الكتاب: الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض المؤلف: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ) المحقق: ماهر زهير جرار الناشر: دار الغرب الإسلامي الطبعة: الأولى 1402 هـ - 1982 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] أعده للشاملة: يا باغي الخير أقبل ---------- الغنية في شيوخ القاضي عياض القاضي عياض الكتاب: الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض المؤلف: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ) المحقق: ماهر زهير جرار الناشر: دار الغرب الإسلامي الطبعة: الأولى 1402 هـ - 1982 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] أعده للشاملة: يا باغي الخير أقبل الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض (476 - 544 هـ) تحقيق ماهر زهير جرار دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1402 هـ - 1982 م بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما قال الشيخ الفقيه القاضي الإمام المحدث الحافظ الناقد أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رحمه الله: الحمد لله الذي شرح أفئدتنا لمعرفته وذلل ألسنتنا بالإقرار بربوبيته، وجعل أمتنا من أتباع سيد الرسل وزمرته، وجمع همتنا على الاهتداء به واتباع سنته، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعترته. وبعد، أيها الراغبون في تعيين رواياتي وإجازة مسموعاتي ومجموعاتي، فقد تعين بحكم إلحاحكم علي، ومدكم أيدي الرغبات إلي، أن أنص لكم من ذلك على عيون، وأخص أوراقي هذه بما لعله يفي بالمضمون، وأحيل على فهارس الأشياخ على العموم في سائر أنواع العلوم، وأسمي أشياخي الذين أخذت عنهم قراءةً وسماعاً، ومناولةً وإجازةً وممن كتب إلي ممن لم ألقه وذكرت من خبر كل واحدٍ منهم ما يعطي الحال وفقه، بطرفٍ من الاختصار والإيجاز، بحكم ما أدت إليه الحال من الرحلة والانحفاز. وذكرت أثناء ذلك أسماء جلةٍ ممن لقيتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وجالستهم وذاكرتهم ولم أرو عنهم، أو سمعت منهم اليسير إما لقاطعٍ قطع، أو لسبب منع. أو لأنهم لم يكونوا أصحاب روايةٍ، أو أهل إتقان لما رووا أو دراية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 باب من اسمه محمد من شيوخنا 1- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسين التميمي: أجل شيوخ بلدنا سبتة، رحمه الله، ومقدم فقهائهم، مولده بمدينة فاس انتقل به أبوه إلى سبتة وهو شاب، وأصله من تاهرت وجده هو المنتقل إلى فاس؛ فطلب العلم بسبتة على شيوخنا أبي محمد المسيلي وغيره. ورحل إلى الأندلس ثلاث رحل: إحداها في شبيبته إلى إشبيلية، فقرأ بها الأدب على أبي بكر ابن القصيرة. والثانية إلى المرية سنة ثمانين وأربعمائة، فأخذ عن ابن المرابط وأجازه الدلائي. والثالثة سنة ثمانٍ وثمانين إلى قرطبة، فسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الجياني وابن الطلاع وأبا مروان ابن سراج والعبسي، وأقام بها نحو عامين واتسع في الأخذ وتقلد الشورى أخريات أيام البرغواطي قبل رحلته فاستمر رأساً في المفتين إلى أخريات أيامه، وسمع أيضاً من ابن سعدون وأبي القاسم ابن الباجي وغيرهما. وكان كثير الكتب حافظاً عارفاً بالفقه، مليح الخط والكتابة والمحاضرة، من أعقل أهل زمانه وأفضلهم وأسمتهم تام الفضل كامل المروءة بعيد الصيت عند الخاصة والعامة عظيم القدر. لازمته كثيراً للمناظرة في المدونة والموطأ وسماع المصنفات فقرأت وسمعت عليه بقراءة غيري كثيراً وأجازني جميع روايته. وولي القضاء بسبتة نحو ست سنين، واستعفى من ذلك أخيراً فأعفي، وذلك في محرم سنة ست وتسعين، ثم التزم القضاء بمدينة فاس بعد أن سجن على إبايته من ذلك، وذلك سنة ثلاث وخمسمائة فنهض إليها ثم انصرف زائراً إلى سبتة وتلدد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 بها رجاء تخلصه من الخطة فتوفي بها صبيحة يوم السبت لتسعٍ بقين لجمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة؛ مولده سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وكان من أحسن القضاة وأنزههم وأجراهم على الطريقة القويمة، فمضى فقيداً حميداً واحتفل الناس لجنازته وولعت العامة بنعشه مسحاً بالأكف ولمساً بأطراف الثياب تبركاً به رحمة الله عليه. فمما سمعت عليه وقرأت، ومنه ما فاتني بعضه فأجازنيه: 1- موطأ الإمام مالك بن أنس رواية يحيى بن يحيى الليثي: حدثني به عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن فرج مولى ابن الطلاع عن القاضي يونس بن عبد الله عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله عن عم أبيه عبيد الله بن يحيى بن يحيى عن أبيه يحيى عن مالك. وحدثني به أيضاً عن الفقيه الحافظ أبي علي الحسين بن محمد الجياني وهو لي من أبي علي إجازةً عن أبي عبد الله بن عتاب عن أبي القاسم خلف بن يحيى عن أحمد بن مطرف بن المشاط وأحمد بن سعيد بن حزم ومحمد بن قاسم بن هلال بن عبيد الله. قال ابن عتاب: وحدثني به أيضاً أبو عثمان سعيد بن سلمة والقاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 أبو بكر ابن وافد عن أبي عيسى عن عبيد الله، حاشا كتاب الحج وبعض كتاب الصلاة فإن ابن عتاب شك في سماعه من ابن وافد. قال ابن عتاب: وحدثني به أيضاً أبو بكر عبد الرحمن بن حوبيل عن ابن المشاط وابن حزم وأبي عيسى عن عبيد الله. قال الجياني: وحدثني به أيضاً حاتم بن محمد عن الفقيهين أبي عبد الله ابن الفخار وأبي عمر الطلمنكي والقاضي أبي المطرف ابن فطيس عن أبي عيسى، وشك حاتم في سماع بعضه من ابن فطيس. قال حاتم: وحدثنا به الطلمنكي عن أبي جعفر ابن عون الله عن قاسم ابن أصبغ عن ابن وضاح عن يحيى. قال حاتم: وحدثنا به أيضاً أبو بكر ابن حوبيل عن أبي عمر ابن المشاط عن عبيد الله. قال الجياني: وحدثني به أبو عمر ابن عبد البر الحافظ عن أبي عثمان سعيد بن نصر عن أبي محمد قاسم بن أصبغ عن ابن وضاح عن يحيى. قال أبو عمر: وحدثنا به أيضاً أبو الفضل التاهرتي عن أبي عبد الملك محمد ابن أبي دليم ووهب بن مسرة كلاهما عن ابن وضاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 قال أبو عمر: وأخبرني به أيضاً أبو عمر أحمد بن محمد الأموي عن ابن المشاط وأحمد بن سعيد بن حزم عن عبيد الله. قال القاضي أبو عبد الله ابن عيسى: وحدثني به أيضاً الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن خلف المري يعرف بابن المرابط عن أبي الوليد محمد بن عبد الله بن ميقل، وأبي القاسم المهلب بن أبي صفرة عن أبي محمد الأصيلي عن ابن المشاط عن عبيد الله. وعن الأصيلي عن وهب بن مسرة عن ابن وضاح. قال أبو الوليد: وحدثني به أيضاً عيسى ابن أبي العلاء حدثنا أحمد بن سعيد عن عبيد الله. قال القاضي أبو الفضل: وقد سمعت جميع الموطأ من هذه الرواية على جماعةٍ من شيوخنا غيره، منهم الشيخ الفقيه أبو محمد ابن عتاب، رحمه الله، حدثني به عن أبيه وأبي القاسم حاتم بن محمد بأسانيدهما المتقدمة. وقرأت جميعه أيضاً وسمعته بقراءة غيري على الفقيه أبي إسحاق إبراهيم بن جعفر اللواتي حدثني به عن القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل عن ابن عتاب وحاتم بن محمد بأسانيدهما المتقدمة أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 قال ابن سهل: وحدثني به أيضاً الفقيه أبو زكرياء يحيى بن محمد القليعي عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي زمنين عن ابن المشاط عن عبيد الله. قال القاضي أبو الفضل: وسمعت جميعه أيضاً يقرأ على الفقيه القاضي بقرطبة أبي عبد الله محمد بن علي بن حمدين حدثني به عن الفقيه أبي عبد الله ابن عتاب بأسانيده المتقدمة وعن أبيه عن جده لأمه أبي زكرياء القليعي بسنده المذكور. وحدثني به أيضاً الفقيه أبو بحر سفيان بن العاصي الأسدي عن أبي عمر ابن عبد البر بسنده المتقدم. وحدثني به أيضاً الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني عن أبي عمرو عثمان بن أحمد عن أبي عيسى. ولهؤلاء وغيرهم من شيوخنا فيه أسانيد أخرى اختصرناها اكتفاء بما ذكرنا. 2- المسند الصحيح المختصر من آثار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تصنيف أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: حدثني به القاضي أبو عبد الله عن الحافظ أبي علي الجياني عن القاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 سراج بن محمد بن سراج وأبي شاكر بن محمد بن موهب عن أبي محمد الأصيلي عن أبي أحمد محمد بن محمد بن يوسف الجرجاني وأبي زيد محمد بن أحمد المروزي عن محمد بن يوسف الفربري. وحدثني به عن الجياني عن حاتم بن محمد عن أبي الحسن علي بن خلف القابسي عن المروزي. وحدثني به أيضاً الجياني عن أبي العباس أحمد بن عمر الدلائي عن أبي ذر الهروي عن شيوخه الثلاثة: أبي محمد الحموي وأبي الهيثم الكشميهني وأبي إسحاق المستملي عن الفربري. قال الجياني: وكتبت إلي كريمة بنت محمد المروزية تحدثني به عن أبي الهيثم. قال الجياني: وحدثني به أبو عمر أحمد بن محمد ابن الحذاء، وأبو عمر ابن عبد البر عن أبي محمد ابن أسد الجهني عن أبي علي بن السكن عن الفربري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وقد أجاز أبو العباس الدلائي جميعه لشيخنا القاضي أبي عبد الله ابن عيسى. قال القاضي أبو الفضل: وسمعت أنا البخاري وقرأته على غيره عن شيوخنا. فقرأت جميعه على الفقيه أبي محمد ابن عتاب، رحمه الله، حدثني به عن حاتم بن محمد بسنده المقدم. وحدثني به أيضاً عن أبيه حدثنا أحمد بن ثابت الواسطي عن الأصيلي بسنده وعن أبي عمر ابن الحذاء وأبي عمر ابن عبد البر بسنديهما إجازةً له وعن أبيه عن أبي عبد الله ابن نبات عن أحمد بن عون الله ومحمد بن أحمد بن مفرج عن أبي علي ابن السكن عن الفربري. وسمعت جميعه على القاضي الشهيد أبي علي الحسين بن محمد الصدفي حدثني به عن القاضي أبي الوليد الباجي عن أبي ذر بسنده. وحدثني به القاضي أبو علي أيضاً عن الشيخ أبي الحسن ابن أيوب البزاز عن أبي عبد الله الحسن بن محمد الخلال عن أبي علي إسماعيل بن محمد ابن حاجب الكشاني -بالنون وضم الكاف وشين معجمة- عن الفربري. قال القاضي: وحدثني به الشيخ أحمد بن محمد عن أبي ذر إجازة. وحدثني به أبو القاسم خلف بن إبراهيم المقرئ والشيخ أحمد بن خليفة بن منصور الخزاعي والشيخ أبو الأصبغ عيسى بن أبي البحر الزهري كلهم عن كريمة بنت محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وحدثني برواية النسفي إجازةً الشيخ الحافظ أبو علي الجياني عن أبي العاصي حكم بن محمد عن أبي الفضل أحمد بن أبي عمران عن أبي صالح خلف بن محمد الخيام عن إبراهيم بن معقل النسفي عن البخاري. ولي فيه أسانيد أخر أذكرها في موضعها إن شاء الله، ولم تدخل هذه البلاد رواية البخاري إلا من هذين الطريقين عن الفربري والنسفي. 3- المسند الصحيح المختصر من السنن لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري رحمه الله تعالى: حدثني به القاضي أبو عبد الله قراءةً مني وسماعاً إلا ما فاتني منه فأجازنيه عن أبي العباس أحمد بن عمر العذري إجازة منه له. وعن الحافظ أبي علي الجياني سماعاً عن أبي العباس العذري عن أبي العباس أحمد بن الحسن الرازي حدثنا أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي حدثنا إبراهيم بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 قال الجياني: وحدثنا به أبو القاسم حاتم بن محمد الطرابلسي حدثنا أبو سعيد عمر بن محمد السجزي حدثنا أبو أحمد الجلودي. قال القاضي أبو الفضل: وبعض شيوخنا يقول فيه الجلودي -بفتح الجيم- منسوبٌ إلى ((جلود)) مدينة كما قال ابن السكيت في الإصلاح في عيسى الجلودي، وجل شيوخنا يقولونه بالضم وأراه الصواب في هذا بخلاف ما ذكره ابن السكيت، نسبةً للبلد، بالفتح. والسجزي منسوبٌ إلى سجستان. قال حاتم بن محمد: وحدثنا به عبد الملك بن الحسن الصقلي حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الكسائي حدثنا ابن سفيان. قال الجياني: وحدثني به القاضي أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى بن الحذاء قال: حدثني أبي حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن الأشقر حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد القلانسي حدثنا مسلمٍ، حاشا من آخر الكتاب، من حديث حذيفة: ((والله إني لأعلم الناس بكل فتنة)) فإن ابن ماهان روى ذلك عن الجلودي بسنده. قال القاضي أبو الفضل: وقد قرأت هذا الكتاب وسمعته أيضاً على غير واحدٍ من أشياخي: منهم القاضي الشهيد الحافظ أبو علي الصدفي، سمعت جميعه يقرأ عليه في جامع مرسية سنة ثمانٍ وخمسمائة حدثني به عن أبي العباس العذري بسنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وقرأت جميعه على الفقيه أبي محمد ابن أبي جعفر الخشني حدثني به عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطبري إمام الحرمين عن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي عن أبي أحمد الجلودي بسنده، وله فيه أسانيد أخر عن أبيه عن أبي حفص الهوزني عن القاضي أبي عبد الله الباجي عن ابن ماهان. وسمعت جميعه يقرأ على الفقيه أبي بحر سفيان بن العاصي بقرطبة سنة سبع وخمسمائة. حدثني به عن أبي العباس العذري بسنده وعن أبي الفتح وأبي الليث نصر بن الحسن السمرقندي عن أبي الحسين الفارسي بسنده، وعن القاضي أبي الوليد هشام بن أحمد الكناني عن أبي محمد الشنتجالي عن أبي سعيد السجزي بسنده المتقدم. ولم يصل إلى هذه البلاد كتاب مسلم إلا من طريق القلانسي وابن سفيان. 4- مصنف السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني: سمعت أكثره عن القاضي أبي عبد الله التميمي وقرأت جميعه على الفقيه أبي الوليد هشام بن أحمد؛ حدثنا بجميعه عن الحافظ أبي علي الجياني عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 أبي عمر ابن عبد البر عن أبي محمد ابن عبد المؤمن عن أبي بكر ابن داسة عن أبي داود. وأجازنيه أبو علي الجياني، رحمه الله، وقابلت كتابي بأصله. قال الجياني؛ قال أبو عمر: وحدثني به أبو زيد عبد الرحمن بن يحيى حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي حدثنا أبو داود. قال أبو عمر: وحدثني به سعيد بن عثمان النحوي يعرف بابن القزاز حدثنا أبو عمر أحمد بن دحيم حدثنا أبو عيسى الرملي حدثنا أبو داود. وأما رواية اللؤلؤي عنه فحدثني بها، فيما كتب به إلي، الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي عن أبي علي التستري عن القاضي أبي عمر الهاشمي عن أبي علي محمد بن أحمد اللؤلؤي. وللجياني وغيره من شيوخنا في هذا الكتاب من هذه الروايات أسانيد أخر؛ ولم يبلغنا هذا الكتاب من غير هذه الطرق الأربع. 5- شرح غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام رحمة الله عليه: قرأت جميعه على القاضي أبي عبد الله، رحمه الله، وحدثني به عن الشيخ أبي مروان ابن سراج عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد ابن الإفليلي عن أبي زكرياء يحيى بن مالك بن عائذ حدثنا أحمد بن خالد حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وقد قرأت جميعه أيضاً عن الفقيه أبي إسحاق ابن جعفر. وحدثني به عن القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل عن الفقيه أبي عبد الله ابن عتاب عن أبي المطرف القنازعي عن محمد بن يحيى بن عبد العزيز عن أحمد بن خالد. قال ابن سهل: وحدثني به أبو القاسم الطرابلسي عن أبي عمر الطلمنكي عن ابن عون الله عن ابن الأعرابي كلاهما عن علي بن عبد العزيز. قال حاتم: وحدثني به أيضاً أبو جعفر ابن مسمار عن أحمد بن أبي الموت عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد. 6- كتاب إصلاح الغلط على أبي عبيد تأليف أبي محمد ابن قتيبة: قرأته على القاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى حدثني به عن أبي مروان عبد الملك بن سراج عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي عن أبيه عن قاسم بن أصبغ عن أبي محمد ابن قتيبة، وقرأته أيضاً على غيره وسنذكره بعد. 7- كتاب غريب الحديث لأبي سليمان أحمد بن محمد البستي الخطابي: سمعت جميعه يقرأ عليه، وقرأت بعضه، وفاتني ورقات من أوله أجازنيها. وسمعت جميعه على الوزير أبي الحسين سراج بن عبد الملك الحافظ بقراءة شيخنا الأستاذ أبي الحسن علي بن أحمد قالا: حدثنا أبو مروان ابن سراج حدثنا أبو عمرو عثمان بن أبي بكر السفاقسي عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الملك الفارض عن مؤلفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 قال القاضي: وحدثني به أيضاً الفقيه أبو محمد ابن عتاب وغيره عن السفاقسي إجازةً. وحدثني به غير واحد من شيوخنا بالإجازة بغير هذه الطرق وبها. 8- كتاب علوم الحديث لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. سمعت جميعه على الفقيه القاضي أبي عبد الله التميمي، وقرأته بلفظي على الشيخ أبي علي الحسن بن طريف النحوي: حدثاني به عن الفقيه أبي عبد الله ابن سعدون القروي عن أبي بكر محمد بن علي المطوعي عن مؤلفه. وحدثني به أيضاً غير واحدٍ من شيوخنا عن ابن سعدون المذكور. وناولنيه القاضي أبو عامر بن إسماعيل وحدثني به عن القاضي أبي عبد الله محمد بن خلف ابن السقاط عن المطوعي. وحدثني به أبو الحسن علي بن مشرف بن مسلم الاسكندراني عن أبي زكرياء البخاري عن الحاكم بجميع تواليفه بالإجازة. 9- كتاب الطبقات لمسلم بن الحجاج: قرأته على القاضي أبي عبد الله حدثني به عن أبي العباس الدلائي إجازةً، ومن أصل أبي العباس نقلت كتابي وهو أصل شيخنا الذي أمسك علي وقت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 القراءة؛ قال: حدثنا أبو الحسن ابن بندار القزويني وأبو أسامة الهروي قالا: حدثنا أبو الحسن طاهر بن محمد حدثنا مكي بن عبدان حدثنا مسلم. 10، 11- كتاب الضعفاء والمتروكين لأبي عبد الرحمن النسائي وكتاب الطبقات له: قرأتهما على القاضي أبي عبد الله حدثني بهما عن الدلائي عن أبي الحسن ابن فهر عن الحسن بن رشيق عن النسائي. 12- الكتب المدونة: ناظرت في جميعها عليه مناظرات عدة وقرأت عليه الكثير منها روايةً وضبطاً وأجازني باقيها. حدثني بها عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن فرج مولى ابن الطلاع عن الفقيه أبي علي الحداد بن محمد بن عبيدون عن محمد بن وضاح عن سحنون. وحدثنا بها أيضاً، رحمه الله، عن القاضي أبي عبد الله ابن المرابط عن الفقيه أبي الوليد بن ميقل عن أبي محمد الأصيلي عن أبي الحسن بن مسرور عن أحمد بن داود عن سحنون، إلا كتابي الوصايا وجنايات العبيد، فإن ابن مسرور إنما يرويهما عن سعيد بن إسحاق عن سحنون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وقرأت أيضاً أكثرها وسمعت باقيها على الفقيه أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب عن أبيه عن أبي بكر عبد الرحمن بن حوبيل عن أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفقيه عن أحمد بن خالد عن ابن وضاح وإبراهيم بن محمد بن باز وإبراهيم بن قاسم بن هلال عن سحنون. قال أبو عبد الله ابن عتاب: وأخبرني بها أبو القاسم خلف بن يحيى الفهري عن أبي المطرف عبد الرحمن بن مدراج عن أحمد بن خالد. قال أبو القاسم: وحدثنا بها أيضاً أبو محمد ابن أبي العطاف عن ابن وضاح. وعارضت كتابي بأصل أبي عبد الله ابن عتاب العتيق المقروء على ابن وضاح وبأصل أبي عبد الله ابن المرابط. 13- الملخص لمسند الموطأ لأبي الحسن القابسي: سمعته يقرأ عليه وحدثني به عن الجياني عن الطرابلسي عن مؤلفه. وقرأته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 على الفقيهين أبوي محمد عبد الله بن أبي جعفر وعبد الرحمن بن عتاب حدثاني به عن أبي القاسم الطرابلسي عن مؤلفه. وقرأته أيضاً على الفقيه أبي إسحاق ابن جعفر حدثني به عن القاضي ابن سهل عن الطرابلسي. وبعض شيوخنا يقول فيه الملخص بكسر الخاء وترجمة الكتاب تدل على الوجهين. فإذا كانت الترجمة الملخص لمسند الموطأ فهو بالكسر، قال ابن مكي في كتاب تقويم اللسان: ((كذا سماه مؤلفه وكذا هو في أكثر النسخ)) وإذا كان من مسند الموطأ فبالفتح. 14- التقصي لمسند الموطأ لأبي عمر ابن عبد البر: سمعته يقرأ عليه وحدثني به عن الجياني عن مؤلفه. وسمعت جميعه أيضاً على الفقيه أبي عمران موسى بن أبي تليد حدثني به أيضاً عن مؤلفه حدثنا صاحبنا الفقيه أبو بكر ابن فتحون قال: حدثني أبي قال: كنت يوماً جالساً في مجلس القاضي أبي الوليد الباجي وشاوره إنسانٌ في نسخ كتاب الملخص للقابسي فقال له الباجي: فهلا كتاب التقصي لأبي عمر؟ وفضله عليه وبلغني مثل هذا عن الفقيه أبي عمران الفاسي. 15- مسند الموطأ لأبي القاسم الجوهري، رحمه الله تعالى: حدثني به سماعاً لبعضه وإجازةً لباقيه عن الدلائي عن أبي الحسن ابن فهر وأبي بكر ابن عقال عن مؤلفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 16- الرسالة لأبي محمد ابن أبي زيد، رحمه الله تعالى: حدثني بها سماعاً عليه وقراءةً مني، عن الفقيه أبي عبد الله ابن فرج عن مكي بن أبي طالب وأبي عبد الله ابن عابد عن أبي محمد. وقرأت جميعها على الخطيب أبي القاسم خلف بن إبراهيم المقرئ عن أبي عبد الله ابن عابد عن أبي محمد ابن أبي زيد. وقرأتها أيضاً وسمعتها على الفقيه أبي إسحاق ابن الفاسي أخبرني بها عن القاضي ابن سهل عن مكي بن أبي طالب وغيره عن أبي محمد. وقد سمعت منه، رحمة الله عليه، غير هذا مما لعلنا سنذكره عند ذكر غيره إن شاء الله تعالى. حدثنا القاضي أبو عبد الله حدثنا أبو مروان ابن سراج قال: حدثنا عثمان بن أبي بكر حدثنا محمد بن علي الفارض حدثنا أحمد بن أحمد البستي حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك حدثنا عمر بن حفص السدوسي حدثنا عاصم بن علي حدثنا عيسى بن عبد الرحمن حدثني طلحة بن مطرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 جاء أعرابيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عملاً يدخلني الجنة قال: ((أعتق النسمة وفك الرقبة)) قال: أو ليسا واحداً؟ قال: ((لا، عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها)) . وحدثنا، رحمه الله تعالى قال: حدثنا أبو العباس العذري فيما كتبه له حدثنا أبو الحسن ابن فهر قال أبو القاسم الجوهري: حدثنا علي ابن أبي مطر حدثنا محمد بن علي حدثنا محمد بن إبراهيم البرقي حدثنا ابن علية حدثنا إسحاق بن سويد قال: تعبد عبد الله بن مطرف فقال له مطرف: ((يا عبد الله العلم أفضل من العمل، الحسنة بين السيئتين، خير الأمور أوساطها، وشر السير الحقحقة)) . وأخبرنا رحمه الله قال؛ أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن خلف بن المرابط قال؛ أخبرنا المهلب ابن أبي صفرة حدثنا أبو محمد الأصيلي قال؛ أنشدنا أبو بكر الأبهري قال؛ أنشدني بعض أصحابنا عن وكيع بن خلف: إن الملوك بلاءٌ حيثما حلوا ... فلا يكن لك من أكنافهم ظل ماذا رجاؤك من قومٍ إذا غضبوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا وإن مدحتهم ظنوك تخدعهم ... واستثقلوك كما يستثقل الكل وإن أتيتهم تبغي زيارتهم ... رجعت منتقصاً من دينك الكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 زاد غيره: فاستعن بالله عن دنياهم ورعاً ... إن الوقوف على أبوابهم ذل 2- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين التغلبي: أجل رجال الأندلس وزعيمها في وقته ومقدمها جلالة ووجاهةً وفهماً ونباهة، مع النظر الصحيح في الفقه والأدب البارع والتقدم في النثر والنظم تقلد الشورى بقرطبة لأول الدولة المرابطية ثم ولي قضاء الجماعة بها سنة تسعين إلى أن توفي في يوم الخميس لثلاث بقين من محرم سنة ثمان وخمسمائة ودفن يوم الجمعة بعد صلاة العصر؛ مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. وتفقه بأبيه وطبقته وسمع منه ومن أبي عبد الله ابن عتاب وأبي القاسم الطرابلسي وغيرهم، وأجازه ابن عبد البر والدلائي. لقيته بقرطبة سنة سبعٍ وخمسمائة وصدر سنة ثمان وجالسته كثيراً، رحمه الله. وسمعت عليه الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، وقد تقدم ذكر إسناده فيه. وقرأت عليه بعض رسائله وردوده على الغزالي وسمعت بعضها، وسمعت منه كثيراً من كلامه ورسالته لابن شماخ وأجاز لي سائر رواياته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وحدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي قراءة عليه وأنا أسمع قال؛ حدثني أبي قال؛ حدثني جدي لأمي أبو زكرياء القليعي حدثنا أبو عبد الله ابن أبي زمنين حدثنا أبو عمر ابن المشاط حدثنا عبيد الله بن يحيى حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا مالك بن أنس قال: بلغني أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: ((يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء)) . 3- الفقيه القاضي الشهيد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم التجيبي ابن الحاج: أحد الفقهاء الفضلاء تفقه بشيوخ بلده قرطبة: أبي جعفر ابن رزق وأبي الحسن ابن حمدين، وسمع الجياني وابن الطلاع وأبا مروان ابن سراج والعبسي وابن مدير الخطيب وحازم بن محمد وغيرهم. وكان حسن الضبط جيد الكتب كثير الرواية له حظٌ من الأدب، مطبوعاً في الفتيا مقدماً في الشورى، صليب الدين متواضعاً متسمتاً حليماً. وولي قضاء الجماعة بقرطبة مرتين حمد فيهما أثره استعفى من أولاهما ثم أجبر ثانيةً، وقتل وهو قاضٍ يوم الجمعة وهو ساجدٌ في صلاة الجمعة طعن بحديدةٍ وقتل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 العامة للحين قاتله وذلك لأربعٍ بقين لصفر من سنة تسعٍ وعشرين؛ ومولده سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وجهل السبب في ذلك وكثر التخوض فيه، وكانت أمور الأندلس الكبار قد صرفها إليه أمير المسلمين أيام قضائه وفتواه واعتمد على فتواه بعد وفاة ابن رشد صاحبه. قرأت عليه في داره بقرطبة جميع كتاب غريب الحديث لأبي محمد بن قتيبة، وعارضت كتابي بكتابه، حدثني به عن الشيخ أبي مروان ابن سراج، رحمه الله، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي عن أبيه عن قاسم بن أصبغ عن مؤلفه. وحدثني به أيضاً عن أبي علي الجياني الحافظ عن أبوي عمر ابن الحذاء وابن عبد البر عن عبد الوارث بن سفيان عن قاسم بن أصبغ. وصححت كثيراً من شواهده وعويص حروفه على الوزير أبي الحسين ابن سراج وأخبرني به عن أبيه، رحمهما الله، وكتبت عنه فوائد. وأجازني جميع رواياته، حدثنا القاضي الشهيد أبو عبد الله التجيبي، رحمه الله، من لفظه قال؛ حدثنا أبو علي الحافظ الغساني حدثنا أبو العباس العذري حدثنا أبو العباس الرازي قال؛ حدثنا أبو بكر سليمان بن أحمد الطبراني قال؛ حدثنا بشر بن موسى حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال؛ حدثنا حيوة بن شريح حدثنا عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن هو الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: ((يا معاذ والله إني لأحبك)) فقال: ((أوصيك يا معاذ لا تدعن في كل صلاة أن تقول: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) . وأوصى بذلك معاذٌ الصنابحي وأوصى بها الصنابحي أبا عبد الرحمن وأوصى بها أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم وأوصى بها عقبة بن مسلم حيوة وأوصى بها حيوة المقرئ وأوصى بها المقرئ بشر بن موسى وأوصى بها بشر الطبراني وأوصى بها الطبراني الرازي وأوصى بها الرازي العذري وأوصى بها العذري أبا علي الغساني وأوصى بها الغساني شيخنا القاضي أبا عبد الله التجيبي وأوصانا بها القاضي أبو عبد الله قال القاضي: وأنا أوصيكم بها. قال القاضي أبو الفضل: كذا قاله القاضي أبو عبد الله: أبو بكر الطبراني وكذا كتبه لي بخطه، والمعروف في كنية الطبراني هذا أبو القاسم وهو إمام مشهور. أخبرنا القاضي الشهيد أبو عبد الله محمد بن أحمد التجيبي أخبرنا الحافظ أبو علي الحسين بن محمد الغساني قال: حدثنا أبو عمر ابن عبد البر حدثنا أبو محمد قاسم بن محمد حدثنا خالد بن سعد حدثنا أبو الحسن طاهر ابن عبد العزيز حدثنا أبو بكر ابن الإمام البغدادي بدمياط، حدثنا أبو السكين زكرياء بن يحيى بن عمر بن حصين بن حميد بن منهب ابن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام إملاءً من حفظه ومن كتابه قال: حدثنا عم أبي زحر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 حصن عن جده حميد بن منهب قال: حججت في السنة التي قتل فيها عثمان، رحمه الله تعالى، فصادفت طلحة والزبير وعائشة بمكة فلما ساروا إلى البصرة سرت معهم فلما وقفت عائشة بالبصرة قالت: ((إن لي عليكم حرمة الأمومة وحق الموعظة، لا يتهمني منكم إلا من عصى ربه، [قبض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين سحري ونحري وأنا إحدى نسائه في الجنة وله حصنني ربي من كل بضع] ، بي ميز مؤمنكم من منافقكم وبي رخص لكم في صعيد الأبواء. وأبي رابع أربعة من المسلمين وأول من سمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 صديقاً. مضى سول الله، صلى الله عليه وسلم، راضياً عنه مطوقه وهف الإمامة. ثم اضطرب حبل الدين فأخذ بطرفيه وربق لكم أثناه، فوقذ النفاق، وغاض نبع الردة، وأطفأ ما حشت يهود، وأنتم حينئذ جحظ تنتظرون العدوة وتستمعون الصيحة، فرأب الثأي، وأوذم العطلة، وامتاح من المهواة، واجتهر دفن الرواء، ثم انتظم طاعتكم بجفلة في ذات الله، مذعنٌ إذا ركن إليه، بعيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ما بين اللابتين، عركة للأذاة بجنبه، صفوح عن أذى الجاهلين، يقظان الليل في نصرة الإسلام، خشاش المراءة والمخبر، فسلك مسلك السابقيه، تبرأت إلى الله من خطب جمع شمل الفتنة وفرق أعضاء ما جمع القرآن أنا نصب المسألة عن مسيري هذا إن لم أجدد إثماً أدرعه ولم أدلس فتنة أوطئكموها؛ أقول قولي هذا صدقاً وعذراً واعتذاراً وتعذيراً، وأسأل الله أن يصلي على محمد عبده ورسوله وأن يخلفه في أمته أفضل خلافة المرسلين)) . قال: فانطلق رجلٌ ممن سمع مقالتها إلى الأحنف بن قيس وهو معتزلٌ في بني سعد فأخبره بما قالت، فأنشأ يقول: لشتان ما بين المقامين تارةً ... قصارى وطوراً عدوة تستقيلها فلو كانت الأكناف دونك لم يجد ... عليك مقالاً ذو أذاةٍ يقولها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وقفت بمستن السيول وقل من ... تثوى بها إلا علاه بليلها مخضت سقاءي عذرةٍ وملامة ... وكلتاهما كادت يغولك غولها تقارعنا فاستنقذتك من الردى ... أقلهما وعراً عليك سبيلها ألمَّا تري أن الأمور بقترةٍ ... من الشر لا يعيا بليلٍ دليلها حجابك أخفى للتي تسترينها ... وصدرك أوعى للتي لا أقولها فلا تسلكن الوعر ضيقاً مجازه ... فتغبر من سحب الملاء ذيولها فلما بلغ عائشة مقالة الأحنف قالت: لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إياي، ألي كان يستجم مثابة سفهه؟! إلى الله أشكو عقوق أبنائي؛ ثم أنشأت تقول: بني اتعظ إن المواعظ سهلةٌ ... ويوشك أن قد كان وعراً سبيلها ولا تنسين في الله حق أمومتي ... فإنك أولى الناس أن لا تعولها ولا تنطقن في أمةٍ لي بالخنا ... حنيفيةٍ قد كان بعلي رسولها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 4- الفقيه القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد: زعيم فقهاء وقته بأقطار الأندلس والمغرب ومقدمهم المعترف له بصحة النظر وجودة التأليف ودقة الفقه، وكان إليه المفزع في المشكلات، بصيراً بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم، وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية كثير التصنيف مطبوعه؛ ألف كتابه المسمى بكتاب البيان والتحصيل في شرح كتاب العتبي المستخرج من الأسمعة وهو كتاب عظيم نيف على عشرين مجلداً، وكتابه على الكتب المدونة المسمى بالمقدمات، وكتابه في اختصار الكتب المبسوطة من تأليف يحيى بن إسحاق بن يحيى، وتهذيبه لكتاب الطحاوي وأجزاء كثيرة في فنون من العلم مختلفة وكان مطبوعاً في هذا الباب حسن القلم والروية حسن الدين كثير الحياء قليل الكلام متسمتاً نزهاً، مقدماً عند أمير المسلمين عظيم المنزلة معتمداً في العظائم أيام حياته. ولي قضاء الجماعة بقرطبة سنة إحدى عشرة وخمسمائة ثم استعفى منها سنة خمس عشرة إثر الهيج الكائن بها من العامة وأعفي. وزاد جلالةً ومنزلةً؛ وإليه كانت الرحلة للتفقه من أقطار الأندلس مدة حياته إلى أن توفي، رحمه الله، في ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 كان تفقهه بأبي جعفر ابن رزق وعليه اعتماده وبنظرائه من فقهاء بلده، وسمع الجياني وأبا عبد الله ابن فرج وأبا مروان ابن سراج وابن أبي العافية الجوهري وأجازه العذري. جالسته كثيراً وساءلته واستفدت منه وسمعت بعض كتابه في اختصار المبسوطة من تآليفه يقرأ عليه وناولني بعضها، وأجازني الكتاب المذكور وسائر رواياته؛ وتوفي رحمه الله، ليلة الأحد الحادي عشر من ذي قعدة سنة عشرين وخمسمائة. وحدثنا، رحمه الله، عن أبي العباس العذري إجازةً قال؛ حدثنا أبو عمرو السفاقسي قال؛ حدثنا أبو نعيم الأصبهاني قال؛ حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال؛ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن غالب قال؛ حدثني أبي قال؛ حدثنا عباد بن صهيب قال؛ حدثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((من حفظ على أمتي أربعين حديثاً يبتغي بذلك وجه الله؛ فيه الحلال والحرام، ينذر بالحرام ويبشر بالحلال حشره الله يوم القيامة فقيهاً عالماً)) . قال أبو نعيم؛ وحدثنا أبو حفصٍ محمد بن حسين الوادعي القاضي قال؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 حدثنا عبيد بن يعيش قال؛ سمعت وكيعاً يقول؛ سمعت الحسن بن صالح يقول: الناس يحتاجون إلى العلم في الدين كما يحتاجون إلى الطعام والشراب. وأخبرنا، رحمه الله، عن شيخه أبي علي الحسين بن محمد الغساني عن أبي عبد الله محمد بن سعدون، وقرأته على الشيخ الصالح الحسن بن طريف قال؛ حدثني أبو عبد الله ابن سعدون عن أبي بكر الغازي النيسابوري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحسن قال؛ حدثنا أبو بكر بن إسحاق وغير واحدٍ من شيوخه، عن عبد الله بن أيوب بن زاذان الضرير قال؛ حدثنا محمد بن سليمان الذهلي حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فوجدت أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجلٍ باع بيعاً وشرط شرطاً فقال: ((البيع باطلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 والشرط باطل)) . ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته فقال: ((البيع جائزٌ والشرط باطلٌ)) ، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: ((البيع جائز والشرط جائز)) فقلت: سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق واختلفتم علي في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ((نهى عن بيعٍ وشرط البيع باطلٌ والشرط باطل)) ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ((أمرني النبي صلى الله عليه وسلم، أن أشتري بريرة فأعتقها، البيع جائز والشرط باطل)) ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال: ((بعت من النبي، صلى الله عليه وسلم، ناقةٌ وشرط لي حملانها إلى المدينة، البيع جائزٌ والشرط جائز)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 5- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الأموي، رحمه الله: شيخ بلدنا وقاضيه ومفتيه وصالحه، ولي القضاء مرتين: مرة أيام برغواطة والأخرى أول دولة المرابطين، وكان حافظاً للفقه والفرائض، مشاركاً في التفسير وعلم الناسخ والمنسوخ وغير ذلك، لكنه كان يقصر به لسانه عن تأدية بعض ما عنده إذ كان لم يطالع شيئاً من علم العربية صالحاً ورعاً مشهوراً بالخير. سمع من القاضي أبي الأصبغ ابن سهل ومروان بن عبد الملك، وكان شأنه الحفظ والتفقه ولم يكن له كبير شغل بالسماع والرواية. وأخبرني أنه روى عن الفقيه أبي الأصبغ [ابن سهل كتاب الكنز تأليف أبي الأصبغ القرشي المعروف بابن المش من أهل قرطبة وسمعه عليه، حدثه به عن أبيه عبد المهيمن عنه وهو في روايتنا عن الفقيه أبي إسحاق ابن جعفر عن أبي الأصبغ] بسنده المذكور. وناظرت عليه مدةً طويلةً في المدونة وأخذت عنه فوائد من العلم كثيرة. تفقه بأبي علي بن البرية وبأبي عبد الله ابن العجوز والمسيلي وابن سهل. وشوور قديماً وكان موصوفاً بالصلاح والعفة من صغره من أهل الورع والتحري. وتوفي، رحمه الله، يوم الأحد سادس رجب سنة سبع عشرة وخمسمائة؛ مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 6- الأديب الرواية أبو عبد الله محمد بن سليمان النفزي المعروف بابن أخت غانم: أصله من مالقة وبها سكناه ولكنه لزم قرطبة كثيراً وبها لقيته، ثم رجع إلى مالقة وبها توفي، رحمه الله. وكان شيخاً مسناً من شيوخ أهل الأدب والنحو والرواية وجمع الكتب، أخذ عنه الناس هذين العلمين كثيراً ودرسهما عمره بغير أجر، وسمع منه كتب الحديث والغريب وحمل عنه جملة من المشايخ والنبلاء لعلو سنده ومعرفته. وكان أكثر أخذه عن خاله أبي محمد غانم بن وليد الأديب وسمع أيضاً من القاضي أبي بكر ابن صاحب الأحباس وأبي العباس الدلائي والقاضي أبي إسحاق ابن وردون والقاضي أبي الوليد الوقشي والفقيه أبي المطرف الشعبي والقاضي أبي بكر الشمشاني وأبي محمد حجاج بن قاسم المأموني السبتي وجماعة غيرهم. قرأت عليه في منزله بقرطبة الكتاب الكامل لأبي العباس المبرد حدثني به عن خاله أبي محمد غانم عن أبي عمر يوسف بن عبد الله السهمي عن أحمد بن أبان بن سيد عن أبي عثمان سعيد بن جابر عن أبي الحسن الأخفش عن المبرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وقرأت الكتاب الكامل أيضاً بسبتة سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة على الأديب صاحب الشرطة أبي بكر محمد بن البراء الجزيري وسنذكر سنده وسمعت منه كثيراً على شيخنا أبو علي التاهرتي النحوي. 1- كتاب إصلاح المنطق ليعقوب بن السكيت: قرأت جميعه على الأستاذ أبي عبد الله ابن سليمان وهو يسمع وعارضته بكتابه، وحدثني به عن خاله عن أبي عمر السهمي وأبي سليمان داود بن علي الخولاني عن أحمد بن أبان بن سيد عن أبي علي البغدادي عن أبي بكر محمد بن بشار الأنباري عن أبيه عن أبي [محمد] عبد الله ابن رستم عن يعقوب. وحدثني بهذا السند بكتاب الألفاظ ليعقوب أيضاً سماعاً ومناولة لما فاتني منه. قال أبو علي: وحدثني بالألفاظ أيضاً أبو جعفر محمد بن نصر الغالبي عن ابن كيسان عن أبي العباس ثعلب وأبو عمر المطرز عن ثعلب عن يعقوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 2- كتاب الهداية في القراءات السبع اختصار أبي العباس أحمد بن عمار المهدوي: قرأتها عليه عن خاله عن مؤلفها، وحدثني بهذا السند بشرحها وبكتاب التحصيل وكتاب التفصيل للمهدوي. 3- كتاب الزاهر لأبي بكر ابن الأنباري: ناولني جميعه وحدثني به عن خاله عن السهمي عن ابن سيد عن أبي علي عن مؤلفه. 4- الأمالي لأبي علي البغدادي: قرأت عليه بعضها وناولني باقيها، وحدثني بها عن خاله عن أبي عمر السهمي عن أحمد بن أبان بن سيد عن أبي علي. وبهذا السند حدثني بجميع تواليف أبي علي، رحمه الله، ومن ذلك جميع تواليف الأبهري أخبرني بها عن القاضي أبي إسحاق إبراهيم بن وردون عن أبي القاسم الوهراني عنه. 5- وكتاب مختصر العين للزبيدي: عن ابن وردون عن القاضي أبي الوليد محمد بن محمد بن الحسن الزبيدي عن أبيه القاضي الأديب أبي بكر الزبيدي. 6- وكتاب الحماسة لأبي الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني: أخبرني بها عن أبي الأصبغ عبد العزيز بن أرقم عن الجرجاني. وأجازني، رحمه الله، جميع رواياته وما اشتملت عليه فهرسته وفهارس شيوخه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 وتوفي، رحمه الله، بمالقة سنة خمس وعشرين وخمسمائة؛ مولده سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. ومما رويناه عنه عن خاله أبي محمد غانم، مما أنشد لنفسه: الصبر أولى بوقار الفتى ... من قلقٍ يهتك ستر الوقار من لزم الصبر على حاله ... كان على أيامه بالخيار وكانت وفاة غانم، رحمه الله، سنة تسعين وأربعمائة وكان أحد أعيان وقته جلالةً وفضلاً وعلماً وأدباً وحسن طريقة وهديٍ وتحقيق، أخذ عنه الناس ورحلوا إليه وطار ذكره. 7- الإمام أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري المعروف بالطرطوشي: ومنها أصله، ويعرف بها بابن أبي رندقة؛ تفقه بالأندلس على القاضي أبي الوليد الباجي وسمع منه ورحل إلى المشرق فلقي أئمتها: أبا سعيد ابن المتولي وأبا العباس الجرجاني وأبا عبد الله الدامغاني وأبا بكر الشاشي وغيرهم من أئمة بغداد والبصرة وتفقه عندهم؛ وسمع بالبصرة من أبي علي التستري والسعيداني وببغداد من أبي محمد التميمي الحنبلي وغيره، وسكن الشام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 مدة وتقدم في الفقه مذهباً وخلافاً وفي الأصول وعلم التوحيد وحصلت له الإمامة ودرس هناك ولازم الزهد والانقباض والقناعة مع بعد صيته وعظم رياسته. قال القاضي أبو علي: أخبرت أنه إنما كان يطبخ ببيت المقدس في شقفٍ. وقال لي غيره: كان بعض الجلة الصالحين هناك يقول: ((الذي عند أبي بكر من العلم هو عند الناس، والذي عنده مما ليس مثله عند غيره: دينه)) . استوطن أخيراً مدينة الإسكندرية واستدعاه السلطان بها إلى سكنى الفسطاط والانتقال إليه لرياسة فتواه فامتنع، وكان مجانباً للسلطان هناك وأصحابه معرضاً عنهم شديداً عليهم مع مبالغتهم في بره. وامتحن أخيراً بالإخراج عن الإسكندرية والتزامه الفسطاط ومنع الناس من الأخذ عنه ثم سرح؛ وتوفي، رحمه الله، بالإسكندرية في شعبان سنة عشرين وخمسمائة. وعليه تفقه الاسكندريون ونجب عليه منهم عدةٌ، وألف تواليف حساناً منها: تعليقه في مسائل الخلاف وفي أصول الفقه وكتابه في البدع والمحدثات وفي بر الوالدين وكتابه المسمى بالسعود في الرد على اليهود والمسمى بنظم السلوك في وعظ الملوك ورسالة تحريم الغناء واختصاره لكتاب الثعالبي في القرآن وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 كتب إلي يجيزني جميع رواياته وتصانيفه، وقد ذكرت سنده في كتاب المصنف لأبي داود وهو عالٍ رفيع، رحمه الله. وأخبرنا، رحمه الله، فيما كتب إلينا به قال: أنشدنا القاضي أبو عبد الله الدامغاني: إذا ما هممت بظلم العباد ... فكن ذاكراً هول يوم المعاد فإن المظالم يوم القصاص ... لمن قد تزودها شر زاد 8- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن داود بن عطية بن سعيد العكي القلعي: كان من أهل العلم بالفقه والأصول تفقه بأبي عبد الله الذكي وغيره من شيوخ بلده، ودرس الأصول على عبد الجليل الديباجي وغيره، وسمع بالأندلس من الجياني وأكثر عنه. ولي قضاء تلمسان ثم نقل لقضاء إشبيلية ثم نقل لقضاء فاس وبها توفي يوم الاثنين عاشر ذي القعدة سنة خمس وعشرين وخمسمائة. صحبته كثيراً ودرست عليه أصول الفقه، وكان جليلاً فاضلاً فقيهاً ذكياً، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 9- الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري مستوطن المهدية: إمام بلاد أفريقية وما وراءها من المغرب وآخر المستقلين من شيوخ أفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر. أخذ عن اللخمي وأبي محمد ابن عبد الحميد السوسي وغيرهما من شيوخ أفريقية، ودرس أصول الفقه والدين وتقدم في ذلك فجاء سابقاً. لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه ولا أقوم لمذهبهم، وسمع الحديث وطالع معانيه واطلع على علومٍ كثيرةٍ من الطب والحساب والآداب وغير ذلك فكان أحد رجال الكمال في العلم في وقته وإليه كان يفزع في الفتوى في الطب في بلده كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه. وكان حسن الخلق مليح المجلس أنيسه كثير الحكاية وإنشاد قطع الشعر، وكان قلمه في العلم أبلغ من لسانه، وألف في الفقه والأصول وشرح كتاب مسلم وكتاب التلقين للقاضي أبي محمد وليس للمالكية كتابٌ مثله وشرح البرهان لأبي المعالي الجويني، وألف غير ذلك. كتب إلي من المهدية يجيزني كتابه المسمى بالمعلم في شرح مسلم وغيره من تواليفه؛ توفي، رحمه الله، يوم السبت الثالث من ربيع الأول سنة ستٍ وثلاثين وخمسمائة وقد نيف على الثمانين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 10- القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد المعافري، المعروف بابن العربي: من أهل إشبيلية وأبوه أبو محمد من فقهائها ورؤسائها، سمع ببلده من أبي عبد الله ابن منظور وأبي محمد ابن خزرج وبقرطبة من أبي عبد الله بن عتاب وأبي مروان ابن سراج وحصلت له عند العبادية أصحاب إشبيلية مكانه ورياسة فلما انقرضت دولتهم خرج إلى الحج سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة مع ابنه القاضي أبي بكر وسنه يومئذ نحو سبعة عشر عاماً. وقد كان أبو بكر تأدب ببلده وقرأ القراءات، فلقي أبو بكر شيوخ مصر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 أبا الحسين الخلعي وأبا الحسن ابن مشرف ومهدياً الوراق وأبا الحسن ابن داود الفارسي، ولقي بالشام أبا [الفتح] نصراً المقدسي وأبا سعيد الزنجاني وأبا حامد الغزالي وأبا سعيد الرهاوي وأبا القاسم ابن أبي الجن المقدسي والإمام أبا بكر الطرطوشي وأبا محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني وأبا الفضل ابن الفرات الدمشقي، ولقي بمكة أبا عبد الله الطبري وأبا عبد الله الجاحظ، وسمع بالعراق من أبي الحسين الطيوري وأبي الحسن علي بن أيوب البزاز وأبي بكر ابن طرخان وأبي طاهر ابن سوار والنقيب أبي الفوارس الزينبي وجعفر بن أحمد السراج وأبي الحسن ابن عبد القادر وأبي زكرياء التبريزي وأبي المعالي ثابت بن بندار في آخرين. ودرس الفقه والأصول عند أبي بكر الشاشي وأبي بكر الطرطوشي. وقيد الحديث واتسع في الرواية وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن من هؤلاء وغيرهم. وانصرف إلى الأندلس، فأقام بالإسكندرية عند أبي بكر الطرطوشي فمات أبوه بالإسكندرية أول سنة ثلاث وتسعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 ثم انصرف هو إلى الأندلس سنة خمس وتسعين فسكن بلده وشوور فيه، وسمع ودرس الفقه والأصول وجلس للوعظ والتفسير ورحل إليه للسماع، وصنف في غير فن تصانيف مليحة كثيرة حسنة مفيدة. وولي القضاء مدةً ثم صرف وكان فهماً نبيلاً، فصيحاً حافظاً أديباً شاعراً كثير الخير مليح المجلس، ولكثرة حديثه وأخباره وغرائب حكاياته ورواياته ما أكثر الناس فيه الكلام وطعنوا في حديثه. وتوفي، رحمه الله، في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وأربعين منصرفه من مراكش من الوجهة التي توجه فيها مع أهل بلده إلى الحضرة، بعد دخول مدينة إشبيلية فحبسوا بمراكش نحو عام، ثم سرحوا في هذا الحين فأدركته بطريقه منيته على مقربة من فاس بمرحلة وحمل ميتاً إلى مدينة فاس ودفن بباب الجيسة. واجتاز ببلدنا [فكتبت عنه فوائد من حديثه] وناولني كتاب المؤتلف والمختلف للدارقطني. وحدثني به عن أبي الحسين الطيوري عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمد المحاملي عن الدارقطني إلا جزأين: الثامن والتاسع فإن الطيوري يرويهما عن أبي بكر محمد بن عبد الملك بن بشران عن الدارقطني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وحدثني بكتاب الإكمال في المؤتلف والمختلف تأليف الأمير الحافظ أبي نصر ابن ماكولا عن أبي بكر محمد بن طرخان عنه. وقرأت عليه مسألة الأيمان اللازمة من تأليفه، وأجازني جميع روايته. ولقيته أيضاً بإشبيلية وقرطبة، ومما كتبت عنه ما حدثني به سماعاً عنه بلفظه، حدثنا أبو محمد هبة الله بن محمد الأكفاني حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني الدمشقي الحافظ حدثنا أبو عصمة نوح بن نصر الفرغاني قال؛ سمعت أبا المظفر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مت الخزرجي وأبا بكر محمد بن عيسى البخاري يقولان: سمعنا أبا ذر عمار بن محمد بن مخلد التميمي يقول: لما عزل أبو العباس الوليد بن إبراهيم بن زيد الهمداني عن قضاء الري ورد بخارى [سنة ثمان عشرة وثلاثمائة] ، لتجديد مودة ٍكانت بينه وبين أبي الفضل البلعمي فنزل في جوارنا، فحملني إليه معلمي أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الختلي، وقال له: أسألك أن تحدث هذا الصبي مما سمعت من مشايخك. قال: ما لي سماع. قال: فكيف وأنت فقيه فما هذا؟ قال: لأني لما بلغت مبلغ الرجال تاقت نفسي إلى معرفة الحديث ودراية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الأخبار وسماعها، فقصدت محمد بن إسماعيل البخاري ببخارى صاحب التاريخ والمنظور إليه في معرفة علم الحديث، وأعلمته بمرادي وسألته الإقبال علي في ذلك. فقال لي: يا بني لا تدخل في أمرٍ إلا بعد معرفة حدوده والوقوف على مقداره. فقلت له: عرفني، رحمك الله، حدود ما قصدتك له ومقادير ما سألتك عنه. فقال لي: اعلم أن الرجل لا يصير محدثاً كاملاً في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعاً مع أربعٍ، كأربعٍ مثل أربعٍ، في أربعٍ عند أربع، بأربع على أربع، عن أربع لأربع. وكل هذه الرباعيات لا تتم له، إلا بأربع مع أربع. فإذا تمت له هان عليه أربع وابتلي بأربع، فإذا صبر على ذلك أكرمه الله بأربع وأثابه في الآخرة بأربع. قلت له: فسر لي ما ذكرت من أحوال هذه الرباعيات، من قلب صافٍ بشرحٍ كاف وبيانٍ شاف، طلباً للأجر الوافي. فقال: نعم، أما الأربعة التي تحتاج إلى كتبها هي أخبار الرسول عليه السلام وشرائعه، والصحابة ومقاديرهم، والتابعين وأحوالهم، وسائر العلماء وتواريخهم، مع أسماء رجالهم وكناهم وأمكنتهم وأزمنتهم، كالتحميد مع الخطب، والدعاء مع الرسل، والبسملة مع السور، والتكبير مع الصلوات، مثل المسندات والمرسلات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 والموقوفات والمقطوعات، في صغره وفي إدراكه وفي كهولته وفي شبابه، عند فراغه وعند شغله، وعند فقره وعند غناه، بالجبال والبحار، والبلدان والبراري، على الأحجار والأصداف، والجلود والأكتاف، إلى الوقت الذي يمكنه نقلها إلى الأوراق، عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه، وعن كتاب أبيه يتيقن أنه بخط أبيه دون غيره، لوجه الله تعالى، طالباً لمرضاته، والعمل بما وافق كتاب الله تعالى منها، ونشرها بين طالبيها ومجتبيها، والتأليف في إحياء ذكره بعده. ثم لا تتم له هذه الأشياء، إلا بأربع من كسب العبد، أعني معرفة الكتابة واللغة والضبط والنحو. مع أربع هي من إعطاء الله تعالى أعني: القدرة والصحة والحرص والحفظ. فإذا تمت له هذه الأشياء هان عليه أربع: الأهل، والولد، والمال، والوطن وابتلي بأربع: بشماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء، وطعن الجهلاء، وحسد العلماء. فإذا صبر على هذه المحن، أكرمه الله في الدنيا بأربع: بعز القناعة، وبهيبة النفس، ولذة العلم، ومسرة الأبد. وأثابه في الآخرة بأربع: بالشفاعة لمن أراد من إخوانه، وبظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وبسقي من أراد من حوض نبيه، وبجوار النبيين في أعلى عليين في الجنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 فقد أعلمتك يا بني، مجملاً جميع ما كنت سمعته من مشايخي متفرقاً في هذا الباب. فأقبل الآن على ما قصدتني له، أو دع. قال: فهالني قوله فسكت متفكراً، وأطرقت نادماً، فلما رأى ذلك مني قال: وإن لا تطق احتمال هذه المشاق كلها فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه وأنت في بيتك، قار ساكن، لا تحتاج إلى بعد الأسفار، ووطء الديار، وركوب البحار، وهو مع ذا ثمرة الحديث. وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة، ولا عزه بأقل من عز المحدث. قال: فلما سمعت ذلك نقض عزمي في طلب الحديث وأقبلت على دراسة الفقه وتعلمه إلى أن صرت فقيهاً متقدماً فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي، يا أبا إبراهيم. فقال له أبو إبراهيم: إن هذا الحديث الواحد الذي لا يوجد عند غيرك خيرٌ للصبي من ألف حديثٍ يجده عند غيرك. 11- القاضي أبو عامر محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم الطليطلي: كان يفهم صنعة الحديث، كثير السماع والجمع، أخذ عن القاضي أبي عبد الله ابن السقاط وأبي المطرف ابن أسد وأبي بكر محمد بن جماهر وأبي الوليد ابن مسلمة وأبي المطرف ابن سلمة، وأجازه جماهر بن عبد الرحمن بن جماهر وأبو الوليد الباجي والعذري وغيرهم؛ وكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 صاحب أصول عنده أعلاق من أصول شيوخ بلده وكان عارفاً برجال بلده وأخبارهم. قرأت عليه كتاب الإخوان لابن الأعرابي في أصل جماهر [وهو كان أصله ثم تصير إليٍ حدثني به عن أبي الوليد هشام بن محمد بن مسلمة عن أبي محمد ابن النحاس [وعن أبي بكر محمد بن جماهر وعمه أبي بكر جماهر عن أبي إسحاق الحبال عن أبي محمد ابن النحاس] عن أحمد ابن الأعرابي. وقرأت عليه كتاب التحبير عما في حديث جابر بن عبد الله في حجة الوداع من السنن والفوائد تأليف أبي بكر ابن المنذر، وذلك مائة وثلاث وخمسون فائدة. حدثني به عن الفقيه أبي المطرف عبد الرحمن بن أسد الجهني عن أبي محمد ابن عباس عن أبي القاسم عبد الله بن خيران عن ابن المنذر. وسمعت عليه كتاب الأماني المنتجزة جمع أبي عبد الله محمد ابن أبي نصر الحميدي وقد تقدم ذكري له في مسند الجوهري، وفي كتاب علوم الحديث للحاكم. وتوفي في قرطبة في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين؛ مولده سنة ست وخمسين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وقد كتب عني هو، رحمه الله، من حديثي أشياء انتخبها وسمعها مني وقرأ بعضها علي، حدثنا القاضي أبو عامر بقراءتي عليه قال: أخبرني الفقيه هشام بن محمد بن مسلمة قال؛ أخبرني أبو محمد ابن عبد الرحمن بن عمر حدثنا ابن الأعرابي قال؛ حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا سليمان بن معبد قال؛ حدثنا الأصمعي قال؛ حدثنا سليمان بن المغيرة قال؛ قال محمد بن واسع: ((ما بقي في الدنيا شيءٌ من اللذة، إلا الصلاة ولقاء الإخوان)) . وحدثنا قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن قاسم حدثنا أبو محمد ابن عباس حدثنا أبو القاسم الجوهري حدثنا محمد بن رزين حدثنا ابن القاسم قال؛ سمعت مالكاً يقول: ((ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم نورٌ يضعه الله في القلوب)) . وحدثنا قال: حدثنا أبو بكر ابن جماهر حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا ابن النحاس حدثنا أحمد بن زياد حدثنا مشرف بن سعيد بن زيد الواسطي حدثنا عمرو بن سفيان المسعري عن أخيه قال؛ سمعت سفيان بن عيينة يقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 تواعد عمر بن عبد العزيز عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بصرمٍ، فكتب إليه عبيد الله: تواعدني بصرمك والمنايا ... لنا رصدٌ بمخرم كل باب وفي الموت المشتت ما كفانا ... فلا تعجل مقادير الكتاب فقد فارقت أعظم منه رزءاً ... وواريت الأحبة في التراب وقد عزوا علي وأسلموني ... معاً، فلبست بعدهم ثيابي قال أبو الفضل: كذا في أصله ولعله: اكتئابي. 12- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شبرين: أحد العلماء الفضلاء الصلحاء من رجال غرب الأندلس صحب القاضي أبا الوليد الباجي واختص به ودرس عليه مسائل الخلاف والأصول، وسمع منه ومن القاضي أبي عبد الله ابن المرابط والفقيه أبي محمد عبد الله بن محمد بن فورتش وأبي العباس الدلائي وأبي القاسم عبد الجليل الديباجي القروي وغيرهم، وولي القضاء بإشبيلية وبها توفي يوم الخميس الرابع من رجب سنة ثلاث وخمسمائة. كتب إلي من إشبيلية يجيزني جميع روايته، من ذلك جميع تواليف أبي الوليد الباجي عنه، وجميع مضمن فهرسته وجميع تصانيف عبد الجليل وروايته، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 من ذلك كتاب اللامع للأذري أخبرني به عن عبد الجليل عن أبي عبد الله الأذري وكتب القاضي أبي بكر ابن الطيب عن عبد الجليل عن الأذري عنه. 13- الشيخ الخطيب أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الأزدي الطليطلي المعروف بالريوطي: كان شيخاً نبيهاً، راوية سمع من جماعةٍ من شيوخ طليطلة وغيرهم، سمع قاسم بن هلال وأبا الوليد الباجي وعبد الرحمن بن سلمة وجعفر بن عبد الله القرطبي، وكان أعمى، وولي الخطبة وصلاة الجمعة بفاس ووليها أيضاً ببلدنا مدة مديدة إلى أن توفي، رحمه الله، منسلخ محرم سنة ثلاث وخمسمائة؛ وسمع عليه عندنا وسمعت منه. 14- أبو عبد الله محمد بن عمر بن قطري الزبيدي النحوي: من أهل إشبيلية من بيت الزبيديين الشهير بها في العلم والتقدم. استوطن أخيراً سبتة وكان مدرساً للنحو والعربية وله حظ من العلم بالأصول والاعتقاد وله سماع ورحلة جال فيها في الحجاز والعراق والشام ومصر وصقلية، وأخذ بمصر عن ابن فضال والخشني وابن باب شاذ وأبي عمران الصقلي ومهدي الوراق ولقي بها عبد الحق بن هارون الصقلي؛ وبمكة الحسين الطبري وأبا محمد ابن جماح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 السبتي من المجاورين بمكة، وهبة الله الضرير المقرئ وليس بصاحب الناسخ والمنسوخ، وأبا محمد النيسابوري وأبا الحسن الصقلي. وسمع بصور من الشيخ أبي بكر الخطيب الحافظ، وسمع بالأندلس من الدلائي وأبي الوليد الباجي وأبي عبد الله بن سعدون القروي وأبي الليث السمرقندي. حدثني عن الخطيب بكتاب المؤتنف في تكملة المؤتلف والمختلف وبكتاب الفقيه والمتفقه من تأليفه سماعاً منه. وتوفي بسبتة سنة إحدى وخمسمائة. وكان رحمه الله، طيب النفس تمزاحة له مع علمه بالعربية مشاركة في غير ذلك من العلوم. وأخبرنا عن الخطيب أبي بكر ابن ثابت مما أنشده لنفسه في كتابه لأبي القاسم ابن نباتة السعدي ابن عم أبي نصر ابن نباتة: أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في السرى روض السهاد إذا شام الفتى برق المعالي ... فأهون فائت طيب الرقاد وأخبرنا عن ابن أبي بكر الخطيب أنه قال؛ قيل لبعضهم بما أدركت العلم؟ قال: بالمصباح والجلوس إلى الصباح؛ وقال آخر: بالسفر والسهر والبكور في السحر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وأنشد الخطيب في ذلك لأبي محمد طاهر بن الحسين المصري: صل السعي فيما تبتغيه مثابراً ... لعل الذي استبعدت منه قريب وعاوده إن أكدى بك السعي مرةً ... فبين السهام مخطئٌ ومصيب وأخبرنا، رحمه الله، قال؛ حدثنا أبو بكر الخطيب قال؛ أخبرنا الجوهري أخبرنا المرزباني حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي قال؛ أنشدنا محمد بن القاسم بن خلاد: العقل رأس خصاله ... والعقل يجمع كل خير والعقل يجلب فضله ... والعقل يدفع كل ضير وأخبرنا عن الخطيب قال؛ أنشدنا أبو سعد الماليني قال؛ أنشدنا أبو سعد الإدريسي قال؛ أنشدنا أبو الفتح البستي وهو مما أنشده له أبو منصور الثعالي واللفظ له: لا يستخفن الفتى بعدوه ... أبداً وإن كان العدو ضئيلا إن القذى يؤذي العيون قليله ... ولربما جرح البعوض الفيلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وأخبرنا عن الخطيب قال؛ حدثنا القاضي أبو عبد الله الصيمري حدثنا عبد الله بن محمد الشاهد حدثنا مكرم بن أحمد حدثنا أحمد بن عطية حدثنا علي بن معبد حدثنا عبيد الله بن عمرو قال: كنا عند الأعمش وهو يسأل أبا حنيفة عن مسائل ويجيبه أبو حنيفة فيقول له الأعمش: من أين هذا؟ فيقول: أنت حدثتنا عن إبراهيم بكذا وحدثتنا عن الشعبي بكذا فكان الأعمش عند ذلك يقول: ((يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة)) . 15- الأديب أبو بكر محمد بن عبد الله بن البراء الجزيري: الشيخ المسن أحد فحول شعراء وقته وأدبائهم، قرئ عليه ببلدنا النحو مدة. وقرأت عليه في سنة ثلاث وتسعين الكتاب الكامل لأبي العباس المبرد حدثني به عن أبي بكر المرشاني عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي عن أبي القاسم أحمد بن أبان بن سيد عن سعيد بن جابر عن أبي الحسن الأخفش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وحدث به ابن الإفليلي أيضاً عن أبي زكرياء يحيى بن عائذ عن أبي علي الحسين بن إبراهيم الأموي ومحمد بن محمد المعيطي عن الأخفش. قال ابن عائذ: وحدثنا به أيضاً أبو الحسين أحمد بن الحسين بن محمد الأسدي عن أبيه وأبي يوسف أحمد بن الحسين الإقليدسي وأبي القاسم علي بن الحسين المعروف بشمردل عن المبرد؛ وقد ذكرنا سندنا فيه عن ابن سليمان النحوي. وتوفي، رحمه الله، ببلده الجزيرة الخضراء في حدود عام خمسمائة ومما أنشدنا من شعره لنفسه: ودعوتني فظننت أنك صادقٌ ... وظللت من طمعٍ أجيء وأذهب فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلسٍ ... قالوا مسيلمةٌ وهذا أشعب وأنشدني، رحمه الله، لابنه أحمد وكان أيضاً من أهل الأدب والشعر: بي جؤذرٌ هام الفؤاد بحبه ... عنيت لواحظه بقتل محبه قد أتلف المهجات بين لطافةٍ ... في وجنتيه وقسوةٍ في قلبه وإذا رأى المرآة هام فؤاده ... في حسن صورته فرق لصبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 16- الشيخ أبو عامر محمد بن حبيب بن عبد الله بن مسعود الأموي: من أهل شاطبة سمع ابن سعدون وطاهر بن مفوز وأبا داود المقرئ وغيرهم، وكتب إلي يجيزني جميع رواياته. وكان موصوفاً بفضل ونباهة وديانة؛ وتوفي بشاطبة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. 17- والفقيه أبو بكر محمد بن خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون الأريولي: من بيت علمٍ وفضلٍ؛ صاحبنا لقيته وقت رحلتي إلى شرق الأندلس فكان ذكياً نبيلاً خيراً قد فهم طريقة الحديث. سمع أباه ولازم شيخنا القاضي أبا علي وأخذ عنه جملة ما عنده، وسمع أيضاً من طاهر بن مفوز وابن أخيه أبي بكر وأبي الحسن ابن الدوش وروى أيضاً عن أبيه القاضي أبي القاسم، وأجازه ابن غلبون والأنماطي وابن الخطاب وابن شبل. وقد أخذ هو عني، رحمه الله، أشياء أفدناها إياه وذكرها في تصانيفه. أجازني كتابيه المؤلفين على كتاب الصحابة لأبي عمر ابن عبد البر: كتاب التنبيه وكتاب الذيل. وأبوه أبو القاسم من أهل العلم والمعرفة والأدب والشعر ولي القضاء بشاطبة ودانية؛ وسمع من أبيه ومن أبي الوليد الباجي وطاهر وغيرهم. وله كتاب في علم الوثائق فيه غرائب من العلم؛ توفي سنة خمس وخمسمائة. وطلب أبو بكر للقضاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 فامتنع جهده حتى ترك. وتوفي، رحمه الله، سنة تسع عشرة أو سبع عشرة وخمسمائة. وكتب لي بخطه، رحمه الله، فوائد كثيرة: وحدثنا قال؛ حدثنا أبي عن جدي عن أبي الوليد محمد بن عبد الله البكري الأصيلي حدثنا أبو الحسين ابن المظفر حدثنا محمد بن أحمد ابن أبي حكيم حدثنا أحمد بن سعيد البيساني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا العوام بن حوشب عن حبيب ابن أبي ثابت عن سعيد بن جبير قال: لما أصيب ابن عمر.. .. وذكر خبره مع لحجاج، وفي آخره قال ابن عمر: يا سعيد ما آسى إلا على ثلاثة: مكابدة ثلث الليل، وظماء الهواجر، وأن لا أكون قاتلت هذه الفئة التي نزلت بنا)) . 18- محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الرازي أبو عبد الله، يعرف بابن الخطاب بحاء مهملة: من أهل مصر ونزل أبوه اسكندرية، وأبوه أبو العباس الرازي أحد رواة مصر ومسنديها؛ سمع من شعيب بن المنهال وابن السمسار وأبي الحسن ابن شعبان وابن سعدون الموصلي والحوفي وابن الطفال والعتيقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وابن حمصة في آخرين من أهل مصر واليمن والحجاز والعراق والشام. سمع منه الكبراء قديماً: أو زكرياء البخاري ومكي الرميلي وعبد المحسن الشيحي وأبو عبد الله الصوري فمن بعدهم؛ وسمع منه أخيراً شيخنا القاضي أبو علي الصدفي. وكان ابنه أبو عبد الله من المياسير وله سماع كثيرة، شارك أباه في كثير من شيوخه وسمع منه الناس كثيراً وأجازني جميع روايته، رحمه الله. فمن شيوخه أبوه: أبو العباس وأبو الحسن ابن حمصة وأبو الحسن ابن ربيعة وأبو الحسن ابن الطفال وأبو القاسم الفارسي وأبو الحسن الكسائي وأبو أحمد ابن الفرات وأبو القاسم المحرمي وأبو الطاهر ابن سعدون الموصلي وابن نفيس وأبو الحسن ابن شعبان وابن الوليد وأبو العباس ابن هاشم المقرئ والشريف أبو إبراهيم ابن الميمون العلوي وابن بقاء الوراق والقضاعي وأبو زكرياء البخاري وأبو محمد الجهاري وأبو الفتح ابن باب شاذ وأبو الحسين ابن الدليل والحبال وابن عبد الولي في آخرين. وأخبرنا، رحمه الله، قال؛ حدثنا أبو عبد الله محمد بن الفرج ابن عبد الولي قال؛ حدثنا أبو محمد ابن الوليد قال؛ حدثنا أبو عمر أحمد ابن سعد القيسي قال؛ حدثنا أبو الفرج الحسن بن القاسم الصدفي قال؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 حدثنا فضل بن الحسن بن محمد المعافري قال؛ حدثنا أبو مسافر قال؛ حدثنا أبو يونس محمد بن يزيد بالمدينة قال؛ حدثنا أبو مصعب قال: تقدم مالك بن أنس يصل الصفوف، فإذا الحسين بن عبد الله بن ضميرة فقال له مالك: حدثني حديث أبيك عن جدك عن علي، رضي الله عنه، في وتر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يوتر بثلاث، يقرأ في الأولى بـ {الحمد لله رب العالمين} و {قل هو الله أحد} وفي الثانية بـ {الحمد لله} و {قل هو الله أحد} وفي الثالثة: {الحمد لله} و {قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ، فقال مالك: الحمد لله الذي وافق وتري وتر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قال أبو مصعب: فما تركت ذلك في وتري منذ سمعته من مالك وقال أبو يونس: ما تركت ذلك في وتري منذ سمعت أبا مصعب وقال أبو مسافر: ولا تركت ذلك في وتري منذ سمعت أبا يونس وقال فضل: ولا تركت ذلك في وتري منذ سمعته من أبي مسافر وقال أبو الفرج: ما تركت ذلك منذ سمعته من فضل وقال أبو عمر: ما تركت ذلك منذ سمعته من أبي الفرج وقال أبو محمد ابن الوليد: ما تركت ذلك منذ سمعته من أبي عمر وقال محمد بن الفرج: ما تركت ذلك في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وتري منذ سمعته من ابن الوليد وقال محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي: ما تركت ذلك في وتري منذ سمعته من محمد بن الفرج؛ قال القاضي أبو الفضل عياض: وأنا قد أخذت بذلك منذ بلغني هذا الحديث. وأخبرنا رحمه الله، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي الحضرمي قال: وقف علي مجنون وأنا في دكان عطار بمصر وبيدي سكين أحك بها خشبة فقال: يا شيخ لا تتحرك حركة تفسد بها شيئين، فقلت: ما هما؟ قال: السكين والخشبة، فقلت: صدقت فمضى. وأخبرنا قال؛ أخبرنا القضاعي القاضي بمصر قال؛ أخبرنا محمد بن أحمد بن علي البغدادي قال؛ أخبرنا أبو بكر ابن دريد قال؛ أخبرنا أبو حاتم عبد الرحمن عن الأصمعي قال: قيل لبعض الحكماء: كيف حالك؟ قال: ((كيف حال من يفنى ببقائه ويسقم بسلامته ويؤتى من مأمنه)) . وأخبرنا، رحمه الله، قال: حدثني أبي والحبال، رحمهما الله، قالا؛ حدثنا هبة الله بن إبراهيم الأنماطي قال؛ حدثنا محمد بن محمد الأديب قال؛ حدثنا الحنفي قال؛ حدثنا ابن أبي شيخ قال؛ حدثنا يحيى بن سعيد الأسدي قال: أردت سفراً فأتيت عبد الصمد بن علي أودعه فقال لي: أي يوم تخرج؟ قلت: يوم الخميس قال: ((فتجنب آخر النهار منه؛ فما أحصي كم رجل خرج آخر النهار يوم الخميس فأصيب)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وتوفي أبو عبد الله، رحمه الله، بمصر سنة خمس وعشرين في شهر جمادى منها. 19- أبو عبد الله محمد بن مفرج بن محمد بن سليمان الصنهاجي: أصله من صنهاجة طنجة وانتقل جده إلى الأندلس، فيها ولد أبو عبد الله سنة خمسين وأربعمائة، لقي بالأندلس القاضي أبا الوليد الباجي وسمع منه شيئاً ودرس عنده شيئاً، وسمع من ابنه أبي القاسم كثيراً ومن أبي عبد الله ابن شبرين وابن سهل ومروان ابن سمجون بطنجة وأجازه ابن سهل وابن سعدون وكان رجلاً صالحاً خيراً؛ توفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة. ناولني كتاب الفرق للقاضي أبي الوليد الباجي روايته عن ابنه أبي القاسم عنه. وأنشدنا، رحمه الله، بلفظه قال: أنشدني أبو القاسم ابن الباجي للقاضي أبي الوليد أبيه: إلهي قد أفنيت عمري بطالةً ... ولم يثنني عنها وعيدٌ ولا وعد وضيعته ستين عاماً أعدها ... وما خير عمرٍ إنما خيره العد وقدمت إخواني وأهلي فأصبحوا ... تضمهم أرضٌ ويسترهم لحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وجاء نذير الشيب لو كنت سامعاً ... لوعظ نذيرٍ ليس من سمعه بد تلبست في الدنيا فلما تنكرت ... تمنيت زهداً حين لا يمكن الزهد وتابعت نفسي في هواها وغيها ... وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الرشد وأجهدتها في نيل دنيا ولم أرح ... وكم أسفٍ قد جره ذلك الجهد ولم آت ما قدمته عن جهالة ... فيمكنني عذرٌ ولا يمكن الجحد وها أنا من ورد الحمام على مدىً ... أراقب أن أمسي لديه وأن أغدو وقد فاتني الإعداد بالعمل الذي ... به كان يرجى القرب والفوز والخلد وبعدي عن نار الجحيم وحرها ... وأنى لمثلي عن لظى حرها بعد ولم يبق لي إلا رجائي فضل من ... له الملك والإحسان والجود والحمد يزحزح بالإيمان عني جهنماً ... ويوردها من دينه الكفر والجحد ولا يشمتن بي كافراً كان حقده ... علي لتوحيدي فما صدق الحقد فيا نفس إن فاتتك بالأمس توبةٌ ... فبادر ولا يغررك سوفٌ ولا بعد وراجع فإن الله أكرم راحمٍ ... يقوم بعذر العبد إن راجع العبد وبادر فإن الموت قد جد راحلاً ... فقائده يدعو وسائقه يحدو فلم تبق إلا ساعةٌ إن أضعتها ... فما لك في التوفيق نقدٌ ولا وعد 20- أبو عبد الله محمد بن مسعود المكتب: سمع الدلائي وغيره، سمعت بعض حديثه يقرأ عليه، وتوفي بعد عشر وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 21- أبو عبد الله محمد بن المسلم بن محمد بن أبي بكر القرشي المخزومي الصقلي ساكن الاسكندرية: أخذ عن شيوخ صقلية، وسمع الحديث من أبي العباس الرازي وأبي بكر الطرطوشي، ودرس الكلام والأصول على أبي محمد الحنفي وقرأ عليه مصنفاته، وأخذ أيضاً عن أبي علي الحسن بن محمد الحضرمي، وأخذ عنه مصنفات أبي المعالي الجويني وغير ذلك، ودرس النحو والأدب بصقلية على أبي القاسم ابن القطاع وأبي حفص السوسي، وغلب عليه الكلام والتحقيق وتقدم فيه تقدماً بذ فيه أهل وقته وصنف فيه التصانيف الكبار القوية المأخذ ككتاب البيان لشرح البرهان وكتاب تأييد التمهيد وتقييد التجريد وكتاب المهاد في شرح الإرشاد وغير ذلك، ورحل إليه الناس في هذا الشأن وناظر الفرق. وكتب إلي من مصر بإجازة تواليفه ورواياته؛ وعمر، رحمه الله، فكانت وفاته سنة.. .. 22- محمد بن عبد العزيز بن أبي الخير بن علي الأنصاري، أبو عبد الله: من أهل سرقسطة وسكن أخيراً قرطبة وبها توفي، رحمه الله، سنة ثمان عشرة وخمسمائة. سمع أبا الوليد الباجي وأبا محمد ابن فورتش والدلائي وابن سعدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وأبا داود المقرئ؛ ورحل فلقي عبد الجليل الديباجي ودرس عليه الأصول وعني بذلك وبالحديث والقراءات، وسمع بعد ذلك من الجياني والصدفي وذكر أن الشيخ أبا علي الجياني كتب عنه شيئاً؛ حدث عنه جماعة من الناس فيهم عدةٌ من شيوخنا وأصحابنا، منهم القاضي أبو عبد الله ابن الحاج وغيره؛ وتوفي، رحمه الله، سنة ثمان عشرة وخمسمائة. لقيته بالأندلس وببلدنا سبتة وجالسته ولم أسمع منه بالطائل. 23- أبو عبد الله محمد بن الفرج: له رحلةٌ إلى العراق والشام فسمع من جماعةٍ وأجازوه. منهم أبو الحسين الطيوري وابن البطر وأبو الفضل ابن خيرون وأبو الحسن ابن أيوب وأبو عبد الله ابن أبي كدية القيرواني وأبو زكرياء التبريزي وأبو المعالي ابن بندار وابن الأكفاني وغيرهم، وكل هؤلاء أجازوه جميع رواياتهم. وكتب إلي يجيزني جميع روايته عنهم وعن غيرهم. 24- محمد بن عبد الرحمن بن سعيد النحوي المقرئ، رحمه الله، أبو عبد الله: من أهل قرطبة أخذ عن أبي محمد ابن شعيب المقرئ وأبي مروان ابن سراج وغيرهما. وقرأ بجامع قرطبة زماناً، وأخذ عنه الناس النحو والقراءات والأدب، وخرج عن قرطبة ثم عاد إليها. سمعت عليه بقراءة غيري بعض شيءٍ مما عنده، وتوفي سنة خمس وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وحدثنا، رحمه الله، فيما قرئ عليه وأنا أسمع عن أبي مروان ابن سراج حدثنا أبو القاسم ابن الإفليلي حدثنا أبو زكرياء العائذي وحدثنا أحمد بن خالد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا القاسم بن سلام القاضي حدثني حجاج عن شعبة عن قتادة عن يونس ابن جبير عن محمد بن سعد عن أبيه سعد أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: ((لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خيرٌ له من أن يمتلئ شعراً)) . 25- محمد بن عبد الله المعروف بالموروري: الشيخ المقرئ من المتصدرين بسبتة لإقراء القرآن مدة عمره، وكان مسناً قائماً بعلم القراءات واختلاف القراء. قرأت عليه القرآن عدة ختمات؛ وتوفي، رحمه الله، في حدود خمسمائة. 26- محمد بن عقال السرقسطي المقرئ، أبو عبد الله: شيخٌ له روايةٌ وسماعٌ من الباجي والعذري، ورحلةٌ حج فيها ولقي جماعة ًبمكة وغيرها. جالسته كثيراً وحدثني بكتاب أبي الليث نصر بن محمد السمرقندي الواعظ المفسر المسمى بكتاب تنبيه الغافلين مناولة من يده إلى يدي قال؛ حدثني به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الإمام بالمسجد الحرام أبو داود ستويه بن إسماعيل الحنفي سنة ثمانين وأربعمائة قال؛ حدثنا أبو منصور أحمد بن القاسم التميمي الزاهد قال؛ حدثنا الواعظ أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي ببخارى حدثنا الواعظ أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي بجميع تأليفه هذا، وأخبرنا بسنده عنه قال؛ حدثنا الفقيه أبو جعفر يرفع حديثه عن ابن مسعود أنه قال: ((أصدق الحديث كلام الله، وأشرف الحديث ذكر الله، وأشد العمى عمى القلب. ما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى. وأشد الندامة ندامة يوم القيامة، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان والشباب شعبةٌ من الجنون، وشر المكاسب الربا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب)) . 27- محمد بن أحمد الأموي المقرئ، رحمه الله، الشيخ العدل أبو عبد الله: أخبرني بكتاب الهداية للمهدوي في القراءات عن الشيخ أبي محمد عبد العزيز القروي المؤدب عنه، وقد ذكرنا سندنا فيه أيضاً عن ابن سليمان وعن أبي محمد عبد العزيز؛ كان قرأ أبو عبد الله المذكور على أبي الحسن الحصري الأديب وأحمد بن الجابرية، وسمع البخاري من عبد الله بن محمد بن عبد الله بن غالب عن أبي ذر الهروي وكان عدلاً متصاوناً؛ وتوفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. 28- محمد بن خميس أبو عبد الله الصوفي الشيخ الصالح: كان من أهل غرب الأندلس وكان ملازماً بإشبيلية كثيراً ويضرب في الأرض يبتغي فضل الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 برأس مويلٍ معه، وكان من أهل التقشف التام والصلاح والفضل والاستقلال بعلم آفات الأعمال والإخلاص والرقائق، والتكلم على كتب حارث المحاسبي وطبقاته والحفظ لكلامهم. وله تأليف سماه بالمنتقى من كلام أهل التقى سمعت منه بعضه من لفظه، وجالسته كثيراً، رحمه الله. وأجازني كتاب الرعاية لحارث المحاسبي ولا أذكر سنده فيها وقد أخبرنا بها أبو علي الحافظ عن أبي القاسم حاتم بن محمد عن أبي بكر ابن عزرة عن أبي بكر محمد بن أحمد البغدادي عن أحمد بن محمد بن ميمون الصواف عنه، ولنا فيه أسانيد أخر. وكان مختصاً بالقاضي أبي عبد الله ابن شبرين وصاحباً له. 29- محمد بن علي يعرف بابن الصيقل الشاطبي: من أهل صناعة الحديث وممن يفهم هذا العلم، صحب أبا الحسن ابن مفوز وبه انتفع وسمع ابن سعدون والجياني ورحل لسجلماسة فسمع من بكار بن الغرديس صاحب أبي ذر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الهروي، وقد شاركنا في بعض شيوخنا وسمع منه الناس، وأخبرني بحكايات. واستوطن فاس وبها توفي بعد سنة خمسمائة. حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي من لفظه قال؛ حدثنا أبو الحسن طاهر بن مفوز، رحمه الله، قال: كان أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحاج الهواري من أهل جزيرة شقر ممن لزم القاضي أبا الوليد الباجي وتفقه عنده. فكان حسن الفهم وكان يميل إلى مذهب أبي الوليد الباجي في جواز مباشرة النبي، صلى الله عليه وسلم، الكتابة بيده في حديث ((كتاب المقاضاة في الحديبية)) على ما جاء في ظاهر بعض رواياتها ويعجب به، وكنت أنكر ذلك عليه فلما كان بعد برهةٍ أتاني زائراً على عادته وأعلمني أن رجلاً من إخوانه كان يرى في النوم أنه بالمدينة وأنه يدخل المسجد فيرى قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أمامه فيجد له قشعريرة وهيبة عظيمة ثم يراه ينشق ويميد ولا يستقر فيعتريه منه فزعٌ عظيم. وسألني عن عبارة رؤياه فقلت: أخشى على صاحب هذا المنام أن يصف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بغير صفته أو ينحله ما ليس له بأهل أو لعله يفتري عليه. فسألني: من أين قلت هذا؟ فقلت له: من قول الله تعالى: {تكاد السموات يتفطرن منه} إلى قوله تعالى {ولدا} , فقال لي: لله درك يا سيدي! وأقبل يقبل رأسي وبين عيني ويبكي ويضحك أخرى، ثم قال لي: أنا صاحب الرؤيا واسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 تمامها يشهد لك بصحة تأويلك قال؛ إنه لما رأيتني في ذلك الفزع العظيم كنت أقول: والله ما هذا إلا لأني أقول وأعتقد أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كتب فكنت أبكي وأقول: أنا تائب يا رسول الله، وأكرر ذلك مراراً، فأرى القبر قد عاد إل هيئته أولاً وسكن فاستيقظت ثم قال لي: وأنا أشهد بأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما كتب حرفاً قط وعليه ألقى الله تعالى. فقلت له: الحمد لله الذي أراك البرهان فاشكره شكراً كثيراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 حرف الألف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 حرف الألف من اسمه أحمد 30- الفقيه الحاكم أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد: من أجل بيوت العلم بقرطبة وأعرفهم في ذلك وبقية مشيختها، ولي الفتيا بقرطبة والحكم ثم تخلى عنه وطلب أخيراً للقضاء فامتنع. سمع من أبيه وأبي عبد الله ابن منظور وتفقه عند ابن الطلاع وسمع منه وأجازه الدلائي. حدثني بمسند جده بقي بن مخلد ومصنفه عن أبيه محمد عن أبيه أحمد وعمه عبد الرحمن عن أبيهما مخلد عن أبيه عبد الرحمن عن أبيه أحمد عن أبيه بقي بن مخلد مصنفهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وكذلك أجازني جميع ما رواه عن شيوخه، وقرأت عليه وهو يسمع كتاب الأربعين حديثاً للآجري وحدثني بها عن الدلائي عن أبي بكر البزاز عنه وسنذكر أسانيدنا الأخر فيه بعد هذا إن شاء الله تعالى. وناولني كتاب معجم رجال أبي ذر الهروي وحدثي به عن أبي عبد الله محمد بن منظور القيسي عنه. وتوفي، رحمه الله، منسلخ ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة عن سن عالية وقد أصيب بصره؛ مولده في شعبان سنة ست وأربعين وأربعمائة. حدثنا، رحمه الله، قال: حدثني أبي محمد بن أحمد قال؛ أخبرنا أبي أحمد بن مخلد قال؛ حدثنا أبي مخلد بن عبد الرحمن قال؛ حدثنا أبي عبد الرحمن بن أحمد بن بقي قال؛ حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال؛ حدثنا بقي بن مخلد جدهم الأكبر قال: لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله وإسحاق ابنا يحيى بن يحيى فقالا لي: بلغنا أنك وضعت كتاباً قدمت فيه أبا المصعب الزهري ويحيى بن بكير وأخرت أبانا؛ فقلت لهما: أما تقديمي لأبي المصعب فلقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((قدموا قريشاً ولا تقدموها)) وأما تقديمي لأبي بكير فلسنه وقد قال رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 الله، صلى الله عليه وسلم: ((كبر كبر)) ولأنه سمع الموطأ من مالك سبع عشرة مرة وأباكما لم يسمعه إلا مرة واحدة فخرجا من عنده وخرجا معه إلى حد العداوة. وحدثنا، رحمه الله، فيما قرئ عليه وأنا أسمع وقال: حدثنا به أبو العباس أحمد بن عمر فيما كتب إلينا به عن أبي بكر البزاز عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي بكر الفرياني قال؛ حدثنا هشام بن عمار الدمشقي حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عثمان ابن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ((عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبل أن يرفع ثم جمع بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس)) . 31- الوزير أبو جعفر أحمد بن سعيد بن خالد بن بشتغير اللخمي: من سكان لورقة له سماعٌ كثير واعتناءٌ قديم، سمع ابن صاحب الأحباس وابن وردون وابن المرابط وطاهر بن هشام والدلائي وأبا محمد حجاج ابن المأموني والجياني وابن سعدون وغيرهم، وكان ثقة واسع الرواية كثير الأخذ. أجازني جميع رواياته من ذلك: كتاب اختلاف الموطآت للدارقطني عن الدلائي عن أبي ذر الهروي عن مؤلفه أبي الحسن الدارقطني. وكتاب الجامع لنكت الأحكام المستخرج من الكتب المشهورة في الإسلام تأليف أبي القاسم زيدون بن علي السبيعي حدثني به عن عبد القادر ابن الحناط عن أبي حفص ابن الحذاء عن مؤلفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وكتاب النصائح لأبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفقيه أخبرني به عن القاضي أبي عبد الله ابن المرابط عن أبي علي بن غسان عن أبي عبد الله ابن أبي زمنين عن أبي إبراهيم وروايته واسعة وشيوخه عدة أخذ عنه الناس؛ توفي، رحمه الله، سنة ست عشرة وخمسمائة. وحدثنا، رحمه الله، من كتابه قال؛ حدثني أبو القاسم الجراوي قال؛ حدثني أبو ذر الهروي حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان حدثنا الحسن بن أحمد بن بسطام حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال؛ سألت أبا أسامة: أيما كان أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لا يعدل بأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحد. قال أبو ذر: وحدثنا أبو الفضل ابن أبي القاسم أخبرنا أحمد بن بجرة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص حدثنا أبو عبد الرحمن عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال؛ قال ابن عباس، رضي الله عنه: ((يا ميمون لا تسب السلف وادخل الجنة بسلام)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 ومما أجازنيه جميع رواية الدلائي والباجي وابن عبد البر والطرابلسي وأبي محمد المسيلي السبتي وأبي عبد الله ابن خليفة وغيرهم. 32- أبو العباس أحمد بن عثمان بن مكحول: سمع بالأندلس من أبي بكر ابن الغراب البطليوسي وغيره، وله رحلةٌ قديمة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ورواية واسعة عن المكيين والمصريين وغيرهم: أبي محمد ابن الوليد والقضاعي وأبي محمد عبد الحق الصقلي وابن باب شاذ وكريمة بنت أحمد وغلب عليه النظر في علم الطب والتقدم فيه وبه اشتهر، وقد حدث عنه جماعة من الناس. حدثني بكتاب الشهاب إجازةً عن مؤلفه القاضي القضاعي، وسمعته أيضاً على الفقيه الحافظ أبي علي والفقيه أبي محمد ابن أبي جعفر حدثاني به عن أبي الخيار مسعود بن خلف عن القضاعي. قال القاضي أبو علي: وحدثني به أيضاً أبو عبد الله الحميدي وأبو منصور المالكي عن مؤلفه وقد رويته عن غير هؤلاء. وحدثني الشيخ أبو العباس بكتاب العدد من تأليف القضاعي عنه، وقد حدثني به بهذين الكتابين عن القضاعي بالإجازة أبو الحسن ابن مشرف وأبو عبد الله الرازي، رحمهما الله، عن مؤلفه. وتوفي بالمرية في شعبان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 33- الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني: نزيل الاسكندرية أحد المكثرين بها وبقية المسندين تفقه للشافعي ودرس الكلام والأصول والأدب، ولقي مشايخ خراسان والعراق في ذلك وغلب عليه علم الحديث والرواية؛ وكان فاضلاً نبيهاً متفنناً شاعراً مطبوعاً. سمع من رجال بلده وغيرهم من أهل خراسان والثغور وشيوخ العراق ومصر؛ وسمع منه كثيراً وسكن اسكندرية فأخذ عنه الناس. وكتب إلي يجيزني جميع رواياته ومجموعاته. أخبرنا، رحمه الله، فيما كتب به إلي قال؛ حدثنا أبو الحسين الطيوري حدثنا أبو الحسن الفالي حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا ابن خلاد القاضي حدثنا يوسف بن مسطاح قال؛ سمعت أحمد بن المقدام العجلي أبا الأشعث يقول: كتب إلي جماعة يسألونني إجازة فكتبت إليهم: كتابي هذا فافهموه فإنه ... كتابٌ إليكم والكتاب رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وفيه سماعٌ من رجال لقيتهم ... لهم بصرٌ في علمهم وعقول فإن شئتم فارووه عني فإنكم ... تقولون ما قد قلته وأقول ألا فاحذروا التصحيف فيه فربما ... يغير معقولٌ به ومقول وأخبرنا فيما كتب به إلينا قال؛ حدثنا أبو الحسين الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسن الفالي حدثنا القاضي أبو عبد الله ابن خربان قال؛ حدثنا القاضي أبو محمد ابن خلاد قال؛ حدثنا علي بن محمد بن ابن الحسين حدثنا محمد بن هارون الموصلي حدثنا عبيد الله بن جناد قال: عرضت لابن المبارك فقلت له: أمل علي فقال: أقرأت القرآن؟ قلت: نعم، فقرأت عشراً فقال: هل علمت ما اختلف الناس فيه من الوقف والابتداء قلت: أبصر الناس بالوقف والابتداء فقال: {مدهامتان} فقلت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 له: آية قال: فالحديث سمعته من أحد غيري؟ قلت: نعم قال: فحدثني، قال: فحدثته في المناسك بأحاديث فقال: أحسنت هات ألواحك، فأخرجت ألواحي؛ ثم قال لي: من أين أنت؟ قلت: من بغداد قال: قم قلت: هل رأيت إلا خيراً؟ قال قم، قلت: امرأتي طالق ثلاثاً إن قمت أو تملي علي وتفتيني وتغنيني أقولها أربعاً. قال اكتب: أيها القارئ الذي لبس الصوف ... وأمسى يعد في الزهاد الزم الثغر والتواضع فيه ... ليس بغداد منزل العباد إن بغداد للملوك محل ... ومناخٌ للقارئ الصياد قلت: من الناس؟ قال: العلماء قلت: من الملوك؟ قال: الزهاد قلت: من الغوغاء؟ قال: هرثمة وخزيمة بن خازم قلت: من السفلة؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره. وأخبرنا، رحمه الله، فيما كتب به إلينا قال؛ أنشدني إسماعيل بن عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الجرباذقاني قال؛ أنشدنا عبد الملك بن سلمان الأديب أنشدنا أبو غانم القصري لنفسه: نحن نخشى الإله في كل كربٍ ... ثم ننساه عند كشف الكروب كيف نرجو استجابةً لدعاءٍ ... قد سددنا طريقه بالذنوب ومن شعر أبي طاهر السلفي فيما أجازنيه وأخبرني به الفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن وضاح عنه قوله: ما لي لدى ربي جزيل وسيلةٍ ... إلا اتباعي دينه ويقيني والدين حصنٌ للفتى وعقيدتي ... أن القليل من اليقين يقيني 34- الشيخ الكاتب الراوية أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن طريف بن سعد: قديم السماع؛ سمع من أبي عمر ابن الحذاء وأبي القاسم الطرابلسي والقاضي سراج بن عبد الله وأبي القاسم عبد الوهاب المقرئ وأبي عبد الله ابن عتاب وأبي بكر ابن منظور وأبي مروان الطبني وأبي مروان ابن سراج وأبي مروان ابن مالك وأبي مروان ابن حيان وأبي عمر ابن القطان، وأجازه ابن عبد البر وابن الوليد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 لقيته بقرطبة أخبرني بكتاب ساطع البرهان تأليف ابن مالك الفقيه عنه، وكتاب المفتاح في القراءات تألف ابن عبد الوهاب عنه، وأجازني جميع روايته. وكان شيخاً أديباً عاقلاً من أهل البلاغة عارفاً بالأدب والنحو واللغة كثير السماع. لم يكن عنده أصول، سمع منه الناس كثيراً لعلو سنده. وتوفي، رحمه الله، يوم الجمعة آخر يوم من صفر من سنة عشرين وخمسمائة؛ مولده آخر سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. 35- الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن غلبون الخولاني يعرف بابن الحصار: من أهل إشبيلية لقيته بها وأجازني جميع روايته وناولني بعضها. ومن ذلك جميع ما أجازه أبو ذر الهروي بجميع رواياته وتآليفه، وما أجازه أبو القاسم اللبيدي الفقيه وأبو عمران موسى بن عيسى الفاسي الفقيه وأبو عمرو الداني والقاضي يونس بن مغيث وغيرهم. وحدثني بالموطأ عن أبي عمرو عثمان بن أحمد سماعاً عليه وعن يونس بن عبد الله بن مغيث عن أبي عيسى عن عبيد الله عن يحيى بن يحيى، وبكتاب اللبيدي عنه إجازة له، وبكتاب أحمد بن نصر الداودي عن أبي عبد الملك البوني عنه، وبكتاب أبي عبد الملك البوني عنه، وبكتاب ابن الجلاب عن المسدد بن أحمد عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وأجازني فهرسة أبيه الكبيرة. وكان واسع الرواية لكن لم تكن عنده كتب ولا معرفة وإنما كان يسمع في أصول شيوخه وغيرهم الموافقة لأصول شيوخه الموثوق بها؛ ومات عن سن عالية في شهر شعبان سنة ثمان وخمسمائة مولده سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وقد سمع منه أعيان من الشيوخ واستجازوه، وحدثوا عنه. منهم القاضي أبو عبد الله ابن الحاج وأبو بكر ابن مفوز وأبو بكر ابن فتحون والقاضي أبو الحسن ابن شريح ابن أخته وأبو عبد الله مالك بن وهيب وغير واحد. وحدثنا، رحمه الله، قال؛ أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن هشام بن جهور حدثنا أبو القاسم السقطي حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق حدثنا محمد بن أحمد بن عبد البر العبدي حدثنا أبو الحسن حدثنا أبو موسى الأنصاري: سمعت ابن عيينة يقول: ((عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة)) . وقال سفيان للفضيل: ((إن لم نكن صالحين فإنا نحب الصالحين)) . وأخبرنا، رحمه الله، قال؛ حدثني أبي حدثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن أحمد اليحصبي أخبرنا أبو زكرياء العائذي أخبرنا أبو علي الأسيوطي قال: سمعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 أبا علي الحسين بن محمد الطرسوسي سمعت أبا بكر العابد بالمصيصة يقول: ((هذه الأعمار رؤوس أموال يعطيها الله العباد فيتجرون فيها فمن رابحٍ فيها وخاسرٍ، وأنا قد أعطيت منها رأس مالٍ كبير، فليت شعري أرابحٌ أنا أم خاسر؟ والله ما أتكل إلا على سعة رحمة الله العفو الغفور)) . قال أبو الأصبغ: وقد قلت في هذا: أرى عمر الأنام كمال تجرٍ ... سعوا فيه لربحٍ أو خساره فمنهم من يروح بغير ربحٍ ... ومنهم من له فضل التجاره 36- أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز اللخمي، رحمه الله، يعرف بابن المرخي: أصله من إشبيلية وسكن قرطبة وكان يفهم علم الحديث ويحسن الضبط وروى كثيراً وقيد واتقن واختص بأبي علي الجياني وأكثر عنه، وأخذ عن الأعلم وأبي مروان ابن سراج وأبي بكر المصحفي وغيرهم وله حظ جيد من الأدب والخبر وكان الجياني يثني عليه ويقدمه. حدثني الوزير أبو العلا ابن زهر أن الجياني حضه عل صحبته وتصحيح الحديث عليه وعلى أبي بكر ابن مفوز قال؛ وقال لي: ليس من هنا إلى مكة في هذا الباب مثلهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 قرأت عليه بعض حديثه بقرطبة وصحبته كثيراً وذاكرته، وسمعت منه بلفظه أشياء؛ وقد سمع منه الناس كثيراً بإشبيلية. وتوفي، رحمه الله، بقرطبة ليلة الجمعة لثمان بقين لربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. حدثنا الفقيه الحافظ أبو علي الحسين بن محمد الغساني فيما كتبه لي بخطه وحدثنا به عنه قراءة عليه الفقيه الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز اللخمي قال؛ حدثنا حكم بن محمد الجذامي قال؛ أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس المعروف بابن البناء قال؛ أخبرني أبو العباس محمد بن إسماعيل قال؛ حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال؛ حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي المقرئ قال؛ حدثنا عبد الله بن حسان العنبري أحد بني كعب ابن العنبر قال: حدثني جدتاي صفية بنت عليبة ودحيبة بنت عليبة وكانتا بنتي قيلة بنت مخرمة، وكانت قيلة جدة أبيهما؛ أنهما أخبرتهما قيلة بنت مخرمة أنها كانت تحت رجل من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 بني عدي وأنه توفي وترك عليها بنات لها فانتزعهن منها عمهن أثوب بن أزهر. وأنها أرادت الخروج إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بدء الإسلام، فبكت جويرية منهن حديباء قد أخذتها الفرسة عليها سبيج لها من صوف وهي أصغرهن، فرحمتها فحملتها معها على الجمل. ثم انطلقتا ترتكان الجمل فانتفجت الأرنب فقالت الحديباء: الفصية والله لا يزال كعبك أعلى من كعب أثوب في هذا الحديث أبداً؛ ثم سنح الثعلب فسمته اسماً غير الثعلب، نسيه عبد الله بن حسان، وقالت فيه مثل ما قالت في الأرنب. قالت: فبينما نحن نسير إذ برك الجمل فوقعت عليه الرعدة فقالت الحديباء: أدركت والأمانة أخذة أثوب، فقلت واضطررت إليها، ويحك فما أصنع؟ قالت: قلبي ثيابك ظهورها لبطونها وتدحرجي ظهرك لبطنك وقلبي أحلاس جملك وخلعت الحديباء سبيجها وتدحرجت ظهرها لبطنها قالت: ففعلت ما قالت فانتفض الجمل ففاج وبال فقالت: أعيدي عليه أداتك ففعلت، ثم انطلقنا نرتك فإذا أثوب يسعى خلفنا بالسيف صلتاً، فوألنا إلى حواء أراه واقتحمت داخله بالجارية حتى ألقي الجمل إلى رواق البيت الأوسط؛ فأدركني بالسيف فأصابت. قال أبو إسحاق إبراهيم بن مرزوق: أظنه قال: ظبته طائفةً من قرون رأسيه، ثم قال: ألقي إلي ابنة أخي يا دفار قالت: فرميت إليه بها وكنت أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 به من أهل البيت فجعلها على منكبه فذهب بها، ثم انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان ألتمس الصحابة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بدء الإسلام. قالت: فبينما أنا عندها ذات ليلة من الليالي تحسب أني نائمة إذ جاء زوجها من السامر فقال: وأبيك لقد أصبت لقيلة صاحباً صاحب صدق حريث بن حسان الشيباني غادياً ذا صباح وافد بكر بن وائل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت أختي: الويل لي لا تسمع بهذا الحديث أختي فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها من قومها رجل، فقال: لا تذكريه لها فإني غير ذاكره لها؛ وقد سمعت ما قال فقمت إلى جملي فشددت عليه وسألت عنه فإذا هو غير بعيد وإذا ركابه مناخة عنده، فسألته الصحابة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم وكرامة؛ وانطلقت معه صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر قد أقيمت حين شق الفجر والنجوم شابكة في السماء والرجال لا تكاد تعارف مع ظلمة الليل فصففت مع الرجال [وكنت] امرأة حديثة عهد بجاهلية، فقال لي الرجل الذي إلى جنبي: امرأة أنت أم رجل؟ فقلت: امرأة فقال: تأخري في النساء وراءك فقد كدت تفتنينني قالت: فنظرت فإذا صفٌ من نساء قد حدث في الحجرات لم يكن بعهدي إذ دخلت فكنت معهن فكنت إذا رأيت رجلاً ذا رواء وقشر طمح إليه بصري لأرى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فوق الناس؛ فلما ارتفعت الشمس جاء رجل فقال: السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((وعليك السلام ورحمة الله)) . وإذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جالس القرفصاء عليه أسمال ملببتين كانتا من زعفران قد نفضتا معه عسيب نخلة مقشور غير خويصتين من أعلاه، قالت: فلما رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، متخشعاً في الجلسة أرعدت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 من الفرق، فقال له جليسه: يا رسول الله أرعدت المسكينة فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيده وأنا عند ظهره: ((يا مسكينة عليك السكينة)) قالت: فلما قالها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أذهب الله ما كان في قلبي من الرعب. وتكلم صاحبي أول رجل فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه ثم قال: اكتب لنا بالدهناء يا رسول الله بيننا وبين بني تميم لا يجاوزها منهم إلينا إلا مسافر أو مجاور فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((اكتب له بالدهناء يا غلام)) قالت: فشخص في وهي وطني وداري، ثم قلت: يا رسول الله إنه والله ما سألك السوية في الأرض إذ سأل، هذه الدهناء وراءك مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((صدقت المسكينة أمسك يا غلام. المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان)) . قال عبد الله بن حسان: يعني الكفار. قالت: فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه ضرب إحدى يديه على الأخرى ثم قال: إن كنت أنا وأنت كما قال: ((حتفها تحمل ضأن بأظلافها)) ، قالت: فقلت: أما والله إن كنت ما علمت لدليلاً في الظلماء جواداً بذي الرحل عفيفاً عن الرفيقة حتى قدمت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تلمني أن أسأل حظي إذ سألت حظك. قال: وما حظك في الدهناء لا أبالك؟ قالت: مقيد جملي أردته لجمل امرأتك قال: أما والله لا أزال لك أخاً ما حييت إذ أثنيت علي هذا عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: أما إذ بدأتها فلم أضيعها. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((أيلام ابن ذه أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجزة)) قالت: فبكيت، ثم قلت: يا رسول الله، والله لقد كنت ولدته حزاماً قاتل معك يوم الربذة ثم أتى خيبر يمتري منها فأصابته حماها وترك على النساء قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمدٍ بيده لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك)) أو لجررت على وجهك)) . لا يدري عبد الله بن حسان أي هذين الحرفين حدثته المرأتان ((أيغلب أحيدكم أن يصاحبه صاحبه في الدنيا معروفاً، حتى إذا حال بينه وبين من هو أولى به منه، قال: ربي أسني ما أمضيت وأعني على ما أبقيت. والذي نفس محمد بيده إن أحيدكم ليبكي فيستغفر له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم)) . قالت: ثم كتب لي في قطعة أديم: ((لقيلة والنسوة بنات قيلة ألا يظلمن حقاً ولا يكرهن على منكحٍ. وكل مؤمنٍ ومسلمٍ لهن نصيرٌ. أحسن ولا تسئن)) . قال ابن أبي خيثمة: حدثني عبد الله بن حسان حدثني عمي زاهر بن حرب قال: زعموا أن عبد الله بن حسان كان إذا قعد احتوشه الناس، فيحدثهم حديثه بعشرة، ثم بخمسة، ثم بدرهمين، ثم بأربعة دوانق، ثم حديثان بدرهم، ثم حديث بدانقين. وقد روى عنه عبد الله بن المبارك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 37- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري الشارقي الواعظ أبو العباس: شيخٌ صالحٌ مسن من أهل الأندلس مشهور، وسكن فاس مدة وسكن سبتة كثيراً وتكرر عليها، وله رحلة حج فيها وسمع من كريمة كتاب البخاري ودخل العراق فدرس على أبي إسحاق الشيرازي وسمع من أبي الفتح التنكتي الشاشي وسمع محمد بن صدقة بميافارقين وعبد الجليل الساوي وسمع منه، وكان مشاركاً في معرفة الأصول والفقه على مذاهب أهل العراق وطريق الحجاج والنظر، ولم يكن بالمستقل بذلك وكان يعظ الناس ويذكرهم؛ رجلاً صالحاً متبتلاً. جالسته غير مرةٍ وسمعت كلامه واغتنمت دعاءه؛ وتوفي في شرق الأندلس قريب سنة خمسمائة. وحدثنا عنه، رحمه الله، بعض أصحابنا قال: حدثني محمد بن صدقة الفقيه بمدينة ميافارقين قال؛ حدثنا الشيخ الزاهد العبد الصالح محمد بن بيان الكازروني قال؛ ((لما دخل عبد الوهاب قرية اسعرد من بلاد الكرد عند جبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الجودي نزل بها على ابن علون رئيس القرية، وكان عنده شعراء ينشدونه في كل فصل من السنة ويعرض أشعارهم على القاضي، حتى رأى فيها يوماً ذكراً لفضله بعد ذكر الرئيس المذكور ورأى فيه تعريضاً به إلى كمال فضله: ((لولا قصوره عن قول الشعر)) فعلم أن الشعراء تواطأوا مع الرئيس على هذا ليجربوه هل يحسن الشعر أم لا، فكتب إلى الرئيس بشعر طويل على قافية الذال المعجمة أوله: أبغي رضاكم جاهداً حتى إذا ... أملت حسنى عاد لي منكم أذى إني لأصبح من تجن خائفاً ... وبسلمكم من حربكم متعوذا فإلام صبري في التعنت منكم ... وإلام إغضاء الجفون على القذى في أبيات قال في آخرها: يا شاعراً ألفاظه في نظمها ... درراً غدت وزبرجداً وزمرذا خذها فقد نسقتها لك ساهراً ... فيها وحق لمثلها أن يؤخذا حتى تظل تقول من عجبٍ بها ... من قال شعراً فليقله هكذا 38- الشيخ أحمد بن خليفة بن قاسم بن منصور بن عبد الله الخزاعي المكي: كتب إلي من مكة يجيزني كتاب البخاري عن كريمة سماعه منها بسندها المعلوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 39- أبو العباس أحمد بن عمران الأنصاري الطليطلي: صاحبنا سمع معنا من أبي عبد الله ابن عيسى وقد سمع من أبي علي الجياني بقرطبة وأخذ عن أبي المطرف بن سلمة بطليطلة. قرأت عليه إصلاح الغلط لابن قتيبة في رده على أبي عبيد، وحدثني به عن أبي علي الجياني عن أبي مروان ابن سراج وقد تقدم سنده فيه أول الجزء في ترجمة محمد بن عيسى. وقرأت عليه أيضاً أحاديث عالية كانت عنده عن الجياني وكان عندنا عن الجياني إجازة. وتوفي، رحمه الله، سنة.. .. .. 40- أحمد بن قاسم الصنهاجي أبو العباس: شيخٌ لا بأس به من أهل العلم والخير له سماع من أبي علي ابن خالد وأبي عبد الله محمد بن عيسى بن علاء البليشي وأبي الأصبغ ابن سهل وغيرهم. حدثني، رحمه الله، قال؛ أخبرني الفقيه أبو علي ابن خالد وأبو عبد الله محمد بن عيسى ابن البليشي قالا؛ حدثنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي ابن الشيخ قال؛ حدثنا وهب بن مسرة عن محمد بن وضاح عن سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي، عليه السلام، الخبر المذكور في سبتة. وأنا أتبرأ من عهدته ولولا شهرة الحديث له بها ما ذكرته. ونصه؛ قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 سمعت عبد الله بن عمر يقول: في المغرب مدينة سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول فيها: ((إنها على مجمع مجرى المغرب وهي مدينة بناها سبت بن سام بن نوح واشتق لها اسماً من اسمه فهي سبتة ودعا لها بالبركة والنصر فلا يريد بها أحدٌ سوءاً أو بأهلها سوءاً إلا رد الله دائرة السوء عليه)) . وقد سمعت غير واحدٍ من شيوخنا يذكر هذا الخبر من رواية ابن الشيخ ورواه عنه جماعة من شيوخ بلدنا ووجدته بخط كبرائهم. وهو حديث موضوع لا شك فيه ولم يخرج إلا عن ابن الشيخ وهو في فضله وعلمه ودينه ممن لا يتهم لكن لا أدري من حيث دخلت عليه فيه الداخلة والحمل فيه عليه بكل حال. 41- أحمد الزنقي أبو العباس المعروف بابن الزنقي: شيخ المتكلمين على مذهب أهل الحق في وقته؛ لقيته في وقت رحلتي بقرطبة وجالسته وسألته، رحمه الله. 42- أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق الخزرجي المقرئ أبو جعفر: أحد شيوخ القراء بجامع قرطبة المتصدرين الأعلياء السند، أخذ عن أبي القاسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 الخزرجي وأبي عبد الله الطبني ومكي بن أبي طالب وغير واحد، لقيته بقرطبة وجالسته؛ توفي بها بعد فصولي عنها في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وخمسمائة وهو ابن تسعين سنة، مولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. 43- أحمد بن طاهر بن علي بن شبرين بن علي بن عيسى الأنصاري: من أهل دانية من كبراء أصحابنا وممن عني بالحديث والرواية ورحل فيه وفهم الطريقة واتقن الضبط واتسع في الأخذ والسماع. أخذ عن الجياني والصدفي وابن بشير وأبي محمد ابن العسال وأبي داود المقرئ وغير واحد من مشايخ الأندلس، وعن أبي عبد الله المازري وأبي مروان الحمداني وغيرهما من مشايخ أفريقية وكان علم الحديث أغلب عليه ويميل في فقهه إلى الظاهر. وله تصانيف في الحديث منها أطراف الموطأ، ورجال مسلم وغير ذلك وقلد الشورى ببلده وطلب لقضائه فامتنع وكان فاضلاً خيراً صيناً، أخذ عنه الناس، لقيته ببلدنا وجالسته كثيراً وسمعت منه فوائد؛ توفي في نحو عشرين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 بقية حرف الألف من اسمه إبراهيم 44- الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن أحمد اللواتي يعرف بابن الفاسي: كان من أهل الفقه والعلم والمعرفة بالوثائق والبصر بالأحكام والتفنن في معارف، صحب القاضي أبا الأصبغ ابن سهل وتفقه عنده وسمع منه وكتب له أيام قضائه ومنه تعلم، وسمع أيضاً الفقيه أبا عبد الملك مروان بن عبد الملك والمقرئ أبا محمد ابن سهل، وكتب للقضاة بسبتة وشوور في الأحكام ثم قعد عن ذلك وانقبض عن الناس واشتغل بنفسه وطلب الانفراد والتقلل والزهد في الدنيا؛ وقد طلب لقضاء سبتة وولاية خطابتها فامتنع ولم يجب فلزم ذلك إلى أن توفي، رحمه الله، في الثامن من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. صحبته كثيراً وقرأت عليه غير شيء، من ذلك: الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي قرأته كله عليه وسمعته بقراءة غيري أيضاً، وقرأت عليه أيضاً شرح غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام، والملخص للقابسي، وسمعته عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 غير مرة، ورسالة أبي محمد ابن أبي زيد وقد ذكرنا سنده في جميعها قبل. ومما قرأت عليه كتاب الأربعين حديثاً للآجري حدثني بها عن القاضي ابن سهل عن حاتم الطرابلسي عن أبي حفص الجهني عن الآجري. وقرأت جميعه أيضاً على الفقيه أبي الحسن يونس بن مغيث عن الطرابلسي بسنده، وعلى الحاكم أبي القاسم ابن بقي وقد ذكرت سنده عند ذكره. وكتاب الانتصار لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للأصيلي قرأته عليه وحدثني به عن ابن سهل عن أبي القاسم الطرابلسي [عن أبي القاسم المهلب عنه. وكتاب فضل عشوراء جمع أبي ذر، قرأته عليه حدثني به عن ابن سهل عن الطرابلسي] عنه؛ ووصية الإمام مالك بن أنس لطلبة العلم أو وصية يحيى بن يحيى لطلبة العلم، قرأت ذلك عليه وحدثنا عن ابن سهل عن الطرابلسي عن القنازعي عن أبي عيسى عن أبي عثمان ابن فحلون قال: حدثنا أبو المعلى عبد الأعلى بن معلى حدثنا عثمان بن أيوب أخبرنا يحيى بن يحيى قال: قال مالك. وموعظة داود بن جهور بالنظم والنثر سمعتها عليه حدثني بها عن ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 سهل عن أبي عبد الله ابن عتاب عن عبد الرحمن بن حوبيل عن أبي عيسى عن أحمد بن محمد بن عبادل عن أبي بكر محمد ابن أبي مسهر. وكتاب رد الأصيلي على أصحابه الأندلسيين بسند كتاب الانتصار المذكور قبل وكتبت عنه غير شيء. ومما قرأته عليه نسخة حديث أبي الدنيا المعمر علي بن عثمان بن خطاب الأشج وحدثني به عن ابن سهل عن أبي عبد الله ابن عتاب عن أبي القاسم خلف بن يحيى والقاضي يونس بن عبد الله والفقيه أبي عبد الله ابن الفخار وكلهم عن أبي جعفر تميم ابن أبي العرب عن أبي الدنيا، وحدثنا بها أيضاً الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد عن القاضي يونس بمثله كذا سماه لنا علي ابن عثمان وكذا سماه ابن سهل في فهرسته وابن عتاب في فهرسته. وذكره أبو عبد الله ابن البيع في كتابه وسماه عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن العوام؛ وكذا قال أبو عمرو الداني المقرئ في نسبه وأنه بلوي. وكذا قاله أبو بكر محمد بن أحمد المفيد في حديثه عنه وكذا قاله السفاقسي فيما حدثنا به عن ابن عتاب، رحمه الله، عنه وأكناه أبا عمرو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وحدثنا أبو محمد ابن عتاب، رحمه الله، أخبرنا الشيخ أبو عمرو عثمان بن أبي بكر السفاقسي فيما كتبه له القاضي أبو عبد الله أحمد بن بنان حدثكم أبو بكر محمد بن نصر سمعت أبا عمرو عثمان بن خطاب المعروف بأبي الدنيا يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول: ((إذا أعرض الله عن العبد ورثه الإنكار على أهل الديانات)) . أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد أخبرنا القاضي يونس بن عبد الله حدثنا أبو جعفر ابن أبي العرب قال؛ حدثنا علي بن عثمان ابن خطاب المعمر قال؛ سمعت علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما)) . وحدثنا، رحمه الله، قال، حدثنا الفقيه مروان بن عبد الملك قال؛ حدثنا أبو العباس ابن نفيس بمصر حدثنا أبو القاسم الغافقي أخبرنا محمد بن أحمد الذهلي قال؛ حدثنا موسى بن هارون قال؛ حدثنا إسحاق بن عمر بن سليط حدثنا محمد بن فرقد العطار حدثنا أبو هارون قال؛ كنت إذا دخلت على أبي سعيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 الخدري يقول: مرحباً بوصية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال لنا: ((إن الناس لكم تبعٌ وسيأتيكم، أو يأتونكم، قومٌ من أقطار الأرض يتفقهون، فإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيراً، وعلموهم مما علمكم الله عز وجل)) . وأنشدنا، رحمه الله، قال؛ أنشدني أبي لقاضي مدينة السلطان بالقيروان المعروف بابن قاضي ميلة فيما كتب به للقاضي بسبتة أبي الطيب سعد بن إبراهيم بن جماح وكان صديقاً له يرثى قريباً له مات غرقاً في البحر بشعر أوله: فتىً حملته همةٌ نحو رحلةٍ ... بمهنؤةٍ من غير عارٍ بها بدا وقد كنت أستسقي له القطر دائماً ... وأستودع الريح السلام المرددا فكان الذي استودعت أول خائن ... به والذي استسقيت من أعظم العدا فتى فاض بين الماء والريح روحه ... وما زاره أهل ولا زار ملحدا 45- إبراهيم بن أحمد البصري أبو إسحاق القاضي: أحد الفضلاء الأجلاء، تفقه بسبتة عند عبد الله بن جماح وعبد الله المسيلي، واختص بأبي الأصبغ ابن سهل وقت سكناه عندنا ولازمه وتفقه عنده وسمع منه. ولي قضاء سبتة في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 عشر التسعين نحو ستة أعوام ثم استعفى من ذلك، ثم وليها كرةً أخرى سنة ست وخمسمائة إلى أن استعفى منها بضعفه عنها سنة تسع فعوفي وحرر آخر عمره فتعطل إلى أن مات مفتتح صفر من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. ناظرت عنده في المدونة وذاكرته، وكان صيناً نزيهاً محمود السيرة في قضائه، رحمه الله. 46- الشيخ الفقيه الخطيب أبو إسحاق إبراهيم بن محمد يعرف بابن الإمام: الرجل الصالح كان من أهل الخطابة والإحسان في إنشائها والقيام بها والخير والفضل والتواضع وحسن الخلق. أخذ رحمه الله بيدي الشيخ الخطيب الصالح أبو إسحاق ابن الإمام وقال؛ أخذ بيدي الشيخ أبو محمد عبد الله بن أيوب الفهري وقال؛ أخذ بيدي الفقيه أبو الحسن طاهر بن مفوز وقال؛ أخذ بيدي أبو الفتح نصر بن الحسن الشاشي وقال أخذ بيدي أبو بكر أحمد بن منصور المقرئ وقال؛ [أخذ بيدي والدي الشيخ أبو القاسم منصور بن خلف وقال؛ أخذ] بيدي أبو بكر محمد بن علي النفزي بالبصرة وقال، أخذ بيدي أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي بمكة وقال؛ أخذ بيدي الحسن بن علي بن عفان وقال؛ أخذ بيدي الحسن بن عطية وقال؛ أخذ بيدي قطري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 الخشاب وقال؛ أخذ بيدي يزيد بن البراء وقال؛ أخذ بيدي والدي البراء بن عازب وقال: دخلت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرحب بي وأخذ بيدي، ثم قال لي: ((أتدري يا براء لأي شيءٍ أخذت بيدك قال، قلت خيراً يا نبي الله قال: لا يلقى مسلم مسلماً فيهش به ويرحب به ويأخذ بيده إلا تناثرت الذنوب بينهما كما يتناثر ورق الشجر اليابس)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 حرف الحاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 حرف الحاء خمسة 47- القاضي الشهيد الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن فيره بن حيون الصدفي المعروف بابن سكرة: أصله من سرقسطة من قريةٍ على أربعة أميال منها تعرف بمنزل محمود بالثغر الأعلى؛ ومولده بحاضرتها في نحو أربع وخمسين وأربعمائة؛ أخذ عن شيوخها وقرأ على مقرئيها وسمع بها من الباجي وأبي محمد ابن فورتش وابن الصراف وابن سماعة وغيرهم، ثم سمع بالمرية وبلنسية من العذري وابن سعدون، واعتنى بالحديث ورحل إلى المشرق فلقي بقايا شيوخ أفريقية بالمهدية وبمصر: الحبال والخلعي وابن مشرف وغيرهم، وبمكة: الطبري وأبا بكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الطرطوشي وأبا عبد الله الحافظ وغيرهم وبالبصرة: ابن شعبة وأبا يعلى المالكي وأبا العباس الجرجاني وجماعة؛ وسمع بواسط من شيوخها وببغداد من بقية محدثيها ومسنديها: أبي الحسين الطيوري وابن خيرون وابن البطر والبانياسي وأبي محمد التميمي وأبي الفوارس النقيب الزينبي وقاضي القضاة ابن بكران والإمام أبي بكر الشاشي وابن فهد العلاف وابن أيوب البزاز، ودرس الفقه والأصول على الشاشي ولقي جماعةً من الخراسانيين الحجاج كالإمام أبي القاسم ابن شافور البلخي والقاضي أبي محمد الناصحي الرازي وبالشام من الشيخ نصر المقدسي وغيره. واتسعت روايته وقد جمعت شيوخه في كتاب المعجم الذي ضمنته ذكره وأخباره وشيوخه وأخبارهم وهم نحو مائتي شيخ. ووصل الأندلس فرحل الناس إليه وكثر الآخذون عنه ودخل بلدنا كرتين فأخذ عنه إذ ذاك جماعةٌ من شيوخنا وأصحابنا، وحضرت أبا بعض ما قرئ عليه ولم أحصله حينئذ، واستوطن مرسية وسمع منه الناس كثيراً وسمع منه من هو في عداد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 شيوخه وممن سمع هو منه قبل، كأبي داود المقرئ وغيره. وكان عارفاً بالحديث قائماً به حافظاً لأسماء الرجال عارفاً بقويهم من ضعيفهم، ذا دين متين وخلق حسن وصيانة، من أجل من لقيناه. ولي القضاء بمرسية سنة خمس وخمسمائة فحمدت سيرته واشتدت في الحق شكيمته إلى أن استعفى فلم يعف، فاختفى وغيب وجهه مدة شهور إلى أن أعفي سنة ثمان وخمسمائة فتوفر على ما كان بسبيله من الاستماع والتفقه وطلب بعد ذلك لقضاء إشبيلية فامتنع ولم يخرج حتى عوفي. وخرج للغزو سنة أربع عشرة مع الأمير إبراهيم هو وقرينه في الفضل القاضي أبو عبد الله ابن الفراء وحضرا يوم قتندة المشهور بالثغر الأعلى يوم الخميس لست بقين من ربيع الآخر من السنة وحقت على المسلمين الهزيمة فكانا فيمن فقد، رحمهما الله، وختم الله لهما بالشهادة. وقد بسطت أخباره وأخبار شيوخه في كتابنا المعجم المذكور. رحلت إليه غرة محرم سنة ثمان فوجدته في اختفائه ثم خرج فسمعت عليه خبراً كثيراً. والحمد لله. فمما سمعته عليه ما ذكرته قبل: 1- كتابي الصحيحين للبخاري ومسلم [والشهاب وقد ذكرت سنده في ذلك] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 2- وكتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي، قرأت جميعه عليه وحدثني به عن أبي الفضل أحمد بن خيرون وأبي الحسين المبارك بن عبد الجبار قالا؛ حدثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن زوج الحرة عن أبي علي الحسن بن محمد بن أحمد السنجي عن أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب المروزي عن أبي عيسى الترمذي، غير أن كلام أبي عيسى في آخر الكتاب ليس في رواية ابن زوج الحرة فحدثنا بها القاضي أبو علي عن الإمام أبي القاسم عبد الله بن طاهر البلخي المعروف بابن شافور عن الفارسي عن أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي عن أبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي عن الترمذي، وبهذا السند أحاديث في رواية هذا الشيخ لم تكن عند الآخرين. 3- وكتاب شمائل النبي عليه السلام لأبي عيسى الترمذي قرأته عليه وحدثني به عن الإمام أبي القاسم عبد الله بن طاهر البلخي يعرف بابن شافور عن أبي بكر محمد بن عبد الله المقرئ والفقيه أبي عبد الله محمد بن أحمد المحمدي والقاضي أبي علي الوخشي عن أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي عن الهيثم بن كليب عن أبي عيسى. 4- وكتاب رياضة المتعلمين تأليف أبي نعيم الأصبهاني [حدثني به قراءةً عليه عن الشيخ أبي الفضل أحمد بن أحمد الأصبهاني] عن مؤلفه. 5- وكتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله حدثني به عن الشيخ أبي محمد التميمي الحنبلي عن مؤلفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 6- وكتاب الاستدراكات على البخاري ومسلم وهو كتاب التتبع أيضاً تأليف أبي الحسن الدارقطني حدثني به قراءة عليه عن أبي بكر بن الخاضبة عن القاضي أبي الغنائم ابن الدجاجي عن مؤلفه. 7- وكتاب الالزامات لهما تأليف الدارقطني حدثني به بهذا السند. 8- وقرأت عليه أيضاً كتاب الأربعين حديثاً تأليف أبي نعيم الأصبهاني [حدثني بها عن أبي العباس الدلائي عن أبي عمرو السفاقسي عن أبي نعيم الأصبهاني] . 9- وكتاب الأربعين حديثاً تأليف الحسن بن سفيان قرأتها عليه حدثني بها عن الشيخين أبي العلاء وأبي محمد ابني محمد النيسابوريين عن أبي سعيد ابن حمدان النضروي عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان عنه. 10- وكتاب أوهام الحاكم في المدخل تأليف أبي محمد عبد الغني بن سعيد قرأته عليه حدثني بها عن أبي عبد الله ابن الصراف عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن فورتش عن أبي زيد ابن الصراف، عم أبي عبد الله عبد الغني قال أبو عبد الله؛ وقد أجازنيه عمي قال القاضي أبو علي: وأنا أشك في صحة هذا السند. 11-12- وسمعت عليه، بقراءة غيري أيضاً، غير ما ذكرته من الصحيحين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 كتاب مشتبه النسبة وكتاب المؤتلف والمختلف لعبد الغني بن سعيد حدثني بذلك عن أبي الحسن علي بن مشرف وهو لي أنا إجازة من ابن مشرف عن أبي زكرياء البخاري عن مؤلفه. 13- وكتاب الإشارة تأليف القاضي أبي الوليد الباجي قرئ عليه وأنا أسمع حدثنا به عنه. 14-15- وكتاب آداب الصحبة تأليف أبي عبد الرحمن السلمي حدثني به سماعاً عليه عن أبي بكر ابن عبد الباقي الحافظ عن أبي الفتح عبد الجبار بن عبد الله عن مؤلفه، وجزء عوالي الشريف أبي الفوارس النقيب الزينبي حدثني به عنه. 16- وكتاب أسامي شيوخ البخاري الذين روى عنهم في الصحيح: جمع [أبي] أحمد بن عدي حدثني به سماعاً عليه عن القاضي الباجي عن أبي عبد الله ابن محمود وأبي بكر ابن مختويه عن أبي العباس الرازي عن ابن عدي قال ابن مختويه: وأجازنيه ابن عدي وقرأته على الفقيه المحدث أبي بحر سفيان بن العاصي حدثني به عن أبي العباس الدلائي عن أبي العباس الرازي عنه. 17-18- وجزء فيه من حديث الشيخ أبي بكر بن عبد الباقي المعروف بابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 الخاضبة سمعته عليه، حدثني به عنه. وجزآن من حديثه انتقائي عليه قرأتهما عليه. 19- وكتاب الجرح والتعديل للقاضي أبي الوليد الباجي سمعت بعضه يقرأ عليه، ناولني بقيته وحدثني به عنه. 20- وكتاب العلل الكبير لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني سمعت الكثير منها عليه وناولني باقيها وحصل أصله منها عندي. 21- وكتاب المؤتلف والمختلف لأبي الحسن الدارقطني عارضته بأصله، وحدثني به عن أبي منصور المالكي عن أبي الفتح عبد الكريم المحاملي عن الدارقطني، غير جزء واحد من ((باب حمزة إلى باب حيوان)) ، فإن أبا الفتح رواه عن أبي بكر بن بشران عن مؤلفه. 22- وكتاب السنن للدارقطني حدثني بجميعه عن أبي الفضل ابن خيرون عن أبي عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي عن مؤلفه. 23- وكتاب تلقين المبتدئ للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن نصر حدثني به عن مهدي بن يوسف الوراق عن مؤلفه. 24- وكتاب الهداية والإرشاد لأبي نصر أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 حدثني به عن القاضي أبي الوليد الباجي عن أبي محمد بن الوليد عن أبي الحسن بن فهر عن أبي سعيد بن محمد السجزي عن مؤلفه. 25- وكتاب التاريخ الكبير لمحمد بن إسماعيل البخاري، حدثني بجميعه عن أبي الفضل ابن خيرون عن أبي الحسين محمد بن علي الأصبهاني وأبي أحمد عبد الوهاب بن موسى الغندجاني عن أبي بكر أحمد بن عبدان الأهوازي عن أبي الحسن محمد بن سهل المقرئ عن البخاري وحصل أصله منه عندي. 26- وجزء فيه خطبة عائشة، رضي الله عنها، في أبيها من رواية الخطيب، شرح ابن الأنباري حدثني بجميعه بإسناده في ذلك، وأجازني جميع رواياته، رحمه الله، وأفادني غير شيء وساءلته عن كثيرٍ، وكتبت عنه فوائد كثيرة، رحمه الله. أخبرنا القاضي أبو علي، رحمه الله، قال: سمعت الإمام أبا محمد التميمي، رحمه الله، يقول: ((يقبح بكم أن تستفيدوا منا ثم تذكرونا فلا تترحموا علينا)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وأخبرنا، رحمه الله، قال: أنشد شيخنا الحميدي لنفسه: لقاء الناس ليس يفيد شيئاً ... سوى الهذيان من قيل وقال فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو إصلاح حال وأخبرنا، رحمه الله، قال أخبرنا الحميدي فيما أجازنيه قال؛ أنشدني غير واحد من أصحابنا لأبي محمد الريوني مما أنشدهم لنفسه: ألا أيها العائب المعتدي ... ومن لم يزل لغنا أو دد مساعيك يكتبها الحافظان ... فبيض كتابك أو سود وحدثنا، رحمه الله، فيما قرئ عليه وأنا أسمع، حدثكم النقيب أبو الفوارس الزينبي قال؛ أخبرنا أبو عبد الله ابن برهان سمعت إبراهيم بن السري يقول؛ سمعت أبي يقول: ((لو أشفقت هذه النفوس على أبدانها شفقتها على أولادها للاقت السرور في معادها)) . وحدثنا، رحمه الله، فيما قرئ عليه وأنا أسمع؛ سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن أحمد يقول؛ سمعت الإمام أبا بكر الخطيب يقول؛ سمعت أبا حازم العبدري قال؛ سمعت عبد الله بن محمد العدل يقول؛ سمعت محمد بن إسحاق الثقفي يقول؛ سمعت محمد بن زكرياء يقول؛ سمعت ابن عائشة يقول؛ وقال له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 مولى له؛ يا عبد الله والله لا تموت إلا فقيراً كم تعطي؟ قال: فضحك ثم قال: أنا والله كما قال الشاعر: وفتى خلا من ماله ... ومن المروءة غير خال أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال 48- الشيخ الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني، المعروف بالجياني: شيخ الأندلس في وقته وصاحب رحلتهم وأضبط الناس لكتاب وأتقنهم لرواية، مع الحظ الوافر من الأدب والنسب والمعرفة بأسماء الرجال وسعة السماع. انتقل أبوه من جيان إلى قرطبة فاستوطنها، قال لي بعض أصحابنا عنه: إن أصلهم من الزهراء، مدينة السلطان بقرطبة. سمع أبا عمر ابن عبد البر وأبا عمر ابن الحذاء وأبا العباس الدلائي وأبا القاسم الطرابلسي والفقيه أبا عبد الله بن عتاب وأبا العاصي حكم بن محمد والقاضي أبا الوليد الباجي والقاضي سراج بن عبد الله وابن سعدون وابن حيان وأبا بكر المصحفي وجماعة غيرهم وصحب أبا مروان ابن سراج وأتقن كتب اللغة والغريب والشروح عليه. ورحل إليه الناس من الأقطار وحملوا عنه وألف كتابه على الصحيحين المسمى تقييد المهمل وتمييز المشكل وهو كبير الفائدة؛ مولده سنة سبع وعشرين وأربعمائة وتوفي في شعبان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 كتب إلي يجيزني فهرسته الكبرى وجميع رواياته غير مرة، وقد ذكرنا من أسانيده فيما تقدم من الكتب عمن حدثنا بها عنه كثيراً، من ذلك: البخاري، ومسلم، والموطأ، والملخص، ومصنف أبي داود، وغريب أبي محمد ابن قتيبة، والتقصي، وغير شيء. وحدثني، رحمه الله، فيما كتبه لي بخطه ومن خطه نقلته قال، حدثني حكم بن محمد حدثنا أبو بكر ابن المهندس بمصر حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي حدثنا طالوت بن عباد أبو عثمان الصيرفي حدثنا فضال بن جبير سمعت أبا أمامة الباهلي سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: ((اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة، إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم)) . وبه قال؛ سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: ((ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب العبد، لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر، بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وبه سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها)) . هذه أحاديث عالية بين شيخنا أبي علي فيها وبين النبي، صلى الله عليه وسلم، ستة رجال. حدثنا شيخنا القاضي الشهيد الصدفي، رحمه الله، قال؛ سمعت الإمام أبا محمد التميمي يقول بسندٍ لا أذكره أن أبا القاسم البغوي حدث يوماً فقال؛ حدثنا طالوت حدثنا فضال بن جبير عن أبي أمامة، عن النبي، عليه السلام، فقام رجل من خراسان فقال: أسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون؟ طالوت عن فضال عن أبي أمامة. قال القاضي أبو الفضل، رضي الله عنه وعن سلفه: ولا يستغرب مثل هذا فقد حصل لنا الموطأ بنحو هذا السند أو قريباً منه في العدد فإن شيخنا أبا عبد الله بن غلبون أخبرنا به عن أبي عمرو عثمان بن سعيد عن أبي عيسى عن عبيد الله عن يحيى عن مالك؛ فبين شيخنا وبين النبي، صلى الله عليه وسلم، في كثيرٍ من حديثه سبعة رجال. 49- الفقيه أبو علي الحسن بن عبد الأعلى الكلاعي: من أهل سفاقس سكن المغرب كثيراً والأندلس ودرس في بلاد المصامدة، واستوطن بلدنا أخيراً وشاوره بها بعض القضاة وأريد على قضاء الجزيرة فامتنع وكان منقبضاً فاضلاً لم يجب إلى التدريس ولا تصدر للفتيا. تكررت عليه وجالسته كثيراً وأخذت عنه غير شيءٍ وانتفعت به، وكان محققاً فهماً فقيهاً أصولياً متكلماً عارفاً بعلم الهندسة والحساب والفرائض وغير ذلك من المعارف، وكان تفقه بأبي الحسن اللخمي وعليه كان اعتماده وأخذ أيضاً عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ابن سعدون والجياني وغيرهما من مشايخ أفريقية والمغرب والأندلس؛ وتوفي بأغمات في محرم سنة خمس وخمسمائة. 50- الشيخ الصالح أبو علي الحسن بن علي بن طريف النحوي التاهرتي: شيخ بلدنا في النحو مشهورٌ بالصلاح وله سماعٌ من الفقيه حجاج بن المأموني والفقيه ابن سعدون والفقيه مرواه بن عبد الملك والقاضي ابن سهل وأبي محمد ابن أبي قحافة وأخذ عن أبي تمام القطيني وغيره بالأندلس، وسمع أخيراً من شيخنا القاضي أبي علي والقاضي أبي عبد الله ابن عيسى وغيرهما، ودرس عمره النحو ببلدنا وأخذ عنه جماعة من شيوخنا وجماعة من أصحابنا. وتوفي، رحمة الله عليه، تاسع ذي الحجة من سنة إحدى وخمسمائة. درست عليه كثيراً من كتب الأدب والنحو وقرأت عليه كتاب علوم الحديث للحاكم أبي عبد الله، حدثني به عن الفقيه ابن سعدون عن أبي بكر المطوعي عن الحاكم وقد ذكرته قبل. وحدثني أيضاً بكتاب مشكل الحديث للإمام أبي بكر بن فورك، عن الفقيه حجاج بن قاسم المأموني عن أبي بكر المطوعي عن أبي بكر ابن فورك. وقرأت عليه كثيراً من كتب النحو والأدب: الجمل لأبي القاسم إسحاق الزجاجي، والواضح للزبيدي، والكافي لأبي جعفر النحاس، وكثيراً من كتاب المقتضب للمبرد، وكتاب أدب الكتاب لابن قتيبة، والإيضاح للفارسي، وكتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 فصيح الكلام لثعلب وقرأت عليه أكثر كتاب الأمالي لأبي علي، وسمعت عليه كثيراً من الكامل للمبرد وغير ذلك ولم تحضرنا أسانيده فيها، وأسانيدنا فيها موجودة عن غيره وأكثرها مذكور هنا. حدثنا أبو علي ابن طريف النحوي قراءة مني عليه قال؛ حدثنا محمد بن سعدون قال؛ حدثنا أبو بكر الغازي قال؛ حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال؛ حدثنا إبراهيم بن عصمة العدل ومحمد بن سليمان بن منصور المذكور قالا؛ حدثنا الحسين بن داود بن معاذ البلخي حدثنا الفضيل بن عياض حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال؛ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى للدنيا: يا دنيا اخدمي من خدمني، وأتعبي يا دنيا من خدمك)) . 51- الشيخ أبو سعيد حيدر بن يحيى بن حيدر بن يحيى الجيلي الصوفي: المجاور بمكة، موصوفٌ بصلاحٍ وخير وكان من خيار الخراسانيين، وكان ممن سمع واشتغل بخدمة السلطان واتسع في الدنيا ثم تزهد وتصوف وكان يصوم أكثر الدهر، وأخبرني بعض من صحبه أنه كان يعتمر كل يوم عمرة ولا يكلم في رمضان أحداً قال: وما رأيت أحداً أصبر على الطواف منه. سمع القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني وأبا القاسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ابن إبراهيم بن يوسف الوراق الدربندي وأبا محمد عبد الوهاب بن صالح الجيلي وأبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الدربندي وعلي بن محمد الهروي وجماعة غيرهم؛ ولم يكن ممن يضبط ما يحدث به ولا يعرفه، وكانت كتبه قد ضاعت فخلط في أسانيده تخليطاً كثيراً، وقد وجدت فهرسة أبي المحاسن على خلاف ما نقل من تعريف أسانيده، رحمه الله. حدث عنه جماعةٌ من الأندلسيين والغرباء من أصحابنا وحملت عنه الكتب الكبار والمصنفات الصحيحة، وكان مسناً توفي بمكة وقد نيف على ثمانين سنة في حدود ثلاثين وخمسمائة. أجازني الشيخ أبو سعيد جميع رواياته كتب إلي بذلك بخطه من مكة، حرسها الله. من ذلك معالم السنن لأبي سليمان الخطابي أخبرني بها عن أبي المحاسن القاضي عن الشيخ الصائن أبي نصر البلخي المقيم بغزنة عن أبي سليمان، وأخبرني عن أبي المحاسن عن عبد الغافر بن محمد الفارسي عن أبي سليمان بجميع تصانيف الخطابي؛ وحدثني بتفسير أبي [إسحاق] أحمد بن محمد الثعلبي عن أبي المحاسن القاضي عن أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي عنه، وكذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 بتفاسير الواحدي وأخبرني بتآليف أبي المحاسن عنه من ذلك الكتاب المسكت وكتاب الانتصاف وأخبرني بشرح الشهاب لأبي القاسم بن إبراهيم بن يوسف الوراق الدربندي الإمام عنه. أخبرنا الشيخ أبو سعيد حيدر بن يحيى فيما كتب لي بخطه قال؛ حدثنا القاضي الشهيد فخر الإسلام أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني قال؛ أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك حدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي حدثنا علي بن عبد الحميد الجرجاني حدثنا محمد بن محمد ابن أبي الورد حدثني سعيد بن منصور حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبيد الله بن الحارث عن ابن مسعود قال؛ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((أوحى الله تعالى على نبي من الأنبياء أن قل لفلانٍ العابد: أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بما علمت فيما لي عليك. قال يا ربي وما ذاك؟ قال: هل واليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً)) . هذا الحديث مستخرج من كتاب الأربعين لأبي صالح وهو في رواية الشيخ بسنده وهو مما أجازنيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 حرف الخاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 حرف الخاء أربعة 52- الخطيب المقرئ أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن خلف بن سعيد يعرف بابن النخاس، بالخاء المعجمة، وبابن الحصار أيضاً: زعيم المقرئين بقرطبة ومتقلد خطبتها قرأ على صهره أبي القاسم ابن عبد الوهاب الخطيب بقرطبة، وسمع من ابن عابد وأبي مروان ابن سراج وأبي عبد الله ابن شريح المقرئ وأبي عمر ابن عبد البر والعقيلي وأبي القاسم الطرابلسي وغيرهم من الأندلسيين، ورحل إلى المشرق فحج وسمع بمصر وبمكة أبا عبد الله ابن عبد الولي الصواف وكريمة بنت أحمد بن محمد المروزية وأبا معشر الطبري وأبا الحسين نصر بن عبد العزيز الشيرازي وأبا الحسن ابن باب شاذ وغيرهم، وجالس بصقلية عبد الحق. حدثني برسالة ابن أبي زيد بقراءتي عليه في مجلس واحد في داره بقرطبة عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 أبي عبد الله ابن عابد عن ابن أبي زيد، [وناولني كتاب طبقات القراء لأبي عمرو المقرئ] . وحدثني بشرح الجمل، وشرح المقدمة من تأليف ابن باب شاذ عنه، وتفسير النقاش المسمى بشفاء الصدور عن الشيرازي عن أبي الحسن المحاملي عنه. وإليه كانت الرحلة في علم القراءات في وقته. قرأ عليه الشيوخ والشباب؛ ولي الخطبة والصلاة بقرطبة وكان بليغاً مصقعاً جهير الصوت حسن المجلس؛ وتوفي، رحمه الله، بقرطبة في يوم الثلاثاء سادس عشر من صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة، مولده سنة سبع وعشرين وأربعمائة. 53- خلف بن خلف بن محمد الأنصاري يعرف بابن العريبي: من أهل المرية، وأرى أصله من سرقسطة. ومن شيوخه أبو عبد الله ابن سماعة ومحمد بن أحمد المقرئ المعروف بابن الفراء وابن سعدون وابن صاحب الأحباس وأبو عمر ابن عبد البر والدلائي وسمع من الجياني. أجازني جميع رواياته وكان حسن الضبط جيد الكتب كثير الجمع من أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الأدب والشعر. وتوفي، رحمه الله، سنة ثمان وخمسمائة؛ [ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة] . 54- خلف بن يوسف بن فرتون النحوي: من أهل شنترين أبو القاسم؛ كان من أئمة النحاة والأدباء الثقات الأخيار المتفق على خيرهم وفضلهم، أخذ ببلده عن عاصم بن أيوب وابن عليم وغيرهما وأقرأ الناس النحو والأدب بالأندلس والمغرب ثم جدد السماع لكتب الآداب والحديث فأخذ عن أبي علي الجياني وسراج بن عبد الملك والعبسي وأبي محمد ابن عتاب، وقيد الكتب وأخذ الناس عنه كثيراً. وانتقل إلى العدوة فسكن سبتة مدة وأنزلته بها بجامعها للإقراء ورمته على تقلد الصلاة والخطبة فلم يجب، وقرأ عليه عدةٌ من المشايخ والكهول والشباب كتب النحو واللغة والغريب والآداب وبعض كتب الحديث، وانتقل إلى فاس فأقام بها مدة وأخذ عنه بها. ثم رحل إلى الأندلس وقيل كان يسكن الجزيرة مدة وطنجة مدة وكان لا يليق به قطر ينتقل من بلد إلى آخر بجملته وعياله، مدة بالأندلس ومدة بالعدوة وتارة بقرطبة وكرة بغرناطة. وحمل عنه كثيرٌ من الجلة، جالسته كثيراً وذاكرته وأخذت عنه فوائد جمة؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وتوفي بقرطبة في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وكان، رحمه الله، ينشد لأبي وهب الزاهد القرطبي: أنا في حالةٍ كما قد تراها ... إن تأملت أسعد الناس حالا ليس لي كسوةٌ أخاف عليها ... من مغيرٍ ولا ترى لي مالا أضع الساعد اليمين وسادي ... ومتى ما أشا وضعت الشمالا قد تنعمت حقبةً بأمورٍ ... فتدبرتها فكانت خيالا 55- الشيخ الصالح أبو الحسن خليص بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله العبدري: سكن بلنسية وله سماعٌ من أبي عمر ابن عبد البر وأبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري وأبي عبد الله ابن سعدون القروي وأبي المطرف ابن جحاف وأبي محمد جرير بن عبد الله بن جرير السفاقسي وابن حبل الله وأبي عبد الله ابن ربيعة. أجازني جميع رواياته. ذكر بعض أصحابنا أنه كان غير ضابطٍ لكتبه على كثرة ما كتب؛ وتوفي، رحمه الله، سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 حرف العين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 حرف العين 56- الفقيه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الخشني المعروف بابن أبي جعفر: شيخ فقهاء وقته بشرق الأندلس وأحفظهم للمذهب مع المعرفة بالتفسير لكتاب الله والتفنن في المعارف والمشاركة في علوم، سمع أباه وأبا القاسم الطرابلسي وأبا الوليد الباجي وابن سعدون القروي وهشام بن وضاح، ولقي فقهاء طليطلة وقرطبة أبا المطرف ابن سلمة وأبا جعفر ابن رزق وأبا الحسن ابن حمدين وغيرهم؛ وحج فسمع بمكة من أبي عبد الله الطبري كتاب مسلم، وسمع من أبي عبد الله الحافظ. لقيته بسبتة عند صدوره من الحج وسمعت منه شيئاً ثم لقيته في رحلتي ببلده مرسية فقرأت عليه: جميع كتاب مسلم بن الحجاج وقد ذكرت سنده قبل فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وقرأت عليه كتاب الملخص لأبي الحسن القابسي وقد ذكرت سنده فيما تقدم. وسمعت عليه كتاب الشهاب للقضاعي عن الشيخ أبي الخيار مسعود بن خلف عن مؤلفه وقد ذكرنا أسانيدنا فيه. وحضرت عنده مجالسه في المناظرة في المدونة، وأجازني جميع رواياته. وكان أبوه أبو عبد الله مفتي موضعه مع ابنه وتوفي سنة أربع وتسعين بعد انصراف ابنه من الحج؛ وتوفي شيخنا رحمه الله، بمرسية سنة ست وعشرين وخمسمائة، مولده سنة سبع وأربعين وأربعمائة. حدثنا رحمه الله بقراءتي عليه قال؛ حدثنا [أبو عبد الله الطبري قال؛ حدثنا أبو الحسين الفارسي حدثنا أبو أحمد بن عمرويه حدثنا] إبراهيم بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا يحيى بن يحيى التميمي حدثنا عبد الله بن يحيى ابن أبي كثير قال؛ سمعت أبي يقول: لا يستطاع العلم براحة الجسم. 57- عبد الله بن أحمد بن خلوف الأزدي، الفقيه أبو محمد، يعرف بابن شبونة: أحد الحفاظ المدرسين للمذهب العالمين به، درس بسبتة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 أبي الأصبغ ابن سهل وسمع منه وتفقه عنده وعند الفقيه أبي عبد الله ابن عيسى وسمع من أبي علي ابن سكرة عند اجتيازه بسبتة ومن أبي محمد ابن أبي جعفر وغيرهما من مشايخنا السبتيين والطراة عليها؛ وبرع في الفقه وحلق بجامع سبتة وناظرنا عنده، ثم خرج عنها لشيءٍ جرى بينه وبين شيخه ابن عيسى وهو يتولى القضاء إذ ذاك فنزل ببني عشرة بسلا فأكرموه وتوسعوا له ودرس عندهم، ثم انتقل إلى أغمات فكان رأساً بها مقدماً في التدريس بها والفتيا وتفقه عنده خلقٌ كثير وكان أحفظ أهل وقته للمسائل المالكية فيها مع حظٍ من الأدب وطلاقة لسان وحلاوة شمائل وورع في فتياه ووقوف عند ما علمه وحفظه؛ سمعت الفقيه أبا علي المتيجي يثني عليه بذلك كثيراً وكان لا يداهن في فتياه ولا يصانع أحداً، وكان أمير المسلمين علي بن يوسف يصفه بذلك، ويعرف حقه ويكرمه ويمازحه وكان هو يدل عليه بصحبته وسلامة مذهبه؛ وتوفي بأغمات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وقد قارب الثمانين سنة. 58- القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن قاسم بن منصور اللخمي: أحد رجال وقته ونبهاء زمنه وأصله من نكور؛ تفقه عند فقهاء بلده ابن عبد الله وابن عيسى وسمع منه معنا واختص بأبي الأصبغ ابن سهل وتفقه عنده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 وسمع منه ومن حجاج بن المأموني وأبي القاسم ابن الباجي وسمع من أبي علي ابن سكرة الصدفي أخيراً عند اجتيازه بنا؛ وكانت الدراية والفهم أغلب عليه من الرواية والحفظ، لم يعتن بضبط الكتب وتقييدها. وأخذ الأدب عن شيخنا أبي علي النحوي وغيره، وقرأ على أبي القاسم الخطيب الأصول وذاكر بها أبا بكر المرادي وأبا الحسن الصقلي وغيرهم. وكان من أهل الفهم والنباهة والنظر والتفنن والمشاركة في ضروب العلم، ناظرنا عنده في المدونة والموطأ وأصول الفقه والدين، وكان يحضر مجلسه الأكابر من شيوخنا وأصحابه لكثرة فائدته وكان يلازمه شيخنا أبو إسحاق ابن الفاسي وأبو محمد ابن شبونة وأبو القاسم ابن العجوز وغيرهم، وكان أبو إسحاق ابن الفاسي يفضله كثيراً وكان ابن سهل يعجب في شبيبته من نبله وذكائه. ولي قضاء بلدنا بعد خمسمائة ثم نقل إلى حضرة السلطان فتمكن منه وجل مقداره ثم أنكر من حاله شيئاً فاستعفى فعوفي سنة عشر ثم قلد قضاء سبتة ثانية أول سنة اثنتي عشرة فوليها إلى أن توفي في شعبان سنة ثلاث عشرة، مولده سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وكان حميد السيرة حسن العشرة. 59- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد النفزي: الخطيب أبو محمد سمع أبا محمد حجاج بن قاسم المأموني وعبد الجبار بن أبي قحافة ولقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 أبا الحسن بن حمدين وأبا عبد الله ابن الطلاع وأبا مروان ابن سراج وغيرهم وسمع من أبي علي ابن سكرة وأبي عبد الله ابن عيسى وغير واحدٍ من شيوخنا، وسمع بقراءتي عليهم وسمعت بقراءته وحدثني عن خالي أبي بكر محمد بن علي المعافري المعروف بابن الجوزي، برؤيا حمزة الزيات؛ وسمع جماعةٌ منه بسبتة وغرناطة وإشبيلية وقرطبة؛ وتوفي بها في ربيع الآخر لثمان بقين منه سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة مولده سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. أخبرنا، رحمه الله، قال؛ أنشدني الفقيه أبو بكر محمد بن علي الجوزي خالك: يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ... ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف أبشر بقول الله في تنزيله: ... ((إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)) 60- عبد الله بن إدريس بن سهل المقرئ المقعد أبو محمد: قرأت عليه، رحمه الله، القرآن برواية نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر بطرقها وكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 صالحاً خيراً، رحمه الله، قرأ بسرقسطة على عبد الوهاب بن محمد بن حكم المقرئ السرقسطي وعلى أبي محمد ابن سهل المقرئ وغيرهما وسمع أبا علي الصدفي؛ وتوفي بسبتة سنة خمس عشرة وخمسمائة. 61- أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد، بكسر السين، النحوي البطليوسي: سكن بلنسية؛ شيخ الأدباء في وقته، مقدم في علم النحو واللغات والآداب والشعر والبلاغة وله شعر حسن جيد الضبط متقناً وله مصنفات ملاح في شرح أدب الكتاب وشعر المعري، وألف كتاباً كبيراً في شرح الموطأ سماه بالمقتبس كثير الفائدة وكتاب سبب اختلاف الفقهاء وغير ذلك. يروي عن أخيه وعن أبي بكر عاصم البطليوسي وأبي سعيد الوارق وأبي علي الغساني الحافظ وغيرهم. ومن شعره: أخو العلم حي خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميتٌ وهو ماشٍ على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 أجازني جميع رواياته وتصانيفه وتوفي، رحمه الله، ببلنسية في رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة. 62- الشيخ أبومحمد عبد الله بن محمد بن أيوب الفهري: سمع طاهر بن مفوز، أذن لي بالحديث المشهور عنه بالحديث المسلسل في أخذ اليد الذي ذكرناه عن رجل عنه في باب إبراهيم. وقد سمع هذا الحديث منه من لا ينعد من عباد الله وما أرى سمع منه غيره، وله سماع من المقرئ أبي الحسن ابن الدوش وغيره من المشايخ. وتوفي، رحمه الله، ببلده شاطبة في شعبان سنة ثلاثين وخمسمائة وهو من بيت علم ونباهة ببلده. 63- عبد الله بن أحمد التميمي الشيخ العدل أبو محمد: كان رجلاً صالحاً عدلاً ببلدنا وحج قديماً في عشرة أربعين وأربعمائة فلقي الفقيه عبد الحق الصقلي والقاضي القضاعي وأبا المعالي الجويني وغيرهم، وسمع كتاب الإخبار عن فوائد الأخبار من تأليف الشيخ الزاهد أبي بكر محمد بن أبي إسحاق عن الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله المقرئ الفرغاني بمكة حدثه به عن أم القاسم بنت مؤلفه عن أبيها وكان عنده منه أصل المؤلف بخطه، وحدثني به قراءة مني لبعضه وإجازةً لنا منه لجميعه وقد سمعه منه الناس، وسمع منه بمصر سنة خمسين وأربعمائة، وكان يقول إن عبد الحق سمعه منه؛ وتوفي بسبتة آخر عام إحدى وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 أخبرنا، رحمه الله، قال: حدثنا أبو الحسن المقرئ بالمسجد الحرام قال؛ حدثتني أم القاسم بنت محمد بن إسحاق حدثني أبي قال؛ حدثني أبو الحسن محمد بن محمد النجيرمي حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن محمد البصري حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام وهمام حدثنا يحيى عن أبي جعفر عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ((ثلاث دعواتٍ مستجاباتٌ لا يشك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم)) قال مسلم قال أبان: دعوة الوالد لولده. قال: وحدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن عبيد بن خالد حدثنا محمد بن عثمان البصري حدثنا محمد بن الفضيل عن محمد بن سعد عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((معرفة آل محمدٍ براءةٌ من النار، وحب آل محمدٍ جوازٌ على السراط، والولاية لآل محمدٍ أمانٌ من العذاب)) . قال: وحدثنا محمد بن علي بن الحسين أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن زكرياء حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التميمي حدثنا أبي قال: بينما أبو السائب ذات ليلة في داره إذ سمع رجلاً يتغنى بهذه الأبيات: أبكي الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 استنهضوني فلما قمت منتصباً ... لثقل ما حملوا من ودهم فعدوا حسبي بأن تعلموا أن قد يحبكم ... قلبي وأن تجدوا بعض الذي أجد وليس لي مسعدٌ فامنن علي به ... فقد بليت وقد أضناني الكمد فخرج أبو السائب من داره يسعى خلفه وقال: قف قد أجيبت دعوتك، أنا مسعدك إلى أين تريد؟ قال: إلى خيام السعف من وادي العرج قال: فمضيا، فأصابتهما سماء شديدة فجعل أبو السائب يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا} ، ثم رجع إلى منزله وقد كادت نفسه تتلف فدخل عليه أصحابه فقالوا له: ما هذا الذي تصنع بنفسك؟ فقال: إليكم عني، فإني مشيت في مكرمة وأحييت مسلماً والمحسن معان. قال: وحدثنا أبو الحسن بسنده عن أبي بكر ابن أبي إسحاق قال؛ أنشدني أبو القاسم الحكيم: لله در الحريص كيف له ... في كل ما لا يناله أرب ما زال حرص الحريص يطمعه ... في درك الشيء دونه العطب قال أبو بكر؛ وأنشدني بعض الشيوخ: لوح لي من ذرى التمني ... لوائح الود بالتأني أشرت فيها إلى قريبٍ ... ظننت للقرب أنت أني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 64- الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب بن محسن الجذامي: مولاهم ومحسن مولى عبد الملك ابن أبي سليمان ابن أبي عتاب الجذامي، بقية المشيخة بقرطبة ومسنهم ومقدم مفتيهم وأكبر مسنديهم، سمع أباه كثيراً وأبا القاسم الطرابلسي وأجازه جماعةٌ منهم أبو عمر ابن الحذاء وأبو محمد الشنتجيالي وأبو زكرياء القليعي وأبو عبد الله ابن عابد وأبو محمد مكي المقرئ وأبو جعفر ابن مغيث وأبو عمر ابن عبد البر وأبو حفص الزهراوي وأبو عبد الله ابن شماخ وأبو عمر السفاقسي وأبو مروان ابن حيان. وقرأ القرآن بالسبع مقارئ على أبي محمد ابن شعيب وجوده وأقرأه مدة، وكان قائماً على الفتوى عارفاً بالنوازل مقدماً في ذلك تدرب مع أبيه ومارسها بطول عمره، وكان فاضلاً متواضعاً صبوراً على الجلوس للسماع متحملاً المشقات في ذلك ثقةً فهماً بما يقرأ عليه، وله كتابٌ كبيرٌ في الرقائق سماه بشفاء الصدور. ولقيته بقرطبة. وقرأت عليه صحيح البخاري والملخص للقابسي. وقرأت عليه وسمعت جميع المدونة والمختلطة. وسمعت عليه الموطأ رواية يحيى بن يحيى الأندلسي وقد ذكرت أسانيدي قبل فيها. وقرأت عليه الناسخ والمنسوخ لأبي محمد مكي المقرئ حدثني به عنه. وسمعت عليه الموطأ رواية يحيى بن بكير إلا ما فاتني منه فإنه ناولنيه وحدثني به عن حاتم بن محمد عن أبي الحسن القابسي عن أبي العباس الأبياني عن يحيى بن عمر عن يحيى بن بكير عن مالك، رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وقرأت عليه كثيراً من السنن لأبي عبد الرحمن النسائي وناولني بقيته وحدثني به عن أبيه عن أبي محمد عبد الله بن ربيع عن أبي بكر ابن معاوية عنه. وحدثني بجامع عبد الله بن وهب عن أبيه عن أبي عثمان سعيد بن سلمة عن أبي محمد بن خمير عن يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عبد الله بن وهب. وناولني طبقات علماء الأندلس تأليف القاضي أبي الوليد ابن الفرضي بخط أبيه، رحمهما الله، وحدثني به عن أبي عمر عن مؤلفه. وحدثني بتواليف ابن أبي زمنين كلها عن القليعي عنه. وحدثني بأجزاء من عوالي السفاقسي وأبي عمر ابن عبد البر، كتباها له. وحدثني بتفسير عبد الرزاق سماعاً لبعضه وإجازةً لما فاتني منه، عن أبيه عن أبي بكر ابن حوبيل والقاضي يونس بن مغيث عن أبي بكر إسماعيل بن بدر عن الخشني عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق ولنا فيه أسانيد أخر. وحدثني بتأليف القاضي أبي محمد عبد الوهاب عن أبي عبد الله ابن شماخ عنه. وبكتاب الفصوص لصاعد بن الحسن عن أبي مروان ابن حيان عنه. وإليه كانت الرحلة للسماع بقرطبة آخر عمره لعلو سنده وانقراض طبقته وصبره على الجلوس والإسماع آناء ليله وأطراف نهاره واستوى في الأخذ عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الآباء والأبناء إلى أن توفي، رحمه الله، في جمادى الأولى لخمس خلون منه سنة عشرين وخمسمائة؛ مولده سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وأجازني، رحمه الله، جميع رواياته من ذلك ما جمعته فهرسة أبيه وفهرسة أبي عمر ابن عبد البر وفهرست أبي محمد مكي وفهرسة السفاقسي عنهم وغير ذلك. وحدثنا، رحمه الله، بقراءتي عليه قال؛ حدثنا أبي قال؛ حدثني عبد الله بن ربيع حدثنا أبو بكر ابن معاوية حدثنا أحمد بن شعيب حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو عامر حدثنا شعبة عن عمرو بن عامر قال؛ سمعت أنس بن مالك يقول: ((كان المؤذن يؤذن بصلاة المغرب فيبتدر الباب أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، السواري يصلون الركعتين حتى يخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم يصلون)) . وأخبرنا رحمه الله، قال؛ حدثنا أبو عبد الله ابن عابد حدثنا عبد الله بن إبراهيم حدثنا الطلحي حدثنا منجاب أخبرنا علي بن مسهر عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: ((إن أبخل الناس الذي يبخل بالسلام، وإن أعجز الناس الذي يعجز بالدعاء)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وحدثنا، رضي الله عنه، قال؛ حدثنا أبو عمر السفاقسي قال؛ أنشدني أبو نعيم الأصبهاني الحافظ قال: أنشدنا أبو محمد الجابري قال؛ أنشدني أبن المعتز لنفسه: ما عابني إلا الحسود ... وتلك من خير المعايب والخير والحساد مقرونان ... إن ذهبوا فذاهب وإذا ملكت المجد لم ... أملك مذمات الأقارب وإذا فقدت الحاسدين ... فقدت في الدنيا الأطايب قال؛ وأنشدنا أيضاً قال: أنشدنا عبد الله بن جعفر البصري أنشدني ابن المعتز لنفسه: فما تنفع الآداب والعلم والحجا ... وصاحبها عند الكمال يموت كما مات لقمان الحكيم وغيره ... فكلهم تحت التراب صموت 65- القاضي الخطيب أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد المعافري: من أهل بلدنا ولي خطابة منبره غير مرة وولي قضاءه كرتين إحداهما سنة أربع وثمانين فطولب ولم تطل بها مدته، والأخرى بعد ابن عيسى سنة ست وتسعين فتولاها إلى آخر خمسمائة وتولى بين هاتين قضاء الجزيرة الخضراء مدة. وكانت له، رحمه الله، رحلة سمع فيها بالأندلس من القاضي الباجي، وببلاد أفريقية ومصر والحجاز من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 جماعةٍ كابن فضال بمصر وابن صباح بتونس ولقي بمكة الفقيه عبد الحق والإمام أبا المعالي الجويني وابن صاحب الخمس بصقلية وغيرهم. ودرس هناك الأصول والكلام ودرس ذلك ببلدنا حياته وعليه أخذ ذلك جماعةٌ من شيوخنا وأصحابنا ورحل إليه الناس في درس ذلك عليه وكان فاضلاً. قرأت عليه كتاب المنهاج من تأليف القاضي أبي الوليد الباجي في الجدل والمناظرة وحدثني به عنه، وقرأت عليه الرسالة للقاضي أبي بكر ابن الطيب قراءة مناظرةٍ وتفقه؛ وقرأنا عليه غير ذلك من كتبه وغيرها وأخبرني بشرح الجمل لابن فضال عنه وقد سمع منه الأستاذ أبو الحسن ابن دري شرح غريب الحديث لأبي عبيد. توفي، رحمه الله، بعد صرفه عن خطة القضاء في آخر شهر محرم سنة اثنتين وخمسمائة. 66- عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد النيسابوري، المعروف بالأكافي الشافعي الإمام أبو القاسم: تفقه ببلده بأبي نصر القشيري وأخذ عن أبي حامد الطوسي وأبي نصر الأرغياني وأبي جعفر السنجاني وسمع الحديث من جماعةٍ ودرس الكلام وقرأ القراءات وتصوف وكان عالماً فاضلاً؛ ورد مكة حاجاً بعد عشر وخمسمائة وجاور بها فأخذ عنه قوم، وكان كهل السن جليل القدر واسع الحال. كتب إلي منها يجيزني جميع روايته ثم انصرف إلى بلده. 67- عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم الأموي: من أهل قرطبة سمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 حاتم بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي والجياني وغيرهما وتفقه عند ابن رزق وغيره من شيوخ قرطبة. صحبته كثيراً وسمعت منه شيئاً وكان خيراً فاضلاً، توفي، رحمه الله، سنة تسع عشرة وخمسمائة. 68- عبد الرحمن بن عبد الله بن منتيل السرقسطي الشيخ الصالح أبو زيد: خطيب بلده وإمام جامعه، وكان صهراً لشيخنا القاضي الشهيد أبي علي، رحمه الله، على أخته؛ وخرج بعد الحادثة على سرقسطة إلى بلنسية فولي بها الخطبة والصلاة. وكان، رحمه الله، صالحاً ورعاً يقصده الرؤساء وغيرهم يتبركون بدعائه وجربت منه الاستجابة، منقبضاً عن الناس منعزلاً عنهم. وكان يحفظ التلقين للقاضي أبي محمد عبد الوهاب ويشغف به وله في ذلك، مما أخبرني عنه القاضي أبو علي، وقد أخذ عنه بعض ما عنده سأقطع نفسي عن علائق جمة ... وأشغل بـ التلقين نفسي وباليا وأجعله أنسي وشغلي وهمتي ... وموضع سري والحبيب المناجيا وكتب إلى القاضي أبي علي: كتبت لأيام تجد وتلعب ... ويصدقني دهري ونفسي تكذب وفي كل يومٍ يفقد المرء بعضه ... ولا بد أن الكل منه سيذهب وتوفي، رحمه الله، في صدر سنة خمس عشرة وخمسمائة كتب إلي يجيزني جميع روايته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 69- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الفهمي المقرئ سرقسطي سكن قرطبة أبو المطرف: قرأ على المغامي وأبي علي ابن مبشر وأبي داود المؤيدي ومن شيوخه القاضي أبو الوليد الباجي وأبو الأصبغ ابن خيرة البردي وعمه أبو الربيع سليمان بن هارون الفهمي وغيرهم، وأجازه أبو عمر ابن عبد البر وأبو محمد عبد الحق الصقلي. وحدثنا بجميع رواية القاضي عبد الوهاب وتصانيفه عن عبد الحق عنه، وبجميع تصانيف عبد الحق وروايته؛ وأقرأ بجامع قرطبة وتولى الصلاة فيه، وكان ثقة أخذ عنه الناس وسمعوا منه وأجازني جميع روايته. وتوفي، رحمه الله، بقرطبة يوم الأربعاء الخامس من صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. 70- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد الكتامي يعرف بابن العجوز: الفقيه القاضي أبو القاسم من بيت علمٍ وجلالةٍ، فقيهٌ ابن فقيه ابن فقيه خامس خمسة وعبد الرحمن أكبرهم في العلم والجلالة والأمانة هو المنتقل إلى سبتة من أصيلا وأصلهم من بلدهم كتامة، قرأ أبو القاسم هذا على أبيه ومروان بن سمجون وسمع حجاجاً المأموني وغيرهم، وصحب أبا الفضل ابن النحوي كثيراً بفاس وكان يميل إلى النظر والحجة ودرس الفقه ببلدنا، وولي قضاء الجزيرة الخضراء ثم قضاء سلا ثم خلافة القضاء بالحضرة وتوفي مصروفاً عن ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وحدثني، رحمه الله، بلفظه قال: حدثني أبي محمد عن أبيه عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحيم عن أبي محمد ابن أبي زيد عن أبي بكر ابن اللباد: أن محمد بن عبدوس صل الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة، خمس عشرة من دراسة وخمس عشرة من عبادة. أخبرني أن جده الأعلى عبد الرحيم توفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأن جده عبد الرحمن توفي سنة تسع وأربعين، وأن أباه توفي بفاس بعد صرفه عن قضائها سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي هو، رحمه الله، بفاس بعد صرفه عن خلافة قضاء الحضرة سنة خمس عشرة وخمسمائة. 71- عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد القرطبي الحاكم بها أبو الحسن: سمع سراجاً القاضي وأبا عبد الله ابن عتاب وابن الطلاع وأجازه العذري ولم يكن عنده أصول ولا علم بما يرويه سوى مجرد الرواية، وسمع عليه قومٌ في أصول شيوخه وأصحابه. لقيته بقرطبة وجالسته كثيراً، ولم أسمع منه، وسمعت من أخيه وقد ذكرته قبل وحدثني بحكايات وأخبار. وتوفي، رحمه الله، يوم الخميس منتصف ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة، مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. 72- عبد الغالب بن يوسف أبو حمد السالمي: المتكلم على مذاهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أهل السنة من الأشعرية، أخذ عن ابن شبرين القاضي وغيره، وأخذ عنه الناس كثيراً وكان خيراً فاضلاً مستقلاً بعلمه إماماً فيه له تصانيف كثيرة ملاح. صحبته كثيراً بسبتة مدة مقامه بها وناولني كثيراً من مجموعاته، ثم انتقل إلى المغرب فتوفي فيه بمدينة مراكش سنة ست عشرة. وكان الفقيه أبو الطيب السفاقسي يثني عليه كثيراً ويفضله ويصفه بسعة العلم في بابه والمعرفة به، وكذلك كان القاضي أبو عبد الله ابن شبرين يفضله ويثني عليه، وقد كتب هو وأبو الحجاج الضرير كتابه في اختصار الهداية والشامل المسمى أنوار الحقائق وأسرار الدقائق؛ وقد ولي الخطبة وصلاة الجمعة عندنا بسبتة مدة مديدة، رحمه الله. 73- عبد الواحد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي الفهري: سمع عبد الواحد أباه وأبا الحسين الطيوري والنقيب أبا الفوارس الزينبي وأخاه أبا نصر والسمنجاني وأبا سعد المطرز وأبا بكر الشيروي وغيرهم. وكتب إلي يجيزني جميع رواياته سنة سبع عشرة وخمسمائة، وقد سمع منه الناس. وأبوه أبو الحسين فاضلٌ زاهدٌ من جلة المحدثين الأثبات الثقات ببغداد، يروي عن القاضي ابن صخر وأبي عمرو العلاف وأبي القاسم ابن بشران وغيرهم؛ حدثنا عنه القاضي أبو علي والقاضي أبو بكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 74- عبد المجيد بن عبدون الفهري اليابري: الوزير الكاتب أبو محمد: بقية مشايخ الكتاب الأدباء العلماء وأحد الأفراد من فحول الشعراء المقدمين عند الملوك والرؤساء، سمع عمه وعاصماً النحوي وأبا مروان ابن سراج وابنه، وكان أحد رؤساء الأدب القائمين بعلم العرب الحافظين للخبر ومعاني الشعر واللغات، قرأ الناس عليه كثيراً وحملوا عنه كتب الغريب والآداب وغير ذلك، وكتب أخيراً لأمير المسلمين علي، أيده الله، ثم انصرف زائراً لبلده فتوفي بها سنة سبع وعشرين وخمسمائة عن سن عالية. لقيته بسبتة [في انصرافه ذلك وأقسم لي أنه ما قصد سبتة إلا للقائي والاجتماع بي وساءلني عن أشياء في نفسه] وذاكرته في شيء وسمعت عليه قصيدته الرائية في الرثاء المشهورة المتضمنة من علم الحدثان ومهالك الأعيان ما يعجز عن حسن وصفه اللسان وأولها: الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاء على الأشباح والصور وسمعت عليه كثيراً من كتابه في نصرة أبي عبيد في الشرح أو جميعه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وأجازني جميع روايته، وله معي مخاطبات عجيبة ورسائل غريبة؛ وهو القائل في تلك القصيدة أبياته الفريدة: ومزقت جعفراً بالبيض واختلست ... من غيله حمزة الظلام للجزر وخضبت شيب عثمانٍ دماً وخطت ... إلى الزبير ولم تستحي من عمر وأجزرت سيف أشقاها أبا حسنٍ ... وأمكنت من حسين راحتي شمر وليتها إذ فدت عمراً بخارجة ... فدت علياً بما شاءت من البشر 75- عبد الملك ابن أبي مسلم ابن أبي نصر الهمداني الإمام أبو نصر المعروف بالنهاوندي: كذا رأيت اسمه ونسبه بخط فقيهٍ شافعي؛ سمع البغداديين النقيب أبا الفوارس وابن أبي عثمان والعاصمي وأبا الوفاء ابن عقيل الواعظ وابن الخاضبة المفيد وابن خيرون والحميدي وأبا الفتح عبدوس بن محمد الهمداني وابن أيوب وابن البطر والبانياسي؛ وشارك شيخنا القاضي أبا علي في أكثر شيوخه، وسمع بمكة من أبي نصر محمد بن هبة الله البندنيجي وأبي علي الطبري، وسمع منه الناس. كتب إلي بجميع رواياته، رحمه الله، من ذلك: الجمع بين الصحيحين تأليف أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 76- عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حزمون أبو الأصبغ قرطبي: تفقه بابن رزق وابن فرج بعده، وروى عن حاتم الطرابلسي وأجازه الدلائي، وكان مقدماً في مشاوري بلده موصوفاً بالحفظ وتفقه الناس عنده وانتفعوا به وتولى الصلاة بجامع قرطبة وكان قليل الرواية. لقيته بقرطبة وكان التفقه الغالب عليه، وتوفي في شعبان إثر انصرافي عن قرطبة سنة ثمان وخمسمائة؛ مولده سنة أربعين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 من اسمه علي 77- الشيخ الأستاذ الصالح أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري المقرئ النحوي المعروف بابن البيذش: من أهل غرناطة، شيخ مقرئيها ورواتها في علم القرآن والحديث والآداب والأصول والضبط للحديث والقراءات واللغات والإتقان في ذلك، والمقدم في محدثيها المتقنين ونحاتها المبرزين، وأحد الفضلاء الصالحين المتفننين في المعارف؛ وأصله من جيان. قرأ القرآن والنحو على جماعةٍ من أئمة هذا الشأن كمحمد بن حارث السرقسطي وأبي داود، ودرس الأصول على ابن سابق والمرادي، وسمع الجياني والصدفي والمصحفي وأبا جعفر ابن رزق وابن سهل القاضي، وأجازه أبو مروان ابن سراج وسمع من شيخنا الوزير أبي الحسين سراج شيئاً كثيراً ومن غير واحدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وواظب على ذلك. ورحل إليه الناس في القراءة والنحو والرواية، وتقدم للصلاة بجامع غرناطة والإقراء به والخطبة فيه إلى أن توفي، رحمه الله، ليلة الاثنين الثالث عشر من شهر محرم سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. مولده بغرناطة في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وكان مع تصدره وتقدمه لا يقطع الطلب والسماع والرحلة، سمع معنا على الشيوخ وكان يقرأ على المقرئين ما فاته من روايات وهو مقرئ متصدر وكان يقرض الشعر ويجيده. لقيته بقرطبة سنة سبعٍ وخمسمائة وقرأت عليه جميع كتاب أدب الكتاب لأبي محمد ابن قتيبة وعارضته بكتابه وحدثني به عن أبي بكر محمد بن هشام المصحفي عن أبيه عن أبي عمر أحمد بن أبي الحباب وأبي القاسم خلف بن عمرون يلقب بنفيل. قال وحدثني به أبو عبد الله محمد بن حارث السرقسطي عن أبي عمر أحمد بن صارم عن أبي نصر هارون بن موسى قال؛ وحدثني أبو مروان ابن سراج إجازة وقرأته على أبي الوليد مالك بن عبد الله العتبي حدثني به عنه وعن عبد الملك بن زيادة الله الطبني قالا: حدثنا أبو القاسم ابن الإفليلي عن أبي بكر الزبيدي كلهم عن أبي علي البغدادي عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه مؤلفه وقد سمعت أنا كتاب أدب الكتاب أيضاً على الفقيه أبي عبد الله ابن عيسى إلا ما فاتني منه فأجازنيه حدثنا به عن أبي مروان ابن سراج بسنده المتقدم. وحدثني أيضاً بكتاب أدب الكتاب المذكور وعارضته بكتاب الفقيه أبي إسحاق إبراهيم بن جعفر عن القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل عن الشيخ أبي القاسم محمد بن عبد الرحمن العثماني عن أبي عمر ابن الحباب قال أبو الأصبغ؛ وحدثني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 به أيضاً أبو بكر محمد بن موسى يعرف بابن الغراب عن أبي نصر هارون بن موسى بن جندل كلاهما عن أبي علي بسنده المتقدم. وقرأت على الأستاذ أبي الحسن أيضاً كتاب اختيار فصيح الكلام لأبي العباس ثعلب حدثني به عن أبي بكر المصحفي عن أبي الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني عن أبي أحمد عبد السلام بن الحسين القرمسيني وأبي الحسن علي بن الحارث البياري عن أبي سعيد السيرافي عن ثعلب، وعارضت كتابي بأصل الجرجاني بخطه. وسمعت بقراءته على الوزير أبي الحسين ابن سراج غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي وقد ذكرت سنده فيه عند ذكر ابن عيسى، رحمهم الله، وسمع بقراءتي كثيراً من كتاب الغريبين على أبي الحسين، رحمه الله. 78- الأستاذ النحوي أبو الحسن علي بن محمد بن دري الأنصاري: وأصله من طليطلة، أحد مشايخ المقرئين والنحاة المقدمين، وكان فاضلاً متواضعاً محبباً إلى الناس متصرفاً في حوائج صغيرهم وكبيرهم، مقبول القول مقضي الأرب عند الرؤساء، سكن بلدنا سبتة مدةً كثيرة وأقرأ بها، قرأت عليه حينئذ القرآن برواية ابن عامر ثم انتقل إلى غرناطة ولقيته بعد بها وسمعت منه بعض كتابه في مخارج الحروف وحدثني بجميعه. وحاز رياسة الإقراء بغرناطة ورياسة جامعها ثم ولي صلاته وخطبته إلى أن مات رحمه الله، بها في رمضان من سنة عشرين وخمسمائة؛ وكان قد صحب القاضي أبا الوليد الوقشي وأخذ عنه وعن أبي المطرف ابن سلمة وأبي مروان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ابن سراج وابنه أبي الحسين وابن الخشاب وسمع من الصدفي والجياني، وقرأ القرآن على المغامي وسمع غيره من الشيوخ. وكان له نظر في العلوم القديمة وتفنن في المعارف من أهل الضبط والإتقان، وكان ظريفاً حلواً أنشدني، رحمه الله، قال؛ أنشدني أبو سعيد محمد بن محمد الزعيمي البغدادي: غير التهتك أولى ... فاحفظ هواك وصنه وإن سمعت بحر ... يأبى الهوان فكنه واختر لنفسك قسماً ... في الحب لابد منه عذاب صبر عليه ... أو راحة الصبر عنه 79- الأستاذ النحوي أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن محمد التنوخي المعروف بابن الأخضر: من أهل إشبيلية ومقدم النحاة بها، أخذ عنه الناس قديماً وحديثاً، وسمعوا منه كتب الآداب وضبطوها عليه، وكان أكثر أخذه على أبي الحجاج الأعلم وسمع من الحافظ أبي علي الغساني، لقيته بإشبيلية سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وكان متصاوناً، فاضلاً ديناً. حدثني بشرح الأشعار الستة لأبي الحجاج يوسف بن سليمان الأعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 شيخه عنه وأجازني عنه جميع تواليفه من ذلك: شرح الحماسة وشرح شعر حبيب وغير ذلك من تواليفه وجميع رواياته. وتوفي، رحمه الله، بإشبيلية ليلة الخميس التاسع من رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة، وتوفي الأعلم سنة ست وسبعين وأربعمائة. وأنشدني، رحمه الله، قال: أنشدني أبو الحجاج يوسف الأعلم لبعض شعراء الأدب: وزاد وضعت الكف فيه تأنساً ... وما بي إلا أنسة الضيف من أكل وزادٍ رفعت الكف عنه تكرماً ... إذا ابتدر القوم القليل من البقل وزادٍ أكلناه ولم ننتظر به ... غداً إن بخل المرء من أسوإ الفعل كذا قاله الأعلم ((البقل)) بالباء والقاف والأشبه عندي فيه ((الثفل)) بالثاء المثلثة والفاء؛ قال الحوفي: الثفل طعام القرى وأنشد: ما ذاق ثفلاً منذ عام أول ... 80- علي بن المشرف بن المسلم بن حميد بن عبد المنعم بن عبد الرحمن الأنماطي، رحمه الله، أبو الحسن الاسكندراني: الشيخ المسند الرواية، كذا كتب لي اسمه بخط يده في إجازته إياي، كان أسند من بقي ببلاد مصر وأوسعهم روايةً، أدرك جملة جلة من الشيوخ منهم أبو زكرياء البخاري والقاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 القضاعي وأبو عبد الله ابن عبد الولي وعبد الباقي بن فارس المقرئ وأبو [الحسن] طاهر ابن باب شاذ وأبو إسحاق الحبال وأبو القاسم ابن الضراب والقاضي أبو الحسين ابن الدليل وجماعة كبيرة، وسمع منهم كثيراً وأخذ عنه الناس، سمع منه شيخنا القاضي الشهيد أبو علي الصدفي والقاضي أبو بكر ابن العربي والحافظ أبو طاهر السلفي وأكثر عنه، ورحل إليه الناس. وكتب إلي بإجازة جميع روايته سنة خمس عشرة وخمسمائة، من ذلك تواليف أبي محمد عبد الغني [بن سعيد الحافظ عن أبي زكرياء عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري عن عبد الغني] . وقد تقدمت أسانيدنا في كتاب المؤتلف والمختلف وكتاب مشتبه النسبة، وكتاب الأوهام منها وسماعنا منها في اسم الصدفي، ومن ذلك تفسير عبد الرزاق عن أبي الحسن عبد الباقي بن فارس المقرئ عن أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي عن أبي بكر أحمد بن عمر بن جابر الرملي عن أبي عبد الله محمد بن حماد الظهراني عن عبد الرزاق. وسمعت بعض هذا التفسير وأجازني باقيه الفقيه أبو محمد ابن عتاب وقد تقدم سندي فيه في اسمه؛ توفي، رحمه الله، في اسكندرية سنة تسع عشرة وخمسمائة عن سن عالية. وحدثنا، رحمه الله، فيما كتب به إلينا وقرأته على غيره قال؛ حدثنا أبو زكرياء عبد الرحيم بن أحمد البخاري قال؛ حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ حدثنا النسائي أخبرنا أبو عبد الله ابن سعيد، يعني أبا قدامة حدثنا ابن عيينة عن الزهري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 سمعته يقول؛ عن عروة عن زينب عن حبيبة عن أمها أم حبيبة عن زينب بنت جحش قالت: انتبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوماً محمراً وجهه، وهو يقول: ((لا إله إلا الله ثلاث مرات ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا)) وعقد سفيان عشراً سواء قلت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث. وهذا حديثٌ خرجه أهل الصحيح واجتمع فيه أربع صحابيات ربيبتان للنبي، عليه السلام، وهما زينب بنت أم سلمة وهي بنت أبي سلمة، والثانية حبيبة بنت أم حبيبة، وهي حبيبة بنت عبد الله بن جحش وزوجتان من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان واسمها رملة ويقال هند ورملة أشهر والثانية زينب بنت جحش. وأخبرنا، رحمه الله، فيما كتبه لنا قال؛ سمعت أبا إسحاق الحبال يقول؛ سمعت أبا الحسن ابن المرتفق الصوفي يقول؛ سمعت أبا عمرو ابن علوان وقد رأيت في يده سبحة فقلت؛ يا أستاذ مع عظيم إشارتك وسني عبارتك وأنت مع السبحة فقال لي؛ كذا رأيت الجنيد بن محمد وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال لي؛ كذا رأيت أستاذي بشر بن الحارث وفي يده سبحة فسألته عما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 سألتني عنه فقال لي؛ كذا رأيت عامر بن شعيب وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال لي؛ كذا رأيت أستاذي الحسن بن أبي الحسن البصري وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال لي: يا بني هذا شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا بالذي نتركه في النهايات، أحب أن أذكر الله تعالى بقلبي ويدي ولساني. 81- أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن عبيد الله الربعي المقدسي الشافعي التاجر: لقيته بسبتة وحدثني بأشياء وأجازني جميع روايته عن شيوخه أبي إسحاق الشيرازي وأبي بكر الخطيب وأبي الفتح نصر المقدسي. وذكر لي أن الخطيب أجازه جميع كتبه وروايته وأنه سمع منه بعض تصانيفه وأنه سمع من نصرٍ كثيراً وأجازه جميع رواياته وتصانيفه وأنه درس على الشيرازي نحو نصف التعليقة والنكت والمعونة والتبصرة له، وأجازه جميع رواياته وكتبه قال: وسمعت من الفقيه نصر كتاب البخاري روايته عن ابن السمسار عن المروزي ومصنف أبي داود وسنن الدارقطني والموطأ وغير شيءٍ ومن ذلك كتاب المصباح والداعي إلى الفلاح من تأليفه. وحدثنا أبو الحسن عن الخطيب قال: ذكر أن رجلاً هاشمياً اسمه عبد الصمد تكلم عند المأمون فرفع صوته، فقال له المأمون: ((لا ترفعن صوتك يا عبد الصمد، إن الصواب في الأسد لا الأشد)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 قال وحدثنا أبو بكر الخطيب إجازةً حدثنا حمزة حدثنا محمد بن الحسن الأزدي حدثنا أبو حاتم السجستاني قال؛ حدثنا الأصمعي قال: ((بينما أنا في الطواف إذ رأيت جارية متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول: ((إلهي وسيدي إن طالبتني بشري طالبتك بعفوك وإن أخذتني بذنوبي أتيتك بتوحيدك وإن أدخلتني النار مع أعدائك أعلمتهم بمحبتي فيك)) فقلت: لقد أحسنت والله يا جارية، فأنشأت تقول: أفنيت عمرك والذنوب تزيد ... والرب يحصي والرقيب شهيد حتى متى لا ترعوي عن لذةٍ ... وعقابها يوم الحساب شديد فكأنني بك قد أتتك منيةٌ ... لا شك أن سبيلها مورود ثم شهقت وماتت. وأخبرنا عن الخطيب قال؛ حدثنا الحسين بن محمد أخو الخلال حدثنا أبو بكر ابن محمد بن أحمد الجرجاني حدثنا الحسن بن أحمد الكاتب بهمذان حدثنا نفطويه قال؛ كنت عند المبرد فمر به إسماعيل بن إسحاق فوثب المبرد إليه وقبل يده وأنشده: فلما بصرنا به مقبلاً ... حللنا الحبى وابتدرنا القياما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 فلا تنكرن قيامي له ... فإن الكريم يجل الكراما وأخبرنا، رحمه الله، عن أبي بكر الخطيب قال؛ قال رجلٌ لرجلٍ كتب العلم ولا يعلم ما كتب: ((ما لك إلا طول أرقك وطول تعبك وتسويد ورقك)) . وحدثنا الخطيب قال: حدثنا الحسن بن أبي طالب حدثنا عبيد الله بن محمد المقرئ حدثنا أبو بكر الصولي حدثنا جبلة بن محمد حدثنا أبي قال: ((جاء رجل إلى ابن شبرمة فسأله عن مسألة ففسرها له فقال لم أفهم، فأعاد عليه فقال لم أفهم فقال: ((إن كنت لم تفهم لأنك لم تفهم فستفهم بالإعادة وإن كنت لم تفهم لأنك لا تفهم فهذا داء لا دواء له)) . وتوفي، رحمه الله، بالناصرية، سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. 82- علي بن أبي القاسم بن محمد المهدوي يعرف بابن البناء: سكن مكة، أخذ عن أبي معشر الطبري المقرئ وأبي علي الطبري الشافعي وجماعة من القادمين مكة والمجاورين بها. كتب إلينا منها بإجازة جميع روايته من ذلك كتاب الجامع الكبير في القراءات تأليف أبي معشر الطبري اشتمل على ألف وخمسمائة وخمسين رواية وكتاب التلخيص في القراءات له أيضاً، حدثني بهما عن مؤلفهما أبي معشر. 83- عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن مؤمل بن أبي البحر الزهري أبو الأصبغ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 شيخٌ مسن أصله من شنترين وسكن مدينة سلا، لقيته بسبتة مرات اجتاز علينا بها تاجراً، وله سماع قديم بالمشرق من كريمة بنت أحمد لكتاب البخاري ومن أبي الحسن ابن باب شاذ وأبي معشر الطبري وأبي محمد صباح الشافعي والحبال وغيرهم وبالأندلس من القاضي أبي الوليد الباجي وأبي عبد الله محمد بن فرج مولى ابن الطلاع وأبي الحسن ابن حمدين وأبي جعفر ابن رزق وأبي مروان ابن سراج وأبي علي الجياني وأبي الحجاج الأعلم وأبي محمد ابن الحراز وأبي شاكر القبري وأبي عبد الله ابن أبي جمرة وأبي محمد ابن القلاس وغيرهم. وسمع منه قوم بالأندلس والمغرب، وقدكان يقرئ الأدب قديماً بشنترين وقد قرأ عليه الأستاذ أبو القاسم ابن الأبرش في شنترين ولم تكن عنده كتبٌ ولا ضبط. وناولني من كتب القاضي أبي الوليد كتاب التعديل والتجريح وكتاب التسديد وكتاب الفصول في أحكام الأصول، وحدثني بجميعها عنه وعندي منها أصول الباجي، وحدثني بجميع روايته وسمعت منه شيئاً من روايته؛ وتوفي، رحمه الله، في نحو ثلاثين وخمسمائة. وأخبرنا، رحمه الله، بكتاب الوقف والابتداء لابن النحاس عن أبي إسحاق الحبال، ومعاني القرآن له سماعاً منه إلا ما فاته منه، وحدثني، رحمه الله، عن أبي إسحاق الحبال المصري. وحدثنا القاضي أبو علي عنه إجازة قال؛ حدثنا أبو محمد ابن النحاس قال: حدثنا ابن الأعرابي وحدثنا القاضي محمد بن إسماعيل قراءة عليه قال؛ أخبرني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 الفقيه هشام بن محمد بن مسلمة حدثنا ابن النحاس حدثنا ابن الأعرابي قال؛ حدثني ابن أبي الدنيا قال؛ حدثني سفيان بن محمد المصيصي قال؛ حدثنا أبو نعيم إسحاق بن الفرات التجيبي حدثنا أبو الهيثم العبدي عن مالك بن أنس عن الزهري عن أبي حدرد [وابن أبي حدرد] الأسلمي قال: ((قدمت المدينة في خلافة عمر بن الخطاب فأردت الحج، فلما أتيت مالي قلت: اللهم قيض لي رجلاً من أصحاب نبيك، عليه السلام، كان نبيك يحبه وكان يحب نبيك)) ، فإذا أنا بغلام أسود على حمار يقود ناقة خلفها شيخ على حماره فقلت: ((يا غلام من هذا الشيخ قال محمد بن مسلمة الأنصاري صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرافقت خير رفيق ونازلت خير نزيل)) ، فتذاكرنا يوماً في مسيرنا الشكر والمعروف فقال محمد: كنا يوماً عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال لحسان بن ثابت: ((أنشدني قصيدةً من شعر الجاهلية، فإن الله وضع عناء آثامها في شعرها ورواياتها)) ، فأنشده قصيدة الأعشى: علقم ما أنت إلى عامر ... الناقض الأوتار والواتر في هجاء كثير هجا به علقمة، فقال النبي عليه السلام: ((يا حسان لا تعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 تنشد هذه القصيدة بعد مجلسي هذا)) ، قال يا رسول الله تنهاني عن رجل مشرك مقيم عند قيصر؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ((يا حسان أشكر الناس للناس، أشكرهم لله، فإن قيصر سأل عني أبا سفيان فتناول مني وسأل هذا عني فأحسن القول في)) ، فشكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ذلك. [قال القاضي أبو الفضل: كان علقمة هذا من المؤلفة قلوبهم، وقد جاء ذكر هذا في صحيح مسلم على اختلال عند الرواة هناك. وأظهر الإسلام وكان قد ارتد آخر أيام النبي، عليه السلام، ولحق بالشام وغزا المدينة أيام أبي بكر ثم أسلم وجاء إلى أبي بكر فقبل إسلامه ذكره الطبري] . وأخبرنا، رحمه الله، قال؛ حدثنا القاضي أبو الوليد قال؛ حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمود وأبو بكر ابن سختويه قالا؛ حدثنا أبو العباس الرازي حدثنا أبو أحمد بن عدي الجرجاني قال؛ سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام يقول؛ سمعت الحسن بن سفيان يقول: سأل أصحاب الحديث الزيادة من علي بن حجر فأنشأ يقول: لكم مائةٌ في كل يومٍ أعدها ... حديثاً حديثاً لست زائدكم حرفا وما طال منها من حديثٍ فإنني ... به طالبٌ منكم على قدره صرفا فإن اقتنعتم فاسمعوها صريحةً ... وإلا فجيئوا من يحدثكم ألفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 حرف الغين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 حرف الغين واحدٌ 84- الفقيه الحافظ أبو بكر غالب بن عطية المحاربي: هو غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية بن خفاف بن أسلم بن مكرم من ولد زيد بن محارب بن خصفة بن قيس. كذا وقفت على نسبهم في كتاب مطرف بن عيسى في تاريخ عرب البيرة في ذكر قبائل محارب، وجدهم عطية بن خالد هو الداخل الأندلس في الفتح. تفقه صغيراً على فقهاء بلده وسمع منهم كالفقيه أبي الربيع ابن الربيع والفقيه أبي عثمان ابن جعد وغيرهم؛ وتأدب وقرأ القراءات السبع على أبي علي الحسن بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 عبيد الله الحضرمي وغلب عليه الأدب في شبيبته وأجاد نظم الكلام والشعر ثم عطف على الفقه والحديث، فسمع بالأندلس من أبي بكر ابن صاحب الأحباس وأبي محمد بن أبي قحافة وأبي عبد الله ابن المرابط وابن نعمة القروي وغانم الأديب ومحمد بن حارث النحوي ثم من أبي علي الجياني أخيراً. وله رحلة إلى الشرق قديمة سنة تسع وستين لقي فيها بقية رجال أفريقية وتفقه معهم في الفقه والأصول: أبا عبد الله ابن معاذ وأبا محمد عبد الحميد الصائغ وابن القديم، وصحب بمصر الواعظ أبا الفضل الجوهري وبمكة أبا عبد الله الجاحظ المري وأبا عبد الله الطبري وأخذ عنهم درس هناك علم الاعتقاد والأصول وحصل علماً جماً وتقدم في علم الحديث وأحسن التقييد والضبط، وتصدر ببلده غرناطة للفتيا والتدريس والإسماع والتفسير وانتفع به الناس وأخذوا عنه كثيراً وكان شيخهم المقدم وكف آخراً بصره؛ وتوفي، رحمه الله، بها ليلة الجمعة لست بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وخمسمائة. لقيته بسبتة عند قدومه على أمير المسلمين، أيده الله وبقرطبة أيضاً وفاوضته كثيراً، وسمعت من لفظه فوائد، رحمة الله عليه، سمعته يقول؛ سمعت أبا عبد الله ابن معاذ الفقيه يقول: سحنون اسم طائر حديد فسمي بذلك سحنون الفقيه لحدته في المسائل. وبلغني عنه ولم أسمعه منه أنه قال: كررت البخاري سبعمائة مرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وأنشدنا بعض أصحابنا عنه قال؛ أنشدني الفقيه أبو بكر ابن عطية قال؛ أنشدنا أبو الفضل الجوهري: خذ كلامي معبراً فامتحنه ... وبميزان عقل قلبك زنه ما هلاك النفوس إلا المعاصي ... فتوق الهلاك لا تقربنه كل شيءٍ هلاك نفسك فيه ... ينبغي أن تصون نفسك عنه قال، رحمه الله، وأنشدنا أبو عبد الله النحوي إمام الحرمين المعروف بالجاحظ المري: سهرت أعينٌ ونامت عيون ... لأمورٍ تكون أو لا تكون فاطرد الهم ما استطعت عن النفس ... فحملانك الهموم جنون إن رباً كفاك بالأمس ما كان ... سيكفيك في غدٍ ما يكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 بقية حرف الميم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 بقية حرم الميم اثنان 85- الفقيه الراوية أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد الشاطبي: شيخ بلده ومفتيه وكبيره، مع الأدب الجم والرواية العالية سمع أباه وابن عمه وأبا عمر ابن عبد البر وأكثر عنه وغيرهم. ورحل إليه الناس في سماع كتب أبي عمر ورواياته. لقيته بسبتة منصرفه من حضرة السلطان، أيده الله، وأشخص له لمطالبة لحقته فسمعت منه التقصي لأبي عمر ابن عبد البر قرئ جميعه عليه وأنا حاضرٌ وحدثني به عن مؤلفه، وناولني كتاب الصحابة لأبي عمر ابن عبد البر عنه، وكتب إجازته لي بخطه لجميع رواياته، من ذلك جميع تواليف أبي عمر ابن عبد البر، رحمه الله. ثم اجتاز البحر إلى بلده، فتوفي إثر ذلك، رحمه الله، وذلك في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وخمسمائة، مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 سألته، رحمه الله، أول ما لقيته عن حاله فقال لي: حالي مع الدهر كما قلت قديماً: حالي مع الدهر في تصرفه ... كطائر ضم رجله شرك فهمه في خلاص مهجته ... يروم تخليصها فيشتبك وكتب من قوله للفقيه مالك بن وهيب زمن حبسه بالحضرة وكان انقبض عنه، وأنشدنيها لنفسه: الليالي تسوء ثم تسر ... وصروف الزمان ما تستقر بينما المرء في حلاوة عيش ... إذ أتاه على الحلاوة مر فالكريم المصاب يفزع فيه ... لكريم وينفع الحر حر وحدثنا رحمه الله، قال؛ حدثنا أبو عمر ابن عبد البر حدثنا أبو عبد الله محمد بن خليفة حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن البغدادي حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي والحسن بن عرفة قالوا؛ حدثنا أبو بكر ابن عباس قال؛ حدثنا عاصم عن زر ابن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمدٍ عليه السلام خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمدٍ فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه. 86- الفقيه أبو عبد الملك مروان بن عبد الملك بن إبراهيم بن سمجون اللواتي: زعيم المغرب وشيخه وذو الجاه العريض والقول المسموع فيه. كان من أهل العلم والفقه والأدب، وله سماع عال من المصريين ابن نفيس وابن منير وأبي محمد ابن الوليد ونمطهم، وقرأ القرآن على المقرئين بها وجالس الفقيه عبد الحق بصقلية، وسمع من أبي علي المعروف ابن أمدكنوا فقيه سجلماسة بها عن أبي محمد ابن أبي زيد وحصل علماً جماً وكان ذا جزالة وشهامة وفصاحة وعجرفية في كلامه وأفعاله، أخذ نفسه بالإعراب والتقعير في كلامه مع الخاصة والعامة فلا يكاد يؤخذ عليه لحن؛ ولي الخطبة والصلاة والفتيا بسبتة، ثم انتقل إلى طنجة صدر الدولة المرابطية ومنها أصله فولي صلاتها وخطبتها وفتياها ثم تقلد أحكامها وانصرفت إليه جميع أمور الأندلس والمغرب وفوض إليه أمير المسلمين يوسف في كبارها وكان مهيباً صليباً. لقيته بسبتة أول طلبي للأدب في بعض جيئاته إليها وحضرت مجلسه وسألني عن مسائل من الأدب وأجبته وسمعت كلامه ولم آخذ عنه شيئاً، رحمه الله، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وحضرت أبا بحر بن عبد الصمد الشاعر قد قصده بقصيدة صنعها فيه وبين يديها مقامة من نثر حسن فقرأها بين يديه فاستحسن كلامه واهتز له سمعته يقول له: أبو من؟ فقال له: أبو بحر فقال له: إنك لبحر عند اسمك، وأول القصيدة: تهون الصوارم تحت الحلل ... وتهتز فوق الطلا والقلل ومنها: فدى للفقيه ابن عبد المليك ... رجالٌ حلومهم تستزل يرومون إدراك غاياته ... وهيهات بالقول لا بالعمل جرى وجروا في ميادينه ... فجاء بها سابقاً في مهل إمامٌ أقام منار الهدى ... وعز على أهل تلك النحل وبين للناس فصلاً ففصلاً ... غوامض أسرار تلك الملل وضم إلى الرأي متن الحديث ... وعلم الكلام وفهم الجدل سمع منه جماعة ممن أدركناه من شيوخنا وغيرهم منهم: أبو إسحاق ابن جعفر الفاسي أخبرني عنه بكتاب مسند الموطأ للجوهري عن ابن نفيس عن مؤلفه، ومنهم أديبنا أبو علي النحوي وخالاي أبو بكر وأبو محمد ابنا الجوزي. وتصدر قديماً لإقراء القرآن بسبتة وكان مقرئاً متفنناً فقيهاً لغوياً، وله شعر فيه تقعر وخطب فصيحة قوية العارضة كثيرة الغريب، وتوفي بطنجة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة عن سن عالية [قبل الزوال يوم الأربعاء الموفى عشرين من رجب ودفن يوم الخميس وصلى عليه ابنه الأوسط عبد الوهاب، ومولده سنة إحدى وعشرين] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 حرف السين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 حرف السين 87- سراج بن عبد الملك بن سراج الأموي الوزير اللغوي الحافظ أبو الحسين: زعيم وقته وإمام أهل طريقته والمقدم في مصره بذاته وسليقته، أكثر أخذه عن أبيه الحافظ أبي مروان وله سماع عن الفقيه أبي عبد الله ابن عتاب؛ وإليه كانت الرحلة في وقته بعد أبيه، في تقييد كتب الأدب والغريب والشروح. ودرس كتاب سيبويه وقل مشهورٌ إلا وقد أخذ عنه وقد سمع منه من شيوخنا جماعة أشياء بقيت عليهم ممن أخذ عن أبيه أو ممن فاته الأخذ عن أبيه كالوزير أبي محمد بن عبدون والقاضيين أبي عبد الله ابن عيسى وأبي عبد الله ابن الحاج وأبي القاسم ابن الأبرش النحوي وأبي الحسن ابن البيذش المقرئ وغيرهم. ورحلت إليه إلى قرطبة سنة سبع وخمسمائة، فسمعت عليه ما يسره الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 بمنه، وجعل لي من نفسه حظاً ودولاً كثيرة. ثم رجعت إليه بعد رحلتي من شرق الأندلس، سنة ثمان فوجدته مريضاً مرضه الذي توفي منه، رحمه الله، وكانت وفاته بعد فراقي إياه بأيام وذلك يوم الاثنين لست بقين لجمادى الآخرة من السنة المذكورة. فمما أخذته عنه قراءةً وسماعاً كتاب غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي سمعت جميعه عليه بقراءة شيخنا الأستاذ أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري وقد تقدم ذكره وسندي فيه في باب المحمدين. وقرأت عليه جميع كتاب الدلائل لأبي محمد قاسم بن ثابت السرقسطي وعارضته بكتابه، حدثني به عن أبيه والفقيه أبي عبد الله ابن عتاب، رحمهما الله، قالا؛ حدثنا القاضي أبو الوليد يونس بن مغيث عن أبي الفضل عباس بن عمرو عن ثابت بن قاسم بن ثابت عن جده ثابت قراءة وعن أبيه قاسم إجازة وكان ثابت وابنه قاسم اشتركا في التأليف وكانت رحلتهما وسماعهما واحداً، فمات قاسم قبل أبيه بمدة. ولم يدركه ابنه في السماع منه وأدرك السماع من جده فهو له من جده سماعاً ومن أبيه إجازة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وقرأت عليه جميع كتاب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام حدثني به عن أبيه أبي مروان عن أبي القاسم الافليلي عن أحمد بن أبان بن سيد عن أبي علي البغدادي عن أبي بكر الأنباري عن أبيه عن أبي الحسن علي بن عبد الله الطوسي عن أبي عبيد قال أبو علي: وحدثني به أبو محمد ابن درستويه النحوي عن الطوسي عنه. وقرأت عليه كتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام حدثني به عن ابن القاسم الافليلي عن أبيه عن قاسم بن سعدان عن طاهر بن عبد العزيز عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد. وقرأت عليه جميع كتاب الغريبين لأبي عبيد الهروي وصححته عليه وحدثني به عن أبيه أبي مروان عن أبي عمر السفاقسي عن أبي عثمان بن إسماعيل عن عبد الرحمن الحافظ النيسابوري عن مؤلفه؛ وحدثني به أيضاً الفقيه أبو محمد ابن عتاب عن السفاقسي بسنده وحدثني به أيضاً مناولةً القاضي الشهيد أبو علي الحسين بن محمد الصدفي عن أبي بكر ابن عبد الباقي الحافظ عن أبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي عن مؤلفه كذا قيده لي بخطه؛ المليحي بضم الميم وذكره الأمير أبو نصر ابن ماكولا بفتحها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وسمعت منه أشياء كثيرة وعلقت عنه فوائد جمة، رحمه الله، وأجازني جميع روايته ورواية أبيه، رحمهما الله، وجرت بيني وبينه مراسلات مستغربة نثراً ونظماً غفر الله لجميعنا وسمعته، رحمه الله، يقول؛ العرب تقول: هنيدة مصغرة لمائة من الإبل، وهند لمائتين، وأمامة لثلاثمائة. وأنشدنا رحمه الله، وقد نزل عليه ونحن نسمع عليه بعض الجلة زائراً وجعل عنان دابته على سرجها: علمته مهما أزور أحبتي ... دلج السرى وكذاك فعل مخاطر وإذا احتبى قربوسه بعنانه ... علك اللجام إلى انصراف الزائر ومن قوله: بث الصنائع لا تحفل بموقعها ... من آملٍ شكر المعروف أو كفرا كالغيث ليس يبالي حيثما انسكبت ... منه الغمائم ترباً كان أو حجرا وأخبرني، رحمه الله، قال: اجتمعنا في لمة من الأدباء خارج باب قرطبة وفينا الوزير أبو بكر عبد العزيز المعروف بابن القبطرنو إذ وقف بنا أبو الحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 عمرو بن مذحج بن حزم وهو شاب وكان مجيداً للركوب فأجرى بين أيدينا فرسه وتقلب عليه أحسن تقلب وصرفه أحسن تصريف فأعجب بما رأى منه الحاضرون لا سيما أبو بكر فقلت له: قل في صفة الحال، فقال ارتجالاً: رأى صاحبي عمراً فكلف وصفه ... وحملني من ذاك ما ليس في الطوق فقلت له عمرو كعمرٍ، فقال لي ... صدقت ولكن ذا أشب على الطوق فأعجب الحاضرون من سرعة قوله وصدق وصفه وجودة نظمه وقوة فهمه وغاية حسنه. 88- سفيان بن العاصي بن أحمد بن العاصي بن سفيان الأسدي الفقيه الراوية أبو بحر: أحد المتفننين المتقنين للكتب المتسعي الرواية، نشأ ببلنسية وأصله من عملها من حصن مربيطر سمع أبا العباس الدلائي وأبا عمر ابن عبد البر والقاضي أبا الوليد الباجي وأبا الليث وأبا الفتح نصر بن الحسن التنكتي الشاشي القادم إلى الأندلس والفقيه أبا عبد الله ابن سعدون وابن سيد المقرئ وطاهر بن مفوز وأبا إسحاق الكلاعي وأبا بكر ابن القدوة وأبا داود المقرئ وسمع القاضي أبا الوليد الكناني وبه كان اختصاصه وعليه تقييده ومنه استفادته. وكان يعظمه جداً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وأجازه أبو مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي سمع منه الناس كثيراً بالأندلس والعدوة وكان خرج إليها بعد استيلاء العدو على بلنسية فسكن بلاد ابن الناصر مدة ثم تلمسان ثم انتقل إلى الأندلس وسكن أخيراً قرطبة ورأس بها في السماع ورحل إليه الناس. لقيته بقرطبة وقرأت عليه كتاب المشاهد وسيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأبي محمد عبد الملك بن هشام اختصاره لكتاب محمد بن إسحاق وعارضته بكتابه وكتبت عنه ما أصلحه فيه القاضي الكناني [شيخه، حدثني به عن القاضي أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني] قراءة عليه وسماعاً عن أبي عمر الطلمنكي عن أبي جعفر ابن عون الله عن أبي محمد عبد الله بن جعفر بن الورد؛ قال أبو بحر وحدثني به إجازة أبو العباس العذري قال؛ حدثنا أبو العباس أحمد بن علي الكسائي النحوي قال؛ حدثنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن إسحاق الرازي قال؛ حدثنا عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري البرقي قال؛ حدثنا أبو محمد ابن هشام. قال القاضي أبو الفضل وقد حدثني بكتاب المشاهد المذكور الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى سماعاً للكثير منه وإجازةً لما فاتني قال؛ حدثنا بجميعه الشيخ أبو مروان عبد الملك بن سراج؛ وحدثنا به ابنه الوزير أبو الحسين سراج عنه إجازة قال؛ حدثنا أبو القاسم الإفليلي بجميعه عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 عن عم أبيه عبيد الله بن يحيى عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي عن ابن هشام. قال القاضي أبو الفضل: محمد وعبد الرحيم ابنا عبد الله بن عبد الرحيم أخوان يكنى عبد الرحيم منهما أبا سعيد ومحمد أبا عبد الله؛ يرويان معاً عن ابن هشام ولهما أخ ثالث اسمه أحمد روى عنه، وبيتهم بيت علم ولمحمد وأحمد تاريخ وتصانيف، ولأبي القاسم عبيد الله بن محمد أيضاً تصنيف في الفقه وكلهم ثقات وقد ذكرناهم في كتاب الطبقات. وقرأت عليه أيضاً كتاب شيوخ البخاري تأليف أبي أحمد بن عدي الجرجاني، حدثني به عن أبي العباس الدلائي عن أبي العباس الرازي عن مؤلفه؛ وسمعت جميع هذا الجزء أيضاً على القاضي الشهيد أبي علي وقد ذكرت سنده فيه. وسمعت عن الفقيه أبي بحر جميع كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج القشيري، وقد ذكرته قبل وذكرت سندي فيه وسنده في الموطأ. وحدثني، رحمه الله، بكتاب بهجة المجالس لأبي عمر ابن عبد البر عنه، وكتاب الإشراف على ما في أصول الفرائض من الاختلاف تأليف أبي عمر أيضاً عنه. وتوفي، رحمه الله، بقرطبة لثلاث بقين من جمادى الآخرة من سنة عشرين وخمسمائة؛ ومولده سنة تسع وثلاثين وقيل سنة أربعين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وأجازني، رحمه الله، جميع رواياته من ذلك جميع فهرست الدلائي وفهرست ابن سعدون. حدثنا، رحمه الله، بقراءتي عليه حدثنا أبو العباس أحمد [بن عمر حدثنا أبو العباس أحمد] بن الحسن بن بندار الرازي حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال؛ سمعت أحمد بن الحارث المروزي يقول؛ سمعت إبراهيم بن يزيد البيوردي الحافظ يقول؛ سمعت أحمد بن يونس يقول: ((قدمت البصرة فأتيت حماد بن زيد فسألته أن يملي علي شيئاً من فضائل عثمان فقال لي: من أين أتيت فقلت: من الكوفة قال: كوفي يطلب فضائل عثمان والله لا أمليها عليك إلا وأنا قائم وأنت جالس قال؛ فقام وأجلسني وأملى علي وكنت أسارقه النظر فكان يملي علي وهو يبكي. وأخبرنا، رحمه الله، قال؛ أخبرنا أبو العباس العذري حدثنا أبو الحسن الكسائي حدثنا أبو الحسن محمد بن زكرياء النيسابوري عن بعض شيوخه قال؛ أنشدني رجل من أهل الأدب لعبد الله بن المبارك: قرب طعامك وابذله لمن دخلا ... واحلف على من أبى واشكر لمن أكلا ولا تكن سابري العرض محتشماً ... من القليل فلست الدهر محتفلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 [وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله الكاتب قال] حدثنا بعض الأدباء قال: كان على مائدة عبد الله بن طاهر مكتوب: كيف احتيالي لبسط الضيف من خجل ... عند الطعام فقد ضاقت به حيلي أخاف إكثار قولي كل فأخجله ... والصمت ينبئه مني على البخل 89- سهل بن علي بن عثمان النيسابوري الشيخ التاجر أبو نصر: لقيته بسبتة حين جوازه عليها وأقام بها مدة طويلةً وكان متسمتاً جليلاً. ورأيت الحافظ أبا طاهر السلفي قد قيد سماعاً له فقال فيه: الشيخ الزكي ذكر لي أنه أدرك الإمام أبا المعالي الجويني بنيسابور بلده وحضر مجلسه ودرسه ولقي بعده أصحابه القشيري والطوسي والخوافي والأرغياني وكان شافعي المذهب، سمع من جماعةٍ من الخراسانيين. وحدثني أن وفاة أبي المعالي كانت بنيسابور سنة خمسٍ أو أربع وسبعين وأربعمائة. وحدثني بحكايات وفوائد، وحدثني بأمالي الشيخ أبي بكر أحمد بن محمد ابن خلف الشيرازي سماعاً منه، وبكتاب الأربعين حديثاً للحاكم أبي عبد الله سماعه من أبي بكر الشيرازي عنه فيما ذكر، وبكتاب أصول الفصول لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي عن الشيخ المفسر أبي الفضل أحمد بن عمر الميداني عنه وأجازني جميع روايته. أنشدني أبو نصر هذا قال؛ أنشدني أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني لنفسه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 من كان إذلاله بمدخرٍ ... ولا يرى عدةً له إلا هو فعدتي ما أقول من صغري ... أشهد أن لا إله إلا هو وتوفي، رحمه الله، غريقاً في البحر منصرفه إلى بلده من المرية سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. 90- سعيد بن أحمد بن سعيد السفاقسي ثم الينونشي: قرية من قرأها الفقيه الزاهد أبو الطيب؛ اجتاز ببلدنا وسكن أغمات، كان من المحققين بالفقه والكلام من أهل البلاغة والتأليف والنظم والنثر، تفقه بأبي الحسن اللخمي وطبقته. وكان من أهل الخير التام والفضل الكامل وسلوك طريق الزهد والورع والتقلل متواضعاً حسن الصحبة كريم العشرة، يزداد على الأيام فضلاً؛ وشهر اسمه وبعد صيته عند السلطان وغيره فلم يزدد إلا خيراً وانقباضاً وتواضعاً ولم يتشبث بشيءٍ من أمور الدنيا وخططها إلى أن توفي، رحمه الله، من سقطةٍ سقطها من درج منزله في صدر رجب سنة إحدى وخمسمائة. 91- سفيان بن [.. ..] المعروف بابن البيغي: أصله من شاطبة وكان متفنناً نبيلاً، لقي الشيوخ وسمع منهم: أبا عمر بن عبد البر وأبا الوليد الباجي وأبا الوليد الوقشي وأبا العباس الدلائي وأبا الأصبغ ابن سهل وأبا مروان ابن سراج وأجازه. ناولني كتاب المنتقى في أخبار الأئمة الفقهاء تأليف أبي عمر ابن عبد البر، وفهرست أبي عمر وفهرست الدلائي وحدثني بهما عنهما وسمعت منه عن شيوخه غير شيءٍ، رحمهم الله، وتوفي في نحو عشرين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 حرف الشين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 حرف الشين واحد 92- شريح بن محمد بن شريح بن أحمد بن شريح الرعيني أبو الحسن القاضي المقرئ: شيخ المقرئين المتصدرين في زمنه ومن إليه الرحلة في هذا الشأن القائمين بعلوم القرآن، والاستقلال بالنحو والعربية، وله سماعٌ في الحديث من أبيه وأبي محمد بن خزرج وأبي عبد الله ابن منظور [وأجازه جميع رواياته] وخاله أبي عبد الله الخولاني شيخنا وغيرهم. وأبوه، أبو عبد الله أحد أئمة المقرئين أيضاً في وقته وله تصانيف بديعة في القرآن وإليه كانت الرحلة في وقته. ثم خلفه ابنه أبو الحسن في ذلك فاقرأ عمره وتفاخر الناس بالأخذ عنه وتقلد خطبة إشبيلية نحواً من خمسين سنة وولي خطة قضاء إشبيلية سنين ولم يقطع الإقراء والأخذ عنه في تلك المدة. إلى أن صرف فلزم الإقراء والسماع والقيام بالخطبة والصلاة إلى أن أقعده الكبر عن ذلك ولم يقدر على التصرف ولزم داره فاستخلف على الصلاة وأخذ الناس عنه إلى أن أعطله الكبر والخرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 كتب إلي بإجازة جميع رواياته من ذلك تصانيف أبيه، رحمه الله، وجميع رواياته وغير ذلك. مولده سنة إحدى وخمسين وأربعمائة؛ وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 حرف الهاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 حرف الهاء اثنان 93- هشام بن أحمد الفقيه أبو الوليد القرطبي المعروف بابن العواد: أحد مقدمي فقهائها ومفتيها في وقته في الخبر والعلم والحفظ للحديث والفقه والإتقان والانقباض والزهد؛ تفقه بأبي جعفر ابن رزق وابن الطلاع وغيرهما من القرطبيين وسمع منهم ومن الجياني وأبي مروان ابن سراج وسواهم، وشرع في جمع كتابي أبي عمر ابن عبد البر على الموطأ: التمهيد والاستذكار وتم له من ذلك قطعة قطعت بأمله في إتمامه المنية، رحمه الله: وكان حسن الخلق مختص الزي متواضعاً، عزم عليه في القضاء غير مرة فلم يجب، تفقه عنده جماعة وسمعوا منه. لقيته بقرطبة وقرأت عليه في داره جميع كتاب المصنف لأبي داود السجستاني في السنن وهو يمسك على أصل شيخنا أبي علي الحسين بن محمد الجياني الذي أتقنه وحدثني به عنه عن أبي عمر ابن عبد البر عن ابن عبد المؤمن عن ابن داسة عن أبي داود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 قال أبو علي: وحدثني به أيضاً أبو عمر عن أبي زيد عبد الرحمن بن يحيى عن أحمد بن سعيد بن حزم عن أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود؛ وما كان فيه من رواية الرملي وأبي عيسى إسحاق بن موسى فإن أبا عمر حدثه به عن سعيد بن عثمان القزاز النحوي عن أبي عمرو بن دحيم بن خليل عن أبي عيسى. وقد ذكرنا قبل سماعنا وروايتنا فيه عن القاضي أبي عبد الله ابن عيسى عن أبي علي أيضاً، وقد أجازنيه أبو علي إذناً، رحمه الله. وأما رواية أبي علي محمد بن أحمد اللؤلؤي عن أبي داود، فإن الإمام أبا بكر الطرطوشي حدثنا به عن أبي علي التستري عن أبي عمر القاسم بن جعفر الهاشمي القاضي عن اللؤلؤي وقد تقدم ذكرنا لهذا ولم نسمع برواية في كتاب أبي داود من غير هذه الطرق الأربع. وكتاب المراسيل لأبي داود السجستاني قرأته عليه، رحمه الله، وحدثني به عن أبي علي الجياني الحافظ وهو يمسك أصله علي وقال؛ حدثني بجميعه أبو علي الجياني عن أبي العباس الدلائي عن أبي ذر الهروي عن أبي عبد الله الحسين بن بكر بن محمد الوراق عن أبي علي اللؤلؤي عن أبي داود وهو لي إجازة من أبي علي. وكتاب التفرد لأبي داود السجستاني حدثني به، رحمه الله، عن الحافظ أبي علي عن أبي عمر عن ابن عبد المؤمن عن أبي بكر ابن داسة عن أبي داود. وتوفي أبو الوليد، رحمه الله، بقرطبة عقب صفر من سنة تسع وخمسمائة؛ مولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. حدثنا، رحمه الله، بقراءتي عليه قال؛ حدثنا الحسين بن محمد الحافظ قال؛ حدثنا أبو العباس أحمد بن عمر حدثنا عبد بن أحمد الحافظ حدثنا أبو عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الحسين بن بكر الوراق حدثنا أبو علي اللؤلؤي حدثنا سليمان بن الأشعث حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن عمرو بن شعيب: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أتى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وقد خرج لصلاة الفجر وهو يقول: اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم تب علي، فضرب النبي، صلى الله عليه وسلم، منكبه وقال له: ((أعمم ففضل ما بين العموم والخصوص كما فضل ما بين السماء والأرض)) . 94- هشام بن أحمد بن هشام الهلالي: من أهل غرناطة القاضي أبو الوليد، يعرف بابن البقوة: سمع بالمرية من عامة شيوخها طاهر بن هشام وحجاج المأموني وأبي القاسم الجراوي وأبي العباس العذري وممن طرأ عليها كأبي الوليد الباجي وأبي عبد الله بن سعدون ولقي أبا بكر المرادي؛ وكان من أهل العلم بالفقه والحديث وعلم التوحيد والأصول والتكلم على معاني الحديث، النقاد المتقنين مع المعرفة بالشروط، ولي أحكام غرناطة مدةً والقضاء بعملها نحو ثلاثين سنة، أخذ عنه كثيرٌ من الناس وسمعوا منه. ولقيته أنا بغرناطة انصرافي من الشرق ولم أسمع منه، وهو الذي عنى أبو بكر المرادي في قصيدة لابن صمادح بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 هلا سألت أبا الوليد ... فتحت أخمصه الوليد وتوفي، رحمه الله، بغرناطة في ربيع الأول سنة ثلاثين وخمسمائة عن سن عالية وقد تغير وتعطل؛ مولده في صفر سنة أربع وأربعين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 حرف الياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 حرف الياء 95- الأستاذ أبو الحسين يحيى هو ابن الطراوة: النحوي الأديب أحد أئمة الأدب وشيوخ النحاة القوام على كتاب سيبويه وغيره، مع تفنن في علومٍ رياضية؛ وكان شاعراً مجيداً. جالسته كثيراً وحضرت مجالسه في الأدب وأخبرني بملحٍ وفوائد وأنشدني كثيراً من شعره ومناقضاته الحصري وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ومما أنشدني لنفسه قوله: وقائلةٍ أتصبو بالغواني ... وقد أضحى بمفرقك النهار فقلت لها حضضت على التصابي ... ((أحق الخيل بالركض المعار)) 96- يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث الفقيه أبو الحسن يعرف بابن الصفار: آخر المشايخ بقرطبة ولسانهم وصدرهم وأسند من بقي منهم وشيخ فتواهم وروايتهم في وقته، وذو التقدم والوجاهة والسبق بها، له سماع قديم من جده مغيث بن محمد ومن أبي عمر ابن الحذاء وحاتم بن محمد الطرابلسي وأبي بكر ابن منظور وأبي عبد الله ابن بشير وأبي مروان ابن سراج وابن سعدون وابن رزق وابن فرج والغساني وغيرهم. انفرد أخيراً بالرواية عن حاتم وابن الحذاء ممن ذكرناه ورحل إليه الناس وسمعوا منه وكان فصيحاً مفوهاً ذا هيبةٍ أديباً عارفاً بالخير والتاريخ أنيس المجلس حسن البر والصحبة. قرأت عليه كتاب الأربعين حديثاً للآجري حدثني به عن أبي القاسم حاتم عن أبي عبد الله الجهني عن الآجري؛ وقد تقدم لي فيه سند آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وحدثني أيضاً بكتاب المعجم في شيوخ أبي ذر روايته عن أبي عبد الله بن منظور عنه، وجالسته كثيراً وسمعت منه غير شيءٍ وأفادني فوائد جمة. وتوفي، رحمه الله، بقرطبة عن سن عالية في يوم الأحد لثمان خلون لجمادى الآخرة من سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، مولده في رجب سنة سبع وأربعين وأربعمائة. حدثنا الفقيه أبو الحسن بن مغيث، قال؛ حدثنا أبو عبد الله ابن منظور قال؛ حدثنا أبو ذر الهروي وحدثنا محمد بن الحسن بن سليمان أبو النصر السمسار حدثنا أبو علي الحسين بن إدريس الأنصاري حدثنا ابن أبي الشوارب حدثنا يحيى بن سليم عن الأزور بن غالب عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال؛ قال رسوله الله، صلى الله عليه وسلم: ((أسبغ الوضوء يزد في عمرك، وسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك، وسلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك، ولا تنم إلا على طهارةٍ، فإن مت مت شهيداً، وصل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين قبلك، وصل بالليل والنهار تحفظك الحفظة، ووقر الكبير وارحم الصغير تلقاني غداً)) . وسمعته يقول، رحمه الله، وذكر أبا محمد الأصيلي وأنه أبلغ عن القاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 أبو بكر ابن زرب كلاماً في جانبه ساءه فبلغ به الضجر منه إلى أن شق جيبه غيظاً ثم تمثل: لبستم ثياب الخز لما كفيتم ... ومن قبل لا تدرون من فتح القرى وقوفاً بأطراف الفجاج وخيلنا ... تساقى كؤوس الموت تدعس بالقنا فلما أكلتم فيئنا بسلاحنا ... تحدث مكفي بعيب الذي كفى 97- يوسف بن موسى الكلبي المتكلم النحوي أبو الحجاج الضرير: كان من المشتغلين بعلم الكلام على مذهب الأشعرية ونظار أهل السنة، عارفاً بالنحو والأدب وله في ذلك تصانيف مشهورة، وسكن بلدنا مدةً وتردد بالأندلس والمغرب، وكان آخر المشتغلين بعلم الكلام بالمغرب. قرأت عليه أرجوزته الصغرى التي ألف في الاعتقادات وحدثني [بالكبرى] وبكتاب التجريد لأبي بكر المرادي [وأجازني أرجوزته الكبرى وجميع تواليفه ورواياته منها تآليف الفقيه أبي بكر المرادي] شيخه وعنه كان أكثر أخذه ومن ذلك كتاب فقه اللغة للثعالبي، أخبرني به عن المرادي عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عمر بن محمد التميمي القزديري عن أبي بكر محمد بن علي بن الحسن بن عبد البر التميمي عن أبي محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري عن أبي منصور الثعالبي؛ أنشدني، رحمه الله، قال: أنشدني أبو بكر المرادي لنفسه في الحجة على إثبات القدر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 علمي بقبح المعاصي حين أركبها ... يقضي بأني محمولٌ على القدر لو كنت أملك نفسي أو أصدقها ... ما كنت أطرحها في لجة الغمر كلفت فعلاً ولم أقدر عليه ولم ... أكن لأفعل أفعالاً بلا قدر وكان في عدل ربي أن يعذبني ... فلم أشاركه في نفع ولا ضرر إن شاء نعمني أو شاء عذبني ... أو شاء صورني في أقبح الصور يا رب عفوك عن ذنبٍ قضيت به ... عدلاً علي فهب لي صفح مقتدر وكان وفاة المرادي بأزكي من بلاد الصحراء سنة تسع وثمانين وأربعمائة. 98- يوسف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عديس أبو الحجاج طليطلي: سمع بطليطلة من أبي بكر جماهر بن عبد الرحمن وغيره وتفقه بها وكان من أهل العلم والمعرفة والحفظ والتفنن، وله كلام على معانٍ من الحديث. لقيته بسبتة ولم أسمع منه، وسمع منه جماعةٌ من أصحابنا وشيوخنا منهم أبو عامر ابن حبيب حدثنا عنه؛ وتوفي بفاس منتصف شوال سنة خمس وخمسمائة. هذه مائة ترجمة وقد تركنا جماع ممن لقيناهم وذاكرناهم وحضرنا مجالس نظرهم من الفقهاء والرواة ممن لم نحمل عنهم الكتب ولا الحديث اقتصاراً على ما ذكرناه وبالله تعالى التوفيق وهو تعالى يرحم الجميع برحمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وهذه جملة من فهارس الشيوخ أذكر جميعها وما اشتملت عليه في روايتنا عن شيوخنا من ذلك: 1- فهرست أبي عمر بن عبد البر وتصانيفه، حدثنا بها غير واحدٍ عنه منهم الأستاذ أبو القاسم ابن النحاس وأبو محمد ابن عتاب وأبو جعفر ابن سعيد وأبو علي الجياني الحافظ وغيرهم عنه. 2- فهرست الدلائي وتصانيفه، حدثنا بها غير واحدٍ منهم القاضي أبو علي الحافظ والجياني والفقيه أبو بحر والقاضي ابن عيسى والقاضي ابن رشد والقاضي ابن حمدين وغيرهم عنه. 3- فهرست الباجي وتصانيفه، حدثني بها أبو علي وأبو بحر وأبو بكر الطرطوشي وابن أبي البحر وغير واحد عنه. 4- فهرست ابن سعدون وتآليفه، حدثني بها أبو علي وأبو بحر وأبو عامر ابن حبيب وابن عيسى وغيرهم عنه. 5- فهرست تصانيف الخطيب ورواياته، حدثني بها أبو الحسن علي بن عبد الله الربعي عنه. 6- فهرست عبد الحق الصقلي وتصانيفه، حدثني بها أبو المطرف بن هارون الفهمي عنه. 7- فهرست أبي عمران الفاسي ورواياته؛ وروايات أبي القاسم اللبيدي وتواليفه، حدثني بها ابن عتاب وأحمد بن محمد بن غلبون عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 8- فهرست القاضي عبد الوهاب وتصانيفه ورواياته حدثني بها ابن عتاب عن ابن شماخ عنه وأبو المطرف ابن هارون عن عبد الحق عنه. 9- فهرست أبي عبد الله محمد بن غلبون الخولاني، حدثني بها ابنه أحمد عنه. 10- فهرست شيخنا القاضي أبي علي ابن سكرة، حدثنا بها. 11- فهرست شيخنا أبي علي الغساني، حدثنا بها. 12- فهرست أبي عبد الله ابن عتاب، حدثنا بها أبو محمد ابنه عنه. 13- فهرست أبي مروان الطبني، حدثنا بها الجياني عنه. 14- فهرست مكي، حدثنا بها ابن عتاب عنه. 15- فهرست أبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، أجازنيها. 16- فهرست أبي الأصبغ ابن سهل، حدثنا بها أبو إسحاق ابن الفاسي عنه. 17- فهرست أبي الحجاج الأعلم، حدثنا بها أبو الحسن ابن الأخضر عنه. 18- فهرست أبي محمد ابن الوليد، حدثنا بها أبو عبد الله الرازي عنه. 19- فهرست أبي عبد الله ابن الحذاء، حدثنا بها ابن عتاب عن أبي عمر ابن الحذاء عن أبيه. 20- فهرست أبي مروان ابن سراج، حدثنا بها ابنه سراج بن عبد الملك عنه. 21- فهرست أبي عمر السفاقسي، حدثنا بها ابن عتاب وغير واحد عنه. 22- فهرست أبي عبد الله ابن أخت غانم وروايات خاله غانم بن وليد، حدثني بها أبو عبد الله المذكور عنه وعن شيوخه غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 23- فهرست أبي عمرو المقرئ وتواليفه، حدثنا بها أحمد بن محمد الخولاني عنه. 24- فهرست أبي عمر الطلمنكي وتصانيفه، حدثنا بها أبو عبد الله الخولاني عنه. 25- فهرست أبي الليث نصر بن محمد السمرقندي، حدثني بها أبو بحر عنه. 26- فهرست أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني، كتب إلي بها. 27- تصانيف أبي بكر الطرطوشي وجميع رواياته، كتب إلي بها. 28- جميع تصانيف الحميدي ورواياته، حدثني بها القاضي أبو علي عنه وأبو نصر النهاوندي من كتابه وغير واحد. 29- تصانيف أبي بكر الشاشي، حدثنا بها القاضي أبو علي عن الشاشي. 30- تصانيف أبي إسحاق الشيرازي، حدثني بها أبو الحسن المقدسي عن الشيرازي. 31- فهرست أبي محمد ابن فرج، حدثنا بها القاضي شريح عنه. 32- فهرست أبي جعفر ابن بشتغير، كتب إلي بها. 33- فهرست أبي الحسين الطيوري وجميع رواياته، حدثنا بها القاضي أبو علي وغيره عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 والله تعالى ينفعنا بما علمناه ويجعل سعينا في ذلك لما يرضاه ويعصمنا بتوفيقه ويشعرنا تقواه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم كثيراً كثيراً دائماً والحمد لله رب العالمين انتهت الفهرست بحول الله تعالى وقوته وحسن عونه وتأييده ولا حول ولا قوة بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231