الكتاب: خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى المؤلف: علي بن عبد الله بن أحمد الحسني السمهودي (المتوفى: 911هـ) دراسة وتحقيق: د/ محمد الأمين محمد محمود أحمد الجكيني طبع على نفقة السيد: حبيب محمود أحمد، وجعله وقفا لله تعالى عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى السمهودي الكتاب: خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى المؤلف: علي بن عبد الله بن أحمد الحسني السمهودي (المتوفى: 911هـ) دراسة وتحقيق: د/ محمد الأمين محمد محمود أحمد الجكيني طبع على نفقة السيد: حبيب محمود أحمد، وجعله وقفا لله تعالى عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بسم الله الرحمن الرحيم الباب الأوّل في فضلها ومتعلقاتها وفيه عشرة فصول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 " الفصل الأوّل في أسمائها " هي كثيرة وقد ذكرتها مرتبة على حروف المعجم الأوّل فالأوّل مستقصاة لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى وزدت على شيخ مشايخنا المجد اللغوي أسماء مميزة برقم ز فبلغت خمسة وتسعين اسما " أثرب " بالفتح وإسكان المثلثة وكسر الراء ثم وحدة لغة في يثرب اسم من سكنها أولا سميت به أرض المدينة كلها عند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 أبي عبيدة أو هي فقط عند أبن عباس أو ناحية منها لقول محمد بن الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 المعروف بابن زبالة أحد أصحاب مالك وكانت يثرب أم قرى المدينة وهي ما بين طرف قناة إلى طرف الحرف أي من المشرق إلى المغرب وما بين المال الذي يقال له البرقي إلى زبالة أي من الشام إلى القبلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 زاد المطري في النقل عنه وكان بها ثلاثمائة صائغ من يهود وذلك إنما ذكره أبن زبالة في زهره والجهة التي سماها بيثرب مشهورة اليوم بهذا الاسم شاميّ المدينة بها نخل غربي مشهد سيدنا حمزة وشرقي الموضع المعروف بالبركة مصرف عين الأزرق وربما قالوا فيها أثارب وبه عبر البرهان بن فرحون في منسكه قال المطري وكانت منازل بني حارثة وفيهم نزل قوله تعالى في يوم الأحزاب وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب الآية فيترحح به القول الثالث وذلك إنّ قريشا ومن معهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 نزلوا يوم الأحزاب ويوم أحد برومة وما والاها قرب منازل بني حارثة من الأوس وبني سلمة من الخزرج وكان الفريقان معه صلى الله عليه وسلم ولذلك خافوا على دراريهم وديارهم يوم أحد فنزل فيهما إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 قال عقلاؤهم ما كرهنا نزولها لتولى الله إيانا أهم وفيه نظر سنبينه وقيل القائل لبني حارثة يا أهل يثرب لا مقام لكم أوس بن قيظي ومن معه نعم يرجح الثالث قول عمر بن شبة النميري قال أبو غسان وكان بالمدينة في الجاهلية سوق بزبالة في الناحية التي تدعى يثرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 " قلت " وإطلاقه على المدينة مع ذلك صحيح ثابت أمّا وضع لها أو من إطلاق اسم البعض على الكل والمشتهر من باب عكسه وروى أبن شبة نهيه صلى الله عليه وسلم عن تسمية المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وما في الآية السابقة حكاية عن المنافقين ولذا قال عيسى بن دينار المالكي من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة وكرهه بعضهم أمّا لأنه من الثرب محركا وهو الفساد أو من التثريب وهو المؤاخذة بالذنب والتوبيخ عليه أو لكونه اسم كافر لكن في الصحيحين في حديث الهجرة فإذا هي المدينة يثرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وفي رواية لا أراها إلا يثرب وقد يجاب بأنه قبل النهي. " أرض الله " لقوله تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) قال جماعة المراد المدينة أرض الهجرة لحديث فيه. " أكالة البلدان ". " أكالة القرى " لحديث أمرت بقرية تأكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 القرى أي لغلبتها الجميع فضلا وتسلطها وافتتاحها بأيدي أهلها فغنموها وأكلوها ز " الإيمان " لقوله تعالى في الأنصار (والذين تبوّءا الدار والإيمان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 قال عثمان بن عبد الرحمن وعبد الله بن جعفر سمى الله المدينة لدار والإيمان أي لأنها مظهر الإيمان ومصيره وعن أنس بن مالك أنّ ملك الإيمان قال أنا أسكن المدينة فقال ملك الحياء وأنا معك. " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 البارّة " بالتشديد أيضا لكثرة برها لأهلها خصوصا ولجميع العالم عموما إذ بها منبع الفيض والبركات " البحرة " بالفتح وسكون المهملة " البحيرة " تصغير ما قبله. " البحيرة " بالفتح ثم الكسر نقلت ثلاثتها عن منتخب كراع والاستبحار السعة لأنها من المتسع من الأرض وقول سعد لقد اصطلح أهل هذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 البحيرة بالتصغير في رواية الصحيح يعني المدينة قال عياض ويروى بالفتح على غير التصغير ويقال البحر أيضا بغير ياء ساكن الحاء وأصله القرى وكل قرية بحرة اه. " البلاط " جاء عن أبن خالويه لكثرته بها واشتمالها على موضع يعرف به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 " البلد " قال الله تعالى (لا أقسم بهذا البلد) قبل المدينة وقيل مكة والبلد لغة الصدر والقرية. " بيت الرسول صلى الله عليه وسلم " قال الله تعالى (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) أي المدينة لاختصاصها به اختصاص البيت بساكنه وقيل من بيته بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 " تندد " بالمثناة الفوقية والنون وإهمال الدالين كجعفر. " تندر " براء بدل الدال الأخيرة كما سيأتي في يندر بالمثناة التحتية " الجابرة " كما في حديث للمدينة عشرة أسماء لجبرها الكثير وإغنائها الفقير وتجبر على الإذعان لمطالعة بركاتها وجبرت البلاد على الإسلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 " جبار " كحذام رواه أبن شبة بدل الجابرة في حديثه ز " الجبارة " نقل عن التوراة. " جزيرة العرب " لقول بعضهم إنها المراد بحديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم التفت إلى المدينة وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 إنّ الله برأ هذه الجزيرة من الشرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 " الحبيبة " لحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعائه به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 " الحرم " لتحريمها وفي الحديث المدينة حرم وفي رواية حرم آمن. " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأنه الذي حرمها وفي الحديث من أخاف أهل حرمي أخافه الله وفي آخر حرم إبراهيم مكة وحرمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 المدينة رواه الطبرانيّ برجال وثقوا. " حسنة " قال تعالى (لنبوّأنهم في الدنيا حسنة) أي مباءة حسنة وهي المدينة وقيل هو اسمها لاستمالها على الحسن الحسي والمعنوي " الخيرة " بالتشديد " الخيرة " بالتخفيف تقول امرأة خيرة وخيرة بمعنى كثيرة الخير وإذا أردت التفضيل قلت خير الناس وفي الحديث المدينة خير لهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 " الدار " كما سبق في الإيمان لأمنها والاستقرار بها وجمعها البناء والعرصة. " دار الأبرار دار الأخيار " لأنها دار المختار والمهاجرين والأنصار وتنفي شرارها ومن أقام بها منهم فليست له في الحقيقة بدار وربما نقل منها بعد الإقبار. " دار الإيمان " كما في حديث المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وحديث الإيمان يأزر إلى المدينة. " دار السنة دار السلام دار الفتح " ففي الصحيح قول عبد الرحمن بن عوف فإنها دار الهجرة والسنة ورواية الكشميهني والسلامة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وقد فتحت منها سائر الأمصار وإليها هجرة المختار ومنها انتشرت السنة في الأقطار. " الدرع الحصينة " لحديث أحمد برجال الصحيح رأيت كأني في درع حصينة وفيه فأولت الدرع الحصينة المدينة. " ذات الحجر " لاشتمالها عليها. " ذات الحرار " لكثرتها بها. " ذات النخل " لوصفها بذلك وبما قبله في خبر خنافر مع رئيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وفي سجع عمران فليلتحق بيثرب ذات النخل وفي الحديث أريت دار هجرتي ذات نخل وحرة " السلفة " نقله الاقشهري عن التوراة وهو محتمل لفتح اللام وكسرها وسكونها إذا السلق بالتحريك القاع الصفصف والمسلاق البليغ وربما قبل للمرأة السليطة سلقة بالكسر وسلقت البيض سلقا أغليته بالنار فسميت به لاتساعها وتباعد جبالها أو لتسلطها على البلاد فنحا أول لأوائها وشدّة حرها وما كان بها من الحمى. " سيدة البلدان " لما اسنده الديلي من المعرفة لأبي نعيم عن أبن عمر مرفوعا يا طيبة يا سيدة البلدان قاله للمدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 " الشافية " لحديث ترابها شفاء من كل داء ولما صح من الاستشفاء بثمارها وذكر ابن مسدي الاستشفاء بتعليق أسمائها على المحموم وسيأتي إنها تنفي الذنوب فتشفي من دائها " طابة " كشامة " طيبة " كهيبة " طيبة " كصيبة ز " طائب " ككاتب والأربعة مع " المطيبة " أخوات لفظا ومعنى مختلفات صيغة ومبنى وصح حديث إنّ الله سمى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 المدينة طابة وفي حديث كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة وفي حديث للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطيبة وطابة وروى طائب بدل طيبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وعن وهب بن منبه والله إن أسماءها في كتاب الله يعني التوراة طيبة وطابة ونقل عنها أيضا طائب والطيبة وكذا المطيبة وذلك لطيب رائحتها وأمورها كلها واطهارتها من الشرك وموافقتها وحلول الطيب بها صلى الله عليه وسلم ولكونها تنفي خبثها وتنصع طيبها وقال الإشبيلي لتربة المدينة نفحة ليس كما أعهد من الطيب بل هو أعجب من الأعاجيب ز " ظبابا " ذكره ياقوت وهو بكسر المهملة بمعنى القطعة المستطيلة من الأرض أو فتح المعجمة من ظب وظبظب إذا حمّ لما كان بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 من الحمى " العاصمة " لعصمتها للمهاجرين من المشركين ولأنها الدرع الحصينة أو هو بمعنى المعصومة فلا يدخلنها الدجال ولا الطاعون ومن أرادها بسوء أذابه الله " العذراء " بالمهملة ثم المعجمة نقل عن التوراة لصعوبتها وامتناعها على الأعداء حتى تسلمها مالكها الحقيقي صلى الله عليه وسلم ز " العرّاء " بمهملتين كالعذراء لعدم ارتفاع أبنيتها في السماء يقال جارية عذراء وعراء تشبيها بالناقة العرّاء التي لا سنام لها أو صغر سنامها كصغر نهد العذراء أو عدمه " العروض " كصبور لانخفاض مواضع منها ومسايل أودية فيها أو لأنها من نجد ونجد كلها على خط مستقيم طولاني والمدينة معترضة عنها ناحية " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الغرّاء " بالمعجمة تأنيث الأغر ذي الغرة وهي بياض في مقدم الوجه وخيار الشيء ووجه الإنسان والأغر الأبيض والذي أخذت اللحية وجهه إلا القليل والرجل الكريم واليوم الشديد الحرّ والغرّاء نبت طيب الرائحة والسيدة الكبيرة وقد سادت المدينة على القرى وطاب ريحها في الورى وكرم أهلها وكثر غرسها وأبيض نورها وسطع نورها ز " غلبة " محركه بمعنى الغلب لظهورها على البلاد وكانت في الجاهلية تدعى غلبة نزلت يهود بها على العماليق فغلبتهم عليها ونزلت الأوس والخزرج على يهود فغلبوهم عليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 ز" الفاضحة " بالفاء ومعجمه ثم مهملة نقل عن كراع إذ لا يضمر بها أحد عقيدة فاسدة أو غيرها إلا أظهر ما أضمره وافتضح به وهو أحد معاني تنفى خبثها ز " القاصمة " بقاف ثم مهملة نقل عن التوراة لقصمها كل جبار عناها ومتمرد أتاها ومن أرادها بسوء إذا به الله ز " قبة الإسلام " لحديث المدينة قبة الإسلام ز " القرية " لحديث إنّ الله قد طهر هذه القرية من الشرك إن لم تضلهم النجوم " قرية الأنصار " جمع ناصر الأوس والخزرج سماهم الله ورسوله به لإيوائهم ونصرهم قال الله تعالى (والذين آووا ونصروا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وقيل لأنس بن مالك أرأيتم اسم الأنصار أكنتم تسمون به أم سماكم الله قالوا بل سمانا الله به والقرية بفتح القاف وكسرها ما تجمع جماعة كثيرة من الناس من قرية الماء في الحوض إذا جمعته وقيل المصر الجامع ز " قرية رسول الله صلى الله عليه وسلم " لحديث الطبراني وغيره برجال ثقلت ثم يسير يعني الدجال حتى يأتي المدينة ولا يؤذن له فيها فيقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 هذه قرية ذاك الرجل ز " قلب الإيمان " أورده أبن الجوزي في حديث المدينة قبة الإسلام ز " المؤمنة " لتصديقها بالله حقيقة لخلقه قابلية ذلك فيها كما في تسبيح الحصى أو مجاز الاتصاف أهلها به وانتشاره منها واشتمالها على أوصاف المؤمن أو لإدخالها أهلها في الأمن من الأعداء والطاعون والدجال وفي خبر والذي نفسي بيده أن تربتها المؤمنة وفي آخر إنها المكتوبة في التوراة مؤمنة ز " المباركة " لأنّ الله تعالى بارك فيها بدعائه صلى الله عليه وسلم لها وحلوله فيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 ز " مبوّأ الحلال والحرام " رواه الطبراني في حديث المدينة قبة الإسلام والتبوء التمكن والاستقرار لأنها محل تمكن هذين الحكمين واستقرارهما ز " مبين الحلال والحرام " رواه أبن الجوزي وغيره بدل الذي قلبه في الحديث المتقدّم لأنها محل بيانهما " المجبورة " بالجيم ذكر في حديث للمدينة عشرة أسماء ونقل عن الكتب المتقدّمة لجبرها بخلاصة الوجود حيا وميتا وبحثه على سكناها وبنقل حماها وتكرر دعائه لها " المحبة " بالضم والمهملة وتشديد الموحدة نقل عن الكتب المتقدمة " المحببة " بزيادة موحدة على ما قبله " المحبوبة " نقل عن الكتب المتقدمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أيضا وهذه الثلاثة مع الحبيبة من مادّة واحدة وحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعاؤه به معلوم وحبه تابع لحب ربه ز " المحبورة " من الحبر وهو السرور أو من الحبرة بمعنى النعمة أو المبالغة فيما وصف بجميل والمحبار من الأرض الشريعة النبات الكثيرة الخيرات ز " المحرمة " لتحريمها ز " المحروسة " لحديث المدينة مشتبكة بالملائكة على كل نقب ملك يحرسها رواه الجنيدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 ز " المحفوفة " حفت بالبركات وملائكة السماوات وفي خبر سيأتي المدينة ومكة محفوفان بالملائكة ز " المحفوظة " لحفظها عن الطاعون والدجال وغيرهما وفي خبر القرى المحفوظة أربع وذكر المدينة منها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ز " المختارة " لأنّ الله تعالى اختارها للمختار من خلقه ز " مدخل صدق " قال الله تعالى (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) الآية فمدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة وسلطانا نصيرا الأنصار كما روى عن زيد بن أسلم " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 المدينة " لتكرّره في القرآن ونقل عن التوراة من مدن بالمكان أقام به أو من دان إذا أطاع إذ يطاع السلطان بالمدينة لسكناه بها وهي أبيات كثيرة تجاوز حد القرى ولم تبلع حدّ الأمصار وقيل يقال لكل مصر ويطلق على أماكن كثيرة ومع ذلك فهو علم للمدينة النبوية بحيث إذا أطلق لا يتناول غيرها ولا يستعمل فيها إلا معرفة والنكرة أسم لكل مدينة ونسبوا للكل مديني وللمدينة النبوية مدني للفرق " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " لقوله في حديث للطبراني ومن أحدث في مدينتي هذه حدثا أو آوى محدثا الحديث فأضافها إليه لسكناه بها وله ولخلفائه دانت الأمم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 " المرحومة " نقل عن التوراة لأنها رحمت بالمبعوث رحمة وبها تتنزل الرحمات ز " المرزوقة " كما سبق أو المرزوق أهلها ولا يخرج أحد منها رغبة إلا أبدلها الله خيرا منه ز " مسجد الأقصى " نقله التادلي عن صاحب المطالع ولعله لكونه آخر مساجد الأنبياء " المسكينة " نقل عن التوراة وذكر في حديث للمدينة عشرة أسماء وروى مرفوعا أنّ الله قال للمدينة يا طيبة يا طابة يا مسكينة لا تقبلي الكنوز أرفع أحاجيرك على أحاجير السطوح والمسكنة الخضوع والخشوع خلقه الله فيها أو هي مسكن الخاشعين الخاضعين ز " المسلمة " كالمؤمنة لخلق الله فيها الانقياد والانقطاع له أو لانقياد أهلها وفتحها بالقرآن ز " مضجع رسول الله " صلى الله عليه وسلم لقوله في الحديث الآتي المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض " المطيبة " ز " كالمرجبة " تقدّم في طائب ز " المقدسة " لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب ز " المقرّ " القاف كالممر ذكره بعضهم ز " المكّان " قال سعد بن أبي سرح في حصار عثمان رضى الله عنه " وأنصارنا بالمكتين قليل " وقال نصر بن حجاج بعد نفيه من المدينة حديث للمدينة عشرة أسماء وروى مرفوعا أنّ الله قال للمدينة يا طيبة يا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 طابة يا مسكينة لا تقبلي الكنوز أرفع أحاجيرك على أحاجير السطوح والمسكنة الخضوع والخشوع خلقه الله فيها أو هي مسكن الخاشعين الخاضعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 ز " المسلمة " كالمؤمنة لخلق الله فيها الانقياد والانقطاع له أو لانقياد أهلها وفتحها بالقرآن ز " مضجع رسول الله " صلى الله عليه وسلم لقوله في الحديث الآتي المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض " المطيبة " ز " كالمرجبة " تقدّم في طائب ز " المقدسة " لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب ز " المقرّ " القاف كالممر ذكره بعضهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 ز " المكّان " قال سعد بن أبي سرح في حصار عثمان رضى الله عنه " وأنصارنا بالمكتين قليل " وقال نصر بن حجاج بعد نفيه من المدينة فأصبحت منفيا على غير ريبة ... وقد كان لي بالمكتين مقام فالظاهر إرادة المدينة فقط لانضمام المهاجرين إلى الأنصار بها أو أنه من قبيل التغليب والمراد مكة والمدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ز " المكينة " لتمكنها في المكانة والمنزلة ز " مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقوله المدينة مهاجري " الموفية " بتشديد الفاء وتخفيفها لتوفيتها حق الوافدين حسا ومعنى وأهلها الموفون بالعهد ز " الناجية " بالجيم لنجاتها من العتاة والطاغون والدجال أو لإسراعها في الخيرات فحازت أشرف المخلوقات أو لارتفاع شأنها ز " نبلاء " فتمل عن كراء وكأنه من النبل وهو الفضل والنجابة ز " النحر " من نحر الظهيرة لشدة حرها أو لإطلاقه على الأصل وهي أصل بلاد الإسلام ز " الهزراء " ذكره أبن النجار بدل العذراء نقلا عن التوراة فإن كانت الذال معجمة وهي الرواية فذلك لشدة حرها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 يقال هاذر شديد الحر أو لكثرة مياهها وأصوات سوانيها يقال هذر إذا كثروا إن كانت مهملة فهو من هذر الحمام إذا صوت والماء أنصب وأرض هادرة كثيرة النبات " يثرب " تقدم في أثرب والتي في قول الشاعر مواعيد عرقوب أخاه بيثرب وقيل يثرب المدينة وعرقوب من قدماء يهودها أو من الأوس وقيل بمثناة فوقية بدل المثلثة وراء مفتوحة قرية باليمامة أو بلاد بني سعد من تميم وعرقوب منهم أو عماليق اليمامة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 ز " يندد " ذكره كراع من الندا أطيب المعروف أو الند للتل المرتفع أو من الناد وهو الرزق " يندر " كحيدر براء بدل الدال الثانية مما قبله كذا في حديث للمدينة عشرة أسماء في بعض الكتب وفي بعضها بمثناة فوقية ودالين وفي بعضها بفوقية ودال وراء وصوب المجد يندد فقط بالتحية ودالين وفيه نظروا الحديث رواه أبن الزبالة كذلك إلا أنه سردها تسعة ورواه أبن شبة وسردها ثمانية فحذف منها الدار ثم روى عن أبن جعفر تسميتها بالدار والإيمان ثم قال فالله أعلم أهما تمام العشرة أم لا اه وعن الدراوردي بلغني أن للمدينة في التوراة أربعين اسما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 " الفصل الثاني في تفضيلها على البلاد " نقل عياض وقبله أبو الوليد الناجي وغيرهما الإجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة حتى على الكعبة كما قاله أبن عساكر في تحفته وغيره بل نقل التاج السبكي عن أبن عقيل الحنبلي إنها أفضل من العرش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وصرح التاج الفاكهي بتفضيلها على السماوات قال بل الظاهر المتعين تفضيل جميع الأرض على السماء لحلوله صلى الله عليه وسلم بها وحكاه بعضهم عن الأكثرين لخلق الأنبياء منها ودفنهم بها لكن قال النووي أن الجمهور على تفضيل السماء على الأرض أي ما عدا ما ضم الأعضاء الشريفة وأجمعوا بعد ذلك على تفضيل مكة والمدينة على سائر البلاد واختلفوا فيها فذهب عمر بن الخطاب وبعض الصحابة وأكثر المدنيين كما مال عياض إلى تفضيل المدينة وهو مذهب مالك وأحد الروايتين عن أحمد والخلاف فيما عدا الكعبة فهي أفضل من بقية المدينة اتفاقا وقال أبن عبد السلام معنى التفضيل بين مكة والمدينة أن ثواب العمل في إحداهما أكثر من ثواب العمل في الأخرى وكذا التفضيل في الأزمان وموضع القبر الشريف لا يمكن العمل فيه فيشكل قول عياض إنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 أفضل إجماعا وأجاب بعضهم بأن التفضيل في ذلك للمجاورة ولذا حرم على المحدث مس جلد المصحف لا لكثرة الثواب وإلا فلا يكون جلد المصحف بل ولا المصحف أفضل من غيره لتعذر العمل فيه وقال التقى السبكي قد يكون التفضيل بكثرة الثواب وقد يكون لأمر آخرون لم يكن عمل فأن القبر الشريف ينزل عليه من الرحمة والرضوان والملائكة وله عند الله من المحبة ولساكنه ما تقصر العقول عنه فكيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 لا يكون أفضل الأمكنة وأيضا فباعتبار حياته صلى الله عليه وسلم به وأن أعماله مضاعفة أكثر من كل أحد " قلت " والرحمات النازلات بذلك المحل يعم فيضها الأمّة وهي غير متناهية لدوام ترقياته صلى الله عليه وسلم فهو منبع الخيرات والكعبة عند من منع الصلاة فيها لا يصح القول بتفضيل المسجد حولها عليها لأنه محل العمل جزما وأيضا فسيأتي أن المجيء المذكور في قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك) الآية حاصل بالمجيء إلى قبره الشريف وكذا زيارته صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وسؤال الشفاعة منه والتوسل به إلى الله تعالى والمجاورة عنده من أفضل القربات وعنده تجاب الدعوات فكيف لا يكون أفضل وهو السبب في هذه الخيرات وأيضا فهو من أعلى رياض الجنة وفي الحديث لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وفي حديث مستدرك الحاكم وقال صحيح وله شواهد صحيحة عن أبي سعيد قال مرّ النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 قبر من هذا فقالوا فلان الحبشي يا رسول الله فقال لا اله إلا الله سبق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها ولابن الجوزي في الوفاء عن كعب الأحبار لما أراد الله عز وجلّ أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل فاتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبره صلى الله عليه وسلم فعجنت بماء التسنيم ثم غمست في أنهار الجنة وطيف بها في السماوات والأرض فعرفت الملائكة محمد وفضله قبل أن تعرف آدم عليه السلام وقال الحكيم الترمذيّ في حديث إذا قضى لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة إنما صار أجله هناك لأنه خلق من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 تلك البقعة وقد قال تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم وإنما المرء من حيث بدئ منه وعن الجريري قال سمعت أبن سيرين يقول لو حلفت حلفت صادقا بارا غير شاك ولا مستثن إنّ الله تعالى ما خلق نبيه صلى الله عليه وسلم ولا أبا بمر ولا عمر إلا من طينة واحدة ثم ردّهم إلى تلك الطينة وجاء أن عزرائيل عليه السلام لما قبض القبضة من الأرض وطئ إبليس الأرض بقدميه وصار بعضها بينهما فمن التربة التي لم يصل إليها قدمه الأنبياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 والأولياء وكانت درة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك البقعة موضع تطر الله كما في العوارف وعن أبن عباس رضى الله عنهما أصل طينته صلى الله عليه وسلم من سرّة الأرض بمكة يعني الكعبة وقيل لما خاطب الله السماوات والأرض بقوله (ائتيا طوعا أو كرها) الآية أجاب من الأرض موضع الكعبة ومن السماء ما يحاذيها فالمجيب من الأرض درته صلى الله عليه وسلم ومن الكعبة دحيت الأرض ولم يكن مدفنه صلى الله عليه وسلم بها لأنه لما تموج الماء مرمى الزبد إلى النواحي فوقعت جوهرته صلى الله عليه وسلم إلى ما يحاذي تربته بالمدينة واستقرّت بها كما قاله بعض المحققين فاستحق هذا المحل الشرف باستقرار ذلك فيه كما أن السبب في تفضيل الكعبة وجوده بها أوّلا ولابن الجوزي في الوفاء عن عائشة رضى الله عنها قالت لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختار وافى دفنه فقال عليّ رضى الله عنه إنه ليس في الأرض بقعة أكرم على الله من بقعة قبض فيها نفس نبيه صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 قلت فهذا أصل الإجماع على تفضيله لرجوع الباقين إليه ولقول أبي بكر رضى الله عنه حينئذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقبض النبي إلا في أحب الأمكنة إليه رواه أبو يعلى قلت وأحبها إليه أحبها إلى ربه لأنّ حبه تابع لحب ربه وما كان أحب إلى الله ورسوله كيف لا يكون أفضل وقد سلكت في تفضيل المدينة هذا المسلك فقد صح قوله صلى الله عليه وسلم اللهمّ حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 أشدّ أي بل أشدّ كما روى به وأجيبت الدعوة حتى كان يحرّك دابته إذا رآها من حبها وقال ما على الأرض بقعة أحب إليّ من أن يكون قبري بها منها كما سيأتي مع أن الحاكم روى في مستدركه على الصحيحين حديث اللهمّ إنك أخرجتني من أحب البقاع إليّ فأسكني في أحب البقاع إليك أي في موضع تصيره كذلك فيجتمع فيه الحبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 والحب من الله تعالى إنالة الخير والتعظيم للمحبوب فيتجدد بعد أن لم يكن قيل قد ضعفه أبن عبد البر ولو سلمت صحته فالمراد أحب إليك بعد مكة لحديث إن مكة خير بلاد الله وفي رواية أحب بلاد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 إلى الله ولزيادة المضاعفة بمسجد مكة قلت ما ذكر لا يقتضي صرفه عن ظاهره إذ القصد به الدعاء لدار هجرته بأن يصيرها الله كذلك وفيما قدّمنا غنية عن صحته وحديث إنّ مكة محمول على بدء الأمر قبل ثبوت الفضل للمدينة وإظهار الدين وافتتاح البلاد منها حتى مكة فقد أنالها الله وأنال بها ما لم يكن لغيرها من البلاد فظهر إجابة الدعوة وصيرورتها أحب مطلقا بعد ولهذا افترض الله على حبيبه صلى الله عليه وسلم الإقامة بها وحث هو على الاقتداء به في سكناها والموت بها فكيف لا تكون أفضل وقوله في بعض طرق حديث إن مكة خير بلاد الله إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قاله وهو على راحلته بالحزورة وهو المعروف اليوم بعزورة وقد كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 صلى الله عليه وسلم في سفر الهجرة مستخفيا لا يقتضي تأخر هذا القول عن سفر الهجرة لأنّ خروجه صلى الله عليه وسلم للغار كان ليلا بعد أن ذر التراب على رؤوس من كان يرصده وقرأ أوائل يس يستتر بها فلم يروه وفي رواية لأبن حبان فركبا يعني هو وأبو بكر حتى أتيا الغار وهو غار ثور فتواريا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 فيه وأما مزيد المضاعفة فأسباب التفضيل لا تنحصر في ذلك فالصلوات الخمس بمنى للمتوجه لعرفة أفضل منها بمسجد مكة وإن انتفت عنها المضاعفة إذ في الاتباع ما يربو عليها ومذهبنا شمول المضاعفة النقل مع تفضيله بالمنزل ولذا قال عمر رضى الله عنه بمزيد المضاعفة بمسجد مكة مع قوله بتفضيل المدينة ولم يصب من أخذ من قوله بمزيد المضاعفة تفضيل مكة إذ غايته أن للمفضول مزية ليست للفاضل مع أن دعاءه صلى الله عليه وسلم بمزيد تضعيف البركة بالمدينة على مكة كما سيأتي شامل للأمور الدينية أيضا وقد يبارك في العدد القليل فيربو نفعه على الكثير ولهذا استدل به على تفضيل المدينة وإن أريد من حديث المضاعفة الكعبة فقط فالجواب أن الكلام فيما عداها فلا يرد شيء مما جاء في فضلها ولا ما بمكة من مواضع الشكر لتعلقه بها ولهذا قال عمر لعبد الله المخزومي أنت القائل لمكة خير من المدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 فقال عبد الله هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر لا أقول في حرم الله وبيته شيئاً ثم كرّر عمر قوله الأوّل فأعاد جوابه فأعاد له عمر لا أقول في حرم الله وبيته شيئاً فأشير على عبد الله فأنصرف وقد عوضت المدينة عن العمرة ما صح في إتيان مسجد قباء وعن الحج ما جاء مما سيأتي في فضل الزيارة والمسجد والإقامة بعد النبوّة بالمدينة وإن كانت أقل من مكة على القول به فقد كانت سببا لإعزاز الدين وإظهاره ونزول أكثر الفرائض وإكمال الدين حتى كثر تردّد جبريل عليه السلام بها ثم استقرّ بها صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ولهذا قيل لمالك أيما أحب إليك المقام هنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 يعني المدينة أو بمكة فقال ههنا وكيف لا أختار المدينة وما بها طريق إلا سلك عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام ينزل من عند رب العالمين في أقل من ساعة وقد ثبت بالأحاديث الآتية تفضيل الموت بالمدينة فيثبت تفضيل سكناها لأنه طريقه وروى الطبراني وغيره حديث المدينة خير من مكة وفي رواية للجنيدي أفضل من مكة وفيه محمد بن عبد الرحمن الرداد ذكره أبن حيان في الثقات وقال كان يخطئ وقال أبو زرعة لين وقال أبن عدي روايته ليست محفوظة وقال أبن حاتم ليس بقوي ومن تأمّل ما سلف مع ما سيأتي في فضائلها وخصائصها استغنى عنه وأنشرح صدرا بتفضيلها وفي الصحيحين أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد أي أمرني الله بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة أو بسكناها إن كان قاله بالمدينة وقال القاضي عبد الوهاب لا معنى لقوله تأكل القرى الأرجح فضلها عليها وزيادتها على غيرها وقال أبن المنير يحتمل أن يكون المراد بذلك غلبة فضلها على فضل غيرها أي أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكون عدما وهذا أبلغ من تسمية مكة أم القرى لأنّ الأمومة لا ينمحي معها ما هي له أمّ لكن يكون لها حق الأمومة قلت وجعله احتمالا لأنه كنى بالأكل عن الغلبة لأنّ الآكل غالب على المأكول فيحتمل أن يكون المراد غلبتها في الفضل أو غلبة أهلها على القرى قلت والأقرب حمله عليها إذ هو أبلغ في الغرض المسوق له ذلك وفي صحيح مسلم حديث يأتي على الناس زمان يدعو الرجل أبن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه وفيه إشعار بذم الخروج منها مطلقا وهو عامّ أبدا كما نقله المحب الطبري عن قوم وقال إنه ظاهر اللفظ وفي حديث الصحيحين إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي تنقبض وتنضم وتلجأ مع أنها أصل انتشاره فكل مؤمن من نفسه شائق إليها في جميع الأزمان لحبه في ساكنها صلى الله عليه وسلم وللجنيدي حديث يوشك الإيمان أن يأرز إلى المدينة أي يرجع إليها أخيرا كما أبتدأ منها ولذا روى لا تقوم الساعة حتى يحاز الإيمان إلى المدينة كما يجوز السيل الدمن وفي رواية ستأتي في الفصل التاسع ليعودنَ هذا الأمر إلى المدينة كما بدئ منها حتى لا يكون إيمان إلا بها ولأبى يعلى عن العباس رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فالتفت إليها وقال إنّ الله برأ هذه الجزيرة من الشرك في رواية إنّ الله قد طهر هذه القرية من الشرك إن لم تضلهم النجوموى الطبراني وغيره حديث المدينة خير من مكة وفي رواية للجنيدي أفضل من مكة وفيه محمد بن عبد الرحمن الرداد ذكره أبن حيان في الثقات وقال كان يخطئ وقال أبو زرعة لين وقال أبن عدي روايته ليست محفوظة وقال أبن حاتم ليس بقوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ومن تأمّل ما سلف مع ما سيأتي في فضائلها وخصائصها استغنى عنه وأنشرح صدرا بتفضيلها وفي الصحيحين أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد أي أمرني الله بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة أو بسكناها إن كان قاله بالمدينة وقال القاضي عبد الوهاب لا معنى لقوله تأكل القرى الأرجح فضلها عليها وزيادتها على غيرها وقال أبن المنير يحتمل أن يكون المراد بذلك غلبة فضلها على فضل غيرها أي أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكون عدما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وهذا أبلغ من تسمية مكة أم القرى لأنّ الأمومة لا ينمحي معها ما هي له أمّ لكن يكون لها حق الأمومة قلت وجعله احتمالا لأنه كنى بالأكل عن الغلبة لأنّ الآكل غالب على المأكول فيحتمل أن يكون المراد غلبتها في الفضل أو غلبة أهلها على القرى قلت والأقرب حمله عليها إذ هو أبلغ في الغرض المسوق له ذلك وفي صحيح مسلم حديث يأتي على الناس زمان يدعو الرجل أبن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه وفيه إشعار بذم الخروج منها مطلقا وهو عامّ أبدا كما نقله المحب الطبري عن قوم وقال إنه ظاهر اللفظ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وفي حديث الصحيحين إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي تنقبض وتنضم وتلجأ مع أنها أصل انتشاره فكل مؤمن من نفسه شائق إليها في جميع الأزمان لحبه في ساكنها صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وللجنيدي حديث يوشك الإيمان أن يأرز إلى المدينة أي يرجع إليها أخيرا كما أبتدأ منها ولذا روى لا تقوم الساعة حتى يحاز الإيمان إلى المدينة كما يجوز السيل الدمن وفي رواية ستأتي في الفصل التاسع ليعودنَ هذا الأمر إلى المدينة كما بدئ منها حتى لا يكون إيمان إلا بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ولأبى يعلى عن العباس رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فالتفت إليها وقال إنّ الله برأ هذه الجزيرة من الشرك في رواية إنّ الله قد طهر هذه القرية من الشرك إن لم تضلهم النجوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 " الفصل الثالث " في الحث على الإقامة والصبر والموت بها واتخاذ الأصل ونفيها الخبث والذنوب ووعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا أو أرادها وأهلها بسوء أو أخافهم والوصية بهم وقد سبق حديث مسلم يأتي على الناس زمان الحديث وفي الموطأ والصحيحين حديث تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 ويبسون بفتح أوّله وضم الموحدة وبكسرها أي يسوقون دوابهم مسرعين وفي الصحيحين حديث من صبر على لأوائها وشدّتها كنت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة ولمسلم عن سعيد مولى المهري إنه جاء إلى أبي سعيد الخدري ليالي الحرّة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها فقال ويحك لا آمرك بذلك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر وفي رواية لا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة وفي رواية فقال أبو سعيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 لا تفعل الزم المدينة وذكر الحديث ولمسلم وغيره أن مولاة أتت أبن عمر رضى الله عنهما في الفتنة تسلم عليه فقالت إني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن اشتدّ علينا الزمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 فقال لها عبد الله اقعدي لكاع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر على لأوائها وشدّتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة والظاهر كما قال عياض إنّ أو ليست للشك لكثرة رواته بها بل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 للتقسيم ويكون شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين أو شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعده وكل من هذه الشفاعة أو الشهادة خاصة تزيد على شفاعته وشهادته العامتين أو تكون أو بمعنى الواو فقد رواه البزار برجال الصحيح عن عمر رضى الله عنه بالواو والمفضل الجنيدي عن أبي هريرة رضى الله عنه بلفظ لا يصبر أحد على لأواء المدينة وفي نسخة وحرها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 إلا كنت له شفيعا وشهيدا وفيه البشرى للطابر بها بم الموت على الإسلام لاختصاص ذلك بالمسلمين وكفى بها مزية بل كل من مات بها فهو مبشر بذلك فقد ثبت حديث من مات بالمدينة كنت له شفيعا يوم القيامة وحديث من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فأني أشفع لمن يموت بها وفي رواية فأني أشهد أن يموت بها وللبيهقي وأبن حبان في صحيحه من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فأنه من يمت بها أشفع له وأشهد له وفي رواية فأنه من مات بها كنت له شفيعا أو شهيد يوم القيامة وفي رواية عقب ذلك وأني أوّل من تنشق عنه الأرض ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 أبو بكر ثم عمر ثم آتى أهل البقيع فيحشرون ثم انتظر أهل مكة ولأبي ذر الهروي في سنته عن أبن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أوّل من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر ثم آتى أهل البقيع فيحشرون معي ثم انتظر أهل مكة حتى أحشر بين الحرمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وفي حديث أوّل من أشفع له من أمتي أهل المدينة ثم أهل مكة ثم أهل الطائف وفي الموطأ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا وقبر يحفر بالمدينة فاطلع رجل في القبر فقال بئس مضجع المؤمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئسما قلت قال الرجل أني لم أرد هذا إنما أردت القتل في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مثل للقتل في سبيل الله ما على الأرض بقعة أحب إليّ من أن يكون قبري بها منها يعني المدينة ثلاث مرّات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 ولا حمد برجال الصحيح إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة قال اللهمّ لا تجعل منايانا بمكة حتى تخرجنا منها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وصح أن عمر رضى الله عنه قال اللهمّ ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وروى أن ذلك كان من أجل دعائه وفي الكبير للطبراني في حديث من كان له بالمدينة أصل فليتمسك به ومن لم يكن له بها أصل فليجعل له بها أصلا فليأتين على الناس زمان يكون الذي ليس له بها أصل كالخارج منها المجتاز إلى غيرها وفي رواية فليجعل له بها أصلا ولو قصرة أي ولو شجرة وزنا ومعنى ورواه أبن شبة بنحوه ثم أسند عن الزهري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مرفوعا لا تتخذوا الأموال بمكة واتخذوها في دار هجرتكم فأنّ الرجل مع ماله وعن أبن عمر رضى الله عنهما مرفوعا أيضا لا تتخذوا من وراء الرق حاملا ولا ترتدوا على أعقابكم بعد الهجرة ولا تنكحوا بناتكم طلقاء أهل مكة الحديث وفي مسلم عقب قوله في الحديث السابق لا يخرج أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه ألا إن المدينة كالكير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 تنفي الناس وفي رواية تنفي الرجال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 أي شرارهم أو خبثهم ولذا روى خبث الرجال وفي صحيح البخاري حديث إنها طيبة تنفي الذنوب كما ينفي الكير خبث الفضة وفي الصحيحين قصة الإعرابي القائل أقلني بيعتي فأبى صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 فخرج الإعرابي فقال صلى الله عليه وسلم المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 وهو ظاهر في أنّ المراد إبعاد أهل الخبث ولا يختص بزمنه صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها أي عند ظهور الدجال حين ترجف المدينة فيخرج إليه منافقوها ولذا جاء في حديث أحمد الآتي وذلك يوم التخليص ذلك يوم تنفى المدينة الخبث وقال عمر بن عبد العزيز إذا خرج منها لمن معه أنخشى أن نكون ممن نفت المدينة وقد أبعد الله عنها أرباب الخبث الكامل وهم الكفار وأما غيرهم فقد يكون إبعاد أن مات بها بنقل الملائكة له كما أشار إليه الأقشهري فقوله تنفى خبثها وتنفى الذنوب أي أهل ذلك أو المراد إبعاد أهل الخبث الكامل فقط وهم أهل الشقاء لعدم قبولهم للشفاعة أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 المراد فيما عدا قصة الإعرابي والدجال أنها تخلص النفوس من شرهها وظلمات ذنوبها بما فيها من اللأواء والمشقات ومضاعفة المثوبات والرحمات إذ الحسنات يذهبن السيئات أو المراد من كان في قلبه خبث وفساد ميزته عن القلوب الصادقة وأظهرت ما يخفي من عقيدته كما هو مشاهد بها ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم عند رجوع المنافقين في غزوة أحد المدينة كالكير الحديث والذي ظهر لي أنها تنفي خبثها بالمعاني الأربعة وتنصع بفتح الفوقانية وسكون النون وبالمهملتين أي تميز وتخلص طيبها بالنصب على المفعولية هذا هو المشهور وفي الصحيحين في أحاديث تحريم المدينة فمن أحدث فيها أحدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 القيامة صرفا ولا عدلا ولفظ البخاري لا يقبل منه صرف ولا عدل والجمهور أنّ الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل عكسه وقيل الصرف التوبة والعدل الفدية أي أتى فيها إثما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 أو آوى من أتاه وحماه فلا يقبل منه فريضة ونافلة قبول رضا ولا يجد في القيامة ما يفتدى به من كافر وقيل غير ذلك ولعنه إبعاده عن رحمة الله وطرده عن الجنة أوّلا لا كلعن الكفار وفيه دلالة على أنّ ذلك من الكبائر مطلقا إذ اللعن خاص بها فيستفاد منه أنّ الصغيرة بها كالكبير بغيرها تعظيما للحضرة النبوية وفي صحيح البخاري مرفوعا لا يكيد أهل المدينة أحد إلا أنماع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 كما ينماع الملح في الماء ولمسلم من أراد أهل هذه البلدة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء وله في رواية ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء قال عياض قوله في النار يبين أنّ هذا حكمه في الآخرة أو المراد من أرادها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بسوء اضمحل كما يضمحل الرصاص في النار فيكون في اللفظ تقديم وتأخير ويؤيده قوله أو ذوب الملح في الماء أو المراد من كادها اغتيالا وطلبا لغرّتها فيضمحل كيده ولا يتم أمره بخلاف من أتاها جهارا أو المراد من أرادها بسوء مطلقا فأن أمره يضمحل في الدنيا كما عوجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 مسلم بن عقبة وكذا مرسله عقب إغزائها قلت هذا هو الأرجح إذ ليس في اللفظ ما يقتضي التخصيص بزمان ولأنه لا يتم لمن أرادها بسوء ما أراده بل الوعد بإهلاكه سريعا وهذا هو المشاهد من شانها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وقد يضاف لذلك الإذابة في النار أيضا وللجنيدي حديث أيما جبار أراد المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء وللبزاز بإسناد حسن حديث اللهمّ اكفهم من دهمهم محرّكا أي غشيهم بسرعة وأغار عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 ولأبن زبالة عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على المدينة فرفع يديه حتى رؤى عفرة إبطه ثم قال الهمّ من أرادني وأهل بلدي بسوء فعجل هلاكه وفي الأوسط للطبراني برجال الصحيح حديث اللهمّ من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وفي رواية لغيره من أخاف أهل المدينة أخافه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 يوم القيامة وغضب عليه ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا وللنسائي من أخاف أهل المدينة ظالما لهم أخافه الله وكانت عليه لعنة الله ولأبن حبان نحوه ولا حمد برجال الصحيح عن جابر أنّ أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان قد ذهب بصر جابر فقيل لجابر لو تنحيت عنه فخرج يمشي بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ابنيه فنكب فقال تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبناه أو أحدهما يا أبت وكيف أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 قلت ولعل هذا الأمير بسر بن أرطاة كما رواه أبن عبد البر من إرسال معاوية رضى الله عنه له إلى المدينة في جيش بعد تحكيم الحكمين وإنه أرسل إلى بني سلمة ما لكم عندي أمان ولا بيعة حتى تأتون بجابر وروى أن أهل المدينة فرّوا يومئذ حتى دخلوا حرّة بين سليم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وفي الكبير للطبراني حديث من آذى أهل المدينة آذاه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ولأبن النجار عن معقل بن يسار المزني مرفوعا المدينة مهاجري فيها مضجعي ومنها مبعثي حقيق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر ومن حفظهم كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ومن لم يحفظهم سقى من طينه الخبال قيل للمزني وما طينة الخبال قال عصارة أهل النار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 ورواه الكبراني بلفظ المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض حق على أمتي أن يكرموا جيراني ما اجتنبوا الكبائر فمن لم يفعل ذلك منهم سقاه الله من طينة الخبال قلنا يا أبا يسار وما طينة الخبال قال عصارة أهل النار وفي فوائد القاضي أبي الحسن الهاشمي عن خارجة أبن زيد مرفوعا المدينة مهاجري وفيها مضجعي ومنها مخرجي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 حق على أمتي حفظ جيراني فيها من حفظ وصيتي كنت له شهيدا يوم القيامة ومن ضيعها أورده الله حوض الخبال قيل وما حوض الخبال يا رسول الله قال حوض من صديد أهل النار ولأبن زبالة حديث أنّ الله جعل المدينة فيها مهاجري وفيها مضجعي ومنها مبعثي فحق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر فمن حفظ فيهم حرمتي كنت له شفيعا يوم القيامة ومن ضيع فيهم حرمتي أورده الله حوض الخبال وفي رواية له المدينة مهاجري وبها وفاتي ومنها محشري وحقيق على أمتي أن يحفظوا جيراني ما اجتنبوا الكبيرة من حفظ فيهم حرمتي كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة وفي مدارك عياض قال محمد بن مسلمة سمعت مالكا يقول دخلت على المهدي فقال أوصني فقلت أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 قال المدينة مهاجري ومنها مبعثي وبها قبري وأهلها جيراني وحقيقة على أمتي حفظ جيراني فمن حفظهم فيّ كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال وقال مصعب لما قدم المدينة أستقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال فلما بصر بمالك أنحرف المهدي إليه فعانقه وسايره فألتفت إليه مالك فقال يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك وهم أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فأن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ولا بلد خير من أهل المدينة قال ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله فقال إنه لا يعرف قبر نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم ومن كان قبر محمد صلى الله عليه وسلم عندهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 فينبغي أن يعرف فضلهم على غيرهم ففعل ما أمر به اه وفيه إشارة إلى التفضيل بمجاورة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال ما زال جبريل يوصيني بالجار ولم يخص جارا دون جار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 ومن تأمل هذا الفضل لم يرقب في تفضيل سكنى المدينة على مكة مع تسليم مزية المضاعفة لمكة فتلك لها مزيد العدد ولهذه تضاعف البركة والمدد ولتلك جوار بيت الله تعالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 ولهذه جوار حبيب الله صلى الله عليه وسلم وأكرم الخلق على الله تعالى وقال أبو بكر بن حماد إنه سأل أبا عبد الله يعني ابن حنبل أين ترى أحب إليك أن يسكن الرجل مكة أو المدينة قال المدينة لمن كبر عليها وفي رواية المدينة لمن قوى عليها قيل له لم قال لأن بها خير المسلمين واختيار سكنا المدينة هو المعروف من حال السلف ولأبن كبة عن الشعبيّ إنه كان يكره المقام بمكة ويقول هي دار إعرابية هاجر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ألا يغنى حبيب نفسه حيث جاور بمكة وهي دار إعرابية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وعن عامر نحوه وقال لأن أنزل دور أن أحب إلىّ من أنزل مكة وهي قريه هاجر منها النبي صلى الله عليه وسلم ودوران كحوران عند طرف قديد وفي مصنف عبد الرزاق أن الصحابة كانوا يحجون ثم يرجعون ويعتمرون ثم يرجعون ولا يجاورون قلت ولم أر للسلف خلافا في كراهة المجاورة بالمدينة بخلاف مكة وأن اقتضى كلام النووي حكاية الخلاف فيهما بناء على أن العلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 خوف الملل وقلة الحرمة والأنس وخوف ملابسة الذنوب قال والمختار استحباب المجاورة بهما إلا أن يغلب على ظن الوقوع فيما ذكر وفي الأوسط للطبراني حديث من غاب عن المدينة ثلاثة أيام جاءها وقلبه مشرب جفوة. لة خوف الملل وقلة الحرمة والأنس وخوف ملابسة الذنوب قال والمختار استحباب المجاورة بهما إلا أن يغلب على ظن الوقوع فيما ذكر وفي الأوسط للطبراني حديث من غاب عن المدينة ثلاثة أيام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 جاءها وقلبه مشرب جفوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 " الفصل الرابع " في الدعاء لها ولأهلها ونقل وباءها وعصمتها من الدجال والطاعون في الصحيحين حديث اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ ورواه رزين والجنديّ بالواو وقد تكرّر دعاءه صلى الله عليه وسلم بتحديد المدينة والظاهر أن الإجابة حصلت بالأول والتكرير لطلب المزيد حتى كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرانها وفي رواية دوحاتها أي حبال شجرها وفي رواية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 درجاتها أي طرقها المرتفعة أوضع راحلته وإن كان على دابة حركها من حبها كما في الصحيح وفي رواية لأبن زبالة تباشر بالمدينة وفي أخرى كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 إذا أقبل من مكة فكان بالأتاية طرح رداءه عن منكبيه وقال هذه أرواح طيبة وفي الدعاء للمحاملي عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان إذا قدم من سفر من أسفاره فأقبل على المدينة يسير أتم السير ويقول اللهم اجعل لنا بها قرارا ورفقا حسنا وفي الصحيحين حديث اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة ولهما أيضا اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 صاعهم وبارك لهم في مدهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 قلت هذه البركة في أمر الدين والدنيا لأنهم نماء وازدياد والبركة لها حاصلة في نفس المكيل بحيث يكفي المدّ بها من لا يكفيه بغيرها وهذا محسوس لمن سكنها ولذا أقول إن سكنا ها تزيد في الإيمان ولمسلم اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم بارك لنا في صاعنا اللهم بارك لنا في مدنا اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم اجمع مع البركة بركتين وله أيضا الله بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وأنى عبدك ونبيك وإنه دعاك لمكة وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 بمكة ومثله معه وله وللترمذيّ كان الناس إذا رأوا أول الثمرة جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه قال اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا الحديث وهو يقتضي تكرر الدعاء بتكرر ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وللطبراني في الأوسط برجال ثقاة عن ابن عمر رضي الله عنه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم أقبل على القوم فقال اللهم بارك لنا في مدينتنا الحديث وله في الكبير برجال ثقاة عن أبن عباس نحوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وللترمذي وقال حسن صحيح عن علي رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بحرة السقيا التي كانت اسعد بن أبي وقاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بوضوء فتوضأ قام فأستقبل القبلة فقال اللهم أن إبراهيم كان عبدك وخليلك ودعاك لأهل مكة بالبركة وأنا عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثل ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين ورواه أبن شبة ألا أنه قال حتى إذا كنا بالحرة بالسقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بوضوء فلما توضأ قام فاستقبل القبلة ثم كبر ثم قال الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وفيه إشارة إلى أن المدعوّ ستة أضعاف ما بمكة من البركة ولأبن زبالة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى ناحية من المدينة وخرجت معه فاستقبل القبلة ورفع يديه حتى أني لأرى بياض ما تحت منكبيه ثم قال اللهم إن إبراهيم نبيك وخليلك دعاك لأهل مكة وأنا نبيك ورسولك أدعوك لأهل المدينة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وقليلهم وكثيرهم ضعفي ما باركت لأهل مكة اللهم من ها هنا وها هنا وها هنا حتى أشار إلى نواحي الأرض كلها اللهم من أرادهم بسوء فأذيه كما يذوب الملح بالماء ولأحمد برجال الصحيح عن أبي قتادته أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأرض سعد بأصل الحرة عند بيوت السقيا ثم قال اللهم أن إبراهيم خليلك وعبدك ورسولك ونبيك دعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثلما دعاك به إبراهيم لمكة أدعوك أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة وأجعل ما بها من وباء يختم الحديد وللجندي حديث اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وبارك لنا في مدها وصاعها وأنقل حماها وأجعلها بالجحفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ولأبن زبالة في حديث قدومه صلى الله عليه وسلم ووعظ أصحابه إنه جلس على المنبر ثم رفع يديه ثم قال اللهم أنقل عنا الوباء فلما أصبح قال أتيت هذه الليلة بالحمى فإذا بعجوز سوداء ملببة بيدي الذي جاء بها فقال هذه الحمى فما ترى فيها فقلت اجعلوها بخمّه وفي رواية له إنه أمر عائشه رضي الله عنها بالذهاب إلى أبي بكر وموليه فرجعت فأخبرته فكره ذلك ثم عمد إلى بقيع الخيل وهو سوق المدينة فقام فيه ووجهه إلى القبلة فرفع يديه إلى الله تعالى فقال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم بارك لأهل المدينة في سوقهم وبارك لهم في صاعهم وبارك لهم في مدهم اللهم أنقل ما كان للمدينة من وباء إلى مهيعة ولمسلم عن عائشة رضي الله عنه قدمنا المدينة وهي وبية فأشتكى أبو بكر وأشتكى بلال رضي الله عنه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى أصحابه قال اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد وبارك لنا في صاعها ومدها وحول حماها إلى الجحفة وللبخاري عنها لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنه وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقولالمدينة فقام فيه ووجهه إلى القبلة فرفع يديه إلى الله تعالى فقال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم بارك لأهل المدينة في سوقهم وبارك لهم في صاعهم وبارك لهم في مدهم اللهم أنقل ما كان للمدينة من وباء إلى مهيعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ولمسلم عن عائشة رضي الله عنه قدمنا المدينة وهي وبية فأشتكى أبو بكر وأشتكى بلال رضي الله عنه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى أصحابه قال اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد وبارك لنا في صاعها ومدها وحول حماها إلى الجحفة وللبخاري عنها لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 رضي الله عنه وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراكة نعله وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقبرته ويقول ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بواد وحولي أذخر وجليل وهل أردن يوما ميساه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ اللهمّ بارك لنا في صاعنا وفي مدنا وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة قالت وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله تعالى وكان بطحان يجرى نجلا يعني ماء أحبنا أي متغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 أو لأبن أسحق عنها لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبأ أرض الله تعالى من الحمى فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم وصرفه الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم قالت فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبي بكر معه في بيت واحد فأصابتهم الحمى فدخلت عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب الحجاب وبهم ما لا يعلمه إلا الله تعالى من شدّة الوعك فدنوت من أبي بكر فقلت كيف تجدك فقال كل امرئ البيت فقلت والله ما يدري أبي ما يقول ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت كيف تجدك فقال لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي جلده بروقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قالت فقلت ما يدري عامر ما يقول وكان بلال إذا تركته الحمى اضطجع بفناء البيت وذكر ما سبق ولأبن زبالة لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أصحابه فخرج يعود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 أبا بكر فوجده بهجر فقال يا رسول الله لقد لقيت الموت البيت فخرج من عنده فدخل على بلال فوجده بهجر وهو يقول ألا ليت شعري البيتين ودخل على أبي أحمد بن جحش فوجده موعوكا فلما جلس إليه قال واحبذا مكة من وادي ... أرض بها تكثر عوّادي أرض بها تضرب أو تأذى ... أرض بها أهلي وأولادي أرض بها أمشي بلا هادي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا أن ينقل الوباء من المدينة فيجعله بخم وخم كما سيأتي قرب الجحفة وهي مهيعة وإنما دعا صلى الله عليه وسلم بنقل الحمى إليها لأنها كانت دار شرك ولم تزل من يومئذ أكثر بلاد الله حمى قال بعضهم وإنه ليتقي شرب الماء من عينها التي يقال لها عين خم فقلّ من شرب منها الأحمّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 وللبيهقيّ في الحديث السابق عن هشام بن عروة قال وكان المولود يولد بالجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى وله أيضا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبأ أرض الله تعالى وواديها بصحان نجل يجري عليه الأثل قال هشام وكان وباؤها معروفا في الجاهلية وكان إذا كان الوادي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وفي خبر ثنية الوداع ما يقتضي أنّ الداخل كان يعشر بها أي ينهق كالحمار عشرة أصوات في طلق وإلا مات قبل أن يخرج منها حتى قدم عروة بن الورد العبسي فلم يعشر فتركه الناس وتحويل مثل هذا الوباء من أعظم المعجزات وللبخاريّ حديث رأيت امرأة سوداء ثائرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت مهيعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 فتأوّلتها أنّ وباء بالمدينة نقل إلى مهيعة ولأبن زبالة أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فجاءه إنسان كأنه قدم من ناحية طريق مكة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل لقيت أحدا قال لا ألا امرأة سوداء عريانة ثائرة الشعر فقال صلى الله عليه وسلم تلك الحمى ولن تعود بعد اليوم أبدا وله أيضا حديث أصح المدينة من الحمى ما بين حرة بني قريظة والعريض وحديث اللهم حبب إلينا المدينة وأنقل وباءها إلى مهيعة وما بقي منه فاجعله تحت ذنب مشعط وحديث إن كان الوباء في شيء من المدينة فهو في ظل مشعط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 قلت ومشعط بالشين المعجمة كمرفق أطم لبني هذيلة كان في غربي مسجدهم قرب البقيع وهذا يؤذن بمقام شيء من الحمى كما هو اليوم فالذي نقل سلطانها أو أعيد الخفيف منها للتكفير لحديث أحمد وغيره برجال الصحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 عن جابر استأذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه فقال ما شئتم أن شئتم دعوت الله تعالى ليكشفها عنكم وإن شئتم تكون لكم طهورا قالوا أو تفعل قال نعم قالوا فدعها وفي رواية وإن شئتم تركتموها وأسقطت بقية ذنوبكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وله أيضا برجال ثقات أتاني جبريل بالحمى والطاعون فأمسكت الحمى بالمدينة وأرسلت الطاعون بالشام فالطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم ورجز على الكافرين وأن الموجود منها اليوم ليس حمى الوباء بل رحمة ربنا ودعوة نبينا لما روى أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 في تفسير ما صح عن شرحبيل بن حسنة وغيره إنه أي الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 من قول أبي قلابة إنه صلى الله عليه وسلم سأل ربه عز وجل أن لا يهلك أمته بسنة فأعطيها وأن لا يسلط عليهم عدوّا من غيرهم فأعطيها وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فمنعه فقال في دعائه فحمى إذا أو طاعونا كرره ثلاثا أي فحمى للموضع الذي عصم من الطاعون فتضعف الأبدان عن إذاقة بعضهم بأس بعض فتمنعه وتطهرهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وتكون حظهم من النار أو طاعونا للموضع الذي لم يعصم منه وهذا الأخير قد ظهر لي من فهم الأحاديث وترجح عندي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وفي الصحيحين وغيرهما حديث على أنقاب المدينة ملائكة يحرسونها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وللبخاريّ وغيره حديث المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شار الله تعالى وقول إن شاء الله تعالى للتبرك للجزم بذلك في بقية الأحاديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وقرن الدجال بالطاعون مع كونه شهادة ورحمة لما ثبت من تفسيره بوخز أعدائنا من الجنّ فقد منع منها مردة الجنّ كما منع رأس مردة الأنس وأيضا فالطاعون سببه أشياء تقع من الأمة ففيه نوع مؤاخذة وقد عوّضت المدينة عنه بالحمى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وقيل المعنى لا يدخلها من الطاعون مثل ما يقع لغيرها كطاعون عمواس وهو مردود فلم تزل محفوظة منه مطلقا في سائر الإعصار كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 جزم به أبن قتيبة وتبعه جمع جم من آخرهم النوويّ وهذا القائل فسر الطاعون بالموت العام الفاشي والصواب إنّ المراد به ما يكون عن ظعن الجنّ فيهيج به الدم في البدن فقد روى الطبراني وغيره برجال ثقات حديث ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل خرج من بعض الآفاق حتى إذا كان قريبا من المدينة ببعض الطريق أصابه الوباء ففزع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن لا يطلع علينا نقابها يعني طرق المدينة والمراد بالوباء هنا الطاعون المعروف بعلاماته وإلا فموت الواحد لا يفزع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 ولا يسمى وباء عاما وفي الصحيح قول أبي الأسود قدمت المدينة وهم يموتون بها موتا ذريعا فهذا وقع بالمدينة لكنه غير الطاعون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 ولأحمد برجال ثقات وأبن شيبة برجال الصحيح حديث المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب منها ملك لا يدخلها الدجال ولا الطاعون قلت كذا هو لا يدخلها بالأفراد فيحتمل عودها للمدينة فقط وإن ثبت لما سيأتي عدم دخول الدجال لمكة فقد نقل جماعة عن الطاعون العام سنة تسع وأربعين وسبعمائة إنه دخلها بخلاف المدينة فلم ينقل ذلك فيها أو أن ليس كما ظن ناقله من كونه طاعونا وفي الصحيحين حديث ليس بلد إلا سيعلوه الجبال إلا مكة والمدينة ليس نقب من أنقابها إلا عليه ملائكة صافين يحرسونها فينزل السبخة ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات أي بسبب الزلزلة التي تقع فيخرج إليه كل كافر ومنافق وفي رواية فيأتي سبخة الجرف فيخرج إليه كل منافق ومنافقة وللبخاري لا يدخل المدينة رعب المسيح لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان ولمسلم يأتي المسح من قبل المشرق وهمته المدينة حتى ينزل دبر أحد ثم تصرف الملائكة وجهه قبل المشرق وهنالك يهلك ولهما قصة خروج الرجل الذي هو خير الناس من المدينة إليه إذا نزل بعض سباخها فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه الحديث بطوله فاختصبت بذلك لكونها حضرة المبعوث بالحق ولا حمد برجال الصحيح أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه فقال نعم الأرض المدينة إذا خرج الدجال على كل نقب من أنقابها ملك لا يدخلها الدجال فإذا كان ذلك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات لا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثرهم يعني من يخرج النساء وذلك يوم التخليص ذلك يوم تنفى المدينة الخبث كما ينفي الكير وسخ الحديد يكون معه سبعون ألفا من اليهود كل رجل منهم ساج وسيف محلى فيضرب قبته بهذا المضرب الذي بمجتمع السيول الحديث بطوله وللطبراني يا أهل المدينة اذكروا يوم الخلاص قالوا وما يوم الخلاص قال يقبل الدجال حتى ينزل بذباب فلا يبقى في المدينة مشرك ولا مشركة ولا كافر ولا كافرة ولا منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه ويخلص المؤمنون فذلك يوم الخلاص وقوله بذباب أي بما يقابله من مجتمع السيول كما سبق وفي رواية ينزل الدجال خذوا المدينة فأقول من يتبعه النساء والإماء ولا حمدوا الحاكم يجيء الدجال فيصعد أحدا فيطلع فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها ملكا مصلتا سيفه فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه أي فسطاطه ولا حمد ينزل الدجال في هذه السبخة بمر قناة أي ممرها ولابن ماجة ينزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة وللزبيرين بكار ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجتمع السيول فقال ألا أخبركم بمنزل الدجال من المدينة ثم قال هذا منزله يريد المدينة لا يستطيعها يجدها متمنطقة بالملائكة على كل نقب من أنقابها ملك شاهر سلاحه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون فينزل بالمدينة وبأصحاب الدجال زلزلة لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثر من يتبعه النساء فلا يعجز الرجل أن يمسك سفيهته ولأبي يعلي برجال الصحيح في حديث الجساسة هو المسيح تطوى له الأرض في أربعين يوما إلا ما كان من طيبة قال صلى الله عليه وسلم وطيبة المدينة ما باب من أبوابها إلا وملك مصلت سيفه يمنعه وبمكة مثل ذلك يفزع ولا يسمى وباء عاما وفي الصحيح قول أبي الأسود قدمت المدينة وهم يموتون بها موتا ذريعا فهذا وقع بالمدينة لكنه غير الطاعون ولأحمد برجال ثقات وأبن شيبة برجال الصحيح حديث المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب منها ملك لا يدخلها الدجال ولا الطاعون قلت كذا هو لا يدخلها بالأفراد فيحتمل عودها للمدينة فقط وإن ثبت لما سيأتي عدم دخول الدجال لمكة فقد نقل جماعة عن الطاعون العام سنة تسع وأربعين وسبعمائة إنه دخلها بخلاف المدينة فلم ينقل ذلك فيها أو أن ليس كما ظن ناقله من كونه طاعونا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وفي الصحيحين حديث ليس بلد إلا سيعلوه الجبال إلا مكة والمدينة ليس نقب من أنقابها إلا عليه ملائكة صافين يحرسونها فينزل السبخة ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات أي بسبب الزلزلة التي تقع فيخرج إليه كل كافر ومنافق وفي رواية فيأتي سبخة الجرف فيخرج إليه كل منافق ومنافقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وللبخاري لا يدخل المدينة رعب المسيح لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان ولمسلم يأتي المسح من قبل المشرق وهمته المدينة حتى ينزل دبر أحد ثم تصرف الملائكة وجهه قبل المشرق وهنالك يهلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 ولهما قصة خروج الرجل الذي هو خير الناس من المدينة إليه إذا نزل بعض سباخها فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه الحديث بطوله فاختصبت بذلك لكونها حضرة المبعوث بالحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 ولا حمد برجال الصحيح أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 الحرة ونحن معه فقال نعم الأرض المدينة إذا خرج الدجال على كل نقب من أنقابها ملك لا يدخلها الدجال فإذا كان ذلك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات لا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثرهم يعني من يخرج النساء وذلك يوم التخليص ذلك يوم تنفى المدينة الخبث كما ينفي الكير وسخ الحديد يكون معه سبعون ألفا من اليهود كل رجل منهم ساج وسيف محلى فيضرب قبته بهذا المضرب الذي بمجتمع السيول الحديث بطوله وللطبراني يا أهل المدينة اذكروا يوم الخلاص قالوا وما يوم الخلاص قال يقبل الدجال حتى ينزل بذباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 فلا يبقى في المدينة مشرك ولا مشركة ولا كافر ولا كافرة ولا منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه ويخلص المؤمنون فذلك يوم الخلاص وقوله بذباب أي بما يقابله من مجتمع السيول كما سبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وفي رواية ينزل الدجال خذوا المدينة فأقول من يتبعه النساء والإماء ولا حمدوا الحاكم يجيء الدجال فيصعد أحدا فيطلع فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها ملكا مصلتا سيفه فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه أي فسطاطه ولا حمد ينزل الدجال في هذه السبخة بمر قناة أي ممرها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 ولابن ماجة ينزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة وللزبيرين بكار ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجتمع السيول فقال ألا أخبركم بمنزل الدجال من المدينة ثم قال هذا منزله يريد المدينة لا يستطيعها يجدها متمنطقة بالملائكة على كل نقب من أنقابها ملك شاهر سلاحه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون فينزل بالمدينة وبأصحاب الدجال زلزلة لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثر من يتبعه النساء فلا يعجز الرجل أن يمسك سفيهته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 ولأبي يعلي برجال الصحيح في حديث الجساسة هو المسيح تطوى له الأرض في أربعين يوما إلا ما كان من طيبة قال صلى الله عليه وسلم وطيبة المدينة ما باب من أبوابها إلا وملك مصلت سيفه يمنعه وبمكة مثل ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الفصل الخامس في ترابها وثمرها روى ابن النجار وابن الجوزي في الوفاء حديث غبار المدينة سفاء من الجذام وفي جامع الأصول لرزين ابن الأثير وبيضا لمخرجه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك تلقاه رجال من المخلفين من المؤمنين فأثاروا غبارا فخمر أو فغطى بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أنفه فأزال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللثام عن وجهه وقال الذي نفسي بيده أن في غبارها شفاء من كل داء وأراه ذكر من الجذام والبرص ولرزين عن ابن عمر نحوه وقال فمدّ الرسول صلى الله عليه وسلم يده فأماطه عن وجهه وقال ما علمت أن هجوة المدينة شفاء من السقم وغبارها شفاء من الجذام ولابن زبالة عن صيفي بن أبي عامر مرفوعا والذي نفسي بيده أنّ تربتها المؤمنة وأنها شفاء من الجذام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وله عن سلمة بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غبار المدينة يطفئ الجذام قلت وقد شاهدنا من استشفى به منه وكان قد أضربه فنفعه جدا وروى يحيي بن الحسن بن جعفر الحجة العلوي وابن النجار كلاهما من طريق ابن زبالة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالحرث فإذا هم رؤبى فقال مالكم يا بني الحرث روبى قالوا أصابتنا يا رسول الله هذه الحمى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 قال فأين أنتم عن صعيب قالوا يا رسول الله ما تصنع به قال تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ثم يتفل عليه أحدكم ويقول بسم الله تراب أرضنا بريق بعضنا شفاء لمريضنا بأذن ربنا ففعلوا فتركتهم الحمى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 قال طاهر بن يحيى العلوي عقب روايته لذلك عن أبيه صعب وادي بطحان دون الماجشونية أي الحديقة المعروفة اليوم بالمدشونية وفيه حفرة مما يأخذ الناس منه وهو اليوم إذا وبئ إنسان أخذ منه قال أبن النجار وقد رأيت أنا هذه الحفرة اليوم والناس يأخذون منها وذكروا أنهم قد جرّبوه فوجدوه صحيحا قال وأخذت منه أنا أيضا قلت وهذه الحفرة موجودة يؤثرها الخلف عن السلف وينقلون ترابها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 للتداوي وذكر المجد أنّ جماعة من العلماء ذكروا أنهم جرّبوه للحمى فوجدوه صحيحا قال وأنا سقيته غلاما لي مريضا من نخوسنة تواظبه الحمى فانقطعت عنه من يومه وذكر هو في موضع آخر كالمطري أنّ ترابه يجعل في الماء ويغتسل به من الحمى قلت فينبغي أن يفعل أوّلا ما ورد ثم يجمع بين الشرب والغسل وفي الصحيحين حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال بإصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها وقال بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بأذن ربنا وفي رواية يقول بريقه ثم قال به في التراب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 ولأبن زبالة أنّ رجلا أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرجله قرحة فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرف الحصير ثم وضع إصبعه التي تلي الإبهام على التراب بعد ما مسها بريقه وقال بسم الله ريق بعضنا بتربة أرضنا يشفى سقيمنا بأذن ربنا ثم وضع إصبعه على القرحة فكأنما حل من عقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وله مرفوعا من تصبح بسبع تمرات من العجوة لا أعلمه إلا قال من العالية لم يضره يومئذ سم ولا سحر ولمسلم حديث من أكل سبع تمرات مما بين لا بتيها حين يصبح لم يضره شيء حتى يمسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ولا حمد برجال الصحيح من أكل سبع تمرات عجوة مما بين لابتي المدينة على الريق لم يضره يومه ذلك شيء حتى يمسي قال فليح وأظنه قال وأن أكلها حين يمسي لم يضره شيء حتى يصبح وفي الصحيحين من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ولمسلم أن في عجوة العالية شفاء أو إنها ترياق أوّل البكرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 لا حمد برجال الصحيح في حديث وأعلموا أن الكمأة دواء العين وأن العجوة من فاكهة الجنة وللطبراني في الثلاثة وغيره بسند جيد الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وصح لأبي داود عن سعد بن أبي وقاص مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فوضع يده بين ثدييّ حتى وجدت بردها على فؤادي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 فقال إنك رجل مفؤود أنت الحرث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليلماهن ثم ليدلكهن أي يسقيك يقال لده إذا سقاه الدواء في أحد جانبي الفم وفي كامل بن عدي مرفوعا ينفع من الدوام أن تأخذ سبعة تمرات من عجوة المدينة كل يوم تفعل ذلك سبعة أيام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وفي غريب الحديث للخطابي عن عائشة رضي الله عنه إنها كانت تأمر للدوام والدوار بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات على الريق والدوام والدوار ما يأخذ الإنسان في رأسه فيدومه ومنه تدويم الطائر وهو أن يستدير في طيرانه وتخصيص العجوة دون غيرها وعدد السبع مما لا يعلم حكمته فيجب الإيمان به واعتقاد فضله وبركته وسوق هذه الأحاديث وأطواق الناس على التبرك بالعجوة وهو النوع المعروف الذي يأثره الخلف عن السلف بالمدينة ولا يرتابون في تسميته بذلك يردّ ما قيل هنا مما سوى ذلك والعجوة كما قال أبن الأثير ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد قال وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بالمدينة وذكر هذا الأخير البزار أيضا ولأبن حبان عن أبن عباس رضي الله عنه كان أحب التمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العجوة ولأحمد خير تمركم البراني يخرج الداء ولا داء فيه ورواه أبن شبة والحاكم خطابا لوفد عبد القيس في ثمارهم وللطبراني في الصغير برجال الصحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالباكورة من الثمار ووضعها على عينيه ثم قال اللهم كما أطعمتنا أوله فأطعمنا آخره ثم يأمر به للمولود من أهله وفي الكبير كان إذا أتى بالباكورة من التمر قبلها وجعلها على عينيه وفي نوادر الأصول إذا أتى بالباكورة من كل شيء ثم قبلها ثم وضعها على عينيه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا الحديث وللبزار مرفوعا يا عائشة إذا جاء الرطب فهنيني وفي الغيلانيات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يفطر على الرطب في أيام الرطب وعلى التمر إذا لم يكن رطب ويختم بهن ويجعلهن وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا وأنواع تمر المدينة كثيرة استقصيناها في الأصل الأول فبغلت مائة وبضعا وثلاثين نوعا منها الصيحاني وفي فضل أهل البيت لأبن المؤيد الحموي عن جابر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوما في بعض حيطات المدينة ويد عليّ في يده قال فمررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد سيد الأنبياء وهذا عليّ سيد الأولياء أبو الأئمة الطاهرين ثم مررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عليّ سيف الله فلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليّ فقال له سمه الصيحاني فسمى من ذلك اليوم الصيحاني فكان هذا سبب تسمية هذا النوع بذلك أو المراد نخل ذلك الحائط وبالمدينة اليوم موضع يعرف بالصيحاني. هـ ومنه تدويم الطائر وهو أن يستدير في طيرانه وتخصيص العجوة دون غيرها وعدد السبع مما لا يعلم حكمته فيجب الإيمان به واعتقاد فضله وبركته وسوق هذه الأحاديث وأطواق الناس على التبرك بالعجوة وهو النوع المعروف الذي يأثره الخلف عن السلف بالمدينة ولا يرتابون في تسميته بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 يردّ ما قيل هنا مما سوى ذلك والعجوة كما قال أبن الأثير ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد قال وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بالمدينة وذكر هذا الأخير البزار أيضا ولأبن حبان عن أبن عباس رضي الله عنه كان أحب التمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العجوة ولأحمد خير تمركم البراني يخرج الداء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ولا داء فيه ورواه أبن شبة والحاكم خطابا لوفد عبد القيس في ثمارهم وللطبراني في الصغير برجال الصحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالباكورة من الثمار ووضعها على عينيه ثم قال اللهم كما أطعمتنا أوله فأطعمنا آخره ثم يأمر به للمولود من أهله وفي الكبير كان إذا أتى بالباكورة من التمر قبلها وجعلها على عينيه وفي نوادر الأصول إذا أتى بالباكورة من كل شيء ثم قبلها ثم وضعها على عينيه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وللبزار مرفوعا يا عائشة إذا جاء الرطب فهنيني وفي الغيلانيات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يفطر على الرطب في أيام الرطب وعلى التمر إذا لم يكن رطب ويختم بهن ويجعلهن وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا وأنواع تمر المدينة كثيرة استقصيناها في الأصل الأول فبغلت مائة وبضعا وثلاثين نوعا منها الصيحاني وفي فضل أهل البيت لأبن المؤيد الحموي عن جابر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوما في بعض حيطات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 المدينة ويد عليّ في يده قال فمررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد سيد الأنبياء وهذا عليّ سيد الأولياء أبو الأئمة الطاهرين ثم مررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عليّ سيف الله فلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليّ فقال له سمه الصيحاني فسمى من ذلك اليوم الصيحاني فكان هذا سبب تسمية هذا النوع بذلك أو المراد نخل ذلك الحائط وبالمدينة اليوم موضع يعرف بالصيحاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 " الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به وسر تخصيص ذلك بالتحريم. وفي الصحيحين حديث أن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وفي رواية ودعا لأهلها وأني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وللبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حرم ما بين لابتي المدينة على لسان قال وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بني حارث فقال أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم ثم التفت فقال بل أنتم فيه ولأحمد أن الله حرم على لسان ما بين لابتي المدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وللإسماعيلي نحوه وقال ثم جاء بني حارثة وهم في سند الحر أي في الجانب المرتفع منها والمراد منزلهم الذي جاء الإسلام وهم فيه من الحرة الشرقية يمينا متوجه في الطريق الشرقية لمشهد حمزة رضي الله عنه لا كما قال المطري إنهم كانوا غربية المشهد بيثرب لما أوضحناه في الأصل وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى منزلهم فيما أرتفع من الحرة فلا يصدق عليه إنه فيما بين الحرتين قال لهم ذلك رأى أن ذلك داخل فيما بين الجبلين فقال بل أنتم فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 ولمسلم اللهم أني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم إبراهيم مكة وله اللهم أن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما وأني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها أن لا يراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف " قلت " ومأزما المدينة جبلاها كما صوبه النووي وهما عير وثور لما فيه رواية مسلم في حديث الصحيفة عن عليّ المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ولأبي داود مثله وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يختلي خلالها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها الأمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها سلاح لقتال ولا أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وللطبراني برجال ثقات ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحمد نحوه وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه لو رأيت الضبا بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 ولمسلم عنه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة قال أبو هريرة فلو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل اثنا عشر ميلا حول المدينة حما ولأبي داود حما رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريد إلا يخبط شجرة ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 ولأحمد في حديث الصحيفة وهو صحيح إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين حرتيها وحماها كله لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها ولا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ولا يحمل فيها السلاح لقتال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وللبهيقي في المعرفة أن إبراهيم حرم مكة وأني أحرم المدينة ما بين حرتيها وحماها الحديث وقال ولا يلتقط لقطتها إلا من أشاد بها يعني أنسد ومقتضى رواية أحمد إنه حرم بين حرتي المدينة وحرّم حماها كله وفي رواية البيهقي أنه حرم ما بين اللابتين وحمام المدينة وهنّ ثلاثة أجبل مما يلي حرّتها الغربية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ولمسلم من حديث جابر إن إبراهيم حرم مكة وأني حرمت المدينة ما بين لابيتها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ولأحمد وأنا أحرم ما بين حرتيها ولذا قال النوويّ رضي الله عنه لابتيها أي حرتيها الشرقية والغربية والمدينة بينهما وهو حد للحرم من المشرف والمغرب وما بين جبليها بيان لحدّه من الجنوب والشمال قال ومعنى قوله ما بين لابتيها اللابتان وما بينهما " قلت " ويؤيده ما سبق في منازل بني حارثة وأن التحديد بالجبلين مقتض لذلك وللمدينة أيضا حرة من القبلة وحرة من الشام لكنهما يرجعان إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 المشرق والمغرب ويتصلان بهما والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة جدّا وهي المعول عليه عندنا في تحديد حرم المدينة وما وقع في أبي داود وغيره من ذكر البريد فقد بين إنه حمى وهو غير الحرم ولم يتعرض أصحابنا لإجراء أحكام الحمى على ما بين نهاية حرم المدينة وبين البريد وجاء في أحاديث ليست بالقوية ما يبين أنه حرم أيضا فلأبن زبالة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم شجر المدينة بريدا في بريد منها وأذن في المسد والنجدة ومتاع الناضح أن يقطع منه والمنجدة عصا الناضح وللمفضل الجندي أن سعدا قال في قصة العبد الذي وجده يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه بالعقيق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وجد من يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه المدينة بريدا في بريد فله سلبه فلم أكن لأردّ شيئاً أعطانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وللبزار عن جابر حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينةول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينة وعلى عير فما حاز الغرا ... وإبل مار عليها واكتسح قال وقال عبد الله بن مصعب من أبيات أيضا بالعرصتين فسفح عير فالربا ... من بطن خاخ ذي المحل الأسهل وقال عامر بن صالح الزبيري قال للذي رام هذا الحيّ من أسد ... رمت الشوامخ من عير ومن عظم وذكره أبن أذينة وغيره من الشعراء وثنوه لما قدمناه وذكره أبن زبالة أيضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وشهرة عير غير خافية قديما وحديثا إنما الغرابة في ثور فقال أبو عبيد القاسم بن سلام عير وثور جبلان بالمدينة وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلا يقال له ثور وإنما ثور بمكة قال فإذا نرى أنّ الحديث أصله ما بين عير إلى أحد ونقل ذلك البيهقي في المعرفة ثم قال عقبه وبلغني عن أبي عبيدة إنه قال في كتاب الجبال بلغني أن بالمدينة جبلا يقال له ثور انتهى وقال المجد في عير قال نصر هو جبل يقابل الثنية المعروفة بشعب الجوز وثور جبل عند أحد انتهى فهذا أصل قديم كما نقله المحب الطبريّ وغيره عن أبن مزروع ولفظ الطبريّ أخبرني الثقة الصدوق الحافظ العالم المجاور بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم البصري إن حذاء أحد عن يساره جافحا إلى ورائه جبلا صغيرا يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عن الطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وقال القطب الحلبي حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق من صاحب المدينة وكان معه دليل يذكر له ما كان قال فلما وصلنا إلى أحدا ذا بقربة جبل صغير فسألته عنه فقال هذا يسمى ثورا قال فعلمت صحة الرواية وردّ الجمال المطري على من أنكر وجود ثور وقال أنه خلف أحد من شماليه صغير مدور يعرفه أهل المدينة خلف عن سلف " قلت " وهو الآن مشهور ومعروف من علم حجة على من يعلم وثبت بذلك أن أحد من الحرم وما وقع في الروضة وغيرها من التحديد بأحد مبنى على ما سبق مع أن النووي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 عقب نقله عن الحازمي أن الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد قال ويحتمل أن ثورا كان اسما الجبل هناك أما أحد وأما غيره فحق اسمه وقال غيره فقد سمعت الرواية بلفظ ثورا ولا ينبغي الأقدام على توهيم الرواية لمجرد عدم العرفان فإن أسماء الأماكن قد تتغير أو تنسى ولا يعلمها كثير من الناس قوله شرف ذات الجيش قال ابن زبالة ذات الجيش نقيب ثنية الحفيرة من طريق مكة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وقال الهجري هي شعبة على يمين الخارج إلى مكة بحذاء الحفيرة صدر وادي أبي كبير فوق مسجدي الحرم والمعرس وذات الجيش نصب في وادي أبي كبير وطرف أعظم الغربي يدفع في ذات الجيش وما قبل من الصلصلين يدفع في بئر أبي عاصية ثم يدفع في ذات الجيش انتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 وهو مقتض لأن تكون ذات الجيش بقرب الصلصلين شاميّ جبل أعظم فوق البيداء والناس يعدون ذلك اليوم من البيداء لقربه ولذا قالت عائشة رضي الله عنها في قصة ابتغاء عقدها ونزول آية التميم حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش وسيأتي في أسماء البقاع مسافة ما بينهما وبين العقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 قوله شريب الظاهر أنه مشيرب تصغير مشرب كما جاء في الرواية الأخرى وهو ما بين جبال شامي ذات الجيش بينها وبين خلائق الضبوعة قوله أشرف مخيض بلفظ مخض اللبن هي جبال مخيض على يمين القادم من الشام حين يفضي من الجبال إلى البركة مصرف عين المدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قوله أشراف المجتهر كذا لبن النجار بالجيم والهاء المفتوحة فإن صح فهو موضع والأنهر تصحيف المخيض لمجيئه بدله فيما سبق قوله الحفياء هي بالغلبة شامي المدينة على نحو ستة أميال منها قوله ذي العشيرة تصغير عشرة نقيب شرقي الحفياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 قوله بفتح المثلثة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة كذا رأيته مضبوطا بالقلم في أصل من تهذيب ابن هشام وغيره قال ابن زبالة وهو جبل شرقي المدينة وقال ابن هشام أن أبا سفيان نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب من المدينة على بريد أو نحوه لكن قال الهجري ثيأب كيتعب فاقتضى أن بعد الياء الساكنة همزة ويشهد له قول عباس بن مرداس من أبيات سلّكن على وادي الشظاة فثيأبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 والشظاة وادي قناة ووقع لابن النجار بدله تيم بفتح الفوقية ثم التحتية وبالميم قال المجد وهو تصحيف والصواب يتيب بتحتية ثم مثناة فوقية مضارع تاب إذا رجع قوله وعيرة بفتح أوله من الوعورة جبل شرقي ثور أكبر مكنه وأصغر من أحد قوله ثنية المحدث لم أر من تكلم عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 قوله مضرب القبة قال الهجري هو بين جبل أعظم وبين الشام نحو ستة أميال أي من المدينة قوله من حيث اتسقت بنو قزازة لقاحي كانت اللقاح بالغابة وما حولها قال ابن زبالة عقب ما تقدم وذلك كله يشبه أن يكون بريد في بريد وقد أخذ به مالك وفرق بين حرم الصيد وحرم الشجر فقال الحرم حرمان فحرم الطير والوحش من حرة أقم وهي الشرقية إلى حرة العقيق وهي الغربية وحرم الشجر بريد في بريد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 " قلت " ولم يعول أصحابنا في التحديد على البريد لعدم صحة أحاديثه ولو صحت لكان البريد حر ما مطلقا ألا أن في رواية مسلم تسمية حمى فكان مالكا فهم منها تحريم الشجرة ونحن نقول أن أريد بالحمى الحرم ثبت الحكم على إطلاقه وكذا روى الطبراني في الكبير برجال ثقات عن عبد الله بن سلام قال ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت لأقطع به شجرة ولا أقتل به طائرا ففهم من التحريم استواء الحكم وروى ابن زبالة ومحله من الضعف معلوم تحريم ما بين لابتيها أي المدينة من الصيد أن يصاد بها وأن ثبت فهو من قبيل أفراد فرد من العام بحكمه والمفهوم من تحريم ذلك تشريف المدينة وتعظيمها به لحلول حبيبه صلى الله عليه وسلم وانتشار أنواره بها كما جعل ما حول بيته الحرام حرما فيوجد فيه من الخير والبركة والأنوار ما لا يوجد في غيره وتخصيص ذلك المقدار ما لأمر رباني وسر روحاني بثه الله تعالى فيه لتلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الحدود وأهل الشهود يرون الأنوار منبثة بالحرم إلى حدوده وسيأتي أن النار لآتي ذكرها لما بلغته طفئت أو أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأضاء منها كل شيء كما رواه أنس كانت الإضاءات إلى تلك الحدود أو أن الملائكة الموكلة بحراسة بلده قائمة بتلك الحدود أو هو لأمر تقصر عنه عقولنا وحكم الباري تعالى تحريم المدينة على لسان حبيبه صلى الله عليه وسلم قديم من حيث أن الأحكام خطاباته تعالى والحادث تعلقها والتكليف بها ولذا ذهب الأكثر إلى أن مكة لم تزل حراما منذ خلق الله السماوات والأرض ثم أظهر الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام فنسب تحريمها إليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وقيل لم تزل كغيرها إلى أن حرمها إبراهيم عليه السلام بدعوته أو بأمر الله تعالى له ولعل الأول يقول أن الله تعالى أظهر تحريمها الملائكة يوم خلق السماوات والأرض وإلا فما معناه مع انتفاء التعليق التكليفي حينئذ وتأخر التكليف بتحريم المدينة حتى كان على لسان اشرف المرسلين بدعوته خصيصة لها وكمال " تنبيه " البريد أربع فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع كما صححه ابن عبد البر وهو الموافق لاختيار ما ذكروه من المسافات وقال النووي رحمه الله تعالى أنه ستة آلاف ذراع وهو بعيد جدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وقيل ألفا ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض وذلك ذراع الأثمن من ذراع الحديد المستعمل بمصر كما حققه التقي القاسمي وهو الموافق لما اختبرناه من ذرع محققي المتقدمين وليكن ذلك على ذكر منك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 " الفصل السابع " في أحكام حرمها أتفق الأئمة الثلاثة وغيرهم على تحريم قطع شجرها وصيدها خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه وما سبق من الأحاديث الصحيحة الصريحة حجة عليه ويتمسك بقول صلى الله عليه وسلم كما حرم إبراهيم مكة على كل ما لم يقم دليل على افتراق الحرمين فيه ولمسلم أنّ سعد أركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسليه ثيابه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال معاذ الله أن أردّ شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وفي رواية للمفضل الجندي فأخذ فأسه ونطعه وشيئاً سوى ذلك فأطلع العبد إلى سادته فأخبرهم فركبوا إلى سعد فقالوا الغلام غلامنا فأردد إليه ما أخذت منه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث السابق في الفصل قبله ولأبي داود لأنّ سعد أوجد عبيدا من عبيد المدينة يقطعون شجرا من شجر المدينة قال فأخذ متاعهم وقال يعني لمواليهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء وقال من قطع منه شيئاً فإن أخذ سلبه ولأبن زبالة أن سعد أوجد جارية لعاصية السلمية تقطع فضربها بها وسلبا شمله لها وفأسا كانت معها فاستعدت عاصية عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أردد إليها يا أبا إسحاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 فقال لا والله لا أردد إليها غنيمة غنمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول من وجدتموه يقطع الحمى فاضربوه واسلبوه واتخذ من فأسها مما تغازل يعمل بها حتى لقي الله تعالى وفي رواية له يقطع شجرا بالعقيق وأنه قال غنما رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجدناه يقطع من شجر حرم المدينة الرطب منه وللجندي أن عمر رضي الله عنه قال لغلام قدامة بن مظعون أنت على هؤلاء الحطابين فمن وجدنه احتطب فيما بين لابتي المدينة فلك فأسه وحبله وثوباه قال عمر ذلك كثير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ولأبي داود وهو صحيح أو حسن كما قال النووي أن سعدا أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه فكلموه فيه فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم هذا الحرم وقال من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه فلا أردد طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه وفي الموطا عن أبي أيوب الأنصاري أنه وجد غلمانا قد ألجوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه قال مالك لا أعلم أنه قال أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بصنع هذا وللطبراني برجال الصحيح مثله عن زيد بن ثابت بدل أبي أيوب وله أيضا عن شرحبيل بن سعيد قال أخذت نهسا يعني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 طائرا بالأسواق فأخذه مني زيد بن ثابت فأرسله وقال أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها ولأحد وغيره نحوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وللطبراني في الكبير برجال ثقات عن عبد الله بن عباد الرزقي كنت أصيد العصافير في بئرا هاب وكانت لهم قال فرآني عبادة بن الصامت وقد أخذت العصفور فينزعه مني ويقول أي بنيّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة وللبزاز عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف اصطدت طيرا بالقنبلة فلقيني أبي عبد الرحمن فعرك أذني ثم أخذ مني فأرسله وقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم صيد ما بين لابتيها وتمسك الحنفية بقصة أبا عمير ما فعل النغير قالوا وإلا لما جاز حبس النغير ومحمله عندنا أنه من صيدا لحل إذ لا يجب إرساله بل يجوز ذبحه بالحرم وهم يمنعون ذلك وبتقدير تسليمه فهو محتمل لأن يكون قبل تحريم المدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وتمسك بعضهم بقطعه صلى الله عليه وسلم النخل لبناء المسجد وجوابه أن ذلك كان في أول الهجرة وتحريم المدينة كان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر كما أوضحه الحافظ ابن حجر مع أن النخل مما يستنبته الآدميون وقد ذهبت الحنفية كالمالكية إلى جواز قطعه في الحرم المكي أيضا والأصح عندنا المنع إلا لحاجة العمارة ونحوها كما سيأتي عن الغزالي بل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 قال الماروردي أن محل الخلاف فيما كان من ذلك في موات الحرم فإن أنبته شخص في ملكه جاز قطعه بلا خلاف كما أنه لا خلاف في جواز قطع ما يستنبت من غير الشجر كالحنطة والخضراوات مطلقا وقال البهيقي إنه استدلوا بحديث سلمة إما إن كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا ذهبت وتلقيتك إذا جئت فإني أحب العقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 قال وهو حديث ضعيف لا يعارض به الأحاديث الصحيحة الثابتة ويجوز أن يكون الموضع الذي كان يصيد فيه سلمة خارجا من الحرم أي لأن العقيق يمتد إلى البقيع كما سيأتي فبعضه خارج الحرم جزما بخلاف موضع قصر سعد مع قصور العقيق فإنها بحرته مع احتمال أن ذلك كان قبل التحريم قال الطحاوي يحتمل أن يكون سبب النهي عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها وكان بقاء ذلك مما يزيد في رؤيتها ويدعوا إليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 كما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هدم آطام المدينة فإنها من زينتها فلما انقطعت الهجرة زال ذلك قلت أراد أن النهي ليس التحريم فهو خلاف مقتضاه ما لم يقم دليل على خلافه وأن أراد نسخه فالنسخ لا يثبت إلا بدليل وأختلف القائلون بالتحريم فعن أحمد في الجزاء روايتان وعن الشافعي قولان الجديد عدمه وهو قول مالك واختاره ابن المنذر وابن نافع من أصحاب مالك وجوبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وقال القاضي عبد الوهاب أنه إلا قيس وأختاره النووي وغيره لصحة حديث سعد والجواب عنه مشكل ويسلب كالقتيل من الكفار حتى يؤخذ فرسه وسلاحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وقيل الثياب فقط ويكون ذلك للسالب على الأصح وقيل لفقراء المدينة ويترك للمسلوب ما يستر به عورته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وفي أخذ منه بعد وجهان ويسلب إذا صاد وإن لم يتلف فإن كانت ثيابه مغصوبة لم تسلب بلا خلاف كما في شرح المهذب وقال البلقيني الذي يقتضيه النظر أنّ العبد لا يسلب إذ لا ملك له وكذا لو كان على الصائد ثوب مستأجر أو مستعار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 قلت التحقيق التفصيل بين أن يأمر السيد ومن في معناه بذلك أم لا ويحمل ما اتفق لسعد على الأول يجوز أخذ ما يتغذى به مما ينبت بنفسه كالرجلة ونحوه كما قاله المحب الطبري وهو ظاهر فهو أولى من أخذه للبهائم وفرق المطري تبعا لأبن النجار وابن الجوزي من الحنابلة بين حرم مكة والمدينة فقال يجوز أخذ ما تدعوا الحاجة إليه من شجر حرم المدينة للرحل بالحاء المهملة والوسائد ومن حثيثه للعلف بخلاف مكة لما سبقت الإشارة إليه في بعض أحاديث الفصل قبله ولابن زبالة يا رسول الله أنا أصحاب عمل وأنا لا نستطيع أن ننتاب أرضا فرخص لهم في القائمتين والوسادة والعارضة والاثنان قلت مثل هذا لا يحتج به وسبق من جنسه ما يعارضه بل روى الطبراني عن جابر رضي الله عنه بإسناد حسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمنع أن يقطع المسد قال خارجة والمسد مرود البكرة وأخذ الحشيش للدواب جائز عندنا على الأصح في حرم مكة وقال النووي في حديث مسلم المتقدم أن فيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف بخلاف خبط الأغصان وقطعها فإنه حرام وقال هو وغيره في شجر مكة أنه يجوز أخذ ورقها لكنها لا تهش حذرا من أن يصيب لحاءها فقد استوى الحرمان في ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وقال الغزالي حرم مكة لو قطع منه للحاجة التي يقطع لها إلا ذخر كتسقيف البيوت ونحوه ففيه الخلاف في قطعه للدواء أي والأصح جوازه وتبعه على ذلك صاحب الحاوي الصغير فجوز القطع للحاجة مطلقا ولم يخص الدواء فالحرمان في ذلك سواء وقل من تعرض للمسألة وما ذكروه في الدواء يتناول تحصيله له وإن لم يكن السبب قائما وهو ظاهر إطلاق الماوردي واستدلال بعضهم بنقل السنا المكي لكن عبارة الروضة ولو احتج إليه للدواء وفي شرح المهذب يجوز أخذه للعلف ولو أخذه لبيعه ممن يعلف به لم يجز ومقتضى ما سبق في الفصل قبله من قوله في الحديث ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لتطتها امتناع تنفير صيدها أي لا يصاح عليه فينفر كما قالوه في الحرم المكي وقد سوى صاحب الانتصار من أصحابنا بين الحرمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 في أن لقطتهما لا تحل للتملك بل للعفظ أبدا وهو مقتضى الدليل خلافا للدرامي حيث أرمي حيث فرق بينهما وقال الأئمة الثلاثة أن لقطتها تحل للتملك كغيرها ومقتضى قوله ولا يحمل فيها سلاح لقتال مجيء الخلاف الذي في مكة وأن المقاتلة الجائزة بغيرها تحرم فيها كقتال البغاة بل يضيق عليهم أن يخرجوا أو يفيأوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وذهب الحسن إلى تحريم حمل السلاح بمكة للنهي عن القتال فيها وهو سببه وفي الصحيح لا يحل لأحد أن يحمل السلاح بمكة ونقل النووي عن الماوردي أنه طرد الوجهين في سقوط فرض الاستنجاء بالذهب والديباج في حجارة الحرم قل ولعل مراده ما نقل منها إلى الحل إذ لا خلاف في جواز البول في الحرم فالأستنجاء بأحجاره كذلك وصحح الرافعي كراهة نقل أحجار الحرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وترابه وما أتخذ منه ونقلها النووي عن كثيرين أو الأكثرين وصحح هو التحريم وقال أبو حنيفة لا بأس به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وحمل تراب الحل وأحجاره إلى الحرم خلاف الأولى كما في شرح المهذب وأطلق في الروضة والمناسك الكراهة عليه ويظهر أن محل ذلك فيما لم تدع الحاجة إليه فإن دعت الحاجة إلى نقل تراب الحل إلى الحرم أو عكسه كمن أحتاج للسفر بآنية من تراب الحرم أو دخوله بها جاز وهو أولى مما سبق في جواز قطع نبات الحرم للدواء ونحوه وأولى من تجويز آنية الذهب والفضة للحاجة وقد قال الزركشي ينبغي أن يستثنى من منع نقل تراب الحرم تربة حمزة رضي الله عنه أي المأخوذة من المسيل الذي به مصرعه لأطباق السلف والخلف على نقلها للتداوي من الصداع قلت فتربه صعيب أولى بذلك لما سبق فيها ويجب على من أخرج شيئاً من تراب الحرم أو حجره أن يردّه ولا ضمان في تركه قال الدميري فإذا نقل تراب أحد الحرمين إلى الآخر هل يزول التحريم أي فينقطع وجوب الردّ أو يفرق بين نقله للأشرف وعكسه فيه نظروا في تغليظ الدية على القاتل خطأ بحرم المدينة كمكة خلاف مبني على الخلاف في ضمان صيدها ولذا أختار السراج البلقيني أنها تغلظ لأن المختار كما سبق عن النووي وغيره ضمان صيدها بالسلب وهو متجه واستحسن الروياني التسوية بين الحرمين في أن من مات من الكفار بهما يخرج ويدفن خارجها وعلي القول باختصاص مكة بذلك فسببه أن الكفار أخرجوا منها حبيبه صلى الله عليه وسلم فعوقبوا بالمنع من الحلول فيها مطلقا. لأولى كما في شرح المهذب وأطلق في الروضة والمناسك الكراهة عليه ويظهر أن محل ذلك فيما لم تدع الحاجة إليه فإن دعت الحاجة إلى نقل تراب الحل إلى الحرم أو عكسه كمن أحتاج للسفر بآنية من تراب الحرم أو دخوله بها جاز وهو أولى مما سبق في جواز قطع نبات الحرم للدواء ونحوه وأولى من تجويز آنية الذهب والفضة للحاجة وقد قال الزركشي ينبغي أن يستثنى من منع نقل تراب الحرم تربة حمزة رضي الله عنه أي المأخوذة من المسيل الذي به مصرعه لأطباق السلف والخلف على نقلها للتداوي من الصداع قلت فتربه صعيب أولى بذلك لما سبق فيها ويجب على من أخرج شيئاً من تراب الحرم أو حجره أن يردّه ولا ضمان في تركه قال الدميري فإذا نقل تراب أحد الحرمين إلى الآخر هل يزول التحريم أي فينقطع وجوب الردّ أو يفرق بين نقله للأشرف وعكسه فيه نظروا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 في تغليظ الدية على القاتل خطأ بحرم المدينة كمكة خلاف مبني على الخلاف في ضمان صيدها ولذا أختار السراج البلقيني أنها تغلظ لأن المختار كما سبق عن النووي وغيره ضمان صيدها بالسلب وهو متجه واستحسن الروياني التسوية بين الحرمين في أن من مات من الكفار بهما يخرج ويدفن خارجها وعلي القول باختصاص مكة بذلك فسببه أن الكفار أخرجوا منها حبيبه صلى الله عليه وسلم فعوقبوا بالمنع من الحلول فيها مطلقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 " الفصل الثامن " في خصائصها وهي كثيرة تزيد على المائة إلا أن مكة شاركتها في بعض ذلك كالمذكور في الفصل قبله من تحريم وقطع الرطب من شجرها وحشيشها وصيدها واصطياده وتنفيره وحمل السلاح للقتال بها وأمر لقطتها ونقل التراب ونحوه منها أو إليها ونبش الكافر إذا دفن بها. وامتازت بتحريمها على لسان أشرف الأنبياء بدعوته صلى الله عليه وسلم كون المتعرض لصيدها وشجرها يسلب كقتيل الكفار وهو أبلغ في الزجر مما جاء في مكة وعلي القول بعدمه وهو أدل على عظيم حرمتها حيث لم يشرع له جابر ويجوز نقل ترابها للتداوي واشتمالها على أفضل البقاع ودفن أفضل الخلق به وأفضل هذه الأمة وكذا أكثر الصحابة والسلف الذين هم خير القرون وخلقهم من تربتها وبعث أشرف هذه الأمة يوم القيامة منها على ما نقله في المدارك عن مالك قال وهو لا يقوله من عند نفسه وكونها محفوفة بالشهداء كما قاله مالك أيضا بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 أفضل الشهداء الذين بذلوا أنفسهم في ذات الله تعالى بين يدي نبيه صلى الله عليه وسلم فكان شهيدا عليهم واختيار الله تعالى لها قرار الأفضل خلقه وأحبهم إليه واختيار أهلها للنصرة والإيواء وافتتاحها بالقرآن وسائر البلاد بالسيف والسنان وافتتاح سائر بلاد الإسلام منها وجعلها مظهر الدين وجوب الهجرة إليها قبل فتح مكة والسكنى بها لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته بالأنفس على ما قال عياض أنه متفق عليه قال ومن هاجر قبل الفتح فالجمهور على منعه من الإقامة بمكة بعد الفتح ورخص له في ثلاثة أيام بعد قضاء نسكه والحث على سكناها وعلى اتخاذ الأصل بها وعلى الموت فيها والوعد على ذلك بالشفاعة أو الشهادة أو هما واستجاب الدعاء بالموت بها وحرصه صلى الله عليه وسلم على موته بها وشفاعته أو شهادته لمن صبر على لأوائها أو شدتها وطلبه لزيادة البركة بها على مكة بما سبق بيانه ودعائه بحبها وأن يجعل الله تعالى بها قرارا ورزقا حسنا وتحريكه الدابة عند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 قدومها من حبها وطرحه الرداء عن منكبيه إذا قاربها وتسميته لها بطيبة وغيرها مما سبق ومن خصائصها طيب ريحها وللعطر فيها رائحة لا يوجد في غيرها قاله ياقوت وطيب العيش بها وكثرة أسمائها وكتابتها في التوراة مؤمنة وتسميتها فيها بالمحبوبة والمرحومة وغيره مما سبق وإضافتها إلى الله في قوله تعالى ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها وإلى الرسول بلفظ البيت في قوله تعالى كما أخرجك ربك من بيت الحق وأقسم الله تعالى (لا أقسم بهذا البلد) والبداء فيها في قوله تعالى (رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) مع أن المخرج مقدّم على المدخل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وكثرة دعائه صلى الله عليه وسلم لها خصوصا بالبركة ولثمارها ومكيالها ولسوقها وأهلها وقوله أنها تنفي خبثها وأنها تنفي الذنوب وأنه لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله تعالى فيها من هو خير منه ومن أرادها وأهلها بسوء إذا به الله تعالى الحديث فرتب الوعيد فيه على الإرادة كما قال تعالى في حرم مكة ومن يرد فيه بالحاد بظالم الآية والوعيد الشديد لمن أحدث بها حدثا أو آوى محدثا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 والحدث الإثم فيشمل الصغيرة فهي بها كبيرة أي يعظم جزاؤها لدلالتها على جراءة مرتكبها بحرم سيد المرسلين وحضرته الشريفة والوعيد الشديد لمن ظلم أهلها أو أخافهم ووعيد من لم يكرم أهلها وأن إكرامهم وحفظهم حق على الأمة وأنه صلى الله عليه وسلم شفيع أو شهيد لمن حفظهم فيه وقوله ومن أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي واختصاصها بملك الإيمان والحياء وبكون الإيمان يأرز إليها واشتباكها بالملائكة وحراستهم لها وأنها دار إسلام أبد الحديث أن الشياطين قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 يئست أن تعبد ببلدي هذا وأنها آخر قرى الإسلام خرابا رواه الترمذي وحسنه وعصمتها من الطاعون ومن الدجال مع خروج الرجل الذي هو خير الناس أو من خير الناس منها إليه ونقل وبائها وحماها والاستشفاء بترابها وبثمرها وقوله في حديث الطبراني وحق على كل مسلم زيارتها وسماعه صلى الله عليه وسلم لمن صلى أو سلم عليه عند قبره ووجوب شفاعته لمن زاره بها وغير ذلك مما سيأتي في فضل الزيارة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وكونها أول أرض أتخذ بها مسجد لعامة المسلمين في هذه الأمة وتأسيس مسجدها على يد صلى الله عليه وسلم وعمله فيه بنفسه ومعه خير الأمة وأن الله تعالى أنزل في بنائه لمسجد أسس على التقوى الآية وكونه آخر مساجد الأنبياء والمساجد التي تشد إليها الرحال وكونه أحق المساجد أن يراد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وما به من المضاعفة الآتية وأن من صلى فيه أربعين صلاة كتبت له براءة من النار وبراءة من العذاب وبريء من النفاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وأن من خرج على طهر لا يريد إلا الصلاة فيه كان بمنزلة حجة وما ثبت من أن إتيان مسجد قباء والصلاة فيه تعدل عمرة وغير ذلك مما سيأتي في فصلها وأن ما بين بيته صلى الله عليه وسلم ومنبره روضة من رياض الجنة مع ذهاب بعضهم إلى أن ذلك يعم مسجده صلى الله عليه وسلم وأنه المسجد الذي لا يعرف بقعة في الأرض من الجنة غيره وأن منبره الشريف على ترعة من ترع الجنة وأن قوائمه ثوابت في الجنة وأنه على حوضه صلى الله عليه وسلم وما جاء في أن ما بين منبره الشريف والمصلى روضة من رياض الجنة وسيأتي ما يقتضي أن المراد مصلى العيد وهذا جانب كبير من هذه البلدة وقوله في أحد جبل يحبنا ونحبه وأنه على ترعة من ترع الجنة وفي واديها بطعان أنه على ترعة من ترع الجن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 ووصفه لواديها العقيق وبالوادي المبارك وأنه يحبنا ونحبه وقوله في ثمارها أن العجوة من الجن وسيأتي في بئر غرس أن صلى الله عليه وسلم رأى أنه أصبح على بئر نن آبار الجنة فأصبح عليها ورؤيا الأنبياء حق واختصاص مسجدها بمزيد الأدب وخفض الصوت وتأكد التعلم والتعليم به وأنه لا يسمع النداء فيه ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق واختصاصه عند بعضهم بمنع أكل الثوم من دخوله لاختصاصه بملائكة الوحي والوعيد الشديد لمن حلف يمين فاجرة عند منبرها ومضاعفة سائر الأعمال بها كما صرح به الغزالي وغيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وسيأتي حديث صيام شهر رمضان في المدينة كصيام ألف شهر فيما سواها وكون أهلها أول من يشفع لهم صلى الله عليه وسلم واختصاصهم بمزيد الشفاعة والإكرام وجاء بعث الميت بها من الآمنين وأنه يبعث من بقيعها سبعون ألفا على صورة القمر يدخلون الجنة بغير حساب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 ومثله مقبرة بني سلمة وتوكل ملائكة بمقبرة بقيعها كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤها في الجنة وبعثه صلى الله عليه وسلم منها وبعث أهلها من قبورهم قبل سائر الناس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 واستحباب الدعاء بها في الأماكن التي دعا بها صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيانها ويقال انه مستجاب عند الأسطوان المخلق وعند المنبر وبزاوية دار عقيل وبمسجد الفتح على ما سيأتي وكثرة المساجد والمشاهد والمتبركات بها كما يتضح لك واستحقاق من عاب تربتها للتعزيز أفتى مالك فيمن قال تربتها رديئة بأن يضرب ثلاثين درّة وأمر بسجنه وكان له قدر وقال ما أحوجه غلى ضرب عنقه تربة دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم يزعم أنها غير طيبة واستجاب الدخول لها من طريق والرجوع من أخرى والاغتسال لدخولها وتخصيص أهلها بأبعد المواقيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وذهب بعض السلف غلى تفضيل البداءة بها قبل مكة وأن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبدؤون بالمدينة إذا حجوا يقولون نبدأ من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن علقمة والأسود وعمرو بن ميون أنهم بدءوا بالمدينة وعن العبدي من المالكية المشي إلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم افضل من الكعبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وسيأتي أن من نذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لزمه الوفاء قولا واحدا وفي وجوب الوفاء بزيارة قبر غيره وجهان ويكتفي بزيارته لمن نذر إتيان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 مسجده كما قاله الشيخ أبو علي تفريعا على القول بلزوم الإتيان كما في البويطي وعلى أنه لا بد من ضم قربه إلى الإتيان كما هو الأصح والصحيح عدم لزوم الإتيان وجاء في سوقها أن الجالب إليه كالمجاهد في سبيل الله وأن المحتكر فيه كالمخلد في كتاب الله واختصت بظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها مع انطفائها عند حرمها كما سيأتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وبما تضمنه حديث الحاكم وغيره وصححه يوشك الناس أن يضربوا كباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة وكان ابن عيينة يقول نراه مالك بن انس وقيل ذلك وبما نقل عن مالك من أن إجماع أهلها مقدم على خبر الواحد لسكناهم مهبط الوحي ومعرفتهم بالناسخ والمنسوخ واختصاص أهلها في قيام رمضان بستة وثلاثين ركعة سوى الوتر على المشهور عند الشافعية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 قال الشافعي رأيت أهل المدينة يقومون بتسع وثلاثين ركعة منها ثلاث الوتر ونقل الروياني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وغيره من الشافعي أن سببه إرادة أهل المدينة مساواة أهل مكة فيما كانوا يأتون به من الطواف وركعتيه بعد الترويحات فجعلوا مكان كل أسبوع ترويحة قال الشافعي ولا يجوز لغير أهل المدينة أن يماروا أهل مكة ولا ينافسوهم لأن الله تعالى فضلهم على سائر البلاد وقد بسطنا المسألة في كتابنا مصابيح القيام في شهر الصيام وأهل المدينة اليوم يقومون بعشرين ركعة أول الليل وبستة عشر آخره ولم أتحقق ابتداء وقت التفريق ويجعلون لكل من الصلاتين إماما ما غير الآخر ويقتصرون على إقامة الوتر جماعة أول الليل فتفوت من عزم على القيام آخر الليل وآخر وتره هذه السنة فذكرت لهم ذلك فصار إمام آخر الليل يوتر بفرقته وأن اتحد الإمام قدم غيره فيه فيوتر بهم ثم غلبت الحظوظ النفسية فتركوا ذلك بعد سنين ولا يخفى أن مكة تشارك المدينة في بعض ما سبق ومما اشتركا فيه أن كلا منهما يقوم مقام المسجد الأقصى لمن نذر الصلاة أو الاعتكاف فيه ولو نذرهما بمسجد المدينة لم يجزه الأقصى وأجزأ المسجد الحرام بناء على زيادة المضاعفة به وإذا نذر المشي إليها قال ابن المنذر يلزمه الوفاء وأن نذر المشي إلى بيت المقدس يخير بين الشي إليه أو إلى أحدهما والذي رجحوه ما اقتضاه كلام البغوي من عدم لزوم المشي في غير المسجد الحرام وإذا نذر تطيب مسجد المدينة والأقصى فتردّد فيه أمام الحرمين واقتضى كلام الغزالي تخصيص التردّد بهما فإن نظر غلى التعظيم ألحقناهما بالكعبة أو إلى امتياز الكعبة فلا " قلت " فينبغي الجزم بذلك في نذر تطييب القبر الشريف والله أعلم. دينة أن يماروا أهل مكة ولا ينافسوهم لأن الله تعالى فضلهم على سائر البلاد وقد بسطنا المسألة في كتابنا مصابيح القيام في شهر الصيام وأهل المدينة اليوم يقومون بعشرين ركعة أول الليل وبستة عشر آخره ولم أتحقق ابتداء وقت التفريق ويجعلون لكل من الصلاتين إماما ما غير الآخر ويقتصرون على إقامة الوتر جماعة أول الليل فتفوت من عزم على القيام آخر الليل وآخر وتره هذه السنة فذكرت لهم ذلك فصار إمام آخر الليل يوتر بفرقته وأن اتحد الإمام قدم غيره فيه فيوتر بهم ثم غلبت الحظوظ النفسية فتركوا ذلك بعد سنين ولا يخفى أن مكة تشارك المدينة في بعض ما سبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 ومما اشتركا فيه أن كلا منهما يقوم مقام المسجد الأقصى لمن نذر الصلاة أو الاعتكاف فيه ولو نذرهما بمسجد المدينة لم يجزه الأقصى وأجزأ المسجد الحرام بناء على زيادة المضاعفة به وإذا نذر المشي إليها قال ابن المنذر يلزمه الوفاء وأن نذر المشي إلى بيت المقدس يخير بين الشي إليه أو إلى أحدهما والذي رجحوه ما اقتضاه كلام البغوي من عدم لزوم المشي في غير المسجد الحرام وإذا نذر تطيب مسجد المدينة والأقصى فتردّد فيه أمام الحرمين واقتضى كلام الغزالي تخصيص التردّد بهما فإن نظر غلى التعظيم ألحقناهما بالكعبة أو إلى امتياز الكعبة فلا " قلت " فينبغي الجزم بذلك في نذر تطييب القبر الشريف والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 " الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا أن مكة بلد عظمه الله تعالى وعظم حرمته خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئاً من الأرض كلها بألف عام ووصلها بالمدينة ووصل المدينة ببيت المقدس ثم خلق الأرض كلها بعد ألف خلقا واحدا وهو حديث واه وعن عليّ رضي الله عنه كانت الأرض ماء فبعث الله ريحا مسحت الأرض مسحا فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع خلق من قطعة مكة والثانية المدينة والثالثة بيت المقدس والرابعة الكوفة وهو أثر رواه أيضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وفي الكبير للطبراني مرفوعا أن الله عز وجل أطع إلى أهل المدينة وهي بطحاء قبل أن تعمر ليس فيها مدر ولا بشر فقال يا أهل يثرب أني مشترط عليكم ثلاثا وسائق إليكم من كل الثمرات لا تعصي ولا تعلى ولا تكبري فإن فعلت شيئا من ذلك كالجزور لا يمنع من أكله ولرزين وغيره مرفوعا لما تجلى الله الجبل طور سيناء تشظى ستة أشظاظ وفي رواية شظايا فنزلت بمكة ثلاثة حراء وثبير وثور وبالمدينة أحد وعير وورقان وفي رواية ورضوي بدل عير ورضوي ينبع من عمل المدينة وفي رواية عير وثور ورضوي وفيه حكمة أخرى لتحديد الحرم بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وللطبراني وفي حديث الإسراء أول ما أسري به صلى الله عليه وسلم مرّ بأرض ذات نخل فقال له جبريل أنزل فنزل فصلى فقال صليت بيثرب وللنسائي فقال أتدري أين صليت صليت بطيبة وإليها المهاجرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وللشافعي رحمه الله حديث أسكنت أقل الأرض مطرا وهي بين عيني السماء عين الشام وعين اليمن زاد ابن زبالة فاتخذوا الغنم على خمس ليال من المدينة وفي رواية له فأقلوا من الماشية وعليكم بالزرع وأكثروا فيه من الجماجم وللشافعي يوشك أهل المدينة أن تمطر مطر ألا يكن أهلها البيوت ولا تكنهم الأمظال الشعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وفي رواية أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر وفي أخبار المدينة للمرجاني عن جابر رضي الله عنه مرفوعا ليعودن هذا الأمر إلى المدينة كما بدا منها حتى لا يكون إيمانا إلا بها ولا حمد برجال ثقات أن يرجع الناس إلى المدينة حتى تصير مسالحهم بسلاح ولابن زبالة كيف بك يا عائشة إذا رجع الناس بالمدينة وكانت كالرمانة المحشوة قالت فمن أين يأكلون يا نبي الله قال يطعمهم الله فوقهم ومن تحت أرجلهم ومن جنات عدن وفي رواية له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وليوشكن ان يبلغ بنيانهم هيفا وله عقب ذكر شجرة ذي الحليفة مرفوعا لا تقوم الساعة حتى يبلغ البناء الشجرة وله أريتك شرف السيالة وشرف الروحاء فإنه منازل أهل الأردن إذا حيز الناس إلى المدينة ولمسلم تبلغ المساكن أهاب أو يهاب بكسر المثناة التحتية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 ولأحمد في حديث أنه صلى الله عليه وسلم خرج حتى أتى بئر الأهاب يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان وبئر أهاب كما سيأتي بالحرة الغربية وقد بلغتا المساكن قبل خراب المدينة ولأبي بعلي عن أبى ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ البناء فأرتحل إلى الشام فلما بلغ البناء سلعا قدمت الشام وللطبراني في الكبير سيبلغ البناء سلعا ثم يأتي على المدينة زمان يمر السفر على بعض أقطارها فيقول قد كانت هذه مرة عامرة من طول الزمان وعفو الأثر ولا حمد بإسناد حسن ليسيرن الراكب في جنب وادي المدينة فليقولن لقد كان في هذه مرة حاضرة من المؤمنين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وللنسائي آخر قرية قرى السلام خرابا المدينة وللترمذي نحوه وحسنه وكذا لابن حبان ولأبي داود عران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال وله الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية خروج الدجال في سبعة اشهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وفي الصحيحين لتتركون المدينة على خير ما كانت مدللة ثمارها لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي الطيور والسباع وآخر من يحشر منها راعيان يريدان المدينة ينعقان بغنمها فيجدانها وحوشا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 ولمسلم وحشا وزاد حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما وفي الموطأ لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب والذئب فيعدى على بعض سواري المسجد أو المنبر أي يبول ولأحمد برجال ثقات المدينة يتركها أهلها وهي مرطبة قالوا فمن يأكلها قال السباع والعائف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وله برجال الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا فأقبل على المدينة وقال ويدل أنها قرية يدعها أهلها كأينع ما تكون وفي رواية ويل أتتك قرية يدعك أهلك وأنت خير ما تكونين ولأبن شبة عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا ليخرجن أهل المدينة من المدينة خير ما كانت نصفها زهز ونصفها رطب قيل من يخرجهم منها يا أبا هريره قال أمراء السوء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وله ابن عمرو علي بن أبي هريره أي في تعبيره بخير ما كانت فقال له لم ترد عليّ فوالله لقد كنت أنا وأنت في بيت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منها أهلها خير ما كانت فقال ابن عمر أجل ولكن لم يقله وإنما قال أعمر ما كانت ولو قال خير ما كانت لكان ذلك وهو حيّ وأصحابه فقال أبو هريرة رضي الله عنه صدقت والذي نفسي بيده ولأحمد برجال ثقات عن أبى ذر رضي الله عنه ما أنهم سيدعونها أحسن ما تكون الحديث الآتي في الفصل بعده وقد أختلف في هذا الترك للمدينة فقال عياض جرى في العصر الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وذكر الإخباريون في بعض الفتن التي جرت بها أرحا أكثر أهلها وبقيت ثمارها للعوافي ثم تراجع الناس إليها زاد البدر بن فرحون في النقل عن عياض وأن قوما رأوا ما أنذر به صلى الله عليه وسلم من تعدية الكلاب على سواري مسجدها وقال النووي المختاران هذا يكون آخر الزمان عند قيام الساعة يوضحه قوله في رواية لم يحشر راعيان وفي البخاري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 أنهما آخر من يحشر قلت روى ابن شبة حديث ليخرجن أهل المدينة ثم ليعودن إليه ثم ليخرجن منها ثم لا يعودون وحديث يخرج أهل المدينة منها ثم يعودون إليه فيعمرونها حتى تمتلئ وتبنى ثم يخرجون منها فلا يعودون إليها أبدا فالترك الثاني لم يقع وهو مراد النووي ولذا روى ابن شبة عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا آخر من يحشر رجلان رجل من جهينة وآخر من مزينة فيقولان أين الناس فيأتيان المدينة فلا يريان إلا الثعالب فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقانهما بالناس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وله آخر الناس محشر أرجلان من مزينة يفقدان الناس فيقول أحدهما لصاحبه فقد الناس مندحين وفيه ثم يقول أنطلق بنا إلى المدينة فينطلقان فلا يجدان بها أحد ثم يقول أنطلق إلى منزل قريش ببقيع الغرقد فينطلقان فلا يريان إلا السباع والثعالب فيتوجهان نحو البيت الحرام قلت فهذا مبين لأن ذلك عند قيام الساعة وكأنهما لما كانا آخر الناس موتا كانا آخرهم حشرا وفي رواية إنهما كانا ينزلان بجبل ورقان ويؤيد ما ذكره النووي أيضا ما رواه ابن شبة بسند صحيح أما والله لندعنها مذللة أربعين عاما للعوافي أتدرون ما العوافي الطير والسباع وله تقوم الساعة حتى يجيء الثعلب فيربض على منبر النبي صلى الله عليه وسلم لا ينهنهه أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وله ليجيئن الثعلب حتى يقبل في ظل المنبر ثم يروح لا ينهنهه أحد وله عن شريح بن عبيد أنه قرأ كتابا لكعب ليغشين أهل المدينة أمر يفزعهم حتى يتركوها وهي مذللة وحتى تبول السنانير على قطائف الخز ما يروعها شيء وحتى تخرق الثعالب في أسواقها ما يروعها شيء ولابن زبالة لا تقوم الساعة حتى تغلب على مسجدي هذا الكلاب والذئاب والضباع فيمر الرجل ببابه فيريد أن يصلي فيه فما يقدر عليه فهذا كله لم يقع اتفاقا وأما الترك الأول الذي ذكره عياض فلعله المشار إليه بقول أبي هريرة رضي الله عنه لما قيل له من يخرجهم منها قال أمراء السوء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ولأبن شبة عنه والذي نفسي بيده لتكونن بالمدينة ملحمة يقال لها الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين فأخرجوا من المدينة ولو على قدر بريد ولأبن أبي شيبة عنه اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمرة الصبيان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 يشير إلى ولاية يزيد وكانت سنة ستين وإلى كائنة الحرة وهي السبب في ترك المدينة كما يشير إليه قول القرطبي تبعا العياض فلما انتهى حال المدينة كمالا وحسنا تناقض أمرها إلى أن أقفرت جهاتها وتوالت الفتن فيها فخاف أهلها فارتحلوا عنها ووجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش عظيم من أهل الشام فنزل بالمدينة فقاتل أهلها فهزمهم وقتلهم بحرة المدينة قتلا ذريعا واستباح المدينة ثلاثة أيام فسميت وقعة الحرة لذلك ويقال لها حرة زهرة وكانت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 الوقعة بموضع يعرف بواقم على ميل من المسجد النبوي فقتل بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين وهم ألف وسبعمائة وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان وقتل من حملة القرآن سبعمائة رجل قال وقال الإمام بن حزم في المرتبة الرابعة وجالت الخيول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالت وراثت بين القبر والمنبر أدام الله تشريفهما وأكره الناس أن يبايعوا اليزيد على أنهم عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق وذكر له يزيد بن عبد الله بن زمعة البيعة على حكم القرآن والسنة فأمر بقتله فضرب عنقه وذكر الإخباريون أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي وفي حال خلائها أعدت الكلاب أي بالبت على سواري المسجد اه كلام القرطبي وسبب أمر يزيد بذلك على ما ذكره ابن الجوزي أنه ولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة فبعث إليه وفدا منها فلما رجعوا قالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب وأنا نشهدكم أنا قد خلعنا مع إحسانه جائزتهم فخلعوه عند المنبر وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار وعبد الله بن مطيع على قريش وأخرجوا عامله عثمان وكان ابن حنظلة يقول ما خرجنا عليه حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء وفي كتاب الواقدي أن ابن ميناء كان عاملا على صوافي المدينة وبها يومئذ صواف كثيرة حتى كان معاوية رضي الله عنه يجد بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسين ألف وسق يحصد مائة ألف وسق حنطة فأقبل ابن ميناء بشرج من الحرة يريد الأموال فلما انتهى إلى بلحارث منعوه فأعلم أمير المدينة عثمان بذلك فأرسل إلى ثلاثة من بلحارث فأجابوه فعد ابن ميناء فذبوه فرجع إلى الأمير فقال أجمع لهم وبعث معه جنده فرفدت قريش الأنصار وتفاقم الأمر فكتب عثمان إلى يزيد بذلك وحرضه على أهل المدينة فقال والله لأبعثن لهم الجيوش ولأوطئنها الخيل فبعث مسلم بن عقبة في أثنى عشر ألفا وقال له أدع القوم ثلاثا فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا للجند وأجهز على جريحهم وأقتل مدبرهم وإياك أن تبقى عليهم وأن لم يعرضوا لك فأمض إلى ابن الزبير فلما قربوا تشاور أهل المدينة في خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملوا في الخندق خمسة عشر يوما فلما وصل القوم عسكروا بالجرف وبعثوا رجالا أحدقوا بالمدينة فلم يجدوا مدخلا والناس على أفواه الخنادق يرمون بالنبل وجلس مسلم بناحية وأقم فرأى أمر مهولا فاستعان بمروان وكان أهل المدينة قد أخرجوه من بني أمية فلقي مسلما فرجع معه فكلم مروان رجلا من بني حارثة ورغبه في الصنيع وقال تفتح لنا طريقا فأكتب بذلك إلى يزيد فيحسن جائزتك ففتح لهم طريقا من قبلهم حتى أدخل له الرجال من بني حارثة إلى بني عبد الأشهل قال محمود بن لبيد حضرت يومئذ فإنما أتينا من قومنا بني حارثة وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عند أبن عباس قال جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة في وقعة الحرة قال يعقوب وكانت الوقعة سنة ثلاث وستين ولأبن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بن أسماء سمعت أشياخ أهل المدينة يوما فأن فعلوا فأرمهم بمسلم بن عقبة فأني عرفت نصيحته فلما ولى يزيد وقد عليه أبن حنظلة وجماعة فأكرمهم فرجع فحرض الناس على يزيد ودعاهم إلى خلعه فأجابوه فبلغه فجهز مسلم بن عقبة فأستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوما من الشاميين من جانب المدينة فترك أهل المدينة القتال ودخلوا خوفا على أهليهم فكانت الهزيمة وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء اه وذكر المجد وغيره إنهم سبوا الذرية واستباحوا الفروج وإنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن أولاد الحرة لأبن الجوزي عن هشام أبن حسان ولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج وممن قتل من الصحابة يومئذ صبرا عبد الله أبن حنظلة الغسيل مع ثمانية من بنيه وعبد الله بن زيد حاكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ومعقل بن سنان الأشجعي وكان شهد فتح مكة وكان معه راية قومه وفيه يقول شاعرهملقرآن والسنة فأمر بقتله فضرب عنقه وذكر الإخباريون أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي وفي حال خلائها أعدت الكلاب أي بالبت على سواري المسجد ا. هـ كلام القرطبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وسبب أمر يزيد بذلك على ما ذكره ابن الجوزي أنه ولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة فبعث إليه وفدا منها فلما رجعوا قالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب وأنا نشهدكم أنا قد خلعنا مع إحسانه جائزتهم فخلعوه عند المنبر وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار وعبد الله بن مطيع على قريش وأخرجوا عامله عثمان وكان ابن حنظلة يقول ما خرجنا عليه حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء وفي كتاب الواقدي أن ابن ميناء كان عاملا على صوافي المدينة وبها يومئذ صواف كثيرة حتى كان معاوية رضي الله عنه يجد بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسين ألف وسق يحصد مائة ألف وسق حنطة فأقبل ابن ميناء بشرج من الحرة يريد الأموال فلما انتهى إلى بلحارث منعوه فأعلم أمير المدينة عثمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 بذلك فأرسل إلى ثلاثة من بلحارث فأجابوه فعد ابن ميناء فذبوه فرجع إلى الأمير فقال أجمع لهم وبعث معه جنده فرفدت قريش الأنصار وتفاقم الأمر فكتب عثمان إلى يزيد بذلك وحرضه على أهل المدينة فقال والله لأبعثن لهم الجيوش ولأوطئنها الخيل فبعث مسلم بن عقبة في أثنى عشر ألفا وقال له أدع القوم ثلاثا فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا للجند وأجهز على جريحهم وأقتل مدبرهم وإياك أن تبقى عليهم وأن لم يعرضوا لك فأمض إلى ابن الزبير فلما قربوا تشاور أهل المدينة في خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملوا في الخندق خمسة عشر يوما فلما وصل القوم عسكروا بالجرف وبعثوا رجالا أحدقوا بالمدينة فلم يجدوا مدخلا والناس على أفواه الخنادق يرمون بالنبل وجلس مسلم بناحية وأقم فرأى أمر مهولا فاستعان بمروان وكان أهل المدينة قد أخرجوه من بني أمية فلقي مسلما فرجع معه فكلم مروان رجلا من بني حارثة ورغبه في الصنيع وقال تفتح لنا طريقا فأكتب بذلك إلى يزيد فيحسن جائزتك ففتح لهم طريقا من قبلهم حتى أدخل له الرجال من بني حارثة إلى بني عبد الأشهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 قال محمود بن لبيد حضرت يومئذ فإنما أتينا من قومنا بني حارثة وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عند أبن عباس قال جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة في وقعة الحرة قال يعقوب وكانت الوقعة سنة ثلاث وستين ولأبن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بن أسماء سمعت أشياخ أهل المدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 يوما فأن فعلوا فأرمهم بمسلم بن عقبة فأني عرفت نصيحته فلما ولى يزيد وقد عليه أبن حنظلة وجماعة فأكرمهم فرجع فحرض الناس على يزيد ودعاهم إلى خلعه فأجابوه فبلغه فجهز مسلم بن عقبة فأستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوما من الشاميين من جانب المدينة فترك أهل المدينة القتال ودخلوا خوفا على أهليهم فكانت الهزيمة وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء اه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وذكر المجد وغيره إنهم سبوا الذرية واستباحوا الفروج وإنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن أولاد الحرة لأبن الجوزي عن هشام أبن حسان ولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج وممن قتل من الصحابة يومئذ صبرا عبد الله أبن حنظلة الغسيل مع ثمانية من بنيه وعبد الله بن زيد حاكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ومعقل بن سنان الأشجعي وكان شهد فتح مكة وكان معه راية قومه وفيه يقول شاعرهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 ألا تلكموا الأنصار تبكي سراتها ... وأشجع تبكي معقل بن سنان ولأبن الجوزي عن سعيد بن المسيب لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد من خلق الله غيري وأن أهل الشام ليدخلون زمرا يقولون انظروا إلى هذا الشيخ المجنون ولا يأتي وقت صلاة إلا سمعت آذانا من القبر ثم أقيمت الصلاة فتقدمت فصليت وما في المسجد أحد غيري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وسمى مسلم بن عقبة مسرفا لإسرافه في قتل أهل المدينة وكذا مجرما لعظيم إجرامه وروى إنه أتى بعلي بن الحسين رضي الله عنه مع غيظه عليه فلما رآه ارتعد وقام له وأقعده إلى جانبه وقال له سلني حوائجك فلم يسأله في أحد ممن قدّم للسيف إلا شفعه فيه وأنصرف فقيل لعلي رأيناك تحرك شفتيك فما الذي قلت قال قلت اللهم رب السماوات السبع وما أظللن والأرضين السبع وما أقللن ورب العرش العظيم ورب محمد وآله الطيبين الظاهرين أعوذ بك من شره وأدرأ بك في نحره أسألك أن تريني خبره وتكفيني شره وقيل لمسلم رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أتى به إليك رفعت منزلته قال ما كان ذلك برأي مني ولقد ملئ قلبي منه رعبا ولما سار من المدينة لقتال أبن الزبير أهلكه الله في الطريق وابتلاه الله بالماء الأصفر في بطنه فمات بقديد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وقيل بهرشي بعد الوقعة بثلاث وكان قد قال لحصين بن نمير أمير المؤمنين ولاك بعدي فأسرع السير لأبن الزبير وأمره أن ينصب المجانيق على مكة ومضى الجيش لمكة وجعل يرمي الكعبة بالمنجنيق وأخذ رجل قبسا في رأس رمح فطار به الريح فاحترق البيت فجاءهم نعي يزيد هلال ربيع الآخر وكان بين الحرة وموته ثلاثة أشهر أو دونها فأنه توفى بالذبحة وذات الجنب نصف ربيع الأول وكانت وقعة الحرة وقتل الحسين ورمى الكعبة من أشنع ما جرى في زمن يزيد وللواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في سفر من أسفاره فلما مر بحرة زهرة وقف واسترجع فسيئ بذلك من معه وظنوا إن ذلك من أمر سفرهم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله ما الذي رأيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما أن ذلك ليس من سفركم هذا قالوا فما هو قال يقتل في هذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وله أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشرف على بني عبد الأشهل أشار بيد فقال يقتل بهذه الحرّة خيار أمّتي وعن كعب قال نجد في التوراة إن في حرة شرقي المدينة مقتلة تضيء وجوههم يوم القيامة صنعا ويقال للحرة حرة وأقم وقال عبد الرحمن بن سعيد بن زيد أحد العشرة فإن تقتلونا يوم حرة واقم ... فنحن على الإسلام أوّل من قتل ونحن قتلناكم بيد راذلة ... وأبنا بأسلاب لنا منكم نفل فإن ينج منها عائذ البيت سالما ... فكل الذي قد نالنا منكم بطل يعني بعائذ البيت عبد الله بن الزبير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 " الفصل العاشر " في ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها وانطفائها عند وصولها لحرمها في الصحيحين حديث لا تقوم الساعة حتى تظهر نار الحجاز وللبخاري تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصري وفي مسند الفردوس وكامل أبن عديّ عن عمر مرفوعا لا تقوم الساعة حتى يسيل واد من أودية الحجاز بالنار تضيء له أعناق الإبل ببصري ولأحمد برجال ثقات عن أبي ذر أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا ذا الحليفة فتعجل رجال إلى المدينة وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبتنا معه فلما أصبح سأل عنهم فقيل تعجلوا إلى المدينة فقال تعجلوا إلى المدينة والنساء أما أنهم سيدعونها أحسن ما كانت ثم قال ليت شعري متى تخرج نار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 بأرض اليمن من جبل الوراق تضيء منها أعناق الإبل ببصري بروكا كضوء النهار " قلت " والمدينة وإن كانت حجازية فقد نص الشافعيّ على كونها يمانية كما نقله عنه البيهقيّ وروى في ذلك حديثا وللطبراني في حديث لحذيفة بن أسد لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رومان أو ركوبة تضيء منها أعناق الإبل ببصري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وله عن عاصم بن عدي الأنصاريّ سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم فقال أبن حبس وسيل قلنا لا ندري فمرّ بي رجل من بني سليم فقلت من أين جئت فقال من حبس وسيل فدعوت بنعلي فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله سألتنا عن حبس وسيل فقلنا لا علم لنا به وإنه مرّ بي هذا الرجل فسألته فزعم إن به أهله فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين أهلك قال بحبس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وسيل فقال أخرج أهلك منها فأنه يوشك أن تخرج منها نار تضيء أعناق الإبل ببصرى وعن رافع بن بشر السلمي عن أبيه مرفوعا يوشك نار تخرج من حبس وسيل تسير سير مطية الإبل تسير النهار وتقيم الليل الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى قال الحافظ الهيتميّ ورجال أحمد رجال الصحيح غير رافع وهو ثقة أهو حبس بالضم ثم السكون بين حرّة بني سليم والسوارقية وقال نصر إنه بالفتح إحدى حرّتي بن سليم وقد ظهرت هذه النار وأقبلت من قبلة المدينة مما يلي المشرق بجهة طريق السوارقية كما سيأتي وهي جهة بلاد بني سليم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 قال البدر بن فرحون سالت هذه النار في وادي أحيلين وقال القطب القسطلانيّ ظهرت في جهة المشرق على مرحلة متوسطة من المدينة في موضع يقال له قاع الهيلا قرب مساكن قريظة بينها وبين أحيلين ثم امتدّت آخذة في المشرق إلى قريب من أحيلين " قلت " ولعل مظهرها أوّلا كان من الموضع المشار إليه في الحديث لكن لم يحس بها الناس حتى سالت بالمحل المذكور لأنها للإنذار فظهرت قرب بلد النذير صلى الله عليه وسلم وتقدّمها زلازل مهولة أياما وقد قال تعالى وما ترسل بالآيات إلا تخويفا ولعلها لو ظهرت بغير هذا المحل وسلطان العظمة التي هي من آثاره قائم عمّ ضررها الأمة فخصت به ليتم الإنذار ثم أنّ أهل المدينة التجئوا في أمرها إلى نبيهم المبعوث بالرحمة فصرفت عنهم ذات الشمال وقابلتها الرحمة فكانت بردا وسلاما وظهرت بركة تربته صلى الله عليه وسلم في أمته وقال النووي تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 " قلت " وكانت في زمنه وكان ابتداء الزلزلة بالمدينة مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة لكنها كانت خفيفة فلم يدركها بعضهم مع تكرّرها واشتدّت في يوم الثلاثاء وظهرت ظهورا عظيما ثم في ليلة الأربعاء ثالث الشهر في الثلث الأخير من الليل حدثت زلزلة عظيمة جدّا أشفق الناس منها واستمرّت تزلزل بقية الليل إلى يوم الجمعة ولها دويّ أعظم من الرعد فتموج الأرض وتتحرّك الجدران حتى وقع في يوم واحد دون ليلته ثماني عشرة حركة على ما حكاه القسطلانيّ في كتاب أفرده لهذه النار وكانت في زمنه وهو بمكة ونقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب سنان قاضي المدينة والقاشاني وغيرهما عجائب من ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 قال القاشاني تزلزلت الأرض يوم الجمعة زلزلة عظيمة إلى أن اضطربت منائر المسجد وسمع لسقفه صرير عظيم وقال القسطلاني فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار فنار من محل ظهورها في الجوّ دخان متراكم غشي الأفق سواده فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار فظهرت مثل المدينة العظيمة في جهة المشرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وقال القرطبيّ وقد خرجت نار بالحجاز بالمدينة الشريفة وكان بدؤها زلزلة عظيمة ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة استمرت إلى ضحى يوم الجمعة فسكنت وظهرت أي النار قال وكانت ترة صفة البلد العظيمة عليها سور محيط عليه شراريف وأبراج ومآذن ويرى رجال يقودونها لا تمرّ على جبل إلا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق له دويّ كدويّ الرعد يأخذ الصخور بين يديه واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم فانتهت النار إلى قرب المدينة ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم بارد شوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وقال لي بعض أصحابنا رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام وسمعت إنها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى انتهى وقال القسطلاني إن ضوءها استولى على ما بطن وظهر حتى كأن الحرم والمدينة قد أشرفت بهما الشمس وتأثر من لهيبها النيران وصار نور الشمس على الأرض يعتريه صفرة ولونها هي يعتريه حمرة والقمر كأنه قد كسف ونقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان إنها رؤيت من مكة ومن الفلاة جميعها من ينبع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 قال أبو شامة وأخبرني من أنق به ممن شاهدها بالمدينة إنه بلغة إنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب والشمس والقمر في مدّتها ما يطلعان إلا كأسفين وظهر عندنا بدمشق أثر ذلك الكسوف من ضعف النور على الحيطان وكنا حيارى من ذلك إلى أن بلغنا خبرها وقال القسطلاني قد أخبرني جماعة إنهم شاهدوها من جبال ساية وجاء من أخبر إنه أبصرها بتيماء وبصرى منهما مثل ما هي من المدينة في البعد وقال العماد بن كثير أخبرني قاضي القضاة صدر الدين الحنفي قال أخبرني والدي الشيخ صفي الدين مدرس مدرسة بصرى إنه أخبره غير واحد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 الأعراب صبيحة الليلة التي ظهرت فيها هذه النار إنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم في ضوء تلك النار فظهر إنها الموعود بها وتمت بذلك المعجزة لحصول ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وأنارتها بهذه الأماكن البعيدة ليتم الإنذار واختصاص ظهورها بيوم الجمعة لا يخفى وكانت نعمة في صورة نقمة فوجلت القلوب منها وأشفقت وأعتق أمير المدينة عز الدين منيف بن شيحة جميع مماليكه وردّ على الناس مظالمهم وأبطل المكس وهبط للنبي صلى الله عليه وسلم وبات في المسجد ليلة الجمعة والسبت ومعه جميع أهل المدينة حتى النساء والصغار وأهل النخل يتضرعون ويبكون كاشفين رؤوسهم مقرين بذنوبهم مستجيرين بنبيهم صلى الله عليه وسلم فصرف الله تعالى عنهم تلك النار العظيمة ذات الشمال قالت من وادي أحيليين إلى جهة الشمال واستمرّت مدّة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون فطالت مدّتها ليشتهر أمرها وينزجر عامة الخلق بها وعظم أمرها ليشاهد منها عنوان نار الآخرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 وذكر القسطلانيّ عمن يثق به أنّ أمير المدينة أرسل عدة من الفرسان إليها فلم تجسر الخيل على القرب منها فترجل أصحابها وقربوا منها فذكروا إنها ترمي بشرر كالقصر ولم يظفروا بحلية أمرها فجرّد عزمه لذلك فوصل منها إلى قدر غلوتين بالحجر ولم يستطع أن يجاوز موقفه من حرارة الأرض وأحجار كالمسامير تحتها نار سارية ومقابلة ما يتصاعد من اللهب فعاين نارا كالجبال الراسيات والتلال المجتمعة السائرات تقذف بزبد الأحجار كالبحار المتلاطمة الأمواج وعقد لهيبها في الأفق قتاما حتى ظن الظان إن الشمس والقمر كسفا إذ سلبا بهجة الإشراق في الآفاق انتهى وفيه مخالفة لما نقله المطري عن علم الدين سنجر عتيق عز الدين منيف أمير المدينة من أنّ سيده أرسله إليها مع شخص من العرب قال وقال لنا ونحن فارسان أقر بأمتها وأنظر أهل يقدر أحد على القرب منها فأنّ الناس يهابونها فقربنا منها فلم نجد لها حرا فرسي وسرت إلى أن وصلت إليها وهي تأكل الصخر والحجر فأخذت سهما من كنانتي ومددت به يدي إلى أن وصل النصل إليها فلم أجد لذلك ألما ولا حرا فعرق النصل ولم يحترق العود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وذكر المطري قبل ذلك إنها كانت تأكل كل ما مرت عليه من جبل وحجر ولا تأكل الشجر قال وظهر لي إنه لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم شجر المدينة فمنعت من أكل شجرها لوجوب طاعته على كل مخلوق " قلت " صرح القسطلاني بما يرده حيث قال إنها لم تزل مارة على سبيلها وهي تسحق ما والاها وتذيب ما لاقاها من الشجر الأخضر والحصبي وإن طرفها الشرقي آخذ بين الجبال فحالت دونه ثم وقفت وإن طرفها الشامي وهو الذي يلي الحرم اتصل بجبل يقال له وعيرة على قرب من شرقي جبل أحد ومضت في الشظاة التي في طرفها وادي حمزة رضي الله عنه حتى استقرّت تجاه حرم النبي صلى الله عليه وسلم فطفئت قال وأخبرني شخص اعتمد عليه إنه عاين حجرا ضخما من حجارة الحرة كان بعضه خارجا عن حدّ الحرم فعلقت بما خرج منه فلما وصلت إلى ما دخل منه في الحرم طفئت وخمدت وقال في موضع آخر إنها لما استقبلت الشام سالت إلى أن وصلت إلى موضع يقال له قرين الأرنب بقرب أحد فوقفت وانطفأت قلت وهذا أولى بالاعتماد وأبلغ في الأعجاز ونقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب القاضي سنان ما يؤيده فإنه قال فيه إن سيل هذه النار انحدر مع وادي الشظاة حتى حاذى جبل أحد وكادت النار تقارب حرة العريض ثم سكن قتبرها الذي يلي المدينة وطفئت مما يلي العريض ورجعت تسير في المشرق وكذا قول المؤرخين إنها سالت سيلا ذريعا في واد يكون طوله مقدار أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمفه قامة ونصف وهي تجري على وجه الأرض والصخر يذوب كالآنك ولم يزل يجتمع منه في آخر الوادي عند منتهى الحرة أي في المشرق حتى قطعت في وسط وادي الشظاة إلى جهة جبل وعيرة فسدت الوادي المذكور بسدّ عظيم من الحجر المسبوك بالنار قلت وآثار السدّ موجودة اليوم هناك ويسمى الحبس وقال القسطلاني أخبرني جمع أركن إلى قولهم إنها تركت على الأرض من الحجر ارتفاع رمح طويل على الأرض الأصلية انتهى وأنقطع وادي الشظاة بسبب ذلك وصار السيل يتحبس خلف السدّ المذكور حتى يصير بحرا مدّ البصر عرضا وطولا وسيأتي خبر انخراقه في الفصل الثاني من الباب الثامن ومن العجائب إن في تلك السنة احترق المسجد النبوي حريقه الأوّل عقب انطفاء هذه النار وزادت دجلة زيادة عظيمة فغرق أكثر بغداد وتهدّمت دار الوزير ثم في السنة التي بعدها وقعت الطامة الكبرى بأخذ التتار لبغداد وقتل الخليفة وأهلها بذل السيف فيهم نيفا وثلاثين يوما وألقيت الكتب تحت أرجل الدواب وبنى منها معالفهم بالمدرسة المستنصرية وخلت بغداد ثم استولى عليها الحريق حتى عمّ ترب الرصافة مدفن ولاة الخلافة وشوهد على بعض حيطانهافعلقت بما خرج منه فلما وصلت إلى ما دخل منه في الحرم طفئت وخمدت وقال في موضع آخر إنها لما استقبلت الشام سالت إلى أن وصلت إلى موضع يقال له قرين الأرنب بقرب أحد فوقفت وانطفأت قلت وهذا أولى بالاعتماد وأبلغ في الأعجاز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 ونقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب القاضي سنان ما يؤيده فإنه قال فيه إن سيل هذه النار انحدر مع وادي الشظاة حتى حاذى جبل أحد وكادت النار تقارب حرة العريض ثم سكن قتبرها الذي يلي المدينة وطفئت مما يلي العريض ورجعت تسير في المشرق وكذا قول المؤرخين إنها سالت سيلا ذريعا في واد يكون طوله مقدار أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمفه قامة ونصف وهي تجري على وجه الأرض والصخر يذوب كالآنك ولم يزل يجتمع منه في آخر الوادي عند منتهى الحرة أي في المشرق حتى قطعت في وسط وادي الشظاة إلى جهة جبل وعيرة فسدت الوادي المذكور بسدّ عظيم من الحجر المسبوك بالنار قلت وآثار السدّ موجودة اليوم هناك ويسمى الحبس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وقال القسطلاني أخبرني جمع أركن إلى قولهم إنها تركت على الأرض من الحجر ارتفاع رمح طويل على الأرض الأصلية انتهى وأنقطع وادي الشظاة بسبب ذلك وصار السيل يتحبس خلف السدّ المذكور حتى يصير بحرا مدّ البصر عرضا وطولا وسيأتي خبر انخراقه في الفصل الثاني من الباب الثامن ومن العجائب إن في تلك السنة احترق المسجد النبوي حريقه الأوّل عقب انطفاء هذه النار وزادت دجلة زيادة عظيمة فغرق أكثر بغداد وتهدّمت دار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الوزير ثم في السنة التي بعدها وقعت الطامة الكبرى بأخذ التتار لبغداد وقتل الخليفة وأهلها بذل السيف فيهم نيفا وثلاثين يوما وألقيت الكتب تحت أرجل الدواب وبنى منها معالفهم بالمدرسة المستنصرية وخلت بغداد ثم استولى عليها الحريق حتى عمّ ترب الرصافة مدفن ولاة الخلافة وشوهد على بعض حيطانها أن ترد عبرة فهذي بنو العباس دارت عليهم الدائرات استبيح الحريم إذ قتل الأحسبا منهم وأحرق الأموات وكثر الموت والفناء بتلك الناحية وطوى بساط الخلافة منها وذكر بعضهم هذه النار وغرق بغداد وأصلحه أبو شامة منبها على إنهما في سنة بقوله سبحان من أصبحت مشيئته ... جارية في الورى بمقدار في سنة أغرق العراق وقد ... أحرق أرض الحجاز بالنار وقريب من هذه النار ما ذكره أبن شبة في أخبار خالد بن سنان العبسي وهو كما في الخبر نبيّ ضيعه قومه وكانت سالت عليهم نار من حرة النار في ناحية خيبر وكانت الإبل تعشى بضوئها من مسيرة ثماني ليال وإن خالد أطفأها عنهم وقد بسطنا خبرها في الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وللبهيقي في الدلائل في خبر معاوية بن حرمل في قدومه المدينة وقول عمر له أذهب إلى خير المؤمنين وأنزل عليه يعني تميما الداري قال فبينا نحن ذات يوم إذ خرجت نار من الحرّة فجاء عمر رضي الله عنه إلى تميم الداري فقال قم إلى هذه النار فقال يا أمير المؤمنين ومن أنا وما أنا فلم يزل به حتى قام معه قال وتبعتهما فانطلقنا إلى النار فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها وهذا شبيه بما وقع لخالد بن سنان وأنشد بعض أهل المدينة في النار المتقدّمة يا كاشف الضرّ صفحا عن جرائمنا ... لقد أحاطت بنا يا رب بأساء نشكو إليك خطوبا لا نطيق لها ... حملا ونحن بها حقا أحقاء زلازل تخشع الصم الصلاب لها ... وكيف تقوى على الزلزال شماء أقام سبعا يرج الأرض فانصدعت ... عن منظر منه عين الشمس عشواء بحر من النار تجري فوقه سفن ... من الهضاب لها في الأرض أرساء ترمي لها شررا كالقصر طائشة ... كأنها ديمة تنصب هطلاء تنشق منها بيوت الصخران زفرت ... رعبا وترعد مثل السعف أضواء منها تكاثف في الجوّ الدخان إلى ... أن عادت الشمس منهوهي دهماء قد أثرت سفعة في البدر لفحتها ... فليلة التم بعد النور عمياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 تحدّث النيرات السبع ألسنها ... بما يلاقي بها تحت الثرى الماء وقد أحاط لظاها بالبروج إلى ... أن صار تلفحها بالأرض أهواء فباسمك الأعظم المكنون أن عظمت ... منا الذنوب وساء القلب أسواء فاسمح وهب وتفضل بالرضا كرما ... وارحم فكل لفرط الجهل خطاء فقوم يونس لما آمنوا كشف التعذيب عنهم وعم القوم نعماء ونحن أمة هذا المصطفى ولنا ... منه إلى عفوك المرجوّ دعاء هذا الرسول الذي لولاه ما سلكت ... محبة في سبيل الله بيضاء فارحم وصل على المختار ما خطبت ... على علا منبر الأوراق ورقاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 الباب الثاني في فضل الزيارة والمسجد النبوي ومتعلقاتهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وفيه خمسة فصول الأوّل في فضل الزيارة وتأكدها وشدّ الرحال إليها وصحة نذرها وحكم الاستئجار عليها روى الدارقطني في السنن وغيرها والبيهقيّ وغيرهما من طريق موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله العمريّ مصغرا عن نافع عن أبن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 واختلف علي بن سمرة فرواه مرة من طريق عبيد الله العمريّ مصغرا كغيره ومرة مكبرا ومرّ من ذلك الحافظ يحيى بن عليّ القرشي وصوّب التصغير وفي تاريخ أبن عساكر المحفوظ عن أبن سمرة عبيد الله وفي كامل أبن عدي عبد الله أصح وفيه نظر وأن صح حمل كما قال السبكيّ على إنه عند موسى بن هلال عنهما جميعا مع إنّ المكبر روى له مسلم مقرونا بغيره وقال أبو حاتم رأيت أحمد يحسن الثناء عليه وقال يحيى بن معين ليس به بأس يكتب حديثه وقال إنه في نافع صالح وموسى بن هلال قال أبن عدي أرجو إنه لا بأس به وقد روى عنه ستة منهم الإمام أحمد ولم يكن يروي إلا عن ثقة فلا يضره قول أبي حاتم إنه مجهول وقول العقيلي لا يتابع عليه وسيأتي في الحديث الثالث متابعة مسلمة الجهني له ولذلك ذكر هذا الحديث عبد الحق في الأحكام الوسطى والصغرى وسكت عليه مع قوله في الصغرى إنه تخيرها صحيحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 الإسناد معروفة عند النقاد قد ثقلها الإثبات وتداولها الثقات وذكر نحوه في الوسطى وسبقه إبن السكن إلى تصحيح الحديث الثالث وهو متضمن لمعنى هذا ومعنى وجبت إنها ثابتة لا بدّ منها بالوعد الصدق وقوله له أي يخص بشفاعة ليست لغيره أو يفرد بشفاعة مما تحصل لغيره تشريفا له أو أن دخوله في الشفاعة لا بدّ منه فهو بشرى بموته مسلما فلا يضمن فيه شرط الوفاة على الإسلام بخلافه على الأوّلين وقوله شفاعتي أي إنه يشفع فيه هو بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الشافع وللبزار من طريق عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري حلت له شفاعتي وهذا هو الأوّل ولذا عزاه عبد الحق للدارقطني أيضا إلا أن في الأوّل وجبت وفي هذا حلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 والقصد تقوية الأوّل به فلا يضره ما قيل في عبد الله الغفاري وكذا ما قيل في عبد الرحمن بن زيد إذ ليس راجعا إلى تهمة كذب ولا فسق ومقله يحتمل في المتابعات وقد روى الترمذي وغيره لعيد الرحمن بن زيد وقال أبن عدي إنه ممن احتمله الناس وإنه ممن يكتب حديثه وصحح الحاكم حديثا من جهته في التوسل وللطبرانيّ في الكبير والأوسط والدارقطني في أماليه وأبي بكر بن المقري في معجمه من طريق مسلمة بن سالم الجهني حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن سالم عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من جاءني زائرا لا نعمده حاجة إلا زيارتي كان حقا عليّ أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 أكون له شفيعا يوم القيامة وفي معجم أبن المقري بالسند المذكور عن نافع وسالم عن أبن عمر مرفوعا من جاءني زائرا كان له حقا على الله عز وجل أن أكون له شفيعا يوم القيامة وأورد الحافظ أبن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم من كتابه المسمى بالسنن الصحاح المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو محذوف الأسانيد ومقتضى ما شرطه في خطبته أن يكون مما أجمع على صحته وكأنه فهم من الحديث الزيارة بعد الموت أو أن ما بعد الموت داخل في العموم وهو صحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وللدارقطني والطبراني وغيرهما بسند فيه حفص بن أبي داود القاري عن ليث عن مجاهد عن أبن عمر مرفوعا من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وحفص هذا وثقه أحمد في أرجح الروايتين عنه وضعفه جماعة وهو لم ينفرد بهذا الحديث فقد رواه الطبراني في الكبير والأوسط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 من طريق عائشة بنت يونس امرأة لليث عن الليث عن مجاهد عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري الحديث ورواه بعض الحفاظ المعاصرين لأبن منده من طريق حفص بلفظ من حج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 فزارني في مسجدي بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وأبن الجوزي في مثير العزم الساكن بلفظ من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبني قال أبو اليمن بن عساكر تفرد بقوله وصحبني الحسن بن الطيب وفيه نظر وهي زياده منكرة قال السبكيّ لم ينفرد بها أبن الطيب فقد رواه كذلك أبن عديّ في كامله من طريق الحسن بن سفيان بدل أبن الطيب قلت وذلك لا يقتضي التشبيه بمن صحبه من كل وجه حتى يعارض لو أنفق أحدكم مثل أحد الحديث كما زعمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 بعضهم ولأبن عدي في الكامل والدارقطنيّ في غرائب مالك من طريق النعمان بن شبل عن مالك عن نافع عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من حجج البيت ولم يزرني فقد جفاني قال ابن عدي لا أعلم من رواه عن مالك غير النعمان ولم أر في أحاديثه حديثا غريبا قد جاوزا الحدّ فإذا كره ونقل في صدر ترجمته عن عمران أن بن موسى أنه ثقة وعن موسى بن هارون أنه مهتم والنهمة غير مفسرة فالحكم للتوثيق وقول الدارقطني تفرد به هذا الشيخ وهو منكر الظاهر أنه لعدم احتمال تفرد بهذا الإسناد لا بالنسبة إلى المتن فذكره في الموضوعات سرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وللدارقطني في العلل عن نافع بن عمر رضي الله عنه مرفوعا زارني إلى المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا وقيل أخطأ بعض رواته إذ المعروف من حديث ابن عمر من استطاع منكم أن يموت بالمدينة وفيه نظر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 ولأبي داود الطيالسي حدثنا سوار ابن ميمون العبدي حدثني رجل من آل عمر عن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري أو قال من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله تعالى من الآمنين يوم القيامة قال السبكي سوار روى عنه شعبة فدل على ثقته عنده فلم يبق إلا الرجل المبهم والأمر فيه قريب سيما وهو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 طبقة التابعين ولأبي جعفر العقيلي من رواية سوار المتقدم عن رجل من آل الخطاب مرفوعا من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن مات الحديث وفي رواية له عن هارون بن فزعة عن رجل من آل الخطاب نحوه وزاد عقب في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وهارون بن قزعة ذكره ابن حبان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 الثقات فبم يبق إلا الرجل المبهم وإرساله وسيأتي عن هارون بن قزعة مسند بلفظ آخر وللدارقطني وغيره من طريقه عن رجل من آل حاطب عن حاطب مرفوعا من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ولأبي الفتح في الثاني من فوائده بإسناد عن علقمة عن عبد الله مرفوعا من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلى في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما أفترض عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 ولأبي الفتوح سعيد بن محمد في جزئه رواية ابن الأغاطي من طريق عبد الله العمري سمعت سعيد المقبري سمعت أبا هريرة رضي الله عنه مرفوعا من زارني بعد موتي فكأنما زارني وأنا حي كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ولبن أبي الدنيا والبهيقي عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك مرفوعا من زارني بالمدينة كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة وفي رواية بأول ولفظ البهيقي من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 القيامة ومن زارني محتسب إلى المدينة كان في جواري يوم القيامة وسليمان ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم منكر الحديث ليس بقوي ولا يلزم من كونه يروى عن التابعين عدم إدراكه أنساب لبني النجار من طريق سمعان بن المهدي عن أنس مرفوعا من زارني ميتا فكأنما زارني حيا ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر وقال الذهبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 سمعان بن مهدي عن أنس لا يكاد يعرف الصمت به نسخة مكذوبة وقال الحافظ ابن حجرا أكثر متونها موضوعة ولأبي جعفر العقيلي من طريق فضالة بن سعيد عن محمد بن يحيي المازني ولم يذكر فيها العقيلي سوى التفرد والنكارة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيدا أو قال شفيعا ولبعض الحفاظ في زمن ابن مندة هو في مسند الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وليحيي بن الحسين من طريق النعمان بن شبل وسبق الكلام فيه في الحديث الخامس قال حدثنا محمد بن الفضل مديني سنة ست وسبعين عن جابر عن محمد بن علي رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن لم يزرني فقد جفاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وقوله مديني يقتضي أنه غير محمد بن الفضل بن عطية الذي كذبوه لأن ذاك كوفي نزل بخارى وجابر يحتمل أنه الجعفي وغيره محمد بن علي أن كان ابن الحنفيه فقد أدرك أباه عليا وإن كان الباقر فهو منقطع ورواه ابن عساكر من غير هذه الطريق من غير تصريح بالرفع ولفظه عن علي رضي الله عنه قال من سأل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدرجة والوسيلة حلت له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 شفاعتي يوم القيامة ومن زار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه عبد الملك بن هارون بن عنترة فيه كلام كثير ولطاهر بن يحيي في روايته لكتاب أبيه يحيي المتقدم ذكره عقب حديث على المتقدم ما لفظه حدّثني أبي قال حدثنا أبو يحيي محمد بن الفضل بن نباتة النميري قال حدثنا الحاني قال حدثنا الثوري عن عبد الله ابن السائب عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وليحيي أيضا من طريق عبد الله بن وهب وهو ثقة عن رجل عن بكر بن عبد الله مرفوعا من أتى المدينة زائرا إليّ وجبت له شفاعتي يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعث آمنا وفيه الرجل المبهم وبكر بن عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 أن كان الأنصاري فهو صحابي وإن كان المزني فهو تابعي جليل فيكون مرسلا ولأبي داود بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام صدر به البيهقيّ باب الزيارة وأعتمد على ذلك جماعة منهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى لتضمنه فضيلة رده صلى الله عليه وسلم وهي عظيمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وذكر ابن قدامة هذا الحديث من رواية أحمد بلفظ ما من أحد يسلم علي عند قبري فإن ثبت وإلا فالمسلم عند القبر أمتاز بالمواجهة بالخطاب المستدعي للردّ ولذا قال الإمام الجليل أبو عبد الرحمن عبد الله المقبري أحد أكابر شيوخ البخاري هذا الحديث في الزيارة إذا زارني فسلم عليّ ردّ الله علي روحي حتى أردّ عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 ويؤيده أن أصل السلام عرفا ما يواجه به المسلم عليه من قرب ويكنى به عن الزيارة وهو سلام التحية المستدعي للردّ على المسلم أو برسوله بخلاف السلام الذي يقصد به الدعاء منا بالتسليم عليه من الله تعالى سواء كان بلفظ الغيبة أو لحضور وهو الذي قيل باختصاصه به عن الأمة كالصلاة فلا يقال فلان عليه السلام وهذا الحديث استدل به البيهقي لحياة الأنبياء قال والمعنى إلا وقد ردّ عليه وقيل هو خطاب على مقدار فهم المخاطبين أنه لابد من ردّ الروح ليسمع فكأنه قال أسمعه تمام السماع وأجيبه تمام الإجابة مع دلالته على الردّ عند السلام أول مسلم ولم يرد قبضها بعد ولا قائل به لتوالي موتات لا تحصر أوان الردّ معنوي من الاستغراق في الشهود فهو التفات روحاني إلى دوائر البشرية من الاستغراق في الحضرة وأما حديث النسائي وغيره أن لله ملائكة سياحيين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام وأحاديث عرض الملك لصلاة الأمة وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم فذاك في حق الغائب وأما الحاضر ففيه حديثا الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا من صلى عند قبري سمعته ومن صلى عليّ نائيا بلغته رواه جماعة من طريق أبي عبد الرحمن قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 البيهقي وهو محمد بن مروان السدي فيما أرى وفيه نظر والثاني وهو أضعف من الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا من صلى عليّ عند قبري وكل الله تعالى بها ملكا يبلغني وكفى أمر آخرته وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وفي رواية ما من عبد يسلم عليّ عند قبري إلا وكل الله بها ملكا يبلغني وكفى أمر آخرته ودنياه وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وذكر في الأحياء حديث أن الله وكل بقبره صلى الله عليه وسلم ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته قال هذا في حق من لم يحضر قبره فكيف بمن فارق الوطن وقطع البوادي شوقا إليه وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من أحد يمرّ بقبر أخيه المؤمن وفي رواية بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا يسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 ولبن أبي الدنيا إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم عليه ردّ عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه ردّ عليه السلام وسيأتي قول ابن حبيب فإنه صلى الله عليه وسلم يعلم وقوفك وقد ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم كما نقله ابن عبد الهادي أنّ الشهداء بل كل المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلم عليهم عرفوا به وردّ عليه السلام فإذا كان هذا في حق آحاد المسلمين فكيف زارهم المسلم وسلم عليهم عرفوا به وردّ عليه السلام فإذا كان هذا في حق آحاد المسلمين فكيف بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فهو صلى الله عليه وسلم كما سيأتي يسمع من يسلم عليه عند قبره ويردّ عليه عالما بحضوره عند قبره بهذا فضلا حقيقا بأن ينفق فيه ملك الدنيا حتى يتوصل إليه في توثيق عرى الإيمان للبارزي عن سليمان بن سحيم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 عليك أتفقه سلامهم قال نعم وأردّ عليهم ولأبن النجار عن إبراهيم بن بشار حججت في بعض السنين فجئت المدينة فتقدمت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فسمعت من داخل الحجرة وعليك السلام ونقل مثله عن جماعة من الأولياء والصالحين ولا شك في حياته صلى الله عليه وسلم بعد الموت وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام حياة أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله بها في كتابه العزيز وهو صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء وأعمال الشهداء في ميزانه وقد قال صلى الله عليه وسلم كما رواه الحافظ المنذري علي بعد وفاتي كعلي في حياتي ولأبن عدي فى كامله وأبي بعلي برجال ثقات عن أنس رضي الله عنه مرفوعا الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وصححه البيهقي وحديث ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ عن أنس مرفوعا أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكن يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور وقال البيهقي أن صح فالمراد والله أعلم لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي الله وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 ولحياة الأنبياء بعد موتهم عليهم الصلاة والسلام شواهد من الأحاديث الصحيحة وذكر حديث مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره وغيره من أحاديث لقاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم وحديث أوس بن أوس مرفوعا أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه ألصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت فقال أن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام أخرجه ابن حيان في صحيحه والحاكم وصححه وذكر البيهقي له شواهد ولبن ماجة بإسناد جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا أكثروا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه شهود تشهد الملائكة وأن أحدا لن يصلي عليّ إلا عرضت علي صلاته حين يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال وبعد الموت أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام فنبي الله حي يرزق هذا لفظ ماجة ولبين عساكر من طرق عن عمار بن ياسر مرفوعا أن الله أعطاني ملكا من الملائكة يقوم على قبري إذا نامت فلا يصلي عليّ أحد صلاة إلا وقال يا أحمد فلان بن فلان يصلي عليك يسميه باسمه وأسم أبيه فيصلي الله عليه مكانها عشرا وفي رواية أن الله أعطى ملكا أسماء الخلائق وفي رواية أسماع الخلائق فهو قائم على قبري إلى يوم القيامة الحديث وللبزاز برجال الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا أن لله تعالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ملائكة سباحين يبلغوني عن أمتي قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم وقال الأستاذ أبو منصور البغدادي قال المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته وأنه يسرّ بطاعات أمته وأن الأنبياء لا يبلون مع أنا نعتقد ثبوت الإدراكات كالعلم والسماع لسائر الموتى ونقطع بعود حياة لكل ميت في قبره ونعيم القبر وعذابه ثابت وهو من الأعراض المشروطة بالحياة لكنه لا يتوقف على البنية وأما أدلة الحياة في الأنبياء فمقتضاها أنها مع البنية مع قوة النفوذ في العالم والاستغناء عن العوائد الدنيوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وعن صاحب الدار المنظم أنه صلى الله عليه وسلم لما مات ترك في أمته رحمة لهم فإنه سأل الله عز وجل لأن يكون بين أمته إلى يوم القيامة وحديث أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث لا أصل له وعن المنهال بن عمر وكنت أنا وسعيد بن المسيب إلى جنب حجرة أم سلمة فجعل الناس يدخلون بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعيد أترى هؤلاء ما أحمقهم إنهم يرون أنه في بيته قلت أجل أنه لا يبقى نبي من أولي العزم فوق أربعين ليلة حتى يرفع وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يبق في الأرض فوق أربعين ليلة حتى رفع وأنه ليس من يوم إلا وتعرض عليه أمته طرفي النهار فيعرفهم بأسماعهم ونسبهم وبذلك يشهد عليهم وروى عبد الرزاق بلفظ أن سعيد بن المسيب رأى قوما يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما ثم عقبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 بحديث مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره إشارة لردّ ذاك ويشير غليه أيضا حديث أن الله حرمّ على الأرض أجساد الأنبياء عليهم السلام في جواب قولهم وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت وابن المسيب لم ينكر التسليم إلا أنه وأن صح ما قال فالقبر الشريف له به صلى الله عليه وسلم علاقة والتفات روحاني وله نسبة إليه مع أنا قطعنا بوضعه صلى الله عليه وسلم به فنستصحبه حتى يقوم قاطع على خلافه وسبق في الفصل التاسع ما أخبر به سعيد بن المسيب من سماعه الأذان والإقامة من القبر أيام الحرة وقال عثمان رضي الله عنه أيام حصاره لن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وروى ابن عسكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداريا بعد فتح عمر رضي الله عنه البيت المقدس قال ثم أن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرخ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين فجعل بضمهما ويقبلهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 فقالا نشتهي نسمع إذ أنك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فعلا سطح المسجد ووقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما قال اله أكبر ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها فلما قال أشهد أن محمد رسول الله خرجت العواتق من خدورهن وقالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤى يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وسلم إلا مرة في قدمه للزيارة طلب غليه الصحابة ذلك فأذن ولم يتم الأذان وقيل أذن لأبي بكر في خلافته وليس الاعتماد في السفر للزيارة على مجرّد منامه بل على فعله لذلك والصحابة متوفون ولم تخف عليهم القصة والمنام مؤكد لذلك وقد استفاض عمر بن عبد العزيز أنه كان يبرد البريد من الشام يقول سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الإمام أبو بكر بن عمر بن أبي عاصم النبيل من المتقدمين في مناسك له التزم فيها الثبوت وكان عمر بن عبد العزيز يبعث بالرسول قاصدا من الشام إلى المدينة ليقرئ النبيّ صلى الله عليه وسلم السلام ثم يرجع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 في فتوح الشام أن عمر رضي الله عنه قال لكعب الأحبار بعد فتح بيت المقدس هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال نعم يا أمير المؤمنين. ولما قدم عمر المدينة أول ما بدأ بالمسجد وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح أن عمر كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا أبتاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 وفي الموطأ أن ابن عم رضي الله عنه ما كان يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر وعن ابن القاسم والقعنبي ويدعو لأبي بكر وعم رضي الله عنه وعن ابن عون سأل رجل نافعا هل كان ابن عمر يسلم على القبر قال نعم لقد رأيته مائة مرة أو أكثر من مائة مرة كان يأتي القبر فيقوم عنده فيقول السلام على النبي السلام على أبي بكر السلام على أبي وسيأتي ما رواه أبو حنيفة رحمه الله عن ابن عمر من قوله من الستة أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة الخبر الآتي وما رواه أحمد وغيره من وجود مروان لأبي أيوب الأنصاري واضعا وجهه على القبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وفي الشفاء قال بعضهم رأيت انس بن مالك أتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه أفتتح الصلاة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أنصرف وللبزار خرج عمر إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا معاذ بن جبل قائم يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما يبكيك يا معاذ الحديث وأخرج الحافظ أبو ذر الهروي في أواخر كتاب السنة له من طريق محمد بن يوسف بن الطباخ قال حدثنا مصعب قال الداوردي رأيت جعفر بن محمد أي الصادق بن الباقر جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أثنى فسلم على أبي بكر وعمر فرآني كأني تعجبت أو قال فسرني أي لا كذابة بذلك ما تزعمه الشيعة من بغضة للشيخين قال فقال لي والله إن هذا الذي أدين الله به وأنه ما يسرني أن أقول لمعاوية خزاه الله أو فعل الله به وأنّ لي الدنيا وأخرج الدارقطني في الفضائل عن عبد الله بن جعفر أن علي بن أبي طالب دخل المسجد فبكى حيث نظر إلى بيت فاطمة فأطال البكاء ثن أنصرف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فبكى فأطال البكاء عنده ثم قال وعليكما السلام يا أخويّ ورحمة الله قد كنتما هاديين مهديين خرجتما من الدنيا خميصين يعني أبا بكر وعمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وذكر ابن عبد البر والبلاذريّ وغيرهما أن زياد ابن أبيه أراد الحج فأتاه أبو بكرة وهو لا يكلمه فأخذ أبنه ليخاطبه ويسمع زيادا فقال أن أباك فعل وفعل وأنه يريد الحج وأمّ حبيبة هناك فإن أذنت له فأعظم بها مصيبة وخيانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن هي حجته فأعظم بها حجة عليه قال البلاذري فترك الحج تلك السنة وقيل غير ذلك فلولا أن إتيان المدينة والزيارة للحاج عندهم مما لا يترك ما قال أبو بكرة ذلك مع تمكن زيادة من الحج على غير طريق المدينة فإنه كان بالعراق ومكة أقرب إليه وفي الشفاء قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبرك برؤية روضته ومثيره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه والعمود الذي يستند إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه ومن عمده وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين والاعتبار بذلك كله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وتقدم في الفصل الثامن اختلاف السلف أن في الأفضل للحاج البداءة بالمدينة أو بمكة وأن ممن أختار البداءة بالمدينة علقمة والأسود وعمرو بن ميمون من التابعين ولعل سببه إيثار الزيارة أوّلا وفي فتاوى أبي الليث السمرقندي روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة إنه قال الأحسن للحاج أن يبدأ بمكة فإذا قضى نسكه مرّ بالمدينة وإن بدأ بها جاز فيأتي قريبا من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقوم بين القبر والقبلة وقال عياض زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة بين المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها وأوضح السبكي أمر الإجماع على الزيارة قولا وفعلا وسرد كلام الأئمة في ذلك فليراجع وبين إنها قربة بالسنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وقد سبق من السنة الخاصة بها ما فيه مقنع وجاء في السنة الصحيحة المتفق عليها الأمر بزيارة القبور وقبره صلى الله عليه وسلم سيد القبور فهو داخل في ذلك وبالقياس على ما ثبت من زيارته بأهل البقيع والشهداء فقبره أولى لما له من الحق ووجوب التعظيم ولتنالنا الرحمة بصلاتنا وسلامنا عليه عند قبره بحضرة الملائكة الحافين به وفيه التبرك بذلك وتأدية الحق وتذكر الآخرة كما في زيارة غيره وبالإجماع لما سبق ولإجماع العلماء على زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي بل قال بعض الظاهرية بوجوبها واختلفوا في النساء وأمتاز القبر الشريف النبوي بالأدلة الخاصة به فيستثنى من محل الخلاف بالنسبة إلى النساء كما أشار إليه السبكي والريمي وغيرهما وهو مقتضى إطلاق الأئمة وبالكتاب لقوله تعالى ولو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك الآية لحثه على المجيء إليه والاستغفار عنده واستغفاره للجاءين وهذه رتبة لا تنقطع بموته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وقد استغفر لكل من المؤمنين والمؤمنات لأمر الله له به في كتابه فإذا وجد المجيء واستغفار الجائي تكملت الأمور الموجبة لتوبة الله ورحمته وقوله واستغفر لهم معطوف على جاءوك فلا يقتضي كون استغفاره بعد استغفارهم مع أنا لا نسلم أنهم لا يستغفر لهم بعد الموت لما سبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 من حياته واستغفاره لأمته عند عرض أعمالهم فهو متوقع كما في الحياة ويعمل في كمال رحمته أنه لا يترك ذلك لمن جاءهم وسيأتي في الفصل بعده عن مالك في مناظرته المنصور ما يشهد لذلك وكذا عن غيره وقد فهم العلماء من الآية العموم واستحبوا لمن أتى القبر أن يتلوها ويستغفر الله تعالى وأوردوا حكاية العتبي الآتية في كتبهم مستحسنين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 لها وذكرها أبن عساكر في تاريخه وأبن الجوزي في مثير العزم وأبن النجار بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال أتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته وجلست بحذاءه فجاء إعرابي وذكر نحو ما سيأتي بل روى أبو سعيد السمعاني عن عليّ رضي الله عنه قال قدم علينا إعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبره وحنا من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله سبحانه وما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وعينا عنك وكان فيما أنزل عليك (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنوديّ من القبر أنه قد غفر لك بل يستدل بالآية وكذا بما سبق أيضا على مشروعية السفر للزيارة وشدّ الرحال لشموله المجيء من قرب ومن بعد ولعموم قوله من زار قبري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وفي الحديث الذي صححه ابن السكن من جاءني زائرا. وإذا ثبت أن الزيارة قربه فالسفر إليها كذلك وقد ثبت خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة لزيارة الشهداء وقد أطبق السلف والخلف وأجمعوا عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 وحديث لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد معناه لا تشد الرحال إلى مسجد لفضيلته لما في رواية لأحمد وابن شبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 وللإجماع على شد الرحال لعرفة القضاء النسك وكذا الجهاد والهجرة من دار الكفر وللتجارة ومصالح الدنيا واختلفوا في شد الرحال لبقية المساجد غير الثلاثة فقيل يحرم وقيل لا وإنما بان صلى الله عليه وسلم أن القرية المقصودة فيها دون غيرها ونقل عياض لأن منع أعمال المطي في غير الثلاثة إنما هو للنادر على أن السفر بقصد الزيارة مسجد المدينة لمجاورته القبر الشريف وقصد الزائر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 الحلول فيه لتعظيم من حلّ بتلك البقعة كما لو كان حيا وليس القصد تعظيم بقعة القبر لعينها بل من حل فيها وقوله من زار قبري أي زارني في قبري ويرشد لذلك حديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق مع حديث صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 إلا المسجد الحرام فإني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 فإن قيل روى عبد الرزاق أن الحسن بن الحسن رأى قوما عند القبر فنهاهم وقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا عليّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 ولنقاضي إسماعيل عن سهل بن أبي سهيل جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسين يتعشى فقال هلمّ إلى العشاء فقلت لا أريد فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 مالي رأيتك وقفت قلت وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت فسلم عليه وذكر الحديث ولأبي يعلي عن عليّ بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعوا فنهاه فقال ألا أحدثكم وأسند الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 قلنا في رواية للقاضي إسماعيل أن رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي إليه ويصنع من ذلك ما أنتهزه عليه عليّ بن الحسين فقال ما يحملك على هذا فقال أحب التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليّ أخبرني أبي وذكر الحديث فتبين أن ذلك الرجل زاد في الحد وهو موافق لما سيأتي عن مالك في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 كراهة الإكثار من الوقوف بالقبر الشريف أو كراهة ذلك لمن لم يقدم من سفر أو أنه رآه يبالغ في الدنو من القبر بالدخول في تلك الفرجة فأراد أعلامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 أن السلام يبلغ من الغيبة ولأنه رآه يتكلف الإكثار من الحضور وعليه يحمل ما جاء عن الحسن بن الحسن لقوله إذا دخلت فسلم عليه وقد روى يحيي بن الحسن أن عليّ بن الحسين رضي الله عنه كان إذ جاء يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الاسطوانة التي تلي الروضة الشريفة ثم يسلم ثم يقول ههنا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المطري وهو موقف السلف قبل إدخال الحجرة في المسجد وسيأتي خبر آخر في بيان الموضع الذي كان يقف عنده عليّ بن الحسين من جهة الوجه الشريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وقال يحيى حدّثنا هارون بن موسى الفروي قال سمعت جدي أبا علقمة يسأل كيف كان الناس يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل البيت في المسجد فقال كان يقف الناس على باب البيت يسلمون عليه وكان الباب ليس عليه غلق حتى هلكت عائشة رضي الله عنه وقال الحافظ المنذري في حديث لا تجعلوا قبري عيدا يحتمل أن يكون حثا على كثرة الزيارة وإن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيد ويؤيده قوله لا تجعلوا بيوتكم قبورا أي لا تتركوا الصلاة فيها قال السبكي ويحتمل أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتا مخصوصا لا تكون الزيارة إلا فيه أولا يتخذ كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة والاجتماع وغيره مما يعمل في الأعياد بل لا يؤتى إلا للزيارة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 والسلام والدعاء ثم ينصرف عنه وقال عبد الحق الصقلي عن أبي عمران إنما كره مالك رحمه الله تعالى أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة قال عبد الحق يعني من السنن الواجبة وقيل حمى مالك إضافة الزيارة إلى القبر قطعا للذريعة وقيل لأن المضيّ إليه ليس ليصله بذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك وقال الحنفيه زيارته صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وقد سرد السبكي المنقول في ذلك من كتب المذاهب الأربعة فلا نطول به وقال القاضي أبن كج من أصحابنا إذا نذران يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان والقطع به هو الحق لأنه قربة مقصودة للأدلة الخاصة فيه وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف لوجوب الوقوف بعرفة ووجه الخلاف في غيره تشبيهه بزيارة القادمين ونحوه مما لم يوضع قربه مقصودة وإن كان قربة من حيث ترغيب الشرع فيه لعموم فائدته فيكون الأصح لزومه أيضا وقال العبدي من المالكية في شرح الرسالة وأما النذر للمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن البيت المقدس وليس عنده حج ولا عمرة فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه الوفاء فالكعبة متفق عليها وتختلف أصحابنا في المسجدين الآخرين قال السبكي وهذا الخلاف في نذر إتيان المسجدين لا في نذر الزيارة وفي تهذيب الطالب لعبد الحق قيل للشيخ أبي محمد بن أبي زيد فيمن أستأجر بمال ليحج وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور قال يردّ من الآخرة بقدر مسافة الزيارة وقال غيره عليه أن يرجع ثانية حتى يزور وقال عبد الحق أن استؤجر لسنة بعينها سقط ما يخص الزيارة وأن استؤجر على حجة في ذمته يرجع ويزور وقد اتفق النقلان قال السبكي وهذا فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدّر بشرع والجعالة أن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصبح فيه النيابة عن الغير وأن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما تصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قاله الماوردي وبقى قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجازة والجعالة عليه والظاهر أنه مراد المالكية قلت في التفقيه للريمي أن في الاستئجار للزيارة ثلاثة أوجه أصحها فيما قال أبن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح والثاني المنع وبه قطع الماورديّ والثالث وبه قال الإمام الحليمي واختاره الأصبحي صاحب المعين انه يبنى على ما إذا حلف لا يكلم فلانا فكاتبه أو راسله والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار وأن قلنا يحنث صح " قلت " البناء ضعيف إذ الملحظ في الإيمان العرف وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة كما أن المكاتبة يحصل بها التودد والصلة وأن لم يسم كلاما والحق صحة الاستئجار للسلام عليه صلى الله عليه وسلم وللدعاء عنده. ذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وقال الحنفيه زيارته صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وقد سرد السبكي المنقول في ذلك من كتب المذاهب الأربعة فلا نطول به وقال القاضي أبن كج من أصحابنا إذا نذران يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان والقطع به هو الحق لأنه قربة مقصودة للأدلة الخاصة فيه وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف لوجوب الوقوف بعرفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 ووجه الخلاف في غيره تشبيهه بزيارة القادمين ونحوه مما لم يوضع قربه مقصودة وإن كان قربة من حيث ترغيب الشرع فيه لعموم فائدته فيكون الأصح لزومه أيضا وقال العبدي من المالكية في شرح الرسالة وأما النذر للمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن البيت المقدس وليس عنده حج ولا عمرة فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه الوفاء فالكعبة متفق عليها وتختلف أصحابنا في المسجدين الآخرين قال السبكي وهذا الخلاف في نذر إتيان المسجدين لا في نذر الزيارة وفي تهذيب الطالب لعبد الحق قيل للشيخ أبي محمد بن أبي زيد فيمن أستأجر بمال ليحج وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 قال يردّ من الآخرة بقدر مسافة الزيارة وقال غيره عليه أن يرجع ثانية حتى يزور وقال عبد الحق أن استؤجر لسنة بعينها سقط ما يخص الزيارة وأن استؤجر على حجة في ذمته يرجع ويزور وقد اتفق النقلان قال السبكي وهذا فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدّر بشرع والجعالة أن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصبح فيه النيابة عن الغير وأن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما تصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قاله الماوردي وبقى قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجازة والجعالة عليه والظاهر أنه مراد المالكية قلت في التفقيه للريمي أن في الاستئجار للزيارة ثلاثة أوجه أصحها فيما قال أبن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح والثاني المنع وبه قطع الماورديّ والثالث وبه قال الإمام الحليمي واختاره الأصبحي صاحب المعين انه يبنى على ما إذا حلف لا يكلم فلانا فكاتبه أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 راسله والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار وأن قلنا يحنث صح " قلت " البناء ضعيف إذ الملحظ في الإيمان العرف وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة كما أن المكاتبة يحصل بها التودد والصلة وأن لم يسم كلاما والحق صحة الاستئجار للسلام عليه صلى الله عليه وسلم وللدعاء عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 " الفصل الثاني " في توسل الزائر به صلى الله عليه وسلم إلى ربه تعالى واستقباله له في سلامه ودعائه وآداب الزيارة والمجاورة التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من سنن المرسلين وسير السلف الصالحين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وصحح الحاكم حديث لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم لما غفرت لي فقال يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله إلا الله محمد رسول الله فعرفت إنك لم تضف إلى أسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إليّ إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك وللنسائيّ والترمذيّ وقال حسن صحيح غريب عن عثمان بن حنيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي أن يعافيني قال أن شئت دعوت وأن شئت صبرت فهو خير لك قال فأدعوه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوا بهذا الدعاء اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد أني أتوجه بك إلى ربي فأن حاجتي لتقضي اللهم شفعه فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 وسمعه البيهقي وزاد فقام وقد أبصر وله وللطبراني عن عثمان بن حنيف أيضا أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فشكى ذلك لأبن حنيف فقال له أنت الميضأه فتوضأت ثم أتت المسجد فصلى ركعتين ثم قل اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد أني أتوجه بك إلى ربي فتقضي حاجتي وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة فقال ما حاجتك فذكر حاجته وقضاها له ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى الساعة وما كانت لك من حاجة فأذكرها ثم خرج من عنده فلقي أبن حنيف فقال له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي حتى كلمته فيّه فقال أبن حنيف والله كلمته ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو تصبر فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليّ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ثم أدع بهذا الدعوات قال أبن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرقط وسيأتي في قبر فاطمه بنت أسد قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي الحديث وسنده جيد وذكر المحبوب أو المعظم قد يكون سببا في الإجابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 وفي العادة أن من توسل بمن له قدر عند شخص أجاب إكراما له وقد يتوجه بمن له جاه إلى من هو أعلى منه وإذا جاز التوسل بالأعمال كما صح في حديث الغار وهي مخلوقة فالسؤال به صلى الله عليه وسلم أولى ولا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسل أو الاستعانة أو التشفع أو التوجه أي التوجه به صلى الله عليه وسلم في الحاجة وقد يكون ذلك بمعنى طلب أن يعوا كما في حال الحياة إذ هو غير ممتنع مع علمه بسؤال من يسأله ومنه ما رواه البيهقي وابن أبى شيبة بسند صحيح عن مالك الدار وكان خازن عمر رضي الله عنه قال أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أستسق لأمتك فإنه قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال ائتي عمر فاقرأه السلام وأخبره أنهم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل عمر رضي الله عنه فأخبره فبكى عمر ثم قال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه وبين سيف في الفتوح أن الذي رأى هذا المنام هلال بن الحرث أحد الصحابة رضي الله عنه وقال الإمام أبو بكر بن المقري كنت أنا والبطرانيّ وأبو الشيخ في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا في حالة وأثر فينا الجوع وواصلنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء حضرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله الجوع وانصرفت فنمت أنا وأبو الشيخ والطبراني جالس ينظر في شيء فحضر علويّ معه غلامان مع كل واحد زنبيل فيه شيء كثير فجلسنا وأكلنا وترك عندنا الباقي وقال يا قوم أشكوتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأني رأيته في المنام فأمرني أن أحمل بشيء إليكم وقال أبو العباس بن نفيس المقري الضرير جعت بالمدينة ثلاثة أيام فجئت إلى القبر فقلت يا رسول الله جعت ثم بت ضعيفا فركضتني جارية برجلها فقمت معها إلى دارها فقدّمت إليّ خبز بّر وتمرا وسمنا وقلت كل يا أبا العباس فقد أمرني بهذا جدي صلى الله عليه وسلم ومتى جعت فأت إلينا والوقائع في هذا المعنى كثيرة جدا قال أبو سليمان داود الشاذلي في كتابه البيان والانتصار عقب ذكر كثير من ذلك قد وقع في كثير مما ذكر وأمثاله أن الذي يأمره صلى الله عليه وسلم سيما إذا كان المسؤول طعاما إنما يكون من الذرية إذ من أخلاق الكرام إذا سألوا ذلك أن يتولونه بأنفسهم أو بمن يكون منهم وقال أبو محمد الأشبيلي نزلت برجل من أهل غرناطة علة عجز عنها الأطباء وأيسوا من برئها فكتب عنه الوزير ابن أبى الخصال كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فيه الشفاء لدائه وضمنه شعرا ذكرناه في الأصل أولهل يا أبا العباس فقد أمرني بهذا جدي صلى الله عليه وسلم ومتى جعت فأت إلينا والوقائع في هذا المعنى كثيرة جدا قال أبو سليمان داود الشاذلي في كتابه البيان والانتصار عقب ذكر كثير من ذلك قد وقع في كثير مما ذكر وأمثاله أن الذي يأمره صلى الله عليه وسلم سيما إذا كان المسؤول طعاما إنما يكون من الذرية إذ من أخلاق الكرام إذا سألوا ذلك أن يتولونه بأنفسهم أو بمن يكون منهم وقال أبو محمد الأشبيلي نزلت برجل من أهل غرناطة علة عجز عنها الأطباء وأيسوا من برئها فكتب عنه الوزير ابن أبى الخصال كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فيه الشفاء لدائه وضمنه شعرا ذكرناه في الأصل أوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 كتاب وقيذ من زمانته مشفى ... بقبر رسول الله أحمد يستشفى قال فما هو إلا أن وصل الركب إلى المدينة الشريفة وقرئ على قبر رسول صلى الله عليه وسلم هذا الشعر وبرأ الرجل مكانه وسيأتي ما يقتضي أمر عائشة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 رضي الله عنه بالاستسقاء عند الجدب بقبره صلى الله عليه وسلم بل يجوز كما قال السبكي التوسل بسائر الصالحين وأن نقل عن أبن عبد السلام أن سؤال الله بعظيم من خلقه ينبغي أن يخص بنبينا صلى الله عليه وسلم ففي الصحيح عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال اللهم أنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وأنا نتوسل إليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم فاسقنا قال فيسقون وفي رواية للحافظ أبي القاسم هبة الله عن أبن عباس إن عمر رضي الله عنه قال اللهم أنا نستسقيك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم ونستشفع إليك بشيبته فسقوا وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 بعمي سقى الله الحجاز وأهله ... عشية يستسقى بشيبته عمر وفي رواية للزبير بن بكار أن العباس رضي الله عنه قال في دعائه وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صلى الله عليه وسلم فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الحبال حتى أخصبت الأرض وفي رواية له عن أبن عمر أن ذلك عام الردمادة وفي الشفاء بسند جيد عن أبن حميد قال ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 صوتك في هذا المسجد فأنّ الله تعالى أدب قوما فقال (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ) الآية ومدح قوما فقال (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) الآية وذم قوما فقال إن الذين ينادونك من وراء الحجرات الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وادعوا أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 الآية وفي المستوعب لأبي عبد الله السامريّ الحنبلي ثم يأتي حائط القبر فيقف ناحيته ويجعل القبر تلقاء وجهه والقبلة خلف ظهره والمنبر عن يساره وذكر السلام والدعاء ومنه اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك عليه السلام ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية وأني أتيت نبيك مستغفرا فأسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته اللهم أني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم إلخ وقال عياض قال مالك في رواية أبن وهب إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة ويدنو ويسلم وفي رواية عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 المبسوط أنه قال لا أرى أن يقف عند القبر يدعو ولكن يسلم ويمضي وهي مخالفة لما سبق ولما نقلها أبن الموّاز في الحج قال قيل لمالك فالذي يلتزم أترى له أن يتعلق وبأستار الكعبة عند الوداع قال لا ولكن يقف ويدعو قيل له وكذلك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم اه وحمل ما في المبسوط على من لم يؤمن منه سوء أدب في دعائه عند القبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وفي رؤوس المسائل للنوويّ عن الحافظ أبي موسى الأصفهانيّ إنه روى عن مالك قال إذا أراد الرجل أن يأتي قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فيستدبر القبلة ويستقبل النبيّ صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ويدعو له ونقل أبن يونس عن أبن حبيب إنه قال ثم أقصد إذا قضيت ركعتيك إلى القبر من وجاء القبلة فأدن منه ثم سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثن عليه وعليك السكينة والوقار فإنه صلى الله عليه وسلم يسمع ويعلم وقوفك بين يديه وتسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنه وتدعو لهما وقال إبراهيم الحربيّ في مناسكه تولي ظهرك القبلة وتستقبل وسطه يعني القبر وفي مسند أبي حنيفة رحمه الله لأبي القاسم طلحة عن أبي حنيفة جاء أيوب السختيانيّ فدنا من قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فاستدبر القبلة وأقبل بوجهه إلى القبر وبكى بكاء غير متباك وقال المجد اللغويّ روينا عن عبد الله بن المبارك قال سمعت أبا حنيفة يقول قدم أيوب السختيانيّ وأنا بالمدينة فقلت لأنظرنّ ما يصنع فجعل ظهره مما يلي القبلة ووجهه مما يلي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى غير متباك فقام مقام رجل فقيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 اه ويشهد له ما أخرجه أبو ذر الهرويّ في سننه في بيان الإيمان والإسلام من أن حماد بن زيد حدّث أبا حنيفة بالحديث في ذلك عن شيخة أيوب السختيانيّ فقال له أبو حنيفة فحدّثك أيوب بهذا وبكى ثم قال ما ذكرت أيوب السختيانيّ إلا بكيت فقد رأيته يلوذ بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ما رأيته من أحد وفيه مخالفة لما ذكره أبو الليث في الفتاوى عطفا على حكاية حكاها الحسن بن زياد عن أبي حنيفة من أن الزائر يستقبل القبلة في سلامه وقال السروجيّ من الحنيفة يقف عندنا مستقبل القبلة وعن أصحاب الشافعيّ وغيره يقف وظهره إلى القبلة ووجهه إلى الحضرة وهو قول أبن حنبل انتهى وقال المحقق الكمال بن الهمام رحمه الله تعالى إن ما نقل عن أبي الليث مردود بما روى عن أبي حنيفة في مسنده عن أبن عمر رضي الله عنه قال من السنة أن تأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة وتجعل ظهرك إلى القبلة وتستقبل القبر بوجهك ثم تقول السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته وفي المنسك الكبير لأبن جماعة مذهب الحنفية أنه يقف للسلام عند الرأس المقدّس بحيث يكون على يساره ويبعد عن الجدار قدر أربعة أذرع ثم يدور إلى أن يقف قبالة المقدّس مستدبر القبلة وشذ الكرماني من الحنفية فقال يقف مستدبر القبر المقدّس مستقبل القبلة وتبعه بعضهم وليس بشيء فاعتمد على ما نقلته انتهى ولا ينبغي أن يتردّد فيه إذ الميت يعامل معاملة الحي والحي يسلم عليه مستقبلا له وما سبق عن علقمة القروي الكبير من أن الناس كانوا قبل إدخال البيت في المسجد يقفون على باب البيت يسلمون سببه تعذر استقبال الوجه الشريف حينئذ وكانوا يستقبلون القبر الشريف من ناحية باب البيت ومن ناحية الرأس الشريف لما سبق عن المطري من أن موقف علي بن الحسين للسلام عند الاسطوانة التي تلي الروضة قال وهو موقف السلف قبل إدخال الحجرات كانوا يستقبلون السارية التي فيها الصندوق مستدبرين الروضة فلما أدخلت الحجرات وقفوا مما يلي الوجه الشريف ولأبن زبالة عن سلمة بن ورد إن قال رأيت أني بن مالك إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يأتي فيقوم أمامه وآداب الزيارة والمجاورة كثيرة " منها " ما يتعلق بسفرها من الاستخارة وتجديد التوبة والوصية وإرضاء من يتوجه إرضاؤه وإطابة النفقة والتوسعة في الزاد وعدم المشاركة فيه وتوديع الأهل والأخوان والمنزل بركعتين والدعاء عقبهما والتصدق بشيء عند الخروج منه إلى غير ذلك مما هو مذكور في آداب سفر الحج " ومنها " إخلاص النية فينوي التقرب بالزيارة وينوي معها التقرب بشدّ الرحل للمسجد النبوي والصلاة فيه كما قاله أصحابنا وغيرهم لحثه صلى الله عليه وسلم على ذلك ففيه تعظيمه أيضا بامتثال أوامره والمراد من حديث لا تعمله حاجة إلا زيارتي اجتناب قصد حاجة لم يدعه الشارع إليها فلينو مع ذلك أيضا الاعتكاف فيه والتعلم والتعليم وذكر الله تعالى وإكثار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والصدقة على جيرانه وختم القرآن عنده إلى غير ذلك مما يستحب للزائر فعله فنية المؤمن خير من عمله وينوي أيضا اجتناب المكروهات فضلا عن المحظورات حياء من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " ومنها " أن يزداد بالعزم شوقا وصبابة وتوقا وكلما ازداد دنوّا ازداد غراما وحنوّا إذ من لازم حبه صلى الله عليه وسلم كثرة الشوق إليه وطلب القرب من معاهده وآثاره وأما كنه ومهابط أنوارهللسلام عند الرأس المقدّس بحيث يكون على يساره ويبعد عن الجدار قدر أربعة أذرع ثم يدور إلى أن يقف قبالة المقدّس مستدبر القبلة وشذ الكرماني من الحنفية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 فقال يقف مستدبر القبر المقدّس مستقبل القبلة وتبعه بعضهم وليس بشيء فاعتمد على ما نقلته انتهى ولا ينبغي أن يتردّد فيه إذ الميت يعامل معاملة الحي والحي يسلم عليه مستقبلا له وما سبق عن علقمة القروي الكبير من أن الناس كانوا قبل إدخال البيت في المسجد يقفون على باب البيت يسلمون سببه تعذر استقبال الوجه الشريف حينئذ وكانوا يستقبلون القبر الشريف من ناحية باب البيت ومن ناحية الرأس الشريف لما سبق عن المطري من أن موقف علي بن الحسين للسلام عند الاسطوانة التي تلي الروضة قال وهو موقف السلف قبل إدخال الحجرات كانوا يستقبلون السارية التي فيها الصندوق مستدبرين الروضة فلما أدخلت الحجرات وقفوا مما يلي الوجه الشريف ولأبن زبالة عن سلمة بن ورد إن قال رأيت أني بن مالك إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يأتي فيقوم أمامه وآداب الزيارة والمجاورة كثيرة " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 منها " ما يتعلق بسفرها من الاستخارة وتجديد التوبة والوصية وإرضاء من يتوجه إرضاؤه وإطابة النفقة والتوسعة في الزاد وعدم المشاركة فيه وتوديع الأهل والأخوان والمنزل بركعتين والدعاء عقبهما والتصدق بشيء عند الخروج منه إلى غير ذلك مما هو مذكور في آداب سفر الحج " ومنها " إخلاص النية فينوي التقرب بالزيارة وينوي معها التقرب بشدّ الرحل للمسجد النبوي والصلاة فيه كما قاله أصحابنا وغيرهم لحثه صلى الله عليه وسلم على ذلك ففيه تعظيمه أيضا بامتثال أوامره والمراد من حديث لا تعمله حاجة إلا زيارتي اجتناب قصد حاجة لم يدعه الشارع إليها فلينو مع ذلك أيضا الاعتكاف فيه والتعلم والتعليم وذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 الله تعالى وإكثار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والصدقة على جيرانه وختم القرآن عنده إلى غير ذلك مما يستحب للزائر فعله فنية المؤمن خير من عمله وينوي أيضا اجتناب المكروهات فضلا عن المحظورات حياء من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " ومنها " أن يزداد بالعزم شوقا وصبابة وتوقا وكلما ازداد دنوّا ازداد غراما وحنوّا إذ من لازم حبه صلى الله عليه وسلم كثرة الشوق إليه وطلب القرب من معاهده وآثاره وأما كنه ومهابط أنواره 1 تلك الديار التي قلب المحب له ... شوق إليها وتذكار وأشجان وأنة وحنين كلما ذكرت ... ولوعة وشجى منه وأحزان " ومنها " أن يقول إذا خرج من بيته بسم الله آمنت بالله حسبي الله وتوكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم إليك خرجت وأنت أخرجتني اللهم سلمني وسلم مني وردّني سالما في ديني كما أخرجتني اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ عز جارك وجل ثناؤك وتبارك أسمعك ولا إله غيرك اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا إليك إلى آخر الذكر المستحب لقاصد المسجد " ومنها " الإكثار في المسير من الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم بل يستغرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 أوقات فراغه في ذلك وغيره من القربات ويتتبع ما في طريقه من المساجد والآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم فيحييها بالزيارة والصلاة فيها ولا يخلّ بما يمكنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغضب عند تضييع شيء من حقوقه صلى الله عليه وسلم إذ من علامات المحبة غيرة المحب لمحبوبه وأقوى الناس ديانة أعظمهم غيرة وادعاء المحبة بلا غيرة كذب " ومنها " إذا دنى من حرم المدينة الشريفة وأبصر رباها وأعلامها فليزدد خضوعا وخشوعا وليستبشر بالهنا وبلوغ المنا وإن كان على دابة حركها أو بعير أوضعه تباشرا بالمدينة ولله در القائل قرب الديار يزيد شوق الواله ... لاسيما أن لاح نور جماله أو بشر الحادي بأن لاح النقا ... وبدت على بعد رؤوس جباله فهناك عيل الصبر من ذي صبوة ... وبالذي يخفيه من أحواله ويجتهد حينئذ في مزيد الصلاة والسلام وترديدهما كلما دنا من تلك الأعلام ولا بأس بالترجل والمشي إذا قرب لأن وفد عبد القيس لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نزلوا عن الرواحل ولم ينكر عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 وقال أبو سليمان داود إن ذلك يتأكد لمن أمكنه من الرجال تواضعا لله وإجلالا لنبيه صلى الله عليه وسلم " وفي " الشفاء أن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة زائرا وقرب من بيوتها ترجل باكيا منشدا ولما رأينا رسم من لم يدع لنا ... فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبا نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه أن نسلم به ركبا " ومنها " إذا بلغ حرم المدينة فليقل بعد الصلاة والتسليم اللهم أن هذا هو الحرم الذي حرمته على لسان حبيبك ورسولك صلى الله عليه وسلم ودعاك أن تجعل فيه من الخير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 والبركة مثلي ما هو بحرم بيتك فحرمي على النار وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك وارزقني ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك ووفقني فيه لحسن الأدب وفعل الخيرات وترك المنكرات وإن كانت طريقه على ذي الحليفة فلا يجاوز المعرس حتى ينيخ به ويصلي بمسجده ومسجد ذي الحليفة " ومنها " الغسل لدخول المدينة وليس أنظف ثيابه صرح باستحبابه جماعة من الشافعية والحنابلة وغيرهم وفي حديث قيس بن عاصم في قدومه مع وفد وحديث المنذربن ساري التميمي ما يشهد لذلك. وفي الأحياء وليغتسل قبل الدخول من بئر الحرة وليتطيب ويلبس أنظف ثيابه وقال الكرماني من الحنفية فإن لم يغتسل خارج المدينة فليغتسل بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 دخولها وليتجنب ما يفعله بعض الجهلة من التجرد عن المخيط تشبيها بحال الإحرام " ومنها " إذا شارف المدينة الشريفة وتراءت له قبة الحجرة المنيفة فليستحضر عظمتها وتفضيلها وإنها البقعة التي أختارها الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم ويمثل في نفسه مواقع أقدامه الشريفة عند تردده فيها وإنه ما من موضع يطأه إلا وهو موضع قدمه العزيزة مع خشوعه وسكينته وتعظيم الله له حتى أحبط عمل من انتهك شيئاً من حرمته ولو برفع صوته فوق صوته ويتأسف على فوات رؤيته في الدنيا وأنه من ذلك في الآخرة على خطر لقبيح فعله ثم يستغفر لذنوبه ويلتزم سلوك سبيله ليفوز بالإقبال عند اللقاء ويحظى بتحية المقبول من ذوي التقيّ " ومنها " أن يقول عند دخوله من باب البلد باسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وأجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا أمنت بالله حسبي الله إلى آخر ما سبق أنه يقول إذا خرج من بيته وليقول في قلبه شرف المدينة وأنها حوت أفضل البقاع بالإجماع وتفضيلها عند بعضهم أرض مشى جبريل في عرصاتها ... والله شرف أرضها وسماها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 " ومنها " أن يقدّم صدقة بين يدي نجواه ويبدأ بالمسجد الشريف ولا يعرّج على ما سواه مما لا ضرورة به إليه فإذا شاهده فليستحضر أنه آتى مهبط أبي الفتوح جبريل عليه السلام ومنزل أبي الغنائم ميكائيل وموضوع الوحي والتنزيل فليزدد خشوعا وخضوعا يليق بالمقام ويقصد باب جبريل لقول بعضهم أنّ الدخول منه أفضل لما سيأتي فيه فإذا أراد الدخول فليفرّغ قلبه وليصف ضميره مستحضرا عظيم ما هو متوجه إليه قال أبو سليمان داود يقف يسيرا كالمستأذن كما يفعله من يدخل على العظماء ويقدّم رجله اليمنى في الدخول قائلا أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبنوره القديم من الشيطان الرجيم باسم الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهمّ صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اللهم اغفر لي ذنوبي وأفتح لي أبواب رحمتك ووفقني وسدّدني وأعني على ما يرضيك ومنّ عليّ بحسن الأدب السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يتركه كلما دخل المسجد أو خرج إلا أنه يقول عند الخروج وأفتح لي أبواب فضلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 " ومنها " إنه إذا صار في المسجد فلينو الاعتكاف وإن قل زمانه ثم يتوجه للروضة الشريفة خاشعا غاضا طرفه غير مشغول بالنظر إلى شيء من زينة المسجد وغيره مع الهيبة والوقار والخشية والانكسار والخضوع والافتقار ثم يقف في المصلى النبوي إن كان خاليا وإلا ففيما قرب منه ومن المنبر الأفقي غير ذلك فليصلي التحية ركعتين خفيفتين يقرأ فيها قل يا أيها الكافرون والإخلاص فإن أقيمت مكتوبة أو خاف فوتها صلاها وحصلت التحية ثم يحمد الله ويشكره ويسأل الرضا والتوفيق والقبول وأن يهب له من مهمات الدارين نهاية السؤال ويسجد شكرا لله تعالى عند الحنفية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 وفي التشويق للجمال بن المحب الطبري موافقتهم ويبتهل في أن يتم له ما قصد من الزيارة النبوية ومحل تقديم التحية إذا لم يكن مروره قبالة الوجه الشريف فإن كان استحبت الزيارة أولا كما قال بعضهم ورخص بعض المالكية في تقديم الزيارة على الصلاة وقال كل ذلك واسع ودليل الأوّل حديث جابر رضي الله عنه قال قدمت من سفر فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أدخلت المسجد فصليت فيه قلت لا قال فأذهب فأدخل المسجد فصل فيه ثم ائت فسلم عليّ وقال اللخمي وتبتدأ في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بتحية المسجد قبل أن تأتي القبر هذا قول مالك وقال أبن حبيب يقول إذا دخل باسم الله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبتدأ بالسلام من موضعه ثم يركع ولو كان دخوله من الباب الذي بناحية القبر ومروره عليه فوقف فسلم ثم عاد إلى موضع يصلى فيه لم يكن ضيقا اه ومراد أبن حبيب الإتيان أوّلا بالسلام المستحب لداخل المسجد لحديث إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبيّ صلى الله عليه وسلم " ومنها " أن يتوجه بعد ذلك إلى الضريح الشريف مستعينا بالله في رعاية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 الأدب لهذا الموقف المنيف فيقف بخضوع ووقار وذلة وانكسار غاض الطرف مكفوف الجوارح واضعا يمينه على شماله كما في الصلاة فيما قاله الكرماني من الحنفية مستقبلا للوجه الشريف تجاه مسمار الفضة الآتي بيانه وذلك في محاذاة الصرعة الثانية من باب المقصورة القبلي التي عن يمين مستقبله وقد حدث الآن شباك من نحاس وموقف السلف قبل إدخال الحجرة في المسجد وبعده داخل تلك المقصورة وهو سنة إذ المنقول الوقوف على نحو أربعة أذرع من رأس القبر وقال أبن عبد السلام ثلاثة وقال أبن حبيب في الواضحة وأقصد القبر الشريف من وجاه القبلة وأدنو منه وفي الأحياء بعد بيان الموقف بنحو ما سبق فينبغي بين يديه كما وصفنا وتزوره ميتا كما كنت تزوره حيا ولا تقرب من قبره إلا ما كنت تقرب من شخصه الكريم لو كان حيا انتهى ولينظر الزائر إلى أسفل ما يستقبله من الحجرة والحذر من اشتغال النظر بشيء مما هناك من الزينة فإنه صلى الله عليه وسلم كما قال في الأحياء عالم بحضورك وقيمك وزيارتك له قال فمثل صورته الكريمة في خيالك موضوعا في ألح بازائك وأحضر عظيم رتبته في قلبك انتهى ثم سلم مقتصدا من غير رفع صوت ولا إخفاء فتقول بحياء ووقار السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثلاثا السلام عليك يا رسول رب العالمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين السلام عليك يا إمام المتقين السلام عليك يا قائد الغرّ المحجلين السلام عليك أيها المبعوث رحمة للعالمين السلام عليك يا شفيع المذنبين السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك أيها الهادي إلى صراط المستقيم السلام عليك يا من وصفه الله تعالى بقوله (وأنك لعلى خلق عظيم) وبقوله (بالمؤمنين رؤوف رحيم) السلام عليك يا من سبح الحصى في يديه وحن الجذع إليه السلام عليك يا من أمرنا الله بطاعته والصلاة عليه السلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وملائكة الله المقربين وعلى آلك وأزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين وأصحابك أجمعين كثيرا دائما أبدا كما يحب ربنا ويرضى جزاك الله عنا أفضل ما جزى رسولا عن أمته وصلى الله عليك أفضل وأكمل وأزكى وأنمى صلاة صلاها على أحد من خلقه وأشهد أمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وأقمت الحجة وأوضحت المحجة وجاهدت في الله حق جهاده وكنت كما نعتك الله في كتابه حيث قال لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فصلوات الله وملائكته وجميع خلقه في سماواته وأرضه عليك يا رسول الله اللهمّ آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون (ربنا آمنا بما أنزلت وأتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره اللهم ثبتني على ذلك ولا تردنا على أعقابنا ولا تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم صلي على محمد عبدك ورسولك النبيّ الأميّ وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد النبي الأميّ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين أنك حميد مجيد ومن عجز عن حفظ ذلك أو ضاق عنه الوقت أقتصر على بعضه وأقله السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابن عمر وغيره الاقتصار جدّ أو عن مالك يقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وأختار بعضهم التطويل وعليه الأكثر وقال ابن حبيب ثم تقف بالقبر فتصلي عليه صلى الله عليه وسلم وتثني بما يحضرك انتهى ثم أن كان أوصاك أحد بالسلام فقل السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان أو فلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله ونحوه ثم يتأخر الزائر إلى صوب يمينه ذراع فيصير اتجاه أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول السلام عليك يا أبا بكر الصديق صفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار ورفيقه في الأسفار جزاك الله عن أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الجزاء ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيقول السلام عليك يا عمر الفاروق الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله تعالى عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء هذا ما ذكره النووي وغيره من أصحابنا وغيرهم وذكر ابن حبيب السلام والثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعطف عليه قوله والسلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ويا عمر جزاكما الله تعالى عن الإسلام وأهله أفضل ما جزى وزيري نبي عن وزارته في حياته وعلى حسن خلافته إياه في أمته بعد وفاته فقد كنتما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزيري صدق في حياته وخلفتماه بالعدل والإحسان في أمته بعد وفاته فجزاكما الله تعالى على ذلك مرافقته في جنته وإيانا معكم برحمته انتهى قال النووي وغيره ثم يرجع الزائر إلى موقعه قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسل به ويتشفع به إلى ربه ومن أحسن ما يقول ما حكاه أصحابنا عن العتبيّ مستحسنين له قال كنت جالسا عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فجاء إعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله تعالى يقول (ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله) الآية وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي أنشأ يقول عليك يا إمام المتقين السلام عليك يا قائد الغرّ المحجلين السلام عليك أيها المبعوث رحمة للعالمين السلام عليك يا شفيع المذنبين السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك أيها الهادي إلى صراط المستقيم السلام عليك يا من وصفه الله تعالى بقوله (وأنك لعلى خلق عظيم) وبقوله (بالمؤمنين رؤوف رحيم) السلام عليك يا من سبح الحصى في يديه وحن الجذع إليه السلام عليك يا من أمرنا الله بطاعته والصلاة عليه السلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وملائكة الله المقربين وعلى آلك وأزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين وأصحابك أجمعين كثيرا دائما أبدا كما يحب ربنا ويرضى جزاك الله عنا أفضل ما جزى رسولا عن أمته وصلى الله عليك أفضل وأكمل وأزكى وأنمى صلاة صلاها على أحد من خلقه وأشهد أمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وأقمت الحجة وأوضحت المحجة وجاهدت في الله حق جهاده وكنت كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 نعتك الله في كتابه حيث قال لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فصلوات الله وملائكته وجميع خلقه في سماواته وأرضه عليك يا رسول الله اللهمّ آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون (ربنا آمنا بما أنزلت وأتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره اللهم ثبتني على ذلك ولا تردنا على أعقابنا ولا تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم صلي على محمد عبدك ورسولك النبيّ الأميّ وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد النبي الأميّ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين أنك حميد مجيد ومن عجز عن حفظ ذلك أو ضاق عنه الوقت أقتصر على بعضه وأقله السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابن عمر وغيره الاقتصار جدّ أو عن مالك يقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وأختار بعضهم التطويل وعليه الأكثر وقال ابن حبيب ثم تقف بالقبر فتصلي عليه صلى الله عليه وسلم وتثني بما يحضرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 انتهى ثم أن كان أوصاك أحد بالسلام فقل السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان أو فلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله ونحوه ثم يتأخر الزائر إلى صوب يمينه ذراع فيصير اتجاه أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول السلام عليك يا أبا بكر الصديق صفيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار ورفيقه في الأسفار جزاك الله عن أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الجزاء ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيقول السلام عليك يا عمر الفاروق الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله تعالى عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء هذا ما ذكره النووي وغيره من أصحابنا وغيرهم وذكر ابن حبيب السلام والثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعطف عليه قوله والسلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ويا عمر جزاكما الله تعالى عن الإسلام وأهله أفضل ما جزى وزيري نبي عن وزارته في حياته وعلى حسن خلافته إياه في أمته بعد وفاته فقد كنتما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزيري صدق في حياته وخلفتماه بالعدل والإحسان في أمته بعد وفاته فجزاكما الله تعالى على ذلك مرافقته في جنته وإيانا معكم برحمته انتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 قال النووي وغيره ثم يرجع الزائر إلى موقعه قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسل به ويتشفع به إلى ربه ومن أحسن ما يقول ما حكاه أصحابنا عن العتبيّ مستحسنين له قال كنت جالسا عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فجاء إعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله تعالى يقول (ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله) الآية وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي أنشأ يقول يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم قال ثم أنصرف فحملني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبيّ الحق الأعرابي فبشره بأن الله قد غفر له " قلت " وليقدّم على ذلك ما تضمنه خبر ابن فديك عن بعض من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 أدركه قال بلغنا أن من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما صلى الله عليه وسلم عليك يا محمد يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان ولم تسقط لك اليوم حاجة قال بعضهم والأولى أن يقول صلى الله عليك يا رسول الله إذ من خصائصه أن لا ينادى باسمه والذي يظهر أن ذلك في النداء الذي لا يقترن به الصلاة والسلام ثم يجددّ التوبة عقب ذلك ويكثر من الاستغفار والتضرع إلى الله تعالى والاستشفاع بنبيه صلى الله عليه وسلم في جعلها توبة نصوحا ثم يقول يا رسول الله أن الله تعالى قال فيما أنزل عليك (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية وقد ظلمت نفسي ظلما كثيرا وأتيت بجهلي وغفلتي أمرا كبيرا وقد وفدت عليك زائرا وبك مستجيرا وجئتك مستغفرا من ذنبي سائلا منك أن تشفع لي إلى ربي وأنت شفيع المذنبين المقبول الوجيه عند رب العالمين وها أنا معترف بذنبي متوسل بك إلى الله مستشفع بك إليه وأسأل الله البرّ الرحيم بك أن يغفر لي ويميتني على سنتك ومحبتك ويحشرني في زمرتك ويوردني وأحبائي حوضك غير خزايا ولا نادمين فأشفع لي يا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 رسول رب العالمين وشفيع المذنبين فها أنا في حضرتك وجوارك ونزيل بابك وعلقت بكرم ربي والرجاء لعله يرحم عبده وأن أساء ويعفو عما جنى ويعصمه ما بقى في الدنيا وشفاعتك يا خاتم النبيين وشفيع المذنبين أنت الشفيع وآمالي معلقة ... وقد رجوتك يا ذا الفضل تشفع لي هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له ... إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي ضعيف ضعيف غريب قد أناخ بكم ... ومستجير الفقير ومرمي القصد والطلب هذا مقام الذي ضاقت مذاهبه ... وأنتمو في الرجا من أعظم السبب وعن الأصمعيّ وقف إعرابي مقابل القبر الشريف فقال اللهم هذا حبيبك وأنا عبدك والشيطان عدوك فإن غفرت لي عز حبيبك وفاز عبدك وغضب عدوّك وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضى عدوّك وهلك عبدك وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك وترضى عدوّك وتهلك عبدك اللهمّ أنّ العرب الكرام إذا مات فيهم سيدا عتقوا على قبره وإنّ هذا سيد العالمين فأعتقني على قبره فقلت يا أخا العرب إنّ الله قد غفر لك وأعتقك بحسن هذا السؤال ويجلس الزائر أن شق عليه طول القيام فيكثر من الصلاة والتسليم ويتلو ما تيسر ويقصد الآي والسور الجامعة لطبقات الإيمان ومعاني التوحيد. وفي شرح المهذب عن آداب زيارة القبر ولأبي موسى الأصفهاني أن الزائر بالخياران شاء زار قائما وإن شاء قاعدا كما يزور أخاه في الحياة فربما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 جلس وربما زار قائما ومارا انتهى ويدعو لواليه وإخوانه والمسلمين وقال النووي ثم يتقدم أي بعد الدعاء والتوسل قبالة الوجه الشريف إلى رأس القبر فيقف بين القبر والأسطوانة التي هناك ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويدعو لنفسه بما أهمه وما أحبه ولوالديه ولمن شاء من أقاربه وأشياخه وإخوانه وسائر المسلمين وفي كتب الحنفية وغيرهم نحو هذا وفي كتب بعض المالكية سرد الدعاء مع سلام الزيارة أولا من غير ذكر عود وهو موافق لقول العز بن جماعة أن ما ذكره من العود إلى قبالة الوجه الشريف ومن المتقدم إلى رأس القبر المقدس للدعاء عقب الزيارة لم ينقل عن فعل الصحابة والتابعين " قلت " غرض من رتب ذلك هكذا تأخير الدعاء عند الوجه الشريف عن السلام على الشيخين رضي الله عنهما والجمع بين موقفي السلف قبل إدخال الحجرة وبعده مع الدعاء مستقبل القبلة في الثاني وهو حسن " ومنها " أن يأتي المنبر الشريف ويقف عنده ويدعو الله تعالى ويحمده على ما بسر له من الخير أجمع ويستعيذ به من الشر أجمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 فعن يزيد بن عبد الله بن قسيط رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا المسجد يأخذون برمانة المنبر الصلع التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسكها بيده ثم يستقبلون القبلة ويصلون ويدعون ويصلي ويدعو عند أسطوان المهاجرين وغيرهما من الأساطين ذات الآتي بيانها ويكثر من الصلاة والدعاء بالروضة الشريفة " ومنها " أن يجتنب لمس جدار القبر وتقبيله والطواف به قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 النووي لا يجوز أن يطاف به ويكره إلصاق البطن والظهر به قال الحليمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 وغيره قال ويكره مسحه وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ومن خطر بباله أن يمسح باليد ونحوه وأبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء انتهى وفي الأحياء مس المشاهد وتقبيلها عادة النصارى واليهود انتهى وعن الزعفراني أن ذلك من البدع التي تنكر شرعا وعن أنس بن مالك أنه رأى رجلا وضع يده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه وقال ما كنا نعرف هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال السروجي من الحنفية لا يلصق بطنه بالجدار ولا يمسه بيده وفي كتاب أحمد بن سعيد الهندي كما في الشفاء فيمن وقف بالقبر لا يلصق به ولا يمسه ولا يقف عنده طويلا وفي المغني للحنابلة ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقبله وقال أبو بكر الأثرم قلت لأبي عبد اله يعني ابن حنبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم يلمس ويتمسح به قال لا أعرف هذا قلت له فالمنبر أي قبل احتراقه قال أما المنبر فنعم قد جاء فيه شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذنب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 عن ابن عمر رضي الله عنه أنه مسح المنبر ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة يروى عن يحيي بن سعيد شيخ الإمام مالك أنه حيث أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا فرأيته استحسن ذلك قلت لأبي عبد الله أنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر وقلت رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه ويقومون ناحية ويسلمون فقال أبو عبد الله ونعم هكذا كان ابن عمر يفعل ذلك نقله ابن عبد الهادي عن تأليف شيخه ابن تيمية ولبن عساكر في تحفته عن ابن عمر أنه كان يكره أن يكثر مس قبر النبي صلى الله عليه وسلم وفيه تقييد لما سبق وفي كتاب العلل والسؤالات لعبد الله ابن أحمد بن حنبل سألت أبي عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم بتبرك بمسه وتقبيله ويفعل بالقبر مثل ذلك وجاء ثواب الله تعالى فقال لا بأس به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 قال العز بن جماعة وهذا يبطل ما نقل عن النووي من الإجماع وقال السبكي عدم المسح بالقبر ليس مما قام الإجماع عليه وأستدل في ذلك بما رواه يحيي بن الحسن عن عمر بن خالد عن أبي نباتة عن كثير بن يزيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال أقبل مروان بن الحكم فإذا رجل ملتزم القبر فأخذ مروان برقبته قال هل تدري ما تصنع فأقبل عليه فقال نعم إني لم آت الحجر ولم آت اللبن وإنما جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث الآتي من رواية أحمد لكن لم يصرح فيه برفعه في نسخة يحيي التي وقعت للسبكي وصرح برفعه في غيرها ثم قال المطلب وذلك الرجل أبو أيوب الأنصاري قال السبكي وعمر بن خالد لم أعرفه وأبو نباتة ومن فوقه ثقات فإن صح هذا الإسناد لم يكره مس جدار القبر قلت رواه أحمد بسند حسن ولفظه أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فأخذ مروان برقبته ثم قال هل تدري ما تصنع فأقبل عليه فقال نعم أني لم آت الحجر إنما جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن أبكوا على الدين إذا وليه غير أهله وسبق في الفصل الأول قصة زيارة بلال رضي الله عنه وأنه أتى القبر فجعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 يبكي ويمرغ وجهه عليه وذكر الخطيب بن حملة أن بلال رضي الله عنه وضع خديه على القبر الشريف وأن ابن عمر رضي الله عنه كان يضع يده اليمنى ثم قال ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الأذن في ذلك والقصد به التعظيم والناس تختلف مراتبهم كما في الحياة فمنهم من لا يملك نفسه بل يبادر إليه ومنهم من فيه أناة فيتأخر اه ونقل عن أبن أبي الصيف والمحب الطبريّ جواز تقبيل قبور الصالحين وعن إسماعيل التيميّ قال كان أبن المنكدر يصيبه الصمات فكان يقوم فيضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعوتب في ذلك فقال إنه يستشفي بقبر النبيّ صلى الله عليه وسلم " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 ومنها " اجتناب الانحناء للقبر عند التسليم فهو من البدع ويظن من لا علم له أنه من شعار التعظيم وأقبح منه تقبيل الأرض للقبر قال العز بن جماعة وليس عجبي ممن جهله فارتكبه بل ممن أفتى بتحسينه مع علمه بقبحه واستشهد له بالشعر قلت شاهدت بعض القضاة فعله وزاد السجود بجبهته بحضرة العوام فتبعوه ولا حول ولا قوة إلا بالله ومنها أن لا يستدبر القبر المقدّس في الصلاة ولا في غيرها ولا يصلى إليه قال أبن عبد السلام وإذا أردت صلاة فلا تجعل حجرته صلى الله عليه وسلم وراء ظهرك ولا بين يديك قال والأدب معه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مثله في حياته فما كنت صانعه في حياته فأصنعه بعد وفاته من احترامه والإطراق بين يديه وترك الخصام وترك الخوض فيما لا ينبغي أن تخوض فيه في مجلسه فأن أبيت فانصرافك خير من بقائك اه وقال الأذرعيّ يجب الجزم بتحريم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركا وإعظاما وفي التتمة إن الصلاة إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام قال الأذرعيّ وينبغي أن يختص هذا بقبره الكريم بل هو كما ذكرنا وعجب قول النوويّ في التحقيق تحرم الصلاة متوجها إلى رأس قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكره إلى غيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 انتهى ويجتنب ما يفعله الجهلة من التقرّب بأكل التمر الصيحاني بالمسجد وإلقاء النوى فيه " ومنها " أن لا يمر بالقبر الشريف ولو من خارج المسجد حتى يقف ويسلم " حدّث " أبو حازم إن رجلا أتاه فحدّثه إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي حازم أنت المارّ بي معرضا لا تقف تسلم عليّ فلم يدع ذلك أبو حازم منذ بلغته الرؤيا وفي جامع البيان لأبن رشد وسئل يعني مالكا عن المارّ بقبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أترى أن يسلم كلما مرّ قال نعم أرى ذلك عليه كلما مرّ به وقد أكثر الناس من ذلك فأمّا إذا لم يمرّ به فلا أرى ذلك وذكر حديث اللهم لا تجعل قبري وئنا فإذا لم يمرّ عليه فهو في سعة من ذلك وسئل عن الغريب يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم فقال ما هذا من الأمر ولكن إذا أراد الخروج قال أبن رشد معناه إنه يلزمه إن يسلم متى ما مرّ وليس عليه إن يمرّ ليسلم إلا للوداع عند الخروج ويكره أن يكثر المرور به والسلام عليه والإتيان كل يوم وقال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما ذلك للغرباء وقال فيه لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفران يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنه فقيل له فأن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 سفر ولا يريدونه ويفعلون ذلك في اليوم مرّة أو أكثر أو في الجمعة أو الأيام فقال لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمّة إلا ما أصلح أوّلها أو لم يبلغني عن أوّل هذه الأمّة وصدرها إنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده قال الباجي ففرق بين أهل المدينة والغرباء لأن الغرباء قصدوا لذلك وأهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم قال السبكي والملخص من مذهب مالك إن الزيارة قربة ولكنه على عادته في سد الذرائع يكره منها الإكثار الذي قد يفضي إلى محذور والمذاهب الثلاثة يقولون باستحبابها أو استحباب الإكثار منها لأن الإكثار من الخير خير وفي زيارة القبور من أذكار النوويّ يستحب الإكثار من الزيارة وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل وسيأتي قول عبد الله بن محمد بن عقيل في هدم جدار الحجرة كنت أخرج كل ليلة من آخر الليل حتى آتى المسجد فأبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 ولأبن زبالة عن عبد العزيز بن محمد رأيت رجلا من أهل المدينة يقال له محمد أبن كيسان يأتي إذا صلى العصر من يوم الجمعة ونحن جلوس مع ربيعة فيقوم عند القبر فيسلم ويدعو حتى يمشي فيقول جلساء ربيعة انظروا إلى ما يصنع هذا فيقول دعوه فإنما للمرء ما نوى وقال الشافعي قال أبن عجلان لبعض الأمراء إنك تطيل ثيابك وتطيل الخطبة وتكثر المجيء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أمّا ثيابي فأني أكساها وأمّا الخطبة فأني أتعلمها وأمّا كثرة المجيء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كان فيه العجلان ما أتيته " ومنها " الإكثار من الصلاة والسلام واغتنام ما أمكن من الصيام والحرص على الصلوات الخمس بالمسجد النبويّ في الجماعة والإكثار من النافلة فيه مع تحري المسجد الأوّل والأماكن الفاضلة منه إلا أن يكون الصف الأوّل خارجه وليغتنم ملازمة المسجد إلا لمصلحة راجحة وكلما دخله جدّد نية الاعتكاف وليحرص على المبيت فيه ولو ليلة يحييها وعلى ختم القرآن العظيم به وأخرج سعيد بن منصور عن أبي مخلد قال كانوا يحبون لمن أتى المساجد الثلاثة أن يختم فيها القرآن قبل أن يخرج قال المجد ويديم النظر إلى الحجرة الشريفة فإنه عبادة قياسا على الكعبة فإذا كان خارج المسجد أدام النظر إلى قبتها مع المهابة والحضور " ومنها " إنه يستحب الخروج كل يوم إلى البقيع بعد السلام على النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 خصوصا يوم الجمعة قاله النوويّ فيقول إذا انتهى إليه السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا أن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ثم يزور ما سيأتي من القبور الظاهرة به ولم يتعرض النوويّ لمن يبدأ به وقال البرهان بن فرحون الأولى بالتقديم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنه أفضل من هناك واختار بعضهم البداءة بإبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال العلامة فضل الله بن الغوري من الحنفية إذا أراد زيارة البقيع يخرج من باب البلد ويأتي قبة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ثم ذكر أتيان البقية ثم قال ثم يختم بصفية بنت عبد المطلب انتهى وملحظه في ذلك أن مشهد العباس رضي الله عنه أوّل ما يلقى الخارج من باب البلد على يمينه فمجاوزته من غير سلام جفوة فإذا سلم عليه يسلم على من يمر به أوّ لافأ وّلا فيختم بصفية رضي الله عنه في رجوعه وقد صرّح النوويّ بأنه يختم بها ثم إذا دخل من باب البقيع فليقصد مشهد سيدي إسماعيل فإنه صار داخل السور ويذهب إلى مشهد سيدي مالك بن سنان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 والنفس الزكية وليسا بالبقيع وليأت قبور الشهداء بأحد قال أبن الهمام من الحنفية ويزور جبل أحد نفسه ففي الصحيح أحد جبل يحبنا ونحبه ويبكر بعد صلاة الصبح بالمسجد النبوي حتى يعود ويدرك الظهر به ويبدأ بسيد الشهداء حمزة رضي الله عنه قالوا وأفضلها يوم الخميس وكأنه لضيق الجمعة عن ذلك وقد قال محمد بن واسع بلغني إن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده انتهى ويستحب استحبابا متأكدا إتيان مسجد قباء وهو في يوم السبت أولى فيتوضأ ويذهب إليه ويستحب إتيان بقية المساجد والآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم مما علمت عينه أو جهته وكذا الآبار التي شرب أو تطهر منها والتبرّك بذلك وفي مناسك خليل المالكي بعد ذكر استحباب زيارة البقيع ومسجد قباء ونحوهما وهذا فيمن كثرت أقامته وإلا فالمقام عنده صلى الله عليه وسلم لاغتنام مشاهدته أحب من قال أبن أبي جمرة لما دخلت مسجد المدينة ما جلست إلا الجلوس في الصلاة وما زلت واقفا هناك حتى رحل الركب وخطر لي الخروج إلى البقيع نقلت إلى أين أذهب هذا باب الله مفتوح للسائلين والمتضرّعين وليس ثم من يقصد مثله قلت هذا فيمن منح دوام الحضور وعدم الملل وإلا فالتنقل في تلك البقاع أولى وأدعى للنشاط " ومنها " أن يلاحظ بقلبه مدّة إقامته بالمدينة جلالتها وتردّده صلى الله عليه وسلم فيها ومشيه في بقاعها ومحبته لها وتردّد جبريل عليه السلام بالوحي فيها ولا يركب بها دابة مهما قدر على المشي كما فعل مالك رحمه الله وقال استحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة وروى أخشى أن يقع حافر الدابة في محل مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليست المدينة ما حاز السور اليوم فقط بل ما سنوضحه ويزمّ نفسه مدّة إقامته بزمام الخشية والتعظيم وبخفض جناحه ويغض صوته قال الله تعالى أن الذين يغضون أصواتهم الآية ولما نزلت قال أبو بكر رضي الله عنه آليت أن لا أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كأخي السر أرو حرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا " ومنها " محبة سكان المدينة سيما العلماء والصلحاء والأشراف الخدّام قال المجد وهلم جرّ إلى عوامها وخواصها على حسب مراتبهم إلى من لا يبقى له مزية سوى كونه جارا فأعظم به مزية لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار ولم يخص جارا دون جار قال وكلما احتج به محتج من رمى عوامهم بالابتداع وترك الاتباع فإنه إذا ثبت في شخص لا يترك إكرامه فأنه لا يخرج عن حكم الجار ولو جار ولا يزول عنه شرف مساكنته في الدار كيف دار بل يرجى أن يختم له بالحسنى ويمنح ببركة القرب الصوري قرب المعنىعة ويوما قبله ويوما بعده انتهى ويستحب استحبابا متأكدا إتيان مسجد قباء وهو في يوم السبت أولى فيتوضأ ويذهب إليه ويستحب إتيان بقية المساجد والآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم مما علمت عينه أو جهته وكذا الآبار التي شرب أو تطهر منها والتبرّك بذلك وفي مناسك خليل المالكي بعد ذكر استحباب زيارة البقيع ومسجد قباء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 ونحوهما وهذا فيمن كثرت أقامته وإلا فالمقام عنده صلى الله عليه وسلم لاغتنام مشاهدته أحب من قال أبن أبي جمرة لما دخلت مسجد المدينة ما جلست إلا الجلوس في الصلاة وما زلت واقفا هناك حتى رحل الركب وخطر لي الخروج إلى البقيع نقلت إلى أين أذهب هذا باب الله مفتوح للسائلين والمتضرّعين وليس ثم من يقصد مثله قلت هذا فيمن منح دوام الحضور وعدم الملل وإلا فالتنقل في تلك البقاع أولى وأدعى للنشاط " ومنها " أن يلاحظ بقلبه مدّة إقامته بالمدينة جلالتها وتردّده صلى الله عليه وسلم فيها ومشيه في بقاعها ومحبته لها وتردّد جبريل عليه السلام بالوحي فيها ولا يركب بها دابة مهما قدر على المشي كما فعل مالك رحمه الله وقال استحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة وروى أخشى أن يقع حافر الدابة في محل مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليست المدينة ما حاز السور اليوم فقط بل ما سنوضحه ويزمّ نفسه مدّة إقامته بزمام الخشية والتعظيم وبخفض جناحه ويغض صوته قال الله تعالى أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 الذين يغضون أصواتهم الآية ولما نزلت قال أبو بكر رضي الله عنه آليت أن لا أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كأخي السر أرو حرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا " ومنها " محبة سكان المدينة سيما العلماء والصلحاء والأشراف الخدّام قال المجد وهلم جرّ إلى عوامها وخواصها على حسب مراتبهم إلى من لا يبقى له مزية سوى كونه جارا فأعظم به مزية لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار ولم يخص جارا دون جار قال وكلما احتج به محتج من رمى عوامهم بالابتداع وترك الاتباع فإنه إذا ثبت في شخص لا يترك إكرامه فأنه لا يخرج عن حكم الجار ولو جار ولا يزول عنه شرف مساكنته في الدار كيف دار بل يرجى أن يختم له بالحسنى ويمنح ببركة القرب الصوري قرب المعنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 فياساكني أكناف طيبة كلكم ... إلى القلب من أجل الحبيب حبيب فالواو يستحب أن يتصدّق فيها بما أمكنه قال في شرح المهذب ويخص أقاربه صلى الله عليه وسلم بمزيد الحديث مسلم أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي " ومنها " استحباب المجاورة بها لمن قدر عليها مع رعاية الأدب وانشراح الصدر ودوام السرور والفرح بمجاورة هذا النبيّ الكريم والإكثار من التضرّع والدعاء بالتوفيق لشكر هذه النعمة وقرنها بحسن الأدب اللائق بها وجبر التقصير في القيام بحقها والاعتراف بذلك مع الحرص على فعل أنواع الخيرات بحسب الإمكان ولا يضيق على من بها بسكنى الأربطة وأخذ الصدقة إلا أن يحتاج فيقتصر على قدر الحاجة من غير تعرض لذلك ولا أشراف نفس ولا ينتحل ما صورته عبادة وفائدته دنيا كإمامة وأذان وتدريس وقراءة أو خدمة في الحرم إلا أن يخلص النية أو تدعوه الحاجة إليه قاله الاقشهري " ومنها " إذا أختار الرجوع فليودع المسجد الشريف بركعتين بالمصلى النبوي أو ما قرب منه ثم يقول بعد الحمد والصلاة والسلام اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما تحب وترضى إلى غير ذلك مما يستحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 للمسافر ويدعو بما أحب ثم يقول اللهم لا تجعله آخر العهد بهذا المحل الشريف ويختم بالحمد والصلاة والسلام ويأتي القبر الشريف ويسلم ويدعو بما تقدّم أوّلا ويقول نسألك يا رسول الله أن تسأل الله تعالى أن لا يقطع آثارنا من زيارتك وأن يعيدنا سالمين وأن يبارك لنا فيما وهب لنا ويرزقنا الشكر على ذلك اللهم لا تجعله آخر العهد بحرم رسولك صلى الله عليه وسلم وحضرته الشريفة ويسر لي العود إلى الحرمين سبيلا سهلة وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة وصرّح الكرمانيّ بتقديم وداع النبي صلى الله عليه وسلم على توديع المسجد بركعتين والأوّل هو المشهور والأصل في ذلك حديث كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين ثم ينصرف الزائر عقب ذلك تلقاء وجهه ولا يمشي إلى خلفه ويكون متألما متحزنا على الفراق أو ما يفوته من البركات وهناك يظهر من المحبين سوابق العبرات ويتصعد من بواطنهم لواحق الزفرات ويكون مع ذلك دائم الأشواق لذلك المزار متعلق القلب بالعود لتلك الديار ولله در القائل أحسنّ إلي زيارة حيّ ليلى ... وعهدي من زيارتها قريب وكنت أظن قرب الدار يطفي ... لهيب الشوق فازداد اللهيب ولا يستصحب من تراب الحرم ولا من الأكر المعمولة منه ونحو ذلك لما سبق بل يستصحب هدية يدخل بها السرور على أهله وإخوانه من غير أن يتكلفها سيما ثمار المدينة الشريفة ومياه آبارها المباركة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 " ومنها " أن يتصدّق بشيء مع خروجه وينوي حينئذ ملازمة التقوى والاستعداد للقاء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في يوم المعاد وليحذر كل الحذر من مقارفة الذنوب فأنّ النكسة أشدّ من المرض ويحافظ على الوفاء بما عاهد عليه الله تعالى ولا يكون خوّانا أثيما فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 الفصل الثالث في فضل المسجد النبوي وروضته ومنبره قال الله تعالى لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم أحق أن تقوم فيه الآية وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت لبعض نسائه فقلت يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى قال فأخذ كفا من حصا فضرب به الأرض ثم قال هو مسجدكم هذا المسجد المدينة ولأحمد والترمذيّ عنه اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 التقوى فقال أحدهما هو مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال هو هذا وفي ذاك يعني مسجد قباء خير كثير وقال مالك كما في العتبية إنه مسجد المدينة ثم قال أين كان يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس في هذا ويأتونه أولئك من هنالك وقال تعالى وتركوك قائما فإنما هو هذا وقال عمر رضي الله عنه لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سمعته يريد أن يقدم القبلة وقال عمر بيده هكذا ما قدمتها ثم قدمها عمر رضي الله عنه انتهى أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 إن عمر لم يستجز ذلك مع قوله تعالى (أسس على التقوى) إلا للحديث المذكور وإن قوله لأهل قباء لما نزلت أن الله أثنى عليكم الحديث لا دلالة فيه على إنه مسجد قباء لأنهم كانوا يأتون إلى هذا المسجد أيضا قال أبن رشد وقوله في الآية (من أوّل يوم) ظاهر في أنه مسجد قباء إذا المراد من أوّل أيام الحلول بدار الهجرة إلا أن يقال من أوّل يوم تأسيسه وسيأتي في مسجد قباء ما يدل لأنه المراد والجمع إن كلا منهما أسس على التقوى من أوّل يوم تأسيسه والسرّ في إجابته صلى الله عليه وسلم عند السؤال عن ذلك بما سبق دفع ما توهمه السائل من اختصاص ذلك بمسجد قباء والتنويه بمزية هذا على ذلك وإذا قال وفي ذاك خير كثير وفي الصحيحين حديث لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 ولمسلم إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيليا ولأحمد وأبن حبان في صحيحه والطبراني في الأوسط بسند حسن خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق وللبزار برجال الصحيح إلا عبد الرحمن بن أبي الزناد وقد وثقه غير واحد خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد إبراهيم ومسجد محمد صلى الله عليه وسلم وله حديث إنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي وفيه ضعف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 وفي الصحيحين صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام زاد مسلم فأني آخر الأنبياء وأن مسجدي آخر المساجد أي آخر مساجد الأنبياء كما نقله المحب الطبري عن أبي حاتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 فالألف واللام لمعهود وهو مساجد الأنبياء فالصلاة في هذا المسجد أفضل من ألف صلاة في سائر مساجد الأنبياء إلا المسجد الحرام فالصلاة بهذا المسجد أفضل من ألف صلاة ببيت المقدس إذ لم يستثن كما استنبطه المجد تبعا لأبي سليمان داود الشاذلي ويدل له حديث الكبير للطبراني برجال ثقات عن الأرقم وكان بدريا قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأودعه وأردت الخروج إلى بيت المقدس قال وما يخرجك إليه أفي تجارة قلت لا ولكني أصلي فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ههنا خير من ألف صلاة ثم وللبزار عن أبي سعيد قال ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال أبن تريد قال بيت المقدس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام ورواه يحيى وغيره مع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 بيان أن الرجل هو الأرقم وقدوري أبو بعلي برجال ثقات أن الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة أي في غيره من المساجد مطلقا غير المسجدين لما سبق فالصلاة بمسجد المدينة أفضل من ألف ألف صلاة فيما سواه من مساجد سائر البلاد إلا الأقصى فهي أفضل من ألف صلاة به بما لا يعلم قدره إلا الله تعالى وألا المسجد الحرام والمراد به الكعبة عند العمراني من أصحابنا وجماعة إلا أن المرجح خلافه ويدل للأول ما تقدم من أن الألف واللام في المساجد لمعهود هو مساجد الأنبياء وقرن المعبة بالمسجد النبوي في حديث شد الرحال المتقدم ورواية النسائي وغيره للحديث بلفظ إلا مسجد الكعبة بدل المسجد الحرام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 ورواية يحيي إلا الكعبة وهذا الاستثناء محتمل لأن يكون المراد به انه ولمسجد المدينة أو مفضول فالصلاة فيه بدون الألف أو فاضل فيزيد على الألف ورجح ابن بطال الأول إذ النقص أو الزيادة لا يعلم إلا بدليل والمساواة ظاهرة وذهب مالك في رواية أشهب عنه وابن نافع وجماعة من أصحاب مالك إلى الثاني وقال بعضهم والصلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة لقول ابن الزبير أن عمر رضي الله عنه قال صلاة المسجد الحرام خير من مائة ألف صلاة فيما سواه وتعقب بأن المحفوظ فيه صلاة في المسجد الحرام فضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الرسول فإنما فضله عليه بمائة صلاة وهو عكس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 هذا القول وفي الأوسط للطبراني عن عائشة رضي الله عنه مرفوعا صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة في غيره لكن فيه سويد بن عبد العزيز في حديثه نظر لا يحتمل ولعبد الرزاق عن ابن الزبير موقوفا صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيه ويشير إلى مسجد المدينة ولحمد والبزاز برجال الصحيح وصححه ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 حبان عن ابن الزبير مرفوعا صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا ولفظ ابن حبان وصلاة في ذلك أفضل من مائة صلاة في مسجد المدينة ولكن لفظ البزاز إلا المسجد الحرام فإنه يزيد عليه بمائة فضمير فإنه يحتمل كلا منهما فليس نصا ويحتمل أنه لفظ الحديث وما عداه من الرواية بالمعنى عند راويه بحسب فهمه في مرجع الضمير فليس قاطعا في الباب رافعا للخلاف وأن قاله ابن عبد البر نعم وهو ظاهر في ترجيح المذهب الثالث إذ الراوي أعرف بفهم مرويه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 وقد أختلف عن ابن الزبير في رفعه ووقفه قال ابن البر ومن رفعه أحفظ ومثله لا يقال من قبل الرأي قال ابن حزم ورواه ابن الزبير من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسند كالشمس في الصحة ولا مخالف لهما من الصحابة فصار كالإجماع وللطبرانيّ والبزار وحسن إسناده وفي بعض رواته كلام عن أبي الدرداء مرفوعا الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة وهو موضح لأن المراد بالاستثناء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 تفضيل المسجد الحرام ولا يقدح فيما قدمناه من أن الصلاة بمسجد المدينة خير من ألف صلاة ببيت المقدس لأن مفهوم العدد ليس بحجة فلا ينفي الزائد ولأن في الصحيحين وغيرهما أن الصلاة بمسجد المدينة خير من ألف صلاة وتلك الزيادة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى فهو معرض كما دل عليه هذا الحديث وما في الصحيحين مقدم ويعارضه أيضا ثبوت الألف لبيت المقدس كما سبق ويقال فيه كما في نظائره ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بالقليل وبحسب ما أوحى إليه ثم أعلم بالزيادة كذا يقال في حديث الطبراني برجال الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بيت المقدس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلي هو والمعمول عليه الأخذ برواية الزيادة كما سبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 ولابن ماجة برجال ثقات إلا أبا الخطاب الدمشقي فمجهول صلاة الرجل في بينه وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة وصلاة في مسجدي بخمسين ألفا وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 والمذهب كما قال النووي أن المضاعفة المذكورة تعم الفرض والنقل خلافا للطحاوي ولغيره من المالكية ولا ينافي ذلك تفضيل النقل في البيت لحديث أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة إذ غايته أن المفضول مزية هي المضاعفة ليست للفاضل ومزية الفاضل أرجح منها كما قاله الزركشي وغيره قال الحافظ ابن حجز يمكن إبقاء حديث أفضل صلاة المرء على عمومه فتكون النافلة في بيته بالمدينة أو مكة تضعف على صلاتها في البيت بغيرهما وكذا في المسجدين وأن كانت في البيوت أفضل ومطلقا والتضعيف المذكور يرجع إلى الثواب لا إلى الجزاء عما في الذمة من المقضيات إجماعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 خلاف ما يوهمه قول النقاش حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بع عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة انتهى وهذا مع قطع النظر عن كون الصلاة فيما سوى المساجد الثلاثة بعشر إذ الحسنة بعشر أمثالها وعن تضعيف الجماعة والسواك ونحوهما ثم أن هذا التضعيف لا يختص بالصلاة كما صرح بمثله في مكة وقال في الأحياء والأعمال في المدينة تتضاعف وذكر حديث صلاة في مسجدي بألف صلاة فيما سواه ثم قال فكذلك كل عمل بالمدينة بألف وصرح به أيضا أبو سليمان داود الشاذلي من المالكية ويشهد له ما روى البيهقي عن جابر مرفوعا الصلاة في مسجدي هذا ألف من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه إلا المسجد الحرام وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 المسجد الحرام وعن ابن عمر نحوه وللطبراني في الكبير عن بلال بن الحرث مرفوعا رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان وهو في شرف المصطفى عليه الصلاة والسلام لابن الجوزي عن ابن عمر رضي الله عنه ألا أنه قال كصيام ألف شهر وقال كألف صلاة فيما سواها وهذه الأحاديث تتعلق بالفضائل وضعفها منجبر بما أشار إليه الغزالي من القياس على ما صح في الصلاة مع موافقته للمختار في مكة من أن التضعيف يثبت لكل بقاعها فضلا عما زيد في مسجدها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وقال النووي باختصاص المضاعفة بمسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه دون ما زيد فيه لقوله صلاة في مسجدي هذا قلت تقييده بهذا الإخراج غيره من المساجد المضافة إليه بالمدينة لا للاحتراز عما سيستقر عليه بالزيادة وقد سئل مالك رحمه الله عن ذلك فيما قاله ابن نافع صاحبه فقال بل هو يعني المسجد الذي جاء فيه الخبر على ما هو الآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون بعده وزويت له الأرض فأرى مشارقها وغاربها وتحدث بما يكون بعده ولولا هذا ما استجاز الخلفاء الراشدون أن يزيدوا فيه بحضرة الصحابة رضي الله عنه ولم ينكر عليهم ذلك منكر انتهي ويشهد له ما رواه ابن شبة ويحيي في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا لو مد هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي وزاد ابن شبة ويحيي كان أبو هريرة يقول لو مد هذا المسجد إلى باب داري ما عدوت أن أصلي فيه وفي مسنده عبد الله بن سعيد المقبري واه وليحيي حدثنا هارون بن موسى القروي عن عمر بن أبي بكر الموصلي عن ثقات من غلمانه مرفوعا هذا مسجدي وما زيد فيه فهو منه ولو بلغ بمسجدي صنعاء كان مسجدي وهو معضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 وله ولبن شبة عن ابن أبي عمرة قال زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد من شاميه ثم قال لو زدنا فيه حتى تبلغ به الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد يحيي وجاءه الله تعالى بعامر وفيه عبد العزيز بن عمران المدني متروك ولهما عن ابن أبي ذئب وهو محمد بن عبد الرحمن الفقيه المشهور قال قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لو مد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه وهو معضل أيضا لكن يتجبر ذلك بما أشار إليه مالك رحمه الله تعالى وقد سلم النووي رحمه الله تعالى عموم المضاعفة لما زيد في المسجد الحرام قال الشيخ تقي الدين بن تيمية وهو الذي يدل عليه كلام المتقدمين وعملهم وكان الأمر عليه في زمن عمر وعثمان فزادا قبلة المسجد وكان مقامهما في الصلوات والصف الأول الذي هو أفضل ما يقام فيه في الزيادة قال وما بلغني عن أحد من السلف خلاف هذا وما عملت سلفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 لمن خالف في ذلك من المتأخرين ونقل الخطيب بن جملة عن المحب الطبري عموم المضاعفة لما زيد في المسجد النبوي وأستحسنه على ما ذهب إليه النووي وهو المعتمد بل نقل البرهان بن فرحون أنه لم يخالف في ذلك إلا النووي وأن المحب الطبري نقل في الأحكام له رجوعه عن ذلك وفيه نظر ففي الوفا لأبن الجوزي نقله عن ابن عقيل الحنبلي والذي في الأحكام للطبراني في بيان أن المضاعفة تعم ما زيد في المسجد النبوي بعد ذكر بعض الأخبار والآثار السابقة وقد يتوهم بعض من لم يبلغه ذلك قصر الفضيلة على الوجود في زمنه صلى الله عليه وسلم وقد وقع ذلك لبعض أئمة العصر فلما رويت له ما سبق جنح إليه وتلقاه القبول انتهى وليست مسألة الحلف أن لا يدخل هذا المسجد فزيد فيه من هذا لأن الإيمان يلحظ فيها العرف وقال البيهقي عقب حديث فضل مسجد قباء ورواه يوسف بن طهمان عن أبي إمامة بن سهل عن أبيه مرفوعا وزادوا من خرج على ظهر لا يزيد إلا مسجدي هذا يريد مسجد المدينة فيه كانت بمنزلة حجة قلت ابن طهمان ضعفه البخاري وابن عدي وذكره ابن حبان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 الثقات من الفضائل ويقويه ما ثبت لمسجد قباء وحينئذ فثواب الحج زائدة على المضاعفة المقدمة ولأحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات عن أنس بن مالك من صلى في مسجدي أربعين صلاة زاد الطبراني لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار وبراءة من العذاب وبراءة من النفاق ولأبن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدي فرجل تكتب له حسنة ورجل تحط عنه خطيئة وليحيى عن سهل بن سعد من دخل مسجدي هذا يتعلم فيه خيرا أو يعلمه كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك من أحاديث الناس كان كالذي يرى ما يعجبه وهو لغيره وفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 رواية من دخل مسجدي هذا لا يدخله إلا ليعلم خيرا أو يتعلمه الحديث ولأبن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره وللطبراني عن سعد بمعناه إلا أنه قال من دخل مسجدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 ليتعلم خيرا أو ليعلمه ولأبن حبان في صحيحه عن أبي هريرة مثله وليحيي عن زيد أسلم من دخل مسجدي هذا أو لذكر الله تعالى أو يتعلم خيرا أو يعلمه كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله تعالى ولم يجعل ذلك لمسجد غيره وله عن أبي سعيد المقبري عن الثقة لا أخال ألا أنّ لكل رجل منكم مسجدا في بيته قالوا نعم يا رسول الله قال فوالله لو صليتم في بيوتكم لتركتم مسجد نبيكم ولو تركتم مسجد نبيكم لتركتم سنته ولو تركتم سنته إذا لضللتم وفي الصحيح حديث من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقربنّ مسجدنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 قال التيمي قال بعضهم النهي إنما هو عن قربان مسجد الرسول خاصة من أجل ملائكته الوحي والأكثر على أنه عام وحكى ابن بطال الاختصاص عن بعض أهل العلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 ورواه في الصحيحين عن عبد الله بن زيد ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله وزاد ومنبري على حوضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 ولهما عن ابن عمر ما بين قبري ومنبري الحديث وللبزاز برجال ثقات عن سعد ابن أبي وقاص ما بين بيتي ومنبري الحديث لأحمد برجال الصحيح عن أبي هريرة وأبي سعد ما بين بيتي ومنبري الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 وله ولأبي يعلي والبزاز ويحيي وفيه علي بن زيد وقد وثق عن جابر ما بين بيتي إلى منبري الحديث وزاد وأن منبري على ترعة من ترع الجنة ولفظ يحيي رتعه من رتع الجنة وله عن أبي هريرة وغيره مثله وله ولأحمد برجال الصحيح عن سهل بن سعد منبري على ترعة من ترع الجنة وفسر الترعة بالباب وقيل الترعة الروضة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 على المكان المرتفع وقيل الدرجة وللطبراني في الكبير عن أبي واقد الليثي قوائم المنبر واثب في الجنة أي ثوابت فيها وليحيي عن أم سلمة مرفوعا قوائم المنبر رواتب في الجنة وعن أبي المعلي الأنصاري وكانت له صحبة أن النب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 ي صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر أن قدمي على ترعة من ترع الجنة وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو قائم على منبره أنا قائم الساعة على عقر حوض ولابن زبالة عنه أني على الحوض الآن وله عن نافع بن جبير عن أبيه مرفوعا أحد في المنبر على عقر الحوض فمن حلف عنده على يمين فأجره يقتطع بها حق امرئ مسلم فليتبوأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 مقعده من النار قال وعقر الحوض من حيث يصب الماء في الحوض ولأبي داود ابن حبان والحاكم عن جابر لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين أئمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعد من النار أو وجبت له وللنسائي برجال ثقات عن بي أمامة بن ثعلبة من حلف عند منبري هذا يمينا كاذبه أستحل بها مال امرئ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وللطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري منبري على ترعة من ترع الجنة وما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 وله عن أنس بن مالك وفيه متروك ما بين حجرتي ومصلاي روضة من رياض الجنة وليحيي وأبي طاهر بن المخلص في انتقائه عن سعد هو ابن أبي وقاص ما بين بيتي وكصلاي الحديث ولأبن زبالة عنه ما بين شبري والمصلى الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 قيل المراد بالمصلى المسجد النبوي وقيل مصلى العيد ولذا قال طاهر بن يحيي عقب روايته لذلك أن أباه يحيي قال سمعت غير واحد يقولون أن سعد لما سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم بنى داريه فيما بين المسجد والمصلى انتهى ويؤيده ما روى ابن شبة عن جناح النجار قال خرجت مع عائشة بنت سعد بن أبي وقاص إلى مكة فقالت لي أين منزلك فقلت لها بالبلاط فقالت لي تمسك به فأني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين مسجدي هذا المسجد ومصلاي روضة من رياض الجنة قلت والبلاط هنا هو الممتدّ من المسجد إلى المصلى كما سيأتي وهو مؤيد لما سيأتي من أن المسجد النبوي كله روضة وفي زوائد المسند برجال الصحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 عن عبد الله بن زيد المازنيّ مرفوعا ما بين هذه البيوت يعني بيوته صلى الله عليه وسلم إلى منبري روضة من رياض الجنة والمنبر على ترعة من ترع الجنة وحاصل مفاد هذه الأحاديث بالنسبة إلى المنبر أنه بعينه يعاد في القيامة كما تعاد الخلائق ويكون على محله من المسجد النبوي بناحية من الجنة عند عقر الحوض وهو مؤخره وفي الأخبار بذلك الترغيب التام في العبادة بذلك المحل وإنها تورد الحوض وهذا جمع بين قول الخطابي المعنى أنّ ملازمة الأعمال الصالحة هناك تورد الحوض وتوجب الشرب منه وقول غيره إن المراد أن المنبر الذي كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 في الدنيا بعينه يكون على حوضه في ذلك اليوم واعتمد أبن النجار هذا الثاني وقال أبن عساكر إنه الأظهر وعليه أكثر الناس وقيل المراد منبر يخلقه الله تعالى في ذلك اليوم وأما ما جاء في الروضة فحمله مالك رحمه الله تعالى على ظاهره فقال إنها روضة من رياض الجنة تنقل إليها وليست كسائر الأرض تذهب وتفنى ووافقه على ذلك جماعة من العلماء كما نقله البرهان بن فرحون عن نقل أبن الجوزي وغيره ونقله الخطيب بن جملة عن الدراورديّ وصححه أبن الحاج وقيل المعنى أن العبادة فيها تؤدّي إلى الجنة أو هي كروضة من الجنة في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 نزول الرحمة وحصول السعادة بملازمة العبادة فيها سيما في عهده صلى الله عليه وسلم وحكى الحافظ أبن حجر هذا الخلاف في موضع من الفتح وقال في موضع آخر المراد أن تلك البقعة تنقل إلى الجنة فتكون روضة من رياضها أو أنه على المجاز كون العبادة فيها تؤول إلى دخول روضة الجنة قال وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة والخبر مسوق لمزيد شرف تلك البقعة على غيرها قلت الأحسن كما قال أبن أبي جمرة الجمع بين هذين القولين لقيام الدليل عليهما أما الأوّل فلأنّ الأصل عدم المجاز واستدل له أبن أبي جمرة بأخباره صلى الله عليه وسلم بأن المنبر على الحوض قال لم يختلف أحد من العلماء في أنه على ظاهره وأنه حق محسوس موجود على حوضه وأما الثاني فلما سبق في فضل المسجد النبوي وزاد هذا المحل بإحاطة هذين الحدين الشريفين به وكثرة تردّده صلى الله عليه وسلم فيه بينهما واتصاله بقبره الشريف الذي هو الروضة العظمى وقربه منه فإذا أختص بذلك أو هو تعبد قال وقد تقرر من قواعد الشرع أن البقع المباركة ما فائدة بركتها لنا والأخبار بذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 إلا تعميرها بالطاعات قلت ولذا روى أبن زبالة عن إبراهيم قال وجدني أسامة بن زيد بن حارثة أصلي في ناحية المسجد فأخذ بعنقي فساقني حتى جاء بي المنبر فقال صل ههنا ثم قال ويحتمل أن تلك البقعة نفسها الآن من الجنة كما ان الحجر الأسود منها وتعود روضة فيها وللعامل بالعمل فيها روضة قال وهو أظهر لعلو منزلته صلى الله عليه وسلم وليكون بينه وبين الأبوة الإبراهيمية في هذا شبه فالخليل خص بالحجر من الجنة والحبيب بالروضة منها قلت هذا هو الأرجح والظاهر إنه مراد الإمام مالك رحمه الله تعالى لحمله اللفظ على ظاهره إذ لا مقتضى لصرفه عنه ولذا استدلوا به على تفضيل المدينة بضميمه حديث لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ونعقبه أبن حزم بأنها لو كانت حقيقة من الجنة لكانت كما قال الله تعالى أنّ لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى قال وإنما المراد أن العمل فيها يؤدّي إلى الجنة وقال الجمال الراسانيّ أن القول بأنها انتقلت من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 الجنة مؤدّ إلى إنكار المحسوسات أو الضروريات ومثل هذا إنما طريقة التوقيف كما جاء في الحجر الأسود والمقام قلت المخبر بأنها من الجنة هو المخبر بأن الحجر والمقام منها ولا يقدح في ذلك شهود المذكورات كمخلوقات الدنيا لمنع الحجب الكثيفة عن شهود الأمور الأخروية في الحياة الدنيا ولا يلزم من انتفاء الجوع والعرى عمن حل في الجنة نتفاؤهما عمن حل فيما نقل منها والتقى بذلك كون الحجر والمقام منها حقيقة ولا قائل به والأصل عدم المجاز وقد نقل الراسانيّ عن الخطيب بن جملة الاختلاف في أمر الروضة قال فقيل اللفظ على حقيقته بمعنى إنها نقلت من الجنة أو ستنقل إليها وقيل مجاز لتنزل الرحمة وحصول المغفرة بها كما سمى مجالس الذكر رياض الجنة حيث قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قال أبو هريرة ما رياض الجنة قال المساجد الحديث أو شبهها بالجنة لكريم ما يجتني فيها لما كان صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه فيها للتعليم ولأنها تؤول إلى الجنة كقوله الجنة تحت ظلال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 السيوف والجنة تحت أقدام الأمهات ولأن العبادة فيها تؤدّي إلى الجنة كقوله عائدا لمريض في مخرفة الجنة ثم تعقب الخطيب الثاني بأنه لا يبقى حينئذ لهذه الروضة مزية وقد فهم الناس من ذلك المزية العظيمة التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 بسببها فضلها مالك على سائر البقاع قال الراساني بل هو الأظهر النفاق الخطابي وأبن عبد البرّ عليه ولأن النظائر تؤيده وجواب ما ذكره الخطيب أن العمل في تلك النظائر يؤدّي إلى رياض الجنة والعمل في هذا المحل يؤدّي إلى روضة أعلى من تلك الرياض قلت ليس في الحديث وصفها بأنها أعلى الرياض بل الذاهب إلى تفضيل مكة يقول العمل فيها مؤدّ إلى ما هو أعلى والذي فهمه الجمهور إن هذا الموضع روضة سواء كان به ذاكر وعابد أم لا بخلاف غيره من المساجد والذي حمل الراسانيّ على ذلك دعواه أن أسم الروضة يعم مسجده صلى الله عليه وسلم كله مع ما زيد فيه لا أنه مجاز وذلك لتضعيف أجر الطاعات وذلك لا يختص بموضع منه وألف في ذلك كتابا وردّ بعضهم عليه كما بسطناه في بعض التآليف وقد قال الأقشهريّ سئل أبو جعفر الداودي عن قوله ما بين بيتي ومنبري الحديث فقال هو روضة كله وقال الخطيب بن جملة قوله بيتي مفرد مضاف يفيد العموم في بيوته وكانت مطيفة بالمسجد من القبلة والمشرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 والشام والمنبر في غربية قال ولهذا قال السمعاني لما فضل الله تعالى هذا المسجد وشرفه وبارك في العمل فيه وضعفه سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم روضة فتراه جعله كله روضة والمشهور أن المراد بيت خاص وهو بيت عائشة رضي الله عنه لرواية ما بين قبري قال أبن خزيمة أراد بيتي الذي أقبر فيه إذ قبره في بيته الذي كانت تسكنه عائشة رضى الله عنها قال الخطيب فعلى هذا تسامت الروضة حائط الحجرة من جهة الشمال وأن لم تسامت المنبر أو تؤخذا لمسامتة مستوية فلينظر أي فأن أخذت مستوية دخل ما سامت الحجرة من جهة الشمال وأن لم يسامت المنبر وما سامت طرف المنبر القبلي وأن لم يسامت الحجرة لتقدّم المنبر في جهة القبلة فتكون الروضة مربعة وهي رواق المصلى الشريف والرواقان بعده وذلك مسقف مقدّم المسجد في زمنه صلى الله عليه وسلم لما اتضح لنا في جدار الحجرة الشامي عند عمارتها من محاذاته لصف أسطوان الوفود لكن المنبر كما سيأتي كان متأخرا يسيرا عن جدار القبلة فيخرج قدر ذلك عن هذه البنية وكذا أن أخذت المسامتة غير مستوية بل يخرج المصلى الشريف أو مقدّمة لعدم محاذاته لكل من طرفي المنبر والحجرة تتسع الروضة مما يلي الحجرة في المشرق وتكون غير مستقيمة لتأخر الحجرة إلى الشام عن المنبر ثم تتضايق كمثلث انطبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 ضلعاه على قدر امتداد المنبر النبوي وهو خمسة أشبار كما سيأتي ويكون موقف الصف الأوّل مما يلي الحجرة ليس بالروضة لأن جدار الحجرة القبلي الذي في الجوف الحائز في موازاة الأساطين التي خلف القائم في الصف الأوّل فهذا الاحتمال مردود إذ معظم السبب في جعل ذلك روضة اشتماله على محل الجبهة الشريفة الميمونة ولم يقل أحد بخروج شيء من المصلى الشريف عن الروضة بل كلامهم متفق على جعله منها وأخذ المسامتة مستوية هو ظاهر ما عليه غالب العلماء والناس إلا أنّ نهاية الحجرة لم تكن معلومة لهم فقال جماعة منهم لم يتحرّر لنا عرض الروضة قال الراسانيّ وغالب الناس يعتقدون إن نهايتها أي من الشام في مقابلة أسطوان علي رضي الله عنه ولهذا جعلوا الدرابزين الذي بين الأساطين ينتهي إلى صفها واتخذوا الفرش لذلك فقط قلت الصواب ما تقدّم من امتداها إلى صف أسطوان الوفود وأما عمومها للمسجد النبوي فمبني على ما سبق وعلى ما سيأتي عن أبن النجار من أن نهاية المسجد في المغرب الاسطوانة التي تلي المنبر وقد ظهر لنا خلافه كما سنوضحه وقال الزين المراغي ينبغي اعتقاد كون الروضة لا تختص بما هو معروف الآن بل تتسع إلى حدّ بيوته صلى الله عليه وسلم من ناحية الشام وهو آخر المسجد في زمنه صلى الله عليه وسلم فيكون كله روضة إذا فرّعنا على عموم المفرد المضاف ثم ذكر ما تقدّم وفاته وغيره الاستدلال بحديث زوائد أحمد المتقدّم بلفظ ما بين هذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 البيوت يعني بيوته إلى منبري روضة من رياض الجنة فإنه قد نوقش في التمسك بما سبق بأن في رواية قبري وبيت عائشة بيان إن ذلك هو المراد من المفرد المضاف وهو مردود بأنه من قبيل أفراد فرد من العام بحكمه وهو لا يقتضي إلا الاهتمام بذلك الفرد " وقال القرطبيّ " الرواية الصحيحة بيتي ويروي قبري وكأنه بالمعنى وحمل القرافي عموم المفرد على ماذا وقع على القليل والكثير كالماء والمال بخلاف ما لا يصدق الأعلى الواحد كالعبد مذهب مرجوح اختاره أبن دقيق العيد كما أفاده التاج السبكيّ وعدم العموم في قولك عبدي حرّ وزوجتي طالق كما قال الأسنويّ لكونه من باب الإيمان فيسلك به مسلك العرف ونقل عن ابن عبد السلام طلاق الجميع وعتقهم وهو الذي نص عليه الإمام أحمد حيث لآتية جريا على القاعدة المذكورة فهذا مع الحديث المتقدم من أحسن الأدلة لكن على عموم الروضة بما بين المنبر والبيوت والمنبر داخل بالأدلة السابقة أيضا وأما القبر الشريف فهو الروضة العظمى " وقد ذكر ابن زبالة " في موضع من كتابه في ذيل خبر رواه عن عبد العزيز بن أبي حازم ونوفل بن عمارة إن ذرع ما بين المنبر إلى القبر وهو موضع بيته صلى الله عليه وسلم أربع وخمسون ذراعا وسدس قلت وهذه الرواية إنما تصح مع إدخال عرض جدار الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز وهو نحو ذراع وسدس ولذا ذكر ابن زبالة في موضع آخر من كلامه أن ذرع ما بينهما ثلاثة وخمسون وشبر وقد اعتبرته من طرف الجدار القبلي إلى طرف المنبر القبلي مع إدخال عرض الرخام فإنه لم يكن في زمن إبن زبالة فكان ثلاثا وخمسين ذراعا بالذراع الذي تقدم تحريره وهو ذراع غير ثمن من ذراع الحديد وهو موافق لما نقله الأقشهري عن أبي غسان وهو محمد بن يحيي صاحب مالك من أن بينهما ثلاثا وخمسين ذراعا وابن جماعة حيث ذكر من ذرعه بذراع العمل ما يقتضي أن بينهما نحو أثنين وخمسين ذراعا بالذراع المتقدم لم يدخل عرض رخام الحجرة وذرع على الاستقامة ولم يعتبر الذرع من الطرفين المذكورين وأما الزين المراغي فأعتبر مع ذلك ذراع المدينة وهو أزيد من الذراع الذي تقدم تحريره بنحو قيراط وثلث فقال وقد اعتبرته فوجدته خمسين إلا ثلثي ذراع وسيأتي في الكلام على المنبر بيان إن هذا المنبر كالذي قبله مقدم على محل المنبر الأصلي في جهة القبلة عشرين قيراطا من ذراع الحديد وإلى جهة الروضة من مقدمه نحو ثلاث قراريطذه البيوت يعني بيوته إلى منبري روضة من رياض الجنة فإنه قد نوقش في التمسك بما سبق بأن في رواية قبري وبيت عائشة بيان إن ذلك هو المراد من المفرد المضاف وهو مردود بأنه من قبيل أفراد فرد من العام بحكمه وهو لا يقتضي إلا الاهتمام بذلك الفرد " وقال القرطبيّ " الرواية الصحيحة بيتي ويروي قبري وكأنه بالمعنى وحمل القرافي عموم المفرد على ماذا وقع على القليل والكثير كالماء والمال بخلاف ما لا يصدق الأعلى الواحد كالعبد مذهب مرجوح اختاره أبن دقيق العيد كما أفاده التاج السبكيّ وعدم العموم في قولك عبدي حرّ وزوجتي طالق كما قال الأسنويّ لكونه من باب الإيمان فيسلك به مسلك العرف ونقل عن ابن عبد السلام طلاق الجميع وعتقهم وهو الذي نص عليه الإمام أحمد حيث لآتية جريا على القاعدة المذكورة فهذا مع الحديث المتقدم من أحسن الأدلة لكن على عموم الروضة بما بين المنبر والبيوت والمنبر داخل بالأدلة السابقة أيضا وأما القبر الشريف فهو الروضة العظمى " وقد ذكر ابن زبالة " في موضع من كتابه في ذيل خبر رواه عن عبد العزيز بن أبي حازم ونوفل بن عمارة إن ذرع ما بين المنبر إلى القبر وهو موضع بيته صلى الله عليه وسلم أربع وخمسون ذراعا وسدس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 قلت وهذه الرواية إنما تصح مع إدخال عرض جدار الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز وهو نحو ذراع وسدس ولذا ذكر ابن زبالة في موضع آخر من كلامه أن ذرع ما بينهما ثلاثة وخمسون وشبر وقد اعتبرته من طرف الجدار القبلي إلى طرف المنبر القبلي مع إدخال عرض الرخام فإنه لم يكن في زمن إبن زبالة فكان ثلاثا وخمسين ذراعا بالذراع الذي تقدم تحريره وهو ذراع غير ثمن من ذراع الحديد وهو موافق لما نقله الأقشهري عن أبي غسان وهو محمد بن يحيي صاحب مالك من أن بينهما ثلاثا وخمسين ذراعا وابن جماعة حيث ذكر من ذرعه بذراع العمل ما يقتضي أن بينهما نحو أثنين وخمسين ذراعا بالذراع المتقدم لم يدخل عرض رخام الحجرة وذرع على الاستقامة ولم يعتبر الذرع من الطرفين المذكورين وأما الزين المراغي فأعتبر مع ذلك ذراع المدينة وهو أزيد من الذراع الذي تقدم تحريره بنحو قيراط وثلث فقال وقد اعتبرته فوجدته خمسين إلا ثلثي ذراع وسيأتي في الكلام على المنبر بيان إن هذا المنبر كالذي قبله مقدم على محل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 المنبر الأصلي في جهة القبلة عشرين قيراطا من ذراع الحديد وإلى جهة الروضة من مقدمه نحو ثلاث قراريط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 الباب الثالث في أخبار سكناها إلى أن حل النبي صلى الله عليه وسلم بها وسكنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 وفيه أربعة فصول " الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم وظهورهم على يهود وما أتفق لهم مع تبع أسند الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه بعد مخرج الناس من السفينة نزلوا طرف بابل وكانوا ثمانين نفسا فسمى الموضع سوق الثمانين فمكثوا حتى كثروا وصار ملكهم نمرود بن كنعان بن حام فلما كفروا بلبلوا فتفرقت ألسنتهم على أثنين وسبعين لسانا ففهم الله تعالى العربية منهم عمليق وطسم ابنا لاوذ بن سام وعادا وعبيل ابني عوص بن آرم بن سام وثمود وجليس ابن جانق بن آرم بن سام وقنطور ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام فنزلت عبيل بيثرب ويثرب بن عبيل ثم أخرجوا منها فنزلوا الجحفة فجاءهم سيل أجحفهم فيه فلذا سميت جحفة فرثاهم رجل منهم فقال عين جودا على عبيل وهل ير ... جع من فات فيضها بانسجام عمرو أيثربا وليس بهاشفر ... ولا صارخ ولا ذو سفام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 غرسوا لينها بمجرى معين ... ثم حفوا النخيل بالآجام وقيل أول من سكنها يثرب بن قاتنة بن مهلاييل بن آرم بن عبيل بن عوص بن آرم بن سام بن نوح عليه السلام وقيل أول من عمر بها الدور والآطام وزرع وغرس العماليق بنوا عملاق بن أرفخشذ بن سام وأخذوا ما بين البحرين وعمان والحجاز إلى الشام ومصر ومنهم الجبابرة والفراعنة بهما وملكهم بالحجاز الأرقم وكان بالمدينة منهم بنو هف وبو مطرو بل وكانت جرهم بمكة وقنطورا وطسم وجديس باليمامة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 وعن زيد بن اسلم أن ضبعا رؤيت وأولادها رابضة في حجاج عين رجل أي العظم الذي ينبت عليه الحاجب قال وكان يمضي أربعمائة سنة وما يسمع بجنازة. ولأبي المنذر الشرقي سمعت حديث تأسيس المدينة من سليمان بن عبد الله بن حنفالة الغسيل وبعضه من رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عمار بن ياسر فجمعت حديثهما لقلة اختلاطه قالا بلغنا أن موسى عليه السلام لما حج حج معه أناس من بني إسرائيل فأتوا على المدينة في انصرافهم فرأوا مواضعها صفة بلد نبيّ يجدون وصفه في التوراة بأنه خاتم النبيين فاشتورت طائفة منهم على أن يتخلفوا به فنزلوا في موضع سوق بين قينقاع ثم تألف إليهم أناس من العرب ورجعوا على دينهم فكانوا أول من سكن موضع المدينة ويذكر أن قوما من العمالقة سكنوه قبلهم ولأبن شبة بسند لا بأس به إلا أن فيه من لم يسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 عن جابر مرفوعا أقبل موسى وهارون حاجين فمرا بالمدينة فحافا من يهود فخرجا مستخفين فنزلا أحدا فغشى هارون الموت فقام موسى فحفر له ولحد ثم قال يا أخي إنك تموت فقام هارون فدخل في لحده فقبض فحثا عليه موسى التراب وهو دال على كونهم بالمدينة زمن موسى وسيأتي في أسماء البقاع وجود قبر بالجماء عليه مكتوب أنا رسول رسول الله سليمان بن داود عليه السلام إلى أهل يثرب وفي رواية أنا رسول رسول الله عيسى بن مريم عليه السلام إلى أهل قرى عرينة ولأبن زبالة عن مشيخة من أهلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 قالوا كان ساكنها في ثالث الزمان صغل وفالح فغزاهم داود عليه السلام وأخذ منهم مائة ألف عذراء قالوا وسلط عليهم الدود في أعناقهم فهلكوا فقبورهم هذه التي في السهل والجبل وهي التي بناحية الجرف وبقيت امرأة منهم تعرف بزهرة وكانت تسكن بها فأكثرت من رجل وأرادت الخروج إلى بعض تلك البلاد فلما دنت لتركب غشيها الدود فقيل لها أنا لنرى دودا يغشاك فقالت بهذا هلك قومي ثم قالت ربي جد مصون ومال مدفون بين زهرة ورانون وقتلها الدود قالوا وكان قوما من الأمم يقال لهم بنو هف وبنو مطر وبنو الأزرق فيما بين مخيض إلى غراب الصائلة إلى القصاصين إلى طرف أحد فتلك آثارهم هناك وعن عروة بن الزبير كانت العماليق قد انتشرت في البلاد فسكنوا مكة والمدينة والحجاز كلها وعتوا عتوا كبيرا فلما أظهر الله تعالى موسى على فرعون ووطئ الشام وأهلك من بها بعث إليهم جندا من بني إسرائيل للحجاز أمرهم أن لا يستبقوا منهم أحدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 يلغ الحلم فقدموا فأظهرهم الله فقتلوهم وأصابوا ابن ملكهم الأرقم وكان أحسن الناس وجها فقالوا نستحييه حتى نقدم به على موسى عليه السلام فيرى فيه رأيه فأقبلوا به فقبض الله موسى قبل قدومهم فتلقاهم الناس فسألوهم عن أمرهم فأخبروهم فقالت بنو إسرائيل أن هذه لمعصية منكم لما خالفتم أمر نبيكم لا والله لا تدخلوا علينا بلادنا أبدا فقالوا ما بلدا إذ منعتم بلادكم بخير من البلد الذي خرجتم منه وكان الحجاز ذاك أشجر بلاد الله وأظهره ماء فكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق فكان جميعهم بزهرة بين الحرة والسافلة مما يلي ألقف ولهم الأموال بالسافلة ونزل جمهورهم يثرب بمجتمع السيول مما يلي زعابة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 وعن محمد بن كعب القرظي قال وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هدل وعمروا بناء الصريح والنضير بن النجام بن الخزرج بن الصريح من ذرية هارون عليه السلام بعد هؤلاء فتتبعوا آثارهم فنزلوا بالعالية على مذينب ومهزور ولبعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه بلغني أن بني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 إسرائيل لما أصابهم من ظهور بختضر عليهم تفرقوا وكانوا يجدون محمد صلى الله عليه وسلم منعوتا في كتابهم وإنه يظهر في بعض هذه القرى العربية في قرية ذات نخل ولما خرجوا من أرض الشام جعلوا يعبرون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن يجدون نعتها يثرب فينزل بها طائفة منهم ويرجون أن يلقوا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نزل منهم طائفة من بني هارون ممن حمل التوراة بيثرب فمات أولئك الآباء وهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه جاء ويحثون أبناءهم على أتباعه فأدركه من أدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه أي لحسدهم الأنصار حيث سبقوهم إليه وزعم بنو قريظة أنّ الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل فوجه ملك الروم في طلبهم فأعجزوا رسله وانتهى الرسل إلى ثمد بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشا فسمى الموضع ثمد الروم ونقل ابن زبالة ما حاصله أن ممن كان مع اليهود من العرب قبل الأنصار بنو نيف حيّ من بلى ويقال بقية من العمايق وبنو مزيد من بلى وبنو معاوية بن الحرث بن بهثة بن سليم وبنو الجدماء حيّ من اليمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 ولبني أنيف بقباء آطام عند بئر عذق والمال الذي يقال له القائم وغيرهما قال شاعرهمآباء وهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه جاء ويحثون أبناءهم على أتباعه فأدركه من أدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه أي لحسدهم الأنصار حيث سبقوهم إليه وزعم بنو قريظة أنّ الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل فوجه ملك الروم في طلبهم فأعجزوا رسله وانتهى الرسل إلى ثمد بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشا فسمى الموضع ثمد الروم ونقل ابن زبالة ما حاصله أن ممن كان مع اليهود من العرب قبل الأنصار بنو نيف حيّ من بلى ويقال بقية من العمايق وبنو مزيد من بلى وبنو معاوية بن الحرث بن بهثة بن سليم وبنو الجدماء حيّ من اليمن ولبني أنيف بقباء آطام عند بئر عذق والمال الذي يقال له القائم وغيرهما قال شاعرهم ولو نطقت يوما قباء لخبرت ... بأنا نزلنا قبل عاد وتبع وآطا منا عادية مشمخرة ... تلوح فتنكى من يعادي وتمنع وكان ممن بقى من اليهود حين نزل الأوس والخزرج عليهم بنو القصيص وبنو ناغصة مع بني أنيف وقيل أن بني ناغصة حيّ من اليمن منازلهم شعب بني حرام حتى نقلهم عمر رضي الله عنه إلى مساجد الفتح وبنو قريظة في الدار المعروفة لهم اليوم ومعهم أخوتهم بنو هدل وبنو عمرو وسمى هدلا بهدل كان في شفته وبنو النضير كما قال أبن زبالة في النواعم ومنهم كعب أبن الأشرف وكان لهم عامة أطم في المال الذي يقال له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 فاضحة بجفاف وأطم دون بني أمية بن مزيد دبر قصر بني هشام وأطم البويلة وقال الواقدي منازل بني النضير بناحية الغرس وبنو مزيد في بني حطبة وناعمة بن هيم بن هشام وبنو معاوية في بني أمية بن مزيد وبنو ماسكة قرب صدقة مروان مما يلي صدقة النبي صلى الله عليه وسلم ولهم الأطمان اللذان في القف في القرية أي التي آثارها غير بيّ الحسينيات وبنو محمم في المكان الذي يقال له محمم ولهم المال الذي يقال له خنافة وبنو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 زعورا عند مشربة أم إبراهيم وبنو زيد اللات قال ابن زبالة وهم رهط عبد الله بن سلام قرب بني غصينة وبنو قينقاع عند منتهى جسر بطحان مما يلي العالية وهناك سوقهم ولهم الأطمان اللذان عنده منقطع الجسر على يمينك وأمن ذاهب من المدينة إذا سلكت الجسر من الطريق الشرقية إلى العالية والذي في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه أنهم رهط ابن سلام وهم من ذرية يوسف الصديق عليه السلام وبنو حجر عند المشربة التي عند الجسر وبنو ثعلبة وأهل زهرة بزهرة وهم رهط القطيور ملكهم الذي كان يفتض نساء أهل المدينة وأهل الجوانية بالجوانية ولهم صرار والريان وهما أطمان صار البني جارثة وبنو الجدماء حي من اليمن فيما بين مقبرة بني عبد الأشهل وبين قصر ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 عراك ثم أنتقلوا إلى راتج وبنو عكوة يماني بني حارثة وبنو مزاية شامي بني حارثة ولهم الشبعان أطم بشمغ صدقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وناس براتج أطم سميت به ناحيته وناس بالشوط والعنانق والوالج وزبالة إلى عين فاطمة حيث كان يطبخ الآجر للمسجد النبوي ولأهل الشوط الشرعي أمام دون ذباب صار لبني جشم أخوة بني عبد الأشهل ولأهل الوالج أطم بطرفة مما يلي قناة لبعض من هناك السحان وهما أطمان بمفضاهما مسجد الشيخين الآتي ولأهل زبالة الأطمان عند كومة أبي الحمراء الرابض والأطم الذي دونهما وكان أهل يثرب جماعات من اليهود وقد بادوا وقيل أن قبائل يهود تنيف على العشرين وعدّه آطامهم وآطام من نزل معهم من العرب تزيد على السبعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 وكانت الآطام عز أهل المدينة ومنعتهم وجاء النهي عن هدمها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 ولم تزل اليهود ظاهرة على المدينة حتى كان من سيل العرم وهي المطر الشديد وقيل جرذ أعمى نقب السدّ ما قص الله تعالى في كتابه وكانت مأرب وهي أرض سبأ المعنية بقوله تعالى بلدة طيبة أخصب البلاد تخرج المرأة وعلى رأسها المكتل فتعمل بمغزلها وتسير بين الشجر فيمتلئ مما يتساقط من الثمر وهي أكثر من شهرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 للراكب المجد طولا وكذلك عرضها وأهلها في غاية الكثرة مع اجتماع الكلمة والقوة آمنين تخرج المرأة لا تتزود تبيت في قرية وتقيل في أخرى حتى تأتي الشام قال تعالى (وجعلناها بينهم وبين القرى التي باركنا فيها) أي قرى الشام (قرى ظاهرة) أي يرى بعضها من بعض لقربها فبطروا النعمة (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) أي بمفاوزينهم وبين الشام يركبون فيها الرواحل فعجل الله لهم الإجابة كما قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 (فجعلناها أحاديث ومزقناهم كل ممزق) وعن الضحاك كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام وكان السدّ فرسخا في فرسخ بناه لقمان الأكبر العادي وقيل ابنه وقيل سبأ بن يشجب ومات قبل إكماله فأكمله ملوك حمير تجتمع إليه مياه اليمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 ثم تفترق في مجاري وكان أولاد حمير وأولاد كهلان ابني سبأ حينئذ سادة اليمن وكبيرهم عمر ومزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة ين امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد يقال الأسد بن الغوث ابن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وجماع قبائل اليمن ينتهي إلى قحطان وأختلف فيه فالأكثران قحطان هو عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام وقيل هو من ولد هود وقيل هو هود نفسه وقيل ابن أخيه ويقال هو أول من تكلم باللغة العربية وهو والد العرب المتعربة وإسماعيل عليه السلام والد العرب المستعربة وأما العرب العاربة فقبل ذلك كعاد وثمود وعمليق وغيرهم وذهب الزبير بن بكار إلى أن قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه مخاطبا للأنصار فتلك أي هاجر أمكم يا بني ماء السماء يعني الأنصار لأن جدهم عامرا هو الملقب بذلك أو أراد جميع العرب لملازمتها مواقع القطر وهذا متمسك من ذهب إلى أن العرب كلها من ولد إسماعيل وهو الذي أميل إليه وأن ثبت خلافه فالعرب الذين لهم الشرف والتقديم بنو إسماعيل عليه السلام فقط كما أوضحناه في الأصل وكانت زوجة عمر ومزيقياء تسمى طريفة الحميرية كاهنة ولدت له ثلاثة عشر ولدا ثعلبة أبا الأوس والخزرج وحارثا والد خزاعة وقيل فيهم غير ذلك وجفنة والد غسان وقيل فيهم غير ذلك ووداعة وأبا حارثة والحرث وعوفا وكعبا ومالكا وعمران هؤلاء أعقبوا والثلاثة الباقون لم يعقبوا وكان لعمر ومزيقياء من القصور والأموال ما لم يكن لأحد فرأى أخوه عمران وكان كاهنا ولم يعقب أن قومه سيمزقون وتخرب بلادهم فذكره له ثم أن ظريفة سجعت له بما يدل لذلك فقال وما علامته قالت إذا رأيت جرذا يكثر في السدّ الحفر ويقلب بيديه منه الصخر فأنطلق إلى السدّ فإذا جرذ يقلب الصخرة والصخرة ما يقلبها خمسون رجلا من السدّ فأخفى ذلك وأجمع على بيع ماله بأرض سبأ والخروج بولده وخشي من استنكار ذلك فأحتال بطعام واسع صنعه وجمع أهل مأرب وأسرّ إلى يتيم رباه أن يجلس إلى جانبه وينازعه الحديث ويفعل به مثل ما يفعل به ثم كلمه في سيء فردّ عليه فضرب عمرو وجهه وشتمه ففعل اليتيم به مثله فصاح وأذلاه اليوم ذهب فخر عمرو وحلف لا يقيم ببلد صنع به ذلك فيها وأن يبيع أمواله فاغتنموا غضبه واشتروها وتبعه ناس من الأزد فباعوا فلما أجتمع لعمرو أثمان مواله أخبر الناس فخرج ناس كثير وأقام من قضى عليه بالهلاك وقيل المحتال في بيع ماله لثعلبة بن عمرو وإنما كانت ظريفة زوجته ومات عمرو قبل السيل وقيل لما مات عمرو وصارت الرياسة لأخيه عامر العاقر وهو المحتال للبيع فقال لحارثة بن أخيه إذا ضربتك فالطمني فقال كيف يلطم الرجل عمه فقال أن في ذلك صلاحك وصلاح قومك ثم جاء السيل فلم يجد مانعا فغرق البلاد والكروم والأماكن في رؤوس الجبال والبعيد مثل ذمار وحضرموت وعدن وذهبت الضياع والحدائق وجاء السيل بالرمل فطمها وصفت لهم ظريفة البلاد وقيل عمرو فسكن أزد عمان بها ووداعة بن عامر بكرود من أرض همدان فانتسبوا فيهم وأزد شنوأة بشنّ من السراة وخزاعة ببطن مرّ والأوس والخزرج بيثرب وآل جفنة من غسان بيصرى وسدير من أرض الشام وجذيمة الأبرش وغيره من غسان بالعراق وسجع ظريفة المتعلق بيثرب من كان منكم يريد الراسخات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل ونسب لعمرو بن عامر بزيادة المدركات بالذحل عقب المطعمات في المحل وقيل قال فليلحق بالحرة ذات النخل فلما خرجوا وفارقهم وداعة بهمدان ثم أزدشنوأة بين السراة ومكة ومعهم عمران بن عمرو وسار عمر وفي باقي ولده وفي ناس من الأزد حتى نزلوا ماء يقال له غسان وغلب عليهم اسمه حتى قال شاعرهميق وغيرهم وذهب الزبير بن بكار إلى أن قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه مخاطبا للأنصار فتلك أي هاجر أمكم يا بني ماء السماء يعني الأنصار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 لأن جدهم عامرا هو الملقب بذلك أو أراد جميع العرب لملازمتها مواقع القطر وهذا متمسك من ذهب إلى أن العرب كلها من ولد إسماعيل وهو الذي أميل إليه وأن ثبت خلافه فالعرب الذين لهم الشرف والتقديم بنو إسماعيل عليه السلام فقط كما أوضحناه في الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 وكانت زوجة عمر ومزيقياء تسمى طريفة الحميرية كاهنة ولدت له ثلاثة عشر ولدا ثعلبة أبا الأوس والخزرج وحارثا والد خزاعة وقيل فيهم غير ذلك وجفنة والد غسان وقيل فيهم غير ذلك ووداعة وأبا حارثة والحرث وعوفا وكعبا ومالكا وعمران هؤلاء أعقبوا والثلاثة الباقون لم يعقبوا وكان لعمر ومزيقياء من القصور والأموال ما لم يكن لأحد فرأى أخوه عمران وكان كاهنا ولم يعقب أن قومه سيمزقون وتخرب بلادهم فذكره له ثم أن ظريفة سجعت له بما يدل لذلك فقال وما علامته قالت إذا رأيت جرذا يكثر في السدّ الحفر ويقلب بيديه منه الصخر فأنطلق إلى السدّ فإذا جرذ يقلب الصخرة والصخرة ما يقلبها خمسون رجلا من السدّ فأخفى ذلك وأجمع على بيع ماله بأرض سبأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 والخروج بولده وخشي من استنكار ذلك فأحتال بطعام واسع صنعه وجمع أهل مأرب وأسرّ إلى يتيم رباه أن يجلس إلى جانبه وينازعه الحديث ويفعل به مثل ما يفعل به ثم كلمه في سيء فردّ عليه فضرب عمرو وجهه وشتمه ففعل اليتيم به مثله فصاح وأذلاه اليوم ذهب فخر عمرو وحلف لا يقيم ببلد صنع به ذلك فيها وأن يبيع أمواله فاغتنموا غضبه واشتروها وتبعه ناس من الأزد فباعوا فلما أجتمع لعمرو أثمان مواله أخبر الناس فخرج ناس كثير وأقام من قضى عليه بالهلاك وقيل المحتال في بيع ماله لثعلبة بن عمرو وإنما كانت ظريفة زوجته ومات عمرو قبل السيل وقيل لما مات عمرو وصارت الرياسة لأخيه عامر العاقر وهو المحتال للبيع فقال لحارثة بن أخيه إذا ضربتك فالطمني فقال كيف يلطم الرجل عمه فقال أن في ذلك صلاحك وصلاح قومك ثم جاء السيل فلم يجد مانعا فغرق البلاد والكروم والأماكن في رؤوس الجبال والبعيد مثل ذمار وحضرموت وعدن وذهبت الضياع والحدائق وجاء السيل بالرمل فطمها وصفت لهم ظريفة البلاد وقيل عمرو فسكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 أزد عمان بها ووداعة بن عامر بكرود من أرض همدان فانتسبوا فيهم وأزد شنوأة بشنّ من السراة وخزاعة ببطن مرّ والأوس والخزرج بيثرب وآل جفنة من غسان بيصرى وسدير من أرض الشام وجذيمة الأبرش وغيره من غسان بالعراق وسجع ظريفة المتعلق بيثرب من كان منكم يريد الراسخات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل ونسب لعمرو بن عامر بزيادة المدركات بالذحل عقب المطعمات في المحل وقيل قال فليلحق بالحرة ذات النخل فلما خرجوا وفارقهم وداعة بهمدان ثم أزدشنوأة بين السراة ومكة ومعهم عمران بن عمرو وسار عمر وفي باقي ولده وفي ناس من الأزد حتى نزلوا ماء يقال له غسان وغلب عليهم اسمه حتى قال شاعرهم أما سألت فأنا معشر نجب ... الأزد نسبتنا والماء غسان قال أبو المنذر الشرقي ومن ماء غسان نخرج الحيّ وأسمه ربيعة بن عمرو بن حارثة فأتى مكة فتزوج بنت عامر ملك جرهم فولدت له عمر بن الحيّ الذي غير دين إبراهيم عليه السلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 وروى الأزرقي أن عمرو بن عامر سار وقومه لا يطئون بلدا إلا غلبوا عليه فلما انتهوا إلى مكة وأهلها جرهم قد قهروا الناس وحازوا ولاية البيت على بني إسماعيل وغيرهم أرسل إليهم ثعلبة بن عمرو بن عامر أنا خرجنا من بلادنا فلم ننزل بلدا إلا فسح أهله لنا فنقيم معهم حتى نرسل روادنا فيرتادوا لنا بلدا يحملنا فأفسحوا لنا حتى نستريح ونرسل روادنا إلى الشام والمشرق فحيثما قيل لنا أنه أمثل لحقنا به فأبت جرهم فأرسل إليهم ثعلبة أنه لابد لي من المقام فإن تركتموني نزلت وحمدتكم وواسيتكم في الماء والمرعى وإن أبيتم أقمت على كرهكم ثم لم ترتعوا معي الأفضلا ولم تشربوا الأرنقا يعني الكدر وإن قاتلتموني قاتلتكم ثم أن ظهرت عليكم سبيت النساء وقتلت الرجال ولم أترك أحدا منكم ينزل الحرم فأبت جرهم فاقتتلوا ثلاثة أيام ثم انهزمت جرهم فلم ينفلت منهم إلا الشريد وأقام ثعلبة بمكة وما حولها بعساكره حولا فأصابتهم الحمى وكانوا ببلد لا يعرفون فيه ما الحمى فدعوا ظريفة الكاهنة فشكوا إليها فقالت قد أصابني الذي تشكون ثم ذكر الأزرقي سجعها في الدلالة على البلاد فهو غير السجع الأول وأن الأوس والخزرج أبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو نزلوا المدينة قال وانخزعت خزاعة بمكة فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو وهو الحيّ فولى أمر مكة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 وقال ياقوت لما ساروا من اليمن عطف ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء نحو الحجاز فأقام ما بين الثعلبة وباسمه سميت إلى ذي قار فلما كثر ولده وقوى ركنه سار بهم نحو المدينة وبها يهود فاستوطنوها وأقاموا بين قريظة والنضير وخيبر وتيماء ووادي القرى ونزل أكثرهم بالمدينة وأمّ الأوس والخزرج قيله بنت عمرو بن جفنة في قول الكلبي وقال ابن حزم بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء ويقال بنت كاهل بن عذرة بن قضاعة من حمير في قول الأكثر واشتهرت الأوس والخزرج بأبناء قيلة وأولاد الأوس مالكا ومنه قبائل الأوس كلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 وروى الخرائطي أنه لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو الوفاة أجتمع قومه فقالوا قد حضر من أمر الله ما ترى وقد كنا نأمرك في شبابك أن تتزوج فتأبى وهذا أخوك الخزرج له خمس بنين وليس لك غير مالك فقال لن يهلك هالك ترك مثل مالك أن الذي يخرج النار من الزندة قادر على أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بلا وكل إلى الموت ثم اقبل على مالك فقال أي بني المنية ولا الدنية وذكر سجعا ثم انشأ يقول أبياتا منها ففعل الذي أودى ثمودا وجرهما ... سيعقب لي نسلا على آخر الدهر تقربهم من آل عمرو بن عامر ... عيون لدى الداعي إلى طلب الوتر ألم يأت قومي أن لله دعوة ... يفوز بها أهل السعادة والبر إذا بعث المبعوث من آل غالب ... بمكة فيما بين زمزم والحجر ثم قضى من ساعته قال الشرقي فولد لمالك عمرو وعوف ومرة ويقال لهم أوس الله وهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 الجعادرة وسموا بذلك لقصر كان فيهم وسيأتي ما يخالفه مع بيان ما أنتشر منهم من القبائل وقال ابن حزم أن بني عامر بن عمرو بن مالك بن الأوس كانوا كلهم بعمان لم يكن منهم بالمدينة أحد فليسوا من الأنصار وأولد الخزرج بن حارثة خمسة وهم عمرو وعوف وجشم وكعب والحرث وتفرقوا بطونا كثيرة قال ابن حزم وعقب السائب بن قطن بن عوف من الخزرج لم يكن أحد منهم بالمدينة كانوا بعمان فليسوا من الأنصار وذكر نحوه في بعض بني الحرث بن الخزرج وان بعض بني جفنة بن عمرو مزيقياء كانوا بالمدينة في عداد الأنصار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 وقال الشرقي ولما قدمت الأوس والخزرج المدينة تفرقوا في عاليتها وسافليتها ومنهم من نزل مع بني إسرائيل في قراهم ومنهم من نزل وحده لا مع بني إسرائيل ولا مع العرب الذين كانوا تألفوا إلى بني إسرائيل وكانت الثروة في بني إسرائيل ولهم قرى أعدوا بها الآطام ولبن زبالة عن مشيخة من أهل المدينة أن الأوس والخزرج وجدوا الأموال والآطام بأيدي يهود والعدد والقوة معهم فمكثوا ما شاء الله ثم سألوهم أن يعقدوا بينهم جوارا وحلفا يأمن به بعضهم من بعض ويمتنعون به ممن سواهم فتحالفوا وتعاملوا ولم يزالوا كذلك زمانا طويلا وأثرت الأوس والخزرج وصار لهم مال وعدد فخافت قريظة والنضير أن يغلبوهم على دورهم فتنمروا لهم حتى قطعوا الحلف وقريظة والنضير أعدّ وأكثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 فأقاموا خائفين أن تجليهم يهود حتى نجم منهم مالك بن العجلان أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج وسّوده الحيان الأوسي والخزرج وكانت لا تهدى عروس من الحيين حتى تدخل على القيطيون ملك اليهود فيكون هو الذي يفتضها فتزوجت أخت مالك بن العجلان رجلا من قومها فبينا مالك في النادي إذ خرجت أخته فضلاء فنظر أهل المجلس فشق على مالك ودخل فعنفها فقالت ما يصنع بي غدا أعظم أهدى إلي غير زوجي فلما أمسى أشتمل على السيف ودخل مع النساء فقتل القيطون وأنصرف لدار قومه فبعثوا الرمق بن زيد أحد بني سالم إلى من وقع بالشام من قومهم يشكون اليهود فقدم على أبي جبيلة أحد بني جشم بن الخزرج الذين ساروا من يثرب إلى الشام وقيل أبو جبيلة من ولد جفنة بن عمرو ومزيقياء وكان قد أصاب ملكا بالشام فشكا حالهم وغلبته اليهود عليهم فأقبل أبو جبيلة في جمع كثير لنصرتهم ونقل رزين عن الشرقي أن القيطون كان قد شرط أن لا تدخل امرأة على زوجها حتى تدخل عليه فلما سكن الأوس والخزرج المدينة أراد أن يسير فيهم بذلك فتزوجت أخت مالك بن العجلان رجلا من بني سالم فأرسل القيطون رسولا في ذلك وكان مالك غائبا فخرجت أخته في طلبه فمرّت به في قومهم فنادته فقال لقد جئت بسببه تناديني ولا تستحي فقالت الذي يراد بي أكبر من ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 فأخبرته فقال أكفيك ذلك فقالت وكيف فقال أتزيا بزيّ النساء وأدخل معك عليه بالسيف فأقتله ففعل ثم خرج حتى قدم الشام على أبي جبيلة وكان نزلها حين نزلوا هم بالمدينة فجيش جيشا عظيما وأقبل كأنه يريد اليمن وأختفى منهم مالك بن العجلان فنزل بذي حرض فأرسل إلى الأوس والخزرج فوصلهم ثم أرسل إلى بني إسرائيل من أراد الحباء من مالك فليخرج إليه مخافة أن يتحصنوا فلا يقدر عليهم فخرج إليه أشرافهم فأمر لهم بطعام حتى اجتمعوا فقتلهم فصار الأوس والخزرج أعز أهل المدينة وقيل إنما قصد مالك بن العجلان بعد قتل القيطون تبعا الأصغر باليمن فشكا إليه فعاهد أن لا يقرب امرأة ولا يمس طيبا ولا يشرب خمرا حتى يسير إلى المدينة ويذلّ من بها من اليهود ففعل وقال ابن قتيبة أن تبعا الأصغر ابن حسان آخر التبابعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 سار إلى الشام وملوكها غسان فأطاعته ثم إلى المستقر من ناحية هجر فأتاه قوم كانوا وقعوا إلى يثرب وحالفوا يهود بها فشكوهم ومتوا إليه بالرحم فأحفظه ذلك فسار ونزل بسفح أحد وبعث إلى يهود فقتل منهم ثلاثمائة وخمسين رجلا صبرا وأراد خرابها فقام إليه رجل من يهود أتت عليه مائتان وخمسون سنة فقال أيها الملك مثلك لا يقتل على الغضب وأمرك أعظم من أن يطير بك برق أو يسرع بك لجاج وأنك لا تستطيع أن تخربها لأنها مهاجر نبيّ من ولد إسماعيل عليهما السلام ويخرج من عند هذه البنية يعني الكعبة فكف ومضى ومعه هذا اليهودي وآخر منهم وهما الحبران فأتى مكة وكسا البيت ثم رجع إلى اليمن وهما معه قددان بدينهما أه وعن الشرقي أن أبا جبيلة لما فرغ من نصر أهل المدينة رجع إلى الشام فاقبل تبع الأخير وهو كرب بن حسان بن أسعد الحميري يريد المشرق كما كانت التبابعة تفعل بالمدينة فخلف فيها أبنا له ومضى حتى قدم الشام ثم العراق فقتل أبنه بالمدينة غيلة فأقبل يريد تخريبها فنزل بسفح أحد وأرسل لأشراف المدينة فقال بعضهم أراد أن يملكنا على قومنا وقال أحيحة والله ما دعاكم لخير وكان لأحيحة ربئ من الجن ثم دخل على تبع أول الناس فتحدّث معه ففطن بالشرّ ثم قال أن أصحابي يصلونك إلى الظهر وأستأذن الخروج إلى خيمة له ضربها وجاء أصحابه قريبا من الليل فأمر لهم تبع بضيافة فلما كان جوف الليل أرسل إليهم ليقتلهم ففطن أحيحة فأنطلق فتحصن في حصنه فحاصروه ثلاثا يقاتلهم بالنهار وإذا كان الليل يرمي إليهم بتمر ويقول هذا ضيافتكم فأخبروا تبعا أنه في حصن حصين فأمرهم أن يحرقوا نخلة واشتعلت الحرب بين تبع وأهل المدينة من اليهود والأوس والخزرج وتحصنوا في الآطام وجرد إلى بني النجار خيلا فقاتلوهم ورئيسهم يومئذ عمرو بن طلحة أخو بني معاوية بن مالك بن النجار ورمى عسكر تبع حصون الأنصار بالنبل فلقد جاء الإسلام والنبل فيها وجدع في القتال فرس تبع فحلف لا يبرح حتى يخرجها فنزل إليه أحبار من يهود وقالوا أيها الملك أن هذه البلدة محفوظة فإنا نجد اسمها في الكتاب طيبة وأنها مهاجر نبيّ من بني إسماعيل عليه السلام من الحرم فلن تسلط عليها فأعجب بقولهم وصرف نيته وأمر أهل المدينة أن يتبايعوا مع العسكر ثم خرج يريد اليمن ومعه من الأحبار رجلان أو ثلاثة قال لهم تسيرون أياما ما آنس بحديثكم فكانوا يحدثونه فلم يتركهم حتى وصلوا إلى اليمن فكانوا أول يهوديّ دخلها وعن المبتدأ الابن إسحاق أن بيت أبي أيوب الأنصاري الآتي ذكره بناء تبع الأول وأسمه تبان أسعد بن كلكيكرب لما مرّ بالمدينة وكان معه أربعمائة عالم فتعاقدوا على أن لا يخرجوا منها فسألهم تبع عن ذلك فقالوا نجد في كتبنا أنها مهاجر نبي أسمه محمد فنقيم لعل أن نلقاه فبنى لكل منهم دارا وزوجه جارية وأعطاه مالا جزيلا وكتب كتابا فيه إسلامه منهشرقي أن أبا جبيلة لما فرغ من نصر أهل المدينة رجع إلى الشام فاقبل تبع الأخير وهو كرب بن حسان بن أسعد الحميري يريد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 المشرق كما كانت التبابعة تفعل بالمدينة فخلف فيها أبنا له ومضى حتى قدم الشام ثم العراق فقتل أبنه بالمدينة غيلة فأقبل يريد تخريبها فنزل بسفح أحد وأرسل لأشراف المدينة فقال بعضهم أراد أن يملكنا على قومنا وقال أحيحة والله ما دعاكم لخير وكان لأحيحة ربئ من الجن ثم دخل على تبع أول الناس فتحدّث معه ففطن بالشرّ ثم قال أن أصحابي يصلونك إلى الظهر وأستأذن الخروج إلى خيمة له ضربها وجاء أصحابه قريبا من الليل فأمر لهم تبع بضيافة فلما كان جوف الليل أرسل إليهم ليقتلهم ففطن أحيحة فأنطلق فتحصن في حصنه فحاصروه ثلاثا يقاتلهم بالنهار وإذا كان الليل يرمي إليهم بتمر ويقول هذا ضيافتكم فأخبروا تبعا أنه في حصن حصين فأمرهم أن يحرقوا نخلة واشتعلت الحرب بين تبع وأهل المدينة من اليهود والأوس والخزرج وتحصنوا في الآطام وجرد إلى بني النجار خيلا فقاتلوهم ورئيسهم يومئذ عمرو بن طلحة أخو بني معاوية بن مالك بن النجار ورمى عسكر تبع حصون الأنصار بالنبل فلقد جاء الإسلام والنبل فيها وجدع في القتال فرس تبع فحلف لا يبرح حتى يخرجها فنزل إليه أحبار من يهود وقالوا أيها الملك أن هذه البلدة محفوظة فإنا نجد اسمها في الكتاب طيبة وأنها مهاجر نبيّ من بني إسماعيل عليه السلام من الحرم فلن تسلط عليها فأعجب بقولهم وصرف نيته وأمر أهل المدينة أن يتبايعوا مع العسكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 ثم خرج يريد اليمن ومعه من الأحبار رجلان أو ثلاثة قال لهم تسيرون أياما ما آنس بحديثكم فكانوا يحدثونه فلم يتركهم حتى وصلوا إلى اليمن فكانوا أول يهوديّ دخلها وعن المبتدأ الابن إسحاق أن بيت أبي أيوب الأنصاري الآتي ذكره بناء تبع الأول وأسمه تبان أسعد بن كلكيكرب لما مرّ بالمدينة وكان معه أربعمائة عالم فتعاقدوا على أن لا يخرجوا منها فسألهم تبع عن ذلك فقالوا نجد في كتبنا أنها مهاجر نبي أسمه محمد فنقيم لعل أن نلقاه فبنى لكل منهم دارا وزوجه جارية وأعطاه مالا جزيلا وكتب كتابا فيه إسلامه منه شهدت على أحمد أنه ... رسول من الله باري النسم فلو مدّ عمري إلى عمره ... لكنت وزيرا له وأبن عم وختم بالذهب ودفعه إلى كبيرهم وسأله أن يدفعه للنبي صلى الله عليه وسلم أن أدركه وإلا فمن أدركه من ولده أو ولد ولده وبنى للنبيّ صلى الله عليه وسلم دارا ينزلها إذا قدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 فتداول الدار الملاك إلى أن صارت لأبي أيوب الأنصاري وهو من ولد ذلك العالم وأهل المدينة الذين نصروه كلهم من أولاد أولئك العلماء ويقال أن الكتاب كان عند أبي أيوب حين نزل عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فدفعه له وهذا غريب والمعروف في أمر الأنصار ما سبق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 " الفصل الثاني " في منازل الأوس والخزرج وما دخل بينهم من الحروب لما أنصرف أبو جبيلة من نصرهم تفرقوا في أعالية والسافلة واتخذوا الأموال والآطام فأما الأوس فنزل بنو عبد الأشهل ابن جشم بن الحرث وبنو حارثة بن الحرث بن الخررج الأصغري بن عمرو بن مالك بن الأوس بدار بني عبد الأشهل بالحرة الشرقية شامي بني ظفر خلاف قول المطري قبليهم لما أوضحنا في الأصل وابتنوا آطاما منها وأقم وبه سميت الناحية كان الحضير بن سماك وله يقول شاعرهم نحن بنينا واقا بالحرة ... بلازب الطين وبالأصرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 ثم خرجت بنو حارثة عنهم لحرب دخلت بينهم فوالت بنو ظفر بني عبد الأشهل وظفرت بهم بنو حارثة فأجلوهم أولا لأرض بني سليم وقتلوا سماك بن رافع فسار حضير بن سماك ببني سليم وحاصر بني حارثة بدار بني عبد الأشهل فأجلاهم إلى خيبر فكانوا بها قريبا من سنة ثم رق لهم حضير فاصطلحوا وأبت بنو حارثة أن ينزلوا دار بني الأشهل فنزلوا شاميهم بسند الحرة الشرقية التي بها الشيخان خلاف قول المطري بيثرب لما أوحيناه في الأصل وبنو ظفر وهو كعب بن الخزرج الأصغر بدارهم شرقي لبقيع عند مسجدهم المعروف بمسجد البغلة بجوار بني عبد الأشهل وبجوارهم أيضا بنو أخيهم زعور بن جشم من أهل راتج وهذه البطون الأربعة هم النبيت لأن النبيت بطون بني عمرو بن مالك بن الأوس على ما ذكره ابن حزم وبنو عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بقباء وهم بطون كثيرة لبني ضبيعة منهم الأم الذي يقال له الشقيف بين أحجار المراء ومجلس بني الموالي ولكلثوم بن الهدم من بني عبيد بن زيد أطم في دار عبد الله ابن أبي أحمد ولأحيحة بن الجلاح الحجعبي أطم يقال له واقم صار لبني عبد المنذر في دية جدّهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 وكان في رحبة بني زيد بن مالك بن عوف أربعة عشرا طما يقال لها الصياصي ولهم أطم بالمسكبة شرقي مسجد قباء وأطم يقال له المستظل عند بئر غرس كان لأحيحة ثم صار لبني عبد المنذر وخرجت حجمعبا بن كلفة بن عوف بن غمرو بن عوف من قباء لقتلهم رفاعة وغنما فسكنوا العصبة غربي مسجد قباء فابتنى أحيحة الضحيان أطم أسود عرضه قريب من طوله وباه أولا من البثرة البيضاء يعنى الحجارة البيض فسقط وابتني بنو مجدعة وحججعبا أطما يقال له الهجيم عند المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 وخرجت بنو معاوية ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف فسكنوا دارهم التي وراء بقيع الغرقد ولهم مسجد الإجابة ومنهم حاطب بن قيس وفيه كانت حرب حاطب وخرجت بنو السميعة وهم بنو لوذان ابن عمرو بن عوف فسكنوا عند زقاق ركيح وابتنوا أطما يقال له السعدان في الربع حائط هناك ولعله المعروف اليوم بالربعي ونزل واقف والسلم ابنا امرئ القيس بن مالك بن الأوس عند مسجد الفضيخ من جهة القبلة ثم لطم واقف وهو الأكبر عين السلم وكان شرسا فحلف لا يساكنه فنزل السلم على بني عمرو بن عوف فلم يزل ولده فيهم حتى انقرضوا سنة تسع وتسعين ومائة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 وبلغ عددهم في الجاهلية ألف مقاتل وبنو وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرّة بن مالك ابن الأوس بدارهم عند مسجدهم وبنو أمية بن زيد أخوة بني وائل بدارهم التي يمتر فيها سيل مذيني بين بيوتهم ثم يسقى الأموال فهي شرقي العهن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 وبنو عطية بن زيد أخوتهم أيضا بضفته فوق بني الحبلى وابتنوا أطما يقال له شاش على يسارك في رحبة مسجد قباء مستقبل القبلة ووائل وأمية وعطية بنو زيدهم الجعادرة لأنهم كانوا إذا أجارو وأحارا قالوا له جعدر حيث شئت أي أذهب حيث شئت فلا بأس عليك قاله ابن زبالة وسبق عن الشرقي ما يخالفه وبنو سعد بن مرّة بن مالك بن الأوس براتج وقال ابن زبالة عقب الكلام على المنازل أن بني شطبة حين قدموا من الشام نزلوا ميطان فلم يوافقهم فتحولوا قريبا من حدمان ثم نزلوا براتج فهم أحد قبائله الثلاثة وبنو طمة جشم بن مالك بن الأوس بدارهم عند الماجشونية والغرس فوق بني الحرث لما أوضحناه في الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 وكانوا متفرقين في آطامهم فلما جاء الإسلام اتخذوا مسجدهم وسكن رجل منهم عنده فكانوا يسألون عنه كل غداة مخافة أن يكوون السبع عدا عليه ثم كثروا هناك حتى كان يقال لدارهم غزة تشبيها بغزة الشام من كثرة أهلها وأما الخزرج فنزل بنو الحرث بن الخزرج الأكبر شرقي وادي بطحان وتربة صعيب ويعرف اليوم بالحرث وخرج جشم وزيد أبنا الحرث فسكنا السخ أطم لهم سميت به الناحية على ميل من المسجد النبوي وهو أول العالية وخرجت بنو حذراة بن عوف بن الحرث فسكنوا حرار سعد شامي السوق وأخوتهم بنو حذرة بن عوف فسكنوا قرب البصة وكان الأجرد وهو الأطم الذي يقال البئرة البصة لجدّ أبي سعيد الخدري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 ونزل بنو سالم وغنم أبني عوف بن عمرو بن الخزرج الأكبر دار بني سالم بطرف الحرة الغربية عند مسجد الجمعة ولهم أطم القوافل بطرف بيوت بني سالم مما يلي ناحية العصبة وبنو عصية حلفاء لبني سالم عند مسجد بني عصبة قرب قباء وبنو الحبلى وهو على ما قاله ابن زبالة مالك بن سالم بن غنم بن عوف بدارهم المعروفة بهم قال ابن حزم وهيبين دار بني النجار وبين بني ساعدة وقال ابن هشام الحبلى سالم بن غنم سميبه لعظم بطنه فيجمع بأنه كان يطلق عليه وعلى أبنه مالك فما سبق في نزول بني عطية فوق بني الحبلى المراد به من كان من بني سالم بن غنم بدار بني سالم لا دار مالك هذا وكانت بهذه أطم يقال له مزاحم بين ظهراني البيوت لعبد الله بن أبيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 وبنو سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة بن تريد بالمثناة فوق ابن جشم بن الخزرج الأكبر بسند الحرة ما بين مسجد القبلتين إلى المزاد أطم بني حرام سميت به الناحية وبنو سواد بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجد القبلتين إلى أرض ابن عبيد الديناري ولهم مسجد القبلتين وبنو عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجد الخربة إلى جبلهم الدويخل ولهم مسجد الخربة والأطم المواه له والأطم الذي عند قبلته وبنو حرام ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجدهم الصغير بالقاع بين مقبرة بني سلمة إلى المزاد أطم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 ولهم أطم بالسهل بين أرض جابر بن عتيك والعين التي عملها معاوية بن أبس سفيان رضي الله عنه كان لعمر وجد جابر بن عبد الله بن عمرو وبنو مرّ بن كعب بن سلمة حلفاء بني حرام معهم ولهم أطم غربي جائط جابر بن عتيك مما يلي جبلي بني عبيد وكانت بنو سلمة كلها بهذه الدار وكلمتهم واحدة وملكوا عليهم أمة بن حرام فلبث فيهم زمانا حتى دخل بينه وبين صخر من بني عبيد أمر لأرادته أخذ بعض ما خلف أبوه وكان مثريا ليقسمه في بني سلمة فضربه صخر بالسيف وحالت بينه وبين صخر بنو عبيد وبنو سواد فنذر أمه أن لا يأويه ظل بيت حتى يقتلوا صخرا أو يؤتى به فيرى فيه رأيه وجلس عند الظرب الذي غربي مسجد الفتح في الشمس فبلغ قومه فأتوه بصخر فعفا عنه وأخذ الذي أراد من ماله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 وروى أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن السيل يحول بيننا وبينك وأرادوا التحول فقال ما عليكم لو تحولتم إلى سفح الجبل يعني سلعا فتحولوا فدخلت حرام الشعب وصارت سواد وعبيد إلى السفح والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم أثبتوا فإنكم أوتادها وإنما نقل بني حرام إلى الشعب المعروف بهم من سلع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكلم ناسا كانوا به من بني ناغضة من اليمن فانتقلوا بهم إلى الشعب الذي تحت مسجد الفتح وابتنت بنو حراح بشعبهم من سلع مسجدهم الكبير بناه غلام رومي شروه من أطياتهم كما رواه يحيي وآثارهم هذا المسجد بينه اليوم هناك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 ونزل بنو بياضة وزريق أبنا عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن عضب ابن جشم بن الخزرج الأكبر وبنو حبيب بن عبد حارثة بن مالك وبنو غدارة وهم بنو كع بن مالك وبنو أجدع وهم بنو معاوية بن مالك بدار بني بياضة شامي بني سالم ممتدة بالحرة الغربية إلى بطحان قبليّ بني مازن زكان بها نحو عشرين أطما منها عقرب في شامي المزرعة المسماة بالرحابة في الحرة على القفارة وسويد في شامي الحائط المسمى بالحماضة واللوى في حد السرارة بينه وبين زاوية الجدار الشامي الذي يحيط على الحماضة عشرون ذراعا والسرارة ما بين اللوى إلى الجدار الذي يقال له بيوت بني بياضة والحدار الذي بناه زياد ابن عبد الله لبركة السوق وسط السرارة وهذه البركة هي التي ذكرها في كلام ابن شبة في سيل رانونا وكان لبني حبيب الأطم الذي في أدنى بيوت بني بياضة دون الجمر الذي عند ذي ريش فلبثوا أمرهم جميع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 حتى هلك زريق فأوصى ببنيه إلى عمه حبيب فكلفهم النصح بأييهم فقتلوه فحالف بنوه بني بياضة على بني زريق فخرجت بنو زريق فسكنوا دارهم التي في قيلة المصلى والسور الموجود اليوم والموضع المعروف بذروان وما والاه من داخل السور ثم اصطلحوا على أن قطعوا لبني حبيب طائفة من دورهم دية فقبلوا ذلك وأنتقل بنو مالك بن زيد بن حبيب من بني بياضة فنزلوا الناحية التي ودت بنو زريق وتخلف بعض بني حبيب ببني بياضة فمكثوا ما شاء الله ثم أن عبيد بن المعلى من بني حبيب قتل حصن بن خالد الرزقي فأراد بنو زريق قتله ثم ودوه من مالهم على أن يحالفهم بنو المعلى ويقطعوا حلفهم مع بني بياضة ففعلوا وقال ابن حزم أن من بني حبيب عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة وأنه والد أبى جبيلة الذي جلبه مالك بن العجلان لقتل اليهود كما سبق وكان بنو غدارة بن مالك أقل بطون بني مالك بن عضب عددا مع شراسة وشدّ أنفس فقتلوا قتيلا أما بني اللين أو من بني أجدع وأبي أهل القتيل الدية فانتقلوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 من دار بني بياضة إلى بني عمرو بن عوف فحالفوهم وصاهروهم وكان بين بطنين من بطون بني مالك بن عضب ميراث في الجاهلية فاشتجروا فيه ثم دخلوا حديقة بني بياضة وأغلقوها حتى لم يبق منهم عين تطرف فسميت حديقة الموت وكان بنو مالك بن عضب سوى بين رزيق ألف مقاتل في الجاهلية ونزل بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر في أربع منازل بنو عمر وبنو ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة دار بني ساعدة بين سوق المدينة من المشرق مما يلي شامية وبين بني ضمرة ولهم الأطم الذي بدار أبي دجانة الصغرى عند بضاعة والأطم المواجه مسجد بني ساعدة وكان آخر أطم بنى بالمدينة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 وبنو قشبة بن الخزرج بن ساعدة شرقيهم قرب بني جديلة عند خوخة عمر والضمري وبنو أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة رهط سعد بن عبادة الدار التي يقال لها جرار سعد وهي جرار كان يسقى فيها الماء وهي نهاية سوق المدينة كما سيأتي وبعض بني الحرث بن الخزرج نزلوا بها أيضا كما سبق فهو المراد من حديث عبادة سعد ببني الحرث ألا أن يكون سعد أتخذ الموضع المعروف ببني الحرث منزلا آخر بأن تزوج فيهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 وبنو وقش وبنو عنان ابن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة دارهم التي بقرب جرار سعد نحو مسجد الراية ونزل بنو مالك بن النجار بنو مالك بن النجار دارهم المعروفة بهم فبنو غنم بن ملك شرقي في المسجد النبوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 وهو لهم الأطم المسمى بقويرع موضع دار حسن بن زيد وهي التي في قبلة رباط مراغة بينهما الشارع وبنو مغالاة بنو عدي بن عمرو بن مالك ومغالة أمهم غربي المسجد بجهة باب الرحمة ولهم فارع أطم حسان بن ثابت وبيرحاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 وبنو جديلة وهو معاوية ابن عمرو بن مالك بن النجار شامي المسجد وشرقيه قرب البقيع وبقربهم بيرحاء ولهم الأطم الذي يقال له مشعط غربي مسجدهم مسجد أبي ابن كعب وفي موضعه بيت أبي نبيه وفي المشارق وقال الزبير كل ما كان بالمدينة عن يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل المسجد النبوي بنو مغالة والجهة الأخرى بنو جديلة وهم بنو معاوية وهم من الأوس قلت كونهم من الأوس وهم ليس من كلام الزبير والذي قال أهل النسب وغيرهم ما سبق وسبب الوهم أن في الأوس أيضا بني معاوية أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 مسجد الإجابة كما سبق وكذا التبس الأمر على المطري فجعل مسجد الإجابة ومنزلته لبني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار وجعل منزلة بني جديلة عند بيرحاء منزلة بني معاوية بن مالك بن النجار أيضا ثم قال بني دينا أنهم بين دار بني معاوية أهل مسجد الإجابة ودار بني جديلة اه والصواب ما قدمناه وبنو مبذول وهو عامر بن مالك ابن النجار قرب بقيع الزبير شرقي بني غنم وقبلتهم ونزل بنو عدي بن النجار غربي المسجد النبوي فيما قاله المطري لكن منهم أنس بن مالك وكانت داره شامي المسجد في المشرق ولهم أطم الزاهرية كان في دار النابغة عند المسجد الذي في الدار وبنو مازن بن النجار شرقي بني زريق لناحية القبلة وقال المطري قبليّ البصة وتسمى الناحية اليوم أبو مازن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 وبنو دينار ابن النجار خلف بطحان وما قاله المطري في منزلهم مردود لما سيأتي في مسجدهم فهذه منازل بني النجار تسمى به لأنه ضرب رجلا فنجره وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 وفي الحديث خير دور الأنصار بنو النجار ثم عبد الأشهل ثم بنو الحرث بن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير قالوا ولبثت الأوس والخزرج بالمدينة ما شاء الله وكلمتهم واحدة ثم وقعت بينهم حروب كثيرة لم يسمع في قوم أكثر منها ول أطول قيل أنها بقيت مائة وعشرين ستة حتى جاء الإسلام وأولها حرب سمير بضم المهملة مصغرا من الأوس قتل رجلا من بني ثعلبة حليفا لمالك بن العجلان ثم حرب كعب بن عمرو ثم حرب يوم السرارة موضع بين بني بياضة والحماضة ثم يوم الديك موضع أيضا ويوم فارع ويوم الربيع وحرب حضير ابن الأسلت وحرب حاطب بن قيس إلى أن آخر ذلك يوم بغاث قبل الهجرة بخمس سنين على الأصح قتل فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 مسراتهم وسببه أن الظفر في أكثر تلك الحروب كان للخزرج فذهبت الأوس لتحالف قريظة فأرسلت لهم الخزرج لئن فعلتم فأذنوا بحرب فقالوا لا ندخل بينكم فقالت الخزرج فأعطونا رهائن فأعطوهم أربعين غلاما ما تفرقوا في دورهم فحالفت بطون من الأوس الخزرج منهم عمرو بن عوف وقال سائرهم والله لا نصالح حتى ندرك ثأرنا فتقاتلوا وكثر القتل في الأوس لما خذلهم قومهم فتشاوروا في أن يحالفوا قريشا فأظهروا أنهم يريدون العمرة وبينهم أن لا يتعرض لمريدها وأجار أموالهم البراء بن معرور وعن أفلح بن سعيد أم الأوس خرجوا جالين من الخزرج حتى نزلوا على قريش بمكة فحالفوهم فقال الوليد بن المغيرة ما نزل قوم على قوم إلا أخذوا شرفهم ورثوا ديارهم فاقطعوا حلفهم قالوا بأيّ شيء قال أن فيهم حمية فقولوا لهم أنا نسينا شيئا وهو أنا قوم إذا كان النساء بالبيت فرأى الرجل امرأة تعجبه قبلها ولمسها بيد فنفرت الأوس وقطعوا الحلف فلما لم يتم لهم الحلف ذهبت النبيت إلى خيبر فافتخرت الخروج عليهم في أشعرهم وقال عمر بن النعمان البياضي يا قوم أن بياضة أنزلكم منزل سوء والله لا يمس رأسي غسل حتى أنزلكم منازل بني قريظة والنضير وأقتل رهنهم وكان لهم غزار المياه وكرام النخل فبلغهم ذلك ومن كان بالمدينة من الأوس فخالفوا قريظة والنضير ثم أرسلوا بذلك للنبيت فقدموا فأخذت الخروج في قتل الرهن فقال كعب ابن أسد القرظي إنما هي ليلة ثم تسعة أشهر وقد جاء الحلف وأرسلوا للأوس أنهضوا ألينا فنأتيهم جميعا وأمتنع عبد الله بن أبي من قتل الرهن وقال لقومه أنتم البغاة والأوس تقول منعونا من الحياة فيمنعونا الموت والله ما يموتون أو يهلكون عامتكم فقال له عمرو بن النعمان أنتفخ والله سحرك فقال والله لا أحضركم ولكأني أنظر إليك قتيلا يحملك أربعة كساء فراست لبخروج عمرو بن النعمان بن رجيلة وقيل بل ده رجيلة فاقتتلوا في بغاث عند أعلى قورى ورئيس الأوس حضير الكائب والدا سيد بن حضير وكان النصر أولا للخروج فثبت حضير الأوس فرجعوا فكانت الدبرة على الخزرج وقتل حضير الكائب وعمرو بن النعمان وجيء بعمرو يحمله أربعة وحلفت اليهود لنهدمن من حصن ابن أبي وكانت أخته تحت أبي عامر الراهب الملقب بالفاسق والد حنظلة الغسيل أحد بني ضبيعة بن زيد من الأوس فلما أحاطوا بحصنه قال هؤلاء أولادكم وقد نهيت الخروج فعصوني وكانوا من أولاد بني النضير فأجاروه من الأوس وقريظة ثم لم يزل يتحيل حتى ردّهم حلفاء الخزرج وذهب في ذلك اليوم أشراف الأوس والخزرج ممن لا ينقاد لأن يكون تحت حكم غيره لشدّة شكيمته غير ابن أبي فلذا قالت عائشة رضي الله عنه كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام وقال أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وسيد أهلها ابن أبي ولم يجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين غيره ومعه في الأوس رجل شريف مطاع هو أبو عامر الفاسق وكان قد ترهب ولبس المسوح وزعم أنه ينتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلم فشقيا بشرفهما. لما خذلهم قومهم فتشاوروا في أن يحالفوا قريشا فأظهروا أنهم يريدون العمرة وبينهم أن لا يتعرض لمريدها وأجار أموالهم البراء بن معرور وعن أفلح بن سعيد أم الأوس خرجوا جالين من الخزرج حتى نزلوا على قريش بمكة فحالفوهم فقال الوليد بن المغيرة ما نزل قوم على قوم إلا أخذوا شرفهم ورثوا ديارهم فاقطعوا حلفهم قالوا بأيّ شيء قال أن فيهم حمية فقولوا لهم أنا نسينا شيئا وهو أنا قوم إذا كان النساء بالبيت فرأى الرجل امرأة تعجبه قبلها ولمسها بيد فنفرت الأوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 وقطعوا الحلف فلما لم يتم لهم الحلف ذهبت النبيت إلى خيبر فافتخرت الخروج عليهم في أشعرهم وقال عمر بن النعمان البياضي يا قوم أن بياضة أنزلكم منزل سوء والله لا يمس رأسي غسل حتى أنزلكم منازل بني قريظة والنضير وأقتل رهنهم وكان لهم غزار المياه وكرام النخل فبلغهم ذلك ومن كان بالمدينة من الأوس فخالفوا قريظة والنضير ثم أرسلوا بذلك للنبيت فقدموا فأخذت الخروج في قتل الرهن فقال كعب ابن أسد القرظي إنما هي ليلة ثم تسعة أشهر وقد جاء الحلف وأرسلوا للأوس أنهضوا ألينا فنأتيهم جميعا وأمتنع عبد الله بن أبي من قتل الرهن وقال لقومه أنتم البغاة والأوس تقول منعونا من الحياة فيمنعونا الموت والله ما يموتون أو يهلكون عامتكم فقال له عمرو بن النعمان أنتفخ والله سحرك فقال والله لا أحضركم ولكأني أنظر إليك قتيلا يحملك أربعة كساء فراست لبخروج عمرو بن النعمان بن رجيلة وقيل بل ده رجيلة فاقتتلوا في بغاث عند أعلى قورى ورئيس الأوس حضير الكائب والدا سيد بن حضير وكان النصر أولا للخروج فثبت حضير الأوس فرجعوا فكانت الدبرة على الخزرج وقتل حضير الكائب وعمرو بن النعمان وجيء بعمرو يحمله أربعة وحلفت اليهود لنهدمن من حصن ابن أبي وكانت أخته تحت أبي عامر الراهب الملقب بالفاسق والد حنظلة الغسيل أحد بني ضبيعة بن زيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 من الأوس فلما أحاطوا بحصنه قال هؤلاء أولادكم وقد نهيت الخروج فعصوني وكانوا من أولاد بني النضير فأجاروه من الأوس وقريظة ثم لم يزل يتحيل حتى ردّهم حلفاء الخزرج وذهب في ذلك اليوم أشراف الأوس والخزرج ممن لا ينقاد لأن يكون تحت حكم غيره لشدّة شكيمته غير ابن أبي فلذا قالت عائشة رضي الله عنه كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام وقال أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وسيد أهلها ابن أبي ولم يجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين غيره ومعه في الأوس رجل شريف مطاع هو أبو عامر الفاسق وكان قد ترهب ولبس المسوح وزعم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 أنه ينتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلم فشقيا بشرفهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 " الفصل الثالث " في إكرام الله تعالى لهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ومبايعتهم له بالعقبة الأولى والثانية وهجرته صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة يعرض نفسه في كل موسم على القبائل ويكلم كل شريف قوم لا يسألهم إلا أن يؤوه ويمنعوه ويقول لا أكره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 أحد على شيء بل أريد أن تمنعوا من يؤذيني حتى أبلغ رسالة ربي فيأبونه ويقولون قوم الرجل أعلم به وقدم مكة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 أبو الجيسر في فتية من بني عبد الأشهل يطلبون حلف قريش فعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وقال هل لكم في خير ما جئتم له وتلى عليهم القرآن ثم قال بايعوني واتبعوني فإنكم ستجتمعون بي فقال أياس ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 معاذ وقيل عمر بن الجموح هذا والله خير لكم مما جئتم له فأنتهره أبو الجيسر ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا فكانت وقعة بعاث. قال ابن إسحاق ولما أراد الله تعالى إظهار دينه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كلّ موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام وكان مما صنع الله تعالى لهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل علم وكتاب وكانوا هم أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا قد غزوهم في بلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا الهم أن نبيا مبعوث قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وارم فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر قال بعضهم لبعض تعلمون أنه النبي الذي توعدكم به يهو فلا تسبقنكم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه قالوا أنا تر كنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا إلى بلادهم فلما جاءوا قومهم لم يبق دار من دورهم إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 أي أصحاب هذه العقبة ستة نفر من الخزرج منهم أسعد ابن زرارة وقال غيره سبعة وقيل فيهم اثنان من الأوس أبو الهيثم بن التيهان من بني جشم أخوه عبد الأشهل وعويم بن ساعدة من بني أمية بن زيد قال ابن إسحاق فلما كان الموسم يعني من العام المقبل وافاه منهم اثنا عشر رجلا فذكر الستة الأولين وأربعة من الخزرج أيضا وأبا الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة قال فيما يعم النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء أي على وفق بيعة النساء التي نزلت بعد الفتح على أن لا يشركوا بالله شيأ إلى آخر الآية ولم يكن أمر بالقتال بل ذلك قبل نزول الفرائض ما عدا التوحيد والصلاة وأرسل معهم مصعب بن عمير يفقههم في الدين ويعلمهم الإسلام وقيل بل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 بعثه إليهم بعد ذلك يطلبهم هو وابن آدم مكتوم وكان مصعب بن عمير يؤم بهم ويقرئهم القرآن وهو أول من سمى بالمقرئ فنزل على أسعد بن زرارة وجمع بهم أول جمعة في الإسلام بمعونة أسعد بن زرارة وروى أبو داود أن ذلك كان في هدم البيت من حرة بني بياضة وكانوا أربعين في بقيع يقال له بقيع الخضمات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 ولأبن إسحاق أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريدا بني عبد الأشهل ودار بني ظفر فدخل به حائطا لبني ظفر على بئر يقال لها مرق وعند البيهقي فخرج به غلى دار بني عبد الأشهل فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل يقال لها بئر مرق انتهى قال ابن إسحاق فجلسا وأجتمع إليهما رجال ممن أسلم فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا بني عبد الأشهل يومئذ قال سعد وكان ابن خالة أسعد ن زرارة لأسيد لا أبا لك أنطلق إلى هذين الرجلين اللذين أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فأزجرهما وأنههما أن يأتيا دارنا فإنه لولا أسعد مني حيث قد علمت كفيتك ذلك فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب هذا سيد قومه قد جاء فأصدق الله فيه قال فوقف عليهما متسمتا فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا فاعتزلانا أن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمر قبلته وإن كرهت كف عنك ما تكره قال أنصفت فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم ثم قال ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثيابك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فقام ففعل ذلك ثم قال أن ورائي رجلا أن أتبعكما لم يختلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد ابن معاذ ثم أنصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليهم سعد مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به فلما وقف قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وقد حدّثت أنّ بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك فقام سعد مغضبا مبادرا فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متسمتا ثم قال يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارنا بما تكره وقد قال أسعد أصعب أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه إن يتبعك لا يتخلف منهم اثنان فقال له مصعب أو تقعد فتسمع فأن رضيت أمر أو رغبت فيه قبلته وأن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال كيف تصنعون إذا أسلمتم فذكرا له ما تقدّم ففعله ثم عمد إلى نادى قومه ومعهم أسيد بن حضير فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا أفضلنا رأيا وأيمننا نقيبه قال فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما أمسى في دار بني الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة ورجع مصعب إلى أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن صيفي بن الأسلت وكان شاعرا لهم قائد يطيعونه فوقف بهم عن الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى بدر وأحد والخندق ثم أسلموا كلهم وللطبراني عن عروة في قصة إسلام بني عبد الأشهل قال ثم أن بني النجار اشتدوا على أسعد بن زرارة وأخرجوا مصعبا فأنتقل إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو ويهدي على يديه حتى قلّ دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس وأسلم أشرافهم وبن الجموح وكسرت أصنامهم وكان المسلمون أعز أهلها وقال ابن إسحاق في ذكر العقبة الثانية ثم أن مصعب بن عمير رجع إلى مكة وخرج من الأنصار من المسلمين للقائهم النبي صلى الله عليه وسلم ومبايعته في الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام حتى أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه صلى الله عليه وسلم وإعزاز الإسلام وأهله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 قال كعب بن مالك فلما كانت الليلة التي واعدنا رسول اله صلى الله عليه وسلم لها وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا فنمنا تلك الليلة في قومنا وفي رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلل القطا مستخفين فاجتمعنا في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعين رجلا ومعنا امرأتان أم عمارة بنت كعب إحدى نساء بني مازن وأسماء بنت عمرو بن عدي إحدى نساء بني سلمة ولأبن إسحاق من الأوس أحد عشر رجلا ومن القبائل أربعة حلفاء الخزرج وكان من بني الحرث بن الخزرج اثنان وستون رجلا وكأنه أدخل في الخزرج حلفاءهم الأربعة وإلا فتزيد العدّة على ثلاثة وسبعين أربعة ولرزين عن عبادة بن الصامت نحو حديث كعب إلا أنه قال فلما كان العام المقبل أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن سبعون رجلا وامرأتان من قومنا فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند شعب العقبة عن يسارك وأنت ذاهب إلى منى فلما توافينا عنده جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس رضي الله عنه وفي حديث كعب فجاء ومعه العباس فتكلم فقال أن محمدا منا من حيث علمتم وقد منعناه وهو في عز وقد أبى إلا الانحياز إليكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما وعدتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فانتم وذاك وإلا فمن الآن قال فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 ما أحببت فتكلم فدعا الله وقرأ القرآن ورغب في الإسلام ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأنباءكم قال وأخذ الراء بن معر وربيدة فقال نعم والذي بعثك بالحق لمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أصحاب الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر فأعترض القول والراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله أن بيننا وبين الرجال يعني اليهود حبالا ونحن قاطعوها فهل عسيت أن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله تعالى أن ترجع إلى قومك وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسأل من سألتم وعن عاصم بن عمر بن قتادة أن العباس بن عبادة بن نظلة أخا بني سالم بن عوف قال بل يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل قالوا نعم أنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه فن الآن فهو والله أن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وأن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على ما ذكر فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا فأنا نأخذه على ما قلت خلنا بذلك يا رسول الله أن نحن وفينا قال الجنة قالوا أبسط يدك فبسط يده فبايعوه قال عاصم ما قال ذلك العباس إلا ليشهد العقد في أعناقهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 وقال غيره أراد التأخير أراد التأخير تلك الليلة رجاء أن يحضر عبد الله بن أبي بن سلول فيكون أقوى للأمر قال ابن إسحاق فبنو النجار يزعمون أن أبا إمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الأشهل يقولون بل أبو الهيثم بن التبهان وفي حديث كعب المتقدم أنه البراء بن معرور ثم تتابع القوم ولأحمد والحاكم في الإكليل أن عبد الله بن رواحة قال يا رسول الله أشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعون منه أنفسكم قالوا فمالنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزل أن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية وقال سول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث كعب أخرجوا إليّ منكم أثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم أثنى عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 وعن عبد الله بن أبي بكر حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنقباء أنتم كفلاء على قومكم كفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام قالوا نعم وفي خبر رزين المتقدم عن عبادة بن الصامت عقب ذكر النقباء فبينا هم في ذلك إذ صرخ الشيطان يقول يا أهل الجباجب وهي المنازل هل لكم في الصباة قد أجمعوا على حربكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ابن أرب العقبة لأفرغنّ لك أي عدوّ الله أرجعوا إلى رحالكم فقال له العباس بن عبادة بن نضلة والذي بعثك بالحق نبيا لئن شئت لنميلن بأسيافنا غدا على منى فقال له لم أؤمر بذلك ولكن أرجعوا إلى رجالكم وفي حديث كعب نحوه قال فرجعنا إلى مضاجعنا فلما أصبحنا غدت علينا رجلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج أنه بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وأنه والله ما من حيّ من العرب أبغض إلينا أن تشب الحرب بيننا وبينهم منكم فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه وقد صدقوا لم يعلموه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 وروى أنهم أتوا عبد الله ابن أبي فقال لهم أن هذا الأمر جسيم ما كان ليتفوّتوا عليّ بمثل هذا وما علمته كان ثم أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخرج معنا قال ما أمرت به وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى المدينة وأقام ينتظر الأذن في الخروج فتوجه بين العقبتين جماعة منهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 ابن أم مكتوم ويقال أوّل من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي زوج أم سلمة بعد رجوعه من هجرة الحبشة ثم توالى خروجهم بعد العقبة الأخيرة إرسالا منهم عمر بن الخطاب وأخوه زيد وطلحة وصهيب وحمزة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 وزيد بن حارثة وعبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان بن عفان وغيرهم رضي الله عنه حتى لم يبقى معه صلى الله عليه وسلم إلا على بن أبي طالب والصديق كذا قاله ابن إسحاق وغيره فلما رأت قريش ذلك حذروا خروجه صلى الله عليه وسلم إليهم فاجتمعوا بدار الندوة وفيهم أبو جهل وجاءهم إبليس في صفة شيخ نجدي وصوب قول أبي جهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 لما اختلفوا فيما يفعلون بالنبي صلى الله عليه وسلم أرى أن يعطي خمسة رجال من خمس قبائل سيفا سيفا فيضربونه ضربة رجل فيتفرق دمه في هذه البطون فلا تقدر لكم بنو هاشم على شيء فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ نم على فراشي وتسبح ببردي فلن يخلص إليك أمر فتردّ الودائع إلى أهلها وأتى أبا بكر فأعلمه وقال قد أذن لي فقال الصحبة يا رسول الله وكان إنما حبس نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى راحلتيه كان قد أعدّهما فقال بالثمن فقال هي لك به فأخذ القموى وقيل الجدعاء وثمنها ثمانمائة درهم فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى عبد الله ابن أريقط ويقال أريقد من بني الديل من كنانة فأستأجره وكان على دين قومه هاديا خريتا أي ماهرا بالهداية وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث غار ثور ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فجاء عليّ رضي الله عنه فاجتمعت قريش على باب الدار فقال أبو جهل لا تقتلوه حتى يجتمعوا يعني الخمسة ثم أخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرماها في وجوههم فأخذ على أبصارهم ولمّ على أصمختهم فجعل على رأس كل رجل منهم ترابا ثم أتى منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فخرجا وأتيا الغار وجاء للمشركين رجل كان بعيدا منهم فقال ما تنتظرون قالوا أن نصبح فنقتل محمد قال قبحكم الله وخيبكم أوليس قد خرج عليكم وجعل على رؤوسكم التراب قال أبو جهل أوليس هو ذاك مسجي ببرده الآن فلما أصبحوا قام عليّ عن الفراش فقال أبو جهل صدقنا ذلك المخبر فاجتمعت قريش وأخذت الطرق وجعلت الجعائل لمن جاء به فانصرفت أعينهم ولم يجدوا سيأ ومروا بالغار وقرءوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت وجاء الديلي بعد ثلاث بالراحلتين وذلك بعد العقبة بشهرين وبضعة عشر يوما فخرجا لهلال ربيع الأول يوم الاثنين وقيل الخميس وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة بضع عشر سنة وقال عروة عشرا ولم يعلم بخروجه إلا عليّ وآل أبي بكر فأنطلق بهما الدليل ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر رضي الله عنه ويعقبه فأخذ بهم في اسفل مكة حتى أتى بهم طريق السواحل أسفل من عسفان ثم عارض الطريق على أمج ثم نزل من قديد على خيام أم معبد الخزاعية وقيل سلك على أسفل أمج حتى عارض الطريق بعد أن جاوز قديدا وأتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد وأقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذوا فسموا صوتا على أبي قبيس يقول فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ نم على فراشي وتسبح ببردي فلن يخلص إليك أمر فتردّ الودائع إلى أهلها وأتى أبا بكر فأعلمه وقال قد أذن لي فقال الصحبة يا رسول الله وكان إنما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 حبس نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى راحلتيه كان قد أعدّهما فقال بالثمن فقال هي لك به فأخذ القموى وقيل الجدعاء وثمنها ثمانمائة درهم فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى عبد الله ابن أريقط ويقال أريقد من بني الديل من كنانة فأستأجره وكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 594 على دين قومه هاديا خريتا أي ماهرا بالهداية وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث غار ثور ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فجاء عليّ رضي الله عنه فاجتمعت قريش على باب الدار فقال أبو جهل لا تقتلوه حتى يجتمعوا يعني الخمسة ثم أخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرماها في وجوههم فأخذ على أبصارهم ولمّ على أصمختهم فجعل على رأس كل رجل منهم ترابا ثم أتى منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فخرجا وأتيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 الغار وجاء للمشركين رجل كان بعيدا منهم فقال ما تنتظرون قالوا أن نصبح فنقتل محمد قال قبحكم الله وخيبكم أوليس قد خرج عليكم وجعل على رؤوسكم التراب قال أبو جهل أوليس هو ذاك مسجي ببرده الآن فلما أصبحوا قام عليّ عن الفراش فقال أبو جهل صدقنا ذلك المخبر فاجتمعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 قريش وأخذت الطرق وجعلت الجعائل لمن جاء به فانصرفت أعينهم ولم يجدوا سيأ ومروا بالغار وقرءوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 597 وجاء الديلي بعد ثلاث بالراحلتين وذلك بعد العقبة بشهرين وبضعة عشر يوما فخرجا لهلال ربيع الأول يوم الاثنين وقيل الخميس وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة بضع عشر سنة وقال عروة عشرا ولم يعلم بخروجه إلا عليّ وآل أبي بكر فأنطلق بهما الدليل ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر رضي الله عنه ويعقبه فأخذ بهم في اسفل مكة حتى أتى بهم طريق السواحل أسفل من عسفان ثم عارض الطريق على أمج ثم نزل من قديد على خيام أم معبد الخزاعية وقيل سلك على أسفل أمج حتى عارض الطريق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 بعد أن جاوز قديدا وأتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 وأقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذوا فسموا صوتا على أبي قبيس يقول فإن يسلم السعد أن يصبح محمد ... من الأمن لا يخشى خلاف المخالف فقالت قريش لو علمنا من السعد أن قال أبا سعد الأوس كن أنت مانعا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتبوآ ... من الله في الفردوس زلفة عارف فعلموا أنه أخذ طريق المدينة قال رزين والأقرب ما ذكره غيره من سماعهم لهذه الأبيات قبل الهجرة ثم سمعوا قائلا بأسفل مكة وقيل بأبي قبيس يقول جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أم معبد الأبيات المشهورة وكان صلى الله عليه وسلم مر بأم معبد فاستسقاها لبنا وأتفق ظهور المعجزة في حلبة اللبن من شاة عجفاء لم يكن لها لبن ثم ارتحلوا فجاء أبو معبد فأخبرته وسقته من اللبن فخرج في أثرهم ليسلم عليهم فيقال أدركهم ببطن ريم فبايع وانصرف ولما شارف النبي صلى الله عليه وسلم المدينة لقيه أبو بريدة الأسلمى في سبعين من قومه بني سهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أنت فقال بريدة فقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم قال ممن قال من أسلم فقال لأبي بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 سلمنا ثم قال ممن قال من بني سهم قال خرج سهمك فقال بريدة للنبيّ صلى الله عليه وسلم من أنت قال أنا محمد بن عبد الله رسول الله فأسلم بريدة ومن معه فلما أصبح قال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم لا ندخل المدينة إلا ومعك لواء فحل عمامته ثم شدّها في رمح ثم مشى بين يديه صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تنزل على من فقال أن ناقتي هذه مأمورة ولقى صلى الله عليه وسلم الزبير كما في الصحيح وقيل لقي طلحة في ركب من المسلمين تجارا قافلين من الشأم فكسا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا وسمع المسلمون بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار فينتظرونه فما يردهم إلى إلا حر الشمس فبعد أن رجعوا يوما أوفى رجل من اليهود على أطم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين فلم يملك اليهودي نفسه أن قال بأعلى صوته يا بني قيلة يعني الأنصار هذا جدّكم يعني حظكم الذي تنتظرونه فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو ابن عوف بقباء على كلثوم بن الهدم ولرزين نزل في ظل نخلة ثم أنتقل إلى دار كلثوم وفي نسخة طاهر بن يحيي من كتاب أبيه أناخ إلى عذق عند بئر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 غرس قبل أن تبزغ الشمس وما يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر فجعل الناس يقفون عليهم حتى بزغت الشمس من ناحية أطمهم الذي يقال له شقيف فأمهل أبو بكر رضي الله عنه ساعة ثم ذكر أنه قام فستر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فعرف القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن معاذ قلت لمجمع ابن يعقوب أن الناس يرون أنه جاء بعدما أرتفع النهار وأحرقتهم الشمس قال مجمع هكذا أخبرني أبي وسعيد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن يزيد فالا ما بزغت الشمس إلا وهو في منزله صلى الله عليه وسلم قلت وفي مسلم أن قدومهم كان ليلا والذي قاله الأكثر نهارا وقوله بئر غرس لعله تصحيف عذق الغرس من منزله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بقباء بخلاف بئر عذق وفي الصحيح أنهم لما قدموا أقام أبو بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 للناس أي يتلقاهم فطفق من جاء الأنصار أي ممن لم يكن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم اه ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم قال لمولى له يا نجيج فقال صلى الله عليه وسلم وألتفت لأبي بكر رضي الله عنه انجمعت أو انجمعنا فقال أطعما رطبا فأتى بقنو من أمّ جردان فيه رطب منصف وفيه زهو فقال ما هذا فقال هذا عذق أم جردان فقال صلى الله عليه وسلم اللهم بارك أمّ جردان وكان يتحدث مع أصحابه في منزل سعد بن خيثمة وكان عزبا وسمى منزله منزل العزاب فلذلك قال قوم أنه صلى الله عليه وسلم نزل عليه وفي الصحيح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في عمرو بن عوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 وفي رواية على المدينة والأكثر أن ذلك اليوم يوم الاثنين وشذ من قال يوم الجمعة لاثنتي عشر ليلة خلت من ربيع الأول علة ما جزم به ابن النجار والنووي ونقله ابن الجوزي عن الزهري وهو ما رواه ابن سعد بن أبي إسحاق فالعجب من الزين المراغي حيث نقله عن ابن النجار والنووي فقط وتعجب منه وكأنه فهم أن مرادهما به دخول باطن المدينة نفسها وقيل كان قدومه قباء في سابعة وقيل لليلتين خلتا منه وقيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 لنصفه فأقام الثلاثاء والأربعاء والخميس كما جزم به ابن جبان لأبن عائذ عن ابن عباس رضي الله عنه ما مكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال وأتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ثم بناه بنو عمرو بن عوف فهو الذي أسس على التقوى ولأبن زبالة عن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم أثنين وعشرين يوما وللبخاري عن عروة بضع عشرة ليلة وعن أنس أربع عسر ليلة وهو أولى بالقبول من غيره وأقام عيّ رضي الله عنه بعد مخرجه صلى الله عليه وسلم أياما ما قبل ثلاثة حتى أدّى للناس ودائعهم ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم وكانت الخزرج تخاف أن تدخل دار الأوس وكذا الأوس لما كان بينهم من العداوة وكان أسعد بن زرارة قتل نبيل بن الحرث يوم بعاث فقال صلى الله عليه وسلم أين أسعد بن رزازة فقال سعد بن خيثمة ومبشر ورفاعة أبنا النذر كان قد أصاب منا رجلا يوم بعاث فجاء أسعد إليه متقنعا ليلة الأربعاء بين العشاء فقال صلى الله عليه وسلم جئت إليّ ههنا وبينك وبين القوم ما بينك وبينهم قال لا والذي بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت ثم بات عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ثم غدا فقال صلى الله عليه وسلم لسعد ابن خيثمة ومبشرو رفاعة أجيروه قالوا أنت فأجره فجوارنا في جوارك فقال يجيره بعضكم فقال سعد بن خيثمة هو في جواري ثم ذهب لأسعد بن زرارة في بيته فجاء به يخاصره يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف ثم قال الأوس يا رسول الله كلنا له جار فكان يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي تأسيسه صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء قبل تحوله منها في الفصل الثاني من الباب الخامس. الذي أسس على التقوى ولأبن زبالة عن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم أثنين وعشرين يوما وللبخاري عن عروة بضع عشرة ليلة وعن أنس أربع عسر ليلة وهو أولى بالقبول من غيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 وأقام عيّ رضي الله عنه بعد مخرجه صلى الله عليه وسلم أياما ما قبل ثلاثة حتى أدّى للناس ودائعهم ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم وكانت الخزرج تخاف أن تدخل دار الأوس وكذا الأوس لما كان بينهم من العداوة وكان أسعد بن زرارة قتل نبيل بن الحرث يوم بعاث فقال صلى الله عليه وسلم أين أسعد بن رزازة فقال سعد بن خيثمة ومبشر ورفاعة أبنا النذر كان قد أصاب منا رجلا يوم بعاث فجاء أسعد إليه متقنعا ليلة الأربعاء بين العشاء فقال صلى الله عليه وسلم جئت إليّ ههنا وبينك وبين القوم ما بينك وبينهم قال لا والذي بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت ثم بات عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ثم غدا فقال صلى الله عليه وسلم لسعد ابن خيثمة ومبشرو رفاعة أجيروه قالوا أنت فأجره فجوارنا في جوارك فقال يجيره بعضكم فقال سعد بن خيثمة هو في جواري ثم ذهب لأسعد بن زرارة في بيته فجاء به يخاصره يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف ثم قال الأوس يا رسول الله كلنا له جار فكان يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي تأسيسه صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء قبل تحوله منها في الفصل الثاني من الباب الخامس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 " الفصل الرابع " في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وسكناه بدار أبي أيوب وشيء من خبره في سنين الهجرة وفي الصحيح عن انس بعد ما ذكر ما سبق من أقامته صلى الله عليه وسلم ببني عمرو بن عوف ثم أرسل إلى بني النجار فجاءوا بالسيوف وفي رواية فجاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر فسلموا عليهما وقالوا أركبا آمنين مطاعين فركب حتى نزل جانب دار أبي أيوب وليحيي أنه صلى الله عليه وسلم لما شخص اجتمعت به بنو عمرو بن عوف فقالوا أخرجت ملا لا لنا أم تريد دارا خيرا من دارنا قال أني أمرت بقربه تأكل القرى فحلوها أي ناقته فإنها مأمورة حتى أدركته الجمعة في بني سالم فصلى في بعلن الوادي الجمعة وادي ذي صلب وله عمارة بن خزيمة أنه صلى الله عليه وسلم دعا براحلته يوم الجمعة وحشد المسلمون ولبسوا السلاح وركب صلى الله عليه وسلم ناقته والناس عن يمينه وشماله وخلفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 منهم الماشي والراكب فأعترضه الأنصار فما يمر بدار إلا قالوا هلم إلى العز والمنعة والثروة فيقول لهم خيرا ويدعوا ويقول أنها مأمورة خلو سبيلها الأمرّ ببني سالم فقام إليه عتبان ابن مالك ونوفل بن عبد الله بن مالك بن العجلان وهو آخذ بزمام راحلته يقول يا رسول الله أنزل فينا فإنّ فينا العدد والعدّة والحلقة ونحن أصحاب العصا والحدائق والدرك يا رسول الله كان الرجل يدخل هذه البحرة خائفا فيلجأ إلينا فنقول له قوقل حيث شئت فجعل يتبسم ويقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة وقام إليه عبادة بن الصامت وعباس بن الصامت بن نضلة له فجعلا يقولان يا رسول الله أنزل فينا فيقول إنها مأمورة فلما أتى مسجد بني سالم وهو المسجد الذي في الوادي جمع بهم فخطبهم ثم أخذ عن يمين الطريق حتى جاء بني الحبلى وأراد أن ينزل إلى عبد الله بن أبيّ فلما رآه وهو عند مزاحم محتبيا قال أذهب إلى الذين دعوك فأنزل عليهم فقال سعد بن عبادة لا تجد يا رسول الله في نفسك من قوله فقد قدمت علينا والخزرج تريد أن تملكه عليها ولكن هذه داري فمرّ بيني ساعدة فقال له سعد بن عبادة والمنذر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 عمرو وأبو دجانة هلم يا رسول الله إلى العز والثروة والقوّة والجلد وسعد يقول يا رسول الله ليس في قومي رجل أكثر عذقا ولا فم بئر مني مع الثروة والجلد والعدد والحلقة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بترك الله عليكم ويقول يا أبا ثابت خل سبيلها فإنها مأمورة فضي وأعترضه سعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة وبشر بني سعد أي من بني الحرث بن الخزرج فقالوا يا رسول الله لا تجاوزنا فأنا أهل عدد وثروة وحلقة فقال بارك الله فيكم خلوا سبيلها فإنها مأمورة وأعترضه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو أي من بني بياضة يقولان يا رسول الله هلم إلى المواساة والعز والثروة والعدد والقوّة نحن أهل الدرك فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة ثم مر ببني عدي بن النجار وهم أخواله فقام أبو سليط وصرمه بن أبي أنيس في قومها فقالا يا رسول الله نحن أخوالك وهلم إلى العدد والمنعة والقوة مع القرابة لا تجاوزنا إلى غيرنا ليس أحد من قومنا أولى بك منا لقرابتنا لك فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة ويقال أول الأنصار أعترضه بنو بياضة بنو سالم ثم مال لأبن أبيّ ثم مر على بني عدي بن النجار حتى انتهى إلى بني مالك بن النجار ولأبن إسحاق اعتراض بني سالم أولا ثم وأزنت راحلته بني بياضة واعترضوه ثم وازنت دار بني الحرث كذلك ثم مرت بدار بني عدي وهم أخواله دنيا أي لأن سلمى بنت عمرو إحدى بني عدي بن النجار كانت أم جده عبد المطلب وبنو مالك بن النجار أخوتهم ومنزله صلى الله عليه وسلم بدار بني غنم منهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 وجاء في رواية أن القوم لما تنازعوا إليهم ينزل عليه قال أني أنزل على أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك وفي رواية ليحيي أنه صلى الله عليه وسلم دنيا من بعد مجاوزة بني سالم فأتى منزل ابن أبي ثم مضى في الطريق وهي يومئذ فضاء حتى انتهى إلى سعد بن عبادة ثم اعترضت له بنو بياضة عن يساره ثم مضى حتى أتى بني عدي بن النجار ثم أتى منزل بني مازن بن النجار فقامت إليه وجوههم ثم انتهى إلى باب المسجد وقد حشدت بنو مالك بن النجار فهم قيام ينتظرونه إلى أن طلع فهش إليه أسعد بن زرارة وأبو أيوب وعمارة بن حزم وحارثة بن النعمان يقول يا رسول الله قد علمت الخزرج أنه ليس ربع أوسع من ربعي فبركت بين أظهرهم فاستبشروا ثم نهضت كأنها مذعورة ترجع الحنين فساءهم ذلك وجعلوا يعدون بجنبها حتى أتت إلى زقاق الحبشي ببئر جمل فبركت ثم كر عودها على بدئها حتى بركت على باب المسجد وضربت بجرانها وعدلت بثغناتها وجاء أيوب والقوم يكلمونه في النزول عليهم فأخذ رحله فأدخله فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رحله وقد حط فقال المرء مع رحله. وللمحاكم عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب وعند ابن عائد وسعيد بن منصور أن الناقة استناخت أولا فجاءه ناس فقالوا المنزل يا رسول الله فقال دعوها فانبعثت حتى استناخت عند موضع المنبر من المسجد ثم تحطلت فنزل عنها فأتاه أبو أيوب فقال منزلي أقرب المنازل فأذن لي أن أنقل رحلك قال نعم فنقل رحله وأناخ الناقة في منزله وقال الواقدي أخذ أسعد بن زرارة بزمامها فكانت عنده وعن مالك بن أنس أن الناقة لما أتت موضع المسجد بركت وهو عليها وأخذه صلى الله عليه وسلم الذي كان يأخذه عند الوحي ثم ثارت من غير أن تزجر وسارت بعيد ثم التفتت ثم عادت إلى المكان الذي بركت فيه أول مرة فبركت فسرى عنه فأمر أن يحط رحله وفي شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم لما بركت الناقة على باب أبي أيوب خرج جوار من بني النجار يضربن بالدفوف ويقلنى بدئها حتى بركت على باب المسجد وضربت بجرانها وعدلت بثغناتها وجاء أيوب والقوم يكلمونه في النزول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 عليهم فأخذ رحله فأدخله فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رحله وقد حط فقال المرء مع رحله. وللمحاكم عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب وعند ابن عائد وسعيد بن منصور أن الناقة استناخت أولا فجاءه ناس فقالوا المنزل يا رسول الله فقال دعوها فانبعثت حتى استناخت عند موضع المنبر من المسجد ثم تحطلت فنزل عنها فأتاه أبو أيوب فقال منزلي أقرب المنازل فأذن لي أن أنقل رحلك قال نعم فنقل رحله وأناخ الناقة في منزله وقال الواقدي أخذ أسعد بن زرارة بزمامها فكانت عنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 وعن مالك بن أنس أن الناقة لما أتت موضع المسجد بركت وهو عليها وأخذه صلى الله عليه وسلم الذي كان يأخذه عند الوحي ثم ثارت من غير أن تزجر وسارت بعيد ثم التفتت ثم عادت إلى المكان الذي بركت فيه أول مرة فبركت فسرى عنه فأمر أن يحط رحله وفي شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم لما بركت الناقة على باب أبي أيوب خرج جوار من بني النجار يضربن بالدفوف ويقلن نحن جوار ن بني النجار ... يا حبذا محمد من جار فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتحببنني قلن نعم فقال والله وأنا أحبكن قالها ثلاثا قال رزين وصعدت ذوات الخدور على الأجاجير يقلن طلع البدر علينا. من ثنيات الوداع ... وجب الشكر علينا. ما دعا لله داعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 والغلمان والولائد يقولون جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا به ولأبي داود عن أنس لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعبت الحبشة بحرابهم فرحا بقدومه صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 ولأبن ماجة عنه لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء. ولأبن إسحاق عن أبي أيوب الأنصاري لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل وأنا وأم أيوب في العلو فقلت يا نبيّ الله بأبي أنت وأمي أني أكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي فأظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل فقال يا أبا أيوب أنه أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن فلقد أنكسر حب لنا فيه ماء فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفا أن يقطر على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه وذكر غيره أن أبا أيوب لم يزل يتضرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى تحول صلى الله عليه وسلم في العلو وأبو أيوب في السفل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 وأاد ابن سعد أن أقامته صلى الله عليه وسلم بهذه الدار سبعة أشهر بتقديم السين على الباء وقيل أكثر وقيل أقل وقد ابتاعها المغيرة بن عبد الرحمن بن الحرث فتصدّق بها ثم بيعت فاشتراها الملك المظفر شهاب الدين بن غازي ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب بن شادي وأتخذها مدرسة للمذاهب الأربعة تعرف اليوم بالمدرسة الشهابية ووقف عليها أوقافا بدار ملكه ميافارقين ووقفا آخر بدمشق وكان لها بالمدينة وقف من النخل يعرف بالمليكي فشمله وغيره ما عم الأوقاف من تصرفات نظارها العجيبة وكذا ما كان بها من الكتب النفسية تفرّقت أيدي سبا وآل حالها إلى التعطيل من سكتي الفقراء بخلواتها وفي إيوان قاعتها الصغرى الغربي خزانة صغيرة جدّا مما يلي القبلة فيها محراب يقال إنها مبرك ناقته صلى الله عليه وسلم وبعث صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وآبا رافع إلى مكة فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم بتتيه وسودة زوجته وأم أيمن زوج زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فلما قدموا أنزلهم في بيت حارثة بن النعمان وخرج عبد الله بن أبي بكر معهم بعيال أبي بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 وكتب صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم واقرّهم على دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم وآخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار والتأم شمل الحيين الأوس والخزرج ببركته صلى الله عليه وسلم. وكانت إقامته صلى الله عليه وسلم بالمدينة الشريفة بعد الهجرة عشر سنين إجمالها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 " السنة الأولى " كان فيها ما سبق وما سيأتي من بناء المسجد النبوي وزيد في صلاة الحضر ركعتان على القول به ووعك أصحابه فدعا بنقل الوباء وقال اللهمّ حبب إلينا المدينة ثم عقد لواء أبن عمه عبيده بن الحرث على ستين من المهاجرين وهي أول راية عقدت في الإسلام ورمى فيها سعد بن أبي وقاص بسهم فكان أوّل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 سهم رمى به في الإسلام فالتقى مع أبي سفيان بن جرب وقيل عكرمة بن أبي جهل في مائة من المشركين ببطن رابع ويعرف بودّان وقيل أنّ ذلك في الثانية ثم عقد لواء لعمه حمزة على ثلاثين من المهاجرين قيل ومن الأنصار ليعترض عير قريش فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب فحجز بينهم مجدي بن عمر والجهني وقدّم بعضهم هذه على التي قبلها وقال إنّ لواء حمزة هو السابق وقيل أوّل راية عقدت لعبد الله بن جحش ثم بنى بعائشة رضي الله عنه وهي بنت تسع وكان عقد عليها بمكة وهي بنت ست ثم عقد لواء لسعد بن أبي وقاص في عشرين يريد عير قريش وأسلم عبد الله بن سلام أوّل قدومه صلى الله عليه وسلم ونصبت أحبار يهود العداوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 618 للنبي صلى الله عليه وسلم بغيار وحسدا منهم حيى بن أخطب وأبو رافع الأعور وكعب بن الأشرف وعبد الله بن صوريا والزبير بن باطا ولبيد بن الأعصم ودخل منهم جماعة في الإسلام نفاقا وأرى عبد الله بن زيد غلاذان وقيل إنه في الثانية وكان النداء قبله الصلاة جامعة. " السنة الثانية " فيها زوج عليا بفاطمة رضي الله عنه ولها خمس عشر سنة وقيل ثماني عشرة سنة ثم غزا بنفسه إلى الإيواء وهي من ودّان على ستة أميال فيقال لها غزوة ودّان أيضا ثم غزا فيها بنفسه في مائتين من أصحابه ناحية رضوي يريد تجار قريس وهي غزوة بواط ثم أغار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 كرز بن جابر الفهريّ على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره في المهاجرين فانتهى إلى بدر وفاته كرز ثم بعث عبد الله بن جحش في سرية وهم الذين قتلوا عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام واستاقوا العير من نخلة على يوم وليلة من مكة فكانت أوّل غنيمة في الإسلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 ثم خرج إلى العشيرة يعترض عيرا لقريش ففاتته فوادع بني مدلج وحلفاءهم ثم نزلت فريضة الصوم في شعبان فصاموا رمضان ثم غزوة بدر الثانية التي أعز الله بها الإسلام في رمضان وكان معه الأنصار ولم تخرج معه قبل ذلك وكان المسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر معهم ثلاثة أفراس والمشركون ألفا معهم مائة فرس ثم قتل عمير أبن عدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 العصماء زوج يزيد الخطميّ كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعر وذلك اليوم أوّل ما أعز الله الإسلام بدار بني خطمة وقتل سالم بن عمير أحد البكائين أبا غفل اليهودي وكان شيخا من بني عمرو بن عوف يحرض على النبي صلى الله عليه وسلم ثم خطب قبل الفطر بيومين يعلم الناس زكاة الفطر وفرضت زكاة الأموال وقيل في الثالثة وقيل في الرابعة وقيل قبل الهجرة. ثم غزا بني قينقاع لأنه كان قد وادع يهود وهم يرجعون إلى ثلاث طوائف بني فينقاع والنضير وقريظة فأوّل من نقض العهد منهم بنو قينقاع وقتلوا رجلا من المسلمين فحاصرهم فألقى الله الرعب في قلوبهم فنزلوا على حكمه فأراد قتلهم فأستوهبهم منه عبد الله بن أبيّ وكانوا حلفاءه فوهبهم له فأخرجهم من المدينة إلى أذرعات ومما أصاب صلى الله عليه وسلم من سلاحهم درعه السغدية بالمهملة ثم الغين المعجمة قيل وهي درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 622 ثم غزا غزوة السويق في ذي القعدة ثم صلى صلاة العيد ثم ضحى بكبش ثم بنى عليّ بفاطمة رضي الله عنها وتوفيت ابنته رقية رضي الله عنها. " السنة الثالثة " ثم قال صلى الله عليه وسلم من لي بكعب بن الأشرف وكان أبوه عربيا من نبهان حالف بني النضير فشرف فيهم وتزّوج بنت أبي الحقيق فأولدها كعبا وكان شاعرا فهجا المسلمين بعد بدر وخرج إلى مكة فحرض قريشا فانتدب له محمد بن مسلمة في نفر فقتله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 ثم غزا غزوة الكدر ويقال قرقرة الكدر ويقال نجران يريد بني سليم. ثم غزا غزوة أنمار ويقال ذي أمر فاتفقت قصة دعثور ويقال غورث ونذرت به غطفان فهو بواو لم يذكر أبو حاتم ذات الرقاع ونخلا لأنه يرى اتحادهما مع ذكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 624 ثم سرية القردة بالقاف كسجدة ماء بنجد وأميرها زيد بن حارثة فلقي عير قريش فيهم أبو سفيان بن حرب معه فضة كثيرة هي عظم تجارتهم فأخذها. ثم غزوة أحد في شوال وقيل كانت سنة أربع لما قتل من كفار قريش من قتل يوم بدر ورجع فلهم وسلمت عيرهم التي كانت مع أبي سفيان جهزوا بها جيشا وحرّكوا من أطاعهم من القبائل فساروا وقائدهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 625 أبو سفيان بن حرب وهم ثلاثة آلاف فيها مائة فرس حتى طلعوا من بين الجماوين ثم نزلوا ببطن الوادي الذي قبل أحد. وقال أبن إسحاق نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة وكان رجال من المسلمين أسفوا على ما فاتهم من مشهد بدر وتمنوا لقاء العدوّ وأرى صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة بقرا نذبح وأن سيفه ذا الفقار انقصم من عند ظبته أو قال به فلول قال وهما مصيبتان ورأيت أني في درع حصينة قال وأولت الدرع الحصينة المدينة فامكثوا فأن دخل القوم الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت وقال أبن أبيّ لا تخرج إليهم وأقم بالمدينة فما خرجنا منها إلى عدوّ لنا قط إلا أصاب منا ولا دخل علينا إلا أصبنا منه فقال أولئك القوم يا نبيّ الله كنا نتمنى هذا اليوم وأبى كثير منهم إلا الخروج فصلى الجمعة ولبس لأمته ثم أذن بالخروج فندم ذو الرأي منهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 626 وقالوا أمكث كما أمرتنا فقال ما ينبغي لنبيّ إذا أخذ لأمة الحرب أن يرجع حتى يقاتل فخرج بهم وهم ألف ليس معهم فرس وقيل معهم فرسان قال المطري خرجوا على الحرة الشرقية حرة واقم وبات بالشيخين موضع بين المدينة وبين أحد على الطريق الشرقية مع الحرة إلى جبل أحد وغدا صبح يوم السبت إلى أحد انتهى ويؤخذ مما نقله أبن سيد الناس عن أبن أسحق ومما رواه الطبرانيّ ومما سيأتي في الشوط أنهم خرجوا من جهة ثنية الوداع شاميّ المدينة حتى إذا بلغوا الشوط انخزل أبن أبيّ المنافق في ثلث الناس من أهل النفاق والريب وقال أطاعهم وعصاني ونقل أبن سيد الناس أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أدلج يعني بعد مبيته بالشيخين في السجر ودليله أبو خيثمة الحارثيّ فحانت الصلاة يعني الصبح فصلى وانخزل حينئذ أبن أبيّ من ذلك المكان بثلثمائة ونقل الأقشهريّ أنه صلى الله عليه وسلم عرض من عرض وردّ من ردّ بالشيخين وصلى المغرب بذلك الموضع وبات به وأدلج في السحر وهو يرى المشركين فانتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 627 إلى موضع القنطرة فحانت الصلاة فصلى بأصحابه الصبح وعليهم السلاح واقتضى كلامه أيضا إن أبن أبيّ انخزل بعد مجاوزة الشيخين وسمى موضع انخزاله الشوط أيضا وفيه نظر لما سيأتي في الشوط من كونه في شامي ذباب ومنه قصد صلى الله عليه وسلم ناحية الشيخين والطريق الشرقية ومضى حتى سلك في حرة بني حارثة ودليلة أبو خيثمة أخو بني حارثة فنفذ به في حرتهم وبين أموالهم لما قال صلى الله عليه وسلم من رجل يخرج بنا عن القوم من كثب أي من قرب من طريق لا يمرّ بنا عليهم فمن قال إن أبن أبيّ انخزل من الشوط مخالف لمن قال إنه انخزل بعد مجاوزة الشيخين ثم مضى صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد واستقبل المدينة وجعل عينين الجبل عن يساره وتعبأ للقتال وهو في سبعمائة رجل وأمر على الرماة وهم خمسون عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وقال له انضح الخيل عنا لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك لا نؤتين من قبلك وجعلهم على جبل عينين وصفت المشركون بالسيخة وتعبوا للقتال وبارز مصعب بن عمير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 628 أخو بني عبد الدار وهو صاحب لواء المسلمين طلحة بن عثمان من بني عبد الدار صاحب لواء المشركين فقتله وقتل أصحاب لوائهم وهم تسعة وقتل أحد عشر واحد بعد واحد وحمل المسلمون على المشركين حتى أجهضوهم وحملت خيل المشركين فنضحتهم الرماة بالنبل ثلاث مرات وهزم المشركون هزيمة بينة فدخل المسلمون عسكرهم فانتهبوه فرأى ذلك الرماة فتركوا أو جماعة منهم مكانهم من الجبل ودخلوا العسكر فحملت عليهم خيل المشركين فمزقوهم وقتلوا من ثبت من الرماة وأميرهم وانتقضت صفوف المسلمين ونادى إبليس قتل محمد أخراكم فعطف المسلمون بقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزال يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجارة وثبت معه عصابة من الصحابة وانهزمت طائفة منهم وانطلق بعضهم فوق الجبل فصار صلى الله عليه وسلم يدعوهم في أخراهم قاصدا ناحية الجبل حتى رجع إليه بعضهم وهو عند المهراس في الشعب وأكرم الله تعالى بالشهادة من أكرم من عبادة المسلمين وكان أوّل من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وتحدّث الناس بقتله كعب بن مالك الأنصاريّ فنادى بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبيّ بن خلف فطعنه صلى الله عليه وسلم في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا فمات عدو الله بسرف وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه صلى الله عليه وسلم ولما انتهى إلى الشعب علت عالية من قريش الجبل فقال اللهمّ إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا فقاتهلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رهط من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع وقد كان بدن وظاهر بين درعين فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها وصلى يومئذ الظهر قاعدا من الجراح والمسلمون خلفه قعودا ونادى أبو سفيان عند انصرافه موعدكم بدر العام القابل فقال صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل نعم وهو بيننا وبينكم موعد ثم خرج بعد الوقعة مرهبا بعدوه حتى انتهى إلى حمراء الأسد فأخذ في وجهه ذلك أبا عزة الجمعيّ فضرب عنقه وتزوج حفصه بن عمر رضي الله عنها في شعبان على الأصح وزينب بنت خزيمة في رمضان فأتت بعد شهرين أو ثلاثة وولد الحسن بن عليّ في منتصف رمضان وعلقت أمه بالحسين وتزوج عثمان أم كلثوم رضي الله عنها وحرمت الخمر ويقال في التي بعدها ويقال بل سنة ثمان. المشركون هزيمة بينة فدخل المسلمون عسكرهم فانتهبوه فرأى ذلك الرماة فتركوا أو جماعة منهم مكانهم من الجبل ودخلوا العسكر فحملت عليهم خيل المشركين فمزقوهم وقتلوا من ثبت من الرماة وأميرهم وانتقضت صفوف المسلمين ونادى إبليس قتل محمد أخراكم فعطف المسلمون بقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزال يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجارة وثبت معه عصابة من الصحابة وانهزمت طائفة منهم وانطلق بعضهم فوق الجبل فصار صلى الله عليه وسلم يدعوهم في أخراهم قاصدا ناحية الجبل حتى رجع إليه بعضهم وهو عند المهراس في الشعب وأكرم الله تعالى بالشهادة من أكرم من عبادة المسلمين وكان أوّل من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وتحدّث الناس بقتله كعب بن مالك الأنصاريّ فنادى بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 629 ولما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبيّ بن خلف فطعنه صلى الله عليه وسلم في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا فمات عدو الله بسرف وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه صلى الله عليه وسلم ولما انتهى إلى الشعب علت عالية من قريش الجبل فقال اللهمّ إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا فقاتهلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رهط من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع وقد كان بدن وظاهر بين درعين فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها وصلى يومئذ الظهر قاعدا من الجراح والمسلمون خلفه قعودا ونادى أبو سفيان عند انصرافه موعدكم بدر العام القابل فقال صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل نعم وهو بيننا وبينكم موعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 630 ثم خرج بعد الوقعة مرهبا بعدوه حتى انتهى إلى حمراء الأسد فأخذ في وجهه ذلك أبا عزة الجمعيّ فضرب عنقه وتزوج حفصه بن عمر رضي الله عنها في شعبان على الأصح وزينب بنت خزيمة في رمضان فأتت بعد شهرين أو ثلاثة وولد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 631 الحسن بن عليّ في منتصف رمضان وعلقت أمه بالحسين وتزوج عثمان أم كلثوم رضي الله عنها وحرمت الخمر ويقال في التي بعدها ويقال بل سنة ثمان. " السنة الرابعة ". في الحرم منها قصة قتل القراء ببئر معونة ثم غزوة الرجيع موضع ببلاد هذيل في صفر وذكرها أبن إسحاق في الثالثة ثم غزوة بني النظير وذكرها الزهري في الثالثة قبل أحد وقيل كانت صبيحة قتل كعب بن الأشرف جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فهموا بالغدر به فأتاه الخبر من السماء فأظهر أنه يقضي حاجة ورجع مسرعا إلى المدينة فأمر بحربهم وقطع النخل والتحريق وحاصرهم ست ليال فسألوا أن يجلوا من أرضهم على أن لهم ما حملت الإبل فاحتملوا إلى خيبر والشام وكانت أشرافهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 632 بني الحقيق وحي بن أخطب فكانوا فيمن سار إلى خيبر فدان لهم أهلها ثم كانت بدر الموعد وهي بدر الثالثة ثم مقتل أبي رافع سلام ويقال عبد الله بن أبي الحقيق ثم رجم اليهوديين وتزوج أم سلمة وقيل في الثانية وفيها كانت غزوة ذات الرقاع عند أبن إسحاق وقيل في الخامسة وذكرها البخاري بعد خيبر لما صح من حضور أبي موسى الأشعري بها وهو من أصحاب السفينة ولا مانع من تعددها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 633 " السنة الخامسة " فك سلمان من الرق ثم خرج إلى دومة الجندل ثم كسف القمر في جمادى الآخرة فصلى بهم صلاة الكسوف وجعلت اليهود يضربون بالطساس ويقولون سحر القمر ثم وفد بلال بن الحرث المزنيّ فكان أوّل وافد مسلم إلى المدينة ثم قدم ضمام بن ثعلبة ثم غزا المريسيع في شعبان وفيها أنزلت آية التيمم بسبب الاحتباس لعقد عائشة رضي الله عنها والأشبه أنها وبني المصطلق متحدتان ثم الخندق على الأصح وقيل في التي قبلها سميت بذلك الحفر الخندق بإشارة سلمان الفارسي وتسمى بالأحزاب لاجتماع طوائف من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 634 المشركين فيها على الحرب ونزل فيها صدر سورة الأحزاب وذلك أن حي بن أخطب خرج في نفر من قومه فحرّض قريشا على الحرب وسعى أبن أبي الحقيق في غطفان ووعدهم بنصف تمر خيبر واستمدّوا بحلفائهم من أسد وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش ومن أجابهم من بني سليم فصاروا عشرة آلاف والمسلمون ثلاثة وقيل ألفا والمشركون أربعة ونزلت قريش بمجتمع الأسيال برومة بين الجرف وزغابة وغطفان ومن تبعهم من أهل نجد بذنب نقمي إلى جانب أحد ويقال بباب نعمان وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع والخندق بينه وبين القوم والنساء والذراري في الآطام وتوجه حي بن أخطب إلى بني قريظة فلم يزل بهم حتى غدروا وبلغ ذلك المسلمين فاشتدّ بهم البلاء وكان الذين جاؤوهم من فوقهم كما في التنزيل بنو قريظة ومن أسفل منهم قريش وغطفان وكانت مدة الحصار عشرين يوما كما قاله أبن عقبة وأسلم نعيم بن مسعود ولم يعلموا به فسعى في تخذيلهم ثم بعث الله تعالى عليهم ريحا لا تقر لهم قرارا ولا نارا ولا بناء فقال أبو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 635 سفيان والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا قريظة ولقينا من شدة الريح ما ترون فارتحلوا فتحملت قريش وأن الريح لتغلبهم على بعض أمتعتهم وسمعت غطفان فإن شمروا راجعين فقال صلى الله عليه وسلم لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا. ثم غزوة قريظة أنصرف صلى الله عليه وسلم لما أصبح عن الخندق إلى المدينة فجاء جبريل ظهرا وهو في المغتسل قد رجل أحد شقي رأسه على فرس وعليه اللامة وأثر الغبار وقال ما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الأمن طلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 636 القوم إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فأتى عامد إليهم فزلزل بهم وأدب جبريل ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم من الأنصار فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بلالا فآذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة وقدم عليا برايته إليهم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة وقيل خمسه عشرة وقيل عشرة حتى أجهدهم الحصار وقذف في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم وكانوا حلفاء الأوس فقال لهم ألا ترضون أن يحكم فيكم رجل منكم قالوا بلا قال فذلك إلى سعد بن معاذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 637 وكان قد أصابه سهم في أكحله في الخندق فأتوا به فحكم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذرارى والنساء فقال صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة أي سماوات فخندقت لهم خنادق بسوق المدينة وضربت أعناقهم فيها وفيهم عدو الله حي بن أخطب فإنه كان قد عاهد كعب بن أسد رئيس قريظة لئن رجعت قريش وغطفان لأدخلن معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فدخل في حصنه فكان ذلك وكانوا ستمائة وقيل أكثر وقيل أقل ثم قسم أموالهم ونسائهم وأبنائهم على المسلمين فكانت أول فيء وقعت فيه السهمان وأخرج منه الخمس وأصطفى لنفسه صلى الله عليه وسلم ريحانه بن عمرو بن خناقة فكانت عنده حتى توفى وقيل أعتقها وتزوجها وماتت في حياته وهو الأثبت عند الواقدي ثم أنفجر جرح سعد بن معاذ فمات شهيدا ثم كانت سرية عبيد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد الهذلي ثم اللحياني بعرنة وأسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنه وتزوج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 638 زينب بنت جحش وقيل في الثالثة وبسببها نزلت آية الحجاب. " السنة السادسة " في أولها أتى ئمامة بن أثال أسيرا ثم كسفت الشمس ونزل حكم الظهار وقتل المشركون سرية محمد بن مسلمة فلم يفلت غيرهم ثم كانت سرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مائة إلى فدك ثم سرية عبد الرحمن أبن عوف إلى دومة الجندل ثم أجدب الناس فأستسقى في رمضان بالمصلى فسقوا ثم أرسل زيد بن حارثة في سرية بوادي القرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 639 ثم كانت الحديبية ثم أغار عينة بن حصن الفيزاري على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وكانت ترعى بالغابة وما حولهم فنذر بهم سلمة بن الأكوع وسار صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذي قرد وتلاحق به الناس وأقام عليه يوما وليلة ولذا سميت غزوة ذي قرد والذي في صحيح مسلم أنها بعد الانصراف من الحديبية خلاف ما في كتب السير ثم كانت قصة العرنين الذين اجتروا المدينة فبعثهم صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه وكانت ترعى بالجماوين وفي رواية بذي الجد فقتلوا الراعي واستاقوها فبعث في طلبهم وهو بالغاية مرجعه من ذي قرد فخرجوا بهم نحوه فلقوه بالزغابة فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم وصلبوا هناك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 640 ثم غزا بني المصطلق ومّ في انصرافه على المريسيع وفيها كانت قصة الإفك قال أبو حاتم والأشبه أن الإفك في المريسيع المتقدمة في الخامسة لما ثبت في الصحيح من تنازع سعد بن معاذ وقدمات في الخامسة مع سعد بن عبادة في أصحاب الإفك وتزوج صلى الله عليه وسلم جورية بنت الحرث رئيس بني المطلق فأعتق الناس ما بأيديهم من أسراهم وفي هذه الغزوة قال ابن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها والأذل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 641 وفرض الحج في هذه على الصحيح وقيل الهجرة وقبيل في الخامسة وقيل في الثامنة وقيل في التاسعة. " السنة السابعة ". كتب إلى الملوك وبعث إليهم رسله وكانت قصة أبي سفيان مع هرقل وسحرته يهود ثم كانت خيبر أصطفى صفية بنت حي من المغنم فأعتقها وتزوجها وأهديت له مارية القبطية وبلغته دلدل وسمته زينب بنت الحرث زوجة سلام بن مشكم ثم سار إلى وادي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 642 القرى فحاصر أهله وفي رجوعه قصة النوم عن صلاة الصبح ورويت في غزوة تبوك لما كان منها على ليلة ذاهبا وقيل في الرجوع منها ورويت في الرجوع من الحديبية وجاءته أم حبيبة بنت أبي سفيان وتزوجها ثم كانت عمرة القضية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 643 وتزوج ميمونة بنت الحرث الهلالية. " السنة الثامنة ". غزوة مؤتة ثم الفتح ثم هوازن ثم الطائف وولد أبنه إبراهيم من مارية وتوفيت أبنته زينب زوج أبي العاص بن الربيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 644 " السنة التاسعة ". هجر نساءه شهرا وتتابعت الوفود وأمر على الحج أبا بكر رضي الله عنه ثم نزلت براءة فأرسل بها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. " السنة العاشرة ". قدم عدي بن حاتم بوفد طيء بن حاتم ثم وفد بني حنيفة ثم وفد غسان ثم وفد نجران الذين كانت فيهم قصة المباهلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 645 ثم جاء جبريل عليه السلام يعلم الناس دينهم ثم غزوة تبوك وهي آخر الغزوات وذكرها ابن إسحاق في التاسعة ثم حجة الوداع ثم مرض صلى الله عليه وسلم لعشر يقين من صفر على ما قاله أبو حاتم وتوفى يوم الاثنين إجماعا لاثنتى عشر ليلة خلت من ربيع الأول عند الجمهور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 646 وقيل غير ذلك وصلى عليه في حجرته بغير إمام وقيل بوسط الروضة وفي مستدركا الحاكم ومسند البزاز أنه صلى الله عليه وسلم أوصى أن يصلوا عليه إرسالا بغير إمام ودفن ليلة الأربعاء وقيل يومها وقيل يوم الثلاثاء بعد أن عرف الموت في أظفاره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 647 وقال قائلون يدفنه بمسجده وآخرون البقيع ثم أنفقوا على دفنه ببيته فحمل بالفراش وحفر له في وضع الفراش وكان قد أوصى صلى الله عليه وسلم في مرضه بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ولم يتفرغ أبو بكر رضي الله عنه لأخراجهم فأجلاهم عمر رضي الله عنه وهم زهاء أربعين ألفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 648 الباب الرابع في عمارة مسجدها الأعظم النبوي ومتعلقاته والحجرات المنيفات وفيه ستة عشر فصلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 الأول في عمارته صلى الله عليه وسلم له وذرعه في زمنه وما يتميز به وقد تلخص لنا من كلام أهل السير أن ناقته صلى الله عليه وسلم بركت عند باب عند باب مسجده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المنزل إن شاء الله ثم أخذ في النزول فقال رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين وكان مربدا أي يجفف فيه التمر لغلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين في مسجدا يتناه به أسعد بن زرارة وكان يجمع بهم فيه وفي صحيح البخاري في باب الهجرة بعد ذكر تأسيس مسجد قباء ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربد للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت راحلته هذا إن شاء الله تعالى المنزل ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجد أو طفق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في بنائه ويقول وهو ينقل اللبن هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبرّ ربنا وأطهر ويقول اللهم أنّ الأجر أجر الآخرة فأرحم الأنصار والمهاجره اه وفي رواية للبخاري أيضا إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى ملا بني النجار بسبب موضع المسجد فقال يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا فقالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله وهذا يوافق ما في رواية لغيره إن الغلامين أعطياه النبيّ صلى الله عليه وسلم وقيل كانا في حجر أبي أيوب وأنه أرضاهما ودفعه للنبيّ صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 وقيل بل في حجر معاذ بن عفراء وأنه أرضاهما عنه وقيل كانا في حجرا بني عفراء وقيل أن أسعد بن زرارة عوّضهما عنه نخلا له في بني بياضة فيجمع بأنهما كانا في حجر كل من المذكورين وإنهما بذلاه مجانا فامتنع صلى الله عليه وسلم من ذلك وأخذه بثمنه ثم أن كلا من المذكورين لرغبته في الخير بذل لهما أشأ عنه فنسب ذلك إليه لكن قال الوافدي إنه صلى الله عليه وسلم اشتراه من أبني عفراء بعشرة دنانير ذهبا دفعها أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه فلعله رغب في الخير أيضا فدفع العشرة مع دفع أولئك أو إنه صلى الله عليه وسلم أخذ أوّلا بعض المربد في بنائه الأوّل سنة قدومه ثم أخذ بعضا آخر لما سيأتي من أنه بناه ثانيا وزاد فيه فكان إلا داء من مال أبي بكر في أحدهما ودفع الآخرين في الأخرى وفي الصحيحين إن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أخذه كان فيه نخل وقبور المشركين وخرب فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع وبقبور المشركين فنبشت وبالخرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 فسوّيت فصفوا النخل قبله له وجعلوا عضادتيه حجارة فجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم يقولون اللهم لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرة ويذكر أن هذا البيت لأبن رواحة قلت وكان معنى صف النخل قبلة له جعلها سواري لسقف القبلة ففي الصحيح كان المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل ولأبن زبالة في خبر عن ابن شهاب قال بعد ذكر أخذ المربد فبناه مسجدا وضرب لبنة من بقيع الخجنبة بئر أبي أيوب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 بالمناصع والخجنبة شجرة كانت تنبت هناك وليحيي عن خارجه بن زيد بن ثابت بني رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده سبعين في ستين ذراعا أو يزيد ولبن لبنه من بقيع الخجنبة وجعله جدار وجعل سوارية شقة شقة وجعل وسطه رحبة وبنى بيتين لزوجته قال زيد بن السائب وبقيع الخجنبة بين بئر أبي أيوب وتلك الناحية وهذا بقيع الغرقد لبقيع المقبرة وقال عبد العزيز بن عمر الخجنبة يسار بقيع الغرقد حين تقطع الطريق ةتلقاها عند مسجد يحيي بن طلحة بن عبيد الله قلت والذي تاخص لنا أن الراجح أن بئر أبي أيوب هذه هي المعروفة اليوم ببئر أبي أيوب على يسار الخارج من درب البقيع إذا وصل إلى مشهد سيدنا إبراهيم كان على يساره الطريق يمرّ بطرق الكومة التي هناك يتوصل منها إلى حديقة تعرف بأولاد الصفي بها البئر المذكورة ينزل إليها بدرج فتلك ناحية الخجنبة وما ذكره من الذرع محمول على البناء الأول ففي كتاب رزين ما لفظه عن جعفر بن محمد عن أبيه قال كان بناء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسميط لبنة على لبنة ثم السعيدة لبنة ونصف أخرى ثم كثروا فقالوا يا رسول الله لو زيد فيه ففعل فبنى بالذكر والأنثى وهو لبنتان مختلفتان وكانوا رفعوا أساسه قريبا من ثلاثة أذرع بالحجارة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 وجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع وكذا في العرض وكان مربعا اه فهذا الذرع في البناء الثاني وكذا ما روى يحيى في خبر عن أسامة بن زيد عن أبيه قال وكان الذين أسسوا المسجد جعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع وفي الجانبين الآخرين مثل ذلك فهو مربع ويقال إنه كان أقل من مائة ذراع وجعل قبلته إلى بيت المقدس وجعل له ثلاثة أبواب باب في مؤخره إلى جهة القبلة اليوم وباب عاتكة الذي يدعى باب عاتكة ويقال باب الرحمة والباب الذي كان يدخل منه صلى الله عليه وسلم وهو باب آل عثمان اليوم أي المعروف اليوم بباب جبريل وهذان البابان لم يغيرا بعد صرف القبلة ولما صرفت سدّ الباب الذي كان خلفه وفتح هذا الباب حذاءه أي في محاذاة المسدود خلف المسجد أي تجاهه كما قال المجد فكان المسجد له ثلاثة أبواب باب خلفه وباب عن يمين المصلى وباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 عن يسار المصلى اه وقد صرح أبن زبالة فيما رواه من طريق أبن جريج عن جعفر بن عمرو بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنى مسجده مرتين وقال بناه حين قدم أقل من مائة في مائة أي في أقل من مائة أيضا فلما فتح الله عليه خيبر بناه وزاد عليه مثله في الدور اه وهذه الرواية ليس فيها تحرير الذرع فليحمل على ما سبق من استقراره على المائة ويستفاد من قوله في الدورانه زاد فيه من الجهات كلها خلاف ما رواه أبن زبالة أيضا من أنه زاد فيه من المشرق والمغرب دون القبلة والشام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 ومما يؤيد تعدّد بنانه صلى الله عليه وسلم لمسجده وزيادته فيه ما رواه الطبرانيّ عن أبي المليح عن أبيه قال قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لصاحب البقعة التي زيدت في مسجد المدينة وكان من الأنصار لك بها بيت في الجنة فقال لا فجاء عثمان فقال له لك بها عشرة آلاف درهم فاشتراها منه ثم جاء عثمان للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اشتر مني البقعة التي اشتريتها من الأنصاري فاشتراها منه ببيت في الجنة فوضع النبيّ صلى الله عليه وسلم لبنة ثم دعا أبا بكر رضي الله عنه فوضع لبنة ثم دعا عمر رضي الله عنه فوضع لبنة ثم جاء عثمان فوضع لبنة ثم قال للناس ضعوا فوضعوا ويشهد له ما رواه الترمذيّ وحسنه عن ثمامة بن حزن في حديث أشراف عثمان رضي الله عنه على الناس يوم الدار من قوله أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون إن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي الحديث وأخرجه أحمد والدارقطني بنحوه وأخرجا أيضا عن الأحنف بن قيس نحوه ولأحمد عن أبي هريرة رضى الله عنه كانوا يحملون الذين إلى بناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ثم قال فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عارض لبنة على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 لبنة فظننت إنها أثقلت عليه فقلت ناولنيها يا رسول الله فقال خذ غيرها يا أبا هريرة فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة وهذا في البناء الثاني لأن إسلام أبي هريرة متأخر وكذا ما في الصحيح في ذكر بناء المسجد كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين فرآه النبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار لأن البيهقيّ روى في الدلائل عن عبد الرحمن السلميّ إنه سمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لأبيه عمر وقد قتلنا هذا الرجل وقد قال صلى الله عليه وسلم فيه ما قال أيّ رجل قال عمار بن ياسر أما تذكر يوم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فكنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين فمرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر نحو رواية الصحيح ثم قال فدخل عمرو على معاوية فقال قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما قال فقال أسكت فوالله ما تزال ندحض في بولك أنحن قتلناه إنما قتله عليّ وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا وإسلام عمر رضي الله عنه كان في السنة الخامسة فلم يحضر إلا البناء الثاني ولابن زبالة ويحيى عن شهر بن حوشب لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحجر بناء المسجد قيل له عرّش كعريش أخيك موسى عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 السلام سبع أذرع أي في السماء لما في الأحياء عن الحسن لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبني مسجد المدينة أتاه جبريل عليه السلام فقال ابنه سبعة أذرع طولا في السماء ولا تزخرفه ولا تنقشه وفي الدلائل للبيهقي من طريق بعلي بن شداد عن عبادة إن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله أبن هذا المسجد وزينه إلى متى نصلي تحت هذا الجريد فقال ما بي رغبة عن أخي موسى عريش كعريش موسى وروى البيهقيّ عقبه عن الحسن في بيان عريش موسى عليه السلام قال إذا رفع يده بلغ العريش يعني السقف ولأبن زبالة عن أبن شهاب كانت سواري المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جذوعا من جذوع النخل وكان سقفه جريدا وخوصا ليس على السقف كثير طين إذا كان المطر سال المسجد طينا إنما هو كهيئة العريش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وروى يحيى عن محمد بن يحيى صاحب مالك رضي الله عنه إنه قال فيما كان انتهى إلينا من ذرع مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم من القبلة إلى حدّه الشامي أربعة وخمسون ذراعا وثلثا ذراع وحدّه من المشرق إلى المغرب ثلاث وستون ذراعا قلت وهو محمول على ذرعه قبل أن يزيد فيه صلى الله عليه وسلم ثم أستقر الأمر فيه على رواية المائة في مائة كما سنوضحه وقد اقتضى كلام ابن النجار ومن تبعه من المتأخرين التعويل في ذرعه على رواية السبعين أي من القبلة إلى الشام وفي السير أي من المشرق إلى المغرب ولم يعّولوا على ذكر ما زيد فيه فقال ابن النجار أن حدود مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه من القبلة الدرابزينات التي بين الأساطين التي في قبلة الروضة ومن الشام الخشبتان المغروزتان في صحن المسجد وأما من المشرق إلى المغرب فهو من حجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأسطوان الذي بعد المنبر وهو آخر البلاط اه والخشبتان غير معروفتين اليوم والمعروف اليوم حجران في صحن المسجد عند بالوعة هناك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 قال المطري يذكرانهما حدّ المسجد من الشام والمغرب وقد أوضحنا معنى هذه العبارة في الأصل وقد عبر بهما العز بن جماعة بدل الخشبتين في كلام ابن النجار وعبر في حدّ المغرب وبقوله إلى الأسطوانة السابعة من المنبر أي بعد المنبر في المغرب وقد أدخل ابن النجار في الذرع من حدّ القبلة عرض جدار المسجد النبوي الذي كان بينه وبين المنبر النبوي قدر ممرّ الشاة لأن جدار المسجد من المسجد فهو داخل في الذرع المتقدم فأندفع استشكال المطري بأن الدرابزينات المذكورة بينها وبين المنبر مقدار أربعة أذرع وربع ذراع فكيف يكون الحدّ من جهة القبلة بل هي متقدمة على الحائط القبلي إذ المنبر لم يغير من جهة القبلة اه قلت لكن قد غير المنبر بعد المطري من جهة القبلة أيضا كما أوضحنا في الأصل وصار بين المنبر وفي زماننا وبين الدرابزينات المذكورة ثلاث أذرع ونصف فقط وبني المطري على ذلك أن الحجرين المذكورين ليساعد على ذرعة المسجد الأول يعني السبعين لتقدّمها إلى جهة القبلة بنحو أربع أذرع ولو أعتبر الذرع من الدرابزينات المذكورة لم يقل ذلك فقد اختبرته بالذراع الذي قدمنا وصفه في حدود الحرم فكان ذلك سبعين ذراعا والذي في كتاب ابن زبالة من أصحاب مالك رحمه الله وكتاب يحيي من أصحاب أصحابه عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 جماعة من أهل العلم أن علامة حدّ المسجد النبوي من جهة القبلة وحروف المرمر أي الرخام الذي المنبر وسطه ذكرا ابن زبالة في وصفه هذا الرخام أنه كان ثلاث أذرع في قبلة المنبر من غربي المنبر مثل ذلك ومن شرقيه مثل ذلك وقد أنكشف لن الرخام المذكور عند خفض أرض المسجد وحفرها لتكون مستوية مع أرض المصلى الشريف فظهرت حروفه من جهة القبلة متأخرة عن الدرابزينات المذكورة متقدّمة عن حدّ المسجد في القبلة بهذا المقدار فقط وهذا الرخام موجود اليوم تحت الحصباء والتراب الذي هناك فعلن أن من حدّ بذلك أدخل عرض جدار المسجد النبوي في التحديد لما رواه يحيى من أن عمر بن عبد العزيز أحضر رجالا من قريش فأروه المسجد الأوّل فعلمه عمر فكان جدار القبلة من وراء المنبر ذراعا وأكثر من ذراع اه فما زاد على ذلك من الثلاث الأذرع الرخام في قبلة المنبر إنما هو عرض الجدار وأما ما نقله أبن زبالة ويحيى في حدّ المسجد من جهة الشام فقد قالا عقب ما سبق وعلامته من الشام أربعة طبقان من ناحية المشرق والمغرب وعلامة الطيقان الأربع إنهن مخضرات الأجواف بالفسيفساء كلهن أي بالفصوص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 الخضر المذهبة التي كان المسجد مزخرفا بها قبل الحريق الأول وهي الفسيفساء قلت يوضح محل ذلك ما نقله المرجاني عن الحرث المحاسبي إنه قال ومنتهى طوله أي المسجد النبوي من قبلته إلى مؤخره حدّ إتمام الرابع من طيقان المسجد اليوم وما زاد على ذلك فهو خارج عن المسجد الأوّل قال يعني المحاسبي وقدوري عن مالك إنه قال مؤخرا المسجد بحذاء عضادة الباب الثاني من الباب الذي يقال له باب عثمان رضي الله عنه أعني العضادة الآخرة السفلي وهو أربعة طيقان من المسجد أهو باب عثمان هو المعروف اليوم بباب جبريل عليه السلام والثاني منه هو المعروف اليوم بباب النساء وقد كان باب النساء هو الرابع من أبواب المسجد مما يلي القبلة في جهة المشرق ومن مالك والمحاسبي كما إن باب الرحمة كان هو الرابع من أبوابه مما يلي القبلة في المغرب كما يؤخذ مما سيأتي فأتضح إن المراد من الطيقان أبواب المسجد وقد رأيت بعض الأقدمين عبر بذلك عن أبواب المسجد الحرام فأتضح ردّ ما عليه المتأخرون في تحديد المسجد النبوس وأن المعتمد رواية المائة في ذرعه دون غيرها لأن مقدار ذلك يقرب من المائة ويزيد هذا وضوحا أنّ في كتاب إبن زبالة ويحيى في بيان حدّه من المشرق والمغرب ما لفظه وقال جمهور الناس من أهل العلم وغيرهم هو الفرضتين اللتين في الاسطوانتين اللتين دون المربعتين الغربية والتي في القبر وقد ألخص لنا من كلامه في مواضع إن مربعة القبر هي اللاصقة بجدار الحجرة الشريفة عندها مقام جبريل كما سيأتي وكانت ركن رحبة المسجد في المشرق عند نهاية السقف القبلي قبل زيادة الرواقين الآتي ذكرهما في مؤخره وإن المربعة الغربية هي التي كانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 ركن رحبة المسجد في المغرب مقابلة لمربعة القبر كما يصرح به ما ذكروه في بيان الحاجز الذي عمل لمنع ماء المطر من الرحبة أن يغشى المسقف القبلي والمربعة الغربية اليوم مثمنة كما ثمنوا ما ظهر من مربعة القبر بالرخام وما يلي الحجرة منها في الحائز باق على تربيعه فالاسطوانة التي دون المربعة الغربية هي الخامسة من الأساطين التي في غربي المنبر لأن السادسة من المنبر في محاذاة صف المربعة المذكورة فالخامسة من القبر هي المشار إليها بالتحديد كما سيأتي إيضاحه والأسطوانة التي دون مربعة القبر هي اللاصقة اليوم بالشباك الدائر على الحجرة وهي بين أسطوان الوفود ومربعة القبر وهي الخامسة من الأساطين التي في شرق المنبر فجدار الحجرة الأوّل كان فيما بين مربعة القبر والتي في عربيها ولذا قال أبن زبالة عقب ما سبق وكان مالك بن أنس رحمه الله يقول الجدار من المشرق في حدّ القناديل التي بين الأساطين التي في صفها أسطوانة التوبة وبين الأساطين التي تلي القبر وأروقة عمر بن عبد العزيز من ورائها في الأسطوانة التي تلي القبر انتهى يوضحه ما نقله المرجاني عن الحرث المحاسبي لأنه ذكر في تحديد المسجد ستة أساطين شرقي المنبر وإن الجدار إلى القناديل ثم قال والروضة ما بين القبر والمنبر فما كان منها في الأسطوانة السادسة التي جددت هنالك عن يمين المنبر فليس من المسجد الأوّل إنما كان من حجرة عائشة رضي الله عنها فوسع به المسجد وهو من الروضة انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 فيؤخذ منه إن الجدار كان في محاذاة القناديل الآخذة من القبلة إلى الشام في الرواق الذي بين مربعة القبر وبين الأسطوانة اللاصقة بالشباك اليوم فعمر بن عبد العزيز هو الذي أخره إلى الأسطوانة اللاصقة بالقبر وقد أسند أبن زبالة أيضا عن غير واحد من أهل العلم إن مسجده صلى الله عليه وسلم كان ثلاث أساطين عن يمين المنبر من الشق الأخرى الشرقي إلى أسطوانة التوبة أي فأسطوانة التوبة وهي الرابعة من المنبر في المشرق كانت موضع الجدار فتكون الأساطين كانت ثلاثة في المشرق أيضا ويكون جدار المغرب كان في موضع الأسطوانة الرابعة من المنبر في المغرب وقد صرح في موضع آخر بأنه كان ثلاث أساطين مما يلي المشرق وثلاث أساطين مما يلي المغرب وهذا كله في البناء الأوّل لأنه ذكر عقبه علامات المسجد الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه من مكة ثم قال وعلامة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بناه مصدمة من خيبر قالوا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد من القبلة في تلك البنية على حدة الأوّل وزاد فيه من ناحية المشرق إلى الأسطوانة التي دون المربعة التي عند القبر وعلامة تلك الأسطوانة أنّ لها نجافا طالعا في الرحبة من بين الأساطين ومن المغرب إلى الأسطوانة التي تلي المربعة أي لكونها دون المربعة المذكورة في المغرب التي لها نجاف أيضا من بين الأساطين وشهر ذلك بحجارة تحت الحصباء منها أزقة عند الأسطوانة التي بين أسطوانة التوبة وبين القبر في صف الأساطين التي لها نجاف ومن المغرب مثل ذلك بأزقة من حجارة في الأرض اه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 ولم أفهم معنى قوله أزقة وقد صرح في موضع آخر ببنيان ما استقرّ عليه الأمر في المسجد النبوي فقال إنه عن شرقي المنبر أربع أساطين وعن غربيه أربع أساطين اه فتلخص إن جداره كان في موضع الأسطوانة الخامسة من الجهتين كما قدمناه إلا أنه يزيد على الأسطوانة الخامسة في المشرق شيئاً مما بينها وبين الأساطين اللاصقة بجدار القبر على ما سبق عن مالك وغيره في كونه كان في موازاة القناديل هناك قلت ويؤيد ذلك إنه قد ظهر عند تأسيس دعائم القبة الآتي ذكرها درج عند باب مقصورة الحجرة الشامي في موازاة الحدّ المذكور يقابل الباب المعروف اليوم بباب جبريل عليه السلام فالظاهر أنه كان هناك قبل نقله إلى محله اليوم وبهذا كله يظهر ردّ ما عليه المتأخرون في حدود المسجد النبوي وغلط من توهم منهم أنّ عمر بن عبد العزيز بنى حائزة على الحجرة من جهة المغرب في طرف الروضة الشريفة من المسجد وأنقصها به لأجل المصلحة فلم يبنه إلا في أرض الحجرة والظاهر أنّ الجدار الداخل الذي عليه الحائز هو جدار الصفة وقد ذرعت من جدار الحائز المذكور إلى الأسطوانة الخامسة من المنبر في المغرب فكان نحو مائة ذراع إنما ينقص عنها نحو أربع أذرع أو خمس وقد كان في جدار القبلة تجاه الأسطوانة الخامسة من غربي المنبر التي كان أسفلها مربعا طراز آخذ من سقف المسجد إلى العصابة السفلى الظاهرية ذهب في حريق زماننا وبقى موضعه أصباغ ملونة في الجدار من صناعة الأقدمين لم تذهب إلا عند هدم الجدار فقد كان علامة لما يحاذي نهاية المسجد النبوي من هذه الجهة خلاف ما زعمه المطري من إنه علامة لنهاية زيادة عثمان رضي الله عنه وهو مردود بلا شك لما سيأتي من أن عمر رضي الله عنه زاد من جهة المغرب دون المشرق وأنه جعل عرض المسجد مائة وعشرين ذراعا فيكون زاد على المسجد الأصلي عشرين ذراعا في هذه الجهة وهي أسطوانتان كما يعلم مما ذكر في ذرع ما بين كل أسطوانتين ولما سيأتي من أن عثمان رضي الله عنه زاد بعده في المغرب أسطوانة فقط وأن الوليد زاد بعده أسطوانتين وعليه استقر أمر الزيادة في المغرب ولا شك إن من الأسطوانة الخامسة المحاذية للطراز المذكور إلى جدار المسجد الغربي اليوم خمس أساطين فقط فثلاث منها لعمر وعثمان رضي الله عنه وثنتان للوليد فلو كان الطراز لمذكور نهاية زيادة عثمان رضي الله عنه لكان بعده أسطوانتان للوليد فتبقى ثلاث أساطين زيدت بعد الوليد ولا قائل به إنما أوقع المطري في ذلك اعتماده لأن نهاية المسجد النبوي في المغرب الأسطوانة التي بعد المنبر وهو عجيب لأنه جازم بأن موضع المنبر لم يغير باتفاق فكيف يجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم منبره الذي يقف عليه لمخاطبة أصحابه في طرف مسجده ر يتوسطهم وإنما الصواب ما قدمناه وإنما أطلنا في ذلك لدفع ما تقدّم من التوهم ولما تصح ما أسلفناه للمقر الشجاعي شاهين الجمالي ناظر الحرم النبوي اتخذ لأعالي الأسطوانة الخامسة من المنبر من صف الأساطين التي في قبلة المنبر طرازا متصلا بالسقف بدلا عن الطراز الذي كان تجاهها في جدار القبلة ونقش فيه ما حاصله إن ذلك هو الذي استقر عليه الأمر في نهاية المسجد النبوي وحدّه وفقنا الله وإياه لحفظ الحدود وألحقنا بالمقرّبين الشهود ويتقرع على ذلك ما قيل في اختصاص المضاعفة بالمسجد النبوي دون ما زيد فيه وقد حققنا المسألة في الأصل فراجعهليه المتأخرون في حدود المسجد النبوي وغلط من توهم منهم أنّ عمر بن عبد العزيز بنى حائزة على الحجرة من جهة المغرب في طرف الروضة الشريفة من المسجد وأنقصها به لأجل المصلحة فلم يبنه إلا في أرض الحجرة والظاهر أنّ الجدار الداخل الذي عليه الحائز هو جدار الصفة وقد ذرعت من جدار الحائز المذكور إلى الأسطوانة الخامسة من المنبر في المغرب فكان نحو مائة ذراع إنما ينقص عنها نحو أربع أذرع أو خمس وقد كان في جدار القبلة تجاه الأسطوانة الخامسة من غربي المنبر التي كان أسفلها مربعا طراز آخذ من سقف المسجد إلى العصابة السفلى الظاهرية ذهب في حريق زماننا وبقى موضعه أصباغ ملونة في الجدار من صناعة الأقدمين لم تذهب إلا عند هدم الجدار فقد كان علامة لما يحاذي نهاية المسجد النبوي من هذه الجهة خلاف ما زعمه المطري من إنه علامة لنهاية زيادة عثمان رضي الله عنه وهو مردود بلا شك لما سيأتي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 من أن عمر رضي الله عنه زاد من جهة المغرب دون المشرق وأنه جعل عرض المسجد مائة وعشرين ذراعا فيكون زاد على المسجد الأصلي عشرين ذراعا في هذه الجهة وهي أسطوانتان كما يعلم مما ذكر في ذرع ما بين كل أسطوانتين ولما سيأتي من أن عثمان رضي الله عنه زاد بعده في المغرب أسطوانة فقط وأن الوليد زاد بعده أسطوانتين وعليه استقر أمر الزيادة في المغرب ولا شك إن من الأسطوانة الخامسة المحاذية للطراز المذكور إلى جدار المسجد الغربي اليوم خمس أساطين فقط فثلاث منها لعمر وعثمان رضي الله عنه وثنتان للوليد فلو كان الطراز لمذكور نهاية زيادة عثمان رضي الله عنه لكان بعده أسطوانتان للوليد فتبقى ثلاث أساطين زيدت بعد الوليد ولا قائل به إنما أوقع المطري في ذلك اعتماده لأن نهاية المسجد النبوي في المغرب الأسطوانة التي بعد المنبر وهو عجيب لأنه جازم بأن موضع المنبر لم يغير باتفاق فكيف يجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم منبره الذي يقف عليه لمخاطبة أصحابه في طرف مسجده ر يتوسطهم وإنما الصواب ما قدمناه وإنما أطلنا في ذلك لدفع ما تقدّم من التوهم ولما تصح ما أسلفناه للمقر الشجاعي شاهين الجمالي ناظر الحرم النبوي اتخذ لأعالي الأسطوانة الخامسة من المنبر من صف الأساطين التي في قبلة المنبر طرازا متصلا بالسقف بدلا عن الطراز الذي كان تجاهها في جدار القبلة ونقش فيه ما حاصله إن ذلك هو الذي استقر عليه الأمر في نهاية المسجد النبوي وحدّه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 وفقنا الله وإياه لحفظ الحدود وألحقنا بالمقرّبين الشهود ويتقرع على ذلك ما قيل في اختصاص المضاعفة بالمسجد النبوي دون ما زيد فيه وقد حققنا المسألة في الأصل فراجعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 " الفصل الثاني " في مقامه صلى الله عليه وسلم للصلاة قبل تحويل القبلة وبعدها وما يتعلق به وفي الصحيح عن البراء بن عازب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله تعالى إلى قد نرى تقلب وجهك في السماء فتوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وصلى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعدما صلى فمرّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توجه نحو الكعبة فتحرّف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة ولمسلم عنه ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا على الشك أيضا وفي رواية له ولأبن خزيمة وغيرهما عنه ستة عشر شهرا من غير شك وكذا لأحمد بسند صحيح عن أبن عباس وللبزار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وللطبرانيّ من حديث عمرو بن عوف سبعة عشر شهرا وكذا للطبرانيّ عن أبن عباس وجمع بأن من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهر أو ألغى الأيام الزائدة من جزم بسبعة عشر عدهما معا ومن شك تردّد في ذلك إذ القدوم في ربيع الأوّل بلا خلاف والتحويل في نصف رجب من الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور ورواه الحاكم بسند صحيح عن أبن عباس وقال أبن حبان سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام بناه على أنّ القدوم في ثاني عشر ربيع الأوّل وبقيت روايات شاذة أشرنا لها في الأصل منها لأبن ماجه ثمانية عشر شهر أو خرج بعضهم عليها ما في الروضة عن أبن حبيب وأقره أنه قال حوّلت في الظهر يوم الثلاثاء نصف شعبان كان صلى الله عليه وسلم في أصحابه فحانت الظهر في منازل بني سلمة فصلى بهم ركعتين من الظهر في مسجد القبلتين إلى القدس ثم أمر في الصلاة باستقبال القبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وهو راكع في الركعة الثانية استداروا استدرت الصفوف خلفه فأتم الصلاة في مسجد القبلتين أنتهى وليحيي عن سعيد بن المسيب صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا وصرفت القبلة قبل بدر بشهرين والثبت عندنا أنها صرفت في الظهر في مسجد القبلتين وقال ابن سعيد يقال أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام فاستدار ودار معه المسلمون ويقال زار النبي صلى الله عليه وسلم أم بشير بن البراء بن معروف بني سلمة وصنعت له طعاما وحانت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين ثم أمر فاستدار إلى الكعبة وأستقبل الميزان فسمى مسجد القبلتين قال ابن سعد قال الواقدي هذا أثبت عندنا وقال رزين أن تحويل القبلة كان بني سلمة بمسجد القبلتين في صلاة الظهر وقيل كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العصر وفي الصحيح أن أول صلاة صلاها إلى الكعبة العصر قال الحافظ ابن حجر التحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة الظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر ومر المارّ على قوم من الأنصار وهم بنو حارثة والمارّ عباد بن بشر في صلاة العصر فأخبرهم ووصل الخبر أهل قباء في صلاة الصبح فلا منافاة بين الروايات وللطبراني وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس الحديث وفي رواية أنه كان يصلي لى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة ثم وجهه الله تعالى إلى الكعبة فنسخت مرتين وحكى ابن عبد البر الاختلاف في صلاته صلى الله عليه وسلم بمكة هل كانت إلى الكعبة أو بيت المقدس ثم قال وأحسن من ذلك قول من قال كان يصلي بمكة مستقبل القبلتين يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 ولأحمد عن ابن عباس رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وليحيي عن الخليل بن عبد الله الأزدي عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام رهطا على زوايا المسجد ليعدل القبلة فأتاه جبريل فقال ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة ثم قال بيده هكذا فأماط كل جبل بينه وبين القبلة فوضع تربيع المسجد وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظر من شئ فلما فرغ قال جبريل عليه السلام بيده فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها وصارت قبلته إلى الميزاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 وعن نافع بن جبير مرفوعا ما وضعت قبلة مسجدي هذا حتى رفعت إليّ الكعبة فوضعتها أومها وعن ابن شهاب مرفوعا نحوه وفي العتبية قال مالك سمعت أن جبريل عليه السلام هو الذي أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مسجده ورواه ابن شاذان من طريق مالك عن زيد ابن سلمى عن ابن عمر رضي الله عنه لكن بسند فيه ضعيف ولأبن زبالة عن أبي هريرة رضي الله عنه كان مصلاه صلى الله عليه وسلم الذي صلى فيه بالناس إلى الشام في مسجده أن يضع موضع الأسطوان المخلق اليوم خلف ظهرك ثم تمشى إلى الشام حتى إذا كنت يمنى باب آل عثمان كانت قبلته ذلك الموضع وعبر عنه المطري بقوله حتى إذا كنت محاذ باب عثمان المعروف اليوم بباب جبريل عليه السلام والباب على منكبك الأيمن وأنت في صحن المسجد كانت قبلته في ذلك الموضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 ثم قال المطري ما حاصله أنّ الأسطوانة المخلقة هي التي خلف ظهر الإمام عن جهة يساره يعني المتوسطة في الروضة المعروفة بأسطوان عائشة الآتي بيانها مع قول ابن زبالة فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إليها المكتوبة بضعة عشر يوما بعد أن حولت القبلة ثم تقدم إلى مصلاه الذي وجاه المحراب أي في جدار القبلة ولذا ترجم عليها ابن النجار بأسطوانة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي إليها أي أن يتقدّم إلى مصلاه الذي أستقر عليه الأمر لا يراده في الترجمة كلام ابن زبالة هذا وهو قرينه لما قاله المطري في تنزيل الوصف بالمخلقة في رواية أبي هريرة رضي الله عنه هذه عليها لكن قد ذكر ابن زبالة في بيان محل الجذع ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي أستقر عليه الأمر عن عبد العزيز بن محمد أنّ الأسطوانة الملطخ بالخلوق ثلثاها ونحو ذلك محرابها موضع الجذع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إليه بينها وبين القبلة أسطوانة وبينها وبين المنبر أسطوانة قال خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك إذا عدلت عنها قيلا وجعلت الجزعة التي في المقام بين عينيك والرمانة التي في المنبر إلى شحمه أذنك قمت في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذي أستقر عليه الأمر وهذه الأسطوانة المعينة بقول ابن النجار وكان الجذع موضع الأسطوانة المخلقة التي على يمين محراب النبي صلى الله عليه وسلم عند الصندوق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وسيأتي عن المطري ما يقتضي تصويب ما عبر به ابن زبالة في محل الجذع دون ما عبر به ابن النجار وعبر يحيي عن الرواية الثانية في الجذع المتضمنة لكونه عند الأسطوانة التي عن يسار المصلى الشريف من ناحية القبر يقول كان موضعه عند الأسطوانة المخلقة التي تلي القبر أي تلي جهته التي عن يسار الأسطوانة المخلقة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم عندها التي هي الصندوق هذه الفظة وهو مصرح بأن كلا من الأسطوانتين يوصف بالمخلقة وأن التي عند الصندوق هي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عندها أي وهي التي تكون محاذية ليمين الواقف في المصلى الشريف وقد ذكر ابن زبالة ما يقتضي أنها علم للمصلى الشريف فقال في أمر الخيزران بتخليق المسجد فزادوا في خلوق أسطوانة التوبة والأسطوانة التي هي على مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن النجار قال مالك بن أنس أرسل الحجاج إلى أمهات القرى بمصاحف فأرسل إلى المدينة بمصحف وكان في صندوق عن يمين الأسطوانة التي عملت علما لمقام النبي صلى الله عليه وسلم قلت وبهذا وبما قبله يعلم أن وضع الصندوق عند المصلى الشريف كان قديما وأنه كان صندوق مصحف ولذا ثابت في الصحيح قول يزيد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 عبيد كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت إنك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال فأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها ولمسلم أنه كان يتحرى موضع المصحف يسبح فيه وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى ذلك وفي رواية له وراء الصندوق ولبن زبالة كنت آتي مع سلمة إلى سبحة الضحى فيعمد إلى الأسطوانة دون المصحف فيصلي قريبا منها ومن العجيب توهم بعضهم أن المراد بذلك كله الأسطوانة عائشة رضي الله عنه لما سبق عن المطري وصفها بالمخلقة مع ما سبق من أن الصندوق عند المخلقة وقد أتضح بما سبق إطلاق المخلقة على أساطين متعدّدة وفي العتبية وصف أسطوانة التوبة أيضا بالمخلقة بل لم أر ما سبق عن المطري من وصف أسطوانة عائشة بالمخلقة ولغيره وتبعه عليه من بعده حتى صار هو المشهور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 والظاهر أن المخلقة حيث أطلقت فإنما يراد بها التي هي علم للمصلى الشريف فقد قال مالك أحب مواضع التنقل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصلاه حيث العمود المخلق وعبر ابن وهب عن ذلك بقوله ما النافلة فموضع مصلاه وأما الفريضة فأول الصفوف وقال ابن رشد كون العمود المخلق كان قبلة النبي صلى الله عليه وسلم أو أقرب إلى قبلته قول ابن القاسم وسماعه قلت وليس ذلك خلافا محققا بل المراد كونه أقرب إلى قبلته فقد حكى ابن رشد أيضا قول مالك في العتبية ليس العمود المخلق قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وقبلة النبي صلى الله عليه وسلم هو حذو قبلة الإمام أي المحراب بالجدار القبلي قال وإنما قدمت القبلة حذو قبلة النبي صلى الله عليه وسلم سواء انتهى ولم يكن للمسجد محراب في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء بعده حتى أتخذه عمر بن عبد العزيز في عمارة الوليد وأحتاط في أمره قال ابن زبالة عن محمد بن عمار عن جدّه لما صار عمر بن عبد العزيز إلى جدار القبلة دعا مشيخة من أهل المدينة من قريش والأنصار والعرب والموالي فقال لهم تعالوا إلي أحضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غير عمر قبلتنا فجعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 لا ينزع حجر إلا وضع مكانه حجرا قال المطري وكان الحائط القبلي يعني الأول محاذيا لمصلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد أن الواقف في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم تكون رمانة المنبر الشريف حذو منكبه الأيمن فقام النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير بالاتفاق وكذلك المنبر لم يؤخر عن منصبه الأول وإنما جعل هذا الصندوق الذي قبلة مصلى النبي صلى الله عليه وسلم سترة بين المقام وبين الأسطوانات انتهى وتوهم الأقشهريّ أن الصندوق المذكور في موضع مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن موقف الإمام اليوم خلفه وهو غلط كما أوضحناه في الأصل وقد قال محمد بن يحيي صاحب مالك وجدنا ذرع ما بين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان بعهده إلى جدار القبلة اليوم الذي فيه المحراب عشرين ذراعا وربعا وهذه هي الزيادة التي زيدت بعد النبي صلى الله عليه وسلم اه قال الزين المراغي وقد اعتبرته من وجه مصلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى جدار القبلة فكان كذلك وبه يظهر أن المصلى الشريف لم يغير عن مكانه وأن الصندوق إنما جعل في مكان الجدار الأول انتهى وقد اعتبرت ما ذكره من جدار القبلة قبل هدمه إلى طرف صندوق السترة الذي يلي المصلى هناك فكان ذلك إحدى وعشرين ذراعا ونصفا وربعا يرجح قيراطا وأتضح لنا من شهود اللبن القديم الذي أخرج من الحجرة ومن مشاهدة عرض جدارها أن عرض الجدار كان ذراعا ونصفا راجحا فإذا أسقط كان الباقي عشرين ذراعا وربعا ووضع الصندوق هناك من الأمر القديم كما سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 ولذا قال النوويّ في مناسكه وفي الأحياء أنه يعني المصلى يجعل عمود المنبر حذاء منكبه الأيمن ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قبلة المسجد بين عينيه فذلك موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اه واستقبال السارية بأن يجعلها تلقاء جهة يمينه فيقف في طرف حوض المصلى مما يلي الأسطوانة المذكورة لما سبق من قول أبن زبالة عن غير واحد وإذا عدلت عنها قليلا ودعلت الجزعة بين عينيك الخ وقد أتضح لنا محل المنبر الأصلي شبه حوض من حجر كما سيأتي في جانبيه من المشرق والمغرب فرضتان منقورتان في الحجر بهما آثار الرصاص بحيث لا يخفي على من أحاط علما بأوصاف المنبر القديم إنهما محل عمودية الذين كان بأعلاهما رمانتا كانا محكمين بالرصاص في تلك الفرضتين فقمت في طرف المصلى الشريف الذي يلي المنبر وأقمت في الفرضة التي تلي الروضة عمودا فكان ذلك في محاذاة يميني وأما التعريف بالجزعة والدائرة فإنما كان ذلك قبل الحريق الأول كما قال المطري لأن اللوح الخشب الذي جعل في قبلة الصندوق بعد الحريق المذكور يحجب عن مشاهدة ما في المحراب القبلي قال وكان يحصل بتلك الجزعة فتنة كبيرة يجتمع إليها النساء والرجال ويقال هذه خرزة فاطمة الزهراء فتقف المرأة لصاحبتها حتى ترقى على ظهرها وكتفيها حتى تصل إليها فربما وقعتا وانكشفت العورة فأمر بقلعها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 الصاحب زين الدين أحمد بن محمد المصري المعروف بأبن حناء في مجاورته سنة إحدى وسبعمائة وفيها أزال أيضا بدعة العروة الوثقى من الكعبة قلت ولعل هذه الجزعة المشار إليها بقول أبن عبد ربه على ترس المحراب يعني بجدار القبلة فضة ثابتة غليظة في وسطها مرآة مربعة ذكر أنها كانت لعائشة رضي الله عنه ثم فوقه أزرار رخام فيه نقوش تحتها صفائح ذهب مثمنة فيها جزعة مثل جمجمة الصبي الصغير مسمرة ثم تحتها إلى الأرض أزار رخام مخلق بخلوق فيه الوتد الذي كان صلى الله عليه وسلم يتوكأ عليه في المحراب الأوّل اه وقد وسع المحراب القبلي عما كان عليه وزيد في طوله وتغير عن محله بعد الحريق الثاني وأبدل الصندوق الذي كان أمام المصلى النبوي واللوح الذي كان في قبلته بدعامة فيها محراب مرخم مرتفع يسيرا عن أرض حوض المصلى الشريف ووسع الحوض المذكور يسيرا على يد متولي العمارة الشمس بن الزمن فمن تحرى في القيام محاذاة هذا المحراب كان المصلى الشريف عن يمينه لما سبق عن الأحياء وغيره فينبغي تحري طرف الحوض المذكور الذي يلي المنبر فقد ذرعت ما بين محل المنبر الأصلي وبين الطرف المذكور فكان أربعة عشر ذراعا وشبرا كما حرره أبن زبالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 صاحب مالك وغيره في ذرع ما بين المنبر والمصلى الشريف وكذا اختبرت ما بين هذا الطرف وبين أسطوانة التوبة في المشرق فوافق ما ذكره أبن زبالة أيضا وذكر أبو غسان صاحب مالك وغيره ذي ذرع ما بين المنبر والمصلى الشريف وكذا اختبرت ما بين هذا الطرف وبين أسطوانة التوبة في المشرق فوافق ما ذكره أبن زبالة أيضا وذكر أبو غسان صاحب مالك أن ما بين الحجرة الشريفة في المشرق وبين مقام النبي صلى الله عليه وسلم ثمان وثلاثون ذراعا وإن ما بينه وبين المنبر الشريف أربع عشرة ذراعا وشبرا وقد اختبرته من الجهتين فلم يصح إلا إلى طرف الحوض الغربي فعلم إن الزيادة وقعت فيه شرقيا وإن المحافظ عليه طرفه الغربي ولذا قال أبو غسان كما سبق قبيل الباب الثالث إن ذرع ما بين المنبر والقبر يعني جداره ثلاث وخمسون ذراعا وجملة ما ذكره من الذرع هنا اثنان وخمسون ذراعا وشبرا فبقية الذراع الثالث والخمسين هو عرض الموقف وعرض هذا الحوض ذراعان ونصف وثمن وكان ينزل إليه بدرجة لارتفاع أرض مقدم المسجد عن أرضه نحو الذراع لتكاثف ما يفترش به المسجد من الحصباء على طول السنين فوطأ مقدم المسجد وخفض حتى ساوى أرض الحوض المذكور ولله الحمد وسماه أبن جبير في رحلته بالروضة الصغيرة وقال إن الإمام يصلي بالروضة الصغيرة التي إلى جانبها الصندوق قال وبإزائها الجهة القبلة عمود مطبق يقال أنه على بقية الجذع الذي حن للنبيّ صلى الله عليه وسلم وقطعة منه وسط العمود ظاهرة يقبلها الناس وعلى حافتها في القبلة منها الصندوق انتهى ولما سقطت أساطين الروضة في حريق زماننا ظهر في بعضها قطع من جذوع النخل مثبتة بالرصاص المجعول في جوف خرز الأساطين وهذا لا يصنع إلا للتبرك وأظنه من الجذوع التي كانت في زمنه صلى الله عليه وسلم وكذا ما وجد من اللبن القديم بين الحجارة الموجودة في جدار الحجرة عند عمارتها فهو شاهد لما ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 أبن جبير لكن ذكر المجد اللغوي إن الأسطوانة التي هي علم للمصلى الشريف كان بها خشبة ظاهرة محكمة تقول الناس إنها من الجذع الذي حن للنبيّ صلى الله عليه وسلم وإن المطريّ قال أن الأمر ليس كذلك وأن العز بن جماعة أمر بإزالتها فأزيلت عام خمس وخمسين وسبعمائة قال المجدور أي بعض العلماء إن إزالتها كانت وهما منهما وإن الظاهر كونها من الجذع انتهى ولم ينقل بقاء شيء من الجذع غير إنه كان قريبا من هذه الأسطوانة والظاهر أن العود الذي كان يستمسك به النبي صلى الله عليه وسلم في قبلته ثم يلتفت لتسوية الصفوف جعل في تلك الأسطوانة لقربها من محله الأوّل فبقيت منه تلك البقية فيها وإن ذكر أبن النجار إنه موجود في زمانه بالمحراب القبلي وسبق عن أبن عبد ربه ما يقتضيه لاحتمال إنه لم يثبت كله هناك " تنبيه " بوب البخاري لقدركم ينبغي أن يكون بين المصلى والسترة ثم روى حديث كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر الشاة وحديث كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها أي المسافة وهي ما بين المنبر والجدار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وقوله كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مقامه في صلاته كما في رواية أبي داود وقوله وبين الجدار أي جدار المسجد مما يلي القبلة كما صرح به في الاعتصام فلم يرد بالمصلى موضع السجود وإن قال النوويّ وأشار البخاري بالحديث الثاني كما قال أبن رشد إلى قيامه صلى الله عليه وسلم في الصلاة على منبره لما عمل فاقتضى أن ما بين المنبر والجدار وهو ممر الشاة يؤخذ منه موضع قيام المصلى وأن اقتضى التأخر عند السجود فقد ثبت رجوعه صلى الله عليه وسلم القهقري للسجود في صلاته على المنبر ولا يخفى ما في قول أبن الصلاح وقدروا ممر الشاة بثلاث أذرع إذ هي حريم المصلى لحديث صلاته صلى الله عليه وسلم في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع كما في الصحيح وجمع الداودي بأن الأقل ممر الشاة والأكثر ثلاث أذرع وقيل الأوّل في حال القيام والقعود والثاني في حال الركوع والسجود وقال البغويّ يستحب الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود ولأبي داود إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته وروى يحيى بسند فيه ضعيف عن أبي عباس رضي الله عنه قال كنت أرى صفحة خد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده اليمنى يتيامن وعن عروة قال كان الزبير بن العوّام وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيامنون ويقولون البيت تهاميّ قال يحيى عقبه سمعت غير واحد من مشايخنا ممن يقتدى به يقول المنبر على القبلة انتهى وقد قال أصحابنا كل موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبط موقفه تعين ولا يجتهد فيه بتيا من ولا بتياسر لأنه صواب قطعا إذ لا يقر على خطأ بخلاف محاريب المسلمين فيجتهد فيها باليمنة واليسرة وقد أتضح أن الحوض الذي ظهر به آثار المنبر القديم متيامن كما يظهر من موضع منبر زماننا عليه فأني حرصت على بقائهلصلاة على منبره لما عمل فاقتضى أن ما بين المنبر والجدار وهو ممر الشاة يؤخذ منه موضع قيام المصلى وأن اقتضى التأخر عند السجود فقد ثبت رجوعه صلى الله عليه وسلم القهقري للسجود في صلاته على المنبر ولا يخفى ما في قول أبن الصلاح وقدروا ممر الشاة بثلاث أذرع إذ هي حريم المصلى لحديث صلاته صلى الله عليه وسلم في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع كما في الصحيح وجمع الداودي بأن الأقل ممر الشاة والأكثر ثلاث أذرع وقيل الأوّل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 في حال القيام والقعود والثاني في حال الركوع والسجود وقال البغويّ يستحب الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود ولأبي داود إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته وروى يحيى بسند فيه ضعيف عن أبي عباس رضي الله عنه قال كنت أرى صفحة خد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده اليمنى يتيامن وعن عروة قال كان الزبير بن العوّام وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيامنون ويقولون البيت تهاميّ قال يحيى عقبه سمعت غير واحد من مشايخنا ممن يقتدى به يقول المنبر على القبلة انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 وقد قال أصحابنا كل موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبط موقفه تعين ولا يجتهد فيه بتيا من ولا بتياسر لأنه صواب قطعا إذ لا يقر على خطأ بخلاف محاريب المسلمين فيجتهد فيها باليمنة واليسرة وقد أتضح أن الحوض الذي ظهر به آثار المنبر القديم متيامن كما يظهر من موضع منبر زماننا عليه فأني حرصت على بقائه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 " الفصل الثالث " في خبر الجذع والمنبر وما يتعلق بهما وبالأساطين المنيفة في الصحيح كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر فكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار وللنسائيّ اضطربت تلك السارية فحنت كحنين الناقة الخلوج أي التي انتزع ولدها ولأحمد وأبن ماجه فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وأنشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 وفيه فأخذ أبي بن كعب ذلك الجذع لما هدم المسجد فلم يزل عنده حتى بلى وعاد رفاتا وعند الدارميّ فأمر به صلى الله عليه وسلم أن يحفر له ويدفن ولأبن زبالة تحت المنبر وقيل دوين المنبر عن يساره وقيل شرقيه إلى خلفه وقيل دفن في موضعه الذي كان فيه وفي التحفة جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنه فحولوها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 وفي مسند الدارميّ من حديث بريدة كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا خطب قام فأطال القيام فكان يشق عليه قيامه فأتى بجذع نخلة فحفر له وأقيم إلى جنبه قائما للنبيّ صلى الله عليه وسلم فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا خطب فطال القيام عليه استند فاتكأ عليه فبصر به رجل ورد المدينة فقال لو أعلم إن محمدا يحمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلسا يقوم عليه فأن شاء جلس ما شاء وأن شاء قام فيلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ائتوني به فأتوه به فأمره صلى الله عليه وسلم أن يصنع له المراقي الثلاث أو الأربع وهي الآن في مسجد المدينة فوجد النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك راحة فلما فارق الجذع وعمد إلى هذه التي صنعت له جزع الجذع فحن كما تحن الناقة فزعم أبن بريدة عن أبيه إن النبيّ صلى الله عليه وسلم حين سمع حنينه رجع إليه فوضع يده عليه وقال اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما كنت وأن شئت أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فنحن زينتك وتثمر فيأكل أولياء الله من ثمرتك وتخلد فعلت فزعم أنه سمع من النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول له نعم قد فعلت مرتين فسئل النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أختار أن أغرسه في الجنة وفيه عند عياض قال اختار دار البقاء على دار الفناء وكان الحسن إذا حدث به بكى وقال يا عباد الله الخشبة نحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 لمكانه فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه قال عياض وحديث حنين الجذع مشهور والخبر به متواتر أخرجه أهل الصحيح ورواه من الصحابة بضعة عشر رجلا واعتمد المطريّ في بيان محل الجذع على ما سبق عن أبن زبالة في الفصل قبله فقال وكان هذا الجذع عن يمين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصقا بجدار المسجد القبلي في موضع كرشي الشمعة اليمنى التي توضع عن يمين الإمام المصلي في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسطوانة التي قبلي الكرسيّ متقدّمة عن موضع الجذع فلا يعتمد على قول من جعلها في موضع الجذع قلت يشير إلى ردّ ما سبق عن أبن النجار من أن الجذع كان في موضعها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وأما الرواية الأخرى المتقدّمة عن يحيى في ذلك قشاذة أو مؤوّلة وفي الأوسط للطبرانيّ بسند ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها فأمرت عائشة رضي الله عنه فصنعت له منبره هذا فذكر الحديث وأشهر الأقوال أنّ الذي صنع المنبر باقوم بموحدة وقاف قيل وهو باني الكعبة لقريش وقيل باقول باللام بدل الميم وأشبه الأقوال بالصواب فيما قاله الحافظ أبن حجر إنه ميمون وقيل صباح غلام العباس وقيل غلامه كلاب وقيل مينا غلام امرأة من الأنصار وليحيى عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة مسندا ظهره إليها فلما كثر الناس قال ابنوا إلي منبر فبنوا له منبرا له عتبتان وكأنه أطلق اسم البناء على تأليفه من خشبة لكن حكى بعض أهل السير أنه كان يخطب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 على منبر من طين أوّلا وفي بعض طرق حديث سؤال جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو فطلبنا إليه أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه الحديث وفي بعض طرقه أنه جاء والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب أي على ذلك الدكان ولعله المراد بما سبق في الفصل الرابع من الباب الأوّل من قوله في حديث قدومه صلى الله عليه وسلم ووعك أصحابه إنه جلس على المنبر ثم رفع يديه الحديث فإنه في بدء الهجرة وفي الصحيح في قصة الإفك ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر وهي متقدّمة كثيرا على ما جزم به أبن سعد من أن اتخاذه كان سنة سبع وجزم أبن النجار بأنه كان في الثامنة ويرجحه ذكر تميم والعباس في قصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 عمله من خشب وفي الهبة من صحيح البخاري فجاؤا به يعني المنبر فاحتمله النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه حيث ترون وفي رواية ليحيى إنه درجتان ومجلس نقله أبن النجار عن الواقدي وللدارمي في صحيحه عن أنس فصنع له منبرا له درجتان ويقعد على الثالثة وسبق في رواية للدرامي هذه المراقي الثلاث أو الأربع على الشك وفي صحيح مسلم هذه الثلاث درجات من غير شك فأطلق على المجلس درجة وليحيى عن أبن الزناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على المجلس ويضع رجليه على الدرجة الثانية فلما ولى أبو بكر رضي الله عنه قام على الدرجة الثانية ووضع رجليه على الدرجة السفلى فلما ولى عمر رضي الله عنه قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد فلما ولى عثمان رضي الله عنه فعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 ذلك ست سنين من خلافته ثم علا إلى موضع النبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا فلما أستخلف معاوية زاد في المنبر فجعل له ست درجات وكان عثمان أوّل من كسا المنبر قبطية قالوا فلما قدم معاوية عام حج حرك المنبر وأراد أن يخرجه إلى الشام فكسفت الشمس يومئذ حتى رؤيت النجوم فاعتذر معاوية رضي الله عنه إلى الناس وقال أردت أنظر إلى ما تحته وخشيت عليه من الأرضة وفي رواية له إن معاوية كتب إلى مروان بذلك فقلعه فأصابتهم ريح مظلمة بدت فيها النجوم نهارا فقال مروان إنما كتب إلى أن أرفعه من الأرض فدعا النجاجرة فعمل هذه الدرجات ورفعوه عليها وهي يعني الدرجات التي زادها ست درجات ولم يزد فيه أحد قبله ولا بعده قال أبن النجار فيما رواه عن أبن أبي الزناد إنه صار بما زاد فيه مروان تسع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 درجات بالمجلس فلما قدم المهدي قال لمالك أريد أن أعيده على حاله فقال له مالك إنما هو من طرفاء الغابة وقد سمر إلى هذه العيدان وشدّ فمتى نزعته خفت أن يتهافت فأنصرف المهدي عن ذلك قال أبن زبالة وطول منبر النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة ذراعان في السماء وعرضه أي عرض مقعده ذراع في ذراع وتربيعه سواء وعرض درجه شبران لأن كل درجة شبر وقد أوضحنا بقية ما ذكره من وضعه في الأصل مع ما ذكره أبن النجار وأنّ طول المنبر في السماء بعد ما زيد فيه أربع أذرع وصار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 امتداده في الأرض سبع أذرع بتقديم السين بإضافة عتبة الدكة الرخام التي المنبر فوقها وتلك العتبة ذراع فامتداد المنبر بدونها ست أذرع وبينا وهم من نقل خلاف هذا وقد سمى أبن النجار الرخام الذي كان المنبر عليه دكة لارتفاعه كما قال شبرا وعقد أو سماه أبن خبير في رحلته حوضا قال وارتفاعه شبر ونصف وقد ظهرت لنا كذلك عند خفض أرض مقدّم المسجد ولما حفرت من أجل تأسيس المنبر الرخام أتضح إنها مجوفة كالحوض وما بين فرضتي عمودي المنبر فيها خمسة أشبار وقد ذكر أبن خبير أن ذلك سعة المنبر قال وهو مغشي بعود الأبنوس ومقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر من أعلاه وقد طبق عليه لوح من الأبنوس غير متصل به يصونه من القعود عليه فيدخل الناس أيديهم إليه للتبرك به وهو شاهد لقول سند في الطراز أنه جعل على المنبر النبوي منبرا كالغلاف وجعل في المنبر الأعلى طاق مما يلي الروضة يدخل الناس منها أيديهم يمسحون المنبر النبوي ويتبركون به انتهى وكان هذا مما تجدّد بعد أبن زبالة لكن أبن النجار أدرك هذا المنبر وهو المراد من وصفه كما أوضحناه في الأصل. وقال المطري حدّثني يعقوب بن أبي بكر من أولاد المجاورين وكان أبوه أبو بكر فراشا بالمسجد كان حريقه يعني الأوّل على يده إنّ المنبر الذي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 زاده معاوية ورفع المنبر النبوي عليه تهافت على طول الزمان وإنّ بعض خلفاء بني العباس جدّده وأتخذ من بقايا أعواد منبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أمشاطا للتبرك وعمل المنبر الذي ذكره أبن النجار قال يعقوب سمعت ذلك من جماعة بالمدينة يوثق بهم وإنّ المنبر المحترق هو الذي جدّده الخليفة المذكور وهو الذي أدركه أبن النجار لأنّ وفاته قبل الحريق المذكور قلت أبن عساكر تلميذ أبن النجار وقد أدرك الحريق المذكور وذلك المنبر ومع ذلك قال في تحفته قد احترقت بقايا منبر النبيّ صلى الله عليه وسلم القديمة وفات الزائرين لمس رمانة المنبر التي كان يضع صلى الله عليه وسلم يده الكريمة عليها ولمس موضع جلوسه ولمس موضع قدميه الشريفين بركة عامة وفيه صلى الله عليه وسلم عوض من كل ذاهب قلت ولما حفروا جوف الدكة المتقدّمة لتأسيس هذا المنبر شاهدت فيما يلي القبلة منها قطعا كثيرة من أخشاب المنبر المحترق أعني الذي كان فيه بقايا المنبر النبوي وضعت حرصا على إبقاء البركة بذلك المحل وقد أعيد ما بقى من تلك الأخشاب لذلك المحل عند تأسيس هذا المنبر الرخام ولما احترق المنبر المذكور في حريق المسجد سنة أربع وخمسين وستمائة كما سيأتي أرسل المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين وستمائة منبرا له رمانتان من الصندل فنصب في موضع المنبر النبوي فخطب عليه عشر سنين ثم أرسل الظاهر ركن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 الدين البند قد أرى منبرا فقله منبر صاحب اليمن ونصب منبر البند قدارى مكانة وطوله أربع أذرع في السماء ومن رأسه إلى عتبته سبع أذرع يزيد قليلا وعدد درجه تسع بالمقعد وبقى يخطب عليه إلى سنة سبع وتسعين وسبعمائة فكانت مدّة الخطبة عليه مائة سنة واثنتين وثلاثين سنة قال المراغي فبدأ فيه أكل الأرضة فأرسل الظاهر برقوق منبرا آخر سنة سبع وتسعين فقلع منبر الظاهر بيبرس انتهى وأستمر منبر برقوق إلى أن أرسل المؤيد شيخ منبرا عام عشرين وثمانمائة فقلع منبر برقوق وجعل الحافظ أبن حجر منبر المؤيد هذا بدل منبر بيبرس لأنه لم يطلع على إتيان منبر برقوق ومنبر المؤيد هذا هو المحترق في زماننا سنة ست وثمانين وثمانمائة ولم يكن وضعه من جهة القبلة صحيحا بل قدّم لجهة القبلة إذ بينه وبين الدرابزين الذي في قبلة الروضة ثلاثة أذرع ونصف فقط وقد سبق عن المطري إن ذرع ما بينهما أربع أذرع وربع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 وقال العز بن جماعة ثلاث أذرع بذراع العمل وهي تزيد على ما قاله المطري يسير إلا أن يريد الذراع المستعمل بالمدينة فيوافقه ثم أتضح لنا من ظهور الحوض المتقدّم وصفه الذي به الفرضتان لقوائم المنبر النبوي صواب ما قاله المطري وغيره وأن هذا المنبر مقدّم الوضع في القبلة بما يقرب من ذراع وكذا ظهر زيادته من جهة الشام أيضا على دكة الحوض المذكور نحو ذراع أيضا لأنه جيء به مصنوعا وكان كبيرا فقدموه لجهة القبلة خشية من تضييق الرواق أمام المنبر فظهر أنه محرّف عن وضع تلك الدكة التي بأسفله من طرفه الشامي نحو المغرب قدر شبر لما سبق في التنبيه بالفصل قبله من تيامن الدكة المذكورة وكان طوله في السماء دون قبته وقوائمها ستة أذرع وثلث وامتداده في الأرض ثمانية أذرع ونصف راجحة وعدد درجه تسع بالمقعد وارتفاع المقعد ذراع ونصف ولما احترق بنى أهل المدينة في موضعه منبرا من آجرّ طلى بالنورة وجعلوه على حدوده ظنا منهم صواب وضعه وأستمر يخطب عليه إلى أثناء رجب سنة ثمان وثمانين فهدم وحفر لتأسيس هذا المنبر الرخام للأشرف قايتباي ونقضت الدكة المتقدّم وصفها من جانبها الشامي وحفروا منها نحو القامة في الأرض ولم يبلغوا نهايتها فعلموا أحكامها وأعادوها وسوّوا ما كان مجوفا منها وحرصت في وضعه على أن تتبع به محل المنبر الأصلي من ناحية القبلة والروضة لأنه الذي حرص عليه الأقدمون في اتباع وضعه صلى الله عليه وسلم وإنما زيد فيه من جهة الشام والمغرب فلم يوافق على ذلك متولي العمارة لغلبة الحظوظ النفسية وزعم أن المعوّل عليه ما وجده من آثار المنبر المحترق في زماننا لا ما ذكره الأقدمون من المؤرخين وما شهد به الحال من ظهور حوض الدكة المتقدّمة وآثار القوائم بها فوضعه مقدّما للقبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 عن الحوض المذكور بعشرين قيراطا من ذراع الحديد وزاد في تحريفه لجهة المشرق عن تيامن الحوض فستر محل فرضة عمود المنبر مما يلي الروضة وجاوزها بمقدار خمس أصابع انتقص بها الروضة المستفادة من تحديده صلى الله عليه وسلم ولم يبال بتفويت ولي الأمر المنقبة العظيمة في إعادة حدود المنبر النبوي المحافظ عليها مع أنّ هذا المنبر الرخام أقصر في الامتداد في الأرض من المحترق بنحو ثلاثة أرباع ذراع وعدد درجه كالمحترق ومحل فرضة العمود الأصلي منه قبيل عموده بأزيد من قيراط على نحو ذراعين وشيء من طرفه القبلي ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم وقد سبق إن عثمان أوّل من كسا المنبر وقيل معاوية رضي الله عنه وفي زماننا يجعل على بابه في يوم الجمعة ستر من حرير يؤتى به من مصر وكذا المصلى النبوي وذلك مع كسوة الحجرة الشريفة وسيأتي الكلام عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 وأمّا الأساطين المنيفة فمنها الأسطوانة التي هي علم على المصلى الشريف وتقدّم إنها تعرف بالمخلق وإن الجذع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم ويتكئ عليه كان أمامها وإنه كان في محل كرسي السمعة هناك وإن سلمة بن الأكوع كان يتحرّى الصلاة عندها. ومنها أسطوانة عائشة رضي الله عنه وتعرف بأسطوانة القرعة والمهاجرين ووصفها المطري بالمخلقة نقل أبن زبالة أنها الثالثة من المنبر والثالثة من القبر والثالثة من القبلة والثالثة من الرحبة أي قبل زيادة الرواقين الآتي ذكرهما متوسطة للروضة صلى إليها النبي صلى الله عليه وسلم المكتوبة بعد تحويل القبلة بضعة عشر يوما ثم تقدّم إلى مصلاه الذي واجه المحراب في الصف الأوسط وأنّ أبا بكر وعمر والزبير وعامر بن عبد الله كانوا يصلون إليها وإن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها ويقال لذلك المجلس المهاجرين وفي الأوسط للطبراني عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في مسجدي لبقعة قبل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس ما صلوا فيها إلا أن يطير لهم قرعة وعند عائشة رضي الله عنه جماعة من أبناء الصحابة فقالوا يا أمّ المؤمنين وأين هي فاستعجمت عليهم ثم خرجوا وثبت عبد الله بن الزبير فقالوا إنها ستخبره فارقبوه في المسجد حتى تنظروا حيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 يصلي فخرج بعد ساعة فصلى عند الأسطوانة التي صلى إليها عامر بن عبد الله بن الزبير فقيل لها اسطوانة القرعة قال عتيق وهي الواسطة بين القبر والمنبر وذكر ما تقدّم وصفها ورواه ابن النجار أخذا من ابن زبالة بلفظ لو عرفها الناس لاضطربوا على الصلاة عندها بالسهمان فسألوها عنها فأبت أن تسميه إلا أصغى إليها ابن الزبير فسارّته بشيء ثم قام فصلى إلى التي يقال لها أسطوانة عائشة رضي الله عنه وفي خبر أن ابن زبالة متيا منا إلى الشق الأيمن منها وزادا ابن النجار في خبر صلاة المكتوبة إليها بضعة عشر يوما ما ألفظه وكان يجعلها خلف ظهره والمراد أن كان يستند إليها إذا جلس هناك لا جعلها كذلك في الصلاة إليها لما رواه هو عن زيد بن أسلم قال رأيت عند تلك الأسطوانة موضع جهة النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت دونه موضع جبهة أبي بكر رضي الله عنه ثم رأيت دون موضع أبي بكر موضع عمر رضي الله عنه وفي خبر أن ابن زبالة عن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه بلغنا أن الدعاء عندها مستجاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 ومنها أسطوانة التوبة وتعرف بأبي لبابة بن عبد المنذر أخي بني عمر بن عوف من الأوس أحد النقباء أرتبط إليها لأنه كان حليف بني قريظة فاستشاروه في النزول على حكم النبي صلى الله عليه وسلم وأجهش إليه النساء والصبيان يبكون فقال لهم نعم ورق لهم وأشار بيده وهو الذبح قال فوالله ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله فلم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومضى فأرتبط إلى جذع موضع أسطوانة التوبة بسلسلة وبوض والربوض الثقيلة بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه فما كاد يسمع وكاد بصره يذهب وكانت أبنته تحله إذا أحضرت الصلاة وإذا أراد أن يذهب لحاجته ثم يأتي فتردّه في الرباط وأنزل الله تعالى فيه (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم) الآية وحلف لا يحل نفسه حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما لو جاءني لاستغفرت له فأما ما إذا فعل ذلك فما أنا الذي أطلقه حتى يتوب الله عليه فأنزلت توبته سحرا في بيت أم سلمة فحله النبي صلى الله عليه وسلم فعاهد الله تعلى أن لا يطأ بني قريظة أبدا وقال لا يراني الله بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا وقيل سبب أرتباطه بها تخلفه عن غزوة تبوك فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم جاء فأعرض عنه فأرتبط بسارية التوبة التي عند باب أم سلمة سبعا بين يوم وليلة رواه البيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما حضر رجوع النبي صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء قالوا هذا أبو لبابة وأصحابه تخلفوا عنك الحديث وفيه توبة الله عليهم وإطلاقهم ونقل ابن النجار عن إبراهيم بن جعفر أن السارية التي ربط إليها ثمامة بن آثال الحنفي هي السارية التي أرتبط إليها أبو لبابة ولأبن زبالة عن عمر بن عبد الله ابن المهاجر عن محمد بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي نوافله إلى أسطوانة التوبة قال عمر بن عبد الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أنصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين وأهل الضرّ وضيفان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤلفة قلوبهم ومن لا بيت له إلا المسجد وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح فيتلوا عليهم ما أنزل الله تعالى عليه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 ليلته ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى ولم يجدوا إليه مجلسا فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم فأنزل الله تعالى وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه إلى منتهى الآيتين ولأبن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أعتكف طرح له فراشه ووضع له سرير وراء أسطوانة التوبة وللبيهقي بسند حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أعتكف يطرح فراشه أو سريره إلى أسطوانة التوبة مما يلي القبلة يستند إليها ونقل عياض عن ابن المنذر أن مالك بن أنس رضي الله عنه تعالى عنه كان له موضع في المسجد قال وهو مكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو الذي كان يوضع فيه فراش النبي صلى الله عليه وسلم إذا أعتكف وفي خبر لأبن زبالة أن أسطوانة التوبة بينها وبين القبر أسطوانة وأن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول هي الثانية من القبر والثالثة من الرحبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 أي قبل زيادة الرواقين في مؤخر سقف مقدم المسجد قال ابن زبالة بينها وبين القبر الشريف عشرون ذراعا قلت فهي الرابعة من المنبر والثانية من القبر والثالثة من القبلة والخامسة في زماننا من رحبة المسجد وهي بين أسطوانة عائشة رضي الله عنه وبين الأسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة وكان فيها محراب من الجص يميزها عن غيرها زال بعد الحريق الثاني وتوهم البد بن فرحون أنها اللاصقة بالشباك المذكور وقد أوضحنا ردّه في الأصل. ومنها أسطوانة السرير أسند ابن زبالة ويحيي في بيان معتكف النبي صلى الله عليه وسلم مع ما سبق أسطوانة النوبة عن ابن عمران محمد بن أيوب قال أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم سرير من جريد فيه سعفة يوضع بين الأسطوانة التي وجاه القبر وبين القناديل كان يضطجع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت هذه الأسطوانة هي اللاصقة بالشباك اليوم شرقي أسطوانة التوبة وكان السرير كان يوضع مرّة عند أسطوانة التوبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 ومرة في هذا الموضع أو كان يوضع عند أسطوانة التوبة قبل أن يزيد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد ما سبق أنه زاده في المشرق فلما زاد فيه نقل السرير إلى هذا المحل ويؤيد هذا أن ابن زبالة لما ذكر ما سبق في حدّ المسجد النبوي عن جمهور الناس قال واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في المسجد في موضع مجلس بني عبد الرحمن وأن عائشة رضي الله عنه كانت يرجل رأسه وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلي عليه ويبسطه في النهار فيجلس عليه وبين أحمد في روايته أن ذلك كان على باب بيت عائشة رضي الله عنها أي الذي يلي الروضة وقد سبق أن الجدار الشرقي كان في موازاة القناديل. ومنها أسطوانة المحرس وتسمى أسطوانة علي بن أبي طالب لأنها مصلاه كما سيأتي في التي بعدها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وقال يحيي حدثنا موسى بن سلمة رضي الله عنه قال سألت جعفر بن عبد الله بن الحسن عن أسطوانة علي رضي الله عنه فقال لي هذا المجرش كان علي رضي الله عنه يجلس في صفعتها التي تلي القبر مما يلي باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس النبي صلى الله عليه وسلم قال المطري هي في مقابلة الخوخة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج منها من بيت عائشة رضي الله عنها إلى الروضة وهي خلف أسطوانة التوبة من جهة الشمال قلت ويصلي عندها أمراء المدينة اليوم. ومنها أسطوانة الوفود خلف المحرس من الشمال كان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها الوفود العرب إذا جاءته كانت تلي الرحبة قبل زيادة الرواقين وكانت تعرف بمجلس القلادة يجلس إليها سراة الصحابة وأفاضلهم قال المطري وبينها وبين مربعة القبر الآتية الأسطوانة اللاصقة بالشباك اليوم ولابن زبالة عن غير واحد منهم عبد العزيز بن محمد أن الأسطوانة التي إلى الرحبة التي في صف أسطوانة التوبة بينها وبين أسطوانة التوبة مصلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وأنه المجلس الذي يقال له القلادة وكان يجلس فيه سراة الناس قديما وفهم الأقشهري من هذا أن مجلس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 القلادة صفة لأسطوانة علي فوصفها به. ومنها أسطوانة مربعة القبر ويقال لها مقام جبريل وهي في حائز الحجرة عند منحرف صفحته الغريبة إلى الشمال بينها وبين أسطوانة الوفود الأسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة ولذا روى ابن عساكر في أسطوانة الوفود انك إذا عددت الأسطوانة التي فيها مقام جبريل عليه السلام كانت هي الثالثة وليحيي وابن زبالة عن مسلم بن أبي مريم وغيره كان باب بيت فاطمة رضي الله عنها في المربعة التي في القبر قال سليمان قال لي مسلم لا تنسى حظك من الصلاة إليها فإنها باب فاطمة أي وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتيه حتى يأخذ بعضادتيه ويقول السلام عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا رواه يحيي عن أبي الحمراء وفي رواية له كل يوم فيقول الصلاة الصلاة الحديث وقد حرم الناس التبرك بها وبأسطوانة السرير لغلق أبواب الشباك الدائر على الحجرة الشريفة. ومنها أسطوانة التهجد أسند يحيي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج حصيرا كل ليلة إذا انكفت الناس فيطرح وراء بيت علي رض الله عنه ثم يصلي صلاة الليل فرآه رجل فصلى بصلاته ثم آخر فصلى بصلاته حتى كثروا وألتفت فإذا بهم فأمر بالحصير فطوى ثم دخل لما أصبح جاءوه فقالوا يا رسول الله كنت تصلي بصلاتك فقال إني خشيت أن تنزل عليكم صلاة الليل ثم لا تقوون عليها قال عيسى وذلك موضع الأسطوانة التي على طريق باب النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي الزور بالزاي أي الموضع المزور خلف الحجرة من حائزها وصحفه بعضهم فقال الدورة وفي خط الأقشهري دورة قال عيسى وحدّثني سعيد بن عبد الله بن فضيل قال مر بي محمد بن الحنفية وأنا أصلي إليها فقال أراك تزم هذه الأسطوانة هل جاءك فيها أثر قلت لا قال فألزمها فإنها كانت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل قال ابن النجار هذه الأسطوانة وراء بيت فاطمة رضي الله عنها من جهة الشمال وفيها محراب إذا توجه المصلى إليه كانت يساره إلى باب عثمان المعروف اليوم باب جبريل قال المطري وحولها الدرابزين أي المقصورة الدائرة على الحجرة الشريفة وقد كتبت فيها بالرخام هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم قلت وقد أتخذ في موضعها بعد الحريق الثاني دعامة عند بناء القبة واتخذوا فيها محرابا مرخما ومقتضى ما سبق في حدود المسجد خروج الموضع المذكور عنه وأنه كان يواجه الخارج من باب عثمان وقد أتضح أن درجة التي ظهرت عند باب الحجرة الشامي كانت مستقبلة الشام فلم يكن الموضع المذكور في طريق المارة وهذه الأسطوانة هي آخر الأساطين التي ذكر لها أهل التأريخ فضلا خاصا وإلا فجميع سواري المسجد لها فضل ففي لبخاري عن أنس لقد أدركت كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند المغرب فجميع سواريه تستحب الصلاة عندها إذ لا تخلوا من صلاة كبار الصحابة إليها قال ابن النجار وله عن أهل السير أن محمد بن مسلمة لما جدّ ماله جاء بقنو فجعله في المسجد بين ساريتين فجعل الناس يفعلون ذلك وكان معاذ بن جبل يقوم عليه وكان يجعل حبلا بين الساريتين ثم يعلق على الحبل ويجمع العشرين أو أكثر فيهمش عليهم بعصا من الأقناء فيأكلون أي أهل الصفة وهم أضياف الإسلام كما في الصحيح وهي ظلة كانت مؤخر المسجد يأوي إليها المساكين على أشهر الأقوال قاله عياض وقال الحافظ الذهبي أن القبلة كانت في شمالي المسجد فلما حولت بقى حائط القبلة الأولى مكان أهل الصفة. ليوم ولابن زبالة عن غير واحد منهم عبد العزيز بن محمد أن الأسطوانة التي إلى الرحبة التي في صف أسطوانة التوبة بينها وبين أسطوانة التوبة مصلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وأنه المجلس الذي يقال له القلادة وكان يجلس فيه سراة الناس قديما وفهم الأقشهري من هذا أن مجلس القلادة صفة لأسطوانة علي فوصفها به. ومنها أسطوانة مربعة القبر ويقال لها مقام جبريل وهي في حائز الحجرة عند منحرف صفحته الغريبة إلى الشمال بينها وبين أسطوانة الوفود الأسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة ولذا روى ابن عساكر في أسطوانة الوفود انك إذا عددت الأسطوانة التي فيها مقام جبريل عليه السلام كانت هي الثالثة وليحيي وابن زبالة عن مسلم بن أبي مريم وغيره كان باب بيت فاطمة رضي الله عنها في المربعة التي في القبر قال سليمان قال لي مسلم لا تنسى حظك من الصلاة إليها فإنها باب فاطمة أي وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتيه حتى يأخذ بعضادتيه ويقول السلام عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا رواه يحيي عن أبي الحمراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وفي رواية له كل يوم فيقول الصلاة الصلاة الحديث وقد حرم الناس التبرك بها وبأسطوانة السرير لغلق أبواب الشباك الدائر على الحجرة الشريفة. ومنها أسطوانة التهجد أسند يحيي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج حصيرا كل ليلة إذا انكفت الناس فيطرح وراء بيت علي رض الله عنه ثم يصلي صلاة الليل فرآه رجل فصلى بصلاته ثم آخر فصلى بصلاته حتى كثروا وألتفت فإذا بهم فأمر بالحصير فطوى ثم دخل لما أصبح جاءوه فقالوا يا رسول الله كنت تصلي بصلاتك فقال إني خشيت أن تنزل عليكم صلاة الليل ثم لا تقوون عليها قال عيسى وذلك موضع الأسطوانة التي على طريق باب النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي الزور بالزاي أي الموضع المزور خلف الحجرة من حائزها وصحفه بعضهم فقال الدورة وفي خط الأقشهري دورة قال عيسى وحدّثني سعيد بن عبد الله بن فضيل قال مر بي محمد بن الحنفية وأنا أصلي إليها فقال أراك تزم هذه الأسطوانة هل جاءك فيها أثر قلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 لا قال فألزمها فإنها كانت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل قال ابن النجار هذه الأسطوانة وراء بيت فاطمة رضي الله عنها من جهة الشمال وفيها محراب إذا توجه المصلى إليه كانت يساره إلى باب عثمان المعروف اليوم باب جبريل قال المطري وحولها الدرابزين أي المقصورة الدائرة على الحجرة الشريفة وقد كتبت فيها بالرخام هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم قلت وقد أتخذ في موضعها بعد الحريق الثاني دعامة عند بناء القبة واتخذوا فيها محرابا مرخما ومقتضى ما سبق في حدود المسجد خروج الموضع المذكور عنه وأنه كان يواجه الخارج من باب عثمان وقد أتضح أن درجة التي ظهرت عند باب الحجرة الشامي كانت مستقبلة الشام فلم يكن الموضع المذكور في طريق المارة وهذه الأسطوانة هي آخر الأساطين التي ذكر لها أهل التأريخ فضلا خاصا وإلا فجميع سواري المسجد لها فضل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 ففي لبخاري عن أنس لقد أدركت كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند المغرب فجميع سواريه تستحب الصلاة عندها إذ لا تخلوا من صلاة كبار الصحابة إليها قال ابن النجار وله عن أهل السير أن محمد بن مسلمة لما جدّ ماله جاء بقنو فجعله في المسجد بين ساريتين فجعل الناس يفعلون ذلك وكان معاذ بن جبل يقوم عليه وكان يجعل حبلا بين الساريتين ثم يعلق على الحبل ويجمع العشرين أو أكثر فيهمش عليهم بعصا من الأقناء فيأكلون أي أهل الصفة وهم أضياف الإسلام كما في الصحيح وهي ظلة كانت مؤخر المسجد يأوي إليها المساكين على أشهر الأقوال قاله عياض وقال الحافظ الذهبي أن القبلة كانت في شمالي المسجد فلما حولت بقى حائط القبلة الأولى مكان أهل الصفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 " الفصل الرابع " في حجره صلى الله عليه وسلم وحجرة أبنته فاطمة رضي الله عنها سبق في بناء المسجد أنه صلى الله عليه وسلم بنى بيتين لزوجتيه على نعت بناء المسجد يعني سودة وعائشة رضي الله عنها إذ كانت عائشة زوجه حينئذ وإن تأخر البناء بها ثم بنى بقية الحجر عند الحاجة إليها قال محمد بن عمر كانت لحارثة بن النعمان منازل قرب المسجد وحوله وكلما أحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلا نزل له حارثة عن منزل أي محل حجرة حتى صارت منازله كلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه ذكره ابن الجوزي ولأبن زبالة عن محمد بن هلال أدركت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت جريد مستورة بمسوح الشعر مستطيرة في القبلة وفي المشرق والشام ليس في غربي المسجد شئ منها وكان باب عائشة رضي الله عنه يواجه الشام وكان بمصراع واحد من عرعر أوساج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 ولأبن الجوزي في شرف المصطفى عن مالك بن أبي الرجال عن أبيه عن أمه إنها كانت كلها في الشق الأيسر إذ قمت إلى الصلاة إلى وجه الإمام وفي وجه المنبر هذا أبعدها ولما توفيت زينب أدخل النبي صلى الله عليه وسلم سلمة بيتها وليحيي عن عبد الله بن يزيد الهذلي رأيت بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت من لبن ولها حجر من جريد مطرورة بالطين عددت تسعة أبيات بحجرها ما بين بيت عائشة رضي الله عنها إلى الباب الذي يلي النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنزل أسماء بنت حسن اليوم وقوله يلي باب النبي صلى الله عليه وسلم أي يقابل جهته في المغرب وهو باب الرحمة قبل أن ينتقل إلى محله اليوم ومنزل أسماء المذكور سيأتي أنه كان في مقابلة الباب الذي بعد باب النساء في الشام فالحجر التي في الشام كانت من عضادة باب النساء التي تقدم أنها كانت حد المسجد في الشام إلى الباب المذكور ثم ذكر يحيي في روايته أن بيت أم سلمة وحجرتها من لبن وذكر قصة لها مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وأن عطاء الخرساني قال أدركت الحجر من جريد على أبوابها المسوح من شعر قال عمران بن أبي أنس كان فيها أربعة أبيات بلبن ولها حجر من جريد وكانت خمسة أبيات من جريد مطينة لا حجر لها على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 أفواهها مسوح الشعر ذرعت الستر ثلاث أذرع في ذراع وعظم الذراع وقال السهيلي عن الحسن البصري كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مراهق وأنال السقف بيدي وكان لكل بيت حجرة وكانت حجره من أكسية من خشب عرعر ونقل مالك عن الثقة عنده أن الناس كانوا يدخلون حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يصلون فيها يوم الجمعة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال وكان المسجد يضيق عن أهله قال وليست من المسجد ولكن أبوابها شارعة في المسجد ولم يتعرضوا المحل المشربة التي أعتزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما آلى من نسائه شهرا وقال ابن سعد أوصت سودة بيتها لعائشة رضي الله عنها وباع أولياء صفية بيتها من معاوية واشترى من عائشة رضي الله عنها منزلها وشرط لها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 سكناها حياتها وقيل بل اشتراه ابن الزبير منها وشرط لها ذلك ولأبن زبالة عن هشام بن عروة قال أن ابن الزبير ليعتد بمكرمتين ما يعتد أحد بمثلهما أن عائشة رضي الله عنها أوصت له بيتها وحجرتها وأنه أشترى حجرة مسودة وكله يقتضي أن الحجر كانت على ملك نسائه صلى الله عليه وسلم وقد أوضحنا ما فيه في الأصل فراجعه وليحيي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه أن بيت فاطمة رضي الله عنه في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 الزور الذي في القبر بينه وبين بيت النبي صلى الله عليه وسلم أي منزل عائشة خوخة أي كوّة ثم روى أن مخرج النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك فكان إذا قام إلى المخرج أطلع من الكوّة إلى فاطمة رضي الله عنها فعلم خبرهم وأن عائشة رضي الله عنها دخلت المخرج جوف الليل فجرى بينهما كلام فسألت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يسد الكوّة فسدها وأردفه بقول عائشة يا رسول الله ندخل كنيفك فلا نرى شيئاً من الأذى فقال الأرض تبلع ما يخرج من الأنبياء من الأذى فأشعر بأن الخروج موضع الكنيف وأنه كان خلف حجرة عائشة رضي الله عنها بينها وبين بيت فاطمة الزور أي الموضع المزور كالمثلث في حائز عمر بن عبد العزيز وله أيضا عن مسلم بن أبي مريم عرض بيت فاطمة إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة تأزور وكان بابه في المربعة التي في القبر ولأبن شبة قال عرّس عليّ بفاطمة رضي الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 عنها إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة الزور وكانت داره في المربعة التي في القبر قال سليمان قال مسلم لا تنس حظك من الصلاة إليها فإنه باب فاطمة الذي كان علي يدخل إليها منه وقدّمناه في أسطوانة مربعة القبر بنحوه وسبق في أسطوانة التحجد أنها خلف بيت فاطمة قال ابن النجار وحول بيتها اليوم مقصورة فيها محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم قلت المقصورة اليوم دائرة عليه وعلى الحجرة الشريفة كما سيأتي في المحراب المذكور خلف الزور الذي في حائز الحجرة بينه وبين موضع يحترمه الناس يذكر أنه موضع قبر فاطمة رضي الله عنها على الخلاف الآتي فيه وقد بنى متولي العمارة دعامة هناك بدا حفر أساسها الحد قبر وتلخص أن بيتها كان فيما بين مربعة القبر وأسطوانة التهجد وأنه عرّس بها إلى الأسطوانة التي إليها المحراب المذكور كما أوضحناه في الأصل ولكن قال ابن شبة في بيان بيتها وموضعه من المسجد بين دار عثمان بن عفان أتى في شرق المسجد وبين الباب المواجهة دار أسماء بنت حسن بن عبد الله في شرقي المسجد أي الباب الذي كان يلي باب النساء في شاميه وسيأتي أنه كان مقابلا لرباط النساء المعروف اليوم برباط السبيل ويبعد امتداد بينها من محاذاة دار عثمان ومربعة القبر إلى هناك والأول أولى في بيانه قال المطري وأدخل عمر بن عبد العزيز بعض بيتها في الحائز الذي بناه محرفا على الحجرة الشريفة يلتقي على ركن واحد وبقى بقيته من جهة الشمال وللطبراني عن أبي ثعلبة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم بدأ ببيت فاطمة ثم يأت بيوت نسائه وليحيي عن علي رضي الله عنه زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملنا له خزيرة وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا ثم وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وجبهته ولحيته بيده ثم أستقبل القبلة فدعا بما شاء ثم أكب على الأرض بدموع غزيرة يفعل ذلك ثلاث مرات فتهيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأله فوثب الحسين على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى فقال له بأبي وأمي ما يبكيك فقال له يا أبت رأيتك تصنع شيئاً ما رأيتك تصنع مثله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله قط وأن حبيبي جبريل عليه السلام أتاني وأخبرني أنكم قتلى وأن مصارعكم شتى فأحزنني ذلك فدعوت لكم بالخيرة. بعة التي في القبر قال سليمان قال مسلم لا تنس حظك من الصلاة إليها فإنه باب فاطمة الذي كان علي يدخل إليها منه وقدّمناه في أسطوانة مربعة القبر بنحوه وسبق في أسطوانة التحجد أنها خلف بيت فاطمة قال ابن النجار وحول بيتها اليوم مقصورة فيها محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم قلت المقصورة اليوم دائرة عليه وعلى الحجرة الشريفة كما سيأتي في المحراب المذكور خلف الزور الذي في حائز الحجرة بينه وبين موضع يحترمه الناس يذكر أنه موضع قبر فاطمة رضي الله عنها على الخلاف الآتي فيه وقد بنى متولي العمارة دعامة هناك بدا حفر أساسها الحد قبر وتلخص أن بيتها كان فيما بين مربعة القبر وأسطوانة التهجد وأنه عرّس بها إلى الأسطوانة التي إليها المحراب المذكور كما أوضحناه في الأصل ولكن قال ابن شبة في بيان بيتها وموضعه من المسجد بين دار عثمان بن عفان أتى في شرق المسجد وبين الباب المواجهة دار أسماء بنت حسن بن عبد الله في شرقي المسجد أي الباب الذي كان يلي باب النساء في شاميه وسيأتي أنه كان مقابلا لرباط النساء المعروف اليوم برباط السبيل ويبعد امتداد بينها من محاذاة دار عثمان ومربعة القبر إلى هناك والأول أولى في بيانه قال المطري وأدخل عمر بن عبد العزيز بعض بيتها في الحائز الذي بناه محرفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 على الحجرة الشريفة يلتقي على ركن واحد وبقى بقيته من جهة الشمال وللطبراني عن أبي ثعلبة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم بدأ ببيت فاطمة ثم يأت بيوت نسائه وليحيي عن علي رضي الله عنه زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملنا له خزيرة وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا ثم وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وجبهته ولحيته بيده ثم أستقبل القبلة فدعا بما شاء ثم أكب على الأرض بدموع غزيرة يفعل ذلك ثلاث مرات فتهيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأله فوثب الحسين على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى فقال له بأبي وأمي ما يبكيك فقال له يا أبت رأيتك تصنع شيئاً ما رأيتك تصنع مثله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله قط وأن حبيبي جبريل عليه السلام أتاني وأخبرني أنكم قتلى وأن مصارعكم شتى فأحزنني ذلك فدعوت لكم بالخيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 " الفصل الخامس " في الأمر بسدّ الأبواب وما أستثنى منها بوّب البخاري بقول النبي صلى الله عليه وسلم سدّوا الأبواب إلا باب أبي بكر وقال قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وصله في الصلاة بلفظ سدوا عني كل خوخة فذكره هنا بالمعنى ثم أسند في الباب أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فأختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر رضي الله عنه فتعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمن الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوّة الإسلام مودته لا يبقين في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وفي رواية مسلم عند خوخة إلا خوخة أبي بكر والخوخة طاقة تفتح في الجدار للضوء حيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها وهو المراد هنا ولذا أطلق عليها باب وقيل لا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق وبين ابن عباس رضي الله عنه في روايته أن ذلك كان في مرضه صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه ولمسلم من حديث جندب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس ليال فذكره وفي طبقات ابن سعد عن معاوية بن صالح أن ناسا قالوا أغلق أبوابنا وترك باب خليله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر وإني أرى على باب أبي بكر نورا وأرى على أبوابكم ظلمة وعن أبي الحويرث لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواب تسدّ إلا باب أبي بكر قال عمر يا رسول الله دعني أفتح كوة أنظر إليك حين تخرج إلى الصلاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قيل كنى بالباب عن الخلافة وبالأمر بالسدّ عن طلبها أي لا يطلبها إلا هو وإليه جنح ابن حبان وأيد بأن منزل أبي بكر رضي الله عنه بالسخ من العوالي فلا تكون له خوخة إلى المسجد ورد بأن السخ منزل زوجته الأنصارية وكانت أسماء بنت عميس معه وأم رمان وقد قال ابن شبة أن الدار التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة له ولم تزل في يد أبي بكر رضي الله عنه حتى باعها وقال أيضا أتخذ أبو بكر دارا في زقاق البقيع قبالة دار عثمان الصغري وأتخذ منزلا آخر عند المسجد وهو الذي جاء فيه حديث سدّوا عني هذه الأبواب إلا باب أبي بكر قال أبو غسان أخبرني إسماعيل بن أبي فديك أن عمه أخبره أن الخوخة الشارعة في دار القضاء في غربي المسجد خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي قال فيها رسول اله صلى الله عليه وسلم سدّوا عني هذه الأبواب إلا ما كان من خوخة أبي بكر وأتخذ أبو بكر رضي الله عنه أيضا بيتا بالسخ انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 ودار القضاء هي رحبة القضاء كانت فيما بين باب السلام وباب الرحمة والخوخة الشارعة فيها سيأتي ذكرها في أبواب المسجد المراد أن خوخة أبي بكر رضي الله عنه كانت في موازاتها فلما زادوا في المسجد حولوها عن يمينها كما حولوا باب عثمان إلى موضعه اليوم وكذا قال ابن زبالة حدّثني محمد بن إسماعيل عن إسحاق بن مسلم أن الخوخة التي إلى جنب باب زياد في غربي المسجد الشارعة في رحبة القضاء هي يمين خوخة أبي بكر لما زيد في المسجد نحيت فجعلت يمناها أي محاذية لها من جهة اليمين ولما سدّت مع ما سدّ من أبواب المسجد جعلت بابا الحاصل في المسجد ولما ابتنيت المدرسة الأشرفية فيما بين باب السلام وباب الرحمة جعل متولي للحاصل المذكور ثلاثة أبواب نافذة للمسجد تلي باب السلام ومحل الخوخة منها الباب الثالث على يسار الداخل من باب السلام قال الحافظ ابن حجر وفي أحاديث سدّ الأبواب ما يخالف ظاهر عما سبق كحديث سعد بن أبي وقاص أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب عليّ أخرجه أحمد والنسائي وسنده قوي زاد الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات فقالوا يا رسول الله سدّيت أبوابنا فقال ما أنا سددتها ولكن الله تعالى سدّها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وعن زيد بن أرقم قال كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سدّو هذه الأبواب إلا باب عليّ فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سددت شيئاً ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فأتبعته أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات وعن ابن عباس رضي الله عنه أمر رسول اله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدّت ألباب عليّ وفي رواية أمر بسدّ أبواب المسجد غير باب عليّ فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره أخرجها أحمد والنسائي ورجالهما ثقات وعن جابر بن سمرة نحوه أخرجه الطبراني وعن ابن عمر رضي الله عنه كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى عليّ ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهنّ أحب إليّ من حمر النعم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له وسدّ الأبواب إلا بابه في المسجد وأعطى له الراية يوم فتح خيبر أخرجه أحمد وإسناده حسن وللنسائي من طريق العلاء بن عرار بمهملات قال قلت لأبن عمر أخبرني عن عليّ وعثمان فذكر الحديث وفيه وأما عليّ فلا تسأل عنه أحد وأنظر إلى منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سدّ أبوابنا في المسجد وأقرّ بابه ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء وقد وثقه ابن معين وغيره قال الحافظ بن حجر وهذه الأحاديث يقوّى بعضها بعضا وكل طريق منها صالح للاحتجاج وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات مقتصرا على بعض طرقه وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك يقادح وأعله أيضا لمخالفته الأحاديث الصحيحة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع الرافضة قال الحافظ ابن حجر وقد أخطأ في ذلك خطأ شنيعا لردّه الأحاديث الصحيحة بتوهم المعارضة مع إمكان الجمع وقد أشار إليه البزاز فقال رواه أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة عليّ وأهل المدينة في قصة أبي بكر فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع عادلّ عليه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يعني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 الذي في الترمذي مرفوعا لا يحل لأحد أن يطرث هذا المسجد جنبا غيري وغيرك والمعنى إن باب عليّ رضي الله عنه كان لجهة المسجد ولم يكن له باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده أي بخلاف أبي بكر رضي الله عنه فكان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى المسجد كما صرّح به الكلاباذي أي فمن روى استثناءه رأى أنه المحتاج إلى الاستثناء لما ذكر بخلاف عليّ فإنه خص بما هو أزيد من إبقاء الباب ومن روى باب عليّ أراد دفع توهم أنه سدّ أو يقال وهو أوضح إنهم أمروا أو لا بسدّ الأبواب إلا باب علي فسدّوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول منها بعد الاستئذان فيه فأمروا آخرا بسدّها إلا خوخة أبي بكر رضي الله عنه ويؤيده إن في رواية ليحيى وغيره إن حمزة بن عبد المطلب خرج يجرّ قطيفة له وعيناه تذر فإن يبكي يقول يا رسول الله أخرجت عمك وأسكنت أبن عمط فقال ما أنا أخرجتك ولا أسكنته ولكن الله أسكنه فذكر حمزة دالّ على تقدّم قصة عليّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 وللبزار وفيه ضعفاء قد وثقوا عن عليّ رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق فمرهم أن يسدوا أبوابهم فانطلقت فقلت لهم ففعلوا إلا حمزة فقلت يا رسول الله فعلوا إلا حمزة فقال قل لحمزة فليحوّل بابه فقلت له فحوّله الحديث وله أيضا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله إلى أبي بكر رضي الله عنه أن سدّ بابك فاسترجع ثم قال سمع وطاعة ثم أرسل إلى عمر رضي الله عنه ثم إلى العباس رضي الله عنه وقال مثله فذكر العباس هنا بدل حمزة يظهر كونه وهما لأنه إنما قدم عام الفتح وفي خبر لأبن زبالة ويحيى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال نادى مناد أيها الناس سدوا أبوابكم فتحسحس الناس ولم يقم أحد ثم خرج الثانية فذكر مثله فخرج فقال أيها الناس سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب فخرج الناس مبادرين وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر كساءه الحديث ولهما أيضا عن عمر بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب الشوارع في المسجد فقال له رجل من أصحابه يا رسول الله دع لي كوة أنظر إليك منها حين تغدوا وحين تروح فقال لا والله ولا مثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 ثقب الإبرة قلت إن ثبت هذا في القصة الأولى حمل على إن الأذن في اتخاذ الخوخ بعد منعها والظاهر إن الجدران التي كان فيها الأبواب كانت لهم لا للمسجد وأنه صلى الله عليه وسلم رأى المصلحة في منعهم عنها ويحتمل أنها كانت جدران المسجد فمكنهم صلى الله عليه وسلم من ذلك أولا ثم رأى المصلحة في المنع وقال المحب الطبري ومن خطه نقلت خوخاة الصحابة المأمور بسدها الله أعلم هل كانت من أصل البناء أو فتحت بعده يعني في جدار المسجد فإن كان الأول فلا يخالف ما قلناه من أن من صلى في شباك فتح في جدار المسجد تعديا لا يبعد إلحاقه بالصلاة في الموضع المغصوب وإن صح الثاني أمكن أن يستدل به على جواز مثل ذلك وإن بعد عن القياس وأمكن أن يقال إنه خصيصا لهم تسهيلا عليهم في حضور الجماعة لما مرنوا على ذلك أمر بسدها وخص أبا بكر رضي الله عنه إظهارا لمرتبته وقد أكثرت البحث عن ذلك فلم أر من تعرض له ولعلهم اكتفوا بذكر منع التصرف في حائط الجدار دون أذن حتى بدق الوتد فجدار المسجد كذلك انتهى وقال السبكي الذي يظهر من قواعد الشافعي منع فتح الباب ونحوه في جدار المسجد ولا يكاد الشافعية يرتابون فيه فإنهم يحترزون على تغيير الوقف جدا ولما فتح شباك الطيبرسية في جدار الجامع الأزهر عظم ذلك عليّ ورأيته من المنكرات إذ لا مصلحة للجامع فيه وكذا كلما كان لمصلى غير المسجد قال وحيث لم يجز الفتح فيظهر إنه لا يجوز الاستطراق من غير ضرورة وإنه لولا إقراره صلى الله عليه وسلم لما فتحته قريش من باب الكعبة في غير محله لم يجز الدخول منه وفي كلامه ما يقتضي إن ما قاله مقتضى كلام المذاهب الأربعة وبه يعلم ردّ الترخيص في جواز الفتح إذا حصل هدم الجدار أو انهدامه لأن ترك الفتحات في الجدار تغيير للوقف ولأن قريشا إنما فعلوا ذلك في الكعبة بعد هدمها وقد سبق كلام الشبكي فيه والظاهر القطع بمنع مثل ذلك في مسجد المدينة لأنه ظهر من غرض الشارع صلى الله عليه وسلم فيه المنع مطلقا وتوهم إن ذلك كان في جداره فلا يمتنع في جدار بناه غيره غلط بين. يخالف ما قلناه من أن من صلى في شباك فتح في جدار المسجد تعديا لا يبعد إلحاقه بالصلاة في الموضع المغصوب وإن صح الثاني أمكن أن يستدل به على جواز مثل ذلك وإن بعد عن القياس وأمكن أن يقال إنه خصيصا لهم تسهيلا عليهم في حضور الجماعة لما مرنوا على ذلك أمر بسدها وخص أبا بكر رضي الله عنه إظهارا لمرتبته وقد أكثرت البحث عن ذلك فلم أر من تعرض له ولعلهم اكتفوا بذكر منع التصرف في حائط الجدار دون أذن حتى بدق الوتد فجدار المسجد كذلك انتهى وقال السبكي الذي يظهر من قواعد الشافعي منع فتح الباب ونحوه في جدار المسجد ولا يكاد الشافعية يرتابون فيه فإنهم يحترزون على تغيير الوقف جدا ولما فتح شباك الطيبرسية في جدار الجامع الأزهر عظم ذلك عليّ ورأيته من المنكرات إذ لا مصلحة للجامع فيه وكذا كلما كان لمصلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 غير المسجد قال وحيث لم يجز الفتح فيظهر إنه لا يجوز الاستطراق من غير ضرورة وإنه لولا إقراره صلى الله عليه وسلم لما فتحته قريش من باب الكعبة في غير محله لم يجز الدخول منه وفي كلامه ما يقتضي إن ما قاله مقتضى كلام المذاهب الأربعة وبه يعلم ردّ الترخيص في جواز الفتح إذا حصل هدم الجدار أو انهدامه لأن ترك الفتحات في الجدار تغيير للوقف ولأن قريشا إنما فعلوا ذلك في الكعبة بعد هدمها وقد سبق كلام الشبكي فيه والظاهر القطع بمنع مثل ذلك في مسجد المدينة لأنه ظهر من غرض الشارع صلى الله عليه وسلم فيه المنع مطلقا وتوهم إن ذلك كان في جداره فلا يمتنع في جدار بناه غيره غلط بين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 " الفصل السادس " في زيادة عمر رضي الله عنه في المسجد واتخاذه البطيحاء بناحيته في الصحيح وسنن أبي داود إن أبا بكر لم يزد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قال أهل السير لاشتغاله بالفتح ثانيا ولا ينافيه ما لأبي داود أيضا من أن سواريه نخرت في خلافة أبي بكر فبناها بجذوع النخل إذ المنفى الزيادة وفي الصحيح والسنن أيضا إن عمر رضي الله عنه زاد فيه وبناه على بناءه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا وبه يردّ ما في رواية لأبن زبالة من إن عمر رضي الله عنه جعل أساطينه من لبن ونزع الخشب قال ومدّه في القبلة وكان جدار عمر من القبلة على أول أساطين القبلة التي إليها المقصورة أي التي كانت بين صف الأساطين التي تلي القبلة على الرواق القبلي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 ولأحمد عن ناقع إن عمر رضي الله عنه زاد في المسجد من الأسطوانة إلى المقصورة وقال عمر لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ينبغي أن نزيد في مسجدنا ما زدت ولأبن زبالة عن مسلم بن حباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما وهو في مصلاه لو زدنا في مسجدنا وأشار بيده نحو القبلة فأدخلوا رجلا وأجلسوه في موضع مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفعوا يد الرجل وخفضوها حتى رأوا أن ذلك شبيه بما أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزيادة فقدّم عمر القبلة فكان موضع جدار عمر في موضع عيدان المقصورة أي المتقدم بيانها قال اليافعي وكان ذلك سنة سبع عشرة ولأبن سعد ويحيي وبعضهم يزيد على بعض ما حاصله أن المسلمين لما كثروا قال عمر للعباس رضي الله عنه أن المسجد قد ضاق وقد ابتعت ما حوله من المنزل أوسع به إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين فأما حجر أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها وأما دارك فأما أن تبيعها بما شئت من بيت المال وأما أن أخطك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك وأما أن تصدّق بها على المسلمين فقال لا ولا واحد منها هي قطيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم خطها إلي وبناها معي فاختلفا فجعلا بينهما أبي كعب فأنطلق إليه فقصا عليه القصة فحدثهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن الله أوحى إلى داود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 عليه السلام أن أبن لي بيتا أذكر فيه فخط له خطة بيت المقدس فإذا تربيعها بزاوية بيت لبعض بني إسرائيل فسأله داود عليه السلام أن يبيعه فأبى بعد أن ضاعف له الثمن فحدّث داود نفسه أن يأخذه منه فأوحى الله تعالى إليه أمرتك أن تبني لي بيتا فأردت أن تدخل فيه الغضب وليس من شأني الغضب وأن عقوبتك أن لا تبنيه قال يا رب فمن ولدي قال فمن ولدك فأعطاه سليمان فلما قضى أبي للعباس رضي الله عنه قال قد تصدقت بها على المسلمين فأما وأنت تخاصمني فلا وللبيهقي كتاب الرجعة من سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قريب من ذلك وقد أتفق للعباس مع عمر رضي الله عنه قصة في ميزاب بهذه الدار لأنه كان يصب في المسجد وفي رواية على بابه فنزعه عمر فقال العباس رضي الله عنه والله ما شدّه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه والله ما تشدّه إلا ورجلاك على عاتقي فردّه مكانه وليحيي عن ابن عمر أن هذه الدار كانت فيما بين موضع الأسطوانة المربعة التي تلي دار مروان وأن أي وهي الخامسة من المنبر التي كان يقابلها الطراز في جدار المسجد على ما سبق في حدوده وإنما ذهب تربيعها عقب حريق زماننا أي بينها وبين باب السلام وفي كلام يحيي في موضع آخر ما بين أنه بقى من هذه الدار بقية دخلت في دار مروان التي في محلها اليوم ميضأة باب السلام وأن عثمان أدخل منها سيأتي في زيادته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وفي النسخة التي رواها طاهر بن يحيي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خط لجعفر بن أبي طالب وهو بأرض الحبشة دارا فأشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصفها بمائة ألف فزاده في المسجد وفي النسخة التي رواها ابن ابنه نسبة ذلك لعثمان والظاهر أن كلا منها زاد بعضها وليحيي في خبر عن ابن عمر رضي الله عنه أن المسجد على عهد عمر كان طوله أي من القبلة إلى الشام أربعين ومائة ذراع وعرضه عشرين ومائة ذراع أي من المشرق إلى المغرب ويتلخص مما قدمناه في حدود المسجد النبوي أن زيادته كانت قدر أسطوانتين في المغرب ولم يزد في المشرق شيئاً لإبقائه الحجر الشريفة فنهاية المسجد في زمنه الأسطوانة السابعة من المنبر في المغرب وذلك يقرب من مائة وعشرين ذراعا وسيأتي في الفصل بعده ما يفهم خلافه وهذا أرجح وزيادته من القبلة الرواق المتوسط بين الروضة ورواق القبلة الذي كان عليه المقصورة المحترقة وذلك نحو عشرة أذرع فتكون زيادته في الشام ثلاثين ذراعا على رواية المائة في ذرع طول المسجد النبوي وقد سبق أن بعض الحجر الشريفة كانت في الشام فكأن زيادته في الشام كانت حولها لأنه لم يدخلها في المسجد وقال رزين في روايته وطول السقف أي ما بينه وبين الأرض أحد عشر ذراعا وجعل سترة المسجد فوقه ذراعين أو ثلاثة وبنى أساسه بالحجارة إلى أن بلغ قامة وكذا في رواية يحيي قال فيها أيضا ما حاصله أن جعل له ست' أبواب بابين عن يمين القبلة وباب مروان المعروف اليوم بباب السلام وباب عاتكة وهو المعروف اليوم بباب الرحمة وبابين عن يسارها وهما الباب الذي كان يدخل منه النبي صلى الله عليه وسلم وباب النساء وبابين خلف القبلة يعني من جهة الشام ولم يغير باب عاتكة ولا الباب الذي يدخل منه النبي صلى الله عليه وسلم قال المطري وهو باب جبريل عليه السلام وما قاله من عدم التغيير فيه مسلم لأنه لم يزد في المشرق شيئاً بخلاف باب عاتكة لأنه زاد في المغرب فالمراد بكونه لم يغيره أنه أخره في محاذاة الباب الأول ولأبن شعبة ويحيي عن أبي هريرة زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسج من شاميه ثم قال لو زدنا فيه حتى تبلغ به الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهما عن ابن أبي ذئب قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو مدّ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي وكلها شواهد لما نقل عن مالك رضي الله عنه من عموم المضاعفة لما زيد في المسجد النبوي خلاف ما قاله النووي رحمه الله تعالى ولهما بسند جيد عن سالم بن عبد الله أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بنى في ناحية المسجد رحبة تدعى البطيحاء ثم قال من أراد أن يلفظ أو ينشد شعرا أو يرفع صوتا فليخرج إلى هذه الرحبة زاد ابن شبة قال محمد بن يحيي وقد دخلت تلك البطيحاء في المسجد فيما زيد فيه بعد عمر رضي الله عنه ولأبن شبة في موضع آخر ما بين أنها كانت في جهة شرقي المسجد مما يلي مؤخره زمن عمر بجهة رباط خالد بن الوليد المعروف برباط السبيل ولأبن شبة عن السائب بن يزيد قال كنت مضطجعا في المسجد فحصبني رجل فعرفت رأسي فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أذهب فأتى بهذين الرجلين فجئت بهما فقال من أنتما أو من أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد ما فارقتكما حتى أوجعكما جلدا ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحيي عن نافع نحوه وزاد أن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات ولأبن زبالة ويحيي عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه مرّ بحسان بن ثابت وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال حسان قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس قال اللهم نعم وهو في الصحيح بنحوه زاد يحيي فأنصرف عمر رضي الله عنه وقد عرف أنه يريد بمن هو خير منك النبي صلى الله عليه وسلم وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبر في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار والنهي عن تناشد الأشعار في المسجد محمول على أشعار الجاهلية والمبطلين. القبلة الرواق المتوسط بين الروضة ورواق القبلة الذي كان عليه المقصورة المحترقة وذلك نحو عشرة أذرع فتكون زيادته في الشام ثلاثين ذراعا على رواية المائة في ذرع طول المسجد النبوي وقد سبق أن بعض الحجر الشريفة كانت في الشام فكأن زيادته في الشام كانت حولها لأنه لم يدخلها في المسجد وقال رزين في روايته وطول السقف أي ما بينه وبين الأرض أحد عشر ذراعا وجعل سترة المسجد فوقه ذراعين أو ثلاثة وبنى أساسه بالحجارة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 إلى أن بلغ قامة وكذا في رواية يحيي قال فيها أيضا ما حاصله أن جعل له ست' أبواب بابين عن يمين القبلة وباب مروان المعروف اليوم بباب السلام وباب عاتكة وهو المعروف اليوم بباب الرحمة وبابين عن يسارها وهما الباب الذي كان يدخل منه النبي صلى الله عليه وسلم وباب النساء وبابين خلف القبلة يعني من جهة الشام ولم يغير باب عاتكة ولا الباب الذي يدخل منه النبي صلى الله عليه وسلم قال المطري وهو باب جبريل عليه السلام وما قاله من عدم التغيير فيه مسلم لأنه لم يزد في المشرق شيئاً بخلاف باب عاتكة لأنه زاد في المغرب فالمراد بكونه لم يغيره أنه أخره في محاذاة الباب الأول ولأبن شعبة ويحيي عن أبي هريرة زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسج من شاميه ثم قال لو زدنا فيه حتى تبلغ به الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهما عن ابن أبي ذئب قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو مدّ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي وكلها شواهد لما نقل عن مالك رضي الله عنه من عموم المضاعفة لما زيد في المسجد النبوي خلاف ما قاله النووي رحمه الله تعالى ولهما بسند جيد عن سالم بن عبد الله أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بنى في ناحية المسجد رحبة تدعى البطيحاء ثم قال من أراد أن يلفظ أو ينشد شعرا أو يرفع صوتا فليخرج إلى هذه الرحبة زاد ابن شبة قال محمد بن يحيي وقد دخلت تلك البطيحاء في المسجد فيما زيد فيه بعد عمر رضي الله عنه ولأبن شبة في موضع آخر ما بين أنها كانت في جهة شرقي المسجد مما يلي مؤخره زمن عمر بجهة رباط خالد بن الوليد المعروف برباط السبيل ولأبن شبة عن السائب بن يزيد قال كنت مضطجعا في المسجد فحصبني رجل فعرفت رأسي فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أذهب فأتى بهذين الرجلين فجئت بهما فقال من أنتما أو من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد ما فارقتكما حتى أوجعكما جلدا ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحيي عن نافع نحوه وزاد أن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات ولأبن زبالة ويحيي عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه مرّ بحسان بن ثابت وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال حسان قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس قال اللهم نعم وهو في الصحيح بنحوه زاد يحيي فأنصرف عمر رضي الله عنه وقد عرف أنه يريد بمن هو خير منك النبي صلى الله عليه وسلم وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبر في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 والنهي عن تناشد الأشعار في المسجد محمول على أشعار الجاهلية والمبطلين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 " الفصل السابع " في زيادة عثمان رضي الله عنه واتخاذه المقصورة وفي الصحيح وسنن أبي داود عن ابن عمر عقب ما سبق عنهما في زيادة عمر ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصبة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج فقول أبي داود في روايته الأخرى ثم أنها أي جذوع النخل التي كان مبنيا بها نخرت في خلافة عثمان رضي الله عنه فبناها بالآجر فلم تزل ثابتة حتى الآن مؤول بأنه بنى أعليها بالآجر والأفافي الصحيح أصح ولمسلم عن محمود بن لبيد أن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أراد بناء المسجد فكره الناس ذلك وأحبه أن يدعه على هيئته فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى مسجد الله بنى الله له مثله في الجنة ومعنى أحبوا أن يدعه على هيئته أي بجذوع النخل واللبن كما فعل عمر رضي الله عنه فإنما كرهوا منه بناءه بالحجارة المنقوشة لا مجرد توسعته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وليحيي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب لما ولي عثمان سنة أربع وعشرين كلمه الناس أن يزيد في مسجدهم ويشكوا إليه ضيقه يوم الجمعة حتى أنهم ليصلون في الرحاب فشاور فيه أهل الرأي من الصحابة فأجمعوا على أن يهدمه ويزيد فيه فصلى الظهر بالناس ثم صعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أيها الناس أني قد أردت أن أهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزيد فيه وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة وقد كان لي فيه سلف وإمام سبقني عمر بن الخطاب وقد شاورت أهل الرأي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجمعوا على هدمه وبنائه وتوسعه فحسن الناس يومئذ ذلك ودعوا فأصبح فدعا العمال وباشر ذلك بنفسه وكان يصوم الدهر ويصلي الليل وكان لا يخرج من المسجد وأمر بالقصة المنخولة تعمل ببطن نخل وكان أول عمل عمله في شهر ربيع الأول من سنة تسع وعشرين فرغ منه حين دخلت السنة الهلال المحرم سنة ثلاثين فكان عمله عشرة أشهر وقال الحافظ ابن حجر كان بناء عثمان رضي الله عنه للمسجد سنة ثلاثين على المشهور وقيل في آخر سنة من خلافته وهي سنة خمس وثلاثين ولعله بنى فيه حينئذ غير البناء الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 ولأبن شبة عن أبى صالح قال كعب ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم يبنى والله لوددت أنه لا يفرغ من برج إلا سقط برج فقيل له يا أبا إسحاق أما كنت تحثنا أن صلاة فيه أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام فقال بلى ولكن فتنة نزلت من السماء ليس بينها وبين أن تقع إلا شبر ولو فرغ من بناء هذا المسجد وقعت وذلك عند قتل هذا الشيخ عثمان فقال الرجل وهل قاتله إلا كقاتل عمر قال بل مائة ألف أو يزيدون ثم يحل القتل ما بين عدن أبين إلى دروب الروم وليحيي عن خارجة بن زيد هدم عثمان المسجد وزاد في قبلته ولم يزد في شرقيه وزاد في غربيه قدر أسطوانة وبناء بالجارة المنقوشة والقصة وعسب النخل والجريد وبيضه بالقصة وقدر زيد بن ثابت أساطينه فجعلها على قدر النخل وجعل فيه طيقانا مما يلي المشرق والمغرب وذلك قبل أن يقتل بأربع سنين وزاد فيه من الشام خمسين ذراعا وعن إبراهيم بن الحرث إن عثمان زاد من القبلة فوضع جداره على حدّ المصورة اليوم أي حدّ جدارها القبلي وزاد فيه من المغرب أسطوانة بعد المربعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 قلت وفي صف الأسطوانة السابعة من المنبر أسطوانة مربع أسفلها فهي المرادة لقدّمناه في زيادة عمر وأن لم يكن في صف الأساطين التي تلي القبلة بل في الصف الذي خلف محراب الحنفية وليس المراد بالمربعة هنا الأسطوانة الرابعة من المنبر وإن زعمه المطري لما أوضحناه في الأصل فنهاية المسجد في زمنه من المغرب الثامنة من المنبر وهناك أسطوانة مربع أسفلها تواجه الداخل من باب السلام الظاهر أنها علامة لنهاية زيادته وابتداء زيادة الوليد إذ منها للجدار الغربي أسطوانتان وهما للوليد كما سيأتي والمراد المربعة الغربية التي سبق في حدود المسجد أنها كانت ركن صحنه قبل زيادة الرواقين هناك وهي السادسة من المنبر فتكون نهاية زيادة عمر ونهاية زيادة عثمان التي تليها وهي السابعة فيبقى للوليد ثلاثة أساطين في المغرب وسيأتي في زيادته ما يفهم منه ذلك أيضا وإن كان مردودا فيتحّر من ذلك قولان في نهاية زيادة عمر وعثمان رضي الله عنه وأرجحهما الأوّل ولأبن شبة نقلا عن أبن أبي يحيى إنه كانت لأبي سبرة بن أبي رهم دار موضعها عند الأسطوانة المربعة التي في المسجد اليمانية الغربية وكانت جديدة ودار كانت هناك لعمار أبن ياسر فأدخلنا في المسجد انتهى وعبر أبن زبالة في إدخالهما أيضا بالصيغة المبينة لما لم يسم فاعله فقال وأدخل فيه من المغرب دار كانت لطلحة بن عبيد الله ودار كانت لأبي سبرة إلى أخره والظاهر إن ذلك أدخل مفرّقا في الزيادات الثلاث وليحيى عن عبد الله بن عطية بن عبد الله أبن أنبيس بنى عثمان المسجد بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده حجارة منقوشة وبها عمد الحديد فيها الرصاص وسقفه ساجا وجعل طوله ستين ومائة ذراع وعرضه خمسين ومائة ذراع وجعل أبوابه ستة على ما كان على عهد عمر باب عاتكة أي المعروف بباب الرحمة والباب الذي يليه أي في جهة محاذاته من المشرق وهو باب النساء وباب مروان أي المعروف بباب السلام والباب الذي يقال له باب النبيّ صلى الله عليه وسلم أي لكونه كان يدخل منه وهو باب جبريل عليه السلام وبابين مؤخر المسجد وما ذكره في الطول يقتضي أنه لم يزده على ما سبق من الذرع زمن عمر سوى عشرين ذراعا فعشر منها في القبلة لأنه زاد فيها الرواق الذي يليها وعشرة في الشام خلاف ما سبق أنه زاد فيه إلى الشام خمسين ذراعا وينبغي تأويله على إن الزيادة بلغت ذلك خمسين بضم ما زاده عمر ليجامع ما سيأتي في زيادة الوليد وإلا فالأرجح رواية المائة والستين للطول وما ذكره في العرض مردود لما سبق من كونه لم يزد في المغرب سوى أسطوانة واحدة وللاتفاق على انه لم يزد في المشرق شيئاً ولم يدخل الحجرة الشريفة ومعلوم أن وجد جدار المسجد الغربي إلى جدار الحجرة الشريفة لم يبلغ خمسين ومائة ذراع ولو بلغه فأين زيادة الوليد المتفق عليها في المغرب ولعله توهم إدخال الحجرة الشريفة في الذرع ولأبن زبالة عن عبد الله بن عمر بن حفص مدّ عمر بن الخطاب جدار القبلة إلى الأساطين التي إليها المقصورة اليوم ثم زاد في القبلة حتى بلغ جداره اليوم قال فسمعت أبي يقول لما احتيج إلى بيت حفصة قالت فكيف بطريقي إلى المسجد فقال لها نعطيك أوسع من بيتك ونجعل لك طريقا مثل طريقك فأعطاها دار عبيد الله بن عمر وكانت مربدا فالقائل أعطيك عثمان لأنه أورده في زيادته ثم روى عقبة أن عثمان قدّم جدار الموضعة اليوم وأدخل بقيعة دار العباس مما يلي القبلة والشام والمغرب وأدخل بعض بيوت حفصة بنت عمر رضي الله عنه مما يلي القبلة فأقام المسجد على تلك الحال حتى زاد فيه الوليد ولأبن زبالة وابن شبة ويحيي عن عبد الرحمن بن سعد عن أشياخه أن أول من عمل المقصورة بلبن عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت فيه كوى ينظر الناس منها إلى الأمام وأن عمر ابن عبد العزيز هو الذي جعلها من ساج حين بنى المسجد زاد الأول والأخير عن عيسى ابن محمد بن السائب وغيره وأستعمل عليها عثمان بن السائب بن خباب وكان رزقه دينارين في كل شهر فتوفى عن ثلاثة رجال فتواسوا في الدينارين فجريا في الديوان على ثلاثة منهم إلى اليوم وقال ابن زبالة قال مالك بن أنس لما أستخلف عثمان عمل مقصورة من لبن يصلي فيها الناس خوفا من الذي أصاب عمرو وكانت صغيرة قلت لكن في العتبية قال مالك أول من جعل المقصورة مروان بن الحكم حين طعنه اليماني وجعل فيها تشبيكا انتهى وليحيي عن عبد الحكم بن عبد الله بن حنطب أول من أحدث المقصورة مروان بناها بالحجارة المنقوشة وجعل لها كوى وكان بعث ساعيا إلى تهامة فظلم رجلا يقال له دب فجاء فقام حيث يريد أن يقوم مروان حتى أراد أن يكبر ضربه بسكين فلم تصنع شيئاً فقال مروان ما حملك على هذا قال بعثت عاملك فأخذ ذودي وتركني وعيالي لا نجد شيئاً فقلت أذهب إلى الذي بعثك فاقتله فحبسه مروان ثم أمر فاغتيل سرا فكانت المقصورة ولأبن شبة أيضا نحوه وقال النووي أول من أتخذ المقصورة في المسجد معاوية رضي الله عنه حين ضربه الخارجي انتهى وجعلها المهدي من ساج أيضا وخفضها وكانت مرتفعة ذراعين عن وجه المسجد فأوطأها مع المسجد وجعلها على الرواق الذي يلي القبلة كله وسماه بن جبير بلاطا فقال والبلاط المتصل بالقبلة تحويه مقصورة تكتنفه طولا من غرب إلى شرق والمحراب فيها انتهى وقد احترقت في الحريق الأوّل. غربية وكانت جديدة ودار كانت هناك لعمار أبن ياسر فأدخلنا في المسجد انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وعبر أبن زبالة في إدخالهما أيضا بالصيغة المبينة لما لم يسم فاعله فقال وأدخل فيه من المغرب دار كانت لطلحة بن عبيد الله ودار كانت لأبي سبرة إلى أخره والظاهر إن ذلك أدخل مفرّقا في الزيادات الثلاث وليحيى عن عبد الله بن عطية بن عبد الله أبن أنبيس بنى عثمان المسجد بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده حجارة منقوشة وبها عمد الحديد فيها الرصاص وسقفه ساجا وجعل طوله ستين ومائة ذراع وعرضه خمسين ومائة ذراع وجعل أبوابه ستة على ما كان على عهد عمر باب عاتكة أي المعروف بباب الرحمة والباب الذي يليه أي في جهة محاذاته من المشرق وهو باب النساء وباب مروان أي المعروف بباب السلام والباب الذي يقال له باب النبيّ صلى الله عليه وسلم أي لكونه كان يدخل منه وهو باب جبريل عليه السلام وبابين مؤخر المسجد وما ذكره في الطول يقتضي أنه لم يزده على ما سبق من الذرع زمن عمر سوى عشرين ذراعا فعشر منها في القبلة لأنه زاد فيها الرواق الذي يليها وعشرة في الشام خلاف ما سبق أنه زاد فيه إلى الشام خمسين ذراعا وينبغي تأويله على إن الزيادة بلغت ذلك خمسين بضم ما زاده عمر ليجامع ما سيأتي في زيادة الوليد وإلا فالأرجح رواية المائة والستين للطول وما ذكره في العرض مردود لما سبق من كونه لم يزد في المغرب سوى أسطوانة واحدة وللاتفاق على انه لم يزد في المشرق شيئاً ولم يدخل الحجرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 الشريفة ومعلوم أن وجد جدار المسجد الغربي إلى جدار الحجرة الشريفة لم يبلغ خمسين ومائة ذراع ولو بلغه فأين زيادة الوليد المتفق عليها في المغرب ولعله توهم إدخال الحجرة الشريفة في الذرع ولأبن زبالة عن عبد الله بن عمر بن حفص مدّ عمر بن الخطاب جدار القبلة إلى الأساطين التي إليها المقصورة اليوم ثم زاد في القبلة حتى بلغ جداره اليوم قال فسمعت أبي يقول لما احتيج إلى بيت حفصة قالت فكيف بطريقي إلى المسجد فقال لها نعطيك أوسع من بيتك ونجعل لك طريقا مثل طريقك فأعطاها دار عبيد الله بن عمر وكانت مربدا فالقائل أعطيك عثمان لأنه أورده في زيادته ثم روى عقبة أن عثمان قدّم جدار الموضعة اليوم وأدخل بقيعة دار العباس مما يلي القبلة والشام والمغرب وأدخل بعض بيوت حفصة بنت عمر رضي الله عنه مما يلي القبلة فأقام المسجد على تلك الحال حتى زاد فيه الوليد ولأبن زبالة وابن شبة ويحيي عن عبد الرحمن بن سعد عن أشياخه أن أول من عمل المقصورة بلبن عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت فيه كوى ينظر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 الناس منها إلى الأمام وأن عمر ابن عبد العزيز هو الذي جعلها من ساج حين بنى المسجد زاد الأول والأخير عن عيسى ابن محمد بن السائب وغيره وأستعمل عليها عثمان بن السائب بن خباب وكان رزقه دينارين في كل شهر فتوفى عن ثلاثة رجال فتواسوا في الدينارين فجريا في الديوان على ثلاثة منهم إلى اليوم وقال ابن زبالة قال مالك بن أنس لما أستخلف عثمان عمل مقصورة من لبن يصلي فيها الناس خوفا من الذي أصاب عمرو وكانت صغيرة قلت لكن في العتبية قال مالك أول من جعل المقصورة مروان بن الحكم حين طعنه اليماني وجعل فيها تشبيكا انتهى وليحيي عن عبد الحكم بن عبد الله بن حنطب أول من أحدث المقصورة مروان بناها بالحجارة المنقوشة وجعل لها كوى وكان بعث ساعيا إلى تهامة فظلم رجلا يقال له دب فجاء فقام حيث يريد أن يقوم مروان حتى أراد أن يكبر ضربه بسكين فلم تصنع شيئاً فقال مروان ما حملك على هذا قال بعثت عاملك فأخذ ذودي وتركني وعيالي لا نجد شيئاً فقلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 أذهب إلى الذي بعثك فاقتله فحبسه مروان ثم أمر فاغتيل سرا فكانت المقصورة ولأبن شبة أيضا نحوه وقال النووي أول من أتخذ المقصورة في المسجد معاوية رضي الله عنه حين ضربه الخارجي انتهى وجعلها المهدي من ساج أيضا وخفضها وكانت مرتفعة ذراعين عن وجه المسجد فأوطأها مع المسجد وجعلها على الرواق الذي يلي القبلة كله وسماه بن جبير بلاطا فقال والبلاط المتصل بالقبلة تحويه مقصورة تكتنفه طولا من غرب إلى شرق والمحراب فيها انتهى وقد احترقت في الحريق الأوّل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 " الفصل الثامن " في زيادة الوليد واتخاذه المحراب والشرفات والمنارات والمنع من الصلاة على الجنائز به زمنه نقل رزين أن المسجد بعد أن زاد فيه عثمان لم يزد فيه عليّ ولا معاوية رضي الله عنه ولا يزيد ولا مروان ولا ابنه عبد الملك شيئاً حتى كان الوليد بن عبد الملك وكان عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة ومكة فبعث الوليد إلى عمر أبن عبد العزيز بمال وقال له من باعك فأعطه ومن أبي فاهدم عليه وأعطه المال فإن أبي إن يأخذه فاصرفه إلى الفقراء ثم ذكر ما قاله غيره من إدخاله الحجر الشريفة ونقل الزين المراغي عن السهيلي أنه قال إن الحجر والبيوت خلطت بالمسجد في زمن عبد الملك بن مروان قال ويردّه تصريح رزين وغيره بضدّ ذلك انتهى ولعل المراد أن عبد الملك جعلها للمسلمين يصلون فيها لضيق المسجد وهي على حالها كما يشير إليه ما قدمناه عن مالك من الصلاة فيها وإلا فقد نقل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 أبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم سماهم في كتابه إدخال الوليد لحجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وللواقدي عن عطاء الخراساني أدركت حجر أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ يأمر بإدخالها فما رأيت يوما كان أكثر باكيا من ذلك اليوم قال عطاء فسمعت سعيد بن المسيب يقول والله لوددت أنهم تركوها على حالها ينشأ ناس من المدينة ويقدم قادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ويكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها وقال أبن زبالة حدثني عبد العزيز أبن محمد عن بعض أهل العلم قال قدم الوليد بن عبد الملك حاجا فبينا هو يخطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حانت منه التفاتة فإذا بحسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في بيت فاطمة في يده مرآة ينظر فيها فلما نزل أرسل إلى عمر بن عبد العزيز فقال لا أرى هذا قد بقي بعد أشتر هذه المواضع وأدخل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم المسجد وأسدده وفي خبر ليحيى إنه لما نزل من خطبته أمر بهدم بيت فاطمة وأن حسن بن حسن وفاطمة بنت الحسين أبوا أن يخرجوا منه فأرسل إليهم الوليد إن لم تخرجوا منه هدمته عليكم فأبوا أن يخرجوا فأمر بهدمه عليهم وهما فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 وولدهما فنزع أساس البيت وهم فيه فلما نزع قالوا لهم إن لم تخرجوا قوضناه عليكم فخرجوا منه حتى أتوا دار عليّ نهارا وفي خبر لأبن زبالة إن الوليد كتب إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بالزيادة في المسجد وأن يشتري هذا المنزل فأبوا وقال حسن والله لا نأكل له ثمنا قال وأعطاهم به سبعة آلاف دينارا وثمانية فأبوا فكتب للوليد بذلك فأمره بهدمه وإدخاله وطرح الثمن في بيت المال ففعل وانتقلت منه فاطمة بنت حسين بن عليّ إلى موضع دارها بالحرة فابتنتها ولأبن زبالة أيضا عن غير واحد من أهل العلم إن عمر لما جاءه كتاب الوليد بعث إلى رجال من آل عمر فقال إن أمير المؤمنين كتب إليّ أن أبتاع بيت حفصة وكان عن يمين الخوخة أي خوخة آل عمر وكان بينه وبين منزل عائشة الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم طريق وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزلهما من قرب ما بينهما فقالوا ما نبيعه بشيء قال إذا أدخله في المسجد قالوا أنت وذاك فأما طريقنا فإنا لا نقطعها فهدم البيت وأعطاهم الطريق ووسعها لهم حتى انتهى بها إلى الأسطوانة وكانت قبل ذلك ضيقة قدر ما يمرّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 الرجل منحرفا. وفي خبر ليحيى عن مالك بن أنس إن الحجاج قال لعبد الله بن عبد الله بن عمر بعني منزل حفصة قال لا والله ما كنت لآخذ لبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمنا قال إذا والله أهدمه قال والله لا تهدمه إلا على ظهري فأمر الحجاج بهدمه وهو فيه فجاءت بنو عدي عبد الله فقالوا ما أضعفك هو يتأسف على قتل أبيك وينزع عن قتلك فأخر جوه فهدمه الحجاج وكتب إلى الوليد يعلمه بذلك فكتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بعرض الثمن على عبد الله فإن أبي جعل له مكرمة بدله في المسجد فجعل له عمر الخوخة التي في قبلة المسجد التي إلى دار حفصة اليوم وله أيضا عن أبن ورد إن عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز قال لعبد الله أجعل لكم بابا تدخلون منه وأعطيكم دار الرقيق مكان هذا الطريق وما بقي من الدار فهو لكم ففعلوا فأخرج بابهم في المسجد وأعطاهم دار الرقيق وقدّم الجدار في موضعه اليوم وزاد في المشرق ما بين الأسطوانة المربعة أي مربعة القبر إلى جدار المسجد اليوم ومعه عشر أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى الشام أي جعل عشر أساطين مصفوفة في رحبة المسجد من مربعة القبر إلى الشام أي وبعدها الأربع الآتي ذكرها للسقائف وهي المسقف الشامي المقابل للمسقف القبلي قال ومده في المغرب أسطوانتين وأدخل فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 حجرات أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم ودور عبد الرحمن بن عوف الثلاث اللاتي كان يقال لها القرائن وسمعنا من يقول القرائن جنابذ ثلاث لعبد الرحمن بن عوف وفي خبر لأبن زبالة أن عمر رضي الله عنه لما سام آل عبد الرحمن بن عوف بدارهم امتنعوا من البيع فهدمها عليهم قال عبد الرحمن بن حميد فذهب لنا متاع في هدمهم ولأبن زبالة عن محمد بن عمار عن جدّه كانت زيادة الوليد من المشرق إلى المغرب ست أساطين وزاد إلى الشام من الأسطوانة المربعة التي في القبر أربع عشرة أسطوانة منها عشرة في الرحبة وأربع في السقائف الأولى أي التي كانت بالمسقف الشامي قبل زيادة المهدي قال وزاد من الأسطوانة التي دون المربعة إلى المشرق أربع أساطين في السقائف فدخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 المسجد وبقي ثلاث أساطين في السقائف اه ويستفاد منه أن الست التي زادها في المشرق والمغرب منها ثنتان فقط في المغرب لأنّ من الأسطوانة التي دون مربعة القبر السابق ذكرها في حدود المسجد النبوي وهي التي إليها المقصورة اليوم إلى الجدار الشرقي أربع أساطين وقوله وبقي ثلاث أساطين أي من هذه الأربع في السقائف أي المسقف الشرقي كما هو اليوم وقوله في رواية يحيى ما بين المربعة محله أن الزيادة إنما هي من نحو وسط الرواق الذي بين المربعة والتي دونها لأن الجدار كما سبق كان هناك في موازاة القناديل فلم يحتسب التي دون المربعة في الزيادة فيفهم أن له ثلاثة في المشرق وثلاثة في المغرب لكن يردّ هذا تصريح رواية يحيى بأنه مدّه في المغرب أسطوانتين وأنه لم يذكر الست في المشرق والمغرب وإنما صرح بالست من اعتبر الأسطوانة دون المربعة وظاهر قوله وزاد إلى الشام إلى آخره مع ما سبق من رواية يحيى أن نهاية زيادته في الشام بعد أربع عشرة أسطوانة من مربعة القبر فيوافق ما سيأتي من أنّ المهدي زاد عشر أساطين في هذه الجهة لأنها الباقية بعد الأربع عشرة إلى مؤخر المسجد والأولى من هذه الأساطين الباقية كان أسفلها مربعا بقدر الجلسة في الصف الأوسط من المسقف الشرقي علامة لزيادة المهدي وقد ذكرنا في الأصل محملا آخر بعيد الرواية أبن زبالة هذه وهو أن الأربع عشرة جعلها كلها رحبة في زمنه وكانت الرحبة قبله عشرة فيكون له أربع أساطين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 للسقائف فيكون له ثمان عشرة أسطوانة والباقي للمهدي ست فقط وهو الموافق لما في خبر ليحيى عن قدامة بن موسى يتضمن أن ذرعه يعني زمن الوليد طولا مائتا ذراع فإنّ ما ذكرناه يقرب من ذلك لكنه قال وعرّضه في مقدّمة مائتين وفي مؤخرة ثمانين ومائة ذراع قال وهو من قبل كان مقدّمه أعرض اه وهو خطأ لأن المسجد لم ينقص عرضه وذرع عرضه اليوم من مقدّمه في القبلة مائة ذراع وسبعة وستون ذراعا ونصف ومن مؤخره في الشام مائة وخمسة وثلاثون ذراعا وقد صرح أبن زبالة في ذرع عرض المسجد في زمنه بقريب من ذرعنا كما سيأتي وفي خبر لأبن زبالة أن الوليد كتب إلى ملك الروم إنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الأعظم فأعني فيه بعمال وفسيفساء إليه بأحمال من فسيفساء وبضعة وعشرين عاملا وقال بعضهم بعشرة عمال وقال بعثت إليك بعشرة يعدلون مائة وبثمانين ألف دينار وبهذه السلاسل التي فيها القناديل وليحيى عن قدامة بن موسى فبعث إليه بأربعين من الروم وبأربعين من القبط وبأربعين ألف مثقال من ذهب وبالفسيفساء وأخمر عمر النورة التي تعمل بها الفسيفساء سنة وحملوا القصة من نخل منحولة بالشقائق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 وعمل الآس بالحجارة والجدار بالحجارة المطابقة والقصة وجعل عمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص وفي خبر لأبن زبالة أن عمر هدمه سنة إحدى وتسعين أي بتقديم التاء الفوقية وبناه بالحجارة المنقوشة وقصة بطن نخل وعمله بالفسيفساء والمرمر وعمل سقفه بالساج وماء الذهب وهدم حجر أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم ونقل لبنها ولبن المسجد فبنى به داره بالحرّة فهو فيها اليوم له بياض على اللبن قال فبينا العمال يعملون في المسجد إذ خلالهم فقال بعض عمال الروم ألا أبول على قبر نبيهم فتهيأ لذلك فنهاه أصحابه فلما هم بذلك اقتلع فألقى على رأسه فانتثر دماغه وأسلم بعضهم وعمل أحدهم على رأس خمس طاقات في جدار قبلة صحن المسجد صورة خنزير فأمر به عمر فضربت عنقه وقال بعض عمال الفسيفساء إنما عملناه على ما وجدنا من صور شجر الجنة وقصورها أهو ليحيى عن النضر بن أنس كان عمر بن عبد العزيز إذا عمل العامل الشجرة الكبيرة من الفسيفساء فأحسن عملها نفله ثلاثين درهما وذكر هو وأبن زبالة ما كان فيه من الكتابات داخله وخارجه على أبوابه وتركناه لزواله ووصف أبن عبد ربه في العقد ما كان داخلا في جدار المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 من وزرات الرخام وطراز الذهب والفسيفساء أوّلها وآخرها ورؤس الأساطين مذهبة عليها أكف منقشة مذهبة وكذلك عتاب الأبواب مذهبة أيضا اه ولأبن زبالة عن محمد بن عمار عن جدّه كان في موضع الجنائز أي شرقيّ المسجد زمان الوليد نخلتان يصلي على الموتى عندهما فأراد عمر قطعهما حين ولي عمل المسجد للوليد وذلك سنة ثمان وثمانين فاثتنلت فيهما بنو النجار فابتاعهما عمر فقطعهما ولا ينافيه ما سبق من هدمه المسجد سنة إحدى وتسعين وفيها عزل عن المدينة وكأنه أخره للتأهب لكن في رواية لأبن زبالة ابتدأ عمر بن عبد العزيز بناء المسجد سنة ثمان وثمانين وفرغ منه سنة إحدى وتسعين وفيها حج الوليد وليحيى عن حفص بن مروان أن عمر مكث في بنائه ثلاث سنين ولأبن زبالة عن إبراهيم بن محمد الزهريّ عن أبيه لما قدم الوليد المدينة حاجا بعد فراغ المسجد جعل يطوف فيه وينظر إلى بنيانه فلما رأى سقف المقصورة قال لعمر ألا عملت السقف كله مثل هذا قال إذا تعظم النفقة جدّا قال وإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وفي رواية لغيره أتدري يا أمير المؤمنين كم أنفقت على جدار القبلة وما بين السقفين قال وكم قال خمسة وأربعين ألف دينار قال والله لكأنك تنفقها من مالك وليحيى فلما استنفد الوليد النظر إلى المسجد التفت إلى أبان بن عثمان وقال أين بناؤنا من بنئكم قال أبان بنيناه بناء المساجد وبنيتموه بناء الكنائس. وقال الواقدي حدثني عبد الله بن يزيد قال كان عمل القبط مقدّم المسجد وكانت الروم تعمل ما خرج من السقف جوانبه ومؤخره فسمعت سعيد بن المسيب يقول عمل هؤلاء أحكم يعني القبط وليحيى عن عبد المهيمن بن عباس عن أبيه مات عثمان وليس في المسجد شرفات ولا محراب فأوّل من أحدث المحراب والشرفات عمر بن عبد العزيز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 وهو الذي عمل الرصاص على طنف المسجد والميازيب التي من الرصاص وقيل إنما عمل الشرفات عبد الواحد بن عبد الله النصريّ في ولايته سنة أربع ومائة ولم تعد الشرفات بعد الحريق الأوّل حتى حددت سنة سبع وستين وسبعمائة في أيام الأشرف شعبان بن حسين ولأبن زبالة ويحيى عن محمد بن عمار عن جده إن عمر بن عبد العزيز جعل للمسجد أربع منارات في زواياه الأربع قال كثير بن جعفر وكانت المنارة الرابعة مطلة على دار مروان فلما حج سليمان بن عبد الملك أذن المؤذن فأطل عليه فأمر بها فهدمت إلى ظهر المسجد وبابها على المسجد مما يلي دار مروان من قبل المسجد أي فصار للمسجد ثلاث منارات فقط قال أبن زبالة وطول كل واحدة ستون ذراعا وذكر في موضع آخر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 بضعا وخمسين وأن أقصرهن الغربية الشامية قال وعرض كل واحدة ثماني أذرع في ثمان وذكر أبن جبير أن المنارتين الشاميتين صغيرتان على هيئة برجين بخلاف اليمانية الشرقية فإنها على هيئة المنارات اه ولم يزل المسجد على ثلاث منارات إلى أن جددت المنارة الرابعة الغربية اليمانية سنة ست وسبعمائة في دولة الناصر محمد بن قلاوون على يد شيخ الخدّام كافور المظفري المعروف بالحريري وظهر عند الحفر لأساسها خوخة مروان الآتي ذكرها في ركن المسجد الغربي وبابها عليها من ساج لم يبل قال البدر بن فرحون أسفل من أرض المسجد يقامه ثم وجدوا تحصيب المسجد برمل أسود يشبه أن يكون من سلع ثم بلغوا الماء ولم يوجد أثر ولا صحة لما ذكر بعضهم من أن مئذنة كانت هناك تشرف على دار مروان انتهى قلت وهذا لا يمنع صحة ما سبق لاحتمال أنها كانت على باب المسجد وسطحه من غير أساس في الأرض لقصر المنارات حينئذ مع أن دار مروان متقدّمة على زيادة أبن أبنه الوليد قطعا وصنيع يحيى يقتضي أن بناءها زمن عثمان وإن شيئاً مما دخل فيها من دار العباس أدخل في زيادة الوليد فالباب الذي ظهر إنما هو فيما أتخذه الوليد هناك بدلا عن باب مروان وصارت هذه المنارة أطول المنارات حتى عرفت بالطويلة وطولها خمسة وتسعون ذراعا بتقديم التاء الفوقية من أعلى هلالها لكن لما هدمت المنارة المقابلة لها في المشرق المعروفة بالرسيسة بسبب الحريق الحادث في زماننا أعيدت أعني الرسيسة أطول من هذه إذ طولها يزيد على المائة بعد أن كان ينقص عن الثمانين ثم ظهر في المنارة الرسيسة ميل للتساهل في المبالغة لتأسيسها ومؤنها فأعيدت بعد أن بلغ بأساسها الماء وزيد في طولها ثانيا مع الأحكام التام حتى صار طولها أزيد من مائة وعشرين ذراعا على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف وشاد عمائره بأمر الإشراف قايتباي وذلك في عام أثنين وتسعين وثمانمائة وطول الشرقية الشامية المعروفة بالسنجارية ثمانون إلا ذراعا وطول الغربية المعروفة بالخشبية اثنان وسبعون ذراعا بتقديم السين كل ذلك من الهلال إلى الأرض خارج المسجد وهذا السياق ظاهر في أن الوليد أوّل من أتخذ المنارات ولأبي داود والبيهقيّ إن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر الحديث ولأبن زبالة حدثني محمد بن إسماعيل وغيره قال كان في دار عبد الله بن عمر أسطوانة في قبلة المسجد يؤذن عليها بلال يرقى إليها بأقتاب والأسطوانة مربعة قائمة إلى اليوم يقال لها المطمار وهي في منزل عبيد الله بن عبد الله بن عمر وله عن موسى بن عبيدة أن عمر بن عبد العزيز استأجر حرسا للمسجد لا تحترق فيه وعن كثير بن زيد قال نظرت إلى حرس عمر بن عبد العزيز يطردون الناس من المسجد أن يصلي على الجنائز فيه وعن عثمان بن أبي الوليد إن عروة قال له تضربون الناس في الصلاة في المسجد على الجنائز قال قلت نعم قال إما إن أبا بكر قد صلى عليه في المسجد وليحيى ما يقتضي أن ذلك كان قبل زمن الوليد فإنه روى عن المقيري إنه رأى حرس مروان أبن الحكم يخرجون الناس من المسجد يمنعونهم أن يصلوا على الجنائز وقد تلخص مما رواه أبن شبة أن الذي استقر عليه الأمر أنهم كانوا يحملون موتاهم حتى يصلي عليها النبي صلى الله عليه وسلم عند بيته في موضع الجنائز وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنه أنها أمرت أن يمرّ بجنازة أبن أبي وقاص في المسجد فيصلي عليه فأنكر الناس ذلك عليها فقالت ما أسرع ما نسى الناس ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد وفي رواية والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء في المسجد سهل وأخيه ويفهم منه أنه كان نادرا وليحيى بسند جيد عن أبن عمر رضي الله عنه إنه صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد وفي رواية له إن عمر بن الخطاب صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى على عمر بن الخطاب في المسجد عند المنبر ولأبن شبة إن الجنازة وضعت تجاه المنبر وذكر أبن النجار ما سبق عن حرس عمر بن عبد العزيز ثم قال إن هذه السنة في الجنائز باقية إلى يومنا إلا في حق العلو بين ومن أراد الأمراء من الأعيان وغيرهم والباقون يصلي عليهم خلف الحائط الشرقي أي من المسجد أي موضع الجنائز وفي زماننا يصلي على الجنائز بالمسجد ويخص الأعيان بالروضة إلا ما كان من جنائز الشيعة غير الأشراف فأنهم منعوا من إدخال جنائزهم إلى المسجد في دولة جقمق وذكرنا في الأصل كلاما حسنا في كيفية وضع الجنازة بين القبر والمنبر فراجعه. وقية من أعلى هلالها لكن لما هدمت المنارة المقابلة لها في المشرق المعروفة بالرسيسة بسبب الحريق الحادث في زماننا أعيدت أعني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 الرسيسة أطول من هذه إذ طولها يزيد على المائة بعد أن كان ينقص عن الثمانين ثم ظهر في المنارة الرسيسة ميل للتساهل في المبالغة لتأسيسها ومؤنها فأعيدت بعد أن بلغ بأساسها الماء وزيد في طولها ثانيا مع الأحكام التام حتى صار طولها أزيد من مائة وعشرين ذراعا على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف وشاد عمائره بأمر الإشراف قايتباي وذلك في عام أثنين وتسعين وثمانمائة وطول الشرقية الشامية المعروفة بالسنجارية ثمانون إلا ذراعا وطول الغربية المعروفة بالخشبية اثنان وسبعون ذراعا بتقديم السين كل ذلك من الهلال إلى الأرض خارج المسجد وهذا السياق ظاهر في أن الوليد أوّل من أتخذ المنارات ولأبي داود والبيهقيّ إن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر الحديث ولأبن زبالة حدثني محمد بن إسماعيل وغيره قال كان في دار عبد الله بن عمر أسطوانة في قبلة المسجد يؤذن عليها بلال يرقى إليها بأقتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 والأسطوانة مربعة قائمة إلى اليوم يقال لها المطمار وهي في منزل عبيد الله بن عبد الله بن عمر وله عن موسى بن عبيدة أن عمر بن عبد العزيز استأجر حرسا للمسجد لا تحترق فيه وعن كثير بن زيد قال نظرت إلى حرس عمر بن عبد العزيز يطردون الناس من المسجد أن يصلي على الجنائز فيه وعن عثمان بن أبي الوليد إن عروة قال له تضربون الناس في الصلاة في المسجد على الجنائز قال قلت نعم قال إما إن أبا بكر قد صلى عليه في المسجد وليحيى ما يقتضي أن ذلك كان قبل زمن الوليد فإنه روى عن المقيري إنه رأى حرس مروان أبن الحكم يخرجون الناس من المسجد يمنعونهم أن يصلوا على الجنائز وقد تلخص مما رواه أبن شبة أن الذي استقر عليه الأمر أنهم كانوا يحملون موتاهم حتى يصلي عليها النبي صلى الله عليه وسلم عند بيته في موضع الجنائز وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنه أنها أمرت أن يمرّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 بجنازة أبن أبي وقاص في المسجد فيصلي عليه فأنكر الناس ذلك عليها فقالت ما أسرع ما نسى الناس ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد وفي رواية والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء في المسجد سهل وأخيه ويفهم منه أنه كان نادرا وليحيى بسند جيد عن أبن عمر رضي الله عنه إنه صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد وفي رواية له إن عمر بن الخطاب صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى على عمر بن الخطاب في المسجد عند المنبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 ولأبن شبة إن الجنازة وضعت تجاه المنبر وذكر أبن النجار ما سبق عن حرس عمر بن عبد العزيز ثم قال إن هذه السنة في الجنائز باقية إلى يومنا إلا في حق العلو بين ومن أراد الأمراء من الأعيان وغيرهم والباقون يصلي عليهم خلف الحائط الشرقي أي من المسجد أي موضع الجنائز وفي زماننا يصلي على الجنائز بالمسجد ويخص الأعيان بالروضة إلا ما كان من جنائز الشيعة غير الأشراف فأنهم منعوا من إدخال جنائزهم إلى المسجد في دولة جقمق وذكرنا في الأصل كلاما حسنا في كيفية وضع الجنازة بين القبر والمنبر فراجعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 " الفصل التاسع " في زيادة المهدي نقل أبن زبالة ويحيى أن المسجد لم يزل على حاله ما زاد فيه الوليد إلى أن همّ أبو جعفر المنصور بالزيادة فيه ثم توفى ولم يزد فيه حتى زاد فيه المهدي فلا يغتر بما ذكروه فيه من الكتابات للخلفاء على جدران المسجد كالسفاح أوّل خلفاء بني العباس وغيرهم من الأمراء بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والزيادة فيه ونحوه لكتابته لمن تجدّدت وليته وإن لم يزد قال أبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم لم يزل المسجد على حاله ما زاد فيه الوليد حتى ولى أبو جعفر يعني المنصور فهم بالزيادة وكتب إليه الحسن بن زيد بصف له ناحية موضع الجنائز ويقول إن زيد في المسجد من المشرق توسط القبر الشريف المسجد النبوي فكتب إليه أبو جعفر عرفت الذي أردت فأكفف عن ذكر دار الشيخ عثمان رضي الله عنه فتوفى أبو جعفر ولم يزد فيه شيأ ثم حج المهدي يعني أبن أبي جعفر سنة ستين ومائة فقدم المدينة منصرفه عن الحج فاستعمل عليها جعفر بن سليمان سنة إحدى وستين وأمر بالزيادة فيه وولى بناءه عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز وعبد الملك بن خبيب الغساني فمات أبن عاصم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 فولي مكانه عبد الله بن موسى الحمصي وزاد فيه مائة ذراع من ناحية الشام ولم يزد في القبلة ولا في المشرق والمغرب شيئاً وذلك عشر أساطين في صحن المسجد إلى سقائف النساء أي إلى آخر سقائف النساء وخمسا لسقائف النساء أي من العشرة المذكورة وقد أدرك أبن زبالة هذه العمارة وقد روى ذلك يحيى عنه وعن غيره وأقره وهو مخالف لمقتضى ما سبق من أن طول المسجد زمن الوليد مائتا ذراع لاقتضائه أنه صار بزيادة المهدي هذه ثلاثمائة ذراع وقد صرح أبن زبالة إن ذرع المسجد مائتا ذراع وأربعون ذراعا واختبرت أنا ذرعه فكان مائتي ذراع وثلاثة وخمسين ذراعا وهذا التفاوت لاختلاف الأذرعة والمعول عليه ما هنا لما سبق وقد أدركت في المسقف الشرقي أسطوانة هي التاسعة مما يلي جدار المسجد الشامي أسفلها مربع مرتفع عن الأرض بقدر الجلسة هي الخامسة عشر من مربعة القبر فهي علامة لابتداء زيادة المهدي لأن الذرع منها إلى آخر المسجد يقرب من المائة ولأن الوليد إذا كان له أربع عشرة أسطوانة من مربعة القبر كما سبق كان الجدار الشامي زمنه في هذا المحل وكانت هي معدودة من العشر التي زادها المهدي وقد اقتضى ما سبق أن المسقف الشامي المعبر عنه بسقائف النساء كان خمس أساطين وهو اليوم أربع فقط نقصوه أسطوانة لما زيد في المسقف القبلي رواقان بمؤخره وفي خبر لأبن زبالة إن مما أدخله المهدي من الدور دار مليكة وكانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 لعيد الرحمن بن عوف أدخل بعضها في المسجد وبعضها في رحبة المشارب وبعضها في الطريق وأدخل دار شرحبيل بن حسنة وبقيت منها بقية فابتاعها يحيى بن برمك فأدخلت في الحش حش طلحة وأدخل بقية دار عبد الله بن مسعود التي يقال لها دار القرى ودار المسور بن مخرمة وفرغ من بنيان المسجد سنة خمس وستين ومائة وفي خبر ليحيى إن المهدي زاد في المسجد من جهة الشام إلى منتهاه اليوم ثم خفض المقصورة وكانت مرتفعة ذراعين من الأرض فوضعها في الأرض على حالها اليوم فسدّ على آل عمر بن الخطاب خوختهم التي في دار حفصة وأمر بسدّها فتكلموا فيها حتى كثر الكلام ثم ذكر مصالحتهم على ما سيأتي فيها من جعلها شبه السرب في الأرض خارج المقصورة ويؤخذ من كلام أبن زبالة ويحيى في ذكر ما كان مكتوبا بأعلى أبواب المسجد زمن المهدي أنه زخرف المسجد بالفسيفساء كما فعل الوليد ويشهد لذلك بقية أدركناها في مؤخر المسجد مما يلي المنارة الغربية الشامية زالت في حريق زماننا وليس في كلام متقدّمي المؤرخين أن المسجد الشريف زيد فيه بعد المهدي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 بل كلامهم كالصريح في نفيه وقال الزين المراغي ما لفظه وقيل إن المأمون زاد فيه وأتقن بنيانه أيضا في سنة ثنتين ومائتين قال السهيلي وهو على حاله ورزين ينكره وهو بعيد جداً الآن من أدرك زمن المأمون من مؤرخي المدينة لم يذكروا ذلك نعم في المعارف لأبن قتيبة بعد ذكر زيادة المهدي وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه وقرأت على موضع زيادة المأمون أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثنتين ومائتين وذكر أشياء من الأمر بالعدل وتقوى الله تعالى وكأنه أخذ نسبة الزيادة من هذا ولا دلالة فيه وقد حكى يحيى وأبن زبالة أمثال هذه الكتابة لمن لم يزد في المسجد ممن تجدّدت ولايته من الخلفاء وسيأتي بيان عدد أبواب المسجد وبيان محالها في الثامن عشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 تجدّدت ولايته من الخلفاء وسيأتي بيان عدد أبواب المسجد وبيان محالها في الثامن عشر. " الفصل العاشر " فيما يتعلق بالحجرة المنيفة الحاوية للقبور الشريفة والحائز الذي أدير عليها وصفة القبور الشريفة بها تقدّم إنها بنيت لما بنى المسجد على نعت بنائه الأوّل من لبن وجريد النخل ويؤخذ مما سبق أن البيت كان مبنيا باللبن وله حجرة من جريد النخل مستورة بمسوح الشعر وكان عمر بن الخطاب أبدل الجريد بجدار فلأبن سعد عن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي زيد قالا لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على بيت النبي صلى الله عليه وسلم حائط فكان أوّل من بنى عليه جدارا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عبيد الله بن أبي زيد كان جداره قصيرا ثم بناه عبد الله بن الزبير اه وقال الحسن البصري كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام مراهق وأنال السقف بيدي وكان لكل بيت حجرة وكانت حجره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 من أكسية من شعر مربوطة في خشب عرعر ولأبن عساكر عن داود بن قيس قال أظن عرض البيت من الحجرة إلى باب البيت نحو أمن ست أو سبع أذرع وأظن سمكه بين الثمان والتسع نحو ذلك ووقفت عند باب عائشة رضي الله عنه فإذا هو مستقبل المغرب ويؤيد كون الباب في المغرب قصة كشفه صلى الله عليه وسلم لسجف الباب أي ستره في مرضه وترجيل عائشة شعره وهو في معتكفه وهي في بيتها لكن سبق في الرابع أن بابها مستقبل الشام ولأبن عساكر عن أبن أبي فديك أنه سأل محمد بن هلال عن بيت عائشة فقال كان بابه من جهة الشام قلت مصراعا كان أو مصراعين قال باب واحد قلت من أي شيء كان قال من عرعر أو ساج ولذا قال أبن عساكر وباب البيت شامي لم يكن عليه غلق مدّة حياة عائشة اه والصواب الجمع بأنه كان له بابان شامي وغربي وهو الذي سبق وأن عليا رضي الله عنه كان يجلس عند أسطوانة المحرس في مقابلته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وقد روى أبن سعد صلاة الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم بحجرته وفي بعض طرقه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا طيف نصلي عليه قالوا ادخلوا من ذا الباب أرسالا أرسالا فصلوا عليه وأخرجوا من الباب الآخر وهو صريح في البابين وكذا في خبر لأحمد برجال الصحيح فكانوا يدخلون من ذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر ونقل أبن زبالة إنه كان بين بيت حفصة وبين منزل عائشة الذي فيه القبر الشريف طريق وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزليهما من قرب ما بينهما وكان بيت حفصة عن يمين الخوخة أي خوخة آل عمر كما سبق فهو موقف الزائرين اليوم داخل مقصورة الحجرة وخارجها وسبق في حدود المسجد النبوي إنه زيد فيه من حجرة عائشة مما يلي الروضة والظاهر أنه مما كان محجرا عليه بالجريد لمرافق البيت وأن ما بنى عليه من ذلك صفة بيت عائشة التي وقع الدفن بها وحائز عمر بن عبد العزيز من المغرب فيما ترك من الحجرة لا أنه انتقص به الروضة والمسجد كما وهم فيه بعضهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 ولأبن زبالة عن عائشة رضي الله عنها قالت ما زلت أضع خماري وأنفصل في ثيابي حتى دفن عمر فلن أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جدارا وعن عبد المطلب كانوا يأخذون من تراب القبر فأمرت عائشة بجدار فضرب عليهم وكانت في الجدار ركوة فكانوا يأخذون منها فأمرت بالكوة فسدت وفي طبقات ابن سعد أخبرني موسى بن داود قال سمعت مالك بن أنس يقول قسم بيت عائشة باثنين قسم كان فيه القبر وقسم كان تكون فيه عائشة وبينها حائط وكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فلما دفن عمر رضي الله عنه لم تدخله إلا وهي جامعة عليه ثيابها ولأبن شبة عن أبي غسان لم يزل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي دفن فيه ظاهر حتى بنى عمر بن عبد العزيز عليه الخطار المزور حين بنى المسجد في خلافة الوليد وإنما جعله مزورا كراهة أن يشبه تربيعه تربيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 الكعبة وأن يتخذ قبلة فيصلى إليه وعن عروة قال نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يجعل في المسجد أشدّ المنازلة فأبى وقال كتاب أمير المؤمنين لا بدّ من أنفاذه قال فقلت فإن كان لا بدّ فأجعل له جؤجؤا أي وهو الموضع المزور تشبه المثلث خلف الحجرة قال أبو غسان وقد سمعت غير واحد من أهل العلم يزعم أنّ عمر بنى البيت غير بنائه الذي كان عليه وسمعت من يقول بنى على بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة جدر فدون القبر ثلاثة جدر جدار بناء بيت النبي صلى الله عليه وسلم وجدار البيت الذي يزعم أنه بنى النبي عليه وجدار الخطار الظاهر قلت لم نجد على الحجرة الشريفة عند انكشافها في العمارة التي أدركناها غير جدار واحد جوف الخطار الظاهر مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة إلا الشرق منه كما سيأتي فإنه حادث البناء بالحجر الغشيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 مبني بالحجارة عن رجاء بن حياة كتب الوليد إلى عمر وكان قد أشترى الحجرات أن أهدمها ووسع بها المسجد فقعد عمر في ناحية ثم أمر بهدمها فما رأيت أكثر باكيا من يومئذ ثم بناها كما أراد فلما هدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الرمل الذي عليها قد أنهار وذكر آمره بمزاحم مولاه لإصلاحها بعد أن أراد أن يقوم فيسويها بنفسه وليحيى وأبن زبالة عن عبد الله بن محمد بن عقيل كنت أخرج كل ليلة من آخر الليل حتى أتي المسجد فأبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ثم أتي مصلاي فخرجت في ليلة مطيرة حتى إذا كنت عند دار المغيرة بن شعبة لقيتني رائحة لا والله ما وجدت مثلها قط فجئت المسجد فبدأت بالقبر فإذا جداره قد انهدم من المشرق كما في رواية غيره فدخلت فسلمت فلم ألبث أن سمعت الحس فإذا عمر بن عبد العزيز فأمر به فستر بالقباطي فلما أصبح دعا وردان البناء فدخل فكشف فقال لابد من رجل فكشف عمر ساقه ليدخل فكشف القاسم بن محمد فكشف سالم بن عبد الله فقال عمر ما لكم قالوا ندخل معك فقال والله لا نؤذيهم بكثرتنا اليوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 ادخل يا مزاحم فناوله وفي رواية لهما عن محمد بن عبد العزيز الزهريّ إنه أمر أبن وردان أن يكشف عن الأساس فبينما هو يكشف إلى أن رفع يده وتنحى واجما فقام عمر فزعا فقال له عبد الله بن عبيد الله لا يروعنك فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب ضاق البيت عنهما فحفر لهما في الأساس فقال يابن وردان غط ما رأيت وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه إنه لما سقط عنهم الحائط زمن الوليد أخذوا في بناءه فبدت لهم قدم ففزعوا وظنوا إنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك حتى قال لهم عروة والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر ولأبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم إن البيت مربع مبني بحجارة سود وقصة الذي يلي القبلة منه أطول والشرقي والغربي سواء والشامي أنقصها وباب البيت مما يلي الشام مزدود بحجارة سود وقصة ثم بنى عمر بن عبد العزيز عليه هذا البناء الظاهر وزواه لئلا يتخذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 الناس قبلة تخص فيه الصلاة من بين المسجد قالوا والبناء الذي حول البيت بينه وبين البناء الظاهر اليوم مما يلي المشرق ذراعان ومما يلي المغرب ذراع ومما يلي القبلة تشبر مما يلي الشام فضاء كله وفي الفضاء الذي يلي الشام مركن مكسور ومكيل خشب قال عبد العزيز بن محمد يقال أن البناءين نسوه هناك اه وليحيى عن أبي غسان محمد بن يحيى سمعت من يقول في الخطار الذي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم مركن وخشبة وحديدة مسندة قال محمد بن يحيى وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد هو مركن تركه العمال هناك وقال محمد بن يحيى فأما أنا فأني أطلعت في الخطار فلم أرى شيئاً فزعم لي زاعم إنه قد رآى ثم المركن وشيأ موضوعا مع المركن وأما أنا فلم أراه ولم أعلم أحدا يدري من آخذه ولم أرى للبيت الذي في الخطار بابا ولا موضع بابه وقد أخبرني أبن أبي فدية إنه رأى باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي الشام اه قلت لم نرى للبيت عند انكشافه في العمارة التي أدركناها بابا ولا موضعه لا في جهة الشام ولا في غيرها ونقل أبن شبة عن أبي غسان أنه أطلع من بين سقفي المسجد وعاين الخطار الظاهر الذي على البيت وما فيه حين انكسر خشب سقف المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 فكشف السقف من تلك الناحية لعمارته سنة ثلاث وتسعين ومائة وذكر في تصويره الفرجة بين الجدارين في المشرق ثلاثة أذرع وبينهما في المغرب ذراع وبينهما في القبلة أقل من ذراع ورأس هذه الفرجة مما يلي المشرق ذراع قلت الذي تحرر لنا من مشاهدة ذلك صحة ما ذكره في الفرجة بين القبلتين فإنها مما يلي المشرق نحو ذراع فإذا قرب من الوجه الشريف تضيقت نحو شبر ثم أقل من ذلك وقريب من ابتدائها في المشرق بناء يمنع المرور في محاذاة الأسطوانة البارز بعضها في الحائز الظاهر من القبلة نحو عرضها كما سيأتي في تصويره وأما الغربيان فلم يكن بينهما فرجة ولا مغرز أبرة ومعلوم أن الجدار الظاهر لم يغير عن محله لصحة ما وصفه به المؤرخون بالنسبة إلى الأمور المحاذية له من خارجه وشاهد الحال من رؤية البناء الداخل قاض بأنه لم يغير منه إلا جهة المشرق وما يليها من القبلة والشام كما ستوضحه وما ذكره أبو غسان من أن الفرجة بين الشرقيين ثلاثة أذرع مخالف لما سبق عن أبن زبالة والظاهر أنها كانت كما ذكره أبو غسان لا على ما ذكره أبن زبالة ولا على ما وجدناها عليه لأنا وجدناها نحو ذراع اليد مما يلي الشام ونحو شبر مما يلي القبلة لكن وجد الجدار الشرقي الداخل وما اتصل به من القبلة والشام ليس مبنيا من جنس بناء بقية الحجرة فإن الحجرة مبنية بالحجارة الوجوه المنحوتة من داخل الجدار وخارجه بخلاف هذه الجهة ووجد عند نقض جدارها الشامي من داخله رأس جدار من محاذاة الأسطوانة الآتي تصويرها خلف هذا الجدار الشامي يشهد الحال أنه كان آخذا من الشامي إلى ما يحاذيه من القبلة عند الأسطوانة التي هناك وكان ذلك محل الجدار الشرقي من البناء الداخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 وقد صوّره أبو غسان في محاذاة الأسطوانتين المذكورتين فكأنه انهدم وعند إعادته لم يعد في محله بل وسعوا في الحجرة من الفرجة المذكورة حذرا مما سبق من ظهور ساق عمر رضي الله عنه عند حفر الأساس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 لكن لم ينبه أحد من المؤرخين على ذلك غير أنّ في رحلة أبن عاث النفزي حدّثت بالمدينة الشريفة أو بمدينة السلام بأنهم سمعوا منذ سنين قريبا من الأربعين هدّة في الروضة أي الحاوية للقبور الشريفة فكتب في ذلك إلى الخليفة فاستشار الفقهاء فأفتوا أن يدخلها رجل فاضل من القوم على المسجد فاختاروا لذلك بدرا الضعيف كان يقوم الليل ويصوم النهار من فتيان بني العباس فدلى حتى دخل فوجد الحائط الغربي قد سقط وهو حائط دون الحائط الظاهر فصنع له لبن من تراب المسجد فبناه وأعاده كما كان ووجد هناك قعبا من خشب أصابه وقوع الحائط فكسره فحمل إلى بغداد مع شيء من تراب الحائط وكان يوم وصوله إلى بغداد يوما مشهودا تجمع لاستقباله الناس وعطلت الصناعات والبيع ورحلة أبن عاث سنة ثلاث عشرة وستمائة وقد قال قريبا من أربعين سنة فيكون ذلك في نحو السبعين وخمسمائة في دولة المستضيئ فلعل هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 الواقعة هي التي كان فيها التغيير المذكور وكأنه أطلق الغربي على المنهدم بالنسبة إلى الجدار الخارج الذي يليه في المشرق ولم يبن إلا بالحجر لكنه غير منقوش كما قدّمناه ولعله أراد باللبن ما وجد من سترة هناك على رأس الجدار يشهد الحال بتجدّدها لزيادتها عما ذكره الأقدمون من الذرع لكن في كلام أبن النجار ما يقتضي أنه لم يقع دخول إلى الحجرة الشريفة من سنة أربع وخمسين وخمسمائة إلى زمنه وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين وستمائة فإنه قال أعلم أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة سمعوا صوت هدّة في الحجرة وكان الأمير قاسم بن مهنى الحسني فأخبروه فقال ينبغي أن ينزل شخص ليبصر ففكروا فيمن يصلح فلم يجدوا إلا شيخ شيوخ الصوفية بالموصل عمر النشائي كان مجاورا بالمدينة فذكر أنّ به فتقا يحوجه إلى التردّد للغائط فألزموه فأستمهل ليروّض نفسه ثم أنزلوه في الحبال من الخوخة الآتي ذكرها بالسقف إلى الحظير الذي بناه عمر ودخل منه إلى الحجرة ومعه شمعة يستضيء بها فرأى شيئاً من طين السقف قد وقع على القبور فأزاله وكنس التراب بلحيته قيل إنه كان مليح الشيبة هذا ما سمعته من أفواه جماعة والله أعلم بحقيقة الحال في ذلك ثم قال أبن النجار في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وخمسين وخمسمائة في أيام قاسم أيضا وجدوا من الحجرة رائحة منكرة فأمرهن الأمير قاسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 بالنزول فنزل بيان الأسود الخصي أحد خدام الحجرة مع الصفي الموصليّ متولي عمارة المسجد ونزل معهما هارون الشادي الصوفي فوجدوا هرا هبط في الحائز بين الحجرة والمسجد أي بين الجدارين ومات وجف فأخرجوه وذلك يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم ينزل أحد إلى هناك اه والظاهر إن قضية أبن عاث متحدة مع ما ذكره أبن النجار ولم يقع تحريرها لعدم تدوينها ثم ظفرت في كلام بعض حفاظ عصرنا فسح الله في أجله أن مما وقع عند رأس المائة الرابعة أنه في سنة سبع وأربعمائة اتفق تشعيث الركن اليماني من الكعبة وسقوط جدار قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم وسقوط القبة الكبيرة عل صخرة بيت المقدس فعدّ ذلك من أغرب الاتفاق وأعجبه اه فيستفاد منه سبق ذلك بكثير على ما ذكره أبن عاث وأبن النجار وقد ذكر أبن النجار تصوير الحجرة الشريفة وتبعه عليه أبن عساكر والزين المراغي وهو مخالف للتصوير الذي نقله أبن شبة عن أبي غسان وللتصوير الذي نقله طاهر بن يحيى عن أبيه ولما شاهدناه من تصوير الحجرة الشريفة وقد أوضحنا ذلك في الأصل ولا شك أن البناء الذي في جوف الحائز الظاهر مربع وقد صوّره أبن النجار وأتباعه بصورة البناء الظاهر مخمسا فهو خطأ وقد ذرعت الحجرة الشريفة من داخلها بجريدة طويلة فكان ذرع مقدّمها الذي يلي القبلة بين المغرب والمشرق عشرة أذرع وثلثي ذراع وذرع مؤخرها مما يلي الشام أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 عشر ذراعا وربع وسدس وذرع عرضها من القبلة إلى الشام في كل من جانبيها الغربي والشرقي سبعة أذرع بتقديم السين ونصف وثمن وهو قريب من الذرع الذي ذكره أبن شبة ويحيى في تصويرهما وعرض منقبة الجدار الداخل من الجوانب كلها ذراع ونصف وقيراطان إلا الشرقي المجدّد فإنه ذراع وربع وثمن فقط وعرض منقبه الحائز الظاهر ذراع وربع وثمن وارتفاعه في السماء من أرض المسجد حوله ثلاثة عشر ذراعا وثلث ذراع يزيد في بعض الجهات يسيرا وهو مبنيّ بالحجر الغشيم ورؤيته من داخله شاهدة بأنه زيد في أعلاه نحو نصف ذراع بالآجر لما زيد في الجدار الداخل سترة للسقف الآتي ذكره ليساويه ولذا قال أبو غسان إنّ ارتفاعه عشر ذراعا غير سدس فوافق ذلك ذرعنا المتقدّم وأمّا ما ذكره أبن النجار ومن تبعه في ذرعه من أنه ثلاثة وعشرون ذراعا فقد أدخلوا في ذلك طول الشباك المتصل من رأس هذا الجدار إلى سقف المسجد فإنّ عمر بن عبد العزيز لم يبلغ بحائزة سقف المسجد وقد ذكر أبن النجار أن الجمال الأصفهاني عمل للحجرة أي لحائزها مشبكا من الصندل والأبنوس وأداره حولها مما يلي السقف اه فهو الشباك المذكور ولعل الأصفهاني أوّل من أحدثه ولا ذكر له في كلام المتقدّمين وقد ذكرنا في الأصل ذرع كل صفحة من صفحات هذا الحائز المخمس وارتفاع الجدار الداخل في السماء من خارجه بين الجدارين خمسة عشر ذراعا ومع ذلك فتظهر مساواته للحائز الخارج وسببه علوّ أرض المسجد خارج الحائز على الأرض الداخلة بين الحائزين بأرجح من ذراع ونصف والرحبة التي شبه المثلث بين الجدارين خلف الجدار الشامي وجدت مجدولة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 بالحجارة وطولها من القبلة إلى الشام ثمانية أذرع والأرض من داخل الحجرة منخفضة أيضا عما بين الحائزين بذراع وربع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 وسيأتي في الرابع عشر ما أحدثه متولي العمارة الشمس بن الزمن من التغيير في ذلك وتصوير ما استقرّ عليه الأمر وذكر أبن النجار أن على الحجرة أي سقفها ثوبا مشمعا مقل الخيمة وفوقه سقف المسجد وفيه أي فيما تحت المشمع المذكور خوخة عليها ممرق أي طابق مقفول وفوق الخوخة في سقف السطح أي سقف المسجد خوخة أخرى فوق تلك الخوخة وعليها ممرق مقفول أيضا وبين سقف المسجد وبين سقف السطح فراغ نحو الذراعين أي بين السقف الثاني لسطح المسجد والأوّل فإنه سقفان كما سيأتي بينهما فراغ نحو الذراعين وهذا الذي ذكره كان قبل الحريق الأوّل وأما بعده فقد أدركت بين سقفي المسجد في سقفه الذي يلي الحجرة ألواحا مسمرة سمر عليها ثوب مشمع وفيها طابق مقفل في محاذاة وسط بناء الحجرة الداخل لا كما قال المطري إنه إذا فتح يكون النزول منه إلى ما بين حائط بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز قال وسقف الحجرة بعد الحريق إنما هو سقف المسجد وهو خطأ أيضا بل شاهدت عليها سقفا متقنا عمل بعد الحريق الأوّل لأنّ آثار خشب السقف المحترق ظهرت لنا تحت هذا السقف المجدّد عليها سترة من لبن ولم ير من جدّد هذا السقف وضعه في محل تلك الأخشاب لما يترتب عليه من إخراج رؤوس تلك الأخشاب المحترقة من الجدار فجعله فوق تلك السترة وجدّد له سترة نحو نصف ذراع وجعله من ألواح ساج على حزم من الساج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وجعله قطعا مكلبة بقضبان من الحديد بعضها في بعض ولم يجعل فيه طابقا وجعل عليه ستارة من المحابس اليمنية مبطنة وقال أبن رشد في بيانه ولقد أخبرني من أثق به أنه لا سقف للقبر الشريف اليوم تحت سقف المسجد اه ووفاة أبن رشد سنة عشرين وخمسمائة فهو قبل الحريق الأوّل بمدّة مديدة فهو مخالف لقضية كلام المؤرخين ولما سيأتي عن مالك رحمه الله في الكسوة ولا شك في كونه كان مسقوفا قبل الحريق لما سبق وقد وجدنا بقية ميزابه في العمارة التي أدركناها من عرعر ولا شك أيضا في كونه كان مسقوفا في الصدر الأوّل ولذا روى الدارميّ في صحيحه عن أبي الجوزاء قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله عنه فقالت فانظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمى عام الفتق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 قال الزين المراغي وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة حتى الآن يفتحون كوة في سفل قبة الحجرة أي القبة الزرقاء المحترقة في زماننا يفتحونها من جهة القبلة وإن كان السقف حائلا بين القبر الشريف وبين السماء قلت وسنتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف من المقصورة المحيطة بالحجرة الشريفة والاجتماع هناك ثم إن الشجاعي شاهين الجمالي لما بنى أعالي القبة الخضراء الآتي ذكرها في الفصل بعده اتخذ في ذلك كوة عليها شباك حديد ثم فتح كوة في محاذاتها بالقبة السفلى المتخذة بدل سقف الحجرة الشريفة الآتي ذكرها في الثاني عشر وجعل على هذه الكوة شباكا أيضا وجعل على هذا الشباك بابا يفتح عند الاستسقاء للجدب " وأما صفة القبور الشريفة بالحجرة المنيفة " فقد اختلف فيها على نحو سبع كيفيات ذكرناها في الأصل بأدلتها والذي عليه الأكثر أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أمامها إلى القبلة مقدما أي لجدار القبلة كما سيأتي ثم قبر أبي بكر رضي الله عنه حذاء منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر رضي الله عنه حذاء منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر عمر رضي الله عنه حذاء منكبي أبي بكر رضي الله عنه وهذه صفتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 ونقل المراغي أن رزينا ويحيي جزما بهذه الصفة وهو كذلك في كلام رزين رواها عن عبد الله ابن محمد بن عقيل في خبره المتقدم في انهدام حائط الحجرة وأما يحيي فقال في كتابه حدثنا هارون بن موسى قال سمعت أبي بكر عن نافع بن أبي نعيم وغيره من المشايخ ممن له سنّ وثقة وذكر ما تقدم وفي النسخة التي رواها ابنه طاهر عند تصوير القبور الشريفة كذلك وقال إنها صفة القبور الشريفة فيما وصف بعض أهل الحديث عن عروة عن عائشة ثم ذكر صفة أخرى رواها ابن زبالة عن القاسم بن محمد ذكرناها في الأصل وأرجح ما روى عن القاسم بن محمد ما رواه أبو داود الحاكم وصحح إسناده عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال دخلت على عائشة رضي الله عنه فقلت لها يا أمته اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت عن ثلاثة قبور ولا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء زاد الحاكم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رضي الله عنه رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 قال ابن عساكر وهذه صفته وليحيي عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه وإسماعيل صدوق أخطأني أحاديث من قبل حفظه وأبوه صدوق يهم وبقيه رجاله ثقات عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وصفت لنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي الله عنه وهذه القبور في سهوة في بيت عائشة رضي الله عنها رأس النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي المغرب وقبر أبي بكر رضي الله عنه عند رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وقبر عمر رضي الله عنه خلف النبي صلى الله عليه وسلم وبقي موضع قبر وهذه صفة قبورهم علة ما وصف ابن أبي أويس عن يحيي بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنه قال ابن عساكر بعد رواية ذلك من طريق ابن زبالة وهذه صفته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 قلت ويردها ما ثبت في الصحيح من أن الذي بدت قدمه عند هدم الجدار إنما هو عمر لأن الجدار المنهدم هو الشرقي ولو صحت هذه الرواية لكان البادي قدم أبي بكر رضي الله عنه وأشهر الروايات الأولى والثانية صححها الحاكم كما سبق فهاتان الروايتان أرجح مما ورد في ذلك وبقية الروايات تركناها لضعفها وقد اشتملت رواية أبي داود والحاكم على أن القبور الشريفة لم تكن مسنمة ولأبن زبالة عن عائشة رضي الله عنها ربع قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل رأسه مما يلي المغرب وأما ما في الصحيح عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما زاد أبو نعيم في المستخرج وقبر أبي بكر وعمر كذلك فلا يعارض ما سبق لأن سفيان ولد في زمن معاوية رضي الله عنه فلم ير القبر أول الأمر فيحتمل كما قال البيهقي أن القبر تسنم لما سقط عنه الجدار ولذا روى يحيي عن عبد الله بن الحسين قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما زمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 الوليد بن هشام ويدل لما سبق من بقاء قبر عرض عائشة رضي الله عنه علي عبد الرحمن بن عوف حين نزل به الموت أن يدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه كما رواه ابن شبة وكذا ما روى من أذنها للحسن رضي الله عنه ومنع بني أمية له وكان قولها لأبن الزبير كما في الصحيح لا تدفني معهم ادفني مع صواحبي بالبقيع زاد الإسماعيلي وكان في بيتها موضع قبر لا ينافيه إرسال عمر رضي الله عنه يسألها أن يدفن مع صاحبيه وقولها كما في الصحيح كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي لاحتمال أن الذي آثرت به هو ما يقرب من قبريهما فلا ينفي وجود مكان آخر ولذا جاء في رواية أن موضع القبر الباقي في السهوة الشرقية قال سعيد بن المسيب فيه يدفن عيسى بن مريم عليه السلام والسهوة قيل كالصفة وقيل شبه المخدع والخزانة وللترمذي من طريق أبي مودود عن عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف عن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه قال فقال أبو مودود قد بقى موضع قبر قال الترمذي حديث غريب وفي بعض النسخ حسن غريب وهكذا قال عثمان بن الضحاك المعروف الضحاك بن عثمان اه ولفظ الطبراني في روايته يدفن عيسى بن مريم عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنه فيكون قبرا رابعا وفيه عثمان بن الضحاك وثقة ابن حبان وضعفه أبو داود وقد أخرجه أبو ذر الهروي في كتاب السنة له من طريقه ثم أخرج عقبة من طريق حماد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز لو أتيت المدينة وأمت بها فإن مت دفنت في الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فقال والله لأن يعذبني الله عز وجل بكل عذاب إلا النار أحب إليّ من أن يعلم أني أرى نفسي لذلك أهلا وليحيي بن النجار عن كعب الأحبار قال ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة صلى الله عليه وسلم وفي صحيح الدرامي نحوه وبوّب عليه باب ما أكره الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ورواه البيهقي ورواه أيضا في شعبه. رضي الله عنه علي عبد الرحمن بن عوف حين نزل به الموت أن يدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه كما رواه ابن شبة وكذا ما روى من أذنها للحسن رضي الله عنه ومنع بني أمية له وكان قولها لأبن الزبير كما في الصحيح لا تدفني معهم ادفني مع صواحبي بالبقيع زاد الإسماعيلي وكان في بيتها موضع قبر لا ينافيه إرسال عمر رضي الله عنه يسألها أن يدفن مع صاحبيه وقولها كما في الصحيح كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي لاحتمال أن الذي آثرت به هو ما يقرب من قبريهما فلا ينفي وجود مكان آخر ولذا جاء في رواية أن موضع القبر الباقي في السهوة الشرقية قال سعيد بن المسيب فيه يدفن عيسى بن مريم عليه السلام والسهوة قيل كالصفة وقيل شبه المخدع والخزانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وللترمذي من طريق أبي مودود عن عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف عن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه قال فقال أبو مودود قد بقى موضع قبر قال الترمذي حديث غريب وفي بعض النسخ حسن غريب وهكذا قال عثمان بن الضحاك المعروف الضحاك بن عثمان اه ولفظ الطبراني في روايته يدفن عيسى بن مريم عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنه فيكون قبرا رابعا وفيه عثمان بن الضحاك وثقة ابن حبان وضعفه أبو داود وقد أخرجه أبو ذر الهروي في كتاب السنة له من طريقه ثم أخرج عقبة من طريق حماد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز لو أتيت المدينة وأمت بها فإن مت دفنت في الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فقال والله لأن يعذبني الله عز وجل بكل عذاب إلا النار أحب إليّ من أن يعلم أني أرى نفسي لذلك أهلا وليحيي بن النجار عن كعب الأحبار قال ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة صلى الله عليه وسلم وفي صحيح الدرامي نحوه وبوّب عليه باب ما أكره الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ورواه البيهقي ورواه أيضا في شعبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 " الفصل الحادي عشر " فيما جعل علامة لتمييز جهتي الرأس والوجه الشريفين ومقام جبريل عليه السلام من الحجرة الشريفة وتأزيرها بالرخام وكسوتها وتخليقها والمقصورة التي أديرت عليها والقبة المحاذية لها بأعلى سطح المسجد الشريف النبوي وأما علامة جهة الرأس الشريف فصندوق مصفح بالفضة بأصل الأسطوانة اللاصقة بحائز القبر الشريف عند نهاية الصفحة الغربية منه مما يلي القبلة في صف أسطوانة السرير وأسطوانة التوبة ولو أعلم ابتداء حدوثه واقدم من ذكره ابن جبير في رحلته وكانت قبل الحريق الأول عام ثمانين وخمسمائة وقال أنه قبالة رأس النبي صلى الله عليه وسلم قلت وفيه تجوز فقد ظهر لنا أنه في محاذاة الجدار والداخل القبلي واللحد الشريف إلى الجدار المذكور كما سيأتي والأصل في ذلك ما روى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه كان إذا جاء يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الأسطوانة التي تلي الروضة أي وهي المتقدمة ثم يقول ههنا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 والمراد منه ما قدمناه وكان فوق هذا الصندوق قائم من خشب يحيط بما ظهر من الأسطوانة إلى رأس أعلى رخام الحجرة مختم مصفح بصفائح الفضة المموهة فلما أحترق مع الصندوق في الحريق الثاني أعيد الصندوق وجعل موضع القائم رخام كتب فيه البسملة والصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك وأما علامة الوجه الشريف فمسمار فضة بينه وبين ابتداء الصفحة الغربية نحو خمسة أذرع والمذكور في كلام الأقدمين التعليم يجعل القنديل على الرأس قال ابن أبي مليكة إذا جعلت القنديل على رأسك والمرمرة المدخولة في جدار القبر قبالة وجهك استقبلت وجه النبي صلى الله عليه وسلم قال المطري هذا كان قبل احترق المسجد فإنه يقابل الوجه الشريف غير قنديل واحد ولما جدد جعل هناك عدة قناديل وإنما العلامة اليوم مسمار فضة في رخامة حمراء اه وهو يوهم حدوث التعليم بذلك بعد الحريق وليس كذلك فقد ذكر العليم به ابن النجار فقال عقب نقل كلام ابن أبي مليكة وهناك اليوم علامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 واضحة وهي مسمار فضة في حائط الحجرة إذا قابله الإنسان كان القنديل على رأسه فيقابل وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الجوزي في مثير العزم الساكن وثم ما هو أوضح علما من القنديل وهو مسمار صفر في حائط الحجرة إذا حاذاه القائم كان القنديل فوق رأسه وكذا قال ابن جبير في رحلته وكل هؤلاء كانوا قبل الحريق واقتضى كلام الغزالي إلى أن الواقف تحت القنديل يكون بينه وبين السارية التي عند رأس القبر عند زاويته الغربية وهي أسطوان الصندوق نحو أربعة أذرع فهو قريب مما سبق في محل المسمار المذكور وقال الأقشهري أنه سقط سنة عشرين وسبعمائة ولم يرد إلى موضعه إلا في رجب عام أربع وعشرين وسبعمائة " قلت " وقد أخرج في زماننا عند ترخيم الحجرة الأولى وأعيد إلى محله مع مسمار في أول الصفحة القبلية ومسمارين آخرين في طرف الصفحة الغربية أحدثها متولي العمارة ابتدعا منه ثم أزال الحريق الحادث في زماننا ذلك ثم أعيد المسمار والنذور فقط إلى محله في الترخيم المتجدد بعد حريق زماننا وفي كلام يحيي ما يوهم أن محل الوجه الشريف بقرب الأسطوانة جدار الحائز وبينها وبين المسمار المذكور نحو ثلاثة أذرع ومشاهدة الحجرة من داخلها قاضية برد ذلك وتشبيك باب المقصورة القبلي الذي أحدثه متولي العمارة ضيق قد يمنع مشاهدة المسمار إلا بتأمل يشغل القلب فإنه في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 مقابلة الصرعة الثانية مما يلي المشرق فمن حاذاها كان محاذيا للمسمار المذكور وهو مموه بالمذهب ثم أن المقرّ الشجاعي شاهين الجمالي أبدل الباب المذكور بشباك نحاس فأتضح به شهود المسمار المذكور لمن أراده وأما مقام جبريل عليه السلام فعند مربعة القبر كما سبق فيها وكان هناك مسمار فضة في منحرف المربعة إلى الزاوية الشمالية من حائز الحجرة علامة عليه ذكره المراغي وكأنه سقط ولم يعد وقد ذكر ابن جبير في رحلته هذا المحل من الحجرة قال وعليه ستر مسبل يقال أنه مهبط جبريل عليه السلام اه وقد ترجم ابن شبة لمقام جبريل عليه السلام ثم ذكر ما سيأتي عنه في باب جبريل وسقط من النسخة التي وقعت لنا بقية الكلام فيه وسنذكر من كلام ابن زبالة هناك ما يحتمل أنه يريد به هذا المحل وأما تأزير الحجرة الشريفة بالرخام فلم يذكره بالرخام فلم يذكره ابن زبالة لكن ذكر يحيي ما حاصله أن حجرا كان لاصقا بجدار القبر قريبا من المربعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه إذا دخل إلى فاطمة أو فاطمة رضي الله عنه وقال علي بن موسى الرضا أن فاطمة ولدت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 الحسن والحسين رضي الله عنه على ذلك الحجر قال يحيي ورأيت الحسين بن عبد الله إذا أشتكى شيئاً من جسده كشف الحصى عنه فمسح به ذلك الموضع ولم يزل ذلك الحجر نراه حتى عمر الصانع المسجد ففقدناه عند ما أزرا اقبر الرخام قال راوي كتاب يحيي الصانع هذا هو إسحاق بن سلمة كان المتوكل وجه به على عمارة المدينة ومكة " قلت " خلافة المتوكل هذا سنة أثنين وثلاثين ومائتين وتوفى سنة سبع وأربعين فتأزير الحجرة إنما كان في زمنه والظاهر أنه فرش أيضا الرخام الذي حول الحجرة بالأرض لما ذكر من كشف الحصى عن الحجر المذكور وللتبرك به قال ابن النجار ثم في خلافة المقتفي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة جدده جمال الدين الأصفهاني وزير بني زنكة وجعل الرخام حولها قامة وبسطة " قلت " يذكر أحد من المؤرخين من جدده بعد ذلك والظاهر أنه جدد بعد الحريق الأول وقد جدد في زماننا في دولة الأشرف قايتباي مرتين الأولى سنة إحدى وثمانين وثمانمائة قبل حريق زماننا بعده سنة سبع وثمانين وثمانمائة وكل ما يوجد اليوم من الرخام بالحجرة وغيرها قد جدد في العمارة الثانية ولم يكن بعد الحريق الأول بجدار المسجد القبلي رخام سوى المحراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 العثماني ويسير من جنبتيه وفي دولة الظاهر جقمق جعل فيه وزرة كاملة بين المنارتين الشرقية والغربية وزادوا في العمارة الثانية ترخيم المنارة الشرقية وشيئاً مما بعدها في المشرق وترخيم باب السلام وعمل المنبر ودكة المؤذنين من الرخام وترخيم الدعائم المحدثة حول الحجرة الشريفة وأما كسوة الحجرة الشريفة فلم يتعرض لها ابن زبالة ولا يحيي مع ذكر ابن زبالة لكسوة المنبر وجعل السترة على أبواب المسجد وقال ابن النجار بعد ذكر ترخيم الحجرة وإدارة الأصفهاني للشباك المتقدم على حائزها وتحتيمه بالصندل والأبنوس ولم تزل الحجرة على ذلك حتى عمل لها الحسين بن أبي الهيجاء صهر الصالح وزير الملوك المصريين ستارة من الدبيقي الأبيض وعليها الطروز الجامات المرقومة وخيطها وأدار عليها زنارا من الحرير الأحمر مكتوبا عليه سورة يس وأراد تعليقها على الحجرة فمنعه قاسم بن مهنى أمير المدينة قال حتى نستأذن المستضيئ بأمر الله فبعث إلى العراق يستأذن فجاءه الأذن فعلقها نحو العامين ثم جاءت من الخليفة ستارة من الأبريسم البنفسجي عليها الطراز والجامات المرقومة وعلى طرازها أسم المستضيئ بأمر الله فشيلت لك ونفذت إلى مشهد علي بالكوفة وعلقت هذه عوضها فلما ولي الناصر لدين الله نفذ ستارة أخرى من الأبريسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 الأسود فوق تلك فلما حجت الحاجة أم الخليفة وعادت إلى العراق عملت ستارة كالتي قبلها ونفذتها فعلقت على هذه ففي يومنا على الحجرة ثلاث ستاير بعضهن على بعض انتهى وظاهره أن ابن أبي الهيجاء أول من كسا الحجرة لكن قال رزين في ضمن خبر عن محمد بن إسماعيل ما ألفضه فلما كانت ولاية هارون الرشيد وقدمت معه الخيزران أمرت بتخليق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخليق القبر وكسته الزنانير وشبائك الحرير اه وفي العتبية مسجد لمالك أنه ينبغي أن ينظر في قبر النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكسون سقفه قثيل يجعل عليه خيش فقال وما يعجبني الخيش فإنه ينبغي أن ينظر فيه انتهى وفي عشر الستين وسبعمائة أشترى السلطان الصالح إسماعيل بن الناصر محمد قرية من بيت مال المسلمين بمصر ووقفها على كسوة الكعبة المشرفة في كل سنة وعلى كسوة الحجرة والمنبر في كل خمس سنين مرة وذكره التقي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 الفاسي والزين المراغي إلا أنه قال في كسوة الحجرة في كل ست سنين مرة تعمل من الديباج الأسود مرقوما بالحرير الأبيض ولها طراز منسوج بالفضة المذهبة دائر عليها الكسوة المنبر فإنها بتفصيص أبيض انتهى والعادة قسم الكسوة العتيقة عند ورود الجديدة والحكم فيه كحكم كسوة الكعبة وقد قال العلائي أنه لا تردد في جواز قسمتها لأن الوقف عليها كان بعد استقرار العادة بذلك والعلم بها وأما تخليق الحجرة الشريفة وكذا المسجد فقال لبن زبالة قدمت الخيزران سنة سبعين ومائة فأمرت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم يخلق وولى ذلك من تخليقه مؤنسة جاريتها فقام إليها إبراهيم بن الفضل مولى هشام بن إسماعيل فقال هل لكم أن تسبقوا من بعدكم وأن تفعلوا ما لم يفعله من كان قبلكم قالت مؤنسة وما ذاك قال تخلقون البركة ففعلوا وإنما كان يخلق منه ثلثاه أو أقل وأشار عليهم فزاد في خلوق أسطوانة التهوية والأسطوانة التي هي علم عند مصلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلقوهما حتى بلغوا بهما أسفلهما وزادوا في الخلوق في أعلاهما انتهى وقد ترك أمر الخلوق في زماننا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 وأما معاليق الحجرة الشريفة ألت تعلق حولها من قناديل الذهب والفضة ونحوهما فلم أقف على ابتداء حدوثها إلا أن ابن النجار قال في سقف المسجد الذي بين القبلة والحجرة رؤس الزوار إذا وقفوا أي وهو من داخل المقصورة اليوم معلق نيف وأربعون قنديلا كبارا وصغارا من الفضة المنقوشة والساذجة وفيها اثنان من بلور وواحد من ذهب وقمر من فضة مغموس في الذهب وهذه متنفذ من البلدان ومن الملوك وأرباب الحشمة انتهى وعمل من ذكر مستمر بذلك وإذا كثرت رفع بعضها ووضع بالقبة التي وسط المسجد فأجتمع شئ كثيرة فأتفق في سنة إحدى عشر وثمانمائة أن فوض الناصر فرج لحسن بن عجلان الحسني سلطنة الحجاز كله والنظر في إمرة المدينة وكان أميرها جماز بن هبة الجمازي فاقتضى رأي حسن تولية ثابت بن نغير المنصوري فيرافق المراسيم له بذلك ولم يصل الخبر إلا بعد وفاة ثابت فأظهر جماز العصيان وجمع المفسدين وأباح بهب بعض بيوت المدينة ثم كسر باب القبة وأخذ جميع ما فيها وأحضر السلم لإنزال قناديل الحجرة وكسوتها فصرفه الله عن ذلك ثم أرتحل على جمال السواني وزنة ما أخذ من قناديل الفضة سبعة وعشرون قنطارا وخوشخانات مختومة يقال إنها ذهب وصندوقان ذهبا ويقال أنه دفن غالب ذلك ثم قتل سنة اثنتي عشرة وثمانمائة فلم يعلم مكان ذلك ثم تجدد بالحاصل المذكور أشياء فأخذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 منها الأمير عزيز بن هيازع بن هبة الجمازي سنة أربع وعشرين وثمانمائة جانبا من ذلك زاعما على سبيل القرض فأمتحن بعض قضاة المدينة بسببه ثم حمل عزيز للقاهرة محتفظا به ومات بها مسجونا ثم لم تزل هذه القناديل في زيادة حتى عدا برغوث بن بتسيرين حريس الحسيني ودبوس بن سعد الحسيني الطفيلي على طائفة من المعلق منها حول الحجرة الشريفة في الجمعة سنة ستين وثمانمائة صارا يدخلان من دار الشباك التي موضعها اليوم سبيل المدرسة الأشرفية بباب الرحمة وكانت خالية فيتسوّر جدار المسجد ثم يدخلان من بين سقفي المسجد إلى هناك فأخذ أشياء كثيرة ولم يطلع إلا بعد مدة ثم أمسكا وقتلا بعد استرجاع طائفة من ذلك ثم بلغنا أن متولي العمارة الشمس بن الزمن حسن للسلطان الأشرف حمل ما أجتمع من ذلك بالقبة إلى مصر وصرفه في مصالح المسجد فحمل جانب منه قبل الحريق الثاني وقد ألف السبكي تأليفا سماه تنزل السكينة على قناديل المدينة وذهب فيه إلى جوازها وقفها وعدم جواز صرف شئ منها لعمارة المسجد وقد لخصناه في الأصل مع مباحث حسنة فراجعه ومن أحسن ما رأيت من معاليق الحجرة قنديلا من فولاذ كبيرا حسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 التكوين محزما مكفتا بذهب يضيء إذا أسرج فيه وعليه مكتوب أن الناصر محمد بن قلاوون علقه بيده هناك وكان بالقبة فعلقه الشجاعي الجمالي قبالة المصلى النبوي وأما المقصورة التي أديرت على الحجرة الشريفة وبيت فاطمة رضي الله عنه بين الأساطين فقد أحدثها السلطان الظاهر ركن الين بيبرس وذلك أنه لما حج سنة سبع وستين وستمائة أراد جعلها من دربزين خشب فقاس ما حول الحجرة الشريفة بيده وقدره بحبال وحملها معه وعمل الدرابزين وأرسله سنة ثمان وستين وأداره عليها وعمل ثلاثة أبواب قبليا وشرقيا وغربيا نصبه بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة إلا من ناحية الشام فإنه زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم وكان ارتفاعه نحو القامة فزاد عليه العادل زين الدين كتبغا سنة أربع وتسعين وستمائة شباكا دائرا عليه ورفعه حتى وصله بسقف المسجد ثم زيد لهذه المقصورة باب رابع شامي بطرف صحن المسج عند زيادة الرواقين بمؤخر السقف القبلي سنة تسع وعشرين وسبعمائة في دولة الناصر ثم أحدث أما هذا الباب من جهة الصحن سقف لطيف نحو ستة أذرع يحيط به رفوف وبسط بأرضه الرخام سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة في دولة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 الظاهر جقمق ثم أحترق ذلك كله في الحريق الثاني عام ست وثمانين وثمانمائة فجعلوا بدل الناحية القبلية منها شبابيك نحاس وعلى أعلاها شبكة من شريط النحاس كالزردبين أخشاب متصلة بالعقود المحدثة هناك محيطة بالحجرة الشريفة وعلى كل شباك شبكة من الشريط أيضا لمنع الحمام وجعلوا لبقيتها من جهة الشام وما أتصل بها من المشرق والمغرب مشبكا من الحديد المشاجر وبأعلاه شريط النحاس أيضا وجعلوا أبوابها من الحديد المشاجر أيضا إلا القبلي فمن سياج مشبك ثم أبدل بشباك نحاس كما سبق وأحدثوا مشبكا من الحديد المشاجر أيضا لم يكن قبل ذلك متوسطا بين مشبك الحجرة الشامي وما يقابله فاصلا بين الرحبة التي خلف مثلث الحجرة الشريفة وبينها وبها بعض المثلث المذكور وبه بابان أحدهما عن يمين المثلث والآخر عن يساره فصار ما خلف الحجرة من بيت فاطمة رضي الله عنه كأنه مقصورة مستقلة يدخل منه إلى مقصورة الحجرة والظاهر أن هذا الموضع من بيت فاطمة رضي الله عنه كان به مقصورة قبل الحريق الأول لأن ابن النجار قال كما سبق في بيت فاطمة رضي الله عنه أن حوله اليوم مقصورة وفيه محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى فهذا مستند الظاهر ركن الدين فيما أحدثه وإن كان وسع الدائرة فقال المطري وظن الملك الظاهر أن ما فعله تعظيما للحجرة الشريفة فحجر طائفة من الروضة مما يلي بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومنع الصلاة فيها مع ما ثبت من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 فضلها فلو عكس ما حجره وجعله خلف بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية الشرقية وألصق الداربزين بالحجرة مما يلي الروضة أخف ولم يبلغني أحد من أهل العلم والصلاح ممن حضر ولا منمنم رآه بعد تحجيره أنكر ذلك أو تفطن له وألقى له بالا وهذا من أهم ما ينظر فيه قال الزين المراغي عقبه أن للظاهر سلفا في ذلك وهو ما حجره عمر بن عبد العزيز على الحجرة من جهة الروضة لكنه قليل انتهى وهو غلط لما قدمناه في حدود المسجد النبوي وغيره من أن عمر ترك من الحجرة طائفة زادها في المسجد من تلك الجهة ولو سلم ما ذكره فذاك لمصلحة حفظ القبر وأيضا ألف بناءه بناء الكعبة ولئلا يتأتى استقباله وهذه المقصورة بضدّ ذلك وقال البدر بن فرحون أن سيدي العارف بالله تعالى الشيخ عليا الواسطي بعث إلى الملك الناصر يقول له أنا أضمن لك على الله تعالى قضاء ثلاث حوائج إن قضيت لي حاجة واحدة وهي إزالة هذه المقصورة فبلغه ذلك فتوقف ولن يفعل قال البدر بن فرحون وليته فعل لأنها حجرت كثيرا من الروضة وطائفة من المسجد انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وقال المجد اللغوي عقبة أن ذلك موجه غير أن أحد الأبواب مفتوح دائما لمن قصد الدخول لصلاة أو زيارة وإنما التعطيل من كسل المصلين " قلت " وما ذكره صحيح بالنسبة إلى زمنه فإن الباب المذكور كان مفتوحا حتى في أيام الموسم كما ذكره العز بن جماعة في منسكه محاولا غلقه في تلك الأيام فقط لأن المحل يصير مأوى بأولادهن الصغار وربما قدروا هناك قال وقد كلمت الناصر في ذلك فسكت ولم يجبني بشيء انتهى وقد حدث بعد غلق الأبواب كلها في الموسم وغيره ولا يمكن الدخول للزيارة إلا من له وجاهة أو يتوقع منه دنيا فيدخل ليلا فتحقق التعطيل وأزيد منه وحرم الناس التبرك بما سبق مما في جوف هذه المقصورة وكان ذلك في دولة الأشرف برسباي بسعي نجم الدين بن حجي في ذلك لما ولى ديوان الإنشاء وأنكر عليه الولي أبو زرعة العراق وكان شيخنا شيخ الإسلام ففيه العصر الشرف المناوي يقول تلك البقعة من المسجد بلا شك فإن كان وجود القذر بها مقتضي لصونها بالغلق والتعطيل فليغلق المسجد بأجمعه واختصاص ما يقرب من المحل الشريف بمزيد التعظيم يكفي فيه الجدران هناك قلت وقد نشأ عن تأييد هذه المقصورة اشتهارها بالحجرة الشريفة ويظن من لا علم له بالتأريخ إنها ليست من المسجد ثم الطامة الكبرى وهو ما ابتناه متولي العمارة بأرضها من الدعائم العظيمة للقبة الآتي ذكرها بعد تصريحي بأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 ذلك غير جائز فزعموا أنهم يجعلونها على رؤوس السواري كالأولى من غير انتقاص للأرض ثم لم يفوا بذلك لما جبل عليه متولي العمارة سامحه الله تعالى وأما قبة الحجرة الشريفة المحاذية لها بأعلى سطح المسجد تكييزا لها فلم تكن قبل حريق المسجد الأول ولا بعده إلى دولة المنصور قلاوون الصالحي بل كان قديما حول ما يوازي الحجرة في سطح المسج حظير من آجر مقدار نصف قامة تمييزا لها عن بقية سطح المسجد حتى كانت سنة ثمان وسبعين وستمائة فعمل هناك قبة مربعة من أفلها مثمنة من أعلاها أخشاب أقيمت على رؤس السواري المحيطة بالحجرة الشريفة في صف أسطوان الصندوق وسمر عليها ألواح من خشب ومن فوقها ألواح الرصاص وفي أسفلها طاقة يبصر الناظر منها سقف المسجد الأسفل الذي كان به الطابق وعليه المشمع وكان حول هذه القبة بالسطح الأعلى ألواح رصاص مفروشة فيما قرب منها ويحيط بها وبالقبة درازبين من الخشب جعل مكان حظير الآجر وتحته أيضا السقفين شباك خشب يحكيه وكان المتولي لعملها الكمال أحمد بن البرهان الربعي ناظرقوص ذكره في الطالع السعيد قال وقصد خيرا وتحصيل ثواب وقال بعضهم أساء الأدب بعلوا النجارين ودق الحطب قال وفي تلك السنة حصل بينه وبين بعض الولاة كلام كثير فوصل مرسوم بضرب الكمال فضرب فكان من يقول أنه أساء الأدب يقول أن هذا مجازاة له وأدره الأمير علم الدين الشجاعي وخرب داره وأخذ رخامها وخزائنها ويقال أنها بالمدرسة المنصورية انتهى وجددت القبة الشريفة المذكورة أيام الناصر حسن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص من موضعها فخشوا من الأمطار فجددت أيضا وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة خمس وستين وسبعمائة وأصلح فيها متولي العمارة شيئاً في عمارته الآتية في الفصل بعده ثم احترقت في حريق المسجد الثاني فاقتضى رأي متولي العمارة سنة سبع وثمانين وثمانمائة اتخاذها في العلو وأن تكون من آجر وأن يؤسس لها دعائم عظام بأرض المسجد وعقود حولها فأتخذ هذه الدعائم التي في موازاة الأساطين التي إليها المقصورة السابقة وأبدل بعض الأساطين بدعائم وأضاف إلى بعضها أسطوانة أخرى وقرن بينهما وحصل فيما بين جدار المسجد الشرقي وبين العائم المحدثة هناك ضيق فهدم الجدار الشرقي هنالك إلى باب جبريل وخرج بالجدار في البلاط ناحية موضع الجنائز نحو ذراع ونصف وأحدث دعامتين عن يمين مثلث الحجرة ويساره الأولى منهما في المحل الذي سبق في الرابع إن الناس يحترمونه ويقال أن قبر فاطمة الزهراء به فبدا لحد القبر وبعض عظامه أخبرني بذلك جمع شاهدوه ثم لما تمت هذه القبة تشققت أعاليها فرمت فلم ينفع الترميم فيها لخسة مؤنتها فقوض الأشرف قايتباي أعز الله أنصاره وأعلى في سلوك العدل منارة للشجاعي شاهين الجمالي النظر في ذلك وفي المنارة الرئيسية السابق ذكرها في الثامن وولاه شيخ الخدام وناظر الحرم فاقتضى الرأي بعد مراجعة أهل الخبرة هدم المنارة كلها وهدم أعالي هذه القبة واختصار يسير منها فأتخذ أخشابا في طاقاتها وأتخذ سقفا هناك يمنع ما يسقط عند الهدم بالحجرة الشريفة ثم هدم أعاليها وأعاد بناءه مع الأحكام بحيث أتخذ في بنائها الجبس الأبيض حمله معه من مصر فجاءت متقنة وأتخذ أساقيل شرقيّ المسجد لصعود العمال في عمارتها وعمارة تلك المنارة ولم تنتهك حرمة المسجد في دعة وسكون وكان العمارة ليست به وكان في زمن غيره كالسوق ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان ذلك في عام اثنتين وتسعين وثمانمائة. لسطح الأعلى ألواح رصاص مفروشة فيما قرب منها ويحيط بها وبالقبة درازبين من الخشب جعل مكان حظير الآجر وتحته أيضا السقفين شباك خشب يحكيه وكان المتولي لعملها الكمال أحمد بن البرهان الربعي ناظرقوص ذكره في الطالع السعيد قال وقصد خيرا وتحصيل ثواب وقال بعضهم أساء الأدب بعلوا النجارين ودق الحطب قال وفي تلك السنة حصل بينه وبين بعض الولاة كلام كثير فوصل مرسوم بضرب الكمال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 فضرب فكان من يقول أنه أساء الأدب يقول أن هذا مجازاة له وأدره الأمير علم الدين الشجاعي وخرب داره وأخذ رخامها وخزائنها ويقال أنها بالمدرسة المنصورية انتهى وجددت القبة الشريفة المذكورة أيام الناصر حسن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص من موضعها فخشوا من الأمطار فجددت أيضا وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة خمس وستين وسبعمائة وأصلح فيها متولي العمارة شيئاً في عمارته الآتية في الفصل بعده ثم احترقت في حريق المسجد الثاني فاقتضى رأي متولي العمارة سنة سبع وثمانين وثمانمائة اتخاذها في العلو وأن تكون من آجر وأن يؤسس لها دعائم عظام بأرض المسجد وعقود حولها فأتخذ هذه الدعائم التي في موازاة الأساطين التي إليها المقصورة السابقة وأبدل بعض الأساطين بدعائم وأضاف إلى بعضها أسطوانة أخرى وقرن بينهما وحصل فيما بين جدار المسجد الشرقي وبين العائم المحدثة هناك ضيق فهدم الجدار الشرقي هنالك إلى باب جبريل وخرج بالجدار في البلاط ناحية موضع الجنائز نحو ذراع ونصف وأحدث دعامتين عن يمين مثلث الحجرة ويساره الأولى منهما في المحل الذي سبق في الرابع إن الناس يحترمونه ويقال أن قبر فاطمة الزهراء به فبدا لحد القبر وبعض عظامه أخبرني بذلك جمع شاهدوه ثم لما تمت هذه القبة تشققت أعاليها فرمت فلم ينفع الترميم فيها لخسة مؤنتها فقوض الأشرف قايتباي أعز الله أنصاره وأعلى في سلوك العدل منارة للشجاعي شاهين الجمالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 النظر في ذلك وفي المنارة الرئيسية السابق ذكرها في الثامن وولاه شيخ الخدام وناظر الحرم فاقتضى الرأي بعد مراجعة أهل الخبرة هدم المنارة كلها وهدم أعالي هذه القبة واختصار يسير منها فأتخذ أخشابا في طاقاتها وأتخذ سقفا هناك يمنع ما يسقط عند الهدم بالحجرة الشريفة ثم هدم أعاليها وأعاد بناءه مع الأحكام بحيث أتخذ في بنائها الجبس الأبيض حمله معه من مصر فجاءت متقنة وأتخذ أساقيل شرقيّ المسجد لصعود العمال في عمارتها وعمارة تلك المنارة ولم تنتهك حرمة المسجد في دعة وسكون وكان العمارة ليست به وكان في زمن غيره كالسوق ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان ذلك في عام اثنتين وتسعين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 " الفصل الثاني عشر " في العمارة المتجدّدة بالحجرة الشريفة وإبدال سقفها بقبة لطيفة تحت سقف المسجد ومشاهدة وضعها وتصوير ما أستقر عليه أمرها لما أنهى لسلطان زماننا الأشرف قايتباي احتياج المسجد النبوي إلى العمارة وفوّض للشمس بن الزمن النظر في ذلك عام أحد وثمانين وثمانمائة قبل الحريق الثاني اقتضى رأيه تجديد رخام الحجرة الشريفة وقد ذكرناه فيما سبق فأصلح أصل أسطوان الصندوق بعد نزع ست حرزات منه كانت متشققة وأبدلها بست خرزات نقضوها من أسطوان بمسجد قباء ثم لما قلعوا رخام الصفحة الآخذة من زاوية حائز عمر بن عبد العزيز الشمالية إلى الصفحة الشرقية مع ما يليها من صفحة المشرق وكان هناك انشقاق قديم كان يظهر في الحائز المذكور عند رفع الكسوة وقد سدّ الأقدمون خلله بالآجر وأفرغوا فيه الجص وبيضوه بالقصة ثم أنشق البياض من رأس الوزرة الرخام إلى رأس الجدار فقشروا عنه البياض وأخرجوا ما في خلله من الجص والآجر فظهر من خلله بناء الحجرة المربع جوف الحائز المذكور من عند ملتقى حائطه الشامي مع المشرقي وظهر فيه شق أيضا عند ملتقى الجدارين المذكورين تدخل اليد فيه قديم أيضا سدّه الأقدمون ثم أتسع فعقد متولي العمارة مجلسا جوف المقصورة عند الجدار المذكور في ثالث عشر شعبان ونصب أساقيل هناك واستحضرني فحضرت بعد الاستخارة فوجدت الأمر قد أتفق عليه وتحرّر أنّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 سبب انشقاق الجدار الظاهر انشقاق الجدار الداخل وميله نحوه واد عام الأقدمين الداخل بأخشاب بين الداخل والخارج عند رأسهما من المشرق فمال الجدار الظاهر لذلك فرجح عندي رأي أبن عباس في الكعبة حيث أشار بترميمها ورأيت أن ما يطلب هنا من الأدب أوجب فحاولت إدعام البناء المذكور وقلت إنه لا يفعل هنا إلا ما دعته الضرورة إليه في الحال فلم أوافق عليه وقال الزكوي قاضي الشافعية سامحه الله تعالى لمتولي العمارة سرح العمال من الغد للهدم ثم بلغني إنهم ألقوا في ذهن متولي العمارة أني حريص على تفويته كون المنقبة في هذه العمارة تكون له فشرعوا في صبيحة رابع عشر شعبان في هدم الموضع السابق من الحائز الظاهر فهدموا من ملتقى الصفحتين الشرقية والشمالية التي تليها خمسة أذرع على نحو أربعة أذرع من الأرض إلى أعلى الحائز فظهر هدم الحريق الكائن بين الجدارين وظهر فيه أطراف خشب كثيرة سلمت من الحريق ثم نظف ذلك وكان أمرا مهولا نحو القامة لم يتأت إزالته إلا بالعتل والمساحي فبلغوا في تنظيفه الأرض الأصلية وبها حصباء حمراء ثم ظهر إنها مبنية بحجارة مجدولة بها والبيت الداخل مربع بأحجار سود على ما سبق في وصفه ولا باب فيه وخلف جداره الشامي أسطوان في صف مربعة القبر بعضها داخل فيه ثم عزم متولي العمارة على هدم هذا الجدار الشامي من البناء الداخل فبدأ برفع سقف الحجرة ثم أفاض في عقد قبة بدل سقف الحجرة على جدرانها فكرهت ذلك لعلمي بأنه يجر إلى هدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 غالب جدران الحجرة وفيه الاتساع فيما ينبغي الاقتصار فيه على قدر الضرورة فأجمع أمره على عمل القبة فهدم الجدار الشامي والشرقي إلى الأرض وكذا نحو أربعة أذرع من القبلي مما يلي المشرق وكذا من الغربي مما يلي الشام وهدموا من علو ما بقى منهما نحو خمسة أذرع ووجدوا في الغربي وما يليه من القبلي والشامي دون الشرقي وما يليه منهما بعد هدم السترة المبنية على سقف الحجرة المجدّد بعد الحريق وسترة السقف المحترق بين فصوص الأحجار وأعلاها مع رأس الجدر المذكورة لبنا غير مشوي طول اللبنة منه أرجح من ذراع وعرضها نصف ذراع وسمكها ربع ذراع وطول بعضه وعرضه وسمكه واحد وهو نصف ذراع والظاهر إنه لما بنيت الحجرة بالأحجار المنقوشة لقصد الأحكام وأرادوا أن لا يخلو بناؤهم من بركة اللبن الذي كان في بنائها الأوّل فوضعوه بين الأحجار المبنية بالقصة ولم يحصل الخلل إلا في الناحية الخالية منه وهي الشرقي وما يليه من القبلي والشامي وشاهد الحال في هذه الناحية يقتضي تجدّدها على ما قدمناه في العاشر ولما بلغوا بهدم الجدار الشامي نحو الأرض شرعوا في تنظيم الردم السائر للقبور الشريفة فمكثوا فيه يوما كاملا مع كثرتهم حتى ملؤا الحجرة فيما بلغني وتجنبت حضور ذلك خوفا من الوقوع في سوء الأدب ووضعوا هذا الردم بزاوية المسقف الغربي مما يلي طرف المسقف الشامي المسمى بالدكاك وبنى عليه متولي العمارة دكة بارزة هناك وفي صبيحة اليوم الثاني بعث إليّ متولي العمارة ألا تشرف بمشاهدة وضع الحجرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 الشريفة فحثني داعي الشوق إلى الإجابة وبلغ الوجد مني مبلغا أتم نصابه ولله در القائل أتم نصابه ولله در القائل ولو قيل للمجنون أرض أصابها ... غبار ثرى لبلى لجدّ وأسرعا فتوجهت مستحضرا عظيم ما توجهت إليه ومتوقع المثول ببيت أوسع الخلق كرما وعفوا وذلك هو المعوّل عليه ولله در القائل عصيت فقالوا كيف تلقى محمدا ... ووجهي بأثواب المعاصي مبرقع عسى الله من أجل الحبيب وقربه ... يداركني بالعفو فالعفو أوسع وسألت الله تعالى أن يمنحني حسن الأدب في ذلك المحل العظيم ويلهمني ما يستحقه من الإجلال والتعظيم وأن يرزقني منه القبول والرضا ولتجاوز عما سلف ومضى فاستأذنت ودخلت من مؤخر الحجرة ولم أتجاوزه فشممت رائحة عطرة ما شممت مثلها قط فلما قضيت من السلام والتشفع والتوسل الوطر متعت عيني من تلك الساحة بالنظر لا تحف بوصفها المشتاقين وأنشر من طيب أخبارها في المحبين فإذا هي أرض مستوية ولا أثر للقبور الشريفة بها وبوسطها موضع فيه ارتفاع يسير توهموا إنه القبر النبوي فأخذوا من ترابه للتبرك فيما زعموا لجهلهم بأخبار الحجرة الشريفة فقد قال الشافعيّ ردّا على من قال إن النبيّ صلى الله عليه وسلم أدخل قبره معترضا هذا من فحش الكلام في الأخبار لأن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قريبا من الجدار وكان للحد تحت الجدار أي جدار القبلة فكيف توضع الجنازة على عرض القبر حتى صار معترضا انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وفي تحفة أبن عساكر عن جابر رضي الله عنه رش قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم وكان الذي رش على قبره بلال بن رباح بقربة بدأ من قبل رأسه حتى انتهى إلى رجليه ثم ضرجه بالماء إلى الجدار ولم يقدر على أن يدور من الجدار لأنهم جعلوا بين قبره وبين حائط القبلة نحوا من سوط وفي طبقات أبن سعد عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال سقط حائط قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم في زمن عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ على المدينة في ولاية الوليد فكنت في أوّل من نهض فنظرت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ليس بينه وبين حائط عائشة إلا نحو من شبر فعرفت إنهم لم يدخلوه من قبل القبلة وفي خبر عبد الله بن عقيل في قصة سقوط الجدار عند أبن زبالة ويحيى إن عمر بن عبد العزيز قال لمزاحم لما دخل كيف ترى قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال متطأطأ قال فكيف ترى قبر الرجلين قال مرتفعين قال أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدمنا ما شاهدناه من وصف الحجرة وذرعها في العاشر والتفاوت بين داخل أرض الحجرة وما حول الحائز الظاهر من أرض المسجد نحو ثلاثة أذرع وآثار الردم الذي أخرج في الجدران نحو ثلاثة أذرع في بعض المواضع وفي بعضها نحو ذراعين ثم شرعوا في إعادة بناء الحجرة في سابع عشري شعبان فاقتضى رأيهم إدخال الأسطوانة الملاصقة لجدار الحجرة الشامي خلفه في عرض ذلك الجدار فزادوا في عرضه من الرحبة التي هناك وجعلوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 متفاوت العرض فأسسوا عرض ما يلي المشرق منه إلى نهاية محاذاة الأسطوانة التي أدخلوها نحو ثلاثة أذرع وما يلي المغرب منه دون ذلك بنحو نصف ذراع فصارت الجهة الأولى بارزة على الثانية في الرحبة التي هناك كما سيأتي تصويره وعقدوا قبوا على نحو ثلث الحجرة الذي يلي المشرق والأرجل الشريفة ليتأتى لهم تربيع محل القبة المتخذة على بقية الحجرة من المغرب لأن الحجرة مستطيلة بين المشرق والمغرب كما يعلم مما سبق في ذرعها وأدخلوا ما كان بين الجدار الداخل والخارج من المشرق في عرض حائط القبو المذكور إلى نهاية ارتفاعه وكذا فعلوا فيما كان بين الجدار القبلي الداخل والخارج سدوه أيضا حتى لم يبق حول البناء الداخل فضاء إلا من جهة الشام وصار علو القبو المذكور أعني سطحه وما أتصل به مما كان بين الجدارين في المشرق فضاء أيضا بين القبة وبين الجدار الظاهر في المشرق والجدار الظاهر في القبلة واتخذوا له سترة من الشام وعقدوا القبة على جهة الرؤوس الشريفة بأحجار منحوتة من الأسود وكملت من الحجر الأبيض وارتفاع القبة من أرض الحجرة إلى محل هلال القبة ثمانية عشر ذراعا وربع ذراع ومن أرض الحجرة إلى رأس القبو الذي بنى عليه جانب القبة الشرقي نحو أثنى عشر ذراعا وجعلوا على رأس جدار القبة الشامي بناء يسيرا مما بقى من اللبن الذي تقدّم وجوده فيما هدم من الحجرة وكان كثيرا فأخذ أكثره وذكر لي متولي العمارة إنه جعل الميزاب الذي وجد بالحجرة من عرعر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 وقد أحترق بعضه في حرق هذا البناء وتركوا في نحو وسط هذا الجدار خوخة فلما لم يبق إلا هي أدخلوا منها شيئا كثيرا من حصباء عرصة العقيق التي يفرش بها المسجد بعد أن غسلوها لتوضع على محل القبور الشريفة وكنت قد ذكرت لهم إن القبر الشريف يلي جدار القبلة كما سبق وإنه يستنبط مما سبق في كون المسمار من الجدار الظاهر في محاذاة الوجه الشريف إن ابتداء القبر الشريف من المغرب على نحو ذراعين من الجدار القبليّ الداخل لأنا إذا أسقطنا عرض الجدار بين الغربيين أعني الداخل منهما والخارج وهو نحو ثلاثة أذرع كان الباقي مما بين المسمار وطرف الصفحة الغربية نحو الذراعين فاستحسنوا ذلك وتولى الدخول ووضع الحصباء على القبور الشريفة أبن أخي متولي العمارة وصهره زوج أخته فوضعوا الحصباء على المحل المذكور وأخذوا بالصفة المشهورة في كيفية القبور الشريفة من كون رأس أبي بكر خلف منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس عمر خلف منكب أبي بكر رضي الله عنه فوضعوا الحصباء لهما كذلك وكان صهر متولي العمارة حنفيا فجعلها مسنمة وأكثروا في ذلك المحل من البخور بالعود والعنبر وغيرهما من أنواع الروائح وعرف المحل الشريف على ذلك كله راجح فائح ولله در القائللى نحو ذراعين من الجدار القبليّ الداخل لأنا إذا أسقطنا عرض الجدار بين الغربيين أعني الداخل منهما والخارج وهو نحو ثلاثة أذرع كان الباقي مما بين المسمار وطرف الصفحة الغربية نحو الذراعين فاستحسنوا ذلك وتولى الدخول ووضع الحصباء على القبور الشريفة أبن أخي متولي العمارة وصهره زوج أخته فوضعوا الحصباء على المحل المذكور وأخذوا بالصفة المشهورة في كيفية القبور الشريفة من كون رأس أبي بكر خلف منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس عمر خلف منكب أبي بكر رضي الله عنه فوضعوا الحصباء لهما كذلك وكان صهر متولي العمارة حنفيا فجعلها مسنمة وأكثروا في ذلك المحل من البخور بالعود والعنبر وغيرهما من أنواع الروائح وعرف المحل الشريف على ذلك كله راجح فائح ولله در القائل بطيب رسول الله طاب نسيمها ... فما المسك ما الكافور ما المندل الرطب وألقى جماعة من الناس أوراقا كتبوا فيها التشفع بالحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم ومآرب سألوها ثم سدّوا الخوخة المذكورة ونصبوا بأعلى القبة هلالا من نحاس أصفر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 يقرب من سقف المسجد فإن القبة المذكورة تحته ثم سدوا ما هدموه من الجدار الظاهر وأنا حاضر وحضرت في بعض بناء الحجرة متبركا بالعمل فيه ولم أحضر غير ذلك طلبا للسلامة وأنشدت في ذلك المحل الشريف قصيدتي التي تطفلت بها على واسع كرم الجناب الرفيع الحبيب الشفيع الحال بهذا الحمى المنيع التي أوّلها قف بالديار لحيّ في ذرى الحرم ... وحيّ هذا المحيا من ذوي أضم وكان ختم هذا البناء في يوم الخميس سابع شوّال عام أحد وثمانين وثمانمائة وصرفوا في ذلك وفي غيره من عمارة المسجد وترخيم الحجرة الشريفة وإعادة منارة مسجد قباء بعد سقوطها وبعض سقفه وإحكام مصرف مياه الأمطار التي كانت تجتمع حول المسجد وتسييرها إلى سروب وسنح عين الأزرق مالا جزيلا وقد صوّرنا ما استقرّ عليه الأمر في هيئة الحجرة المنيفة والقبور الشريفة بها وجعلنا صورة الحائز الظاهر بالأحمر والبناء الداخل بالأسود وجعلنا خطا لرأس القبر وخطوطا لما جعل عليه وعلى ما يحاذيه من الجدارات لأركان القبة فلا يتوهم إن ذلك بأرض الحجرة الشريفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 " خاتمة فيما نقل من عمل خندق مملوء من الرصاص حول الحجرة الشريفة وما ناسب سببه " قال الجمال الأسنوي في رسالة له في منع الولاة من استعمال النصارى إن الملك العادل نور الدين الشهيد رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في نومه في ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقر بن ويقول أنجدني أنقذني من هذين فأرسل إلى وزيره وتجهزا في بقية ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرا وصحب مالا كثيرا وقدم المدينة في ستة عشر يوما فزارا ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم وصار يتصدّق عليهم ويتأمل تلك الصفة إلى أن انفضت الناس فقال هل بقى أحد قالوا لم يبق سوى رجلين صالحين عفيفين مغربيين يكثران الصدقة فطلبهما فرآهما فإذا هما الرجلان اللذان أشار إليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأل عن منزلهما فأخبرانهما في رباط بقرب الحجرة فأمسكهما ومضى إلى منزلهما فلم ير إلا خيمتين وكتبا في الرقائق ومالا كثيرا فأثنى عليهما أهل المدينة بخير كثير فرفع السلطان حصيرا في البيت فرأى سردابا محفورا ينتهي إلى صوب الحجرة فارتاعت الناس لذلك وقال لهما السلطان أصدقاني وضربهما ضربا شديدا فاعترفا إنهما نصرانيان بعثهما سلطان النصارى في زي حجاج المغاربة وأمالهما بأموال عظيمة ليتحيلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه فنزلا بأقرب رباط وصارا يحفران ليلا ولكل منهما محفظة جلد والذي يجتمع من التراب يخرجانه في محفظتيهما إلى البقيع بعلة الزيارة فلما قربا من الحجرة الشريفة أرعدت السماء وأبرقت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وحصل رجيف عظيم فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاء شديدا وأمر بضرب رقابهما فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيما إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها وأذيب ذلك الرصاص ومليء به الخندق فصار حول الحجرة الشريفة كلها سورا رصاصا إلى الماء انتهى وأشار المطري لذلك مع مخالفة في بعضه ولم يذكر أمر الرصاص فقال ووصل السلطان نور الدين محمود زنكي بن آقسنقر في سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة بسبب رؤيا رآها ذكرها بعض الناس وسمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر المحترق أبوه ليلة حريق المسجد عمن حدثه من أكابر من أدرك إن السلطان المذكور رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في ليلة وهو يقول في كل مرة يا محمود أنقذني من هذين لشخصين أشقرين تجاهه فاستحضر وزيره قبل الصبح فذكر ذلك له فقال هذا أمر حدث بالمدينة النبوية ليس له غيرك فتجهز على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها ثم ذكر قصة الصدقة وإنه لم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم عند دار آل عمر المعروفة بدار العشرة فجدّ في طلبهما فلما رآهما قال للوزير هما هذان فسألهما عن حالهما فقالا جئنا للمجاورة فقال أصدقاني وعاقبهما فأقرا إنهما من النصارى وإنهما وصلا لكي ينقلا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 بالحجرة الشريفة باتفاق من ملوكهم ووجدهما قد حفرا تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي وهما قاصدان لجهة الحجرة يجعلان التراب في بئر عندهما في البيت فضرب أعناقهما عند الشباك الذي شرقي الحجرة خارج المسجد ثم أحرقا بالنار آخر النهار وركب السلطان متوجها إلى الشام انتهى ونقل أبن النجار في تاريخ بغداد وقوع ما يقرب من ذلك وهو إن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من المدينة إلى مصر وقال متى تم لك ذلك شدّ الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر وكان منقبة لسكانها فأجتهد الحاكم في مدّة وبنى بمصر حائزا وبعث أبا الفتوح إلى نبش الموضع الشريف فلما وصل إلى المدينة وجلس بها حضر جماعة المدنيين وقد علموا ما جاء فيه وحضر معهم قارئ يعرف بالزلباني فقرأ في المجلس وإن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم إلى قوله إن كنتم مؤمنين فماج الناس وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه وما منعهم من السرعة إلى ذلك إلا أن البلاد كانت لهم فلما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم الله أحق أن يخشى والله لو كان على من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع وحصل له من ضيق الصدر ما أزعجه وكيف نهض في هذه المخزية فما أنصرف النهار حتى أرسل الله ريحا كادت الأرض تزلزل من فوقها حتى درجت الإبل بأقتابها والخيل بسروجها كما تدحرج الكرة وهلك أكثرها وخلق من الناس فأنشرح صدر أبي الفتوح وذهب روعه من الحاكم لقيام عذره وفي الرياض النضرة للمحب الطبريّ أخبرني هارون أبن الشيخ عمر بن الزغب وهو ثقة صدوق مشهور بالخير والصلاح عن أبيه وكان من الرجال الكبار قال قال لي شمس الدين صواب اللمطي شيخ خدام النبيّ صلى الله عليه وسلم وكان رجلا صالحا كثير البر بالفقراء أخبرك بعجيبة كان لي صاحب يجلس عند الأمير ويأتيني من خبره بما تمس حاجتي إليه فبينما أنا ذات يوم إذ جاءني فقال أمر عظيم حدث اليوم جاء قوم من أهل حلب وبذلوا للأمير مالا كثيرا ليمكنهم من فتح الحجرة الشريفة وإخراج أبي بكر وعمر رضي الله عنه منها فاجأتهم لذلك فلم ألبث إن جاء رسول الأمير يدعوني فأجبته فقال يا صواب يدق عليك الليلة أقوام المسجد فافتح لهم ومكنهم مما أرادوا ولا تعترض عليهم فقلت سمعا وطاعة ولم أزل خلف الحجرة أبكي حتى صليت العشاء وغلقت الأبواب فلم أنشب إن دق عليّ الباب الذي حذاء باب الأمير أي وهو باب السلام ففتحت الباب فدخل أربعون رجلا أعدهم واحدا بعد واحد ومعهم المساحي والمكاتل والشموع وآلات الهدم والحفر قال وقصدوا الحجرة الشريفة فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم فاستبطأ الأمير خبرهم فدعاني وقال يا صواب ألم يأتك القوم قلت بلى ولكن أتفق لهم كيت وكيت قال أنظر ما تقول قلت هو ذاك وقم فأنظر هل ترى لهم أثرا فقال هذا موضع هذا الحديث وإن ظهر منك كان يقطع رأسك قال المطري فحكيتها لمن أثق بحديثه فقال وأنا كنت حاضرا في بعض الأيام عند الشيخ أبي عبد الله القرطبي بالمدينة والشيخ شمس الدين صواب يحكي له هذه الحكاية سمعتها من فيه انتهى وقد ذكرها مختصرة أبو محمد عبد الله بن أبي عبد الله بن أبي محمد المرجاني في تاريخ المدينة له وقال سمعتها من والدي يعني الإمام الجليل أبا عبد الله المرجاني قال سمعتها من والدي أبي محمد المرجاني سمعها من خادم الحجرة سمعتها أنا من خادم الحجرة وذكر نحو ما تقدّم إلا أنه قال فدخل خمسة عشر أو قال عشرون رجلا فما مشوا إلا خطوة أو خطوتين وابتلعتهم الأرض. ئزا وبعث أبا الفتوح إلى نبش الموضع الشريف فلما وصل إلى المدينة وجلس بها حضر جماعة المدنيين وقد علموا ما جاء فيه وحضر معهم قارئ يعرف بالزلباني فقرأ في المجلس وإن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم إلى قوله إن كنتم مؤمنين فماج الناس وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه وما منعهم من السرعة إلى ذلك إلا أن البلاد كانت لهم فلما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم الله أحق أن يخشى والله لو كان على من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع وحصل له من ضيق الصدر ما أزعجه وكيف نهض في هذه المخزية فما أنصرف النهار حتى أرسل الله ريحا كادت الأرض تزلزل من فوقها حتى درجت الإبل بأقتابها والخيل بسروجها كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 تدحرج الكرة وهلك أكثرها وخلق من الناس فأنشرح صدر أبي الفتوح وذهب روعه من الحاكم لقيام عذره وفي الرياض النضرة للمحب الطبريّ أخبرني هارون أبن الشيخ عمر بن الزغب وهو ثقة صدوق مشهور بالخير والصلاح عن أبيه وكان من الرجال الكبار قال قال لي شمس الدين صواب اللمطي شيخ خدام النبيّ صلى الله عليه وسلم وكان رجلا صالحا كثير البر بالفقراء أخبرك بعجيبة كان لي صاحب يجلس عند الأمير ويأتيني من خبره بما تمس حاجتي إليه فبينما أنا ذات يوم إذ جاءني فقال أمر عظيم حدث اليوم جاء قوم من أهل حلب وبذلوا للأمير مالا كثيرا ليمكنهم من فتح الحجرة الشريفة وإخراج أبي بكر وعمر رضي الله عنه منها فاجأتهم لذلك فلم ألبث إن جاء رسول الأمير يدعوني فأجبته فقال يا صواب يدق عليك الليلة أقوام المسجد فافتح لهم ومكنهم مما أرادوا ولا تعترض عليهم فقلت سمعا وطاعة ولم أزل خلف الحجرة أبكي حتى صليت العشاء وغلقت الأبواب فلم أنشب إن دق عليّ الباب الذي حذاء باب الأمير أي وهو باب السلام ففتحت الباب فدخل أربعون رجلا أعدهم واحدا بعد واحد ومعهم المساحي والمكاتل والشموع وآلات الهدم والحفر قال وقصدوا الحجرة الشريفة فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم فاستبطأ الأمير خبرهم فدعاني وقال يا صواب ألم يأتك القوم قلت بلى ولكن أتفق لهم كيت وكيت قال أنظر ما تقول قلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 هو ذاك وقم فأنظر هل ترى لهم أثرا فقال هذا موضع هذا الحديث وإن ظهر منك كان يقطع رأسك قال المطري فحكيتها لمن أثق بحديثه فقال وأنا كنت حاضرا في بعض الأيام عند الشيخ أبي عبد الله القرطبي بالمدينة والشيخ شمس الدين صواب يحكي له هذه الحكاية سمعتها من فيه انتهى وقد ذكرها مختصرة أبو محمد عبد الله بن أبي عبد الله بن أبي محمد المرجاني في تاريخ المدينة له وقال سمعتها من والدي يعني الإمام الجليل أبا عبد الله المرجاني قال سمعتها من والدي أبي محمد المرجاني سمعها من خادم الحجرة سمعتها أنا من خادم الحجرة وذكر نحو ما تقدّم إلا أنه قال فدخل خمسة عشر أو قال عشرون رجلا فما مشوا إلا خطوة أو خطوتين وابتلعتهم الأرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 " الفصل الثالث عشر ". في الحريق الأوّل المستولي على ما سبق وعلى سقف المسجد وما أعيد من ذلك ثم الحريق الثاني وما ترتب عليه أحترق المسجد النبوي أوّلا ليلة الجمعة أوّل شهر رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة أوّل الليل لدخول أبي بكر بن أوحد الفراش الحاصل الذي في الزاوية الغربية الشمالية لاستخراج قناديل لمناير المسجد وترك الضوء الذي كان في يده على قفص من أقفاص القناديل فيه مشاق فاشتعلت النار فيه وأعجزه طفؤها وعلقت ببسط وغيرها مما في الحاصل وعلا الالتهاب حتى علقت بالسقف مسرعة آخذة قبله وأعجلت الناس عن إطفائها بعد أن نزل أمير المدينة وأجتمع معه غالب أهلها فلم يقدروا على طفئها وما كان إلا أقل من القليل حتى استولى الحريق على جميع سقف المسجد وما أحتوى عليه من المنبر النبوي والأبواب والخزائن والمقاصير والصناديق ولم يبق خشبة واحدة أي كاملة وكذا الكتب والمصاحف وكسوة الحجرة الشريفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 قال القسطلاني وكان عليها حينئذ إحدى عشرة ستارة وأزالت النار تلك الزخارف التي لا ترضى وشوهد من هذه النار إن صفة القهر والعظمة الإلهية مستولية على الشريف والمشروف وكان هذا الحريق عقب ظهور نار الحجاز المنذر بها من أهل أرض المدينة وحماية أهلها منها لما التجئوا إلى مسجدها كما سبق فطفئت عند وصولها لحرمها وربما خطر ببال العوام إن حبسها عنهم ببركة الجوار موجب لحبسها عنهم في الآخرة مع اقتراف الأوزار فاقتضى الحال البيان بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال والنار مطهرة لأدناس الذنوب وقد كان الاستيلاء على المسجد حينئذ للروافض والقاضي والخطيب منهم وأساءوا الأدب لما ذكرناه في الأصل عن رحلة بن جبير ولذا وجد عقب الحريق على بعض جدران المسجد لم يحترق حرم النبيّ لحادث ... يخشى عليه وما به من عار لكنما أيدي الروافض لامست ... تلك الرسوم فطهرت بالنار ووجد أيضا قل للروافض بالمدينة ما بكم ... لقيادكم للذم كل سفيه ما أصبح الحرم الشريف محرقا ... إلا لبسكم الصحابة فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 ولم يسلم من الحريق سوى القبة التي أحدثها الناصر لدين الله لحفظ ذخائر الحرم قال المطري مثل المصحف الشريف العثماني وعدة صناديق كبار متقدّمة التاريخ صنعت أي الصناديق بعد الثلاثمائة وهي باقية إلى اليوم وذلك لكون القبة المذكورة بوسط صحن المسجد وببركة المصحف الشريف العثماني انتهى وقضيته نسبة المصحف المذكور إلى عثمان رضي الله عنه وقد ذكرنا في الأصل ما قيه وعمرت القبة المذكورة سنة ست وسبعين وخمسمائة قال المؤرخون وبقيت سواري المسجد قائمة كأنها جذوع النخل إذا هبت الرياح تتمايل وذاب الرصاص من بعض الأساطين فسقطت ووقع السقف الذي كان على أعلى الحجرة على سقف بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا في الحجرة الشريفة وعلى القبور المقدّسة وفي صبيحة الجمعة عزلوا موضعا للصلاة وكتبوا بذلك للخليفة المستعصم بالله بن المنتصر بالله فوصلت الآلات صحبة الصناع مع ركب العراق في الموسم وابتدئ بالعمارة أوّل سنة خمس وخمسين وستمائة وقصدوا إزالة ما وقع من السقوف على القبور الشريفة قلم يجسروا على ذلك واتفق رأي الأمير منيف بن شيخة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسيني مع رأى أكابر الحرم أن يطالع الإمام المستعصم بذلك فيفعل ما يصل به أمره فأرسلوا بذلك فلم يصل جوابه لاشتغاله وأهل دولته بإزعاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 التتار لهم واستيلائهم على أعمال بغداد في تلك السنة فتركوا الردم على حاله ولم ينزل أحد هناك زاد المجد اللغوي ولم يجسر أحد على التعرض لهذه العظيمة التي دون مرامها تزل الأقدام ولا يتأتى من كل أحد بادئ بدء الدخول فيه والأقدام انتهى وكنت أتعجب من ذلك وأرى أنّ الأدب والتعظيم في المبادرة لإزالة ذلك وظننته يزال من غير ارتكاب سوء أدب وصنعت فيه تأليفا حتى اتفقت العمارة المتقدّم ذكرها فلما نفضوا الموضع المنشق من الحائز الظاهر ظهر إنّ حصة ما بين الحائزين من الهدم نحو القامة فعلت عذر أهل ذلك الزمان ووجه توقفهم ولذا لم أحضر إزالة ما في جوف الحجرة الشريفة بعد الاستخارة وقد اقتضى كلام المطري ومن تبعه إنهم أعادوا سقف الحجرة على رؤوس سواري المسجد وأعادوا الشباك على الحائز الظاهر إلى ذلك السقف فصار سقف المسجد سقف الحجرة وقد قدّمنا في الفصل العاشر ردّه لمشاهدتنا لسقف الحجرة أسفل السقف المذكور على جدارها الداخل ويتصل أيضا بالخارج من المشرق والمغرب وسقفوا في سنة خمس وخمسين المذكورة الحجرة الشريفة وما حولها إلى الحائط القبلي وإلى الحائط الشرقي إلى باب جبريل ومن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 المغرب الروضة جميعها إلى المنبر ثم دخلت سنة ست وخمسين وستمائة فكان في الحرّم منها وقعة بغداد واستيلاء التتار عليها مع ما أسلفناه في العاشر من الباب الأوّل فوصلت الآلات من صاحب مصر المنصور نور الدين علي بن المعوايبك الصالحي ووصل أيضا آلات من صاحب اليمن المظفر شمس الدين يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول فعمدوا إلى باب السلام ثم عزل صاحب مصر في ذي القعدة سنة سبع وخمسين وتولى مكانه مملوك أبيه المظفر سيف الدين قطز المعزي واسمه الأوّل محمود بن ممدود أمه أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه وأبوه أبن عمه أسر عند غلبة التتار فبيع بدمشق ثم بمصر وتملك في ثامن عشر القعدة من سنة سبع وفي شهر رمضان من سنة ثمان أعز الله الإسلام على يده بوقعة عين جالوت ثم قتل بعد الوقعة بشهر وهو داخل إلى مصر وكان العمل في المسجد تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة ومن باب جبريل إلى باب النساء وتولى مصر آخر تلك السنة الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي البندقداري فحصل منه اهتمام بأمر المسجد فجهز الآلات وثلاثة وخمسين صانعا وما يمونهم وأنفق عليهم قبل سفرهم وأرسل معهم الأمير جمال الدين محسن الصالحي وغيره ثم صار يمدّهم بالآلات والنفقات فعمل في أيامه باقي سقف المسجد من باب الرحمة إلى شمالي المسجد ثم إلى باب النساء وكمل سقف المسجد كما كان قبل الحريق سقفا فوق سقف إلا السقف الشمالي فإنه جعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 سقفا واحدا ولم يزل المسجد على ذلك حتى جدد السقف الغربي والسقف الشرقي اللذان عن يمين صحن المسجد وشماله في أوائل دولة الناصر محمد بن قلاوون الصالحي فجعلا سقفا واحدا يشبه الشمالي وذلك في سنتي خمس وست وسبعمائة ثم أمر الناصر المذكور سنة تسع وعشرين وسبعمائة بزيادة رواقين متصلين بمؤخر المسقف القبلي فاتسع سقفه بهما وعم نفعهما إذ صار سبعة أروقة وكان خمسة كالشمالي كما صرح به أبن جبير والشمالي اليوم أربعة فزادوا منه رواقا في صحن المسجد لما نقصوا منه الرواقين المذكورين ثم حصل في هذين الرواقين خلل فجدّدهما الأشرف برسباي سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة على يد مقبل القديدي من مال جوالي قبرس وكانا سقفا واحدا نسبة الشمالي والشرقي والغربي أيضا موازيا للسقف الأسفل من المسقف القبلي والأعلى مرتفع هناك نحو القامة وكان يدخل لما بين سقفيه من باب هناك يلي سقف الرواقين المذكورين وجدد الأشرف أيضا شيئاً من السقف الشامي مما يلي المنارة السنجارية ثم جدد الظاهر جقمق كثيرا من سقف مقدّم المسجد من الروضة وغيرها في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وفيما قبلها على يد الأمير بردبك الناجي وغيره ثم جدد سلطان زماننا الأشرف قايتباس جانبا من السقف الشرقي بعد هدم عقوده التي تلي صحن المسجد وما يلي المنارة الشامية الشرقية من سوره إلى طرف دكاك المسقف الشامي ثم أعيد ذلك سنة تسع وسبعين وثمانمائة بعد تفويض العمارة للشمس بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 الزمن ثم في سنة إحدى وثمانين ورد متولي العمارة المذكور فجدّد كثيرا من السقف الأعلى بمقدّم المسجد من الروضة وما يليها وكان مولعا بالتغيير والتبديل فأتخذ عقودا من الآجر على رؤوس السواري التي عليها السقف الأسفل موضع العبارات التي كان السقف الأعلى موضوعا عليها ولم يبال بارتفاع تلك الجهة التي عمرها على ما حولها من السقف الأعلى وجدّد أيضا سقف الرواق الذي يلي الأرجل الشريفة في المشرق وسقف رواق باب جبريل عليه السلام والسقف الأسفل في موقف الزائرين وشيئاً مما حوّل الحجرة الشريفة داخل المقصورة وشيئاً من المسقف الشامي وغيره مع إعارة الحجرة المتقدّم ذكرها وإبدال ما كان عليها من السقف بقبة لطيفة أسفل سقف المسجد المحاذي للقبة الكبرى المعروفة بالزرقاء مع التغيير الآتي فيها ثم أحترق المسجد النبوي ثانيا في الثالث الأخير من ليلة الثالث عشر من شهر رمضان عام ست وثمانين وثمانمائة وقد قام رئيس المؤذنين شمس الدين بن الخطيب يهلل بالمنارة الشرقية اليمانية المعروفة بالرئيسية مع بقية المؤذنين وقد تراكم الغيم وحصل رعد قاصف فسقطت صاعقة أصاب بعضها هلال المنارة الرئيسية فسقط شرقيّ المسجد له لهب كالنار وأنشق رأس المنارة وتوفى الرئيس لحينه صعقا وأصاب ما نزل من الصاعقة سقف المسجد الأعلى عند المنارة المذكورة فعلقت النار فيه وفي السقف الأسفل ففتحت أبواب المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 ونودي بأن الحريق في المسجد فأجتمع أمير المدينة قسيطل بن زهير الجمازي وأهل المدينة بالمسجد كلهم وصعد أهل النجدة بالمياه لطفئ النار وقد التهبت آخذة في الشمال والمغرب فعجزوا عن طفئها وكادت تدركهم فهربوا ونزلوا بما كان معهم من الحبال لاستقاء الماء إلى شمالي المسجد وسقط بعضهم فهلك ولجأ بعضهم مع من حالت النار بينه وبين الأبواب إلى صحن المسجد ومات في هذا الحريق المذكور زيادة على عشرة أنفس وعظمت النار جدّا واستولت على سائر سقف المسجد وما فيه من خزائن الكتب والربعات والمصاحف غير ما بادروا بإخراجه وغير القبة التي بالصحن وذلك كله في نحو عشر درج وصار المسجد كبحر لجيّ من نار ترمي بشرر كالقصر ويسقط شررها على بيوت الجيران فلا يؤذيها وأخبرني أمير المدينة الزيني قسيطل إن شخصا من العرب الصادقين رأى قبل ذلك بليلة إن السماء فيها جراد منتشر ثم عقبته نار عظيمة فأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم النار وقال أمسكها عن أمتي وأخبرني جماعة إنهم شاهدوا أشكال طيور بيض يحومون حول النار كالذي يكفها عن بيوت الجيران مع هرب كثير منهم لما رأوا تساقط الشرر وخرج بعضهم من باب المدينة لعظم ما شاهدوه من الهول وظنوا إنهم أحيط بهم ولم أشهد ذلك لأني سافرت إلى مكة للاعتمار مستهل رمضان المذكور وتركت كتبي بخلوة كنت أقيم بها بمؤخر المسجد فاحترقت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 وقد عوضها الله عز وجل مع ما منّ به من السلامة وبرد الرضا ثم لما أصبحوا ابدءوا بطفئ ما سقط على القبة اللطيفة التي جعلت بدلا عن سقف الحجرة الشريفة وكان الذي سقط عليها حريق القبة الزرقاء الظاهرة بالسقف الأعلى ورصاصها وسقف المسجد الأسفل الذي كان بين القبتين والشباك الذي بأعلى الحائز المتقدّم ذكره ولم يصل إلى جوف الحجرة الشريفة شيء من هدم هذا الحريق نحمد الله تعالى لسلامة القبة السفلى المذكورة وعدم تأثير النار فيها مع ما سقط عليها مما هو كأمثال الجبال مع إن بعضها من الحجر الأبيض الذي يسرع تأثره بالنار وقد أثرت هذه النار في أحجار الأساطين وهي من الأسود حتى تهشم بعضها وتفتت وعدّة ما سقط منها مائة وبضع وعشرون أسطوانة ومنّ الله تعالى أيضا بسلامة الأساطين الملاصقة للحجرة الشريفة وأحترق المنبر وصندوق المصلى الشريف وما يعلوه من الأخشاب والمقصورة التي كانت حول الحجرة الشريفة وسقطت أكثر عقود المسجد التي تلي صحنه وعلو المنارة الرئيسية ثم كتبوا لسلطان زماننا الأشرف قايتباي بذلك ونظفوا مقدّم المسجد ونقلوا هدمه إلى مؤخره وعمل في ذلك أمير المدينة وقضاتها وعامة أهلها حتى النساء والصبيان تقربا إلى الله تعالى وفي ذلك كله عبرة تامة وموعظة عامة أبرزها الله تعالى للإنذار فخص بها حضرة النذير صلى الله عليه وسلم وقد ثبت إن أعمال أمته تعرض عليه فلما ساءت منا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 الأعمال المعروضة ناسب ذلك الإنذار بإظهار عنوان النار المجاري بها في موضع عرضها وأنا في وجل مما يعقب ذلك حيث لم يحصل الاتعاظ والانزجار قال تعالى (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) وقال تعالى (ذلك يخوّف الله به عباده يا عباد فاتقون) ومن العجيب إنه لم يتأت إخراج ردم هذا الحريق من مؤخر المسجد حتى حضر الحجاج من سائر الآفاق فشاهدوا هذه العبرة العظيمة ورأوا ما أجتمع من آثارها كالآرام والتلول الجسيمة ثم بالقعدة الحرام قبيل دخول الحجاج مكة من العام الثاني أرسل الله سيلا عظيما بمكة ملأ ما بين الجبلين وعلا جدار أبواب المعلاة وأرتفع في جوف الكعبة أزيد من قامة وهدم دورا كثيرة وذهب فيه من الأموال والأنفس ما لا يحصيه إلا الله تعالى ووجد تحت الردم المسجد الحرام فقط عند تنظيفه نحو ثمانين نفسا وقيل مائة ولم أقف في سيول الجاهلية والإسلام على مثله ولم يتأت إخراج ذلك الردم بعد جمعة بالمسجد كالأردام حتى قدم الحجاج وشاهدوا هذه الآية أيضا ولما وصل القاصد إلى مصر المحروسة وأتصل علم حريق المسجد بسلطانها الأشرف عظم عليه ذلك ورأى إن في تأهيل الله له لعمارة وذلك مزيد التشريف وكمال التعريف فاستقبل أمر العمارة بهمة تعلوا لهم العلية ورسم بأبطال عمائره المكية وبتوجيه شاهدها الماليفي سنقر الجمالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 صحبة الحاج الأوّل بزيادة على مائة من أرباب الصنائع وكثير من الحمير والجمال ومبلغ عشرين ألف دينار وشرع السلطان في تجهيز الآلات والمؤن حتى كثرت في الطور والينبع والمدينة الشريفة ثم جهز متولي العمارة السابقة الشمس بن الزمن أثناء ربيع الأوّل في ركب صحبته أكثر من مائتي جمل ومائة حمار وأزيد من ثلاثمائة صانع وصارت أحمال المؤن متواصلة قل أن تنقطع برا وبحرا وقطعوا من أخشاب الدوم والشجر من جهات المدينة شيئاً كثيرا واستقبلوا أمر العمارة بجدّ واجتهاد وهدموا المنارة الرئيسية إلى أساسها وهدموا من سور المسجد أوّلا من ركن المنارة التي بباب السلام في المغرب إلى آخر جدار القبلة ثم ما يليه من المشرق إلى باب جبريل وخرجوا بالجدار هناك في المشرق كما سبق في الحادي عشر وأعادوا ذلك ووسعوا المحراب العثماني وسقفوا مقدّم المسجد سقفا واحدا بعد أن قصروا أساطينه وجعلوا عليها عقودا من الآجر فوقها أخشاب السقف وكانت الأساطين قبل واصلة إلى السقف كهيئة أساطينه اليوم في المسقف الغربي والشرقي والشامي لأن تلك العقود التي سبق إن متولي العمارة جعلها بمقدّم المسجد بين السقفين تساقطت عند الحريق على الأساطين فهشمتها وأفسدت الكثير منها وجعلوا على المحراب العثماني قبة على عقود الأساطين بعد أن قرنوا إلى كل أسطوانة ثانية وجمعوا في بعضها بين خمس أساطين وأزالوا أسطوانة كانت بين الأسطوانة التي إليها المصلى النبوي وبين المحراب العثماني وجعلوا على ما يحاذي الحجرة الشريفة وما حوله قبة عظيمة على دعائم بأرض المسجد بدلا عن القبة التي كانت بسطح المسجد كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 سبق آخر الحادي عشر وأبدلوا بعض الأساطين مما حول مقصورة الحجرة بدعائم عظيمة ولم يبالوا بما حدث بسبب ذلك من التنسيق هناك وجعلوا السقف عقودا فيما بين هذه القبة وبين جدار المسجد الشرقي وكذا ما أتصل بها في الشام إلى محاذاة المتهجد الشريف وكذا ما بينها وبين جدار القبلة وجعلوا في هذه الناحية قبة لطيفة وحولها ثلاث أخر ألطف منها أيضا تسمى مجاريد وجعلوا بين هذه العقود وبين المنارة الرئيسية باذهنجا للضوء والهواء وكان باب المنارة بالمغرب فنقلوه إلى الشام وأحدثوا أمامه أربع درج بأرض المسجد وأفردوا محل الباب الأوّل بخزانة للخطيب وكان جلوسه إلى أن يخرج للخطبة في الإعصار الخالية هناك مع وجود باب المنارة وقد أعاد المقرّ الشجاعي شاهين الجمالي عند تجديد المنارة المذكورة بابها إلى محله الأوّل وأبطل تلك الدرج المحددة جزاه الله تعالى خيرا واتخذوا أيضا قبتين أمام باب السلام من داخله وبنوا الباب المذكورة بالرخام الأبيض والأسود وزينوه كثيرا وكذا زينوا القباب المذكورة وخفضوا أرض مقدّم المسجد حتى ساوت أرض المصلى النبوي واتخذوا له محرابا في دعامة ابتنوها في محل الصندوق الذي كان هناك قديما وزخرفوه بالرخام الملوّن وكذا المحراب العثماني وزادوا في رخامه من جنبيه بأعلى الوزرة على ما كان أوّلا وأعادوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 ترخيم الحجرة وغيرها واتخذوا المقصورة على ما سبق في الحادي عشر واتخذوا المنبر ودكة المؤذنين من رخام كما سبق وجعلوا فيما يلي باب الرحمة وباب النساء إلى مؤخر المسجد دكتين إحداهما بالمسقف الشرقي والأخرى بالمسقف الغربي وجعلوهما أخفض من الدكاك الشامية يسيرا ولا ذكر لهذه الدكاك الشامية في كلام الأقدمين والظاهر إنها حدثت في عمارة الحريق الأوّل كما حدث هاتان في عمارة الثاني وكنت قد توجهت لزيارة والدتي وأهلي فرجعت آخر عام سبع وثمانين وثلاثمائة فوجدتهم فرغوا من مقدّم المسجد وجانب من غيره ثم هدموا من جدار المسجد من المغرب ما بين منارة باب السلام إلى باب الرحمة وأستبدل متولي العمارة ما يحاذي ذلك من الرباط المعروف بالحصن العتيق بباب السلام وما في شاميه من المدرسة الجوبانية والدار التي كانت تعرف بدار الشباك بباب الرحمة لاتخاذ مدرسة ورباط السلطان الأشرف أعز الله أنصاره وأعلى في سلوك العدل منارة وأتخذ في هذا الجانب فتحات كثيرة في ثلاث طبقات عدّتها ثلاثون فتحة إلا أن الفتحات الثلاث التي تلي باب السلام جعلوها في الحاصل الذي كان هناك وبه باب خوخة الصدّيق وأبوابها الثلاثة نافذة في المسجد وجعلوا الفتحة الخامسة من باب السلام باب ينفذ إلى المسجد يتوصل منه إلى المدرسة المذكورة وجعلوا على الفتحات التي على الطبقة الثالثة العليا شبكة من شريط النحاس لأنها جعلت لمجرد الضوء وكان متولي العمارة قد أتخذ مثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 ذلك بالجدار القبلي لعزمه على جعل المدرسة هناك ثم صرف الله عزمه إلى هذه الناحية فسدّ تلك الفتحات إلا ما يحاذي القبة المتخذة للمحراب العثماني فجعل لها قمريات من الزجاج وشبكات من شريط النحاس وكذا جعل لفتحات أحدثها في الجدار الشرقي أيضا وشرع السلطان أيده الله وسدّده في تعويض ما فات من المصاحف والربعات والكتب وبعث بطائفة من ذلك على يدي ولما قارب المسجد التمام شرعوا في المدرسة والرباط المذكورين وجعلوا بذلك منارة تلي باب الرحمة وشرعوا أيضا في رباط بدل رباط الحصن العتيق وحمام قبالته بناحية ميضاة باب السلام وفي عمارة سبيل وطاحون وفرن ومطبخ للجشيشة ووكالة ذات حواصل في الدور التي اشتروها قبل ذلك من دور العياسا وما يليها في القبلة من أجل السماط الذي أراد السلطان إجراءه بالمدينة الشريفة وهو أمر لم يسبق إليه على هذا الوجه وأتخذ لذلك أوقافا عظيمة متحصل ريعها من الحب سبعة آلاف أردب وخمسمائة أردب ورسم بأبطال مكوس المدينة وعوض أميرها ألف أردب تحمل له في كل سنة إلى ينبع وكملت سقف المسجد كلها أواخر شهر رمضان عام ثمان وثمانين وثمانمائة وتمت عمارته عقب ذلك وفي عام تسع وثمانين بعث السلطان جماعة من الدهانين لمحو ما بلغه من تساهل متولي العمارة في استعمال النيلة في بعض السقف وإبداله باللازورد وجهز معهم أساقيل لذلك فنصبوه وأصلحوه وتغير خاطره على متولي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 العمارة بسبب ذلك وغيره ثم جهز المقرّ الأشرف البدري أبا البقاء بن الجيعان أسبغ الله عليه النعم وحفظه من النقم في ركب مع جماعة من خواصه فقدم سابع القعدة الحرام من العام المذكور معه كتب كثيرة في العلوم جعلت وقفا بالمدرسة الأشرفية وآلات السماط من القدور وأحمال كثيرة من الدقيق والحب وبنيتا آلات العمارة صحبها من الينبيع مما جهز في المراكب الشريفة فقرّر أمر السماط لكل نفر في الشهر سبع أردب مصري وذلك خمسة أمداد بمدّ المدينة اليوم وسوّى في ذلك بين الصغير والكبير والحرّ والرقيق فيعطي كل شخص على عدد عياله ما ذكر وجعل للآفاقيين لكل نفر رغيفين وما يكفيه من طعام الجشبشة وأحسن النظر في أمر المعامير وأزاح ما كانوا يتشكون منه وأخبرني بعض المباشرين لهذه العمارة قبل تمامها أنّ المصروف فيها حينئذ بثمن الآلات والبهائم يزيد على مائة وعشرين ألف دينار ثم بعد تمامها بلغ السلطان ما سبق من أمر النية وميل المنارة الرئيسية فأنتخب المقرّ الشجاعي شاهين الجملي وفوّض إليه شيخة الخدام وينظر المسجد والسماط فقدم المدينة الشريفة موسم عام واحد وتسعين وثمانمائة وأحسن النظر في ذلك كله ولما هدم المنارة ظهر أن الخلل كان لعدم المبالغة في حفر أساسها فحفره إلى الماء وأتخذ لها أحجارا سودا متقنة وأحكم بناءها مع السحن الفائق ومزيد الارتفاع كما سبق وهدم أعالي القبة وأعاده على ما سبق في الحادي عشر مع إحكامه لتربيعه سقف مقدّم المسجد والزيادة الآتية في مشهد سيدنا حمزة رضي الله عنه وغير ذلك ثم في أوائل الثامن والعشرين من صفر سنة ثمان وتسعين وثمانمائة سقطت صاعقة ثانية على المنارة الرئيسية المتقدّم ذكرها فأسقطت قبتها وجانبا كبيرا من دورها الأوّل الذي يقوم عليه المؤذن مع اتخاذ من الأحجار المنحوتة الضخمة وسقط جانب من ذلك على ما يليه من سترة المسجد ونفذ بعضها من أحد المحاريب الذي عن يمين موقف الزائر تجاه الوجه الشريف وشوهد ضوء نارها بذلك المحل المنيف مع الأحجار الساقطة وقد ذكرت طرفا من سر تكرّر سقوطها بهذه المنارة في المجموع الحاوي لما وقع لنا من الفتاوى ثم أعاد المقرّ الشجاعي ما انثلم من المنارة والسترة في عامه بأمر السلطان الأشرف جزاه الله خير الجزاء وجعل ثوابه على ذلك من أوفر الأجزاء ومن تأمّل ما سبق من العمل عقب الحريق الأوّل وطول مدّته وأحاط علما بما أسلفناه عن سلطان زماننا الأشرف في عمارته حكم بقينا بعلوّ همته وفخار منقبته ومرتبته وقد ذكرنا ماله بالحجاز الشريف من الآثار الجميلة وبعض مناقبه الجليلة في الأصل فراجعه ومن أعظمها أجراء عين عرفة وعمل السماط المتقدّم شكر الله صنيعه وحصنه من أعدائه بحصونه المنبعةمدينة اليوم وسوّى في ذلك بين الصغير والكبير والحرّ والرقيق فيعطي كل شخص على عدد عياله ما ذكر وجعل للآفاقيين لكل نفر رغيفين وما يكفيه من طعام الجشبشة وأحسن النظر في أمر المعامير وأزاح ما كانوا يتشكون منه وأخبرني بعض المباشرين لهذه العمارة قبل تمامها أنّ المصروف فيها حينئذ بثمن الآلات والبهائم يزيد على مائة وعشرين ألف دينار ثم بعد تمامها بلغ السلطان ما سبق من أمر النية وميل المنارة الرئيسية فأنتخب المقرّ الشجاعي شاهين الجملي وفوّض إليه شيخة الخدام وينظر المسجد والسماط فقدم المدينة الشريفة موسم عام واحد وتسعين وثمانمائة وأحسن النظر في ذلك كله ولما هدم المنارة ظهر أن الخلل كان لعدم المبالغة في حفر أساسها فحفره إلى الماء وأتخذ لها أحجارا سودا متقنة وأحكم بناءها مع السحن الفائق ومزيد الارتفاع كما سبق وهدم أعالي القبة وأعاده على ما سبق في الحادي عشر مع إحكامه لتربيعه سقف مقدّم المسجد والزيادة الآتية في مشهد سيدنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 حمزة رضي الله عنه وغير ذلك ثم في أوائل الثامن والعشرين من صفر سنة ثمان وتسعين وثمانمائة سقطت صاعقة ثانية على المنارة الرئيسية المتقدّم ذكرها فأسقطت قبتها وجانبا كبيرا من دورها الأوّل الذي يقوم عليه المؤذن مع اتخاذ من الأحجار المنحوتة الضخمة وسقط جانب من ذلك على ما يليه من سترة المسجد ونفذ بعضها من أحد المحاريب الذي عن يمين موقف الزائر تجاه الوجه الشريف وشوهد ضوء نارها بذلك المحل المنيف مع الأحجار الساقطة وقد ذكرت طرفا من سر تكرّر سقوطها بهذه المنارة في المجموع الحاوي لما وقع لنا من الفتاوى ثم أعاد المقرّ الشجاعي ما انثلم من المنارة والسترة في عامه بأمر السلطان الأشرف جزاه الله خير الجزاء وجعل ثوابه على ذلك من أوفر الأجزاء ومن تأمّل ما سبق من العمل عقب الحريق الأوّل وطول مدّته وأحاط علما بما أسلفناه عن سلطان زماننا الأشرف في عمارته حكم بقينا بعلوّ همته وفخار منقبته ومرتبته وقد ذكرنا ماله بالحجاز الشريف من الآثار الجميلة وبعض مناقبه الجليلة في الأصل فراجعه ومن أعظمها أجراء عين عرفة وعمل السماط المتقدّم شكر الله صنيعه وحصنه من أعدائه بحصونه المنبعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 " الفصل الرابع عشر " فيما احتوى عليه المسجد من الأروقة والأساطين والذرع والحواصل ونحوها وتحصينه ومصابيحه وتخلقه وأجماره تقدّم أنّ المسقف القبلي كان خمسة أروقة بين المشرق والمغرب ثم أستقرّ بعد زيادة الرواقين بمؤخره سبعة وأنّ الشامي كان خمسة أيضا كما صرّح به أبن جبير فنقص منه رواق زيد في صحن المسجد والمسقف الشرقيّ ثلاثة أروقة من القبلة إلى الشام والمسقف الغربي أربعة أروقة كذلك وبه صرّح أبن عبد ربه ثم أبن جبير وكذا هو اليوم وسبق في الثامن ما كان المسجد عليه من الزينة بالرخام والفسيفساء والتذهيب وغيره وعدد أساطين المسجد مائتان وست وسبعون أسطوانة على ما ذكره أبن زبالة بما في جدار القبر وهو ستة وقد اختبرت ذلك قبل التغيير المتقدّم من متولي العمارة مع إسقاط ما زيد في المسقف القبلي وهو عشرون أسطوانة للرواقين وزيادة ما نقص من الشام وهو عشرة فلم يخالف ذلك سوى أسطوانة واحدة وسببه أنّ المسقف الشرقي ثلاثة صفوف كل صف من جدار القبلة إلى جدار الشام ثمان وعشرون أسطوانة فكان أبن زبالة ومن تبعه عدوها كذلك وقد أنكشف لنا من شهود باطن الحجرة إنّ الصف الأوسط سبع وعشرون فقط لأن كمال عدّته يتوقف على وجود أسطوانة في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 ساحة الحجرة بين الأسطوانة التي سبق إدخالها في جدار الحجرة الشامي وبين الأسطوانة الظاهر بعضها في الحائز من جهة القبلة كما أوضحنا في الأصل وذكر أبن زبالة كما سبق إنّ ذرع مقدّم المسجد اليوم بين المشرق والمغرب مائة وخمسة وستون ذراعا وعرضه من مؤخره بينهما مائة وثلاثون ذراعا وطوله من اليمن إلى الشام مائتان وأربعون ذراعا اه وحررت ذرعه فكان عرضه من مقدّمه مائة ذراع وسبعة وستين ذراعا وعرضه من مؤخره مائة وخمسة وثلاثين ذراعا وكان طوله من القبلة إلى الشام مائتي ذراع وثلاثة وخمسين ذراعا وذكر أبن النجار في ذرعه نحوه وطول صحنه بين القبلة والشام مائة ذراع واثنان وخمسون ذراعا وعرضه خمسة وتسعون ذراعا بتقديم التاء الفوقانية على السين وإذا أضفت للطول ما تحرر انتقاصه منه للرواق وهو نحو عشرة أذرع قرب مما ذكره أبن زبالة في ذرعه والتفاوت لاختلاف الذرعة ونحوه وسبق في التاسع ذكر منائر المسجد وذرعها فراجعه وذكر أبن زبالة ويحيى أن بصحن المسجد أربعة وستين بالوعة عليها أرحاء ولها صمائم من حجارة يدخل الماء من خلالها ولا يظهر به اليوم غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 بالوعة واحدة لها فوهتان عند الحجرين المتقدّم ذكرهما في حدود المسجد لعلو الأرض الآن كما كانت عليه قرب القامة كما سبقت الإشارة إليه وذكر أبن زبالة تسع عشرة سقاية كانت بصحن المسجد في زمنه في صفر سنة تسع وتسعين ومائة قال أبن النجار عقب ذكره وأما الآن فليس في المسجد سقاية إلا في وسطه قلت وقد ذكرها أبن فرحون وإنها كانت متقدمة على النخيل بصحن المسجد بناها بعض مشايخ الحرم ونصب بها مواجير للماء ومصرفا مرخما ثم كثر شرها وصار يدخلها من يتوضأ فيها وربما أزال فيها الأذى من استقرب المدى فأزيلت عن اجتماع من القاضي شرف الدين الأميوطي والشيخ ظهير الدين وذكر أبن النجار أيضا البركة ذات الدرج التي كانت بصحن المسجد غربي النخيل ينبع الماء من فوّارة في وسطها من العين عملها بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 أمراء الشام واسمه شامة وقال المطري إنه كان يتوضأ منها فحصل بذلك انتهاك حرمة المسجد فسدت لذلك اه قال أبن النجار وعملت أمّ الخليفة الناصر لدين الله سقاية كبيرة أي للوضء فيها عدّة من البيوت أي الأخلية وفتحت لها بابا إلى المسجد في الحائط الذي يلي الشام اه وبالمسجد من الحواصل القبة التي بصحنه وسبق ذكرها في الفصل قبله وأمام كل من المنارات الأربع خزانة يتوصل منها إلى المنارة وبجانب باب الغربية الشمالية خزانة لطيفة ثم حاصلان كبيران وبجانب باب الشرقية الشمالية خزانتان وحاصل وبين باب جبريل وباب النساء خزانة قال أبن جبير إنها من أعواد وهي اليوم من بناء وإلى جانبها صندوق يوضع فيه ما يستخرج من القبة من زيت الوقود وفي غربي المسجد الحاصل الذي كان بابه في محاذاة خوخة الصدّيق رضي الله عنه وكانت شارعة في رحبة القضاء وجعل فيه اليوم ثلاثة أبواب شارعة في المسجد تلي باب السلام كما سبق ويطاف لإخراج الناس من المسجد بعد عشاء الآخرة بفوانيس ستة رتبها شيخ الخدّام شبل الدولة كافور المظغري الحريري وكان الطواف قبله بشعل من السعف يجرون بها في المسجد ثم يلقونها خارجه وبصحن المسجد أربع مشاعل تشعل في ليالي الزيارات المشهورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وما علمت أوّل من أحدثها وبالمسجد سلاسل كثيرة للقناديل عملت بعد الرحيق والمرتب للوقود منها يزيد وينقص لما لا يخفي والنخيل التي بصحن المسجد ذكرها أبن جبير في رحلته وغرس أكثرها شيخ الخدّام عزيز الدولة وكان ذلك لم ينكر عليه خوفا من لسانه وتعظيما لشأنه ولم يزل المسجد النبوي بإمام واحد يصلي يا لمقام النبوي إلا في أيام الموسم فبالمحراب القبلي حتى سعى بعض الأتراك في اتخاذ إمام حنفي بعد الستين وثمانمائة في دولة الأشرف إينال. وأما تحصيب المسجد ففي سنن أبي داود عن أبي الوليد قال سألت أبن عمر عن الحصباء التي في المسجد فقال مطرنا ذات ليلة فأصبحت الأرض مبتلة فجعل الرجل يأتي بالحصباء في ثوبه فيبسطه تحته فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال ما أحسن هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 ولأصحاب السنن عن أبي ذر مرفوعا إذا قال أحدكم إلى الصلاة فإنّ الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصباء وليحيى عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الأزديّ قال قال عمر أبن الخطاب حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ندري ما نفرش في مسجدنا فقيل له أفرش الخصف والحصر قال هذا الوادي المبارك فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العقيق واد مبارك قال فحصبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 ولأبن زبالة عن أبن عمر رضي الله عنه قال قدم سفيان بن عبد الله الثقفي على عمر بن الخطاب ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير محصوب فقال ما لكم واد فقال عمر رضي الله عنه بلى قال فاحصبوه منه فقال عمر أحصبوه من هذا الوادي المبارك يعني وادي العقيق قال المطري رمل المسجد أي الذي يحصب به يحمل من وادي العقيق من العرصة التي تسيل من الجماء الشمالية إلى الوادي وليس بالوادي رمل أحمر غير ما يسيل من الجماء وهو رمل أحمر يغربل ثم يفرش في المسجد اه. وأمّا مصابيح المسجد فقيل أوّل من علق المصابيح بالمسجد عمر بن الخطاب لما جمع الناس في التراويح على إمام واحد وروى القرطبي في تفسيره عن أبي هند قال حمل تميم الداري من الشام إلى المدينة قناديل وزيتا ومقطا فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة فأمر غلاما يقال له أبو البراد فقام فبسط المقط وعلق القناديل وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتل فلما غربت الشمس أمر أبا الراد فأسرجها وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو بها تزهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 فقال من فعل هذا قالوا تميم الداري يا رسول الله فقال نورت الإسلام الحديث. وأمّا تخليق المسجد فلأبي داود عن أبن عمر رضي الله عنه بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فنغيظ على الناس ثم حكها وأحسبه قال فدعا بزعفران فلطخها به وقال إنّ الله عز وجل قبل وجه أحدكم فلا يبزقن بين يديه ولأبن شبة بسند جيد عن أبي الوليد قال قلت لأبن عمر ما بدء الزعفران يعني في المسجد فقال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في المسجد فقال ما أقبح هذا من فعل هذا فاء صاحبها فحكها وطلاها بزعفران فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أحسن من ذاك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 ورواه يحيى إلا إنه قال ما كان بدء هذه الصفرة في القبلة فذكره وزاد فسارع الناس إليه فكان هذا بدأه وسيأتي في مسجد بني حرام من الفصل الرابع في الباب الخامس إنه أوّل مسجد خلق وقول جابر فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم وإنّ المطري وهم فجعله مسجد القبلتين وقول جابر فيما روى أبن شبة كان أوّل من خلق المسجد ورزق المؤذنين عثمان رضي الله عنه محمول على إنه رتب له ذلك ونقل أبن زبالة عن أبن عجلان إنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله على المدينة أن لا يخلق إلا القبلة وأن يغسل الأساطين قال فلم تكن الأساطين تخلق في سلطانه ثم ذكر قدوم الخيزران سنة سبعين ومائة وأمرها بتخليق المسجد مع ما قدّمناه في تخليق القبر الشريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وأمّا أجمار المسجد فليحيى عن محمد بن إسماعيل عن أبيه أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسفط من عود فلم يسع الناس فقال عمر رضي الله عنه أجمروا به المسجد لينتفع به المسلمون فثبتت سنة في الخلفاء إلى اليوم يؤتى كل عام بسفط من عود يجمر به المسجد ليلة الجمعة ويوم الجمعة عند المنبر من خلفه إذا كان الإمام يخطب وله عن عبد الله بن محمد بن عمار عن جدّه فقال أتى عمر بن الخطاب بمجمرة من فضة فيها تماثيل من الشام فدفعها إلى سعد جدّ المؤذنين وقال أجمر بها في الجمعة وفي شهر رمضان قال فكان سعد يجمر بها في الجمعة وكانت توضع بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى قدم إبراهيم بن يحيى ومحمد بن العباس المدينة سنة ستين ومائة فأمر بها فغيرت وجعلت ساذجا وهي اليوم بيد مولى المؤذنين قال أبو غسان هم دفعوها إليه انتهى ولأبن زبالة عن نعيم المجمر عن أبيه إنّ عمر رضي الله عنه قال له تحسن أن تطوف على الناس بالجمرة تجمرهم قال نعم فكان عمر يجمرهم يوم الجمعة وفي مسند أبي بعلي عن أبن عمر إنّ عمر رضي الله عنه كان يجمر مسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة ولأبن ماجه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المظاهر وجمروها في الجمع ولأبن أبي عدي الحافظ من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال صليت العصر مع عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه فرأى خياطا في ناحية المسجد فأمر بإخراجه فقيل له يا أمير المؤمنين إنه يكنس المسجد ويغلق الأبواب ويرش أحيانا فقال عثمان رضي الله عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جنبوا صناعكم مساجدكم قلت ومن المنكرات تساهل بعض ولاة العمارة في إستعمال النشارين والنجارين والحجارين بالمسجد النبوي لعمل آلاته واكتساب أولئك بذلك مع ما يتولد عنه من القمامات والدق العنيف مع إمكان عمل ذلك خارجه ونقله إليه مصنوعا وقد كانت عائشة رضي الله عنه تسمع الوتد أو المسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بالمسجد فترسل إليهم لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل عليّ مصراعي داره إلا بالمصانع توقيا لذلك وفي خبر رواه المقدسي في كتابه مثير الغرام عن كعب الأحبار إنّ سليمان عليه السلام قال للعفريت الذي أحضره لقطع الرخام لعمارة بيت المقدس هل عندك حيلة أقطع بها الصخر فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا والذي أمرنا الله به هو الوقار والسكينة الخبر الذي أوردناه في الأصل والله الموفق ولأبن أبي شبة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة وللبلاذري عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال كان عمر بن الخطاب يعمر في المسجد بعد العشاء فلا يرى أحد إلا أخرجه إلا رجلا قائما يصلي فمرّ بنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبيّ بن كعب فقال من هؤلاء قال أبيّ نفر من أهلك يا أمير المؤمنين قال ما خلفكم بعد الصلاة قالوا جلسنا نذكر الله فجلس معهم ثم قال لأدناهم خذ في الدعاء فدعا فاستقراهم رجلا رجلا حتى انتهى إليّ فقال هات فحصرت وأخذني الكل فقال قل ولو أن تقول اللهم أغفر لنا اللهم ارحمنا ثم اخذ عمر في الدعاء فما كان أحد أكثر دمعة ولا أشد بكاء منه ثم قال تفرقوا الآن. بها في الجمعة وفي شهر رمضان قال فكان سعد يجمر بها في الجمعة وكانت توضع بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى قدم إبراهيم بن يحيى ومحمد بن العباس المدينة سنة ستين ومائة فأمر بها فغيرت وجعلت ساذجا وهي اليوم بيد مولى المؤذنين قال أبو غسان هم دفعوها إليه انتهى ولأبن زبالة عن نعيم المجمر عن أبيه إنّ عمر رضي الله عنه قال له تحسن أن تطوف على الناس بالجمرة تجمرهم قال نعم فكان عمر يجمرهم يوم الجمعة وفي مسند أبي بعلي عن أبن عمر إنّ عمر رضي الله عنه كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة ولأبن ماجه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المظاهر وجمروها في الجمع ولأبن أبي عدي الحافظ من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال صليت العصر مع عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه فرأى خياطا في ناحية المسجد فأمر بإخراجه فقيل له يا أمير المؤمنين إنه يكنس المسجد ويغلق الأبواب ويرش أحيانا فقال عثمان رضي الله عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جنبوا صناعكم مساجدكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 قلت ومن المنكرات تساهل بعض ولاة العمارة في إستعمال النشارين والنجارين والحجارين بالمسجد النبوي لعمل آلاته واكتساب أولئك بذلك مع ما يتولد عنه من القمامات والدق العنيف مع إمكان عمل ذلك خارجه ونقله إليه مصنوعا وقد كانت عائشة رضي الله عنه تسمع الوتد أو المسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بالمسجد فترسل إليهم لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل عليّ مصراعي داره إلا بالمصانع توقيا لذلك وفي خبر رواه المقدسي في كتابه مثير الغرام عن كعب الأحبار إنّ سليمان عليه السلام قال للعفريت الذي أحضره لقطع الرخام لعمارة بيت المقدس هل عندك حيلة أقطع بها الصخر فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا والذي أمرنا الله به هو الوقار والسكينة الخبر الذي أوردناه في الأصل والله الموفق ولأبن أبي شبة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة وللبلاذري عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال كان عمر بن الخطاب يعمر في المسجد بعد العشاء فلا يرى أحد إلا أخرجه إلا رجلا قائما يصلي فمرّ بنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبيّ بن كعب فقال من هؤلاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 قال أبيّ نفر من أهلك يا أمير المؤمنين قال ما خلفكم بعد الصلاة قالوا جلسنا نذكر الله فجلس معهم ثم قال لأدناهم خذ في الدعاء فدعا فاستقراهم رجلا رجلا حتى انتهى إليّ فقال هات فحصرت وأخذني الكل فقال قل ولو أن تقول اللهم أغفر لنا اللهم ارحمنا ثم اخذ عمر في الدعاء فما كان أحد أكثر دمعة ولا أشد بكاء منه ثم قال تفرقوا الآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 " الفصل الخامس عشر " في أبواب المسجد وخوخاته وما يميزها من الدور المحاذية لها وشرح حال الدور المحيطة به الذي تلخص من كلام ابن زبالة أن الذي أستقر عليه المسجد في عدد الأبواب بعد زيادة المهدي عشرون بابا بخوخة أبي بكر رضي الله عنه لأنها كما سيأتي جعلت شارعا في رحبة القضاء وأنه كان به أربعة أبواب أخرى ليست عامة للناس كانت مما يلي القبلة أحدها باب يدخل منه الأمراء من ناحية دار مروان وهي دار الإمارة إلى المقصورة وهذا قد سدّ قيما وكان في قبلة المسجد خلاف ما اقتضاه كلام المطري من أنه لم يكن في قبلة المسجد باب سوى خوخة آل عمر الآتية لأن ابن زبالة نقل أن مروان جعل الباب المذكور في القبلة ثم خشي منعه فجعل بابا على يمينك حين تدخل ثم قال أخشى أن أمنع المسجد فجعل الباب الثالث أي اللاصق بباب السلام من خارجه موضع السقاية التي هناك. ثانيها باب عن يمين القبلة في المغرب داخل المقصورة يدعى باب زيت القناديل ذكروا أن مروان عمله أي عند بناءه داره ثم لما زيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 في المسجد نقل حتى سدّ محله بحائط منار باب السلام الغربي كما سبق في التاسع. ثالثها باب عن يسار القبلة في محاذاة الباب قبلة يدخل منه للمقصورة من موضع الجنائز أي بجدار المنارة الشرقية هناك. رابعها خوخة آل عمر ذات السرب تحت المقصورة قلت ولم يزل على هذا السرب باب في الرواق المتوسط بين الروضة والرواق القبلي يفتح في زماننا في أيام الموسم لتحصيل شئ شبيه بالمكس يأخذه من كان بيده مفتاحه ممن يدخل لزيارة تلك الدور التي اختلفوا تسميتها بدور العشرة وغير ذلك ويقع به اختلاط النساء بالرجال وغيره من المناكر ما لا يوصف فأمر السلطان الأشرف قايتباي جنبه الله الردى وأنار له سبيل الخير والهدى بسدّه وتعويض من كان بيده المفتاح عما كان يحصل له بسببه صرّة في الذخيرة فسدّ من خارج المسجد وردم من داخله حتى ساوى أرض المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وذلك في سنة ثمان وثمانين وثمانمائة وقد شرحنا ذلك في الأصل في فصل مستقل وفصل أبن زبالة أبواب المسجد العشرين فقال ثمانية من ناحية المشرق وثمانية من ناحية المغرب منها الخوخة التي يقال لها خوخة الصدّيق ومما يلي الشام أربعة انتهى وقال أبن النجار وأمّا أبواب المسجد فكانت بعد زيادة المهدي وذكر تسعة عشر بابا غير باب خوخة الصدّيق وذكر ما سيأتي في مواضعها فقول المطري ومن تبعه لما بنى الوليد بن عبد الملك المسجد وسعه جعل له عشرين بابا وذكروا الأبواب الآتية بعينها مع الخوخة المذكورة وهم كما أوضحناه في الأصل ولنذكر ما قالوه في بيان الأبواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 العشرين الأوّل وهو مبتدأ المشرق مما يلي القبلة عند موضع الجنائز باب عليّ كما صرّح به أبن النجار أخذا من كلام أبن زبالة ويحيى كما أوضحناه في الأصل وجعل المطري ومن تبعه الذي بعده أوّل هده الجهة وأنّ هذا ثان لقولهم إنه سمى بذلك لكونه في محاذاة بيت عليّ وهو متأخر عن بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنّ بيت عليّ كان ينعطف في المشرق على الحجرة الشريفة فيحاذي هذا الباب وقد سدّ عند تجديد الجدار الشرقيّ وجعل مكانه شباك يقف الإنسان خارجه فيرى الحجرة النبوية الثاني باب النبي صلى الله عليه وسلم سمى بذلك لقربه من حجرته لا لكونه دخل منه إذ لا وجود له في زمنه وقد سدّ أيضا عند تجديد الحائط الثالث باب عثمان رضي الله عنه وهو الباب الذي وضع قبالة الباب الذي كان يدخل منه النبيّ صلى الله عليه وسلم ولذا أطلق عليه في رواية ليحيى باب النبيّ صلى الله عليه وسلم وسمى بما سبق لمقابلته لدار عثمان بن عفان وسيأتي إنها كانت من الطريق التي تسلك إلى البقيع عن يسار الخارج من هذا الباب إلى الطريق التي في شامي المدرسة الشهابية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 وفي طبقات أبن سعد أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطها لعثمان رضي الله عنه لما أقطع الدور قال ويقال إنّ الخوخة التي في دار عثمان اليوم وجاه باب النبي صلى الله عليه وسلم التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج منها إذا دخل بيت عثمان انتهى والذي يقابل هذا الباب اليوم من دار عثمان رباط أنشأه الجواد جمال الدين محمد بن أبي المنصور الأصفهاني وزير بني زنكي وقفه على فقراء العجم وجعل فيه تربة لها شباك لجهة الشباك المتقدّم ذكره في الأوّل ولما توفى في السجن وكان بينه وبين أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين بن أيوب عهد من مات قبل صاحبه حمله صاحبه الحي للمدينة دفع أسد الدين للشيخ أبي القاسم الصوفي مالا صالحا فحمله إلى الحرمين ومعه جماعة يقرؤن بين يدي تابوته فلما كان بالحلة أجتمع الناس للصلاة عليه فإذا شاب قد أرتفع على موضع عال ونادى بأعلى صوتهرمين ومعه جماعة يقرؤن بين يدي تابوته فلما كان بالحلة أجتمع الناس للصلاة عليه فإذا شاب قد أرتفع على موضع عال ونادى بأعلى صوته سرى نعشه فوق الرقاب وطالما ... سرى جوده فوق الركاب ونائله يمرّ على الوادي فتثنى رماله ... عليه وبالنادي فتثنى أرامله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم ثم وصلوا به إلى مكة فطافوا به حول الكعبة وصلوا عليه عندها ثم إلى المدينة فصلوا عليه ودفنوه بتربته سنة تسع وخمسين وخمسمائة وكان له آثار جميلة سيما بالحرمين الشريفين وعمل سور المدينة الآتي ذكره وفي قبلة رباطه من دار عثمان أيضا رضي الله عنه تربة أسد الدين شيركوه حمل إليها من مصر هو وأخوه نجم الدين أيوب والد صلاح الدين بعد موتهما سنة ست وسبعين وخمسمائة وبقية دار عثمان رضي الله عنه في القبلة بيت إلى جنب هذه التربة موقوف على الخدام ويعرف هذا الباب بباب جبريل أيضا وكأنه لما ورد من إنّ جبريل عليه السلام في غزوة بني قريظة أتى على فرس عليه اللامة حتى وقف بباب المسجد عند موضع الجنائز وقال أبو غسان علامة مقام جبريل عليه السلام الذي يعرف به اليوم إنك تخرج من الباب الذي يقال له باب آل عثمان فترى على يمينك إذا خرجت من ذلك الباب على ثلاثة أذرع وشبر وهو من الأرض على نحو ذراع وشبر حجرا أكبر من الحجارة التي بها جدار المسجد وأشار أبن زبالة لنحو هذا ثم قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 ومقام جبريل يمناه داخل في المسجد. الرابع باب ريطة بفتح الراء ابنة أبي العباس السفاح كان يقابل دارها وهي اليوم مدرسة للحنفية بناها باركوش أحد أمراء الشام وعمل بها مشهد أنقل إليه من الشام ودار أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي مات بها في شرقيها كما سيأتي ويعرف هذا الباب بباب النساء وعمر بن الخطاب هو الذي أحدثه سمى بذلك لقول عمر رضي الله عنه لو تركنا هذا الباب للنساء فلم يدخل منه أبن عمر حتى مات رواه أبو داود وغيره مع ردّ رفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 الخامس كان يقابل دار أسماء بنت الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس وفي موضعها اليوم رباط للنساء وقد سدّ هذا الباب عند تجديد الحائط الشرقي من المنارة الشرقية الشمالية إليه أيام الناصر لدين الله سنة تسع وثمانين وخمسمائة. السادس كان يقابل دار خالد بن الوليد رضي الله عنه وموضعها رباط السبيل الذي للرجال ومعها في شمالية دار عمر وبن العاص كما سيأتي وقد أنشأ هذا الرباط والذي قبله القاضي كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري. السابع كان يقابل زقاق المناصع الذي بين دار عمرو بن العاص وأبيات الصوافي وهو اليوم ينفذ إلى دار الحسن بن علي العسكري المعروفة بحوش الحسن وكان نافذا للمناصع خارج سور المدينة وفي محل أبيات الصوافي رباط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 الرجال الذي أنشأه القاضي الفاضل محي الدين عبد الرحمن اللخمي البيساني وما في شاميه من دار الرسام. الثامن كان يقابل أبيات الصوافي أي جانبها الذي به اليوم دار الرسام الذي وقفها الشيخ صفي الدين اللامي على أقاربه ثم على الفقراء وفي شاميها الباب الذي يدخل منه إلى رباطي النخلة وهما رباطا اللامي وهذا الباب آخر أبواب جهة المشرق وعبر المطري ومن تبعه عن هذا الباب بكونه في مقابلة أبيات الصوافي وقال في الباب قبله المقابل لزقاق المناصع إنّ زقاق المناصع بين دار عمرو بن العاص ودار موسى بن إبراهيم المخزومي ولم أر لدار موسى هذه ذكرا فيما كان مطيفا بالمسجد من الدور في هذه الجهة بل المذكور فيها أبيات الصوافي فهذه الدار من جملتها. التاسع كان دبر المسجد وهو أول أبواب جهة الشام مما يلي المشرق يقابل دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف التي كان عبد الرحمن ينزل بها ضيفان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 النبي صلى الله عليه وسلم وبقية دار أبن مسعود وفي موضعها اليوم الدار المعروفة بدار المضيف وما والى ساباطها في المغرب. العاشر كان يقابل بقية دار حميد المذكورة وموضعها اليوم رباط الظاهرية والشرشورة. الحادي عشر كان يقابل ما يلي دار حميد من أبيات خالصة مولاة أمير المؤمنين وموضع ذلك المارستان الذي أنشأه أبو جعفر المستنصر بالله سنة سبع وعشرين وستمائة. الثاني عشر كان في مقابلة بقية أبيات خالصة في موضع البيت الذي إلى جنبه زقاق رباط الشيخ شمس الدين التستري وهذا آخر أبواب جهة الشام ولا أثر لشيء منها اليوم وقد ابتنى الناس في محلها. الثالث عشر وهو أول أبواب المغرب فيما يلي الشام كان يقابل دار منيرة مولاة أمّ موسى وكانت من دور عبد الرحمن بن عوف ثم صارت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ثم صارت لمنيرة وفي موضعها اليوم الدار التي أنشأها السيد العلامة محي الدين الحنبلي قاضي الحرمين وما في قبلتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 إلى زقاق القياشين ثم صارت إلى دار قاضي الحنابلة هذه ووقفتها وهذا الباب مسدود اليوم كما يظهر من خارج المسجد. الرابع عشر كان يقابل دار منيرة أيضا ويقابله منها اليوم دار موقوفة بيد الخدام في قبلتها زقاق دور القياشين وهذا الباب أيضا مسدود اليوم كما يظهر من خارج المسجد. الخامس عشر كان يقابل دار نصير صاحب المصلى وفي موضعها الدار التي عن يسار الداخل من زقاق دور القياشين وما في قبلتها من داري التي أنشأتها وهو مسدود اليوم وبقيت قطعة منه تظهر من خارج المسجد ودخل باقيه عند تجديد الحائط من باب عاتكة إليه. السادس عشر كان يقابل دار جعفر بن خالد بن برمك التي دخل فيها فارع أطم حسان بن ثابت وموضعها اليوم المدرسة الكلبرجية إنشاء شهاب الدين أحمد سلطان كلبرجية سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وما في قبلتها وهذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 دخل في الحائط عند تجديده وأسقطه المطري وزاد بدله بابا بعد الذي يليه وهو خطأ. السابع عشر باب عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية سمى به لمقابلته لدارها التي صارت ليحيى بن خالد ودخلت في دار ولده جعفر المتقدّمة وفي موضعها اليوم ما في قبله الكلبرجية من جهة المدرسة التي أنشأها المقر الزيني أبو بكر بن مزهر ناظر ديوان الإنشاء بمصر ورئيسها وأتخذ إلى جانب عقد هذا الباب بلصق جدار المسجد قبة لطيفة بسفلها فسقية هيأها لدفنه بلغه الله مراده من خيري الدارين وذلك في سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة على يد صاحبنا العلامة الشيخ نور الدين المحلي أدام الله النفع به ويعرف هذا الباب قديما بباب السوق لأنّ سوق المدينة في جهته وبباب الرحمة كما ذكره يحيى في خبر اتخاذه صلى الله عليه وسلم الأبواب الثلاثة حيث قال وباب عاتكة الذي يدعى باب عاتكة ويقال باب الرحمة انتهى وإنما يعرف اليوم بذلك ولم أر من نبه على سبب تسمية به غير أن في الصحيح عن أنس رضي الله عنه إن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ثم قال رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فأدع الله يغيثنا الحديث وفيه إنّ سحابة طلعت من وراء سلع مثل الترس فلما توسطت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 السماء انتشرت ثم أمطرت وسيأتي أنّ دار القضاء كانت فيما بين باب السلام وباب الرحمة هذا ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم باب في المغرب غير هذا وهو في جهة سلع الذي طلعت سحابة الرحمة من ورائه ودخل طالها منه فظهر لي أنه سمى باب الرحمة لذلك. الثامن عشر باب زياد كان بين باب الرحمة وخوخة أبي بكر رضي الله عنه الآتية سمى بذلك لأن زياد بن عبيد الله الحارثي خال السفاح إذ كان واليا على المدينة لأبي العباس السفاح هدم دار القضاء وجعلها رحبة للمسجد وأتخذ الباب المذكور فيها وكذا الخوخة أيضا هو الذي شرعها فيها وكانت دار القضاء لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأوصى أن تباع في دينه فبيعت من معاوية فسميت دار قضاء الدين وقيل كانت لعبد الرحمن بن عوف أعتزل فيها ليالي الشورى حتى قضى الأمر وبويع عثمان وكانت ولاية زياد على المدينة سنة ثمان وثلاثين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 ومائة ونقل أبن زبالة إنه الذي جعل الستور على الأبواب الأربعة باب دار مروان أي المعروف بباب السلام والخوخة أي الآتية وباب زياد أي المذكورة وباب السوق أي المعروف بباب الرحمة انتهى ووهم من قال إن دار القضاء دار مروان نعم كان لمروان باب شارع في ناحية رحبة القضاء بجانب باب السلام فإنه يؤخذ من كلامهم إنها كانت ممتدّة من باب السلام إلى باب الرحمة ولما سد باب زياد وباب الخوخة أتخذ في محلها الحصن العتيق الذي كان ينزله أمراء المدينة قبل ابتنائهم لحصنهم اليوم ثم صار رباطا لغياث الدين سلطان بنجالة سنة أربع عشرة وثمانمائة وما في شاميه من المدرسة الجوبانية التي أنشأها جوبان أتابك العساكر المغلية سنة أربع وعشرين وسبعمائة وجعل بهذه الجهة تربة له لم يمكن من الدفن فيها وكذا دار الشباك التي كانت بجانب باب الرحمة أنشأها شيخ الخدام الحريري ودخل ذلك كله بالمدرسة الأشرفية بعد استبداله. التاسع عشر الخوخة المجعولة تجاه خوخة الصديق شارعة في رحبة دار القضاء وقد سدت من خارج المسجد وصارت باب حاصل له وهو من رحبة دار القضاء وكان بابه مقنطرا وقد جعل مربعا وهو الثالث من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 الأبواب التي على يسار الداخل من باب السلام. العشرون باب مراون سمى به لملاصقته لداره الآتية وفي موضعها اليوم الميضأة التي أنشأها المنصور قلاوون الصالحي عام ست وثمانين وستمائة ويعرف أيضا بباب السلام وباب الخشوع وأراد عمر بن عبد العزيز أن يجعل في الأبواب حلقا أي سلاسل ويجعلها في الدروب لئلا يدخلها الدواب فعمل حلقة باب مروان ثم بدا له فتركه والباقي اليوم من أبواب المسجد كلها أربعة فقط باب السلام وباب الرحمة في المغرب وباب جبريل وباب النساء في المشرق. " وأما شرح حال الدور المطيفة بالمسجد ". وبه يتضح مأخذنا فيما يبق فيتخلص من كلامهم أن أولها من القبلة مما يلي المشرق دار عبد الله بن عمر ذات الخوخة المتقدم وصفها وتعرف بدار آل عمر وكانت مربدا أعطيته حفصة أم المؤمنين لما أحتج لإدخال حجرتها وتسمى دار الرقيق وقيل كانت مربدا يتوضأ فيه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأستخلصه حفصة رضي الله عنها فورثها عنها عبد الله فوقفها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وفي قول شاذان البيت الذي على يمينك إذا دخلت دار عبد الله من الخوخة التي في المسجد فتلقاك خوخة كانت في خوخة الطريق مبوبة وتلك الخوخة خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي بقيت له وكان هذا بيته باعه من حفصة مع الدار التي في قبلته وقد أوضحنا ردّ ذلك في الأصل والمعروف أن البيت الذي على يمين خوخة آل عمر بيت عائشة وذكر أن ابن شبة إنها اتخذت دار غير حجرتها بين دار الرقيق وبين دار أسماء بنت أبي بكر ولعل هذا الاشتباه نشأ من هذا والذي اقتضاه كلام ابن شبة وابن زبالة أن الدار المعروفة بعائشة وما يليها في المغرب من جملة دار آل عمر إلى دار مروان وأن ما في قبلة ذلك إلى آخر دار بنى صالح الكبرى كان دار لحفصة أيضا وأن باب هذه الدار كان شارعا في زقاق عاصم بن عمر قبالة دير الأطم الذي يسمى فويرعا وسيأتي بيانه وزقاق عاصم يمتد هناك في القبلة وينعطف للمغرب ثم يلي دار عبد الله في المغرب دار مروان ابن الحكم كان بعضهم النعيم النحام من بني عدي وبعضها من دار العباس ابن عبد المطلب التي أدخلت في المسجد وصارت دار مروان في الصوافي ينزلها الولاة في موضعها اليوم كما سبق الميضأة التي في قبلة المسجد عند باب السلام وما في شرقيها إلى دور آل عمر قالوا لي جانبها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 يعني في المغرب دار يزيد بن عبد الملك وكان في موضعها دار لآل أبي سفيان بن حرب كانت أشرف دار بالمدينة بناء وأذهبه في السماء وكانت دار يزيد متسعة قيل له فيها ليست بدار بل مدينة وفي موضعها اليوم السبيل والوكالة وما أتصل بذلك في القبلة والمغرب من عمارة السلطان الأشرف ولم يذكروا شارعا بين دار يزيد ودار مروان وهناك شارع فيه باب الميضأة لعله تجدد بعده ثم وجاه دار يزيد دار أويس بن سعد بن أبي سرج بالبلاط أي الممتد في المغرب من باب السلام كانت لمطيع بن الأسود فناقل بها العباس إلى الدار التي بالبلاط أيضا المشهورة بمطيع فباع العباس هذه من ابن سعد بن أبي سرح وقيل أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم مطيعا وموضعها المدرسة الباسطية أنشأها الزيني عبد الباسط سنة بضع وأربعين وثمانمائة وما يليها من المدرسة الأشرفية ثم إلى جنب دار أويس في المغرب دار مطيع بن الأسود والعدوى وعندها أصحاب الفاكهة أي الذي يبيعونها ويقال لها دار بن مطيع وهي التي تقدم إنها كانت للعباس وقيل أن حكيم بن حزام أبتاعها هي وداره التي من ورائها في الشام وشاركه ابن مطيع ثم أخذ ابن مطيع هذه بكل الثمن وترك الكيم التي من ورائها وكان يقال لدار أبي مطيع العنقاء قال الشاعر. إلى العنقاء دار أبي مطيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 وموضعها اليوم الدار التي غربي الباسطية تقابل وكالة السلطان وفي غربيها سوق المدينة اليوم وكان قديما تباع به الفاكهة لما سبق ومحل دار حكيم التي من ورائها ما في شاميها من الدار التي عندها دار العين ووصف ابن سعد دار حكيم هذه بأنها عند بلاط الفاكهة عند زقاق الصواغين ثم في غربي المسجد دار بن مكمل الشارعة في رحبة القضاء وهي ما يتشاءم به خراب إلى جنب المسجد يجلس إلى ركنها صاحب الشرط وإليه أصحاب الفاكهة وفي موضعها اليوم المدرسة الجوبانية وما والاها في المغرب ويقابلها من شاميها دار النحام العدوى الطريق بينهما وستة أذرع كان بابها وجاه زاوية رحبة دار القضاء وشرقيها الدار المقابلة لباب الرحمة فموضعها اليوم ما في غربي سبيل المدرسة المزهرية ثم إلى جنب دار النحام دار جعفر بن يحيي البرمكي التي دخل فيها بيت عاتكة بنت يزيد وأطم حسان بن ثابت المسمى بفارع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 وفي موضع هذه الدار اليوم المدرسة المزهرية وما في شاميها من المدرسة الكلبرجية ثم إلى دار جعفر دار نصير صاحب المصلى وكانت لسكينة بنت الحسن ثم إلى جانبها الطريق إلى دار طلحة بن عبيد الله سنة أذرع فموضع دار نصير اليوم داري التي في شامي الكلبرجية ووقفتها على قرابتي والدار التي في شاميها إلى الطريق التي يدخل منها لدور القياشين التي صارت للخواجاقوان وهي وما يليها دور طلحة عبيد الله وفي غربي دور طلحة عند خوخة القواريري أي النافذة للبلاط داران أتخذهما الزبير بن العوام وتصدق بهما إلى ابنيه عروة وعمر وثم إلى جنب الطريق إلى دور طلحة دار منيرة مولاة أم موسى كانت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ويستفاد مما سبق في أبواب المسجد في المغرب إنها كانت من الطريق المذكور إلى شامي الدار التي أنشأها قاضي الحرمين السيد محي الدين الحنبلي هناك ثم إلى جنب دار منيرة في الشام خوخة آل يحيي بن طلحة أي الزقاق الذي ينعطف على الفرن المتخذ مخزنا لقاضي الحنابلة شامي دار هناك في المغرب وفي أقصاه دار تعرف بنزيل الكرام تنفذ إلى دور القياشين التي هي دور طلحة ثم إلى جنب خوخة آل يحيي حش طلحة بن أبي طلحة الأنصاري خراب صوافي غزال بن برمك ومحل ذلك ما يلي اليوم الفرن المذكور منعطفا على المسجد من جهة الشام ثم إلى جنب حش طلحة الطريق خمسة أذرع وهي التي في شامي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 الميضأة المتصلة بالمسجد يتوصل منها إلى رباط الشيخ شمس الدين التستري ثم إلى جنب الطريق أبيات خالصة مولاة أمير المؤمنين وموضعها اليوم دار أحد رئيسي المؤذنين وما في شرقيها من مارستان المنتصر بالله ثم إلى جنب أبيات خالصة دار أبي الغيث بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وتعرف بدار حميد أتخذها عبد الرحمن لبن عوف بحش طلحة وجاء أنه صلى الله عليه وسلم أقطع عبد الرحمن الحش في مؤخر المسجد نخل صغار لا يسقى وكان عبد الرحمن ينزل ضيفان النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدار وبنى النبي صلى الله عليه وسلم فيها بيده فيما زعم الأعرج وفي محلها اليوم فيما يظهر رباط الظاهرية وما والاه من الدار المعروفة اليوم بدار المضيف ولعل ذلك سبب تسميتها بذلك ثم إلى جنب دار أبي الغيث بقية دار عبد الله بن مسعود التي كانت تدعى دار القرى دخل بعضها في زيادة الوليد وبعضها في زيادة المهدي والذي يظهر أن بقية دار ابن مسعود الدار الملاصقة اليوم للمنارة الشرقية الشامية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 وظاهر كلامهم أنها في جانب دار المضيف الشرقي وهو بعيد ثم من المشرق بدار موسى بن إبراهيم المخزومي والذي يلي دار المضيف اليوم في المشرق دار لبعض رئيسي المؤذنين والميضأة المعطلة وبينها وبين دار المضيف زقاق يعرف بخرق الجمل يتوصل منه إلى سور المدينة ولعله المعروف قديما بزقاق الجمل قال ابن شبة اتخذت فاطمة بنت قيس دار بين دار مالك وبين زقاق الجمل ودار أنس بن مالك جديلة شامي سور المدينة ثم إلى جنب دار موسى أبيات قهطيم صوافي ومحلها اليوم رباط القاضي الفاضل ودار الرسام ووقف السلامي الصائر بيتا للشمس بن جلال الخجدي ثم الطريق وهو زقاق المناصع الذي يتوصل منه الحسن ثم دار عمر بن العاص السهمي تصدق بها ومحلها ما يلي زقاق المناصع من مؤخر رباط السبيل الذي للرجال ثم إلى جنب دار عمر ودار خالد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 الوليد أنقرض أولاده فكانت بيد أولاد أخيه عبد الله بن الوليد وهي التي شكا للنبي صلى الله عليه وسلم ضيقها فقال له أتسع في السماء أي برفع البناء في السماء ومحلها اليوم مقدم رباط السبيل المذكور ثم إلى جنبها دار أسماء بنت الحسين العباسية كانت من دار جبلة بن عمر الساعدي ومحلها اليوم رباط السبيل الذي للنساء بالصف الذي قبله ثم إلى جنبها دار ريطة بنت أبي العباس وكانت من دار جبلة ودار أبي بكر الصديق رضي الله عنه أي أنه أدخل من شرقيها ما يليها من دار أبي بكر الصديق لأن دار أبي بكر كما قال ابن شبة كانت في زقاق البقيع قبالة دار عثمان رضي الله عنه الصغرى التي بجر زقاق البقيع ودار عثمان الصغرى هي رباط المغاربة وكانت متصلة بداره الكبرى من خلفها ومنها تسور قتاثه ثم يلي دار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 ريطة الطريق بينها وبين دار عثمان رضي الله عنه العظمى خمس أذرع وهي زقاق البقيع ثم دار عثمان العظمى التي عند موضع الجنائز وعندها قبر المقاعد وسبق بيان ما في محلها في الثالث من أبواب المسجد ثم بعد دار عثمان في القبلة الطريق خمس أذرع أو نحوها يفصل بين دار عثمان وبين المدرسة الشهابية ثم منزل أبي أيوب الأنصاري الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي موضعه اليوم المدرسة الشهابية الموقوفة على المذاهب الأربعة من المظفر شهاب الدين غازي أخي نور الدين الشهيد ثم إلى جنب منزل أبي أيوب دار جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه التي يسقى فيها الماء الذي تصدق به جعفر وفيها محراب قبلته وأثر محاريب وكانت لحارثة بن النعمان وقد ملكها الشجاعي شاهين الجمالي ونى بها داره وجدد مسجدها وقبالتها في المغرب دار حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل فيها الأطم الذي يدعى بقويرع وفي موضعها اليوم دار الأشرف المنائفة ذات الساباط المتصل بالمدرسة الشهابية وما في غربيها دار بني صالح ذلك مع دار جعفر الصادق الماضية لسلطان الحرمين السيد الشريف محمد بن محمد بن بركات أيده الله تعالى وسدده والطريق خمس أذرع بين دار حسن المذكور وبين دار فرج الخصيّ مولى أمير المؤمنين التي هي قبلة الجنائز وموضعها اليوم رباط مراغة فالطريق المذكور وهو المقابل لباب المدرسة الشهابية ممتد في القبلة إلى بيت بني صالح الذي تقدم أنه شارع في زقاق عاصم ثم إلى جنب دار فرج دار عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام وفي موضعها اليوم الدار التي في غرب رباط مراغة وكذا الدار التي عن يسار خوخة آل عمران ولم تكن دار آل عمرو والظاهر أنها منها ثم ترجع إلى دار عبد الله بن عمر من حيث أبتدأت وكانت دار حمزة دبر زقاق عاصم بن عمرو ولم يبينوا محلها خمس أذرع وهي زقاق البقيع ثم دار عثمان العظمى التي عند موضع الجنائز وعندها قبر المقاعد وسبق بيان ما في محلها في الثالث من أبواب المسجد ثم بعد دار عثمان في القبلة الطريق خمس أذرع أو نحوها يفصل بين دار عثمان وبين المدرسة الشهابية ثم منزل أبي أيوب الأنصاري الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي موضعه اليوم المدرسة الشهابية الموقوفة على المذاهب الأربعة من المظفر شهاب الدين غازي أخي نور الدين الشهيد ثم إلى جنب منزل أبي أيوب دار جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه التي يسقى فيها الماء الذي تصدق به جعفر وفيها محراب قبلته وأثر محاريب وكانت لحارثة بن النعمان وقد ملكها الشجاعي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 شاهين الجمالي ونى بها داره وجدد مسجدها وقبالتها في المغرب دار حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل فيها الأطم الذي يدعى بقويرع وفي موضعها اليوم دار الأشرف المنائفة ذات الساباط المتصل بالمدرسة الشهابية وما في غربيها دار بني صالح ذلك مع دار جعفر الصادق الماضية لسلطان الحرمين السيد الشريف محمد بن محمد بن بركات أيده الله تعالى وسدده والطريق خمس أذرع بين دار حسن المذكور وبين دار فرج الخصيّ مولى أمير المؤمنين التي هي قبلة الجنائز وموضعها اليوم رباط مراغة فالطريق المذكور وهو المقابل لباب المدرسة الشهابية ممتد في القبلة إلى بيت بني صالح الذي تقدم أنه شارع في زقاق عاصم ثم إلى جنب دار فرج دار عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام وفي موضعها اليوم الدار التي في غرب رباط مراغة وكذا الدار التي عن يسار خوخة آل عمران ولم تكن دار آل عمرو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 والظاهر أنها منها ثم ترجع إلى دار عبد الله بن عمر من حيث أبتدأت وكانت دار حمزة دبر زقاق عاصم بن عمرو ولم يبينوا محلها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 " الفصل السادس عشر " في البلاط المجعول حول المسجد وما أطاف به من الدور غير ما سبق وسوق المدينة وسورها بوب البخاري لمن عقل بعيره بالبلاط أو باب المسجد وأورد حديث جابر دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فدخلت إليه وعقلت الجمل في ناحية البلاط وفي حديث اليهوديين فرجما عند البلاط وفي رواية قريبا من موضع الجنائز ولأحمد والحاكم عند باب المسجد وفي حديث آخران عثمان أتى بماء فتوضأ بالبلاط وكله مقتض لتقدم البلاط على خلافة معاوية ومقتضى نقل ابن شبة وابن زبالة أن معاوية أمر مروان باتخاذه في ولايته فبلط ما حوالي المسجد وليس خاصا بغربي المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 كما اقتضاه قول عياض تبعا للكبرى أنه موضع مبلط بين المسجد والسوق انتهى للتصريح بأن معاوية بلط ناحية موضع الجنائز شرقي المسجد وهو المراد من حديث رجم اليهوديين بل صرحوا بأن حد البلاط الشرقي إلى دار المغيرة بن شعبة التي في طريق البقيع من المسجد وحده الهيماني إلى زاوية دار عثمان بن عفان رضي الله عنه الشارعة على موضع الجنائز وحده الشامي إلى وجه حش طلحة خلف المسجد وحد البلاط الغربي ما بين المسجد إلى خاتم الزوراء عند دار العباس بالسوق وهناك مشهد مالك بن سنان وإلى حد دار إبراهيم بن هشام الشارعة على المصلى وللبلاط أسراب ثلاثة تصب فيها مياه المطر فواحد بالمصلى عند دار إبراهيم بن هشام وآخر على باب الزوراء عند دار العباس بالسوق ثم يخرج ذلك الماء إلى ربيع في الجبانة عند الحطابين أي شامي سوق المدينة وآخر عند دار أنس بن مالك في بني جديلة عند دار بنت الحرث انتهى ما صرحوا به فما في الأحاديث السابقة من خطاب السامع بما يفهمه في تعريف المحل ويتلخص إن البلاط كان حول المسجد ويمتد في مقابلة باب الرحمة إلى الصوغ وسوق العطارين ويستمر حتى يجاوز بيوت أمراء المدينة اليوم فيصل إلى مشهد مالك بن سنان ويمتد أيضا في مقابلة باب السلام وينعطف حتى يتصل ببلاط باب الرحمة ويمتد في مقابلة باب السلام أيضا في الاستقامة حتى يصل إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 باب المدينة المعروف بباب سويقة ثم يصل إلى المصلى عند دار بن هشام وقد علا الكبس على كثير من البلاط ولم يبق ظاهرا منه إلا ما حول المسجد النبوي وبعض ما في جهة بيوت الأشراف ولاة المدينة وقد انسدّت الأسراب المتقدّمة وظفر متولي العمارة بالشرقي منها الجهة زقاق المناصع وتتبعه حتى وصل الحوش الحسن فوجد الناس قد ابتنوا في طريقه وظهر بذلك إنه يخرج خلف السور قرب البئر التي سنذكرها في بئر أنس فصرف متولي العمارة بلاليع البلاط إلى سرب ومنح العين لأنه أقرب مأخذا من تتبع ما ذكر والبلاط الآخذ من باب السلام للمصلى هو البلاط الأعظم وما كان عن يمين المارّ فيه قاصدا المسجد فهو ميمنته وما كان عن يساره فهو ميسرته وأول الدور في ميسرته عند المصلى دار إبراهيم بن هشام وفي ميمنته في قبلتها جانحا إلى المغرب دار سعد بن أبي وقاص الطريق بينهما ويليها في الميمنة أيضا دار سعد التي كانت لأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فناقله سعد إلى دار بالبقال وفي الميسرة في مقابلة هذه دار اسعد أيضا الطريق بينهما عشرة أذرع ودور سعد صدقة ثم يلي دار سعد التي كانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 لأبي رافع في الميمنة دار آل خراش من بني عامر بن لؤي وتعرف بدار نوفل بن مساحق العامري وفي دبرها من القبلة كتاب عروة رجل من اليمن كان يعلم وفي كتاب عروة مسجد بني زريق ثم يلي دار آل خراش في الميمنة دار الربيع التي يقال لها دار حفصة قيل وكانت هذه الدار قطيعة من النبيّ صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص مع دار آل خراش التي إلى جنبها وذكر أبن شبة دورا ثلاثة في قبلة دار الربيع التي هي دار حفصة كل منها في قبلة الأخرى وثالثتهن في القبلة هي دار عمار بن ياسر وشرقي دار عمار دار عبد الرحمن بن الحرث وفي غربي الدور المصطفة في القبلة كتاب عروة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 ومسجد بني زريق وفي شرقيها زقاق عبد الرحمن بن الحرث والغرض من هذا معرفة مسجد بني زريق والزقاق المذكور ثم يلي دار الربيع في الميمنة دار أبي هريرة رضي الله عنه ثم يليها في الميمنة زقاق دار عبد الرحمن أبن الحرث وسيأتي لهذا الوقاق ذكر في رجوعه صلى الله عليه وسلم من صلاة العيد وكذا دار أبي هريرة والذي ظهر لي بعد التأمل أن هذا الزقاق أوّل زقاق يلقاك إذا دخلت من باب المدينة تريد المسجد النبوي أو على يمينك إذا أقباب على باب المدينة وأن مسجد بني زريق في قبلة يمينك حينئذ أو قبلة الحوش الذي على يمين الداخل من باب المدينة وفي الميسرة شامي دار آل خراش ودار الربيع دار نافع بن عتبة بن أبي وقاص التي أبتاعها الربيع وتعرف بالربيع أيضا ثم في الميسرة دار حويطب بن عبد العزي منها البيت الشارع على خاتمة البلاط بين الزقاق الذي إلى دار آمنة بنت سعد وبين دار الربيع التي قبل هذه وبجنبها دار عمرو بن أبي وقاص التي في زقاق حلوة بين دار حويطب وبين خط الرزقاق الذي فيه دار آمنة وخاتمة البلاط هو الشارع الممتد على يسار الداخل من باب المدينة إلى مشهد مالك بن سنان ولعلّ زقاق حلوة وسيأتي ذكره في الآبار هو المعروف اليوم بزقاق الطوال هناك ثم يلي زقاق عبد الرحمن بن الحرث في الميمنة دار عبد الرحمن بن عوف ثم يليها في الميمنة زقاق أبي أمية بن المغيرة ثم يلي الزقاق في الميمنة دار خالد بن سعد ويقال لها دار أبن عتبة ثم يلي دار خالد دار أبي الجهم ثم دار نوفل بن عدي ودار أبي الجهم هي المرادة بقول مالك بن أبي عامر كما في الموطأ كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب ونحن عند دار أبي الجهم بالبلاط ويقول موسى بن عقبة إن رجال بني قريظة قتلوا عند دار أبي الجهم التي بالبلاط ولم يكن يومئذ بلاط فزعموا إن دماءهم بلغت أحجار الزيت التي كانت بالسوق عند دار العباس بن عبد المطلب التي اقطعها له عمر بن الخطاب عند خاتمة البلاط ومشهد مالك بن سنان وهو مخالف لما سبق في قصتهم من أن النبي صلى الله عليه وسلم خندق لهم خنادق بسوق المدينة وضرب أعناقهم بها. وأما السوق فروى ابن شبة عن عطاء بن دينار قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل للمدينة سوقا أتى سوق بني قينقاع ثم جاء سوق المدينة فضربه برجله وقال هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذن فيه خراج ولأبن زبالة عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بني ساعد فقال إني جئتكم في حاجة تعطوني مكان مقابركم فأجعلها سوقا وكانت مقابرهم ما حازت دار ابن أبي ذئب أي شرق السوق عند انتهائه من جهة الشام إلى دار زيد بن ثابت أي في شرقيه أيضا قرب انتهائه مما يلي القبلة فأعطوه إياه فجعله سوقا ونقل ابن زبالة عرض سوق المدينة ما بين المصلى أي من القبلة إلى جرار سعد بن عبادة وهي جرار كان يسقى الناس فيها الماء بعد موت أمه أي أن الجرار كانت في حده من جهة الشام قرب ثنية الوداع كما يؤخذ مما ذكروه في الدار التي بناها إبراهيم بن هشام في ولايته لهشام بن عبد الملك وأخذ بها سوق المدينة كله وسلبها وجوه الدور الشوارع في السوق وبنى ذلك كله حوانيت وعلالي تكرى وجعل فيها الأسواق كلها أنه جعل لهذه الدار بابا شاميا مقابل الثنية خلف زاوية دار عمر بن عبد العزيز التي بالثنية وبابا عظيما عند التمارين يقابل المصلى وكان جدارها الشرق عند خاتمة البلاط التي عند دار العباس بالزوراء قرب مشهد مالك بن سنان وسد به وجه دار العباس المذكور وما يليها من الدور في الشام والقبلة وجعل هذا الجدار لبني ساعد طريقا مبوبة وكذا لبني ضمرة وكذا لبني الديل وطريق بني الديل في المشرق قرب ثنية الوداع وجعل الجدار الآخر في المغرب من التمارين في شامي المصلى وسدّ به وجه الزوراء حتى ورد بها خيام بني غفار وجعل المخرج بني سلمة من زقاق ابن جبير بابا مبوبا عظيما وجعل لسكة أسلم بابا مبوبا ومساكنهم بموضع حصن أمير المدينة اليوم وما حوله في الغرب فلم يزل على ذلك حياة هشام بن عبد الملك حتى توفى فقدم بوفاته ابن مكرم الثقفي فلما أشرف على رأس ثنية الوداع صاح مات الأحول وأستخلف الوليد يزيد فوثب الناس على هذه الدار فهدموها وعلى يمين السوق فسدوها وكان أحدثها في سكك أهل المدينة ودخلت في بعض منازلهم فقال أبو معروفذي على يمين الداخل من باب المدينة وفي الميسرة شامي دار آل خراش ودار الربيع دار نافع بن عتبة بن أبي وقاص التي أبتاعها الربيع وتعرف بالربيع أيضا ثم في الميسرة دار حويطب بن عبد العزي منها البيت الشارع على خاتمة البلاط بين الزقاق الذي إلى دار آمنة بنت سعد وبين دار الربيع التي قبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 هذه وبجنبها دار عمرو بن أبي وقاص التي في زقاق حلوة بين دار حويطب وبين خط الرزقاق الذي فيه دار آمنة وخاتمة البلاط هو الشارع الممتد على يسار الداخل من باب المدينة إلى مشهد مالك بن سنان ولعلّ زقاق حلوة وسيأتي ذكره في الآبار هو المعروف اليوم بزقاق الطوال هناك ثم يلي زقاق عبد الرحمن بن الحرث في الميمنة دار عبد الرحمن بن عوف ثم يليها في الميمنة زقاق أبي أمية بن المغيرة ثم يلي الزقاق في الميمنة دار خالد بن سعد ويقال لها دار أبن عتبة ثم يلي دار خالد دار أبي الجهم ثم دار نوفل بن عدي ودار أبي الجهم هي المرادة بقول مالك بن أبي عامر كما في الموطأ كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب ونحن عند دار أبي الجهم بالبلاط ويقول موسى بن عقبة إن رجال بني قريظة قتلوا عند الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 دار أبي الجهم التي بالبلاط ولم يكن يومئذ بلاط فزعموا إن دماءهم بلغت أحجار الزيت التي كانت بالسوق عند دار العباس بن عبد المطلب التي اقطعها له عمر بن الخطاب عند خاتمة البلاط ومشهد مالك بن سنان وهو مخالف لما سبق في قصتهم من أن النبي صلى الله عليه وسلم خندق لهم خنادق بسوق المدينة وضرب أعناقهم بها. وأما السوق فروى ابن شبة عن عطاء بن دينار قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل للمدينة سوقا أتى سوق بني قينقاع ثم جاء سوق المدينة فضربه برجله وقال هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذن فيه خراج ولأبن زبالة عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بني ساعد فقال إني جئتكم في حاجة تعطوني مكان مقابركم فأجعلها سوقا وكانت مقابرهم ما حازت دار ابن أبي ذئب أي شرق السوق عند انتهائه من جهة الشام إلى دار زيد بن ثابت أي في شرقيه أيضا قرب انتهائه مما يلي القبلة فأعطوه إياه فجعله سوقا ونقل ابن زبالة عرض سوق المدينة ما بين المصلى أي من القبلة إلى جرار سعد بن عبادة وهي جرار كان يسقى الناس فيها الماء بعد موت أمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 أي أن الجرار كانت في حده من جهة الشام قرب ثنية الوداع كما يؤخذ مما ذكروه في الدار التي بناها إبراهيم بن هشام في ولايته لهشام بن عبد الملك وأخذ بها سوق المدينة كله وسلبها وجوه الدور الشوارع في السوق وبنى ذلك كله حوانيت وعلالي تكرى وجعل فيها الأسواق كلها أنه جعل لهذه الدار بابا شاميا مقابل الثنية خلف زاوية دار عمر بن عبد العزيز التي بالثنية وبابا عظيما عند التمارين يقابل المصلى وكان جدارها الشرق عند خاتمة البلاط التي عند دار العباس بالزوراء قرب مشهد مالك بن سنان وسد به وجه دار العباس المذكور وما يليها من الدور في الشام والقبلة وجعل هذا الجدار لبني ساعد طريقا مبوبة وكذا لبني ضمرة وكذا لبني الديل وطريق بني الديل في المشرق قرب ثنية الوداع وجعل الجدار الآخر في المغرب من التمارين في شامي المصلى وسدّ به وجه الزوراء حتى ورد بها خيام بني غفار وجعل المخرج بني سلمة من زقاق ابن جبير بابا مبوبا عظيما وجعل لسكة أسلم بابا مبوبا ومساكنهم بموضع حصن أمير المدينة اليوم وما حوله في الغرب فلم يزل على ذلك حياة هشام بن عبد الملك حتى توفى فقدم بوفاته ابن مكرم الثقفي فلما أشرف على رأس ثنية الوداع صاح مات الأحول وأستخلف الوليد يزيد فوثب الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 على هذه الدار فهدموها وعلى يمين السوق فسدوها وكان أحدثها في سكك أهل المدينة ودخلت في بعض منازلهم فقال أبو معروف ما كان في هدم السوق إذ هدمت ... سوق المدينة من ظلم ولا حيف قام الرجال عليها يضربون معا ... ضربا يفترق بين السور والنحجف في أبيات ذكرناها في الأصل وما يلي المصلى من المشرق والمغرب من سوق المدينة يسمى بالزوراء لارتفاعه قال بعضهم فيما نقل ابن شبة أدركت سوقا بالزوراء يقال سوق الحوص كان الناس ينزلون إليه بدرج ويسمى سوق المدينة بقيع الخيل لما سبق في الرابع من الباب الأول عن عائشة رضي الله عنه وبقيع المصلى ولذا روى أحمد والطبراني عن أبي بردة قال انطلقنا مع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بقيع المصلى فأدخل يده في طعام ثم أخرجها فإذا هو مغشوش أو مختلف فقال ليس منا من غشنا وللطبراني عن أبي موسى انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق البقيع فأدخل يده في غرارة فأخرج طعاما الحديث فأطلق عليه اسم البقيع غير مضاف وكذا في حديث ابن عمر أني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وحمله على بقيع الغرقد وهم وقد ذكر ابن شبة أسواق المدينة في الجاهلية والإسلام ولم يذكر أنه كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 ببقيع الغرقد سوق لا قبل الدفن ولا بعده. وأما سور المدينة فلم يكن لها في الزمن القديم سور ومن تأمل ما ذكرناه في الأصل من منازل القبائل من المهاجرين مع منازل قبائل الأنصار علم عظيم سعتها واتصال قراها بعضها ببعض ولذا لم تقم الجمعة في قراها مع كثرتهم بها واستيطانهم وسيأتي أن قباء كانت مدينة عظيمة متصلة بالمدينة النبوية وأول من بنى بالمدينة الشريفة سورا بعد خراب أطرافها عضد الدولة بن بويه بعد الستين وثلاثمائة في خلافة الطائع لله بن المطيع لله ثم تهدم على طول الزمان وتخرب بخراب المدينة ولم يبق آثاره ورسمه قال المجد اللغوي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 وقد رأيت آثاره قبل جبل سلع وظاهر ما رأيت من آثاره أنه كان متصلا بشفير وادي بطحان من المغرب وكذا أنتقل الأقشهري عن صاحب نور الأقاليم أن المدينة الشريفة عليها سور وأن مصلى العيد من غربي المدينة داخل الباب انتهى فنازل جهينة أو غالبها كانت من داخله كما سيأتي مسجدهم خلاف ما قاله المطري من أن ناحيتهم غربي حصن صاحب المدينة والسور القديم بينها وبين جبل سلع قال وعندها أثر باب للمدينة يعرف بدرب جهينة وما سبق عن المجد نقبه عن المطري ابن خلكان قلت وهو مخالف لما في الروض المعطار في أخبار الأقطار من أن إسحاق بن محمد الجعدي بنى سور المدينة المعروف عليها اليوم أي في زمنه سنة ثلاثة وستين ومائتين ولها أربعة أبواب في المشرق يخرج منه إلى بقيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 الغرقد وباب في المغرب يخرج منه إلى العقيق وإلى قباء وداخل هذا الباب في حوزة السور المصلى الذي كان صلى الله عليه وسلم يصلي به العيد وباب ما بين الشمال والغرب وباب آخر يخرج منه إلى قبور الشهداء بأحد اه ولعل المنسوب لأبن بويه إنما هو تجديده أو سور غيره ففي الروض المعطار أيضا بعد ما سبق أن المدينة في مستوى من الأرض كان عليها سور قديم وهي الآن عليها سور حصين منيع من التراب أي اللبن بناه قسيم الدولة المعزى ونقل إليها جملة من الناس ورتب البر إليها وقال المطري عقب قوله ولم يبق إلا آثاره حتى جدد لها جمال الدين محمد بن أبي المنصور يعني الجواد الأصفهاني سورا محكما حول المسجد الشريف على رأس الأربعين وخمسمائة من الهجرة ثم كثر الناس من خارج السور ووصل السلطان العادل نور الدين محمود بن زنكي في سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة الشريفة بسبب رؤيا رآها ثم ذكر ما قدمناه عنه في خاتمة الثاني عشر ثم قال أنه لما ركب متوجها إلى الشام صاح به من كان نازلا حول السور واستغاثوا وطلبوا أن يبني عليهم سور يحفظ أبنائهم وماشيتهم فأمر ببناء السور الموجود اليوم فبنى سنة ثمان وخمسين وكتب اسمه على باب البقيع فهو باق إلى تاريخ هذا الكتاب قلت وكذا إلى تأريخ كتابنا هذا وصورته في الحديث المصفح به الباب هذا ما أمر بعمله العبد الفقير إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 الله تعالى محمود بن زنكي بن أقسنقر غفر الله له سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وهذا إلا تصريح فيه بعمله للسور وقال البدر بن فرحون أن نور الدين الشهيد كمل سور المدينة وهو سورها الموجود اليوم قال وما السور الذي كان داخل المدينة فإنما أحدثه جمال الدين بن أبى منصور وكان وزير الوالد الملك العادل يعني زنكي ثم أستوزره بعد زنكي غازي بن زنكي يعني أخا العادل انتهى وقد علمت أن المدة متقاربة في عمل السورين وفي كتاب شهاب الدين بن أبي شاملة قال أبن اُلأثير رأيت بالمدينة أنسانا يصلي إلى الجمعة فلما فرغ ترحم على جمال الدين يعني الجواد فسألناه فقال يجب على كل مسلم بالمدينة أن يؤدوا له لأننا كنا في ضر وضيق مع العرب لا يتركون لأحدنا ما يواريه فبنى علينا سورا احتمينا به ممن يريدنا بسوء فكيف لا ندعو له وكان الخطيب في المدينة يقول خطبته اللهم صن حريم من صان حرم نبيك بالسور محمد بن علي بن ابي منصور فلو لم يكن له هذه المكرمة لكفاه فخر فكيف وقد أصابت صدقته تخوم الأرض وأما عنايته بأهل الحرمين خصوصا أهل المدينة فكانت عظيمة وقد ذكرنا في الأصل هنا نبذة من ذلك ع عدد أبواب سور المدينة اليوم وذرع ما بين كل باب منها وبين المسجد النبوي ولم تزل الملوك يهتمون بعمارة سور المدينة وذكر المراغي أنه جدد في سنة خمس وخمسين وسبعمائة أيام الصالح وصالح ولد الناصر بن قلاون وجدد أشياء منه سلطان زماننا الأشرف قايتباي وذكر البد بن فرحون أن الأمير سعد بن ثابت بن جماز ابتدأ في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة في عمل الخندق الذي حول السور المذكور ومات ولم يكمله وأكمله الأمير فضل بن قاسم بن جماز في ولايته بعده. حم على جمال الدين يعني الجواد فسألناه فقال يجب على كل مسلم بالمدينة أن يؤدوا له لأننا كنا في ضر وضيق مع العرب لا يتركون لأحدنا ما يواريه فبنى علينا سورا احتمينا به ممن يريدنا بسوء فكيف لا ندعو له وكان الخطيب في المدينة يقول خطبته اللهم صن حريم من صان حرم نبيك بالسور محمد بن علي بن ابي منصور فلو لم يكن له هذه المكرمة لكفاه فخر فكيف وقد أصابت صدقته تخوم الأرض وأما عنايته بأهل الحرمين خصوصا أهل المدينة فكانت عظيمة وقد ذكرنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 في الأصل هنا نبذة من ذلك ع عدد أبواب سور المدينة اليوم وذرع ما بين كل باب منها وبين المسجد النبوي ولم تزل الملوك يهتمون بعمارة سور المدينة وذكر المراغي أنه جدد في سنة خمس وخمسين وسبعمائة أيام الصالح وصالح ولد الناصر بن قلاون وجدد أشياء منه سلطان زماننا الأشرف قايتباي وذكر البد بن فرحون أن الأمير سعد بن ثابت بن جماز ابتدأ في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة في عمل الخندق الذي حول السور المذكور ومات ولم يكمله وأكمله الأمير فضل بن قاسم بن جماز في ولايته بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 الباب الخامس في مصلى الأعياد ومساجدها النبوية ومقابرها وفضل أحد الشهداء به وفيه ستة فصول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 " الأول " في مصلى الأعياد قال الواقدي أول عيد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمصلى سنة ثنتين من مقدمة المدينة وحملت له العنزة وهو يومئذ يصلي إليها في الفضاء وكانت العنزة للزبير بن العوام أعطاه إياها النجاشي فوهبها للنبي صلى الله عليه وسلم وكان يخرج بها بين يديه يوم العيد وهي اليوم بالمدينة عند المؤذنين يعني يخرجون بها بين يدي الأئمة في زمانه ولأبن شبة وأبن زبالة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أول فطور وأضحى صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بالمدينة بفناء دار حكيم بن العداء عند أصحاب المحامل أي الذين يصنعونها ويبيعونها وفي رواية للثاني صلى في ذلك المسجد وهو خلف المجزرة التي بفناء دار العداء بن خالد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 قلت وهي دار ابنه حكيم بن العداء بن بكر بن هوازن ومنزلهم مع مزينة غربي المصلى فلعله المسجد الكبير المعروف بمسجد علي رضي الله عنه شامي المصلى مما يلي المغرب متصلا بشامي الحديقة المعروفة بالعريضي لأن سوق المدينة كان هناك ولعل نسبته إلى عمل علي رضي الله عنه لكونه صلى به العيد الذي صلاه للناس وعثمان رضي الله عنه محصور كما رواه ابن شبة ويبعد أن يبتكر علي رضي الله عنه الصلاة بموضع لم يصل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هذا المسجد قد دثر حتى صار بعض الحاج يدفن فيه الموتى أيام نزولهم هناك فجدد بناءه أمير المدينة زين الدين ضغيم المنصوري في ولايته سنة أحدا وثمانين وثمانمائة ولأبن زبالة عن إبراهيم ابن أمية عن شيخ أهل السن والثقة أن أول عيد صلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حارة الدوس عند بيت ابن أبي الجنوب ثم الثاني بفناء دار حكيم عند دار جفرة داخلا في البيت الذي بفنائه المسجد ثم الثالث عند دار عبد الله بن درة المزني داخلا بين الدارين دار معاوية ودار كثير بن صلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 ثم صلى حيث يصلي الناس اليوم قلت دار ابن أبي الجنوب كانت غربي وادي بطحان فالمصلى الأول في هذه الرواية هناك وأما الثاني فقد سبق الكلام فيه وأما الثالث فهو بمعنى قول ابن شهاب كما لأبن شبة أنه صلى الله عليه وسلم صلى في موضع آل درة وهم حي من مزينة ومنزل مزينة غربي المصلى إلى عدوة بطحان الشرقية إلى قبلة المصلى ودار كثير بن الصلت قبلة مصلى العيد كما قال ابن سعد يعني الذي أستقر عليه الأمر وهو المسجد الآتي في ذكره ودار معاوية كانت في مقابلة دار كثير إلا ما من غربيها أو من شرقيها والأول أقرب لما سيأتي في مروره صلى الله عليه وسلم إلى قباء أنه كان يمر على المصلى ثم يسلك في موضع الزقاق بين الدارين المذكورتين وأما الرابع وما بعده فالظاهر أنها مواضع بقرب مصلى الناس اليوم سيما الرابع ولعله المسجد الذي شمالي مسجد المصلى اليوم جانحا إلى المغرب بوسط الحديقة المعروفة بالعريضي المتصلة بقبة عين الأزرق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 ويعرف اليوم بمسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولعله صلى فيه في خلافته وأهل الحديقة المذكورة اليوم يمتهنون مؤخره بحبس الدواب فيه وهو من المنكرات التي يجب إزالتها وقد أنهيت ذلك للناظر عليها شيخ الحرم كما في الأصل وقوله ثم صلى حيث يصلي الناس اليوم أي بالمسجد المعروف اليوم بمسجد المصلى وهو بمعنى ما رواه ابن شبة عن ابن باكية قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد عند دار الشفاء ثم صلى في حارة الدوس ثم صلى في المصلى فثبت يصلي فيه حتى توفاه الله تعالى ونقل ابن شبة عن شيخنا أبي غسان صاحب مالك أن ذرع ما بين باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عنده دار مروان أي باب السلام وبين المسجد الذي يصلي فيه العيد بالمصلى ألف ذراع اه وقد اختبرته إلى مسجد المصلى اليوم فكانت كذلك وهو المراد بقوله في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى في يوم عيد إلى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت الحديث فالعلم كان قبل اتخاذ مسجدا ليعرف به المحل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 ودار كثير كانت قبلة للوليد ثم اشتهرت بكثير وهو تابعي فوقع التعريف بذلك ليقرب إلى ذهن المخاطب فهمه لقول ابن شبة أتخذ الوليد بن عقبة بن أبي معيط الدار التي صلى إليها النبي صلى الله عليه وسلم العيد وهو يصلي إليها اليوم لآل كثير بن الصلت الكندي فجلد عثمان الوليد في الشراب فحلف لا يساكنه إلا وبينهما بطن واد فعارض كثير بن الصلت بداره هذه إلى دار كثير بشفير وادي بطحان العدوة الغربية وأما حديث الصحيحين وغيرهما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى إلى البقيع فصلى الحديث فالمراد بقيع المصلى وبقيع السوق لما سبق في الفصل قبله لا يقبع الغرقد كما سبق لبعض الأوهام حيث حمل الرجم بالمصلى على بقيع الغرقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 وقد أشتهر المصلى في الأشعار قال أبو قطيفة رج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى إلى البقيع فصلى الحديث فالمراد بقيع المصلى وبقيع السوق لما سبق في الفصل قبله لا يقبع الغرقد كما سبق لبعض الأوهام حيث حمل الرجم بالمصلى على بقيع الغرقد وقد أشتهر المصلى في الأشعار قال أبو قطيفة ألا ليت شعري هل تغير بعدنا ... بقيع المصلى أم كعهد القرائن قال المطري ولا يعرف من المساجد التي ذكر يعني ابن زبالة لصلاة العيد غير المسجد الذي يصلى فيه اليوم ومسجد شماليه وسط الحديقة المعروفة بالعريضي يعرف بمسجد أبي بكر ومسجد كبير شمالي الحديقة متصل بهم يسمى مسجد على انتهى ملخصا وعلى باب المسجد الذي يصلي فيه اليوم حجر يتضمن أن شيخ الحرم النبوي عز الدين أمر بتجديده بعد خرابه وذهابه وذلك في أيام السلطان الناصر حسن بن محمد قلاوون وانمحت بقية الكتابة وأبتدأ سلطنة حسن هذا سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وقد أوضحنا في الأصل ما يقع به في زماننا من البدعة في خروج الإمام منه إلى الدرج التي على يسار الخارج من بابه وقيامه عليها في الخطبة وليس أمامه إلا من يصلي خارج المسجد ومن بالمسجد خلف ظهره لمخالفته للسنة ولما ثبت من قيامه صلى الله عليه وسلم في مصلاه ومستقبل الناس والناس جلوس على صفوفهم كما أوضحناه في الأصل مع بيان أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم به على غير منبره بعد أن يصلي العيد وأن كثير بن الصلت بنى لمروان منبرا فارتقاه قبل الصلاة فقال له أبو سعيد غيرتم والله وقول مروان أن الناس كانوا لا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 كما في الصحيح قال بعضهم وإنما كان الناس لا يجلسون له بعد الصلاة لسبه من لا يستحق السب والإفراط في مدح بعض الناس ولأبن شبة جاء في المصلى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي فبدأ بالخطبة ثم صلى وقال هذا مجمعنا ومستمطرنا ومدعانا لعيدنا ولفطرنا وأضحانا فلا يبنى فيه لبنة على لبنة ولا خيمة وعن جناح النجار قال خرجت مع عائشة بنت سعيد بن أبي وقاص إلى مكة فقالت لي أين منزلك فقلت لها بالبلاط فقالت لي تمسك به فإني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين مسجدي هذا ومصلاي روضة من رياض الجنة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم سفر فمر بالمصلى أستقبل القبلة ووقف يدعوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 وأما طريقه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى ففي الصحيح أنه إذا كان يوم العيد خالف الطريق وفي االأم للشافعي عن المطلب بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم أي وهي طريق الناس اليوم كما قاله المطري في البلاط الأعظم قال فإذا رجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر ورواه ابن زبالة عن محمد بن عمار ودار عمار بن ياسر زقاق عبد الرحمن بن الحرث الذي يسلك إلى البلاط الأعظم فيشرع فيه عند دار أبي هريرة الشارعة في البلاط كما سبق في الفصل قبله ولذا روى ابن شبة عن أبي هريرة أنه قال ركن باب داري هذا أحب إلي من زنتها ذهب سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على داري إلى العيد فجعلها يسارا فمرّ علي عضادة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 داري مرتين في غداة واحدة أي لمروره على تلك العضادة في الذهاب ثم في العودة من زقاق عبد الرحمن بن الحرث فتكون على يساره وفي الذهاب والإياب ولذا روى ابن شبة أيضا عن يحيي بن عبد الرحمن عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشيا على باب سعد بن أبي وقاص أي البلاط الأعظم ويرجع على أبي هريرة أي بأن يأخذ في قبلة المصلى على بني رزيق حتى يصل دار عمار ابن ياسر التي سبق أنها في قبلة الدور التي في ميمنة البلاط الأعظم ثم يأتي دار أبي هريرة من الزقاق الذي سبق بيانه ولذا روى ابن زبالة عن عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحية بيده إذا أنصرف من المصلى على ناحية الطريق التي ينصرف منها وتلك الطريق والمكان كان يذبح فيه مقابل المغرب مما يلي طريق ابن رزيق أي التي في قبلة المصلى بين المشرق والمغرب ولذا قال الواقدي عن عائشة رضي الله عنه وغيرها كان يذبح عند طرف الزقاق عند دار معاوية أي التي سبق إنها تحاذي دار كثير في قبلة المصلى فمن أراد الرجوع من هذه الطريق فلينصرف من قبلة المصلى طالبا جهة القبلة ثم يتياسر في المشرق إلى قرب سور المدينة ثم يأتي باب المدينة من جهة القبلة لأن زقاق عبد الرحمن ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 الحرث من داخل السور اليوم فلا يمكن السلوك فيه وهذا كله مقتض لأن المخالفة بين الطريقين لم تكن في كلها كما يعلم مما سبق في البلاط ومقتض لكون العود أطول من الذهاب وقد روى الشافعي أيضا طريقا ثانيا العود فيها أبعد من الذهاب بكثير عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجع من المصلى يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو عند موضع البركة التي بالسوق قام فأستقبل فج أسلم فدعا ثم أنصرف قال الشافعي عقبه أحب أن يصنع الإمام مثل هذا وأن يقف في موضع فيدعوا الله تعالى مستقبل القبلة اه ولذا روى يحيي عن محمد بن طلحة قال رأيت عثمان بن عبد الرحمن ومحمد بن المكدر ينصرفان من العيد فيقومان عند البركة التي بأسفل السوق قال وسألت عثمان بن عبد الرحمن عن ذلك فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف عند ذلك المكان إذا أنصرف من العيد ولابن زبالة نحوه وزاده وجماعة كانوا يقومون بفناء بركة السوق مستقبلين قلت وبركة السوق هي المنهل الذي عند مشهد النفس الزكية قرب ثنية الوداع وفي قبلة المشهد ومسجد لعله مسجد الأعرج وفج أسلم موضع منازلهم بحصن أمير المدينة وثنية عثعث التي بين الحصن وجبل سلع وما هناك من غربي السوق ومستقبل ذلك عند المنهل المذكور يكون مستقبلا للقبلة وبقرب هذا المنهل بمنزلة الحاج الشامي مسجد أنشأه في زماننا قاضي الحرمين السيد العلامة محي الدين الحنبلي. عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجع من المصلى يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو عند موضع البركة التي بالسوق قام فأستقبل فج أسلم فدعا ثم أنصرف قال الشافعي عقبه أحب أن يصنع الإمام مثل هذا وأن يقف في موضع فيدعوا الله تعالى مستقبل القبلة اه ولذا روى يحيي عن محمد بن طلحة قال رأيت عثمان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 بن عبد الرحمن ومحمد بن المكدر ينصرفان من العيد فيقومان عند البركة التي بأسفل السوق قال وسألت عثمان بن عبد الرحمن عن ذلك فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف عند ذلك المكان إذا أنصرف من العيد ولابن زبالة نحوه وزاده وجماعة كانوا يقومون بفناء بركة السوق مستقبلين قلت وبركة السوق هي المنهل الذي عند مشهد النفس الزكية قرب ثنية الوداع وفي قبلة المشهد ومسجد لعله مسجد الأعرج وفج أسلم موضع منازلهم بحصن أمير المدينة وثنية عثعث التي بين الحصن وجبل سلع وما هناك من غربي السوق ومستقبل ذلك عند المنهل المذكور يكون مستقبلا للقبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 وبقرب هذا المنهل بمنزلة الحاج الشامي مسجد أنشأه في زماننا قاضي الحرمين السيد العلامة محي الدين الحنبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 " الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار في الصحيح عن عروة في خبر قدومه صلى الله عليه وسلم قال فلبث في بني عمر وبن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى يعني ببني عمرو بن عوف كما في رواية عبد الرزاق عنه ولبن عائذ عن ابن عباس رضي الله عنه مكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال وأتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ثم بناه بنو عمرو بن عوف فهو الذي أسس على التقوى وبين ابن زبالة وغيره موضعه مربد وهو الموضع الذي يجفف فيه التمر كان لكلثوم بن الهدم أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسسه وبناه مسجدا وللطبراني في الكبير وفيه ضعيف عن جابر بن سمرة قال لما سأل أهل قباء النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يبني لهم مسجدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقم بعضكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 فيركب الناقة فقام أبو بكر رضي الله عنه فركبها فحرّكها فلم تنبعث فرجع فقعد فقام عمر رضي الله عنه فركبها فلم تنبعث فرجع فقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ليقم بعضكم فيركب الناقة فقام عليّ رضي الله عنه فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخ زمامها وأبنوا على مدارها فإنها مأمورة وعنه أيضا لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال لأصحابه انطلقوا بنا إلى أهل قباء نسلم عليهم فأتاهم فسلم عليهم فرحبوا به ثم قال يا أهل قباء ائتوني بأحجار من هذه الحرة فجمعت عنده أحجار كثيرة ومعه عنزة له فحط قبلتهم بها فأخذ حجرا فوضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا أبا بكر خذ حجرا فضعه إلى حجري ثم قال يا عمر خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر أبي بكر ثم قال يا عثمان خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر عمر ثم ألتفت إلى الناس فقال يضع كل رجل حجره حيث أحب على ذلك الخط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 وللطبراني أيضا ورجاله ثقات عن الشموس بنت النعمان قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم ونزل وأسس هذا المسجد قباء فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره أي يميله وأنظر إلى بياض التراب على بطنه وسرّته فيأتي الرجل من أصحابه فيقول بأبي وأمي يا رسول الله أكفيك فيقول لأخذ مثله حتى أسسه ويقول إنّ جبريل عليه السلام هو يؤمّ الكعبة قالت فكان يقال إنه أقوم مسجد قبلة قلت لعل هذا في بناء غير الأوّل بعد تحويل القبلة فقد روى أبن شبة إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لما ورد قباء صلى بهم في مسجد قباء إلى بيت المقدس ثم روى إنه صلى الله عليه وسلم بنى مسجد قباء وقدم القبلة إلى موضعها اليوم وقال جبريل يؤمّ بي البيت وأنّ أبن رواحة كان يقول وهم يبنون في مسجد قباء. أفلح من يعالج المساجدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المساجدا فقال عبد الله. يقرأ القرآن قائما وقاعدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاعدا وقد اختلف في المراد بقوله لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم فالجمهور على أن المراد مسجد قباء وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا في أهل قباء كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية وهذا هو ظاهر الآية كما سبق في الثالث من الباب الثاني مع الأحاديث الدالة على أن المراد مسجد المدينة والجمع بأن كلا منهما أسس على التقوى يوم تأسيسه مع بيان السر في تخصيصه صلى الله عليه وسلم لمسجد المدينة بالذكر لما سأل عن ذلك على أن يحيي روى بسند لا بأس به عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم هو مسجد قباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 قال الله جل ثناؤه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ولأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال انطلقت إلى مسجد التقوى أنا وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لنا أنطلق نحو مسجد التقوى فانطلقنا نحوه فاستقبلنا يداه على كاهلي أبي بكر وعمر الحديث وفي الصحيحين عن أبن عمر رضي الله عنه كان صلى الله عليه وسلم يزور قباء أو يأتي قباء راكبا وماشيا زاد في رواية لهما أيضا فيصلي فيه ركعتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 وللبخاري والنسائي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان عبد الله يفعله ولأبن حبان في صحيحه كل يوم سبت فيرد به على من قال السبت الأسبوع ولأبن شبة عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة يوم الاثنين وعن محمد بن المنكدر مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء صبيحة سبع عشرة من رمضان ورواه يحيى عن أبن المنكدر عن جابر متصلا وفي كتاب رزين عن أبن المنكدر أدركت الناس يأتون مسجد قباء صبح سبع عشرة من رمضان وليحيى عن أبن المنكدر نحوه وعن أبي غزية قال كان عمر بن الخطاب يأتي مسجد قباء يوم الاثنين ويوم الخميس فجاء يوما من تلك الأيام فلم يجد فيه أحدا من أهله فقال والذي نفسي بيده لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في أصحابه ينقلان حجارته على بطونهما يؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وجبريل عليه السلام يأم به البيت ومحلوف عمر بالله لو كان مسجدنا هذا بطرف من الأطراف لضربنا إليه أكباد الأبل ثم قال اكسروا لي سعفة واجتنبوا العواهن أي ما يلي القلب من السعف فقطعوا السعفة فأتى بها فأخذوا ذمة أي سيرا فربطها فمسحه فقالوا نحن نكفيك يا أمير المؤمنين قال لا تكفونيه ولأبن زبالة عن زيد بن أسلم قال الحمد لله الذي قرب منا مسجد قباء ولو كان في أفق من الأفاق لضربنا إليه أكباد الإبل ولأبن شبة بسند صحيح من طريق عائشة بنت سعد بن أبي وقلص قالت سمعت أبي يقول لأن أوصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن أتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في مسجد قباء لضربوا إليه أكباد الإبل ورواه الحاكم عن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد سمع أباهما رضي الله عنه يقول سمعنا أبا هريرة يقول لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس قال الحاكم إسناده صحيح على شرطهما وللترمذي عن أسيد بن ظهير الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة قال الترمذي وفي الباب عن سهل بن حنيف وحديث أسيد حديث حسن غريب ولا نعرف لأسيد شيئاً يصح غير هذا الحديث ولأبن حبان في صحيحه عن أبن عمر رضي الله عنه وقد قيل له أين تؤم يا أبا عبد الرحمن قال أهل هذه المسجد في بني عمر وبن عوف فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى فيه كان كعدل عمرة ولأبن ماجه وأبن شبة بسند جيد عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان كأجر عمرة ورواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ورواه أبن شبة أيضا من طريق موسى بن عبيدة وهو ضعيف بلفظ من توضأ فأحسن وضوءه ثم جاء مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان له كعدل عمرة ومن طريق يوسف بن طعمان وهو ضعيف بلفظ ما من مؤمن يخرج على طهر إلى مسجد قباء لا يريد غيره حتى يصلي فيه إلا كان بمنزلة عمرة ولأبن شبة أيضا عن سعيد بن الرقيش الأسدي قال جاءنا أنس بن مالك إلى مسجد قباء فصلى ركعتين إلى بعض هذه السوارة ثم سلم وجلس وجلسنا حوله فقال سبحان الله ما أعظم حق هذا المسجد ولو كان على مسيرة شهر كان أهلا أن يؤتى من خرج من بيته يريده متعمدا إليه ليصلي فيه أربع ركعات أقبله الله بأجر عمرة قال أبن شبة قال أبو غسان ومما يقوي هذه الأخبار ويدل على تظاهرها في العامة والخاصة قول عبد الرحمن بن الحكمعليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة يوم الاثنين وعن محمد بن المنكدر مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء صبيحة سبع عشرة من رمضان ورواه يحيى عن أبن المنكدر عن جابر متصلا وفي كتاب رزين عن أبن المنكدر أدركت الناس يأتون مسجد قباء صبح سبع عشرة من رمضان وليحيى عن أبن المنكدر نحوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 وعن أبي غزية قال كان عمر بن الخطاب يأتي مسجد قباء يوم الاثنين ويوم الخميس فجاء يوما من تلك الأيام فلم يجد فيه أحدا من أهله فقال والذي نفسي بيده لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في أصحابه ينقلان حجارته على بطونهما يؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وجبريل عليه السلام يأم به البيت ومحلوف عمر بالله لو كان مسجدنا هذا بطرف من الأطراف لضربنا إليه أكباد الأبل ثم قال اكسروا لي سعفة واجتنبوا العواهن أي ما يلي القلب من السعف فقطعوا السعفة فأتى بها فأخذوا ذمة أي سيرا فربطها فمسحه فقالوا نحن نكفيك يا أمير المؤمنين قال لا تكفونيه ولأبن زبالة عن زيد بن أسلم قال الحمد لله الذي قرب منا مسجد قباء ولو كان في أفق من الأفاق لضربنا إليه أكباد الإبل ولأبن شبة بسند صحيح من طريق عائشة بنت سعد بن أبي وقلص قالت سمعت أبي يقول لأن أوصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 أتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في مسجد قباء لضربوا إليه أكباد الإبل ورواه الحاكم عن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد سمع أباهما رضي الله عنه يقول سمعنا أبا هريرة يقول لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس قال الحاكم إسناده صحيح على شرطهما وللترمذي عن أسيد بن ظهير الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة قال الترمذي وفي الباب عن سهل بن حنيف وحديث أسيد حديث حسن غريب ولا نعرف لأسيد شيئاً يصح غير هذا الحديث ولأبن حبان في صحيحه عن أبن عمر رضي الله عنه وقد قيل له أين تؤم يا أبا عبد الرحمن قال أهل هذه المسجد في بني عمر وبن عوف فأني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى فيه كان كعدل عمرة ولأبن ماجه وأبن شبة بسند جيد عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان كأجر عمرة ورواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ورواه أبن شبة أيضا من طريق موسى بن عبيدة وهو ضعيف بلفظ من توضأ فأحسن وضوءه ثم جاء مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان له كعدل عمرة ومن طريق يوسف بن طعمان وهو ضعيف بلفظ ما من مؤمن يخرج على طهر إلى مسجد قباء لا يريد غيره حتى يصلي فيه إلا كان بمنزلة عمرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 ولأبن شبة أيضا عن سعيد بن الرقيش الأسدي قال جاءنا أنس بن مالك إلى مسجد قباء فصلى ركعتين إلى بعض هذه السوارة ثم سلم وجلس وجلسنا حوله فقال سبحان الله ما أعظم حق هذا المسجد ولو كان على مسيرة شهر كان أهلا أن يؤتى من خرج من بيته يريده متعمدا إليه ليصلي فيه أربع ركعات أقبله الله بأجر عمرة قال أبن شبة قال أبو غسان ومما يقوي هذه الأخبار ويدل على تظاهرها في العامة والخاصة قول عبد الرحمن بن الحكم فإن أهلك فقد أقررت عينا ... من المتعمرات إلى قباء وأما مصلاه صلى الله عليه وسلم من هذا المسجد فلأبن زبالة عن أبن أبي ليلى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد قباء إلى الأسطوانة الثالثة في الرحبة إذا دخلت من الباب الذي بفناء دار سعد بن خيثمة أي المسدود اليوم ومحله بين في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 الحائط الغربي من خارجه كان شارعا في الرواق الذي يلي رحبة المسجد والثالثة في الرحبة هي التي عندها اليوم محراب مبني بحرفها الشرقي وهذا هو المصلى قبل تحويل القبلة لقول أبي غسان وأخبرني من أثق به من الأنصار من أهل قباء إن موضع قبلة مسجد قباء قبل صرف القبلة إن القائم كان يقوم بالقبلة الشامية فيكون موضع الأسطوان الشارعة في رحبة مسجد قباء التي في صف الأسطوان المخلقة المقدّمة أي التي سيأتي إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى حرفها يعني بعد التحويل لأنه قال عقبة وأخبرني أيضا إن مصلى صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء بعد صرف القبلة كان إلى حرف الأسطوان المخلق كثير منها المقدمة أي في صف الأساطين التي تلي محراب القبلة إلى حرفها الشرقي قال وهي دون محراب مسجد قباء عن يمين المصلى فيه قلت وهي الثالثة في القبلة من أسطوان الرحبة المتقدمة أيضا والمصلى إلى حرفها الشرقي يكون محاذيا محراب المسجد وتوصف أسطوان الرحبة بالمخلقة أيضا ولذا روى الواقدي عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال كان المسجد في موضع الأسطوان المخلقة الخارجة في رحبة المسجد ثم روى عن أبن وقيش قال بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وقدم القبلة إلى موضعها اليوم قال أبن رقيش فحدثني نافع إن أبن عمر كان بعد إذا جاء مسجد قباء صلى إلى الأسطوان المخلقة يقصد بذلك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الأوّل وقوله المخلقة أي التي في الرحبة بدليل ما بعده وما قبله وقوله وقدم القبلة إلى موضعها اليوم ظاهر في إن المصلى بعد التحويل عند محراب القبلة خلاف ما سبق عن أبي غسان فينبغي الجمع بين ذلك وأما الدكة المرتفعة يسيرا التي بالرواق الذي يلي الرحبة بمحرابها حجر كتب فيه لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه الآية وإن ذلك مقام النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكرها أبن جبير في رحلته لكنه قال إنها في رحبة المسجد مما يلي القبلة ووصف رحبة المسجد وأروقته وأساطينه بما هو عليه اليوم فعلمنا بذلك إن هذه الدكته وذلك الحجر إنما كان بالمحراب الذي عند الأسطوان الثالثة في الرحبة وكأنه تهدم بعد أبن جبير فأعيد في غير محله فلا يعول عليه فقد صرح أبن جبير بأن ذلك في الرحبة وإنه أول قال موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي إعادته إلى محله ويقرب الثالثة في الرحبة محاريب ما عملت أصلها وأما الحظيرة التي بصحن المسجد فقال أبن حبير إنها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 مبرك ناقة النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم أقف له على أصل في كلام من قبله لكنه اليوم مشهور بين الناس قال أبو غسان طول مسجد قباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 وعرضه سواء وهو ست وستون ذراعا قال وطول رحبته التي في جوفه يعني صحنه خمسون ذراعا وعرضها ست وعشرون ذراعا وذكر أبن النجار نحوه فقال طوله ثمان وستون ذراعا تشفّ وعرضه كذلك قلت وقد اختبرته فكان كذلك يزيد يسيرا جدّا لاختلاف الأذرعة أو رخاوة الحبل الذي قيس به وذلك الرحبة أيضا لم يقع فيها تغيير وقد ذكرنا في الأصل ما ذكره أبن جبير وغيره من عدد أروقته وأساطينه وغير ذلك وروى أبن شبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ما بين الصومعة أي المنارة إلى القبلة زيادة زادها عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت وفيه ردّ لقول المطري ومن تبعه إنه لم يزل على ما بناه النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى زاد فيه الوليد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وذكر أبن النجار أن عمر بن عبد العزيز وسعه ونقشه بالفسيفساء وعمل له منارة وسقفه بالسياج وجعله أروقة وفي وسطه رحبة فيتهدّم على طول الزمان حتى جدّد عمارته جمال الدين الأصفهاني وزير بني زنكي الملوك بالموصل أي سنة خمس وخمسين وخمسمائة كما قال المطري وفي الحجر الذي بالمحراب المتقدّم ذكره أنه جدّد بعد ذلك سنة إحدى وسبعين وستمائة وجدّد فيه الناصر بن قلاوون شيئاً سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وجدّد غالب سقفه الأشرف برسباي سنة أربعين وثمانمائة على يد شيخ الخدام قاسم المحلي وسقطت منارته سنة سبع وسبعين وثمانمائة فجدّدن سنة إحدى وثمانين وثمانمائة مع العمارة السابقة بالمسجد النبوي على يد الشمس بن الزمن بعد هدم المنارة الأساس التي كانت مفتوحة فيه مما يلي السقف نسبة طيقانه الباقية وجدّد بعض سقفه وابتنى البركة والسبيل المقابلين له بحديقة العيني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وأما طريقه صلى الله عليه وسلم إليه فعن أسحق بن أبي بكر بم أسحق أن مبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مركبه إلى قباء أن يمر على المصلى ثم يسلك في موضع الزقاق بين دار كثير بن الصلت ودار معاوية بالمصلى أي يمرّ بين الدارين بجهة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 قبلة مسجد المصلى إلى ناحية بطحان قال ثم يرجع راجعا على طريق دار صفوان بن سلمة التي عند سقيفة محرق ثم يمر على مسجد بني زريق من كتاب عروة حتى يخرج إلى البلاط أي من ناحية زقاق عبد الرحمن بن الحرث السابق في رجوعه صلى الله عليه وسلم من المصلى وذلك في قبله سور المدينة اليوم مما يلي درب سويقة كما إن الذهاب من جهة الدرب المذكور وفي الصحيح كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام وكانت تحت عبادة بن الصامت فاقتضى إنه كان يمرّ بدار بني سالم غربي مسجد الجمعة لأنّ دار عبادة بها ومما يتبرك به بقباء دار سعد بن خيثمة في قبلة مسجد قباء وفي قبلة ركن المسجد الغربي موضع يسمونه مسجد عليّ لعله مسجد دار سعد بن حيثمة ولأبن شبة إن النبيّ صلى الله عليه وسلم اضطجع في البيت الذي في دار سعد بن خيثمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 ولأبن زبالة يزعمون إن النبيّ صلى الله عليه وسلم توضأ من المهراس الذي في داره وفي قبلة المسجد أيضا دار كلثوم ابن الهدم الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم لما قدم قباء ثم أهله وأهل أبي بكر وبئر أريس سيأتي محلها " وأما مسجد الضرار " فللبيهقيّ عن أبن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى والذين اتخذوا مسجد أضرارهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر أبنوا مسجدكم فأني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآني بجند أخرج محمد أو أصحابه فلما فرغوا من مسجدكم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن نصلي فيه فأنزل الله تعالى لا تقم فيه أبدا إلى قوله فأنهار به في نار جهنم يعني قواعده والله لا يهدي القوم الظالمين ولأبن شبة عن عروة كان موضع مسجد قباء لامرأة يقال لها لية كانت تربط حمارا لها فيه فأتيناه سعد بن حيثمة مسجدا فقال أهل مسجد الضرار نحن نصلي في مربط حمار لية لا لعمر الله لكنا نبني مسجدا فنصلي فيه حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 يجيء أبو عامر فيؤمتنا فيه وكان أبو عامر فر من الله ورسوله فلحق بمكة ثم بالشام فتنصر فمات بها فأنزل الله تعالى (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً) الآيات ولأبن إسحاق عن الزهري وغيره إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار نزل عليه القرآن في شأن مسجد الضرار فدعا مالك بن الدغشم ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأهدماه وحرقاه فانطلقا مسرعين ففعلا وحرقا بنار في سعف وللبغوي فانطلقوا أي المأمورون بهدمه وإحراقه حتى أتوا سالم بن عوف رهط مالك بن الدغشم فأخذ سعفا فأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدون حتى أتوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وتفرق عنه أهله فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك كناسة يلقى فيها الجيف والنتن والقمامة وقال أبن عطية الظاهر من قوله فأنهار به في نار جهنم ومما صح في خبرهم وهدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدهم إنه خارج مخرج المثل أي حالهم كمن ينهار بنيانه في نار جهنم وقيل بل ذلك حقيقة وإن ذلك المسجد بعينه انهار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 في نار جهنم قاله قتادة وأبن جريج وعن جابر بن عبد الله وغيره إنه رأى الدخان يخرج منه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ونقل إنهم لم يصلوا فيه أكثر من ثلاثة أيام وأنهار في الرابع قال أبن عطية وهذا كله بإسناد لين والأول أصح وأسند الطبري عن خلف بن يامين إنه قال رأيت مسجد المنافقين ورأيت فيه مكان يخرج منه الدخان زمن أبي جعفر المنصور قال المطري ولا أثر بمسجد الضرار ولا يعرف له مكان فيما بين حول مسجد قباء ولا غيره أي خلاف قول أبن النجار إنه قريب من مسجد قباء كبير حيطانه عالية ويأخذ منه الحجارة وكان بناءه مليحة انتهى قال المطري وهو وهم لا أصل له قلت وما سبق من أمره صلى الله عليه وسلم بهدمه وتحريقه وغير ذلك مما سبق ظاهر في رده وإن قال المجدان غير أبن النجار سبقه لذلك فهذا البشاره يقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 ومنها مسجد الضرار تطوع العوام بهدمه وتبعه ياقوت في معجمه وأبن جبير في رحلته ولفظ أبن جبير وهذا المسجد مما يتقرب الناس إلى الله يرجمه وهدمه وكان مكانه بقباء انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 ك فهذا البشاره يقول ومنها مسجد الضرار تطوع العوام بهدمه وتبعه ياقوت في معجمه وأبن جبير في رحلته ولفظ أبن جبير وهذا المسجد مما يتقرب الناس إلى الله يرجمه وهدمه وكان مكانه بقباء انتهى. " الفصل الثالث " في بقية المساجد المعلومة العين في زماننا " مسجد الجمعة " سبق في الرابع من الثالث إن النبي صلى الله عليه وسلم في خروجه من قباء أدركته الجمعة في بني سالم فصلى في بطن الوادي وادي ذي صاب ولأبن إسحاق فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في بطن الوادي وأدى ذي رانونا فكانت أول جمعه صلاها في المدينة وسيأتي إن سيل ذي صل وسيل رانونا يصلان إلى موضع هذا المسجد ولأبن زبالة فمر على بني سالم فصلى بهم الجمعة في العسيل ببني سالم وهو المسجد الذي في بطن الوادي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 وفي رواية له فهو المسجد الذي بناه عبد الصمد ولأبن سبة عن كعب بن عجرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أول جمعة حين قدم المدينة في مسجد بني سالم في مسجد عاتكة وفي رواية له الذي يقال له مسجد عاتكة قال المطري في شمال هذا المسجد أطم خراب يقال له المزدلف أطم عتبان بن مالك والمسجد في بطن الوادي صغير جدا مبني بحجارة قدر نصف القامة وهو الذي كان يحول السيل بينه وبين عتبان بن مالك إذا سال لأن بني سالم بن عوف كانت غربي هذا الوادي على طرف الحرة وأثارهم باقية هناك فسأل عتبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته في مكان يتخذه مسجدا ففعل صلى الله عليه وسلم قلت الذي يظهر إن عتبان إنما أراد مسجد بني سالم الأكبر الذي بمنازلهم غربي الوادي كما سيأتي إذ هو محل إمامته بهم ولذا قال كما في الصحيح فإذا كانت الأمطار وسال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن أتي مسجدهم فأصلي بهم وقد تهدم بناء هذا المسجد الذي ذكره المطري فجدده بعض الأعاجم على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 هيئته اليوم مقدمة رواق مسقف فيه عقدان بينهما أسطوان وخلفه رحبة وطوله من القبلة إلى جداره الشامي عشرون ذراعا وعرضة بين المشرق والمغرب مما يلي محرابه ستة عشر ذراعا وجدد سقفه الخواجا شهاب الدين قاوان. " مسجد الفضيخ ". صغير شرقي مسجد قباء على شفير الوادي على نشز من الأرض مرضوم بحجارة سود وهو مربع ذرعه بين المشرق والمغرب أحد عشر ذراعا ومن القبلة للشام نحوها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 روى أبن شبة عن جابر بن عبد الله قال حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بن النظير فضرب قبته قريبا من مسجد الفضيخ وكان يصلي في موضع مسجد الفضيخ ست ليال فلما حرمت الخمر خرج الخبر إلى أبي أيوب ونفر من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخا فحلوا وكاء السقاء فهراقوه فيه فبذلك سمى مسجد الفضيخ وكان ذلك قبل اتخاذه مسجدا أو قبل العلم بنجاسة الخمر ولأحمد وأبي يعليّ واللفظ له عن أبن عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجرّه فضيخ ينش وهو في مسجد الفضيخ فشربه فلذلك سمي مسجد الفضيخ قلت ولم أرى أخذ القوم المطري إنه يعرف اليوم بمسجد الشمس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 قال المجد ولعله لكونه على مكان عال أول ما تطلع الشمس عليه ولا يظن إنه المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد الغروب لعلي رضي الله عنه لما كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوحى إليه في حجر عليّ فغربت الشمس ولم يكن عليّ صلى العصر فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك فردد عليه الشمس الحديث لأن ذلك بالصهباء من خيبر فقد أخرج هذا الحديث أبن مندة وأبن شاهين عن أسماء بنت عميس وأبن مردوية عن أبي هريرة وإسنادهما حسن ومما صححه الطحاوي قال الحافظ أبن حجر أخطأ أبن الجوزي بإيراده في الموضوعات " مسجد بني قريظة " قرب حرتهم الشرقية على باب حديقة تعرف بجاجزة قال المطري وقف للفقراء وعنده خراب أبيات بشمالي الحديقة من دور بني قريظة وأطم الزبير بن باطا القرظي دخل في هذا المسجد كما قال أبن زبالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 ولأبن شبة من طريق محمد بن عقبة بن مالك عن علي بن رافع وأشياخ قومه إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيت امرأة من الحضر فأدخل ذلك البيت في مسجد بني قريظة فذلك المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم شرقي بني قريظة عند موضع المنارة التي هدمت وبين أبن زبالة إن الذي أدخل ذلك البيت الوليد بن عبد الملك حين بنى المسجد وفي الصحيح نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتاه على حمار فلما دنا قريبا من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار قوموا إلى سيدكم أو خيركم ثم قال هؤلاء نزلوا على حكمك الحديث وليس المراد مسجد المدينة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن به بل مسجده ببني قريظة كما أشار إليه الحافظ أبن حجر قال وأخطأ من زعم إن لفظ المسجد غلط من الراوي لظنه إيراده مسجد المدينة فصوب رواية أبي داود فلما نادنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 من النبي صلى الله عليه وسلم قال أبن النجار وهذا المسجد اليوم باق كبير وفيه ست عشرة أسطوانة سقط بعضها وهو بلا سقف حيطانه مهدومة وكان مبنيا على شكل مسجد قباء قال المطري وكان فيه منارة في مثل موضع منارة قباء وأثرها اليوم باق في زاويته الغربية الشمالية قال وقد انهدم وأخذت أحجاره جميعا وبقى أثره إلى العشر الأول بعد السبعمائة فبنى عليه حظير مقدار نصف قامة قلت وقد جدّد حظيرة الشجاعي شاهين الجمالي عام ثلاث وتسعين وثمانمائة وجعل موضع المنارة دكة وذرعه نحو ما قال المطري من القبلة إلى الشام أربع وأربعون ذراعا وربع ومن المشرق إلى المغرب نحوها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 " مسجد مشربة أم إبراهيم عليه السلام ". روى أبن شبة وغيره عن يحيى بن محمد بن ثابت إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مشربة أم إبراهيم وهي من صدقاته صلى الله عليه وسلم الآتية قال أبن شهاب بعد ذكرها في الصدقات وإنها من أموال مخيريق وأما مشربة أم إبراهيم فإذا خلفت بيت مدراس اليهود فجئت مال أبي عبيدة بن عبيد الله بن زمعة فمشربة أم إبراهيم إلى جنبه وإنما سميت مشربة أم إبراهيم لأن أم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ولدته فيها وتعلقت حين ضربها المخاض بخشبة من خشب تلك المشربة فتلك الخشبة اليوم معروفة انتهى وكان النبي صلى الله عليه وسلم أسكن مارية هناك والمشربة لغة الغرفة فكان ذلك المكان سمي باسمها ولذا قال الزبير بن بكاران مارية ولدت إبراهيم عليه السلام بالعالية بالمال الذي يقال له مشربة أم إبراهيم بالقف قال المجد والمشربة مسجد أي متخذ باطل المذكور شمالي مسجد بني قريظة قريب من الحرة الشرقية في موضع يعرف بالدشت بين نخيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 يعرف بالأشراف القواسم من بني قاسم بن أدريس بن جعفر أخي الحسن العسكري وذكر المطري نحوه وأظن تلك النخيل هي صدقته صلى الله عليه وسلم بالمشربة وذرع هذا المسجد من القبلة إلى الشام أحد عشر ذراعا ومن المشرق إلى المغرب نحو أربعة عشر ذراعا يتصل بع في المشرق سقيفة لطيفة وهي كما قال المجد عريضة صغيرة على رويبة حوّط عليها برضم لطيف من الحجارة السود. " مسجد بني ظفر ". من الأوس شرقي البقيع بطرف الحرة الغربية ويعرف اليوم بمسجد البغلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 روى أبن شبة عن الحرث بن سعيد بن عبيد إن النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد بني ظفر ورواه أبن زبالة ويحيى عن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة ورويا أيضا عن أدريس بن محمد بن يونس أبن محمد المظفري عن جدّه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على الحجر الذي في مسجد بني ظفر وأن زياد بن عبيد الله كان أمر بقلعه حتى جاءته مشيخة بني ظفر فأعلموه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس عليه فردّه قال فقل امرأة تجلس عليه إلا حملت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 قال يحيى عقبه وأدركت الناس بالمدينة يذهبون بنسائهم حتى ربما ذهب بهن في الليل فيجلسن على الحجر قلت وأصله ما روى الطبرانيّ برجال ثقات عن محمد بن فضالة الظفريّ وكان ممن صحب النبيّ صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني ظفر فجلس على الصخرة التي في مسجد بني ظفر اليوم ومعه عبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأناس من أصحابه فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم قارئا فقرأ حتى أتى على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اضطرب لحياه فقال أي رب شهيد على من أنا بين ظهرانيه فكيف بمن لم أر قلت وليس بهذا المسجد اليوم حجر يجلس عليه إلا ما في كتف بابه عن يسار داخله قال المطري وعند هذا المسجد آثار في الحرّة من جهة القبلة يقال إنها أثر حافر بغلة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي غربيه أي غربيّ أثر الحافر أثر على حجر كأنه أثر مرفق يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم اتكأ عليه ووضع مرفقه الشريف عليه وعلى حجر آخر أثر أصابع والناس يتبركون بها ووصف أبن النجار هذا المسجد في زمنه وقال إنه يعرف بمسجد البغلة وإنه خراب وفيه أسطوان واحد وحوله نشر من الحجارة فيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 أثر يقولون إنه أثر حافر بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وبه حجر رخام فيه خلد الله ملك الإمام أبي جعفر المنصور المنتصر بالله عمر سنة ثلاثين وستمائة وذرعته فكان مربعا طوله من القبلة إلى الشام إحدى وعشرون ذراعا ومن المشرق للمغرب مثل ذلك. " مسجد الإجابة ". لبني معاوية بن مالك بن عوف من الأوس كما سبق في الثاني من الباب الثالث أخذا من صريح كلام أبن زبالة وربما وهم المطري في جعله لبني مالك أبن النجار ومن الخزرج وما ناقض به ذلك عند ذكر مسجد بني جديلة الآتي في الفصل بعده فاجتنبه وفي صحيح مسلم من حديث عامر بن سعد عن أبيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم أنصرف إلينا فقال سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ولأبن شبة بسند جيد وهو في الموطأ عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك قال جاءنا عبد الله بن عمر في بني معاوية وهي قرية من قرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 الأنصار فقال تدرون أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدكم هذا فقلت نعم وأشرت له إلى ناحية منه قال تدرون ما الثلاث التي دعا بهن فيه قلت نعم قال فأخبرني قلت دعا أن لا يظهر عليهم عدوّ من غيرهم وأن لا يهلكهم بالسنين فأعطيهما ودا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها قال صقت فلن يزال لبهرج إلى يوم القيامة وعن سعد بن أبي وقاص أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بمسجد بني معاوية فدخل فركع فيه ركعتين ثم قام فناجى ربه ثم أنصرف قال أبو غسان قال محمد بن طلحة بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني معاوية على يمين المحراب نحوا من ذراعين قلت فيتحرّ ذلك مع الدعاء كما قال ابن النجار وفي هذا المسجد أسطواني قائمة ومحراب مليح وباقية خراب قلت قد رمم بعد وهو شمالي البقيع على يسار السالك إلى العريض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 وسط تلول هي آثار قرية بني معاوية وذرعه من المشرق إلى المغرب نحو خمس وعشرين ذراعا ومن القبلة إلى الشام نحو العشرين. مسجد الفتح والمساجد التي في قبلته ". وتعرف اليوم كلها بمساجد الفتح الأول المرتفع على قطعة من جبل سلع في المغرب يصعد إليه بدرجتين شمالية وشرقية هو المراد بمسجد الفتح عند الإطلاق ويقال له أيضا مسجد الأحزاب الأعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وفي مسند أحمد برجال ثقات عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فأستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر في وجهه قال جابرة لم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توجهت تلك الساعة فادعوا فيها فأعرف الإجابة وفي رواية له أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه فوضع رداءه وقام فرفع يديه مدّا يدعوا عليهم ولم يصل ثم جاء ودعا عليهم وصلى ولأبن شية عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد على موضع بمسجد الفتح وحمد الله ودعا عليهم وعرض أصحابه وهو عليه وعن سعيد مولى المهدي قال أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الجرف فأدركته صلاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 العصر فصلاها في المسجد الأعلى ورواه ابن زبالة وغيره بلفظ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد الفتح الذي على الجبل وقد حضرت صلاة العصر فرقي فصلى فيه صلاة العصر ولأبن زبالة عن المطلب مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح يوم الأحزاب حتى ذهب الظهر وذهب العصر وذهب المغرب ولم يصل منهن شيئاً صلاهن جميعا بعد المغرب وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مسجد الفتح فخطا خطوة ثم الخطوة الثانية ثم قام ورفع يديه إلى الله تعالى رؤى بياض أبطيه فدعا حتى سقط رداؤه عن ظهره فلم يرفعه حتى دعا كثيرا ثم انصرف وعن جابر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء مسجد الفتح نحو المغرب ولأبن شبة دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الجبل الذي عليه مسجد الفتح من ناحية المغرب فصلى من وراء المسجد في الرحبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 قال أبو غسان وسمعت غير واحد ممن يوثق به يذكر أن الموضع الذي دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجبل هو اليوم إلى الأسطوانة الوسطى الشارعة في رحبة المسجد ورواه يحيى عن هارون بن بكير عن أبيه عن جدّه قال يحيى فدخلت مع الحسين بن عبد الله مسجد الفتح فلما بلغ الأسطوانة الوسطى من المسجد قال هذا موضع مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعا فيه على الأحزاب وكان يصلي فيه إذا جاء مسجد الفتح قلت ومحل ذلك اليوم ما يقابل محراب المسجد من الرحبة لتوسطه فإنه كان على ثلاث أساطين بين المشرق والمغرب فسقفه رواق واحد كما هو اليوم لكن غيرت أساطينه ويتلخص مما ذكرناه في الأصل أنه مما يطلب من الدعاء لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرضين ورب العرش الكريم اللهمّ لك الحمد هديتني من الضلالة فلا مكرم لمن أهنت ولا مهين لمن أكرمت ولا معز لمن أذللت ولا مذلّ لمن أعززت ولا ناصر لمن خذلت ولا خاذل لمن نصرت ولا معطي لمن منعت ولا مانع لما أعطيت ولا رازق لمن حرمت ولا حارم لمن رزقت ولا رافع لمن خفضت ولا خافض لمن رفعت ولا خارق لما سترت ولا سائر لما خرقت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 ولا مقرب لما باعدت ولا مبعد لما قربت اللهمّ أنت عضدي ونصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل اللهمّ يا صريخ المستصرخين والمكروبين ويا غياث المستغيثين ويا مفرج كرب المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم واكشف عني كربي وغمي وحزني وهمي كما كشفت عن حبيبك ورسولك صلى الله عليه وسلم كربه وحزنه وغمه في هذا المقام وأنا استشفع إليك به صلى الله عليه وسلم في ذلك فقد ترى حالي وتعلم عجزي وضعفي يا حنان يا منان يا ذا الجود والإحسان أسألك من خير ما سألك منه عبدك وحبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأستعيذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك وحبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويدعو بما أحب وينبغي أن يضم لذلك ما دعا به الشافعيّ عند دخوله على الرشيد في محنته فقد روى أبو نعيم من طريق الشافعي إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا به يوم الأحزاب وهو دعاء عظيم وإن كان رفعه غير صحيح كما قال البيهقيّ وقد ذكرناه في الأصل وتسمية هذا المسجد بمسجد الفتح لأن الاستجابة وقعت به وجاء حذيفة بخبر رجوع الأحزاب ليلا به فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد فتح الله عز وجل لهم ونصرهم وأقر أعينهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لهم أبشروا بفتح الله ونصره كما في مغازي أبن عقبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وقول أبن جبير إن سورة الفتح أنزلت به لا أصل له ولأبن شبة عن أسيد بن أبي أسيد عن أشياخهم إن النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل على الطريق حين يصعد الجبل ولأبن زبالة عن معاذ بن سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح الذي على الجبل وفي المساجد التي حوله وهو ظاهر في أنها ثلاثة غيره إذ هي أقل الجمع وبه صرح أبن النجار وحيث ذكر المسجد الأعلى وإنه يصعد إليه بدرج ثم قال وعن يمينه في الوادي نخل كثير ويعرف ذلك الموضع بالسيح ومساجد حوله وهي ثلاثة قبلة الأول منها خراب وقد أخذت حجارته والآخران معموران بالحجارة والجص وهما في الوادي عند النخل انتهى وقال المطري إنهما في قبلة مسجد الفتح تحته يعرف الأول منهما أي مما يلي المسجد الأعلى " بمسجد سلمان الفارسي " والثاني الذي يلي القبلة يعني قبلة مسجد سلمان يعرف " بمسجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 والثالث الذي ذكره أبن النجار لم يبقى له أثر قلت في قبلة الثاني المعروف بمسجد أمير المؤمنين جانحا للمشرق على طرف جبل سلع أثر عمارة بها رضم حجارة رأيت الناس يتبركون بالصلاة فيها وفي طرفها مما يلي المشرق فلكة من فلك الأساطين مثبتة بالأرض فظهر لي أنه المشار إليه لقول أبن النجار قبله الأول منها خراب وقد هدم لأنه أول المساجد من جهة القبلة وليس ثم ما يشتبه به من العمارات والناس يقولون اليوم أنه مسجد أبي بكر رضي الله عنه ولعل هذه النسبة هي السبب في خرابه لما يعلم من حال من جدد هذه المساجد مع أني لم أقف على أصل في هذه النسبة ولا في نسبة المسجدين المتقدمين في كلام المطري وكان المسجد الأعلى قد تهدم فجدده الأمير سيف الدين الحسين بن أبي الهجاء أحد وزراء العبيديين ملوك مصر في سنة خمس وسبعين وخمسمائة وكذلك جدد بناء المسجدين اللذين تحته من جهة القبلة في سنة سبع وسبعين وخمسمائة فتهدم الثاني منهما المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجدده أمير المدينة زين الدين ضيغم بن خشرم المنصوري سنة ست وسبعين وثمانمائة وكان سقفه عقدا وبه مسنّ عليه اسم ابن أبي الهيجاء كالمسجدين الآخرين فجعل سقفه خشبا على أسطوان واحد وجدد بعض الفقراء بناء المسجد الثالث المنسوب لأبي بكر رضي الله عنه عام أثنين وتسعمائة وذرع المسجد الأعلى من القبلة إلى الشام نحو عشرين ذراعا ومن المشرق إلى المغرب مما يلي القبلة سبعة عشر ذراعا وذرع الأسفل المنسوب لسلمان من القبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 إلى الشام أربعة عشر ذراعا ومن المشرق إلى المغرب مما يلي القبلة سبعة عشر ذراعا وذرع الثالث المنسوب لعلي من القبلة إلى الشام ثلاثة عشر ذراعا ومن المشرق إلى المغرب مما يلي القبلة ستة عشر ذراعا وينبغي التبرك بكهف سلع وهو كهف بني حرام فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس به وكان بيت به ليالي الخندق وأنه يقرأ العينية التي عند الكهف كما سيأتي في الثاني من الباب السادس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 والظاهر أنه المراد بما هو في الأوسط والغير للطبراني من أن معاذ بن جبل خرج يطلب النبي صلى الله عليه وسلم فدل عليه في جبل ثواب فخرج حتى رقى رجل ثواب فبصر به في الكهف الذي أتخذ الناس إليه طريقا إلى مسجد الفتح فإذا هو ساجد قال فهبطت من رأس الجبل وهو ساجد فلم يرفع حتى أسأت به الظن فظننته قبضت روحه فقال جاءني جبريل بهذا الموضع فقال أن الله تعالى يقرئك السلام ويقول ما تحب أن أصنع بأمتك قلت الله أعلم فذهب ثم جاء إليّ فقال أنه يقول لا أسوئك في أمتك فسجدت وأفضل ما تقرب به إلى الله عز وجل السجود وجبل ثواب لم أقف له على ذكر لكن وصفه للكهف بما ذكر ظاهر في إرادة الكهف المذكور بسلع على يمين المتوجه من المدينة إلى مساجد الفتح من الطريق القبلية بقرب شعب بني حرام في مقابلة الحديقة المعروفة بالنقيبية التي تكون عن يساره فإن يمينه هناك مجرى سائله تسيل من سلع إلى بطحان فإذا دخلها وصعد يسيرا في المشرق كان الكهف عن يمينه وعنده نقر في مجرى السائلة وإلى منه في المشرق كهف آخر لكنه صغير جدا فالأول هو المراد وإذا توجه من هذه السائلة طالبا المساجد الفتح كان شعب بني حرام على يمينه وهو شعب متسع به آثار مساكنهم وأثر مسجدهم الكبير الذي زاد عمر بن عبد العزيز في بنائه بين بها ويؤخذ مما ذكرناه في الأصل اختلاف في صلاته صلى الله عليه وسلم به بناء على ما روى من أن تحولهم إلى هذه الشعب كان في زمنه صلى الله عليه وسلم بأذنه وروى أنه كان في زمن عمر رضي الله عنه وأما مسجدهم الصغير فسيأتي في الفصل بعده وقد حدد بناء حظير على مسجدهم الكبير ثم شاهدت كهفا آخر في شامية جانحا إلى المشرق آخر شعب بني حرام وهو أقرب لكونه المراد بما سبق غير أن النقر الوجود عند الأول يرجح إرادته. آثار مساكنهم وأثر مسجدهم الكبير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 الذي زاد عمر بن عبد العزيز في بنائه بين بها ويؤخذ مما ذكرناه في الأصل اختلاف في صلاته صلى الله عليه وسلم به بناء على ما روى من أن تحولهم إلى هذه الشعب كان في زمنه صلى الله عليه وسلم بأذنه وروى أنه كان في زمن عمر رضي الله عنه وأما مسجدهم الصغير فسيأتي في الفصل بعده وقد حدد بناء حظير على مسجدهم الكبير ثم شاهدت كهفا آخر في شامية جانحا إلى المشرق آخر شعب بني حرام وهو أقرب لكونه المراد بما سبق غير أن النقر الوجود عند الأول يرجح إرادته. " مسجد القبلتين " قال رزين وتبعه من بعده وهو مسجد في حرام بالقاع زاد المطري أنه الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم النخامة في قبلته وذكر قصة الخلوق وكله وهم كما أوضحناه في الأصل بل هذا المسجد الذي بالقاع لبني سلمة وليسوا ببني حرام أهل المسجد الذي بالقاع وبه قصة الخلوق كما سبق في الأول من الثالث ولذا روى ابن شبة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخربة وفي مسجد القبلتين وفي مسجد بني حرام الذي بالقاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 ورواه ابن زبالة عن جابر إلا أنه لم يذكر مسجد الخربة وسيأتي مسجد بني حرام في الفصل بعده وقد سبق في الثاني من الرابع أن الأرجح أن تحول القبلة كان بمسجد القبلتين والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي به وليحيي عن محمد بن الأخنس قال زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بشر يعني ابن البراء في بني سلمة فصنعت له طعاما قال فحانت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مسجد القبلتين الظهر فلما أن صلى ركعتين أمر أن يوجه إلى الكعبة فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة وأستقبل الميزاب فهي القبلة التي قال الله تعالى (فلنولينك قبلة ترضاها) فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين ولأبن زبالة عن محمد بن جابر قال صرفت القبلة ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في المسجد الذي يقال له مسجد القبلتين فأتاهم آت فأخبرهم وقد وصلوا ركعتين فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة فبذلك سمى مسجد القبلتين قال المجد فعلى هذا مسجد قباء أولى بهذه التسمية لما ثبت في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 الصحيحين من وقوع ذلك به وكان هذا المسجد قد تثعث فأصلحه وجدد سقفه الشجاعي شاهين الجمالي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 " مسجد السقيا " الآتي ذكرها في الآبار شاميّ البئر المذكورة وقريبا منها جانحا إلى المغرب يسيرا في طريق المار إلى المدرج ذكره أبو عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 الأسدي من المتقدمين في المساجد ألتي تزار بالمدينة ولأبن زبالة عن عمر بن عبد الله الديناري أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض جيش بدر بالقيام وصلى في مسجدها ودعا هناك لأهل المدينة أن يبارك لهم في صاعهم ومدّهم وأن يأتيهم بالرزق من ههنا وههنا قال واسم البئر السقيا واسم أرضها الفلحان وسبق في الرابع من الأول أحاديث من رواية أحمد والترمذي وغيرهما في الصلاة والدعاء بهذا المحل فراجعها وترجم ابن شبة لمساجده صلى الله عليه وسلم والمواضع التي صلى بها روى عن مالك في ذلك حديث أبي هريرة عرض النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالسقيا التي بالحرة متوجها إلى بدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 وصلى بها ولم يذكر المطري ومن تبعه هذا المسجد بل تردد المطري في محل القيا كما سيأتي مع ترجيحه لأنها التي في المحل المذكور فتطلبت المسجد به فرأيت به رضماً على روينة هناك فأرسلت له بعض العمال ليحفر عن أساسه فظهر تربيع وبقية محرابه ومن جدرانه أزيد من نصف ذراع في دورة مبيضة بالفضة فبنى على أساسه الأول وهو مربع مساحته نحو سبعة أذرع في مثلثها. " مسجد ذباب " ويعرف اليوم بمسجد الراية ولما خفي أمره على المطري قال أنه لم يرد فيه نقل يعتمد عليه وقال أنه على ثنية الوداع من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 يسار الداخل إلى المدينة من طريق الشام انتهى وأطلق على محله ثنية الوداع لقربه منها وهو مبني بالحجارة المطابقة على صفة المساجد العمرية بجبل يسمى بذباب وتهدم بعضه فجدده الأمير جانيك النيروزي سنة خمس أو ست وأربعين وثمانمائة قال الأسنوي في الأماكن التي تزار بالمدينة مسجد الفتح على الجبل ومسجد ذباب على الجبل ولأبن زبالة وابن شبة عن عبد الرحمن الأعرج أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ذباب وللثاني عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ضرب النبي صلى الله عليه وسلم قبته على ذباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 وعن الحرث بن عبد الرحمن بعثت عائشة رضي الله عنها إلى مروان بن الحكم حين قتل ذبابا وصلبه على ذباب تعست صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذته مصلبا قال أبو غسان ما حاصله ذباب رجل من أهل اليمن قتل غلاما لمروان قال أبو غسان وأخبرني بعض مشايخنا أن السلاطين كانوا يصلبون على ذباب فقال هشام بن عروة لزياد بن عبيد الله الحارثي عجبا تصلبون على مضرب قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكف عن ذلك زياد وكفت الولاة بعده عنه وكان ذباب مضرب قبة النبي صلى الله عليه وسلم في أيام الخندق كما سيأتي فيه خلاف قول المطري أنه ضربها في موضع مسجد الفتح لظنه أن الخندق لم يكن إلا في جهة مسجد الفته وسيأتي رده في الاكتفاء في غزوة تبوك فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع وضرب عبد الله بن أبيّ معه على حدّه عسكره أسفل منه نحو ذباب أي الجبيل المذكور وقال البكري ذباب جبل بجبانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 اصطفاهم على الخندق وكان يزيد بن هرمز في موضع ذباب يحمل راية الموالي وصفهم كراديس بعضها خلف بعض إلى رأس الثنية يعني ثنية الوداع فلعل السبب في اشتهار هذا المسجد بمسجد الراية ما ذكر وقد رأيت لذباب ذكرا في أماكن كثيرة كلها متفقة على وصفه بأنه الجبل المذكور بحيث لا تردد عندي فيه. " مسجد جبل أحد " لاصق به على يمينك وأنت ذاهب في الشعب للمهراس وهو صغير متهدم قال الزين المراغي ويقال أنه يسمى مسجد الفسح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 " قلت " واليوم الناس يسمونه بذلك ويقولون نزل فيه قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس) الآية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 قال المطري يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه الظهر والعصر يوم أحد بعد انقضاء القتال انتهى وسيأتي في السادس إنكار ابن النجار لورود نقل الصلاة به ولأبن شبة بسند جيد عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الصغير الذي يأخذ في شعب الحرار على يمينك لازق بالجبل. " مسجد ركن جبل عينين " الشرقي على قطعة من الجبل وهذا الجبل في قبله مشهد سيدنا حمزة رضي الله عنه كان عليه الرماة يوم أحد وقد تهدم غالب هذا المسجد قال المطري يقال أنه هو الموضع الذي طعن فيه حمزة رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 وذكر المجد نحوه بزيادة أسياء مما يقوله الناس ولم يقفا على ما رواه ابن شبة فيه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد على يمين الظرب الذي بأحد عند القنطرة وكأنه يعني بالقنطرة قنطرة العين التي كانت قديما هناك وأشار إليها المطري بقوله عقب ذكر هذا المسجد وقد تجددت هناك عين ماء جددها الأمير بدر الدين ودي بن جماز مقيضها بالقرب من هذا المسجد انتهى والعين دائرة اليوم ولعل القنطرة المذكورة هي المراد بما سبق في غزوة أحد من صلاته صلى الله عليه وسلم بأصحابه الصبح بموضع القنطرة وعليهم السلاح ولعل موضعها موضع المسجد الآتي لما سيأتي فيه. " مسجد الوادي " على شفيرة شامي جبل عينين قريب من المسجد قبله كان مبنيا بالحجارة المنقوشة المطابقة على هيئة البناء العمري قال المطري يقال أنه مصرع حمزة رضي الله عنه وأنه مشى بطعنته من الموضع الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 إلى هذا فصرع وقد نقل ابن شبة أن حمزة رضي الله عنه لما قتل أقام في موضعه تحت جبل الرماة ثم أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فحمل على بطن الوادي وقد تلحن لنا مما ذكرناه في الأصل أن ابن أبي الهيجاء كان قد جدد هذا المسجد وأن المسنّ المثبت اليوم على قبر حمزة رضي الله عنه إنما هو مسن هذا المسجد وعليه مكتوب بعد البسملة وقوله تعالى إنما يعمر مساجد الله الآية هذا مصرع حمزة بن عبد المطلب ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمره حسين بن أبي الهيجاء سنة ثمان وخمسمائة وتسميته بالمصلى أما لكونه موضع مصلى الصبح على ما سبق في الذي قبله ويدل لذلك تسمية الأسدي له بمسجد العسكر وأما لما ورد من صلاته صلى الله عليه وسلم على حمزة رضي الله عنه وإنما ثبت المسنّ المذكور بقبر حمزة رضي الله عنه لنقله لما انهدم إلى المشهد فظن بعد زوال ملبن الخشب الذي ذكر ابن النجار أنه كان على القبران هذا مسنة فأثبت به فلهذا قلعه الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام ورده إلى المسجد المذكور ثم أعاد بعض الجهلة إلى القبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 " مسجد طريق السافلة " وهي الطريق اليمنى الشرقية إلى مشهد حمزة رضي الله عنه قرب النخيل المعروفة بالجير وعن يمين بقع الأسواق وهو صغير طوله ثمانية أذرع وقال المطري يقال أنه مسجد أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ولم يرد فيه نقل يعتمد عليه قلت في شعب الإيمان للبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان برحبة المسجد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم خارجا من الباب الذي يلي المقبرة فخرج على أثره فدخل حائطا من الأسواق فتوضأ ثم صلى ركعتين فسجد سجدة أطال فيها وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أن جبريل عليه السلام بشرني الله من صلى عليّ صلى الله عليه ومن سلم عليّ سلم الله عليه ورواه زبالة وغيره في بعض طرقه ذكر السجود فقط وقال فسجدت لله شكرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 قلت والأسواق قريبة من حل هذا المسجد فلعله مسجد السجدة المذكورة إلى أن أحمد أخرج هذا الحديث بلفظ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته فدخل فأستقبل القبلة ساجدا مع أن هذا المسجد موضعا يعرف قديما وحديثا بالصدقة والله أعلم. " مسجد البقيع " على يمين الخارج من درب البقيع وغربي مشهد عقيل وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم وبه اليوم أسطوانة قائمة بلغني أنه كان به عقدان سقطا وبقاياه شاهدة بأنه كان مبنيا بناء متقنا بالحجارة المنقوشة على هيئة البناء العمري وقد ذكره البرهان بن فرحون في منسكه لأنه عقب ذكره المسجد السابق وأنه لم يرد فيه شيء يعتمد قال وكذلك المسجد الذي في أول البقيع على يمين الخارج من درب الجمعة انتهى وقد ذكر المرجاني أن بالبقيع مسجدا وقال من عند نفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 أنه موضع مصلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد بالبقيع والظاهر أنه يعني هذا المسجد وقد سبق في بيان المصلى ردّ ذلك والذي يظهر أن هذا المسجد هو مسج أبي بن كعب ويقال له مسجد بني جديلة لما قدمناه في منازلهم بل في كلام ابن شبة ما يقتضي مجاورة البقيع لمنازلهم واتصالهم به وهو مقتضى ما سبق من أن مشعطا أطمهم غربي مسجدهم مسجد أبيّ وفي موضعه بيت أبي نبيه فقد تلخص من كلام ابن زبالة في قبور أمهات المؤمنين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهن أنّ في أول البقيع مما يلي هذه الجهة زقاق يعرف بزقاق نبيه وخوخة تعرف بخوخة آل نبيه كما سيأتي ولهذا جدده المقرّ الشجاعي في ماننا عام أثنين وتسعمائة على هيئته الموجودة اليوم ولما حفروا عن أساسه أخرجوا منه شيا كثيرا من أحجار الوجوه المنحوتة التي بقيت من بنائه الأول فأعادوها في حائطه الشامي الذي فيه بابه وقد ذكر المطري مسجد أبيّ فيما علمت جهته ولم تعلم عينه قال ومنازلهم عند بير حاشامي سور المدينة وقد سبق في مسجد القبلتين صلاته صلى الله عليه وسلم بهذا المسجد ولأبن شبة عن يحيي بن النظر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في مسجد مما في جوبة المدينة إلا في مسجد أبي كعب ثم ذكر مساجد ستأتي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وعن يحيي بن سعيد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلف إلى مسجد أبيّ فيصلي فيه غير مرة ولا مرتين وقال لولا أن يميل الناس إليه لأكثرت الصلاة فيه ولأبن زبالة عن يوسف الأعرج وربيعة بن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني جديلة وهو مسجد أبيّ بن كعب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 " الفصل الرابع " فيما علمت جهته ولم تعلم عينه من مساجدها " مسجد بني جديلة " على ما سبق عن المطري آخر الفصل قبله مع ما فيه. " مسجد بني حرام " من بني سلمة تقدم في مسجد القبلتين ووهم من جعله إياه وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كل منهما ولأبن زبالة عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حرام الذي بالقاع وأنه رأى في قبلته نخامة وكان لا يفارقه عرجون بن طالب يتخصر به فحكه ثم دعا بخلوق فجعله على رأس العرجون وجعله على موضع النخامة فكان أول مسجد خلق ومنازل بني حرام بالقاع في غربي مساجد الفتح ووادي بطحان عند جبل بني عبيد والعين التي أجراها معاوية رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 " مسجد الخربة لبني عبيد بني سلمة " ومنازلهم عنده إلى جبل الدويخل جبل بني عبيد غربي بني حرام وقد سبق في مسجد القبلتين صلاته صلى الله عليه وسلم وبهذا المسجد ولأبن زبالة عن يحيي بن عبيد الله بن أبي قتادة عن مشيخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي سلافة أم البراء بن معروف في المسجد الذي يقال له مسجد الخربة دبر القراصة وصلى فيه مرارا والقراصة ستأتي في الآبار أنها نخل جابر رضي الله عنه الذي به قصة قضاء الدين بطريق دومة. " مسجد جهينة وبلى " لأبن شبة معاذ بن عبد الله بن أبي مريم الجهني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد جهينة وهو من المساجد التي ذكر يحيي النضر الأنصاري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها في جوبة المينة ولأبن زبالة عن رافع بن مكيث الجهني أن أبا مريم الجني فال للنبي صلى الله عليه وسلم لو خططت لقومي مسجدا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم مسج جهينة وفيه خيام فأخذ ضلعا أو محجعنا فخط لهم فالمنزل لبلى والخط لجهينة وعن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط المسجد الذي لجهينة من بلى ولم يصلي فيه ومنازل جهينة وبلى غربي سوق المدينة مما يلي حصن أمير المدينة وفي قبلة ثنية عثعث التي بينه وبين سلع ويمتد في الغرب إلى بني سلمة فنازلهم من داخل السور القديم وخارجه خلاف ما اقتضاه كلام المطري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 " مسجد بيوت المطرقي بمنازل بني غفار " لأبن زبالة عن أنس بن عياض عن غير واحد من أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي عند بيوت المطرفي عند خيام بني غفار وإنها منازل آل أبي رهم كلثوم بن الحصين الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق في سوق المدينة في جدار دار السوق الغربي بعد ذكر التمارين قوله حتى ورد بها خيام بني غفار ويتلخص من ذلك ومما ذكر في منازلهم أن ذلك مما يلي طرف منزل جهينة الذي يلي ثنية عثعث من القبلة غربي السوق. " مسجد بني زريق من الخزرج " لأبن شبة عن معاذ بن رفاعة الزرقي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في مسجد بني زريق وتوضأ فيه وعجب من قبلته ولم يصلي فيه وكان أول مسجد قرئ فيه القرآن لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة أعطاه ما نزل عليه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 القرآن بمكة فلما قدم جمع قومه فقرأه عليهم في موضعه وهو يومئذ كوم وقد سبق في آخر فصول الباب قبله ما حاصله أنه كان في قبلة الدور التي عن يمين الداخل من باب المدينة الذي يلي المصلى أما من داخل السور قرب الباب المذكور أو من خارجه عن يمين المقبل على الباب وفي حديث السباق من ثنية الوداع إلى مسجد رزيق قال عياض وبينهما ميل أو نحوه والمحل الذي ذكرناه في قبلة ثنية الوداع على نحو الميل وبجوار بطحان مسجدان أختطهما الشمس السلاوي بعد الخمسين وثمانمائة فلا يتوهم لقربها من منازل بني زريق أنه أحدهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 " مسجد بني ساعدة الذي في جوف المدينة وسقيفتهم " لأبن شبة عن العباس بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني ساعدة في جوف المدينة وعن عبد المنعم بن عياض عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في السقيفة التي في بني ساعدة وسقا مسهل بن سعد في قدح ولأبن زبالة عن سهل بن سعد قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفتنا ألتي عند المسجد ثم استسقاني فخضت أي فخضت له رطبه فشرب ثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 قال زدني فخضت له أخرى فشرب ثم قال كانت الأولى أطيب من الآخر فقلت هما يا رسول الله من شيء واحد والجلوس في هذه السقيفة مذكور في الصحيح في حديث الجوينية لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندها قال فأقبل حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه ثم قال اسقنا يا سهل الحديث وبهذه السقيفة كانت بيعة أبي بكر لما أجتمع بها الأنصار عند سعد وهو مريض وهو دال على قربها من منزل سعد ولذا طلب السقيا من أبيه وقد تلخص أن أحد منازل بني ساعدة شرقي سوق المدينة وأن السوق كان مقابرهم وأن جرار سعد الذي كان يسقى فيها الماء سدها جهة الشام وبها منزل رهطة وأنه كان في دار السوق من المشرق لبني ساعدة طريق مبوبة فهذا المسجد كان في هذه الناحية والسقيفة كانت قرب شامي سوق المدينة وغلط رزين فقال إنها بقباء. " مسجد بني ساعدة الخارج من بيوت المدينة " لأبن شبة بن سعد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني ساعدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 الخارج من بيوت المدينة أي بمنزلهم الآخر شامي جرار سعد قرب ذباب. " مسجد خدارة بن خدرة من الخزرج " لأبن شبة عن شيخ من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني خدارة وحلق رأسه فيه وعن هشام بن عروة الصلاة فقط وعن عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على الحجر الذي في أطم سعد بن عبادة عند جرار سعد وصلى في مسجد بني خدارة وتقدم أن منازل بني خدارة بجرار سعد فهذا المسجد كان مجبهة سقيفة بني ساعدة المتقدم شامي سوق المدينة. " مسجد راتج " لأبن شبة عن خالد بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد راتج وشرب من جاسم وهي بئر هناك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 ولأبن زبالة عن رجل من بني حارثة صلاته صلى الله عليه وسلم في مسجد راتج وسيأتي في الآبار أن جاسم بئر أبي الهيثم بن التيهان ورابح أطم سميت به الناحية كما قال ابن زبالة وذلك شرقي ذباب جانحا إلى الشام. " مسجد بني عبد الأشهل من الأوس " ويقال له مسجد واقم ولأبي داود النسائي عن كعب بن عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى مسجد بني الأشهل فصلى فيه المغرب فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها فقال هذه صلاة البيوت ولأحمد وأبن شبة وأبن ماجة من طريق نحوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 وليحيى في خبر عن محمد بن عمر قال قالوا وربما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الظهر إلى مسجد بني عبد الأشهل فيصلي العصر والمغرب فيه ولم تكن دار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها غنيانا من دار بني الأشهل قبل وفاة سعد بن معاذ وبعد وفاته قال المطري ودارهم قبليّ دار بني ظفر مع طرف الحرّه الشرقية المعروفة بحرة واقم والصواب إنها في شامي بني ظفر بالحرّة المذكورة بين بني ظفر وبني حارثة بجهة القرصة وهي ضيعة سعد بن معاذ كما سيأتي. " مسجد القرصة " لرزين عن يحيي بن أبي قتادة عن مشيخة قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي دور الأنصار فيصلي في مساجدهم فصلى في مسجد القرصة والقرصة ضيعة لسعد بن معاذ قال المراغي لعلها القرصة المعروفة اليوم بطرف الحرة الشرقية من جهة الشمال لقربها من بني عبد الأشهل رهط سعد غير أن المسجد لا يعرف فيها اليوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 قلت رأيت بها على رابية قريب البئر أثر مسجد والله أعلم. " مسجد بني حارثة من الأوس " لأبن شبة عن الحرث بن سعيد بن عبيد الحارثي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني حارثة ولأبن زبالة مثله وزاد وقضى فيه في شأن عبد الرحمن بن سهل أي المقتول بخيبر وسبق أن بنى حارثة تحولوا قبل الإسلام من دار بني عبد الأشهل إلى دارهم بسند الحرة التي بها الشيخان خلاف قول المطري بيثرب. " مسجد الشيخين ويقال مسجد البدائع " لأبن شبة عن المطلب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي عند الشيخين وبات فيه وصلى فيه الصبح يوم أحد ثم غدا منه إلى أحد وعن ابن عباس عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي عند البدائع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 عند الشيخين وبات فيه حتى أصبح والشيخان أطمان وليحيي نحوه وزاد أنه على يمينك إذا أردت قتادة صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم العصر والعشاء والصبح ثم غدا إلى أحد وفي رواية وعدل من ثم يوم أحد إلى أحد قال المطري الشيخان موضع بين المدينة وجبل أحد على الطريق الشرقية مع الحرة إلى جبل أحد اه وسنزيده بيانا في محله. " مسجد دينار بن النجار من الخزرج " لأبن شبة عن عبد الله بن عقبة بن عبد الملك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثير ما يصلي في مسجد بني دينار عند الغسالين ولأبن زبالة عن أيوب بن صالح الديناري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تزوج امرأة منهم فاشتكى فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فكلموه أن يصلي لهم في مكان يصلون فيه فصلى في المسجد الذي ببني دينار عند الغسالين ومنزلهم كما قال ابن زبالة بدارهم التي خلف بطحان أي في شقه الغربي مما يلي الحرّة فما قاله المطري وهم وسيأتي أن نقب بني دينار طريق المدرج بالحرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 الغربية وبه السقيا كما قاله الواقدي وسمى الأسدي مسجدهم بمسجد الغسالين لما سبق وفي غربي بطحان موضع يعرف بالمغسلة قال المجد كان يغسل فيه وهو اليوم حديقة من أقرب الحدائق إلى المدينة انتهى ورأيت بها حجرا عليه كتابة كوفية ما لفظه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده آثار المسجد وقد بنى صاحب المغسلة هناك مسجدا وجعل الحجر فيه. " مسجد بني عدي بن النجار ومسجد دار النابغة في بني عدي أيضا " لأبن شبة عن يحيي بن النضر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد دار النابغة ومسجد بني عدي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 وفي رواية وأغتسل في مسجد بني عدي ولأبن زبالة عن هشام بن عروة نحو الأول ودار النابغة هي التي روى ابن شبة أن قبر عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم بها والظاهر أن دار بني عدي شامي المسجد بجوار بني عدي شامي المسجد بجوار بني جديلة لأن النظر والدنس من بني عدي وسيأتي في الآبار أن بئر داره هناك خلاف قول المطري أن منازلهم غبري المسجد النبوي. " مسجد بني مازن بن النجار " لأبن زبالة عن يعقوب بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم خط مسجدي بني مازن ولم يصل فيه وفي رواية وضع مسجد بني مازن ولم يصل فيه وفي رواية وضع مسجد بني مازن بيده وصلى في بيت أم بردة في بني مازن قلت هي مرضعة إبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم وتوفى عندها وحضر صلى الله عليه وسلم وفاته في بيتها ومنازلهم فيما يلي منازل بني رزيق من المشرق للقبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 وقال المطري بالناحية المعروفة اليوم بأبي مازن قبلي البصة. " مسجد بني عمرو بن مبذول ابن مالك بن النجار " لأبن زبالة وابن شبة عن هشام بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني عمر وبن مبذول ومنزلهم عند بقيع الزبير الآتي. " مسجد بقيع الزبير " لأبن زبالة عن عطاء بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى في بقيع الزبير ثمان ركعات فقال له أصحابه أن هذه الصلاة ما كنت تصليها فقال إنها صلاة رغب ورهب فلا تدعوها وبقيع الزبير بجوار دور بني غنم شرقي بني زريق بجانب البقال وأظن الرحبة التي بحارة الخدام بطريق بقيع الغرقد منه وبها مسجد قديم البناء. " مسجد صدقة الزبير " ببني محمم لأبن زبالة وابن شبة واللفظ له عن هشام بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في صدقة الزبير بني محمم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 ولفظ الأول في المسجد الذي وضعه الزبير في بني محمم قلت وذلك بالجزع المعروف بالزبيريات غربي مشربة أم إبراهيم وقبلتها قرب خناقة والأعواف وهما من أموال بني محمم من الصدقات النبوية ولذا قال الشافعي وصدقة النبي صلى الله عليه وسلم قائمة عندنا وصدقة الزبير قريب منها وقال أبةو غسان أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير ماله الذي يقال له بن محمم من أموال بني النظير فأبتاع إليه الزبير أشياء من أموال بني محمم فتصق بها على ولده. " مسجد بني خدرة من الخزرج " لأبن زبالة عن هشام بن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني خدرة وعن يعقوب بن محمد بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بعض منازل بني خدرة فهو المسجد الصغير الذي في بني خدرة بل بيت الحية أي المذكور قصتها في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الفتى الحديث العهد بعرس المستأذن في الخندق في الرجوع لأهله ووجوده حية عظيمة منطوية على الفراش كما في الأصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وقيل أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلي في مسجد بني خدرة والأطم الذي يقال له الأجرد ويقال لبئره البصة لجد أبي سعيد الخدري بمنازلهم قال المطري وبعضه باق إلى اليوم وهو الذي عليه الزكوى بن صالح المنزل الذي عند البئر الصغرى التي أتخذها الدرجة الآتية. " مسجد بني الحرث بن الخزرج ومسجد السخ " لأبن شبة وأبن زبالة عن هشام بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيهما ومنازل بني الحرث شرقي بطحان وتربة صعيب وتعرف اليوم بالحرث بإسقاط بني وبقربها السخ على ميل من المسجد النبوي وهي منازل جشم وزيد أبني الحرث وبه منزل الصديق بزوجته بنت خارجة. " مسجد بني الحبلى رهط أبي ابن سلول من الخزرج " لأبن زبالة وأبن شبة عن هشام بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 مسجدهم قال المطري دارهم بين قباء وبين دار بني الحرث التي شرقي بطحان وسبق ما فيه من المنازل. " مسجد بني بياضة من الخزرج " روى أبن شبة وأبن زبالة عن سعيد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجدهم وللثاني عن ربيعة بن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الحرة في الرحابة قال أبن زبالة هي مزرعة شامي أطم بني بياضة المسمى بعقرب ودار بني بياضة كما سبق شامي دار بني سالم إلى بطحان قبلي بني مازن في الحرة وبعضها في السبخة ولأبن زبالة عن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعت هذه الليلة رحمة فيما بين بني سالم وبني بياضة فقلت بنو سالم وبنو بياضة أنتقل إليها قال لا ولكن أقبروا فيها ورواه الطبراني عن سعد بن خيثمة بنحوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 وزاد نقبروا فيها موتاهم. " مسجد بني خطمة من الأوس ومسجد العجوز " لأبن شبة عن هشام بن عروة وعبد الله بن الحرث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد خطمة وعن سلمة بن عبيد الله الخطمي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد العجوز في بني خطمة عند القبر البراء بن معرور شهد العقبة وتوفى قبل الهجرة ولأبن زبالة نحو ذلك وسيأتي في الآبار أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من ذرع بئر بني خطمة التي بفناء مسجدهم وصلى في مسجدهم وآثار قريتهم موجودة قرب الماجشونية وتنانير النورة التي هناك كما أوضحناه في الأصل خلاف قول المطري إنهم شرقي مسجد الشمس بالعوالي. " مسجد بني أمية بن يزيد من الأوس " لأبن شبة عن عمر بن قتادة إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد لهم في بني أمية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 من الأنصار وكان في موضع البابين الخربتين اللتين عند مال نهيك وعن محمد بن عبد الرحمن بن وائل إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في تلك الخربة وكان قريبا من مصلاه أجم فانهدم فسقط على المكان الذي صلى فيه فترك وطرح عليه التراب حتى صار كبا ومنزلهم قرب النواعم والعهم من أموالهم ويمرّ سيل مذينب بين بيوتهم ثم يسقى الأموال فيكون بالحرّة الشرقية قرب العهن خلاف قول المطري إنهم شرقي دار بني الحرث وفيهم كان عمر نازلا بامرأته الأنصارية حين كان يتناوب النزول إلى المدينة مع جاره الأنصاري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 " مسجد بني وائل من الأوس " لأبن شبة عن سلمة بن عبد الله الخطمي إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني وائل بين العمودين المقدمين خلف الإمام بخمس أذرع أو نحوها وضربنا ثم وتدا وروى أبن زبالة أيضا صلاته صلى الله عليه وسلم به والظاهر إن منازلهم بقباء وقال المطري الظاهر إنها شرقي مسجد الشمس. " مسجد بني واقف " قال المطري ومتابعوه رهط هلال أبن أمية الواقفي من الأوس لأبن زبالة عن الحرث بن الفضل إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني واقف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 قال المطري ومتابعوه ولا يعرف مكان دارهم اليوم إلا أنها بالعوالي قلت سبق إنها عند مسجد الفضيخ من جهة القبلة. " مسجد بني أنيف " تصغير أنف حي من يليّ حلفاء الأوس لأبن زبالة عن عاصم بن سويد عن أبيه سمعت مشيخة بني أنيف يقولون صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يعود طلحة بن البراء قريبا من أطمهم قال مؤيد فأدركتهم يرشون ذلك المكان ويتعاهدونه ثم بنوه بعد فهو مسجد بني أنيف بقباء ودارهم عند المال المعروف اليوم بالقائم بجهة قبلة مسجد قباء في المغرب وعند بئر عذق. " مسجد دار سعد بن خيثمة بقباء " نقل المطري عن أبن زبالة إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي في دار سعد بن خيثمة بقباء وجلس فيه ثم ذكر المطري أشياء فيها مناقشة بيناها في الأصل وتقدم في مسجد قباء أن دار سعد هذه تلي مسجد قباء في قبلته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 " مسجد التوبة " بالعصبة منازل بني حجمجي من بني عمرو بن عوف من الأوس لأبن زبالة عن أفلح بن سعيد وغيره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد التوبة بالعصبة ببئر هجيم والهجيم أطم سبق في منازلهم إنه عند هذا المسجد والبئر مضافة إليه قال المطري وليست معروفة اليوم والعصبة غربي مسجد قباء فيها مزارع وآبار كثيرة وما علمت لم سمي بمسجد التوبة ولم أر من تعرض له. " مسجد النور " لأبن زبالة عن فضالة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في موضع مسجد النور قال المطري ولا يعلم مكانه قلت وكذا سبب تسميته بذلك وعدّ الأسدي مسجد النور فيما يزار بناحية قباء ثم ذكر مسجد النور فيما يزار بناحية المدينة. " مسجد عتبان بن مالك " بدار بني سالم من الخزرج لأبن زبالة ويحيى عن إبراهيم بن عبد الله بن سعد إن عتبان أبن مالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 قال يا رسول الله إن السيل يحول بيني وبين الصلاة في مسجد قومي قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فهو المسجد الذي بأصل المزدلف زاد يحيى أطم مالك بن العجلان أي الذي في شامي مسجد الجمعة عند عدوة الوادي الشرقية وسبق في مسجد الجمعة أن الظاهر إن مسجد قومه مسجدهم الأكبر الذي بمنازلهم بعدوة الوادي الغربية ولأبن شبة عن سعد بن أسحق إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في مسجد بني سالم الأكبر وعن عتبان إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته سبحة الضحى فقاموا وراءه فصلوا. " مسجد ميثب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم " لأبن زبالة وأبن شبة عن محمد بن عقبة بن أبي مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد صدقته ميثب وسيأتي أن ميثب مجاور لبرقة وغيرها من الصدقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 " مسجد المنارتين " لأبن زبالة عن حرام بن سعد بن محيصة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الذي بأصل المنارتين في طريق العقيق الكبير وعن عبد الله بن البولا إن أربعة رهط من المهاجرين الأولين كلهم يخبره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الجبل الأحمر الذي بين المنارتين فإذا بشاة ميتة الحديث وعن إبراهيم أبن محمد عن أبيه إن اسم الجبل الأنعم وهو الجبل الذي بنى عليه المزني وجابر بن علي الزمعي قلت هو على يمين الآتي من العقيق إذا صار بأعلى الرقيقين من المدرج وقد صعدته فرأيت أثر البناء المذكور به أطن المنارتين هما البناءان عن يمين تلك الطريق ويسارها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 " مسجد فيفاء الخبار " قال أبن أسحق في غزوة العشيرة سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نقب بني دينار ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها ذات الساق فصلى عندها فثم مسجده وصنع له طعام عندها فموضع أثا في البرمة معلوم هناك واستقى له من ماء يقال المشيرب أي الذي بين جبال في شامي ذات الجيش قال المطري فيفاء الخبار غربي الجماوات وهي يعني الجماوات الأجبل التي في غربي العقيق اه وسيأتي إن فيفاء الخبار من جما أم خالد وقال أبن عقبة فيفاء الخبار من وراء الجما. " مسجد بني الجثجاثة وبئر شداد " بطرف العقيق الذي يلي البقيع لأبن زبالة عن عمر بن القاسم وغيره صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد بين الجثجاثة وبين بئر شداد في تلعبة هناك وكان عبد الله بن سعد بن ثابت قد اقتطع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 قريبا منه وبناه والجثجاثة كان بها قصور وميدان وهي بين الحليفة وثنية الشريد وذكرنا في الأصل هنا تتمة في دور بالمدينة صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو جلس فراجع ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 " الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة وأهل البيت والمشاهد المعروفة بها في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وأنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم أغفر لأهل بقيع الفرقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 وفي رواية له عنها بعد ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم لما كانت ليلتها قالت ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات الحديث وفيه قال فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأخفيته منك فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قلت فكيف أقول لهم يار سول الله قال قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين والمستأخرين وفي رواية للموطأ قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج فأمرت جاريتي بريرة تتبعه فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم أنصرف فسبقته فأخبرتني فلم أذكر شيئاً حتى أصبح ثم ذكرت له فقال إني بعثت إلى أهل البقيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 لأصلي عليهم وفي رواية لأبن شبة إنه قال في دعائه اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم وفي رواية للبيهقي بيان إن ذلك كان في ليلة النصف من شعبان وللترمذي عن أبن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بقبور أهل المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور ويغفر الله لنا ولكم أنتم لنا سلف ونحن بالأثر ولأبن شبة عن أبي موهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهبني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال أني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فأنطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم استغفر لهم طويلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 ولأبن زبالة عن خالد بن عوسجة قال كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار فمر بي جعفر بن محمد يريد العريض معه أهله فقال لي أعن أثر وقفت ههنا قلت لا قال هذا موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل إذا جاء يستغفر لأهل البقيع وسيأتي إن من دار عقيل المشهد المعروف به قال المراغي فينبغي الدعاء فيه وقد أخبرني غير واحد إن الدعاء هناك مستجاب قلت الأماكن التي دعا بها صلى الله عليه وسلم كلها أماكن إجابة وإذا يستحب الدعاء فيها ولأبن شبة وأبن زبالة عن أبن كعب القرظي مرفوعا من دفن في مقبرتنا هذه شفعنا له أو شهدنا له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 وقد سبق في الحث على الموت بها ذكر الشهادة أو الشفاعة لمن مات بها مع أشياء داخلة في فضل البقيع فراجعه وللطبراني في الكبير وأبن شبة من طريق نافع مولى حمنة عن أم قيس بنت محصن وهي أخت عكاشة أنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فقال يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كأن وجوههم القمر ليلة البدر فقام رجل فقال يا رسول الله وأنا فقال وأنت فقام آخر فقال يا رسول الله وأنا فقال سبقك بها عكاشة قال قلت لها لم لم يقل للآخر فقالت أراه كان منافقا ولأبن شبة عن أبن المنكدر رفعه مرسلا يحشر من البقيع سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر كانوا لا يكتوون ولا يتطيرون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وعلى ربهم يتوكلون قال وكان أبي يخبرنا أن مصعب بن الزبير دخل المدينة من طريق البقيع ومعه أبن رأس الجالوت فسمعه مصعب وهو خلفه حين رأى المقبرة يقول هي هي فدعاه مصعب فقال ماذا تقول فقال نجد هذه المقيرة في التوراة بين حرتين محفوفة بالنخل اسمها كفتة يبعث الله منها سبعين ألفا على صورة القمر ولأبن زبالة عن المقبري قدم أبن الزبير ومعه أبن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع فلما مرّ بالمقبرة قال أبن رأس الجالوت إنها لهي قال مصعب ما هي قال أنا نجد في كتاب الله صفة مقبرة في شرقيها نخل وغربيها بيوت يبعث منها سبعون ألفا كلهم على صورة القمر ليلة البدر فطفت مقابر الأرض فلم أر تلك الصفة حتى رأيت هذه المقبرة وعن عبد الحميد عن جعفر عن أبيه قال أقبل أبن رأس الجالوت فلما أشرف على البقيع قال هذه الني نجدها في كتال الله كغتة لا أطوها قال فأنصرف عنها إجلالا لها وعن كعب الأحبار قال نجدها في التوراة كفتة محفوفة بالنخيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 وموكل بها الملائكة كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤها في الجنة وللواقدي عن عثمان بن صفوان قال لما حج مصعب بن الزبير ومعه أبن رأس الجالوت فانتهى إلى حرة بني عبد الأشهل وقف ثم قال بهذه الحرة مقبرة فقالوا نعم فقال هل من وراء المقبرة حرة أخرى سوى هذه الحرة قالوا نعم قال إنا نجد في كتاب الله أنها تسمى كفتة قال الواقدي يعني تسرع البلا وكفتة يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا كلهم وجوههم على صورة البدر ليلة أربع عشرة من الشهر ولأبن زبالة عن جابر مرفوعا يبعث الله من هذه المقبرة واسمها كفتة مائة ألف كلهم على صورة القمر ليلة البدر لا سترقون ولا يرقون ولا يتداوون وعلى ربهم يتوكلون وعن المطلب بن حنطب مرفوعا يحشر من مقبرة المدينة يعني البقيع سبعون ألفا لا حساب عليهم تضيء وجوههم غمدان اليمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 وجاء ما يقتضي مثله في مقبرة بني سلمة التي بمنزل بني حرام منهم فلأبن شبة عن أبي سعيد المقبري إن كعب الأحبار قال نجد مكتوبا في الكتاب أن مقبرة بغربي المدينة على حافة سيل يحشر منها سبعون ألفا ليس عليهم حساب وقال أبو سعيد المقبري لأبنه سعيد إن أنا هلكت فادفني في مقبرة بني سلمة التي سمعت من كعب وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا مقبرة بغربي المدينة يعترضها السيل يسارا يبعث منها كذا وكذا لا حساب عليهم قال عبد العزيز بن مبشر لا أحفظ العدد وعن عقبة بن عبد الرحمن عن جابر وأبن أبي عتيق وغيرهما من مشيخة بني حرام مرفوعا مقبرة بين سيلين غربية يضيء نورها يوم القيامة ما بين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 السماء إلى الأرض ولأبن زبالة عن سهل عن أبيه عن جده قال دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتلى أحد في مقبرة بني سلمة وعن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة قال أصيب أبو عمرة بن سكن يوم أحد فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقل فكان أول من دفن في مقبرة بني حرام وسبق في مسجد بني بياضة فضل المقبرة التي بينها وبين بني سالم. وأما من دفن بالبقيع فأكثر الصحابة ممن توفى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده به وفي مدارك عياض عن مالك أنه مات بالمدينة من الصحابة نحو عشرة آلاف اه وكذا سادة أهل البيت والتابعين غير إن غالبهم لا يعرف عين قبره لا جهته لاجتناب السلف البناء والكتابة على القبور مع طول الزمان فمن المعروف عينا أو جهة إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان بن مظعون لآبن زبالة عن قدامة بن موسى أول من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع عثمان بن مظعون فما توفى ابنه إبراهيم قالوا يا رسول الله أين تحفر له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 قال عند فرطنا عثمان بن مظعون ولأبن شبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه لما توفى إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يدفن عند عثمان بن مظعون فرغبت الناس في البقيع وقطعوا الشجر واحتازت كل قبيلة ناحية فمن هنالك عرفت كل قبيلة مقابرها وعن قتادة بن موسى كان البقيع غرقدا فلما هلك عثمان بن مظعون دفن بالبقيع وقطع الغرقد عنه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للموضع الذي دفن فيه عثمان هذه الروحاء وذلك كان ما حازت الطريق من دار محمد بن زيد أي التي كانت شرقي مشهد سيدنا إبراهيم إلى زاوية دار عقيل اليمانية أي ومنها المشهد المعروف به اليوم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الروحاء للناحية الأخرى فذلك كل ما حازت الطريق من دار محمد بن زيد إلى أقصى البقيع يومئذ وعن محمد بن عبد الله بن سعيد بن جبير قال دفن إبراهيم إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزوراء موضع السقاية التي على يسار من سلك البقيع ثم مصعد إلى جنب دار محمد بن زيد بن علي فيستفاد منه تسمية ذلك الموضع بالزوراء وبالروحاء ولأبن زبالة عن سعيد بن محمد أنه رأى قبر إبراهيم عند الزوراء قال عبد العزيز بن محمد وهي الدار التي صارت لمحمد بن زيد بن علي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 وعن جعفر بن محمد إن قبر إبراهيم وجاه دار سعيد بن عثمان التي يقال لها الزوراء بالبقيع فهدمت مرتفعا عن الطريق وعن قدامة قال دفن إبراهيم إلى جنب عثمان بن مظعون وقبره حذاء زاوية دار عقيل بن أبي طالب من ناحية دار محمد بن زيد ولأبن شبة عن محمد بن قدامة عن أبيه عن جدّه قال لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون أمر بحجر فوضع عند رأسه قال قدامة فلما ضاق البقيع وجد ذلك الحجر فعرفنا إنه قبر عثمان بن مظعون ثم نقل أبن شبة ما يقتضي إن ذلك الحجر فضل من حجارة لحده لما ألحده رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه وأن مراون لما ولى المدينة مرّ عليه فأمر به فرمى وقيل جعله على قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه. إن ذلك الحجر فضل من حجارة لحده لما ألحده رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه وأن مراون لما ولى المدينة مرّ عليه فأمر به فرمى وقيل جعله على قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه. " رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم " في حديث الطبراني برجال ثقات وفي بعضهم خلاف عن أبن عباس رضي الله عنه لما ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 ورواه أبن شبة وزاد أن فاطمة رضي الله عنه بكت على شفير القبر فجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه ثم أشار أبن شبة إلى رواية ما يخالفه من أنه صلى الله عليه وسلم خلف عثمان وأسامة بن زيد على رقية وهي وجعة أيام بدر وأن زيد بن حارثة جاء بشيرا بوقعة بدر وعثمان قائم على قبر رقية يدفنها والثابت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم حضر دفن ابنته أم كلثوم زوجة عثمان فلعل ما تقدم فيها أو في أختها زينب والظاهر أنهن جميعا عند عثمان أبن مظعون لقوله صلى الله عليه وسلم لما وضع الحجر عند رأس عثمان بن مظعون أتعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي رواه أبن ماجه والحاكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 " فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه " لأبن زبالة عن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت أسد بن هاشم الروحاء مقابل حمام أبي قطيفة قال وثم قبر إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر عثمان وسيأتي ما نقله أبن شبة في قبر العباس من أنه عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم الذي في دار عقيل ويؤيده ما نقله أبو الشيخ أبن حبان في كتاب السنة الكبير له من أنه لما أتى بالحسن ليصلي عليه قال الحسين لسعيد بن العاص أمير المدينة تقدّم فلولا أنها سنة ما قدّمتك فصلى عليه سعيد بن العاص ودفن بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم اه وكله صريح في مخالفة ما عليه الناس اليوم في المشهد المنسوب إليها وأول من ذكر أنها به أبن النجار ولم أقف له على مستند غي قوله إنها دفنت مقابل حمام أبي قطيفة وقد اقتصر عليه أبن النجار ثم قال واليوم يقابلها نخل يعرف بالحمام اه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وهذا النخل هو الذي قرب مشهد سيدنا إبراهيم في شامية وهو بعيد جدا من المشهد المعروف بفاطمة وإن كان في غربية مع إن بقية الرواية تزدّ إرادة ذلك وكان أبن النجار لم يقف عليها ويبعد كل البعد أن يدفنها صلى الله عليه وسلم في فم زقاق أقصى البقيع بل ليس هو منه لما سيأتي من أن محل عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن منه ويترك ما قارب عثمان بن مظعون مع قوله وأدفن إليه من مات من أهلي ونقل أبن شبة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل في قبر أحد إلا خمسة قبور قبر خديجة بمكة وأربعة بالمدينة قبر ابن الخديجة كان في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وتربيته وهو على قارعة الطريق بين زقاق عبد الدار وبين البقيع الذي يتدافن فيه بنو هاشم وقبر عبد الله المزني الذي يقال له ذو النجادين وقبر أم رومان أن عائشة بنت أبي بكر وقبر فاطمة بنت أسد أم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ثم روى عن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنها لما توفيت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقبرها فحفر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة ثم لحد لها فلما فرغ نزل فأضطجع في اللحد وقرأ فيه القرآن ثم نزع قميصه فأمر أن تكفن فيه ثم صلى عليها عند قبرها فكبر تسعا وقال ما أعفى أحد من ضغطة القبر إلا فاطمة بنت أسد قيل يا رسول الله ولا القاسم قال ولا إبراهيم وكان إبراهيم أصغرهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 وفي الكبير والأوسط للطبراني برجال الصحيح الأروح بن صلاح وقد وثقه أبن حبان والحاكم وفيه ضعف عن أنس قال لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها وقال رحمك الله يا أمي بعد أمي وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده وأمره بحفر قبرها قال فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت أغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ولأبن شبة عن جابر في هذا حديث طويل ذكرناه في الأصل وكذا ما لأبن عبد البر عن أبن عباس. " عبد الرحمن بن عوف " لابن زبالة عن حميد بن عبد الرحمن قال أرسلت عائشة إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين نزل به الموت أن هلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 أخويك فقال ما كنت مضيقا عليك بيتك إني كنت عاهدت أبن مظعون أينا مات دفن إلى جنب صاحبه قالت فمرّوا به عليها فصلت عليه ولأبن شبة عن حفص بن عثمان بن عبد الرحمن نحوه وعن عبد الواحد بن محمد أن عبد الرحمن أبن عوف أوصى أن هلك بالمدينة أن يدفن إلى عثمان بن مظعون فلما هلك حفر له عند زاوية دار عقيل الشرقية فدفن هناك. " سعد بن أبي وقاص " لأبن شبة عن أبي دهقان قال دعاني سعد بن أبي وقاص فخرجت معه إلى البقيع وخرج بأوتاد حتى إذا جاء من موضع زاوية دار عقيل الشرقية الشامية أمرني فحفرت حتى إذا بلغت باطن الأرض ضرب فيها الأوتاد ثم قال إن هلكت فادللهم على هذا الموضع يدفنوني به فلما هلك قلت ذلك لولده فخرجنا حتى دللتهم على ذلك الموضع فوجدوا الأوتاد فحفروا له هناك ودفنوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 " عبد الله بن مسعود " لابن سعد في طبقاته عن أبي عبيدة بن عبد الله أن أبن مسعود قال ادفنوني عند قبر عثمان بن مظعون وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال مات أبن مسعود رضي الله عنه بالمدينة ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين. " خنيس بن حذافة السهمي " زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الهجرتين قال أبن عبد البرّ نالته جراحة يوم أحد فمات بسببها بالمدينة قال أبو عبد الله محمد بن يوسف الزرندي في سيرته وذلك في الثالثة من الهجرة ودفن عند عثمان بن مظعون وكان عثمان توفى قبله في شعبان من السنة المذكورة وقيل في الثانية قلت يشكل عليه أنه صلى الله عليه وسلم تزوج بحفصة في شعبان من الثالثة وقيل في الثانية فلعل خنيسا كان قد طلقها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 وقال أبن سيد الناس المعروف إنه مات على رأس خمسة وعشرين شهرا بعد رجوعه من بدر. " أسعد بن زرارة أحد بني غنم بن مالك أبن النجار " شهد العقبتين وتوفى في الأولى قال أبو غسان أخبرني بعض أصحابنا قال لم أزل أسمع إن قبر عثمان بن مظعون وأسعد بن زرارة بالروحاء من البقيع والروحاء المقبرة التي بوسط البقيع يحيط بها طرق مطرقة وسط البقيع قلت فينبغي السلام على هؤلاء كلهم عند زيارة مشهد سيدنا إبراهيم ولذا قدمنا ذكرهم معه. " فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على القول بأنها بالبقيع وهو الأرجح " لابن شبة عن محمد بن علي بن عمر رضي الله عنه إنه كان يقول إن قبرها زاوية دار عقيل اليمانية الشارعة في البقيع وعن منبوذ بن حويطب والفضل بن أبي رافع إن قبرها وجاه زقاق نبيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 وإنه إلى زاوية دار عقيل أقرب وعن عمر بن علي بن حسين بن علي رضي الله عنه إن قبرها حذو الزقاق الذي يلي زاوية دار عقيل قال أبو غسان بن معاوية بن أبي مزرد إنه ذرع من حيث أشار له عمر بن علي فوجده خمسة عشر ذراعا إلى القناة أي التي في دار عقيل وقيل بينهما ثلاثة وعشرون ذراعا وعن عمر أبن عبد الله مولى عفرة إن قبرها حذاء زاوية دار عقيل مما يلي دار نبيه وعن عبد الله بن أبي رافع إن قبرها مخرج الزقاق الذي بين دار عقيل ودار أبي نبيه ثم نقل أبن شبة إن عبد العزيز بن عمر إن روى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دفن عليّ فاطمة رضي الله عنه ليلا في منزلها الذي دخل في المسجد فقبرها عند باب المسجد المواجه دار أسماء بنت حسن بن عبد الله أي الذي في شاميّ باب النساء في المشرق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 قال أبن شبة وأظن هذا غلطا لأن الثبت جاء في غيره ثم روى بسند جيد عن فائدة مولى عبادل وهو صدوق أن عبد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته إن الحسن بن عليّ قال ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فدفن في المقبرة إلى جنب فاطمة مواجه الخوخة التي في دار نبيه بن وهب طريق الناس بين قبرها وبين خوخة نبيه أطن الطريق سبعة أذرع فلما كان زمن حسن بن زيد وهو أمير على المدينة أستعدى بنو محمد أبن عمر بن علي بن أبي طالب علي آل عقيل في قناتهم التي في دورهم الخارجة في المقبرة وقالوا إن قبر فاطمة رضي الله عنها عند هذه القناة فاختصموا إلى حسن فدعاني حسن فأخبرته عن عبد الله بن أبي رافع ومن بقى من أهلي وعن حسن بن عليّ في قوله ادفنوني إلى جنب أمي فقال حسن بن زيد أنا على ما تقول وأقرّ قناة آل عقيل ثم ذكر أبن شبة إن أبا غسان حدّثه عن عبد الله بن إبراهيم بن عبيد الله إن جعفر بن محمد كان يقول قبر فاطمة في بيتها الذي أدخل في المسجد وانه وجد كتابا عن أبي غسان فيه إن عبد العزيز بن عمر إن كان يقول دفنت في بيتها وصنع بها ما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم إنها دفنت في موضع فراشها ويحتج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 بأنها دفنت ليلا ولم يعلم بها كثير من الناس ثم أشار أبن شبة إلى ردّه بما حدّثه أبو عاصم النبيل قال حدّثنا كهمس بن الحسن قال حدثني يزيد قال كمدت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها سبعين بين يوم وليلة فقالت إني لأستحي من جلالة جسمي إذا أخرجت على الرجال غدا وكانوا يحملون النساء كما يحملون الرجال فقالت أسماء بنت عميس وأم سلمة إني رأيت شيئاً يصنع بالحبشة فصنعت النعش فاتخذ ذلك سنة أي ولو دفنت في بيتها كذلك لم يحتج إليه ويتلخص أن الراجح دفنها قرب قبر الحسن وهو مقتضى صنيع أبن زبالة أيضا وذكر المسعودي ما حاصله أن هناك رخامة مكتوب فيها هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين وقبر الحسن بن عليّ وعليّ بن الحسين بن عليّ وقبر محمد بن عليّ وجعفر بن محمد رضي الله عنه ذكره في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة بل في كلام سبط بن الجوزي ما يقتضي نقل ذلك عن الواقدي وهو مدني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 مولده بالمدينة سنة ثلاثين ومائة فهو دال على أن تلك الكتابة قديمة وقال المحب الطبري في ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربي أخبرني أخ في الله إن الشيخ أبا العباس المرسي كان إذا زار البقيع وقف أمام قبلة قبة العباس وسلم على فاطمة وذكر أنه كشف له عن قبرها هناك اه وقيل دفنت في بيتها فقيل بمؤخره شامي باب النساء كما سبق عن عبد العزيز وهو بعيد جدا وقيل بمقدمه مكان المحراب الخشب خلف الحجرة داخل مقصورتها قال أبن جماعة وهو أظهر الأقوال وظاهر صنيع يحيى اعتماده حيث قال حدثنا أسحق بن موسى قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثني أبي موسى عن أبيه عن جدّه إن عليا دفن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها في المسجد عند زور قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أي الموضع المزور شبه المثلث وقد قدّمنا في الحادي عشر من الباب الرابع إن متولي العمارة أتخذ دعامة للقبلة عن يمين المثلث المذكور أمام المحراب المذكور فبد الحد قبر وبعض عظامه فحصل للناس أمر عظيم بسببه وحكى أبن جماعة في قبرها قولين آخرين أحدهما إنه الصندوق الذي أمام مصلى الإمام بالروضة قال وهو بعيد جدّا قلت لم أقف له على أصل ولعله أشتبه على قائله بالمحراب الذي ببيتها لأن أمامه صندوقا أيضا على إنه سبق أن متولي العمارة لما أتخذ في موضع الصندوق أمام المصلى النبوي دعامة لمحرابه ظهر قبر بدا لحده وبعض عظامه وقد حرّف الأقدمون أساس الأسطوانة التي هناك عنه ثانيهما أنه بالمسجد المنسوب إليها بالبقيع أي البناء المربع في جهة قبلة قبة العباس للمشرق وهو المعنى بقول الغزالي ويصلي في مسجد فاطمة قال أبن جبير وهو المعروف ببيت الحزن يقل إن فاطمة أقامت به أيام حزنها على أبيها والقول بدفنها به من فروع الدفن بالبقيع وهو بعيد من الروايات الواردة فيه الحسن بن عليّ رضي الله عنه لأبن شبة عن فائد مولى عبادل أن عبيد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته أن حسن بن عليّ رضي الله عنه أصابه بطن فلما عرف من نفسه الموت أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم ما كان بقى إلا موضع قبر واحد فلما سمعت بنو أمية استلأموا هم وبنو هاشم للقتال وقالت بنو أمية لا يدفن فيه أبدا فيلغ حسن بن علي فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي به ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فاطمة فدفن في المقبرة إلى جنبها وعن نوفل بن الفرات نحوه وذكر أبن النجار أن مع الحسن في قبره أبن أخيه زين العابدين ومحمد الباقر بن زين العابدين وجعفر الصادق بن محمد الباقر ويشهد له ما سبق عن المسعودي وللزبير بن بكار عن أبي روق قال حمل الحسن بن علي أبن أبي طالب فدفن بالبقيع وذكر أبن سعد أن يزيد بن معاوية بعث برأس الحسين رضي الله عنه إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامله في المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأس السلام على هؤلاء كلهم هناك " العباس بن عبد المطلب " قال أبو غسان قال عبد العزيز أنه دفن عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل فيقال أن ذلك المسجد بني قبالة قبره قال وقد سمعت من يقول دفن في موضع من البقيع متوسطا. م بسببه وحكى أبن جماعة في قبرها قولين آخرين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 أحدهما إنه الصندوق الذي أمام مصلى الإمام بالروضة قال وهو بعيد جدّا قلت لم أقف له على أصل ولعله أشتبه على قائله بالمحراب الذي ببيتها لأن أمامه صندوقا أيضا على إنه سبق أن متولي العمارة لما أتخذ في موضع الصندوق أمام المصلى النبوي دعامة لمحرابه ظهر قبر بدا لحده وبعض عظامه وقد حرّف الأقدمون أساس الأسطوانة التي هناك عنه ثانيهما أنه بالمسجد المنسوب إليها بالبقيع أي البناء المربع في جهة قبلة قبة العباس للمشرق وهو المعنى بقول الغزالي ويصلي في مسجد فاطمة قال أبن جبير وهو المعروف ببيت الحزن يقل إن فاطمة أقامت به أيام حزنها على أبيها والقول بدفنها به من فروع الدفن بالبقيع وهو بعيد من الروايات الواردة فيه الحسن بن عليّ رضي الله عنه لأبن شبة عن فائد مولى عبادل أن عبيد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته أن حسن بن عليّ رضي الله عنه أصابه بطن فلما عرف من نفسه الموت أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم ما كان بقى إلا موضع قبر واحد فلما سمعت بنو أمية استلأموا هم وبنو هاشم للقتال وقالت بنو أمية لا يدفن فيه أبدا فيلغ حسن بن علي فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي به ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فاطمة فدفن في المقبرة إلى جنبها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 وعن نوفل بن الفرات نحوه وذكر أبن النجار أن مع الحسن في قبره أبن أخيه زين العابدين ومحمد الباقر بن زين العابدين وجعفر الصادق بن محمد الباقر ويشهد له ما سبق عن المسعودي وللزبير بن بكار عن أبي روق قال حمل الحسن بن علي أبن أبي طالب فدفن بالبقيع وذكر أبن سعد أن يزيد بن معاوية بعث برأس الحسين رضي الله عنه إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامله في المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأس السلام على هؤلاء كلهم هناك " العباس بن عبد المطلب " قال أبو غسان قال عبد العزيز أنه دفن عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل فيقال أن ذلك المسجد بني قبالة قبره قال وقد سمعت من يقول دفن في موضع من البقيع متوسطا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 " صفية بنت عبد المطلب " قال عبد العزيز دفنت صفية آخر الزقاق الذي يخرج إلى البقيع عند باب دار المغبرة بن شعبة التي أقطعها عثمان لازقا بجدار الدار فبلغني إن الزبير بن العوام رضي الله عنه أجتاز بالمغيرة وهو يبني داره فقال يا مغيرة أرفع مطمرك عن قبر أمي فأدخل المغيرة جداره فالجدار اليوم منحرف بما بين ذلك الموضع وبين باب الدار اه والمعروف اليوم بذلك هو المشهد الآتي خارج باب البقيع. " أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب " قال عبد العزيز بلغني إن عقيل بن أبي طالب رأى أبا سفيان بن الحرث يجول بين المقابر فقال يا ابن عم مالي أراك هنا قال أطلب موضع قبر فأدخله داري وأمر بقبر فحفر في قاعتها فقعد عليه أبو سفيان ساعة ثم أنصرف فلم يلبث إلا يومين حتى توفى فدفن فيه وقال أبن قدامة قيل إنه حفر قبره بنفسه قبل موته بثلاثة أيام ودفن في دار عقيل بعد مقدمه من الحج سنة عشرين اه والظاهر إنه بالمشهد المنسوب اليوم لعقيل إذ هو من دار عقيل ولم يذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 أبن شبة دفن عقيل بها بل ذكر ما سبق عن عبد العزيز بل المنقول إن عقيلا توفي بالشام وأول من ذكر إن ذلك مشهد عقيل أبن النجار قال ومعه في القبر أبن أخيه عبد الله جعفر الطيار بن أبي طالب الجواد المشهور وقد ذكر أبو اليقظان إنه كان أجود العرب وإنه توفى بالمدينة وقال غيره دفن بالأبواء سنة تسعين. " أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا خديجة فبمكة وميمونة فبسرف " في الصحيح إن عائشة رضي الله عنها أوصت عبد الله بن الزبير لا تدفن معهم تعني النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وادفني مع صواحبي بالبقيع ولأبن زبالة عن محمد بن عبيد الله بن علي قال قبور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من خوخة بيته إلى الزقاق الذي يخرج إلى البقال ولأبن شبة عن زيد بن السائب قال أخبرني جدي قال لما حفر عقيل بن أبي طالب في داره بئر وقع على حجر منقوش مكتوب فيه قبر أم حبيبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 بنت صخر بن حرب أي أم المؤمنين فدفن عقيل البئر وبنى عليه بيتا قال أبن السائب فدخلت ذلك البيت فرأيت فيه ذلك القبر قلت فهو الأصل في زيارتهن بالمشهد المعروف بهن في قبلة مشهد عقيل ولأبن شبة عن محمد بن يحيى سمعت من يذكر أن قبر أم سلمة بالبقيع حيث دفن محمد بن زيد بن علي قريبا من موضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه كان حفر فوجد على ثمانية أذرع حجر مكسور مكتوبا في بعضه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فبذلك عرف إنه قبرها وعن قائد مولى عبادل قال لي منقذ الحفار في المقبرة قبران مطابقان بالحجارة قبر حسن بن علي وقبر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فنحن لا نحركهما. " عثمان أبن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنه " نقل أبن شبة إنهم أرادوا دفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد استوهب من عائشة رضي الله عنها موضع قبر فوهبته له فأبوا يعني المصريين وقالوا والله لا نصلي عليه وأن الزهري قال جاءت أم حبيبه فوقفت على باب المسجد فقالت لتخلن بيني وبين دفن هذا الرجل أو لأكشفنا ستر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 فخلوها فجاء جبير أبن مطعم وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير في أخريين فحملوه فانتهوا به إلى البقيع فمنعهم من دفنه أبن بحرة ويقال أبن نجدة الساعدي فأنطلق به إلى حش كوكب وهو بستان فصلى عليه جبير وفي رواية حكيم بن حزام وأدخل بنو أمية حش كوكب في البقيع وهو في أصل الحائط الذي يقال له خضرا أبان وهو أبان بن عثمان وفي طبقات أبن سعد عن مالك بن أبي عامر قال كان الناس يتوقون أن يدفنوا موتاهم في حش كوكب فكان عثمان يقول يوشك أن يهلك رجل صالح فيدفن هنالك فيتأسى به الناس قال فكان عثمان أول من دفن به. " سعد بن معاذ الأشهلي رضي الله عنه " لابن شبة عن عبد العزيز إنه أصيب في الخندق فدعا فحبس الله عنه الدم حتى حكم في بني قريظة ثم أنفجر كله فمات في منزله في بني عبد الأشهل فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه في طرف الزقاق الذي بلزق دار المقداد بن الأسود التي يقال لها دار أبن أفلح في أقصى البقيع عليها جنيدية اه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 وهو صادق على المشهد المنسوب اليوم لفاطمة بنت أسد فلعله قبره لما قدمناه في قبرها. " أبو سعيد الخدري " لابن شبة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد قال لي أبي يا بني أني قد كبرت وذهب أصحابي وخادمي فخذ بيدي فأخذت بيده حتى إذا جاء إلى البقيع فجئت أقصى البقيع مكانا لا يدفن فيه فقال يا بني إذا هلكت فحفر لي ها هنا وأسلك بي زقاقا عنقه. " وأما المشاهد المعروفة اليوم بالمدينة " فمشهد العباس بن عبد المطلب والحسن بن عليّ ومن معهما عليهم قبة شامخة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 قال أبن النجار وهي كبيرة عالية قديمة البناء وعليها بابان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 قلت وهو يبعد قول المطري بناها الناصر أحمد بن المستضيئ بأنه توفى سنة اثنتين وعشرين وستمائة فقد عاصر أبن النجار وكل من القبرين مرتفع محشي بالصاج وصفائح الصفر والأمر بعمل ذلك على قبر العباس رضي الله عنه المسترشد بالله سنة تسع عشرة وخمسمائة والظاهر إن القبة مقدمة على ذلك وفي غربيها بناء قبة أبن أبي الهيجاء وزير العبيديين وبناء أخر فيه أبن أبي النضر وفي شرقيها حضيرتان في إحداهما الأمير جوبان صاحب الجوبانية وفي الأخرى بعض من نقل من الأعيان ومشهد أمهات المؤمنين في قبلة المشهد المنسوب لعقيل قال أبن النجار وهناك أربعة قبور ظاهرة ولا يعلم تحقيق من فيها منهن قلت وباطن هذا المشهد اليوم كله رحبة ليست فيها علامة قبر وكان حضيرا مبنيا بالحجارة قابلني عليه قبة الأمير بردبك المعمار سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ثم تشعشعت فأصلحها الشجاعي شاهين الجمالي عام خمس وتسعين وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 " مشهد عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه على ما ذكر أبن النجار وأتباعه " وقد قدمنا ما فيه في قبر أبي سفيان بن الحرث وإنه من دار عقيل وتقدم استجابة الدعاء عند زاوية الدار المذكورة ومشهد قرب مشهد عقيل وأمهات المؤمنين وكان عليه قبة فتهدمت قال أبن جبير وتبعه المجد فيه ثلاثة من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ولم أقف على أصل لما ذكر. " مشهد سيدنا إبراهيم ابن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم " وقبره على نعت قبر الحسن والعباس ملصق بجدار المشهد القبلي وقول المجد إنّ محله هو المعروف ببيت الحزن مردود وشامي قبر إبراهيم بهذا المشهد قبران الظاهر أن بناءهما حادث إذ لم يذكره أبن النجار وأتباعه. ومشهد صفية بنت عبد المطلب عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم على يسارك إذا خرجت من باب البقيع وهو بناء من حجارة أرادوا عقد قبة عليه فلم يتفق قاله المطري. ومشهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه قبة عالية أنشأها أسامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 بن سنان أحد أمراء صلاح الدين بن أيوب سنة إحدى وستمائة قاله المطري ويشكل عليه عدم ذكر أبن النجار لها مع إدراكه لذلك ونقل أبو شامة أن الباني لها عز الدين سلمة وبمشهد سيدنا عثمان قبر متولي عمارة القبة وفي غربي المشهد بناء مربع وحظيرتان حدث ذلك كله في زماننا. ومشهد فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بأقصى البقيع على ما ذكره أبن النجار وسبق ما فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 والظاهر إنه مشهد سعد بن معاذ لما سبق. ومشهد الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي إذا خرجت من باب البقيع كان مواجها لك عليه قبة صغيرة وإلى جانبه في المشرق والشام قبة لطيفة لم يتعرض لها المطري فمن بعده ويقال إن بها نافعا مولى أبن عمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 واقتضى كلام أبن جبير إن بين مشهد مالك ومشهد سيدنا إبراهيم تربة بها ولد لعمر بن الخطاب يعرف بأبي شحمة جلده أبوه الحدّ فمرض ومات وهو منطبق على هذه القبة. ومشهد إسماعيل بن جعفر الصادق وهو كبير يقابل مشهد العباس في المغرب وهو ركن السور هناك وبنى قبل السور فصار بابه من داخل المدينة بناه حسين بن أبي الهيجاء وزير العبديين سنة ست وأربعين وخمسمائة وعلي يمين الداخل إلى المشهد بين الباب الأوسط والأخير حجر منقوش فيه وقف الحديقة التي في غربي المشهد عليه من أبن أبي الهيجاء وأن المسجد الذي بطرف الحديقة بجانب المشهد لزين العابدين وإن عرضة المشهد داره وأن البئر التي بين الباب الأول والمشهد بئره وإنه يتداوى بها وقد ذكر أبن شبة في هذا المحل دارا لولد زين العابدين زيد بن علي بن حسين فلعلها دار أبيه ونسبها أبن شبة له الاشتهارها به وبقى بالمدينة ثلاثة مشاهد ليست بالبقيع. مشهد مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري غربي المدينة بلصق السور لما سيأتي في الفصل بعده من دفنه هناك وعليه قبة قديمة البناء فيها محراب ومحله سوق المدينة القديم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 ومشهد النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن أبن عليّ بن أبي طالب المقتول أيام أبي جعفر المنصور ومشهده بناء في جوف مسجد كبير شرقي سلع قصدوا بناء قبة عليه فلم يتفق وفي قبلة المسجد منهل من عين الأزرق هذا هو المستفيض بين أهل المدينة وذكره المطري وأتباعه وذكر سبط أبن الجوزي إن كثيرا من الناس كان قد بايعه فخرج على المنصور بعد حبسه لأبيه وأقاربه فجهز إليه المنصور عمه عيسى بن موسى في أربعة آلف وذكر قتله عند أحجار الزيت أي عند مشهد مالك بن سنان وإن جدّه دفن بالبقيع وكان معه ذو الفقار سيف عليّ رضي الله عنه ثم أنتقل إلى الرشيد قيل وبسبب محمد هذا ضرب عيسى بن موسى مالك بن أنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 ومشهد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الآتي ذكره مع شهداء أحد وعليه قبة عالية متقنة وبابه كله مصفح بالحديد بنته أم الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيئ كما قاله أبن النجار وذلك سنة تسعين وخمسمائة بتقديم التاء على السين قال وجعلت على القبر ملبن ساج أي كهيئة قبر سيدنا إبراهيم فإنه غير فيه بمثله وكذا الحسن والعباس وقبر حمزة اليوم محصص ولا خشب عليه وقد أثبت فيه مسن مسجد المصرع الذي بناه أبن أبي الهيجاء كما قدمناه فيه فنزعه الشجاعي شاهين الجمالي وردّه لمحله ثم أعاده بعض الجهال وسيأتي أنه كان على قبر حمزة قديما مسجد ذكره عبد العزيز بن عمران وهو في المائة الثانية فكان أم الخليفة وسعته وجعلته على هذه الهيئة وقد زاد فيه سلطان زماننا الأشرف قايتباي من جهة المغرب زيادة أدخل فيها البئر التي كانت خارجة في غربيه وأتخذ هناك أخلية لمن يريد الطهارة وأوصلها بالسطح نعم نفعه واحتفر بئرا خارجه يرتفق بها المارة وأتخذ لها درجا وذلك سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف وشاد عمائره والقبر الذي بصحن المشهد عند رجلي سيدنا حمزة قبر سنقر التركي متولي عمارة المشهد والقبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 الذي بصحن المسجد قبر بعض أمراء المدينة من الأشراف فلا يظنّ إنهما من قبور الشهداء وينبغي إن يسلم بالمشهد على عبد الله بن جحش ومصعب بن عمير لما سيأتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 " الفصل السادس في فضل أحد والشهداء به " في الصحيحين وغيرهما عن آنس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد لما بدا له هذا جبل يحبنا ونحبه وفي رواية للبخاري إن ذلك كان عند القدوم من خيبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 وفي أخرى في رجوعه من الحج وفي رواية له عن أبي حميد الساعدي قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فلما أشرفنا على المدينة قال هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه ولأبن شبة عنه أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من منزله حتى إذا كنا بعزابات نظر إلى أحد فكبر ثم قال جبل يحبنا ونحبه جبل سائر ليس من جبال أرضنا وله بإسناد جيد عن أبي قلابة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء من سفر فبدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 له أحد قال هذا أحد يحبنا ونحبه وعن أبي هريرة قال لما قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر بدا لنا أحد فقال هذا أحد يحبنا ونحبه إن أحد هذا لعلى باب من أبواب الجنة ولأحمد عن أبي عيسى بن جبير مرفوعا جبل أحد يحبنا ونحبه من جبال الجنة وللطبراني في الكبير والأوسط عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأحد هذا جبل يحبنا ونحبه وعلى باب من أبواب الجنة وهذا عير جبل يبغضنا ونبغضه على باب من أبواب النار وفي الأوسط وفيه كثير بن كثير تكلم فيه ووثقه أحمد وغيره من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 حديث أنس بن مالك مرفوعا أحد جبل يحبنا ونحبه فإذا جئتموه فكلوا من شجره ولوهه ولو من عضاهه ولأبن شبة عنه مرفوعا أحد على باب من أبواب الجنة فإذا مررتم به الحديث وعن زينب بنت نبيط وكانت تحت أنس بن مالك إنها كانت ترسل ولائدها فتقول أذهبن إلى أحد فأتيني من نباته فإن لم تجدن إلا عضاها فأتيني به فإن أنس أبن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا جبل يحبنا ونحبه قالت زينب فكلوا من نباته ولو من عضاها قال فكانت تعطينا منه قليلا فنمضخه وعن داود بن الحصين مرفوعا أحد على ركن من أركان الجنة وعير على ركن من أركان النار ولأبي يعلي والطبراني في الكبير عن سهل بن سعد مرفوعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 أحد ركن من أركان الجنة وفي الكبير أيضا عن عمرو بن عوف مرفوعا أربعة أجبال من أجبال الجنة وأربعة أنهار من أنهار الجنة وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة فيل فما الأجيال قال أحد يحبنا ونحبه من جبال الجنة وورقان جبل من جبال الجنة والطور جبل من جبال الجنة ولبنان جبل من جبال الجنة الحديث ولأبن شبة عن أنس بن مالك مرفوعا لما تجلى الله عز وجل للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكة أحد وورقان بمكة حراء وثبير وثور وسمي أحد لتوحده وانقطاعه عن جبال أخي هناك ولما وقع من أهله من نصر التوحيد ولا اسم أحسن من اسم مشتق من الأحدية بخلاف عير الذي هو اسم الحمار المذموم أخلاقا والحب في أحد من الجانبين على الحقيقة كما صححه النووي وغيره ولذا كان من جبال الجنة إذ المرء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 مع من أحب ولا مانع من وضع الحب فيه كما وقع التسبيح من الجبال وق خاطبه صلى الله عليه وسلم مخاطبة من بعقل فقال له لما أضطرب أسكن أحد ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء كما حنت الأسطوانة لمفارقته صلى الله عليه وسلم حتى سمع القوم حنينها وسبق في الأول من الباب الثالث ما جاء في دفن هارون عليه السلام بأحد وهناك شعب يعرف بشعب هارون بن عمران يزعمون أنه بأعلاه وهو بعيد جدا وبأعلى الجبل بناء أتخذه بعض الفقراء قريبا وقال أبن النجار في جبل أحد غار يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى فيه ومسجد يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه وموضع في الجبل أيضا منقور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 في صخرة منه على قدر رأس الإنسان يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد على الصخرة التي تحته وأدخل رأسه هناك كل هذا لم يرد فيه نقل فلا يعتمد عليه قلت أما المسجد اللاصق به فقد ثبت النقل كما سبق في المساجد ولم يقف عليه أبن النجار وأتباعه وأما الغار فلأبن شبة عن المطلب أبن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الغار بأحد ولأحمد بن أبي عباس وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار إنما كانت تحت المهراس ثم ذكر إقبال النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وظاهره ن الغار الموضع المعروف اليوم بعد المهراس قال المطري أن الغار في شمالي المسجد والموضع المنقور والصخرة التي تحته بقرب المسجد وقال أبن هشام بلغني عن أبن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدرجة المبنية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 في الشعب أي فليست الصخرة التي نهض صلى الله عليه وسلم ليعلوها وجلس له طلحة بن عبيد الله هناك لا ياده عب خبرها وليحيى والثعلبي المفسر حديث لما أنكشف الناس يوم أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير فقال من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلى قوله وما بدلوا تبديلا اللهم أن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم فإن يسلم عليهم أحد ما قامت السماوات والأرض إلا ردوا عليه ولأبي داود الحاكم في صحيحه حديث لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها الحديث وفي آخره فأنزل الله عز وجل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآية وفي صحيح البخاري حديث صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع لللأحياء والأموات ولأبي داود أبن شبة حديث خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة وأقم فلما تدلينا مها فإذا قبور بمعنية فقلنا يا رسول الله أقول إخواننا هذه قال قبور أصحابنا فلما جئنا قبور الشهداء قال هذه قبور إخواننا وللثاني عن عبادة أبي صالح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا واجه الشعب قال سلام عليكم بما صبرتم فنعم أجر العاملين وعن أبي جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر حمزة رضي الله عنه ترمه وتصلحه وقد تعلمه بحجر وللحاكم عن علي أن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده وليحيي إنها كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد فتصلي هناك وتبكي وتدعو حتى ماتت وللبيهقي في الدلائل من طريق العطاف بن خالد عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور الشهداء بأحد فقال اللهم أن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء وإنهم من زارهم أو سلم عليهم إلى يوم القيامة ردوا عليه قال العطاف وحدثتني خالتي أنها زارت الشهداء فسلمت عليهم فسمعت ردّ السلام وقالوا والله إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضا قالت فاقشعررت وقال الواقدي كانت فاطمة الخزاعية تقول لقد رأيتني وغابت الشمس بقبور الشهداء ومعي أخت فقلت لها تعالي نسلم على قبر حمزة فوقفنا على قبره فقلنا السلام عليك يا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا كلاما ردّ علينا وعليكم السلام ورحمة الله وما قربنا أحد من الناس ثم روى البيهقيعن هشام بن محمد العمري عن ولد عمر بن علي قال أختلف أبي بالمدينة إلى زيارة قبور الشهداء في يوم جمعة بين الفجر والشمس فلما انتهى إلى المقابر رفع صوته فقال سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فأجيب وعليك السلام يا أبا عبد الله فالتفت أبي إليّ فقال أنت المجيب فقلت لا فجعلني على يمينه ثم أعاد السلام فجعل كلما يسلم يرد عليه ثلاث مرات فخرّ ساجدا شكر الله تعالى والمشهور أن الذين أكرموا بالشهادة يومئذ سبعون رجلا. الشعب أي فليست الصخرة التي نهض صلى الله عليه وسلم ليعلوها وجلس له طلحة بن عبيد الله هناك لا ياده عب خبرها وليحيى والثعلبي المفسر حديث لما أنكشف الناس يوم أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير فقال من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلى قوله وما بدلوا تبديلا اللهم أن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم فإن يسلم عليهم أحد ما قامت السماوات والأرض إلا ردوا عليه ولأبي داود الحاكم في صحيحه حديث لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها الحديث وفي آخره فأنزل الله عز وجل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 الآية وفي صحيح البخاري حديث صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع لللأحياء والأموات ولأبي داود أبن شبة حديث خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة وأقم فلما تدلينا مها فإذا قبور بمعنية فقلنا يا رسول الله أقول إخواننا هذه قال قبور أصحابنا فلما جئنا قبور الشهداء قال هذه قبور إخواننا وللثاني عن عبادة أبي صالح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا واجه الشعب قال سلام عليكم بما صبرتم فنعم أجر العاملين وعن أبي جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر حمزة رضي الله عنه ترمه وتصلحه وقد تعلمه بحجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وللحاكم عن علي أن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده وليحيي إنها كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد فتصلي هناك وتبكي وتدعو حتى ماتت وللبيهقي في الدلائل من طريق العطاف بن خالد عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور الشهداء بأحد فقال اللهم أن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء وإنهم من زارهم أو سلم عليهم إلى يوم القيامة ردوا عليه قال العطاف وحدثتني خالتي أنها زارت الشهداء فسلمت عليهم فسمعت ردّ السلام وقالوا والله إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضا قالت فاقشعررت وقال الواقدي كانت فاطمة الخزاعية تقول لقد رأيتني وغابت الشمس بقبور الشهداء ومعي أخت فقلت لها تعالي نسلم على قبر حمزة فوقفنا على قبره فقلنا السلام عليك يا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا كلاما ردّ علينا وعليكم السلام ورحمة الله وما قربنا أحد من الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 ثم روى البيهقيعن هشام بن محمد العمري عن ولد عمر بن علي قال أختلف أبي بالمدينة إلى زيارة قبور الشهداء في يوم جمعة بين الفجر والشمس فلما انتهى إلى المقابر رفع صوته فقال سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فأجيب وعليك السلام يا أبا عبد الله فالتفت أبي إليّ فقال أنت المجيب فقلت لا فجعلني على يمينه ثم أعاد السلام فجعل كلما يسلم يرد عليه ثلاث مرات فخرّ ساجدا شكر الله تعالى والمشهور أن الذين أكرموا بالشهادة يومئذ سبعون رجلا. " قبر حمزة عبد المطلب وعبد الله بن جحش وهو أبن أخت حمزة ومصعب وعمير " نقل أبن شبة عن الأعرج لما قتل أقام في موضعه تحت الجبل الصغير الأحمر الذي ببطن الوادي وهو جبل الرماة ثم أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فحمل عن بطن الوادي إلى الربوة التي هو بها اليوم وكفنه في برده وكفن مصعب بن عمير في أخرى ودفنهما في قبر واحد قال عبد العزيز وسمعت من يذكر أن عبد الله بن جحش قتل معهما ودفن معهما في قبر واحد قال والغالب عندنا أن مصعب بن عمير وعبد الله بن جحش دفنا تحت المسجد الذي بني على قبر حمزة وأنه ليس مع حمزة أحد في القبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 " قلت " فيسلم على الثلاثة بمشهد حمزة رضي الله عنه. " سهل بن قيس من بني سلمة " قال أبو غسان أنه دبر قبر حمزة شاميا بينه وبين الجبل. " عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام " في الموطأ كانا في قبر واحد مما يلي المسيل فحفر عنهما ليغيرا عن مكانهما فوجدا لم يتغير كأنما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة انتهى وللواقدي نحوه أن عبد الله أصابه جرح فيده على جرحه فأميطت فأنبعث الدم فردت إلى مكانها فسكن الدم وفي الصحيح عن جابر رضي الله عنه أنه دفن مع عبد الله أبيه آخر في قبره قال فلم تطب نفسي أن أتركه مع أحد فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير هنية عند أذنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 فهذا غير القصة السابقة ولعل تلك هي التي في زمان معاوية لما رواه أحمد برجال الصحيح خلانيج الغنوي وهو ثقة في حديث لجابر قال فيه فبينا أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح لتدفنهما في مقابرنا إذ لحق رجل ينادي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمركم أن ترجعوا بالقتلى فيدفنوا في مصارعهم حيث قتلوا فرجعناهما فدفناهما حيث قتلا فبينا أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال يا جابر لقد أثار أباك عمال معاوية أي حين أجرى العين فخرج طائفة منه فأتيته فوجدته على النحو الذي دفنته لم يتغير إلا ما لم يدع القتال أو اقتل فواريته قال الواقدي مع عمرو بن الجموح في القبر. " خارجة بن زيد وسعد بن الربيع والنعمان بن مالك وعبد الله بن الحسحاس " قال أبو غسان قبرهم مما يلي المغرب من قبر حمزة نحو خمسمائة ذراع قلت قد تأملته فوجدت ذلك بالربوة التي غربي المسيل الذي هو هناك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 ومجرى العين بقربهم من القبلة وقد روى أن مولى عمرو بن الجموح وهو أبو أيمن دفن معهم أيضا وكذا خلاد بن عمرو بن الجموح فيسلم على هؤلاء الثمانية هناك وأما بقية الشهداء فلا تعرف قبورهم والذي يظهر أنها بقرب الموضع المذكور وقرب قبر حمزة رضي الله عنه بالربوة المذكورة من شاميها وقد أتخذ المقرّ الشجاعي أعلاما للربوة المذكورة القبلي منها عند القبور التي وصفها أبو غسان والشامي منها بقيتهم وقد سردنا أسماءهم في الأصل قال أبو غسان فأما القبور التي في الخطار بين قبر حمزة وبين الجبل فإنه بلغنا إنها قبور أعراب قحموا زمن خالد إذ كان على المدينة أي في خلافة هشام بن عبد الملك فماتوا هناك فدفنهم سؤال كانوا يسألون عند قبور الشهداء وقال الواقدي هم ماتوا زمن الرمادة أي وهو عام جدب كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأما من ذكر أنه دفن بغير أحد من شهدائه فلأبن شبة عن أبي سعيد الخدري فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من نقل من شهداء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 أحد إلى المدينة أن يدفنوا حيث أدركوا فأدرك أبو مالك بن سنان عند أصحاب العباء أي الذين يبيعون العباء فدفن ثم قال ابن أبي فديك فقبره في المسجد الذي عند أصحاب العباء أي في طرف الحناطين ولأبن زبالة فوافوه بالسوق فدفن عند مسجد أصحاب العباء وهناك كانت أحجار الزيت وقد قدمنا ذكر مشهده في الفصل قبله وسبق أيضا دفن قتلى من قتلى أحد بمقبرة بني سلمة ونقل أبن شبة أن عبد الله بن سلمة والمحذر بن زياد دفنا بقباء وأن رافع بن مالك الزرقي دفن في بني زريق بدار آل نوفل بن مساحق التي في كتاب عروة والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 الباب السادس في آبارها المباركات والعين والغراس والصدقات التي هي للنبي صلى الله عليه وسلم منسوبات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 وفيه فصلان: " الأول " في الآبار المباركات على ترتيب الحروف . " بئر أريس " كجليس نسبة إلى رجل من يهود أسمه أريس وهو الفلاح بلغة أهل الشام في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري أنه توضأ في بيته ثم خرج فقال لا لزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا فجاء إلى المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا خرج وجه ههنا قال فخرجت على أثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس قال فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ فقمت إليه فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفاها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر قال فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم فجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه فدفع الباب فقلت من هذا فقال أبو بكر فقلت على رسلك قال ثم ذهبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة قال فأقبلت حتى قلت لأبي بكر رضي الله عنه أدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة قال فدخل أبو بكر فجلس على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت أن يرد الله بفلان خيرا يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عمر بن الخطاب فقلت على رسلك ثم جئت للنبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت هذا عمر يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة قال فجئت عمر رضي الله عنه فقلت أدخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قال فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت أن يرد الله بفلان خيرا يعني أخاه يأت به فجاء إنسان فحرك الباب فقلت من هذا فقال عثمان بن عفان فقلت على رسلك قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه فجئت فقلت له أدخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك فدخل فوجد القف قد مليء فجلس وجاههم من الشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 الآخر قال شريك قال سعيد بن المسيب فأوّلتها قبورهم وفي الصحيح البخاري عن أنس قال كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده وفي يد أبي بكر بعده وفي يد عمر بعد أبي بكر قال فلما كان عثمان جلس على بئر أريس فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط قال فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فنزح البئر فلم نجده وفي صحيح مسلم عن أبن عمر رضي الله عنه أنه سقط من معيقيب ولأبن زبالة عنه سقط من عثمان أو من معيقب على الشك وللنسائي وأبن شبة عنه أن الكتب لما كثرت على عثمان دفعه إلى رجل من الأنصار فكان يختم به فخرج إلى قليب لعثمان فوقع فيها وألتمس فلم يوجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 ومعيقيب دوسي لكن قد يوصف المهاجري بذلك بالمعنى الأعم وكان سقوطه بعد ست سنين من خلافته مبتدأ الفتنة ولأبن زبالة عن أبن كعب القرظي قال يعني سقط الخاتم من عثمان رضي الله عنه في بئر الخريف التي في بئر أريس فعلق عليه أثنى عشر ناضحا فلم يقدر عليه حتى الساعة ولذا نقل أبن شبة عن أبي غسان ما ملخصه سقوط الخاتم ببئر أريس وأنه قال وسمعت من يقول إنما سقط في بئر صدقته يقال لها بئر خريف يعني ما آبار المال المسمى بئر أريس وهو صدقته لقوله أبتاع عثمان بئر أريس فيها مال يقال له الدومة ومهمة الذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أموال بني النظير وفيها كيدمة مالكان لعبد الرحمن بن عوف وأن أريس ألذي نسب إليه المال من يهود بني محمم كان ذلك المال وفيه بئر غاض فجمعها عثمان في حصاروا أحد وهي سبعة أموال فتصدق فيها وكان لصدقته ذكر في حجر منقوش على باب أريس فطرحه بعض ولاة المدينة في بئر من تلك الآبار انتهى هذا يشكل على ما صرح به أبن النجار والغزالي ويتبعهما من بعدهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 من أن بئر أريس هي المقابلة لمسجد قباء في غربيه لأن الدومة معروفة بالعالية وكيدمة تعرف اليوم بكيادم قرب المشربة وتلك جهة أموال بني النظير ويزيد الأشكال قوة قول أبن زبالة وأما الدلائل والصافية فيشربان من سرح عثمان بن عفان الذي يشق من مهزور في أمواله يأتي على أريس وأسفل منه حتى يتبطن السورين فصرفه أي عثمان رضي الله عنه مخافة على المسجد في بئر أريس ثم في عقد أريم في بلحارث بن الخزرج ثم صرفه إلى بطحان انتهى ومهزور لا يصل إلى قباء بوجهه وفي تخريج أحاديث الأحياء للغزالي أنه لم يقف على أصل الحديث نقله صلى الله عليه وسلم في بئر أريس الذي ذكره الغزالي قلت ومن الغريب قول العز بن جماعة في منسكه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها قال أبن النجار عقب ذكر ذرعها وطول قفاها الذي جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه ثلاث أذرع تشف كفار هي تحت أطم عال خراب من جهة القبلة في أعلاه مسكن قلت ولما بنى متولي العمارة السبيل والبركة المقابلين لمسجد قباء رفع قف البئر المذكور نحو ثلاثة أذرع ولهذه البئر درجة تجددت سنة أربع عشر وسبعمائة على ما بسطناه في الأصل. وفي تخريج أحاديث الأحياء للغزالي أنه لم يقف على أصل الحديث نقله صلى الله عليه وسلم في بئر أريس الذي ذكره الغزالي قلت ومن الغريب قول العز بن جماعة في منسكه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها قال أبن النجار عقب ذكر ذرعها وطول قفاها الذي جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه ثلاث أذرع تشف كفار هي تحت أطم عال خراب من جهة القبلة في أعلاه مسكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 قلت ولما بنى متولي العمارة السبيل والبركة المقابلين لمسجد قباء رفع قف البئر المذكور نحو ثلاثة أذرع ولهذه البئر درجة تجددت سنة أربع عشر وسبعمائة على ما بسطناه في الأصل. " بئر الأعواف أحد الصدقات النبوية " لابن شبة عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفة بئر الأعواف صدقته وسال الماء فيها ونبتت نابتة على أثر وضوئه ولم تزل فيها حتى الساعة ولابن زبالة عثمان بن كعب قال طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سارقا فهرب منه فنكبه الحجر الذي وضع بين الأعواف وبين الشطبية قال أبن عتبة فوقع السارق فأذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرّك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه في الحجر ومسه ودعا له فهو الحجر الذي فيما بين الأعواف والشطبية يطلع طرفه يمسه الناس قلت الأعواف اليوم جرع كبير قبلته المربوع وبشامية خناقة فيه آبار متعددة والشطبية غير معروفة ولعلها الموضع المعروف بالعتبى شرقي ما يلي خناقة من الأعواف لقوله مال أبن عتبة ويستأنس له بكون الأعواف كانت لخناقة اليهودي. " بئر أنا " بالضم وتخفيف النون كهنا وقيل بالفتح والتشديد كحتى وقيل كجي لكن بالموحدة بدل النون وقيل غير ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 لابن زبالة عن عبد الحميد بن جعفر قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته حين حاصر بني قريظة بئر أنا وصلى في المسجد الذي هناك وشرب من البئر وربط دابته بالسدرة التي في أرض مريم ابنة عثمان قلت وهي غير معروفة والناحية مسجد بني قريظة. " بئر أنس بن مالك بن النضر " لابن زبالة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أستسقى فنزع له دلو من بئر دار أنس فسكب على اللبن فأتى به فشرب وإعرابي عن يمينه الحديث وهو في الصحيح بنحوه ولأبي نعيم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بزق في بئر داره فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها قال وكانوا إذا احصروا أستعذب لهم منها وكانت تسمى في الجاهلية البرود وسيأتي في بئر القيا نسبة هذه البئر إلى مالك والد أنس ولأبن شبة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من بئره التي في دار أبن شبة أن دار أنس ببني جديلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 وتلخص من كلامه ما ترجح أنها البئر المعروفة بالرباطية وقف رباط اليمنة شامي الحديقة المعروفة بالرومية بقرب دار فحل وماؤها عذب وقال المراغي أن الفقراء يتبركون بها. " بئر أهاب " لابن زبالة عن محمد بن عبد لرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر أهاب بالحرة وهي يومئذ لسعد بن عثمان فوجد أبنه سعد مربوطا بين القرنين يفتل فأنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلبث سعد أن جاء فقال لأبنه خل جاءك أحد قال نعم ووصف له صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فألحقه وحله فخرج حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس عبادة وبرك فيه قال فمات وهو أبن ثمانين وما شاب قال وبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئرها قال وقال سعد بن عثمان لأبنه لو أعلم أنكم لا تبيعونها لقبرت فيها فأشترى نصفها إسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل وابتنى عليها قصره مقابل حوض أبن هشام وأبتاع نصفها الآخر إسماعيل بن سلمة وسبق في التاسع من الأول قوله في حديث أحمد خرج حتى أتى بئر الأهاب فقال يوشك أن يأتي البنيان هذا المكان وهي بالحرة الغربية كما يؤخذ من كلام أبن زبالة غير أنها لا تعرف اليوم بهذا الاسم ويتلخص مما ذكرناه ف] ي الأصل أنها المعروفة اليوم بزمزم وعندها بطرف جدار الحديقة القبلي الذي بجانبها آثار بناء قديم مبنيا عليها الظاهر أنه قصر إسماعيل بن الوليد وقد قال المطري لم يزل أهل المدينة قديما وحديثا يتبركون بها وينقل إلى الآفاق من مائها كما ينقل من زمزم يسمونها أيضا زمزم لبركتها قلت ويتعجب منه كيف يقول ذلك مع أن الظاهر أنها بئر فاطمة بنت الحسين التي احتقرتها لما أخرجت من بيت جدتها فاطمة الكبرى وشراها أبن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 هشام لأنه لقي في موضع حفيرته بالحوض جبلا وكأنه لم تحرر للمطري أن بئرا هاب في هذه الجهة. " بئر البصة " بضم الموحد وتخفيف الصاد المهملة كما هو الدائر على السنة أهل البلد قال المجد أنه بالتشديد كأنه من بص الماء بصا إذا رشح قال وأن روى بالتخفيف فمن وبص يبص وبصا وصة كوعد بعد وعدا وعدة إذا بلغ أو من بص لي من المال أي أعطاني لأبن عدي عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشهداء وأبناءهم ويتعهد عيالاتهم قال فجاء يوما أبا سعيد الخدري فقال هل عندك من سدر أغسل به رأسي فإن اليوم الجمعة قال نعم قال فأخرج له سدرا وخرج معه إلى البصة فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وصب غسالة رأسه ومراقة شعره في البصة قال أبن النجار وهي قريبة من البقيع على طريق قباء بين نخل وقد هدمها السيل وفيها ماء أخضر وعرضها أذرع فهذا منه جزم بأنها الكبرى التي في قبلي ّ المدينة وقد عمرت بعده وهناك بئر أصغر منها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 قال المطري الناس يختلفون فيها أيتهما بئر البصة والصغرى عرضها ستة أذرع التي تلي أطم مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري ونقل المطري عمن أدرك ترجيح أنها القبلية قلت لعله ناشئ عن تقليد أبن النجار وإلا فقد قال أبن زبالة في الأطم المذكور أنه الذي يقال لبئره البصة والكبرى لا تنسب للأطم لبعدها منه وقد ابتنى الزكوي بن صالح على محل الأطم منزلا وأتخذ للبئر الصغرى درجة والحديقة المذكورة وقفها شيخ الخدام عزيز الدولة ريحان البدري الشهابي على الصادر والوارد من الفقراء قاله المطري. " بئر بضاعة " بضم الموحدة على المشهور وحكى كسرها وبفتح الضاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 المعجمة وأهملها بعضهم وبالعين المهملة ثم هاء غربي بيرحاء إلى جهة الشمال ولأبي داود وأحمد وصححه الترمذي وحسنه وغيرهم عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له أنه يستقي لك من بئر بضاعة وهي بئر يلقي فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء طهور لا يتنجس شيء وزاد الدارقطني من بئر بضاعة بئر بني ساعدة وأبن ماجة إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه والنسائي عن أبي سعيد قال مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن فقال الماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 لا يتنجسه شيء ولأبن شبة عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق في بضاعة وأنه سقاه بيده منها وللطبراني برجال ثقات عنه سقيت النبيّ صلى الله عليه وسلم بيدي من بئر بضاعة وله أيضا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم برك على بضاعة ولأبن زبالة عن أبي أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لبئر بضاعة وفي الكبير للطبراني عن مالك بن حمزة أبي أسيد الساعدي عن أبيه عن جده أبي أسيد وله أيضا بئر بضاعة قد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهي يتبشر بها ويتيمن بها قال فلما قطع أبو أسيد ثمر حائطه جعله في غرفة فكانت الغول تخالفه وتسرق ثمره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 فشكى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال تلك الغول فأستمع عليها فإذا سمعت أقخامها فقل بسم الله أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الغول يا أبا أسيد أعفني أن تكلفني أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيك موثقا من الله أن لا أخالفك إلى بيتك وأدلك على آية تقرؤها على بيتك فلا تخالف إلى أهلك وتقرؤها على إنائك فلا يكشف غطاؤه فأعطته الموثق الذي رضى به منها فقالت الآية آية الكرسي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وقص عليه القصة حيث دلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقت وهي كذوب قال الهيثمي رجاله وثقوا كلهم وفي بعضهم ضعف وقال المجدمي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بئر بضاعة فتوضأ من الدلو وبصق فيها وكان إذا مرض المريض في أيامه يقول اغسلوني من ماء بضاعة فيغسل فكأنما نشط من عقال وقالت أسماء بنت أبي بكر كنا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيعافون انتهى وفي سنن أبي داود سمعت قتيبة بن سعيد يقول سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها أكثر ما يكون فيها الماء قال إلى القامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 قلت فإذا أنقص قال دون العورة قال أبو داود وقدّرت بئر بضاعة بذراعي فإذا عرضها ستة أذرع وسألت الذي فتح باب البستان هل غير بناؤها عما كانت عليه فقال لا ورأيت فيها ماء متغير اللون وهي كما قال المطري في جانب حديقة عند طرف الحديقة الشامي والحديقة في قبلة البئر وتسقى منها الحديقة الأخرى شمالي البئر وهي بينهما وماؤها عذب طيب وقد شراها مع الحديقتين وجعلهما واحدة وأتخذ بهما مسجدا فيه بركة عند البئر ورفع قفاها يسيرا الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام وعمر هاشم بنى بها منزلا وبركة إلى جانبه موضع الأطم الذي في شاميها واحتفر بئرا صغيرا فلا يشتبه ببئرها الأصلية ولم تزل بئر بستان ولذا قال أبن سلمة فيرسل إلى بضاعة نخل بالمدينة فقوله يلقى فيها الحيض أي تلقى في البستان فيجريها المطر ونحوه للبئر كما قال الإسماعيلي وأدعى الطحاوي أنها كانت سيحا ورواه عن الواقدي ولعل مراد الواقدي أن المياه كانت تسيح فيها بما ذكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 " بئر جاسوم " ويقال جاسم بالجيم سبق في مسجد راتج شربه صلى الله عليه وسلم منها ولأبن سبة وأبن زبالة عن خالد بن رياح أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من جاسوم. " بئر أبي الهيثم بن التيهان " وعن زيد بن سعد قال جاء النبي صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي الهيثم بن التيهان في جاسوم فشرب من جاسوم وهي بئر أبي الهيثم وصلى في حائطه وللواقدي عن الهيثم بن نصر الأسلمي قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ولزمت بابه فكنت آتيه بالماء من بئر جاسم وهي بئر أبي الهيثم بن التيهان وكان ماؤها طيبا وذكر قصة يؤخذ منها أن أبا الهيثم هو الرجل الذي دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أن كان عندك ماء بائت هذه الليلة في شن وإلا كرعنا كما في الصحيح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 وهذه البئر لا تعرف اليوم وجهتها في جهة مسجد راتج. " بئر جمل " بلفظ الجمل من الإبل لأبن زبالة عن عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد قالا ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر جمل وذهبنا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل معه بلال فقلنا له لا نتوضأ حتى نسأل بلالا كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والخمار وفي الصحيح أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه وللدارقطني أقبل من الغائط فلقيه رجل عند بئر جمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 وفي رواية ذهب نحو بئر جمل ليقضي حاجته فلقيه رجل عند بئر جمل وهو مقبل فسلم عليه الحديث وقال المجدفي رواية النسائي أقبل من نحو بئر جمل وهو من العقيق وهي بئر معروفة بناحية الجرف بآخر العقيق وعليها مال من أموال المدينة سميت بجمل مات فيها أو برجل اسمه جمل حفرها انتهى وتبع في ذلك ياقوت والمعروف بقضاء الحاجة ناحية بئر أبي أيوب شامي البقيع وسبق في الثالث من الباب الثالث في بروك الناقة بين أظهر بني النجار ثم نهضت حتى أتت زقاق الحبشي ببئر جمل وسبق في الدور المطيفة بالمسجد ما يقتضي أنه المعروف اليوم عند مؤخر المسجد من المشرق بخزق الجمل يصل إلى سور المدينة فالأصوب إنها بتلك الناحية ولذا قال في رواية أن الرجل توارى في السكة وكان المطري لم يقف على ما سبق عن أبن زبالة فيها فلذا قال ما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 حكيناه في الأصل " بيرحا " بفتح الموحدة وكسرها وبفتح الراء وضمها وبالمدّ فيهما وبفتحهما والقصر فيعلى من البراح وهو الأرض المنكشفة وقال البكري جاء على وزن حرف الهجاء بالمدينة مستقبل المسجد إليها ينسب بيرحاء فالاسم مركب فتعرب الراء بحسب العامل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 وأنكر بعضهم إعراب الراء وقال هي مفتوحة على كل حال وأختلف في حاء هل هو رجل أو امرأة ومكان أضيف إليه البئر وفي الصحيح عن أنس كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بير حاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب الحديث وفي رواية له وكانت حديقة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويستظل فيها ويشرب من مائها وفي هذه الرواية فتصدق به أي بهذا المال أبو طلحة على ذوي قربى رحمه قال وكان منهم أبي وحسان فباع حسان حصته منه من معاوية فقيل له تبيع صدقة أبي طلحة فقال ألا أبيع صاعا من تمر بصاع من دراهم قال وكانت تلك الحديقة في موضع قصر بني جديلة الذي بناه معاوية ولأبن عبد البر وكانت دار أبي جعفر المنصور والدار التي تليها إلى قصر بني جديلة حائطا لأبي طلحة يقال لها بير حاء وقال أبن شبة أن معاوية بن أبي سفيان بني قصر بني جديلة ليكون حصنا وفي وسطه بير حاء وله بابان شارع على خطة بني جديلة وباب في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 الزاوية الشرقية اليمانية عند دار محمد بن طلحة التيمي قال أبن النجار وبير حاء اليوم وسط حديقة صغيرة جدا قريبة من سور المدينة وماؤها عذب قال المطري هي شمالي السور بينهما الطريق تعرف الآن بالنويرة اشتراها بعض نساء النوير بين أي خطباء مكة اليوم ووقفها على الفقراء ولمساكين قال المجد وفي وسطها مسجد صغير أمام البئر إلى القبلة قلت والظاهر أن بعضها اليوم داخل السور وحش طلحة المتقدم في شامي المسجد من المغرب منسوب إلى صاحبها. " بئر حلوة " بالحاء المهملة لأبن زبالة عن عيسى بن عبد الله بن محمد عن أبيه قال نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم جزورا فبعث إلى بعض نسائه بالكتف فتكلمت في ذلك بكلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتن أهون على الله من ذلك وهجرهن وكان يقبل تحت إراكة على حلوة بئر كانت هناك الزقاق الذي فيه دار آمنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 بنت سعد وبه سمى الزقاق زقاق حلوة ويبيت في مشربه له فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة فقالت أنك آليت شهرا قال أن الشهر يكون تسعا وعشرين ليلة وهذه البئر لا تعرف اليوم وسبق بيان جهتها في ميسرة البلاط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 " بئر ذرع " بالذال المعجمة لابن زبالة حديث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني خطمة فصلى في بيت العجوز ثم في مسجدهم ثم مضى إلى بئرهم ذرع فجلس في قفاها وتوضأ وبصق فيها ولأبن شبة عن الحرث بن الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من ذرع بئر بني خطمة التي بفناء مسجدهم وعن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق فيها وهي عين معروفة وجهتها تقدمت في مسجد بني خطمة. " بئر رومة " بالضم كسوقة وقيل بعد الراء همزة ساكنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 لابن زبالة حديث نعم القليب قليب المزني فاشتراها عثمان فتصدق بها وحديث نعم الحفيرة حفيرة المزني يعني رومة فلنا سمع ذلك عثمان رضي الله عنه ابتاع نصفها بمائة بكرة وتصدق بها فجعل الناس يسقون منها فلما رأى صاحبها أن قد أمتنع منه ما كان يصيب عليها باع من عثمان النصف الآخر بشيء يسير فتصدق بها كلها لأبن شبة عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يشتري رومة شرب رواء في الجنة فاشتراها عثمان من ماله فتصدق بها وعن عبد الله بن حبيب السلمي قال قال عثمان أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اشترى بئر رومة له مثلها من الجنة وكان الناس لا يشربون منها إلا بالثمن فاشتريتها بمالي فجعلتها للفقير والغني وأبن السبيل فقال الناس نعم وللنسائي والترمذي وحسنه أن عثمان قال أنشدكم الله والإسلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين الحديث وفي الصحيح أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم فقال أنشدكم بالله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرتها الحديث وفيه فصدقوه بما قال والمعروف أن عثمان رضي الله عنه شراها ولذا قيل أن ذكر الحفر وهم من بعض الرواة وقد يجمع بأنه رغب في شرائها فاشتراها ثم احتاجت إلى الحفر فرغب فيه فحفرها وللبغوي في الصحابة عن بشير الأسلمي لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان يبيع منها القربة بمد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بغيها بعين في الجنة فقال يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها فبلغ عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم الحديث وتسميتها فيه عينا غريب جدا ولعله لاشتمال البئر على ما ينبع فيها مقابلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 لها بعين في الجنة وجاء تسميته صاحبها برومة الغفاري ولا ينافيه مونها حفيرة المزني ولأبن عبد البر أنها كانت ليهودي يبيع ماءها على المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يشتر رومة فيجعلها للمسلمين يضرب يدلوه في دلائهم وله بها شرب في الجنة فأتى عثمان اليهودي فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى عثمان رضي الله عنه نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين فقال له عثمان أن شئت جعلت لنصيبي قرنين وأن شئت فلي يوم ولك يوم فقال بل لك يوم ولي يوم فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين فلما رأى ذلك اليهودي قال أفسدت عليّ ركبتي فاشتر النصف الآخر فاشتراه بثمانية آلاف درهم قلت وهي بئر جاهلية لما نقله أبن زبالة عن غير واحد في الاستقاء لتبع منها لما نزل بقناة وهي بأسفل العقيق قرب تجمع الأسيال وكانت قد خرجت ونقضت حجارتها كما أشار إليه المطري وأبن النجار فأحياها وجددها قاضي مكة الشهاب أحمد بن محمد الطبري في حدود الخمسين وسبعمائة ومن الغريب قول عياض رومة بئران مشهورتان بالمدينة. " بئر السقيا " بضم السين المهملة وسكون القاف سبق ذكرها وبيانها في مسجد السقيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 ولابن شبة عن جابر أبن عبد الله قال قال لي أبي يا بني أنا اعترضنا ههنا بالسقيا حين قاتلنا اليهود فظفرنا بهم ثم عرضنا النبي صلى الله عليه وسلم بها متوجها إلى بدر رفان سلمت ورجعت ابتعتها وأن قتلت فلا تفوتنك قال فخرجت أبتاعها فوجدتها الذكوان بن عبد قيس ووجدت سعد بن أبي وقاص قد أبتاعها وسبق إليها وكان اسم الأرض الفلحان واسم البئر السقيا وعن عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي له الماء العذب من بئر السقيا وفي رواية من بيوت السقيا ورواه أبو داود بهذا اللفظ وسنده جيد وصححه الحاكم وللواقدي من حديث سلمى امرأة أبي رافع قالت كان أبو أيوب حين نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر والد أنس ثم كان أنس وهند وحارثة أبناء أسماء يحملون الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا وكان رباح عبده الأسود يسقي له من بئر غرس مرة ومن بئر السقيا مرة وهذه القيا هي التي ذكر المطري إنها في آخر النقاء على يسار السالك إلى بئر عليّ بالحرم قال وهي مليحة منقورة بالجبل وقد تعطلت وخربت وعى جانبها الشمالي أي من المغرب بناء مستطيل مجصص " قلت " كأنه كان حوضا أو بركة لمورد الحجاج أيام نزولهم هناك وقد جددها بعض فقراء العجم سنة ثمان وسبعين وسبعمائة فصارت تعرف ببئر الأعاجم وتردد المطري في أن هذه السقيا لقربها من الطريق أم البئر المعروفة بزمزم لتواتر التبرك بها ثم قال أن الظاهر أن السقيا هذه " قلت " وقد انجلى الحال بظهور مسجدها كما سبق وقال أبو داود عقب ذكره كره حديث أستعذب الماء من بيوت السقيا عين بينها وبين المدينة يومان قلت والعين المذكورة معروفة بطريق مكة القديمة وهي من عمل الفرع على ما قاله المجد إلا أنها ليست المراد هنا فكأنه لم يطلع على أن بالمدينة سقيا أيضا وقد اغتر به المجد فقال وقول أبي بكر بن موسى السقيا بئر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 بالمدينة منها كان يستقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على هذا أي ما ذكره قتيبة لأن الفرع عمل من أعمال المدينة وقد ذكرنا بقية كلامه في الأصل وأوضحنا رده وكأنه لم يقف على كلام أبن شبة وغيره من المتقدمين فيها ومن العجيب قوله أن هذه البئر التي ذكرها المطري لم يكن عندها بيوت في وقت ولم ينقل ذلك إذ من تأمل ما يقرب منها علم أنه هناك قرى متصلة وليت شعري أين هو من مسجدها الذي أهمله كغيره ومنّ الله بمعرفته هناك. " بئر العقبة " بعين مهملة ثم قاف قال المجد ذكرها رزين في الآبار وقال هي التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها والمعروف أن القصة ببئر أريس انتهى والذي رأيته في كتاب رزين ما ألفظه وبئر أريس الذي سقط فيها الخاتم زبئر القف الذي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها انتهى ولأحمد والطبراني من وجوه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قصة نحو قصة بئر أريس كان هو البواب فيها وقال بحش من حشان المدينة وبعض أسانيدها رجاله رجال الصحيح وسيأتي في الأسواق قصة مثلها فاقتضى تعدد ذلك. " بئر أبي عنبة " بلفظ واحدة العنب قال أبن سعد في غزوة بدر وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره على بئر أبي عنبة وهي على ميل من المدينة فعرض أصحابه وردّ من استصغر انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 ولذا قال المطري عقب ما سبق في السقيا ونقل الحافظ عبد الغني أنه عرض جيشه على بئر أبي عنبة بالحرة فوق هذه أي السقيا إلى المغرب قلت لعل العرض الأول عند المرور بالقيام ثم أعيد بعد نزوله بهذه لردّ من أستصغر ولعل هذه هي المعروفة اليوم ببئر وادي وهي أعذب بئر هناك ولذا قال عمر لما اختصم في ابنه عاصم مع جدته إلى أبي بكر رضي الله عنه ابني ويستقي لي من بئر أبي عنبة. " بئر العهن " بالكسر ثم السكون وهو لغة الصوف الملون قال المطري أنه رأى بخط أبن عساكر على أخبار المدينة لأبن النجار أن السابقة يعني التي ترك ذكرها أبن النجار من الآبار اسمها بئر العهن بالعالية يزرع عليها اليوم وعنده سدرة ولها اسم آخر مشهورة به. قال المطري عقبه وبئر العهن هذه معروفة بالعوالي مليحة جدا منقورة في الجبل وعندها سدرة قال الزين المراغي والسدرة مقطوعة اليوم انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 والذي ظهر لي بعد التأمل أن العهن هي بئر اليسيرة الآتية ولعله الاسم الآخر الذي أشار إليه أبن عساكر لأنها لبني أمية من الأنصار والعهن عند منازلهم. " بئر غرس " بالضم ثم السكون كما في خط المراغي ويقال الأغرس وقال المجد بئر غرس بالفتح ثم السكون والغرس الفسيل أو الشجر الذي يغرس مصدر غرس الشجر وضبطه بعضهم بالتحريك مثال شجر قال وسمعت كثير من أهل المدينة يضمون الغين والصواب الذي لا محيد عنه ما قدمته أي من الفتح وهي بئر بقباء شرقي مسجدها على نصف ميل من جهة الشمال ويعرف مكانها اليوم وما حولها بالغرس قال وحولها مقابر لبني حنظلة قلت أظنه تصحيف خطمة وتقدم في بئر السقيا أن رباحا كان يستقي للنبي صلى الله عليه وسلم من بئر غرس مرة ومن بيوت السقيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 مرة ولابن حبان في الثقات عن أنس أنه قال أتوني بماء من بئر غرس فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ ولأبن ماجة بسند جيد عن عليّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنا مت فغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غرس وكان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 ت بقباء وكان يشرب منها وليحيي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا علي إذا أنا مت فاغسلني من بئري بئر غرس بسبع قرب لم تحلل أو كيتهنّ وله عن محمد الباقر أنه صلى الله عليه وسلم غسل من بئر يقال لها بئر غرس لسعد بن خيثمة وكان يشرب منها ولأبن شبة عن سعيد بن رقيش أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر الأغرس فإهراق بقية وضوئه فيها ولأبن زبالة عنه جاءنا أنس بن مالك بقباء فقال أين بئركم هذه يعني بئر غرس فدللناه عليها قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها وأنها لتسنى على حمار بسحر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من مائها فتوضأ منه ثم سكبه فيها فما نزفت بعد وعن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيت الليلة أني أصبحت على بئر من الجنة فأصبح على بئر غرس فتوضأ منها وبزق فيها وأهدى له عسل فصبه فيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 قال المطري وكانت هذه البئر قد خربت فجددت بعد السبعمائة وهي كثيرة الماء وعرضها عشرة أذرع وطولها يزيد على ذلك وماؤها تغلب عليه الخضرة وهو طيب عذب قلت وقد خرجت بعد فاشتراها وما حولها الخواجا حسين بن الشهاب أحمد القاواني وحوط عليها حديقة وعمرها وجعل لها درجة ينزل إليها من داخل الحديقة وخارجها وأنشأ بجانبها مسجدا عام أثنين وثمانين وثمانمائة. " بئر القراضة " بالقاف ثم الراء كما في بعض النسخ وفي بعضها بالعين بدل القاف وضاد معجمة وأظنه الصواب لكن في حرف القاف من الروض المعطار القراصة بكسر أوله وبالصاد المهملة بالمدينة بها كان حائط جابر بن عبد الله وذكر قصة عرض ولده أصلها وثمرها على غرمائة ولأبن زبالة عن جابر بن عبد الله قال لما استشهد أبي عرضت على غرمائه القراصة أصلها وثمرها بما عليه من الدين فأبوا أن يقبلوا واقتص الحديث وفيه فخرج رسول اله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فبصق في بئرها ودعا الله أن يؤدي عن عبد الله وفيه أنه أوفي الغرماء حقوقهم وفضل منها مثل ما كانوا يجدون كل سنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 وهي غير معروفة إلا أنها غربي مساجد الفتح في جهة مسجد الخربة لما سبق وأصل هذا الحديث في الصحيح وفي بعض طرقه وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة وفي رواية لأحمد فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مالي أتى الربيع فتوضأ منه ثم قام إلى المسجد فصلى ركعتين ثم دنوت به إلى خيمة فبسطت له بجادا من شعر الحديث. " بئر القريصة " لم أر من ضبطها وأظنها مصغر القرصة المتقدمة في مسجد القرصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 لأبن زبالة عن سعد بن حرام والحرث بن عبيد قالا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر في القريصة بئر حارثة أو شرب وبصق فيها وسقط فيها خاتمه فنزع وفي شرقي المدينة قرب القرصة بئر تعرف بالقريصة فإن صح الضبط المتقدم كانت هي هذه. " بئر اليسيرة " من اليسر ضد العسر لابن زبالة عن سعد بن عمرو قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية بن زيد فوقف على بئر لهم فقال لهم ما أسمها قالوا عسيرة قال لا ولكن اسمها اليسرة قال وبصق فيها وبرك فيها ولأبن شبة عن حارثة الأنصاري نحوه فزاد وتوضأ وروى أبن سعد في طبقاته عن عمر بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سماها اليسيرة وأن أبا سلمة غسل بعد موته بين قرنيها وسبق في العهن أن الظاهر أنها هذه فتكون عدة الآبار المأثورة تسع عشر بئرا فحصرها في سبع مردود ولكن الذي اشتهرت معرفته من ذلك سبع ولذا قال في الأحياء وهي سبع آبار قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديثها وهي بئر أريس وبئر حا وبئر رومة وبئر غرس وبئر بضاعة وبئر البصة وبئر السقيا أو بئر العهن أو بئر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 الجمل فجعل السابعة مترددة بين الآبار الثلاثة ثم ذكر شيئاً من فضائل هذه الآبار ألا العهن لأن الوارد فيها إنما هو باسمها الآخر والمشهور اليوم عند أهل المدينة أن السابعة هي العهن ولذا قال أبو اليمن الزين المراغي فيما أنشدنيه عنه أخوه شيخنا العلامة أبو الفرج إذا رمت آبار النبي بطيبة ... فعدتها سبع مقالا بلا وهن أريس وغرس رومة وبضاعة ... كذا بصة قل بئر حاء مع العهن " تتمة العين المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم والعين الموجودة اليوم " لابن شبة عن عبد الملك بن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من العيينة التي عند كهف بني حرام قال وسمعت بعض مشيختنا يقول دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الكهف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 ولأبن زبالة عن جابر قال كانوا أيام الخندق يخرجون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويخافون البيات فيدخلونه كهف بني حرام فيبيت فيه حتى إذا أصبح هبط قال وبقر رسول الله صلى الله عليه وسلم العيينة التي عند الكهف فلم تزل تجري حتى اليوم قال أبن النجار عقبه وهذه العين ظاهر المدينة وعليها بناء وهي في مقابلة المصلى وقال المطري عقبة أما الكهف فمعروف في غربي جبل سلع على يمين السالك إلى مساجد الفتح من الطريق القبلية وعلى يسار المتوجه إلى المدينة مستقبل القبلة مقابلة حديقة نخل تعرف بالغنيمة أي المعروفة اليوم بالنقيبية ببطحان قال وفي الوادي عين تأتي من عوالي المدينة تسقى ما حول المساجد من المزارع وتعرف بعين الخيف خيف شامي وتعرف تلك الناحية بالسيح قلت وسيأتي عن أبن النجار في الخندق أن هذه العين تأتي من فباء وهي منقطعة اليوم وشرع في أجرائها متولي العمارة الشمس بن الزمن حتى وصل الموضع الذي يقال أنه أصلها غربي قباء ولم تجر قال المطري وأما العين الذي ذكر أبن النجار أنها مقابلة المصلى فهي عين الأزرق وهو مروان بن الحكم أجراها بأمر معاوية رضي الله عنه وهو واليه على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 المدينة وأصلها من قباء مغروفة من بئر كبيرة غربي مسجد قباء في حديقة نخل أي المعروفة بالجعفرية وتجري إلى المصلى وعليها في المصلة قبة بيرة مقسومة نصفين يخرج الماء منها إلى وجهين مدرجين قبلي وشمالي وتخرج العين من القبة من جهة المشرق ثم تأخذ إلى جهة الشمال قال وأما عين النبي صلى الله عليه وسلم التي ذكر أبن النجار فليست تعرف اليوم وإن كانت كما قال عند الكهف المذكور فقد ثرت وخفي أثرها قلت مرادا أبن النجار أن أصلها عند الكهف وإنها تجري إلى الوضع الذي عليه البناء في مقابلة المصلى وقد وافق أبن النجار على ذلك أبن جبير ووصف المنهل الموجود بالمصلى بنحو ما سبق. قال المجد وسببه اشتباه عين الأزرق بعين النبي صلى الله عليه وسلم قلت يحتمل أن عين النبي صلى الله عليه وسلم كانت تجري هناك أيضا قبل انقطاعها قال المطري وقد أخذ الحسين بن أبي الهيجاء في حدود الستين وخمسمائة منها شعبة من عند مخرجها من القبلة فساقها إلى باب المدينة باب المصلى ثم أوصلها إلى الرحبة التي عند المسجد النبوي من جهة باب السلام أي التي بها السوق اليوم المقابلة للمدرسة الزمنية وبنى لها هنالك منهلا بدرج من تحت الدور يستقي منه أهل المدينة وجعل لها مصرفا من تحت الأرض يشق وسط المدينة على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 الموضع المعروف بالبلاط أي سوق العطارين اليوم وما والاه من منازل أمراء المدينة ثم يخرج إلى ظاهر المدينة من جهة الشمال شرقي حصن أمير المدينة قال وقد كان جعل منها شعبة صغيرة ندخل إلى صحن المسجد وجعل لها منهلا بدرج عليه عقد يخرج الماء إليه فوارة قلت سبق في الرابع أن الذي فعل ذلك شامة من أمراء الشام مع ما ذكره المطري من سدّة ثم ذكر المطري مسير العين من القبلة التي بالمصلى إلى الشمال حتى تصل السور أي سور المدينة قال فتدخل تحته إلى منهل آخر بوجهين مدرجين أي برحبة حصن الأمير ثم تخرج إلى خارج المدينة فتصل إلى منهل آخر بوجهين مدرجين عند قبر النفس الزكية ثم تخرج من هناك وتجتمع هي وما يتحصل من مصلها في قناة واحدة إلى البركة التي ينزلها الحجاج يعني الحجاج الآتين من الشام ويسمونها عيون حمزة لظنهم إنها تأتي من ناحيته وإنها عين الشهداء التي سبق آخر فصول الباب قبله أن معاوية رضي الله عنه أجراها وتلك اليوم دائرة وأما هذه فتمر من شامي سلع ولها منهل قرب مسجد الراية ثم تسير في المغرب فتمر من غربي الجبلين اللذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 في غربي مساجد الفتح وهكذا حتى تصل إلى مغيضها وبه نخيل بي أمراء المدينة وأما العين التي كان مغيضها عند المسجد المعروف بمصرع سيدنا حمزة رضي الله عنه وسبق أن الأمير ودي كان قد جددها فأصلها من جهة العالية بين وقال البدر أبن فرحون نور الدين الشهيد أجرى العين التي تحت جبل أحد قال وأظنها عين الشهداء فإن العين التي أجراها معاوية مستبطنة الوادي وقد دثرت ورسومها موجودة إلى اليوم انتهى والعامة تسمى العين الموجودة اليوم بالعين الزرقاء وصوابه عين الأزرق لأن مروان الذي أجراها لمعاوية كان أزرق العينين فلقب بالأزرق ومن الغرائب ما ذكره الميورقي في فضل الطائف عن الفقيه أبي محمد بن حمو البخاري عن شيخ الخدام بدر الشهابي إنه بلغه إن ميضأة وقعت في عين الأزرق بالطائف فخرجت بعين الأزرق بالمدينة ويذكر إنه كان بالمدينة الشريفة وما حولها عيون كثيرة وكان لمعاوية اهتمام بهذا الباب قال الواقدي كما في التاسع من الأول وكان بالمدينة على زمنه صوافي كثيرة وكان يجدّ بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسون ألف وسق ويحصد مائة ألف وسق حنطة. اموجودة إلى اليوم انتهى والعامة تسمى العين الموجودة اليوم بالعين الزرقاء وصوابه عين الأزرق لأن مروان الذي أجراها لمعاوية كان أزرق العينين فلقب بالأزرق ومن الغرائب ما ذكره الميورقي في فضل الطائف عن الفقيه أبي محمد بن حمو البخاري عن شيخ الخدام بدر الشهابي إنه بلغه إن ميضأة وقعت في عين الأزرق بالطائف فخرجت بعين الأزرق بالمدينة ويذكر إنه كان بالمدينة الشريفة وما حولها عيون كثيرة وكان لمعاوية اهتمام بهذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 قال الواقدي كما في التاسع من الأول وكان بالمدينة على زمنه صوافي كثيرة وكان يجدّ بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسون ألف وسق ويحصد مائة ألف وسق حنطة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 " الفصل الثاني في صدقاته صلى الله عليه وسلم وما غرسه بيده الشريفة " قال أبن شهاب كانت صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالا لمخيريق اليهودي قلت هو بالخاء المعجمة والقاف مصغرا قال عبد العزيز أبن عمر إن بلغني إنه كان من بقايا بني قينقاع ونقل الذهبي عن الواقدي إنه كان حبرا عالما من بني النضير آمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ولذا عدّه الذهبيّ في الصحابة لكن رأيت في أوقاف الخصاف قال الواقدي مخيريق لم يسلم ولكنه قاتل وهو يهودي فلما مات دفن في ناحية من مقبرة المسلمين ولم يصل عليه انتهى وقال أبن شهاب أوصى مخيريق بأمواله للنبيّ صلى الله عليه وسلم وسهدا أحدا فقتل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخيريق سابق يهود وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبشة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 قال وأسماء أموال مخيريق التي صارت للنبي صلى الله عليه وسلم الدلال وبرقة والأعواف والصافية والميثب وحسنا ومشربة أم إبراهيم فأما الصافية وبرقة والدلال والميثب فمجاورات بأعلى الصورين من خلف قصر مروان بن الحكم ويسقيها مهزور وأما مشربة أم إبراهيم نذكر ما قدمناه عنه في مسجد المشربة ثم قال وأما حسنا فيسقيها أيضا مهزور وهي من ناحية القف وأما الأعواف فيسقيها أيضا مهزور وهي من أموال بني محمم انتهى وقال أبو غسان اختلف في الصدقات فقال بعض الناس هي من أموال بني قريظة والنضير وعن جعفر بن محمد عن أبيه كانت الدلال لامرأة من بني النضير وكان لها سلمان الفارسي فكاتبته على أن يحييها لها ثم هو حرّ فأعلم بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم فخرج إليها فجلس على فقير ثم جعل يحمل إليه الودي فيضعه بيده فما غدت منها ودية أن طلعت قال ثم أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال أبو غسان والذي تظاهر عندنا إن الصدقات المذكورة من أموال بني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 النضير وسمعنا بعض أهل العلم يقول إن برقة والميثب للزبير بن باطا القرظيّ وهما اللتان غرس سلمان والأعواف كانت لخنافة اليهودي من بني قريظة وقال الواقدي إن النبي صلى الله عليه وسلم وقف الحوائط السبعة المتقدمة سنة سبع من الهجرة ثم روى عن الزهري إنها من أموال بني النضير وعن عبد الله بن كعب بن مالك إنها من أموال مخيريق أوصى بها وعن عثمان بن وثاب ما هي إلا من أموال بني النضير لقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد ففرق أموال مخيريق قلت ويؤيده ما في سنن أبي داود عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر قصة بني النضير إلى إن قال فكانت نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاها الله تعالى إياه فقال ما أفاء الله على رسوله منهم الآية قال فأعطى أكثرها المهاجرين وبقى منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في أيدي بني فاطمة أي الحوائط السبعة كما سيأتي ولأبن زبالة عن محمد أبن كعب إنها كانت أموالا لمخيريق قال ليهود يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 أحد ألا تنصرون محمدا فوالله إنكم لتعلمون إن نصرته حق قالوا اليوم السبت قال فلا سبت لكم وأخذ بسيفه فمضى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراح فقال أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء فهي عامة صدقاته وسماها كما سبق إلا أنه قال العواف بدل الأعواف وعن بكر بن أبي ليلى عن مشيخة من الأنصار قالوا كانت من أموال بني النضير حشان ومزارع وآبارا فغرسها الأمراء بعد وعن عثمان بن كعب قال أختلف الناس فيها فقال بعضهم كانت من أموال بني قريظة والنضير قال وليس فيها من أموال بني النضير شيء إنما صارت أموالهم للمهاجرين نفلا ثم روى أبن زبالة خبر جعفر بن محمد عن أبيه في مكاتبة سلمان إلا أنه جعل ذلك في الميثب بدل الدلال وإن سلمان كان لناس من بني النضير فتلخص إن غراسه صلى الله عليه وسلم لسلمان هو الدلال أو الميثب أو البرقة والميثب ولأحمد برجال الصحيح إلا أبن أسحق وقد صرح يالسماع عن سلمان حديثه الطويل وفيه ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل حق أجتمع ثلاثمائة ودية فقال أذهب يا سليمان ففقر لها ثم قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا الحديث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 والفقير اسم لحديقة بالعالية قرب بني قريظة من صدقة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال أبن شبة في كتاب صدقة عليّ رضي الله عنه والقير لي كما قد علمتم صدقة في سبيل الله انتهى وخفي هذا على بعضهم فقال في حديث سلمان قوله بالفقير الوجه إنما هو التفقير انتهى والصواب إنه اسم موضع وأهل المدينة اليوم والبرزتان لكعب بن أسد القرظيّ قبضها النبيّ صلى الله عليه وسلم لأضيافه وكان الفقير لعمر بن سعد وصار لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وسمعت من يقول كانت بئر غاضر والبرزتان من طعم أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير انتهى والبرزتان حديقتان متجاورتان بالعالية يقال لأحدهما اليوم البرزة وللأخرى البربزة مصغرة وبئر غاضر غير معروفة وأما الصدقات السبع المتقدّمة فالصافية معروفة اليوم شرقي المدينة بجزع زهيرة تصغير زهرة وبرقة معروفة اليوم أيضا في قبلة المدينة ومما يلي المشرق ولناحيتها شهرة بها والدلال جزع معروف أيضا قبليّ الصافيه قرب المليكي وقف المدرسة الشهابية والميثب غير معروفة اليوم ويؤخذ مما سبق من كون هذه الأربعة مجاورات قريبة من الثلاث قبله والأعواف جزع معروف بالعالية تقدّم في بئر الاعواف ومشربة أم إبراهيم معروفة بالعالية تقدّمت في المساجد وحسنا ضبطه المراغي بخطه بضم الحاء وسكون السين المهملتين ثم نون مفتوحة قال رأيته كذلك في أبن زبالة ولا يعرف اليوم ولعله تصحيف من الحناء بالنون بعد الحاء وهو معروف اليوم قلت هو بحاء ثم سين ثم نون في عدّة مواضع من كتابي أبن شبة وأبن زبالة وغيرهما وقد سبق إنها بالقف تشرب بمزور والحناء شرقي الماجشونية لا تشرب بمهزور وسيأتي في القف ما يبين إنه ليس في هذه الجهة والذي ظهر لي إن حسنا اليوم هي الموضع المعروف بالحسينيات قرب جزع الدلال إذ هو بجهة القف ويشرب بمهزور وهذه السبع الصدقات النبوية وقول رزين إن الموضع المعروف بالبويرة بقياء صدقة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تزل معروفة للمساكين فتغلب عليها بعض الولاة وإن بها حصن النضير وحصون قريظة وهم كما أوضحناه في الأصل ويشير إليه في ترجمة البويرة وهذه الصدقات مما طلبته فاطمة من أبي بكر رضي الله عنه مع سهمه صلى الله عليه وسلم بخيبر وفدك كما في الصحيح إنها كانت تسأل أبا بكر نصببها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا علمت به فأني أخشى إن تركت شيأ من أمره أن أزيغ ثم دفع عمر رضي الله عنه صدقته بالمدينة إلى عليّ وعباس وأمسك خيبر وفدك وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانتا لحقوقه التي تعروه وفيه إن أبا بكر رضي الله عنه احتج عليها بقوله صلى الله عليه وسلم ر نورث ما تركناه صدقة فغضبت وفي الصحيح أيضا إن عليا والعباسّ جاء إلى عمر رضي الله عنه يطلبان منه ما طلبته فاطمة من أبي بكر مع اعترافهما له بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة فالوجه إنهما مع فاطمة فهموا من قوله ما تركناه صدقة الوقف ورأوا إن حق النظر على الوقف يورث دون رقبته ورأى أبو بكر إن الأمر في ذلك له ولذا لما أعطاها عمر عليا وعباسا أخذ عليهما إن يعملا بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعده وكانت هذه الصدقة بيد عليّ منعها العباس فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن رضي الله عنه قال معمر ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولى هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها قال أبو غسان صدقات النبيّ صلى الله عليه وسلم اليوم بيد الخليفة يولي عليها ويعزل عنها ويقسم ثمرها وغلتها في أهل الحاجة من أهل المدينة على قدر ما يرى من هي في يده وقال الشافعي رحمه الله فيما نقله البيهقيّ وصدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمة عندنا وصدقة الزبير قريب منها وصدقة عمر قائمة وصدقة عثمان وصدقة عليّ وصدقة فاطمة وصدقة من لا أحصى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعراضها قلت ثم تغيرت الأمور بعد ذلك والله المستعان وذكرنا في الأصل ما روى إن فاطمة قالت في فدك إن النبي صلى الله عليه وسلم أنحلنيها وما أنفق فيها. ة في كتاب صدقة عليّ رضي الله عنه والقير لي كما قد علمتم صدقة في سبيل الله انتهى وخفي هذا على بعضهم فقال في حديث سلمان قوله بالفقير الوجه إنما هو التفقير انتهى والصواب إنه اسم موضع وأهل المدينة اليوم والبرزتان لكعب بن أسد القرظيّ قبضها النبيّ صلى الله عليه وسلم لأضيافه وكان الفقير لعمر بن سعد وصار لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وسمعت من يقول كانت بئر غاضر والبرزتان من طعم أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير انتهى والبرزتان حديقتان متجاورتان بالعالية يقال لأحدهما اليوم البرزة وللأخرى البربزة مصغرة وبئر غاضر غير معروفة وأما الصدقات السبع المتقدّمة فالصافية معروفة اليوم شرقي المدينة بجزع زهيرة تصغير زهرة وبرقة معروفة اليوم أيضا في قبلة المدينة ومما يلي المشرق ولناحيتها شهرة بها والدلال جزع معروف أيضا قبليّ الصافيه قرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 المليكي وقف المدرسة الشهابية والميثب غير معروفة اليوم ويؤخذ مما سبق من كون هذه الأربعة مجاورات قريبة من الثلاث قبله والأعواف جزع معروف بالعالية تقدّم في بئر الاعواف ومشربة أم إبراهيم معروفة بالعالية تقدّمت في المساجد وحسنا ضبطه المراغي بخطه بضم الحاء وسكون السين المهملتين ثم نون مفتوحة قال رأيته كذلك في أبن زبالة ولا يعرف اليوم ولعله تصحيف من الحناء بالنون بعد الحاء وهو معروف اليوم قلت هو بحاء ثم سين ثم نون في عدّة مواضع من كتابي أبن شبة وأبن زبالة وغيرهما وقد سبق إنها بالقف تشرب بمزور والحناء شرقي الماجشونية لا تشرب بمهزور وسيأتي في القف ما يبين إنه ليس في هذه الجهة والذي ظهر لي إن حسنا اليوم هي الموضع المعروف بالحسينيات قرب جزع الدلال إذ هو بجهة القف ويشرب بمهزور وهذه السبع الصدقات النبوية وقول رزين إن الموضع المعروف بالبويرة بقياء صدقة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تزل معروفة للمساكين فتغلب عليها بعض الولاة وإن بها حصن النضير وحصون قريظة وهم كما أوضحناه في الأصل ويشير إليه في ترجمة البويرة وهذه الصدقات مما طلبته فاطمة من أبي بكر رضي الله عنه مع سهمه صلى الله عليه وسلم بخيبر وفدك كما في الصحيح إنها كانت تسأل أبا بكر نصببها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا علمت به فأني أخشى إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 تركت شيأ من أمره أن أزيغ ثم دفع عمر رضي الله عنه صدقته بالمدينة إلى عليّ وعباس وأمسك خيبر وفدك وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانتا لحقوقه التي تعروه وفيه إن أبا بكر رضي الله عنه احتج عليها بقوله صلى الله عليه وسلم ر نورث ما تركناه صدقة فغضبت وفي الصحيح أيضا إن عليا والعباسّ جاء إلى عمر رضي الله عنه يطلبان منه ما طلبته فاطمة من أبي بكر مع اعترافهما له بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة فالوجه إنهما مع فاطمة فهموا من قوله ما تركناه صدقة الوقف ورأوا إن حق النظر على الوقف يورث دون رقبته ورأى أبو بكر إن الأمر في ذلك له ولذا لما أعطاها عمر عليا وعباسا أخذ عليهما إن يعملا بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعده وكانت هذه الصدقة بيد عليّ منعها العباس فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن رضي الله عنه قال معمر ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولى هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 قال أبو غسان صدقات النبيّ صلى الله عليه وسلم اليوم بيد الخليفة يولي عليها ويعزل عنها ويقسم ثمرها وغلتها في أهل الحاجة من أهل المدينة على قدر ما يرى من هي في يده وقال الشافعي رحمه الله فيما نقله البيهقيّ وصدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمة عندنا وصدقة الزبير قريب منها وصدقة عمر قائمة وصدقة عثمان وصدقة عليّ وصدقة فاطمة وصدقة من لا أحصى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعراضها قلت ثم تغيرت الأمور بعد ذلك والله المستعان وذكرنا في الأصل ما روى إن فاطمة قالت في فدك إن النبي صلى الله عليه وسلم أنحلنيها وما أنفق فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 الباب السابع فيما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم من المساجد التي صلى فيها في الأسفار والغزوات وفيه ثلاثة فصول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 الأول في مساجد الطريق التي كان يسلكها صلى الله عليه وسلم إلى مكة في الحج وغيره وهي طريق الأنبياء عليهم السلام تفارق طريق الناس اليوم بعد الروحاء ومسجد الغزالة فلا تمرّ بالخيف ولا بالصفراء وقد أوردناها على ترتيبها من المدينة إلى مكة. " مسجد الشجرة " وهي سمرة كان النبيّ صلى الله عليه وسلم ينزل تحتها بذي الحليفة كما في الصحيح ويعرف أيضا بمسجد ذي الحليفة وهي ميقات المدينة في صحيح مسلم عن أبن عمر بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة مبدأه وصلى في مسجدها وفي رواية له كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات الحديث وليحيى عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى مكة صلى في مسجد الشجرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 ولأبن زبالة عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتزل بذي الحليفة حين يعتمر وفي حجه حين يحج تحت سمرة في موضع المسجد الذي بذي الحليفة وعن أبي هريرة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الشجرة إلى الأسطوانة الوسطى أستقبلها وكانت موضع الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم إليها وسيأتي بيان ذي الحليفة والمسافة إليها في ترجمتها قال المطري وهذا المسجد هو الكبير الذي هناك فكان فيه عقود في قبلته ومنارة في ركنه الغربي الشمالي فتهدم على طول الزمان قلت جدده زين الدين الأستدار بالمملكة المصرية فبنى عليه الجدار عليه اليوم على أساسه القديم عام أحد وستين وثمانمائة وموضع المنارة في الركن الغربي باق على حاله وأتخذ أيضا الدرج للآبار التي هناك والمسجد مربع مساحته اثنان وخمسون ذراعا في قبلته مسجد أصغر منه بناؤه عمري وقد تهدم قال المطري ولا يبعد إن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 ويؤخذ مما سيأتي عن الأسدي إنه المسجد الآتي بعده. " مسجد المعرّس " قال أبو عبد الله الأسدي بذي الحليفة مسجدان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالكبير الذي يحرم الناس منه والآخر مسجد المعرس وهو دون مصعد البيداء ناحية عن هذا المسجد قلت وليس هناك غير المسجد المتقدم أنه في قبلة المسجد الكبير بينهما رمية سهم سبقيّ وهو ببطن الوادي خرّبه السيل فهو المراد في صحيح البخاري في باب المساجد التي على طريق المدينة والمواضع التي قلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن نافع إن عبد الله أخبره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 ينزل بذي الحليفة حين يعتمر وفي حجته حين يحج تحت سمرة في موضع المسجد الذي بذي الحليفة وكان إذا رجع من غزو كان في تلك الطريق أو في حج أو عمرة هبط من بطن واد أي وادي العقيق فإذا ظهر من بطن واد أناخ بالبطحاء التي على شفير الوادي الشرقية فعرّس ثم حتى يصبح ليس عند المسجد الذي بحجارة ولا على الأكمة التي عليها المسجد كان ثم خليج يصلي عبد الله عنده في بطنه كثب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فدحا السيل فيه بالبطحاء حتى دفن ذلك المكان الذي كان عبد الله يصلي فيه. وفي الحج من الصحيح عن أبن عمر أيضا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرّض وأنه كان إذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح وأنه صلى الله عليه وسلم أرى وهو في مغرسه بذي الحليفة ببطن الوادي قيل له إنك ببطحاء مباركة وقد أناخ بنا سالم يتوخى المناخ الذي كان عبد الله ينيخ يتحرّى معرّس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي بينهم وبين الطريق وسط من ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 " مسجد شرف الروحاء " قال البخاري عقب ما تقدم من رواية نافع وأن عبد الله بن عمر حدثه إن النبي صلى الله عليه وسلم حيث المسجد الصغير الذي دون المسجد الذي يشرف الروحاء وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي كان فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول ثم عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلي وذلك المسجد على حافة الطريق اليمنى وأنت ذاهب إلى مكة بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر أو نحو ذلك وقال الأسدي وعلى ميلين من السيالة أي من أولها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد الشرف وبين السيالة والروحاء أحد عشر ميلا وبينها وبين ملل سبعة أميال وهي لولد الحسين بن علي وقوم من قريش وذكر بها آبارا قال وعلى ميل منها عين تعرف بسويقة ناحية عن الطريق لولد عبد الله بن حسن كثيرة الماء عذبة وقال المطري شرف الروحاء آخر السيالة وأنت متوجه إلى مكة وأول السيالة إذا قطعت شرف ملل وكانت الصخيرات صخيرات التمام على يمينك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 وهبطت من ملل ثم رجعت عن يسارك فاستقبلت القبلة فهذه السيالة وكانت قد تجدد فيها بعد النبي صلى الله عليه وسلم عيون وسكان وكان لها وال من جهة وإلى المدينة ولأهلها أخبار وأشعار وبها آثار البناء وآخرها الشرف المذكور المسجد عنده وعنده قبور قديمة كانت مدفن أهل السيالة ثم تهبط وادي الروحاء مستقبل القبلة ويعرف اليوم بوادي بني سالم بطن من حرب " قلت " والقبور التي عند المسجد تعرف بقبور الشهداء ولعله لكونهم ممن قتل ظلما من أهل البيت الذين كانوا بسويقة كما يؤخذ مما سيأتي في ترجمتها. " مسجد عرق الظبية " قال المطري عقب قوله ثم تهبط في وادي مستقبل القبلة ما لفظه فتمشى وشعب علي يسارك إلى أن تدور الطريق بك إلى المغرب وأنت مع أصل الجبل الذي على يمينك فأول ما يلقاك مسجد على يمينك كان فيه قبر كبير قبلته فتهدم صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف ذلك المكان بعرق الظبية ويبقى جبل ورقان على يسارك انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 وقال الأسدي وعلى تسع' أميال من السيالة وأنت ذاهب إلى الروحاء مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد الظبية مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لقتال أهل بدر وهو دون الروحاء بميلين وفي حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بعرق الظبية ولأبن شبة نزل النبي صلى الله عليه وسلم بعرق الظبية وهو المسجد الذي دون الروحاء فقال أتدرون ما أسم الجبل قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا حمت جبل من جبال الجنة اللهم بارك لنا فيه وبارك لأهله ثم قال هذا سجاسج للروحاء وهذا واد من أودية الجنة وقد صلى في هذا المسجد قبلي سبعون نبيا ورواه الطبراني بسند حسن بنحوه إلا أنه قال لقد صلى في هذا الوادي ويحيي إلا أنه قال في هذا الموضع والترمذي بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم في وادي الروحاء وقال لقد صلى في هذا المسجد سبعون نبيا " قلت " وآثار هذا المسجد اليوم موجودة هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 " مسجد الروحاء " ذكره الأسدي وقال الواقدي في غزوة بدر ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الروحاء ليلة الأربعاء للنصف من رمضان فصلى عند بئر لروحاء وكان بالروحاء آبار لم يبق منها سوى واحدة. " مسجد المنصرف " ويعرف اليوم بمسجد الغزالة آخر وادي الروحاء مع طرف الجبل على يسار الذاهب لمكة وقد تهدم ولم يبق إلا رسومه وقال الأسدي أنه في سند الجبل على ثلاثة أميال من الروحاء يقال له مسجد المنصرف جبل عن يسارك ينصرف منه في الطريق وقال البخاري في روايته السابقة وأن ابن عمر كان يصلي إلى العرف ألذي عند منصرف الروحاء وذلك العرق انتهاء طرفه على حافة الطريق دون المسجد الذي بينه وبين المنصرف وأنت ذاهب إلى مكة وقد ابتنى ثم مسجد فلم يكن عبد الله يصلي في ذلك المسجد كان يتركه عن يساره وراءه ويصلي أمامه إلى العرق نفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 قلت توهم بعضهم أن المراد عرق الظبية وليس كذلك لتغاير المحلين ولفظ أبن زبالة وبالة وبالمنصرف عند العرق من الروحاء قال المطري أن عن يمين الطريق إذا كنت بهذا المسجد وأنت مستقبل النازية موضعا كان أبن عمر ينزل فيه ويقول هذا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ثمة شجرة كان أبن عمر ينزل فيه ويقول هذا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ثمة شجرة كان أبن عمر إذا نزل هذا المنزل فتوضأ صب فضل وضوئه في أصل الشجرة ويقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وورد أنه كان يدور بالشجرة أيضا ثم يصب الماء في أصلها إتباعا للسنة وإذا كان الإنسان عند مسجد الغزالة هذا كانت طريق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة على يساره وهي الطريق المعهودة قديما قال وليس بهذه الطريق اليوم مسجد يعرف غير هذه الثلاثة يعني سوى مسجد ذي الحليفة " قلت " سببه هجران الحاج لهذه الطريق وذكر بعض من سلكها مشاهدة كثير من المساجد بها. " مسجد الرويشة " قال البخاري عقب ما تقدم وأن عبد الله حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل تحت سرحة ضخمة دون الرويشة عن يمين الطريق ووجه الطريق في مكان بطح سهل حتى يفضي من أكمة وبن بريد الرويثة بميلين وقد أنكسر أعلاها فانثنى في جوفها وهي قائمة على ساق وفي ساقها كثب كثيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 ولأبن زبالة نحوه وفي رواية له صلى دون الرويثة عند موضع السرحة وقال الأسدي في أول الرويثة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على ثلاثة عشر ميلا من الروحاء وقال في موضع ستة عشر ميلا ونصفا وصف ما بها من الآبار والحياض قال ويقال للجبل المشرف عليها المقابل لبيوتها الحمراء. " مسجد ثنية ركوبة " لأبن زبالة إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثنية ركوبة وبنى بها مسجدا وركوبة يمين ثنية العاير التي هي عقبة العرج وبعدها بثلاثة أميال العرج. " مسجد الإثابة " بالمثلثة والمثناة تحت كالنواية على الأرجح لأبن زبالة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عند بئر الأثاية ركعتين في أزار ملتفحا به وذكره الأسدي وقال إنه قبل العرج بميلين بعد أول عقبة العرج المسامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 بالمدارج وهي منتهى الحجاز بميل قبل أن تنزل من الوادي وعنده بئر تعرف بالإثابة ومقتضى هذا أن يكون حديث أحمد في مروره صلى الله عليه وسلم بالعرج فإذا هو بحمار عقير ثم سار حتى أتى عقبة الإثابة في رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة. " مسجد العرج " لابن زبالة إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد العرج وقال فيه يعني من القيلولة وجعله المجد الذي بعده وهو مردود ولم يذكره الأسدي. " مسجد بطرف تلعة " من وراء العرج ووقع للمطري ومن تبعه بطريق وهو تصحيف إذ في البخاري عقب ما تقدم إن عبد الله حدثه إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في طرف تلعة وراء العرج وأنت ذاهب إلى هضبة عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة على القبور رضم من عن يمين الطريق عند سلمات الطريق بين أولئك السلمات كان عبد الله يروح من العرج بعد أن تميل الشمس بالهاجرة فيصلي الظهر في ذلك المسجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 ولأبن زبالة مثله إلا أنه قال في طرف تلعة من وراء العرج وأنت ذاهب على رأس خمسة أميال من العرج في مسجد إلى هضبة وقال الأسدي وعلى ثلاثة أميال من العرج قبل المشرق مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد المنبجس قبل الوادي المنجبس وادي العرج انتهى ولعله المسجد المذكور. " مسجد لحي جمل " قال الأسدي إنه على ميل من الطلوب وهي بئر غليظة الماء بعد العرج بأحد عشر ميلا والسقيا بعد الطلوب بستة أميال وقبل السقيا بميل وادي القاحة ولأبن زبالة احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان يدعى لحى جمل بطريق مكة وهو محرم وفي رواية له بالقاحة ورأيت لبعضهم مسجد لحى جمل بين السقيا والأبواء ويوافقه قول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 عياض لحى جمل عقبة الجحفة وقال غيره على سبعة أميال من السقيا ورواه بعضهم لحي بالتثنية وفسره بأنه ماء. " مسجد بالسقيا " لابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وقال الأسدي وبالسقيا مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجبل وعنده عين عذبة ثم وصف المنزل وما به كما في الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 " مسجد مدلجة تعهن " لابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمدلجة تعهن وبنى بها مسجدا ولم يذكره الأسدي وبين أن تعهن بعد السقيا بثلاثة أميال. " مسجد الرمادة " قال الأسدي ودون الأبواء بميلين مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد الرمادة والأبواء بعد السقيا بأحدى وعشرين ميلا. " مسجد الأبواء " قال الأسدي وفي وسط الأبواء مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بالأبواء آبار وبركا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 " مسجد يسمى بالبيضة " قال الأسدي وعلى خمسة أميال وشيء من الأبواء مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له البيضة. " مسجد عقبة هرشي بأصل العقبة " والعقبة على ثمانية أميال من الأبواء وعلى منتصف الطريق ما بين مكة والمدينة دون العقبة بميل قاله الأسدي وقال البخاري عقب ما تقدم وأن عبد الله حدثه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عند سرحات عن يسار الطريق في مسيل دون هرشي ذلك المسيل لاصق بكراع هرشي بينه وبين الطريق قريب من غلوة وكان عبد الله يصلي إلى سرحة هي أقرب السرحات إلى الطريق وهي أطولهن. " مسجدان بالجحفة " قال الأسدي وفي أول الجحفة مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له غورث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 وفي آخرها عند العملين مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد الأئمة. " مسجد بعد الجحفة " وأظنه مسجد غدير خم قال الأسدي وعلى ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق حذاء العين مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويليها الغيضة وهي غدير خم وهي على أربعة أميال من الجحفة انتهى وقال عياض غدير خم غدير يصب فيه عين وبين الغدير والعين مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم ولأحمد نزوله صلى الله عليه وسلم بغدير خم وصلاته الظهر به تحت شجرة وأخذه بيد علي وقوله اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه الحديث. " مسجد قبل قديد بثلاثة أميال " ذكره الأسدي وذكر إن خيمتي أم معبد الخزاعية وموضع مناة الطاغية في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 الجاهلية على نحو هذه المسافة وعثرت على هذا المسجد في مسيري لمكة قرب طرف قديد يمين الطريق مرتفعا عنها. " مسجد عند حرّة عقبة خليص " قال الأسدي عقبة خليص بينها وبين خليص ثلاثة أميال وهي عقبة تقطع حرّة تعترض الطريق وعند الحرّة مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم. " مسجد خليص " قال الأسدي خليص عين ابن بزيع غزيرة كثيرة الماء عليها نخل كثير وبركة ومسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم. " مسجد بطن مر الظهران " قال الأسدي بين مكة وبين بطن مرّ الظهران سبعة عشر ميلا وببطن مر مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبركة للسيل وربما ملئت من عين يقال لها العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 وقال البخاري عقب ما تقدم وإن عبد الله أبن عمر حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل في المسيل الذي في أدنى مرّ الظهر إن قبل المدينة حين يهبط من الصفراوات ينزل في بطن ذلك المسيل عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة ليس بين منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الطريق الأرمية بحجر قال المطري ومرّ الظهران هو بطن مر المعروف وليس المسجد بمعروف اليوم قال المراغي ويقال إنه المسجد المعروف بمسجد الفتح أي الذي قرب الجموم من وادي مرّ وهو عند المسيل عن يسار الذاهب من الجموم إلى مكة. " مسجد سرف " بفتح السين المهملة وكسر الراء وبه قبر ميمونة بالموضع الذي بنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 " مسجد التنعيم " والتنعيم وراء قبر ميمونة بثلاثة أميال قال الأسدي وهو موضع الشجرة وفيه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آثار. " مسجد ذي طوى " قال البخاري عقب ما تقدم وأن عبد الله حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي طوى ويبيت حتى يصبح يصلي الصبح حين يقدم مكة ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على أكمة غليظة ليس في المسجد الذي بنى ثم ولكن أسفل من ذلك على أكمة غليظة وأن عبد الله حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أستقبل فرضتي الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل نحو الكعبة فجعل المسجد الذي بنى ثم يسار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 المسجد بطرف الأكمة ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه على الأكمة السوداء تدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها ثم تصلى مستقبل الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة قال المطري ووادي ذي طوى هو المعروف بمكة بين الثنيتين أي المسمى عند أهل مكة بما بين الحجرتين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 الفصل الثاني فيما كان من ذلك بالطريق التي يسلكها الحاج في زماننا إلى مكة وطريق المشيان وما قرب منهما لابن زبالة إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بالدبة المستعجلة من المضيق وأستسقى له من بئر الشعبة الصابة أسفل من الدبة فهو ل يفارقها أبدا قال المطري المستعجلة المضيق الذي يصعد إليه الحاج إذا قطع النازية وهو متوجه إلى الصفراء يعني من أعلى فركان خيف بني سالم وذكر أبن إسحاق إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بشعب سير وهو الشعب الذي بين المستعجلة والصفراء وقسم به غنائم بدر ولا يزال الماء فيه غالبا انتهى ولفظ أبن إسحاق نزل على كثيب يقال له سيرالي سرحة والدبة بفتح الدال المهملة وتشديد الموحدة مجتمع الرمل فالمراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 منهما واحد وشعب سير بين جبلين على نحو نصف فرسخ من المستعجلة وعنده بركة كانت لنزول الحاج به وتعرف تلك الجبال بجبال المضيق ولأبن زبالة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد بذات أجدال من مضيق الصفراء ومسجد بالجيزتين من المضيق ومسجد بدفران المدبر وصلى بذنب دفران المقبل الذي يصب في الصفراء فحفرت بئر هناك يقال إنها في موضع جبهة النبي صلى الله عليه وسلم فلما فضل في العذوبة على ما حواليها " قلت " دفران واد معروف قبل الصفراء بيسير يصب سيله فيها من المغرب ويسلكه الحاج المصري في رجوعه إلى ينبع فيأخذ ذات اليمين وينزل الصفراء يسارا كما فعل صلى الله عليه وسلم في ذهابه في غزوة بدر وبه المسجد يتبرك به على يسار السالك إلى ينبع وأظنه مسجد دفران المذكور ورأيت مسجد آخر على رابية مرتفعه عن الطريق يسيرا بتبرك الناس به قبل وصولك إلى الصفراء وقبل الوصول إلى ما أقبل من دفران على الصفراء وليس بقربه مساكن وأظنه أحد المسجدين المذكورين أولا ولأبن زبالة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الصفراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 قلت ذكر لي بعض الناس أن الصفراء مسجدا يتبرك به وقد مات عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب بالصفراء من جراحته ببدر ودفن بالصفراء ولذا قالت هند بنت أثاثة في رثائه لقد ضمن الصفراء مجدا وسوددا ... وحلما أصيلا وفرا للب والعقل وقال المراغي إن قبره بذفران ولعل مراده ما اقبل منه على الصفراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلك ذفران في رجوعه من بدر ولأبن عبد البرّ أن قبره بالنازيين ولم أر من ذكره في أسماء البقاع ولأبن زبالة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلعه من ثنية مبرك في مسجد هناك بينه وبين دعان ستة أميال أو خمسة " قلت " ثنية مبرك معروفة تسلك إلى ينبع في المغرب من جهة أسفل خيف بني سالم ذات اليمين وطريق الصفراء ذات اليسار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 " ومن ذلك مسجد بدر " كان العريش الذي بنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر عنده وهو معروف عند النخيل والعين قريبة منه وبقربه في جهة القبلة مسجد آخر يسميه أهل بدر مسجد النصر ولم أقف فيه على شيء. " ومسجد العشيرة " معروف ببطن ينبع وهو مسجد ينبع بعين بولا " قلت " وعنده عين جارية لكنها لا تعرف بهذا الاسم. " ومن ذلك مساجد بالفرع " بضم الفاء وجهاتها يمرّ بها من سلك طريقها إلى مكة. لابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الأكمة من الفرع فقال في مسجدها الأعلى ونام فيه ثم راح فصلى الظهر في المسجد الأسفل من الأكمة ثم استقبل الفرع فبرك فيها وكان عبد الله بن عمر ينزل المسجد الأعلى فيقيل فيه فيأتيه بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 نساء أسلم بالفراش فيقول لا حتى أضع جنبي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبه وله أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في موضع المسجد بالبرود من مضيق الفرع وصلى فيه وذكر الزبير بن بكار ذات حماط في الأودية التي تصب في العقيق قبله مما يلي المغرب قرب النقيع وذكر أيضا فيها كهف أعشار ثم روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بالضيقة مخرجه من ذات حماط وإنه في غزوة بني المصطلق نزل في كهف أعشار وصلى فيه ولأبن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على مقمل على غلوة من برام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 الفصل الثالث في بقية المساجد المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم وعمره مسجد بعصرة على مرحلة من المدينة بطريق خيبر صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه لخيبر. " ومسجد بالصهباء " وهي على روحة من خيبر قال المطري والمسجد بها معروف قلت وتقدم في مسجد الفضيخ أن قصة رد الشمس كانت بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 " ومسجدان قرب خيبر " قال الأقشهري وبنى له صلى الله عليه وسلم مسجد حين انتهى إلى موضع بقرب خيبر يقال له المنزلة عرس بها ساعة من الليل فصلى فيها نافلة فعادت راحلته تجر زمامها فأدركت لترد فقال دعوها فإنها مأمورة فلما انتهت إلى موضع الصخرة بركت عندها فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصخرة وتحول الناس معه إليها وابتنى هناك مسجدا فهو مسجدهم اليوم انتهى ومسجد بين الشق والنطاة من خيبر إلى عوسجة هنالك ذكره أبن زبالة. " ومسجد بشمران " لابن زبالة إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على رأس جبل بخيبر يقال له شمران فثم مسجده من ناحية سهم بني البراز ويعرف هذا الجبل اليوم بشمران. " ومساجد غزوة تبوك " قال أبن رشد نحو ستة عشر أولها بتبوك وآخرها بذي خشب وسرد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 أبن إسحاق دونه وتخالفا في تعيين بعض مواضعها واجتمع من مجموع ما ذكروه عشرون. الأول بتبوك قال المطري وهو مما بنى عمر بن عبد العزيز. الثاني ثنية مدران تلقاء تبوك. الثالث بذات الزراب على مرحلتين من تبوك. الرابع بالأخضر على أربع مراحل من تبوك. الخامس بذات الخطمي على خمس مراحل من تبوك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 السادس ببألي كما في تهذيب أبن هشام ولابن زبالة بنقيع بولا على خمس مراحل منها أيضا. السابع بطرف البتراء من ذنب كواكب. لثامن بشق تاراء من جويرة. التاسع بذي الحليفة قال أبن زبالة وغيره وليس هو الميقات ولم يذكره أصحاب البلدان. العاشر بذي الخليفة بكسر الخاء المعجمة وقيل بفتحها وقيا بجيم مكسورة وقيل بحاء مهملة مفتوحة ذكره أبن هشام بدل الذي قبله وعكس أبن زبالة فجمع المجد بينهما محل نظر. الحادي عشر بالشوشق قاله الحافظ عبد الغني عن الحاكم. الثاني عشر بصدر حوضي وقيل بذنبها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 الثالث عشر بالحجر وذكر أبن زبالة بدله العلاء وكلاهما بوادي القرى. الرابع عشر بالصعيد صعيد قزح وهو اليوم مسجد وادي القرى قاله عبد الغني. الخامس عشر بوادي القرى. السادس عشر بقربة بني عذرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 السابع عشر بالرقعة على لفظ رقهة النوب وقال البكري أخشى أن يكون بالرقمة من شقة بني عذرة وقال أبن زبالة بدله بالسقيا. الثامن عشر بذي المروة على ثمانية برد من المدينة. التاسع عشر بالفيفاء فيفاء الفحلتين وهما قناتان تحتهما صخر على يوم من المدينة. العشرون خشب على مرحلة من المدينة تحت الدومة التي في حائط عبد الله بن مروان ولأبن زبالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بنخل تحت أثلة بمزرعة لرجل من أشجع وسط نخيل وصلى تحتها ثم أصعد في بطن نخل حتى جاوز الكديد بميل فنزل تحت سرحه وصلى فموضع مسجده اليوم معروف وصلى بالجب من بلاد أشجع " قلت " نخل بنجد والكديد بقربه غير الذي بقرب عسفان قال الأسدي بعد ذكر ذي أمران الكديد وأدى الطريق تقطعه وفيه مسجد رسول الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 صلى الله عليه وسلم والنخيل قريب منه فعبر عن نخل بالنخيل مصغرا كما هو معروف اليوم. " مسجد بالحديبية " وهو واد قريب من بلح ويقال أنه الموضع الذي فيه البئر المعروفة ببئر شمس بطريق جدّة. " ومسجد ذات عرق بميلين ونصف " وهو ميقات الإحرام وأول تهامة قاله الأسدي. " ومسجد بالجعرانة " وهو الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى فأما الأدنى الذي على الأكمة فبناه رجل من قريش وأتخذ الحائط عنده. " ومسجد بلية " قال المطري وهو معروف اليوم وسط وادي بلية وعنده أثر في حجر يقال أنه أثر ناقته صلى الله عليه وسلم وبين وادي الطائف نحو ثمانية أميال. " ومسجد بالطائف " صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قبتين ضربهما لامرأتين كانتا من نسائه حين حاصر الطائف وبنى هناك جامع كبير فيه نبر وفي ركنه الأيمن القبلي قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مؤخره بالصحن بين قبتين صغيرتين يقال أنهما موضع قبتي زوجته عائشة وأم سلمة وذكرنا في الأصل ما قاله المطري وغيره في شجرات السدر التي هناك فراجعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 الباب الثامن في أوديتها وأحمائها وبقاعها وأطامها وبعض أعمالها وجبالها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 وفيه أربعة فصول: الأول في وادي العقيق وعرصته وحدوده وشيء من قصوره وبعض ما قيل في ذلك من الشعر وما يتعلق به. في الصحيح عن أبن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بوادي العقيق أتاني الليلة آت فقال صلي في هذا الوادي المبارك ولأبن شبة عن عمر مرفوعا العقيق واد مبارك قال أبو غسان وأخبرني غير واحد من ثقات أهل المدينة أن عمر رضي الله عنه كان إذا انتهى إليه أن وادي العقيق قد سل قال اذهبوا بنا إلى هذا الوادي المبارك وإلى الماء الذي لو جاءنا من حيث جاء لتمسحنا به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 ولأبن زبالة عن عامر بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى العقيق ثم رجع فقال يا عائشة جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماء قالت يا رسول الله أفلا ننتقل إليه قالوا كيف وقد ابتنى الناس وعن خالد العدواني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عرصة العقيق نعم المنزل العرصة لولا كثرة الهوام وللسيد العباسي العراقي في ذيله عن أنس قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي العقيق فقال يا أنس خذ هذه المطهرة وأملأها من هذا الوادي فإنه يحبنا ونحبه. ولأبن شبة عن سلمة بن الأكوع قال كنت أصيد الوحش وأهدى لحومها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفقدني فقال يا سلمة أين كنت تصيد الوحش فقلت يا رسول الله تباعد الصيد فأنا أصيد بصدر قناة نحو ثيب فقال لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا خرجت وتلقيتك إذا جئت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 وللطبراني نحوه وللزبير بن بكار عن هشام بن عروة العقيق ما بين قصر المراجل فهلم صعد إلى النقيع وما أسفل من ذلك أي من قصر المراجل فمن زغابة وعن المنذر بن عبد الله أنه سمع من أهل العلم أن العرصة أي عرصة العقيق ما بين محججة بين أي وهي الطريق القفرة اليوم شامي الجماوات إلى محججة الشام وهي أول الجرف وأن العقيق من محججة بين فأذهب به وأصعد إلى النقيع وحدثني آخرون أن العقيق من العرصة أبدا إلى النقيع قال الزبير ولم أزل أسمع من أهل العلم أن العقيق الكبير مما يلي الحرة ما بين أرض عروة بن الزبير إلى قصر المراجل ومما يلي الجماء ما بين قصر عبد العزيز بن عبد الله العثماني أي التي بسفح جماء تضارع إلى قصر المراجل ثم أذهب بالعقيق صعد إلى منتهى النقيع ويقولون لما أسفل من المراجل إلى منتهى العرصة العقيق الصغير فأعلى أودية العقيق النقيع وفي شعر الخنساء إطلاقة عليه ونقل الهجري أن النقيع يبتدئ من برام إلى حضير فهو آخر النقيع فأول العقيق مما يلي النقيع حضير إلى آخر منتهاه من العقيق الصغير ثم يصب في زغابة وهي مجتمع السيول بأعلى أضم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 فقول المطري أنه من بئر المخرم إلى غربي بئر رومة المسمى بالعقيق بحسب ما أشتهر في زمانه فقط لأنه المجاور للمدينة وهو المنقسم إلى أصغر وأكبر ولذا قال عياض النقيع صدر العقيق وهما عقيقان أدناهما عقيق المدينة وهو أصغر وأكبر فالأصغر فيه بئر رومة والأكبر فيه بئر عروة والعقيق الآخر على مقربى منه وهو من بلاد مزينة انتهى وسمي عقيقا لأن سيله عق في الحرة أي شق وقطع ومرّ تبع بالعرصة وكانت تسمى بالسليل فقال هذه عرصة الأرض فسميت العرصة ومرّ بالعقيق فقال هذا عقيق الأرض فسمي به وقيل سمي بذلك الحمرة موضعه وللزبير بن بكار أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحرث المزني العقيق ولم يعمل فيه شيئاً وأن عمر رضي الله عنه قال له أن قويت على ما أعطاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتمله فما اعتملت فهو لك فإن لم تعتمله قطعته بين الناس ولم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 تحجزه عليهم وفي رواية أنظر ما أطقت أن تقوى عليه فأمسكه وأردد إلينا ما بقى نقطعه فأبى فترك عمر بيد بلال بعضه وقطع ما بقى للناس ولما دنا عمر من موضع قصر عروة وقف في موضع بئر عروة بن الزبير التي عليها سقايته وهو يقطع الناس فقال أين المستقطعون فنعم موضع المغيرة فأستقطعه ذلك خوات بن جبير الأنصاري فأقطعه ما بين حرة والوبرة إلى ضفيرة المغيرة بن الأخنس وكان يقال لذلك خيف حرة الوبرة فأشترى عروة موضع قصره وبناه بعد وجماء تضارع تواجه بئر عروة الزبير وتسيل عليها وعلى قصر عاصم بن عمرو بن عثمان الذي في قبل الجماء المذكورة ويظهر أنها البئر المطمومة اليوم على يمينك وأنت متوجه إلى ذي الحليفة إذا جاوزت الحصن المعروف بأبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 هاشم بنحو ثلث ميل وقريب من الجماء المذكورة وهي بئر شهيرة فيها أخبار وأشعار قال الزبير بن بكار رأيت الخراج من المدينة إلى مكة وغيرها يمر بالعقيق ويتخففون من الماء حتى يتزودوه من بئر عروة وإذا قدموا منها بماء يقدمون به على أهلهم يشربونه في منازلهم عند مقدمهم قال ورأيت أبي يا مزية فيغلي ثم يجعل في القوارير ويهديه إلى أمير المؤمنين وهارون بالرقة قال جابر الزمعي فيها: لزبير بن بكار رأيت الخراج من المدينة إلى مكة وغيرها يمر بالعقيق ويتخففون من الماء حتى يتزودوه من بئر عروة وإذا قدموا منها بماء يقدمون به على أهلهم يشربونه في منازلهم عند مقدمهم قال ورأيت أبي يا مزية فيغلي ثم يجعل في القوارير ويهديه إلى أمير المؤمنين وهارون بالرقة قال جابر الزمعي فيها: يعرضها الآتي من الناس أهله ... ويجعلها زادا له حين يذهب وقال السري بن عبد الرحمن الأنصاري كنوني أن مت في درع أروى ... واستقوا لي من بئر عروة مائي سخنه في الشتاء باردة الصيف ... سراج الليلة الظلماء وأسفل من هذه البئر بئر أبي هاشم ين المغيرة بن أبي العاص ويظهر أن قصر وهو المعروف اليوم بحصن أبي هاشم وكان يعرف بقصر بنت الرازقي ولعبد الله بن عمرو بن عثمان الناحية الأخرى المراجل والمنيف والآبار والمزارع التي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 هناك وقصر أبن عبد العزيز مما يلي الجماء يقابل أرض عروة وابتنى عنبسة بن سعيد بن العاص قصره بالعقيق الصغير وأعانه هشام بن عبد الملك على بنائه بعشرين ألف دينار بعث إليه بأربعين بختيا ينضح عليها في مزارعه وأظنها المعروفة اليوم بالعنابس وكان جعفر بن سليمان في ولايته على المدينة نزل قصر عنبسة وابتنى إليه أرباضا أسكنها حشمه ثم تحول منه إلى العرصة عرصة الماء فابتنى في قبل الجماء العاقر في حضن الجبل وسكنها حتى عزل فخرج منها ولها يقول أبن الذكي أوحشت الجماء من جعفر ... وطالما كانت به تعمر كم صارخ يدعو وذي كربة ... يا جعفر الخيرات يا جعفر وقال الشاعر أيضا: إني مررت على العقيق وأهله ... يشكون من مطر الربيع نزورا ما ضركم أن كان جعفر جاركم ... أن لا يكون عقيقكم ممطورا وكان بنو أمية يمنعون البناء في العرصة ضنا بها ولا يقطع سلطان الدينة فيها قطيعة إلا بأذن الخليفة وأبتنى مروان بن الحكم بعرصة البقل قصرا واحتفر وضرب لها عينا وأزدرع وابتنى سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية أحد مشاهير الأجواد قصره بسرة العرصة واحتفر بها وغرس النخل والبساتين وكانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 نخلها أبكر سيء بالمدينة لا يطير حمامها وعند نخله كان قصره وهو الذي يقول فيه أبو قطيفة: القصر والنخل والجماء بينهما ... أشهى إلى النفس من أبواب جيرون وكانت تسمى عرصة الماء وسماها بعضهم العرصة الصغرى لأن العقيق الكبير يكنفها من أحد جانبيها وتكنفها عرصة البقل من الجانب الآخر وتختلط عرصة البقل بالجرف فتتسع فهي العرصة الكبرى وهي التي تلي رومة وفي عرصة الماء يقول ذويب الأسلمي قد أقر الله عيني ... بغزال يا أبن عون طاف من وادي حين ... بفتى طلق اليدين بين أعلى عرصة الما ... إلى قصر زبين فقضا لي في منامي ... كل موعود ودين وفي العرصتين يقول الوليد بن زيد: لم أنس بالعرصتين مجلسنا ... بالسفح بين العقيق والسند وقال إبراهيم بن موسى الزبيري: ليت شعري هل للعقيق فسلع ... فقصور الجماء فالعرصتان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 فإلى مسجد الرسول فما حاز ... المصلي فجانبا بطحان فبنو مازن على العهد أم ليس كعهدي في سالف الأزمان وأنشد عبد السلام بن يوسف وهو في غاية العذوبة: على ساكني بطن العقيق سلام ... وأن أسهروني بالفراق وناموا حظرتم عليّ الهموم وهو محلل ... وحللتم التعذيب وهو حرام وقال إعرابي: أياسر حتى وادي العقيق سقيتما ... حيا غضة الأنفاس طيبة الورد ترويكما مج الثرى وتغلغلت ... عروقكما تحت الندى في ثرى جعد ولا يهنمين ظلا كما أن تباعدت ... بي الدار من يرجو ظلا لكما بعدي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 وجماوات العقيق ثلاثة الأولى جماء تضارع المقابلة لميد مكة ما لم يستبطن العقيق فإذا أستبطنه كانت عن يمينه وتسيل على بئر عروة وعلى قصر عاصم العثماني وهو منزل طاهر ين يحيي الحسيني وولده وتحتها المكين مكيمن الجماء متصل بها يمين الذاهب إلى مكة ولأبن شبة حديث لا تسيل تضارع إلا في عام ربيع الثانية جماء خالد في هب الشمال من الأولى تسيل على قصر محمد بن عيسى الجعفري وفي أصلها بيوت الأشعث وقصر يزيد النوفلي وفيه الخبار وبينها وبين جماء العافر طريق من جهة بئر رومة وفيفاء الخبار من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 جماء أم خالد ونقل وجود قبر أرمى على هذه الجماء مكتوب فيه أنا أسود بن سوادة رسول عيسى بن مريم إلى أهل هذه القرية وفي رواية إلى قرى عرينة وفي أخرى أن القبر أربعون ذراعا في أربعين وأنه أوصى بدفنه هناك وفي أخرى رسول سليمان بن داود إلى أهل يثرب الثالثة جماد العاقر بالراء وقيل باللام وإليها قصر جعفر بن سليمان بالعرصة وخلفها المشاش وهو واد يصب في العرصة وكان لسعيد بن زيد بأرض الشجرة موضع توفى به وخاصته أروى بنت أويس فيه فقال اللهم أن كانت ظلمتني فأعم بصرها وأجعل قبرها في بئرها فأستجيب له ونزل أبو هريرة بالشجرة قبل أن تكون مزدرعا فمرّ به مروان وقد أستعمله معاوية على المدينة فأقطع أبا هريرة أرضه وحفرها له ولم يزل العقيق نخلا حتى عملت العيون وكانت ثنية السريد لرجل من بني سليم بقية أهل بيته فقيل له الشريد وكانت أعنابا ونخلا لم ير مثلها فقدم معاوية فطلبها منه فأبى ثم أنه وجد عماله في الشمس فقال ما لكم قالوا نستجم البئار فركب إلى معاوية فباعه إياها ومزارعها من أرض المخرمين إلى أرض المسور بن إبراهيم وبها منازل وآبار كثيرة يحفها شرقيا غير الوارد غربيا جبل يقال له الفراو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 يفضي الليل منها إلى الشجرة التي بها المخرم والمعرس ثم يلي ذلك مزارع أبي هريرة ثم تتابع القصور يمنة ويسرة ولأبن زبالة ما يقتضي أن الجمعة تقام بالشجرة ونقل أبن النجار عن أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى العقيق لهيصم المزني وأن ولاة المدينة لا يزالون يولون عليه حتى كان داود بن عيسى فتركه سنة ثمان وتسعين ومائة " قلت " هذا إنما ذكروه في جماء النقيع فكأنه جرى على رأى من جعله من العقيق ولم يبق من عمارات العقيق إلا بعض الآبار والنفوس ترتاح برؤيتها وتنتعش الأرواح بانتشاق نسمتها وقال أبو عبيدة أن العقيق ينشق من قبل الطائف ثم يمر بالمدينة ثم يلقي من أضم البحر وقال غيره أعلى أودية العقيق النقيع ما دفع في النقيع من قدس وما قبل من الحرة يقال له تطاويح فيصب ذلك في النقيع على أربعة برد من المدينة في يمانيها ثم يصب في غدير يلبن ويدفع فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 وادي اليناع ويصب فيه نقعاء فيلتقين جمع أسفل موضع يقال له نقع ثم يذهب السيل مشرقا فيصب على واديين يعترضهما يسارا ويدفع عليه واد يقال له همان ثم يستجمعن فيلقياهن وادي بأسفل الخليقة خليقة عبد الله بن أبي أحمد بن جحش ثم يصب على الأئمة وعلى الحمام ثم يفضي إلى حمراء الأسد فيستبطن واديها وتدفع عليه الحرتان شرقا وغربا ينتهي إلى ثنية الشريد ثم يفضي إلى الوادي فيأخذ في ذي الحليفة حتى يصب بين أرض أبي هريرة رضي الله عنه وبين أرض عاصم بن عدي ثم يستبطن الوادي حتى يفضي إلى أرض عروة بن الزبير وبئره ثم يستبطن بطن الوادي فيأخذ منه شطيب إلى خليج عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي حفر إلى أسفل العرصة ث يفترش سيل العقيق إذا أخرج من قراقر عبد الله بن عنبسة بن سعد يمنة ويسرة ثم يستجمع حتى يصب في زغابة ومن غدرة تراحم ومختبيات فليح الزبيري ومزج الطفيتين وغير ذلك من الغدران والأودية التي ذكرناها في الأصل مرتبة وسنقف على أشياء من ذلك في الفصل الرابع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 الفصل الثاني في بقية أودية المدينة وهي: " وادي بطحان " لابن شبة والبزاز عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا أن بطحان على ترعة من ترع الجنة قال أبن شبة وأما بطحان وهو الوادي المتوسط بيوت المدينة فإنه يأخذ من ذي الجدر قرارة في الحرة يمانية من حليات الحرة العليا حرة معصم ويفترش في الحرة حتى يصب على جفاف ويمر فيه حتى يفضي إلى فضاء بني خطمة والأعوص ثم يسير حتى يرد الجسر ثم يستبطن وادي بطحان حتى يصب في زغابة ولابن زبالة أنه يأتي من الحلأتين حلأتي صعب على سبعة أميال من المدينة أو نحو ذلك ثم يصل إلى وادي جفاف شرقي مسجد قباء ولذا جعل المطري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 الترجمة لجفاف ولأول بطحان قرب الماجشونية وآخره غربي مساجد الفتح ويشاركه رانوناء في المجرى من قبل المصلى لأنها تصب فيه " ووادي رانوناء " ويقال رانون قال أبن شبة يأتي سيلها من مقمن جبل في يماني عيرو من جرش شرقي الحرة ثم يصب على قرين صريحة أي المعروف بقرين الضرطة ثم على سّ عبد الله بن عمرو بن عثمان أي المعروف بسدّ عنتر ثم يتفرق في الصفاصف فيصب بالعصبة ثم يستنبطها حتى يعترض قباء يمينا ثم يدخل عوسا أي المعروفة بحو ساثم بطن ذي خصب ثم يجتمع ما جاء من الحرة وما جاء من ذي خصب ثم يقترن بذي صلب ثم يستبطن السرارة ألتي ببني بياضة ثم يكرّ على تعر البركة أي ببني بياضة أيضا ثم يفترق فرقتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 فتمرّ فرقة على بئر جشم أي ببني بياضة تصب في سكة الخليج حتى تفرغ في وادي بطحان وتصب الأخرى في وادي بطحان انتهي ولأبن زبالة أن رانوناء تأتي من بين سدّ عبد الله العثماني وبين الحرة ويلتقي معه إذا أخر عند الجبل الذي له مقمن أو مكمن وذو صلب يأتي من السدّ ذو ريش من جوف الحرة أي بأدنى بيوت بياضة وفي رواية له أن صدر سيل ذي صلب من رانوناء وصدر رانوناء من النجيب ثم يسكب ذو صلب ورانوناء في سدّ عبد الله العثماني ثم في شاحطة وأموال العصبة ثم في عوسا ثم في بطحان ثم يلتقي هو وبطحان عند دار الشواترة وهي في عداد بني زريق انتهى. " وادي قناة " نزله تبع فلما شخص منه قال هذه قناة الأرض فسمى به ويسمى بالشظاة أيضا وفي القاموس أنه عند المدينة يسمى قناة ومن أعلى منها عند سدّ نار الحرة يسمى بالشظاة وقال أبن شبة وادي قناة يأتي من وج أي وج الطائف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 وقال المدائني قناة واد يأتي من الطائف ويصب في الأرحظية وقرقرة الكدر ثم يأتي بئر معاوية ثم يمرّ على طرف القدوم في أصل قبور الشهداء بأحد ثم ينتهي إلى مجتمع السيول بزغابة وقال أبن زبالة سيل قناة إذا استجمعت تأتي من الطائف وهو أحد فحول أودية المغرب فيأتي من المشرق حتى يصل السدّ الذي أحدثته نار الحرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 وأنقطع هذا الوادي بسببه ثم أنحرف سنة تسعين وستمائة فجرى الوادي سنة يملأ ما بين الجبلين وسنة أخرى دون ذلك ثم أنحرف بعد السبعمائة فجرى سنة أو أزيد ثم انخرق سنة أربع وثلاثين وسبعمائة بعد تواتر الأمطار فحفر واديا آخر غير مجراه الذي على مشهد سيدنا حمزة قبيلة وقبلي جبل عينين وبقى المشهد وجبل عينين فيوسط المسيل نحو أربعة أشهر لا يقدر أحد على الوصول إليهما إلا بمشقة وكان أهل المدينة يقفون على التل الذي خارج باب البقيع فيشاهدونه ولو زاد مقدار نصف ذراع في الارتفاع وصل إلى المدينة ثم أستقر في الواديين القبلي والشمالي قريبا من سنة وكشف عن عين قديمة قبلي الوادي جددها الأمير ودي ثم دثرت. " ووادي مذينب " ويقال مذينيب وهو شعبة من سيل بطحان لأنه يفرغ فيه بعد أن يأتي إلى الروضة روضة بني أمية ثم يتشعب نحوا من خمسة عشر جزأ في أموال بني أمية ثم يخرج من أموالهم حتى يدخل في بطحان وصدور مذينب وبطحان من الحلأتي صعب ومصبها في زغابة نقله أبن زبالة وسيأتي في مهزور عن أبن شبة ما يقتضي أن مذينيب من أصل مهزور وأنه يجتمع معه بفضاء بني خطمة ووجهه أن أصل الجميع حرة واحدة ومذينيب يشق في زماننا من الحرة الشرقية قبلي بني قريظة فيمرّ بقربه قديمه شرقي العهن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 والنواعم ثم يتشعب في الأموال ثم يخرج من الموضع المعروف ببقيع الزرندي ومن الناصرية فيصب في الوادي الذي يأتي من جفاف شرقي مسجد الفضيخ ثم يأتي الفضاء الذي خلف الماجشونية فيلقاه هناك شعبة من مهزور ويصبان هناك جميعا اليوم في بطحان ولذا قال المطري مذينيب شرقي جفات يلتقي وهو وجفات أي الذي هو أصل بطحان فوق مسجد الشمس ثم يصبان في بطحان ويلتقيان مع رانوناء ببطحان فيمران بالمدينة غربي المصلى انتهى. " ووادي مهزور " صدره حرة شوران على ما قال أبن زبالة ويصب في أموال بني قريظة ثم يأتي المدينة وكان يمر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل ألذي كان يمر فيه معجب وقال ابن شبة أن سيل مهزور يأخذ من الحرة الشرقية ومن هكر وحرة صمعة حتى يأتي أعلى حلأة بني قريظة ثم يسلك منه سعيب فيأخذ على بني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 أمية بن زيد بين البيوت في واد يقال له مذينب ثم يلتقي هو وسيل بني قريظة بقضاء بني خطمة ثم يجتمع الواديان جميعا مهزور ومذينب فيفترقان في الأموال ويدخلان صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها إلا مشربة أم إبراهيم ثم يفضي إلى الصورين قصر مروان بن الحكم ثم يأخذ بطن الوادي على قصر بني يوسف ثم يأخذ في البقيع حتى يخرج بني جديلة والمسجد أي النبوي بطن مهزور وآخر كومة أبي الحمراء ثم يمضي فيصب في وادي قناة انتهى والشعبة التي تلقي مذينب من مهزور إنما تصب اليوم معه في بطحان والذي يسقي الصدقات شعبة أخرى تمرّ بالصافية وما يليها من الصدقات ثم بالموضع المعروف بالقصور ثم بما حول البقيع وأتخذ لها الزيني مرجان شيخ الخدام طريقا من ناحية الصدقات حتى تصب في بطحان أيضا لئلا تفسد النخيل لتي حول البقيع ولم يتعرض أبن شبة للشعبة ألتوي تشق من مهزور في الحرة الشرقية إلى العريض وهي معظم مهزور بسبب السدّ المبني هناك فيصب في قناة وقد قال أبن شبة أن مهزور سال في ولاية عثمان سيلا عظيما خيف على المدينة منه الغرق فعمل عثمان الردم الذي عند بئر مدرى ليرد به السيل عن المسج النبوي والمدينة وتقدم في بئر أريس عن أبن زبالة ما يقتضي أن عثمان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 صرفه حتى يصب في بطحان وسال مهزور في خلافة المنصور سنة بضع وخمسين ومائة حتى ملأ الصدقات النبوية وصار الماء في برقة إلى أنصاف النخيل فخيف على المسجد فخرج الناس إليه فدلوا على مصرفه فحفروا في برقة فأبدوا عن حجارة منقوشة ففتحوها فأنصرف الماء فيها وغاص إلى بطحان دلهم على ذلك عجوز مسنة من أهل العالية قال أبن شبة وأبن زبالة وزاد أن في تلك الليلة هدمت بيوت بطحان أي جشم بن الحرث بالسخ قرب بطحان لصرف الماء إلى جهتهم والخصام مع الزبير في سراح الحرة التي يسقون بها كان في مهزور كما أوضحناه في الأصل قال الزبير بن بكار ثم يلتقي سيل العقيق ورانون وإذا خروا ذي صلب وذي ريش وبطحان ومعجب ومهزور وقناة بزغابة وسيول العوالي هذه يلقي بعضها بعضا قبل أن يلقي العقيق أي لما فصلناه فيما سبق ثم يجتمع فيلتقي بزغابة عند أرض سعد بن أبي وقاص وذلك أعلى وادي أضم سمي به لانضمام السيول واجتماعها به كما أشار إليه أبن شبة ويسمى اليوم بالضيقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 قال الزبير ثم تمضي هذه السيول فتنحدر على عين أبي زياد والصورين لفي أدنى الغابة ثم يلقاها وادي نعمان أسفل عين أبي زياد ثم ينحدر ثم يلتقي وادي ملل بذي خشب وظلم والجنية ويلقاها من المغرب بواط والحرار ومن المشرق ذو أوان ثم الأثمة يلقاها وادي برمة من الشام ووادي ترعة من القبلة ثم يلتقي هو ووادي العيص من القبلة ثم يلقاه وادي حجر ووادي الجزل الذي به السقيا والرحبة في نخل ذي المروة ثم عمودان في أسفل المروة ثم يلقاه واد يقال له سفان حين يفضي إلى البحر عند جبل يقال له أراك ثم يدفع في البحر من ثلاثة أمكنة يقال لها اليعبوب والبنيجة وحقيب انتهى وذكرنا في الأصل ما في كلام المطري من المخالفة لما ذكره من أن مصبه في البحر من ناحية أكرى في طريق مصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه وسلم بالنقيع الحمى بالقصر وقد يمدّ موضع من الموات يمنع من التعرض له ليتوفر فيه الكلأ فترعاه مواش مخصوصة وقد أشتهر بذلك مواضع من جهات المدينة منها: " حمى النقيع " بنون مفتوحة وقاف مكسورة وعين مهملة وأصله كل موضع يستنقع فيه الماء وبه سمي هذا الوادي قال أبن شبة وهو واد كثير الدّر وهو من المدينة على أربعة برد في يمانيها انتهى وقيل هو على ستين ميلا من المدينة ولعل مراد قائله طرفه الأقصى من المدينة وقد تقدم أنه صدر وادي العقيق وأن العقيق يبتدئ من حضير فيكون انتهاء النقيع إليه ونقل الهجري أنه أول الأحماء وأفضلها وأشرفها وأن طوله بريد وعرضه ميل في بعض ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حماه لخيل المسلمين أمر رجلا صيتا فاتكا على عسيب وصاح بأعلى صوته فكان مدى صوته بريا وهو قاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 مدر طيب ينبت أحرار البقل والطرائف ويستأجم أي يستأصل أصله ويغلظ نبته حتى يعود كالأجمة يغيب فيه الراكب إذا أحيا وفيه العضاة والغرقد والسدور السيال والسلم والطلح والسمر والعوسج ويحف ذلك القاع حرة بني سليم شرقا والصخرة غربا مع أعلام مشهورة في المغرب برام والوبرة وضاف والشقراء وببطن النقيع غدر تصيف وأعلاها يراجم ثم ألبن وبعضهم يقول يلبن وهو أعظمهما وأذكرهما انتهى ولأبي داود والزبير بن بكار بسند حين عن الصعب بن خثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع وقال لا أحمي إلا لله وزاد الزبير ولرسوله ولأحمد عن أبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل فقلت له لخيله قال لا لخيل المسلمين ولأبن شبة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى قاع النقيع لخيل المسلمين وفي رواية له حمى النقيع للخيل وحمى الربذة للصدقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 وللزبير بن بكار عن غير واحد من الثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على مقمل وحماه وما حوله من قاع النقيع لخيول المسلمين وزادت بنو أمية بعدو والأمراء أضعاف ما حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقيع وعن هيصم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على مقمل ظرب وسط النقيع فصلى عليه سجدة هناك وقال لهيصم أني مستعملك على هذا الوادي فما جاء من ههنا يشير إلى مطلع الشمس ومغربها فأمنعه فقال أني رجل ليس لي إلا بنات وليس معي أحد يعاونني قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل سيرزقك ولدا ويجعل لك وليا قال فعمل عليه وكان له بعد ذلك ولد فلم تزل الولاة يولون عليه واليا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم يستعمله والي المدينة حتى كان داود بن عيسى فتركه سنة ثمان وتسعين ومائة لأن الناس جلوا عنه للخوف فلم يبق أحد يستعمله عليه انتهى وحمى أبو بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر بعده غير النقيع كما سيأتي لكثرة خيل المسلمين وإبلهم وفي الموطأ عن يحيي بن سعيد أن عمر كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير يحمل الرجل إلى الشام على بعير ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير ونقل عن مالك أن الخيل التي أعدها عمر رضي الله عنه ليحمل عليها في الجهاد من لا مركوب له عدتها أربعون ألفا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 ومنها " حمى الربذة " قرية بنجد من عمل المدينة على نحو أربعة أيام منها نزلها أبو ذر الغفاري وتوفى بها قال الأصمعي إنها من المشرق الذي كبد نجد وإنها الحي الأيمن وقال الأهوازي إنها خربت سنة تسع عشرة وثلاثمائة لاتصال الحروب بين أهلها وأهل ضرية فأستنجد أهل ضرية بالقرامطة فارتحل أهل الربذة عنها وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم حماها لأبل الصدقة وفي الكبير برجال الصحيح عن أبن عمر رضي الله عنه قال حمى النبي صلى الله عليه وسلم الربذة لأبل الصدقة وقيل حماها أبو بكر وقيل عمر رضي الله عنه وهو الأشهر ولأبن شبة بإسناد صحيح عن أبن عمر رضي الله عنه حمى الربذة لنعم الصدقة فتعين الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم حمى منها شيئاً ثم زيد بعده في حماها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 لكن نقل الهجري أن عمر رضي الله عنه أول من أحمى الحمى بالربذة وأن سعة حماه بريد في بريد وأن سرة حمى الربذة كانت الحرة ثم زاد الولاة بعد في الحمى وآخر من حماه أبو بكر الزبيري لنعمه وكان يرعى فيه أهل المدينة وكان جعفر بن سليمان في عمله الأخير على المدينة أحماه لظهره بعدما أبيحت الأحماء وفي ولاية المهدي ثم لم يحمه أحد بعد بكار الزبيري انتهى. ومنها " الشرف " حماه عمر رضي الله عنه وليس هو شرف الروحاء بل موضع بكبد نجد وقيل واد عظيم تكنفه جبال حمى ضرية والظاهر أنه مراد من غاير بينهما وقال الأصمعي الشرف كبد نجد وكانت منازل بني حجر آكل المرار الكندي وفيها اليوم حمى ضرية وفي أول الشرف الربذة وهو الحمى الأيمن والشريف إلى جنبه يفصل بينهما السرير فما كان مشرقا فهو الشريف وما كان مغربا فهو الشرف وقال الحمى يعني بنجد حميان حمى ضرية وحمى الربذة وزاد عليه صاحب المعجم حمى فيد وغيره فيحتل لأن المراد بقولهم حمى عمر الشرف والربذة حمى ضرية والربذة ولذا لم يفرد الهجري الشرف بالذكر ونقل أنه كان يقال لعامل ضرية عامل الشرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 وقال الأصمعي كان يقال من تصنيف الشرف الخرم وشتى الصمان وفي نسخة الرمال فقد أصاب المرعى اه. ومنها " حمى ضرية " بالضاد المعجمة وكسر الراء وتشديد المثناة التحتية قرية على نحو سبع مراحل من المدينة بطريق حاج البصرة إلى مكة سميت باسم بئر عذبة هناك يقال لها ضرية قال أبن الكلبي سميت بضرية بنت نزار أم جلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وهو أشهر الأحماء وأسيرها ذكرا وكان حمى كليب بن وائل فيما يزعم أهل البادية ومعروف قبر كليب به عندهم ونقل الهجري أن أول من أحمى بضرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحمى ستة أميال من كل ناحية وضرية وسط الحمى فكثر النعم زمن عثمان حتى ضاق عنه الحمى وبلغ أربعين ألف بعير فأمر عثمان أن يزاد ما يسع أبل الصدقة وظهر أن الغزاة فزاد زيادة لم يحددوها إل أن عثمان أشرى ماء من مياه بني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 ضبية كان أدنى مياه غني إلى ضرية يقال له البركة عندها هضبات يقال لها البكرات على نحو عشرة أميال من ضرية ويذكر أنها دخلت في حي عثمان ثم لم تزل الولاة تزيد فيه واتخذوه مأكله ومن أشدّهم فيه انبساطا ومنعا إبراهيم بن هشام المخزومي زاد فيه وضيق على أهله وأتخذ فيه من كل لون من ألوان الإبل ألف بعير ولم تزل حوائط الحمى يقاتلون عليه أشد القتال ويكون فيه الدماء وكانت ضرية من مياه الضباب في الجاهلية يروون أن ذا الجوشن الضبابي والد شمر قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه وكانت مسلمة الضباب يروون أن ذا الجوشن قال في الجاهلية: دعوت الله إذ سفبت عيالي ... ليجعل لي وسط طعاما فأعطاني ضرية خير بئر ... تمج الماء والحب التؤاما ووسط جبل على ستة أميال من ضرية يطأه الحاج المصعد خيشومة وبناحيته اليسرى دارة في أعلاها الماء الذي يقال له قنيع وهي بين وسط عسعس ويقال لها أيضا دارة عسعس وعسعس جبل أحمر مجتمع في السماء كهيئة رجل جالس وأما عين ضرية وسيحها فيقال أنه كان لعثمان أبن عنيسة بن أبي سفيان احتفرها وغرس نخلها وضفربها ضفيرة بالصخر لينجس الماء وهو سد يعترض الوادي فيقطع ماءه ليكون أغزر للعين فلما قام بنو العباس كان ذلك فيما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 قبضوا ففي آخر ولاية أبي العباس وكان تحته امرأة من بني جعفر بن كلاب المخزوميين وفد عليه خالها معروف فسأله أن يقطعه عين ضرية فأقطعه وكان بدويا ذا نعم فلما أرطب نخلها أنزلها بأهله وكانت نعمة ترد عليه وصار يطعم الضيفان الرطب ويحلب لهم من أبله فأتاه ضيفان بعدما ولى الرطب فأرسل فلم يؤت إلا بقليل وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب الرطب فقال المشولي أعود على ضيفاني من نخلكم وأتاه قيمه بشيء من قثائها فقال قبح الله ما جئت به أحذر أن يراه عيالي وكره النخل فاشتراه منه عبد الله الهاشمي عامل اليمامة بألفي دينار فأحدث بسوق ضرية حوانيت جعلها سماطين داخلين في سماطي ضرية الأولين فربما جمعت غلة الحوانيت والنخل والزرع ثمانية آلاف درهم في السنة وقد أكثر الشعراء وغيرهم من ذكر هذا الحي وأعلامه وأخباره وقد ذكرنا نبذة من ذلك في الأصل ومنها حي فيد بالفاء ثم مثناة تحتية ساكنة منزل بنجد في طريق الحاج العراقي وبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 سوق وبرك ونخل وعيون قيل سمى بفيد بن حام لأنه أول من سكنه وعين النخل التي به احتفرها عثمان بن عفان رضي الله عنه والأخرى التي في وسط الحصن والسوق تعرف بالحارة احتفرها المنصور والثالثة على الطريق خارج المنزل حفرها المهدي قاله الأسدي وذكر أبن جبير ما يقتضي أنه على نحو تسع مراحل من المدينة وقال الهجري أنه لم يجد أحد عنده بمن كان أول من أحماه ولا كم كانت منعته أول ما أحمى إلا أنه كان فلاة بين أسد وطي وذكر من لقيت من أهله أن أول من حفر به في الإسلام أبو الديلم مولى لفزارة في ولاية بني مروان فاحتفر العين التي هي اليوم قائمة وأساحها وغرس عليها وكانت في يده حتى قام بنو العباس فقبضوها قلت وكأنه لم يقف على ما سبق عن الأسدي من أنّ عين النخل لعثمان ولعله أول من حماه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 الفصل الرابع في بقاعها وآطامها وبعض أعمالها وأعراصها وجبالها وضبط الأسماء المتعلقة بذلك وبغيره مما تمس الحاجة إليه على ترتيب حروف الهجاء " حرف الألف " " آرة " كحارة جبل كبير لمزينة فوق قدس مما يلي الفرع يخرّ من جوانبه عيون عليها قرى كالفرع وأم العيال صدقة فاطمة الزهراء رضي الله عنها والمضيق والمحضة والوبرة والخضرة والفعوة وأوديتها تصب في الأبواء ثم بودّان ويسمى الوادي آرة حقل وبه قرية يقال لها وبعان وخلص آرة واد فيه قرى قال عرام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 " أبار " بالضم وأبيرة مصغرة من أودية الأجرد يصبان في ينبع " أبرق خترب " بحمى ضرية به معدن فضة كثير النيل " أبرق الداث " بالحمى أيضا والداث واد عظيم هناك " أبرق العزاف " بعين مهملة ثم زاي معجمة مشدّدة آخره فاء بين المدينة والربذة على عشرين ميلا من الربذة به آبار قديمة غليظة قال خريم بن فاتك في سبب السلامه أجنني الليل بابرق العزاف فناديت أعوذ بعزبز هذا الوادي من سفهانه وإذا بهاتف يهتف بي: عذيا فتى بالله ذي الجلالوأقرأ بآيات من الأنفالووحد الله ولا تبالي فقلت: يأيها الهتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل فقال: هذا رسول الله ذي الخيرات ... يدعوا إلى الخيرات والنجاة في شعر آخر ذكره أبن أسحق مع محبته للنبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 وفي الأمثال للزمخشري في قولهم أقفر من أبرق العزاف هو رمله لبني سعد يسرة عن طريق الكوفة قريبة من زرود يزعمون إن فيها الجنّ انتهى والأبارق كثيرة وهي لغة الموضع المرتفع ذو الحجارة والرمل والطين " الأبلق الفردحصن ثيماء " كان ينزله السموأل والعرب تضرب به المثل في الحصانة وزعموا إنه من بناه سليمان عليه السلام وضربوا المثل في الوفاء بالسموأل لقصة اتفقت له في ذلك بهذا الحصن " أبلى " كحبلى جبال لبني سالم بين السوارقية والرحضية على نحو أربعة أيام من المدينة " الأبواء " كحلواء ممدود وسبق في مسجد الأبواء وهي قرية قال كثير سميت به لأنهم تبوؤها منزلا وقيل لأن السيول تبوّأتها وقيل هو اسم جبل هناك يمين آرة سمى به لوبائه على القلب والأصح أن قبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء ماتت هناك وهي راجعة من المدينة " الأثمة " أثمة عبد الله بن الزبير بساط واسع يدفع على حضير " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 الأثاية " سبق في مسجدها وحكى فيه تثليث الهمزة وفيه حديث حتى إذا كان بالأثاية بين الرويشة والعرج إذا بطبي حاقف الحديث " الأثبة " محركة واحدة الأثب للشجر المعروف غدير بالعقيق وهناك مال لعبد الله ونخل ليحيى بن الزبير " الأثيفية " بالضم ثم الفتح ثم سكون المثناة تحت وكسر الفاء ثم مثناة تحت مخففة ويقال ذو أثيفية من أودية العقيق " الأثيل " تصغير الأثل بين بدر والصفراء وهو على ميلين من بدر به عين لآل جعفر بن أبي طالب يقال صلى الله عليه وسلم به العصر مرجعه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 بدر فمرّ به ميكائيل عليه السلام بعد ما صلى ركعة وعلى جناحه النقع فتبسم وقال إنس كنت في طلب القوم فتبسم صلى الله عليه وسلم وقتل عنده النضر بن الحرث والأثيل موضع آخر في ذلك الصقع أكثر لبني ضمرة " ذات أجدال " موضع بمضيق الصفراء " الأجرد " أطم بني خدرة بالبصة وجبل لجهينة شامي بواد وجبل آخر أو موضع قبل مدلجة تعهن " أجش " بالجيم محرّكا وشين معجمة مشدّدة أطم بني أنيف بقباء " أجم بنس ساعدة " بضم أوله وثانيه أطم كان لهم قرب ذباب " أحباب " جمع حبيب بلد في جنب السوارقية " أحجار الزيت " كانت عند مشهد مالك بن سنان يضع عليها الزياتون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 رواياهم فعلا الكبس عليها ولأبي داود الترمذي وغيرهما عن مولى أبي اللحم إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو الحديث واقتضى كلام كعب الأحبار إنه أيضا موضع من الحرة بمنازل بني عبد الأشهل به كانت وقعة الحرة " أحجار المراء " بقباء وفي حديث يلقى جبريل عند أحجار المراء وفي النهاية قال مجاهد هي قباء " أحد " بضمتين تقدّم في فضله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 " الأحياء " جمع حي ما أسفل ثنية المرة برابغ به شرية عبيدة بن الحرث " أخرم " كأحمد جبل بين ملل والروحاء يعرف اليوم بخزيم قال أبن هرمة. بأخزم أو بالمنحنى من سويقة. " الأخضر " بالفتح وضاد معجمة منزل نبوي قرب تبوك " أذاخر " جمع أذخر تقدم في الأودية وإذاخر ثنية قرب مكة " أرابن " بالضم ثم الفتح وكسر الموحدة ثم نون منزل على قفا مبرك ينحدر على مضيق الصفراء " أرثد " بالمثلثة والدال المهملة كأحمد وادي الأبواء " الأرحضية " بحاء مهملة وضاد معجمة ومثناة تحتيه مشددة ويقال الرحضية بكسر الراء قرية بها آبار ومزارع وحذاءها قرية يقال لها الحجر بناحية أبلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 " أسقف " جبل بطرف رابوع " الأسواف " بالفتح ثم السكون آخره فاء ويقال الأساويف شامي النقيع على طريق المتوجه إلى أحد قال أبن عبد البر به صدقة زيد بن ثابت وفي طبقات أبن سعد قال أبو الزناد كنا نتحدث إن الأساويف مما أقطعه عمر لزيد بن ثابت " قلت " وبعضه اليوم بيد الطائفة المعروفة بالزيود من العرب يتوارثونه وفي الأوسط للطبراني خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زائر السعد بن الربيع الأنصاري ومنزله بالأسواف فبسطت امرأته لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت صور من نخل فجلس الحديث وفيه قصة البشارة بالجنة ورواه الواقدي مطولا إلا أنه ذكر أن مجيء النبي صلى الله عليه وسلم لامرأته بعد مقتله بأحد وإن زيد بن ثابت تزوّج ابنة سعد بن الربيع وفي الأوسط أيضا إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على بئر بالأسواف وأدلى رجليه فيها وذكر مجيء أبي بكر ثم عمر ثم عثمان كحديث بئر أريس وإن بلالا المأمور بالأذن لكل منهم وأن يبشره بالجنة " الأشعر " قال الهجري وجدت صفته وصفة الأجرد جبل جهينة فنقلته للحديث الذي جاء فيه مرفوعا في الأمان من الفتن ثم قال الأشعر يحدّه من شقه اليماني ووادي الروحاء ومن شقه الشامي بواطان ولأبن شبة عن أبي هريرية رضي الله عنه خير الجبال أحد والأشعر وورقان " الأشنف " أطم يواجه مسجد الحربة " أضاة بني غفار " بالضاد المعجمة والقصر كحصاة مستنقع الماء قال في المشارق وهو موضع بالمدينة فيه حديث أن جبريل لقى النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار " قلت " منازل بني غفار غربي سوق المدينة كما سبق في المساجد وبالسائلة من أجبل جهينة إلى بطحان " أضاخ " كغراب آخره معجمة ويقال وضاخ سوق على ليلة من عرفجا " أضافر " جمع ضفيرة وهي الحقف من الرمل اسم ثنايا سلكها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا وذو الأضافر هضبات على ميلين من هرشي ويقال لها الأضافر أيضا " أضم " كعنب تقدّم آخر الفصل الثاني إنه الوادي المعروف اليوم بالضيقة وأن أعلاه مجتمع الأسيال وكان به أموال زعاب على عيون والجبل الذي بالوادي يسمى باضم أيضا وروى البيهقي إن مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لركانة أشدّ أهل زمانه كانت بوادي أضم وبطن أضم كما في طبقات أبن سعد ما بين ذي خشب وذي المروة على ثلاثة برد من المدينة " الأطول " أطم بمنازل بني عبيد عند مسجد الخربة من القبلة " أعشار " جمع عشر من أودية العقيق وإليه يضاف كهف أعشار " أعظم " بضم الظاء المعجمة جمع عظم جبل كبير شمالي ذات الجيش قاله المجد وفي خط المراغي بفتح الهمزة والظاء معا ويقال فيه عظم بفتحتين وهو المعروف اليوم وفيه يقول عامر الزبيري قل للذي رام هذا الحي من أسد. رمت الشوامخ من عير وعن عظم وعن محمد بن قليع عن أشياخه قالوا ما برقت السماء قط إلا استهلت على عظم وكانوا يقولون إن على ظهر قبر نبي أو رجل صالح " أعماد " أربعة آطام بين المذاد والدويخل جبل بني عبيد بعضها لبني عبيد وبعضها لبني حرام " الأعواف " ويقال العواف أحد الصدقات المتقدمة " الأعوص " كالأحمر بعين وصاد مهملتين شرقي المدينة بين بئر السائب وبئر المطلب " الأفراق " بالفاء آخره قاف كالأسواف كأنه جمع فرق وعن بعضهم كسر الهمزة موضع من حوائط المدينة " الآب " كسراب من أودية الأشعر يلتقي مع مضيق الصفراء أسفل من عين العلاء " ألبن " بالفتح ثم السكون ثم موحدة مفتوحة على الأفصح كما سيأتي في يلبن " ألهان " كنبهان موضع لبني قريظة " أم العيال " عين عليها سوقة وسبق في آرة أنها صدقة فاطمة قاله عرام وقال أبن حزم هي لولد طلحة بن عبيد الله أنفق عليها ثمانين ألف دينار وغلة ثمرها خاصة أربعة آلاف دينار تسقي أزيد من عشرين ألف نخلة " أمج " بفتحتين وجيم واد يأخذ هو وغران من حرة بني سليم يفرغان في البحر يطأ المار بمكة الأول بعد خليص بميلين ثم الثاني وهو وادي الأزرق بعد أمج بميل " ذو أمر " بفتحتين بطريق فيد على ثلاثة مراحل من المدينة بقرية النخيل وقيل نخل وقال أبن حزم أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عوسجة الجهني ذا أمر واعتزل بعض ولد أبن الزبير بأمر من بطن أضم في بعض الفتن " إمّرة " بالكسر كامعة وقد تفتح الهمزة موضع قرب جبل المنار به آبار سمى باسم الصغير من ولد الضأن " الأنعم " بضم العين سبق في مسجد المنارتين بطريق العقيق إنه الجبل الذي على يمين الآتي من الزقيقين وهو الذي بنى عليه المزني وجابر الربعي وفيه يقول الشاعر. لمن الديار غشيتها بالأنعم. والأنعم بفتح العين جبل ببطن عاقل قرب حمى ضرية وعناه جرير بقوله. حيّ الديار بعاقل فالأنعم. فاجتنب ما وقع للمجد هنا " أهاب " ككتاب وقد تبدل الهمزة ياء وفي مسلم تبلغ المساكن أهاب أو يهاب بكسر الياء وإليه تضاف بئر أهاب المتقدمة في الآبار بالحرة الغربية " ذو أوان " بلفظ الأوان للعين قال أبن إسحاق لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار أتاه خبر مسجد الضرار " الأوساط " بسين وطاء مهملتين بدار سعد بن عبادة وفي رواية بدار بلحارث ولعل المراد من كان بدار سعد منهم عند جوار سعد. جري وجدت صفته وصفة الأجرد جبل جهينة فنقلته للحديث الذي جاء فيه مرفوعا في الأمان من الفتن ثم قال الأشعر يحدّه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 شقه اليماني ووادي الروحاء ومن شقه الشامي بواطان ولأبن شبة عن أبي هريرية رضي الله عنه خير الجبال أحد والأشعر وورقان " الأشنف " أطم يواجه مسجد الحربة " أضاة بني غفار " بالضاد المعجمة والقصر كحصاة مستنقع الماء قال في المشارق وهو موضع بالمدينة فيه حديث أن جبريل لقى النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار " قلت " منازل بني غفار غربي سوق المدينة كما سبق في المساجد وبالسائلة من أجبل جهينة إلى بطحان " أضاخ " كغراب آخره معجمة ويقال وضاخ سوق على ليلة من عرفجا " أضافر " جمع ضفيرة وهي الحقف من الرمل اسم ثنايا سلكها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا وذو الأضافر هضبات على ميلين من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 هرشي ويقال لها الأضافر أيضا " أضم " كعنب تقدّم آخر الفصل الثاني إنه الوادي المعروف اليوم بالضيقة وأن أعلاه مجتمع الأسيال وكان به أموال زعاب على عيون والجبل الذي بالوادي يسمى باضم أيضا وروى البيهقي إن مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لركانة أشدّ أهل زمانه كانت بوادي أضم وبطن أضم كما في طبقات أبن سعد ما بين ذي خشب وذي المروة على ثلاثة برد من المدينة " الأطول " أطم بمنازل بني عبيد عند مسجد الخربة من القبلة " أعشار " جمع عشر من أودية العقيق وإليه يضاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 كهف أعشار " أعظم " بضم الظاء المعجمة جمع عظم جبل كبير شمالي ذات الجيش قاله المجد وفي خط المراغي بفتح الهمزة والظاء معا ويقال فيه عظم بفتحتين وهو المعروف اليوم وفيه يقول عامر الزبيري قل للذي رام هذا الحي من أسد. رمت الشوامخ من عير وعن عظم وعن محمد بن قليع عن أشياخه قالوا ما برقت السماء قط إلا استهلت على عظم وكانوا يقولون إن على ظهر قبر نبي أو رجل صالح " أعماد " أربعة آطام بين المذاد والدويخل جبل بني عبيد بعضها لبني عبيد وبعضها لبني حرام " الأعواف " ويقال العواف أحد الصدقات المتقدمة " الأعوص " كالأحمر بعين وصاد مهملتين شرقي المدينة بين بئر السائب وبئر المطلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 " الأفراق " بالفاء آخره قاف كالأسواف كأنه جمع فرق وعن بعضهم كسر الهمزة موضع من حوائط المدينة " الآب " كسراب من أودية الأشعر يلتقي مع مضيق الصفراء أسفل من عين العلاء " ألبن " بالفتح ثم السكون ثم موحدة مفتوحة على الأفصح كما سيأتي في يلبن " ألهان " كنبهان موضع لبني قريظة " أم العيال " عين عليها سوقة وسبق في آرة أنها صدقة فاطمة قاله عرام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 وقال أبن حزم هي لولد طلحة بن عبيد الله أنفق عليها ثمانين ألف دينار وغلة ثمرها خاصة أربعة آلاف دينار تسقي أزيد من عشرين ألف نخلة " أمج " بفتحتين وجيم واد يأخذ هو وغران من حرة بني سليم يفرغان في البحر يطأ المار بمكة الأول بعد خليص بميلين ثم الثاني وهو وادي الأزرق بعد أمج بميل " ذو أمر " بفتحتين بطريق فيد على ثلاثة مراحل من المدينة بقرية النخيل وقيل نخل وقال أبن حزم أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عوسجة الجهني ذا أمر واعتزل بعض ولد أبن الزبير بأمر من بطن أضم في بعض الفتن " إمّرة " بالكسر كامعة وقد تفتح الهمزة موضع قرب جبل المنار به آبار سمى باسم الصغير من ولد الضأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 " الأنعم " بضم العين سبق في مسجد المنارتين بطريق العقيق إنه الجبل الذي على يمين الآتي من الزقيقين وهو الذي بنى عليه المزني وجابر الربعي وفيه يقول الشاعر. لمن الديار غشيتها بالأنعم. والأنعم بفتح العين جبل ببطن عاقل قرب حمى ضرية وعناه جرير بقوله. حيّ الديار بعاقل فالأنعم. فاجتنب ما وقع للمجد هنا " أهاب " ككتاب وقد تبدل الهمزة ياء وفي مسلم تبلغ المساكن أهاب أو يهاب بكسر الياء وإليه تضاف بئر أهاب المتقدمة في الآبار بالحرة الغربية " ذو أوان " بلفظ الأوان للعين قال أبن إسحاق لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار أتاه خبر مسجد الضرار " الأوساط " بسين وطاء مهملتين بدار سعد بن عبادة وفي رواية بدار بلحارث ولعل المراد من كان بدار سعد منهم عند جوار سعد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 " حرف الباء " " بئر أرمي " بالفتح وسكون الراء كسلي على ثلاثة أميال من المدينة عندها غزوة ذات الرقاع " بئر إلية " بلفظ إليه الشاة في حزم بني عوال على يومين من المدينة " بئر جشم " بضم الجيم وفتح الشين المعجمة ولعله أبن الخزرج جدّ بني مالك بن غضب ومنزلهم ببني بياضة غربي رانوناء وقول ياقوت بئر جشم بالجرف أن صح فهي غير المذورة في سيل رانوناء " بئر خارجة " بالخاء المعجمة وكسر الراء وفتح الجيم أسم رجل أضيفت إليه البئر وهي بالمدينة غير معروفة اليوم " بئر خريف " تقدمت في بئر أربس " بئر الخصيّ " تأتي في الخاء المعجمة " بئر الديرك " تصغير درك ويقال الرزيق بالقاف لها ذكر في منازل بني خطمة وقال قيس بن الخطيم: ببئر دريك فأستعدوا لمثلها ... وأصغوا لها آذانكم وتأملوا " ببئر ذران " بفتح الذال المعجمة كمروان عند البخاري ولمسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 بئر ذي أروان وأسقط الأصيلي الراء وغلط وكان الأصل ذي أروان فسهلت الهمزة لكثرة الاستعمال فصار ذروان وروى بئر أروان بإسقاط ذي وهي بئر بني زريق وضع لبيد بن الأعصم وكان منافقا حليفا في بني زريق سحره النبي صلى الله عليه وسلم تحت راعوفتها وكان ماؤها كنقاعة الحناء ونخلها كأنه رؤوس الشياطين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فدفنت بعد إخراج السحر منها لكنه لم يخرجه للناس " بئر رئاب " بكسر الراء ثن همزة وألف آخر موحدة بئر بالمدينة لها شاهد في محيص " بئر ركانة " على عشرة أميال من المدينة بطريق العراق " بئر زمزم " بزايين معجمتين تقدمت في بئر أهاب " بئر السائب " بالطريق النجدي على يوم من المدينة ويوم من الشقرة والجبل المشرق عليها يقال له شباع بالشين ككاب يذكر أن إبراهيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 الخليل نزل في أعلاه " بئر عائشة " رجل من بني واقف عليها أطم بجهة قبلة مسجد الفضيح " بئر عذق " بالفتح وسكون الذال المعجمة بلفظ العذق للنخلة معروفة بقباء بمنازل بني أنيف " بئر عروة " تقدمت مع قصره في فضل العقيق " بئر ذات العلم " بفتحتين تجاه الروحاء يقال أن علي بن أبي طالب قاتل الجن بها وهي متناهية بعد هرشي " بئر عاصر " تقدمت في صدقة عثمان ببئر أريس " بئر فاطمة " بنت الحسين رضي الله عنه احتفرتها بالحرة الغربية عند انتقالها من بيت جدتها فاطمة الكبرى رضي الله عنها إدخاله في المسجد قرب بناء إبراهيم بن هشام فصلت في موضع بئر ركعتين ثم دعت الله تعالى وأخذت المسحاة فاحتفرت بيدها وأمرت العمال فعملوا فما لقيت حصاة حتى أماهت فلما بنى إبراهيم بن هشام هناك وأراد نقل السوق صنع في حفرته بالحوض مثل ذلك فلقي جبلا فأشترى دار فاطمة هذه من أبنها عبد الله بن حسن بن حسن رضي الله عنه ورجح المطري أن هذه البئر هي المعروفة اليوم بزمزم وسبق رده في بئر أهاب والظاهر أنها بقربها " بئر فجار " بتشديد الجيم تأتي في الشطيبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 " بئر مدري " بكسر الميم وسكون الدال بلفظ المدري الذي يكتحل من الآبار النفيسة عمل عثمان رضي الله عنه عندها الردم ليرد به سيل مهزور عن المسجد " بئر مرق " محركا وقد تسكن الراء آخره قاف بحائط لبني ظفر ويعرف اليوم بالمرقية " بئر مطلب " منسوبة إلى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي على ستة أميال من المدينة بالطريق النجدي " بئر معونة " بفتح الميم وضم العين ثم واو ثم نون مفتوحة ثم هاء وقد تتصحف ببئر معاوية التي بين عسفان ومكة بلفظ معاوية الخليفة وليست بها فهذه بين جبال يقال لها أبلى لبني سليم قرب حرتهم ومعونة أسم الوادي الذي البئر معروف اليوم هناك وقال الزهري بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أرض بني سليم وهو بئر معونة بحرف أبلى وهو مخالف لما في المشارق من أن بئر معونة بين عسفان ومكة وهو مقتضى قول الواقدي أن قصة الرجيع كانت عند بئر معونة لأن قصة الرجيع هناك لكن غاير أبن إسحاق بينهما في الموضع " بئر الملك " بكسر اللام وهو تبع اليماني حفرها بمنزله بقناة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 فاستوبأها فاستسقى له من بئر رومة وفي صدقات على بئر الملك بقناة " بئر الهجيم " بالجيم مصغرا وهو أطم بالعصبة " بألا " بفتحات ثلاث تقدم في مساجد تبوك " البتراء " تقدم فيها أيضا والظاهر أنه غير البتراء التي انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إليها موريا في غزاة بني لحيان ثم أخذ ذات اليسار فخرج على بين ثم ضحيرات الثمام " البجرات " بفتح الباء والجيم وقد تصغر مياه سماء تجتمع بجبل شوران " بحران " بالضم وقيل بالفتح وسكون الحاء المهملة ثم راء معدن فوق الفرع به غزاة أو سرية " بخرج " أطم بقباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 " بدا " بالفتح مخففا موضع قرب وادي القرى " البدائع " تقدم في مسجد الشيخين " بدر " بالفتح ثم السكون بئرا احتفرها رجل من غفار أسمه بدر بالموضع الذي كانت به وقعة بدر وقيل هو بدر بن قريش وقريش أبن مخلد بن النضر وقيل الذي سميت به قريش قريشا وقيل هو من بني ضمرة سكن الموضع فغلب أسمه عليه وبدر الموعد وبدر القتال وبدر الثالثة كله موضع واحد أستشهد بولعتها التي أعز الله بها الإسلام ثلاثة عشر رجلا غير عبيدة بن الحرث تأخرت وفاته حتى وصل الصفراء فدفن فيها قال المرجاني وضربت طبلخانة النصر ببدر فهي تضرب إلى يوم القيامة " براق خبت " بكسر أوله وفتح الخاء المعجمة وسكون الموحدة ثم مثناة فوق صحراء يمرّ بها المصعد من بدر إلى مكة " برام " بفتح أوله وقد يكسر جبل كأنه فسطاط من أعلام النقيع في المغرب ويقابله عسيب في المشرق " برقة " بالضم وروى بالفتح ثم السكون تقدمت في الصدقات " برقة العيرات " بفتح العين المهملة والمثناة التحتية بين ضربة وبيسان حسنة متسعة على أقل من نصف ميل منها وهي التي في شعراء أمرئ القيس " برك " بالكسر واد بحذاء شواحط بناحية السوارقية ويقال لثنيه مبرك برك كما سيأتي " البركة " بالكسر مغيض عين الأزرق " برمة " بالكسر قرب بلاكث بين خيبر ووادي القرى به عيون ونخل ويقال له ذو البيضة " البرود " بالفتح وضم الراء موضع بين طرف ملل وطرف الأشعر وموضع آخر بطرف حرة النار " البواء " بالزاي كالحلواء بلدة بيضاء مرتفعة من الساحل بين الجار وودان وفيقة من أشد بلاد الله حرا سكانه بنو ضمرة من كنانة رهط عزة صاحبة كثير قال كثير يهجوهممرّ بها المصعد من بدر إلى مكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 " برام " بفتح أوله وقد يكسر جبل كأنه فسطاط من أعلام النقيع في المغرب ويقابله عسيب في المشرق " برقة " بالضم وروى بالفتح ثم السكون تقدمت في الصدقات " برقة العيرات " بفتح العين المهملة والمثناة التحتية بين ضربة وبيسان حسنة متسعة على أقل من نصف ميل منها وهي التي في شعراء أمرئ القيس " برك " بالكسر واد بحذاء شواحط بناحية السوارقية ويقال لثنيه مبرك برك كما سيأتي " البركة " بالكسر مغيض عين الأزرق " برمة " بالكسر قرب بلاكث بين خيبر ووادي القرى به عيون ونخل ويقال له ذو البيضة " البرود " بالفتح وضم الراء موضع بين طرف ملل وطرف الأشعر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 وموضع آخر بطرف حرة النار " البواء " بالزاي كالحلواء بلدة بيضاء مرتفعة من الساحل بين الجار وودان وفيقة من أشد بلاد الله حرا سكانه بنو ضمرة من كنانة رهط عزة صاحبة كثير قال كثير يهجوهم ولا بأس بالبزواء أرضا لو أنها ... تطهر من آثارهم فتطيب " البضيع " بالضم وفتح الضاد المعجمة مصغرا ضرب عن يسار الجار أسفل من عين الغفاريين قال ياقوت ويظهر أنه الآتي في النون " البطحاء " يدفع فيها طرف عظم الشامي وما دبر من الصلصلين وتدفع هي من بين الجبلين في العقيق " بطحان " بالضم ثم السكون وقيل بفتح أوله وكسر ثانيه وحكى فتح الأول وسكون الثاني تقدم في الأودية قال الشاعر: سقيا لسلع ولساحاته ... والعيش في أكناف بطحان أمسيت من شوقي إلى أهلها أدفع أحزانا بأحزان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 " بطن نخل " جمع نخلة على نحو يومين من المدينة بينهما الطريق بطريق فيها أكثر من ثلاثمائة بئر كلها طيبة وبها تلتقي طريق الربذة " بعاث " أوله بالحركات الثلاثة وقال عياض بالضم لا غير وبالعين المهملة وآخره مثلثة وعن الخليل أعجام العين قال أبو حامد السكري وهو تصحيف وفي المطالع والمشارق بإهمال العين المشهورة وقيده الأصيلي بالوجهين وعند القابسي بالمعجمة ويقال أن أبا عبيدة ذكره بها أيضا وهو موضع عند أعلى قورى ويقال حصن أو مزرعة ببني قريضة على ميلين من المدينة ولعل قورى هو المعروف اليوم بقوران أسفل الدلال لما ذكرناه في الأصل وقال محمد بن مسلمة أنه سلك بعد قتل أبن الأشرف على بني قريضة ثم على بعاث حتى أسند في حرة العريض وبه يرد قول عياض بعاث على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 ليلتين من المدينة " بعبع " بالضم وإهمال العينين أطم بقباء " يغيبغة " بإعجام الغينين تصغير البغبغ للبئر القريبة الرشاء ويقال البغيبات وهي عيون عملها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بينبع أول ما صارت إليه وتصدق بها وبلغ جدادها في زمنه ألف وسق منها خفيف الأراك وخفيف ليلى وخفيف نسطاس وأعطاها حسين ابن علي بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يأكل ثمرها ويستعين بها على دينه على أن لا يزوج أبنته من يزيد بن معاوية فباع عبد الله تلك العيون من معاوية فلما تملك بنو هاشم كلم فيها عبد الله بن حسن بن حسن أبا العباس وهو خليفة فردها في صدقة علي رضي الله عنه ثم قبضها أبو جعفر في خلافته فحين استخلف المهدي أخبره الحسين بن زيد خبرها فردها مع صدقات علي وقيل لم تزل بيد بني عبد الله بن جعفر حتى أستخلف المأمون فأنتزعها وعوضهم عنها وردها في وقف علي " البقال " بالفتح وتشديد القاف موضع به دور بعضها مجاور لبقيع الزبير وبعضها لبقيع الغرقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 " بقعاء " كصفراء بمعنى المجدب من الأرض ويقال له بقعاء ذي القصة موضع على أربعة وعشرين ميلا من المدينة خرج إليه أبو بكر لتجهيز المسلمين لقتال أهل الردة " بقع " بالضم قيل هي السقيا ألتي بنقب بني دينار وقال الواقدي البقع بالضم من القيا التي بنقب بني دينار " بقيع بطحان " بالفتح مضاف إلى وادي المتقدم " بقيع الخبجبة " بفتح الخاء المعجمة ثم موحدة وفتح الجيم ثم موحدة وها شجر ينبت بهذا الموضع وقال السهيلي أنه بجيمين وأبن الأثير بخاء معجمتين وتقدم بيانه في أول الباب الرابع وأنه على يسار المار إلى مشهد سيدنا إبراهيم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب اللبن هناك حين بنى المسجد " بقيع الخيل " ما جاوز المصلى من شرقي المدينة ويقال له المصلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 أيضا قال أبو قطيفة: ألا ليت شعري هل تغير بعدنا ... بقيع المصلى أم كعهد القرائن ويروي جنوب المصلى " بقيع " الزبير أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم والمصلى له فأتخذ في بعضه دورا وهو بجوار بني غنم وفي شرقيه البقال وأظن الرحبة التي بحارة الخدام بطريق بقيع الغرقد منه " بقيع الغرقد " بالغين المعجمة كبار العوسج كان نابتا به فقطع وأتخذ مقبرة كما سبق وقال عمرو بن النعمان البياضي يرثى قومه ونسب لرجل من خشعم خات الديار فسدت غير مسود ... ومن العناء تفردي بالسؤدد أين الذين عهدتهم في غبطة ... بين العقيق إلى بقيع الغرقد " البكرات " بحمى ضربة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 " البلاط " تقدم مستوفى " بلاكث " بالفتح وكسر الكاف ثم مثلثة بجانب برمة ببطن أطم " بلحان " بالفتح ثم السكون أطم بالمال الذي يقال له الشجرة ويعرف اليوم بالشجيرة مصغرا " البلدة " بسكون اللام " البليدة " تصغير ما قبله معروفان بأسفل نخلى من أودية الأشعر قرب الموضع المعروف بالفقير وقد يقال في الثاني البليد قال ياقوت وهو لآل علي " بواطان " بضم أوله وحكى فتحه وطاء مهملة جبلان شامي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 الأشعر مفترقا الرأسين غوري وجلسي وأصلها واحد ولذا قال بالإفراد بينهما ثنية تسلكها المحامل سلكها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة والجلسي منهما تلي ملحتين لناس من جهينة نقله الهجري وبوادي بواط غزوة " البويرمة " بئر بني الحرث بن الخزرج كذا في نسخة من أبن شبة ولعله تصحيف البويرة لما سيأتي " البويرة " تصغير البئر التي منها وفي الصحيح حرق نخل النضير وهي البويرة وليست هي الموضع المعروف بهذا الاسم في قبله مسجد قباء من جهة المغرب كما أوضحناه في الأصل بل هي بمازلهم المتقدمة ومنها ناحية الغرس وقد قال أبن زبالة في حديث تربة صعيب المعروف اليوم عند ركن الحديقة الماجشونية ما لفظه وصعيب عند النخلة المرجبة على الطريق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 في بناء ناحية من البويرة وقال الحافظ أبن حجر أنه يقال له البويلة باللام بدل الراء ولأبن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير بن العوام وأبا سلمة البويلة من أرض بني النضير " قلت " والبويلة أطم لبني النضير بمنازلهم " البيداء " الشرف الذي قدام ذي الحليفة فوق علم مخرج ذي الحليفة إذا صعدت من الوادي ولأبن شبة عن أبن عمر إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي " بيسان " بالفتح وسكون المثناة تحت ثم سين مهملة وألف ونون ماء ملح بين خيبر والمدينة نزل صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي قرد فسماه نعمان وصفه بالطيب فغير الأسم وغير الله الماء فاشتراه طلحة وتصدق به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 " حرف التاء " " تاراء " بالمد سبق في مساجد تبوك فراجعه " تبوك " كصبور موضع بين وادي القرى والشام على أثنى عشر مرحلة من المدينة به عين ونخل وحائط ينصب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان أمرهم إذا نزل بها أن لا يمس أحد من ماء عينها فسبق رجلان وهي تبض بشيء من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها فقال صلى الله عليه وسلم ما زلتما تبو كأنها أي تحركانها بما أدخلتماه فسميت بذلك تبوك وركز صلى الله عليه وسلم عنزته فيها ثلاث ركزات فجاشت ثلاثة أعين ولمسلم أنه صلى الله عليه وسلم غسل وجهه ويديه بشيء من مائها ثم أعاد فيها ولأبن إسحاق فانخرق من الماء ماله حس كحس الصواعق ثم قال صلى الله عليه وسلم يوشك يا معاذ أن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد مليء جنانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 ويأتي في سرغ المجد أنها آخر عمل المدينة وأنها بوادي تبوك على ثلاثة عشر مرحلة من المدينة فقول أن تبوك ليس من شرط الكتاب لبعده عن المدينة مردود " تربان " بالضم ثم السكون واد بين ذات الجيش وملل " ترعة " واد يلقي أضم من القبلة وفي صدقات علي وادي ترعة بناحية فدك بين لابتي حرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 " التسرير " واد بين ضلعي حمى ضرية وبلفظ السرير الذي يجلس عليه خطا " تضارع " بضم أوله وضم الراء ولا نظير له وقد تكسر الراء وبفتح أوله وضم الراء تقدم في جماوات العقيق " تعار " بالكسر وإهمال العين جبل في قبلة أبلى " تعهن " بكسر أوله وثالثه ويفتحان وحكى ضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه وللإسماعيلي دعهن بالدال المهملة بدل التاء ويقال تهاهن بالضم وكسر الهاء عين ماء خربة بطريق القيا بثلاثة أميال لجهة مكة فقول المجد هي بين القاحة والسقيا مردود إذا لقاحه قبل السقيا بميل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 لكن قوله في حديث أبي قتادة تركته بعهن وهو قائل السقيا بعد أن صاد أبو قتادة الحمار بالقاحة قبل إحرامه وهم ذاهبون لحجة الوداع شاهد له أن كان من القول أي أقصد السقيا أو القيلولة والضمير في وهو للنبي صلى الله عليه وسلم وكون الترتيب كما قدمناه قاض بأن الضمير للغفاري أي والغفاري قائل أقصد السقيا ويدل عليه رواية الإسماعيلي وهو قائم بالسقيا فيكون من كلام أبي قتادة وقد روى وهو قابل بالباء الموحدة والضمير لتعهن كما قال الحافظ أبن حجر ويصح عوده للغفاري أيضا " تمنى " بفتحتين وتشديد النون المكسورة أرض يطؤها المنحدر من ثنية هرشي يريد المدينة وبها جبال تسمى البيض " تناضب " بلضم وكسر الضاد المعجمة شعبة من الدوداء تدفع في العقيق وأما التناصب بالفتح وضم الضاد وكسرها فمن أضاة بني غفار التي فوق سرف قرب مكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 " تيدد " بالفتح وسكون المثناة تحت ثم دالين مهملتين تقدم في أسماء المدينة وهو أسم لموضع آخر من أودية الأجرد جبل جهينة به عيون صغارا كلها تدفع في أسنان لجبال فإذا أسهل بغراسها لم ينجب لأن صاحبها وكان من جهينة قال هي في جبل وذمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسهات تبدد نقله الهجري " تيس " بلفظ فحل المعز أطم لبني عنان من بني ساعدة " تيم " بفتحتين عبرية عن ثيب جبل شرقي المدينة " تيماء " بالفتح والمدّ بلدة من توابع المدينة على ثمان مراحل منها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 " حرف الثاء " " الثاجة " بالجيم المشددة ما يثج بحرض وبحراض ثاجة أخرى " ثافل " الأصغر " ثافل " الأكبر بالفاء جبلان بعدوة غيقة يمنه عين القشيري ويسار المصعد لمكة بينهما ثنية " ثبار " ككتاب آخره راء موضع على ستة أميال من خيبر به قتل عبد الله بن أنيس أسير أبن رزام اليهودي وأراد صلى الله عليه وسلم أن يبني بصفية به فأبت عليه حتى وجد في نفسه فلما بلغ الصهباء ما إلى دومة هناك فطاوعته فقال لها ما حملك على ما صنعت حين أردنا النزول بثبار فقالت يا رسول الله خفت عليك يهود فلما بعدت منهم أمنت فزادها عنده خيرا عند ذلك وعلم أنها صدقته " ثرا " بالكسرة والقصر موضع بين الرويشة والصفراء أسفل وادي الجي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 " الثريا " بلفظ أسم النجم من مياه الضباب بحمى ضرية وماؤه لمحارب في جبل شعبي " ثعال " كغراب شعبة بين الروحاء والرويثة " الثمام " بالضم بلفظ النبت المعروف ويقال الثمامة يضاف إليه صخيرات الثمام ورواه المغاربة بالمثناة تحت بدل المثلثة وهو الموضع المعروف اليوم بالصخيرات " ثمغ " بالفتح والغين المعجمة مال في شامي المدينة قرب كومة أبي الحمراء أصابه عمر بن الخطاب من يهود بني حارثة وتصدق به كما يؤخذ من كلام أبن شبة وغيره وعن عمر بن الخطاب من يهود بني حارثة وتصدق به كما يؤخذ من كلام أبن شبة وغيره وعن أبن عمر أنه أول ما تصدق به في الإسلام وهو غير صدقة عمر بخيبر كما في كتاب أبن سبة لكن للدرارقطني أن عمر أصاب أرضا بخيب ريقال له ثمغ الحديث فإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 صح فكل منهما يسمى بذلك " ثنية " البول بالموحدة بين ذي خشب والمدينة " ثنية " الحوض للطبراني عن سلمة قال أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقيق حتى إذا كنا على الثنية التي يقال لها ثنية الحوض التي بالعقيق أومأ بيده الحديث وأظنها أسفل المدرج وأن الحوض حوض مروان لذكره هناك " ثنية " الشريد تقدمت في العقيق " ثنية " بمثناة تحتية قبل الراء ويقال بالغين المعجمة عن يمين ركوبة سلكها النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الهجرة " ثنية " عثعث تنسب إلى الجبل ألذي يقال له سليع مصغرا وعليه اليوم حصن أمير المدينة والثنية بينه وبين سلع " ثنية " مدران بكسر الميم في مساجد تبوك " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 ثنية " المرة بالكسر وتشديد الراء قرب ماء يدعى الأحياء من رابغ مذكورة في سرية عبيدة بن الحرث وقال ياقوت أنها بتخفيف الراء " وثنية " المرار بضم الميم وكسرها وحكى فتحها مهبط الحديبية كما قال أبن إسحاق لا كما قال عياض أراها بجهة أحد " ثنية " الوداع بفتح معروفة شامي المدينة خلف سوقها القديم بين مسجد الراية الذي على ذباب ومشهد النفس الزكية قرب سلع وقد أوضحنا في الأصل ظاهر الأحاديث وكلام المؤرخين على أنها بهذه الجهة مع منشأ الوهم في جعلها في جهة مكة كما سيأتي عن عياض وسميت بذلك لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهن عند رجوعهم من خيبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 وفي رواية عند خروجهم إلى تبوك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره حينئذ عليها وفي رواية أنه ما كان أحد يدخل المدينة إلا منها فإن لم يعثر بها مات قبل أن يخرج لوبائها كما زعمت اليهود فإذا وقف عليها قد ودع فسميت ثنية الوداع فيكون اسما جاهليا لها وهو الأشهر وقال عياض هي موضع بالمدينة على طريق مكة سمي به لأنه الخارج منها يودعه مشيعة وقيل بل لوداع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المسلمين المقيمين بالمدينة في بعض خراجاته وقيل ودع فيها بعض سراياه وقيل الوداع واد بمة والأول أصح انتهى ملخصا " ثور " بلفظ فحل البقر تقدم في حدود الحرم " ثيب " تقدم فيه أيضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 " حرف الجيم " " الجار " قرية على البحر بساحل المدينة وكانت فرضة السفن الواردة من مصر والحبشة بينها وبين المدينة يوم وليلة " جاعس " بكسر العين ثم سين مهملة أطم لبني غربي مساجد الفتح " جبار " كقطام بالموحدة آخر راء موضع بجهة الحباب من أرض غطفان " الجبانة " كندمانة أصله المقبرة وهو وضع شامي المدينة عند ذباب " جبل بني عبيد " بمنازلهم غربي مساجد الفتح " الجبوب " بالفتح وبموحدتين بينهما واو الأرض الغليظة ومنه جبوب المصلى على ما روى في شعر أبي قطيفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 " الجثجاثة " تقدم في المساجد وإليه يفضي سيل العقيق بعد حمراء الأسد " جحاف " بالفتح وتشديد الحاء المهملة ما بعوالي المدينة بجانب مميحة " الحجفة " بالضم وسكون الحاء المهملة أحد المواقيت قرية كبيرة على خمس مراحل ونحو ثلثي مرحلة من المدينة " الجداجد " بجيمين ودالين مهملتين جمع جدجد وهي الأرض المستوية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 وذكر في سفر الهجرة ذي كثب والأجرد " جدّ الأثافي " بالضم والتشديد البئر القديمة والأثافي جمع أنفية وهي الحجارة التي يوضع عليها القدر وهو من أودية العقيق وكذا جدّ الموالي وذوا ثفية " ذو الجدر " بسكون الدال لغة في الجدار مسرح على ستة أميال من المدينة بناحية قباء وسبق عن أبن شبة إن سيل بطحان يأخذ من ذي الجدر قال والجدر قرارة في الحرة يمانية من حليات الحرة العليا حرّة معصم وهو جبل " جدمان " كعثمان والذال المعجمة موضع للاوس به أطم ثطع تبع نخله لما غزاهم وبالقرب من منزلهم نحو مسجد الإجابة جذع يعرف الآن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 بجرمان لكنه بالراء بدل الذال وبفتحات فلعله تصحيف " الجراديح " بالفتح والدال المهملة آخر ماء ثنيات سود بين سويقة ومثعر " الجرف " بضمتين كما قاله الحازميّ وأبو عبيد البكريّ وعياض وقال المجد بالضم ثم السكون وما بين محجة الشام إلى القصاصين أصحاب القصة على ثلاثة أميال من المدينة بجهة الشام وبه تختلط العرصة التي بها بئر رومة سمى بذلك لأن تبعا مر به فقال هذا جرف الأرض وبعث رائدا ينظر إلى مزارع المدينة فقال أما قناة فحب ولا تبن وأما الحرار فلا حب ولا تبن وأما الجرف فالحب والتبن وفي حديث أنس في خبر الدجال فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه الحديث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 وبالجرف مات المقداد بن الأسود وحمل على أعناق الرجال حتى دفن بالبقيع وصلى عليه عثمان رضي الله عنه " جرّ هشام " بالفتح وتشديد الراء سقاية لهشام بن إسماعيل بالعقيق " الجزل " بالفتح وسكون الزاي لغة الحطب اليابس واد يلقى أضم بذي المروة ويضاف إليه شقيا الجزل " جفاف " بالكسر وفاءين بينهما ألف معروف بالعالية به حدائق حسنة " الجفر " ما بلغ أربعة أشهر من أولاد النساء والبئر إذا لم تطوأ وطوى بعضها وبه سميت عين بناحية ضربة وماء بقرب فرش مال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 " الجلس " بالفتح أرض نجد والجلسيّ من القبلية ما ارتفع والغواري ما انهبط " الجماوات " جمع جماء بالفتح وتشديد الميم والمدّ وهن ثلاث تقدّمن في فصل العقيق " جمدان " بالضم ثم السكون وإهمال الدال جبل عند وادي الأزرق وكأنه صلى الله عليه وسلم تذكر برؤيته تلبية موسى عليه السلام عنده فقال هذا جمدان سبق المفردون لأنه صلى الله عليه وسلم لما مر بوادي الأزرق قال كأني أنظر إلى موسى هابطا من الثنية له جؤار الحديث " الحموم " بالفتح ما بين قباء التي بجهة كشب ومرّان على جهة طريق البصرة قال أبن سعد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم فسار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 حتى ورد الحموم ناحية ببطن نجد عن يسارها " الجمة " بالفتح وتشديد الميم عين بخيبر سماها النبيّ صلى الله عليه وسلم قسمة الملائكة يذهب ثلثا مائها في فلج أي نهر صغير والثلث الأخير في فلج يطرح فيها ثلاث تمرات فيذهب ثنتان في الفلج الذي له الثلثات وواحدة في الآخر ولا يقدر أحد أن يأخذ من أحد الفلجين أكثر مما يخصه من الثلث أو الثلثين قاله البكري وغيره " الجناب " بالكسر أرض عذرة وبليّ بعراض خيبر بينها وبين فيد " جنفا " بالتحريك والمدّ والقصر وقد يضم أوله في الحالين ماء من مياه بني فزارة بين خيبر وفيد ولذا قال لهم صلى الله عليه وسلم في قصة فتح خيبر موعدكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 جنفا وضلع الجنفا موضع بين الربذة وضرية من ديار محارب على جادّة اليمامة إلى المدينة " الجنينة " تصغير جنة البستان عقدة بين ظلم وملحتين وموضع بين وادي القرى وتبوك وروضة الجنينة بين ضرية وحزن بني يربوع " الجواء " بالكسر والمدّ ماء بحمى ضرية " الجوّانية " بالفتح وتشديد الواو وكسر النون وياء مشدّدة وحكى تخفيفها موضع شاميّ المدينة بينها وبين أحد بطرف الحرة الشرقية وأخطأ من قال بجهة الفرع " الجيار " ككتاب من أرض خيبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 " ذات الجيش " بالفتح وسكون المثناة تحت ويقال أولات الجيش تقدّمت في حدود الحرم وهي على ستة أميال من ذي الحليفة وقيل عشرة وقيل ميلان وهي أحد المنازل النبوية إلى بدر " ذو الجيفة " بالكسر تقدّم في تبوك " الجيّ " بالكسر وتشديد الياء بين العرج والرويثة كان به منازل وبئران عذبتان بسفح الجبل الذي سال بأهله وهم نيام وعنده ينتهي ورقان. الفتح وتشديد الواو وكسر النون وياء مشدّدة وحكى تخفيفها موضع شاميّ المدينة بينها وبين أحد بطرف الحرة الشرقية وأخطأ من قال بجهة الفرع " الجيار " ككتاب من أرض خيبر " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 حبرة " بالكسر أطم بالمدينة قاله الصغاني ولبني قينقاع مال يقال له حبرة عند الحشاشين " حبس " بالضم ثم السكون وسين مهملة سبق في العاشر من الباب الأوّل والسدّ الذي أحدثته نار الحرة يسمى اليوم بالحبس أيضا " حبيش " بالضم مصغر آخر مشين معجمة أطم لبني عبيد عند جبلهم بمنازلهم " الحجاز " بالكسر مكة والمدينة واليمامة ومخاليقها قاله الشافعيّ وقال الأصمعي الحجاز ما احترمت به الحرار حرة شوران وحرة ليلى وحرة واقم وحرة النار وعامة منازل بني سليم إلى المدينة سمى حجازا لاحتجازه بالجبال أو لاحتجازه بالحرار وقيل لأنه حجز بين تهامة ونجد وسيأتي في السراة بالسين المهملة إن ما أنحاز إلى شرقية فهو الحجاز ونص الشافعيّ أيضا أن المدينة ومكة يمانيتان وروى في الأم أنه صلى الله عليه وسلم وقف على ثنية تبوك فقال ما ههنا شام وأشار إلى جهة الشام وما ههنا يمن وأشار إلى جهة المدينة فعلم منه إن الحجاز من اليمن خلاف قول النوويّ المدينة ليست شامية ولا يمانية بل حجازية اه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 وقال بعضهم نصفها حجازي ونصفها تهاميّ وقيل هي نجدية " حجر " بالكسر وسكون الجيم قرية حذاء الأرحضية وبها آبار وعيون لبني سليم وتعرف اليوم بالحجرية وحذاءها جبل يقال له قناة الحجر وقال ياقوت يروي فيها الفتح أيضا وإنها من ديار سليم قرب قلهى وذي رولان اه وليست بالقرية المعروفة اليوم بحجر بالفتح قرب الفرع " حديلة " كجهينة والدال مهملة يضاف إليها منازل بني حديلة " حراض " بالضم آخره ضاد معجمة من أودية الأشعر شاميّ حورة " حربي " كان اسم ما بين مسجد القبلتين إلى المذاد فسماه صلى الله عليه وسلم صلحة قاله المجد هنا وخالفه في قاموسه كما سيأتي في الخاء المعجمة " حرض " بضمتين وضاد معجمة وقد يفتح ثانيه واد عند أحد ويقال له ذو حرض لكثرة الحرض وهو الأشنان به وبه أوقع أبو جبيلة بيهود " حرة أشجع " سعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 " حرة حقل " بوادي " آرة حرة الحوض " بين المدينة والعقيق وهو حوض زياد أبن أبيه " حرة راحل " في بلاد بني عبس " حرة الرجلي " بديار بني القين بين المدينة والشام وفي صدقة علي بهذه الحرة من ناحية شعب زيد واد يدعى الأحمر وبها أيضا له واد يقال له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 البيضاء وله بأعلاها مال يقال له القصبية بناحية فدك وفي القاموس حرة رجلي كسكري ويمدّ حرة خشنة يترجل فيها أو مستوية كثيرة الحجارة " حرة رماح " بضم الراء وآخره حاء مهملة بالدهناء " حرة زهرة " بضم الزاي من حرة واقم " حرة بني سليم " تحت قاع حمى النقيع شرقيا " حرة شوران " صدر مهزور يأتي في الشين المعجمة " حرة عباد " دون المدينة " حرة بني عضيدة " بضم العين وفتح الضاد المعجمة غربيّ وادي بطحان " حرة قباء " قبليّ المدينة " حرة ليلى " لبني مرة من غطفان بين المدينة ووادي القرى يطؤها الحاج الشامي وبها نخل وعيون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 " حرة معصم " هي الحرة العليا التي بها ذو الجدر منها يأخذ مسيل بطحان " حرة ميطان " وهو جبل شرقيّ قريظة " حرة النار " بلفظ النار المحرقة قرب حرة ليلى بناحية خيبر وقيل بين وادي القرى وتيماء واقتضى كلام الإسماعيليّ أنها حرة فدك وهي التي سالت منها النار التي أطفأها خالد بن سنان عن قومه وفي رواية إنها خرجت من جبل في حرة أشجع وفي رواية فرأيتنا نعشي الإبل على ضوء نارها ضلعا الربذة وبين ذلك ثلاث ليال وفي رواية كانت الإبل تعشى بضوئها مسيرة إحدى عشر ليلة وفي الخبر إنّ عمر رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك قال جمرة قال أبن من قال أبن شهاب قال ممن أنت قال من الحرقة قال أين مسكنك قال حرة النار قال بأيها قال بذات لظى فقال عمر رضي الله عنه أدرك الحي فقد احترقوا قيل إنه رجع فوجد المار وقد أحاطت بهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 " حرة واقم " شرقيّ المدينة سميت بأطم بني عبد الأشهل المسمى بواقم وله يقول شاعرهم: نحن بنينا واقما بالحرة ... بلازب الطين وبالأصرّة وقيل سميت برجل من العماليق نزل بها وتسمى أيضا حرة بني قريظة لسكناهم بأعلاها وحرة زهره لمحاورتها لها وبها كانت مقتلة الحرة ولأبن زبالة إنّ السماء أمطرت على عهد عمر فقال لأصحابه هل لكم في هذا الماء الحديث العهد بالعرش لنتبرك به ونشرب منه فلو جاء من مجيئه راكب لتمسحنا به فأتوا حرة واقم وشراجها تطرد فشربوا وتوضؤا فقال كعب أما والله لتسيلنّ هذه الشراج بالدماء كما تسيل بهذا الماء قال عمر رضي الله عنه أيها الآن دعنا منأحاديثك فدنا منه أبن الزبير فقال يا أبا أسحق ومتى ذاك فقال إياك أن تكون على رجلك أو يدك " حرة الوبرة " محرّكة جوز بعضهم سكون الموحدة من حرة المدينة الغربية مما يلي العقيق على ثلاثة أميال من المدينة وهي المذكورة في حديث أهبان وفي حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم وغيره وإليها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 ينسب خيف حرة الوبرة الذي به قصر عروة ومزارعه من العقيق " حرزة " بالفتح وسكون الزاي من أودية الأشعر يفرغ في الفقارة سكانه بنو عبد الله بن الحصين الأسلميون وبه المليحة وبأسفلها العين التي تدعى سويقه " حزم " بني عوال بقرب الطرف أحد مياهه بئر ألية " حزن " بالفتح ضدّ السهل اسم طريق بين المدينة وخيبر امتنع النبيّ صلى الله عليه وسلم من سلوكه وسلك مرحبا " حزن " بني يربوع من أكرم مراتع العرب قالوا من تربع الحزن وشتا الصمان وتقيظ الشرف فقد أخصب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 " الحساء " قيل إنه بديار بني أسد والمشهور أنه بطريق مؤتة وهو المذكور في شعر أبن رواحة يخاطب دابته وهو متوجه إلى مؤتة أرض الشام إذا أديتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء فشأنك فأنعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي " حسنى " بالفتح ثم السكون وثالثه نون مقصورا جبل قرب ينبع وصحراء بين العذيبة والجار وأحد الصدقات النبوية المتقدّمة إلا أن المراغي ضبطها بالضم " حسيكة " تصغير حسكة لواحد حسك السعدان موضع بطرف ذباب من المغرب كان به ناس من يهود وقال عبد العزيز بن عمر إن حسيكة ناحية أرض أبن ماقية إلى قصر أبن أبي عمر والرياض إلى قصر أبن المشعل إلى أدنى الجرف كله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 " الحشا " بلفظ الحشا الذي تنضم عليه الضلوع موضع عن يمين آرة وقيل جبل الأبواء " حسان " بالمسر جمع حش بالفتح وهو البستان أطم ليهود يمين الطريق من شهداء أحد والحشاشين بضيعة الجمع أيضا بمنازل بني قينقاع " حش طلحة بن أبي طلحة الأنصاري " مجاور للمدينة من شامية وما يلي المشرق منه لعبد الرحمن بن عوف " حصن خل " بفتح الخاء المعجمة وهو قصر خل الآتي " حضره " بالكسر وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء موضع على ثلاث مراحل من المدينة كان اسمه عفرة فسماه النبيّ صلى الله عليه وسلم حضرة وشكا قوم من أهلها إلى عمر رضي الله عنه وباء أرضهم فقال لو تركتموها فقالوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 معاشنا ومعاش آبائنا ووطننا فقال للحرث بن كلدة ما عندك في هذا فقال البلاد الوبئة ذات الأدغال والبعوض وهي عش الوباء ولكن ليخرج أهلها إلى ما يقاربها من الأرض العذبة إلى مرتيع النجم وليأكلوا الكراث والسمن وليباكروا السمن العربي فيشربوه وليمسكوا الطيب ولا يمشوا حفاة ولا يناموا بالنهار فأمرهم عمر به " حضير " كأمير قاع فيه آبار ومزارع إليه ينتهي النقيع ويبتدئ العقيق " حفياء " بالفتح ثم السكون ثم مثناة تحتية وألف ممدودة وقد يقصر ويقال فيه حيفاء بتقديم الياء على الفاء منه أجريت الخيل المضمرة إلى ثنية الوداع قال سفيان وذلك خمسة أميال أو ستة وقال أبن عقبة ستة أو سبعة والحفياء بأدنى الغابة ولذا جاء في حديث السباق من الغابة إلى موضع كذا " حفير " كأمير فعيل من الحفر ماء عليه نخل بالدهناء لبني سعد وموضع آخر بين مكة والمدينة وحفر موضع آخر بجنبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 وقال ياقوت الحفر بالفتح ثم السكون من مياه عليّ ببطن مهزور ووادي حفر موضع آخر انتهى والمعروف بالحفر اليوم منزل الأشراف من آل زيان والحفير مصغرا منزل بين ذي الحليفة ومال وهو المسمى في حدود الحرم بالحفيرة " حقل " بالفتح وسكون القاف تضاف إليه آرة حقل وروضة حقل وحرة حقل " الحلاء " بالكسر والمدّ وبفتح واحدها حلاة جبال كبار شواهق قرب ميطان لا تنبت شيئاً يقطع منها الأرحاء " حلايا صعب " يأتي منها سيل بطحان وكأنهما من الحلاء السابقة " حليت " بالكسر كسكيت جبل أسود كثير القنان بحمى فيد ليس به أعظم منه الأشعبي كأن به معدن تبر يقال له النجاري خرج منه ما لم يسمع بمثله حتى رخص الذهب لما أركز فقد نيله لغلبة الماء عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 " الحليف " مصغر الحلف منزل بنجد ينزله مصدق بني كلاب إذا خرج من المدينة " الحليفة " كجهينة تصغير الحلفة بفتحات واحد الحلفاء وهو النبات المعروف وهو ذو الحليفة ميقات المدينة وهو من وادي العقيق كما سبق ولذا جاء في رواية يهل أهل المدينة من العقيق والعقيق من بلاد مزينة وسبق إقطاعه صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحرث ونسبة ماء ذي الحليفة لغير مزينة وهم وهي على نحو ستة أميال من المدينة كما يؤخذ من نص الشافعي وأبن أسحق وغيرهما وصححه النووي وقال الأسدي خمسة أميال ونصف مكتوب على الميل الذي وراءها قريبا من العلمين ستة أميال من البريد قال وعلى مدخل ذي الحليفة علمان وعلى مخرجهما علمان وقال الرافعي كابن الصلاح إنها على ميل من المدينة وكأنهما اعتبرا المسافة إلى قصور العقيق لأنها عمارات ملحقة بالمدينة وصوّب الأسنويّ أنها على ثلاثة أميال وقال أبن حزم أربعة وقد اختبرتها فكان من عتبة باب المسجد النبوي المعروف بباب السلام إلى عتبة مسجد الشجرة بذي الحليفة تسع عشرة ألف ذراع وسبعمائة ذراع واثنان وثلاثون ذراعا ونصف وذلك خمسة أميال وثلثا ميل ينقص مائة ذراع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 قال العز بن جماعة وبذي الحليفة البئر التي تسميها العوام بئر علي يعني أبن أبي طالب لظنهم أنه قاتل الجن بها وهو كذب ونسبتها إليه غير معروفة انتهى وذو الحليفة أيضا موضع بين جادة وذات عرق ومنه حديث كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة وذو الحليفة أيضا بين المدينة وتبوك " الحمايان " موضع قرب البليدة يضاف إليه حرم الحمايين " الحمام " بالضم والتخفيف يضاف إليه عميس الحمام بين الفرش وملل " ذات الحماط " تقدّم في المساجد " الحماضة " بالضم وتشديد الميم حائط ببني بياضة " حمت " بالفتح ثم السكون اسم لجبل ورقان وبين القدسين عقبة يقال لها حمت " حمراء الأسد " بالمد والإضافة للأسد وهو الليث موضع على ثمانية أميال من المدينة كان به قصور لغير واحد من قريش ترى من العقيق يسار طريق مكة وفي شقها الأيسر منشد وفي شقها الأيمن شرقيا خاخ والحمراء أيضا موضع به نخل قبل الصفراء وأظن أبن هرمة صغره حيث قالفيف يضاف إليه عميس الحمام بين الفرش وملل " ذات الحماط " تقدّم في المساجد " الحماضة " بالضم وتشديد الميم حائط ببني بياضة " حمت " بالفتح ثم السكون اسم لجبل ورقان وبين القدسين عقبة يقال لها حمت " حمراء الأسد " بالمد والإضافة للأسد وهو الليث موضع على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 ثمانية أميال من المدينة كان به قصور لغير واحد من قريش ترى من العقيق يسار طريق مكة وفي شقها الأيسر منشد وفي شقها الأيمن شرقيا خاخ والحمراء أيضا موضع به نخل قبل الصفراء وأظن أبن هرمة صغره حيث قال كأن لم يجاورنا بأكتاف مثعر ... وأخزم أو خيف الحميراء ذي النخل " الحمى " تقدّم مبسوطا " الحنان " بالفتح والتخفيف لغة الرحمة اسم كثيب من الرمل كالجبل يمين السالك من دفران إلى بدر وقيل إنه بالتشديد " حنذ " بالفتح واعجام الذال محرّكا قرية لأحيحة بن الجلاح قال أحيحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 تأبري يا خيرة الفسيل ... تأبري من حنذ وشولي إذ ضن أهل النخل بالفحول " حورتان " اليمانية والشمالية ويعرفان اليوم بحورة وحويرة من أودية الأشعر بجهة الفغرة وباليمانية وهي حورة واد يقال له ذو الهدى لأن شدّاد بن أمية الذهليّ قدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم بعسل شاره منه فقال له من أين شريته فقال له من واد يقال له ذو الضلالة فقال لأبل ذو الهدى قاله الهجري وسيأتي أصل لذلك في حضرة " حوضي " تقدم في مساجد تبوك " حوض مروان " بالعقيق " حوض أبن هشام " بالحرة الغربية " حيفاء " لغة في الحفياء كما سبق. " حرف الخاء " " خاخ " بخاءين ويقال روضة خاخ بالمد في شق حمراء الأسد الأيمن شرقيا به منازل لمحمد بن جعفر وعلي بن موسى الرضا وغيرهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 وقال الواقديّ روضة خاخ علي بريد من المدينة وبها كانت الظعينة التي معها كتاب حاطب ولقربها من الخليفة بالخاء المعجمة جاء في رواية أبن أسحق فأدركوها بالخليقة خليقة بني أحمد وقد أكثر الشعراء من ذكر خاخ " خاص " واد بخيبر فيه الأموال القصوى الوحيدة وسلالم والكثيبة والوطيخ " خبء " بالفتح وسكون الموحدة بعدها همزة وقيل بالضم واد ينحدر من الكاثب ثم يأخذ ظهر حرة كشب ثم يصير إلى قاع أسفل من قباء " الخباب " كسحاب تقدم في مسجد فيفاء الخبار ويقال فيف الخبار والخبار مالان من الأرض واسترخى وحجرة الجرذان وفي المثل من تجنب الخبار أمن العثار " خبان " كقبان جبل بين معدن النقرة وفدك " خبراء العذق " بكسر العين المهملة وفتح الذال المعجمة ثم قاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 قاع بناحية الصمان كثير السدر والماء " خبراء صائف " بين مكة والمدينة " الخرار " بالفتح ثم التشديد غدير شامي مشعر والخرار في سفر الهجرة قرب الجحفة وسرية سعد بن أبي وقاص للخرار من أرض الحجاز " خزبي " كحبلي منزل لبني سلمة فيما بين مسجد القبلتين إلى المذاد غيرها النبيّ صلى الله عليه وسلم وسماها صالحة تفاؤلا بالخزب قاله في القاموس ولعله الصواب خلاف ما سبق في الحاء المهملة " الخرماء " تأنيث الأخرم للمشقوق الشفة عين بوادي الصغراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 " خريف " كامير واد عند الجار يتصل بينبع " خريم " كزبير ثنية بين بدر والمدينة شكلها النبي صلى الله عليه وسلم منصرفه من بدر " خشب " بضمتين آخره موحدة ويقال ذو خشب واد على ليلة من المدينة تقدّم في مساجد تبوك وكان به قصر لمروان ومنازل لغير واحد قال الشاعر أبت عيني بذي خشب تنام ... وأبكتها المنازل والخيام " الخشرمة " واد قرب ينبع يصب في البحر " خشين " تصغير خشن غزا زيد بن حارثة جذام من أرض خشين وفي المثل خشينا من خشن وهما جبلان أحدهما أصغر من الآخر " الخصيّ " فعيل من خصاه نزع خصيته أطم شرقي مسجد قباء على فم بئر الخصيّ لبني الملم وأطم لبني حارثة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 " خضرة " بفتح أوله وكسر ثانيه من قرى آرة وأرض المحارب بنجد بها سرية أبي قتادة ولأبي داود غير النبيّ صلى الله عليه وسلم أرضا تسمى عفرة سماها خضرة وشعب الضلالة سماها شعب الهدى وبني الزينة سماهم بني الرشدة " ذات الخطمي " في مساجد تبوك " خفينن " بفتحتين ثم مثناة تحتية ساكنة ونونين الأولى مفتوحة واد أو قرية بين المدينة وينبع وقيل شعبتان تدفع واحدة في ينبع والأخرى في الخشرمة " خفية " ضدّ جلية من أودية العقيق " الخلائق " جمع خليقة الآتية وهي خليقة عبد الله بن أبي أحمد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 جحش بها مزارع وقصور ونخيل لغير واحد من آل الزبير وآل أبي أحمد يمرّ بها سيل العقيق قاله الهجري وقال المطري إن سيل النقيع يصل إلى بئر عليّ العليا المعروفة بالخليقة أي بدرب المشيان وسيأتي في مياسير إنه حدّ خلائق الأحمديين وإن الخلائق آبار فهذه البئر أحدها " خلص " بالفتح وسكون اللام وصاد مهملة تقدّم في آرة وعن حكيم بن جزام رأيت يوم بدر وقد وقع بوادي خلص تجاد من السماء قد سدّ الأفق فإذا الوادي يسيل نملا فوقع في نفسي إنه شيء من السماء أيديه محمد صلى الله عليه وسلم فما كانت إلا الهزيمة وهي الملائكة " خل " موضع بين مكة والمدينة قرب مرجح وخل المضاف إليه قصر خل يأتي أنه الطريق التي عند القصر في الحرة " خليقة " بالقاف كسكينة هي المتقدمة في الخلائق وقال المجد هو منزل على أثني عشر ميلا من المدينة " خم " بالضم اسم رجل شجاع أضيف إليه الغدير الذي بقرب الجحفة أو اسم واد هناك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 وقال النووي اسم غيضة على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إليها قال الحافظ المنذري لا يولد بهذه الغيضة أحد فيعيش إلى أن يحتلم إلا أن يرحل عنها لشدّة ما بها من الوباء والحمى بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم في نقل حمى المدينة إليها وقال عرام دون الجحفة على ميل من غدير خمّ من نحو نطلع الشمس لا يفارقه ماء من ماء المطر يصب واديه في البحر " الخندق " قال المطري وأتباعه حفره النبي صلى الله عليه وسلم طولا من أعلى وادي بطحان غربي الوادي مع الحرة إلى غربي مصلى العيد ثم إلى مسجد الفتح ثم إلى الجبلين الصغيرين اللذين في غربي الوادي وجعل المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع وضرب صلى الله عليه وسلم قبته على القرن في موضع مسجد الفتح والخندق بينهم وبين المشركين وفرغ من حفره بعد ستة أيام وعمل فيه جميع المسلمين وهم يومئذ ثلاثة آلاف انتهى ومأخذه قول أبن النجار والخندق باق فيه قناة تأتي من عين بقباء إلى النخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 الذي بالسنح حوالي مسجد الفتح وفي الخندق نخل أيضا وقد أنطمّ أكثره وتهدمت حيطانه " قلت " وهذه ناحية من الخندق لأكله إذ يتلخص مما رواه الطبراني والبيهقي وأبن سعد إن النبي صلى الله عليه وسلم خط الخندق من أجمة الشيخين طرف بني حارثة خلف بني عبد الأشهل أي في طرف الحرّة الشرقية حتى إذا بلغ المذاد طرف منازل بني سلمة مما يلي مساجد الفتح وجبل بني عبيد وهناك الحرّة الغربية ثم قطع أربعين ذراعا لكل عشرة واحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارس فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت وكان المهاجرون من ناحية راتج إلى ذباب وكان الأنصار يحفرون من ذباب إلى جبل بني عبيد بمنازل بني سلمة وخندقت بنو دينار من عند خزبي منزلة بني سلمة إلى موضع دار أبن أبي الجنوب أي التي في غربي بطحان كما سبق في مساجد المصلى وخندقت بنو عبد الأشهل مما يلي راتج وهو في شرقي ذباب إلى بني خلف عبد الأشهل وهو طرف بني حارثة قال أبن سعد وفرغوا من حفره في ستة أيام انتهى فالحاصل إن الخندق كان شامي المدينة من طرف الحرة الشرقية إلى طرف الحرة الغربية وهو المشار إليه بقول أبن أسحق إن سلمان الفارسي هو الذي أشار بالخندق وكان أحد جانبي المدينة عورة وسائر جوانبها مشككة بالبنيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 والنخيل لا يتمكن العدوّ منها انتهى وما ذكره المطري في مضرب القبة مردود بل الوارد إنها كانت مضروبة على ذباب وفي رواية للتغلبي تسميته ذوباب فإنه روى عن عبد الله بن عمرو بن عوف أنه صلى الله عليه وسلم قطع لكل عشرة أربعين ذراعا واستعاروا من بني قريظة مثل المعاول والفؤوس وغير ذلك وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ترغيبا للمسلمين ثم ذكر ما سبق من الاحتجاج في سلمان الفارس ثم قال وكنت أنا وسلمان والنعمان بن مقرن في ستة من الأنصار في أربعين ذراعا فحفرنا حتى إذا كنا تحت ذوباب فأخرج الله من بطن الخندق صخرة مر وكسرت حديدنا وشقت علينا فقلنا يا سلمان ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره خبر هذه الصخرة فأما أن يعدل عنها فأن المعدل قريب وأما أن يأمرنا فيها بأمر فأنا لا نحب أن تجاوز خطه فرقى سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية فقال له ذلك فهبط مع سلمان للخندق فأخذ المعول فضربها الحديث وذكر الواقدي قصة لعمر في حجر صادفه عند جبل بني عبيد نحو هذه وفراغ الخندق في ستة أيام هو المعروف كما سبق عن أبن سعد وقال أبن سيد الناس وغيره يقول بضع عشرة ليلة وقيل أربعا وعشرين انتهى قال وأقام المشركون شهرا يحاصرون وفي الروضة للنووي خمسة عشر يوما ولأبن عقبة قريبا من عشرين ليلة ووهم من نقل عن هؤلاء هذه المدد في عمل الخندق " خويفة " ذكرها صاحب المسالك والممالك في توابع المدينة ومخاليفها " خيبر " اسم ولاية مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير على ثلاثة أيام من المدينة على يسار حاج الشام وخيبر بلسان اليهود الحصن ولذا سميت خيابر أيضا وقيل سميت بأوّل من نزلها وهو خيبر أخو يثرب أبنا قانئة مهليل بن ارم بن عبيل وعبيل أخو عاد عمّ الربذة وزود والشقرة نازل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قريبا من شهر وافتتحها حصنا حصنا وأراد أن يجلى أهلها فقالوا دعنا نعمل فيها فأنّ لنا بذلك علما فأقرهم وعاملهم على الشعار من التمر والحبّ وقال نفركم على ذلك ما شئنا أو ما شاء الله فكانوا بها حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه ونقل أبن شبة ما يقتضي أنّ بعضها فتح صلحا وبعضها فتح عنوة وبه يجمع بين الروايات المختلفة في ذلك وهو المروى عن أبن شهاب قال والكثيبة أكثرها عنوة وفيها أصلح وعن مالك أنّ الكثيبة أربعون ألف عذق ولأبن زبالة حديث ميلان في ميل من خيبر مقدس وحديث خيبر مقدسة والسوارقية مؤتفكة وحديث نعم القرية في سنيان المسيح خيبر أي زمن الدجال وتوصف خيبر بكثرة التمر قال حسانلكل عشرة أربعين ذراعا واستعاروا من بني قريظة مثل المعاول والفؤوس وغير ذلك وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ترغيبا للمسلمين ثم ذكر ما سبق من الاحتجاج في سلمان الفارس ثم قال وكنت أنا وسلمان والنعمان بن مقرن في ستة من الأنصار في أربعين ذراعا فحفرنا حتى إذا كنا تحت ذوباب فأخرج الله من بطن الخندق صخرة مر وكسرت حديدنا وشقت علينا فقلنا يا سلمان ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره خبر هذه الصخرة فأما أن يعدل عنها فأن المعدل قريب وأما أن يأمرنا فيها بأمر فأنا لا نحب أن تجاوز خطه فرقى سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية فقال له ذلك فهبط مع سلمان للخندق فأخذ المعول فضربها الحديث وذكر الواقدي قصة لعمر في حجر صادفه عند جبل بني عبيد نحو هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 وفراغ الخندق في ستة أيام هو المعروف كما سبق عن أبن سعد وقال أبن سيد الناس وغيره يقول بضع عشرة ليلة وقيل أربعا وعشرين انتهى قال وأقام المشركون شهرا يحاصرون وفي الروضة للنووي خمسة عشر يوما ولأبن عقبة قريبا من عشرين ليلة ووهم من نقل عن هؤلاء هذه المدد في عمل الخندق " خويفة " ذكرها صاحب المسالك والممالك في توابع المدينة ومخاليفها " خيبر " اسم ولاية مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير على ثلاثة أيام من المدينة على يسار حاج الشام وخيبر بلسان اليهود الحصن ولذا سميت خيابر أيضا وقيل سميت بأوّل من نزلها وهو خيبر أخو يثرب أبنا قانئة مهليل بن ارم بن عبيل وعبيل أخو عاد عمّ الربذة وزود والشقرة نازل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قريبا من شهر وافتتحها حصنا حصنا وأراد أن يجلى أهلها فقالوا دعنا نعمل فيها فأنّ لنا بذلك علما فأقرهم وعاملهم على الشعار من التمر والحبّ وقال نفركم على ذلك ما شئنا أو ما شاء الله فكانوا بها حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 ونقل أبن شبة ما يقتضي أنّ بعضها فتح صلحا وبعضها فتح عنوة وبه يجمع بين الروايات المختلفة في ذلك وهو المروى عن أبن شهاب قال والكثيبة أكثرها عنوة وفيها أصلح وعن مالك أنّ الكثيبة أربعون ألف عذق ولأبن زبالة حديث ميلان في ميل من خيبر مقدس وحديث خيبر مقدسة والسوارقية مؤتفكة وحديث نعم القرية في سنيان المسيح خيبر أي زمن الدجال وتوصف خيبر بكثرة التمر قال حسان وأنا من يهدي القصائد نحونا ... كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا وبكثرة الحمى قدمها إعرابي بعياله فقال قلت لحمى خيبر أستعدّي ... هاك عيالي فاجهدي وجدي وباكري بصالب ووردي ... أعانك الله على ذا الجندي فحمّ ومات وبقى عياله ويروي أنّ نارا ظهرت بخيبر في سنة تسع عشرة فسارت في الأرض فأمر عمر رضي الله عنه الناس بالصدقة فتصدّقوا فهمدت " خيط " بلفظ واحد الخيوط أطم لبني سواد على شرف الحرة شرقي مسجد القبلتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 " الخيل " بلفظ الخيل التي تركب يضاف إليه بقيع الخيل المتقدم في سوق المدينة عند دار زيد بن ثابت والخيل أيضا جبل بين مجنب وضرار له ذكر في المغازي وروضة الخيل بأرض نجد. " حرف الدال " " دار الدقيق " بالدال سبق ذكرها في زيارة المهدي وسيأتي في جنب صدار بالصاد المهملة ذكرها أيضا " دار " القضاء تقدّمت في أبواب المسجد " دار نخلة " مضافة إلى واحدة النخل لكونها بها مجاورة لسوق المدينة قرب الزوراء " الدبة " بفتح أوّله وتشديد ثانيه كدبة الدهن وقد تخفف موضع بمضيق الصفراء يقال له دبة المستعجلة وموضع بين أضافر وبدر وفي القاموس الدبة بالضم موضع قرب بدر " درّ " بالفتح وتشديد الراء غدير بأسفل حرة بني سليم أعلى النقيع " درك " بفتحتين ويقال دريك مصغرا موضع كانت فيه رقعة بين الأوس والخزرج في الجاهلية " دعان " بالفتح بين المدينة وينبع قال معاوية فيه وأما دعان فنهاني عن نفسه " الهناء " بفتح أوّله وسكون ثانيه ونون وألف ممدودة وتقصر موضع قرب ينبع وسبعة أحبل بالحاء المهملة من الرمل بديار تميم بين كل حبلين شقيقة من أكثر بلاد الله كلاً مع قلة مياه إذا أخصبت وسعت العرب كلهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 وساكنها لا يعرف الحمى لطيب تربتها وهوائها وواديها يصب في منعج ثم في الدومة " الدوداء " بالمدّ موضع قرب ورقان " دوران " كحوران واد عند طرف قديد مما يلي الجحفة " الدومة " بالفتح تقدّمت في بئر أريس " دومة الجندل " بضم أوّله وفتحه وأنكره أبن دريد يروي دوما الجندل عدّها أبن الفقيه من أعمال المدينة سميت بدوم ويقال دوما أبن إسماعيل عليه السلام وقال أبو عبيد دومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبل طيئ قال ودومة من القريات من وادي القرى وذكر أن عليها حصنا حصينا يقال له مارد وهو حصن أكيدر الملك وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد من تبوك وقال له ستلقاه بصيد الوحش الحديث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 وقال أبن سعد دومة الجندل طرف من الشام بينها وبين دمشق خمس ليال وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم ونزل بساحة أهلها فلم يلق أحد فأقام بها أياما وبث السرايا وقال أبن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع قبل أن يصلها وزعم بعضهم أنّ تحكيم الحكمين كان بدومة الجندل وفي كتاب الخوارج عن أبن أبي ليلى حديث في ذلك " الدويخل " بالضم مصغرا جبل بني عبيد وهو أحد الجبلين اللذين غربي مساجد الفتح. " حرف الذال " " ذات أجذال " بالجيم بمضيق الصفراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 " ذات " القطب من أودية العقيق " ذات " النصب بضم النون والصاد المهملة وباء موحدة موضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 بمعدن القبلية أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحرث المزني وفي الموطأ ركب أبن عمر رضي الله عنه إلى ذات النصب فقصر قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد قلت وهي بالقبيلة وبه يترجح ما سيأتي في القبلية من إنها بناحية فرع المسور لأنها على نحو هذه المسافة " ذباب " كغراب وكتاب لغتان الجبل الذي عليه مسجد الراية وسبق في الخندق تسميته ذو باب " ذرع " اسم بئر بني خطمة " ذروان " بالفتح بمنازل بني زريق قبلي الدور التي في جهة قبلة المسجد يضاف إليه بئر ذوران المقدّمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 " دفران " بالفتح ثم الكسر ثم راء وآخره نون واد تقدم في مساجد بطريق مكة اليوم " ذو حدة " بالحاء المهملة قال البيهقي في الدلائل عن أبن أسحق فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني إلى تبوك ضرب عسكره على ثنية الوداع ومعه زيادة على ثلاثين ألفا من الناس وضرب عبد الله بن أبيّ علي ذي حدة أسفل منه أي نحو ذباب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 " حرف الراء " " رائع " مهموز يقال شيء رائع أي حسن كأنه يروع لحسنه نقله المجد عن ياقوت والذي في المشترك لياقوت أنه بياء بعد الألف غير مهموزة وهو بالعقيق لقول بعضهم في قصر عنبسة بن عمرو بن عثمان وهو إلى الجماء مما يلي طريق البطحاء ياقصر عنبسة الذي بالرائع ... لازلت توهل بالحيا المتتابع ومرّ هشام بن عبد الملك وهو يريد المدينة نحو هشام بن إسماعيل بالرائع فقيل له هذه جرار جدك هشام فأمر بما يقيمها من بيت المال وهي جرار رائع كانت توضع هناك " رابغ " بموحدة بعد الألف ثم غين معجمة واد من الجحفة وغدير بطرف أسقف قلما يفارقه ماء إذا قلّ ماؤه احتسى وهو أسفل غدر العقيق إلى غدير السيالة وأسمه القديم رابوغ وأظنه اليوم المعروف بالحساء " راتج " بالمثناة الفوقية بعد الألف ثم جيم أطم سميت به الناحية كما قاله أبن زبالة وغيره وهو في شرقي ذباب جانحا إلى الشام وبه منازل حلفاء بني عبد الأشهل وبني أخيهم زعورا ولذا خندقت بنو عبد الاشهل منه إلى طرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 حرتهم كما سبق في الخندق وقال المطري الجبل الذي إلى جنب جبل بني عبيد يقال له راتج فأن صح فليس هو المراد مما سبق " راذان " قال ياقوت من نواحي المدينة لها ذكر في حديث أبن مسعود أي حديث لا تتخذوا الضيعة قال عبد الله براذان ما براذان أربعا وبالمدينة ما بالمدينة أي لا سيما أن اتخذتموها براذان أو بالمدينة خصهما لكثرة الرغبة فيهما وراذان أيضا قريتا من سواد العراق " رامة " منزل بطريق الحاج العراقي على مرحلة من امرة وسماه أبو عبيدة رامتان وقال هما زبيتان مثل ثدي المرأة وفي الروض المعطار رامة موضع بالعقيق وقيل في طريق البصرة إلى مكة " رانوناء " بنونين ممدود كعاشوراء ويقال رانون سبق في الاودية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 والمأخذ في ضبطه بذلك وجوده بضبط القلم كذلك في نسخة معتمدة من تهذيب أبن هشام وكذا في خط الزين المراغي وهو الجاري على ألسنة أهل المعرفة لكن ذكره المجد اللغوي في قاموسه في مادة رتن بالمثناة الفوقية والنون فاقتضى كون راتونا بمثناة فوقية بدل النون الأولى " راية الأعمى " من أودية العقيق " راية الغراب " من أوديته أيضا " رباب " كسحاب جبل بطريق فيد للمدينة " الربا " بالضم ثم الفتح مخففا جمع ربوة بين الأبواء والسقيا بطريق مكة " الربذة " بالتحريك وإعجام الذال تقدمت في الفصل الثالث " الربيع " بلفظ ربيع الأزمنة موضع بنواحي المدينة به يوم من أيام الأوس والخزرج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 " الرجام " ككتاب جبل مستطيل على نحو ثلاثة عشر ميلا من ضرية على طريق أهل أضاخ وفي غربية ما يسمى باسمه " الرجلاء " تقدم في حرة الرجلاء " الرجيع " كأمير واد قرب خيبر عسكر به النبي صلى الله عليه وسلم ليحول بين غطفان وبين أهل خيبر أن يمدوهم وكان يراوح لقتال خيبر منه والرجيع أيضا بين مكة والطائف به سرية عاصم حميّ الدبر " الرحاية " كغمامة موضع بيني بياضة الرحبة كرقبة ببلاد عذرة قرب وادي القرى وسقيا الجزل وقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 ياقوت إنه بالضم ثم السكون " الرحضية " بالكسر كالزنجية والضاد معجمة هي الارحضية المتقدمة " رحقان " بالضم ثم السكون ثم قاف آخره نون وأديمين المتوجه من النازية للمستعجلة يصب في خيف بني سالم " رحيب " بالضم تصغير رحب جبل معروف قرب أراين " رحية " تصغير رحا بئر بين المدينة والجحفة " الرديهة " من أودية العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 " الرّس " بالفتح وتشديد السين من أودية القبلية قاله الزمخشري وقال أبن دريد الرس والرسيس واديان أو موضعان بنجد والرس الذي في التنزيل واد قبل وادي أذربيجان فيه رمان لم ير مثله وزبيبه يجفف في التنانير إذ لا شمس عندهم لكثرة الضباب وكان عليه ألف مدينة فدعا عليهم نبيهم إذ كذبوه فحول الله جبلين عظيمين من الطائف فأرسلهما عليهم " رساد " من أودية الأجرد وكان اسمه غوى وهو لبني عنان من جهينة فسماه النبي صلى الله عليه وسلم رشادا وقال أنتم بنو رشدان " ذات الرضم " محركة وتسكن موضع على ستة أميال من وادي القرى " الرضمة " محركة وتسكن ويقال الرضمتان قرب الصفراء " رضوي " بالفتح كسكري جبل على يوم من ينبع وأربعة أيام من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 المدينة منه تقطع أحجار المسانّ وسبق في فضل أحدان رضوي مما وقع بالمدينة من الجبل الذي تجلى الله له لكون ينبع من أراضي المدينة وفي حديث رضوي مما وقع بالمدينة وفي رواية أنه من جبال الجنة وفي أخرى إنه من الجبال التي بنى منها البيت وتزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية مقيم به حي يرزق " الرعل " بالكسر وسكون العين المهملة أطم بمنازل بني عبد الأشهل " ذات الرقاع " بالكسر جمع رقعة بئر جاهلية قرب نخل وعبر عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 الواقدي بالنخيل مصغر أو قال إنها بين السعد والشقرة انتهى وهي بأرض بها بقع بيض وحمر وسود وقيل جبل فيه سواد وبياض وحمرة وقيل شجرة هناك تسمى بذلك وقيل سميت الغزوة بذلك لأنهم رقعوا راياتهم أو لصلاة الخوف بها فوقع ترقيع الصلاة فيها أو لأنّ خيلهم كان بها سواد وبياض أقوال وقال أبو موسى الاشعري سميت بذلك لما لفوا في أرجلهم من الخرق كما في صحيح مسلم " الرقمتان " نهدان من أنهاد الحرة الغربية لونهما أحمر إلى الصفرة وتلك الحرّة سوداء فبذلك سميا وقد يقال فيهما الرقمة بالأفراد والرقمة أيضا قرب وادي القرى وبنجد وقرب البصرة والرقمتان أيضا بأرض بني أسد " رقم " محرك وقد يسكن موضع شرقي المدينة به أرسل الله الصاعقة على أربد بن صيفي منصرفه من المدينة وقد همّ بقتل النبي صلى الله عليه وسلم وإليه تنسب السهام الرقميات وقال نصر الرقم جبال بدار غطفان وماء عندها " الرقيبة " تصغير رقبة وقيل كسفينة جبل مطل على خيبر " الركابية " منسوبة إلى الركاب وهي الإبل موضع على عشرة أميال من المدينة " ركوبة " كحلوبة بالباء الموحدة ثنية شاقة قبل العرج بثلاثة أميال وهي وثنية العائر وبعقبة العرج المسماة بالمدارج لها ذكر في سفر الهجرة ومن الغريب قول الحافظ أبن حجر في الكلام على نار الحجاز ركوبة ثنية صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام مرّ بها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ذكره البكري انتهى فإن صح فهي أخرى " الرمة " بالضم وتكسر وتخفف وتثقل عظيم بنجد بين أسفلها وأعلاها سبع ليالي من حرة فدك إلى القصيم وبطن الرمة ببلاد غطفان في طرق فيد للمدينة " رواوة " بالضم كزرارة ويقال رواوتان موضع به غدير يعترضه سبل العقيق " الروحاء " بالفتح ثم السكون ثم حاء مهملة اكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة اثنان وأربعون ميلا وفي صحيح مسلم ست وثلاثون ميلا ولغيره ثلاثون ميلا قال الأسدي وعل مدخل الروحاء علمان وعلى مخرجها علمان فليحمل اقل المسافات على أول واديها وأكثرها على آخره وما عداه على ما بينهما نزل بها تبع مرجعه من قتال أهل المدينة وأراح بها فسماها الروحاء وقال كثير سميت به لانفتاحها وروحها ويقال بقعة الروحاء طيبة ذات راحة سبق في مسجد شرف الروحاء أن من الشرف يهبط في واديها وفي مسجد عرق الظبية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا سجاسج الروحاء وهذا واد من أودية الجنة وقال ابن اسحق في المسير الى بدر ونزول سجسج وهي بئر الروحاء وقال الاسدي وبالروحاء آثار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقصران وابار كثيرة انتهى والروحاء أيضا المقبرة التي بها مشهد سيدنا إبراهيم من بقيع الفرقد " روضة الأجوال " بالجيم بنواحي ودان " روضة الأجداد " قرية ببلاد غطفان من أودية القصيبة قبلي خيبر وشرقي عصيرة قال الهيثم بن عدي خرج عروة الصعاليك وأصحابه إلى خيبر فعشروا أي نهقوا كالحمير يرون انه يصرف الوباء وامتنع عروة أن يعشر وأنشد سميت الغزوة بذلك لأنهم رقعوا راياتهم أو لصلاة الخوف بها فوقع ترقيع الصلاة فيها أو لأنّ خيلهم كان بها سواد وبياض أقوال وقال أبو موسى الاشعري سميت بذلك لما لفوا في أرجلهم من الخرق كما في صحيح مسلم " الرقمتان " نهدان من أنهاد الحرة الغربية لونهما أحمر إلى الصفرة وتلك الحرّة سوداء فبذلك سميا وقد يقال فيهما الرقمة بالأفراد والرقمة أيضا قرب وادي القرى وبنجد وقرب البصرة والرقمتان أيضا بأرض بني أسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 " رقم " محرك وقد يسكن موضع شرقي المدينة به أرسل الله الصاعقة على أربد بن صيفي منصرفه من المدينة وقد همّ بقتل النبي صلى الله عليه وسلم وإليه تنسب السهام الرقميات وقال نصر الرقم جبال بدار غطفان وماء عندها " الرقيبة " تصغير رقبة وقيل كسفينة جبل مطل على خيبر " الركابية " منسوبة إلى الركاب وهي الإبل موضع على عشرة أميال من المدينة " ركوبة " كحلوبة بالباء الموحدة ثنية شاقة قبل العرج بثلاثة أميال وهي وثنية العائر وبعقبة العرج المسماة بالمدارج لها ذكر في سفر الهجرة ومن الغريب قول الحافظ أبن حجر في الكلام على نار الحجاز ركوبة ثنية صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام مرّ بها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 البكري انتهى فإن صح فهي أخرى " الرمة " بالضم وتكسر وتخفف وتثقل عظيم بنجد بين أسفلها وأعلاها سبع ليالي من حرة فدك إلى القصيم وبطن الرمة ببلاد غطفان في طرق فيد للمدينة " رواوة " بالضم كزرارة ويقال رواوتان موضع به غدير يعترضه سبل العقيق " الروحاء " بالفتح ثم السكون ثم حاء مهملة اكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة اثنان وأربعون ميلا وفي صحيح مسلم ست وثلاثون ميلا ولغيره ثلاثون ميلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 قال الأسدي وعل مدخل الروحاء علمان وعلى مخرجها علمان فليحمل اقل المسافات على أول واديها وأكثرها على آخره وما عداه على ما بينهما نزل بها تبع مرجعه من قتال أهل المدينة وأراح بها فسماها الروحاء وقال كثير سميت به لانفتاحها وروحها ويقال بقعة الروحاء طيبة ذات راحة سبق في مسجد شرف الروحاء أن من الشرف يهبط في واديها وفي مسجد عرق الظبية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا سجاسج الروحاء وهذا واد من أودية الجنة وقال ابن اسحق في المسير الى بدر ونزول سجسج وهي بئر الروحاء وقال الاسدي وبالروحاء آثار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقصران وابار كثيرة انتهى والروحاء أيضا المقبرة التي بها مشهد سيدنا إبراهيم من بقيع الفرقد " روضة الأجوال " بالجيم بنواحي ودان " روضة الأجداد " قرية ببلاد غطفان من أودية القصيبة قبلي خيبر وشرقي عصيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 قال الهيثم بن عدي خرج عروة الصعاليك وأصحابه إلى خيبر فعشروا أي نهقوا كالحمير يرون انه يصرف الوباء وامتنع عروة أن يعشر وأنشد وقالوا اجث وانهق لا تضرك خيبر ... وذلك من دين اليهود ولوع لعمري لئن عشرت من خشية الردى ... نهاق حمير إنني لجزوع فلا وألت تلك النفوس ولا أنت ... على روضة الأجداد وهي جميع فدخلوا خيبر ثم رجعوا فلما بلغوا روضة الأجداد ماتوا إلا عروة " روضة ألجام " بفتح الألف وسكون اللام وجيم وألف وميم ويقال آجام بعد الهمزة ألف من دوافع وادي العقيق التي في الحرة قال كثير فروضة ألجان تهيج للبكاء ... وروضات شوطا عهدهن قديم " روضة الخرج " بضم الخاء وسكون الراء ثم جيم ويقال الخرجين مثنى من نواحي المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 " روضة الخزرج " بلفظ القبيلة من الأنصار بنواحي المدينة قال حفص الأموي فالمح بطرفك هل ترى أظعانهم ... بالبارقية او بروض الخزرج " روضة الحماط " تضاف لذات الحماط من أودية العقيق " روضة الصها " بضم الصاد المهملة جمع صهوة وربما قالوا السها حيال شامي المدينة على ثلاثة أيام عندها هذه الروضة " روضة عرينة " كجهينة واد بناحية الرخيصة كان يحمي للخيول في الجاهلية والإسلام بأسفلها قل هي " روضة العقيق " عقيق المدينة وقد تجمع أنشد الزبير عج بنا يا أنيس قبل الشروق ... نلتمسها على رياض العقيق " روضة الفلاج " تأتي في الفلجة " روضة مرخ " بالتحريك والخاء المعجمة بالمدينة " ذو رولان " واد قرب الرحضية لبني سليم به قل هي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 " الرويثة " بالضم وفتح الواو وسكون المثناة تحت وفتح المثلثة آخره هاء منهل بطريق مكة على نحو ستين ميلا من المدينة " رهاط " كغراب والطاء مهملة موضع بأرض ينبع اتخذت به هذيل سواعا وقال عرام فيما يطيف بحبل شمنصير قرية يقال لها رهاط بقرب مكة على طريق المدينة وبقربها الحديبية وهي مواضع بني سعد الذي نشأ فيهم النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال صاحب المسالك والممالك من توابع المدينة ومخاليفها ساية ورهاط وعران وسيأتي عن المجد عران يقال لها رهاط " الريان " ضد العطشان أطم لبني حارثة وآخر لبني زريق وماء بحمى ضرية في أسفل جبل أحمر طويل وواد هناك وجبل ببلاد بني عامر وموضع به قصور بمعدن بني سليم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 " ريدان " كسلمان أطم لبني واقف من الأوس في قبلة مسجد الفضيخ " ريم " بالكسر ثم السكون مهموز وغير مهموز واد لمزينة يصب فيه ورقان ثم يصب في العقيق وفي طبقات أبن سعد كان عبد الله بن بحينة ينزل بطن ريم على ثلاثين ميلا من المدينة وفي الموطأ أنّ أبن ركب إلى ريم فقصر قال مالك وذلك نحو أربعة برد أي بحسب طرفه الأقصى " ذو ريش " بلفظ ريش الطائر تقدم في الأودية. " حرف الزاي " " زبالة " أوّل يثرب مما يلي شامي المدينة عند كومة أبي الحمراء قيل سميت بذلك لضبطها الماء وأخذها منه كثيرا وقيل سميت بزيالة بنت مسعود من العماليق نزلت موضعها فسميت بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 " الزجّ " بالضم وتشديد الجيم قاله المجد وقال أبن سيد الناس بالخاء المعجمة موضع بناحية ضربة وما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم العدّاء بن خالد من ربيعة بن عامر " الزراب " ككتاب ويقال ذات الزراب في مساجد تبوك " زرود " بالفتح ثم الضم وآخره ذال مهملة موضع قرب أبرق العزاف وذكره الأسدي في منازل طريق الحاج العراقي قرب الثعلبية بطريق فيد وأنّ الطريق تقطع رملا هناك ولما وجه عمر رضي الله عنه سعد بن أبي وقاص لحرب العراق خرج إلى فيد فأقام به شهرا ثم كتب إليه عمر أن يرتفع إلى زرود فأتاها فأقام بها " زغابة " كسحابة والغين معجمة وضبطه أبو عبيد البكري بالضم مجتمع السيول بآخر العقيق غربي مشهد حمزة وهو أعلى أضم ووهم من قال إنه لا يعرف وإنما المعروف الغاية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 " زمزم " بئر سبقت في الآبار سميت به لكثرة التبرك بمائها ونقله للآفاق " زهرة " بالضم ثم السكون بين الحرة الشرقية والسافلة مما يلي الفقرة كانت من أعظم قرى المدينة بها ثلاثمائة صائغ وهي مما يلي طرف العالية قرب الصافية والدلال ولذا يقال لجزع الصافية جزع زهيرة مصغر زهرة المذكورة " الزور " بالفتح آخره راء جبل أو واد قرب السوارقية " الزوراء " بالفتح ثم السكون سبق في البلاط وسوق المدينة وهو موضع من سوق المدينة عند مشهد مالك بن سنان وكان هناك دار لعثمان تسمى الزوراء أيضا جعل النداء الذي أحدثه يوم الجمعة عليها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 وقول أبن حبيب إنّ ذلك بالزوراء وهو موضع السوق ليرتفع الناس منه وفي ناحية البقيع يريد به بقيع الخيل من سوق المدينة لا بقيع الغرقد وأن كان الموضع الذي دفن فيه إبراهيم عليه السلام منه يسمى الزوراء أيضا ويسمى بذلك أيضا مال لاحيحة بن الجلاح " الزين " بلفظ ضد الشين مزرعة بالجرف أزرعها النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن زبالة. " حرف السين " " سائر " كصابر ويقال السائرة من نواحي المدينة قال الشاعر عفا مثغر من أهله فنقيب ... فسفح اللوى من سائر فجريب " السافلة " تقابل العالية والمدينة منقسمة إليهما وأدنى العالية السفح على ميل من المسجد فما نزل عنه فهو السافلة ولا تخص السافلة بما في شامي المدينة اليوم لما سبق في زهرة ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أبن أبي رواحة بشيرا لأهل العالية بنصرة بدر وزيد بن حارثة لأهل السافلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 قال أسامة بن زيد فجئت زيد بن حارثة وهو واقف بالمصلى وقد غشيه الناس فإتيان بشير السافلة للمصلى دليل على ما ذكر " الساهية " من أودية العقيق " ساية " كغاية واد عظيم جبله شمنصرية أكثر من سبعين عينابه نخل وموزورمان وعنب وهو وادي أمج ويطلع على ساية من جبل السراة دون عسفان قال المجد ولم يزل واليها من قبل صاحب المدينة إلا في زماننا " الستار " بالكسر ومثناة من فوق ثم ألف وراء جبل بحمى ضرية وجبل آخر بالعالية بديار بني سليم واجبل سود على ثلاثة مراحل من ينبع " سجاسج " اسم وادي الروخاء والسجسج الهواء الذي لا حر فيه قال ابن سبة " السد " بالضم سد عبد الله بن عمرو بن عثمان الذي يأتي منه رانونا يقرب عبر وقال عرام هو ما سما جبل شوران مطل عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسده ومن السد قناة إلى قباء اه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 وكأنه يريد السد المتقدم لاقتضاء ما قاله في شوران انه عبر والسد ما سما في حرم بني عوال وما في شعب عمل له معاوية سدا شبيها بالبركة على عشرين ميلا من المدينة بينها وبين الرحضية وفي رواية للبخاري حتى بلغنا سد الروحاء حلت يعنى صفية صوابه ما في رواية أخرى له حتى بلغنا سد الصهباء قال عياض هو بالضم والفتح جبلها والسد الردم أيضا وقيل بالضم خلفه وبالفتح فعل الإنسان وقال الكسائي هما واحد ويؤخد من كلام ياقوت إن الحبس بأعلى قناة يسمى بالسد أيضا " السراة " بالفتح وتخفيف الراء من أعظم الجبال وهو الحد بين تهامة ونجد وذلك انه أقبل من قعر اليمن حتى بلغ أطراف الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر وما انحاز إلى شرقيه فهو الحجاز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 " ذو السرح " بالفتح ثم السكون ثم حاء مهملة واد قرب مال " السر " بالكسر ضد الجهر موضع بنجد لبني أسد وموضع في بلاد غيم والسر بالضم موضع بديار مزينة " السرارة " بالفتح وتشديد الراء الأولى بمنازل بني بياضة غير الحديقة المعروفة اليوم بالسرارة عند قباء " سرغ " بالفتح وإعجام الغين قرية بوادي تبوك على ثلاث عشرة مرحلة من المدينة وهي آخر عملها قاله المجد وقال الأسدي إنها أول بلاد الحجاز وبعدها لجهة المدينة وتبوك بينهما مرحلة " السرير " كزبير واد قرب الجار قال كثير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 وسرير البضيع ذات الشمال والسرير أيضا الوادي الأدنى بخيبر وبه الشق والنظاة " السعد " بالفتح وسكون العين ثم دال مهملتين جبل قرب ذات الرقاع على ثلاثين ميلا من الكديد عنده منازل وسوق بطريق قيد " سفا " بالفاء كففا من نواحي المدينة " سفان " تثنية الذي قبله واد باقي أضم عند البحر " سفوان " بفتحتات واد من ناحية يدوية غزوة والأولى في طلب كرز الفهري " سقاية سليمان بن عبد الملك " بالجرف على محجة الشام سكر بها الخارج من المدينة إلى الشام " السقيا " بالضم ثم السكون سقيا سعد بالحرة الغربية سبقت في الآبار وقرية جامعة من عمل الفرع بطريق مكة القديمة سميت بذلك لأنهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 سقوا بها ماء عذبا كما قاله كثير وبها عين وآبار وقيل عطش تبع إذ نزلها فأمطر فسماها السقيا وقال قتيبة هي عين بينها وبين المدينة يومان والمعروف ما قاله الأسدي وغيره أنها أعلى نحو أربع مراحل من المدينة والسقيا أيضا بوادي الجزل قرب وادي القرى على نحو سبع مراحل من المدينة " سقيفة بني ساعدة " قدمت في مسجدهم والسقيفة كل بناء مسقف به صفة أو شبه صفة مما يكون بارزا " سكاب " كقطام جبل من جبال القبلية " سلاح " كقطام موضع أسفل خيبر به لقي بشر بن سعد الأنصاري جمع غطفان في سريته إلى يمن قاله المجد وضبطه ابن سيد الناس بكسر أوله وسلاح ماء ملح لبني كلاب ما شرب منه أحد الأسلح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 " السلاسل " بلفظ جمع السلسلة ماء بأرض جذام خلف وادي القرى على عشرة أيام من المدينة وقال ابن اسحق الماء سلسل وبه سميت ذات السلاسل " السلالم " بالضم آخر حصون خيبر فتحا " ذو السلائل " واد بين الفرع والمدينة " سلع " بالفتح ثم السكون آخره عين مهملة جبل معروف به كهف بني حرام المتقدم ذكره في مساجد الفتح وفي الصحيح بالجبيل الذي بالسوق وهو سلع لان أسفل السوق مجاوره " ذو سلم " بالتحريك من بطن مدلجة تعهن له ذكر في سفر الهجرة وذو سلم النظيم في أودية العقيق شاهدة في لأي كلمى " سليع " تصغير سلع هو الجبل الذي عليه حصن أمير المدينة الذي ابتناه جماز بن شيخة قبل السبعين وستمائة فكان عليه بيوت أسلم بن قصي " السليل " كأمير عرصة العقيق " السليلة " موضع من الربذة " السليم " مصغر سلم وذات السليم من أودية العقيق " سمران " جبل بخيبر صلى الله عليه وسلم على رأسه رواه ابن زبالة والعامة تسمية مسمران وضبطه بعضهم بالشين المعجمة " ذو سمر " من أودية العقيق " سميحة " مصغر سمحة بالحاء المهملة بئر قديمة غزيرة الماء معروفة بالمدينة " سنام " هضب قرب الربذة " السخ " بالضم ثم السكون وقيل بضمتين أطم لجشم وزيد ابن الحرث على ميل من المسجد النبوي وهو أدنى العالية سميت به الناحية وبه منزل أبي بكر الصديق رضى الله عنه بزوجته الأنصارية ووهم من جعله غربي مساجد الفتح لان ذلك بالمثناة النحتية وكسر السين " سن " بالكسر جبل حذاء شوران وميطان " سواج " بالضم آخره جيم من جبال ضربة يأويه الجن يقال له سواج طخفة " سوارق " واد قرب السوارقية يستعذبون منه الماء " السوارقية " بفتح أوله وضمه بعد الراء قاف وياء النسبة ويقال السويرقية مصغرة قرية غناء كبيرة ذات منبر ونخل وفواكه ولكل بني سليم فيها شيء " سوق بني قينقاع " بقافين بينهما مثناة تحتية ثم نون آخره عين مهملة كان عند جسر بطحان في الجاهلية يقوم في السنة مرارا ويتفاخر الناس به ويتناشدون الأشعار به كان اجتماع حسان بن ثابت بنابغة بني ذبيان " السويداء " تصغير سوداء موضع بعددي حسب على ليلتين من المدينة " سويد " أطم أسود ببني بياضة شامي الحاضة " سويقة " تصغير ساق هضبة حمراء على نحو ثلاثين ميلا من ضرية وعين عذبة كثيرة الماء بأسفل حزرة على ميل من السيالة ناحية عن الطريق يمين المتوجه لمكة لآل علي وكان محمد بن صالح الحسني خرج على المتوكل فأنفذ إليه جيشا ضخما فظ فروا به وبجماعة من أهله فقتلوا بعضهم وأخربوا سويقة وعقروا بها نخلا كثيرا وما أفلحت السويقة بعد وجو سويقة لآل علي يضاف إليها قال المجد وكانت سويقة من صدقات علي وسويقة أيضا جبل بني ينبع والمدينة وتعرف اليوم بالسويقة منازل بني إبراهيم أخي النفس الزكية " السيّ " بالكسر على خمس ليال من المدينة ناحية ركية من وراء المعدن بها سرية شجاع بن وهب لجمع من هوازن " السيالة " كسحابة في مسجد شرف الروحاء والشرف آخرها وهي على ثلاثين ميلا من المدينة مر بها تسع وبها واد يسيل فسماه السيالة " السيح " بالكسر وسكون المثناة تحت مصدر ساح بسيح اسم لما حول مساجد الفتح في المغرب ووهم المراغي في جعله محل أطم جشم وزيد ابن الحرث مع ضبطه بما ذكرناه " سير " بفتح أوله والمثناة التحتية جبل وقيل بالموحدة المشددة المكسورة وقيل بشين معحمة مفتوحة ومثناة تحتية مشددة مكسورة كئيب بين النازية والصفراء كانت به قسمة غنائم بدر وأظنه يشعب سير المعروف اليوم بفركات الخيف عند بركة قديمة بعد المستعجلة بنحو نصف فرسخ. جاوره " ذو سلم " بالتحريك من بطن مدلجة تعهن له ذكر في سفر الهجرة وذو سلم النظيم في أودية العقيق شاهدة في لأي كلمى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 " سليع " تصغير سلع هو الجبل الذي عليه حصن أمير المدينة الذي ابتناه جماز بن شيخة قبل السبعين وستمائة فكان عليه بيوت أسلم بن قصي " السليل " كأمير عرصة العقيق " السليلة " موضع من الربذة " السليم " مصغر سلم وذات السليم من أودية العقيق " سمران " جبل بخيبر صلى الله عليه وسلم على رأسه رواه ابن زبالة والعامة تسمية مسمران وضبطه بعضهم بالشين المعجمة " ذو سمر " من أودية العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 " سميحة " مصغر سمحة بالحاء المهملة بئر قديمة غزيرة الماء معروفة بالمدينة " سنام " هضب قرب الربذة " السخ " بالضم ثم السكون وقيل بضمتين أطم لجشم وزيد ابن الحرث على ميل من المسجد النبوي وهو أدنى العالية سميت به الناحية وبه منزل أبي بكر الصديق رضى الله عنه بزوجته الأنصارية ووهم من جعله غربي مساجد الفتح لان ذلك بالمثناة النحتية وكسر السين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 " سن " بالكسر جبل حذاء شوران وميطان " سواج " بالضم آخره جيم من جبال ضربة يأويه الجن يقال له سواج طخفة " سوارق " واد قرب السوارقية يستعذبون منه الماء " السوارقية " بفتح أوله وضمه بعد الراء قاف وياء النسبة ويقال السويرقية مصغرة قرية غناء كبيرة ذات منبر ونخل وفواكه ولكل بني سليم فيها شيء " سوق بني قينقاع " بقافين بينهما مثناة تحتية ثم نون آخره عين مهملة كان عند جسر بطحان في الجاهلية يقوم في السنة مرارا ويتفاخر الناس به ويتناشدون الأشعار به كان اجتماع حسان بن ثابت بنابغة بني ذبيان " السويداء " تصغير سوداء موضع بعددي حسب على ليلتين من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 " سويد " أطم أسود ببني بياضة شامي الحاضة " سويقة " تصغير ساق هضبة حمراء على نحو ثلاثين ميلا من ضرية وعين عذبة كثيرة الماء بأسفل حزرة على ميل من السيالة ناحية عن الطريق يمين المتوجه لمكة لآل علي وكان محمد بن صالح الحسني خرج على المتوكل فأنفذ إليه جيشا ضخما فظ فروا به وبجماعة من أهله فقتلوا بعضهم وأخربوا سويقة وعقروا بها نخلا كثيرا وما أفلحت السويقة بعد وجو سويقة لآل علي يضاف إليها قال المجد وكانت سويقة من صدقات علي وسويقة أيضا جبل بني ينبع والمدينة وتعرف اليوم بالسويقة منازل بني إبراهيم أخي النفس الزكية " السيّ " بالكسر على خمس ليال من المدينة ناحية ركية من وراء المعدن بها سرية شجاع بن وهب لجمع من هوازن " السيالة " كسحابة في مسجد شرف الروحاء والشرف آخرها وهي على ثلاثين ميلا من المدينة مر بها تسع وبها واد يسيل فسماه السيالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 " السيح " بالكسر وسكون المثناة تحت مصدر ساح بسيح اسم لما حول مساجد الفتح في المغرب ووهم المراغي في جعله محل أطم جشم وزيد ابن الحرث مع ضبطه بما ذكرناه " سير " بفتح أوله والمثناة التحتية جبل وقيل بالموحدة المشددة المكسورة وقيل بشين معحمة مفتوحة ومثناة تحتية مشددة مكسورة كئيب بين النازية والصفراء كانت به قسمة غنائم بدر وأظنه يشعب سير المعروف اليوم بفركات الخيف عند بركة قديمة بعد المستعجلة بنحو نصف فرسخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 " حرف الشين " " شابه " بموحدة خفيفة جبل بين الربذة والسليلة " شاس " أطم برحبة مسجد قباء كان أساس من أخي بني عطمة بن زيد " السبا " كالعصا واد بالأثيل به عين تسمى خفيف السبا " سباع " ككاب سبق في بئر السائب أنه الجبل المشرف عليها " الشباك " كالحباك جمع شبكة موضع ببلاد غني بين المدينة وأبرق العراف وموضع آخر قرب سفوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 " الشبعان " بلفظ ضد الجيعان من آطام المدينة كان بثمغ " الشبكة " مفرد الشباك مال بأضم بعد ذي خشب " الشجرة " بلفظ واحد الشجر يضاف إليها مسجد ذي الحليفة والشجرة أيضا مال فيه أطم لبني قريظة " شدخ " بسكون الدال المهملة وخاء معجمة واد به الموضع المسمى بنخل " الشراة " جبل مرتفع في السماء دون عسفان عن يسارها فيه عقبة إلى ناحية الحجاز تسمى الخريطة " الشربة " بثلاث فتحات وموحدة مشددة كل أرض معشبة لا شجر بها اشتهر به موضع بين السليلة والربذة وقيل بين نخل ومعدن بني سليم وقيل إذا جاوزت النقرة وما وان تريد مكة وقعت في الشربة أشد بلاد نجد مرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 أي بردا " شرج " بالفتح ثم السكون آخره جيم موضع بظاهر المدينة يعرف بشرج العجوز له ذكر في مقتل كعب بن الأشرف وماء بنجد وواد لفزارة به بئر " الشرعبي " بالفتح ثم السكون وفتح العين المهملة وكسر الموحدة آخره ياء النسبة أطم دون ذياب " الشرف " محركة الموضع العالي وهو شرف الروحاء وشرف السيالة لكونه بينهما والشرف أيضا كبد نجد " شريق " تصغير شرق وروى بالفاء موضع بوادي العقيق " الشطان " بالضم وسكون الطاء المهملة من أودية المدينة " سطمان " مال في بني قريظة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 " السطون " بئر بناحية معر " السطيبة " مال ابن عتبة بجنب الأعواف ولعلها المال المعروف هناك بالعتبى خطب قرظي امرأة من بلحرث ابن الخزرج فقالت أله مال على بئر مدري أوهامات أو ذي وشيع أو الشطيبة أو بئر فجار وهي في بئر أريس فقال تكلفني مخارق بئر مدري ... وهامات وأعذق ذي وشيع فما حازت شطيبة من سواد ... إلى الفجار من عذق الرجيع " الشظاة " كالقطاه وادي قناة أو مما يلي السد منه قال عباس بن مرداس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 وانك عمري هل أراك ظعائنا ... سلكن على ركن الشظاة فتيأبا " شعب " بالضم واد يصب في الصفراء وهو نخال والشعب بالكسر واحد الشعاب منه شعب أحد انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فمه يوم أحد وخرج علي حتى ملأ درقته من المهراس " وشعب العجوز " بظاهر المدينة قتل عنده كعب بن الأشرف ويروي بدله شرج العجوز " وشعب المشاش " خلف جماء العاقل من العقيق " وشعب شوكة " هو المعروف بشعب علي كما سيأتي في شوكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 " شعبي " بالضم ثم الفتح موحدة مفتوحة مقصور جبل وقيل جبال منيعة بحمى ضرية قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكندي أعبد حل في شعبي غريبا ... ألو مالا أبالك واغترابا قال السيرافي يقول أنت من أهل شعبي ولست بكندي بل أنت دعيّ فيهم حملت بك أمك في شعبي " شعبة " بالضم ثم السكون عين قرب يليل وفي الخلائق شعبة عبد الله وشعبة عاصم تأتي في عاصم ووادي شعبة من أودية أبلى " شعث " بالضم ثم السكون آخره مثلثة جمع أشعث موضع بين السوارقية ومعدن بني سليم " شعر " بلفظ شعر الرأس جبل مشرف على معدن الماوان بناحية الوضح أكثر الشعراء من ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 " شغبى " بالفتح وسكون الغين المعجمة وفتح الموحدة كسكري قرية بين المدينة وايلة وكذابدا قرية أخرى بينهما نحو مرحلة ويلي شغبي السقيا التي بطريق الشام وبهذه السقيا يجتمع من أراد المدينة من مصر على غير طريق الساحل ومن أرادها من الشام قاله الأسدي قال كثير وأنت التي حببت شغبي إلى يدا ... إليّ وأوطاني بلاد سواهما حللت بهذا حلة ثم حلة ... بهذا فطاب الواديان كلاهما " شفر " كزفر جمع شفير الوادي جبل بأصل جماء أم خالد تهبط إلى بطن العقيق كان يرعى به السرح يوم أغار عليه أبن جابر الفهريّ وطلبه النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى ورد بدرا " شقر " بالقاف كزفر ماء بالزبذة عند سنام وجبل مشرف على معدن الماوان " الشقراء " تأنيث الأشقر ماءة بالبادية وكذا السعدية أقطع النبي صلى الله عليه وسلم حمى بينهما العمرو بن سلمة الكلابي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 " الشقراة " جبيل انصب في غربي النقيع " الشقرة " بالضم ثم السكون موضع بين جبال حمر بطريق فيد على ثمانية عشر ميلا من النخيل وعلى يومين من المدينة انتهى إليه بعض المنهزمين يوم أحد كما رواه البيهقي ومنه قطع الدوم لعمارة المسجد في زماننا " شق " بالفتح وقيل بالكسر من حصون خيبر أو موضع به حصون من حصونها منها البراز كان أهله أشدّ رميا للمسلمين عند حصارهم فحصبه النبيّ صلى الله عليه وسلم بكف من حصباء فرجف بهم وساخ رواه الواقدي " شلول " بلامين كصبور موضع بنواحي المدينة " الشماء " بالتشديد والمد وعند الهجريّ الشيماء بمثناة تحتية هضبة بحمى ضرية من هضب الأشيق بناحية عرفجا حمراء وفيها سواد " الشماخ " بالفتح والتشديد وإعجام الخاء أطم في قبلة بيوت بني سالم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 " شمنصير " بفتحتين ثم نون ساكنة وصاد مهملة مكسورة ثم مثناة تحتية ثم راء جبل ساية " شناصير " من نواحي المدينة " شنوكة " بالفتح ثم الضم ثم السكون وفتح الكاف جبل بعد شرف الروحاء يقابل الشعب المعروف اليوم بشعب علي وهو شعب شنوكة على فرسخ من شرف الروحاء " الشنيف " كزبير أطم بني ضبيعة بقباء قرب أحجار المراء " شواحط " بالضم وبعد الألف حاء مهملة مكسورة وطاء مهملة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 جبل قرب السوارقية ويوم شواحط من أيام العرب " شوران " كسلمان جبل حذاء ميطان تضاف إليه حرة شوران صدر مهزور لعله المعروف اليوم بشوطان وللزبير عن محمد بن عبد الرحمن قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إبلا في السوق فأعجبه سمنها فقال أين كانت ترعى هذه قالوا بحرّة شوران فقال بارك الله في شوران " شوط " بالفتح ثم السكون وطاء مهملة موضع وراء ذباب بالجبانة قرب منزل بني ساعدة الأقصى وفي شاميه كومة أبي الحمراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 " شوطي " كسكري بحروف الذي قبله من دوافع وادي العقيق بحرة بني سليم " شيخان " بلفظ تثنية شيخ أطمان بجهة الوالج سميا باسم شيخ وشيخة كانا هناك على الطريق الشرقية إلى أحد مع الحرة بفضائهما مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بع في مسيره لأحد وعسكر هناك تلك الليلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 " حرف الصاد " " صاخة " كرامة الأرض التي لا تنبت أصلا وهو اسم هضبات خمس قرب العقيق ولذا قال الوليد بن عقبة ولولا عليّ كان جل مقالهم ... كضرطة عير بالصخا صخ من أضم " صاري " بكسر الراء وتخفيف الياء جبل في قبلة المدينة " الصحرة " بالضم وإسكان الحاء المهملة جوبة تنجاب في الحرة وهي اسم أرض تحف النقيع من غربية " صحن " بلفظ صحن الدار جبل فوق السوارقية فيه ماء عذب يزرع عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 " صخيرات الثمام " بالخاء المعجمة والثاء المثلثة " صدار " كغراب ويعرف بالصدارة بوادي الروحاء " صرار " ككتاب أطم كان بالجوانية شاميّ المدينة بالحرة الشرقية به سميت تلك الناحية صرارا ولذا قال البخاري في نحر البقر بصرار عند قدوم المدينة صرار موضع ناحية بالمدينة وقال أبن سعد في غزوة قرقرة الكدر واقتسموا غنائمهم بصرار على ثلاثة أميال من المدينة وقال نصر صرار ماء قرب المدينة محتفر جاهليّ له ذكر كثير على سمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 العراق انتهى ويشهد له ما في صحيح الدارميّ عن قريظة بن كعب إن عمر شيع ناسا من الأنصار بعثهم إلى الكوفة حتى أتى صرارا قال وصرار ماء شرقيّ طريق المدينة انتهى قال زيد بن أسلم خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى إذا كنا بحرّة واقم إذا بنار تورى بصرار فسرنا حتى أتيناها فقال عمر السلام عليكم يا أهل الضوء وكره أن يقول يا أهل النار أدنو منكم فقيل له أدن بخير أودع فإذا بهم ركب قد أضرّبهم الليل والبرد والجوع وإذا امرأة وصبيان فنكص على عقبيه وأدبر يهول حتى أتى دار الدقيق وأستخرج عدل دقيق وجعل فيه كبة من شحم ثم حمله حتى أتاهم به فقال ذرّى وأنا أحرك يريد أتخذ لك خزيرة وصرار أيضا جبل من جبال القبلة " صعيب " تصغير صعب وقيل صعين بالنون تقدّم في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 الاستشفاء بتراب المدينة " الصعبية " بالفتح ثم السكون آبار عذبة يزرع عليها لبنى سليم قرب أبلي " الصفاح " بالكسر وحاء مهملة موضع بالروحاء " صفاصف " موضع بين سدّ عبد الله العثماني وبين العصبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 " الصفراء " تأنيث الأصفر واد كثير النخل والعيون سبق في المساجد وسلكه النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من بدر الكبرى وقال المجد سلكه غير مرة " صفر " بلفظ الشهر الذي يلي المحرم جبل أحمر بفرش ملل يقابل عبود الطريق بينهما وبه بناء كان للحسن بن زيد " صفنة " بالفتح كجفنة بالنون وفي القاموس إنه محرّك منزل بني عطية برحبة مسجد قباء " صفينة " كسفينة موضع بين بني سالم وقباء قاله نصر وفي القاموس صفينة كجهينة بلد بالعالية في ديار بني سليم " ذو صلب " بالضم في الأودية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 " صلحة " بالضم ثم السكون اسم دار بني سلمة سماها به النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق في الحاء المهملة وسبق في المعجمة صالحة وفي خط الزين المراغي طلحة بالطاء المهملة " صلصل " كجلبل جبل معروف في أثناء البيداء شرقيّ عظم إلى القبلة على سبعة أميال من المدينة ويقال فيه الصلصلان بالتثنية وللفريابي إن قصة نزول التيمم كانت بالصلصل قال البكريّ هو عند ذي الحليفة أي بقربها " صلاصل " أرض بحرّة بطحان " الصمد " بالفتح ثم السكون وإهمال الدال ماء قرب المدينة له يوم مشهود وموضع بقباء جمعه كعب بن مالك حيث قال: ألا أبلغ قريشا أن سلعا ... وما بين العريض إلى الصماد " الصمغة " بالغين المعجمة مزرعة بقناة سرّحت قريش الظهر والكراع بها بعد نزولهم بعينين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 " الصمان " بالفتح وتشديد الميم جبل أحمر مجاور الدهناء التي سبق أنها سبعة أجبل من الرمل ولذا قيل الصمان قرب رمل عالج " صوار " بالضم وواو وألف وراء موضع بالمدينة قال شاعر: قميص فواقم فصوار ... فإلى ما يلي حجاج غراب " صوري " كجمزي واد بجهة النقيع من صدور أثمة أبن الزبير وتعرف اليوم بصورية بزيادة هاء " الصوران " ثنية صور بالفتح ثم السكون للنخل المجتمع الصغار موضع في أقصى بقيع الفرقد مما يلي طريق بني قريظة مر به النبيّ صلى الله عليه وسلم متوجها إلى بني قريظة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 وقال مالك منزل نافع بالبقيع بالصورين لكن سبق في مهزور من الأودية ما يقتضي إنه فوق البقيع قرب الموضع المعروف اليوم بالقصور والصوران أيضا في أدنى الغابة " ذو صوير " كزبير من أودية العقيق قرب صوري " الصهباء " بلفظ اسم الخمر من أدنى خيبر (الصهوة) من أودية العقيق قال أبن شبة هو بين يين وبين حورة على ليلة من المدينة تصدّق أبن عباس بماله به وتلك الصدقة بيد الخليفة توكل بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 " الصياصي " أربعة عشر أطما كانت بقباء يتعاطى أهلها النيران بينهم من قربها " الصيصة " أطم بقباء. " حرف الضاد " " ضاحك " اسم فاعل من ضحك جبل بفرش ملل بيته وبين ضويحك واد يقال له بين " ضارح " كصاحب آخره جيم موضع قرب العذيب له ذكر في شعر امرئ القيس وغيره وقيل موضع باليمن " ضأس " كفأس آخره سين مهملة واد بين المدينة ويتبع قال كثير وحتى أجازت بطن ضأس ودونها ... دعان فهضبا ذي النخيل فيتبع " ضاف " واد غربيّ النقيع تحفه الجبال ومنها قدس في غربية وأرضه مستوية مهبط ثنية تبع من أئمة أبن الزبير " ضباء " من عمل المدينة النبوية مرفأ للسفن مأمون وفيه آبار عذبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 وشجر المقل فيه كثير بينه وبين مريبن جبال شامخة ذكره في الروض المعطار " ضبع " بسكون الباء الموحدة وضمها من أودية العقيق " ضبوعة " بالفتح كحلوبة منزل عند بليل بين مشيرب وبين الخلائق " ضجنان " بالفتح وسكون الجيم ونونين بينهما ألف قرب مكة على يوم من قديد " ضحيان " بالفتح وسكون الحاء المهملة ومثناة تحتية أطم بالعصبة لا حيحة بن الجلاح وله يقول إني بنيت واقما والضحيان ... والمستظل قبله بأزمان " ضرعاء " قنة قرب جبل شمنصير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 " ضرية " كغنية في الإحماء " ضرى " كسما بئر من حفر عاد بصرية " ضع ذرع " أطم عند بئر بني خطمة المسماة بذرع " ضغن " بالكسر وسكون الغين المعجمة ثم نون ماء لفزارة بين خيبر وفيد به النخيل المعروف اليوم بحائط وكرانيف " الضفر " بفتح أوله وكشر ثانيه بعده راء مهملة قال في الروض المعطار هو موضع قريب من المدينة به قبر أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي وهو أحد الأجواد المطعمين قالوا ركب إبراهيم بن هشام إلى المدينة إلى موضع له بملل فلما أراد الانصراف قال اجعلوا طريقكم على أبي عبيدة فنفجؤه على أن نبخله فهجم عليه فرحب به واستنزله فقال إبراهيم إن كان شيء عاجل وإلا فأني لست أقيم قال وما عسى أن يكون عندي عاجل يكفيك ويكفي من معك ولكن تذبح لهم فأبى إبراهيم إلا الانصراف فقال أنزل على العاجل فجاءه بتسعين كرشا فيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 الرؤوس مع كثير من بوادر الطعام واستأنف الذبح لهم فعجب أبن هشام فقال نراه ذبح في ليلة من الغنم عدد هذه الرؤوس انتهى وقد تصحف عليه وإنما هو صفر بلفظ اسم الشهر الذي يلي محرّم وقد قدّمناه في موضعه " ضفيرة " بالفتح وكسر الفاء المسناة المستطيلة في الأرض وما يعقد بعضه على بعض ليحبس السيل ونحوه بالعقيق عدّة ضفائر " ضلع بني الشيصبان " بطن من الجن كفار " وضلع بني مالك " بطن من الجن مسلمون والضلعان جبلان بحمى ضرية بينهما واد التسرير مسيرة يوم ويقع القتال بين هذين البطنين وفي ذلك خبر غريب في الأصل الأوّل وضلع بني مالك يحل به الناس ويرعون فيه ويصيدون بخلاف ضلع بني الشيصبان " ضويحك " سبق في ضاحك " الضيفة " قرب ذات حماط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 " حرف الطاء " " طاشا " بالشين المعجمة من أودية الأشعر الغورية يصب على وادي الصفراء " طخفة " بالكسر وسكون الخاء المعجمة جبل أحمر طويل حذاءه منهل وآبار له ذكر في حمى ضرية " الطرف " بفتح الطاء والراء ماء دون النخيل قاله الواقدي وهو بطريق العراق على خمسة وعشرين ميلا أو أزيد من المدينة وعلى عشرين ميلا من بطن نخل به آبار وبرك قاله الأسديّ " ذو الطفيتين " بالضم وسكون الفاء من غدر إن العقيق في رضراضة غليظة من أعذب ماء شرب ويقال له اليوم أبو الطفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 " طفيل " جبل صغير متوسط بجنب البزواء وليس بطفيل الذي في شعر بلال " طويلع " تصغير طالع عند العامة إنه موضع بالمدينة وإنما هو بنجد. " حرف الظاء " " الظاهرة " ناحية النقا من الحرّة الغربية " ظبية " بلفظ واحد الظباء موضع بديار جهينة أعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم عوسجة الجهني من ذي المروة إلى الظبية إلى الجعلات إلى جبل القبلية وظبية أيضا بين ينبع وغيقة بساحل البحر وماء بنجد " ظبية " بالضم ثم السكون علم مرتجل يضاف إليه عرف الظبية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 المتقدّم في مساجد طريق مكة والظبية شجرة تشبه القتادة " ظلم " ككتف موضع من أودية الأشعر من القبيلة وجبل أسود لعمرو بن كلاب يكتنف الطرف " الظهار " ككتاب حصن بخيبر. " حرف العين " " عابد " بكسر الموحدة ودال مهملة وعبود بالفتح وتشديد الموحدة وعبيد بالضم مصغرا ثلاثة أجبل عبود وهو الأكبر بوسطها بفرش ملل بين مدفع مريين وبين ملل مما يلي السيالة على مرحلة من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 " عارمة " كفاطمة ردهة بين هضبات يدعين عوارم وسط حمى ضرية " عاص وعويص " واديان عظيمان بين مكة والمدينة " عاصم " كصاحب أطم لبني عبد الأشهل كان على الفقارة في أدنى بيوت بني النجار وأطم آخر بقباء فيه البئر التي يقال لها قباء وذو عاصم من أودية العقيق لعقد عاصم بن عدي بن العجلان حلف الأوس مع مزينة لما نزلوا البقيع به " عاقل " بكسر القاف جبل يناوح منعجا بحمى ضرية " العالية " تأنيث العالي بلاد واسعة وهي أعلى الحجاز بلدا وأشرفها موضعا وعالية المدينة وعواليها ما كان في جهة قبلتها من قباء وغيرها على ميل فأكثر لما قالوه في السخ من أنه بالعوالي على ميل من المسجد النبوي وهو أدناها وأقصاها عمارة ثلاثة أميال أو أربعة وأقصاها مطلقا ثمانية أميال أو ستة فينزل على هذا اختلاف الروايات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 " عاند " بكسر النون ودال مهملة يضاف إليه وادي العاند قبل السقيا من عمل الفرع بميل ويقال له وادي القاحة ويروي بالمثناة تحت بدل النون وذال معجمة " عابر " بمثناة تحتية يضاف إليه ثنية العاير يمين ركوبة ويقال بالغين المعجمة " عبابيد " موضع قرب تعهن ويروي أيضا عبابيب بثلاث باءات موحدات قبل الأخيرة مثناة تحتية ويروي العثيانية بمثلثة ثم مثناة تحت وألف ونون " عباثر " جمع عبيثران للنبات المعروف واد من الأشعر بين نخل وبواط " العبلاء " بالفتح ثن السكون ممدود من أعمال المدينة يقال له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 عبلاء الهرودة ثبت يصبغ به " عبود " كسفود تقدّم في عابد " العثرة " بالكسر وسكون المثناة فوق ثم راء جبل في قبلة المدينة يقال له المستندر الأقصى " عثاعث " جبال صغار سود بحمى ضرية يشرف على مهزور " عثعث " كربرب الجبل الذي يقال له سليع " العجمتان " تثنية عجمة بجانب البطحاء من العقيق " عدنة " بالنون محرّ كاهضبة بفرش مال وموضع من الشربة " عدينة " مصغر عدنة أطم بالعصبة بين الصفاصف والوادي " عذق " بالفتح ثم السكون أطم لبني أمية بن زيد وبئر عذق تقدّمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 " عذيبة " تصغير عذبة ماء بين الينبع والجار ويقال فيها العذيب بغير هاء " عراقيب " قرية ضخمة ومعدن بحمى ضرية " عرى " كعزى اسم وادي نقمي كما سيأتي في النون " العرج " بالفتح ثم السكون قرية جامعة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بطريق مكة رأى بها تبع دواب تعرج فسماها العرج وقيل لأنه يعرج بها عن الطريق وقيل إن جبلها يتصل بلبنان بالشام ثم باللكام بإنطاكية ثم بالجزر وفيه الباب ثم المدّان وطوله خمسمائة فرسخ وفيه اثنان وسبعون لسانا " العرصة " بالفتح ثم السكون وإهمال الصاد كل جوبة متسعة لأبناء فيها وعرصة العقيق تقدّمت فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 " العرض " بالكسر اسم للجرف وخصه المطري بما في قبلة الجرف مما حول مسجد القبلتين من المزارع وأعراض المدينة بطون سوادها حيث الزرع أو قراها التي في أوديتها وأعراض خيبر تأتي في وادي الدوم " عرفات " بلفظ عرفات مكة تلّ مرتفع قبليّ مسجد فباء كان يقف به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فيرى عرفات كذا في رحلة أبن جبير " عرفجاء " أحد مياه الأشيق " عرفة " كغرفة بحروفه غير الأوّل عرفة حمى ضرية وعرفة منعج وعرفة الأجيال أجيال صبح " عرق الظبية " تقدّم في الظاء المعجمة " عريان " بلفظ ضدّ المكتسي أطم كان لآل النضر رهط أنس بن مالك في صقع القبلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 " عريض " تصغير عرض واد شامي الحرة الشرقية قرب قناة " عريفطان " تصغير عرفطان واد في أبلى " عرينة " كجهينة قرى للمدينة بطريق الشام وقال الزهري قال عمر ما أفاء الله على رسوله قرى عرينة فدك وكذا وكذا " العراف " بالفتح وتشديد الراء آخره فاء رمل لبني سعد قرب زرود أو ماء لبني أسد يضاف إليه أبرق العراف كان يسمع به عزيف الجن أي صوتها وقيل جبل بالدهناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 " عزوزي " بزايين معجمتين الأولى مضمومة موضع بين مكة والمدينة " عسعس " كفدفد جبل بحمى ضرية من سبله دارة عسعس " عسفان " بالضم ثم السكون وبالفاء قرية جامعة بين مكة والمدينة على نحو يومين من مكة بها آبار وبرك وعين تعرف بالعولاء " عسيب " جبل يقابل برام في شرق البقيع من أعلاه " عسية " بالفتح كدينة وضع ناحية معدن القبيلة ويروي بالعين والسين المعجمتين " العس " بالضم للغراب وغيره وذو العمر من أودية العقيق " العسيرة " تصغير عسرة من العدد وذو العسيرة أودية العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 وموضع سبق في حدود الحرم وموضع بالصمان ينسب إلى عشيرة فيه نابتة وحصن صغير بين ينبع وذي المروة أثمر مفضل وتقدم في المساجد " ذو العسيرة " بينبع ولابن اسحق ذات العشيرة من بطن ينبع وفي البخاري العسير أو العسيرة بالشك في إعجام السين وإهمالها أو لأبي داود بالمعجمة من غير شك وللأصيلي العسيرة أو العسير بفتح العين وكسر السين المهملة في الثاني وللقابس في الأول العسير بغير هاء أو العسير كما للأصلي وقيل ذات العسيرة والعسير " العصبة " بسكون الصاد المهملة وضم أوله وقيل بفتحة وقيل بفتحات ثلاث ويروي المعصب كحمد منزل بني حججي غربي مسجد قباء وفي البخاري انه موضع بقباء " عضه " بالكسر ثم السكون أو بفتحتين جبل سلك عليه صلى الله عليه وسلم ذاهبا لخيبر ومن الغريب قول ابن الأثير مع ذكر ذلك انه بين المدينة ووادي الفرع " عظم " بفتحتين تقدم في أعظم بضمتين من أعراض خيبر " عقرب " بلفظ عقرب الحشرات أعلم شامي الروحاء به بنو بياضة " العقبان " بالكسر ثم قاف ثم مثناة تحت أطم بني بياضة مما يلي السبخة " عقبريا " مصغر عقرب مال شامي بني حارثة " العلاء " بالفتح والمدّ بمعنى الرقعة أطم أو موضع بالمدينة والعلا بالضم والقصر بناحية وادي القرى في مساجد تبوك " العمق " بالفتح ثم السكون ثم قاف واد يصب في الفرع ويسمى عمقين ومنزل للحاج بين السليلة ومعدن بني سليم وفي القاموس إن هذا كصرد أو هو بضمتين أو بضمتين خطأ " العميس " بالفتح ثم الكسر وسكون المثناة تحت وسين مهملة وقيل بالغين المعجمة واد بين الفرش ومال ولأبن أسحق في المسير لبدر ثم على ملل ثم على عميس الحمام من مرّيين " عناب " بالضم وفتح النون آخر موحدة اسم الطريق بين المدينة وفيد وقيل جبل وقال الأسدي إنه بين السقيا وبين ذي المروة بطريق الشام " العنابس " مزارع في جهة قبلة مسجد القبلتين " العنابة " بزيادة هاء على عناب السابق والمحدّثون يشدّدون النون قارة سرداء أسفل من الرويثة وماءة في ديار بني كلاب وبركة ومكان قرب مسيراء " العناقة " بالقاف كسحابة موضع أو ماءة لغنيّ قرب ضرية " العوافر " هضبات الفرش " عوال " بالضم والتخفيف يضاف إليه حزم بني عومال أحد الجبال الثلاثة التي تكشف الطرق وفيه بئر إلية " العوالي " تقدّمت في العالية " عوسا " تقدمت في وادي رانوناء " العويقل " تصغير العاقل نقب بحزرة " عير " بالفتح وسكون المثناة تحت آخره راء حمار الوحش سبق في حدود الحرم وهما جبلان قال الزبير وفي عيرين يقول الأحوص: " تصغير عسرة من العدد وذو العسيرة أودية العقيق وموضع سبق في حدود الحرم وموضع بالصمان ينسب إلى عشيرة فيه نابتة وحصن صغير بين ينبع وذي المروة أثمر مفضل وتقدم في المساجد " ذو العسيرة " بينبع ولابن اسحق ذات العشيرة من بطن ينبع وفي البخاري العسير أو العسيرة بالشك في إعجام السين وإهمالها أو لأبي داود بالمعجمة من غير شك وللأصيلي العسيرة أو العسير بفتح العين وكسر السين المهملة في الثاني وللقابس في الأول العسير بغير هاء أو العسير كما للأصلي وقيل ذات العسيرة والعسير " العصبة " بسكون الصاد المهملة وضم أوله وقيل بفتحة وقيل بفتحات ثلاث ويروي المعصب كحمد منزل بني حججي غربي مسجد قباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 وفي البخاري انه موضع بقباء " عضه " بالكسر ثم السكون أو بفتحتين جبل سلك عليه صلى الله عليه وسلم ذاهبا لخيبر ومن الغريب قول ابن الأثير مع ذكر ذلك انه بين المدينة ووادي الفرع " عظم " بفتحتين تقدم في أعظم بضمتين من أعراض خيبر " عقرب " بلفظ عقرب الحشرات أعلم شامي الروحاء به بنو بياضة " العقبان " بالكسر ثم قاف ثم مثناة تحت أطم بني بياضة مما يلي السبخة " عقبريا " مصغر عقرب مال شامي بني حارثة " العلاء " بالفتح والمدّ بمعنى الرقعة أطم أو موضع بالمدينة والعلا بالضم والقصر بناحية وادي القرى في مساجد تبوك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 " العمق " بالفتح ثم السكون ثم قاف واد يصب في الفرع ويسمى عمقين ومنزل للحاج بين السليلة ومعدن بني سليم وفي القاموس إن هذا كصرد أو هو بضمتين أو بضمتين خطأ " العميس " بالفتح ثم الكسر وسكون المثناة تحت وسين مهملة وقيل بالغين المعجمة واد بين الفرش ومال ولأبن أسحق في المسير لبدر ثم على ملل ثم على عميس الحمام من مرّيين " عناب " بالضم وفتح النون آخر موحدة اسم الطريق بين المدينة وفيد وقيل جبل وقال الأسدي إنه بين السقيا وبين ذي المروة بطريق الشام " العنابس " مزارع في جهة قبلة مسجد القبلتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 " العنابة " بزيادة هاء على عناب السابق والمحدّثون يشدّدون النون قارة سرداء أسفل من الرويثة وماءة في ديار بني كلاب وبركة ومكان قرب مسيراء " العناقة " بالقاف كسحابة موضع أو ماءة لغنيّ قرب ضرية " العوافر " هضبات الفرش " عوال " بالضم والتخفيف يضاف إليه حزم بني عومال أحد الجبال الثلاثة التي تكشف الطرق وفيه بئر إلية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 " العوالي " تقدّمت في العالية " عوسا " تقدمت في وادي رانوناء " العويقل " تصغير العاقل نقب بحزرة " عير " بالفتح وسكون المثناة تحت آخره راء حمار الوحش سبق في حدود الحرم وهما جبلان قال الزبير وفي عيرين يقول الأحوص: أقوت زواوة من أسماء فالجمد ... فالنعف قالسفح من عيرين فالسند وما روى إن عيرا على ترعة من ترع النار واه " العيص " بالكسر ثم السكون وإهمال الصاد واد من ناحية ذي المروة على ليلة منه وعلى أربع من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 " عينان " تثنية عين كما في النهاية والمشارق والقاموس قال وكسر أوله ليس بثبت ويقال عينين كما سيأتي جبل على شفير قناة قبليّ مشهد حمزة رضي الله عنه كان عليه الرماة يوم أحد وفي ركنه الشرقيّ مسجد نبوي وكانت قنطرة العين التي هناك عنده لعل عين الشهداء كانت بقربه فسمى عينان " عين إبراهيم أبن هشام " بفرش ملل " عين أبي زياد " في أدنى الغابة " عين أبي نيزر " بفتح النون وسكون المثناة تحت وفتح الزي ثم راء أبن النجاشي الذي هاجر إليه المسلمون شراه علي بن أبي طالب وأعتقه أو رغب في الإسلام فجاء صغيرا للنبي صلى الله عليه وسلم فكان مع فاطمة وولدها وكان يقوم لعليّ رضي الله عنه على هذه العين وهي من صدقة عليّ بينبع وكذا عين البحير وعين بولا التي يقال إن عليا رضي الله عنه عمل فيها بيده وفيها المسجد النبوي مسجد ذي العشيرة وعمل عليّ أيضا بينبع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 البغيبغات كما سبق وكلها صدقة منه " عين الأزرق " تقدّمت في تتمة الآبار " عين تحنس " بضم المثناة فوق وفتح الحاء المهملة وكسر النون المشدّدة وسين مهملة استنبطها لمولاه الحسين بن عليّ بالمدينة وباعها عليّ بن الحسين بسبعين ألف دينار قضى بها دين الحسين " عين الحديد " باضم " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 عيون الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين " ثلاثة إحداهما بالمضيق والثانية بذي المروة والثالثة بالسقيا وذكرنا في الأصل خبرا غريبا في تحصيله لذلك وقد نشأ فقيرا في حجر جعفر الصادق " عين الخيف " تسقى ما حول مساجد الفتح وتعرف اليوم بشبشب " عين الشهداء " وكانت تعرف بالكاظمية بأحد بقرب عينين مجرى عين من العالية سبق إن الأمير ودي كان قد جدّدها " عين الغوراء " بالغين المعجمة بالضم " عين فاطمة " حيث كان يطبخ اللبن بالمسجد النبوي بالحرّة الغربية قرب بطحان آرام كانت مطايخ قديمة عندها بئر هيئة قصب العين " عين القشيري " بطريق مكة بين السقيا والأبواء وعليها نخل كثير لعبد الله بن الحسين العلوي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 " عين مروان " باضم وكذا اليسريّ " عين النبي صلى الله عليه وسلم " تقدمت في تتمة الآبار " عينين " تثنية عين تقدّم في عينان لكن بعضهم يتلفظ على هذه الصيغة في جميع أحواله وقال الأزهريّ مبتدأ عينين جبل أحد قاله المج وكذا في المشارق فاقتضى إنه بفتح العين وكسر النون الأولى وضبطه المطري بفتح العين وكسر النون الأولى فليس هو تثنية عين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 " حرف الغين " " الغابة " بالموحدة تكرّر ذكره في حديث السباق وغيره واد لم يزل معروفا في أسفل سافلة المدينة من جهة الشام ووهم من قال إنه من عوالي المدينة كيف وهو مغيض مياه أوديتها بعد مجتمع الأسيال كما سبق عن الزبير بن بكار آخر الفصل الثاني وقال الهجري ثم تفضي يعني السيول إلى سافلة المدينة وعين الصورين بالغابة انتهى وكان بها الملاك لأهل المدينة استولى عليها الخراب وبيعت في تركة الزبير بألف ألف وستمائة ألف وقد سبق في الحيفاء وهي من أدنى الغابة إنها على خمسة أميال أو ستة من المدينة عند سفيان وعن محمد بن الضحاك إن العباس رضي الله عنه كان يقف على سلع فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم وذلك من آخر الليل وبينهما ثمانية أميال وهو محمول على أثناء الغابة لا أدناها وكذا ما قاله بعضهم من إنها على بريد " ذات الغار " بئر عذبة كثيرة الماء على ثلاثة فراسخ من السوارقية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 والغار بأحد فوق المهراس وغار أيضا من الصدارة نحو شرف السيالة " الغبيب " تصغير غب موضع مسجد الجمعة " غدير الأشطاط " على ثلاثة أميال من عسفان مما يلي مكة " غدير خم " بالخاء المعجمة " غراب " بلفظ الطائر المعروف جبل شاميّ المدينة بينها وبين مخيض ويقال غراب الضائلة وغرابات بصيغة الجمع ويعرف اليوم بها مصغر أو راية الغراب من أودية العقيق وهو المذكور في شعر معن بن أوس وغراب أيضا غدير في طريق الرحضية على يوم من المدينة " غران " بالضم والتخفيف وادي الأزرق سبق في أمج قال المجد ويقال له رهاط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 " ذو الغراء " بالفتح ممدود بالعقيق له ذكر في شعر أبي وجرة " غرة " بالفتح وتشديد الزاي منزل بني حطمة عند مسجدهم شبهوها بغزة الشام لكثرة أهلها " غزال " بلفظ واحد الظباء واد لخزاعة من ناحية شمنصير " غشية " بالفتح وكسر المعجمة وتشديد المثناة تحت موضع بناحية معدن القبلية وروى بمهملتين " ذو الغصن " بلفظ غصن الشجرة من أودية العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 " غضور " كجعفر والضاد معجمة موضع بين مكة والمدينة بديار خزاعة " ذو الغضوين " محرّك بلفظ تثنية الغضى في سفر الهجرة ثم تبطن بهما الدليل مرجح من ذي الغضوين ويقال العصوين بالمهملتين " غمرة " بالفتح ثم السكون ما يغمر الشيء ويعمه وسماه أبن سعد غمر مرزوق بغير هاء ماء لبني أسد بطريق نجد وسيأتي في وادي الدوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 " الغموض " بالضم وضاد معجمة حصن بني الحقيق بخيبر وقيل هو القموص بالقاف والصاد المهملة " الغميم " بالفتح موضع بين رابغ والجحفة أقطعه النبيّ صلى الله عليه وسلم أو في بن مواليه يضاف إليه كراع الغميم سمى برجل اسمه الغميم قالع المجد وقال أبن شهاب الغميم بين عسفان وضجنان وقال عياض هو واد بعد عسفان بثمانية أميال والكراع جبل أسود بطرف الحرّة يمتدّ بهذا الوادي " الغور " بالفتح ثم السكون موضع بديار بني سليم وما سال من أرض القبلية إلى ينبع وما انحدر مغتربا عن تهامة وما بين ذات عرق إلى البحر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 " غول " كحول جبل غربي حليت به نخل ليس بالقليل " غيقة " بالفتح ثم السكون ثم قاف وهاء موضع بساحل البحر قرب الجار فوق العذيبة يصب فيها وادي ينبع وغيقة أيضا بظهر حرة النار لبني ثعلبة بن سعد أو سرة واد لهم. " حرف الفاء " " فارع " براء وعين مهملتين كصاحب أطم دخل في دار جعفر البرمكي المواجهة لباب الرحمة وجاء جلوس النبيّ صلى الله عليه وسلم في ظله وذكره حسان في شعره حيث قال: أرقت لتوماض البروق اللوامع ... ونحن نشاوي بين سلع وفارع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 وفارع أيضا قرية بأعلى ساية بها نخل وعيون " فاضجه " بكسر الضاد المعجمة وفتح الجيم مال بالعالية ناحية جفاف كان به أطم لبني النضير عامة وقاضجة أيضا واد من شعبي إلى ضرية " فاضح " بكسر الضاد أيضا ثم حاء مهملة جبل قرب ريم وواد في الشريف " فج الروحاء " بالفتح ثم جيم بعد السيالة " فحلان " تثنية فحل وفي القاموس فحلان بالكسر موضع في أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 " الفحلتان " قنتان مرتفعتان على يوم من المدينة بينها وبين ذي المروة عند صحراء يقال لها فيفاء الفحلتين في مساجد تبوك " فدك " بالفتح ودال مهملة ثم كاف قال المجد إنها على يومين من المدينة وكذا هو في الروض المعطار قال وحصنها يقال له المسروح بقرب خيبرا انتهى وقال عياض يومين وقيل ثلاثة والذي قاله أبن سعد في سرية عليّ إلى بني سعد بن بكر بفدك إنها على ست ليال من المدينة وأظنه الصواب وكان أهلها يهود فلما فتحت خيبر طلبوا الأمان على أن يتركوا البلد للنبيّ صلى الله عليه وسلم فكانت له خاصة قيل وسميت بفدك بن حام لأنه أوّل من نزلها " الفراء " بالراء ممدود كالغراب وجاء في الشعر مقصورا جبل بالعقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 غربي عير الوارد بينهما ثنية الشريد وفي القاموس ذو الفراء موضع عند العقيق " فرش ملل " والفريش مصغرة معروفان قرب ملل يفصل بينهما بطن واد يقال له مثغر كان بهما منازل وعمائر وكان كثير بن العباس ينزل الفرش على أثنين وعشرين ميلا من المدينة " الفرع " نقل المجد عن السهيلي إنه بضمتين وراء وعين مهملتين واقتصر عليه في المشارق وقال في التنبيهات كذا قيده أبن سيد الناس وكذا رويناه وحكى عبد الحق عن الأحوال إسكان الراء ولم يذكر غيره ورجح المجد إسكانها مع إن أبن سيد الناس قال إن نجران من ناحية الفرع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 ثم قال والفرع بفتح الفاء والراء قيده السهيليّ انتهى والفرع الذي بفتحتين من أودية الأشعر قرب سويقة بينها وبين مثغر على نحو مرحلة من المدينة وهو فرع المسور بن إبراهيم الزهريّ وأما الذي بضمتين أو ضمة وسكون فعمل واسع عن يسار السقيا به مساجد نبوية وقرى سبقت في آرة وهو على أربع مراحل من المدينة قال السهيلي ويقال إنه أوّل قرية مارت إسماعيل وأمّه التمر بمكة " فريقات " بلفظ جمع مصغر فرقة عقد من أودية العقيق يدفعن في هلوان " الفضاء " بفتح الفاء والضاد المعجمة ممدودا وقال الصغانيّ مقصورا فضاء بني خطمة بفضي إليه سيل بطحان ويلتقي به سيل مهزور ومذينيب قرب الماجشونية " الفغوة " بسكون الغين المعجمة قرية بلحف جبل آرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 " الفقارة " تقدّمت في حزري وأظنها الموضع المعروف اليوم بالفقرة " الفقير " ضدّ الغني موضعان بالمدينة يقال لهما الفقيران عن جعفر الصادق أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أربع أرضين الفقيرين وبئر قيس والشجرة وقيل هو اسم بئر بعينها قاله المجد وسبق في الصدقات النبوية إن الفقير حديقة بالعالية قرب بني قريظة وينطق به أهل المدينة اليوم بالضم مصغر أو إنّ في كتاب صدقة عليّ والفقير لي كما قد علمتم صدقة كذا هو بالأفراد وفي موضع آخر من أبن شبة إن منها الفقيرين بالعالية ذكره مثنى " الفلجان " بالضم ثم السكون ثم جيم أرض سقيا سعد بالحرّة الغربية " فلجة " بالفتح ثم السكون وفتح الجيم ويقال فيها الفلاج ككتاب كما في شعر أبي وجرة من أودية العقيق وأما الفلاج التي ذكر عرام إنها بأعلى وادي ذي رولان فرياض بجهة السوارقية جامعة للناس أيام الربيع وبها مسايل يجتمع فيها المطر منها غدير يقال له المختبي وليس هو من مختبيات فليح لأن تلك بالعقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 " فليح " كزبير تصغير فلح بالكسر أو بالفتح من العيون التي يجتمع فيها فيوض أودية المدينة قال هلال بن سعد المازني: أقول وقد جاوزت نقمي وناقتي ... تحنّ إلى جنبي فليح مع الفجر وظاهره إنه باضم " فويرع " بالضم أطم لبني غنم من بني النجار " فيفاء الخبار " في الفحلتين. " حرف القاف " " القائم " كصائم مال لبني أنيف في قبلة قباء من المغرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 " القاحة " بفتح الحاء المهملة ثم هاء وروايته بالفاء تصحيف واد على ثلاثة مراحل من المدينة كما في البخاريّ وهو قبل السقيا لجهة المدينة بنحو ميل ويقال له وادي العباديد وفي ثاقل الأصغر ماء في دارة في جوفه يقال له القاحة قاله المجد عن عرام وظاهره إنه يلفظ القاحة والذي في نسختين من كتاب عرام يقال له الفاجة بالفاء والجيم " القار " من قرى المدينة وذو قار واد " القاع " موضع مسجد بني حرام غرب مساجد الفتح والقاع أيضا بطريق مكة وقاع النقيع بديار سليم " قبا " بالضم والقصر وقد يمدّو قال النوويّ إنه المشهور الفصيح مع التذكير والصرف قرية بعوالي المدينة قال أبن جبير مدينة كبيرة وكانت متصلة بالمدينة المقدّسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 والطريق إليها من حدائق النخل والعصبة منها وبئر غرس كما تقتضيه الأحاديث ولعلهما الحذان من المغرب والمشرق وعمارتها ممتدّة في جهة قبلة مسجدها ولم أقف على مأخذ لحدها الشامي سوى ما سيأتي في المسافة بينها وبين المدينة وهي في الأصل اسم بئر بأطم يقال له عاصم في دار ثوبة سميت القرية بها كما رأيته في كتاب أبن زبالة وجرى عليه عياض والمجد وفي خط المراغي إنماء سميت قباء ببئر كانت بها تسمى قبارا فتطيروا منها فسموها قباء كما نقله أبن زبالة انتهى ونقل الأقشهريّ عن أبن زبالة نحوه وإن البئر في دار ثوبة إلا أن قبارا في خط المراغي بالمثناة فوق وفي خط الأقشهريّ بالباء الموحدة ولم أر ذلك في كتاب أبن زبالة وهي منازل بني عمرو بن عوف قال الباجي على ميلين من المدينة ونقله النوويّ عن العلماء وفي مشارق عياض على ثلاثة أميال وهي معنى قول الحافظ أبن حجر على فرسخ من المسجد النبوي وصحعه المطري مع نسبته لعياض الأوّل قلت وقد اختبرت ذلك فكان من عتبة باب المسجد النبوي المعروف بباب جبريل إلى عتبة باب مسجد قباء على الطريق الشرقية سبعة آلاف ذراع بتقديم السين على الباء ومائتا ذراع يزيد يسيرا وذلك ميلان وخمسا سبع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 ميل على ما سبق في حدود الحرم من الأرجح في الميل وقباء أيضا قرية كبيرة بها آبار ومزارع ونخل ناحية أفاعية ومران بطريق ضرية بجهة الموضع المعروف بكشب " قباب " كغراب من آطام المدينة وقيل قبابة كصبابة " القبلية " بفتحتين كعربية وفي القاموس إنها بالكسر والتحريك إليها تضاف معادن القبلية من نواحي الفرع قاله المجد كعياض وللزمخشري القبلية سراة فيما بين المدينة وينبع وما سال منها إلى ينبع سمي بالغور وما سال منها إلى المدينة سمي بالقبلية وحدّها ما بين الخب من جبال عرك من جهينة وما بين شرف السيالة أرض يطأها الحاج وفيها جبال وأودية انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 وما يذكر بالقبلية من الأماكن المعروفة اليوم إنما هو بهذه الجهة وبها فرع المسور بفتحتين كما سبق لا الفرع الذي هو عمل واسع فليست القبلية منه بل الأوّل هو المراد لأن الزبير بن بكار نقل عن محمد بن المسور بن إبراهيم إنه كان بفرع المسور وإن فراسا المزني رأى جبلا فيه عروق مرو فقال إن هذا المعدن وذكر قول المزني إن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعهم ذلك وإن محمد أرجع إلى إبراهيم فذكره له فقال صدق إن يكن معدنا فهو لهم قطع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معادن القبلية غوريها وجلسيها يشير لحديث أقطع بلال بن الحرث المزني معادن القبلية غوريها وجلسيها الحديث والجلس أرض نجد وكل ما أرتفع من الأرض والغور ما انهبط أي أقطعه ما ارتفع وما انخفض من تلك الأرض " قدس " بالضم وسكون الدال المهملة قال الهجريّ جبال قدس غربي ضاف من البقيع جبال متصلة عظيمة كثيرة الخير وبها فواكه ومزارع فيها بستان ومنازل كثيرة من مزينة وقال الأسدي الجبل الأيسر المشرف على عين القشيري يقال له قدس أوّله في العرج وآخره وراء هذه العين وقال عرام ورقان ينقاد للجيّ بين العرج والرويثة وبفلق بينه وبين قدس الأبيض ثنية بل عقبة يقال لها ركوبة وقدس هذا ينقاد إلى المتعشا بين العرج والسقيا ثم يقطع بينه وبين قدس الأسود عقبه يقال لها حمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 والقدسان لمزينة " القدوم " كصبور جبل قال المدائني قناة واد يمرّ على طرف القدوم في أصل قبور الشهداء بأحد وقدوم أيضا ثنية بالسراة وموضع من نعمان واسم مختتن إبراهيم الخليل عليه السلام وقال عياض طرف القدوم في حديث الفريعة لم يختلف في فتح قافه وقالوا بتخفيف الدال وتشديدها قال أبن وضاح هو جبل بالمدينة فأما الذي في حديث أبي هريرة فدوم ضان مفتوحا مخففا فنية من جبل ببلاد دوس " قديد " كزبير قرية جامعة بطريق مكة كثيرة المياه يضاف إليها طرف قديد " القديمة " كجهينة جبل بالمدينة " القراصة " بكسر أوّله وبالصاد المهملة كما في الروض المعطار سبق في بئر القراصة وبها كان حائط جابر بن عبد الله المعروض أصله وثمره على غرمانه كما سبق " قراقر " بالفتح وقافين موضع من أعراض المدينة لآل حسين بن عليّ " القرائن " دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي دخلت في المسجد وقيل ثلاث جنابذله " قرّان " بالضم وتشديد الراء واد إلى جنب أبلى " قرح " بالضم ثم السكون سوق وادي القرى يضاف إليه صعيد قرح قاله المجد ومقتضاه كونه بالراء وهو في خط المراغي في مساجد تبوك بفتح الزاي وقال عبد الله بن رواحة: شديدها قال أبن وضاح هو جبل بالمدينة فأما الذي في حديث أبي هريرة فدوم ضان مفتوحا مخففا فنية من جبل ببلاد دوس " قديد " كزبير قرية جامعة بطريق مكة كثيرة المياه يضاف إليها طرف قديد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 " القديمة " كجهينة جبل بالمدينة " القراصة " بكسر أوّله وبالصاد المهملة كما في الروض المعطار سبق في بئر القراصة وبها كان حائط جابر بن عبد الله المعروض أصله وثمره على غرمانه كما سبق " قراقر " بالفتح وقافين موضع من أعراض المدينة لآل حسين بن عليّ " القرائن " دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي دخلت في المسجد وقيل ثلاث جنابذله " قرّان " بالضم وتشديد الراء واد إلى جنب أبلى " قرح " بالضم ثم السكون سوق وادي القرى يضاف إليه صعيد قرح قاله المجد ومقتضاه كونه بالراء وهو في خط المراغي في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 مساجد تبوك بفتح الزاي وقال عبد الله بن رواحة: جلبنا الخيل من آجام قرح ... تعرّ من الحشيش لها العكوم " قرد " بفتحتين وذو قرد ما انتهى إليه المسلمون في غزوة الغابة قال أبن الأثير هو بين المدينة وخيبر على يومين من المدينة وقال عياض على نحو يوم " قردة " كسجدة ويقال بالفاء ماء من مياه نجد به سرية زيد بن حارثة " الفرصة " محركة والصاد مهملة ضيعة أسعد بن معاذ كما في مساجد المدينة " قرقرة الكدر " تأتي في الكاف والقرقرة أيضا بخيبر وفي مغازي أبن عقبة في قتل أبن رزام اليهودي فلما بلغوا قرقرة تياز على ستة أميال من خيبر وذكر قتله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 " قسيان " كعثمان يمثناة تحتيه بعد السين وقسيان مصغرة من أودية العقيق " قصر إسماعيل بن الوليد " على بئر أهاب سبق فيها " قصر إبراهيم بن هشام " دون بني أمية بن زيد ولعله بالناعمة التي له " قصر بني حديلة " بضم الحاء المهملة تقدّم في بيرحاء " قصر خل " بالخاء المعجمة ويقال له حصن خل بظاهر الحرّة غربي بطحان على طريق رومة عمله معاوية على يد النعمان بن بشير سمي بذلك لأنه على الطريق وكل طريق في حرة أو رمل يقال له خل قاله أبن شبة وكان قصر خل في بعض السنين سجنا " قصر أبن عراك " كذا في نسخة أبن زبالة وفي كتاب ياقوت بن عوان بجهة مقبرة بني عبد الأشهل بطريق أحد كان بنو الجدمان في شقه اليماني " قصور العقيق " تقدّمت في فصله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 " قصر أبن ماه " أسفل من بئر هجيم " قصر مروان بن الحكم " قرب الصورين والصدقات النبوية وفي تلك الجهة اليوم مواضع تعرف بالقصور " قصر نفيس " بفتح النون وكسر الفاء بحرة واقم على ميلين من المدينة " قصر بني يوسف " موالي آل عثمان أسفل من قصر مروان مما يلي البقال والبقيع " ذو القصة " بالفتح وتشديد الصاد موضع على بريد من المدينة تلقاء نجد قاله المجد وقال الأسديّ إنه على خمسة أميال من المدينة وقال نصر أربعة وعشرين ميلا طريق الربذة وقال أبن سعد سرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة وبني عوال وهو بذي القصة وبينها وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا طريق الربذة " القصيبة " بالضم وفتح المهملة وسكون المثناة تحت وفتح الموحدة واد بين المدينة وخيبر وسيأتي في وادي الدوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 " ذو القطب " بالضم وسكون الطاء المهملة من أودية العقيق " القف " بالضم والتشديد أصله ما أرتفع من الأرض وغلظ وكان فيه أشراف على ما حوله وأحجار كالإبل البروك وقد يكون فيه رياض وقيعان وهو علم لواد بالمدينة سبق له ذكر في زهرة وبه حسناء أحد الصدقات النبوية والظاهر إنها الحسينيات وكذا به مشربة أم إبراهيم كما سبق فيهما ولأبي داود إن نفرا من اليهود دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القف فأتاهم في بيت المدارس وسبق إنه عند المشربة وفي الموطأ رجلا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف واد من أودية المدينة وفيه إنه جعله صدقة وإن عثمان باعه بخمسين ألفا فسمى الخمسين وبقرب الحسينيات مال يعرف بالثمانين بمعنى كثير فلعله هو " القلادة " بلفظ قلادة العنق من جبال القبلية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 " قلهبا " بفتحتين وكسر الهاء وبالياء المشدّدة حفيرة قرب المدينة لسعد بن أبي وقاص اعتزل بها بعد قتل عثمان وأمر أن لا يحدّث بشيء من أخبار الناس حتى يصطلحوا وفي أبنية سيبويه قلهيا وفسره بالحفيرة المذكورة وقال كثير: ولكن سقى صوب الربيع إذا أتى ... إلى قلهيا الدار والمتذيما " قلهي " بفتحات كجمزي وحكى سكون لامه قرية بوادي ذي رولان لبني سليم وأنشد لزهير: إلى قلهي تكون الدار منا ... إلى كناف دومة فالحجون " القموص " كصبور بالصاد المهملة جبل عليه حصن لبني الحقيق بخيبر وقيل الغضن بالغين والضاد المعجمتين حاصره النبيّ صلى الله عليه وسلم قريبا من عشرين ليلة ثم أعطى الراية عليا فقيل مرحبا وفتحه " قناة " أحد الأودية " قنيع " بالضم بحمى ضرية " القوافل " بقافين أطم يطرف منازل بني سليم مما يلي العصبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 " القوبع " بالفتح والموحدة من أودية العقيق " قوران " واد يصب في الحرة ببطنه الملحاء قرب السوارقية " قوري " ككسري سبق في بعاث. " حرف الكاف " " كاظمة " بكسر الظاء المعجمة قال أبن مرزوق رأيته ولا أتحقق محله إنه موضع بقرب المدينة وللأسمعي إنه بطريق البصرة لمكة على ثلاث مراحل من البصرة به ماء ملح قاله ياقوت قال وكاظمة أيضا موضع ذكره أبو زياد " كبا " بالفتح والتشديد مقصورا كحتى موضع ببطحان ضرب مروان عنق النغاشي المخنث به " كتانة " بالضم ثم مثناة فوق وألف ونون مفتوحة وهاء عين بين الصفراء والأثيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 " كتيبة " بلفظ كتيبة الجيش وقال أبو عبيدة بالمثلثة حصن بخيبر كان به خمس الله ورسوله وذي القربى واليتامى والمساكين وقال الواقدي بعد فتح الشق والنطاة تحوّل النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الكثيبة بالوطيخ وسلالم حصن أبن أبي الحقيق فتحصنوا أشدّ التحصين وجاءهم فل الشق والنطاة فتحصنوا معهم في القموص وهو في الكثيبة وكان حصنا منيعا في الوطيخ والسلالم " كدر " بالضم جمع أكدر يضاف إليه قرقرة الكدر بناحية معدن بني سليم قرب الرحضية وراء مسدّ معاوية وقال عرام في حزم بني عزال مياه آبار منها بئر الكدر وذلك بجهة الطرف " الكديد " بالفتح ودالين مهملتين بينهما مثناة تحتية ساكنة واد قرب النخيل بقطعه الطريق من فيد إلى المدينة ومن قال قرب نخل فقد عبر به عن النخيل والكديد أيضا عين بعد خليص بثمانية أميال يمنة الطريق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 " كراع الغميم " في الغين المعجمة " الكر " بالضم جزيرة على البحر المالح على ستة أميال من الجحفة " كشب " بالضم ككتب جبل أسود تعرف به ناحيته " كفته " بالفتح ثم السكون آخره هاء مقبرة البقيع لأنها تسرع البلاء قاله الواقدي وقال المجد لأنها تكفت الموتى أي تحفظهم وتحوزهم " الكلاب " بالضم مخففا آخره موحدة ماء بناحية حمى ضرية " كلب " أطم من آطام المدينة ورأس الكلب جبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 " كلية " تصغير كلية قرية عند بئر مالحة على اثني عشر ميلا من الجحفة " كملى " ككسرى اسم بئر ذروان " كنس حصين " بالفتح وسكون النون وإهمال السين وحصين تصغير حصن أطم عند المهراس بقباء " كواكب " بضم الكاف الأولى وقد تفتح وكسر الثانية جبل وقيل جبال بين المدينة وتبوك " كومة أبي الحمراء الرابض " كومة تراب كأنها أطم قرب ثمغ شاميّ المدينة وأهلها المعروفة بكومة المدر " كوير " كزبير جبل بضرية " الكويرة " كالذي قبله بزيادة هاء جبل من جبال القبلية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 " كيدمة " بالفتح وسكون المثناة تحت وفتح الدال المهملة وميم ثم هاء سهم عبد الرحمن بن عوف من بني النضير سبقت في بئر أريس باعها عبد الرحمن من عثمان بأربعين ألف دينار فقسمها بين بني زهرة وفقراء المسلمين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني. " حرف اللام " " لأي " كلعا من نواحي المدينة قال أبن هرمة: حيّ الديار بمنشد فالمنحنى ... فالهضب هضب رواوتين إلى لأي " اللابتان " تثنية لابة وهي الحرة وهما حرتا المدينة " لأي " كلجء من أودية العقيق " لحيا جمل " بالفتح وبكسر ثم السكون تثنية لحي وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان السفلى وجمل بالجيم للبعير ويروى لحي جمل بالأفراد في مساجد بطريق مكة وجبل بطريق فيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 " لظى " بالفتح والقصر من أسماء النار وذات لظى منزل لجهينة بجهة خيبر ويقال ذات اللظى " اللعباء " بالموحدة ممدودا موضع كثير الحجارة أو ماء سمى بحزم بني عوال جبل لغطفان واللعباء أيضا أرض غليظة بأعلى الحمى لأبي بكر بن كلاب " لعلع " بعينين مهملتين جبل قرب المدينة وماء بالبادية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 " لفت " بالفتح وقيل بالكسر وقيل بالتحريك ثنية بطريق مكة وقبل واد بجنب هرشا " لقف " بالكسر وسكون القاف ثم فاء آبار عذبه بأعلى قوران واد بناحية الوارقية وفي لقف ولفت وقع الخلاف في حديث الهجرة ويرجح الأول إن ناحية الوارقية ليست في سفر الهجرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 " اللوى " بالكسر ولقصر أطم ببني بياضة وواد بمنازل بني سليم وموضع على أربعين ميلا من ضربة. " حرف الميم " " الماية " مال لبني أنيف بقباء بينه وبين القائم أطمان لهم " الماجشونية " نسبة إلى الماجشون مال بوادي بطحان عند تربة صعيب " المثئب " مهموز كمنبر وثاء مثلثة واقتضى كلام ياقوت إنه كمنبر من غير همز وليحيى مثيم بميم بدل الموحدة وفي بعض نسخ أبن زبالة براء بدلها أحد الصدقات النبوية المتقدّمة " مبرك " كمقعد مكان بروك راحلة النبيّ صلى الله عليه وسلم ببني غنم وهو معروف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 بدار أبي أيوب ومبرك أيضا نقب يخرج من ينبع إلى المدينة عرضه نحو أربعة أميال وخمسة تنسب إليه ثنية مبرك ويقال فيه برك وقول كثير. ترامي بنا من مبركين المثاقل. قال أبن السكيت أراد مبركا ومنا خافثني وهما نقبان ينحدر أحدهما على ينبع بين مضيق يليل وفيه طريق المدينة ومناخ على قفا الأشعر " مبضعة " بالضاد المعجمة بين الجيّ والروينة " مثعر " بمثلثة وعين مهملة كمقعد ويروي بالغين المعجمة أودية القبلية بين الناجشة وحورة يدفع فيما بين الفرش والفريش " مثقب " بالكسر وعن الأصمعيّ الفتح ثم السكون وفتح القاف ثم موحدة اسم للطريق بين المدينة ومكة ولطريق مكة للسكوفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 " المجدل " بالفتح ثم السكون وفتح الدال المهملة أطم بمزرعة تقابل سقاية سليمان أبن عبد الملك ومنزل الهذيل " مجر " بالفتح ثم السكون ثم غدير بين هضبات ببطن قوران حول الملحاء " المحضة " بالحاء المهملة من المحض الخالص قرية بلحف جبل آرة " محيص " بالفتح ثم الكسر والصاد المهملة كمليك موضع بالمدينة قال الشاعر: فمحيص فواقم فصرار ... فإلى ما يلي حجاج غراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 " المخاضة " بالخاء المعجمة بقاع في حوزة اليمامة " مخايل " بالضم وكسر المثناة تحت آخره لام ثلاث عقد من أودية العقيق العليا نصب في أفلس والثنتان على حضير " المختبي " غدير بالفلاج من ذي رولان ومختبيات فليح من غدر العقيق " مخرّي " بالضم ثم الفتح وكسر الراء المشدّدة اسم فاعل من خراه إذا سلحه اسم أحد جبلي الصفراء وأسم الآخر مسلح ولذاكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المرور بينهما في ذهابه لبدر الكبرى وأخذ ذات اليمين في دفران " مخيض " بلفظ مخيض اللبن جبل سلك عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم على غراب سبق في حدود الحرم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 " المدارج " عقبة العرج قبله بثلاثة أميال وطرف تهامة من جهة الحجاز مدارج العرج " مدجج " بالضم وتشديد الجيم المكسورة واد بطريق مكة " مدران " ويقال مردان يضاف إليه ثنية مدران في مساجد تبوك " المدرج " بفتح الراء المشددة الثنية التي تنحدر على العقيق وقال المجد إنه ثنية الوداع بناء على إنها من جهة مكة " مدعا " بالكسر ثم السكون وعين مهملة مقصورا واد يصب في ذي عثعث به بئر لجعفر بن كلاب بناحية ضرية " مدين " على بحر القلزم يحاذي تبوك بها البئر التي استقى منها موسى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 عليه السلام لسائمة شعيب وعدها أبن سهل الأحول من أعراض المدينة " المذاد " بالفتح ثم ذال معجمة آخره مهملة من ذاده إذا طرده أطم لبني حرام غربي مساجد الفتح به سميت الناحية " المذاهب " موضع بنواحي المدينة " مذينب " تصغير مذنب في الأودية " المرابد " جمع مربد موضع بعقيق المدينة " مراخ " بالضم آخره خاء معجمة من اودية العقيق ويقال له مراخ الصخرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 " المراض " كسحاب بناحية الطرف على ستة وثلاثين ميلا من المدينة " مران " بالفتح وقد يضم وتشديد الراء آخره نون قرية غناء كبيرة بالجهة المعروفة اليوم بكشب لاكما قيل انه على ثمانية عشر ميلا من المدينة " المراوح " بالفتح جمع مروح أطم بقباء " مربد النعم " بكسر الميم ثم السكون ثم موحدة كانت النعم تحبس فيه زمن عمر بن الخطاب وتيمم ابن عمر عنده كما في البخاريّ وترحم عليه التيمم في الحضر لأنه أقبل من الجرف حتى إذا كان عنده تيمم وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس حية مرتفعة رواه الشافعيّ وهو على ميل وقيل ميلين من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 قال الواقدي في الاصطفاف على الخندق زمن الحرة وكان يزيد بن هرمز في موضع ذباب إلى مربد النعم " مربع " كمنبر أطم في بني حارثة " مرتج " بالفتح ثم السكون وكسر المثناة فوق آخره جيم واد قرب المدينة لحسين بن عليّ وقيل قرب ودّان " مرجح " بجيم مفتوحة ثم حاء مهملة موضع بطريق مكة ذكر في سفر الهجرة " مرحب " بالحاء المهملة كمقعد طريق اختار النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يسلكه لخيبر بعد أن ذكر له طرق غيره فامتنع من سلوكها " ذو المرخ " بالخاء المعجمة وسكون الراء موضع بقرب ينبع بساحل البح " ذو مرخ " بفتحتين وقد تسكن الراء واد بين فدك والواتشتة قال ياقوت وموضع من العقيق عناه أبو وجرة بقوله: وأحتلت الجوفا لاجراع من مرخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 " ذو المروة " بلفظ أخت الصفا في مساجد تبوك على ثمانية برد من المدينة عدها المجد كياقوت من وادي القرى زاد الأول وقيل بين ذي خشب ووادي القرى قلت وهو المعروف فلا خلاف في المعنى ونزل النبي صلى الله عليه وسلم بذي المروة وصلى به الفجر ثم أتى المروة فأسند إليها ظهره ملصقا الحديث رواه ابن زبالة " مريح " بالحاء المهملة مصغرا أطم لبني قينقاع عند منقطع جسر بطحان يمين قاصد المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 بين برك ودعان " مريخ " بالخاء المعجمة تصغير مرخ للشجر المعروف قرن أسود قرب ينبع " مريسيسع " بالضم ثم الفتح وسكون المثناة تحت وسين مهملة مكسورة ثم مثناة تحتية وعين مهملة في أشهر الروايات ماء بناحية قديد إلى الساحل قاله أبن أسحق وللطبراني ماء لخزاعة على نحو يوم من الفرع " مزاحم " بالضم وكسر الحاء المهملة أطم بين ظهراني بيوت بني الحبلى وسوق كانت تقوم بزقاق أبن جبير في الجاهلية وأول الإسلام " مزج " بالضم ثم السكون ثم الجيم من غدر العقيق يقضي السيل من حضير إليه " المزدلفة " بالضم ثم السكون وفتح الدال المهملة وكسر اللام ثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 فاء أطم مالك بن العجلان عند مسجد الجمعة " المستظل " اسم فاعل من أستظل بالظل أطم عند بئر غرس كان لأحيحة بن الجلاح ثم لبني عبد المنذر " المستعجلة " المضيق الذي يصعد إليه من قطع النازية يريد الخيف " المستندر " جبل صغير شرقي مسجد النفس الزكية بمنزلة الحاج الشامي وكانت منازل بني الديل عنده والمستندر الأقصى سبق في العير " المسير " بالضم ثم الفتح وسكون المثناة تحت أطم بني عبد الأشهل " المسكبة " بالفتح من السكب وهو الصب موضع شرقي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 مسجد قباء به أطم يقال له واقم " المسلح " بالفتح ثم السكون ثم لام مفتوحة وحاء مهملة من أعمال المدينة " مسلح " بالضم ثم السكون وكسر اللام سبق في مخرّي " المشاش " واد يسب في عرصة العقيق " مشعط " كمرفق أطم بني جديلة كان غربي مسجد أبيّ وفي موضعه بيت أبي نبيه " مشعل " كمنبر موضع بين مكة والمدينة " المشفق " واد بين المدينة وتبوك بينها وبين وادي الناقة به ماء يخرج من وشل وضع النبيّ صلى الله عليه وسلم يده تحت الوشل فصب في يده ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا ما شاء الله فانخرق من الماء كما يقول من سمعه إن له حسا كحس الصواعق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيتم أو من بقى منكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه " المسلل " ثنية تشرف على قديد كان بها مناة الطاغية " المشيرب " تصغير مشرب في حدود الحرم " مصر " بفتحتين وتشديد الراء واد بأعلى حمى ضرية " مصلوق " ماء لبني عمرو بن كلاب يصدقهم المصدّق عليها بعد مدعا " المضيق " بالفتح وكسر الضاد المعجمة ومثناة تحت وقاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 قرية سبقت في آرة " مطلوب " بئر بعيدة القعر قرب المدينة شاميها وماء كان لخثعم فأتخذ عليه عبد الملك ضيعة من أحسن ضياع بني أمية " مظغن " بالضم وسكون الظاء المعجمة وكسر العين المهملة واد بين السقيا والأبواء " معجب " وفي بعض النسخ معجف بالفا بدل الموحدة سبق في الأودية ومعجف بالفاء حائط لعبد الله بن رواحة تصدق به " معدن الأحسن " ويقال الحسن موضع من أعمال المدينة وقيل من قرى اليمامة " معدن بني سليمط بضم السين ويقال معدن قران به قرية بطريق نجد على ثمانية برد من المدينة " معدن الماء " واد يأتي في مغيث " معدن النقرة " على يومين من بطن نخل " المعرس " بالضم ثم الفتح وتشديد الراء المفتوحة في مسجد المعرس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 " المعرض " أطم بني قريظة الذي كانوا يلتجئون إليه إذا فزعوا كان فيما بين الدوحة التي في بقيع بني قريظة إلى النخيل التي يخرج منها السيل وأطم آخر لبني ساعدة " المعرقة " بالضم ثم السكون ثم الكسر وقاف طريق تأخذ على ساحل البحر سلكتها عير قريش في وقعة بدر " المعصب " كمحمد سبق في العصبة " المغسلة " بالغين المعجمة وكسر السين المهملة كمنزلة جبانة بطريق المدينة يغسل فيها وهي اليوم حديقة من أقرب الحدائق الكبار إلى المدينة كذا قال المجد وهي غربي بطحان إلا أنها معروفة بفتح السين كمرحلة سبقت في مسجد بني دينار " مغيث " اسم فاعل من أغاثه واد بين معدن النقرة والربذة يعرف بمغيث ماوان قاله المجد وسماه الأسدي مغيثة الماوان قال وعلى ميل ونصف منها معدن الماوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 " مغوثة " بضم الغين المعجمة وفتح المثلثة موضع قرب المدينة " المقاعد " جمع مقعد قال أبن حبيب عن مالك هي دكاكين عند دار عثمان أي التي عند باب جبريل شرقي المسجد عند موضع الجنائز ولذا قال الباجي وغيره المقاعد عند باب المسجد وفي الصحيح عن حمران أتيت عثمان بطهور وهو جالس على المقاعد فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وهو في هذا المجلس الحديث ولأبي داود لما مات إبراهيم أبن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى عليه في المقاعد " المقشعر " اسم فاعل من القشعريرة من جبال القبلية " مقمل " بفتح القاف والميم المشددة في مسجد مقمل " المكرعة " بالفتح موضع بقباء قرب بئر عذق " المكسر " اسم مفعول من كسره تكسير أو ذو المكسر من أودية العقيق " مكيمن " تصغير مكمن ويقال مكيمن الجماء تقدّم في جماء تضارع من الفصل الأول وردّه إلى مكبر سعيد بن عبد الرحمن فقال: حسن الوضوء ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وهو في هذا المجلس الحديث ولأبي داود لما مات إبراهيم أبن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى عليه في المقاعد " المقشعر " اسم فاعل من القشعريرة من جبال القبلية " مقمل " بفتح القاف والميم المشددة في مسجد مقمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 " المكرعة " بالفتح موضع بقباء قرب بئر عذق " المكسر " اسم مفعول من كسره تكسير أو ذو المكسر من أودية العقيق " مكيمن " تصغير مكمن ويقال مكيمن الجماء تقدّم في جماء تضارع من الفصل الأول وردّه إلى مكبر سعيد بن عبد الرحمن فقال: عفا مكمن الجماء من أمّ عامر ... فسلع عفا منها فحرّة واقم " ملتذ " بالضم ثم السكون وفتح المثناة فوق وذال معجمة مشددة موضع بعقيق المدينة تضاف إليه روضة ملتذ " الملحاء " بالحاء المهملة ممدودا من أودية العقيق " الملحة " أطم لبني قريظة دبر مال أبن أبي جديس وفي أسفل بني قريظة مزرعة بجنب ركية وصرى يقال لها ملحة بكسر الميم وبها أطم لعله هو " ملحتان " تثنية ملحة للقطعة من الملح من أودية القبلية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 بالأشعر مما يلي أظلم من شقه الشامي وهما ملحة الرمث وملحصة الحريض " ملل " بلامين محركا واد معروف بطريق مكة على أحد وعشرين ميلا من المدينة وقيل ثمانية عشر وقيل ليلتين وصلى عثمان الجمعة بالمدينة والعصر بملل قال وذلك للتجهيز وسرعة السير ويضاف إليه الفرش والفريش وجمعه كثير في قوله. إذ نحن بالهضبات من أملال نزل به تبع وقد أعيا ومل فسماه بذلك وقال كثير لأن ساكنه مل المقام به وقيل لأن الماشيء من المدينة لا يبلغه إلا بعد ملل وفي النوادر لأبن جني إن رجلا نزل بملل فقال قبح الله الذي يقول. على ملل يا لهف قلبي على ملل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 أي شيء كان يتشوف من هذه وإنما هي حرة سوداء فقالت له صبية تلقط النوى كان والله له بها شجن ليس لك " المناصع " متبرز النساء في المدينة ليلا قبل إتخاذ الكف وهو ناحية بئر أبي أيوب وأظنها المعروفة اليوم ببئر أيوب شرقي سور المدينة شاميّ بقيع الغرقد " المناقب " جبل قرب المدينة فيه ثنايا طرف قاله المجد واستشهد بأبيات فيما ذكره وذكر العقيق والذي اقتضاه كلام الأصمعي إنه بقرب ذات عرق فليس المراد عقيق المدينة كما أوضحناه في الأصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 " المنبجس " بالضم ثم السكون ثم موحدة ثم جيم مكسورة ثم سين مهملة وادي العرج " منتخر " بالضم ثم السكون ثم مثناة فوق وخاء معجمة مكسورة موضع بفرش ملل بحنب مثغر " المنحنى " بالضم ثم السكون وفتح الحاء والنون له ذكر في الغزل بأماكن المدينة وهو عند أهلها اليوم بقرب المصلى في القبلة شرقي بطحان ولذا قال الشمس الذهبي: تولى شباب كأن لم يكن ... وأقبل شيب علينا تولى ومن عاين المنحنى والنقا ... فما بعد هذين إلا المصلى " منشد " بالضم ثم السكون وكسر الشين المعجمة ثم دال مهملة جبل في الشق الأيسر من حمراء الأسد ولعله المعروف اليوم هناك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 بحمراء نملة ومنشد أيضا بين رضوى والساحل وبلد لتميم " متعج " بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة وقد تفتح وقيل منجع بتقديم الجيم واد بين أضاخ وأمرة بناحية ضرية " المنقى " اسم مفعول من تقاه موضع معروف دون الأعوص شرقي المدينة انتهى إليه بعض المنهزمين يوم أحد إلا أنه بينها وبين أحد كما قال المجد لظنه إن الانهزام إنما وقع إلى المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 " منكثة " من نكث ينكث إذا نقض من أودية القبلية يسيل من الأجرد وجبل جهينة في الجلس " منور " كمقعد آخره راء جبل أو موضع بظهر خرة بني سليم فبه أثر عن أبي هريرة ذكرناه في الأصل ومنور أيضا أطم لبني النضير " منيع فعيل من المنع أطم لبني سواد يماني مسجد القبلتين على ظهر الحرة " منيف " اسم فاعل من آناف أطم لبني دينار بن النجار عند مسجدهم " مهايع " قرية كبيرة قرب ساية وإليها كان من قبل أمير المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 " المهراس " بالكسر ثم السكون آخره سين مهملة ماء بأقصى شعب أحد يجتمع من المطر في نقر هناك وجاء على يوم أحد بماء منه في درقته فوجد له النبي صلى الله عليه وسلم ريحا فعاف شربه وغسل منه الدم وصب على رأسه ولأحمد وجال المسلمون حوله نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار إنما كان تحت المهراس ثم ذكر إقبال النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ولأبن عقبة إن الناس أصعدوا في الشعب وثبت الله نبيه وهو يدعوهم في أخراهم إلى قريب من المهراس في الشعب " مهروز " بضم الراء وآخره موضع سوق المدينة كما في الفائق " مهزور " بالفتح ثم السكون آخره راء في أودية المدينة " مهزول " آخره لام واد في إقبال النير بحمى ضرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 " مهيعة " كمرحلة بالمثناة تحت يقال مهيعة كمعيشة اسم للجحفة " الموجا " بالفتح والجيم أطم لبني وائل بن زيد " ذو الميثب " بالكسر ثم السكون ثم مثلثة من أودية العقيق " ميطان " بالفتح وفي النهاية بالكسر ثم السكون ثم طاء مهملة وألف ونون جبل حذاء شوران شرقي بني قريظة له ذكر في شعرهم في مسلم وهو لسليم ومزينة " الميفعة " بالكسر ثم السكون وفاء وعين مهملة موضع وراء بطن نخل إلى المقرة قليلا على ثمانية برد من المدينة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 " حرف النون " " نابع " كصاحب من نبع الماء ظهر موضع قرب المدينة " ناجية " بالجيم والمثناة التحتية موضع أو ماء ببلاد بني أسد أسفل من الحبس وقال المجد إنه على طريق البصرة قرب المدينة " النازية " بالزاي وتخفيف المثناة تحت موضع واسع به عضاه بين مسجد المنصرف بأخر الروحاء وبين المستعجلة والنازية أيضا عين كانت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 بأرض واسعة بجهة أبلى والضبيعة بين بني حقاف من بني سليم والأنصار تضاروا فيها فسدوها بعد حروب وقتل فيها ناس كثير وإذا جاوزت هذه العين وردت الهدبية ثم تنتهي إلى السوارقية قاله عرام وتوهم المجد تبعا لعياض إن هذه العين كانت بالموضع المعروف بالنازية بين الروحاء والمستعجلة وهي أعلى مضيق الصفراء وهو وهم " النازيين " موضع به قبر أبى معاوية عبيدة بن الحرث كما سبق في مسجد الصفراء " الناصفة " من أودية العقيق وقال الزمخشري من أودية القبلية " ناعم " كصاحب من حصون خيبر قتل عنده محمود بن مسلمة يوم خيبر والقوا عليه رحى " الناعمة " حديقة بالعوالي وإلى جنبها النويعمة مصغرة ويعرف الموضع بالنواعم " النباع " بالكسر وعين مهملة أودية بالعقيق " نبيع " كزبير موضع قرب المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 " النجير " بالضم وفتح الجيم آخره راء ماء حذاء صفينة " نخال " بالضم واد يصب في الصفراء " نخل " بلفظ اسم جنس النخل موضع بنجد على يومين من المدينة بواد يقال له شدخ قال أبن أسحق وغيره منزل نزل به النبيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع وقال الواقدي ذات الرقاع قريبة من النخيل بين السعد والشقرة وبئر أرما " نخلى " كجمزي ونسكي من أودية الأشعر الغورية تصب في بنبع وبأسفله عيون لحسن بن عليّ بن حسن " نخيل تصغير نخل عين على خمسة أميال من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 على ما قال المجد ومنزل في طريق فيد به مياه قرب الكديد وبه عيون كانت لحسين بن عليّ المقتول بفخ علي نيف وستين ميلا من المدينة قاله الأسدي قال وبه مسجد نبوي والوادي الذي به الطريق ذو أمر وإذا تأملته مع ما سبق عن أبن زبالة آخر مساجد تبوك علمت إن المعبر عنه بالنخيل هنا هو نخل وسبق عن الواقدي وأبن الكديد فوق الشقرة بخلاف نخل نعم عائر الأسدي بين بطن نخل وبين النخيل " النسار " ككتاب جبل بحمى ضرية وقيل هما نسران فجمعا وقال أبو عبيدة النسار أجبل متجاورة " نسر " بلفظ الطائر المعروف موضع بعقيق المدينة من بلاد مزينة " نسع " بالكسر ثم السكون وعين مهملة صدر وادي العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 وهو الحمى النبوي " النصع " بالكسر وإهمال الصاد والعين جبال سود بين الصفراء وينبع والتصنيع مصغر جبل قرب العذيبة " نضاد " كقطام بضاد معجمة ودال مهملة جبل لغنى بحمى ضرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 قال سراقة السلمى وقد انحاز لغنيّ: حللت إلى غنى في نضاد ... بخير محلة وبخير حال " نطاة " كقطاة حصن من حصون خيبر وقيل كل أرض خيبر واقتضى كلام الواقدي إنه اسم ناحية منها " نعمان " بالضم ثم عين مهملة واد بجانب أحد يصب هو ونقمي في الغابة وعن أبن أسحق إن عيبنة بن حصن في غطفان نزلوا إلى جانب أحد بباب نعمان وفي تهذيب أبن هشام عنه نزولهم بنقمي " نعيم " كزبير موضع قرب المدينة وجمعه بعضهم فسماه نعائم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 " النفاع " بالفتح وتشديد الفاء أطم بمنازل بني خطمة على بئر عمارة " ذو نفر " بالتحريك وقد تسكن الفاء موضع خلف الربذة على ثلاثة أميال من السليلة " النقاب " بلفظ نقاب المرأة من أعمال المدينة تشعب منه طريقان إلى وادي القرى ووادي المياه " النقا " بالفتح والتخفيف مقصور ما بين وادي بطحان والمنزلة التي بها السقيا المعروفة ببئر الأعجام والوادي يفصل بينه وبين المصلى ولذا قال بعضهم موريا عن الشيب ومصلى الجنائز: بلغت نقا المشيب وجزت عنه ... وما بعد النقا إلا المصلى " نقب بني دينار بن النجار " ويقال له نقب المدينة هو طريق العقيق بالحرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 الغربية وبه السقيا كما قاله الواقدي وفي المسير لبدر سلك طريق مكة على نقب المدينة ثم على العقيق وفي غزوة قريش سلك على نقب بني دينار ثم على فيفاء الخبار " نفعاء " حمراء بعين مهملة موضع به ماء خلف حمى النقيع من أوديته في ديار مزينة له ذكر في غزوة بني المصطلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 " نقمي " كجمزي ونسكي قاله المجد اسم واد وذنب نقمي بجانب أحد ويروي نقم وللزبير بن بكار كان اسمه عرى فخرج رجلان يرتادان لقومهما فرجعا ولم يحمدا فقيل نقما فسمى بذلك نقمى انتهى وظاهره إنه بكسر القاف أيضا " النقيع " بالفتح ثم الكسر وسكون المثناة تحت وعين مهملة في الفصل الثالث " نقيع الخضمات " بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين والخضمة النبات الناعم الأخضر والأرض الناعمة النبات قال المجد نقيع الخضمات الباء فيه خطأ صراح موضع قرب المدينة من أودية الحجاز حماه عمر لخيل المسلمين وقال البكري إنه بهزم النبيت جبل علي بريد من المدينة " قلت " الصواب إنه بهزم النبيت من حرة بني بياضة وهي الحرة الغربية التي بها قرية بني بياضة قبلي بني سلمة ولذا قال النووي إنه قرية بقرب المدينة على ميل من منازل بني سلمة قاله الإمام أحمد كما نقله الشيخ أبو حامد انتهى " غرة " كعطرة موضع بقديد من توابع المدينة ومخاليفها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 " غلي " كجمزي وقلهي عن الجرمي إنه ماء قرب المدينة ويقال غلاء كحمراء وعن العامري غلي جبال حواليها جبال متصلة فيها سواد ليست بطوال ولأهلها ماء بواد يقال له مهزول ومهزول بناحية ضرية " نهبان " بالفتح ثم السكون نهب الأسفل ونهب الأعلى جبلان يقابلان القدسين عين المصعد الطريق بينهما وبين القدسين وورقان وفي نهب الأعلى ماء في دوار من الأرض وبئر عليها مباطخ ويقول ونخلات يقال لها ذو خيما " النواحان " أطمان لبني أنيف بقباء " النواعم " سبقت في الناعمة " نوبة " بالضم ثم السكون وباء موحدة موضع على ثلاثة أميال من المدينة له ذكر في المغازي وهضبة حمراء بأرض بني أبي بكر بن كلاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 " نيار " بالكسر آخره راء يضاف إليه أطم نيار بمنازل بني حارثة " النير " بالكسر جبال في حمى ضرية أو جبل بأعلى نجد " نيق العقاب " بالكسر وضم العين موضع قرب الجحفة. " حرف الهاء " " هجر " بفتح الهاء والجيم المذكور في حديث القلتين قرية قرب المدينة عملت فيها تلك القلال أولا وليست هجر البحرين قاله النووي وعن الأزهري إنها هجر البحرين " الهجيم " بالضم وفتح الجيم أطم بالعصبة " الهدبية " بفتحتين وكسر الموحدة وتشديد المثناة تحت ثم هاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 آبار ثلاثة أميال من السوارقية " الهدن " بضمتين وإهمال الدال ماء وراء وادي القرى " هرب " من أودية الأجرد التي تصب في الغور " هرشى " ككسرى والشين معجمة هضبة ململمة بأرض مستوية أسفلها ودان على ميلين مما يلي مغيب الشمس ويتصل بها عن يمينها بينها وبين البحر خبت وينسب إليها ثنية هرشي ويقال عقبة هرشي ودونها بميل علم منتصف طريق مكة ولها طريقان وكل من سلك واحدا منهما أفضى به إلى موضع واحد ولذا قيل: خذ أنف هرشي أوقفاها فإنما ... كلا جانبي هرشي لهن طريق " هلوان " من أودية العقيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 " هكر " بالفتح ثم السكون ثم راء موضع معروف به ماء على أربعين ميلا من المدينة " هكران " محرك جبل حذاء قباء الذي بناحية كشب " همج " محرك ماء عيون عليه نخل بناحية وادي القرى " هيفا " بمثناة تحت وفاء موضع على ميل من بئر المطلب وسبعة أميال من المدينة. " حرف الواو " " وابل " كصاحب للمطر الشديد الواقع وهو موضع في أعالي المدينة " الواتدة " ويروي الوتدة بغير ألف قرن منتصف شارع على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 أعلى نقيع الحمى بمدفع شجوى " وادي " معرفة غير مضاف علم للوادي الذي به فج الروحاء وتقدم في مسجد المعرس قول أبن عمر هبط بطن واد فإذا ظهر من بطن واد مع بيانه وحديث إن هذا واد به شيطان في القفول من خيبر أو من أرض خيبر أو من الحديبية أو على ليلة ويوم من تبوك روايات " وادي أبي كبير " فوق المخرم والمعرس صدر الحفيرة " وادي أحيليين " بالضم وفتح الحاء المهملة ثم مثناة تحتية ثم لام ومثناتين كذلك ثم نون تقدم في نار الحجاز " وادي الجزل " بالجيم والزاي الوادي الذي به الرحبة وسقيا الجزل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 قرب وادي القرى يلقي أضم في نخيل ذي المروة " وادي دحيل " في كلام بعضهم ما يقتضي إنه اسم لصدر العقيق " وادي الدوم " معترض شمالي خيبر إلى قبلتها أوله من الشمال غمرة ومن القبلة القصيبة يفصل بين خيبر والعراص " وادي السمك " بفتح السين المهملة ثم السكون بناحية الصفراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 " وادي القرى " واد كثير القرى أو مدينة قديمة بين الشام والمدينة النبوية ولا أغراب في عدّها من أعمال المدينة لما أوضحناه في الأصل ولأبن سعد أن أسامة بن زيد لما رجع من غزوة الروم أغذ السير فورد وادي القرى في سبع ليال ثم قصد يعد وفي السير فسار إلى المدينة ستا وللبيهقي عن أبي هريرة خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى وبها يهود وناس من العرب فافتتحها وترك الأرض والنخل بأيدي يهود فلما بلغ أهل تيماء صالحوه على الجزية وأخرج عمر يهود خيبر وفدك دون يهود تيماء ووادي القرى لأنهما داخلتان في أرض الشام ويروي إن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز وقال أحمد بن جابر قيل إن عمر رضي الله عنه أجلى يهود وادي القرى وقيل لم بجلهم وسبق في ذي المروة إن بعضهم عده من وادي القرى وعليه أهل الندينة اليوم وهو غير وادي القرى المذكور " واردات " هضبات صغار بحمى ضرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 " واسط " أطم لبني خدرة وأطم لبني خزيمة رهط سعد بن عبادة وأطم لبني مازن وموضع بين بدر وينبع وجبل تنتطح سيول العقيق عنده ثم تقضي للجثجاثة " واقم " كصاحب أطم بني عبد الأشهل وأطمان بقباء " الوالج " كان به الشيخان أطمان تقدما وبطرفه الذي يلي قناة أطم يقال له الأزرق ويجزع الصدقة التي في شامي المدينة بهذه الناحية نخيل تعرف بالوالج " الوبرة " بسكون الموحدة قرية على عين من جبال آرة ووهم المجد تبعا لياقوت في قوله إنها المذكورة في حديث أهبان وكان يسكن بين من بلاد أسلم لأن بين كما سيأتي على بريد من المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 والصواب إن الوبرة في حديث أهبان بحرة الوبرة من حرة المدينة كما سبق فيها وذكره المجد وياقوت أيضا " وبعان " بالفتح ثم السكون وإهمال العين آخره نون وتبدل الباء لاما قرية على أكتاف آرة " الوحيدة " مؤنث الوحيد للمنفرد موضع بين المدينة ومكة " ودان " بالفتح ودال مهملة مشدّدة آخره نون قرية على مرحلة من الجحفة بينها وبين الأبواء ستة أميال أو ثمانية أكثر نصيب من ذكرها في شعره وسبقت في هرشي " ودعان " بالفتح ثم السكون وعين مهملة آخره نون موضع بينبع " هضب الوراق " جبل بحمى ضرية " ورقان " بالفتح ثم الكسر وقد يسكن وبالقاف جبل عظيم على يسار المصعد من المدينة وينقاد من سيالة إلى الجيّ بين العرج والرويثة ويليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 القدسان وبسفحه عن يمينه سيالة ثم الروحاء ثم الرويثة ثم الجيّ وفي ورقان أنواع الشجر المثمر وغير المثمر وبه أوشال وعيون سكانه بنو أوس من مزينة قوم صدق أهل عمود وسبق في فضل أحد إن ورقان من جبال الجنة مع غيره مما جاء في فضله " الوسباء " بالفتح وسكون السين المهملة ثم باء موحدة وبالمدّ مال لبني سليم بلحف أبلى " وسط " جبل بحمى ضرية ينسب إليه دارة وسط " وسوس " من الوسواس من أودية القبلية يصب من الأجرد على الحاضرة والنكباء وهما فرعان بهما نخل لجهينة وغيرهم والحاضرة عين في صدر الحرار " الوشيجة " بالفتح وكسر الشين المعجمة ثم مثناة تحت وجيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 وهاء من أودية العقيق " ذو وشيع " بالفتح ثم الكسر آخره عين مهملة من أموال المدينة " الوطيح " بالفتح وكسر الطاء المهملة ومثناة تحت وحاء مهملة من أنظم حصون خيبر سمي برجل من ثمود وفي كتاب أبي عبيدة الوطيحة بزيادة هاء " وظيف الحمار " بالظاء المعجمة والمثناة تحت والفاء مستدق الذراع والساق من الحمار ونحوه وهو من العقيق ما بين سقاية سليمان بن عبد الملك إلى زغابة " وعيره " بالفتح وكسر العين المهملة وسكون المثناة تحت وفتح الراء ثم هاء في حدود الحرم. ن العقيق ما بين سقاية سليمان بن عبد الملك إلى زغابة " وعيره " بالفتح وكسر العين المهملة وسكون المثناة تحت وفتح الراء ثم هاء في حدود الحرم. " حرف الياء " " يتيب " بالفتح ثم كسر المثناة فوق ثم مثناة تحت ثم موحدة له ذكر في حدود الحرم كذا قاله المجد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 وفي حدود الحرم ما يخالفه " يثرب " تقدّم في الأسماء " يدا " تقدّم في شغبي " ذو يدوم " من أودية العقيق " يديع " بالفتح وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية ثم عين مهملة ناحية بين فدك وخيبر بها مياه وعيون لقزارة وغيرهم " يراجم " غدير ببطن قاع النقيع في صيرا الجبل بصيف روى الزبير وضوءه صلى الله عليه وسلم منه وقوله إنكم ببقعة مباركة " برعة " محركة والعين مهملة بديار فزارة بين ثوابة والحراضة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 " يلبن " ويقال ألبن بالفتح ثم السكون ثم موحدة مفتوحة ثم نون غدير بنقيع الحمى في صير الجبل " اليسيرة " بئر بني أمية في الآبار " بليل " بياءين مفتوحتين بينهما لام وآخره لام واد بناحية ينبع والصفراء يصب في البحر وبه عين تخرج من جوف رمل تسمى النجير ويتلوها الجار وفي غزوة بدر ونزلت قريش بالعدوة القصوى خلف العقنقل ويليل بين بدر وبين العقنقل ويليل أيضا عند الضبوعة " ينبع " بالفتح ثم السكون وضم الموحدة وإهمال العين مضارع نبع الماء ظهر من نواحي المدينة على أربعة أيام منها سميت به لكثرة ينابيعها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 عدّتها مائة وسبعون عينا ولما نظر عليّ رضي الله عنه لجبالها قال لقد وضعت على نقب من الماء عظيم واقطع النبيّ صلى الله عليه وسلم عليا بذي العشيرة من ينبع ثم أقطعه عمر قطيعة ثم أشترى عليّ قطيعة أخرى وكان أول شيء عمله فيها البغيبغة وكانت بها أموال تصدق بها " يهيق " موضع قرب المدينة قال المجد لم أر من تعرض له وفي الحديث يوشك أن يبلغ بنيانهم يهيقا " يين " بياءين مفتوحة ثم ساكنة ثم نون وليس في كلامهم ما فاؤه وعينه ياء غيره وضبطه الصغاني بفتح الياءين واد به عين من أعراض المدينة على بريد منها بين ضاحك وضويحك جبلان بأسفل الفرش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 وسيلهما يصب في حورتين ولذا قال الزمخشري بين عين بواد يقال له حورتان لبني زيد الموسوي من بني الحسن وآثار العين والقرية اليوم هناك وكانت بلد فاكهة المدينة كما قاله الهجري وهي منازل أسلم في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم ومنهم أهبان كما أوضحناه في الأصل وقال أبن هرمة: أدار سليمى بين يين فمثغر ... أبيني فما استخبرت إلا لتخبري ومحجة بين طريق درب الفقرة التي في شامي الجماوات لأن يينا على يمين طريق مكة وسبق في عابد أن عبودا جبل بين مدفع مرّيين وبين ملل قال الهجري ومرّيين طريق أي يسلك هناك إلى يين والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثير إلى يوم الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766