الكتاب: كتاب السير من التهذيب المؤلف: محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى: 516هـ) المحقق: راوية بنت أحمد الظهار الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (34) - العدد (117)   1422هـ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- كتاب السير من التهذيب البغوي ، أبو محمد الكتاب: كتاب السير من التهذيب المؤلف: محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى: 516هـ) المحقق: راوية بنت أحمد الظهار الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة (34) - العدد (117)   1422هـ   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ال ْمُقدمَة إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه، وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، بلغ الرسَالَة وَأدّى الْأَمَانَة وجاهد فِي الله حق جهاده، فصلوات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَمن اتبع هَدْيه إِلَى يَوْم الدّين. أما بعد؛ فَإِن الْجِهَاد فِي الْإِسْلَام ذرْوَة سنامه، وَهُوَ من أهم مبادئ الْإِسْلَام الْعُظْمَى لِأَنَّهُ سَبِيل عزة هَذِه الْأمة وكرامتها وسيادتها؛ لهَذَا كَانَ فَرِيضَة محكمَة وأمراً مَاضِيا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَمَا ترك قوم الْجِهَاد إِلَّا ذلوا وصغروا وغزاهم عدوهم فِي دَارهم، ويعد الْجِهَاد من أفضل الْأَعْمَال عِنْد الله، وَلَقَد تمنى الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحوز دَرَجَة الشَّهَادَة فِي سَبيله. وَلَقَد قَرَأت كتاب السّير من كتاب التَّهْذِيب للْإِمَام الْبَغَوِيّ وَلما وجدته لهَذَا الْبَاب من أهمية، ولأهمية كتاب التَّهْذِيب استخرت الله وحققت هَذَا الْجُزْء، راجية من الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَن يتقبله مني ويثقل بِهِ موازيني ووالديّ. وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين. وَصلى الله وَسلم على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 الإِمَام الْبَغَوِيّ نسبه ومولده ونشأته وَصِفَاته: أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الْفراء الْبَغَوِيّ الشَّافِعِي1. كَانَ أَبوهُ يعْمل الْفراء ويبيعها وإليها نسب2، وَسمي بالبغوي نِسْبَة إِلَى بَلْدَة من بِلَاد خُرَاسَان بَين مرو وهراة يُقَال لَهَا بغ وبغشور3، وَقيل بغشور اسْم الْولَايَة، وَاسم الْمَدِينَة بغ4. ولقب بعدة ألقاب مِنْهَا: محيي السّنة5، وركن الدّين6، وظهير الدّين7، وقامع الْبِدْعَة8،   1 - انْظُر تَرْجَمته: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي 457، تَهْذِيب تَارِيخ ابْن عَسَاكِر 4/348، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 2/193، العبر 2/406، الْأَنْسَاب 1/164، الرسَالَة المستطرفة 32، التَّقْيِيد 1/305، تَتِمَّة الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر 2/39، مُعْجم المؤلفين 4/61، مُعْجم الْبلدَانِ 1/468، النُّجُوم الزاهرة 5/223، سير أَعْلَام النبلاء 19/439، الوافي بالوفيات 13/63، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي 1/161، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي 38، تذكرة الْحفاظ 4/1257، طَبَقَات ابْن أبي شُهْبَة 1/310، طَبَقَات الأسنوي 1/206، طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله 200 شذرات الذَّهَب 4/48، التَّفْسِير والمفسرون 1/234 طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/214، وفيات الْأَعْيَان 2/136 اللّبَاب 1/164 الْأَعْلَام 2/259 دَائِرَة المعارف الإسلامية 4/27. 2 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/440، شذرات الذَّهَب 4/49. 3 - انْظُر: الْأَنْسَاب 2/254، اللّبَاب 1/164، مُعْجم الْبلدَانِ 1/468، الرسَالَة المستطرفة 32، طَبَقَات الأسنوي 1/206 طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله 201، الْأَعْلَام 2/259. 4 - انْظُر: مِفْتَاح السَّعَادَة 1/477. 5 - انْظُر: الرسَالَة المستطرفة 32، التَّقْيِيد 1/305، العبر 2/406. 6 - انْظُر: طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي 38، الرسَالَة المستطرفة 32، طَبَقَات الدَّاودِيّ 1/161، سير أَعْلَام النبلاء 19/441. 7 - انْظُر: وفيات الْأَعْيَان 2/136. 8 - انْظُر: مشكاة المصابيح 1/3. الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وَشَيخ الْإِسْلَام1. ولد الإِمَام الْبَغَوِيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة 433هـ2، وَقيل: سنة 436هـ3 وَاخْتلفت المصادر فِي الْمدَّة الَّتِي عاشها فبعض ذكر أَنه عَاشَ بضعاً وَسبعين سنة4 وَالْبَعْض ذكر أَنه جَاوز الثَّمَانِينَ5، وَبَعضهَا الآخر ذكر أَنه أشرف على التسعين6. ويبدو أَنه نَشأ فِي بَلْدَة بغشور، وتلقى مبادئ الْعلم فِيهَا، ثمَّ رَحل إِلَى مرو الروذ؛ ليتلقى الْعلم على أَيدي علمائها، وَهُنَاكَ التقى بإمامها فِي ذَلِك الْعَصْر القَاضِي حُسَيْن بن مُحَمَّد الْمروزِي، فتتلمذ عَلَيْهِ، ونهل من علمه، ودرس عَلَيْهِ الْمَذْهَب الشَّافِعِي. وَلم يكتف بِأخذ الْعلم من مرو الروذ بل نرَاهُ يُوسع دَائِرَة رحلاته إِلَى بِلَاد أُخْرَى لم تذكر لنا كتب التراجم أسماءها، وَلَكِن أجمل ذَلِك ابْن تغري بردي حَيْثُ قَالَ: "رَحل إِلَى الْبِلَاد وَسمع الْكثير.."7. وَمَعَ كَثْرَة رحلاته لم يذهب إِلَى بَغْدَاد، كَمَا أَنه لم يذهب إِلَى أَرض الْحَرَمَيْنِ وَلم يحجّ. وانْتهى بِهِ الْمقَام فِي مرو الروذ حَتَّى توفّي فِيهَا فِي شَوَّال سنة 516هـ. وَكَانَ - رَحمَه الله - ذَا علم غزير أثر فِي أخلاقه وسلوكه الشخصي؛ إِذْ إِنَّه لم يجرد هَذَا الْعلم عَن الْعَمَل بل كَانَ جَامعا بَينهمَا.   1 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/439. 2 - انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ 1/468. 3 - انْظُر: الْأَعْلَام 2/259. 4 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/442، مُعْجم المؤلفين 4/61. 5 - انْظُر: تذكرة الْحفاظ 4/1258، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي 39، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة 11/3، شذرات الذَّهَب 4/49، التَّفْسِير والمفسرون 1/335، مُعْجم المؤلفين 4/61. 6 - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/215. 7 - انْظُر: النُّجُوم الزاهرة 5/223. الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 يَقُول ابْن السُّبْكِيّ: "كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا ورعاً زاهداً فَقِيها مُحدثا مُفَسرًا جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل"1. شُيُوخه وتلاميذه2: أَولا: شُيُوخه: تتلمذ الإِمَام الْبَغَوِيّ عَليّ شُيُوخ أجلاء فِي التَّفْسِير، والْحَدِيث، وَالْفِقْه مِنْهُم: القَاضِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمروزِي3، وَأَبُو عمر عبد الْوَاحِد المليحي4، وَأَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف الْجُوَيْنِيّ5، وَحسان بن مُحَمَّد المنيعي6، وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن الْهَيْثَم الترابي7، وَأَبُو بكر يَعْقُوب بن أَحْمد الصَّيْرَفِي8، وَأَبُو الْحسن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الدَّاودِيّ9.   1 - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/214. 2 - انْظُر شُيُوخه وتلاميذه: مُقَدّمَة مصابيح السّنة 1/37، ومقدمة الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار 1/68. 3 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/260، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ 112، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/164، تبصير المنتبه 4/1357. 4 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/255، اللّبَاب 3/256، تذكرة الْحفاظ 3/1131، بغية الوعاة 2/119. 5 - انْظُر تَرْجَمته: طَبَقَات الأسنوي 1/340، شذرات الذَّهَب 3/262. 6 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/265، المنتظم 8/270، الْكَامِل فِي التَّارِيخ 10/69، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 12/103. 7 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/251، الْأَنْسَاب 3/35، الْإِكْمَال 1/534. 8 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/245، تذكرة الْحفاظ 3/1160، العبر 3/62، شذرات الذَّهَب 3/325. 9 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 18/222، المنتظم 8/296، النُّجُوم الزاهرة 5/99، فَوَات الوفيات 2/56. الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 ثَانِيًا: تلاميذه: أَبُو عَليّ الْحسن بن مَسْعُود الْبَغَوِيّ1، أَبُو الْفتُوح مَسْعُود بن أَحْمد ابْن يُوسُف الْخَطِيب البامنجي2، وَأَبُو الْفتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّائِي3، وَأَبُو عَمْرو عُثْمَان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشَّاشِي الفاشاني4، وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الشَّاشِي الفاشاني5، وَأَبُو مَنْصُور مُحَمَّد ابْن أسعد العطاري الْمَعْرُوف بحفدة6، وَأَبُو المكارم فضل الله بن محمدالنوقاني7. مؤلفاته: كَانَ الْبَغَوِيّ - رَحمَه الله - مُفَسرًا، ومحدثاً، وفقيهاً، وعالماً بالقراءات وبسيرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد شملت مؤلفاته كل تِلْكَ الْعُلُوم. قَالَ عَنهُ السُّبْكِيّ: "وَقدره عَال فِي الدّين، وَفِي التَّفْسِير، وَفِي الحَدِيث، وَفِي الْفِقْه ... "8. وَمن مؤلفاته فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وعلومه:   1 - انْظُر تَرْجَمته: التحبير 1/213، سير أَعْلَام النبلاء 19/442. 2 - انْظُر تَرْجَمته: التحبير 2/297، طَبَقَات السُّبْكِيّ 7/296. 3 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 2/360، النُّجُوم الزاهرة 5/333، الوافي بالوفيات 1/144، العبر 4/159. 4 - انْظُر تَرْجَمته: الحبير 2/174، طَبَقَات السُّبْكِيّ 6/165. 5 - انْظُر تَرْجَمته: التحبير 2/297، طَبَقَات السُّبْكِيّ 7/296. 6 - انْظُر تَرْجَمته: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 12/299، وفيات الْأَعْيَان 3/373، شذرات الذَّهَب 4/240. 7 - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء 21/413، طَبَقَات السُّبْكِيّ 8/349. 8 - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/215. الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 1 - معالم التَّنْزِيل فِي التَّفْسِير1 مطبوع2. 2 - الْكِفَايَة فِي علم الْقِرَاءَة3 "مخطوط"4. 3 - مُشكل الْقُرْآن. ذكره مُحَقّق الأنوارفي شمائل النَّبِي المختارللبغوي نقلا عَن ابْن الفوطي 5. مؤلفاته فِي الحَدِيث: 1 - مصابيح السّنة6"مطبوع"7.   1 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/440، مُعْجم الْبلدَانِ 1/468، طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/214. مرقاة المفاتيح 1/10، مُعْجم المؤلفين 4/61، الْأَعْلَام 2/259. 2 - طبع على الْحجر فِي بومباي عَام 1269م، وطبع أَيْضا على الْحجر فِي فَارس من دون تَارِيخ فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وأعيد طبعه فِي بومباي عَام 1296م /1309هـ وطبع فِي الْقَاهِرَة عَام 1305هـ وعام 1331هـ على هَامِش لباب التَّأْوِيل للخازن، وَسنة 1345هـ على هَامِش تفسيرابن كثير، وطبع فِي دَار الفكرفي بيروت عَام1404هـ. قلت: وَقد قَامَ بتحقيقه مُؤَخرا الأستاذان خَالِد العك، ومروان سوار ونشرته دَار الْمعرفَة فِي بيروت عَام 1406هـ فِي 4 مجلدات. 3 - انْظُر: كشف الظنون 2/1499، هَدِيَّة العارفين 1/312. 4 - الْكتاب مَوْجُود فِي مكتبة الْأَوْقَاف الْعَامَّة فِي الْموصل ضمن الْمَجْمُوع 37/16. انْظُر: فهرس مخطوطات مكتبة الْأَوْقَاف الْعَامَّة بالموصل. 5 - انْظُر: مُقَدّمَة الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار1/68. 6 - انْظُر: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي 457، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 4/348، تَتِمَّة الْمُخْتَصر 2/39، التَّقْيِيد 1/305، مِفْتَاح السَّعَادَة 1/477، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة 1/311 التَّفْسِير والمفسرون 1/253. 7 - الْكتاب مطبوع فِي جزأين فِي بولاق عَام 1294هـ وَمَعَهُ موطأ مَالك، وطبع فِي جزأين بِمصْر عَام 1318هـ، وَقد أُعِيد تَصْوِير الطبعة البولاقية بدار الْقَلَم فِي بيروت مُؤَخرا مُجَرّدَة من موطأ مَالك. قلت: وَقد طبع مُؤَخرا بدار الْمعرفَة ببيروت بتحقيق الدكتور يُوسُف مرعشلي، وَمُحَمّد سليم سماره، وجمال حمدي الذَّهَبِيّ سنة 1407هـ. انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة 1/54. الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 2 - شرح السّنة1 "مطبوع"2. 3 - شرح الْجَامِع لِلتِّرْمِذِي3 "مخطوط"4. 4 - الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ5. وَالْكتاب لم أَقف عَلَيْهِ. 5 - الْمدْخل إِلَى مصابيح السّنة6 "مخطوط"7. 6 - الْأَرْبَعين حَدِيثا8 أَو الْأَرْبَعين الصَّغِير9 "مخطوط". 7 - الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار10 "مطبوع"11. 8 - مُعْجم الشُّيُوخ12 "مخطوط".   1 - انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ 1/468، طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي 457، تذكرة الْحفاظ 4/1257، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي 39، وفيات الْأَعْيَان 2/136 الوافي بالوفيات 13/63. 2 - الْكتاب مطبوع بتحقيق شُعَيْب الأرناؤوط، وَزُهَيْر الشاويش، نشره الْمكتب الإسلامي ببيروت عَام 1390هـ فِي 16 مجلدا. 3 - انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ 6/245. 4 - الْكتاب مازال مخطوطاً، وتوجد مِنْهُ نُسْخَة مخطوطة بِالْمَدِينَةِ المنورة. انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة 1/45. 5 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/440، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي 39، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي 161، شذرات الذَّهَب 4/49، طَبَقَات ابْن قَاضِي أبي شُهْبَة 1/311. 6 - انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ 6/235. 7 - انْظُر مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة 46. تُوجد نُسْخَة مخطوطة من الْكتاب فِي مكتبة قولة بِالْقَاهِرَةِ. 8 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/440. 9 - انْظُر: التحبير 1/459. 10 - انْظُر: مُعْجم المؤلفين 4/61، هَدِيَّة العارفين 1/312، وَقد أسماه إرشاد الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار. 11 - طبع الْكتاب بتحقيق الشَّيْخ إِبْرَاهِيم اليعقوبي، نشرته دَار الضياء للطباعة والنشر بيروت، الطبعة الأولى سنة 1409هـ. 12 - ذكره الْبَغْدَادِيّ فِي هَدِيَّة العارفين، وَتَبعهُ بروكلمان فِي تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ لكنه أَخطَأ بِذكر الْمصدر الَّذِي نَص على الْكتاب فَقَالَ: ذكره ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب وَالْوَاقِع أَن الَّذِي ذكره ابْن حجر هُوَ مُعْجم الصَّحَابَة لأبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ. انْظُر هَدِيَّة العارفين 5/312، تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ 6/246، مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة 1/47. الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 مؤلفاته فِي الْفِقْه: 1 - التَّهْذِيب1. 2 - الْفَتَاوَى2 "مخطوط"3. 3 - التَّعْلِيق على فَتَاوَى شَيْخه القَاضِي حُسَيْن4 "مخطوط"5. 4 - تَرْجَمَة الْأَحْكَام فِي الْفُرُوع6، مَكْتُوب بِالْفَارِسِيَّةِ. 5 - الْكِفَايَة فِي الْفُرُوع7 (مَكْتُوب بالأعجمية) .   1 - بالرغم من أهمية الْكتاب إِلَّا أَنه لم يزل مخطوطاً لم يُحَقّق مِنْهُ - حسب علمي - إِلَّا كتبا الطَّهَارَة وَالصَّلَاة، قَامَ بتحقيقه عبد الله بن مُعتق بن عناية الله السهلي، نَالَ بِهِ دَرَجَة الدكتوراه فِي الْفِقْه من كُلية الشَّرِيعَة بالجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة سنة 1409هـ، وَقمت بتحقيق كتاب الْحُدُود مِنْهُ، وسأتبعه بِإِذن الله بتحقيق كتاب الْجِزْيَة، كَمَا قَامَ بتحقيق كتاب أدب القَاضِي مِنْهُ الدكتور إِبْرَاهِيم بن على صندقجي الْأُسْتَاذ بكلية الشَّرِيعَة فِي الجامعة الاسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة. 2 - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/214، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي 162، كشف الظنون 2/1221. 3 - ذكر بروكلمان وجود نُسْخَة مخطوطة مِنْهُ فِي المكتبة السليمانية رقم 675/3. انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ 6/246. 4 - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/214، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي 162. 5 - توجدنسخة مخطوطة مِنْهُ فِي المكتبةالظاهرية بِدِمَشْق رقم (2311) (374) فقه الشَّافِعِي. انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة 1/46، مُقَدّمَة تَحْقِيق الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار 1/66. 6 - انْظُر: كشف الظنون 1/397، هَدِيَّة العارفين 1/ 312. 7 - انْظُر: كشف الظنون 1/397، هَدِيَّة العارفين 1/312. الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 6 - شرح الْمُخْتَصر1. عقيدته ومكانته العلمية: كَانَ الْبَغَوِيّ من أَئِمَّة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، سائراً على عقيدتهم مقتدياً بسيرتهم، وَيظْهر ذَلِك فِي تَفْسِيره حَيْثُ يُورد رَأْي أهل السّنة وينصر رَأْيهمْ فِي بَيَان تِلْكَ الْآيَات الَّتِي تتصل بالعقيدة ردا على الْمُعْتَزلَة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ2 وَشهد بِصِحَّة عقيدته الإِمَام الذَّهَبِيّ حَيْثُ قَالَ: " ... على منهاج السّلف حَالا وعقداً "3. وَقَالَ صَاحب مِفْتَاح السَّعَادَة: (صَحِيح العقيدة فِي الدّين) 4. أما مكانته العلمية، فقد كَانَ بحراً فِي الْعُلُوم 5، مُجْتَهدا6، من أَصْحَاب الْوُجُوه فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي، وَمن أَئِمَّة أهل النَّقْل7. وَقد برع فِي عُلُوم الْقُرْآن وَالسّنة وَالْفِقْه حَتَّى أضحى عَلامَة زَمَانه فِيهَا8 وتنافس الْعلمَاء فِي تَحْصِيل كتبه ورزق فِيهَا الْقبُول التَّام لحسن قَصده   1 - انْظُر: كشف الظنون 2/1499، هَدِيَّة العارفين 5/312. 2 - انْظُر: الْبَغَوِيّ ومنهجه فِي التَّفْسِير 131. 3 - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 19/441. 4 - انْظُر: مِفْتَاح السَّعَادَة 2/127. 5 - انْظُر: تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر4/348، تَتِمَّة الْمُخْتَصر2/39، وفيات الْأَعْيَان2/136، الوافي بالوفيات 13/63. 6 - انْظُر: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي 457، وَتَذْكِرَة الْحفاظ 4/1257. 7 - انْظُر: التَّقْيِيد 1/305. 8 - انْظُر: التَّقْيِيد 1/305. الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وَصدق نِيَّته. وَقَالَ عَليّ الْقَارِي: "من أَصْحَاب الْوُجُوه، قَالَ بعض مشائخنا لَيْسَ لَهُ قَول سَاقِط"1. قَالَ السُّبْكِيّ: "وَقدره عَال فِي الدّين، وَفِي التَّفْسِير، وَفِي الحَدِيث، وَفِي الْفِقْه متسع الدائرة نقلا وتحقيقاً، كَانَ الشَّيْخ الإِمَام يجل مِقْدَاره جدا، ويصفه بالتحقيق مَعَ كَثْرَة النَّقْل، وَقَالَ فِي بَاب الرَّهْن من تَكْمِلَة شرح الْمُهَذّب، "اعْلَم أَن صَاحب التَّهْذِيب قَلَّ أَن رَأَيْنَاهُ يخْتَار شَيْئا إِلَّا وَإِذا بحث عَنهُ وجد أقوى من غَيره، هَذَا مَعَ اخْتِصَار كَلَامه"، وَهُوَ يدل على نبل كَبِير وَهُوَ حري بذلك فَإِنَّهُ جَامع لعلوم الْقُرْآن وَالسّنة وَالْفِقْه2. أهمية الْكتاب وأثره فِي كتب الْمَذْهَب: يعد كتاب التَّهْذِيب من الْكتب المهمة وَالْقيمَة فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي، فقد ذكر فِيهِ الْبَغَوِيّ جملَة من منصوصات الإِمَام الشَّافِعِي وَكثير من تفريعات أَصْحَابه خرجوها على أُصُوله وَذكر فِيهِ من أقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ من الْعلمَاء مَا لَا يَسْتَغْنِي عَن مَعْرفَتهَا المترصد للْفَتْوَى، وَلم يخل الْكتاب من اختياراته واستنباطاته وترجيحاته مِمَّا جعل كثيرا من أَئِمَّة الْمَذْهَب يكثرون النَّقْل مِنْهُ، فقد نقل عَنهُ الإِمَام النَّوَوِيّ فِي كِتَابيه شرح الْمُهَذّب وروضة الطالبين، وَابْن الرّفْعَة فِي كِفَايَة النبيه وَالْمطلب العالي، والخطيب الشربيني فِي مُغنِي الْمُحْتَاج، والرملي فِي نِهَايَة الْمُحْتَاج، وَابْن حجر فِي تحفة الْمُحْتَاج، والأردبيلي فِي الْأَنْوَار وَغَيرهم. وَهَذَا إِنَّمَا يدل على أهمية الْكتاب ومكانته فِي كتب الْمَذْهَب.   1 - انْظُر: من مرقاة المفاتيح 1/10. 2 - انْظُر طَبَقَات السُّبْكِيّ 4/215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 مَنْهَج الْبَغَوِيّ فِي الْكتاب: اتبع الْبَغَوِيّ فِي كِتَابه الْمنْهَج الْآتِي: 1 - قسم الْكتب إِلَى أَبْوَاب تندرج تحتهَا فُصُول. 2 - يعنون للأبواب والفصول غَالِبا. 3 - يبْدَأ الْأَبْوَاب والفصول - غَالِبا - بآيَات وَأَحَادِيث. 4 - يقوم بشرح الْمَسْأَلَة مستوعباً الْمَذْهَب وَيذكر - فِي بعض الأحيان - الْأَقْوَال وَالْأَوْجه وَيُشِير - أَحْيَانًا - لقائليها. 5 - امتاز الْكتاب بترتيب الْمسَائِل والتوسع فِي نقل الْفُرُوع مَعَ حسن التَّصَرُّف والبحث الدَّقِيق. 6 - قد يكون فِي الْمَسْأَلَة أَكثر من قَول أَو وَجه أَو طَريقَة، فَيقْتَصر على قَول وَاحِد أَو يقطع بِالطَّرِيقِ الَّذِي فِيهِ قَول وَاحِد أَو الطَّرِيق الَّذِي فِيهِ قَولَانِ. 7 - يرجح فِي بعض الأحيان بَين الْأَقْوَال أَو الْأَوْجه بقوله "وَهُوَ الْأَصَح"، "وعندى". 8 - يذكر الِاخْتِلَاف بَين مذْهبه والمذاهب الْأُخْرَى وبخاصة الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ كَمَا يذكر أَقْوَال الْأَئِمَّة كالثوري، وَالزهْرِيّ، وَالنَّخَعِيّ. مَنْهَج التَّحْقِيق: 1 - مُقَابلَة النّسخ مَعَ بَعْضهَا مَعَ الْإِشَارَة فِي الْهَامِش إِلَى الفروق، ومراعاة قَوَاعِد الْإِمْلَاء الحديثة. 2 - وضع النَّص القرآني بَين قوسين وتشكيله وَالْإِشَارَة إِلَى السُّورَة الَّتِي جَاءَت فِيهَا الْآيَة، ورقم الْآيَة. 3 - تَخْرِيج الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَبَيَان دَرَجَة الحَدِيث مَا أمكن. 4 - تَخْرِيج الْآثَار من أَقْوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. 5 - شرح الْكَلِمَات الغريبة. 6 - تَرْجَمَة جَمِيع الْأَعْلَام الْوَارِدَة فِي المخطوطة. 7 - الْإِشَارَة إِلَى بداية كل لوحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 8 - تَحْقِيق الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة على النَّحْو التَّالِي: أ - إِذا ذكر حكما مُتَّفقا عَلَيْهِ عِنْد الشَّافِعِيَّة، أكتفي بِذكر بعض المراجع الْفِقْهِيَّة الْمُعْتَمدَة فِي الْمَذْهَب توثيقاً لما أوردهُ الْمُؤلف. ب - إِذا ذكر قولا أَو وَجها أَو طَرِيقا فِي مَسْأَلَة، وَوجدت قَوْلَيْنِ أَو عدَّة أوجه، أَو أَكثر من طَرِيق فإنني أذكرها، وأذكر الْقَائِلين بهَا فِي أَكثر الأحيان، وَالصَّحِيح مِنْهَا إِذا وجدت تَرْجِيحا. ج - إِذا ذكر أقوالاً للمذاهب الْأُخْرَى، فإنني أقوم بتحقيقها بِالرُّجُوعِ إِلَى كتب كل مَذْهَب مَعَ ذكرهَا توثيقاً لما ورد. د - إِذا ذكر أقوالاً للثوري أَو الْأَوْزَاعِيّ رجعت إِلَى مظانه كالمجموع وَغَيره من كتب الْفِقْه الْمُقَارن توثيقاً لهَذِهِ الْأَقْوَال. 8 - ضمنت آخر الْكتاب فهرسين تفصيلية بيانهما؛ هما: 1 - فهرس المراجع. 2 - فهرس الموضوعات. ثَانِيًا: وصف النّسخ المخطوطة: - النُّسْخَة الأولى: وَهِي نُسْخَة يُوجد مِنْهَا الْجُزْء الرَّابِع فِي مكتبة أَحْمد الثَّالِث بتركيا تَحت رقم (870) . وَعدد لوحاتها (324) لوحة، تحتوي كل صفحة على 25 سطراً تتراوح كَلِمَات كل سطر مَا بَين (13 - 16) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (13) لوحة. وَقد كتب هَذَا الْجُزْء بقلم نسخ مُعْتَاد، وَلم يذكر النَّاسِخ اسْمه أَو تَارِيخ النّسخ وَهَذِه النُّسْخَة خَالِيَة من الْحَوَاشِي والتعليقات. يبْدَأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب الْقصاص، وَيَنْتَهِي بِكِتَاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَلَقَد رمزت لهَذِهِ النُّسْخَة برمز (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 - النُّسْخَة الثَّانِيَة: وَهِي نُسْخَة يُوجد مِنْهَا مجلدان فِي المكتبة الظَّاهِرِيَّة. وَقد تمكنت بِفضل الله من تَصْوِير الْجُزْء الرَّابِع بأكمله وَهُوَ الَّذِي يشْتَمل على الْجُزْء الْمُحَقق. وَوضع تَحت رقم (2229) (292 فقه الشَّافِعِي) . وَعدد لوحاته (361) لوحة، تحتوي كل صفحة على (25) سطراً وتتراوح كَلِمَات كل سطر بَين (11 - 15) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (13) لوحة. وَقد كتب الْجُزْء بِخَط وَاحِد وبقلم نسخ جميل وَقد ذكر اسْم ناسخه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن، وَمَكَان تَارِيخ نسخه فِي شهر رَجَب من سنة (599هـ) . وَقد جَاءَ بِآخِرهِ بِخَط مُخْتَلف فهرس تفصيلي لمحتويات هَذَا الْجُزْء وَدون على اللوحة الأولى بعض التمكينات والوقفيات للجزء. يبْدَأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب الْقصاص وَيَنْتَهِي بِكِتَاب عتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد. وَقد رمزت لهَذِهِ النُّسْخَة برمز (ظ) . - النُّسْخَة الثَّالِثَة: وَهِي النُّسْخَة المحفوظة بدار الْكتب المصرية تَحت رقم (488 فقه شَافِعِيّ) وَيَقَع الْجُزْء الْمُحَقق فِي الْجُزْء التَّاسِع، وَعدد لوحاته (116) تحتوي كل صفحة على (20) سطر وتتراوح كَلِمَات كل سطر بَين (11_12) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (17) لوحة. وَقد كتبت هَذِه النُّسْخَة بِخَط مُعْتَاد غير منقوط. وَيبدأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب قتال أهل الْبَغي، وَيَنْتَهِي بِبَاب النذور. وَقد رمزت لَهَا برمز (د) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 بَاب: فرض الْجِهَاد: فصل: فِي حكم الْجِهَاد ... كتاب السّير1 بَاب فرض الْجِهَاد2. بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم3. قَالَ الله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لّكُمْ} 4 الْآيَة. وَقَالَ جلّ ذكره: {انْفِرُوْا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ فِي سَبِيِل الله} 5. كَانَ الْقِتَال مَعَ الْمُشْركين مَمْنُوعًا عَنهُ6 فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام بل كَانَ يلْزمهُم الصَّبْر على أَذَى الْمُشْركين7.   1 - السِّيرَة: الطَّرِيقَة وَالْمَقْصُود - هُنَا - أَحْكَام الْجِهَاد المتلقى تَفْصِيله من سير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزَوَاته، وَترْجم بَعضهم بِالْجِهَادِ، وَبَعْضهمْ بِقِتَال الْمُشْركين. انْظُر - سير - الْمِصْبَاح الْمُنِير 298، النّظم المستعذب 2/227، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/41، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4/213، تحفة الطلاب 2/402، شرح روض الطَّالِب 4/174، فتح المنان 425. 2 - الْجِهَاد مُشْتَقّ من الْجهد: وَهُوَ الْمَشَقَّة. يُقَال: أجهد دَابَّته: إِذا حمل عَلَيْهَا فِي السّير فَوق طاقتها، وَقيل: هُوَ الْمُبَالغَة واستفراغ مَا فِي الوسع. يُقَال جهد الرجل فِي كَذَا. أَي: جد فِيهِ وَبَالغ، وَقَالَ قوم: سمي الْجِهَاد جهاداً من اللَّبن المجهود: وَهُوَ الَّذِي أُخِذَ زُبْدهَ، فَكَذَلِك الْجِهَاد لِشِدَّتِهِ يسْتَخْرج قُوَّة القوى. الْجِهَاد شرعا: عبارَة عَن قتال الْكفَّار خَاصَّة. انْظُر: حلية الْفُقَهَاء 201، النّظم المستعذب 2/227، الدّرّ النقي 3/766. 3 - (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) سَاقِطَة من د. 4 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (216) . 5 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (41. 6 - فِي ظ: (عَلَيْهِ) . 7 - انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ 5/171، زَاد الْمسير 2/134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 قَالَ الله تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلى الّذِينَ قِيلَ لَهُمُ كُفُوا أَيْدِيَكْمْ} 1. وَقَالَ: {لتُبْلَوُنّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُم} إِلَى قَوْله تَعَالَى:2 {وَإِن تَصْبِرُوا وَتتَّقُوا فَإِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} 3. فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله 4 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وَجَبت 5 الْهِجْرَة على من قدر عَلَيْهَا وَمن لم يقدر عذره الله تَعَالَى 6.   1 - سُورَة النِّسَاء آيَة (77) . (تَعَالَى) سَاقِطَة من ظ. 3 - سُورَة آل عمرَان آيَة (186) . 4 - فِي د: (النَّبِي) . 5 - فِي ظ (وَوَجَبَت) . 6 - حكم الْهِجْرَة بعد هِجْرَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة مُخْتَصَّة بِالْوُجُوب دون الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا هِجْرَة إِلَى الرَّسُول فقد كَانَت هِجْرَة من أسلم بِمَكَّة قبل الْفَتْح إِلَيْهِ وهم فِيهَا على ثَلَاثَة أَقسَام: - أَحدهَا: من كَانَ مِنْهُم فِي سَعَة بِمَال وعشيرة لَا يخَاف على نَفسه وَلَا على دينه كالعباس ابْن عبد الْمطلب فَمثل هَذَا قد كَانَ مَأْمُورا بِالْهِجْرَةِ ندبا وَلم تجب عَلَيْهِ حتما. - وَالْقسم الثَّانِي: من خَافَ على نَفسه أَو دينه وَهُوَ قَادر على الْخُرُوج بأَهْله وَمَاله فَهَذَا قد كَانَت الْهِجْرَة عَلَيْهِ وَاجِبَة وَهُوَ بالتأخر عَنْهَا عَاص، لِأَنَّهُ يتَعَرَّض بالْمقَام للأذى وَيمْتَنع بالتأخر عَن النُّصْرَة. - وَالْقسم الثَّالِث: من خَافَ على نَفسه أَو دينه وَهُوَ غير قَادر على الْخُرُوج بِنَفسِهِ وَأَهله إِمَّا لضعف حَال أَو عجز بدن، فَهَذَا مِمَّن لم يكن على مثله فِي الْمقَام حرج وَلَا مأثم وَهُوَ بالتأخر عَن الْهِجْرَة مَعْذُور. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 607، بَحر الْمَذْهَب ورقة 168 من كتاب السّير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الّذِينَ توَفّاهُمُ1 الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوْا فِيمَ كُنتُمْ} إِلَى قَوْله: {قَالُوا2 أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهاجُروا فِيها} 3. إِلَى قَوْله: {إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الّرِجَالِ وَالِنّساءِ وَاْلوِلْدانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا} 4. وَقطع الله الْولَايَة 5 يين من هَاجر وَبَين 6 من لم يُهَاجر فَقَالَ جلّ ذكره: {وَالّذَيِنَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَالَكُم مِن وَلاَيَتِهم مِن شَيء حَتّى يُهَاجِروا} 7 إِلَى أَن فتحت مَكَّة 8 ارْتَفع وجوب الْهِجْرَة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة. رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس 9 رضى الله عَنهُ 10 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الْفَتْح11:   1 - فِي ظ: (توفتهم) . (قَالُوا) سَاقِطَة من د. 3 - سُورَة النِّسَاء آيَة (97) . 4 - سُورَة النِّسَاء آيَة (98) . 5 - يَعْنِي توليهم فِي الْمِيرَاث وَإِن كَانُوا أقرب ذَوي قرابتكم. انْظُر: النكت والعيون 2/114، روح الْمعَانِي 9/38. 6 - فِي ظ: (بَين من هَاجر وَمن لم يُهَاجر) . 7 - سُورَة الانفال آيَة (72) . 8 - فتحت مَكَّة فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان من الْهِجْرَة. انْظُر الطَّبَقَات الْكُبْرَى لِابْنِ سعد 2/134. 9 - عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْعَبَّاس، حبر الْأمة، وفقيه الْعَصْر وَإِمَام التَّفْسِير، دَعَا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحكمة، ولد قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين. وَمَات بِالطَّائِف سنة 68هـ وَيُقَال 67هـ وَيُقَال 70هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 8/295، التَّارِيخ الْكَبِير 5/3، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/274، تذكرة الْحفاظ 1/40، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/116، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/239، سير أَعْلَام النبلاء 3/331، العقد الثمين 5/190، الْمعرفَة والتاريخ 1/241. 10 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د. 1 - (يَوْم الْفَتْح) سَاقِطَة من د. الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 "لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَإِذا استنفرتم فانفرو"1 فَأَرَادَ2 بِهِ الْهِجْرَة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة3. وَهِي بَاقِيَة فِي حق كل من أسلم فِي دَار الْحَرْب وَلم يقدر على إِظْهَار دينه وَقدر على الْهِجْرَة فَيجب عَلَيْهِ أَن يُهَاجر إِلَى دَار الْإِسْلَام4. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنا بَرِيء من كل مُسلم مَعَ مُشْرك لَا ترَاءى نارهما "5.   1 - مُتَّفق عَلَيْهِ انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد - بَاب فضل الْجِهَاد وَالسير 4/17، صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب الْمُبَايعَة بعد فتح مَكَّة على الْإِسْلَام وَالْجهَاد وَالْخَيْر 3/1487. 2 - فِي ظ: (وَأَرَادُوا) . 3 - قَالَ النَّوَوِيّ تَأَول الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث تأويلين: أَحدهمَا: لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح من مَكَّة لِأَنَّهَا صَارَت دَار إِسْلَام فَلَا تتَصَوَّر مِنْهَا الْهِجْرَة. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَح، أَن مَعْنَاهُ أَن الْهِجْرَة الفاضلة المهمة الْمَطْلُوبَة الَّتِي يمتاز بهَا أَهلهَا امتيازاً ظَاهرا انْقَطَعت بِفَتْح مَكَّة وَمَضَت لأَهْلهَا الَّذين هَاجرُوا قبل فتح مَكَّة لِأَن الْإِسْلَام قوي وَعز بعد فتح مَكَّة عزا ظَاهرا بِخِلَاف مَا قبله. انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ 13/8. 4 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 610هـ، بَحر الْمَذْهَب ورقة 168من كتاب السّير، كِفَايَة النبيه الورقة 2 من كتاب السّير. 5 - (لَا ترَاءى نارهما) سَاقِطَة من ظ. وَقد ذكر الْخطابِيّ فِي مَعْنَاهَا عدَّة وُجُوه: أَحدهَا: مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوِي حكماهما قَالَه بعض أهل الْعلم، وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ أَن الله قد فرق بَين دَاري الْإِسْلَام وَالْكفْر فَلَا يجوز لمُسلم أَن يساكن الْكفَّار فِي بِلَادهمْ حَتَّى إِذا أوقدوا نَارا كَانَ مِنْهُم بِحَيْثُ يَرَاهَا. وَفِيه وَجه ثَالِث ذكره بعض أهل اللُّغَة قَالَ مَعْنَاهُ لَا يتسم الْمُسلم بسمة الْمُشرك وَلَا يتشبه بِهِ فِي هَدْيه وشكله وَالْعرب تَقول: (مَا نَار بعيرك أَي مَا سمته) . وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَمَعْنَاهُ لَا يتَّفق رأيهما فَعبر عَن الرَّأْي بالنَّار، لِأَن الْإِنْسَان يستضي بِالرَّأْيِ كَمَا يستضي بالنَّار. وَقَالَ ابْن الْقيم: وَالَّذِي يظْهر من معنى الحَدِيث أَن النَّار هِيَ شعار الْقَوْم عِنْد النُّزُول وعلامتهم وَهِي تَدْعُو إِلَيْهِم، والطارق يأنس بهَا، فَإِذا ألم بهَا جاور أَهلهَا وسالمهم فَنَار الْمُشْركين تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَان وَإِلَى نَار الْآخِرَة، فَإِنَّهَا إِنَّمَا توقد فِي مَعْصِيّة الله ونار الْمُؤمنِينَ تَدْعُو إِلَى الله وَإِلَى طَاعَته وإعزاز دينه، فَكيف تتفق الناران وَهَذَا شَأْنهمَا؟ وَهَذَا من أفْصح الْكَلَام وأجزله، الْمُشْتَمل على الْمَعْنى الْكثير الْجَلِيل بأوجز عبارَة. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 612، معالم السّنَن 2/272 تَهْذِيب ابْن الْقيم 3/436. والْحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث جرير. قَالَ ابْن حجر: صحّح البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ إرْسَاله إِلَى قيس بن أبي حَازِم، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْصُولا. انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب النَّهْي عَن قتل من اعْتصمَ بِالسُّجُود 3/45 سنَن التِّرْمِذِيّ: أَبْوَاب السّير - بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَة الْمقَام بَين أظهر الْمُشْركين 3/80، التَّلْخِيص الحبير 4/119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وَمن لم يقدر على الْهِجْرَة لَا تلْزمهُ الْهِجْرَة، وَإِن كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا وَلكنه مُطَاع فِي قومه يقدر على إِظْهَار دينه وَلَا يخْشَى الْكفَّار على نَفسه وَلَا الْفِتْنَة فِي دينه لَا تجب عَلَيْهِ الْهِجْرَة وَلَكِن يسْتَحبّ لَهُ1 أَن يُهَاجر حَتَّى لَا يكون مكثراً لسوادهم2، وَلَا يُؤمن أَن يمِيل إِلَيْهِم قلبه وَإِذا استولى الْمُسلمُونَ على ذَلِك الْبَلَد أَن يسترق وَلَده ثمَّ لما هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة أذن الله عز وَجل فِي الْقِتَال مَعَ من قَاتلهم فَقَالَ: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيِل اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} 3 ثمَّ أُبِيح ابْتِدَاء4 الْقِتَال مَعَهم فَقَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوا5 الّذِينَ يَلُونَكم مِن الكُفَّارِ} 6.   (لَهُ) سَاقِطَة من ظ. 2 - فِي د: (سواهُم) . والسواد: الْعدَد الْكثير. أنظر - سود - الْمِصْبَاح الْمُنِير 294. 3 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (190) . 4 - (ابْتِدَاء) سَاقِطَة من ظ. 5 - فِي ظ: (وقاتلوا) . 6 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (123) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 ثمَّ أوجب الله الْجِهَاد فَقَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرْهُ لَكُمْ} 1. وَقَالَ: {انفِرُوا خِفَافاً وثِقَالاً وَجَاهِدُوا بأَمْوالِكُمْ} 2.3. وَقَالَ: {إلاّ تَنفِرُوا4 يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَليِماً} 5. وَالْجهَاد الْيَوْم فرض على الْكِفَايَة6 7، إِذا كَانَ الْكفَّار قارين فِي بِلَادهمْ، فَإِذا خرج من تقع بهم الْكِفَايَة سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَاخْتلفُوا فِي أَنه هَل كَانَ فرضا على الْعين8 فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم9؟   1 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (216) . (بأموالكم) سَاقِطَة من ظ. 3 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (41) . 4 - فِي ظ: (إِن لَا تنفرُوا) . 5 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (39) . 6 - فرض الْكِفَايَة: هُوَ طلب الْفِعْل من مَجْمُوع الْمُكَلّفين لَا من جَمِيعهم، وَفعل بَعضهم فِيهِ يَكْفِي فِي سُقُوط الْإِثْم عَن البَاقِينَ. انْظُر: التَّمْهِيد للأسنوي 74، شرح الْكَوْكَب الْمُنِير 1/374، جمع الْجَوَامِع 1/182، الفروق 1/116. 7 - انْظُر: الْإِقْنَاع للماوردي 175، الْوَجِيز 2/186، الْغَايَة القصوى 2/943، كِفَايَة الأخيار 2/26، عُمْدَة السالك 360. 8 - فرض الْعين: وَهُوَ طلب الْفِعْل الْوَاجِب من كل وَاحِد بِخُصُوصِهِ، أَو من وَاحِد معِين كخصائص النَّبِي وَلَا تَبرأ ذمَّة الْمُكَلف إِلَّا بِفِعْلِهِ. انْظُر: التَّمْهِيد للأسنوي 74، شرح الْكَوْكَب الْمُنِير 1/374، جمع الْجَوَامِع 1/182الفروق 1/116. 9 - اخْتلف الشَّافِعِيَّة فِي ذَلِك على وَجْهَيْن. أَحدهمَا: وَهُوَ قَول أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء فَرْضه على الْأَعْيَان ثمَّ انْتقل إِلَى الْكِفَايَة. وَالثَّانِي: وَهُوَ قَول سَائِر الشَّافِعِيَّة أَنه على الْكِفَايَة. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَالصَّحِيح عِنْدِي أَن ابْتِدَاء فَرْضه قد كَانَ على الْأَعْيَان فِي الْمُهَاجِرين وعَلى الْكِفَايَة فِي غَيرهم، لِأَن الْمُهَاجِرين انْقَطَعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنصرته فَتعين فرض الْجِهَاد عَلَيْهِم وَلذَلِك كَانَت سَرَايَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل بدر بالمهاجرين خَاصَّة وَمَا جَاهد عَنهُ الْأَنْصَار قبل بدر فَتعين الْفَرْض على من انتدب لَهُ وَلم يتَعَيَّن على من لم ينتدب لَهُ. وَصحح النَّوَوِيّ أَنه على الْكِفَايَة. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 633، بَحر الْمَذْهَب ورقة 170 من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين 10/208 صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ 13/9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 مِنْهُم من قَالَ: كَانَ فرضا على الْعين1 لقلَّة الْمُسلمين وَكَثْرَة الْمُشْركين بِدَلِيل أَن الله - تَعَالَى - ألحق الْوَعيد بِمن لم يُجَاهد فَقَالَ: {إلاّ تَنفِرُوا يُعَذِّبَكُمْ عَذَاباً ألِيماً} 2. وَمِنْهُم من قَالَ كَانَ فرضا على الْكِفَايَة والوعيد لمن ترك إِجَابَة النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم 3 فَإِن إجَابَته وَاجِبَة على كل من دَعَاهُ وَإِن كَانَ فِي الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُهَا الّذِينَ آمنُوا استَجِيُبوا للهِ وللِرّسُولِ} 4.   (فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم من قَالَ: كَانَ فرضا على الْعين) سَاقِطَة من د. 2 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (39) . 3 - فِي ظ: (عَلَيْهِ السَّلَام) . 4 - سُورَة الْأَنْفَال (24) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فصل: فِي حكم الْجِهَاد قَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدوَن مَا يُنفِقُونَ حَرَجُُ} 1 الْآيَة2. وَقَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجُُ َولاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجُُ} 3 الْآيَة. الْجِهَاد مَعَ الْمُشْركين فرض فِي الْجُمْلَة 4 لقَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُم الْقِتَالُ} 5. وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى فرض عين وَفرض كِفَايَة. فَفرض الْعين6: أَن يدْخل الْكفَّار دَار قوم من الْمُسلمين أَو نزلُوا بَاب بلدهم فَيجب على الْمُكَلّفين من الرِّجَال من أهل ذَلِك الْبَلَد الْجِهَاد يَسْتَوِي فِيهِ الْفَقِير والغني وَالْحر وَالْعَبْد للدَّفْع عَن أنفسهم وجيرانهم، وعَلى العبيد الْخُرُوج بِغَيْر إِذن ساداتهم7 هَذَا النَّوْع على من قرب مِنْهُم   1 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (91) . (الْآيَة) سَاقِطَة من د. 3 - سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . 4 - فِي د. (فِي الْجُمْلَة فرض) . 5 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (216) . 6 - وَقيل فِي الصُّورَة الَّتِي ذكرهَا الْبَغَوِيّ: إِن الْجِهَاد يبْقى فرض كِفَايَة ذكره النَّوَوِيّ عَن ابْن أبي هُرَيْرَة، وَصحح أَنه فرض عين وَقَالَ ابْن الرّفْعَة: الْمَذْهَب أَنه فرض عين. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 640، بَحر الْمَذْهَب الورقة 171 من كتاب السّير رَوْضَة الطالبين 10/214، كِفَايَة النبيه الورقة 3 من كتاب السّير. 7 - وَقيل: إِن حصلت مقاومة بأحرار اشْترط إِذن سَيّده للغنى عَنهُ وَالأَصَح لَا لتقوى الْقُلُوب وتعظم الشَّوْكَة وتشتد النكاية فِي الْكفَّار انتقاماً من هجومهم. انْظُر: نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/55، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/219، الْوَجِيز 2/188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 فرض على الْعين، وَهُوَ فِي حق من بعد فرض على الْكِفَايَة. فَإِن وَقعت الْكِفَايَة بِمن قرب مِنْهُم لَا يجب على من بعد بل يسْتَحبّ فَإِن1 لم تقع بهم الْكِفَايَة يجب على من بعد إِذا لم يكن لَهُم2 عذر وَلَا يجوز لمن قرب من الْكفَّار أَن يؤخروا قِتَالهمْ مَعَ الْإِمْكَان إِلَى أَن يحضر الأبعدون3، ثمَّ من كَانَ على أقل من مَسَافَة الْقصر عَلَيْهِ الْخُرُوج إِذا وجد الزَّاد، وعَلى من كَانَ على مَسَافَة الْقصر فَأكْثر إِذا وجد الزَّاد4 وَالرَّاحِلَة5. وَكَذَلِكَ إِذا دخلُوا دَار الْإِسْلَام وَلم يهجموا على بلد، فعلى من دون مَسَافَة الْقصر الْخُرُوج إِلَى جهادهم إِذا وجد6 الزَّاد، وعَلى من فَوْقهَا إِذا وجد7 الزَّاد وَالرَّاحِلَة، وَلَا يدْخل فِي هَذَا الْقسم العبيد وَلَا الْفُقَرَاء لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وأنفُسِكُمْ} 8 وَالْفَقِير لَا مَال لَهُ، وَالْعَبْد لَا يملك نَفسه بل هُوَ   1 - فِي ظ: (لَهُ) . 2 - فِي ظ: (لَهُ) . 3 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 1/216. 4 - (وعَلى من كَانَ على مَسَافَة الْقصر فَأكْثر إِذا وجد الزَّاد) سَاقِطَة من ظ. 5 - قَالَ النَّوَوِيّ: "وَلَا يشْتَرط وجود المركوب فِيمَن دون مَسَافَة الْقصر وفيمن على مَسَافَة الْقصر فَمَا فَوْقهَا وَجْهَان، أصَحهمَا: الِاشْتِرَاط كَالْحَجِّ وَالثَّانِي: لَا لشدَّة الْخطب. وَيشْتَرط فِيمَن فَوق مَسَافَة الْقصر ودونها وجود الزَّاد على الْأَصَح؛ إِذْ لَا اسْتِقْلَال بغي زَاد، وَلَا معنى لإلزامهم الْخُرُوج مَعَ الْعلم بِأَنَّهُم سيهلكون". 6 - فِي أ: (إِذا وجدوا) . 7 - فِي أ: (إِذا وجدوا) . 8 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (41) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 ملك للسَّيِّد وخدمة السَّيِّد فرض عَلَيْهِ مُتَعَيّن، وَالْجهَاد هَهُنَا1 فرض على الْكِفَايَة فَأَما النِّسَاء2 وَغير الْمُكَلّفين من الصّبيان والمجانين والضعفاء فَلَا جِهَاد عَلَيْهِم3، لقَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجُُ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجُُ وَلاَ عَلَى الَمِرَيض حَرَجُُ} 4. وَفرض الْكِفَايَة قِسْمَانِ: أَحدهمَا: يكون على الْمُسلمين وَهُوَ مَا ذكرنَا، أَن الْعَدو إِذا دخلُوا دَار السَّلَام فيفرض على من بَعدُ مِنْهُم فرض كِفَايَة5، فَإِن6 قَامَ بِهِ من تقع بِهِ الْكِفَايَة سقط7 الْفَرْض عَن الآخرين. وَإِن قعد عَنهُ كلهم عصوا جَمِيعًا كرد السَّلَام، وَالصَّلَاة على الْمَيِّت وَدَفنه وَالْقِيَام بتَعَلُّم الْعلم، فرض على الْكِفَايَة، إِذا سلم على جمَاعَة فَرَدَّ وَاحِد 8 مِنْهُم سقط 9 الْفَرْض عَن البَاقِينَ، وَإِذا قَامَ بدفن الْمَيِّت وَالصَّلَاة عَلَيْهِ من تقع بِهِ   (هَهُنَا) سَاقِطَة من د. 2 - إِذا تعين الْجِهَاد، فالنساء إِن لم تكن فِيهِنَّ قُوَّة دفاع لَا يحضرن، وَإِن كَانَ فِيهِنَّ قُوَّة دفاع فعلى وَجْهَيْن، وَيجوز أَن تخرج الزَّوْجَة بِدُونِ إِذن الزَّوْج كَالْعَبْدِ لَا يحْتَاج إِلَى إِذن سَيّده. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/214، الْأَنْوَار 2/532. 3 - انْظُر: الْأُم 4/162، الْمُهَذّب 2/228، التَّنْبِيه 142 منهاج الطالبين 125. 4 - سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . 5 - فِي د: (الْكِفَايَة) . 6 - فِي د: (وَإِن) . 7 - فِي د: (يسْقط) . 8 - فِي ظ: (فَرد مِنْهُم وَاحِد) . 9 - فِي د: (يسْقط) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الْكِفَايَة أَو قَامَ بتَعَلُّم الْعلم من تقع بِهِ1 الْكِفَايَة سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَإِلَّا عصوا جَمِيعًا وَالدَّلِيل على أَنه فرض على الْكِفَايَة قَوْله تَعَالَى 2: {لاَ يَسْتوي القَاعِدونَ مِنَ المُؤْمنِيِنَ غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ} 3. إِلَى قَوْله تَعَالَى4: {وَكُلاً5 وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى} 6. ذكر فضل الْمُجَاهدين ثمَّ وعد الْحسنى لمن جَاهد وَلمن قعد، وَلَو7 كَانَ فرضا على الْعين لم يكن يعد الْحسنى لمن قعد وَترك الْفَرْض. وَالْقسم8 الثَّانِي من فروض الْكِفَايَة: يكون على الإِمَام وَهُوَ أَن يكون الْكفَّار قارين فِي بِلَادهمْ لم يقصدوا الْمُسلمين وَلَا بَلَدا من بِلَادهمْ فعلى الإِمَام أَن لَا يخل كل سنة من9 غَزْوَة يغزوها بِنَفسِهِ أَو بسراياه حَتَّى لَا يكون الْجِهَاد معطلاً، فَإِن10 فعل فِي كل عَام مرَارًا كَانَ أفضل لما فِيهِ من قُوَّة الْإِسْلَام وقمع أهل الشّرك فَإِن لم يفعل فأقله مرّة فِي كل سنة11، لِأَن12 النَّبِي كَانَ لَا يدع   (بِهِ) سَاقِطَة من د. (تَعَالَى) سَاقِطَة من د. 3 - فِي أ: (من الرِّجَال) . 4 - (تَعَالَى) سَاقِطَة من د، ظ. 5 - فِي أ: (لَا يَسْتَوِي وكلا) . 6 - سُورَة النِّسَاء آيَة (95) . 7 - فِي أ: (فَلَو) . 8 - فِي ظ: (الْقسم) . 9 - فِي أ: (عَن) . 10 - فِي أ: (وَإِن) . 11 - انْظُر: التَّنْبِيه142، روضةالطالبين10/208، كِفَايَة النبيه ورقة 3 من كتاب السّير. 12 - فِي أ: (فَإِن) . الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 ذَلِك1، وَلِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى مَال يتعيش2 بِهِ هُوَ3 والجند، وَلَا وَجه إِلَّا من الْجِهَاد. قَالَ الشَّافِعِي4 رَحمَه الله5: "وَلَا يدع ذَلِك فِي كل سنة، إلاّ لضَرُورَة أَو عذر"6؛ فالضرورة أَن يكون فِي الْمُسلمين ضعف وَفِي الْأَعْدَاء كَثْرَة يخَاف7 الاصطلام8 لَو ابتدأهم9 بِالْقِتَالِ فَهُوَ مُضْطَر إِلَى تَركه.   1 - روى البُخَارِيّ أَن عدد غزوات الرَّسُول سبع عشرَة غَزْوَة، وَفِي رِوَايَة تسع عشرَة غَزْوَة وَذكر ابْن حجر فِي شَرحه أَن عدد غَزَوَاته إِحْدَى وَعِشْرُونَ، وَقَالَ وَقد توسع ابْن سعد فَبلغ عدد غزوات الرَّسُول عِنْده سبعا وَعشْرين. قلت: من هَذِه الرِّوَايَات نجد أَنه لم تخل سنة من السنوات الَّتِي عاشها الرَّسُول إِلَّا وغزا فِيهَا وَالله أعلم. انْظُر: فتح الْبَارِي 7/118، 8/ 116، تَارِيخ الْإِسْلَام للذهبي - فهرس الْمَغَازِي. 2 - فِي د: (إِلَى مَال يَسْتَعِين) . 3 - (هُوَ) سَاقِطَة من ظ. 4 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْقرشِي المطلبي الشَّافِعِي، إِمَام الْمَذْهَب الشَّافِعِي حفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع سِنِين، وَحفظ الْمُوَطَّأ وَهُوَ ابْن عشر سِنِين، تفقه بِمَكَّة بِمُسلم الزنْجِي وَغَيره، ولد سنة 150 هـ وَتُوفِّي سنة 240 هـ. انْظُر: تذكرة الْحفاظ 1/361، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 10/251، تَارِيخ بَغْدَاد 2/56، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/44، الديباج الْمَذْهَب 2/156، الرسَالَة المستطرفة 14، صفة الصفوة 2/248، الفهرست 294، الوافي بالوفيات 2/171. 5 - (رَحمَه الله) سَاقِطَة من ظ، وَفِي أ: (رَضِي الله عَنهُ) . 6 - انْظُر: الْأُم 4/168. 7 - فِي ظ. (بِخِلَاف) . 8 - فِي ظ: (الِاصْطِلَاح) . والاصطلام: الاستئصال، واصْطُلم الْقَوْم: أبيدوا، والاصطلام إِذا أبيد قوم من أصلهم قيل اصطُلمِوا. انْظُر: - ص ل م - لِسَان الْعَرَب 12/340 9 - فِي ظ: (لَو ابْتَدَأَ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 والعذر1 أَن يكون فِي الطَّرِيق ضيق وَقلة علف فيؤخر إِلَى إِدْرَاك الْغلَّة أَو يَرْجُو مدَدا يلحقهم أَو يَرْجُو إِسْلَام قوم لَو ترك قِتَالهمْ فَيجوز التَّأْخِير2. كَمَا أخر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة3 4. وَإِنَّمَا يجب فرض الْكِفَايَة على من وجد أهبة الْخُرُوج من الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَوجد5 نَفَقَة الذّهاب وَالرُّجُوع لَهُ وَلمن6 تلْزمهُ نَفَقَته7 فَإِن لم يجد فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَطَوَّع بِالْخرُوجِ، ويدع الْفَرْض. وكل عذر يمْنَع وجوب الْحَج يمْنَع وجوب الْجِهَاد إِلَّا الْخَوْف فَإِنَّهُ يمْنَع وجوب الْحَج وَلَا يمْنَع وجوب الْجِهَاد، لِأَن الْجِهَاد يجب للخوف8 9.   1 - فِي أ: (الْعذر) . 2 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/228، الْبَيَان 8/ل3ب رَوْضَة الطالبين 10/209، الْأَنْوَار2/533. 3 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/228، الْبَيَان 8/ل3ب رَوْضَة الطالبين 10/209، الْأَنْوَار2/533. 4 - الْحُدَيْبِيَة: قَرْيَة متوسطة لَيست بالكبيرة، سميت ببئر هُنَاكَ عِنْد مَسْجِد الشَّجَرَة الَّتِي بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحتهَا، وَقَالَ الْخطابِيّ: "سميت الْحُدَيْبِيَة بشجرة حدباء كَانَت فِي ذَلِك الْموضع، وَبَين الْحُدَيْبِيَة وَمَكَّة مرحلة، وَبَينهَا وَبَين الْمَدِينَة تسع مراحل. وَبَعض الْحُدَيْبِيَة فِي الْحل وَبَعضهَا فِي الْحرم، وَعند مَالك أَنَّهَا جَمِيعهَا من الْحرم". انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ 2/230، الرَّوْض المعطار 190. وعام الْحُدَيْبِيَة كَانَ فِي آخر سنة سِتّ. انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 3/321. 5 - فِي د: (وَوُجُود) . 6 - فِي أ: (وَلم) . 7 - انْظُر: الْأُم 4/162، الْمُهَذّب 2/229. 8 - (لِأَن الْجِهَاد يجب للخوف) سَاقِطَة من د. 9 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 2/210، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/52، مغنى الْمُحْتَاج 4/217، فتح المنان 426. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 فصل: فِي الْأَعْذَار 1: قَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلاَ عَلَى اَلْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الّذِين لَا يَجِدُونَ مَا يُنفقُونَ حَرَجُُ} 2. وَقَالَ تَعَالَى3: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجُ ولاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجُُ وَلا عَلَى المَرِيَض حَرَجٌ} 4. لَا يجب5 الْجِهَاد على المعذورين من النِّسَاء وَغير الْمُكَلّفين من الصّبيان والمجانين، وَلَا على الضُّعَفَاء6، وحدّه أَن من كَانَ بِهِ عِلّة لَا يُمكنهُ الْمُحَاربَة مَعهَا والثبوت7 على الدَّابَّة إِلَّا بِمَشَقَّة شَدِيدَة8 فَلَا جِهَاد عَلَيْهِ فَلَا يجب الْجِهَاد على النِّسَاء لِأَنَّهُنَّ يضعفن عَن الْقِتَال. سَأَلت عَائِشَة9 - رَضِي الله عَنْهَا - 10 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم   (فِي الْأَعْذَار) سَاقِطَة من أ. 2 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (91) . 3 - (تَعَالَى) سَاقِطَة من أ. 4 - سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . 5 - فِي د: (وَلَا يجب) . 6 - انْظُر: منهاج الطالبين 125، التَّنْبِيه 142. 7 - فِي ظ: (واللبوت) . 8 - فِي ظ: (جَدِيدَة) . 9 - عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق تكنى بِأم عبد الله ابْن أُخْتهَا، زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأحب زَوْجَاته إِلَيْهِ، كَانَت أفقه النِّسَاء، مَاتَت سنة 57 هـ، وَقيل: 58 هـ، وَقيل: 56 هـ، ودفنت بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 4/345، الْإِصَابَة 4/348، تقريب التَّهْذِيب 2/606، خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 3/387، الرياض المستطابة 310. 10 - (رَضِي الله عَنْهَا) سَاقِطَة من د، ظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 فَقَالَت1: هَل على النِّسَاء جِهَاد قَالَ: "نعم جِهَاد لَا شوك فِيهِ الْحَج وَالْعمْرَة" 2 فَدلَّ على3 أَن الْجِهَاد الَّذِي فِيهِ شوك وَهُوَ السِّلَاح4 والقتال لَا يلزمهن وَكَذَلِكَ لَا يجب على الْخُنْثَى الْمُشكل لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَنه رجل5. وَلَا يجب على الصّبيان والمجانين6، لما رُوِيَ عَن عَليّ7 - رَضِي الله عَنهُ - 8   (فَقَالَت) سَاقِطَة من ظ. 2 - قَالَ ابْن حجر: رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عَائِشَة بِلَفْظ (لَا قتال فِيهِ) وَأَصله فِي صَحِيح البُخَارِيّ.. وَغلط الرَّافِعِيّ فِي عزو هَذَا الْمَتْن إِلَى عَائِشَة وَإِنَّمَا هُوَ من حَدِيث الْحُسَيْن ابْن عَليّ كَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيثه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي جبان وَإِنِّي ضَعِيف، فَقَالَ: (هَلُمَّ فِي جِهَاد لاشوك فِيهِ) قلت: وَحَدِيث عَائِشَة رَوَاهُ أَيْضا الإِمَام أَحْمد، صَححهُ الألباني. انْظُر: سنَن ابْن مَاجَه: كتاب الْمَنَاسِك - بَاب الْحَج جِهَاد النِّسَاء 2/968، صَحِيح ابْن مَاجَه 2/151، السّنَن الْكُبْرَى: كتاب الْحَج - بَاب من قَالَ بِوُجُوب الْعمرَة 4/350، المعجم الْكَبِير للطبراني 3/135، تَلْخِيص الحبير 4/91، مُسْند أَحْمد 6/165، إرواء الغليل4/151. 3 - (على) سَاقِطَة من أ. 4 - انْظُر: - شوك - لِسَان الْعَرَب 10/454. 5 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/209، مُغنِي الْمُحْتَاج 2/216، الْمُهَذّب 2/229. 6 - قَالَ العمراني: قَالَ المَسْعُودِيّ: "فَإِن حضر الْكفَّار وَجب على الْمَرْأَة وَالْعَبْد وَالْأَعْمَى والأعرج أَن يتحركوا على أنفسهم ويدفعوا عَن أنفسهم وَعَن من يحضرهم وَلَا يتَصَوَّر الْوُجُوب على الصّبيان والمجانين بِحَال". انْظُر: الْبَيَان 8/ل3ب. 7 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي طَالب ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أمه فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم، أول من أسلم من الصّبيان، وَزوج فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي سنة 40هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 7/223، تذكرة الْحفاظ 1/10 تَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة 1/392 الرياض المستطابة 163، صفة الصفوة 1/308. 8 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د، وَفِي ظ: (عَلَيْهِ السَّلَام) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث1 عَن الصَّبِي حَتَّى يَحْتَلِم وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ"2. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن الزبير3 " أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد يَوْم بدر نَفرا من أَصْحَابه استصغرهم " 4 5. وَلَا يجب على الْأَعْمَى لقَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعَمَى حَرَجُُ} 6.   1 - فِي د: (ثَلَاثَة) ، (ثَلَاث) مكررة فِي أ. 2 - رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْمُحَاربين من أهل الْكفْر وَالرِّدَّة - بَاب لَا يرْجم الْمَجْنُون والمجنونة 8/204، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْحُدُود - بَاب فِي الْمَجْنُون يسرق أَو يُصِيب حدا 4/141. 3 - عبد الله بن الزبير بن الْعَوام الْقرشِي الْأَسدي، أَبُو بكر، وَأَبُو خبيب، أحد الْأَعْلَام كَانَ أول مَوْلُود للمهاجرين بِالْمَدِينَةِ، أمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق ولد سنة 2هـ، وَقيل سنة 1هـ وَقتل سنة 73هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 8/332، التَّارِيخ الْكَبِير 5/6، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/266، الْجرْح والعديل 5/56، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/240، سير أَعْلَام النبلاء 3/363، العقد الثمين 5/141، الْمعرفَة والتاريخ 1/243. 4 - فِي أ، ظ: (يستصغرهم) . 5 - قَالَ ابْن حجر: حَدِيث ابْن الزبير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد يَوْم بدر نَفرا من أَصْحَابه استصغرهم لم أره عَن ابْن الزبير، وَقد روى البُخَارِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: استصغرت أَنا وَابْن عمر يَوْم بدر. وروى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض جَيْشًا فَرد عُمَيْر بن أبي وَقاص فَبكى فَأَجَازَهُ. وروى فِي مَنَاقِب سعد بن خَيْثَمَة أَنه استصغر هُوَ وَزيد بن حَارِثَة يَوْم بدر. وروى الْحَاكِم أَنه رد أَيْضا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، وَجَابِر بن عبد الله. وَفِي ابْن مَاجَه أَنه رد ابْن عمر. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - بَاب عدَّة أَصْحَاب بدر 5/93، الْمُسْتَدْرك - كتاب معرفَة الصَّحَابَة3/188، من مَنَاقِب سعد بن خَيْثَمَة 3/189، التَّلْخِيص الحبير 4/91. 6 - سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وَيجب على الْأَعْوَر والأعشى وَهُوَ الَّذِي يبصر بِالنَّهَارِ دون اللَّيْل فَإِن1 كَانَ فِي بَصَره سوء نظر2 إِن كَانَ يدْرك الشَّخْص وَمَا يتقيه من السِّلَاح يلْزمه الْجِهَاد وَإِلَّا فَلَا يلْزمه وَلَا يجب على الْأَعْرَج لعَجزه عَن الْقِتَال سَوَاء كَانَ أعرج الرجل الْوَاحِدَة، أَو أعرج الرجلَيْن. وَعند أبي حنيفَة3 جب على أعرج الرجل الْوَاحِدَة4 5. وَإِن كَانَ الْأَعْرَج يُمكنهُ الْقِتَال على الدَّابَّة وَله دَوَاب لَا يلْزمه لِأَن الدَّوَابّ   1 - فِي م: (وَإِن) . 2 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 663، الْبَيَان 8/ل ب، رَوْضَة الطَّالِبِيُّ 10/210، الْمُهَذّب 2/229. 3 - أَبُو حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت بن زوطي، فَقِيه أهل الْعرَاق، وَإِمَام أَصْحَاب الرَّأْي، ولد سنة 80هـ وَتُوفِّي سنة 150هـ. انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 10/449، طَبَقَات الْحفاظ 80، الطَّبَقَات السّنيَّة 1/86، مرْآة الْجنان 1/330. 4 - عِنْد الْبَحْث فِي كتب الْحَنَفِيَّة الَّتِي اطَّلَعت عَلَيْهَا لم أجد هَذَا القَوْل صَرِيحًا فِي أَنه يجب الْجِهَاد على أعرج الرجل الْوَاحِدَة، وَالَّذِي وجدته أَنه لَا يجب الْجِهَاد على المقعد، قَالَ الشَّيْخ الشلبي قَالَ فِي الْمغرب: المقعد الَّذِي لَا حراك بِهِ من دَاء فِي جسده كَأَن الدَّاء أقعده، وَعند الْأَطِبَّاء هُوَ الزَّمن وَذهب كثير من الْحَنَفِيَّة فِي بَيَان معنى المقعد أَنه الْأَعْرَج فعلى هَذَا لَا اخْتِلَاف بَين الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة فِي أَن أعرج الرجل الْوَاحِدَة، لَا يجب عَلَيْهِ الْجِهَاد. انْظُر: الْهِدَايَة 2/135، الْكتاب 4/115، شرح فتح الْقَدِير 5/443، شرح أَحْمد الشلبي على تَبْيِين الْحَقَائِق 3/241، البناية 5/647، الدّرّ الْمُنْتَقى 1/633، حَاشِيَة ابْن عابدين 4/126. 5 - (أَو أعرج الرجلَيْن، وَعند أبي حنيفَة يجب على أعرج الرجل الْوَاحِدَة) سَاقِطَة من ظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 إِن1 أهلكت لَا يُمكنهُ الْفِرَار، وَإِن أمكنه الْمَشْي فَيكون نَاقِصا يشق عَلَيْهِ الْقِتَال والهرب. وَإِن2 كَانَ بِهِ عرج يسير يقدر مَعَه على الرّكُوب وَالْمَشْي والقتال يجب عَلَيْهِ3. وَلَا يجب على الأقطع4 والأشل5 لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي الْقِتَال إِلَى يَد يضْرب بهَا وَيَتَّقِي بهَا. وَإِن كَانَ مَقْطُوع أَكثر الْأَصَابِع لَا يجب، وَإِن كَانَ مَقْطُوع الْأَقَل يجب6 وَلَا يجب على الْمَرِيض الثقيل لِلْآيَةِ7، ولعجزه عَن الْقِتَال، وَيجب على من بِهِ حمى خَفِيفَة8 أَو قَلِيل صداع 9.   1 - فِي أ، د: (إِذا) . 2 - فِي أ: (فَإِن) . 3 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 664، بَحر الْمَذْهَب الورقة 173، من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين10/209، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 44/216. 4 - الأقطع: الْمَقْطُوع الْيَد. انْظُر: - قطع - لِسَان الْعَرَب 8/278. 5 - الأشل: المعوج المعصم المتعطل الْكَفّ. انْظُر: - ش ل ل - لِسَان الْعَرَب 11/362. 6 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/229، تحفة الْمُحْتَاج 9/231، حَاشِيَة الشرواني على تحفة الْمُحْتَاج 9/231، شرح مَنْهَج الطلاب 4/250. وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيّ: قَالَ الْأَذْرَعِيّ: الظَّاهِر أَنه لَا يجب على فَاقِد الْوُسْطَى وَالْبَصَر كَمَا لايجزئان فِي الْكَفَّارَة. انْظُر: بُجَيْرِمِيّ على الْخَطِيب 4/213. 7 - فِي د: (لمابة) . سُورَة التَّوْبَة آيَة (91) ، سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . 8 - فِي أ (حَقِيقَة) . 9 - انْظُر: الْبَيَان 8/ل 3ب، كِفَايَة النبيه الورقة 4 من كتاب السّير، فتح الْجواد 2/328، الْأَنْوَار 2/533. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وَلَا يجب على الْفَقِير الَّذِي لَا يجد ماينفق فِي طَرِيقه فَاضلا عَن1 نَفَقَة عِيَاله وَمن يلْزمه نَفَقَته2 لقَوْله تَعَالَى3: {وَلاَ عَلَىَّ الَّذين لاَ يَجدُونَ مَا يُنفقُونَ حرَج} 4. وَإِذا كَانَ الْقِتَال على مَسَافَة الْقصر وَلم يقدر على مركوب يحملهُ لَا يجب5؛ لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذاَ مَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيه} 6. فَإِن بذل لَهُ الإِمَام مركوباً يجب أَن يقبل ويجاهد لِأَن مَا يُعْطِيهِ الإِمَام حَقه، وَإِن بذل لَهُ7 غَيره لَا يلْزمه الْقبُول لِأَنَّهُ اكْتِسَاب مَال تجب بِهِ الْعِبَادَة فَلَا يجب كاكتساب المَال لِلْحَجِّ وَالزَّكَاة8 9. وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين حَال10 فَلَيْسَ لَهُ أَن يُجَاهد بِغَيْر إِذن غَرِيمه11.   1 - فِي د: (إِلَى) . 2 - إِن كَانَ الْقِتَال على بَاب الْبَلَد أَو حواليه وَجب عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى نَفَقَة الطَّرِيق. انْظُر: الْمُهَذّب2/229، رَوْضَة الطالبين2/210، كِفَايَة النبيه الورقة4 من كتاب السّير. 3 - فِي أ، د: (عز وَجل) . 4 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (91) . 5 - انْظُر: التَّنْبِيه 142، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/217، فتح الْوَهَّاب 2/171. 6 - سُورَة الْفَتْح آيَة (17) . 7 - فِي ظ: (بذله) . 8 - فِي د: (فَلَا يجب اكْتِسَاب المَال لَهُ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاة) 9 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/229، رَوْضَة الطالبين 1/210، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/53، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/217. 10 - (حَال) سَاقِطَة من د. 11 - انْظُر: التَّنْبِيه 142، منهاج الطالبين 126، الْغَايَة القصوى 2/945. الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ 1 أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ2: "يغْفر للشهيد كل ذَنْب إِلَّا الدّين"3. وَإِن4 استناب من يَقْضِيه بِمَال حَاضر جَازَ أَن يخرج؛ لِأَن الْغَرِيم يصل إِلَى حَقه فِي الْحَال5، وَإِن كَانَ من مَال غَائِب لم يجز لِأَنَّهُ قد6 يتْلف قبل وُصُوله إِلَيْهِ7، وَإِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا فَوَجْهَانِ8.   1 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، صَحَابِيّ جليل، كَانَ يشْهد الحروب والغزوات وَيضْرب بسيفين، حمل راية أَبِيه يَوْم اليرموك، وَشهد صفّين مَعَ مُعَاوِيَة، روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (700) حَدِيث، اخْتلفُوا فِي سنة وَفَاته يُقَال: سنة 65هـ وَيُقَال: 69 هـ، وَيُقَال 68هـ. انْظُر: الْإِصَابَة 2/343، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 8/263، تذكرة الْحفاظ 1/41، حلية الْأَوْلِيَاء 1/283، الرياض المستطابة 196، صفة الصفوة 1/655. (قَالَ) سَاقِطَة من أ. 3 - رَوَاهُ مُسلم. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب من قتل فِي سَبِيل الله كفرت خطاياه إِلَّا الدّين 3/1052. 4 - فِي د: (فَإِن) . 5 - فِي أ: (فِي الْحَال إِلَى حَقه) . 6 - (قد) سَاقِطَة من ظ. 7 - انْظُر: بَحر الْمَذْهَب ورقة 174 من كتاب السّير. 8 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "إِن كَانَ الدّين مُؤَجّلا فَفِي جَوَاز جهاده بِغَيْر إِذن صَاحب الدّين وَجْهَان: أَحدهمَا: يجوز أَن يُجَاهد بِغَيْر إِذْنه كَمَا يجوز أَن يُسَافر فِي غير الْجِهَاد بِغَيْر إِذْنه. وَالثَّانِي: لَا يجوز أَن يُجَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَإِن جَازَ أَن يُسَافر بِغَيْر إِذْنه لِأَن مَقْصُود الْجِهَاد التَّعَرُّض للشَّهَادَة فَخَالف غَيره من الْأَسْفَار الَّتِي لَا يتَعَرَّض للشَّهَادَة فِيهَا. قلت: قَالَ ابْن الرّفْعَة الْوَجْه الأول هُوَ الْأَصَح عِنْد النَّوَوِيّ وَصَاحب المرشد وَصحح أَبُو الطّيب الْوَجْه الثَّانِي". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 669، رَوْضَة الطالبين 10/211، كِفَايَة النبيه الورقة 5 من كتاب السّير، الْمُهَذّب 2/230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وَقيل: إِن لم يخلف وَفَاء فَلَيْسَ لَهُ أَن يخرج إِلَّا بِإِذن رب الدّين، ولرب المَال1 مَنعه2 وَإِن خلف وَفَاء فَفِيهِ وَجْهَان 3: أَحدهمَا 4: لَهُ أَن يُجَاهد دون إِذْنه، لِأَنَّهُ يتْرك مَا يقْضى بِهِ الدّين. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ5 لِأَنَّهُ رُبمَا يقتل ويتلف المَال فيضيع حق صَاحب الدّين. وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو أَرَادَ الْمَدْيُون سفرا آخر سوى الْجِهَاد وَالدّين مُؤَجل لَيْسَ6 لصَاحب الدّين مَنعه وَإِن لم يبْق من الْأَجَل إِلَّا يَوْم لِأَن الظَّاهِر من ذَلِك السّفر السَّلامَة والمجاهد يعرض نَفسه للْقَتْل طلبا للشَّهَادَة، وَإِذا قتل يضيع حق صَاحب الدّين وَلَو كَانَ على أحد من المرتزقة7 دين مُؤَجل فَهَل لَهُ الْخُرُوج بِغَيْر إِذن من لَهُ الدّين إِذا لم يخلف وَفَاء، فِيهِ وَجْهَان8: أَحدهمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِك كَغَيْر المرتزقة.   1 - فِي أ: (ولرب الدّين) . 2 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/211. 3 - صحّح الرَّوْيَانِيّ الْوَجْه الثَّانِي. انْظُر: بَحر الْمَذْهَب الورقة 174 من كتاب السّير. 4 - (أَن يخرج إِلَّا بِإِذن رب الدّين، ولرب المَال مَنْفَعَة، وَإِن خلف وَفَاء فَفِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا) سَاقِطَة من ظ. 5 - فِي ح: (وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ) . 6 - فِي د: (وَلَيْسَ) . 7 - هم الْجند الَّذين أخذُوا رزقهم، يُقَال ارتزق الْجند أَي أخذُوا رزقهم، وهم الْجنُود المستأجرون لِلْقِتَالِ. انْظُر: - رزق - الصِّحَاح 4/1481، لِسَان الْعَرَب10/115، مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء421. 8 - انْظُر: الْبَيَان 8/ل 4 أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وَالثَّانِي: لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد اسْتحق عَلَيْهِ هَذَا الْخُرُوج بكتبه اسْمه فِي الدِّيوَان، وَلَعَلَّه لَا يُمكنهُ أَدَاء الدّين إِلَّا بِمَا يجْرِي عَلَيْهِ من الرزق أَو بِمَا يُصِيب من الْغَنِيمَة. وَإِن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ مسلمان لَا يُجَاهد إِلَّا بإذنهما. وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ أَحدهمَا مُسلما لَا يُجَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ1. لما رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأذنه فِي الْجِهَاد فَقَالَ: "أَحَي والداك؟ قَالَ: نعم، قَالَ "ففيهما فَجَاهد"2. وَرُوِيَ: "فَارْجِع إِلَى والديك فَأحْسن صحبتهما"3. لِأَن الْجِهَاد فرض على الْكِفَايَة يَنُوب فِيهِ غَيره عَنهُ4 وبر الْوَالِدين مُتَعَيّن عَلَيْهِ فَلَا يجوز تَركه لفرض كِفَايَة. وَإِن لم يكن لَهُ أَبَوَانِ وَله جد أَو جدة فَلَا يُجَاهد إِلَّا بإذنهما كالأبوين 5 وَإِن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ6 وجد وَجدّة فَهَل يلْزمه اسْتِئْذَان الْجد مَعَ الْأَب واستئذان الْجدّة مَعَ الْأُم فِيهِ وَجْهَان7:   1 - انْظُر: الْأُم 4/163، الْغَايَة القصوى 2/945، عُمْدَة السالك 361. 2 - أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد - بَاب الْجِهَاد بِإِذن الْوَالِدين 4/71، صَحِيح مُسلم: كتاب الْبر والصلة والآداب - بَاب بر الْوَالِدين وأنهما أَحَق بِهِ 4/1975، سنَن أبي داواد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي الرجل يَغْزُو وَأَبَوَاهُ كارهان 3/17، سنَن النَّسَائِيّ: كتاب الْجِهَاد - الرُّخْصَة فِي التَّخَلُّف لمن لَهُ والدان 6/10. 3 - رَوَاهُ مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْبر والصلة والآداب - بَاب بر الْوَالِدين وأنهما أَحَق بِهِ 4/1975، السّنَن الكبري: كتاب السّير - بَاب الرجل يكون لَهُ أَبَوَانِ مسلمان أَو أَحدهمَا فَلَا يَغْزُو إِلَّا بِإِذن أَهله 9/25. 4 - فِي ظ: (يَنُوب غَيره عَنهُ) وَفِي أ: (يَنُوب غَيره فِيهِ عَنهُ) . 5 - انْظُر: الْمُهَذّب 20/230، الْوَجِيز، 2/187، الْأَنْوَار، سَاقِطَة من ظ. 6 - (وَله جد أَو جدة فَلَا يُجَاهد إِلَّا بإذنهما كالأبوين) سَاقِطَة من ظ. 7 - (وَله جد أَو جدة فَلَا يُجَاهد إِلَّا بإذنهما كالأبوين وَإِن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ) سَاقِطَة من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 أَحدهمَا: لَا لِأَنَّهُمَا محجوبان. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَح يلْزم لِأَن بر الْجد وَالْجدّة1 لَا يسْقط بالأبوين وَلَا تنقص شفقتهما بالأبوين. وَإِن كَانَ الأبوان كَافِرين فَلهُ أَن يُجَاهد بِغَيْر إذنهما، لِأَنَّهُ لَا تطيب أَنفسهمَا بِقِتَال2 أهل دينهما3. وَإِن4 كَانَا مملوكين فَفِيهِ وَجْهَان5: أَحدهمَا: لَهُ أَن يُجَاهد دون إذنهما لِأَنَّهُ لَا حكم لَهما فِي أَنفسهمَا فَلَا يعْتَبر إذنهما لغَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي: هُوَ الْأَصَح عِنْدِي لَا يُجَاهد إِلَّا بإذنهما لِأَن الْمَمْلُوك كَالْحرِّ فِي الْبر والشفقة. وَإِن كَانَ الْجِهَاد فرضا مُتَعَيّنا بِأَن أحَاط الْعَدو بهم أَو هجموا على بلد فَعَلَيهِ أَن يُجَاهد بِغَيْر إِذن الْأَبَوَيْنِ وَصَاحب الدّين لِأَن ترك الْجِهَاد هَهُنَا يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك6. فَحَيْثُ قُلْنَا لَا يخرج إِلَّا بِإِذن أهل الدّين والأبوين فَخرج بِغَيْر إذْنهمْ عَلَيْهِ أَن يرجع قبل حُضُور الْوَقْعَة والتقاء الزحفين7 إِلَّا أَن يخَاف على نَفسه فِي الرُّجُوع فَلَا يرجع8.   1 - فِي ظ: (الْجدّة وَالْجد) . 2 - فِي أ: (الْقِتَال) . 3 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/230 شرح روض الطَّالِب 4/175، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/218، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/54. 4 - فِي د: (فَإِن) . 5 - وَقَالَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَابْن الرّفْعَة، وَقطع الْمَاوَرْدِيّ بِالْأولِ. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 681، الْبَيَان 8/ل4ب حلية الْعلمَاء 7/646، الْمُهَذّب 2/230، رَوْضَة الطالبين10/212، كِفَايَة النبيه الورقة 5 من كتاب السّير. 6 - انْظُر: بَحر الْمَذْهَب الورقة 175 من كتاب السّير. 7 - الزَّحْف: الْجَيْش، يزحفان إِلَى الْعَدو أَي يَمْشُونَ. انْظُر: النّظم المستعذب 2/230. 8 - انْظُر: بَحر الْمَذْهَب الورقة 176 من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين 10/212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وَإِن كَانَ بعد حُضُور الْوَقْعَة هَل لَهُ أَن يرجع فِيهِ وَجْهَان1: أَحدهمَا: عَلَيْهِ أَن يرجع لِأَن ابْتِدَاء خُرُوجه كَانَ مَعْصِيّة. وَالثَّانِي: لَا يجوز أَن يرجع لِأَنَّهُ افْترض عَلَيْهِ الْجِهَاد بِحُضُور الْوَقْعَة وَإِن خرج بِإِذن الْأَبَوَيْنِ وبإذن الْغَرِيم ثمَّ رجعا، أَو كَانَ الأبوان كَافِرين فَخرج بِغَيْر إذنهما ثمَّ أسلما وَلم يأذنا. فَإِن كَانَ بعد حُضُور الْوَقْعَة فَلَا يجوز أَن يرجع2 لِأَنَّهُ افْترض عَلَيْهِ الْجِهَاد3. وَإِن كَانَ قبل حُضُور الْوَقْعَة عَلَيْهِ أَن يرجع إِلَّا أَن يكون قد دخل دَار الْحَرْب وَخَافَ على نَفسه من الْكفَّار، أَو يخْشَى انكسار قُلُوب الْمُسلمين بِرُجُوعِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع4. وَإِذا 5 خرج العَبْد إِلَى الْجِهَاد بِإِذن الْمولى لَهُ أَن ينْصَرف قبل حُضُور الْوَقْعَة وَبعده فَلَا؛ لِأَن فِيهِ ضَرَرا بِالْمُسْلِمين6 7.   1 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/212. 2 - فِي د: (عَلَيْهِ أَن لَا يرجع) . 3 - ذكر الْمَاوَرْدِيّ فِي ذَلِك وَجْهَيْن حَكَاهُمَا عَن أبي حَامِد المروروذي وحكاهما الشِّيرَازِيّ والعمراني قَولَانِ وَحكى النَّوَوِيّ وَابْن الرّفْعَة فيهمَا أَرْبَعَة اوجه: أَحدهَا: تجب المصابرة وَيحرم الِانْصِرَاف، وَهُوَ أَصَحهَا. وَالثَّانِي: يجب الِانْصِرَاف. وَالثَّالِث: يتَخَيَّر بَين الِانْصِرَاف والمصابرة. وَالرَّابِع يجب الِانْصِرَاف إِن رَجَعَ صَاحب الدّين دون الْأَبَوَيْنِ. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 688، والمهذب1/ 230، الْبَيَان 8/ل 5أ، رَوْضَة الطالبين 10/212، كِفَايَة النبيه الورقة 6 من كتاب السّير. 4 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/212، الْبَيَان 8/ل5 أ، مُغنِي الْمُحْتَاج 8/218. 5 - فِي د: (فَإِذا) . 6 - فِي د: (لِأَن فِيهِ ضَرَر الْمُسلمين) . 7 - انْظُر: كِفَايَة النبيه الورقة 6 من كتاب السّير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَمن حدث بِهِ 1 عذر من مرض أَو غَيره فَلهُ أَن يرجع قبل حُضُور الْوَقْعَة وَبعده لَا يرجع2. قَالَ الشَّيْخ 3 - رَحمَه الله - 4: "عِنْدِي إِذا مرض رَجَعَ 5. وَإِن قل سلاحه بعد حُضُور الْوَقْعَة لَهُ أَن يرجع 6. وَإِن مَاتَ فرسه إِن أمكنه 7 أَن يُقَاتل رَاجِلا لَا يرجع 8 وَإِلَّا رَجَعَ" 9.   1 - فِي د: (وَقد حدث بعده عذر) . 2 - قَالَ الرَّوْيَانِيّ: " إِن التقى الزحفان فَهَل يجب عَلَيْهِ الرُّجُوع نظر: إِن كَانَ مَعْذُورًا لِمَعْنى فِي نَفسه من زمانة أوعرج أَو مرض أَو فقر لزمَه الثُّبُوت حَتَّى يفْتَرق الزحفان وَلَا يرجع نَص عَلَيْهِ، وَهَذَا اخْتِيَار صَاحب التَّقْرِيب، وَقَالَ أَبُو حَامِد لَهُ الِانْصِرَاف لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ الْقِتَال كَمَا لَو كَانَ مَرِيضا فِي الِابْتِدَاء، وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا بخراسان فِيهِ قَولَانِ وَذكر النَّوَوِيّ فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا لَهُ أَن يرجع، قَالَ الإِمَام: الْوَجْهَانِ إِذا لم يُورث انْصِرَافه فشلاً فِي الْجند، فَإِن أورثه حرم الرُّجُوع قطعا ". انْظُر: بَحر الْمَذْهَب الورقة 176 من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين 10/213. 3 - الشَّيْخ هُوَ الإِمَام الْبَغَوِيّ صَاحب الْكتاب. 4 - فِي د: (قَالَ رَحمَه الله) . 5 - وَهَذَا مُوَافق لما صَححهُ النَّوَوِيّ. 6 - قَالَ النَّوَوِيّ: "وَقيل إِذا انْقَطع عَنهُ سلاحه أَو انْكَسَرَ لزمَه الْقِتَال بِالْحِجَارَةِ إِن أمكنه. وَذكر ابْن الرّفْعَة قَول الْبَغَوِيّ وَقَالَ وَلَو انْكَسَرَ سلاحه أَو أَخذ قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب وَغَيره قَاتل بِمَا وجد من السِّلَاح فَإِن لم يجد فبالأحجار وَنَحْوهَا , فَإِن لم يجد شَيْئا فَلهُ الِانْصِرَاف وَفِي وَجه إذالم يقدر إِلَّا على الْحِجَارَة لَهُ الِانْصِرَاف وَفِي وَجه إِن كَانَ مَعَه مقلاع لزمَه الثَّبَات وَإِلَّا فَلَا". انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/213، كِفَايَة النبيه الورقة 6 من كتاب السّير. 7 - فِي أ: (إِن أمكن) . 8 - (لَا يرجع) سَاقِطَة من ظ. 9 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/213، كِفَايَة النبيه الورقة 6 من كتاب السّير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 فصل: فِي الإِمَام إِذا بعث سَرِيَّة قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الَّرسُولَ وَأُوِلى الأَمرِ مِنكُمْ} 1 الْآيَة2. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: "نزلت فِي عبد الله بن حذافة3 إِذْ بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة4. وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة 5 عَن أَبِيه6. قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا   1 - سُورَة النِّسَاء آيَة (59) . (الْآيَة) سَاقِطَة من ظ. 3 - عبد الله بن قيس بن عدى أَبُو حذافة السَّهْمِي، أحد السَّابِقين، من أهل بدر، هَاجر إِلَى الْحَبَشَة ونفذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولا إِلَى كسْرَى مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 5/8، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/29، سير أَعْلَام النبلاء 2/11، طَبَقَات خَليفَة 26، المعارف 135، الْمعرفَة والتاريخ 1/252. 4 - انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - كتاب التَّفْسِير - تَفْسِير سُورَة النِّسَاء 5/57، صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب وجوب طَاعَة الْأُمَرَاء فِي غير مَعْصِيّة 3/1465، أَسبَاب النُّزُول للنيسابوري 106، دَلَائِل النُّبُوَّة 4/311. 5 - سُلَيْمَان بن بريده بن الْحصيب روى عَن أَبِيه، وَعَائِشَة، وَعمْرَان بن حُصَيْن وَعنهُ عَلْقَمَة بن مرْثَد، ومحارب بن دثار وَجَمَاعَة، ولد سنة 15، وَتوفى سنة 105 هـ. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 4/4، تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/174، تَهْذِيب الْكَمَال 11/371، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 4/102، سير أَعْلَام النبلاء 5/52، شذرات الذَّهَب 1/131، طَبَقَات خَليفَة 322. 6 - بُرَيْدَة بن الْحصيب بن عبد الله بن الْحَارِث الْأَعْرَج بن سعد الأسلمى قيل إِنَّه أسلم عَام الْهِجْرَة، وَشهد غَزْوَة خَيْبَر وَالْفَتْح، اسْتَعْملهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَدَقَة قومه، لَهُ جملَة أَحَادِيث، نزل مرو وَنشر الْعلم بهَا، مَاتَ سنة 62 هـ وَيُقَال 63هـ. انْظُر: الْإِصَابَة 1/150، أَسد الغابة 1/209، تَارِيخ ابْن معِين 2/57، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 2/424، جمهرة انساب الْعَرَب 240، سير أَعْلَام النبلاء 2/469، شذرات الذَّهَب 1/70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أمرّ أَمِيرا على جَيش أَو سَرِيَّة أوصاه فِي خاصته بتقوى الله وَمن مَعَه1 من الْمُسلمين خيرا2. يكره الْغَزْو بِغَيْر إِذن الإِمَام أَو الْأَمِير من قبله، لِأَن الإِمَام والأمير أعرف بِأَمْر الْغَزْو ومصالحه من غَيره. فَلَو غزا قوم دون3 إِذْنه جَازَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من التَّغْرِير بِالنَّفسِ4 وَذَلِكَ جَائِز فِي الْجِهَاد5؛ لِأَن6 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عَمْرو7 ابْن أُميَّة الضمرِي8 ورجلاً من الْأَنْصَار9 سَرِيَّة وَحدهَا10. وَبعث عبد الله ابْن أنيس11 سَرِيَّة   1 - فِي د: (وَمن تبعه) . 2 - رَوَاهُ مُسلم. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب تأمير الإِمَام الْأُمَرَاء على الْبعُوث 3/1357. 3 - فِي د: (بِغَيْر) . 4 - التَّغْرِير بِالنَّفسِ: المخاطرة والتقدم على غير ثِقَة وَمَا يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك. انْظُر: النّظم المستعذب 2/230. 5 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/230 منهاج الطالبين 126. 6 - فِي ظ: (فَإِن) . 7 - فِي ظ: (عمر) . 8 - عَمْرو بن أُميَّة بن خويلد الضمرِي شُجَاع من الصَّحَابَة، اشْتهر فِي الْجَاهِلِيَّة، وَشهد مَعَ الْمُشْركين بَدْرًا، وأحداً ثمَّ أسلم، عَاشَ أَيَّام الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَشهد وقائع كَثِيرَة، مَاتَ فِي الْمَدِينَة نَحْو سنة 55هـ انْظُر: الْإِصَابَة2/517، تذهيب التَّهْذِيب 3/280 تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2/24، الْأَعْلَام 5/73. 9 - هُوَ جَابر بن صَخْر الْأنْصَارِيّ. انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 4/282. 10 - انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 4/282. 11 - أَبُو يحيى عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرَام، شهد الْعقبَة فِي السّبْعين من الْأَنْصَار، وَشهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: لم يشْهد بَدْرًا. انْظُر الِاسْتِيعَاب 2/249، الْإِصَابَة 2/270، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2/249. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وَحده1. وَإِذا بعث الإِمَام سَرِيَّة يُؤمر عَلَيْهِم أَمِيرا 2 وَيَأْمُرهُمْ بِطَاعَتِهِ ويوصيه فِي حَقهم رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة3 قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عصى الله، وَمن يطع الْأَمِير فقد أَطَاعَنِي، وَمن يعْص4 الْأَمِير فقد عَصَانِي" 5. وعَلى الإِمَام أَن يبْدَأ بِقِتَال من يَلِيهِ6 من الْكفَّار لقَوْله تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يلوُنَكُم مِنَ الكُفَارِ} 7. وَلِأَنَّهُم أهْدى إِلَى عورات الْمُسلمين، والمؤنة فِي قِتَالهمْ أخف فَإِن كَانَ الْخَوْف من الْأَبْعَد أَكثر بَدَأَ بقتالهم 8 ويوادع من يَلِيهِ 9 حَتَّى يَأْمَن   1 - انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 4/267. 2 - فِي د: (أمرا) . 3 - عبد الرَّحْمَن بن صَخْر من الأزد، وَقيل: اسْمه عبد الله، قدم الْمَدِينَة سنة 7هـ، وَكَانَ من حفاظ الصَّحَابَة، توفّي سنة 58 هـ وَقيل 59 هـ، وَقيل 57 هـ. انْظُر: أَسد الغابة 3/357، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 8/103 تذكرة الْحفاظ 1/32، حلية الْأَوْلِيَاء 1/376، شذرات الذَّهَب 1/63، صفة الصفوة 1/685، الكاشف3/341. 4 - فِي أ: (وَمن يعْصى) . 5 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب يُقَاتل من وَرَاء الإِمَام وَيَتَّقِي بِهِ 4/60، صَحِيح مُسلم: كتاب الامارة - بَاب وجوب طَاعَة الْأُمَرَاء فِي غير مَعْصِيّة وتحريمها فِي الْمعْصِيَة 3/1466. 6 - فِي ظ: (يليهم) . 7 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (123) . 8 - الْمُوَادَعَة: الْمُصَالحَة وَترك الْحَرْب. انْظُر: مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء 467. 9 - فِي أ، ظ: (من يليهم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 شرهم فِي الْغَيْبَة1 فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وادع يهود الْمَدِينَة 2 وغزا قُريْشًا3. وَلَا يجوز اسْتِئْجَار الْمُسلم على الْغَزْو4 لِأَنَّهُ إِذا حضر الْوَقْعَة 5 يفترض عَلَيْهِ الْجِهَاد، وَلَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة على أَدَاء الْفَرْض6. كَمَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الصرورة 7 على الْحَج لِأَن الْحَج فرض عَلَيْهِ. وَإِذا أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ رده.   1 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "للأقرب والأبعد ثَلَاثَة أَحْوَال: أَحدهَا: أَن يكون الْأَقْرَب أخوف جانباً، وَأقوى عدَّة فَوَجَبَ أَن يبْدَأ بالأقرب، وَلَا يُقَاتل الْأَبْعَد: إِلَّا بعد فَرَاغه من قتال الْأَقْرَب، إِمَّا بظفر أَو صلح. وَالْحَال الثَّانِيَة: أَن يكون الْأَبْعَد أخوف من الْأَقْرَب: فَيبْدَأ بِقِتَال الْأَبْعَد؛ لقُوته لَكِن بعد أَن يفعل مَا يَأْمَن بِهِ الْأَقْرَب: من مهادنته، أَو أَن يَجْعَل بإزائه من يردهُ إِن قَصده. وَالْحَال الثَّالِثَة: أَن يتساوى الْأَبْعَد وَالْأَقْرَب فِي الْقُوَّة، وَالْخَوْف فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن تكون البعدى وَرَاء الْقُرْبَى فَيجب أَن يبْدَأ بِقِتَال الْقُرْبَى وَلَا يُقَاتل البعدى وَلَا يشركها فِي قتال الْقُرْبَى، لِأَن تَفْرِيق الْجَيْش مضيعه. وَالضَّرْب الثَّانِي: أَن تكون الْقُرْبَى فِي جِهَة والبعدى فِي الْأُخْرَى، فَإِن كَانَ إِذا تفرق الْجَيْش عَلَيْهِمَا قدرُوا على قِتَالهمْ جَازَ أَن يُقَاتل أَيَّتهمَا شَاءَ بِحَسب مَا يُؤَدِّيه اجْتِهَاده إِلَيْهِ، ويستبْقي لِلْأُخْرَى من يقوم بقتالها، أَو يجمع قتالهما مَعًا وَإِن كَانَ إِذا تفرّق الْجَيْش ضعفوا عَنهُ وَجب أَن يبْدَأ بِقِتَال الْقُرْبَى قبل البعدى". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 733، كِفَايَة النبيه الورقة 8 من كتاب السّير. 2 - انْظُر: تَارِيخ الْإِسْلَام للذهبي - الْمَغَازِي 150. 3 - انْظُر: تَارِيخ الْإِسْلَام للذهبي - الْمَغَازِي 521. 4 - فِي د: (وَلَا يجوز أحد الْغَزْو على الْأجر) . 5 - فِي د: (الْوَاقِعَة) . 6 - وَحكى النَّوَوِيّ عَن الصيدلاني وَجها أَنه يجوز للْإِمَام أَن يسْتَأْجر وَيُعْطِيه أُجْرَة من سهم الْمصَالح قَالَ: وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز استئجاره. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/240، منهاج الطالبين 126، تحفة الْمُحْتَاج 9/239. 7 - الصرورة: أَي الَّذِي لم يحجّ قطّ. انْظُر: - ص ر ر - لِسَان الْعَرَب 4/453. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 أما إِذا 1 جهز غازياً بِأَن2 أعطَاهُ مركوبه وسلاحه أَو الإِمَام3 دفع من بَيت المَال فَحسن4. رُوِيَ عَن زيد بن خَالِد5 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "من جهز غازياً فِي سَبِيل الله فقد غزا" 6. وَمَا يَأْخُذهُ المرتزقة من مَال الْفَيْء 7 فَهُوَ حَقهم لَيْسَ بِأُجْرَة 8: وَيجوز للْإِمَام اسْتِئْجَار الذِّمِّيّ 9 للْجِهَاد10. وَلَا يجوز ذَلِك لغير الإِمَام بِغَيْر إِذْنه11، وَتَكون أجرته من خُمس الْخمس   1 - فِي د: (فَإِذا) . 2 - فِي ظ: (فَإِن) . 3 - فِي أ: (مركوبه أَو سلاحه وَالْإِمَام دفع) . 4 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/240، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/221. 5 - زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ الْمدنِي، صَحَابِيّ جليل، روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي طَلْحَة وَعَائِشَة، ولد سنة 7 ق. هـ، وَاخْتلف فِي سنة وَفَاته قيل سنة 71هـ وَقيل 68 هـ. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 1/539، الْإِصَابَة 1/547، التَّارِيخ الْكَبِير 3/384، تَهْذِيب التَّهْذِيب3/410، شذرات الذَّهَب 1/84، الكاشف 1/338. 6 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب فضل من جهز غازياً أَو خَلفه بِخَير 4/32، صَحِيح مُسلم - كتاب الْإِمَارَة - بَاب فضل إِعَانَة الْغَازِي فِي سَبِيل الله بمركوب وَغَيره وخلافته فِي أَهله بِخَير 3/1507. 7 - الْفَيْء: مَا أَخذ من أَمْوَال الْكفَّار بِغَيْر حَرْب. انْظُر: مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء 351. 8 - انْظُر: مُغنِي الْمُحْتَاج 4/222، شرح روض الطَّالِب 4/189. 9 - الذِّمِّيّ: من أمضى لَهُ عقد الذِّمَّة، وَهُوَ عهد يعْطى للمواطنين غير الْمُسلمين فِي دولة الْإِسْلَام بالحفاظ على أَرْوَاحهم وَأَمْوَالهمْ وَعدم المساس بأديانهم. انْظُر: مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء 214. 10 - انْظُر: الْبَيَان 8/ل5ب، الْأَنْوَار 2/549. 11 - قَالَ النَّوَوِيّ: وَهل لآحاد الْمُسلمين اسْتِئْجَار الذِّمِّيّ للْجِهَاد؟ وَجْهَان أصَحهمَا: الْمَنْع، لِأَن الْآحَاد لَا يتولون الْمصَالح الْعَامَّة، وَقد يكون فِي حُضُوره مفْسدَة يعلمهَا الإِمَام دون الْآحَاد. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/242، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4/218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 سهم الْمصَالح1. وَهل يجوز اسْتِئْجَار العَبْد الْمُسلم على الْغَزْو للْإِمَام أَو لغيره فِيهِ وَجْهَان2: أَحدهمَا: يجوز؛ لِأَنَّهُ لَا يفترض عَلَيْهِ بِحُضُور3 الْوَقْعَة. وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَنَّهُ قد يفترض4 عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة عِنْد اسْتِيلَاء الْكفَّار على بِلَاد الْإِسْلَام. وَلَو أكره الإِمَام جمَاعَة من الْمُسلمين على الْغَزْو، فَإِن تعين عَلَيْهِم لجهاد فَلَا أُجْرَة لَهُم، وَإِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِم فعلى الإِمَام أجرتهم من حِين أخرجهم 5 إِلَى حُضُور الْوَقْعَة، وَلَا يجب لما بعده أُجْرَة6 7. وَلَو أكره جمَاعَة من أهل الذِّمَّة عَلَيْهِ أجرتهم من حِين أخرجهم إِلَى حُضُور الْوَقْعَة 8 إِلَى يَوْم خلاهم وَلَا تجب أُجْرَة الرُّجُوع 9.   1 - أُجْرَة الذِّمِّيّ هَل تُؤدِّي من خمس الْخمس سهم الْمصَالح من هَذِه الْغَنِيمَة أَو من غَيرهَا أَو من أصل الْغَنِيمَة؟ أَو من أَرْبَعَة أخماسها؟ أَصَحهَا أَن تُؤَدّى من خمس سهم الْمصَالح وَبِه قطع جمَاعَة. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/242، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/60. 2 - قَالَ النَّوَوِيّ: وَهل يجوز للْإِمَام اسْتِئْجَار عبيد الْمُسلمين؟ قَالَ الإِمَام: إِن جَوَّزنَا اسْتِئْجَار الْحر فَكَذَا العَبْد وَإِلَّا فَوَجْهَانِ بِنَاء على أَنه لَو وطىء الْكفَّار دَار الْمُسلمين هَل يتَعَيَّن على العبيد الْجِهَاد؟ إِن قُلْنَا نعم فهم من أهل فرض الْجِهَاد، فَإِذا وافوا الصَّفّ وَقع الْجِهَاد عَنْهُم فَيكون استئجارهم كالأحرار، وَإِلَّا فَيجوز استئجارهم. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/241. 3 - فِي أ: (بِحُضُورِهِ) . 4 - فِي أ: (بغرض) . 5 - (من حِين أخرجهم) سَاقِطَة من أ، ظ. 6 - فِي ظ: (لما بعده أُجْرَة الرُّجُوع) . 7 - حكى هَذَا القَوْل النَّوَوِيّ عَن الْبَغَوِيّ. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/241. 8 - (إِلَى حُضُور الْوَقْعَة) سَاقِطَة من أ، ظ. 9 - قَالَ الرَّوْيَانِيّ: "إِن اكره أهل الذِّمَّة على أَن يغزوا فَلهم أجر مثلهم فِي مثل مخرجهم من أَهَالِيهمْ إِلَى بعض الْحَرْب وإرسالهم إيَّاهُم وَإِن لم يغنموا وَهَذَا إِذا قَاتلُوا. وَإِن حَضَرُوا وَلم يقاتلوا لَهُم أجر الذّهاب لِأَنَّهُ فعل حصل مِنْهُم، وَلَا يلْزم مثل أجر الْحُضُور والاحتباس". وَقَالَ الْغَزالِيّ: "وَلَو خلي سبيلهم قبل الْوُقُوف لم يستحقوا إِلَّا أُجْرَة الذّهاب وَلَو وقفُوا من غير قتال فَفِي استحقاقهم الْأُجْرَة الْكَامِلَة" خلاف. انْظُر: بَحر الْمَذْهَب الورقة 182 من كتاب السّير، الْوَجِيز 2/189، الْغَايَة القصوى 2/947. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وَلَو أكره جمَاعَة من العبيد عَلَيْهِ أجرتهم من يَوْم أخرجهم إِلَى أَن يعودوا إِلَى الموَالِي؛ لِأَن مَنْفَعَة العَبْد تضمن بِالْيَدِ1. وَيجوز للْإِمَام أَن يَأْذَن للمشرك فِي الْغَزْو إِذا رَآهُ حسن الرَّأْي فِي الْمُسلمين وَأَن يَسْتَعِين بهم على قتال الْمُشْركين إِذا كَانَ بِالْمُسْلِمين قُوَّة إِذا 2 انْضَمَّ بَعضهم إِلَى بعض قاومهم الْمُسلمُونَ3. فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا بيهود 4 بني قينقاع بعد بدر 5 6، وَشهد مَعَه   1 - حَكَاهُ ابْن الرّفْعَة عَن الْبَغَوِيّ. انْظُر: كِفَايَة النبيه الورقة 7 من كتاب السّير. 2 - فِي ظ: (ثمَّ) . 3 - يجوز الِاسْتِعَانَة بالمشركين بِشُرُوط وَهِي:1 - أَن يعرف حسن الرَّأْي مِنْهُم فِي الْمُسلمين وتؤمن خيانتهم. 2 - أَن يكون فِي الْمُسلمين قلَّة. 3 - أَن يكثر الْمُسلمُونَ بِحَيْثُ لَو خَان الْمُسْتَعَان بهم وانضموا إِلَى الَّذين يغزوهم لأمكن الْمُسلمُونَ مقاومتهم. وَقد قيل: إِن الشَّرْطَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِث كالمتنافسين. قَالَ النَّوَوِيّ: لَا مُنَافَاة فَالْمُرَاد أَن يكون الْمُسْتَعَان بهم فرقة لايكثر الْعَدو بهم كَثْرَة ظَاهِرَة. 4 - أَن يخالفوا مُعْتَقد الْعَدو كاليهود مَعَ النصاري، وَهَذَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيّ. انْظُر كتاب السّير من الْحَاوِي 711، الْبَيَان 8/ل6أ، فتح الْجواد 2/329، حلية الْعلمَاء 7/647، رَوْضَة الطالبين10/239، كِفَايَة النبيه الورقة 7 من كتاب السّير، الْمسَائِل الفقهيه الَّتِي انْفَرد بهَا الإِمَام الشَّافِعِي 192. 4 - فِي أ، ظ: (يهود) . 5 - (بعد بدر) سَاقِطَة من د، فِي ظ: (بِعَدَد بدر) . وَبدر: بِالْفَتْح ثمَّ السّكُون مَاء مَشْهُور بَين مَكَّة وَالْمَدينَة أَسْفَل وَادي الصَّفْرَاء. انْظُر: مراصد الِاطِّلَاع 1/170. 6 - قَالَ ابْن حجر: "رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل، وَالتِّرْمِذِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعَانَ بناس من الْيَهُود فِي حربه وأسهم لَهُم، وَالزهْرِيّ مراسيله ضَعِيفَة، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: "لم أَجِدهُ إِلَّا من طَرِيق الْحسن ابْن عماره وَهُوَ ضَعِيف". انْظُر: الْمَرَاسِيل 157، السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب ماجاء فِي الِاسْتِعَانَة بالمشركين 9/37، تَلْخِيص الحبير 4/100. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 صَفْوَان1 حَرْب حنين2 وَهُوَ مُشْرك3. فَإِن لم يعرف مِنْهُ حسن الرَّأْي لَا يَسْتَعِين بِهِ. رَوَت عَائِشَة - رضى الله عَنْهَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى بدر فَتَبِعَهُ رجل من الْمُشْركين قَالَ: "تؤمن بِاللَّه وَرَسُوله" قَالَ: لَا، قَالَ: "فَارْجِع فَلَنْ أستعين بمشرك" 4. وَيمْنَع الإِمَام من الْخُرُوج من كَانَ من أهل النِّفَاق وَمن يخذل الْجَيْش ويرجف بهم5 ويكاتب الْكفَّار ويتجسس لَهُم6.   1 - صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ، من كبراء قُرَيْش، أسلم بعد الْفَتْح وَحسن إِسْلَامه، وَشهد اليرموك. توفّي سنة 41 هـ وَقيل 42هـ وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: أَسد الغابة 2/405 الْإِصَابَة 2/181، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 6/429، سير أَعْلَام النبلاء 2/562، طَبَقَات ابْن سعد 5/449، الْمعرفَة والتاريخ 1/309. 2 - كَانَت فِي السّنة الثَّامِنَة لِلْهِجْرَةِ بعد فتح مَكَّة. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/201. 3 - قَالَ البيهقى: "أما شُهُود صَفْوَان بن أُميَّة مَعَ النَّبِي حنينا وَصَفوَان مُشْرك فَإِنَّهُ مَعْرُوف بَين أهل الْمَغَازِي وَذكرهَا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم". انْظُر: سنَن أبي دَاوُد - كتاب الْبيُوع - بَاب فِي تضمين الْعَارِية 3/296، السّنَن الْكُبْرَى، كتاب السّير - بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِعَانَة بالمشركين 9/37، الْمُسْتَدْرك - كتاب الْبيُوع 2/47. 4 - انْظُر: صَحِيح مُسلم - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب كَرَاهَة الِاسْتِعَانَة فِي الْغَزْو بِكَافِر 3/1449. 5 - قَالَ النَّوَوِيّ: المخذل من يخوف النَّاس بِأَن يَقُول: عدونا كثير وخيولنا ضَعِيفَة، وَلَا طَاقَة لنا بهم وَنَحْو ذَلِك. وَفِي مَعْنَاهُ المرجف، من يكثر الأراجيف بِأَن يَقُول: قتلت سَرِيَّة كَذَا، أَو لحقهم مدد لِلْعَدو من جِهَة كَذَا، أَو لَهُم كمين من مَوضِع كَذَا. 6 - انْظُر: الْأُم 4/166، الْمُهَذّب 2/231، التَّنْبِيه 142 رَوْضَة الطالبين 10/240. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 قَالَ الله تَعَالَى: {عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} 1 إِلَى أَن قَالَ: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّازَادُوكُمْ إلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلكُمْ يبغُونَكُمُ الْفِتَنَة} 2. وَيجوز أَن يَأْذَن للنِّسَاء فِي الْخُرُوج. رُوِيَ عَن أنس3 أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَغْزُو بِأم سليم 4 ونسوة من الْأَنْصَار مَعَه فيسقين المَاء ويداوين الْجَرْحى 5. وَقَالَت أم عَطِيَّة 6 غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع غزوات أخلفهم فِي رحالهم فأصنع لَهُم الطَّعَام وأداوي الْجَرْحى وأقوم على المرضى 7.   1 - سُورَة التَّوْبَة آيَة 43. 2 - سُورَة التَّوْبَة آيَة 47. 3 - فِي د: (روى عَن ابْن عَبَّاس) . أنس بن مَالك بن النَّضر أَبُو حَمْزَة الْأنْصَارِيّ الخزرجي، خَادِم رَسُول الله كَانَ آخر أَصْحَاب رَسُول الله موتا مَاتَ سنة 93هـ وَيُقَال 92هـ وَيُقَال 91هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 9/88، التَّارِيخ الْكَبِير 2/27، تذكرة الْحفاظ 1/44، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/127، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/35 سير أَعْلَام النبلاء 3/396، مشاهير عُلَمَاء الْأَنْصَار 37، مرْآة الْجنان 1/211. 4 - الغميصاء وَيُقَال الرميصاء بنت ملْحَان بن خَالِد بن زيد بن حرَام الْأَنْصَارِيَّة الخزرجية أم أنس بن مَالك، وَزَوْجَة أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 4/437، الْإِصَابَة 4/441، تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/471، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 9/464، خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 3/400، سير أَعْلَام النبلاء 2/304، المعارف 271. 5 - رَوَاهُ مُسلم، وَأَبُو دَاوُد. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب غَزْوَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال 3/1443، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي النِّسَاء يغزون 2/18. 6 - نسيبة بنت الْحَارِث، وَقيل: نسيبة بنت كَعْب من فُقَهَاء الصَّحَابَة، لَهَا عدَّة أَحَادِيث وَهِي الَّتِي غسلت بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَاشَتْ إِلَى حُدُود سنة سبعين. انْظُر: أَسد الغابة 6/367، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 9/465، سير أَعْلَام النبلاء 2/318. 7 - انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب النِّسَاء الغازيات يرْضخ لَهُنَّ وَلَا يُسهم 3/1447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَيجوز أَن يَأْذَن لمن اشْتَدَّ من الصّبيان لِأَن فيهم1 مَعُونَة. وَلَا يَأْذَن لمَجْنُون؛ لِأَنَّهُ يعرضه للهلاك من غير مَنْفَعَة، ويتعاهد الْخَيل عِنْد الْخُرُوج حَتَّى لَا يخرج إِلَّا فرسا قَوِيا صَالحا لِلْقِتَالِ2. وَيَأْخُذ الْبيعَة على الْجَيْش أَن لَا يَفروا 3. لما رُوِيَ عَن جَابر4 قَالَ: "كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَبَايَعْنَاهُ تَحت الشَّجَرَة على أَن لَا نفر" 5. وَيَنْبَغِي أَن يبْعَث الطَّلَائِع 6 وَمن يتجسس 7 8 أَخْبَار الْكفَّار. لما رُوِيَ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله يَوْم الخَنْدَق 9 " من يأتيني   1 - فِي أ: (مَعَهم) . 2 - قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ: "وَيجوز أَن يَأْذَن لمن اشْتَدَّ من الصّبيان؛ لِأَن فيهم معاونة وَلَا يَأْذَن لمَجْنُون لِأَنَّهُ يعرضه للهلاك من غير مَنْفَعَة. وَيَنْبَغِي أَن يتَعَاهَد الْخَيل فَلَا يدْخل حطباً وَهُوَ: الكسير، وَلَا فحماً وَهُوَ: الْكَبِير، وَلَا ضرعاً وَهُوَ: الصَّغِير، وَلَا أعجف وَهُوَ: الهزيل؛ لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ سَببا للهزيمة؛ وَلِأَنَّهُ يزاحم بِهِ الْغَانِمين فِي سهمهم". انْظُر: التَّنْبِيه 2/231. 3 - فِي د: (أَلا يَفروا) . 4 - جَابر بن عبد الله بن عَمْرو بن حرَام الخزرجي، صَحَابِيّ جليل، من أهل بيعَة الرضْوَان، كَانَ من المكثرين فِي الرِّوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، روى عَنهُ جمَاعَة من الصَّحَابَة، توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة 87هـ. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 1/222، الْإِصَابَة 1/214، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 9/22، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 3/389، النُّجُوم الزاهرة 1/198. 5 - انْظُر: صَحِيح مُسلم - كتاب الْإِمَارَة - بَاب اسْتِحْبَاب مبايعة إِمَام الْجَيْش عِنْد إِرَادَة الْقِتَال 3/1483. 6 - الطَّلَائِع: جمع طَلِيعَة وَهُوَ من يبْعَث أَمَام الْجَيْش ليطلع طلع الْعَدو، أَي: ينظر إِلَيْهِم. انْظُر: النّظم المستعذب 2/231. 7 - فِي د: (يحسس) . 8 - التَّجَسُّس بِالْجِيم: طلب الْأَخْبَار والبحث عَنْهَا، وَكَذَلِكَ تحسس الْخَبَر بِالْحَاء وَفرق قوم بَينهمَا. انْظُر: النّظم المستعذب 2/231. 9 - كَانَت غَزْوَة الخَنْدَق فِي شَوَّال سنة خمس، وَهِي غَزْوَة الْأَحْزَاب. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 بِخَبَر القو م"؟ فَقَالَ الزبير1: أَنا، فَقَالَ: إِن لكل نَبِي حواريّ2، وحواريّي الزبير3. وَيسْتَحب أَن يخرج يَوْم الْخَمِيس. لما رُوِيَ عَن كَعْب بن مَالك 4 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم الْخَمِيس فِي غَزْوَة تَبُوك 5 وَقَالَ 6: "قلّما كَانَ رَسُول الله يخرج فِي سفر إِلَّا يَوْم الْخَمِيس 7. وَقَالَ 8 وقلّما يقدم من سفر إِلَّا ضحى وَكَانَ يبْدَأ بِالْمَسْجِدِ فيركع فِيهِ9 رَكْعَتَيْنِ10.   1 - الزبير بن الْعَوام بن خويلد، حوارِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَابْن عمته صَفِيَّة، وَأحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَأحد السِّتَّة أهل الشورى، وَأول من سل سَيْفه فِي سَبِيل الله، أسلم وَله سِتّ عشرَة سنة، قَتله ابْن جرموز سنة 36هـ. انْظُر: تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر5/358، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات1/194، الْجرْح وَالتَّعْدِيل3/578، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 149، سير أَعْلَام النبلاء 1/41، مشاهير عُلَمَاء الْأَمْصَار 7. 2 - حوارِي: قيل: مَعْنَاهُ أَنه مُخَصص من أَصْحَابِي، ومفضل من الْخبز الْحوَاري وَهُوَ أفضل الْخبز وأرفعه، وحواريو عِيسَى هم المفضلون عِنْده وخاصته. انْظُر النّظم المستعذب 2/231. 3 - رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: فَضَائِل أَصْحَاب النَّبِي بَاب مَنَاقِب الزبير 5/27، صَحِيح مُسلم: كتاب فَضَائِل طَلْحَة وَالزُّبَيْر 4/1879. 4 - كَعْب بن مَالك بن أبي كَعْب الْأنْصَارِيّ، شَاعِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأحد الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا فَتَابَ الله عَلَيْهِم، شهد الْعقبَة وأحداً. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 7/219، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 7/160، سير أَعْلَام النبلاء 2/523، الْمعرفَة والتاريخ 1/318. 5 - كَانَت فِي السّنة التَّاسِعَة من الْهِجْرَة. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/205. 6 - فِي أ: (قَالَ) . 7 - رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَأَبُو دَاوُد، والدارمي. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب - من أَرَادَ غَزْوَة فورى بغَيْرهَا وَمن أحب الْخُرُوج يَوْم الْخَمِيس 4/59، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد: بَاب فِي أَي يَوْم يسْتَحبّ السّفر 3/35، سنَن الدَّارمِيّ: كتاب السّير - بَاب فِي الْخُرُوج يَوْم الْخَمِيس 2/214. 8 - (وَقَالَ) سَاقِطَة فِي د، ظ. 9 - (فِيهِ) سَاقِطَة من ظ، د. 10 - رَوَاهُ مُسلم. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب صَلَاة الْمُسَافِرين وقصرها 1/497. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وَرُوِيَ1 عَن صَخْر الغامدي2 قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها "، وَكَانَ إِذا بعث سَرِيَّة أَو جَيْشًا بَعثهمْ من أول النَّهَار3. وَيسْتَحب أَن يعْقد الرَّايَات، وَيجْعَل تَحت كل راية طَائِفَة، وَيجْعَل لكل قوم شعاراً حَتَّى لايقتل بَعضهم بَعْضًا فِي البيات 4. رُوِيَ 5 أَن رَسُول 6 الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِذا بَيتكُمْ الْعَدو فَلْيَكُن شِعَاركُمْ حم   1 - فِي أ، د: (رُوِيَ) . 2 - صَخْر بن ودَاعَة الغامدي الْأَسدي حجازي، سكن الطَّائِف لَهُ صُحْبَة، روى عَن النَّبِي، وَعنهُ عمَارَة بن جَدِيد. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 2/184، الْإِصَابَة 2/174، أَسد الغابة 2/397، تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/413. 3 - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأحمد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن مَاجَه، وَالْبَيْهَقِيّ، وَابْن حبَان. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث صَخْر الغامدي حَدِيث حسن. انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي الابتكار فِي السّفر 3/35، مُسْند أَحْمد 3/416، سنَن التِّرْمِذِيّ: كتاب الْبيُوع - بَاب مَا جَاءَ فِي التبكير بِالتِّجَارَة 2/343، سنَن ابْن مَاجَه - كتاب التِّجَارَات - بَاب مَا يُرْجَى من الْبركَة فِي البكور 2/752، صَحِيح ابْن حبَان - كتاب السّير - ذكر مَا يسْتَحبّ للمرء أَن إنشاءه الْحَرْب وابتداءه الْأُمُور فِي الْأَسْبَاب بالغدوات تبركاً بِدُعَاء الْمُصْطَفى فِيهِ 7/123، السّنَن الْكُبْرَى - كتاب السّير - بَاب الابتكار فِي السّفر 9/151. 4 - قَالَ ابْن الْأَثِير: تبييت الْعَدو: هُوَ أَن يقْصد فِي اللَّيْل من غير أَن يعلم فَيُؤْخَذ بغته وَهُوَ البيات. انْظُر: النِّهَايَة 1/170. 5 - فِي أ: (وَرُوِيَ) . 6 - فِي أ: (أَن النَّبِي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 لَا ينْصرُونَ" 1 2. وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب3 قَالَ: " كَانَ شعار الْمُهَاجِرين عبد الله وشعار الْأَنْصَار عبد الرَّحْمَن" 4.   1 - قَالَ الْخطابِيّ: "بَلغنِي عَن ابْن كيسَان النَّحْوِيّ أَنه سَالَ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيي عَنهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ الْخَبَر، وَلَو كَانَ بِمَعْنى الدُّعَاء لَكَانَ مَجْزُومًا أَي لَا ينصرُوا، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار كَأَنَّهُ قَالَ: وَالله لَا ينْصرُونَ. وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: حم اسْم من أَسمَاء الله جلّ جَلَاله، فَكَأَنَّهُ حلف بِاللَّه أَنهم لَا ينْصرُونَ". وَقَالَ ابْن الْأَثِير قيل مَعْنَاهُ: "اللَّهُمَّ لَا ينْصرُونَ، وَيُرِيد بِهِ الْخَبَر لَا الدُّعَاء لِأَنَّهُ لَو كَانَ دُعَاء لقَالَ لَا ينصرُوا مَجْزُومًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالله لَا ينْصرُونَ. وَقيل: إِن السُّور الَّتِي أَولهَا حم سور لَهَا شَأْن، فنبه أَن ذكرهَا لشرف منزلتها مِمَّا يستظهر بِهِ على استنزال النَّصْر من الله، وَقَوله لَا ينْصرُونَ: كَلَام مُسْتَأْنف، كَأَنَّهُ حِين قَالَ: قُولُوا حم قيل: مَاذَا يكون إِذا قُلْنَا؟ قَالَ: لَا ينْصرُونَ". انْظُر: معالم السّنَن 2/258، النِّهَايَة 1/446. 2 - رَوَاهُ الْحَاكِم عَن الْبَراء، وَرَوَاهُ - أَيْضا - من حَدِيث الْمُهلب بن أبي صفرَة وَقَالَ: "هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد على شَرط الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَن فِيهِ إرْسَالًا، فإنّ الرجل الَّذِي لم يسمه الْمُهلب بن أبي صفرَة الْبَراء بن عَازِب وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد". انْظُر: مُسْند أَحْمد 4/65، 5/377، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي الرجل يُنَادي بالشعار 3/33، سنَن التِّرْمِذِيّ: أَبْوَاب الْجِهَاد - بَاب مَا جَاءَ فِي الشعار 3/115، الْمُسْتَدْرك - كتاب الْجِهَاد - دُعَاء الْغَازِي عِنْد بيتوته 1/107. 3 - سَمُرة بن جُنْدُب بن هِلَال الْفَزارِيّ أَبُو سعيد، من عُلَمَاء الصَّحَابَة، نزل الْبَصْرَة، كَانَ عَظِيم الْأَمَانَة صَدُوقًا، ولي أَمر الْكُوفَة وَالْبَصْرَة سِتَّة أشهر هُنَا وَسِتَّة أشهر هُنَا لزياد. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/235، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/202، جمهرة انساب الْعَرَب 259، سير أَعْلَام النبلاء 3/183، المحبر 295، مشاهير عُلَمَاء الْأَمْصَار 38، الوافي بالوفيات 15/454. 4 - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي إِسْنَاده الْحجَّاج بن أَرْطَأَة لَا يحْتَج بحَديثه، وَقَالَ أَحْمد مُحَمَّد شَاكر: الْحجَّاج بن أَرْطَأَة ثِقَة، لكنه يُدَلس فِي بعض أحيانه، ويخطيء فِي بعض أحيانه، فيحتج بحَديثه إِذا لم يتَبَيَّن خَطؤُهُ أَو تدليسه. انْظُر: سنَن أبي ادود: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي الرجل يُنَادي بالشعار 3/33، مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد، 3/407، هَامِش مُخْتَصر سنَن ابي دَاوُد 3/407. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَقَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع 1: غزونا مَعَ أبي بكر2 - رَضِي الله عَنهُ - 3 زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 4 فبيتناهم نقتلهم 5 فَكَانَ شعارنا تِلْكَ اللَّيْلَة أمت أمت6. وَيسْتَحب أَن يدْخل دَار 7 الْحَرْب بتعبية الْحَرْب 8 ليَكُون أحوط وأبلغ   1 - سَلمَة بن عَمْرو بن الْأَكْوَع أَبُو عَامر، وَاسم الْأَكْوَع سِنَان بن عبد الله، وَهُوَ من أهل بيعَة الرضْوَان، كَانَ من أَشد النَّاس بَأْسا، وأشجعهم قلباً، وَأَقْوَاهُمْ رَاجِلا. أعطَاهُ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة ذَات قرد سهم الراجل والفارس مَعًا، توفّي سنة 74 هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 9/6، جمهرة أَنْسَاب الْعَرَب 240، سير أَعْلَام النبلاء 3/326، مشاهير عُلَمَاء الْأَمْصَار 20، الْمعرفَة والتاريخ 1/336، الوافي بالوفيات 15/321. 2 - عبد الله بن عُثْمَان التَّيْمِيّ، أول من أسلم من الرِّجَال، وَأول خَليفَة فِي الْإِسْلَام وَأول من جمع الْقُرْآن، توفّي سنة 13هـ. انْظُر: أَسد الغابة 3/205، الِاسْتِيعَاب 2/234، الْإِصَابَة 2/333، تذكرة الْحفاظ 1/2، الرياض المستطابة 140، صفة الصفوة 1/235، طَبَقَات ابْن سعد 3/169. 3 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د، ظ. 4 - (زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) سَاقِطَة من د. 5 - فِي د: (فنقتلهم) وَفِي أ: (يقتلهُمْ) . 6 - رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم. وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَفِي هَامِش شرح السّنة إِسْنَاده صَحِيح. انْظُر: مُسْند أَحْمد 4/46، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب الرجل يُنَادي بالشعار 3/33، الْمُسْتَدْرك: كتاب الْجِهَاد 2/107. 7 - (دَار) سَاقِطَة من د. 8 - (بتعبية الْحَرْب) سَاقِطَة من د. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 فِي إرهاب الْعَدو. رُوِيَ1 عَن ابْن عَبَّاس فِي قصَّة الْفَتْح قَالَ: أسلم أَبُو سُفْيَان 2. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْعَبَّاس3: "احْبِسْ أَبَا سُفْيَان على الْوَادي حَتَّى تمر بِهِ4 جنود الله" فحبسه وَمَرَّتْ 5 الْقَبَائِل على راياتها حَتَّى مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الكتيبة الخضراء 6 فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار لَا ترى مِنْهُم إِلَّا الحدق من الْحَدِيد 7. وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح فَجعل خَالِد بن   1 - فِي د، ظ: (وَرُوِيَ) . 2 - صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة، رَأس قُرَيْش وَقَائِدهمْ يَوْم أحد وَيَوْم الخَنْدَق من دهاة الْعَرَب، وَمن أهل الرَّأْي والشرف فيهم، أسلم يَوْم الْفَتْح، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة 31هـ، وَقيل 32هـ وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 6/390، التَّارِيخ الْكَبِير 4/310، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 4/426، شذرات الذَّهَب 1/30، الْمعرفَة والتاريخ 3/167. 3 - الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَم رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو الْفضل، كَانَ رَئِيسا فِي الْجَاهِلِيَّة وَإِلَيْهِ السِّقَايَة، وَكَانَ مهيباً عَاقِلا اخْتلف فِي وَقت إِسْلَامه، قيل: إِنَّه أسلم قبل بدر، وَقيل: أسلم قبل وقْعَة خَيْبَر، ولد قبل عَام الْفِيل بِثَلَاث سِنِين وَتُوفِّي سنة 32هـ. انْظُر: التَّبْيِين فِي أَنْسَاب القرشيين 124، التَّارِيخ الْكَبِير 7/2، تَارِيخ ابْن معِين 2/294، تَارِيخ الثِّقَات 248، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 6/210، سير أَعْلَام النبلاء 2/78. 4 - فِي ظ: (حَتَّى مر) . 5 - فِي ظ: (فمرت) . 6 - الكتيبة: قِطْعَة من الْجَيْش من أربعمائه إِلَى ألف. واشتقاقها من الكَتْب وَهُوَ الْجمع والانضمام سميت خضراء، لما يرى عَلَيْهَا من لون الْحَدِيد والخضرة. انْظُر: النّظم المستعذب 2/232. 7 - رَوَاهُ البُخَارِيّ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - بَاب أَيْن ركز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّايَة يَوْم الْفَتْح 5/186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 الْوَلِيد1 على المجنبة الْيُمْنَى، وَجعل الزبير على المجنبة الْيُسْرَى، وَجعل أَبَا عبيده2 على البياذقة3 وبطن الْوَادي4 5. وَإِذا كَانَ الْعَدو مِمَّن لم تبلغهم الدعْوَة لم يجز قِتَالهمْ حَتَّى يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام لِأَنَّهُ لَا يلْزمهُم الْإِسْلَام قبل بُلُوغ الْخَبَر إِلَيْهِم. قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِبِين حَتَّى نَبْعثَ رَسُولاً} 6. وَإِن بلغتهم الدعْوَة فالمستحب7 أَن يعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام 8. لما رُوِيَ عَن سهل بن سعد 9 أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم خَيْبَر10   1 - خَالِد بن الْوَلِيد، سيف الله تَعَالَى، هَاجر مُسلما سنة ثَمَان، شهد غَزْوَة مُؤْتَة، وَشهد حروب الشَّام، عَاشَ سِتِّينَ سنة، وَتُوفِّي بحمص سنة إِحْدَى وَعشْرين. انْظُر: تَارِيخ ابْن عَسَاكِر 5/95، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/172، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 3/356، سير أَعْلَام النبلاء 1/366، العقد الثمين 4/289. 2 - عَامر بن عبد الله بن الْجراح، أحد السَّابِقين الْأَوَّلين، شهد لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ، وَسَماهُ أَمِين الْأمة، توفّي سنة 18 هـ. انْظُر: تَارِيخ الطَّبَرِيّ 3/202، جَامع الْأُصُول 9/20، صفة الصفوة 1/235، العقد الثمين 5/84، كنز الْعمَّال 13/214. 3 - فِي ط: (السافلة) والبياذقة: الرجاله، واللفظة فارسية معربة، سموا بذلك لخفة حركتهم وَأَنَّهُمْ لَيْسَ مَعَهم مَا ينقلهم. انْظُر: ب ذ ق - لِسَان الْعَرَب 10/14. 4 - فِي د: (فَجعل خَالِد بن الْوَلِيد على المجنبة الْيُسْرَى، وَجعل أَبَا عبيده على السافلة وبطن الْوَادي) . 5 - انْظُر: صَحِيح مُسلم - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب فتح مَكَّة 3/1407. 6 - سُورَة الْإِسْرَاء آيَة (15) . 7 - فِي أ: (وَالْمُسْتَحب) . 8 - انْظُر: الْبَيَان 8/ل6ب، الْمُهَذّب 2/232، رَوْضَة الطالبين 10/239. 9 - سهل بن سعد بن مَالك بن خَالِد بن ثَعْلَبَة أَبُو الْعَبَّاس الخزرجي الْأنْصَارِيّ كَانَ أَبوهُ من الصَّحَابَة الَّذين توفوا فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما فآخر من مَاتَ من الصَّحَابَة، فِي الْمَدِينَة توفّي سنة 91 هـ، وَقيل 88هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 9/83، تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/252، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 4/198، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/186، سير أَعْلَام النبلاء 3/422، الْمعرفَة والتاريخ 1/338. 10 - كَانَت فِي السّنة السَّابِعَة لِلْهِجْرَةِ. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 لعَلي1: "انفذ على رسلك حَتَّى تنزل بِسَاحَتِهِمْ ثمَّ ادعهم إِلَى الْإِسْلَام وَأخْبرهمْ2 بِمَا يجب عَلَيْهِم من حق الله فِيهِ3 فوَاللَّه لِأَن يهدي الله بك رجلا وَاحِدًا خير لَك 4 من أَن يكون لَك حمر النعم" 5 6. وَلَو قَاتلهم من غير أَن يعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام جَازَ لأَنهم علموه 7. رُوِيَ 8 عَن نَافِع 9 قَالَ: أغار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بني المصطلق10 وهم غَارونَ11 12.   1 - فِي د: ظ (عَلَيْهِ السَّلَام) . 2 - فِي ظ: (فاخبرهم) . 3 - (فِيهِ) سَاقِطَة من د. 4 - (لَك) سَاقِطَة من ظ، د. 5 - حمر النعم: أَي كرائمها وَهُوَ مثل فِي كل نَفِيس. انْظُر – ح م ر - الْمِصْبَاح الْمُنِير 151. 6 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْإِسْلَام والنبوة 4/58، صَحِيح مُسلم - كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة - بَاب فَضَائِل على 4/1872. 7 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/232. 8 - فِي د: (وَرُوِيَ) . 9 - أَبُو عبد الله الْمدنِي، مولى عبد الله بن عمر من أَئِمَّة التَّابِعين، أَجمعُوا على توثيقه، توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة 117هـ، وَقيل 119هـ. انْظُر: تذكرة الْحفاظ 1/99، تَهْذِيب التَّهْذِيب 10/412، شذرات الذَّهَب 1/154، طَبَقَات خَليفَة 47، المعارف 460، مشاهير عُلَمَاء الْأَمْصَار 80، منهاج الْيَقِين 107، العبر 1/113، وفيات الْأَعْيَان 5/368. 10 - غَزْوَة بني المصطلق كَانَت فِي سنة خمس من الْهِجْرَة. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/189. 11 - فِي د.: (عادون) وَفِي أ: (غادون) . وغارون: أَي غافلون على غير علم وَلَا حذر. انْظُر: النّظم المستعذب 2/232 12 - رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب جَوَاز الإغارة على الْكفَّار الَّذين بلغتهم دَعْوَة الْإِسْلَام من غير تقدم الْإِعْلَام بالإغارة 3/356، سنَن أبي دَاوُد - كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي دُعَاء الْمُشْركين 3/42. الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 ثمَّ إِن كَانَ من الْكفَّار الَّذين لَا يجوز إقرارهم بالجزية قَاتلهم حَتَّى يسلمُوا1 لما رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا "2. وَإِن كَانُوا مِمَّن يجوز إقرارهم بالجزية قَاتلهم حَتَّى يسلمُوا أَو يبذلوا الْجِزْيَة3 لقَوْله تَعَالَى: {قَاتِلُوا الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالَيَوْمِ الآخِرِ} إِلَى قَوْله: {حَتّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يدِِ وَهُمْ صَاغِرُونَ} 4. وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ رَسُول الله 5 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أمّر أَمِيرا على جَيش أَو سَرِيَّة قَالَ: "إِذا لقِيت عَدوك6 من الْمُشْركين فادعهم إِلَى ثَلَاث خِصَال فأيتهن7 أجابوك فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم، ثمَّ8 ادعهم9 إِلَى الْإِسْلَام فَإِن أجابوك فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم، ثمَّ ادعهم إِلَى التَّحَوُّل من دَارهم إِلَى دَار الْمُهَاجِرين، وَأخْبرهمْ أَنهم إِن فعلوا ذَلِك فَلهم مَا للمهاجرين وَعَلَيْهِم مَا على الْمُهَاجِرين، فَإِن أَبَوا أَن يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا   1 - وَالَّذين لَا يجوز إقرارهم بالجزية: هم من لَا كتاب لَهُم، وَلَا شُبْهَة كتاب. انْظُر: الْمُهَذّب 2/251. 2 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - كتاب الْإِيمَان - بَاب فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم 1/12، صَحِيح مُسلم: كتاب الايمان - بَاب الْأَمر بِقِتَال النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله 1/53. 3 - انْظُر: الْبَيَان 8 ل 7أ، الْمُهَذّب 2/232. 4 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (29) . 5 - فِي د: (كَانَ النَّبِي) . 6 - فِي د: (عدوا) . 7 - فِي د: (فَإِن هم اجابوك) . 8 - (ثمَّ) سَاقِطَة من ظ، د؛ وَهُوَ الصَّوَاب. 9 - فِي أ: (ادعهن) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 فَأخْبرهُم1 أَنهم يكونُونَ كأعراب الْمُسلمين يجْرِي عَلَيْهِم حكم الله الَّذِي يجْرِي على الْمُؤمنِينَ، وَلَا يكون لَهُم فِي الْغَنِيمَة2 والفيء3 شَيْء إِلَّا أَن يجاهدوا مَعَ الْمُسلمين فَإِن4 هم أَبَوا فسلهم الْجِزْيَة فَإِن هم5 أجابوك فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم فَإِن6 هم أَبَوا فَاسْتَعِنْ بِاللَّه وَقَاتلهمْ" 7، وَيسْتَحب أَن يستنصر بالضعفاء. لما 8 رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "هَل تنْصرُونَ وترزقون إِلَّا بضعفائكم" 9. وَرُوِيَ10 أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستفتح بصعاليك الْمُهَاجِرين11   1 - فِي د: (فاعلمهم) . 2 - الْغَنِيمَة: والمغنم بِمَعْنى، يُقَال غنم يغنم غنما بِالضَّمِّ. وأصل الْغنم: الرِّبْح وَالْفضل: وَهِي مَا استولى عَلَيْهِ من أَمْوَال الْكفَّار الْمُحَاربين عنْوَة وقهراً حِين الْقِتَال. انْظُر: تَصْحِيح التَّنْبِيه 144، مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء 335. 3 - فِي ظ، ط: (وَلَا الفي) 4 - فِي د: (وَإِن) . 5 - (هم) سَاقِطَة من د. 6 - فِي أ، ظ: (وَإِن) . 7 - رَوَاهُ مُسلم، والدارمي وَأَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ، وَابْن الْجَارُود. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب تأمير الإِمَام الْأُمَرَاء على الْبعُوث وتوصيته إيَّاهُم بآداب الْغَزْو وَغَيرهَا 3/1357، سنَن الدَّارمِيّ - كتاب السي ر - بَاب فِي الدعْوَة إِلَى الْإِسْلَام قبل الْقِتَال 2/216، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي دُعَاء الْمُشْركين 2/37، سنَن ابْن ماجة: كتاب الْجِهَاد - بَاب وَصِيَّة الإِمَام 2/953، السّنَن الْكُبْرَى، كتاب الْجِزْيَة - بَاب من يُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة من أهل الْكتاب 9/184، الْمُنْتَقى 347. 8 - (لما) سَاقِطَة من د. 9 - انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب السّير وَالْجهَاد - بَاب من اسْتَعَانَ بالضعفاء وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْب 4/44. 10 - فِي د: (رُوِيَ) . 11 - لم أَقف عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وَيسْتَحب أَن يَدْعُو عِنْد لِقَاء الْعَدو. لما1 رُوِيَ عَن عبد الله بن أبي أوفى2 قَالَ: دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب على الْمُشْركين فَقَالَ: " اللَّهُمَّ منزل الْكتاب سريع الْحساب اللَّهُمَّ3 اهزم الْأَحْزَاب، اللَّهُمَّ اهزمهم وزلزلهم "4 وَفِي رِوَايَة: "وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم "5. وَرُوِيَ عَن أبي مُوسَى6 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خَافَ قوما قَالَ7: " اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلك فِي نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم " 8 وَالله أعلم 9.   (لما) سَاقِطَة من د.، وَفِي أ: (رُوِيَ) . 2 - أَبُو إِبْرَاهِيم عبد الله بن أبي أوفى عَلْقَمَة الْأَسْلَمِيّ، صَحَابِيّ جليل شهد بيعَة الرضْوَان وَالْحُدَيْبِيَة وخيبر، سكن الْكُوفَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكف بَصَره فِي آخر عمره، وَهُوَ آخر من توفّي بِالْكُوفَةِ من الصَّحَابَة، اخْتلفُوا فِي سنة وَفَاته قيل سنة 86 هـ، وَقيل 87 هـ وَقيل 88هـ. انْظُر: الْإِصَابَة 2/271، تَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة 1/299، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ 1/242، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/120، جمهرة أَنْسَاب الْعَرَب 242، خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 2/41، الرياض المستطابة 203، طَبَقَات خَليفَة 110، 137، المحبر 298. 3 - (اللَّهُمَّ) سَاقِطَة من د وَهِي مُوَافقَة لرِوَايَة مُسلم، وَمَا أثْبته مُوَافق لرِوَايَة البُخَارِيّ. 4 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب الدُّعَاء على الْمُشْركين 4/152، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب اسْتِحْبَاب الدُّعَاء بالنصر عِنْد لِقَاء الْعَدو 3/1363. 5 - رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب كاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يُقَاتل أول النَّهَار أخر الْقِتَال حَتَّى تَزُول الشَّمْس 3/62، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب كَرَاهَة تمني لِقَاء الْعَدو 3/1363، سنَن أبي دَاوُد - كتاب الْجِهَاد، بَاب كَرَاهَة تمني لِقَاء الْعَدو 3/42. 6 - عبد الله بن قيس بن سليم، صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلم بِمَكَّة وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة، توفّي سنة 44هـ على الصَّحِيح. انْظُر: أَخْبَار الْقُضَاة 1/283، تَارِيخ ابْن معِين 2/326، التَّارِيخ الْكَبِير 5/22، جَامع لأصول 9/79، سير أَعْلَام النبلاء 2/380، العبر 1/37، معرفَة الْقُرَّاء الْكِبَار 1/39، كنز الْعمَّال 13/606. 7 - (قَالَ) سَاقِطَة من ظ، وَفِي أ: (يَقُول) . 8 - رَوَاهُ احْمَد، وَأَبُو دَاوُد، والْحَدِيث صَحِيح حَيْثُ ذكره الألباني فِي صَحِيح سنَن أبي دَاوُد. انْظُر: مُسْند أَحْمد 4/414، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الصَّلَاة - بَاب مايقول إِذا خَافَ قوما 2/89’صَحِيح سنَن أبي دَاوُد 1/421. 9 - (الله أعلم) سَاقِطَة من د، أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 بَاب: جَامع السّير: فصل: إِذا التقى الصفان وَلَكِن بِمُقَابلَة كل مُسلم مُشْرِكَانِ ... بَاب جَامع السّير قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ اَلمؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِانّ لَهُمُ الَجّنةَ} 1 الْآيَة. وَرُوِيَ2 عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه3 قَالَ: "لَا يكلم 4 أحد فِي سَبِيل الله، وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وجرحه يثعب5 دَمًا، اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك" 6. قَالَ الله تَعَالَى: {وَفَضَّلَ اللهُ المجُاهِدينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْراً عَظِيماً} 7. وَرُوِيَ8عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة أعدهَا الله 9 للمجاهدين فِي سَبِيل الله مَا بَين الدرجتين كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض" 10.   1 - سُورَة التَّوْبَة آيَة (111) . 2 - فِي د، أ: (رُوِيَ) . 3 - (أَنه) سَاقِطَة من د. 4 - (ك ل م) : الْجرْح. انْظُر: - كلم - لِسَان الْعَرَب 12525. 5 - فِي د: (يسخب) . يثعب: يجْرِي. انْظُر: (ث ع ب) لِسَان الْعَرَب 1236. 6 - رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَمَالك، وَالنَّسَائِيّ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب من يخرج فِي سَبِيل الله 422، صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب فضل الْجِهَاد وَالْخُرُوج فِي سَبِيل الله 31496، الْمُوَطَّأ: كتاب الْجِهَاد - بَاب الشُّهَدَاء فِي سَبِيل الله 2461، سنَن النَّسَائِيّ كتاب الْجِهَاد - بَاب من كلم فِي سَبِيل الله 628. 7 - سُورَة النِّسَاء آيَة (95) . 8 - فِي د: (رُوِيَ) . 9 - (الله) سَاقِطَة من د. 10 - انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب دَرَجَات الْمُجَاهدين 419. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وَعَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يعدل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله؟ قَالَ: "مثل الْمُجَاهِد1 فِي سَبِيل الله2 كَمثل الصَّائِم الْقَائِم القانت بآيَات الله لَا يفتر من صِيَام وَلَا صَلَاة حَتَّى يرجع الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله" 3. وَيَنْبَغِي أَن تكون نِيَّته فِي الْجِهَاد إعلاء كلمة الله وَإِظْهَار دينه. رُوِيَ عَن أبي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ4: الرجل يُقَاتل للمغنم، وَالرجل للذّكر، وَالرجل يُقَاتل ليرى مَكَانَهُ فَمن فِي سَبِيل الله؟ قَالَ: "من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله" 5 وَيجب أَن يصبر على الْقِتَال. لقَوْله تَعَالَى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاَثْبِتُوا واذْكُرُوا اللَهَ كَثِيرًا لَعَلّكُم تُفْلِحُونَ} 6 7 إِلَى قَوْله: {واصْبِروا8 إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِريِنَ} 9.   1 - فِي أ: (الْجِهَاد) . (مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله) مكررة فِي ظ. 3 - رَوَاهُ مُسلم، وَأحمد. انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب فضل الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله تَعَالَى 31498، مُسْند أَحْمد 2424. 4 - فِي أ: (قَالَ) 5 - أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وَالنَّسَائِيّ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا 424، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير بَاب من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله 31512، سنَن النَّسَائِيّ: كتاب الْجِهَاد - من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا 623. 6 - (لَعَلَّكُمْ تفلحون) سَاقِطَة من أ. 7 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (45) . 8 - فِي د. (فَاصْبِرُوا) . 9 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (46) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وَالصَّبْر سَبَب للنصر، وَالظفر وَالْأَجْر، قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِنَ يَكُنْ مِنْكُم مِائَةُُ صَابِرةُُ يَغْلبُوا مِائَتَين} 1. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَيَّامه الَّتِي لَقِي فِيهَا انْتظر حَتَّى مَالَتْ الشَّمْس ثمَّ قَامَ فِي النَّاس قَالَ2: " أَيهَا3 النَّاس لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو 4، وسلوا الله الْعَافِيَة، فَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَن الْجنَّة تَحت ظلال السيوف " 5. وَيجب أَن يُقَاتل الْمُشْركين حَتَّى يسلمُوا وَيُقَاتل أهل الْكتاب وَالْمَجُوس حَتَّى يسلمُوا أَو يُعْطوا الْجِزْيَة فَإِن لم يَفْعَلُوا حل قتل رِجَالهمْ وتسبى 6 نِسَاؤُهُم7 وذراريهم، وتغنم أَمْوَالهم 8. وَلَا يجوز قتل نِسَائِهِم وصبيانهم إِذا لم يقاتلوا 9. لما رُوِيَ عَن ابْن عمر10 " أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل النِّسَاء   1 - سُورَة الأنقال آيَة (66) . 2 - فِي د: (فعال) . 3 - فِي أ، ظ: (يَا أَيهَا) . 4 - فِي د: (واسألوه) . 5 - رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يُقَاتل أول النَّهَار أخر الْقِتَال حَتَّى تَزُول الشَّمْس 462، وَبَاب لَا تمنوا لِقَاء الْعَدو 477، صَحِيح مُسلم: - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب كَرَاهَة تمني لِقَاء الْعَدو وَالْأَمر بِالصبرِ عِنْد اللِّقَاء 31362. 6 - فِي أ: (وَسبي) . 7 - فِي (أ، د) (نِسَائِهِم) والتصويب من (ظ) . 8 - انْظُر: مُخْتَصر الْمُزنِيّ 270، كتاب السّير من الْحَاوِي 777. 9 - انْظُر: التَّنْبِيه 142، الْغَايَة القصوى 2948، رَوْضَة الطالبين 10243. 10 - أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْعَدوي، صَحَابِيّ جليل، شهد الخَنْدَق وَمَا بعْدهَا توفّي سنة 73هـ. انْظُر: الْإِصَابَة 2338، الِاسْتِيعَاب 2333، حلية الْأَوْلِيَاء 1292، صفة الصفوة 1563، وفيات الْأَعْيَان 328. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وَالصبيان" 1. فَمن2 وَقع فِي الْأسر من نِسَائِهِم وصبيانهم صَار رَقِيقا وَكَانَ حكمه حكم سَائِر أَمْوَال الْغَنِيمَة خمسه لأهل الْخمس وَأَرْبَعَة أخماسه للغانمين، وَكَذَلِكَ حكم عبيدهم إِذا وَقَعُوا فِي الْأسر3. أما الرِّجَال الْأَحْرَار العاقلون البالغون4 إِذا وَقَعُوا فِي الْأسر فالإمام فيهم بِالْخِيَارِ بَين أَن يقتلهُمْ صبرا5، وَبَين أَن يمن عَلَيْهِم فيخلي سبيلهم وَبَين أَن يفاديهم وَيكون مَال الْفِدْيَة فِي الْغَنِيمَة وَبَين أَن يسترقهم فيقسمهم كَسَائِر أَمْوَال الْغَنِيمَة ويختار مِنْهَا مَا هُوَ أَنْفَع للْمُسلمين6. وَهل يحل قتل شيوخهم الَّذين لَا قتال مِنْهُم7 نظر إِن كَانَ شَيخا لَهُ رَأْي فِي الْحَرْب جَازَ قَتله8. قتل دُرَيْد بن الصمَّة9 يَوْم حنين وَهُوَ ابْن خمس وَمِائَة10 سنة وَكَانَ   1 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب قتل النِّسَاء فِي الْحَرْب474، صَحِيح مُسلم - كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب تَحْرِيم قتل النِّسَاء وَالصبيان فِي الْحَرْب 31364. 2 - فِي د: (وَمن) وَفِي أ: (من) . 3 - انْظُر: منهاج الطالبين 126، تحفة الْمُحْتَاج 9246. 4 - فِي أ: (البالغون العاقلون) . 5 - وَيكون ذَلِك بِضَرْب الرَّقَبَة لَا بالتحريق والتغريق. انْظُر: مُغنِي الْمُحْتَاج 4228. 6 - انْظُر: التَّنْبِيه 142، الْمُهَذّب 2237، رَوْضَة الطالبين 10251، مُغنِي الْمُحْتَاج 4228. 7 - فِي أ: (فيهم) . 8 - انْظُر: الْمُهَذّب 2234. 9 - دُرَيْد بن الصمَّة الْجُشَمِي الْبكْرِيّ من هوَازن، من الشُّعَرَاء المعمرين فِي الْجَاهِلِيَّة، كَانَ سيد بني جشم وفارسهم وَقَائِدهمْ، عَاشَ حَتَّى سقط حاجباه على عَيْنَيْهِ وَأدْركَ الْإِسْلَام وَلم يسلم فَقتل على دين الْجَاهِلِيَّة يَوْم حنين. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1185، خزانَة الْبَغْدَادِيّ 4446، المحبر 298، الْأَعْلَام 2339. 10 - فِي ظ: (خمس مائَة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 شَيخا1 لَا يَسْتَطِيع الْجُلُوس فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يُنكر قَتله وَإِن2 لم يكن لَهُ رَأْي هَل يجوز قَتله؟ فِيهِ قَولَانِ3. وَكَذَلِكَ العسفاء4 الَّذين لَا يُقَاتلُون والرهبان 5 وَأَصْحَاب الصوامع 6 والعميان والزمنى7 الَّذين لَا يُرْجَى زَوَال زمانتهم هَل يجوز 8 قَتلهمْ؟ فِيهِ قَولَانِ 9: أَحدهمَا: وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ10 رَحمَه الله 11: لَا يتركون12 وَيقْتلُونَ؛   1 - فِي ظ: (وَكَانَ من سحار لَا يَسْتَطِيع) . 2 - فِي د: (فَإِن) . 3 - انْظُر: الْمُهَذّب 2235. 4 - العسيف: الْأَجِير. انْظُر: - ع س ف - الْمِصْبَاح الْمُنِير 409. 5 - فِي أ، ظ: (والرهابين) الرهبان: جمع رَاهِب، وَتجمع على رهابين ورهابنه، وَهُوَ مُخْتَصّ بالنصارى، كَانُوا يترهبون بالتخلي عَن أشغال الدُّنْيَا وَترك ملاذها والزهد فِيهَا وَالْعُزْلَة عَن أَهلهَا وتعمد مشاقها. انْظُر: الدّرّ النقي 3776. 6 - الصوامع: جمع صومعه: وَهِي بَيت يجلس فِيهِ عباد النَّصَارَى. انْظُر: مُعْجم لُغَة الْفُقَهَاء 278. 7 - الزمانة: العاهة، وَالْجمع زَمْنَي لِأَنَّهُ جنس للبلايا الَّتِي يصابون بهَا ويدخلون فِيهَا. انْظُر: - ز م ن - لِسَان الْعَرَب 13199. 8 - فِي د: (هَل يحل) . 9 - أظهرهمَا يجوز. انْظُر: حلية الْعلمَاء 7650، الْبَيَان 8ل9ب، الْوَجِيز 2189، الْغَايَة القصوى 2948، رَوْضَة الطالبين 10 243، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4218. 10 - أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن يحي الْمُزنِيّ، الإِمَام الْفَقِيه، صَاحب التصانيف أَخذ عَن الشَّافِعِي كَانَ زاهداً عَالما مُجْتَهدا مناظراً. قَالَ الشَّافِعِي: الْمُزنِيّ نَاصِر مذهبي، من مصنفاته: الْمَبْسُوط، والمختصر، والمنثور، والمسائل الْمُعْتَبرَة وَالْجَامِع الْكَبِير، وَالْجَامِع الصَّغِير وَالتَّرْغِيب فِي الْعلم، وَكتاب الوثائق، ولد سنة 175هـ وَتُوفِّي سنة264هـ. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2285، طَبَقَات الشِّيرَازِيّ 109، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة17، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ 9، طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله 20، الفهرست 298، النُّجُوم الزاهرة 339. 1 - (رَحمَه الله) سَاقِطَة من ظ، أ. 1 - (لَا يتركون) سَاقِطَة من ظ، أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 لِأَنَّهُ كَافِر حر مُكَلّف كالشبان. وَالثَّانِي: وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة1 رَحمَه الله2: "لَا يقتلُون لأَنهم لَا يُقَاتلُون كالنساء وَالصبيان" 3. رُوِيَ 4 أَن أَبَا بكر بعث جَيْشًا إِلَى الشَّام فنهاهم عَن قتل الشُّيُوخ وَأَصْحَاب الصوامع 5. وَمن قَالَ بِالْأولِ أجَاب بِأَنَّهُ إِنَّمَا نهي عَن قَتلهمْ؛ ليشتغلوا بالأهم وهم الْمُقَاتلَة. كَمَا أَنه نهى عَن قطع الْأَشْجَار المثمرة. وَقد كَانَ النَّبِي 6 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع نخل بني النَّضِير 7 8.   1 - انْظُر: الْهِدَايَة 2139، الِاخْتِيَار 4120. (رَحمَه الله) سَاقِطَة من د، أ. 3 - (وَالصبيان) سَاقِطَة من د. 4 - فِي أ: (وَرُوِيَ) . 5 - روى مَالك عَن يحيى بن سعيد أَن أَبَا بكر الصّديق بعث جيوشاً إِلَى الشَّام، فَخرج يمشي مَعَ يزِيد بن أبي سُفْيَان، وَكَانَ أَمِير رُبع من تِلْكَ الأرباع، فزعموا أَن يزِيد قَالَ لأبي بكر: إِمَّا أَن تركب، وَإِمَّا أَن أنزل فَقَالَ أَبُو بكر: "مَا أَنْت بنازل، وَمَا أَنا بِرَاكِب، إِن أحتسب خطاي هَذِه فِي سَبِيل الله، ثمَّ قَالَ لَهُ: إِنَّك ستجد قوما زَعَمُوا أَنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وَمَا زَعَمُوا أَنهم حبسوا أنفسهم لَهُ، وستجد قوما فحصوا عَن أوساط رؤوسهم من الشّعْر فَاضْرب مَا فحصوا عَنهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنِّي مُوصِيك بِعشر: لَا تقتلن امْرَأَة وَلَا صَبيا، وَلَا كَبِيرا هرماً، وَلَا تقطعن شَجرا مثمراً، وَلَا تخربن عَامِرًا وَلَا تعقرن شَاة، وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لمأكله، وَلَا تحرقن نحلاً، لَا تغرقنه وَلَا تغلل وَلَا تجبن". انْظُر: الْمُوَطَّأ - كتاب الْجِهَاد - بَاب النَّهْي عَن قتل النِّسَاء والولدان فِي الْغَزْو 2447. 6 - فِي أ: (وَقد كَانَ مَعَ النَّبِي) . 7 - فِي ظ: (وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قطع نخل بني النَّضِير) ، كَانَت غَزْوَة بني النَّضِير سنة 4هـ. انْظُر: تَارِيخ الْإِسْلَام (الْمَغَازِي) 245. 8 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب حرق الدّور والنخيل 476، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب جَوَاز قطع أَشجَار الْكفَّار وَتَحْرِيقهَا 31365. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وَلَكِن نهي عَنهُ؛ ليشتغلوا بالأهم وَلِأَنَّهُ كَانَ يَرْجُو إبْقَاء نَفعهَا للْمُسلمين، فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ وعدهم1 فتح الشَّام. فَإِن قُلْنَا: يقتلُون جَازَ استرقاقهم وَسبي ذَرَارِيهمْ وَنِسَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ 2 وَإِن قُلْنَا لَا يقتلُون لَا يجوز استرقاقهم وَسبي نِسَائِهِم وَأَوْلَادهمْ 3 واغتنام أَمْوَالهم 4. وَقيل: فِي سبي زوجاتهم وَجْهَان كسبي زَوْجَة الْمُسلم إِذا كَانَت حربية. وَإِذا ترهبت الْمَرْأَة هَل يجوز استرقاقها؟ فِيهِ قَولَانِ بِنَاء على قتل الرجل الراهب 5. ويتوقى فِي الْقِتَال 6 قتل قَرِيبه الْكَافِر. فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كف أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة 7 يَوْم بدر عَن قتل   1 - فِي ظ: (وعد لَهُم) . (وَأَمْوَالهمْ) سَاقِطَة من د. 3 - فِي د: (وَسبي ذَرَارِيهمْ وَأَوْلَادهمْ) . 4 - على القَوْل يجوز قَتلهمْ فيسترقون وتسبى نِسَاؤُهُم وصبيانهم وتغنم أَمْوَالهم. وعَلى الْمَنْع يسْتَرقونَ بِنَفس الْأسر، وَقيل يجوز استرقاقهم وَقيل يتركون وَلَا يتَعَرَّض لَهُم وَيجوز سبي نِسَائِهِم وصبيانهم واغتنام أَمْوَالهم فِي الْأَصَح. انْظُر: شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4218. 5 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10244، كِفَايَة النبيه الورقة 9 من كتاب السّير. 6 - فِي د: (ويتوقى فِي قتل قَرِيبه) . 7 - أَبُو حذيفه بن عتبَة ابْن شيخ الْجَاهِلِيَّة عتبَة بن ربيعَة، أحد السَّابِقين، أسلم قبل دُخُولهمْ دَار الأرقم وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة، قيل عَاشَ أَبُو حُذَيْفَة ثَلَاثًا وَخمسين سنة، اسْتشْهد يَوْم الْيَمَامَة سنة 12هـ. انْظُر: أَسد الغابة 570، الِاسْتِيعَاب 443، تَارِيخ خَليفَة 111، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2212، سير أَعْلَام النبلاء 1164، العبر 112، المعارف 272. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 أَبِيه1 2 وكف أَبَا بكر يَوْم أحد عَن قتل ابْنه عبد الرَّحْمَن 3 4. فَلَو سمع أَبَاهُ أَو قَرِيبه يذكر الله أَو رَسُوله بِسوء5 لم يكره أَن يقْتله 6 7. فَإِن أَبَا عبيده بن الْجراح قتل أَبَاهُ وَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 8 كَانَ يسبك فَلم يُنكر عَلَيْهِ 9.   1 - عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس، أَبُو ليد كَبِير قُرَيْش وَأحد ساداتها فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ مَوْصُوفا بِالرَّأْيِ، والحلم وَالْفضل،، أدْرك الْإِسْلَام وطغى فَشهد بَدْرًا مَعَ الْمُشْركين وَقَاتل قتالا شَدِيدا فأحاط بِهِ عَليّ بن أبي طَالب وَحَمْزَة وَعبيدَة بن الْحَارِث فَقَتَلُوهُ. 2 - رَوَاهُ الْحَاكِم. انْظُر: الْمُسْتَدْرك: كتاب معرفَة الصَّحَابَة – ذكر مَنَاقِب أبي حُذَيْفَة 323. انْظُر: الْأَعْلَام 4200. 3 - رَوَاهُ الْحَاكِم: الْمُسْتَدْرك - كتاب معرفَة الصَّحَابَة – مَنَاقِب عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر 3473. 4 - عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق شَقِيق عَائِشَة، حضر بَدْرًا مَعَ الْمُشْركين ثمَّ أسلم وَهَاجَر قبل الْفَتْح، كَانَ من الرُّمَاة الْمَذْكُورين والشجعان توفّي سنة 53هـ. انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 6146، سير أَعْلَام النبلاء 2471، شذرات الذَّهَب 159، طَبَقَات خَليفَة 18، المعارف 174، الْمعرفَة والتاريخ 1285، العبر 141. 5 - فِي د: (بسيء) . 6 - انْظُر: الْمُهَذّب 2234. 7 - فِي د، أ: (لم يكره وَله أَن يقْتله) . 8 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) سَاقِطَة من د، ظ. 9 - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن شَوْذَب، قَالَ: جعل أَبُو أبي عُبَيْدَة بن الْجراح ينصب الْآلهَة لأبي عبيده يحيد عَنهُ فَلَمَّا أَكثر الْجراح قَصده أَبُو عبيده فَقتله. قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا مُنْقَطع وَرَوَاهُ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مَالك بن عُمَيْر قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لقِيت الْعَدو وَلَقِيت أبي فيهم فَسمِعت مِنْهُ لَك مقَالَة قبيحة فطعنته بِالرُّمْحِ فَقتلته، فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا مُرْسل جيد. انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى - كتاب السّير - بَاب الْمُسلم يتوقى فِي الْحَرْب قتل أَبِيه 927، ووالمراسيل لأبي دَاوُد - كتاب الْجِهَاد 164. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 فصل: إِذا التقى الصفان وَكَانَ بِمُقَابلَة كل مُسلم مُشْرِكَانِ قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيْتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُولّوهم الأَدْبَارَ} 1 الْآيَة. إِذا التقى الصفان وَكَانَ بِمُقَابلَة كل مُسلم مُشْرِكَانِ فَأَقل لَا يجوز لأحد من الْمُسلمين2 أَن يولي ظَهره فِرَارًا، فَمن فعل فقد بَاء بغضب من الله إِلَّا أَن يولي متحرفاً لقِتَال: وَهُوَ أَن يكمن3 فِي مَوضِع وَاحِد 4 ليكر عَلَيْهِم، أَو كَانَ 5 الْقِتَال فِي مضيق فيولي دبره ليتبعه الْعَدو إِلَى مَوضِع وَاسع فيسهل 6 عَلَيْهِ الْقِتَال، أَو متحيزاً إِلَى فِئَة: وَهُوَ أَن يذهب إِلَى طَائِفَة من الْمُسلمين قَليلَة أَو كَثِيرَة قريبَة أَو بعيدَة 7 8 ليستنجده9 فَلَا يَأْثَم إِذا كَانَ قَصده هَذَا. وَكَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام إِذا كَانَ فِي مُقَابلَة كل مُسلم عشرَة مَا كَانَ يجوز الْفِرَار كَمَا قَالَ الله10 تَعَالَى: {إِن يَكُن مِنّكُمْ عِشْرُونَ صَابِرونَ يَغِلبُوا مِائَتَيْن} 11.   1 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (15) . (لَا يجوز لأحد من الْمُسلمين) مكررة فِي د. 3 - فِي أ: (يكن) . 4 - (وَاحِد) سَاقِطَة من ظ، أ. 5 - فِي ظ: (وَكَانَ) . 6 - فِي: (ليسهل) . 7 - فِي د: (بعيدَة أَو قريبَة) . 8 - فِي التحيز إِلَى طَائِفَة بعيدَة فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الْجَوَاز. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10247، مُغنِي الْمُحْتَاج 4225. 9 - فِي د: (يستنجدهم) . 10 - (الله) سَاقِطَة من د، ظ. 11 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (65) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 ثمَّ خفف1 الله تَعَالَى فَأوجب على كل مُسلم مصابرة اثْنَيْنِ 2 3. فَقَالَ: {الآنَ خَفّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِنْكُم مِائَةٌ صَابِرةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْن} 4. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: "من فرّ من ثَلَاثَة فَلم يفر، وَمن فرّ من اثْنَيْنِ فقد فرّ" 5. وَإِن غلب على ظنهم أَنهم إِن ثبتوا لَهُم هَلَكُوا وَجْهَان 6: أَحدهمَا: لَهُم أَن يولوا ظُهُورهمْ7 لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأيْديكُمْ إِلَى الّتْهلُكةِ} 8. وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيح9 لَيْسَ لَهُم أَن يولوا، لقَوْله تَعَالَى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} 10؛ وَلِأَن الْمُجَاهِد إِنَّمَا يُجَاهد لِيَقْتُلَ وَيُقْتَلَ. فَأَما إِذا كَانَ بِمُقَابلَة11 كل مُسلم أَكثر من مُشْرِكين فَيجوز أَن يولي ظَهره فِرَارًا12.   1 - فِي ظ: (وخفف) . (فَأوجب على كل مُسلم مصابرة اثْنَيْنِ) سَاقِطَة من أ. 3 - انْظُر: النكت والعيون 289، زَاد الْمسير 3378. 4 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (66) . 5 - رَوَاهُ البيهقى عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: "إِن فر رجل من اثْنَيْنِ فقد فر وَإِن فر من ثَلَاثَة لم يفر". انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب تَحْرِيم الْفِرَار من الزَّحْف وصبر الْوَاحِد مَعَ الِاثْنَيْنِ 976. 6 - وَصحح الْوَجْه الثَّانِي الشِّيرَازِيّ والشاشي الْقفال. انْظُر: الْمُهَذّب 2234، حلية الْعلمَاء 7648. 7 - (ظُهُورهمْ) سَاقِطَة من ظ. 8 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (195) . 9 - فِي د: (وَهُوَ الْأَصَح) . 10 - سُورَة الْأَنْفَال آيَة (45) . 11 - فِي د: (مُقَابلَة) . 12 - انْظُر: منهاج الطالبين 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 رُوِيَ أَن خَالِد بن الْوَلِيد ردّ الْجَيْش من حَرْب مُؤْتَة1 لِكَثْرَة الْعَدو، فَقَالَ: النَّاس هم الْفَرَّارُونَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل هم الكرارون2. ثمَّ إِن غلب على ظنهم أَنهم لَا يهْلكُونَ فَالْأَفْضَل أَن يثبتوا، وَإِن غلب على ظنهم أَنهم 3 يهْلكُونَ فَفِيهِ 4 وَجْهَان5: أَحدهمَا: يلْزمهُم أَن ينصرفوا لقَوْله تَعَالَى: {وَلا تُلّقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى الَتّهلُكَةِ} 6. وَالثَّانِي: يسْتَحبّ أَن ينصرفوا وَلَا يلْزمهُم7، لأَنهم إِن قتلوا فازوا بِالشَّهَادَةِ. وَإِن كَانَ بِمُقَابلَة كل مُسلم أقل من مُشْرِكين 8 وَلكنه مَرِيض أولم يكن لَهُ سلَاح فَلهُ أَن يولي ظَهره، وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ فرسه، وَلَا يُمكنهُ أَن يُقَاتل رَاجِلا لَهُ أَن يرجع لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يستسلم للْقَتْل 9. وَلَو لَقِي رجل من الْمُسلمين رجلَيْنِ من الْمُشْركين فِي غير الْحَرْب فَإِن طلباه   1 - وَكَانَت فِي السّنة الثَّامِنَة لِلْهِجْرَةِ. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1197. 2 - لم أَقف على هَذِه الرِّوَايَة فِي كتب السّنة وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَأحمد رِوَايَة عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ، وَقد أثبت الْخَبَر من كتب السِّيرَة. انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 424، تَارِيخ الْإِسْلَام (الْمَغَازِي) 491، مُسْند الإِمَام أَحْمد 270، 86، 100، 111، سنَن أبي دَاوُد - كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي التولي يَوْم الزَّحْف 346، سنَن التِّرْمِذِيّ - أَبْوَاب الْجِهَاد - بَاب مَا جَاءَ فِي الْفِرَار من الزَّحْف 3130. 3 - (لَا يهْلكُونَ فَالْأَفْضَل أَن يثبتوا، وَإِن غلب على ظنهم أَنهم) سَاقِطَة من أ. 4 - فِي أ: (فِيهِ) . 5 - انْظُر: الْمُهَذّب 2234، حلية الْعلمَاء 7649، الْبَيَان 8ل 8ب. 6 - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (195) . 7 - فِي ظ: (وَلَا يلْزم) . 8 - فِي أ: (مُشْتَرك) . 9 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10248. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وَلم يطلبهما فَلهُ أَن يولي عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ غير متأهب لِلْقِتَالِ وَإِن طلبهما وَلم يطلباه فِيهِ وَجْهَان1: أَحدهمَا: لَهُ أَن يولي لِأَن فرض الْجِهَاد فِي الْجَمَاعَة. وَالثَّانِي لَا يجوز أَن يولي؛ لِأَنَّهُ مُجَاهِد كَمَا لَو كَانَ مَعَ الْجَمَاعَة، وَإِن كَانَ الْكفَّار فِي حصن جَازَ للْإِمَام نصب المنجنيق2 عَلَيْهِم، وَيجوز أَن يفعل أَيْنَمَا3 كَانُوا مَا يعممهم بِالْهَلَاكِ من التحريق والتغريق. وَإِن كَانَ فيهم نِسَاؤُهُم وذراريهم 4 فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شن الْغَارة على بني المصطلق 5 وَأمر بالبيات 6 7 وَالتَّحْرِيق 8 وَنصب المنجنيق على أهل الطَّائِف 9.   1 - أصَحهمَا لَهُ أَن يولي، صَححهُ النَّوَوِيّ وَابْن الرّفْعَة، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَهُوَ الظَّاهِر من مَذْهَب الشَّافِعِي. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 896، الْمُهَذّب 2234، حلية الْعلمَاء 7649، رَوْضَة الطالبين 10249، كِفَايَة النبيه الورقة 13 من كتاب السّير. 2 - المنجنيق: آلَة ترمى بهَا الْحِجَارَة وَهِي معربة. انْظُر: مُخْتَار الصِّحَاح 106. 3 - فِي د: (أَيْن مَا كَانُوا) . 4 - انْظُر: الْوَجِيز 2190، الْغَايَة القصوى 2949، منهاج الطالبين 126. 5 - سبق تَخْرِيجه ص. 6 - البيات: هُوَ أَن يقْصد فِي اللَّيلِ من غير أَن يَعْلَم؛ فَيُؤخَذَ بَغْتَةً. انْظُر: لِسَان الْعَرَب 216. 7 - قَالَ ابْن حجر: حَدِيث أَنه أَمر بالبيات، هَذَا الْأَمر لَا أعرفهُ وَإِنَّمَا اتفقَا فِي الصَّحِيحَيْنِ على حَدِيث الصعب بن جثامة.. قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا مَا ورد فِي إِبَاحَة التبييت. انْظُر: تَلْخِيص الحبير 4104، سَيَأْتِي تَخْرِيج حَدِيث الصعب بن جثامة ص 70. 8 - فِي د: (وَأمر بالتحريق) . 9 - قَالَ ابْن حجر: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن ثَوْر عَن مَكْحُول، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فَلم يذكر مَكْحُول، وَذكره معضلا عَن ثَوْر، وَرَاه ابْن سعد عَن قبيصَة عَن سُفْيَان عَن ثَوْر عَن مَكْحُول مُرْسلا، وَأخرجه أَبُو دَاوُد - أَيْضا - وَوَصله الْعقيلِيّ من وَجه آخر عَن عَليّ. قَالَ فِي سبل السَّلَام: أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَرِجَاله ثِقَات، وَوَصله الْعقيلِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن عَليّ انْظُر: الْمَرَاسِيل: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي فضل الْجِهَاد 165، تَلْخِيص الحبير 4104، سبل السَّلَام 41352. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 رُوِيَ عَن الصعب بن جثامة 1 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أهل الدَّار يبيتُونَ من الْمُشْركين فيصاب من نِسَائِهِم وذراريهم قَالَ: "وهم مِنْهُم" 2. وَإِن كَانَ فيهم 3 مُسلمُونَ مستأمنون أَو أُسَارَى فَهَل يجوز أَن يفعل لَهُم مَا يعممهم 4 بِالْهَلَاكِ من التحريق والتغريق وَنصب المنجنيق 5؟ نظر6:   1 - الصعب بن جثامة بن قيس اللَّيْثِيّ الْحِجَازِي، روى عَن النَّبِي وَعنهُ عبد الله بن عَبَّاس مَاتَ فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق، وَقيل: فِي آخر ولَايَة عمر. انْظُر: أَسد الغابة 2402، الِاسْتِيعَاب 3191، الْإِصَابَة 2178، تَهْذِيب التَّهْذِيب 4421. 2 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد - بَاب أهل الدَّار يبيتُونَ 474، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب جَوَاز قتل النِّسَاء وَالصبيان فِي البيات من غير تعمد 31364. 3 - فِي أ، ظ: (مِنْهُم) . 4 - فِي د: (مَا يعمهم) 5 - (وَنصب المنجنيق) سَاقِطَة من ظ. 6 - قَالَ النَّوَوِيّ: لَو كَانَ فِي الْبَلدة أَو القلعة مُسلم أَو أَسِير أَو تَاجر أَو مستأمن فَهَل يجوز قصد أَهلهَا بالنَّار والمنجنيق وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا؟ فِيهِ طرق: الْمَذْهَب: أَنه إِن لم يكن ضَرُورَة كره، وَلَا يجوز على الْأَظْهر؛ لِئَلَّا يعطلوا الْجِهَاد بِحَبْس مُسلم فيهم. وَإِن كَانَت ضَرُورَة كخوف ضررهم، أَو لم يحصل فتح القلعة إِلَّا بِهِ جَازَ قطعا وَالطَّرِيق الثَّانِي: لَا اعْتِبَار بِالضَّرُورَةِ، بل إِن كَانَ مَا يومي بِهِ يهْلك الْمُسلم؟ لم يجز، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَالثَّالِث: وَبِه أجَاب صَاحب الشَّامِل: إِن كَانَ عدد الْمُسلمين الَّذين فيهم مثل الْمُشْركين لم يجز رميهم، وَإِن كَانَ أقل جَازَ، وَالْمذهب الْجَوَاز. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 902، الْمُهَذّب 2234، الْبَيَان 8ل10 أ، رَوْضَة الطالبين 10245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 إِن كَانَ فِي حَالَة التحام الْقِتَال أَو الْخَوْف على الْمُسلمين أَن يظفر بهم الْكفَّار يجوز، لِأَن حفظ الْمُجَاهدين أولى من حفظ من بِأَيْدِيهِم1 وَإِن2 لم يكن ذَلِك، أَو كَانُوا فِي حصن فَهَل يجوز أَن يفعل بهم ذَلِك؟ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يجوز حَتَّى لَا يُؤَدِّي إِلَى تَعْطِيل الْجِهَاد كَمَا لَو كَانَ فيهم نِسَاؤُهُم وذراريهم. وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ بِخِلَاف الذَّرَارِي وَالنِّسَاء فَإِنَّهُم مِنْهُم. وَإِن تترسوا بأطفالهم وَنِسَائِهِمْ3. فَإِن كَانَ فِي حَال التحام الْقِتَال جَازَ الرَّمْي ويتوقى الْأَطْفَال وَالنِّسَاء مَا أمكنه4، لأَنا لَو تركنَا رميهم بِمثل5 ذَلِك   1 - فِي أ: (مَا بِأَيْدِيهِم) . 2 - فِي د: (فَإِن) . 3 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: إِذا تترس الْمُشْركُونَ بأطفالهم لعلمهم أَن شرعنا يمْنَع من تعمد قَتلهمْ فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فِي التحام الْقِتَال مَعَ إقبالهم على حربنا فَلَا يمْنَع ذَلِك من قِتَالهمْ وَمن رميهم وضربهم قصدا لَهُم دون أطفالهم وَلَا حرج فِيمَا أفْضى مِنْهُ إِلَى قتل أطفالهم لأمرين: أَحدهمَا: أَن تركنَا لَهُم بِهَذَا مفض إِلَى ترك جهادهم. وَالثَّانِي: أَنهم مقبلون على حربنا فَحرم أَن نولي عَنْهُم. وَالضَّرْب الثَّانِي: أَن يتترسوا بهم فِي غير التحام الْقِتَال عِنْد مشاركتهم لنا وَقد بدأنا بقتالهم وهم فِي حصارنا يخَافُونَ فِيهِ فيفعلوا ذَلِك لنمتنع من رميهم فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا: أَن يَفْعَلُوا ذَلِك مكراً مِنْهُم فَلَا يُوجب ذَلِك ترك حصارهم وَلَا الِامْتِنَاع عَن رميهم وَلَو أفْضى إِلَى قتل أطفالهم. وَالضَّرْب الثَّانِي: أَن يَفْعَلُوا دفعا عَنْهُم فَلَا يمْنَع ذَلِك من حصارهم وَفِي الْمَنْع من رميهم وضربهم قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه لَا يمْنَع ذَلِك من رميهم كالمقاتلين تَغْلِيبًا لفرض الْجِهَاد. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يمْنَع رميهم وَيُؤَخر الْكَفّ عَنْهُم بِخِلَاف المقاتلين، لِأَن جهادهم ندب، وَجِهَاد المقاتلين فرض، وَإِذا قَابل النّدب حظر كَانَ حكم الْحَظْر أغلب انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 914، حلية الْعلمَاء 7650. 4 - فِي أ: (إِن أمكنه) . 5 - فِي د: (لمثل) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 لتعطل أَمر الْجِهَاد وَإِن كَانَ فِي غير حَال الْحَرْب فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يجوز الرَّمْي حَتَّى لَا يتعطل الْجِهَاد ويتوقى الْأَطْفَال وَالنِّسَاء. وَالثَّانِي: لَا يجوز الرَّمْي، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قتل أطفالهم1 وَنِسَائِهِمْ من غير ضَرُورَة. وَإِن تترسوا بِمُسلم نظر2: إِن لم يكن فِي حَال التحام الْقِتَال لَا يجوز أَن يضْربهُ، فَإِن ضربه وَقَتله3 فَهُوَ كَمَا لَو قتل رجلا فِي دَار الْحَرْب إِن علمه مُسلما عَلَيْهِ الْقود، وَإِن ظَنّه   (أطفالهم) سَاقِطَة من أ. 2 - قَالَ النَّوَوِيّ: "لَو تترس الْكفَّار بمسلمين من الْأُسَارَى وَغَيرهم نظر: إِن لم تدع ضَرُورَة إِلَى رميهم فَإِن رمى رام فَقتل مُسلما قَالَ الْبَغَوِيّ: هُوَ كَمَا لَو قتل مُسلما فِي دَار الْحَرْب إِن علمه مُسلما لزمَه الْقصاص، وَإِن ظَنّه كَافِرًا، فَلَا قصاص وَتجب الْكَفَّارَة وَفِي الدِّيَة قَولَانِ. وَإِن دعت ضَرُورَة إِلَى رميهم بِأَن تترسوا بهم فِي حَال التحام الْقِتَال وَكَانُوا بِحَيْثُ لَو كففنا عَنْهُم ظفروا بِنَا، وَكَثُرت نكايتهم فَوَجْهَانِ أَحدهمَا: لَا يجوز الرَّمْي إِذا لم يُمكن ضرب الْكفَّار إِلَّا بِضَرْب مُسلم؛ لِأَن غَايَته أَن نَخَاف على أَنْفُسنَا وَدم الْمُسلم لَا يُبَاح بالخوف بِدَلِيل صُورَة الْإِكْرَاه، وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيح الْمَنْصُوص، وَبِه قطع الْعِرَاقِيُّونَ: جَوَاز الرَّمْي على قصد قتال الْمُشْركين، ويتوقى الْمُسلمين بِحَسب الْإِمْكَان، لِأَن مفْسدَة الْإِعْرَاض أَكثر من مفْسدَة الْإِقْدَام. فَإِن جَوَّزنَا الرَّمْي فَرمى وَقتل مُسلما فَلَا قصاص، فَتجب الْكَفَّارَة، وَفِي الدِّيَة طرق أَصَحهَا وَظَاهر النَّص، وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ وَابْن سَلمَة: إِن علم أَن المرمي مُسلم وَجَبت وَإِلَّا فَلَا وَالثَّالِث: قَولَانِ مُطلقًا وَالرَّابِع: قَالَه ابْن الْوَكِيل إِن علم أَن هُنَاكَ مُسلما وَجَبت وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَإِن لم نجوز الرَّمْي، فَرمى وَقتل، فَفِي وجوب الْقصاص طَرِيقَانِ: أَحدهمَا: قَولَانِ، كالمكره. وَالثَّانِي: يجب قطعا كالمضطر إِذا قتل رجلا ليأكله بِخِلَاف الْمُكْره فَإِنَّهُ ملْجأ، وَلِأَن هُنَاكَ من يُحَال عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُكْره". انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10246، وراجع أَيْضا كتاب السّير من الْحَاوِي 922، الْبَيَان 8ل10أ. 3 - فِي د: (فَقتله) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 كَافِرًا فَلَا قَود عَلَيْهِ1 وَتجب الْكَفَّارَة، وَفِي الدِّيَة قَولَانِ. فَإِن2 كَانَ فِي حَال التحام الْقِتَال والاضطرار إِلَى الرَّمْي بالخوف على نَفسه وَهُوَ يعلم أَنه مُسلم فَيَرْمِي الْكَافِر3 ويتوقى الْمُسلم، فَإِن توصل إِلَى إِصَابَة الْكَافِر من غير أَن يُصِيب الْمُسلم فَأصَاب الْمُسلم وَجب عَلَيْهِ الْقود 4. وَإِن 5 لم يتَوَصَّل إِلَى ضرب6 الْكَافِر إِلَّا بِضَرْب الْمُسلم لَا يجوز ضربه، فَإِن ضربه قيل فِي وجوب الْقود قَولَانِ؛ كالمكره، وَقيل: يجب قولا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا 7 من نحيل الحكم 8 عَلَيْهِ غَيره. وَلَو قصد الْكَافِر فَأصَاب الْمُسلم فَهُوَ خطأ فَلَا قَود عَلَيْهِ 9 وَعَلِيهِ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة. وَإِن10 لم يعلم أَنه مُسلم فَإِن قَصده فَلَا قَود، وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَفِي الدِّيَة قَولَانِ. وَإِن قصد الْكَافِر فَأَصَابَهُ فَلَا دِيَة، وَتجب الْكَفَّارَة، وَإِن تترسوا بذمي أَو مستأمن أَو عبد لَا يجوز الضَّرْب كَمَا ذكرنَا.   (عَلَيْهِ) سَاقِطَة من أ، ظ. 2 - فِي د: (وَإِن) . 3 - فِي د: (الْكفَّار) . 4 - (فَإِن توصل إِلَى إِصَابَة الْكَافِر من غير أَن يُصِيب الْمُسلم فَأصَاب الْمُسلم وَجب عَلَيْهِ الْقود) سَاقِطَة من د. 5 - فِي د: (فَإِن) . 6 - فِي د: (إِلَى إِصَابَة) . 7 - فِي أ: (هُنَاكَ) . 8 - فِي أ، ظ: (بالحكم) . 9 - (عَلَيْهِ) سَاقِطَة من د. 10 - فِي د: (فَإِن) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 فَإِن1 ضرب وَقَتله2 فَكل مَوضِع أَوجَبْنَا فِي الْمُسلم الْقود أَو الدِّيَة3 فَيجب فِي الذِّمِّيّ والمستأمن الدِّيَة، وَفِي العَبْد الْقيمَة وَإِلَّا فالكفارة 4 5. وَلَو تترس الْكَافِر بترس مُسلم أَو ركب فرسه6 فَرمى إِلَيْهِ وَاحِد من الْمُسلمين فأتلفه7. فَإِن كَانَ فِي غير حَال 8 التحام الْقِتَال يجب عَلَيْهِ الضَّمَان، وَإِن كَانَ فِي حَال التحام الْقِتَال 9، فَإِن أمكنه أَن لَا يُصِيب الترس وَالْفرس فَأَصَابَهُ ضمن، وَإِن لم يُمكنهُ إِلَّا بِهِ فَإِن جَعَلْنَاهُ كالمكره لم يضمن10؛ لِأَن الْمُكْره فِي المَال يكون طَرِيقا فِي الضَّمَان، وَهَهُنَا لَا ضَمَان على الْحَرْبِيّ حَتَّى يَجْعَل الْمُسلم طَرِيقا. وَإِن11 جَعَلْنَاهُ مُخْتَارًا ضمن. وَإِن12 قاتلونا على خيلهم وَلم نجد سَبِيلا إِلَى قَتلهمْ إِلَّا بعقرها جَازَ عقرهَا؛   1 - فِي ظ: (وَإِن) . 2 - فِي أ: (فَقتله) . 3 - فِي ظ: (الْقود وَالدية) . 4 - فِي أ: (فالكفار) . 5 - أنظر: كتاب السّير من الْحَاوِي 924، الْبَيَان 8ل10ب، الْمُهَذّب 2235. 6 - فِي د، ظ: (فرسا) . 7 - حَكَاهُ النَّوَوِيّ عَن الْبَغَوِيّ. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10247. 8 - (حَال) سَاقِطَة من ظ. 9 - فِي ظ: (فِي حَال الالتحام) . 10 - فِي أ: (لايضمن) . 11 - فِي أ: (فَإِن) . 12 - فِي ظ: (فَإِن) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 لِأَنَّهَا أَدَاة لَهُم على قتالنا1. لما2 رُوِيَ أَن حَنْظَلَة ابْن الراهب 3 عقر بِأبي سُفْيَان فرسه فَسقط 4 عَنهُ فَجَلَسَ على صَدره ليذبحه فجَاء ابْن شعوب5 فَقتل حَنْظَلَة واستنقذ أَبَا سُفْيَان وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل حَنْظَلَة 6. وَلَو غنم الْمُسلمُونَ أَمْوَال الْمُشْركين وتولوا 7 فَتَبِعهُمْ الْكفَّار وأدركوهم فخاف الْمُسلمُونَ أَن يغلبوا عَلَيْهِم فيأخذوا 8 الْأَمْوَال، أَو كَانَت الْأَمْوَال 9   1 - انْظُر: مُخْتَصر الْمُزنِيّ 272. (لما) سَاقِطَة من أ، د. 3 - حَنْظَلَة بن أبي عَامر الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ أَبُو عَامر يعرف فِي الْجَاهِلِيَّة بِالرَّاهِبِ من سَادَات الصَّحَابَة وفضلائهم وَهُوَ الْمَعْرُوف بغسيل الْمَلَائِكَة، اسْتشْهد يَوْم أحد. انْظُر: أَسد الغابة 1543، الاستعياب 1279، الْإِصَابَة 1360، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1171. 4 - فِي ظ: (وَسقط) . 5 - قَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ الْوَاقِدِيّ: هُوَ الْأسود بن شعوب اللَّيْثِيّ، وَقَالَ ابْن سعد: هُوَ شَدَّاد ابْن أَوْس بن شعوب اللَّيْثِيّ، وَقَالَ غَيرهمَا: شَدَّاد بن شعوب اللَّيْثِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شعوب، قيل شَدَّاد بن الْأسود. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2299. 6 - قَالَ ابْن حجر: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الشَّافِعِي بِغَيْر إِسْنَاد، وَقد ذكره الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي عَن شُيُوخه فَذكره مطولا، وَذكره ابْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي دون ذكر الْعقر. انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب الرُّخْصَة فِي عقر دَابَّة من يقاتله حَال الْقِتَال 987، تَلْخِيص الحبير 4112. 7 - فِي د: (ونزلوا) . 8 - فِي د: (وَأخذُوا) . 9 - فِي أ، د: (المَال) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 للْمُسلمين فخافوا أَن يأخذوها نظر1: إِن لم يكن المَال حَيَوَانا جَازَ للْمُسلمين إتلافها وَتَحْرِيقهَا حَتَّى لَا يتقوى بهَا الْكفَّار على الْمُسلمين. وَإِن كَانَ المَال حَيَوَانا لم يكن لَهُم عقره إِلَّا أَن يكون مَأْكُولا فيذبحوه 2 للْأَكْل؛ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن ذبح الْحَيَوَان إِلَّا لمأكله 3. وَعند أبي حنيفَة يجوز عقره 4. فَإِن دعت إِلَيْهِ الضَّرُورَة 5 بِأَن كَانَ المَال 6 خيلاً 7 وَالْكفَّار لَا خيل لَهُم وخافوا أَن يَأْخُذهَا الْكفَّار ويقاتلوهم 8 عَلَيْهَا جَازَ لَهُم قَتلهَا، وَلَو أدركونا وَفِي أَيْدِينَا نِسَاؤُهُم وصبيانهم، لَا يجوز قَتلهمْ وَإِن خفنا أَن يستردوهم. وَإِن احْتَاجَ الْمُسلمُونَ إِلَى تخريب ديار الْكفَّار وَقطع أَشْجَارهم ليظفروا بهم جَازَ لَهُم أَن   1 - انْظُر: الْبَيَان 8ل11أ، الْمُهَذّب 2242. 2 - فِي د: (فيذبحه) . 3 - قَالَ ابْن حجر: "حَدِيث أَن النَّبِي نهى عَن ذبح الشَّاة إِلَّا لمأكله، لم أَجِدهُ لَكِن فِي الْمُوَطَّأ عَن يحيى بن سعيد أَن أَبَا بكر بعث رجلا إِلَى الشَّام وَفِيه "وَلَا تعقرن شَاة وَلَا بقرة إِلَّا لمأكله.." انْظُر: الدِّرَايَة فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْهِدَايَة 2120 الْمُوَطَّأ: كتاب الْجِهَاد - النَّهْي عَن قتل النِّسَاء والولدان فِي الْغَزْو 2448. 4 - الَّذِي وجدته فِي كتب الْحَنَفِيَّة أَنه يجوز ذبح الْحَيَوَان وَحَرقه وَلَا يجوز عقره؛ لِأَنَّهُ مثلَة وَهُوَ حرَام. وَيجوز الذّبْح عِنْدهم لغَرَض صَحِيح، وَلَا غَرَض أصح من كسر شَوْكَة الْأَعْدَاء، ثمَّ يحرق بالنَّار لينقطع منفعَته عَن الْكفَّار. انْظُر: الْهِدَايَة 2142، شرح فتح الْقَدِير 5476، البناية 5695. 5 - فِي (ضَرُورَة) . 6 - (المَال) ممسوحة من د. 7 - (خيلاً) سَاقِطَة من د. 8 - فِي د: (ويقاتلونهم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 يَفْعَلُوا ذَلِك؛ لما رُوِيَ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله1 قطع نخل بني النَّضِير2 وَحرق3. وَفِي ذَلِك نزلت: {مَا قَطَعْتُم مِن لِِيْنَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإذْنِ اللهِ} 4 وَهل لَهُم أَن يَفْعَلُوا ذَلِك لغير حَاجَة؟ نظر 5: إِن لم يغلب على ظن الْمُسلمين أَنهم يملكوها 6 جَازَ. وَإِن غلب على الظَّن أَنهم يملكوها 7 فَالْأولى أَن لَا يَفْعَلُوا. وَهل يجوز؟ فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: لَا يجوز، لِأَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ 8 نهى عَن ذَلِك 9. وَلِأَنَّهَا تصير غنيمَة للْمُسلمين فَلَا يجوز إتلافها. وَالثَّانِي: يجوز لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله10.   1 - فِي د (رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . 2 - فِي ظ: (النظير) . 3 - سبق تَخْرِيجه ص. 4 - سُورَة الْحَشْر آيَة (5) . 5 - قَالَ النَّوَوِيّ: إِن غلب على الظَّن حُصُوله كره الْإِتْلَاف وَلَا يحرم على الْأَصَح هَذَا إِذا دخل الإِمَام دَارهم مغيراً وَلم يُمكنهُ الِاسْتِقْرَار فِيهَا، فَأَما إِذا فتحهَا قهرا فَيحرم التخريب وَالْقطع. أنظر: حلية الْعلمَاء 7651، الْمُهَذّب 2226، رَوْضَة الطالبين 10258، حَاشِيَة القليوبي 4220. 6 - فِي أد: (يملكونها) ؛ وَهُوَ الصَّوَاب. 7 - فِي أ: (يملكونها) ؛ وَهُوَ الصَّوَاب. 8 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د. 9 - انْظُر: ص. 10 - انْظُر: ص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 فصل: فِي الْأمان 1 رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ2 عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه 3 قَالَ: "الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم" 4. يجوز عقد الْأمان للْكفَّار وَهُوَ قِسْمَانِ خَاص وعام 5. فالأمان الْعَام هُوَ أَن يعْقد الإِمَام لأهل الشّرك بأسرهم فِي جَمِيع الأقاليم فَلَا يجوز ذَلِك إِلَّا للْإِمَام الْأَعْظَم إِذا رأى الْمصلحَة فِيهِ، وَلَو بعث الإِمَام خَليفَة على إقليم مثل خُرَاسَان 6 وَالشَّام وَنَحْو ذَلِك فَيجوز لَهُ عقد الْأمان لمن يَلِيهِ من الْكفَّار من أهل ذَلِك الإقليم وَأهل تِلْكَ النَّاحِيَة دون جَمِيعهم وَكَذَلِكَ عقد الذِّمَّة.   1 - الْأمان: ضد الْخَوْف، وَأُرِيد بِهِ هُنَا ترك الْقِتَال وَالْقَتْل مَعَ الْكفَّار، وَهُوَ من مكايد الْحَرْب ومصالحه. انْظُر: - أَمن - لِسَان الْعَرَب 13/21، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/236. (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د، ظ. 3 - (أَنه) سَاقِطَة من د. 4 - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وَصَححهُ الألباني. انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي السّريَّة ترد على أهل الْعَسْكَر 3/80، سنَن النَّسَائِيّ: كتاب الْقسَامَة - سُقُوط الْقود من الْمُسلم للْكَافِرِ 8/23، إرواء الغليل 7/265. 5 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/278. 6 - خُرَاسَان: بِلَاد وَاسِعَة أول حُدُودهَا مِمَّا يَلِي الْعرَاق أذَورْد قَصَبَة جوُين وبيهق، وَآخر حُدُودهَا مِمَّا يَلِي الْهِنْد طخارستان وغزنة وسجستان وَلَيْسَ ذَلِك مِنْهَا. انْظُر: مراصد الِاطِّلَاع 1/455. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 والأمان الْخَاص هُوَ أَن يُؤمن شخصا أَو شَخْصَيْنِ أَو عشرَة 1 فَيصح ذَلِك من كل مُسلم مُكَلّف رجلا كَانَ أَو امْرَأَة حرا أَو عبدا 2 سَوَاء كَانَ العَبْد مَأْذُونا فِي الْقِتَال أَو لم يكن3. رُوِيَ عَن أم هاني 4 قَالَت 5: أجرت رجلَيْنِ 6 من أحمائي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "قد أمنا من أمنت" 7. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: "إِن كَانَ العَبْد مَأْذُونا فِي الْقِتَال يَصح أَمَانه وَإِلَّا فَلَا 8.   1 - الْأمان الْخَاص: هُوَ أَن يُؤمن من الْكفَّار آحاداً لَا يتعطل بهم جِهَاد ناحيتهم كالواحد وَالْعشرَة إِلَى الْمِائَة وَأهل قافلة، وَلَا يجوز أَمَان نَاحيَة وبلدة. قَالَ العمراني: يجوز أَن يُؤمن وَاحِد أهل قلعة. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَلَا شكّ أَن الْقرْيَة الصَّغِيرَة فِي مَعْنَاهَا. وَعَن الماسرجسي: أَنه لَا يجوز أَمَان وَاحِد لأهل قَرْيَة وَإِن قل عدد من فِيهَا وَالْأول أصح. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 947، الْبَيَان ل8/11ب، رَوْضَة الطالبين 10/278، كِفَايَة النبيه الورقة 10 من كتاب السّير. 2 - فِي د: (حرا كَانَ أَو عبدا) . 3 - انْظُر: حلية الْعلمَاء 7/652، الْوَجِيز 2/194، الْغَايَة القصوى 2/953. 4 - أم هاني بنت أبي طَالب، بنت عَم النَّبِي أُخْت، عَليّ وجعفر، اسْمهَا فَاخِتَة، وَقيل هِنْد، وَقيل غير ذَلِك، أسلمت يَوْم الْفَتْح وَعَاشَتْ إِلَى بعد سنة خمسين. انْظُر: أَسد الغابة 6/404، الِاسْتِيعَاب 4/479، الْإِصَابَة 4/479، سير أَعْلَام النبلاء 2/311. 5 - فِي ظ: (قَالَ) . 6 - قَالَ ابْن حجر: الرّجلَانِ هما الْحَارِث بن هِشَام وَعبد الله بن أبي ربيعَة. انْظُر: تَلْخِيص الحبير 4/118. 7 - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن الْجَارُود. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح. انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي أَمَان الْمَرْأَة 3/84، سنَن التِّرْمِذِيّ: أَبْوَاب السّير - بَاب مَا جَاءَ فِي أَمَان الْمَرْأَة وَالْعَبْد 3/70، الْمُنْتَقى 352. 8 - هَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف، وَقَالَ مُحَمَّد يَصح أَمَان العَبْد سَوَاء كَانَ مَأْذُونا لَهُ أم لَا. انْظُر: بَدَائِع الصَّنَائِع 7/106، رُؤُوس الْمسَائِل 243. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم" وَلَا يَصح أَمَان الصَّبِي وَالْمَجْنُون، لِأَنَّهُ لَا حكم لقولهما وَإِن كَانَ الصَّبِي مراهقاً1. وَلَا يَصح أَمَان الْكَافِر؛ لِأَنَّهُ مُتَّهم فِيهِ إِذْ لَيْسَ من أهل النّظر للْمُسلمين2. وَلَو أَمن عبد مُسلم وسيده كَافِر يجوز3. وَيجوز أَمَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بالسلفة4. وَإِن كَانَ الْمُسلم أَسِيرًا فِي أَيدي الْكفَّار هَل يَصح أَمَانه؟ فِيهِ وَجْهَان5: أَحدهمَا: يَصح لِأَنَّهُ مُسلم مُكَلّف. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَح لَا يَصح أَمَانه فِي حق الْمُسلمين. وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، لِأَنَّهُ مقهور فِي أَيْديهم فَلَا يكون أَمَانه على النّظر للْمُسلمين6. وَلِأَن قَضِيَّة الْأمان أَن يكون الْمُؤمن آمنا والأسير فِي أَيدي الْكفَّار لَا يكون   1 - قَالَ العمراني: "وَقَالَ الخراسانيون هَل يَصح عقد الْأمان من الْمُرَاهق فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا لَا يَصح. وَالثَّانِي: يَصح، لِأَنَّهُ عقد شَرْعِي فصح من الْمُرَاهق كَالصَّلَاةِ". انْظُر: الْبَيَان 8/ل12. 2 - انْظُر: شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4/226، شرح مَنْهَج الطلاب 4/264. 3 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/279. 4 - انْظُر: الْوَجِيز 2/194، رَوْضَة الطالبين 10/279، الْأَنْوَار 2/554. 5 - إِن كَانَ الْمُسلم أَسِيرًا فِي أَيدي الْكفَّار فأكره على عقد الْأمان فعقده لم يَصح كَمَا لَو أكره على سَائِر الْعُقُود، وَإِن لم يكره فَفِيهِ وَجْهَان. وَقَالَ الْقفال: "لَا يتَصَوَّر الْأمان من الْأَسير، لِأَن الْأمان يَقْتَضِي أَن يكون الْمُؤمن آمنا وَهَذَا الْأَسير غير آمن فِي أَيْديهم فَصَارَ عقده للأمان يقْتَرن بِهِ مَا يصادمه فَلم يَصح". وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "عِنْدِي أَنه يعْتَبر أَمَانه بِحَال من أَمنه فَإِن كَانَ فِي أَمَان من الْمُشرك صَحَّ أَمَانه لذاك الْمُشرك، وَإِن لم يكن فِي أَمَان مِنْهُ لم يَصح أَمَانه". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 955، الْبَيَان 8/ل 12. 6 - انْظُر: بَدَائِع الصَّنَائِع 7/107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 آمنا. فعلى هَذَا هَل يكون ذَلِك1 أَمَانًا بَينه وَبينهمْ حَتَّى لَا يجوز لَهُ أَن يخونهم؟ فِيهِ وَجْهَان2: أَحدهمَا: بلَى كَمَا لَو دخل عَلَيْهِم تَاجِرًا مستأمناً. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لم يصر3 آمنا مِنْهُم بِالتَّخْلِيَةِ، فَإِذا لم يَأْمَن هُوَ مِنْهُم لم يَكُونُوا آمِنين مِنْهُ بِخِلَاف التَّاجِر. وَكَذَلِكَ لَو دخل مُسلم دَار الْحَرْب مستأمناً فأمن وَاحِدًا مِنْهُم لَا يَصح أَمَانه فِي حق كَافَّة الْمُسلمين وَيكون أَمَانًا بَينه وَبينهمْ حَتَّى لَا يجوز أَن يغتالهم لِأَنَّهُ فِي أَمَان مِنْهُم. وَلَو أسر الإِمَام قوما فأمن وَاحِد من الْمُسلمين أَسِيرًا مِنْهُم لَا يَصح أَمَانه لِأَنَّهُ يبطل مَا ثَبت للْإِمَام 4 مِنْهُم من الْخِيَار بَين الْمَنّ والاسترقاق وَالْفِدَاء فَإِن قَالَ كنت أمّنته قبل الْأسر لَا يقبل قَوْله لِأَنَّهُ لَا يملك الْأمان فِي هَذِه الْحَالة فَلَا يقبل إِقْرَاره 5. وَيصِح الْأمان بالْقَوْل وَهُوَ أَن يَقُول أمّنتك أَو أجرتك أَو أَنْت آمن، أَو   (ذَلِك) سَاقِطَة من ظ. 2 - إِن أسر الْكفَّار مُسلما وأطلقوه من غير شَرط فَلهُ أَن يغتالهم فِي النَّفس وَالْمَال لأَنهم كفار لَا أَمَان لَهُم. وَإِن أَطْلقُوهُ على أَنه فِي أَمَان وَلم يستأمنوه فَفِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: وَهُوَ قَول عَليّ بن أبي هُرَيْرَة إِنَّه لَا أَمَان لَهُم لأَنهم لم يستأمنوه. وَالثَّانِي: وَهُوَ ظَاهر الْمَذْهَب أَنهم فِي أَمَانه لأَنهم جَعَلُوهُ فِي أَمَان فَوَجَبَ أَن يَكُونُوا مِنْهُ فِي أَمَان. انْظُر: الْمُهَذّب 2/244، حلية الْعلمَاء 7/652. 3 - فِي ظ: (لِأَنَّهُ يصير) . 4 - فِي ظ: (الإِمَام) . 5 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/279، الْمُهَذّب 2/236. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 مجار، أَو لَا بَأْس أَو لَا خوف عَلَيْك، أَو لَا تخف. قَالَ أنس لعمر1 رَضِي الله عَنْهُمَا 2 فِي قصَّة هرمزان3: "لَيْسَ لَك إِلَى قَتله سَبِيل" قلت لَهُ: "تكلم لَا بَأْس، فَأمْسك عمر"4. وَقَالَ ابْن مَسْعُود5: "إِن 6 الله تَعَالَى7 يعلم كل لِسَان فَمن أَتَى مِنْكُم أعجمياً فَقَالَ: مترس فقد أَمنه"8. وَيجوز بِالْإِشَارَةِ 9، قَالَ10 عمر رَضِي الله عَنهُ11: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو   1 - أَبُو حَفْص عمر بن الْخطاب، أسلم سنة سِتّ من النُّبُوَّة، وَقيل سنة خمس كَانَ رَضِي الله عَنهُ من قديمي الْإِسْلَام وَالْهجْرَة، وَمِمَّنْ صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ، شهد الْمشَاهد كلهَا، طعن سنة 23هـ على يَد أبي لؤلؤة الْمَجُوسِيّ. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 2/450، الْإِصَابَة 2/511، أَسد الغابة 3/642، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 7/133، تذكرة الْحفاظ 1/5، تَهْذِيب التَّهْذِيب 7/438، الرياض المستطابة 147، صفة الصفوة 1/268. (رَضِي الله عَنْهُمَا) سَاقِطَة من د. 3 - اسْم لبَعض أكَابِر الْفرس وَهُوَ دهقانهم الْأَصْغَر، أسره أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَبَعثه إِلَى عمر وَأَرَادَ عمر قَتله لكَونه أَسِيرًا فَقَالَ لَهُ أنس قد أمّنته بِقَوْلِك لَا بَأْس عَلَيْك فَتَركه عمر ثمَّ أسلم الهرمزان. أنظر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2/135. 4 - انْظُر: مُسْند الشَّافِعِي 317، السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب كَيفَ الْأمان 9/96. 5 - أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن مَسْعُود بن غافل بن حبيب، من كبار الصَّحَابَة، كَانَ خَادِم رَسُول الله الْأمين، وَصَاحب سره، وَهُوَ أول من جهر بِقِرَاءَة الْقُرْآن بِمَكَّة، توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة 32هـ وَقيل فِي وَفَاته غير هَذَا. انْظُر: الْإِصَابَة 2/360، تذكرة الْحفاظ 1/13، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/188، حلية الْأَوْلِيَاء 1/124، الرياض المستطابة 185، صفة الصفوة 1/395. 6 - (إِن) سَاقِطَة من د. 7 - (تَعَالَى) سَاقِطَة من د. 8 - قَالَ ابْن حجر: لم أره عَن ابْن مَسْعُود وَإِنَّمَا هُوَ عَن عمر، كَذَا ذكره البُخَارِيّ تَعْلِيقا وَالْبَيْهَقِيّ مَوْصُولا من حَدِيث أبي وَائِل وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ بلاغاً عَن عمر. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ - بَاب قَالُوا صبأنا 4/122 موطأ مَالك: كتاب الْجِهَاد - بَاب مَا جَاءَ فِي الْوَفَاء بالأمان 2/449، السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب كَيفَ الْأمان 9/69، تَلْخِيص الحبير 4/121. 9 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "الْإِشَارَة ضَرْبَان: مفهومة وَغير مفهومة. فَإِن كَانَت غير مفهومة لم يَصح بهَا الْأمان لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَة، وَإِن كَانَت مفهومة انْعَقَد بهَا الْأمان إِن أَرَادَهُ المشير وَلَا ينْعَقد بهَا إِن لم يردهُ، لَكِن يجب أَن يرد بهَا إِلَى مأمنه وَتَكون كِتَابَة يرجع إِلَى قَوْله فِيمَا أَرَادَ". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 958. 10 - فِي د (وَقَالَ) . 1 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 أَن أحدكُم أَشَارَ بإصبعه إِلَى مُشْرك ثمَّ نزل إِلَيْهِ على ذَلِك ثمَّ قَتله لقتلته"1. وَيجوز الْأمان بِالْكِتَابَةِ والرسالة سَوَاء كَانَ الرَّسُول مُسلما أَو كَافِرًا، حرا أَو عبدا. رُوِيَ عَن فُضَيْل بن زيد2 الرقاشِي3 قَالَ: "جهز عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ4 جَيْشًا كنت مِنْهُم 5 فحضرنا قَرْيَة من قرى رامهرمز 6 فَكتب عبد منا أَمَانًا فِي صحيفَة 7 وشدّها مَعَ 8 سهم وَرمى 9 بِهِ إِلَى الْيَهُودِيَّة فَخَرجُوا بأمانه 10 إِلَى عمر فَقَالَ العَبْد الْمُسلم رجل من الْمُسلمين ذمَّته ذمتهم" 11.   1 - رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه. أنظر: السّنَن لسَعِيد بن مَنْصُور - بَاب الْإِشَارَة إِلَى الْمُشْركين وَالْوَفَاء بالعهد ق2، 3/270. 2 - فِي د (يزِيد) . 3 - فُضَيْل بن زيد وَقيل يزِيد الرقاشِي أَبُو حسان، روى عَن عمر بن الْخطاب، وَعبد الله ابْن مُغفل، روى عَنهُ عَامر الْأَحول، قَالَ يحي بن معِين هُوَ صَدُوق بَصرِي ثِقَة. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2/51، تَارِيخ ابْن معِين 2/476، التَّارِيخ الْكَبِير 7/119. 4 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د. 5 - فِي د (فيهم) . 6 - رامهرمز: وَمعنى رام بِالْفَارِسِيَّةِ المُرَاد وَالْمَقْصُود، وهرمز أحد الأكاسرة فَكَأَن هَذِه الفظة مركبة مَعْنَاهَا: مَقْصُود هُرْمُز أَو مُرَاد هُرْمُز، وَهِي مَدِينَة مَشْهُورَة بنواحي خوزستان. انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ 3/17. 7 - فِي د: (فَكتب عبد منا صحيفَة أَمَانًا) . 8 - فِي د: (فِي) . 9 - فِي ظ: (رمي) . 10 - فِي ظ: (فَكتب) . 11 - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح. انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب أَمَان العَبْد 9/94، تَلْخِيص الحبير 4/121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَلَو دخل رجل1 مُشْرك إِلَيْنَا بِأَمَان صبي أَو مَجْنُون. فَإِن عرف بِأَن2 أَمَانه لَا يَصح حل قَتله واسترقاقه. وَإِن قَالَ ظننته عَاقِلا بَالغا، أَو عَلمته صَبيا، وظننت أَن أَمَان الصَّبِي جَائِز يقبل قَوْله، وَلَا يحل قَتله وَلَا استرقاقه ويبلغ المأمن3. وَكَذَلِكَ لَو أَشَارَ إِلَيْهِ مُسلم بالنزول، فَقَالَ الْمُسلم لم أرد بِهِ لأمان قبل قَوْله إِذا قَالَ الْكَافِر ظَنَنْت أَنه أَمَان يقبل مِنْهُ ويبلغ المأمن4 5. فَإِذا 6 أَمن مُسلم كَافِرًا يشْتَرط علم الْمُؤمن وقبوله. وقبوله أَن يَقُول قبلت أَو يسكت إِذا بلغه الْخَبَر. وَإِن7 كَانَ فِي حَال الْقِتَال يتْرك الْقِتَال8، وَإِن رد لَا يَصح أَمَانه فَإِن ثَابت بن قيس بن الشماس 9 أمّن الزبير بن باطا10 يَوْم   (رجل) سَاقِطَة من ظ. 2 - فِي ظ: (أَن) . 3 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 954، الْمُهَذّب 2/236، رَوْضَة الطالبين 10/280. 4 - (وَكَذَلِكَ لَو أَشَارَ إِلَيْهِ مُسلم بالنزول فَقَالَ الْمُسلم لم أرد بِهِ الْأمان قبل قَوْله فَإِن قَالَ الْكَافِر ظَنَنْت أَنه أَمَان يقبل مِنْهُ ويبلغ المأمن) سَاقِطَة من ظ. 5 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/236. 6 - فِي ظ: (وَإِذا) . 7 - انْظُر: مُغنِي الْمُحْتَاج 4/237، شرح روض الطَّالِب 4/203. 8 - فِي د: (ترك) . 9 - فِي ظ: (ثَابت بن قيس الشماس) . ثَابت بن قيس بن شماس أَبُو مُحَمَّد، وَقيل أَبُو عبد الرَّحْمَن، خطيب الْأَنْصَار لم يشْهد بَدْرًا، شهد أُحداً وبيعة الرضْوَان، قتل يَوْم الْيَمَامَة. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 1/193، الْإِصَابَة 1/197، تَهْذِيب الْكَمَال 4/368، تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/12، خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 1/150، سير أَعْلَام النبلاء 1/308. 10 - الزبير بِفَتْح الزَّاي وَكسر الْبَاء جد ضَرِير بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي الْمُوَطَّأ فِي كتاب النِّكَاح. انْظُر: الرَّوْض الْأنف 3/284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 قُرَيْظَة1 فَلم يقبله2 فَقتله3. وَإِن قبل الْأمان فَهُوَ من جِهَة الْمُسلم لَا يجوزله نبذه إِلَّا بِعُذْر وَهُوَ جَائِز من جِهَة الْكَافِر مَتى شَاءَ نبذه 4. وَإِذا جَاءَ وَاحِد من دَار الْكفْر رَسُولا إِلَى الإِمَام فَهُوَ 5 فِي أَمَان لَا يجوز قَتله 6. رُوِيَ عَن نعيم بن مَسْعُود 7 أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِرجلَيْنِ جَاءَا من عِنْد مُسَيْلمَة 8: "أما وَالله لَوْلَا أَن الرَّسُول لَا يقتل لضَرَبْت أعناقكما"9.   1 - كَانَت غَزْوَة بني قُرَيْظَة فِي السّنة الْخَامِسَة لِلْهِجْرَةِ. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/187. 2 - فِي د: (يقبل) . 3 - انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب مَا يَفْعَله بِالرِّجَالِ الْبَالِغين مِنْهُم 9/66. 4 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/21. 5 - (فَهُوَ) سَاقِطَة من د. 6 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/280، شرح روض الطَّالِب 4/204. 7 - نعيم بن مَسْعُود بن عَامر الْأَشْجَعِيّ صَحَابِيّ، من ذَوي الْعقل الرَّاجِح، قدم على رَسُول الله سرا أَيَّام الخَنْدَق واجتماع الْأَحْزَاب فَأسلم، وكتم إِسْلَامه، وَعَاد إِلَى الْأَحْزَاب المجتمعة لقِتَال الْمُسلمين فَألْقى الْفِتْنَة بَين قبائل قُرَيْظَة وغَطَفَان وقريش، مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان، وَقيل قتل يَوْم الْجمل قبل قدوم عَليّ إِلَى الْبَصْرَة. انْظُر: أَسد الغابة 4/572، الْإِصَابَة 3/539، الِاسْتِيعَاب 3/528، الْأَعْلَام 8/41. 8 - مُسَيْلمَة بن ثُمَامَة بن كَبِير بن حبيب الْحَنَفِيّ الوائلي، أَبُو نمامه، ادّعى النُّبُوَّة، ولد وَنَشَأ فِي الْيَمَامَة قتل فِي معركة الْيَمَامَة قَتله وَحشِي بن حَرْب وَقيل غَيره. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 2/95، الْأَعْلَام 7/226. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأحمد والْحَدِيث صَحِيح حَيْثُ ذكره الألباني فِي صَحِيح أبي دَاوُد. 9 - انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي الرُّسُل 3/84، مُسْند أَحْمد 3/487، صَحِيح سنَن أبي دَاوُد2/174. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وَلَو أَمن رجل امْرَأَة كَافِرَة حَتَّى لَا تسْتَرق هَل يجوز؟ فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: يجوز1 لِأَن الاسترقاق فِي حقهن كَالْقَتْلِ فِي حق الرِّجَال. وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَن فِيهِ إبِْطَال حق الْمُسلمين. وَهَذَا بِنَاء على مَا لَو صَالح الإِمَام أهل حصن على مَال أَو على الْجِزْيَة وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا النِّسَاء وَالصبيان هَل يجوز أم لَا فعلى قَوْلَيْنِ.   1 - فِي ظ: (لَا يجوز) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 فصل: وَلَو أَن علجا كَافِرًا دلّ الإِمَام على قلعة ... فصل: لَو أَن علجاً كَافِرًا دلّ الإِمَام على قلعة لَو أَن علجاً1 كَافِرًا دلّ الإِمَام على قلعة على أَنه إِن فتحهَا يُعْطِيهِ جَارِيَة سَمَّاهَا فعقد الإِمَام مَعَه2 هَذَا العقد، أَو ابْتَدَأَ الإِمَام فَقَالَ للعلج3 إِن دللتني على حصن كَذَا فلك مِنْهُ جَارِيَة سمّى أَو لم يسمّ يجوز، وَإِن كَانَت 4 الْجَارِيَة مَجْهُولَة غير مَقْدُور عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يتَسَامَح فِي الْمُعَامَلَة مَعَ الْكفَّار بِمَا لَا يتَسَامَح مَعَ غَيرهم5. وَكَذَلِكَ لَو قَالَ للعلج دلَّنِي على الْحصن وَلَك ثلث مَا فِيهِ جَازَ. وَإِنَّمَا يجوز هَذَا العقد إِذا كَانَ الْبَدَل6 الْمَشْرُوط لَهُ مِمَّا يدله7 عَلَيْهِ. فَإِن شَرط لَهُ من عِنْد نَفسه شَيْئا لَا يجوز مَعَ الْجَهَالَة مثل أَن يَقُول أدلك 8 على حصن كَذَا على أَن تُعْطِينِي جَارِيَة من عنْدك، أَو قَالَ الإِمَام إِن دللتني فلك ثلث مَالِي لَا يجوز. فَإِن شَرط لَهُ شَيْئا مَعْلُوما فَقَالَ: إِن دللتني فلك مائَة دِينَار يجوز وَيُعْطِيه من بَيت المَال. وَإِن كَانَ الدَّال مُسلما فَقَالَ أدلك على أَن تُعْطِينِي جَارِيَة مِنْهَا   1 - العلج: الرجل الشَّديد الغليظ، وَيُقَال للرجل الْقوي الضخم من الْكفَّار علج. انْظُر: - علج - لِسَان الْعَرَب 2/326. 2 - فِي د: (فعقد مَعَه الإِمَام) . 3 - (للعلج) سَاقِطَة من د. 4 - (وَإِن كَانَت) مكررة فِي ظ. 5 - قَالَ النَّوَوِيّ: وَلَو شَرط العلج أَو الإِمَام جَارِيَة مُبْهمَة جَازَ على الصَّحِيح. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/285. 6 - (الْبَدَل) سَاقِطَة من ظ. 7 - فِي ظ: (مِمَّا يدل لَهُ عَلَيْهِ) . 8 - فِي ظ: (ذَلِك أولك) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 أَو ثلث1 مَا فِيهَا هَل يجوز؟ فِيهِ وَجْهَان2: أَحدهمَا: يجوز كَمَا لَو كَانَ الدَّال كَافِرًا. وَالثَّانِي: لَا يجوز، لِأَن هَذَا عقد فِيهِ أَنْوَاع من الْغرَر، فَلَا يجوز مثله مَعَ الْمُسلمين،: إِنَّمَا يجوز مَعَ الْكفَّار كعقد الذِّمَّة. وَلِأَنَّهُ يفترض على الْمُسلم الدّلَالَة3 فَلَا يجوز لَهُ أَخذ الْعِوَض عَلَيْهِ كَمَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الْمُسلم على الْجِهَاد. فَإِذا عقد هَذَا العقد مَعَ العلج فَإِن لم يفتح الْحصن لَا شَيْء للعلج4 5؛ لِأَن تَقْدِيره من دلَّنِي على الْحصن وفتحته فَلهُ مِنْهُ6 جَارِيَة؛ لِأَنَّهُ لَا يقدر على تَسْلِيمهَا إِلَّا بِالْفَتْح. فَإِن فتح الْحصن وَلم يجد فِيهِ7 تِلْكَ الْجَارِيَة فَلَا شَيْء للعلج، لِأَن الْمَشْرُوط   (1) فِي د: (مِنْهَا وَثلث) . (2) قَالَ النَّوَوِيّ: أصَحهمَا عِنْد الإِمَام لَا يجوز انْظُر: الْوَجِيز 2/ 195، رَوْضَة الطالبين 10/285. (3) فِي د: (لِأَنَّهُ يفْرض الْمُسلم على الدّلَالَة) . (4) فِي د: (لَا شَيْء عَلَيْهِ للعلج) . (5) قَالَ الشِّيرَازِيّ: وَإِن قَالَ من دلَّنِي على القلعة الْفُلَانِيَّة فَلهُ مِنْهَا جَارِيَة فدله عَلَيْهَا وَلم تفتح لم يسْتَحق شَيْئا وَقيل يرْضخ لَهُ وَلَيْسَ بِشَيْء. قَالَ ابْن الرّفْعَة: وَمحل الْخلاف إِذا أطلق العقد أما إِذا شَرط لَهُ مِنْهَا جَارِيَة إِذا فتحت فَلم يفتح لم يسْتَحق شَيْئا قطعا. انْظُر: التَّنْبِيه 143، كِفَايَة النبيه الورقة 19 من كتاب السّير. (6) فِي أ، ظ: (مِنْهَا) . (7) فِي ظ، أ (فِيهَا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 لَهُ1 مَعْدُوم وَإِن وجدهَا دَفعهَا إِلَى العلج وَلَا حق فِيهَا للغانمين وَلَا لأهل الْخمس لِأَنَّهُ اسْتحقَّهَا بِسَبَب قبل الْفَتْح، فَإِن وجدهَا وَقد أسلمت نظر: إِن أسلمت قبل الظفر لَا تسلم إِلَيْهِ لِأَن إسْلَامهَا يمْنَع استرقاقها2 وَيُعْطى قيمتهَا من بَيت المَال3؛ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَالح أهل مَكَّة على أَن يرد إِلَيْهِم من جَاءَهُ 4 مِنْهُم فَمَنعه الله من رد النِّسَاء، وَأمر برد مهورهن5. وَإِن أسلمت بعد الظفر عَلَيْهَا فَهِيَ رقيقَة نظر6: إِن كَانَ قد أسلم العلج أَو كَانَ الدَّال مُسلما وجوزنا هَذَا العقد مَعَ الْمُسلم تسلم الْجَارِيَة إِلَيْهِ. وَإِن لم يسلم7 العلج: إِن 8 قُلْنَا يجوز للْكَافِرِ أَن يَشْتَرِي العَبْد الْمُسلم تسلم إِلَيْهِ وَيجْبر على إِزَالَة الْملك عَنْهَا. وَإِن قُلْنَا لَا يجوز للْكَافِرِ شِرَاء العَبْد الْمُسلم لَا يدْفع الْجَارِيَة إِلَيْهِ وَيُعْطى قيمتهَا من بَيت المَال.   (1) فِي ظ: (بِهِ) . (2) قَالَ النَّوَوِيّ: وَعَن ابْن سُرَيج أَن فِيهِ قولا أَنَّهَا تسلم إِلَى العلج لِأَنَّهُ اسْتحقَّهَا قبل الْإِسْلَام وَالْمذهب الأول. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/288. (3) وَقيل يعْطى أُجْرَة مثل وَهُوَ الْأَصَح عِنْد الإِمَام، وَإِعْطَاء الْقيمَة هُوَ الْأَصَح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور. انْظُر: مُغنِي الْمُحْتَاج 4/241. (4) فِي د: (جَاءَ) . (5) انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: بَاب مَا يجوز من الشُّرُوط فِي الْإِسْلَام وَالْأَحْكَام والمبايعة 3/247. (6) انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/288، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/241. (7) فِي ظ: (تسلم) . (8) فِي ظ: (فَإِن) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وَإِن أسلم العلج بعد ذَلِك لَا يسْتَحق؛ لِأَنَّهُ أسلم بعد مَا انْتقل حَقه إِلَى الْقيمَة1. وَإِن مَاتَت الْجَارِيَة نظر2، إِن مَاتَت بعد الظفر أعطي العلج قيمتهَا. وَإِن مَاتَت قبل الظفر فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يعْطى إِلَيْهِ3 قيمتهَا كَمَا لَو كَانَت قد أسلمت. وَالثَّانِي: لَا يُعْطي لِأَنَّهُ لم يقدر 4 عَلَيْهَا كَمَا لَو 5 لم يكن فِيهِ 6 جَارِيَة. هَذَا إِذا فتح الْحصن عنْوَة فَأَما إِذا صَالح الإِمَام أهل الْحصن نظر7: إِن كَانَت هَذِه الْجَارِيَة خَارِجَة عَن الْأمان مثل إِن صَالحهمْ على أَن يكون صَاحب الْحصن وَأَهله فِي أَمَان وَالْبَاقُونَ سبي وَهَذِه الْجَارِيَة لَيست من أهل صَاحب الْحصن سلمت إِلَى العلج. وَإِن كَانَت هَذِه الْجَارِيَة من 8 أهل صَاحب الْحصن 9 يُقَال للعلج أترضى بِجَارِيَة أُخْرَى من الْحصن أَو بِقِيمَة الْجَارِيَة، فَإِن رَضِي أعطي وَإِن لم يرض يُقَال لصَاحب الْحصن أترضى بِقِيمَة الْجَارِيَة، فَإِن رَضِي10 أعطي من بَيت المَال وأمضى الصُّلْح وسلمت الْجَارِيَة إِلَى العلج. وَإِن لم يرض يُقَال لصَاحب الْحصن أعطيناك مَا صالحنا عَلَيْهِ غَيْرك من قبل فَإِن لم تسلمها ننبذ11 إِلَيْك عَهْدك فَارْجِع   1 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 976. 2 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/286، نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/79، كِفَايَة النبيه الورقة 19 من كتاب السّير. 3 - (إِلَيْهِ) سَاقِطَة من د. 4 - فِي د: (لَا يقدر) . 5 - (لم) سَاقِطَة من أ. 6 - فِي ظ، أ (فِيهَا) . 7 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 979، رَوْضَة الطالبين 10/288. 8 - (من) سَاقِطَة من ظ. 9 - (سلمت إِلَى العلج، وَإِن كَانَت هَذِه الْجَارِيَة من أهل صَاحب الْحصن) سَاقِطَة من أ. 10 - (أعطي وَإِن لم يرض يُقَال لصَاحب الْحصن أترضى بِقِيمَة الْجَارِيَة فَإِن رَضِي) سَاقِطَة من ظ. 11 - فِي د: (نبذ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 إِلَى الْحصن وأغلق الْبَاب فَإِذا رَجَعَ وفتحنا الْحصن تسلم1 الْجَارِيَة إِلَى العلج كَمَا سبق وَإِن لم يحصل الْفَتْح2 هَل تجب الْقيمَة للعلج فِيهِ قَولَانِ3: أَحدهمَا: بلَى لِأَن الإِمَام قد ظفر بهَا. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَح لَا يجب لِأَن الِاسْتِيلَاء لم يتم كَمَا لَو لم يفتح أصلا. يخرج من هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه 4 يجوز تَبْدِيل الْمُؤمن: فَإنَّا عرضنَا على صَاحب الْحصن أَن يعوضه عَن الْجَارِيَة. وَأَنه يجوز عقد الْأمان لمجهولي الْعدَد معلومي الْحَال: فَإِذا صالحنا صَاحب الْحصن على أَن يكون أَهله فِي أَمَان وَإِن لم نَعْرِف عَددهمْ. وَكَذَلِكَ يجوز لمعلومي الْعدَد مجهولي الْحَال مثل أَن يُصَالح أهل الْحصن على أَن يكون مائَة نفر مِنْهُم فِي أَمَان ثمَّ يعينهم صَاحب الْحصن فَإِن عد مائَة 5 وَلم يعد نَفسه جَازَ قَتله 6.   1 - فِي د: (فَإِذا رَجَعَ فَإِذا فتح تسلم الْجَارِيَة) وَفِي أ: (فَإِذا رَجَعَ ثمَّ فتحنا) . (كَمَا سبق وَإِن لم يحصل الْفَتْح) سَاقِطَة من د. 3 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "وَإِن لم نفتح القلعة وعدنا عَنْهَا فَلَا شَيْء للدليل وَيسْتَحب أَن لَو رضخ لَهُ من سهم الْمصَالح وَإِن لم يجب". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 980. 4 - (أَنه) سَاقِطَة من أ. 5 - فِي د: (فَإِن عدهما بِهِ) . 6 - انْظُر: حَاشِيَة القليوبي 4/227. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 فصل: من ارْتكب من الْمُسلمين فِي دَار الْحَرْب جريمة من ارْتكب1 من الْمُسلمين فِي دَار الْحَرْب جريمة مُوجبَة للحد يجب عَلَيْهِ الْحَد2 وَعند أبي حنيفَة لَا يجب3. ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي مَوضِع يُؤَخر إِقَامَته حَتَّى يرجع إِلَى دَار الْإِسْلَام، وَقَالَ فِي مَوضِع يُقَام فِي دَار الْحَرْب وَلَا يُؤَخر. وَلَيْسَ على قَوْلَيْنِ بل على حَالين حَيْثُ قَالَ لَا يُؤَخر أَرَادَ بِهِ إِذا لم يخف فتْنَة الْمَحْدُود وارتداده أَو اجتراء الْكفَّار على الْمُسلمين. وَحَيْثُ قَالَ يُؤَخر أَرَادَ إِذا خَافَ شَيْئا من ذَلِك. وَيجْرِي الرِّبَا فِي دَار الْحَرْب فِي الْمُعَامَلَة بَين الْمُسلمين أَو بَين 4 الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ سَوَاء كَانَ الْمُسلم انْتقل إِلَيْهَا من دَار الْإِسْلَام أَو أسلم وَلم يُهَاجر 5. وَعند أبي حنيفَة لَا يجْرِي الرِّبَا فِي دَار الْحَرْب بَين الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ وَلَا بَين مُسلمين لم يهاجرا 6 أَو لم يُهَاجر أَحدهمَا وَأَبُو يُوسُف 7 مَعنا 8.   1 - فِي ظ: (اربكت) 2 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/242، حلية الْعلمَاء 7/671. 3 - انْظُر: الْهِدَايَة 2/102. 4 - فِي أ: (وَبَين) . 5 - انْظُر: حلية الْعلمَاء 4/192. 6 - فِي أ: (لم يهاجروا) . 7 - يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن حبيب الْأنْصَارِيّ، أَبُو يُوسُف من أَوْلَاد أبي دُجَانَة الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ، صَاحب أبي حنيفَة وتلميذه، فَقِيه، مُجْتَهد، أصولي، حَافظ، ملم بالتفسير والمغازي وَأَيَّام الْعَرَب، ولي الْقَضَاء بِبَغْدَاد أَيَّام الْمهْدي، وَالْهَادِي، والرشيد، من مؤلفاته: الْآثَار، الْأَمَانِي، النَّوَادِر، الْخراج المبسط، ولد سنة 113هـ، توفّي سنة 182هـ. انْظُر: أَخْبَار الْقُضَاة 3/254، أَخْبَار أبي حنيفَة للصيمري 90، إعجام الْأَعْلَام 59، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 10/180، تذكرة الْحفاظ 1/292، تَارِيخ جرجان 487، تَارِيخ بَغْدَاد 4/242، الْجَوَاهِر المضية 3/611، طَبَقَات الشِّيرَازِيّ 141، طَبَقَات ابْن سعد 7/330، الفهرست 286، العبر 1/219، الْفَوَائِد البهية 225، الْكَوَاكِب النيرات 227، المعارف 18، النُّجُوم الزاهرة 2/107. 8 - انْظُر: الْمَبْسُوط 14/56، رُؤُوس الْمسَائِل 282، البناية 6/570، تَبْيِين الْحَقَائِق 4/97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وَقَالَ1 مُحَمَّد بن الْحسن2 لَا يجْرِي بَين الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ وَيجْرِي بَين مُسلمين وَإِن لما يهاجرا3. قُلْنَا أَحْكَام الله جلّ جَلَاله على الْعباد لَا تخْتَلف 4 باخْتلَاف الدَّار كالأوامر وَلَو 5 أسلم حَرْبِيّ فَقبل أَن هَاجر إِلَى دَار الْإِسْلَام قَتله مُسلم يجب عَلَيْهِ الْقود 6. وَعند أبي حنيفَة لَا يجب 7 فنقيس على المُهَاجر. وَقد ذكرنَا حكم الْغَنِيمَة وَمَا صَار إِلَيْنَا من أَمْوَال الْكفَّار وَحكم من خَان فِيهَا أَو سرق شَيْئا مِنْهَا 8 أَو وطيء جَارِيَة مِنْهَا فِي كتاب قسم الْفَيْء بعون الله وَحسن توفيقه 9.   1 - فِي أ: (قَالَ) . 2 - مُحَمَّد بن الْحسن بن فرقد أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ طلب الحَدِيث، وَسمع مَالِكًا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري، وَصَحب أَبَا حنيفَة، وَأخذ الْفِقْه عَن هـ، وَكَانَ أعلم النَّاس بِكِتَاب الله ماهراً فِي الْعَرَبيَّة والنحو والحساب. من كتبه: الْمَبْسُوط، الْجَامِع الصَّغِير، وَالْجَامِع الْكَبِير، وَالسير الْكَبِير، وَالسير الصَّغِير والزيادات، توفّي سنة 187هـ، وَيُقَال 189هـ. انْظُر: اخبار أبي حنيفَة للصيمري 120، الْأَنْسَاب 7/433، الْجَوَاهِر المضية 3/122، الْفَوَائِد البهية 163، اللّبَاب 2/219، الوافي بالوفيات 2/332. 3 - انْظُر: البناية 6/570، تبين الْحَقَائِق 4/97. 4 - فِي د، ظ: (فَلَا تخْتَلف) . 5 - فِي د: (فَلَو) . 6 - انْظُر: حلية الْعلمَاء 7/661. 7 - انْظُر: الْهِدَايَة 2/155. 8 - فِي أ: (أَو سرق مِنْهَا شَيْئا) . 9 - (وَحسن توفيقه) سَاقِطَة من أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 بَاب: المبارزة: فصل: إِذا أسر الْكفَّار مُسلما ثمَّ أَطْلقُوهُ من غير شَرط ... بَاب المبارزة1 رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ2 أَنه بارز يَوْم الخَنْدَق عَمْرو ابْن عبدود3 4. وَرُوِيَ أَنه خرج يَوْم بدر من صف الْكفَّار عَتبه بن ربيعَة 5 وَشَيْبَة ابْن ربيعَة 6 والوليد بن عتبَة 7 ودعوا إِلَى المبارزة فَخرج إِلَيْهِم فتية من الْأَنْصَار عَوْف 8 ومعوّذ 9 ابْنا الْحَارِث وأمهما عفراء وَعبد الله ابْن   1 - المبارزة: أصل البروز الظُّهُور فِي البرَاز وَهُوَ الْمَكَان الفضاء الْوَاسِع وَهُوَ هَهُنَا ظُهُور المتحاربين بَين الصفين لايستتران بِغَيْرِهِمَا من أهل الْحَرْب. انْظُر: النّظم المستعذب 2/238. 2 - فِي ظ: (عَلَيْهِ السَّلَام) . 3 - عَمْرو بن عبدود العامري، من بني لؤَي من قُرَيْش، فَارس قُرَيْش وشجاعها فِي الْجَاهِلِيَّة، أدْرك الْإِسْلَام وَلم يسلم، عَاشَ إِلَى أَن كَانَت وقْعَة الخَنْدَق فحضرها وَقد تجَاوز الثَّمَانِينَ فَقتله عَليّ بن أبي طَالب. انْظُر: الْأَعْلَام 5/81. 4 - رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. انْظُر: الْمُسْتَدْرك: كتاب الْمَغَازِي 3/32. 5 - عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس أَبُو الْوَلِيد، كَبِير قُرَيْش وَأحد ساداتها فِي الْجَاهِلِيَّة، كَانَ مَوْصُوفا بِالرَّأْيِ والحلم وَالْفضل، توَسط للصلح فِي حَرْب الْفجار وَقد رَضِي الْفَرِيقَانِ بِحكمِهِ، أدْرك الْإِسْلَام وَلم يسلم وَشهد بَدْرًا وَقتل فِيهَا، وَقَتله عبيده بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب. انْظُر: المحبر 160، المعارف 72، 157، الْأَعْلَام 4/200. 6 - شيبَة بن ربيعَة بن عبد شمس من زعماء قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة، كَانَ معادياً للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحضر بَدْرًا مَعَ الْمُشْركين وَقتل فِيهَا قَتله حَمْزَة بن عبد الْمطلب. انْظُر: المحبر 160، 162، المعارف 72، 156، الْأَعْلَام 3/181. 7 - الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة، قتل يَوْم بدر، قَتله عَليّ بن أبي طَالب. انْظُر: السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام 2/625، 709. 8 - عَوْف بن الْحَارِث بن رِفَاعَة بن عفراء، شهد الْعقبَة وبدراً وَاسْتشْهدَ. انْظُر: أَسد الغابة 4/12، الِاسْتِيعَاب 3/159، تَارِيخ خَليفَة 61، سيرة ابْن اسحاق 309، طَبَقَات ابْن سعد 3/492، طَبَقَات خَليفَة 90. 9 - معوذ بن الْحَارِث بن رِفَاعَة بن عفراء، وَهُوَ وَالِد الرّبيع بنت معوذ، شهد الْعقبَة مَعَ السّبْعين، وَهُوَ الَّذِي قيل: إِنَّه ضرب أَبَا جهل هُوَ وَأَخُوهُ عَوْف حَتَّى أثخناه وَعطف هُوَ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا. انْظُر: أَسد الغابة 4/464، الْإِصَابَة 3/430، تَارِيخ خَليفَة 61، سيرة ابْن إِسْحَاق 309، سير أَعْلَام النبلاء 2/359، طَبَقَات ابْن سعد 3/492، طَبَقَات خَليفَة 90، المعارف 597. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 رَوَاحَة1 فَقَالُوا من أَنْتُم قَالُوا رَهْط من الْأَنْصَار قَالُوا مالنا بكم حَاجَة، ثمَّ نَادَى مناديهم يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا أكفاءنا من قَومنَا، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُبَيْدَة بن الْحَارِث2، وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب3 وَعلي بن أبي طَالب بِالْخرُوجِ إِلَيْهِم فَخَرجُوا وقتلوهم 4.   1 - عبد الله بن رَوَاحه بن ثَعْلَبَة بن امريء الْقَيْس بن ثَعْلَبَة، شهد بَدْرًا والعقبة، كَانَ شَاعِر رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد الْأُمَرَاء فِي غَزْوَة مُؤْتَة وَبهَا قتل. انْظُر: أَسد الغابة 3/130، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/265، تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/212، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 7/390، حلية الْأَوْلِيَاء 1/118، سير أَعْلَام النبلاء 1/230، كنز الْعمَّال 13/449، مجمع الزَّوَائِد 9/316. 2 - عُبَيْدَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن عبد منَاف أَبُو الْحَارِث، من أبطال قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام ولد بِمَكَّة، وَأسلم قبل دُخُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم، شهد بَدْرًا وَقتل فِيهَا. انْظُر: أَسد الغابة 3/449، الاصابة 2/442، المحبر 116، الْأَعْلَام 4/198. 3 - حَمْزَة بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي سيد الشُّهَدَاء عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَخُوهُ من الرضَاعَة، أسلم فِي السّنة الثَّانِيَة من الْبعْثَة، قَتله وَحشِي يَوْم أحد. انْظُر: أَسد الغابة 1/528، الِاسْتِيعَاب 1/270، الْإِصَابَة 1/353، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/168، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 3/212، سير أَعْلَام النبلاء 1/171، شذرات الذَّهَب 1/10، العقد الثمين 4/227، مجمع الزَّوَائِد 9/266. 4 - قَالَ ابْن حجر: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَليّ، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصرا، وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ من حَدِيث قيس بن عباد عَن أبي ذَر. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب التَّفْسِير - تَفْسِير سُورَة الْحَج 6/123، صَحِيح مُسلم: كتاب التَّفْسِير - بَاب فِي قَوْله هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم 4/2323، سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب فِي المبارزة 3/52، تَلْخِيص الحبير 4/105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 تجوز المبارزة فِي الْحَرْب لمن كَانَ شجاعاً، وَكَذَلِكَ الْإِعْلَام وَهُوَ أَن يتعمم بعمامة سَوْدَاء، أَو يتعصب بعصابة حَمْرَاء، أَو يُعلم فرسه سَوَاء فعل بِإِذن الإِمَام أَو دون إِذْنه1 فَإِن ابْني عفراء وَعبد الله بن رَوَاحَة خَرجُوا يَوْم بدر بِغَيْر إِذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يُنكر عَلَيْهِم وَأعلم حَمْزَة يَوْم بدر. وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز البرَاز إِلَّا بِإِذن الإِمَام2. وَإِذا خرج مُشْرك ودعا إِلَى المبارزة فالمستحب3 أَن يبرز إِلَيْهِ مُسلم 4؛ لِأَنَّهُ إِذا لم يبرز تضعف قُلُوب الْمُؤمنِينَ ويجترئ الْكفَّار عَلَيْهِم وَهل يجوز للضعيف أَن يبارز فِيهِ وَجْهَان 5: أَحدهمَا: يجوز لِأَن التَّغْرِير بِالنَّفسِ فِي الْجِهَاد جَائِز كَمَا يجوز للضعيف أَن يُجَاهد. وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَن الْمَقْصُود من المبارزة إِظْهَار الْقُوَّة وَذَلِكَ6 لَا يحصل من الضَّعِيف. فَإِن بارز مُسلم مُشْركًا نظر7: إِن لم يكن بَينهمَا شَرط جَازَ لكل وَاحِد من الْمُسلمين أَن يَرْمِي الْمُشرك لِأَنَّهُ حَرْبِيّ لَا أَمَان لَهُ.   1 - وَالْمُسْتَحب أَن لَا يبارز إِلَّا بِإِذن الإِمَام فَإِن بارز من غير إِذْنه جَازَ وَقيل لَا يجوز وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز. انْظُر: حلية الْعلمَاء 7/657، الْمُهَذّب 2/238، الْبَيَان الورقة 16 من كتاب السّير. 2 - لم أَجِدهُ فِيمَا توفر لدي من مراجع. 3 - فِي ظ: (يسْتَحبّ) . 4 - انْظُر: الْبَيَان الورقة 15 من كتاب السّير، الْمُهَذّب 2/238. 5 - وَالصَّحِيح أَنه يجوز، وَقَالَ العمراني جَازَ وَكره. أنظر: الْبَيَان الورقة 16 من كتاب السّير، الْمُهَذّب 2/238. 6 - (وَذَلِكَ) سَاقِطَة من أ. 7 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1142، الْمُهَذّب 2/238، التَّنْبِيه 143، الْبَيَان الورقة 16من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين 10/284، كِفَايَة النبيه الورقة 13 من كتاب السّير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وَإِن شرطا1 أَن لَا يعينهما غَيرهمَا لَا يجوز لإحدى الطَّائِفَتَيْنِ أَن يعين مبارزه ماداما يتقاتلان. فَإِن أثخن2 الْكَافِر الْمُسلم وَأَرَادَ 3 قَتله على الْمُسلمين استنقاذ الْمُسلم وَلَهُم قتل الْكَافِر؛ لِأَن 4 الشَّرْط أَن لَا يُعينهُ حَال5 الْقِتَال وَقد ارْتَفع الْقِتَال 6 وَكَذَلِكَ لَو قتل الْمُسلم 7 وَولى أوترك قِتَاله فهرب أَو هرب الْمُسلم مِنْهُ جَازَ قَتله. لِأَن الْأمان قد ارْتَفع 8 بترك الْقِتَال إِلَّا أَن يكون الشَّرْط أَنه آمن إِلَى أَن يرجع إِلَى الصَّفّ فَلَا يتَعَرَّض لَهُ مَا لم يصل إِلَى الصَّفّ فَإِن ولى عَنهُ الْمُسلم فَتَبِعَهُ ليَقْتُلهُ أَو ترك قتال الْمُسلم وَقصد صف 9 الْمُسلمين جَازَ قَتله، لِأَنَّهُ نقض الْأمان. وَلَو10 خرج الْمُشْركُونَ لإعانة صَاحبهمْ كَانَ حَقًا على الْمُسلمين أَن يعينوا صَاحبهمْ، ثمَّ نظر: إِن اسْتَعَانَ الْمُشرك المبارز11 بِأَصْحَابِهِ أَو بَدَأَ الْمُشْركُونَ بمعاونته فَلم يمنعهُم فقد نقض الْأمان فللمسلمين قتل المبارز والأعوان جَمِيعًا. وَإِن12 لم يستعن بهم وَكَانَ يمنعهُم فَلم يقبلُوا مِنْهُ قتلوا الأعوان دون المبارز 13 لِأَن المبارز على أَمَانه.   1 - فِي د: (وَإِن شَرط) . 2 - فِي ي: (فَإِذا عَن) . 3 - (وَأَرَادَ) مكررة فِي د. 4 - فِي أ: (وَلِأَن) . 5 - فِي ظ، أ (حَالَة) . 6 - (الْقِتَال) سَاقِطَة من ظ. 7 - فِي أ: (لَو قتل الْمُسلم الْكَافِر) . 8 - فِي د: (انْقَطع) . 9 - فِي أ: (بصف) . 10 - فِي د، أ: (فَلَو) . 11 - فِي د: (بالمبارزة) ، فِي أ: (المبارزة) . 12 - فِي د: (فَإِن) . 13 - فِي أ: (المبارزة) . الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 فصل: إِذا أسر الْكفَّار مُسلما ثمَّ أَطْلقُوهُ من غير شَرط إِذا أسر الْكفَّار مُسلما ثمَّ أَطْلقُوهُ من غير شَرط فَلهُ أَن يغتالهم فِي النَّفس وَالْمَال جَمِيعًا لأَنهم لَا أَمَان لَهُم1. وَإِن أَطْلقُوهُ على أَنه فِي أَمَان مِنْهُم وَلم يستأمنوه فَالْمَذْهَب أَنهم فِي أَمَانه لَا يجوز أَن يغتالهم لأَنهم لما أمنوه، كَانُوا هم2 فِي أَمَان مِنْهُ، وَقَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة3 لَا أَمَان لَهُم وَله 4 أَن يغتالهم لأَنهم لم يستأمنوه5. وَلَو قَالُوا لَهُ6 لَا نطلقك حَتَّى تحلف أَن لَا تخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام فَحلف وأطلقوه 7 فمهما أمكنه 8 الْخُرُوج يجب عَلَيْهِ أَن يخرج وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ 9؛ لِأَن يَمِينه   1 - انْظُر: نِهَايَة الْمُحْتَاج 8/78، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/239، شرح روض الطَّالِب 4/205. (هم) سَاقِطَة من د، ظ. 3 - أَبُو عَليّ الْحسن بن الْحُسَيْن بن أبي هُرَيْرَة، أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة من أَصْحَاب الْوُجُوه، درس على أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج ثمَّ على أبي إِسْحَاق الْمروزِي، صنف التَّعْلِيق الْكَبِير على مُخْتَصر الْمُزنِيّ، وعلق عَلَيْهِ الشَّرْح أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ، قَالَ الأسنوي وَله تَعْلِيق آخر فِي مُجَلد ضخم وهما قَلِيلا الْوُجُود، توفّي سنة 345 هـ وَقيل سنة 346هـ. انْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد 7/298، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة 1/99، طَبَقَات الشِّيرَازِيّ 121، طَبَقَات الأسنوي 2/518 طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله 2/72، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ 77، النُّجُوم الزاهرة 3/316، الْأَعْلَام 2/188، الْفَتْح الْمُبين 1/193. 4 - (لَهُ) سَاقِطَة م د. 5 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/244، الْبَيَان 8/ الورقة 25 من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين 282، كتاب السّير من الْحَاوِي 1203. 6 - فِي أ: (وَلَو قَالَ لَا نطلقك) . 7 - فِي أ: (فأطلقوه) . 8 - فِي د: (فمهما أمكن) . 9 - انْظُر: الْمُهَذّب 2/244، رَوْضَة الطالبين 10/212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 كَانَ يَمِين مكره وَلَا ينْعَقد1 كَمَا لَو أَخذ اللُّصُوص رجلا وَقَالُوا لَا نَتْرُكك حَتَّى تحلف أَن لَا تخبر بمكاننا أحدا فَحلف فَتَرَكُوهُ 2 فَأخْبر بمكانهم لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ. وَإِن كَانَ حلف بِالطَّلَاق لَا يَقع إِلَّا أَنه إِذا خرج إِلَى دَار السَّلَام لَا يجوز أَن يغتالهم بِنَفس وَلَا مَال لأَنهم أمنوه وَكَانُوا 3 فِي أَمَان مِنْهُ إِلَّا أَن يجْعَلُوا الْأمان لَهُ 4 دون أنفسهم فَلهُ أَن يغتالهم. وَلَو كَانَ لمُسلم عين مَال فِي أَيْديهم فَلهُ أَخذهَا لِترد إِلَى الْمَالِك سَوَاء شرطُوا لَهُم فِي أَمَان مِنْهُ أَو لم يشرطوا5 ثمَّ هَل 6 تكون تِلْكَ الْعين مَضْمُونَة عَلَيْهِ 7؟ من أَصْحَابنَا من قَالَ فِيهِ قَولَانِ كَمَا لَو أَخذ الْمَغْصُوب من الْغَاصِب ليرد إِلَى الْمَالِك. وَقَالَ 8 الشَّيْخ الْقفال 9 رَحمَه الله10: "لَا يضمن هَهُنَا؛ لِأَنَّهُ لم   1 - فِي أ: (فَلَا) . 2 - فِي د: (وتركوه) . 3 - فِي ط: (فَكَانُوا) . 4 - (لَهُ) سَاقِطَة من د، ظ. 5 - فِي ظ: (أَو لم يشترطوا) . 6 - فِي د: (وَهل) . 7 - انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/283، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/24. 8 - فِي د: (قَالَ) . 9 - أَبُو بكر عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله الْمروزِي الْخُرَاسَانِي، سمي بالقفال لِأَنَّهُ كَانَ يعْمل الأقفال، كَانَ وحيد زَمَانه فقهاً وحفظا وورعا وزهدا، صَاحب طَريقَة الخراسانيين فِي الْفِقْه من أَصْحَابه الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ، وَالْقَاضِي حُسَيْن توفّي سنة 417هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 12/21، سير أَعْلَام النبلاء 17/405، طَبَقَات الأسنوي 2/298 طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله 134، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ 105. 10 - (رَحمَه الله) سَاقِطَة من د، أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 يكن مَضْمُونا على الْحَرْبِيّ فَلَا ضَمَان على من أَخذ مِنْهُ بِخِلَاف الْمَغْصُوب فَإِنَّهُ مَضْمُون على الْغَاصِب فَيجب الضَّمَان على من أَخذ مِنْهُ. وَلَو حلف ابْتِدَاء من غير تحليفهم أَنه لَا يخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام نظر. إِن كَانَ مُطلقًا يلْزمه أَن يخرج وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ حلف مُخْتَارًا "1 وَإِن كَانَ مَحْبُوسًا حلف أَنه إِن أطلق لَا يخرج، فَإِذا2 خرج هَل تلْزمهُ الْكَفَّارَة3 فِيهِ وَجْهَان4: أَحدهمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ يَمِين إِكْرَاه فَلَا تلْزمهُ الْكَفَّارَة5. وَالثَّانِي: تلْزمهُ الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ حلف مبتدئاً فَكَانَ مُخْتَارًا. وَلَو أَطْلقُوهُ على أَنه إِذا خرج إِلَى دَار الْإِسْلَام 6 عَاد إِلَيْهِم فَإِذا أُتِي إِلَى دَار الْإِسْلَام لَا يجوز أَن يعود إِلَيْهِم وَلَا يَدعه الإِمَام أَن يعود إِلَيْهِم، لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ للإكراه 7.   1 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1201. 2 - فِي أ: (وَإِذا) . 3 - (الْكَفَّارَة) سَاقِطَة من د. 4 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1201، الْمُهَذّب 2/244، الْبَيَان 8/ الورقة 26 من كتاب السّير حلية الْعلمَاء 7/673. 5 - فِي ظ، أ (أَحدهمَا: أَنه يَمِين إِكْرَاه فَلَا تلْزمهُ الْكَفَّارَة) . 6 - (إِلَى دَار الْإِسْلَام) سَاقِطَة من د. 7 - انْظُر: مُخْتَصر الْمُزنِيّ 275، كتاب السّير من الْحَاوِي 1204، الْمُهَذّب2/244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَقَالَ الزُّهْرِيّ1 2 وَالْأَوْزَاعِيّ3 4 يجب أَن يعود حَتَّى لَا يصير ذَلِك ذَرِيعَة لحبس الْأُسَارَى. وَلَو شرطُوا عَلَيْهِ أَن يعود أَو يبْعَث 5 إِلَيْهِم مَالا لَا يجوز أَن يعود وَلَا يجب أَن يبْعَث المَال وَيسْتَحب أَن يبْعَث المَال6.   1 - مُحَمَّد بن مُسلم بن عبد الله بن شهَاب الزُّهْرِيّ، كَانَ من أحفظ أهل زَمَانه وَأَحْسَنهمْ سياقا لمتون الْأَخْبَار فَقِيها فَاضلا من تَابِعِيّ أهل الْمَدِينَة، ولد سنة 50هـ توفّي سنة 124، وَقيل 123هـ وَقيل 125هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 9/340، تذكرة الْحفاظ 1/108، تَارِيخ ابْن شاهين 276، تقريب التَّهْذِيب2/207، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/ 90، الْجرْح وَالتَّعْدِيل8/71، حلية الْأَوْلِيَاء 3/360، سير أَعْلَام النبلاء 5/326، شذرات الذَّهَب 1/62، طَبَقَات الشِّيرَازِيّ 48، طَبَقَات الْحفاظ 49، طَبَقَات الْقُرَّاء 2/262، الْمعرفَة والتاريخ 1/62، المعارف 227، مُعْجم الشُّعَرَاء للمرزباني 413، النُّجُوم الزاهرة 1/294، وفيات الْأَعْيَان 4/77. 2 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1204. 3 - أَبُو عمر عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن مُحَمَّد وَقيل يحمد الْأَوْزَاعِيّ، الدِّمَشْقِي شيخ الْإِسْلَام وعالم أهل الشَّام، كَانَ ثِقَة مَأْمُونا فَاضلا خيرا، كثير الحَدِيث وَالْعلم وَالْفِقْه، وَكَانَ عابداً زاهداً ورعاً، ولد سنة 88هـ وَقيل سنة 93 هـ توفّي فِي سنة 157هـ وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ توفّي سنة 151هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 10/115، تَهْذِيب التَّهْذِيب 6/238، تذكرة الْحفاظ 1/178، طَبَقَات الْحفاظ 85، علل الحَدِيث لِابْنِ الْمَدِينِيّ 34، ميزَان الِاعْتِدَال 2/580، مشاهير عُلَمَاء الْأَمْصَار180، الْمعرفَة والتاريخ 2/39، العبر 1/174، وفيات الْأَعْيَان 3/127. 4 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1204، الْبَيَان 8/ الورقة 26 من كتاب السّير. 5 - فِي د: (وَيبْعَث) . 6 - قَالَ العمراني: "وَإِن أَطْلقُوهُ على أَن ينفذ إِلَيْهِم من دَار الْإِسْلَام مَالا اتَّفقُوا عَلَيْهِ فَإِن لم ينفذهُ إِلَيْهِم عَاد إِلَيْهِم، فَهَل يلْزمه إيفاد المَال إِلَيْهِم اخْتلف أَصْحَابنَا فِيهِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق لَا يلْزمه لِأَنَّهُ ضَمَان مَال بِغَيْر حق إِلَّا أَن الْمُسْتَحبّ أَن ينفذهُ إِلَيْهِم ليَكُون ذَلِك طَرِيقا إِلَى إِطْلَاق الأسرى وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَكثر أَصْحَابنَا يلْزمه إيفاد المَال إِلَيْهِم لِأَن فِيهِ مصلحَة لِأَنَّهُ إِذا لم ينفذهُ إِلَيْهِم لم يثقوا بقول الْأُسَارَى فِي ذَلِك وَلم يطلقوهم". انْظُر: الْبَيَان 8/الورقة 26 من كتاب السّير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وَعند الزُّهْرِيّ والأوزعي يجب أَن يعود أَو يبْعَث1 المَال2. وَلَو3 اشْترى الْأَسير/ من الْكفَّار شَيْئا بأضعاف ثمنه أَو بِمثل ثمنه أَو باعوا مِنْهُ فرسا ليركبه وَيَأْتِي بِهِ 4 دَار الْإِسْلَام /نظر. إِن اشْتَرَاهُ 5 طَوْعًا لزمَه جَمِيع الثّمن 6. فَإِذا دخل دَار الْإِسْلَام إِن شَاءَ ردّ وَإِن شَاءَ أجَاز وَأعْطى الثّمن. وَقيل يَصح وَيلْزمهُ الثّمن قولا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُعَاملَة مَعَ أهل الشّرك فَيجوز فِيهَا مَالا يجوز فِي مُعَاملَة الْمُسلمين. وَفِدَاء الْأَسير جَائِز فَلَو 7 قَالَ أَسِير أطلقني على كَذَا فَفعل، وَقَالَ الْكَافِر افتد نَفسك على هَذَا المَال فَفعل لزم، لِأَنَّهُ غير مكره فَلَو قَالَ مُسلم لكَافِر: أطلق أسيرك وَلَك عليّ ألف فَأَطْلقهُ يجب عَلَيْهِ الْألف كَمَا لَو قَالَ أعتق أم ولدك على ألف فَفعل 8 يجب الْألف وَمن فدى أَسِيرًا بِمَال من غير مَسْأَلَة الْأَسير لَا يرجع على   1 - فِي أ: (وَيبْعَث) . 2 - انْظُر: المراجع الْمُتَقَدّمَة عَن الزُّهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ الصفحة السَّابِقَة. 3 - فِي ظ: (فَلَو) . 4 - (بِهِ) سَاقِطَة من د، أ. 5 - فِي د، أ: (اشْترى) . 6 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1209، مُغنِي الْمُحْتَاج 4/240. 7 - فِي أ: (وَلَو) . 8 - (فَفعل لزم، لِأَنَّهُ غير مكره، فَلَو قَالَ مُسلم لكَافِر: أطلق أسيرك وَلَك علىّ ألف فَأَطْلقهُ يجب عَلَيْهِ الْألف، كَمَا لَو قَالَ أعتق أم ولدك على ألف فَفعل) سَاقِطَة من ظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 الْأَسير بِشَيْء وَلَو قَالَ الْأَسير أفدني بِكَذَا بِشَرْط أَن يرجع عَلَيْهِ1 بفدىِ2. وَإِن لم يشْتَرط3 الرُّجُوع هَل يرجع؟ فِيهِ وَجْهَان: أصَحهمَا يرجع. وَلَو فدى الْأَسير نَفسه بِمَال ثمَّ استولى عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ هَل يرد إِلَى الْأَسير؟ فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: يرد لِأَنَّهُ كَانَ مقهوراً فِي أَدَائِهِ كَمَا لَو غصبوا من مُسلم شَيْئا ثمَّ استولى عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ يجب رده.   (عَلَيْهِ) سَاقِطَة من أ. 2 - فِي ظ: (بِشَرْط أَن يرجع ففدى يرجع عَلَيْهِ) . 3 - فِي د: (لم يشرط) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 فصل: إِذا حاصر الإِمَام قلعة فَترك أَهلهَا على حكم الْحَاكِم إِذا حاصر الإِمَام قلعة فَترك أَهلهَا على حكم حَاكم جَازَ1؛ لِأَن بني قُرَيْظَة نزلُوا على حكم سعد بن معَاذ2 فَحكم بقتل رِجَالهمْ وَسبي نِسَائِهِم وذراريهم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لقد حكمت بِحكم الْملك" 3. وَيجب أَن يكون الْحَاكِم حرا مُسلما ذكرا 4 عَاقِلا بَالغا عدلا عَالما 5 6؛ لِأَنَّهُ ولَايَة كولاية الْقَضَاء. وَيجوز أَن يكون أعمى لِأَن مَا يُوجب الحكم بَينهم7 مَشْهُور يدْرك بِالسَّمَاعِ كَالشَّهَادَةِ فِيمَا طَرِيقه الاستفاضة تصح من الْأَعْمَى وَيكرهُ أَن يكون الْحَاكِم حسن الرَّأْي فيهم 8 وَلَكِن يجوز حكمه لِأَنَّهُ عدل فِي الدّين.   1 - رَاجع جزئيات هَذَا الْفَصْل: الْمُهَذّب 2/239، رَوْضَة الطالبين 10/291. 2 - سعد بن معَاذ بن النُّعْمَان بن امْرِئ الْقَيْس بن زيد بن عبد الْأَشْهَل، أَبُو عَمْرو الْأنْصَارِيّ، البدري، اهتز الْعَرْش لمَوْته. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 4/65، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/214، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 4/93، سير أَعْلَام النبلاء 1/279. 3 - مُتَّفق عَلَيْهِ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب إِذا نزل الْعَدو على حكم رجل 4/81، صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب جَوَاز قتال من نقض الْعَهْد وَجَوَاز إِنْزَال أهل الْحصن على حكم حَاكم عدل أهل للْحكم 3/1389. 4 - فِي أ: (أَن يكون الْحَاكِم مُسلما حرا ذكرا) . 5 - (عَالما) سَاقِطَة من ظ. 6 - قَالَ النَّوَوِيّ: "وأطلقوا أَنه يشْتَرط كَونه عَالما وَرُبمَا قَالُوا فَقِيها وَرُبمَا قَالُوا مُجْتَهدا "، قَالَ الإِمَام: "وَلَا أظنهم شرطُوا أَوْصَاف الِاجْتِهَاد الْمُعْتَبرَة فِي الْمُفْتِي ولعلهم أَرَادوا التهدي إِلَى طلب الصّلاح وَمَا فِيهِ النّظر للْمُسلمين". نظر رَوْضَة الطالبين 10/291. 7 - (بَينهم) سَاقِطَة من د. 8 - فِي أ: (مِنْهُم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وَإِن نزلُوا على حكم حَاكم يختاره الإِمَام جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا يخْتَار إِلَّا من يجوز حكمه1، وَإِن نزلُوا على حكم حَاكم يختارونه لم يجز إِلَّا أَن يشْتَرط أَن يكون على الصِّفَات الَّتِي ذَكرنَاهَا. وَإِن نزلُوا على حكم اثْنَيْنِ جَازَ2؛ لِأَنَّهُ تحكيم3 فِي مصلحَة طريقها الرَّأْي فَجَاز أَن يَجْعَل إِلَى اثْنَيْنِ كالتحكيم 4 فِي اخْتِيَار الإِمَام، وَإِن نزلُوا على حكم من لَا يجوز حكمه ردوا إِلَى القلعة. وَكَذَلِكَ لَو نزلُوا على حكم حَاكم فَمَاتَ، أَو على حكم اثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا، ردوا إِلَى القلعة 5 وَلَا يحكم الْحَاكِم إِلَّا بِمَا فِيهِ الْحَظ للْمُسلمين من الْقَتْل6 أَو الاسترقاق أَو الْمَنّ أَو الْفِدَاء7 8. وَإِن 9 حكم بِعقد الذِّمَّة، وَأخذ الْجِزْيَة فَفِيهِ وَجْهَان10: أَحدهمَا: يجوز لأَنهم نزلُوا على حكمه.   1 - فِي د: (لِأَنَّهُ عدل فِي الدّين، وَإِن نزلُوا على حكم حَاكم يختاره الإِمَام جَازَ، لِأَنَّهُ لَا يخْتَار إِلَّا من يجوز حكمه) سَاقِطَة من د. 2 - فِي ظ: (يجوز) . 3 - فِي أ: (يحكم) . 4 - فِي أ: (كالتحكم) . 5 - (وَكَذَلِكَ لَو نزلُوا على حكم حَاكم فَمَاتَ أَو على حكم اثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا ردوا إِلَى القلعة) سَاقِطَة من ظ. 6 - (من الْقَتْل) سَاقِطَة من أ. 7 - فِي أ، د: (من الْقَتْل والاسترقاق والمن وَالْفِدَاء) . 8 - قَالَ النَّوَوِيّ: "وَحكى الرَّوْيَانِيّ وَجها أَنه لَا يجوز الحكم بالمن على جَمِيعهم وَاسْتَغْرَبَهُ". انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/292. 9 - فِي د: (فَإِن) . 10 - فِي د: (قَولَانِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَنَّهُ عقد مُعَاوضَة فَلَا يجوز من غير رضاهم. وَإِن حكم الْحَاكِم أَن من أسلم مِنْهُم اسْترق وَمن أَقَامَ على الْكفْر قتل جَازَ، ثمَّ إِن1 أَرَادَ الإِمَام أَن يسترق من حكم بقتْله لم يجز لِأَنَّهُ لم ينزل2 على هَذَا الشَّرْط، وَإِن حكم عَلَيْهِم بِالْقَتْلِ ثمَّ رَأْي الإِمَام أَن يمن عَلَيْهِم جَازَ3؛ لِأَن سعد بن معَاذ حكم بقتل رجال بني قُرَيْظَة. وَسَأَلَ ثَابت بن قيس الْأنْصَارِيّ أَن يهب لَهُ الزبير بن باطا الْيَهُودِيّ 4. فوهبه 5 لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم6. وَإِن حكم باسترقاقهم لم يجز أَن يمن عَلَيْهِم إِلَّا بِرِضا الْغَانِمين لأَنهم صَارُوا مَالا لَهُم7. وَإِن حكم بِمَا لَا يُوَافق الشَّرْع مثل أَن يحكم 8 بقتل الصّبيان والنسوان لم ينفذ لَو اسْتَنْزَلَهُمْ على أَن مَا يقْضِي الله فِيكُم يقدمهُ لم يجز لأَنهم لَا يعْرفُونَ حكم الله عز وَجل. رُوِيَ عَن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "وَإِن حاصرت أهل حصن فأرادوك أَن تنزل على حكم الله فَلَا تنزلهم على حكم الله وَلَكِن أنزلهم على حكمك فَإنَّك لَا تَدْرِي أتصيب حكم الله فيهم أم لَا" 9 وَالله أعلم10 11.   (إِن) سَاقِطَة من د، ظ. 2 - فِي د: (لِأَنَّهُ نزل) . 3 - (جَازَ) سَاقِطَة من د. 4 - والقصة تقدّمت ص. 5 - فِي ظ: (فوهب) . 6 - انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب مَا يَفْعَله بِالرِّجَالِ الْبَالِغين مِنْهُم 9/66. 7 - فِي أ: (امالا لَهُم) . 8 - فِي د، أ: (ان حكم) . 9 - انْظُر: صَحِيح مُسلم: كتاب الْجِهَاد وَالسير - بَاب تأمير الإِمَام الْأُمَرَاء على الْبعُوث 3/1358. 10 - (وَالله أعلم) سَاقِطَة من د. 11 - والقصة تقدّمت فِي ص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 بَاب: السوَاد: ... بَاب فتح السوَاد1 سَواد الْعرَاق فتحت2 فِي زمن عمر عنْوَة 3، وَصَارَت أراضيها 4 للغانمين فاستطاب عمر رضى الله عَنهُ أنفسهم بِمَال عوضهم عَنْهَا5، وَضرب عَلَيْهَا6 خراجاً مَعْلُوما وَلَوْلَا أَن الْغَانِمين ملكوها لم يكن عمر رَضِي الله عَنهُ7 يعوضهم عَنْهَا. وَعند أبي حنيفَة: يتَخَيَّر الإِمَام فِي الْعقار المغنوم8 بَين أَن يقفها 9 كَمَا فعل عمر بسواد الْعرَاق، وَبَين أَن يتْرك إِلَى الْكفَّار كَمَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعقار10 مَكَّة، وَبَين أَن يقسمها بَين الْغَانِمين كالمنقول11.   1 - السوَاد، جمَاعَة النّخل وَالشَّجر لخضرته واسوداده، وَقيل: إِنَّمَا ذَلِك لِأَن الخضرة تقَارب السوَاد وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "وَفِي تَسْمِيَته سواداً ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: لكثرته مَأْخُوذ من سَواد الْقَوْم إِذا كَثُرُوا وَهَذَا قَول الْأَصْمَعِي. وَالثَّانِي: لسواده بالزروع وَالْأَشْجَار لِأَن الخضرة ترى من الْبعد سواداً ثمَّ تظهر الخضرة بالدنو مِنْهَا فَقَالَ الْمُسلمُونَ حِين أَقبلُوا من بَيَاض الفلاة مَا هَذَا السوَاد فَسَموهُ سواداً. وَالثَّالِث: لِأَن الْعَرَب تجمع بَين الخضرة والسواد فِي الِاسْم". انْظُر: - سود - لِسَان الْعَرَب 3/225، كتاب السّير من الْحَاوِي 1155. 2 - فِي أ: (فتح) . 3 - هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فتحت صلحا. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/275، مَنَاقِب أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب لِابْنِ الْجَوْزِيّ 92. 4 - (أراضيها) سَاقِطَة من د. 5 - (عَنْهَا) سَاقِطَة من د. 6 - فِي د: (عَلَيْهِم) . 7 - (رضى الله عَنْهُم) سَاقِطَة من أ. 8 - فِي أ: (المغنومة) . 9 - فِي د: (يقفه) . 10 - فِي د: (بكفار) . 11 - انْظُر: الْهِدَايَة 2/141، حَاشِيَة ابْن عابدين 4/138. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَعِنْدنَا يقسم الْعقار كالمنقول1 2. وَمَكَّة فتحت صلحا 3، وَفِي سرد قصَّة الْفَتْح بَيَان أَنَّهَا مَفْتُوحَة4 صلحا. وَسَوَاد الْعرَاق قسمهَا عمر بَين الْغَانِمين ثمَّ عوضهم عَنْهَا باستطابة أنفسهم قَالَ جرير بن عبد الله البَجلِيّ5 كَانَت بجيلة ربع النَّاس، فقسم لَهُم عمر ربع السوَاد فاستغلوا 6 ثَلَاث سِنِين، قَالَ جرير: " فَقدمت على عمر، فَقَالَ عمر7: لَوْلَا أَنِّي قَاسم مسئوول لتركتكم على مَا قسم8 لكم، وَلَكِنِّي أرى أَن تردوا على النَّاس فَفَعَلُوا 9، وَإِنَّمَا فعل عمر ذَلِك10 خوفًا من أَن يشْتَغل النَّاس بالزراعة والحرث فيختل أَمر الْجِهَاد".   1 - وَعِنْدنَا يقسم الْعقار كالمنقول) سَاقِطَة من د. 2 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 4/1167. 3 - وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَححهُ النَّوَوِيّ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "وَالَّذِي أرَاهُ أَن أَسْفَل مَكَّة دخله خَالِد بن الْوَلِيد عنْوَة، لِأَنَّهُ قوتل فقاتل وَقتل، وَأَعْلَى مَكَّة دخله الزبير بن الْعَوام صلحا، لأَنهم كفوا والتزموا شَرط أبي سُفْيَان فَكف عَنْهُم الزبير وَلم يقتل مِنْهُم أحدا". انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 469، رَوْضَة الطالبين 10/275. 4 - فِي د: (فتحت) . 5 - جرير بن عبد الله البَجلِيّ، من أَعْيَان الصَّحَابَة، كَانَ بديع الْحسن، كَامِل الْجمال، سكن الْكُوفَة ثمَّ سكن قرقياء، وَقدم رَسُولا من عَليّ إِلَى مُعَاوِيَة، توفّي سنة 51هـ، وَقيل 54هـ. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 2/211، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 2/502، سير أَعْلَام النبلاء 2/530. 6 - فِي أ: (فاشتغلوا) . 7 - (عمر) سَاقِطَة من أ. 8 - فِي ظ: (على قسم) . 9 - رَوَاهُ الشَّافِعِي. انْظُر: " مُخْتَصر الْمُزنِيّ - بَاب فتح السوَاد 274، السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير، بَاب السوَاد 9/135. 10 - فِي د: (وَإِنَّمَا فعل ذَلِك عمر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 قَالَ جرير: " فعاضني عمر من حَقي نيفاً وَثَمَانِينَ دِينَارا وَمَعِي امْرَأَة يُقَال لَهَا أم كرز1 فَقَالَت: شهد أبي الْقَادِسِيَّة2، وَأثبت3 سَهْمه وَلَا أسلمه حَتَّى تملأ كفي دَنَانِير وفمي لآلئ، وتركبني نَاقَة حَمْرَاء، فَفعل عمر، فَتركت حَقّهَا. وحد سَواد الْعرَاق من عبّادان4 إِلَى الْموصل5 طولا، وَمن الْقَادِسِيَّة6 إِلَى حلوان7 عرضا"8.   1 - أم كُرزْ الْكَعْبِيَّة الْخُزَاعِيَّة المكية، لَهَا صُحْبَة أسلمت يَوْم الْحُدَيْبِيَة رَوَت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعنها عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد، وَغَيرهم. انْظُر: أَسد الغابة 6/382، الِاسْتِيعَاب 4/470، الْإِصَابَة 4/465، تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/477، خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 3/402. (الْقَادِسِيَّة) سَاقِطَة من ظ. وَكَانَت وقْعَة الْقَادِسِيَّة فِي السّنة الْخَامِسَة لِلْهِجْرَةِ، تولى قيادة الْجَيْش فِيهَا سعد ابْن أبي وَقاص. انْظُر: تَتِمَّة الْمُخْتَصر 1/221 3 - فِي ظ: (وَثَبت) . 4 - عبّادان: بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْبَاء، وَهِي جَزِيرَة مَشْهُورَة تَحت الْبَصْرَة منسوبة إِلَى عبّاد اَلحبطَي. انْظُر: مُعْجم مَا استعجم 3/916، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 3/55. 5 - المَوصْل: بِفَتْح أَوله وَإِسْكَان ثَانِيَة، سميت بذلك لِأَنَّهَا وصلت بَين الْفُرَات ودجلة. انْظُر: مُعْجم مَا استعجم 4/1278. 6 - الْقَادِسِيَّة: بِكَسْر الدَّال وَالسِّين وَتَشْديد الْيَاء بَينهَا وَبَين الْكُوفَة نَحْو مرحلَتَيْنِ، وَبَينهَا وَبَين بَغْدَاد نَحْو خمس مراحل. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 3/106. 7 - حُلوْان: بِضَم الْحَاء، وَإِسْكَان اللَّام وَهُوَ آخر حد السوَاد مِمَّا يَلِي الْمشرق نسب إِلَى حلوان بن عمرَان بن الحاف بن قضاعة لِأَنَّهُ بناه. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 3/86. 8 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1151، الْمُهَذّب 2/265، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج 4/225. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 قَالَ السَّاجِي1: "هُوَ اثْنَان وَثَلَاثُونَ ألف ألف جريب"2. وَقَالَ أَبُو عبيد3: "سِتَّة وَثَلَاثُونَ ألف ألف جريب". وَلَا يدْخل فِيهِ الْبَصْرَة4 وَإِن كَانَت دَاخِلَة فِي حد السوَاد5؛ لِأَنَّهَا كَانَت   1 - فِي ظ: (الشَّافِعِي) . وَهُوَ أَبُو يحي زَكَرِيَّا بن يحي الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ الشَّافِعِي، أَخذ عَن الرّبيع والمزني من أَئِمَّة الحَدِيث لَهُ كتاب اخْتِلَاف الْعلمَاء، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة 307هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 11/831، تذكرة الْحفاظ 2/709، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 3/601، سير أَعْلَام النبلاء 14/197، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ 61، طَبَقَات الأسنوي 2/22. 2 - الجريب: نوع من أَنْوَاع المقاييس، كَمَا هُوَ نوع من الأكيال المستخدمة فِي الْعرَاق فَهُوَ كيل عراقي مَعْرُوف، والجريب: قدر أَرْبَعَة أَقْفِزَة..وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الجريب من الأَرْض مِقْدَار مَعْلُوم الذرع والمساحة وَهُوَ عشرةأقفرة. وَقدره د. مُحَمَّد الخاروف بِأَنَّهُ يعادل 10448 غرام. انْظُر: - جرب - تَهْذِيب اللُّغَة 11/51، الْمَقَادِير فِي الفقة الإسلامي 65، الْإِيضَاح والتبيان 87. 3 - فِي أ، د: (أبوعبيدة) وَمَا أثْبته مُوَافق لما فِي الْمُهَذّب. وَهُوَ أَبُو عبيد القاسم بن سَلام الْهَرَوِيّ من كبار عُلَمَاء الحَدِيث، وَالْفِقْه، وَالْأَدب من أهل هراء، رَحل إِلَى بَغْدَاد ومصر والحجاز، من مؤلفاته: الْغَرِيب المُصَنّف، وَالْأَمْوَال، والأمثال، والمقصور والممدود، وفضائل الْقُرْآن، ولد سنة 157 هـ وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة224 وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: بغية الوعاة 2/253، تذكرة الْحفاظ 2/417، الرسَالَة المستطرفة 35، طَبَقَات الْحَنَابِلَة 1/259، طَبَقَات السُّبْكِيّ 1/2701، المزهر 2/411، نزهة الألباء 109. 4 - الْبَصْرَة: الْبَلدة الْمَشْهُورَة مّصَرها عمر بن الْخطاب وفيهَا ثَلَاث لُغَات فتح الْبَاء وَضمّهَا كسرهَا أفصحهن الْفَتْح وَهُوَ الْمَشْهُور، يُقَال لِلْبَصْرَةِ قبَّة الْإِسْلَام وخزانة الْعَرَب، لم يعبد الصَّنَم قطّ على أرْضهَا. انْظُر: تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 3/37. 5 - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: حضرت الشَّيْخ أَبَا حَامِد الاسفراييني وَهُوَ يدرس تَحْدِيد السوَاد فِي كتاب الرَّهْن وَأدْخل فِيهِ الْبَصْرَة ثمَّ أقبل عَليّ وَقَالَ: هَكَذَا تَقول؟ قلت: لَا، قَالَ: وَلم؟ قلت لِأَنَّهَا كَانَت مواتاً أَحْيَاهُ الْمُسلمُونَ فَأقبل على أَصْحَابه وَقَالَ: عَلقُوا مَا يَقُول فَإِن أهل الْبَصْرَة أعرف بِالْبَصْرَةِ. قَالَ الشِّيرَازِيّ: إِن الْبَصْرَة لَيْسَ لَهَا حكم السوَاد إِلَّا فِي مَوَاضِع من شَرْقي دَخَلتهَا يُسمى الْفُرَات، وَمن غربي دَخَلتهَا نهر يعرف بنهر الْمرة. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1154، الْمُهَذّب 2/265. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 أَرضًا سبخَة1 أَحْيَاهَا عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ2 وَعتبَة بن غَزوَان3 بعد الْفَتْح. وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِيمَا فعل عمر بأراضي السوَاد 4: قَالَ ابْن سُرَيج: "بَاعهَا من أَهلهَا وَمَا يُؤْخَذ من الْخراج ثمن منجم يؤدون كل سنة شَيْئا بِدَلِيل أَن من زمن عمر5 إِلَى زَمَاننَا تبَاع تِلْكَ الْأَرَاضِي وتبتاع من غير إِنْكَار أحد"6.   1 - أَرضًا سبخَة: هِيَ المتغيرة التربة الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا. انْظُر: النّظم المستعذب 2/265. 2 - عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَبُو عبد الله الثَّقَفِيّ الطَّائِفِي، قدم فِي وَفد ثَقِيف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة تسع فأسلموا، وَأمره عَلَيْهِم لما رأى من عقله وحرصه على الْخَيْر وَالدّين وَكَانَ أَصْغَر الْوَفْد سنا ثمَّ أقره أَبُو بكر على الطَّائِف ثمَّ عمر، ثمَّ اسْتَعْملهُ عمر على عُمان والبحرين ثمَّ قدمه على جَيش فَافْتتحَ توّج ومصرّها وَسكن الْبَصْرَة. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 3/91، تَارِيخ خَليفَة 149، سير أَعْلَام النبلاء 2/374، شذرات الذَّهَب 1/36، الْمعرفَة والتاريخ 1/273. 3 - عتبَة بن غَزوَان بن جَابر بن وهيب أَبُو غَزوَان الْمَازِني، أسلم سَابِع سَبْعَة، فِي الْإِسْلَام، وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ شهد بَدْرًا والمشاهد، وَكَانَ أحد الرُّمَاة الْمَذْكُورين، وَمن أُمَرَاء الْغُزَاة، وَهُوَ الَّذِي اختط الْبَصْرَة وأنشأها توفّي سنة17هـ وَقيل مَاتَ سنة 15هـ. انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 6/520، تَارِيخ بَغْدَاد1/155، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات 1/319، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 6/373، العقد الثمين 6/11، سير أَعْلَام النبلاء 1/304. 4 - قَالَ النَّوَوِيّ: الصَّحِيح الَّذِي قَالَه الْأَكْثَرُونَ، وَنَصّ عَلَيْهِ فِي كتاب الرَّهْن وَفِي سير الْوَاقِدِيّ أَنه وَقفهَا على الْمُسلمين. انْظُر: الْمُهَذّب 2/266، حلية الْعلمَاء 7/726، رَوْضَة الطالبين 10/275. 5 - فِي د: (عُثْمَان) . 6 - (اُحْدُ) سَاقِطَة من د. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 فعلى هَذَا لَا يجوز1 أَن يُزَاد على مَا وضع عمر وَلَا ينقص. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ وَقفهَا عمر على الْمُسلمين وَالْخَرَاج الْمَضْرُوب عَلَيْهَا أُجْرَة2 منجمة يؤدونها كل سنة نَص عَلَيْهِ فِي سير الْوَاقِدِيّ3. فَيجوز4 أَن يُزَاد عَلَيْهَا وَينْقص عَنْهَا. فَإِن قُلْنَا إِنَّه كَانَ بيعا فَيجوز لأَهْلهَا بيعهَا ورهنها. وَإِن قُلْنَا5 كَانَ وَقفا لَا يجوز بيعهَا وَلَا هبتها وَلَا رَهنهَا وَإِنَّمَا تنقل من يَد إِلَى يَد وعَلى الْوَجْهَيْنِ يجوز إِجَارَتهَا. فَإِن قيل إِذا جعلتموه بيعا كَيفَ يجوز البيع بِثمن إِلَى آجال غير مَعْلُومَة قُلْنَا قد 6 يجوز للْإِمَام أَن يفعل فِي أَمْوَال الْكفَّار مَالا يجوز فِي أَمْوَال الْمُسلمين لما يرى7 فِيهِ من الْمصلحَة. فَإِن قُلْنَا إِنَّه وقف فَهَل يدْخل 8 الْمنَازل فِي الْوَقْف فِيهِ وَجْهَان9: أَحدهمَا: يدْخل10 جَمِيعهَا فِي الْوَقْف.   1 - فِي أ: (يجوز) . (أُجْرَة) سَاقِطَة من أ. 3 - كتاب لمُحَمد بن عمر بن وَاقد الأسمي، ولد بعد الْعشْرين ومئة. انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء 9/454. 4 - فِي أ: (يجوز) . 5 - (قُلْنَا) سَاقِطَة من د. 6 - (قد) سَاقِطَة من د. 7 - فِي أ: (نرى) وَفِي د ممسوحة. 8 - فِي ظ،: (دَاخل) 9 - نظر: الْمُهَذّب 2/266، حلية الْعلمَاء 7/727. 10 - فِي ظ، أ: (دَاخل) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وَالثَّانِي: لَا يدْخل1 فِيهِ إِلَّا الْمزَارِع، لِأَن دُخُولهَا فِي الْوَقْف يُؤَدِّي إِلَى خرابها فَأَما الثِّمَار الَّتِي فِيهَا فَهَل يجوز لمن هِيَ2 فِي يَده الِانْتِفَاع بهَا فِيهِ وَجْهَان3: أَحدهمَا: لَا بل يَأْخُذهَا الإِمَام4 فيبيعها ويصرفها 5 فِي الْمصَالح. وَالثَّانِي: يجوز لِأَن الْحَاجة تَدْعُو إِلَيْهِ كَمَا فِي الْمُسَاقَاة. وَمَا يُؤْخَذ من هَذِه الْأَرَاضِي 6 فلمصالح الْمُسلمين يجوز صرفهَا إِلَى أهل الْفَيْء وَالصَّدقَات والفقراء والأغنياء على مَا يرَاهُ الإِمَام من الأهم فالأهم. وروى الشّعبِيّ7 فِي قدر الْخراج أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ8   1 - فِي أ: (لم يدْخل) . 2 - فِي ظ: (لمن بَقِي) . 3 - وَصحح النَّوَوِيّ الأول. انْظُر: الْمُهَذّب 2/266، حلية الْعلمَاء 7/727، رَوْضَة الطالبين 10/275. 4 - فِي د: (يَأْخُذهَا الإِمَام للْأَرْض) . 5 - (يصرفهَا) مكررة فِي ظ. 6 - فِي د: (الأَرْض) . 7 - عَامر بن شرَاحِيل بن عبد ذِي كبار الشّعبِيّ الْحِمْيَرِي أَبُو عَمْرو، تَابِعِيّ يضْرب الْمثل بحفظه، ولد فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب، كَانَ علاّمة أهل الْكُوفَة فِي زَمَانه، ولد سنة 19هـ وَتُوفِّي سنة 103هـ وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/65، تقريب التَّهْذِيب 1/387، تَارِيخ بَغْدَاد 12/227، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر 7/141، حلية الْأَوْلِيَاء 4/310، سمط اللآلي 751، سير أَعْلَام النبلاء 4/294، صفة الصفوة 3/75، طَبَقَات ابْن سعد 6/246، طَبَقَات الشِّيرَازِيّ 82، العبر 1/96، اللّبَاب 2/198، النُّجُوم الزاهرة 1/253، وفيات الْأَعْيَان 3/12، الْأَعْلَام 3/251. 8 - (رَضِي الله عَنهُ) سَاقِطَة من د، ظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 بعث عُثْمَان بن حنيف1 فَجعل على كل جريب شعير دِرْهَمَيْنِ، وعَلى جريب الْحِنْطَة2 أَرْبَعَة دَرَاهِم وعَلى جريب الْقصب وَالشَّجر سِتَّة دَرَاهِم، وعَلى جريب الْكَرم ثَمَانِيَة دَرَاهِم وعَلى جريب النّخل عشرَة دَرَاهِم، وعَلى جريب الزَّيْتُون اثْنَي عشر درهما3. وروى أَبُو مجلز 4 أَن عُثْمَان بن حنيف فرض على جريب الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وعَلى جريب النّخل ثَمَانِيَة 5. وَلَو أَرَادَ الإِمَام أَن يقف أَرضًا من الْغَنِيمَة الْيَوْم بِطيبَة أنفس الْغَانِمين أَو بِمَال يرضيهم بِهِ كَمَا فعل عمر رَضِي الله عَنهُ يجوز، وَمن لم يطب بِهِ نفسا فَهُوَ أَحَق بِمَالِه. أما مَا فتحت من أراضيهم صلحا فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:   1 - عُثْمَان بن حُنيف بن واهب الْأنْصَارِيّ، أمه أم سهل بنت نَافِع صَحَابِيّ، لَهُ أَحَادِيث، كَانَ أحد من مسح السوَاد أَيَّام عمر. انْظُر: الِاسْتِيعَاب 3/89، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 6/146 خُلَاصَة تذهيب التَّهْذِيب 3/213، سير أَعْلَام النبلاء 2/320، طَبَقَات خَليفَة 86، 135، المعارف 208. 2 - فِي أ: (وعَلى كل جريب حِنْطَة) . 3 - انْظُر: السّنَن الْكُبْرَى: كتاب السّير - بَاب قدر الْخراج الَّذِي وضع على السوَاد9/136. 4 - أَبُو مجلز لَاحق بن حميد وَيُقَال شعبه بن خَالِد بن كثير بن حُبَيْش السدُوسِي الْبَصْرِيّ الْأَعْوَر روى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَالْحسن بن عَليّ.. وَغَيرهم روى عَنهُ قَتَادَة، وَأنس ابْن سِيرِين ... وَجَمَاعَة، وثقة ابْن سعد وَالْعجلِي وَغَيرهم، مَاتَ سنة 101 هـ وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 11/151. 5 - انْظُر: كتاب الْخراج 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 أَحدهمَا1: أَن يصالحهم على أَن تكون الْأَرَاضِي للْكفَّار وهم يؤدون عَن كل جريب فِي كل سنة كَذَا فَهَذَا جَائِز2 3، والمضروب عَلَيْهِم جِزْيَة بِشَرْط أَن يكون الْمَضْرُوب عَلَيْهِم قدرا يبلغ فِي حق كل حالم دِينَارا 4 فَأكْثر 5 6 وَلَا يُؤْخَذ من أَرَاضِي الصّبيان والنسوان والمجانين لِأَنَّهُ لَا جِزْيَة عَلَيْهِم. وَهل يجب أَن يؤدوا ذَلِك عَن الْموَات؟ نظر: إِن كَانُوا يمنعوننا عَنهُ يجب، وَإِن كَانُوا لَا يمنعوننا عَنهُ فَلَا يجب وَمن أَحْيَاهُ يملكهُ. وَلَو أَنهم أحيوا مِنْهُ شَيْئا بعد الصُّلْح لَا يجب عَلَيْهِم أَن يؤدوا مِنْهُ إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِم أَن يؤدوا 7 عَمَّا يحيوا 8 فَيجب. وَإِذا 9 أَسْلمُوا يسْقط عَنْهُم ذَلِك10 بِالْإِسْلَامِ. وَيجوز لَهُم بيع تِلْكَ 11 الْأَرَاضِي ورهنها لِأَنَّهَا ملكهم. وَلَو اشْترى مُسلم أَرضًا من تِلْكَ الْأَرَاضِي فَلَا خراج عَلَيْهِ ومصرف ذَلِك   1 - فِي ظ: (أحديهما) . 2 - فِي د: (فِي كل سنة فَهُوَ جَائِز كَذَا) . 3 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1191. 4 - فِي ظ: (دِينَار) . 5 - (فَأكْثر) سَاقِطَة من د، أ 6 - أقل الْجِزْيَة دِينَار لكل سنة. انْظُر: رَوْضَة الطالبين 10/312. 7 - (مِنْهُ إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِم أَن يؤدوا) سَاقِطَة من أ. 8 - فِي د: (أحيوا) . 9 - فِي د: (فَإِن) . 10 - فِي أ: (أسقط ذَلِك عَنْهُم) . 11 - فِي ظ: (بِكُل) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 المَال مصرف الْفَيْء لَا حق فِيهِ لأهل الصَّدقَات1. الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: أَن يصالحهم على أَن تكون الْأَرَاضِي للْمُسلمين وهم يسكنونها ويؤدون كل سنة عَن كل جريب كَذَا فَهَذَا2 جَائِز وَيكون إِجَارَة وَالْمَال الْمَضْرُوب عَلَيْهِم أُجْرَة الأَرْض، وَيجب عَلَيْهِم مَعَ تِلْكَ الْأُجْرَة الْجِزْيَة وَتجوز تِلْكَ الْأُجْرَة، قلت أَو كثرت، وَلَا يشْتَرط أَن يبلغ فِي حق كل حالم دِينَارا، وَيُؤْخَذ من أَرَاضِي الصّبيان والنسوان والمجانين وَيُؤْخَذ من الْموَات إِن3 كَانُوا يمنعوننا عَنهُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا تسْقط تِلْكَ الْأُجْرَة عَنْهُم بِإِسْلَامِهِمْ4 5، وَإِذا وكلوا مُسلما بإعطائه يجوز. وَفِي الصُّورَة الأولى هُوَ كالتوكيل بِإِعْطَاء الْجِزْيَة، ومصرفه أَيْضا مصرف الْفَيْء وَلَا يجوز لَهُم بيعهَا وَلَا رَهنهَا لأَنهم لَا يملكونها. وَلَو اسْتَأْجر مُسلم أَرضًا من هَذِه الْأَرَاضِي يجوز فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا لِأَن الرَّقَبَة إِن كَانَت لَهُم فَيجوز لَهُم إِجَارَتهَا وَإِن كَانَت للْمُسلمين فهم مكترون وَيجوز6 الاكتراء7 من الْمُكْتَرِي. وَالله أعلم 8.   (فَلَا خراج عَلَيْهِ ومصرف ذَلِك المَال مصرف الْفَيْء لَا حق فِيهِ لأهل الصَّدقَات) سَاقِطَة من أ. 2 - فِي د: (فَهُوَ) . 3 - فِي أ: (وَإِن) . 4 - فِي أ، د: (بالاسلام) . 5 - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي 1191. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351