الكتاب: أمالي أبي الفتح المقدسي - المجلس الحادي والعشرون بعد المائة المؤلف: نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم ابن داود النابلسي المقدسي، أبو الفتح الشافعي (المتوفى: 490هـ) الناشر: مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية الطبعة: الأولى، 2004   [الكتاب مخطوط] ---------- المجلس 121 من أمالي أبي الفتح المقدسي المَقْدِسي، أبو الفتح الكتاب: أمالي أبي الفتح المقدسي - المجلس الحادي والعشرون بعد المائة المؤلف: نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم ابن داود النابلسي المقدسي، أبو الفتح الشافعي (المتوفى: 490هـ) الناشر: مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية الطبعة: الأولى، 2004   [الكتاب مخطوط] الْمَجْلِسُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ مِنْ أَمَالِي أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. رِوَايَةُ الْفَقِيهِ أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمِصِّيصِيِّ، عَنْهُ. رِوَايَةُ الْوَزِيرِ أَبِي الْمَعَالِي أَسْعَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيِّ، عَنْهُ. رِوَايَةُ الرَّئِيسِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَمْزَةَ التَّمِيمِيِّ، عَنْهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 1 - أَخْبَرَنَا وَالِدِيَ الشَّيْخُ الأَمِينُ الْعَدْلُ الرَّضِيُّ عَلاءُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَمْزَةَ التَّمِيمِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ , فِي ثَامِنِ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ بِمَنْزِلِهِ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ , قَالَ: أنا عَمِّيَ الرَّئِيسُ الأَجَلُّ الْوَزِيرُ مُؤَيِّدُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي أَسْعَدُ بْنُ حَمْزَةَ التَّمِيمِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ , فِي خَامِسِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ , قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمِصِّيصِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ , فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ بِالزَّاوِيَةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ , قَالَ: أنا الإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ , فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ صَفَرَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَأَرَبَعِ مِائَةٍ , قَالَ: أنا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانٍ الْبَغْدَادِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ , قَالَ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نُصَيْرِ بْنِ عَرَفَةَ , الْمَعْرُوفُ بِابْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَزَّارِ , ثنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكِ بْنِ الْفَضْلِ الْكُوفِيُّ , إِمْلاءً يَوْمَ السَّبْتِ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِ مِائَةٍ، ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ , قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا , قَالَ: فَقَال َ: «يَسْأَلُ الرَّجُلُ فِي الْحَاجَةِ , أَوْ لِيُصْلِحْ بَيْنَ قَوْمِهِ , فَإِذَا بَلَغَ أَوْ كَرَبَ فَلْيَسْتَعْفِفْ» الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 2 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ بُرْهَانٍ، ثنا ابْنُ لُؤْلُؤٍ، ثنا أَبُو يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو، بِالْبَصْرَةِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ " يَسْجُدُ فِي: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَالنَّجْمِ " الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 3 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثنا ابْنُ لُؤْلُؤٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ أَبُو حَفْصٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقَاضِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْيَمَامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " إِن َّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الضُّحَى , فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُدِيمُونَ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى؟ هَذَا بَابُكُمْ , فَادْخُلُوهُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 4 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْخَضْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ السُّلَمِيُّ , فِي كِتَابِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، ثنا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُرِّيُّ، ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّبْعِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرِ بْنِ شَاذَانَ , بِمَكَّةَ , ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , قَالا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَجُلانِ مِنْ قُرَيْشٍ , فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمَا عَنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالا: بَلَى. فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ , رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ , يَقُول ُ: " لَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ , هَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ تَفْضِيلا لَكَ وَخَاصَّةً لَكَ , يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ , يَقُولُ لَكَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا , وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ , هَبَطَ جِبْرِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا , وَهَبَطَ مَعَهُمَا مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ , عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ , فَسَبَقَهُمْ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَنِي إَلِيْكَ إِكْرَامًا وَتَفْضِيلًا لَكَ وَخَاصَّةً لَكَ , يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ , يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا , وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا ". وَفِي رِوَايَةٍ أَخْبَرَنِي , أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَسَّرَ غَمَّهُ , فَقَالَ: «مَنْ لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ بَعْدِي؟ مَنْ لِصُوَّامِ رَمَضَانَ بَعْدِي؟ مَنْ لأُمَّتِيَ الْمُصْطَفَيْنَ بَعْدِي؟» فَأَخْبَرَهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُمْ , فَطَابَ نَفْسًا بِالْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ صَوْتًا , وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غُفِرَ لَهُ حَدَّثَنِي سُلْطَانُ بْنُ فَائِدٍ الْفَهْمِيُّ، وَكَانَ قَدْ سَافَرَ الْبِلادَ , فَقُلْتُ: مَا أَعْجَبَ مَا رَأَيْتَ فِي بَلَدِ الرُّومِ؟ قَالَ: أُسِرْتُ وَكُنْتُ فِي حَبْسِ مَعَ جَمَاعَةٍ كَبِيرَةٍ , وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحُصُونِ قَدْ شَكَوْا إِلَيْنَا حَالَهُمْ , وَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ , قَالَ: وَأَصَابَ قَحْطٌ شَدِيدٌ , وَخَرَجَتِ الرُّومُ فَاسْتَسْقَوْا أَيَّامًا فَلَمْ يُسْقَوْا. فَأَرْسَلَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَيْنَا , وَقَالَ لَنَا: ادْعُوا وَاسْتَسْقُوا فَإِنْ جَاءَنَا الْمَطَرُ أَعْتَقْنَاكُمْ. فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُ نَحْنُ الْخُرُوجَ , وَلَكِنْ إِنْ دَعَوْنَا وَجَاءَ الْمَطَرُ , فَتَعْتِقُ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ فِي الْحُصُونِ. فَأَجَابَنَا إِلَى ذَلِكَ , وَأَحْضَرَ مِنْهُمْ ثَلاثِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الشُّيُوخِ , وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ , ثُمَّ إِنَّا نَصَبْنَا فِي الْحَبْسِ مِنْبَرَيْنِ , وَدَعَوْنَا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى الظُّهْرِ , ثُمَّ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ , وَعُدْنَا إِلَى الدُّعَاءِ , فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ وَلا شَيْءٌ إِلا الْحَرَّ الشَّدِيدَ , هَبَّتْ رِيحٌ وَتَغَيَّمَتْ , وَأَمْطَرَتِ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ الزَّائِدَ إِلَى الْغَدِ , وَزَادَ الْمَطَرُ حَتَّى اسْتَغَاثُوا بِنَا فِي إِمْسَاكِهِ , وَأَعْتَقَ أُولِئَكَ الرِّجَالَ وَنِسَاءَهُمْ , وَوَهَبَ لَهُمْ وَأَخْرَجَهُمْ إِلَى بِلادِ الإِسْلامِ ,قَالَ: وَكَانَ غُلامٌ يُعْرَفُ بِيُحَنَّا الْخَاصِّ , خَاصًّا لِخِدْمَةِ الْمَلِكِ وَالْمَلِكَةِ , وَكَانَ قَدْ قَالَ لِلْمَلِكَةِ فِي حَالِ الإِرْسَالِ إِلَيْنَا فِي الاسْتِسْقَاءِ: إِنْ أُجِيبُوا الْمُسْلِمُونَ وَجَاءَ الْمَطَرُ بِطَلَبِهِمْ , فَأَنَا أُسْلِمُ وَأَؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ , فَلَمَّا جَاءَ الْمَطَرُ أَسْلَمَ , ثُمَّ أَخَذَ أَهْلَهُ وَأَوْلادًا لَهُ خَمْسَةً وَأَخَاهُ وَخَرَجَ , وَقَدْ أَرَادُوا قَتْلَهُ , فَوَصَلَ إِلَى مَوْضِعِ الْحَرَسِ وَعَلَى رَأْسِهِ الصَّلِيبُ وَفِي رَقَبَتِهِ صَلِيبٌ , فَقَالَ مُتَوَلِّي ذَلِكَ: إِلَى أَيْنَ تَمْضِي؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولٌ إِلَى بَلَدِ الْعَجَمِ , فَتَرَكَهُ وَمَضَى , ثُمَّ وَصَلَ كِتَابُ الْمَلِكِ وَالْمَلِكَةِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ , فَقَالَ: قَدْ مَضَى , وَخَرَجَ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَى خُرَاسَانَ. وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ , أنبا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الإِمَامُ، ثنا أبو مُحَمَّدٍ الْوَرْدُ , ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , يَقُولُ: كُنْتُ حَاجًّا فِي بَعْضِ السِّنِينَ , فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا بِأَعْرَابِيٍّ يَرْكُضُ عَلَى بَعِيرِهِ حَتَّى أَتَى مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَقَلَ بَعِيرَهُ , ثُمَّ دَخَلَ يَؤُمُّ الْقَبْرَ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , لَقَدْ بَعَثَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ كِتَابًا مُسْتَقِيمًا , أَعْلَمَكَ فِيهِ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ , فَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] . وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ مُنْجِزٌ لَكَ مَا وَعَدَكَ , وَهَا أَنَا قَدْ أَتَيْتُكَ مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ مُسْتَشْفِعٌ بِكَ عَلَى رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ مَضَى , وَأَنْشَأَ يَقُولُ: يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ فِي الْقَاعِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالأَكَمُ نَفْسِيَ الْفِدَاءُ لَقَبْرٌ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ. وَحَدَّثَنِي أُيْضًا أَنَّ الْمَلِكَ قَتَلَ مُسْلِمًا وَصَلَبَهُ فَأَقَامَ شُهُورًا , فَمَرَّ بِهِ بِطْرِيقٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ , فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: يَا مُسْلِمُ كَمْ حَصَلَتْ لَكَ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ؟ فَتَحَرَّكَتْ يَدُهُ وَأَشَارَ بِخَمْسِ أَصَابِعِهِ يُرِيدُ خَمْسًا , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْبِطْرِيقُ الْمَصْلُوبَ قَدْ رَفَعَ يَدَهُ أَسْلَمَ وَنَزَلَ فَقَبَّلَ يَدَهُ , وَأَخَذَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ , وَخَرَجَ إِلَى بَلَدِ الإِسْلامِ. أَنْشَدَنِي أَبُو الْخَيْرِ سَلامَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُظَفَّرٍ الْخَوَّاصُ , لِبَعْضِهِمْ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَلَمْ تَر َأَنَّ الْمَرْءَ طُولَ حَيَاتِهِ ... مَعْنِيٌّ بِأَمْرٍ لا يَزَالُ يُعَالِجُهُ كَدُودِ الْقَزِّ يَنْسِجُ دَائِبًا ... وَيَهْلَكُ عَمْدًا وَسْطَ مَا هُوَ نَاسِجُهُ. أَخْبَرَنِي أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الأَصْبَهَانِيُّ , فِي كِتَابِهِ , أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّحَّاسُ , أنبا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ , أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَلائِيُّ , أَنْشَدَنِي إِسْحَاقُ بْنُ خَلَفٍ الشَّاعِرُ: إِنِّي رَضِيتُ عَلِيًّا قُدْوَةً عَلَمًا ... كَمَا رَضِيتُ عَتِيقًا صَاحِبَ الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5