبمَا أَرَادَ بذلك المكرر، لكنه ترك أَشْيَاء من هَذَا الْقَبِيل1، وعَلى ذَلِك فعدد أَحَادِيثه - باطراح زِيَادَة أبي عَليّ ابْن الصَّواف -: "1368" حَدِيثا. وتضمن مُسْند الحُميدي زِيَادَة لأبي عَليّ: مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن الصَّواف، -   1 - انْظُر: (عقب ح 1، 17، 87، 105، 143، 195/1، 195/2، 217، 219، 227، 233، 243، 251، 254، 259، 289، 292، 304، 333، 342، 364، 377، 432، 440، 451، 452، 461، 472، 489، 490، 492، 502، 504، 507، 533، 578، 606، 622، 624، 635، 648، 656، 668، 672، 716، 745، 756، 757، 781، 813، 823/2، 823/3، 837، 843، 853، 898، (وَهنا مَجْمُوعَة أَحَادِيث، وعددها: 6 من غير الْإِسْنَاد المرقم) ، 919/2، 919/3، 919/4، 919/5، 979، 983، 1047) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ت 359 هـ - وَهُوَ: الرَّاوِي عَن تلميذ الإِمَام الحُميدي، وَهَذِه الزِّيَادَة فِي أَحَادِيث عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ1 حَيْثُ يَقُول أَبُو عَليّ ابْن الصَّواف: "ثَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْبَصْرِيّ، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن بشار الرَّمَادِي، ثَنَا سُفْيَان بن عُيينة عَن ابْن أبي نجيح، عَن أَبِيه، قَالَ: أَخْبرنِي من سمع عَليّ بن أبي طَالب على مِنْبَر الْكُوفَة، فَذكر مَعْنَاهُ" يَعْنِي حَدِيث خِطبة عَليّ لفاطمة رَضِي الله عَنْهُمَا. وَفِي مَوضِع آخر2 يَقُول أَبُو عَليّ الصَّواف: "حَدثنَا بشر بن مُوسَى - وَهُوَ رَاوِي الْمسند عَن الْحميدِي - قَالَ: ثَنَا سُفْيَان قَالَ: ثَنَا عَمْرو"، كَذَا جَاءَ، وَلَا ريب أَنه سقط اسْم الْحميدِي من هَذَا الْإِسْنَاد؛ لِأَن بَين بشر وسُفْيَان بن عُيينة مفازة، فبشر مَاتَ سنة: 288هـ، وسُفْيَان مَاتَ سنة: 198هـ. واشتمل بِخَاصَّة على مرويات شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة وعللها وَاخْتِلَاف الروَاة فِيهَا، وَلَيْسَ بِبَعِيد القَوْل بِأَن هَذَا الْكتاب أفرده الحُميدي لترتيب مرويات شَيْخه: الْمَذْكُور على مسانيد الصَّحَابَة، حَيْثُ إِن غَالب مروياته فِي هَذَا الْمسند عَن شَيْخه سُفْيَان، وَأما مروياته فِيهِ عَن غَيره، فعددها: " 48 " حَدِيثا3، وَهِي قَليلَة بِالنِّسْبَةِ لمجموع مرويات الْكتاب، وَهِي: "1368" حَدِيثا على الصَّوَاب فِي عَددهَا، كَمَا سبق، فَتُصْبِح نسبتها أقل من: 4 ... . ويتنبه إِلَى أَنه قرن سُفْيَان بِغَيْرِهِ فِي أَرْبَعَة أَحَادِيث مِنْهَا، كَمَا أَن مَجْمُوعَة من هَذِه الْأَحَادِيث، سَاقهَا الحُميدي أثْنَاء بَيَانه لعلل أَحَادِيث شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة، فَكَأَنَّهُ ذكرهَا تبعا، وَيحْتَمل أَيْضا أَن اسْم سُفْيَان سقط من الْإِسْنَاد فِي بَعْضهَا.   1 - عقب: ح 38، 1/23 (2/529/1257) . 3 - انْظُر: (ح 2، 3، 4، 5، 6، 7، 11، 51، 52، 58، 59، 62، 63، 70، 73، 126، 133، 139، 152، 153، 204، 205، 228 - مقرون -، 294، 30، 335، 349، 370، 381، 382، 433، 438، 439، 525، 540، 615، 643، 645 - مقرون -، 648 - مقرون - 703، 712 - مقرون -، 760، 90، 921، 944، 1001، 1031، 1206) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وَمن المرويات الَّتِي بَيَّن اخْتِلَاف الروَاة فِيهَا، مَا أخرج بِإِسْنَادِهِ من طَرِيق أبي عبيد: سعيد بن عُبيد الحَدِيث الطَّوِيل، وَفِيه يَقُول أَبُو عُبيد: "ثمَّ شهِدت الْعِيد مَعَ عَليّ بن أبي طَالب، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة، قَالَ: لَا يأكلن أحدكُم من لحم نُسُكه فَوق ثَلَاث"1، ثمَّ قَالَ الْحميدِي: "قلت لِسُفْيَان: إِنَّهُم يرفعون هَذِه الْكَلِمَة عَن عَليّ بن أبي طَالب، قَالَ سُفْيَان: لَا أحفظها مَرْفُوعَة، وَهِي مَنْسُوخَة"2. واشتمل أَيْضا على الْمَرْفُوع وَهُوَ غَالب الْكتاب، وعَلى قَلِيل من الْمُرْسل3، وَالْمَوْقُوف4، والمقطوع5. واشتمل الْمسند أَيْضا على بعض أَقْوَال الحُميدي نَفسه كبيانه لأحاديث لم يسْمعهَا من سُفْيَان بن عُيينة6، وتسميته لرجل فِي الْإِسْنَاد7، وَشَرحه لبَعض الْأَلْفَاظ الغريبة8، وَبَعض اختياراته9، وعَلى سؤالاته لشيخه سُفْيَان بن عُيينة،   (1/6/8) . 2 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: "10، 17، 23، 49، 51، 52، 61، 69، 83، 87، 89، 94، 105، 116، 143، 148، 177، 219، 226، 227، 236، 238، 245، 250، 268، 280، 282، 289، 292، 293، 304، 306، 312، 315، 338، 341، 348، 378، 380، 381، 382، 391، 405، 411، 420، 426، 433، 452، 451، 461، 472، 480، 489، 490، 495". 3 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: (عقب ح 348، و 426، 432) . 4 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: (ح 23، 29، 30، 46، 72، 89، 333، 373، 656، 66) . 5 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: (عقب ح 74، وعقب ح219، 269، 297، 304، 335، 373، 429، 505، وَالطَّرِيق الآخر لحَدِيث 624) . 6 - انْظُر: ح 245، 247، 268، 328 7 - انْظُر: ح 780 8 - انْظُر: ح 328، 337، 344 9 - انْظُر: ح 47 الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وَذكر شَيْء من أَحْوَاله، وأقواله، وَهِي كَثِيرَة، وفيهَا مَا يتَعَلَّق بِالسَّمَاعِ والعلل، وَشرح الْغَرِيب، وَالْفِقْه، وَمن ذَلِك: حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، وَفِيه: أَن رجلا أهلَّ بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة مَعًا، فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: "هُديت لسنة نبيك ... " فَقَالَ سُفْيَان - بعده -: "يَعْنِي أَنه قد جُمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَجَازَهُ، وَلَيْسَ أَنه فعله هُوَ"، وَمِنْه أَيْضا: بَيَانه أَن سُفْيَان بن عُيينة يَقُول أَحْيَانًا عَن متن الحَدِيث: "لم أحفظه"، وَيُرِيد أَنه لم يحفظه مطولا، مثل مَا روى1 عَن سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ حَدِيث: التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي أَفعَال يَوْم النَّحْر، ثمَّ قَالَ الحُميدي بعده: "فَقيل لِسُفْيَان: هَذَا مِمَّا حفظت من الزُّهْرِيّ؟، فَقَالَ: نعم، كَأَنَّهُ - كَذَا فِي المطبوع - يسمعهُ إِلَّا أَنه طَوِيل، فَحفِظت هَذَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ بلَيْل: فَإِن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يحدث عَنْك أَنَّك قلت: لم أحفظه، فَقَالَ: صدق، لم أحفظ كُله، وَأما هَذَا فقد أتقنته"2. خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: اقْتصر الإِمَام الحُميدي فِي غَالب مُسْنده على مروياته عَن شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة، ورتبها على مسانيد الصَّحَابَة، ورتب مرويات المكثرين مِنْهُم على الْأَبْوَاب، أما على وَجه التَّفْصِيل، فترتيبه على النَّحْو التَّالِي: 1 - رتب المرويات بِحَسب مسانيد الصَّحَابَة، وَرُبمَا روى فِي مُسْند صَحَابِيّ حَدِيث صَحَابِيّ آخر؛ لتَعلق ذَلِك بِالْمَتْنِ، أَو بِقصَّة فِي الْإِسْنَاد، وَلم يذكر فِي مسانيد كثير من الصَّحَابَة الَّذين أخرج لَهُم، إِلَّا حَدِيثا أَو حديثين، وَكَذَا اقْتصر فِي المكثرين مِنْهُم على مَجْمُوعَة أَحَادِيث لَيست بالكثيرة بِالنِّسْبَةِ لعدد مروياتهم الْمَعْرُوفَة، وَالَّذِي يظْهر أَنه إِمَّا خص كِتَابه هَذَا بمرويات سُفْيَان بن عُيينة لَهُم، أَو أَنه انتقى مَا أوردهُ من مرويات ابْن عُيينة، بِدَلِيل مَا تقدم من أَن الإِمَام الشَّافِعِي ذكر أَن الحُميدي يحفظ لِسُفْيَان: عشرَة آلَاف حَدِيث.   (580) . 2 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: (ح 8، 17، 18، - شرح الْغَرِيب، وَفقه -، 49، 52، 66، 83، 87، 94، 96، 105، 114، - شرح غَرِيب -، 128، 133، 259، 270، =280، 281، 282، 283، - شرح غَرِيب - 285، 286، 289، 293، 297، 305، 306، 308، 309، 312، 315، 328، 338، 339 - رُؤْيا -، 341، 34، 348، 354، 377، 378، 380، 387، 392، 395، 405، 408، 411، 412، 420، 428، 443 - شرح غَرِيب -، 454، 456، 459، 461، 468، 472، 473 - فقه -، 474، 490، 492 - مَنْهَج لِسُفْيَان فِي الرِّوَايَة الْمَجْمُوعَة، والمفردة -) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 2 - رتب أَحَادِيث المكثرين من الصَّحَابَة على أَبْوَاب الْفِقْه فِي الْغَالِب، وَهَذَا يظْهر من سرده للأحاديث فِي مُسْند الصَّحَابِيّ، وَمن ذَلِك صَنِيعه فِي مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، حَيْثُ بَدَأَ بِأَحَادِيث الْوضُوء1، ثمَّ بوب بِأَحَادِيث الصَّلَاة، وَأَحَادِيث الصّيام، وَالْحج، والجنائز، والأقضية، وَكَذَا صنع فِي مُسْند عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، حَيْثُ بوب بِأَحَادِيث الْحَج، وَبَوَّبَ أَيْضا فِيهِ فَقَالَ: "أَحَادِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الَّتِي قَالَ فِيهَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم"2، ومسند أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ بوب (بالجنائز، وَالْجهَاد، والأقضية، وجامع أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ) وَغير ذَلِك. 3 - بَدَأَ مسانيد الرِّجَال بِالْعشرَةِ المبشرين بِالْجنَّةِ، إِلَّا طَلْحَة بن عُبيد الله رَضِي الله عَنهُ فَلم يذكرهُ، وَلَعَلَّه لم يظفر بِرِوَايَة من طَرِيقه، أَو لم يظفر بذلك من مرويات شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة لأحاديث طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ، ثمَّ سَاق بعد ذَلِك بَقِيَّة مسانيد الصَّحَابَة من غير اسْتِيعَاب، وَجمع مسانيد الصحابيات رضوَان الله عَلَيْهِنَّ فِي مَوضِع فِي أثْنَاء أَوَائِل مسانيد الرِّجَال، وابتدأها بِأَحَادِيث أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ رضوَان الله عَلَيْهِنَّ، وقدّم عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، ثمَّ بَقِيَّة النِّسَاء من غير اسْتِيعَاب. سادساً: طَريقَة تَخْرِيجه للْحَدِيث: يروي الإِمَام الحُميدي عَن شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة - فِي الْغَالِب - الْأَحَادِيث مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة، مُرَتبا أَحَادِيث المكثرين من الصَّحَابَة على الْأَبْوَاب. سابعاً: أهم مميزاته: يخْتَص مُسْند الإِمَام الحُميدي بميزات مهمة، أبرزها: أ - يعْتَبر من مصَادر السّنة المسندة الأصيلة؛ لِأَن الْحميدِي يروي فِيهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلذَلِك أَثَره فِي عُلُوم الحَدِيث إِسْنَادًا ومتناً. ب - يُعَد من مظان الْإِسْنَاد العالي، لتقدم وَفَاة الْحميدِي. ج - جمعه مرويات شَيْخه سُفْيَان بن عُيينة، مَعَ بَيَان عللها وَاخْتِلَاف الروَاة فِيهَا.   1 - نبه الْمُحَقق إِلَى أَن فِي بعض النّسخ - المخطوطة - تبويب بذلك فِي الْمَتْن، والمحقق تَارَة يَجْعَلهَا فِي الْمَتْن، وَتارَة يُشِير إِلَيْهَا فِي الْهَامِش، وَالْأولَى إبْقَاء تبويبات النّسخ المخطوطة فِي الْمَتْن. (1/220) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 د - تضمنه سؤالاته لشيخه: سُفْيَان بن عُيينة، وَبَيَان أَقْوَاله وأحواله فِي الرِّوَايَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا. هـ - تَرْتِيب أَحَادِيث المكثرين من الصَّحَابَة على الْأَبْوَاب. والْعِنَايَة الْبَالِغَة بِبَيَان زيادات الروَاة - فِي مرويات سُفْيَان ابْن عُيينة - وَفصل المدرج من الْمَرْفُوع، وَسِيَاق الْمُتُون المطولة، وقصص الْإِسْنَاد والمتن - وَهِي تَتَضَمَّن الْمَوْقُوف وَغَيره - والعناية بِسَمَاع المدلسين. ز - ترتيبه الْأَحَادِيث بعدة اعتبارات مجتمعة، فَهُوَ: مُفْرد بمرويات سُفْيَان بن عُيَيْنَة شيخ الحمُيدي، فَيدْخل ضمن المؤلفات المختصة بالترتيب على الرَّاوِي الْأَدْنَى، كَمَا أَنه رتب هَذِه المرويات على الصَّحَابَة، فَيلْحق بالمؤلفات الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى، ورتب مرويات مكثري الصَّحَابَة، على الْأَبْوَاب، فيشار إِلَيْهِ فِيمَا رُتِّب على الْأَبْوَاب. ثامناً: رِوَايَة الْمسند: الْكتاب المطبوع من رِوَايَة أبي مَنْصُور بن أَحْمد الْخياط، عَن أبي طَاهِر: عبد الْغفار بن مُحَمَّد الْمُؤَدب، عَن أبي عَليّ بن الصَّواف، عَن بشر بن مُوسَى الْأَسدي، عَن الْحميدِي. تاسعاً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: لقد طبع الْكتاب ونشره الْمجْلس العلمي بالباكستان عَام 1382هـ، بتحقيق الْعَلامَة حبيب الرَّحْمَن الأعظمي، وَهُوَ فِي مجلدين، ورقّم أَحَادِيثه وَوضع لَهُ ثَلَاثَة فهارس: فهرس الموضوعات، وفهرس الْأَحَادِيث على الْأَبْوَاب، وفهرس أَعْلَام الْمُتُون، وَقد سبق بَيَان جهود أُخْرَى لأهل الْعلم فِي تقريبه1.   1 - ص:102، 103. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الْمطلب الثَّانِي: مُسْند الإِمَام أبي عبد الله: أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ أَحْمد: هُوَ: أَبُو عبد الله: أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هِلَال الذُّهْلِي الشَّيْبَانِيّ الْمروزِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ، واشتهر بنسبته إِلَى جده: أَحْمد ابْن حَنْبَل، ولد سنة: 164هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وَكَانَ الإِمَام أَحْمد لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة1، وَهَذَا فِي الْغَالِب، وَلَا سِيمَا: من حَدَّث عَنهُ الإِمَام أَحْمد وَهُوَ حَيّ، قَالَ ابْنه عبد الله: "كَانَ أبي إِذا رَضِي عَن إِنْسَان وَكَانَ عِنْده ثِقَة حَدَّث عَنهُ وَهُوَ حَيّ"2، وَقد أَكثر الإِمَام أَحْمد من الرِّوَايَة عَن شُيُوخ فِي الْمسند وَغَيره، وَهُوَ دَلِيل على ثقتهم عِنْده، حَيْثُ إِن الْمَعْرُوف عَن الْمُحدثين أَن الْأَئِمَّة الْحفاظ إِذا أَكْثرُوا من الرِّوَايَة عَن راو، فَهُوَ دَلِيل على إتقانه عِنْدهم، وَمن هَؤُلَاءِ الَّذين أَكثر عَنْهُم الإِمَام أَحْمد: عَفَّان بن مُسلم - ت219هـ وَقد روى عَنهُ (1982) حَدِيثا، ووكيع بن الْجراح - ت 197هـ - وروى عَنهُ (1895) حَدِيثا، وغُنْدَر، وَهُوَ لقب: مُحَمَّد بن جَعْفَر - 192هـ - وروى عَنهُ (1764) حَدِيثا، وَعبد الرَّزَّاق بن همام - الصَّنْعَانِيّ - ت 211هـ - وروى عَنهُ (1561) حَدِيثا، وَيحيى بن سعيد القطّان - ت 198هـ - وروى عَنهُ (1331) حَدِيثا، وَيزِيد ابْن هَارُون - ت206هـ - وروى عَنهُ (1280) حَدِيثا، وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي - ت 198هـ - وروى عَنهُ (1038) حَدِيثا، وسُفْيَان بن عُيينة - ت198هـ - وروى عَنهُ (759) حَدِيثا، وَغَيرهم كثير من أجِلِّة الشُّيُوخ3، وَقد بلغ عدد شُيُوخ الإِمَام أَحْمد الَّذين روى عَنْهُم فِي الْمسند: (292) 1. وروى عَنهُ: ابْنه عبد الله - ت290هـ - وَابْنه صَالح - ت 266هـ - وَابْن عَمه حَنْبَل بن إِسْحَاق بن حَنْبَل - 273هـ -، وَالْإِمَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، - ت 256هـ، وَالْإِمَام مُسلم بن الْحجَّاج القُشَيري، - ت 261 هـ -، وَالْإِمَام أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي (صَاحب السّنَن) ، - ت 275هـ -، وَأَبُو الْقَاسِم: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ - ت 317هـ -، وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ، قَالَه المِزي4. وَكَانَ: شيخ الْإِسْلَام وَإِمَام الْأمة فِي وقته وعالمها وفقيهها وحافظها وعابدها وزاهدها، نَاصِر السّنة وقامع الْبِدْعَة، قَالَ أبوحاتم: مُحَمَّد بن حبَان البُستي - ت 354هـ، صَاحب الصَّحِيح -: "كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل حَافِظًا متقناً، ورعاً، فَقِيها، لَازِما للورع الْخَفي، مواظباً على الْعِبَادَة الدائمة، بِهِ أغاث الله جلّ وَعلا   1 - انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/113، وَفتح المغيث 1/316، وَغَيرهمَا. 2 - الْعِلَل 310. 3 - انْظُر: مُعْجم شُيُوخ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند، للدكتور عَامر حسن صبري. 4 - تَهْذِيب الْكَمَال - عِنْد تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد - (1/441) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَنه ثَبت فِي المحنة، وبذل نَفسه لله عز وَجل ... وَجعله علما يقْتَدى بِهِ"1، وَقَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ: "كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يحفظ ألف ألف - صَحَّ - حَدِيث فَقيل مَا يدْريك؟ قَالَ: ذاكرته فَأخذت عَلَيْهِ الْأَبْوَاب"2، وعقب على ذَلِك الذَّهَبِيّ فَقَالَ: "هَذِه حِكَايَة صَحِيحَة فِي سَعَة علم أبي عبد الله، وَكَانُوا يَعُدُّون فِي ذَلِك المكرر، والأثر، وفتوى التَّابِعِيّ، وَمَا فُسِّرَ، وَنَحْو ذَلِك، وَإِلَّا فالمتون المرفوعة القوية لَا تبلغ عشر معشار ذَلِك"3، وَقَالَ أَبُو زرْعَة أَيْضا: "كَانَ أَحْمد صَاحب حفظ، وَصَاحب فقه، وَصَاحب معرفَة، مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مثل أَحْمد فِي الْعلم والزهد وَالْفِقْه والمعرفة وكل خير"4، وَقَالَ الشَّافِعِي: "خرجت من بَغْدَاد، فَمَا خَلَّفْتُ بهَا رجلا أفضل وَلَا أعلم وَلَا أفقه وَلَا أتقى من أَحْمد بن حَنْبَل"5، وَتُوفِّي سنة: 241هـ. التَّعْرِيف بِمُسْنَدِهِ: أَولا: اسْم الْكتاب: الْمسند. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: مرويات الإِمَام أَحْمد مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة. ثَالِثا: مرتبته بَين المسانيد: يعد مُسْند الإِمَام أَحْمد من أَعلَى المسانيد المنتقاة، قَالَ الذَّهَبِيّ: "إِنَّه محتوٍ على أَكثر الحَدِيث النَّبَوِيّ، وقّلَّ أَن يثبت حَدِيث إِلَّا وَهُوَ فِيهِ ... وقَلَّ أَن تَجِد فِيهِ خَبرا سَاقِطا"6، وَلَا يلْزم من انتقائه صِحَة جَمِيع مروياته، بل فِيهِ الضَّعِيف وَقَلِيل من الْمَوْضُوع، يَقُول الْحَافِظ إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير الدِّمَشْقِي - ت   1 - الثِّقَات 8/18. 2 - الْجرْح وَالتَّعْدِيل 1/296. 3 - سير أَعْلَام النبلاء 11/187. 4 - الْجرْح وَالتَّعْدِيل 1/296. 5 - كَمَا فِي تَارِيخ بَغْدَاد 4/419. 6 - كَمَا فِي المصعد الأحمد لِابْنِ الْجَزرِي 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 774 - هـ - عَنهُ: "فِيهِ أَحَادِيث ضَعِيفَة بل مَوْضُوعَة"1، وَيَقُول شيخ الْإِسْلَام أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن تَيْمِية - ت 728هـ -: "لَيْسَ كل حَدِيث رَوَاهُ أَحْمد فِي الْفَضَائِل وَنَحْوه يَقُول: إِنَّه صَحِيح، بل وَلَا كل حَدِيث رَوَاهُ فِي مُسْنده، يَقُول: إِنَّه صَحِيح، بل أَحَادِيث مُسْنده ... قد يكون فِي بَعْضهَا عِلة تدل على أَنه ضَعِيف - بل بَاطِل لَكِن غالبها وجمهورها أَحَادِيث جَيِّدَة يُحتج بهَا، وَهِي أَجود من أَحَادِيث سنَن أبي دَاوُد"2، وَالْأَصْل فِي هَذِه المسانيد جمع مرويات كل صَحَابِيّ على حِدة بغض النّظر عَن الثُّبُوت وَعَدَمه. وَقد أفرد الْحَافِظ ابْن حجر جُزْءا سَمَّاهُ: "القَوْل المُسَدَّد فِي الذب عَن مُسْند الإِمَام أَحْمد"3، وَذكر فِيهِ الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة والواهية الَّتِي اُنتقدت فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد، وَأجَاب عَنْهَا، وَلَكِن لَا تَخْلُو إجَابَته فِي بعض الْمَوَاضِع من تَأمل، إِذْ حَسَّن أَحَادِيث كَانَ قد حكم عَلَيْهَا بِالْوَضْعِ فريق من الْأَئِمَّة كشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية4. رَابِعا: مشتملاته: ذكر الْعَلامَة مُحَمَّد بن جَابر الْوَادي آشي - ت749هـ - أَن عدد مسانيد الإِمَام أَحْمد سِتَّة عشر مُسْندًا5، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "مُسْند أَحْمد يشْتَمل على ثَمَانِيَة عشر مُسْندًا، وَرُبمَا أضيف بَعْضهَا إِلَى بعض"6، وَفِي مَوضِع آخر ذكر أَنَّهَا: سَبْعَة عشر مُسْندًا7، وبتوجيه ابْن حجر يجمع بَين هَذِه الْأَقْوَال. وَتلك الأرقام هِيَ لأعداد المسانيد الرئيسة الَّتِي جعلهَا الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده كالكتب وَترْجم بهَا كَقَوْلِه - مثلا -: "مُسْند بني هَاشم" والحقيقة أَنه يُدخل تحتهَا عدَّة مسانيد للصحابة، وَلكنه رُبمَا اقْتصر على مرويات صَحَابِيّ وَاحِد فِيهَا   1 - اخْتِصَار عُلُوم الحَدِيث 31. 2 - منهاج السّنة 7/223. 3 - مطبوع، نشرته إدارة ترجمان السّنة فِي باكستان، الطبعة الأولى 1403هـ. 4 - انْظُر: منهاج السّنة 3/10، وَمَا ذكره الْحَافِظ ابْن حجر فِي ص 18. 5 - برنامجه 198. 6 - المعجم المؤسس 2/32. 7 - إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ 1/172. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 إِذا كَانَ من المكثرين، ويترجم لَهُ بقوله: "حَدِيث ابْن عَبَّاس" - مثلا -، وَأما عدد مسانيده من حَيْثُ التَّفْصِيل، على حسب مَا أوردهُ الْحَافِظ عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن عَسَاكِر، - ت571هـ - فَهِيَ: 1056 مُسْندًا1. وَقد ذكر أهل الْعلم أَن الْمسند يشْتَمل على ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث غير المكرر، وَأَرْبَعين ألفا مَعَ المكرر، وَمَا يزِيد على ثَلَاث مئة حَدِيث ثلاثية الْإِسْنَاد، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عِنْدهم فِي وصف الْمسند2، وَلَكِن عدد أَحَادِيث الْمسند المطبوع أقل من ذَلِك، وَيحْتَمل ذَلِك عدَّة أُمُور مِنْهَا: أ - كَون النُّسْخَة المخطوطة الْمُعْتَمد عَلَيْهَا فِي الطباعة نَاقِصَة. ب - رُبمَا تمّ اعْتِبَار مَجْمُوعَة من الْأَحَادِيث حَدِيثا وَاحِدًا، بَيْنَمَا هِيَ أَكثر من ذَلِك كمرويات النّسخ. ج - رُبمَا لم يتم اعْتِبَار المرويات الَّتِي يَسُوقهَا الإِمَام أَحْمد من أَقْوَال التَّابِعين وَنَحْوهم فِي شرح الْغَرِيب، وَنَحْو ذَلِك. وَقد اشْتَمَل الْمسند كَذَلِك على مرويات للْإِمَام أَحْمد من غير الْمسند، وَهِي الْأَحَادِيث الَّتِي قَامَ ابْنه عبد الله بنقلها إِلَى مرويات الْمسند، وَهَذَا النَّوْع من المرويات قَلِيل، وَمن أمثلته قَول عبد الله: "حَدثنِي أبي حَدثنَا عَليّ بن ثَابت الْجَزرِي، عَن نَاصح أبي عبد الله، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لِأَن يُؤَدب الرجل وَلَده ... الحَدِيث، ثمَّ قَالَ عبد الله: وَهَذَا الحَدِيث لم يُخرجهُ أبي فِي مُسْنده من أجل نَاصح؛ لِأَنَّهُ ضَعِيف فِي الحَدِيث، وأملاه عليَّ فِي النَّوَادِر"3، وَمِنْه أَيْضا قَول عبد الله: "حَدثنِي أبي أملاه علينا من النَّوَادِر، قَالَ: كتب إليَّ أَبُو تَوْبَة"4.   1 - تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة الَّذين أخرج حَدِيثهمْ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند 171. 2 - انْظُر: تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة الَّذين أخرج حَدِيثهمْ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند لِابْنِ عَسَاكِر 33، وخصائص الْمسند لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ 23، والتذكرة فِي معرفَة رجال الْكتب الْعشْرَة للحسيني 1/3 3 - فِي 5/96. 4 - 4/103 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 كَمَا تضمن مُسْند الإِمَام أَحْمد زيادات لِابْنِهِ عبد الله - رَاوِي الْمسند عَن أَبِيه - لم يروها وَالِده قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: "لَهُ زيادات كَثِيرَة فِي مُسْند وَالِده"1، هَذَا بِالنّظرِ إِلَى عَددهَا ذَاتهَا، وَلكنهَا قَليلَة بِالنِّسْبَةِ لعدد مرويات الْمسند. وزيادات عبد الله على أَنْوَاع مِنْهَا: أَحَادِيث تَامَّة إِسْنَادًا ومتناً، وَأَحَادِيث شَارك وَالِده فِيهَا، وَزَاد عَلَيْهِ بعض الْأَلْفَاظ، والصحابي فِيهَا وَاحِد، وَأَحَادِيث أُخْرَى من رِوَايَة غير الصَّحَابِيّ الَّذِي روى حَدِيثه وَالِده، والمتن وَاحِد2، وطرق أُخْرَى لأحاديث رَوَاهَا وَالِده، مثل قَول الإِمَام أَحْمد: "حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَعَفَّان، قَالَا: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد ... "3 ثمَّ قَالَ عبد الله بعده: "حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري حَدثنَا حَمَّاد بن زيد" وسَاق بَاقِي الْإِسْنَاد بِمثل رِوَايَة وَالِده4، وَهَذَا أشبه بالمستخرج على مُسْند وَالِده. وَفِي الْمسند كَذَلِك زيادات قَليلَة لأبي بكر: أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان بن مَالك القَطِيعي - ت 368هـ - رَاوِي الْمسند عَن عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه، يَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "فِيهِ من زيادات وَلَده عبد الله، وَشَيْء يسير من زيادات أبي بكر القَطِيعي الرَّازِيّ، عَن عبد الله"5، وَقد توهم قوم كثرتها فأغربوا، وعدَّها آخَرُونَ فألحقوا بهَا زيادات لعبد الله بن أَحْمد6، وَكَانَ للسقط دوره فِي ذَلِك، وَفِي المطبوع من الْمسند مَوضِع وَاحِد على الصَّوَاب وَهُوَ قَول أبي بكر القَطِيعي: "حَدثنَا الْفضل بن الْحباب، حَدثنَا القعْنبِي، حَدثنَا شُعْبَة، حَدثنَا مَنْصُور، عَن ربعي، عَن أبي مَسْعُود، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة"7، ويتنبه إِلَى أَن رَاوِي الْمسند   1 - سير أَعْلَام النبلاء 13/524 2 - وَهَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة يصل عَددهَا إِلَى (232) حَدِيثا تَقْرِيبًا، انْظُر: كتاب زَوَائِد عبد الله بن أَحْمد للدكتور: عَامر حُسَيْن صبري. 3 - (1/61) . 4 - انْظُر أَيْضا: 1/74، 212، 2/228. 5 - المعجم المفهرس 129 6 - انْظُر: زَوَائِد عبد الله بن أَحْمد للدكتور: عَامر حُسَيْن صبري 119، وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وجهوده فِي الحَدِيث وعلومه للدكتور: عبد الرَّحْمَن الفريوائي 1/550. 7 - (5/273) . الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 عَنهُ ينْسبهُ بقوله: "قَالَ: ابْن مَالك"، وَابْن مَالك هُوَ القَطِيعي، ويضاف إِلَى مَا سبق أَرْبَعَة أَحَادِيث من زيادات أبي بكر بن مَالك القَطِيعي أَيْضا، أوردهَا الْحَافِظ ابْن حجر فِي كِتَابه: إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ1، وَنبهَ الْمُحَقق إِلَى أَنه لم يجدهَا فِي الْمسند المطبوع. وَمِمَّا اشْتَمَل عَلَيْهِ الْمسند الْمَرْفُوع، وَهُوَ الْغَالِب، وعَلى قَلِيل من الْمُرْسل مثل: مُرْسل إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "كَانَ إِذا سجد رُؤي بَيَاض إبطَيْهِ2"3، وَقَلِيل من الْمَوْقُوف، مثل: فعل أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي الاستشراف فِي الصَّلَاة4، وعَلى الْمَقْطُوع، مثل: أَقْوَال عَطاء5، وَعِكْرِمَة6، وَالقَاسِم بن أبي بَزَّة7 وَغَيرهم، وَقد بوب الْحَافِظ ابْن حجر فِي كِتَابه: إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأَطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ فَقَالَ: "فصل فِي الْمَوْقُوفَات غير مَا تقدم"8 يَعْنِي غير مَا تقدم من المرويات الْمَوْقُوفَة الَّتِي ذكرهَا فِي كِتَابه هَذَا، وَبَوَّبَ أَيْضا فِي مَوضِع آخر فَقَالَ: "ذكر مَا وَقع فِيهِ من الْمَرَاسِيل والموقوفات بِغَيْر اسْتِيعَاب"9، وَأَرَادَ الْحَافِظ ابْن حجر بالموقوف عُمُوم الْأَقْوَال الَّتِي رَوَاهَا الإِمَام أَحْمد مَا عدا الْمَرْفُوع والمرسل. وَمِمَّا اشْتَمَل عَلَيْهِ الْمسند: أَقْوَال لبَعض الْأَئِمَّة، مثل قَول للْإِمَام مَالك فِي   1 - انْظُر: رقم 155، 7781، 882، 12111. (1/364) . 3 - وَانْظُر أَيْضا: مُرْسل إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن جَعْفَر (3/450) ، وثابت البُناني (3/243) ، ومرسل جَعْفَر بن مُحَمَّد (1/267) . 4 - (1/429) . 5 - (1/353) . 6 - (5/24) . 7 - (5/24) . 8 - (8/369) . 9 - (9/490) . الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 تَفْسِير آيَة1 وأقوال للْإِمَام أَحْمد نَفسه، مثل: بَيَانه مَا يعجب عبد الرَّزَّاق من الحَدِيث2، وتواريخ موت بعض الْحفاظ3، وَذكر هُنَا بداية طلبه للْحَدِيث، وَبَيَانه لما كَانَ يلقى من الْمَشَقَّة فِي بعض رحلاته العلمية4، وَكَلَامه عَن بعض الروَاة5، واستحسانه فعل مَن جعل سنة الْمغرب من صلوَات الْبيُوت6، وقصة لبَعض أَصْحَاب الحَدِيث مَعَ أبي الْأَشْهب7، وَبَيَان لصدق مُحَمَّد بن إِسْحَاق8. خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: رتب الإِمَام أَحْمد أَحَادِيث كِتَابه على مسانيد الصَّحَابَة، وَقسمهَا بضع عشرَة مُسْندًا، من المسانيد أَو مجاميع المسانيد الرئيسة، وَقد عدّها الْعَلامَة مُحَمَّد ابْن جَابر الْوَادي آشي فَقَالَ: "مُسْند الإِمَام أبي عبد الله: أَحْمد بن حَنْبَل الْمُشْتَمل على سِتَّة عشر مُسْندًا: الأول: مُسْند الْعَبَّاس وبنيه، الثَّانِي: مُسْند أهل الْبَيْت، وهم الْعشْرَة، الثَّالِث: مُسْند ابْن عَبَّاس وَحده، الرَّابِع: مُسْند أبي هُرَيْرَة، الْخَامِس: مُسْند ابْن مَسْعُود، السَّادِس: مُسْند ابْن عمر، السَّابِع: لجَابِر بن عبد الله، الثَّامِن: لأنس بن مَالك، التَّاسِع: لعَمْرو بن الْعَاصِ وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ مَعًا، الْعَاشِر: لعَائِشَة، الْحَادِي عشر: للمدنيين والمكيين، الثَّانِي عشر: للشاميين، الثَّالِث عشر: للبصريين، الرَّابِع عشر: للكوفيين، الْخَامِس عشر: للْأَنْصَار، السَّادِس عشر: مُسْند النِّسَاء"9 اهـ.   (1/63) ، وَقَول يحيى بن سعيد القطّان (4/267) ، وَشعْبَة بن الْحجَّاج (1/343) . (2/318) . 3 - (3/97) . 4 - (3/297) . 5 - (3/310) ، و (5/103) و (5/114) . 6 - (5/420) . 7 - (4/27) . 8 - (3/310) ، و (5/103) و (5/114) . 9 - برنامجه 198. الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وعَدَّها الْحَافِظ ابْن حجر، فَقَالَ: "هَذِه أَسمَاء المسانيد الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا أصل الْمسند: مُسْند: الْعشْرَة وَمَا مَعَه، ومسند: أهل الْبَيْت، وَفِيه: الْعَبَّاس وبنيه، ومسند: عبد الله ابْن عَبَّاس، ومسند: ابْن مَسْعُود، ومسند: أبي هُرَيْرَة، ومسند: عبد الله بن عمر، ومسند: جَابر، ومسند: الْأَنْصَار، ومسند: المكيين والمدنيين، ومسند: الْكُوفِيّين ومسند: الْبَصرِيين، ومسند: الشاميين، ومسند: عَائِشَة، ومسند: النِّسَاء"1، وَعدد مَا ذكر ابْن حجر هُنَا (17) مُسْندًا، وَذكر الْحَافِظ فِي مَوضِع آخرأنه اشْتَمَل على ثَمَانِيَة عشر مُسْندًا، وَقَالَ "رُبمَا أُضيف بَعْضهَا إِلَى بعض"2، وَبِهَذَا يُوَجه الِاخْتِلَاف فِي عدد المسانيد الرئيسة فِي الْكتاب، لَكِن يظْهر فِيهِ الِاخْتِلَاف فِي تَرْتِيب هَذِه المسانيد، فالوادي آشي بَدَأَ بِمُسْنَد الْعَبَّاس وبنيه، وَابْن حجر بَدَأَ بِالْعشرَةِ وَهُوَ يُوَافق المطبوع، بَيْنَمَا لم يرد ذكر الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ فِي وصف الْوَادي آشي إِلَّا قَوْله فِي الثَّانِي: "مُسْند أهل الْبَيْت، وهم الْعشْرَة"، وَالْعشرَة غير أهل الْبَيْت، فَلَعَلَّهُ أضافهم هُنَا كَمَا أَشَارَ ابْن حجر، وَمن الْمَعْلُوم أَن الإِمَام أَحْمد توفّي قبل تهذيبه وترتيبه، وَإِنَّمَا قَرَأَهُ لأهل بَيته قبل ذَلِك خوفًا من الْعَوَائِق الْعَارِضَة، وَقد أجَاب الإِمَام ابْن عَسَاكِر بِهَذَا3 وَمن خلال مَا سبق يتَبَيَّن: 1 - أَن الْمسند مقسم إِلَى عدَّة مساند رئيسة، وَهِي الَّتِي ترْجم لَهَا غَالِبا بقوله مثلا: "مُسْند الْعشْرَة وَمَا مَعَه، ومسند أهل الْبَيْت" وَهِي تشْتَمل على مَجْمُوعَة من مرويات عدد من الصَّحَابَة، وَقد بوب أَيْضا على مرويات صَحَابِيّ وَاحِد بقوله: "مُسْند"، مثل: "مُسْند عبد الله بن عَبَّاس، ومسند ابْن مَسْعُود، ومسند أبي هُرَيْرَة"، ويلحظ أَن هَؤُلَاءِ الَّذين أفردهم بِهَذَا التَّبْوِيب من المكثرين فِي الْغَالِب، وَفِي المسانيد الَّتِي يترجم بهَا ويبوب وَهِي جَامِعَة كَقَوْلِه: "مُسْند الْعشْرَة"، يفصل مرويات كل صَحَابِيّ على حِدة، ويبوب عَلَيْهَا بقوله: "حَدِيث أبي بكر، وَحَدِيث عمر بن الْخطاب". 2 - بُدء الرِّجَال بِالْعشرَةِ المبشرين بِالْجنَّةِ، وَقدم حَدِيث الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء، ثمَّ رُتبت   1 - إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأَطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ 1/173. 2 - الْمجمع المؤسس (2/32) . 3 - تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة الَّذين أخرج حَدِيثهمْ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الْبَقِيَّة بعد ذَلِك بِحَسب الْبلدَانِ، مثل قَوْله: مُسْند الْبَصرِيين1، ومسند المكيين2، ومسند الْمَدَنِيين3، ومسند الْكُوفِيّين4، أَو بِحَسب الْقَبَائِل، وَأهل بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم5، وَالْأَنْصَار6 وَغير ذَلِك، وَرُبمَا كُررت مرويات الصَّحَابِيّ فِي أَكثر من مَوضِع تَارَة بِاعْتِبَار بَلَده، وَتارَة بِاعْتِبَار قبيلته، أَو أسبقيته فِي الْإِسْلَام، وَمن ذَلِك أَنه أخرج مرويات حَارِث بن أُقَيْش فِي مُسْند الْأَنْصَار7، ثمَّ أخرجهَا فِي مُسْند الشاميين8، وَكَذَا حَارِث بن زِيَاد الْأنْصَارِيّ، أخرج لَهُ فِي موضِعين: مُسْند المكيين9، ومسند الشاميين10، وَقد رتب ابْنه عبد الله مسانيد المقلين، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: "لم يرتب - يَعْنِي الإِمَام أَحْمد - مسانيد المقلين، فرتبها وَلَده عبد الله، فَوَقع مِنْهُ إغفال كَبِير من جعل الْمدنِي فِي الشَّامي، وَنَحْو ذَلِك"11. وَأما مرويات النِّسَاء فقد فُرقت فِي المطبوع من الْمسند فِي عدَّة مَوَاضِع12، وجُمعت مرويات أكثرهن فِي أَوَاخِر الْمسند13 متتابعة، وقُدِّم: حَدِيث عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا14، ثمَّ: حَدِيث فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم15، إِلَى بَقِيَّة أَحَادِيث أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَبَقِيَّة النِّسَاء رضوَان الله عَلَيْهِنَّ، وتُرجم   (4/419) . (3/400) . 3 - (4/2) . 4 - (4/239) 5 - (1/199) . 6 - (5/113) . 7 - (4/212) . 8 - (5/312) . 9 - (3/429) . 10 - (4/221) . 11 - المعجم المفهرس (1/199) . 12 - 4/64 ، 68، 5/377، وَغَيرهَا. 13 - (6/29) . 14 - (6/29) . 15 - (6/282) . الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 لأحاديث المبهمات من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوَاضِع أُخْرَى، مثل قَوْله1: "حَدِيث بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم". 3 - ترْجم أَيْضا لمسانيد المبهمين والمبهمات من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، بِحَسب مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة، كَقَوْلِه: "حَدِيث رجل من أَصْحَاب النَّبِي"2. 4 - فِي آخر الْمسند3 بعد مرويات النِّسَاء، أخرج مرويات أَرْبَعَة من الصَّحَابَة، حَيْثُ ترْجم لأولهم فَقَالَ: "حَدِيث صَفْوَان بن أُميَّة رَضِي الله عَنهُ"4، ثمَّ: "حَدِيث أبي بكر بن أبي زُهير الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ"5، ثمَّ: "حَدِيث وَالِد: بعجة بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ"6، ثمَّ: "حَدِيث شَدَّاد ابْن الْهَاد رَضِي الله عَنهُ"7، وَبِه ختم الْمسند المطبوع، وَأَحَادِيث صَفْوَان جَاءَت فِي مَوضِع آخر8، وَكَذَا أَبُو بكر بن أبي زُهير9، وَشَدَّاد بن الْهَاد10. سادساً: طَريقَة تَخْرِيجه للْحَدِيث: يروي بِإِسْنَادِهِ الْأَحَادِيث مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة - كَمَا تقدم -. سابعاً: أهم مميزاته: 1 - يعْتَبر مُسْند الإِمَام أَحْمد من المصادر الحديثية المسندة، وَلذَلِك أَثَره فِي عُلُوم الحَدِيث إِسْنَادًا ومتناً. 2 - يُعَدُّ من أنقى المسانيد، حَيْثُ إِن الإِمَام أَحْمد انتخبه من أَكثر من سَبْعمِائة وَخمسين ألف حَدِيث، كَمَا ذكر الإِمَام أَحْمد نَفسه11، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "لَا يشك منصف أَن مُسْنده أنقى أَحَادِيث وأتقن رجَالًا من غَيره وَهَذَا يدل   1 - فِي: 4/68، 5/271، 270، 380، 6/288، 423. 2 - (5/371) . 3 - (6/464) . 4 - (6/464) . 5 - (6/466) . 6 - (6/466) . 7 - (6/467) . 8 - مُسْند المكيين 3/400. 9 - (3/416) . 10 - (3/493) . 11 - انْظُر: خَصَائِص الْمسند لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ 21. الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 على أَنه انتخبه"1. 3 - يعْتَبر من الموسوعات الحديثية الجامعة المسندة؛ لِأَنَّهُ احتوى غَالب المرويات وأصولها الثَّابِتَة، فَلَا يكَاد يُوجد حَدِيث صَحِيح إِلَّا وَهُوَ فِيهِ بنصه، أَو أَصله، أَو نَظِيره، أَو شَاهده2، وَيَقُول ابْن الْجَزرِي: "مَا من حَدِيث غَالِبا إِلَّا وَله أصل فِي هَذَا الْمسند"3، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن كثير: "يُوجد فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد من الْأَسَانِيد والمتون شَيْء كثير مِمَّا يوازي كثيرا من أَحَادِيث مُسلم بل وَالْبُخَارِيّ أَيْضا، وَلَيْسَت عِنْدهمَا، وَلَا عِنْد أَحدهمَا، بل لم يُخرجهُ أحد من أَصْحَاب الْكتب الْأَرْبَعَة"4. ثامناً: رِوَايَة الْمسند: الْمسند من رِوَايَة أبي بكر: أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان بن مَالك بن شبيب الْبَغْدَادِيّ القَطِيعي - ت 368هـ -، عَن عبد الله بن الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ - ت290هـ - عَن أَبِيه. تاسعاً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: تمّ نشر الْكتاب فِي عدَّة طبعات سَابِقَة مِنْهَا: أ - الطبعة الأولى بِمصْر فِي المطبعة الميمنية سنة 1313هـ، وَهِي الَّتِي صورتهَا بعد ذَلِك دَار الْفِكر والمكتب الإسلامي وَكِلَاهُمَا فِي بيروت، وَهِي فِي سِتَّة مجلدات، وطبع مَعَه فِي حَاشِيَته كتاب "كنز الْعمَّال" لعَلي بن حسام الدّين الْهِنْدِيّ - ت 975هـ -، وَهِي أشهر طبعاته الَّتِي عَلَيْهَا الْمعول وَالَّتِي يُعزى إِلَيْهَا فِي أَكثر كتب المعاجم والفهارس وَنَحْوهَا، وفيهَا سقط يظْهر فِي عدَّة مَوَاضِع بمقارنتها بِمَا فِي المصادر الفرعية، وَيبين ذَلِك بوضوح كتاب: (إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ) لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي بتحقيق الدكتور زُهير بن نَاصِر النَّاصِر، حَيْثُ يُوجد فِيهِ مَجْمُوعَة من الْأَحَادِيث الَّتِي سَقَطت من الْمسند المطبوع، كَمَا نبه إِلَى ذَلِك الْمُحَقق، وَلأبي عبد الله: مَحْمُود بن مُحَمَّد الْحداد سلسلة من الاستدراكات على الطبعة السَّابِقَة، مِنْهَا كِتَابه: "صلَة الْمسند   1 - النكت على كتاب ابْن الصّلاح 149. 2 - انْظُر للفائدة فِي هَذَا الْبَاب: كتاب الفروسية لِابْنِ قيم الجوزية - مُحَمَّد بن أبي بكر، ت 751هـ – ص: 69 3 - المصعد الأحمد 1/31. 4 - اخْتِصَار عُلُوم الحَدِيث 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 السَّاقِط من نشرة مُسْند الإِمَام أَحْمد" واستدرك فِيهِ الْجُزْء الْخَامِس عشر من مُسْند الْأَنْصَار وَغَيره، حَيْثُ سقط من المطبوع، كَمَا استدرك أَيْضا قِطْعَة من مُسْند أبي سعيد الْخُدْرِيّ، سَقَطت من مُسْند الإِمَام أَحْمد المطبوع. كَمَا لَا تسلم هَذِه الطبعة من التَّصْحِيف والتداخل، فَرُبمَا تصحفت لَفْظَة: "ابْن" إِلَى "عَن" وَالْعَكْس، وتداخلت الصفحات فِي مَوَاضِع، مِمَّا يرهق الباحث ويوقعه فِي الْإِشْكَال عِنْد دراسة الْإِسْنَاد والتخريج. ب - الطبعة المحققة لأبي الأشبال: أَحْمد مُحَمَّد شَاكر - ت 1377هـ - فحقق النَّص، وقابله على نسخ خطية، ورقم الْأَحَادِيث، وخَرَّج بَعْضهَا، وَتكلم على أَحْوَال رواتها، وَوضع فهارس علمية دقيقة فِي آخر كل مُجَلد، وَمَات - يرحمه الله - قبل أَن يتمه، والمطبوع مِنْهُ إِلَى مُسْند أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي سَبْعَة عشر مجلداً وَهُوَ يوازي من الطبعة السَّابِقَة (2/397) . ج - طبعة بعناية مُحَمَّد سليم إِبْرَاهِيم سمارة، وَآخَرين، بإشراف الدكتور سمير طه المجذوب، وَهِي الطبعة الأولى - لَهُم - فِي عَام 1413هـ، بالمكتب الإسلامي فِي بيروت، وَالَّذِي يظْهر أَنهم اعتمدوا الطبعة الميمنية الْقَدِيمَة، وَزَادُوا فِيهَا ترقيم الْأَحَادِيث، وَوضع فهارس للمتون على حسب أوائلها. د - طبعة مؤسسة الرسَالَة فِي بيروت وَهِي أفضل الطبعات إِلَى الْآن، وَقد أشرف على إصدارها معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، وأشرف على تحقيقها وَتَخْرِيج نصوصها وَالتَّعْلِيق عَلَيْهَا الْعَلامَة شُعَيْب الأرنؤوط، مَعَ مَجْمُوعَة من الْعلمَاء. وتميزت هَذِه الطبعة بالعناية الفائقة فِي تَحْقِيق النَّص على عدَّة نسخ خطية، وتجنبت كثيرا من التصحيفات الَّتِي وَقعت فِي الطبعات السَّابِقَة، كَمَا تُمم كثير من الْمَوَاضِع الساقطة من المسانيد فِي الْكتاب، مَعَ تَخْرِيج الْأَحَادِيث تخريجاً شَامِلًا، وإعداد فهارس متنوعة، وَقد ظَهرت فِي المكتبات غَالب أَجزَاء هَذِه الطبعة1.   1 - وَقد سبق بَيَان جهود أُخْرَى لأهل الْعلم فِي تقريبه، ص: 16 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 الْمطلب الثَّالِث: مُسْند الإِمَام أبي يعلى الْموصِلِي: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ أبي يعلى: هُوَ: أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى بن يحيى التَّمِيمِي الْموصِلِي، واشتهر بِأبي يعلى الْموصِلِي، ولد سنة 210هـ. روى عَن الإِمَام أبي بكر: أَحْمد بن عَمْرو بن أبي عَاصِم النَّبِيل - ت 287هـ -، وَالْإِمَام يحيى بن معِين - ت 233هـ -، وَالْإِمَام: عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر بن الْمَدِينِيّ - ت 234هـ -، وَالْإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ - ت 241هـ -، وَالْإِمَام أَحْمد بن منيع الْبَغَوِيّ الْأَصَم، صَاحب الْمسند - ت 244هـ -، وَغَيرهم. وروى عَنهُ الإِمَام أَبُو حَاتِم: مُحَمَّد بن حبَان بن أَحْمد التَّمِيمِي البُستي - ت 354هـ -، وَالْإِمَام أَبُو الْقَاسِم: سُلَيْمَان بن أَحْمد الطَّبَرَانِيّ - ت360هـ -، وَالْإِمَام أَبُو أَحْمد: عبد الله بن عدي الْجِرْجَانِيّ - ت365هـ -، وَالْإِمَام أَبُو بكر: أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ - ت371هـ، وَالْإِمَام أَبُو عَمْرو: مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْدان الحِيْري - ت 376هـ، وَالْإِمَام أَبُو بكر: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عَاصِم الْأَصْبَهَانِيّ ابْن الْمُقْرِئ - ت 381هـ، وَغَيرهم. وَهُوَ: الإِمَام الْحَافِظ الثِّقَة الْمَأْمُون، قَالَ: عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ - ت 385هـ -: "ثِقَة مَأْمُون موثوق بِهِ"1، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ: "من المتقنين فِي الرِّوَايَات المواظبين على رِعَايَة الدّين، وَأَسْبَاب الطَّاعَات"2، وَقَالَ أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد الله الْحَاكِم - ت405 هـ -: "ثِقَة مَأْمُون"3، وَتُوفِّي فِي سنة: 307هـ. التَّعْرِيف بِمُسْنَدِهِ4:   1 - سُؤَالَات السُّلمي لَهُ 1. 2 - 8/55 . 3 - سُؤَالَات السِّجزي لَهُ 50 4 - الْكَلَام عَنهُ بِحَسب الرِّوَايَة الْمُخْتَصر المطبوعة، وَهِي رِوَايَة: أبي عمر: مُحَمَّد بن حَمْدان الحِيْري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أَولا: اسْم الْكتاب: الْمسند، وَله رِوَايَتَانِ: مختصرة ومطولة1. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: مرويات الإِمَام أبي يعلى مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة. ثَالِثا: مرتبته بَين المسانيد: يعْتَبر مُسْند أبي يعلى من المسانيد الجامعة، وَقد نبه الْعَلامَة حُسَيْن سليم أَسد - مُحَقّق الرِّوَايَة المختصرة لمُسْند أبي يعلى - على قلَّة الْأَحَادِيث الضعيفة فِيهِ2، وَيَقُول إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد التَّمِيمِي الْحَافِظ: "قَرَأت المسانيد كمسند الْعَدنِي، ومسند أَحْمد بن مَنيع، وَهِي كالأنهار، ومسند أبي يعلى كالبحر يكون مُجْتَمع الْأَنْهَار"، وَقد علق الذَّهَبِيّ فَقَالَ: "صدق، وَلَا سِيمَا مُسْنده الَّذِي عِنْد أهل أَصْبَهَان من طَرِيق ابْن الْمُقْرِئ عَنهُ، فَإِنَّهُ كَبِير جدا، بِخِلَاف الْمسند الَّذِي روينَاهُ من طَرِيق أبي عَمْرو بن حَمْدان عَنهُ، فَإِنَّهُ مُخْتَصر"3. رَابِعا: مشتملاته: عدد الصَّحَابَة الَّذين أخرج لَهُم: (210) صحابياً، وَعدد أَحَادِيثه: (7555) حَدِيثا أغلبها من الْمَرْفُوع. خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: رتب الإِمَام أَبُو يعلى المرويات على مسانيد الصَّحَابَة، ورتب مرويات المكثرين مِنْهُم على التراجم4 فِي الْغَالِب، حَيْثُ: 1 - بَدَأَ الرِّجَال بمرويات الْعشْرَة - إِلَّا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ -، ثمَّ بمرويات مَجْمُوعَة من الصَّحَابَة المقلين5، ثمَّ المكثرين من الصَّحَابَة، وهم: جَابر بن عبد الله، ثمَّ عبد الله بن عَبَّاس، ثمَّ أنس بن مَالك، ثمَّ عَائِشَة، ثمَّ عبد الله بن مَسْعُود، ثمَّ ابْن عمر،   1 - سَيَأْتِي - إِن شَاءَ الله - توضيح ذَلِك فِي ص: 2 - 1/21 . 3 - كَمَا فِي سير أَعْلَام النبلاء 14/180. 4 - يَعْنِي على حسب الروَاة عَنْهُم. 5 - (3/5 إِلَى 3/276) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 ثمَّ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم1، ثمَّ بمجموعة من قرَابَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآل بَيته2، وهم: الْفضل بن عَبَّاس، وَفَاطِمَة، وَالْحسن وَالْحُسَيْن، وَعبد الله بن جَعْفَر، وَعبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُم، ثمَّ بمجموعة من الصَّحَابَة المقلين أَيْضا وَالَّذِي يظْهر أَنه اعْتبر أهل الْقَبَائِل مِنْهُم، وَذكر مَعَهم بعض المبهمين3، ثمَّ عَاد إِلَى النِّسَاء وبدأهن بأمهات الْمُؤمنِينَ - فِي الْغَالِب - إِلَّا عَائِشَة حَيْثُ تقدّمت مَعَ المكثرين -، ثمَّ بِبَقِيَّة النِّسَاء، والمبهمات4، ثمَّ عَاد إِلَى الرِّجَال5. 2 - رتب مرويات المكثرين بِحَسب الروَاة عَنْهُم، وَهَذَا يظْهر فِي مُسْند جَابر بن عبد الله6، وَأنس بن مَالك7 – مثلا -، وَقد ترْجم بالرواة عَن أنس فِي مُسْنده بعنوان ظَاهر. 3 - بَدْء مسانيد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ، بِتَقْدِيم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة، إِلَّا أَنه لم تُذكر مرويات: عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ، وَقد جَاءَ فِي حَاشِيَة المخطوط، بعد نِهَايَة مُسْند عمر بن الْخطاب: "مُسْند عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لم يكن من سَماع أبي سعد الجَنْزَروذي - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد -، عَن أبي عَمْرو بن حَمْدان"، ثمَّ أورد مرويات بَقِيَّة الرِّجَال من الصَّحَابَة، وَالَّذِي يظْهر أَنه اعْتبر فيهم بعض الْأَوْصَاف فِي الْغَالِب، مثل: كَثْرَة المرويات، والقبائل، وَأهل الْقَرَابَة وَآل الْبَيْت. 4 - وضع مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي مسانيد المكثرين، وَأما بَقِيَّة النِّسَاء، فَذَكرهنَّ مجتمعات فِي أَوَاخِر الْكتاب تَقْرِيبًا، وبدأهن بأمهات الْمُؤمنِينَ فِي الْغَالِب.   1 - من 3/276) . (12/79) . 3 - (12/203إِلَى 298) . 4 - (12/302) . 5 - (13/من 100، إِلَى 550) . 6 - (4/10) . 7 - (5/302) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 5 - ترْجم لمسانيد المبهمين والمبهمات، وَمن ذَلِك قَوْله: "رجل غير مُسمَّى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم"1، وَختم الْكتاب بمرويات مَجْمُوعَة من رجال الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، بعد نِهَايَة مرويات النِّسَاء2. سادساً: طَريقَة تَخْرِيجه للْحَدِيث: يروي الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ إِلَى منتهاه. سابعاً: أهم مميزاته: يُعتبر من المصادر الحديثية الأصيلة المسندة الَّتِي لَهَا أثر فِي عُلُوم الحَدِيث إِسْنَادًا ومتناً. ب - إِثْبَات صُحْبَة عدد من الصَّحَابَة، إِذا ثَبت الْإِسْنَاد إِلَيْهِ. ج - احتواؤه على مَجْمُوعَة من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والزائدة على مرويات الْكتب السِّتَّة. ثامناً: رِوَايَات الْمسند: لمُسْند أبي يعلى رِوَايَتَانِ على الْمَشْهُور: الأولى: الرِّوَايَة المختصرة، وَهِي رِوَايَة أبي عَمْرو: مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْدان الحِيري - ت 376هـ - عَن أبي يعلى الْموصِلِي3، وَهِي الَّتِي اعْتمد عَلَيْهَا - الْحَافِظ عَليّ ابْن أبي بكر الهيثمي - ت 807هـ - فِي كِتَابه: مجمع الزَّوَائِد ومنبع الْفَوَائِد4، ذكر ذَلِك ابْن حجر5. الثَّانِيَة: الرِّوَايَة المطولة وتُسمى "الْمسند الْكَبِير"، وَهِي رِوَايَة أبي بكر: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عَاصِم بن الْمُقْرِئ الْأَصْبَهَانِيّ - ت 381هـ - عَن أبي يعلى الْموصِلِي، وَاعْتمد عَلَيْهَا الهيثمي فِي كِتَابه: الْمَقْصد الْعلي فِي زَوَائِد أبي يعلى الْموصِلِي، والعلامة أَبُو الْعَبَّاس: أَحْمد بن أبي بكر البُوصيري - ت 840هـ -، فِي كِتَابه: إتحاف السَّادة المهرة بزوائد المسانيد الْعشْرَة، ومختصره، وَذكر   (12/216) . (13/من 100، إِلَى 550) . 3 - وَهِي الَّتِي حققها، الْعَلامَة حُسَيْن سليم أَسد، ونشرتها دَار الْمَأْمُون للتراث، الطبعة الأولى لعام 1404هـ. 4 - وَهُوَ فِي زَوَائِد عدَّة مصَادر مُسندَة، مِنْهَا مُسْند أبي يعلى على الْكتب السِّتَّة. 5 - مُقَدّمَة: المطالب الْعَالِيَة (1/47) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ذَلِك فِي آخرهما1، وَاعْتمد عَلَيْهَا أَيْضا الْحَافِظ ابْن حجر فِي تتبعه لما فَاتَ الهيثمي، وَقد أودعها ابْن حجر كِتَابه: المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية. تاسعاً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ. إِضَافَة إِلَى جهود أهل الْعلم السَّابِقين2 فِي تقريب مُسْند أبي يعلي فقد قَامَ الْعَلامَة حُسَيْن سليم أَسد بتحقيقه على حسب الرِّوَايَة المختصرة - وَهِي رِوَايَة أبي عَمْرو بن حَمْدان عَن أبي يعلى -، وطُبع الْكتاب فِي دَار الْمَأْمُون للتراث، الطبعة الأولى لعام 1404هـ، وَقد اعتنى الْمُحَقق بتحقيق النَّص، وَتَخْرِيج الْأَحَادِيث، وترقيمها، وَأعد فهارس متنوعة، مِنْهَا: فهرس للأحاديث، وفهرس للصحابة الَّذين روى لَهُم أَبُو يعلى فِي مُسْنده.   1 - 10/536، والمختصر (10/691) . 2 - ص: 16 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الْمطلب الرَّابِع: مُسْند الإِمَام أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ الطَّيَالِسِيّ: هُوَ: أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الْجَارُود الْفَارِسِي ثمَّ الْأَسدي الْبَصْرِيّ، ولد سنة 133هـ. روى عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج - ت160هـ -، وسُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ - ت 161هـ، وَعبد الله بن الْمُبَارك - ت 181هـ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة - ت 198هـ، وَغَيرهم. وروى عَنهُ: مُحَمَّد بن سعد بن منيع الْكَاتِب صَاحب الطَّبَقَات - ت 230هـ -، وَالْإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل، وَيُونُس بن حبيب بن عبد القاهر الْعجلِيّ مَوْلَاهُم الْأَصْبَهَانِيّ أَبُو بشر - ت 267هـ -، وَهُوَ رَاوِي الْمسند عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وعباس بن مُحَمَّد الدُّوري - ت 271 هـ. وَهُوَ: الإِمَام الْحَافِظ الثِّقَة المكثر، قَالَ الإِمَام أَحْمد: "ثِقَة صَدُوق"3، وَقَالَ النَّسَائِيّ - ت 303هـ -: " ثِقَة من أصدق النَّاس لهجة"4، وَقَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: " كَانَ حَافِظًا مكثراً ثِقَة ثبتاً "5، وَقَالَ عمر بن شَبَّة - ت 262هـ -: " كتبُوا عَن أبي دَاوُد بأصبهان أَرْبَعِينَ ألف حَدِيث،   3 - كَمَا فِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/274 4 - كَمَا فِي الْمصدر السَّابِق. 5 - كَمَا فِي تَارِيخ بَغْدَاد 9/24 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَلَيْسَ كَانَ مَعَه كتاب"1، وَتُوفِّي فِي سنة: 204هـ. التَّعْرِيف بِمُسْنَدِهِ: أَولا: اسْم الْكتاب: الْمسند. ثَانِيًا: نسبته إِلَى الْمُؤلف: يُفِيد الْمُحَقِّقُونَ من أهل الحَدِيث أَن الإِمَام الطَّيَالِسِيّ لم يؤلف الْمسند، وَإِنَّمَا اكْتفى من ذَلِك بروايته، فقد قَالَ عمر بن شَبَّة: "كتبُوا عَن أبي دَاوُد بأصبهان أَرْبَعِينَ ألف حَدِيث، وَلَيْسَ كَانَ مَعَه كتاب"2، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "سمع يُونُس بن حبيب عدَّة مجَالِس مفرقة فَهِيَ الْمسند الَّذِي وَقع لنا"، ثمَّ قَالَ: "روى3 عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ مُسْندًا فِي مُجَلد كَبِير"4. وكما ذكر أَيْضا أَن جَامع الْمسند من رِوَايَة يُونُس هُوَ: أَبُو مَسْعُود الرَّازِيّ5، قَالَ أَبُو نعيم: أَحْمد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ، - ت 430هـ -: "صنَّف أَبُو مَسْعُود الرَّازِيّ ليونس بن حبيب مُسْند أبي دَاوُد"6. وَهُوَ قرين ليونس بن حبيب، كَمَا أَنه مَشْهُور بِمَعْرِِفَة تَخْرِيج الْأَسَانِيد - رِوَايَتهَا من بطُون الْأَجْزَاء -، فصنيعه هَذَا من بَاب التَّخْرِيج للأقران، وَالْمَعْرُوف أَن الإِمَام الطَّيَالِسِيّ مكثر جدا من الرِّوَايَة، وَيَقُول السخاوي: "لَوْلَا أَن الْجَامِع لمُسْند الطَّيَالِسِيّ غَيره بِحَسب مَا وَقع لَهُ - يَعْنِي الْجَامِع - بِخُصُوصِهِ من حَدِيثه، لَا بِالنّظرِ لجَمِيع مَا رَوَاهُ الطَّيَالِسِيّ، فَإِنَّهُ مكثر جدا، لَكَانَ أول مُسْند، فَإِن الطَّيَالِسِيّ مُتَقَدم على هَؤُلَاءِ"7. وَلَعَلَّ الرَّاجِح أَن: الَّذِي رتب هَذِه المرويات - وَهِي جُزْء من مرويات   1 - كَمَا فِي الْمصدر السَّابِق. 2 - كَمَا فِي تَارِيخ بَغْدَاد 9/27. 3 - يَعْنِي يُونُس. 4 - سير أَعْلَام النبلاء 9/382 5 - هُوَ: الْحَافِظ أَحْمد بن الْفُرَات بن خَالِد الضَّبِّيّ، الرَّازِيّ ثمَّ الْأَصْبَهَانِيّ، سمع من أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَغَيره، وَمَات سنة 258هـ (انْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد 4/343) . 6 - كَمَا فِي تَارِيخ بَغْدَاد 9/27. 7 - فتح المغيث 2/340 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ - وصنفها على المسانيد، هُوَ: أَبُو مَسْعُود: الرَّازِيّ، حَيْثُ خرج ليونس بن حبيب - وَهُوَ قرينه - مروياته عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ. ثَالِثا: مَوْضُوعه: مرويات يُونُس بن حبيب عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة - بِخَاصَّة - مرتبَة على مسانيد الصَّحَابَة. رَابِعا: مرتبته بَين كتب المسانيد، وَشرط جَامعه فِيهِ: يعْتَبر الْكتاب من المسانيد المعلَّة، وَأما شَرط جَامعه ومخرجه، فَهُوَ: تَخْرِيج مَا رَوَاهُ يُونُس بن حبيب عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ خَاصَّة، وَتَخْرِيج غَالب مرويات شُعْبَة ابْن الْحجَّاج الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنهُ، مَعَ بَيَان اخْتِلَاف الروَاة فِيهَا. خَامِسًا: بَيَان مشتملاته: 1 - عدد الصَّحَابَة الَّذين روى الطَّيَالِسِيّ لَهُم فِيهِ (267) صحابياً، ويضاف إِلَيْهِم: عشرَة مسانيد على الْأَقَل سَقَطت من المطبوع، وَعدد أَحَادِيثه (2767) حَدِيثا، وَفِيه أَحَادِيث لم ترقم1، واشتمل على زيادات ليونس بن حبيب، وَهِي قَليلَة بِالنِّسْبَةِ لمرويات الْكتاب2. 2 - اشْتَمَل الْمسند على الْأَحَادِيث المرفوعة وَهِي الْغَالِبَة فِيهِ، وعَلى قَلِيل من الْمُرْسل لَا سِيمَا عِنْد ذكر اخْتِلَاف الروَاة3، وَالْمَوْقُوف4، والمقطوع5، وَالْمُعَلّق بِخَاصَّة عِنْد ذكر اخْتِلَاف الروَاة6. وَأكْثر مرويات أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِيهِ عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج7، وَفِيه بَيَان اخْتِلَاف الروَاة وَعلل الْأَحَادِيث8، وَبَيَان لبَعض أَقْوَال أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ9.   1 - من ذَلِك مثلا: مَا بعد (ح 379) ، و (ح 581) . 2 - من ذَلِك: ح 364، 371، 431، 515، 537، 589. 3 - من ذَلِك: ح 549. 4 - من ذَلِك: ح 4، و407. 5 - من ذَلِك: ح 551. 6 - من ذَلِك: عقب ح 393، 399، 407، 464. 7 - مِنْهَا: ح 373، 376، 377، 387. 8 - من ذَلِك: ح 393، 407، 464، 471، 472، 477، 513، 515. 9 - من ذَلِك: شَرحه للغريب عِنْد ح 411، 619، وَتَسْمِيَة مُبْهَم عِنْد ح 542. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 سادساً: طَريقَة ترتيبه: عُني جَامع الْمسند بِأَكْثَرَ مرويات أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة، ورُتبت على مسانيد الصَّحَابَة، كَمَا رُتبت مرويات المكثرين مِنْهُم على حسب من روى عَنْهُم، وتفصيل ذَلِك كَمَا يَلِي: 1 - رُتبت المرويات فِيهِ على حسب مسانيد الصَّحَابَة، حَيْثُ بُدئ بمرويات الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ1، ثمَّ بمرويات المتوسطين والمقلين2، وأولهم: عبد الله ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ، وَبعدهَا مرويات الْآحَاد وهم من لم يروِ إِلَّا حَدِيثا أَو حديثين3، ثمَّ مرويات النِّسَاء مجتمعات4، ثمَّ مرويات المكثرين من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم. وَرُبمَا رُوي فِي مُسْند صَحَابِيّ، حَدِيث صَحَابِيّ آخر، لتَعلق ذَلِك بِالْمَتْنِ أَو بِقصَّة الْإِسْنَاد، كَمَا أَنه قد يذكر حَدِيث صَحَابِيّ فِي موضِعين، مثل حَدِيث جُنْدُب بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ5. 2 - رتبت مرويات المكثرين، بِحَسب من روى عَنْهُم، حَيْثُ: بُدئ بِرِوَايَة الرِّجَال عَن الصَّحَابَة، ثمَّ بِرِوَايَة الْأَفْرَاد عَن الصَّحَابَة، ثمَّ بِرِوَايَة النِّسَاء عَن الصَّحَابَة، وَقد صنع ذَلِك فِيمَن تعدّدت مروياتهم من المقلين أَيْضا فِي الْغَالِب، وَتمّ جمع المكثرين فِي مَوضِع وَاحِد مُتَتَابعين فِي آخر الْمسند. 3 - بُدِئَ تَرْتِيب الرِّجَال بمسانيد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ، وقُدم فيهم   1 - إِلَى ص: 33 2 - إِلَى ص: 162 تَقْرِيبًا. 3 - من (ص: 162) تَقْرِيبًا إِلَى (ص: 196) ، وَفِي بداية الْجُزْء الْخَامِس من المطبوع (كَمَا فِي ص: 149 من المطبوع) كُتب: "فِيهِ مسانيد المقلين والآحاد"، وَكَذَا فِي بداية الْجُزْء السَّادِس ص: 173 كتب أَيْضا: "جمَاعَة من المقلين والآحاد، وَشَيْء من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا". 4 - من ص: 196. 5 - انْظُر: ص: (126) ، وص: (177) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء رضوَان الله عَلَيْهِم1، ثمَّ بمرويات المتوسطين والمقلين من الصَّحَابَة، ثمَّ مرويات الْآحَاد مِنْهُم، ثمَّ مرويات النِّسَاء ثمَّ مرويات المكثرين من الصَّحَابَة، وهم: جَابر بن عبد الله2، ثمَّ عبد الله بن عمر3، ثمَّ أنس بن مَالك4، ثمَّ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ5، ثمَّ أَبُو هُرَيْرَة6، ثمَّ ابْن عَبَّاس7، وَبِه خُتم الْمسند. 4 - ذُكرت النِّسَاء فِي مَوضِع وَاحِد مجتمعات، أثْنَاء مرويات الرِّجَال، بَين مرويات الْآحَاد من الصَّحَابَة، ومرويات المكثرين مِنْهُم، وقُدم فِيهِنَّ: فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، ثمَّ بَقِيَّة مرويات الصحابيات رضوَان الله عَلَيْهِنَّ. 5 - تمت التَّرْجَمَة لمسانيد المبهمين والمبهمات رضوَان الله عَلَيْهِم، بِحَسب مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة، كَقَوْلِه: "عَم كثير بن الصَّلْت"8. سابعاً: طَريقَة تَخْرِيج الحَدِيث فِيهِ: يروي الإِمَام الطَّيَالِسِيّ الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ، وَقد رتبه جَامعه بِحَسب مسانيد الصَّحَابَة. ثامناً: أهم مميزاته: 1 - يعْتَبر من المصادر الحديثية المسندة. 2 - يعْتَبر من مصَادر معرفَة مرويات شُعْبَة بن الْحجَّاج، وَبَيَان اخْتِلَاف الروَاة فِيهَا. 3 - يُعَدُّ من مصَادر معرفَة الْعِلَل وَاخْتِلَاف الروَاة. 4 - الإفادة فِي معرفَة الصَّحَابَة، إِذا صَحَّ الْإِسْنَاد إِلَيْهِم. 5 - ضمه زَوَائِد مُتعَدِّدَة على السِّتَّة.   1 - إِلَى (ص: 33) . 2 - ص: 232. 3 - ص: 248. 4 - ص: 264. 5 - ص: 297. 6 - ص: 303. 7 - ص: 339. 8 - ص: 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 تاسعاً: رِوَايَة الْمسند: الْمسند الَّذِي بَين أَيْدِينَا من رِوَايَة1: أبي الْحجَّاج: يُوسُف بن خَلِيل بن عبد الله الدِّمَشْقِي، عَن أبي المكارم: أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد - صَحَّ - بن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن مُحَمَّد ابْن قيس اللبان - ت 597هـ - الْمعدل، وَأبي سعيد: خَلِيل بن أبي جَابر بن أبي الْفَتْح الرَّازِيّ كِلَاهُمَا - أَبُو المكارم، وَأَبُو سعيد - عَن أبي عَليّ: الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن الْحداد الْمُقْرِئ، عَن أبي نعيم: أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق الْأَصْبَهَانِيّ - صَاحب الْحِلْية - عَن أبي مُحَمَّد: عبد الله بن جَعْفَر بن أَحْمد بن فَارس، عَن أبي بسر: يُونُس بن حبيب بن عبد القاهر، عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ. عاشراً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: طبع الْمسند فِي مطبعة دَائِرَة المعارف النظامية بِمَدِينَة حيدر آباد فِي الْهِنْد، سنة 1321هـ، تَحت إشراف مُحَمَّد أنوار الله خَان، وَمُحَمّد عبد القيوم، وَقد رقما الْأَحَادِيث وَألْحق الْمُصَحح للنسخة: أَبُو الْحسن فهرساً بآخر الْكتاب على أَسمَاء مسانيد أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، من الصَّحَابَة وَكَذَا الروَاة عَنْهُم من التَّابِعين الَّذين ترْجم بهم، وميز بَين الصَّحَابِيّ والتابعي دَاخل الفهرس، ورتبه ترتيباً هجائياً، وَهَذِه الطبعة هِيَ الَّتِي نشرتها دَار الْمعرفَة فِي بيروت، بعناية الْأُسْتَاذ وليد رَاشد الجبلاوي فِي مُجَلد وَاحِد كَبِير يتكون من أحد عشر جُزْءا حديثياً، إِلَّا أَنه يُوجد فِي هَذِه الطبعة سقط: عشرَة مسانيد تَقْرِيبًا، وفيهَا بعض الأخطاء من تدَاخل بعض الْأَسَانِيد مَعَ متون أُخْرَى2.   1 - كَمَا فِي ص: 2، وص: 119. 2 - وَقد تقدم ذكر بَيَان جهود أُخْرَى لأهل الْعلم فِي تقريبه فِي ص: 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 المبحث الثَّالِث: طَريقَة الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِي المسانيد: لما كَانَت المسانيد السَّابِقَة مرتبَة على الصَّحَابَة فِي الْغَالِب، فالاستفادة مِنْهَا مُبَاشرَة تتَوَقَّف - من حَيْثُ الأَصْل - على معرفَة الصَّحَابِيّ الَّذِي يُراد تَخْرِيج حَدِيثه، بِحَيْثُ يُسْتَفَاد من اسْم الصَّحَابِيّ فِي الْوُصُول إِلَى مَوضِع مروياته دَاخل الْمسند بِوَاسِطَة الفهارس والمداخل المقربة، لَكِن تُوجد مشاق فِي الْوُصُول إِلَى مَوضِع الحَدِيث دَاخل مرويات الصَّحَابِيّ المكثر أَو الْمُتَوَسّط، مِمَّا يُضطر مَعَه إِلَى اسْتِخْدَام طرق ومسالك أُخْرَى بِحَيْثُ يتم الْوُصُول إِلَى البغية بِأَقَلّ جهد وَوقت، ويتطلب ذَلِك: معرفَة جهود الْعلمَاء الَّذين عنوا بتقريب الْمَادَّة العلمية للمسانيد. وَيُمكن التَّمْثِيل للتخريج من المسانيد، بتخريج: مَا رَوَاهُ الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: "حَرَّم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة"، إِذْ يُمكن أَن يتَوَصَّل إِلَى الحَدِيث فِي مُسْند الإِمَام الحُميدي، بِوَاسِطَة الرَّاوِي الْأَعْلَى الْمَذْكُور سَابِقًا، وَهُوَ الحكم بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ، وَيُسْتَفَاد من اسْمه فِي الْوُقُوف على مروياته فِي أحد المسانيد من خلال الفهارس المبينة لمواضع مرويات الصَّحَابَة فِيهَا، مثل كتاب: "مُعْجم مسانيد كتب الحَدِيث"، للتوني حَيْثُ أَحَالهُ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الصُّورَة: "الْحميدِي 2/379 (859) "، وَيُرِيد أَن لَهُ حَدِيثا وَاحِدًا رقمه: 859 فِي المجلد الثَّانِي، فِي صفحة: 379، وَبعد الرُّجُوع إِلَيْهِ تبين أَنه الحَدِيث الْمَطْلُوب. وَهَكَذَا يصنع عِنْد التَّخْرِيج من بَقِيَّة المسانيد، ويفضل أَن يُقَال: "أخرجه" أَو: "خَرَّجه"، أَو: "رَوَاهُ"، وَيذكر صَاحب الْمسند وَبَقِيَّة عناصر الإحالة والتوثيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الْفَصْل الثَّانِي: التَّخْرِيج من طَرِيق معرفَة الصَّحَابَة: المبحث الأول: التَّعْرِيف بكتب الصَّحَابَة: الْمطلب الأول: تَعْرِيف الصَّحَابِيّ: ... المبحث الأول: التَّعْرِيف بكتب الصَّحَابَة: الْمطلب الأول: تَعْرِيف الصَّحَابِيّ: لُغَة: الصَّحَابِيّ اسْم مُشْتَقّ من الصُّحْبَة، وَهِي مصدر: صَحِب يَصْحَب بِمَعْنى لزم وانقاد قَالَ أَبُو عبيد: "صَحِبت الرجل من الصُّحْبَة، وأَصْحَبْتُ أَي: انقدت لَهُ"1، وَيَقُول الْأَزْهَرِي - ت 370هـ -: "كل شَيْء لَازم شَيْئا فقد استصحبه"2، وَيَقُول ابْن مَنْظُور: "الصاحب المعاشر"3، وَيدل على هَذِه الْمعَانِي قَول الله تَعَالَى: {فَقَالَ لِصَاحِبهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} 4، وَقَوله جلّ شَأْنه: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} 5، وَقَوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 6، وَقَوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ} 7. اصْطِلَاحا: الصَّحَابِيّ، هُوَ: "من لَقِي النَّبِي مُؤمنا بِهِ، وَمَات على الْإِسْلَام". وَيدخل فِي ذَلِك كل من طَالَتْ مُجَالَسَته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قصرت، وَمن روى وَمن لم يرو عَنهُ، قَالَ الإِمَام البُخَارِيّ: "من صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو رَآهُ من الْمُسلمين، فَهُوَ من أَصْحَابه"8، وَقَالَ النَّوَوِيّ - ت676هـ -: "الصَّحِيح الَّذِي   1 - كَمَا فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب للأزهري (4/262) . 2 - الْمصدر نَفسه. 3 - كَمَا فِي لِسَان الْعَرَب (1/519) . 4 - سُورَة الْكَهْف، آيَة: (34) . 5 - سُورَة يُوسُف، آيَة: (39) . 6 - سُورَة التَّوْبَة، آيَة: (40) . 7 - سُورَة آل عمرَان، آيَة: (116) . 8 - فِي (62 كتاب فَضَائِل أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، 1 بَاب فَضَائِل أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قَالَه المحدثون والمحققون من غَيرهم أَنه: كل مُسلم رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو سَاعَة" 1، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "أصح مَا وقفت عَلَيْهِ من ذَلِك أَن الصَّحَابِيّ: من لَقِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمنا بِهِ، وَمَات على الْإِسْلَام، فَيدْخل فِيمَن لقِيه: من طَالَتْ مُجَالَسَته لَهُ أَو قصرت"2.   1 - تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات (3/173) . 2 - الْإِصَابَة (1/7) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْمطلب الثَّانِي: أَسمَاء كتب الصَّحَابَة: تسمى المؤلفات المفردة فِي معرفَة الصَّحَابَة بِهَذَا الِاسْم - أَي: معرفَة الصَّحَابَة -، كصنيع أبي نُعيم الْأَصْبَهَانِيّ، كَمَا تسمى أَيْضا: معاجم الصَّحَابَة، كصنيع ابْن قَانِع، هَذَا فِي الْغَالِب، وَمِنْهَا مَا يُسمى بِغَيْر ذَلِك. وَالْمَقْصُود هُنَا: مَا رُتب مِنْهَا بِحَسب أَسمَاء الصَّحَابَة وسَاق فِيهِ الْمُؤلف المرويات الدَّالَّة على صُحْبَة الصَّحَابِيّ، أَو ذكر فضائله، وَبَعض مروياته؛ لِأَنَّهُ سَبَب إِيرَاد كتب الصَّحَابَة فِي طرق التَّخْرِيج، كَمَا أَنه الأَصْل فِي كتب معرفَة الصَّحَابَة، مَعَ مَا يعرف بِهِ الصَّحَابِيّ من ذكر: اسْمه وَنسبه ونسبته، وأحواله وَنَحْو ذَلِك، ويشمل ذَلِك أَيْضا صَنِيع الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير، وَقد أَطَالَ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة بِذكر المرويات، على أَن لهَذِهِ الإطالة فوائدها الْكَثِيرَة الَّتِي لَا تخفى وَلَا سِيمَا لمن يروي بِالْإِسْنَادِ، وَقد صرح الطَّبَرَانِيّ فِي مُقَدّمَة مُعْجَمه الْكَبِير أَنه أَلفه فِي معرفَة الصَّحَابَة حَيْثُ يَقُول: "هَذَا كتاب ألفناه جَامع لعدد مَا انْتهى إِلَيْنَا مِمَّن روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرِّجَال وَالنِّسَاء على حُرُوف ألف ب ت ث، بدأت فِيهِ بِالْعشرَةِ رَضِي الله عَنْهُم؛ لِأَن لَا يتقدمهم أحد غَيرهم، خَرَّجت عَن كل وَاحِد مِنْهُم حَدِيثا وحديثين وَثَلَاثَة وَأكْثر من ذَلِك على حسب كَثْرَة رواياتهم وقلِّتها، وَمن كَانَ من المقلين خرجت حَدِيثه أجمع، وَمن لم يكن لَهُ رِوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لَهُ ذكر عَن أَصْحَابه من اسْتشْهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو تقدم مَوته، ذكرته من كتب الْمَغَازِي وتاريخ الْعلمَاء، ليوقف على عدد الروَاة عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم" 1. وَأما معاجم الصَّحَابَة، وَإِن كَانَت فِي معرفتهم، إِلَّا أَنَّهَا مرتبَة على الْحُرُوف الهجائية ترتيباً دَقِيقًا - فِي الْغَالِب - مشرقياً كَانَ أَو مغربياً، يَقُول الْعَلامَة مُحَمَّد بن جَعْفَر الكتاني - ت 1345هـ -: "المعاجم: جمع مُعْجم، وَهُوَ فِي اصطلاحهم: مَا تذكر فِيهِ الْأَحَادِيث على تَرْتِيب الصَّحَابَة أَو الشُّيُوخ أَو الْبلدَانِ أَو غير ذَلِك، وَالْغَالِب أَن يَكُونُوا مرتبين على حُرُوف الهجاء"2، وَهَذَا يَشْمَل كتب معرفَة الصَّحَابَة، وَذكر فضائلهم الْمرتبَة على هَذَا النَّحْو.   (1/51) . 2 - فِي الرسَالَة المستطرفة (135) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الْمطلب الثَّالِث: علاقتها بالمسانيد: تشبه كتب معرفَة الصَّحَابَة المسانيد فِي عدَّة جَوَانِب، مِنْهَا: جعل رِوَايَات كل صَحَابِيّ على حِدة وَالرِّوَايَة بِالْإِسْنَادِ، وتختلف بعض المؤلفات فِي معرفَة الصَّحَابَة - وَهِي: المعاجم - عَن المسانيد من حَيْثُ إِن المعاجم: تُرتب فِيهَا مسانيد الصَّحَابَة ترتيباً هجائياً، بَيْنَمَا للمسانيد طَريقَة أُخْرَى فِي تَرْتِيب مسانيد الصَّحَابَة3، ونظراً للتشابه بَين كتب معرفَة الصَّحَابَة بعامة، فقد ألحق الْحَافِظ السخاوي بعض المعاجم بالمسانيد حَيْثُ يَقُول: "وَأَهْلهَا - يَعْنِي أَصْحَاب المسانيد - مِنْهُم من يرتب أَسمَاء الصَّحَابَة على حُرُوف المعجم بِأَن يَجْعَل: أُبي بن كَعْب، وَأُسَامَة فِي الْهمزَة، كالطبراني فِي مُعْجَمه الْكَبِير، ثمَّ الضياء فِي مختارته الَّتِي لم تكمل، وَمِنْهُم من يرتب على الْقَبَائِل ... وَمِنْهُم من يرتب على السَّابِقَة فِي الْإِسْلَام"4، وَقد ألحق بهَا أَيْضا كتب الْأَطْرَاف، وَكتب الْأَطْرَاف هِيَ مدَاخِل وفهارس للمصادر المسندة، يقْتَصر فِيهَا غَالِبا على جُزْء من الْمَتْن، وَأما كتب المعاجم وَالْمَسَانِيد، فَهِيَ مصَادر أصيلة يروي أَصْحَابهَا الْأَحَادِيث بأسانيدهم،   (1/51) . 2 - فِي الرسَالَة المستطرفة (135) . 3 - تقدم ذكرهَا فِي ص: (19، 28، 35، 40) . 4 - فتح المغيث شرح ألفية الحَدِيث (2/341) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ويسوقون تَمام متونها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الْمطلب الرَّابِع: مرتبتها من جِهَة الثُّبُوت وَعَدَمه: تعْتَبر كتب معرفَة الصَّحَابَة الَّتِي تُروى فِيهَا الْأَحَادِيث، بعد مرتبَة المصادر المصنفة على الْأَبْوَاب، فَهِيَ مثل المسانيد الْعَامَّة الْمُشْتَملَة على الثَّابِت وَغَيره دون بَيَان الْعِلَل، إِلَّا أَن بَعْضهَا يرتقي إِلَى مرتبَة المعلّة ككتاب: "معرفَة الصَّحَابَة لأبي نُعيم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الْمطلب الْخَامِس: أَنْوَاعهَا: تتنوع كتب معرفَة الصَّحَابَة بِحَسب شموليتها وَعدمهَا إِلَى أَنْوَاع، مِنْهَا: النَّوْع الأول: كتب شَامِلَة: وَهِي الَّتِي احتوت على عدد كَبِير من أَسمَاء الصَّحَابَة وأخبارهم، فَمِنْهَا مَا هُوَ مُرَتّب: بِحَسب حُرُوف المعجم، مثل كتاب: "مُعْجم الصَّحَابَة" لأبي الْحُسَيْن: عبد الْبَاقِي بن قَانِع - ت351هـ -، وَكتاب: "المعجم الْكَبِير" للطبراني، وَكتاب: "معرفَة الصَّحَابَة"، لأبي نُعيم الْأَصْبَهَانِيّ. وَهُنَاكَ مؤلفات جردت الْأَحَادِيث فِيهَا من الْإِسْنَاد، بِحَيْثُ يُرجع إِلَيْهَا عِنْد تعذر الْوُصُول إِلَى بعض المصادر المسندة، مثل كتاب: "الِاسْتِيعَاب فِي معرفَة الْأَصْحَاب "، لِابْنِ عبد الْبر1، و"الْإِصَابَة فِي تَمْيِيز الصَّحَابَة"، لِلْحَافِظِ ابْن حجر. وَمِنْهَا مَا هُوَ مُرَتّب بِحَسب الْقَبَائِل، مثل كتاب: "معرفَة الصَّحَابَة" لأبي أَحْمد: الْحُسَيْن بن عبد الله العسكري - ت382 هـ -، وَقد نبه السخاوي إِلَى أَنه مُرَتّب على الْقَبَائِل2، و"الْآحَاد والمثاني"، لأبي بكر: أَحْمد بن عَمْرو بن الضَّحَّاك ابْن أبي عَاصِم الشَّيْبَانِيّ - ت 287هـ -، وَقد استهله مُؤَلفه بِالْعشرَةِ المبشرين بِالْجنَّةِ، وسَاق الْأَحَادِيث بِإِسْنَادِهِ.   1 - وَهُوَ مُرَتّب على حُرُوف المعجم بِحَسب طَريقَة المغاربة فِي تَرْتِيب حُرُوف الهجاء. 2 - الإعلان بالتوبيخ (95) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمعجم الْكَبِير للطبراني 1: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ الطَّبَرَانِيّ: هُوَ: سُلَيْمَان بن أَحْمد بن أَيُّوب بن مُطَيْر اللَّخْمي الشَّامي، أَبُو الْقَاسِم، واشتهر بنسبته: الطَّبَرَانِيّ، ولد سنة: 260هـ. روى عَن: الإِمَام أبي زرْعَة: عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي - ت 281هـ - وَالْإِمَام أبي عَليّ: بشر بن مُوسَى الْأَسدي - ت 288هـ -، وَالْإِمَام عبد الله بن الإِمَام أَحْمد - ت 290هـ -، وَالْإِمَام النَّسَائِيّ، وَغَيرهم. وروى عَنهُ: أَبُو خَليفَة: الْفضل بن الْحباب الجُمَحي ـ ت 305هـ ـ، وَالْإِمَام أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن يحيى بن مَنْده الْأَصْبَهَانِيّ، - ت 395هـ -، صَاحب كتابي الْإِيمَان، والتوحيد -، وَالْإِمَام أبي بكر: أَحْمد بن مُوسَى بن مَرْدُويه الْأَصْبَهَانِيّ - ت410 هـ -، وَالْإِمَام أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ،   1 - خص بِهَذَا التَّفْصِيل؛ لاحتوائه على أَحَادِيث كَثِيرَة، حَيْثُ تميز بهَا على سَائِر المؤلفات فِي معرفَة الصَّحَابَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 والمسند أبي بكر: مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن رِيْذَة الْأَصْبَهَانِيّ - ت 440هـ -، وَهُوَ مِمَّن روى مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير وَالصَّغِير1. وَهُوَ: الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الثبت مُسْند عصره، قَالَ أَبُو سعد: عبد الكريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ - ت 562هـ -: "حَافظ عصره، صَاحب الرحلة" 2، وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي: "أحد الْحفاظ المكثرين والرحالين"3، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "الإِمَام الْحَافِظ الثِّقَة الرَّحال الجوال، مُحدث الْإِسْلَام، علم المعمرين" 4، وَتُوفِّي سنة 360 هـ فَعَاشَ قرنا كَامِلا. التَّعْرِيف بمعجمه: أَولا: اسْم الْكتاب: المعجم الْكَبِير. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: معرفَة الصَّحَابَة بِذكر أَحْوَالهم وفضائلهم ومروياتهم - أَو بَعْضهَا - مرتبين ترتيباً معجمياً، قَالَ الطَّبَرَانِيّ: "هَذَا كتاب ألفْناه جَامع لعدد مَا انْتهى إِلَيْنَا مِمَّن روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرِّجَال وَالنِّسَاء، على حُرُوف ألف ب ت ث" 5. ثَالِثا: بَيَان شَرط مُؤَلفه فِيهِ: الْتزم الطَّبَرَانِيّ التَّرْتِيب المعجمي للصحابة من الرِّجَال وَالنِّسَاء، - إِضَافَة إِلَى مَا سبق - حَيْثُ يَقُول: "خرجت عَن كل وَاحِد مِنْهُم حَدِيثا وحديثين وَثَلَاثًا وَأكْثر من ذَلِك على حسب كَثْرَة روايتهم وقلتها، وَمن كَانَ من المقلين خرجت حَدِيثه أجمع، وَمن لم يكن لَهُ رِوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لَهُ ذكر من أَصْحَابه من اسْتشْهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو تقدم مَوته، ذكرته من   1 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء (177/595) . 2 - الْأَنْسَاب 9/35. 3 - تأريخ دمشق (4/366 ق) . 4 - سير أَعْلَام النبلاء (16/119) . 5 - المعجم الْكَبِير (1/51) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 كتب الْمَغَازِي وتاريخ الْعلمَاء، ليوقف على عدد الروَاة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم، وسنخرج مسندهم بالاستقصاء "، وَمِمَّا سبق يتَبَيَّن أَن الإِمَام الطَّبَرَانِيّ اشْترط مَا يَلِي: 1 - أَن يخرج عددا من مرويات كل صَحَابِيّ مكثر أَو متوسط، وَلم يخرج لأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي مُعْجَمه هَذَا؛ لِأَنَّهُ أفرده بِمُسْنَد مُسْتَقل نظرا لِكَثْرَة مروياته، يَقُول الذَّهَبِيّ: "لَيْسَ فِيهِ مُسْند أبي هُرَيْرَة، وَلَا استوعب حَدِيث الصَّحَابَة المكثرين"1، ويتنبه إِلَى أَنه لم يشْتَرط اسْتِيعَاب حَدِيث المكثرين. 2 - الْتزم باستيعاب مرويات المقلين من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم. 3 - الْتزم بإيراد أَسمَاء الصَّحَابَة الَّذين لَيست لَهُم رِوَايَة، وَعرف بهم، وَذكر فضائلهم - من مرويات غَيرهم -؛ لِأَن من أهداف تأليفه لهَذَا المعجم: معرفَة الصَّحَابَة. 4 - الْتزم بترتيب كل مَا سبق على حُرُوف المعجم. رَابِعا: بَيَان مشتملاته 2: 1 - عدد الصَّحَابَة الَّذين خَرَّج لَهُم الطَّبَرَانِيّ أَو أوردهم مترجماً بهم مَعَ التَّعْرِيف: "1600" صَحَابِيّ تَقْرِيبًا، وَلكنه قد يُورد الْمُخْتَلف فِي صحبته وينبه إِلَى ذَلِك، مثل صَنِيعه عِنْد مُسْند جُنْدُب بن كَعْب حَيْثُ يَقُول: "جُنْدُب بن كَعْب الْأَزْدِيّ: قد اخْتلف فِي صحبته"3، وَعدد مرويات الْكتاب المطبوع: "22021" حَدِيثا تَقْرِيبًا.   1 - سير أَعْلَام النبلاء 16/122 2 - سقط من الْكتاب المطبوع من مُعْجم الطَّبَرَانِيّ عدَّة مسانيد من مرويات العبادلة وَغَيرهم، وَقد ألحق الْمُحَقق بعد ذَلِك جُزْء يَسِيرا من هَذَا السقط، وَمَا زَالَت لَهُ بَقِيَّة لم تطبع، وَالْمَقْصُود أَن مَا يذكر بعد ذَلِك من وصف الْكتاب وَذكر مشتملاته إِنَّمَا هُوَ مَبْنِيّ على مَا فِي المطبوع. 3 - (2/177) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 2 - اشْتَمَل المعجم على الْمَرْفُوع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَكثر مرويات الْكتاب، وعَلى كثير من الْمَوْقُوف وَلَا سِيمَا أَنه يبْدَأ بالتعريف بالصحابي، وَيذكر بعض شمائله وفضائله وأقواله، وَمن ذَلِك مَا ذكر فِي مُسْند أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ1، ومسند عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ2 ومسند أبي عُبَيْدَة الْجراح رَضِي الله عَنهُ3، وَفِيه أَقْوَال التَّابِعين وَمن دونهم الْمُتَعَلّقَة بالتعريف بالصحابة رضوَان الله عَلَيْهِم، وَذكر صفاتهم وَنَحْوهَا، وَقد نبه إِلَى ذَلِك فِي مُقَدّمَة المعجم الْكَبِير بقوله: "وَمن لم يكن لَهُ رِوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ لَهُ ذِكر من أَصْحَابه من اسْتشْهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو تقدم مَوته، ذكرته من كتب الْمَغَازِي وتاريخ الْعلمَاء"4، وَهُوَ يروي كل ذَلِك بِالْإِسْنَادِ. 3 - اشْتَمَل المعجم على أَقْوَال الطَّبَرَانِيّ نَفسه بالتعريف بالصحابة، وَذكر أنسابهم، وبلدانهم، وسابقتهم، وتواريخ وفياتهم، وَهَذَا من الْأُمُور الَّتِي اعتنى بهَا الإِمَام الطَّبَرَانِيّ كثيرا، كَمَا اشْتَمَل الْكتاب أَيْضا على شرح الطَّبَرَانِيّ للغريب، وَمِنْه قَوْله: "الحش: الْبُسْتَان"5. 4 - اشْتَمَل المعجم على بَيَان اخْتِلَاف الروَاة فِي مروياتهم، حَيْثُ عُني الطَّبَرَانِيّ بِجمع طرق الحَدِيث الَّذِي يرويهِ، وَقد يبوب على ذَلِك، كَمَا صنع فِي مُسْند عبد الله بن مسعودرضي الله عَنهُ، حَيْثُ يَقُول: "الِاخْتِلَاف عَن الْأَعْمَش فِي ... "6، وَفِي مَوضِع آخر قَالَ: "الِاخْتِلَاف عَن الْأَعْمَش فِي حَدِيث عبد الله فِي صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى"7، وَغَيره8.   (1/59/377) . (1/72/84) . 3 - (1/156/365) . 4 - (1/51) . 5 - (1/79/109) . 6 - (10/138) . 7 - (10/141) . 8 - وَانْظُر: أَيْضا (10/143) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: رتب الطَّبَرَانِيّ المرويات على مسانيد الصَّحَابَة - فِي الْغَالِب -، ورتب الصَّحَابَة على حُرُوف المعجم – بعامة -، وقسمهم إِلَى رجال، وَنسَاء، وتفصيل ذَلِك كَمَا يَلِي: 1 - رتب المرويات على حسب مسانيد الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم - فِي الْغَالِب - وَلكنه يروي فِي مُسْند الصَّحَابِيّ، أَحَادِيث لَيست من رِوَايَته، وَذَلِكَ عِنْد التَّعْرِيف بِهَذَا الصَّحَابِيّ، وَذكر فضائله، وَعند بَيَان صُحْبَة من لَيست لَهُ رِوَايَة، وَهُوَ فِي أَكثر الْأَحْوَال، يَسُوق: مَا يتَعَلَّق بِنِسْبَة الصَّحَابِيّ، ثمَّ مَا يتَعَلَّق بِصفتِهِ، ثمَّ مَا يتَعَلَّق بسنِّه ووفاته، ثمَّ يبوب بقوله: "وَمِمَّا أسْند". 2 - تنوعت طَرِيقَته فِي تَرْتِيب مَا يسْندهُ وَيَرْوِيه الصَّحَابِيّ على أَحْوَال، مِنْهَا: أ - يصنف مرويات الصَّحَابِيّ على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة1. ب - يقسم مرويات الصَّحَابِيّ الْمُتَوَسّط الرِّوَايَة أَو مكثرها على تراجم من روى عَنْهُم، فَإِذا كَانَ ذَلِك الرَّاوِي عَن الصَّحَابِيّ مكثراً أَيْضا، قسم مروياته على حسب من روى عَن الرَّاوِي عَن الصَّحَابِيّ، وَمن ذَلِك: مَا صنع عِنْد مُسْند جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ، حَيْثُ قَالَ: "سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة " 2، ثمَّ قَالَ بعده: "سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سماك" وسَاق مرويات الثَّوْريّ من هَذَا الطَّرِيق3، وَيبدأ بِرِوَايَة الصَّحَابَة (الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء) عَن الصَّحَابَة، ثمَّ بِرِوَايَة التَّابِعين (الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء) عَن الصَّحَابَة، وَرُبمَا رتب تَابع التَّابِعين عَن الروَاة عَن   1 - وَمن أَمْثِلَة صَنِيعه ذَلِك فِي مرويات المقلين: 1/213 (والصحابي هُنَاكَ لَهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث) ، وَكَذَا 1/220، و1/225، وَأَيْضًا 1/226 (والصحابي هُنَا لَهُ حديثان فَقَط) ، وَمن أَمْثِلَة صَنِيعه كَذَلِك فِي مرويات المتوسطين: 1/129، 1/188، 1/214، 2/91، 2/276، 2/294، وَمن أَمْثِلَة صَنِيعه كَذَلِك فِي مرويات المكثرين: 1/160، 9/59. (2/216) . 3 - وَانْظُر أَيْضا: 1/282، 1/307، 25/17، 2/158، 2/195 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الصَّحَابَة على حسب الْبلدَانِ كَمَا صنع عِنْد مُسْند: سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ ترْجم بقوله: "مَا روى أَبُو حَازِم: سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد"1، ثمَّ ترْجم بقوله: "رِوَايَة الْمَدَنِيين عَن أبي حَازِم" وَبعد أَن سَاق مروياتهم، ترْجم بقوله: "المكيون عَن أبي حَازِم"2، وَبعد أَن سَاق مروياتهم، ترْجم بقوله: "رِوَايَة الْبَصرِيين عَن أبي حَازِم"3، وَكَذَا أَيْضا قَالَ: "رِوَايَة الْكُوفِيّين عَن أبي حَازِم"4. ج - يجمع فِي مرويات الصَّحَابِيّ بَين التصنيف على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة، وَبَين تَقْسِيم المرويات على حسب التراجم، وَمِنْه صَنِيعه عِنْد مُسْند جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ5 حَيْثُ قسَّم مروياته على حسب من روى عَنهُ، ثمَّ صنف أَحَادِيث هَؤُلَاءِ الروَاة عَن الصَّحَابِيّ، على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة6. د - أَحْيَانًا يبوب بِمَا يدل على اقْتِصَاره على غرائب مَا رَوَاهُ الصَّحَابِيّ، مثل صَنِيعه عِنْد مُسْند أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ، حَيْثُ يَقُول: "من غرائب مُسْند أبي ذَر" 7. 3 - بَدَأَ مسانيد الرِّجَال من الصَّحَابَة بمسانيد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ، وَقدم الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء رضوَان الله عَلَيْهِم، ثمَّ سَاق بَاقِي الصَّحَابَة، ورتبهم على حُرُوف المعجم، وَبَدَأَ بأصحاب الْأَسْمَاء ثمَّ بأصحاب الكنى، وَالنِّسَاء فِي   (6/129) . (6/175) . 3 - (6/180) . 4 - (6/190) . 5 - (2/112) . 6 - (2/118) ، وَكَذَا صنع فِي مُسْند جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ (2/201) ، وَجَرِير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ (2/2933) ، وَسَهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ (6/109، 112) ، ومسند سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ (7/197) ، ومسند عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا (133/177، 199) . 7 - (2/ 151) وَكَذَا صنع فِي مُسْند ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ (2 /91) ، ومسند جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ (2/182) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 قسم مُسْتَقل، فَبَدَأَ بمسانيد بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقدم مِنْهُنَّ: فَاطِمَة1، ثمَّ زَيْنَب2، ثمَّ رقية3، ثمَّ أم كُلْثُوم بَنَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَضي الله عَنْهُن، ثمَّ أُمَامَة بنت أبي الْعَاصِ4، وَهِي: بنت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أعقبهن بزوجات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقدم مِنْهُنَّ: خَدِيجَة5، ثمَّ عَائِشَة6 ثمَّ بَقِيَّة أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي الله عَنْهُن، وَقد قَالَ فِي مُقَدّمَة مسانيد النِّسَاء: "مَا انْتهى إِلَيْنَا من مُسْند النِّسَاء اللَّاتِي روين عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خرجت أسماءهن على حُرُوف المعجم، وبدأت ببنات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأزواجه لِئَلَّا يتقدمهن غَيْرهنَّ، وَكَانَت فَاطِمَة أَصْغَر بَنَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأحبهن إِلَيْهِ، فَبَدَأت بهَا لحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا"7، ثمَّ سَاق بَقِيَّة النِّسَاء على حُرُوف المعجم، وقسمهن كطريقته فِي تَقْسِيم الرِّجَال، إِلَّا أَنه زَاد فِي النِّسَاء: قسم للمبهمات من الصحابيات رضوَان الله عَلَيْهِنَّ. سادساً: طَريقَة تَخْرِيجه للْحَدِيث: يروي الطَّبَرَانِيّ الْأَحَادِيث بأنواعها - الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف وَغَيرهمَا - بِإِسْنَادِهِ إِلَى منتهاه. سابعاً: أهم مميزاته: 1 - يعْتَبر المعجم الْكَبِير للطبراني من مصَادر السّنة النَّبَوِيَّة الأصيلة ذَات الأهمية الجليلة. 2 - يعْتَبر من الموسوعات الْكَبِيرَة المسندة.   (22/396) . (22/424) . 3 - (22/435) . 4 - (22/438) . 5 - (22/444) . 6 - (22/334) . 7 - (22/33396) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 3 - اشتماله على كثير من الزَّوَائِد على الْكتب السِّتَّة. 4 - يُعَد من أبرز المصادر الأصيلة فِي معرفَة الصَّحَابَة، وَذكر أنسابهم ووفياتهم وفضائلهم. ثامناً: جهود أهل الْعلم فِي الْعِنَايَة بِهِ: طبع الْكتاب بتحقيق الْعَلامَة حمدي عبد الْمجِيد السلَفِي، وَقد نبه الْمُحَقق إِلَى أَنه سَقَطت قِطْعَة من مسانيد العبادلة، كَمَا يُوجد سقط فِي مَوَاضِع أخر فَاكْتفى بتحقيق مَا وجده، وَألْحق بِهِ فهارس متنوعة فِي آخر كل مُجَلد، ثمَّ استدرك الْمُحَقق (عَام 1415هـ) قِطْعَة1 تشْتَمل على عدَّة مسانيد من مرويات العبادلة، حَيْثُ تبدأ من أثْنَاء مرويات عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، وتنتهي بمرويات عبد الله أبي يزِيد الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ، وتحتوي على (475) حَدِيثا، وَلم يفهرس محتواها فِي كتاب مُعْجم مسانيد الحَدِيث لسامي التُوني. كَمَا حقق جُزءاً من الْقطعَة السَّابِقَة الشَّيْخ أَبُو معَاذ: طَارق بن عوض الله2، وَقد اشْتَمَلت على (242) حَدِيثا، إِلَّا أَن مَا أخرج الْعَلامَة حمدي السلَفِي أتم. وَإِلَى جَانب ذَلِك فقد عُني أهل الْعلم بتقريب أَحَادِيث المعجم ضمن أَحَادِيث مصَادر أُخْرَى، فَمِنْهَا تَرْتِيب أَحَادِيثه على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة، مثل كتاب كنز الْعمَّال3، للعلامة عَليّ بن حسام الدّين الْهِنْدِيّ - ت 975هـ -، وموسوعة الحَدِيث النَّبَوِيّ للدكتور عبد الْملك بن أبي بكر قَاضِي. وَمِنْهَا تَرْتِيب زَوَائِد أَحَادِيثه، مثل كتاب مجمع الزَّوَائِد ومنبع الْفَوَائِد للعلامة عَليّ بن أبي بكر الهيثمي - ت 807هـ -، وَهُوَ فِي الزَّوَائِد على الْكتب السِّتَّة، كَمَا أَن الإِمَام ابْن كثير فِي كِتَابه جَامع المسانيد وَالسّنَن، قد عُني بزوائد الطَّبَرَانِيّ   1 - طبعت مُسْتَقلَّة بدار الصميعي للنشر بالرياض، السويدي، الطبعة الأولى: 1415هـ. 2 - طبعتها: دَار الرَّايَة بالرياض. 3 - وَهُوَ تَرْتِيب لأحاديث جمع الْجَوَامِع للسيوطي الَّذِي يشْتَمل على عدَّة مصَادر، مِنْهَا المعجم الْكَبِير للطبراني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 إِلَّا أَنه رتبها على الْأَسَانِيد 1. وَمِنْهَا تَرْتِيب أَوَائِل أَلْفَاظ متون الْأَحَادِيث على حُرُوف المعجم، مثل كتاب موسوعة أَطْرَاف الحَدِيث النَّبَوِيّ الشريف، لأبي هَاجر: مُحَمَّد السعيد بن بسيوني، وفهارس المعجم الْكَبِير للطبراني، إعداد عدنان عرعور2، الَّذِي أورد أَيْضا فهرساً بترتيبها بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى دون ذكر المرويات3، وَمثله مُعْجم مسانيد كتب الحَدِيث لسامي التُوني4.   1 - انْظُر ص: (76) . 2 - طبع بدار الرَّايَة فِي الرياض، وَهُوَ فِي ثَلَاث مجلدات. 3 - (3/971) . 4 - توضيح جهودهم يطول، كَمَا أَنه يتَعَلَّق بطرق أُخْرَى من طرق التَّخْرِيج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 المبحث الثَّالِث: طَريقَة الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِيهِ: للبحث عَن مَوْضُوع الحَدِيث فِي مُعْجم الْكَبِير للطبراني عدَّة خطوَات، مِنْهَا: الأولى: أَن يُسْتَفَاد من إِسْنَاد وَمتْن الحَدِيث الَّذِي يُرَاد الْوُصُول إِلَى مظنته، مثل مَا روى سعيد الْمسيب عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِن الْمَيِّت يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ"، فبمعرفة اسْم الرَّاوِي الْأَعْلَى وَهُوَ: عبد الله بن عمر يُتوصل إِلَى مَظَنَّة مروياته دَاخل المعجم الْكَبِير؛ لِأَن الطَّبَرَانِيّ ذكره فِي حرف الْعين من الْأَسْمَاء فِي قسم الرِّجَال ونظراً لكبر حجم مُعْجم الطَّبَرَانِيّ فَيمكن أَن يُسْتَفَاد من أحد كتب المداخل والفهارس الَّتِي تسهل الْوُصُول إِلَى ذَلِك، مثل: مُعْجم مسانيد كتب الحَدِيث للتُوني حَيْثُ إِنَّه فهرس مُرَتّب بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى ترتيباً معجمياً دَقِيقًا، فَمن خلاله يُتعرف على بداية مرويات عبد الله بن عمر فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير، وبالاستفادة من الفهارس والمداخل الَّتِي تقرب محتوى المعجم يسهل الْوُصُول إِلَى الحَدِيث الْمَطْلُوب. الثَّانِيَة: أَن تُتجاوز المرويات الَّتِي يَسُوقهَا الطَّبَرَانِيّ فِي معرفَة نِسْبَة الصَّحَابِيّ وَنسبه وَصفته، وسنه، ووفاته، حَتَّى يتم الْوُصُول إِلَى مرويات الصَّحَابِيّ وَالَّتِي يبوب عَلَيْهَا الطَّبَرَانِيّ بقوله: "وَمِمَّا أسْند عبد الله بن عمر" فيبحث فِيهَا. الثَّالِثَة: أَن يُبحث عَن مرويات سعيد بن الْمسيب عَن عبد الله ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَمَا فِي السَّابِق؛ لِأَن ابْن عمر مكثر، وَقد قسّم الطَّبَرَانِيّ مرويات الصَّحَابَة المكثرين، بِحَسب من روى عَنْهُم لكنه لم يرتبهم على حُرُوف المعجم، وَلِهَذَا يلْزم الرُّجُوع إِلَى الفهرس الَّذِي أعده مُحَقّق مُعْجم الطَّبَرَانِيّ، فِي آخر المجلد الَّذِي تُوجد فِيهِ مرويات الصَّحَابِيّ، ويُبحث عَن مَوضِع مرويات سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عمر، فَإِذا عُرفت الصفحة الَّتِي تبين بداية مرويات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عمر، يتم الْبَحْث عندئذ عَن الحَدِيث الْمَذْكُور فِي مرويات سعيد ابْن الْمسيب عَن ابْن عمر، حَتَّى يتَوَصَّل إِلَيْهِ. وَمن الجدير بِالذكر أَنه يُمكن الْوُصُول إِلَى أَحَادِيثه عَن طَرِيق مَتنه كأوائل أَلْفَاظه أَو مَوْضُوعه، من خلال الفهارس والكتب الَّتِي عُنيت بترتيبه على هَذَا النَّحْو، وتوضيحه فِي طرق التَّخْرِيج بِوَاسِطَة الْمَتْن، فَإِذا عثر على الحَدِيث الْمَطْلُوب يتم تَخْرِيجه بالعزو إِلَى المعجم وفْق الأسلوب التوثيقي الْمَعْلُوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 الْفَصْل الثَّالِث: التَّخْرِيج من طَرِيق الْأَطْرَاف الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى: المبحث الأول: التَّعْرِيف بالأطراف: الْمطلب الأول: مَعْنَاهَا: ... المبحث الأول: التَّعْرِيف بالأطراف الْمطلب الأول: مَعْنَاهَا: لُغَة: الْأَطْرَاف جمع طَرَف، وَهُوَ: نَاحيَة الشَّيْء، قَالَ ابْن السِّكيت: "الطَّرَف: النَّاحِيَة من النواحي"1، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: "الطَّرَف بِالتَّحْرِيكِ: النَّاحِيَة من النواحي، والطائفة من الشَّيْء"2، وأطراف الأَرْض: نَوَاحِيهَا3، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} 4. اصْطِلَاحا: الْأَطْرَاف جمع طرف، وَهُوَ: الْجُزْء من متن الحَدِيث الدَّال على بَقِيَّته مَعَ ذكر طرقه، يَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "أَو يجمعه على الْأَطْرَاف، فيذكر طرف الحَدِيث الدَّال على بَقِيَّته، وَيجمع أسانيده، إِمَّا مستوعباً وَإِمَّا متقيداً بكتب مَخْصُوصَة"5، وَيَقُول مُحَمَّد بن جَعْفَر الكتاني عَنْهَا: "هِيَ: الَّتِي يقْتَصر فِيهَا على ذكر طرف الحَدِيث الدَّال على بَقِيَّته مَعَ الْجمع لأسانيده، إِمَّا على سَبِيل الِاسْتِيعَاب أَو على جِهَة التقيد بكتب مَخْصُوصَة"6.   1 - تَهْذِيب اللُّغَة للأزهري، مَادَّة: طرف 13/319. 2 - الصِّحَاح، مَادَّة: طرف 4/1393. 3 - تَهْذِيب اللُّغَة للأزهري، مَادَّة: طرف 13/319. 4 - آيَة 41 من سُورَة الرَّعْد. 5 - نخبة الْفِكر 209، وَهَذَا الْمَعْنى ذكره أَيْضا: السخاوي فِي فتح المغيث 3/322، وزَكَرِيا الْأنْصَارِيّ فِي فتح الْبَاقِي 2/247، والسيوطي فِي تدريب الرَّاوِي 2/155، والصنعاني فِي توضيح الأفكار 2/390. 6 - الرسَالَة المستطرفة 168. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 الْمطلب الثَّانِي: نشأتها: يعْتَبر فن كِتَابَة أَطْرَاف الحَدِيث من الْفُنُون الَّتِي عرفهَا متقدمو الْمُحدثين، فقد قَالَ أَبُو خَيْثَمَة: زُهَيْر بن حَرْب - ت 234هـ -: "ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم - النَّخعِيّ - قَالَ: لَا بَأْس بِكِتَابَة الْأَطْرَاف"1 2، وَقد بَين ابْن حجر الْمَقْصُود بذلك فَقَالَ: "عَنى بذلك مَا كَانَ السّلف يصنعونه من كِتَابَة أَطْرَاف الْأَحَادِيث ليذاكروا بهَا الشُّيُوخ فيحدثوهم بهَا". وَقد ألّف فِيهَا أهل الحَدِيث كتبا مُتعَدِّدَة، مثل: 1 - أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ، لأبي مَسْعُود: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد الدِّمَشْقِي – ت 401هـ -. 2 - أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ، لأبي مُحَمَّد: خلف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حمدون الوَاسِطِيّ - ت 401هـ -، وَقَالَ الذَّهَبِيّ عَنهُ: "هُوَ أقل أوهاماً من أَطْرَاف أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي"3. 3 - أَطْرَاف الْكتب السِّتَّة، لِلْحَافِظِ أبي الْفضل: مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي، الْمَعْرُوف بِابْن القيسراني - ت 507هـ -، وَقَالَ الذَّهَبِيّ عَنهُ: "قَالَ ابْن عَسَاكِر: أَخطَأ فِي مَوَاضِع خطأ فَاحِشا"4.   1 - كتاب الْعلم 32. 2 - إِسْنَاده صَحِيح قَالَه الْحَافِظ ابْن حجر فِي مُقَدّمَة كِتَابه إتحاف المهرة 1/158. 3 - تذكرة الْحفاظ 1068. 4 - سير أَعْلَام النبلاء 19/364. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 4 - أَطْرَاف الغرائب والأفراد1، لِابْنِ القيسراني الْمَقْدِسِي أَيْضا 2. 5 - الإشراف على معرفَة الْأَطْرَاف، لِلْحَافِظِ ابْن عَسَاكِر، وَهُوَ فِي أَطْرَاف السّنَن الْأَرْبَعَة. 6 - أَطْرَاف السِّتَّة، لأبي بكر: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْمصْرِيّ الْقُسْطَلَانِيّ - ت 686هـ3.   1 - كتاب: ((الْأَفْرَاد والغرائب من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)) ، ويُسمى أَيْضا: ((الْفَوَائِد الْأَفْرَاد)) ، لِلْحَافِظِ أبي الْحسن: عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ – ت385هـ -، وَهُوَ فِي مائَة جُزْء، قَالَه ابْن حجر (فِي المعجم المُفهرس 985) ، وَيُوجد بعضه مخطوطاً فِي دَار الْكتب بِالْقَاهِرَةِ برقم (1558، 1/409) ورقم (341 ضمن مَجْمُوع) ، وَفِي الظَّاهِرِيَّة بِدِمَشْق (ضمن مَجْمُوع 25/1، 56/1) . وَهَذَا الْكتاب غير مُرَتّب، فَلَا يُمكن الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِيهِ إِلَّا بعد مشقة وتعب، فَقَامَ الْحَافِظ ابْن القيسراني الْمَقْدِسِي بِاخْتِصَار أسانيده ومتونه، وترتيب أَطْرَافه بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَجعله فِي خَمْسَة فُصُول، فالفصل الأول مِنْهَا: فِي مسانيد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ – رضوَان الله عَلَيْهِم -، وَالثَّانِي: فِي مسانيد أَصْحَاب الْأَسْمَاء من الصَّحَابَة – رضوَان الله عَلَيْهِم -، وَالثَّالِث: فِي أَصْحَاب الكني مِنْهُم – رضوَان الله عَلَيْهِم -، وَالرَّابِع: فِي مسانيد النِّسَاء الصحابيات - رضوَان الله عَلَيْهِنَّ -، وابتدأها بصاحبات الْأَسْمَاء ثمَّ الكني، وَالْخَامِس: فِي الْمَرَاسِيل والمبهمين، ورتب الْفُصُول الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة بِحَسب حُرُوف المعجم مراعياً الْحَرْف الأول فَقَط، وَقسم مرويات المكثرين بِحَسب من روى عَنْهُم، ورتب هَؤُلَاءِ الروَاة على حُرُوف المعجم مراعياً الْحَرْف الأول. 2 - وَهُوَ مطبوع فِي دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1419هـ، بتحقيق: مَحْمُود مُحَمَّد مَحْمُود حسن نصار وَالسَّيِّد يُوسُف، كَمَا قَامَ بتحقيقه مَجْمُوعَة من طلاب الدراسات الْعليا فِي جَامِعَة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية، قسم السّنة وعلومها بالرياض. 3 - ذكره ابْن حجر فِي إتحاف المهرة 1/158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 7 - تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف للْإِمَام المِزِّي1. 8 - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أَطْرَاف الْعشْرَة، لِلْحَافِظِ ابْن حجر2. 9 - إطراف المسْنِد المعتلي بأطراف المُسنَد الْحَنْبَلِيّ، لِلْحَافِظِ ابْن حجر. 10 - ذخائر الْمَوَارِيث فِي الدّلَالَة على مَوَاضِع الحَدِيث، للعلامة عبد الْغَنِيّ ابْن إِسْمَاعِيل بن عبد الْغَنِيّ الْحَنَفِيّ الدِّمَشْقِي الطرابلسي - ت1143هـ -، وَهُوَ فِي أَطْرَاف الْكتب السِّتَّة، وموطأ الإِمَام مَالك من رِوَايَة يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ، وَهُوَ مُخْتَصر جدا.   1 - سَيَأْتِي التَّعْرِيف بِهِ - إِن شَاءَ الله - فِي ص: 62. 2 - سَيَأْتِي - إِن شَاءَ الله - التَّعْرِيف بِهِ فِي ص: 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الْمطلب الثَّالِث: فوائدها: لكتب الْأَطْرَاف فؤائد نافعة للباحثين بِخَاصَّة، وَمِنْهَا: 1 - تُقرب الْمَادَّة العلمية الَّتِي اشْتَمَلت عَلَيْهَا المصادر الأصيلة المسندة، من مرويات وَنَحْوهَا، فَهِيَ تبين مظان الحَدِيث فِي المصادر الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا الْكتاب الْمُؤلف فِي الْأَطْرَاف. 2 - تفِيد فِي معرفَة طرق حَدِيث كل صَحَابِيّ، فِي مَكَان وَاحِد مجتمعة، وَمَا يتبع ذَلِك من تَسْمِيَة الروَاة، وَمَعْرِفَة الروَاة عَن الْمُخْتَلطين، ومرويات المدلسين، والمتابعات الَّتِي ينجبر بهَا الْإِسْنَاد، والطرق والاختلافات الَّتِي يُعل بهَا الْإِسْنَاد والْحَدِيث. 3 - معرفَة الْغَرِيب الْمُطلق والمقيد من الْأَسَانِيد. 4 - معرفَة فوارق النّسخ المخطوطة الَّتِي اعْتمد عَلَيْهَا مؤلف الْأَطْرَاف، ومقارنة ذَلِك بالمطبوع، وَالْوُقُوف على زيادات رُوَاة الْمصدر الْأَصْلِيّ بَعضهم على بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بأشهر المؤلفات فِيهَا: الْمطلب الأول: تحفة الْأَشْرَاف، للْإِمَام المِزِّي: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ المِزِّي: هُوَ: يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي، أَبُو الْحجَّاج، واشتهر بنسبته: المِزِّي، بِكَسْر الْمِيم، وَتَشْديد الزَّاي الْمَكْسُورَة، نِسْبَة إِلَى قَرْيَة كَبِيرَة من قرى دمشق1، وَولد سنة: 654هـ. وَمن شُيُوخه: الإِمَام النَّوَوِيّ، والحافظ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي الْفَخر ابْن البُخَارِيّ - ت 690هـ -، وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، وَالْإِمَام أبي مُحَمَّد: الْقَاسِم بن مُحَمَّد البِرْزالي - ت 739هـ -، وَالْإِمَام الذَّهَبِيّ، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة الْأَوَاخِر هم من شُيُوخه وتلاميذه فِي الْوَقْت نَفسه حَيْثُ أَخذ عَنْهُم وَأخذُوا عَنهُ. وَمن تلاميذه: الْعَلامَة أَبُو الْفَتْح: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد - صَحَّ ثَلَاث - ابْن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّافِعِي بن سَيِّد النَّاس اليَعْمَري - ت734هـ -، وَالْإِمَام أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الهادي - ت744هـ - والعلامة تَقِيّ الدّين عَليّ بن عبد الْكَافِي السُّبُكي الْمصْرِيّ - ت 756هـ -، والحافظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن كَيْكَلْدي العلائي - ت761هـ -، والحافظ مُغُلْطَاي بن قِلِيج2 الْحَنَفِيّ، - ت 762هـ -، وصهره الإِمَام الْحَافِظ ابْن كثير.   1 - انْظُر: الْأَنْسَاب للسمعاني (12/234) ، ومعجم الْبلدَانِ لياقوت بن عبد الله الْحَمَوِيّ (5/ 144) ، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه لِلْحَافِظِ ابْن حجر (4/1359) . 2 - وَمَعْنَاهُ: السَّيْف باللغة التركية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وَهُوَ: الإِمَام الْحَافِظ السلَفِي الْمَشْهُور، تأثر بشيخ الْإِسْلَام ابْن تيميَّة وَنَصره، فآذاه أهل الْبدع أذية شَدِيدَة، وَقد شهد بإمامته الْكثير، يَقُول السُّبُكي: "حَافظ زَمَاننَا، حَامِل راية السّنة وَالْجَمَاعَة، ... إِمَام حَافظ"1، وَقَالَ ابْن سَيِّد النَّاس اليَعْمَري: "وجدت بِدِمَشْق الْحَافِظ المقدَّم، وَالْإِمَام الَّذِي فاق من تَأَخّر وَتقدم ... بَحر الْعلم الزاخر الْقَائِل من رَآهُ: كم ترك الْأَوَائِل للأواخر"2، وَيَقُول ابْن عبد الْهَادِي: "شَيخنَا الإِمَام الْحَافِظ الْحجَّة النَّاقِد الأوحد البارع مُحدث الشَّام وَكَانَ إِمَامًا فِي السّنة، مَاشِيا على طَريقَة سلف الْأمة"3، وَيَقُول الذَّهَبِيّ: "الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ النَّاقِد الْمُحَقق الْمُفِيد مُحدث الشَّام … إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي معرفَة الرِّجَال وطبقاتهم"4، وَتُوفِّي سنة: 742 هـ. التَّعْرِيف بكتابه تحفة الْأَشْرَاف: أَولا: اسْمه: تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف، حَيْثُ يَقُول المِزِّي: "وسميته: تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف"5، وَقد وَردت هَذِه التَّسْمِيَة فِي كَلَام أهل الْعلم مِنْهُم: ابْن حجر6، والذهبي7 وَغَيرهمَا، وَيرد عِنْد بعض أهل الْعلم اختصاراً باسم: "الْأَطْرَاف".   1 - طَبَقَات الشَّافِعِيَّة 10/395. 2 - كَمَا فِي: فَوَات الوفيات 4/354. 3 - طَبَقَات عُلَمَاء الحَدِيث 4/275. 4 - المعجم الْمُخْتَص بالمحدثين 299. 5 - مقدمته (1/5) . 6 - النكت الظراف على الْأَطْرَاف (1/4) ، وَكتابه إتحاف المهرة 1/158. 7 - تذكرة الْحفاظ (4/1498) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 ثَانِيًا: مَوْضُوعه: الدَّالَّة على مَوَاضِع مرويات الْكتب السِّتَّة ولواحقها، من خلال ذكر أطرافها المُرتَّبة على الرَّاوِي الْأَعْلَى ترتيباً معجمياً. ثَالِثا: مكانته وثناء أهل الْعلم عَلَيْهِ: يَقُول ابْن عبد الْهَادِي عَن المِزِّي: "صَنَّف كتاب تَهْذِيب الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال فِي مئتين وَخمسين جُزْءا، وَهُوَ كتاب حافل عديم النّظر، وَكتاب الْأَطْرَاف فِي سِتَّة وَثَمَانِينَ جُزْءا، وأوضح فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ مشكلات لم يسْبق إِلَيْهَا"1، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "إِن من الْكتب الجليلة المصنَّفة فِي عُلُوم الحَدِيث كتاب تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف تأليف شيخ شُيُوخنَا الْحَافِظ أبي الْحجَّاج: يُوسُف بن الزكي عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف المِزِّي، وَقد حصل الِانْتِفَاع بِهِ شرقاً وغرباً، وتنافس الْعلمَاء فِي تَحْصِيله بعدا وقرباً"2، وَيَقُول أَيْضا عَنهُ: "كثر النَّفْع بِهِ"3. رَابِعا: مشتملاته: أَفَادَ الْحَافِظ المِزِّي من مؤلفات سابقيه فِي الْأَطْرَاف، وَزَاد عَلَيْهِم، وبَيَّن مَا وَجَد فِي كتبهمْ من أَوْهَام وأخطاء، وَنبهَ إِلَى ذَلِك فِي مُقَدّمَة كِتَابه تحفة الْأَشْرَاف فَقَالَ: "مُعْتَمدًا عَامَّة ذَلِك على: كتاب أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي4، وَكتاب خلف الوَاسِطِيّ5 فِي أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ، وعَلى كتاب أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر6 فِي   1 - طَبَقَات عُلَمَاء الحَدِيث (4/276) . 2 - النكت الظراف على الْأَطْرَاف (1/4) . 3 - إتحاف المهرة (1/158) . 4 - هُوَ: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد الْحَافِظ المجود البارع - ت 401هـ -، انْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد 6/172، وَتَذْكِرَة الْحفاظ 3/1068، وسير أَعْلَام النبلاء 17/227. 5 - هُوَ: خلف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حمدون الْحَافِظ النَّاقِد - ت 401هـ -، انْظُر: أَخْبَار أَصْبَهَان 1/130، وتاريخ بَغْدَاد 8/334، وسير أَعْلَام النبلاء 17/260. 6 - هُوَ: عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الدِّمَشْقِي، الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْكَبِير المجود مُحدث الشَّام وَصَاحب ((تَارِيخ دمشق)) ، - ت 571 هـ -، انْظُر: المنتظم، لِابْنِ الْجَوْزِيّ 10/261، والمستفاد من ذيل تَارِيخ بَغْدَاد 186، وسير أَعْلَام النبلاء 20/544 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 كتب السّنَن"1. وَقد اشْتَمَل الْكتاب على جمع جمّ غزير من المحتويات الجليلة على هَذَا النَّحْو: 1 - اشْتَمَل على الْكتب السِّتَّة ولواحقها2، وزوائد ألحقها المِزِّي نَفسه بهَا، واستخدم العلامات3 فِي الْعزو إِلَى المصادر، كَمَا يَلِي: صَحِيح الإِمَام البُخَارِيّ "خَ"، وَمَا اسْتشْهد بِهِ تَعْلِيقا: "خت"، وصحيح مُسلم ومقدمته: "م"، وَسنَن أبي دَاوُد: "د"، وَمَا أخرجه فِي الْمَرَاسِيل: "مد"، وجامع التِّرْمِذِيّ: "ت"، وَمَا أخرجه فِي الشَّمَائِل: "تمّ"، وَالسّنَن الصُّغْرَى والكبرى للنسائي: "س"، وَمَا أخرجه فِي كتاب "عمل يَوْم وَلَيْلَة": " سي "، وَسنَن ابْن مَاجَه: "ق"، وَمَا رَوَاهُ هَؤُلَاءِ السِّتَّة: "ع"، وَزَاد على ذَلِك: أَحَادِيث يذكرهَا، وعلامتها: "ز"، وَقد نبه إِلَى استدراكاته على الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر، بِحرف: "كـ" وَهُوَ الْكَاف. 2 - عدد أَحَادِيث الْكتاب (19595) حَدِيثا مَعَ المكررات، وَعدد مسانيده (1395) ، مِنْهَا (995) مُسْندًا للصحابة رجَالًا وَنسَاء رضوَان الله عَلَيْهِم، وَالْبَاقِي (400) من مَرَاسِيل التَّابِعين وَمن بعدهمْ4. 3 - يعْتَبر مدخلًا ومقرباً للمادة الحديثية فِي الْكتب السِّتَّة ولواحقها، وَلِهَذَا فقد اشْتَمَل على الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف والمرسل والمقطوع تبعا لما احتوته هَذِه المصادر، وَقد أفرد المِزِّي قسما خَاصّا للمراسيل فِي آخر تحفة الْأَشْرَاف.   1 - (1/4) . 2 - كَمَا نبه إِلَى ذَلِك (فِي مُقَدّمَة تحفة الْأَشْرَاف 1/3) . 3 - الرموز. 4 - انْظُر مُقَدّمَة محققه: عبد الصَّمد شرف الدّين (1/13) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 4 - اعتنى المِزِّي بالعلل وَاخْتِلَاف الروَاة عناية كَبِيرَة، وَمِثَال ذَلِك قَوْله عَن حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ: "هَكَذَا روى غير وَاحِد عَن الْأَعْمَش، وروى الثَّوْريّ وَغَيره هَذَا الحَدِيث عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مُرْسلا 1"2. 5 - اشْتَمَل على أَقْوَال المِزِّي فِي عدَّة فنون، وَمن ذَلِك: تَرْجَمَة الرَّاوِي الْأَعْلَى فِي بداية كل مُسْند، كَمَا يترجم أَحْيَانًا لبَعض الروَاة أثْنَاء إِيرَاد طرقهم كَقَوْلِه: "سعيد بن عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن عبد الْملك أَبُو عُثْمَان الْبَغْدَادِيّ، نزيل أنطاكية"3، وَقَوله فِي أثْنَاء حَدِيث: "عَن أبي وهب الْجُشَمِي، وَكَانَت لَهُ صُحْبَة4"5، وتسميته وتعريفه للرواة الَّذين يقسم عِنْدهم مرويات المكثرين، وَحكمه أَحْيَانًا على بعض الروَاة كَقَوْلِه: "إِسْحَاق بن عمر - أحد المجاهيل - عَن عَائِشَة"6، وَبَيَانه لأوهام من سبقه فِي التَّأْلِيف على الْأَطْرَاف، كَقَوْلِه: "هَذَا وهم من أبي الْقَاسِم - رَحمَه الله - فَإِن الْكَلَام على حَدِيث النَّضر بن شُمَيْل، إِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيث: قيس بن سعد عَن عَطاء7"8، وَهُوَ يَسُوق ذَلِك بأدب جم، كَقَوْلِه: "قد وهما جَمِيعًا فِي ذَلِك، وَالله يغْفر لنا وَلَهُمَا بفضله وَرَحمته9"10، وَبَيَانه لأوهام رُوَاة الْكتب السِّتَّة ولواحقها كَقَوْلِه: "وَقع فِي بعض النّسخ: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَهُوَ وهم"11، وَبَيَانه لزيادات رُوَاة   (11/359/15949) . 2 - وَانْظُر أَيْضا:11/363/ 15997، و11/375/16006، و1/55. 3 - عِنْد حَدِيث رقم (15913، 11/347) . 4 - (15519، 11/113) . 5 - وَانْظُر أَيْضا: 11/202/15666، و11/428/16165. 6 - فِي 11/350/15922. 7 - (11/354/15940) . 8 - وَانْظُر أَيْضا:11/366/15973، 11/378/16014، 11/383/16032. 9 - (11/378/16014) . 10 - وَانْظُر أَيْضا: (11/286/15802) . 1 - (11/345/15910) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الْكتب السِّتَّة ولواحقها، كَقَوْلِه مثلا: "حَدِيث: س، فِي رِوَايَة ابْن الْأَحْمَر1 وَلم يذكرهُ أَبُو الْقَاسِم"2، وَبَيَانه لكَلَام الْأَئِمَّة على الحَدِيث وَلَا سِيمَا فِي هَذِه المصادر الَّتِي صنع أطرافها، وَمِنْه قَوْله: "قَالَ أَبُو دَاوُد: إِبْرَاهِيم لم يسمع من عَائِشَة"3، وَشَرحه لما يحْتَاج إِلَى توضيح من عِبَارَات الروَاة، وَمن ذَلِك مَا جَاءَ عِنْد النَّسَائِيّ فِي الْكُبْرَى: "وَفِيه قَالَ شُرَيْح: إِنِّي أهم أَن أضربك بِهَذَا الْقوس" قَالَ المِزِّي بعده: "على سَبِيل الْإِنْكَار لذَلِك"، وَبَيَانه لأحاديث النّسخ والمتون الْمُقطعَة: كَقَوْلِه: "هُوَ طرف من حَدِيث تقدم"4، وَكَثِيرًا مَا يسْتَدرك المِزِّي هَذَا على الْحَافِظ أبي الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر الَّذِي كَانَ ألف فِي أَطْرَاف السّنَن قَبله. خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: قسم المِزِّي الْكتاب إِلَى قسمَيْنِ: المسانيد، والمراسيل، ورتبه بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى معجمياً، على هَذَا النَّحْو: 1 - جعل المسانيد على نَوْعَيْنِ: الأول: مسانيد الرِّجَال وابتدأها بأصحاب الْأَسْمَاء، ثمَّ الكنى، ثمَّ المبهمين، ورتبهم بِحَسب من روى عَنْهُم. الثَّانِي: مسانيد النِّسَاء وابتدأها بصاحبات الْأَسْمَاء، ثمَّ الكنى، ثمَّ بالمبهمات، ورتبهن أَيْضا بِحَسب من روى عَنْهُن. ورتب الْمَرَاسِيل كطريقة تَرْتِيب المسانيد، ويوضح ذَلِك مَا يَلِي:   1 - هُوَ: مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة بن عبد الرَّحْمَن الْأمَوِي المرواني الْقُرْطُبِيّ، أبوبكر الْحَافِظ الثِّقَة مُحدث الأندلس، أشهر رُوَاة السّنَن الْكُبْرَى للنسئي، وَهُوَ الَّذِي أَدخل السّنَن الْكُبْرَى إِلَى الأندلس، وَمَات سنة: 358هـ، انْظُر: بغية الملتمس لِأَحْمَد بن يحيى ابْن عميرَة الضَّبِّيّ، 116. 2 - (1/8/1) . 3 - (11/348/15915) . 4 - (11/353/15933) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 2 - رتب مرويات المكثرين على التراجم بِحَيْثُ يقسم مرويات المكثر عِنْد مُسْنده بِحَسب الروَاة عَنهُ من الصَّحَابَة أَو التَّابِعين، فَإِن كَانَت أَحَادِيث هَؤُلَاءِ عَنهُ كَثِيرَة، قسمهَا بدورها بِحَسب من روى عَنْهُم، وَهَكَذَا من بعدهمْ، إِذا كَانَت مروياتهم كَثِيرَة، وَرُبمَا وصل فِي التَّقْسِيم إِلَى الطَّبَقَة الرَّابِعَة أَو الْخَامِسَة من الأتباع، كصنيعه فِي الكنى عِنْد مُسْند أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ بوب بقوله: "وَمن مُسْند أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم"1، ثمَّ قسم مروياته على حسب الروَاة عَنهُ؛ لِأَنَّهُ مكثر، وَبَوَّبَ بذلك، فَقَالَ: "إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل عَن أبي هُرَيْرَة" وسَاق أَحَادِيث إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل عَن أبي هُرَيْرَة، وَعند ذكره لمرويات حميد بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قسم مرويات حميد على حسب من روى عَنهُ، وَبَوَّبَ فَقَالَ: "سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عَمه حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة"2 وسَاق مروياته، وَهَكَذَا ذكر غَيره من الروَاة عَن حميد بن عبد الرحمن الزُّهْرِيّ، وَعند ذكره لمرويات أبي صَالح:   (9/292) . (9/325) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 ذكْوَان السمان عَن أبي هُرَيْرَة1، قسم مرويات أبي صَالح على حسب من روى عَنهُ، وَعند ذكر أحدهم، وَهُوَ سُلَيْمَان الْأَعْمَش، قسم مروياته أَيْضا وَبَوَّبَ بذلك فَقَالَ: "سُلَيْمَان الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة"2، ثمَّ سَاق مرويات إِبْرَاهِيم هَذَا، ثمَّ بوب بقوله: "أَسْبَاط بن مُحَمَّد، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة" وسَاق مروياته، وَهَكَذَا، ورتب جَمِيع ذَلِك على حُرُوف المعجم مبتدءاً بأصحاب الْأَسْمَاء، ثمَّ الكنى، ثمَّ المبهمين، وَيقدم الرِّجَال ثمَّ النِّسَاء. 3 - عِنْد إِيرَاده للمرويات دَاخل كل تَرْجَمَة يبْدَأ أَولا بالأحاديث الَّتِي كثر مخرجوها من أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة ولواحقها، بِحَيْثُ يبْدَأ بِمَا رَوَاهُ السِّتَّة، ثمَّ بِمَا رَوَاهُ الْخَمْسَة وَهَكَذَا، وَيعْتَبر فِي ذَلِك المكانة العلمية للمصدر بِمَعْنى أَنه يقدم مَا روى البُخَارِيّ وَمُسلم على مَا رَوَاهُ الْأَرْبَعَة أَصْحَاب السّنَن، وَهَكَذَا يصنع فِي مصَادر الحَدِيث الْوَاحِد. ويسوق فِي كل حَدِيث طرقه عِنْد أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، على طَريقَة المخرجين بالمقارنة بَين الطّرق، وَبَيَان مداراتها، والمقارنة بَين الْأَلْفَاظ دون حَاجَة إِلَى الإطالة بِذكر صِيغ الْأَدَاء، وألفاظ الْمُتُون، كَمَا صنع عِنْد ذكره لمرويات: شُعْبَة بن الْحجَّاج، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ ذكر من مرويات شُعْبَة: حَدِيث "اعتدلوا فِي السُّجُود، وَلَا يبسط أحدكُم ذِرَاعَيْهِ ... " وَقَالَ: "خَ فِي الصَّلَاة عَن بنْدَار، وم فِيهِ عَن بنْدَار وَأبي مُوسَى كِلَاهُمَا عَن غُنْدر، وَعَن أبي بكر، عَن وَكِيع، وَعَن يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ عَن خَالِد بن الْحَارِث، د فِيهِ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ت فِيهِ عَن مُحَمَّد بن غيلَان عَن أبي دَاوُد، س فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود فرقهما وَكِلَاهُمَا عَن خَالِد بن الْحَارِث، خمستهم عَنهُ بِهِ"3، وعود الضَّمِير فِي قَوْله: "فِيهِ" على كتاب الصَّلَاة، الَّذِي تقدم ذكره، وَيعود فِي قَوْله: "خمستهم"،   1 - (9/341) . 2 - (9/364) . 3 - (1/321) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 على: غُنْدر، ووكيع، وخَالِد بن الْحَارِث، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَأبي دَاوُد، وَفِي قَوْله: "عَنهُ"، على شُعْبَة، وَهُوَ الَّذِي بوب المرويات باسمه، وَفِي قَوْله: "بِهِ" على بَقِيَّة الْإِسْنَاد الْمَذْكُور عِنْد التَّبْوِيب عَن شُعْبَة حَيْثُ إِنَّه: عَن قَتَادَة عَن أنس وعَلى الحَدِيث أَيْضا، يُوضح ذَلِك مَا يَلِي: 4 - يحِيل المِزِّي فِي الكنى على مَا ذكر فِي الْأَسْمَاء، وَالْعَكْس، وَمن ذَلِك قَوْله فِي الكنى: "أَبُو بكر الصّديق، واسْمه عبد الله بن عُثْمَان، تقدم فِي حرف الْعين"1،   (9/130) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَكَقَوْلِه عِنْد تَرْجَمَة خرَاش أبي سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "يَأْتِي فِي الكنى"1، وَكَذَا يحِيل فِي الْمَعْرُوف بلقبه على اسْمه، كَقَوْلِه "الأشجع الْمصْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اسْمه الْمُنْذر، يَأْتِي فِي حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله"2، ويُحيل عِنْد مَنْ حَدَثَ وَهْمٌ فِي اسْمه كَقَوْلِه: "خَالِد العداء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هُوَ وهم سَيَأْتِي فِي مُسْند العداء بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم"3، ويُحيل أَيْضا عِنْد ذكر أَطْرَاف الحَدِيث على الْمُتَقَدّم والمتأخر، وَمن ذَلِك: قَوْله عِنْد ذكر أَسَانِيد حَدِيث: "سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله"4، وَفِي مَوضِع آخر قَالَ: "رَوَاهُ خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان، عَن حُصَين، عَن هِلَال، عَن زَاذَان، عَن عَائِشَة، وَسَيَأْتِي"5 سادساً: طَرِيقَته فِي تَخْرِيج الحَدِيث، وَبَيَان مَوْضِعه: يَعْزُو الْحَافِظ المِزِّي إِلَى المصادر السِّتَّة ولواحقها، بعلامة6 وَضعهَا لكل وَاحِد مِنْهَا، ثمَّ: يبين مَوضِع الحَدِيث بِذكر اسْم الْكتاب التفصيلي (كتاب الصَّلَاة، أَو الصّيام، أَو الزَّكَاة، أَو النِّكَاح) دَاخل هَذِه المصادر الَّتِي يوردها بالعلامات الَّتِي تقدم ذكرهَا، وَقد أضَاف عبد الصَّمد شرف الدّين فِي تَحْقِيقه بَين قوسين (13: 6) رقم الْبَاب، والْحَدِيث عِنْد كل مَوضِع يَعْزُو إِلَيْهِ المِزِّي، فالرقم الْوَاحِد: (17) رقم: الْبَاب، مَا عدا صَحِيح مُسلم، فَفِيهِ الرقم الْمُنْفَرد للْحَدِيث، كَمَا أضَاف الدكتور: بشار عواد فِي تَحْقِيقه رقم الْجُزْء، والصفحة، والْحَدِيث فِي أشهر طبعات الْكتب السِّتَّة ولواحقها. سابعاً: أهم مميزاته:   1 - (3/120) . 2 - (1/76) . 3 - (3/110) . 4 - (11/347/15914) . 5 - (15575) . 6 - رمز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 1 - معرفَة حَدِيث الصَّحَابِيّ أَو الرَّاوِي الْأَعْلَى عِنْد أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة ولواحقها، وَهَذَا لَهُ فَوَائده المتعددة الْمُتَعَلّقَة بِالْإِسْنَادِ والمتن، من تَسْمِيَة الروَاة، وَمَعْرِفَة اتِّصَال أسانيدهم، وزوائدهم الإسنادية والمتنية. 2 - معرفَة الْأَسَانِيد الَّتِي احْتج بهَا البُخَارِيّ وَمُسلم على صُورَة الِانْفِرَاد، وعَلى صُورَة الِاجْتِمَاع. 3 - ضبط أَسمَاء الروَاة وألفاظ الْمُتُون وَمَعْرِفَة المتصحف من غَيره. 4 - معرفَة زيادات رُوَاة الْكتب السِّتَّة وأوهامهم. 5 - معرفَة الْأَحَادِيث المخرجة فِي الْكتب السِّتَّة ولواحقها، وَمَعْرِفَة الْأَحَادِيث الَّتِي لم تخرج فِيهَا، ويقيد ذَلِك بِحَدِيث راوٍ أَعلَى مَخْصُوص. ثامناً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: صحّح الْكتاب وعلق عَلَيْهِ الْعَلامَة عبد الصَّمد شرف الدّين، وطُبع بمساعدة وزارة المعارف لحكومة الْهِنْد، وَتَحْت إشراف: جمعية المكتبة السعيدة فِي حيدر آباد، ونشره: الدَّار الْقيمَة بهيوندي بمباي الْهِنْد، لأوّل مرّة، عَام 1384هـ. وَقد قَامَ الْمُحَقق بترقيم المسانيد وَالْأَحَادِيث، كَمَا أضَاف عِنْد كل حَدِيث (يعزوه المِزِّي إِلَى الْكتاب التفصيلي فِي المصادر) : ذكر رقم الْبَاب، والْحَدِيث. كَمَا أعد الْمُحَقق: فهرساً للرواة فِي بداية كل مُجَلد، يُبين مواضعهم، وأضاف كشافاً يبين أَسمَاء الْكتب التفصيلية، والأبواب فِي الْكتب السِّتَّة، على حسب الطبعات الَّتِي رَجَعَ إِلَيْهَا، كَمَا ألحق فِي الْهَامِش كتاب: "النكت الظراف على الْأَطْرَاف" وَهُوَ اسْتِدْرَاك الْحَافِظ ابْن حجر على تحفة الْأَشْرَاف. كَمَا حَقَّقَهُ، وَضبط نَصًّه، وعلق عَلَيْهِ الدكتور: بشار عواد مَعْرُوف، ونشرته: دَار الغرب الإسلامي فِي بيروت، الطبعة الأولى عَام 1999م، وَقد عُني الدكتور بشار عواد مَعْرُوف بتحقيق النَّص فِي ضوء عدد من النّسخ الخطية، وَمِنْهَا: قسم كَبِير بِخَط مُؤَلفه، وَنسخ كَامِلَة لتلاميذه ورفاقه كُتبت فِي حَيَاته، وقُوبلت على نُسْخَة الْمُؤلف، وبَيَّن الْمُحَقق مَوَاضِع أَحَادِيث التُّحْفَة فِي أشهر طبعات الْكتب السِّتَّة ولواحقها بِذكر الْجُزْء، والصفحة، ورقم الحَدِيث، وبَيَّن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 موَاضعهَا أَيْضا فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد، والمسند الْجَامِع للدكتور بشار نَفسه - مَعَ عدد من الباحثين -، حَيْثُ اشْتَمَل على أَحَادِيث: (21) مصدرا1، وَقد ربط الدكتور طرق الحَدِيث الْوَاحِد بإحالة بَعْضهَا إِلَى الْبَعْض، بِحَيْثُ يقف الْقَارئ على جَمِيع الطّرق الْمَذْكُورَة فِي التُّحْفَة عِنْد وُصُوله إِلَى أَي طَرِيق من تِلْكَ الطّرق. وَقد أعد أَيْضا فهرساً للرواة فِي نِهَايَة كل مُجَلد، وفهرساً للأحاديث والْآثَار بِحَسب أوائلها، فِي آخر الْكتاب. وعُني أهل الْعلم أَيْضا بتقريبه، وَمن ذَلِك: تَرْتِيب المرويات الْمَذْكُورَة فِيهِ على أَوَائِل ألفاظها، مثل كتاب فهارس تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف، أعدهَا: مُحَمَّد عبد الْقَادِر عطا. وَمِنْه أَيْضا إِفْرَاد الروَاة الأعلون بفهرس خَاص، مثل كتاب مُعْجم مسانيد كتب الحَدِيث لأبي الْفِدَاء: سامي التُوني، حَيْثُ يبين مَوضِع مرويات الصَّحَابَة فِي المسانيد، وَالتَّابِعِينَ فِي الْمَرَاسِيل فِي تحفة الْأَشْرَاف، ورتبهم على حُرُوف المعجم بِدُونِ ذكر مروياتهم.   1 - سَيَأْتِي ذكره فِي ص: 99 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 الْمطلب الثَّانِي: إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أَطْرَاف الْعشْرَة، لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي: التَّعْرِيف بِالْحَافِظِ ابْن حجر: هُوَ: أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي، أَبُو الْفضل، وَيعرف بِابْن حجر، وَهُوَ لقب أَو اسْم لبَعض أجداده على خلاف، ولد سنة 773 هـ. وَمن شُيُوخه: الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ، وَمُحَمّد بن يَعْقُوب الشِّيرَازِيّ الفيروزآبادي - ت 817 هـ -، وَعمر بن عَليّ بن أَحْمد بن المُلَقِّن الْمصْرِيّ الشَّافِعِي - ت 804هـ -، وَغَيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وَمن تلاميذه: السخاوي، وزَكَرِيا بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ - ت 926هـ -، وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد – صَحَّ - بن عبد الله بن فَهد الْمَكِّيّ - ت 871هـ -، وَغَيرهم. وَهُوَ: الْحَافِظ عَلَم عَالم متبحر ناقد متقن أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، قَالَ تِلْمِيذه السخاوي: "اعتنى بِهَذَا الْفَنّ أعظم عناية إِلَى أَن بلغ الْغَايَة القصوى فِي الدِّرَايَة وَالرِّوَايَة، وفَاق كثيرا من الرِّجَال وَحَازَ شرف الرُّتْبَة فِي الْحَال والمآل، شيخ الْإِسْلَام، وأوحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام حَافظ الْعَصْر، وخاتمة الْمُجْتَهدين حَامِل راية الْعلم والأثر"1، وَقَالَ السُّيُوطِيّ: "انْتَهَت إِلَيْهِ الرحلة والرئاسة فِي الحَدِيث فِي الدُّنْيَا بأسرها، فَلم يكن فِي عصره حَافظ سواهُ"2، وَقَالَ: " إِمَام هَذَا الْفَنّ للمقتدين، ومقدم عَسَاكِر الْمُحدثين، وعمدة الْوُجُود فِي التوهية والتصحيح "3، وَقَالَ عبد الحي الكتاني - ت 1304هـ -: "كل تصانيفه تشهد بِأَنَّهُ إِمَام الْحفاظ، مُحَقّق الْمُحدثين، زبدة الناقدين، لم يخلف بعده مثله"4، وَتُوفِّي سنة: 852 هـ. التَّعْرِيف بكتابه: أَولا: اسْم الْكتاب: إتحاف المهرة بالفوائد المُبْتَكرة من أَطْرَاف الْعشْرَة، وَقد صرح بذلك مُؤَلفه ابْن حجر فِي مقدمته5. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: أَطْرَاف مرويات مَجْمُوعَة من المصادر الحديثية، مُرتبة بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى   1 - الْجَوَاهِر والدرر فِي تَرْجَمَة شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر 1/53 2 - حسن المحاضرة 1/363. 3 - نظم العقيان 45. 4 - التعليقات السّنيَّة 16. 5 - (1/169) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ثَالِثا: مكانته العلمية: تبرز مكانة الْكتاب من جِهَتَيْنِ: الأولى: كَون مُؤَلفه هُوَ الْحَافِظ ابْن حجر، الَّذِي لَا يشق لَهُ غُبَار فِي علم الحَدِيث وَعلله وأطرافه. وَالثَّانيَِة: مَنْهَج الْكتاب، حَيْثُ إِنَّه امتداد لمنهج المِزِّي فِي التَّرْتِيب بِحَسب الْأَطْرَاف، وَتقدم مَا لهَذِهِ الطَّرِيقَة من فَوَائِد متنوعة، إِضَافَة إِلَى أَن الْحَافِظ ابْن حجر قد ضمن كِتَابه أَطْرَاف مرويات أصُول ودواوين الحَدِيث النَّبَوِيّ، الَّتِي فُقِد جُزء مِنْهَا1. رَابِعا: مشتملاته: اسْتَفَادَ ابْن حجر من مَنْهَج تَرْتِيب تحفة الْأَشْرَاف للْإِمَام المِزِّي قَائِلا: "جمعت أطرافها على طَريقَة الْحَافِظ أبي الْحجَّاج المِزِّي وترتيبه"2. 1 - يتَبَيَّن من اسْم الْكتاب أَن المصادر الحديثية المسندة الَّتِي عمل أطرافها عشرَة مصَادر، وَزَاد عَلَيْهَا مصدر حادي عشر جبرا لنَقص أحد هَذِه الْعشْرَة كَمَا نبه إِلَى ذَلِك فِي مُقَدّمَة كِتَابه3، واستخدم الرقوم4 فِي الْعزو إِلَى هَذِه المصادر، كَمَا يَلِي: موطأ الإِمَام مَالك - ت179هـ - "ط"، ومسند حَدِيث الإِمَام الشَّافِعِي: "ش"، ومسند الإِمَام أَحْمد: "حم"، ولزيادات ابْنه عبد الله "عَم"، ومسند الدَّارمِيّ - ت 255هـ -: "مي"، والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود - ت 307هـ -: "جا "، وَمَا وجد من صَحِيح ابْن خُزَيْمَة - ت311هـ - 5: "خَز"،   1 - سَيَأْتِي - إِن شَاءَ الله - مَا يزِيد فِي بَيَان مكانة هَذَا الْكتاب عِنْد ذكر فَوَائده. 2 - (1/158) 3 - (1/160) . 4 - العلامات أَو الرموز. 5 - نبه فِي الْمُقدمَة (1/159) إِلَى أَنه وقف على ربع الْعِبَادَات بكامله، ومواضع مفرقة من غَيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وصحيح أبي عوَانَة - ت 316هـ1 -: "عه"، وَشرح مَعَاني الْآثَار للطحاوي - ت 321هـ -: "طح"، وصحيح ابْن حبَان - ت 354هـ -: "حب"، ومستدرك الْحَاكِم - ت405هـ -: "كم"، ثمَّ أرْدف هَذِه الْعشْرَة بسنن الدَّارَقُطْنِيّ - ت 385هـ - وَاخْتَارَ رقماً لَهُ: "قطّ"، وَجعله جَابِرا لما فَاتَ من الْوُقُوف على صَحِيح ابْن خُزَيْمَة كَامِلا 2. وَلم يقْتَصر الْحَافِظ ابْن حجر فِي أثْنَاء عمله على المصادر السَّابِقَة، وَإِنَّمَا زَاد فِي الْأَطْرَاف والتخريج محتوى مصَادر أُخْرَى3، مِنْهَا: فَضَائِل الْقُرْآن لأبي عبيد - ت 224هـ -، ومصنف ابْن أبي شيبَة - ت 235هـ -، ومسند إِسْحَاق بن راهُوْيَه - ت 238هـ -، وَالْأَدب الْمُفْرد للْبُخَارِيّ، ومسند الْحَارِث بن أبي أُسَامَة - ت282هـ -، ومسند الْبَزَّار، ومسند أبي يعلى الْموصِلِي، وتهذيب الْآثَار لِابْنِ جرير الطَّبَرِيّ - ت310هـ -، وَكتاب السياسة وَكتاب التَّوَكُّل وَكِلَاهُمَا لِابْنِ خُزَيْمَة، وَكتاب رَوْضَة الْعُقَلَاء وَكتاب الصَّلَاة وَكِلَاهُمَا لِابْنِ حبَان، ومعاجم الطَّبَرَانِيّ الثَّلَاثَة، وَكتاب الدُّعَاء لَهُ أَيْضا، والحلية لأبي نُعيم، وَشعب الْإِيمَان وَالسّنَن الْكُبْرَى وَكِلَاهُمَا للبيهقي - ت 458هـ -، وَفضل الْعلم لِابْنِ عبد الْبر، ذَاكِرًا من الْأَحَادِيث الْمَرْفُوع والمرسل وَالْمَوْقُوف والمقطوع تبعا للمصادر الَّتِي عمل أطرافها. 2 - اشْتَمَل على أَقْوَال لِابْنِ حجر فِي عدَّة فنون، مِنْهَا: بَيَانه لعلل الْأَحَادِيث وَاخْتِلَاف رواتها، مثل صَنِيعه عِنْد الحَدِيث الَّذِي أخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ على شَرطهمَا، حَيْثُ تعقبه بقوله: "لكنه مَعْلُول، قد بَين علته التِّرْمِذِيّ   1 - كَذَا سَمَّاهُ ابْن حجر 1/159، 162 وَقَالَ: ((هُوَ كالمستخرج)) . 2 - نبه إِلَى ذَلِك فِي مُقَدّمَة الْكتاب (1/160) 3 - نبه إِلَى ذَلِك د. زُهَيْر النَّاصِر فِي مُقَدّمَة تَحْقِيقه لإتحاف المهرة (1/104) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 فِي جَامعه"1، وَقَوله عِنْد آخر: "غَرِيب جدا"2، وَبَيَانه لما للْحَدِيث من طرق، مثل قَوْله: "وَله طرق فِي تَرْجَمَة قَتَادَة عَن أنس"3، وَبَيَانه لأحوال بعض الروَاة كَقَوْلِه: "دَاوُد: ضَعِيف جدا"4، وَكَقَوْلِه: "فِي سِيَاقه صُورَة انْقِطَاع، وَرِجَاله ثِقَات"5، واستدراكه على كَلَام أهل الْعلم فِي بعض الْفُنُون، مثل صَنِيعه عِنْد الحَدِيث الَّذِي أخرجه الْبَزَّار وذَكَر أَن حَمَّاد بن زيد قد تفرد بِهِ عَن ثَابت، فَقَالَ ابْن حجر: "لم يتفرد بِهِ عَنهُ، بل رَوَاهُ مُحَمَّد بن زِيَاد عَن ثَابت أَيْضا"6. 3 - اشْتَمَل الإتحاف على أَقْوَال الْمُحدثين وَلَا سِيمَا: أَصْحَاب المصادر الَّتِي عمل الْحَافِظ أطرافها، مثل: تصحيحات الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك7، مَعَ أَنه يتعقبه إِذا لم يُوَافقهُ كصنيعه عِنْد تَصْحِيح الْحَاكِم لحَدِيث8 فَقَالَ: "بل فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع؛ لِأَن حجاج بن نصير وَشَيْخه ضعيفان، وَإِسْحَاق لم يسمع من عبَادَة"9، وَمثل كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ على الْأَحَادِيث، وَمِنْهَا قَوْله: "عُثْمَان هُوَ الوقاصي: مَتْرُوك الحَدِيث"10، وَقَوله: "الْحسن بن دِينَار وَالْحسن بن عمَارَة   (399) . 2 - عِنْد (ح 11) . 3 - عِنْد (ح 1012) 4 - عِنْد (ح 1011) . 5 - عِنْد (ح 59) . 6 - عِنْد حَدِيث (443) . 7 - انْظُر: ح 1، 60، 399 8 - (60) 9 - وَانْظُر أَيْضا: (ح 234) ، وَغَيره. 10 - (175) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 عيفان"1، وَقَوله: "تفرد بِهِ مُبشر عَن أَبِيه"2، وَمثل كَلَام الْبَزَّار، كَقَوْلِه: "إِسْنَاده حسن"3، وَمثل كَلَام الْعِمَاد بن كثير الَّذِي نَقله قَوْله: "هَذَا حَدِيث مُنكر جدا يشبه أَن يكون مَوْضُوعا من بعض الشِّيعَة الغلاة، وَإِنَّمَا هَذِه صِفَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا صِفَات عَليّ، قَالَه الْعِمَاد ابْن كثير"4. خَامِسًا: طَريقَة ترتيبه: رتب الْحَافِظ ابْن حجر إتحافه، كترتيب المِزِّي لتحفته، وَقد تقدم بَيَان قَوْله5، وتفصيل تَرْتِيب التُّحْفَة6، غير أَن كتاب ابْن حجر لم يكمل صدوره مطبوعاً إِلَى الْآن7، وَرَغمَ ذَلِك فقد نبه محققه الدكتور زُهَيْر النَّاصِر فِي مُقَدّمَة هَذَا السّفر8 إِلَى وجود فوارق بَين تحفة الْأَشْرَاف وإتحاف المهرة، وَلَعَلَّ ذَلِك يعود إِلَى أَن الْحَافِظ ابْن حجر توفّي قبل تحريره كَمَا قَالَه السخاوي9، أما أبرز تِلْكَ الفوارق، فَهِيَ: 1 - أَن الْحَافِظ ابْن حجر ترك مَوَاضِع مُتعَدِّدَة تتَعَلَّق بمرويات المكثرين والمتوسطين من الصَّحَابَة، لم يرتبها بِحَسب التَّابِعين وأتباعهم، بِخِلَاف صَنِيع المِزِّي، مَعَ أَن الْحَافِظ اشْترط ذَلِك حَيْثُ يَقُول فِي مقدمته: "ثمَّ إِن كَانَ حَدِيث التَّابِعِيّ كثيرا، رتبته على أَسمَاء الروَاة عَنهُ غَالِبا، وَكَذَا الصَّحَابِيّ الْمُتَوَسّط"10.   1 - (214) . 2 - (219) . 3 - (ح 225) . 4 - عِنْد (ح233) . 5 - ص: 18. 6 - ص: 65 7 - عَام 1420هـ. 8 - (1/104) . 9 - الْجَوَاهِر والدرر 2/672. 10 - (1/159) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 2 - أَن الْحَافِظ ابْن حجر رُبمَا رتب مرويات التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ، على الْأَبْوَاب مثل صَنِيعه فِي مرويات: "عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس". 3 - أَن الْحَافِظ اشْترط فِي مقدمته سِيَاق صِيغ الْأَدَاء كَمَا جَاءَت فِي المصادر حَيْثُ يَقُول: "أسوق أَلْفَاظ الصِّيَغ فِي الْإِسْنَاد غَالِبا لتظهر فَائِدَة مَا يصرِّح بِهِ المدلس"1، وَنبهَ الدكتور زُهَيْر النَّاصِر2 إِلَى أَنه لم يلْتَزم بذلك فِي الْغَالِب، حَيْثُ عبر فِي مَوَاضِع كَثِيرَة بالعنعنة كطريقة المِزِّي. سادساً: طَرِيقَته فِي تَخْرِيج الحَدِيث: يَعْزُو الْحَافِظ الْأَحَادِيث إِلَى مصادرها عزواً إجمالياً، مَبْنِيا اسْم الْكتاب التفصيلي فِي المصادر المخرجة على الْأَبْوَاب مثل أَن يَقُول: "فِي الصّيام"، ويعزو إِلَى التقاسيم والأنواع - الْمَعْرُوف بِصَحِيح ابْن حبَان - بحسبها كَأَن يَقُول "حب فِي الثَّامِن من الْخَامِس"، كَمَا يَعْزُو إِلَى المسانيد إِجْمَالا، ويسوق أَسَانِيد المصادر الَّتِي خَرّج أطرافها، أَو الَّتِي يَعْزُو إِلَيْهَا، ويميز زيادات عبد الله بن الإِمَام أَحْمد بقوله: "رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد فِي زياداته"، ويستخدم الْحُرُوف عَلامَة لأسماء المصادر، وَقدم لكل ذَلِك بِذكر3 أسانيده إِلَى المصادر الَّتِي عمل أطرافها. سابعاً: أهم مميزاته: 1 - يعْتَبر مكملاً للنقص الَّذِي لحق بالمصادر المطبوعة الَّتِي عمل ابْن حجر أطرافها، أَو عزى إِلَيْهَا، مثل: مُسْند الإِمَام أَحْمد، ومستدرك الْحَاكِم، وصحيح ابْن خُزَيْمَة، وصحيح أبي عوَانَة - المطبوع باسم الْمُسْتَخْرج - وَغَيرهَا، وَقد نبه الَّذين اعتنوا   (1/159) . 2 - فِي الْمصدر السَّابِق 1/104. 3 - (1/160) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 اعتنوا بتحقيق هَذَا الْكتب فِي مَرْكَز خدمَة السّنة بِالْمَدِينَةِ المنورة إِلَى وجود زيادات فِي الإتحاف سَقَطت من المطبوع من هَذِه المصادر. 2 - يعْتَبر موسوعة لأطراف الحَدِيث فقد اشْتَمَل على أَطْرَاف عدَّة مصَادر زَائِدَة عَن الْكتب السِّتَّة الَّتِي عمل المِزِّي أطرافها، وَبِهَذَا سهل على الباحثين الْوُصُول إِلَى مرويات الصَّحَابَة وَغَيرهم - فِي هَذِه المصادر - بطريقة ميسرَة، وَلَا سِيمَا كتاب التقاسيم والأنواع لِابْنِ حبَان. وَتعْتَبر الْكتب الَّتِي عمل أطرافها كل من الإِمَام المِزِّي وَابْن حجر أُمَّهَات وأصول الحَدِيث النَّبَوِيّ، فقلَّ أَن تَجِد حَدِيثا ثَابتا فِي غَيرهَا إِلَّا وَله أصل فِيهَا. ثامناً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: تحظى الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة بعناية كَبِيرَة فِي المملكة الْعَرَبيَّة السعودية بتوجيهات سامية، وضع أساسها الْملك عبد الْعَزِيز - يرحمه الله - وتوالت على رعايتها الْأَيْدِي الأمنية من وُلَاة أَمر هَذِه الْبِلَاد - وفقهم الله لكل خير -، وَمن هَذِه المآثر المتعددة جَاءَت فكرة إنْشَاء مَرْكَز خدمَة السّنة والسيرة النَّبَوِيَّة الَّذِي تشرف عَلَيْهِ وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالتعاون مَعَ الجامعة الإسلامية فِي الْمَدِينَة المنورة، وَقد أَخذ المركز على عَاتِقه إِخْرَاج مصَادر السّنة النَّبَوِيَّة الَّتِي لم تَرَ النُّور بعد، وَكَانَ من ذَلِك تَحْقِيق كتاب إتحاف المهرة وإخراجه، فشارك المشرف على أَعمال الباحثين فِي المركز الدكتور زُهَيْر النَّاصِر فِي تَحْقِيق جُزْء مِنْهُ، إِلَى جَانب مَجْمُوعَة من أساتذة الجامعة وَغَيرهم، وَأعد المركز فهارس للْكتاب مُتعَدِّدَة بِحَسب الموضوعات، وبحسب الرَّاوِي الْأَعْلَى – مُجَردا - وبحسب أَوَائِل أَلْفَاظ الْمُتُون، مِمَّا ييسر الاستفادة مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الْمطلب الثَّالِث: إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ لِلْحَافِظِ ابْن حجر: هَذَا الْكتاب جليل الْفَائِدَة، وَقد احتوى على أَطْرَاف مرويات الإِمَام أَحْمد، وزيادات ابْنه عبد الله، وزيادات أبي بكر ابْن مَالك القَطِيعي، فِي الْمسند، قَالَ عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 السخاوي: "كَانَ حَافظ الْوَقْت شَيْخه الزين الْعِرَاقِيّ كثير الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فِي إمْلَائِهِ وَغَيرهَا"1. 1 - طَريقَة ترتيبه: قَسّم ابْن حجر الْكتاب قِسمين: الأول: الْمُتَّصِل من الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف والمقطوع، الثَّانِي: الْمُرْسل وَبَعض الْمَوْقُوف والمقطوع حَيْثُ يَقُول عَن هَذَا الْقسم: "ذكر مَا وَقع فِيهِ من الْمَرَاسِيل والموقوفات بِغَيْر اسْتِيعَاب"2، كَمَا أَنه ذكر الْمَوْقُوف فِي آخر مسانيد الرِّجَال بقوله: "فصل فِي الْمَوْقُوفَات غير مَا تقدم"3 وَألْحق بذلك الْمَقْطُوع. وقَسم الْمُتَّصِل بأنواعه السَّابِقَة قِسمين: الأول: الرِّجَال من الصَّحَابَة، أَصْحَاب الْأَسْمَاء، ثمَّ أَصْحَاب الكنى، ثمَّ المبهمون، ورتب المبهمين على حسب أَسمَاء مَن رَوَى عَنْهُم، وَالثَّانِي: النِّسَاء من الصَّحَابَة، ورتبهن كَمَا رتب الرِّجَال. وَإِذا كَانَ الرَّاوِي مكثراً فَإِنَّهُ يرتب مروياته على إِحْدَى الطريقتين: الأولى: بِحَسب الروَاة عَنهُ، الثَّانِيَة: بِحَسب أَوَائِل أَلْفَاظ متون الْأَحَادِيث، وَهَذَا فِي الْغَالِب، حَيْثُ تُوجد مرويات لبَعض المكثرين لم يرتبها، مُرَتبا كل من سبق على حُرُوف الهجاء فِي الْغَالِب. 2 - طَرِيقَته فِي تَخْرِيج الحَدِيث: يَعْزُو الْحَافِظ ابْن حجر الحَدِيث فِي كِتَابه هَذَا إِلَى مَوْضِعه من المسانيد الرئيسة السَّبْعَة عشر الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا مُسْند الإِمَام أَحْمد، وَالْتزم الْحَافِظ ابْن حجر بَيَان من أخرج الحَدِيث غير الإِمَام أَحْمد، واستخدم العلامات لجَمِيع المصادر عِنْد   1 - الْجَوَاهِر والدرر 2/672 (9/490) . 3 - (8/369) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 بداية كل الحَدِيث، فرقم: للْبُخَارِيّ (خَ) ، وَلمُسلم (م) ، وَلأبي دَاوُد (د) ، وللنسائي (س) ، وللترمذي (ت) ، وَلابْن مَاجَه (ق) ، وَلابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه (خَز) ، وَلأبي عوَانَة فِي صَحِيحه (عه) ، وَلابْن حبَان فِي صَحِيحه (حب) ، وللحاكم فِي مُسْتَدْركه (ك) ، وللدارقطني فِي سنَنه (قطّ) ، وللدارمي فِي جَامعه (مي) وَقد بَين ذَلِك1، وسَاق أسانيده إِلَى مُسْند الإِمَام أَحْمد2.   (1/176) . (1/170) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الْمطلب الرَّابِع: جَامع المسانيد للْإِمَام ابْن كثير، وَهُوَ مُلْحق بكتب الْأَطْرَاف 3: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ ابْن كثير: هُوَ: إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن درع الْقرشِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي، عماد الدّين، أَبُو الْفِدَاء، واشتهر بِابْن كثير، ولد سنة 701هـ على خلاف فِي ذَلِك. وَمن شُيُوخه: شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، وَالْإِمَام الذَّهَبِيّ، وَالْإِمَام المِزِّي، وَابْن كثير صهر الإِمَام المِزِّي. وَمن تلاميذه: أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد الله الْمصْرِيّ الزَّرْكَشِيّ - ت 794هـ -، والحافظ عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن الْكرْدِي الْعِرَاقِيّ - ت 806هـ -، وَأَبُو المحاسن: مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن ابْن حَمْزَة الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي، - ت 765هـ -، وَغَيرهم. وَهُوَ: إِمَام حَافظ وفقيه ومفسر ومؤرخ، قَالَ شَيْخه الذَّهَبِيّ: "الإِمَام الْفَقِيه   3 - لِأَنَّهُ يذكر متون الْأَحَادِيث كَامِلَة، بَيْنَمَا كتب الْأَطْرَاف تُعنى بِذكر أطرافها، ويشترك الْجَامِع مَعهَا فِي طَريقَة ترتيبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الْمُحدث الأوحد البارع ... فَقِيه متفنن، ومحدث متقن، ومفسر نقاد"1، وَقَالَ تِلْمِيذه أَبُو المحاسن الْحُسَيْنِي: "الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ الْمُفِيد البارع … وبرع فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والنحو وأمعن فِي الرِّجَال والعلل"2، وَتُوفِّي سنة 774هـ. التَّعْرِيف بكتابه: أَولا: اسْم الْكتاب: جَامع المسانيد وَالسّنَن الْهَادِي لأَقوم سَنَن، حَيْثُ قَالَ فِي مقدمته: "وَسميت كتابي هَذَا: جَامع المسانيد وَالسّنَن الْهَادِي لأَقوم سَنَن، وَهُوَ: الْمسند الْكَبِير"3. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: الدّلَالَة على مرويات الْكتب السِّتَّة، وَبَعض المسانيد ومعجم الطَّبَرَانِيّ، من خلال ذكر متونها كَامِلَة وطرقها، مرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. ثَالِثا: بَيَان مشتملاته: لقد اسْتَفَادَ ابْن كثير من صَنِيع شَيْخه الإِمَام المِزِّي فِي تحفة الْأَشْرَاف، حَيْثُ يظْهر ذَلِك من خلال ترتيبه لكتابه جَامع المسانيد، كَمَا أَنه يَعْزُو إِلَيْهِ فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة، وَيُشِير إِلَى ذَلِك بقوله: "قَالَ شَيخنَا" وَيُرِيد المِزِّي، ويحيل فِي مَوَاضِع أُخْرَى على كِتَابه الْأَطْرَاف4، وَقد نسخ ابْن كثير كتاب تحفة الْأَشْرَاف، ونسخته مَشْهُورَة 5، كَمَا أَنه اسْتَفَادَ من صَنِيع الْحَافِظ الصَّامِت6 كَذَلِك،   1 - المعجم الْمُخْتَص بالمحدثين 74. 2 - ذيل تذكرة الْحفاظ 57. 3 - (1/11) . 4 - انْظُر: (1/75، 139، 198، 215) . 5 - انْظُر مُقَدّمَة جَامع المسانيد 1/237، للدكتور عبد الْمُعْطِي قلعجي. 6 - لقب بذلك لقلَّة كَلَامه، وَهُوَ: مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ، الإِمَام الصَّالح الْوَرع - ت 789هـ -، انْظُر: المصعد الأحمد لِابْنِ الْجَزرِي 39، والدر الكامنة لِابْنِ حجر 4/84/ 3768. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 حَيْثُ رتب أَطْرَاف مُسْند الإِمَام أَحْمد على مُعْجم الصَّحَابَة1، يَقُول ابْن الْجَزرِي: "رتبه على مُعْجم الصَّحَابَة، ورتب الروَاة كَذَلِك، كترتيب الْأَطْرَاف، تَعب فِيهِ تعباً كثيرا، ثمَّ إِن شَيخنَا الإِمَام مؤرخ الْإِسْلَام حَافظ الشَّام عماد الدّين أَبَا الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن عمر بن كثير - رَحمَه الله تَعَالَى - أَخذ هَذَا الْكتاب المرتَّب من مُؤَلفه، وأضاف إِلَيْهِ أَحَادِيث الْكتب السِّتَّة، ومعجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير، ومسند الْبَزَّار، ومسند أبي يعلى الْموصِلِي، وأجهد نَفسه كثيرا، وتعب فِيهِ تعباً عَظِيما، فجَاء لَا نَظِير لَهُ فِي الْعَالم"2، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "لما رتب الْحَافِظ شمس الدّين ابْن الْمُحب الْمَعْرُوف بالصامت مُسْند أَحْمد على تَرْتِيب حُرُوف المعجم، حَتَّى فِي التَّابِعين المكثرين عَن الصَّحَابَة، أعجب ابْن كثير فأستحسنه، وَرَأَيْت النُّسْخَة بِدِمَشْق بِخَط وَلَده عمر، فَألْحق ابْن كثير مَا استحسنه فِي الهوامش من الْكتب السِّتَّة ومسندي أبي يعلى وَالْبَزَّار ومعجمي الطَّبَرَانِيّ مَا لَيْسَ فِي الْمسند، وسمى الْكتاب: جَامع المسانيد وَالسّنَن"3. 1 - احتوى الْجَامِع على الْكتب السِّتَّة، ومسند الإِمَام أَحْمد وَالْبَزَّار، وَأَبُو يعلى، ومعجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير، وَغَيرهَا حَيْثُ يَقُول: "وَرُبمَا زِدْت عَلَيْهَا من غَيرهَا"4، وَهَذَا يظْهر أَيْضا من خلال صَنِيعه فِي هَذَا الْكتاب، حَيْثُ زَاد مصَادر أُخْرَى مِنْهَا: "معرفَة الصَّحَابَة لأبي نُعيم"، وَأكْثر مِنْهُ5، وموطأ   1 - مثل صَنِيع المِزِّي فِي كِتَابه تحفة الْأَشْرَاف. 2 - المصعد الأحمد فِي ختم مُسْند الإِمَام أَحْمد 39. 3 - إنباء الْغمر بأبناء الْعُمر 1/47. 4 - 1/1047 . 5 - انْظُر على سَبِيل الْمِثَال 1/23، 25، 28، 179 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 مَالك1، ومسند الطَّيَالِسِيّ2، وَإِسْحَاق بن راهُوْيَه3، ومستدرك الْحَاكِم4، وصحيح ابْن خُزَيْمَة5 وَغَيرهَا. 2 - اشْتَمَل على مَا يزِيد عَن (100.000) حَدِيث، حَيْثُ يَقُول ابْن كثير فِي مقدمته: "هَذِه الْكتب الْعشْرَة تشْتَمل على أربى من مائَة ألف حَدِيث بالمكررة"6، ويضاف إِلَيْهَا أَيْضا مرويات المصادر الْأُخْرَى الَّتِي ألحقها أثْنَاء عمله فِي الْكتاب، وَفِيه الْمَرْفُوع والمرسل وَالْمَوْقُوف والمقطوع، تبعا للمصادر الَّتِي عمل أطرافها. رَابِعا: طَريقَة ترتيبه: رتب الْحَافِظ ابْن كثير مرويات المصادر الَّتِي عمل أطرافها، بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، وقسّم كِتَابه ثَلَاثَة أَقسَام: الأول: المقلون من الرِّوَايَة، وَألْحق بهم متوسطي الرِّوَايَة، وهم من بلغت مروياتهم دون الْألف فِي الْغَالِب. الثَّانِي: الْخُلَفَاء الرَّاشِدين الْأَرْبَعَة، ورتبهم على الْأَفْضَلِيَّة بَينهم. الثَّالِث: المكثرون وهم من زَادَت مروياته عَن الْألف فِي الْغَالِب، كأنس بن مَالك، وَجَابِر، وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعبد الله بن مَسْعُود، وَأبي هُرَيْرَة، وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم،   1 - (1/16) . 2 - (1/34) . 3 - (1/36) . 4 - (1/295) . 5 - (1/316) . 6 - (1/10) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 ورتبهم على هَذَا النَّحْو السَّابِق، وَعدد مرويات عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ - على حسب المطبوع من الْجَامِع -: (879) حَدِيثا. هَذَا على وَجه الْإِجْمَال، أما تَفْصِيله، فَكَمَا يَلِي: أ - رتب مرويات المصادر الَّتِي عمل أطرافها على الرَّاوِي الْأَعْلَى، جاعلاً مُسْند الإِمَام أَحْمد أصلا، فَإِن وجد رَاوِيا أَعلَى زَائِد عَن ذَلِك فِي بَقِيَّة تِلْكَ المصادر ذكره بِحَسب ترتيبه، وَكَذَا صنع فِي طبقَة التَّابِعين الَّذين فَرَّع بهم فِي التراجم. ب - قَسم المقلين قِسمين: الأول: الرِّجَال، وَقدم أَصْحَاب الْأَسْمَاء ثمَّ الكنى، ثمَّ المبهمين، ورتبهم بِحَسب الروَاة عَنْهُم، وَالثَّانِي: النِّسَاء، ورتبهن كترتيب الرِّجَال. جـ - رتب مرويات كل صَحَابِيّ بِحَسب من روى عَنهُ مثل طَريقَة شَيْخه الْحَافِظ المِزِّي فِي تحفة الْأَشْرَاف، إِلَّا أَنه اقْتصر على طبقَة وَاحِدَة. د - رتب مَا سبق على حُرُوف المعجم. هـ - جعل مُسْند الإِمَام أَحْمد هُوَ الأَصْل فِي ذَلِك، من جِهَتَيْنِ: الأولى: المسانيد التفصيلية الَّتِي احتوى عَلَيْهَا الْمسند، الثَّانِيَة: المرويات الَّتِي احتوى عَلَيْهَا الْمسند نَفسه، ثمَّ سَار على الْمنْهَج التَّالِي: يُعرِّف بالصحابي على حسب مَا فِي كتاب أَسد الغابة فِي معرفَة الصَّحَابَة لِابْنِ الْأَثِير، ثمَّ يذكر مرويات هَذَا الصَّحَابِيّ عِنْد الإِمَام أَحْمد - على حسب التَّرْتِيب السَّابِق، فِي فقرة (ب) ، وَيذكر إِسْنَاد الحَدِيث وَمَتنه كَمَا جَاءَ عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَيبين بعده من أخرجه من أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، وَإِذا انْتَهَت مرويات الصَّحَابِيّ عِنْد الإِمَام أَحْمد، أعقبها بِمَا زَاد على ذَلِك عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير، ثمَّ بِمَا زَاد على ذَلِك عِنْد الْبَزَّار فِي مُسْنده (الْبَحْر الزاخر) ، ثمَّ بِمَا زَاد عِنْد أبي يعلى الْموصِلِي، ثمَّ إِنَّه يضيف مَا زَاد على ذَلِك من الْكتب السِّتَّة، والمصادر الْأُخْرَى الَّتِي عمل أطرافها، بِحَسب مَا يُنَاسِبه من التَّرْتِيب، ويخرجها جَمِيعًا كَمَا سبق ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 خَامِسًا: طَرِيقَته فِي تَخْرِيج الحَدِيث وَبَيَان مَوْضِعه: يَسُوق ابْن كثير الحَدِيث فِي جَامعه - إِسْنَادًا ومتناً - كَمَا جَاءَ فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد، وَكَذَا صنع فِي زَوَائِد المصادر الْأُخْرَى الَّتِي عمل أطرافها، مُبينًا موضعهَا فِي الْكتب السِّتَّة ولواحقها بالعزو الإجمالي. سادساً: ذكر جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: شَارك فِي تَحْقِيق: "جَامع المسانيد" مَجْمُوعَة من طلاب الجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة فِي رسائل جامعية عَام 1405هـ، كَمَا حَقَّقَهُ الدكتور عبد المعطي أَمِين قلعجي فِيمَا يُقَارب أَرْبَعِينَ مجلداً، ويطبع أَيْضا بتحقيق الدكتور عبد الْملك بن دهيش. وَنبهَ الدكتور قلعجي فِي مُقَدّمَة تَحْقِيقه للْكتاب1 إِلَى أَنه صنع فهرساً للرواة التَّابِعين عَن الصَّحَابَة، وفهرساً لأطراف الحَدِيث، كَمَا أضَاف إِلَى ذَلِك فِي أثْنَاء تَحْقِيقه فهرساً للأحاديث بِحَسب الموضوعات، فِي المجلد السَّابِع عشر فَمَا بعده.   (1/262) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 المبحث الثَّالِث: طَريقَة الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِيهَا: لكتب الْأَطْرَاف عدَّة مدَاخِل1 يُمكن الْوُصُول مِنْهَا إِلَى الحَدِيث الْمَطْلُوب أبرزها: من طَرِيق الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَذَلِكَ بِالرُّجُوعِ الْمُبَاشر إِلَيْهَا، كالحديث الَّذِي رَوَاهُ قيس ابْن أبي حَازِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِنَّمَا ولي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ"، فيستفاد من اسْم صَحَابِيّ الحَدِيث، وَهُوَ: "عَمْرو ابْن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ"، بِالرُّجُوعِ إِلَى مَوضِع مُسْنده فِي تحفة الْأَشْرَاف، وَهُوَ فِي: حرف الْعين الَّتِي بعْدهَا مِيم، ثمَّ رَاء؛ لِأَن المِزِّي رتب على حُرُوف المعجم، مراعياً الْحَرْف الأول فَمَا بعده. وَإِذا وُصل إِلَى الحَدِيث، بُحث بعد ذَلِك عَن: مرويات قيس بن أبي حَازِم، عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ؛ لِأَن المِزِّي قسم مرويات عَمْرو بن الْعَاصِ بِحَسب الروَاة عَنهُ؛ لِأَنَّهُ مكثر، ورتب هَؤُلَاءِ الروَاة عَنهُ على حُرُوف المعجم أَيْضا، والْحَدِيث مَذْكُور مَعهَا2، ثمَّ يُسْتَفَاد من عزو المِزِّي وتوضيح الْمُحَقق: فِي الْوُصُول إِلَى مَوضِع الحَدِيث فِي الْكتب السِّتَّة ولواحقها، وَذَلِكَ حسب الخطوات التالية: 1 - معرفَة أَسمَاء الْأَبْوَاب الَّتِي أحَال إِلَيْهَا الْمُحَقق بالأرقام الْمَذْكُورَة بَين قوسين، وَيتم ذَلِك بِالرُّجُوعِ إِلَى "الْكَشَّاف" وَهُوَ المجلد الرَّابِع عشر الَّذِي أعده الْمُحَقق ليبين فِيهِ أرقام الْكتب والأبواب الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا كل مصدر من المصادر السِّتَّة ولواحقها. وَقد بَدَأَ الْمُحَقق بِذكر فهرس إجمالي خَاص بأسماء الْكتب الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا كل مصدر، مَعَ بَيَان أرقامها، ثمَّ أعقبه بفهرس تفصيلي لأسماء الْكتب والأبواب   1 - يُمكن أَن يُوصل إِلَى الحَدِيث من طَرِيق أول لفظ متن الحَدِيث، وَذَلِكَ باستخدام الفهارس الَّتِي رتبت أحاديثها بِحَسب أَوَائِل أَلْفَاظ متونها. 2 - ح 10744. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 فِي الْمصدر السَّابِق، ورتب فهارس المصادر على النَّحْو التَّالِي: فهرس لصحيح البُخَارِيّ، ثمَّ لصحيح مُسلم، ثمَّ لسنن أبي دَاوُد، ثمَّ لسنن التِّرْمِذِيّ، ثمَّ لسنن النَّسَائِيّ الْكُبْرَى، ثمَّ الصُّغْرَى - الْمُجْتَبى -، ثمَّ لسنن ابْن مَاجَه، ثمَّ لمراسيل أبي دَاوُد، ثمَّ لشمائل التِّرْمِذِيّ. 2 - يُرجع إِلَى فهرس أَسمَاء الْكتب الإجمالي للمصدر الَّذِي يُراد تَخْرِيج الحَدِيث مِنْهُ، بِحَيْثُ يتَوَصَّل من خلاله إِلَى معرفَة رقم الْكتاب الَّذِي يُفِيد فِي معرفَة مَوضِع الْكتاب فِي الفهرس التفصيلي. وَمن الجدير بِالذكر أَن هَذِه الخطوات تسلك عِنْد الرُّجُوع إِلَى تحفة الْأَشْرَاف بتحقيق الْعَلامَة عبد الصَّمد شرف الدّين، وَأما الدكتور: بشار عواد مَعْرُوف، فَإِنَّهُ عِنْد تَحْقِيقه للْكتاب بَين مَوضِع الحَدِيث بِذكر رقم الْجُزْء، والصفحة، والْحَدِيث فِي أشهر طبعات الْكتب السِّتَّة ولواحقها1، بِحَيْثُ أغْنى الْقَارئ عَن هَذِه الخطوات، وَاخْتصرَ عَلَيْهِ الْوَقْت، ووفر لَهُ الْجهد. فَإِذا وُجد الحَدِيث فِي كتب الْأَطْرَاف، وَوجد أَيْضا فِي الْمصدر الْمسند عُزي إِلَى الْمصدر الْمسند، وَإِن لم يُوجد - فِي الْمصدر الْمسند المطبوع - فَيمكن أَن يُعزى إِلَيْهِ أَيْضا مَعَ التَّنْبِيه إِلَى أَنه مُسْتَفَاد من كتب الْأَطْرَاف، كَأَن يُقَال: "أخرجه الْحَارِث بن أبي أُسَامَة كَمَا فِي إتحاف المهرة".   1 - تقدم بَيَان منهجه فِي التَّحْقِيق، ص: 69 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الْفَصْل الرَّابِع: التَّخْرِيج من طَرِيق الْعِلَل الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى: المبحث الأول: التَّعْرِيف بالعلل: الْمطلب الأول: معنى الْعِلَل: ... المبحث الأول: التَّعْرِيف بالعلل: الْمطلب الأول: معنى الْعِلَل. لُغَة: الْعلَّة فِي أصل اللُّغَة لَهَا عدَّة معَان، مِنْهَا: 1 - السَّبَب، وَمَا يشغل الْإِنْسَان، من عائق، وَمرض وَمَا يُتلهى بِهِ، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: "علّ الرجل يَعلِ من الْمَرَض"1، وَقَالَ الْخَلِيل: "العِلة: حدث يشغل صَاحبه عَن وَجهه"2، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: "العِلّة: الْمَرَض، أَو حدث يشغل صَاحبه عَن وَجهه"3، وَقَالَ أَيْضا: "عَلَّلَه بالشَّيْء، أَي: لهاه بِهِ كَمَا يُعَلَّل الصَّبِي بِشَيْء من الطَّعَام"، وَقَالَ الفيروزآبادي: "العِلَّةُ: الْمَرَض، وعِلّته: سَببه، فَهُوَ مُعل وعَليل، وَلَا تقل مَعْلُول"4. 2 - الشُرب الثَّانِي: قَالَ الْأَصْمَعِي: "إِذا وَردت الْإِبِل المَاء فالسقية الأولى: النَّهل، وَالثَّانيَِة: العَلَل"5. ومناسبة الْمَعْنى الأول للمعنى الاصطلاحي ظَاهِرَة، وَأما مُنَاسبَة الْمَعْنى الثَّانِي، فَهِيَ من جِهَة أَن الْمُحدث يُعِيد النّظر فِي الحَدِيث مرّة بعد مرّة حَتَّى تتبين لَهُ العِلة. اصْطِلَاحا: جَاءَ معنى العلّة فِي الحَدِيث متقارباً بَين أهل هَذَا الْفَنّ، وَمن ذَلِك قَول ابْن الصّلاح: "الحَدِيث المعلَّلُ مَا اطُّلِع فِيهِ على عِلّة تقدح فِي صِحَّته، مَعَ ظُهُور السَّلامَة"6. وَمن أجمع الْعبارَات مَا عرّف بِهِ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ العلّة، فَقَالَ: "الْعلَّة عبارَة عَن سَبَب غامض خَفِي قَادِح، مَعَ أَن الظَّاهِر السَّلامَة مِنْهُ، ويتطرق إِلَى الْإِسْنَاد الْجَامِع   1 - كَمَا فِي تَهْذِيب اللُّغَة للأزهري، مَادَّة العل 1/107. 2 - كَمَا فِي مُعْجم مقاييس اللُّغَة لِابْنِ فَارس، مَادَّة العل 4/13. 3 - الصِّحَاح، مَادَّة 5/1774. 4 - الْقَامُوس الْمُحِيط: مَادَّة العَلُّ. 5 - كَمَا فِي تَهْذِيب اللُّغَة، مَادَّة العل 1/107. 6 - عُلُوم الحَدِيث، ص: 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 شُرُوط الصِّحَّة ظَاهرا "1، وَقَالَ: "وَقد تُطلق العِلة على غير مقتضاها الَّذِي قدّمناه، ككذِب الرَّاوِي، وغفلته، وَسُوء حفظه، وَنَحْوهَا من أَسبَاب ضعف الحَدِيث"2.   1 - تدريب الرَّاوِي 2/295. 2 - الْمصدر نَفسه 2/302. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الْمطلب الثَّانِي: أَنْوَاع المؤلفات فِي الْعِلَل: المؤلفات فِي بَيَان علل الحَدِيث نَوْعَانِ، هما: الأول: مؤلفات رُتبت فِيهَا الْعِلَل بِحَسب الْأَبْوَاب والموضوعات، وَهَذَا النَّوْع يتَعَلَّق بطريقة التَّخْرِيج بِحَسب الْمَتْن، وَلَيْسَت مُرَادة فِي هَذِه الدراسة. الثَّانِي: مؤلفات رُتبت فِيهَا الْعِلَل على الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَهَذَا النَّوْع هُوَ الْمَقْصُود هُنَا. وَمن أشهر المؤلفات فِيهِ: 1 - الْعِلَل الْكَبِير - أَو: الْعِلَل الْمُفْرد - للْإِمَام التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ مُرَتّب بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَقد قَامَ بترتيبه على الْأَبْوَاب أَبُو طَالب: مَحْمُود بن عَليّ القَاضِي - ت 585? -. 2 - التتبع للدارقطني، حَيْثُ سَاق فِيهِ مَا أُخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَله عِلّة، ورتبه بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى. 3 - الْعِلَل للدارقطني وَسَيَأْتِي - إِن شَاءَ الله - 3.   3 - ص: 116. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الْمطلب الثَّالِث: أهميتها: معرفَة علل الحَدِيث والتأليف فِيهَا من أجل أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث وَأَشْرَفهَا وأدقها، لأثرها فِي رد الْأَحَادِيث أَو قبُولهَا، وَهُوَ من أصعب أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث، يَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "هَذَا الْفَنّ أغمض أَنْوَاع الحَدِيث وأدقها مسلكاً، وَلَا يقوم بِهِ إِلَّا مَن منحه الله تَعَالَى فهما غايصاً وإطلاعاً حاوياً وإدراكاً لمراتب الروَاة، وَمَعْرِفَة ثاقبة"4، وَمن ثمَّ فقد اكْتسبت المؤلفات فِي الْعِلَل أهمية كبرى، يكَاد لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْمُحدث والباحث.   4 - النكت على عُلُوم الحَدِيث 2/711. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بِكِتَاب الْعِلَل للْإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ: ... المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بِكِتَاب الْعِلَل للْإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ: التَّعْرِيف بِالْإِمَامِ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ: عَليّ بن عمر بن أَحْمد الدَّارَقُطْنِيّ الشَّافِعِي، أَبُو الْحسن، ولد سنة 306?. روى عَن: إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد بن إِسْحَاق الْأَزْدِيّ - ت323? -، وَأحمد بن الْعَبَّاس بن أَحْمد الْبَغَوِيّ - ت 322? -، وَأحمد بن مُحَمَّد بن سعيد ابْن عقدَة - ت 332? -. وروى عَنهُ: تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ - ت 414? -، وَأَبُو بكر: أَحْمد بن مُحَمَّد البرقاني - ت 425? -، وَحَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي - ت 427? -، وَأَبُو نُعيم: أَحْمد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ - ت 430? -. وَقد انْفَرد بِالْإِمَامَةِ فِي علم الحَدِيث فِي وقته، فَهُوَ حَافظ زَمَانه وأستاذ الْعِلَل، قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: "كَانَ فريد عصره، وقريع دهره ونسيج وَحده، وَإِمَام وقته، انْتهى إِلَيْهِ علم الْأَثر والمعرفة بعلل الحَدِيث"1، وَقَالَ ابْن كثير: "الْحَافِظ الْكَبِير، أستاذ هَذِه الصِّنَاعَة"2، وَتُوفِّي سنة 385?. التَّعْرِيف بكتابه الْعِلَل: أَولا: اسْم الْكتاب: الْعِلَل الْوَارِدَة فِي الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة. ثَانِيًا: مَوْضُوعه: الْأَحَادِيث المعلة مرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى. ثَالِثا: تَوْثِيق نسبته إِلَى مُؤَلفه: يعْتَبر كتاب الْعِلَل من تأليف الإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ، حَيْثُ إِنَّه هُوَ الْمُبين لعلل الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ، كَمَا أَن ترتيبه على هَذَا النَّحْو كَانَ بِإِذْنِهِ، حَيْثُ استأذنه تِلْمِيذه أَبُو بكر البرقاني فِي تَرْتِيب كَلَامه الْمَذْكُور على حسب الرَّاوِي الْأَعْلَى، وَهَذَا لَا يُؤثر فِي ثُبُوته للْإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ، وَلذَلِك نَظَائِره من كتب المصادر العلمية المعدودة من تواليف أَصْحَابهَا الْمَجْمُوعَة بإذنهم ومعرفتهم، فَيُشبه عمل الْجَامِع   1 - تأريخ بَغْدَاد 12/34. 2 - الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 11/317 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 والمرتب لَهَا - وَالْحَالة هَذِه - صَنِيع الْوراق. وَمِمَّا يُؤَكد أَنه للدارقطني أَيْضا كَون البرقاني - الْمُرَتّب لَهُ - قد قَرَأَهُ عَلَيْهِ، فأقره، وَالْحجّة فِي ذَلِك مَا ثَبت بِإِسْنَاد صَحِيح، حَيْثُ قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: "سَأَلت البرقاني، قلت لَهُ: هَل كَانَ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ يملي عَلَيْك الْعِلَل من حفظه؟ فَقَالَ: نعم، ثمَّ شرح لي قصَّة جمع الْعِلَل، فَقَالَ: كَانَ أَبُو مَنْصُور بن الكرجي يُرِيد أَن يصنف مُسْندًا مُعَللا، فَكَانَ يدْفع أُصُوله إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ فَيعلم لَهُ على الْأَحَادِيث المعللة، ثمَّ يَدْفَعهَا أَبُو مَنْصُور إِلَى الوراقين فينقلون كل حَدِيث مِنْهَا فِي رقْعَة، فَإِذا أردْت تَعْلِيق الدَّارَقُطْنِيّ على الْأَحَادِيث نظر فِيهَا أَبُو الْحسن ثمَّ أمْلى عليَّ الْكَلَام من حفظه، فَيَقُول: حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن عبد الله بن مَسْعُود الحَدِيث الْفُلَانِيّ، اتّفق فلَان وَفُلَان على رِوَايَته، وَخَالَفَهُمَا فلَان، وَيذكر جَمِيع مَا فِي ذَلِك الحَدِيث، فأكتب كَلَامه فِي رقْعَة مُفْردَة، وَكنت أَقُول لَهُ: لم تنظر قبل إملائك الْكَلَام فِي الْأَحَادِيث؟ فَقَالَ: أَتَذكر مَا فِي حفظي بنظري، ثمَّ مَاتَ أَبُو مَنْصُور، والعلل فِي الرّقاع، فَقلت لأبي الْحسن بعد سِنِين من مَوته - يَعْنِي موت أبي مَنْصُور - إِنِّي قد عزمت أَن أنقل الرّقاع إِلَى الْأَجْزَاء وأرتبها على الْمسند، فَأذن لي فِي ذَلِك وقرأتها عَلَيْهِ من كتابي ونقلها النَّاس من نُسْخَتي"1. وَعند تَرْجَمَة أبي مَنْصُور: إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن الصَّيْرَفِي الْمَعْرُوف بِابْن الكرجي، قَالَ الْخَطِيب أَيْضا: "أَرَادَ أَن يصنف مُسْندًا مُعَللا، فَكَانَ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ يحضر عِنْده فِي كل أُسْبُوع يَوْمًا، وَيصْلح الْأَحَادِيث فِي أُصُوله، وينقلها شَيخنَا أَبُو بكر البرقاني، وَكَانَ إِذْ ذَاك يورق لَهُ ويملي عَلَيْهِ أَبُو الْحسن عِلل الْأَحَادِيث، حَتَّى خَرَّج من ذَلِك شَيْئا كثيرا، وَتُوفِّي أَبُو مَنْصُور قبل استتمامه، فَنقل البرقاني كَلَام   1 - تأريخ بَغْدَاد، عِنْد تَرْجَمَة الدَّارَقُطْنِيّ 12/35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الدَّارَقُطْنِيّ ورتّبه على الْمسند، وقرأه على أبي الْحسن وسَمعه النَّاس بقرَاءَته، فَهُوَ كتاب الْعِلَل الَّذِي دوّنه النَّاس عَن الدَّارَقُطْنِيّ"1. فَهَذِهِ قصَّة تأليف كتاب الْعِلَل للدارقطني الدَّالَّة على ثُبُوته لَهُ، وَقد أثْبته لَهُ أَيْضا غَالب أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن مِمَّن ترْجم للدارقطني، وَذكروا مؤلفاته، أَو رووها فِي برامجهم وأثباتهم، فصنيع الْمُخَالف - وَالْحَالة هَذِه - مَحل تَأمل. رَابِعا: مكانته العلمية: يعْتَبر كتاب الْعِلَل للدَّار قطني من أجمع المؤلفات فِي الْعِلَل وأجودها، يَقُول الذَّهَبِيّ: " إِن شِئْت أَن تبين براعة هَذَا الإِمَام الْفَرد، فطالع الْعِلَل لَهُ فَإنَّك تندهش ويعلو تعجبك "2، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن كثير: "جمع أزمّة مَا ذَكرْنَاهُ3 كُله الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه فِي ذَلِك، وَهُوَ من أجل كتاب بل أجل مَا رَأَيْنَاهُ وضع فِي هَذَا الْفَنّ، لم يسْبق إِلَى مثله وَقد أعجز من يُرِيد أَن يَأْتِي بشكله فرحمه الله وَأكْرم مثواه"4، وَذكر السخاوي: " أَنه أجمعها "5. خَامِسًا: مشتملاته: اشْتَمَل علل الدَّارَقُطْنِيّ على الْأَحَادِيث المعلة المرفوعة والمرسلة والموقوفة والمقطوعة وَغَيرهَا، وعَلى أَقْوَال الإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ فِي بعض الروَاة، وَقد أفرد لَهَا مُحَقّق الْكتاب فهرساً خَاصّا، فِي آخر كل مُجَلد. سادساً: طَريقَة ترتيبه: 1 - رتب الدَّارَقُطْنِيّ كِتَابه على مسانيد الصَّحَابَة، كطريقة كتب المسانيد   (6/59) . 2 - تذكرة الْحفاظ 3/993. 3 - يَعْنِي فِي الْعِلَل. 4 - اخْتِصَار عُلُوم الحَدِيث 1/198. 5 - فتح المغيث 2/334. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الْمَعْرُوفَة، وَجعل مسانيد الصَّحَابَة قسمَيْنِ: الأول: الرِّجَال، وَالثَّانِي: النِّسَاء، وَقدم فِي الرِّجَال مسانيد الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ - رضوَان الله عَلَيْهِم -. 2 - رتب مرويات المكثرين من الصَّحَابَة، على تراجم التَّابِعين، حَيْثُ جعل مرويات كل راو على حِدة. 3 - أما كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ - فِي بَيَان الْعِلَل - فبُدِئ بِذكر مَا يُؤَيّد رِوَايَة الحَدِيث الْوَارِدَة فِي السُّؤَال الموجه إِلَيْهِ، وَالَّتِي غَالِبا مَا تكون رِوَايَة الْوَصْل أَو الرّفْع أَو الرِّوَايَة المطولة، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يُوَافق الجادة، ثمَّ تُذكر أوجه اخْتِلَاف الروَاة من إرْسَال ووقف وَغَيرهمَا من صور علل الحَدِيث المتعددة، ثمَّ يبان الصَّوَاب من ذَلِك. 4 - تساق متون الْأَحَادِيث فِي سُؤال السَّائِل بِلَفْظ مُخْتَصر أَو بِمَا يدل على موضوعها غَالِبا، وَتَكون إِجَابَة الدَّارَقُطْنِيّ مترتبة على مَا فِي السُّؤَال بِحَيْثُ يقْتَصر الدَّارَقُطْنِيّ على ذكر أوجه اخْتِلَاف الروَاة فِي الحَدِيث، دون ذكر أَلْفَاظ الْمَتْن، إِلَّا عِنْد الْحَاجة. سابعاً: طَرِيقَته فِي تَخْرِيج الحَدِيث: يَعْزُو الدَّارَقُطْنِيّ الْأَحَادِيث إِلَى رواتها، وَقد يَسُوقهَا بِإِسْنَادِهِ، ويرتب الْجَمِيع بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى. ثامناً: جهود الْمُحَقِّقين فِي الْعِنَايَة بِهِ: اعتنى الدكتور مَحْفُوظ الرَّحْمَن زين الله السلَفِي بتحقيق كتاب علل الدَّارَقُطْنِيّ وَتَخْرِيج أَحَادِيثه، وطَبع مِنْهُ عدَّة مجلدات، وَأعد فِي نِهَايَة كل مُجَلد فهارس مُتعَدِّدَة، مِنْهَا: فهرس للأحاديث والْآثَار حسب أَوَائِل ألفاظها على حُرُوف المعجم، وفهرس لَهما على أَبْوَاب الْفِقْه، وفهرس لأَصْحَاب المسانيد بِحَسب حُرُوف المعجم، وفهرس للصحابة الْمَذْكُورين ضمنا بِحَسب حُرُوف المعجم، وفهرس للرواة عَن كل صَحَابِيّ بِحَسب حُرُوف المعجم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 المبحث الثَّالِث: طَريقَة الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِيهِ: يشق الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِي كتاب الْعِلَل عِنْد الْبَحْث فِيهِ مُبَاشرَة، لِأَنَّهُ مُرَتّب بِحَسب الرَّاوِي الْأَعْلَى دون مُرَاعَاة التَّرْتِيب المعجمي، مِمَّا يَدْعُو إِلَى اسْتِخْدَام الفهارس الَّتِي أعدهَا مُحَقّق الْكتاب فِي آخر كل مُجَلد، بِحَيْثُ يُسْتَفَاد من معرفَة اسْم صَحَابِيّ الحَدِيث المُخَرِّج فِي معرفَة مَوضِع مروياته فِيهِ، مثل حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْمسْح على النَّعْلَيْنِ، حَيْثُ يُسْتَفَاد من اسْم الصَّحَابِيّ وَهُوَ هُنَا: الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ فيتوصل إِلَى مَوضِع مروياته من خلال فهارس الْمُحَقق، وَهُوَ مَوْجُود فِي المجلد السَّابِع، ص 96، برقم (1235) ، وَلما كَانَ الْحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ يذكر المرويات بِدُونِ إِسْنَاد فِي الْغَالِب، فَإِن الْعزو إِلَيْهِ يكون بِعِبَارَة مشعرة بذلك كَأَن يُقَال: (ذكره الدَّارَقُطْنِيّ) ، أَو: (أوردهُ) ، وَإِن سَاق إِسْنَاده فَيُقَال: (أخرجه) ، أَو: (رَوَاهُ) ، أَو: (خَرَّجه) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الْفَصْل الْخَامِس: التَّخْرِيج من طَرِيق غَرِيب الفاظ الحَدِيث الْمرتبَة على الرَّاوِي الْأَعْلَى: المبحث الأول: التَّعْرِيف بغريب أَلْفَاظ الحَدِيث: الْمطلب الأول: مَعْنَاهُ: ... المبحث الأول: التَّعْرِيف بغريب أَلْفَاظ الحَدِيث: الْمطلب الأول: مَعْنَاهُ: لُغَة: الْغَرِيب من الغربة، وَهِي الْبعد عَن النَّاس، قَالَ الْجَوْهَرِي: "الغربة: الاغتراب، تَقول فِيهِ: غرب، واغترب بِمَعْنى، فَهُوَ: غَرِيب ... والغرباء: الأباعد"1، وَقَالَ ابْن مَنْظُور: "الغرب: الذّهاب والتنحي عَن النَّاس"2. اصْطِلَاحا: هُوَ: مَا يغمض مَعْنَاهُ من أَلْفَاظ الْمُتُون، قَالَ أَبُو سُلَيْمَان: حمد بن مُحَمَّد الْخطابِيّ - ت 388? -: "الْغَرِيب من الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ الغامض الْبعيد عَن الْفَهم"3 وَقَالَ أَيْضا: " ... يُرَاد بِهِ بعيد الْمَعْنى غامضه، لَا يتَنَاوَلهُ الْفَهم إِلَّا عَن ... معاناة فكر"4، وَيَقُول الصَّنْعَانِيّ: "هُوَ مَا يخفى من أَلْفَاظ الْمُتُون"5.   1 - الصِّحَاح 1/191. 2 - اللِّسَان، مَادَّة غرب 1/638. 3 - غَرِيب الحَدِيث 1/70. 4 - (1/71) . 5 - توضيح الأفكار (2/412) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الْمطلب الثَّانِي: أهميته: يعْتَبر هَذَا الْفَنّ من الْعُلُوم الَّتِي يُحتاج إِلَيْهَا فِي معرفَة مَعَاني الْأَحَادِيث، حَيْثُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم على الْمَتْن من جِهَة، واستنباط الْأَحْكَام مِنْهُ من جِهَة أُخْرَى، وَهُوَ صُورَة من صور شرح الحَدِيث فَيحْتَاج إِلَى علم وَاسع بِهَذَا الْفَنّ مَعَ التَّحَرِّي والدقة، فقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد: عَن حرف من غَرِيب الحَدِيث، فَقَالَ: "سلوا أَصْحَاب الْغَرِيب، فَإِنِّي أكره أَن أَتكَلّم فِي قَول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالظَّنِّ فأخطئ"6، وَيَقُول ابْن الصّلاح: "الْخَوْض فِيهِ لَيْسَ بالهين، والخائض فِيهِ حقيق بالتحرى،   6 - كَمَا فِي علل الْمَيْمُونِيّ 413. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الْمطلب الثَّالِث: أَنْوَاع المؤلفات فِيهِ: الجزء: 1 المبحث الثَّانِي: التَّعْرِيف بِكِتَاب غَرِيب الحَدِيث للحربي: المبحث الثَّالِث: طَريقَة الْوُصُول إِلَى الحَدِيث فِيهِ: الْفَصْل السَّادِس: التَّخْرِيج من طَرِيق الفهارس والموسوعات الْمرتبَة على الرَّاوِي العلى: الخاتمة: مُلْحق: بَيَان أسانيدي إِلَى عدد مصَادر السّنة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَحْث: أَولا: مُسْند الإِمَام الْحميدِي: ثَانِيًا: مُسْند الإِمَام أَحْمد: ثَالِثا: مُسْند الإِمَام أبي يعلى: رَابِعا: مُسْند الإِمَام الطَّيَالِسِيّ: الْخَامِس: المعجم الْكَبِير للْإِمَام الطَّبَرَانِيّ: سادساً: تحفة الْأَشْرَاف للْإِمَام الْمزي: سابعاً: إتحاف المهرة لِلْحَافِظِ ابْن حجر: الثَّامِن: الْعِلَل للْإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ: تاسعاً: غَرِيب الحَدِيث للْإِمَام الْحَرْبِيّ: مصَادر ومراجع فهرس المصادر والمراجع - الْقُرْآن الْكَرِيم. - الْآحَاد والمثاني لِابْنِ أبي عَاصِم، تَحْقِيق: د. باسم فيصل الجوابرة، نشر: دَار الرَّايَة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1411هـ. - إتحاف الْخيرَة المهرة بزوائد المسانيد الْعشْرَة، لِأَحْمَد بن أبي بكر البوصيري، تَحْقِيق: عَادل السعد، نشر: مكتبة الرشد فِي الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ. - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أَطْرَاف الْعشْرَة، لِأَحْمَد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي، تَحْقِيق: د. زُهَيْر النَّاصِر، نشر: الجامعة الإسلامية فِي الْمَدِينَة، الطبعة الأولى 1415هـ. - اخْتِصَار عُلُوم الحَدِيث، لأبي الْفِدَاء: إِسْمَاعِيل بن عمر ابْن كثير الدِّمَشْقِي - مَعَ الْبَاعِث الحثيث لِأَحْمَد شَاكر -، نشر: دَار العاصمة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ. - الِاسْتِيعَاب فِي معرفَة الْأَصْحَاب، لِابْنِ عبد الْبر، نشر: دَار صادر فِي بيروت، الطبعة الأولى، 1328هـ. - إرشاد طلاب الْحَقَائِق إِلَى معرفَة سنَن خير الْأَنَام صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للْإِمَام النَّوَوِيّ، تَحْقِيق عبد الْبَارِي فتح الله السلَفِي، نشر: مكتبة الْإِيمَان فِي الْمَدِينَة المنورة، الطبعة الأولى 1408هـ. - أَسد الغابة فِي معرفَة الصَّحَابَة، لِابْنِ الْأَثِير، نشر دَار الْفِكر فِي بيروت. - الْإِصَابَة فِي تَمْيِيز الصَّحَابَة، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، نشر: دَار صادر فِي بيروت، الطبعة الأولى، 1328هـ. - أصُول التَّخْرِيج ودراسة الْأَسَانِيد، للدكتور مَحْمُود الطَّحَّان، نشر: دَار الْقُرْآن فِي بيروت، الطبعة الثَّالِثَة 1401هـ. - إطراف المُسْنِد المُعْتَلي بأطراف المُسْنَد الْحَنْبَلِيّ، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، تَحْقِيق: د. زُهَيْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ابْن نَاصِر النَّاصِر، نشر: دَار ابْن كثير فِي دمشق، الطبعة الأولى 1414هـ. - الإلماع إِلَى معرفَة أصُول الرِّوَايَة وَتَقْيِيد السماع، للْقَاضِي عِيَاض الْيحصبِي، تَحْقِيق: أَحْمد صقر، نشر: دَار التراث فِي الْقَاهِرَة 1398هـ. - إنباء الْغمر بأبناء الْعُمر، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، نشر مجْلِس دَائِرَة الْمُعَرّف العثمانية فِي الْهِنْد، الطبعة الأولى 1405هـ. - الْأَنْسَاب، للسمعاني، تَحْقِيق: عبد الرَّحْمَن المعلمي، نشر: مجْلِس دَائِرَة المعارف العثمانية فِي الْهِنْد، الطبعة الأولى 1383هـ. - الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة، لِلْحَافِظِ ابْن كثير، تَحْقِيق: د. أَحْمد أَبُو ملحم، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. - الْبَدْر الْمُنِير فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الشَّرْح الْكَبِير، لعمر بن عَليّ بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الملَقِّن، تَحْقِيق: جمال السَّيِّد، نشر: دَار العاصمة فِي الرياض، الطبعة الأولى عَام 1414هـ. - برنامج مُحَمَّد بن جَابر الْوَادي آشي، تَحْقِيق: مُحَمَّد الحبيب الهيلة، نشر: مَرْكَز البحوث العلمي فِي مَكَّة المكرمة، طبعة 1401هـ. - بغية الملتمس فِي تأريخ رجال أهل الأندلس، للضبي، نشر: روخس 1884م. - تَاج اللُّغَة، انْظُر: الصِّحَاح. - تأريخ بَغْدَاد، لأبي بكر: أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت. - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، تَحْقِيق: عَليّ البجاوي، نشر: المؤسسة المصرية الْعَامَّة. - التتبع، للدارقطني، تَحْقِيق: د. مقبل بن هادي الوادعي، نشر مطبعة الْمدنِي فِي مصر. - تَجْرِيد أَسَانِيد الْكتب الْمَشْهُورَة، انْظُر: المعجم المفهرس. - تحفة الْأَشْرَاف بِمَعْرِِفَة الْأَطْرَاف، للمزي، تَحْقِيق: عبد الصَّمد شرف الدّين، نشر: الدَّار الْقيمَة فِي الْهِنْد 1384هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 - تحفة الطَّالِب بِمَعْرِِفَة أَحَادِيث مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب، لأبي الْفِدَاء: إِسْمَاعِيل بن عمر ابْن كثير، تَحْقِيق: عبد الْغَنِيّ بن حميد الكبيسي، نشر دَار حراء فِي مَكَّة، الطبعة الأولى 1406هـ. - تذكرة الْحفاظ، لأبي عبد الله: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الذَّهَبِيّ، نشر: دَار الْفِكر الْعَرَبِيّ. - تذكرة الْحفاظ، لِابْنِ طَاهِر القيسراني الْمَقْدِسِي، تَحْقِيق: عبد الْمجِيد السلَفِي، نشر: دَار الصميعي فِي الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ. - تذكرة السَّامع والمتكلم، لأبي إِسْحَاق: إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة، نشر دَار الْكتب العلمية فِي بيروت. - تَرْتِيب أَحَادِيث وآثار الْمسند، للْإِمَام أبي بكر الْحميدِي، لمُحَمد اللحيدان، نشر: دَار العاصمة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1408هـ. - تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة الَّذين أخرج حَدِيثهمْ أَحْمد بن حَنْبَل فِي مُسْنده، لِلْحَافِظِ أبي الْقَاسِم: عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن عَسَاكِر، تَحْقِيق: د. عَامر صبري، نشر: دَار البشائر الإسلامية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1409هـ. - تَرْتِيب أَطْرَاف أَحَادِيث مُسْند الطَّيَالِسِيّ، لسعد المزعل، نشر: دَار الْأَقْصَى فِي الكويت، الطبعة الأولى 1407هـ. - تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات، لأبي زَكَرِيَّا: يحيى بن شرف النَّوَوِيّ، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت. - تَهْذِيب التَّهْذِيب، لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي، نشر: دَار الْفِكر فِي بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ. - تَهْذِيب الْكَمَال، لأبي الْحجَّاج: يُوسُف الْمزي، تَحْقِيق: د. بشار عواد، نشر: مؤسسة الرسَالَة، الطبعة الأولى 1418هـ. - تَهْذِيب اللُّغَة، لأبي مَنْصُور: مُحَمَّد بن أَحْمد الْأَزْهَرِي، نشر: دَار القومية الْعَرَبيَّة فِي مصر، طبعة 1384هـ. - توضيح الأفكار، للصنعاني، نشر: إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ فِي بيروت، الطبعة الأولى 1366هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 - الثِّقَات، لِلْحَافِظِ ابْن حبَان، نشر: مكتبة مَدِينَة الْعلم فِي مَكَّة، الطبعة الأولى 1399هـ. - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السَّامع، لأبي بكر: أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ، تَحْقِيق: مَحْمُود الطَّحَّان، نشر: مكتبة المعارف فِي الرياض، طبعة 1403هـ. - جَامع المسانيد وَالسّنَن الْهَادِي لأَقوم سنَن، لِلْحَافِظِ ابْن كثير، تَخْرِيج: د. عبد الْمُعْطِي قلعجي، نشر: دَار الْفِكر فِي بيروت، 1415هـ. - الْجَامِع الْمسند الصَّحِيح الْمُخْتَصر من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسننه وأيامه، لأبي عبد الله: مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، نشر: بَيت الأفكار الدولية فِي الرياض، طبعة 1419هـ. - الْجرْح وَالتَّعْدِيل، لأبي مُحَمَّد: عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1372هـ. - جُزْء من عَاشَ مئة وَعشْرين سنة من الصَّحَابَة، لأبي زَكَرِيَّا بن مَنْدَه، تَحْقِيق: مَشْهُور حسن سلمَان، نشر: دَار الريان فِي بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ. - جمع الْجَوَامِع، للسيوطي، مخطوط فِي دَار الْكتب المصرية برقم 95 حَدِيث. - الْجَوَاهِر والدرر فِي تَرْجَمَة شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر، للسخاوي، تَحْقِيق: إِبْرَاهِيم باجس عبد الْمجِيد، نشر: دَار ابْن حزم فِي بيروت، الطبعة الأولى 1419هـ. - حسن المحاضرة فِي تأريخ مصر والقاهرة، للسيوطي، تَحْقِيق: مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم، نشر: دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة فِي مصر، الطبعة الأولى 1387هـ. - خَصَائِص أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب، للنسائي، تَخْرِيج أبي إِسْحَاق الحويني الأثري، نشر: دَار الْكتب الْعَرَبِيّ فِي بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ. - ذخائر الْمَوَارِيث فِي الدّلَالَة على مَوَاضِع الحَدِيث، لعبد الْغَنِيّ النابلسي، نشر: دَار الْمعرفَة فِي بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 - ذخيرة الْحفاظ الْمخْرج على الْحُرُوف والألفاظ، لِابْنِ طَاهِر الْمَقْدِسِي، تَحْقِيق: د. عبد الرَّحْمَن الفريوائي، نشر: دَار السّلف فِي الرياض، الطبعة الأولى 1416هـ. - الذُّرِّيَّة الطاهرة النَّبَوِيَّة، لأبي بشر الدولابي، تَحْقِيق: سعد الْمُبَارك الْحسن، نشر: الدَّار السلفية فِي الكويت، الطبعة الأولى 1407هـ. - ذيل تذكرة الْحفاظ، لأبي المحاسن الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي، نشر: دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ فِي بيروت. - الرسَالَة المستطرفة لبَيَان مَشْهُور كتب السّنة المشرفة، لمُحَمد بن جَعْفَر الكتاني، تَحْقِيق: مُحَمَّد الْمُنْتَصر ابْن مُحَمَّد الكتاني، نشر: دَار البشائر الإسلامية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ. - زَوَائِد عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند، للدكتور عَامر حسن صبري، نشر: دَار البشائر الإسلامية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. - سُؤَالَات أبي عبد الرَّحْمَن: مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد السَلمي، للدارقطني فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل، تَحْقِيق: سُلَيْمَان آتش، نشر: دَار الْعُلُوم فِي الرياض 1408هـ. - سُؤَالَات مَسْعُود السجْزِي، للْحَاكِم، تَحْقِيق: د. موفق عبد الْقَادِر، نشر دَار الغرب الإسلامي فِي بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ. - سير أَعْلَام النبلاء، لأبي عبد الله: مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الذَّهَبِيّ، نشر: مؤسسة الرسَالَة فِي بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ. - الصِّحَاح تَاج اللُّغَة وصحاح الْعَرَبيَّة، لإسماعيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي، نشر: دَار الْعلم للملايين فِي بيروت، الطبعة الثَّانِيَة 1404هـ. - صَحِيح البُخَارِيّ، انْظُر: الْجَامِع الصَّحِيح الْمُخْتَصر. - صَحِيح مُسلم، انْظُر: الْمسند الصَّحِيح الْمُخْتَصر. - طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى، للسبكي، تَحْقِيق: مُحَمَّد الطناحي، نشر: دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة فِي مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 - طَبَقَات عُلَمَاء الحَدِيث، لِابْنِ عبد الْهَادِي، تَحْقِيق: أكْرم البوشي، نشر: مؤسسة الرسَالَة فِي بيروت، الطبعة الأولى 1409هـ. - طرق تَخْرِيج حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للدكتور: عبد الْمهْدي بن عبد الْقَادِر بن عبد الْهَادِي، نشر: دَار الِاعْتِصَام. - علل التِّرْمِذِيّ الْكَبِير، تَرْتِيب أبي طَالب: مَحْمُود بن عَليّ القَاضِي، تَحْقِيق: حَمْزَة ديب، نشر: مكتبة الْأَقْصَى فِي الْأُرْدُن، الطبعة الأولى 1406هـ. - الْعِلَل الْوَارِدَة فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ، للدارقطني، تَحْقِيق: د. مَحْفُوظ الرَّحْمَن السلَفِي، نشر: دَار طيبَة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ. - الْعِلَل وَمَعْرِفَة الرِّجَال، لأبي عبد الله: أَحْمد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ، رِوَايَة ابْنه عبد الله، تَحْقِيق: وَصِيّ الله عَبَّاس، نشر: الْمكتب الإسلامي، الطبعة الأولى 1408هـ. - الْعلم، لأبي خَيْثَمَة: زُهَيْر النَّسَائِيّ، ضمن مَجْمُوع مَعَ كتاب الْإِيمَان لِابْنِ أبي شيبَة بتخريج الْعَلامَة مُحَمَّد نَاصِر الدّين الألباني، نشر: دَار الأرقم فِي الكويت. - عُلُوم الحَدِيث، لأبي عَمْرو: عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الشَّهْرَزوري ابْن الصّلاح، تَحْقِيق: نور الدّين عتر، نشر: دَار الْفِكر فِي دمشق، 1406هـ. - غَرِيب الحَدِيث للْإِمَام الْحَرْبِيّ، تَحْقِيق: د. سُلَيْمَان العايد، نشر: دَار الْمدنِي فِي جدة، الطبعة الأولى 1405هـ. - غَرِيب الحَدِيث، للخطابي، تَحْقِيق: د. عبد الْكَرِيم العزباوي، نشر: دَار الْفِكر فِي دمشق، 1402هـ. - الْفَتْح الرباني بترتيب مُسْند الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ، للعلامة أَحْمد بن عيد الرَّحْمَن الْبَنَّا الشهير بالساعاتي، نشر: دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ، الطبعة الثَّانِيَة. - فتح المغيث شرح ألفية الحَدِيث، لمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن السخاوي، تَحْقِيق: عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان، نشر: المكتبة السلفية فِي الْمَدِينَة المنورة، الطبعة الثَّانِيَة 1388هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 - فَضَائِل الصَّحَابَة، للْإِمَام أَحْمد، تَحْقِيق: وَصِيّ الله بن مُحَمَّد عَبَّاس، نشر: مَرْكَز الْبَحْث العلمي فِي مَكَّة، الطبعة الأولى 1403هـ. - فهارس المعجم الْكَبِير للطبراني، لعدنان عرعور، نشر: دَار الرَّايَة فِي الرياض. - فهرس أَحَادِيث مُسْند الإِمَام أَحْمد، لمُحَمد السعيد بن بسيوني زغلول، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. - فهرس أَحَادِيث مُسْند الْحميدِي، ليوسف عبد الرَّحْمَن المرعشلي، نشر دَار النُّور الإسلامي فِي بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ. - فَوَات الوفيات، لمُحَمد بن شَاكر الكتبي، تَحْقِيق: د. إِحْسَان عَبَّاس، نشر: دَار صادر فِي بيروت. - كشف اللثام عَن أسرار تَخْرِيج حَدِيث سيد الْأَنَام صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للدكتور: عبد الْمَوْجُود مُحَمَّد عبد اللَّطِيف، نشر: مكتبة الْأَزْهَر، الطبعة الأولى 1404هـ. - كنز الْعمَّال فِي سنَن الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال، لعَلي بن حسام الدّين الْهِنْدِيّ، نشر: مؤسسة الرسَالَة فِي بيروت 1399هـ. - لِسَان الْعَرَب، لأبي الْفضل: مُحَمَّد بن مكرم بن مَنْظُور الأفريقي الْمصْرِيّ، نشر: دَار صادر فِي بيروت. - مجمع الزَّوَائِد ومنبع الْفَوَائِد، لعَلي بن أبي بكر الهيثمي، نشر: دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ فِي بيروت، الطبعة الثَّانِيَة 1402هـ. - الْمجمع المُؤسس للمعجم المفهرس، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، تَحْقِيق: د. يُوسُف المرعشلي، نشر: دَار الْمعرفَة فِي بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ. - الْمُحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي، لِلْحسنِ بن عبد الرَّحْمَن الرَّامَهُرْمُزِي، نشر: دَار الْفِكر فِي بيروت، الطبعة الثَّالِثَة 1404هـ. - المخزون فِي علم الحَدِيث، لأبي الْفَتْح الْأَزْدِيّ، تَحْقِيق: مُحَمَّد إقبال السلَفِي، نشر: الدَّار العلمية فِي دلهي، الطبعة الأولى 1408هـ. - مرشد الْمُحْتَار إِلَى مَا فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد من الْأَحَادِيث والْآثَار، لحمدي عبد الْمجِيد السلَفِي، نشر: مكتبة ابْن تَيْمِية فِي الكويت، الطبعة الأولى 1404هـ. - مسَائِل عبد الله بن الإِمَام أَحْمد، انْظُر: الْعِلَل وَمَعْرِفَة الرِّجَال. - مُسْند أبي بكر: عبد الله بن الزبير الْحميدِي، تَحْقِيق: حبيب الرَّحْمَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الأعظمي، نشر: عَالم الْكتب فِي بيروت. - مُسْند أبي دَاوُد سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، نشر دَار الْمعرفَة فِي بيروت. - مُسْند أبي يعلى أَحْمد بن عَليّ الْمثنى الْموصِلِي، تَحْقِيق: حُسَيْن سليم أَسد، نشر: دَار الْمَأْمُون للتراث فِي دمشق، الطبعة الأولى 1404هـ. - مُسْند الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ، نشر: دَار صادر فِي بيروت. - الْمسند الْجَامِع، للدكتور بشار عواد مَعْرُوف، نشر: دَار الجيل فِي بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ. - الْمسند الصَّحِيح الْمُخْتَصر من السّنَن بِنَقْل الْعدْل عَن الْعدْل، لأبي الْحُسَيْن: مُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي، تَحْقِيق: مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، نشر: دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ فِي بيروت. - المصعد الأحمد فِي ختم مُسْند الإِمَام أَحْمد، لِابْنِ الْجَزرِي، المطبوع فِي أول مُسْند الإِمَام أَحْمد، تَحْقِيق: أَحْمد شَاكر، نشر: دَار المعارف فِي مصر 1377هـ. - المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية، لِأَحْمَد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي، تَحْقِيق: أَيمن أَبُو يماني، وأشرف صَلَاح عَليّ، نشر: مؤسسة قرطبة 1418هـ. - مُعْجم الْبلدَانِ، لياقوت بن عبد الله الْحَمَوِيّ، نشر: دَار صادر فِي بيروت 1404هـ. - مُعْجم شُيُوخ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمسند، للدكتور: عَامر حسن صبري، نشر: دَار البشائر الإسلامية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ. - مُعْجم الصَّحَابَة، لِابْنِ قَانِع، تَحْقِيق: صَلَاح المصراتي، نشر: مكتبة الغرباء الأثرية فِي الْمَدِينَة، الطبعة الأولى 1418هـ. - المعجم الْكَبِير، للْإِمَام الطَّبَرَانِيّ، تَحْقِيق: حمدي عبد الْمجِيد السلَفِي، الطبعة الثَّانِيَة. - المعجم الْمُخْتَص (بالمحدثين) ، للْإِمَام الذَّهَبِيّ، تَحْقِيق: د. مُحَمَّد الحبيب الهيلة، نشر: مكتبة الصّديق فِي الطَّائِف، الطبعة الأولى 1408هـ. - مُعْجم مسانيد كتب الحَدِيث، لسامي التُوني، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1417هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 - المعجم المفهرس أَو تَجْرِيد أَسَانِيد الْكتب الْمَشْهُورَة والأجزاء المنثورة، - لأبي الْفضل: أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي، تَحْقِيق: مُحَمَّد شكور، نشر: مؤسسة الرسَالَة فِي بيروت الطبعة الأولى 1418هـ. - مُعْجم مقاييس اللُّغَة، لأبي الْحُسَيْن: أَحْمد بن فَارس بن زَكَرِيَّا، نشر: مكتبة الخانجي فِي مصر، الطبعة الثَّالِثَة 1402هـ. - معرفَة الصَّحَابَة، لأبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ، تَحْقِيق: عَادل العزازي، نشر: دَار الوطن فِي الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ. - المفاريد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لأبي يعلى الْموصِلِي، تَحْقِيق: يُوسُف الجديع، نشر: مكتبة دَار الْأَقْصَى فِي الكويت، الطبعة الأولى 1405هـ. - الْمَقْصد العلى فِي زَوَائِد أبي يعلي الْموصِلِي، لِلْحَافِظِ الهيثمي، تَحْقِيق: سيد كسروي، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ. - منهاج السّنة فِي نقض كَلَام الشِّيعَة والقدرية، لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، نشر: مكتبة الرياض الحديثة فِي الرياض. - الْمنْهَج الأسعد فِي تَرْتِيب أَحَادِيث مُسْند الإِمَام أَحْمد، لعبد الله نَاصِر عبد الرشيد رحماني، نشر: دَار طيبَة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1411هـ. - موسوعة أَطْرَاف الحَدِيث النَّبَوِيّ الشريف، لأبي هَاجر: مُحَمَّد السعيد بن بسيوني زغلول، نشر: عَالم التراث فِي بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. - موسوعة الحَدِيث النَّبَوِيّ، للدكتور عبد الْملك بكر عبد الله قَاضِي، نشر: دَار العاصمة فِي الرياض، الطبعة الأولى 1409هـ. - نخبة الْفِكر، لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي، مَعَ النكت، لعَلي بن حسن الأثري الْحلَبِي، نشر: دَار ابْن الْجَوْزِيّ فِي الرياض، الطبعة الثَّالِثَة 1416هـ. - نظم العقيان فِي أَعْيَان الْأَعْيَان، للسيوطي، نشر: المكتبة العلمية فِي بيروت. - النكت الظراف على الْأَطْرَاف، لِلْحَافِظِ ابْن حجر، تَحْقِيق: عبد الصَّمد شرف الدّين فِي حَاشِيَة: "تحفة الْأَشْرَاف، للمزي"، نشر الدَّار الْقيمَة فِي الْهِنْد 1384هـ. - النكت على كتاب ابْن الصّلاح، لأبي الْفضل: أَحْمد بن عَليّ بن حجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 الْعَسْقَلَانِي، تَحْقِيق: مَسْعُود عبد الحميد السعدني، نشر: دَار الْكتب العلمية فِي بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ. - النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث، لأبي السعادات ابْن الْأَثِير، تَحْقِيق: طَاهِر الزاوي، نشر: المكتبة العلمية فِي بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230