الكتاب: المقلق المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) المحقق: مجدي فتحي السيد الناشر: دار الصحابة للتراث بطنطا الطبعة: الأولى 1411 هـ - 1991 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] أعده للشاملة: يا باغي الخير أقبل ---------- المقلق لابن الجوزي ابن الجوزي الكتاب: المقلق المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) المحقق: مجدي فتحي السيد الناشر: دار الصحابة للتراث بطنطا الطبعة: الأولى 1411 هـ - 1991 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] أعده للشاملة: يا باغي الخير أقبل المقلق تأليف أبي الفرج ابن الجوزي 597 هـ حققه وعلق عليه مجدي فتحي السيد دار الصحابة للتراث بطنطا الطبعة الأولى 1411 هـ - 1991 م مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي قدم الإنذار على التعذيب, وعلم أطباء العلم كيفية الرياضة والتهذيب, وصلى الله على أشرف سائس, وأعلم طبيب محمد المبعوث إلى البعيد والقريب, وعلى أصحابه وأتباعه. أما بعد.. فإني رأيت القصاص قد تركوا ما يصلح ذكره في المجالس من التخويف والترهيب, وأخذوا في زخارف باطلة فإن ذكروا حديثاً فالغالب أنه كذب فإن كان صحيحاً فالغالب أنهم يزيدون فيه ما ليس منه, وهمهم برونق المجلس كيف اتفق, فيخرج السامعون وما نهوا عن ذنب, ولا خشع لهم قلب, فإن أفلح القاص قال لهم: رحمة الله واسعة, ولا يذكر أنه شديد العقاب. ومعلوم أن الواعظ طبيب لأمراض الذنوب, ومصلح لأمزجة القلوب, فإذا رأى يائساً مناه, أو آمناً خوفه, فهو يقاوم الأمراض بأضدادها, وإني رأيت الأمن وقلة الخوف ومساكنة الطمع أمراضاً, قد استولت على النفوس فعلمت أنه ما ركب من الأدوية التخويف, لأنه إذا حدث الساكن بما يوجب السكون كان كمبرود أعطى برودة, فجمعت في هذا الكتاب من الأحاديث المخوفات, والمحذرات من السيئات, والواصفات للعقوبات, والحكايات المزعجات ما يقلق المطمئن, ويقلقل الساكن, ويلين القلب القاسي, ويجري الدمع الجامد وينهض المتكاسل المتقاعد.. والله الموفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 واعلم أن جمهور العصاة اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه, ونسوا أنه شديد العقاب, وظنوا أن رحمة الله من جنس الرقة فقاسوها برحمة الخلق, والآدمي إذا رأى عدوه يعذب رق له, ورحمة الله ليست من هذا الجنس. وأما من طلب العفو مع الإصرار فهو كالمعاند المتهاون بالوعيد. قال معروف الكرخي: (رجاؤك لرحمة من لا تطيعه خذلان وحمق) . وقد قال بعض الحكماء: من قطع أشرف عضو منك في الدنيا بسرقة خمسة قراريط, فلا يأمن أن يكون عقابه في الآخرة على نحو هذا. ومن عرف أن الخليل يسأل يوم القيامة في أبيه فلا يجاب, وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل في أمه فلم يقبل, فينبغي أن يكون على قلق, وإلى هذا المعنى أشار الحسن بقوله لما قيل له: نراك طويل البكاء؟ فقال: ((أخاف أن يطرحني في النار, ولا يبالي)) . وقد يعاقب الإنسان على المحتقر فلهذا لزم تقديم التخويف. 1- أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي المقري قال: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثني أحمد بن إبراهيم عن علي بن شقيق عن ابن المبارك عن سعيد بن زيد قال: سمعت معلى بن زياد يقول: سأل المغيرة بن مخادش الحسن فقال: [ص: 30] ((يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة أقوام يحدثونا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: أيها الشيخ, والله لأن تصحب أقواماً يخوفونك حتى تدرك أمناً خيراً لك من أن تصحب أقواماً يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف)) . الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 2- أخبرنا هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: أنبأ أبو بكر أحمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: ثنا يعلى بن عبيد قال: ثنا الأعمش عن أبي وائل عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه, فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه, فيطيف به أهل النار فيقولون: يا فلان, ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف, وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف, ولا آتيه, وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) . أخرجاه. الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 3- قال أحمد: وحدثنا أبو معاوية قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري عن ابن جريج قال: حدثني منبوذ عن الفضل بن عبيد الله عن أبي رافع قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع فقال: ((أف لك, أف لك)) فظننت أنه يريدني فقال: ((لا ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعياً على آل فلان فغل ثمرةً, فدرع الآن مثلها من نار)) . الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 4- قال أحمد: وثنا سفيان قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر سمع أنساً يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ص: 32] ((يتبع الميت ثلاث: أهله, وماله, وعمله, فيرجع اثنان, ويبقى واحد, يرجع أهله وماله, ويبقى عمله)) . الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 5- قال أحمد: وثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) . قال: فقلنا: يا رسول الله, آمنا بك, وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ فقال: ((نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها)) . الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 6- قال أحمد: وثنا وكيع قال: ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مررت ليلة أسرى بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار, فقلت: ما هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر, وينسون أنفسهم, وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون)) . الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 7- قال أحمد: وثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال: حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما عرج بي ربي عز وجل مررت بقوم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم, وصدورهم, فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس, ويقعون في أعراضهم)) . الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 8- قال أحمد: حدثنا أبو اليمان قال: ثنا ابن عياش عن عمارة بن غزية أنه سمع حميد بن عبيد يقول: سمعت ثابتاً البناني يحدث عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل: ((ما لي لم أر ميكائيل ضاحكاً قط؟ قال: ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار)) . الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 9- قال أحمد: وحدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار, فيصبغ في النار صبغة, ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب؟ ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا بن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط)) . (انفرد بإخراجه مسلم) الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 10- قال أحمد: وحدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال: ((استعيذوا بالله من عذاب القبر)) مرتين أو ثلاثاً ثم قال: [ص: 36] ((إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه, كأن وجوههم الشمس, معهم كفن من أكفان الجنة, وحنوط من حنوط الجنة, حتى يجلسوا منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان, فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء, فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذها فيجعلوها في ذلك الكفن, وفي ذلك الحنوط, ويخرج منها كأطيب نفحة مسك, وجدت على وجه الأرض, فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى التي تليها, حتى ينتهي به إلى السماء السابعة, فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين, وأعيدوه إلى الأرض, فإني منها خلقتهم, وفيها أعيدهم, ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولون له: من ربك؟ فيقول: ربي الله عز وجل. فيقولون له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت. فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة, وألبسوه من الجنة, وافتحوا له باباً إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها, ويفسح له في قبره مد بصره. قال: ويأتيه رجل حسن الوجه, حسن الثياب, طيب الريح, فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح, فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا, وإقبال من الآخرة نزل [ص: 37] إليه من السماء ملائكة سود الوجوه, معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين, حتى يجعلوها في تلك المسوح, ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض, فيصعدون بها, ولا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث, فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا, حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين من الأرض السفلى. فتطرح روحه طرحاً ثم قرأ: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق} فتعاد روحه في جسده, ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي مناد من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار, وافتحوا له باباً إلى النار, فيأتيه من حرها وسمومها, ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الرائحة، فيقول: أبشر بالذي يسؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول: رب لا تقم الساعة)) . الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 11- قال أحمد: وثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء: قال: خرجنا مع رسول صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فذكر نحوه وفيه: ((ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً, فيضربه ضربة فيصير تراباً, ثم يعيده الله عز وجل كما كان فيضربه ضربة أخرى, فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين)) . قال البراء: ثم يفتح له باب من النار, ويمهد له من فرش النار. الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 12- قال أحمد: وحدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال: حدثنا عبد الله بن واقد قال: حدثنا محمد بن مالك عن البراء بن عازب قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة, فقال: ((على ما اجتمع هؤلاء؟)) قيل: على قبر يحفرونه, ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدر بين يدي أصحابه مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه, قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع, فبكى حتى بل الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال: ((أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا)) . الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 13- قال أحمد: وحدثنا أبو نعيم قال: ثنا بشير بن المهاجر قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فنادى ثلاث مرات: ((يا أيها الناس, تدرون ما مثلي ومثلكم؟)) فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدواً يأتيهم فبعثوا رجلاً يترائا لهم فأبصر العدو)) . الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الجزء الثاني من كتاب المقلق تأليف عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي نفعه الله بالعلم آمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 بسم الله الحمن الرحيم 14- أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: ثنا ابن حيوية قال: أخبرنا ابن معروف قال: ثنا الحسين ابن الفهم قال: ثنا محمد بن سعد قال: أنبأ يزيد بن هارون قال: أنبأ شعبة عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطاب أخذ تبنة من الأرض فقال: (ليتني كنت هذه التبنة, ليتني لم أخلق, ليت أمي لم تلدني, ليتني لم أكن شيئاً, ليتني كنت نسياً منسياً) . الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 15- أخبرنا المحمدان بن ناصر الحافظ قال: ثنا أبو بكر الطلحي قال: ثنا الحسن بن جعفر قال: ثنا منجاب بن الحارث قال: ثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن قال: قال العباس بن عبد المطلب: (كنت جاراً لعمر بن الخطاب, فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر, إن ليله صلاة, وإن نهاره صيام, وفي حاجات الناس, فلما توفي عمر سألت الله عز وجل أن يرينيه في النوم، فرأيته مقبلاً متشحاً من سوق المدينة فسلمت عليه، وسلم علي، ثم قلت له: كيف أنت؟ قال: بخير. فقلت [ص: 42] له: ما وجدت؟ قال: الآن حين فرغت من الحساب، ولقد كاد عرشي يهوي بي لولا أن وجدت رباً رحيماً) . وروى زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه رأى أباه في المنام فقال له: (منذ كم فارقتم فقال: منذ اثني عشرة سنة. فقال: إنما انفلت الآن من الحساب) . الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 16- أخبرنا علي بن أبي عمر قال، أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاوي قال: أخبرنا عبد الملك بن بشران قال: أخبرنا أبو بكر الآجري قال: ثنا عمر بن أيوب. قال: ثنا أبو همام. قال: ثنا عمر بن صالح الأزدي قال: سمعت شيخاً من أهل الشام قال: (لما مات عمر بن عبد العزيز كان قد استودع مولاً له سفطاً فجاءوه فقالوا: السفط الذي استودعك عمر، فقال: ما لكم فيه خير فأبوا حتى رفعوا ذلك إلى يزيد بن عبد الملك فدعى بالسفط ودعى بني أمية، [ص: 43] وقال: خيركم هذا قد وجدنا له سفطاً وديعة ففتحوه، وإذا فيه مقطعات من مسوح كان يلبسها بالليل) . الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 17- أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب النحوي قال: أنبأ أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عياش بن المغيرة قال: كان عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام إذا شهد جنازةً، وقف على القبر فقال: (ألا أراك ضيقاً، ألا أراك دقعاً، ألا أراك مظلماً، لأن سلمت لأتأهبن لك أهبتك، فأول شيء تراه عيناه من ماله يتقرب به إلى ربه، وإن كان رقيقه ليتعرضون له عند انصرافه من الجنائز ليعتقهم) . الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 18- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أحمد بن أحمد قال: ثنا أبو نعيم الأصفهاني قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنا أحمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير قال: حدثنا يحيى بن الفضل قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر: (أنه بينا هو ذات ليلة يصلي بكى، وكثر بكاؤه ففزع أهله فتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء، فإذا هو يبكي، فقال: يا أخي ما الذي أبكاك قد رعت أهلك؟ فقال: مرت بي آية من [ص: 44] كتاب الله عز وجل. قال: وما هي؟ قال: قول الله عز وجل: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما. ولما احتضر ابن المنكدر اشتد جزعه وقال: (أخاف أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب، وكذلك كان يقول أخوه عمر بن المنكدر، آية من كتاب الله أبكتني: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} . الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 19- أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أبو أيوب الحلاب قال: ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله عن مصعب بن عثمان، قال: (كان عبد الرحمن بن أبان يشتري أهل البيت، ثم يأمر بهم فيكسون، ثم يعرضون عليه فيقول: أنتم أحرار لوجه الله أستعين بكم على غمرات الموت) . الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 20- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأ حمد بن أحمد قال: ثنا أبو نعيم. قال: ثنا عبد الله بن محمد: ثنا محمد بن أبي سهل قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن قيس بن سعد عن عبيد بن عمير قال: (إن أهل القبور ليتلقوا الميت كما يتلقى الراكب ليسألونه, فإذا سألوه: ما فعل فلان, ممن كان قد مات فيقول: ألم يأتكم؟ فيقولون: إنا لله, وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية) . الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 21- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأ حمد بن أحمد قال: أنبأ أبو نعيم الأصفهاني قال: ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا محمد بن أبي سهل قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا عبد السلام عن يزيد بن عبد الرحمن عن المنهال عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال: (إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل لكل واحد منهم تابوتاً من نار على قدره, ثم أقفل عليهم بأقفال من نار, فلا يضرب فيهم عرق إلا وفيه مسمار من نار, ثم يجعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار, ثم يقفل عليه بأقفال من نار ثم يضرم بينهما نار, ثم يجعل ذلك في تابوت آخر من نار, ثم يقفل بأقفال من نار, ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره) . الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 22- قال أبو نعيم: وحدثنا عبد الله بن جعفر قال: ثنا علي بن أبي علي قال: حدثنا جعفر بن كزال قال: حدثني محمد بن بشير قال: ثنا المحاربي قال: (قال لي سفيان: عمرو بن قيس هو الذي أدبني, علمني قراءة القرآن, وعلمني الفرائض, فكنت أطلبه في سوقه, فإن لم أجده في سوقه, وجدته في بيته, قائماً يصلي, أو يقرأ في المصحف, كأنه يبادر أموراً تفوته, فإن لم أجده في بيته وجدته في بعض مساجد الكوفة, في زاوية من زوايا المسجد, كأنه سارقٌ قاعد يبكي, فإن لم أجده وجدته في المقبرة قاعداً ينوح على نفسه, فلما مات عمرو بن قيس أغلق أهل الكوفة أبوابهم, وخرجوا بجنازته فلما أخرجوه إلى الجبان, وكان أوصى أن يصلي عليه أبو حيان التيمي فكبر فسمعوا صائحاً يصيح: قد جاء المحسن عمرو بن قيس. وإذا البرية مملوءة من طير أبيض لم ير على خلقتها وحسنها فجعل الناس يعجبون من حسنها وكثرتها, فقال أبو حيان: أي شيء تعجبون هذه, ملائكة جاءت فشهدت عمراً) . الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 23- قال أبو نعيم: وحدثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا محمد بن أحمد بن يزيد قال: ثنا عبد الرحمن بن عمر رسته قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: (مات سفيان عندي, فلما اشتد به جعل يبكي, فقال له رجل: يا أبا عبد الله, أراك كثير الذنوب؟! فرفع شيئاً من الأرض, وقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا, إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت) . الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 24- أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا إبراهيم بن عمرو البرمكي قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن سلم قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق قال: ثنا يعقوب بن يوسف السني، قال: حدثني أحمد بن صالح قال: ثنا إبراهيم بن محمد عن ابن أبجر قال: (لما حضرت سفيان الوفاة قال: يا ابن أبجر قد نزل بي ما ترى فانظر من يحضرني فأتيته بقوم فيهم حماد بن سلمة، وكان حماد من أقربهم إلى رأسه، فتنفس، فقال له حماد: أبشر فقد نجوت مما كنت تخاف، وتقدم على رب غفور، فقال: يا أبا سلمة، أترى الله يغفر لمثلي؟ قال: أي والذي لا إله إلا هو. قال: فكأنما سري عنه) . الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 25- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأ حماد بن أحمد قال: أنبأ أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن جعفر قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: ثنا علي بن مسلم قال: ثنا سيار قال: ثنا جعفر بن سليمان قال: ثنا إبراهيم بن عيسى [ص: 48] اليشكري قال: (ما رأيت أحداً أطول حزناً من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة) . الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 26- وقال يزيد بن حوشب: (ما رأيت أخوف من الحسن، وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما) . الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 27- أنبأنا المبارك بن أحمد الكندي قال: أخبرنا عاصم بن الحسن قال: أنبأ ابن بشران قال: أخبرنا ابن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني أبو عياش القطان قال: حدثني قاسم الخواص قال: (قال محمد ابن واسع لرجل أبكاك قط سابق علم الله عز وجل فيك) . الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 28- أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا عمارة بن زاذان قال: قال لي كهمس بن الحسن: (أذنبت ذنباً فأنا أبكي عليه أربعين سنة. قلت: ما هو؟ قال: زارني أخ لي فاشتريت له سمكاً، فلما أكل قمت [ص: 49] إلى حائط جار لي فأخذت منه قطعة طين فغسل بها يده، فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة) . الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 29- أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الصباغ قال: أنبأ جعفر بن أحمد قال: أنبأ عبد العزيز بن الحسن الضراب قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان قال: ثنا الحسن بن علي قال: ثنا محمد بن عبد الله عن عبد الواحد بن زيد أن (خبيباً أبا محمد جزع جزعاً شديداً عند الموت فجعل يقول بالفارسية: أريد أن أسافر سفراً ما سافرته قط. أريد أن اسلك طريقاً ما سلكته قط، أريد أن ازور سيدي ومولاي، وما رأيته قط، أريد أن أشرف على أهوال ما شاهدت مثلها قط، أريد أن أبقى تحت التراب إلى يوم القيامة، ثم أوقف بين يدي الله فأخاف أن يقول لي: يا خبيب هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر منك الشيطان فيها بشيء، فماذا أقول؟ قال عبد الواحد: هذا عبدٌ عبد الله ستين سنة مشتغلاً به، ولم يشتغل من الدنيا بشيء قط فأي شيء حالنا؟ واغوثاه بالله!!) . الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 30- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا حمد قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا أبو محمد بن حيان قال: ثنا أحمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن قال: حدثني عبد الخالق العبدي قال: (كان لعتبة الغلام بيت يتعبد فيه, فلما خرج إلى الشام أقفله, وقال: [ص: 50] لا تفتحوه إلى أن يبلغكم موتي, فلما بلغهم قتله فتحوه فأصابوا فيه قبراً محفوراً وغلاً حديداً) . الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الجزء الثالث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 31- أخبرنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا: أنبأ جعفر بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي النوزي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثني عبد الوهاب بن صالح قال: سمعت محمد بن عبيد يقول: (دخلنا على امرأة بالبصرة يقال لها: عفيرة, فقيل لها: ادعي الله لنا؟ فقالت: لو خرس الخاطئون ما تكلمت عجوزكم, ولكن المحسن أمر المسيء بالدعاء, جعل الله قراكم من بيتي الجنة, وجعل الموت مني ومنكم على بال) . الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 32- أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا جعفر بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد قال: قلت ليزيد بن مرثد: (ما لي أرى عينيك لا تجف؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله عز وجل أن ينفعني به. قال: يا أخي إن الله عز وجل قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار, والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام, لكنت حرياً أن لا تجف لي عين. قال: فقلت له: فهكذا أنت في خلواتك. قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله عز وجل أن ينفعني به. فقال: والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي, فيحول بيني وبين ما أريد, وإنه ليوضع الطعام بين يدي فتعرض لي فتحول بيني وبينه أكله, حتى تبكي امرأتي, وتبكي صبياننا ما يدرون ما أبكاني, ولربما أضجر ذلك امرأتي فتقول: يا ويحها ما خصت به من طول الحزن معك في الدنيا ما تقر لي معك عين) . الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 33- أخبرنا عبد الوهاب الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن أحمد الملطي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: ثنا ابن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني محمد ابن الحسين قال: حدثني زهدم بن الحارث عن سفيان بن عيينة قال: (كان أمية الشامي يصلي فيبكي, وينتحب حتى يعلو صوته, وتسيل دموعه على الحصى, فأرسل إليه الأمير: إنك تفسد على المصلين صلاتهم بكثرة بكائك, وارتفاع صوتك, فبكى ثم قال: إن حزن يوم القيامة ورثني دموعاً غزاراً فأنا أستريح إلى درتها أحياناً) . الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 34- أخبرنا المحمدان ابن ناصر، وابن عبد الباقي قالا: ثنا جعفر بن أحمد قال: أنبأ أحمد بن علي التوزي، قال: أنبأ محمد بن عبد الله الدقاق قال: أخبرنا ابن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثنا أبو حاتم قال: ثنا أحمد بن أبي الحواري قال: ثنا علي بن أبي الحر قال: دخلت أنا وخشيش الموصلي من باب الجابية، وفي يدي كتاب جاءني من حمادة الصوفية، فقرأت فيه: (أبلغ لكل محزون بالشام عني السلام فانتحب خشيش على رؤوس الناس) . الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 35- أخبرنا أبو معمر الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح قال: أنبأ علي بن الحسين ابن سكينة قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن مهدي قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: ثنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: حدثني أبي بن كعب قال: (بينا الناس في أسواقهم ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك وقعت الجبال على وجه الأرض فاضطربت، واختلطت الدواب والطير والوحوش وماج بعضهم في بعض، فقالت الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر فانطلقوا إلى البحر، فإذا هو نارٌ تأجج، فبينا هم كذلك تصدعت الأرض إلى الأرض السابعة، وإلى السماء السابعة فبينا هم كذلك جاءتهم ريح فأماتتهم) . الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 36- قال القرشي: وحدثني محمد بن عباد قال: حدثني محمد بن الفرات قال: سمعت محارب بن دثار يقول: (إن الطير يوم القيامة لتضرب بأذنابها، وترمي ما في حواصلها من هول ما ترى، وليس عندها طلبه) . الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 37- أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أنبأ جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد العزيز بن الحسن الضراب قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان قال: ثنا إبراهيم الحربي قال: ثنا مصعب قال: سمعت أبي يقول: (حضرت الوفاة رجلاً من أهل المدينة خيراً فاضلاً فجزع جزعاً شديداً، فقيل له: أتجزع من الموت هذا الجزع الشديد مع ما لك من الأعمال الصالحة؟ فقال: كيف لا أجزع، والله إن أمير المدينة يأتيني رسوله فأجزع، فكيف برسول رب العالمين) . الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 38- أنبأنا أبو القاسم الحريري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط قال: أخبرنا أبو عبد الله بن دوست قال: ثنا ابن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني محمد بن جعفر [ص: 56] بن عون قال: سمعت محمد بن صبيح يقول: (بلغنا أن الرجل إذا وضع في قبره فعذب أو أصابه بعض ما يكره, ناداه جيرانه من الموتى: أيها المخلف في الدنيا بعد إخوانه وجيرانه, ما كان لك فينا معتبر, أما كان لك في تقدمنا إياك فكرة, أما رأيت انقطاع أعمالنا عنا وأنت في المهلة, فهلا استدركت ما فات إخوانك) . قال: (ويناديه بقاع الأرض: أيها المغتر بظاهر الدنيا هلا اعتبرت بمن غيب عنك من أهلك في باطن الأرض ممن غرته الدنيا قبلك) . الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 39- قال القرشي: وحدثنا سويد بن سعيد قال: أخبرنا الحكم ابن سنان عن عمرو بن دينار قال: (كان لرجل من أهل المدينة أخت فماتت فدفنها, ورجع فذكر أنه نسي كيساً كان معه في القبر, فاستعان برجل من أصحابه, ونبشا القبر فوجد الكيس, فقال للرجل: تنحى حتى أنظر على أي حال أختي فرفع بعض ما على اللحد, فإذا القبر يشتعل ناراً فرده وسوى القبر, ورجع إلى أمه فقال: أخبريني ما كان حال أختي؟ قالت: كانت أختك تؤخر الصلاة, ولا تصلي فيما أظن بوضوء, وتأتي أبواب الجيران إذا ناموا فتلقم أذنها أبوابها فتخرج حديثهم) . الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 40- قال القرشي: وحدثنا عبد المؤمن بن عبد الله القرشي قال: ثنا محمد بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على شفته, فجعل يردد بصره فيه ثم قال: ((يضغط على المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله, ويملئ على الكافر ناراً) . الحمائل: عروق الأنثيين. الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 41- قال أحمد: وثنا يونس وحجاج قالا: ثنا ليث قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم, فإن كانت صالحة قالت: قدموني, وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها, يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان, ولو سمعها الإنسان لصعق) . (انفرد بإخراجه البخاري) . الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 42- قال أحمد: وحدثنا محمد بن جعفر قال: ثنا عوف عن أبي رجاء العطاردي قال: أخبرنا سمرة بن جندب قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني الليلة آتيان فقالا لي: انطلق فانطلقت معهما, فأتينا على رجل مضطجع, وإذا آخر قائم عليه بصخرة, وإذا هو يهوي بالصخرة فيثلغ بها رأسه فيتدهده الحجر فيأخذه فما يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان, ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل. فقلت: ما هذان؟ فقالا: انطلق فانطلقت معهما, فإذا رجل مستلق لقفاه, وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد, وإذا هو يأتي أحد شقيه, فيشرشر شدقه إلى قفاه, ومنخريه إلى قفاه, وعينيه إلى قفاه, ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل [ص: 59] به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب, حتى يصبح الأول كما كان, ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى. قلت: ما هذان؟ قالا: انطلق فانطلقت، فأتينا على مثل بناء التنور، وإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، قلت: من هؤلاء؟ قالا: انطلق فانطلقنا، فأتينا على نهر وفيه رجل يسبح، وعلى شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، فإذا سبح ذلك الرجل ما سبح أتى ذلك الرجل الذي قد جمع الحجارة، فيفغر له فاه، فيلقمه حجراً حجراً، ثم ينطلق فيسبح ثم يرجع إليه، فكلما رجع إليه فغر له فاه، فألقمه حجراً. فقالا: أما الرجل الأول الذي يثلغ رأسه بالحجر، فإنه رجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الذي يشرشر شدقه، فإنه الرجل يكذب الكذبة، تبلغ الآفاق، وأما الرجال والنساء العراة فإنهم الزناة والزواني، وأما الذي يسبح في النهر، ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا)) (أخرجاه) . الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 43- قال أحمد: وثنا يزيد قال: ثنا محمد بن مطرف عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليعمل بعمل أهل [ص: 60] النار، وإنه من أهل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتم)) . الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 44- قال أحمد: وثنا الحسن بن سوار قال: ثنا ليث بن سعد عن معاوية بن صالح أن أبا عبد الرحمن حدثه عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل، ويزاد في حرها كذا وكذا، تغلي منها الهوام كما تغلي القدور، يعرقون فيها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق)) . الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 45- قال أحمد: وحدثنا أسباط قال: ثنا مطرف عن عطية عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنعم، وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته يستمع متى يؤمر فينفخ)) فقال أصحاب محمد [ص: 61] صلى الله عليه وسلم: كيف نقول؟ قال: ((قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا)) . الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 46- قال أحمد: وثنا وكيع قال: ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم، وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعنت الخمر على عشرة وجوه: لعنت الخمر بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها والمحولة إليه، وآكل ثمنها)) . الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 47- قال أحمد: وحدثنا علي بن إسحاق قال: حدثنا عبد الله قال: أنبأ يونس عن الزهري قال: أخبرني سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)) (انفرد بإخراجه البخاري) . الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 48- قال أحمد: وثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرنا يونس بن القاسم قال: سمعت عكرمة بن خالد يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله [ص: 63] صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تعظم في نفسه، أو اختال في مشيته، لقي الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان)) . الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 49- قال أحمد: وثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال: ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المصورين يعذبون يوم القيامة، ويقال: أحيوا ما خلقتم)) . الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 50- قال أحمد: وثنا إسحاق قال: أخبرني مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي, إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة, وإن كان [ص: 64] من أهل النار فمن أهل النار, فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل إليه يوم القيامة)) . الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 51- قال أحمد: وثنا إبراهيم بن إسحاق قال: ثنا ابن المبارك عن عمر بن محمد بن زيد قال: حدثني أبي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صار أهل الجنة في الجنة, وأهل النار في النار جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة, والنار, ثم يذبح, ثم يناد مناد: يا أهل الجنة خلود لا موت, يا أهل النار خلود لا موت, فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم, ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم)) (أخرجاه) . الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 52- قال أحمد: وحدثنا أسود بن عامر قال: ثنا بقية بن الوليد عن عثمان بن زفر عن هاشم عن ابن عمر قال: (من اشترى ثوباً بعشرة دراهم فيها درهم حرام, لم يقبل الله عز وجل له صلاة ما دام عليه) ثم أدخل إصبعيه في أذنيه, ثم قال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله. الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الجزء الرابع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 53- قال أحمد: وحدثنا وكيع عن سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض جسدي فقال: ((يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب, أو عابر سبيل, واعدد نفسك في الموتى)) (انفرد بإخراجه البخاري) . الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 54- قال أحمد: وحدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا ليث قال: حدثني أبو قبيل المعافري عن شفي الأصبحي عن عبد الله بن عمرو قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال: [ص: 68] ((أتدرون ما هذان الكتابان؟)) قلنا: لا, إلا أن تخبرنا يا رسول الله. فقال للذي في يده اليمنى: ((هذا كتاب من رب العالمين تبارك تعالى بأسماء أهل الجنة, وأسماء آباءهم وقبائلهم, ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً)) ثم قال للذي في يساره: ((هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم, وقبائلهم, ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً)) . فقال أصحابه: فلأي شيء نعمل إن كان هذا قد فرغ منه؟ فقال: ((سددوا، وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل النار، وإن عمل أي عمل)) . الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 55- قال أحمد: وحدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد الفزازي قال: ثنا الأوزاعي قال: حدثني الربيعة بن يزيد عن عبد الله الديلمي عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ص: 69] ((من شرب من الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه)) . قال: ولا أدري في الثالثة، أو الرابعة قال: ((فإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة)) . الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 56- قال أحمد: وحدثنا هارون بن معروف قال: ثنا ابن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ترك الصلاة سكراً مرة واحدة، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها، ومن ترك الصلاة سكراً أربع مرات كان حقاً على الله عز وجل أن يسقيه من طينة الخبال)) قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: ((عصارة أهل جهنم)) . الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 57- قال أحمد: وثنا علي بن عبد الله قال: ثنا المعتمر بن سليمان قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة عن حديث أبي حريز أن أبا بردة حدثه قال: أوصى أبو موسى [حين حضره الموت، فقال: ((إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي، ولا يتبعني مجمرٌ، ولا تجعلوا في لحدي شيئاً يحول بيني وبين التراب، [ص: 70] ولا تجعلوا على قبري بناء وأشهدكم أني بريءٌ من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة)) قالوا: أو سمعت فيه شيئاً؟ قال: نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم] . الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 58- قال أحمد: وثنا وكيع قال: ثنا علي بن علي بن رفاعة عن الحسن عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه، وآخذٌ بشماله)) . الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 59- قال أحمد: وثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم تكون علقة مثل ذلك، ثم تكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن الرجل [ص: 71] ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة، فيدخلها)) . أخرجاه. الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 60- قال أحمد: وثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: ((استحيوا من الله حق الحياء)) قال: قلنا يا رسول الله, إنا لنستحي والحمد لله. قال: ((ليس ذلك, ولكن من استحى من الله حق الحياء, فليحفظ الرأس وما حوى, وليحفظ البطن وما حوى, وليذكر الموت والبلى, ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء)) . الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 61- قال أحمد: وثنا سليمان بن داود قال: حدثنا عمران عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم ومحقرات الذنوب, فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً ((كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحصر صنيع القوم, فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود, والرجل يجيء بالعود, حتى جمعوا سواداً وأججوا ناراً فأنضجوا ما قذفوا فيها)) . الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 62- قال أحمد: وثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال: ثنا منصور عن أبي وائل عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)) . أخرجاه. الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 63- قال أحمد: وحدثنا عبد الرازق عن معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يضرب جسر على جهنم, فأكون أول من يجيز ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم, وبه كلاليب مثل شوك السعدان, فتخطف الناس بأعمالهم, فمنهم الموبق بعمله, ومنهم المجازى, ثم ينجو حتى إذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد, وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله, أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود, وحرم الله عز وجل على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجوهم قد امتحشوا فيصب عليهم من ماء يقال له: ماء الحياة, فينبتون نبات الحبة في حميل السبيل)) . الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 64- قال أحمد: وثنا حجاج عن ابن جريج قال: حدثني يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار قال: تفرج الناس عن أبي هريرة فقال له ناتل الشامي: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص: 74] يقول: ((إن أول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها, فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى قتلت. قال: كذبت ولكنك قاتلت, ليقال: هو جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت فيك العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، فقال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: هو عالم فقد قيل: وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل: ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)) . (انفرد بإخراجه مسلم) . الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 65- قال أحمد: وحدثنا يحيى عن مالك قال: ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ص: 75] ((من كان عنده مظلة من مال أو عرض، فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ، وليس عنده دينار ولا درهم، فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا، وإلا أخذ من سيئات هذا فألقين عليه)) (انفرد بإخراجه البخاري) . الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 66- قال أحمد: وحدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا ذكر هادم اللذات)) . الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 67- قال أحمد: وثنا عفان قال: ثنا وهيب قال: ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أخذ شبراً من الأرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين)) . وفي حديث ابن عمر: ((من أخذ شبراً من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين)) الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 68- قال أحمد: وحدثنا قتيبة قال: ثنا بكر بن مضر عن يزيد ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أنه سمع رسول [ص: 77] الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) . أخرجاه. الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 69- قال أحمد: وحدثنا عبد الرازق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ناركم هذه ما توقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً من حر جهنم)) قالوا: والله إن كانت لكافية!! قال: ((فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها)) . أخرجاه. الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 70- قال أحمد: وحدثنا وكيع قال: ثنا الأعمش عن خيثمة عن عدي ابن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه عز وجل ليس بينه وبينه ترجمان فينظر عن أيمن منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، وينظر عن أشأم منه [ص: 78] فلا يرى إلا شيئاً قدمه, وينظر أمامه فتستقبله النار, فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل)) (أخرجاه) . الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 71- قال أحمد: وحدثنا أبو اليمان قال: ثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن معاذ قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا تشرك بالله شيئاً, وإن قتلت, وإن حرقت, ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك, ومالك, ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمداً فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله, ولا تشربن خمراً فإنه رأس كل فاحشة, وإياك والمعصية فإن المعصية تحل سخط الله)) . الحديث: 71 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 72- قال أحمد: وثنا سريج وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ص: 79] ((إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة, إنه لمكتوب في الكتاب من أهل النار, فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل النار فمات فدخل النار, وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار, وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل الجنة, فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل الجنة فمات فدخلها)) . الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 73- قال أحمد: وحدثنا يحيى عن حاتم بن أبي صغيرة قال: ثنا ابن أبي مليكة أن القاسم بن محمد أخبره عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنكم تحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلاً)) . قالت عائشة: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: ((يا عائشة إن الأمر أشد من أن يهمهم ذاك)) (أخرجاه) . الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 74- أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا الداوودي قال: أنبأ ابن أعين قال: ثنا الفربري قال: ثنا البخاري قال: ثنا إسماعيل بن أبان قال: ثنا عيسى بن يونس قال: ثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} قال: ((يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه)) (أخرجاه) . الحديث: 74 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 75- قال البخاري: وثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قام [ص: 81] رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} فقال: ((يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً, يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك شيئاً, يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً)) (أخرجاه) . الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 76- قال البخاري: وحدثنا أبو اليمان قال: أنبأ شعيب عن الزهري قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفسٌ في الشتاء، ونفسٌ في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم، وأشد ما تجدون من البرد من الزمهرير)) (أخرجاه) . الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 77- قال البخاري: وثنا عبد الله بن رجاء قال: ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أهون أهل النار عذاباً رجل على أخمص قدميه جمرتان تغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل والقمقم)) (أخرجاه) . الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 78- أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال: أنبأ نصر ابن الحسن الشاشي قال: أنبأ عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: أنبأ أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه قال: أنبأ إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: أنبأ مسلم بن الحجاج قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: ثنا أبي عن العلاء بن خالد عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ص: 83] ((يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)) (انفرد بإخرجه مسلم) . الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 79- قال مسلم: وحدثنا زهير بن حرب قال: ثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عجوزين زعما أن أهل القبور يعذبون في قبورهم؟ فقال: ((صدقتا إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم)) (أخرجاه) . الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 80- أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي الأنباري قال: أنبأ عمر بن محمد السمرقندي قال: ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي قال: ثنا جعفر ابن جسر عن أبيه عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أهل السماء والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعاً على وجوههم في النار)) . الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 81- أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أنبأ أبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن جنابة قال: ثنا البغوي قال: حدثنا عبد الله بن مطيع قال: ثنا هشيم قال: حدثنا كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهم، حفاة عراة غرلاً)) فقالت عائشة رضي الله عنها: الرجال والنساء بأبي أنت وأمي؟ قال: ((نعم)) قالت: واسوءتاه. قال: ((ولأي شيء عجبت يا ابنة أبي بكر؟)) قالت: عجبت من قولك: حفاة عراة غرلاً فينظر بعضهم إلى بعض, فضرب على منكبها وقال: ((يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر, وسموا بأبصارهم إلى السماء, موقوفون أربعين سنة لا يأكلون, ولا يشربون, فمنهم من يبلغ العرق قدميه, ومنهم من يبلغ ساقيه, ومنهم من يبلغ بطنه, ومنهم من يلجمه العرق من طول الوقوف, ثم يترحم الله بعد ذلك على العباد, فيأمر منادياً فينادي بصوت يسمعه الثقلان: أين فلان؟ فيخرج المنادى به من الموقف, فيعرفه الناس فإذا وقف بين يدي رب العالمين. قيل: أين أصحاب المظالم؟ فيقال له: أظلمت فلاناً بكذا وكذا يوم كذا وكذا؟ فيقول: نعم, فيأخذ من حسناته فتدفع إلى من ظلمه, يوم لا دينار ولا درهم, إلا أخذ من الحسنات, ورد من السيئات, ولا يزال أصحاب تلك المظالم يستوفون من [ص: 85] حسناته حتى لا يبقى أحد ظلمه بمظلمة فلا يبقى أحد إلا ظن أنه لن ينجو لما يرى من شدة الحساب)) . الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 82- أخبرنا عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أحمد بن أبي منصور الخليلي قال: أنبأ أبو القاسم الخزاعي قال: أخبرنا الهيثم بن كليب قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي قال: ثنا سويد بن نصر قال: أنبأ عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف عن أبيه قال: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي, ولجوفه أزيز كأزيز المرجل في البكاء)) . الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 83- أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا محمد بن علي البرسي قال: أنبأ أبو عبد الله محمد بن علي الحسني قال: أنبأ الحسين بن محمد البجلي قال: ثنا عبد الله بن يحيى الطلحي قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن أبي رجاء الأنباري قال: حدثنا أحمد بن زكريا بن مهران قال: أخبرني أبي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قال الله عز وجل: {خذوه فغلوه} ابتدره سبعون ألف ملك قد نزعت منهم الرأفة والرحمة, خلقوا من غضب الله عز وجل, فغلوه من قرنه إلى قدمه, ثم سحب على وجهه فحينئذ يقول: {يا ليتها كانت القاضية} ثم يؤتى به سحباً إلى شفير جهنم, فإذا نظر إلى جهنم [ص: 86] نادى: واثبوراه, واثبوراه, قال الله عز وجل: {لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً} . الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الجزء الخامس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 84- أخبرنا سعيد بن أحمد بن البنا قال: أخبرنا أبو نصر الزينبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن زنبور قال: ثنا أبو بكر بن أبي داود قال: ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: حدثنا مفضل بن صالح عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي سهيل عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عمر كيف أنت إذا كنت في أربع من الأرض في ذراعين, فرأيت منكراً ونكيراً؟)) قال: يا رسول الله, وما منكر ونكير؟ قال: ((فتانا القبر أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى ما استطاعوا رفعها هي أهون عليهما من عصاي هذه، فامتحناك فإن تعانيت أو تلونت ضرباك بها ضربة تصير بها رماداً)) قال: يا رسول الله، وأنا على حالتي هذه؟ قال: ((نعم)) قال: أرجو أن أكفيكهما. الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 85- أخبرنا موهوب بن أحمد قال: أخبرنا علي بن أحمد البسري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: ثنا إبراهيم بن عبد الصمد قال: ثنا [ص: 89] الحسين بن الحسن قال: حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يموت إلا ندم)) قالوا: فما ندمه يا رسول الله؟ قال: ((إن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون نزع)) . الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 86- أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أنبأ أبو عبد الله ابن سكينة قال: أنبأ أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا ابن صفوان قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا وكيع عن الربيع ابن سعد الجعفي عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خرجت رفقة يسيرون في الأرض فمروا بمقبرة، فقال بعضهم لبعض: لو صلينا ركعتين، ثم دعونا الله تعالى لعله يخرج لنا بعض أهل القبور فيخبرنا عن الموت، فصلوا ركعتين، ثم دعوا فإذا هم برجل خلاسي، قد خرج من قبر ينفض رأسه بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء، [ص: 90] ما أردتم إلى هذا لقد مت منذ مائة سنة فما سكنت عني حرارة الموت إلى ساعتي هذه فادعوا الله أن يعيدني كما كنت)) . الحديث: 86 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 87- أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزار قال: أنبأ أبو محمد الجوهري قال: أنبأ أبو عمر بن حيوية قال: ثنا ابن معروف قال: حدثنا ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: ثنا محمد بن فضيل بن غزوان عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر سعد فاحتبس، فلما خرج قيل له: يا رسول الله ما حبسك؟ قال: ((ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه)) . [ص: 91] وفي رواية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لقد سمعت أنينه، ورأيت اختلاف أضلاعه)) . الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 88- أخبرنا ابن ناصر قال: أنبأ علي بن محمد الأنباري قال: أنبأ أبو بكر بن بشران قال: أخبرنا ابن شاهين قال: ثنا ابن صاعد قال: ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي قال: أخبرنا أبو حمزة السكري عن الأعمش عن سليمان بن المغيرة عن أنس قال: توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة مسقامة، فتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل القبر التمع وجهه صفرة، ثم أسفر فسألناه عن ذلك فقال: ((ذكرت ضعف ابنتي، وشدة عذاب القبر فأتيت، فأخبرت أنه قد خفف عنها، ولقد ضغطت ضغطة سمع صوتها ما بين الخافقين)) . الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 89- أخبرنا المبارك بن أحمد الأنصاري قال: أنبأ أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أنبأ محمد بن علي بن الفتح قال: أنبأ علي بن الحسين بن سكينة قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن مهدي قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أنبأ الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال: قال أبو ذر: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((إن الناس يوم القيامة ثلاثة أفواج, طاعمين كاسيين راكبين, وفوج يمشون ويسعون, وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم)) . الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 90- أنبأنا إسماعيل بن أحمد وحدثنا عنه ابن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد أحمد بن علي بن أبي عثمان قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: حدثنا أبو الحسين بن المنادي قال: حدثنا حامد بن [.. .. ..] وحدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل ما أسكر حرام, وإن على الله عز وجل عهداً لمن [ص: 93] شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)) فقالوا: وما طينة الخبال؟ قال: ((عرق أهل النار, أو عصارة أهل النار)) (انفرد بإخراجه مسلم) . الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 91- قال أحمد: وحدثنا يعقوب قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني معاذ بن رفاعة عن محمود بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ حين توفي, فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره, وصلى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلاً, ثم كبر فكبرنا فقيل يا رسول الله: لم سبحت, ثم كبرت, قال: ((لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عز وجل عنه)) . الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 92- قال أحمد: وحدثنا أسود قال: حدثنا إسرائيل عن إبراهيم ابن مهاجر عن مورق عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني أرى ما لا ترون, وأسمع ما لا تسمعون, أطت السماء, وحق لها أن تئط, ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد, لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً, ولبكيتم كثيراً, وما تلذذتم بالنساء على الفرشات, ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل)) . فقال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد. الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 93- قال أحمد: وثنا سفيان عن عمرو عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة، فيقول: يا رب ماذا أشقي أم سعيد؟ أذكر أم أنثى؟ فيقول: يكتب ويكتب عمله، وأثره، ومصيبته، ورزقه، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص)) (انفرد بإخراجه مسلم) . الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 94- قال أحمد: وحدثنا موسى بن داود فبينا هو يحدثني تضاءل حتى صار صغير الخلقة فقلت: مالك؟ فقال: قد صاحوا بي، وما أدري ما يريدون مني. الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 95- أخبرنا المبارك بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الصواف قال: حدثنا بشر بن موسى قال: ثنا عبد الله [ص: 95] قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك قال: كتب الأوزاعي إلى أخ له: (أما بعد فإنه قد أحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله، والقيام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به والسلام) . الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 96- أخبرنا أبو المعمر الأنصاري قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو طالب العشاري قال: حدثنا علي بن الحسين بن سكينة قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن مهدي قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني حمزة بن العباس قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا يحيى بن أيوب قال: أخبرنا أبو زرعة ابن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: ((إن من الناس من يقتل يوم القيامة ألف قتلة، ويقطع يقتص)) قيل لأبي زرعة: ألف قتلة؟ قال: نعم بضروب ما قتل. قال القرشي: وحدثني هارون بن سفيان قال: أخبرنا محمد بن عمر عن إسماعيل بن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال: ((من الناس من يقتل يوم القيامة ويقطع، ويقتص منه)) . الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 97- قال القرشي: وأخبرني علي بن أبي مريم قال: أخبرنا محمد ابن عبيد عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب قال: سمعت زاذان يقول: قال عبد الله: ((يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة، فينادى به على رؤوس الأولين والآخرين: هذا فلان بن فلان، من كان له حق فليأت إلى حقه، [ص: 96] فتفرح المرأة أن يدون لها الحق على ابنها، أو على أخيها فيغفر الله من حقه ما شاء الله، ولا يغفر من حقوق العباد شيئاً، فينصب للناس فيقول الله تعالى: ائتوا إلى حقوقكم، فيقول: يا رب فنيت الدنيا، فمن أين أوتيهم حقوقهم؟ قال: خذوا من أعماله الصالحة، فأعطوا كل ذي حق بقدر طلبته، فإن كان ولياً لله عز وجل ففضل له مثقال ذرة ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة، وإن كان عبداً شقياً فنيت حسناته، وبقي طالبون كثير، فيقول: خذوا من سيئاتهم فأضفوها إلى سيئاته، ثم صكوا له صكاً إلى النار)) . الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 98- أنبأنا أبو القاسم الحريري قال: أنبأ أبو بكر الخياط قال: أخبرنا ابن دوست قال: أنبأ ابن صفوان: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني أبو بكر التميمي قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد قال: حدثني حميد الطويل عن مطرف بن عبد الله الشخيري قال: (شهدت جنازة فاعتزلت ناحية قريباً من قبر فركعت ركعتين خففتهما ولم أرض إتقانهما ونمت فرأيت صاحب القبر، فقال: ركعت ركعتين لم ترض إتقانهما؟ قلت: قد كان ذلك, فقال: تعملون, ولا تعلمون, ولا نستطيع أن نعمل, لأن أكون ركعت ركعتين مثل ركعتيك أحب إلي من الدنيا بحذافيرها. فقلت: من ها هنا أفضل؟ فقال: كلهم قد أصاب خير. قلت: فمن أفضل؟ فأشار إلى قبر, فقلت في نفسي: اللهم أخرجه إلي فأكلمه فخرج من قبره فتى شاب فقلت: أنت أفضل من ها هنا؟ قال: قد قالوا ذلك. قلت: فبأي شيء فوالله ما أرى لك شيئاً فأقول نلت ذلك بطول الحج, والعمرة, والجهاد [ص: 97] والعمل!! قال: ابتليت بالمصائب فرزقت الصبر عليها, فبذلك فضلتهم)) . الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 99- قرأت على ابن ناصر عن أبي القاسم بن البسري عن أبي عبد الله ابن بطة قال: ثنا أبو الحسين الحربي قال: ثنا أحمد بن مسروق قال: ثنا محمد بن الحسين قال: (قال رجلٌ لرجل نحيف عليل: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: الفرق من الموت. قال: فاحذر أن تدخل داراً تمنى فيها الموت فلا تجده) . الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 100- أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأ أحمد بن أحمد قال: ثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا أحمد بن روح قال: ثنا حماد بن المؤمل قال: حدثني إسحاق بن إسماعيل: ثنا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن عمران الخياط قال: دخلنا على إبراهيم النخعي نعوده وهو يبكي فقلنا: ما يبكيك؟ قال: (أنتظر ملك الموت فلا أدري يبشرني بالجنة أو بالنار) . الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 101- أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أنبأ جعفر بن أحمد قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أنبأ أبي قال: أنبأ أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي قال: ثنا ابن خبيق قال: ثنا يوسف عن ياسين قال: (لو أن ألم شعرة من ألم الموت وضع على أهل السماوات والأرض, ماتوا جميعاً, وإن في القيامة لسبعين هولاً كل هول يضاعف على هول الموت سبعين ألف ضعف) . الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 102- أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن عبد الملك الرزاز قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله الجرفي قال: ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا الوليد عن عثمان بن أبي العاتكة عن سليمان بن حبيب سمع أبا أمامة يقول: ((يضع الله عز وجل عرشه على القنطرة الرابعة, ثم يقول: وعزتي لا يجوزني اليوم ظلم)) . الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 103- أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: ثنا الحسن بن أبي طالب قال: حدثنا يوسف بن عمر القواس قال: ثنا الحسن بن إسماعيل قال: ثنا عبد الله بن أبي سعد قال: ثنا محمد بن سلمة البلخي قال: ثنا محمد بن علي القوهستاني قال: حدثنا دلف بن أبي دلف قال: (رأيت كأن آتياً أتاني بعد موت أبي, فقال: أجب الأمير، فقمت معه فأدخلني داراً وحشة، وعرة سود الحيطان، مقلعة السيوف، والأبواب، ثم أصعدني درجاً فيها، ثم أدخلني غرفة فإذا في حيطانها أثر النيران، وإذا في أرضها أثر الرماد، وإذا أبي عريان واضعاً رأسه بين ركبتيه، فقال لي كالمستفهم: دلف؟! قلت: نعم أصلح الله الأمير فأنشأ يقول: أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم ... ما لقينا في البرزخ الخناق قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا ... فارحموا وحشتي وما قد ألاقي أفهمت؟ قلت: نعم فأنشأ يقول: فلو كنا إذا متنا تركنا ... لكان الموت راحة كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا ... ونسأل بعده عن كل شيء الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 104- كان أبو بكر الصديق يقول في مواعظه: ((أين الوضاءة، الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم، أين الملوك الذين بنوا المدائن، وحصنوها بالحيطان، أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ [ص: 100] قد تضعضع بهم الدهر، فأصبحوا في ظلمات القبور، الوحا الوحا، النجاء النجاء)) . الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 105- وكان علي بن أبي طالب يقول: ((إنكم مخلوقون اقتداراً، ومربوبون اقتساراً، ومضمنون أجداثاً وكائفون رفاتاً، ومبعوثون أفراداً، فرحم الله عبداً اقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر، وعمر فاعتبر، وأجاب فأناب، ورجع فتاب، وتأهب للمعاد، واستظهر بالزاد ليوم رحيله، ووجه سبيله، وحال حاجته، وموطن فاقته فقدم إمامه لدار مقامه، فمهدوا لأنفسكم، فهل ينتظر أهل عصارة الشباب إلا جواني الهرم، وأهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم، وأهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء، واقتراب الغوث، ونزول الموت، وأرق الانتقال واسع الزوال، وحفر الأنين، ورشح الجبين، وامتداد العرنين، وعلم القلق، وقبط الرمق، وألم الجرض، وغصص الحرص فاتقوا الله بقية من شمر تجريداً، وحد تشميراً، ونظر في كره الويل وعاقبة المصير فكفى بالله منتقماً، وبصيراً، وكفى بالجنة ثواباً، وكفى بالنار عقاباً، وكفى بكتاب الله حجيجاً)) . الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 106- وكان ابن مسعود يقول: ((إنكم في ممر الليل والنهار، وآجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة)) . الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 107- وكان أبو الدرداء يقول: ((مالي أراكم تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، إن من كان قبلكم بنوا شديداً، وجمعوا كثيراً، وأملوا بعيداً، فأصبح أملهم غروراً وجمعهم بوراً، ومساكنهم قبوراً)) . الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 108- أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا رزق الله قال: أنبأ أبي شاذان قال: أخبرنا أبو جعفر بن برية قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: ثنا محمد بن إدريس عن أبي بكر التيمي قال: بينا سليمان بن عبد الملك في المسجد الحرام، إذ أتى بحجر منقوش فطلب من يقرأه, فأتى بوهب بن منبه فقرأه فإذا فيه: (ابن آدم إنك لو رأيت قرب ما بقي من أجلك, لزهدت في طول أملك, ولرغبت في الزيادة من عملك, ولقصرت من حرصك وحيلك, وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك, وأسلمك أهلك وحشمك فبان منك الولد القريب, ولرفضك الوالد والنسيب, فلا أنت إلى دنياك عائد, ولا في حسناتك زائد, فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة) . الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 109- وكان وهب بن منبه يقول في موعظته: (يا ابن آدم إنه لا أقوى من خالق, ولا أضعف من مخلوق, ولا أقدر ممن طلبته في يده, ولا أضعف ممن هو في يد طالبه, يا ابن آدم أمس شاهد مقبول قد فجعك بنفسه, واليوم صديق مودع. يا ابن آدم إنما أهل هذه الدنيا سفر, لا يحلون عقدة الرحال إلا في غيرها, وإنما البقاء بعد الفناء) . الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 110- وكان الحسن يقول: (ذهبت الدنيا بحال بالها وبقيت الأعمال قلائد في الأعناق قد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون المعاينة؟ فكأن قد) . الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 111- أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا رزق الله قال: ثنا أبو علي شاذان قال: ثنا ابن بريه قال: ثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني أحمد بن أبي أحمد قال: ثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: قال بعض الخلفاء على المنبر: اتقوا الله عباد الله ما استطعتم, وكونوا قوماً صيح بهم فانتبهوا, وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا, واستعدوا للموت فقد أظلكم, وترحلوا فقد حديتم, فإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة، وإن غائباً يحدوه الجديد إن الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة، وإن قادماً يحل بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة، فاتقى عبد ربه، وناصح نفسه, وقدم توبته, وغلب شهوته, فإن أجله مستور عنه, وأمله خادع له, والشيطان موكل به, يمنيه التوبة يسوفها, ويزين له المعصية ليركبها حتى تهجم منيته عليه, أغفل ما يكون عنها, وأنه ما بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل به فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون [ص: 103] عمره عليه حجة, وأن تؤديه أيامه إلى شقوة جعلنا الله وإياكم ممن لا ينظر نعمه, ولا تقصر به عن طاعة معصية, ولا يحل به بعد الموت حسرة إنه سميع الدعاء) . الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 112- وعظ أعرابي ابنه فقال: (لا الدهر يعظك, ولا الأيام تنذرك, والساعات تعد عليك, والأنفاس تعد منك, وأحب أمريك إليك أعودهما بالضرر عليك) . الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 113- وقف قوم على راهب, فقالوا: إنا سائلوك فأجبنا أنت. فقال: سلوا ولا تكثروا, فإن النهار لن يرجع, والعمر لن يعود, والطالب حثيث في طلبه, ذو اجتهاد. فقالوا: على ما الخلق غداً عند مليككم؟ قال: على نياتهم. قالوا: فإلى ما المؤيل؟ قال: إلى المقدم. قالوا: فأوصنا؟ قال: تزودوا على قدر سفركم, فإن خير الزاد ما بلغ البغية. الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 114- وقال رجل لراهب: أوصني؟ فقال: لا تدخرن عن نفسك من نفسك شيئاً, ولا تؤثرن بحظك من الناس أحداً, وراع حدود الله عند غلبة الهوى, وتسنم إلى محابه, وإن صعب عليك الملتقى, ولا ترد بفعلك غيره, والسلام. الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 115- ولما وصل الإسكندر إلى السد, قال لمن هناك: دلوني على أعبد رجل فيكم؟ فقالوا: في هذا الوادي رجل يبكي حتى ينبت الشجر من دموعه, فأتاه فوجده ساجداً, وهو يقول: اقبض روحي في الأرواح, وادفن جسدي في التراب, واتركني هملاً لا تبعثني ليوم الحساب. الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 116- وكان عطاء السليمي دائم البكاء فدخل عليه بعض أصحابه يوماً وحوله بلل فظنه قد توضأ, فقيل له: إنما هو دموعه. وبكى يوماً في غرفة له فسال دمعه في الميزاب, فقطر على بعض المارين في الطريق. الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104