الكتاب: الأربعون الودعانية الموضوعة المؤلف: محمد بن علي بن عبيد الله بن أحمد بن صالح بن سليمان بن ودعان الموصلي، أبو نصر (المتوفى: 494هـ)   [الكتاب مرقم آليا] ---------- الأربعون الودعانية الموضوعة ابن وَدْعَان الكتاب: الأربعون الودعانية الموضوعة المؤلف: محمد بن علي بن عبيد الله بن أحمد بن صالح بن سليمان بن ودعان الموصلي، أبو نصر (المتوفى: 494هـ)   [الكتاب مرقم آليا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا فِي الْخُطَبِ النَّبَوِيَّةِ. قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّلَفِيُّ الأَصْفَهَانِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ وَدْعَانَ حَاكِمِ الْمَوْصِلِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِلِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ سُنَّتِي أَدْخَلْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي شَفَاعَتِي» . وَبِإِسْنَادِهِ أَيْضًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَقَلَ عَنِّي إِلَى مَنْ لَمْ يَلْحَقْنِي مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا كُتِبَ فِي زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَحُشِرَ فِي جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ» . قَالَ الْقَاضِي أَبُو نَصْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَرَّجْتُ أَسَانِيدَ السَّمَاعَاتِ إِلَى أَنْ صَحَّتْ، رَجَاءَ الْمَثُوبَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِحُصُولِ الانْتِفَاعِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَآدَابِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ، وَحَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 الْحَدِيثُ الأَوَّلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ فَقَالَ: «يَأَيُّهَا النَّاسُ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ. وَكَأَنَّ الَّذِينَ نُشَيِّعُ مِنَ الأَمْوَاتِ سَفَرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ. نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظَةٍ وَأَمِنَّا كُلَّ جَائِحَةٍ، طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، طُوبَى لِمَنْ أَنْفَقَ مَالا اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَجَالَسَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ وَخَالَطَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، طُوبَى لِمَنْ ذَلَّتْ نَفْسُهُ وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَطَابَتْ سَرِيرَتُهُ وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، طُوبَى لِمَنْ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ تَسْتَهْوِهِ الْبِدْعَةُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 الْحَدِيثُ الثَّانِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 -10 - عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ لِي: «اغْتَسِلْ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِظْنَا عِظَةً نَنْتَفِعُ بِهَا، فَقَالَ: «يَا قَيْسُ إِنَّ مَعَ الْعِزِّ ذُلا، وَإِنَّ مَعَ الْحَيَاةِ مَوْتًا، وَإِنَّ مَعَ الدُّنْيَا آخِرَةً، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا؛ وَإِنَّ لِكُلِّ حَسَنَةٍ ثَوَابًا، وَإِنَّ لِكُلِّ سَيِّئَةٍ عِقَابًا، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابًا، وَإِنَّهُ لا بُدَّ لَكَ يَا قَيْسُ مِنْ قَرِينٍ يُدْفَنُ مَعَكَ وَهُوَ حَيٌّ، وَتُدْفَنُ مَعَهُ وَأَنْتَ مَيِّتٌ، فَإِنْ كَانَ كَرِيمًا أَكْرَمَكَ، وَإِنْ كَانَ لَئِيمًا أَسْلَمَكَ، ثُمَّ لا يُحْشَرُ إِلا مَعَكَ، وَلا تُبْعَثُ إِلا مَعَهُ، وَلا تُسْئَلُ إِلا عَنْهُ، فَلا تَجْعَلْهُ إِلا صَالِحًا فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صَالِحًا لَمْ تَأْنَسْ إِلا بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا لَمْ تَسْتَوْحِشْ إِلا مِنْهُ، أَلا وَهُوَ فِعْلُكَ» الحديث: -10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الْحَدِيثُ الثَّالِثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 -10 - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ تَسْعَدُوا، وَأَكْثِرُوا الصَّدَقَةَ تُرْزَقُوا، وَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ تُحَصَّنُوا، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ تُنْصَرُوا. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَكْيَسَكُمْ أَكْثَرُكُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ، وَأَحْزَمَكُمْ أَحْسَنُكُمْ اسْتِعْدَادًا لَهُ، أَلا وَإِنَّ مِنْ عَلامَاتِ الْعَقْلِ التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالإِنَابَةَ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالتَّزَوُّدَ لِسُكْنَى الْقُبُورِ، وَالتَّأَهُّبَ لِيَوْمِ النُّشُورِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الْحَدِيثُ الرَّابِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 -10 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَةٍ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ: بَيْنَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ، وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لا يَدْرِي مَا اللَّهُ قَاضٍ فِيهِ، فَلْيَأْخُذِ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ دُنْيَاهُ لآخِرَتِهِ، وَمِنَ الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الْهَرَمِ، وَمِنَ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ، وَمَا بَعْدَ الدُّنْيَا دَارٌ إِلا الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 الْحَدِيثُ الْخَامِسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 -10 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلا لِعَالِمٍ نَاطِقٍ أَوْ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِي زَمَنِ هُدْنَةٍ، وَإِنَّ السَّيْرَ بِكُمْ سَرِيعٌ، وَقَدْ رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ كَيْفَ يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ، وَيُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ، وَيَأْتِيَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ» . فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْهُدْنَةُ؟ قَالَ: «دَارُ بَلاءٍ وانْقِطَاعٍ، فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الأُمُورُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَشَاهِدٌ مُصَدَّقٌ مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ وَهُوَ أَوْضَحُ دَلِيلٍ إِلَى خَيْرِ سَبِيلٍ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، ومَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، ومَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الْحَدِيثُ السَّادِسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 -10 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يُكْمِلُ عَبْدٌ الإِيمَانَ بِاللَّهِ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ، وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ، وَالتَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللَّهِ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَالصَّبْرُ عَلَى بَلاءِ اللَّهِ، إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ للَّهِ، وَأَبْغَضَ للَّهِ، وَأَعْطَى للَّهِ، وَمَنَعَ للَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 الْحَدِيثُ السَّابِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْعَبْدَ لا يُكْتَبُ فِي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ، وَلا يَنَالُ دَرَجَةَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، أَوْ قَالَ: جَارُهُ بَوَادِرَهُ، وَلا يُعَدُّ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ خَافَ الْبَيَاتَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ فِي الْمَسِيرِ وَصَلَ، وَإِنَّمَا تَعْرِفُونَ عَوَاقِبَ أَعْمَالِكُمْ وَقَدْ طُوِيَتْ صَحَائِفُ آجَالِكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَنِيَّةَ الْفَاسِقِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الْحَدِيثُ الثَّامِنُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ كُلَّ مَئُونَةٍ فِيهَا، وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَمَنْ حَاوَلَ أَمْرًا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ أَبْعَدَ لَهُ مِمَّا رَجَا، وَأَقْرَبَ مِمَّا اتَّقَى، وَمَنْ طَلَبَ مَحَامِدَ النَّاسِ بِمَعَاصِي اللَّهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنْهُمْ ذَامًّا لَهُ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلانِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الْحَدِيثُ التَّاسِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 -10 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَيِّتُونَ، وَإِلَى اللَّهِ صَائِرُونَ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا تَكَلَّمَ فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ، إِنَّ اللِّسَانَ، أَمْلَكُ شَيْءٍ لِلإِنْسَانِ، أَلا وَإِنَّ كَلامَ الْعَبْدِ كُلَّهُ عَلَيْهِ لا لَهُ، إِلا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ إِصْلاحًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ» فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ فَمَنْ أَرَادَ السَّلامَةَ فَلْيَحْفَظْ مَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ وَلْيَحْرُسْ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ جِنَانُهُ، وَلْيُحْسِنْ عَمَلَهُ، وَلْيَقْصُرْ أَمَلَهُ» . ثُمَّ لَمْ تَمْضِ أَيَّامٌ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 -10 - عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَسُبُّوا الدُّنْيَا فَنِعْمَتْ مَطِيَّةُ الْمُؤْمِنِ، عَلَيْهَا يَبْلُغُ الْخَيْرَ، وَبِهَا يَنْجُو مِنَ الشَّرِّ، إِنَّهُ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَعَنَ اللَّهُ الدُّنْيَا، قَالَتِ الدُّنْيَا: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَإِنَّكُمْ إِذَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي ضِيقٍ وَسَّعَهُ عَلَيْكُمْ وَرَضِيتُمْ بِهِ فَأُجِرْتُمْ، وَإِنْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي غِنًى بَغَّضَهُ إِلَيْكُمْ فَجُدْتُمْ بِهِ فَأُثِبْتُمْ؟ ، إِنَّ الْمَنَايَا قَاطِعَاتُ الآمَالِ، وَاللَّيَالِيَ مُدْنِيَاتُ الآجَالِ، وَإِنَّ الْمَرْءَ بَيْنَ يَوْمَيْنِ: يَوْمٍ قَدْ مَضَى أُحْصِيَ فِيهِ عَمَلُهُ فَخُتِمَ عَلَيْهِ، وَيَوْمٍ قَدْ بَقِيَ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ لا يَصِلُ إِلَيْهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهِ، وَحُلُولِ رَمْسِهِ، يَرَى جَزَاءَ مَا أَسْلَفَ، وَقِلَّةَ غِنَاءِ مَا خَلَفَ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ، أَوْ مِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ لَنْ يَعْدُوَ امْرُؤٌ مَا كُتِبَ لَهُ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَإِنَّ الْعُمُرَ مَحْدُودٌ لَنْ يَتَجَاوَزَ أَحَدٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، فَبَادِرُوا قَبْلَ نَفَاذِ الأَجَلِ، وَالأَعْمَالُ مُحْصَاةٌ لَنْ يُهْمَلَ مِنْهَا صَغِيرَةٌ وَلا كَبِيرَةٌ فَأَكْثِرُوا مِنْ صَالِحِ الْعَمَلِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ فِي الْقَنَاعَةِ لَسَعَةً، وَإِنَّ فِي الاقْتِصَادِ لَبُلْغَةً، وَإِنَّ فِي الزُّهْدِ لَرَاحَةً، وَلِكُلِّ عَمَلٍ جَزَاءً، وَكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ وَمَوَاعِظِهِ: " أَيُّهَا النَّاسُ أَمَا رَأَيْتُمُ الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ، وَالْمُزْعَجِينَ بَعْدَ الطَّمَأْنِينَةِ الَّذِينَ أَقَامُوا عَلَى الشُّبُهَاتِ، وَجَنَحُوا إِلَى الشَّهَوَاتِ، حَتَّى أَتَتْهُمْ رُسُلُ رَبِّهِمْ فَلا مَا كَانُوا أَمَّلُوا أَدْرَكُوا، وَلا إِلَى مَا فَاتَهُمْ رَجَعُوا، قَدِمُوا عَلَى مَا عَمِلُوا وَنَدِمُوا عَلَى مَنْ خَلَفُوا، فَلَمْ يُغْنِ النَّدَمُ، وَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَدَّمَ خَيْرًا، وَأْنَفَقَ قَصْدًا، وَقَالَ صِدْقًا، وَمَلَكَ دَوَاعِي شَهَوَاتِهِ فَلَمْ تَمْلِكْهُ، وَعَصَى إِمْرَةَ نَفْسِهِ فَلَمْ تُهْلِكْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا النَّاسُ لا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا، وَلا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلا تُعَاقِبُوا ظَالِمًا فَيَبْطُلَ فَضْلُكُمْ، وَلا تُرَاءُوا النَّاسَ فَيَحْبَطَ عَمَلُكُمْ، وَلا تَمْنَعُوا الْمَوْجُودَ فَيَقِلَّ خَيْرُكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الأَشْيَاءَ ثَلاثَةٌ: أَمْرٌ اسْتَبَانَ رَشَدُهُ فَاتَّبِعُوهُ، وَأَمْرٌ اسْتَبَانَ غَيُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَأَمْرٌ اخْتُلِفَ عَلَيْكُمْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. أَيُّهَا النَّاسُ أَلا أُنْبِئُكُمْ بِأَمْرَيْنِ خَفِيفٍ مُؤْنَتُهُمَا، عَظِيمٍ أَجْرُهُمَا، لَمْ يُلْقَ اللَّهَ بِمِثْلِهِمَا: الصَّمْتِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 -10 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَكَانَ مِمَّا ضُبِطَتْ مِنْهَا: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عَبْدٌ تَوَاضَعَ عَنْ رِفْعَةٍ، وَزَهِدَ عَنْ غِنْيَةٍ، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ، وَحَلُمَ عَنْ قُدْرَةٍ، وَإِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عَبْدٌ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا الْكَفَافَ، وَصَاحَبَ فِيهَا الْعَفَافَ، وَتَزَوَّدَ لِلرَّحِيلِ، وَتَأَهَّبَ لِلْمَسِيرِ، أَلا وَإِنَّ أَعْقَلَ النَّاسِ عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ فَأَطَاعَهُ، وَعَرَفَ عَدُوَّهُ فَعَصَاهُ، وَعَرَفَ دَارَ إِقَامَتِهِ فَأَصْلَحَهَا، وَعَلِمَ سُرْعَةَ رِحْلَتِهِ فَتَزَوَّدَ لَهَا، أَلا وَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ مَا صَحِبَهُ التَّقْوَى، وَخَيْرَ الْعَمَلِ مَا تَقَدَّمَتْهُ النِّيَّةُ، وَأَعْلَى النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ أَخْوَفُهُمْ مِنْهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا مِنْ شُبْهَةٍ فِي الدِّينِ ارْتَكَبُوهَا، أَوْ شَهْوَةِ لَذَّةٍ آثَرُوهَا، أَوْ غَضْبَةٍ لِحَمِيَّةٍ عَمِلُوهَا، فَإِذَا لاحَتْ لَكُمْ شُبْهَةٌ فَاجْلُوهَا بِالْيَقِينِ، وَإِذَا عَرَضَتْ لَكُمْ شَهْوَةٌ فَاقْمَعُوهَا بِالزُّهْدِ، وَإِذَا عَنَتَ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَادْرَءُوهَا بِالْعَفْوِ، إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا مَنْ كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اللَّهِ فَلْيَقُمْ فَيَقُومُ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] الآيَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 -10 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَابْنَ آدَمَ تُؤْتَى كُلَّ يَوْمٍ بِرِزْقِكَ وَأَنْتَ تَحْزَنُ، وَيَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عُمُرِكَ وَأَنْتَ تَفْرَحُ، أَنْتَ فِيمَا يَكْفِيكَ، وَتَطْلُبُ مَا يُطْغِيكَ، لا بِقَلِيلٍ تَقْنَعُ، وَلا بِكَثِيرٍ تَشْبَعُ، إِنَّكَ إِذَا أَصْبَحْتَ آمِنًا فِي سِرْبِكَ، مُعَافًى فِي بَدَنِكَ، وَعِنْدَكَ قُوتُ يَوْمِكَ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَكَ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ رَأَيْتُهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ فَقِيلَ لَهُ: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " رَجُلانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا بَقِيَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ، فَقَالَ: يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي "، وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: " وَإِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ يَوْمٌ يَحْتَاجُ فِيهِ النَّاسُ إِلَى أَنْ تُحْمَلَ عَنْهُمْ أَوْزَارُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ بِحَقِّهِ: ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ إِلَى الْجِنَانِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَى مَا أَعْجَبَهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ، فَقَال: لِمَنْ هَذَا يَا رَبِّ؟ قَالَ: لِمَنْ أَعْطَانِي ثَمَنَهُ، قَالَ: وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ يَا رَبِّ؟ قَالَ: أَنْتَ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِيكَ، قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ، قَالَ: خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَادْخُلا الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ؟ فَقَالَ: «الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا، وَاهْتَمُّوا بِآجِلِ الدُّنْيَا حِينَ اهْتَمَّ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا، وَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ يُمِيتَهُمْ، وَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنْ سَيَتْرُكَهُمْ، فَمَا عَرَضَ لَهُمْ مِنْ نَائِلِهَا عَارِضٌ إِلا رَفَضُوهُ، وَلا خَدَعَهُمْ مِنْ رِفْعَتِهَا خَادِعٌ إِلا وَضَعُوهُ، خَلَقَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ فَمَا يُجَدِّدُونَهَا، وَخَرِبَتْ بُيُوتُهُمْ فَمَا يُعَمِّرُونَهَا، وَمَاتَتْ مَحَبَّتُهَا فِي صُدُورِهِمْ فَمَا يُحْيُونَهَا، بَلْ يَهْدِمُونَهَا فَيَبْنُونَ بِهَا آخِرَتَهُمْ، وَيَبِيعُونَهَا فَيَشْتَرُونَ بِهَا مَا يَبْقَى لَهُمْ، وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِهَا صَرْعَى قَدْ خَلَتْ بِهِمُ الْمَثُلاتُ، فَمَا يَرَوْنَ أَمَانًا دُونَ مَا يَرْجُونَ، وَلا خَوْفًا دُونَ مَا يَحْذَرُونَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الحَدِيثُ الْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنْتُمْ خَلَفٌ مَاضِينَ وَبَقِيَّةٌ مُتَقَدِّمِينَ، كَانُوا أَكْثَرَ مِنْكُمْ بَسْطَةً، وَأَعْظَمَ سَطْوَةً، أُزْعِجُوا عَنْهَا أَسْكَنَ مَا كَانُوا إِلَيْهَا، وَغَدَرَتْ بِهِمْ أَوْثَقَ مَا كَانُوا بِهَا، فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ قُوَّةُ عَشِيرَةٍ، وَلا قُبِلَ مِنْهُمْ بَذْلُ فِدْيَةٍ، فَأَرْحِلُوا نُفُوسَكُمْ بِزَادٍ مُبَلِّغٍ، قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذُوا عَلَى فَجْأَةٍ وَقَدْ غَفِلْتُمْ عَنِ الاسْتِعْدَادِ، وَلا يُغْنِي النَّدَمُ، وَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 -10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى، فَإِذَا أَصْبَحَتْ نَفْسُكَ فَلا تُحَدِّثْهَا بِالْمَسَاءِ، وَإِذَا أَمْسَتْ فَلا تُحَدِّثْهَا بِالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ، وَمِنْ شَبَابِكَ لِهَرَمِكَ، وَمِنْ فَرَاغِكَ لِشُغُلِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِوَفَاتِكَ وَمِنْ غِنَاكَ لِفَقْرِكَ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَدًا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ أَوْ مَوَاعِظِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ لا تَشْغِلَنَّكُمْ دُنْيَاكُمْ عَنْ آخِرَتِكُمْ، وَلا تُؤْثِرُوا أَهْوَاءَكُمْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ، وَلا تَجْعَلُوا إِيمَانَكُمْ ذَرِيعَةً إِلَى مَعَاصِيكُمْ، وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَمَهِّدُوا لَهَا قَبْلَ أَنْ تُعَذَّبُوا، وَتَزَوَّدُوا لِلرَّحِيلِ قَبْلَ أَنْ تُزْعَجُوا، فَإِنَّمَا هُوَ مَوْقِفُ عَدْلٍ، وَاقْتِضَاءُ حَقٍّ، وَسُؤَالٌ عَنْ وَاجِبٍ وَلَقَدْ أَبْلَغَ فِي الإِعْذَارِ، مَنْ تَقَدَّمَ فِي الإِنْذَارِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 -10 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ أُحُدٍ وَالنَّاسُ مُحَدِّقُونَ بِهِ، وَقَدِ اسْتَنَدَ إِلَى طَلْحَةَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلاحِ آخِرَتِكُمْ، وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ، وَلا تَسْتَعْمِلُوا جَوَارِحَ غُذِّيَتْ بِنِعْمَتِهِ فِي التَّعَرُّضِ لِسَخَطِهِ بِمَعْصِيَتِهِ، وَاجْعَلُوا شُغُلَكُمُ الْتِمَاسَ مَغْفِرَتِهِ وَاصْرِفُوا هِمَمَكُمْ إِلَى التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ، إِنَّهُ مَنْ بَدَأَ بِنَصِيبِهِ مِنَ الدُّنْيَا، فَاتَهُ نَصِيبُهُ مِنَ الآخِرَةِ وَلا يُدْرِكُ مِنْهَا مَا يُرِيدُ، وَمَنْ بَدَأَ بِنَصِيبِهِ مِنَ الآخِرَةِ وَصَلَ إِلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَدْرَكَ مِنَ الآخِرَةِ مَا يُرِيدُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَفُضُولَ الْمَطْعَمِ، فَإِنَّ فُضُولَ الْمَطْعَمِ تَسِمُ الْقَلْبَ بِالْقَسْوَةِ، وَتُبْطِئُ بِالْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَصُمَّ الْهِمَمِ عَنْ سَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَفُضُولَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ يَبْذُرُ الْهَوَى فِي الْقَلْبِ وَيُولِدُ الْغَفْلَةَ، وَإِيَّاكُمْ وَاسْتِشْعَارَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ يُشْرِبُ الْقُلُوبَ شِدَّةَ الْحِرْصِ، وَيَخْتِمُ عَلَى الْقُلُوبِ بِطَابَعِ حُبِّ الدُّنْيَا، وَهُوَ مِفْتَاحُ كُلِّ سَيِّئَةٍ وَسَبَبُ إِحْبَاطِ كُلِّ حَسَنَةٍ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 -10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ يُرْجَى، وَشَرٌّ يُتَّقَى، وَبَاطِلٌ عُرِفَ فَاجْتُنِبَ، وَحَقٌّ تُيُقِّنَ فَطُلِبَ، وَآخِرَةٌ أَظَلَّ إِقْبَالُهَا فَسُعِيَ لَهَا، وَدُنْيَا أَزِفَ نَفَاذُهَا فَأُعْرِضَ عَنْهَا، وَكَيْفَ يَعْمَلُ لِلآخِرَةِ مَنْ لا تَنْقَطِعُ عَنِ الدُّنْيَا رَغْبَتُهُ؟ وَلا تَنْقَضِي فِيهَا شَهْوَتُهُ، إِنَّ الْعَجَبَ كُلَّ الْعَجَبِ لِمَنْ صَدَّقَ بِدَارِ الْبَقَاءِ وَهُوَ يَسْعَى لِدَارِ الْفَنَاءِ، وَعَرَفَ أَنَّ رِضَا اللَّهِ فِي طَاعَتِهِ وَهُوَ يَسْعَى فِي مُخَالَفَتِهِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 -10 - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «حَلُّوّا أَنْفُسَكُمْ بِالطَّاعَة، وَأَلْبِسُوهَا قِنَاعَ الْمَخَافَةِ، وَاجْعَلُوا آخِرَتَكُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَسَعْيِكُمْ لِمُسْتَقَرِّكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَنْ قَلِيلٍ رَاحِلُونَ، وَإِلَى اللَّهِ صَائِرُونَ، فَلا يُغْنِي عَنْكُمْ هُنَالِكَ إِلا عَمَلٌ صَالِحٌ قَدَّمْتُمُوهُ، أَوْ حُسْنُ ثَوَابٍ أَحْرَزْتُمُوهُ، إِنَّمَا تَقْدُمُونَ عَلَى مَا قَدِمْتُمْ، وَتُجَازَوْنَ عَلَى مَا أَسْلَفْتُمْ، فَلا تَخْدَعَنَّكُمْ زَخَارِفُ دُنْيَا دَنِيَّةٍ، عَنْ مَرَاتِبِ جَنَّاتٍ عَلِيَّةٍ، فَكَأَنَّ قَدْ كُشِفَ الْقِنَاعُ، وَارْتَفَعَ الارْتِيَابُ، وَلاقَى كُلُّ امْرِئٍ مُسْتَقَرَّهُ، وَعَرَفَ مَثْوَاهُ وَمَقِيلَهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: «يَأَيُّهَا النَّاسُ لا تَكُونُوا مِمَّنْ خَدَعَتْهُ الْعَاجِلَةُ وَغَرَّتْهُ الأُمْنِيَةُ وَاسْتَهْوَتْهُ الْخُدْعَةُ، فَرَكِنَ إِلَى دَارٍ سَرِيعَةِ الزَّوَالِ، وَشِيكَةِ الانْتِقَالِ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ فِي جَنْبِ مَا مَضَى إِلا كَإِنَاخَةِ رَاكِبٍ، أَوْ صُرَّةِ حَالِبٍ فَعَلامَ تَعْرُجُونَ؟ وَمَاذَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَكَأَنَّ وَاللَّهِ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ، وَمَا تَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنَ الآخِرَةِ لَمْ يَزَلْ، فَخُذُوا الأُهْبَةَ لأُزُوفِ النُّقْلَةِ، وَأَعِدُّوا الزَّادَ لِقُرْبِ الرِّحْلَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ امْرِئٍ عَلَى مَا قَدِمَ قَادِمٌ، وَعَلَى مَا خَلَفَ نَادِمٌ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ بَسِيطٌ الأَمَلُ، مُتَقَدِّمٌ حُلُولُ الأَجَلِ، وَالْمَعَادُ مِضْمَارُ الْعَمَلِ، فَمُغْتَبِطٌ بِمَا احْتَقَبَ غَانِمٌ، وَمُبْتَئِسٌ بِمَا فَاتَهُ مِنَ الْعَمَلِ نَادِمٌ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ، وَالْيَأْسُ غِنًى، وَالْقَنَاعَةُ رَاحَةٌ، وَالْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ، وَالْعَمَلُ كَنْزٌ، وَالدُّنْيَا مَعْدِنٌ، وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي مَا مَضَى مِنْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، بِأَهْدَابِ بُرْدِي هَذَا، وَلا مَا بَقِيَ مِنْهَا أَشْبَهُ بِمَا مَضَى مِنَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ، وَكُلٌّ إِلَى نَفَادٍ وَشِيكٍ، وَزَوَالٍ قَرِيبٍ، فَبَادِرُوا وَأَنْتُمْ فِي مَهْلِ الأَنْفَاسِ، وَجُدَّةِ الأَحْلاسِ، قَبْلَ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِالْكَظْمِ، فَلا يُغْنِي عَنْكُمُ النَّدَمُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 -10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أُمَّتِي فِي الدُّنْيَا عَلَى ثَلاثَةِ أَطْبَاقٍ: أَمَّا الطَّبَقُ الأَوَّلُ: فَلا يَرْغَبُونَ فِي جَمْعِ الْمَالِ وَادِّخَارِهِ، وَلا يَسْعَوْنَ فِي اقْتِنَائِهِ وَاحْتِكَارِهِ، وَإِنَّمَا رِضَاهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا سَدَّ جُوعَةً وَسَتَرَ عَوْرَةً، وَغِنَاهُمْ فِيهَا مَا بَلَّغَ الآخِرَةَ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَأَمَّا الطَّبَقُ الثَّانِي: فَيُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ أَطْيَبِ سَبِيلِهِ وَصَرْفِهِ فِي أَحْسِنِ وُجُوهِهِ، يَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَهُمْ، وَيَبَرُّونَ بِهِ إِخْوَانَهُمْ، وَيُوَاسُونَ بِهِ فُقَرَاءَهُمْ، وَلَعَضُّ أَحَدِهِمْ عَلَى الرَّضْفِ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكْسِبَ دِرْهَمًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَأَنْ يَضَعَهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ، وَأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ، وَأَنْ يَكُونَ خَازِنًا لَهُ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ إِنْ نُوقِشُوا عُذِّبُوا، وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُمْ سَلِمُوا. وَأَمَّا الطَّبَقُ الثَّالِثُ: فَيُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ مِمَّا حَلَّ وَحَرُمَ، وَمَنْعَهُ مِمَّا افْتُرِضَ وَوَجَبَ، إِنْ أَنْفَقُوهُ أَنْفَقُوا إِسْرَافًا وَبِدَارًا، وَإِنْ أَمْسَكُوهُ أَمْسَكُوا بُخْلا وَاحْتِكَارًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ مَلَكَتِ الدُّنْيَا أَزِمَّةَ قُلُوبِهِمْ، حَتَّى أَوْرَدَتْهُمُ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الْحَدِيثُ الثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللَّهِ، وَأَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكِ اللَّهُ، إِنَّ رِزْقَ اللَّهِ لا يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلا يَرُدُّهُ كَرَاهِيَةُ كَارِهٍ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ بِحُكْمِهِ جَعَلَ الرُّوحَ وَالْفَرَحَ فِي الرِّضَا وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ، إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ إِلا أَجْزَلَكَ الثَّوَابَ عَنْهُ، فَاجْعَلْ هَمَّكَ وَسَعْيَكَ لآخِرَةٍ لا يَنْفَدُ فِيهَا ثَوَابُ الْمَرْضِيِّ عَنْهُ، وَلا يَنْقَطِعُ فِيهَا عِقَابُ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 -10 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ شَيْءٌ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلا وَقَدْ ذَكَرْتُهُ لَكُمْ، وَلا شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا وَقَدْ دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ، إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ عَبْدٌ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوا شَيْئًا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ، فَإِنَّهُ لا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلا بِطَاعَتِهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ رِزْقًا هُوَ يَأْتِيهِ لا مَحَالَةَ، فَمَنْ رَضِيَ بِهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ فَوَسِعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ فَلَمْ يَسَعَهُ، إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الرَّجُلَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 -10 - عَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَةِ أَحَدِ الْعِيدَيْنِ: «أَيُّهَا النَّاسُ الدُّنْيَا دَارُ بَلاءٍ وَمَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَعَنَاءٍ، قَدْ نَزَعَتْ عَنْهَا نُفُوسُ السُّعَدَاءِ، وَانْتُزِعَتْ بِالْكَرْهِ مِنْ أَيْدِي الأَشْقِيَاءِ، فَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهَا أَرْغَبُهُمْ عَنْهَا، وَأَشْقَاهُمْ بِهَا أَرْغَبُهُمْ فِيهَا، هِيَ الْغَاشَّةُ لِمَنِ انْتَصَحَهَا، وَالْمُغْوِيَةُ لِمَنْ أَطَاعَهَا، وَالْخَاتِرَةُ لِمَنِ انْقَادَ لَهَا، وَالْفَائِزُ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا، وَالْهَالِكُ مَنْ هَوَى فِيهَا، طُوبَى لِعَبْدٍ اتَّقَى فِيهَا رَبَّهُ، وَنَاصَحَ نَفْسَهُ، وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ، وَأَخَّرَ شَهْوَتَهُ، مَنْ قَبْلِ أَنْ تَلْفِظَهُ الدُّنْيَا إِلَى الآخِرَةِ، فَيُصْبِحُ فِي بَطْنٍ مُوحِشَةٍ غَبْرَاءَ، مُدْلَهِمَّةٍ ظَلْمَاءَ، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَزِيدَ فِي حَسَنَةٍ، وَلا يُنْقِصَ مِنْ سَيِّئَةٍ، ثُمَّ يُنْشَرُ، فَيُحْشَرُ إِمَّا إِلَى جَنَّةٍ لا يُرْفَعُ نَعِيمُهَا، أَوْ إِلَى نَارٍ لا يَنْفَدُ عَذَابُهَا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ شَمِّرُوا فَإِنَّ الأَمْرَ جَدٌّ، وَتَأَهَّبُوا فَإِنَّ الرَّحِيلَ قَرِيبٌ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ السَّفَرَ بَعِيدٌ، وَخَفِّفُوا أَثْقَالَكُمْ فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ عَقَبَةً كَئُودًا لا يَقْطَعُهَا إِلا الْمُخَفِّفُونَ، إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أُمُورًا شُدُدًا، وَأَهْوَالا عِظَامًا، وَزَمَانًا صَعْبًا يَتَمَلَّكُ فِيهِ الظَّلَمَةُ، وَيَتَصَدَّرُ فِيهِ الْفَسَقَةُ، فَيُضْطَهَدُ فِيهِ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيُضَامُ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَأَعِدُّوا لَذَلِكَ الإِيمَانَ بِاللَّهِ، وَالْجَئُوا إِلَى صَالِحِ الْعَمَلِ وَأَكْرِهُوا عَلَيْهِ النُّفُوسَ، وَاصْبِرُوا عَلَى الضَّرَّاءِ تُفْضُوا إِلَى النَّعِيمِ الدَّائِمِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِرَجُلٍ يَعِظُهُ: «ارْغَبْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ، إِنَّ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا يُرِيحُ قَلْبَهُ وَبَدَنَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَيَجِيئَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ حَسَنَاتٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ» . فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يُصَلُّونَ كَانُوا؟ قَالَ: «كَانُوا يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَأْخُذُونَ وَهْنًا مِنَ اللَّيْلِ لَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا لاحَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا وَثَبُوا عَلَيْهِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 -10 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا دَارُ الْتِوَاءٍ، لا دَارُ اسْتِوَاءٍ، وَمَنْزِلُ تَرَحٍ، لا مَنْزِلُ فَرَحٍ، فَمَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَفْرَحْ لِرَجَاءٍ، وَلَمْ يَحْزَنْ لِشَقَاءٍ، أَلا وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى، وَالآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى، فَجَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الآخِرَةِ سَبَبًا، وَثَوَابَ الآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضًا، فَيَأْخُذُ لِيُعْطِيَ، وَيَبْتَلِي لِيَجْزِيَ، وَإِنَّهَا لَسَرِيعَةُ الذَّهَابِ، وَشِيكَةُ الانْقِلابِ، فَاحْذَرُوا حَلاوَةَ رَضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا، وَاهْجُرُوا لَذِيذَ عَاجِلِهَا، لِكَرِيهِ آجِلِهَا، وَلا تَسْعُوا فِي عُمْرَانِ دَارٍ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ خَرَابَهَا، وَلا تُوَاصِلُوهَا وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْكُمُ اجْتِنَابَهَا، فَتَكُونُوا لِسَخَطِهِ مُتَعَرِّضِينَ، وَلِعُقُوبَتِهِ مُسْتَحِقِّينَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَاسْعَوْا فِي مَرْضَاتِهِ، وَأَيْقِنُوا مِنَ الدُّنْيَا بِالْفَنَاءِ، وَمِنَ الآخِرَةِ بِالْبَقَاءِ، وَاعْمَلُوا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَأَنَّكُمْ بِالدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ، وَبِالآخِرَةِ لَمْ تَزَلْ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مَنْ فِي الدُّنْيَا ضَيْفٌ وَمَا فِي يَدِهِ عَارِيَةٌ، وَإِنَّ الضَّيْفَ مُرْتَحِلٌ وَالْعَارِيَةَ مَرْدُودَةٌ، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالآخِرَةُ وَعْدٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ عَادِلٌ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً نَظَرَ لِنَفْسِهِ، وَمَهَّدَ لِرَمْسِهِ، مَا دَامَ رَسَنُهُ مُرْخًى، وَحَبْلُهُ عَلَى غَارِبِهِ مُلْقًى، قَبْلَ أَنْ يَنْفَدَ أَجَلُهُ، وَيَنْقَطِعَ عَمَلُهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 -10 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُوصِيهِ: «أَقْلِلْ مِنَ الشَّهَوَاتِ يَسْهُلْ عَلَيْكَ الْفَقْرُ، وَأَقْلِلْ مِنَ الذُّنُوبِ يَسْهُلْ عَلَيْكَ الْمَوْتُ وَقَدِّمْ مَا لَكَ أَمَامَكَ يَسُرَّكَ اللِّحَاقُ بِهِ، وَاقْنَعْ بِمَا أُوتِيتَهُ يَخِفُّ عَلَيْكَ الْحِسَابُ، وَلا تَتَشَاغَلْ عَمَّا فُرِضَ عَلَيْكَ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ بِفَائِتِكَ مَا قُسِمَ لَكَ وَلَسْتَ بِلاحِقٍ مَا زُوِيَ عَنْكَ، فَلا تَكُ جَاهِدًا، فِيمَا يُصْبِحُ نَافِدًا، وَأَوْسِعِ الْمُلْكَ الَّذِي لا زَوَالَ لَهُ، فِي مَنْزِلٍ لا انْتِقَالَ عَنْهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 -10 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّهُ مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْيَا فِي قَلْبِ عَبْدٍ إِلا الْتَاطَ مِنْهَا بِثَلاثٍ: شُغُلٍ لا يَنْفَكُّ عَنَاؤُهُ، وَفَقْرٍ لا يُدْرَكُ غِنَاهُ، وَأَمَلٍ لا يُنَالُ مُنْتَهَاهُ، وَإِنَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ طَالِبَتَانِ وَمَطْلُوبَتَانِ، فَطَالِبُ الآخِرَةِ تَطْلُبُهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ، وَطَالِبُ الدُّنْيَا تَطْلُبُهُ الآخِرَةُ حَتَّى يَأْخُذَ الْمَوْتُ بِعُنُقِهِ، أَلا وَإِنَّ السَّعِيدَ مَنِ اخْتَارَ بَاقِيَةً يَدُومُ نَعِيمُهَا، عَلَى فَانِيَةٍ لا يَنْفَدُ عَذَابُهَا، وَقَدَّمَ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، مِمَّا هُوَ الآنَ فِي يَدَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يُخَلِّفَهُ لِمَنْ يَسْعَدُ بِإِنْفَاقِهِ، وَقَدْ شَقِيَ هُوَ بِجَمْعِهِ وَاحْتِكَارِهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 -10 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَالآخِرَةَ قَدْ تَحَمَّلَتْ مُقْبِلَةً، أَلا وَإِنَّكُمْ فِي يَوْمِ عَمَلٍ لَيْسَ فِيهِ حِسَابٌ، وَيُوشِكُ أَنْ تَكُونُوا فِي يَوْمِ حِسَابٍ لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَيُبْغِضُ، وَلا يُعْطِي الآخِرَةَ إِلا لِمَنْ يُحِبُّ، وَإِنَّ لِلدُّنْيَا أَبْنَاءً، وَلِلآخِرَةِ أَبْنَاءً، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، إِنَّ شَرَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الأَمَلِ، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصْرِفُ قُلُوبَكُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَطُولَ الأَمَلِ يَصْرِفُ هِمَمَكُمْ إِلَى الدُّنْيَا، وَمَا بَعْدَهُمَا لأَحَدٍ خَيْرٌ مِنْ دُنْيَا وَلا آخِرَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الْحَدِيثُ الأَرْبَعُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 -10 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ بَيْتٍ إِلا وَمَلَكُ الْمَوْتِ يَقِفُ عَلَى بَابِهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا وَجَدَ الإِنْسَانَ قَدْ نَفِدَ أَكْلُهُ، وَانْقَطَعَ أَجَلُهُ، أَلْقَى عَلَيْهِ غَمَّ الْمَوْتِ فَغَشِيَتْهُ كُرُبَاتُهُ، وَغَمَرَتْهُ سَكَرَاتُهُ، فَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّاشِرَةُ شَعَرَهَا، وَالضَّارِبَةُ وَجْهَهَا، وَالْبَاكِيَةُ لِشَجْوِهَا، وَالصَّارِخَةُ بِوَيْلِهَا. فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ: وَيْلُكُمْ مِمَّ الْفَزَعُ؟ وَفِيمَ الْجَزَعُ؟ وَاللَّهِ مَا أَذْهَبْتُ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ رِزْقًا، وَلا قَرَّبْتُ لَهُ أَجَلا، وَلا أَتَيْتُهُ حَتَّى أُمِرْتُ، وَلا قَبَضْتُ رُوحَهُ حَتَّى اسْتَأْمَرْتُ، وَإِنَّ لِي فِيكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً، حَتَّى لا أُبْقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا ". قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ يَرَوْنَ مَكَانَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلامَهُ لَذَهِلُوا عَنْ مَيِّتِهِمْ، وَلَبَكَوْا عَلَى نُفُوسِهِمْ، حَتَّى إِذَا حُمِلَ الْمَيِّتِ عَلَى نَعْشِهِ رَفْرَفَتْ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتٍ: يَا أَهْلِي وَيَا وَلَدِي، لا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْيَا كَمَا لَعِبَتْ بِي وَلا تَغُرَّنَّكُمْ كَمَا غَرَّتْنِي، جَمَعْتُ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ وَمِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ثُمَّ خَلَّفْتُهُ لِغَيْرِي، فَالْمَهْنَأَةُ لَهُ وَالتَّبِعَةُ عَلَيَّ فَاحْذَرُوا مِثْلَ مَا حَلَّ بِي " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81