الكتاب: شرف المصطفى المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي، أبو سعد (المتوفى: 407هـ) الناشر: دار البشائر الإسلامية - مكة الطبعة: الأولى - 1424 هـ عدد الأجزاء: 6   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- شرف المصطفى الخركوشى الكتاب: شرف المصطفى المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي، أبو سعد (المتوفى: 407هـ) الناشر: دار البشائر الإسلامية - مكة الطبعة: الأولى - 1424 هـ عدد الأجزاء: 6   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كلمة المحقّق الحمد لله المتفرّد بالخلق يصطفي من يشاء ويختار، أحمده سبحانه وأستغفره وأستهديه؛ له الفضل والمنة والثناء والإكبار، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والبقاء والاقتدار. والصلاة والسلام على الشريف المشرّف بأشرف الرسالات، الكريم المكرّم بأكرم البيّنات، العظيم المعظّم بأعظم الآيات، الفاضل المفضّل على جميع الكائنات، العالي المعلّى في أعلى المقامات، السيّد المسوّد باللواء في العرصات؛ آدم ومن دونه تحت لوائه وسائر المخلوقات. اللهمّ صلّ وسلّم وبارك وأنعم على صفيك المصفّى المصطفى المختار، الخليل المتوّج بالحلّة والوقار، وعلى آله وأصحابه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القرار. أمّا بعد: فإن الاشتغال بذكر النبي صلى الله عليه وسلم ودراسة سيرته ونشر محاسنه من أفضل القربات عند الله، لا يزال يهتم بها الخلف عن السلف من أهل السنة والجماعة. ولمّا رأيت من نفسي ادعاءها حبّ هذا النبي الكريم، ورغبتها في التقرب من المولى العظيم مع ضعف العمل وقلة الزاد، أردت تكليفها خدمة شيء مما ألّف في سيرته صلى الله عليه وسلم؛ لعلمي ويقيني باستحالة أن ينفك دارس سيرته حبّا له وإيمانا به ثم لا يرجع من ذلك بشيء من فضائلها ومحاسنها، أو يحلّ عليه شيء من بركاتها وأسرارها ويمنح من كراماتها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 بل الظن بالله أن يفعل وهو سبحانه وتعالى يقول على لسان نبيه: «أنا عند ظن عبدي بي» . ولمّا عزمت على ذلك بإذن المولى انتقيت كتاب «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» من بين مجموعة من الأصول الخطية، كنت قد اطلعت عليها في مكتبات عدة، وجعلته الخيرة لأن يكون محلّ خدمتي إذا ما تيسر لي الحصول على صور من نسخه، فكنت بفضل الله وكرمه مخدوما في ذلك، حملت إلى دارنا ثلاث نسخ من بلاد بعيدة، فله الحمد والمنة، وهو المحسن على الدوام. فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن ينفعني بخدمته في الدنيا والآخرة، وأن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني إنه سميع قريب، وأن يجزي عنا سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل ما هو أهله إنه على ما يشاء قدير. وأرى من الواجب علي هنا أن أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الدكتور العلّامة عويد بن عياد الكحيلي المطرفي الأستاذ المشارك في علوم الكتاب والسنة، ورئيس قسم القضاء بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وكيل الكلية للدراسات العليا والبحث العلمي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقا، الذي قدر جهدنا واجتهادنا في خدمة السنة فاستثمر ذلك فينا وساعدنا في الحصول على إحدى نسخه، ومثل عمله هذا لا يستغرب من مثله من أهل العلم والفضل، الذين يرون أن خدمة المجتهدين في البحث والتحصيل والانتفاع إنما هي خدمة للقرآن والسنة وللعلم وأهله، سيما إذا لم يكن لهم غرض من مال وعرض. أرجو من الله أن يجزيه عني خيرا. كتبه السيّد أبو عاصم نبيل بن هاشم الغمري آل باعلوي 6/ 9/ 1421 هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 أوّلا: مقدّمة التّحقيق وفيها فصول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الفصل الأوّل: في ترجمة المؤلّف «1» صاحب شرف المصطفى هو الإمام الهمام، الفقيه شيخ الإسلام، العلّامة قدوة الأنام، الزاهد المنقطع العابد القوّام، الواعظ الموفق لفعل الخيرات على الدوام، الرحّالة، نزيل مكة، المجاور بيت الله الحرام، الشيخ السخي المقدام: أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي- منسوب إلى سكة بنيسابور، أحد المشهورين بأعمال البرّ، الموفّقين في العلن والسرّ، المرزوقين للقبول من ربه البرّ، والرضى من الرحمن في بحر الكون والبرّ. لم أقف على سنة مولده، ولا رأيت من ذكر سنه عند وفاته. وقد نشأ أبو سعد في بيت علم وصلاح، فقد كان أبوه ممن صحب   (1) قولنا: «في ترجمة المؤلف» : انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [17/ 256] ، تاريخ بغداد [10/ 432] ، تاريخ الإسلام للذهبي [وفيات سنة 406، ص 161] ، تذكرة الحفاظ [3/ 1066] ، طبقات السبكي [5/ 222] ، والمنتظم [15/ 115] ، تبيين كذب المفتري [/ 233- 236] ، الأنساب للسمعاني [2/ 350- الخركوشي] ، تاريخ دمشق لابن عساكر [37/ 90] ، تهذيب تاريخ دمشق لابن منظور [15/ 214] ، العبر [3/ 96] ، شذرات الذهب [3/ 184] ، تاريخ التراث [2/ 496] ، معجم البلدان [2/ 360] ، أعلام الزركلي [4/ 163] ، هدية العارفين [5/ 625] ، معجم المؤلفين [6/ 188] ، اللباب لابن الأثير [1/ 436] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 أهل العلم، لكن لم أر من أفرده بترجمة إنما يدل على ذلك روايته عنه- أعني رواية أبي سعد عن أبيه-، ولذلك ذكر من ترجم له أنه تفقه في حداثة سنه، وتزهد، قالوا: فجالس أبو سعد الزهّاد المجردين، إلى أن جعله الله خلفا لجماعة ممن تقدمه من العلماء العاملين، والعباد المجتهدين، والزهاد القانعين. رحل أبو سعد في طلب العلم والحديث إلى العراق، قال أبو سعد السمعاني: سمع بالعراق بعد السبعين وثلاثمائة، ثم خرج إلى الحجاز، والديار المصرية، فأدرك الكبار من العلماء والمحدثين، وقال الحافظ ابن عساكر: قدم دمشق سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. اه. فمن العلماء والفقهاء والمحدثين الذين لقيهم أبو سعد وأخذ عنهم، - ترجمت لمن روى عنهم في كتابه هذا كلّا في أول موضع له في الكتاب-، وسردتهم هنا على وجه الجملة مرتّبا أسماءهم كما يلي: 1- إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء، أبو إسحاق الإبزاري. 2- إبراهيم بن عبد الله، أبو إسحاق الأصبهاني. 3- إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت، أبو الفتح البغدادي. 4- إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه المزكّي، الحافظ: أبو إسحاق النيسابوري. 5- إبراهيم بن محمد الدينوري. 6- أحمد بن إسماعيل بن يحيى بن حازم، أبو الفضل الأزدي. 7- أحمد بن جعفر، أبو الحسن اليزيدي. 8- أحمد بن علي الإسفراييني، أبو علي الحافظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 9- أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، أبو سعيد الجوزي. 10- أحمد بن محمد بن إسماعيل السفياني، الهروي. 11- أحمد بن محمد بن حمدان، أبو حامد المرادي العدل. 12- أحمد بن محمد بن زياد، الإمام الحافظ أبو سعيد بن الأعرابي. 13- أحمد بن محمد بن سعيد الحيري، وهو: أحمد بن أبي بكر بن أبي عثمان ابن إسماعيل النيسابوري الشهيد أحد أئمة الحديث. 14- أحمد بن محمد بن يحيى، الحافظ أبو بكر الحيري. 15- أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار القرشي، أبو بكر الجرجاني. 16- إسحاق بن زوران بن قهزاد السيرافي، الفقيه الشافعي. 17- إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز، الحافظ أبو سعيد الخلالي الجرجاني، النيسابوري. 18- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أبو العباس الفارسي. 19- إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف، الحافظ أبو عمرو النيسابوري. 20- بشر بن أحمد بن بشر بن أحمد بن محمود المهرجاني، أبو سهل الإسفراييني. 21- بكر بن محمد الطبراني، أبو محمد العابد. 22- تمام بن عبد الله الصّقلّي، أبو الوفاء مولى جعفر بن الفضل بن الفرات الوزير بمصر. 23- جعفر بن الفضل بن حنزابة المصري، وزير كافور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 24- حازم بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن العدل. 25- حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد الرفّاء، أبو علي الهروي. 26- حسان بن محمد بن أحمد بن هارون، الحافظ أبو الوليد، شيخ خراسان. 27- الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن الدولابي، أبو محمد المصري. 28- الحسن بن أحمد بن محمد الصفّار، أبو عبد الله الهروي. 29- الحسين بن أحمد بن محمد بن موسى، أبو علي القاضي. 30- الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي، أبو أحمد النيسابوري، المشهور ب: حسينك. 31- الحسين بن عمر بن الحسن، الفقيه: أبو علي الغافقي. 32- الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد الماسرجسي الحافظ. 33- زيد بن عبد الله، أبو الحسن البلوطي. 34- عبد الرحمن بن محمد بن حامد بن متّويه، أبو القاسم البلخي. 35- عبد الرحمن بن عمر، أبو محمد النحاس بن محمد. 36- عبد الرحمن بن محمد بن محبوب. 37- عبد الرحمن بن محمد بن يحيى الجوبري، أبو الحسن التميمي، العدل. 38- عبد العزيز بن الحسن، أبو الحسن بن شاه الفارسي. 39- عبد الله بن حامد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 40- عبد الله بن الحسن الصوفي، أبو القاسم بن بالويه. 41- عبد الله بن عبد الرحمن الأزدي، أبو محمد المصري نزيلها. 42- عبد الله بن محمد بن إسماعيل الطرسوسي. 43- عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عطاء بن وائل القرشي، أبو سعيد الرازي. 44- عبد الله بن محمد بن علي بن زياد الدقّاق، أبو محمد. 45- عبد الله بن محمد الرازي، الصوفي. 46- عبد الله بن يحيى بن طاهر بن يحيى، أبو محمد الحسيني. 47- عبد الوهاب بن الحسن بن علي بن داود بن سليمان بن خلف المصري. 48- عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد بن موسى الكلابي، أبو الحسين الدمشقي المحدث، أخو تبوك. 49- عبد الوهاب بن عبد الله الدمشقي. 50- علي بن بندار أبو الحسن الصوفي. 51- علي بن محمد بن عمر، أبو الحسن البغدادي، القصار. 52- علي بن داود المقرئ، أبو الحسن الداراني، إمام جامع دمشق. 53- علي بن عبد الله بن جهضم، أبو الحسن نزيل مكة. 54- علي بن عثمان بن محمد السراج، البغدادي. 55- علي بن عمر، الحافظ: أبو الحسن الدارقطني. 56- علي بن عمر بن موسى، أبو الحسن المكي. 57- علي بن محمد بن إسحاق، أبو الحسن الاصطخري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 58- علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد، أبو الحسن الحلبي القاضي. 59- علي بن محمد بن علي بن أحمد المصري، الحافظ أبو القاسم الفارسي. 60- عمار بن محمد، أبو ذر البغدادي. 61- عمر بن إبراهيم بن يحيى، أبو القاسم البصري. 62- محمد بن إبراهيم، أبو عثمان الخركوشي (والده) . 63- محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد، المعروف بابن البصري، أبو الفتح المقدسي الطرسوسي. 64- محمد بن أحمد بن حمدان، أبو عمرو الحيري، الحافظ، مسند خراسان. 65- محمد بن أحمد بن بالويه، أبو بكر، النيسابوري. 66- محمد بن أحمد بن حامد، أبو الحسن العطار. 67- محمد بن أحمد بن العباس، أبو الحسن الإخميمي. 68- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني الرحالة، روى عنه، وربما نسبه لجده جميع. 69- محمد بن أحمد بن هارون الأصفهاني. 70- محمد بن جبير، أبو بكر النسوي. 71- محمد بن جعفر بن محمد بن أحمد الموسائي، أبو جعفر العلوي، الهاشمي. 72- محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري الحافظ. 73- محمد بن جعفر، أبو بكر البستي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 74- محمد بن الحسن بن إسماعيل، أبو الحسين السرّاج. 75- محمد بن داود، الشريف أبو الحسن الحسني. 76- محمد بن زكرياء بن حسين النسفي، أبو بكر الصكوكي. 77- محمد بن سليمان النيسابوري، أبو سهل الصعلوكي. 78- محمد بن سهل بن هلال، أبو عمر البستي، نزيل مكة. 79- محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه، الحافظ: أبو عبد الله الحاكم بن البيّع. 80- محمد بن عبد الله، أبو بكر الرازي. 81- محمد بن عبد الله بن قريش أبو بكر الريونجي. 82- محمد بن عبد الملك بن جبير النسوي. 83- محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي، أبو بكر القفال. 84- محمد بن علي بن الحسين، أبو الحسن الحسني. 85- محمد بن علي بن سهل بن مصلح الماسرجسي، أبو الحسن النيسابوري. 86- محمد بن علي بن عيسى، أبو بكر التستري الخباز. 87- محمد بن محمد بن الحسين الشيباني النيسابوري. 88- يحيى بن الحسين، أبو الحسين المطلبي، إمام المسجد النبوي. 89- يحيى بن منصور بن يحيى بن عبد الملك القاضي، أبو أحمد- أو: أبو محمد-. 90- وروى عن رجل في حديث الهجرة والغار فكناه فقال: أخبرنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 أبو عبد الله التميمي بين المسجدين: مكة والمدينة، ثنا ابن الأعرابي.. لم أعرفه. 91- وحدّث في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم عن الثقة عنده. وبعد أن استفاد أبو سعد من رحلاته في طلب العلم خرج إلى الحجاز رغبة في المجاورة، فأقام بها، ثلاث سنوات فيما أظن، فقد قال الخطيب في تاريخه: قال لي التنوخي: قدم علينا أبو سعد بغداد حاجّا في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وخرج إلى مكة، وأقام بها مجاورا، وسمعت منه بعد عوده في سنة ست وتسعين وثلاثمائة. فاستفاد أبو سعد في سنوات المجاورة من الوافدين من أهل العلم، وبذل نفسه وماله للغرباء والفقراء المنقطع بهم ولطلبة العلم، وانتفع به كثيرون، وتخرج عليه أئمة هم في الحفظ جهابذة، وفي الفقه والحديث أركان. فمن الرواة عنه من الأعلام: 1- الحاكم- صاحب المستدرك-. قال الحافظ ابن عساكر: روى عنه الحاكم وهو أسند منه. وقال الذهبي: روى عنه الحاكم وهو أكبر منه- يريد في الإسناد وعلم الحديث-؛ فإنه من أقرانه، وقد أخرج عنه في كتابه هذا عدة أحاديث. قال الحاكم في تاريخه- فيما رواه عنه البيهقي «1» رحمهما الله-: عبد الملك بن محمد بن إبراهيم، أبو سعد بن أبي عثمان الواعظ   (1) قوله: «فيما رواه عنه البيهقي» : تاريخ ابن عساكر [37/ 92] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 الزاهد، تفقه في حداثة السن وتزهد، وجالس الزهاد والمجردين، إلى أن جعله الله خلفا لجماعة ممن تقدمه من العباد المجتهدين والزهاد القانعين، سمع بنيسابور ... إلى أن قال: ثم خرج إلى الحجاز، وجاور حرم الله وأمنه مكة، وصحب بها العباد الصالحين، وسمع الحديث من أهلها والواردين، وانصرف إلى وطنه بنيسابور وقد أنجز الله له موعوده على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة «1» ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل: إن الله قد أحب فلانا فأحبه، فينادي جبريل بذلك في السماء فيحبّه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. فلزم منزله ومجلسه، وبذل النفس والمال والجاه للمستورين من الغرباء والفقراء والمنقطع بهم، حتى صار الفقراء في مجلسه كما حدثونا عن إبراهيم بن الحسين، ثنا عمرو بن عون، ثنا يحيى بن يمان، قال: كان الفقراء في مجلس سفيان كالأمراء.   (1) قوله: «في حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة» : أخرجه مالك في الموطأ، باب ما جاء في المتحابين في الله، ومن طريق مالك أخرجه مسلم في البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده، رقم 2637. وأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19673، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [2/ 267] . وأخرجه الحافظ الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة مريم، رقم 3161، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 2436، وهو في صحيح ابن حبان كما في الإحسان برقم 365. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 قال: وقد وفقه الله تعالى لعمارة المساجد والحياض والقناطر والدروب وكسوة الفقراء العراة من الغرباء والبلدية، حتى بنى دارا للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم بنيسابور، ووكل جماعة من أصحابه المستورين بتمريضهم وحمل مياههم إلى الأطباء، وشراء الأدوية لهم، ولقد أخبرني الثقة أن الله تعالى ذكره قد شفى جماعة منهم فكساهم وزودهم إلى الرجوع إلى أوطانهم. قال: وقد صنّف في علوم الشريعة ودلائل النبوة، وفي سير العبّاد والزهاد كتبا نسخها جماعة من أهل الحديث وسمعوها منه، وسارت تلك المصنفات في بلاد المسلمين تاريخا لنيسابور وعلمائها الماضين منهم والباقين. قال: وكثيرا ما أقول: أن لا يباهى بأجمع منه علما وزهدا وتواضعا وإرشادا إلى الله تعالى ذكره وإلى شريعة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وإلى الزاهدين في الدنيا الفانية والتزود للآخرة الباقية، زاده الله توفيقا، وأسعدنا بأيامه، ووفقنا للشكر لله تعالى ذكره بمكانه، إنه خير معين وموفق. اه. وممن أخذ عنه من الحفاظ الجهابذة: 2- الإمام الفقيه، الحافظ: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أوحد أهل زمانه، ممن يرحل إليه وإلى تصانيفه، روى عنه واستفاد منه في دلائله كما سترى عند تخريج بعض أحاديث هذا الكتاب. ومنهم: 3- الإمام الزاهد والولي العابد: أبو القاسم القشيري، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 صاحب الرسالة القشيرية في السلوك وآداب الطريق، وهو راوي كتابه هذا. ومنهم: 4- الحافظ مسند خراسان ومحدثها ومؤذن مسجدها: أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري. ومنهم: 5- محدث العراق الحافظ المتقن: أبو محمد الحسن بن محمد الخلّال. 6- والإمام مقرئ الآفاق، صاحب القراءات والحروف: أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي. 7- والإمام مسند الوقت، نحوي زمانه: أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري، يقال: هو آخر من حدّث عنه من أهل نيسابور. 8- وعلي بن عثمان الأصبهاني البيّع المحدث. 9- والإمام المحدث: عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الأزجي. 10- والإمام الحجة المحدث مسند العراق: أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله. 11- ومحمد بن الحسن الخمازي. 12- وعبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة الأردستاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 13- والإمام القاضي الفقيه: أبو القاسم علي بن عبد المحسن بن علي التنوخي، المصري ثم البغدادي، راوي كتاب الأشربة للإمام أحمد ابن حنبل، وابن صاحب كتاب الفرج بعد الشدة. 14- وعبد الوهاب بن الميداني الدمشقي. 15- وعلي الحنائي. ثناء الأئمة عليه رحمه الله، وكلامهم فيه: وممن أثنى عليه أيضا: الخطيب البغدادي في تاريخه حيث قال: كان ثقة صالحا ورعا زاهدا، وكذلك قال ابن الجوزي. وقال الحافظ ابن عساكر في التبيين: أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل إجازة قال: عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم النيسابوري أبو سعد الزاهد الخركوشي الواعظ الأستاذ الكامل أحد أفراد خراسان علما وزهدا وورعا وخشية وطريقة، تفقه على أبي الحسن الماسرجسي ثم ترك الجاه وجالس الزهاد ولزم العمل وحج وجاور ثم رجع إلى خراسان، وكان يعمل القلانس ويأمر ببيعها بحيث لا يدرى أنها من صنعته ويأكل من كسب يده، وبنى في سكنه المدرسة ودار المرضى، ووقف أوقافا عليها ووضع في المدرسة خزانة للكتب، وصنف أعدادا من الكتب، قال عبد الغافر: سمعت أبا الفضل محمد بن عبيد الله الصّرّام الزاهد يقول: رأيت الأستاذ يستسقي ويقول: إليك جئنا وأنت جئت بنا ... وليس رب سواك يغنينا بابك رحب فناؤه كرم ... تؤوي إلى بابك المساكينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 ثم يدعو ويقول: اللهم اسقنا.. قال: فما أتم ثلاثا حتى سقينا كأفواه القرب. وذكره الحافظ الذهبي في مواضع من كتبه فكان مما قال: الإمام القدوة شيخ الإسلام الواعظ ... قال: كان أبو سعد ممن وضع له القبول في الأرض ... صحب الزهاد وحج وجاور وصنف ورزق القبول التام فالله يرحمه. وقال في تاريخه: ذكر ابن عساكر أنه كان أشعريا. وقال التاج السبكي في طبقاته: كان فقيها زاهدا من أئمة الدين وأعلام المؤمنين، ترتجى الرحمة بذكره. وقال التقي السبكي في شفاء السقام [/ 39] : توفي عبد الملك سنة ست وأربعمائة بنيسابور، وقبره مشهور يزار ويتبرك به، شيخه في الفقه أبو الحسن الماسرجسي. وقال الحافظ أبو سعد السمعاني في الأنساب: زرت قبره غير مرة. وفاته: توفي أبو سعد الخركوشي في جمادى الأولى، سنة ست- وقيل: سبع- وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة ورضي عنه، ونفعنا وإياه بما صنف وكتب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الفصل الثّاني: كالذّيل للتّرجمة المتقدّمة أذكر فيه: ما وقفت عليه من أوهام بعض المتقدمين في تسمية المصنف، ومن كناه بغير كنيته، وعزا كتابه إلى غيره، أو سمى كتابه بغير اسمه. * قال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في شرح المواهب معلقا على قول الشيخ القسطلاني: وقد ذكر الحافظ أبو سعيد- كذا- النيسابوري «1» ، عن أبي بكر ابن أبي مريم، عن سعيد بن عمرو الأنصاري، عن أبيه، عن كعب الأحبار في ... وذكر قصة نوره الشريف لما صار إلى عبد المطلب. قال الشارح: أبو سعيد: هو عبد الرحمن بن الحسن الأصبهاني الأصل النيسابوري- بفتح النون- نسبة إلى نيسابور أشهر مدن خراسان، صاحب المسند وكتاب شرف المصطفى، الثقة، المتوفى سنة سبع وثلثمائة.   (1) قوله: «وقد ذكر الحافظ: أبو سعيد النيسابوري» : كذا في النسخ المطبوعة قديما من المواهب: أبو سعيد، قال الشارح معلقا: قلد المصنف في قوله: أبو سعيد- بالياء-: السهيلي، وقد تعقبه مغلطاي بأنه إنما هو سعد بسكون العين. اهـ، وفي المواهب المطبوعة بتحقيق صالح أحمد الشامي [1/ 97] : سعد، قال في حاشيته: كذا في أ، ب، وفي النسخ- يعني المطبوعة قديما- سعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 قلت: وفي كلامه من الأوهام: 1- قوله: هو عبد الرحمن بن الحسن، وإنما هو عبد الملك بن أبي عثمان صاحبنا. 2- قوله: صاحب المسند وهم، إذ لم أجد أحدا ممن ترجم لصاحبنا ذكر أن له مسندا، وكذلك الحال لعبد الرحمن بن الحسن الذي ذكره لم أجد من ذكر أن له مسندا، فالله أعلم. 3- قوله: المتوفى سنة سبع وثلثمائة، ذكر الحافظ الذهبي عبد الرحمن بن الحسن هذا في تاريخ الإسلام في وفيات سنة تسع- بتقديم الفوقية على المهملة- وثلثمائة. * نعم، وفي موضع آخر من المواهب اللدنية للقسطاني عند ذكر قصة حمله صلى الله عليه وسلم قال: وذكر أبو سعيد عبد الملك النيسابوري في كتابه الكبير. «1» قال الشارح [1/ 111] : صريح المصنف أنه غير صاحب شرف المصطفى فإن اسمه عبد الرحمن كما مر، والمصنف سماه عبد الملك. اهـ. كذا قال، وهو هو في الموضعين، عبد الملك بن أبي عثمان، والقصة مذكورة في هذا الكتاب كما سترى. * وقال السيد محمد بن جعفر الكتاني في الرسالة المستطرفة [/ 81] : وكتاب شرف المصطفى لأبي سعيد- وضبطها كتابة فقال:   (1) قوله: «في كتابه الكبير» : كذا في النسخ المطبوعة قديما والمطبوعة بتحقيق صالح أحمد الشامي، وفي صلب الشرح: في كتابه المعجم الكبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 بكسر العين- عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الواعظ المتوفى بنيسابور سنة ست وأربعمائة وهو في ثمان مجلدات، قال: ولمؤلفة في علوم الشريعة كتب، قال: وهو غير أبي سعد- بسكون العين- عبد الرحمن بن الحسن الأصبهاني النيسابوري صاحب كتاب شرف المصطفى أيضا. اهـ. كذا قال رحمه الله. * وممن كناه أبا سعيد أيضا: الحافظ في الفتح [6/ 674] وفي غير موضع من الإصابة- كما سترى عند التعرض لذلك في ثنايا الشرح والتخريج- لكن لا أدري أهو من أخطاء الطبع أو سبق قلم من الحافظ-. أما الزرقاني فقال في شرح المواهب متعقبا القسطلاني [1/ 81] : قلّد المصنف في قوله: أبو سعيد- بالياء-: السهيلي، قال: وقد تعقبه مغلطاي بأنه إنما هو سعد- بسكون العين-، قال: وكذا قال صاحب رونق الألفاظ، وقال: إن الذهبي ذكره- أي بوصف الحافظ- في تاريخه، وأغفله في طبقات الحفاظ اهـ. والحق أنه لم يغفله فقد بينت لك موضعه فيه، والله أعلم. * ومن الغريب جدا ما رأيته من الحافظ أبي حفص: عمر بن محمد الموصلي، الشهير بالملاء، المتوفى سنة 570 في كتابه: وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، الذي عوّل فيه كثيرا على أحاديث وآثار كتاب المصنف، رأيته يكنيه فيه بكنية أبيه أبي عثمان!! ففي [5/ ق- 1/ 172] أثناء ذكره لجبال وأحجار مكة، قال: قال أبو عثمان الواعظ صاحب شرف النبوة: قد تأملت ذلك فوجدته كما حكي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وقال في [6/ ق- 2/ 47] : ذكر أبو عثمان الواعظ في كتابه.. وأورد له حديث البقلة الحمقاء. ومثله في [6/ ق- 2/ 83] عند ذكر آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم. ومثله في [6/- 2/ 103] : عند ذكره لكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفاته صلى الله عليه وسلم. * بقي أن نشير إلى بعض من تعرض لذكر الكتاب أو أشار إليه بغير اسمه: فمنهم الحافظ السمعاني عند ترجمته للمؤلف في الأنساب قال: صنف في علوم الشريعة ودلائل النبوة- كذا- وفي سير العباد والزهاد. اه. وقال الحافظ الذهبي في تاريخه، وفي سيره أيضا: له تفسير كبير وكتاب دلائل النبوة، وكتاب الزهد. اه. والذي يظهر لي- والله أعلم- أنهما عنيا بالدلائل هذا الكتاب الذي نحن بصدده، ذلك أني لم أر أحدا جمع بينهما- بأن قال مثلا: له شرف المصطفى ودلائل النبوة-، اللهم إلا ما كان من صاحب هدية العارفين الذي حكى أن له شرف المصطفى وشرف النبوة، ولا يخفى ما في قوله من البعد إن أريد حقيقة الاسمين وأنهما له لا الإشارة بالثاني لمعنى ما تضمنه الأول. ومثله أيضا: قول السمعاني والذهبي وصاحب هدية العارفين والزركلي أنه صنف- وبعضهم يقول: له- في سير العباد والزهاد، والظاهر أنهم عنوا كتاب تهذيب الأسرار في طبقات الأخيار الذي طبع مؤخرا، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 مؤلفاته: فالذي نخلص إليه مما تقدم ومن خلال النظر في مواضع ترجمة المؤلف إلى أن له من المصنفات: 1- شرف المصطفى، وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا، والذي ربما عبر عنه من ترجم له بدلائل النبوة أو شرف النبوة. 2- تهذيب الأسرار في مقامات الأخيار، وهو المطبوع مؤخرا بتحقيق بسام محمد بارود، نشر المجمع الثقافي، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، وربما عبر عنه من ترجم للمصنف ب: سير العباد والزهاد. 3- الفتوة، أشار إليه المصنف في باب آداب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ومن السنة ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عند الاستيقاظ من النوم، وهي دعوات مشهورة ذكرتها في باب الدعاء من كتاب الفتوة. 4- البشارة والنذارة، كتاب في تعبير الرؤيا، ذكره الدكتور فؤاد سزكين في تاريخ التراث وبيّن مواضع وجود أصله. 5- كتاب في التفسير، ذكر الذهبي أنه كتاب كبير لكن لم يسمه. 6- وكتابه: شعائر الصالحين. 7- وكتابه: لوامع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 الفصل الثّالث: في أهمّيّة موضوع الكتاب، وسبب تأليفه مما لا يخفى على أهل العلم أن العلوم تشرف وتفضل على بعضها بشرف وفضل موضوعها، ومن هنا علم شرف وفضل القرآن الكريم وعلومه على سائر الكتب وعلومها. وإن موضوع كتابنا هذا هو سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث أقواله وأفعاله وأحواله وأوصافه وما يتعلق بدلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وعلاماتها وغير ذلك مما هو معدود اعتقاده من أصول الدين، ومن هنا جاءت أهمية موضوع هذا الكتاب وشرفه وفضله إذ هي الشريعة بعينها، وهو صلى الله عليه وسلم الدال على الله بما يصدر عنه ومنه صلى الله عليه وسلم، ومن هنا علم حاجة الخلق إلى الرسل، واضطرارهم إلى معرفة أحوالهم ودراسة سيرتهم ومعرفة ما يصدر عنهم، دليل ذلك في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي الآية، وقوله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا الآية، وقوله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الآية. فإذا تبين لك هذا عرفت أن حال كتب الشمائل والفضائل والسير حال غيرها من كتب السنة والفقه والأحكام والعقائد، بل هي الأصل فيها إذ جميعهم: أهل الحديث والفقه والأصول واللغة على اختلاف مذاهبهم وفهمهم للنصوص لم يتعدوا ما صدر عن هذه الذات النبوية الشريفة، المؤيدة بروح القدس لا تجد أحدا منهم إلا وقد اعتمد فيما ذهب إليه على ما صدر منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 ومما تقدم نخلص إلى أن سعادة العبد في الدارين متوقفة على أمرين متعلقين بذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم: الأول: هديه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي به يتوصل إلى سبيل الله ورضوانه. الثاني: محبته صلى الله عليه وسلم التي لا تكتسب إلا بدراسة سيرته؛ إذ القلب لا يشغف بحب أحد إلا بعد التعرف عليه عن قرب ومخالطته بالتعايش معه، وهو ما حدا بكثير من المصنفين إلى التأليف فيها، منهم: صاحبنا مؤلف هذا الكتاب كما سيأتي عنه في سبب تأليفه، ووجهاتهم في ذلك مختلفة- أي بين المفرد والجامع لها- ومقصدهم واحد، وهو حبه صلى الله عليه وسلم. قال أبو سعد صاحب الكتاب رحمه الله، مبينا سبب تأليفه وجمعه: حدا بي إلى أن أجمع شرف النبي صلى الله عليه وسلم حبّه والأنس بذكره؛ لأن من أحب شيئا أكثر ذكره، ولكي يكثر الصلاة عليه رسما ونطقا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 الفصل الرّابع: في أنّ تعظيمه وإظهار شرفه واعتقاد أفضليّته صلى الله عليه وسلم من أصول الدّين اعلم علمني الله وإياك أن الكلام في هذا الباب ينم عن صدق الإيمان، وحسن الإسلام وصحة الاعتقاد. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قد شرفه الله وخصه وميزه عن سائر الخلق بمزايا تولى سبحانه بنفسه إظهارها في كتابه العزيز، فنوه بها ونبه على أهمية اعتبارها من المؤمنين، فمن أثبت له من المزايا والخصائص ما أثبته الله له واعتقد اتصافه بتلك الأخلاق السامية التي ذكرها في كتابه وأشار إلى اتصافه بها في نحو قوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ كان بذلك مثبتا لله تعالى ما أثبته لنبيه صلى الله عليه وسلم وذلك من واجبات الإسلام وصريح الإيمان. وكذلك من أثبت له صلى الله عليه وسلم ما صح من الأخبار والأحاديث في فضله وشرفه ومعجزاته؛ إذ هي بمنزلة الكتاب، لقوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ... الحديث، وبها يستعان على إثبات رسالته والاستدلال على نبوته «1» .   (1) قولنا: «والاستدلال على نبوته» : يقول الحافظ البيهقي في مقدمة الدلائل [1/ 68- 69] : أما بعد، فإني لما فرغت بعون الله وحسن توفيقه من تخريج الأخبار الواردة في الأسماء والصفات، والرؤيا والإيمان، والقدر وعذاب القبر، وأشراط الساعة، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 هذا الذي ذكرت هو مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، كما يفهم من كتب أصولهم، ويعلم من تصانيفهم في هذا الباب، والأصل فيه عندهم الآيات التي نوهت بعظيم قدره، والأحاديث المروية التي أشارت إلى كبير شرفه. قال الحافظ أبو محمد الدارمي رحمه الله في مسنده: أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد، ثنا زمعة، عن سلمة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم «1» ينتظرونه، فخرج، حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فتسمّع حديثهم، فإذا بعضهم يقول: عجبا! إن الله اتخذ من خلقه خليلا، فإبراهيم خليله، وقال آخر: ماذا بأعجب من: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً، وقال آخر: فعيسى كلمة الله وروحه، وقال آخر: وآدم اصطفاه الله، فخرج عليهم فسلم، وقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم، إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجي الله   - والبعث والنشور، والميزان والحساب، والصراط، والحوض، والشفاعة، والجنة والنار، وغير ذلك مما يتعلق بالأصول وتمييزها ليكون عونا لمن تكلم فيها واستشهد بما بلغه منها، فلم يعرف حالها وما يقبل وما يروى منها: أردت- والمشيئة لله تعالى- أن أجمع بعض ما بلغنا من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته؛ ليكون عونا لهم على إثبات رسالته ... إلخ. اه. فانظر رحمك الله كيف جعل الأحاديث الواردة في شرفه وفضله وما أكرمه الله به من أصول الدين التي أشار إلى ما خرّجه وألفه فيه، حتى أعقبها بالدلائل التي يثبت بأحاديثها رسالته ونبوته صلى الله عليه وسلم. (1) قوله: «جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم» : انظر تخريجنا له في كتابنا فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 وهو كذلك، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة تحته آدم فمن دونه ولا فخر ... الحديث، وفيه- مما نحن بصدده- إظهارهم لفضائل الأنبياء وتباحثهم فيها واجتهادهم في معرفة أفضلهم قياسا على مبنى التفضيل عندهم؛ إذ جعلوه منوطا بخصال الكمال الرفيعة، والمزايا العلية التي منحها الله عز وجل لكل نبي من أنبيائه. وعلى الأساس الذي أسسوه، والمبنى الذي أصلوه بيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم فضله وفضيلته وأفضليته على جميع الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وأغفل صلى الله عليه وسلم في بيانه ما خصه الله به من الأخلاق العظيمة التي مدحه بها في كتابه بكلام يبين عن تفرده بها على سائر الأنبياء، إذ لم يكن ذلك عندهم مما أسسوه في بحثهم مع كونها داخلة فيه، بل هي في الحقيقة أساس أساسهم وأصل مبناهم، لاعتنائه سبحانه وتعالى بها أشد الاعتناء واهتمامه بها أكبر الاهتمام، فقد تعرض لبيانها، وأشار إليها في آيات كثيرة، من أجلّها قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. وقد أفادت وأبانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن هذا الخلق الذي وصفه الله بالعظيم حين سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بجواب وجيز جامع، فقالت: كان خلقه القرآن، إذ معناه أن جميع ما في القرآن من أخلاق وآداب وفضائل ومكارم متمثّلة في شخصه العظيم صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم متلبس بها. وقد علم أنه ليس أحد من رسول ولا نبي ولا ملك جمع هذه الأمور كلها غيره، فيفهم من هذه الآية، وهذا الحديث مع قوله صلى الله عليه وسلم: أقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أنه ليس ثمة مقام أعلى من مقامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ومجلسه، وحينئذ نقول: لا يوجد أحد يساويه فضلا عن أن يفوقه، ومن هنا قطعنا بأفضليته صلى الله عليه وسلم على من تقدمه من الأنبياء والرسل. قال إمام الأئمة الشافعي رحمه الله في الرسالة، في ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان خيرته المصطفى لوحيه، المجتبى لرسالته، المفضل على جميع خلقه بفتح رحمته، وختم نبوته، وأعم ما أرسل به رسلا قبله، المرفوع ذكره مع ذكره في الأولى، والشافع في الأخرى، أفضل خلقه نفسا، وأجمعهم لكل خلق رضيّة في دين ودنيا، وخيرهم نسبا ودارا: محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. اه. وروى الربيع عنه قوله: محمد رسول الله خير خلق رب العالمين. وقال الحافظ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي في المسألة الثالثة من الأصل الرابع عشر من كتابه أصول الدين في تفضيل بعض الأنبياء على بعض قال: قال أصحابنا مع أكثر الأمة بجواز تفضيل بعضهم على بعض، وقال: إن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضلهم. وقد أجاد الحافظ الحليمي في شعبه وأفاد؛ إذ ساق الأدلة على ذلك من الآيات والأخبار، وبرهن على أفضليته صلى الله عليه وسلم فأتى بما لا مزيد عليه، نقلنا جملة كبيرة منه في شرحنا للدارمي، فليرجع إليه من شاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الفصل الخامس: كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم تناول المصنّف لموضوعه، ومن روى عنه، أو اقتبس منه أو أشار إليه لقد توسع المصنف رحمه الله في بعض أبواب الكتاب التي أفردت بالتصنيف، كأبواب فضائل الحرمين مكة والمدينة، وأبواب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفضائل آل البيت، وباب ما ضربه صلى الله عليه وسلم من الأمثال، وغيرها، حتى عوّل عليه في بعض أحاديث تلك الأبواب، وكأنها لا تعرف إلا من جهته رحمه الله. أولا: ولنبدأ بأصل موضوعه وهو دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وأعلامها، فقد تميز تناوله لذلك عن غيره، بذكره ما وقع من ذلك منذ أن قضى الله نبوته صلى الله عليه وسلم في سابق علمه. قال الحافظ في الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام: قد جمع ما وقع من ذلك قبل المبعث، بل قبل المولد: الحاكم في الإكليل، وأبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى. اه. وقال التقي السبكي في شفاء السقام [/ 39] : قال أبو سعيد- كذا- عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، الخركوشي، الواعظ في كتاب شرف المصطفى ... فذكر حديثا، ثم قال: وهذا الكتاب في ثمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 مجلدات، ومصنفه عبد الملك النيسابوري، صنف في علوم الشريعة كتبا ... ومن كتب الدلائل والأعلام أيضا: 1- دلائل النبوة: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المشار إليه، وهو مطبوع متداول، وقد تقدمت الإشارة إلى أن الحافظ البيهقي ممن روى عن المصنف واستفاد منه وأخرج عنه في كتابه هذا. 2- دلائل النبوة- أو: تثبيت دلائل النبوة-: للقاضي عبد الجبار المعتزلي، طبع بتحقيق: عبد الكريم عثمان. 3- دلائل النبوة: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفى سنة 430 هـ. 4- دلائل النبوة: للحافظ إسماعيل بن محمد التيمي، أبي القاسم الأصبهاني، المتوفى سنة 535 هـ، طبع باعتناء محمد بن محمد الحداد. 5- دلائل النبوة: لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي، طبع باعتناء عامر حسن صبري. وممن ألف في الدلائل أيضا: 6- إبراهيم بن الهيثم البلدي، المتوفى سنة 277 هـ «1» .   (1) تاريخ بغداد [6/ 206] ، ويلاحظ أنا أقتصرنا على ذكر أسماء المؤلفين في هذا دون اسم كتبهم لما رأينا من تجوز أهل العلم في التسمية، كما وقع لكتاب المصنف، وقد استفدنا في هذا من كتب التراجم التي ترجمت لأصحابها، وكتب المؤلفات كهدية العارفين، وكشف الظنون، والذيل عليه لإسماعيل باشا، وكتاب السخاوي المسمى بالاعلان بالتوبيخ، ومعجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاح الدين المنجد، والسيرة النبوية الصحيحة للدكتور- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 7- إبراهيم بن إسحاق الحربي، المتوفى سنة 285 هـ. 8- أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، المتوفى سنة 264 هـ. 9- أبو قتيبة: عبد الله بن سلم، المتوفى سنة 276 هـ. 10- ابن أبي الدنيا عبد الله بن محمد، المتوفى سنة 281 هـ. 11- ثابت بن حزم السرقسطي، المتوفى سنة 313 هـ. 12- إبراهيم بن حماد بن إسحاق، المتوفى سنة 330 هـ. 13- محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال، المتوفى سنة 349 هـ. 14- أبو بكر: محمد بن الحسن النقاش المقرئ، المتوفى سنة 351 هـ. 15- سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفى سنة 430 هـ. 16- محمد بن علي القفال الشاشي، المتوفى سنة 366 هـ. 17- عبد الله بن محمد بن حبان الأصبهاني، المعروف ب: أبي الشيخ، المتوفى سنة 369 هـ. 18- ابن منده، أبو عبد الله محمد بن إسحاق، المتوفى سنة 395 هـ. 19- جعفر بن محمد المستغفري، المتوفى سنة 432 هـ. 20- أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، المتوفى سنة 434 هـ. 21- أبو ذر مصعب بن محمد الخشني، المتوفى سنة 604 هـ. ومن كتب أعلام النبوة أيضا: 22- أعلام النبوة: لأبي الحسين الماوردي، المتوفى سنة 450 هـ، وهو مطبوع.   - الفاضل أكرم ضياء العمري، وتاريخ التراث العربي للدكتور فؤاد سزكين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 23- أعلام النبوة: لأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، المتوفى سنة 277 هـ. 24- أعلام النبوة: لعلاء الدين مغلطاي، المتوفى سنة 762 هـ. 25- أعلام النبوة- أو: إمارات النبوة-: لإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، المتوفى سنة 295 هـ. 26- أعلام النبوة: لعبد الله بن عبد العزيز البكري، الأندلسي، المتوفى سنة 487 هـ. ثانيا: ومما تناوله المصنف رحمه الله في كتابه هذا: شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، وما فيه من الآيات التي تبين عن عظيم قدره، وعلو منزلته، وما ذكر فيه من أسمائه وصفاته وغير ذلك. وقد كتب في هذا الجزء أيضا: 1- الحافظ أبو عبد الله الحليمي، في شعب الإيمان في الباب الخامس عشر. 2- ثم عول عليه الحافظ البيهقي في شعبه. 3- وممن كتب فيه أيضا وتوسع: القاضي عياض، في كتابه الشفاء، فقال في الباب الأول منه: في ثناء الله تعالى عليه، وإظهاره عظيم قدره لديه: اعلم أن في كتاب الله العزيز آيات كثيرة مفصحة بجميل ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعدّ محاسنه وتعظيم أمره وتنويه قدره، اعتمدنا منها على ما ظهر معناه وبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 فحواه، وجمعنا ذلك في عشرة فصول: الفصل الأول: فيما جاء من ذلك مجرى المدح والثناء وتعداد المحاسن كقوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الآية. الفصل الثاني: في وصفه تعالى له بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والكرامة. الفصل الثالث: فيما ورد من خطابه إياه مورد الملاطفة والمبرة. الفصل الرابع: في قسمه تعالى بعظيم قدره. الفصل الخامس: في قسمه تعالى جده له لتتحقق مكانته عنده. الفصل السادس: فيما ورد من قوله تعالى في جهته صلى الله عليه وسلم مورد الشفقة والإكرام. الفصل السابع: فيما أخبر الله تعالى به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الأنبياء وحظوة رتبته عليهم. الفصل الثامن: في إعلام الله تعالى خلقه بصلاته عليه وولايته له ورفعه العذاب بسببه. الفصل التاسع: فيما تضمنته سورة الفتح من كراماته صلى الله عليه وسلم. الفصل العاشر: فيما أظهره الله تعالى في كتابه العزيز من كرامته عليه ومكانته عنده وما خصه به من ذلك سوى ما انتظم فيما ذكرناه قبل. 4- وممن كتب في هذا أيضا: الحافظ القسطلاني في المقصد السادس من المواهب اللدنية وهو في: آيات من التنزيل في تعظيم قدره صلى الله عليه وسلم، وفيه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 النوع الأول: في آيات تتضمن تعظيم قدره ورفعة ذكره وجليل رتبته وعلو درجته على الأنبياء وتشريف منزلته. النوع الثاني: في أخذ الميثاق له على النبيين فضلا ومنة ليؤمنن به إن أدركوه ولينصرنه. النوع الثالث: في وصفه له صلى الله عليه وسلم بالشهادة وشهادته له بالرسالة. النوع الرابع: في التنويه به صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل بأنه صاحب الرسالة والتبجيل. النوع الخامس: في آيات تتضمن إقسامه تعالى على تحقيق رسالته وثبوت ما أوحى إليه من آياته وعلو رتبته الشريفة ومكانته، وفيه فصول: الفصل الأول: في قسمه تعالى على ما خصه به من الخلق العظيم وحباه من الفضل العميم. الفصل الثاني: في قسمه تعالى على ما أنعم به عليه وأظهره من قدره العلي لديه. الفصل الثالث: في قسمه تعالى على تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أتى به من وحيه وكتابه وتنزيهه عن الهوى في خطابه. الفصل الرابع: في قسمه تعالى على تحقيق رسالته. الفصل الخامس: في قسمه تعالى بمدة حياته صلى الله عليه وسلم وعصره وبلده. النوع السادس: في وصفه تعالى له صلى الله عليه وسلم بالنور والسراج المنير. النوع السابع: في آيات تتضمن وجوب طاعته واتباع سنته. النوع الثامن: فيما يتضمن الأدب معه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 النوع التاسع: في آيات تتضمن رده تعالى بنفسه المقدسة على عدوه صلى الله عليه وسلم ترفيعا لشأنه. النوع العاشر: في إزالة الشبهات عن آيات وردت في حقه صلى الله عليه وسلم مشكلات متشابهات. 5- وممن كتب في ذلك وصنف: شيخنا الحافظ العلّامة محدث المغرب ومسندها السيد عبد الله بن صديق الغماري رحمه الله تعالى في كتابه الجليل: «دلالة القرآن المبين على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العالمين» ، يقول في مقدمته نظما: هذا كتاب دلالة القرآن ... أوضحت فيه حقائق التبيان وجعلته وضعا رصينا شيدت ... صفحاته بنواصع برهان ينبيك عن قدر النبي وفضله ... بسواطع جاءت من الفرقان فاق الشفا ومواهبا في بحثه ... وأجاد في سبك وحسن بيان والله أرجو سائلا بكتابه ... ونبيه أجرا بلا حسبان بدأ فيه شيخنا بما جاء من فضائله وقدره في سورة البقرة ومنتهيا بسورة الناس على ترتيب السور في القرآن. 6- وممن ألف في هذا الجزء أيضا: شيخنا العلّامة الدكتور عويد بن عياد الكحيلي المطرفي الأستاذ المشارك في علوم الكتاب والسنة، ورئيس قسم القضاء بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ثم وكيل الكلية للدراسات العليا والبحث العلمي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقا، في رسالة علمية مطبوعة عنوانها: «آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ضوء العصمة والاجتهاد» أورد فيه من الآيات التي يشتبه ظاهرها على بعض من قصر باعه عن معرفة الأسلوب الخطابي للقرآن تجاه النبي صلى الله عليه وسلم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 فيهمون جهلا، ويظنون خطأ أنها آيات عتاب ومؤاخذة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي ليست كذلك، فتناول شيخنا تلك الآيات بالشرح والتفسير مسلما جدلا لمن يقول بأنها آيات عتاب ومؤاخذة، مفندا في الوقت نفسه أنواع ما كان من ذلك في الخطاب الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء منه في القرآن ومبينا الأسلوب الذي انتهجه سبحانه في كتابه مع نبيه مما هو معروف ومعلوم عند العرب حتى يخلص الدكتور في بحثه إلى أن جميع تلك الآيات الواردة في هذا الباب إنما هي آيات تشريف وتكريم وأنها آيات وردت لطمأنة نفس النبي صلى الله عليه وسلم بعدم مؤاخذته لما كان منه ويكون، وذلك من خلال القرائن الواردة في تفسيرها والأدلة الثابتة في أسباب نزولها. وأما ما جاء من التنويه بشرفه وفضله صلى الله عليه وسلم في الكتب السالفة فلم أر من أفرده بالتصنيف، على كثرة ما جاء من ذلك وصحته، لكن عقد كثير ممن صنف في سيرته وشمائله صلى الله عليه وسلم أبوابا في ذلك، وأوردوا ما جاء في الكتاب العزيز من الإشارة إلى ذلك كقوله تعالى: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ الآية، وكقوله تعالى: يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ونحو ذلك من الآيات، منهم ابن سعد في الطبقات. ثالثا: ومما تناوله- رحمه الله- في كتابه هذا أيضا سيرته صلى الله عليه وسلم في الطعام والشراب والطب، وتناول أيضا ما يتصل به صلى الله عليه وسلم من ملابس وفرش وما يتعلق به ويستخدمه من أدوات ومركوب وأسلحة. وقد استفاد من طريقته هذه واقتبس منه: الحافظ أبو حفص عمر بن محمد الشهير بالملّاء الموصلي في كتابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 «وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم» ، طبع بالهند سنة 1391 هـ مؤخرا، بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، بحيدر آباد الدكن، فيه جملة من الأحاديث- كما سترى- استفادها واقتبسها من المصنف. ومن مظان هذا البحث أيضا كتب الشمائل، ومنها: 1- شمائل الترمذي: الإمام المشهور صاحب الجامع. 2- كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: لأبي الشيخ الأصبهاني، المتوفى سنة 369 هـ. 3- الأنوار في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم المختار: للحافظ محيي السنة الحسين بن مسعود البغوي، المتوفى سنة 516 هـ. 4- كتاب إمتاع الأسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع: لتقي الدين المقريزي، المتوفى سنة 845 هـ. 5- كتاب الرصف لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفعل والوصف: للعلامة محمد بن محمد العاقولي، المتوفى سنة 797 هـ. 6- كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد: لابن قيم الجوزية، المتوفى سنة 751 هـ. 7- سفر السعادة: للعلامة مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس، المتوفى سنة 826 هـ. 8- الوفا بأحوال المصطفى: لأبي الفرج ابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 رابعا: ومما تناوله الحافظ الخركوشي في كتابه هذا أيضا خصائصه صلى الله عليه وسلم التي اختصه الله بها، وفضّله بها على إخوانه من الأنبياء والمرسلين وسائر البشر. ولا يخفى أن مظان هذا البحث كتب السنة المشهورة، لكن جماعة من أهل العلم أفردوها بالتصنيف. وقد اقتبس منه الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى جملة من الأحاديث والنصوص كما سترى في ثنايا التعليق من أبواب الخصائص والفضائل. وممن أفرد هذا الموضوع بالتصنيف: 1- الحافظ أبو حفص عمر بن علي الأنصاري، الشهير بابن الملقن في كتابه: غاية السول في خصائص الرسول، المتوفى سنة 804 هـ. 2- الإمام الفقيه العلامة: العز بن عبد السلام في كتابه: بداية السول في تفضيل الرسول. 3- الحافظ قطب الدين محمد بن محمد الخيضري في كتابه: اللفظ المكرم بخصائص النبي المعظم، طبع مؤخرا بتحقيق: الدكتور محمد الأمين الجكني. 4- شمس الدين ابن طولون، المتوفى سنة 953 هـ في كتابه: مرشد المختار إلى خصائص المختار، أيضا طبع مؤخرا بتحقيق: الدكتور بهاء محمد. 5- السيد محمد بن أحمد الأهدل في كتابه: فتح الكريم القريب شرح أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 خامسا: ومما تناوله العلامة الخركوشي في كتابه هذا وتوسع فيه: فضائل الصحابة وفضائل آل البيت. وقد اقتبس منه جملة من الأحاديث المحب الطبري في «ذخائر العقبى» ، والمرتضى الفيروز آبادي في «فضائل الخمسة من الصحاح الستة» ، وأبو حفص الملّاء في «وسيلة المتعبدين» . ولا يخفى أن من مظان هذا البحث: الكتب الستة المشهورة، لكنها أفردت بالتصنيف في كتب منها: 1- كتاب الفضائل: للإمام أحمد بن حنبل. 2- كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: للحافظ النسائي صاحب السنن. 3- كتاب الذرية الطاهرة: للحافظ أبي بشر الدولابي، المتوفى سنة 310 هـ. 4- كتاب الحافظ أبي الحسن الواسطي الجلّاني الشافعي الشهير بابن المغازلي، المتوفى سنة 483 هـ، طبع المكتب العالمي للبحوث. 5- كتاب الشرف المؤبد لآل محمد: للشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني. 6- كتاب در السحابة في مناقب القرابة والصحابة: للعلامة محمد بن علي الشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. سادسا: ومما تناوله العلامة الخركوشي في كتابه هذا وتوسع فيه: باب الأقوال النبوية، وما ضربه صلى الله عليه وسلم من الأمثال، وقد أفرده بالتصنيف: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 1- القاضي أبو محمد الحسن الرامهرمزي، المتوفى سنة 360 هـ، في كتابه: أمثال الحديث. 2- وأبو الشيخ الأصبهاني، المتوفى سنة 369 هـ، أيضا في كتابه: أمثال الحديث النبوي. 3- وأبو عبد الله محمد الحكيم الترمذي. وكلها بحمد الله مطبوعة ومتداولة بين أهل العلم. سابعا: ومما تناوله صاحبنا العلامة أيضا في كتابه هذا وتوسع فيه: فضائل مكة والمدينة زادهما الله شرفا، عوّل كثيرا فيما يتعلق بتاريخ مكة على كتاب أبي الوليد الأزرقي، وما يتعلق بتاريخ المدينة وفضائلها على تاريخ المدينة للعلامة النسابة يحيى بن الحسين العلوي، وهو بإسناده إلى ابن زبالة أو ابن النجار أو الزبير بن بكار في أخبار وتاريخ المدينة لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 الفصل السّادس: وصف حال كتاب شرف المصطفى، وأصوله الخطّيّة، وعملنا في التّحقيق عند قراءتنا لأصل الكتاب الخطي، ومطابقة أصوله بعضها ببعض وجدنا أن العمل فيه يتطلب جهدا كبيرا، إذ سيكون العمل فيه متعدد الجوانب غير مقتصر على المقابلة والتخريج كما في غالب تحقيق المخطوطات. فهو أشبه ما يكون بالكتاب الذي لم يبيضه مصنفه بعد، مع شهرته عند المتقدمين، وإشادة أهل العلم به واقتباسهم منه. أبوابه غير مرتبة، وعند المقارنة بين النسخ نجدها لم تتفق على ترتيب واحد لها، أحاديثه- غير المسندة- مسرودة على طريقة المحدثين الأولى، الحديث تلو الآخر، دون النظر إلى الرابط الموضوعي بينها، أو العلاقة بين الحديث والترجمة. أحاديث المعجزات غير مفندة، تجد حديثا في معجزة نبع الماء، ثم حديثا في دعائه صلى الله عليه وسلم على الأعداء، ثم حديثا في أثر يده الشريفة صلى الله عليه وسلم في الشفاء، ثم حديثا في إجابة الأشجار والأحجار له صلى الله عليه وسلم، ثم يعود ثانية إلى معجزة الماء فيورد قصة أخرى غير الأولى، وهكذا اتبع طريقته هذه في أكثر الأبواب. وقد تبين أن إثبات النص على هذا النحو وإخراجه كما ورد في الأصول لن يعطيه القيمة العلمية التي ينبغي أن تعطى لمثله من كتب أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الرواية في هذا الموضوع، وقد تصبح الإستفادة منه إذا ما ظهر على هذا النحو محدودة، وبذلك يفقد النص أهميته، والكتاب موضعه، والمحقق جهده. ولما رأينا خدمة المتقدمين من أهل العلم في التحقيق، قد تعددت طرقها وتنوعت، حتى شملت أعمالهم في ذلك إعادة ترتيب الأبواب والأحاديث، رأينا أن نأخذ بذلك، إذ كان لنا فيمن تقدم أسوة. فكان مما قمت به: 1- أعدت ترتيب أبواب الكتاب بما يتناسب والأحداث التاريخية للسيرة ما أمكن. 2- أعدت ترتيب الأحاديث المنثورة والمسرودة بحيث يتم إدخالها فيما بوّب له المصنف إن وجدت العلاقة بينها وبين الترجمة، وإلا ترجمت لها بترجمة من عندي، مشيرا إلى ذلك بفصل، ليسهل التفريق بين عملي وما بوب له المصنف، وكذا اجتهدت في ترتيب ما كرره المصنف من الأحاديث إن لم تكن ثمة علاقة. 3- ترجمت لأحاديث المعجزات في فصول كما تقدم، وذلك بعد تنفيدها ثم جمعها وترتيبها، كأحاديث حنين الجذع، وأحاديث نبع الماء من بين أصابعه الشريفة، وغيرها من المعجزات. 4- قمت بعمل ترجمة لرجال الأحاديث المسندة في أول كل موضع، نقلت كلام الأئمة فيهم باختصار مفيد غير مخل. 5- قمت بتخريج أحاديث الكتاب وآثاره ما أمكن لي، مع ذكر أقوال المحدثين فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 6- لم أعتن بشرح الأحاديث والآثار بقدر الاعتناء بتخريجها، غير أني أتطرق إلى ذلك أحيانا فلا أدعه بالكلية. 7- اهتممت بتوثيق النصوص- اهتماما أرجو أن يكون جيدا- فنقلت عزو المتقدمين لنصوص الكتاب وآثاره ما أمكن. هذا باختصار خلاصة العمل الذي قمت به عند التحقيق أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يسدد قلمي فيه وأن يلهمني الصواب فيما أكتبه، وأن يتقبله مني، ويجعله خالصا لوجهه الكريم إنه سميع قريب مجيب أما أصوله الخطية: فقد ذكر الدكتور فؤاد سزكين أن للكتاب عدة نسخ خطية منها «1» : 1- نسخة في مكتبة برلين تحت رقم 9571، وعدد أوراقها 313، نسخت سنة 447 هـ، حصلنا على صورة منها مصورة، خطها كبير وواضح، وهي أقرب النسخ عهدا بالمؤلف، كما يظهر من تاريخ نسخها، غير أن بها عيوبا، إذ يوجد بها خرم وسقط وليس بها سماعات، ولا في صفحاتها الأخيرة ما يدل على انتهاء الكتاب، وقد عوضنا ذلك الخلل الحاصل فيها بالنسخة التالية. 2- وهي نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق، والموجودة تحت رقم 35 من قسم السيرة النبوية، وعدد أوراقها 207، نسخت سنة 597،   (1) تاريخ التراث العربي المجلد الأول [4/ 177- 178 قسم العقائد والتصوف] جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1403 هـ- 1983 م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 خطها جميل وواضح، وفي أولها سند الكتاب وابتداؤه، وفي آخرها ما يدل على انتهائه وتمامه، وفي الصفحتين الأخيرتين سماعات دوّن تاريخها ومكانها، ساعدنا في الحصول عليها أمناء المكتبة والقائمين عليها جزاهم الله خيرا. سقط منها بعض الأبواب الموجودة في النسختين الأخريين. 3- أما نسخة المتحف البريطاني والموجودة بالملحق تحت رقم 509 من قسم المخطوطات الشرقية 3014، فعدد أوراقها 254، نسخت سنة 815، فهذه أيضا يوجد بها نقص وخرم، وليس بها سماعات، وقد حصلنا على صورة منها بواسطة القائمين على خدمة العلم وأهله بمكتبة الملك فيصل بن عبد العزيز- رحمه الله-. هذه النسخ الثلاث هي التي اعتمدت عليها عند المقابلة، جاءت مكملة لبعضها البعض، وقد جعلت نسخة الظاهرية هي المرجع عند الاختلاف. وقد زاد بروكلمان على ما ذكره الدكتور فؤاد بشأن نسخ الكتاب. 4- نسخة المكتبة السليمانية، قسم ولي الدين تحت رقم 888، عدد أوراقها 191، ونسخت سنة 755 هـ، لكنها باللغة الفارسية. 5- قطعة منه موجودة في توبنجن، تحت رقم 12، نسخت في القرن الخامس الهجري، تلي نسخة برلين في قدم النسخ، لكنها قطعة ناقصة، لذلك لم اجتهد في طلبها والوقوف عليها. 6- قطعة أخرى في برلين، تحت رقم 9572، أظنها الأوراق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الساقطة من نسختنا الأولى فقد ذكر أنها من صفحة 297 إلى 313. هذا وقد أشرنا في التحقيق إلى نسخة برلين بالحرف «ب» ، وإلى الظاهرية بالحرف «ظ» ، وإلى نسخة المتحف البريطاني بالحرف «م» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 نماذج من النّسخ الخطّيّة المعتمدة في التّحقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 (أ) نماذج مصورة من نسخة الظاهرية (صورة صفحة العنوان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 (صورة الصفحة الأولى من النسخة الظاهرية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 (صورة الورقة الثانية (أ) من نسخة الظاهرية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 (صورة نموذج من نسخة الظاهرية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الصفحة ما قبل الأخيرة من نسخة الظاهرية ويظهر فيها جزء من السماعات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الصفحة الأخيرة من نسخة الظاهرية ويظهر فيها جزء من السماعات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 (ب) نماذج مصورة من نسخة المتحف البريطاني (صفحة العنوان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الصفحة الأولى من نسخة المتحف البريطاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 صورة نموذج من نسخة المتحف البريطاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الصفحة ما قبل الأخيرة من نسخة المتحف البريطاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الصفحة الأخيرة من نسخة المتحف البريطاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 (ج) نموذج مصور للصفحات الأولى مننسخة برلين (صفحة العنوان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 صورة نموذج من نسخة برلين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 صورة نموذج من نسخة برلين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الفصل السّابع: في تراجم الرّواة المذكورين في سند الكتاب 1- أبو القاسم: عبد الكريم بن هوازن القشيري: «1» قال الحافظ الذهبي: هو الإمام الزاهد، القدوة: الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، الخراساني، النيسابوري، الشافعي، الصوفي، المفسر، صاحب الرسالة شيخ خراسان، وأستاذ الجماعة، ومقدم الطائفة. ولد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، توفي أبوه وهو طفل، فوقع إلى أبي القاسم اليماني، فقرأ الأدب والعربية عليه، وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك.   (1) - أبو القاسم: عبد الكريم بن هوازن القشيري، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [18/ 227] ، تاريخ بغداد [11/ 83] ، المنتظم [16/ 148] ، طبقات الشافعية للسبكي [5/ 153] ، طبقات الإسنوي [2/ 313] ، طبقات الأولياء [/ 257] ، طبقات ابن قاضي شهبة [1/ 273] ، وفيات الأعيان [3/ 205] ، الأنساب [4/ 503] ، طبقات الشافعية لابن الصلاح [2/ 652] ، التقييد لابن نقطة [2/ 131] ، التبيين [/ 271] ، العبر [2/ 319] ، تاريخ الإسلام [حوادث 461- 470 الصفحة 170] ، المنتخب من السياق [/ 334] ، اللباب [3/ 38] ، التدوين [3/ 210] ، النجوم الزاهرة [5/ 91] ، إنباه الرواة [2/ 193] ، طبقات المفسرين للداودي [1/ 238] ، البداية والنهاية [12/ 107] ، دمية القصر [2/ 993] ، الشذرات [4/ 6] ، التدوين في أخبار قزوين [3/ 273] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 قال: كانت له ضيعة مثقلة بالخراج بناحية استوا، فرأوا من الرأي أن يتعلم طرفا من الاستيفاء ويشرع في بعض الأعمال بعد ما أونس رشده في العربية لعله يصون قريته ويدفع عنها ما يتوجه عليها من مطالبات الدولة، فدخل نيسابور على هذه العزيمة فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق- وكان واعظ وقته- فاستحلى كلامه فوقع في شبكة الدقاق ونسخ ما عزم عليه، طلب القباء فوجد العباء، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأقبل عليه، وأشار إليه بتعلم العلم فمضى إلى درس الفقيه أبي بكر الطوسي فلازمه حتى فرغ من التعليق، ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر بن فورك الأصولي فأخذ عنه الكلام والنظر حتى بلغ فيه الغاية، ثم اختلف إلى أبي إسحاق الإسفرايني، ونظر في تواليف ابن الباقلاني، ثم زوجه أبو علي الدقاق بابنته فاطمة. فلما توفي أبو علي صحب أبا عبد الرحمن السلمي، ولزم المجاهدات، وصار شيخ خراسان في التصوف، وتخرج به المريدون، وكان عديم النظير في السلوك والتذكير، لطيف العبارة، طيب الأخلاق، غواصا على المعاني. قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة. وقال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة، حسن الوعظ مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي. وقال أبو الحسن الباخرزي: ماهر في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري، خارج في إحاطته عن الحد البشري، كلماته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 للمستفيدين فرائد، وعتبات منبره للعارفين وسائد، له نظم تتوج به رؤوس معاليه، إذا ختمت به أذناب آماليه، اه. باختصار وتصرف مما كتبه عنه الحافظ الذهبي، وأرخ وفاته في سنة خمس وستين وأربع مائة، وقال: عاش تسعين سنة. 2- عبد الملك بن المعافى التنوخي: «1» هكذا جاء في الصفحة الأولى من الأصل منسوبا إلى جده الأعلى وهو: عبد الملك بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن المعافى، القاضي الشهير والإمام الكبير، علم الدين وأحد حسنات قزوين أبو القاسم القزويني، قال الرافعي في تاريخه: مشهور بالفضل، لطيف الطبع، كثير الجمع والكتابة، حسن الخط، يتهاداه الناس فيما بينهم، خالط فضلاء العصر مكاتبة ومعاشرة ومشاعرة. روى عن أبي إسحاق الشيرازي، وأبي علي ابن الوليد، وهبة الله ابن زاذان، والقاضي عبد السلام بن يوسف القزويني، والخطيب أبي زكرياء التبريزي، وأبي عامر: الفضل بن إسماعيل الجرجاني، وعلي ابن الحسن الباخرزي وغيرهم من الكبار. وروى عن الأستاذ أبي القاسم القشيري، وسمع منه الرسالة بقزوين سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وسمع صحيح البخاري من كريمة المروزية بمكة سنة تسع وخمسين وأربعمائة بروايتها عن الكشميهني، وسمع غريب الحديث لأبي عبيد من أبي حفص عمر بن محمد بن زاذان هبة الله بروايته عن أبي محمد الحسن بن جعفر، عن أبي الحسن   (1) - عبد الملك بن المعافى التنوخي، انظر عنه في: التدوين في أخبار قزوين [3/ 260] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 القطان عن علي بن عبد العزيز، وسمع بهيت سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة أبا أحمد حامد بن يوسف الحسن التفليسي. وكان أحد الفضلاء ومن أهل العلم النجباء، أثنى عليه الناس كثيرا، فكان مما كتب فيه وأرسل إليه: قزوين طابت كالمدينة إذ أتى ... منها الإمام الأفضل ابن معافى فأفاده الله الفضائل حكمة ... وعدالة وشجاعة وعفافا وهي التي يعلو بها كل أمر ... يحظى بها الآباء والأسلافا يا رب بارك في بقايا عمره ... واجعله من عبر الزمان معافى وقال بعضهم أيضا: رعى الله خلّا نقي الذمام ... من العذر يلزمنا أن يعافى هو المشرفي أذيق الصقال ... والسمهري أشم الثقافا إذا غاب أو آب كان الزمان ... كالليل طال وكالصبح وافا وفي الناس من لا يبر الصديق ... وابن أخ عن جفاء تجافى وهم عصب ينكرون العلى ... ولا يعرفون التقى والعفافا فأعرضت عنهم ومثلي يجب ... أخا الكرام ويهوى الظرافا وجربتهم واحدا واحدا ... فلم أرض غيرك يا ابن المعافى توفي ابن المعافى سنة أربع وثلاثين وخمسمائة رحمه الله ورضي عنه. 3- أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني: «1» هو الإمام العلامة الفقيه الشافعي رضي الدين أبو الخير أحمد بن   (1) . (3) - أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [21/ 190] ، التكملة للمنذري [1/ 200] ، طبقات- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس الطالقاني الواعظ، كثير الخير والبركة ممن نشأ في طاعة الله وتوفي عليها. ولد بقزوين في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. تفقه بقزوين على ملكداذ بن علي العمركي- أحد كبار فقهاء الشافعية في وقته- ثم رحل إلى نيسابور فتفقه بمحمد بن محمد الفقيه فبرع في المذهب، فصار إماما فيه وفي أصوله، وعقد مجالس الإملاء فأقبل الناس إليه لحسن سمته، وتواضعه، وحلاوة منطقه، وأحبه أهل العلم والعوام. وكان كثير الصلاة والعبادة دائم الذكر لله، يقال: كان يختم كل يوم مع استدامته الصوم، ويفطر على قرص واحد. قال ابن الدبيثي: كان مقبلا على الخير كثير الصلاة، له يد باسطة في النظر، واطلاع على العلوم ومعرفة الحديث. كان جماعة للفنون رحمه الله، رد إلى بلده فأقام مشتغلا بالعبادة لا يزال رطبا من ذكر الله إلى أن توفي سنة تسعين وخمس مائة، ويقال: قبلها بسنة.   - السبكي [6/ 7] ، البداية والنهاية [13/ 9] ، النجوم الزاهرة [6/ 134] ، غاية النهاية لابن الجوزي [1/ 39] ، العبر [3/ 100] ، شذرات الذهب [5/ 7] ، مرآة الجنان [3/ 466] ، المختصر المحتاج إليه [1/ 174] ، التقييد لابن نقطة [1/ 137] ، الأنساب [4/ 31] ، اللباب [2/ 77] ، مرآة الزمان [8/ 443] ، هدية العارفين [1/ 88] ، التدوين [2/ 144] ، الوافي بالوفيات [6/ 253] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 4- أبو المناقب محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني: «1» هو الإمام الزاهد أبو المناقب وأبو الفتح- ويقال: أبو حامد- محمد ابن الماضي ترجمته: الإمام أبي الخير أحمد بن إسماعيل ابن يوسف بن محمد بن العباس القزويني، الطالقاني، الشافعي. ولد بقزوين سنة ثمان وأربعين، وبها نشأ، ثم قدم بغداد مع والده وأقام بها معه مدة، ثم تزهد بعد موت أبيه وساح في البلاد ورزق القبول عند الملوك والأمراء، وتكلم فيه الناس لزعمه سماعه من أبي الوقت، فالله أعلم. أرخ المنذري وفاته سنة اثنتين وعشرين وست مائة، وجعلها الذهبي في تاريخ الإسلام بعدها بسنة ثم كتب في الهامش (فيما ذكره محقق تاريخه) : يحول إلى سنة 619 هـ. وله أخ أصغر منه اسمه مثل اسمه: محمد بن أحمد بن إسماعيل، وكنيته أبو بكر، توفي سنة 614 هـ.   (1) . (4) - أبو المناقب محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [22/ 182] ، التدوين [1/ 171] ، تكملة المنذري [2/ 395- 396، 3/ 194] ، وتاريخ الإسلام [وفيات سنة 619 الصفحة 411] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 الفصل الثّامن: في تراجم بعض من سمع الكتاب ودوّن سماعه في أصله جاء في الصفحة الأخيرة من النسخة الظاهرية ما نصه: بلغت المقابلة، وصح بحمد الله ومنّه بمعارضة الأصل ولداي: عبد الله ويوسف، وعارضني بالأصل معهم أيضا الشيخ يوسف بن حسين القرشي المقدسي، وهو ساكن ... من أعمال مصر. وجاء فيها أيضا: صورة سماع الأصل: سمع جميع كتاب شرف المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم على الشيخ الإمام العالم حجة الله على خلقه رضي الدين شيخ الإسلام أبي الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، الطالقاني، الحاكمي، أسعده الله، وهو سمع على الإمام ناصح السنة أبي القاسم عبد الملك بن أحمد بن المعافى التنوخي، وهو ما روى عن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وهو ما روى عن مصنفه الإمام الفقيه أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ الخركوشي رضي الله عنه. فسمع ولداه: الشيخ ... الدين أبو إسماعيل محمد وفخر الدين أبو المناقب محمد، وإسماعيل بن عبد الملك بن عثمان البارقي الصوفي، والشيخ أبو الحسن علي بن المبارك المقري، والحاج محمد ابن مهند بن علي البارقي، والإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 المساوي، وصاحب الكتاب قاريه الإمام الأجل العالم ركن الدين أبو علي عبد الملك بن سعيد وتاج الدين محمد بن إسماعيل ... وكتبه: محمد بن عمر بن أبي الحسن الموصلي في شهر الله رجب الأصم سنة اثنتين وستين وخمسمائة، وبختمه مكتوب الطبقة، بخط الشيخ المسموع عليه. كذلك سمعوا على كاتبه أحمد بن إسماعيل القزويني. نقله من الأصل الفقير إلى رحمة الله محمد بن تمام بن علي البصروي البزاز بإملاء الفقيه الإمام عمر بن يوسف خطيب بيت الآبار، من غوطة دمشق، صاحب الكتاب. وجاء فيها أيضا: سمع جميع كتاب شرف المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم على الشيخ الإمام العابد الزاهد الثقة الحافظ الورع فخر الدين حجة الإسلام أبي المناقب محمد ابن الإمام رضي الدين أبي الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني الطالقاني الحاكمي أثابه الله- قدم علينا محرما من بيت الله المقدس حرسه الله طالبا للحج في شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة، نحو سماعه من والده الفقيه الإمام بقية المشايخ رضي الدين أبي الخير أحمد بن إسماعيل رحمه الله، نحو سماعه من الشيخ الإمام ناسخ السنة أبو القاسم عبد الملك بن أحمد بن المعافى التنوخي، قال: أخبرنا الشيخ الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ النيسابوري الخركوشي مصنفه رحمه الله-، الشيوخ السادة وفقهم الله: صاحب الكتاب الشيخ الفقيه الإمام العالم العابد الورع الفاضل أبو عبد الله: عمر بن يوسف بن يحيى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 المقدسي الشافعي خطيب بيت الآبار من غوطة دمشق بقراءته أسعده الله في الدارين الدنيا والآخرة. وسمع معه: ولداه أبو طاهر يوسف وأبو المعالي داود جبرهما الله تعالى والمعمر إسماعيل بن كيمان بن إيداش السلّار وابن أخيه أحمد بن علي بن سليمان بن إيداش السلار، والأمير إيداش بن يوسف بن إيداش السلار وعبد الله بن محمد بن عبد الله الطائي الضرير الحنفي وعبد الرحيم بن محمد ... ومحمد شاه بن أحمد بن سونج السنجاري ... ابن عبد الله المعظمي والخضر بن الحسين بن الخضر بن عبدان الأزدي وولده أبو الحسين عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن عثمان بن عابد الأنصاري وإبراهيم بن عمر بن محمد القزويني وجبريل بن أبي الحسن ابن عبد العزيز الأنصاري وعلي بن تميم بن عبد السلام المغربي ومحمد وعمر وإبراهيم أولاد ... ابن عبد الله المعظمي، وأبو محمد ابن حازم بن جوهر ... وكارم بن ناصر بن طاهر ... وولده عبد الرحيم وأبو الحسن علي بن وهب بن عبد الواحد ... وإبراهيم بن أحمد بن أبي الفضل الواسطي وعبد الواحد بن أبي الحسن بن عبد الواحد ابن ... والفقيه الإمام محمد بن أبي المعالي بن موهوب ... وكاتب الأسماء الفقير إلى رحمة الله محمد وأبو التمام ابن علي البصروي البرّاد. وسمع أبو بكر بن ربعي بن عبد الله المعظمي من باب ذكر عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى باب مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومن باب ما خصّ به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف في القرآن إلى آخر الكتاب، وأجاز له الشيخ المستمع ما كان منه، وسمع آخرون في مجمل سماعهم. وصح ذلك لهم وثبت بقراءة الفقيه الإمام عمر بن يوسف خطيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 بيت الآبار المقدم ذكره وذلك في مجالس عدة آخرها يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شوال سنة سبع وتسعين وخمس مائة بمقصورة الحنفية الشرقية من جامع دمشق عمّره الله تعالى. كتبه أبو المناقب محمد بن أحمد الطالقاني الشامي رضي الله عنه. 1- عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل المقدسي: «1» الشافعي، الإمام الصالح والشيخ العابد أبو حفص- ويقال: أبو عبد الله- الملقب بالموفق، وخطيب بيت الآبار- قرية من قرى دمشق- توفي بها ودفن من الغد. حدّث عن أبي القاسم بن عساكر، وخطب نيابة بجامع دمشق مدة. روى عنه ولداه، والقوصي وغيرهم. توفي في رجب سنة 618 هـ. 2- أبو الطاهر: يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى: «2» وهو ابن عمر بن كامل المقدسي الزبيدي، ابن المتقدم قبله، الملقّب بالضياء.   (1) - عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل المقدسي، انظر عنه في: تكملة المنذري [3/ 53] ، تاريخ الذهبي [حوادث سنة 618، الصفحة 373] ، البداية والنهاية [13/ 96] ، سير أعلام النبلاء [23/ 302] . (2) - أبو الطاهر: يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى، انظر عنه في: الشذرات [5/ 461] ، العبر [3/ 314] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 سمع: الجنزوي، والخشوعي، وناب في خطابة دمشق زمن العادل. توفي يوم الجمعة سنة 665 هـ. 3- أبو المعالي: داود بن عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي: «1» الشافعي الملقب بالعماد، الدمشقي، الآباري، أخو المتقدم قبله، وخطيب بيت الآبار وابن خطيبها. سمع: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز، وابن عساكر، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، والعماد بن البالسي، والفخر بن عساكر، وابنه محمد بن داود. قال الذهبي: كان فاضلا، دينا فصيحا مليح الموعظة، درس بالغزالية، وخطب بدمشق بعد انفصال الشيخ عز الدين بن عبد السلام، ثم بعد ست سنين عزل العماد ورد إلى خطابة قريته. 4- علي بن المبارك بن الحسن الواسطي: «2» هو الإمام المقرئ تقي الدين أبو الحسن بن باسويه البرجوني،   (1) - أبو المعالي: داود بن عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [23/ 301] ، ذيل مرآة الزمان [1/ 126] ، العبر [3/ 279] ، البداية والنهاية [13/ 213] ، عيون التواريخ [20/ 168] . (2) - علي بن المبارك بن الحسن الواسطي، انظر عنه في: تكملة المنذري [3/ 394] ، النجوم الزاهرة [6/ 292] ، معرفة القراء الكبار [2/ 622] ، تذكرة الحفاظ [4/ 1458] ، المختصر المحتاج إليه [15/ 317] ، غاية النهاية [1/ 562] ، الشذرات [5/ 256] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الفقيه الشافعي قرأ بالروايات العشر على علي بن المظفر الخطيب وأخذ عن أبي بكر الباقلاني، وسمع أبا طالب الكتاني وأبا شاتيل وأبا السعادات القزاز وعبد المنعم بن الفراوي. ثم تصدر للإقراء، فقرأ عليه علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، والرشيد بن أبي الدر، والتقي يعقوب الجرائدي والعماد الفصال، والصفي المراغي. وروى عنه الضياء، وابن الحلوانية، وأبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، ومحمد بن قايماز، ومحمد ابن مشرف، ومات في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وست مائة. قال الذهبي: كان ثقة إماما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الفصل التّاسع: في ذكر سند المحقّق إلى أبي القاسم القشيريّ راوي الكتاب، وسنده إلى عمر بن يوسف صاحب الأصل والسّماع محل بسط هذا الفصل تجده في القسم الثاني من كتابي: الاعتزاز بذكر بعض من لقيت وسمعت ومن أجاز، المسمى: بالطلعة البدرية بالأسانيد الغمرية، حيث ذكرت هناك طرق الرواية إلى كتب الأسانيد والأثبات، وسأقتصر هنا على ذكر بعضها اختصارا وتبركا بشيخنا الجليل القدوة رفيع الأخلاق، الولي الحجة باتفاق: الحبيب عبد القادر بن أحمد بن عبد الرحمن السقاف. قال لي شيخي: أتصل بأبي القاسم القشيري بإسناد رجال المجاهدة فأروي كتابه: الرسالة وغيرها، من طريق والدي: الحبيب أحمد بن عبد الرحمن، والحبيب: سالم بن حفيظ، صاحب مشطة، كلاهما عن صاحب عقد اليواقيت، ومنحة الفتاح، وعقود اللآلئ، العارف بالله: عيدروس بن عمر الحبشي [ح] . وقال شيخي الفقيه قاضي مكة والحجاز الحسن بن محمد المشاط: أروي كتاب الرسالة وغيرها لأبي القاسم القشيري عن الحبيب مصطفى ابن أحمد المحضار، عن مفتي مكة السيد: حسين بن محمد الحبشي، كلاهما- صاحب العقد، والسيد حسين- عن والد الثاني الفقيه مفتي مكة السيد محمد بن حسين الحبشي، عن العارف بالله شيخ العلم والعمل السيد: عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 عن أبيه، عن جده، عن الشيخ المحدث: الحسن بن علي العجيمي [ح] . وقال لي شيخي محدث طنجة والديار المغاربية السيد عبد الله بن الصديق الغماري: أتصل بالعلامة المحدث: السيد مرتضى الزبيدي الحنفي، المتوفى سنة 1205 هـ، بأعلى سند يوجد في الدنيا اليوم، عن شيخنا القاضي عبد الحفيظ الفاسي، عن يوسف السويدي البغدادي، عنه، وهو عن السيد الفقيه: شيخ بن زيد باعبود العلوي الحضرمي، الشافعي، عن الشهاب: أحمد بن محمد النخلي [ح] . قال السيد عبد الله بن الصديق: وأروي ثبت العلامة محمد الأمير المصري المالكي، عن شيخي الفقيه المسند المعمّر: محمد بن دويدار التلاوي الكفراوي- وقد جاوز المائة- عن البرهان إبراهيم الباجوري عنه، وهو عن الشهابين: أحمد بن عبد الفتاح الملوي، وأحمد بن الحسن الجوهري، كلاهما عن الحافظ المسند: أبي سالم عبد الله بن سالم البصري المكي، ثلاثتهم: الحسن بن علي العجيمي، وأحمد بن محمد النخلي، وعبد الله بن سالم البصري، عن الحافظ الشمس محمد ابن العلاء البابلي، عن الشيخ محمد حجازي الواعظ، عن النجم محمد ابن أحمد الغيطي، عن الفقيه الشافعي القاضي الشيخ: زكرياء بن محمد الأنصاري، عن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم المعروف بابن الفرات، عن قاضي القضاة أبي عمر: عز الدين عبد العزيز بن البدر بن جماعة، عن أبي الفضل بن عساكر، عن المؤيد الطوسي، عن أبي الفتوح عبد الوهاب الشاذياخي، عن القطب أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري صاحب الرسالة. وأرويه من طرق أخرى بأسانيد عن الحبيب أحمد مشهور الحداد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 والحبيب المعمّر أبي بكر: عطاس الحبشي، وعن شيخنا مسند وقته العلم أبي الفيض الفاداني رحمه الله تعالى، وعن شيخي في القراءات السبع، مقرئ فاس الحافظ المجود المعمّر: المكي بن عبد السلام بن كيران تغمّده ربي بالمغفرة والرضوان، والمحدث عبد الفتاح أبو غدّة، وغيرهم بأسانيدهم التي ذكرتها في الطلعة البدرية إلى الشمس البابلي عن الشيخ سالم بن محمد السنهوري المتوفى سنة 1015 هـ، عن العلامة النجم الغيطي، عن القاضي زكرياء الأنصاري، عن الحافظ ابن حجر، عن الصلاح محمد بن عمر، عن الفخر علي بن البخاري، عن زينب بنت عبد الرحمن الشعري، عن أبي الفتوح: عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، عن أبي القاسم بن هوازن القشيري. فهذان طريقان إلى تلميذ أبي القاسم. وأتصل بصاحب الأصل والسماع: الحافظ عمر بن يوسف بإسناد عال، أخبرنا به شيخنا محدث طنجة ومسندها السيد: عبد الله بن الصديق الغماري، عن شيخه محمد إمام السقا خطيب الأزهر، عن أبيه البرهان إبراهيم السقا، عن الإمام الولي محمد بن سالم بن ناصر الشهير بثعيلب الفشني، عن الشهابين المذكورين: الملوي والجوهري، كلاهما عن أبي العز العجمي، عن الشمس الشوبري، عن الشهاب أحمد بن محمد الرملي، عن القاضي زكرياء الأنصاري، عن الحافظ ابن حجر، عن أبي هريرة عبد الرحمن بن محمد الذهبي، عن أبيه الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، عن محمد بن داود بن عمر بن يوسف بن يحيى الآباري، عن أبيه داود بن عمر، عن جده عمر بن يوسف صاحب الأصل والسماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وصف الحافظ الذهبي شيخه محمد بن داود في معجم الشيوخ [2/ 186] بالمسند المكثر. وبهذا الفصل ينتهي ما أردنا جمعه في هذه المقدمة، ويليه إن شاء الله تعالى النص المحقق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 ثانيا: النّصّ المحقّق كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعه: مناحل الشّفا ومناهل الصّفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 مقدمة المؤلّف بسم الله الرّحمن الرّحيم استعنت بالله وحده وما توفيقي إلّا بالله عليه توكّلت وإليه أنيب جزى الله محمّدا عنّا ما هو أهله أخبرنا الشيخ الإمام العالم العابد الزاهد الورع الصالح أبو المناقب: محمد ابن الإمام العالم الفقيه أبي الخير: أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني الحاكمي القزويني أثابه الله وأعانه، - قدم علينا طالبا للحج- بقراءتي عليه بمقصورة الحنفية الشرقية من جامع دمشق حرسها الله في آخرين رحمهم الله في مجالس أولها يوم الأحد ثامن وعشرين من شهر رمضان وآخرها العشرين من شوال سنة سبع وتسعين وخمسمائة، قال: أخبرنا والدي الإمام العالم الفقيه رضي الدين أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني رحمه الله قراءة عليه وأنا أسمع في مدة آخرها شهر الله الأصم رجب سنة اثنتين وستين وخمسمائة في آخرين رحمهم الله، قال: أخبرنا الإمام العالم ناصح السنة أبو القاسم عبد الملك بن معافى التنوخي رحمه الله، قال: أخبرنا الإمام العالم الأستاذ الفقيه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله قال: أخبرنا الإمام العالم الفقيه الواعظ أبو سعد: عبد الملك ابن الإمام أبي عثمان محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي قال: الحمد لله الذي تجلى لقلوب أهل الولاية بأنوار الهداية، وحفظهم بدوام الكلاءة، والحمد لله الحي المعبود الواحد الموجود، والحمد لله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الحميد المجيد الفعّال لما يريد، ذي الفضل العظيم والطّول الكريم، ناصر الحق وأهله، وقامع الباطل وحزبه، وجاعل العاقبة للمتقين، والحمد لله الذي أظهر من بدائع آثار سلطانه آيات ألوهيته، والحمد لله الذي أنعم فأجزل، وأعطى فأكثر، والحمد لله الذي خلق فأتقن، وصنع فأحكم، وحكم فعدل، وقال فصدق، ووعد فأنجز، وأنعم فأسبغ، والحمد لله الذي اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم صفوته، وساق إلى الجنة زمرته، وفرض الإسلام ملّته، والكعبة قبلته، وجعل خير الناس أمته، وأنزل عليه صلاته ورحمته وبركته. فصلى الله على محمد الهادي إلى الجنة ومسالكها، والمحذّر من النار ومخاوفها، والمتحنن على أمّته، والرؤوف بهم، المبعوث من جبال تهامة، بالأنوار التامة، والحجج الباهرة، والبراهين الزاهرة، والآيات الظاهرة، فصلوات الله على النبي الأمي، والرسول العربي، الهادي قوله: «من بدائع آثار» : كذا في «ب» ، وفي غيرها: الذي أظهر بدائع آثار سلطانه وآيات ربوبيته. قوله: «الذي أنعم فأجزل» : سقط في «ب» من هنا إلى قوله: وصنع فأحكم. قوله: «والكعبة قبلته» : وقع في «ب» : وجعل الكعبة قبلته وخير الناس أمته. قوله: «وأنزل عليه صلاته» : كذا في «ب» و «م» ، وفي «ظ» : وجعل عليه صلواته ورحمته وبركاته. قوله: «فصلى الله» : كذا في «ظ» ، وفي «د» : اللهم صل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 المهدي، الطاهر الزكي، النقي الوفي، التقي السمح السخي، الجواد، الأريحي الألمعي، الهاشمي القرشي، المكي المدني، السيد السني، الأبطحي العربي، صفيّ ربّه، وخازن وحيه، ونجيّ سرّه، وأليف محبته، وربيب نعمته، وخطيب توحيده، وشمس رسله، وقمر أنبيائه، وسراج دينه، خير من علا المنبر، ولبّى وكبّر، وسعى ونحر، وطاف وجمّر، ومن أعطي الكوثر: محمد بن عبد الله، صلى الله عليه أفضل وأكمل وأجمل، وأعلى وأعظم، وأجلّ وأطيب، وأظهر وأطهر، وأنمى وأزكى، وأشرف وأتم، وأعم وأكفى، وأكبر وأكثر، وأنفع وأرفع، وأبلغ ما صلى على أحد من خلقه، وعلى الطيبين الطاهرين الأخيار، المنتخبين المباركين الأبرار، وسلم تسليما كثيرا. قال الأستاذ الفقيه أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد الواعظ رحمه الله: قد حداني إلى جمع شرف المصطفى محمد النبي صلى الله عليه وسلم حبّه والأنس بذكره، لأن من أحبّ شيئا أكثر ذكره، ولأنه صلى الله عليه وسلم حكم: قوله: «الأبطحي العربي» : الأبطح: كل مسيل فيه دقاق الحصى، وقيل: الأبطح أثر المسيل ضيقا كان أو واسعا، والمراد: المكي لشهرة إضافة الأبطح إلى مكة، ووقع في غير نسخة «ب» : الأبطحي الحجازي. قوله: «رحمه الله» : كذا في «ظ» ، وفي «ب» : سلمه الله، فكأنها كتبت أو قوبلت في حياته، وفي «م» رضي الله عنه. قوله: «قد حداني» : يريد: الذي ساقني وألزمني، وجعلني أقدم عليه؛ إذ أصل الحدو: سوق الإبل، يقال: حدا الإبل وحدا بها إذا ساقها، والحادي: المتعمد للشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 أن المرء مع من أحب، ولكي أكثر الصلاة عليه رسما ونطقا، فإن الدعاء بين الصلاتين لا يرد. قوله: «أن المرء مع من أحب» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود، وأبي موسى، وأنس بن مالك. - فأما حديث ابن مسعود، فأخرجه البخاري في الأدب: باب علامة حب الله، رقم 6168، 6169، ومسلم في البر والصلة، رقم 2640 (165) . - وأما حديث أبي موسى، فأخرجه البخاري في الأدب أيضا: باب علامة الحب في الله، رقم 6170، ومسلم في البر والصلة، رقم 2641. - وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البخاري في فضائل الصحابة: باب مناقب عمر بن الخطاب، رقم 3688، وفي الأدب: باب ما جاء في قول الرجل: ويلك، رقم 6167، وفي باب علامة الحب في الله، رقم 6171، وفي الأحكام: باب القضاء والفتيا، رقم 7153، وأخرجه مسلم في البر والصلة، برقم 2639 (161، 162، 163، 164) . قوله: «ولكي أكثر الصلاة عليه رسما ونطقا» : قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في علوم الحديث: ينبغي- يعني لكاتب الحديث- أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره. قوله: «فإن الدعاء بين الصلاتين لا يرد» : لأنه لما كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مقبولة من صاحبها؛ يقبلها الرب سبحانه ويضاعف المثوبة عليها كرامة لخليله، ولما كان سبحانه حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا؛ كان سبحانه أجلّ وأكرم من أن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ......... - يقبل من دعائه شيئا ويرد عليه من دعائه شيئا. وكأن المصنف رحمه الله يشير إلى قول أبي سليمان الداراني رحمه الله ورضي عنه: من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما. ذكره الشيخ ابن القيم في جلاء الأفهام وقال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء مثل الفاتحة من الصلاة، وللصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مواطن تشرع فيها أمام الدعاء؛ لأن مفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن مفتاح الصلاة الطهور. وله ثلاث مراتب: إحداها: أن يصلي عليه قبل الدعاء وبعد حمده الله تعالى. والمرتبة الثانية: أن يصلي عليه في أول الدعاء وأوسطه وآخره. والثالثة: أن يصلي عليه في أوله وآخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما. - فأما المرتبة الأولى: فالدليل عليها حديث فضالة بن عبيد وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء. وقال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل تعطه. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا أراد أحدكم أن يسأل الله فليبدأ بحمده والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل بعد؛ فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 ......... - ورواه شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله نحوه. - وأما المرتبة الثانية: فقال عبد الرزاق: عن الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوني كقدح الراكب- فذكر الحديث- وقال: اجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره. وفي حديث علي: ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب، واستجيب الدعاء، وإذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجب الدعاء. وفي قول عمر رضي الله عنه: الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد بن علي بن شعيب: حدثنا محمد بن حفص، حدثنا الجراح بن يحيى، حدثني عمرو بن عمرو قال: سمعت عبد الله بن بشر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو يستجاب لدعائه» ، وعمرو بن عمرو هذا هو الأحموسي، له عن عبد الله بن بشر حديثان هذا أحدهما، والآخر رواه الطبراني في معجمه الكبير عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من استفتح أول نهاره بخير وختمه بالخير قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما» . اه. وسيأتي تخريج هذه الأحاديث في محلها من الكتاب إن شاء الله تعالى. ولله در القائل: أدم الصلاة على النبي محمد ... فقبولها حتما بغير تردد أعمالنا بين القبول وردها ... إلا الصلاة على النبي محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 جامع أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم من أخبار الأحبار والرّهبان والكهنة وما سمع من الهواتف وأجواف الأصنام ومن آمن وصدّق به قبل ولادته وبعثته صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 [1- باب: في شأن من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثه صلى الله عليه وسلم بألف سنة] 1- باب: في شأن من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثه صلى الله عليه وسلم بألف سنة 1- حدثنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي رحمه الله بمكة حرسها الله، ثنا أبو الحسن: محمد بن نافع الخزاعي بمكة، (1) - قوله: «البستي» : بضم الموحدة، وسكون السين المهملة، بعدها تاء فوقية، من بلاد كابل، بين هراة وغزنة، قال السمعاني: بلدة حسنة، كثيرة الخضر والأنهار والبساتين، وأبو عمر هذا ممن أكثر عنه المصنف وعول عليه كثيرا في تاريخ مكة، وهو من شرط الفاسي في عقده الثمين، لكني لم أقف عليه عنده، ولا رأيته في أنساب السمعاني، ولا وجدته في غيرهما مما لدي من المصادر. قوله: «محمد بن نافع الخزاعي» : ابن أخي إسحاق بن أحمد الآتي، روى عن عمه تاريخ الأزرقي، قال التقي الفاسي في تاريخ مكة: له عليه حاشيتان يتعلقان بدار الندوة، وزيادة باب إبراهيم، رواه عنه الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس، قال: وله تآليف في فضائل الكعبة، وكان حيا سنة خمسين وثلاثمائة. اه. وتعرض لذكره ياقوت في معجم البلدان أثناء ترجمته لأبي عثمان بن محمد البلدي- في مادة: البلدة- وقال: لقي أبا بكر محمد بن الحسين الآجري وقرأ عليه جملة من تآليفه، ولقي أبا الحسن محمد بن نافع الخزاعي وقرأ عليه فضائل الكعبة من تأليفه. اه. العقد الثمين [2/ 378] ، معجم البلدان [1/ 483] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد، ثنا أبو الوليد الأزرقي قال: قوله: «ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد» : الإمام المقرئ الحافظ المجود شيخ الحرم، ومحدث مكة أبو محمد الخزاعي. قرأ القرآن عن البزي، وعبد الوهاب بن فليح، وحدث عن ابن أبي عمر، وأبي الوليد الأزرقي صاحب تاريخ مكة، قال الحافظ الذهبي: كان ثقة متقنا، ذكر أنه تلا على ابن فليح مئة وعشرين ختمة، وله مصنفات في القراءات، قرأ عليه ابن شنبوذ والمطوعي وغيرهما، وتوفي سنة ثمان وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [4/ 289] ، معرفة القراء الكبار [1/ 184] ، الوافي بالوفيات [8/ 403] ، العقد الثمين [3/ 290] ، غاية النهاية [1/ 156] ، البداية والنهاية [11/ 131] ، تاريخ الإسلام [وفيات 308، ص: 229] ، العبر [2/ 136] ، الشذرات [2/ 252] . قوله: «ثنا أبو الوليد الأزرقي» : هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة الغساني، الإمام الحافظ مؤرخ مكة، روى فيه عن جده، وروى عن ابن أبي عمر العدني وجماعة، وذكر النووي في تهذيب الأسماء أنه روى عن الشافعي، فوهمه بذلك الفاسي في تاريخ مكة وقال: إنما نشأ وهمه من أمرين: أحدهما: أن الذين صنفوا في طبقات الشافعية لم يذكروا في أصحاب الشافعي إلا أحمد بن محمد جد أبي الوليد هذا. الثاني: أن جده يكنى أيضا بأبي الوليد فظنه النووي أنه هو، قال: ولو أن أبا الوليد- يعني الحفيد- روى عن الشافعي لأخرج عنه في تاريخه؛ لما له من الجلالة والعظمة، كما أخرج عن ابن أبي عمر، وجده، وإبراهيم بن محمد الشافعي ابن عم الإمام الشافعي. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، - قال: وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكلام النووي فإنه ممن يعتمد عليه وهذا مما لا ريب فيه. العقد الثمين [2/ 49- 50] ، الأنساب [1/ 122] ، تهذيب الأسماء اللغات [3/ 150] . قوله: «حدثني جدي» : هو الإمام الحافظ الثقة: أبو الوليد- وأبو محمد الأزرقي- أحمد بن محمد ابن عقبة بن الأزرق الغساني، جد صاحب تاريخ مكة، وأحد شيوخ البخاري في الصحيح، وثقه الجمهور. تهذيب الكمال [1/ 480] ، تهذيب التهذيب [1/ 68] ، الكاشف [1/ 27] ، إكمال مغلطاي [1/ 140] ، العقد الثمين [3/ 177] ، التعديل والتجريح [1/ 318] . قوله: «عن سعيد بن سالم» : هو القداح، أبو عثمان المكي، من رجال أبي داود والنسائي، صدوق، حسن الحديث، قال غير واحد: ليس به بأس، يقال: كان مرجئا. تهذيب الكمال [10/ 454] ، تهذيب التهذيب [4/ 31] ، الكاشف [1/ 286] . قوله: «عن عثمان بن ساج» : هو عثمان بن عمرو بن ساج، ينسب إلى جده، وكنيته: أبو ساج القرشي، الجزري، مولى بني أمية، من رجال النسائي، قال الذهبي في الميزان: مقارب الحديث، وقال الحافظ في التقريب: فيه ضعف. تهذيب الكمال [19/ 467] ، تهذيب التهذيب [7/ 131] ، الكاشف [2/ 23] ، الميزان [3/ 446] ، التقريب [/ 386] الترجمة رقم 4506. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 عن محمد بن إسحاق، قال: سار تبّع الأول إلى الكعبة وأراد هدمها، قوله: «عن محمد بن إسحاق» : ابن يسار، الإمام الحافظ الإخباري الصدوق أبو بكر القرشي المطلبي، مولى قيس ابن مخرمة، رأى أنس بن مالك، وروى عن بعض من التابعين، وكان صاحب علم وحديث، يشهد له بذلك كتبه في السير والمغازي، ويكفيه فخرا قول الشافعي رحمه الله: من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق. ثم اختلف أهل العلم بالحديث في الاحتجاج به مع عدم استغنائهم عن حديثه، والحق أنه صدوق، حديثه لا ينزل عن الحسن لولا ما اشتهر به من التدليس، فإذا ما صرح بالتحديث فهو قوي، والمتشددون لا يرفعونه إلى الحجة، قال الذهبي في الكاشف: من بحور العلم، وله غرائب تستنكر في سعة ما روى، واختلف في الاحتجاج به، وحديثه حسن، وقد صححه جماعة. اه، وانظر: تهذيب الكمال [24/ 405] ، سير أعلام النبلاء [7/ 33] ، الثقات لابن حبان [7/ 380] ، طبقات ابن سعد [7/ 321] ، الكامل لابن عدي [6/ 2116] ، الميزان [4/ 388] ، تهذيب التهذيب [9/ 34] ، الكاشف [3/ 18] ، التقريب [/ 467] الترجمة رقم 5725. قوله: «سار تبّع الأول» : الخبر في تاريخ أبي الوليد بسياق مختلف عن سياق المصنف هنا. وقد اختلف في اسمه وتعينه فقيل: تبّع لقب للملك الأكبر بلغة أهل اليمن، ككسرى بالفارسية، وقيصر بالرومية، والنجاشي بلغة الحبشة، وهو: حسان ابن تبّع بن أسعد بن كرب الحميري، وقيل: هو تبّع بن حسان بن ملكي كرب- أو كليكرب- بن تبّع بن الأقرن، قال ابن قتيبة في المعارف: وهو تبّع الأصغر، آخر التبابعة، قال: ويقول قوم: إنه تبّع الأوسط، وهو أول من كسا البيت، وقد قيل: إن تبّع الأوسط أسعد أبو كرب هو الذي كسا البيت الأقطاع، وهو الذي آمن بمحمد، فالله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وكان من الخمسة الذين كانت لهم الدنيا بأسرها، وكان له وزراء، فاختار واحدا وأخرجه معه، وكان يسمى عماريسا لينظر إلى مملكته، وخرج في مائة ألف وثلاثة وثلاثين ألفا من الفرسان، ومائة ألف وثلاثة عشر ألفا من الرجالة، وكان يدخل في كل بلدة، وكانوا يعظمونه، وكان يختار من كل بلدة عشرة أنفس من حكمائها، حتى جاء إلى مكة، وكان معه أربعة آلاف رجل من العلماء والحكماء الذين اختارهم من بلدان مختلفة، فلم يتحرك أهل مكة ولم يعظموه، فغضب عليهم، ودعا عماريسا، وقال له: كيف شأن أهل هذه البلد الذين لم يهابوني ولم يهابوا عسكري، كيف شأنهم وأثرهم؟ فقال الوزير: أيها الملك إنهم قوم عربيون جاهلون لا يعرفون شيئا، وإن لهم بيتا يقال له كعبة، وإنهم معجبون بها، ويسجدون للطاغوت والأصنام دون الله، قال الملك: إنهم معجبون بهذا البيت؟ قال: نعم. فنزل ببطحاء مكة مع عسكره، وتفكر في نفسه دون الوزير ودون الناس وعزم أن يأمر بهدم هذا البيت، وأن الذي يسمى كعبة يسمى خربة، وأن يقتل رجالهم ويسبي نساءهم وذراريهم، فأخذه الله بالصداع وفتح من عينيه وأذنيه وأنفه وفمه ماء منتنا، فلم يصبر أحد عنده طرفة عين من نتن الريح، فاستيقظ لذلك، وقال لوزيره: اجمع العلماء والأطباء، وشاورهم في أمري، فاجتمع الأطباء عنده، فلم يصبر أحد عنده طرفة عين من نتن الريح، ولم يمكنهم مداواته، فقال: قد جمعت الحكماء من بلدان مختلفة، ووقعت لي هذه العلة ولم يقم أحد في مداواتي؟! فقالوا بأجمعهم: إنا قوم أمرنا الدنيا، وهذا أمر سماوي، لا نستطيع رد أمر السماء. قوله: «رد أمر السماء» : كذا في رواية ابن عساكر، وفي الأصول: ردا من السماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 واشتد الأمر على الملك، فتفرق الناس، وأمره كل ساعة كان يشتد، حتى أقبل الليل. وجاء أحد العلماء إلى وزيره وقال: إن بيني وبينك سرّا، وهو: إن كان الملك يصدق لي في كلامه وما نواه: عالجته، فاستبشر الوزير بذلك، وأخذ بيده وحمله إلى الملك، وقال للملك: إن رجلا من العلماء ذكر: إن صدق الملك له ما نواه في قلبه ولم يكتمه شيئا منه عالجته، فاستبشر الملك بذلك، وأذن له بالدخول عليه، فدخل فقال: بيني وبينك سرّا أريد الخلوة، فخلا به، فقال له: هل نويت في هذا البيت أمرا؟ قال: نعم، قد نويت أن أخرب هذا البيت، وأقتل رجاله. فقال: إن وجعك وبلاءك من هذا، اعلم أن صاحب هذا البيت قوي يعلم الأسرار، فأخرج من قبلك جميع ما هممت به من أذى هذا البيت، ولك خير الدنيا والآخرة. قال الملك: أفعل، قد أخرجت جميع المكروهات من قلبي، ونويت جميع الخيرات والمعروفات. قال: فلم يخرج العالم من عنده حتى برأ من العلّة، وعافاه الله جل جلاله بقدرته، فآمن بالله من ساعته، وخرج من منزله صحيحا على دين إبراهيم عليه السّلام، وخلع على الكعبة سبعة أثواب، وهو أول من كسا البيت، ودعا أهل مملكته، وأمرهم بحفظ الكعبة، وخرج هو إلى يثرب، ويثرب بقعة فيها عين من ماء، ليس فيها بناء ولا نبت ولا أحد، فنزل على رأس العين مع عسكره، فجمع العلماء والحكماء الذين كانوا معه من الذين اختارهم من بلدان مختلفة ورئيس العلماء العالم الناصح الشفيق لدين الله الذي أعلم الملك بشأن الكعبة، وأخرج الملك من بلائه بحسن نيته في شأن الكعبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 ثم إنهم اجتمعوا وتشاوروا، فاعتزل من بين أربعة آلاف أربعمائة- منهم صاحبه- أنهم لا يخرجون من ذلك المقام وإن ضربهم الملك وقتلهم وقرضهم وحرقهم، وجاءوا بجملتهم، ووقفوا بباب الملك وقالوا: إنا خرجنا من بلداننا، وطفنا مع الملك زمانا وجئنا هذا المقام إلى أن نموت فيه، فإنا قد عقدنا أن لا نخرج من هذا المقام وإن قتلنا وحرقنا. فقال الملك للوزير: انظر ما شأنهم، يمتنعون عن الخروج معي وأنا أحتاج إليهم ولا أستغني عنهم، وأي حكمة في نزولهم في هذا المقام واختيارهم ذلك؟ فخرج الوزير وجمعهم، وذكر لهم قول الملك، فقالوا للوزير مثل ما قالوا للملك، فقال الوزير: فما الحكمة في ذلك؟ قالوا: اعلم أيها الوزير أن شرف هذا البيت وشرف هذه البلدة بسبب شرف الرجل الذي يخرج يقال له: محمد، إمام الحق، صاحب القضيب والناقة، صاحب التاج والهراوة، صاحب القرآن والقبلة، صاحب اللواء والمنبر، صاحب قول لا إله إلا الله، مولده بمكة، وهجرته إلى ههنا، فطوبى لمن أدركه، وآمن به، وكنا على رجاء أن ندركه أو يدركه أولادنا. فلما سمع الوزير مقالتهم همّ أن يقيم معهم، فلما جاء وقت الرحيل أمر الملك أن يرتحلوا، فقالوا بأجمعهم: لا نرتحل، وقد أخبرنا الوزير بحكمة مقامنا ههنا، فدعا الملك الوزير وقال له: لم لم تخبرني بمقالة القوم؟ فقال: قد عزمت على المقام معهم وخفت ألا تدعني، واعلم أنهم لا يخرجون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 فلما سمع الملك منه تفكر أن يقيم معهم سنة رجاء أن يدرك محمدا صلى الله عليه وسلم، وأمر الملك أن يبنوا أربع مائة دار، لكل واحد من أولئك العلماء دارا، واشترى لكل واحد منهم جارية، وأعتقها، وزوجها منه، وأعطى كل واحد منهم عطاء جزيلا، وأمرهم أن يقيموا في ذلك الموضع إلى وقت محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب كتابا وختمه بالذهب، ودفع الكتاب إلى العالم الذي نصحه في شأن الكعبة، وأمره أن يدفع الكتاب إلى محمد صلى الله عليه وسلم إن أدركه، وإن لم يدركه دفعه إلى أولاده، ويوصي لهم بمثل ذلك، وكذلك إلى أولاد أولاده أبدا ما تناسلوا حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان في الكتاب: أما بعد، يا محمد- صلى الله عليك- إني آمنت بك، وبكتابك قوله: «إني آمنت بك» : أخرج أبو نعيم في الدلائل- فيما ذكره السيوطي في الدر المنثور- عن عبد الله بن سلام قال: لم يمت تبّع حتى صدّق بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لما كان يهود يثرب يخبرونه. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 158- 159] ، ومن طريقه ابن عساكر [11/ 14] بإسناد فيه الواقدي من حديث ابن عباس، عن أبيّ بن كعب قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بقناة فبعث إلى أحبار اليهود فقال: إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب، فقال له سامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده بمكة، اسمه أحمد، وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذي أنت فيه يكون به من القتلى والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عددهم، قال تبع: ومن يقاتلهم يومئذ وهو نبي كما تزعم؟ قال: يسير إليه قوم فيقتتلون ههنا، قال: فأين قبره؟ قال: بهذه البلد، قال: فإذا قوتل لمن تكون الدبرة؟ قال: تكون عليه مرة، وله مرة، وبهذا المكان- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الذي أنزل الله عليك، وأنا على دينك وسنتك، وآمنت بربك ورب كل شيء، وبكل ما جاء من ربك من شرائع الإيمان والإسلام، وأنا قبلت ذلك، فإن أدركتك فبها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني فإني من أمتك الأولين، وبايعتك قبل مجيئك، وقبل إرسال الله إياك، وأنا على ملتك وملة إبراهيم أبيك خليل الله- صلى الله عليه وسلم-، وختم الكتاب بالذهب، ونقش عليه: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ، وكتب على عنوان الكتاب: إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين، ورسول رب العالمين صلوات الله عليه، من تبّع الأول حمير بن وردع أمانة الله في يد من وقع إليه أن يوصله إلى صاحبه. - الذي أنت عليه يكون عليه، ويقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم يقتلوا في موطن، ثم تكون العاقبة له، ويظهر فلا ينازعه هذا الأمر أحد، قال: وما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يركب البعير، ويلبس الشملة، سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى: أخ أو ابن عم أو عم حتى يظهر أمره، قال تبع: ما إلى هذه البلد من سبيل، وما كان ليكون أن خرابها على يدي، فخرج منصرفا إلى اليمن. وأخرج ابن عساكر في تاريخه [11/ 18] من حديث عباد بن زياد المري عمن أدرك قال: أقبل تبع يفتتح المدائن ويقاتل العرب حتى نزل المدينة وأهلها يومئذ يهود، فظهر على أهلها وجمع أحبار اليهود فأخبروه أنه سيخرج نبي مكة، يكون قراره بها، اسمه أحمد، وأخبروه أنه لا يدركه، فقال تبع للأوس والخزرج: أقيموا بهذه البلدة فإن خرج فيكم فوازروه، وصدقوه، وإن لم يخرج فأوصوا بذلك أولادكم، وأنشد يقول: حدثت أن رسول المليك ... يخرج حقا بأرض الحرم ولو مد دهري إلى دهره ... لكنت وزيرا له وابن عم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ودفع الكتاب إلى الرجل العالم الذي نصح له في شأن الكعبة، وأمره أن يحفظه. وخرج تبع من يثرب- ويثرب هذه هي الموضع الذي نزل فيه العلماء، وهي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم-، وخرج تبع وسار حتى مات بغلسان- بلد من بلدان الهند-، ومن اليوم الذي مات فيه تبع إلى اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سنة، لا زيادة فيها ولا نقصان. ثم إن أهل المدينة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد أولئك العلماء الأربع مائة الذين سكنوا دور تبّع الأول إلى بعث محمد صلى الله عليه وسلم. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا بخروجه استشاروا في إيصال الكتاب إليه فأشار عليهم عبد الرحمن بن عوف أن اختاروا رجلا ثقة، فاختاروا رجلا يقال له: أبو ليلى- وكان من الأنصار- ودفعوا إليه الكتاب، وخرج من المدينة على طريق مكة فوجد محمدا صلى الله عليه وسلم في قبيلة بني سليم فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال: أنت أبو ليلى؟ قال: نعم، قال: ومعك كتاب تبّع الأول؟ فبقي الرجل متفكرا، وذكر في نفسه: إن هذا من العجائب، ولم يعرفه، فقال: من أنت فإني لست أعرف في وجهك أثر السحر؟ وتوهم أنه ساحر، فقال: لا، بل أنا محمد رسول الله، هات الكتاب، ففتح الرجل رحله- وكان يخفي الكتاب- فأخرجه ودفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفعه إلى علي بن أبي طالب قوله: «لا زيادة فيها ولا نقصان» : وقيل: سبعمائة سنة، حكاه الماوردي في الأعلام [/ 230] عن ابن قتيبة. قوله: «فدفعه إلى علي بن أبي طالب» : كذا في الأصول عندنا. وفي رواية ابن عساكر- وهي من طريق المصنف-: فقرأه أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحتمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 فقرأه عليه، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام تبّع قال: مرحبا بالأخ الصالح- ثلاث مرات-، وأمر أبا ليلى بالرجوع إلى المدينة، فرجع وبشر القوم، فأعطاه كل واحد منهم عطاء على تلك البشارة. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أهل القبائل أن ينزل عليهم، وتعلقوا بناقته، فقال: دعوها فإنها مأمورة، حتى جاءت إلى دار أبي أيوب فبركت، قوله: «مرحبا بالأخ الصالح» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 340]- واللفظ له-، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3289] رقم 18554، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 250] رقم 6013 من حديث سهل بن سعد مرفوعا: لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 196] من حديث عكرمة عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن عساكر في تاريخه [11/ 6] من حديث عكرمة قال: سمعت ابن عباس يقول: لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في التفسير من المصنف [2/ 209] من حديث وهب بن منبه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن سب أسعد- وهو تبع-، قلنا: يا أبا عبد الله وما كان أسعد؟ قال: كان على دين إبراهيم عليه السّلام، وكان إبراهيم يصلي كل يوم صلاة ولم تكن شريعة. وأخرج من حديث قتادة عن عائشة قالت: كان تبع رجلا صالحا، قال كعب: ذم الله قومه ولم يذمه. قوله: «دعوها فإنها مأمورة» : أخرج سعيد بن منصور في سننه برقم 2978، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 509] ، والطبراني في الأوسط [4/ 330] رقم 3568، من حديث ابن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فاستناخت به راحلته بين دار جعفر بن محمد بن علي ودار الحسن بن زيد، وأتاه الناس فقالوا: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب، وأبو أيوب كان من أولاد العالم الناصح لتبع في شأن الكعبة، فكانوا ينتظرونه، وهم من أولاد العلماء- يا رسول الله، المنزل؟! فانبعثت به راحلته، فقال: «دعوها فإنها مأمورة» ، ثم خرجت به حتى جاءت به موضع المنبر فاستناخت به، ثم تحلحلت، ولنا خصّ ثمّ عريش، فأتوا يرشونه ويعمرونه ويتبردون فيه حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن راحلته، فأوى إلى الظل فنزل فيه، فأتاه أبو أيوب فقال: يا رسول الله منزلي أقرب المنازل إليك فانقل رحلك إليّ. قال: نعم، فذهب برحله إلى المنزل، ثم أتاه رجل آخر فقال: يا رسول الله انزل عليّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل مع رحله حيث كان، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش اثنتي عشرة ليلة حتى بني المسجد. قال الطبراني: تفرد به سعيد بن منصور. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 63] : فيه صديق بن موسى، قال الذهبي: ليس بحجة. قلت: وأخرج البيهقي في الدلائل [2/ 508] من حديث إبراهيم بن صرمة، ثنا يحيى بن سعيد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما دخل جاءت الأنصار برجالها ونسائها، فقالوا: إلينا يا رسول الله، فقال: دعوا الناقة فإنها مأمورة، فبركت على باب أبي أيوب، وخرجت جوار بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن: نحن جوار بني النجار ... يا حبذا محمدا من جار ... الحديث. وأخرج ابن عدي في الكامل [2/ 591- 592] ، ومن طريقه ابن عساكر [16/ 43] من حديث ابن عمر قال: قال أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل المدينة راشدا مهديا. قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج الناس ينظرون إلى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما مر على قوم قالوا: يا رسول الله هاهنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها مأمورة- يعني ناقته-، حتى بركت على باب أبي أيوب. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الذين سكنوا يثرب في دور تبع التي بنى لهم، والدار التي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها هي الدار التي بنى تبّع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. - في إسناده جسر بن فرقد وهو ضعيف، وفي الذي قبله إبراهيم بن صرمة، وسيأتي مزيد تخريج له عند حديث الهجرة وقدومه صلى الله عليه وسلم المدينة. قوله: «التي بنى تبّع لرسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه من طريق المصنف: ابن عساكر في تاريخه [11/ 10] بإسناده إلى أبي الحسن علي بن الحسن القرشي، ثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الغازي النيسابوري، أنا الأستاذ أبو سعيد- كذا وصوابه: أبو سعد- عبد الملك ابن أبي عثمان الواعظ به. وأخرج ابن إسحاق في سيرته [/ 52- 53] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [11/ 14] ، في قصة مسير تبّع قال: ثم إن تبّعا أقبل من مسيره الذي كان سار يجول الأرض فيه حتى نزل على المدينة فنزل بوادي قناة، فحفر فيها بئرا فهي اليوم تدعى بئر الملك، قال: وبالمدينة إذ ذاك يهود والأوس والخزرج، فنصبوا له فقاتلوه بالنهار، فإذا أمسى أرسلوا إليه بالضيافة وإلى أصحابه، فلما فعلوا به ليال، استحيا، فأرسل إليهم يريد صلحهم، فخرج إليه رجل من الأوس يقال له: أحيحة بن الجلاح بن حريش بن جحجبا بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس، وخرج إليه من يهود بنيامين القرظي، فقال له أحيحة: أيها الملك نحن قومك، وقال بنيامين: أيها الملك هذه بلدة لا تقدر على أن تدخلها لو جهدت بجميع جهدك، فقال: ولم؟ قال: لأنها منزل نبي من الأنبياء يبعثه الله من قريش. وجاء تبّعا مخبر خبّره عن اليمن أنه بعث عليها نار تحرق كلّ ما مرت به، فخرج سريعا وخرج معه نفر من اليهود فيهم بنيامين وغيره وهو يقول: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ......... - إني نذرت يمينا غير ذي خلف ... ألا أجوز وبالحجاز مخلّد حتى أتاني من قريظة عالم ... حبر لعمرك في اليهود مسوّد ألقى إليّ نصيحة كي أزدجر ... عن قرية محجورة بمحمد ولقد تركت بها رجالا وضعا ... للنصر ينتظرون نور المهتدي قال: ثم خرج يسير حتى إذا كان بالدف من جمدان من مكة على ليلتين أتاه ناس من هذيل بن مدركة وتلك منازلهم فقالوا: أيها الملك ألا ندلك على بيت مملوء ذهبا وياقوتا وزبرجدا تصيبه وتعطينا منه؟ قال: بلى، فقالوا: هو بيت بمكة، فراح تبّع وهو مجمع لهدم البيت، فبعث الله عليه ريحا فقعت يديه ورجليه، وشجت جسده، فأرسل إلى من كان معه من يهود فقال: ويحكم ما هذا الذي أصابني؟ قالوا: أحدثت شيئا؟ قال: وما أحدث؟ فقالوا: حدثت نفسك بشيء؟ فقال: نعم، جاءني نفر من أهل هذا المنزل الذي رحنا منه، فدلوني على بيت مملوء ذهبا وياقوتا وزبرجدا ودعوني إلى تخريبه وإصابة ما فيه على أن أعطيهم منه شيئا فنويت لهم بذلك، فبرحت وأنا مجمع لهدمه، قال النفر الذين كانوا معه من يهود: ذلك بيت الله الحرام ومن أراده هلك، قال: ويحكم فما المخرج مما دخلت فيه؟ قالوا: تحدّث نفسك أن تطوف به كما يصنع به أهله، وتكسوه وتهدي له، فحدّث نفسه بذلك، فأطلقه. وقال في شعره: بالدف من جمدان فوز مصعد ... حتى أتاني من هذيل أعبد ذكروا لي البيت وقالوا كنزه ... در وياقوت وفيه زبرجد فأردت أمرا حال ربي دونه ... والرب يدفع عن خراب المسجد قال: ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت سبعا، وسعى بين الصفا والمروة، فأري في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف، وكان أول من كساه، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل- وصائل اليمن- وأقام بمكة ستة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ......... - أيام فيما ذكر لي ينحر بها للناس ويطعم من كان من أهلها ويسقيهم العسل، قال: فكان تبّع فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى به ولاته من جرهم، وأمرهم بتطهيره، وأن لا يقربوه ميتة ولا دما ولا مثلاثا- وهي المحائض- وجعل له بابا ومفتاحا، وقال تبّع في الشعر: ونحرنا في الشعب ستة آلاف ... ترى الناس نحوهن ورودا وكسونا البيت الذي حرم ... الله [ملاء] معضدا وبرودا وأقمنا به من الشهر ستا ... فجعلنا لنا به إقليدا وأمرنا للجرهميين خيرا ... حين كانوا لحافتيه سهودا ثم سرنا نوم قصد سهيل ... قد رفعنا لواءنا معقودا قال: فلما أرادوا الشخوص إلى اليمن أراد أن يخرج الركن فخرج به معه، فاجتمعت قريش إلى خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ فقالوا: ما دخل علينا يا خويلد أن ذهب هذا بحجرنا؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: تبّع يريد أن يأخذ حجرنا يحمله إلى أرضه، فقام خويلد، ثم أخذ السيف وخرج وخرجت معه قريش بسيوفهم حتى أتوا تبّعا فقالوا له، ماذا تريد يا تبّع إلى الركن؟ فقال: أردت أن أخرج به إلى قومي، فقالت قريش: الموت أقرب من ذلك، ثم خرجوا حتى أتوا الركن، فقاموا عنده فحالوا بينه وبين ما أراد من ذلك، وقال خويلد في ذلك شعرا: دعيني أم عمرو ولا تلومي ... ومهلا عاذلي لا تعذليني دعيني لأخذت الخسف منهم ... وبيت الله حين يقتلوني فما عذري وهذا السيف عندي ... وعضب نال قائمة يميني ولكن لم أجد عنها محيدا ... وإني زاهق ما أزهقوني قال: ثم خرج متوجها إلى اليمن بمن معه من جنود حتى إذ قدمها وكان لأهل اليمن مدينتين يقال لأحدهما مأرب وللأخرى ظفار، وكان منزل الملك في مأرب مبني بصفائح الذهب وكان منزله في ظفار مبني في الرخام، فكان إذا- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ......... - شتا شتى في مأرب وإذا صاف صاف في ظفار. وكانت مأرب بها نشوء أبناء الملوك ويتعلمون بها الكلام، وكان ابن الحميري إذا بلغ قال: أرسلوا به إلى مأرب ليتعلم فيها المنطق، وكان في ظفار أسطوان من البلد الحرام مكتوب في أعلاها بكتاب من الكتاب الأول: لمن الملك ظفار لحمير الأخيار، لمن الملك ظفار لفارس الأحرار، لمن الملك ظفار لقريش التجار. فلما قدمها تبّع نشرت التوراة اليهود، وجعلوا يدعون الله على النار حتى أطفأها الله، وكان لأهل اليمن شيطان يعبدونه قد بنوا له بيتا من ذهب وجعلوا بين يديه حياضا وكانوا يذبحون له فيها، فيخرج فيصيب من ذلك الدم ويكلمهم ويسألونه وكانوا يعبدونه. فلما أن أطفأت اليهود النار قالوا لتبّع: إن ديننا هذا الذي نحن عليه خير من دينك، فلو أنك تابعتنا على ديننا فقد رأيت أن إلهك هذا لم يغن عنك شيئا ولا عن قومك عند الذي نزل بكم، فقال تبّع: فكيف نصنع به ونحن نرى منه ما ترون من الأعاجيب؟ فقالوا: أرأيت إن أخرجناه عنك أتتبعنا على ديننا؟ قال: نعم، فجاءوا إلى باب ذلك البيت فجلسوا عليه بتوراتهم ثم جعلوا يذكرون اسم الله، فلما سمع بذلك الشيطان لم يثبت وخرج جهارا حتى وقع في البحر، وهم ينظرون، وأمر تبّع بيته ذلك الذي كان فيه فهدم، وتهوّد بعض ملوك حمير، ويزعم بعض الناس أن تبعا كان قد تهوّد. قال: ولما فعل تبّع ما فعل غضبت ملوك حمير وقالوا: أما كان يرضى أن يطيل غزونا ويبعدنا في المسير من أهلنا حتى طعن علينا أيضا في ديننا وعاب آباءنا؟ فاجتمعوا على أن يقتلوه ويستخلفوا أخاه من بعده. وأخرج قصة تبّع أيضا من طريق ابن إسحاق: ابن جرير في تاريخه [2/ 105- 109- 110] وفي السياق اختلاف في اللفظ. وأخرجها باختلاف أيضا أبو الوليد في تاريخ مكة [1/ 132- 134] ، وابن عساكر [11/ 10- 18] من طرق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 [2- فصل: ذكر حديث نمرود، وسبب هلاكه] 2- فصل: ذكر حديث نمرود، وسبب هلاكه 2- وهو أن نمرود حاج إبراهيم في ربه، إذ قال له إبراهيم: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ الآية. قوله: «حديث نمرود» : أخرج قصته بسياق آخر: الحافظ عبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [1/ 105- 106] ، ومن طريقه ابن جرير في تفسيره [3/ 25- 26] ، وابن أبي حاتم [2/ 499] رقم 2638، عن زيد بن أسلم: أن أول جبار كان في الأرض نمرود، وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم عليه السّلام يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال: من ربكم؟ قالوا له: أنت، حتى مر به إبراهيم فقال: من ربك؟ قال: الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر؛ فرده بغير طعام، فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب من رمل أعفر فقال: ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم؟ فأخذ منه فأتى أهله، فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هو بأجود طعام رآه أحد، فصنعت له منه فقربته إليه، وكان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام فقال: من أين هذا؟ قالت: من الطعام الذي جئت به، فعرف أن الله رزقه فحمد الله. ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأنا أتركك على ملكك، فهل رب غيري؟ فأبى، فجاءه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه، ثم أتاه الثالثة فأبى عليه، فقال له الملك: فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام، فجمع الجبار- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وهو نمرود، وعرف أن ذلك ليس بيده ولا في ملكه، سأل إبراهيم أن يستأذن ربه، ويسأله محاربة نمرود ربه، فقال إبراهيم عليه السّلام: يا رب أنت أعلم بما قال هذا الكافر، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن قل: استعد للمحاربة، فحشر نمرود جنوده فجمع في صعيد أربعمائة فرسخ في أربعمائة فرسخ، ثم قال لإبراهيم: قل لربك حتى يبرز إلينا، فقال إبراهيم عليه السّلام: أي رب أنت أعلم بما يقول هذا الكافر، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى إبراهيم أني أرسل إليك روح محمد صلى الله عليه وسلم مبارزا، - جموعه، فأمر الله الملك ففتح عليه بابا من البعوض، فطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها، فبعثها الله عليهم فأكلت شحومهم وشربت دماءهم، فلم يبق إلا العظام، والملك كما هو لم يصبه من ذلك شيء، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه، وكان جبارا أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ثم أماته الله، وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء فأتى الله بنيانه من القواعد. وأخرجه أبو الشيخ في العظمة [/ 358] رقم 997 من حديث ابن وهب عن ابن زيد قال: بعث الله تبارك وتعالى جبريل عليه السّلام إلى نمرود، فقال له: إن ربك يأمرك أن تعبده، ولا تشرك به شيئا، فقال: ابرز أنت وصاحبك إن كنت صادقا، قال له: موعدك بالغداة، فقال: من أين تأتي جموعكم؟ قال: من نحو المشرق، قال: فذهب يجمع، وكان إذا جمع فلم يسل الوادي من أبوال دوابهم غضب ورجع، فجمع جمعا لم يجمع مثله، فأتاه جبريل عليه السّلام فقال له: إن جموع ربك قد أتت، قال: فأوحى الله عزّ وجلّ إلى خازن البعوض: أن افتح منه بابا، فخرج منه مثل السحاب، فأوحى الله عزّ وجلّ إليهم أن: كلوهم ودوابهم ولا تقربوه، احتبسوه، قال: فاحتبست الشمس أن تطلع ساعة، فقال: ما للشمس لا تطلع؟ فقال: حال بينك وبينها جنده- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ثم أوحى الله عزّ وجلّ إلى السماء السابعة أني أرسل روح محمد صلى الله عليه وسلم لمبارزة نمرود فاتبعوه، فضربوا طبل العظمة بسوط الجلالة وشخصوا بالتكبير والتهليل والتقديس، ثم أوحى كذلك إلى كل سماء، ثم أوحى إلى الأرضين كذلك، ثم أوحى إلى الميزان كلها كذلك، ثم إلى الموات أن اتبعوا روح محمد صلى الله عليه وسلم، فلما دنا من نمرود، كبر، وكبر بتكبيره الملائكة وجميع خلق الله عزّ وجلّ من الحيوان والموات، فلم يبق فارس على ظهر دابته إلا سقط مغشيا إلا نمرود وإبراهيم عليه السّلام بين يديه، فقال نمرود: ما أعظم جند ربك إذ سقط الفرسان من أصواتهم من غير رؤيتهم، فكيف إذا رأوهم؟ فينبغي أن تقول لربك حتى يبرز هو إليّ وحده كي لا يفسد الخلق، فقال إبراهيم عليه السّلام: أي رب أنت أعلم بما يقول هذا- الذين بعثهم إليك، وما بعث إليك إلا أضعف جند هو له، فغشيهم مثل السحاب، فما انجلين إلا عن عظام تلوح منهم ومن دوابهم، قال: فازداد طغيانا إذ لم يمسه ورجع فنام، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى بعوضة أن: اقرصي شفته السفلى، فقرصتها فحكها فطمرت وتورمت، قال: فدعا الأطباء، قالوا: ما لها دواء إلا أن تشقها، فشقها، فسقطت شقة ههنا وشقة ههنا، ثم أوحى الله عزّ وجلّ إليها أن: اقرصي شفته العليا، فقرصتها فطمرت أيضا وتورمت، قال: فدعا الأطباء، فقالوا: ما لها دواء إلا أن تصنع ما صنعت بالشفة السفلى، قال: ففعل ذلك، ثم أوحى الله عزّ وجلّ إليها أن: اقرصي أنفه، فقرصته فطمرت أنفه، فدعا الأطباء فقالوا: ما نعلم لها دواء إلا أن تشقها، قال: فشقها، قال: فصار وجهه ستة شقوق، ونام، فأوحى الله عزّ وجلّ إليها أن: ادخلي، فقعي على دماغه، وكلي حتى يأتيك أمري، قال: ففعلت ذلك، قال: فكان أرحم الناس به الذي يدق فوق رأسه ما استطاع، قال: فعمّره الله تعالى في ذلك أربعمائة سنة مثل ما ملكه أربعمائة سنة، والبعوض في رأسه، وكانت تأكل حتى صارت مثل الفارة العظيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الكافر، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبريل عليه السّلام: أي خلق أضعف مما خلقت؟ فقال: يا رب أنت أعلم، ولكن لا أعلم خلقا أضعف من البعوضة، قال الله عزّ وجلّ: أي موضع مما خلق فيه البعوضة أضعف؟ قال: يا رب أنت أعلم، ولكني لا أعلم من البعوضة أضعف مما في البحر الأخضر، قال الله عزّ وجلّ: وأي بعوضة فيها أضعف؟ قال جبريل عليه السّلام: يا رب أنت أعلم، ولكني لا أعلم من بعوضة أضعف من بعوضة بلست نصف أعضائه. قال الله عزّ وجلّ: يا جبريل ائت بها، قال: فأتى بها جبريل عليه السّلام، فأمر الله تبارك وتعالى البعوضة أن تبرز إلى نمرود، فذهبت، فوقعت على شفته السفلى فلدغته، فأراد نمرود أن يحك شفته العليا فطارت البعوضة في منخره حتى وصلت إلى دماغه، فكانت تأكل دماغه. وكان نمرود لما ابتلي بذلك لم يكن له صبر على أكل الدماغ حتى أمر من هو أعز عليه من حشمه أن يحمل مرزبة ويضرب بها على رأسه حتى مات في ذلك، فشق رأسه بعد ذلك فطارت البعوضة من دماغه وقد صارت مثل عصفور، وبلغني أنه مكثت البعوضة في رأسه أربعين يوما وليلة. قوله: «أن يحك شفته العليا» : هكذا في الأصول، وكأن في السياق اختصارا تقديره: فأراد أن يحك شفته السفلى فلدغته في الشفة العليا، فأراد أن يحك شفته العليا فطارت ... وهذا مستفاد من سياق المصادر التي أخرجت القصة، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 [3- فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة الغسّاني حين أتى مكّة.] 3- فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة الغسّاني حين أتى مكّة. 3- أخبرنا أبو أحمد: الحسين بن علي بن محمد قوله: «سطيح بن ربيعة الغساني» : اسمه: ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن غسان، يقال: كان لا أعضاء له، كان مثل السطيحة يطوى كما يطوى الثوب من رجليه إلى عنقه، وجهه في صدره، إذا غضب انتفخ وجلس، يقال: ورث الكهانة من طريفة بنت الخير الحميرية امرأة عمرو بن عامر، تفلت في فمه وفم صديقه شق، والله أعلم. قال ابن كثير في تاريخه: قال المعافى بن زكرياء الجريري: أخبار سطيح كثيرة قد جمعها غير واحد من أهل العلم، والمشهور أنه كان كاهنا، أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن نعته وعن بعثته. قال ابن كثير: ظاهر عباراته في الحديث تدل على علم واسع جيد لسطيح، فيها روائح التصديق، لكنه لم يدرك الإسلام، وكانت وفاته بأطراف الشام مما يلي أرض العراق، ذكر ابن طرار الجريري أنه عاش سبعمائة سنة، وقال غيره: خمسمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة، وقد روى ابن عساكر أن ملكا سأل سطيحا فقال له: ألا تخبرني عن علمك هذا؟ فقال: إن علمي هذا ليس مني ولا بجزم ولا بظن، ولكن أخذته عن أخ لي قد سمع الوحي بطور سيناء، فقال: أرأيت أخاك هذا الجني أهو معاك لا يفارقك؟ فقال: إنه ليزول حيث أزول، ولا أنطق إلا بما يقول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 ابن يحيى التميمي قراءة عليه في ذي الحجة سنة ستين وثلاث مائة قال: أخبرنا أبو محمد: عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي، 3- قوله: «ابن يحيى التميمي» : هو المشهور بحسينك: الإمام الحجة المعروف بابن منينة، تربى في حجر ابن خزيمة، فكان يعزه ويقدمه على أولاده ويبعثه إلى مجلس السلطان ينوب عنه، قال الخطيب: كان ثقة حجة، وقال الحاكم: هو شيخ العرب في بلدنا، ووصفه الحافظ الذهبي في سيره بالإمام الحافظ القدوة الأنبل. سير أعلام النبلاء [16/ 407] ، تاريخ بغداد [8/ 74] ، المنتظم [14/ 312] ، تذكرة الحفاظ [3/ 968] ، طبقات الشافعية للسبكي [3/ 274] ، طبقات الإسنوي [1/ 419] ، النجوم الزاهرة [4/ 147] ، الشذرات [3/ 84] ، العبر [2/ 368] . قوله: «عبد الرحمن بن أبي حاتم» : الإمام الحافظ المشهور، ابن الإمام العلم المعروف أبي حاتم: محمد بن إدريس الرازي إمام التجريح والتعديل، قال الخليلي: أخذ علم أبيه وأبي زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وكان زاهدا يعد من الأبدال. سير أعلام النبلاء [13/ 263] ، تذكرة الحفاظ [2/ 829] ، طبقات السبكي [3/ 324] ، طبقات المفسرين [1/ 279] ، تاريخ ابن عساكر [35/ 357] ، فوات الوفيات [2/ 287] ، طبقات الحنابلة [2/ 55] . قوله: «يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي» : أبو القاسم الهاشمي مولاهم، أحد ثقات رجال أبي داود والنسائي. تهذيب الكمال [32/ 234] ، تهذيب التهذيب [11/ 313] ، الكاشف- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 ثنا سليمان بن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السّيباني، عن عبد الله بن الديلمي، عن ابن عباس: أن رجلا أتاه-[3/ 249] ، التقريب [/ 604] ، سير أعلام النبلاء [13/ 151] ، تذكرة الحفاظ [2/ 631] . قوله: «ثنا سليمان بن عبد الرحمن» : هو ابن بنت شرحبيل بن مسلم، وهو: سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى، الدمشقي، أخرج له الجماعة سوى مسلم، وهو صدوق لا بأس به. تهذيب الكمال [12/ 26] ، تهذيب التهذيب [4/ 181] ، الكاشف [1/ 317] ، التقريب [/ 253] الترجمة رقم 2588. قوله: «عن إسماعيل بن عياش» : الحمصي، من رجال الأربعة، لا بأس به، حديثه عن أهل بلده مستقيم وهذا منه. تهذيب الكمال [3/ 163] ، تهذيب التهذيب [1/ 280] ، الكاشف [1/ 76] ، التقريب [/ 109] الترجمة رقم 473. قوله: «يحيى بن أبي عمرو السّيباني» : حمصي ثقة، حديثه عند «د» ، «س» ، «ق» ، والبخاري في الأدب المفرد. تهذيب الكمال [31/ 480] ، تهذيب التهذيب [11/ 228] ، الكاشف [3/ 232] ، التقريب [/ 595] الترجمة رقم 7616. قوله: «عبد الله بن الديلمي» : هو ابن فيروز ثقة، من كبار التابعين، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه. تهذيب الكمال [15/ 435] ، تهذيب التهذيب [5/ 313] ، الكاشف [2/ 105] ، التقريب [/ 317] الترجمة رقم 3534. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 فقال: بلغنا أنك تذكر سطيحا، تزعم أن الله لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه! قال: نعم، إن الله خلق سطيح الغساني لحما على وضم- والوضم شرايح من جرائد النخل- وكان يحمل على وضمه فيؤتى به حيث شاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفان، وكان يطوى من رجله إلى ترقوته كما يطوى الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه، فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه فأتي به مكة فخرج إليه أربعة نفر من قريش: عبد شمس، وعبد مناف ابنا قصي، والأحوص ابن فهر، وعقيل بن أبي وقاص، فانتموا إلى غير نسبهم، وقالوا: نحن أناس من جمح، أتيناك لنزورك لما بلغنا قدومك، ورأينا إتياننا إياك حقّا لك واجبا علينا، وأهدى إليه عقيل صفيحة هندية وصعدة ردينية فوضعتا على باب البيت الحرام لينظروا هل يراهما سطيح أم لا. فقال: يا عقيل ناولني يدك، فناوله يده، فقال: يا عقيل والعالم الخفيّة، والغافر الخطيّة، والذّمّة الوفيّة، والكعبة المبنيّة، إنك الجائي بالهديّة، بالصفيحة الهنديّة، والصّعدة الردينيّة. فقالوا: صدقت يا سطيح. فقال: والآتي بالفرح، وقوس قزح، وسائق القرح، واللّطيم المنبطح، والنّخل والرطّب والبلح، إن الغراب حيث مرّ سح، أخبر أن قوله: «على وضمه فيؤتى به» : الوضم: كل شيء يوضع عليه اللحم أو الطعام من خشب أو بارية يوقى به من الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 القوم ليسوا من جمح، وأن نسبهم في قريش ذي البطح. قالوا: صدقت يا سطيح، نحن أهل البلد، أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك، فأخبرنا عما يكون في زماننا، وما يكون من بعده إن يكن عندك في علم. قال: الآن صدقتم، خذوا مني ومن إلهام الله إياي اليوم: يا معشر العرب في زمان الهرم، سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم، ينشؤ من عقبكم دهم، يطلبون أنواع العلم، يكسرون الصنم، يبلغون الروم، يقتلون العجم، يطلبون الغنم. قالوا: يا سطيح ممن يكون أولئك؟ قال لهم: والبيت ذي الأركان، والأمن والسّكان، لينشأون من عقبكم ولدان، يكسرون الأوثان، ويتركون عبادة الشيطان، يوحدون الرحمن، ويستنون دين الدّيان، يشرّفون البنيان، ويسقون العميان. قالوا: يا سطيح فمن نسل من يكون أولئك؟ قال: وأشرف الأشراف، والمحصي الأسراف، والمزعزع الأحقاف، والمضعف الأضعاف، لينشأنّ آلاف، من عبد شمس وعبد مناف، نشوءا يكون فيه اختلاف. قالوا: يا سوءتاه مما تخبر به من العلم بأمرهم، ومن أي بلد يخرج؟ قوله: «ينشأ من عقبكم دهم» : الدهم: الجماعات الكثيرة، وفي رواية أبي نعيم: ذوو فهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد، ليخرجن من خير البلد، نبي مهتد، يهدي إلى الرّشد، يرفض يغوث والفند، يبرأ من عبادة الضد، ويعبد ربّا انفرد، ثم يتوفاه الله محمودا، ومن الأرض مفقودا، وفي السماء مشهودا، ثم يلي أمره الصديق، إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرّب غطريف، ويترك قول الرجل اللّقيف، قد ضاق المضيف، وأحكم التحنيف، ثم يلي أمره دارعا لأمره مجربا، فيجمع له جموعا وعصبا، فيقتلونه نقمة عليه وغضبا، فيؤخذ الشيخ فيذبح إربا، فيقوم له رجال خطباء، ثم يلي أمره الناصر- يعني: معاوية-، يخلط الرأي برأي ماكر، يظهر في الأرض العساكر، ثم يلي أمره من بعده ابنه، يأخذ جمعه، ويقل حمده، ويأخذ المال فيأكل وحده، ويكثر المال لعقبه من بعده، ثم يلي من بعده ملوك، لا شك الدم فيهم مسفوك، ثم يلي أمره من بعده الصعلوك، يطأهم كوطأة الدرنوك، ثم يلي عضوض: أبو جعفر، يقصي الحق، ويدني مضر، ويفتح الأرض افتتاحا منكرا، ثم يلي قصير القامة، بظهره علامة يموت موتة سلامة، ثم يلي قليلا ماكرا، يترك الملك بائرا، ثم يلي أخوه، لسنته سائر، يختص بالأموال والمنابر، ثم يلي من بعده أهوجا، صاحب دنيا ونعيم غنجا، يتأوه معاشره وذووه، ينهضوا إليه ويخلعوه، يأخذوا الملك ويقتلوه، ثم يلي من بعده السابع فيترك الملك مخلى ضائع، يبور في ملكه مشوه جائع، عند ذلك يطمع في الأمر كل غرثان، ويلي أمر الناس اللهفان، يوطن نزار جمع قحطان، إذا التقى بدمشق جمعان، بين بيسان ولبنان، فصنف اليمن يومئذ صنفان، صنف المشوه، وصنف المخذول، لا ترى إلا خبأ مجلولا، ولواء محلولا، وأسيرا مغلولا، بين الفرات والجبول، عند ذلك تخرب المنازل، وتسلب الأرامل، وتسقط الحوامل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وتظهر الزلازل، ويطلب الخلافة وائل، فيغضب نزار ويدني العبيد والأشرار، ويقصي النسّاك والأخيار، يجوع الناس وتغلو الأسعار، وفي صفر الأصفار يقتل كل جبار، يسوق إلى جنادل وأنهار، ذات أسهال وأشجار، يصمد له الأغمار، يهزمهم أول النهار، يظهر لأمره الأخيار، فلا ينفعهم نوم ولا قرار، حتى يدخل مصرا من الأمصار، فيدركه القضاء والأقدار، ثم تجيء الرماة، بزحف مشاة، لقتل الكماة، وأسر الحماة، ومهل الغواة، هنالك يدرك في أعلى المياه، ثم يبور الدين، وتقلب الأمور، وتكفر الزبور، وتقطع الجسور، ولا يفلت من كان في جرائر البحور، ثم تبور الحبوب، وتظهر الأعايب، ليس فيهم معيب، على أهل الفسوق والريب، في زمان عصيب، لو كان للقوم حياء- لو يغني الحياء-. قالوا: ثم ماذا يا سطيح؟ قال: ثم يظهر رجل من اليمن، أبيض كالشطن، يخرج من بين صنعاء وعدن، يسمى حسين أو حسن، يذهب الله على رأسه الفتن. 4- قال أبو محمد: عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: حدثنا محمد الشامي، عن إسماعيل بن عياش. (4) - قوله: «قال أبو محمد» : يعني: بالإسناد السابق إليه. قوله: «سألت أبي» : هو محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، الإمام الحافظ، الثبت الناقد، شيخ المحدثين والمعدلين، قال الذهبي: كان من بحور العلم، طوف البلاد، وبرع في المتن والإسناد، وجمع وصنف، وجرح وعدل، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 قال: فقلنا: من محمد الشامي؟ قال: واليا كان علينا. - وهو من نظراء البخاري ومن طبقته، ولكنه عمّر بعده أزيد من عشرين سنة، يتعذر استقصاء مشايخه. أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي. سير أعلام النبلاء [13/ 247] ، تاريخ بغداد [2/ 73] ، الوافي بالوفيات [2/ 183] ، وطبقات السبكي [2/ 207] ، تهذيب الكمال [24/ 381] ، وتهذيب التهذيب [9/ 28] ، الكاشف [3/ 16] . قوله: «واليا كان علينا» : أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 122] رقم 69 من طريق أحمد بن إبراهيم، ثنا سليمان بن عبد الرحمن به، وعزاه السيوطي في الخصائص أيضا [1/ 83] لابن عساكر- يعني في ترجمة سطيح وهي ساقطة من الأصل، وأوردها ابن منظور في المختصر [8/ 297]-. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 [4- فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة في رؤيا الموبذان وخمود النّيران ليلة مولده صلى الله عليه وسلم] 4- فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة في رؤيا الموبذان وخمود النّيران ليلة مولده صلى الله عليه وسلم 5- أخبرنا أبو أحمد: الحسين بن أحمد بن علي التميمي رحمه الله، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا أبو أيوب: يعلى بن عمران- من ولد جرير بن عبد الله- قال: قوله: «ذكر حديث سطيح بن ربيعة في رؤيا الموبذان» : قال الماوردي في الأعلام: هذا قول كاهن، وقد أبطلته النبوة، فلم يقبل قوله في إثبات النبوة؟ قال: وعنه جوابان: أحدهما: أنه تأويل رؤيا تحققت فخرج بها عن حكم الكهانة، والثاني: أن علمها بنقل الجن- كهتوف سبرت، كما قال تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ الآية، فإذا سبر ما اختلفت طرقه وتغاير وصفه خرج عن القلة إلى التكاثر، وعن الآحاد إلى التواتر، فصار الظن معلوما والتوهم محتوما. (5) - قوله: «ثنا علي بن حرب الموصلي» : الإمام الحافظ الثقة: أبو الحسن الطائي، مسند وقته، وكان شاعرا أديبا عالما بالأخبار وأنساب العرب، وثقه الدارقطني وغيره، والنسائي في سننه. تهذيب الكمال [20/ 361] ، تهذيب التهذيب [7/ 260] ، الكاشف [2/ 244] ، التقريب [/ 399] الترجمة رقم 4701. قوله: «من ولد جرير بن عبد الله» : البجلي، مذكور في ترجمة شيخه مخزوم، ولم أر من أفرده بترجمة، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 حدثني مخزوم بن هانيء المخزومي، عن أبيه- وأتت له مائة وخمسون سنة- قال: لما كان الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف العام- وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك وتصبّر عليه تشجعا، ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن وزرائه ومرازبته حين عيل صبره فجمعهم، ولبس تاجه، وقعد على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا، - وكذا شيخه مخزوم بن هانيء، فأما أبوه هانئ المخزومي فمذكور في الصحابة. قوله: «لما كان الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه من طريق المصنف: الحافظ البيهقي في الدلائل [1/ 126] . ومن طرق أخرجه الخرائطي في هواتف الجنان [/ 179] رقم 16، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 138] رقم 82، وابن جرير في تاريخه [2/ 166] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 147، وأبو سعيد النقاش في الفنون [/ 69] ، والأزهري في تهذيب اللغة [4/ 276] ، وابن السكن في الصحابة- كما في الفتح [6/ 524] وبعضهم يزيد على بعض. وهو في ترجمة سطيح من تاريخ ابن عساكر، لكن سقطت ترجمته فيما سقط من الأصل، وهو في تهذيب ابن منظور [8/ 300] . قال ابن عساكر عقبه: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مخزوم عن أبيه، تفرد به أبو أيوب البجلي. اه ذكره في الخصائص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ألا يخبرنا الملك؟ فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود النار فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم بما هاله، فقال الموبذان: أنا، أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة.. ثم قص عليه رؤياه في الإبل، فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ - وكان أعلمهم في أنفسهم- قال: حدث يكون من ناحية العرب. فكتب كسرى عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر. أما بعد، فوجه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه. قال: فأرسل إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني. فلما قدم عليه قال: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليسألني- أو: يخبرني- الملك عما أحب، فإن كان عندي منه علم أخبرته وإلا دللته على من يعلمه، قال: فأخبره بما رأى فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارق الشام يقال له: سطيح، قال: فاذهب فاسأله وأتني بتأويل ما عنده. فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الضريح، فسلم عليه وحيّاه، فلم يحر جوابا، فأنشأ عبد المسيح يقول: قوله: «إلى النعمان بن المنذر» : تأتي ترجمته في الحديث بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أصمّ أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاد فازلمّ به شأو العنن يا فاصل الخطة أعيت من ومن ... وكاشف الكربة عن وجه غضن أتاك شيخ الحي من آل سنن ... وأمه من آل ذئب بن حجن أزرق بهم الناب صرار الأذن ... أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يسري للوسن قوله: «أصمّ» : بهمزة الاستفهام، والبناء للمفعول. قوله: «أم يسمع غطريف اليمن» : الغطريف: السيد. قوله: «فاد» : أي مات، وفي بعض المصادر فاز. قوله: «فازلم به شأو العنن» : فازلم: ذهب مسرعا. وشأو العنن: اعتراض الموت. قوله: «بهم الناب» : أي حديدة. قوله: «فضفاض الرداء والبدن» : الفضفاض: الواسع، وسعة الرداء والبدن: كناية عن سعة الصدر وكثرة العطاء. قوله: «رسول قيل» : القيل: الملك، وللوسن: يريد الرؤيا التي رآها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 لا يرهب الرعب ولا ريب الزمن ... يجوب في الأرض علندات شجن ترفعني وجنات وتهوي بي وجن ... حتى أتى عالي الجآجي والعطن تلفه الريح وبوغاء الدمن ... كأنما حثحث من حضني ثكن قال: ففتح سطيح عينيه ثم قال: عبد المسيح، على جمل مشيح، قوله: «يجوب في الأرض علندات» : يجوب: يقطع، العلندات: النوق القوية، والشجن: الناقة المتداخلة الخلق، وفي بعض المصادر: «شزن» ، وفسرت بالبعير الذي أعياه الحفا. قوله: «وتهوي بي وجن» : الوجن: الأرض الغليظة الصلبة. قوله: «الجآجي» : جمع جؤجؤ، وهو الصدر، ويطلق أيضا على عظام الصدر، والعطن: ما بين الفخدين. قوله: «وبوغاء الدمن» : البوغاء: التراب الناعم وما تجمّع منه وتلبد، ويقال له: الدمن، ومنه في الأثر: إياكم وخضراء الدمن. قوله: «كأنما حثحث» : أي حث بالإسراع، والحضن: الجنب، وثكن بالتحريك: اسم جبل في الحجاز. قوله: «على جمل مشيح» : أي جار ومسرع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أتى إلى سطيح وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها. يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوكا وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت. ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى رحله وهو يقول: شمّر فإنك ماضي الهمّ شمّير ... لا يفزعنّك تفريق وتغيير إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم ... فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربّما أصبحوا يوما بمنزلة ... تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصّرح بهرام وإخوته ... والهرمزان وشابور وسابور والناس أولاد علّات فمن علموا ... أن قد أقلّ فمحقور ومهجور وهم بنو الأمّ أمّا إن رأوا نشبا ... فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشّرّ مقرونان في قرن ... فالخير متّبع والشّرّ محذور قوله: «ماضي الهم» : في بعض المصادر: ماضي العزم، وفي بعضها الآخر: ماضي الدهر، وعند الأزهري: شمّر فإنك ما عمرت شمير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بقول سطيح، فقال: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور. فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان بن عفان رحمه الله. قوله: «فلما قدم عبد المسيح على كسرى» : قلت: في إسناده مخزوم مجهول، وأبو أيوب البجلي مثله، وأعاد ابن عساكر روايته في ترجمة عبد المسيح من تاريخه [37/ 361] ، فأخرجه من طريق ابن المقرىء، عن علي بن حرب به ثم قال: رواه معروف بن خربوذ، عن بشير بن تيم المكي قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها الرسول ... فذكر نحوه، ومن هذا الوجه أخرجه عبدان في كتاب الصحابة- فيما ذكره السيوطي في الخصائص [1/ 129]- وأورد الحافظ في الإصابة عند ترجمته لهانىء طرفا منه؛ وتعقب ابن الأثير لقوله: وليس في هذا الحديث ما يدل على صحبته فقال: قلت: إذا كان مخزوميا لم يبق من قريش بعد الفتح ممن عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا من شهد حجة الوداع. اه. يعني: فيكون صحابيا بناء على قول ابن السكن وغيره أنه أدرك الجاهلية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 [5- فصل: في ذكر حديث آخر لسطيح وشقّ] 5- فصل: في ذكر حديث آخر لسطيح وشقّ 6- أخبرنا أبو أحمد: الحسين بن علي التميمي رحمه الله، أنا عبد الرحمن ابن أبي حاتم، ثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم، ثنا عبد الرحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل قال: حدثني محمد بن إسحاق، (6) - قوله: «ثنا محمد بن العباس مولى بني هاشم» : المكي، عم الإمام الشافعي، ووالد إبراهيم بن محمد الشافعي، من رجال ابن ماجه، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، وقال الحافظ المزي: عزيز الحديث. تهذيب الكمال [25/ 448] ، تهذيب التهذيب [9/ 220] ، الكاشف [2/ 51] ، التقريب [/ 486] الترجمة رقم 5998. قوله: «ثنا عبد الرحمن بن سلمة» : الرازي، كاتب سلمة بن الفضل الآتي، كنيته: أبو محمد، ترجم له ابن أبي حاتم، وسكت عنه فلم ينقل عن أبيه فيه شيئا، وليس له في الكتب شيء. الجرح والتعديل [5/ 241] . قوله: «ثنا سلمة بن الفضل» : هو الأبرش، الأنصاري مولاهم، الحافظ، أبو عبد الله الأزرق، الرازي، قاضي الري، وعالمها، أخرج له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه في التفسير، روى مغازي ابن إسحاق، له أفراد وغرائب ضعفه بسببها بعض الحفاظ، قال ابن عدي: عنده غرائب وإفرادات، ولم أجد في حديثه حديثا قد جاوز الحد في الإنكار، وأحاديثه متقاربة محتملة، وقال ابن معين: ثقة، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 عن بعض أهل العلم أن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هالته وفظع بها، فلما رآها بعث إلى الحزاة من أهل مملكته، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما إلا رفعه إليه، ثم قال لهم: قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بها وبتأويلها، قالوا له: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها، قال: إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها، إنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها، فلما قال لهم ذلك قال له رجل من القوم الذي جمع لذلك: فإن كان الملك يريدها فليبعث إلى سطيح وشق، فإنه ليس أحد أعلم منهما، فهما يخبرانه بما سأل عنه. - كتبنا عنه، كان كيسا، ومغازيه أتم، ليس في الكتب أتم من كتابه، وضعفه النسائي، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه إنكار، يكتب حديثه ولا يحتج به. تهذيب الكمال [11/ 305] ، تهذيب التهذيب [4/ 135] ، الكاشف [1/ 308] ، الميزان [2/ 382] ، التقريب [/ 248] الترجمة رقم 2505، سير أعلام النبلاء [9/ 49] . قوله: «أن ربيعة بن نصر» : اللخمي، ملك تبّع الأول وهو زيد بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة، ثم ملك اليمن بعد ذلك فكان ملكه فيها فيما بين التبابعة من حمير، رواه الطبري [2/ 111] عن ابن إسحاق، عمن حدثه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وغيره من علماء اليمن. والقصة بطولها في سيرة ابن إسحاق [1/ 16 سيرة ابن هشام] ، ومن طريقه الطبري في تاريخه [2/ 112- 114] ، وابن عساكر في تاريخه- كما في خصائص السيوطي [1/ 87]- ولعلها في ترجمة سطيح وهي ضمن الجزء المفقود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 واسم سطيح: ربيع بن ربيعة بن عدي بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن غسان، وكان يقال لسطيح: الذئبي، نسبة إلى ذئب بن عدي بن مازن. وشق هو: ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن يزيد بن قيس ابن عبقر بن أنمار. فلما قالوا له ذلك بعث إليهما، وقدم عليه سطيح قبل شق، ولم يكن في زمانهما مثلهما، فلما قدم عليه سطيح دعاه فقال له: يا سطيح إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها، قال: أفعل. رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة. قال الملك: ما أخطأت منها شيئا، سطيح، فما عندك في تأويلها؟ قال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش. فقال الملك: وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أم بعده؟ فقال: لا، بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين. قال: فهل يدوم ذلك من ملكهم أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع ليضع وسبعين يمضين من السنين، ثم يقتلون بها أجمعين، ويخرجون منها هاربين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قال الملك: ومن الذي يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: ثلاثة: إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك منهم أحد باليمن. قال: فيدوم ذلك من سلطانه أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع، قال: ومن يقطعه؟ قال: نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي. قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك ابن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر يا سطيح؟ قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون. قال: أحق ما تخبرنا يا سطيح. قال: نعم، والشفق، والغسق، والفلق إذا اتسق، إن ما أنبأتك به الحق. فلما فرغ منه قدم عليه شق، فدعاه فقال له: يا شق إني قد رأيت رؤيا هالتني، وفظعت بها، فأخبرني بها، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها- كما قال لسطيح، وقد كتمه ما قال له سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان-. قال: نعم، رأيت حممة، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا، وأن قولهما قول واحد، إلا أن سطيحا قال: وقعت بأرض بهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة، وقال شق: وقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة. فلما رأى ذلك الملك- من قولهما شيئا واحدا- قال: ما أخطأت يا شق منها شيئا، فما عندك في تأويلها؟ قال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان، فليغلبن على كل طفلة البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران. قال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أم بعده. قال: بل بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان، يذيقهم أشد الهوان. قال: ومن هذا العظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدنيء ولا مدن، يخرج من بيت ذي يزن. قال: فهل يدوم سلطانه؟ أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل، بين أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل. قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم يجزى فيه الولاة، يدعى فيه من السماء دعوات، يسمع منه الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 قال: أحق ما تقول يا شق؟ قال: أي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما نبأتك لحق، وما فيه أمت ولا أمض. فلما فرغ من مسألتهما وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة، فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وكتب لهم إلى الملك من ملوك فارس يقال له: سابور بن خرزاذ فأسكنهم الحيرة. 7- قال ابن إسحاق: فمن بقية ولد ربيعة بن نصر كان النعمان ملك الحيرة وهو النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم. (7) - قوله: «قال ابن إسحاق» : نص عبارته كما في سيرة ابن هشام [1/ 11- 12] : قال ابن إسحاق: وأما قنص ابن معد- يعني بن عدنان- فهلكت بقيتهم فيما يزعم نساب معد، وكان منهم: النعمان بن المنذر ملك الحيرة، قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري: أن النعمان بن المنذر كان من ولد قنص بن معد. قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، عن شيخ من الأنصار من بني زريق أنه حدثه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أتي بسيف النعمان بن المنذر، دعا جبير بن مطعم وكان من أنسب قريش ... وفيه أنه سأله: ممن كان يا جبير النعمان بن المنذر؟ فقال: كان من أشلاء قنص بن معد. قال ابن إسحاق: فأما سائر العرب فيزعمون أنه كان رجلا من لخم من ولد ربيعة بن نصر، فالله أعلم أيّ ذلك كان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 8- وروي أن أبرويز بن هرمز المعروف بكسرى- وهو ابن شيرويه- كان في منزله ليلا، فنام على مركبه، وطال حتى ثقل فمال، وخاف من وراءه من قواده سقوطه، فأتاه رجل منهم فأيقظه فانتبه مذعورا لرؤيا رآها قطعها عليه الموقظ، قال: رأيت كأني عرضت على الله عز وجل فقال لي: غيرتم فغيّر ما بكم، سلّم ما بيدك إلى صاحب الهراوة. قال: ثم لم يزالوا يتوقعون حادثة حتى كتب النعمان بن المنذر بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه. 9- وفي بعض الكتب: أن كتاب النعمان بن المنذر ورد بذلك في يوم كان كسرى خاليا فيه بلذته ولهوه، وأمرهم أن لا ينهوا إليه خبرا يسوءه، ولا يوصلوا إليه كتابا من أحد أعماله ليأمن على سروره، فبينا هو كذلك إذ سمع صوت البريد فسأل عنه فقالوا: كتاب عامل السواد، فتعلق قلبه به، وقال لهم: ما أرى إلا تعلق قلبي بما ورد به، حتى أعلمه أعظم عليّ مما أنا فيه، فأوصلوا الكتاب إليه فقرأه فإذا العامل يخبره فيه (8) - قوله: «وروي أن أبرويز بن هرمز» : ذكر الماوردي قصته وقصة كتاب النعمان بن المنذر الآتية بعده في الباب السابع عشر من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم فيما هجست به النفوس من إلهام العقول بنبوته صلى الله عليه وسلم بلفظ مختصر، وقال المسعودي في مروج الذهب [1/ 228- 289] : وفي أيام أبرويز كانت حوادث تنذر بالنبوة وتبشر بالرسالة، وأنفذ أبرويز عبد المسيح بن بقيلة الغساني إلى سطيح الكاهن فأخبروه برؤيا الموبذان، وارتجاج الإيوان وغير ذلك من أخبار فيض وادي السماوة، وما كان من بحيرة ساوة. وانظر أخبار أبرويز كسرى والنعمان مبسوطة في: تاريخ الطبري [2/ 176- 212] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 بأن الفرات أتى بمد لم يسمع بمثله، وأنه فاض فغرّق زروع الناس ومنازلهم، وأفسد ثمارهم، فغمّه ما نال رعيته من الضرر في أموالهم، وما نال جنوده بذهاب الخراج الذي كان يجبى من السواد لهم، فسهل عليه وزراؤه ذلك، وسيّبوا للجنود أموالا من وجوه كثيرة، وعاد إلى لهوه. ثم سمع صوت بريد آخر فسأل عنه فقالوا: كتاب العامل على ثغر أرمينية فتعلق قلبه به، ثم أمر بإيصال الكتاب فإذا فيه: إن الجنود قد انشقوا على عاملهم فقتلوه، واستباحوا ما قبله من المال، فغمه ذلك، ثم سهل عليه وزراؤه، وضمنوا له إصلاح الناحية، فعاد إلى لهوه. ثم سمع صوت بريد آخر فأمر بأخذ كتابه وقراءته، فإذا كتاب النعمان بن المنذر يخبره فيه بأنه خرج نجم بتهامة يخبر بأنه رسول إله السماء والأرض إلى أهل الأرض كافة، فاستعظم ذلك وأكبره، وعلم أنه الذي كان يتوقعه ورآه في منامه. قوله: «بأنه خرج نجم» : في الأصول: بأن خارجا نجم بتهامه، وسيأتي حديث سلمان الفارسي برقم: 66 وقوله: كنت قرأت في الكتب نجوم الأنبياء والمرسلين، فما رأيت شيئا أحسن من نجم تلألأ نورا ولمعانا، له أربعة شعب تتوقد كأنها مصابيح ... الأثر. وأخرج ابن إسحاق في السيرة، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 35، من حديث حسان بن ثابت قال: والله إني لغلام ابن ثمان سنين أو سبع، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 ......... - أعقل ما سمعت، إذ سمعت يهوديا يصرخ على أطمة يثرب: يا معشر اليهود، حتى اجتمعوا إليه، فقالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به. وفي رواية الواقدي عن حسان أنه قال قبل وفاته: والله إني لفي منزلي ابن سبع سنين وأنا أحفظ ما أرى وأعي ما أسمع، وأنا مع أبي، إذ دخل علينا فتى منا يقال له: ثابت بن الضحاك، وهو يوم نجوى، فتحدث فقال: زعم يهودي من يهود قريظة الساعة، وهو يلاحيني: قد أظل خروج نبيّ يأتي بكتاب مثل كتابنا، يقتلكم قتل عاد، قال حسان: فو الله إني لعلى فادع- يعني أطم- حسان في السحر إذ سمعت صوتا ما أسمع صوتا قط أنفذ منه، فإذا يهودي على أطم من آطام المدينة، معه شعلة من نار، فاجتمع إليها الناس، فقالوا: ما لك ويلك؟ قال حسان: فأسمعه يقول: هذا كوكب أحمد قد طلع، هذا كوكب لا يطلع إلا بالنبّوة، ولم يبق من الأنبياء إلا أحمد، قال: فجعل الناس يضحكون منه ويعجبون لما يأتي منه. أخرجه أيضا أبو نعيم في إثر الذي قبله، وسيأتي نحو هذه الأخبار في الفصول التالية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 [6- فصل: ذكر ما ظهر في بني إسرائيل من أمارات نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم] 6- فصل: ذكر ما ظهر في بني إسرائيل من أمارات نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم 10- أخبرنا أبو بكر: محمد بن زكرياء، أنا أبو حاتم: مكي بن عبدان التميمي في صفر سنة خمس وعشرين وثلثمائة، قوله: «ذكر ما ظهر في بني إسرائيل من أمارات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أورد المصنف فيه قصة طويلة للغاية لو اقتصر على ما ورد في أولها من الشاهد لكان أولى، وفي أكثر قصص بني إسرائيل نظر، والله أعلم. (10) - قوله: «أخبرنا أبو بكر: محمد بن زكرياء» : النسفي، وصفه الحافظ الذهبي في السير بالإمام الحافظ المتقن وقال: حدث عن محمد بن نصر المروزي، وصالح جزرة، والبوشنجي وطبقتهم، ذكره المستغفري في تاريخ نسف فقال: كان حافظا مؤلفا للأبواب، عارفا بحديث أهل بلده، توفي في جمادي الأولى سنة أربع وأربعين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 233] ، الشذرات [2/ 369] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 344- ص 308] ، معجم المؤلفين [10/ 6] ، تذكرة الحفاظ [3/ 930] ، طبقات الحفاظ [376- 377] . قوله: «مكي بن عبدان التميمي» : النيسابوري المحدث الثقة، سمع محمد بن يحيى الذهلي، ومسلم صاحب الصحيح وغيرهما، حدث عنه ابن عقدة، وأثنى عليه أبو علي النيسابوري فقال: ثقة مأمون مقدم على أقرانه من المشايخ، توفي في جمادي الآخرة من نفس السنة التي حدث فيها أبا بكر بحديث الباب. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 ثنا موسى بن يزيد الإسفنجي، ثنا عبد الله بن صالح المصري، ثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، ........ - سير أعلام النبلاء [15/ 70] ، تاريخ بغداد [13/ 119] ، تقييد ابن نقطة [450، 451] ، الشذرات [2/ 307] ، تاريخ الإسلام [وفيات 325- ص 181] ، العبر [2/ 205] . قوله: «ثنا موسى بن يزيد الإسفنجي» : نسبة إلى إسفنج، قرية من أرغيان بناحية نيسابور يقال لها: سبنج، قاله الحافظ السمعاني، ولم أر من ذكر موسى بن يزيد هذا أو أورده في الأسماء. قوله: «ثنا عبد الله بن صالح المصري» : كاتب الليث، وأحد رجال الصدق، رجح غير واحد من أصحاب التهذيب أن البخاري أخرج له في الصحيح، وقد أخرج له الباقون، وحديثه من قبيل الحسن. تهذيب الكمال [15/ 98] ، تهذيب التهذيب [5/ 225] ، الكاشف [2/ 86] ، الميزان [3/ 154] ، التقريب [/ 308] الترجمة رقم 3388، سير أعلام النبلاء [10/ 405] . قوله: «ثنا عبد الله بن لهيعة» : الحضرمي، محدث الديار المصرية مع الليث بن سعد، جيد الحديث بشروط وضعها أهل الحديث، إذا صرح بالسماع، وكان ذلك عن ثقة، وقبل احتراق كتبه، انظر عنه: تهذيب الكمال [15/ 487] ، تهذيب التهذيب [5/ 327] ، الكاشف [2/ 109] ، التقريب [/ 319] الترجمة رقم 6335، سير أعلام النبلاء [8/ 11] . قوله: «عن أبي الأسود» : في الأصول: عن الأسود، هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل المدني، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 عن عبد الملك بن هشام الدمشقي، عن عبد الله بن سلام الإسرائيلي قال: كان في بني إسرائيل رجل يقال له: أوشا، وكان من علمائهم- يتيم عروة، من ثقات شيوخ بقية، وحديثه عند الجماعة، ووقع في الأصول: عن الأسود، وهو تصحيف. تهذيب الكمال [25/ 645- 646] ، تهذيب التهذيب [9/ 273] ، الكاشف [3/ 62] ، التقريب [/ 493] الترجمة رقم: 6085. قوله: «عن عبد الملك بن هشام الدمشقي» : لعله الذماري، بيّض له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [5/ 374] ولم أر من ذكره غيره. قوله: «عن عبد الله بن سلام الإسرائيلي» : الصحابي الحبر، الصادق في إسلامه وأخباره، البر، حليف الأنصار وأحد خواص النبي صلى الله عليه وسلم الأخيار. أسلم قديما بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة يوم انجفل الناس إليه، وعرف وجهه بما أودع الله في قلبه من الصدق وصفاء السريرة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة لأصحابه: يدخل عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة، فجاء ابن سلام، أخرجه الإمام أحمد، وله فضائل واسعة مذكورة في مظان ترجمته. طبقات ابن سعد [2/ 352] ، سير أعلام النبلاء [2/ 413] ، الإصابة [6/ 108] ، أسد الغابة [3/ 264] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1665] ، الاستيعاب [6/ 228] ، الوافي بالوفيات [17/ 198] ، تاريخ دمشق [29/ 97] ، تهذيب تاريخ دمشق [12/ 246] ، المستدرك [3/ 413] ، صفة الصفوة [1/ 718] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 270] ، تهذيب الكمال [15/ 74] ، مجمع الزوائد [9/ 326] ، البداية والنهاية [8/ 27] ، أنساب الأشراف [1/ 266] ، تاريخ الذهبي [عهد معاوية- ص 74] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وكبرائهم وكان كثير المال، وكان إمام بني إسرائيل، وكان قد قرأ الكتب وعرف نعت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته من التوراة، وكان قد عزله عنها وخبأه في خزانته، وكان له ابن يقال له: بلوقيا، وكان ذلك بعد موت سليمان بن داود النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بلوقيا خليفة أبيه في بني إسرائيل وكانت الإمامة إليه وفي يديه والقضاء إليه، قال: فلما مات والده فتّش خزائن والده فوجد فيها تابوتا من حديد مقفلا عليه، وعلى القفل خاتم رصاص، قال: فسأل الخزان عن ذلك؟ فقالوا: لا ندري ما فيه، نفك الخاتم، ثم أمر بكسر القفل ففتح، فإذا فيه درج من فضة وفيها حقة من فضة مقفل عليها قفل من ذهب مختوم بخاتم من مسك، ففك الخاتم فإذا فيه رق مكتوب ملفوف في حرير قد رش على الحرير مسك وعنبر، فنشر الرق فإذا فيه مكتوب نعت محمد ونعت أمته، وصفته ومبعثه وكرامته على ربه وكرامة أمته وأنه خاتم الأنبياء وأنه الشفيع يوم القيامة، وأن له الشفاعة التامة والكرامة الكاملة والمنزلة العظيمة، يغبطه الأولون والآخرون بمكانه من ربه وأنه صلى الله عليه وسلم وأمته شهود على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين والأمم وأن الجنة محرمة على جميع الأنبياء والأمم حتى يدخلها هو وأمته، وأخرج الرق وقرأه على بني إسرائيل فقالوا: ويله من ربه إذ كتم الحق وغش الخلق. قال: فقالت بنو إسرائيل: يا بلوقيا لولا أنك إمامنا وكبيرنا لنبشنا قبر والدك وأخرجناه منه ثم أحرقناه بالنار، فقال بلوقيا: يا قوم لا ضير إنما ترك حظ نفسه وما يريد الله عز وجل به من سطوات عذابه ونقماته أشد وأشد مما تريدون وتصنعون به، فكفاه خزيا وغضبا من ربه فألحقوا نعت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته في التوراة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وكانت أم بلوقيا في الأحياء وكانت عاقلة ممسكة بما فيها يقال لها هلفا بنت برنا، فقال لها بلوقيا: يا أماه إني قد أزمعت على التطواف في الدنيا برها وبحرها سهلها وجبلها أطلب أثر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فقالت له أمه: يا بني أسأل الله لك العون والتوفيق فيما عزمت وأن يمن عليك بلقائه ويجعلك من أمته، ومشركا في شفاعته، فسر على اسم الله وعونه وبركته فإنه المعين لك والصانع. فسار بلوقيا متوجها نحو الشام، فكان ينزل مصر فاستخلف على بني إسرائيل خليفة، ثم تزود وتهيأ ومضى حتى قدم بلد الشام فأقام فيها أياما يعبد ربه. ثم خرج في الطلب فبينا هو يسير إذ انتهى إلى جزيرة من جزائر البحر فإذا فيها حيات كأمثال البخاتي العظام سود فنظر إلى أمر من أمر الله العظيم فارتعد وهو ينظر إليهن وهن يقلن: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بلوقيا: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فرفعت الحيات رؤسهن وقلن: أيها المخلوق من أنت وما اسمك؟ فقال: أنا إنسان واسمي بلوقيا وأنا من بني إسرائيل، فقلن: وما بنو إسرائيل؟ قال: من ولد آدم عليه السّلام، فقلن: ما سمعنا اسم آدم ولا إسرائيل ولا نعرفهم، فقال لهن بلوقيا: أيتها الحيات من أنتن؟ فقلن: نحن من حيات جهنم نعذب الكفار في النار يوم القيامة، فقال بلوقيا: ماذا تصنعن ها هنا وكيف عرفتن اسم محمد صلى الله عليه وسلم؟ قلن: إن جهنم تفور وتزفر كل سنة مرتين: واحدة بحرّ والأخرى ببرد فإذا تنفست ألقينا إلى ماء ها هنا نتنفس ثم نعود إليها، فشدة حر الصيف من حرها وشدة برد الشتاء من بردها، وليس في جهنم باب ولا ستر إلا مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فمن أجل ذلك عرفنا محمدا صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 قال: فقال بلوقيا: أيتها الحيات هل في جهنم مثلكن أو أكبر منكن؟ فقلن: إن في جهنم حيات تدخل إحدانا في أنوفهن وتخرج من آذانهن فلا يشعرن بنا من عظمهن. قال: فسلم عليهن بلوقيا ومضى حتى انتهى إلى جزيرة أخرى فإذا هو بحيات سود كأنهن جذوع وعلى متن إحداهن حية صفراء صغيرة إذا صفرت اجتمعن الحيات حولها وإذا نفخت طرن جميعا ودخلن الماء وصرن تحت الأرض وهن يقلن لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال: فلما رأته الحية الصغيرة قالت له: أيها الخلق المخلوق من أنت وما اسمك؟ قال: اسمي بلوقيا وأنا من بني إسرائيل وإسرائيل من ولد آدم عليه السّلام، فأخبريني أيتها الحية من أنت؟ قالت الحية: أنا ملكة الحيات واسمي بليخا وإن ربي عزّ وجلّ قد وكّلني بهؤلاء الحيات وحفظهن، ولولاه لقتلت الحيات بني آدم كلهم في يوم واحد ولا لتقمتهم بلقمة ولهان ذلك عليهن، ولكني إذا صفرت صفيرة وسمعن صوتي دخلن الماء وصرن تحت الأرض، وأنت يا بلوقيا أين تذهب؟ قال: خرجت في طلب الأرض التي تكلمت بنبوة محمد، قالت: يا بلوقيا إن لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قالت: إن لقيت محمدا فاقره مني السلام وقل له: إن بليخا تقرئك السلام. ثم إن بلوقيا مضى حتى أتى بيت المقدس وكان بها حبرا من أحبارهم يسمى عفان، قال: فلقي عفان بلوقيا فسأله عن خبره فيما جاء، فأخبره بخبره وحدّثه بحديث الحيات وقصة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ونعت أمته وما كان من أمر أبيه وأمر الرق وخروجه لذلك، وحدّث بما لقي في الجزيرة من الحيات وحدّثه بشأن بليخا ملكة الحيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 فقال له عفان: يا بلوقيا ليس هذا زمان محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وإن بينك وبينه سنين وقرونا كثيرة، ثم قال له: يا بلوقيا أتدلني على الحية التي تسمى بليخا فإنا إن قدرنا على صيدها رجونا أن ننال ملكا عظيما ونحيا إلى أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فإذا بعثه دخلنا في دينه واتبعناه وآمنا به، فحمل بلوقيا حرصه على الإسلام ودخوله في دين محمد صلى الله عليه وسلم أن قال له: أنا أدلك على المكان الذي فيه بليخا. وكان عفان قد قرأ الكتب وأحكمها فاتخذ تابوتا من حديد وكوزين من فضة فملأ إحدى الكوزين خمرا والأخرى لبنا ثم وضعهما في التابوت، ثم سارا جميعا حتى انتهيا إلى الجزيرة التي فيها تلك الحية ففتحا التابوت ووضعاه وتركا رأس الكيزان مفتوحة وتنحيا ناحية، فجاءت الحيّة- ملكة الحيات- فدخلت التابوت فشربت الخمر واللبن فسكرت ونامت في التابوت فقام عفان فدّب إلى التابوت دبيبا خفيا فأغلق باب التابوت عليها وحمله تحت حضنه وإبطه ثم مضيا وسارا جميعا فجعلا لا يمران بشيء من شجر ولا حجر ولا مدر ولا حشيش ولا زيتونة ولا نبت إلا كلمتهما بإذن الله ووصفت ما فيهن من النفع والضر والداء والدواء. فبينا هما يسيران إذ انتهيا إلى شجرة يقال لها: الفريصة فنادتهما تلك الشجرة: يا عفان من يأخذني فيقطعني ويأخذ ورقي ويدقني ويعصر دهني ويطلي بين قدميه من حيث شاء فيجوز البحار السبع ولا تبتل قدماه بإذن الله ولا يغرق، فقال عفان: لك أردت، وإياك طلبت، فدنا من تلك الشجرة فقطع من أغصانها فدقها وعصر دهنها وجعله في إحدى الكوزين، ثم خلّا عن الحية فطارت الحية بين السماء والأرض وهو يقول: يا بني آدم ما أجرأكما على الله فلا تصلا إلى ما تريدان، وذهبت الحية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وسار عفان وبلوقيا حتى أتيا البحر وطليا أقدامهما من ذلك الدهن ثم دخلا في اليمّ ومرّا على وجه الماء كما كانا يمران على وجه الأرض لا تبتل لهما رجل ولا تغرق لهما قدم حتى جازا البحر الأول ثم الثاني فبينا هما يسيران إذا هما بجبل في وسط البحر ليس بعال ولا متدان ترابه كالمسك فيه كهف، وفي الكهف سرير من ذهب وعلى السرير شاب مستلق على قفاه ذو وفرة وهو واضع يده اليمنى على صدره ويده اليسرى على بطنه بمنزلة النائم وليس بنائم ولكنه ميت وهو سليمان بن داود عليهما السلام وعند رأسه تنين وعند رجله تنين وخاتمه في إصبعه في يده اليسرى وكان ملكه في خاتمه وحلقته من ذهب وفصّه من ياقوتة حمراء مربع مكتوب عليه أربعة أسطر في كل سطر اسم من أسماء الله تعالى الأعظم. قال: وكان عفان قد علم الكتاب، فقال بلوقيا لعفان: من هذا؟ قال: هذا سليمان بن داود عليهما السلام، ونريد أن نأخذ خاتمه من يده فيعود ملكه إلينا ونرجو الحياة إلى أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال له بلوقيا: ويحك أليس سأل سليمان عليه السّلام ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده إلى يوم القيامة، فأعطاه ذلك، ولن ينال أحد ملكه إلى يوم الدين لدعائه؟ فقال له عفان: يا بلوقيا اسكت فإن معنا اسم الله الأكبر، ولكن أنت يا بلوقيا فاقرأ التوراة وعليك منها بأسماء الله العظام، فقال له بلوقيا: وكيف تصل إلى الخاتم والتنينان يحرسانه؟ فقال له عفان: إن التنينين لا يضران مع اسماء الله شيئا. قال: فأخذ بلوقيا في قراءة التوراة وتقدم عفان ليأخذ الخاتم من يد سليمان عليه السّلام، فقال التنينان: يا عفان ما أجرأك على الله حيث تريد أن تسلب خاتم نبيه سليمان عليه السّلام فإنك إن قهرتنا باسم الله لنغلبنك بقوة الله تبارك وتعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 قال: فنفخ التنينان عفان وبلوقيا، فلم يضرهما نفخة التنينين لحال ما قرأ بلوقيا اسم الله الأعظم من التوراة، فدنا عفان من السرير ليأخذ الخاتم من يده، واشتغل بلوقيا بالنظر إلى عفان وفعله وترك القراءة حتى نزل جبريل من السماء فصاح بهما صيحة، فاضطربت الأرض والجبال وتزلزلت واختلطت البحار حتى صار كل ماء عذب مالحا وكل مالح عذبا من شدة صوت جبريل. قال: وسقط بلوقيا وعفان جميعا مغشيا عليهما، ونفخ التنينان الثانية فخرج من جوفهما نار كالبرق الخاطف فاحترق منها عفان وصار رمادا، وجازت نفخاتهما في البحار فلم تمر بشيء إلا أحرقته ولا بالماء إلا أغلته، ونجا بلوقيا باسم الله الأعظم الذي كان يقرأه فلم تضره بإذن الله وجاز العذاب ولم يصبه. قال: ثم تراءى له جبريل عليه السّلام على صورة رجل فقال له: يا ابن آدم ما أجرأك على الله، فقال له بلوقيا: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا جبريل أمين رب العالمين، فقال له بلوقيا: يا جبريل إنما خرجت محبة لمحمد صلى الله عليه وسلم وشوقا إليه ورغبة في دينه، ولم أخرج لطلب الخطأ ولم أتعمد لذلك، فقال له جبريل: فبذلك نجوت وإلا كنت تهلك مع صاحبك، ثم ارتفع جبريل عليه السّلام إلى السماء. ومضى بلوقيا وطلى قدميه ببقية الدهن الذي كان معهما، فركب البحر راجعا فغلط الطريق الذي جاء فيه مع عفان وأخذ طريقا آخر وهو لا يدري فجاوز البحر الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم السادس حتى انتهى إلى البحر السابع وقد بقي حيران لا يدري في أي بلاد الله هو، ولكنه كان يتلو التوراة دائما ويقرأ اسم الله الأعظم ويدعو ربه جل وعلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 بذلك الاسم، فكان الله (تعالى جدّه) يقويه ويعينه على الجوع والعطش والإعياء، فكان لا يجوع ولا يعطش ولا يعيى في مسيره ذلك. فلما انتهى إلى البحر السابع فإذا هو بجزيرة من ذهب أحمر حشيشها الورس والزعفران، وأشجارها النخل والرمان والعنب وألوان الثمار، لم ير الراؤون مثلها حسنا وزهرة والتفافا وكثرة، فقال بلوقيا: ما أشبه هذا المكان بصفة الجنة. قال: فتقدم بلوقيا إلى بعض أشجارها ليأخذ من ثمرها فقالت الشجرة: إليك عني يا خاطىء بن الخاطىء لا تأخذ مني شيئا فإنك لا تقدر عليه، فبقي بلوقيا متعجبا من قولها ومتفكرا. ثم نظر أمامه فإذا بجبال الشجر فرسان يتراكضون نحوه، بأيديهم السيوف الشاهرة تبرق كالبرق اللامع، كأنهم يطيرون بين السماء والأرض، حتى أحاطوا به، فلما رأوه تعجبوا منه وأغمدوا أسيافهم، ثم قالوا بأجمعهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويحك! من أنت يا عبد الله وما حالك؟ فقال: أنا بلوقيا رجل من بني إسرائيل من ولد آدم عليه السّلام، قالوا: نعم وما أوقعك علينا وكيف صرت إلى هذا الموضع؟ فقال بلوقيا: بعون الله وبقوته والذي خلقني وخلقكم إنما جئت في طلب الاسم الذي تتكلمون: محمد رسول الله، وقص عليهم قصته وقصة والده وأمر الرق، فقالوا: ويحك يا بلوقيا إنك قد غلطت الطريق ووقعت في البحر السابع، وإنك سترى أهوالا وأقراعا كثيرة حتى تجاوز البحر السابع، فقال بلوقيا: من أنتم رحمكم الله؟ قالوا: نحن قوم من الجن مؤمنون كنا مع الملائكة في السماء فأنزلنا الله إلى الأرض وأمرنا بقتال كفرة الجن، ونحن ها هنا غازون نغزوا إلى يوم القيامة، فقال بلوقيا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 أنشدكم بالله أتعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم وخبره؟ فقالوا: اللهم لا، فقال بلوقيا: فما لكم تذكرونه دائما؟، فقالوا: لقد أمرنا الله بذلك. ثم أخذوا بيد بلوقيا فانطلقوا به إلى ملكهم وكان اسمه صخريا. قال: فلما رأى بلوقيا سلم عليه وأجلسه عنده وسأله عن حاله وخبره فأخبره بشأنه وقصته وما عاين من العجائب، فبكت الجن وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا بلوقيا إنا أقوام من الجن أعطينا الحياة إلى يوم القيامة، فنقاتل كفرة الجن فلا صبر لمثلك معنا. فقال بلوقيا لملك الجن: يا صخريا أخبرني عن بدء خلق الجان وكيف صار إبليس ملعونا من بينهم. فقال صخريا: نعم إن الله جلّ جلاله لما خلق جهنم وعذابها وأنكالها جعل لها سبعة أبواب وسبع دركات وسبعة ألسن، فخلق فيها خلقين يسمى أحدهما حبليت والآخر نمليت، فأما حبليت فإنه خلق في صورة الأسد وأما نمليت فإنه خلق في صورة الذئب فجعل الأسد ذكرا والذئب أنثى وجعل طول كل واحد منهما مسيرة خمس مائة عام وجعل للأسد ذنبا كذنب الحية وللذئب مثل ذنب العقرب وأمرهما أن ينتفضا في النار انتفاضا فسقط من ذنب الأسد حية ومن ذنب الذئب عقرب فعقارب جهنم وحياتها من ذلك، ثم أمرها أن يتناكحا في النار فتناكحا، فحمل الذئب من الأسد فولد لهما سبع بنين وسبع بنات فأمرهما الله عزّ وجلّ بتزويج بعضهم من بعض كما أمر به آدم عليه السّلام فأطاع ستة منهم فتزوجوا وعصى السابع ولم يتزوج فلعنه أبوه وهو إبليس عليه لعائن الله تترى، فكان اسمه الحرث وكنيته أبو الضمر ويقال أيضا أبو مرة، فلما لعنه الله ثانيا على رأس آدم إذ عصى أمره سماه إبليسا وكناه أبا مرة، فهذا أول شأن خلق الجان كما أخبرتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 ثم قال: يا بلوقيا إن دوابنا لا تستقر مع الإنسان ولكن اركب فرسي هذا، قال: فحمله على فرس مجلل مبرقع، وقال ملك الجان: يا بلوقيا إذا انتهيت إلى أقصى عمالي على ساحل البحر فإنك ستلقى قبة ومسلحة لي فيهما شيخ وشاب فسلم الفرس إليهما وامض أنت راشدا. قال: فركب بلوقيا الفرس حتى انتهى إلى المسلحة فسلم على الشيخ والشاب ونزل ورد الفرس إليهما وكان قد خرج من عند ملكهم وقت صلاة الغداة وبلغ إليها نصف النهار، فقال له الشيخ: يا بلوقيا متى فارقت الملك؟ قال: فارقته وقت صلاة الغداة، قال: ما أسرع ما جئت أتعبت فرسنا، قال: فقال بلوقيا: ما رفعت عليه يدا ولا حركت عليه رجلا ولا سرت به سيرا شديدا، قال: فلم نراك جئت الساعة؟ قال: عسى جئت خمس فراسخ أقل أو أكثر، قال: فنزعوا عنه السرج واللجام والبرقع والحلّ فإذا الفرس ينصب عرقا وإذا له جناحان قد استرخيا من شدة الطيران والإعياء، فقالوا: يا بلوقيا: جئت اليوم مسيرة عشرين ومائة سنة وذلك أن الفرس أحس بثقلك وعرق فطار بك بين السماء والأرض حول الدنيا دون تأن وأنت لا تعلم ونحن الجان نكون أخف منكم فمن أجل ذلك عرق الفرس، قال بلوقيا: هذا هو العجب ما ظننت أن يكون مثل هذا؟ قالا: يا بلوقيا عجائب الله أكثر من ذلك، قال: ثم سلم عليهم بلوقيا وركب البحر ومضى. فبينا هو في مسيرة يسيرة إذا هو بملك إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال: فسلم عليه بلوقيا، فقال له الملك: من أنت يا أيها الخلق المخلوق؟ قال: أنا بلوقيا وأنا من بني إسرائيل وإسرائيل من ولد آدم عليه السّلام فمن أنت أيها الملك وما اسمك؟ قال الملك: اسمي ترحبابيل، وأنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 موكل بضوء النهار وظلمة الليل، قال: فما بال يديك مبسوطتان؟ قال: في يدي اليمنى ضوء النهار وفي يدي اليسرى ظلمة الليل فلو نسيت ظلمة الليل لأظلمت السماوات والأرض وما بينهما فلم يكن ضوء أبدا ولو نسيت ضوء النهار لأضاءت السماوات والأرض وما بينهما ولم يكن ظلمة أبدا- وبين عينيه لوح معلق مكتوب فيه سطران، سطر أبيض وسطر أسود- فإذا رأيت السواد قد زاد الضوء زدت بقدر ما زاد في السطر الأسود وإذا رأيت البياض قد نقص نقصت من الضوء بقدر ما نقص من السطر الأبيض فكذلك الليل في الشتاء أطول والنهار أقصر، وفي الصيف النهار أطول والليل أقصر، وكل شيء يزيد في الظلمة فإنه يزيد في الشتاء من طول الليل وكل شيء يزيد في البياض فإنه يزيد في الصيف والحر وطول النهار. قال: فسلم عليه بلوقيا ومضى، فإذا هو في مسيره إذا هو بملك قائم يده اليمنى في السماء ويده اليسرى في البحر قد جاوز الماء وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال: فسلم عليه بلوقيا، فقال الملك: من أنت؟ قال: أنا من بني إسرائيل وإسرائيل من بني آدم فمن أنت أيها الملك وما اسمك؟ قال الملك: اسمي صنحبابيل، قال: فما لي أرى يمينك في السماء وشمالك في الأرض على الماء، فقال: إني أحبس الريح بيميني والبحر بشمالي عن الخلق ولولا ذلك لأغرق البحر من على الأرض من الخلق إذا امتد في ساعة واحدة ويميني في الهواء أحبس الريح عن الخلق ولولا ذلك لأهلك الريح من على وجه الأرض من الخلق، وإن بين السماء والأرض لريحا يقال لها العايجة لو تركتها لقلبت الأرض ومن عليها فجعلت عليها سافلها وذلك من شدة بردها وشدتها بإذن الله ولكن أخليها من بين أصبعي بقدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 ما يأمرني الله به إذا جاء وقتها فإذا خرجت لم يمر في الهواء ماء إلا جمدته فيصير بعضه ثلجا وبعضه بردا فإذا صار إلى الأرض ذاب وعاد كما كان أول مرة. قال فسلم عليه بلوقيا ومضى وسار فإذا هو بأربعة أملاك أحدهم رأسه كرأس الرجل والثاني رأسه كرأس الأسد والثالث رأسه كرأس الثور والرابع رأسه كرأس النسر، فأما الملك الذي كان على خلقة الرجل اسمه مليادون وكلامه الفارسية الدريّة وهو الذي صاح بموسى بن عمران عليه السّلام حين قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ، فهو يدعو لبني آدم ويقول: اللهم ارحم المسلمين ولا تعذبهم وادفع عنهم البلاء وبرد الشتاء وحر الصيف وأعنهم على طاعتك وادخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم التناد. وأما الملك الذي على خلقة الثور فهو يدعو للبهائم ويقول: اللهم ارحم البهائم ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف والق لهم الرحمة في قلوب بني آدم أن لا تحملوا عليها فوق طاقتها، واجعلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وأما الملك الذي على خلقة النسر فهو يدعو للطيور ويقول: اللهم ارحم الطيور ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف واجعلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وأما الملك الذي على خلقة الأسد فهو يدعو للسباع ويقول: اللهم ارحم السباع ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وادخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فسلم عليهم بلوقيا ومضى، فقالوا له: من أنت؟ قال: أنا بلوقيا من ولد آدم، قالوا: ومن جاء بك إلى ها هنا؟ قال: الذي خلقني وخلقكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فمضى بلوقيا حتى انتهى إلى قاف فإذا هو بملك قائم على جبل قاف- وقاف جبل محيط بالدنيا وهو جبل من ياقوتة خضراء فخضرة هذه السماء منه، وذلك قول الله عزّ وجلّ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ-، فلما نظر بلوقيا إلى الملك سلم عليه وفرق منه، فرد عليه السّلام فقال له: من أنت وما اسمك؟ قال: أنا من ولد آدم واسمي بلوقيا، فقال له الملك: وأين تريد؟ قال: خرجت في طلب نبي يقال له محمد صلى الله عليه وسلم ولست أرى أثره ولا أدري في أي بلاد الله أنا، فقال الملك: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أمر ربنا عزّ وجلّ بالصلاة على محمد. فقال له بلوقيا: أيها الملك، وما اسمك؟ قال: اسمي حزيائيل، قال: وما تصنع ها هنا؟ فقال: أنا أمين الله على قاف، قال: فنظر بلوقيا فإذا في يد الملك وتر مرة يطويه ومرة يحله وعرق الأرض كلها مشدودة عليه، والوتر في كف الملك، فقال بلوقيا: ما هذا الوتر في يديك؟ قال: عروق الأرضين كلها مشدودة عليه وهو بيدي فإذا أراد الله تعالى ذكره أن يضيق على عباده أمرني أن ألوي الوتر وأشد عروق الأرضين فيضيق الله عليهم، وإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يوسع عليهم أمرني أن أخلي الوتر وأرخي عروق الأرضين فتتسع الدنيا على العباد، وإذا أراد الله أن يرجف بقوم أمرني أن أحرك عروق تلك الأرضين فتهتز وترجف بأهلها، فلذلك يهتز موضع ولا يهتز آخر، فإذا حركت تلك الأرض تحركت الحوت التي عليها قرار الأرضين وهو تحت الأرضين السابعة السفلى واسمها بهموت فتحركت الأرض التي أمر الله وذلك عند كثرة المعاصي والزنا واللواط خاصة، فإذا ظهرت تكون الزلازل والهلاك. فقال له بلوقيا: وما وراء قاف؟ قال: أربعون ألف دنيا غير الدنيا التي جئت منها، في كل دنيا من هذه الأربعين أربع مائة باب، في كل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 باب أربع مائة ضعف مثل الدنيا التي جئت منها، وليس في شيء منها ظلمة إلا كلها نور وأرضها من ذهب وعليها حجاب من نور وسكانها ملائكة مطيعون للرب عزّ وجلّ ما عصوه قط طرفة عين، ولا يعرفون آدم ولا إبليس ولا جهنم، خلقهم الله لعبادته فهم برآء من العصيان إلى آخر الدهر وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله كذلك ألهموا، ولذلك خلقوا وبه أمروا إلى يوم القيامة، فقال بلوقيا: فما وراءهم؟ قال: حجب، سبعون حجابا، كل حجاب كمقدار الدنيا التي جئت منها سبعين مرة فهذا سلطان ربك وقدرته، وخلف تلك الحجب علم الله وقدرته. قال بلوقيا: أخبرني أيها الملك عن قاف، على أي شيء هو موضوع، قال: على قرن ثور اسمه قونيط وهو أقمر، مقدمه في المشرق ومؤخره في المغرب بين قرنيه مسيرة ثلاثين ألف سنة وهو ساجد لربه جل وعلا على صخرة بيضاء إلى يوم القيامة، قال: فالثور على أي شيء هو قائم؟ قال: إن الثور له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة، فقرونه تحت العرش وقوائمه على صخرة في البحر السفلي تحت الأرضين السابعة والصخرة بيضاء، قال: الصخرة على أي شيء هي موضوعة؟ قال: على جناح بهموت السمكة التي عليها قرار الأرضين واسم الجناح الدنيا، والسمكة مزمومة مشدودة إلى قائمة العرش، قال بلوقيا: أيها الملك فكم الأرضون وكم البحار؟ قال: الأرضون سبع والبحار سبعة، قال: فأين جهنم؟ قال: تحت الأرضين السابعة. قال: فسلم عليه بلوقيا ومضى حتى انتهى إلى حجاب طرفه الأعلى في السماء وأسفله في الماء له باب مقفل مختوم خاتمه نور وعلى الباب ملكان أحدهما رأسه على خلقة رأس الثور وبدنه كبدن الفرس والآخر رأسه على خلقة رأس الكبش وبدنه كبدن الثور وهما يقولان: لا إله إلّا الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 محمد رسول الله، قال: فسلم عليهما بلوقيا فردا عليه السلام وقالا: أيها المخلوق من أنت؟ قال: أنا بلوقيا من بني إسرائيل من ولد آدم، فقالا: لا إله إلا الله محمد رسول الله إن هذه أسامي لم نسمع بها قط؟ فقال بلوقيا: فكيف عرفتم اسم محمد صلى الله عليه وسلم وهو من نسل آدم ولا تعرفون آدم؟ قالا: بذلك أمرنا ولذلك خلقنا ولم نسمع بآدم ولا إسرائيل، قال: فقال لهما بلوقيا: افتحا لي الباب حتى أجوز، فقالا: ليس فتحه إلينا ولا نقدر على فتحه، وإن لله عزّ وجلّ ملكا يسمى جبريل عسى أنه يقدر على فتحه، قال: فجعل بلوقيا يدعو الله عزّ وجلّ باسمه الأعظم من التوراة وتضرع إليه، فأمر الله تعالى جبريل أن يفتح له الباب فنزل جبريل عليه السّلام ففتح الباب بيده ثم قال: يا خاطىء ابن الخاطىء ما أجرأك على الله، اخرج. قال: فخرج ومضى حتى انتهى إلى البحر المالح والبحر العذب فلما بلغ إلى البحرين رأى بينهما حاجزا وإذا في البحر المالح جبل من ذهب عالي ذاهب في السماء يتلألأ ضوؤه، وفي البحر العذب جبل من فضة عالي في السماء وبين الجبلين خلق كثير كأمثال الغزلان وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله وملائكة على صورة النمل، فلما انتهى إليهم بلوقيا سلم عليهم فردوا عليه السلام وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا بلوقيا من ولد آدم، قال: فمن أنتم؟ قالوا: نحن أمّنا الله بين البحرين نمنعهما أن يختلطان أو يبغيان، وذلك قوله عزّ وجلّ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ يقول: حجاب لا يختلطان، فقال بلوقيا: أيها الخلق المخلوق ما هذا النمل وما هذا الجبل الأحمر؟ قالوا: هذا كنز الله في الأرض فكل ذهب في الأرض فهو من نسل هذا الجبل وكل ماء مالح من نسل هذا البحر، وأما الجبل الأبيض فهو كنز الله في الأرض فكل فضة في الأرض فهو من نسل هذا الجبل وكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 ماء عذب فهو من نسل هذا البحر، فهذا البحر العذب كان تحت العرش من قبل أن خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض والملائكة. قال: فسلم عليهم بلوقيا ومضى حتى انتهى إلى بحر عظيم، فإذا هو بحيتان قد اجتمعن فيه وإذا بينهن حوت عظيم يقضي بينهن، قال: فلما نظرن إلى بلوقيا قلن بأجمعهن: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال: فدنا منهن بلوقيا فسلم عليهن فرددن عليه السلام وسألنه عن حاله ومن هو؟ فقال: أنا من ولد آدم واسمي بلوقيا، فقلن ثانيا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ما سمعنا بهذه الأسامي، قال بلوقيا: إني خرجت في طلب هذا الاسم الذي تتكلمون به محمدا وهو رسول رب العالمين وهو من نسل آدم فكيف لا تعرفون آدم؟ فقلن: لو أنك لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم فأقره منا السلام كثيرا، قال: نعم إن شاء الله، ثم قال لهن: أيتها الحيتان إني جائع وعطشان وهذا الماء مالح لا أقدر على شربه ولست أجد ما آكل فهل عندكن شيء تطعمنني؟ فقال الحوت الذي يقضي بينهن وهو أكبرهن: أطعمك طعاما تسير به أربعين سنة لا تعيا ولا تنام ولا تجوع ولا تعطش، قال: فأطعمه الحوت قرصة بيضاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، فأكل بلوقيا القرص وسلم عليهن ومضى فسار أربعين سنة فلم يجع ولم يعطش ولم يعيى ولم ينم حتى بلغ العمران فحمد الله تعالى ذكره. فنظر فإذا هو بشاب يمر على الماء ضوؤه كضوء البرق فقال له: من أنت رحمك الله؟ قال: سل الذي خلفي ولا تحبسني، قال: فسار يوما وليلة فإذا هو بشاب آخر يمر على الماء ضوؤه كضوء الكوكب الدري، فقال له بلوقيا: من أنت؟ قال: سل الذي من خلفي ولا تحبسني، قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 فسار يوما وليلة فإذا هو بشاب آخر يمر على الماء ضوؤه كضوء الشمس، فقال له بلوقيا: سألتك بالله وبوجهه الكريم لما وقفت لي، فقال: ويحك لا تستحلفني، قال: حسبت أن تقول لي مثل ما قالا صاحباك، قال: حاجتك؟ قال: أخبرني من أنت؟ ومن كانا صاحباك؟ قال: الأول إسرافيل صاحب الصور والآخر ميكائيل وهو صاحب الطور والمطر وأرزاق العباد وأنا جبريل رسول رب العالمين، فقال: يا جبريل أين تذهبون؟ قال: إلى اليم، قال: وما تصنعون في اليم؟ قال: إن حية من حيات البحر قد أذت سكانها وقد دعوا الله عليها فاستجاب الله عزّ وجلّ دعاءهم فأرسلنا إليها فنسوقها إلى جهنم حتى يعذب الله الكفار يوم القيامة، قال بلوقيا: فكيف هي حتى بعثكم الله تبارك وتعالى ثلاثة من الملائكة يسوقونها إلى جهنم؟ قال جبريل: طولها ثلاثمائة فرسخ وعرضها مائتي فرسخ، فقال بلوقيا: لا إله إلا الله محمد رسول الله قال: فهل في جهنم مثلها أو أكبر منها؟ قال: نعم سبعين ضعفا لا يعلم عظم خلقها إلا الله الواحد القهار. وقال: فسلم على جبريل فرد عليه السلام ثم مضى وسار حتى انتهى إلى جزيرة فإذا هو فيها بغلام أمرد قائم بين قبرين يصلي بينهما فسلم عليه بلوقيا، وقال له: من أنت يا شاب؟ قال: أنا صالح، قال: فما هذان القبران؟ قال: أحدهما قبر أمي والآخر قبر والدي كانا صالحين وأنا عند قبريهما حتى أموت إن شاء الله. قال: فسلم عليه بلوقيا ومضى حتى انتهى إلى جزيرة فإذا هو في الجزيرة شجرة، وعلى الشجرة طير واقع من ذهب أحمر وعيناه من ياقوتتين حمراوتين ومنقاره من ياقوتة خضراء ورجليه من زبرجدة خضراء وذنبه من درة بيضاء وريشه من زعفران وقوائمه من زمرد، وإذا مائدة مهيأة موضوعة تحت تلك الشجرة عليها طعام وحوت مشوي، فسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 بلوقيا على ذلك الطير فرد الطير عليه السلام، فقال بلوقيا: أخبرني أيها الطير من أنت؟ فإني لم أر طيرا أحسن منك؟ قال: أنا طير من طيور الجنة وإن الله عزّ وجلّ كان بعث إلى آدم بهذه المائدة حين أهبط من الجنة فكنت معه حتى لقي حواء فوكلني الله عليها فكان آدم وحواء عليهما السلام يأكلان منها وأنا ها هنا منذ ذلك، فكل غريب يمر بي يأكل من هذه المائدة فأنا أمين عليها إلى يوم القيامة، قال له بلوقيا: لم ينقص من هذا الطعام ولم يتغير؟ قال الطير: إن طعام الجنة لا ينقص ولا يتغير أبدا، قال: فكل منها ما شئت. قال: فأكل منها حاجته ثم قال: أيها الطير هل معك أحد ها هنا؟ قال: نعم، معي أبو العباس يأتيني أحيانا، قال بلوقيا: ومن أبو العباس؟ قال: الخضر عليه السّلام، فلما ذكر اسمه إذا هو بالخضر قد أقبل وعليه ثياب بيض كلما خطا خطوة نبت في موضع قدميه الحشيش واخضرّ وكلما جلس اخضرّ مكانه وحول قدميه، فسلم على بلوقيا فرد عليه السلام فسأله الخضر عن حاله فأخبره بجميع حاله وأموره وما رأى من العجائب فيما طلب من أثر النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فسأل الخضر أن يرده إلى أهله وأمه، فقال له الخضر: إن بينك وبين أمك خمس مائة عام ارحل بك في خمس مائة شهر، فقال الطير: إن كان بينك وبين أمك مسيرة خمس مائة شهر أرحل بك في خمسمائة يوم، فقال الخضر: إن كان بينك وبين أمك مسيرة خمسمائة يوم رحلت بك في عشرة أيام، فقال الطير: إن كان بينك وبين أمك مسيرة عشرة أيام رحلت بك في يوم واحد، فقال الخضر: إن كان بينك وبين أمك مسيرة يوم واحد رحلت بك في ساعة واحدة. ثم قال الخضر لبلوقيا: غمض عينيك، فغمض عينيه ثم قال: افتح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 عينيك ففتحهما فإذا هو عند أمه جالس، وكان بينه وبين أمه مسيرة خمسمائة عام، فقال بلوقيا لأمه: من جاء بي هاهنا؟ قالت: جيء بك على متن طير أبيض يطير بك بين السماء والأرض فوضعك قدامي. فخرج بلوقيا إلى بني إسرائيل فجعل يجلس لهم كل يوم ويحدثهم بما رأى وعاين من العجائب وهم يكتبون عنه حتى كتبوا عنه ذلك وأثبتوه عندهم، يقرأ في كتبهم إلى الساعة ويتحدثون به، وكتبوا عجائبه في أربعين سنة، وعاش بلوقيا ألف سنة واثنين وعشرين سنة فيما روي لنا، والله أعلم. والعلم عند الله ولا يعلم الغيب إلا الله لأن له العلم الكامل، والسناء والقدرة التامة لله جلّ جلاله، وصلى الله على محمد المصطفى وآله أجمعين وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا، فهذا ما كان من حديث بلوقيا وما رأى من الآيات والعجائب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 [7- فصل: في ما جاء في الكتب المتقدّمة من التّنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم والتّعريف بفضله وفضل أمّته] 7- فصل: في ما جاء في الكتب المتقدّمة من التّنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم والتّعريف بفضله وفضل أمّته 11- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل: ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويغفر. 12- وقالت أم الدرداء لكعب: يا كعب كيف تجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم (11) - قوله: «إن محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل» : هكذا رواه العيزار بن حريث عن عائشة، حديثه عند ابن سعد في الطبقات [1/ 363] ، وأبي نعيم في الدلائل كما في خصائص السيوطي [1/ 29] ، والبيهقي في الدلائل أيضا [1/ 377] ، وصححه الحاكم في المستدرك على شرطهما [2/ 614]- ووافقه الذهبي، وهو كذلك-، وابن عساكر في تاريخه [3/ 388] . نعم، ورواه أبو عبد الله الجدلي عن عائشة قولها، أخرجه الترمذي في البر والصلة من جامعه، باب ما جاء في خلق النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 2016، وقال: حسن صحيح، وفي الشمائل برقم 340، ومن طريقه البغوي في الأنوار برقم 205، وفي شرح السنة [13/ 237] برقم 3668، والإمام أحمد في المسند [6/ 174، 236، 246] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 360] ، والطيالسي في مسنده برقم 2423، والبيهقي في الدلائل [1/ 315] ، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2131. (12) - قوله: «وقالت أم الدرداء» : هي الصغرى زوج أبي الدرداء، واسمها: هجيمة- ويقال: جهيمة- بنت- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 في التوراة؟ فقال: نجده محمد رسول الله، ليس بفظ ولا غليظ ولا بصخاب في الأسواق، أعطي الفواتح ليبصر الله به أعينا عورا، ويسمع به آذانا وقرا، ويقيم به ألسنة معوجة، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعين المظلوم ويمنعه، لا يتزين بالفحش ولا يقول الخنا، بكل جميل ذاهب، له خلق كريم، جعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبعه، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به من الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمول، وأسمي به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأولف به بين قلوب مختلفة وأهواء مشتتة وأمم متفرقة، أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويوحدونني إيمانا وإخلاصا، - حيي الأوصابية الدمشقية، تعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام، لها عبادة وتأله، قال ميمون بن مهران: ما دخلت عليها في ساعة إلا وجدتها مصلية، ولها أقوال مأثورة مذكورة في مظان ترجمتها. تهذيب الكمال [35/ 352] ، تاريخ دمشق [70/ 146] ، تهذيب تاريخ دمشق [27/ 174] ، تهذيب التهذيب [12/ 493] ، التقريب [/ 756] الترجمة رقم 8728، الكاشف [3/ 440] . قوله: «نجده: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 376- 377] بلفظ أخصر منه، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 394- 395] ، وقد رواه بنحوه عن كعب من الصحابة: ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأبو واقد الليثي، انظر تخريجنا لأحاديثهم في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع تحت رقم 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 يصلون لي قياما وقعودا وركوعا وسجودا، ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، يخرجون من أموالهم ابتغاء رضواني، ألهمهم التكبير والتحميد والتمجيد والمدحة والتهجد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهللون ويقدسون على رؤس الأشراف ويطهّرون لي الوجوه والأطراف، ويقصرون الثياب في الأنصاف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم في صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم. 13- وروى روح، عن سعيد، عن قتادة في قوله عزّ وجلّ: (13) - قوله: «وروى روح» : هو ابن عبادة بن العلاء القيسي، الإمام الحافظ، أبو محمد البصري، أحد رجال الكتب الستة، من أصحاب سعيد بن أبي عروبة المقدمين فيه، انظر: تهذيب الكمال [9/ 238] ، تهذيب التهذيب [3/ 253] ، الكاشف [1/ 244] ، التقريب [/ 211] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 137] . قوله: «عن سعيد» : هو ابن أبي عروبة العدوي، الحافظ الثقة، أبو النضر البصري، أحد رجال الكتب الستة، وأعلم أصحاب قتادة بحديثه، انظر ترجمته في: تهذيب الكمال [11/ 5] ، تهذيب التهذيب [4/ 56] ، الكاشف [1/ 292] ، التقريب [/ 239] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 169] . قوله: «عن قتادة» : هو ابن دعامة السدوسي، قال الحافظ الذهبي في سيره: هو الإمام حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدثين، أحد أوعية العلم، ممن يضرب به المثل في قوة الحفظ، وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع فإنه مدلس- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ الآية، قال إبليس: أنا من ذلك الشيء، فأنزل الله عزّ وجلّ: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الآية، يعني: معاصي الله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الآية، قال: فتمنّتها اليهود والنصارى، فأنزل الله عزّ وجلّ شرطا وثيقا فقال الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الآية، وهو نبيكم صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب، قال الله عزّ وجلّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ الآية، أي يجدون نعته وأمره مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الآية. (14) - ومن فضله صلى الله عليه وسلم ما رواه مقاتل بن سليمان قال: - معروف بذلك ... روى عنه أئمة الإسلام، وما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [5/ 269] ، تهذيب الكمال [23/ 498] ، تهذيب التهذيب [8/ 315] ، الكاشف [2/ 341] ، التقريب [/ 453] . قوله: «فتمنتها اليهود والنصارى» : أخرج تفسيره: ابن جرير في تفسيره [9/ 80] ، وابن أبي حاتم بلفظ مختصر كذلك [5/ 1579] . وعزاه السيوطي أيضا في الدر المنثور لعبد بن حميد وأبي الشيخ. (14) - قوله: «ما رواه مقاتل بن سليمان» : البلخي، أبو الحسن الخراساني، نزيل مرو، أحد كبار المفسرين والضعفاء المهجورين من المحدثين، قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وجدت مكتوبا في الزبور: إني أنا الله لا إله إلا أنا، محمد رسولي إلى العرب، فيقهر العجم، ويفتح مشارق الأرض إلى مغاربها، وهو خير الأنبياء وسيدهم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليّ، فطوبى لمن آمن به، وطوبى لمن اتبعه، وطوبى لمن هاجر معه، وطوبى لمن اقتدى به. - وكذّبه غير واحد، ورمي بالتجسيم، فعن أبي حنيفة: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل، ومقاتل مشبه، قال البخاري رحمه الله: مقاتل لا شيء البتة، وقال العراقي في ذيل الكاشف: بحر علم إلا أنه ضعيف متهم بالكذب. طبقات ابن سعد [7/ 373] ، الجرح والتعديل [8/ 354] ، وفيات الأعيان [5/ 255] ، تاريخ بغداد [13/ 160] ، تهذيب الكمال [28/ 434] ، تهذيب التهذيب [10/ 249] ، الميزان [5/ 298] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 111] ، طبقات المفسرين [2/ 330] ، المجروحين [3/ 14] ، سير أعلام النبلاء [7/ 201] ، التقريب [/ 545] الترجمة رقم 6768، الكامل لابن عدي [6/ 2427] ، ذيل الكاشف [/ 276] الترجمة رقم 1521. قوله: «وجدت مكتوبا في الزبور» : وقال وهب بن منبه: أوحى الله إلى شعيا: إني مبتعث نبيّا أميّا، أفتح به آذانا صمّا، وقلوبا غلفا، أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به من الضلالة، وأعلم به من الجهالة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين القلوب وأهواء متشتتة، وأمم مختلفة، وأجعل أمته خير أمة، وهم رعاة الشمس، طوبى لتلك القلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 15- عن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السّلام: يا عيسى آمن بمحمد وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم، ........ (15) - قوله: «عن ابن عباس» : أخرج حديثه الحاكم في المستدرك [2/ 614- 615] من طريق عمرو بن أوس الأنصاري قال: ثنا سعيد بن أبي عروية، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عنه قوله، صححه الحاكم، وأعله الذهبي بعمرو بن أوس بأنه لا يعرف، وأدخله الميزان، فقال: يجهل حاله، وأتى بخبر منكر، أخرجه الحاكم في المستدرك، قال: وأظنه موضوعا. اه. كذا قال فأغرب؛ إذ الحديث لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقال إنه موضوع، ثم إنه ليس في الإسناد من هو متهم بالوضع أو الكذب، وغاية ما يقال في إسناد حديث من لا يعرف حاله أن يقال: إنه ضعيف، وقد حذفه الحافظ من اللسان، ولعله ظنه الثقفي التابعي وهو محتمل، فالله أعلم. قوله: «فلولا محمد ما خلقت آدم» : فسر الشيخ ابن تيمية رحمه الله معنى هذا، فقال في الفتاوى [11/ 96- 98] : إذا قيل: فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى، وكذلك قول القائل: لولا كذا ما خلق كذا، لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة، بل يقتضي: إذا كان أفضل صالحي بني آدم محمد، وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة أعظم من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال: والله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وكان آخر الخلق يوم الجمعة، وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق، خلقه يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة، قال: ومحمد سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه- آدم فمن دونه تحت لوائه- قال صلى الله عليه وسلم: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار، ولقد خلقت العرش- في طينته، أي: كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه، قال: فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها، وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا، ومحمد هو إنسان هذا العين، وقطب هذا الرحى، وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات، قال: فما ينكر أن يقال: إنه لأجله خلقت جميعها، وأنه لولاه لما خلقت، قال: فإذا فسر هذا ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك، قال: ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله: سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ الآية، وقوله: وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ. وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ. وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها الآية، وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم، ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك، ولكن ليبين لبني آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم من النعمة. اه. قلت: ومنه قول الشيخ القسطلاني في المواهب: فإن قلت: مذهب الأشاعرة أن أفعال المولى عزّ وجلّ ليست معللة بالأغراض، فكيف تكون خلقة محمد صلى الله عليه وسلم علة في آدم عليه السّلام؟ أجيب: بأن الظاهر من الأدلة تعليل بعض الأفعال بالحكم والمصالح التي هي غايات ومنافع لأفعاله تعالى لا بواعث على إقدامه ولا علل مقتضية لفاعليته، لأن ذلك محال في حقه سبحانه وتعالى لما فيه من اكتماله بغيره، قال: والنصوص شاهدة بذلك كقوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي: قرنت الخلق بالعبادة أي خلقتهم وفرضت عليهم العبادة، فالتعليل لفظي لا حقيقي لأن الله تعالى مستغن عن المنافع، فلا يكون فعله لمنفعة راجعة إليه ولا إلى غيره لأن الله تعالى قادر على إيصال المنفعة إلى الغير من غير واسطة العمل. اه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 على الماء فاضطرب، فكتبت عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فسكن. 16- روى زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما اقترف آدم الخطيئة رفع رأسه إلى العرش، وقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فقال الله تعالى: يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على ساق عرشك مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقلت: إنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق (16) - قوله: «روى زيد بن أسلم» : العدوي، الإمام الحجة القدوة، أبو عبد الله العمري، المدني، أحد فقهاء المدينة، كانت له حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس فيها علي بن الحسين الإمام، وأبو حازم الأعرج، قال الحافظ الذهبي: له تفسير رواه عنه ابنه عبد الرحمن، وكان من العلماء العاملين، حديثه في الكتب الستة. سير أعلام النبلاء [5/ 316] ، حلية الأولياء [3/ 221، 229] ، تهذيب الكمال [10/ 12] ، تهذيب التهذيب [3/ 341] ، المعرفة والتاريخ [1/ 675] ، الكاشف [1/ 263] . قوله: «عن أبيه» : هو أسلم العدوي، الإمام الفقيه مولى عمر بن الخطاب، اشتراه عمر بمكة، إذ حج بالناس في العام الذي يلي حجة الوداع، زمن الصديق رضي الله عنه، وثقه الجمهور، وحديثه في الكتب الستة. سير أعلام النبلاء [4/ 98] ، طبقات ابن سعد [5/ 10] ، تذكرة الحفاظ [1/ 49] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 117] ، تهذيب الكمال [2/ 529] ، تهذيب التهذيب [1/ 233] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 لديك، فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك. 17- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: لما أعطى الله تعالى موسى عليه السّلام الألواح نظر فيها، فقال: إلهي لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى أتدري لم فعلت؟ قال: لا يا رب، قال: لأني نظرت إلى قلوب خلقي فلم أر قلبا أشد تواضعا لي من قلبك، فلذلك اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فخذ ما آتيتك بجد ومواظبة وكن من الشاكرين أي: مت على التوحيد وعلى حب محمد صلى الله عليه وسلم. قال موسى عليه السّلام: ومن محمد يا رب؟ قال: الذي كتبت اسمه على ساق العرش قبل أن أخلق السماوات والأرضين بألفي عام، محمد رسولي وحبيبي وخيرتي من خلقي. قال: يا رب فإن كان محمد أكرم عليك من جميع خلقك فهل في قوله: «ولولا محمد ما خلقتك» : أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 651] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [5/ 488] ، والطبراني في معجمه الأوسط [7/ 259] رقم 6498، وفي الصغير برقم 992، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل- وليس في المطبوع منه- عزاه له الشيخ ابن تيمية في الفتاوى [2/ 150] ، وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف. (17) - قوله: «وعن ابن عباس» : عزاه السيوطي في الدر المنثور [6/ 418- 419] لابن مردويه في التفسير. قوله: «فلم أر قلبا أشد تواضعا لي من قلبك» : أخرج هذا المقدار من الحديث: ابن عساكر في تاريخه [61/ 52- 53] عن وهب بن منبه، وابن شوذب، وأبي سليمان الداراني قولهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الدنيا أكرم من أمتي، ظللت الغمام عليهم، وأنزلت عليهم المنّ والسلوى؟ قال: إن فضل محمد على سائر الأنبياء كفضل الأنبياء على الأمم كلهم. قال موسى: يا رب ليتني أراهم، قال: إنك لن تراهم، أفتحب أن تسمع كلامهم وأصواتهم؟ قال: نعم يا رب. قال: فنادى ربنا تبارك وتعالى: يا أمة محمد، فأجابوه كلهم من أصلاب الآباء والأرحام: لبيك اللهم لبيك، إلى آخر التلبية، فجعل الله تعالى تلك الإجابة شعارا للحاج. ثم نادى ربنا تعالى: يا أمة محمد صلاتي عليكم، ورحمتي عليكم، ومغفرتي لكم، إن رحمتي سبقت غضبي، وعفوي سبق عقابي، قد أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني، وغفرت لكم قبل أن تعصوني، من لقيني بشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله أدخلته جنتي ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر. فلما بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أحب أن يمن عليه بما أكرم به أمته فقال: يا محمد وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا أمتك بالكرامة. قوله: «أمتك بالكرامة» : أخرج النسائي- واللفظ له- في التفسير من السنن الكبرى [6/ 424] رقم 11382، والحاكم في المستدرك [2/ 408] وصححه، وابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 2983] رقم 16946، وابن جرير كذلك [18/ 81] جميعهم عن أبي هريرة، قوله في تفسير وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ الآية، قال: نودي يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني وأجبتكم قبل أن تدعوني. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره أيضا [9/ 2983] عن مقاتل قوله في هذه الآية: وما كنت يا محمد بجانب الطور إذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. قال السيوطي في الدر المنثور [6/ 418] : وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 18- وقال الله تعالى لموسى: يا موسى بلغ بني إسرائيل أنه من رد على أحمد شيئا- وإن كان حرفا- أدخلته النار مسحوبا. يا موسى ركعتان يصليهما محمد صلى الله عليه وسلم وأمته بين طلوع الفجر وطلوع الشمس أغفر لهم ما أصابوا في يومهم وليلتهم، ويكون في ذلك اليوم في ذمتي، ومن مات وهو في ذمتي فلا ضيعة عليه. 19- ولما أخذ موسى الألواح قال: رب أرى في اللوح صفة- الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا الآية، ما كان النداء؟ وما كانت الرحمة؟ قال: كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى: يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة. (19) - قوله: «ولما أخذ موسى الألواح» : في الباب عن قتادة، ووهب بن منبه، وأبي هريرة مرفوعا بإسناد لين، وعن ابن عباس. أما حديث قتادة فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1564] رقم 8967، وابن جرير في تفسيره [9/ 65] . وعزاه السيوطي في المنثور [3/ 552] أيضا لأبي الشيخ وعبد بن حميد. وأما حديث وهب بن منبه فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 395- 396] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 379] . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 68] رقم 36، وقال: غريب من حديث سهيل بن أبي صالح، تفرد به الربيع بن النعمان وفيه لين. اه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 محمد وأمته فمن هم؟ قال: كيف رأيت صفتهم يا موسى؟ قال: رأيت أمة إنك تثيبهم بحسن نياتهم من غير أن يفعلوا شيئا! قال الله تعالى: هي أمة في آخر الأمم. قال موسى: فأرى أمة السيئة منهم تجزى بواحدة، والحسنة بعشرة، قال: يا موسى هي أمة في آخر الزمان. قال: اللهم أرى صفة أمة تغفر ذنوبهم ما بين فريضة إلى فريضة، قال الله: يا موسى هي هذه الأمة في آخر الزمان. قال: إلهي أرى أمة يغزون، قال: هي أمة في آخر الأمم، قال: إلهي أرى صفة أمة أن الجنة حرام على سائر الأمم حتى تدخلها تلك الأمة، قال: يا موسى هي هذه الأمة في آخر الزمان. قال: إلهي لمن هذه الأمة؟ قال: لنبي يقال له محمد صلى الله عليه وسلم. قال موسى: إلهي اجعل هذه الأمة من أمتي، قال الله: يا موسى إن محمدا أولى بهذه الأمة. قال موسى: إلهي محمدا أفضل مني؟ قال الله: يا موسى إن منزلة علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم كمنزلة الأنبياء، وإن منزلة عامة أمته كمنزلة علماء الأمم، وإن فضل محمد عليك كفضلك على أمتك ... وذكر الحديث بطوله. 20- ويقال: إن موسى عليه السّلام قال: إلهي اصطفيتني وكلمتني فهل جعلت درجتي لنبي بعدي؟ فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين، فوعزتي لأبعثن نبيا تدخل أنت وأمتك بشفاعته الجنة. - وأما حديث ابن عباس فعزاه السيوطي في الدر المنثور [3/ 553] لأبي الشيخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 21- قال وهب بن منبه: لما أخذ موسى عليه السّلام الألواح من ربه نظر فيها، فإذا فيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فقال موسى عليه السّلام: أي رب كيف أقرأ الألواح على أمتي وفيها فضل محمد صلى الله عليه وسلم وأمته؟ كيف أمنّ عليهم بفضل غيرهم؟ قال الله تبارك وتعالى: يا موسى وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني فوق خلقي إني لا أرضى عن عبد لا يقبل فضل محمد صلى الله عليه وسلم ولا يقر به، ولا يعلم أنه أفضل الخلائق عندي، وأقسم بعزتي لأظهرن ما كتبت لكم في التوراة أن محمدا عبدي ورسولي، وما أعطي عيسى في الإنجيل، فإن أقر جميع خلقي بذلك، وإلا سلطت على المنكرين لفضله وفضل أمته (21) - قوله: «قال وهب بن منبه» : الأبناوي، الإمام العلامة الإخباري القصصي، أبو عبد الله اليماني، الذماري، الصنعاني، كان على قضاء صنعاء، أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحدّث عن جماعة من الصحابة، وحديثه للمسند قليل، وإنما غزارة علمه من صحائف أهل الكتاب، قال العجلي: تابعي ثقة، وكذلك وثقه أبو زرعة والنسائي. سير أعلام النبلاء [4/ 544] ، طبقات ابن سعد [5/ 543] ، تهذيب الكمال [31/ 140] ، تهذيب التهذيب [11/ 147] ، تذكرة الحفاظ [1/ 95] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 149] . قوله: «فإذا فيها صفة محمد وأمته» : رواه بنحوه سليمان بن سلمة الخبائري- وهو ضعيف-، عن سعيد بن موسى- اتهمه ابن حبان-، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بنحوه مرفوعا، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة [1/ 305] رقم 696، وانظر التعليق على المتقدم قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ملائكتي ولأضربنهم بالصواعق، وكان ذلك نكالي عليهم. يا موسى إن فاتحة التوراة بصفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، وإن خاتمة الإنجيل بصفة أصحابه، وإن فاتحة الزبور: محمد رسول الله خير من تظله السماء، وإنه صاحب الملحمة، ونبي الرحمة، وقائد الغر المحجلين، وإمام المتقين، ونور العباد، وربيع البلاد، ومعدن الخير، وكهف العلم، ومعدن الحكمة. واعلم يا موسى أن محمدا عبدي المختار، لا فظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ملكه بالشام ومولده بمكة، وداره المدينة، وجنده الأنصار، يركب الناقة العضباء، من اتبعه اهتدى، ومن خالفه ضل. 22- ومما فضله الله تعالى به أنه عز وجل نعته في التوراة إلى موسى فقال سبحانه: يا موسى احمدني إذ مننت عليك بالإيمان بأحمد، فوعزتي لو لم تقبل الإيمان بأحمد ما جاورتني في داري، ولا تنعمت في جنتي. يا موسى جميع المرسلين آمنوا بمحمد وصدّقوه واشتاقوا إليه كذلك من يجيء من المرسلين بعدك. يا موسى من لم يؤمن بأحمد من جميع المرسلين رددت عليه حسناته، ومنعته حفظ الحكمة، ونزعت عنه نور الهدى، ومحوت اسمه من ديوان الأنبياء. يا موسى أحبب لأحمد ما تحب لنفسك، وأحبب لأمته ما تحب لأمتك، أجعل لك ولأمتك في شفاعته نصيبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 23- وقال الله تبارك وتعالى: يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك، ومن وساوس قلبك إلى قلبك، ومن روحك إلى بدنك، ومن نور بصرك إلى عينيك؟ قال: نعم يا رب، قال: فأكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وأبلغ جميع بني إسرائيل أنه من لقيني وهو جاحد لأحمد سلطت عليه الزبانية في الموقف، وجعلت بيني وبينه حجابا لا يراني. يا موسى بلغ بني إسرائيل أن أحمد بركة ورحمة ونور لمن صدقه- رآه أو لم يره- أحببته أيام حياته، ولم أوحشه في قبره، ولم أخذله في القيامة، ولم أناقشه الحساب في الموقف، ولم تزل قدمه على الصراط. يا موسى إن أحب الخلق إليّ من لم يكذب أحمد ولم يبغضه. يا موسى إني آليت على نفسي قبل أن أخلق السماوات والأرض والدنيا والآخرة أنه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صادقا من قلبه كتبت له براءة من النار قبل أن يموت بعشرين ساعة، وأوصيت ملك الموت بقبض روحه، وأن يكون أرفق به من والدة رحيمة، وأوصيت به منكر ونكيرا إذا دخلا عليه فسألاه بعد موته أن لا يروعانه. يا موسى قل لبني إسرائيل: لا ينفعكم إيمانكم بالتوراة وموسى وبالإنجيل وعيسى حتى تقروا لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من القبيلة المباركة بني هاشم، وإنه المبعوث إلى الأمة المرحومة، وإنه خطيب من وافى يوم القيامة، وشفيع من لم يكن له وسيلة، وإن الرحمة تنزل في زمانه ودولته، وتنزل البركات، ومولده في أفضل الأيام، ومتوسده عند فراقه الدنيا روضة من رياض الجنة، وإن دينه خير الأديان، على دين المرسلين قبله، وشرائعه أسهل الشرائع، وأتباعه خير أتباع المرسلين، وإن بين كتفيه خاتم النبوة، وإن شعاره البر والصدق، والعدل والإنصاف، وإن لباسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 التقوى، ودار هجرته طيبة- وهي يثرب- وإنّ وزيره الصديق والفاروق، وإنّ حواريه طلحة والزبير، وإني جعلت خليفته أبا بكر الصديق صدّيقا في علم الغيب، صدّيقا في السماء والأرض، وإن عمر بن الخطاب تزف إليه الشهادة، وعثمان بن عفان يمشي شهيدا على وجه الأرض، وستفتح خلافة محمد صلى الله عليه وسلم بأبي بكر، وتختم خلافته بعلي بن أبي طالب. 24- وقال الله تبارك تعالى لموسى بن عمران: يا موسى إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة مرحومة، يرحم بعضهم بعضا، ورحمتي عليهم واسعة، وعذابي عنهم بعيد باعدة، ونعمائي عليهم باسطة، وذنوبهم مغفورة، وحسناتهم مقبولة، وسعيهم مشكور، ومن أوفى بالعهد مني يا موسى؟ من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصدّقه أولئك هم الفائزون، ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذبه من جميع خلقي أولئك هم الخاسرون، أولئك هم النادمون، أولئك هم الغافلون. 25- ومما فضله الله تعالى به أنه أوحى في الإنجيل إلى عيسى: يا ابن مريم البكر البتول إني موصيك بسيد المرسلين- وحبيبي منهم- أحمد صاحب الجمل الأحمر، والوجه الأقمر، المشرق الأنور بالنور الظاهر، والقلب الطاهر، سيد الناس، الحي المكرم، فإنه رحمة للعالمين، سيد ولد آدم عندي، ويوم يلقاني أكرم الناس علي، وأقرب المرسلين، النبي العربي الأمي، الديان بديني، والصابر في ذاتي، المجاهد للمشركين بيده، آمرك أن تخبر بني إسرائيل أن يصدقوا به، (25) - قوله: «يا ابن مريم البكر البتول» : أخرج قريبا من لفظه ومعناه: البيهقي في الدلائل [1/ 378] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 397- 398] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 ويؤمنوا به، ويتبعوه وينصروه، يا عيسى ارضه فإن لك الرضا، فقال: اللهم رضيت. قال: هو محمد رسولي إلى الناس كافة، أقربهم مني منزلة، وأحضرهم عندي شفاعة، يحمده أهل الأرض، ويستغفر له أهل السماوات، أمين مأمون، طيب مطيب، في خير خلق في آخر الزمان، أخرجته بوحي السماء والأرض، البركة في زمانه، كثير الأزواج، قليل الأولاد، يسكن مكة موضع أساس إبراهيم فامهد لنفسك واكدح لها، وارتد لها ليوم حاجتك. 26- ومكتوب في التوراة: إن الله تبارك وتعالى قال لإبراهيم عليه السّلام: أجبت دعاءك في إسماعيل، وباركت عليه وكثرته وعظّمته جدا جدا، وجعلته لأمة عظيمة. 27- ويقال: إنه مكتوب في زبور داود عليه السّلام: اللهم ابعث إلينا مقيم السنة ليعلّم الناس أنه بشر. (26) - قوله: «ومكتوب في التوراة» : ذكر الماوردي رحمه الله في أعلام النبوة [/ 198] أن ذلك في الفصل التاسع من السفر الأول، وأورده أيضا: ابن الجوزي في الوفا [1/ 61] ، وهو في سفر التكوين- الإصحاح [17/ 20] . قوله: «وجعلته لأمة عظيمة» : قال الماوردي [/ 198] : ليس في ولد إسماعيل من جعله لأمة عظيمة غير محمد. (27) - قوله: «إنه مكتوب في زبور داود» : ذكره الإمام أبو الحسن الماوردي في أعلام النبوة [/ 211] في فصل: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 قال أبو سعد رحمه الله: وهذا إخبار عن المسيح عليه السّلام وعن محمد صلى الله عليه وسلم، يريد: ابعث لنا محمدا حتى يعلّم الناس أن المسيح بشر. 28- وروي أن هاجر لما هربت من سارة نزلها ملك فقال لها: يا هاجر أمة سارة ارجعي إلى سيدتك، واخضعي لها فإن الله سيكثر ذريتك، إنك تلدين غلاما وتسميه إسماعيل، لأن الله قد سمع خشوعك، وخضوعك، ويكون يده فوق الجميع، وأيدي الجميع مبسوطة إليه بالخضوع. وكانت النبوة والرسالة في ولد إسحاق، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم- ومن بشائر داود في الزبور، قال أبو الحسن: وذلك لعلم داود أن قوما سيدّعون في المسيح ما ادعوه، وهذا هو محمد صلى الله عليه وسلم. (28) - قوله: «يا هاجر أمة سارة» : ذكر الماوردي رحمه الله في أعلام النبوة [/ 197] أن ذلك من بشائر موسى عليه السّلام في التوراة، وأورده ابن الجوزي في الوفاء عقب الذي قبله [1/ 61] ، ثم قال: ثم أخبر موسى بمثل ذلك في السفر وزاد شيئا: ... فذكره. وانظر: الجواب الصحيح لابن تيمية [3/ 304] ، وهداية الحيارى [/ 69] ، والإصحاح [16/ 8- 12] . قوله: «وكانت النبوة» : هذا كلام ابن قتيبة، أورده ابن الجوزي في الوفا [1/ 62] بعد ذكر قصة هاجر فقال: قال ابن قتيبة: فتدبر هذا القول فإن فيه دليلا بينا على أن المراد به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لأن إسماعيل لم تكن يده فوق يد إسحاق، ولا كانت يد إسحاق مبسوطة إليه بالخضوع، وكيف يكون ذلك والملك- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 انتقلت النبوة إلى ولد إسماعيل، فدانت له الجبابرة، وخضعت له الملوك، وانقادت لشريعته الأمم، فصارت يده فوق أيدي الجميع، وأيدي الجميع مبسوطة إليه بالخضوع. 29- ويقال: إن إبراهيم الخليل عليه السّلام قال: يا رب قد أعطيت النبوة والملك لشعب إسحاق، فما أنت صانع لإسماعيل؟ قال: أخلق من ظهر إسماعيل عدد كواكب السماوات ورمل الفلوات، وأبعث من ولد إسماعيل نبيا أرفع ذكره، فلم يدر ما رفع ذكره حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وجاء بالأذان فقرن اسمه باسمه فقال عز ذكره أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ. 30- ويروى عن المسيح أيضا أنه قال: الفارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب، فإذا جاء وبّخ العالم على الخطيئة- ولا يقول من تلقاء نفسه شيئا- والنبوة في ولد إسرائيل والعيص وهما إبنا إسحاق؟ قال: فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الأثر. (29) - قوله: «ورفعنا لك ذكرك» : أخرج أبو يعلى في مسنده [2/ 522] رقم 1380، وابن جرير في تفسيره [30/ 235] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 4345] رقم 19393 من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: أتدري كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم، قال: إذا ذكرت ذكرت معي، صححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 3382. (30) - قوله: «الفارقليط» : ويقال أيضا: البارقليط، قال الماوردي رحمه الله في أعلام النبوة [/ 212] : هي في لغتهم لفظ من الحمد، قال: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أحمد وأنا محمود، وأنا محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 ولكنه بما يسمع به يكلمكم- ويسوسكم بالحق، ويخبركم بالحوادث والغيوب- يعني: مثل: خروج الدجال، وظهور الدابة، وطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك-. 31- وقال وهب بن منبه: كان إبراهيم خليل الرحمن، كثير الصلاة والصيام.. وذكر الحديث إلى أن قال: خرج إبراهيم عليه السّلام يوما يرتاد لماشيته الكلأ، فإذا هو برجل في جبل من جبال إيليا يقدس الله ويهلله ويمجده ويسبحه ويكبره، فقصده وسلم عليه، وقال له: من ربك؟ قال: الذي في السماء، قال: فمن رب الأرض؟ قال: الذي في السماء، قال: ألها رب غيره؟ قال: لا، ونظر إلى قبلته، فإذا قبلته قبلة إبراهيم، فقال له إبراهيم: يا عبد الله أي الأيام أشد هولا وأعظم؟ قال: يوم الدين، يوم يضع الله الكرسي للحساب، قوله: «والغيوب» : ذكره الماوردي في فصل: من بشائر المسيح به في الإنجيل، في نقل يوحنا عنه، وأورد أيضا عن المسيح عليه السّلام قوله للحواريين: أنا ذاهب وسيأتيكم البارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه إلا كما يقال له، وهو شهيد عليّ، وأنتم تشهدون لأنكم معي من قبل الناس وكل شيء أعده الله لكم يخبركم به. قال: وفي نقل آخر عنه: إن البارقليط روح الحق الذي يرسله باسمي هو يعلمكم كل شيء، إني سائل أن يبعث إليك بارقليط آخر يكون معكم إلى الأبد وهو يعلمكم كل شيء. قال: وفي نقل آخر: إن البشير ذاهب والبارقليط بعده يحيي لكم الأسرار ويقيم لكم كل شيء وهو يشهد لي كما شهدت له، فإني لأجيئكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ثم أمر جهنم في ذلك اليوم فتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مصطفى إلا خر لوجهه صعقا تهمه نفسه غير النبي العربي الأمي صاحب الرداء والإزار، والسيف، والسوط، والعصا والبعير، والحمار والفرش، فقال له إبراهيم: من تعني؟ قال: أعني نبيا بينك وبينه زمان بعيد، ذلك خير الأنبياء والرسل، وخاتم الأنبياء، اسمه: أحمد ومحمد، وفارقليط، يفرق بين الحق والباطل، ومحمود وأمين ويتيم، وصادق، له أسماء كثيرة، لا يضرب بسيفه ولا بعصاه إلا في سبيل الله، به يظهر التوحيد في الأرض، ويكثر ويفشو، أمته الحمادون لله. 32- وقال وهب بن منبه: ذكر الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم بأحسن الذكر، وأثنى عليه بأفضل الثناء، فقال: وضّاح الجبين، برّاق الثنايا، يتلألأ لونه تلألؤ الذهب الأحمر، أكحل العينين، كأن جمان الماء حين يتحدر من وجهه اللؤلؤ المنظوم .... بأصل الحكمة، وتعطى أمته فروعها، ويأمر بني إسرائيل بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم آصارهم التي آصروا فيها أنفسهم والأغلال التي كانت عليهم، صلاته رأفة وحكمة وحلم وعلم، يملأ الأرض خيرا، ويعمها نفعا ولا يضرها، ولا يقرع بعصاه ولا بسوطه ولا بسيفه إلا في سبيل الله، اسمه: أحمد العربي الأمي، الذي مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، يظهر التوحيد في الأرض، والتسبيح والتكبير والتحميد، وبه يكثر ويفشو، أمته الحمادون، الموحدون، خير أمة أخرجت للناس. (32) - قوله: «بأصل الحكمة» : قبلها كلمة مطموسة لم أستطع قراءتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 33- وروي عن سهل بن عبد الله أنه قال: لما أراد الله تعالى أن ينفخ في آدم الروح نفخه باسم محمد، وكناه أبا محمد، وليس في الجنة (33) - قوله: «عن سهل بن عبد الله» : هو التستري، شيخ العارفين، وإمام الزاهدين ترجم له الذهبي في سيره ووصفه بالصوفي الزاهد وقال: له كلمات نافعة، ومواعظ حسنة، وقدم راسخ في الطريق. سير أعلام النبلاء [13/ 330] ، الحلية [10/ 189] ، وفيات الأعيان [2/ 429] ، طبقات الأولياء [/ 222] ، طبقات المفسرين [1/ 210] ، طبقات الصوفية [/ 206] . قوله: «وليس في الجنة ورقة» : أخرج البزار في مسنده [3/ 162- 163 كشف الأستار] رقم 2482 من حديث ابن عمر مرفوعا: لما عرج بي إلى السماء ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا: محمد رسول الله، في إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف واضطرب فيه، روي عنه من حديث أبي هريرة، أخرجه الحسن ابن عرفة في جزءه، برقم 6، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [4/ 1507] ، والخطيب في تاريخه [5/ 445] ، والطبراني في معجمه الأوسط [3/ 60] رقم 2113 ولفظه: لما عرج بي إلى السماء ما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمي، محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق من خلفي. ورواه الخطيب أيضا في تاريخه [5/ 445] عن الحسن بن عرفة بإسناد آخر من حديث الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس به، قال الحافظ الذهبي في الميزان في ترجمة محمد بن عبد الله بن يوسف: سكت الخطيب عن هذا وهو باطل، ما أدري من يغش فيه فإن هؤلاء ثقات. قال السيوطي في الخصائص [1/ 19] : وأخرج أبو نعيم في الحلية- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 ورقة من أوراق الجنة إلا مكتوب عليها اسم محمد، ولا غرست شجرة في الجنة إلا باسم محمد وبه الابتداء. - عن ابن عباس مرفوعا: ما في الجنة شجرة عليها ورقة إلا مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، لم أقف على سنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 [8- فصل: في قصّة الفيل وما جرى بين عبد المطّلب وأبرهة الأشرم] 8- فصل: في قصّة الفيل وما جرى بين عبد المطّلب وأبرهة الأشرم. قال أبو سعد رحمه الله: 34- ولقد رأى عبد المطلب من نور محمد صلى الله عليه وسلم عجبا عجيبا يوم قدم أبرهة بن الصباح لهدم بيت الله الحرام فبلغ ذلك عبد المطلب فقال: معاشر قريش لا يصل إلى هدم هذا البيت أحد، لأن لهذا البيت في السماء ربا يحفظه، فجاء أبرهة ونزل بفناء مكة واستاق إبلا وغنما لقريش، واستاق فيما استاق أربعمائة ناقة لعبد المطلب، فلما بلغه ذاك ركب في نفر من قريش فلما صار إلى جبل ثبير استدارت غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبينه كالهلال وردّت شعاعها على بيت الله الحرام مثل السراج إذا وقع على الجدار، فلما نظر عبد المطلب إلى ذلك النور قال: معاشر قريش ارجعوا فقد كفيتم، فو الله ما استدار هذا النور مني قط إلا كان الظفر، ولا وقع على شيء كما وقع على هذا البيت إلا منع قوله: «في قصة الفيل» : أخرج القصة: ابن سعد في طبقاته [1/ 90- 91] ، وابن هشام في سيرته [1/ 45- 62] ، وابن جرير في تفسيره [30/ 299- 304] ، والأزرقي في تاريخه [1/ 136- 157] ، وابن حبيب في المنمق [/ 68- 80] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 85، 115- 125] ، وأبو نعيم كذلك [1/ 144- 151] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 الضيم، فرجعوا فبلغ ذلك أبرهة بن الصباح فغضب لذلك فبعث إليه رجلا من قومه، يقال له حناطة الحميري- وكان يهزم جيشا وحده- فأقبل يسير حتى دخل مكة، فسأل عن كبير الناس بها فقالوا: عبد المطلب، فلما دخل نظر إلى وجهه فتلجلج لسانه، وخرّ مغشيا عليه وخار كما يخور الثور عند ذبحه، فلما أفاق خرّ ساجدا لعبد المطلب فقال: أشهد أنك سيد قريش حقا. ويروى أن أبرهة بعثه ليسأل عن سيد أهل البلد، وقال: قل له: إن الملك يقول: إني جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تتعرضوا لي بقتال فلا حاجة لي بدمائكم، فلما سأل عن سيد قريش قيل: عبد المطلب، فأخبره بما قال أبرهة فقال عبد المطلب: والله ما نريد حربه، هذا بيت الله الحرام، وإن للبيت ربا يحميه، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يخلّي بينكم وبينه فما عندنا دفع. فلما أدى الرسالة قام عبد المطلب فركب في نفر من قريش فلما أن توسط العسكر سعى سعيا حتى دخل على الملك وقال: قد جاءكم اليوم سيد قريش حقّا، قال: ويلك كيف علمت ذلك؟ قال: لأني لم أر في الآدميين أجمل منه، فأخذ أبرهة زينته ثم أذن لعبد المطلب حتى دخل عليه فأخذ بكلتا يديه وأجلسه على سرير ملكه، وأقبل الملك على وجه عبد المطلب ثم قال: هل كان في آبائك من كان له مثل هذا النور والجمال؟ فقال عبد المطلب: نعم، كل آبائي كان لهم هذا النور والبهاء، فقال الملك أبرهة: فأنتم قوم قد فاخرتم الملوك وقد حق لك أن تكون سيد قومك. ويروى أن عبد المطلب لما جاء إلى عسكر أبرهة طلب صديقا له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 يقال له: ذو نفر، فسأل عنه فإذا هو في الحبس، فوجده محبوسا، فقال له عبد المطلب: يمكنك أن تتشفع إلى الملك؟ فقال ذو نفر: ما غنى رجل أسير بيد الملك ينتظر أن يقتله بكرة أو عشيا، ولكن إن سايس الفيل صديق لي أوصيه بك، قال: حسبي، فأرسل إلى أنيس سايس الفيل وقال: إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والجبل والوحوش في رؤس الجبال، فجاء إليه واستأذن على الملك، فلما رآه أكرمه، ونزل عن سريره وأجلسه مع نفسه، فقال الترجمان له: إنه قد أخذ له أربعمائة إبل، فقال أبرهة لترجمانه: قل له: تسألني أربعمائة إبل وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك؟ فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، فقال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك. 35- وقيل: إنهم عرضوا ثلث أموال تهامة على أبرهة ليرجع ولا يهدم البيت فأبى، وقام عبد المطلب وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال: يا رب إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك (35) - قوله: «يا رب إن المرء» : لم يتفق الرواة والنقلة على جميع ألفاظ رجز عبد المطلب، فبعضهم يبدل قوله: «يا رب» ب: اللهمّ، وبعضهم يقول فيه: «حلالك» بدل: «رحالك» ، وزاد السهيلي في الروض بيتا فقال: وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك وذكر بعض من أخرج القصة رجزا وأبياتا لعبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب البيت منها: يا رب لا أرجو لهم سواكا - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك ولئن فعلت فإنه أمر تتم به فعالك ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، فانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال محزونين. فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ الفيلة وعبأ جيشه، وكان اسم الفيل محمودا، وكان من عزم أبرهة هدم البيت والرجوع إلى اليمن، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جنب الفيل فالتقم أذنه فقال: ابرك محمود فارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه، وخرج نفيل حتى صعد الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، ووجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك. - يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا امنعهم أن يخربوا قراكا وفي تفسير ابن جرير أيضا أنه قال هذه الأبيات وهو ممسك بحلقة باب الكعبة: وكنت إذا أتى باغ بسلم ... نرجى أن تكون لنا كذلك فولّوا لم ينالوا غير خزي ... وكان الحين يهلكهم هنالك ولم أسمع بأرجس من رجال ... أرادوا العز فانتهكوا حرامك جروا جموع بلادهم ... والفيل كي يسبوا عيالك قوله: «نفيل بن حبيب» : الخثعمي، وقال السهيلي في الروض: هو نفيل بن عبد الله بن جزء بن عامر ابن مالك الخثعمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 36- وقيل: إنه لما دخل عبد المطلب على أبرهة ملك الحبشة التفت إلى سايس الفيل- وكان فيلا عظيما، أبيض له نابان مرصعان بأنواع الجواهر والدر، وكان يباهي بذلك الفيل ملوك الأرض، وكان ذلك الفيل لا يسجد للملك أبرهة بن الصباح كما يسجد له سائر الفيلة- فقال الملك لسايس الفيل: أخرجه، فأخرجه وقد زين بكل زينة على وجه الأرض، فلما نظر الفيل إلى وجه عبد المطلب خرّ ساجدا ونادى بلسان الآدميين: السلام عليك أيها النور الذي في ظهرك يا عبد المطلب، معك العز والشرف، لن تذل ولن تغلب، فلما نظر الملك إلى ذلك وقعت عليه الرعدة وظن أن ذلك سحر، فبعث إلى كل ساحر في مملكته فجمعهم وقال: الويل لكم، حدثوني عن هذا الفيل، لم سجد لعبد المطلب؟ قالوا: إنه لم يسجد له، وإنما سجد لنور يخرج من ظهره في آخر الزمان يقال له: محمد صلى الله عليه وسلم يملك الدنيا ويذل ملوك الأرض ويدين بدين صاحب هذا البيت- إله إبراهيم- وملكه أعظم من ملك أهل الدنيا، فائذن لنا أن نقبل يديه ورجليه، فأذن لهم، فقامت السحرة فقبلوا يدي عبد المطلب ورجليه، وقام الملك وحيدا متواضعا فقبل رأس عبد المطلب، وأمر له بجزيل الجائزة، ورد عليه وعلى قريش ما أخذ منهم، فأرسل الله تعالى عليه وعلى عسكره طيرا أبابيل جاءت من نحو البحر أمثال الخطاطيف والبلسان، مع كل طير منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه مثل الحمص والعدس، فرمت القوم بحصى أذن الله عزّ وجلّ أن تأخذه بمناقيرها وأرجلها من قعر جهنم وترمي بها، فكانت الحصى تقع على رأس الرجل وتخرج من دبره، ويصل إلى ظهر فرسه ويخرج من بطنه، ويصل إلى الأرض فلا يزال يخرق الأرضين إلى السابعة، ودمر الله قومه أجمعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 فأصيب بعضهم وخرج بعضهم يهلكون في الطرق، يسألون عن نفيل ابن حبيب ليدلهم على طريق اليمن، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله تعالى بهم من النقمة: أين المفر والإله الطالب ... والأشرم المغلوب غير الغالب وقال أيضا: حمدت الله إذ عاينت طيرا ... وخفت حجارة تلقى علينا وكل الناس يسأل عن نفيل ... كأن عليّ للحبشان دينا وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط منه أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدّة وصديد وقيح حتى سقطت منه كلها، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون. قوله: «وقال أيضا» : أورد بعضهم الأبيات أتم منها، وفيها: ألا حييت عنا يا ردينا ... وقرّي بالإياب إليك عينا فلو أبصرتنا والجيش يرمى ... بحسبان رثيت لنا ردينا ردينا لو رأيت ولا تريه ... لدى جنب المحصّب ما رأينا إذا لعذرتني وحمدت أمري ... ولم تأسي على ما فات بينا حمدت الله إذ أبصرت طيرا ... وسفي حجارة تسفى علينا وأمطرنا بلا ماء ولكن ... عذاب نقيمة أردفن حينا فكل الناس يسأل عن نفيل ... كأن عليّ للحبشان دينا قوله: «مدّة» : المدة ما يجتمع في الجرح من الدم الفاسد والقيح والصديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 37- ويقال: إن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رؤي بها من الشجر: الحنظل والحرمل، ويقال: إن حمام اليمامة من نسل ذلك الطير. 38- وقيل: إن الحر الذي بقي بالحجاز من حرارة ذلك. 39- وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت قائد الفيل وسايسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان. (37) - قوله: «أول ما رؤيت الحصبة والجدري» : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3467] ، وسعيد بن منصور- كما في الدر المنثور [8/ 631]- ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 123] ، وابن جرير في تفسيره [30/ 298- 299] ، جميعهم من طرق عن عكرمة قوله، دون ذكر الحصبة، وأخرج ابن إسحاق في السيرة [/ 65] قال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس قال: حدثت أنه أول ما رؤي في أرض العرب: الحصبة، والجدري ومرائر الشجر من العشر والحرمل وأشباه ذلك عام الفيل. (39) - قوله: «عن عائشة» : أخرجه ابن إسحاق في السيرة [/ 65] : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة به، ومن طريق ابن إسحاق البيهقي في الدلائل [1/ 125] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضا [8/ 633] للواقدي، وابن مردويه، وأبي نعيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 [9- فصل: في بشارة سيف بن ذي يزن بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وإخباره عبد المطّلب بأمره] 9- فصل: في بشارة سيف بن ذي يزن بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وإخباره عبد المطّلب بأمره 40- فلما هلك أبرهة ملك الحبشة، ملك يكسوم، ثم بعد يكسوم أخوه مسروق بن أبرهة فقتله الفرس، وملك سيف بن ذي يزن. فكان بعد ذلك أن عظّمت العرب قريشا وقالوا: أهل الله، قاتل عنهم وكفاهم مؤنة عددهم. فخرجت وفود العرب لتهنئة سيف بن ذي يزن، فأكرمهم وفضل قريشا عليهم وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وكان فيهم عبد المطلب بن هاشم فدخلوا عليه، فدنا عبد المطلب فاستأذن للكلام فقال له: إن كنت ممن تتكلم بين يدي الملوك فتكلم، فابتدأ الكلام فقال: قوله: «في بشارة سيف بن ذي يزن» : أخرج هذه البشارة مسندة أصحاب السير والتاريخ، وأوردها معلقة من بعدهم ممن صنف في السير والفضائل والأدب. هواتف الجنان للخرائطي [/ 188] رقم 20، الملحق بالمنمق لأبي سعيد السكري [/ 538] ، الدلائل لأبي نعيم [1/ 95] رقم 50، أعلام النبوة للماوردي [/ 233- 236] ، تاريخ مكة للأزرقي [1/ 149] ، المنتظم لابن الجوزي [2/ 276] ، دلائل البيهقي [2/ 9] ، تاريخ ابن عساكر [1/ 441] ، الأغاني [16/ 76] ، العقد الفريد [2/ 23] ، البداية والنهاية [2/ 330] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 إن الله جل وجلاله أحلّك أيها الملك محلا رفيعا، صعبا منيعا، شامخا باذخا، وأنبتك من منبت من عزّت أرومته، وطابت جرثومته، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يهلك من أنت خلفه، ولن يخمل ذكر من أنت سلفه، أخرجنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة. قال: فأيهم أنت أيها المتكلم؟، فقال: أنا عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف، قال: ابن أختنا؟، قال: نعم. فأدناه ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا ..... قوله: «باذخا» : أي رفيعا، وشرف البذخ: عال. قوله: «من عزت أرومته» : الأروم- بفتح الهمزة، وزن أكول-: الأصل، ومنه قول زهير: لهم في الذاهبين أروم صدق ... وكان لكل ذي حسب أروم قوله: «لا وفد المرزئة» : الرزء: المصيبة بفقد الأعزة، وهو من الانتقاص، المعنى: لا وفد التعزية في المصيبة. قوله: «ابن أختنا» : إنما قال له ذلك لما قيل: إن سلمى أم عبد المطلب خزرجية من اليمن من قوم سيف بن ذي يزن. قوله: «ومستناخا سهلا» : النخ: سوق الإبل وحثها على الإبراك، والمستناخ: المكان الذي تنخ فيه الدواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وملكا ربحلا، تعطى عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالتكم، وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، فأنتم أهل الليل والنهار، لكم الكرامة ما أقمتم، والحبا إذا ظعنتم. ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود، فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم في الانصراف، قال: وأجريت عليهم الأموال، ثم انتبه لهم انتباهة، فأرسل إلى عبد المطلب، فأدناه وأخلى مجلسه ثم قال: يا عبد المطلب إني مفوض إليك من سر علمي أمرا لو كان غيرك لم أبح به لكني وجدتك معدنه فأطلعتك طلعه وليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ فيه أمره، إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، واحتجبناه دون غيرنا، خبرا جسيما، وخطبا عظيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الممات للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة، فقال عبد المطلب: أيها الملك مثلك سر وبر، فما هو فداك أهل المدر زمرا بعد زمر؟، قال: إذا ولد بتهامة، غلام به علامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة، إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلب: أبيت اللعن، لقد أبت بخير ما آب بمثله وافد قوم، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله لأخبرته من شأنه ما ازداد به سرورا. قوله: «وملكا ربحلا» : الرّبحل: الرجل الرفيع الشأن الكثير العطاء. قوله: «أهل المدر» : يعني: أهل القرى والأمصار. قوله: «لأخبرته من شأنه» : كذا في نسخة، وفي أخرى: لأخبرنه من شأنه إياي، وفي أكثر المصادر: لسألته من بشارته إياي، فكأن في النسخة الثانية تصحيفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 قال الملك: هذا حينه الذي يولد فيه- أو قد ولد- اسمه محمد، بين كتفيه شامة، يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه، وأعداؤه يكيدونه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، يعز بهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم الأرض، يعبد الرحمن، ويدحض الشيطان، ويكسر الأوثان، ويخمد النيران، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله. فقال له عبد المطلب: أيها الملك عز جدك، ودام ملكك، وعلا كعبك، فهل الملك سارّني بإفصاح، فقد وضح لي بعض الإيضاح؟ قال الملك سيف بن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النصب، إنك يا عبد المطلب لجده غير الكذب. قال: فخرّ عبد المطلب ساجدا، فقال الملك: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا كعبك، فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك؟ قال: نعم أيها الملك، إنه كان لي ابن، وكنت به معجبا، وعليه رفيقا، وإني زوجته كريمة من كرائم قومي: آمنة بنت وهب بن عبد مناف ابن زهرة، فجاءت بغلام فسميته محمدا، مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه. قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحفظه، واحذر قوله: «يعز بهم أولياءه» : في الأصل: «يعز به أولياءه، ويذل به أعداءه» فكأن الضمير فيها يعود للنبي صلى الله عليه وسلم، ويشكل عليه ما بعده قوله: ويضرب بهم الناس، والضمير فيها يعود على الأنصار الذين ذكرهم الملك وأنهم من قومه، وفي جميع المصادر: يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 عليه من اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تتداخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة، فينصبون له الحبائل، ويبغون له الغوائل، وإنهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شك، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصيّر يثرب دار ملكي، فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أقيه من آلافات، وأحذر عليه من العاهات لأوطأت أسنان العرب كعبه، ولأعليت على حداثة سنه أمره، ولكني صارف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك. ثم أمر لكل واحد منهم بمائة من الإبل، وعشرة أعبد، وعشر إماء، وعشرة أرطال ذهب، وعشرة أرطال فضة، وكرش مملوءة عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، ثم قال: ائتني بخبره وما يكون من أمره عند رأس الحول، فكان عبد المطلب يقول: أيها الناس لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاد، ولكن ليغبطني بما يبقى لي ولعقبي شرفه وذكره وفخره، فإذا قيل له: وما ذاك؟ قال: لتعلمن ولو بعد حين. قوله: «ولأعليت على حداثة سنه أمره» : كذا في روايتنا، وعند غيرنا: «ولأعلنت» ، ووقع في «ظ» : «ذكره» بدل «أمره» . قوله: «عند رأس الحول» : في الروايات قال: فمات سيف بن ذي يزن قبل أن يحول عليه الحول. وانظر تخريجنا للقصة في أول الفصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 [10- فصل: في ذكر من تسمّى في الجاهليّة باسمه رجاء أن تدركه النّبوّة لما سمعوا من بشائر خروجه صلى الله عليه وسلم] 10- فصل: في ذكر من تسمّى في الجاهليّة باسمه رجاء أن تدركه النّبوّة لما سمعوا من بشائر خروجه صلى الله عليه وسلم 41- سئل محمد بن عدي بن ربيعة بن سواءة بن جشم: كيف سماك أبوك محمدا؟ فقال: أما إني قد سألت عما سألتني عنه، فقال: إني خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا أحدهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، ويزيد بن عمرو بن خاينة بن حرقوص، وأسامة بن مالك، نريد ابن جفنة (41) - قوله: «سئل محمد بن عدي» : الذي سأله هو خليفة بن عبدة المنقري، وحديثه أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 178] رقم 663 من طريق الطبراني- قال الحافظ في الإصابة: هو في المعجم الأوسط، ولم يذكره في المعجم الكبير-. اه. ولم أر للعلاء بن الفضل في الأوسط إلا حديثا واحدا ليس حديث الباب. وقال في الفتح [6/ 642] : روى حديثه ابن سعد، وابن شاهين، وابن السكن وغيرهم من طريق العلاء بن الفضل، عن أبيه، عن جده عبد الملك ابن أبي سوية، عن أبيه، عن أبي سوية، عن أبيه خليفة بن عبدة المنقري- كذا ولعل الصواب: عن أبي سوية خليفة-. قلت: وقد اختلف في صحبة محمد بن عدي، فأنكرها ابن الأثير، وقال: لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أقدم من زمانه صلى الله عليه وسلم، وتبعه الذهبي في التجريد فقال: كان قبل المبعث فلا وجه لذكره، وقد تعقب ابن حجر إنكار ابن الأثير على ابن منده، فقال: لا إنكار عليه لأن سياقه يقتضي أن لمحمد بن عدي صحبة، بخلاف محمد بن سفيان بن مجاشع. اهـ باختصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الغساني، قال: فلما قدمنا الشام نزلنا على غدير فيه شجرات وقربه ديراني، فسمع الديراني كلاما فصيحا لا يشبه كلامهم، فقال: إن هذه اللغة ما هي لأهل هذا البلد، قلنا: نعم، نحن قوم من مضر، قال: من أي مضر؟ قال: من خندف، قال: أما إنه سيبعث فيكم وشيكا نبي فسارعوا وخذوا حظكم منه ترشدوا، فإنه خاتم النبيين، واسمه محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فلما انصرفنا وصرنا إلى أهلينا ولد لكل رجل منا غلام فسميناه محمدا. قال أبو سعد رحمه الله: وإنما حملهم على هذه التسمية السبب الذي ذكر، وذلك لما أخبرهم الديراني بالأمر العظيم، تنافسوا فيه إما تبركا وتيمنا، وإما تمنيا أن يكون هو ذلك الرجل لما علموا أن هذا اسم ليس له في العالم سمي، فبادروا إليه تأويلا لأحد الأمرين اللذين ذكرنا، والله أعلم. قوله: «إما تبركا وتيمنا، وإما تمنيا» : روى ابن سعد في الطبقات [1/ 169] من حديث علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيّا يبعث من العرب اسمه محمد، فسمى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة. وأخرج من حديث ابن إسحاق قال: سمي محمد بن خزاعي بن حزابة من بني ذكوان من بني سليم طمعا في النبوة، فأتى أبرهة باليمن فكان معه على دينه حتى مات، فلما وجه قال أخوه قيس بن خزاعي: فذلكم ذو التاج منا محمد ... ورايته في حومة الموت تخفق وأخرج من حديث قتادة بن السكن، قال: كان في بني تميم: محمد بن سفيان بن مجاشع- وكان أسقفا- قيل لأبيه: إنه يكون للعرب نبي اسمه- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 ......... - محمد، فسماه محمدا، ومحمد الجشي في بني سواءة، ومحمد الأسيدي، ومحمد الفقيمي، سموهم طمعا في النبوة. وقال القاضي عياض في الشفاء [1/ 229- 230] معلقا على ما ورد في معنى تسميته بأحمد ومحمد وما تضمناه من الفضائل، قال: في هذين الاسمين من عجائب خصائصه وبدائع آياته فن آخر، وهو أن الله جل اسمه حمى أن يسمى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشرت به الأنبياء، فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك. قال: وكذلك محمد أيضا، لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلى الله عليه وسلم وميلاده أن نبيا يبعث اسمه محمد، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، قال: والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد ابن حمران الجعفي، ومحمد بن خزاعي السلمي لا سابع لهم. قال: ويقال: أول من سمّي محمدا: محمد بن سفيان، واليمن تقول: بل محمد بن اليحمد من الأزد، ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدّعي النبوة. وقال السهيلي في الروض [1/ 182] : لا يعرف في العرب من تسمى بهذا الاسم قبله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد صلى الله عليه وسلم وبقرب زمانه، وأنه يبعث في الحجاز أن يكون ولدا لهم، ذكرهم ابن فورك في كتاب الفصول، وهم: محمد بن سفيان بن مجاشع جد جد الفرزدق الشاعر، والآخر: محمد بن حمران بن ربيعة، والثالث: محمد بن أحيحة بن الجلاح، وكان آباء هؤلاء الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك، وكان عنده علم من الكتاب الأول فأخبرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم إن ولد له ذكر أن يسميه- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ......... - محمدا، ففعلوا ذلك. قال الحافظ في الفتح: سبق السهيلي إلى هذا القول أبو عبد الله بن خالويه في كتاب «ليس» قال: وهو حصر مردود، وقد جمعت أسماء من تسمى بذلك في جزء مفرد فبلغوا نحو العشرين، لكن مع تكرر في بعضهم ووهم في بعض، فيتلخص منهم خمسة عشر نفسا: أشهرهم محمد بن عدي بن ربيعة- يعني: الذي أورد المصنف حديثه- ثم ذكر الأسماء التي ذكرها ابن سعد في حديث قتادة، قال: فهؤلاء أربعة ليس في السياق ما يشعر بأن فيهم من له صحبة إلا محمد بن عدي. قال: وقد ذكر عبدان المروزي أن محمد بن أحيحة بن الجلاح أول من تسمى في الجاهلية محمدا، وكأنه تلقى ذلك من قصة تبع لما حاصر المدينة وخرج إليه أحيحة المذكور هو والحبر الذي كان عندهم بيثرب، فأخبره الحبر أن هذا بلد نبي يبعث يسمى محمدا فسمى ابنه محمدا. وذكر البلاذري منهم: محمد بن عقبة بن أحيحة، فلا أدري أهما واحد نسب مرة إلى جده أم هما اثنان. ومنهم: محمد بن البراء البكري، ذكره ابن حبيب، وضبط البلاذري أباه فقال: محمد بن برّ- بتشديد الراء ليس بعدها ألف- ابن طريق بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ولهذا نسبوه أيضا: العتواري، قال: وغفل ابن دحية فعد فيهم محمد بن عتوارة، وهو نسب إلى جده الأعلى. ومنهم: محمد بن اليحمد الأزدي، ذكره المفجع البصري في كتاب المقعد. ومنهم: محمد بن خولي الهمداني، ذكره ابن دريد. ومنهم: محمد حرماز بن مالك اليعمري، ذكره أبو موسى في الذيل. ومنهم: محمد بن أبي حمران، واسمه: ربيعة بن مالك الجعفي المعروف بالشويعر، ذكره المرزباني، فقال: هو أحد من سمّي محمدا في الجاهلية، وله قصة مع امرىء القيس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ......... - ومنهم: محمد بن خزاعي بن علقمة بن حرابة السلمي، من بني ذكوان، ذكره ابن سعد عن علي بن محمد، عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، قال: سمّي محمد بن خزاعي طمعا في النبوة، وذكر الطبري أن أبرهة الحبشي توّجه وأمره أن يغزو بني كنانة، فقتلوه، فكان ذلك من أسباب قصة الفيل، وذكره محمد بن أحمد بن سليمان الهروي في كتاب الدلائل فيمن تسمى محمدا في الجاهلية. ومنهم: محمد بن عمرو بن مغفل- بضم أوله وسكون المعجمة، وكسر الفاء، ثم لام- وهو والد هبيب- بموحدتين مصغر-، وهو على شرط المذكورين فإن لولده صحبة، ومات هو في الجاهلية. ومنهم: محمد بن الحارث بن حديج بن حويص، ذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب، وذكر له قصة مع عمر، وقال: إنه أحد من سمي في الجاهلية محمدا. ومنهم: محمد الفقيمي. ومنهم: محمد الأسيدي، ذكرهما ابن سعد ولم ينسبهما بأكثر من ذلك. قال الحافظ: فعرف بهذا الوجه الرد على الحصر الذي ذكره السهيلي، وكذا الذي ذكره السهيلي- كذا، ولعله: وكذا الذي ذكره ابن خالويه- وكذا الذي ذكره القاضي عياض، وعجب من السهيلي كيف لم يقف على ما ذكره عياض مع كونه كان قبله، وقد تحرر لنا من أسمائهم قدر الذي ذكر القاضي مرتين، بل ثلاث مرار؛ فإنه ذكر في الستة الذين جزم بهم محمد بن مسلمة وهو غلط، فإنه ولد بعد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة، ففضل له خمسة، وقد خلص لنا خمسة، والله المستعان. قال أبو عاصم: كأن الحافظ ابن حجر رحمه الله استفاد هذه الأسماء، واقتبسها من الحافظ مغلطاي فإنه أوردها في الإشارة [/ 62] ، ثم استفاد الحافظ السخاوي ذلك من الحافظ فأوردها في القول البديع، وأوصلها في سبل الهدى إلى ما دون العشرين، والجميع يدورون حولها، والأمر كما قال الحافظ في أول كلامه: فيه تكرار في بعضهم، ووهم في البعض الآخر. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 [11- فصل: ذكر حديث سواد بن قارب الأزديّ في سبب إسلامه وقدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم] 11- فصل: ذكر حديث سواد بن قارب الأزديّ في سبب إسلامه وقدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم 42- أخبرنا الشيخ أبو العباس: إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال- فيما قرىء عليه-، أنا أبو الحسن: علي بن قوله: «ذكر حديث سواد بن قارب الأزدي» : دوسي ويقال: سدوسي، ذكره الجمهور في الصحابة وأوردوا له خبر الباب، قال ابن عبد البر: كان يتكهن في الجاهلية، وكان شاعرا ثم أسلم، وكان عمر رضي الله عنه داعبه يوما فقال: ما فعلت كهانتك يا سواد؟ فغضب وقال: ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جهلنا وكفرنا شر من الكهانة، فما لك تعيرني بشيء تبت منه، وأرجو من الله العفو عنه؟!. انظر عن سواد بن قارب: الإصابة [4/ 293] ، الاستيعاب [4/ 294] ، أسد الغابة [2/ 484] ، التجريد [1/ 248] ، المعرفة [3/ 1404] . (42) - قوله: «ابن ميكال» : الإمام رئيس خراسان، من ذرية كسرى يزدجر بن بهرام جور الفارسي استعمل المقتدر أباه عبد الله على مملكة الأهواز، سمع عبدان الأهوازي، وخصه بكتاب، وسمع ابن خزيمة، وأبا العباس السراج وأملى مجالس، قال الحاكم: عرضت عليه ولايات جليلة فامتنع، توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وله اثنتان وتسعون. سير أعلام النبلاء [16/ 156] ، معجم الأدباء [7/ 5] ، الشذرات [3/ 41] ، إنباه الرواة [1/ 199] ، العبر [2/ 327] ، اللباب [3/ 283] ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 سعيد بن عبد الله العسكري، ثنا محمد بن الحسين بن معدان، ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ........ - يتيمة الدهر [4/ 354] ، وفيات الأعيان [4/ 323] ، الوافي بالوفيات [9/ 148] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 362- ص: 290] ، مرآة الجنان [2/ 375] . قوله: «العسكري» : الإمام المحدث الرحال، نزل الري، حدث عن ابن المثنى، والزبير بن بكار وطبقتهم، وروى عنه أبو الشيخ وابن مطر، وابن حمدان شيوخ المصنف، قال الذهبي في السير: قال ابن مردويه في تاريخه: كان العسكري من الثقات، يحفظ ويصنف. سير أعلام النبلاء [14/ 463] ، الشذرات [2/ 246] ، تذكرة الحفاظ [2/ 749] ، تاريخ جرجان [/ 267] ، طبقات الحفاظ [/ 315] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 305 هـ- ص 164] . قوله: «ثنا محمد بن الحسين بن معدان» : لم أجد محمد بن الحسين هذا وأخشى أن يكون اسم محمد تصحف من علي، فعلي بن الحسين بن معدان الفسوي من هذه الطبقة يحدث عن ابن راهويه والحسين بن حريث فلا أدري هو هذا أو غيره. انظر عن علي بن الحسين بن معدان في: تاريخ بغداد [5/ 104] ، سير أعلام النبلاء [14/ 520] ، العبر [2/ 172] ، الشذرات [2/ 276] . قوله: «سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي» : من شيوخ البخاري في الصحيح، وأحد الحفاظ، غير أنه مكثر عن الضعفاء والمجاهيل، فتكلم فيه بسبب ذلك، قال غير واحد: لا بأس به إذا روى عن ثقة، وفي حديثه مناكير إذا روى عن الضعفاء والمجاهيل. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ثنا الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، ثنا أبو معمر: عباد بن عبد الصمد قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: أخبرني سواد بن قارب الأزدي قال: كنت نائما على جبل من جبال السراة فأتاني آت فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب، أتاك رسول الله صلى الله عليه وسلم من لؤي بن غالب. قال: فاستويت قاعدا فأدبر وهو يقول: عجبت للجن وأرجاسها ... ورحلها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما صالحوها مثل أنجاسها فارحل إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى رأسها - تهذيب الكمال [12/ 26] ، سير أعلام النبلاء [11/ 136] ، تهذيب التهذيب [4/ 181] ، الكاشف [1/ 317] . قوله: «الحكم بن يعلى بن عطاء» : هو الرعيني، أحد الضعفاء، ليس له في الكتب الستة شيء، قال غير واحد: ضعيف الحديث، منكر الحديث، وقال البخاري: عنده عجائب، وأورد حديث الباب في ترجمة سواد ولم يصححه من أجله. الجرح والتعديل [3/ 130] ، التاريخ الكبير [2/ 342] ، الميزان [2/ 106] ، اللسان [2/ 341] . قوله: «عباد بن عبد الصمد» : البصري، نزل أفريقية، سمع أنس بن مالك، ليس له في الكتب الستة شيء، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث، لا أعرف له حديثا صحيحا، وقال البخاري: فيه نظر. الجرح والتعديل [6/ 82] ، التاريخ الكبير [6/ 41] ، الميزان [3/ 83] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قال: ثم عدت فنمت، فأتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب، أتاك رسول الله صلى الله عليه وسلم من لؤي بن غالب. فاستويت قاعدا، فأدبر وهو يقول: عجبت للجن وتطلابها ... ورحلها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما صادقوها مثل كذابها فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأذنابها قال: فأصبحت فقعدت على بعيري حتى أتيت مكة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر بها، فأخبرته الخبر وبايعته صلى الله عليه وسلم. قوله: «فأخبرته الخبر وبايعته صلى الله عليه وسلم» : أخرجه من هذا الوجه من حديث سليمان الدمشقي: البخاري في تاريخه الكبير [4/ 202] الترجمة رقم 2497 بلفظ مختصر، وقال: ولا يصح، الحكم بن يعلى، يعني لما فيه من الضعف. وأخرجه: الطبراني في معجمه الكبير [7/ 111] رقم 6476، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 250] : إسناده ضعيف. وأخرجه أيضا: الحافظ البيهقي في الدلائل [2/ 253] ، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1406] رقم 3553، وابن عدي في الكامل [2/ 628] ، وابن عساكر في تاريخه، والبغوي في الصحابة، كما في الخصائص- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 43- ويروى أن سواد بن قارب لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشأ يقول: أتاني نجيي بعد هدء ورقدة ... ولم يك فيما قد تلوت بكاذب ثلاث ليال قوله كل ليلة: أتاك ... رسول الله من لؤي بن غالب فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت ... بي الزعلب الوجناء بين السباسب فأشهد أن الله لا إله غيره ... وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى ... وإن كان فيما جاء شيب الذوائب وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب قال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مقالتي فرحا شديدا. - الكبرى للسيوطي [1/ 255] . قال أبو عاصم: للحديث طرق أخرى، وأصله في صحيح البخاري كما سيأتي بيانه إن شاء الله في الذي بعده. (43) - قوله: «ويروى أن سواد بن قارب» : لحديثه طرق مختلفة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 109] رقم 6475، وفي الأحاديث الطوال برقم 31، والحاكم في المستدرك [3/ 608] ، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1407] رقم 3554، وفي الدلائل [1/ 111] رقم 62، والبيهقي كذلك في الدلائل [2/ 252] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 144. ومن هذا الوجه رواه أبو يعلى الموصلي في معجم الشيوخ [/ 329] ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 252] ، وابن سيد الناس في عيون الأثر [1/ 72] ، والحسن بن سفيان- كما في الإصابة والخصائص للسيوطي [1/ 255] ، جميعهم من حديث عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، عن محمد بن كعب القرظي قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاعدا في المسجد ... الحديث بطوله، قال الذهبي في التلخيص: منقطع. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 ......... - قلت: والوقاصي متروك، لكن ذكر الحافظ في الفتح أنه معضد بطريق أبي جعفر الآتي. وله طريق أخرى، فأخرجه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1405] رقم 3551، والخرائطي في هواتف الجنان [/ 148] رقم 3، والروياني في مسنده، وابن أبي خيثمة فيما ذكره الحافظ في الإصابة، والسيوطي في الخصائص من طريق سعيد ابن عبيد الله الوصافي، عن أبيه عن أبي جعفر الباقر قال: دخل سواد بن قارب ... الحديث بطوله. وأخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 249] من حديث أبي إسحاق السبيعي، عن البراء قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس على منبر النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ ... القصة بطولها. وأخرجه أبو نعيم أيضا في المعرفة برقم 3552 من حديث الحسن بن عمارة، عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: دخل سواد بن قارب ... فذكره باختصار. ومن هذا الوجه أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده- كما في الخصائص الكبرى للسيوطي [1/ 255] . وقال السيوطي: وأخرجه ابن شاهين في الصحابة من طريق الفضل بن عيسى القرشي، عن العلاء بن زيد، عن أنس بن مالك. قال أبو عاصم: وأصل هذا الحديث في صحيح الإمام البخاري، فقال في مناقب الأنصار، باب إسلام عمر بن الخطاب: وحدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني عمر، أن سالما حدثه: عن عبد الله بن عمر قال: ما سمعت عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال عمر: لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم، عليّ الرجل، فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 ......... - فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنّيتك؟ قال: بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت: ألم تر الجن وإبلاسها ... ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال عمر: صدق، بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول: لا إله إلا أنت، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله، فقمت فما نشبنا أن قيل: هذا نبي. لم يصرح البخاري بأن الكاهن هو سواد بن قارب، وقد أورده ابن كثير في جزء السيرة من التاريخ [1/ 342] وقال: تفرد به البخاري، وهذا الرجل هو سواد بن قارب الأزدي، ويقال: السدوسي من أهل السراة من جبال البلقاء، له صحبة ووفادة. اه. وكذا جزم بأنه سواد بن قارب: الحافظ في الفتح، والعيني في العمدة والسيوطي في الخصائص وغيرهم، والله أعلم. ومما يروى في الباب أيضا ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 158] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 246] من حديث ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: إن بني غفار قرّبوا عجلا ليذبحوه على نصب من أنصابهم، فبينا هو موقوف إذ صاح فقال: يا آل ذريح ... أمر نجيح صائح يصيح ... بلسان فصيح يدعو بمكة أن لا إله إلا الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 44- وبينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم جالس إذ مر به رجل، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟ قال: ومن هذا؟ قالوا: هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيّه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأرسل إليه عمر فقال له: أنت الذي أتاك رئيّك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان أتاني آت فضربني برجله ... وذكر الحديث. - قال: فكفوا عنه وذهبوا ينظرون، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث. قال المعتمر: فسألت عنه الحجاج بن أرطاة فقال: سمعته من مجاهد، وحدثني الحجاج ببعضه. قال: ورواه أحمد بن حنبل [4/ 75] قال: حدثنا محمد بن بكر البرساني، ثنا عبيد الله بن أبي زياد، قال: حدثني عبد الله بن كثير الداري، عن مجاهد قال: أخبرنا شيخ أدرك الجاهلية ونحن في غزوة- يقال له: ابن عيسى-: كنت أسوق لآل لنا بقرة، قال: فسمعت من جوفها: يا آل ذريح ... قول فصيح رجل يصيح ... أن لا إله إلا الله قال: فقدمنا مكة، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج. قال البيهقي: وهذا فيما أخبرنا الإمام أبو عثمان قال: أخبرنا أبو محمد الأزدي قال: حدثنا أبو بكر الحفيد، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي ... فذكره. قال أبو عبد الرحمن عبد الله: هذا حديث غريب بإسناد جيد. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 243] : رجاله ثقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 45- وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنظر إليه عمر فقال: أكاهن أنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين قد هدى الله بالإسلام كل جاهل، ورفع بالحق كل باطل، وأقام بالقرآن كل مائل، وأغنى بمحمد صلى الله عليه وسلم كل عائل. فقال عمر: متى عهدك بها؟ - يعني صاحبته- قال: قبيل الإسلام، أتتني فصرخت يا إسلام، يا إسلام، الحق المبين، والخير الدائم، غير حلم النائم، الله أكبر. فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين أنا أحدثك مثل هذا، والله إنا لنسير في دوية ملساء، لا يسمع فيها إلا الصدى، إذ نظرنا فإذا راكب مقبل أسرع من الفرس، حتى كان منا على قدر ما يسمعنا صوته فقال: يا أحمد يا أحمد، الله أعلى وأمجد، أتاك ما وعدك من الخير يا أحمد، ثم ضرب راحلته حتى أتى من ورائنا. فقال عمر: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأكرمنا به. فقال رجل من الأنصار: أنا أحدثك يا أمير المؤمنين بمثل هذا وأعجب، قال عمر: حدّثه، قال: انطلقت أنا وصاحبان لي نريد الشام، حتى إذا كنا بقفرة من الأرض فنزلناها، فبينا نحن كذلك إذ لحقنا راكب، فكنا أربعة، وقد أصابنا سغب شديد، فالتفت فإذا أنا بظبية عضباء ترتع (45) - قوله: «وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي» : يروي عن المقبري، عن أبي هريرة، ليس له في الكتب الستة شيء، له ترجمة في التاريخ الكبير والجرح والتعديل. وحديثه أخرجه الواقدي، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 208، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل كما في الخصائص [1/ 259] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 قريبا منا، فوثبت إليها فقال الرجل الذي لحقنا: خل سبيلها لا أبا لك، والله لقد رأيتها ونحن نسلك هذا الطريق ونحن عشرة أو أكثر من ذلك فتخطف بعضنا، فما هو إلا أن كانت هذه الظبية فيما يهاج بها، فأبيت، فقلت: لا لعمرو الله لا أخليها، فارتحلنا وقد شددتها معي حتى إذا ذهب سدفة من الليل إذا هاتف يهتف بنا ويقول: يا أيها الركب السراع الأربعة ... خلوا سبيل النافر المفزعة خلوا عن العضباء في الوادي سعة ... لا تذبحن الظبية المروّعة فيها لأيتام صغار منفعة قال: فخليت سبيلها ثم انطلقنا حتى أتينا الشام، فقضينا حوائجنا، ثم أقبلنا حتى إذا كنا بالمكان الذي كنا فيه هتف هاتف من خلفنا: إياك لا تعجل وخذها مرفقه ... فإن شر السير سير الحقحقه قد لاح نجم فأضاء مشرقه ... يخرج من ظلماء نار موثقه ذاك رسول مفلح من صدقه ... الله أعلى أمره وحققه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 [12- فصل: ذكر الكاهنة الّتي تعرّضت لعثمان بن عفّان رضي الله عنه] 12- فصل: ذكر الكاهنة الّتي تعرّضت لعثمان بن عفّان رضي الله عنه 46- ويروى عن عمر بن قتادة قال: قال عثمان بن عفان: خرجنا في عير إلى الشام قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كنا بأفواه الشام- وبها كاهنة- فتعرضتنا فقالت: أتاني صاحبي فوقف علي فقلت: ألا تدخل؟ فقال: لا سبيل إلى الدخول، خرج أحمد، وجاء أمر لا يطاق. (46) - قوله: «ويروى عن عمر بن قتادة» : أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 108] رقم 58 بإسناد فيه الواقدي، والكلام فيه معروف ومشهور، لكن له شاهد من حديث يزيد بن رومان قال: خرج عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله على أثر الزبير بن العوام فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام، وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام ووعدهما بالكرامة من الله فآمنا وصدقا فقال عثمان: يا رسول الله قدمت حديثا من الشام فلما كنا بين معان والزرقاء فنحن كالنيام إذا مناديا يناد بنا: أيها النيام هبّوا فإن أحمد قد خرج بمكة، فقدمنا فسمعنا بك. قد علمت أن هذا الشاهد لا يقوي أثر الباب لأن فيه الواقدي أيضا، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 55] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 22] . لكن له من الشواهد ما يقويه، فأخرج الإمام عبد الله في زوائده على مسند أبيه [3/ 356] من حديث ابن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: إن أول خبر قدم علينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة كان لها تابع، قال: فأتاها في صورة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 قال: ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة يدعو إلى الله عز وجل. - طير فوقع على جذع لهم، فقالت له: ألا تنزل فنخبرك وتخبرنا؟ قال: إنه قد خرج رجل بمكة حرم علينا الزنا، ومنع من الفرار. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 243] : رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 167] قال: أخبرنا علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن علي بن حسين قال: كانت امرأة في بني النجار يقال لها فاطمة بنت النعمان، كان لها تابع من الجن، فكان يأتيها، فأتاها حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فانقض على الحائط، فقالت: ما لك لم تأت كما كنت تأتي؟ قال: قد جاء النبي الذي يحرم الزنا والخمر. قال ابن سعد أيضا [1/ 167] : أخبرنا علي بن محمد، عن عبد الله بن محمد القرشي من بني أسد بن عبد العزى، عن الزهري قال: كان الوحي يستمع، وكان لامرأة من بني أسد تابع، فأتاها يوما وهو يصيح: جاء أمر لا يطاق، أحمد حرم الزنا، فلما جاء الله بالإسلام منعوا الاستماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 [13- فصل: ذكر إسلام عمرو الهذليّ] 13- فصل: ذكر إسلام عمرو الهذليّ 47- عن عبد الله بن يزيد الهذلي، عن سعيد بن عمرو الهذلي، عن أبيه قال: حضرت مع رجال من قومي صنما ببوانة وقد سقنا إليه الذبائح، فكنت أول من قرب إليه بقرة سمينة، فذبحتها على الصنم، فسمعنا من جوفها العجب العجاب: خرج نبي من الأجناب، يحرم (47) - قوله: «عن سعيد بن عمرو الهذلي» : لم أر من أفرده بترجمة، فأما أبوه فمذكور في الصحابة، قال الحافظ في الإصابة [7/ 113] : أخرج أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى من طريق عبد الله بن يزيد ... القصة، اه. وقد أسندها أبو نعيم في ترجمته من المعرفة [4/ 2043] رقم 5130 من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد به مختصرا. وأخرجها بطولها ابن سعد في الطبقات [1/ 167- 168] وفي إسناده الواقدي. وأخرج أيضا من طريقه [1/ 168] قال: حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي، عن عبد الله بن ساعدة الهذلي، عن أبيه قال: كنا عند صنمنا سواع، وقد جلبت إليه غنما لي: مائتي شاة قد كان أصابها جرب، فأدنيتها منه أطلب بركته، فسمعت مناديا من جوف الصنم ينادي: قد ذهب كيد الجن، ورمينا بالشهب لنبي اسمه أحمد، قال: قلت قد عبرت والله، فأصرف وجه غنمي منحدرا إلى أهلي، قال: فلقيت رجلا فخبرني بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 202 من طريق الواقدي أيضا قال: حدثني ابن أبي ذئب، عن مسلم بن حبيب، عن النضر بن سفيان الهذلي، عن أبيه قال: خرجنا في عير لنا إلى الشام، فلما كنا بين الزرقاء- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 الزنا، ويحرم الذبائح للأصنام، وحرست السماء، ورمينا بالشهب. قال: فتفرقنا وقدمنا مكة، فسألنا فلم نجد أحدا يخبرنا بخروج محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لقينا أبا بكر الصديق رضوان الله عليه، فقلنا: يا أبا بكر أخرج أحد بمكة يدعو إلى الله عز وجل يقال له: أحمد؟ قال: وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، قال: نعم، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعانا إلى الإسلام، فقلنا: حتى ننظر ما يصنع قومنا، ويا ليت أنا أسلمنا يومئذ، فأسلمنا بعد. - ومعان وعرسنا من الليل، إذا بفارس يقول: أيها النوام هبّوا، فليس هذا بحين رقاد، قد خرج أحمد، وطردت الجن كل مطرد، قال: ففزعنا ونحن رفقة جرارة، كلهم قد سمع هذا، فرجعنا إلى أهلنا، فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش في نبي خرج بينهم من بني عبد المطلب اسمه أحمد. قوله: «فأسلمنا بعد» : قال الحافظ في الإصابة: أسلمت هذيل عند فتح مكة، وقد ذكر الواقدي من وجه آخر- يعني: قصة الباب-: أن رجلا من هذيل يقال له عمرو، قدم مكة بغنم فباعها، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام وأخبره بالحق، فقام إليه أبو جهل فقال: انظر إلى ما يقول لك، فإياك أن تركن إلى قوله، قال: ففارقه الهذلي، قال: ثم إن الهذلي أسلم يوم الفتح، قال الحافظ: فيجوز أن يكون هو المذكور، ويحتمل أن يكون آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 [14- فصل: ذكر حديث قسّ بن ساعدة] 14- فصل: ذكر حديث قسّ بن ساعدة 48- أخبرنا أبو علي: الحسين بن أحمد بن محمد بن موسى رحمه الله، قوله: «ذكر حديث قس بن ساعدة» : هو قس بن ساعدة بن حذافة بن زفر بن إياد بن نزار الإيادي، أوردوه في الصحابة، قال الحافظ في الإصابة: البليغ الخطيب المشهور، ذكره أبو علي بن السكن، وابن شاهين، وعبدان المروزي، وأبو موسى في الصحابة، وصرح ابن السكن بأنه مات قبل البعثة، وذكره أبو حاتم السجستاني في المعمرين وقال: إنه عاش ثلثمائة وثمانين سنة، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكمته، وهو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وقال المرزبان: ذكر كثير من أهل العلم أنه عاش ستمائة سنة، وكان خطيبا حكيما عاقلا له نباهة وفضل. اه. باختصار. انظر عن قس بن ساعدة في: الإصابة [8/ 253] ، التجريد [2/ 15] ، أسد الغابة [4/ 403] . (48) - قوله: «الحسين بن أحمد» : هكذا في الأصل، وأظن أن في الاسم تصحيفا ويحتمل أن يكون نسب إلى جدّه؛ يقع في ظني- والله أعلم- أنه: الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن ماسرجسي الحافظ الكبير، والإمام النحرير: أبو علي الماسرجسي، أحد أعلام الرواية والحفظ والدراية، مشهور في تلاميذ السراج، وسمع منه المصنف والحاكم وقال: صنف المسند الكبير في ألف جزء وثلاث مئة جزء- يعني مهذبا معللا- وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد، فكان يحفظه مثل الماء. توفي أبو علي سنة خمس وستين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 287] ، المنتظم [14/ 244] ، تذكرة الحفاظ [3/ 955] ، النجوم الزاهرة [4/ 111] ، تاريخ ابن عساكر [14/ 292] ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 ثنا أبو العباس: محمد بن إسحاق السرّاج، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، عن محمد بن هانئ الطائي، ثنا محمد بن الحجاج اللخمي، ثنا مجالد، - الوافي بالوفيات [13/ 31] ، بغية الطلب لابن العديم [6/ 2738] ، البداية والنهاية [11/ 283] ، تاريخ الإسلام [وفيات 365- ص 337] . قوله: «ثنا أبو العباس: محمد بن إسحاق السراج» : الإمام الحافظ الثقة: شيخ الإسلام، محدث خراسان، الثقفي مولاهم، الخراساني، النيسابوري صاحب المسند الكبير على الأبواب، وصاحب التاريخ والمصنفات المفيدة النافعة، روى عنه الشيخان شيئا يسيرا خارج الصحيحين وأبو حاتم الرازي- وهو من شيوخه-. قال الخطيب: كان من الثقات الأثبات، عني بالحديث، وصنف كتبا كثيرة، وهي معروفة، قال الحافظ الذهبي في السير: بلغ سبعا- أو خمسا- وتسعين سنة، قال أبو إسحاق المزكي عنه: ولدت سنة ثماني عشرة ومئتين، وختمت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف ختمة، وضحيت عنه اثني عشر ألف أضحية. سير أعلام النبلاء [14/ 388] ، الجرح والتعديل [7/ 196] ، تاريخ بغداد [1/ 248] ، المنتظم [13/ 252] ، تذكرة الحفاظ [2/ 731] ، الوافي بالوفيات [2/ 187] ، طبقات السبكي [3/ 108] ، طبقات الجزري [2/ 97] ، النجوم الزاهرة [3/ 314] ، مرآة الجنان [2/ 266] ، البداية والنهاية [11/ 153] ، تاريخ الإسلام [وفيات 313- ص 462] . قوله: «ثنا محمد بن الحجاج اللخمي» : الواسطي نزيل بغداد، أحد الضعفاء، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس بثقة، وكذبه بعضهم، فهو علة إسناد حديث الباب، وقد روي من وجه آخر من غير طريقه كما سيأتي. الضعفاء الكبير [4/ 44] ، التاريخ الكبير [1/ 64] ، الميزان [3/ 509] ، الجرح والتعديل [7/ 234] ، الكامل لابن عدي [6/ 2155] ، المجروحين [2/ 295] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 عن الشعبي، عن ابن عباس: أن وفد بكر بن وائل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حوائجهم قال: هل فيكم أحد يعرف قس بن ساعدة الإيادي؟ قالوا: كلنا نعرفه، قال: فما فعل؟ قالوا: هلك، قال: كأني به على جمل أحمر بعكاظ يقول: أيها الناس اجتمعوا واستمعوا، وعوا: كل من عاش مات، وكل من مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، بحار تموج، وتجارة لن تبور، أقسم قسّ قسما حقّا، لئن كان في الأمر رضى، ليكوننّ سخطا، فإن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم قوله: «عن الشعبي عن ابن عباس» : أخرجه من طريق اللخمي هذا: البخاري في تاريخه الكبير [1/ 64] بلفظ مختصر، والطبراني في الطوال [/ 57] رقم 22، والبزار في مسنده [3/ 286 كشف الأستار] رقم 2759، وابن عدي في الكامل [6/ 2155- 2156] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 104] ، وقال: يتفرد به محمد بن الحجاج اللخمي، عن مجالد، ومحمد متروك. وقال البزار: لا نعلمه يروى من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ومحمد بن الحجاج قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها، ولما لم نجده عند غيره، لم نجد بدا من إخراجه. اه. قلت: ليس قوله: (من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه) بمتجه، وسيأتي ذكر طرقه الأخرى في الرواية التالية. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 419] : محمد بن الحجاج اللخمي كذاب. ولحديث قس بن ساعدة طرق كثيرة: فأخرجه الإمام عبد الله في زوائده على زهد أبيه بإسناد مرسل قوي برقم 2072: حدثنا عياش بن محمد مولى بني هاشم، ثنا الوليد بن هشام القحذمي، حدثني خلف بن أعين بنحوه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 عليه، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أرضوا فأقاموا، أم تركوا فناموا؟ ثم أنشأ يقول: في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها يسعى الأصاغر والأكابر لا يرجع الماضي إليّ ولا من الباقين غابر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر- وأخرجه ابن سعد بلفظ مختصر في الطبقات [1/ 315] من طريق علي بن محمد القرشي عن أبي معشر، عن يزيد بن رومان ومحمد بن كعب، وعن يزيد بن عياض الليثي، عن الزهري قالوا: وقدم وفد بكر بن وائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل منهم: هل تعرف قس بن ساعدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس هو منكم، هذا رجل من إياد تحنف في الجاهلية فوافى عكاظ والناس مجتمعون فيكلمهم بكلامه الذي حفظ عنه. وأخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 101] من طريق ابن هبيرة ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس به. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 103- 104] من وجه آخر عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن خلال هذا التخريج يتبين ضعفها بالنظر إلى كل طريق على حدته، غير أن مجموع طرقها وتعدد مخارجها يشعر بأن للقصة أصلا. قال البيهقي في الدلائل [2/ 113] : وقد روي من وجه آخر عن الحسن البصري، وروي مختصرا من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة، وإذا روي حديث من أوجه وإن كان بعضها ضعيفا دل على أن للحديث أصلا. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 ......... - وقال الحافظ ابن كثير في جزء السيرة من تاريخه: هذه الطرق كالمتعاضدة على إثبات أصل القصة. وقال السيوطي في الخصائص: وقفت عليه من حديث سعد بن أبي وقاص، أخرجه الإمام محمد بن داود الظاهري في كتاب الزهرة له فقال: حدثنا أحمد بن عبيد النحوي، ثنا علي بن محمد المدائني، ثنا محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن سعد ... قال: وهو أمثل طرق الحديث، فإن ابن أخي الزهري فمن فوقه من رجال الصحيحين، وعلي المدائني ثقة، وأحمد بن عبيد قال فيه ابن عدي: صدوق له مناكير. اه. إذا علمت هذا علمت أن قول الحافظ ابن حجر في الإصابة: (طرقها كلها ضعيفة) فيه نظر؛ لما تقدم عن البيهقي، وقد قال السيوطي: لو أن الحافظ وقف على هذه الطريق- يعني طريق الظاهري في الزهد- لحكم للحديث بالحسن خصوصا الطريق الذي في زيادات الزهد لابن حنبل فإنه مرسل قوي. اه. وقال ابن عراق: فإذا ضم إلى هذه الطريق الموصولة التي ليس فيها واه ولا متهم حكم بحسنه بلا توقف. اه. تنزيه الشريعة [1/ 241] . وقال السيوطي في الخصائص [1/ 70] : وأخرج أبو نعيم من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس: أن قس بن ساعدة كان يخطب في قومه في سوق عكاظ فقال في خطبته: سيعمكم حق من هذا الوجه- وأشار بيده نحو مكة- قالوا له: وما هذا الحق؟ قال: رجل أبلج، أحور من ولد لؤي بن غالب يدعوكم إلى كلمة الإخلاص وعيش الأبد ونعيم لا ينفد، فإن دعاكم فأجيبوه، ولو علمت أني أعيش إلى مبعثه لكنت أول من يسعى إليه. وانظر التعليق على الرواية التالية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 49- وفي رواية أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيدنا في إيمان قس بن ساعدة؟ (49) - قوله: «وفي رواية» : أتمها سياقا وأشملها تلك المروية- في حديث الجارود- من طريق علي بن سليمان، عن سليمان بن علي، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، عند البيهقي في الدلائل [2/ 105] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 428] ، وفيها: قال ابن عباس: قدم الجارود بن عبد الله- وكان سيدا في قومه، مطاعا عظيما في عشيرته: مطاع الأمر، رفيع القدر، عظيم الخطر، ظاهر الأدب، شامخ الحسب، بديع الجمال، حسن الفعال، ذا منعة ومال- في وفد عبد القيس من ذوي الأخطار والأقدار، والفضل والإحسان، والفصاحة والبرهان، كل رجل منهم كالنخلة السحوق، على ناقة كالفحل الفنيق قد جنبوا الجياد، وأعدوا للجلاد، مجدّين في سيرهم، حازمين في أمرهم، يسيرون ميلا، ويقطعون ميلا فميلا، حتى أناخوا عند مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل الجارود على قومه والمشائخ من بني عمه، فقال: يا قوم، هذا محمد الأغر، سيد العرب، وخير ولد عبد المطلب، فإذا دخلتم عليه، ووقفتم بين يديه، فأحسنوا عليه السلام، وأقلوا عنده الكلام. فقالوا بأجمعهم: أيها الملك الهمام والأسد الضرغام، لن نتكلم إذا حضرت، ولن نجاوز إذا أمرت، فقل ما شئت، فإنا سامعون، واعمل ما شئت، فإنا تابعون. فنهض الجارود، في كل كمي صنديد، قد دوّموا العمائم، وتردوا الصمائم، يجرون أسيافهم ويسحبون أذيالهم، يتناشدون الأشعار، ويتذاكرون مناقب الأخيار، لا يتكلمون طويلا، ولا يسكتون عيّا؛ إن أمرهم ائتمروا، وإن زجرهم ازدجروا، كأنهم أسد غيل يقدمها ذو لبؤة مهول، حتى مثلوا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل القوم المسجد، وأبصرهم أهل المشهد، دلف الجارود أمام النبي صلى الله عليه وسلم، وحسر لثامه وأحسن سلامه، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 فوثب رجل فقال: بينا يا رسول الله نحن في ملاعبنا فإذا أنا بقس ابن ساعدة واقف على عين ماء متزر بشملة، ومرتدي بأخرى، - ثم أنشأ يقول: يا نبي الهدى أتتك رجال ... قطعت فدفدا وآلا فآلا وطوت نحوك الصحاصح طرا ... لا تخال الكلال فيك كلالا كل دهماء يقصر الطرف عنها ... أرقلتها قلاصنا إرقالا وطوتها الجياد تجمع فيها ... بكماة كأنجم تتلالا تبتغي دفع بأس يوم عبوس ... أوجل القلب ذكره ثم هالا فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك فرح فرحا شديدا، وقربه وأدناه، ورفع مجلسه وحباه، وأكرمه، وقال: يا جارود، لقد تأخر بك وبقومك الموعد، وطال بكم الأمد، قال: والله يا رسول الله، لقد أخطأ من أخطأك قصده، وعدم رشده، وتلك وايم الله أكبر خيبة، وأعظم حوبة، والرائد لا يكذب أهله، ولا يغش نفسه، لقد جئت بالحق، ونطقت بالصدق، والذي بعثك بالحق نبيّا واختارك للمؤمنين وليّا، لقد وجدت وصفك في الإنجيل، ولقد بشر بك ابن البتول، وطول التحية لك والشكر لمن أكرمك وأرسلك، لا أثر بعد عين، ولا شك بعد يقين، مد يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله. قال: فآمن الجارود، وآمن من قومه كل سيد، وسر النبي صلى الله عليه وسلم بهم سرورا، وابتهج حبورا، وقال: يا جارود، هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قسّا؟ قال: كلنا نعرفه يا رسول الله، وأنا من بين قومي كنت أقفو أثره وأطلب خبره: كان قس سبطا من أسباط العرب، صحيح النسب، فصيحا إذا خطب، ذا شيبة حسنة، عمّر سبعمائة سنة، يتقفر القفار، لا تكنه دار، ولا يقره قرار، يتحسى في تقفره بيض النعام، ويأنس بالوحش والهوام، يلبس المسوح، ويتبع السيّاح على منهاج المسيح، لا يفتر من الرهبانية، وتتبعه الأبدان، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وبيده هراوة وهو يقول: لا وإله السماء، لا يشرب القوي من الوحش قبل الضعيف، بل يشرب الضعيف قبل القوي، ولا يشرب القوي- أدرك رأس الحواريين سمعان، فهو أول من تأله من العرب وأعبد من تعبد في الحقب، وأيقن بالبعث والحساب وحذر سوء المنقلب والمآب، ووعظ بذكر الموت، وأمر بالعمل قبل الفوت، الحسن الألفاظ، الخاطب بسوق عكاظ، العالم بشرق وغرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، كأني أنظر إليه، والعرب بين يديه، يقسم بالرب الذي هو له ليبلغن الكتاب أجله، وليوفين كل عامل عمله، ثم أنشأ يقول: هاج للقلب من جواه أدكا ... ر وليال خلالهن نهار ونجوم يحثها قمر اللي ... ل وشمس في كل يوم تدار ضوؤها يطمس العيون ورعا ... د شديد في الخافقين مطار وغلام وأشمط ورضيع ... كلهم في التراب يوما يزار وقصور مشيدة حوت الخي ... ر وأخرى خلت فهن قفار وكثير مما يقصر عنه ... جوسة الناظر الذي لا يحار والذي قد ذكرت دل على ... الله نفوسا لها هدى واعتبار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلك يا جارود، فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل له أورق، وهو يتكلم بكلام موثق، ما أظن أني أحفظه، فهل منكم يا معشر المهاجرين والأنصار من يحفظ لنا منه شيئا؟، فوثب أبو بكر قائما، وقال: يا رسول الله، إني أحفظه، وكنت حاضرا ذلك اليوم بسوق عكاظ حين خطب فأطنب، ورغب ورهب، وحذر وأنذر، فقال في خطبته: أيها الناس، اسمعوا وعوا، فإذا وعيتم فانتفعوا: إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات، وأرزاق وأقوات، وآباء وأمهات، وأحياء وأموات، جميع وأشتات، وآيات بعد آيات، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ليل داج، وسماء ذات أبراج وأرض- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 من الطير قبل الضعيف، قال: فرأيت يا رسول الله القوي من الوحش يتأخر حتى يشرب الضعيف، فلما نحى ما حوله هبطت إليه من ذروة- ذات رتاج، وبحار ذات أمواج، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا هناك فناموا؟ أقسم قس قسما حقا لا حانثا فيه ولا آثما: إن لله تعالى دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ونبيّا قد حان حينه، وأظلكم أوانه، وأدرككم إبانه، فطوبى لمن آمن به فهداه، وويل لمن خالفه وعصاه، ثم قال: تبّا لأرباب الغفلة من الأمم الخالية، والقرون الماضية، يا معشر إياد، أين الآباء والأجداد؟ وأين المريض والعواد؟ وأين الفراعنة الشداد؟ أين من بنى وشيّد؟ وزخرف ونجد؟ وغره المال والولد؟ أين من بغى وطغى، وجمع فأوعى، وقال: أنا ربكم الأعلى؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالا، وأبعد منكم آمالا، وأطول منكم آجالا؟ طحنهم الثرى بكلكله، ومزقهم بتطاوله، فتلك عظامهم بالية، وبيوتهم خالية، عمرتها الذئاب العاوية، كلّا، بل هو الله الواحد المعبود، ليس بوالد ولا مولود!! ثم أنشأ يقول: في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر والأكابر لا يرجع الماضي إليّ ولا من الباقين غابر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر قال: ثم جلس. فقام رجل من الأنصار بعده كأنه قطعة جبل، ذو هامة عظيمة، وقامة جسيمة، قد دور عمامته، وأرخى ذوائبه، منيف أنوف أحدق، أجش الصوت، فقال: يا سيد المرسلين، وصفوة رب العالمين، لقد رأيت من قسّ عجبا، وشهدت منه مرغبا، فقال: ما الذي رأيته منه وحفظته عنه؟ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 الجبل فإذا أنا به واقف يصلي بين قبرين، فلما انفتل من صلاته، قلت: أنعم صباحك يا قس، ما هذه الصلاة التي لا تعرفها العرب؟، قال: - فقال: خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا لي شرد مني، كنت أقفو أثره وأطلب خبره، في نتائف حقائف، ذات دعادع وزعازع، ليس بها للركب مقيل، ولا لغير الجن سبيل، وإذا أنا بموئل مهول في طود عظيم ليس به إلا البوم، وأدركني الليل فولجته مذعورا لا آمن فيه حتفي، ولا أركن إلى غير سيفي، فبت بليل طويل، كأنه بليل موصول، أرقب الكوكب، وأرمق الغيهب، حتى إذا الليل عسعس، وكاد الصبح أن يتنفس، هتف بي هاتف يقول: يا أيها الراقد في الليل الأحم ... قد بعث الله نبيّا في الحرم من هاشم أهل الوفاء والكرم ... يجلو دجنات الدياجي والبهم قال: فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا ولا سمعت له فحصا، فأنشأت أقول: يا أيها الهاتف في داجي الظلم ... أهلا وسهلا بك من طيف ألم بيّن هداك الله في لحن الكلم ... ماذا الذي تدعو إليه يغتنم قال: فإذا أنا بنحنحة، وقائل يقول: ظهر النور، وبطل الزور وبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحبور، صاحب النجيب الأحمر، والتاج والمغفر، ذو الوجه الأزهر، والحاجب الأقمر، والطرف الأحور، صاحب قول شهادة: أن لا إله إلا الله، فذلك محمد المبعوث إلى الأسود والأبيض، أهل المدر والوبر، ثم أنشأ يقول: الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبث ... لم يخلنا حينا سدى من بعد عيسى واكترث أرسل فينا أحمدا خير نبي قد بعث ... صلى عليه الله ما حج له ركب وحث - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 أصليها لإله السماء، قلت: وهل للسماء إله سوى اللات والعزى؟ قال: فانتفض وانتقع لونه قال: إليك عني يا أخا إياد، إن للسماء إلها عظيم- قال: فذهلت عن البعير واكتنفني السرور، ولاح الصبح، واتسع الإيضاح، فتركت الموراء، وأخذت الجبل، فإذا أنا بالفنيق يستنشق النوق، فملكت خطامه، وعلوت سنامه، فمرج طاعة وهززته ساعة، حتى إذا لغب وذل منه ما صعب، وحميت الوسادة، وبردت المزادة، فإذا الزاد قد هش له الفؤاد! تركته فترك، وأذنت له فبرك، في روضة خضرة نضرة عطرة، ذات حوذان وقربان وعنقران وعبيثران وجلي وأقاح وجثجاث وبرر، وشقائق ونهار كأنما قد بات الجو بها مطيرا، وباكرها المزن بكورا، فخلالها شجر، وقرارها نهر، فجعل يرتع أبّا، وأصيد ضبّا، حتى إذا أكلت وأكل! ونهلت ونهل، وعللت وعل- حللت عقاله، وعلوت جلاله، وأوسعت مجاله، فاغتنم الحملة ومر كالنبلة، يسبق الريح، ويقطع عرض الفسيح، حتى أشرف بي على واد وشجر، من شجر عاد مورقة مونقة، قد تهدل أغصانها كأنما بريرها حب فلفل، فدنوت فإذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة بيده قضيب من أرك ينكت به الأرض وهو يترنم بشعر، وهو: يا ناعي الموت والملحود في جدث ... عليهم من بقايا بزهو خرق دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم ... فهم إذا أنبهوا من نومهم فرقوا حتى يعود والحال غير حالهم ... خلقا جديدا كما من قبله خلقوا منهم عراة ومنهم في ثيابهم ... منها الجديد ومنها المنهج الخلق قال: فدنوت منه فسلمت عليه فرد السلام، وإذا بعين خرارة، في أرض خوارة، ومسجد بين قبرين، وأسدين عظيمين يلوذان به، ويتمسحان بأثوابه، وإذا أحدهما يسبق صاحبه إلى الماء فتبعه الآخر وطلب الماء، فضربه بالقضيب الذي في يده، وقال: ارجع، ثكلتك أمك، حتى يشرب الذي ورد- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الشأن، زخرفها وكوكبها، وبالشمس أشرقها، وبالأرض صميم الأديم الزاخر سطحها، ليس له كيفية، ولا أينية ولا كيموسية ولا كيفوية، أظلم الليل، وأضاء النهار، يسلك بعضهم في بعض كيف يشاء. فقلت له: لم تجد موضعا تصلي فيه إلا في هذا الموضع؟ قال: ما أجد أحدا يقول لا إله إلا الله إلا صاحبي هذين القبرين، وإنما أنتظر ما أصابهما، ثم ذكر أيامهما وبكى، ثم جعل يقول: خليلي هبا طالما قد رقدتما ... أجدكما لا تقضيان كراكما - قبلك، ثم ورد بعده، فقلت له: ما هذا القبران؟ فقال: هذان قبرا أخوين لي كانا يعبدان الله تعالى، معي في هذا المكان، لا يشركان بالله شيئا، فأدركهما الموت فقبرتهما، وها أنا بين قبريهما، حتى ألحق بهما، ثم نظر إليهما، فتغرغرت عيناه بالدموع، فانكب عليهما وجعل يقول: خليليّ هبّا طالما قد رقدتما ... أجدكما لا تقضيان كراكما ألم تريا أني بسمعان مفرد ... وما لي فيه من خليل سواكما مقيم على قبركما لست بارحا ... طوال الليالي أو يجيب صداكما أبكيكما طول الحياة وما الذي ... يرد على ذي لوعة إن بكاكما أمن طول نوم لا تجيبان داعيا ... كأن الذي يسقي العقار سقاكما كأنكما والموت أقرب غاية ... بروحي في قبريكما قد أتاكما فلو جعلت نفس لنفس امرئ فداها ... لجدت بنفسي أن تكون فداكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله قسا، وإني لأرجو أن يبعثه الله أمة وحده. قوله: «ولا كيموسية» : الكيموس في عبارة الأطباء: الطعام المهضوم في المعدة قبل أن يخرج منها فيصير دما، وهي هنا بمعنى الحاجة إلى الطعام، قاله ابن منظور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ألم تريا أني بنجران مفرد ... ومالي فيه من خليل سواكما أقيم على قبريكما لست بارحا ... طوال الليالي أو يجيب صداكما أبكيكما طول الحياة وما الذي ... يرد على ذي لوعة إن بكاكما كأنكما والموت أقرب غاية ... بروحي في قبريكما قد أتاكما فلو جعلت نفس لنفس امرىء فداها ... لجدت بنفسي أن تكون فداكما ثم قال له: إنه سيعمكم من هذا الوادي- وأشار إلى مكة- رجل أدعج، أحور، أقنى، لا بالطويل الذاهب، ولا بالقصير اللازق، من ولد لؤي بن غالب، يدعوكم إلى كلمة الإخلاص، وعيش الأبد، ونعيم لا ينفد، فإن دعاكم فأجيبوه، وإذا استنصركم فانصروه، ولو علمت أني أعيش إلى مبعثه لكنت أول من أناوله صفحة كفي فأتقدم بين يديه بحكم ربي. ولقد وصف فيك يا محمد علامات شتى، ما أحفظها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك حسبك، أما إن قس بن ساعدة يبعث يوم القيامة أمة وحده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 [15- فصل: في ذكر قصّة يوشع اليهودي] 15- فصل: في ذكر قصّة يوشع اليهودي 50- روى سلمة بن سلامة بن وقش أنه كان في بني عبد الأشهل قوله: «ذكر قصة يوشع اليهودي» : قصة يهود بني عبد الأشهل أخرجها: ابن إسحاق في سيرته [/ 84- 85] ، ومن طريقه: الإمام أحمد في مسنده [3/ 467] ، ومن طريق الإمام أحمد: ابن الأثير في الأسد [2/ 429] ، والبخاري في تاريخه الكبير [4/ 68] الترجمة رقم 1986، والحاكم في المستدرك [3/ 417] وصححه على شرط مسلم، والبيهقي في الدلائل [2/ 78] ، وأبو نعيم كذلك [1/ 74] رقم 34، وابن قانع في معجمه [5/ 2072] رقم 588، والطبراني في معجمه الكبير ولم يسق القصة [7/ 47] رقم 6327، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [4/ 10- 11] رقم 1954، 1955. قال ابن إسحاق: حدثنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد، عن سلمة بن سلامة به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 230] : رجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع. وقال الحافظ في الفتح [7/ 393] : صححه ابن حبان من طريق أحمد. (50) - قوله: «روى سلمة بن سلامة بن وقش» : هو ابن عبد الأشهل الأشهلي، الأنصاري، صحابي جليل شهد العقبتين الأولى والثانية في قول الجميع، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمله عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على اليمامة، توفي سنة أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنة. سير أعلام النبلاء [2/ 355] ، طبقات ابن سعد [3/ 439] ، التاريخ الكبير- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 يهودي يسمى: يوشع- لم يكن فيهم غيره يهودي- وكان في صومعة، وكان بنو عبد الأشهل يأتونه فيتحدثون عنده، وكان كثيرا ما يقول: إن بعد الموت بعثا، وجنة ونارا، فيضحكون منه، ويقولون: ما بعد الموت شيء، فيرد ذلك عليهم، فناداهم يوما عند الصبح على الصومعة، فاستنكروه واجتمعوا إليه فقالوا: ما لك؟ قال: هذا كوكب أحمد قد طلع، وهذا كوكب لا يطلع إلا بالنبوة، ولم يبق من الأنبياء إلا أحمد، فجعلوا يضحكون منه. وجعل يقول: يأتي والله مصداق قولنا، وتصديق كتابنا يخبركم، إن بعد الموت جنة ونارا، إنما هم أهل الأوثان. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به من شاء الله وآمنت به بنو عبد الأشهل كلها غيره، ولما أسلمت بنو عبد الأشهل قالوا له: اخرج من دارنا وجوارنا. فخرج فتحول إلى بني قينقاع وكان أخبثهم وأشدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أظهروا العداوة، ونبذوا العهد قال لهم: أنتم تخرجون بذل وصغار، فتحول من عندهم إلى بني النضير فأقام فيهم، فلما نقضوا العهد تحول إلى بني قريظة، فلما نقض بنو قريظة العهد قال: أنتم تقتلون، فهرب إلى خيبر، فلم يزل مقيما بها حتى سمع بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فقال: -[4/ 68- 69] ، أسد الغابة [2/ 428] ، الإصابة [4/ 230] ، المعرفة والتاريخ [1/ 334] ، الاستيعاب [4/ 231] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1337] ، معجم ابن قانع [5/ 2071] ، معجم الطبراني الكبير [7/ 46] ، الآحاد والمثاني [4/ 10] ، تعجيل المنفعة [1/ 600] ، الثقات لابن حبان [3/ 163] ، الجرح والتعديل [4/ 161] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 لا مقام لي، هو يفتح هذه، فهرب إلى تيماء، فأقام معهم حتى كان في خلافة عمر رضي الله عنه فمات حين أجلى عمر يهود خيبر وفدك. 51- وروي عنه أنه كان يقول: قد أظل خروج نبي يقال له أحمد، يخرج من الحرم، فقال خليفة بن ثعلبة الأشهلي كالمستهزىء به: ما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يلبس الشملة، ويركب الحمار، سيفه على عاتقه، وهذا البلد مهاجره. قال: فخرجت إلى قومي بني خدرة وأنا يومئذ أتعجب مما قال، فأسمع رجلا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟! كل يهود يثرب تقول هذا. فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا بخروج نبي وظهوره، ولم يبق إلا أحمد، وهذه مهاجره. قال أبو سعيد: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا أخبره أبيّ بهذا الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أسلم الزبير وذووه من رؤسائه لأسلمت اليهود كلها، لأنهم كانوا تبعا لرؤسائهم. (51) - قوله: «وروي عنه أنه كان يقول» : الذي روى ذلك عنه هو أبو أبي سعيد الخدري مالك بن سنان، أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 79] رقم 40 من حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت أبي: مالك بن سنان يقول: جئت بني عبد الأشهل يوما لأتحدث فيهم- ونحن يومئذ في هدنة من الحرب- فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظل خروج نبي ... القصة. وأخرج نحوه بمعناه ابن سعد في الطبقات [1/ 159] من طريق الواقدي، حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه قال: كان الزبير بن باطا- وكان أعلم اليهود- ... فذكر نحوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 [16- فصل: ذكر حديث عمرو بن مرّة من قيس بن جهينة] 16- فصل: ذكر حديث عمرو بن مرّة من قيس بن جهينة 52- كان عمرو بن مرة أحد بني غطفان بن قيس بن جهينة، قال: خرجت حاجّا في الجاهلية في جماعة من قومي، فنمت، فرأيت نورا (52) - قوله: «من قيس بن جهينة» : ويقال: الأسدي والأزدي، أبو طلحة، ويقال: أبو مريم، صحابي جليل، نزل دمشق، كان إسلامه قديما، وكان معاوية يسميه أسيد، وكان قوالا بالحق. انظر ترجمته في: الإصابة [7/ 104] ، أسد الغابة [4/ 269] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2010] ، تهذيب الكمال [22/ 237] ، تاريخ ابن عساكر [46/ 337] ، طبقات ابن سعد [4/ 347، 7/ 412] ، معجم ابن قانع [10/ 3686] ، الاستيعاب [9/ 4] . قوله: «خرجت حاجا في الجاهلية» : القصة بطولها أخرجها الروياني في مسنده- كما في الجامع الكبير للسيوطي [2/ 583]- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [46/ 344] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 132- واللفظ له- والأزدي في الضعفاء- كما في اللسان [2/ 432]- جميعا من حديث إسماعيل بن عبد الله بن مسرع بن ياسر عن أبيه، عن جده: أن أباه ياسرا حدّثه عن عمرو بن مرو قال: خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية، فرأيت في المنام وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب وأشعر وجهينة، فسمعت صوتا في النور وهو يقول: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 سطح في الكعبة أضاء لي نخل يثرب وأشعر جبل جهينة، فانتبهت فسمعت صوتا يقول: انقشعت الظلماء ... وسطع الضياء وبعث خاتم الأنبياء ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن، وسمعت صوتا يقول: أقبل حق فسطع ... ودمغ باطل فانقمع - انقشعت الظلماء ... وسطع الضياء وبعث خاتم الأنبياء ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن فسمعت صوتا في النور وهو يقول: ظهر الإسلام ... وكسرت الأصنام ووصلت الأرحام فانتبهت فزعا فقلت لقومي: والله! ليحدثنّ في هذا الحي من قريش حدث، وأخبرتهم بما رأيت! فلما انتهينا إلى بلادنا قيل: إن رجلا يقال له أحمد قد بعث، فخرجت حتى أتيته فأخبرته بما رأيت فقال لي: يا عمرو بن مرة! أنا النبي المرسل إلى العباد كافة، أدعوهم إلى الإسلام، وآمرهم بحقن الدماء، وصلة الأرحام، وعبادة الله عزّ وجلّ ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان- شهر من اثني عشر شهرا- من أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، فآمن بالله يا عمرو بن مرة! يؤمنك الله من هول جهنم، فقلت: يا رسول الله! أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، آمنت بما جئت به من حلال وحرام، وإن أرغم ذلك كثيرا من الأقوام، وأنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به، وكان لنا صنم وكان أبي سادنه فقمت إليه فكسرته حتى لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 قال: فانتبهت فزعا فقلت لقومي: والله ليحدثن بمكة حدث في هذا الحي من قريش، وأخبرتهم بما رأيت وما سمعت. - شهدت بأن الله حق وأنني ... لآلهة الأحجار أول تارك وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا ... أجوب إليه الوعث بعد الدكادك لأصحب خير الناس نفسا وولدا ... رسول مليك الناس فوق الحبائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مرحبا بك يا عمرو!، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي ابعثني إلى قومي لعل الله أن يمنّ عليهم بي كما منّ عليّ بك، فبعثني إليهم فقال: عليك بالرفق، والقول السديد، ولا تك فظا، ولا متكبرا، ولا حسودا. فأتيت قومي فقلت: يا بني رفاعة! بل يا معشر جهينة! إني رسول رسول الله إليكم، أدعوكم إلى الجنة، وأحذركم من النار، وآمركم بحقن الدماء وصلة الأرحام، وعبادة الله ورفض الأصنام، وحج البيت وصيام شهر رمضان- شهر من اثني عشر شهرا-، من أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، يا معشر جهينة! إن الله- ولله الحمد- جعلكم خيار من أنتم منه، وبغّض إليكم في جاهليتكم ما حبّب إلى غيركم من العرب: كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل على امرأة أبيه، والغزاة في الشهر الحرام، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة، وسارعوا في ذلك يكن لكم فضيلة عند الله. فأجابوا إلا رجلا منهم، فقال: يا عمرو! أمرّ الله عيشك! أتأمرنا أن نرفض آلهتنا، ونفارق جماعتنا، ونخالف دين آبائنا إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تهامة؟ لا، ولا حبّا ولا كرامة، ثم أنشأ يقول: إن ابن مرة قد أتى بمقالة ... ليست مقالة من يريد صلاحا إني أرى من قوله وفعاله ... يوما وإن طال الزمان ذباحا أتسفه الأشياخ ممن قد مضى ... من رام ذاك فلا أصاب فلاحا - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 فلما انصرفنا إلى بلادنا جاءنا من يخبرنا أن رجلا من قريش يقال له: أحمد صلى الله عليه وسلم قد بعث، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشأت أقول: - فقال عمرو بن مرة: الكاذب مني ومنك أمرّ الله عيشه وأبكم لسانه وأكمه أسنانه، قال عمرو: والله! ما مات حتى سقط فوه، وكان لا يجد طعم الطعام وخرس. فخرج عمرو بن مرة ومن أسلم من قومه، حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكتب لهم كتابا، هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب أمان من الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب صادق، ولسان ناطق مع عمرو بن مرة لجهينة بن زيد، إن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها، ترعون نباته، وتشربون ما فيه على أن تقرّوا بالخمس، وتصلّوا صلاة الخمس، وفي التيعة والصريمة شاتان إذا اجتمعتا، وإن فرقتا شاة شاة، ليس على أهل الميرة صدقة، وليس للوارد التيعة، والله يشهد على ما بيننا، ومن حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس. فهذا حين يقول عمرو بن مرة: ألم تر أن الله أظهر دينه ... وبين برهان القرآن لعامر كتاب من الرحمن نور لجمعنا ... وأحلافنا في كل باد وحاضر إلى خير من يمشي على الأرض كلها ... وأفضلها عند اعتكال الضرائر أطعنا رسول الله لما تقطعت ... بطون الأعادي بالظماء الخواطر فنحن قبيل قدبنى المجد حولنا ... إذا اختليت بالحرب هام الأكابر بنو الحرب نفريها [ببيض كأنها] ... وميض تلالا في أكف المغاور ترى حوله الأنصار يحمون سربهم ... بسمر العوالي والصفيح البواتر * إسماعيل بن عبد الله بن مسرع لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر، وأما أبوه فسكت عنه الحافظ في اللسان [3/ 357] . ومسرع بن ياسر اختلف فيه فذكره بعضهم في الصحابة، منهم ابن الأثير، والحافظ في القسم الثاني من الإصابة، وتردد فيه الذهبي فذكره في- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 شهدت بأن الله حق وأنني ... لآلهة الأحجار أول تارك وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا ... أجوب إليه القور بعد الدكادك لآتي خير الناس نفسا ووالدا ... رسول مليك الناس فوق الحبائك - التجريد، وذكره في الميزان، وقال في المغني: مجهول، وعلى هذا ففي هذا الجزء من الإسناد غير واحد لا يعرف حاله. وعزاه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 244] للطبراني وليس في المطبوع منهن. وعزاه السيوطي في الخصائص لأبي نعيم وهو أيضا ليس في المطبوع منه. ورويت قصته بإسناد آخر بلفظ مختصر، أخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 333] في وفد جهينة، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [46/ 343] ، وابن سيد الناس في المنح [/ 203] : أخبرنا هشام بن محمد، أنا خالد بن سعيد، عن رجل من جهينة من بني دهمان عن أبيه، وقد صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال عمرو بن مرة ... فذكره باختصار. هشام بن محمد هو الكلبي، أحد الضعفاء، وفي الإسناد مبهم لم يسم ولم يعرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 [17- فصل: ذكر إسلام خفاف بن نضلة] 17- فصل: ذكر إسلام خفاف بن نضلة 53- وروت جمعة بنت ذابل بن الطفيل، عن أبيها ذابل بن طفيل بن عمرو الدوسي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد في مسجده منصرفه من الأباطل، فقدم عليه خفاف بن نضلة بن عمرو الثقفي فأنشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كم قد تحطمت القلوص بي الدجى ... في مهمه قفر من الفلوات فل من النوريس ليس بقاعة ... نبت من الأسنات والأزمات إني أتاني في المنام مخبر ... من جن وجرة في الأمور موات يدعو إليك لياليا ولياليا ... ثم احزأل وقال: لست بآتي (53) - قوله: «فقدم عليه خفاف بن نضلة» : هو ابن عمر بن بهدلة الثقفي، صحابي له وفادة، قال الحافظ في الإصابة: أورد حديثه ابن مندة مختصرا. وقال المرزباني في معجم الشعراء: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنشده هذه الأبيات. قال الحافظ: قلت: وأخرجه أبو سعد النيسابوري في شرف المصطفى. اه. وعزاه أيضا للمصنف وللبيهقي في الدلائل [2/ 260- 261] : السيوطي في الخصائص [2/ 199- 200] . وانظر عن خفاف بن نضلة في: الإصابة [3/ 149] ، والمعرفة لأبي نعيم [2/ 986] ، وأسد الغابة [2/ 139] . قوله: «ثم احزأل» : تراجع وتثاقل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 فركبت ناجية أضر بنفسها ... جمز تخب به على الأكمات حتى وردت إلى المدينة جاهدا ... كيما أراك فتفرج الكربات قال: فاستحسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن من البيان كالسحر، وإن من الشعر كالحكم. قوله: «ناجية» : الناجية: السريعة، والجمز: العدو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 [18- فصل: ذكر قصّة إسلام عبّاس بن مرداس] 18- فصل: ذكر قصّة إسلام عبّاس بن مرداس 54- كان سبب إسلام عباس بن مرداس أنه كان يغبر في لقاح له نصف النهار، إذ طلعت عليه نعامة بيضاء، عليها راكب وعليه ثياب بيض مثل اللبن فقال لي: يا عباس بن مرداس، ألم تر أن السماء كفت أحراسها، والحرب قد جرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الدين نزل بالبرّ والتقوى، يوم الإثنين ليلة الثلاثا، مع صاحب الناقة القصوى. قال العباس بن مرداس: فرجعت مرعوبا، قد راعني ما رأيت وما سمعت، حتى جئت وثنا لنا يدعى: الضّماد- أو يقال: الصّماد- كنا نعبده، ونكلم من جوفه، فكنّست ما حوله، وقمصت، ثم تمسحت به وقبّلته، فإذا صائح يصيح من جوفه: (54) - قوله: «عباس بن مرداس» : هو السلمي، كنيته: أبو الهيثم، صحابي من المؤلفة، وممن حسن إسلامه منهم، انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد [4/ 271] ، المعجم لابن قانع [11/ 801] ، أسد الغابة [3/ 168] ، الإصابة [5/ 330] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2222] ، الوافي بالوفيات [16/ 634] ، تاريخ ابن عساكر [26/ 402] . قوله: «كان يغبر» : المغبر: الطالب للشيء، قيل له ذلك لحرصه وعنايته في الطلب كأنه بذلك يثير الغبار من شدة حرصه في الطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 هلك الضماد وكان يعبد مرة ... قبل الصلاة على النبي محمد إن الذي جاء بالنبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتد قال: فخرجت مرعوبا حتى أتيت قومي فقصصت عليهم القصة، وأخبرتهم الخبر، فخرجت في ثلاثمائة نفر من قومي من بني حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فدخلنا المسجد وسلمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أولئك القوم من أصحابي، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي: يا عباس كيف كان سبب إسلامك؟ فقصصت عليه القصة، وحدثته بالحديث، فقال لي: صدقت يا عباس، وأسلمت أنا والقوم، وسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامي معهم. قوله: «هلك الضماد» : زيد في بعض الروايات بيتا قبله وهو: قل للقبائل من سليم كلها ... هلك الضماد وفاز أهل المسجد قوله: «وأسلمت أنا والقوم» : أخرج قصة إسلامه: الطبراني في مجمع الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 274]-، وابن قانع في معجم الصحابة برقم 409، ولم يسق المتن، وابن عساكر في تاريخه [26/ 411- 412] ، وابن أبي الدنيا في الهواتف برقم 96، والخرائطي كذلك برقم 8، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [26/ 410- 411] ، جميعهم من حديث عبد الله بن عبد العزيز الزهري- ضعفه الجمهور- عن أخيه محمد بن عبد العزيز، عن عبد الرحمن بن أنس السلمي، عن العباس به، وعلقه أبو نعيم في المعرفة [4/ 2122] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 247] : فيه عبد الله بن عبد العزيز الزهري ضعفه الجمهور، وبقية رجاله وثقوا. اه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ......... - قلت: وأخوه أيضا ضعيف. وله طريقان آخران أخرجهما الحافظ أبو نعيم في الدلائل برقم 66، 67، في الأول عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو متروك، وشيخ شيخه قبيصة بن عمرو لا يعرف، وفي الثاني محمد بن عبد الرحمن البياضي اتهم بالكذب، وعزاه السيوطي في الخصائص أيضا [1/ 267] لابن جرير والمعافى بن زكرياء وابن الطراح في كتاب الشواعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 [19- فصل: ذكر إسلام زمل بن ربيعة] 19- فصل: ذكر إسلام زمل بن ربيعة 55- كان لبني عذرة بن زيد صنم يقال له: حمام، وكان سادنه رجل يقال له: طارق- من بني هند بن حرام بن عذرة-، فكانوا يذبحون له. قوله: «زمل بن ربيعة» : ويقال: زمل بن عمرو بن عنز بن خشاف العذري، يقال له: زميل- مصغرا- له وفادة، وحديثه أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 332] ، ومن طريقه ابن سيد الناس في المنح [/ 109- 110] ، وتمام في فوائده [1/ 82] رقم 167، وابن عساكر في تاريخه [11/ 489- 490، 19/ 77] . ومن طريق ابن سعد أخرجه: ابن أبي جرادة في بغية الطلب [8/ 3837، 3839] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 77] . (55) - قوله: «كان لبني عذرة» : كذا في الأصول، القصة غير مسندة، وقال الحافظ في الإصابة: أخرجه أبو سعد النيسابوري في شرف المصطفى من طريق أبي حاتم السجستاني، عن أبي عبيدة، عن الشرقي لكن قال: عن مدلج العذري، عن أبيه، عن زميل بن ربيعة به. اه. وهو عندنا ليس بمسند ولا بقوله زميل مصغرا، بل الذي قال ذلك هو ابن سعد في الطبقات بالإسناد الذي ذكره الحافظ. قال أبو عاصم: اجتهد بعض المعاصرين في إبطال القصة لظلمة طرقها وضعف أسانيدها ونحن لا نخالفه في أن طرقها ضعيفة، بل نخالفه فيما يطلبه من صحة الإسناد في كل خبر إذ هو متعذر سيما في القصص والأخبار والسير، وإنما يعول في مثل هذا على الشهرة، لا الإسناد، وقد قال- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 قال زمل بن ربيعة: فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعنا من جوفه منطقا يقول: يا بني هند بن حرام ... ظهر الحق وأوذي حمام ودفع الشرك بالإسلام قال: ففزعنا لذلك وهالنا، ثم سمعت بعد أيام صوتا من الصنم يقول: يا طارق يا طارق ... بعث النبي الصادق جاء بوحي ناطق صدع صادع بتهامه ... لنا صريه السلامه لخاذليه الندامه ... هذا الوداع مني إلى القيامه قال: ثم وقع الصنم لوجهه فتكسر. قال زمل: فخرجت حتى انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: ذلك كلام الجن المؤمن، فدعانا إلى الإسلام فأسلمنا، وعقد لزمل لواء، وقال زمل: إليك رسول الله أعملت نصها ... أكلفها حزنا وقوزا من الرمل لأنصر خير الناس نصرا مؤزرا ... وأعقد حبلا من حبالك في حبلي وأشهد أن الله لا شيء غيره أدين له ... ما أثقلت قدمي نعلي - أبو حاتم الرازي- وهو الذي تعرف في هذا الفن- وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بصوت سمع من صنم، فهذا إثبات منه لأصل القصة لم ينظر إلى طرق إسنادها وما فيها من الضعف. قوله: «ما اثقلت قدمي نعلي» : زاد في رواية: ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر العرب، إني رسول الله إلى الأنام كافة، أدعوهم إلى عبادة الله وحده، وإني رسوله وعبده، وأن يحجوا- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 قال: فشهد زمل بلواء رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين مع معاوية، وقتل يوم مرج راهط. - البيت، ويصوموا شهرا من اثني عشرا- وهو شهر رمضان- فمن أجابني فله الجنة نزلا وثوابا، ومن عصاني فله النار منقلبا ومثوى، قال: فأسلمنا، وعقد لنا لواء وكتب لنا كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد بن عبد الله رسول الله لزمل بن عمرو ومن أسلم معه خاصة، إني بعثته إلى قومه كافة، فمن أسلم ففي حزب الله ورسوله ومن أبى فله أمان شهرين. شهد علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة الأنصاري. قال الحافظ ابن عساكر: غريب جدّا. قوله: «فشهد زمل بلواء رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين مع معاوية» : زاد ابن سعد في الطبقات [1/ 332] : ثم شهد به المرج فقتل. وممن ذكر شهوده صفين أيضا: ابن جرير في تاريخه [5/ 54] وخليفة بن خياط فيما رواه عنه ابن أبي جرادة في بغية الطلب [8/ 3841] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 79] بإسنادهما إليه، والدارقطني في المؤتلف والمختلف [2/ 619] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [19/ 78] ، وابن أبي جرادة في بغية الطلب [8/ 3839] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 [20- فصل: ذكر قصّة أكثم بن صيفي] 20- فصل: ذكر قصّة أكثم بن صيفي 56- ويروى عن عبد الملك بن عمير أنه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه وقالوا: كنت كبيرنا وقد طعنت في السن، ونخشى عليك في خروجك، قال: فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه، قال: فانتدب رجلين (56) - قوله: «أكثم بن صيفي» : قال أبو نعيم في المعرفة: وهو ابن عبد العزى بن منقذ بن ربيعة بن أصرم، من ولد كعب بن عمرو، هكذا نسبه، وذكر هذا النسب ابن الأثير في ترجمة أكثم ابن الجون- أو: ابن أبي الجون- وقال: هكذا نسبه هشام، وتبعهما الحافظ في الإصابة، أما ابن مندة فتبع أبا نعيم لكنه جعل ابن صيفي وابن أبي الجون واحدا. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث ابن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي، الحكيم المشهور. اه. اختلف في صحبته ولم يختلف في إدراكه مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فهو عند جماعة أنه مات ولما يسلم، منهم ابن عبد البر حيث انتقد على ابن السكن إدخاله في الصحابة فقال: ذكره ابن السكن في الصحابة فلم يصنع شيئا والخبر الذي ذكره- يعني حديث الباب- ليس فيه ما يدل على إسلامه، وتعقبه الحافظ في الإصابة فقال: أخرج حديثه الأموي في المغازي وزاد فيه: أنه قرب له بعيره فركب متوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قال: ويقال: فيه نزلت هذه الآية وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ الآية، قال: فهذا لو صح لكان- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك: من أنت؟ وما أنت؟ وما جئت به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا محمد بن عبد الله، وأنا عبد الله ورسوله، قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، قالوا: ردّد علينا هذا القول، فردّده عليهم حتى حفظاه. فأتيا أكثم بن صيفي فقالا: أبى أن يرفع في نسبه، فسألناه عن نسبه فوجدناه زاكي النسب، واسطا في مضر، وقد رمى إلينا بكلمات قد- حجة على ابن عبد البر في كونه أسلم ويكون على شرطه في إخراج أمثاله في كتابه ممن لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وقد وجدت له شاهدا ذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عمرو بن محمد السعدي، عن عامر الشعبي سألت ابن عباس عن هذه الآية، فقال: نزلت في أكثم بن صيفي، قلت: فأين الليثي؟ قال: كان هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة، قال: وقد قال العسكري في الصحابة في فصل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه: روى أهل الأخبار أنه خرج النبي صلى الله عليه وسلم ... وذكر قصته. قال الحافظ: ثم وجدت قصة أكثم هذه التي أشار إليها العسكري في كتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني ثم ساقها وقال: وفيها التصريح بإسلامه، والله أعلم. وقال الحافظ الذهبي في التجريد: أدرك الإسلام ولم يسلم، وقد ذكره أبو نعيم في الصحابة فأخطأ، له ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم كثناء قيصر، وانظر ترجمته في: الإصابة [1/ 95، 180] ، أسد الغابة [1/ 133، 134] ، المعرفة لأبي نعيم [1/ 342] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 27] الترجمة رقم 232، الإنابة لمغلطاي [1/ 82] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 حفظناهن، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، ولا تكونوا فيه أذنابا، كونوا فيه أولا، ولا تكونوا فيه آخرا، فلم يلبث أن حضرته الوفاة. قوله: «فلم يلبث أن حضرته الوفاة» : زاد غيره: فقال: أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم فإنه لا يبلى عليهما أصل، ولا يهتصر عليهما فرع، وإياكم ونكاح الحمقاء فإن صحبتها قذر، وإياكم وأعيان الإبل فإن فيها غذاء الصغير، وجبر الكسير، وفكاك الأسير ومهر الكريمة، واعلموا أن سوء حمل الغنى يورث مرحا، وإن سوء حمل الفقر يضع الشرف، وإن العدم عدم العقل لا عدم المال، وإن الوحشة في ذهاب الأعلام، واعلموا أنه لن يهلك امرؤ عرف قدره، واعلموا أن مقتل الرجل بين لحييه، يا قوم لا تكونوا كالواله، ولا تواكلوا الرفد، فإن تواكل الرفد علم للخذلان، وداعية للحرمان، ومن سأل فوق القدر، استحق المنع، واعلموا أن كثير النصح يهبط على كثير الظنة، وإن قول الحق لم يترك لي صديقا. أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 342- 343] من طريق المقدمي، عن علي ابن عبد الملك بن عمير، عن أبيه به، رقم 1065 مرسل. وكذلك أخرجه ابن السكن- كما في الإصابة-: حدثنا ابن صاعد، حدثنا الحسن بن داود، عن محمد بن المنكدر، عن المقدمي به. وقال الأموي في المغازي: حدثنا عمي، عن عبد الله بن زياد، حدثني بعض أصحابنا عن عبد الملك بن عمير به، وفيه الزيادة التي أشرنا إليها قريبا، وفيها أنه خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومات في الطريق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 [21- فصل: ذكر قصّة إسلام عبد بن عمرو بن جبلة وعصام بن عامر الكلبي] 21- فصل: ذكر قصّة إسلام عبد بن عمرو بن جبلة وعصام بن عامر الكلبي 57- قال عبد بن عمرو بن جبلة بن وائل بن الجلاح الكلبي: كان لنا صنم يقال له: عمرة، وكنا نذبح له في كل أيامنا، وكان جميع بني عامر بن عوف يعظمونه إلا من كان من النصارى. قال: فعترنا عتيرة ذات يوم بقرة، وكان الذي يسدنه رجل من بني عامر بن عوف يقال له: عصام، فسمعنا صوتا من جوف الصنم يقول: يا عصام يا عصام ... جاء الإسلام وذهبت الأصنام وحقنت الدما ووصلت الأرحام قال: ففزعت لذلك وقلت: ما هذا؟! قال: فمكثنا أياما ثم عترنا عنده عتيرة أخرى فسمعنا منه صوتا أبين من الأول، وكان عبد بن عمرو ابن جبلة يسمى بكرا، فقال: (57) - قوله: «قال عبد بن عمرو» : عبد بن عمرو بن جبلة وعصام بن عامر الكلبي لم أر من ذكرهما في الصحابة سوى الحافظ ابن حجر في الإصابة، وأورد رواية المصنف فقال: روى أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى ... فذكره باختصار، في ترجمة عصام بن عامر الكلبي، وقال في ترجمة عبد بن عمرو ابن جبلة، يأتي ذكره في عصام، لكن أخرج القصة ابن سعد في الطبقات، ومن طريقه ابن سيد الناس في المدح [/ 180- 181] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 يا بكر يا بكر بن جبل ... جاء النبي المرسل يصدقه المطمعون في المحل ... أرباب يثرب ذات نخل ويكذبه أهل نجد وتهامة ... وأهل فلج واليمامة قال عبد بن عمرو: فشخصت أنا وعصام حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بما سمعنا ودعانا إلى الإسلام فأسلمنا، فقال عبد بن عمرو: أجبت رسول الله إذ جاء بالهدى ... فأصبحت بعد الجحد لله أوجرا وودعت لذات القداح وقد أرى بها ... سدى عمري واللهو أضررا فآمنت بالله العلي مكانه ... فأصبحت للأوثان ما عشت منكرا قوله: «وأهل فلج» : موضع باليمامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 [22- فصل: ذكر قصّة إسلام جندل بن نضلة] 22- فصل: ذكر قصّة إسلام جندل بن نضلة 58- روى جندل بن نضلة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كنت شاعرا راجزا، وكان لي صاحب من الجن فأتاني فدهمني وقال: هب فقد لاح سراج الدين ... بصادق مهذب أمين فارحل على ناجية أمون ... تمشي على الصحصح والحزون قال: فانتبهت مذعورا فقلت: ماذا؟ قال: وساطح الأرض ... وفارض الفرض لقد بعث محمد ... في الطول والعرض نشأ في الحرمات العظام وهاجر إلى طيبة الأمينة قال: فسرت، فإذا أنا بهاتف يقول: يا أيها الراكب المزجي مطيته ... نحو الرسول لقد وفقت للرشد (58) - قوله: «روى جندل بن نضلة» : ويقال: جندلة بن نضلة بن عمر بن بهدلة ذكروه في الصحابة، وقال أبو عمرو ابن عبد البر: حديثه في أعلام النبوة حديث حسن. اه. وانظر: الإصابة [2/ 110- 111] ، الاستيعاب [2/ 217] ، أسد الغابة [1/ 365] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 92] الترجمة رقم 864. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 قال: فإذا هو صاحبي من الجن، فذكر القصة إلى أن قال: فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلم. قوله: «فأسلم» : قال الحافظ في الإصابة: أخرجه أبو سعد النيسابوري في شرف المصطفى، وأورده أيضا السيوطي في الخصائص [1/ 262- 263] وعزاه للمصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 [23- فصل: ذكر قصّة مازن أبي حيّان، وسبب إسلامه ووفوده على النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 23- فصل: ذكر قصّة مازن أبي حيّان، وسبب إسلامه ووفوده على النّبيّ صلى الله عليه وسلم 59- ذكروا أن مازنا كان بأرض عمان- بقرية تدعى: سنابل- وكان يسدن الأصنام لأهله، وكان له صنم يقال له: ناجز. قال مازن: فعترت ذات يوم عتيرة- وهي الذبيحة- فسمعت صوتا من الصنم يقول: يا مازن أقبل إليّ أقبل ... تسمع ما لا يجهل هذا نبي مرسل ... جاء بحق منزل فآمن به كي تعدل ... عن حر نار تشعل وقودها بالجندل (59) - قوله: «أن مازنا: هو مازن بن الغضوبة بن غراب بن بشر الطائي، جد علي بن حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة، مذكور في الصحابة، وضعف ابن حبان ذلك بقوله: يقال: له صحبة، قال ابن عبد البر: خبره عجيب مخرج في أعلام النبوة من حديث ابن الكلبي، عن أبيه، وقال ابن الأثير: خبره في أعلام النبوة من أخبار الكهان، وانظر: الإصابة [9/ 30] ، أسد الغابة [5/ 6] ، المعرفة لأبي نعيم [5/ 2588] ، تجريد أسماء الصحابة [2/ 40] الترجمة رقم 436، معجم ابن قانع [14/ 5005] ، الثقات [3/ 407] ، الإنابة لمغلطاي [2/ 133] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 قال مازن: فقلت: إن هذا والله لعجبا، ثم عترت بعد أيام عتيرة أخرى، فسمعت منها صوتا أبين من الأول وهو يقول: يا مازن اسمع تسر ... ظهر خير وبطن شر بعث نبي من مضر ... بدين الله الأكبر فدع نحيتا من حجر ... تسلم من حر سقر قال مازن: فقلت: إن هذا لعجبا، وإنه لخير يراد بي. قال: وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت: ما الخبر وراءك؟ قال: قد خرج رجل بتهامة يقول لمن جاءه: أجيبوا داعي الله، يقال له: أحمد، فقلت: هذا والله نبأ ما سمعت، فثرت إلى الصنم فكسرته أجذاذا، وشددت راحلتي، ورحلت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشرح لي الإسلام، فأسلمت، وأنشأت أقول: كسرت ناجزا أجذاذا وكان لنا ... ربّا نطيف به ضلا بتضلال بالهاشمي هدانا من ضلالتنا ... ولم يكن دينه منا على بال يا راكبا بلّغن عمرا وإخوته ... إني لما قال ربي ناجز قال يعني بعمرو: ابن الصلت، وبإخوته: بني خطامة. قال: فقلت يا رسول الله إني امرؤ مولع بالطرب وشرب الخمر وبالهلوك من النساء، وألحّت علينا السّنون، فأذهبت الأموال، واهزلن قوله: «بلغن عمرا» : يعني ابن الصلت، كذا عند الطبراني، وتصحفت عندنا كلمة ابن الصلت- الآتية- فصارت هكذا: الضب- اسم الحيوان-، وفي دلائل البيهقي: يعني بعمرو وإخوته: بني خطامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الذراري والرجال، وليس لي ولد، فادع الله يذهب عني ما أجد، ويأتيني بالحياء، ويهب لي ولدا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن، وبالحرام الحلال، وآته الحياء، وهب له ولدا. قال مازن: فأذهب الله عني كل ما أجد، وأخصبت عمان، وتزوجت أربع حرائر، ووهب الله لي حياءا، وأنشأ يقول: إليك رسول الله حنت مطيتي ... تجوب الفيافي من عمان إلى العرج لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى ... فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج إلى معشر خالفت في الله دينهم فلا ... رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي وكنت امرؤا باللعب والخمر مولعا ... شبابي حتى آذن الجسم بالنهج فأصبحت همي في حياء ونيتي ... فلله ما صومي ولله ما حجي قال مازن: فلما رجعت إلى قومي أنّبوني، وشتموني، وأمروا شاعرهم بهجائي، فقلت: فإن هجوتهم فإنما أهجو نفسي. قوله: «فأصبحت همي» : زاد بعضهم قبل هذا بيتا، ونصه: فبدّلني بالخمر خوفا وخشية ... وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي قوله: «فإنما أهجو نفسي» : زاد في رواية: فاعتزلهم إلى ساحل البحر وقال: وبغضكم عندنا مرمدا فيه ... وبغضكم عندنا يا قومنا لئن فلا يعطن الدهر إن نشب معايبكم ... وكلكم يبدو عيبا فطن - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 ......... - شاعرنا معجم عنكم وشاعركم ... في حربنا مبلغ شتمنا لسن ما في القلوب عليكم فاعلموا وتمر ... وفي صدوركم البغضاء والإحن قال: فأتتني منهم أزفلة عظيمة فقالوا: يا ابن عم عبنا عليك أمرا وكرهناه لك، فإن أبيت فشأنك ودينك، فارجع فأقم أمورنا، قال: فكنت القيم بأمورهم، فرجعت معهم ثم هداهم الله بعد إلى الإسلام. أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 337] رقم 799، وفي الطوال برقم 62، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 114] رقم 63، والخطابي في الغريب [1/ 447] ، وابن قانع في معجم الصحابة [14/ 5005] رقم 1969 كلاهما بلفظ مختصر، وأبو موسى المديني، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [5/ 6] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 255] ، وابن سيد الناس في المدح [/ 307] . قال الحافظ في ترجمته من الإصابة: أخرجه- يعني الحديث- الفاكهي في كتاب مكة، وابن السكن، كلهم من طريق هشام بن الكلبي عن أبيه قال: حدثني عبد الله العماني. وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 248] : رواه الطبراني من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، وكلاهما متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 [24- فصل: ذكر قصّة الجعد بن قيس المرادي] 24- فصل: ذكر قصّة الجعد بن قيس المرادي 60- وقال الجعد بن قيس المرادي- وكان قد بلغ مائة سنة- خرجنا أربعة نفر نريد الحج في الجاهلية، فمررنا بواد من أودية اليمن، فلما أقبل الليل استعذنا بعظيم الوادي، وعقلنا رواحلنا، فلما هدأ الليل ونام أصحابي إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول: ألا أيها الراكب المعرس بلغوا ... إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما محمدا المبعوث منا تحية ... تشيعه من حيث سار ويمما وقولوا له إنا لدينك شيعة ... بذلك أوصانا المسيح ابن مريما (60) - قوله: «وقال الجعد بن قيس» : الشاعر، أحد بني غطيف، ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة [2/ 83] ، ثم أخرج النص معزوا للمصنف هو والسيوطي في الخصائص [1/ 270- 271] ، والنبهاني في جواهر البحار [1/ 192] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 [25- فصل: ذكر قصّة إسلام ذباب بن الحارث] 25- فصل: ذكر قصّة إسلام ذباب بن الحارث 61- قال ذباب بن الحارث: كان لسعد العشيرة صنم يقال له: قراص، يعظمونه، وكان سادنه رجل من أنس الله بن سعد يقال له: ابن وقشة- وكان له رئي من الجن يخبره بما يكون- (61) - قوله: «قال ذباب بن الحارث» : هو ابن عمرو بن معاوية بن الحارث بن ربيعة بن بلال بن أنس الله بن سعد العشيرة المذحجي، قال الحافظ في الإصابة: أغفله ابن منده في الصحابة فاستدركه أبو موسى، قال: روى ابن شاهين من طريق ابن الكلبي، حدثنا الحسن بن كثير، حدثني يحيى بن هانئ بن عروة، عن أبي خيثمة، عن عبد الرحمن بن أبي سبرة قال: حدثني ذباب بن الحارث قال: فذكر القصة. قال الحافظ: وأخرجه ابن منده في دلائل النبوة له من هذا الوجه، وأغفله في الصحابة، ورواه المعافى في الجليس عن ابن دريد بإسناد آخر قال: حدثنا السكن بن سعيد، عن عباس بن هشام بن الكلبي، عن أبيه. وذكره البيهقي في الدلائل معلقا. وروى ابن سعد عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن سلمة بن عبد الله ابن شريك النخعي، عن أبيه قال: كان عبد الله بن ذباب الأنسي مع علي بصفين وكان له غنا. اه. ومن طريق ابن سعد أخرج القصة ابن سيد الناس في المنح [/ 98] ، وانظر: الإصابة [3/ 206] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 167] الترجمة رقم 1730، أسد الغابة [2/ 167] . قوله: «وكان له رئي من الجن» : الرئي: الصديق منهم، الذي يأتي الإنس بالأخبار، تصحفت في إصابة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 فأتاه ذات يوم فأخبره بشيء فنظر إليّ فقال: يا ذباب يا ذباب ... اسمع العجب العجاب بعث محمد بالكتاب ... يدعو بمكة ولا يجاب فقلت: ما هذا؟ فقال: لا أدري، كذا قيل لي، قال: فلم يكن إلا قليل حتى سمعت بخروج النبي صلى الله عليه وسلم فثرت إلى الصنم فكسرته، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فقال ذباب: تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى ... وخلفت قراصا بدار هوان شددت عليه شدة فتركته ... كأن لم يكن والدهر ذو حدثان ولما رأيت الله أظهر دينه ... أجبت رسول الله حين دعاني وأصبحت للإسلام ما عشت ناصرا ... وألقيت عنه كلكلي وجران فمن مبلغ سعد العشيرة أنني شربت ... الذي يتقي بآخر فان - ابن حجر إلى: رئيس. قوله: «قراصا» : قراص، بالقاف في أصلنا، وفي الإصابة بالفاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 [26- فصل: ذكر إسلام رافع بن خداش] 26- فصل: ذكر إسلام رافع بن خداش 62- روي أن جندع بن الصّميل أتاه آت فقال له: يا جندع بن صميل أسلم تسلم ... وتغنم من حر نار تضرم فقال: ما الإسلام؟ قال: البراء من الأصنام ... والإخلاص للملك العلّام قال: كيف السبيل إليه؟ قال: إنه قد اقترب ... ظهور ناجم من العرب كريم النسب ... غير خامل النسب يطلع من الحرم قال: فأخبر بذلك ابن عمه رافع بن خداش فاصطحبا، فلما وصل جندع إلى نجران مات بها، وأقام رافع بن خداش، فلما بلغه مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاء فأسلم. (62) - قوله: «وأقام رافع بن خداش» : ذكره الحافظ في الإصابة، وأورد قصة الباب فقال: ذكره أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى، وأخرج بسند ضعيف. وذكر القصة. اه. وأوردها أيضا السيوطي في الخصائص [1/ 271] وعزاها للمصنف وحده وضعف إسنادها، والظاهر أنه لكونها معلقة غير مسندة، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 [27- فصل: ذكر قصّة إسلام أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه] 27- فصل: ذكر قصّة إسلام أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه 63- أخبرنا أبو سعيد: عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عطاء بن واصل القرشي قراءة عليه، ثنا أبو يعقوب: يوسف بن قوله: «ذكر قصة إسلام أبي ذر الغفاري» : اسمه: جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار الغفاري، أحد السابقين الأولين، من نجباء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كان خامس خمسة في الإسلام، ورأسا في الزهد والعلم والعمل، قوالا بالحق، من أهل الصدق والإخلاص، ممن لا تأخذه في الله لومة لائم، قال الحافظ الذهبي: على حدّة فيه. انظر أخباره وسيرته في: طبقات ابن سعد [4/ 219] ، المستدرك للحاكم [3/ 337] ، أسد الغابة [1/ 357، 6/ 99] ، حلية الأولياء [1/ 156] ، الإصابة [11/ 118] ، مجمع الزوائد [9/ 327] ، تاريخ ابن عساكر [66/ 174] ، تهذيب الكمال [33/ 294] ، أنساب الأشراف [4/ 541] ، المعجم الكبير للطبراني [2/ 155] ، كنز العمال [13/ 311] ، سير أعلام النبلاء [2/ 46] ، المعرفة لأبي نعيم [2/ 557] ، الاستيعاب [2/ 169] . (63) - قوله: «ابن واصل القرشي» : الرازي، قال عنه الحافظ الذهبي: الشيخ المعمر الزاهد، شيخ الصوفية، مسند الوقت، ونزيل نيسابور، حدث عنه الحاكم، وقال: جاور مكة، وقصد أبا علي الزاهد ليصحبه ... ولم يزل كالريحانة عند مشايخ الصوفية ببلدنا. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 عاصم بن عبد الله البزار الرازي، ثنا هدبة بن خالد القرشي، ثنا سليمان ابن المغيرة، ثنا حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا من غفار- وكانوا يحلون الشهر الحرام- فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومنا فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس، فجاء خالنا فأفشى علينا الذي قيل له، فقلت: أمّا ما مضى من معروفك فقد كدّرته، ولا جماع لك فيما بعد، وقربنا صرمتنا فاحتملنا وتغطى خالنا بثوبه فجعل يبكي. فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتينا الكاهن فخيّر أنيسا بصرمتنا ومثلها معها، قال: - قال الحافظ الذهبي: حديثه مستقيم، ولم أر أحدا تكلم فيه، وسماعه من ابن الضريس ينبغي أن يكون وله ستة أعوام. سير أعلام النبلاء [16/ 427] ، الوافي بالوفيات [17/ 490] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 382- ص 52] ، النجوم الزاهرة [4/ 163] ، العبر [3/ 21] ، الشذرات [3/ 103] ، تاريخ دمشق [32/ 252] . قوله: «البزار الرازي» : ذكره الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام فيمن توفي سنة 298، وقال: ثقة، رحل وسمع هدبة، وابن نمير، وسويد بن سعيد، وعنه: أبو سعيد الرازي، وعلي بن أحمد بن صالح وجماعة. قوله: «ثنا هدبة بن خالد القرشي» : أحد الثقات من رجال الشيخين، هو ومن فوقه غير أن عبد الله بن الصامت حديثه عند البخاري في التعاليق وهو ثقة، والحديث عند مسلم كما سيأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، قلت: لمن؟ قال: لله، قلت: فأين توجّه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي، أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث عليّ، ثم جاء فقلت: فيم جئت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك، يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر كاهن- وكان أنيس أحد الشعراء- قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ولقد وضعت قوله على حد الشعر فما يلتئم على لسان أحد، إنه مبعوث، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون، قال: قلت: اكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة فأبصرت رجلا منهم فقلت: أين هو الذي تدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إليّ فقال: الصابئ؟ فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا عليّ. قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها، وقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين ما بين يوم وليلة ما لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسر عليّ عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع. قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتان منهم تدعوان إساف ونائلة، قال: فأتيا عليّ في طوافهما، فقلت: أنكحا إحداهما الآخر، فما تناهيا عن قولهما، فأتيا عليّ فقلت: هنا مثل الخشبة- غير أني لا أكني-، فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان ههنا أحد من أنفارنا؟ فاستقبلهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطات قال: فما لكما؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قال: فما قال لكما؟ قالت: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم. قال: وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر، ثم طاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، قال أبو ذر: فلما قضى صلاته كنت أول من حيّاه بتحية أهل الإسلام، فقال: وعليك ورحمة الله، ثم قال: من أنت؟ قلت: من غفار، وأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته- فقلت في نفسي: كره أني انتميت إلى غفار-، فذهبت آخذ بيده فقرعني صاحبه- وكان أعلم به مني-، ثم رفع رأسه فقال: متى كنت ههنا؟ قلت: يا رسول الله كنت ههنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟ قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسّر عليّ عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها مباركة، إنها طعام طعم، قال أبو بكر: يا رسول الله إيذن لي في إطعامه الليلة، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، قال: فانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، فكان ذلك أول طعام أكلته بها. قال: ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد وجهت إلى أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ قال: فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: قد أسلمت وصدقت، قال: ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقتك، قال: فأتينا أمنا فقالت: ما لي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقتك، قال: فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفار فأسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 نصفهم- وكان يؤمهم إيمان بن رخصة، وكان سيدهم- قال: وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا، فقدم فقالوا: يا رسول الله إخواننا يسلمون على الذي أسلمنا عليه فأسلموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله. قوله: «غفار غفر الله لها» : أهل الحديث يفرقون قصة إسلام أبي ذر على الأبواب، أخرج منها مسلم هذا القدر في صحيحه كما بينته في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 2683، 2803. وأخرجا قصة إسلام أبي ذر أيضا بنحوه من طريق المثنى بن سعيد، عن أبي حمزة، عن ابن عباس، أخرجه البخاري في المناقب، باب قصة زمزم، رقم 3522، وفي مناقب الأنصار، باب إسلام أبي ذر رقم 3861، ومسلم في فضائل الصحابة برقم 1923، 1924. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 [28- فصل: ذكر قصّة إسلام سلمان الفارسي] 28- فصل: ذكر قصّة إسلام سلمان الفارسي 64- قال ابن عباس: حدثني سلمان- حدثه من فيه- قال: كنت رجلا مجوسيا من أهل أصبهان، قال: وكان أبي دهقان قرية، قوله: «ذكر قصة إسلام سلمان الفارسي» : هو سلمان الخير، وسلمان بن الإسلام، أبو عبد الله سابق الفرس إلى الإسلام، الفارسي الجليل، والصحابي النبيل، سيأتي في باب الفضائل شيء من فضائله المروية، قال الحافظ الذهبي في السير: كان لبيبا من عقلاء الرجال وعبادهم ونبلائهم. انظر أخباره وسيرته في: تاريخ ابن عساكر [21/ 373] ، حلية الأولياء [1/ 185] ، سير أعلام النبلاء [1/ 505] ، مجمع الزوائد [9/ 332] ، كنز العمال [13/ 421] ، طبقات ابن سعد [6/ 16، 7/ 318] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 226] ، تهذيب الكمال [11/ 245] ، أسد الغابة [2/ 417] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1327] ، تاريخ بغداد [1/ 163] ، الإصابة [4/ 223] ، الاستيعاب [4/ 221] ، التاريخ الكبير [4/ 135] ، مسند الإمام أحمد [5/ 437] . (64) - قوله: «قال ابن عباس» : أخرج حديثه عن سلمان: ابن إسحاق في سيرته [/ 87] ومن طريقه الإمام أحمد في مسنده [5/ 441] ، وابن سعد في الطبقات [4/ 75] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 272] رقم 6065، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1328] رقم 3343، 3351 اختصره، والبيهقي في الدلائل [2/ 92] ، وابن عساكر- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وكنت أحب الخلق إليه، فما زال به حبه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية، قال: وكنت قد اجتهدت في المجوسية، قاطن النار الذي يوقدها، لا يتركها تخبو اجتهادا في ديني. قال: وكانت لأبي ضيعة في بعض عمله، وكان يعالج بنيانا له في داره، فدعاني فقال: أي بني، قد شغلني بنياني كما ترى فانطلق إلى ضيعتي هذه ولا تحتبس علي فإنك إن احتبست عليّ شغلتني عن كل ضيعة وكنت أهمّ إليّ مما أنا فيه. قال: فخرجت فمررت بكنيسة للنصارى وهم يصلون فيها فسمعت صلاتهم فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فو الله ما زلت عندهم قاعدا وأعجبني دينهم وما رأيت من صلاتهم، وأخذوا بقلبي فأحببتهم حبا لم أحبه شيئا قط، فكنت لا أخرج قبل ذلك ولا أدري ما أمر الناس، فقلت: هذا والله خير من ديننا، فو الله ما برحتهم حتى غربت الشمس، - في تاريخه [21/ 384- 385] قال في مجمع الزوائد [9/ 336] : رواه أحمد كله والطبراني في الكبير بأسانيد وإسناد الرواية الأولى عندهما رجالها رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع، ورجال الرواية الثانية انفرد بها أحمد ورجالها رجال الصحيح غير عمرو بن أبي قرة وهو ثقة، ورواه البزار. وانظر طرقها وألفاظها الأخرى عند: ابن إسحاق في السيرة [/ 92] ، وابن سعد في الطبقات [4/ 75، 80، 81] ، والحاكم في المستدرك [3/ 599] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 98، 99] ، وابن عساكر في التاريخ [21/ 380، 383، 394] ، والطبراني في الطوال برقم 8، والبزار [3/ 268 كشف الأستار] رقم 2726. ولمزيد من الطرق والألفاظ انظر خصائص السيوطي [1/ 45- 55] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وتركت حاجة أبي الذي أرسلني إليها، وما رجعت إليه حتى بعث الطلب في أثري، فلم يظفروا بي بعد كثرة طلبهم إياي، ثم لما رأيت من هيئتهم في أمر دينهم سألتهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام، فلما أتيت أبي قال: يا بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ألا تحتبس عليّ؟ فقلت: بلى يا أبة، ولكني مررت على كنيسة للنصارى فأعجبني ما رأيت من أمرهم وحسن صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير من ديني، قال: كلا يا بني، إن ذلك دين لا خير فيه، دينك ودين آبائك خير منه، قال: قلت: كلا والله، لهذا خير، قال: فأردت أن أذهب من عنده فكبلني ثم حبسني، فأرسلت إلى النصارى فأخبرتهم أني قد رضيت أمرهم، وقلت: إذا قدم ركب عليكم من الشام فأخبروني بهم أذهب معهم، قال: فقدم عليهم ركب من تجار الشام فأخبروني وأرسلوا إلي، فأرسلت إليهم إذا أرادوا الرجعة فآذنوني، فلما أرادوا الخروج أرسلوا إلي أن الركب منطلقون، قال: فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت حتى جئتهم، وانطلقت معهم، فلما قدمت الشام سألت عن عالمهم فقالوا: صاحب الكنيسة أسقفهم، فدخلت عليه فأخبرته خبري، وقلت: إني أحب أن أكون معك في الكنيسة، أخدمك وأصلي معك وأتعلم منك، فإني قد رغبت في دينك، فقال: أقم. قال: فكنت في الكنيسة أتفقه في نصرانيته، وكان رجلا سوافا، فاجرا في دينه، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه الأموال اكتنزها لنفسه، فكنت أبغضه لما أرى من فجوره، وقد جمع سبع قلال دنانير ودراهم، ثم إنه مات، فاجتمعت النصارى ليدفنوه فقلت لهم: أتعلمون أن صاحبكم هذا رجل سوء؟ كان يأمركم بالصدقة فإذا جئتموه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين شيئا، قالوا: فما علامة ذلك؟ قلت: أدلكم على كنزه، قالوا: أنت وذاك، فدللتهم عليه، فأخرجوا قلالا ذهبا وورقا مملوءة، فلما رأوها قالوا: لا والله لا نغيبه أبدا، فصلبوه على شجرة، ورجموه بالحجارة، وجاءوا برجل آخر، قال: فجعلوه مكانه، قال سلمان: ما رأيت رجلا أفضل منه في دينه زهادة في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه اجتهادا في العبادة، فأقمت معه، وأحببته حبا ما أعلم أني أحببت شيئا قط مثله، وكنت معه أخدمه وأصلي معه في الكنيسة حتى حضرته الوفاة فقلت له: يا فلان إني كنت معك، ما أحببت حبك شيئا قط فإلى من توصي بي، وما الذي تأمرني فإني متبع أمرك، ومصدق حديثك، فقال: يا بني ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا بالموصل يقال له: فلان، فإني وإياه كنا على أمر واحد في الرأي والدين، فإنه رجل صالح، وستجد عنده بعض ما كنت ترى مني، فأما الناس فقد بدّلوا وأهلكوا فالحق به. قال: فلما توفي لحقت بصاحب الموصل فأخبرته خبري فقال: أقم، فكنت معه في الكنيسة فوجدته كما قال صاحبي رجلا صالحا، فمكثت معه ما شاء الله، ثم حضرته الوفاة فقلت: يا فلان إن فلانا أوصاني إليك حين حضرته الوفاة، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ فإني متبع أمرك ومصدق حديثك، قال: يا بني ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين يقال له: فلان فالحق به، فلما توفي لحقت بصاحب نصيبين، فأخبرته خبري، فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه صاحباه، فكنت معه ما شاء الله، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إن فلانا أوصى بي إلى فلان صاحب الموصل، وأوصى بي صاحب الموصل إليك، فإلى من توصي بي بعدك؟ قال: يا بني ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم، فإنك واجد عنده بعض ما تريد، وإن استطعت أن تلحق به فافعل، فلما توفي لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري، فقال: أقم، فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه أصحابه، وصار لي شيء حتى اتخذت بقرات وغنيمة، ثم حضرته الوفاة، فقلت: يا فلان إن فلانا أوصى بي إلى فلان صاحب الموصل، ثم أوصى بي صاحب الموصل إلى صاحب نصيبين، ثم أوصى بي صاحب نصيبين إليك، فإلى من توصي بي؟ قال: يا بني ما أعلم أصبح في هذه الأرض أحد على مثل ما كنا عليه، ولكن قد أظلك خروج نبي يخرج في أرض العرب، يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، يكون مهاجره حرّة، وقراره إلى أرض به نخل بين حرتين، نعتها كذا وكذا بظهره خاتم النبوة بين كتفيه، إذا رأيته عرفته، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة. قال: ثم مات، ثم مر بي ركب من كلب فسألتهم عن بلادهم فأخبروني عنها فقلت: أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني حتى تقدموا بي وادي القرى، فغدروا بي وباعوني من رجل من اليهود، فأقمت عنده زمانا، ثم ابتاعني من ذلك اليهودي آخر من بني قريظة، ثم خرج بي حتى قدم بي المدينة، فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، وأيقنت أنها البلدة التي وصفت، فكنت بها أعمل له في ماله من بني قريظة، حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وخفي عليّ أمره وأنا في رقي مشغول به، لم أسمع به حتى قدم المدينة مهاجرا، فنزل بقباء في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 بني عمرو بن عوف، فو الله إني لفي رأس نخلة أعمل لصاحبي فيها وصاحبي تحتي جالس إذ أقبل ابن عمّ له من يهود فقال: يا فلان قاتل الله بني قيلة، إنهم مقبلون على رجل بقباء، قدم من مكة يزعمون أنه نبي، فو الله ما هو إلا أن قالها فأخذني العرواء، ورجعت حتى ظننت لأسقطن على صاحبي، وانتفض منه جسدي، حتى ما يكاد شيء يمسك مني شيئا، فنزلت سريعا، فقلت: يا سيدي ما الذي يقول؟ فغضب مما رأى، قال: فرفع يده فضربني بها ضربة شديدة ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قال: قلت: لا شيء، سمعت شيئا أحببت أن أعلمه، قال: أقبل على شأنك، فسكت عنه وأقبلت على عملي، فلما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه وكلمته، ومعه نفر من أصحابه فقلت: إنه بلغني أنك رجل صالح، وإن معك أصحاب لك، وإنهم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة من طعام يسير فجئتكم به وهو هذا، فقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا وأمسك يده، وأبى أن يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة مما وصفه لي فلان، ثم رجعت، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجمعت شيئا ثم جئته فسلمت عليه ثم قلت: هذا شيء كان عندي أحببت أن أكرمك به، وهي هدية، أهديتها لك بكرامة وليس بصدقة، فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا وأكل معهم، فقلت في نفسي: هاتان اثنتان. قال: ثم رجعت فمكثت ستا ثم جئته وهو ببقيع الغرقد وقد مشى قوله: «العرواء» : فسرها في رواية بأنها الرعدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 في جنازة وحوله أصحابه وعليه شملتان مرتد بواحدة، ومتزر بأخرى، فسلمت عليه ثم تحولت حتى قمت وراءه لأنظر في ظهره، قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أريد أن أنظر وأستثبته، فقال بردائه فألقاه على ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي، فانكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل موضع الخاتم من ظهره وأبكاني، قال: فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه شأني وحديثي، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أن أسمع ذلك أصحابه، قال: ثم إني أسلمت فمكثت مملوكا حتى مضى شأن بدر وشأن أحد وشغلني الرق وما كنت فيه فلم أشهدهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب، فسألت صاحبي الكتابة، فلم أزل به حتى كاتبني على أن أحيي له ثلاثمائة نخلة، وبأربعين أوقية ورق، وذلك أربعة آلاف درهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أخاكم بالنخل، فأعانوني بقدر ما كان عندهم، يعطيني الرجل ثلاثين فما دون ذلك إلى الثلث حتى جمعتها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقّر لها فإذا أردت أن تضعها فلا تضعها حتى تأتيني فتؤذنني فأكون أنا أضعها بيدي في تفقيرها. قال: وأعانني أصحابي، وحفروا ثلاثمائة سربة، وجاء أصحابي كل رجل منهم بما أعانني من الودية، فوضعته ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فخرج فجعلنا نحمل إليه الودية فيضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم يسوي عليها ترابها ويبرك، حتى فرغنا منها ودية ودية، فما سقطت منها قوله: «وحفروا ثلاثمائة سربة» : السّرب: الحفير تحت الأرض، وتطلق أيضا على القناة الجوفاء التي يدخل منها ماء الحائط، يقال للرجل إذا حفر فأخذ يمينا وشمالا: قد سرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 ودية، علقت، وبقيت علما يستشفى بثمرتها ويرجى بركتها، وبقيت عليّ الدراهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان إذا وسعت يدي فأتني حتى أعينك على ما بقي من كتابتك، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بتبر من ذهب كبيضة الديك أصابها في بعض المغازي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل الفارسي المسكين المكاتب؟ ادعوه لي، قال: فدعيت له صلى الله عليه وسلم فأعطاني ذلك بعد ما أدارها على لسانه صلى الله عليه وسلم وقال: أدها عنك بما عليك من المال، فقلت في نفسي متعجبا: وأين تقع هذه مما علي من المال؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى سيؤدي بها عنك، وقد كانت في ذاتها الأولى لا تفي بربع حقهم، فذهبت بها فوفيت منها حقهم تاما. 65- وروي عن سلمان رضي الله عنه قال: صحبت قوما فقلت لهم: اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة، قالوا: نعم، قال: فلما أرادوا أن يأكلوا أتوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثم جعلوا بعضها كبابا وبعضها ... ، فامتنعت عن الأكل، فقالوا: كل، فقلت: إني غلام ديراني، وإن أهل ديني لا يأكلون اللحم، فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: أمسكوا عنه حتى يأتيكم بشرابكم فإنه لا يشرب، فلما أتوا قالوا: اشرب، فقلت: إني غلام ديراني وإن أهل ديني لا يشربون الخمر، فشدوا عليّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: لا تضربوني ولا تقتلوني فإني مقر لكم بالعبودية، فابتدرني واحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي ... الحديث. 66- قال سلمان: وكنت قرأت في الكتب نجوم الأنبياء والمرسلين عليهم السّلام، فما رأيت شيئا أحسن من نجم تلألأ نورا ولمعانا، له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 أربعة شعب تتوقد كأنها مصابيح، شعبة منها تتوقد نحو المشرق، وشعبة نحو المغرب، وشعبة إلى الشام، وشعبة إلى اليمن، لا تزداد كل ساعة إلا نورا ولمعانا، وقد غارت الكواكب كلها، فلم أكن أرى في السماء سواه. قال سلمان: فرجعت مبادرا إلى حائطي فرأيت النخل والرمان والسدر والزيتون وكل الشجر ساجدة لحق محمد صلى الله عليه وسلم حتى مالت الحيطان معها فسجدت، فقلت: أشهد الا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فسمعت قائلا يقول من ورائي: بطل والله سحر كل ساحر، ونكست الكهانة، ومنعت المسترقة، وملئت السماء حرسا، وبعث البشير بالرمح والسيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 [29- فصل: ذكر قصّة أبي عمير بن الهيّبان] 29- فصل: ذكر قصّة أبي عمير بن الهيّبان 67- ويروى أن ابن الهيبان كان يهوديا من يهود الشام، قدم المدينة قبل الإسلام بسنتين فقال من رآه: ما رأينا رجلا لا يصلي الخمس خيرا منه، وكان إذا حبس عنا المطر احتجنا إليه نقول له: يا ابن الهيبان اخرج فاستسق لنا، قال: لا حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة، فنقول: وما نقدم؟ فيقول: صاعا من تمر أو مدّين من شعير عن كل إنسان، فنفعل ذلك فيخرج بنا إلى ظهر وادينا، فو الله ما نبرح حتى تمر السحابة فتمطر علينا، ففعل ذلك بنا مرارا كل ذلك نسقى، فبينا هو بين أظهرنا قوله: «قصة أبي عمير بن الهيبان» : أخرجها ابن إسحاق في سيرته [/ 85] : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: هل تدري عما كان إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية وأسد بن عبيد- نفر من هذيل-؟ ... وذكر القصة. ومن طريق ابن إسحاق أخرجها البيهقي في الدلائل [4/ 31- 32] ، وأبو نعيم كذلك [1/ 81] رقم 42. وأخرجها ابن السكن في الصحابة من وجه آخر عن ابن إسحاق- فيما ذكره السيوطي في الخصائص-. قال أبو عاصم: لفظ المصنف هنا هو لفظ حديث ابن سعد في الطبقات [1/ 160- 161] ، أخرجه من طريق الواقدي قال: حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أن إسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ابن عمهم إنما كان عن حديث ابن الهيبان أبي عمير ... وذكر القصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 إذ حضرته الوفاة فقال: يا معشر يهود، ما الذي ترون أنه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم يا ابن الهيبان، قال: إنما قدمتها أتوكف خروج نبي قد أطلعكم زمانه، هذا البلد مهاجره، وكنت أرجو أن أدركه فأتبعه، فإن سمعتم به فلا تسبقن إليه، فإنه يسفك الدماء، ويسبي الذراري والنساء، فلا يمنعنكم هذا منه، ثم مات. فلما كان في الليلة التي صبيحتها فتحت قريظة قال لهم ثعلبة وأسيد ابنا سعية: يا معشر اليهود والله إنه للرجل الذي وصف لنا أبو عمير بن الهيّبان. قوله: «الذي وصف لنا أبو عمير» : زاد ابن سعد في الطبقات: فاتقوا الله واتبعوه، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله إنه لهو هو، فنزلوا وأسلموا، وأبى قومهم أن يسلموا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 [30- فصل: ذكر إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه] 30- فصل: ذكر إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه 68- روى أبو أمامة الباهلي يحدث عن عمرو بن عبسة قال: قوله: «ذكر إسلام عمرو بن عبسة» : هو الصحابي الجليل، وأحد السابقين إلى الإسلام عمرو بن عبسة بن خالد بن حذيفة السلمي، أبو نجيح البجلي، روى جبير بن نفير قال: كان أبو ذر الغفاري وعمرو بن عبسة كلاهما يقول: لقد رأيتني ربع الإسلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يسلم قبلي إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال- كلاهما- حتى لا يدري متى أسلم الآخر، رواه الطبراني وصححه الحاكم، وانظر أخباره وسيرته في: تاريخ ابن عساكر [46/ 249] ، أسد الغابة [4/ 251] ، تهذيب الكمال [22/ 118] ، طبقات ابن سعد [4/ 214] ، مسند الإمام أحمد [4/ 111، 384، 385] ، الاستيعاب [8/ 339] ، الإصابة [7/ 127] ، مستدرك الحاكم [3/ 616] ، سير أعلام النبلاء [2/ 456] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 1982] . (68) - قوله: «روى أبو أمامة الباهلي» : أخرج القصة بطولها: مسلم في صلاة المسافرين، باب إسلام عمرو بن عبسة، رقم 832، والإمام أحمد في مسنده [4/ 111، 114، 385] ، وابن سعد في الطبقات [4/ 215، 217] ، وأبو عوانة في مستخرجه [1/ 5، 245] ، والطيالسي في مسنده برقم 1153، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [3/ 40، 41] رقم 1329، 1330، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 1983] رقم 4977، والطحاوي في شرح معاني- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، ورأيت أنها آلهة باطلة، يعبدون الحجارة لا تضر ولا تنفع، فلقيت رجلا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين فقال: يخرج رجل من مكة، ويرغب عن آلهة قومه، ويدعو إلى غيرها، ويأتي بأفضل الدين، فإذا سمعت به فاتبعه. قال: فلم يكن لي هم إلا مكة آتيها وأسأل: هل حدث فيها خبر أو أمر؟ فيقولون: لا، فأنصرف إلى أهلي فأتعرض الركبان خارجين من مكة فأسألهم: هل حدث فيها خبر؟ قالوا: نعم، رجل رغب عن آلهة قومه، ودعا إلى غيرها. قلت: هذا صاحبي الذي أريد، فشددت راحلتي برجلها فجئت منزلي الذي كنت فيه فسألت عنه قومه فوجدته مستخفيا. فانطلقت حتى دخلت عليه فسلمت عليه، فقلت: ما أنت؟ قال: نبي، قلت: وما النبي؟ قال: رسول، قلت: ومن أرسلك؟ قال: الله، قلت: بماذا أرسلك؟ قال: أن نصل الأرحام، ونحقن ... الدماء، ونأمن السبل، ونكسر الأوثان، ونعبد الله لا نشرك به شيئا. قلت: نعم ما أرسلك به، أشهد أني قد آمنت بك وصدقتك، - الآثار [1/ 37، 152] ، وابن خزيمة في صحيحه [1/ 128- 129] ، والحاكم في المستدرك [1/ 163- 164، 309، 3/ 65- 66، 285، 616، 617، 4/ 148] ، والطبراني في الطوال برقم 11، والبيهقي في الدلائل [2/ 168] من طرق بألفاظ وبعضهم يزيد على بعض ومنهم من يختصر لفظه. قوله: «رغبت عن آلهة قومي» : وفي رواية: ألقي في روعي أن عبادة الأوثان باطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أفأمكث معك أم أمكث في أهلي؟ قال: امكث في أهلك، فإذا سمعت بي خرجت مخرجا فاتبعني. فلما سمعت به خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه، ثم قلت: يا نبي الله ألا تعرفني؟ قال: نعم، أنت السلمي جئتني بمكة، وقلت لي كذا وكذا، قلت: يا رسول الله: أي الساعات أسمع للدعاء؟ قال: جوف الليل الآخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 [31- فصل: ذكر إسلام كعب الأحبار] 31- فصل: ذكر إسلام كعب الأحبار 69- عن شهر بن حوشب عن كعب الأحبار رضي الله عنه أن إسلامه كان في قدوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام، قال: كان أبي أعلم الناس بما أنزل الله على موسى بن عمران عليه السّلام، وكان لا يدخر عني شيئا مما كان قوله: «كعب الأحبار» : هو كعب بن ماتع الحميري اليماني، العلامة الحبر، كان يهوديا، له إدراك لا رؤية ولا صحبة، ثم أسلم زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخذ السنن عن الصحابة، وكان حسن الإسلام متين الديانة من نبلاء العلماء، خبيرا بكتب اليهود، قال الحافظ الذهبي: له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة. انظر أخباره وسيرته في: تاريخ ابن عساكر [50/ 151] ، سير أعلام النبلاء [3/ 489] ، تهذيب الكمال [24/ 189] ، تذكرة الحفاظ [1/ 49] ، الإصابة [8/ 334] ، أسد الغابة [4/ 487] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 68] ، طبقات ابن سعد [7/ 445] ، التاريخ الكبير [7/ 223] ، الجرح والتعديل [7/ 161] ، العبر [1/ 35] ، النجوم الزاهرة [1/ 90] ، حلية الأولياء [5/ 364، 6/ 3- 47] ، ثقات ابن حبان [5/ 333] ، الإنابة لمغلطاي [2/ 123] . (69) - قوله: «أن إسلامه كان في قدوم عمر بن الخطاب الشام» : أخرج القصة أبو نعيم- كما في الخصائص [1/ 36]-، وأخرجها ابن عساكر في تاريخه [50/ 158- 164] من طريق المسيب أو غيره ومن طرق عن كعب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي: يا بني إنك قد علمت أني لم أدخر عنك شيئا مما كنت أعلم، إلا أني قد حبست عنك ورقتين فيهما ذكر نبي مبعوث قد أظل زمانه، وكرهت أن أخبرك بذلك فلا آمن عليك أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه، وقد جعلتها في هذه الكوة التي ترى، وطينت عليهما، فلا تعرض لهما ولا تنظرن فيهما حينك هذا فإن الله إن يرد بك خيرا ويخرج ذلك النبي تتبعه. قال: ثم إنه مات فدفناه، فلم يكن شيء أحب إليّ من أن يكون المأتم قد انقضى حتى أنظر ما في الورقتين، فإذا فيهما: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لا نبي بعده، مولده مكة، ومهاجره بالمدينة، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، يجزيء بالسيئة الحسنة، ويعفو ويصفح، أمته الحمّادون، الذين يحمدون الله على كل حال، تدلل ألسنتهم بالتكبير، ينصر نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم، ويأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدورهم، وتراحمهم بينهم كتراحم بني الأم، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم. قال: فلما قرأت ذلك قلت في نفسي: وهل علمني أبي شيئا هو خير لي من هذا؟ قال: فمكثت بذلك ما شاء الله، ثم بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة، وهو يظهر مرة ويستخفي أخرى، فقلت: هوذا، فلم يزل بذلك حتى قيل لي: قد أتى المدينة، فقلت في نفسي: إني لأرجو أن يكون إياه، فكانت تبلغني وقائعه مرة له ومرة عليه ثم بلغني أنه قد توفي فقلت في نفسي: لعله ليس بالذي كنت أظن، حتى بلغني أن خليفته قد قام مقامه، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى جاءتنا جنوده فقلت في نفسي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 لا أدخل في هذا الدين حتى أعلم أنهم هم الذين أرجو وأنظر سيرتهم وأعمالهم، فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت، حتى قدم علينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما رأيت وفاءهم بالعهد، وما صنع الله لهم على الأعداء علمت أنهم الذين كنت أنتظر، فحدثت نفسي بالدخول في دينهم، فو الله إني ذات ليلة فوق سطحي فإذا رجل من المسلمين يتلو قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء بأحب إليّ من الصباح، فغدوت على المسلمين. 70- وعن شهر بن حوشب، عن كعب قال: قلت لعمر بالشام عند انصرافه: إنه مكتوب في الكتب أن هذه البلاد التي كان بنو إسرائيل أهلها مفتوحة على يد رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكافرين، سره مثل علانيته، وقوله لا يجاوز فعله، والقريب والبعيد سواء في الحق عنده، أتباعه رهبان بالليل وأسد بالنهار، متراحمون متواصلون متبادرون، فقال عمر: ثكلتك أمك أحق ما تقول؟ فقال: بلى والذي يسمع ما أقول، فقال: الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا وشرفنا ورحمنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته التي وسعت كل شيء. قال: ثم إنه خرج من الشام مقبلا إلى المدينة. (70) - قوله: «وعن شهر بن حوشب» : أخرجها ضمن الأول ابن عساكر في تاريخه [50/ 161- 162] ، وسيأتي في باب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وانقلابه في أصلاب آبائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 [32- فصل: ذكر قصّة النّجاشي وإسلامه رحمه الله] 32- فصل: ذكر قصّة النّجاشي وإسلامه رحمه الله 71- قال جعفر بن أبي طالب: يا رسول الله ائذن لي آت أرضا أعبد الله بها لا أخاف أحدا، فأذن له. فأتى النجاشيّ، فبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد وجمعوا للنجاشي هدية فقبلها ثم سجدوا له وقالوا: إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك، فقال لهم النجاشي: في أرضي؟ قالوا: نعم، فأمر فأحضروا، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين. فقال عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد: إنهم لا يشهدون أن عيسى بن الله، ولا يسجدون لك، فلما انتهوا إليه زبرهم من عنده من القسيسين والبرهان أن اسجدوا للملك. فقال جعفر: لا نسجد إلا لله، قال: وما ذاك، قال: إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم فينا رسولا، وهو الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ الآية، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا قوله: «قصة النجاشي وإسلامه» : أخرجها من طرق: البيهقي في الدلائل [2/ 285- 294] وأبو نعيم في الدلائل [1/ 243] رقم 193، والطبراني في معجمه الكبير برقم 1478، وفي الأحاديث الطوال برقم 14، 15. وقد رويت قصة الهجرة أيضا عن ابن مسعود، وأبي موسى، وأم سلمة، قال السيوطي في الخصائص [1/ 374] : بأسانيد موصولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر. فأعجب النجاشي قوله، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص قال: أصلح الله الملك، إنهم يخالفونك في ابن مريم، قال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول: هو روح الله وكلمته، أخرجه من العذراء البتول التي لم يقربها بشر، قال: فأخذ النجاشي من الأرض شيئا تافها وقال: ما أخطأ مثل هذه- أو: وزن هذه- وأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، ولولا ما أنا فيه لأتيته حتى أخدمه وأحمل نعليه، امكثوا في الأرض ما شئتم، وأمر لهم بطعام وكسوة، وقال: ردوا على هذين هديتهم. ثم قال: أيكم أدرس للكتاب الذي أنزل على نبيكم؟ قالوا: جعفر، فقرأ عليه جعفر سورة مريم، فلما سمعها عرف أنه الحق ثم قال: زدنا من هذا الكلام الطيب، ثم قرأ عليه سورة أخرى، وقال: صدقتم، وصدق نبيكم. فلما رأى ذلك عمرو وعمارة سقط في أيديهم، وألقى الله بينهما العداوة، فمكر عمرو بعمارة وقال: يا عمارة إنك رجل جميل وسيم، فأت امرأة النجاشي فتحدث عندها إذا خرج زوجها فتعيننا على حاجتنا فإنك ترى ما قد وقعنا فيه من أمرنا لعلنا نهلك هذا الرهط، فراسلها عمارة حتى دخل عليها، وانطلق عمرو إلى النجاشي وقال: صاحبي هذا صاحب نساء، وإنه يريد أهلك فاعلم بعلم ذلك، فأرسل النجاشي إلى امرأته فإذا هو عندها فأمر فنفخ في إحليله سحره، ثم ألقي في جزيرة البحر، فجن، فصار وحشيا مع الوحش يرد ويصدر معها زمانا حتى ذكر لعشيرته فركب نفر من قومه السفينة فرصدوه حتى إذا وردوا أوثقوه فوضعوه في السفينة ليخرجوا به فلما فعلوا ذلك مات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 72- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن أمية الضمري في شأن جعفر وأصحابه، وكتب معه كتابا: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي أصحمة ملك الحبشة سلام عليك فإني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده ونفخه، إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، فإن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين، فإذا جاءك فأقرهم ودع التجبر، فإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى. وكتب النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من النجاشي أصحمة بن أبجر سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام أما بعد: فقد بلغني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى، فو رب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت حرفا، وإنه كما قلت، وقد عرفنا ما بعثت به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 إلينا، وقربنا ابن عمك وأصحابه، وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك مبايعة ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته 73- ويروى أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد غيره، وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلا، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فعدت الحبشة على أب النجاشي فقتلوه، وملّكوا أخاه، ومكثوا على ذلك حينا، ونشأ النجاشي مع عمه، وكان لبيبا حازما فغلب على أمر عمه، ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه منه قالوا: والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه، وإنا نتخوف أن يملكه علينا، ولئن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين، وقد عرف أنا قتلنا أباه، فمشوا إلى عمه وقالوا له: إما أن تقتل وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فإنا قد خفناه على أنفسنا، قال: ويلكم قتلتم أباه بالأمس، وأنا أقتله اليوم؟ بل أخرجوه من بلادكم، فخرجوا به إلى السوق فباعوه إلى رجل من التجار بستمائة درهم، فقذفه في السفينة، فانطلق به حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحاب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعت الحبشة إلى ولده فإذا هم حمقى ليس في ولده خير، فمرج على الحبشة أمرهم، فلما ضاق عليهم ما هم فيه خرجوا في (73) - قوله: «ويروى أن أباه» : القصة أخرجها ابن إسحاق في سيرته [/ 216] ، باب حديث الهجرة الأولى، حسن سياقه الحافظ ابن كثير في تاريخه، ومن طريق ابن إسحاق أخرجها البيهقي في الدلائل [2/ 301] ، وهي في سيرة ابن هشام بطولها [1/ 357- 361] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 طلبه حتى أدركوه فأخذوه من التاجر وعقدوا عليه التاج وملكوه، وجاءهم التاجر وقال: إما أن تعطوني مالي، وإما أن أكلم الملك في ذلك، فقالوا: لا نعطيك شيئا، فجاء إلى الملك فجلس بين يديه، قال: أيها الملك ابتعت غلاما من السوق بستمائة درهم، فأخذوا دراهمي وسلموا الغلام إليّ حتى إذا سرت بغلامي أدركوني فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي، فقال لهم النجاشي: لتعطينه دراهمه أو ليسلمن إليه غلامه ليذهب به حيث شاء، قالوا: بل نعطيه دراهمه، وكان ذلك أول ما علم من صلابته في دينه وعدله في حكمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 [جامع أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم ومولده الشّريف] جامع أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم ومولده الشّريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 [33- باب ظهور النّبيّ صلى الله عليه وسلم وانقلابه في أصلاب آبائه] 33- باب ظهور النّبيّ صلى الله عليه وسلم وانقلابه في أصلاب آبائه 74- روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حملت في قوله: «وانقلابه» : كذا في «م» و «ب» ، ووقع في «ظ» بدونها أي: باب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في أصلاب آبائه، فكأن المصنف يشير بالترجمة إلى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ أي: تقلبك في أصلاب الأنبياء، من صلب نبي إلى صلب نبي حتى أخرجك نبيا، روي عنه هذا من طرق بألفاظ يأتي تخريجها، وفي هذا المعنى يقول الحافظ شمس الدين الدمشقي: تنقل أحمد نورا مبينا ... تلألأ في وجوه الساجدينا تقلب فيهم قرنا فقرنا ... إلى أن جاء خير المرسلينا وإذا كان هذا مراد المصنف رحمه الله من الترجمة فالأولى التقيد بلفظ التّنزيل بأن يقال: باب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وتقلبه في أصلاب آبائه، سيما أن الإنقلاب الذي عبر به غير التقلب في القرآن الكريم، قال غير واحد من أهل التفسير: التقلب: التصرف، ومنه قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية، ومنه قوله تعالى: أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فأما الانقلاب فهو الانصراف، ومنه قوله تعالى: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ الآية، وقوله تعالى: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ، والآيات في البابين كثيرة وهي تشير إلى المعنيين المذكورين كما يعلم ويفهم من كتب التفسير والغريب، والله أعلم. (74) - قوله: «روى أبو هريرة» : حديثه عند البخاري في المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3557، إلا أنه قال: بعثت بدل: حملت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت منه. 75- وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى كنت نبيا؟ (75) - قوله: «وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم» : السائل هو ميسرة الفجر، صحابي يقال: ليس له إلا حديث الباب. وفي إسناده اختلاف، رواه عبد الله بن شقيق فاختلف عليه فيه: * فقال منصور بن سعد عن بديل: عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة به، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 59] ، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 353] رقم 834، والبخاري في تاريخه الكبير [7/ 374] الترجمة 1606، والآجري في الشريعة [/ 421] . قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: إسناده جيد. * وتابعه إبراهيم بن طهمان، عن بديل، أخرجه البخاري في تاريخه معلقا [7/ 374] والطبراني في معجمه الكبير [20/ 353] رقم 833، والحاكم في المستدرك [2/ 608- 609] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 84- 85، 2/ 129] ، وابن الأثير في الأسد [5/ 285] ، والآجري في الشريعة [/ 421] . قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. ورواه خالد الحذاء فاختلف عليه فيه: * فقال مرة: عن عبد الله بن شقيق، عن رجل- أو: قال رجل- ... لم يذكر ميسرة، وصورته صورة المرسل، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 66] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 148] ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [5/ 347] رقم 2918. قال الحافظ في الإصابة: أخرجه البغوي وسنده صحيح، قال: وكذا رواه حماد عن والده، وعن خالد الحذاء كلاهما عن عبد الله بن شقيق.. أخرجه البغوي، وكذا رواه حماد بن سلمة، عن خالد، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت: يا رسول الله.. أخرجه البغوي أيضا. اه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ......... -* ورواه حماد بن سلمة أيضا عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء قال: قلت يا رسول الله، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 148] ، فقد سمى المبهم في الرواية ذاتها، ولذلك قال ابن الفرضي: اسم ميسرة: عبد الله ابن أبي الجدعاء، وميسرة لقب. قال ابن الأثير في الأسد: ويشبه أن يكون كذلك فإن عبد الله بن شقيق يروي عنهما: متى كنت نبيا؟ اه. * وأخرجه أبو نعيم في الدلائل- فيما ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه إذ ليس في المختصر المطبوع من الدلائل- من طريق محمد بن عمر بن أسلم، عن محمد بن بكر بن عمرو الباهلي، عن شيبان، عن الحسن بن دينار، عن عبد الله بن سفيان- كذا- عن ميسرة به، والحسن بن دينار تكلم فيه. * نعم، وفي الباب عن العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد السلمي، وعن نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي هريرة، وابن عباس، وأبي أمامة، وعمر بن الخطاب، وابن أبي مريم الكندي، والشعبي مرسلا، وعن مطرف كذلك، وعن غيرهم. - أما حديث العرباض بن سارية فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 127، 127] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [ق 1/ 388] رقم 1264، وابن سعد في الطبقات [1/ 149] ، والبخاري في تاريخه الصغير [1/ 13] ، وفي الكبير أيضا [6/ 68] ، والطبراني في معجمه الكبير [18/ 252، 253] الأرقام: 629، 630، 631، والآجري في الشريعة [/ 421] ، والطبراني في تفسيره [1/ 556، 28/ 87] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 80، 2/ 130] ، وأبو نعيم كذلك برقم 9، 10، والبغوي في الأنوار [1/ 6] رقم 4، وفي شرح السنة [13/ 207] رقم 3626، وصححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 6404 جميعهم من طرق عن معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد، عن عبد الأعلى ابن هلال، عن العرباض به. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 ......... - خالف أبو بكر بن أبي مريم- أحد الضعفاء- معاوية بن صالح، فأسقط التابعي، وجعله عن سعيد بن سويد، عن العرباض وهذا منكر، أخرجه من هذا الوجه: الإمام أحمد في مسنده [4/ 128] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 409، والبزار في مسنده [3/ 112 كشف الأستار] رقم 2365، والحاكم في المستدرك [2/ 600] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 83] ، والطبراني في تفسيره [1/ 556] ، والآجري في الشريعة [/ 421] . قال البيهقي عقب إيراده: قصر أبو بكر بإسناده فلم يذكر عبد الأعلى، وقصر بمتنه فجعل الرؤيا بخروج النور منها وحده. اه. - وأما حديث عتبة بن عبد فخرجناه في مسند الحافظ الدارمي تحت رقم 14، وخرجنا تحته حديث خالد بن معدان عن نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. - وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الترمذي، والحاكم في المستدرك [2/ 609] ، والآجري في الشريعة [/ 421] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 130] ، وأبو نعيم كذلك برقم 8 جميعهم من حديث الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد، وفي رواية: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه، قال الترمذي: حسن غريب. وأخرج أبو نعيم في الدلائل- فيما ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه إذ ليس في المختصر المطبوع من الدلائل- من حديث الوليد بن مسلم، عن خليد ابن دعلج وسعيد عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ قال: كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث. قال ابن كثير: ثم رواه من طريق هشام بن عمار، عن بقية، عن سعيد ابن نسير، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة مثله مرفوعا، وقد رواه من طريق سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 ......... - قال ... فذكره. قال ابن كثير: وهذا أثبت وأصح. - وأما حديث ابن عباس فأخرجه البزار في مسنده [3/ 112 كشف الأستار] رقم 2364، والطبراني في الأوسط [5/ 100] رقم 4187، قيل: يا رسول الله متى كنت نبيّا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد، قال البزار: لا نعلمه يروي عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، ونصر بن مزاحم لم يكن بالقوي- ولم يكن كذابا- ولكنه يتشيع، ولم نجد هذا الحديث إلا عنده، وقال الهيثمي: فيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف، مجمع الزوائد [8/ 223] . - وأما حديث أبي أمامة: قلت يا رسول الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 262] ، والطيالسي في مسنده برقم 1140، وابن سعد في الطبقات [1/ 149] ، والطبراني في معجمه الكبير رقم 7729، والبيهقي في الدلائل [1/ 84] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 222] : رواه أحمد، وإسناده حسن، وله شواهد تقويه. - وأما حديث عمر: متى جعلت نبيّا؟ قال: وآدم منجدل في الطين، فأخرجه أبو نعيم- فيما ذكره الحافظ السيوطي في الخصائص [1/ 10]- من حديث الصنابحي، عنه، قال السيوطي: مرسل، يريد أنه منقطع بين الصنابحي وعمر. - وأما حديث أبي مريم الكندي، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 333] رقم 835، وفي مسند الشاميين [2/ 98- 99] رقم 984 أن رجلا قال: أي شيء كان من أمر نبوتك؟ قال: أخذ الله عزّ وجلّ مني الميثاق كما أخذ من النبيين ... الحديث بطوله، قال في مجمع الزوائد [8/ 224] : ورجاله وثقوا. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 فقال: وآدم بين الروح والجسد. - وأما حديث عامر الشعبي فأخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 148] قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق، وهذا مرسل، وفيه أيضا جابر الجعفي وهو ضعيف. وأما حديث مطرف أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى كنت نبيّا؟ قال: بين الروح والطين من آدم، فأخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 148] . قوله: «وآدم بين الروح والجسد» : قال الحافظ أبو نعيم في الدلائل: ففي هذا الحديث الفضيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أوجبه الله له النبوة قبل تمام خلق آدم، قال: ويحتمل أن يكون هذا الإيجاب هو ما أعلم الله ملائكته ما سبق في علمه وقضائه من بعثته له في آخر الزمان، نقله الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال: هذا الكلام يوافق ما ذكرناه ولله الحمد من أنه إخبار عن التنويه بذكره في الملأ الأعلى، وأنه معروف بذلك بينهم بأنه خاتم النبيين وآدم لم ينفخ فيه الروح، لأن علم الله تعالى بذلك سابق قبل خلق السماوات والأرض لا محالة، فلم يبق إلا هذا الذي ذكرناه من الإعلام به في الملأ الأعلى. اه. وقال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى في كتابه «التعظيم والمنة» : في هذا من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: بعثت إلى الناس كافة، لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضا، ويتبين بذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد، وأن من فسره بعلم الله بأنه سيصير نبيا لم يصل إلى هذا المعنى، لأن علم الله محيط بجميع الأشياء، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة في ذلك الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 ......... - أمر ثابت له في ذلك الوقت، ولهذا رأى آدم اسمه مكتوبا على العرش: محمد رسول الله، فلا بد أن يكون ذلك معنى ثابتا في ذلك الوقت، قال: ولو كان المراد بذلك مجرد العلم بما سيصير في المستقبل لم يكن له خصوصية بأنه نبي وآدم بين الروح والجسد، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله فلا بد من خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم لأجلها أخبر بهذا الخبر إعلاما لأمته ليعرفوا قدره عند الله تعالى فيحصل لهم الخير بذلك. اه. باختصار. وقال الشيخ الغزالي في نفخ الروح: وأما قوله عليه السّلام: كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين، فإشارة إلى أنه كان نبيّا في التقدير قبل تمام خلقه آدم، لأنه لم ينشأ خلق آدم إلا لينتزع الصافي من ذريته، ولا يزال يستصفى تدريجيّا إلى أن يبلغ كمال الصفاء فيقبل الروح المحمدي، قال: وأما قوله: أنا أول الأنبياء خلقا، وآخرهم بعثا، فالخلق ههنا هو التقدير دون الإيجاد، فإنه قبل أن تلده أمه لم يكن مخلوقا موجودا ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير ولاحقة في الوجود، وهو معنى قولهم: أول الفكرة آخر العمل، بيانه: أن المهندس المقدر للدار أول ما يتمثل صورته في تقديره هي دار كاملة، وآخر ما يوجد من أثر أعماله هي الدار الكاملة، والدار الكاملة أول الأشياء في حقه تقديرا، وآخر الأشياء وجودا. اه. وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف: المقصود من هذا الحديث: أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مذكورة معروفة قبل أن يخلقه الله تعالى ويخرجه إلى الدار الدنيا حيّا، وأن ذلك كان مكتوبا في أم الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم صلى الله عليهما وسلم، نقله الصالحي في سبل الهدى. وقال الطيبي في شرح المشكاة: المعنى: كتبت خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم عليه السّلام مطروح على الأرض، حاصل في أثناء الخلقة لما يفرغ من تصويره وإجراء الروح فيه. اه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 76- أخبرنا الشريف أبو جعفر الموسايي رضي الله عنه- إمام مكة- وقال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى [1/ 149- 150] : محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، فهو أعظم الذرية قدرا وأرفعهم ذكرا، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه كتب نبيّا حينئذ وآدم بين الروح والجسد، وهذا والله أعلم لأن هذه الحالة فيها يقدر التقدير الذي يكون بأيدي ملائكة الخلق، فيقدر لهم ويظهر لهم ويكتب ما يكون من المخلوق قبل نفخ الروح فيه، قال: وكتابة نبوته هو معنى كون نبوته، فإنه كون في التقدير الكتابي ليس كونا في الوجود العيني، إذ نبوته لم يكن وجودها حتى نبأه الله تعالى على رأس أربعين سنة من عمره صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاء هذا المعنى مفسرا في حديث العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني عند الله مكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته. اه مختصرا. (76) - قوله: «أبو جعفر الموسايي» : قال السمعاني: هو بضم الميم وفتح السين المهملة وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، نسبة إلى موسى الكاظم، ثم قال: هو السيد أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه العلوي الموسائي، قال: ذكرها أبو عبد الله الحاكم في تاريخه وقال: كان أحد الأشراف في عصره في حفظ الأنساب والأخبار وأيام الناس، وكان من المجتهدين في العبادة على ما كان يرجع إليه من المودة الظاهرة ومحبة العلم وأهله، سمعته غير مرة يذكر أنه يدين الله بفقه مالك ابن أنس، سمع بالعراق أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد وطبقتهما، وبالري أبا محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم، وكان كثير الرواية عن أهل بيته الطاهرين، وكان يقول: إنا أهل بيت لا تقية عندنا في ثلاثة أشياء: كثرة الصلاة، وزيارة قبور الموتى، وترك المسح على الخفين. انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني [5/ 405] ، اللباب في تهذيب الأنساب [3/ 268] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 حرسها الله وقاضيها- قال: أنا أبو سعيد: أحمد بن محمد بن زياد، قوله: «أنا أبو سعيد: أحمد بن محمد بن زياد» : هو ابن بشر بن درهم الإمام المحدث القدوة، الحافظ الصدوق، شيخ الإسلام، وشيخ الحرم أبو سعيد ابن الأعرابي البصري، الصوفي، نزيل مكة، ولد سنة نيف وأربعين ومئتين. قال الحافظ الذهبي: رحل إلى الأقاليم، وجمع وصنف، وخرج عن مشايخه معجما كبيرا، وتعبد وتأله، وألف في مناقب الصوفية، وحمل السنن عن أبي داود، وكان كبير الشأن، بعيد الصيت، عالي الإسناد وكان شيخ الحرم في وقته سندا وعلما وزهدا وعبادة وتسليكا، وكان ثقة ثبتا، توفي أبو سعيد سنة 340 بمكة، وله أربع وتسعون سنة وأشهر. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [15/ 407] ، المنتظم [14/ 88] ، البداية والنهاية [11/ 226] ، تاريخ ابن عساكر [5/ 353] ، تذكرة الحفاظ [3/ 852] ، طبقات الصوفية [/ 427] ، الحلية [10/ 375] ، الرسالة القشيرية [/ 28] ، طبقات الأولياء [/ 77] ، النجوم الزاهرة [3/ 306] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 340 هـ ص 184] ، الشذرات [3/ 61] ، تقييد ابن نقطة [1/ 189] ، العبر [2/ 59] ، طبقات الشعراني [1/ 137] . قوله: «ثنا العباس بن عبد الله الترقفي» : الإمام القدوة، المحدث الحجة أبو محمد الباكسائي- بفتح الباء الموحدة، بعدها ألف ثم كاف مضمومة وسين مهملة مفتوحة، ثم ألف، وقبل الياء ياء أو همزة مهملة- نسبة إلى باكسايا من نواحي بغداد- قال الحافظ الذهبي: أحد الرحالين في السنن، سمع الفريابي وأبا عاصم النبيل، وأبا عبد الرحمن المقرئ وجماعة، وحدّث عنه ابن ماجه، وابن سريج، وإسماعيل الصفّار وآخرون، وله جزء معروف، قال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسم، ووثقه الدارقطني، وقال الخطيب: كان ثقة صالحا عابدا، توفي في آخر سنة سبع وستين. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 ثنا العباس بن عبد الله الترقفي [ح] . (77) - وحدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد المحدّث، أنا أبو الحسن: علي بن محمد بن سختويه العدل، ....... - تهذيب الكمال [14/ 216] ، تهذيب التهذيب [5/ 105] ، سير أعلام النبلاء [13/ 12] ، تاريخ الإسلام [وفيات 267 ص 115] ، تاريخ ابن عساكر [26/ 269] ، المنتظم [12/ 214] . قوله: «ح» : ح: ليست في الأصول، والسياق يستوجب إضافتها وإثباتها فيه وهي تعني انتقال السند. (77) - قوله: «وحدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد المحدّث» : أبو بكر هو: ابن بالويه النيسابوري، ذكره الحافظ الذهبي في السير وقال: كان من كبراء بلده، ارتحل به أبوه فسمع محمد بن يونس الكديمي، وبشير بن موسى، ومحمد بن غالب تمتام، روى عنه الحاكم، وابن منده، وأبو علي الحافظ وعدة، قال الحاكم: سمعته يقول: كتبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثلاثمائة جزء، قال الحاكم: توفي في رجب سنة أربعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء [15/ 419] ، الوافي بالوفيات [2/ 40] . قوله: «أنا أبو الحسن: علي بن محمد بن سختويه العدل» : هو المعروف بعلي بن حمشاذ، قال عنه الحافظ الذهبي: الإمام الثقة الحافظ شيخ نيسابور، وصاحب التصانيف، سمع ببغداد الحارث بن أبي أسامة، وبالري محمد بن منده، وبهمذان إبراهيم بن ديزيل، وبمكة علي بن عبد العزيز، وإسماعيل القاضي، حدّث عنه أبو عبد الله الحاكم، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عبد الله ابن منده، قال أبو بكر بن إسحاق: صحبت علي بن حمشاذ في الحضر والسفر فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. وقال عبد الله ولده: ما أعلم أن أبي ترك قيام الليل. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 ثنا أحمد بن محمد بن سالم، ثنا العباس بن عبد الله الترقفي، قال: حدثني الفضل بن جعفر بن عبد الله، قال: حدثني أبو محمد: السري بن عثمان البجلي، ........ - انظر: سير أعلام النبلاء [15/ 398] ، المنتظم [14/ 76] ، الشذرات [3/ 53] ، تذكرة الحفاظ [3/ 855] ، العبر [2/ 55] ، مرآة الجنان [2/ 237] ، تاريخ الإسلام [وفيات 238 ص 165] ، البداية والنهاية [11/ 222] ، وهدية العارفين [1/ 679] . قوله: «ثنا أحمد بن محمد بن سالم» : أبو حامد النيسابوري، قال الخطيب في تاريخه [5/ 23] : قدم بغداد وحدّث بها عن عبد الله بن الجراح، روى عنه: محمد بن مخلد. قوله: «حدثني الفضل بن جعفر بن عبد الله» : هو: ابن الزبرقان الهاشمي، الحافظ الثقة: أبو سهل ابن أبي طالب البغدادي، الواسطي الأصل، مولى آل العباس بن عبد المطلب، وأحد شيوخ الترمذي الثقات، وثقه الخطيب، والذهبي، وابن حجر، توفي سنة 252 هـ. وانظر: تهذيب الكمال [23/ 192] ، تاريخ بغداد [12/ 364] ، سير أعلام النبلاء [12/ 621] ، الكاشف [2/ 328] ، تهذيب التهذيب [8/ 242] ، الثقات [9/ 7] ، الجرح والتعديل [7/ 60] ، تاريخ الإسلام [وفيات 252 ص 226] . قوله: «حدثني أبو محمد: السريّ بن عثمان» : كذا في «ظ» ، وفي «ب» : حدثني أبو محمد السري، عن عثمان البجلي، ولعل الأشبه بالصواب- والله أعلم- ما أثبتناه ولم أعرف أبا محمد، لكن إن قلنا بأن الصواب: ما وقع في «ب» ، فيحتمل أن يكون عثمان هو ابن عمير، الذي أخرج له «د. ت. ق» في السنن، كنيته: أبو اليقظان، فهذا مجمع على ضعفه، والله أعلم بالمراد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 عن أبي بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن عمرو الأنصاري، عن أبيه قوله: «عن أبي بكر بن أبي مريم» : هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، شامي، حديثه عند «د. ت. ق» ينسب إلى جده اختصارا وشهرة، والجمهور على تضعيفه وعدم الاحتجاج بحديثه، ويقتصر من حديثه ما كان للاعتبار، وما كان منه في السير والقصص. انظر عنه في: تهذيب الكمال [33/ 108] ، تهذيب التهذيب [12/ 33] ، المجروحين [3/ 146] ، طبقات ابن سعد [7/ 467] ، الكاشف [3/ 275] ، الميزان [6/ 171] ، ضعفاء النسائي [/ 262] ، الديوان [2/ 484] ، التقريب [/ 623] ، المغني في الضعفاء [2/ 774] . قوله: «عن سعيد بن عمرو الأنصاري» : المدني، حديثه عن أبيه عن جده عند النسائي، أخرجه له ووثقه. تهذيب الكمال [11/ 22] ، تهذيب التهذيب [4/ 61] ، الكاشف [1/ 293] ، التقريب [/ 239] ، التاريخ الكبير [3/ 498] ، الجرح والتعديل [4/ 49] ، الكاشف [2/ 59] ، الأنساب [2/ 53] ، تذكرة الحفاظ [2/ 566] ، الوافي بالوفيات [16/ 657] ، الثقات لابن حبان [8/ 513] ، اللباب [1/ 113، 212] ، العبر [1/ 384] ، المعجم المشتمل [/ 149] ، تاريخ بغداد [12/ 143] ، الشذرات [2/ 310] ، تهذيب ابن منظور [11/ 323] ، تاريخ واسط [/ 46] . قوله: «عن أبيه» : هو: عمرو بن شرحبيل بن سعيد الأنصاري، المدني، من رجال النسائي، سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، ووثقه ابن حبان. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 قال: صحبت كعب الأحبار وهو يريد الإسلام- أو قال: يريد النبي صلى الله عليه وسلم- قال: فلم أر رجلا لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوصف له من كعب الأحبار، وقد وصف لنا حالاته وأخلاقه. قال: صحبت كعب الأحبار في بعض الطرق، فكان ليلة يكثر الدخول والخروج، ثم استعبر باكيا، وقال: قبض محمد صلى الله عليه وسلم في هذه- وانظر: تهذيب الكمال [22/ 59] ، التاريخ الكبير [6/ 341] ، الجرح والتعديل [6/ 238] ، الثقات [7/ 225] ، تهذيب التهذيب [8/ 42] ، الكاشف [2/ 286] ، التقريب [/ 422] . تنبيه: سقط من «ظ» الإسناد الأول وهو ما قبل تحويل السند، فوقع فيها: حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد مباشرة دون الإسناد الأول. قوله: «في بعض الطرق» : وكان عزم على الخروج للقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج ابن عساكر في تاريخه [50/ 156- 157] من حديث بقية بن الوليد قال: حدثنا الأوزاعي، ثنا يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني قال: كان أبو مسلم الجليلي معلم كعب الحبر- وكان يلزمه إبطاءه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: وبعثني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كعب: وخرجت حتى أتيت ذات قرنات فقال لي: أين تأخذ يا كعب؟ فقلت: هذا النبي، فقال: والله لئن كان حيا إنه الآن لتحت التراب، فخرجت فإذا أنا براكب، فقلت: الخبر؟ فقال: مات محمد صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب ... ثم ذكر الحديث بطوله. قوله: «ثم استعبر باكيا» : العبرة: الدمعة، قيل: هو أن ينهمل الدمع ولا يسمع البكاء، وقيل: هي الدمعة قبل أن تفيض، وقيل: تردد البكاء في الصدر، وعبر عبرا واستعبر: جرت عبرته وحزن، ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم استعبر فبكى، قال في اللسان: استفعل من العبرة، وهي تحلّب الدمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الليلة، ولقد رأيت أبواب الجنان فتّحت. ثم قدم بعد ذلك كعب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: «ثم قدم بعد ذلك كعب» : اختلف في ذلك كما اختلف في وقت إسلامه متى كان ذلك لاختلاف الروايات، فأخرج ابن عساكر في تاريخه [50/ 157] ، من حديث أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: أسلم كعب على يدي أبي بكر قال: حدثني غير واحد أن كعبا من اليمن من ذي الكلاع ثم من بني ميتم وكان مسكنه في أرض اليمن فقدم على أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتى الشام فمات به، وروى ابن سعد في الطبقات [7/ 445] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [50/ 158] من طريق يزيد ابن هارون وعفان بن مسلم قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال العباس رضي الله عنه لكعب: ما منعك أن تسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى أسلمت الآن على عهد عمر رضي الله عنه؟ فقال كعب: إن أبي كتب لي كتابا من التوراة ودفعه إليّ وقال: اعمل بهذا، وختم سائر كتبه، وأخذ علي بحق الوالد على ولده ألا أفض الخاتم، فلما كان الآن ورأيت الإسلام يظهر ولم أر بأسا قالت لي نفسي: لعل أباك غيب عنك علما كتمك، فلو قرأته. ففضضت الخاتم فقرأته فوجدت فيه صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فجئت الآن مسلما، فوالى العباس، وروى ابن عساكر في تاريخه من حديث إسحاق بن بشر، ثنا إسحاق بن يحيى، عن المسيب بن رافع، وعن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قالا: إن كعب الأحبار ذكر بدء ما رزقه الله الإسلام حين أسلم مقدم عمر، وذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كان أبي من أعلم الناس بما أنزل الله على موسى، وكان لا يدخر عني شيئا مما يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي: يا بني، قد علمت أني لم أدخر عنك شيئا مما كنت أعلم إلا أني كنت قد حبست عنك ورقتين- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 ......... - فيهما ذكر نبي يبعث قد أظل زمانه، وكرهت أن أخبرك بذلك فلا آمن أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه، وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى وطينت عليهما فلا تعرض لهما، ولا تنظرن فيهما حينك هذا، فإن كان الله يريد بك خيرا ويخرج ذلك النبي بعينه فأخرجهما، قال: ثم مات، فلم يكن شيء أحب إليّ من أن ينقضي المأتم حتى أنظر في الورقتين، فلما انقضى المأتم فتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين فإذا فيهما: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لا نبي بعده، مولده بمكة، ومهاجره طيبة، لا فظ ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، يجزي بالسيئة الحسنة، ويعفو ويصفح، أمته الحمّادون الذين يحمدون الله على كل حال، ألسنتهم بالتهليل والتكبير رطبة، وينصر نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم، ويأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدورهم، وتراحمهم بينهم تراحم الأم، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم، فلما قرأت ذلك قلت في نفسي: وهل علّمني أبي شيئا هو أحب إليّ من هذا، فمكثت بذلك ما شاء الله ثم بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بمكة، فهو يظهر مرة ويستخفي أخرى، فقلت: هو ذا، فلم يزل بذلك حتى قيل: إنه قد أتى المدينة، فقلت في نفسي: إني لأرجو أن يكون إياه، فبلغتني وقائعه مرة له ومرة عليه، ثم بلغني أنه قد توفي صلوات الله عليه، فقلت في نفسي: لعله ليس الذي كنت أظن، حتى بلغني أن خليفة قد قام مقامه، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى جاءتنا جنوده، فقلت في نفسي: ألا أدخل في هذا الدين، ثم قلت: حتى أعلم أنه هو الذي أرجو وأنظر سيرتهم وأعمالهم، فلم أزل أرفع ذلك وأؤخره حتى استثبت حين قام علينا عمر بن الخطاب، فلما رأيت وفاءهم بالعهد، وما صنع الله لهم على الأعداء أوقع الله تعالى ذلك في نفسي، وعدت لصفتهم فعلمت أنهم الذين كنت أنتظر، فحدثت- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 قال: فجعلت أصف ما ذكر لي كعب، فقالوا: إن كعبا لساحر. فلما سمع مقالتهم، قال: الله أكبر، ما أنا بساحر. ثم أخرج من مزودة سفطا صغيرا من الدّرّ الأبيض عليه قفل مختوم بختم، ففضّ الخاتم، وفتح القفل، فأخرج منه حريرة خضراء مطوية طيّا شديدا، فقال: هل تدرون ما هذه؟ فيها صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السّلام أن يأتيه بالقبضة البيضاء- التي هي نور الأرض-، فهبط جبريل مع الملائكة فقبض قبضة من موضع قبره وهي يومئذ بيضاء نقية، فعجنت حتى جعلت كالدرة البيضاء، ثم غمست في كل أنهار الجنة، - نفسي بالدخول في دينهم، فو الله إني لذات ليلة فوق سطح إذا رجل من المسلمين يتلو قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء أحب إليّ من الصباح، فغدوت فسألت عن أمير المؤمنين حتى دخلت عليه، فأخبرته هذا الخبر، وأسلمت وقربني، وأحببت المسلمين وأحبوني ... الحديث. قوله: «من مزودة» : المزودة والمزود: وعاء يجعل فيها الزّاد، والمزادة مفعلة من الزاد يتزود فيها الماء. قوله: «سفطا» : السّفط: الذي يعبّى فيه الطّيب وما أشبهه من أدوات الزينة. قوله: «كالدرة البيضاء» : زيد في رواية: لها شعاع عظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 وطيف بها في السماوات والأرضين والبحار، فعرفت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم وفضله قبل أن تعرف آدم عليه السّلام، فلما خلق الله تعالى آدم عليه السّلام سمع في تخطيط جبهته كنشيش الذّرّ، فقال: ما هذا؟ قال الله تعالى: هذا تسبيح قوله: «قبل أن تعرف آدم عليه السّلام» : زاد في رواية ابن الجوزي: ثم كان نور محمد صلى الله عليه وسلم يرى في غرة جبهة آدم، وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من الأنبياء والمرسلين، فلما حملت حواء بشيث انتقل عن آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيئا، فإنها ولدته وحده كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم. أخرجه معلقا في الوفا [1/ 34] ، باب: في ذكر الطينة التي خلق منها محمد صلى الله عليه وسلم وعزا هذا القدر منه إلى المصنف: الشيخ محمد بن يوسف الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد [1/ 68- 69] ، وعزاه القسطلاني في المواهب [1/ 68- 69] ، إلى ابن أبي جمرة في بهجة النفوس، وابن سبع في شفاء الصدور، وذكره أيضا في [1/ 97] ، باختصار وعزاه للمصنف. قلت: قد ذكرت في المقدمة أن أصحاب التاريخ والسير والشمائل كانوا لا يرون بأسا بنقل مثل هذه الأخبار وروايتها عمن أسلم من علماء أهل الكتاب ممن عرف بالورع في الرواية ولم يدخل على المسلمين من الروايات ما كان كذبا في كتبهم، وقد أثنى جماعة من الصحابة ومن بعدهم على كعب الأحبار، وشهدوا له بمعرفة السقيم من أخبار اليهود والصحيح منها، ومثل أخباره هذه مما لا يتعلق بحلال أو حرام، ومما لا ينافي عقيدة أو يعارض أصلا أو ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتساهل في نقله وروايته ولا يتشدد فيه. قوله: «كنشيش الذر» : النشيش: أول أخذ العصير في الغليان، ونش اللحم نشّا ونشيشا سمع له على المقلى أو القدر، والقدر تنش: إذا أخذت تغلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 سيد ولدك، فخذه بعهدي وميثاقي ولا تودعه إلا في الأصلاب الطاهرين. وكان نور محمد صلى الله عليه وسلم يرى في دائرة غرة جبين آدم عليه السّلام كالشمس في دوران فلكها، أو كالقمر في ديجور ليلة ظلماء، فلم يزل حتى وضعه وبشرت حواء بشيث أبي الأنبياء ورأس المرسلين، فحملت بشيث، فأصبح آدم عليه السّلام والنور مفقود من جبهته، وحواء تزداد كل يوم غناجة وحسنا، وكل الطير والسباع يشيرون إلى حسنها حتى وضعت. فلما وضعته ضرب بينها وبين إبليس لعنه الله حجاب من النور في غلظ خمسمائة عام، فلم يزل إبليس محبوسا حتى بلغ شيث سبع سنين، وعمود من نور بين السماء والأرض للملائكة فيه مسلك ومنادي البشرى ينادي في كل يوم: أيتها الخضرة اهتزي وابشري لعظم نور محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فانطلق آدم عليه السّلام آخذا بيد شيث وقال: يا بني إن الله جل جلاله أمرني أن آخذ عليك عهدا، وقال: يا رب إنك أمرتني أن آخذ قوله: «في ديجور ليلة ظلماء» : الديجور: الظلمة، قال شمر: الديجور التراب، يقال: تراب ديجور أغبر يضرب إلى السواد كلون الرماد، وإذا كثر يبيس النبات فهو الديجور لسواده. قوله: «تزداد كل يوم غناجة» : الغنج: حسن الدلّ في الجارية، والغنج في الجارية: تكسر وتدلّل، يقال: امرأة غنجة أي: حسنة الدلّ، وقيل: الغنج: ملاحة في العينين. قوله: «وبين إبليس لعنه الله» : في «ظ» وبين الملعون إبليس عليه لعائن الله تترى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 على شيث عهدا فأسألك أن تبعث إليّ ملائكة يكونوا شهودا عليه، فما أتم آدم عليه السّلام الدعوة حتى نزل جبريل عليه السّلام في سبعين ألفا من الملائكة معهم حريرة بيضاء وقلم من أقلام الجنة وكتب بغير مداد بل بنور من أنوار الجنة وشهدت الملائكة وطوى الحرير طيّا، وكسي شيث في ذلك المكان حلتين حمراوين في نور الشمس ورقة الماء ... إلى أن بلغ الأمر إلى أخنوخ وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم فلما أن ولد نظر أبوه إلى النور فقال: أوصيك بهذا النور فقبل وصيته، حتى بلغ إلى نوح عليه السّلام ثم من نوح إلى سام فلما نظر نوح إلى النور في وجه سام سلّم إليه التابوت، وكان التابوت من درة بيضاء لها بابان مغلقان بسلسلة من الذهب الأحمر وعروتان من الزمرد الأخضر وفيه العهد والديباجة إلى أن بلغ الأمر إلى هود، فلما وضع هود سمع نداء أصوات من كل مكان: هذا من يكسر الله به كل صنم، ويقتل به كل من طغى وكفر، إلى أن بلغ الأمر إلى إبراهيم عليه السّلام، فلما ولد إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه ضرب علم من نور في شرقها، وعلم من نور في غربها، وصارت الدنيا كلها نورا، فضرب له عمودان من نور وسط الدنيا حتى لحقا بأعنان السماء بإشراق وحسن، تهتز الملائكة من حسن ذلك العمود، فقالت: ربنا ما هذا؟ فنودي: هذا نور محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: «بأعنان السماء» : فرق بعض أهل اللغة بين معنى كلمة عنان، وأعنان، قالوا: العنان: السحاب، والأعنان: النواحي، قال يونس بن حبيب: أعنان كل شيء: نواحيه، وقال غيره: واحد الأعنان: عنن وعن، وأعنان السماء: صفائحها وما اعترض من أقطارها، وقيل: عنان السماء: ما عنّ لك منها، وأعنان الشجر: أطرافه ونواحيه، وعنان الدار: جانبها، حكاه في اللسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 78- روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن قريشا كانت نورا بين يدي الله عزّ وجلّ قبل أن يخلق آدم بألفي عام، يسبح الله ذلك النور، وتسبح الملائكة بتسبيحه، قال: فلما خلق الله آدم أبقى ذلك النور في صلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأهبطني الله تعالى الأرض في صلب آدم عليه السّلام، فحملني في صلب نوح عليه السّلام في السفينة، ثم قذف بي في النار في صلب إبراهيم عليه السّلام، ولم يزل ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى (78) - قوله: «روي عن عبد الله بن عباس» : بإسناد مجهول لا يعتمد عليه، فأخرجه ابن أبي عمر العدني في مسنده فقال: ثنا عمر بن خالد، قال: حدثني الحلبي: محمد بن عبد الله- كذا في المسندة من المطالب، وإتحاف البوصيري، وإنما هو: محمد أبو عبد الله- عن عبد الله ابن الفرات، عن عثمان، عن الضحاك، عن ابن عباس به. أورده البوصيري في الإتحاف [9/ 7] رقم 8485- ووقع فيه: عن عثمان بن الضحاك، ولعله من أخطاء الطبع-، والحافظ في المطالب [4/ 177] رقم 4256. أما عمر بن خالد فشيخ قال عنه أبو حاتم- فيما رواه عنه ابنه في الجرح والتعديل [6/ 106]-: لا أعرفه، ولا أعرف الحلبي- يعني: شيخه-. وأما عبد الله بن الفرات، فلم أره في الأسماء فيما لدي من المصادر. وأما عثمان فهو: ابن داود، ذكره العقيلي في الضعفاء [3/ 201] ممن يروي عن الضحاك، وقال: مجهول بالنقل، وتبعه الذهبي في الميزان. وأما الضحاك فحاله مشهور، والجمهور على أنه لم يسمع من ابن عباس، وعليه فالإسناد مجهول، وانظر تمام البحث حول أحاديث الباب تحت الأثر الآتي بعده. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 الأرحام الطاهرة، حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط. 79- وروى عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، ..... - وأخرج الشطر الأخير منه أبو نعيم في الدلائل برقم 15 من حديث يزيد بن أبي حكم، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: لم يلتق أبواي على سفاح، لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلني من أصلاب طيبة، إلى أرحام طاهرة صافيا مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما. وفي إسناده من لم أعرفه. (79) - قوله: «وروى عبد الله بن المبارك» : سقط هذا الأثر وما بعده إلى قوله: (ومن العاشر محمدا صلى الله عليه وسلم) من نسخة «ظ» . وعبد الله بن المبارك هو الإمام أحد الأعلام وشيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم، المروزي، صاحب المصنفات، اتفق على إمامته وجلالته، له مناقب وفضائل مذكورة في مظان ترجمته، انظرها في: سير أعلام النبلاء [8/ 378] ، تاريخ بغداد [10/ 152] ، تهذيب الكمال [16/ 5] ، تهذيب التهذيب [5/ 382] ، تذكرة الحفاظ [1/ 174] ، حلية الأولياء [8/ 162] ، وفيات الأعيان [3/ 32] . قوله: «عن سفيان الثوري» : هو شيخ الحديث والمحدثين: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أحد الحفاظ المتقنين، حجة باتفاق أهل العلم والحديث، انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [7/ 229] ، تاريخ بغداد [9/ 151] ، وفيات الأعيان [2/ 386] ، حلية الأولياء [6/ 356] ، تهذيب الكمال [11/ 154] ، تهذيب التهذيب [4/ 111] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 222] ، تذكرة الحفاظ [1/ 203] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده، ..... قوله: «عن جعفر بن محمد الصادق» : الهاشمي، العلوي، أحد علماء المدينة وفقهائها، قال أبو حاتم الرازي: جعفر لا يسأل عن مثله. سير أعلام النبلاء [6/ 255] ، التاريخ الكبير [2/ 198] ، الجرح والتعديل [2/ 487] ، تهذيب الكمال [5/ 74] ، تهذيب التهذيب [2/ 88] ، تذكرة الحفاظ [1/ 166] . قوله: «عن أبيه» : هو الإمام الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي الهاشمي قال الحافظ الذهبي: أحد من جمع بين العلم والعمل، والسؤدد والشرف، والثقة والرزانة، وكان أهلا للخلافة. سير أعلام النبلاء [4/ 401] ، تهذيب الكمال [26/ 136] ، تذكرة الحفاظ [1/ 117] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 87] ، تهذيب التهذيب [9/ 350] ، طبقات ابن سعد [5/ 320] . قوله: «عن جده» : هو الإمام الجليل، السيد النبيل أمير المؤمنين في العلم والفقه علي بن الحسين بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، السيد الشهير بزين العابدين الهاشمي، العلوي، المدني، أحد الرفعاء والوجهاء أهل الورع، قال الزهري ومالك وغير واحد: لم يكن في زمانه من أهل بيته مثله. سير أعلام النبلاء [4/ 386] ، طبقات ابن سعد [5/ 211] ، حلية الأولياء [3/ 133] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 343] ، وفيات الأعيان [3/ 266] ، تهذيب الكمال [20/ 382] ، تذكرة الحفاظ [1/ 70] ، تهذيب التهذيب [7/ 304] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وسلم قوله: «عن علي بن أبي طالب» : الخليفة الراشد، والإمام الزاهد، وأول من أسلم من الصبيان، ممن عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له بالفضائل والمناقب حتى قيل له: لم تثبت في كثرتها وجلالتها لأحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، قتله ابن ملجم- قتله الله- سنة 40 هـ. قوله: «خلق نور محمد صلى الله عليه وسلم» : هذا حديث موقوف بإسناد مبتور لا يمكن الاعتماد على مثله في إثبات صدوره من مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، سيما إذا لم يكن للرأي فيه مجال كما هو الحال في اللفظ هنا، وفي الباب أحاديث منها ما لا يمكن إثباته بحال إذ كان لا زمام لها ولا خطام، ومنها ما لم نقف على إسنادها. لكني أورد منها ما وقفت عليه ثم أذكر بعدها حديثا هو أحسن شيء فيه، ربما يجعل لحديث الباب أصلا فيصير مع قول من تقدم في تأويله ممكن الإيراد في كتب الفضائل. - فمن ذلك حديث الباب، وقد بان لك حال إسناده. - ومنها حديث ابن عباس المتقدم قبله، وقد تقدم الكلام عليه. - ومنها ما ذكره العجلوني في كشف الخفا [1/ 265] ، قال: روى عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء؟، قال: يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ... الحديث بطوله. وهذا لم نقف عليه في المطبوع من المصنف للحافظ عبد الرزاق، وبعض الإخوة يزعمون أن له مصنفا آخر لعله فيه، فإن ثبت ذلك فيبقى محلا للنظر حتى يثبت ذلك ونقف على إسناده؛ إذ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- كما قال ابن عباس- صعب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 قبل أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي والقلم والجنة- والذي يظهر أنه لا يلزم من قوله: روى عبد الرزاق أن يكون في مصنفه- سيما وأن العجلوني لما عزاه لعبد الرزاق لم يذكر أنه في مصنفه-، كما لا يلزم من قول المصنف هنا: روى عبد الله بن المبارك أن يكون في أحد مصنفاته، لكن يتعين عندها سوق الإسناد لمعرفة حاله، فالصحيح المتصل لا يضره عدم وجوده في المصنفات- مع بعد ذلك في الغالب- فتأمل. نعم ولشيخنا الحافظ أبي الفضل الغماري رسالة في إبطال هذا الحديث بعينه صغيرة الحجم عظيمة النفع. - ومنها: ما ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد [1/ 69] ، قال: في كتاب الأحكام للحافظ الناقد أبي الحسن بن القطان: روى علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده مرفوعا: كنت نورا بين يدي ربي عزّ وجلّ قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام. وهذا أيضا لم نقف على إسناده، وفيه إشكال آخر وهو أن الكتاب المذكور مطبوع ولم أقف عليه فيه مع البحث الشديد، وقد أورده العجلوني في كشف الخفا [1/ 266] ، فعزاه- تبعا لابن مرزوق- لابن القطان في الكتاب المذكور، فإن صح ما قالوه فيبقى محلا للنظر حتى يوقف على إسناده. - ومنها: ما ذكره الشيخ القسطلاني في المواهب [1/ 66] ، بلفظ قيل- بلا عزو لأحد ولا لكتاب-: إن الله تعالى لما خلق نور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمره أن ينظر إلى أنوار الأنبياء عليهم السلام فغشيهم من نوره ما أنطقهم الله به فقالوا: يا ربنا من غشينا نوره؟ فقال الله تعالى: هذا نور محمد بن عبد الله، إن آمنتم به جعلتكم أنبياء، قالوا: آمنا به وبنبوته، فقال الله تعالى: أشهد عليكم؟ قالوا: نعم، فذلك قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ. - قال أبو عاصم: ولعل أحسن ما في هذا الباب ما رواه الحافظ البيهقي في الدلائل- التي اشترط ألا يخرج فيها الموضوع وما لا أصل له، قال في [5/ 483]-: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقرئ- قدم علينا حاجّا- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 والنار، وقبل أن يخلق آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب- حدثنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي السجزي، أنا أبو العباس محمد ابن إسحاق الثقفي- وهو السراج أحد الأئمة- حدثنا أبو عبيد الله يحيى بن محمد بن السكن- من رجال الصحيح- حدثنا حبان بن هلال، ثنا مبارك ابن فضالة، ثنا عبيد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص ابن عاصم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله عزّ وجلّ آدم خيّر لآدم بنيه، فجعل يرى فضائل بعضهم على بعض قال: فرآني نورا ساطعا في أسفلهم، فقال: يا رب من هذا؟ قال: هذا ابنك أحمد صلى الله عليه وسلم هو الأول والآخر، وهو أول شافع ... فهذا حديث إسناد رجاله عن آخرهم ثقات، دونهم في الثقة: المبارك ابن فضالة، وهو صدوق رمي بالتدليس. فهذا ما وقفت عليه من الأحاديث في هذا الباب. * ولأهل العلم كلام وتأويلات في معنى النور الإلهي والنور النبوي وأولية خلقه من المناسب نقلها هنا: قال الشيخ محمد بن يوسف الصالحي في سبل الهدى والرشاد [1/ 69] بعد إيراده للأحاديث المتقدمة: قال ابن القطان- يعني صاحب الأحكام-: فيجتمع من هذا مع ما في حديث علي: أن النور النبوي جسّم بعد خلقه صلى الله عليه وسلم باثنتي عشر ألف عام وزيد فيه سائر قريش وأنطق بالتسبيح. اه. وقال العجلوني في كشف الخفا [1/ 266] : قال الشبراملسي: ليس المراد بقوله من نوره ظاهره- من أن الله تعالى له نور قائم بذاته- لاستحاله عليه تعالى لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام، بل المراد: خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد، وأضافه الله تعالى لكونه تولى خلقه، قال: ويحتمل أن تكون الإضافة بيانية، أي: خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالى لكن لا بمعنى أنها مادة خلق نور نبيه منها بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شيء في وجوده، قال: وهذا أولى الأجوبة، نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى: ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ حيث قال: أضافه إلى نفسه- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وموسى وعيسى وسليمان وداود، وكل من قال تعالى حيث يقول: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ الآية، إلى قوله: وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وقبل أن يخلق الأنبياء كلهم عليهم السلام بأربع مائة ألف سنة وأربعة وعشرين ألف سنة، وخلق معه اثنى عشر حجابا: - تشريفا وإشعارا بأنه خلق عجيب وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية. اه. ولعل فيما ذكره الراغب في معنى النور غني عن التأويل، فقد قال في مفرداته: قد سمى الله تعالى نفسه نورا من حيث أنه هو المنور فقال: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قال: فتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله. قال: والنور ضربان: دنيوي وأخروي، فالدنيوي ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن، ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة كالقمرين والنجوم والنيرات، قال: فمن النور الإلهي قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ، وقال: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، وقال: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ، وقال: نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ الآية، قال: والمحسوس قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً الآية، قال ومن النور الآخروي قوله تعالى: يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ الآية، فهذا ما جاء في معنى نوره صلى الله عليه وسلم وتأويله. ولا معارضة فيما ورد في أولية خلق نوره صلى الله عليه وسلم لما روي من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: أول ما خلق الله القلم فقال له: أكتب ... الحديث، ولما روي من حديث ابن عمر مرفوعا: قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ... ، لإمكان الجمع بين الأولية في كل شيء بالإضافة إلى جنسه من المخلوقات، أفاده العجلوني في كشف الخفاء، والقسطلاني في المواهب نقلا عن أبي يعلى الهمداني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 حجاب القدرة، وحجاب العظمة، وحجاب المنّة، وحجاب الرحمة، وحجاب السعادة، وحجاب الكرامة، وحجاب المنزلة، وحجاب الهداية، وحجاب النبوة، وحجاب الرفعة، وحجاب الهيبة، وحجاب الشفاعة. ثم حبس نور محمد صلى الله عليه وسلم في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة وهو يقول: سبحان ربي الأعلى، وفي حجاب العظمة إحدى عشر ألف سنة وهو يقول: سبحان عالم السر وأخفى، وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول: سبحان الرفيع الأعلى، وفي حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة وهو يقول: سبحان الرؤوف الكبير، وفي حجاب السعادة ثمانية آلاف سنة وهو يقول: سبحان من هو دائم لا يسهو، وفي حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة وهو يقول: سبحان من هو غني لا يفتقر، وفي حجاب المنزلة ستة آلاف سنة وهو يقول: سبحان العليم الحليم، وفي حجاب الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول: سبحان ذي العرش العظيم، وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول: سبحان رب العزة عما يصفون، وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة وهو يقول: سبحان ذي الملك والملكوت، وفي حجاب الهيبة ألفي سنة وهو يقول: سبحان الله وبحمده، وفي حجاب الشفاعة ألف سنة وهو يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده. ثم أظهر اسمه على اللوح- وكان اللوح منورا- أربعة آلاف سنة، ثم أظهره على العرش- أي ليعرفه العرش- فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة إلى أن وضعه الله في صلب آدم عليه السّلام. ثم إن الله عزّ وجلّ نقله من صلب آدم إلى صلب نوح، ثم من صلب إلى صلب حتى أخرجه الله من صلب عبد الله بن عبد المطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 80- وقال بعضهم: خلق الله عزّ وجلّ نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق الأشياء بتسعة آلاف سنة، فجعل النور يطوف بالقدرة، فإذا بلغ الموضع الذي أمره بالسجود سجد فبقي في سجوده مائة سنة وهو يقول: سبحان العالم الذي لا يجهل، سبحان الحليم الذي لا يعجل، سبحان الجواد الذي لا يبخل، فلما أراد الباري جل جلاله خلق الأشياء، خلق من نور محمد صلى الله عليه وسلم جوهرا، وخلق من الجوهر ماء عذبا وجعل فيها البركة، وكان يموج ألف سنة لا يستقى، ثم قسم نور محمد صلى الله عليه وسلم بعشرة أجزاء، فخلق من الجزء الأول العرش، ومن الجزء الثاني القلم، ومن الثالث اللوح، ومن الرابع القمر، ومن الخامس الشمس، ومن السادس الكواكب، ومن السابع الملائكة، ومن الثامن نور المؤمن، ومن التاسع الكرسي، ومن العاشر محمدا صلى الله عليه وسلم، ورفع لإبراهيم عليه السّلام فقال: لم أر خليقة أحسن من هذه الخليقة ولا أمة أنور من هذه الأمة ... فمن هذا؟ فنودي: هذا محمد حبيبي لا حبيب لي من خلقي غيره، اخترت ذكره قبل أن أخلق السماوات والأرض وأنا مخرجه من صلبك، فأخبر إبراهيم سارة بتعظيم نوره وبهائه، فلم تزل سارة متوقعة لذلك حتى حملت هاجر بإسماعيل، فلما حملت هاجر اغتمت سارة، فلما وضعت أدركتها الغيرة حتى بشرها الله تعالى بإسحاق على لسان إبراهيم صلوات الله عليه، فلما دنت وفاة إبراهيم عليه السّلام جمع بنيه وهم يومئذ ستة ودعا بتابوت آدم عليه السّلام ففتحه فقال: انظروا إلى هذه التابوت فنظروا فرأوا في التابوت بيوتا بأعداد الأنبياء كلهم، وآخر البيوت بيت محمد صلى الله عليه وسلم من ياقوتة حمراء فإذا هو قائم فيه يصلي عن يمينه الكهل المطيع- وهو أبو بكر الصديق-، على جبينه مكتوب: هذا أول من يتبعه من أمته من المؤمنين، وعن يساره الفاروق، مكتوب على جبهته: قرن من حديد لا تأخذه في الله لومة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 لائم، ومن ورائه ذو النورين آخذا بحجزته، مكتوب على جبهته: يا زين البرية، ومن بين يديه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه شاهرا سيفه على عاتقه، مكتوب على جبينه: هذا أخوه وابن عمه والمؤيد بالنصر من عند الله عزّ وجلّ، وحوله عمومته والخلفاء والنقباء والكوكبة الخضراء التي حدقت بها سلسلة النضرة، فنظروا فإذا الأنبياء كلهم منقولون في صلب إسحاق عليه السّلام، إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه منقول في صلب إسماعيل عليه السّلام، فقال إبراهيم عليه السّلام: بخ بخ، هنيئا لك يا إسماعيل فأنا آخذ عليك عهدا وميثاقا، فلما أخذ عليه العهد لم يزل متمسكا بذلك العهد حتى تزوج بابنة الحارث فواقعها فولدت له قيذار وفيه نور النبي صلى الله عليه وسلم. فوصّاه إسماعيل عليه السّلام بالنور وسلم إليه التابوت، وقال: لا تضع هذا النور إلا في المطهّرات، فظن قيذار أن المطهرات من ولد إسحاق فتزوج من بنات إسحاق ثمانين امرأة وأقام معهن مائة سنة، فلم يحبلن، فبينا هو ذات يوم راجع من الصيد إذ استقبلته الوحش والطير والسباع من كل مكان فنادته بلسان طلق ذلق: يا قيذار قد مضى عمرك، همتك اللهو، أما آن لك أن تهتم لنور محمد صلى الله عليه وسلم أين تضعه؟ قوله: «فولدت له قيذار» : بفتح الذال بعدها ألف، وقيل: قيذر، بضمها وإسقاط الألف، وقيل: بل هو قاذر بن إسماعيل، وهو أبو العرب كلها، قيل في معناه: صاحب الإبل لأنه كان صاحب إبل والده إسماعيل، وقيل: معناه الملك إذا قهر وغلب، قال السهيلي في الروض: ذكر من وجه قوي عن نساب العرب أن نسب عدنان يرجع إلى قيذر بن إسماعيل، وأن قيذر كان الملك في زمانه. قوله: «وقال: لا تضع هذا النور إلا في المطهرات» : سقطت هذه الجملة من نسخة «ظ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 فرجع قيذار إلى منزله مكروبا، وحلف بإله إبراهيم أنه لا يطعم ولا يشرب حتى يأتيه بيان ما سمع على لسان الطير والسباع، فبينا هو ذات يوم قاعد على فلاة من الأرض بعث الله إليه ملك الهواء في صورة رجل من الآدميين لم ير قيذار أحسن منه خلقا فهبط إليه الملك وسلم وقعد معه وقال: يا قيذار إنك قد ملكت البلاد فلو أنك قربت قربانا لإله إبراهيم عليه السّلام وسألته أن يبين لك من أين لك التزويج كان خيرا لك من التواني، وعرج الملك إلى مكانه، فقام قيذار وكان له جمة وجمال فقرب سبع مائة كبش أقرن من كباش إبراهيم عليه السّلام، كلما ذبح كبشا جاءت نار من الأرض حمراء لا دخان لها في سلاسل بيض فتأخذ ذلك القربان فتصعد به إلى السماء، فلم يزل قيذار يذبح ويقرب حتى ناداه مناد: حسبك يا قيذار قد استجاب الله دعوتك وقبل قربانك، انطلق إلى شجرة فلان فنم في أصلها وائتمر لما تؤمر في منامك، فرد قيذار الغنم وأقبل حتى أتى تلك الشجرة فنام في أصلها فأتاه آت في المنام فقال: ابتغ لنفسك امرأة من العرب وليكن اسمها الغاضرة، فوثب قيذار مسرورا، فلم يزل يطلبها حتى وقع على ملك الجرهمين وكان من ولد زهير بن عامر من ولد قحطان، وتزوج بها، وحملها من أرضها إلى أرض نفسه حتى حملت منه، فأصبح قيذار والنور من وجهه مفقود ونظر إلى النور الذي في وجه الغاضرة فسرّ بذلك سرورا شديدا، وكان عنده تابوت آدم عليه السّلام، وكان ولد إسحاق يتداعون التابوت، وكانوا يقولون: النبوة صرفت عنكم فليس لكم إلا هذا النور الواحد فأعطنا التابوت، وكان يمتنع عليهم ويقول: إنه وصية أبي فلا أعطيه أحدا من العالمين، قال: فذهب قيذار ذات يوم ففتح ذلك التابوت فعسر عليه فتحه، فناداه مناد من الهواء: مهلا يا قيذار فليس لك إلى فتح التابوت سبيل، إنك وصي نبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ولا يفتح هذا إلا نبي من النبيين، فادفعه إلى ابن عمك يعقوب إسرائيل الله وعظّمه، فلما أن سمع قيذار مقالته أقبل إلى أهله وهي الغاضرة فقال: انظري إن أنت ولدت غلاما فسميه حمل، وأنا أرجو أن يكون غلاما طيبا، قال: وحمل قيذار التابوت على عاتقه وخرج يريد أرض كنعان، وذلك أن يعقوب كان بأرض كنعان، فأقبل يسير، أرض ترفعه وأرض تخفضه حتى قرب من البلاد قال: فصر التابوت صرة فسمعها يعقوب فقال لبنيه: اقسم بالله لقد جاءكم قيذار فقوموا نحوه فاستقبلوه، فقام يعقوب وأولاده جميعا، فلما نظر يعقوب إلى قيذار استعبر باكيا، وقال: يا قيذار مالي أرى لونك متغيرا ضعيفا؟ أرهقك عدو أو أتيت معصية بعد أبيك إسماعيل؟ فقال: ما رهقني عدو ولا أتيت معصية ولكن نقل من ظهري نور محمد صلى الله عليه وسلم فلذلك تغير لوني وضعف ركني، قال: إلى بنات إسحاق؟ قال: لا، ولكن إلى عربية جرهمية وهي الغاضرة، قال يعقوب: بخ بخ، شرفا لمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن الله ليخرجه إلا في العربيات الطاهرات وأنا أبشرك ببشارة، قال: وما هي؟ قال يعقوب عليه السّلام: اعلم أن الغاضرة ولدت الليلة غلاما، قال: وما أعلمك يا ابن عم وأنت بأرض الشام وهي بأرض الحرم؟ قال: أعلم ذلك لأني رأيت أبواب السماء قد فتحت ورأيت قد سطع منها نور كالقمر المنير بين السماء والأرض، ورأيت الملائكة ينزلون بالبركات والرحمة، فعلمت أن ذلك لأجل محمد صلى الله عليه وسلم، فسلم قيذار التابوت إلى يعقوب ورجع إلى أهله فوجدها قد ولدت غلاما وسمته حملا وفيه نور محمد صلى الله عليه وسلم، فلما ترعرع أخذ أبوه وانطلق يريه مكة والمقام وموضع بيت الله الحرام، فلما صار على جبل ثبير تلقاه ملك الموت في صورة رجل من الآدميين فقال: إلى أين يا قيذار؟ قال: انطلق بابني هذا فأريه مكة والمقام وموضع بيت الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الحرام، فقال: وفقك الله ولكن لك عندي نصيحة، قال: وما هي؟ قال: هلم إليّ فإن بيني وبينك سرّا، قال: فدنا منه قيذار ليساره فقبض ملك الموت روحه من أذنه فخرّ ميتا بين يدي ابنه، فغضب ابنه من ذلك غضبا شديدا وقال: يا عبد الله أقتلت أبي وهو أب العرب كلها؟! قال ملك الموت: انظر إلى أبيك أميت هو أم لا؟ فانكب عليه لينظر ما قصة أبيه، فإذا هو ميت، وعرج ملك الموت إلى السماء فرفع رأسه فلم ير داعيا ولا مجيبا، فعلم أنه ملك الموت عليه السّلام فقعد يبكي، فقيض الله تعالى له أقواما من ولد إسحاق عليه السّلام فغسلوه وحنطوه ودفنوه في جبل ثبير. فلما نشأ ابنه حمل وولد له معد- وإنما سمي معدا لأنه كان صاحب حروب- وكانت له نصرة على العدو. قوله: «وهو أب العرب كلها» : هذه العبارة ليست في «ظ» . قوله: «وولد له معد» : يعني من ذريته ومن ولده، لا أنه ولده مباشرة، بينهما قرون وآباء، فحمل من الأسماء التي وردت في سلسلة النسب التي أخرجها بعض أهل السير في سياق ذكرهم الاختلاف في نسب ما وراء عدنان، قال ابن قتيبة في المعارف: ولدت امرأة إسماعيل اثنى عشر بطنا منهم: قيذار ونبت، قال ابن قتيبة: والنساب يختلفون في نسب معد بن عدنان فبعضهم يقول: هو من ولد قيذار، وبعضهم يقول: هو من ولد نبت. اه، وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا هشام ابن محمد قال: سمعت من يقول: كان معد على عهد عيسى بن مريم وهو معد بن عدنان بن أدد بن زيد بن يقدر بن يقدم بن أمين بن منحر بن صابوح بن الهميسع بن يشجب بن يعرب بن العوام بن نبت بن سلمان بن حمل بن قيذر بن إسماعيل بن إبراهيم. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 ثم ولد له نزار وهو أب العرب كلها، وإنما سمي نزارا لأن أباه لما-* وقد ساق رحمه الله الاختلاف في ذلك بين الزيادة والنقصان والتقديم والتأخير، وإبدال أحدهم بآخر ثم قال: لم أر بينهم اختلافا أن معدا من ولد قيذار بن إسماعيل، وهذا الاختلاف في نسبته تدل على أنه لم يحفظ، وإنما أخذ ذلك من أهل الكتاب وترجموه لهم فاختلفوا فيه، ولو صح ذلك لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس به. * وقال ابن سيد الناس في العيون: الذي رجحه بعض النسابين في نسب عدنان أنه ابن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل ابن قيذار ابن الذبيح إسماعيل ابن الخليل إبراهيم بن تارح- وهو آذر- بن ناحور بن ساروح بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام ابن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ- وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم- ابن يارد ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث- وهو هبة الله- بن آدم عليهم أفضل الصلاة والسلام. * وقال ابن سعد، وابن جرير، وابن عساكر وجمهور أصحاب السير: لا يختلف النسابون في أن نسب نبينا صلى الله عليه وسلم إلى معد بن عدنان، وإنما يختلفون فيما وراء ذلك، قال ابن سعد: فالأمر عندنا على الانتهاء إلى معد ابن عدنان ثم الإمساك عما وراء ذلك إلى إسماعيل بن إبراهيم. * وقد اختلف في معد، قال السهيلي في الروض: قال ابن الأنباري: فيه ثلاثة أقوال، أحدها: أن يكون مفعلا من العد، والثاني: أن يكون فعلا من معد في الأرض أي: أفسد، قال: وإن كان ليس في الأسماء ما هو على وزن فعل- بفتح الفاء- إلا مع التضعيف، فإن التضعيف يدخل في الأوزان ما ليس فيها كما قال: شمّر وقشعريرة، ولولا التضعيف ما وجد مثل هذا ونحو ذلك، والثالث: أن يكون من المعدّين وهما موضع عقبي الفارس من الفرس، قال: وأصله على القولين الأخيرين من المعد بسكون العين وهو القوة ومنه اشتقاق المعدة. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 رأى نور محمد صلى الله عليه وسلم في وجهه قرّب قربانا، ثم قال: هذا قربان نزر في جنب هذا النور. ثم ولد له مضر- ما رآه أحد إلا أحبه- وكان يسمع من ظهره أحيانا دوي تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ولد له مدركة، واسمه: عمرو بن إلياس، وإنما سمي مدركا لأنه أدرك في عز وشرف في أيامه. - الطبقات لابن سعد [1/ 56- 59] ، وتاريخ ابن جرير [2/ 270- 274] ، وتاريخ ابن عساكر [3/ 58- 62] . قوله: «قربان نزر» : أي النزر: القليل التافة، والمعنى: أنه استقل ما قدم من قربان بجانب ما رأى من عظيم النعمة، قال السهيلي في الروض [1/ 10] : كان أبوه حين ولد ونظر إلى النور بين عينيه- وهو نور النبوة الذي كان ينتقل في الأصلاب إلى محمد صلى الله عليه وسلم- فرح فرحا شديدا به، فنحر وأطعم وقال: إن هذا كله نزر لحق هذا المولود، فسمي نزار لذلك، وقال أبو الفرج الأصبهاني: سمي بذلك لأنه كان فريد عصره، ذكره في الفتح. قوله: «وكان يسمع من ظهره أحيانا دويّ تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم» : حكاه السهيلي في الروض [1/ 10] ، لكن ذكر أن ذلك كان يسمع من ظهر إلياس والد مدركة لا مضر، ولعله الأشبه، لأن مضر ولد له إلياس بن مضر، وولد لإلياس مدركة وهو الذي يسمى عمرا- أو عامرا كما سيأتي بيانه- فكأن في تسلسل النسب اختصارا، والله أعلم. قوله: «واسمه عمرو بن إلياس» : كذلك سماه ابن سعد في الطبقات [1/ 55] من حديث هشام بن محمد، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 59] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 267] ، قال الحافظ في الفتح: وهو قول الجمهور، وسماه ابن إسحاق- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 ثم ولد له خزيمة- وخزم نور أبيه. ثم ولد له كنانة، فإنه لم يزل في كنّ ودعة. - كما في سيرة ابن هشام [1/ 75] ، ومن طريقه ابن جرير [2/ 267] : عامرا، قال ابن إسحاق: وزعموا أن عامرا وعمروا كانا في إبل لهما يرعيانها فاقتنصا صيدا فقعدا عليها يطبخانها، وعدت عادية على إبلهما، فقال عامر لعمرو: أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد؟ فقال عمرو: بل أطبخ، فلحق عامر بالإبل فجاء بها، فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما فقال لعامر: أنت مدركة، وقال لعمرو: وأنت طابخة، وخرجت أمهم لما بلغها الخبر وهي مسرعة فقال لها: تخندفين فسميت: خندف، زاد ابن جرير في تاريخه لكن من رواية هشام بن محمد: وانقمع- يعني أخاهم- عميرا في الخباء فلم يخرج فسمي قمعة، قال: والخندفة: ضرب من المشي. قال: وقال قصي بن كلاب: أمّهتي خندف وإلياس أبي. قال: وقال إلياس لعمرو ابنه: إنك قد أدركت ما طلبتا. وقال لعامر: وأنت قد أنضجت ما طبختا. وقال لعمير: وأنت قد أسأت وانقمعتا. قوله: «ثم ولد له خزيمة» : أي لمدركة بن إلياس. قوله: «وخزم نور أبيه» : يعني: وبه خزم نور أبيه أي: ثقب وخرق، ويجوز أن يكون بمعنى: صلح، قال السهيلي في الروض: خزيمة: تصغير خزمة واحدة الخزم، ويجوز أن يكون تصغير خزمة، وكلاهما موجود في أسماء الأنصار وغيرهم وهي المرة الواحدة من الخزم وهو شد الشيء وإصلاحه، قال: وقال أبو حنيفة: الخزم مثل الدوم تتخذ من سعفه الحبال، ويصنع من أسافله خلايا للنحل وله ثمر لا يأكله الناس ولكن تألفه الغربان وتستطيبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 ثم ولد له النضر واسمه: قيس، فألبسه الله النضرة في وجهه، وسمي قريشا لأنه غلب الجميع. قوله: «واسمه قيس» : كذا في الأصول وهو الصواب، وعلق ناسخ «ب» في الهامش على ذلك فقال: لعله قريش، فإن سياق الكلام يدل عليه، اهـ. وهو كما قال لكن قد اختلف أهل السير فيمن أطلق عليه اسم قريش ابتداء أو لقب بذلك، يأتي بيانه قريبا، وقد ذكر غير واحد من أهل السير ان اسم النضر: قيس، منهم: ابن سعد، فقال في الطبقات [1/ 55] : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي قال: علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم: هو محمد- الطيب المبارك- ابن عبد الله بن عبد المطلب، واسمه: شيبة الحمد بن هاشم، واسمه: عمرو بن مناف، واسمه: المغيرة بن قصي، واسمه: زيد بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر- وإلى فهر جماع قريش، وما كان فوق فهر فليس يقال له قريش يقال له: كناني-، وهو فهر بن مالك بن النضر، واسمه: قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، واسمه: عمرو بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. اه. وقال ابن جرير في تاريخه [2/ 265] : اسم النضر: قيس، وأمه: برة بنت مر بن أد بن طابخة. اه. قوله: «وسمي قريشا لأنه غلب الجميع» : هذا أحد الأقوال في سبب تسمية النضر بذلك، وفيه قول آخر فقيل: لأن النضر بن كنانة خرج يوما على نادي قومه فقال بعضهم لبعض: انظروا إلى النضر كأنه جمل قريش. - وقيل: إن النضر بن كنانة كان يقرّش عن خلة الناس وحاجاتهم فيسدها بماله، قالوا: والتقريش: التفتيش، فكان بنوه يقرشون أهل الموسم عن الحاجة فيرفدونهم بما يبلّغهم فسموا بذلك من فعلهم وقرشهم، فهو أبو قريش، خاصة من كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 81- وسئل ابن عباس رضوان الله عليه: لم سميت قريش قريشا؟ قال: دابة في الأرض تسمى قريشا تعدو على الجميع. - وقيل: لم تزل بنو النضر بن كنانة يدعون بني النضر حتى جمعهم قصي بن كلاب، فقيل لهم: قريش من أجل أن التجمع هو التقرش، فقالت العرب: تقرش بنو النضر أي: تجمعوا. - وقيل: إنما قيل قريش من أجل أنها تقرشت عن الغارات. وذكر السهيلي رحمه الله في الروض عن عبد الله بن مصعب قوله: اسم فهر بن مالك: قريش، وإنما فهر لقب، قال: وكذلك قال عثمان بن أبي سليمان في اسم فهر بن مالك أنه قريش، ومثل ذلك عن أبي عبيدة بن عبد الله في اسم فهر ابن مالك أنه قريش، قال: وعن ابن شهاب الزهري: أن اسم فهر بن مالك الذي أسمته أمه: قريش، وإنما نبزته فهرا كما يسمى الصبي: غرارا وشملة وأشباه ذلك. قال: وقد أجمع النساب من قريش وغيرهم أن قريشا إنما تفرقت عن فهر، والذي أدركته عليه نساب قريش وغيرهم أن ولد فهر بن مالك قريش، وأن من جاوز فهر بن مالك بنسبه فليس من قريش، وإلى هذا يشير قول الشاعر: أما قريش فالأصح فهر ... جماعها والأكثرون النضر - وقيل: سميت قريش قريشا بقريش بن بدر بن يخلد بن الحارث بن يخلد ابن النضر بن كنانة، كان دليل بني النضر في أسفارهم وصاحب ميرتهم، فكانت إذا قدمت عير بني النضر قالت العرب: جاءت عير قريش. - وقيل: لكثرة تجارتهم، والتقرش: التجارة والاكتساب. - وقيل: إنما قريش جمّاع النسب ليس بأب ولا أم ولا حاضن ولا حاضنة. (81) - قوله: «وسئل ابن عباس» : الذي سأله هو معاوية بن أبي سفيان كما سيأتي. قوله: «تعدو على الجميع» : من قوتها، فشبه بنو النضر بن كنانة بها من قوتهم، فهذا ما جاء في سبب تسمية النضر أو بني النضر بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 وفيه يقول تبّع: وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا تأكل الغث والسمين ولا ... تترك فيها لذي الجناحين ريشا قوله: «وفيه يقول تبع» : كذا يقول المصنف هنا، وقد أخرجها الحافظ البيهقي في الدلائل [1/ 180- 181] ، قال: أخبرنا أبو نصر بن قتادة، ثنا أبو الحسن علي بن عيسى الماليني، ثنا محمد بن الحسن بن الخليل النسوي، أن أبا كريب حدثهم، قال: ثنا وكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي ريحانة العامري: أن معاوية قال لابن عباس: فلم سميت قريش قريشا؟ قال: لدابة تكون في البحر، تكون أعظم دوابه يقال لها: القرش، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، قال: فأنشدني في ذلك شيئا فأنشدته شعر الجمحي إذ يقول: ... فذكره. وقال ابن الجوزي في المنتظم [2/ 227- 228] : أنا يحيى بن الحسن بن البنا، أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أحمد بن سليمان الطوسي، ثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني إبراهيم بن المنذر ومحمد بن الحسن قالا: أنا علي بن جعفر بن محمد قال: حدثني أبو سعيد المكي عمن حدثه أن عبد الله بن عباس دخل على معاوية- في المطبوع: معونة- وعنده عمرو بن العاص، فقال له عمرو: إن قريشا تزعم أنك أعلمها، فبم سميت قريش قريشا؟ قال: بأمرين، قال: فأبن لنا، وهل قال أحد فيه شعرا؟ قال: نعم، سميت قريش بدابة في البحر تسمى قريشا، وقد قال المشمرخ- كذا- ابن عمرو الحميري: ... فذكره وزاد بيتا: تملأ الأرض خيله ورجال ... ينحرون المطي سيرا قميشا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلا كميشا ولهم آخر الزمان نبي يكثر ... القتل فيهم والخموشا وفيهم يقول ابن الزبعرى: كانت قريش بيضة فتفلقت قوله: «كميشا» : أي سريعا، وكتب في هامش نسخة «ظ» : «كشيشا صح» وقد جاء كذلك في بعض المصادر وما أثبتناه يوافق ما في بقية النسخ، وأكثر المصادر. قوله: «والخموشا» : أي: الخدوش. قوله: «وفيهم يقول ابن الزبعرى» : هو عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي، أبو سعد القرشي، شاعر قريش في الجاهلية، كان من أشد الناس على المسلمين قبل إسلامه، يهجوهم بشعره، ثم لما مكن الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الأرض ودخل مكة هرب إلى نجران، فقال فيه حسان أبياتا لما بلغته عاد إلى مكة مسلما معتذرا، فحسن إسلامه وصار مادحا للحضرة النبوية. وقد نسب الأبيات لابن الزبعرى جماعة منهم: ابن سعد في الطبقات [1/ 76] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 59] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 210] ، والمرتضى في أماليه [2/ 269] ، وابن أبي الحديد [3/ 453] ، والعصامي في سمط النجوم [1/ 209] ، والسهيلي في الروض [1/ 161] ، والعيني [4/ 140] ، وابن منظور في لسانه [2/ 589] ، وغيرهم. ونسبها لمطرود بن كعب الخزاعي: محمد بن حبيب البغدادي في المنمق [/ 12] ، وابتدأ الأبيات من قوله: عمرو العلى، وقال بعده: كانت إليه الرحلتان كلاهما ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف يا أيها الرجل المحول رحله ... هلا نزلت بآل عبد مناف - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 ......... - هبلتك أمك لو نزلت عليهم ... ضمنوك من جوع ومن إقراف - وكذا نسبها ابن هشام، عن ابن إسحاق [1/ 178] فقال: قال ابن إسحاق: وقال مطرود بن كعب الخزاعي يبكي عبد المطلب وبني عبد مناف، فخالفه في بعض الكلمات ولفظه فيها: يا أيها الرجل المحول رحله ... هلا سألت عن آل عبد مناف هلبتك أمك لو حللت بدارهم ... ضمنوك من جرم ومن إقراف الخالطين غنيهم بفقيرهم ... حتى يعود فقيرهم كالكاف المفعمين إذ النجوم تغيرت ... والظاعنين لرحلة الإيلاف والمطعمين إذ الرياح تناوحت ... حتى تغيب الشمس في الرجاف إما هلكت أبا الفعال فما جرى ... من فوق مثلك عقد ذات نطاف إلا أبيك أخي المكارم وحده ... والفيض مطلب أبي الأضياف وجعلها في موضع آخر من سيرته [1/ 136] ، لبعض شعراء قريش أو العرب وتبعه ابن البري في الجوهرة [1/ 27] ، وساق منها: عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... قوم بمكة مسنتين عجاف سنت إليه الرحلتان كلاهما ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف - وأما لفظ عبد الملك بن حسين العصامي في سمط النجوم [1/ 209] : قل للذي طلب السماحة والندى ... هلا مررت بآل عبد مناف هلا مررت بهم تريد قراهم ... منعوك من ضر ومن إلحاف كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمح خالصها لعبد مناف الرائشين وليس يوجد رائش ... والقائلين هلم للأضياف والملحقين فقيرهم بغنيهم ... حتى يعود فقيرهم كالكاف والقائلين بكل وعد صادق ... والآمرين برحلة الإيلاف سفرين سنهما له ولقومه ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... قوم بمكة مسنتين عجاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 فالمح خالصها لعبد مناف الفاعلون فليس يوجد مثلهم ... والقائلون هلم للأضياف عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف فمن كان من نسله فهو قرشي. 82- قال: وهو الذي رأى في منامه في الحجر كأنه خرجت من قوله: «فالمحّ خالصها» : ومح كل شيء خالصه، والمحة: صفرة البيض. (82) - قوله: «وهو الذي رأى في منامه» : هذه الرؤيا أوردها المصنف مختصرة، وقد أخرجها أبو نعيم في الدلائل بطولها [1/ 99] برقم 51 لكن الرائي عنده فيها هو عبد المطلب. قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى، ثنا سعيد بن عثمان، ثنا علي بن قتيبة الخراساني، ثنا خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي الجهم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب قال: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش وعليّ مطرف خز وجمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إليّ عرفت في وجهي التغير- وأنا يومئذ سيد قومي- فقالت: ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون، هل رأيت من حدثان الدهر شيئا؟ فقلت: بلى- وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى، ثم يضع يده على أم رأسها يبدأ بحاجته، ولم أفعل لأني كنت كبير قومي-، فجلست فقلت: إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء، وضربت بأغصانها المشرق والمغرب، وما رأيت نورا أزهر منها، أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم ساجدين لها، وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا ساعة تزهر، ورأيت رهطا من قريش قد تعلق بأغصانها، ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها، فإذا دنو منها أخّرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا، فيكسر أضلعهم، ويقلع- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 ظهره شجرة خضراء حتى بلغت أعنان السماء، وإذا أغصانها نور في نور، وإذا بقوم بيض الوجوه، واذا القوم متعلقون بها من لدن ظهري إلى السماء، فلما انتبهت أتيت كهنة قريش فأخبرتهم بذلك، فقالوا: لئن صدقت رؤياك فقد صرف الله إليك العز والكرامة، وقد خصصت بحسب وسؤدد لم يخص بها أحد من العالمين. فأعطاه الله ذلك، وذلك حين نظر الله إلى الأرض فقال للملائكة: انظروا من أكرم أهل الأرض اليوم عندي- وأنا أعلم بذلك- فقالت الملائكة: ربنا وسيدنا ما نرى في الأرض أحدا بالوحدانية مخلصا إلا نورا واحدا في ظهر رجل من ولد إسماعيل، قال الله: فاشهدوا أني قد أكرمته لنطفة حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت نطفة مالك- وإنما سمي مالكا لأنه ملك العرب-، وأوصى مالك ابنه فهرا، وأوصى فهر غالبا، وأوصى غالب لؤيا، وأوصى لؤي كعبا، - أعينهم، فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فمنعني الشاب، فقلت: لمن النصيب؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها، فانتبهت مذعورا فزعا، فرأيت وجه الكاهنة قد تغير، ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب، ويدين له الناس، ثم قال لأبي طالب: لعلك تكون هذا المولود، فكان أبو طالب يحدّث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج، ويقول: كانت الشجرة- والله أعلم- أبا القاسم الأمين، فيقال له: ألا تؤمن به؟ فيقول: السبّة والعار!. قوله: «فكانت نطفة مالك» : وهو مالك بن النضر بن كنانة. قوله: «وأوصى مالك ابنه فهرا» : هو فهر بن مالك الذي قيل إن اسمه قريش، وأن فهرا لقب له، وأن من كان من نسله فهو قرشي لأنه أبو قريش خاصة وجماعها، وإلى ذلك يشير قول- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وأوصى كعب مرّة، وأوصى مرّة كلابا فولد له قصي واسمه: زيد ويسمى مجمّعا، وإنما سمي بذلك لأنه جمع أولاد آبائه أقصاهم وأدناهم وأنزلهم مكة وأقطعهم شعابها فسموا قريشا لاجتماعهم-، ولأنه كان يقصي الباطل ويدني الحق، والعرب كانوا يتحاكمون إليه، - هشام بن محمد الكلبي الذي رواه ابن سعد وأوردناه قريبا. قوله: «وإنما سمي بذلك لأنه جمع أولاد آبائه» : وإلى ذلك أشار حذافة بن غانم العدوي بقوله لأبي لهب بن عبد المطلب: أبوكم قصي كان يدعى مجمعا ... به جمّع الله القبائل من فهر - أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 71] ، وأورده ابن الجوزي في المنتظم [2/ 221] فقال في أوله: وزيد أبوكم كان يدعى مجمعا- وأورده ابن هشام في سيرته [1/ 126] فقال في أوله: قصي لعمري كان يدعى مجمعا- وزاد السهيلي في الروض [1/ 148] بيتا بعده فقال: هموا ملأوا البطحاء مجدا وسؤددا ... وهم طردوا عنا غواة بني بكر قوله: «والعرب كانوا يتحاكمون إليه» : قال ابن إسحاق: ولي قصي أمر مكة والبيت، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وتملّك على قومه وأهل مكة فملّكوه، إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه، وذلك أنه كان يراه دينا عليه لا ينبغي تغييره، فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء فحاز شرف مكة كله، وقطع مكة رباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها، ويزعم الناس أن قريش هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم فقطعها- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 ثم ولد له عبد مناف، وكان بيده لواء نزار وقوس إسماعيل وسقاية الحجاج ومفاتيح الأصنام، وإنما سمي عبد مناف لأن أباه قصي قرّبه إلى أهله وكان يعبد صنما يقال له: مناف، فوهبه له وأقامه لخدمته فسمي: - قصي بيده وأعوانه فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره، فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش ولا يتشاورون في أمر نزل بهم ولا يعقدون لواء حرب قوم من غيرهم إلا في داره يعقده لهم بعض ولده، قال: وكان أمره في قومه من قريش في حياته ومن بعد موته كالدين المتبع لا يعمل بغيره، واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة ففيها كانت تقضي قريش أمورها، كذا باختصار من سيرة ابن هشام [1/ 124- 125] . قوله: «ثم ولد له عبد مناف» : واسمه: المغيرة، وكان يقال له: القمر من جماله وحسنه، فلما هلك قصي ابن كلاب، قام عبد مناف بن قصي على أمر قصي بعده، وأمر قريش إليه، واختط بمكة رباعا بعد الذي كان قصي قطع لقومه فكانوا يقطعونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ويبيعونها. قوله: «وكان يعبد صنما يقال له مناف» : زعم جماعة من أهل السير أن قصيا كان يقول: ولد لي أربعة فسميت اثنين بصنمي، وواحدا بداري، وواحدا بنفسي: عبد مناف، وعبد العزى، وعبد الدار، وعبد قصي. قوله: «فوهبه له» : الذي في السير أن أمّه حبّى بنت حليل بن حبشية هي التي دفعته إلى مناف تدينا وتقربا لأنه كان أعظم الأصنام بمكة فغلب ذلك عليه، قال ابن جرير: وهو كما قيل: كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمحّ خالصة لعبد مناف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 عبد مناف، ثم ولد له هاشم، وإنما سمي هاشما لأنه أول من هشم الثريد لقومه، وقيل: إنما سمي هاشما لأن أهل مكة أصابهم جدب شديد ومجاعة فهشم لهم الخبز وأطعم الثريد، والهشم: الكسر الصغار، وكان هاشم جوادا سريّا سخيّا لا يفتر من الأضياف، قوله: «ثم ولد له هاشم» : كان اسمه عمرا ثم غلب عليه اسم هاشم وفيه قيل: عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... كما تقدم. قوله: «فهشم لهم الخبز وأطعم الثريد» : تعقب السهيلي في الروض على قول من قال: (أنه سمي هاشما لهشمه الثريد) فقال: المعروف في اللغة أن يقال: ثردت الخبز فهو ثريد ومثرود، فلم يسم ثاردا وسمي هاشما، وكان القياس- كما لا يسمى الثريد هشيما، بل يقال فيه: ثريد ومثرود- أن يقال في اسم الفاعل أيضا كذلك، قال: فكان سبب التسمية يحتاج إلى زيادة بيان: فذكر أصحاب الأخبار أن هاشما كان يستعين على إطعام الحاج بقريش فيرفدونه بأموالهم ويعينونه، ثم جاءت أزمة شديدة فكره أن يكلف قريشا أمر الرفادة فاحتمل إلى الشام بجميع ماله واشترى به أجمع كعكا ودقيقا، ثم أتى الموسم فهشم ذلك الكعك كله هشما، ودقه دقا، ثم صنع للحجاج طعاما شبه الثريد، فبذلك سمي هاشما، لأن الكعك اليابس لا يثرد وإنما يهشم هشما فبذلك مدح، وذكر أبيات ابن الزبعري. قوله: «سريا» : السري: الشريف الرفيع الممدح في قومه بكرمه وأخلاقه. قال الشاعر: تلقى السري من الرجال بنفسه ... وابن السري إذا سرى أسراهما أي أشرفهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وكان يغل عنده ما يكفي جميع الناس من الخبز فيكسره، ويثرده في الجفان ويقدمه إليهم، فكان ذلك أعمل لجماعتهم وأستر عليهم إذ لا يعلم كل واحد منهم قدر ما يأكله صاحبه وصار سنة للعرب فلذلك سمي هاشما. قوله: «يغل عنده» : الغلّة: ما يأتي من النتاج من الزرع والثمر ونحوهما، يقال: فلان يغل على عياله، أي: يأتيهم بالغلة، وهو هاهنا الطعام الذي يطعمه الأضياف. قوله: «فلذلك سمي هاشما» : وروى ابن سعد [1/ 76- 77] من طريق الكلبي عن ابن عباس قال: كان اسم هاشم عمروا وكان صاحب إيلاف قريش، وإيلاف قريش دأب قريش، وكان أول من سن الرحلتين لقريش، ترحل إحداهما في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة إلى النجاشي فيكرمه ويحبوه، ورحلة في الصيف إلى الشام إلى غزة وربما بلغ أنقرة فيدخل على قيصر فيكرمه ويحبوه، فأصابت قريشا سنوات ذهبن بالأموال فخرج هاشم إلى الشام فأمر بخبز كثير فخبز له، فحمله في الغرائز على الإبل حتى وافى مكة فهشم ذلك الخبز- يعني: كسره- وثرده ونحر تلك الإبل، ثم أمر الطهاة فطبخوا، ثم كفأ القدور على الجفان فأشبع أهل مكة فكان ذلك أول الحياة بعد السنة التي أصابتهم فسمي بذلك هاشما. قال ابن سعد: وأخبرنا هشام بن محمد قال: فحدثني معروف بن الخربوذ المكي، قال: حدثني رجل من آل عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، عن أبيه قال: قال وهب بن عبد قصي في ذلك: تحمّل هاشم ما ضاق عنه ... وأعيا أن يقوم به ابن بيض أتاهم بالغرائر متأقات ... من أرض الشام بالبر النفيض فأوسع أهل مكة من هشيم ... وشاب الخبز باللحم الغريض - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 83- ويقال: إن أول من أطعم الثريد: إبراهيم الخليل عليه السّلام، وأول من هشم الخبز: هاشم، وفيه يقول ابن الزبعرى: عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف الخالطون غنيهم بفقيرهم ... حتى يكون فقيرهم كالكاف وكان الناس في شدة وضير من الزمان، وكان النور على وجهه كالهلال يتوقد شعاعه، لا يمر بشيء إلا سجد له، ولا يراه أحد إلا أقبل نحوه، وبعث إليه قيصر حفيد هرقل ملك الروم، وطلب إليه أن يزوج ابنته منه لما وجد في الإنجيل من قصته، وهو أن النور كان في وجهه ظاهرا فأبى، فأري في المنام: أن تزوج بنت زيد بن عمرو فتزوج بها فولدت له عبد المطلب واسمه: شيبة الحمد، وإنما سمي عبد المطلب لأن جده عبد مناف لما مات خلف ابنه هاشما فقام مقامه في العزّ والشرف في قريش وجمع العرب والسقاية والرفادة، ثم لما مات هاشم- فظل القوم بين مكللات ... من الشيزا وحائرها يفيض ويروى: من الشيرى جابرها، قاله ابن حبيب في المنمق. قوله: «بنت زيد بن عمرو» : ابن لبيد بن حرام بن خداش بن جندب بن عدي بن النجار، واسمها: سلمى- صرح باسمها في نسخة «م» -، وكان رآها بالمدينة حين اجتازها في طريقه إلى الشام للتجارة. قوله: «واسمه شيبة الحمد» : يقال: سمي بذلك لأنه ولد وفي رأسه شيبة، وقيل له الحمد: لجوده وسماحته. قوله: «ثم لما مات هاشم» : بغزة من أرض الشام، وهو أول من مات من ولد عبد مناف، وكان أوصى- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وخلف ابنه عبد المطلب- كان صغيرا- فقام أخوه المطلب بن عبد مناف مقام هاشم، وكان أخوال عبد المطلب من أهل المدينة فحملوه إليهم مع أمه، فلما ترعرع وطعن عم عبد المطلب في السن وقارب أجله خرج إلى المدينة يطلب ابن أخيه فوجده مع غلمان يلعبون فدعاه إليه وخلا به رغبة في الخروج إلى مكة ليقيمه مقام أبيه وليحصل له الشرف والعز في قريش- إلى أخيه المطلب أمر الرفادة والسقاية، أخرجه ابن سعد في الطبقات من حديث هشام بن محمد الكلبي، عن أبيه وقال: فبنو هاشم وبنو المطلب يد واحدة إلى اليوم، وروى من حديث شيخه الواقدي قول خالدة بنت هاشم ترثي أباها: بكر النعي بخير من وطئ الحصى ... ذي المكرمات وذي الفعال الفاضل بالسيد الغمر السميدع ذي النهى ... ماضي العزيمة غير نكس واغل زين العشيرة كلها وربيعها ... في المطبقات وفي الزمان الماحل بأخي المكارم والفواضل والعلى ... عمرو بن عبد مناف غير الباطل إن المهذب من لؤي كلها ... بالشام بين صفائح وجنادل فأبكي عليه ما بقيت بعولة ... فلقد رزئت أخا ندي وفواضل ولقد رزئت فريع فهر كلها ... ورئيسها في كل أمر شامل قوله: «فحملوه إليهم مع أمه» : الذي في السير وكتب التاريخ أنه ولد وسط أخواله، وكان جده لأمه قد اشترط على أبيه حين أنكحه إياها ألا تلد إلا عندهم وبينهم، فلما مضى أبوه إلى الشام ومات بغزة تربى بين أخواله فمكث بينهم سبع أو ثمان سنين. قوله: «خرج إلى المدينة يطلب ابن أخيه» : وسبب معرفته ما روي أن ثابت بن المنذر أبا حسان بن ثابت الشاعر قدم مكة معتمرا فلقي المطلب وكان له خليلا فقال له: لو رأيت ابن أخيك شيبة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 دونه ودون ولده، فقبل منه واستكتمه كيلا يمنعه أخواله عن حمله وعهد- فينا لرأيت جمالا وهيبة وشرفا، لقد نظرت إليه وهو يناضل فتيانا من أخواله فيدخل مرماتيه جميعا في مثل راحتي هذه ويقول كلما فسق: أنا ابن عمرو العلى، فقال المطلب: لا أمسي حتى أخرج إليه فأقدم به، فقال ثابت: ما أرى سلمى تدفعه إليك ولا أخواله، هم أضن به من ذلك، وما عليك أن تدعه فيكون في أخواله حتى يكون هو الذي يقدم عليك إلى ما ههنا راغبا فيك، فقال المطلب: يا أبا أوس ما كنت لأدعه هناك ويترك مآثر قومه وسطته وشرفه في قومه ما قد علمت، فخرج المطلب فورد المدينة فنزل في ناحية وجعل يسأل عنه حتى وجده يرمي في فتيان من أخواله فلما رآه عرف شبه أبيه فيه ففاضت عيناه وضمه إليه وكساه حلة يمانية وأنشأ يقول: عرفت شيبة والنّجّار قد حفلت ... أبناؤها حوله بالنبل تنتضل عرفت أجلاده منا وشيمته ... ففاض مني عليه وابل سبل وذكر القصة بطولها، ويأتي تخريجها. قوله: «واستكتمه كيلا يمنعه أخواله» : كذا في رواية، وفي رواية أخرى أنه أخذه بإذنهم فبعد أن رآه وعرفه وعرفت سلمى أمه بقدومه دعته إلى النزول عليهم فقال: شأني أخف من ذلك، ما أريد أن أحل عقدة حتى أقبض ابن أخي وألحقه ببلده وقومه، فقالت: لست بمرسلته معك، وأغلظت له القول، فقال المطلب: لا تفعلي، فإني غير منصرف حتى أخرج به معي، ابن أخي قد بلغ وهو غريب في غير قومه، ونحن أهل بيت شرف قومنا، والمقام ببلده خير له من المقام هاهنا، وهو ابنك حيث كان، فلما رأت أنه غير مقصر حتى يخرج به استنظرته ثلاثة أيام، وتحول إليهم فنزل عندهم فأقام ثلاثا ثم احتمله وانطلقا جميعا، فأنشأ المطلب يقول: أبلغ بني النجار إن جئتهم ... أني منهم وابنهم والخميس رأيتهم قوما إذا جئتهم ... هووا لقائي وأحبوا حسيسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 له على ذلك، فلما وجد خلوة حمله معه إلى مكة فاستقبله الناس وكانوا يطلبونه في كل يوم لا يعلمون إلى أين قصد، فلما نظروا إليه راكبا على البعير وخلفه الصبي وكان أسود اللون، قالوا: هذا عبد المطلب اشتراه في سفره أو أغار على بعض الأحياء فأخذه، إلى أن أخبرهم بقصته، وأعطاه جميع ما وعده فغلب عليه عبد المطلب لذلك، فلما أدرك عبد المطلب نام يوما في الحجر فانتبه من نومه وقد كسي حلة الجمال والبهاء فبقي متحيرا لا يدري من فعل ذلك به فأخذ أبوه بيده فانطلق به إلى كهنة قريش فأخبرهم بذلك، فقالوا: اعلم أن إله السماء قد أذن لهذا الغلام بالتزويج، قوله: «هذا عبد المطلب» : هذا هو المشهور في سبب تسميته عبد المطلب، وقد قيل: إنما قيل له عبد المطلب لأن أباه هاشما قال لأخيه المطلب حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك بيثرب، فمن ثم سمي عبد المطلب، وهذا لا يستقيم إلا على قول من يقول أنه توفي بمكة المكرمة، لا بغزة. قوله: «فغلب عليه عبد المطلب لذلك» : أخرج القصة بطولها من طرق بألفاظ: ابن سعد في الطبقات [1/ 82- 83] ، وابن هشام في السيرة [1/ 137] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 246- 248] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 205- 207] . قوله: «فلما أدرك عبد المطلب» : أي: بلغ مبلغ الرجال. قوله: «فأخذ أبوه بيده» : الظاهر أنه عنى المطلب لأن هاشما مات وهو صغير كما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 فزوجه فاطمة بنت عمرو. قوله: «فزوجه فاطمة بنت عمرو» : وقع في الأصول: هند بنت عمرو وهو إما خطأ أو تصحيف، أورد القسطلاني في المواهب [1/ 97] ، وعبد الملك بن حسين العصامي في سمط النجوم [1/ 226] القصة عن المصنف بذكر الاسم مصحفا، قال عبد الملك: وذكر الحافظ النيسابوري بسنده عن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه، عن كعب الأحبار أن نور رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى عبد المطلب ونام في الحجر فانتبه مكحولا مدهونا فأخذه أبوه هاشم بيده ثم انطلق به إلى كهنة قريش فأخبرهم بذلك فقالوا له: اعلم أن إله السماء قد أذن لهذا الغلام أن يتزوج، فزوجه أبوه قيلة فولدت له الحارث- وهو أكبر أولاده، وبه كان يكنى- ثم ماتت فزوجه بعدها هندا بنت عمر ... وفي هذا من الخطأ: 1- قوله: فأخذ أبوه هاشم بيده: وقد تقدم أن أباه توفي وهو صغير وتربى في بيت أخواله لكن على رواية المصنف يمكن تأويله- لكونه لم يسم فيها- على أنه أراد المطلب. 2- قوله: فزوجه أبوه قيلة: المشهور أن أم الحارث- أكبر أولاده- اسمها صفية بنت جنيد بن حجر بن ذباب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، نعم في زوجات عبد المطلب نتيلة بنت جناب لكنها ليست بأم الحارث بن عبد المطلب كما سيأتي. 3- قوله: هند بنت عمرو: كذلك لم أر فيما لدي من كتب السير والمراجع من ذكر هندا أو قيلة في زوجات عبد المطلب، ولا شك أنه أراد: فاطمة بنت عمرو بنت عائذ أم أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال شارح المواهب [1/ 82] : الظاهر أنه تحريف، والصواب: فاطمة بنت عمرو، ثم ذكر زوجات عبد المطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وحضرت المطلب الوفاة فدعا بعبد المطلب فقال: يا بني اجمع لي بني النضر: عبد قيسها وعبد شمسها ومخزومها وفهرها، ولؤيها، وغالبها، وهاشمها، وعبد المطلب يومئذ غلام ابن خمس وعشرين سنة أطول قريش باعا وأشدهم قوة، تفوح منه ريح كريح المسك، ونور محمد صلى الله عليه وسلم يسطع في دائرة غرة جبينه، فلما نظر المطلب إلى ذلك قال: معاشر قريش إنكم مخ ولد إسماعيل عليه السّلام، وأنتم الذين اختاركم الله لنفسه، فجعلكم سكان حرمه، وسدنة بيته، وأنا اليوم رئيسكم وسيدكم، وهذا لواء نزار، وقوس إسماعيل، وسقاية الحاج، ومفاتيح الأصنام، قد سلمتها إلى ابني هذا عبد المطلب فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: سمعنا، قال: فوثبت قريش فقبلت رأس عبد المطلب ونثروا عليه الدراهم والدنانير وقالوا: قد سمعنا وأطعنا، وكان لواء نزار وقوس إسماعيل عليه السّلام في يده وكانت قريش بعد ذلك إذا أصابتهم قحط وشدة يأخذون بيد عبد المطلب فيخرجونه إلى ثبير فيتقربون به إلى الله عزّ وجلّ ويسألونه أن يسقيهم بنور محمد صلى الله عليه وسلم فيسقيهم الله جل جلاله به. قوله: «وحضرت المطلب الوفاة» : في الأصول: هاشما ولعله من سبق القلم فقد تقدم أن هاشما مات بأرض الشام وابنه صغير عند أهله بالمدينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 [34- فصل: في زواج عبد المطّلب بن عبد مناف وولادة عبد الله أبي المصطفى صلى الله عليه وسلم] 34- فصل: في زواج عبد المطّلب بن عبد مناف وولادة عبد الله أبي المصطفى صلى الله عليه وسلم 84- ورجع عبد المطلب إلى مكة، فتزوج بها، فولد له ابنه الحارث، وتزوج أم أبي لهب، فولدت له أبا لهب، واسمه: عبد العزى، وماتت، فتزوج بعدها نتيلة بنت جناب، فولد له منها: العباس بن (84) - قوله: «فولد له ابنه الحارث» : في الأصول: «فتزوج بها ابنة الحارث فولدت له أبا لهب» وليس في زوجات عبد المطلب من هي ابنة للحارث غير أن أكبر أبناء عبد المطلب الحارث وبه كان يكنى فلعل في الكلام سقط أو تصحيف، وأم الحارث هي: صفية بنت جنيد- أو: جندب- بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سواءة ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. - وأما أم أبي لهب فهي: لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية ابن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة. قوله: «نتيلة» : بالتصغير وهي بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة ابن عامر وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ابن ربيعة بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ابن معد بن عدنان. - ووقع في الأصول: «سعد بن عتاب» ، وفي أخرى: «بنت غياث» بدل «نتيلة بنت جناب» ، ولعله تصحيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 عبد المطلب أبو الخلفاء، وصفية بنت عبد المطلب، ثم تزوج بعدها أم حمزة، فولدت له حمزة. 85- وروي أن عبد المطلب نام في الحجر، فرأى كأنه خرج منه سلسلة بيضاء لها أربعة أطراف: طرف قد بلغ مشارق الأرض، وطرف مغاربها، وطرف لحق بأعنان السماء، ثم رجع حتى صار كشجرة خضراء، وإذا بشيخين بهيين قد وقفا، قال: فقلت لأحدهما: من أنت؟ فقال: لا تعرفني؟ أنا نوح رسول رب العالمين، قال عبد المطلب: فسألت السحرة والكهنة، فقالوا: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك من يؤمن به أهل السماوات والأرض. ثم قال: رأيت في المنام أن تزوج بفاطمة بنت عمرو، فتزوجها وأمهرها مائة ناقة حمراء، ومائة رطل من الذهب الأحمر، فولدت له قوله: «وصفية بنت عبد المطلب» : المشهور أن صفية شقيقة حمزة كما سيأتي عند المصنف نفسه، فأما أشقاء العباس من نتيلة: ضرار بن عبد المطلب مات أيام أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا عقب له، وقثم بن عبد المطلب لا عقب له. قوله: «بعدها أم حمزة» : واسمها: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، والأشقاء منها سوى حمزة: المقوّم بن عبد المطلب، وحجلا واسمه: المغيرة، وصفية بنت عبد المطلب أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة ودفنت بالبقيع. (85) - قوله: «فسألت السحرة والكهنة» : اختصر المصنف لفظ الرواية، وأخرجها أبو نعيم في الدلائل، وقد أوردناها بطولها تحت رقم: 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 أبا طالب وأميمة وبرّة وعبد الله وهو أصغر أولاد عبد المطلب، فلم يبق أحد من أحبار الشام إلا علم بمولده وذلك أنه كانت عندهم جبّة من صوف بيضاء، وكانت الجبة مغموسة في دم يحيى بن زكرياء صلوات الله عليهم، وكانوا يجدون في الكتب عندهم: إذا رأيتم الجبة البيضاء والدم يقطر فاعلموا أنه قد ولد عبد الله بن عبد المطلب، فعلم أحبار الشام بهذه الصفة، فعدوا الأيام والشهور، فلما أن صار مترعرعا، قدم عليه أحبار الشام ليقتلوه، فصرف الله كيدهم عنه فرجعوا إلى البلاد، فكانوا بعد ذلك كل من يقدم من الشام يسألونه، فيقولوا: تركنا عبد الله نورا يتلألأ. 86- وكان عبد الله يقول: كنت إذا خرجت إلى البطحاء يخرج من ظهري نوران: أحدهما يأخذ شرق الأرض، والآخر غربها، ثم يستديران في ظهري كأسرع من طرفة العين، قال أبوه: سيخرج من ظهرك أكرم العالمين. 87- وقدم عليه بعد ذلك سبعون حبرا من أحبار الشام فتحالفوا على ألا يرجعوا أو يقتلوا عبد الله بن عبد المطلب، فجاءوا ومعهم سبعون سيفا شاهرة مسمومة فجعلوا يسيرون الليل ويكمنون النهار، حتى نزلوا بفناء مكة، فلما كان يوما من الأيام خرج عبد الله إلى صيده وحيدا، وأصابوا منه الخلوة، فأحدقوا به ليقتلوه، فلما نظر إلى ذلك وهب بن عبد مناف الزهري- وهو أبو آمنة جد النبي صلى الله عليه وسلم- أدركته الحميّة، وقال: سبعون رجلا يحدقون برجل واحد من أهل مكة يريدون قتله؟، لأنصرنّه على هؤلاء اليهود، فالتفت نحو الهواء فنظر إلى رجال لا يشبهون رجال الدنيا ينزلون من السماء، ومالوا على الأحبار فقطعوهم وهزموهم، فلما نظر وهب إلى ذلك رجع مبادرا إلى أهله فأخبرها بما رأى من عبد الله فقال: انطلقي إلى عبد المطلب فاعرضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 عليه ابنتك قبل أن يسبقنا إليه أحد غيرنا، فامتثلت ما أمرها به، فقال عبد المطلب: لقد عرضت عليّ امرأة لا يصلح لا بني غيرها، فزوجها إياه، وابتنى بها. 88- وقيل: إن آمنة بنت وهب كانت في حجر عمها وهب بن عبد مناف بن زهرة، وأن عبد المطلب جاء بابنه عبد الله أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوج عبد الله: آمنة بنت وهب، فولدت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج عبد المطلب: بهالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة- وهي أم حمزة وصفية- في مجلس واحد، وكان وهب يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا، وآمنة يومئذ أفضل امرأة من قريش نسبا وموضعا، فقالت قريش حين تزوج عبد الله آمنة: فلج عبد الله على أبيه. (88) - قوله: «فلج عبد الله على أبيه» : أي ظهر وظفر بما طلب، وسيأتي تخريج القصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 [35- فصل: في قصّة زواج عبد الله بن عبد المطّلب من آمنة بنت وهب، وقصّة حملها بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وولادته] 35- فصل: في قصّة زواج عبد الله بن عبد المطّلب من آمنة بنت وهب، وقصّة حملها بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وولادته 89- أخبرنا أبو عبد الله: عبد الوهاب بن الحسن بن علي بن داود ابن سليمان بن خلف المصري بمصر، قال: حدثنا أبو محمد: عبد الله بن جعفر بن الورد، قال: حدثنا عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي، قال: (89) - قوله: «أخبرنا أبو عبد الله: عبد الوهاب» : لم أقف له على ترجمة فيما لدي من المصادر. قوله: «حدثنا أبو محمد: عبد الله بن جعفر بن الورد» : ابن زنجويه البغدادي، ثم المصري، راوي السيرة عن ابن البرقي الآتي، وأحد مشايخ ابن منده وابن النحاس الثقات، توفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 39] ، العبر [2/ 292] ، الشذرات [3/ 102] ، تاريخ الإسلام [السنة المذكورة- ص 57] ، الوافي بالوفيات [17/ 106] . قوله: «حدثنا عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي» : الإمام الحافظ، راوي سيرة ابن هشام: أبو سعيد الزهري مولاهم، المصري، قال الحافظ الذهبي: كان صدوقا من أهل العلم، توفي سنة ست وثمانين ومئتين. وله أخوان حدثا أيضا عن عبد الملك بالمغازي والسير: محمد بن عبد الله ابن عبد الرحيم بن البرقي فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو صاحب كتاب الضعفاء، مات كهلا قبل أوان الرواية سنة تسع وأربعين ومئتين، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 حدثنا عبد الملك بن هشام، قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي- والثاني: أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي، وصفه الذهبي بالمحدث الحافظ الصادق قال: له كتاب في معرفة الصحابة وأنسابهم وكان من أئمة الأثر، رفسته دابته فمات منها في شهر رمضان سنة سبعين ومئتين. سير أعلام النبلاء [13/ 48] ، العبر [2/ 77] ، الشذرات [2/ 363] . قوله: «حدثنا عبد الملك بن هشام» : العلامة الحافظ الإخباري النحوي أبو محمد الذهلي، نزيل مصر، ومهذب السيرة لابن إسحاق، وكان علامة أهل مصر بالعربية والشعر والأدب، وله مصنفات في أنساب حمير وملوكها، توفي سنة ثمان عشر ومئتين. الوافي بالوفيات [6/ 26] ، سير أعلام النبلاء [10/ 428] ، البداية والنهاية [10/ 281] ، وفيات الأعيان [3/ 177] ، مقدمة الروض الأنف [1/ 7] ، حسن المحاضرة [1/ 531] ، طبقات ابن قاضي شهبة [2/ 111] ، إنباه الرواة [2/ 211] ، بغية الوعاة [2/ 115] . قوله: «حدثنا زياد بن عبد الله البكائي» : الكوفي، أحد أصحاب ابن إسحاق، ومن أثبتهم فيه، يقال: لأنه أملي عليه مرتين، قال صالح جزرة: من أثبت الناس في المغازي، باع داره وخرج يدور مع ابن إسحاق، قال الإمام أحمد: لا بأس به، وقال أبو زرعة: صدوق، وضعفه غير واحد، أخرج له البخاري مقرونا، وروى له مسلم والترمذي وابن ماجه. تهذيب الكمال [9/ 485] ، تهذيب التهذيب [3/ 323] ، الكاشف [1/ 260] ، التقريب [/ 220] ، الخلاصة [/ 125] ، سير أعلام النبلاء [9/ 5] ، الميزان [2/ 281] ، المجروحين [1/ 307] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 عن محمد بن إسحاق قال: لما فدي عبد الله بن عبد المطلب من الذبح بمائة من الإبل ونحرت عنه انصرف عبد المطلب آخذا بيد ابنه عبد الله فمر به على امرأة من بني أسد وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه: أين تذهب يا عبد الله؟ قال: مع أبي، قالت: لك مثل الإبل قوله: «عن محمد بن إسحاق» : هو في سيرته [/ 42] ، ومن طريقه ابن هشام [1/ 155] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 102] . قوله: «فمر به على امرأة من بني أسد» : هكذ في رواية لابن إسحاق، وفي أخرى له عن أبيه إسحاق بن يسار أن المرأة كانت لعبد الله مع آمنة وأنه دخل عليها وقد أصابه أثر من طين فدعاها إلى نفسه فأبطأت عنه، فلما غسل ما به من أثر الطين دعته فأبى للذي صنعت به أول مرة وعمد إلى آمنة فأصابها فحملت بالنبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن إسحاق في السير [/ 44] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 105] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 244] ، وابن عساكر كذلك [3/ 407] ، وبهذه القصة يرى الحافظ البيهقي إمكان الجمع بين الروايات الأخرى ويزول ما بها من إشكال، وفي رواية ابن مطعم: أنها قتيلة بنت نوفل، أخت ورقة، وأنها توسمت ما كان بين عيني عبد الله قبل أن يتزوج آمنة، فودّت لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أزف زمانه أن يكون ذلك منها فعرضت نفسها عليه، قال الحافظ ابن كثير: ليتزوجها في الأظهر، فامتنع عليها، قال: فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها تعرض لها فقالت: لا حاجة لي فيك، وتأسفت على ما فاتها من ذلك، وأنشدت في ذلك شعرا فصيحا بليغا، قال: وهذه الصيانة لعبد الله ليست له وإنما هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كما قال تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ، وإلى هذه الرواية مال المصنف رحمه الله في تعيين المتعرضة كما سيأتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 التي نحرت عنه وقع عليّ الآن، قال: أنا مع أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به ابنة وهب بن عبد مناف وهي يومئذ أفضل امرأة من قريش نسبا، فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها: ما لك لا تعرضين عليّ اليوم ما عرضت عليّ بالأمس؟ قالت له: فارقك النور الذي كان معك أمس، فليس لي بك اليوم حاجة. - حديث أخت ورقة أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 95- 96] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 201] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 406] . - وقيل: إن المرأة التي عرضت نفسها من خثعم وكانت تأتي مواسم الحج، معها أدم تطوف بها كأنها تبيعها، وإنما كانت تبحث عن كفؤ لها لأنها كانت ذات جمال، فلما رأت عبد الله أعجبها وقالت: إني والله ما أطوف بهذه الأدم وما لي إلى ثمنها حاجة وإنما أتوسم الرجل هل أجد كفؤا، فإن كانت لك إليّ حاجة ... القصة. أخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 97] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 107] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 403- 404] . - ويقال: إنها المرأة المذكورة في حديث عبد الرحمن بن عوف الآتي، وهي التي ذكرها اليهودي الذي ينزل عليه عبد المطلب في رحلته إلى اليمن حين توسم في عبد الله، وقال له: هل لك في شاعة؟ ونخلص إلى أن القصة يمكن حل إشكالها إذا ثبتت، ولها طرق أخرى عند ابن سعد في الطبقات [1/ 95- 97] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 102- 109] ، وأبي نعيم في الدلائل [1/ 130- 133] رقم 72، 73، 74، 75، وابن عساكر في تاريخه [3/ 403- 407] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 90- قال: وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل- وكان قرأ واتبع الكتب- أنه كائن في هذه الأمة نبي، فولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 91- وروي عن أم سلمة: أن عبد الله بن عبد المطلب كان في بناء له فخرج وعليه أثر الطين والغبار، فمر بامرأة يهودية كاهنة من خثعم، فرأت نور النبوة في وجهه فقالت له: هل لك أن تواقعني وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال عبد الله بن عبد المطلب: حتى أغسل ما عليّ وأخرج إليك، فدخل على آمنة فواقعها ثم اغتسل وخرج إلى الخثعمية فقال لها: هل لك في الذي قلت؟ قالت: يا فتى ما صنعت بعدي؟ قال: زوّجني أبي آمنة، فأقمت عندها ثلاثا، قالت: لا حاجة لي بذلك، فقال: ولم لا؟ قالت: لأنك ذهبت من عندي وبين عينيك نور، ورجعت إليّ وقد أفرغت في آمنة ذلك النور. 92- وعن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد المطلب خرج إلى اليمن فلقيه رجل من اليهود له علم فنظر إلى عبد المطلب فقال: أرني منك (90) - قوله: «وقد كانت تسمع من أخيها» : اتبع المصنف طريقة الجمع بين الروايات كما يظهر لأن رواية ابن إسحاق ليس فيها ما يدل على أن المتعرضة لعبد الله هي أخت ورقة إنما ذلك في رواية أخرى كما تقدم، وهذا المسلك سلكه الحافظ البيهقي في الدلائل، وابن كثير في تاريخه وغيرهما، وهو الأولى. قوله: «وكان قرأ واتبع الكتب» : في «ظ» : وكان قد وجد في الكتب. (92) - قوله: «عن عبد الرحمن بن عوف» : كذا في الأصل، وفي المطبوع من تاريخ ابن عساكر [3/ 418] بإسناده إلى- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 شيئين، فقال عبد المطلب: أريك ما لم يكن عورة، قال: ما أريد العورة، أريد أن أنظر إلى أنفك وكفيك، قال: انظر، قال له: ابسط كفيك فبسطهما، فقال: أما في كفيك فملك، وأما أنفك فإن فيه النبوة، ولا يتم ذلك إلا ببني زهرة، فهل من شاعة؟ قال: لا، قال: فتزوج في بني زهرة. - المحاملي: أنا عبد الله بن شبيب، حدثني أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال: وجدت في كتاب أبي، عن أبيه عن عبد الرحمن بن حميد بن [عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن بن] عوف أن عبد المطلب ... القصة، قال محققه: ما بين المعكوفتين سقط من الأصل، واستدرك من مطبوعة ابن عساكر قسم السيرة [1/ 338] . وأخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 86] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 204] ، والحاكم في المستدرك [2/ 601] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 106] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 129] رقم 71، وابن عساكر في تاريخه [1/ 418] ، جميعهم من حديث المسور بن مخرمة، عن ابن عباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال: قال أبي عبد المطلب: خرجت إلى اليمن في رحلة الشتاء والصيف فنزلت على رجل من اليهود يقرأ الزبور فقال: يا عبد المطلب إيذن لي فأنظر في بعض جسدك، فقلت: انظر ما لم يكن عورة، قال: ففتح إحدى منخري فنظر فيه، ثم نظر الأخرى، فقال: أشهد أن في إحدى يديك ملكا وفي الأخرى النبوة، وأرى ذلك في بني زهرة فكيف ذلك؟ قال فقلت: لا أدري، قال: هل لك من شاعة؟ قال قلت: وما الشاعة؟ قال: زوجة، قلت: أما اليوم فلا، قال: إذا قدمت فتزوج فيهم، فرجع عبد المطلب إلى مكة فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف فولدت له حمزة وصفية، وتزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب فولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش حين تزوج عبد الله آمنة: فلج عبد الله على أبيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 فلما رجع عبد المطلب تزوج هالة بنت وهيب، وتزوج عبد الله آمنة بنت وهب، فقالت قريش: فلج عبد الله على أبيه. فلما ابتنى بها عبد الله بن عبد المطلب مرض نساء قريش، ومات منهن مائتا امرأة أسفا على عبد الله بن عبد المطلب، فأعطى الله آمنة من النور والعفاف والبهاء ما كانت تدعى سيدة قومها، وبقي عبد الله على ذلك ونور رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه، حتى أذن الله تعالى له أن ينتقل، فانتقل عشية عرفة وليلة الجمعة، فأمر الله عزّ وجلّ خازن الجنة بأن يفتح أبواب الجنان للنور المكنون، فاستقر عند آمنة، فأصبحت يومئذ أصنام الدنيا كلها منكوسة، وأصبح عرض إبليس عدو الله منكوسا أربعين يوما، فأفلت إبليس هاربا أسود محترقا حتى أتى جبل أبي قبيس فصاح صيحة ورنّ رنّة، فاجتمع إليه الشياطين من كل ناحية فقالوا: يا سيد القوم ما الذي دهاك؟ فقال إبليس: ويلكم أهلكتنا هذه المرأة، قالوا: قوله: «فصاح صيحة ورنّ رنّة» : أخرج أبو الشيخ في العظمة [/ 428] رقم 1134 بإسناد صحيح عن مجاهد قال: رن إبليس أربعا: حين لعن، وحين أهبط، وحين بعث محمد صلى الله عليه وسلم، وبعث على فترة من الرسل، وحين أنزلت: الحمد لله رب العالمين، وأخرجه أبو نعيم أيضا في الحلية [3/ 299] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضا [1/ 17] لوكيع في تفسيره، وابن الأنباري في المصاحف، وقال الشيخ محمد بن يوسف الشامي في سبل الهدى والرشاد 1/ 350: روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا، فقال له جنوده: لو ذهبت إليه فخبلته، فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل فركضه برجله ركضة فوقع بعدن، وسيورده المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وما القصة؟ قال: هذا محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث بالسيف القاطع الذي لا حياة بعده، يغير الأديان، ويبطل اللات والعزى، ولا نأتي موضعا من مواضع الدنيا إلا وجدنا ذكر الوحدانية علانية، وهذه أمته لعنني ربي من أجلها، وجعلني شيطانا رجيما، يظهرون الوحدانية. قالوا: طب نفسا فإن الله خلق ذرية آدم على سبعة أطباق، وكانوا أشد من هؤلاء وأكثر أموالا وأولادا، فاستوفينا منهم، ولا بد لنا من أن نستوفي من الطبق السابع. قال إبليس: فكيف تقدرون عليهم وفيهم الخصال الجميلة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟. فقالت العفاريت: نأتي العالم من علمه، والجاهل من جهله، وصاحب الدنيا من قبل الدنيا، والزاهد من زهده، وصاحب الرياء من ريائه. فقال إبليس: إنهم يعتصمون بالله وحده!. قالت العفاريت: فإن اعتصموا بالله وحده أدخلنا فيما بينهم الأهواء الضالة والبخل والظلم، فإنهم يهلكون لا محالة. فضحك إبليس، وقال: الآن أقررتم عيني، وطيبتم نفسي. قال: وكانت قريش في جدوبة، فلما كانت السنة التي حمل فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم أخصبت، فسميت سنة الفتح، واخضرت لهم الأرض، وحملت لهم الأشجار، وعبد المطلب يومئذ في الأحياء، يخرج كل يوم متوشحا يطوف بالبيت، وكان ينظر إلى جمال شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 93- قال ابن عباس: فكان من دلالة حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك السنة وقالت: حمل بمحمد صلى الله عليه وسلم وربّ الكعبة، وهو أمان الدنيا وسراج أهلها، ولم يبق كاهن في قريش ولا قبيلة من قبائل العرب إلا حجبت عن صاحبتها، وانتزع علم الكهنة منها، ولم يبق سرير من سرر ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، والملك أخرس لا ينطق يومه ذلك، وفرت وحش المغرب إلى وحش المشرق بالبشارات، وكذلك أهل البحار بشر بعضهم بعضا وقال: أبشروا فقد آن لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم أن يخرج. 94- وبقي في بطن أمه تسعة أشهر كمّلا، لا تشكو وجعا ولا ضعفا ولا ريحا، ولم يعرض لأمه ما يعرض للنساء. (93) - قوله: «قال ابن عباس» : رواه أبو نعيم في الدلائل- وليس في المطبوع منه- فقال: حدثنا سليمان ابن أحمد، حدثنا حفص بن عمرو بن الصباح، ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، أنا أبو بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن عمرو الأنصاري، عن أبيه، قال: قال ابن عباس: فذكره. أورده الحافظ ابن كثير في السير فقال: أورد الحافظ أبو نعيم ههنا- يعني في مولده- حديثا غريبا مطولا بالمولد أحببنا أن نسوقه ليكون الختام نظير الافتتاح. قوله: «أهل البحار بشّر بعضهم بعضا» : زاد أبو نعيم في روايته: وفي شهر من شهوره نداء في الأرض ونداء في السماوات: أبشروا فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 95- قالت آمنة: ما شعرت أني حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم لأني لم أجد (95) - قوله: «ما شعرت أني حملت» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 98] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 242] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 77] من حديث شيخه الواقدي قال: حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة، عن أبيه، عن عمته بنحوه وزاد: قالت: فكان ذلك مما يقن عندي الحمل ... الحديث. وأخرج أيضا من طريق الواقدي قال: حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري قال: قالت آمنة: لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته. وأخرجه ابن إسحاق في السيرة مقطوعا [/ 45] ، وعنه ابن هشام في سيرته [1/ 157- 158] ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 111] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 82] ، وقد أسنده نعيم في الدلائل [1/ 136] فقال: حدثنا عمر بن محمد، ثنا إبراهيم بن السندي، ثنا النضر ابن سلمة، ثنا أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري، عن أبي عثمان سعيد ابن زيد الأنصاري، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: رأت آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم في منامها فقيل لها: إنك قد حملت بخير البرية وسيد العالمين فإذا ولدته فسميه أحمد ومحمدا وعلقي عليه هذه، قال: فانتبهت وعند رأسها صحيفة من ذهب مكتوب فيها: أعيذه بالواحد ... من شر كل حاسد وكل خلق رائد ... من قائم وقاعد عن السبيل عاند ... على الفساد جاهد من نافث أو عاقد ... وكل خلق مارد يأخذ بالمراصد ... في طرق الموارد ومن وجه آخر أخرجه ابن سعيد في الطبقات [1/ 98] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 243] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 ما تجد الحبلى إلا أني أنكرت رفع حيضتي. * قال الأستاذ أبو سعد صاحب الكتاب سلمه الله: ربما يرتفع الحيض ثم يعود، وهذه مسألة خلافية بين أهل الحجاز والكوفة-. 96- قالت آمنة: أتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال: هل شعرت أنك حملت؟ فكأني أقول: ما أدري، فقال: إنك حملت سيد هذه الأمة، فإذا وقع بالأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، ثم سميه أحمد. 97- قال أبو سعد: وحدثناه به في موضع آخر فقال: ثم سميه محمدا. قالت: فذكرت ذلك للنساء فقلن لي: تعلقي حديدا في عنقك وعضدك، قالت: فعلقت فلم يزل عليّ إلا أياما حتى قطع، فكنت لا أعلقه، فلما كان قبل ولادتها بثلاث أتاها آت وقال: سميه أحمد. وهلك أبوه وهو في بطن أمه. قوله: «وهذه مسألة خلافية» : بيّنّآ مذاهب الفقهاء واختلافهم في الحبلى هل تحيض أم لا؟ في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي كتاب الحيض والاستحاضة، باب الحبلى إذا رأت الدم. (96) - قوله: «قالت آمنة: أتاني آت» : تكرر النص في نسخة «ظ» بلفظ: وذكر أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ذكرت أنها أنبئت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لها: إنك حملت سيد هذه الأمة، فإذا وقع بالأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، وانظر الأثر الآتي برقم 100. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 98- قال الواقدي: ما تعبد الله والنبي صلى الله عليه وسلم ابن سبعة أشهر، وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ ابن خمس وعشرين سنة. 99- وقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا بقي نبيك صلى الله عليه وسلم هذا يتيما، فقال الله عزّ وجلّ: أنا له ولي وحافظ ومعين. وفتح الله لمولده أبواب السماء وجنانه. 100- وكانت آمنة تحدث عن نفسها وتقول: أتاني آت حين مر من (98) - قوله: «ابن سبعة أشهر» : يعني حملا، قال الوافدي: وهذا أثبت الأقاويل والرواية في وفاة عبد الله بن عبد المطلب وسنه عندنا، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 99- 100] قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، وعن عوانة بن الحكم قالا: توفي عبد الله بن عبد المطلب بعد ما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرا، ويقال: سبعة أشهر، قال ابن سعد: والأول أثبت، أنه توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، قال ابن كثير: وهذا أبلغ اليتم وأعلى مراتبه. (99) - قوله: «وقالت الملائكة» : يعني: بلسان الحال. (100) - قوله: «أتاني آت» : هذا الحديث أخرجه بطوله الحافظ أبو نعيم في الدلائل [1/ 610- 613] : حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا حفص بن عمرو بن الصباح (في المطبوع من الدلائل: عمرو بن محمد بن الصباح) ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن سعيد بن عمرو الأنصاري، عن أبيه، قال ابن عباس ... فذكره، رقم 555، وفي أوله: فكان من دلالات حمل النبي صلى الله عليه وسلم أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة وقالت: حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة، وهو أمان الدنيا وسراج أهلها ولم يبق كاهنة من قريش ولا قبيلة من قبائل- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 حملي ستة أشهر فوكزني في المنام برجله وقال: يا آمنة إنك قد حملت خير العالمين طرّا فإذا ولدته فسميه محمدا واكتمي شأنك. - العرب إلا حجبت عن صاحبتها وانتزع علم الكهنة، ولم يكن سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا والملك مخرسا لا ينطق يومه ذلك، ومرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات، وكذلك البحار يبشر بعضها بعضا، في كل شهر من شهوره نداء في الأرض ونداء في السماء: أن أبشروا فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا، فكانت تحدث عن نفسها وتقول: ... والباقي سواء إلى قوله: ومفاتيح النبوة. أورده ابن كثير في جزء الشمائل من تاريخه إلى قوله: ومفاتيح النبوة، أما السيوطي فأورده في الخصائص بطوله، وقال بعد أن عزاه لأبي نعيم: فيه نكارة شديدة، ولم أورد في كتابي أشد نكارة منه ومن الذي قبله والذي بعده، ولم تكن نفسي لتطيب بإيرادها لكني تبعت الحافظ أبا نعيم في ذلك. وقال ابن كثير: هكذا أورده أبو نعيم وسكت عنه وهو غريب جدّا. قوله: «فإذا ولدته فسميه محمدا» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 98] ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 243] ، من حديث شيخه الواقدي، قال: حدثني قيس مولى عبد الواحد، عن سالم، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: أمرت آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 98] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [1/ 243] ، وابن إسحاق في السيرة [1/ 157- 158- ابن هشام] ، ومن طريق ابن إسحاق: البيهقي في الدلائل [1/ 111] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 82] وهذا لفظ البيهقي عن ابن إسحاق: قال: كانت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي: أعيذه بالواحد ... من شر كل حاسد - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 قال: فكانت تحدث: أنه لم يعلم بي أحد من قومي ذكر ولا أنثى، وإني لوحيدة في المنزل وعبد المطلب في طوافه قال: فسمعت وجبة عظيمة، فهالني ذلك، وذلك يوم الاثنين، فرأيت كأن جناح طير قد مسح على فؤادي فذهب عني الرعب وما كنت أجد، ثم كنت ألتفت فإذا أنا بشربة بيضاء فتناولتها وشربتها فأضاء مني نور غالب عالي، ثم رأيت نسوة كالنخل طولا كأنهن من بنات عبد مناف فأحدقت بي من كل جانب فقلت: واغوثاه من أين علمن هؤلاء؟ فاشتد بي الأمر، وكنت أسمع وجبة كل ساعة أعظم، وإذا أنا بتاج أبيض قد مدّ بين السماء والأرض، وإذا قائل يقول: خذوا عن أعين الناس، قال: فرأيت رجالا قد وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق فضة ويترشح من عرق كالجمان أطيب من ريح المسك، وأنا أقول: يا ليت عبد المطلب قد دخل عليّ، وعبد المطلب- زاد ابن هشام: ثم سميه محمدا. وزاد غيرهما في الأبيات: وكل خلق رائد ... من قائم وقاعد عن السبيل عاند ... على الفساد جاهد من نافث أو عاقد ... وكل خلق مارد يأخذ بالمراصد ... في طرق الموارد يرود غير رائد ... فإنه عبد الحميد الماجد حتى أراه قد أتى المشاهد أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 136- 137] من وجه آخر. قوله: «فسمعت وجبة عظيمة» : الوجبة: السقوط مع الهدّة ويقال: صوت الشيء إذا سقط حتى يسمع له كالهدّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 كان نائيا، وقالت: رأيت قطعة طير قد أقبلت من حيث لا أشعر حتى غطت حجرتي، مناقيرها من الزمرد، وأجنحتها من الياقوت، فكشف عن بصري وأبصرت من ساعتي مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت أعلاما منصوبة، علم بالمشرق وعلم بالمغرب، وعلم على ظهر الكعبة، وأخذني المخاض فكأني مستندة إلى أركان النساء وكثرن عليّ حتى كأن الأيدي معي في البيت ولا أرى شيئا، فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم فلما خرج من بطني درت فنظرت إليه فإذا أنا به ساجدا قد رفع أصبعه إلى السماء كالمتضرع المبتهل. 101- وقيل: قالت آمنة: لما ولدت محمدا صلى الله عليه وسلم وفصل عني خرج معه نور أضاءت له قصور الشام، حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى وأسواقها. (101) - قوله: «أضاءت له قصور الشام» : هذا الحديث أدخله المصنف في حديث ابن عباس وليس منه، كما يتبين من مصادر التخريج وهو كالجملة المعترضة، لذلك رقمت عليه برقم مغاير وسيرجع المصنف إلى حديث ابن عباس عقب قوله: رواه أبو جعفر محمد بن علي مباشرة، وقد روي من طرق بألفاظ مطولا ومختصرا، عن جماعة من الصحابة فأخرجه من حديث العرباض بن سارية: الإمام أحمد في المسند [4/ 127- 128] ، والبخاري في تاريخه الكبير [6/ 68] ، والطبراني في معجمه الكبير [18/ رقم 629، 630، 631] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 80، 2/ 130] ، والطبري في تفسيره [28/ 87] ، وأبو نعيم في الدلائل بلفظ مختصر [1/ 48، 50] رقم 9، 10، والآجري في الشريعة [/ 421] ، وابن أبي عاصم [1/ 48، 50] رقم 9، 10. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 102- وذلك يوم الاثنين لعشر خلون من شهر ربيع الأول، وكان قدوم أصحاب الفيل للنصف من المحرم، فبين الفيل وبين مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس وخمسون ليلة. رواه أبو جعفر محمد بن علي. - وأخرجه الآجري في الشريعة [/ 421] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 409، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 600] ، وأقره الذهبي، وصححه أيضا ابن حبان كما في الإحسان برقم 6404. فإذا تبين أن إسناد هذا الحديث صحيح عن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتعبير عند ذلك ب «قيل» غير جيد، والله أعلم. وقد روي من حديث عتبة بن عبد السلمي، وهذا قد خرجناه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 14- فتح المنان-، وروي أيضا من حديث أبي أمامة الباهلي، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 262] ، والطيالسي كذلك برقم 1140، وابن سعد في الطبقات [1/ 102] . والطبراني في معجمه الكبير [8/ رقم 7729] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 84] وعن ابن عباس، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 102] ، ومن حديث أبي العجفاء السلمي، أخرجه ابن سعد في الطبقات، ورواه جماعة من التابعين مرسلا، وفي أحاديث الصحابة غنى وكفاية. (102) - قوله: «رواه أبو جعفر محمد بن علي» : تقدم قريبا، أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات [1/ 100- 101] بإسناد ضعيف جدّا يعتنى بمثله في التاريخ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 75] وزاد: وكان بين الفيل والفجار عشرون سنة، وكان بين بنيان الكعبة والفجار خمس عشرة سنة، فبنيت الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثون سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 103- ومما فضله الله تعالى به أنه صلى الله عليه وسلم حين وقع من بطن أمه آمنة سطع نور أضاء ما بين الشام إلى اليمن ووقع على أربع رافعا رأسه إلى السماء، يشير بإصبعه. (103) - قوله: «حين وقع من بطن أمه» : ذكر المصنف هذه الفضيلة، وكذا الآتية: في باب ما فضل به النبي صلى الله عليه وسلم ورأيت تحويله إلى هنا لتعلقه به. قوله: «يشير بإصبعه» : كالموحد أو المسبح، أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 101- 102] من حديث موسى بن عبيدة، عن أخيه ومحمد بن كعب القرظي، ومن حديث أم بكر بنت المسور، عن أبيها، ومن حديث زياد بن حشرج عن أبي وجزة، وابن أبي نجيح عن مجاهد، ومن حديث عطاء عن ابن عباس- دخل حديث بعضهم في بعض- أن آمنة بنت وهب قالت: لقد علقت به- تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع على الأرض معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من تراب فقبضها ورفع رأسه إلى السماء، قال: وقال بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه إلى السماء، وخرج معه نور أضاءت لها قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى. في إسناده الواقدي. قال ابن سعد: وأخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ولدته أمه وضعته تحت برمة فانفلقت عنه، قالت: فنظرت إليه فإذا هو قد شق بصره ينظر إلى السماء. مرسل برجال الصحيح، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 80 من وجه آخر. قال ابن سعد: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي، أخبرنا همام بن يحيى، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 104- ومما فضله الله تعالى به أنه صلى الله عليه وسلم كان يناغي القمر في رضاعه. - عن إسحاق بن عبد الله أن أم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما ولدته خرج مني نور أضاء له قصور الشام، فولدته نظيفا، ولدته كما يولد السخل ما به قذر، ووقع على الأرض وهو جالس على الأرض بيده. قال ابن سعد: أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي عن حسان بن عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع على كفيه وركبتيه شاخصا بصره إلى السماء. مرسل قوي. وفي الوفاء لابن الجوزي عن أبي الحسين بن البراء قال: قالت آمنة: وجدته جاثيا على ركبتيه ينظر إلى السماء، ثم قبض قبضة من الأرض وأهوى ساجدا، وقال الحافظ في الفتح: وفي سير الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم أوائل ما ولد، وذكر ابن سبع في الخصائص: أن مهده كان يتحرك بتحريك الملائكة، وأن أول كلام تكلم به أن قال: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، - الجزء الأخير منه مخرج في حديث ابن عباس في قصة رضاعه صلى الله عليه وسلم-. (104) - قوله: «أنه كان يناغي القمر» : قال السيوطي في الخصائص [1/ 133] : أخرج البيهقي والصابوني في المائتين والخطيب وابن عساكر في تاريخهما عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر، وتشير إليه بإصبعك، فحيث أشرت إليه مال، قال: إني كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء، وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش، قال البيهقي: تفرد به أحمد بن إبراهيم الجيلي وهو مجهول، وقال الصابوني: هذا حديث غريب الإسناد والمتن، حسن في المعجزات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 105- قالت آمنة: ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت تنزل من السماء حتى غشيتني، فغيب عن وجهي، وسمعت مناديا ينادي وهو يقول: طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم شرق الأرض وغربها، وأدخلوه البحار تعرفه باسمه وصفته ونعته وصورته، وليعلموا أنه إنما سمي الماحي لئلا يبقى جزء من المشرك إلا محي به في زمنه، ثم تجلت عنه في أسرع من طرفة عين، وإذا أنا به مدرجا في ثوب صوف أبيض أشد بياضا من اللبن، وتحته حريرة خضراء قد قبض على ثلاث مفاتيح من اللؤلؤ الرطب الأبيض، وإذا قائل يقول: قبض محمد صلى الله عليه وسلم على مفاتيح النصرة، ومفاتيح الفتح، ومفاتيح النبوة، ثم أقبلت سحابة أخرى أعظم من الأولى وأنور، أسمع منها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة وكلام الرجال حتى غشيته، فغيب عن وجهي أطول وأكثر من المرة الأولى، فسمعت مناديا ينادي ويقول: طوفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم المشرق والمغرب، وعلى مواليد النبيين واعرضوه على روحاني أمته من الجن والأنس والطير والسباع، واعطوه من اللون: صفاء آدم، ورقّة نوح، وخلة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وجمال يوسف، وبشرى يعقوب، وصوت داود، وصبر أيوب، وزهد يحيى، وكرم عيسى صلوات الله وسلامه عليهم، واغمروه في كل أخلاق النبيين، ثم تجلت عنه في أسرع من طرفة العين، فإذا أنا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيّا شديدا، وإذا منادي يقول: بخ بخ قبض محمد صلى الله عليه وسلم على الدنيا كلها، لم يبق خلق من أهلها إلا دخل في قبضته طائعا بإذن الله. (105) - قوله: «مفاتيح الفتح» : في المطبوع من دلائل أبي نعيم: مفاتيح الريح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 106- قالت آمنة: فبينا أنا أتعجب إذا أنا بثلاث نفر ظننت أن الشمس تطلع من خلال وجوههم، في يد أحدهم إبريق فضة، وفي داخل ذلك الإبريق ريح كريح المسك، وفي يد الثاني: طست من زمرد خضراء عليها أربع نواحي كل ناحية لؤلؤة بيضاء، وإذا قائل يقول: هذه الدنيا شرقها وغربها وبرها وبحرها فاقبض يا حبيب الله على ما شئت، فسمعت قائلا يقول: قبض على الكعبة ورب الكعبة، إن الله جل جلاله جعلها قبلة له، ورأيت في يد الثالث حريرة بيضاء مطوية طيّا شديدا فنشرها، فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه إذا نظروا إليه، فغسله بذلك الماء من الإبريق سبع مرات، ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ختما واحدا، ولفّه بالحرير، واستدار عليه بالخيط- وهو خيط من المسك الإذفر- ثم أدخله بين أجنحته ساعة. 107- قال ابن عباس: كان ذلك رضوان خازن الجنة. قالت: قال في أذنه كلاما كثيرا لم أفهمه، وقبّل بين عينيه، وقال: أبشر يا محمد فما بقي لنبي علم إلا وقد أعطيت، فأنت أكثرهم علما، وأشجعهم قلبا، معك مفاتيح النصر، وألبست الخوف والرعب، لا يسمع أحد بذكرك إلا وجل فؤاده، وخاف قلبه. قالت: ثم رأيت رجلا أقبل يخرقهم حتى وضع فاه على فيه فجعل يزقه كما تزق الحمامة فرخها، وكنت أنظر إلى ابني يشير (106) - قوله: «قالت آمنة» : ذكر هذا الجزء من الحديث إلى قوله: وخاف قلبه: السيوطي في الخصائص [1/ 123] وعزاه للحافظ أبي زكرياء يحيى بن عائذ في مولده، ونقل عن ابن دحية في التنوير قوله: هذا حديث غريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 بإصبعه ويقول: زدني زدني، فزقه ساعة وقال: أبشر يا حبيبي فما بقي لنبي حلم إلا وقد أعطيت، ثم احتمله فغيّبه عني، فجزع فؤادي وذهل قلبي، ويح قريش، الويل لها، أنا في ولادتي وليلتي أرى ما أرى، ويصنع بولدي ما يصنع ولا يقربني أحد من قومي؟! إن هذا العجب العجيب. قالت: فبينا أنا كذلك إذا أنا به قد رده عليّ كالبدر، ريحه يسطع كالمسك وهو يقول: خذيه، فقد طافوا به المشرق والمغرب وعلى مواليد النبيين أجمعين، والساعة كان عند أبيه آدم عليه السّلام فضمه إليه وقبل بين عينيه وقال: أبشر حبيبي؛ فإنك سيد ولدي من الأولين والآخرين، فناولنيه ومضى، وجعل يلتفت إليه ويقول: أبشر يا عز الدنيا وشرف الآخرة، فقد استمسكت بالعروة الوثقى، فمن قال بمقالتك وشهد بشهادتك حشر يوم القيامة تحت لوائك وفي زمرتك، فناولنيه ومضى، ولم أره بعد تلك المرة. 108- قال عبد المطلب: كنت تلك الليلة في الكعبة أرم منه شيئا، فلما انتصف الليل إذا أنا بالبيت الحرام قد استمال بجوانبه الأربع، وخر ساجدا في مقام إبراهيم، ثم استوى البيت قائما أسمع منه تكبيرا عجيبا ينادي: الله أكبر الله أكبر، رب محمد المصطفى، الآن قد طهرني به ربي من أنجاس المشركين، ورجسات الجاهلية، ثم انقضت الأصنام كما ينقض الثوب، فكأني أنظر إلى الصنم الأعظم هبل وقد انكب في الحجر على وجهه، وسمعت مناديا ينادي: ألا إن آمنة قد ولدت محمدا صلى الله عليه وسلم وقد انكشفت عنها سحايب الرحمة، هذا طست الفردوس قد أنزل ليغسل فيه الثانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 قال عبد المطلب: فلما رأيت البيت وفعله، والأصنام وفعلها، ذهبت من الدنيا حتى لا أدري ما أقول، وجعلت أحسر عن عيني وأقول: إني لنائم، ثم قلت: إني ليقظان، ثم انطلقت إلى بطحاء مكة فخرجت من باب بني شيبة، فإذا أنا بالصفا يتطاول والمروة ترتج ومنادي ينادي من كل جانب: يا سيد قريش ما لك كالخائف الوجل، أمطلوب أنت؟ فلا أجيب جوابا إنما كان همي منزل آمنة لأنظر إلى ابنها محمد صلى الله عليه وسلم. قال عبد المطلب: فإذا أنا بطير الأرض محشورة إليها، وإذا بجبال مكة مشرفة عليها، وإذا أنا بسحابة بيضاء بإزاء حجرتها، فلما رأيت ذلك ذهبت من الدنيا وتحيرت حتى لا أدري ما أقول، وجعلت أحسر عن عيني ثم أقول: إني لنائم، ثم أقول: كلا إني ليقظان، وما يمكنني أن أدنو من الباب من شدة فيحان المسك، ولمعان النور فتحاملت على نفسي الجهد الجهيد مني حتى دنوت من الباب، فاطلعت فإذا أنا بآمنة قد أغلقت الباب على نفسها ليس بها أثر النفاس والولادة. قال: فدققت الباب دقّا عنيفا فأجابتني بصوت خفي فقلت: ويح نفسي عجلي وافتحي الباب لا تنشق مرارتي، ففتحت الباب مبادرة، فأول شيء وقع بصري على وجهها على موضع نور محمد صلى الله عليه وسلم، فلم أر أثر النور فضربت يدي على لحيتي لأشقها، فقلت: واغوثاه يا آمنة أنائم أنا أم يقظان؟ قالت: بل يقظان، ما لك كالخائف الوجل، أمطلوب أنت؟ قلت: لا ولكنني منذ ليلتي هذه وأنا في كل ذعر وخوف، ما لي لا أرى النور الذي كنت أراه بين عينيك؟ قالت: بلى والله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 لقد وضعته أتم الوضع وأهونه وأيسره، وهذه الطير الذي نزل بإزاء حجرتي لفي منازعتي، تسألني منذ وضعته أن أدفعه إليها تحمله إلى عشاشها، وهذه السحابة تسألني كذلك. قال عبد المطلب: فهلمّيه حتى أنظر إليه، قالت: حيل بينك وبينه أن تراه يومك هذا، قال: ولم ذاك؟ قالت: لأنه أتاني آت ساعة ولدته كأنه قضيب فضة أو كالنخلة الباسقة قال: يا آمنة انظري أن لا تخرجي هذا الغلام إلى خلق من ولد آدم حتى يأتي عليه من يوم ولدته ثلاثة أيام، فسل عبد المطلب سيفه فقال: لتخرجنه أو لأقتلنك، قالت: شأنك وإياه، قال: وأين هو؟ قالت: في ذلك البيت مدرج في ثوب صوف أبيض أشد بياضا من اللبن وتحته حريرة خضراء. قال عبد المطلب: فلما هممت أن أفتح الباب برز إليّ من داخل البيت رجل لم أر من الرجال أهول منه منظرا، شاهرا سيفه بيده فحمل عليّ وقال: إلى أين ثكلتك أمك؟ قال قلت: أدخل البيت، قال: وما تصنع؟ قال قلت: أنظر إلى ابني محمد، قال: ارجع وراءك، فلا سبيل لأحد من ولد آدم إلى رؤيته أو تنقضي عنه زيارة الملائكة، فارتعد عبد المطلب وألقى السيف من يده وخرج مبادرا ليخبر قريشا بذلك، فأخذ الله على لسانه فلم ينطق بهذه الكلمة سبعة أيام ولياليها. 109- قال مجاهد: سألت ابن عباس قلت: تنازعت الطير والسحاب في رضاعه؟ قال: نعم، وجميع الخلق: الجن والإنس، وذلك أنه لما رد على آمنة نادى منادي الرحمن من بقاع الأرض وأطباق السماوات: معاشر الخلائق هذا محمد بن عبد الله طوبى لثدي أرضعته، وطوبى لأيد كفلته، بل طوبى لبيت يسكنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 قالت الطير: نحن أحق برضاعه، فضجت السحاب إلى الله عزّ وجلّ: نحن المسخرات من السماء والأرض نحمله إلى براري الدنيا وزواياها، ونعرف كل شجرة طيبة فنطعمه الثمر منها، وكل عين باردة نسقيه منها، ونغذوه بماء المزن من تحت العرش حولين كاملين. فنوديت كلها: أن كفوا عن رضاع محمد صلى الله عليه وسلم فقد أجرى الله ذلك على أيدي الإنس. فأجرى الله ذلك لحليمة بنت أبي ذؤيب السعدية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 [36- باب: في ذكر رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم] 36- باب: في ذكر رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم 110- أخبرنا أبو الوفاء: تمام بن عبد الله الصقلي مولى جعفر بن الفضل بن الفرات الوزير بمصر قال: أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن (110) - قوله: «الصقلي» : نسبة إلى جزيرة من جزر بحر المغرب، قريبة من القيروان، وفي تاريخ علماء الأندلس: تمام بن عبد الله بن تمام الطليطلي، ولا أدري هو شيخ صاحبنا أم لا ذلك أنهم لم يذكروا ولاءه لجعفر بن الفضل في ترجمته وكنوه: أبا تمام وأبا غالب لكن لا يمنع من أن يكنى أيضا: أبا الوفاء، والاحتمال وارد، فطبقته طبقة شيوخ المصنف، وطليطلة بلدة بالأندلس من المغرب، وقد ذكره أيضا الذهبي في تاريخ الإسلام في وفيات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وقال: حج وسمع من ابن الأعرابي وجماعة ومن أبي الحسن بن أبي عياش، كتب عنه جماعة. اه. وانظر: تاريخ الإسلام ص 61 من الطبقة المذكورة، وتاريخ علماء الأندلس [1/ 98] ، والوافي بالوفيات [10/ 397] . قوله: «الوزير بمصر» : وزر لكافور، وكان أبوه قد وزر للمقتدر عام مصرعه، ووزر عم أبيه للمقتدر غير مرة. ولد ببغداد سنة ثلاث وثلاثمائة، وحدث عن أبي حامد الحضرمي، وأبي بكر الخرائطي، وأبي يعلى الأبلي، ومحمد بن سعيد الحمصي، وحدث عنه الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد المصري وغيرهما. قال الخطيب: كان يملي الحديث بمصر، وقال السلفي: كان ابن حنزابة من- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 علي بن أحمد البصري المعروف بالحنائي قال: أخبرنا أبو مسلم- الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة أصحاب الحديث مع جلالة ورياسة، يروي ويملي بمصر في حال وزارته ولا يختار على العلم وصحبة أهله شيئا، توفي سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. اه. قلت: روى عنه المصنف مباشرة كما سيأتي في فصل ابتداء الدعوة وعرض نفسه صلى الله عليه وسلم على قومه. انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 484] ، تاريخ بغداد [7/ 234] ، وفيات الأعيان [1/ 346] ، الوافي بالوفيات [11/ 118] ، فوات الوفيات [1/ 292] ، تذكرة الحفاظ [3/ 1022] ، معجم الأدباء [7/ 163] ، البداية والنهاية [11/ 329] ، النجوم الزاهرة [4/ 203] . قوله: «المعروف بالحنائي» : بكسر الحاء المهملة، وفتح النون المشددة ثم همزة مكسورة بعد الألف يقال: إن هذه النسبة لبيع الحناء الذي يخضب به، وقد ذكره السمعاني في هذه النسبة فقال: إبراهيم بن علي الحنائي: حدث عن أبي مسلم الكجي، وسمع أبا علي الصفار، وأبا عمرو بن السمّاك، وأبا بكر النجاد وغيرهم، قال: روى عنه الخطيب وأثنى عليه فقال: كان ثقة مأمونا زاهدا ملازما لبيته، توفي في شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة (يعني بعد المصنف بخمس أو ست سنين تقريبا) وقد بلغ خمسا وثلاثين سنة. قوله: «أخبرنا أبو مسلم» : هو الكجّي، الإمام الحافظ المعمر شيخ المحدثين في عصره صاحب السنن، سمع أبا عاصم النبيل، ومسلم بن إبراهيم، وسليمان بن داود الهاشمي وخلق سواهم، وحدث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، والآجري، وأبو بكر القطيعي، وثقه الدارقطني، وقال الذهبي: كان سريا نبيلا عالما بالحديث وطرقه، عالي الإسناد، عنده عدة أحاديث- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 إبراهيم بن عبد الله بن مسلم قال: أخبرنا أبو عمرو: نصر بن زياد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الجهم بن أبي الجهم- ثلاثية السند، قدم بغداد وازدحم عليه الناس ... مات ببغداد سنة اثنتين وتسعين ومئتين فنقل إلى البصرة، ودفن بها وقد قارب المائة، رحمه الله، انظر: تاريخ بغداد [6/ 120] ، سير أعلام النبلاء [13/ 423] ، المنتظم [6/ 50] ، تذكرة الحفاظ [2/ 620] ، البداية والنهاية [11/ 99] ، الوافي بالوفيات [6/ 29] ، طبقات المفسرين [2/ 11] . قوله: «أبو عمرو: نصر بن زياد بن عبد الله» : لم أجده فيما لدي من المصادر، وقد توبع. قوله: «أخبرنا محمد بن إسحاق» : ابن يسار الإمام، علامة السيرة، حافظ التاريخ والمغازي والأخبار، أبو عبد الله القرشي المطلبي مولاهم، المدني، رأى أنس بن مالك، وروى عن جماعة من التابعين، وهو عمدة في التاريخ والسير ممن لا يستغنى عن حديثه الحسن إذا صرح بالسماع والتحديث، قال الحافظ الذهبي: الذي عندي في حاله أن له ارتفاعا بحسبه لا سيما في السير، وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكرا، وانظر: التاريخ الكبير [1/ 40] ، الجرح والتعديل [7/ 191] ، تاريخ بغداد [1/ 214] ، مقدمة عيون الأثر [1/ 7] ، سير أعلام النبلاء [7/ 33] ، طبقات ابن سعد [7/ 321] ، تهذيب الكمال [24/ 405] ، تهذيب التهذيب [9/ 34] ، الكاشف [3/ 18] ، وفيات الأعيان [4/ 276] ، الوافي بالوفيات [2/ 188] ، الميزان [4/ 388] ، التقريب [/ 467] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 مولى الحارث بن حاطب، عن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، قوله: «مولى الحارث بن حاطب» : ويقال: مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب فكان يقال له: مولى الحارث بن حاطب، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، ووثقه ابن حبان. التاريخ الكبير [2/ 229] ، إكمال الحسيني [/ 71] ، تعجيل المنفعة [/ 35] ، الجرح والتعديل [2/ 521] ، الثقات [4/ 113] . قال أبو عاصم: لا أدري سمع الجهم هذا الحديث من عبد الله أو لا، فقد وقع في رواية البيهقي: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر، فيحتمل أنه لم يسمعه ويحتمل أنه سمعه بعد وحفظ عنه من الوجهين، والله أعلم. قوله: «عن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين» : هو الصحابي الجليل: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو جعفر المدني، الجواد بن الجواد، أول مولود في الإسلام وكان يسمى بحر الجود لسخائه وكرمه يقال: لم يكن في الإسلام والمسلمين أسخى منه، أمه أسماء بنت عميس وهي التي دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن استشهد أبوه فقال: يا أسماء ألا أبشرك؟ قالت: بلى بأبي أنت وأمي قال: فإن الله عزّ وجلّ جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة. قلت: لا يدرى سمع عبد الله بن جعفر هذا الحديث من حليمة رضي الله عنها أم لا؟ ولا يضر ذلك لصحبته صلى الله عليه وسلم، غير أنه وقع في بعض طرقه قوله: حدثت عن حليمة، وانظر ترجمته في: تهذيب الأسماء واللغات [1/ 262] ، أسد الغابة [3/ 198] ، سير أعلام النبلاء [3/ 456] ، العقد الثمين [5/ 20] ، تهذيب التهذيب [5/ 149] ، الإصابة [6/ 38] ، الاستيعاب [6/ 133] ، تهذيب تاريخ دمشق [7/ 328] ، تاريخ دمشق [27/ 248] ، تهذيب الكمال [14/ 367] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 عن حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، من بني سعد بن بكر بن هوازن- قال أبو عمرو: هي أم نبي الله التي أرضعته وفصلته- قالت: أصابتنا سنة شهباء، لم يبق لنا شيء، فخرجنا في نسوة من بني سعد بن بكر إلى قوله: «من بني سعد بن بكر بن هوازن» : واسم أبي ذؤيب: عبد الله بن الحارث، لم يخالف في هذا إلا الكلبي فقال: اسمه: الحارث بن عبد الله، وقد نسبت كذلك في رواية البيهقي في الدلائل، وهي أم النبي صلى الله عليه وسلم ومرضعته، حظيت بالسعادة في الدارين ببركته صلى الله عليه وسلم فهنيئا لها رضي الله عنها وأرضاها، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءته يقوم لها ويبسط لها رداءه. انظر ترجمتها في: الإصابة [12/ 200] ، الاستيعاب [12/ 261] ، أسد الغابة [7/ 67] . قوله: «أصابتنا سنة شهباء» : أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن جعفر ولم يتقيد بلفظه إذ أدخل في حديثه حديث ابن عباس الطويل وكأنه أراد بذلك الجمع بين ألفاظ قصة رضاعه ونشأته عند أمه حليمة السعدية رضي الله عنها، ولفظ قصة الباب التي أوردها أقرب ما يكون للفظ حديث ابن عباس، وأنا أخرج الطريقين تتميما للفائدة. - فأما حديث عبد الله بن جعفر فأخرجه ابن إسحاق في السيرة [/ 48] ، ومن طريقه ابن هشام في السيرة [1/ 162] ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [13/ 93] رقم 7163، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 88] ، والطبراني في معجمه الكبير [24/ 212] رقم 545، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 94، والبيهقي في الدلائل [1/ 132] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 158] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6335. قال ابن كثير بعد إيراده في تاريخه: هذا الحديث قد روي من طرق، وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل المغازي والسير. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 مكة، لم يبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من سببها أن الله عزّ وجلّ أجدب البلاد، وأقحط الزمان حتى دخل ضرر ذلك على عامة الناس. فكانت حليمة تحدث نفسها وتقول: كان الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة شديدة، وجهد جهيد، وكنا نحن أهل بيت أشد الناس كلهم فقدا وجهدا، وكنت امرأة طوافة أطوف في البراري والجبال أطلب النبات والحشائش- حشائش الأرض- وكنت أصيب مثل- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 220] : رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات. - وأما حديث ابن عباس فأورده البيهقي في الدلائل بطوله [1/ 139- 145] وقال قبل إيراده: قد روى محمد بن زكرياء الغلابي بإسناده عن ابن عباس عن حليمة هذه القصة بزيادات كثيرة، وهي لي مسموعة، إلا أن محمد بن زكرياء هذا متهم بالوضع فالاقتصار على ما هو معروف عند أهل المغازي أولى، لكنه رحمه الله لم يلبث أن رجع فقال: ثم استخرت الله تعالى في إيرادها فوقعت الخيرة على إلحاقه بما تقدمه من نقل أهل المغازي لشهرته بين المذكورين. قال أبو عاصم: وهذا هو الحق في هذا الباب، سيما وأن محمد بن زكرياء هذا ضعف من الجمهور، وجعله ابن حبان في منزلة من يعتبر به إذا روى عن ثقة، وهذا يعني أنه لم يبلغ بضعفه حد الاتهام بالوضع أو الكذب، ثم إنه لا نقاش بعد ما ترتب على الاستخارة- الحاصلة من مثل البيهقي الإمام- من انشراح الصدر في إيراد حديثه. حديث ابن عباس أخرجه أيضا: ابن عساكر في تاريخه من طريق البيهقي [3/ 473- 479] ، ثم قال: هذا حديث غريب جدّا، وفيه ألفاظ ركيكة لا تشبه الصواب، ويعقوب بن جعفر غير مشهور في الرواية، والمحفوظ- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ما تصيب أخواتي اللواتي خرجن معي وأقل منهن، وكنت أقنع وأحمد ربي على الجهد والبلاء، فخرجت يوما إلى بطحاء مكة فجعلت لا آمر بشيء من الحشائش والنبات إلا استطال إليّ فرحا، وأقمت بذلك أياما، ثم ولدتّ مولودا في بعض الليالي، ولم أكن ذقت شيئا منذ سبعة أيام، فكنت ألتوي كما تلتوي الحية من شدة الجهد والجوع، فلا أدري أنا في السماء أم في الأرض، فبينا أنا ذات ليلة راقدة أتاني آت في المنام فحملني فقذف بي في نهر فيه ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، وأذكى ريحا من الزعفران، وألين من الزبد، فقال: أكثري من شرب هذا الماء يكثر لبنك وخيرك، قالت: فشربت، ثم قال: ازدادي، فازددت، ثم قال: أروي، فرويت، ثم قال: أتعرفينني؟ قلت: لا، قال: أنا الحمد الذي كنت تحمدين ربك في سرائك وضرائك، وعلى أمورك وحالاتك، انطلقي إلى بطحاء مكة فإن لك فيها رزقا واسعا فستأتين بالنور الساطع، والهلال البدري، واكتمي شأنك ما استطعت، ثم ضرب بيده على صدري وقال: اذهبي أحل الله لك الرزق، وأجرى لك اللبن. - من حديث حليمة ما تقدم من قبل من رواية عبد الله بن جعفر. قلت: هذه قصة تناقلتها العرب والأجيال بعضها عن بعض لا عن لفظ نبوي يستدعي مراعاة ألفاظها والعناية في روايتها كما وردت، ولذلك دخلت الركاكة في بعض سياقها، ولا يوجب ذلك طرحها ورفضها فتأمل. وروى القصة أيضا ابن سعد في الطبقات [1/ 110- 113] من طرق، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 269] . وقصة رضاعه صلى الله عليه وسلم أيضا مذكورة في حديث شداد بن أوس الطويل، يأتي تخريجه في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 قالت: فانتبهت من المنام وأنا أجمل نساء بني سعد قاطبة، لا أطيق أن أنقل ثديي كأنهما الجرة- كالجرة العظيمة- يتسبسب ويشخب منها لبن يقطر كما يقطر الروايا، وإن الناس من بني سعد حولي لفي ضيق وإنما كنا نرى البطون لازقة بالظهور، والألوان متغيرة، وكنا نسمع من كل دار أنينا كأنين المرضى من شدة الجهد والجوع، لا يكاد يجري الدمع إذا بكت العيون من شدة اليبوسة وضيق الزمان، لا نرى في الجبال الراسيات شيئا قائما، ولا على وجه الأرض شجرا زاهرا. قالت: وكادت العرب أن تهلك هزلا وضرا، واجتمع النساء حولي يتعجبن مني ويقلن: يا بنت أبي ذؤيب إن لك شأنا وقصة، أصبحت اليوم تتشبهين ببنات الملوك، ولقد فارقتنا بالأمس وبك ما بك من تغير اللون وضيق العيش! قالت: فكنت لا أجيب جوابا، ولا أنطق وذلك أني أمرت في المنام، فكتمت شأني. ثم صعدنا يوما إلى بطحاء مكة نطلب النبات كعادتنا فسمعنا مناديا ينادي: ألا إن الله تبارك وتعالى حرّم في هذه السنة على نساء الشرق والغرب والجن والإنس يلدن في هذه السنة بناتا لأجل مولود يولد في قريش، هو شمس النهار، وقمر الليل، وطوبى لثدي أرضعته، ألا فبادرن يا نساء بني سعد. فلما سمع النساء ذلك انحدرن جميعا من ذروة الجبل، وجعلن يخبرن أزواجهن بما سمعن، وعزم النساء الخروج إلى مكة، فخرجن- وكانوا في جهد جهيد- وخرجت أنا على أتان لي معنا، فأسمع لها في جوفها خضخضة قد بدت عظامها من سوء حالها، وصاحبي معي، قالت: فجعل النساء يجددن في السير، ويقول صاحبي: ألا ترين النساء قد سبقننا؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 قالت: فكنت أجدّ وأسوق الأتان فتمشي على المجهود منها كأنها تنزع يديها ورجليها من الوحل من شدة الضعف، قالت: فجعلت لا أمر بشيء إلا استطال علي فرحا ونادتني الأشياء من كل مكان: هنيئا هنيئا لك يا حليمة، قالت: فكنت لا أقدر أمر وحدي لما أسمع من النداء والعجائب حولي، فبينا أنا كذلك إذ برز إليّ من الشعب بين الجبلين رجل كالنخلة الباسقة وبيده حربة يلوح لمعانها من النور، فرفع يده اليمنى فضرب بطن الحمار ضربة ونادى: مرّي يا حليمة بكل سلاماتك، فقد أنزل الله بشارتك، مري فقد أمرني الرحمن أن أدفع عنك اليوم كل شيطان مريد وجبار عنيد، قالت: فقلت لصاحبي: يا فلان أترى وتسمع ما أسمع؟ فيقول: لا، ما لك كالخائفة الوجلة؟ قالت: فقلت: أخاف أن لا ألحق من قومي أحدا. فجعلت أسير حتى نزلنا جميعا متوافين كلنا فرسخين من مكة، فلما أصبحت دخلت مكة وقد سبقني كل نساء بني سعد إلى كل رضيع بمكة، فكدت أنقلب خاوية، فقلت لصاحبي: أنت رجل وأنا امرأة فادخل واسأل عن أعظم الناس نذرا وخطرا، قالت: فرجع عليّ فقال: بنو مخزوم، قالت: قلت: ليس كذا، سل سؤالا أشفى من هذا، سل من أعظم الناس كلهم قدرا وخطرا، قالت: فرجع إليّ فقال: عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف، قالت: فأقعدت صاحبي في الرحل، ودخلت مكة فأصبت نساء قومي وقد سبقنني إلى كل رضيع في قريش. قالت: فندمت أشد الندامة على دخول مكة وقلت في نفسي: لو أني أقمت في منزل من منازل بني سعد لكان أحسن لحالتي، وآيست عندها، فجعلت أدخل بيتا وأخرج من الآخر فإذا نساء قومي قد سبقنني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 إلى كل رضيع في قريش، فبينا أنا كذلك إذا أنا بعبد المطلب وجمّته تضرب منكبيه ينادي بأعلى صوته: معاشر الرضع هل فيكن واحدة؟ قالت: فقصدت قصده، فقلت: أنعم صباحا أيها الملك المنادي، قال: فمن أنت؟ قلت: أنا امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قلت: حليمة، فضحك عبد المطلب وزجر وقال: بلغ، بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان فيهما غنى الدهر، وعز الأبد، ويحك يا حليمة إن عندي غلاما صغيرا يتيما يقال له: محمد، وإني قد عرضته على جميع نساء بني سعد فأبين أن يقبلنه وقلن: إنه يتيم وما عند اليتيم من خير، وإنما نلتمس كرامة الآباء، فهل لك أن ترضعيه لعلك تسعدين به؟ قالت قلت: حتى أستأمر صاحبي فتعلق بي وقال: بالله لترجعين لا كارهة، قالت: قلت: والله لأرجعن لا كارهة. قالت: فانطلقت إلى صاحبي فأخبرته بذلك، فكأن الله قذف في قلبه فرحا وقال: ويحك خذيه، فإن فاتك محمد لن تفلحي أبد الآبدين ودهر الداهرين، قلت: فأردت والله أن لا أرجع وذلك أنه كان معي ابن أخت لي فقال لي: يا خالة أترجع نساء بني سعد بالرضاع والكرم من الآباء وترجعين أنت بيتيم في قريش، فإن أخذتيه لا تزدادي على نفسك إلا جهدا وضرا، فأردت أن لا أرجع، فأخذتني الحمية وعصبية الجاهلية، فقلت: ترجع نساء قومي بالرضاع وأرجع خائبة، والله لآخذنه وإن كان يتيما، فهذا عبد المطلب جده لم أر في الآدميين أجمل منه جمالا، وإن رؤياي التي رأيتها في المنام وتصديقها في اليقظة لا يذهب قوله: «بلغ» : أي: المنى والمراد، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 أبدا باطلا، قالت: فرجعت إليه وهو قاعد فقلت: هلمّ الصّبيّ، فتهلّل وجهه فرحا، وقال: يا حليمة وقد نشطت لأخذه؟ قالت قلت: نعم، فانطلق بين يدي يهرول ويجرّ حلّته حتى أدخلني في بيت فيه آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم. قالت: وإذا هي امرأة هلالية بدرية، كأن الكوكب الدرّي معصوب بأسارير جبهتها، قالت: أهلا وسهلا بك يا حليمة، ثم أخذت بيدي وأدخلتني إلى بيت فيه محمد صلى الله عليه وسلم فإذا أنا به مدرجا في ثوب من صوف أبيض أشد بياضا من اللبن يفوح من نسج ذلك الصوف الذي عليه ريح كريح المسك الإذفر، وتحته حريرة خضراء، وهو راقد حلاوة القفا يغط في النوم، قالت: فلما نظرت إليه أشفقت عليه لحسنه وجماله أن أوقظه من نومه، فدنوت منه رويدا، فوضعت يدي على صدره، فتبسم ضاحكا وفتح عينيه ينظر بهما إليّ فخرج من العينين نور حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر، فبادرت فغطيت وجهه بردائي لكيلا ترى أمه ذلك، وقبّلت بين عينيه، واحتملته صلى الله عليه وسلم وأعطيته ثديي الأيمن فشرب، قالت: فحولته إلى الأيسر فأبى أن يشرب. 111- قال ابن عباس: إنما أبى لأن الله عزّ وجلّ ألهمه بالعدل في رضاعه، وعلم أن له فيه شريكا فناصفه عدلا. (111) - قوله: «قال ابن عباس» : لم أقف عليه مسندا ولا رأيت أحدا عزاه لابن عباس، وفي مواهب القسطلاني [1/ 152] : قال بعض أهل العلم: فذكره. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 قالت حليمة: فكان ثديي الأيمن لمحمد صلى الله عليه وسلم والأيسر لابني ضمرة، وكان ابني لا يشرب أبدا حتى ينظر إلى محمد صلى الله عليه وسلم قد شرب، فحملته فأتيت به صاحبي فلما أن نظر إليه خر ساجدا وقال: أبشري يا حليمة فما رجع خلق إلى البلاد أغنى منا، قالت: فدعتني أمه، وقالت: انظري فدتك نفسي أن لا تخرجي أبدا من بطحاء مكة حتى تعلميني، فإن لي وصايا أوصيك بها، قالت حليمة: فبات عندي محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال، فلما كان في الليلة الثالثة انتبهت في بعض الليل لأقضي حاجة وأصلح شيئا من شأني فإذا برجل عليه ثياب خضر يتألق نورا قاعدا عند رأسه يقبل بين عينيه، قالت: فنبهت صاحبي رويدا رويدا وقلت: انظر إلى العجب العجيب، قال: اسكتي واكتمي شأنك، فمنذ ليلة مولد هذا الغلام قد أصبحت أحبار الدنيا قياما على أقدامها لا يهنأ لها عيش النهار ولا نوم الليل، وما رجع أحد من البلاد أغنى منا. قالت: فلما كان في اليوم الثالث ودع الناس بعضهم بعضا، وودعت آمنة ثم ركبت أتاني، وحملت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي، قالت: فكنت أنظر إلى الأتان تسجد ثلاث سجدات نحو الكعبة وترفع رأسها إلى السماء، ثم مرّت حتى سبقت دواب القوم ورحالهم، فكان النساء يتعجبن مني وينادينني من ورائي: يا بنت أبي ذؤيب أليست هذه أتانك التي ركبتها وأنت جائية معنا من البلاد فكانت تخفضك طورا وترفعك- وقال السهيلي في الروض [1/ 187] : ذكر غير ابن إسحاق في حديث الرضاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقبل إلا على ثدي واحد، وتعرض عليه الآخر فيأباه، كأنه قد أشعر أن معه شريكا في لبنها، فكان مفطورا على العدل، مجبولا على جميل المشاركة والفضل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 أخرى؟ فأقول: بلى، إنها لهي، فتعجبن مني وقلن: والله إنّ لها لشأنا عظيما. قالت: فكنت أسمع أتاني تنطق وتقول: إي والله إن لي لشأنا ثم شأنا، أنعشني الله بعد موتي، ورد عليّ سمني بعد هزالي، ويحكن يا نساء بني سعد إنكن لفي غفلة عني، أتدرون من عليّ؟ عليّ خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وخير جبلّة الأولين والآخرين، وحبيب رب العالمين. قالت: ومرّت حتى سبقت دوابهم ورحالهم، فلم أكن أنزل منزلا من منازل بني سعد إلا أنبت الله فيه عشبا وخيرا كثيرا، فلما صار محمد صلى الله عليه وسلم عندي ثمّر الله لي المواشي والأغنام، فكانت غنمي تروح وتغدو وتدر وتضع وتحلب، لا تضع لأحد من قومي مثلي. فجمعت بنو سعد رعاتها وقالوا: ثكلتكم أمهاتكم، ما بال أغنام بنت أبي ذؤيب تروح وتغدوا، وتدر وتحلب، ولا تضع لأحد من بني سعد مثله؟!، اسرحوا كلكم وارعوا في مراعي حليمة، وحيث تسرح أغنامها وتحل. قالت: وكانت رعاة قومي يرعون في مرعى غنمي، فثمر الله لهم المواشي والأولاد والأموال، فما زلنا نعرف البركات مذ كان النبي صلى الله عليه وسلم عندنا وفي بيتنا، وألقى الله محبته على كل من رآه من الناس، فلم يكن يتمالك فرحا، وأكثر الله لي الخير حتى كنا نفيض على قومنا، وكانوا يعيشون في أكنافنا. فلما كان عند قرب ما تكلم به سمعت منه كلاما عجيبا ينادي: الله أكبر الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، قالت: فكنت معه في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 الرضاع في كل دعة وسرور، ما غسلت له بولا قط، طهارة ونظافة، إنما كان له في كل يوم وقت واحد يتوضأ فيه ولا يعود إلا في وقته من الغد، واجتنبت زوجي جهدي وهو في الرضاع. فلما ترعرع كان يخرج إلى الصبيان يلعبون فيجتنبهم، فقال لي يوما من الأيام: ما لي لا أرى إخوتي بالنهار؟ قالت: قلت: فدتك نفسي يرعون غنما لنا، فيروحون من ليل إلى ليل، فأسبل عينيه وبكى، وقال: يا أماه فما أصنع إذا ها هنا وحدي؟ ابعثي بي غدا معهم، قالت: قلت: وتحب ذلك؟ قال: نعم، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهنته وكحلته وقمصته وعمدت إلى جذعة يمانية فعلقتها في عنقه حرزا من العين، وأخذ عصا وخرج مع إخوته، وكان يخرج مسرورا ويرجع مبرورا، فلما كان يوما من الأيام خرجوا يرعون بهما لنا حول بيوتنا، فلما انتصف النهار إذا أنا بابني ضمرة يعدو، قد علاه العرق ورشح الجبين باكيا ينادي: يا أماه، يا أباه أدركا أخي محمدا، فما أراكما تلحقانه إلا ميتا. قالت قلت: وما قصته؟ قال: بينا نحن قيام نترامى بيننا بالجلّة، ونلعب إذ أتاه رجل فاختطفه من أواسطنا وعلا به على ذروة من الجبل، قوله: «وعمدت إلى جذعة» : بالذال المعجمة ويقال: بالدال المهملة، وفي اللسان: قال أبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أن الجدع والجذع واحد، وهو حبس من تحبسه على سوء، وفي رواية: وعمدت إلى خرزة جزع يمانية. قوله: «بالجلة» : بالجيم وتشديد اللام، وعاء يتخذ من الخوص، يوضع فيه الثمر، وقيل: المراد هنا البعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 فنحن نراه حتى شق من صدره إلى عانته، ولا أدري ما فعل به، وما أظنكما تلحقانه أبدا إلا مقتولا. قالت: فأقبلت أنا وأبوه- تعني زوجها- نسعى سعيا، فإذا أنا به قاعدا على ذروة الجبل متربعا شاخصا بعينيه نحو السماء يبتسم ويضحك، فانكببت عليه، وقبلت بين عينيه، وقلت: فدتك نفسي ما الذي دهاك؟ قال: خيرا يا أماه، بينا أنا الساعة قائم مع إخوتي نتقاذف بيننا بالجلّة إذ أتاني رهط ثلاثة في يد أحدهم إبريق فضة، وفي يد الثاني طست من زمرد خضر ملىء ثلجا فأخذوني من بين أصحابي وانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فأضجعني بعضهم على الجبل إضجاعا لطيفا ثم شق من صدري إلى عانتي، وأنا أنظر إليه فلم أجد لذلك حسّا ولا ألما، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها ثم أعادها مكانها. وقام الثاني فقال للأول: تنحّ فقد أنجزت ما أمرك الله، فدنا مني فأدخل يده في جوفي، فانتزع قلبي وشقه باثنين فأخرج منه نكتة سوداء ملتوية بالدم فدمي به وقال: هذا حظ الشيطان منك يا حبيب الله، ثم حشاه بشيء كان معه، ورده مكانه، ثم ختمه بخاتم من نور، فأنا الساعة أجد برد الخاتم في عروقي ومفاصلي. فقام الثالث إليهما فقال: تنحيا فقد أنجزتما ما أمر الله عزّ وجلّ به، قوله: «حتى شق من صدره» : وقع في «ظ» : حتى شق بطنه من صدره إلى عانته، وانظر تخريج أحاديث شرح صدره الشريف صلى الله عليه وسلم في كتابنا فتح المنان عند التعليق على الحديث رقم 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 ثم دنا الثالث مني فأمرّ يده على ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي فالتأم الشق، وأنا أنظر إليه، ثم قال: زنوه بعشرة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنوه بمائة، فوزنوني فرجحتهم، فقال: زنوه بألف فوزنوني فرجحتهم، قال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجح بها. ثم أخذ بيدي فأنهضني من الأرض إنهاضا لطيفا، وانكبّوا عليّ وقبّلوا رأسي وما بين عيني وقالوا: يا حبيباه لا ترع، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرّت عيناك، وتركوني قاعدا في مكاني هذا، ثم جعلوا يطيرون طيرا حتى دخلوا خلال السماء، وأنا أنظر إليهم، فلو شئت لأريتك موضع دخولهم. قالت: فاحتملته فأتيت به منزلا من منازل بني سعد، فقال الناس: اذهبي به إلى كاهن حتى ينظر إليه ويداويه، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: ما بي شيء مما تذكرون، وإني أري نفسي سليمة وفؤادي صحيحا، بحمد الله، فقال الناس: أصابه لمم أو طائف من الجن، قالت: فغلبوني على رأيي حتى انطلقت به إلى الكاهن فقصصت عليه القصة، فقال: دعيني أسمع من الغلام أمره، فإن الغلام أبصر بأمره منكم، تكلّم يا غلام. قالت حليمة: فقصّ محمد صلى الله عليه وسلم قصته من أولها إلى آخرها، فوثب على قدميه وضمّه إلى صدره، ونادى بأعلى صوته: يا للعرب من شر قد قوله: «لرجح بها» : انظر تخريجنا لبعض ما جاء من الأحاديث في هذا المعنى في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم: 14، 15. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 اقترب، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فإنكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال ليسفّهنّ أحلامكم، وليكذبنّ أديانكم، وليدعونّكم إلى ربّ تعرفونه، ودين تنكرونه. قالت: فلما سمعت مقالته انتزعته من يده وقلت: لأنت أعته وأجنّ من ابني، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، فاطلب لنفسك من يقتلك، فإنا لا نقتل محمدا صلى الله عليه وسلم. فاحتملته فأتيت به منزلي فما علمنا منزلا من منازل بني سعد إلا وقد شممنا منه ريح المسك الإذفر، وكان في كل يوم ينزل عليه رجلان أبيضان فيغيبان في ثيابه ولا يظهران، فقال الناس: ردّيه على عبد المطلب واخرجي من أمانتك، قالت: فعزمت على ذلك، فسمعت مناديا ينادي: هنيئا لك يا بطحاء مكة، اليوم يردّ إليك النّور والزّين والبهاء والكمال، فقد أمنت من أن تجدبين أو تخربين أبد الآبدين، ودهر الداهرين. قالت: فركبت أتاني وحملت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي، وأقبلت أسير حتى أتيت إلى الباب الأعظم- من أبواب مكة- وعليه جماعة مجتمعون، فوضعته لأقضي حاجتي وأصلح ثيابي، فسمعت هدّة شديدة، فالتفتّ فلم أره، فقلت: معاشر الناس أين الصبي؟ فقالوا: أيّ صبيّ؟ قالت قلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الذي نضّر الله به وجهي، وأغنى عيلتي، وأشبع جوعتي، ربّيته حتى أدركت فيه سروري وأملي، فأتيت به لأردّه، وأخرج من أمانتي فاختلس من يدي قبل أن تمسّ قدمه الأرض، واللات والعزّى لئن لم أره لأرمينّ نفسي من شاهق الجبل، ولأتقطّعنّ إربا إربا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 قال الناس: إنا لنراك عاييا، من أين كان معك محمد؟ قالت قلت: الساعة، كان بين أيديكم، قالوا: ما رأينا شيئا، فلما آيسوني وضعت يدي على أمّ رأسي وقلت: وا محمداه، وا ولداه، فأبكيت الناس الأبكار لبكائي، وضجّ الناس معي بالبكاء حرقة، فإذا أنا بشيخ كالفاني متوكئ على عصا قال: ما لك أيتها السعدية تبكين وتضجّين؟. قلت: فقدت ابني محمدا صلى الله عليه وسلم، قال: لا تبكين، أنا أدلك على من يعلم علمه وإن شاء الله أن يرده فعل، قالت: قلت: فدتك نفسي، ومن هو؟ قال: الصنم الأعظم هبل هو العالم بمكانه، فادخلي واطلبي إليه، فإن شاء أن يردّه ردّه، قالت: فزبرت الشيخ وقلت: ثكلتك أمك، كأنك لم تر ما نزل باللّات والعزّى في الليلة التي ولد فيها محمد صلى الله عليه وسلم قال: إنك لتهذين ولا تدرين ما تقولين، أنا أدخل عليه فأسأله أن يرده عليك. قالت حليمة: فدخل وأنا أنظر فطاف بهبل أسبوعا، وقبل رأسه ونادى: يا سيداه، لم تزل منّتك على قريش قديمة، وهذه السعدية تزعم أنّ ابنها قد ضلّ فردّه إن شئت، وأخرج هذه الوحشة من بطحاء مكة، قالت: فانكبّ هبل على وجهه وتساقطت الأصنام بعضها على بعض، ونطقت وقالت: إليك عنا أيها الشيخ، إنما هلاكنا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، قالت: فأقبل الشيخ أسمع لأسنانه اصطكاكا، ولركبتيه ارتعادا، وقد ألقى عكازته من قوله: «إنا لنراك عاييا» : كذا في «ب» وفي «ظ» : عايية، وفي المطبوع من دلائل البيهقي: إنا لنراك غائبة عن الركبان ما معك محمد. وعاييا من العي، عييت فلانا أعياه: أي جهلته ورجل عياياء: عيي بالأمور، والأعيية: ما عاييت به، كذا في اللسان باختصار. قوله: «بالبكاء حرقة» : زاد البيهقي في روايته: لي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 يده وهو يبكي ويقول: يا حليمة إن لابنك ربا لا يضيّعه فاطلبيه على مهل. قالت: فخفت أن يبلغ الخبر عبد المطلب قبلي، فقصدت قصده، فلما نظر إليّ قال: أسعد نزل بك أم نحس؟ قالت قلت: بل النحس الأكبر، ففهمها مني وقال: لعل ابنك ضلّ منك؟ قالت قلت: نعم، فظن أن بعض قريش اغتالوه فقتلوه، فسلّ عبد المطلب سيف- وكان لا يثبت له أحد من شدة غضبه- فنادى بأعلى صوته: يا غالب، يا غالب- وكانت دعوتهم في الجاهلية- فأجابته قريش بأجمعها وقالوا: ما قصتك؟ قال: فقدت ابني محمدا، قالت قريش: اركب نركب معك، فإن تسنمت جبلا تسنمنا معك، وإن خضت بحرا خضنا معك. قال: فركب وركبت قريش، وآلى أن لا يأكل الخبز ولا يمس رأسه غسلا ولا طيبا حتى يظفر بمحمد صلى الله عليه وسلم أو يقتل ألفا من العرب، ومائة من قريش، فأخذ على أعلى مكة، وانحدر على أسفلها، فلما أن لم ير شيئا، ترك الناس واتشح بثوب، وارتدى بآخر وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعا ثم أنشأ يقول: يا رب ردّ ولدي محمدا ... اردده عليّ واتخذ عندي يدا يا رب إنّ محمدا لم يوجدا ... فاجعل قوى كلامهم مبددّا فسمعنا مناديا ينادي من جو السماء: معاشر الناس لا تضجوا، فإن لمحمد صلى الله عليه وسلم ربّا لا يخذله ولا يضيعه، قال عبد المطلب: يا أيها الهاتف قوله: «يا غالب يا غالب» : كذا في رواية المصنف، وعند البيهقي في الدلائل: يا يسيل. قوله: «قوى كلامهم» : في «ظ» قومي كلهم، وعند البيهقي: فجميع قومي كلهم متردد. وقصة ضياعه صلى الله عليه وسلم يرويها بعضهم منفصلة عن قصة رضاعه، أشار إليها- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 ومن لنا به، وأين هو؟، قال: بوادي تهامة، عند شجر السمر. فأقبل عبد المطلب راكبا ومتسلحا، فلما صار ببعض الطريق تلقاه ورقة بن نوفل فصارا جميعا يسيران، وتقدم أبو مسعود الثقفي فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب الشجرة وهو يجذب الأغصان ويعبث بالورق، فدنا منه فقال: من أنت يا غلام؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إليك عني يا أخا ثقيف، قال: فبقي متعجبا من حداثة سنه وسرعة جوابه فقال له الثقفي: من أنت يا غلام؟ قال: أنا ابن سيد العرب كلها، أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: فرجع أبو مسعود الثقفي فبشر عبد المطلب وقريشا حتى دنوا من النبي صلى الله عليه وسلم فدنا عبد المطلب فقال: يا غلام من أنت؟ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى جده قال: أنا ابن ابنك ومن نسلك، فقال: يا غلام انسب لي نفسك، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم نسبه- وسيجيء بعد إن شاء الله-. قال: وكان صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن ست وثمانين شهرا. فاحتمله عبد المطلب على مقدم راحلته حتى أتى به الكعبة وطاف به حولها ويقول: أعيذه بالواحد ... من شر كل حاسد - البخاري في تاريخه من وجه آخر [3/ 454] الترجمة 1513، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [7/ 173] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 112] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 20] ، والحاكم في المستدرك [2/ 603- 604] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 99] . قوله: «ورقة بن نوفل» : ابن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي، الأسدي، ابن عم خديجة بنت خويلد بن أسد، وأحد من عاش الفترة وأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه في الجنة، وستأتي أخباره رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 فقال له عبد المطلب: فدتك نفسي وأنا جدك، ثم حمله على قربوس سرجه، وردّه إلى مكة فاطمأنت قريش بعد ذلك. قالت: فلما اطمأن الناس جهزني عبد المطلب بأحسن الجهاز، وصرفني فانصرفت إلى منزلي وأنا بكل خير من الدنيا، لا أحسن أن أصف كثرة خيري، وصار محمد صلى الله عليه وسلم عند جده. 112- وروي عن حليمة قالت: وضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يابسة في وقت رضاعه، فتعلق النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الشجرة، فاخضرت الشجرة لمسّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها. قوله: «ثم حمله على قربوس سرجه» : سقطت هذه الجملة من «ب» . وفي «ظ» بعد رجز عبد المطلب: فبينا هم كذلك إذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة يجذب الأغصان ويعبث بالورق. وكأنه سطر زائد ربما نتج عن الوهم النظري الذي يحصل للناسخ أثناء النقل، ليس في النسخ الأخرى. - والقربوس: حنو السرج، وللسرج قربوسان، فالمقدم: فيه العضدان وهم رجلا السرج، ويقال لهما: حنواه، والآخر فيه رجلا المؤخرة، وما قدام القربوسين من فضلة دفة السرج يقال له: الدّرواسنج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 [37- باب تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور أمارات النبوّة فيه] 37- باب: تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور أمارات النبوّة فيه 113- وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ردّ النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين- وقيل: ابن أربع سنين- إلى أمه آمنة فكان معها إلى أن بلغ ست سنين، ثم خرجت به آمنة إلى أخواله بني النجار بالمدينة ومعه أم أيمن فنزلت به في دار النابغة- رجل من بني عدي بن النجار- فأقامت به شهرا. 114- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أمورا كانت في مقامه ذلك، فلما نظر إلى أطم بني عدي بن النجار عرفها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: نظرت إلى رجل من اليهود يختلف إليّ وينظر إليّ ثم ينصرف عني، فلقيني يوما خاليا فقال: يا غلام ما اسمك؟ قلت: أحمد، ونظر إلى ظهري فأسمعه (113) - قوله: «وروي عن ابن عباس» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 116] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 271] ، ورواه ابن إسحاق في سيرته [/ 65] ، ومن طريقه ابن هشام في سيرته [1/ 168] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 165] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 188] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 81] من حديث ابن حزم. (114) - قوله: «وقال النبي صلى الله عليه وسلم» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 116] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 271] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 163] رقم 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 يقول: هذا نبي هذه الأمة، ثم راح إلى أخوالي فأخبرهم الخبر فأخبروا أمي، فخافت عليّ فخرجنا من المدينة. فلما كان بالأبواء- منزل بين المسجدين- توفيت آمنة، فرجعت به أم أيمن على البعير. 115- وكانت أم أيمن تحدث وتقول: أتاني رجلان من اليهود يوما نصف النهار بالمدينة فقالا: أخرجي لنا أحمد ننظر إليه، فنظرا إليه مليا حتى إنهما لينظران إلى سرّته ثم قال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، وسيكون لهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم. قالت أم أيمن: فوعيت ذلك كله من كلامهما. ثم رجعت به أم أيمن على البعير. 116- وكانت أم أيمن تحضنه، فورث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمه أم أيمن: جارية وخمسة جمال أوارك وقطيع غنم، فلما تزوج أعتقها. 117- وكان عبد المطلب يرق عليه أكثر ما يرق .... (115) - قوله: «وكانت أم أيمن» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 116] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 272] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 163] رقم 99. (116) - قوله: «وخمسة جمال أوارك» : الإبل الأوارك: هي التي تربى بين شجر الأراك، وقيل: هي المقيمات في الحمض، فإذا كان البعير يأكل الأراك، قيل: آرك، وعند العرب: أطيب الألبان ألبان الأوارك. (117) - قوله: «وكان عبد المطلب يرق عليه» : يعني بعد وفاة أمه صلى الله عليه وسلم آمنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 على أولاده. 118- وقيل: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر أمه سنتين. قوله: «على أولاده» : زاد ابن سعد في الطبقات [1/ 118] : فكان يقربه ويدنيه، ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام، وكان يجلس على فراشه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك: دعوا ابني إنه ليؤنس ملكا. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 274] . وعن أم أيمن أنها قالت: كنت أحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغفلت عنه يوما فلم أدر إلّا بعبد المطلب قائما على رأسي يقول: يا بركة، قلت: لبيك، قال: أتدرين أين وجدت ابني؟ قلت: لا أدري، قال: وجدته مع غلمان قريبا من السدرة، لا تغفلي عن ابني يا أم أيمن فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة، وأنا لا آمن عليه منهم، وكان لا يأكل طعاما إلّا قال: علي بابني، فيؤتى به إليه. أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 118] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 274] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 100] . (118) - قوله: «في حجر أمه سنتين» : يعني بعد أن ردته حليمة السعدية، فتكون أمه قد توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أربع سنين وهو قول ابن حبان في الثقات [1/ 41] . وأخرجها ابن عساكر في تاريخه من طريق الزبير بن بكار [3/ 78] ، وأشار إليه ابن الجوزي في التلقيح [/ 13] . والمشهور في السير أنها ماتت وهو ابن ستة كما في سيرة ابن إسحاق، وأخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 116] ، وحكى البلاذري في أنساب الأشراف [1/ 94] أنه الثبت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 119- وقيل: إنها لما وضعته ماتت فاسترضع له جده حليمة بنت أبي ذؤيب وكان في حجرها سنتين ثم ردته، فكان في حجر جده سنتين، ثم مات جده فكفله أبو طالب حتى أتى عليه خمس وعشرون سنة. 120- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أتذكر موت عبد المطلب؟ قال: نعم، وأنا ابن ثمان سنين. 121- وتوفي عبد المطلب وهو ابن عشر ومائة سنة، وقيل: ابن اثنتين وثمانين سنة. 122- وقيل: لما حضر عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب فقال له: يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجدي به، انظر كيف تحفظني فيه، قال أبو طالب: يا أبة لا توصني بمحمد صلى الله عليه وسلم فإنه ابني وابن أخي. قوله: «ثم مات جده» : الأكثر على أنه مات ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنين، روى ذلك أو أشار إليه أهل السير والتاريخ والدلائل، منهم: ابن إسحاق في سيرته [/ 68] ، ومن طريقه ابن هشام [1/ 69] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 188] . وأخرجه ابن سعد في الطبقات من وجه آخر [1/ 119] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 282] ، وصححه من وجه آخر أيضا عن الزبير بن بكار، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 78] . (120) - قوله: «وأنا ابن ثمان سنين» : أخرجه والذي بعده ابن سعد في الطبقات [1/ 119] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 282] . (122) - قوله: «انظر كيف تحفظني فيه» : أشار ابن إسحاق في سيرته إلى بعض وصيته [/ 69] وأورد- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 ......... - أبياتا لعبد المطلب أنشدها أبا طالب حين أوصاه بمحمد صلى الله عليه وسلم قال فيها: أوصيت من كنيته بطالب ... عبد مناف وهو ذو تجارب بابن الذي قد غاب غير آيب ... بابن أخ والنسوة الحبايب بابن الحبيب أقرب الأقارب ... فقال لي كشبه المعاتب لا توصني إن كنت بالمعاتب ... بثابت الحق على واجب محمد ذو العرف والذوائب ... قلبي إليه مقبل واثب فلست بالآيس غير الراغب ... بأن يحق الله قول الراهب فيه وأن يفضل آل غالب ... إني سمعت أعجب العجائب من كل حبر عالم وكاتب ... هذا الذي يقتاد كالجنائب من حل بالأبطح والأخاشب ... أيضا ومن ثاب إلى المثاوب من ساكن للحرم أو مجانب وقال عبد المطلب أيضا في وصيته: أوصيك يا عبد مناف بعدي ... بموحد بعد أبيه فرد فارقه وهو ضجيع المهد ... فكنت كالأم له في الوجد تدنيه من أحشائها والكبد ... حتى إذا خفت مداد الوعد أوصيت أرجى أهلنا للتوقد ... بابن الذي غيبته في اللحد بالكره مني ثم لا بالعمد ... فقال لي والقول ذو مرد ما ابن أخي ما عشت في معد ... إلّا كأذى ولدي في الود عندي أرى ذلك باب الرشد ... بل أحمد قد يرتجى للرشد وكل أمر في الأمور ود ... قد عملت علام أهل العهد إن ابني سيد أهل نجد ... يعلو على ذي البدن الأشد وأخرج الوصية من طريق ابن إسحاق: البيهقي في الدلائل [2/ 21- 23] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 123- فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم يتيما في حجر عمه أبي طالب وكان يكون معه، فكان يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله. 124- وكان أبو طالب لا مال له، له قطعة من الإبل تكون بعرنة فيبدو إليها فيكون فيها، ويؤتى بلبنها إذا كان حاضرا بمكة، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، فإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، فكان أبو طالب إذا أراد أن يشبعهم أو يغديهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم، فكانوا يفضلون من طعامهم، فإن كان لبنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم، ثم يتناول العيال القعب فيشربون منه فيروون عن آخرهم من القعب الواحد. (124) - قوله: «بعرنة» : هو مسيل الوادي الواقع في مدخل عرفات مما يلي مكة. قوله: «لم يشبعوا» : أخرج ابن عساكر في تاريخه [3/ 84] بإسناده إلى الحسن بن عرفة، أنا علي ابن ثابت، عن طلحة بن عمرو قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت ابن عباس يقول: كان أبو طالب يقرب إلى الصبيان بصحفتهم أول البكرة فيجلسون وينتهبون ويكف رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ولا ينتهب معهم، فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه على حدة، فكأنه لما رأى بركته في الطعام جعله يأكل معهم بعد، ولذلك كان يقول له عمه حين رآهم يشبعون معه ويفضل من طعامهم: إنك لمبارك. أخرج أثر الباب: ابن سعد في الطبقات [1/ 119] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 283] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 86] ، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل معلقا [1/ 164] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 125- وعن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في حجر أبي طالب بعد جده، فيصبح بنو أبي طالب غمصا، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهينا صقيلا. (125) - قوله: «بنو أبي طالب» : في الأصل: ولد عبد المطلب. قوله: «غمصا» : الغمص المادة التي تقطعها العين وتجمعها في زوايا الأجفان، فإذا جفت فيها فهي الغمص، فأما أول أمرها رطبة فتسمى الرمص. قوله: «صقيلا» : وفي رواية: كحيلا. أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 168، 120] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 283] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 84] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 [38- باب ذكر حلف المطيّبين من قريش وشهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول] 38- باب: ذكر حلف المطيّبين من قريش وشهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول 126- حدثنا أبو الوليد: حسان بن محمد بن أحمد بن هارون بن حسان إمام عصره في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، أنا أبو جعفر: بقوله: «وشهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول» : وكان في ذي القعدة قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بعشرين سنة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن الحلفين واحد، وإنما أطلق على حلف المطيبين حلف الفضول لأن الذين قاموا به من جرهم اسم كل واحد منهم: الفضل، وسيأتي الكلام عليه. انظر عن الحلفين في: سيرة ابن هشام [1/ 134] ، المنمق [332- وما بعده- 344] ، طبقات ابن سعد [1/ 128] ، دلائل البيهقي [2/ 38] ، البداية والنهاية- قسم السيرة النبوية [1/ 257] ، الروض الأنف [1/ 155] ، السنن الكبرى [6/ 367] ، مروج المسعودي [2/ 293] . (126) - قوله: «إمام عصره» : قال الحافظ الذهبي في سيره: الإمام الأوحد، الحافظ المفتي، شيخ خراسان، الشافعي العابد، سمع ابن خزيمة، والحسن بن سفيان، وتفقه بأبي العباس بن سريج، وهو صاحب وجه في المذهب، قال الحاكم: صنف المستخرج على صحيح مسلم، والأحكام على مذهب الإمام الشافعي، وهو إمام الحديث بخراسان، وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم. وانظر أخباره في: المنتظم [14/ 128] ، سير أعلام النبلاء [15/ 493] ، العبر [2/ 281] ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 محمد بن صالح بن ذريح العكبري، ثنا جعفر بن حميد، ثنا شريك- تذكرة الحفاظ [3/ 895] ، طبقات السبكي [3/ 226] ، البداية والنهاية [11/ 236] ، شذرات الذهب [3/ 92] ، مرآة الجنان [2/ 343] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 349- ص 417] . قوله: «ابن ذريح العكبري» : البغدادي، الإمام المتقن الحافظ، كان صاحب حديث ورحلة، قاله الحافظ الذهبي في السير وزاد: وثقوه، واحتجوا به. انظر: سير أعلام النبلاء [14/ 259] ، تاريخ بغداد [5/ 361] ، الأنساب [4/ 222] ، العبر [2/ 134] ، طبقات القراء لابن الجزري [2/ 155] ، الشذرات [2/ 438] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 307- ص 218] ، المنتظم [وفيات 306، 13/ 187] . قوله: «ثنا جعفر بن حميد» : القرشي- ويقال: العبسي- الحافظ الثقة، أبو محمد الكوفي، من رجال مسلم. تهذيب الكمال [5/ 20] ، تهذيب التهذيب [2/ 75] ، الكاشف [1/ 128] ، إكمال مغلطاي [3/ 205] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 71] ، التقريب [/ 140] الترجمة رقم 934. قوله: «ثنا شريك» : هو ابن عبد الله النخعي، القاضي الحافظ: أبو عبد الله، أحد الأعلام من أهل العلم والصدق، توقف أهل الحديث فيما انفرد به، وحديثه صالح في الشواهد والاعتبار والمتابعات كما هي طريقة مسلم، وقد أخرج له البخاري في التعاليق. انظر: تهذيب الكمال [12/ 462] ، تهذيب التهذيب [4/ 293] ، وفيات الأعيان [2/ 464] ، تاريخ بغداد [9/ 279] ، الميزان [2/ 460] ، تذكرة الحفاظ- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلّا شدة وجدة. قال أبو سعد رحمه الله: المطيبون: بنو عبد مناف بن قصي بن كلاب، وهم: هاشم، والمطلب، وعبد شمس- وهم لعاتكة- ونوفل أخوهم لأبيهم، سموا المطيبين لأن امرأة من بني عبد مناف أخرجت إليهم جفنة مملوءة طيبا، فوضعت عند الكعبة، فغمسوا أيديهم فيها، وتعاهدوا وتعاقدوا ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم أن يأخذوا ما في يد بني عبد الدار بن قصي مما جعل له قصي من الحجابة واللواء والرفادة والسقاية، واتبعهم بنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تميم، وبنو الحارث بن فهر، فالجميع-[1/ 232] ، سير أعلام النبلاء [8/ 200] ، أخبار القضاة [1/ 149] ، التقريب [/ 266] الترجمة رقم 2787، الكاشف [2/ 9] . قوله: «عن سماك» : هو ابن حرب البكري، الإمام التابعي الحافظ: أبو المغيرة الذهلي، الكوفي، من رجال مسلم، ونسخته عن عكرمة ليست من شرط الصحيح، تجنبها الشيخان لما فيها من الاضطراب، تكلم فيه بعضهم لكونه كان يلقن فيتلقن، وهو لا بأس به. انظر: تهذيب الكمال [12/ 115] ، تهذيب التهذيب [4/ 204] ، سير أعلام النبلآء [5/ 245] ، الكاشف [1/ 321] ، الميزان [2/ 423] ، التقريب [/ 255] والترجمة رقم 2624. قوله: «كل حلف كان في الجاهلية» : خرجناه في كتاب السير من مسند الحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، باب: لا حلف في الإسلام، تحت رقم 2685. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 خمس قبائل، فسموا المطيبين، وكان رئيسهم: عبد شمس وقصي. وانضم إلى بني عبد الدار بن قصي: بنو مخزوم، وبنو عدي، وبنو جمح، وبنو سهم، خسم قبائل، فتحالفوا على المعاونة فسموا: الأحلاف. ثم عزموا على القتال، فلما أجمعوا عليه تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة، وتبقى الحجابة واللواء لبني عبد الدار، فما زالوا على ذلك حتى جاء الإسلام. قال: فولي السقاية والرفادة هاشم بن عبد مناف لأن عبد شمس كان سفارا، قلما يقيم بمكة، وكان مقلّا من المال، ذا ولد كثير، وكان هاشم موسرا، فكان إذا حضر الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل حرمه، وإنه يأتيكم هذا الموسم زوّار الله عزّ وجلّ، وحجاج بيته شعثا غبرا من كل بلد، فهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، فاجمعوا ما تصنعوا به طعاما لهم أيامهم هذه التي لا بدّ لهم من الإقامة بها، فإنه والله لو كان لي مال يسع ذلك ما كلفتكموه، فيخرجون لذلك خرجا من أموالهم فيصنع لهم طعامهم حتى يصدروا. 127- وهاشم أول من سنّ الرحلتين إلى الشام والعراق، ثم تزوج بالمدينة سلمى بنت زيد بن عمرو من بني النجار، فولد له شيبة، وتركه عندها ثم مات، فقام عبد المطلب أخوه مقامه. قوله: «فولي السقاية والرفادة» : العبارة في سيرة ابن هشام، عن ابن إسحاق [1/ 135- 136] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 [39- فصل: في حلف الفضول] 39- فصل: في حلف الفضول 128- فأما حلف الفضول: فإن رجلا من بني زبيد قدم معتمرا مكة ومعه تجار له، فاشتراها أهل العاص بن وائل السهمي، فماطله، وبقي الزبيدي فجعل لا يقدر عليه، فجاء بني سهم يستعديهم على صاحبهم، فأغلظوا له، فعرف أنه لا سبيل له إلى ماله، فطاف في قبائل قريش يستعين بهم، فتخاذلت القبائل، فلما رأى ذلك أشرف على أبي قبيس حين أخذت مجالسها، فصرخ بأعلى صوته: يا آل فهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الأهل والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته ... يا آل فهر وبني الحجر والحجر هل مخفر لبني سهم بحضرتهم ... معاوني أو ضلال مال معتمر إن الحرام لمن تمت حرامته ... ولا حرام لثوب الفاجر الغدر فلما نزل من الجبل أعظمت قريش الذي فعل، فتكلموا فيه، فقال المطيبون: لئن قمنا في هذا لتضيقن على الأحلاف، وقالت الأحلاف: والله لئن قمنا حتى يفوتنا المطيبون، تعالوا نكنّ فضولا لا حلفا دون المطيبين ودون الأحلاف، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي، وصنع لهم طعاما كثيرا، فكانت هاشم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه وهو ابن خمس وعشرين (128) - قوله: «وهو ابن خمس وعشرين» : كذا يقول المصنف، وأكثر أهل السير والتاريخ على أنه كان ابن عشرين سنة، وكان الحلف قبل المبعث بعشرين سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 سنة، والمطلب بن عبد مناف، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فهؤلاء حلف الفضول من المطيبين، وسقط من حلف المطيبين: عبد شمس، ونوفل بن الحارث، فتحالفوا على أن لا يظلم بمكة غريب ولا قريب ولا حر ولا عبد إلّا كانوا معه يأخذوا له حقه، وعمدوا إلى ماء زمزم فجعلوه في جفنة، ثم بعثوا به إلى البيت، فغسلت فيه أركانه، وأتوا به فشربوا ثم تفرقوا. وكان أول من دعا إليه: الزبير بن عبد المطلب والذي مشى فيه: فضل وفضال وفضيل وفضالة، فلذلك سموا حلفاء الفضول. 129- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد شهدت حلفا في دار ابن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت: هاشما وزهرة وتيما. 130- قال إبراهيم بن سعد: حدثني يزيد بن الهاد أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عتيك بن أبي سفيان قوله: «الزبير بن عبد المطلب» : ويقول هو في ذلك: حلفت لنعقدن حلفا عليهم ... وإن كنا جميعا أهل دار نسميه الفضول إذا عقدنا ... يعز به الغريب لدى الجوار ويعلم من حوالي البيت أنا ... أباة الضيم نهجر كل عار (129) - قوله: «لقد شهدت حلفا» : يأتي تخريجه عند التعليق على الحديث الآتي برقم 132. (130) - قوله: «قال إبراهيم بن سعد» : أخرج حديثه ابن إسحاق في السيرة [1/ 135 ابن هشام] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 - وهو يومئذ أمير المؤمنين، أمره عليها عمه معاوية ابن أبي سفيان- منازعة، ينازعه في مال بينهما بذي المروة، فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه، فقال له الحسين: أقسم بالله لتنصفني من حقي، أو لآخذن سيفي، ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعون بحلف الفضول. فقال عبد الله بن الزبير- وهو عند الوليد حين قال الحسين ما قال-: وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو لنموتن جميعا، وبلغ المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك، فلما بلغ ذلك الوليد أنصف الحسين حقه حتى رضي. 131- ذكر الشافعي أن بني عبد الأسد بن عبد العزى هم من المطيبين، وقال بعضهم: من حلفاء الفضول. 132- وقال الزهري في روايته عن محمد بن جبير، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: شهدت حلف المطيبين، وما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم. (131) - قوله: «ذكر الشافعي» : أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [6/ 366] . (132) - قوله: «وقال الزهري في روايته» : أخرجها الإمام أحمد في مسنده [1/ 190، 193] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 156، 157] رقم 844، 845، 846، والبزار في مسنده [2/ 387- كشف الأستار] رقم 1914، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 366] ، في الدلائل [2/ 37- 38] ، جميعهم من طرق عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف به مرفوعا: وفيه تسمية- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 ......... - الحلف بحلف المطيبين، صححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2062، والحاكم في المستدرك [2/ 219- 220] وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 172] : رجاله رجال الصحيح. رواه الواقدي- وهو في الحديث متروك- عن محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن عبد الرحمن بن أزهر، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحب أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم وأني أغدر به: هاشم، وزهرة، وتيم تحالفوا أن يكونوا مع المظلوم ما بلّ بحر صوفه، ولو دعيت به لأجبت، وهو حلف الفضول. وأخرجه ابن إسحاق في السيرة [1/ 134] ، من طريقه البيهقي في السنن الكبرى [6/ 367] من حديث محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، عن طلحة ابن عبد الله به. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [6/ 366] ، في الدلائل [2/ 38] ، صححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2063، وفيه أيضا تسمية الحلف بحلف المطيبين وقد فسر ابن قتيبة ما وقع في الحديثين من تسميته بالمطيبين، مع عدم إدراك النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الحلف بقوله: أحسبه أراد: حلف الفضول، للحديث الآخر، ولأن المطيبين هم الذين عقدوا حلف الفضول، قال: وأي فضل يكون في مثل التحالف الأول، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم، ولكنه أراد: حلف الفضول، ذكره الحافظ البيهقي في السنن الكبرى، أما الحافظ محمد بن نصر المروزي فجعل الغلط والوهم من الراوي معللا ذلك بعدم إدراك النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الحلف باتفاق أهل المعرفة بالسير وأخبار الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 133- وقال شمر: سمعت ابن الأعرابي يقول: المطيبون هم خمس قبائل: عبد مناف كلها، وزهرة، وأسد بن العزى، وتيم، والحارث بن فهر. قال: والأحلاف خمس قبائل: عبد الدار، وجمح، وعدي بن كعب، وسهم، ومخزوم. سموا بذلك لأن بني عبد مناف لما أرادوا أخذ ما في يدي بني عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت بنو عبد الدار، عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت عبد مناف جفنة مملوءة طيبا، فوضعوها لأحلافهم عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، وتعاقدوا ثم مسحوا الكعبة بأيديهم فسموا المطيبين. (133) - قوله: «وقال شمر» : هو ابن حمدويه العالم النحوي، إمام الغريب وراويته: أبو عمرو الهروي، الشاعر الأديب، أخذ الفن عن ابن الأعرابي، والأصمعي، والفراء والطبقة. انظر عنه في: بغية الوعاة [2/ 4] ، نزهة الألباب [1/ 151] ، إنباه الرواة [2/ 77- وانظر الفهرس] ، معجم الأدباء [11/ 274] . قوله: «سمعت ابن الأعرابي» : إمام اللغة، النسابة: محمد بن زياد الهاشمي مولاهم، أخذ عن الكسائي، والقاسم بن معن، قال الحافظ الذهبي: كان صاحب سنّة واتباع. سير أعلام النبلاء [10/ 687] ، تاريخ بغداد [5/ 282] ، معجم الأدباء [18/ 189] ، وفيات الأعيان [4/ 306] ، بغية الوعاة [1/ 105] ، إنباه الرواة [3/ 129] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 295] ، تهذيب اللغة [1/ 20] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 134- وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا على أن لا يتخاذلوا، فسموا: الأحلاف. 135- وقال غير ابن الأعرابي: حلف المطيبين وحلف الفضول واحد، وسمي ذلك الحلف حلف الفضول لأنه قام به رجال من جرهم، كل واحد منهم الفضل، وهم الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، قال: والفضول جمع فضل، كما يقال: سعد وسعود. (135) - قوله: «وقال غير ابن الأعرابي» : يريد ابن قتيبة، نقل عنه ذلك الحافظ البيهقي في السنن الكبرى، وغلط فيه وقال: حلف المطيبين كان قديما، قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم بزمان. اه. لكن يشكل على هذا ما تقدم في حديث ابن عوف، وأبي هريرة من تسميته صلى الله عليه وسلم الحلف بحلف المطيبين لما أشرنا قريبا عند التخريج، ولذلك قال الحافظ البيهقي عقب إيراده للحديثين في الدلائل: زعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين. قوله: «كما يقال سعد وسعود» : حكاه الحافظ البيهقي في السنن الكبرى [6/ 367] عن ابن قتيبة وزاد: وزيد وزيود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 [40- فصل: في ذكر ما جرى في رحلته صلى الله عليه وسلم مع عمّه إلى الشّام من الإرهاصات] 40- فصل: في ذكر ما جرى في رحلته صلى الله عليه وسلم مع عمّه إلى الشّام من الإرهاصات 136- قال: وكانت خزاعة وقريش في ذلك الزمان يختلفون إلى الشام في تجاراتهم ومن الشام إلى مكة، فتهيأ لأبي طالب السفر معهم، فركب راحلته، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بزمام ناقة عمه ثم قال: يا عم، إلى من تخلفني بعدك؟ لا أمّ لي ولا أب، فرق له أبو طالب وقال: لا أخلّفك ورائي، واحتمل النبي صلى الله عليه وسلم وجعله على مقدم راحلته وساروا حتى كانوا بواد من الشام نزلوا تحت شجرة، وكان في الوادي دير، وفي الدير راهب يقال له: بحيرا، وكان يشرف في اليوم ثلاث مرات على سطح له (136) - قوله: «يقال له: بحيرا» : أخرج قصة بحيرا: ابن إسحاق في سيرته [/ 73] ، ومن طريقه ابن هشام [1/ 180] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 26- 29] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 277] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 292] . وأخرجها بإسناد صحيح وسياق غريب عن أبي موسى الأشعري: ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 479] رقم 11782، وفي [14/ 286] رقم 18390، والترمذي في المناقب من الجامع، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3620 وقال: حسن غريب، والحاكم في المستدرك [2/ 615] وصححه، وابن حبان في الثقات [1/ 43] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 278] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 24] ، وأبو نعيم كذلك [1/ 109] رقم 109، من طرق بألفاظ، وبعضهم يزيد فيه قصة أبي بكر ومولاه بلال، وهي التي أنكرها جماعة من- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 ينظر الجائي والذاهب، قال: فأبصر أقواما قد نزلوا تحت الشجرة وإذا غمامة قد أظلت الشجرة وما حولها، قال الراهب: والله لا تظل هذه الغمامة إلّا على رأس نبي من الأنبياء، ثم دعا غلامه فقال: اذهب إلى هذه العير من أهل مكة فقل لهم: يقول لكم بحيرا الراهب: يا أهل مكة، قد علمتم حبي لكم، وإنه لا يمر بي رجل منكم إلّا أحسنت قراه، وأنا أحب أن تأتوني جميعا ولا يتخلف منكم أحد، فأتاهم الغلام فبلغ إليهم قوله: فأقبلوا جميعا، وخلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفظ رحالهم وأجيرا لهم معه. قال: ففتح الراهب لهم بابا صغيرا يدخل الرجل بعد الرجل، فلما صاروا في الدير أشرف الراهب فإذا هو بالغمامة على حالها، فقال: يا قوم هل خلفتم أحدا؟ قالوا: نعم، أجيرا لنا ويتيما، قال: فابعثوا إلى أجيركم ويتيمكم، قال: فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم والغمامة على رأسه في الهواء تسير معه تظله حتى دخل الدير فبقيت الغمامة تظل الدير وما حوله، قال: - الحفاظ، وأخرجها بعضهم، وفي أوله أن الراهب بحيرا قال لهم وهو آخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين ... القصة بطولها. قال الحافظ البيهقي: قال أبو العباس: سمعت العباس يقول: ليس في الدنيا مخلوق يحدث به غير قراد، وسمع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين هذا من قراد. قال البيهقي: وإنما أراد بإسناده هذا موصولا، فأما القصة فهي عند أهل المغازي مشهورة. وقال ابن سيد الناس عقب إيراده: ليس في إسناد هذا الحديث إلّا من خرج له في الصحيح، ومع ذلك في متنه نكارة. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 فقدّم إليهم طعاما فأكلوا وشربوا، ثم قال لهم بحيرا الراهب: ما يكون هذا الغلام منكم يا أهل مكة؟ قالوا: ابن هذا الشيخ- يعنون أبا طالب-، فقال بحيرا: والله ما ينبغي لأبوي هذا الغلام أن يكونا في الأحياء، أصدقوني أو أصدقكم خبره. قال أبو طالب: يا بحيرا، هذا ابن أخي، وهو يتيم في حجري، قال: صدقت يا شيخ وسأخبرك: إن هذا نبي من الأنبياء، وهذا خاتم النبوة بين كتفيه. قال: فخرجوا حتى أتوا الشام فقضوا أوطارهم، ثم رجعوا قافلين إلى مكة، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب ما شاء الله أن يقيم. 137- قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يلعب مع الغلمان حتى بلغ مواضع بني مدلج، فرآه قوم من بني مدلج فدعوه فنظروا إلى قدميه- وقال مغلطاي في الإشارة: فيه وهمان الأول: بايعوه على أي شيء؟ الثاني: أبو بكر لم يكن حاضرا، ولا كان في حال من يملك، ولا ملك بلالا إلّا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما. وقال الحافظ في الإصابة: الحديث رجاله ثقات، وليس فيه ما ينكر إلّا هذه اللفظة (يعني: ذكر أبي بكر فيه وبلال) فتحمل على أنها مدرجة فيه، مقتطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته. وأخرج قصة بحيرا الراهب أيضا من طرق أخرى: ابن سعد في الطبقات [1/ 120، 153 مرتين من طريقين] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 168] . (137) - قوله: «فرآه قوم من بني مدلج» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 118] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [2/ 274] ، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 165] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وإلى أثره، فخرجوا في أثره فصادفوا عبد المطلب قد لقيه فاعتنقه، فقالوا لعبد المطلب: ما هذا منكم؟ قال: ابني، قالوا: احتفظ به فإنا لم نر قط قدما أشبه بالقدم الذي في المقام منه. قال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء في هذا، فكان أبو طالب يحتفظ به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 [41- فصل: ذكر ابتداء قصّته صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها وإسلامها ورغبتها فيه] 41- فصل: ذكر ابتداء قصّته صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها وإسلامها ورغبتها فيه 138- قال: فأقام النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه ما شاء الله أن يقيم، ثم إن أبا طالب قال له ذات يوم: يا بني، إني أريد أذكر لك أمرا، وإني منك محتشم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تكلم بما شئت يا عم وأنا مطيع لك، قال: قد علمت أن أبويك ماتا ولم يتركا مالا ولا خيرا، وقد كنت أحب أن يكون لي مال فأزوجك وتقرّ عيني بك قبل فراقي للدنيا، وليس إلى ذلك سبيل، وهذه خديجة بنت خويلد تستأجر الأجراء ويجري الله لهم على يديها خيرا كثيرا، ولها على أيديهم خيرا، فهل لك أن أذهب بك إليها فلعلها تستأجرك، وترزق رزقا فأزوجك وتقر عيني بك قبل الفراق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا لك سامع مطيع يا عم، افعل ما أحببت، قال: فانطلقا إلى خديجة فقرعا عليها الباب، فدنا غلامها من الباب فقال له أبو طالب: أخبر خديجة أني بالباب، قالت: أدخلوه عليّ، فأدخلوه (138) - قوله: «وليس إلى ذلك سبيل» : وفي رواية ابن سعد في الطبقات [1/ 155- 156] ، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل [1/ 172] : وأنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وألمت علينا سنون منكرة، ليس لنا مادة ولا تجارة. قوله: «أنا لك سامع مطيع» : في «ظ» : أنا لك تابع مطيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 عليها وهي على السرير وسبعون جارية يروّحنها فقالت: يا عم، ما لك، وما بدا لك؟، قال: جئت إليك لأطلب من فضلك الذي فضلك الله به، قالت: نعم وكرامة، فقال: هذا محمد بن عبد الله الأمين ابن أخي، أتيتك به لتؤاجريه بما شئت ليصل إليه من فضل نعمتك فقد تستأجرين الأجراء ويجري الله لهم على يديك خيرا، ومحمّد صلى الله عليه وسلم أحق بذلك من غيره، قالت: نعم وكرامة أنا أجعل لكل أجير في سفره بكرة ولمحمّد صلى الله عليه وسلم ابن عمي بكرتين، ثم قالت: يا محمد، أتخرج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، ونعمى عين وكرامة. قال: فدعت غلاما لها يسمى ميسرة فقالت: يا ميسرة، إني أريد أن أبعث معك ابن عمي محمدا، فانظر أن لا تعصي له أمرا، ولا تخالف له رأيا، فقال: نعم وكرامة، فخرج أبو طالب من عندها وترك عندها محمّد صلى الله عليه وسلم. 139- قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وميسرة إلى الشام ومعه تجارات قوله: «أنا أجعل لكل أجير في سفره بكرة» : وفي رواية ابن عقيل عند ابن سعد في الطبقات [1/ 130] : أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي قد بلغني أن خديجة استأجرت فلانا ببكرين، ولسنا نرضى لك بمثل ما أعطته، فهل لك أن نكلمها؟ قال: ما أحببت! فخرج إليها فقال: هل لك يا خديجة أن تستأجري محمدا؟ فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين، ولسنا نرضى لمحمد دون أربع أبكار، قال: فقالت خديجة: لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا، فكيف وقد سألت لحبيب قريب؟. والبكرة: أنثى الإبل، ويقال للفتي من الإبل: بكر. (139) - قوله: «فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وميسرة إلى الشام» : أورد القصة الصالحي في سبل الهدى [2/ 159] وعزاها للمصنف، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 كثيرة، فلما خرجوا من المنزل عادت الغمامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت فوق رأسه تظله حتى انتهوا إلى باب بحيرا الراهب فنظر بحيرا إلى الغمامة ففزع فقال: من أنتم؟ قال: أنا ميسرة غلام خديجة بنت خويلد، قال: ما جاء بكم؟ قال: معنا تجارة نريد الشام، فدنا من محمد صلى الله عليه وسلم سرّا من وقاص وميسرة وقبل رأسه وقدميه، وقال في نفسه: آمنت بك، وأشهد أنك الذي ذكرك الله في التوراة، ثم قال: يا محمد، قد عرفت فيك العلامات كلها ما خلا خصلة واحدة، فأوضح لي عن كتفيك، فأوضح له فإذا هو بخاتم النبوة يتلألأ، فأقبل عليه يقبله ويقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنك رسول الله النبي الأمي الذي بشر بك عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنه قال: لا ينزل بعدي تحت هذه الشجرة إلّا النبي الأمي الهاشمي العربي المكي المدني صاحب الحوض والشفاعة، صاحب لواء الحمد- وقد أخرجها من طرق بأسانيد وألفاظ مطولة ومختصرة: ابن اسحاق في سيرته [/ 81] ، ومن طريقه: ابن هشام في سيرته [1/ 187- 188] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 280] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 66] ، وأخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 129] ، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل [1/ 172] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 313] . قوله: «صاحب لواء الحمد» : يعني: يوم القيامة بقرينة ما تقدم، ذكره القاضي في الشفاء، فأما تسميته صلى الله عليه وسلم بصاحب اللواء- بلا إضافة- فهذا في الدنيا لأنه محمول على اللواء الذي كان يعقده صلى الله عليه وسلم للحرب، فهو كناية عن القتال وكذا إن قيل: صاحب الراية، وفي جامع الترمذي من حديث ابن عباس رضي رسول الله عنهما: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 صاحب القضيب والناقة، صاحب التاج والهراوة، قارع باب الجنة، صاحب قول لا إله إلّا الله، ثم قال: يا غلام، احفظ على هذا من اليهود فإنهم أعداؤه، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا. قال: ثم مضوا حتى انتهوا إلى الشام، فباعوا متاعهم، وربح ميسرة ربحا لم يربح مثله قط، ثم رجعا قافلين إلى مكة، فقال ميسرة: يا محمد- قوله: «صاحب القضيب» : يعني: السيف، قاله القاضي عياض في الشفاء وقال: وقع مفسرا به في الإنجيل حيث قال تعالى فيه: معه قضيب من حديد يقاتل به، قال: ويحتمل أن يراد به القضيب الممشوق الذي كان معه وأخذه من بعده الخلفاء. قوله: «والناقة» : ويقال له أيضا: صاحب النجيب، والنجيب: الجمل، وقد سمّي صلى الله عليه وسلم في الكتب الأولى بصاحب الجمل، أخرجه البيهقي في الدلائل عن مقاتل بن حيان فيما أوصى الله إلى عيسى بن مريم، وقد سمي عيسى عليه السلام براكب الحمار؛ ولذا قال النجاشي في كتاب إسلامه للنبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وقد قيل: خص بذلك مع ركوبه للفرس والبغل والحمار لأنه هاجر عليه، أو لاختصاص العرب به. قوله: «صاحب التاج» : ذكره القاضي عياض وقال: المراد: العمامة؛ إذ لم تكن حينئذ إلّا للعرب، قال: والعمائم تيجان العرب، قال السيوطي: وقد ورد في الإنجيل. قوله: «والهراوة» : بكسر الهاء وهي العصا التي كان يمشي بها وتغرز بين يديه ليصلي إليها، قال القاضي عياض: المراد: العصا التي يذود بها الناس عنه، وضعف النووي هذا التوجيه وقال: المراد وصفه صلى الله عليه وسلم بما يعرفه الناس ويعلم أهل الكتاب أنه المبشر به في كتبهم فلا وجه لتفسيره بأمر يكون في الآخرة، فالصواب ما تقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 إنا أتجرنا لخديجة أربعين سنة ما رأيت ربحا قط أكثر من هذا الربح على وجهك، فهل لك أن تسبقني إلى خديجة فتخبرها بالذي رزقها الله على يديك لعلها تزيدك بكرة على بكرتيك، قال: فركب النبي صلى الله عليه وسلم قعودا أحمر. 140- وكانت خديجة إذا أصابها الحر كانت تحمل حتى تصعد علّية لها فوق البيت، واستندت إلى سريرها، يروحها كل يوم سبعون جارية بالذوائب، فكانت لا تمشي على الأرض، ولكنها تحمل على السرير، فلما صعدت فوق البيت فإذا هي بمحمّد صلى الله عليه وسلم قد أقبل على ناقة لها، على رأسه قبة من ياقوت أحمر، وعن يمينه ملك شاهر سيفا، وعلى يساره ملك شاهر سيفا، وفوقه غمامة تسير معه تظله، وإذا الطيور حوله يحفونه بأجنحتهم ويروحونه، فنظرت خديجة ولم تعلم أنه محمّد صلى الله عليه وسلم فقالت: اللهم إليّ وإلى داري، حتى أقبل نحو دارها فوثبت من السرير مسرعة إلى الباب، فإذا هو محمّد صلى الله عليه وسلم قد نزل عن ناقته وأناخها، فلما نظرت إليه خديجة قالت في نفسها: ليس هذا الذي رأيت، وأنكرت ذلك، فبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالذي ربحا فقالت له خديجة: يا محمد، وأين ميسرة قال: خلفته بالبادية وسيقدم عن قريب، قالت له: عجل إليه وقل له: عجل إلينا بالإقبال- وإنما أرادت بذلك أن تعلم أهو الذي رأت أو غيره-، فركب النبي صلى الله عليه وسلم وضرب بطن الناقة وخرج، وصعدت خديجة واستيقنت أنه أجيرها محمّد صلى الله عليه وسلم، فمضى محمّد صلى الله عليه وسلم وتفكرت خديجة في أمره، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ميسرة. (140) - قوله: «حتى تصعد علّية» : أشار إلى هذا وإلى ما رأته: ابن سعد في الطبقات [1/ 156- 157] ، والزبير بن بكار فيما انتخب عليه من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم [/ 24] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 فأقبلوا جميعا حتى قدموا مكة، فخلت خديجة بميسرة فقالت: أصدقني قصة محمّد صلى الله عليه وسلم قليلها وكثيرها، فقال: يا سيدتي، أخبرني بحيرا الراهب أن محمّدا صلى الله عليه وسلم نبي من الأنبياء، وقال لي: احتفظ عليه من اليهود فإنهم أعداؤه، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، فقالت خديجة: اكتم عليّ هذا الحديث يا ميسرة، واذهب فأنت حر، وأولادك أحرار، ولك عشرة الآف درهم من مالي، وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى عمك أبي طالب وقل له: عجل علينا أنت بالغداة. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب وأخبره بذلك، ففزع أبو طالب من ذلك وقال: يا بني، ما تريد منا؟ إني أخشى أن تردك إلينا، فكان الليلة أجمع يلتوي على فراشه من الهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم يرزقني الله وهو خير الرازقين، أبشر يا عم ولا تهتم لرزقي، فلما أصبح خرج إليها، ودخل عليها فقالت: من وراء الستر: يا أبا طالب، ادخل على عمي عمرو بن أسد فكلمه أن يزوجني من ابن أخيك محمد صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طالب: يا خديجة، لا تستهزئي بي، لو كانت أمة لك ما زوجت من ابن أخي، قالت: بل الله صنعه، ادخل على عمي. - قوله: «ادخل على عمي عمرو بن أسد» : في الأصول: عمرو بن نوفل، ولعله تصحيف أو من سبق القلم لما سيأتي، ولو ثبت لم يكن عمرو بن نوفل عم خديجة بل يكون حينئذ ابن عمها لأنه أخو ورقة إن ثبت. أورد القصة الصالحي في سبل الهدى [2/ 164] مختصرة، وعزاها للمصنف، وقد رويت قصة زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم من طرق بألفاظ، في بعضها أن الذي زوّجها هو أبوها خويلد بن أسد بعد أن سقته الخمر، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 فقام أبو طالب مع عشرة من صناديد قريش فدخلوا على عم خديجة وهو سكران طيب النفس فسلموا عليه ورد عليهم السلام فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: مرحبا بك يا محمد، واللات والعزى لقد كنت أحبك، ولقد ازددت عندي حبا، وما كنت تسألني حاجة إلّا قضيتها، ثم رحب بالقوم، فقال أبو طالب: إني أتيتك لأسلم عليك، وتزوج خديجة ابنة أخيك من ابن أخي محمّد صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب يرغب في ذلك، قال: نعم، اشهدوا يا معشر قريش أني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على مهر كذا، فاشهدوا- والخاطب كان أبو طالب- فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل عليه السلام، وجعل مسكننا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا حكاما على الناس أجمعين، ثم إن ابن أخي هذا لا يوزن برجل إلّا رجح عليه، وإن له- أخرج القصة ابن إسحاق في سيرته [/ 82]- لكن تصحف اسم أبي خديجة إلى: أسد بن أسد-، وابن سعد في الطبقات [1/ 132] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 280- 281] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 71] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 118- 119] ، وابن حبان في الثقات [1/ 46] ، والزبير بن بكار فيما انتخبه أبو الحسين محمد ابن أحمد [/ 26- 28] ، قال ابن سعد في الطبقات [1/ 132] ، قال محمد بن عمر: هذا كله عندنا غلط ووهم، والثبت عندنا المحفوظ عن أهل العلم أن أباها خويلد بن أسد مات قبل الفجار وأن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، عن محمد بن عبد الله بن مسلم، عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، وعن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، وعن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قالوا: إن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أباها مات قبل الفجار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 لخطبا جليلا، ونبأ عظيما، فإن كان مقلّا من المال فإن المال رزق حائل وحظ زائل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصداق من مالي حكمكم، عاجله وآجله، والسلام علينا وعليكم. فأمرت خديجة رضي الله عنها جواريها أن يرقصن بالدفوف، وأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلة يمانية فأخذها وألقاها على عم خديجة، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج فأخذت خديجة رضي الله عنها بطرف ردائه وقالت: أين تريد يا محمد؟ قال: إلى منزل عمي، قالت: قل مع أهلك ودع عمك ينحر بكرة، ويطعم الناس، قال: ففعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال مع خديجة رضي الله عنها. - ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن جرير في تاريخه [2/ 282] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 315] ، وابن سيد الناس في تاريخه [1/ 119] . قال البيهقي بعد روايته القصة: قال الموصلي: المجتمع عليه أن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها، قال: وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا عبد الله ابن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان قال: وفيما كتبت عن إبراهيم بن المنذر قال: حدثني المؤملي عمر بن أبي بكر قال: حدثني غير واحد: أن عمرو بن أسد زوّج خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث. قوله: «وزرع إسماعيل» : زاد ابن الجوزي في التلقيح: وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسوّاس حرمه. قوله: «فإن المال رزق حائل» : وعند ابن الجوزي: فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، أخرجها في تلقيح فهوم أهل الأثر معلقة [/ 14] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 قال: فأقر الله عينه وفرح أبو طالب فرحا شديدا وقال: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب، ودفع عنا الهموم. قال: فأفاق الشيخ من سكره فقال: ما هذا الذي أسمع؟ قالوا: هذا الذي صنعت، قال: ما الذي صنعت؟ قالوا: زوجت خديجة بنت خويلد، قال: ممن؟ قالوا: من محمد بن عبد الله، قال: أنا أزوج بنت أخي من يتيم أبي طالب الفقير؟! قالوا: قد زوجته، وقبلت منه حلة، قال: فقام ودخل عليها يريد شتمها فقالت: يا عم هل تنقم من محمد صلى الله عليه وسلم حسبا ونسبا؟ قال: لا، ولكنه معدم لا مال له، قالت: فإن يكن محمد صلى الله عليه وسلم معدما فإن عندي ما يسعني ويسعه ويسعك، قال: أفرضيت بمحمد صلى الله عليه وسلم بعلا؟ قالت: نعم، فرضي الشيخ وطابت نفسه. 141- ويقال: كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في الجاهلية، فإذا هن بيهودي في ذلك العيد فقال: ويحكن يا معشر نساء قريش ويحكن، إنه ليوشك أن يبعث فيكن نبي، فأيتكن استطاعت أن تكون له أرض يطأها فلتفعل، فحصبنه، وطردنه، ووقر ذلك القول في قلب خديجة رضي الله عنها. (141) - قوله: «فأيتكن استطاعت أن تكون له أرض» : أخرج الزبير بن بكار في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الليث: أن خديجة رضي الله عنها استأجرته بسقب يدفعه إليه غلامها ميسرة إذا رجع من سفره، فرأى ميسرة من يمنه وخلقه والبركة في سفره، والزيادة في الربح ما اشتد به حبه إياه، فقدم وهو يهتف به، فسبق إلى خديجة فأخبرها خبر ما أصاب من الظفر والربح، وما رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فأرنيه، فلما أقبلت العير أشار لها إليه، وإذا سحابة تظله، وتسير معه، فأمرت له بسقب آخر، وعلقه قلبها لما أراد الله بها من السعادة. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 142- وفي رواية أخرى قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استأجرته خديجة، وبعثته مع ميسرة إلى الشام، وكان إذا دنا قدومه من مكة جلست خديجة في شرفة لها فترى من يطلع من عقبة المدينة، وكان يوم صائف، وهي تنتظر ميسرة، إذ طلع رجل من عقبة المدينة والسماء ليس فيها سحاب إلّا بقدر ذلك الذي يظل الرجل، فلما رأت طلوعه، ورأت على رأسه السحابة قالت: إن كان ما يقوله اليهودي حق فما ذلك الرجل إلّا هذا، لأني لا أرى في السماء سحابا إلّا قدر ما يظل هذا الرجل، - وأخرج من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال: استأجرته إلى الشام، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة صومعة قريبا من راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة وقال: من نزل تحت الشجرة؟ فقال: رجل من قريش من أهل الحرم، قال: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلّا نبي، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت الظهيرة واشتد الحر لم يزل ملكان يظلانه من الشمس، فلما قدم ميسرة على خديجة أخبرها بقول الراهب، وما رأى من الملكين، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا ابن عم إني قد رغبت فيك. قال هشام بن عروة، عن أبيه: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمومته فذكر لهم ما قالت له خديجة، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على عمها عمرو بن أسد، فزوجه، فولدت له قبل أن ينزل عليه الوحي ولده كلهم: القاسم، والطاهر، والطيب، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الحسن، عن عبد السلام بن عبد الله، عن معروف بن خربوذ قال: قال عمار بن ياسر: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة، كنت صديقا له في الجاهلية، فأقبلت معه وهو ابن بضع وعشرين سنة، فمررنا بين الصفا والمروة، فإذا خديجة وأختها هالة تبيعان أدما بالحزورة، فنظرت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يستضاء به- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 فرمقته بعينها حتى انتهى إليها فإذا هو محمّد صلى الله عليه وسلم- وكان بعث ميسرة أمامه ليبشر خديجة بما أصابوا في سفرهم من المنفعة-، فلما أن دخل عليها سألته ثم قالت له: ألا تتزوج؟ قال: من أين لي الزوج؟ قالت: أنا، قال: ومن لي بك؟ أنت أم قريش، وأنا يتيم قريش، قالت: اخطبني إلى أبي- وكانت تبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ليبعث به إلى أبيها حتى يرغب فيه فيزوجه-. - في الليلة الظلماء، وينظر إليه الناظر حتى يسأم، قال عمار: فلحقتني هالة فقالت: يا عمار، أما لصديقك هذا حاجة في خديجة؟ قال: فلم يكن حاجتها المال، إنما كان حاجتها الصلاح، فقلت: والله ما أدري! قالت: فأخبره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: واضعها وعدها يوما نأتيها فيه، قال: ففعلت، فلما كان ذلك اليوم سقت عمها عمرو بن أسد حتى سكر، ثم دهنته بدهن أصفر، وطرحت عليه بردة حبرة، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وتزوجها ثم انصرفوا، فلما أفاق الشيخ قال: ما هذه النقيعة- يعني البقرة- وما هذا البرد، وما هذا الدهن؟ قالوا: هذه نقيعة وبرد أهداه لك ختنك، قال: ومن ختني!؟ قال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فصاح وخرج يشتد حتى أتى باب الكعبة، فقال: يا معشر قريش إن خديجة وهالة غلبتاني على نفسي، وزعمتا أني زوجت رجلا لا أعرفه، فكيف يكون هذا؟ فخلا به بنو هاشم فقالوا له: لا تكلم بهذا، فنحن نشهد أنك زوجته، فقال: ابعثوا إليه حتى أنظر إليه، فو الله ما أعرفه! فلما نظر إليه قال: إن كنت زوجته فكسبيل ذاك، وإن ولم أكن زوجته فأشهدكم أني قد زوجته. قال: فكان عمار يقول: هذا تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة، ويغضب إذا قيل: استأجرته وأرسلته. أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 71] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 188] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: اخطبني على خديجة، قال: يا ابن الأخ، إني أخاف ألا يفعلوا، فلقي أباها فذكر له ذلك فقال: حتى أنظر، فلما لقي خديجة أبوها ذكر لها حديث شيخ من قريش له مال قد ماتت امرأته وقال لها: إن ذلك الشيخ يخطبك، قالت: شيخ قد فني شبابه، وساء خلقه يدل عليّ بماله؟ لا حاجة لي فيه، فذكر لها غلاما سفيها من قريش قد أورثه أبوه مالا فقالت: حديث السن، سفيه العقل يدل عليّ بماله؟ لا حاجة لي فيه، فذكر لها محمّدا صلى الله عليه وسلم فقالت: أوسط قريش حسنا، وأحسنهم وجها، وأفصحهم لسانا، أعود عليه بمالي فيكون عطف يميني، فخشي أبوها إن لم يزوجها أنها تزوج نفسها، فبعث إليه وزوجها منه صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وأتباعه وسلّم تسليما كثيرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 [42- فصل: في ابتداء الوحي، كيف كان؟] 42- فصل: في ابتداء الوحي، كيف كان؟ 143- قال: فأقام النبي صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها حتى أتى عليه من مولده أربعون سنة. 144- قال: فخرج عليه الصلاة والسلام ذات يوم إلى جياد الأصغر، فهتف به جبريل عليه السلام ولم يبد له، فغشي عليه، فاحتمله ناس (143) - قوله: «حتى أتى عليه من مولده أربعون سنة» : أخرج البخاري في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المناقب أيضا، والترمذي فيه أيضا من حديث عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين ... الحديث، وعند البخاري في المناقب من حديث أنس قال: بعثه الله على رأس أربعين سنة ... الحديث. (144) - قوله: «إلى جياد الأصغر» : كذا عندنا بحذف الألف لغة في: أجياد، يقال: أصل اشتقاقها من الخيل ويجمع على أجياد، وجياد وأجاويد، قال الأصمعي: هو الموضع الذي كانت به الخيل التي سخرها الله لإسماعيل عليه السلام، وهو بمكة مما يلي الصفا، يقال: وهو موضع خروج الدابة، التي ذكر الله في كتابه في قوله: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، وهما أجيادان، صغير وكبير، محلّتان، وربما قيل لهما: أجيادين اسما واحدا بالياء في جميع أحواله، وللأعشى ميمون بن قيس في ذكر أجياد: فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا ... ولا لك حق الشرب من ماء زمزم ولا جعل الرحمن بيتك في العلا ... بأجياد غربي الصفا والمحرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 من قريش، فأتوا به إلى باب خديجة رضي الله عنها وقالوا: دونك يا خديجة، قد تزوجت مجنونا، فوثبت خديجة من السرير فضمته إلى صدرها، ووضعت رأسه على حجرها وقبلت بين عينيه وقالت: بل تزوجت نبيا، رسولا مرسلا، قال: فلما أفاق قالت: بأبي أنت وأمي جعلني الله فداك، ما الذي أصابك؟ وهل رأيت شيئا أنكرته؟ قال: ما أصابني إلّا خير، إلّا أني سمعت صوتا أفزعني، ففرحت خديجة واستبشرت ثم قالت: إذا كان من الغد اقعد في الموضع الذي كنت فيه بالأمس فإن يك ملكا سيرجع إليك، وإن يك من الشيطان فليس براجع. قال: فلما كان يوم الأحد خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى جياد الأصغر قال: فهتف به جبريل عليه السلام ولم يبد له، قال: فغشى عليه وحملوه، وفرحت قريش بذلك، وقالوا: إن زوج خديجة يتخبطه الشيطان، وقالوا لها مثل القول الأول، وردّت عليهم مثل الرد الأول، وعملت خديجة رضي الله عنها به مثل عملها الأول، فلما أفاق سألته: بأبي أنت وأمي هل رأيت اليوم شيئا؟! وقصّ عليها القصة، ففرحت خديجة، وقالت له: إذا كان من الغد فارجع إلى الموضع، فانتهى إلى مكانه فبدا له جبريل عليه السلام في أحسن صورة، وأطيب رائحة فقال: يا محمد إن الله يقريك السلام ويقول: أنت رسولي إلى الثقلين: الجن والإنس، أن تدعوهم إلى قول لا إله إلّا الله، ثم قال: ألا تعرفني؟ قال: لا، قال: أنا جبريل، وأنت محمد النبي صلى الله عليك ولا نبي بعدك، فضرب رجله في الأرض فأنبع عينا من ماء وأمره أن يتوضأ، وقام جبريل عليه السلام يصلي، وأمره أن يتوضأ ليصلي معه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 فعلمه الوضوء والصلاة، وعلمه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى آخرها، .... قوله: «فعلمه الوضوء والصلاة» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته بنحوه [/ 136] ومن طريقه: ابن هشام في سيرته [1/ 244] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 160] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 177] ، قال: هذا الحديث ذكره ابن إسحاق مقطوعا. وقد وصله الحارث بن أبي أسامة: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: حدثني أبي زيد بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحي إليه أتاه جبريل عليه السلام فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه، قال ابن كثير في البداية والنهاية [3/ 24] : صلاة جبريل هذه غير صلاة التي صلاها به عند البيت مرتين، فبين له أوقات الصلوات الخمس أولها وآخرها، فإن ذلك كان بعد فريضتها ليلة الإسراء. وأخرجه الحافظ البيهقي في الدلائل أطول منه فأدخل قصة ابتداء الوحي، وإخبار السيدة خديجة رضي الله عنها، وذهابها إلى ورقة، ثم أدخل قصة ورقة وسفره إلى الشام، قال البيهقي في الدلائل [2/ 145- 146] : أخبرنا بذلك أبو الحسين بن الفضل، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا عمرو بن خالد وحسان بن عبد الله قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: وذكر القصة بأجمعها شيخنا أبو عبد الله الحافظ، عن أبي جعفر البغدادي، عن أبي علاثة: محمد بن عمرو بن خالد، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة إلّا أنه لم يذكر من شعر ورقة إلّا البيتين الأولين ... قوله: «إلى آخرها» : يريد: إلى آخر ما نزل منها، لأنه لا اختلاف في أن السورة لم تنزل كلها جملة واحدة، بل إلى قوله: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأتم بجبريل، وعرج جبريل عليه السلام إلى السماء. 145- وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من جياد الأصغر لا يمر بحجر ولا مدر ولا شجر إلّا وهو ينادي: السلام عليك يا رسول الله، حتى أتى خديجة، - قوله: «وعرج جبريل عليه السلام إلى السماء» : قصة ابتداء الوحي ولقيا النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بأجياد أخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 194] ، ذكر نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عكرمة، عن ابن عباس، بإسناد فيه الواقدي وابن أبي حبيبة وهما ضعيفان عند الجمهور، والمشهور أن القصة وقعت بغار حراء، والله أعلم. (145) - قوله: «إلا وهو ينادي: السلام عليك يا رسول الله» : هذا ثابت في صحيح مسلم، فقد أخرج هو والإمام أحمد وابن أبي شيبة من حديث سماك عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن، بسطنا تخريجه في فتح المنان شرح وتحقيق المسند الجامع لأبي محمد الدارمي رحمه الله، وأخرج الدارمي أيضا- برقم 22 فتح المنان- والترمذي في المناقب من حديث علي بن أبي طالب قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا معه في بعض نواحيها فمررنا بين الجبال والشجر فلم نمر بشجرة ولا جبل إلّا قال: السلام عليك يا رسول الله، انظر تخريجه في شرحنا لمسند أبي محمد الدارمي، وأخرج ابن سيد الناس في سيرته [1/ 167] ، من طريق الدولابي عن محمد بن عايذ، ثنا محمد بن شعيب، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدا على رأس خمس سنين من بنيان الكعبة، وكان أول شيء أراه إياه من النبوة رؤيا في النوم ... الحديث، إلى أن قال: فلما قضى إليه الذي أمر به انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم منقلبا إلى أهله لا يأتي على حجر ولا شجر إلّا سلم عليه: سلام عليك يا رسول الله- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 فأخبرها بالكرامة التي أكرمه الله بها- من الرسالة والنبوة- فغشي عليها من الفرح، فنضح عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء حتى أفاقت، وآمنت بالله ورسوله، وشهدت شهادة الحق، وكان يسمى محمد الأمين. - فرجع إلى بيته وهو موقن قد فاز فوزا عظيما، قال الحافظ البيهقي في الدلائل: أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان قد وثق بما قال له جبريل، وأراه من الآيات، وما كان من تسليم الشجر والحجر عليه. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 157] من حديث برة بنت أبي تجراة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا، ويفضي إلى الشعاب وبطون الأدوية، فلا يمر بحجر ولا شجرة إلّا قالت: السلام عليك يا رسول الله، فكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا. قال ابن سيد الناس في سيرته [1/ 175] : يحتمل أن يكون هذا التسليم حقيقة فيكون الله أنطقه بذلك؛ كما خلق الحنين في الجذع، ويحتمل أن يكون مضافا إلى ملائكة يسكنون هناك، من باب وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، فيكون من مجاز الحذف، وعلى كلا التقديرين هو علم ظاهر من أعلام النبوة. قوله: «وشهدت شهادة الحق» : زيد في نسخة «م» : تلك الحرة السيدة الجليلة الشريفة السعيدة رضي الله عنها. قوله: «وكان يسمى: محمد الأمين» : هذه العبارة من «ظ» فقط. وتسميته صلى الله عليه وسلم بالأمين مشهور من قبل أن يبعث، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 425] من حديث مجاهد عن مولاه- يعني السائب- أنه كان فيمن يبني في الجاهلية، قال: فبنينا حتى بلغنا موضع الحجر فقال بطن من قريش: نحن نضعه، وقال آخرون: نحن نضعه، فقالوا: اجعلوا بينكم حكما، قالوا: أول رجل يطلع من الفج، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتاكم الأمين ... الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 146- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مع خديجة إذ أتاهما علي بن أبي طالب فقال: يا محمد ما هذا الدين الذي أظهرت؟ قال: هذا دين الله الذي ارتضاه لنفسه، لا يقبل الله من أنبيائه ورسله غيره، فقال علي: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله، ودخل في الإسلام. 147- قال: فأتاهم أبو طالب وهم يصلون فقال: ما هذا الذي أظهرته يا محمد؟ قال: هذا دين الله الذي ارتضاه لنفسه، لا يقبل الله من أنبيائه ورسله غيره، فإن دخلت معي فيه وإلا فاكتم عليّ، فقال أبو طالب لعلي: ألا ترى إلى محمد ما يقول؟ قال: يا أبة إن محمّدا صلى الله عليه وسلم لصادق فيما يقول، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله، قال أبو طالب: أقيما على ما أنتما عليه، فلن ينالكما أحد بسوء. (146) - قوله: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم» : سقطت هذه الجملة إلى قوله: وأعز نبيّه صلى الله عليه وسلم من النسختين «ب» و «م» . (147) - قوله: «فلن ينالكما أحد بسوء» : وفي رواية: أنه قال لعلي ابنه: أما إنه لم يدعك إلّا إلى خير فالزمه. أخرج القصة من طرق بألفاظ: ابن إسحاق في سيرته [/ 137] ، ومن طريقه ابن هشام [1/ 246- 247] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 181] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 161] . وأخرجها من طرق ابن الجوزي في المنتظم [2/ 359] . وأخرج البيهقي في الدلائل [2/ 163] من طريق يعقوب بن سفيان، ثنا محرز بن سلمة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمر بن عبد الله، عن محمد بن كعب القرظي: إن أول من أسلم من هذه الأمة خديجة، وأول رجلين أسلما أبو بكر وعلي بن أبي طالب، وأن أبا بكر أول من- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 وتتابع المسلمون، وأظهر الله عزّ وجلّ دينه، وأعزّ نبيّه صلى الله عليه وسلم. 148- ثم حبّب إليه صلى الله عليه وسلم الخلوة، فكان يأتي حراء، وفي بعض الأخبار أنه يأتي ثبيرا ليصعد عليه فكلمه الجبل فقال: لا تصعد إليّ فإن- أظهر الإسلام وأن عليا كان يكتم الإسلام فرقا من أبيه حتى لقيه أبو طالب فقال: أسلمت؟ قال: نعم، قال: وآزر ابن عمك وانصره. قال: أسلم علي قبل أبي بكر. (148) - قوله: «فكان يأتي حراء» : زاد ابن إسحاق: في كل عام شهرا من من السنة ينسك فيه، وكان من نسك في الجاهلية من قريش يطعم من جاءه من المساكين، حتى إذا انصرف مجاورته وقضاه لم يدخل بيته حتى يطوف بالكعبة، حتى إذا كان الشهر الآخر الذي أراد الله عزّ وجلّ ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها- فذلك في شهر رمضان- فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يخرج لجواره وخرج معه بأهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله عزّ وجلّ فيها برسالته ورحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله تعالى ... القصة بطولها أخرجها في السير له [/ 120- 122] : حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي- وكان واعية- عن بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله عزّ وجلّ كرامته وابتداءه بالنبوة كان لا يمر بحجر ولا شجر إلّا سلم عليه وسمع منه، فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، وعن يمينه وعن شماله فلا يرى إلّا الشجر وما حوله من الحجارة وهي تحييه بتحية النبوة: السلام عليك يا رسول الله. ومن طريق ابن إسحاق أخرجها ابن هشام في سيرته [1/ 236- 237] ، غير أنه قال: قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان قال: قال عبيد ... فذكر القصة، ومن طريق ابن إسحاق الأول أخرجها البيهقي في الدلائل [2/ 146- 148] ، ومن طريق ابن إسحاق الثاني أخرج القصة ابن جرير في تاريخه [2/ 300- 302] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 170- 172] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 فيّ عقارب وحيّات، فرجع إلى حراء فقال حراء: اصعد إليّ فليس فيّ حيّات ولا عقارب، فصعد عليه، واتخذ فيه غارا ينتابه أهل الحرم، فكان يصعد إليه وكان صلى الله عليه وسلم لا يمر بشجر ولا حجر إلّا ويقول له: السلام عليك يا محمد، ثم جاءه جبريل عليه السلام في شهر رمضان بنمط ديباج، فيه كتاب فقال: اقرأ، قال: قلت: ما أنا بقارئ، فضمني إلى نفسه، ثم أرسلني- وكدت أن أموت- فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فضمني ثانيا حتى قلت: إنه الموت، فقال: اقرأ، فخشيت أن أقول لا أقرأ أن يعود إلى مثل فعله، فقلت: ما أقرأ؟ قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) ، وفي بعض الأخبار: كنت نائما فأقرأني في نومي فاستيقظت من نومي فكأنما كتب في قلبي كتاب. 149- وقال صلى الله عليه وسلم: لم يكن أحد أبغض إليّ من شاعر أو مجنون، فقلت: إن الأبعد- يعني نفسه- مجنون، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحنّ نفسي فأموت فأستريح، فخرجت أريد ذلك فلما توسطت الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، فوقفت، ثم قال: يا محمد، فإذا أنا بجبريل عليه السلام قد سد ما بين الخافقين وبقيت حتى جاءني طلب خديجة. فرجعت إلى خديجة، وقلت: إن الأبعد- يعني نفسه- لشاعر أو مجنون، قالت: أعيذك بالله يا أبا القاسم، إنك لتقري الضيف، وتصدق الحديث، وتصل الرحم، وإني لأرجو أن يكون هذا ناموسا (149) - قوله: «لم يكن أحد أبغض إليّ من شاعر» : يأتي تخريجه في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم تحت رقم: 171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 مما كان لموسى، وأن تكون نبي هذه الأمة، ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل- وكان قد قرأ الكتب- فأخبرته بما أخبرها به صلى الله عليه وسلم فقال ورقة: قدوس، قدوس، فإن كنت صدقتني لقد جاءه الناموس الأكبر- يعني: جبريل عليه السلام-، وإنه لنبي هذه الأمة، ولئن أنا أدركت زمانه لأنصرن الله فيه، ثم قبل بين عينيه. 150- وقد صحت الرواية عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه- وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني إلى نفسه اثنتين حتى قلت: إنه الموت، ثم أخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الآية، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر (150) - قوله: «وقد صحت الرواية» : سقط من هنا إلى قوله: فحمي الوحي وتتابع من «ب» و «م» واستدركناها من «ظ» . والحديث بطوله عند الشيخين، أخرجه البخاري مطولا ومختصرا في غير موضع من صحيحه وهو بطوله في أوله، باب (بدون ترجمة) ، برقم 3. وأخرجه مسلم في الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 252 (160) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وقال: لقد خشيت على نفسي، قالت خديجة: كلا، والله ما يحزنك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة- وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي-، قالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله عزّ وجلّ على موسى عليه السلام يا ليتني فيها جذعة، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلّا أوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي. - قوله: «ثم لم ينشب ورقة» : أي لم يلبث، قال الحافظ في الفتح: أصل النشوب: التعلق، والمعنى: أي لم يتعلق بشيء من الأمور إلى أن توفي. قوله: «وفتر الوحي» : زاد معمر عن الزهري عند البخاري في التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة: حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤس شواهق الجبال فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 قال: فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) ، فحمي الوحي وتتابع. - قال الحافظ في الفتح: هذه من زيادات معمر على رواية عقيل ويونس عن ابن شهاب، وصنيع المؤلف يوهم أنه داخل في رواية عقيل، وقد جرى على ذلك الحميدي في جمعه فساق الحديث إلى قوله: وفتر الوحي ثم قال: انتهى حديث عقيل المفرد عن ابن شهاب، وزاد عنه البخاري في حديثه المقترن بمعمر عن الزهري هذه الزيادة، قال: والذي عندي أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر. اه. ودلل على ذلك بعدة طرق عن الزهري ليس فيها زيادة معمر، فالله أعلم، وانظر ما نقله عن العلماء في مدة الفترة واختلافهم في ذلك، وقد رجح رحمه الله فيما ورد في معنى الفترة أنه إنما يقصد بها عدم نزول جبريل عليه السلام شيء من القرآن لا أنه لا يأتيه أو تركه بالكلية بدليل ما في زيادة معمر: أنه صلى الله عليه وسلم إذا طالت عليه الفترة فأوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقّا، والله أعلم. قوله: «فحمي الوحي وتتابع» : أخرجه البخاري في عدة مواضع من صحيحه، أذكر منها اختصار روايته له عقب المتقدم في أول صحيحه، باب (بدون ترجمة) فقال: قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال- وهو يحدث عن فترة الوحي- فقال في حديثه: بينا أنا أمشي ... فذكره، رقم 4. وأخرجه مسلم في الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 255 (161) وما بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 151- ويقال: إن خديجة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاك صاحبك فأخبرني، فجاءه جبريل فقال: قد جاءني خديجة، قالت خديجة: قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى، فقام فجلس على فخذها، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم، قالت: فحوّلته إلى فخذها اليمنى، ثم قالت: هل تراه؟ قال: نعم، ثم رفعت خمارها وكشفت عن رأسها ثم قالت: هل تراه؟ قال: لا، قالت: ابشر يا ابن عم فإنه ملك وليس بشيطان. (151) - قوله: «ويقال: إن خديجة» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته [/ 133] : حدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير أنه حدث عن خديجة ... فذكره، ثم قال: فحدثت عبد الله بن الحسن هذا الحديث فقال: قد سمعت فاطمة بنت الحسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة إلّا أني سمعتها تقول: أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبريل. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن هشام في سيرته [1/ 238] ، ومن طريقه ابن سيد الناس في سيرته [1/ 172] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 302- 303] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 151- 152] . قلت: وصله الحارث بن محمد الفهري- قال أبو زرعة: ثقة- حدثني إسماعيل ابن أبي حكيم، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: حدثتني أم سلمة عن خديجة، قالت: فذكره ... أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 135- 136 مجمع البحرين] رقم 3497. قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عمر إلّا إسماعيل، ولا عنه إلّا الحارث، تفرد به يحيى، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 256] : إسناده حسن. وأخرجه كذلك أبو نعيم في الدلائل [1/ 216- 217] رقم 164. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 152- ثم أنزل عليه في شهر رمضان: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) ، وقيل: أول آية نزلت في شهر رمضان: قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ الآية. 153- وقال عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. 154- ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسببه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال صلى الله عليه وسلم: أجيب غدا، فرجعت إليه من الغد فلم يجبها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت المرأة: ما أرى شيطانك إلّا قد قلاك، (152) - قوله: «ثم أنزل عليه في شهر رمضان» : يعني بمكة، قال ابن إسحاق في سيرته [/ 130] : فابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان بقول الله تبارك وتعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ الآية، وقال الله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) إلى آخر السورة، الحديث. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن هشام في سيرته [1/ 239- 240] . (153) - قوله: «أمرت أن أبشر خديجة» : الحديث في الصحيحين من طرق، أخرجه البخاري في العمرة، باب متى يحل المعتمر، رقم 1792، وفي مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها 3816، 3817، 3819، 3820، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها رقم 2433، 2435. (154) - قوله: «أجيب غدا» : لم أر أحدا ذكر أن هذا كان سبب نزول هذه السورة وإن كان الأمر يحتمله ببعد وتكلف، لكن أخرج الحاكم في المستدرك [2/ 527] من حديث زيد بن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 فقال صلى الله عليه وسلم: قد قلاني ربي، فجاءه جبريل عليه السلام بسورة: وَالضُّحى إلى قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) ، أي ما أبغضك منذ أن أحبّك فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) ؛ لمّا ذكر مننه عليه ..... - أرقم قال: لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) إلى قوله: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ، قال: فقيل لامرأة أبي لهب: إن محمدا قد هجاك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في الملأ فقالت: يا محمد على ما تهجوني؟! فقال: إني والله ما هجوتك، إلّا لله، قال: فقالت: هل رأيتني أحمل حطبا أو رأيت في جيدي حبلا من مسد؟ ثم انطلقت، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما لا ينزل عليه فأتته فقالت: يا محمد ما أرى صاحبك إلّا قد ودعك وقلاك؛ فأنزل الله عزّ وجلّ: وَالضُّحى (1) ، ذكر الحاكم علته وهو أن إسرائيل رواه عن أبي إسحاق، عن يزيد بن زيد بدل زيد ابن أرقم، مرسل. والقصة في سبب النزول مخرجة في الصحيحين، أخرجها البخاري في غير موضع وهذا لفظه في قيام الليل- من حديث جندب بن سفيان البجلي قال: احتبس جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه؛ فنزلت: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) ، ولفظه في التفسير اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ... الحديث، انظر الأرقام: 1124، 1125، 4950، 4951، 4983. وأخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، رقم 1797 (114، 115) . قوله: «ما أبغضك منذ أن أحبك» : ذكر هذا التفسير هكذا مقطوعا: ابن إسحاق في سيرته [/ 135] ، ومن طريقه ابن هشام في سيرته [1/ 241- 243] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 306] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 طالبه بالشكر فقال: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) ، يعني: لا تكن جبارا ولا متكبرا على الضعفاء من عبادي، ووَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) ، حدّث بما جاءك من نعمي؛ فكان صلى الله عليه وسلم يسرّ إلى من يأمنه بالوحي. 155- فافترض عليه الصلاة، وجاءه جبريل عليه السلام بأعلى مكة وعلمه، فانفجرت من الوادي عين حتى توضأ جبريل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منه الطهارة. - قوله: «فكان يسر إلى من يأمنه» : يعني: ويطمئن إليه من أهله بالوحي وأمر النبوة، وقال ابن إسحاق في تفسير هذه الآية: فحدث أي: بما جاءك من الله من كرامته ونعمته من النبوة، اذكر وادع إليها، يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد من النبوة. (155) - قوله: «فافترض عليه الصلاة» : نقلنا قريبا قول ابن كثير أن هذه الصلاة غير الصلاة التي علم فيها جبريل عليه السلام أوقات الصلوات الخمس أولها وآخرها، وأن تلك كانت بعد فرضيتها ليلة الإسراء. وهذا الشطر من السياق روي ضمن قصة السيدة خديجة مع ابن عمها ورقة حين حكت له شأن النبي صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي في الدلائل [2/ 145] عقب إيرادها: وقد ذكر ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة هذه القصة وزاد فيها: ففتح جبريل عليه السلام عينا من ماء فتوضأ ومحمّد صلى الله عليه وسلم ينظر إليه: وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ثم نضح فرجه، وسجد سجدتين مواجهة البيت، ففعل محمد كما رأى جبريل يفعل. اه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 156- ثم آمن به علي رضي الله عنه، فضم صلى الله عليه وسلم عليّا إلى نفسه، وضم العباس جعفرا إلى نفسه، وبقي عقيل لأبي طالب وذلك أنه كانت سنة شدة وأبو طالب ذو عيال. 157- وكان علي رضي الله عنه يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خفية من أبي طالب فعثر عليهما يوما أبو طالب وهما يصليان فقال لهما أبو طالب: ما هذا الذي أرى؟ قال: يا عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين أبينا إبراهيم ورسله (صلوات الله عليهم أجمعين) وبهذا بعثت، وأنت (156) - قوله: «وذلك أنه كانت سنة شدة» : قال ابن إسحاق في سيرته: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد قال: كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب رضي الله عنه مما صنع إليه وأراد به من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه حتى نخفف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ أنت رجلا فنكفهما عنه، فقال العباس: نعم، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي بن أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله نبيا فاتبعه وآمن به وصدقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه. ومن طريق ابن إسحاق أخرجها ابن هشام في سيرته [1/ 246] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 313] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 162] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 180] . - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 يا عم أحق من بذلت له النصيحة، فقال: إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي. 158- وعن عكرمة، عن ابن عباس، عن العباس بن عبد المطلب قال: لما بنت قريش البيت انفرد الرجال: رجلين رجلين يحملون الحجارة، وانفردت النساء، قال: فانفردت أنا ومحمّد صلى الله عليه وسلم نحمل الحجارة، فجعلنا نأخذ أزرنا فنضعها على مناكبنا ونحمل عليها الحجارة، فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا، قال: فبينا هو يمشي إذ وقع، قال: فجئت أسعى وهو شاخص ببصره إلى السماء، فقلت: يا ابن أخي ما شأنك؟ قال: نهيت أن أمشي- قوله: «إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي» : زاد ابن إسحاق: وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت، وذكروا- يعني أهل العلم- أنه قال لعلي: أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: يا أبت آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقت بما جاء به، وصليت معه الله واتبعته، قال: فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلّا إلى خير فالزمه. أخرجه من طريق ابن إسحاق عن بعض أهل العلم: ابن هشام في سيرته [1/ 246- 247] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 313] ، وابن سيد الناس في سيرته [1/ 181- 182] ، أوله: ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب متخفيا من عمه أبي طالب وجميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا، فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا، ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان ... الحديث. (158) - قوله: «وانفردت النساء» : زاد ابن إسحاق: ينقلن الشّيد وهي المادة التي يطلى بها الحائط، الجص وغيره. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 عريانا، قال: فكتمها حتى أظهر الله تعالى نبوته. - قوله: «فكتمها» : يعني: العباس كما بينتها الروايات الأخرى بزيادة: مخافة أن يقولوا: مجنون، أخرجها ابن إسحاق في سيرته [/ 79] . وأخرجها البزار في مسنده [2/ 41 كشف الأستار] رقم 1158، 1159، وقال: لا نعلمه عن العباس إلّا بهذا الإسناد، وعمرو بن أبي قيس مستقيم الحديث، روى عنه جماعة من أهل العلم. وأخرجه الطبراني في الكبير [3/ 290 مجمع الزوائد] ، قال الهيثمي: فيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري والطيالسي، وضعفه جماعة. وأخرجها أبو نعيم في الدلائل [1/ 189] رقم 134، وفي المعرفة [5/ 2121] رقم 5328، البيهقي في الدلائل [2/ 32- 33] . قال الحافظ في الفتح بعد عزوه [4/ 184] : كلهم من حديث سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس حدثني العباس، وتابع سماكا: الحكم بن أبان، عن عكرمة. اه. قلت: وتابع عكرمة: عطاء بن أبي رباح، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 2669، وأصله في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله فأخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه بألفاظ: في الصلاة، باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها، رقم 364، وفي الحج باب فضل مكة وبنيانها، رقم 1582، وفي مناقب الأنصار، باب بنيان الكعبة، رقم 3829، وأخرجه مسلم في الحيض، باب الاعتناء بحفظ العورة رقم 340 (76، 77) ، وهذا لفظه فيه: عن عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان حجارة، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء، ثم قام فقال: إزاري، إزاري، فشد عليه إزاره ... زاد البخاري: فما رؤي بعد ذلك عريانا صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 159- وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله علي بن أبي طالب رضي الله عنه والفضل، وكان العباس يناول الماء من وراء الستر، وقال العباس: ما منعني أن أغسله إلّا أنا كنا صبيانا نحمل الحجارة إلى المسجد- يعني لبناء الكعبة- ننزع أزرنا ونضعها على أكتافنا، ونضع الحجارة، فبينا نحن كذلك أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع صلى الله عليه وسلم، وسقط الحجر وأنا قائم، فقلت: يا ابن أخي قم فإني لا أرى بك بأسا، ولا أرى الحجر ضرّك، فنظر إلى السماء، ثم نظر إليّ فقال: اشدد عليّ، فإني قد نهيت أن أتعرى بعد هذا اليوم، قال العباس: فهذا أول ما رأيت منه. 160- وقيل: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلها إذا انكشفت عورته، فنودي: يا محمد عورتك، فذلك أول ما نودي، والله أعلم. (159) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 279] بلفظ مختصر من طريق شيخه الواقدي قال: حدثني هشام بن عمارة، عن أبي الحويرث عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: غسل النبيّ صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأمروا العباس أن يحضر عند غسله فأبى فقال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستتر، وأخرج أيضا من طريقه قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس- وكان يقلبه وكان رجلا أيدا- وكان العباس بالباب فقال: لم يمنعني أن أحضر غسله إلّا أني كنت أراه يستحيي أن أراه حاسرا. (160) - قوله: «وقيل» : لو عبر بلفظ: وروي، لكان أحسن، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 454، 455] من حديث عبد الرزاق: ثنا معمر، عن عبد الله بن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 161- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أبو طالب يعالج زمزم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ممن ينقل الحجارة وهو يومئذ غلام، قال: فأخذ أبو طالب إزاره، وذهب لينقل الحجارة، فغشي عليه، فقيل لأبي طالب: أدرك ابنك، قد غشي عليه، فلما أفاق النبي صلى الله عليه وسلم من غشيته سأله أبو طالب عن غشيته فقال: أتاني آت عليه ثياب بيض فقال لي: استتر، قال ابن عباس: وكان ذلك أول شيء رأى من النبوة حين قيل له: استتر، فما رؤيت عورته من يومها. - عثمان بن خيثم، عن أبي الطفيل قال: لما بني البيت كان الناس ينقلون الحجارة والنبي صلى الله عليه وسلم ينقل معهم، فأخذ الثوب فوضعه على عاتقه فنودي: لا تكشف عورتك، فألقى الحجر ولبس ثوبه، وفي السياق الثاني: فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه فيرى عورته من صغر النمرة، فنودي: يا محمد خمر عورتك، فلم ير عريانا بعد ذلك. وأخرجه الطبراني في الكبير أطول منه [8/ 257 مجمع الزوائد] ، قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح قال: وفي رواية: فذلك أول ما نودي. اه. وأخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 179] ، قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (161) - قوله: «فقال لي: استتر» : وفي رواية أبي نعيم: استتر استتر، كررها، أخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 157] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2487] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 190] رقم 135، وصححها الحاكم في المستدرك [4/ 179] ، جميعهم من طريق النضر بن عبد الرحمن الخزاز- أحد الضعفاء- قال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 162- وقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن. 163- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خرجت لخديجة بنت خويلد إلى جرش كدى- وكذا سفرة- كل سفرة منها بقلوص. 164- وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بحديث فقيل له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك قد رعيت الغنم؟ قال: أجل، وهل من نبي إلّا قد رعاها، وأنا كنت أرعى لأهلي بالقراريط. - وأخرج ابن إسحاق في سيرته [/ 78- 79] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 30- 31] ، قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما يذكر من حفظ الله عزّ وجلّ إياه: إني لمع غلمان هم أسناني، قد جعلنا أزرنا على أعناقنا لحجارة ننقلها نلعب بها، إذ لكمني لاكم لكمة شديدة، ثم قال: اشدد عليك إزارك. (162) - قوله: «إني لأعرف حجرا» : تقدم الكلام عليه تحت رقم 35، ويريد المصنف بإيراده الإشارة إلى أول ما ابتدأ به صلى الله عليه وسلم من النبوة. (163) - قوله: «بقلوص» : القلوص: ابنة المخاض، وقيل: كل أنثى من الإبل حين تركب، سميت قلوصا لطول قوائمها ولم تجسم بعد أو تثني، فإذا أثنت فهي ناقة. والحديث أخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 65- 66] بإسناده إلى الربيع بن بدر- ضعفه الجمهور- عن أبي الزبير، عن الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص. (164) - قوله: «وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما» : الحديث الذي حدثه ذكره جابر بن عبد الله في روايته قال: كنا مع- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 165- وقالت عائشة رضي الله عنها: لقد رأيت قائد الفيل وسايسه. 166- قال: وكان بين الفيل وبين مبعث النبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة. - رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران ونحن نجني الكباث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأسود منه، قال: فقلنا: يا رسول الله كأنك رعيت الغنم؟ ... الحديث أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء، باب يعكفون على أصنام لهم، رقم 3406، وفي الأطعمة، باب الكباث، وهو ورق الأراك، رقم 5453، وأخرجه مسلم في الأطعمة، باب فضيلة الأسود من الكباث، رقم 2050. ويحتمل أن يكون الحديث الذي حدثه صلى الله عليه وسلم ما ذكره أبو هريرة في روايته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بعث الله نبيّا إلّا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت ... ؟ الحديث. والظاهر أن المصنف أراد هذا لأن ذكر القراريط جاء في حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري في الإجازة، باب رعي الغنم على قراريط، رقم 2262، ومالك في الموطأ [2/ 971] ، وابن ماجه في الإجارات، باب الصناعات، رقم 2149. (165) - قوله: «وقالت عائشة» : رجع المصنف إلى قول عائشة المتقدم في ذكر قصة الفيل ليبين السن الذي بعث فيه صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم تخريجه. (166) - قوله: «وكان بين الفيل وبين مبعث النبي صلى الله عليه وسلم» : قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: الذي لا يشك فيه أحد من علمائنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل، وبعث على رأس أربعين سنة من الفيل أخرجه يعقوب ابن سفيان في المعرفة والتاريخ [3/ 251] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 74] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 79] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 167- وقيل لقباث بن أشيم الكناني: يا قباث، أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه، ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، ووقفت بي أمي على روث الفيل محيلا أعقله. (167) - قوله: «وقيل لقباث بن أشيم الكناني» : صحابي، كان يوم بدر مشركا فيما رواه ابن سعد في الطبقات، ثم أسلم بعدها، وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد اليرموك أميرا، وطال عمره حتى أدركه عبد الملك بن مروان. أسد الغابة [4/ 189] ، الإصابة [8/ 129] ، تاريخ الإسلام [وفيات 61- 80- ص 207] ، تاريخ ابن عساكر [49/ 223] ، تجريد أسماء الصحابة [2/ 101] ، طبقات ابن سعد [7/ 411] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2357] ، تاريخ خليفة [/ 52] ، طبقاته [/ 30] ، الاستيعاب [9/ 200] ، تهذيب الكمال [23/ 466] . قوله: «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل» : روي هذا عن ابن عباس بإسناد صحيح، أخرجه من طرق عنه: ابن سعد في الطبقات [1/ 101] ، والحاكم في المستدرك [2/ 603] ، ومن طريقه البيهقي [1/ 75] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 71] ، ومن طرق أخرجه ابن جرير، عن ابن عباس [2/ 290- 292] . قال خليفة بن خياط: المجمع عليه أنه صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل، وقال ابن جرير في تاريخه: وهذا مما لا خلاف فيه، وقال ابن الجوزي في صفة الصفوة: في ذكر مولده صلى الله عليه وسلم: اتفقوا على أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين في شهر ربيع الأول عام الفيل، وقال الإمام النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء [1/ 23، 22] : نقل إبراهيم بن المنذر وخليفة بن خياط الإجماع عليه. قوله: «محيلا» : أي: متغيرا ومتحللا، زاد الترمذي: بعده بعام، ورأيت أمية بن عبد شمس- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 ......... - شيخا كبيرا يقوده عبده أبو عمر، فقال ابنه: يا قباث أنت أعلم وما تقول، أخرجه الترمذي في جامعه، باب ما جاء في ميلاد رسول الله من حديث قيس بن مخرمة قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، قال: وسأل عثمان بن عفان قباث بن أشيم أحد بني عمرو بن ليث: أنت أكبر أو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ... الحديث، رقم 3619، والبيهقي في الدلائل [1/ 76- 77] ، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 2358] . ورواه بعضهم مقتصرا على طرفه الأول وهو حديث قيس بن مخرمة، أخرجه ابن إسحاق في سيرته [/ 48] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 215] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 101] ، وابن هشام في السيرة [1/ 159] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 76] ، وأبو نعيم كذلك [1/ 144] رقم 85، وابن عساكر في تاريخه [3/ 73] . ورواه بعضهم من وجه آخر، والسائل فيه لقباث: عبد الملك بن مروان، أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه [/ 52] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 143] رقم 84، والبيهقي كذلك [1/ 77- 78] ، وابن عساكر في تاريخه [49/ 227 مرتين] . ورواه بعضهم من وجه آخر، والسائل فيه لقباث: مروان بن الحكم، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [4/ 2358] ، وابن عساكر في تاريخه [49/ 229] . تنبيه: سقطت من «م» و «ب» من قوله: (وقالت عائشة) إلى قوله: (أعقله) إلّا من «ظ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 [43- باب: في ذكر عصمة الله نبيّه صلى الله عليه وسلم من التّديّن بغير الحقّ وحراسته قبل المبعث وبعده من مردة الشّياطين والإنس أن ينالوه بسوء] 43- باب: في ذكر عصمة الله نبيّه صلى الله عليه وسلم من التّديّن بغير الحقّ وحراسته قبل المبعث وبعده من مردة الشّياطين والإنس أن ينالوه بسوء 168- أخبرنا الشريف أبو محمد: عبد الله بن يحيى بن طاهر بن يحيى الحسيني بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن نصر، قال: حدثنا أبو عبد الله: الزبير بن بكار، قال: حدثتني ظمياء بنت عبد العزيز بن مولة، عن أبيها، عن جدها مولة بن حمل، قال: أتى عامر بن الطفيل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا عامر أسلم، قال: أسلم على أن لي الوبر ولك المدر؟ قال: لا، ثم قال: يا عامر أسلم، قال: أسلم على أن لي الوبر ولك المدر؟ قال: لا، قال: فولى هو يقول: والله يا محمد لأملأنها عليك خيلا جردا، ورجالا مردا، ولأربطن بكل نخلة فرسا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اكفني عامرا واهد قومه، فخرج حتى إذا كان بظهر المدينة صادف امرأة يقال لها: سلولية، فنزل عن فرسه ونام في بيتها، فأخذته غدّة في حلقه، فوثب على فرسه وأخذ رمحه، وأقبل يجول وهو يقول: غدة كغدة البكرة وموت في بيت سلولية، فلم يزل تلك حاله حتى سقط عن فرسه ميتا. (168) - قوله: «أخبرنا الشريف أبو محمد» : يأتي حديثه بإسناده ومتنه في أعلام نبوّته صلى الله عليه وسلم في فصل: ذكر ما ظهر من الآيات والدلائل فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه المصنف أيضا معلقا من وجه آخر عن عروة بن الزبير، ويأتي تخريجهما هناك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 169- عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل عبدت وثنا قط؟ قال: لا. قيل: فهل شربت خمرا قط؟ قال: لا، وما زلت أعرف أن الذي هم فيه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان. 170- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (169) - قوله: «عن الضحاك بن مزاحم» : الهلالي، الإمام صاحب التفسير، وأحد أوعية العلم، يقال: لم يلق ابن عباس، قال الحافظ الذهبي: صدوق في نفسه وليس بالمجود لحديثه، وله باع كبير في التفسير والقصص، توفي سنة ست ومائة. سير أعلام النبلاء [4/ 598] ، تهذيب الكمال [13/ 291] ، تهذيب التهذيب [4/ 397] ، الكاشف [2/ 33] ، الميزان [3/ 39] ، التاريخ الكبير [4/ 332] ، طبقات ابن سعد [6/ 300، 7/ 369] . قوله: «عن النزال بن سبرة» : الهلالي، العامري الكوفي، عداده في ثقات التابعين، من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن مسعود، وثقه الجمهور. طبقات ابن سعد [6/ 84] ، التاريخ الكبير [8/ 117] ، ثقات العجلي [2/ 312] ، تهذيب الكمال [29/ 334] ، تهذيب التهذيب [10/ 378] ، الكاشف [3/ 176] ، التقريب [/ 560] . قوله: «وما زلت أعرف أن الذي هم فيه كفر» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [2/ 87 تهذيب ابن منظور] ، وأبو نعيم في الدلائل [كما في الخصائص الكبرى للسيوطي 1/ 221] ، إذ ليس في المختصر المطبوع منه. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمّون به إلّا ليلتين، كلتاهما عصمني الله منهما، قلت ليلة لبعض فتيان مكة ونحن في رعاية غنم أهلينا، فقلت لصاحبي: انظر لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر فيها كما يسمر الفتيان، فقال: بلى، فدخلت حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير، فقلت: ما هذا؟ فقيل: تزوج فلان فلانة، فجلست أنظر، فضرب الله على أذني، فو الله ما أيقظني إلّا مسّ الشمس، فرجعت إلى صاحبي، فقال: ما فعلت؟ فقلت: لا شيء، ثم أخبرته بالذي رأيت. ثم قلت له ليلة أخرى: انظر لي غنمي حتى أسمر بمكة، ففعل، فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعته تلك الليلة، فسألت فقيل: فلان نكح فلانه، فجلست أنظر، وضرب الله على أذني فو الله ما أيقظني إلّا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟ فقلت: ما فعلت شيئا؛ ثم أخبرته بالخبر، فو الله ما هممت ولا عدت بعدها لشيء من ذلك حتى أكرمني الله عزّ وجلّ بنبوّته. - قوله: «حتى أكرمني الله عزّ وجلّ بنبوته» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته [/ 79- 80] ، ومن طريقه البخاري في تاريخه معلقا [1/ 130] ، والبزار في مسنده [3/ 129 كشف الأستار] ، رقم 2403 بلفظ مختصر، والبيهقي في الدلائل [2/ 34] ، وصححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 6272، والحاكم في المستدرك [4/ 245] ، ووافقه الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 226] : رواه البزار ورجاله ثقات، وقال السيوطي في الخصائص [1/ 219] : قال ابن حجر: إسناده حسن متصل، ورجاله ثقات. قال أبو عاصم: كأن الحافظ ابن كثير تردد في ثبوته لما في السياق من الغرابة فقال في تاريخه [4/ 228] : هذا حديث غريب جدّا، وقد يكون عن علي- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 171- وقال صلى الله عليه وسلم: فلما نشأت بغض إليّ الأوثان، وبغض إليّ الشعر. - نفسه، ويكون قوله في آخره: حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته مقحما، قال: وشيخ ابن اسحاق هذا ذكره ابن حبان في الثقات وزعم بعضهم أنه في رجال الصحيح، قال شيخنا- يعني: الحافظ المزي-: ولم أقف على ذلك، فانظر إلى هذا الإمام وما تكنه نفسه من التعظيم لمقام هذا النبي الذي أكرمه الله منذ صغره بحماية خاصة ورعاية تامة حتى من مجرد الهم بالشيء المباح، حتى حمله ذلك أن يوجه الحديث فيجعله من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن نفسه، إن هذا لمن تمام حسن الأدب وصحة الاعتقاد، رحمه الله. (171) - قوله: «وقال صلى الله عليه وسلم» : يعني: في حديث شداد بن أوس الطويل، أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير [9/ 18 إتحاف الخيرة، رقم 8501، المطالب العالية 4/ 171، رقم 4254] ، الآجري في الشريعة [/ 431] ، أبو نعيم في الدلائل- فيما ذكره السيوطي في المناهل برقم 162 إذ ليس في المختصر المطبوع منه. وهذا لفظ حديث أبي يعلى: قال أبو يعلى: وثنا يحيى بن عمر بن النعمان السامي، ثنا محمد بن يعلى الكوفي، ثنا عمر بن صبح، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل من بني عامر وهو سيد قومه وكبيرهم ومكرمهم يتوكأ على عصا فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ونسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جده فقال: يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء، ألا وإنك تفوت بعظيم، إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل بيت نبوة وبيت ملك، ولا أنت من هؤلاء ولا هؤلاء إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان فما لك والنبوة؟ ولكن لكل أمر حقيقة فأتني بحقيقة قولك وبدء شأنك، قال: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 ......... - فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته ثم قال: يا أخا بني عامر إن للحديث الذي تسأل عنه نبأ ومجلسا فاجلس، فثنى رجليه وبرك كما يبرك البعير، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدو شأني دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ابن مريم وإني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد، وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت: فجعلت أتبع بصري النور فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها، ثم إنها ولدتني، فلما نشأت بغضت إليّ الأوثان وبغض إليّ الشعر، واسترضع بي في بني جشم بن بكر فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي من الصبيان إذا أنا برهط ثلاث معهم طست من ذهب ملآن نور وثلج، فأخذوني من بين أصحابي وانطلق أصحابي هربا حتى إذا انتهوا إلى شفير الوادي أقبلوا على الرهط فقالوا: ما لكم ولهذا الغلام؟ إنه غلام ليس منا وهو من بني سيد قريش، وهو مسترضع فينا، من غلام يتيم ليس له أب، فماذا يرد عليكم قتله، ولكن إن كنتم فاعلين فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم فاقتلوه مكانه ودعوا هذا الغلام، فلم يجيبوهم فلما رأوا الصبيان أن القوم لا يجيبونهم انطلقوا هرابا مسرعين إلى الحي يؤذنوهم بهم ويستصرخونهم على القوم، فعمد إليّ أحدهم فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر فلم أجد لذلك مسّا، ثم أخرج أحشاء بطني فغسله بذلك الثلج فأنعم غسله ثم أعادها في مكانها، ثم قام الثاني فقال لصاحبه: تنح، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها ثم قال بيده يمنة منه كأنه يتناول شيئا ثم إذا بالخاتم في يده من نور النبوة والحكمة تخطف أبصار الناظرين دونه فختم قلبي فامتلأ نورا وحكمة، ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا، ثم قام الثالث فنحى صاحبيه فأمرّ يده بين ثديي- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 ......... - ومنتهى عانتي فالتأم ذلك الشق بإذن الله، ثم أخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا، ثم قال الأول الذي شق بطني: زنوه بعشرة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، ثم قال: زنوه بمائة من أمته، فوزنوني فرجحتهم، ثم قال: زنوه بألف من أمته، فوزنوني فرجحتهم، قال: دعوه، فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجح بهم، ثم قاموا إليّ فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا: يا حبيب لم ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك، قال: فبينما نحن كذلك إذ أقبل الحي بحذافيرهم، وإذا ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وهي تقول: يا ضعيفاه، فأكبوا عليّ يقبلوني ويقولون: يا حبذا أنت من ضعيف، ثم قالت: يا وحيداه، قال: فأكبوا عليّ وضموني إلى صدورهم وقالوا: يا حبذا أنت من وحيد، ما أنت بوحيد، إن الله معك وملائكته والمؤمنون من أهل الأرض، ثم قالت: يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فأكبوا عليّ وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وقالوا: يا حبذا أنت من يتيم ما أكرمك على الله، لو تعلم ماذا يراد بك من الخير، قال: فوصلوا إلى شفير الوادي فلما بصرت بي ظئري قالت: يا بني ألا أراك حيا بعد؟ فجاءت حتى أكبت عليّ فضمتني إلى صدرها، فو الذي نفسي بيده إني لفي حجرها قد ضمتني إليها وإن يديى لفي يد بعضهم وظننت أن القوم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، فجاء بعض الحي فقال: هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن فانطلقوا به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه، فقلت له ولهم: ما هذا؟ ليس بي شيء مما تذكرون، أرى نفسي سليمة ونوابي صحيحا وليس بي قلبة، فقال أبي- وهو زوج ظئري-: ألا ترون ابني كلامه كلام صحيح إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس، فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه فقصوا عليه قصتي فقال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمره، فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 ......... - فلما سمع مقالتي ضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فو اللات والعزى لئن تركتموه ليبدلن دينكم وليسفهن أحلامكم وأحلام آبائكم وليخالفن أمركم وليأتين بدين لم تسمعوا بمثله، قال: فانتزعني ظئري من يده قال: لأنت أعته منه وأجن، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، ثم احتملوني وردوني إلى أهلي فأصبحت مغموما مما فعل بي وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك، فذلك حقيقة قولي وبدو شأني. فقال العامري: أشهد أن لا إله إلّا الله وأن أمرك حق فأنبئني بأشياء أسألك عنها قال: سل عنك- وكان يقول للسائلين قبل ذلك: سل عما بدا بك، فقال يومئذ للعامري: سل عنك، لأنها لغة بني عامر فكلمه بما يعرف-، فقال العامري: أخبرني يا ابن عبد المطلب ماذا يزيد في الشر؟ قال: التمادي، قال: فهل ينفع البر بعد الفجور؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، التوبة تغسل الحوبة، وإن الحسنات يذهبن السيئات وإذا ذكر العبد ربه في الرخاء أعانه عند البلاء، قال العامري: كيف ذلك يا ابن عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذلك بأن الله يقول: لا أجمع لعبدي أمنين، ولا أجمع له خوفين إن هو آمن بي في الدنيا يوم أجمع عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه ولا أمحقه فيمن أمحق. فقال العامري: يا ابن عبد المطلب إلى ما تدعو؟ قال: إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن تخلع الأنداد وتكفر باللات والعزى وتقر بما جاء من الله من كتاب ورسول وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهن وتصوم شهرا من السنة وتؤدي زكاة مالك فيطهرك الله به ويطيب لك مالك وتقر بالبعث بعد الموت وبالجنة والنار، قال: يا ابن عبد المطلب، فإن أنا فعلت هذا فما لي؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك جزاء من تزكى. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 172- وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل- قال: يا ابن عبد المطلب هل مع هذا من الدنيا شيء فإنه يعجبنا الوطأة في العيش؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، النصر والتمكين في البلاد، قال: فأجاب العامري وأناب. قال الحافظ البوصيري عقب إيراده: هذا إسناد ضعيف لضعف عمر بن صبح والراوي عن محمد بن يعلى الكوفي. (172) - قوله: «وعن هشام بن عروة» : ابن الزبير بن العوام الأسدي، الزبيري، القرشي، الإمام الحافظ الثبت، أحد مشايخ الإسلام، وحفاظ السنة، ممن اتفق على إمامته وحفظه وإتقانه، وحديثه في الكتب الستة، توفي سنة ست وأربعين ومائة. سير أعلام النبلاء [6/ 34] ، تهذيب الكمال [30/ 232] ، تهذيب التهذيب [11/ 44] ، الكاشف [3/ 197] . قوله: «عن أبيه» : هو عروة بن الزبير- حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية- ابن العوام الأسدي، عداده في التابعين من فقهاء المدينة السبعة وعلمائها، وهو ابن أخت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أسماء، لازمها حتى استفرغ ما لديها من العلم والحديث، روي عنه أنه قال: ما ماتت حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين، له مناقب وفضائل مذكورة في المطولات. سير أعلام النبلاء [4/ 421] ، تهذيب الكمال [20/ 11] ، تهذيب التهذيب [7/ 163] ، الكاشف [2/ 229] . قوله: «زيد بن عمرو بن نفيل» : والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين، وابن عم عمر بن الخطاب، كان ممن جانب أهل الجاهلية أعمالهم، فخلع الأوثان، وجانب الشرك وطلب- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 يعيب أكل ما ذبح لغير الله، فما ذقت شيئا ............. - الدين والتوحيد منتظرا بعثته صلى الله عليه وسلم، وسيأتي شيء من فضائله في بابه إن شاء الله تعالى. قوله: «يعيب أكل ما ذبح لغير الله» : هذه منقبة من مناقب زيد بن عمرو، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده لمجانبته أعمال أهل الجاهلية التي حفظ الله بها نبيه قبل لقيه زيد، فقد بغض إليه سبحانه بما خصه من الرعاية والحماية الأوثان والشعر، وحبب إليه الخلاء توفيقا وإلهاما، لم يكن لزيد في ذلك أثر، عصمه خليله صلى الله عليه وسلم من أن يهم بشيء من المباحات مما كان يهم به أقرانه أهل سنه، لا بل وفقه لأعمال قررها الشرع فيما بعد حتى رؤي يوم عرفة واقفا بها كما جاء في الصحيحين. قال أبو عاصم: فإذا كان الأمر كذلك فالذي يقتضيه الحال أن لا يغذيه مولاه طعاما إلّا ما كان على شاكلة ذلك ولا بد، لينتظم له معنى الكمال في نشأة الروح والجسد، ومعنى التمام في الحماية الإلهية إذ كان غير خاف تأثير المطعم والمشرب على شفافية الروح الصالحة وصفائها واتصالها بخالقها، ولذلك كان اعتقادنا اعتقاد أهل السنة في ذلك أنه سبحانه لم يطعمه إلّا ما كان ذاته طاهرا ومخرجه طيبا وذكاته حلالا قبل أن يرى زيدا وغيره بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. قوله: «فما ذقت شيئا» : مثل هذا التعبير قول الراوي في حديث الصحيحين: فما رؤي عريانا بعد ذلك مع أنه لم يكن يرى كذلك قبل ذلك، وهذا معروف في اللسان العربي تقول: لم أدخل بيت فلان منذ أن علمت أنه يفعل كذا وكذا، فلا يعني بالضرورة أنك دخلته قبل ذلك، ولكن يعني أنك اجتنبت كليا نية دخوله بعد علمك بما علمت عنه، فإن قيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من زيد، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 ذبح على النصب حتى أكرمني الله عزّ وجلّ بما أكرمني به من رسالته. - فلماذا لم يكن منه صلى الله عليه وسلم بدلا من زيد؟ والجواب أنّ هذا كلام لا معنى له، فإنه سبحانه لم يزل كريما، خزائنه ملآى، يكرم من شاء بما شاء، وقد أكرم سبحانه صحابة نبيه في حضرته عزّ وجلّ بأمور صارت شريعة لمن بعدهم، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أكرم بموافقات كثيرة، فلا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بها منه في الوقت الذي لم يكن هو صلى الله عليه وسلم غافلا عنها، فكان يفرح بظهورها منهم تواضعا منه صلى الله عليه وسلم، ولعلمه أن الله سبحانه إنما أكرمهم بذلك بسببه ومن أجله، إذ هو صلى الله عليه وسلم كالوالد والشيخ يفرح بنبوغ ولده وتلميذه، فلا يتعد الأمر كونه في مناقب زيد وعمر وغيرهما ممن جعل الله على أيديهم مثل ذلك، فتأمل. قوله: «ذبح على النصب» : النصب: الأحجار الكبيرة المتخذة في زمن الجاهلية للعبادة، كان أهل الجاهلية ينصبونها حول الكعبة لكن كان منها ما هو من جملة الأصنام المعبودة، ومنها الأحجار المسماة باسم بعضها تتخذ للذبح عليها، ومنها ما هو آلة محضة ليست إلّا من الآت الجزارة ومن هنا دخلت الشبهة على أحجار الجزارة، إذ ليس كل آلات الجزارة للذبح مسماة، كما أن ليس كل الأحجار (الأنصاب) معبودة. نعم وللبحث تتمة تأتي. والحديث أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 188] ، رقم 131 بإسناد فيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، ضعيف بمرة، قال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يتابعه عليها الثقات، وأحاديثه غير محفوظة، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وزعم ابن حبان أنه يروي الموضوعات عن الثقات، وعزاه في الكنز [12/ 79] برقم 34080 للديلمي. قلت: روي حديثه من غير وجه، فسيأتي من حديث ابن عمر، ومن حديث- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 173- وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع أباه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقيت زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح- وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي- قال: فقدّمت إليه سفرة فيها لحم، - زيد بن حارثة، ومن حديث عروة مرسلا، ومن حديث سعيد بن زيد، يأتي تخريجها إن شاء الله تعالى. (173) - قوله: «وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب» : العدوي، القرشي، الإمام مفتي المدينة وعالمها، كان أبوه يقبّل رأسه وبين عينيه ويقول: شيخ يقبل شيخا، ذكره ابن المبارك في فقهاء المدنية السبعة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم، قال مالك: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه. سير أعلام النبلاء [4/ 457] ، تهذيب الكمال [10/ 145] ، الكاشف [1/ 271] ، تهذيب التهذيب [3/ 378] . قوله: «بأسفل بلدح» : بموحدة مفتوحة، بعدها لام ساكنة، ثم مهملة مفتوحة وآخره مهملة: اسم واد أو مكان في طريق التنعيم. قوله: «وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي» : ذكر ابن الجوزي هذه القصة في المنتظم في حوادث سنة خمس وثلاثين، وهي السنة التي بنيت فيها الكعبة، والسنة التي ولدت فيها السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ابن خمس وثلاثين. قوله: «فقدّمت إليه سفرة فيها لحم» : بالبناء للمجهول، هكذا وقع في رواية البخاري في المناقب، وعنده في الذبائح: فقدّم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة، قال الحافظ في الفتح: وقع للأكثر: فقدّم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللكشميهني: فقدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة، وجمع ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقدمها لزيد فقال زيد مخاطبا أولئك القوم ما قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 فأبى أن يأكل منها شيئا ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلّا ما ذكر اسم الله عليه. قوله: «مما تذبحون على أنصابكم» : لوجود الشبهة التي أشرنا إليها في الحديث قبله، قال الحافظ في الفتح في تعليل أوجه امتناع زيد عن الأكل: أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة. اهـ. وهذا الوجه هو الراجح عندي؛ إذ كان أكله صلى الله عليه وسلم مما يذبح على النصب غير منتظم عند من يثبت له الرعاية الإلهية التي خصه الله بها منذ صغره ويعتقدها، فالأمة مجتمعة على أنه صلى الله عليه وسلم قد بغضت إليه الأوثان منذ نشأته، فكيف يتصور ذبحه لها وعلى أسمائها؟ هذا لا يكون. وللبحث تتمة تأتي في الحديث بعده، وقد ذكرنا شيئا في الحديث قبله، وبالله التوفيق والسداد. حديث الباب أخرجه الإمام البخاري في المناقب، باب حديث زيد بن عمرو ابن نفيل، رقم 3826، وفي الذبائح والصيد، باب ما ذبح على النصب والأصنام، رقم 5499، والإمام أحمد في المسند [2/ 68- 69، 89، 127] الأرقام 5369، 5631، 6110، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 297- 298] رقم 13169، والبيهقي في الدلائل [2/ 121، 122] ، وإبراهيم الحربي في الغريب [2/ 790] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 380] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 507- 508، 508] ، زاد في الطريق الأول: وكان زيد يصلي إلى الكعبة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك فيه: يبعث أمة وحده يوم القيامة، جميعهم من حديث موسى بن عقبة، عن سالم به. فائدة: فإن قيل: أورد المصنف أحاديث زيد بن عمرو وهي تعد في مناقبه، فما الشاهد فيها مما نحن بصدده؟ والجواب من أوجه: الأول: أن المصنف رحمه الله وطأ لذلك بما سينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمر زيد بن عمرو في الآخرة من أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده، وفي إخباره من دلائل النبوة ما لا يخفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 174- وعن أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن حارثة قال: - الثاني: أن قصة لقيه بزيد كانت يوم مقدمه من الشام وقد أخبروه رهبانها بقرب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم- كما جاء في بعض الروايات- أنه رجع ينتظر ظهور هذا النبي، وأنه إن ظهر في حياته فسيؤمن به ويتبعه. الثالث: أن حماية الله عزّ وجلّ لنبيه صلى الله عليه وسلم ورعايته له تنوعت منذ نشأته، فتارة تكون منه سبحانه مباشرة كما في حديث علي بن أبي طالب المتقدم حين ذهب للسمر في مكة، فضرب الله على أذنه النوم، وتارة يكون بواسطة الملك كما حصل في تنبيهه بلبس الإزار وعدم التعري عند بناء الكعبة، وتارة يكون بإلقاء ذلك في نفسه تقربا إلى الله كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنه حبب إليه الخلاء، وتارة يكون على يد أناس من أهل قومه كما هو الحال هنا مع زيد بن عمرو، والله أعلم. (174) - قوله: «وعن أسامة بن زيد» : ابن حارثة بن شراحيل- أو شرحبيل- الحب ابن الحب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، أحب الناس إليه، ربّاه النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحبّه كثيرا حتى قال صلى الله عليه وسلم: من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة، وأمّره صلى الله عليه وسلم على جيش وعمره إذ ذاك ثماني عشرة سنة. سير أعلام النبلاء [2/ 496] ، الإصابة [1/ 45] ، أسد الغابة [1/ 79] ، الاستيعاب [1/ 143] . قوله: «عن أبيه زيد بن حارثة» : ابن شراحيل- أو شرحبيل- ابن كعب، الصحابي الجليل المسمى في سورة الأحزاب، سيد الموالي وأسبقهم إلى الإسلام وأحبهم إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله لزيد: يا زيد أنت مولاي ومني وإليّ وأحب القوم إلي، هنيئا له رضي الله عنه وأرضاه. سير أعلام النبلاء [1/ 220] ، الإصابة [3/ 47] ، أسد الغابة [2/ 281] ، الاستيعاب [3/ 47] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له شاة قوله: «إلى نصب من الأنصاب» : هذا منكر، إنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم للرعي، ففي رواية البخاري في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بأسفل بلدح، وهنا أنه لقيه بأعلى الوادي، وفي مرسل عروة الآتي: أتاني وأنا أرعى ومعي لحم مطبوخ. قال أبو عاصم: وأصل هذا الحديث يعاني من نكارة شديدة في متنه، رواية البخاري المتقدمة قبله شاهدة على ذلك، وما روي عن زيد بن حارثة من أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل شهود مشاهد المشركين حتى أكرمه برسالته ناطقة باضطراب هذا الحديث، وما سيأتي من لوم عماته له وقولهن: ما تصنع من اجتناب آلهتنا؟ أما تريد أن تحضر عيدا لقومك ولا تكثر لهم جمعا.. الحديث يؤيد ذلك، وقد أثبت الحافظان: الذهبي في قسم السيرة من التاريخ، وابن كثير كذلك على عصمة الله له منذ صغره ونشأته من أعمال الجاهلية حتى شبّ فألهمه عز وجل في شبابه صلى الله عليه وسلم مجانبتهم، وبغض إليه الأوثان والشعر، وحتى وفقه سبحانه لأن يقف بعرفات دون قومه، وقد ثبت ذلك في الصحيحين من حديث جبير بن مطعم، فأما الحافظ الذهبي فقال في سير الأعلام [1/ 222] معلقا على حديث الباب: في إسناده محمد- يعني ابن عمرو بن علقمة- لا يحتج به، وفي بعضه نكارة بينة، وقال الحافظ ابن كثير في معرض إنكاره على متن هذا الحديث: قال البيهقي: زاد غيره عن محمد بن عمرو في هذا الحديث قال زيد: فو الذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه وأنزل عليه؛ وهذه الزيادة الأخيرة وردت عندنا، وكذا عند بعض من أخرجه، والضمير فيها يعود على زيد بن حارثة، فهذا اضطراب آخر. قال ابن كثير في معرض إنكاره أيضا: وقد تقدم قوله عليه الصلاة والسلام لبحيرا حين سأله باللات والعزى: لا تسألني بهما فو الله ما أبغضت شيئا بغضهما، قال: وقد فسر البيهقي قول جبير في حديثه رأيته بعرفات وهو على- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 فأنضجناها، قال: فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل بأعلى الوادي في يوم حار- دين قومه، قال البيهقي: معنى قوله على دين قومه: ما بقي من إرث إبراهيم وإسماعيل عليه السلام، ولم يشرك بالله قط صلوات الله وسلامه عليه دائما. نعم، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يتصور بعده أنه صلى الله عليه وسلم خرج لنصب من الأنصاب أو أنه ذبح له وعلى اسمه؟! سبحانك هذا بهتان عظيم، وقد بقيت أياما ضائق الصدر مضطرب النفس بسبب وقوفي على قول بعض المشتغلين بالتحقيق، فرأيته يقول بتحسينه، ويتعقب الذهبي لكونه وافق الحاكم في المستدرك بأنه على شرط مسلم وتناقض في السير فأنكره، وما درى هذا المسكين معنى موافقته مرة وإنكاره أخرى، وما ذلك إلّا لقصر باعه في فن المصطلح، فأما موافقته هناك على الإسناد وكونه على شرط مسلم فهو صحيح لا غبار عليه، ولا يعارض ذلك قوله هنا: في متنه نكارة بينة، إذ الحكم هنا منصب على الإسناد لا المتن، وكم من الأحاديث رجالها رجال الصحيح وفي متونها مخالفة ظاهرة، ولهذا فرّع أهل المصطلح الشاذ والمنكر فتأمل، ولولا خوف الإطالة لبذلت لك ما يوضح هذا المعنى الذي محله كتب المصطلح، ثم ما الفائدة من إثباته وفي متنه ما يخدش الرعاية الإلهية والتربية الربانية التي نعتقد أن خليله ومولاه خصه بها. هذا ما كتبته في أول تعليقي على هذا الحديث حتى أوقفني الله على مزيد من ذلك للحافظ إبراهيم الحربي والذهبي وإليك ما جاء عنهما في هذا الحديث. قال الحافظ إبراهيم الحربي في الغريب [2/ 791] : قوله: ذبحنا له شاة: لذلك وجهان: إما أن يكون زيد فعله من غير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رضاه إلّا أنه كان معه فنسب ذلك إليه، لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما كان الله أعطاه نبيّه صلى الله عليه وسلم ومنعه مما لا يحل من أمر الجاهلية، قال: وكيف يجوز ذلك وهو قد منع زيدا في حديثه هذا بعينه أن يمس صنما، وما مسه النبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته ولا بعد، فهو ينهى زيدا عن مسه ويرضى أن يذبح له؟! هذا محال. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 من أيام مكة، فلما التقينا حيّا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية: - قال: والوجه الثاني: أن يكون ذبح لزاده في خروجه فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده، فكان الذبح منهم للصنم، والذبح منه لله تعالى، إلّا أن الموضع جمع بين الذبحتين، فأما ظاهر ما جاء به الحديث فمعاذ الله. قال: فأما حديث ابن عمر وسعيد بن زيد (يعني: المتقدمين) فليس فيهما بيان أنه صلى الله عليه وسلم ذبح أو أمر بذلك، ولعل زيدا ظن أن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها، فامتنع لذلك، ولم يكن الأمر كما ظن، فإن كان ذلك فعل فبغير أمره ولا رضاه، قال: والفقهاء من الصحابة والتابعين مختلفون فيما ذبح لصنم أو كنيسة، فرخص فيه قوم إذا كانت الذكاة وقعت موقعها، ولم يلتفتوا إلى ما أضمره الذابح، فرخص أبو الدرداء، وأبو العرباض، وعبادة وجماعة من التابعين، وكرهه ابن عمر وعائشة وجماعة من التابعين، قال: وكراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصوب وأحسن من غير طعن على من رخص ولا مخطّئه. وقال الحافظ الذهبي معلقا على الوجه الثاني الذي ذكره الحربي: قلت: هذا حسن فإنما الأعمال بالنية، أما زيد فأخذ الظاهر، وكان الباطن لله، وربما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الإفصاح خوف الشر فإنما مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، ثم أورد رواية إبراهيم الحربي من طريق المسعودي عن نفيل بن هشام، عن أبيه عن جده قال: مر زيد برسول الله صلى الله عليه وسلم وبابن حارثة وهما يأكلان في سفرة فدعواه فقال: إني لا آكل مما ذبح على النصب، قال: وما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلا مما ذبح على النصب. قال الحافظ الذهبي رحمه الله ورضي عنه: فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله، قال: وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده، ولو احتمل جواز ذلك، قال: فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي وكان ذلك على الإباحة، وإنما توصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما لي أراك يا ابن عمرو قد شققت عصا قومك؟ قال: إن ذلك من غير نائرة كانت مني فيهم، ولكني وجدتهم يشركون بالله، وكرهت أن أشرك بالله، وأردت دين إبراهيم عليه السلام، فأتيت أحبار يثرب فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فقلت: ليس هذا بالدين الذي أبغي، فخرجت حتى أتيت أحبار أيلة، فقلت: ليس هذا بالدين الذي أبغي، فخرجت حتى أتيت أحبار الشام، فقال رجل منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أن أحدا من أهل الأرض يعبد الله به إلّا شيخا بالجزيرة، فأتيته فقال: ممن أنت؟ فقلت: من أهل بيت الشوك والقرظ من أهل حرم الله، فقال لي: ارجع، فقد أطلع الله تبارك وتعالى نجم نبي قد خرج- أو هو خارج- فاتبعه فإنه يعبد الله بالدين الذي تسأل- الآية، كما أن الخمرة كانت على الإباحة إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد. قال: والذي لا ريب فيه أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من جميع الرذائل وأعمال الجاهلية والسفه وكشف العورة فلم يكن يطوف عريانا ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة، بل كان يقف بعرفة، وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف، قال: ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم تسليما [سير أعلام النبلاء 1/ 129- 135] . وقال الحافظ في الفتح معلقا على قول زيد: مما تذبحون على أنصابكم: قال القاضي عياض في عصمة الأنبياء قبل النبوة: إنها كالممتنع، لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدا قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح، فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه، قال الحافظ: فإن فرعنا على هذا فالجواب عن قوله: ذبحنا شاة على بعض الأنصاب يعني: الحجارة التي ليست بأصنام ولا معبودة، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 عنه، قال: فقدمت فو الله ما أحسن شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فهل لك في الطعام؟ قال: نعم، فوضع الشاة بين يديه، فقال: لأي شيء ذبحت يا محمد؟ قال: لنصب من الأنصاب، قال: ما كنت لآكل شيئا ذبح لغير الله، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم لوجهه ذلك فلم يلبث إلّا يسيرا حتى أتته النبوة. قال زيد: وانطلق صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، وبفناء الكعبة صنمان، يقال لأحدهما: أساف، وللآخر: نائلة والناس يتمسحون بهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمسهما، فقال: لأمسّنهما حتى أنظر ما يقول، فمسستهما، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تنه؟ فو الله ما مسستهما حتى أنزل عليه الكتاب. - وإنما هي من آلات الجزار التي يذبح عليها، لأن النصب في الأصل حجر كبير، فمنها ما يكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه ومنها ما لا يعبد بل يكون من آلات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم، أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة، الفتح [7/ 178] . والحديث أخرجه النسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 54] رقم 8188، وهو في جزء ابن بشار برقم (1) ، ومن طريق ابن بشار أخرجه أبو يعلى في مسنده [13/ 170- 172] . رقم 7212، ومن طريق أبي يعلى ابن عساكر في تاريخه [19/ 343] . وأخرجه إبراهيم الحربي في الغريب بلفظ مختصر [2/ 790] ، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 86- 88، 88] الأرقام 4663، 4664، 4665، والبزار في مسنده [3/ 283، كشف الأستار، رقم 2755] ، والحاكم في المستدرك [3/ 216- 217] ، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 329] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 345- 346، 508، 509] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 124- 126] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 175- قال: وذكر زيد بن عمرو بن نفيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده. 176- وقد روي عن عكرمة، عن ابن عباس قال: حدثتني أم أيمن قالت: كان ببوانة صنما تعظمه قريش، يحلقون رؤوسهم عنده، وتنسك له النسائك ويعكفون عنده يوما إلى الليل، وذلك يوم في السنة، فكان أبو طالب يحضره مع قومه، ويكلم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد مع قومه، حتى رأيت أبا طالب غضب، وكانت عماته غضبن يومئذ أشد (175) - قوله: «يبعث يوم القيامة أمة وحده» : يأتي تخريجه في فضائله إن شاء الله تعالى. (176) - قوله: «كان ببوانة» : بوانه: هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، قريب منها ماء المجاز وماء القصيبة، وفيها يقول ابن ضرار: نظرت وسهب من بوانة دوننا ... وأفيح من روض الرباب عميق قال ياقوت في معجم البلدان: وهذا يريك أنه جبل. وقد ورد ذكره في الحديث، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 419] من حديث كردم بن سفيان أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر نذره في الجاهلية- في غير رواية أحمد: خمسين شاة على بوانة- فقال له النبي: للوثن أو النصب؟ قال: لا، ولكن لله تبارك وتعالى، قال: فأوف لله تبارك وتعالى مما جعلت له، انحر على بوانة وأوف بنذرك. قوله: «رأيت أبا طالب غضب» : زاد في رواية ابن سعد: عليه، وكذلك عند قوله: وكانت عماته غضبن، زاد فيها: عليه، أخرجه في الطبقات [1/ 158] من طريق شيخه الواقدي، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن العباس، عن عكرمة، به، ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 الغضب، وجعلن يقلن: إنا لنخاف عليك مما تصنع من اجتناب آلهتنا، ما تريد أن تحضر عيدا لقومك، ولا تكثر لهم جمعا. فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ثم رجع مرعوبا فزعا فقال له عماته: ما دهاك؟ قال: إني أخشى أن يكون بي لمم، فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك، فما الذي رأيت؟ قال: إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض طويل يصيح بي: وراءك يا محمد، يا محمد لا تمسه. قالت: فما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نبّىء. 177- وروى عبد الله بن أبي الحمساء قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، فبقيت له بقية فواعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك، قال: فنسيته يومي والغد فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه، فقال: يا فتى لقد شققت علي، أنا ها هنا منذ ثلاث أنتظرك. - الجوزي في المنتظم [2/ 284] ، حوادث سنة ثمان من مولده. تابعه أبو معاوية المساحقي، عن أبي بكر، أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 186- 187] رقم 129. قلت: ابن أبي سبرة رماه بعضهم بالوضع. (177) - قوله: «منذ ثلاث انتظرك» : أخرجه أبو داود في الأدب، باب: في العدة، رقم 4996، وابن سعد في الطبقات [7/ 59] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 198] ، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 177، وابن عساكر في تاريخه [4/ 52] ، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1625] رقم 4090، وابن الأثير في الأسد [3/ 217] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 178- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى مع أصحابه مشوا أمامه وتركوا ظهره للملائكة. 179- وعن أبي ذر الغفاري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام إلّا ونحن حوله من مخافة الغوائل، حتى نزلت آية العصمة: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية. (178) - قوله: «وتركوا ظهره للملائكة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 302، 332، 397، 398] ، والدارمي كذلك رقم 47- فتح المنان، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب من كره أن يوطأ عقبه، رقم 246، والبغوي في الأنوار [1/ 353] رقم 464، والطحاوي في مشكل الآثار، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 99] من حديث الأسود ابن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله، به، صححه ابن حبان برقم 6312- إحسان، والحاكم في المستدرك [2/ 411، 4/ 281] ، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. (179) - قوله: «وعن أبي ذر الغفاري» : هو جندب بن جنادة، أحد السابقين الأولين، وسيد الزهاد والمتصوفين، ومن نجباء أصحابه صلى الله عليه وسلم. يقال: كان خامس خمسة في الإسلام، كان رأسا في الزهد، والصدق، والعلم، والعمل، له مناقب وفضائل مذكورة في المطولات ويأتي شيء منها في الفضائل. قوله: «مخافة الغوائل» : أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 198- 199] رقم 151 بإسناد فيه حبان بن علي العنزي، وغالب بن عبيد وهما ضعيفان، لكن يشهد له الحديث بعد الآتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 180- وروى عمار بن ياسر قال: كنت أرعى غنيمة أهلي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرعى غنيمة أهله في الجاهلية، فقلت: يا محمد هل لك في فج، فإني تركتها روضة تزف؟ قال: نعم، فتواعدنا أن نعدو إليها، فجئتها وقد سبقني محمّد صلى الله عليه وسلم وهو قائم يذود غنمه عن الروضة، فقلت: ما منعك أن تدعها ترعى في الروضة؟ فقال: إني كنت واعدتك فكرهت أن أرعى قبلك. 181- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرس حتى (180) - قوله: «فكرهت أن أرعى قبلك» : يعني: لما كان من الموعد بينهما، وقد جبل صلى الله عليه وسلم منذ بدء نشأته على الأخلاق الرفيعة المحمودة صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث أن عمار بن ياسر كان صديق النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، وفي كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بن بكار ما يشير إلى ذلك، فأخرج فيه [/ 27] في قصة زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة من حديث محمد بن الحسن، عن عبد السلام بن عبد الله، عن معروف بن خربوذ قال: قال عمار بن ياسر: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة، كنت صديقا له في الجاهلية، فأقبلت معه وهو ابن بضع وعشرين سنة.. القصة. والحديث أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 11] رقم 2305 من حديث الهيثم بن عدي- إخباري متروك الحديث بابة الواقدي- عن أبي اليقظان بن أبي عبيد- لا يعرف- عن لؤلؤة مولاة عمار، عنه به. (181) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : أخرج حديثها الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة المائدة، رقم 3046 وقال: هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس.. ولم يذكروا فيه: عن عائشة. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 نزلت هذه الآية: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبّة وقال: يا أيها الناس ارجعوا فقد عصمني الله. 182- وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس، وكان أبو طالب يرسل معه برجال من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ - وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير [4/ 1173] رقم 6615، وابن جرير في تفسيره [6/ 308] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 171] ، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 313] ، قال الذهبي: صحيح. قلت: قال الواحدي في أسباب النزول [/ 150] ، قالت عائشة رضي الله عنها: سهر النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقلت: يا رسول الله ما شأنك؟ قال: ألا رجل صالح يحرسنا الليلة؟ فقالت: بينما نحن في ذلك سمعت صوت السلاح فقال: من هذا؟ قال: سعد وحذيفة، جئنا نحرسك، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ونزلت هذه الآية، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة أدم، وقال: انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله. هكذا ربط الواحدي بين المتن الأول والثاني، وهذا بهذا السياق عن عائشة منكر، أخرجه مسلم في فضائل الصحابة برقم 2410، إلى قوله: غطيطه ليس فيه ذكر حذيفة ولا الشطر الأخير منه. (182) - قوله: «وعن عكرمة، عن ابن عباس» : أخرجه الواحدي في أسباب النزول [/ 151] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2488] ، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 256- 257] رقم 11663، جميعهم من طريق الحماني، عن النضر بن عبد الرحمن، به، قال ابن عدي: وهذه الأحاديث عن أبي يحيى- يعني الحماني- عن النضر كلها غير محفوظة ومع ضعفه يكتب حديثه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية، فأراد عمه أن يرسل معه فقال: يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس. 183- وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: لما نزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ الآية، أقبلت أروى أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول: مذمما أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا (183) - قوله: «وفي يدها فهر» : الفهر: الحجر بمقدار ملء الكف، ويقال: هو الحجر مطلقا. والحديث أخرجه الحميدي في مسنده برقم 323، وأبو يعلى في مسنده [1/ 54] رقم 53، وابن أبي حاتم في تفسير سورة تبت [10/ 3472] رقم 19522، والبيهقي في الدلائل [2/ 195- 196، 196] ، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 361] ، وقال الذهبي: صحيح. وذكر الحافظ السيوطي في الدر المنثور [5/ 295] أن ابن أبي حاتم صححه، وعزاه أيضا لابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل. قلت: في الإسناد تدرس جد محمد بن مسلم بن تدرس الراوي عن أسماء وقع عند الجميع ابن تدرس وهو يحتمل، لأن الوليد يروي عن ابن شهاب والطبقة، لكن قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 16- 17] : فيه تدرس جد أبي الزبير ولم أعرفه. اه، وتصحف في المطبوع من تفسير ابن أبي حاتم إلى: ابن بردوس. وفي الباب عن أبي هريرة، وعن ابن عباس، وأبي بكر الصديق، وزيد بن أرقم. حديث أبي هريرة يأتي في إثر هذا. وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو يعلى في مسنده [1/ 33- 34، 4/ 246] رقم 25، 2358، والبزار في مسنده [3/ 83، 84 كشف الأستار] رقم 2294، 2295- ومن طريقه ابن بشكوال في غوامض الأسماء- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المجلس، ومعه أبو بكر- فلما رآها قال: يا رسول الله قد أقبلت، وأنا أخاف أن تراك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لن تراني، وقرأ قرآنا اعتصم به وقال: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45) ، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر رضي الله عنه ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت أن صاحبك هجاني، فقال: لا، ورب هذا البيت ما هجاك. 184- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا كيف-[1/ 190] رقم 47-، وأبو نعيم في الدلائل برقم 141، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 6511-. وقال البزار: وهذا أحسن الإسناد، ويدخل في مسند أبي بكر، وقال الدارقطني في أطراف الغرائب [3/ 174] رقم 2348: غريب من حديث عطاء، عنه، تفرد به عبد السلام بن حرب، عنه، وعنه أبو أحمد الزبيري، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 144] : فيه عطاء بن السائب وقد اختلط، وحسنه الحافظ في الفتح [8/ 738] . وأما حديث أبي بكر فكما قال البزار أنه يدخل في مسنده يعني لا من مسند أسماء، وقد عزاه السيوطي في الدر المنثور [5/ 296] ، لابن مردويه من حديث أبي بكر. وأما حديث زيد بن أرقم فأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 526] ، ذكر فيه علة، فأخرجه من وجه آخر فذكر بدل زيد بن أرقم يزيد بن زيد. (184) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرجه البخاري في المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحمد في مسنده [2/ 244، 340] ، والنسائي في الطلاق، باب الإبانة والإفصاح بالكلمة، رقم 3438، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 252] ، وفي الدلائل [1/ 152] وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمّد، صلى الله عليه وسلم. 185- وعن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجدّا بمكة، فجاء إبليس فأراد أن يطأ على عنقه فنفحه جبريل عليه السّلام نفحة بجناحه فوقع إلى الأردن. 186- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: بينما أنا أصلي البارحة (185) - قوله: «فوقع إلى الأردن» : أخرجه الطبراني في الأوسط [3/ 404] رقم 2868، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 190- 191] رقم 136، كلاهما من حديث عثمان بن مطر- أحد الضعفاء- عن ثابت، عنه به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 229] : فيه عثمان بن مطر وهو ضعيف. (186) - قوله: «بينما أنا أصلي البارحة» : هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة وغيره، فرقه البخاري على الأبواب، أكتفي بإيراد لفظه في الصلاة، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا روح ومحمد بن جعفر، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عفريتا من الجن تفلّت عليّ البارحة- أو كلمة نحوها- ليقطع عليّ الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي الآية، وأخرجه مسلم في الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة رقم 541. وأخرجه مسلم في حديث أبي الدرداء أيضا وفيه: ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة، رقم 542، لكن ليس في لفظه أن ذلك كان في البارحة، بل ظاهر السياق أن ذلك كان وهو معهم في المسجد يؤمهم، فكأن المصنف جمع في روايته بين اللفظين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 إذ جاءني الشيطان ليفتنني عن صلاتي فأخذته ورعبته، فذكرت دعوة أخي سليمان فأرسلته، ولولا ذلك لأصبح مربوطا إلى سارية من سواري المسجد يلعب به ولدان أهل المدينة ينظرون إليه. 187- وعن جعفر بن سليمان الضّبعي، عن أبي التياح قال: سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش- وكان شيخا كبيرا- فقال: (187) - قوله: «وعن جعفر بن سليمان الضبعي» : نزيلهم، كان ينزل في بني ضبيعة فنسب إليهم، وصفه الحافظ الذهبي بالمحدث العالم الزاهد، وقال: محدث الشيعة، وكان من عبادهم وعلمائهم، أخرج له الجماعة سوى البخاري. تهذيب الكمال [5/ 43] ، تهذيب التهذيب [2/ 81] ، الكاشف [1/ 129] ، التقريب [/ 140] ، سير أعلام النبلاء [8/ 197] . قوله: «عن أبي التياح» : البصري، اسمه: يزيد بن حميد الضبعي، وصفه الحافظ الذهبي في سيره بالإمام الحجة، وكان من الأئمة أهل العبادة والصلاح، حديثه عند الجماعة. تهذيب الكمال [32/ 109] ، تذهيب التهذيب [11/ 280] ، الكاشف [3/ 241] ، التقريب [/ 600] ، سير أعلام النبلاء [5/ 251] . قوله: «سأل رجل» : السائل: هو أبو التياح نفسه، تارة يصرح بذلك، وتارة يبهم نفسه. قوله: «عبد الرحمن بن خنبش» : - بمعجمة، ثم نون، وبعد الموحدة شين معجمة- التميمي، جاء في بعض الروايات أنه أدرك الجاهلية، والأكثر على إثبات الصحبة له. الإصابة [6/ 275] ، أسد الغابة [3/ 433] ، الاستيعاب [6/ 42] ، التجريد [1/ 346] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 يا ابن خنبش كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال: تحدرت عليه الشياطين من الجبال والأودية يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم شيطان معه شعلة نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فزع منهم، فجاءه جبريل عليه السّلام فقال: قل، قال: ما أقول؟ قال قل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن شر كل طارق إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن. قال: فطفئت نار الشياطين، وهزمهم الله عزّ وجلّ. 188- وروي عن بعض الصحابة أنه قال: جاء عفريت من الجن بشعلة من نار ليقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، فأتاه جبريل فقال: - قوله: «إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 419، 443] ، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة [4/ 1837] رقم 4637، وابن الأثير في الأسد [3/ 443] . وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 287] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [7/ 95] ، وأخرجه البخاري في تاريخه [5/ 248- 249] الترجمة رقم 810 تعليقا، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 419، 10/ 364] رقم 3653، 9671، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [12/ 237] رقم 6844، والدارقطني في المؤتلف [2/ 696- 697] ، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 1836- 1837] رقم 4636، وفي الدلائل [1/ 191] رقم 137. (188) - قوله: «وروي عن بعض الصحابة» : هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، الصحابي، الحبر، والنجباء أهل بدر، أحد السابقين الأولين، والعلماء العاملين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، ومناقبه غزيرة. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 يا محمد أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات كلها التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، انكب لوجهه، وطفئت شعلته، فقالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكب لوجهه وطفئت شعلته. 189- وروي أنه صلى الله عليه وسلم دعا بخفيه ليلبسهما، فلبس أحدهما، إذ جاء- سير أعلام النبلاء [1/ 461] ، أسد الغابة [3/ 384] ، الإصابة [6/ 214] ، الاستيعاب [7/ 20] . قوله: «جاء عفريت من الجن» : أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 192] رقم 138، والطبراني في الصغير- فيما ذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 127- 128] ، قال: فيه من لم أعرفه. قوله: «أعوذ بكلمات الله التامات» : في رواية الطبراني وأبي نعيم: أعوذ بوجه الله الكريم وكلماته ... الحديث، اختصر المصنف الدعاء وهو بنحو ما قبله. وفي الباب أيضا عن خالد بن الوليد، وعن مكحول مرسلا. حديث خالد بن الوليد روي بأسانيد وطرق، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [7/ 418] رقم 3651، [10/ 363] رقم 9669، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 35] رقم 19831، والطبراني في الأوسط [6/ 197] رقم 5411، والبيهقي في الدلائل [7/ 96] . وأما حديث مكحول فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 362] رقم 9667، [14/ 501- 502] رقم 18784. (189) - قوله: «حتى ينفضهما» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 161] ، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: فيه من لا يعرف، وقال الهيثمي فيما نقله عنه الزبيدي في الإتحاف [6/ 423] : صحيح إن شاء الله. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 غراب فاحتمل الآخر فرماه، فخرجت منه حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما. - قلت: في إسناده محمد بن عوف الحمصي- ثقة- ثنا سعيد بن روح، ومحمد ابن عوف هذا يروي عن الربيع بن روح فلا أدري أهو أخوه أو تصحف، لم أر من ذكره، وبقية رجاله موثقون. وله طريق أخرى ضعيفة فأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم 150، والخرائطي في مكارم الأخلاق [2/ 956] رقم 1077 من حديث عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة أبعد المشي، فانطلق ذات يوم لحاجته ثم توضأ ولبس أحد خفيه فجاء طائر أخضر فأخذ الخف الآخر فارتفع به، ثم ألقاه فخرج منه أسود سالخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه كرامة أكرمني الله عزّ وجلّ بها، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من شر من يمشي على بطنه، ومن شر من يمشي على رجلين، ومن شر من يمشي على أربع. في الإسناد حبان بن علي، وسعد بن طريف الإسكافي وهما ضعيفان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 [44- فصل: في حراسة الله عزّ وجلّ السّماء، ومنعه الجانّ ومردة الشّياطين من استراق السّمع عند بعثته صلى الله عليه وسلم] 44- فصل: في حراسة الله عزّ وجلّ السّماء، ومنعه الجانّ ومردة الشّياطين من استراق السّمع عند بعثته صلى الله عليه وسلم 190- روي: أن الجن لم تكن تمنع من مقاعدها، فلما بعث (190) - قوله: «روي: أن الجن لم تكن تمنع من مقاعدها» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 323] ، والترمذي في التفسير برقم 3324، والنسائي في التفسير أيضا من السنن الكبرى [6/ 500] رقم 11626، من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت الجن تصعد إلى السماء يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقّا، وأما ما زادوا فيكون باطلا، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس- ولم تكن النجوم ترمى قبل ذلك- فقال لهم إبليس: ما هذا إلّا لأمر حدث في الأرض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض، صححه الترمذي وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة، وابن جرير، وغيرهم. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 167] من حديث عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما بعث محمّد صلى الله عليه وسلم دحر الجن، ورموا بالكواكب، وكانوا قبل ذلك يستمعون، لكل قبيلة من الجن مقعد يستمعون فيه ... الحديث. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل والبيهقي وابن جرير، وغيرهم. وأخرج أبو نعيم من طريق الواقدي، عن أبي بن كعب قال: لم يرم بنجم منذ رفع عيسى بن مريم حتى تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بها ... الحديث، ذكره السيوطي في الدر المنثور والخصائص. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 النبي صلى الله عليه وسلم منعت عن مقاعدها، وحرست السماء بالشهب، وأن النجوم لم تكن ترمى بها في أول الدهر، إلى أن ولد النبي صلى الله عليه وسلم فرمي بها حين بعث. - قوله: «لم تكن ترمى بها في أول الدهر» : الأصل فيه قوله تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9) الآية، وقوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) الآية، وقوله تعالى: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ الآية، وقوله تعالى: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (18) الآية. أخرج الشيخان من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلّا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء، قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (2) الآية، وأنزل الله عزّ وجلّ على نبيّه صلى الله عليه وسلم: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ الآية، وإنما أوحي إليه قول الجن لفظ البخاري في التفسير من الصحيح، باب سورة: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ. نهاية الجزء الأول من كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم في ترتيبنا، ويليه إن شاء الله الجزء الثاني، وأوله جامع أبواب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 فهرس موضوعات المجلد الأول الموضوع/ الصفحة قسم الدراسة كلمة المحقق الشارح 5 الفصل الأول: في ترجمة المؤلف صاحب شرف المصطفى 9 الفصل الثاني: ذيل للترجمة المتقدمة، وفيه ما وقف عليه المحقق من الأوهام في اسم المصنف وكنيته وتسمية كتابه 22 الفصل الثالث: في أهمية موضوع الكتاب وسبب تأليفه 27 الفصل الرابع: في أن تعظيمه صلى الله عليه وسلم وإظهار شرفه واعتقاد أفضليته من أصول الدين 29 الفصل الخامس: كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتناول المصنف لموضوعه، ومن روى عنه أو اقتبس منه أو أشار إليه 33 الفصل السادس: وصف حال كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصوله الخطية، وعملنا في التحقيق 45 نماذج من النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق 51 الفصل السابع: في تراجم الرواة المذكورين في سند الكتاب 67 الفصل الثامن: في تراجم بعض من سمع الكتاب ودوّن سماعه في أصله 73 الفصل التاسع: في ذكر سند المحقق إلى أبي القاسم القشيري راوي الكتاب، وسنده إلى عمر بن يوسف صاحب الأصل والسماع 79 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 النص محقّقا مقدمة المؤلف 85 جامع أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم باب: في شأن من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بألف سنة 93 فصل: ذكر حديث نمرود، وسبب هلاكه 109 فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة الغساني حين أتى مكة 113 فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة في رؤيا الموبذان وخمود النيران ليلة مولده صلى الله عليه وسلم 121 فصل: في ذكر حديث آخر لسطيح وشق 128 فصل: ذكر ما ظهر في بني إسرائيل من أمارات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم 137 فصل: في ما جاء في الكتب المتقدمة من التنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم والتعريف بفضله 158 فصل: في قصة الفيل وما جرى بين عبد المطلب وأبرهة الأشرم 181 فصل: في بشارة سيف بن ذي يزن بالنبي صلى الله عليه وسلم وإخباره عبد المطلب بأمره 188 فصل: في ذكر من تسمى في الجاهلية باسمه رجاء أن تدركه النبوة 193 فصل: ذكر حديث سواد بن قارب الأزدي في سبب إسلامه وقدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم 198 فصل: ذكر الكاهنة التي تعرضت لعثمان بن عفان 208 فصل: ذكر إسلام عمرو الهذلي 210 فصل: ذكر حديث قس بن ساعدة 212 فصل: في ذكر قصة يوشع اليهودي 225 فصل: ذكر حديث عمرو بن مرة بن قيس بن جهينة 228 فصل: ذكر إسلام خفاف بن نضلة 233 فصل: ذكر قصة إسلام عباس بن مرداس 235 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 فصل: ذكر إسلام زمل بن ربيعة 238 فصل: ذكر قصة أكثم بن صيفي 241 فصل: ذكر قصة إسلام عبد بن عمرو بن جبلة وعصام بن عامر الكلبي 244 فصل: ذكر قصة إسلام جندل بن نضلة 246 فصل: ذكر قصة مازن بن أبي حيان وسبب إسلامه ووفوده على النبي صلى الله عليه وسلم 248 فصل: ذكر قصة الجعد بن قيس المرادي 252 فصل: ذكر قصة إسلام ذباب بن الحارث 253 فصل: ذكر إسلام رافع بن خداش 255 فصل: ذكر قصة إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه 256 فصل: ذكر قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه 261 فصل: ذكر قصة أبي عمير بن الهيبان 270 فصل: ذكر إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه 272 فصل: ذكر إسلام كعب الأحبار 275 فصل: ذكر قصة النجاشي وإسلامه رحمه الله تعالى 278 جامع أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم ومولده الشريف باب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وانقلابه في أصلاب آبائه 285 فصل: في زواج عبد المطلب بن عبد مناف وولادة عبد الله أبي المصطفى صلى الله عليه وسلم 337 فصل: في قصة زواج عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب، وقصة حملها بالمصطفى صلى الله عليه وسلم 341 باب: في ذكر رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم 365 باب تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور أمارات النبوة فيه 386 باب ذكر حلف المطيبين من قريش 393 فصل: في حلف الفضول 397 فصل: في ذكر ما جرى في رحلته صلى الله عليه وسلم مع عمه إلى الشام 403 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 فصل: ذكر ابتداء قصته صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها وإسلامها 407 فصل: في ابتداء الوحي، كيف كان؟ 419 باب: في ذكر عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم من التدين بغير الحق 443 فصل: في حراسة الله السماء ومنعه الجان ومردة الشياطين من استراق السمع 473 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 الجزء الثاني [جامع أبواب نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في طهارة أصله وكرامة محتده صلى الله عليه وسلم] جامع أبواب نسبه الشّريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في طهارة أصله وكرامة محتده صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 [45- باب نسب النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 45- باب نسب النّبيّ صلى الله عليه وسلم 191- حدثنا الحاكم أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ رضي الله عنه قال: أخبرني أبو جعفر: محمد بن صالح بن هانىء، ......... (191) - قوله: «حدثنا الحاكم» : ترجم له الحافظ الذهبي في كتبه فأثنى عليه كثيرا، فكان مما قاله: الإمام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين: أبو عبد الله بن البيّع الضبي، الطهماني، النيسابوري، الشافعي، صاحب التصانيف. مولده في يوم الإثنين، ثالث شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة بنيسابور، كان ممن طلب هذا الشأن في صغره بعناية والده وخاله، فلحق الأسانيد العالية بخراسان والعراق وما وراء النهر، وسمع من نحو ألفي شيخ، فصنف وخرّج، وجرح وعدل، وصحح وعلل، وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه، انظر أخباره وسيرته في: الوافي بالوفيات [3/ 320] ، تاريخ بغداد [5/ 473] ، وفيات الأعيان [4/ 280] ، سير أعلام النبلاء [17/ 162] ، تذكرة الحفاظ [3/ 1039] ، غاية النهاية لابن الجزري [2/ 184] ، طبقات السبكي [4/ 155] ، المنتظم [15/ 109] ، النجوم الزاهرة [4/ 238] ، العبر [3/ 91] ، البداية والنهاية [11/ 355] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 405- ص 122] ، طبقات ابن قاضي شهبة [1/ 197] ، طبقات الإسنوي [1/ 405] ، الميزان [3/ 608] ، لسان الميزان [5/ 232] . قوله: «أخبرني أبو جعفر» : مذكور فيمن روى عن ابن عبيدة الآتي، وذكره السهمي فيمن روى عن- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 ثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن عبيدة، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا عقبة بن مكرم، ثنا محمد بن زياد، ... - عبد المؤمن بن عيسى، من تاريخ جرجان، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «أحمد بن محمد بن عبيدة» : النيسابوري، الإمام الحافظ الرحالة أبو بكر الشعراني المستملي، وثقه الخطيب في تاريخه، والذهبي في سيره ووصفه بالإمام الحافظ الرحالة. تاريخ بغداد [5/ 55] ، سير أعلام النبلاء [14/ 410] ، تاريخ ابن عساكر [5/ 403] . قوله: «محمد بن إسماعيل الأحمسي» : كنيته: أبو جعفر السراج، كوفي ثقة من رجال الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. تهذيب الكمال [24/ 477] ، تهذيب التهذيب [9/ 50] ، الكاشف [3/ 19] ، التقريب [/ 468] . قوله: «ثنا عقبة بن مكرم» : الضبي، كوفي لا بأس به، ذكره أصحاب التهذيب للتمييز. تهذيب الكمال [20/ 226] ، تهذيب التهذيب [7/ 223] ، التقريب [/ 395] . قوله: «ثنا محمد بن زياد» : الطحان، كوفي من رجال الترمذي، حمل عليه الإمام أحمد وقال: ما كان أجرأه؛ يقول: حدثنا ميمون بن مهران!! وكذبه، وضعفه الجمهور. تهذيب الكمال [25/ 222] ، تهذيب التهذيب [9/ 150] ، الكاشف [3/ 39] ، التقريب [/ 479] ، الميزان [4/ 472] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس أنه قال: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن يامين بن يشجب بن تيرح بن صابوح بن الهميسع بن نبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارح بن ناحور ... قوله: «عن ميمون بن مهران» : الجزري، أصله من الكوفة، ثم نزل الرقة، وهو أحد الفقهاء الثقات، والعلماء العباد، ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، حديثه عند الجماعة سوى البخاري. تهذيب الكمال [29/ 210] ، سير أعلام النبلاء [5/ 71] ، حلية الأولياء [4/ 82] ، تذكرة الحفاظ [1/ 98] ، تهذيب التهذيب [10/ 349] ، التقريب [/ 556] . قوله: «هو محمد بن عبد الله» : أخرج نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم من طرق بتقديم وتأخير في الآباء واختلاف في الضبط، وبالحذف والزيادة جماعة، منهم: ابن سعد في الطبقات [1/ 54- 59] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 47- 65] ، وابن جرير في تاريخه [2/ 272- 276] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 177- 183] . وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 5] بإسناده إلى ابن إسحاق، ومن طريق البخاري أخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 180] ، في الشعب [2/ 137] رقم 1389. قوله: «ابن يشجب بن تيرح» : ليست في «ب» ، وفيها أيضا: يرد، بدل: نبت، وفي بعض المصادر: تيرح، بدل: تارح، يقال: هو آزر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 ابن ساروع بن أرغوا بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن أخنوخ- وهو إدريس- بن مهلاييل بن يارد ... قوله: «ساروع» : اختلف ضبطها في المصادر، فجاءت بغير تقييد أو ضبط هكذا: ساروغ وساروح وشاروخ. قوله: «ابن أرغوا» : أو: راغو وأرغو أيضا، ومعناه: قاسم، قاله مغلطاي في الإشارة. قوله: «ابن فالخ» : بالخاء أو الغين المعجمتين. قوله: «ابن عابر» : أو عيبر وهو هود عليه الصلاة والسلام. قوله: «ابن شالخ» : ومعناه: الرسول أو الوكيل، قاله مغلطاي في الإشارة. قوله: «أرفخشذ» : معناه: المصباح المضيء. قوله: «ابن نوح» : حكى مغلطاي في الإشارة أن اسمه عبد الغفار. قوله: «ابن لمك» : وقيل: لمكان، حكاه مغلطاي، وعند ابن حبان في مقدمة الثقات: ملكان. قوله: «ابن مهلاييل» : معناه: الممدّح. قوله: «ابن يارد» : أو يرد- كما في «ب» وبعض المصادر الأخرى، وحكى مغلطاي في الإشارة أيضا: الرّايد، قال: ومعناه: الضابط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 ابن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السّلام. 192- عن جبير بن مطعم، عن أبي بكر الصديق قال: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب- واسم عبد المطلب: شيبة- ابن هاشم: وسمي هاشما لأنه أول من هشم الثريد لقومه قريش بمكة، وإنما سمي عمرو العلى بن عبد مناف بن قصي- وكان يدعى مجمّعا- وله يقول الشاعر: أبوه قصي كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر وهو: قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة- واسمه: عامر- ابن خندف، وهو: إلياس بن مضر- وإنما خندف أم غلبت على نسب ولدها-، وهو مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن يولع بن سالف بن عابر بن منين بن الصاح بن العوام بن أمين بن يشجب بن نبت بن حمل بن قيذار، وهو ابن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر- واسمه بالسريانية: قوله: «ابن قينان» : ومعناه: المستوي، قاله مغلطاي في الإشارة. قوله: «بن أنوش» : أو: يافش، ومعناه: الصادق. قوله: «بن شيث» : ويقال: شات، ومعناه: هبة الله أو: عطية الله. قاله مغلطاي. (192) - قوله: «ابن أدد» : ليس بين المصادر اتفاق فيما بعده لا في الضبط ولا في الترتيب ولا في العدد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 تارح- ابن ناحور بن ساروعوا بن أرغوا، وهو بالعربية: هود بن فالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن المتوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم صلى الله عليهم أجمعين. 193- وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم انتسب إلى إبراهيم عليه السّلام ثم قال: كذب النسابون، ولم يذكر ما بعد إبراهيم من النسب، فثبت من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم صلاة الله عليهم أجمعين. (193) - قوله: «ولم يذكر ما بعد إبراهيم» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 56] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 59- 60] من حديث الكلبي- ضعيف- عن أبي صالح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى إلى معد بن عدنان أمسك وقال: كذب النسابون، قال الله تعالى: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً، قال ابن عباس: ولو شاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلمه لعلمه. ويحسن هنا إيراد قصيدة الإمام أبي العباس عبد الله بن محمد الناشي المعروف بابن شرشير التي نظم فيها نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم، إذ تعتبر من أحسن ما نظم في الباب، حتى قال الحافظ ابن كثير في تاريخه يمدحه: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 ......... - هذه القصيدة تدل على فضيلته وبراعته، وفصاحته وبلاغته، وعلمه وفهمه، وحفظه وحسن لفظه، وإطلاعه واضطلاعه، واقتداره على نظم هذا النسب الشريف في سلك شعره وغوصه على هذه المعاني التي هي جواهر نفيسة من قاموس بحره، فرحمه الله وأثابه وأحسن مصيره وإيابه. مدحت رسول الله أبغي بمدحه ... وفور حظوظي من كريم المآرب مدحت امرءا فاق المديح موحدا ... بأوصافه عن مبعد أو مقارب نبيّا تسامى في المشارق نوره ... فلاحت هواديه لأهل المغارب أتتنا به الأنباء قبل مجيئه ... وشاعت به الأخبار في كل جانب وأصبحت الكهان تهتف باسمه ... وتنفي به رجم الظنون الكواذب وأنطقت الأصنام نطقا تبرأت ... إلى الله فيه من مقال الأكاذب وقالت لأهل الكفر قولا مبينا ... أتاكم نبي من لؤي بن غالب ورام استراق السمع جن فزيلت ... مقاعدهم منها رجوم الكواكب هدانا إلى ما نكن نهتدي له ... لطول العمى من واضحات المذاهب وجاء بآيات تبين أنها ... دلائل جبار مثيب معاقب فمنها انشقاق البدر حين تعممت ... شعوب الضيا منه رؤس الأخاشب ومنها نبوع الماء بين بنانه ... وقد عدم الرواد قرب المشارب فروى به جمّا غفيرا وأسهلت ... بأعناقه طوعا أكف المذانب وبئر طغت بالماء من مس سهمه ... ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب وضرع مراه فاستدر ولم تكن ... به درة تصغي إلى كف حالب ونطق فصيح من ذراع مبينة ... لكيد عدو العداوة ناصب وإخباره بالأمر من قبل كونه ... وعند بواديه بما في العواقب ومن تلكم الآيات وحي أتى به ... قريب المآتي مستجم العجائب تقاصرت الأفكار عنه فلم يطع ... بليغا ولم يخطر على قلب خاطب حوى كل علم واحتوى كل حكمة ... وفات مرام المستمر الموارب - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 ......... - أتانا به لا عن روية مرتيء ... ولا صحف مستمل ولا رصف كاتب يواتيه طورا في إجابة سائل ... وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب وإتيان برهان وفرض شرائع ... وقص أحاديث ونص مآرب وتصريف أمثال وتثبيت حجة ... وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى ... وعند حدوث المعضلات الغرائب فيأتي على ما شئت من طرقاته ... قويم المعاني مستدر الضرائب يصدق منه البعض بعضا كأنما ... يلاحظ معناه بعين المراقب وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما ... وصفناه معلوم بطول التجارب تأبّى بعبد الله أكرم والد ... تبلج منه عن كريم المناسب وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به ... قريش على أهل العلى والمناصب ومن كان يستسقى الغمام بوجهه ... ويصدر عن آرائه في النوائب وهاشم الباني مشيد افتخاره ... بعز المساعي وامتهان المواهب وعبد مناف وهو علم قومه ... اشتطاط الأماني واحتكام الرغائب وإن قصيا من كريم غراسه ... لفي منهل لم يدن من كف قاضب به جمع الله القبائل بعد ما ... تقسمها نهب الأكف السوالب وحل كلاب من ذرى المجد معقلا ... تقاصر عنه كل دان وغائب ومرة لم يحلل مريرة عزمه ... سفاه سفيه أو محوبة حائب وكعب علا عن طالب المجد كعبه ... فنال بأدنى السعي أعلى المراتب وألوى لؤي بالعداة فطوعت ... له همم الشم الأنوف الأغالب وفي غالب بأس أبي اليأس دونهم ... يدافع عنهم كل قرن مغالب وكانت لفهر في قريش خطابة ... يعوذ بها عند اشتجار المخاطب وما زال منهم مالك خير مالك ... وأكرم مصحوب وأكرم صاحب وللنضر طول يقصر الطرف دونه ... بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب لعمري لقد أبدى كنانة بعده ... محاسن تأبى أن تطوع لغالب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 ......... - ومن قبله أبقى خزيمة بعده ... تليد تراث عن حميد الأقارب ومدركة لم يدرك الناس مثله ... أعف وأعلى عن دني المكاسب وإلياس كان إلياس منه مقارنا ... لأعدائه قبل اعتداد الكتائب وفي مضر يستجمع الفخر كله ... إذا اعتركت يوما زحوف المقانب وحل نزار من رئاسة قومه ... محلا تسامى عن عيون الرواقب وكان معد عدة لوليه ... إذا خاف من كيد العدو المحارب وما زال عدنان إذا عد فضله ... توحد فيه عن قرين وصاحب وأد تأدى الفضل منه بغاية ... وإرث حواه عن قروم أشايب وفي أدد حلم تزين بالحجا ... إذا الحلم أزهاه قطوب الحواجب وما زال يستعلي هميسع بالعلى ... ويبلغ آمال البعيد المراغب ونبت بنته دوخة العز وابتنى ... معاقله في مشمخر الأهاضب وحيزت لقيذار سماحة حاتم ... وحكمة لقمان وهمة حاجب هم نسل إسماعيل صادق وعده ... فما بعده في الفخر مسعى لذاهب وكان خليل الله أكرم من عنت ... له الأرض من ماش عليها وراكب وتارح ما زالت له أريحيّة ... تبين منه عن حميد الضرائب وناحور نحار العدى حفظت له ... مآثر لما يحصها عد حاسب وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة ... يقد الطلى بالمرهفات القواضب وأرغو فناب في الحروب محكم ... ضنين على نفس المشيح المغالب وما فالغ في فضله تلو مقامه ... ولا عابر من دونه في المراتب وشالخ وأرفخشذ وسام سمت بهم ... سجايا حمتهم كل زار وعائب وما زال نوح عند ذي العرش فاضلا ... يعدده في المصطفين الأطايب ولمك أبوه كان في الروع رائعا ... جريئا على نفس الكمي المضارب ومن قبل لمك لم يزل متوشلخ ... يذود العدى بالذائدات الشوازب وكانت لإدريس النبي منازل ... من الله لم تقرن بهمة راغب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 ......... - ويارد بحر عند أهل سراته ... أبي الخزايا مستدق المآرب وكانت لمهلاييل فيهم فضائل ... مهذبة من فاحشات المثالب وقينان من قبل اقتنى مجد قومه ... وفات بشأو الفضل وخد الركائب وكان أنوش ناش للمجد نفسه ... ونزهها عن مرديات المطالب وما زال شيث بالفضائل فاضلا ... شريفا بريئا من ذميم المعايب وكلهم من نور آدم أقبسوا ... وعن عوده أجنوا ثمار المناقب وكان رسول الله أكرم منجب ... جرى في ظهور الطيبين المناجب مقابلة آباؤه، أمهاته ... مبرأة من فاضحات المثالب عليه سلام الله في كل شارق ... ألاح لنا ضوءا وفي كل غارب * وممن نظم نسبه الشريف أيضا الإمام أبو عبد الله بن أبي الخصال في قصيدة سماها: معراج المناقب، ومنهاج الحسب الثاقب في ذكر نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته ومناقب أصحابه، أورد منها هنا ما يختص بالنسب الشريف، يقول أولها: إليك فهمي والفؤاد بيثرب ... وإن عاقني عن مطلع الوحي مغربي أعلّل بالآمال نفسا أغرها ... بتقديم غاياتي وتأخير مذهبي وديني على الأيام زورة أحمد ... فهل ينقضي ديني ويقرب مطلبي وهل أردنّ فضل الرسول بطيبة ... فيا برد أحشائي ويا طيب مشربي وهل فضلت من مركب العمر فضلة ... تبلغني أم لا بلاغ لمركب؟ ألا ليت زادي شربة من مياهها ... وهل مثلها ريا لغلة مذنب؟ ويا ليتني فيها إلى الله صائر ... وقلبي عن الإيمان غير مقلب وإن امرء وارى البقيع عظامه ... لفي زمرة تلقى بسهل ومرحب وفي ذمة من خير من وطىء الثرى ... ومن يعتقله حبله لا يعذب وما لي لا أشري الجنان بعزمة ... يهون عليها كل طام وسبسب وماذا الذي يثني عناني وإنني ... لجواب آفاق كثير التقلب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 ......... - أفقر؟ ففي كفيّ لله نعمة ... وبين؟ فقد فارقت قبل بني أبي وقد مرنت نفسي على البعد وانطوت ... على مثل حد السمهري المدرب وكم غربة في غير حق قطعتها ... فهلا لذات الله كان تغربي! وكم فاز دوني بالذي رمت فائز ... وأخطأني ما ناله من تغرب أراه وأهوى فعلة البر قاعدا ... فيا قعدي البر قسم وتلبب أماني قد أفنى الشباب انتظارها ... وكيف بما أعيى الشباب لأشيب وقد كنت أسري في الظلام بأدهم ... فها أنا أغدو في الصباح بأشهب فمن لي وأنى لي بريح تحطني ... إلى ذروة البيت الرفيع المطنب إلى الهاشمي الأبطحي محمد ... إلى خاتم الرسل المكين المقرب إلى صفوة الله الأمين لوحيه ... أبي القاسم الهادي إلى خير مشعب إلى ابن الذبيحين الذي صيغ مجده ... ولما تصغ شمس ولا بدر غيهب إلى المنتقى من عهد آدم في الذرى ... يردد في سر الصريح المهذب إلى من تولى الله تطهير بيته ... وعصمته من كل عيص مؤشب فجاء بريء العرض من كل وصمة ... فما شئت من أم حصان ومن أب كروض الربا كالشمس في رونق الضحى ... كناشىء ماء المزن قبل التصوب عليه من الرحمن عين كلاءة ... تجنبه إلمام كل مجنب إذا أعرضت أعراقه عن قبيلة ... فما أعرضت إلّا لأمر مغيبب وما عبرت إلّا على مسلك الهدى ... ولا عثرت إلّا على كل طيب فمن مثل عبد الله خير لداته ... وآمنة في خير ضنء ومنصب إذا اتصلت جاءتك أفلاذ زهرة ... كأسد الشري من كل أشوس أغلب ولا خال إلّا دون سعد بن مالك ... ولو كان في عليا معد ويعرب ومن ذا له جد كشيبة ذي الندى ... وساقي الحجيج بين شرق ومغرب له سؤدد البطحاء غير مدافع ... وحومة ما بين الصفا والمحصب أبو الحارث السامي إلى كل ذروة ... يقصر عن إدراكها كل كوكب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 ......... - به وبما في برده من أمانة ... حمى الله ذاك البيت من كل مرهب وأهلك بالطير الأبابيل جمعهم ... فيا لهم من عارض غير خلب وفيما رآه شيبة الحمد آية ... تلوح لعين الناظر المتعجب وفي ضربه عنه القداح مروعا ... ومن يرم بين العين والأنف يرهب وما زال يرمي والسهام تصيبه ... إلى أن وقبه الكوم من نسل أرحب وكانوا أناسا كلما أمهم أذى ... تكشف عن صنع من الله معجب وعاش بنو الحاجات فيهم وأخصبوا ... وإن أصبحوا في منزل غير مخصب وعمرو المعالي هاشم وثريده ... بمكة يدعو كل أغبر مجدب بمثنى جفان كالجواب منيخة ... ملئن عبيطات السنام المرعب هو السيد المتبوع والقمر الذي ... على صفحته في الرضا ماء مذهب بنى الله للإسلام عزا بصهره ... إلى منتهى الأحياء من آل يثرب وعبد مناف دوحة الشرف الذي ... تفرع منها كل أروع محرب مطاع قريش والكفيل بعزها ... ومانعها من كل ضيم ومنهب وزيد ومن زيد؟ قصي مجمع ... سمعت وبلغنا وحسبك فاذهب به اجتمعت أحياء فهر وأحرزت ... تراث أبيها دون كل مذبذب وأصبح حكم الله في آل بيته ... فهم حوله من سادنين وحجب وما أسلمته عن تراخ خزاعة ... ولكن كما عض الهناء بأجرب ولاذت قريش من كلاب بن مرة ... بجذل حكاك أو بعذق مرحب ومرة ذو نفس لدى الحرب مرة ... وفي السلم نفس الصرخدي المذوب وكعب عقيد الجود والحكم والنهى ... وذو الحكم الغر المبشر بالنبي خطيب لؤي واللواء بكفه ... لخطبة ناد أو لخطة مقنب وأول من سمى العروبة جمعة ... وصدر أما بعد، يلحي ويطبي وأرخ آل الله دهرا بموته ... سنين سدى يتعبن كف المحسب وأضحى لؤي غالبا كل ماجد ... ومن غالب يمينه للمجد يغلب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 ......... - وفهر أبو الأحياء جامع شملها ... وكاسبها من فخره خير مكسب تقرش فامتازت قريش بفضله ... وسد فسدوا خلة المتأوب وغادره اسما في الكتاب منزلا ... يمر به في آية كل معرب ومالك المربي على كل مالك ... فتى النضر حابته السيادة بل حبي هو الليث في الهيجاء والغيث في الندى ... وبدر الدياجي حين يسري ويحتبي تردى بفضفاض على المجد نسجه ... وليس عليه، فليجر ويسحب وللنضر يا للنضر من كل مشهد ... هو الشمس صعّد في سناها وصوّب وأعرض بحر من كنانة زاخر ... يساق إلى أمواجه كل مذنب وخير حكما في الصهيل أو الرغا ... أو البيت أو عزّ على الدهر مصحب فلم يقتصر واختار كلّا فحازه ... إلى غاية العز المديد المعقب له البيت محجوجا وعز مخلد ... وأجرد يعبوب إلى جنب أصهب وخزم آناف العتاة خزيمة ... فلاذوا بأخلاق الذلول المغرب عظيم لسلمى بنت سود بن أسلم ... لكل قضاعي كريم معصب ومدركة ذو اليمن والنجح عامر ... وخير مسمى في العلا وملقب تراءى مطلا إذ تقمع صنوه ... ففاز بقدح ظافر لم يخيب لأم الجبال الشم والقطر والحصى ... لخندف إن تستركب الأرض تركب وإلياس مأوى الناس في كل أزمة ... ومهربهم في كل خوف ومرهب وزاجرهم إذ بدلوا الدين ضيلة ... وأضحوا بلا هاد ولا متحوب وجاءهم بالركن بعد هلاكه ... وقد كان في صدع من الأرض أنكب وما هو إلا معجز لنبوة ... وبشرى وعقبى للبشير المعقب وحج وأهدى البدن أو مشعر ... لها وفروض الحج لم تترتب وكم حكمة لم تسمع الأذن مثلها ... له إن تلح في ناظر العين تكتب إلى قنص تنميه سوداء، نبته ... كلا طرفيه من معد لمنسب وفي مضر تاه الكلام وأقبلت ... مآثر سدت كل وجه ومذهب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 ......... - وحينا وكاثرنا النجوم بجمعها ... بأكثر منها في العديد وأثقب هنالك آتى الله من شاء فضله ... وقيل لهذا سر وللآخر اركب وكانا شقيقي نبعة فنفاوتا ... لعلم وحكم ما له من معقب وما منهما إلا حنيف ومسلم ... على نهج إسماعيل غير منكب وقد سلم الأفعى بنجران حكمه ... إليهم ولم ينظر إلى متعقب رأى فطنا أبدت له عن نجاره ... وكان لنبع فاستحال لأثأب وتلك علامات النبوة كلها ... تشير إلى منظورها المترقب وقال رسول الله مهما اختلفتم ... ولم تعرفوا قصد السبيل الملحب ففي مضر جرثومة الحق فاعمدوا ... إلى مضر تلفوه لم يتنقب وما سيد إلا نزار يفوته ... ومن فاته بدر الدجى لم يؤنب قريع معد والذي سد نقده ... متى يأتهم شعب من الدهر يرأب أبو أبحر الدنيا وأطوادها التي ... بها ثبتت طرا فلم تتقلب ولم يكفه حتى أعانت معانة ... بكل عتيق جرهمي مهذب وجاء معد والسماء شموسها ... وأقمارها في ذيله المتسحب وبين يديه الأنجم الزهر بثها ... على الأرض حتى لا مساغ لأجنبي وقدما تحفى الله من بختنصر ... به والورى من هالك ومعذب وجنبه أرض البوار وحازه ... إلى معقل من حرزه متأشب وحل بأرمينية تحت حفظه ... لدى ملك عن جانبيه مذبب فلما تجلى الروع أسرى بعبده ... إلى حرم أمن لأبنائه اجتبي وقد كان رد الله عنهم كليمه ... ليالي يدعو دعوة المتغضب وجاء بنو يعقوب يشكون منهم ... ينادونه هذا قتيل وذا سبي فقال له: لا تدع موسى عليهم ... فمنهم نبي أصطفيه وأجتبي أحبهم فيه رضا وأحبه ... كذلك من أحببه يكرم ويحبب وأغفر إن يستغفروني ذنوبهم ... ومهما دعا داع أجبه وأقرب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 ......... - فقال إذن فاجعلهم رب أمتي ... فمن ترضه يا رب يرض ويرغب فقال هم في آخر الدهر صفوتي ... يقضون أعدائي ويستنصرون بي دعائم إيمان وأركان سؤدد ... مضت بعلاها مهدد بنت جلحب ومصعد عدنان إلى جذم آدم ... بأبين من قصد الصباح وألحب ونهي رسول الله صد وجوهها ... وكان لنا في نظمها شد ملهب وإلا فأد بن الهميسع ماثل ... ونبت بن قيدار سلالة أشجب وواجه أعراق الثرى كل من ترى ... وأسمع إسماعيل دعوة مكثب وقام خليل الله يتلوه آزر ... أغر صباحي لأدهم غيهب إلى الناحر ابن الشارع الغمر يرتقي ... وللداع ثم القاسم الشامخ الأب ويعبر ينميه إلى المجد شالخ ... إلى الرافد الوهاب برك وطيب لسام أبي الساميين طرا سما بهم ... لنوح للمكان العلي لمثوب لإدريس ثم الرائد بن مهلهل ... لقينن ثم الطاهر المتطيب إلى هبة الرحمن شيث بن آدم ... أبي البشر الأعلى لطين لأثلب فمنه خلقنا ثم فيه معادنا ... ومنه إلى عدن فسدد وقارب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 [46- فصل: في شرف أصله صلى الله عليه وسلم وكرامة محتده] 46- فصل: في شرف أصله صلى الله عليه وسلم وكرامة محتده 194- روى واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. 195- وروى عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (194) - قوله: «روى واثلة بن الأسقع» : أخرج حديثه مسلم في الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 2276، والإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 478] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 20] ، والبخاري في تاريخه الكبير [1/ 4] ، والترمذي في المناقب، باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3605، 3606، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 67] رقم 161، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [2/ 751] رقم 1400، والبيهقي في الشعب [2/ 139] رقم 1391، والخطيب في تاريخه [13/ 64] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 194] ، والجوزجاني في الأباطيل [1/ 170] ، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- الأرقام 6242، 6333، 6475. (195) - قوله: «وروى عطاء، عن ابن عباس» : عزاه المتقي في الكنز [12/ 46] رقم 33928 للديلمي. وفي الباب عن عائشة، ومحمد بن علي مرسلا. أما حديث عائشة، فسيأتي بعد حديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: يا محمد إن الله أمرني أن آتي مشارق الأرض ومغاربها، برها وبحرها، سهلها وجبلها، فآتيه بخير أهل الدنيا، فأتيتها فوجدت خيرها قريشا، ثم أمرني أن آتيه بخير قريش، فوجدت خير قريش بني هاشم، وما كنت يا محمد في صف من الناس إلّا كانوا خيار الناس. 196- وروى عمرو بن دينار، عن ابن عمر أنه قال: إنا لقعود بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب حتى قام على القوم فقال: ما بال أقوال تبلغني عن أقوام؟ إن الله تبارك وتعالى خلق السماوات سبعا، فاختار العليا منها فأسكنها من شاء من خلقه، - وأما حديث محمد بن علي، فأخرجه الحكيم الترمذي في النوادر [1/ 96] مرفوعا: أتاني جبريل عليه السّلام فقال: يا محمد إن الله بعثني فطفت شرق الأرض وغربها، وسهلها وجبلها، فلم أجد حيا خيرا من العرب، ثم أمرني فطفت في العرب فلم أجد حيا خيرا من مضر، ثم أمرني فطفت في مضر فلم أجد حيا خيرا من كنانة، ثم أمرني فطفت في كنانة فلم أجد حيا خيرا من قريش، ثم أمرني فطفت في قريش فلم أجد حيا خيرا من بني هاشم، ثم أمرني أن أختار من أنفسهم فلم أجد فيهم نفسا خيرا من نفسك» . (196) - قوله: «ما بال أقوال تبلغني» : اختصر المصنف لفظ الحديث وفيه: إنا لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرت به امرأة فقال بعض القوم: هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب ... الحديث. أخرجه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 367] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 388] ، وابن عدي في الكامل [2/ 665، 6/ 2206] ، ومن طريقه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 ثم خلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم. 197- وروي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل عليه السّلام فقال: يا محمد قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم. - البيهقي في الشعب [2/ 229] رقم 1606، والحاكم في المستدرك [4/ 73] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 171، 172] ، وفي الشعب [2/ 139] رقم 1393. في إسناده محمد بن ذكوان، من رجال ابن ماجه، ضعفه الجمهور، قال ابن أبي حاتم: منكر، وجعل العقيلي الحمل عليه مع أنه قد توبع، وقال ابن كثير في البداية والنهاية: غريب. (197) - قوله: «جاءني جبريل» : أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 155] رقم 6281، والبيهقي في الدلائل [1/ 176] ، وابن عساكر في تاريخه، والشجري في أماليه [1/ 156] ، جميعهم من حديث موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف-: ثنا عمرو بن عبد الله بن نوفل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل عليه السّلام: ... فذكره. قال البيهقي عقبه: هذه الأحاديث وإن كان في روايتها من لا تصح به، فبعضها يؤكد بعضا، ومعنى جميعها يرجع لحديث واثلة بن الأسقع، وأبي هريرة. اه. يعني المخرجين في الصحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 198- وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس فخطبهم فقال: إن الله عزّ وجلّ نظر إلى أهل الأرض فاختار منها قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار. 199- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله لما خلق الخلق (198) - قوله: «خرج إلى الناس فخطبهم» : هو من ألفاظ حديث ابن عمر المتقدم. (199) - قوله: «إن الله لما خلق الخلق» : روى هذا الحديث يزيد بن أبي زياد فاختلف عليه فيه: 1- فقيل: عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن أبي وداعة قال: قال العباس- وبلّغه بعض ما يقول الناس- قال: فصعد المنبر فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، فقال: أنا محمد بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ... الحديث، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 210] ، والترمذي في الدعوات من جامعه، برقم 3532- وقال: حسن-، والبيهقي في الدلائل [1/ 169، 169- 170] . 2- وقيل: عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن قوما نالوا منه وقالوا: إن مثل محمد كمثل نخلة نبتت في كناس، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس إن الله تعالى خلق خلقه فجعلهم فريقين ... الحديث، أخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 168] . قال الحافظ البيهقي: كذا قال: عن ربيعة بن الحارث، وقال غيره: عن المطلب بن ربيعة، وابن ربيعة إنما هو: عبد المطلب بن ربيعة، له صحبة. 3- وقيل: عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشا إذا التقوا لقي بعضهم بعضا بالبشاشة، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك غضبا شديدا- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 جعلني في خيرهم، ثم لما فرقهم جعلني في خير الفريقين، ثم لما جعلهم- ثم قال: والذي نفس محمد بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله، فقلت: يا رسول الله إن قريشا جلسوا تذاكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عزّ وجلّ يوم خلق الخلق ... الحديث. أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 207 مرتين] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 167- 168] . * وهكذا رواه محمد بن كعب القرظي، عن العباس قال: كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني، أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل العباس بن عبد المطلب، رقم 140. قال في الزوائد: رجال إسناده ثقات، إلّا أنه قيل: رواية محمد بن كعب، عن العباس مرسلة. 4- وقيل: عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة، قال: دخل العباس أو: أتى ناس من الأنصار.. فذكر نحو المتقدم، أخرجه الإمام أحمد [1/ 207 مرتين، 207- 208، 4/ 165 مرتين، 165- 166] . وفي الباب عن ابن عباس من رواية الأعمش، عن عباية بن ربعي- من غلاة الشيعة منكر الحديث- عن ابن عباس مرفوعا: إن الله عزّ وجلّ قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما وذلك قوله تعالى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ، وَأَصْحابُ الشِّمالِ، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، وذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) فأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله تعالى: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 قبائل جعلني في خيرهم قبيلة، ثم لما جعلهم بيوتا جعلني من خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا، وخيركم نفسا. - وأنا أتقى ولد آدم، وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا وذلك قوله عزّ وجلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب. قال ابن كثير في تاريخه: فيه غرابة ونكارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 [47- باب جدّات النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأجداده لأمّه] 47- باب جدّات النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأجداده لأمّه. 200- حدثنا الحاكم أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ رضي الله عنه، ثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، ثنا أبو أسامة الحلبي، ثنا الحجاج بن أبي منيع، ... (200) - قوله: «محمد بن يعقوب» : هو الأصم، الإمام، مسند عصره، حجة زمانه، رحلة الوقت ومحدثه: أبو العباس، الأموي مولاهم، النيسابوري، السناني، المعقلي، له ترجمة جيدة في الكتب، وما ذكره أحد إلّا عظم من شأنه وأثنى عليه خيرا، انظر ذلك في: سير أعلام النبلاء [15/ 452] ، الوافي بالوفيات [5/ 223] ، المنتظم [14/ 112] ، تاريخ ابن عساكر [56/ 287] ، البداية والنهاية [11/ 232] ، غاية النهاية [2/ 283] . قوله: «حدثنا أبو أسامة الحلبي» : هو عبد الله بن محمد بن أبي أسامة، ذكره بعضهم في ترجمة حجاج الآتي، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «ثنا حجاج بن أبي منيع» : من رجال البخاري في التعاليق، اسم أبي منيع: يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد، روى عن جده عبيد الله بن أبي زياد، عن الزهري نسخة كبيرة قال عنها محمد بن يحيى الذهلي، نظرت فيها فوجدتها صحاحا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 ثنا جدي، عن الزهري قال: أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ولدته: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. - تهذيب الكمال [5/ 459] ، تهذيب التهذيب [2/ 182] ، طبقات ابن سعد [7/ 474] ، تاريخ ابن عساكر [12/ 202] ، التقريب [/ 153] . قوله: «ثنا جدي» : هو عبيد الله بن أبي زياد الرصافي من أصحاب الزهري، لا يعرف له راو غير حفيده حجاج، لكن وثقه الدارقطني، وابن حبان، وقال ابن حجر: صدوق. تهذيب الكمال [19/ 39] ، طبقات ابن سعد [7/ 474] ، الميزان [3/ 405] ، تهذيب التهذيب [7/ 13] ، التقريب [/ 371] . قوله: «عن الزهري» : هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، الإمام الفقيه الحافظ الجليل الثبت الكبير: أبو بكر القرشي، أحد رؤوس الفقه والحفظ، ممن أجمع على إمامته وجلاله وإجلاله والاحتجاج بخبره. سير أعلام النبلاء [5/ 326] ، تهذيب الكمال [9/ 395] ، طبقات ابن سعد [2/ 388] ، الحلية [3/ 360] ، وفيات الأعيان [4/ 177] ، تذكرة الحفاظ [1/ 108] . قوله: «أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ولدته» : أخرجه من طريق الحجاج: البيهقي في الدلائل [1/ 183] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 96- 97] ، انظر عن ذلك في: المعارف لابن قتيبة [/ 131] ، طبقات ابن سعد [1/ 59- 60] ، سيرة ابن هشام [1/ 156] ، تاريخ ابن عساكر [3/ 95- 113] ، دلائل البيهقي [1/ 183] ، تاريخ ابن جرير [2/ 243] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 201- وأمها: برّة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن مرة، وأمها: أم سفيان بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة، وأمها: بّرة بنت عوف بن عبيد بن عويج من بني عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، وأمها: قلابة بنت الحارث بن صعصعة من بني عائذ بن لحيان بن هذيل، وأمها: بنت مالك بن غنم من بني لحيان بن هذيل. 202- وجدة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم وهب بن عبد مناف اسمها عمرة بنت وجز بن غالب- وهو أبو كبشة من خزاعة- وهي وأم الحارث بن عبد المطلب ابنتا خالة. (201) - قوله: «ابن قصي بن مرة» : كذا قال أبو أسامة في نسب برّة عن حجاج، وخالفه يعقوب بن سفيان فقال: برّة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة، أخرجه الحافظ البيهقي في الدلائل [1/ 183] ، وهذا هو الصواب وسيذكره المصنف بعد لكنه عبر عن ذلك بلفظ قيل، وليس بجيد. قوله: «أم سفيان بنت أسد» : وقال الكلبي: أم حبيبة بنت أسد، أخرجه ابن سعد في الطبقات، وابن عساكر في تاريخه. قوله: «بنت مالك بن غنم» : لم يسمها حجاج في روايته، وسماها الزبير بن بكار وغيره فقال: أميمة بنت مالك، انظر: تاريخ ابن عساكر [3/ 98] . (202) - قوله: «عمرة بنت وجز» : قال البيهقي في الدلائل [1/ 183] : كنيته: أبو كبشة، كان سيدا في قومه خزاعة، وهو أول من عبد الشعرى وخالف دين قومه، فلما خالف النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 203- وتوفيت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء بين مكة والمدينة، ودفنت بمكة. - دين قريش وجاء بالحنيفية شبهوه بأبي كبشة جده من قبل أمه ونسبوه إليه فقالوا: ابن أبي كبشة. وقال الكلبي: أم وهب بن عبد مناف بن زهرة جد رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيلة، ويقال: هند بنت أبي قيلة وهو وجز بن غالب من خزاعة، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 59] ، ومن طريقه ابن عساكر في التاريخ [3/ 100] . (203) - قوله: «ودفنت بمكة» : لا خلاف بين أهل العلم بالسير والتاريخ أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت بالأبواء، ثم اختلفوا بعد ذلك في مكان قبرها اختلافا لم يضعف المشهور والمعتمد منه في أنه بالأبواء أيضا، هذا هو قول الجمهور، وبقيت بعض الروايات اجتهد من اجتهد في توجيهها للجمع بينها، فلم يستبعد أن تكون حملت بعد موتها حتى دفنت بمكة، واستشهد ابن الجوزي في الوفاء [1/ 119] ، وفي المنتظم [2/ 273] بما رواه بإسناده إلى ابن البراء قال: حدثني الحسين بن جابر- وكان من المجاورين بمكة- أنه رفع إلى المأمون أن السيل يدخل قبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم لموضع معروف هناك فأمر المأمون بإحكامه، قال ابن البراء: وقد وصف لي وأنا بمكة موضعه، ويشهد له حديث ابن مسعود الذي سنأتي عليه إن شاء الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما إلى المقابر فاتبعناه حتى جلس إلى قبر منها ... الحديث، رجال إسناده ثقات، وفي حديث آخر إسناده قوي نأتي على تخريجه إن شاء الله من حديث ابن بريدة عن أبيه قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر فجلس إليه وجلس الناس حوله ... الحديث، قال ابن سعد في الطبقات بعد إيراده: هذا غلط، ليس قبرها بمكة، قبرها بالأبواء، اهـ. وهو قول الجمهور، فيحمل ما جاء في حديث ابن مسعود وبريدة وغيرهما أن ذلك كان في مسيره إلى مكة لا في مكة، والله أعلم، وانظر التعليق التالي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 204- وأهل مكة يزعمون أن قبر آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقابر أهل مكة في الشعب المعروف بشعب أبي دب، وكان أبو دب رجلا من سواءة بن عامر فعرف به. 205- ومن الناس من يقول: قبرها في دار رابعة بالمعلاة بثنية (204) - قوله: «وأهل مكة يزعمون» : قاله ابن جريج عن عثمان بن صفوان، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 573] رقم 6715، والفاكهي في أخبار مكة [4/ 53] كذا، وقال الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 210] : وقد زعم بعض المكيين: ... وذكره، وأورده الفاكهي أيضا في [4/ 56] عن بعض المكيين، قال البلاذري في الأنساب [1/ 95] : وذلك غير ثبت. قوله: «بشعب أبي دب» : أي: الذي بالحجون، مقبرة أهل مكة اليوم، ويسمى اليوم بدحلة الجن، وتمتد من الحجون- الذي يعرف اليوم ببرحة الرشيدي- إلى شعب الصفي- صفي السباب-، وفي الشعب اللاصق بثنية المدنيين- ريع الحجون اليوم وهو الذي فيه قبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. وانظر: أخبار مكة للفاكهي [4/ 54] ، تاريخ مكة لأبي الوليد [2/ 209] . قوله: «من سواءة بن عامر» : ابن صعصعة، انظر عنه في: تاريخ مكة لأبي الوليد [2/ 209، 210] ، أخبار مكة للفاكهي [4/ 140] . (205) - قوله: «في دار رابعة» : ومنهم من يقول: رائعة، وموقعه اليوم ما بين شعب علي وشعب عامر، انظر: تاريخ الأزرقي [2/ 210] ، تاريخ الفاكهي [4/ 56] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 إذاخر، عند حائط خرمان. قال أبو سعد رحمه الله: 206- وقيل: أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بنت كلاب بن مرة، وزهرة: امرأة نسب إليها ولدها، أقيمت في التذكير مقام الأب. قوله: «عند حائط خرمان» : المقبرة المعروفة بالخرمانية مقبرة آل عبد الله بن خالد بن أسيد، وآل سفيان بن عبد الأسد، قال أبو الوليد الأزرقي: فكان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبتي الوادي يمنة وشامة، ثم حول الناس جميعا قبورهم في الشعب الأيسر لما جاء من الرواية فيه، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الشعب، ونعم المقبرة، ففيه اليوم قبور أهل مكة إلّا آل عبد الله بن خالد بن أسيد، وآل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فهم يدفنون في المقبرة العليا بحائط خرمان. (206) - قوله: «أقيمت في التذكير مقام الأب» : كذا قال ابن قتيبة في المعارف [/ 70، 131] وزاد: ولا أعرف اسم الأب، وهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، اه. فكأن المصنف تبعه هنا وفارقه في الموضع الآخر، وليس بجيد؛ لأنه بهذا يجعل أم عبد مناف تارة زهرة وتارة عاتكة بنت الأوقص كما سيأتي، أما ابن قتيبة فإنه جعل عاتكة أما لوهب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه، وزهرة أما لعبد مناف أبي وهب، وقد أنكر السهيلي في الروض [1/ 133] أن يكون زهرة اسم امرأة، قال: وإنما هو اسم جدهم كما قال ابن إسحاق، اه. وهو قول جمهور أهل السير، وقال الكلبي: أم عبد مناف بن زهرة: جمل بنت مالك بن فصية بن سعد بن خزاعة. أخرجه ابن سعد وابن عساكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 207- وأم آمنة: برّة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار. 208- وأم برّة: أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة. 209- وأم جدته أم حبيب- وهي جدة جدته-: برة أيضا، بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي. 210- وأم برة بنت عوف: قلابة بنت الحارث بن لحيان بن هذيل. 211- وأم قلابة جدة جدة جدته هي: هند بنت يربوع من ثقيف. 212- أما جدته صلى الله عليه وسلم أم أبيه عبد الله فهي: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. 213- وأم عبد المطلب: سلمى بنت عمرو من بني النجار، وأمها منهم، وكذلك أم أمها، وكانت سلمى قبل أن يتزوجها هاشم تحت أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة، فهو أخو عبد المطلب لأمه. (211) - قوله: «هند بنت يربوع» : كذا قال ابن قتيبة في المعارف [/ 131] ، قد روى المصنف عن الزهري أنها بنت مالك بن غنم، وخرجنا الرواية قريبا، وقال الزبير بن بكار: أمها دبة بنت الحارث بن تميم. (213) - قوله: «فهو أخو عبد المطلب لأمه» : النص في معارف ابن قتيبة [/ 130] ، انظر أيضا: طبقات ابن سعد [1/ 62- 63] ، دلائل البيهقي [5/ 136] ، تاريخ ابن عساكر [3/ 108- 113] ، النص الآتي برقم 228. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 214- وأم قصي بن كلاب- أخي زهرة بن كلاب- فاطمة بنت سعد، من أزد السراة. 215- وأم كلاب: نعيم بنت سرير بن ثعلبة بن مالك بن كنانة. 216- وأم مرة: وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر. 217- وأم كعب: سلمى بنت محارب بن فهر. 218- وأم لؤي: وحشية بنت مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. 219- وأم غالب: سلمى بنت سعد بن هذيل. 220- وأم فهر: جندلة بنت الحارث الجرهمي. 220- وأم مالك: هند بنت عدوان بن عمرو، من قيس غيلان. 221- وأم النضر: برة بنت مر أخت تميم بن مر، وكانت تحت أبيه كنانة، فخلف عليها بعد أبيه، فتميم أخوال قريش، لأن قريشا من النضر تقرشت. 222- حدثنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني، ... (221) - قوله: «من النضر تقرشت» : انظر المعارف لابن قتيبة [/ 130] . (222) - قوله: «الجرجاني» : لقبه: بصلة، وكنيته: أبو عبد الله، وقيل: أبو الحسن، الإمام الرحالة، المحدث الحجة، أثنى عليه الحاكم وغيره. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [16/ 271] ، تاريخ جرجان للسهمي [/ 423] الترجمة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا قتيبة، ثنا أبو عوانة عن قتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض مغازيه: أنا ابن العواتك. - 745، أخبار أصبهان لأبي نعيم [2/ 292] ، تاريخ الإسلام [وفيات 351- 380، ص 132، 468] ، تذكرة الحفاظ [3/ 984] ، طبقات الحفاظ: [/ 390] ، تبصير المنتبه [4/ 1422] . قوله: «محمد بن إسحاق بن إبراهيم» : السرّاج، الإمام الحافظ الثقة شيخ الإسلام، ومحدث خراسان: أبو العباس الثقفي مولاهم، الخراساني، النيسابوري، من مشايخ البخاري ومسلم، رويا عنه خارج الصحيح، قال الخطيب: كان من الثقات الأثبات، عني بالحديث وصنف كتبا كثيرة وهي معروفة. انظر ترجمته في: الوافي بالوفيات [2/ 187] ، الجرح والتعديل [7/ 196] ، سير أعلام النبلاء [14/ 388] ، تذكرة الحفاظ [2/ 731] ، طبقات السبكي [3/ 108] ، تاريخ بغداد [1/ 248] ، المنتظم [13/ 252] . قوله: «ثنا قتيبة» : هو ابن سعيد، وأبو عوانة، اسمه: الوضاح بن عبد الله اليشكري، وقتادة هو: ابن دعامة السدوسي، ثلاثتهم من رجال التهذيب، أحاديثهم مخرجة في الصحيحين. قوله: «أنا ابن العواتك» : الحديث من مراسيل قتادة. تابعه عن الحاكم: البيهقي، أخرجه في الدلائل [5/ 136] . وأخرجه كذلك مرسلا: سعيد بن منصور في سننه [2/ 302] رقم 2840، وابن عساكر في تاريخه [3/ 107] . - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 ......... وقد روي من وجه آخر من حديث سيابة بن عاصم، رواه هشيم بن بشير، فاختلف عليه فيه: * فقال سعيد بن منصور في سننه [2/ 302] رقم 2841: عنه، عن يحيى بن سعيد بن عمرو القرشي ثنا سيابة به. وتابعه عن هشيم: لوين بن محمد- في إحدى الروايات عنه-، أخرجه العسكري في تصحيفات المحدثين [2/ 1071] ، والبغوي فيما ذكره الحافظ في ترجمة سيابة من الإصابة. * ورواه البغوي- فيما ذكره الحافظ في ترجمة سيابة من الإصابة من طريق لوين هذا، وقال عن لوين: لا أدري لعل بينهما رجلا. * ورواه الدارقطني في المؤتلف [3/ 1375] أيضا من طريق لوين فقلب الاسم فيها وقال: عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن رجل، عن سيابة، والخطأ فيه من لوين. * ورواه جماعة عن هشيم فقالوا: عنه، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن سعيد قال: حدثني سيابة به، منهم: 1- سليمان بن داود أبو الربيع العتكي- حجة- حديثه عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [3/ 95] رقم 1413، وفي الجهاد له برقم 255. 2- محمد بن الصباح- من الحفاظ الثقات- وأخرجه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1444] رقم 3664، والبيهقي في الدلائل [5/ 136] ، وأبو زرعة الرازي كما في العلل لابن أبي حاتم [1/ 321- 322] . 3- عمرو بن عون الواسطي- أحد الأثبات- وحديثه عند الطبراني في الكبير [7/ 201] رقم 6724. قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [1/ 321- 322] : سألت أبي- يعني: عن هذا الحديث- فقال: قال بعض أصحاب هشيم، عن هشيم، أنا يحيى بن عمرو بن سعيد بن العاص، أنا سيابة بن عاصم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 223- قال قتيبة: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث جدات من سليم اسمهن عاتكة، فكان إذا افتخر قال: أنا ابن العواتك. قال أبو سعد رحمه الله: 224- فأما عاتكة بنت هلال بن فالج فهي أم عبد مناف أبي وهب بن زهرة. 225- وأما عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان، من بني سليم فأم هاشم بن عبد مناف. 226- وأما عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال فهي أم وهب أبي آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم. 227- وأما جدته صلى الله عليه وسلم أم أبيه عبد الله: فهي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. - قال أبي: وهذا أشبه، بدليل أن سيابة ليس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عاصم: لم يتضح لي وجه العلاقة بين ترجيح الرواية وبين عدم ثبوت الصحبة لسيابة، فلو قال قائل: قول محمد بن الصباح ومن وافقه هي الصحيحة، لم يكن في ذلك إثبات الصحبة لسيابة، ولذلك قال البخاري في تاريخه: مرسل، ثم ذكر الروايتين عن هشيم، والاختلاف فيه منه، والمتن حسن إن شاء الله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 219] : رجاله رجال الصحيح. (226) - قوله: «فهي أم وهب أبي آمنة» : زاد ابن عساكر في تاريخه [3/ 107] : فالأولى منهن عمة الوسطى، والوسطى عمة الأخرى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 228- وأم عبد المطلب: سلمى بنت عمرو، من بني النجار، وأمها منهم، وكذلك أم أمها، وكانت سلمى قبل أن يتزوجها هاشم تحت أحيحة بن الجلاح، فولدت له عمرو بن أحيحة، فهو أخو عبد المطلب لأمه. (228) - قوله: «وأمها منهم» : وهي صخرة بنت عبد بن عمران بن مخزوم. قوله: «وكذلك أم أمها» : وهي: تخمر بنت عبد بن قصي. قوله: «فهو أخو عبد المطلب لأمه» : تقدم هذا النص برقم 213. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 [48- باب ذكر أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم] 48- باب ذكر أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم 229- أخبرنا أبو عمرو ابن مطر، أنا أبو عمرو الخفاف، أنا محمد بن رافع، ثنا شبابة، قال: حدثني ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على (229) - قوله: «أنا أبو عمرو الخفاف» : هو أحمد بن محمد بن عمرو النيسابوري، ذكره الحافظ السمعاني في الأنساب وقال: كان من الحفاظ، روى عن أبي زرعة، وأبي بكر الإسماعيلي، وابن عدي، روى عنه عبد الله بن عدي الحافظ، وأبو القاسم إبراهيم بن محمد المؤذن المقري، توفي في شوال سنة إحدى وأربعمائة. انظر: الأنساب باب الخاء والفاء [الخفاف] . قوله: «أنا محمد بن رافع» : القشيري مولاهم، الإمام العابد، الثقة الزاهد، أبو عبد الله النيسابوري، أحد خيار عباد الله، أثنى عليه الناس، وحديثه عند الجماعة سوى ابن ماجه. قوله: «ثنا شبابة» : هو ابن سوار المدائني، وورقاء هو: ابن عمر اليشكري، وأبو الزناد اسمه: عبد الله بن ذكوان، والأعرج صاحب أبي هريرة اسمه: عبد الرحمن بن هرمز، جميعهم من رجال الصحيحين. قوله: «بعث رسول الله عمر بن الخطاب» : اختصر المصنف الرواية، وأخرجها بسياق أطول: البخاري في الزكاة، باب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد ابن الوليد، والعباس بن عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما العباس فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عليّ ومثلها، ثم قال: أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه. قال أبو سعد: 230- كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أعمام وهم أولاد عبد المطلب: الحارث، والزبير، والعباس، وحمزة، وأبو طالب- واسمه: عبد مناف-، والغيداق- واسمه: حجل-، وضرار، والمقوّم، وأبو لهب- واسمه: عبد العزى-، ولم يعقب منهم إلّا أربعة وهم: الحارث، والعباس، وأبو طالب، وأبو لهب. 231- فأما الحارث فهو أكبر أولاد عبد المطلب وبه كان يكنى، وشهد معه حفر زمزم وولده: أبو سفيان، والمغيرة، ونوفل، وأروى، وربيعة، وعبد شمس. 232- فأما أبو سفيان بن الحارث فأسلم عام الفتح وشهد يوم الحنين، ولم يعقب. 233- وقال صلى الله عليه وسلم: أبو سفيان سيد فتيان أهل الجنة. - قول الله تعالى: وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية، من طريق شعيب، عن أبي الزناد، رقم 1468، وأخرجه مسلم في الزكاة، باب: تقديم الزكاة ومنعها، من طريق علي بن حفص، عن ورقاء به، رقم 983. (233) - قوله: «أبو سفيان سيد فتيان أهل الجنة» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [4/ 53] ، الحاكم في المستدرك [3/ 255] بإسناد على شرط الصحيح من حديث عروة مرسلا. وقد كان أبو سفيان أخا النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما حليمة السعدية، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 234- وأما نوفل بن الحارث فكان أسن من حمزة والعباس، وكان مع العباس ببدر أخرجا مكرهين وأسرا، وفداه العباس وهاجر وأسلم يوم الخندق، وله عقب. 235- وأما عبد شمس فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وعقبه بالشام. 236- وأما ربيعة فكانت له صحبة، وعقبه بالبصرة. 237- وأما العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فكان يكنى أبا الفضل، وكانت له السقاية وزمزم، دفعهما إليه النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وأخذ البيعة يوم العقبة للنبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار، أسر يوم بدر، واستقبل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بالأبواء، فكان معه حين فتح مكة، وبه ختمت الهجرة، ومات بالمدينة في أيام عثمان، وقد كف بصره، وهو ابن تسع وثمانين سنة، ومولده قبل الفيل بثلاث سنين، وصلى عليه عثمان، وأدخله قبره ابنه- ثم بدت منه أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعث فهجاه وقاتل مع قريش ضده، فتحمل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، فلما أسلم عفا عنه وأحبه وكان يقول: أبو سفيان أخي وخير أهلي، وقد أعقبني الله من حمزة أبا سفيان ألا إن الله ورسوله قد رضيا عن أبي سفيان فارضوا عنه. (235) - قوله: «فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [4/ 49] ، الطبراني- فيما ذكره الحافظ في ترجمته من الإصابة-. قال ابن سعد: خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فمات بالصفراء، فكفنه النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه ودفنه وقال: سعيد أدركته السعادة. قوله: «وعقبه بالشام» : كذا في الأصول، ولم يختلف أهل التاريخ والسير أنه لا عقب له ولا نسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 عبد الله، وكان له من الولد تسعة ذكور وثلاث إناث، منهم: عبد الله، وعبيد الله، والفضل، وقثم، ومعبد، وعبد الرحمن، وأم حبيب. 238- وأمهم: لبابة، أم الفضل، بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وتمام، وكثير، والحارث، وآمنة، وصفية لأمهات الأولاد. 239- فأما الفضل- وكان أكبر ولده وبه كان يكنى- فمات بالشام في طاعون عمواس، وقتل معبد بأفريقية. 240- وأما عبد الله بن العباس- وكان يكنى: أبا العباس- بلغ اثنين وسبعين سنة، ومات بالطائف في فتنة ابن الزبير، وقد كف بصره، وصلى عليه ابن الحنفية سنة ثمان وستين، وكان يصفر لحيته، وكان له من الولد: علي، وعباس، ومحمد، والفضل، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ولبابة- أمهم: زرعة بنت مشرح، كندية-، وأسماء لأم ولد. 241- والذي أعقب منهم: علي بن عبد الله، وكان من أعبد الناس وأجملهم، وأكثرهم صلاة، يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، يكنى أبا محمد، مات بالسراة، سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن ثمانين سنة، ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان الوليد ضربه سبع مائة سوط بسبب سليط، وكان له من الولد أحد عشر ذكرا وثلاث إناث، منهم: محمد بن علي بينهما أربعة عشر سنة، وكان يخضب بالسواد، ومحمد بالحمرة، ومات سنة اثنتين وعشرين ومائة وله ستون سنة، وهو أبو الخلفاء، وأمه: العالية بنت عبيد الله بن العباس، وأمها: عائشة بنت عبد المدان الحارثي. (240) - قوله: «ثمان وستين» : في الأصول: ثمان وثمانين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 ومنهم: داود، وعيسى، وسليمان، وصالح لأم واحدة تسمى سعدى، وإسماعيل، وعبد الصمد لأم ولد، ويعقوب لأم ولد، وعبد الله وعبيد الله من أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر، وأمها: ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي. ومنهم: أمينة ولبابة وأم عيسى لأمهات أولاد شتى. 242- وأما أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فاسمه: عبد مناف، وولده: علي، وجعفر، وعقيل، وطالب، وأم هانيء- واسمها: فاختة- وجمانة، أمهم: فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، توفي أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر. 243- وأما أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم فاسمه: عبد العزى، يكنى أبا عتبة، وكان أحول، وقيل له: أبو لهب لجماله، وهو سارق غزال الكعبة، وكان من ذهب، وولده عتبة، وعتيبة، ومعتب، وبنات، وأمهم: أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان، وعمة معاوية حمالة الحطب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 [49- باب ذكر عمّات رسول الله صلى الله عليه وسلم] 49- باب ذكر عمّات رسول الله صلى الله عليه وسلم 244- أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله، ثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: لما حضرت عبد المطلب الوفاة قال لبناته: (244) - قوله: «ثنا أحمد بن عبد الجبار» : العطاردي، المحدث الصدوق، أبو عمر التميمي، الكوفي، روى عن يونس بن بكير مغازي ابن إسحاق، واعتمده البيهقي في تصانيفه، وتكلم فيه بعضهم بلا حجة. أثنى عليه الخطيب، وقال الدارقطني: لا بأس به، قد أثنى عليه أبو كريب، وقال الذهبي في السير: لم يوجد منه الكذب، ولا تفرد بشيء، ومما يقوي أنه صدوق في الرواية: أنه روى أوراقا من المغازي بنزول عن أبيه، عن يونس، وانظر: الجرح والتعديل [2/ 62] ، تاريخ بغداد [4/ 262] ، تهذيب الكمال [1/ 378] ، تهذيب التهذيب [1/ 44] ، الوافي بالوفيات [7/ 15] ، تذكرة الحفاظ [2/ 582] ، سير أعلام النبلاء [13/ 55] ، التقريب [/ 81] . قوله: «ثنا يونس بن بكير» : الشيباني، الحافظ الثقة أبو بكر الجمال، الكوفي، علق له البخاري في صحيحه، وأخرج له مسلم، قال في التقريب: صدوق يخطىء. قوله: «عن محمد بن إسحاق» : النص في سيرته [/ 67- 68] ، وقد أورد أبياتا لكل واحدة منهن ترثي عبد المطلب أعرضت عن ذكرها خوف الإطالة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 ابكين عليّ حتى أسمع- وكن ست نسوة- وهن: أميمة، وأم حكيم، وبرة، وعاتكة، وصفية، وأروى، فهن بنات عبد المطلب لأمهات شتى. 245- أما عاتكة فكانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. وكانت أميمة عند جحش بن زياد الأسدي. وكانت البيضاء عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. 246- وكانت برة عند عبد الأسد بن هلال المخزومي، فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد الذي كانت أم سلمة عنده قبل أن تكون عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزى بن عامر بن لؤي، فولدت له أبا سبرة بن أبي رهم. 247- وكانت أروى عند عمير بن عبد العزى بن قصي. وكانت صفية عند الحارث بن حرب بن أمية، ثم خلف عليها العوام بن خويلد فولدت له الزبير، ولم يسلم منهن غيرها، وتوفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 248- وقيل: أسلم من العمات ثلاثة: صفية، وأروى، وعاتكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 [50- باب ذكر أخواله وخالاته وإخوته وأخواته صلى الله عليه وسلم من الرّضاعة] 50- باب ذكر أخواله وخالاته وإخوته وأخواته صلى الله عليه وسلم من الرّضاعة 249- حدثنا الحاكم أبو عبد الله، ثنا أبو بكر: محمد بن عبد الله الحفيد، ثنا محمد بن زكرياء الغلّابي، ... (249) - قوله: «ثنا أبو بكر: محمد بن عبد الله الحفيد» : ذكره الحافظ السمعاني في الأنساب فأطال النفس في ترجمته فكان مما قال: كان محدث أصحاب الرأي في عصره، كثير الرحلة والسماع والطلب، عرف بالحفيد لأنه ابن بنت العباس بن حمزة الواعظ من نيسابور، سمع أبا عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، وسمع أخبار الغلابي عن آخرها، سمع منه الحاكم وذكره في التاريخ وقال: كان محدث أصحاب الرأي، كثير الرحلة والسماع لولا مجون كان فيه، وقد أكثرنا عنه، وكان يحضر المجالس، ويكتب آماليهم بخطه، توفي بهراة في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. الأنساب [2/ 240] . قوله: «ثنا محمد بن زكرياء الغلّابي» : بصري، كنيته: أبو بكر، ولقبه: زكرويه، شيعي، اتهمه الدارقطني بالوضع، وقال ابن حبان: يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات لأن في روايته عن المجاهيل بعض المناكير. الأنساب [4/ 321] ، سير أعلام النبلاء [13/ 534 بدون ترجمة] ، الشذرات [2/ 206] ، العبر [2/ 86] ، تذكرة الحفاظ [2/ 639 في آخر ترجمة الآبار] ، المغني [2/ 581] ، الثقات [9/ 154] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 ثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي، عن أبيه سليمان، عن أبيه علي بن عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن عباس قال: كانت حليمة بنت أبي ذؤيب التي أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث أنها لما فطمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم، قالت: سمعته يقول كلاما عجيبا، سمعته يقول: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا ... وذكر الحديث، وفيه ذكر إخوته وأخواته. 250- قال: أما أخواله وخالاته فلم يكن لأمه آمنة بنت وهب أخ ولا أخت فيكون خالا له أو خالة، إلّا أن بني زهرة يقولون: نحن أخواله؛ لأن آمنة منهم، ولم يكن لأبويه عبد الله وآمنة ولد غيره صلى الله عليه وسلم فلم قوله: «ثنا يعقوب بن جعفر» : لم أقف على ترجمة له، ولا وجدت لأبيه ترجمة مفردة لكنه مذكور في ترجمة سليمان بن علي. قوله: «عن أبيه سليمان» : الهاشمي، المدني، البصري، عم المنصور، من رجال النسائي في اليوم والليلة، وابن ماجه في السنن، وثقه ابن حبان، وقال ابن حجر: مقبول. تهذيب الكمال [12/ 44] ، تهذيب التهذيب [4/ 185] ، الكاشف [1/ 318] ، التقريب [/ 253] الترجمة رقم: 2596. قوله: «علي بن عبد الله بن عباس» : تابعي من الثقات العباد أهل الفضل، أخرج له الجماعة سوى البخاري. تهذيب الكمال [21/ 35] ، تهذيب التهذيب [7/ 312] ، الكاشف [2/ 252] ، التقريب [/ 403] الترجمة رقم: 4761. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 يكن له أخ ولا أخت من النسب. 251- وكان له صلى الله عليه وسلم خالة من الرضاعة يقال لها سلمى، وهي أخت حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب. 252- فأما إخوته من الرضاعة: فعبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وأبوهم: الحارث بن عبد العزى بن سعد بن بكر بن هوازن، وأمهم: حليمة بنت أبي ذؤيب، فهما أخوا النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. 253- وقال صلى الله عليه وسلم: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، ونشأت (251) - قوله: «سلمى» : بنت أبي ذؤيب ذكروها في الصحابة، قال ابن الأثير: يقال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه، وقال: مرحبا يا أمي، ذكرها جعفر المستغفري في الصحابة، أخرجها أبو موسى، ونحوه للحافظ ابن حجر في الإصابة. (252) - قوله: «وأنيسة بنت الحارث» : ذكرها ابن هشام في سيرته [1/ 161] ، وأهملها ابن قتيبة ومن ألف في الصحابة، وذكروا جدامة أو جذامة أو حذافة، وقيل: خزامة، وأهملها المصنف، والثلاثة ذكرهم ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق، وأبو نعيم في الدلائل. (253) - قوله: «أنا أفصح العرب» : لم يسنده المصنف، ولا ابن قتيبة في المعارف [/ 132] ، ولا أسنده ابن إسحاق في سيرته- كما في البداية [2/ 277]- وهؤلاء من أهل الرواية، وهكذا وجدته عند ابن عساكر في تهذيب ابن منظور [2/ 205] . وقال ابن سعد في الطبقات [1/ 113] : أخبرنا محمد بن عمر- يعني الواقدي، وهو ضعيف جدّا في الحديث-، أخبرنا زكرياء بن يحيى بن يزيد السعدي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعربكم، أنا من قريش، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 في بني سعد بن بكر. لبث فيهم صلى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم رد صلى الله عليه وسلم إلى أمه. - ولساني لسان بني سعد ابن بكر، مرسل، وإسناده ضعيف. وفي الباب عن عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله ما لك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: إن لغة إسماعيل قد درست فجاءني بها جبريل عليه السّلام فحفظتها، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 4] مسندا وقال: هذا حديث غريب له علة عجيبة؛ رواه علي بن خشرم المروزي، عن علي بن الحسين بن واقد: بلغني أن عمر، اه. يعني أنه منقطع، وقد ساقه من غير طريق علي بن خشرم مسندا ولا يثبت، والله أعلم. وعن أبي سعيد الخدري أيضا ولفظه: أنا أعرب العرب، ولدت في بني سعد بن بكر، فأنّى يأتيني اللحن؟. قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد ضعيف. قال: وأخرج أبو الحسن الضحاك في الشمائل، وابن الجوزي في الوفاء بإسناد ضعيف من حديث بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفصح العرب، وكان يتكلم بكلام لا يدرون ما هو حتى يخبرهم. قلت: من شواهده الصحيحة: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 [51- باب ذكر أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره] 51- باب ذكر أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره 254- حدثنا محمد بن عبد الله، ثنا أبو الحسن: علي بن محمد بن سختويه العدل قال: أخبرني عبيد بن عبد الواحد بن شريك وأحمد بن إبراهيم بن ملحان قالا: حدثنا عمرو بن خالد، ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن (254) - قوله: «عبيد بن عبد الواحد بن شريك» : البزّار، الحافظ الرحالة، الصدوق: أبو محمد البغدادي، أثنى عليه أصحابه، وقال الدارقطني: صدوق، ووصفه الذهبي بالمحدث المفيد. انظر: سير أعلام النبلاء [13/ 385] ، تاريخ الإسلام [وفيات 290- ص 219] ، تاريخ بغداد [11/ 99] ، تاريخ دمشق [38/ 208] ، تاريخ جرجان [/ 512، 520] ، لسان الميزان [4/ 120] . قوله: «وأحمد بن إبراهيم بن ملحان» : البلخي، الإمام الحافظ المتقن أبو عبد الله البغدادي صاحب يحيى بن بكير، وأحد الحفاظ الأعلام، وثقه الدارقطني. انظر: تاريخ بغداد [4/ 11] ، سير أعلام النبلاء [13/ 533- 534] ، معجم الطبراني الصغير [1/ 44] قوله: «حدثنا عمرو بن خالد» : هو ابن فروخ الجزري، الإمام الحافظ الثبت: أبو الحسن الحرّاني، التميمي نزيل مصر، وأحد رجال البخاري في الصحيح. قوله: «ثنا ابن لهيعة» : هو: عبد الله الحافظ المعروف ممن يعتبر به إذا لم يبين السماع، فأما إذا- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 أبي حبيب وعقيل عن ابن شهاب، عن أنس قال: لما ولد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام فقال: السلام عليك أبا إبراهيم. قال أبو سعد رحمه الله: 255- ولد له صلى الله عليه وسلم ثلاث بنين- وقيل: أربعة بنين- من خديجة وأربع بنات. فالبنون: القاسم- وبه كان يكنى- وعبد الله وهو الطيب، والطاهر، وإبراهيم. والبنات: فاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وكلهم من خديجة إلّا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكلهم ولدوا في الجاهلية إلّا فاطمة وإبراهيم فإنهما ولدا في الإسلام. 256- فأما القاسم والطيب فماتا بمكة بعد سبع ليال، وأما إبراهيم فولد بالمدينة بعد ثمان سنين من الهجرة، ومات بها وله سنة وستة أشهر وثمانية أيام، وقبره بالبقيع. 257- وأما زينب فتزوجها أبو العاص بن الربيع واسمه القاسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، وأمه هالة بنت خويلد، فهو ابن خالتها، تزوجها وهو مشرك فقالت له قريش: طلقها فنزوجك بنت سعيد بن العاص، فأبى أبو العاص، وأتت زينب رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، ثم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقدم أبو العاص المدينة بعد أربع سنين- بين فهو ثقة، وقد بين سماعه لحديث الباب عند البزار، وبقية رجال السند على شرط الصحيحين، فالحديث حسن إن شاء الله. أخرجه البزار في مسنده [2/ 189 كشف الاستار] رقم 1492 من طريق عثمان بن صالح، ثنا ابن لهيعة به- وقال: لا نعلم رواه عن الزهري، عن أنس إلّا عقيل-، والحاكم في المستدرك [2/ 604] وسكت عنه هو والذهبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 فأسلم وحسن إسلامه، ثم ماتت بالمدينة لسبع سنين من الهجرة، ولها منه بنت اسمها أمامة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في صلاته، وتزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد فاطمة، فكان علي ختنه على ابنته وابنة ابنته. 258- ثم تزوج أبو العاص بنت سعيد بن العاص. 259- ثم زوّجت أمامة بعد علي المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فولدت له يحيى ولم يعقب. 260- وأما رقية فتزوجها عتبة بن أبي لهب وهو ابن عمتها، وطلقها قبل أن يدخل بها، ولحقها منه أذى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ سلط على عتبة كلبا من كلابك، فتناوله الأسد من بين أصحابه، وكانوا قد اجتهدوا في حفظه وحراسته، ثم تزوجها عثمان بالمدينة فولدت له عبد الله، ومات صغيرا، نقره الديك في عينه فمرض، وماتت بعده بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوما من الهجرة والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر. 261- وأما أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب فأمره أبوه فطلقها، ثم تزوجها عثمان بعد رقية، وتوفيت لثمان سنين وشهر وعشرة أيام من الهجرة. 262- وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بعد سنة من مقدمه المدينة، وابتنى بها بعد سنة أخرى، وماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمائة يوم، وولدت له: الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى. (260) - قوله: «اللهمّ سلط على عتبة» : يأتي فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم من باب: أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 [52- باب ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن وصفاته] 52- باب ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن وصفاته قوله عزّ وجلّ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ الآية. قوله: «ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن وصفاته» : يعني على سبيل الإشارة والبيان لا الحصر؛ فإنه لم يورد إلّا النذر اليسير، وجلّ- إن لم نقل كل- ما في القرآن نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف، قال بعضهم: وكذلك الأمر في الأسماء التي وردت في الأحاديث أنها مشتقة من صفات قامت به أوجبت له صلى الله عليه وسلم المدح والكمال، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إن جعل له من كل وصف من أوصافه اسم تجاوزت أسماؤه المائتين: كالصادق والمصدوق والرؤوف الرحيم ... إلى أمثال ذلك، قال: ولهذا قال من قال من الناس: إن لله ألف اسم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم، قال: ومقصوده الأوصاف، اه. وقال ابن عساكر رحمه الله: إذا شقت أسماؤه من صفاته كثرت جدّا، وقال الإمام النواوي رحمه الله في تهذيبه: فإطلاقهم على هذه الصفات أسماء مجاز. وقد أفرده بالتصنيف جماعة، منهم: أبو الخطاب ابن دحية، ذكر فيه ما ورد منها في القرآن والأخبار وضبط ألفاظها وشرح معانيها وأنهاها إلى ثلاثمائة، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: غالب الأسماء التي ذكرها وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد منها على سبيل التسمية. اه. وممن أفرده بالتصنيف: السيوطي في الرياض الأنيقة، قال في مقدمة كتابه: والذي وقفنا عليه من أسمائه ثلاثمائة وبضع وأربعون، قال: وهي أقسام: الأول: ما ورد في القرآن بصريح الاسم. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 وقال عزّ من قائل: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ الآية، وقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ الآية. 263- فسمّاه عبدا فقال: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ الآية. وقال عزّ وجلّ: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ الآية. - الثاني: ما ورد فيه بصيغة الفعل. الثالث: ما ورد في الحديث والكتب القديمة. ثم أورد في كل قسم ما يخصه من ذلك، وقد رتب الأسماء في كتابه مبتدءا بحرف الألف منتهيا بحرف الياء، ثم أردفه بفصل ذكر فيه ما يحفظ له صلى الله عليه وسلم من الكنى. واعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى وعلو مقامه، ولذلك كانت أسماؤه سبحانه أكثر من أن تحصى، سيما إذا أريد معها المشتقة من صفاته عز وجل، ولذلك قال بعضهم: قول من قال: إن لله ألف اسم، لم يعظمه؛ فأسماؤه السنية وصفاته العلية وكلماته التامة أجلّ وأكبر من أن تنفد. قال ابن العربي في العارضة: إن الله خطط النبي صلى الله عليه وسلم بخططه، وعدد له أسماءه، والشيء إذا عظم قدره عظمت أسماؤه ... ، قال: وأسماؤه صلى الله عليه وسلم لم أحصها إلا من جهة الورود الظاهر بصيغة الأسماء البينة، فوعيت منها جملة الحاضر الآن: سبعة وستون اسما ... اه. وقال ابن القيم رحمه الله في الزاد: وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان: أحدهما: خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل كمحمد وأحمد، والعاقب والحاشر، والمقفي، ونبي الملحمة. والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل، ولكن له منه كماله فهو مختص بكماله دون أصله كرسول الله ونبيه وعبده ونبي الرحمة والشاهد والمبشر والنذير ونبي التوبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 264- وسمّاه نذيرا مبينا فقال: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) الآية. 265- وسمّاه أحمد في قوله عزّ وجلّ: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ الآية. 266- وسمّاه محمدا فقال: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ الآية. 267- وسمّاه رحمة فقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) الآية. 268- وسمّاه مصطفى فقال: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ الآية. 269- وسمّاه رؤوفا رحيما فقال: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ (128) (268) - قوله: «وسماه مصطفى» : الاصطفاء: الاختيار من الصفوة، وهي الخلاصة، ومنه قوله تعالى: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ، وقال تعالى: إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ، قال السيوطي عند ذكر اسم المصطفى: هو من أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال: روى مسلم حديث: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ... الحديث، وفيه: واصطفاني من بني هاشم، اه. ولم يستدل على ذلك من القرآن. (269) - قوله: «وسماه رؤوفا رحيما» : قال القاضي عياض رحمه الله في الشفاء: اعلم أن الله تعالى خص كثيرا من الأنبياء بكرامة خلعها عليهم من أسمائه، كتسمية إسحاق وإسماعيل بعليم وحليم، وإبراهيم بحليم، ونوحا بشكور، وفضل محمّد صلى الله عليه وسلم بأن حلاه منها في كتابه وعلى ألسنة أنبيائه بعدة كثيرة اجتمع لنا منها نحو ثلاثين اسما..- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) الآية. 270- وسمّاه صدقا فقال: وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ الآية. 271- وسمّاه نبيّا فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ الآية. 272- وسمّاه رسولا فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ الآية. 273- وسمّاه كريما فقال: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) الآية. - وذكرها، وزاد عليها السيوطي في الرياض مثلها، ولعل ما يصفو منها النصف. (270) - قوله: «وسماه صدقا» : ذكره السيوطي في الرياض وقال: ذكره بعضهم أخذا من قوله تعالى ... وذكر الآية. (273) - قوله: «وسماه كريما» : ذكره غير واحد في أسمائه صلى الله عليه وسلم مستدلا بهذه الآية، قال الماوردي في النكت والعيون، في الموضع الأول من قوله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ- أعني التي في الحاقة -[6/ 86] : فيه قولان: أحدهما جبريل، قاله الكلبي ومقاتل، والثاني رسول الله، قال ابن قتيبة: وليس القرآن من قول الرسول، إنما هو من قول الله، وإبلاغ الرسول، فاكتفى بفحوى الكلام عن ذكره. وقال في الموضع الثاني- وهي التي في التكوير [6/ 218]- : في الرسول الكريم قولان: أحدهما جبريل، قاله الحسن وقتادة والضحاك، الثاني: النبي، قاله ابن عيسى، قال: فإن كان المراد جبريل فمعناه: قول رسول الله كريم عن رب العالمين. قال السيوطي: وهو من أسماء الله تعالى، ومعناه: المتفضل، وقيل: الغفور، وقيل: العلي، وقيل: الكثير الخير، قال: قال القاضي عياض: والمعاني صحيحة في حقه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 274- وسمّاه نورا فقال: قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ الآية. 275- وسمّاه نعمة فقال: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها الآية. 276- وسمّاه عبد الله فقال: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) الآية. وسمّاه بأسامي في آية واحدة فقال: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (46) الآية. (274) - قوله: «وسماه نورا» : ذكره السيوطي في الرياض وأورد فيه الآية التي أوردها المصنف وقال: قال جماعة: النور هنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وفي نكت الماوردي [2/ 22] : في النور تأويلان: أحدهما: محمّد صلى الله عليه وسلم، وهو قول الزجاج، الثاني: القرآن، وهو قول بعض المتأخرين. (275) - قوله: «وسماه نعمة» : أخرج ابن جرير في تفسيره [14/ 157] عن السدي في قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ... الآية، قال: محمّد صلى الله عليه وسلم. قال ابن جرير: عرفوا نبوته ثم جحدوها وكذبوه. وذكر السيوطي في الرياض الأنيقة عن عمرو بن عطاء في هذه الآية أنهم كفار قريش، ومحمد نعمة الله. وقال في الدر المنثور: أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار في هذه الآية قال: هم قريش، ومحمد النعمة. ولم أره في تفسيره كذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 277- وسمّاه رجلا فقال: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الآية. 278- وسمّاه إنسانا فقال: يس (1) الآية. 279- وسمّاه مذكّرا فقال: إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ الآية. (277) - قوله: «وسماه رجلا» : يعني في تفسير ابن عباس أنها رجل بالنبطية أو السريانية، أخرجه من طرق بأسانيد: ابن جرير في تفسيره [16/ 135- 136] ، وابن أبي حاتم [7/ 2415] ، والحارث في مسنده [2/ 726 بغية الباحث] رقم 718، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 441] رقم 12249، وابن عساكر في تاريخه [3/ 30] . وعزاه في الدر المنثور أيضا: لعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن مردويه، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم أيضا عن عكرمة وقتادة والحسن والضحاك نحو قول ابن عباس. وأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 378] عن ابن عباس في قوله تعالى: طه (1) ، قال: هو كقولك: يا محمد بلسان الحبشي، صحح إسناده، وقال الذهبي: صحيح. (278) - قوله: «وسماه إنسانا» : يعني في تفسير ابن عباس، أخرجه من طرق بأسانيد: ابن أبي حاتم [10/ 3188] ، وابن جرير [22/ 148] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 159] ، هو مروي أيضا عن الحسن وعكرمة والضحاك، قال السيوطي: أخرج حديثهم عبد بن حميد، وأخرج البيهقي في الدلائل [1/ 158] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 30] عن محمد ابن الحنفية في قوله تعالى: يس قال: محمد، وأخرج ابن جرير [22/ 149] عن قتادة: قسم كما تسمعون إنه لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، وروي عن كعب الأحبار، عزاه السيوطي لابن مردويه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 280- والهادي. 281- والذكر. 282- والشافع. (280) - قوله: «والهادي» : لم يذكر الآية التي تدل عليه، قال السيوطي في الرياض: ذكره جماعة أخذا من قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) ، وهو من أسمائه تعالى، والهداية تطلق على خلق الاهتداء وذلك من وصفه تعالى خاصة وهو المنفي في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ الآية، وتطلق على البيان والدلالة بلطف، وهذه يتصف بها الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم، ويطلق أيضا على الدعاء، وفيه: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، أي: داع. (281) - قوله: «والذكر» : أيضا لم يذكر الآية التي تدل عليه، وقد أخرج ابن جرير في تفسيره [28/ 152] عن السدي في قوله تعالى: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً الآية، قال: الذكر: القرآن، والرسول: محمّد صلى الله عليه وسلم، قال ابن جرير: وقال آخرون: الذكر: هو الرسول صلى الله عليه وسلم. قال السيوطي في الرياض في اسمه الذكر: ذكره العزفي وابن دحية، وقالا: لأنه شريف في نفسه مشرف غيره، يجز عنه به فاجتمعت له وجوه الذكر الثلاثة. (282) - قوله: «والشافع» : ثبوته في الأحاديث أصرح منه في القرآن صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 [53- باب ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم الّتي وردت بها الأخبار] 53- باب ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم الّتي وردت بها الأخبار 283- أخبرنا أبو عبد الله: الحسين بن أحمد بن محمد الصفّار الهروي رحمه الله- قدم علينا حاجّا سنة تسع وخمسين وثلاث مائة- قال: ثنا محمد بن محمد بن عمار قال: ... (283) - قوله: «الصفّار الهروي» : الشماخي، صاحب المستخرج على صحيح مسلم، وصفه الذهبي في السير بالمحدث، الحافظ الجوال المصنف، وقال: سمع ابن أبي حاتم وأبا جعفر الطحاوي، وأبا العباس بن عقدة وطبقتهم، روى عنه أبو عبد الله الحاكم وقال مثل ما قال المصنف هنا: قدم علينا سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، وزاد: كذاب، لا يشتغل به، كتبنا عنه العجائب، ثم اجتمعت بابن أبي ذهل فأفحش القول فيه، وقال لي: دخلنا معا بغداد وقد مات البغوي، وهو ذا يحدث عنه ولا يحتشمني، ثم قال الحاكم: يحتمل أنه سمع من البغوي وما علم ابن أبي ذهل فإنه قال: دخلنا وهو في آخر علته. وقال البرقاني: كتبت عنه الكثير، ثم بان لي أنه ليس بحجة، وضعفه ابن أبي ذهل، توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء [16/ 360] ، الوافي بالوفيات [12/ 261] ، تاريخ ابن عساكر [14/ 24] ، الأنساب [3/ 453] ، اللباب [2/ 207] ، تاريخ بغداد [8/ 8- 9] ، الميزان [1/ 51] . قوله: «ثنا محمد بن محمد بن عمار» : أبو الفضل الهروي الحافظ، ذكره الخطيب في تاريخه، وقال: قدم بغداد- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 ثنا أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي قال: حدثنا جعفر بن عون، عن مسعر، عن عمرو بن مرة، ... - وحدث بها عن أبي يحيى: زكرياء بن داود الخفاف النيسابوري، وابن أبي علي المصري. تاريخ بغداد [3/ 216] . قوله: «الوكيعي» : الإمام الفقيه، كان ضريرا، لم يكن ببغداد في زمانه أعلم بالفرائض منه، وثقه الدارقطني، وأثنى عليه عبد الله ابن الإمام أحمد. تاريخ بغداد [6/ 5] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 289- ص 99- 100] ، أخبار القضاة لوكيع [1/ 212، 3/ 76] ، معجم الطبراني الصغير [1/ 80] . قوله: «حدثنا جعفر بن عون» : المخزومي أحد الحفاظ الثقات، من رجال الستة. تهذيب الكمال [5/ 70] ، تهذيب التهذيب [2/ 86] ، الكاشف [1/ 130] ، التقريب [/ 141] . قوله: «عن مسعر» : هو ابن كدام الهلالي، الحافظ الثبت أبو سلمة الكوفي، اتفق على جلالته، وحديثه في الكتب الستة. تهذيب الكمال [27/ 461] ، تهذيب التهذيب [10/ 103] ، الكاشف [3/ 121] ، التقريب [/ 528] . قوله: «عن عمرو بن مرة» : الجملي، الإمام العابد، الثقة الصالح: أبو عبد الله المرادي، الكوفي، الأعمى، حديثه في الكتب الستة. تهذيب الكمال [22/ 232] ، تهذيب التهذيب [8/ 89] ، الكاشف [2/ 295] ، التقريب [/ 426] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بأسماء منها ما حفظناه فقال: أنا محمد، وأنا أحمد، والمقفّي، ونبي الرحمة، والملحمة. قوله: «عن أبي عبيدة» : هو ابن عبد الله بن مسعود الكوفي يقال: لا يسمى، وقيل: اسمه عامر وهو بكنيته أشهر، أيضا حديثه في الكتب الستة، وهو من الثقات، لم يسمع من أبيه شيئا، فضعف حديثه عنه جاء من جهة الانقطاع لا من جهة ضعفه. تهذيب الكمال [14/ 61] ، تهذيب التهذيب [5/ 65] ، الكاشف [2/ 51] ، التقريب [/ 656] . قوله: «عن أبي موسى» : هو الأشعري، الصحابي الجليل: عبد الله بن قيس أحد أمراء أمير المؤمنين عمر ثم عثمان، وأحد الحكمين بصفين. الإصابة [6/ 194] ، سير أعلام النبلاء [2/ 380] ، أسد الغابة [3/ 367] . قوله: «المقفي» : بالياء أو الألف الممدودة، المتبع للأنبياء، أو الذي تتبعه الأمة. قوله: «ونبي الرحمة» : في رواية مسلم: نبي التوبة ونبي الرحمة، وفي رواية أخرى: نبي التوبة ونبي الملحمة. أخرج الحديث من طرق عن عمرو: الإمام أحمد في مسنده [4/ 395، 404، 407] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 457] رقم 11739، ومسلم في الفضائل، باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم، رقم 2355، وأبو يعلى في مسنده [13/ 218] رقم 7244، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان برقم 6314، والحاكم في المستدرك [2/ 604] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 156] ، وأبو نعيم في الحلية [5/ 99- 100] ، والطبراني في معجمه الصغير برقم 217، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 قال المؤلف أبو سعد عبد الملك رحمه الله: 284- هو محمد، وأحمد، والحاشر، والماحي، والعاقب، والخاتم، ونبي الملحمة، ... - وابن عساكر في تاريخه [3/ 26، 27] . (284) - قوله: «والحاشر والماحي والعاقب» : هي في حديث جبير بن مطعم عند الشيخين، وخرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2941- فتح المنان. قوله: «والخاتم» : هو في معنى العاقب الوارد في حديث جبير، فسّر العاقب فيه بالذي ليس بعده نبي، وفي رواية: ليس بعده أحد، وورد تفسير العاقب بالخاتم أيضا في رواية محمد بن ميسرة عن الزهري لحديث جبير بن مطعم عند البيهقي في الدلائل [1/ 14، 123] وفيه: وأنا العاقب، - يعني: الخاتم-، وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين: مثلي ومثل الأنبياء ... الحديث، وفيه: وأنا خاتم النبيين، وأصرح من ذلك حديث الضحاك عن ابن عباس: أنا أحمد، ومحمد، والحاشر، والمقفي والخاتم، أخرجه الطبراني في الصغير برقم 156، ومن طريقه الخطيب في تاريخه [5/ 99] ، وابن عساكر كذلك [3/ 29، 30] . وأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم 20، وابن عساكر في تاريخه [3/ 28] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1273] من حديث أبي الطفيل مرفوعا: إن لي عند ربي عشرة أسماء- قال أبو الطفيل حفظت منها ثمانية-: محمد، وأحمد، وأبو القاسم، والفاتح، والخاتم، والعاقب، والحاشر، والماحي، قال أبو يحيى: وزعم سيف أن أبا جعفر قال له: إن الاسمين الباقيين: طه ويس. قلت: سيف بن وهب ضعفه الجمهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 والمتوكل، والغيث، والمقفي. 285- وفي كتب إبراهيم: مومود، وفي كتب الروم: التلقيط. قوله: «والمتوكل» : يعني: المعتصم بالله المتعلق بربه في كل حال، الذي يكل إلى ربه كل أمره من غير جزع ولا خوف، المنخلع من الحول والقوة تذللا لربه. والمتوكل اسمه في التوراة كما ورد في الحديث الصحيح الذي خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي من حديث عبد الله بن سلام: إنا لنجد صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميته المتوكل ... الحديث، بسطنا تخريجه في فتح المنان حديث رقم 6. قوله: «والغيث» : الذي أغاث الله به البلاد والعباد، قال السيوطي في الرياض: ذكره ابن خالويه، وقال ابن دحية: سمي به لأنه كان أجود بالخير من الريج المرسلة، ولقد استسقى فأمطر الخير بالمطر الجود العام. (285) - قوله: «مومود» : هو اسمه في الزبور، ومعناه: محمود، قاله القاضي عياض والعزفي وابن دحية، قال السيوطي في الرياض: وفي حديث منقطع عن ابن عباس أن اسمه في السماء: محمود، نقله أبو حفص الموصلي في وسيلة المتعبدين. قوله: «التلقيط» : أورده السيوطي في الرياض الأنيقة وقال: ذكره ابن خالويه وابن دحية وقال: لأنه من أهل مكة وبها ولد، ومكة من تهامة، وتهامة ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، سميت بذلك لتغير هوائها، يقال: تهم الدهن إذا تغير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 286- وفي مزمور: إن الله عزّ وجلّ أظهر من صهيون- أي: مكة- إكليلا محمودا فسماه: الإكليل المحمود. 287- وقال المسيح عليه السّلام: سيأتيكم روحا فارقليطا- يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم-. 288- وفي بعض الصحف المنزلة: اسمه أحيد- يعني: أحيد به عن النار-. (286) - قوله: «وفي مزمور» : من كتب النبي داود عليه السّلام، قال الماوردي في أعلام النبوة في فصل: ومن بشائر داود في الزبور: إن الله أظهر ... وذكره. قوله: «صهيون» : كذا في نسختين، وكذا في رياض السيوطي، وفي نسخة «ظ» صهيور، وفي أعلام الماوردي: صيفون، وفسره بأنه العرب، قال: والإكليل: النبوة، ومحمود هو: محمّد صلى الله عليه وسلم. (287) - قوله: «وقال المسيح عليه السّلام» : انظر الأثرين المتقدمين في باب التنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة برقم 30، 27. قوله: «روحا فارقليطا» : ويقال أيضا: بارقليط، قال الماوردي في الأعلام: البارقليط بلغتهم لفظ من الحمد، وفي غرائب التفسير للكرماني معناه: ليس بمذموم، قال السيوطي في الرياض: ذكره العزفي وابن دحية، وقد روي عن ابن عباس أنه من أسمائه في الكتب المتقدمة، قال أبو نعيم: قيده ثعلب بالفاء، وقال: معناه الذي يفرق بين الحق والباطل، وقيده أبو عبيد البكري بالباء غير صافية، وقال: البارقليط روح الحق. (288) - قوله: «أحيد» : هو اسمه في التوراة، فأخرج ابن عدي في الكامل [1/ 331] ، ومن طريق- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 289- واسمه في السريانية: سرخطيلس، وبالعبرانية: موذموذ، وفي الإنجيل: مارينوليط، وفي الزبور: حاط حاط، وبالرومية: محصياد، وفي صحف إبراهيم: طاب طاب- يعني: طيب طيب-، - ابن عساكر في تاريخه [3/ 31- 32] من حديث ابن عباس مرفوعا: سيد بنى دارا واتخذ مأدبة، وبعث داعيا، فالسيد: الجبار، والمأدبة: القرآن، والدار: الجنة، والداعي: أنا، فأنا اسمي في القرآن محمد، وفي الإنجيل: أحمد، وفي التوراة: أحيد، وإنما سميت أحيد لأني أحيد عن أمتي نار جهنم، فأحبّوا العرب بكل قلوبكم. قال السيوطي في الرياض: ضبطه شيخنا الشمّني بضم الهمزة، وسكون الحاء المهملة، وفتح المثناة التحتية وكسرها، وفي آخره دال مهملة. (289) - قوله: «موذموذ» : أورده السيوطي والذي قبله في الرياض وذكر هذا بالأوجه: ماذماذ، وموذموذ، وميذميذ، ثم قال: ذكره القاضي عياض وقال: هو اسمه في الكتب السالفة، ومعناه: طيب طيب، قال: وضبطه شيخنا الشمني بفتح الميم وألف غير مهموزة وذال معجمة. قال: والثاني ذكره العزفي وقال: هو اسمه في صحف إبراهيم، وذكر الثالث وقال: هو اسمه في التوراة. قوله: «مارينوليط» : أغفله السيوطي فلم يذكره في الرياض، وكذا اسمه بالرومية: محصياد، وذكر بدله منجمنّا، وقال: ذكره في الشفاء، وقال: هو اسمه بالسريانية، وقال ابن إسحاق: هو اسمه في الإنجيل، ومعناه بالسريانية: محمد. قوله: «حاط حاط» : قال السيوطي في الرياض: ذكره العزفي وقال: هو اسمه في الزبور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 واسمه في التوراة: مرحوما، وفي الزبور: فارق- يعني: فرق بين الحق والباطل-، وفي الإنجيل: أخرانا- يعني: آخر الأنبياء-، وفي السماوات: محمود، وفي صحف شيث: آخر ماح ماح- يعني: صحيح الإسلام-. قوله: «أخرانا» : كذا عندنا بالنون قبل الألف الأخيرة، وذكره السيوطي في الرياض بالياء التحتية قبل الألف أخرايا، وقال: هو اسمه في الإنجيل ومعناه: آخر الأنبياء، ثم ذكر: قدمايا وقال فيه: هو اسمه في التوراة أيضا، ثم أورد حديث ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 97] عن كعب قال: أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فيفتح له: محمّد صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ علينا آية من التوراة: أخرايا قدمايا، يعني: الآخرون الأولون. قوله: «وفي السماوات محمود» : تقدم ذكر ذلك في اسمه: مومود. قوله: «آخر ماح» : أورده السيوطي في الرياض وقال: ذكره العزفي وقال: هو اسمه في صحف شيث، ومعناه: صحيح الإسلام كما قال المصنف هنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 [54- فصل: فيما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأسماء والكنى والألقاب] 54- فصل: فيما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأسماء والكنى والألقاب 290- روي أن الله بعث مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، منهم ثلاث مائة وثلاثة عشر مرسلا، والرسول لا يكون إلّا نبيا، والنبي يكون ولا رسالة. وقد ذكر الله عزّ وجلّ أنبياءه عليهم السلام، فلم يقسم لأحد منهم اسما مشتقا من أسمائه تعالى، وشق له صلى الله عليه وسلم من الحميد والمحمود: محمّدا صلى الله عليه وسلم وقد مدحه بذلك عمه أبو طالب فقال: وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد فبين كرامته صلى الله عليه وسلم، فالله محمود، وهو محمّد صلى الله عليه وسلم، يقال: حمدت الرجل: إذا أكثرت الثناء عليه، وهو محمد، فالرأس من الحيوان بمنزلة الميم من محمد، واليدان بمنزلة الحاء من محمد، والبطن بمنزلة الميم من محمد، والرجلان بمنزلة الدال. (290) - قوله: «وشق له صلى الله عليه وسلم من الحميد» : قال القاضي عياض رحمه الله: ومن أسمائه تعالى: الحميد، ومعناه: المحمود؛ لأنه حمد نفسه وحمده عباده، ويكون أيضا بمعنى الحامد لنفسه ولأعمال الطاعات، وسمي النبي صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمد، محمد بمعنى: محمود، وكذا وقع اسمه في زبر داود، وأحمد بمعنى: أكبر من حمد وأجل من حمد، قال: وقد أشار إلى نحو هذا حسان بقوله ... فذكر البيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 291- وسمّي صلى الله عليه وسلم أحمد لأن الأنبياء كلهم حامدون والنبي صلى الله عليه وسلم أحمد منهم أي: أفضل منهم في الثناء عليه صلى الله عليه وسلم. 292- وكني صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم لأنه يقسم الجنة يوم القيامة بين الخلق. 293- ومن صفاته صلى الله عليه وسلم في الكتب: راكب الجمل وآكل الذراع، وقابل الهدية، ومحرّم الميتة، وخاتم النبوة، وحامل الهراوة. 294- ويقال: إن كنيته صلى الله عليه وسلم في التوراة: أبو الأرامل، واسمه: صاحب الملحمة، وفي التوراة: إذا جاءت الأمة الأخيرة أتباع راكب (292) - قوله: «لأنه يقسم الجنة يوم القيامة» : أي منازلها بشفاعته صلى الله عليه وسلم، كما يعلم من أقسام شفاعته صلى الله عليه وسلم أنه يبلغ أقواما منازلهم لم تبلغها أعمالهم، وفي الصحيحين من حديث معاوية: إنما أنا قاسم والله يعطي، وفي رواية: إنما أنا قاسم ويعطي الله. (293) - قوله: «راكب الجمل» : أورده السيوطي في الرياض وقال: ذكره ابن دحية، وقال: ورد في كتاب النبوة شعيا وهو ذو الكفل أنه قال: قيل لي: قم نظارا فانظر ماذا ترى فأخبر عنه، فقلت: أرى راكبين مقبلين أحدهما على حمار والآخر على جمل فنزل، يقول أحدهما لصاحبه: سقطت بابل وأصنامها، قال: فراكب الحمار: عيسى، وراكب الجمل: محمد، لأن ملك بابل إنما ذهب بنبوته وبسيفه على يد أصحابه كما وعدهم به. قلت: ولهذا قال النجاشي لما جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به: أشهد أن بشارة موسى راكب الحمار كبشارة عيسى راكب الجمل، وقد ورد في باب التنوية بشرفه في الكتب المتقدمة بعض هذه الصفات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 البعير، فسماه راكب البعير، وسماه في كتب شعيا: نور الأمم، وفي كتابه أيضا: هو نور الله الذي لا يطفأ، وهو ركن المتواضعين، صلى الله عليه وسلم. 295- وقد روي في بعض الأخبار: إن لي عند الله عشرة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي- الذي يمحو الله بي الكفر-، وأنا العاقب- الذي ليس بعدي نبي-، وأنا الحاشر- يحشر الله العباد على قدمي-، وأنا رسول الرحمة، ورسول التوبة، والمقفّي، ورسول الملأ، قفيت النبيين جميعا، وأنا قثم- والقثم: الكامل الجامع-. 296- وقال صلى الله عليه وسلم: أنا الأول والآخر، والظاهر والباطن، وقيل: إن هذه تحية الملائكة له ليلة المعراج فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: ما هذه التحية؟ فقال جبريل عليه السّلام: أنت أول في النبوة، وآخر في البعثة. (294) - قوله: «ركن المتواضعين» : أورده السيوطي في الرياض الأنيقة، وذكر أنه وقع في كتاب شعيا كما ذكر المصنف هنا. (295) - قوله: «وقد روي في بعض الأخبار» : خرجناه قريبا عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم الخاتم. قوله: «وأنا قثم» : فيه عن يونس بن حلبس، خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 56- فتح المنان-، وقيل في معناه أيضا: الجامع للخير. (296) - قوله: «أنا الأول والآخر» : لم أقف عليه مسندا بهذا اللفظ، وسيأتي حديث الإسراء الذي أشار إليه المصنف في باب المعاريج، ويأتي تخريجه، وبعضهم استدل عليهما بأحاديث فيها معنى الوصفين، وقد أثار إطلاق هذه الأسماء عليه صلى الله عليه وسلم حفيظة بعض الحمقى بزعم اختصاص ذلك بالرب الخالق جلّ وعلا وغفلوا عما ورد في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 297- وقيل في تفسير اسم محمّد صلى الله عليه وسلم: أن الميم الأولى ميم المعرفة، أعطاه الله معرفة بعلم الأولين والآخرين. - كتابه العزيز في حق الإنسان العادي: فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً، وقوله سبحانه في حق إسماعيل عليه السّلام: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) ، وأمثاله في القرآن كثير، وقد قال ابن تيمية في التدمرية وغيرها: وليس الحليم كالحليم، ولا السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير. اه. فأما الأول والآخر فمستفاد من قوله تعالى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ الآية، ومن أحاديث كثيرة صحيحة وحسنة منها: حديث أنس: إني لأول من تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وحديثه أيضا: أنا أول شفيع، وحديثه أيضا: أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها، وحديث جابر: أنا أول شافع وأول مشفع، خرجناها في فتح المنان شرح مسند أبي محمد الدارمي، كتاب فضائل سيد الأولين والآخرين، وعند البزار برقم: 55 (كشف الأستار) ، والبيهقي في الدلائل [2/ 402- 403] في حديث أبي هريرة الطويل في قصة الإسراء، وفيه: جعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا، ومن حديث سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة: كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث، أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 3، والبغوي في تفسيره [5/ 232] وغيرهما، ورواه ابن سعد في الطبقات عن قتادة مرسلا، فهو الأول والآخر من هذه الحيثيات. وقد ذكر الاسمين القاضي عياض في الشفاء مع جملة من أسمائه صلى الله عليه وسلم التي حلّا بها نبيّه صلى الله عليه وسلم، وأوردهما السيوطي في الرياض- أعني اسمه صلى الله عليه وسلم الأول والآخر- وقال: ذكرها جماعة، ثم ذكر الأحاديث التي أوردتها وغيرها مستشهدا بها. فأما الظاهر والباطن، فحكى السيوطي في الرياض النضرة ذكر ابن دحية لهما، قال ابن دحية في اسمه الظاهر: رواه كعب الأحبار، وأورد قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ الآية، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 وأما الحاء فإن الله عزّ وجلّ أحيا المسلمين على يديه من الكفر بالإسلام حيث قال تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ الآية. والميم الثانية: ميم الملك، أعطاه الله مملكة لم يعط أحدا مثل ذلك، وذلك أن جمع اسمه مع اسم الله في المشرق والمغرب. وأما الدال: فهو الدليل لجميع الخلائق إلى الفردوس. 298- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه، وأوسعوا له في المجلس، ولا تقبحوا له وجها. 299- وروت خليلة بنت الخليل قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني امرأة لا يعيش لي ولد فما تأمرني؟ قال: اجعلي لله على نفسك أن تسميه محمدا فإنه يعيش، ففعلت، فعاش، فما بالبحرين أهل بيت أكثر منهم. - قال: والظهور: العلو والغلبة. اه. يعني: وقد كان ذلك له صلى الله عليه وسلم. (298) - قوله: «إذا سميتم الولد محمدا» : أخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 90- 91] بإسناد ضعيف وفيه من لم أعرفه. (299) - قوله: «خليلة بنت الخليل» : لم أعرفها، ولا رأيت أحدا ذكرها في الصحابة، ولا وقفت على حديثها مسندا، ولها عند المصنف أثران آخران في أعلام النبوة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 [55- فصل: ولقبه صلى الله عليه وسلم الذّبيح] 55- فصل: ولقبه صلى الله عليه وسلم الذّبيح 300- لقوله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن الذبيحين- يعني: إسماعيل وعبد الله-. 301- قال الصنابحي: حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابني إبراهيم عليه السّلام، فقال بعض القوم: إسماعيل الذبيح، وقال بعضهم: إسحاق. فقال معاوية: على الخبير سقطتم، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد وهي يابس، والماء عابس، (301) - قوله: «وقال الصنابحي» : هو عبد الرحمن بن عسيلة المرادي، وصنابح بطن من مراد، من اليمن، كان الصنابحي رحل إلى النبي ليسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجحفة، ثم نزل الشام، ومات بدمشق. تهذيب الكمال [17/ 282] ، طبقات ابن سعد [7/ 443، 592] ، سير أعلام النبلاء [3/ 505] ، مسند الإمام أحمد [4/ 384] ، تهذيب التهذيب [6/ 208] ، الكاشف [2/ 157] ، التقريب، الترجمة رقم 3952. قوله: «فقال معاوية» : أخرج حديثه ابن جرير في تفسيره [22/ 85] ، وسكت عنه الحاكم في المستدرك بعد إخراجه له [2/ 554] ، ووهّى إسناده الذهبي في التلخيص، وقال الحافظ في الفتح: [12/ 395] : رويناه في الخلعيات، ونقله عبد الله بن أحمد عن أبيه، وابن أبي حاتم، وأطنب ابن القيم في الهدي في الاستدلال لتقويته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 هلك العيال، وضاع المال، فعد علي بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه. فقيل: وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب نذر أن ينحر بعض ولده، فخرج السهم على عبد الله، فأراد ذبحه، فمنعه أخواله من بني مخزوم، ففداه بمائة ناقة، فقال: هو الذبيح، وإسماعيل عليه السّلام الثاني. 302- فأما إسماعيل فقصته معروفة، وذلك أن الله تبارك وتعالى أمر إبراهيم في منامه أن يذبح له ابنه إسماعيل إذا فرغ من نسكه ورمى جمرة العقبة، قال تعالى: إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ الآية، فلما رمى حمله إلى قريب منها وأضجعه على وجهه كيلا يلحقه رأفة الوالد لولده إذا وقعت عينه في عينه، وأخذ المدية بيده ووضعها على حلقه امتثالا لأمر ربه، ورضي الغلام واستسلم ببذل مهجته، وبكت الملائكة لما شهدت، وتحزنت لما عاينت، وسبحت الطيور في الجو وتضرعت، وبقيت الشياطين من استسلامهما متعجبة. فلما علم الله صدقهما، وحسن طاعتهما، ناداه: أَنْ يا إِبْراهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) . 303- فجعل صلى الله عليه وسلم لنا الهدايا والضحايا من النعم بدلا من القربان بالأولاد. 304- والثاني: عبد الله، وقصته أن عبد المطلب أري في المنام أن يذبحه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 305- وقيل: إنه نذر: إن ولد له عشرة من البنين أن يذبح العاشر، فلما ولد له عشرة كان العاشر عبد الله، فهمّ أن يقتله فزجر عن ذلك، فقال: إني قد نذرت ذلك، فقال أخوال عبد الله: نحن لا نرضى بذلك، وذلك أن أمه كانت سوى أمهات سائر بنيه، وقالوا: ما بالنا يقتل ابن أختنا دون غيره؟ قال: إني نذرت أن أقتل العاشر، فاتفقت آراؤهم أن يخرجوا إلى الشام فيسألوا بعض الكهنة، فقيل: إنهم خرجوا فأشار عليهم الكاهن أن يقدم قربانا، ويضرب عليهم القداح، فقدم عشرة من الإبل، وضرب بالقداح فخرجت على ابنه، فلم يزل يزيد في الإبل عشرا عشرا حتى بلغت مائة، فخرجت القداح على الإبل فكبروا واستبشروا- والقداح: هي القرعة- فنحرها عند الكعبة، وصارت هي الأصل في الديات، لا يجاوز ولا ينقص عنها، فسمي عبد الله: الذبيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 [56- فصل: ذكر قصّة حفر عبد المطّلب بن هاشم بئر زمزم] 56- فصل: ذكر قصّة حفر عبد المطّلب بن هاشم بئر زمزم 306- لما كان زمن الفيل خرجت قريش فارة من الفيل، وعبد المطلب غلام شاب فقال: والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز من غيره، قال: فجلس عند البيت وجلت عنه قريش وهو يقول: لا همّ إن المرء يمنع رحله ... فامنع رحالك لا يغلبن صليبهم ... وضلالهم عدوا محالك قال: فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه، حتى ولد له أكبر بنيه: الحارث، فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له: احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم، فاستيقظ فقال: اللهمّ بيّن لي، فأتي في المنام مرة أخرى فقيل له: احفر تكتم بين الفرث والدم في مبحث (306) - قوله: «لما كان زمن الفيل» : نقلنا هذا الفصل من باب فضل مكة للمناسبة القوية هنا، والقصة مسندة عن المصنف بإسناده إلى أبي الوليد في تاريخه [2/ 42] وهو بإسناده عن معمر، عن الزهري، وهي في مغازيه [/ 37- 43] ، وفي سياق الزهري في مغازيه قصة أبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ووفاته وولادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى حين نشأته صلى الله عليه وسلم وزواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها. ومن طريق الزهري أخرجها بطولها الحافظ البيهقي في الدلائل [1/ 85- 91] . قوله: «احفر تكتم» : أثبتها محقق تاريخ أبي الوليد: احفر زمزم، قال: وفي الأصل: احفر تكتم، وفاته أن تكتم من أسماء زمزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 الغراب في قرية النمل، مستقبله الأنصاب الحمر، فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمّي له من الآيات، فنحرت بقرة بالحزورة فانفلتت من جازرها بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم، فجزرت تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها، فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث، فبحث عن قرية النمل، فقام عبد المطلب فحفر هنالك، فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب: ما هذا الصنيع، إنا لم نكن نزنك بالجهل، لم تحفر في مسجدنا؟ فقال عبد المطلب: إني لحافر هذه البئر، ومجاهد من صدني عنها. فطفق هو وابنه الحارث وليس له ولد يومئذ غيره، فسفه عليهما يومئذ ناس من قريش، فنازعوهما، وقاتلوهما، وتناهى عنه ناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه، وصدقه واجتهاده في دينهم يومئذ. حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر إن وفى له عشرة من الولد أن ينحر أحدهم، فما زال يحفر حتى بلغ الماء، فطفق هو وابنه ينزعان الماء، وجعلا حوضا يمليانها ليشرب منه الحاج، فحسده قوم من قريش، فكسروا حوضه فأصلحه، فكسروه مرارا فساءه ذلك، فدعا ربه، فأري في المنام أن قيل له: قل: اللهمّ إني لا أحلها لمغتسل، ولكن هي للشارب حلّ وبل، قوله: «فما زال يحفر» : لفظ أبي الوليد: ثم حفر حتى أدرك سيوفا دفنت في زمزم حين دفنت، فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا: يا عبد المطلب أجزنا مما وجدت، فقال: هذه السيوف لبيت الله الحرام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 فلم يفسدوا بعد ذلك حوضه، ورمي كل من حسده بشيء في بدنه. ثم تزوج عبد المطلب النساء، فولد له عشرة رهط، فقال: اللهمّ إني كنت نذرت لك ذبح أحدهم، فإني أقرع بينهم، فأصب بذلك من شئت، فأقرع بينهم، فصارت القرعة على عبد الله- وكان أحب أولاده إليه-. قوله: «فلم يفسدوا بعد ذلك حوضه» : لفظ أبي الوليد: فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلّا رمي في جسده بداء، حتى تركوا حوضه وسقايته. قوله: «وكان أحب أولاده إليه» : تمام الرواية عند أبي الوليد: فقال عبد المطلب: اللهمّ أهو أحب إليك أم مائة من الإبل؟ ثم أقرع بينه وبين المائة، فكانت القرعة على المائة من الإبل، فنحرها عبد المطلب. وأخرجها الزهري- كما تقدم- في مغازيه فأطال سياقها حتى ضمنها قصة أبي النبي صلى الله عليه وسلم وزواجه من آمنة بنت وهب، وولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ونشأته إلى زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 [57- فصل: ذكر رواية أخرى لرؤيا عبد المطّلب في أمر زمزم] 57- فصل: ذكر رواية أخرى لرؤيا عبد المطّلب في أمر زمزم 307- وفي بعض الأخبار: قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة، قال قلت: وما طيبة؟ قال: ثم ذهب عني فرجعت إلى مضجعي، فنمت فيه فجاءني فقال: احفر برّة، قال قلت: وما برّة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر زمزم، قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، عند قرية النمل. قال: فلما بان له شأنها، ودلّ على موضعها، وعرف أنه قد صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ غيره، فحفر فلما بدا لعبد المطلب الماء كبّر، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه، فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر إسماعيل وإن لنا فيها حقّا، (307) - قوله: «وفي بعض الأخبار» : القصة مسندة عن المصنف من طريق أبي الوليد كما بيناه في الحديث المتقدم قبله، أخرجها أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 44] : حدثني محمد بن يحيى، عن الثقة عنده، عن محمد بن إسحاق، وهي في سيرته [1/ 142- 145، ابن هشام] ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجها البيهقي في الدلائل [1/ 93] ، وأخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 83 وما بعدها] . قوله: «فلما بدا لعبد المطلب الماء» : كذا عندنا، وفي الرواية: الطّيّ، وهي الحجارة التي طوى بها البئر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 فأشركنا فيها معك، فقال عبد المطلب: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم، قالوا: فأنصفنا، فإنا غير تاركيك حتى نحاكمك، قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه، قالوا: كاهنة بني سعد- وكانت بالشام-. فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، قال: والأرض إذ ذاك مفاوز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة، واستسقوا ممن معهم من قبائل قريش، فأبوا عليهم وقالوا: إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم. فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم، وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا إلّا تبع لرأيك، فمرنا بما شئت، قال: فإني أرى أن يحفر كل واحد منكم لنفسه بما بكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه، حتى يكون آخركم رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا. قالوا: سمعنا ما أردت. قال: فقام كل رجل منهم يحفر حفرته، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا. ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن إلقاءنا بأيدينا لعجز لا نبتغي لأنفسنا حيلة، فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد، ارتحلوا. قال: فارتحلوا، حتى إذا فرغوا- ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون-، تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها، فلما انبعثت به انفجر من تحت خفها عين ماء عذب، فكبّر عبد المطلب، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 وكبّر أصحابه، ثم نزل، فشرب وشربوا، واستقوا حتى ملأوا أسقيتهم، ثم دعا القبائل التي معه من قريش، فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا. قال: فشربوا واستقوا، فقالت القبائل التي نازعته: قد والله قضى الله لك علينا يا عبد المطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا، الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة، هو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا. قال: فرجع ورجعوا معه ولم يمضوا إلى الكاهنة، وخلّوا بينه وبين زمزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 [58- فصل: ذكر رواية أخرى أيضا في ذلك] 58- فصل: ذكر رواية أخرى أيضا في ذلك 308- عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أتي عبد المطلب حين أمر بحفر زمزم فقيل له: ادع بالماء الرواء غير الكدر، فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش فقال: أتعلمون أني قد أمرت أن أحفر زمزم؟ قالوا: فهل بيّن لك أين هي؟ قال: لا، قالوا: فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت، فإن يكن حقّا من الله بيّن لك، وإن يكن من الشيطان لم يرجع إليك، فرجع عبد المطلب إلى مضجعه فنام، فأري، فقيل له: احفر زمزم، إن حفرتها لم تذم، وهي تراث أبيك الأعظم، فلما قيل له ذلك، قال: وأين هي؟ قال قيل: عند قرية النمل حيث ينقر الغراب. قال: وكان عبد المطلب نذر لله عزّ وجلّ حين أمر بحفر زمزم لئن (308) - قوله: «عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» : أخرجها ابن إسحاق [1/ 145- 147 وما بعده ابن هشام] ، ومن طريقه أبو الوليد في تاريخ مكة [2/ 46 وما بعده] ، وعنه المصنف كما بيناه قريبا، لكنه اختصر اللفظ فلم يورده بطوله. قوله: «وهي تراث أبيك الأعظم» : زاد ابن هشام عن ابن إسحاق، في رواية أخرى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، مثل نعام حافل لم يقسم، ينذر فيها ناذر لمنعم، تكون ميراثا وعقدا محكم، ليست كبعض ما قد تعلم، وهي بين الفرث والدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 تم له ذلك، وتتام له عشرة من الولد ليذبحن أحدهم، فلما تم له زمزم، وولد له عشرة من الذكور أقرع بين أولاده، فخرجت القرعة على عبد الله أب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه ليذبحه، فقامت إليه أخوال عبد الله وعظماء قريش فقالوا: والله لا تذبحه، فإنك إن تفعل ذلك تكن سنة علينا في العرب، وقالت قريش: إن بالحجاز عرّافة لها تابع فسلها، فإن أمرتك بذبحه فاذبحه، فجاءوا إلى المدينة، وسألوا المرأة فقالت: حتى يأتيني تابعي، فلما كان الغد غدوا عليها، فقالت: نعم، جاءني الخبر، كم الدية فيكم؟ قالوا: عشر من الإبل، قالت: فارجعوا إلى بلادكم، وقربوا عشرة من الإبل، ثم اضربوا عليها بالقداح وعلى صاحبكم، فإن خرجت على الإبل فانحروها، وإن خرجت على صاحبكم فزيدوا في الإبل. فلما رجعوا إلى بلادهم فعلوا، فكانت تخرج القرعة على عبد الله، فقالت قريش: يا عبد المطلب زد ربك حتى يرضى، فلم يزل يزيد عشرا عشرا حتى تم المائة، فخرجت القداح على الإبل فنحرت. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا ابن الذبيحين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 [59- باب: في ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه ونعته وحليته] 59- باب: في ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه ونعته وحليته 309- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، قال: حدثنا الحباب بن محمد بن الحباب التستري، قال: حدثنا عثمان بن حفص، ... (309) - قوله: «ابن مطر» : الإمام القدوة شيخ العدالة، العالم محدث نيسابور: أبو عمرو المزكي النيسابوري، سمع المستملي أبا عمرو، ومحمد بن يحيى المروزي، وإبراهيم بن علي الذهلي وجماعة سواهم. قال الحافظ الذهبي في سيره: كان ذا حفظ وإتقان، حدث عنه من القدماء أبو العباس ابن عقدة، قال الحاكم: وأعجب من ذلك: حدثنا محمد بن صالح بن هانيء، ثنا أبو الحسن الشافعي، ثنا أبو عمرو بن مطر- وقد ماتا قبله بدهر-، قال: وهو الذي انتقى الفوائد على أبي العباس الأصم فأحيا الله علم الأصم بتلك الفوائد، فإن الأصم أفسد أصوله واعتمد على كتاب ابن مطر.. قال الحاكم: وقلّ ما رأيت أصبر على الفقر من أبي عمرو ... سير أعلام النبلاء [16/ 162] ، المنتظم [14/ 208] ، العبر [2/ 316] ، البداية والنهاية [11/ 271] ، النجوم الزاهرة [4/ 62] ، الشذرات [3/ 135] ، تاريخ الإسلام [وفيات 360 ص 140] . قلت: شيخه الحباب بن محمد بن الحباب لم أجده فيما لدي من المصادر. قوله: «عثمان بن حفص» : لعله التومني، قال ابن حبان في الثقات [8/ 455] : من أهل الأهواز يروي- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 قال: حدثنا نوح بن قيس، عن خالد بن خالد التميمي، عن يوسف بن مازن الراسبي: أن رجلا سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ... - عن أبي عاصم، وأهل البصرة، حدثنا عنه أهل الأهواز فلعله هو، لأن ابن حبان في طبقة شيوخ المصنف، والله أعلم. قوله: «حدثنا نوح بن قيس» : هو ابن رياح الأزدي، أبو روح الحداني- أو: الطاحي- البصري، من رجال الجماعة سوى البخاري، وهو شيعي لا بأس به، قال الحافظ الذهبي: صالح الحال، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق رمي بالتشيع. تهذيب الكمال [30/ 53] ، تهذيب التهذيب [10/ 432] ، الكاشف [3/ 186] ، التقريب [/ 567] ، الميزان [5/ 404] . قوله: «عن خالد بن خالد التميمي» : هكذا هو منسوب في الإسناد، قال الحسيني في الإكمال: لم أعرفه، فتعقبه ابن حجر في التعجيل بقوله: قلت: هو خالد بن قيس أخو نوح بن قيس الأزدي البصري، وليس في شيوخ نوح بن قيس أحد اسمه خالد إلّا أخوه، ولا في الرواة عن يوسف بن مازن من اسمه خالد إلّا خالد الحذاء، لكنه لم يذكر في شيوخ نوح بن قيس. اه. هكذا قال فالله أعلم، وخالد بن قيس أخرج له الجماعة سوى البخاري، وثقه الذهبي في الكاشف، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يغرب، انظر عن خالد بن خالد في: الإكمال [/ 116] ، التعجيل [/ 77] . وانظر عن خالد بن قيس في: تهذيب الكمال [8/ 153] ، تهذيب التهذيب [3/ 97] ، الكاشف [1/ 207] ، التقريب [/ 190] . قوله: «عن يوسف بن مازن الراسبي» : بصري، ذكره البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما، قال ابن معين: مشهور، وذكره ابن حبان في الثقات. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 يا أمير المؤمنين انعت لنا النبي صلى الله عليه وسلم وصفه لنا، قال: كان صلى الله عليه وسلم ليس بالذاهب طولا، وفوق الرّبعة، إذا جاء مع القوم غمرهم، ... - قلت: هو من شرط الحسيني في الإكمال، وابن حجر في التعجيل، غير أن الحافظ المزي جمع بينه وبين يوسف بن سعد في ترجمة واحدة، وقد فرق البخاري وابن أبي حاتم بينهما، قال الحافظ ابن حجر في تهذيبه: لا يلزم من اشتراكهما في الرواية عن القاسم بن الفضل وفي كونهما بصريين أن يكونا واحدا. اه. فهذا يعني أنه يميل للتفرقة بينهما تبعا للبخاري وابن أبي حاتم، فكان الأولى أن يفرده في التعجيل! انظر عن يوسف بن مازن في: التاريخ الكبير [8/ 374] ، الجرح والتعديل [9/ 230] . وانظر عن يوسف بن سعد في: التاريخ الكبير [8/ 373] ، الجرح والتعديل [9/ 223] ، تهذيب الكمال [32/ 426] ، تهذيب التهذيب [11/ 363] ، الكاشف [3/ 261] . قوله: «إذا جاء مع القوم غمرهم» : بحسنه وبهائه، فلا ينظر إذا كان بين القوم ولا يلتفت إلّا إليه، وقيل: بل معناه لم يكن أحد يماشيه ممن ينسب إلى الطول إلّا طاله، قال بعضهم: هي مزية خص بها تلويحا بأنه لم يكن أحد عند ربه أفضل منه لا صورة ولا معنى. قلت: المعنى الأول أوجه، والطول لا معنى له إن لم يصاحبه بهاء وجمال ووجاهة تجذب نظر الناظر وقلبه، هذا مع اشتمال المعنى الأول للثاني، والمعنيان لا يتضادان بل هما مؤيدان بالرواية، ففي رواية لأبي هريرة يصفه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الكفين ضخم القدمين، حسن الوجه لم أر مثله قبله ولا بعده، ما مشى مع أحد إلّا طاله ... الحديث، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 272] من حديث سعيد بن بشير، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي عتبة، عنه، ويؤيد المعنى الأول رواية أبي الطفيل: رأيت- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 أبيض شديد الوضح، ضخم الهامة، أغر أبلج، أهدب الأشفار، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى يتقلع كأنما ينحدر في صبب، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ، لم أر قبله ولا بعده مثله بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم. - رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فما أنسى شدة بياض وجهه وشدة سواد شعره، وإن من الرجال لأطول منه، ومنهم من هو أقصر منه، ويمشي ويمشون خلفه ... الحديث، أخرجه ابن سعد في طبقاته وعلته جابر الجعفي، اتفق على ضعفه، والله أعلم. قوله: «شديد الوضح» : فسرته رواية غيره بالبياض المشرب حمرة. قوله: «أغر أبلج» : الأغر: البياض الذي يكون في الوجه، قال بعضهم: إذا قلت أغر فلا بد من زيادة في الوصف إذ الأغر ليس بضرب واحد بل هو جنس جامع لأنواع، ومن ثم عقبه بقوله: أبلج، قال الجوهري: البلجة: نقاوة ما بين الحاجبين، وقيل: حسن الوجه مع بياضه. قوله: «أهدب الأشفار» : الأشفار: حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر وهي الهدب، وفسرها البيهقي بطولها فقال: طويل الأشفار. قوله: «شثن الكفين والقدمين» : أي أنهما تميلان إلى الغلظ. قوله: «لم أر قبله ولا بعده مثله» : تابعه عن نوح بن قيس: 1- نصر بن علي، أخرجه عبد الله في زوائده على المسند [1/ 151] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 260] . 2- سعيد بن منصور، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 411] ، ويعقوب بن- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 قال أبو سعد رحمه الله: وليس في الأحاديث في صفة النبي صلى الله عليه وسلم حديث أكمل وأتم وأحسن من حديث هند بن أبي هالة. وكان هند خال الحسن بن علي رضي الله عنه، وكان أبو هالة زوج خديجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهند ابنها منه، وكان هند وصافا عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم. 310- قال الحسن بن علي: فأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به: - سفيان في العرفة ضمن الجزء الفقود، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 216، 252] * خالفهم المقدمي، عن نوح، فقال: عنه، عن خالد، عن يوسف، عن رجل، عن علي، أخرجه عبد الله في زوائده [1/ 151] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 261] . قلت: الوجهان محفوظان، والحديث حسن عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وسيأتي نحوه عنه من غير هذا الوجه. قوله: «هند بن أبي هالة» : أمه خديجة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم من أبي هالة، اختلف في اسمه، فقيل: اسمه النباش بن زرارة حليف بني عبد الدار، وقيل: هند بن زرارة بن النباش، وقيل: مالك بن النباش، وقيل: زرارة بن النباش، فأما هند فقيل: شهد بدرا، وقيل: أول مشاهده أحد، ثم قتل مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم الجمل. أسد الغابة [5/ 417] ، الإصابة [10/ 161] ، المعرفة لأبي نعيم [5/ 2751] . (310) - قوله: «فخما مفخما» : جميلا مهيبا، مع تمام كل ما في الوجه من غير ضخامة ولا نقصان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن، قوله: «أقصر من المشذب» : المشذب: المفرط في الطول ولا عرض له، وأصله: النخلة إذا جردت عن سعفها كانت أفحش في الطول، بمعنى أن طوله متناسب ومتناسق مع عرضه. قوله: «عظيم الهامة» : أي: تمام الرأس في تدويره. قوله: «رجل الشعر» : أي: بين القطط والسبط. قوله: «إن انفرقت عقيصته» : العقيصة: الشعر المجموع في القفا، والمعنى أنه كان لا يفرق شعره إلّا أن يتفرق، فكان يترك كل شيء في منبته، لكن قال ابن قتيبة: كان هذا أول الإسلام ثم فرق شعره بعد قوله: «أزهر اللون» : يريد أبيض اللون مشرقه، أو الأبيض المشرب حمرة كما ورد في حديث غيره. قوله: «أزج الحواجب» : الزجج: طول الحاجبين وسبوغهما إلى مؤخر العينين. قوله: «في غير قرن» : القرن: أن يطول الحاجبان حتى يلتقي طرفاهما، والمعنى: إن حاجبيه طويلة سابغة غير مقترنة- أي: غير ملتصقة- في وسط أعلى الأنف، بل هو أبلج، والبلج: بياض بين الحاجبين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، ... قوله: يدره الغضب» : أي: إذا غضب امتلأ العرق دما فيرتفع ويظهر. قوله: «أقنى العرنين» : العرنين: الأنف، والقنا: طول في الأنف مع دقة أرنبته. قوله: «أشم» : الدقيق الأنف، والشمم: ارتفاع القصبة وحسنها، يريد أن القنا الذي فيه ليس بمفرط. قوله: «سهل الخدين» : أي ليس فيهما نتوء وارتفاع، وقيل: يريد أسيل الخدين. ووقع بعدها في «ظ» بزيادة: أشهل العينين، أدعج، وهذه الزيادة ليست ثابتة في غيرها، ولا جاءت في المصادر التي أخرجت الحديث، لذلك لم أثبتها، وقد فسرت الشهلة في غير هذا الحديث بالحمرة في سواد العين، أو بالسواد غير الخالص، وفسرت الدعجة بأنها شدة سواد العين، وشدة بياض بياضها، وقيل: شدة سوادها مع سعتها. قوله: «ضليع الفم» : أي: عظيمه، كانت العرب تستحسن الواسع وتحمده، وتذم صغير الفم. قوله: «أشنب» : الشنب في الأسنان: تحدد أطرافها. قوله: «مفلج الأسنان» : متفرقة بعضها عن بعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا متماسكا سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عار الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، ... قوله: «دقيق المسربة» : المسربة: الشعر ما بين اللبة الي السرة، والجيد: العنق، والدمية: الصورة شبهها في بياضها بالفضة. قوله: «معتدل الخلق» : أي: كل شيء يناسب ما يليه في الحسن والتمام، ينسجم معه في الجمال. قوله: «بادنا» : متماسك اللحم غير مسترخ. قوله: «ضخم الكراديس» : الأعضاء، وقيل: الكراديس: رؤوس العظام، مثل الركبتين والمرفقين. قوله: أنور المتجرد: المتجرد: ما تستره الثياب من البدن فيتجرد عنها لسبب، يريد: شدة بياض تلك الأعضاء. قوله: «طويل الزندين» : الزند من الذراع ما انحسر عنه اللحم، وللزند رأسان: الكوع، والكرسوع، فالكرسوع: رأس الزند الذي يلي الخنصر، والكوع رأس الزند الذي يلي الإبهام. قوله: «سائل الأطراف» : يريد الأصابع، وأنها طوال ليست بمنعقدة ولا متغضنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا، ويمشي هونا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، ويبدأ من لقي بالسلام. قوله: «خمصان الأخمصين» : الإخمص في القدم من تحتها: ما ارتفع عن الأرض في وسطها، أراد أن ذلك منه مرتفع، وأنه ليس بأزج وهو الذي يستوي باطن قدمه حتى يمس جميعه الأرض. قوله: «مسيح القدمين» : يعني: أنه ممسوح ظاهر القدمين، فالماء إذا صب عليها مرّ عليها مرا سريعا لاستوائهما وانملاسهما. قوله: «زال قلعا» : حكى أبو عبيد الهروي أنه رأى بخط الأزهري: بفتح القاف والكاف وكسر اللام، قاله ابن الأثير وقال: المعنى فيه: أنه يزول قالعا لرجله من الأرض وأنه صلى الله عليه وسلم لا يخط الأرض برجليه. قوله: «يخطو تكفؤا» : أي: يميد في مشيته. قوله: «يمشي هونا» : في رفق غير مختال. قوله: «ذريع المشية» : أي: سريعها، فمع كون مشيه في رفق إلّا أنه فيه سريع غير بطيء، حتى لكأنه ينحدر من صبب، والصبب: الانحدار. قوله: «يسوق أصحابه» : يقدمهم بين يديه، فيمشي وراءهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 قال الحسن: قلت: صف لي منطقه صلى الله عليه وسلم. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم، فصل لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا، ليس بالجافي ولا المهين، يعظّم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه، لا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء إذا تعرض الحق لشيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى قوله: «ويختمه بأشداقه» : أي أنه كان في شدقيه صلى الله عليه وسلم رحب. قوله: «دمثا» : سهل الأخلاق لينا في تعامله. قوله: «ليس بالجافي ولا المهين» : يريد أنه لا يجفو الناس ولا يهينهم، وبعضهم يقول: ولا المهين: بفتح الميم، قال الحافظ البيهقي: فإن كانت الرواية كذلك فإنه أراد: ليس بالفظ الغليظ الجافي ولا الحقير الضعيف. قوله: «يعظم النعمة وإن دقت» : لا يستصغر شيئا أوتيه ولا يستحقره وإن كان صغيرا. قوله: «لم يكن يذم ذواقا» : يريد أنه لم يكن يصف الطعام بطيب ولا فساد، إن أعجبه أكله وشكر، وإن لم يعجبه تركه من غير ذم مراعاة لشعور الآخرين واحتراما للمنعم ونعمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام. قال الحسن: فكتمتها الحسين زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته عنه، ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله، فلم يدع منه شيئا. 311- قال الحسين: فسألت أبي عن دخول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان دخوله صلى الله عليه وسلم لنفسه مأذونا له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءا لله عزّ وجلّ، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزء جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدخر عنهم شيئا. وكان من سيرته صلى الله عليه وسلم في جزء الأمة: إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم: ذو الحاجة، ومنهم: ذو الحاجتين، ومنهم: ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة عن قوله: «أعرض وأشاح» : عدل بوجهه تعبيرا عن عدم رضاه. (311) - قوله: «فيرد ذلك بالخاصة على العامة» : يعني: أن الخاصة تصل إليه وتحضر مجلسه فتستفيد، ثم يخرجون من عنده فيردون ذلك إلى العامة. قوله: «يدخلون روادا» : جمع رائد، وهو الذي يبعثه قومه في طلب الكلأ، وهو ههنا طالب النفع الحريص عليه، فضرب لهم مثلا لما يلتمسون عنده من العلم والنفع في دينهم ودنياهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلّا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا، ولا يفترقون إلّا عن ذواق، ويخرجون أدلة على الخير فقهاء. قال: فسألته عن مخرجه صلى الله عليه وسلم: كيف يصنع فيه؟. فقال: على الخبير سقطت، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلّا مما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. قوله: «ولا يفترقون إلّا عن ذواق» : أصله عندهم في الطعم، وضربه هنا مثلا لما ينالون عنده من الخير. قوله: «ويخرجون أدلة على الخير» : جمع دليل، أي يدلون الناس عليه وينبؤنهم به. قوله: «ويحذر الناس» : إن قيل: بفتح الياء التحتية والذال المعجمة والتخفيف؛ يكون ما بعده تفسيرا، وإن قيل: بضم الياء وتشديد الذال وكسرها؛ فهو بمعنى يحذر بعضهم من بعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 قال: فسألته عن مجلسه صلى الله عليه وسلم: كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلّا عن ذكر الله، ولا يوطن الأماكن، وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، يعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة لم يرده إلّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء، وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تثنى فلتاته، متعادلين، يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب. قال: فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه، ولا يحب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: : قوله: «لا تؤبن فيه الحرم» : لا تقترف ولا تنتهك فيه. قوله: «ولا تثنى فلتاته» : أي: لا يتحدث بهفوة أو زلة إن كانت في مجلسه من بعض القوم، يقال: ثنوت الحديث فأنا أثنوه إذا أذعته، والفلتات جمع فلتة وهي الزلة والسقطة. قوله: «ولا مزاح» : في نسخة: ولا مداح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلّا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده انصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلّا من مكافيء، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام. قال: فسألته: كيف كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان سكوته على أربع: الحلم والحذر، والتقدير والتفكر، فأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم والصبر، كان لا يغضبه شيء ولا يستفزه أحد، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسنى ليقتدى به، وتركه القبيح ليتناهى عنه، واجتهاده الرأي فيما أصلح أمته، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والآخرة. قوله: «لا يقبل الثناء إلّا من مكافىء» : يريد أنه كان إذا ابتدىء بمدح كره ذلك، وكان إذا اصطنع معروفا فأثنى به عليه مثن قبل ثناءه وشكره. قوله: «أخذه بالحسنى» : وفي «ب» بالحسن، وباللفظين جاءت الرواية. والحديث أخرجه الترمذي في الشمائل رقم 7، 321، 336، وابن سعد في الطبقات [1/ 422] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة- ضمن الجزء المفقود-، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [1/ 214، 286] ، والآجري في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 312- [قال] : وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن بالطويل الممغّط، ... - الشريعة [/ 471] ، وابن أبي عمر في مسنده كما في مختصر إتحاف المهرة رقم 7080، والبغوي في الأنوار [1/ 343] رقم 457، وفي شرح السنة [13/ 270] ، وأبو نعيم في الدلائل رقم 565، وفي المعرفة [5/ 2751] رقم 6553، وابن الأثير في الأسد [1/ 31، 5/ 419] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 337، 343، 347] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 21] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 155] ، وفي الأحاديث الطوال [19] ، وابن قتيبة في الغريب [1/ 488] ، وأخرج الحاكم إسناده دون متنه في المستدرك [3/ 640] . قال أبو عاصم: وهذا الحديث لم يروه إلا جميع بن عمير العجلي، رواه عنه سفيان بن وكيع ومالك بن إسماعيل، وسعيد بن حماد الأنصاري، وثقه ابن حبان، وقال العجلي في الثقات: لا بأس به، يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال الآجري عن أبي داود: أخشى أن يكون كذابا، وقال الذهبي في المغني: فسقه أبو نعيم، وقال ابن حجر في التقريب: ضعيف رافضي. وله علة أخرى وهي جهالة شيخه وشيخ شيخه. وروي من طريق آل البيت عند ابن عدي في الكامل [7/ 2594] ، البيهقي في الدلائل بإسناد فيه نظر، قال ابن عساكر حديث غريب، وقد روي من حديث ابن عباس عن هند وهو أيضا غريب. قلت: قبول الناس له وإيرادهم له في الكتب مع وجود الشواهد لألفاظه جعله في حكم الثابت عن راويه وهو هند بن أبي هالة، فقد قال ابن عبد البر: كان فصيحا بليغا وصف النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن وأتقن. (312) - قوله: «ليس بالطويل الممغط» : يريد: ليس بالبائن الطويل، كما جاء في الحديث الآخر، وفي رواية: ليس بالذاهب طولا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 ولا القصير المتردد، ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم، وكان في وجهه تدوير، أبيض مشرب، أدعج العينين أهدب الأشفار، ... قوله: «ولا القصير المتردد» : الذي تردد خلقه بعضه على بعض، بل هو مجتمع الخلق، ربعة بين الرجلين. قوله: «بالجعد القطط ولا بالسبط» : القطط: الشديد الجعودة مثل أشعار الحبش، والسبط: الذي ليس فيه تكسر. قوله: «كان جعدا رجلا» : أي بين القطط والسبط. قوله: «ولم يكن بالمطهم» : البادن الكثير اللحم مسترخيه. قوله: «ولا المكلثم» : المدور الوجه، ولكنه مسنون، يريد: أنه لم يكن شديد تدوير الوجه، بل فيه تدوير قليل. قوله: «أبيض مشرب» : وفي الحديث الآخر: مشرب الحمرة. قوله: «أدعج العينين» : شديد سواد حدقة العينين. قوله: «أهدب الأشفار» : تقدم بيان معناها، وقد قيل هنا أيضا: طويل شعر العين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلّع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس صدرا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبّه. يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم. قوله: «جليل المشاش» : عظيم رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين. قوله: «الكتد» : الكاهل- مجتمع الكتفين- وما يليه من جسده. قوله: «يقول ناعته» : إسناده منقطع، أخرجه الترمذي في المناقب، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق عيسى بن يونس، ثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة قال: حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب، عن علي به، رقم 3638 وقال عقبه: هذا حديث حسن غريب، ليس إسناده بمتصل. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 411] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 269] ، ومن طريق الترمذي ابن الأثير في الأسد [1/ 31] . وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 261] ، وأبو الشيخ باختصار في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 50] ، والبغوي في الأنوار [1/ 285] رقم 363. تابعه زيد بن علي بن الحسين بن علي جد أبيه علي بن أبي طالب، وهذا أيضا منقطع؛ زيد لم يدرك علي بن أبي طالب، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 262] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 313- وقال أبو حمزة: أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قواما، وأحسن الناس وجها، وأطيب الناس ريحا، وألين الناس كفا، ما شممت رائحة قط مسكا ولا عنبرا أطيب رائحة منه، ولا مسست خزّا ولا حريرا ألين من كفه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (313) - قوله: «ألين من كفه صلى الله عليه وسلم» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه بإسناد حسن [3/ 278] وتمامه عنده: وكان ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا الجعد ولا السبط، إذا مشى- أظنه قال: - تكفأ، أخرجه بإسناده لمولى عبد الأعلى أنا معتمر، عن حميد، عن أنس به. وألفاظه ثابتة عن أنس، أخرج الشيخان منه من قوله: (ما شممت رائحة قط) إلى قوله (ألين من كفه) . وأخرج الشيخان منه أيضا قصة خروجه صلى الله عليه وسلم على الفرس حين فزع أهل المدينة، وفي أوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس، وأجود الناس صلى الله عليه وسلم، وهذا الشطر بعينه من هذا الحديث أخرجه ابن عساكر [4/ 30] فقال فيه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجمل الناس وجها وأجودهم كفا وأسمحهم، وقال: لن تراعوا ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 [60- فصل: ذكر الآية في وجهه الشّريف وعقله المنيف صلى الله عليه وسلم] 60- فصل: ذكر الآية في وجهه الشّريف وعقله المنيف صلى الله عليه وسلم 314- روي أن عائشة رضي الله عنها كانت تخيط ثوبا في وقت السحر، فضلّت الإبرة وطفىء السراج، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأضاء البيت، ووجدت عائشة الإبرة بضوئه، فضحكت، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل لمن لا يراني يوم القيامة، قالت عائشة: ومن لا يراك يا رسول الله؟ قال: البخيل، قالت: ومن البخيل؟ قال: الذي لا يصلي عليّ إذا سمع اسمي. (314) - قوله: «روي أن عائشة رضي الله عنها» : عزاه للمصنف في كتابه هذا: الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 147- 148] ، وعلقه تبعا للمصنف: أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 8] ، وأسنده ابن عساكر في تاريخه [3/ 310] من حديث ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، وصالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة قالت: استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فسقطت مني الإبرة، فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة من شعاع نور وجهه فضحكت فقال: يا حميراء لم ضحكت؟ قلت: كيت وكيت، فنادى بأعلى صوته: يا عائشة الويل ثم الويل- ثلاثا- لمن حرم النظر إلى هذا الوجه، ما من مؤمن وكافر إلّا ويشتهي أن ينظر إلى وجهي. وأخرج الخطيب في تاريخه [13/ 252، 252- 253] ، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال [28/ 319] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 308، 309] ، وأبو نعيم في الدلائل، والديلمي في مسنده كما في الخصائص [1/ 167] ، من طريق محمد بن إسماعيل البخاري قال: أنا عمرو بن محمد بن جعفر، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 قال أبو سعد رحمه الله: لم يظهر لنا تمام حسنه صلى الله عليه وسلم لأنه لو ظهر لما طاقت أعيننا رؤيته، وكذلك لم يظهر لنا تمام عقله لأن قلوبنا لا تحتمل ذلك. - أنا أبو عبيد: معمر بن المثنى قال: حدثني هشام بن عروة قال: حدثني أبي، قال: حدثتني عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقعد يخصف نعلا وأنا قاعدة أغزل، فرفعت بصري إليه فإذا سالفته ذات عرق، وهو يتولد في عيني نورا، فبهت، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلى ما تنظرين يا عائشة؟ قد بهت، فقلت: والله ما أنظر إلى شيء من وجهك إلّا تولد في عيني نورا، وقالت: أما والله لو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره من غيرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما قال أبو كبير؟ ومبرأ من كل غبر حيضة ... وفساد مرضعة وداء مغيل وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل قالت: فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان في يده وقام إليّ فقبّل ما بين عيني وقال: جزاك الله خيرا يا عائشة، فما أعلم أني سررت بشيء كسروري بكلامك. قال ابن عساكر: قال أبو العباس- يعني: البالوي-: سألني أبو علي صالح بن محمد البغدادي عن حديث أبي عبيدة معمر بن المثنى هذا، وقال الصابوني الذي مضى: أن أحدثه، وقالا: فحدثته به، فقال: لو سمعت هذا- وقال الصابوني: بهذا- عن غير أبيك، عن محمد- زاد ابن سرور: ابن إسماعيل البخاري- لأنكرته أشد الإنكار؛ لأني لم أعلم قط أن أبا عبيدة حدث عن هشام بن عروة شيئا، لكنه حسن عندي حين صار مخرجه عن محمد بن إسماعيل. قلت: تابعه داود بن سليمان بن خزيمة، عن معمر بن المثنى، أخرجه ابن عساكر [3/ 307] . وعده الحافظ المزي في تهذيبه من غرائب ما حدث به معمر بن المثنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 315- وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إني أتكلم على قدر عقولكم. (315) - قوله: «إني أتكلم على قدر عقولكم» : لم أقف عليه هكذا، لكن قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: أخرج الحسن بن سفيان في مسنده من حديث أبي معشر، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه: أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. قال: وأبو معشر ضعيف، وتبعه الحافظ في الفتح وقال: ورواه أبو الحسن التميمي من الحنابلة في كتاب العقل له بسنده عن ابن عباس بلفظ: بعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم. قال أبو عاصم: شاهد الحديث في الكتاب والسنة، فأما في الكتاب ففي قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ الآية، ويدخل فيها التنزل في الإسلوب الخطابي لئلا يكذبوا بما جاءهم بسبب عدم طاقة عقولهم وضعفها عن إدراك الحقائق، قال تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ الآية، ولهذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟! أخرجه البخاري في صحيحه، وأخرج مسلم من حديث ابن مسعود قوله: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلّا كان فتنة لبعضهم. وأخرج البخاري عن أبي هريرة قوله: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين من العلم، أحدهما بثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 [61- فصل: ذكر الآية في عينه وقلبه وصفة نومه صلى الله عليه وسلم] 61- فصل: ذكر الآية في عينه وقلبه وصفة نومه صلى الله عليه وسلم 316- كان صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه. 317- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلبي ينتظر الوحي. 318- وكان صلى الله عليه وسلم إذا نام نفخ نفخا، ... (316) - قوله: «تنام عيناه ولا ينام قلبه» : أخرجاه من حديث عائشة في وصف صلاة الليل، وفيه: قلت: يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي. وأخرجاه من حديث أنس في قصة المعراج، وفيه: حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ... الحديث. وأخرجه البخاري من حديث جابر الطويل في الاعتصام، وعلقه في المناقب، باب رقم 24: كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه. (317) - قوله: «إن قلبي ينتظر الوحي» : لم أجده هكذا لكن معناه صحيح، لاتصاله صلى الله عليه وسلم بربه في يقظته ومنامه وقد كان من فعل صحابته صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يوقظونه إذا كان نائما، يقول عمران بن حصين في قصة فوات صلاة الصبح المخرجة في الصحيحين: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث أو يحدث له في نومه ... الحديث. (318) - قوله: «إذا نام نفخ نفخا» : أخرج الشيخان من حديث ابن عباس في قصة نومه عند خالته ميمونة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 ولا يغط غطيطا. 319- وكان صلى الله عليه وسلم كثير الرؤيا، ولا يرى في منامه إلّا الخير. - ووصفه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وفيه: وكان إذا نام نفخ ... الحديث، فأما حديث ابن مسعود الطويل في خروجه إلى بطحاء مكة، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توسد فخذه، وكان إذا نام نفخ في النوم نفخا، فقد بسطنا تخريجه والكلام عليه في فتح المنان شرح المسند الجامع تحت رقم 13. قوله: «ولا يغط غطيطا» : لا ينافي ما جاء في بعض ألفاظ حديث ابن عباس المشار إليه وحديث غيره في التعبير بالغطيط بدل النفخ؛ لأنه إذا أطلق في حقه صلى الله عليه وسلم إنما يراد به النفخ الذي هو صوت النفس الخارج من الأنف الدال على الاستغراق، فأما التعبير بالغطيط لغير النائم فقد يراد به غير هذا المعنى، كما جاء في حديث يعلى بن أمية عند البخاري وفيه: وددت أني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي، فقال عمر: تعال، أيسرك أن تنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي؟ قلت: نعم، فرفع طرف الثوب، فنظرت إليه له غطيط- أحسبه قال: كغطيط البكر- ... الحديث، فهذا لا يراد به النفخ؛ لأن غطيط البكر هو النخر، يقال: غط البعير إذا هدر في الشقشقة- نخر أي: أتى بصوت خياشيمه-، ونحوه الصوت الخارج من الحلق الذي يقال له: الشخير، يدلك على هذا أنه لم يجمع اللفظان قط في رواية وصف نومه صلى الله عليه وسلم فبان أن المعنى الثاني للغطيط غير مراد، تأمل هذا فإن نبيّنا صلى الله عليه وسلم محفوظ بحفظه تعالى عن كل معنى منفر صلى الله عليه وسلم. (319) - قوله: «كثير الرؤيا» : لاتصال ذلك بالوحي وأمر النبوة، ففي الصحيحين من حديث عائشة: أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 320- وجاءت الملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: هو نائم، وقال بعضهم: العين نائمة والقلب يقظان. 321- وقالت عائشة رضي الله عنها قلت: يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. (320) - قوله: «وجاءت الملائكة» : في رواية ابن مسعود: أتاني رجال كأنهم الجمال، وفي رواية: كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي. قوله: «والقلب يقظان» : وتمامه: فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلا، قال: فاضربوا له مثلا، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أولوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار: الجنة، والداعي: محمّد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمّدا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصى محمدا فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس. أخرجه البخاري في الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: بعثت بجوامع الكلم، رقم 7273. وانظر تخريجنا لحديث ابن مسعود بنحوه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 13- فتح المنان. (321) - قوله: «تنام قبل أن توتر» : أخرجاه في الصحيحين من حديثها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 [62- فصل: ذكر الآية في خاتمه الشّريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفته] 62- فصل: ذكر الآية في خاتمه الشّريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفته 322- روي أن الخاتم الذي كان بين كتفيه صلى الله عليه وسلم مثل البيضة ... (322) - قوله: «مثل البيضة» : أخرج الشيخان عن السائب بن يزيد في حديث له ... وفيه قال: ثم قمت خلف ظهره صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة. وأخرج مسلم في الفضائل من صحيحه، باب إثبات خاتم النبوة وصفته، والإمام هيثم في مسنده [5/ 90، 95] ، والترمذي في الشمائل برقم 16، والبيهقي في الدلائل [1/ 262] ، جميعهم من حديث جابر بن سمرة قال: رأيت خاتما في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام. وأخرج الترمذي في جامعه من حديث أبي موسى قال: خاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 77، 340، 341] ، والترمذي في الشمائل برقم 19، وابن سعد في الطبقات [1/ 425] ، والحاكم في المستدرك وصححه [2/ 606] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 240] ، رقم 6846، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 27] رقم 44، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان برقم 6300-، جميعهم من حديث أبي زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا زيد ادن مني فامسح ظهري، قال: فمسحت ظهره فوقعت أصابعي على الخاتم، قلت: وما الخاتم؟ قال: شعرات مجتمعات عند كتفه، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 329] ، والترمذي في الشمائل برقم 17، وهو عند ابن سعد في الطبقات، والبيهقي في الدلائل من حديث أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 ......... - مثل السلعة بين كتفيه، وفي رواية: مثل التفاحة، وفي أخرى: مثل بيضة الحمامة. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 82، 83] ، ومسلم في الفضائل برقم 2346، والترمذي في الشمائل برقم 22، والنسائي في اليوم والليلة برقم 265، 424، 422، والبيهقي في الدلائل [1/ 263] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 327] ، والحميدي في مسنده برقم 867، جميعهم من حديث عبد الله بن سرجس في حديث له قال: ثم درت خلفه صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى، جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل. قال أبو عاصم: هذا حاصل ما ورد من الأحاديث في صفة الخاتم، وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم: سلمان الفارسي، وقد أوردنا حديثه بطوله في قصة إسلامه، وعلي بن أبي طالب حديثه عند الترمذي في الشمائل، والبيهقي، وأبو سعيد الخدري حديثه عند البخاري في التاريخ، والبيهقي في الدلائل، والترمذي في الشمائل، وعن التنوخي رسول هرقل حديثه عند الإمام أحمد، والبيهقي في الدلائل، وعن عباد بن عمرو حديثه عند الطبراني، وأبي نعيم في المعرفة، وعن عائشة عند ابن أبي خيثمة في التاريخ، وعن ابن عمر عند ابن عساكر، والحاكم في تاريخ نيسابور وغيرهم، وهؤلاء لا يخرج وصفهم عما أوردناه. نعم، وأخرج ابن عساكر في تاريخه من حديث جابر بن عبد الله قال: أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فجعلت فمي على خاتم النبوة، فجعل ينفح عليّ مسكا. وأخرج ابن عساكر في تاريخه والحاكم في تاريخ نيسابور من حديث ابن عمر قال: كان خاتم النبوة على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم مثل البندقة من لحم، مكتوب فيها باللحم: محمد رسول الله. وأخرج أبو نعيم عن سلمان قال: بين كتفيه بيضة كبيضة الحمامة، عليها- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 مكتوب عليه: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، توجه حيث شئت فإنك منصور. - مكتوب باطنها: الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، وظاهرها: توجه حيث شئت فإنك المنصور. قال القرطبي في المفهم: دلت الأحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزا أحمر عند كتفه الأيسر، إذا قلل قدر بيضة حمامة، وإذا كبر جمع اليد، اه. من الخصائص. انظر: تهذيب ابن منظور [2/ 163- 164] ، خصائص السيوطي [1/ 147- 151] . قوله: «فإنك منصور» : عزاه السيوطي في الخصائص لأبي نعيم- وليس في المطبوع منه- من حديث سلمان الفارسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 [63- فصل: ذكر الآية في بوله وغائطه صلى الله عليه وسلم] 63- فصل: ذكر الآية في بوله وغائطه صلى الله عليه وسلم 323- عن أم أيمن قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها، ثم قمت من الليل وأنا عطشى فأتيت الفخار (323) - قوله: «عن أم أيمن» : روى حديثها: 1- الوليد بن عبد الرحمن، أخرجه أبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة للحافظ البوصيري [9/ 119] رقم 8681، وابن السكن- كما في الإصابة [13/ 179]-. (2) - نبيح العنزي، أخرج حديثه الدارقطني في الغرائب والأفراد [5/ 388] رقم 5822، والطبراني في معجمه الكبير [25/ 89- 90] رقم 230، والحاكم في المستدرك [4/ 63- 64] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 365. قال الدارقطني: تفرد به أبو مالك النخعي، عن الأسود، عن نبيح. اه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 27] : أبو مالك النخعي ضعيف. (3) - وله طريق أخرى، فأخرج أبو داود في الطهارة من سننه برقم 24، ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 194، والنسائي في الطهارة برقم 28، والطبراني في معجمه الكبير [14/ رقم 477] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 99، 7/ 67] ، جميعهم من حديث ابن جريج قال: أخبرتني حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة بنت رقيقة قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير، صححه ابن حبان برقم 1426- إحسان، والحاكم في المستدرك [1/ 167] ، وأقره الذهبي في التلخيص، وحسنه النووي وابن حجر وغيرهما. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 فشربت ما فيها، فلما أصبح ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال: أما إنك لن تشتكي بطنك بعد يومك هذا. 324- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله إنك تدخل الخلاء فإذا خرجت دخلت على إثرك فلا أرى شيئا، إلّا أني أجد رائحة المسك؟ - وأخرجه بعضهم أتم منه، منهم: أبو نعيم في المعرفة [6/ 3263] رقم 7517، وابن عبد البر في الاستيعاب [12/ 223] ، كلاهما من حديث حجاج بن محمد راوي حديث ابن جريج عند أبي داود والنسائي، وهذا لفظ أبي نعيم: قالت أميمة: فأراده صلى الله عليه وسلم- تعني القدح- فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها بركة- كانت تخدم أم حبيبة جاءت بها من أرض الحبشة- أين البول الذي كان في القدح؟ قالت: شربته، قال: لقد احتظرت بحظار من نار. * خالفهم عبد الرزاق، فقال عن ابن جريج: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول ... الحديث، ولما قالت: شربته قال: صحة يا أم يوسف، وكانت تكنى أم يوسف، فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي ماتت فيه. قال ابن دحية: هذه قضية أخرى غير قضية أم أيمن، وبركة أم يوسف غير بركة أم أيمن، اه. من الخصائص للسيوطي، وعزاه أيضا للحسن بن سفيان في مسنده. (324) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : روى حديثها عنها: (1) - عروة بن الزبير، أخرجه الدارقطني في الأفراد [5/ 501] رقم 6201، وقال: غريب من حديث هشام، تفرد به محمد بن حسان الأموي، عن عبدة بن سليمان، ولم نكتبه إلّا عن شيخنا أبي جعفر محمد بن سليمان النعماني وكان من الثقات، اه. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا معاشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح أهل الجنة، فما خرج منها شيء ابتلعته الأرض. - وقال السيوطي في الخصائص [1/ 176] : هذا الطريق أقوى طرق هذا الحديث، قال ابن دحية في الخصائص بعد إيراده: هذا سند ثابت، محمد بن حسان بغدادي ثقة صالح، وعبدة من رجال الشيخين. قلت: تابعه الحسين بن علوان، عن هشام، أخرجه البيهقي في الدلائل وقال: هذا الحديث من موضوعات الحسين بن علوان، فتعقبه السيوطي في الخصائص [1/ 175] بقوله: قلت: كلا، ليس كما قال فإن الحديث له طريق آخر، ثم ساق طرقه. (2) - أم سعد، أخرج حديثها ابن سعد في الطبقات [1/ 171] ذكر علامات النبوة بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرنا الفضل بن إسماعيل بن أبان الوراق، أخبرنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، عن محمد بن زاذان، عن أم سعد، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله تأتي الخلاء فلا يرى منك شيء من الأذى؟ فقال: أو ما علمت يا عائشة أن الأرض تبتلع ما يخرج من الأنبياء فلا يرى منه شيء؟ ومن هذا الوجه أخرجه أيضا أبو نعيم في الدلائل برقم 364، وفي الإسناد محمد بن زاذان ضعفه غير واحد. (3) - ليلى مولاة عائشة، أخرج حديثها الحاكم في المستدرك [4/ 72] بإسناد منقطع من طريق إبراهيم بن سعد: ثنا المنهال بن عبيد الله عمن ذكره عن ليلى مولاة عائشة، عن عائشة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته فدخلت فلم أر شيئا ووجدت ريح المسك فقلت: يا رسول الله إني لم أر شيئا!! قال: إن الأرض أمرت أن تكفته منا معاشر الأنبياء. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 ......... - قلت: رواه أبو نعيم- كما في الخصائص [1/ 176]- من وجه آخر من طريق شهاب بن معمر العوفي: ثنا عبد الكريم الخزاز، ثنا أبو عبد الله المديني، عن ليلى مولاة عائشة قالت: قلت يا رسول الله إنك تدخل الخلاء فإذا خرجت دخلت في إثرك فما أرى شيئا إلّا أني أجد ريح المسك! قال: إنا معشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح أهل الجنة، فما خرج منها من شيء ابتلعته الأرض. عبد الكريم الخزاز ذكره الذهبي في الميزان ونقل عن الأزدي قوله فيه: واهي الحديث. وروي أيضا من أوجه أخرى ضعيفة. (4) - فأخرج الحكيم في النوادر- كما في الخصائص [1/ 177] ، من طريق عبد الرحمن بن قيس الزعفراني- أحد الضعفاء، واتهم بالكذب-، عن عبد الملك بن عبد الله بن الوليد، عن ذكوان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى له ظل في شمس ولا قمر، ولا أثر قضاء حاجة، مرسل مع شدة ضعفه من هذا الوجه. وأخرج الخطيب في الرواة عن مالك- كما في الخصائص [2/ 187] ، من حديث جابر بن عبد الله قال: رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء لو لم يأت بالقرآن لآمنت به، تصحرنا في جبانة تنقطع الطرق دونها، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء ورأى نخلتين متفرقتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر اذهب إليهما فقل لهما اجتمعا، فاجتمعتا حتى كأنهما أصل واحد، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبادرته بالماء وقلت: لعل الله أن يطلعني على ما خرج من جوفه فآكله، فرأيت الأرض بيضاء، فقلت: يا رسول الله أما كنت توضأت؟ قال: بلى، ولكنا معشر النبيين أمرت الأرض أن تواري ما يخرج منا من الغائط والبول ... الحديث، هذا ثابت من حديث جابر من غير طريق مالك، وقد خرجنا القصص الثلاث التي رواها جابر في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي دون هذا الشطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 [64- فصل: ذكر الآية في عرقه، وما جاء في طيب ريحه صلى الله عليه وسلم] 64- فصل: ذكر الآية في عرقه، وما جاء في طيب ريحه صلى الله عليه وسلم 325- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال: كان لا يمر في طريق إلّا عرف أنه مر فيه من طيب عرقه، ولم يكن يمر بحجر ولا شجر إلّا سجد له. 326- وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في الطريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك، وقالوا: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الطريق. 327- وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ثم خرج إلى أهله وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فأخذ يمسح خدودهم، (325) - قوله: «من طيب عرقه» : ويروى أيضا: من طيب عرفه، خرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، باب: في حسن النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 70- فتح المنان. (326) - «وعن أنس بن مالك» : أخرج حديثه أبو يعلى الموصلي في مسنده [5/ 443] رقم 3125، والبزار في مسنده [3/ 160 كشف الأستار] رقم 2478، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 361] رقم 2772، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 102] ، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 362. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 398] من حديث يزيد الرقاشي- ضعيف- عن أنس قال: كنا نعرف خروج النبي صلى الله عليه وسلم بريح الطيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 فمسح خدي فوجدت ليده بردا كأنما أخرجها من جؤنة عطار. 328- وقال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر. 329- وكان صلى الله عليه وسلم إذا نام عرق، فتأتي أم سليم بقطنة فتلتقط عرقه فتخلط به مسكا في قارورة لها، ثم تجعله للشفاء. قوله: «كأنما أخرجها من جؤنة عطار» : أخرجه مسلم في الفضائل، باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 2329، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 253] رقم 1944. وأخرج الشيخان من حديث أنس قال: ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم. ولا شممت ريحا قط- أو عرفا قط- أطيب من ريح- أو عرف- النبي صلى الله عليه وسلم، لفظ البخاري في المناقب، وأخرج فيه أيضا من حديث أبي جحيفة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة، كان يمر من ورائها المرأة، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك. (328) - قوله: «فليشم الورد الأحمر» : في الباب عن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وعائشة بأسانيد موضوعة باطلة، في إيرادها إطالة لا معنى لها ولا فائدة إذ هي مبسوطة في موضوعات ابن الجوزي ولآلىء السيوطي، وقد قال الإمام النووي: لا يصح، وقال الحافظ ابن حجر: موضوع، ومن قبلهما ابن عساكر، حكاه القسطلاني في المواهب، فلا نتشاغل بتخريجها. (329) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا نام عرق» : اختلف الحفاظ هل هو من مسند أنس أو من مسند أم سليم، فأخرجه البخاري في الاستئذان، باب من زار قوما فقال عندهم، من حديث ثمامة، عن أنس أن أم سليم، رقم: 6281. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 330- وفي رواية أخرى: أنه كان صلى الله عليه وسلم يأتي بيت أم سليم فيقيل عندها، وكان صلى الله عليه وسلم كثير العرق إذا نام، فكانت أم سليم تأخذ من عرقه فتجعله في مسك. 331- ودخل صلى الله عليه وسلم بيتها ذات يوم فرأى فيه قربة معلقه فيها ماء، فهوى إليها ففتح فاها ثم شرب، فلما خرج أخذت أم سليم الشفرة فقطعت فم القربة ثم لفتها في خرقة، وقالت: هذه مأثرة لكم تدخرونها. - وأخرجه مسلم في الفضائل، باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به، من حديث ثابت، وإسحاق بن عبد الله، كلاهما عن أنس، رقم: 2331 (83، 84) . وأخرجه مسلم من حديث أبي قلابة، عن أنس، عن أم سليم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيها ... الحديث رقم: 2332. قوله: «ثم تجعله للشفاء» : وذهب أنس إلى أبعد من ذلك فأوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك المسك، قال ثمامة: فجعل في حنوطه، أخرجه البخاري. (331) - قوله: «ودخل بيتها» : يعني: بيت أم سليم، خرّجناه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، وذكرنا نكت تخريجه تحت رقم: 2263. قوله: «فقطعت فم القربة» : سقطت كلمة «فم» من النسخ، قال الإمام النووي رحمه الله: قطعها لفم القربة فعلته لوجهين: أحدهما: أن تصون موضعا أصابه فم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يبتذل ويمسه كل أحد، والثاني: أن تحفظه للتبرك به والاستشفاء، اه. وكلا الوجهين أشار إليهما المصنف. وفي الباب عن أم كبشة، خرّجناه تحت الأول في كتابنا المشار إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 [65- فصل: ذكر الآية في شعره الشّريف صلى الله عليه وسلم] 65- فصل: ذكر الآية في شعره الشّريف صلى الله عليه وسلم 332- عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة اعتمرها فحلق شعره، فاستبق الناس إلى شعره صلى الله عليه وسلم، فسبقتهم إلى الناصية، فاتخذت قلنسوة، فجعلتها في مقدم القلنسوة، فما توجهت بها في وجهة إلّا فتح لي. (332) - قوله: «إلا فتح لي» : أخرجه سعيد بن منصور- كما في الفتح [8/ 102] ، والخصائص الكبرى [1/ 170] . ومن طريق سعيد بن منصور أخرجه ابن سعد في الطبقات- وهو ضمن الجزء الساقط من المطبوع-، ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [16/ 246] ، وابن العديم في بغية الطلب [7/ 3149] . ومن طريق سعيد بن منصور أيضا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 122] رقم 3804، ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 367. ومن طريق ابن منصور أيضا أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 299] ، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 249] ، ومن طريق البيهقي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [16/ 246] ، وهذا لفظه: أن خالد بن الوليد فقد قلنسوته يوم اليرموك، فقال: اطلبوها، فلم يجدوها، ثم طلبوها فإذا هي قلنسوة خليقة، فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 ......... - فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالا وهي معي إلّا رزقت النصر، سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: منقطع، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 349] : رجاله رجال الصحيح، وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا. تابعه سريج بن يونس، عن هشيم، أخرجه أبو يعلى في مسنده [13/ 138- 139] رقم 7183، ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن الأثير في الأسد [2/ 111] ، وابن عساكر في تاريخه [16/ 246- 247] . ورواه ابن سعد من وجه آخر فقال: أخبرنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن عاصم بن كليب قال: سمعت شيخين في المسجد ممن سمع خالد بن الوليد قال أحدهما لصاحبه: أتذكر ما لقينا يوم الكمة بسباطة الحيرة؟ قال: نعم، ما لقينا يوما قط أشد منه، وقعت كمة خالد بن الوليد فقال: التمسوها، وغضب، فوجدناها، فوضعها على رأسه ثم اعتذر إلينا فقال: لا تلوموني، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم حين حلق رأسه انتهبنا شعره فوقعت ناصيته بيدي فجعلتها ناصية في هذه الخرقة، فإنما شق عليّ حين وقعت. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [16/ 247] ، وابن العديم في بغية الطلب [7/ 3149] . وأخرج ابن عساكر [16/ 247] من طريق الخرائطي: أنا علي بن حرب، أنا ابن وهب، عن ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث قال: أخبرني الثقة: أن الناس يوم حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدروا شعره، فابتدرهم خالد بن الوليد إلى ناصيته صلى الله عليه وسلم فجعلها في قلنسوته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 [66- فصل: في ابتداء الدّعوة وعرض نفسه صلى الله عليه وسلم على قومه، وما لقي في ذلك من الشّدّة] 66- فصل: في ابتداء الدّعوة وعرض نفسه صلى الله عليه وسلم على قومه، وما لقي في ذلك من الشّدّة 333- أخبرنا أبو الفضل: جعفر بن الفضل بن حنزابه المصري، وزير كافور بمكة في المسجد الحرام بحذاء الكعبة قال: أخبرنا علي بن محمد بن الجهم بمدينة السلام قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: ... (333) - قوله: «أخبرنا أبو الفضل» : تقدمت ترجمته في باب ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم، روى عنه المصنف هناك بواسطة مولاه أبي الوفاء تمام بن عبد الله. قوله: «علي بن محمد بن الجهم» : لم أقف على ترجمة له فيما لدي من المصادر. قوله: «أحمد بن منصور الرمادي» : أبو بكر البغدادي الحافظ، أحد ثقات رجال ابن ماجه، توفي سنة خمس وستين ومائتين. تهذيب الكمال [1/ 492] ، تهذيب التهذيب [1/ 72] ، الكاشف [1/ 28] ، التقريب [/ 85] ، الخلاصة [/ 13] ، سير أعلام النبلاء [12/ 389] . قوله: «حدثنا عبد الرزاق» : هو ابن همام الصنعاني، الإمام الحافظ الثبت صاحب المصنف، أبو بكر الحميري مولاهم، عالم أهل اليمن، وأثبت أصحاب معمر، حديثه في الكتب الستة، يقال: عمي في آخر عمره فتغير حفظه شيئا. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 أخبرنا معمر، عن ابن خثيم، عن أبي الزبير، ... - سير أعلام النبلاء [9/ 563] ، تهذيب الكمال [18/ 52] ، تهذيب التهذيب [6/ 278] ، الكاشف [2/ 171] ، الخلاصة [/ 238] ، التقريب [/ 354] . قوله: «أخبرنا معمر» : هو ابن راشد البصري، الإمام شيخ الإسلام الحافظ أبو عروة الأزدي، اليمني نزيلها، أحد الأثبات، قال الحافظ الذهبي: كان من أوعية العلم مع الصدق والتحري والورع والجلالة وحسن التصنيف، وحديثه في دواوين الإسلام، توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. تهذيب الكمال [28/ 303] ، تهذيب التهذيب [10/ 218] ، الكاشف [3/ 145] ، سير أعلام النبلاء [7/ 5] ، الخلاصة [/ 384] ، التقريب [/ 541] ، طبقات ابن سعد [5/ 546] ، تذكرة الحفاظ [1/ 190] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 107] ، ثقات ابن حبان [7/ 484] . قوله: «عن ابن خثيم» : هو عبد الله بن عثمان بن خثيم القاري، الإمام الحافظ الثقة: أبو عثمان القاري، المكي، علق له البخاري في صحيحه، وأخرج له الباقون، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. تهذيب الكمال [15/ 279] ، تهذيب التهذيب [5/ 275] ، الكاشف [2/ 96] ، التقريب [/ 313] ، الخلاصة [/ 206] . قوله: «عن أبي الزبير» : المكي، الإمام الحافظ الصدوق، محمد بن مسلم بن تدرس القرشي، الأسدي مولى حكيم بن حزام، يعد في التابعين، كان عطاء بن أبي رباح مع جلالته يقدمه إلى مجلس جابر بن عبد الله ليحفظ لهم حديثه، عيب عليه التدليس، فأما إذا صرح بالتحديث فلا يرتاب فيه، روى له البخاري مقرونا بغيره، والباقون، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 عن جابر بن عبد الله قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يعرض نفسه على الناس بعكاظ ومكة وفي الموسم يقول: من ينصرني؟ من يؤويني؟ حتى أبلغ رسالة ربي عزّ وجلّ وله الجنة. - تهذيب الكمال [26/ 402] ، سير أعلام النبلاء [5/ 380] ، تهذيب التهذيب [9/ 390] . قوله: «عن جابر بن عبد الله» : هو ابن عمرو بن حرام الأنصاري، السلمي، الصحابي ابن الصحابي غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، أصابته من النبي صلى الله عليه وسلم دعوة مباركة فاز بها بخيري الدنيا والآخرة، توفي بالمدينة بعد السبعين. الإصابة [2/ 45] ، الاستيعاب [2/ 109] ، أسد الغابة [1/ 307] ، سير أعلام النبلاء [3/ 189] . قوله: «بعكاظ» : زاد في رواية: ومجنّة، وهما سوقان مشهوران لأهل مكة والعرب، قال الواقدي: عكاظ بين نخلة والطائف، ومجنة بمر الظهران، وذو المجاز خلف عرفة، هذه أسواق قريش والعرب، ولم يكن فيها أعظم من عكاظ، كانت العرب تقيم بسوق عكاظ شهر شوال، ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوما من ذي القعدة، ثم تنتقل إلى ذي المجاز فتقيم فيه إلى أيام الحج. قوله: «وفي الموسم» : زاد في رواية: بمنى. قوله: «وله الجنة» : اختصره المصنف، وتمامه: فلا يجد أحدا يؤويه ولا ينصره، حتى إن الرجل يرحل صاحبه من مصر أو اليمن، فيأتيه قومه أو ذوو رحمه فيقولون: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 ......... - احذر فتى قريش لا يفتننك! يمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ، يشيرون إليه بأصابعهم، حتى بعثنا الله عزّ وجلّ له من يثرب، فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين، يظهرون الإسلام، ثم بعثنا الله عزّ وجلّ وائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلا منا فقلنا: حتى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف في جبال مكة ويخاف، فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم، فواعدنا شعب العقبة فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين، حتى توافينا عنده فقلنا: يا رسول الله! على ما نبايعك؟ فقال: بايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب، تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة. قال: فقمنا نبايعه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة، وهو أصغر السبعين رجلا إلا أنا، فقال: رويدا يا أهل يثرب! إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة، وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف؛ فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله؛ وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله عزّ وجلّ، فقلنا: أمط يدك يا أسعد بن زرارة، فو الله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقمنا إليه نبايعه رجلا رجلا، يأخذ علينا شرطه، ويعطينا على ذلك الجنة. وإسناده على شرط الصحيح، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند البيهقي في الدلائل. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 ......... -* تابعه عن عبد الرزاق: (1) - الإمام أحمد بن حنبل أخرجه في المسند [3/ 322- 323] . (2) - الحسين بن مهدي، أخرجه البزار في مسنده [2/ 307 كشف الأستار] رقم 1756. (3) - إسحاق بن راهويه، أخرجه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 6274-. * وتابع معمرا عن ابن خثيم: 1- يحيى بن سليم، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 339] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 443] ، وتصحف في المطبوع إلى: يحيى بن سليمان، وصححه الحاكم [2/ 624] ، ووافقه الذهبي، وابن حبان- كما في الإحسان برقم 7012. 2- يوسف بن خالد، أخرجه البزار في مسنده في الموضع المشار إليه. 3- داود العطار، أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 442] . * وتابع أبا الزبير، عن جابر: سالم ابن أبي الجعد، أخرجه الدارمي في مسنده- برقم 3619 فتح المنان-، والإمام أحمد كذلك [3/ 390] ، ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 310] رقم 18431، والبخاري في خلق أفعال العباد [/ 131] ، ومن طريقه الترمذي في فضائل القرآن من الجامع برقم 2925 وقال: غريب صحيح، وأبو داود في السنة، باب: في القرآن، رقم 4734، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات [/ 243] ، وابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية رقم 201، وابن بطة في الإبانة الكبرى [1/ 3- الرد على الجهمية/ 230] ، رقم 7، وعثمان بن سعيد في الرد على الجهمية [/ 135] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [/ 554، 555] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 291] رقم 217، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 613] وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 334- وروى أبو أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني رحمة للعالمين، وهدى للعالمين، وأن أكسر المعازف والأصنام وأمر الجاهلية، وأقسم ربي عزّ وجلّ: لا يشرب عبد الخمر في الدنيا ثم لا يتوب إلى الله منها إلا سقاه الله من طينة الخبال. 335- وروى عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومي شدة، وأشد ما لقيت منهم يوم عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت على وجهي وأنا مهموم فلم أشعر إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلت، وإذا جبريل فناداني فقال: إن الله سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره (334) - قوله: «وروى أبو أمامة الباهلي» : اسمه صدي بن عجلان، أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [5/ 257، 268] ، الطيالسي في مسنده برقم 1134، الطبراني في معجمه الكبير [8/ 232، 233] رقم 7803، 7804، جميعهم من حديث علي بن يزيد الألهاني- أحد الضعفاء- عن القاسم عنه. وهذا لفظ الإمام أحمد: إن الله بعثني رحمة للعالمين، وهدى للعالمين، وأمرني ربي عزّ وجلّ بمحق المعازف والمزامير والأوثان والصلب وأمر الجاهلية، وحلف ربي عزّ وجلّ بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفورا له أو معذبا، ولا يسقيها صبيا صغيرا ضعيفا مسلما إلا سقيته من الصديد مثلها مغفورا له أو معذبا، ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس يوم القيامة، ولا يحل بيعهن ولا شراؤهن ولا تعليمهن ولا تجارة فيهن، وثمنهن حرام- يعني: الضاربات-. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 بما شئت فيهم، فسلم عليّ وقال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك، وقد بعثني الله إليك لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا. 336- عن عبد الله بن عباس قال: حدثني علي بن أبي طالب من فيه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج وأنا معه وأبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر- وكان مقدما في كل الخير، وكان رجلا نسابة- فسلم فردوا عليه السلام فقال: ممن القوم؟ فقالوا: من ربيعة، قال: أمن هامتها، أو من لهازمها؟ فقالوا: بل من هامتها العظمى، قال: وأي هامتها العظمى؟ قالوا: ذهل الأكبر، قال: فمنكم عوف الذي كان يقال: لا حرّ بوادي عوف؟ قالوا: لا، قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا، قوله: «ولا يشرك به شيئا» : أخرجه الشيخان، فأخرجه البخاري في بدء الخلق برقم 3231، وفي التوحيد برقم 7389، مسلم في الجهاد والسير برقم 1420. (336) - قوله: «فمنكم عوف» : قال الخطيب: هو عوف بن محلّم بن ذهل. قوله: «لا حر بوادي عوف» : لشرف عوف وعزه، وإن الناس كانوا له كالعبيد والخول. قاله الخطيب. قوله: «فمنكم بسطام بن قيس» : زاد في رواية أبي نعيم: ابن مسعود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 قال: فمنكم جسّاس بن مرة حامي الذّمار ومانع الجار؟ قالوا: لا، قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا، قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا، قال: فأنتم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا، قال: فأنتم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا، قال: فلستم ذهل الأكبر، أنتم ذهل الأصغر؟. قال: فقام إليه غلام من بني شيبان حين بعّل وجهه يقال له: دغفل، فقال: إنّ على سائلنا أن نسله ... والعبء لا تعرفه أو تجهله يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكذبك شيئا، فممن الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا من قريش، فقال الفتى: بخ بخ، أهل الشرف والرياسة، فمن أي القرشيين أنت؟ قال: من ولد تيم بن مرة، فقال الفتى: أمكنت والله منها الرامي من سوء الثغرة، أمنكم قصي الذي جمع قوله: «فمنكم جساس بن مرة» : زاد في رواية أبي نعيم: ابن ذهل. قوله: «فمنكم الحوفزان» : زاد في رواية أبي نعيم: ابن شريك. قوله: «صاحب العمامة الفردة» : سمي بذلك لأنه كان إذا ركب لم يعتم معه غيره، قاله الخطيب. قوله: «أهل الشرف والرياسة» : زاد في رواية: وأزمة العرب وهداتها. قوله: «أمنكم قصي» : اختلف لفظ وسياق أبي نعيم هنا قليلا إذ فيها: أفمنكم قصي بن كلاب- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمّعا؟ قال: لا، قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه، ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد: عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا، قال: أفمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الندوة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: فاجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الغلام: - الذي قتل بمكة المتغلبين عليها، وأجلى بقيتهم، وجمع قومه من كل أوب حتى أوطنهم مكة، ثم استولى على الدار، ونزّل قريشا منازلها، فسمته العرب بذلك مجمعا، وفيه يقول الشاعر لبني عبد مناف: أليس أبوكم يدعى مجمعا به ... جمع الله القبائل من فهر؟ قال: لا، قال الغلام: أفمنكم عبد مناف الذي انتهت إليه الوصايا، وأبو الغطاريف السادة؟ قال: لا، قال: أفمنكم عمرو بن عبد مناف هاشم الذي هشم الثريد لقومه، وأهل مكة مسنتون عجاف، وفيه يقول الشاعر: عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف سنوا إليه الرحلتين كلاهما ... عند الشتاء ورحلة الأصياف كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمح خالصها لعبد مناف الرائشين وليس يعرف رائش ... والقائلين هلم للأضياف والضاربين الكبش يبرق بيضة ... والمانعين البيض بالأسياف لله درك لو نزلت بدارهم ... منعوك من ذل ومن إقراف؟ قال: لا، قال: أفمنكم عبد المطلب: شيبة الحمد، وصاحب بئر مكة، مطعم طير السماء والوحوش والسباع في الفلاة الذي كأن وجهه القمر يتلألأ في الليل المظلم؟ ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 صادف در السيل درا يدفعه ... يهضبه حينا وحينا يصدعه أما والله لو ثبتّ لأخبرتك أنك من زمعات قريش، وأما أنا فدغفل. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال علي: فقلت: يا أبا بكر، لقد وقعت من الأعرابي على باقعة! قال: أجل أبا حسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق. قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر فسلم، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس، وفيهم مفروق بن عمرو، وهانىء ابن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا، وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته، وكان أدنى القوم مجلسا. فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة، فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال المفروق: علينا الجهد، ولكل قوم جهد، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرة، قوله: «عليهم السكينة والوقار» : زاد في رواية: وإذا مشايخ لهم أقدار وهيئات. قوله: «هؤلاء غرر الناس» : وفي رواية أبي نعيم: ليس بعد هؤلاء من عز في قومهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 ويديل علينا أخرى، لعلك أخا قريش فقال أبو بكر رضي الله عنه: قد بلغكم أنه رسول الله، ألا هو ذا، فقال مفروق: بلغنا أنه يذكر ذاك، فإلى ما تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإلى أن تؤوني وتنصروني فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد. فقال مفروق بن عمرو: وإلى ما تدعونا يا أخا قريش؟ فو الله ما سمعت كلاما أحسن من هذا، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الآية، إلى قوله تعالى: فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، فقال مفروق: وإلى ما تدعونا أيضا يا أخا قريش، فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض؟. قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فقال مفروق بن عمرو: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك، وظاهروا عليك- وكأنه أحب أن يشرك في الكلام هانىء بن قبيصة- فقال: وهذا هانىء بن قبيصة، شيخنا وصاحب ديننا. قوله: «أن تؤوني وتنصروني» : زاد في رواية: حتى أؤدي عن الله ما أمرني به. قوله: «ما هذا من كلام أهل الأرض» : زاد في رواية: ولو كان من كلامهم لعرفناه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 فقال هانىء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، إني أرى أنّ تركنا ديننا واتّباعنا دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي، وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا، ولكن نرجع وترجع، وننظر وتنظر. وكأنه أحب أن يشرك المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا. فقال المثنى بن حارثة: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب فيه: جواب هانىء بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك، وإنا إنما نزلنا بين صيرين: اليمامة، والسماءة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذان الصيران؟ فقال: أنهار كسرى ومياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا، ولا نؤوي محدثا، وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي قوله: «اليمامة، والسماءة» : السماءة من أعمال زبيد اليمن، ويقال أيضا لجبل مقري باليمن: سماءة، وفي البداية لابن كثير: السماوة، وهو الذي يدل عليه السياق، إذ هي ماء لكلب، ويقال أيضا: لبادية بين الكوفة والشام، والله أعلم. قوله: «ما هذان الصيران؟» : في رواية أبي نعيم: فقال: أما أحدهما فطفوف البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى. وفي النهاية: الصير: الماء الذي يحضره الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسأتم في الرد، إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟. فقال النعمان بن شريك: اللهمّ فلك ذلك، قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً. ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول: يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية؟ ما أشرفها، بها يدفع الله عزّ وجلّ بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم. قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سرّ بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم. قوله: «ومعرفته بأنسابهم» : عزاه الحافظ ابن حجر للحاكم- ولعله في تاريخه- وأخرجه من طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 427] : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر: محمد بن عبد الله بن أحمد العماني، ثنا محمد بن زكرياء الغلابي، ثنا شعيب بن واقد، ثنا أبان بن عبد الله البجلي، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس به. قال البيهقي: محمد بن زكرياء الغلابي متروك. قلت: روي من غير طريقه كما سيأتي. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 337- روى جابر بن عبد الله قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادوا على الباب: يا محمد اخرج إلينا، إن مدحنا زين، وإن شتمنا شين، فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج عليهم وهو يقول: إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وشتمه شين، فماذا تريدون؟. قالوا: نحن ناس من بني تميم، جئناك بشاعرنا وخطيبنا، لنشاعرك ولنفاخرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بشعر بعثت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا. فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم يا فلان فاذكر فضلك وفضل قومك، قال: فقام وقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض، من أكثرهم عدة، وأكثرهم مالا، وأكثرهم سلاحا، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول أحسن من قولنا، وبفعال أحسن من فعالنا. - تابعه عن الغلابي: الطبراني سليمان بن أحمد، أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 214. وتابع شعيب بن واقد عن أبان بن عبد الله: محمد بن بشر اليماني، أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 422] ، من طريقه ابن عساكر في التاريخ [17/ 293] ، أبو نعيم في الدلائل برقم 214. وتابع أبان بن عبد الله، عن أبان بن تغلب: أبان بن عثمان الأحمر، رواه الخطيب البغدادي، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [17/ 296] . وما أظن أن هذه متابعة، فقد قال الحافظ ابن عساكر عقب إخراجه لحديث البيهقي: رواه غيره فقال: أبان بن عثمان الأحمر، يعني: لا أبان بن عبد الله البجلي، وقد قال البيهقي أيضا عقب إخراجه للحديث: وقد روي أيضا بإسناد آخر مجهول عن أبان بن تغلب، ثم ساق طريق الخطيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس- وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم: قم فأجبه، قال: فقام ثابت فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها، وأعظم الناس أحلاما فأجابوه، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله، وعزا لدينه، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فمن قالها منع منا ماله ونفسه، ومن أباها قاتلناه، وكان رغمه في الله علينا هينا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات. قال: فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم يا فلان فقل أبياتا تذكر فيها فضلك وفضل قومك، قال: فقام فقال: نحن الكرام فلا حيّ يعادلنا ... نحن الرؤوس وفينا يقسم الرّبع ونطعم الناس عند القحط كلهم ... من السديف إذا لم يؤنس القزع إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد ... إنا كذلك عند الفخر نرتفع قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسان، فانطلق إليه، فقال: وما يريد مني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإنما كنت عنده آنفا!، قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم، فتكلم خطيبهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس فأجابه، وتكلم شاعرهم فأرسل إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتجيبه، قوله: «من السديف» : أي: شحم السنام. قوله: «إذا لم يؤنس القزع» : القزع: قطع السحاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 فقال حسان: قد آن لكم أن تبعثوا هذا العود- والعود: الجمل الكبير-، قال: فجاء حسان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبه، فقال: يا رسول الله مره فليسمعني، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسمعه ما قلت. فأسمعه، فقال حسان: نصرنا رسول الله والدين عنوة ... على رغم عات من معد وحاضر بضرب كإيزاغ المخاض مشاشة ... وطعن كأفواه اللقاح الصوادر وسل أحدا يوم استقلت شعابه ... فضرب لنا مثل الليوث الخوادر ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى ... إذا طاب ورد الموت بين العساكر؟ ونضرب هام الدارعين وننتهي ... إلى حسب من جذم غسان قاهر؟ فلولا حياء الله قلنا تكرما ... على الناس بالخيفين: هل من منافر؟ فأحياؤنا من خير من وطىء الحصى ... وأمواتنا من خير أهل المقابر قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إني والله يا محمد قد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وإني قد قلت شعرا فاسمعه، فقال: هات، فقال: قوله: «كإيزاغ المخاض» : الإيزاغ: إخراج البول دفعة دفعة، يقال: أوزغت الناقة ببولها إذا قطعته دفعا دفعا، وأراد بالمشاش هنا: النوق الحوامل. قوله: «الصوادر» : تروى بالصاد والسين: يقال: سدر البعير إذا تحيّر من شدة الحر. قوله: «الليوث الخوادر» : يقال: أسد خادر أي: مقيم في عرينه، وخدر الأسد حدورا إذا أقام فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 أتيناك كي ما يعرف الناس فضلنا ... إذا اختلفوا عند ذكر المكارم فإنا رؤوس الناس من كل معشر ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم وإن لنا المرباع في كل غارة ... تكون بنجد أو بأرض التهائم قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حسان قم فأجبه، قال: فقام حسان: بني دارم لا تفخروا إن فخركم ... يعود وبالا عند ذكر المكارم هبلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد كنت غنيا يا أخا بني دارم أن يذكر منك ما قد كنت ظننت أن الناس قد نسوه عنك. قال: فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد عليهم من قول حسان إذ يقول: هبلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم قال: ثم رجع حسان إلى قوله: وأفضل ما نلتم من المجد والعلى ... ردافتنا من بعد ذكر المكارم فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا ... ولا تفخروا عند النبي بدارم وإلا ورب البيت مالت أكفّنا ... على رؤوسكم بالمرهفات الصوارم قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: يا هؤلاء، إني والله ما أدري ما هذا الأمر، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتا وأحسن قولا، قوله: «هبلتم» : أي فقدتم، وهلكتم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتا وأحسن شعرا، ثم دنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يضرك ما كان قبل هذا. قوله: «لا يضرك ما كان قبل هذا» : أخرج القصة بطولها: أبو نعيم في المعرفة [1/ 336] رقم 1056، والروياني في مسنده- كما في الكنز [10/ 613- 617] رقم 30316 وهو ضمن الجزء الساقط من الأصول، ومن طريق الروياني أخرجه ابن عساكر في تاريخه [9/ 185] . وأخرجه ابن منده في الصحابة، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [9/ 187] . قال ابن منده: هذا حديث غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه، تفرد به المعلى بن عبد الرحمن الأنصاري. قلت: المعلى هذا هو الواسطي، من رجال ابن ماجه، اتهم بالكذب والوضع، ورمي بالرفض، لكن قد روي حديثه من وجه آخر أفضل منه وفي اللفظ اختصار، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 488، 6/ 393] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 277] رقم 878، ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [2/ 388] رقم 1178، جميعهم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن الأقرع بن حابس: أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجاب فقال: يا محمد إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلكم الله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 108] : أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الآخر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 [67- باب: في معاريج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطّيّبين] 67- باب: في معاريج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطّيّبين قال الله عزّ وجلّ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الآية. قوله عزّ وجلّ: أَسْرى بِعَبْدِهِ يعني: أدلج. قوله: «في معاريج النبي صلى الله عليه وسلم» : قال الحافظ ابن حجر في الفتح: اختلف السلف في الإسراء والمعراج هل وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده الشريف صلى الله عليه وسلم وروحه، وذلك لاختلاف الأخبار الواردة؟ قال: فمنهم من ذهب إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، قال: ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل، نعم جاء في بعض الأخبار ما يخالف بعض ذلك، فجنح لأجل ذلك بعض أهل العلم منهم، إلى أن ذلك كله وقع مرتين، مرة في المنام توطئة وتمهيدا، ومرة ثانية في اليقظة، كما وقع نظير ذلك في ابتداء مجيء الملك بالوحي، قال: وقد ذكر ابن ميسرة التابعي الكبير وغيره أن ذلك وقع في المنام، وأنهم جمعوا بينه وبين حديث عائشة بأن ذلك وقع مرتين، وإلى هذا ذهب المهلب شارح البخاري، وحكاه عن طائفة، وأبو نصر بن القشيري، ومن قبلهم أبو سعيد- كذا- في شرف المصطفى حيث قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم معاريج، منها ما كان في اليقظة، ومنها ما كان في المنام، اه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 338- وقال عزّت قدرته: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ، قالوا: بمحمد إذا رجع من السماء. قال أبو سعد رحمه الله ورضي عنه: اختلف الناس في معراج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: كان رؤيا، وقال بعضهم: كان حقيقة، وترتيب الأخبار أن يقال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم معاريج، منها: ما كان حقيقة، ومنها: ما كان رؤيا، على ما روي في الخبر. 339- أخبرنا أبو سعيد: عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الصوفي، الرازي، ثنا يوسف بن عاصم، ... (338) - قوله: «بمحمد إذا رجع من السماء» : لم أعرف قائله. (339) - قوله: «الصوفي، الرازي» : قال الحافظ الذهبي في السير: الشيخ المعمر، الزاهد، شيخ الصوفية، مسند الوقت، نزيل نيسابور، عمّر دهرا، حدث عنه الحاكم وأبو نعيم وشيخ الإسلام إسماعيل الصابوني، قال الحاكم: جاور بمكة وقد دخلت عليه في أول سنة إحدى وثمانين لما بلغني خروجه إلى مرو، ولم يزل كالريحانة عند مشايخ الصوفية ببلدنا، قال الحافظ الذهبي: حديثه مستقيم، ولم أر أحدا تكلم فيه، وسماعه من ابن الضريس يقتضي أن يكون وله ستة أعوام. انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 427] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 382- ص 52] ، الوافي بالوفيات [17/ 490] ، النجوم الزاهرة [4/ 163] ، العبر [3/ 21] ، دول الإسلام [1/ 233] ، الشذرات [3/ 226] ، وسماه فيها: سعيد بن عبد الله!. قوله: «ثنا يوسف بن عاصم» : هو الحافظ الثقة، الإمام الرحالة، أبو يعقوب الرازي، سمع ابن نمير، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 ثنا هدبة بن خالد، ثنا همام، ثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به، قال: بينا أنا في الحطيم- وربما قال: في الحجر- مضطجعا، إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه- قال: فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني؟ قال: من ثغرة نحره إلى سرته-. فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءا إيمانا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، أبيض، - فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم-، يقع خطوه عند أقصى طرفه. قال: فحملت عليه، فانطلق بي جبريل عليه السّلام حتى أتى بي السماء الدنيا، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت فإذا فيها آدم- صلوات الله وسلامه عليه-، فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام وقال: مرحبا بالإبن الصالح، والنبي الصالح. قال: ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، فقيل: من- وسويد بن سعيد وطبقة هدبة بن خالد، توفي سنة ثمان وتسعين. سير أعلام النبلاء [13/ 560 بدون ترجمة مفردة] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 298- ص 326- 327] . قوله: «ثنا هدبة بن خالد» : القيسي، الإمام العابد الثقة: أبو خالد البصري، هو ومن فوقه من رجال الصحيحين، والحديث عندهما كما سيأتي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فلما خلصت إذا بيحيى وعيسى- وهما ابنا خالة- فقال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، قال: فسلمت فردّا، وقالا: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح. قال: ثم صعد بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فلما خلصت إذا بيوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، قال: ففتح، فلما خلصت فإذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فردّ عليّ ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم صعد بي إلى السماء الخامسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا هارون، قلت: من هذا؟ قال: هارون، فسلّم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم صعد بي حتى أتى بي السماء السادسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزت بكى، فقيل: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي. قال: ثم صعد بي حتى أتى بي السماء السابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت فإذا إبراهيم عليه السّلام، قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح. قال: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، وإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، قال: وإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران: فالنيل والفرات. قال: ثم رفع لي البيت المعمور. 340- قال قتادة: فحدثنا الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون فيه. ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك: قال: ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 قال: ثم فرضت عليّ الصلاة: خمسون صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى عليه السّلام، فقال: بم أمرت؟ فقلت: بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بأربعين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم، فإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بثلاثين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة، فإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ فقلت: أمرت بعشرين صلاة، قال: إن أمتك لا تستطيع عشرين صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بعشر صلوات، قال: إن أمتك لا تستطيع عشر صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم، قال: فإن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم. وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قلت: قد سألت ربي حتى استحييت، ولكني أرضى وأسلم. قال: فلما جاوزت، فإذا مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي. 341- أخبرنا أبو عبد الله: عبد الوهاب بن الحسن بن علي بن داود بن خلف المصري بها، ثنا أبو محمد: عبد الله بن جعفر بن الورد، ثنا عبد الرحيم بن عبد الله البرقي، ثنا عبد الملك بن هشام، ثنا زياد بن عبد الله البكائي، ثنا محمد بن إسحاق: أن أم هانىء بنت أبي طالب قوله: «وخففت عن عبادي» : أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري بطوله من حديث هدبة، في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم 3207، وفي أحاديث الأنبياء، باب وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ الآية، رقم 3430، وفي مناقب الأنصار، باب المعراج، رقم 3887، وأخرجه مسلم في الإيمان، من طرق، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، 164 (264) . (341) - قوله: «أخبرنا أبو عبد الله» : تقدم هذا السند إلى ابن إسحاق برقم: 89. قوله: «ثنا محمد بن إسحاق» : أخرجه ابن هشام في سيرته [1/ 402] ، عن ابن إسحاق فيما بلغه عن أم هانىء، ووصله ابن جرير في تفسيره [15/ 2- 3] من طريق محمد بن حميد، ثنا سلمة، ثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن السائب- متروك متهم-، عن أبي صالح باذام عن أم هانىء. وتابعه يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن أبي صالح، أخرجه أبو يعلى- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 كانت تقول: ما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي نائم ... وذكر حديث المسرى بطوله. - كما في إتحاف البوصيري [9/ 59- 61] رقم 8543، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه. وأخرجه الطبراني [24/ 432- 434] رقم 1059 من طريق عبد الأعلى بن أبي المساور، عن عكرمة، عن أم هانىء. وهذا لفظ ابن هشام، عن ابن إسحاق: كانت أم هانىء تحدث في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تقول: ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي، نام عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى الصبح وصلينا معه، قال: يا أم هانىء لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشّف عن بطنه كأنه قبطية منطوية، فقلت له: يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك، قال: والله لأحدثنهموه، قالت: فقلت لجارية لي حبشية: ويحك اتبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أخبرهم، فعجبوا وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط، قال: آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندّلهم بعير، فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام، ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء، قالت: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل- كما وصف لهم-، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 342- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، ثنا أبو الحسين: سهل بن يحيى الصوفي، ثنا محمد بن يونس بن موسى الكديمي، قال: حدثني أبي: يونس بن موسى، ثنا الحسن بن حماد، - ماء، وسألوا الآخرين وهم بمكة، فقالوا: صدق والله، لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه. (342) - قوله: «حدثنا أبو عمرو» : تقدم، وشيخه أبو الحسين لم أقف له على ترجمة فيما لدي من المصادر. قوله: «ثنا محمد بن يونس الكديمي» : البصري، قال عنه الحافظ الذهبي في السير: الشيخ الإمام، الحافظ الكبير، القرشي، السامي، البصري، الضعيف، تكلم فيه الناس، فكذبه بعضهم، واتهمه آخرون بالوضع، فعد بذلك من المتروكين، انظر عنه في: تهذيب الكمال [27/ 66] ، تهذيب التهذيب [9/ 475] ، التقريب [/ 515] الترجمة رقم 6419، الميزان [5/ 199] ، المغني في الضعفاء [2/ 646] ، الديوان [2/ 348] ، الوافي بالوفيات [5/ 291] ، تذكرة الحفاظ [2/ 618] ، سير أعلام النبلاء [13/ 302] ، تاريخ بغداد [3/ 435] ، الجرح والتعديل [8/ 122] ، الضعفاء والمجروحين [2/ 312] . قوله: «يونس بن موسى» : مذكور في شيوخ الكديمي، وفي الرواة عن الحسن بن حماد الآتي، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «الحسن بن حماد» : هو ابن يعلى البجلي، ذكره أصحاب التهذيب للتمييز بينه وبين غيره ممن يسمى بالحسن بن حماد. انظر: تهذيب الكمال [6/ 37، 9/ 517] ، تهذيب التهذيب [2/ 238] ، التقريب [/ 160] الترجمة رقم 1232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 عن زياد بن المنذر النهدي، ثنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه قال: لما بدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليم الآذان أتاه جبريل عليه السّلام بدابة يقال لها: البراق، فذهب ليركبها فاستصعبت، فقال صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ائتني بدابة ألين من هذه، فأتاه بدابة يقال لها: برقة، فركبها، فاستصعبت عليه فقال لها جبريل عليه السّلام: اسكني برقة فما ركبك أحد أكرم على الله منه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فركبتها حتى انتهت بي إلى الحجاب، فخرج ملك من وراء الحجاب، قال: فقلت: يا جبريل من هذا الملك؟ قال: والذي بعثك بالحق ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه، قوله: «عن زياد بن المنذر النهدي» : من رجال الترمذي المضعفين، كنيته: أبو الجارود الأعمى، بالغ بعضهم في الحط عليه فكذبه واتهمه، وقال ابن عدي: من المعدودين من أهل الكوفة المغالين، اه. يعني: في التشيع والرفض. انظر عنه: تهذيب الكمال [9/ 517] ، إكمال مغلطاي [5/ 122] ، الكامل لابن عدي [3/ 1046] ، الميزان [2/ 283] ، المغني في الضعفاء [1/ 244] ، الديوان [1/ 309] ، المجروحين لابن حبان [1/ 306] ، تناقض فذكره في الثقات أيضا [6/ 326] ، تهذيب التهذيب [3/ 332] ، التقريب [/ 221] الترجمة رقم 2101. قوله: «فقال: يا جبريل ائتني بدابة» : الجملة إلى قوله: يقال لها: برقة، لعلها مما ينكر على الكديمي، أخرج الرواية البزار في مسنده [1/ 178 كشف الأستار] رقم 352 من طريق عثمان ابن مخلد الواسطي، عن زياد بن المنذر فلم يذكرها، وأعلّها الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 329] بزياد بن المنذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 فقال الملك: الله أكبر، الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي؛ أنا أكبر أنا أكبر، فقال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله، فنودي من وراء الحجاب: أنا والله لا إله إلا أنا، قال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أرسلت محمدا رسولا، فقال الملك: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي، ودعا إليّ عبادي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيومئذ أكمل الله لي الشرف على الأولين والآخرين. 343- وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: أسري بي من المسجد الحرام. فمرة قال: كنت في الحجر، وروي مرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: كنت في بيت أم هانىء، فأسري بي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. قوله: «ودعا إلي عبادي» : في رواية البزار: ثم أخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه فأم أهل السماء، فيهم: آدم ونوح. قوله: «على الأولين والآخرين» : في رواية البزار: على أهل السماوات والأرض. 43 3- قوله: «فمرة قال» : يريد المصنف- والله أعلم- أن كل ذلك صحيح لا تعارض فيه وإن كان الظاهر من ألفاظه أنه كذلك، ففي الرواية الأولى لأنس بن مالك عن صعصعة: بينا أنا في الحطيم- وربما قال في الحجر-، وفي رواية أم هانىء: أنه ما أسري به إلا وهو في بيتها، وفي رواية أنس، عن أبي ذر عند الشيخين: فرج سقف بيتي وأنا بمكة، وفي بعض الروايات الأخرى: أن الإسراء كان من شعب أبي طالب، قال الحافظ في الفتح: والجمع بين هذه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 344- وقوله تعالى: الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الآية، يعني: من الماء والشجر. 345- قال ابن عباس رضي الله عنه: تخرج المياه من صخرة بيت المقدس. - الأقوال: أنه نام في بيت أم هانىء- وبيتها عند شعب أبي طالب- ففرج سقف بيته وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه، فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد فأركبه البراق، قال: ويؤيد هذا الجمع مرسل الحسن عند ابن إسحاق، وفيه: أن جبريل أتاه فأخرجه إلى المسجد فأركبه البراق. 45 3- قوله: «قال ابن عباس» : لم أقف عليه، لكن قال القاضي ابن العربي في القبس [3/ 1076] في تأويل قوله تعالى: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ الآية: اختلف الناس في تأويل هذه الآية على أربعة أقوال، وفي الرابع منها قال: وقيل إن مياه الأرض كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس، وهي من عجائب الله في أرضه، فإنها صخرة تسعى في وسط المسجد الأقصى مثل الضرب، وقد انقطعت من كل جهة، لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، قال: وفي أعلاها من جهة الجوف قدم النبي صلى الله عليه وسلم حين ركب البراق، وقد مالت من تلك الجهة لهيبته، ومن الجهة الأخرى أثر أصابع الملائكة التي أمسكتها إذ مالت به، ومن تحتها الغار الذي انفصلت منه من كل جهة، وعليه باب يفتح للناس للصلاة والاعتكاف والدعاء، قال: تهيبتها مرة أن أدخل تحتها لأني كنت أقول: أخاف أن تسقط عليّ بالذنوب، ثم رأيت الظلمة والمجاهرين بالمعاصي يدخلونها ثم يخرجون عنها سالمين فهممت بدخولها، ثم قلت: ولعلهم أمهلوا وأعاجل، فتوقفت مرة، ثم عزم عليّ فدخلت فرأيت العجب العجاب، نمشي في حواشيها من كل جهة فنراها منفصلة عن الأرض، لا يتصل بها من الأرض شيء، وبعض الجهات أبعد انفصالا من بعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 346- وكان رسول الله سأل ربه أن يريه الجنة والنار، فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا قال: بينا أنا نائم في بيتي طاهرا أتاني جبريل وميكائيل عليهم السّلام فقالا: انطلق إلى ما سألت ربك، فانطلقا بي إلى ما بين المقام وزمزم. 347- وفي رواية: فألصقاني على قفاي، ثم شقا بطني، ومعهما طست من ذهب- فيه تغسل بطون الأنبياء قبلي- فكان جبريل يختلف بالماء من زمزم في الطست، وكان ميكائيل يغسل جوفي، (346) - قوله: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 213] من طريق شيخه الواقدي، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وغيره من رجاله، وزاد بعد قوله هنا ما بين المقام وزمزم: فأتي بالمعراج فإذا هو أحسن شيء فعرجا به إلى السماوات، سماء سماء، فلقي فيها الأنبياء، وانتهى إلى سدرة المنتهى، وأري الجنة والنار، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما انتهيت إلى السماء السابعة لم أسمع إلا صريف الأقلام، وفرضت عليه الصلوات الخمس، ونزل جبريل عليه السّلام، فصلى برسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات في مواقيتها. (347) - قوله: «فألصقاني على قفاي» : أدخل المصنف لفظ هذه الرواية في التي قبلها، وقد لوحظ فعله هذا في كثير من الروايات التي لم يسندها، يدخل ألفاظ بعضها في بعض، ويحسن عند التحقيق فصلها ليتسنى عزو كل حديث لرواته ومصادر تخريجه. قوله: «فكان جبريل يختلف بالماء من زمزم» : أخرج الشيخان من حديث يونس، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج عن صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 فقال جبريل لميكائيل: شق قلبه، فشق قلبي، فأخرج علقة سوداء فألقاها، ثم ذر عليه من ذرور كان معه، ثم قال لبطني هكذا، فالتأم، وقد ملىء حكمة وإيمانا. - ذهب ممتلىء حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا ... وذكر حديث المعراج وفرض الصلاة الطويل، لفظ البخاري في الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء، رقم 349. وأخرج ابن حاتم في تفسيره [7/ 2309] رقم 13184- واللفظ له- وابن جرير كذلك [15/ 6، 11] ، والبزار في مسنده [1/ 38 كشف الأستار] رقم 55، وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل [2/ 397- 403] ، وابن مردويه- كما في الخصائص [1/ 427]-، جميعهم من حديث أبي العالية، عن أبي هريرة في حديث الإسراء الطويل قال: جاء جبريل عليه السّلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل عليهم السّلام: ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه وأشرح صدره، فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس- لفظ ابن جرير: طسات- من ماء زمزم فشرح صدره، ونزع ما كان فيه من غل وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما وختم بين كتفيه بخاتم النبوة.. الحديث بطوله. قال في مجمع الزوائد [1/ 67، 72] : رجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره فتابعيّه مجهول. قوله: «ثم ذر عليه من ذرور كان معه» : هذا الشطر- أو: اللفظ- مذكور في حديث أبي كعب، عن أبي هريرة، أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند [5/ 139] ، ومن طريقه ابن عساكر [3/ 463- 464] ، وأبو نعيم في الدلائل- واللفظ له- برقم 166 وفيه: ثم شقا بطني، فكان جبريل يختلف بالماء في طست- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 348- وفي رواية: قال- يعني جبريل-: يا محمد قم، فقمت، فأخذ بيدي، فأخرجني من باب المسجد، فإذا أنا بدابة بين الصفا والمروة، وجهها كوجه الإنسان، وآذانها كآذان الفيلة، وعرفها كعرف الفرس، وقوائمها كقوائم البعير، وذنبها كذنب البقر، فوق الحمار ودون البغل، ورأسها من ياقوت أحمر، وصدرها درة بيضاء، وهي البراق التي كان يركبها الأنبياء عليهم السّلام قبلي، رحل عليها من رحال الجنة، فقال لي: يا محمد اركب، فوضعت يدي عليه فاستصعب عليّ إذ لم يكن له عهد بالركوب في فترة أربع مائة سنة، فقال له جبريل عليه السّلام: مهلا يا براق! - من ذهب، وكان ميكائيل يغسل جوفي، فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره، فشق قلبي، فقال: أخرج الغل والحسد منه، فأخرج شبه العلقة فنبذه، ثم قال: أدخل الرأفة والرحمة في قلبه، فأدخل شيئا كهيئة الفضة، ثم أخرج ذرورا كان معه فذر عليه ... الحديث، وأوله صريح في أن ذلك كان وهو ابن عشر سنين، قال أبو نعيم: تفرد معاذ بن محمد بذكر السن الذي شق فيه. ومذكور أيضا- أعني: الذرور المشار إليه- في حديث يونس بن ميسرة عند أبي نعيم، كما في الخصائص [1/ 161] وفيه: أتاني ملك بطست من ذهب فشق بطني، فاستخرج حشوة جوفي فغسلها، ثم ذر عليه ذرورا ... الحديث، وفي حديث عتبة بن عبد السلمى أن هذا الذر هو السكينة، خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 14. (348) - قوله: «إذ لم يكن له عهد بالركوب» : عزا الحافظ في الفتح [7/ 247] هذه الرواية لابن إسحاق في المبتدأ من رواية وثيمة في ذكر الإسراء فذكر منها: فاستصعبت البراق، وكانت الأنبياء تركبها قبلي، وكانت بعيدة العهد بركوبهم، ولم تكن ركبت في الفترة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 أما تستحي؟ والله ما ركبك أحد منذ كنت أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فارتعش البراق حتى لصق بالأرض، فركبته حتى انتهى بي إلى بيت المقدس، ودخلت من باب المسجد، فإذا أنا بكل نبي بعثه الله سبحانه قبل عيسى، فقالوا: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا حاشر. قال: وكانت الملائكة تحييني زمرة زمرة، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء إخوانك، قلت: ما تحيتهم لي؟ قال: لأنك أول من تنشق عنه الأرض وعن أمتك قبل سائر الأمم، وأنت الآخر- أي: آخر الأنبياء- وبك يحشر الحشر وبأمتك، وأول من يدخل الجنة أنت وأمتك. قوله: «فارتعش البراق» : أيضا ذكر هذا اللفظ الحافظ في الفتح وعزاه لابن إسحاق في المبتدأ من رواية وثيمة في قصة الإسراء، وقد تقدم أن المصنف أدخل في السياق عدة روايات. قوله: «فقالوا: السلام عليك يا أول» : أدخل المصنف في السياق رواية عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، حيث ورد هذا في روايته عن أنس في حديثه الطويل في قصة المعراج وفيه: فقال جبريل: سر يا محمد، قال: فسار ما شاء الله أن يسير فلقيه خلق من الخلق فقالوا: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا حاشر، فقال له جبريل: اردد السلام يا محمد، فرد السلام ... وفي آخره: وأما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السّلام، أخرجها ابن جرير في تفسيره [15/ 6] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 361- 363] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 349- وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي، فقال الأول: هو.. هو؟ قال الأوسط: نعم، قال الثالث: خذوا سيد القوم- وكانوا أشراف الملائكة ... الحديث. 350- وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: لما كنت في مسيري انتهيت إلى ربوة فلسطين، فإذا أنا بامرأة كأن وجهها في كل زينة من الثياب عليها عقد من لؤلؤ، قد نظم من صدرها إلى ما يلي تراقيها، واقفة وسط الطريق، قالت: يا محمد، يا محمد على رسلك أسألك، فنظرت إليها ولم أقف، فقال جبريل: أتدري من هذه؟ قلت: لا، قال: هذه الدنيا تزينت لك، فلو وقفت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة. قال: فلما مضيت ساعة إذا مناد ينادي عن يميني: يا محمد (349) - قوله: «رأيت ثلاثة نفر» : هو طرف من حديث كثير بن خنيس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما أنا مضطجع في المسجد ليلة نائما، إذ رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي، فقال الأول: هو.. هو؟ قال الأوسط: نعم، قال الآخر: خذوا سيد القوم، فرجعوا عني، ثم رأيتهم الليلة الثانية، فقال الأول: هو.. هو؟ فقال الأوسط: نعم، وقال الآخر: خذوا سيد القوم، فرجعوا عني، حتى إذا كانت الليلة الثالثة رأيتهم، فقال الأول: هو.. هو؟ قال الأوسط: نعم، وقال الآخر: خذوا سيد القوم، حتى جاءوا بي زمزم فاستلقوني على ظهري، ثم غسلوا حشوة بطني، ثم قال بعضهم لبعض: انقوا، ثم أتى بطست من ذهب مملوءة حكمة وإيمانا فأفرغ في جوفي، ثم عرج بي إلى السماء ... الحديث بطوله في قصة المعراج. قال السيوطي في الدر المنثور [5/ 189] : أخرجه ابن مردويه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 يا محمد، فلم أقف له، فقال جبريل عليه السّلام: أتدري من هذا؟ قلت: لا، قال: هذا داعي اليهود، فلو وقفت عليه لاختارت أمتك اليهودية. قال: ثم مضيت فإذا مناد ينادي عن يساري: يا محمد يا محمد، فلم ألتفت إليه، فقال جبريل: أتدري من هذا؟ قلت: لا، قال: هذا داعي النصارى، فلو وقفت عليه لتنصرت أمتك. ثم انطلق بي إلى آدم عليه السّلام، فإذا هو كهيئته يوم خلقه الله، قد وكل بأرواح بني آدم تعرض عليه، وعن يمينه باب تخرج منه روح طيبة، وعن شماله باب تخرج روح خبيثة، فإذا نظر إلى الباب عن يمينه ضحك واستبشر وقال: روح طيبة خرجت من جسد طيب، اجعلوا كتابه في عليين. قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة، إذا رأى من يدخله من ذريته ضحك، والباب الذي عن شماله باب جهنم، إذا رأى من يدخله من ذريته بكى. قوله: «قلت: من هذا يا جبريل؟» : أدخل المصنف هذا الشطر وليس في حديث أبي سعيد، إنما هو في حديث أنس، عن أبي ذر عند الشيخين، الذي أشرنا إليه قريبا وفيه: فلما فتح علونا السماء الدنيا، فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة، وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى فقال: مرحبا بالنبي الصالح والإبن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 قال: ثم أتيت فرأيت خلقا كثيرا رجالا ونساءا، لكل واحد منهم مشفران كمشفري البعير، وموكل بهم الرجال يجاء بصخر من نار فيقذف في أفواههم حتى يخرج من أسفلهم، ولهم خوار، قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما. قال: ثم أتيت على قوم بين أيديهم لحم مشرّح لم ير الناس لحما أطيب منه، وبين أيديهم جيف لم ير الناس جيفا أنتن ريحا منه وهم يأكلون منها، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزناة يقوم أحدهم من عند امرأته الحلال، فيأتي المرأة الخبيثة، وكذلك المرأة، تقوم من عند الزوج. 351- وفي رواية: قال صلى الله عليه وسلم: فلما انتهيت إلى المسجد نزل عليّ قوله: «ثم أتيت فرأيت خلقا كثيرا» : رجع المصنف إلى حديث أبي سعيد. قوله: «هؤلاء الزناة» : وفي لفظ آخر لحديث أبي سعيد هذا عند البيهقي وابن عساكر: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام. حديث أبي سعيد الخدري في قصة المعراج بطوله أخرجه ابن جرير في تفسيره [15/ 11 وما بعده، 14] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 390] ، ومن طريقه ابن عساكر [3/ 509 وما بعده] . (351) - قوله: «وفي رواية» : ليست في حديث أبي سعيد المساق هنا، وفي أكثر الروايات المشهورة أن الذي عرض عليه هو اللبن والخمر، وفي بعضها اللبن والعسل كما في حديث شداد بن أوس عند البزار والطبراني وابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 ملكان بأربعة أقداح لبن وعسل وخمر وماء، قال: فأخذت اللبن فشربته- وكنت رجلا أحب اللبن- فقال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، رشد فرشدت أمته، ولو شرب الخمر لغوى فغوت أمته، ولو شرب العسل لسفه وسفهت أمته، ولو شرب الماء لغرقت أمته، وحرم الخمر. قال: وأنا مع جبريل، لا يفوتني ولا أفوته، فثقب جبريل عليه السّلام بإصبعه الإسطوانة، ثم ذكر أسماء الملائكة الذين كانوا على المعراج. 352- وفي بعض الروايات: وإذا أنا برجال فيها- يعني: النار- يعذبون، حتى إذا احترقوا رضخت رؤوسهم بالصخر، ثم أعيدوا فيها، وإذا فيها ناس يعذبون، حتى إذا احترقوا نكسوا على رؤوسهم، فقلت: سبحان الله، من هؤلاء يا جبريل؟. قال: أما الذين أخرجوا فرضخت رؤوسهم بالصخر فإنهم أهل الكتاب غيّروا وبدلوا، وأما الذين نكسوا على رؤوسهم فهم المراءون. - قال الحافظ في الفتح [7/ 248] بعد أن أورد ألفاظ الروايات في الآنية التي عرضت عليه صلى الله عليه وسلم قال: أما الاختلاف في عدد الآنية وما فيها فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر ومجموعها أربعة آنية فيها أربعة أشياء من الأنهار الأربعة التي رآها صلى الله عليه وسلم تخرج من أصل سدرة المنتهى: يخرج أصلها من أنهار: من ماء غير آسن، ومن لبن لم يتغير طعمه، ومن خمر لذة للشاربين، ومن عسل مصفى، فلعله عرض عليه من كل نهر إناء، اهـ. باختصار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 353- وفي رواية: ثم انطلق بي إلى خلق من خلق الله كثير، نساء معلقات بأيديهن وأرجلهن، منكسات، ولهن خوار وصراخ، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء اللواتي يزنين ويقتلن أولادهن، ويجعلن لأزواجهن ذرية من غير أصلابهم. قال: ثم صعد بي إلى جبل حتى شق عليّ، فلما أفضيت إلى أعلاه رأيت أرضا واسعة، وإذا نساء مستلقيات على أقفيتهن، وإذا حيات كأعناق البخت تشق ثديهن، قلت: من هؤلاء؟ قال: اللواتي يرغبن بألبانهن أولادهن التماس السمن. 354- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتد غضب الله على من أدخل على قوم من ليس منهم، فأكلوا طعامهم، واطلعوا على عوراتهم. 355- وروي في بعض الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: فأتيت على قوم (353) - قوله: «وفي رواية» : ليست في حديث أبي سعيد الخدري. (354) - قوله: «اشتد غضب الله» : أخرجه البزار في مسنده [2/ 141 كشف الأستار] رقم 1386، وابن عدي في الكامل [1/ 229] ، من حديث إبراهيم بن يزيد المكي- ضعيف الحديث- عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: اشتد غضب الله على امرأة ألحقت بقوم نسبا ليس منهم يشركهم في أموالهم، ويطلع على عوراتهم، لفظ ابن عدي. (355) - قوله: «وروي في بعض الأخبار» : هو شطر من حديث أبي هريرة الطويل وقد خرجناه قريبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 يزرعون ويحصدون في اليوم، كلما حصدوا عاد كما كان، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة سبع مائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه. قال: وأتيت قوما ترضخ رؤوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتّر عنهم من ذلك شيء، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة. قال: ثم أتيت على قوم، على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع، يسرحون كما تسرح الأنعام إلى الضريع والزقوم، قلت: من هؤلاء؟ قال: الذي لا يؤدون الصدقات. قال: ثم أتيت على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يريد أن يزيد عليها، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا الرجل من أمتك عنده أمانة لا يستطيع أداءها، ويريد أن يزيد عليها. قال: ثم أتيت على قوم تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار، كلما قرضت ردت لا يفتر عنهم، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة. قال: ثم أتيت على حجر صغير خرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج ولا يستطيع، قلت: من هذا؟ قال جبريل عليه السّلام: هو الرجل يتكلم بالكلمة فيندم عليها يريد أن يردها فلا يستطيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 356- وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم إذ جاءني ملك فقال: قم، فقمت، قال: امض أمامك، فإذا أنا برجلين: رجل نائم، ورجل قائم يجيء بحجر فيضرب رأس النائم فيشدخ رأسه فيعود رأسه كما كان، ويجيء آخر فيضرب رأسه فيشدخه. ثم قال لي: امض أمامك، فمضيت، فإذا أنا برجلين: رجل جالس، والآخر قائم في يده كلاليب من حديد فيلقي في شدقيه كلوبا فيمده حتى يبلغ كاهله فينزعه، ثم يفعل بالجانب الآخر كذلك، فقلت: سبحان الله. فقال لي: امض أمامك، فرأيت مثل التنور، وإذا فيه لغط وأصوات، فانطلقنا، فإذا رجال ونساء عراة، وإذا بنار تأتيهم من أسفلهم. قال: ومضيت فإذا أنا بنهر من دم، وإذا فيه رجل يصيح في النهر، وإذا على شاطىء النهر رجل قد جمع الحجارة، وأحماها حتى تركها مثل الجمر، فكلما دنا منه ألقمه، وأذاقه من تلك الحجارة، فقلت: سبحان الله. ثم قال لي: امض، فمضيت ساعة، فإذا أنا بروضة ملئت أطفالا، وإذا وسطهم شيخ ما يكاد يرى رأسه طولا، فقلت: سبحان الله ما هذا؟ قال: امض أمامك. قال: فمضيت فإذا أنا بشجرة لو اجتمع الخلق كلهم لأظلتهم، وفي الشجرة رجلان: واحد يجمع الحطب، والآخر يوقد النار، قلت: ما هذا؟ قال: انطلق. قال: فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور، وإذا بين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 ظهراني الروضة رجل طويل قائم لا يكاد يرى رأسه من طوله، وإذا حول الرجل من أكبر الولدان ما رأيت قط أحسن منهم، فقلت: ما هذا؟ قال: انطلق. فانطلقنا، فانتهيت إلى درجة عظيمة لم أر درجة أعظم منها قط، فارتفعت منها ساعة، فإذا عليها مدينة مبنية بلبن من ذهب، ولبن من فضة، فأتينا باب المدينة واستفتحنا، ففتح لنا، فتلقانا رجال كأحسن ما رأيت، وآخرون كأقبح ما رأيت، فقال لهم: اذهبوا، فقعوا في ذلك النهر، فوقعوا فإذا هم قد ذهب ذلك التشوه عنهم، فصاروا في أحسن صورة، فقلت: سبحان الله ما هذا؟ قال: امض. فمضيت ساعة، وإذا أنا بمدينة أخرى أضوأ منها وأوسع، وفي وسط المدينة نهر ماء أشد بياضا من اللبن، وفيه رجال يشتدون إلى هذه المدينة وأهلها، فيضعونهم في ذلك النهر، فيخرجون بيضا نقية، قلت: سبحان الله. قال: هل تدري أين مآبك؟ قلت: مآبي عند الله، قال: صدقت، انظر إلى السماء، فنظرت فإذا أنا براية، قلت: ما لك، بارك الله فيكما ذراني أدخل؟! قالوا: أما الآن فلا، وأنت داخله. قال: فأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر من شدقه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. وأما الرجال والنساء العراة في مثل التنور، فهم الزناة والزواني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 وأما الرجل الذي يصيح في النهر ويلقم الحجارة، فهو آكل الربا. وأما الرجل الذي عند النار، فهو خازن جهنم. وأما الطويل الذي في الروضة، فإبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام. وأما الولدان حوله، فكل مولود يولد على الفطرة. وأما المدينة، فهي الدنيا، فيها أناس خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، فتابوا فتاب الله عليهم. وأما الرجلان تحت الشجرة، فهما ملكان يحميان لأعداء الله إلى يوم القيامة. وأما نهر الدم، فصاحب الربا. وأما الذي يشدخ رأسه بالحجارة، فالرجل يتعلم القرآن ثم ينام عنه لا يقرأ منه شيئا، كلما رقد في القبر أو قظوه. قال أبو سعد: معناه: ينام عن الصلاة المكتوبة. 357- وفي بعض الروايات: وإذا أنا بدار من فضة، بفنائها رجل جالس فقال: مرحبا برجل وعدنا الله أن نراه فلم نره إلا الليلة، فقلت: بربك من أنت؟ قال: أنا سليمان بن داود، قلت: لمن هذه الدار؟ قال: لداود النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلتها، فإذا هي في السعة ثلاثة عشر فرسخا في ثلاثة عشر فرسخ عرضها وطولها، وإذا ببيت من زبرجد وياقوت ولؤلؤ، قال: فلما رأى جبريل عليه السّلام عجبي بها، قال: يا نبي الرحمة أليس حسبك أن يعطيك ربك مثل هذه الدار؟ قال: قلت: بلى، إني إلى ربي لمن الراغبين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 قال: فمشينا حتى أتيناها، فإذا بفنائها رجل جالس فقال: مرحبا بنبي وعدنا الله أن نراه فلم نره إلا الليلة، قال: فقلت: بربك من أنت؟ قال: أنا داود، قلت: لمن هذه الدار؟ قال: لخليل الله إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، قال: فدخلناها، فإذا أصوات صبيان، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذراري المؤمنين، يكفلهم إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله وسلامه عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 [68- فصل: في وصفه صلى الله عليه وسلم النّار] 68- فصل: في وصفه صلى الله عليه وسلم النّار 358- وقال صلى الله عليه وسلم: وسمعت صوتا هائلا، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا صوت النار تقول: رب ائتني بأهلي، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي، وسعيري وحميمي، وغساقي، وزقومي، وبعد قعري، واشتد حري، فائتني بما وعدتني، فقيل: لك كل مسود ومسودة، وكل خبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب. 359- قال أبو هريرة: «أوقدت النار ألف سنة فابيضت، ثم أوقدت ألف سنة فاحمرت، ثم أوقدت ألف سنة فاسودت، فهي سوداء مظلمة. (358) - قوله: «ما هذا يا جبريل؟» : هو طرف من حديث أبي هريرة في قصة المعراج، وقد خرجناه قريبا. (359) - قوله: «قال أبو هريرة» : أخرجه موقوفا عليه: ابن المبارك في الزهد برقم 88، ومن طريقه الترمذي في صفة جهنم برقم 2591، وقال: هذا أصح- يعني من المرفوع-، ومن طريق الترمذي: أبو محمد المقدسي في ذكر النار برقم 56، والبيهقي في البعث والنشور برقم 556، عن شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عنه. * وخالفه يحيى بن بكير، عن شريك فرفعه، أخرجه الترمذي برقم 2591 وقال: لا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى، عن شريك- كذا في نسخة-. وأخرجه أيضا: ابن ماجه في الزهد، باب صفة النار، رقم 4320، وابن أبي الدنيا في صفة النار برقم 156، والبيهقي في البعث والنشور برقم 555، وأبو محمد المقدسي في ذكر النار برقم 56. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 360- وقال الضحاك: النار سوداء وأهلها، وكل شيء فيها أسود. 361- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا ويح أهل النار، أخبرني جبريل أن الله تعالى خلق النار من ظلمة، أعلاها من نحاس، -* ورواه الحكم بن ظهير- ضعّف- عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قوله، أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة النار برقم 24. * وخالفهما علقمة، رواه عن عاصم، عن أبي صالح، عن كعب قوله ولفظه: سجرت النار ألف سنة حتى ابيضت، ثم سجرت ألف سنة حتى أحمرت، ثم سجرت ألف سنة حتى اسودت، أخرجه البيهقي في البعث والنشور برقم 554 وقال: هذا أصح. * وأخرج مالك في الموطأ من حديث عمه أبي سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: أترونها حمراء كنار كم هذه، لهي أسود من القار، والقار: الزيت. * خالفه الدراوردي، عن أبي سهيل فرفعه: أخرجه البيهقي في البعث والنشور برقم 551. وقد روي حديث أبي هريرة، من وجه آخر فرواه الكديمي- وهو ضعيف جدا-: ثنا سهل بن حماد، ثنا المبارك بن فضالة، ثنا ثابت، عن أنس قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ، فقال: أوقد عليها ألف عام حتى احمرت ... الحديث، أخرجه البيهقي في الشعب [1/ 489] رقم 799، وفي البعث والنشور برقم 557، ورجاله كلهم ثقات، ليس له علة سوى الكديمي، وكفى به علة. (361) - قوله: «يا ويح أهل النار» : لم أقف عليه باللفظ الوارد هنا فيما لدي من المصادر، ولجزئه الأخير شاهد يأتي في الذي بعده، فأما الشطر الأول منه فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 210] ، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 92- 93] ، وابن أبي الدنيا في صفة النار برقم: 1، وغيرهم من حديث ابن أبي ليلى: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 ثم جعلها طبقات سبعا، ثم ناداها: اسجري، فسجرت ألف عام، حتى توقد الهواء، فطلب إلى ربه أن يعفيه، فطرحها إلى أسفل سافلين، ثم جعل فوقها البحار والأرضين، ثم قال: تغيّظي، فقال: يا رب على من؟ قال: على من كفر وجحد أوليائي، فنادته: بعزتك لأطحنهم طحنا، ثم زفرت، فارتفع لها حر في الهواء- أو قال: في السماء- فخلق الله تعالى منها النجوم، فجعلها رجوما للشياطين. قال: فكل ما كان في الشتاء فهو زمهرير، وكل ما كان في الصيف فهو سموم، فمن مرض في الشتاء فهو منها ويكون تمحيصا لذنوب المؤمنين، ومن مرض في الصيف يكون منها، ويكون تطهيرا لذنوب المؤمنين. 362- وروي: أن النار اشتكت إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فشدة الحر من نفسها. 363- وروي: أن أهل النار إذا نادوا: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ يخلى عنهم أربعين عاما ثم يجيبهم: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ، قالوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر النار في صلاة غير مكتوبة فقال: أعوذ بالله من النار، وويل لأهل النار. (362) - قوله: «وروي أن النار اشتكت إلى ربها» : أخرجاه في الصحيحين كما بيناه في الرقاق من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، باب: في نفس جهنم، تحت رقم 3013- فتح المنان. (363) - قوله: «يخلى عنهم أربعين عاما» : أخرجه نعيم بن حماد في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 319، وابن أبي شيبة في المصنف [13/ 152- 153] رقم 15969، وابن أبي حاتم- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (107) ، قال: فيخلى عنهم مثل مدة الدنيا ثم يجيبهم: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ، قال: فو الله ما نبس القوم بعد ذلك بكلمة، وما هو إلا الزفير والشهيق. - في التفسير [8/ 2509] رقم 14047، والبغوي في شرح السنة [15/ 254- 255] ، والبيهقي في البعث والنشور برقم 648، جميعهم من حديث ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو ... قوله، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 395، 4/ 598] ، وأقره الذهبي في التلخيص. * ورواه معمر، عن قتادة قوله، أخرجه ابن جرير في تفسيره [18/ 59- 60] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضا: لابن المنذر، وعبد بن حميد، والطبراني، وعبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد، وهذا لفظ البغوي في شرح السنة: عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن أهل النار يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما، ثم يرد عليهم: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ، قال: هانت والله دعوتهم على مالك وعلى رب مالك، ثم يدعون ربهم، فيقولون: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ. رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (107) ، قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ، قال: فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم، فشبه أصواتهم بأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 [69- فصل: فيما ورد في وصف المعراج] 69- فصل: فيما ورد في وصف المعراج 364- قال صلى الله عليه وسلم: ثم جئت إلى بيت المقدس، فصليت بالملائكة والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ثم أخذ جبريل بيدي حتى انطلق بي إلى المعراج، أصله في قبة بيت المقدس، ورأسه ملتزق بالسماء، أحد عموديه ياقوتة حمراء، والآخر من زمردة خضراء، مفاتيحه ذهب وفضة مكلل بالدر والياقوت، لم ينظر الناظرون إلى شيء أحسن منه، فاحتملني على جناحه، ثم انطلق بي إلى السماء. 365- قيل: إن المعراج أنزل من جنة الفردوس منضودا باللؤلؤ، وما من مؤمن إلا ويحمل إليه عند موته المعراج، أما ترون كيف يتبع بصره روحه، والمعراج أحسن شيء خلقه الله وهو من ياقوت أحمر وأصفر وذهب ولؤلؤ وفضة وزمرد، عن يمينه أربعمائة ملك، وعن يساره (365) - قوله: «أنزل من جنة الفردوس» : ذكر هذا الحافظ في الفتح [7/ 248] ، والقسطلاني في المنح المحمدية [3/ 53] نقلا عن المصنف. قوله: «وما من مؤمن إلا يحمل عليه» : روي هذا الشطر في سياق حديث أبي سعيد الخدري المتقدم تخريجه، وفيه: ثم دخلت أنا وجبريل عليه السّلام بيت المقدس، فصلى كل واحد منا ركعتين، ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم، فلم ير الخلائق أحسن من المعراج، ما رأيتم الميت حين شق بصره طامحا إلى السماء؟ فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجبا بالمعراج ... الحديث. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 أربعمائة ملك، ومن أمامه ألف ملك، ومن خلفه ألف ملك، لكل ملك جناحان أخضران، ويعرج ملك متوج من نور، معه خمس مائة ملك، وجوههم كالقمر، يقولون: مرحبا مرحبا يا محمد، ثم إنّ جبريل عليه السّلام نادى ميكائيل، ونادى ميكائيل ميخائيل، ونادى ميخائيل سمحائيل، ونادى سمحائيل كلكائيل، وكلكائيل نادى عصدياليل خليفة زوفيائيل. وقالوا: قد جاء الخير، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد أقبل، وقد أرسل إليه، فجاء بالمعراج، فما من درجة إلا وعليها زمرة من الملائكة، لهم زجل وتسبيح. حتى بلغت الخامسة عشر فإذا عليها إسماعيل، معه سبعون ألف ملك، وهو ملك السماء الدنيا، وعلى السادسة عشر ربيائيل معه ألف ألف ملك من الملائكة. حتى بلغت الرابعة والعشرين فإذا فيها رفلاليل- الملك المتوج- يده اليمنى تحت السماء الدنيا، والآخرة فوق السماء الدنيا، بين كل إصبعين من أصابعه سبعون ألف ملك متوجون، أجنحتهم من لؤلؤ. وفي الدرجة الخامسة والعشرين ملك يقال له: إسماعياليل، معه سيف ألف ملك يقع من أفواههم الدر والياقوت إذا سبحوا، ويتناثر اللؤلؤ من أفواههم عند تسبيحهم، طول اللؤلؤ الواحد: ثمانون ميلا في ثمانين ميلا، وملائكة موكلين بها يلتقطونها فيلقونها إلى شاطىء نهر الشرقي. - قال الحافظ في الفتح: وقع في رواية ابن إسحاق: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج فلم أر قط شيئا أحسن منه، وهو الذي يمد إليه الميت عينيه إذا حضر ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 [70- فصل: في أسماء السّماوات السّبع ومن فيهنّ من الأنبياء] 70- فصل: في أسماء السّماوات السّبع ومن فيهنّ من الأنبياء 366- عن وهب بن منبه: عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال: اسم سماء الدنيا: رقيع، وقال لها الرب: كوني زمردة قوله: «ومن فيهنّ من الأنبياء» : قال الحافظ في الفتح: استشكل بعضهم رؤية الأنبياء في السماوات مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض. وأجيب: بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم، أو أحضرت أجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفا له وتكريما، قال: ويؤيده حديث عبد الرحمن بن هاشم، عن أنس وفيه: وبعث له آدم فمن دونه من الأنبياء ... فافهم، اه. (366) - قوله: «اسم سماء الدنيا: رقيع» : كذا في روايتنا، وهو موافق لقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، أخرجه أبو الشيخ في العظمة بإسناد جيد برقم 566 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عنه، وقد أخرج أبو الشيخ أيضا حديث وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان، فسماها برقيعا بزيادة الموحدة في أوله، والأول- وهو ما ورد عندنا- أصح، فقد قال ابن منظور: الرقيع: اسم للسماء الدنيا لأن الكواكب رقعتها، سميت بذلك لأنها مرقوعة بالنجوم، وقيل: لأنها رقعت بالأنوار التي فيها، اه. فلعل الصواب بدون الموحدة، والله أعلم. قال أبو عاصم محققه: حديث وهب هذا فرقه المصنف رحمه الله بين ألفاظ روايات الإسراء والمعراج، أدخل ألفاظ بعضها في بعض فتعسر بذلك تخريج روايات الإسراء لأنها مروية بدون حديث سلمان، وقد رأيت جمع ألفاظ حديث سلمان وما أدخل المصنف فيه من أحاديث الإسراء وإفرادها بترجمة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 خضراء، فكانت، وكان تسبيح أهلها: سبحان ذي الملك والملكوت، فمن قالها كان له مثل ثوابهم. - اعتناء بما ورد فيه، وليتيسر معه عزو ألفاظ الروايات الأخرى الواردة في الإسراء لرواتها من الصحابة وغيرهم. وأنا أسوق إليك حديث وهب بن منبه، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان بطوله كما في كتاب العظمة لأبي الشيخ برقم 909: قال أبو الشيخ: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا ابن البراء، حدثنا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب، عن أبي عثمان النهدي قال: قلنا لسلمان رضي الله عنه: حدثنا عما فوقنا من خلق السماوات والأرض وما فيهن من العجائب؟ فقال سلمان رضي الله عنه: خلق الله عزّ وجلّ السماوات السبع وسماهن بأسمائهن، أسكن كل سماء صنفا من الملائكة يعبدونه، وأوحى في كل سماء أمرها، فسمى سماء الدنيا «برقيعا» - كذا- فقال لها: كوني زمردة خضراء؛ فكانت. وسمى السماء الثانية «أرقلون» وقال لها: كوني فضة بيضاء؛ فكانت، وجعل فيها ملائكة قياما مذ خلقهم الله عزّ وجلّ. وسمى السماء الثالثة «قيدوم» وقال لها: كوني ياقوتة حمراء؛ فكانت، ثم طبقها ملائكة ركوعا لا تختلف مناكبهم صفوفا، قد لصق هؤلاء بهؤلاء، وهؤلاء بهؤلاء واحدا، لو قطرت عليهم قطرة من ماء ما يجد منفذا. وسمى السماء الرابعة «ما عونا» وقال لها: كوني درة بيضاء فكانت؛ ثم طبقها ملائكة سجودا على مثل الملائكة الركوع. وسمى السماء الخامسة «ريعا» وقال لها: كوني ذهبة حمراء؛ فكانت، ثم طبقها ملائكة بطحهم على بطونهم وجوههم، وأرجلهم في أقصى السماء من مؤخرها، ورؤوسهم في أدنى السماء من مقدمها، وهم البكّاؤون يبكون من مخافة الله عزّ وجلّ، فسماهم الملائكة النواحين. وسمى السماء السادسة «دقنا» وقال لها: كوني ياقوتة صفراء؛ فكانت، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 367- وفي حديث نصر بن محمد المقريء: وبين السماء والأرض بحر يسمى القاصبة، فيه من كل شيء في بحر الدنيا، حتى هذه الضفادع التي تقع في المطر من ذلك البحر. 368- روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاستفتح جبريل الباب، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قال: أو قد بعث محمد؟ - ثم طبقها ملائكة سجودا ترعد مفاصلهم، وتهتز رؤوسهم، لهم أصوات عالية يسبحون الله تعالى بها ويقدسونه، لو قاموا على أرجلهم لنفذت أرجلهم تخوم الأرض السابعة السفلى، ولبلغت رؤوسهم السماء السابعة العليا، سيقومون على أرجلهم يوم القيامة، بين يدي رب العالمين تبارك وتعالى. وسمى السماء السابعة العليا «عربيا» ، وقال لها: كوني نورا؛ فكانت نورا على نور يتلألأ، ثم طبقها ملائكة قياما على رجل واحدة تعظيما لله عزّ وجلّ لقربهم منه، وشفقتهم من عذابه، قد خرقت أرجلهم الأرض السابعة السفلى، واستقرت أقدامهم على قدر مسيرة خمسمائة عام، فهي تحت الأرض السابعة كأنها الرايات البيض، تجري تحتها ريح هفافة عاتية تحمل الرايات، ورؤوسهم تحت العرش من غير أن تبلغ العرش، وهم يقولون: لا إله إلا الله ذو العرش المجيد، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العرش، سبحان ذي الجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قدوس قدوس سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة والسلطان والنور، سبحان أبد الآبدين، ثم يستغفرون للمؤمنين والمؤمنات، ثم يعودون في التسبيح والتحميد، فهم على هذا مذ خلقوا إلى قيام الساعة، وذلك قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) . (368) - قوله: «روى أبو سعيد الخدري» : تقدم تخريجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 قال: نعم، قال: ففتح لنا باب سماء الدنيا، فإذا ملك يقال له: إسماعيل، وبين يديه سبعون ألف ملك موكلون بباب السماء، قال: فصلوا على محمد، قال: فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته، لم يتغير منه شيء ... وذكر الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا يقول خيرا، ويدعو لي بخير. قال: ثم عرج بي إلى السماء الثانية، يقال: هي من نحاس، ليست بصنف نحاس الدنيا، واسمها بيتا. 369- عن وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: اسم السماء الثانية: أرقلون، وقال لها الله عزّ وجلّ: كوني فضة بيضاء؛ فكانت، واسم خازنها: رقياليل، وتسبيح أهلها: سبحان ذي العزة والجبروت؛ من قالها كان له مثل ثوابهم. فاستفتح جبريل عليه السّلام فقيل له: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. 370- وفي حديث آخر: فإذا أنا برجل ومعه نفر من قومه، وقد فضل عليهم بالحسن كما فضل القمر على الكواكب ليلة البدر، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا يوسف الصديق وأتباعه من أمته، فصلوا على محمد واستغفروا له. 371- وعن وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: (370) - قوله: «وفي حديث آخر» : يريد حديث أبي سعيد الخدري، وقد مضى تخريجه قريبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 اسم السماء الثالثة: قيدون، وقال لها الرب عزّ وجلّ: كوني ياقوتة حمراء؛ فكانت، واسم خازنها: كوكياليل، وتسبيح أهلها: سبحان الحي الذي لا يموت، من قالها كان له مثل ثوابهم. 372- وفي رواية قال: فاستفتح جبريل فقيل له: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ... مثل ما قال في الخبر الأول. 373- وقيل: إن يوسف عليه السّلام في السماء الثالثة، وعيسى ويحيى عليهم السّلام في السماء الثانية، قال صلى الله عليه وسلم: لما بلغت السماء الثالثة إذا أنا برجلين جالسين على منبرين من ياقوت، أحدهما قريب الشبه من صاحبه، وهما ضرب واحد، ومعهما من اتبعهما من قومهما، فقلت: يا جبريل من هذان؟ قال: هذان ابنا الخالة: عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكرياء. (373) - قوله: «وقيل: إن يوسف عليه السّلام في السماء الثالثة» : قال الحافظ ابن حجر معلقا على روايات أصحاب أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة: توافقت رواية قتادة مع رواية ثابت عن أنس عند مسلم: أن في السماء الأولى: آدم، وفي الثانية: يحيى وعيسى، وفي الثالثة: يوسف، وفي الرابعة: إدريس، وفي الخامسة: هارون، وفي السادسة: موسى، وفي السابعة: إبراهيم، وخالفهم في ذلك الزهري عن أنس: أن إدريس في الثالثة، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة، قال: وسياقه يدل على أنه لم يضبط منازلهم أيضا كما صرح به الزهري، قال: ورواية من ضبط أولى، سيما مع اتفاق قتادة وثابت، وقد وافقهما يزيد بن أبي مالك عن أنس، إلا أنه خالف في إدريس وهارون فقال: هارون في الرابعة، وإدريس في الخامسة، ووافقهم أبو سعيد، إلا أن في روايته: يوسف في الثانية، وعيسى ويحيى في الثالثة، قال: والأول أثبت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 374- وقيل: شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم عيسى ابن مريم بعروة بن مسعود الثقفي. 375- وفي حديث آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مررت بعيسى ابن مريم وهو شاب طويل، مرجّل تعلوه حمرة، قال صلى الله عليه وسلم: ثم عرج بي إلى السماء الرابعة. 376- وعن وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: اسم السماء الرابعة: الماعون، قال لها الرب عزّ وجلّ: كوني درة بيضاء؛ فكانت، واسم خازنها مومزياليل، وتسبيح أهلها: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح، من قالها كان له مثل ثوابهم. 377- وفي رواية قال: فاستفتح جبريل عليه السّلام الباب، فقيل: من هذا معك؟ قال: هذا رسول الله، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء، فإذا أنا برجل، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك إدريس رفعه الله مكانا عليا. 378- روى أبو سعيد الخدري قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بإدريس في السماء الرابعة قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، الذي وعدنا (374) - قوله: «بعروة بن مسعود الثقفي» : جاء ذلك- في حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة- عند مسلم في الإيمان برقم 278 (375) - قوله: «تعلوه حمرة» : في رواية ابن المسيب عن أبي هريرة، عند الشيخين: ولقيت عيسى فنعته ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس- يعني: حمام-. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 أن نراه فلم نره إلا الليلة، قال: وإذا فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ، ولأم موسى بن عمران النبي سبعون قصرا من زمرد خضراء، ولآسية بنت مزاحم سبعون قصرا من ياقوت، ولفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم تسعون قصرا من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ، أبوابها وأسرتها من عرق واحد. 379- وفي رواية قال: فلما عرج بالمعراج إلى السماء الخامسة وهي من ياقوت أخضر واسمها سفحى. 380- وقال وهب بن منبه: اسم السماء الخامسة: ريعا. قال لها الرب عزّ وجلّ: كوني ذهبة حمراء؛ فكانت، واسم خازنها من الملائكة سقطياليل، وتسبيح أهلها: سبحان من جمع بين الثلج والنار، من قالها مرة كان له مثل أجورهم. قال صلى الله عليه وسلم: فاستفتح جبريل الباب ففتح له، وقيل ما تقدم، قال: وإذا هو بكهل لم ير كهلا قط أجمل منه، عظيم العينين، تضرب لحينه قريبا من سرته، تكاد أن تكون شمطة، وسواده نصفين، وحوله قوم جلوس يقص عليهم. 381- روى أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهو أكثر من مررت به تبعا من قومه، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هارون بن عمران المحبّب في قومه- وفي حديث يونس بن بكير: وهؤلاء بنو إسرائيل حوله (381) - قوله: «هارون بن عمران المحبب في قومه» : لم يذكر المصنف وصف النبي صلى الله عليه وسلم له كما ورد في حديث أبي سعيد وفيها: فإذا بهارون، ونصف لحيته بيضاء، ونصفها سوداء، تكاد لحيته تضرب سرته من طولها، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه هذا- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 يقص عليهم-، قال: فسلمنا عليه فقال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح الذي وعدنا أن نراه فلم نره إلا الليلة، قال: فصلوا على محمد واستغفروا له. 382- وفي حديث نصر قال: ثم انتهينا إلى السماء السادسة. عن وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: اسم السماء السادسة دقيا، وقال لها الرب عزّ وجلّ: كوني ياقوتة صفراء فكانت، واسم خازنها: روحياليل، وتسبيح أهلها: سبحان القدوس رب كل شيء وخالق كل شيء، من قالها مرة كان له مثل ثوابهم. 383- وفي رواية: فاستفتح جبريل الباب، ففتح له، وقيل له مثل ما قد سبق ذكره، واستقبلتهما الملائكة بالترحيب والتسليم والبشر الحسن. 384- وفي حديث أبي سعيد الخدري قال صلى الله عليه وسلم: إذا أنا برجل أدم، سبط الشعر، كأنه من رجال أزد شنوءة، كثير الشعر غليظه، لو لبس قميصا- أو: قميصه- كاد شعره ينفذ من غلظه، ومعه تبع من قومه، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا موسى بن عمران ... وذكر الحديث. 385- عن وهب بن منبه، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: اسم السماء السابعة عريبا، وقال لها الرب عزّ وجلّ: كوني نورا؛ فكانت نورا على نور يتلألأ، وتسبيح أهلها: سبحان خالق النور، من قالها كان له مثل ثوابهم، قال وهب: يضاعف لهم ثواب أهل كل سماء على من تحتهم سبعة أضعاف. - هارون بن عمران ... الحديث، وكذلك ذكر أبو العالية عن أبي هريرة أن هارون في السماء الخامسة، وقد تقدم تخريج الحديثين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 386- وفي رواية: قال: فاستفتح جبريل، قيل له: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ، ونعم المجيء جاء، قال: فدخلت، فإذا نهران عظيمان خراران، قلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: سقيا أهل الدنيا. 387- وفي رواية أخرى: قال: ثم رأيت رفياليل خليفة رضوانياليل معه الحور العين، قال: فابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السّلام، فقال جبريل لرفياليل: استأذن لهن رضوان ينظر إليهن محمد، فنظرت إليهن، فكن ينادينني: يا محمد عليك السلام، نحن الناعمات فلا نبؤس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن الخالدات فلا نموت، ونحن الكاسيات فلا نعرى، بلغ أمتك عنا السلام. 388- وفي حديث آخر: ثم انطلق بي إلى السماء السابعة، واسمها سعواء، فإذا هي من نور، واسم خازنها: نورياليل. (388) - قوله: «واسمها سعواء» : كذا في «ب» ، وفي «م» : شمعواء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 [71- فصل: في ذكر ما رآه صلى الله عليه وسلم من عجائب المخلوقات ليلة الإسراء] 71- فصل: في ذكر ما رآه صلى الله عليه وسلم من عجائب المخلوقات ليلة الإسراء 389- وعن الضحاك وعكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (389) - قوله: «وعن الضحاك وعكرمة، عن ابن عباس» : هذا الحديث مع طول سياقه هنا إلا أنه مختصر لم يورده المصنف بتمامه، وأورد طرفا منه ابن حبان في المجروحين في ترجمة ميسرة بن عبد ربه الفارسي [3/ 11- 12] فقال: روى عن عمر بن سليمان الدمشقي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس مرفوعا.. وذكره، واتهم ميسرة به فقال: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويضع المعضلات عن الثقات في الحث على الخير، والزجر عن الشر، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار. وأورده السيوطي في اللآلي بتمامه [1/ 63- 81] ثم قال: موضوع، والمتهم به ميسرة، كذاب وضاع، وكذا قال ابن عياش، والذهبي في الميزان، وابن حجر في اللسان. وقد أخرجه بطوله ابن مردويه في التفسير، وأورد أسانيده ثم قال: كتب الذهبي بخطه عليه في الحاشية أنه موضوع، والطريق الثاني يدل على أن الآفة من غير ميسرة. وقد قال الذهبي في الميزان في ترجمة عمر بن سليمان: أتى عن الضحاك بحديث الإسراء بلفظ موضوع، وتبعه ابن حجر في اللسان مع ذكرهما في ترجمة ميسرة أنه المتهم به، لكنهما تبعا هناك ابن حبان، والأشبه ما ذكراه هنا أن الآفة من عمر بن سليمان، والله أعلم. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 قال: لما أسري بي إلى السماء، رأيت العجائب من عباد الله ومن خلقه، ومن ذلك أني رأيت في السماء الدنيا ديكا له زغب أخضر ورأس أبيض، وبياض رأسه كأشد بياضا رأيته قط، وزغبه تحت رأسه كأشد خضرة رأيتها قط، وإذا رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، ورأسه عند عرش الرحمن، ثان غرته تحت العرش له جناحان في منكبيه، إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب، فإذا كان بعض الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله عزّ وجلّ، يقول: سبحان الملك القدوس، سبحان الكبير المتعال، لا إله إلا الله الحي القيوم، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ، فإذا سكن ذلك الديك الذي في السماء سكنت الديكة في الأرض، وإذا كان في بعض الليل نشر جناحيه فجاوزا المشرق والمغرب، وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله يقول: سبحان الله العلي العظيم، سبحان الله العزيز القهار، سبحان رب العرش الرفيع، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض بمثل قوله وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ، فإذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الأرض، ثم إذا هاج بنحو فعله في السماء هاجت الديكة في الأرض فجاوبته تسبيحا لله بنحو قوله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلم أزل منذ رأيت ذلك الديك مشتاقا إليه أن أراه ثانية. قال صلى الله عليه وسلم: ثم مررت بخلق عجيب، إذا ملك من الملائكة نصف جسده مما يلي رأسه نار، والنصف الآخر ثلج، وما بينهما رتق، فلا- قلت: رويت بعض ألفاظه من أوجه عند أبي الشيخ في العظمة، لم أتشاغل بتخريجها إذ صار مخرجه معروفا بهذا السياق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 النار تذيب الثلج، ولا الثلج يطفىء النار، وهو قائم ينادي: سبحان ربي الذي كف بردة هذا الثلج فلا يطفىء حر هذه النار، سبحان ربي الذي كف حر هذه النار فلا تذيب هذا الثلج، اللهمّ مؤلفا بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا ملك من الملائكة، وكله الله بأكناف السماوات وأطراف الأرضين، وهو من أنصح الملائكة لأهل الأرض من المؤمنين، يدعوا لهم بما تسمع، وهذا قوله منذ خلق. قال صلى الله عليه وسلم: ثم مررت بملك آخر جالس على كرسي له، وإذا جميع الدنيا وما فيها بين ركبتيه، بيده لوح من نور مكتوب، ينظر فيه ولا يلتفت عنه يمينا وشمالا، مقبل عليه، عليه هيئة الحزين، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا ملك الموت، يقبض الأرواح، وهو من أشد الملائكة عملا، قلت: يا جبريل فكل من مات من ذوي الأرواح فهو يقبض روحه؟! قال: نعم، ويراهم أينما كانوا، ويشهدهم بنفسه. قلت: كفى بالموت طامة، قال جبريل عليه السّلام: ما بعد الموت أطم وأعظم، قلت: وما ذاك يا جبريل؟ قال: منكر ونكير، يأتيان كل إنسان من البشر حين يوضع في القبر ويترك وحيدا. قلت: يا جبريل أرينيهما، قال: لا تفعل يا محمد، فإني أرهب أن تفزع منهما أو تهال أشد الهول، فلم يرهما أحد من ولد آدم إلا بعد الموت، ولا يراهما أحد من البشر إلا مات فزعا منهما، وهما أعظم شأنا مما تظن، قلت: يا جبريل صفهما لي، قال: نعم، من غير أن أذكر طولهما فإن ذلك منهما أفظع، غير أن أصواتهما كالرعد القاصف، وأنيابهما كصياصي البقر، يكسحان الأرض بأشفارهما، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 ويحفران الأرض بأظفارهما، مع كل واحد منهما عمود لو اجتمع جميع من في الأرض لما حرّكوه، فيأتيان الإنسان في قبره فيسلكان روحه في جسده بإذن الله تبارك وتعالى، ويقعدانه في قبره، وينتهرانه انتهارة يتقعقع منها عظامه، وتزول أعضاؤه من مفاصله، فيخر مغشيا عليه. قلت: يا جبريل شوقتني إلى الموت، فأرني ملك الموت أكلمه، فأدناني منه فسلمت عليه فقال له جبريل: هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العرب رسولا نبيا، فرحب بي، وحباني، وأنعم بشاشتي، وأحسن بشارتي ثم قال: أبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في أمتك، فقلت: الحمد لله المنان بالنعم، قلت له: فما هذا اللوح في يديك مكتوبا؟ قال: فيه آجال الخلائق. قلت له: ألا تخبرني عمن قبضت روحه في الدهور الخالية، قال: تلك الآجال في ألواح أخر قد علمت عليها، وكذلك أصنع بكل ذي روح إذا قبضت روحه علمت عليها، قال قلت: كيف تقدر على قبض أرواح جميع من في الأرض، أهل بلادها وبحورها، وما بين مشارقها ومغاربها؟ قال: ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي، وجميع الخلق بين عيني، ويداي تبلغان المشرق والمغرب؟ فإذا نفد أجل عبد من عباد الله عرفوا أنه مقبوض، وعدا عليه أصحابي يعالجون نزع روحه، فإذا بلغوا بروحه الحلقوم علمت ذلك ولم يخف علي شيء من أمره، ومددت إليه فانتزعت روحه من جسده وإليّ قبضه، وقبض ذوي الأرواح من عباد الله، قال: فأبكاني حديثه. قال: ثم استقبلني ملك من الملائكة لم يضحك في وجهي، فقلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 يا جبريل ما له لم يضحك في وجهي؟ قال: أما إنه لم يضحك في وجه أحد قبلك، ولا يضحك في وجه أحد بعدك، ولو ضحك في وجه أحد لضحك في وجهك، هذا مالك صاحب النار، لم يضحك ولم يبتسم، ولم يزل كالحا عابسا مغضبا، وإنما شدة غضبه لأهل النار لغضب الرحمن عليهم. قلت: يا جبريل ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال: بلى، ثم قال جبريل: يا مالك، أر محمدا النار، فكشف لي غطاءها، فإذا هي سوداء مظلمة لا يضيء لهبها، ولها زفير وشهيق، تكاد تميز من الغيظ ما رأيت أغلظ منها ولا أنتن، وإذا فيها من العذاب والخزي والهوان لأهلها ما لا تقوم له الحجارة والحديد فارتفعت حتى ظننت أنها ستأخذني، فقلت: يا جبريل مره فليردها، فقال جبريل: يا مالك ردها إلى مكانها التي خرجت منه. قال: ثم جاوزناهم من سماء إلى سماء حتى بلغنا بقوة الله السماء السادسة، فإذا خلق كثير فوق وصف الواصفين، يموج بعضهم في قوله: «لم يضحك في وجهي» : روي هذا أيضا في حق ميكائيل عليه السّلام، فأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 224] ، وأبو الشيخ في العظمة، والطبراني، وابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين كما في تخريج الإحياء [4/ 157] ، جميعهم من حديث ثابت: عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السّلام: ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا قط؟ قال: ما ضحك منذ خلقت النار، جوّده الحافظ العراقي وقال: رواه البيهقي في الشعب في حق جبريل عليه السّلام، وقد ورد في حق إسرافيل أيضا، قال: ورواه ابن شاهين في السنة من حديث ثابت مرسلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 بعض، وإذا كل ملك منهم ممتلىء ما بين رأسه إلى رجليه: وجوها وأجنحة ونورا ليس منها وجه ولا رأس ولا عين ولا يد ولا رجل ولا فم ولا أذن ولا جناح ولا عضو إلا يسبح الله ويحمده، ويذكره من آلائه وثنائه بكلام لا يذكره العضو الآخر، بنغمة الأصوات لا تشبه نغمته ولا صوته صوت الآخر، رافعين أصواتهم بالبكاء من خشية الله والتحميد له في عبادته، لو سمع أهل الأرض صوت ملك منهم لماتوا كلهم فزعا من شدة هوله، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: سبحان الله العظيم شأنه، هؤلاء الكروبيون، لم يفتروا من عبادتهم لله وتسبيحهم له منذ خلقوا، ولم ينظروا إلى ما تحتهم من السماوات والأرضين خشوعا في دينهم، وخوفا من ربهم، فأقبلت عليهم بالتسليم، فجعلوا يردون إيماء برؤوسهم لا يسلمون ولا ينظرون إليّ من الخشوع، فلما رأى جبريل عليه السّلام ذلك قال: هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله صلى الله عليه وسلم إلى العرب، وهو خاتم النبيين، وسيد البشر، أو لا تكلمونه؟ فلما سمعوا قول جبريل عليه السّلام وذكر محمد صلى الله عليه وسلم بما ذكر أقبلوا عليّ بالتحية والتسليم، وأحسنوا بشارتي، وأكرموني وبشروني وأمروني بالخير، ثم أقبلوا على عبادتهم مثل ما كانوا، فأطلت المكث عندهم، والنظر إليهم لعظم خلقهم، وفضل عبادتهم. قال: ثم جاوزناهم إلى السماء السابعة، فأبصرت فيها ملائكة وخلقا من خلق ربي لم يؤذن لي أن أحدثكم ولا أن أصفهم لكم، لولا أن الله عزّ وجلّ أعطاني عند ذلك مثل قوة جميع الأرض وزادني من عنده ما هو أعلم به، ومنّ عليّ بالثبات وحدّ بصري لرؤية نورهم، ولولا ذلك ما استطعت النظر إليهم إلا بحول الله وقوته، قلت: سبحان الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 العظيم الذي خلق في بريته مثل هؤلاء، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فأخبرني من هم، وقص عليّ من شأنهم العجب العجيب، ولم يؤذن لي أن أخبركم. 390- وفي رواية أخرى قال: ثم استقبلني صفوف من الملائكة عدد القطر والمطر وعدد الثرى والمدر وعدد الليل والنهار، صفوفا لا يعرف بعضهم بعضا من الخوف من الله، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ملائكة خلقوا للعبادة منذ خلقت السماوات والأرض، لم ينظر بعضهم إلى بعض، ولا يعرف بعضهم بعضا من خشية الله قياما يسبحونه ويقدسونه لا يفترون حتى ينفخ في الصور. 391- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافة الله، ما منهم ملك يقطر دمعة من عينه إلا وقع منها ملك قائم يصلي، وإن منهم ملائكة سجودا، ومنهم ركوع منذ خلقهم الله، لم يرفعوا رؤوسهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. قال: ثم رأيت شملاليل الملك الكبير، في رأسه تاج من اللؤلؤ والياقوت، واللؤلؤة منها تضيق عنها الدنيا، والياقوتة منها تدخل فيها (391) - قوله: «إن لله ملائكة» : أخرجه أبو الشيخ في العظمة برقم 517، ومحمد بن نصر في الصلاة برقم 260، والبيهقي في الشعب [1/ 521] رقم 914، والخطيب في تاريخه [12/ 207] ، ومن طريقه ابن عساكر [40/ 61] ، جميعهم من حديث عباد بن منصور- صالح الحديث- عن عدي بن أرطاة، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 الدنيا، حتى بلغت درجة وقعت في الهول وأرعدت فرائصي، فقلت: يا جبريل ضمني إليك. فاستقبلني هشماليل، ورأسه في ظل العرش وقدماه في سجين، وهي الصخرة التي فوقها الأرضون، تحتها- كليكان وهو قابض على السلسلة التي من ذهب، وهي في عنق السمكة التي الأرضون عليها، وهي سمكة حرشفها من ياقوت، وذيلها من زمرد أخضر، في عنقها طوق من زمرد أخضر مفضض بالدر والياقوت، وفي عنقها سلسلة، فهي بيد الملك، وهو قائم عند ساق العرش، معه عشرون ألف ألف ملك، متوجون باللؤلؤ، عليها ريش كريش النبل، قد نظم بالمرجان، تحت كل ريشة لسان يسبحون بألوان التسبيح. قال: ثم بلغت، فرأيت ملائكة تسبيحهم: سبحان ربي الأعلى، ورأسهم صاحب هاروت وماروت، وقومه مكللون بالنور، فقال: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا محمد بن عبد الله، قال: أو قد بعث إليه؟ قال: نعم، فاستأذن بالسلام عليّ فسلّم عليّ. قال: ثم رأيت الريح لها سبعة أرؤس، لكل رأس ثمانون لسانا موكل بكل لسان أربعون ألف ملك متوجون، عليهم صحائف النور، فسلموا عليّ ورحبوا بي. 392- وقيل: لما بلغ المعراج خمسا وخمسين درجة إذا هم بالملائكة سجودا في الهواء منذ خلق الله السماوات والأرض، رؤوسهم تحت أجنحتهم لم ينظر أحدهم إلى شيء من جسده قط من الخوف من خشية الله تعالى ولا إلى صاحبه، يسبحون لا يفترون، ويبكون، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 لا يدركون أين تذهب دموعهم، وهم أشد الملائكة عبادة، يدعون الأولين، فهم كذلك حتى يميتهم الله ثم يحييهم. قال: ثم انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له: الحفظة، وعليه ملك يقال له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت كل ملك اثنا عشر ألف ملك، قال: فاستفتح جبريل الباب فقال له إسماعيل: من معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قال: ثم بلغت، فأقبل رضوانياليل خازن الجنة مع ملائكة الحجب ألف ألف ملك، وجوههم كالقمر ليلة البدر، خضر الثياب، المسك يفوح منهم، متوجون بتيجان النور، مناطقهم صفائح الزمرد، على كل ملك تاج ستون ذراعا مكلل باللؤلؤ فيضيء لؤلؤة واحدة منها مسيرة خمسمائة عام، فقلت: ما أحسن هؤلاء الملائكة، فقال جبريل عليه السّلام: والذي بعثك بالحق إن أمتك إذا اتقوا وسلموا من الدنيا وكانوا في الجنة كانوا أحسن منهم، ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا شديدا، حتى رؤي الفرح في وجهه، فقال: يا جبريل بشرتني فطابت نفسي، فقال جبريل عليه السّلام: يا محمد أبشر، فإن الله سيعطيك من الكرامة حتى ترضى. قال: ثم عرج بي حتى رأيت ذهبا صامتا عليه كواكب اللؤلؤ تحت كل لؤلؤة خمسون ملكا، كل ينادي: مرحبا بك وأهلا، ويقول: لا إله إلا الله، الكافي عبدة الأصنام، الموحّد الرحيم، قال: يا جبريل قوله: «الكافي عبدة الأصنام» : في م: الكاسي، ومعنى الكافي عبدة الأصنام، أي: الذي يرزقهم كفايتهم من الطعام والشراب والكساء في الدنيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 من هؤلاء؟ قال جبريل عليه السّلام: هؤلاء عبّاد السماء. قال: ثم استقبلني سمياليل الملك فقال: مرحبا بالعبد الصالح والنبي الصالح الذي أضاءت له الأرض والسماء، الكريم على الله، سيد السادة، اليوم تكرم وتعطى، اليوم سرورك، فقلت: يا جبريل من هذا؟ فقال: ملك يسمى رأس الهدى، معه مائة ألف ملك لم يرفعوا رؤوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة. قال: ثم رأيت ملائكة عدد المطر، وجوههم كالليل، عليهم أردية كالنور شعاعهم بين السماء والأرض، فقال جبريل عليه السّلام: ارفع رأسك وسلم عليهم، فرفعت رأسي فسلمت. قال صلى الله عليه وسلم: ثم رأيت مقياليل الملك عن يمينه ألف ألف ملك، وعن يساره ألف ألف ملك، وخلفه ألف ألف ملك، قد لبسوا تيجانا من نور، وهم يقرءون آية الكرسي، فقال جبريل: خلق هؤلاء الملائكة من قطرة من نور العرش. قال: ثم شممت ريح الرحمة من سدرة المنتهى، ومعها ملائكة التوبة مكللون على نور العرش. ثم أقبل خازن جنة النعيم صاعدياليل وخليفته رفياليل، مع كل واحد منهما ألف ألف من الملائكة رافعين أجنحتهم، ورؤوسهم، يشيرون إليّ بالأصابع، يقولون: لقد أكرم الله هذا الآدمي، مرحبا بك يا جبريل وبمن معك. قال: ثم رأيت ملكا يقال له عمصياليل، رأس ملائكة السماء السابعة، ومعه اثنان وثلاثون ألف ملك، على كل ملك تاج، تسعون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 ذراعا من ذراع جبريل عليه السّلام، في كل تاج أربعمائة لؤلؤة، اللؤلؤة الواحدة تسع فيها الدنيا. 393- وقيل: لما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى باب السماء الدنيا وفتح له اجتاز بملك من الملائكة متكئا، فسلم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه ولم يقم له، فأوحى الله إليه: أيها الملك سلّم عليك حبيبي ونبيي فأجبت وأنت متكىء، فوعزتي وجلالي لتقومن ولتسلمن عليه ثم لا تقعدن إلى يوم القيامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 [72- فصل: في ما ورد في وصف جبريل عليه السّلام] 72- فصل: في ما ورد في وصف جبريل عليه السّلام 394- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جبريل عليه السّلام يأتيني كما يأتي الرجل صاحبه، في ثياب بيض مكفوفة باللؤلؤ والياقوت، رأسه كالحبك، وشعره كالمرجان، ولونه كالثلج، أجلى الجبهة، براق الثنايا، عليه وشاحان من در منظوم، وجناحاه أخضران، ورجلاه مغموستان في الخضرة، وصورته التي صوّر عليها تملأ ما بين الأفقين. (394) - قوله: «وعن ابن عباس» : روي من وجه مرسل بإسناد جيد من حديث أبي المغيرة: ثنا صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد قال: لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء فأوحى الله عزّ وجلّ إلى عبده ما أوحى قال: فلما أحسّ جبريل بدنو الرب تبارك وتعالى خر ساجدا، فلم يزل يسبحه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم قضى الله عزّ وجلّ إلى عبده ما قضى، ثم رفع رأسه فرأيته في خلقه الذي خلق عليه، منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت، فخيل إلى أن ما بين عينيه قد سد الأفق وكنت لا أراه قبل ذلك إلا على صور مختلفة، وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي، وكنت لا أراه قبل ذلك إلا كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال. أخرجه أبو الشيخ في العظمة برقم 358، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 170. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 395- وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أشتهي أن أراك في صورتك يا روح الله، فتحول له فيها. 396- وفي حديث آخر: أن جبريل عليه السّلام أذّن- وكان مكتوبا على جبين جبريل عليه السّلام سطران يلمعان: لا إله إلا الله محمد رسول الله- ثم أقام ميكائيل في السماء الرابعة، ثم قام ملك فعانقني، فقلت: يا جبريل ما أكثر عجائب ربي، قال: ما رأيت إلا في ساعة من الليل. 397- وفي بعض الأخبار: أنه صلى الله عليه وسلم صعد وأتى من مكة إلى الضراح الذي في السماء السابعة قبال الكعبة، حرمته في السماء كحرمة مكة في الأرض. (395) - قوله: «وفي رواية» : أخرج أبو الشيخ في العظمة برقم 348 من طريق موسى بن عبيدة- ضعيف الحديث- عن سلمة بن أبي الأشعث- ولا يعرف- عن أبي صالح، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السّلام: وددت أني رأيتك في صورتك، قال: وتحب ذاك؟ قال: نعم، قال: موعدك كذا من الليلة بقيع الغرقد، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم موعده فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى من السماء شيء. قال أبو عاصم: وهذا مع ضعف إسناده شاهده في الصحيحين من حديثها أيضا حين سألها مسروق عن قوله تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى، قالت: جبريل عليه السّلام كان يأتيه في صورة الرجل، وأنه أتاه هذه المرة في صورته التي هي صورته. (397) - قوله: «وأتى من مكة إلى الضراح» : يأتي تخريجه في فصل: ذكر تاريخ البيت، تحت رقم: 428. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 398- وروي: أن جبريل يغتسل في نهر في الجنة، كل غداة، فينتفض، فتقطر منه سبعون ألف قطرة، فيخلق الله من كل قطرة ملكا فيغمرون ذلك الضراح فيطوف كل يوم سبعون ألف ملك بالبيت المعمور، فلا تنتهي النوبة إليهم إلى يوم القيامة. (398) - قوله: «وروي أن جبريل يغتسل في نهر الجنة» : أخرج أبو الشيخ في العظمة برقم 319 من حديث زياد بن المنذر- أحد المتروكين كما تقدم- عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: إن في الجنة لنهرا ما يدخله جبريل عليه السّلام من دخلة فيخرج فينتفض إلا خلق الله عزّ وجلّ من كل قطرة تقطر منه ملكا. وأخرج أيضا برقم 331 من حديث ضمرة، عن العلاء بن هارون- لين الحديث- قوله: إن لجبريل في كل يوم اغتماسة في الكوثر، ثم ينتفض فكل قطرة يخلق منها ملك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 [73- فصل: فيما ورد في وصف البراق وسبب استصعابه] 73- فصل: فيما ورد في وصف البراق وسبب استصعابه 399- وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: وأخذ جبريل عليه السّلام بضبعي وأخرجني من الباب، وعلى الباب: ميكائيل، وإسرافيل، ومعهما البراق، وهي بيضاء مضطربة الأذنين، لها جناحان تحضر بهما، وخدها كخد الفرس، ووجهها كوجه الإنسان، وعرفها من اللؤلؤ، منسوجة بالمرجان، وعقبها من ياقوت أحمر مزبرج بالنور، وآذانها من زمرد أخضر، عيناها كالزهوة، وأظلافها كأظلاف البقر من زمرد أخضر مرصع بالياقوت والمرجان، بطنها كالفضة وصدرها كالذهب، يداها تقعان إلى أدنى الوادي إذا بسطتها، لونها كالبرق يلوح بين السماء، خطوها منتهى بصرها، زمامها زمام من لؤلؤ مكلل بالجوهر الأخضر، مزمومة بسلسلة من ذهب، عليها راحلة الديباج. قال: فاستصعبت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها جبريل عليه السّلام: أما تستحين؟ أتصعبين على محمد صلى الله عليه وسلم؟ والله ما ركبك عبد قط أكرم على الله منه، فاستحيت، وفاضت عرقا. ووضع جبريل عليه السّلام يده على عرفها فسمعت خشخشة اللؤلؤ حين مسح عرفها، قال: فكان الذي يمسك بركابها جبريل، والذي يمسك (399) - قوله: «فكان الذي يمسك بركابها جبريل» : أورد الحافظ في الفتح [7/ 247] هذا الشطر إلى قوله: ميكائيل، وعزاه للمصنف في كتابه هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 بزمامها ميكائيل، والذي يسوي عليه ثيابه إسرافيل. 400- وروي أن البراق قال لجبريل عليه السّلام: إن محمدا قد مس الصفراء، فلهذا استصعبت، فقال جبريل عليه السّلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مسست الصفراء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: مررت يوما بالصفا، فرأيت الصفراء، فمسست رأسه وقلت: من يعبد هذا الشقي؟. (400) - قوله: «وروي أن البراق قال لجبريل» : قال الحافظ في الفتح [7/ 247] : ومن الأخبار الواهية ما ورد من أن البراق لما عاتبه جبريل قال له معتذرا: إنه مس الصفراء اليوم، وأن الصفراء صنم من ذهب كان عند الكعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مر به فقال: تبا لمن يعبدك من دون الله، وأنه صلى الله عليه وسلم نهى زيد بن حارثة أن يمسه بعد ذلك، وكسره يوم فتح مكة. قلت: ومثله ما أخرجه ابن أبي شيبة- كما في المطالب [4/ 179- 180] رقم 4262 من حديث ابن بريدة عن أبيه قال: دخل جبريل المسجد الحرام فطفق ينقلب فبصر بالنبي صلى الله عليه وسلم نائما في ظل الكعبة فأيقظه، فقام وهو ينفض رأسه ولحيته من التراب، فانطلق به نحو باب بني شيبة، فتلقاهما ميكائيل فقال جبريل لميكائيل: ما منعك أن تصافح النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أجد من يده ريح النحاس- وكأن جبريل أنكر ذلك- فقال: أفعلت ذلك؟ فكأن النبي صلى الله عليه وسلم نسي ثم ذكر فقال: صدق أخي، مررت أول من أمس على إساف ونائلة فوضعت يدي على أحدهما فقلت: إن قوما رضوا بكما إلها مع الله قوم سوء. فهذا منكر يعارضه نهيه صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة حين طافا بالكعبة عن مس الصنم، وقد تقدم في أول الكتاب، ومثل هذه الأخبار لا ينبغي نقلها وتشويه المصنفات بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 [74- فصل: فيما رآه صلى الله عليه وسلم في نومه وحيا من الله عزّ وجلّ] 74- فصل: فيما رآه صلى الله عليه وسلم في نومه وحيا من الله عزّ وجلّ 401- عن عبد الرحمن بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد فقال: لقد رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه. (401) - قوله: «عن عبد الرحمن بن سمرة» : هو ابن حبيب بن عبد شمس العبشمي، القرشي، من مسلمة الفتح. أخرج حديثه الطبراني- كما في مجمع الزوائد [7/ 179- 180]- وهو في الأحاديث الطوال له برقم 39-، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 49، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 332] ، كلاهما بلفظ مختصر، والحكيم الترمذي في النوادر [1/ 328] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 208- 210] رقم 1165، 1166، والأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1655، والشجري في أماليه [1/ 298] . وقد أعل العراقي في تخريج الإحياء إسناد الطبراني، وتبعه الهيثمي بعبد الرحمن بن خالد المخزومي، ضعفه البخاري وأبو حاتم، زاد الهيثمي: وفي الإسناد الآخر- يعني للطبراني- سليمان بن أحمد الواسطي قال: وكلاهما ضعيف. أما ابن الجوزي فأعل الإسناد الأول بأبي جبلة واسمه هلال، وبأنه مجهول، وبالفرج بن فضالة، وأعل الإسناد الثاني بعلي بن زيد. قال أبو عاصم: حديث الباب الضعف فيه غير قوي، لا بل إن بعضهم حسنه، وصححه بشواهده؛ قال ابن القيم في الوابل الصيب: رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب: الترغيب في الخصال المنجية، والترهيب من الخلال- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم. ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، كلما أتى حوضا منع منه، فجاءه صيامه في رمضان فسقاه. ورأيت رجلا من أمتي ومعي النبيون حلقا حلقا، كلما دنا إلى حلقة منع منها، فجاء اغتساله من الجنابة فأقعده إلى جنبي. ورأيت رجلا من أمتي عن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن بين يديه ظلمة، ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة، وهو متحير في الظلمات، فجاءه حجه وعمرته فأخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور. ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه، فجاءت صلته للرحم فقالت: كلموه، فكلمه المؤمنون وصافحوه، فصار معهم. ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان، فجاء أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم. - المردية، وبنى كتابه عليه وجعله شرحا له، وقال: هذا حديث حسن جدا، رواه عن سعيد بن المسيب: عمرو بن آزر، وعلي بن زيد بن جدعان، وهلال أبو جبلة، قال: وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث، وبلغني عنه أنه كان يقول: شواهد الصحة عليه، وقال ابن القيم قبل إيراده: هو حديث عظيم، شريف القدر، ينبغي لكل مسلم أن يحفظه، نذكره بطوله لعموم فائدته، وحاجة الخلق إليه. اه. ونقل المجد في الصلاة والبشر عن الديلمي في كتابه: أصول مذاهب العرفاء ما ملخصه: أن هذا الحديث صحيح لا شك فيه ولا ريب، وأنه حصل العلم القطعي له بصحته، وأن من تكلم فيه أو تناوله بالضعف فهو كاذب غالط، اه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه، بينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله. ورأيت رجلا من أمتي قد وضعت صحيفته على شماله، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه. ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار، فجاءت دموعه من خوف الله وبكاؤه من خشية الله تعالى فاستخرجاه منها. ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في يوم ريح عاصف، فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته، ومضى على الصراط. ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا، ويجثو أحيانا، ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته عليّ فأخذت بيده، فأقامته على قدميه، ومضى على الصراط. ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى باب الجنة، فأقفلت الأبواب كلها دونه، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ففتحت له الأبواب، فدخل الجنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 [75- باب ما جاء في فضل مكّة] 75- باب ما جاء في فضل مكّة قال الله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ الآية. وقال تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية. وقال تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. وقال تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. وقال تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ. قوله: «باب ما جاء في فضل مكة» : أورد المصنف الآيات غير مرتبة، فرتبناها حسب ترتيبها في السورة، وبحسب ترتيب السورة في القرآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 وقال تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ. وقال تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً الآية. وقال تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ الآية. وقال تعالى: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية. وقال تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ الآية. وقال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ الآية. وقال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً الآية. وقال تعالى: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا الآية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 402- حدثنا أبو الفضل: جعفر بن الفضل بن الوزير بمكة حرسها الله، أنا إبراهيم بن محمد بمدينة السلام، ثنا أبو كريب: محمد بن العلاء، ثنا أبو مصعب، ... (402) - قوله: «أنا إبراهيم بن محمد» : هو ابن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو إسحاق العمري، الكوفي، كان أحد الشهود والوجوه، وبلغ سنا عالية، ثم تكلم فيه بالكوفة وبغداد، قال الحافظ الذهبي في تاريخه: ولم يترك، انظر: تاريخ بغداد [6/ 158] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 318- ص 601] . قوله: «ثنا أبو كريب: محمد بن العلاء» : الهمداني، الكوفي، أحد الحفاظ الأثبات، من شيوخ أصحاب الكتب الستة، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [11/ 394] ، تهذيب الكمال [26/ 243] ، تهذيب التهذيب [9/ 342] ، الكاشف [3/ 77] ، التقريب [/ 500] ، الترجمة رقم 6204، المعجم المشتمل، الترجمة رقم 931، طبقات ابن سعد [6/ 414] . قوله: «ثنا أبو مصعب» : هو الزهري، الإمام الحافظ الثقة، أحد أولاد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، فهو: أحمد بن أبي بكر: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، الزهري، أحد أصحاب مالك، وراوي الموطأ عنه، تولى قضاء المدينة حتى وفاته، قال الزبير بن بكار: مات يوم مات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [8/ 58] ، تهذيب الكمال [1/ 278] ، الثقات لابن حبان- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 عن مالك، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهمّ إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها. 403- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حين أخرجوه من مكة، -[8/ 21] ، أخبار القضاة لوكيع [1/ 258] ، تذكرة الحفاظ [2/ 482] ، إكمال مغلطاي [1/ 28] ، الديباج لابن فرحون [1/ 140] ، تهذيب التهذيب [1/ 17] ، الكاشف [1/ 14] ، التقريب [/ 78] الترجمة رقم 17، التعديل والتجريح للباجي [1/ 334] . قوله: «عن مالك» : هو ابن أنس الإمام العلم المشهور الذي قال عنه إمامنا الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم، صاحب المذهب، وصاحب الموطأ، الذي قاله عنه إمامنا الشافعي: ما أعلم بعد كتاب الله أصح منه، انظر عن مالك: سير أعلام النبلاء [8/ 43] ، ترتيب المدارك [1/ 102] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 75] ، وفيات الأعيان [4/ 135] ، تذكرة الحفاظ [1/ 207] ، حلية الأولياء [6/ 316] ، ثقات ابن حبان [7/ 459] ، تهذيب الكمال [27/ 91] ، تهذيب التهذيب [10/ 5] ، الكاشف [3/ 99] ، مرآة الجنان [1/ 373] ، غاية النهاية [2/ 35] ، النجوم الزاهرة [2/ 96] ، الديباج المذهب [1/ 55] . قوله: «هذا جبل يحبنا ونحبه» : أخرجاه في الصحيحين من طريق مالك: أخرجه البخاري في الجهاد، باب فضل الخدمة في الغزو، رقم 2889، وفي أحاديث الأنبياء، برقم 3367، وفي المغازي، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، رقم 4084، وفي الاعتصام، باب إثم من دعا إلى ضلالة، رقم 7333، وأخرجه مسلم من طرق في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 وقف على الحزورة وقال: إني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن المشركين أخرجوني منك ما خرجت- أو قال: ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت-. 404- وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: خير بلدة على وجه الأرض وأحبها إلى الله مكة. 405- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأرض دحيت من مكة، وأول من- المناسك، باب فضل المدينة، رقم 1365 (462) . قوله: «إني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله» : بسطنا تخريجه في كتاب السير من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، باب: في إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، [9/ 200] رقم 2669- فتح المنان، وهو من رواية عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري، وإسناده على شرط الشيخين كما بيناه. (404) - قوله: «في حديث آخر» : مروي عن الحسن البصري مرسلا في رسالته الطويلة المشهورة لرجل من أهل مكة، أخرجها بطولها الفاكهي في تاريخه [2/ 288] رقم 1545، وسيورد المصنف بعضها. (405) - قوله: «إن الأرض دحيت من مكة» : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [1/ 76] رقم 317، أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 133- 134] ، ابن جرير فيه أيضا [1/ 199] ، ابن عساكر في تاريخه- كما في الدر المنثور [1/ 113] ، جميعهم من حديث عطاء بن السائب، عن ابن سابط مرفوعا: دحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت، فهي أول من طاف به، وهي الأرض التي قال الله: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً الآية، وكان النبي إذا هلك قومه ونجا والصالحون أتى هو ومن معه فعبدوا الله بها حتى يموتوا، فإن قبر نوح، وهود، وصالح، وشعيب بين زمزم والركن والمقام، لفظ ابن جرير، رواه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 طاف بالبيت الملائكة، وما من نبي هرب من قومه إلا هرب إلى الله بمكة، فعبد الله فيها حتى مات. وقال صلى الله عليه وسلم: وإن قبر نوح، وهود، وشعيب، وصالح، وإسماعيل فيما بين زمزم والمقام. 406- قال ابن عباس رضي الله عنه: الكعبة قبلة المسجد الحرام، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض. - ابن خثيم، عن ابن سابط، عن عبد الله بن ضمرة، قوله، يأتي تخريجه في فصل: ذكر تاريخ البيت-. وأخرج العطاردي في مغازي ابن إسحاق [/ 95] من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قوله: وضع الحرم قبل الأرض بألفي سنة، ومنه دحيت الأرض. رواه الفاكهي في أخبار مكة [2/ 270] رقم: 1503 من طريق علي بن عابس، عن منصور فجعله من قول مجاهد. (406) - قوله: «قال ابن عباس» : صورته هنا صورة الموقوف، وقد أخرجه ابن الأعرابي في معجمه برقم 126، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 9- 10] من حديث عمر بن حفص المكي- من ولد عبد الدار-: ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي. قال البيهقي: تفرد به عمر بن حفص المكي وهو ضعيف لا يحتج به، وروي بإسناد آخر ضعيف عن عبد الله بن حبشي كذلك مرفوعا، ولا يحتج بمثله. وأخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 19] من وجه آخر عن ابن عجلان، عن ابن أبي حسين قوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 [76- فصل: ذكر بعض أسماء مكّة حرسها الله وزادها شرفا] 76- فصل: ذكر بعض أسماء مكّة حرسها الله وزادها شرفا 407- يقال: سميت مكة لما بين الجبلين، وبكة ما بين الجبلين؛ لأنها تبك بعضهم بعضا في الطواف، ويقال: مكة ذو طوى، وهي مكة، وبكة، وأم رحم، وأم القرى، والباسّة تبسهم أي: تخرجهم إخراجا إذا ظلموا، وهو أول بيت وضع للناس، وأول مسجد بني للمؤمنين، وأول من بنى إبراهيم عليه السّلام. (407) - قوله: «وهي مكة وبكة» : انظر ما جاء في أسمائها في: تاريخ الأزرقي [1/ 279- 282] ، تاريخ الفاكهي [2/ 280] ، العقد الثمين [1/ 37] ، إعلام الزركشي [/ 78] ، شفاء الغرام [1/ 126] ، القرى للمحب الطبري [/ 650] . قوله: «وأم رحم» : بالراء لأن الناس يتراحمون فيها ويتواصلون، وسميت أيضا بأم زحم: بالزاي من ازدحام الناس فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 [77- فصل: في ذكر حدود الحرم وكيف حرّم] 77- فصل: في ذكر حدود الحرم وكيف حرّم 408- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل البستي بمكة حرسها الله، ثنا أبو الحسن: محمد بن نافع الخزاعي، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق الخزاعي، ثنا أبو الوليد قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الطفيل، (408) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو في تاريخ مكة له [2/ 127] ، علقه الفاكهي في أخبار مكة [5/ 225] رقم 192، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ضمن قصة الفتح [2/ 137] . قوله: «حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى» : الأسلمي مولاهم، أبو إسحاق المدني، أحد العلماء الضعفاء، من شيوخ إمامنا الشافعي، وكان حسن الرأي، لا يتهمه بالكذب في الحديث، وضعفه الجمهور، واتهموه بالقدر، انظر عنه في: تهذيب الكمال [1/ 184] ، إكمال مغلطاي [1/ 284] ، تهذيب التهذيب [1/ 137] ، الكاشف [1/ 46] ، ديوان الضعفاء [1/ 57] ، المغني في الضعفاء [1/ 23] ، التاريخ الكبير [1/ 323] ، الجرح والتعديل [2/ 125] ، الكامل في الضعفاء [1/ 219] ، المجروحين [1/ 105] ، الميزان [1/ 57] ، ضعفاء العقيلي [1/ 62] . قوله: «عن أبي الطفيل» : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر أصحابه صلى الله عليه وسلم موتا: عامر بن واثلة الكناني، حجازي من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال الحافظ الذهبي: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 عن ابن عباس قال: أول من نصب أنصاب الحرم: إبراهيم عليه السّلام، يريه ذلك- خاتم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حجة الوداع يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبل المحجن، انظر عنه في: مسند الإمام أحمد [5/ 453] ، سير أعلام النبلاء [3/ 467] ، طبقات ابن سعد [5/ 457، 6/ 64] ، تاريخ بغداد [1/ 198] ، تاريخ ابن عساكر [26/ 113] ، أسد الغابة [3/ 145، 6/ 179] ، العقد الثمين [5/ 87] ، تهذيب الكمال [14/ 79] ، تهذيب التهذيب [5/ 71] ، التاريخ الكبير [6/ 446] ، الجرح والتعديل [6/ 328] ، مرآة الجنان [11/ 207] ، البداية والنهاية [9/ 190] ، النجوم الزاهرة [1/ 243] ، ثقات ابن حبان [3/ 291] ، الوافي بالوفيات [16/ 584] . قوله: «عن ابن عباس» : هكذا يقول ابن أبي يحيى، وهو ضعيف كما تقدم، وقد خالفه ابن جريج فقال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن محمد بن الأسود أنه أخبره أن إبراهيم أول من نصب الأنصاب.. الخبر، أخرجه أبو الوليد الأزرقي [2/ 128] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 25] رقم 8864، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 275] رقم 1516، والجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 297]-. وأخرج الأزرقي في تاريخه [2/ 128] ، وعبد الرزاق في المصنف [5/ 25] رقم 8862 من حديث ابن جريج قال: كنت أسمع من أبي يزعم أن إبراهيم أول من نصب أنصاب الحرم. وأخرج أبو الوليد من حديث موسى بن عقبة أنه قال: عدت قريش على أنصاب الحرم فنزعتها، فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فجاء جبريل عليه السّلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتد عليك أن نزعت قريش أنصاب الحرم؟ قال: نعم، قال: أما إنهم سيعيدونها، قال: فرأى رجل من هذه القبيلة من قريش ومن هذه القبيلة حتى رأى ذلك عدة من قبائل قريش قائلا يقول: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 جبريل عليه السّلام، فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها. - حرم كان أعزكم الله به، ومنعكم، فنزعتم أنصابه! الآن تخطفكم العرب، فأصبحوا يتحدثون بذلك في مجالسهم، فأعادوها، فجاء جبريل عليه السّلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد قد أعادوها، قال: أفأصابوا يا جبريل؟ قال: ما وضعوا منها نصبا إلا بيد ملك. وأخرج أبو الوليد من طريق الواقدي، عن إسحاق بن حازم، عن جعفر بن ربيعة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن إبراهيم عليه السّلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السّلام، ثم لم تحرك حتى كان قصي فجددها، ثم لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عام الفتح تميم بن أسد الخزاعي فجددها، ثم لم تحرك حتى كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبعث أربعة من قريش كانوا يبتدئون في بواديها فجددوا أنصاب الحرم، منهم مخرمة بن نوفل، وأبو هود سعيد بن يربوع المخزومي، وحويطب بن عبد العزى، وأزهر بن وأزهر بن عبد عوف الزهري. وأخرج أيضا من حديث الواقدي قال: حدثني خالد بن إلياس، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: لما ولي عثمان بن عفان بعث على الحج عبد الرحمن بن عوف وأمره أن يجدد أنصاب الحرم، فبعث عبد الرحمن نفرا من قريش منهم حويطب بن عبد العزى، وعبد الرحمن بن أزهر، وكان سعيد بن يربوع قد ذهب بصره في آخر خلافة عمر، وذهب بصر مخرمة بن نوفل في خلافة عثمان، فكانوا يجددون أنصاب الحرم في كل سنة، فلما ولي معاوية كتب إلى والي مكة فأمره بتجديدها. قال: فلما بعث عمر بن الخطاب النفر الذين بعثهم في تجديد أنصاب الحرم، أمرهم أن ينظروا إلى كل واد يصب في الحرم فنصبوا عليه وأعلموه وجعلوه حرما، وإلى كل واد يصب في الحل فجعلوه حلا. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 409- وقيل: لما خاف آدم عليه السّلام على نفسه من الشيطان استعاذ بالله سبحانه، فأرسل الله ملائكة حفوا بمكة من كل جانب فوقفوا حواليها، فحرم الله عزّ وجلّ الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت. 410- وعن وهب بن منبه قال: إن آدم عليه السّلام اشتد بكاؤه وحزنه لما كان من عظم مصيبته، حتى إن كانت الملائكة لتحزن لحزنه وتبكي لبكائه، فعزاه الله عزّ وجلّ بخيمة من خيام الجنة، ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة، وفيها ثلاث قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، والركن يومئذ نجم من نجومه، فكان ضوء ذلك النور ينتهي إلى مواضع الحرم، فلما صار آدم عليه السّلام إلى مكة حرسه الله، وحرس له تلك الخيمة بالملائكة، فكانوا يقفون على مواضع أنصاب الحرم يحرسونه ويذودون عنه سكان الأرض- وسكانها يومئذ الجن- قال أبو الوليد: فكل واد في الحرم فهو يسيل في الحل ولا يسيل من الحل في الحرم إلا من موضع واحد عند التنعيم عند بيوت غفار. (409) - قوله: «وقيل: لما خاف» : أخرجه الأزرقي في تاريخه [2/ 127] من حديث عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم، عن أبيه قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: ... فذكره. (410) - قوله: «وعن وهب بن منبه» : أخرجه بطوله الأزرقي في تاريخه [2/ 127] ، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [1/ 311]-، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 276- 277] رقم 1517 بلفظ مختصر. وأخرجه من وجه آخر بنحوه ومعناه البيهقي في الشعب [3/ 435] رقم 3989. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 والشياطين- فلا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء منها وجبت له، والأرض يومئذ نقية طاهرة طيبة لم تنجس، ولم يسفك فيها الدماء ولم يعمل فيها بالخطايا، فلذلك جعلها الله يومئذ مستقرا لملائكته، وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون. فلم تزل تلك الخيمة مكانها حتى قبض الله عزّ وجلّ آدم، ثم رفعها إليه. 411- وروي: أن آدم عليه السّلام لما فرغ من المناسك جاء جبريل عليه السّلام بياقوتة من الجنة فحلق بها رأس آدم عليه السّلام، قال: فطار شعر آدم عليه السّلام حتى بلغ طرف الحرم وجال حولها، فجعل ذلك المقدار حرما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 [78- فصل: في ذكر عظم الذّنب في حرم الله وحمل السّلاح فيه] 78- فصل: في ذكر عظم الذّنب في حرم الله وحمل السّلاح فيه 412- عن علي بن الحسين عليه السّلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستة لعنهم الله والملائكة والناس أجمعين: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ويعز من أذله الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي في حرم الله. (412) - قوله: «عن علي بن الحسين» : هو ابن الإمام علي بن أبي طالب، الإمام الورع: أبو عبد الله وأبو محمد زين العابدين الهاشمي، العلوي، المدني، قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه، وقال مالك: لم يكن في أهل البيت أفضل منه، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [4/ 386] ، طبقات ابن سعد [5/ 211] ، تاريخ ابن عساكر [41/ 360] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 343] ، غاية النهاية [1/ 534] ، النجوم الزاهرة [1/ 229] ، تذكرة الحفاظ [1/ 70] ، وفيات الأعيان [3/ 266] ، التاريخ الكبير [6/ 266] ، تهذيب الكمال [20/ 382] ، تهذيب التهذيب [7/ 268] ، حلية الأولياء [3/ 133] ، البداية والنهاية [9/ 103] . قوله: «ستة لعنهم الله» : روى هذا الحديث عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب فاختلف عليه فيه: 1- رواه سفيان الثوري عنه، عن علي بن الحسين هكذا مرسلا، أخرجه الترمذي تعليقا عقب حديثه عن عمرة، عن عائشة رقم 2154، والطحاوي في المشكل [4/ 367] ، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 264] رقم 1485. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 ......... - 2- وتابعه حفص بن غياث أيضا، علقه الترمذي في الموضع المشار إليه. ورواه ابن عيينة عنه فلم يسمه وقال: عن رجل، عن علي بن الحسين به مرسلا، أخرجه الفاكهي [2/ 264] رقم 1486. ورواه عبد الله بن محمد بن يوسف الفريابي، عن أبيه، عن الثوري، فأسنده وقال: عن أبيه، عن جده، أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 525] . 3- وقال ابن أبي الموال مرة عنه: عن ابن موهب: عن عمرة، عن عائشة به، أخرجه الترمذي في القدر، برقم 2154، وابن أبي عاصم في السنة برقم 44، 337، والطبراني في الأوسط [2/ 398] رقم 1688، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 125] ، والطحاوي في المشكل [4/ 366] ، والبيهقي في الشعب [3/ 443] رقم 4011، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5749، والحاكم في المستدرك [2/ 525] . 4- وقال ابن أبي الموال مرة عنه: عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [2/ 670] رقم 1800، والطحاوي في المشكل [4/ 366] ، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 264] رقم 1484، والحاكم في المستدرك [1/ 36، 4/ 90] . وأعله الذهبي بإسحاق بن محمد الفروي شيخ البخاري مع أنه قد تابعه قتيبة بن سعيد عند الطبراني والحاكم وأبي نعيم أيضا، لذلك قال الحاكم: لا أعرف له علة، وقال في موضع آخر: صحيح على شرط البخاري فقد احتج بابن أبي الموال. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 205] : رجاله ثقات، وقد صححه ابن حبان، وذكر حديث عائشة أيضا في [1/ 176] ، وعزاه لمعجمه الكبير وقال: فيه عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، ثم ذكر الاختلاف في الاحتجاج به وقول أهل الحديث فيه، ثم قال: وبقية رجاله رجال الصحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 413- وعن عطية العوفي قال: سألت مولى لعبد الله بن عمر عن موت عبد الله بن عمر، قال: كان أصابه رجل بزجة في رجله، فأتاه الحجاج يعوده فقال: لو أعلم من الذي أصابك لضربت عنقه، فقال: أنت أصبتني، قال: كيف؟ قال: يوم أدخلت حرم الله عزّ وجلّ السلاح. (413) - قوله: «وعن عطية العوفي» : هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي، الإمام التابعي المشهور: أبو الحسن الجدلي، القيسي، الكوفي، أحد الذين يروى لهم في الفضائل والترغيب والترهيب، وكان يعد في الشيعة من أهل الكوفة، وله أحاديث صالحة وافق فيها الثقات، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [5/ 325] ، تهذيب الكمال [20/ 145] ، طبقات ابن سعد [6/ 304] ، تهذيب التهذيب [7/ 200] ، الكاشف [2/ 235] ، المجروحين [2/ 176] ، الميزان [3/ 476] ، الجرج والتعديل [6/ 382] ، التاريخ الكبير [7/ 8] ، المغني في الضعفاء [2/ 436] ، الديوان [2/ 159] ، الكامل لابن عدي [5/ 2007] ، التقريب [/ 393] الترجمة رقم 4616. قوله: «سألت مولى لعبد الله بن عمر» : الأثر لم ينفرد به عطية فقد رواه أبو بكر الأثرم قال: قيل لأحمد بن حنبل: حديث ابن عمر حين أصابه الزجّ ممن سمعته؟ قال: سمعته من المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن سعيد بن جبير قال: أصاب ابن عمر الزج، فدخل عليه الحجاج يعوده، فقال ابن عمر: أنت قتلتني، حملت السلاح في حرم الله، قال: قلت لمحمد بن سوقة: سمعته من سعيد بن جبير؟ قال: نعم، أخرجه أبو العرب التميمي في المحن [/ 203] ، وانظر طرقه الأخرى في: طبقات ابن سعد [4/ 186، 187] ، وتاريخ ابن عساكر [31/ 195، 196] ، والمعرفة لأبي نعيم [3/ 1712] رقم 4311. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 414- وقيل: لما قتل الحجاج ابن الزبير صعد المنبر فقال: إن ابن الزبير أشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا، وغيّر كتاب الله، قال فقال ابن عمر: كذبت، فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن عمر، قال: لولا أمير المؤمنين لفعلت وفعلت، قال: فمر رجل من أهل الشام بحربة فأرسلها على رجله، قال: فمر به الحجاج فقال: من فعل بك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أنت، قال: لا والله، قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزّ وجلّ لم يحل هذا الحرم لأحد قبلي وإنما أحل لي نصف نهار، وأنت أظهرت فيه السلاح. (414) - قوله: «وقيل: لما قتل الحجاج» : انظر المواضع المشار إليها في التعليق المتقدم وفيها القصة بألفاظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 [79- فصل: ما جاء في إخراج جبريل زمزم لأمّ إسماعيل عليه السّلام] 79- فصل: ما جاء في إخراج جبريل زمزم لأمّ إسماعيل عليه السّلام 415 أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله، ثنا أبو الحسن: محمد بن نافع الخزاعي، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع، ثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، ثنا مسلم بن خالد، ... (415) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو في تاريخ مكة له [2/ 39] ، هو في صحيح الإمام البخاري بطوله، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: يزفون النسلان في المشي، من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن جريج ومعمر وإبراهيم بن نافع ثلاثتهم عن كثير بن كثير بطوله، الأرقام 3363، 3364، 3365. وأخرجه أيضا من حديث معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير به، رقم 3364 ووجوده في صحيح الإمام البخاري يغني عن الإطالة في تخريجه. قوله: «ثنا مسلم بن خالد» : الزنجي، الإمام فقيه مكة، الفقيه العابد: أبو خالد المخزومي مولاهم، المكي، تفقه بابن جريج، وبه تفقه إمامنا الشافعي، وأخذ عنه قراءة ابن كثير المكي، اختلف في الاحتجاج بحديثه وهو لا بأس به إن شاء الله، قال الذهبي في السير: بعض النقاد يرقى حديثه إلى درجة الحسن، انظر عنه في: تهذيب الكمال [27/ 508] ، طبقات ابن سعد [5/ 499] ، سير أعلام النبلاء [8/ 176] ، العقد الثمين [7/ 187] ، تذكرة الحفاظ [1/ 255] ، الميزان [4/ 102] ، التاريخ الكبير [7/ 260] ، الجرح والتعديل [8/ 183] ، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 عن ابن جريج، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، ثنا ابن عباس أنه حين كان بين أم إسماعيل بن إبراهيم وبين سارة امرأة إبراهيم ما كان أقبل إبراهيم نبي الله صلوات الله وسلامه عليه بأم إسماعيل وإسماعيل وهو صغير يرضعها، حتى قدم بها مكة، ومع أم إسماعيل شنة فيها ماء تشرب منه وتدر على ابنها وليس معها زاد، فعمد بها إلى دوحة فوق- تهذيب التهذيب [10/ 115] ، ثقات ابن حبان [7/ 448] ، الكامل لابن عدي [6/ 2310] ، الكاشف [3/ 123] ، التقريب [/ 529] الترجمة رقم 6625. قوله: «عن ابن جريج» : هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام شيخ الحرم أبو خالد وأبو الوليد القرشي، الأموي- مولى أمية بن خالد-، المكي، أول من دون العلم بمكة، لازم عطاء بن أبي رباح فأكثر عنه وجود، وكان أحد الأئمة الأعلام، انظر عنه في: تاريخ بغداد [10/ 400] ، تهذيب الكمال [18/ 338] ، التاريخ الكبير [5/ 422] ، الجرح والتعديل [5/ 356] ، تذكرة الحفاظ [1/ 169] ، سير أعلام النبلاء [6/ 325] ، وفيات الأعيان [3/ 163] ، العقد الثمين [5/ 508] ، الميزان [2/ 659] ، طبقات المفسرين [1/ 352] ، العبر [1/ 213] ، الكاشف [2/ 185] ، تهذيب التهذيب [6/ 357] . قوله: «عن كثير بن كثير» : هو ابن المطلب بن وداعة السهمي، القرشي، المكي، أحد الثقات. تهذيب الكمال [24/ 151] ، ثقات ابن حبان [7/ 349] ، تهذيب التهذيب [8/ 381] ، الكاشف [3/ 6] ، التاريخ الكبير [7/ 211] ، الجرح والتعديل [7/ 156] ، التقريب [/ 460] ، الترجمة رقم 5625، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 494] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 زمزم في أعلى المسجد، فوضعهما تحتها، ثم توجه إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه راجعا على دابته، فنادته أم إسماعيل وقالت: إلى من تتركني وولدي؟ قال: إلى الله عزّ وجلّ، فقالت: قد رضيت بالله، فرجعت أم إسماعيل تحمل ابنها حتى قعدت تحت الدوحة، ووضعت ابنها إلى جنبها، وعلقت شنها تشرب منها وترضع ابنها، حتى فني ماء شنها فانقطع درها، فجاع ابنها فاشتد جوعه حتى خشيت أن يموت، فقالت أم إسماعيل: لو تغيبت عنه حتى يموت ولا أرى موته، فعمدت إلى الصفا رجاء أن ترى أحدا بالوادي، ثم نظرت إلى المروة فقالت: لو مشيت بين هذين الجبلين، فتعللت: حتى يموت الصبي ولا أراه، فمشت- ثلاث مرات أو أربع-، ثم رجعت فرأته كما تركته، فعادت إلى الصفا، ومشت إلى المروة حتى كمل سبع مرات. قوله: «في أعلى المسجد» : زاد أبو الوليد في تاريخه: يشير لنا بين البئر وبيت الصفة. قوله: «راجعا على دابته» : لفظ أبي الوليد: خارجا على دابته، فتبعت أم إسماعيل أثره حتى وافى إبراهيم بكدا. قوله: «فاشتد جوعه» : زاد أبو الوليد: حتى نظرت إليه أمه يتشحط فخشيت أم إسماعيل أن يموت فأحزنها ذلك. قوله: «ثلاث مرات أو أربع» : زاد أبو الوليد: ولا تجيز ببطن الوادي في ذلك. قوله: «فرأته كما تركته» : زاد أبو الوليد: فوجدته ينشع كما تركته، فأحزنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: هذا كان ابتداء السعي بين الصفا والمروة. فرجعت تطالع ابنها، فوجدته كما تركته، فسمعت صوتا- ولم يكن معها أحد غيرها- فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير، فخرج لها جبريل عليه السّلام، فاتبعته حتى ضرب برجله مكان البئر فظهر ماء زمزم، فحاضته أم إسماعيل بتراب ترده خشية أن يفوتها قبل أن تأتي بشنها. قال ابن عباس: قال أبو القاسم عليه السّلام: لو تركته أم إسماعيل كان عينا معينا يجري. قال: فجاءت أم إسماعيل بشنها، فاستقت وشربت، ودرّت على ابنها، وجاء الطير طلبا للماء، فبينا هي كذلك، إذ مر ركب من جرهم قافلين من الشام، فرأوا الطير على الماء، فأرسلوا رجلين حتى أتيا أم إسماعيل، فكلماها، ثم رجعا إلى ركبهما فأخبراهم بالماء وبأم إسماعيل، فرجع الركب كلهم حتى حيّوها، فردت عليهم، وقالوا: لمن هذا الماء؟ قالت: لي، قالوا: أتأذنين لنا أن نسكن معك عليه؟ قوله: «فظهر ماء زمزم» : كذا في الأصول، وفي رواية أبي الوليد [2/ 40] : فظهر ماء فوق الأرض، وجملة فحاضته عنده من المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: «قال: فجاءت أم إسماعيل» : القائل: هو ابن عباس رضي الله عنهما. قوله: «قالت: نعم» : زاد أبو الوليد: قال ابن عباس: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ألفى ذلك أم إسماعيل وقد أحبت الأنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 قالت: نعم، فبعثوا إلى أهليهم، فقدموا، فسكنوا تحت الدوح، واعترشوا عليها العرش، ومكثوا ما شاء الله. ثم إن جرهم استخفّوا بحرمة البيت، وارتكبوا العظائم من الذنب، فنضب ماء زمزم، وانقطع حتى عمي مكانه. قوله: «ثم إن جرهم استخفوا» : اختصر المصنف رواية أبي الوليد، وتمام لفظه بعد قوله: ومكثوا ما شاء الله: فلما استخفت جرهم بالحرم وتهاونت بحرمة البيت وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها سرّا وعلانية وارتكبوا مع ذلك أمورا عظاما: نضب ماء زمزم وانقطع، فلم يزل موضعه يدرس ويتقادم وتمر عليه السيول عصرا بعد عصر حتى غبّي مكانه، وقد كان عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي قد وعظ جرهما في ارتكابهم الظلم في الحرم واستخفافهم بأمر البيت وخوفهم النقم وقال لهم: إن مكة بلد لا تقر ظالما، فالله الله قبل أن يأتيكم من يخرجكم منها خروج ذل وصغار، فتتمنوا أن تتركوا تطوفون بالبيت فلا تقدروا على ذلك، فلما لم يزدجروا ولم يعوا وعظه عمد إلى غزالين كانا في الكعبة من ذهب وأسياف قلعية كانت أيضا في الكعبة فحفر لذلك كله بليل في موضع زمزم ودفنه سرّا منهم حين خافهم عليه، فسلط الله عليهم خزاعة فأخرجتهم من الحرم ووليت عليهم الكعبة والحكم بمكة ما شاء الله أن تليه، وموضع زمزم في ذلك لا يعرف؛ لتقادم الزمان، حتى بوأه الله تعالى لعبد المطلب بن هاشم لما أراد الله من ذلك فخصه به من بين قريش. تنبيه: ذكر المصنف هنا قصة حفر عبد المطلب زمزم ورؤياه التي رآها في ذلك، نقلناها إلى أبواب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم للمناسبة، واتباعا لعمل أهل السير والدلائل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 [80- فصل: ذكر ما جاء في فضل مائها وهو ماء زمزم] 80- فصل: ذكر ما جاء في فضل مائها وهو ماء زمزم 416- روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ماء زمزم لما شرب له. 417- وعن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق. (416) - قوله: «روى جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 372، 375] ، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 453] رقم 3775، وابن ماجه في المناسك، باب الشرب من زمزم، رقم 3062، والطبراني في الأوسط [1/ 469] رقم 853، والفاكهي في أخبار مكة برقم 1076، والأزرقي في تاريخ مكة [2/ 52] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 148، 202] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 303] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1455] ، والخطيب في تاريخه [3/ 179] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 37] ، جميعهم من حديث عبد الله بن المؤمل- مداره عليه، وهو ضعيف، يعتبر بروايته-، عن أبي الزبير، عن جابر به، وللحافظ ابن حجر رسالة نافعة شافية كافية في تحسين هذا الحديث وبيان طرقه وشواهده أتى فيها بما لا مزيد عليه فليراجعها من شاء. (417) - قوله: «التضلع من ماء زمزم» : أخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 52] وفي إسناده الواقدي، لكن له شاهد قوي، بل صححه بعضهم عن ابن عباس أنه سأل رجلا: من أين جئت؟ قال: من زمزم، قال: فشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ينبغي؟ قال: إذا شربت فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله، وتنفس ثلاثا، وتضلع- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 ......... - منها، فإذا فرغت فاحمد الله عزّ وجلّ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم. رواه عثمان بن الأسود فاختلف عليه فيه: 1- فقال ابن المبارك عنه: عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر- وهو القرشي، الجمحي، لم يضعف، بل سكت عنه البخاري، ووثقه ابن حبان، وقال الذهبي في الميزان: صدوق-، عن ابن عباس، أخرجه البخاري في الأوسط [2/ 163] ، في الكبير [1/ 158] . * وتابع ابن المبارك: (أ) عبيد الله بن موسى، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 158] ، ابن ماجه في المناسك، باب الشرب من زمزم، رقم 3061. (ب) مكي بن إبراهيم، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [5/ 147] . قال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات. 2- وخالفهم الثوري- والإمام أحمد يقدمه عند المخالفة-، فقال عن عثمان: عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، به، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 112- 113] رقم 9111، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 124] رقم 11246. * وتابع الثوري عن عثمان: (أ) عبد الرحمن بن بوذويه، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 158] . (ب) الفضل بن موسى، أخرج حديثه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 158] ، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 28] رقم 1079، لكن روي عنه بتسمية شيخ عثمان: ابن أبي مليكة الفقيه الثقة، وروي عنه بتسميته: عبد الرحمن بن أبي مليكة وهذا ضعيف. (ج) إسماعيل بن زكرياء، أخرجه البخاري في تاريخه [1/ 158] ، والدارقطني [2/ 288] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 147] من طريق- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 ......... - الحاكم وهو في مستدركه [1/ 472] ، لكنه في المستدرك بإسقاط شيخ عثمان، فصارت صورته صورة المنقطع فرهن الحاكم صحته بسماع عثمان، فرد الذهبي بقوله: ما لحقه، فيحتمل أنه عند الحاكم من الوجهين كما يظهر من رواية البيهقي، عن الحاكم الموصولة. 3- ورواه عبد المجيد بن أبي راود، عن عثمان، عن مجاهد، عن ابن عباس به، وفيه قصة، أخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 57] ، سأسوق لفظه بعد التخريج. فإن قلنا بإسقاط رواية الفضل بن موسى للاضطراب فيها، فيبقى رواية ابن المبارك ومن تابعه، وقد صححها البوصيري. وفي الطرف الآخر رواية الثوري ومن تابعه- وهو: إسماعيل بن زكرياء، وعبد الرحمن بن بوذويه-، وهي الأقوى في الصحة من حيث رجال الإسناد، والله أعلم بالصواب، وقد أخرج شطره الأخير أيضا: أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 52] ، من حديث رجل من الأنصار، عن أبيه، عن جده. فأما رواية ابن أبي روّاد، فأخرجها أبو الوليد [2/ 57] : عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة زمزم فأمر بدلو فنزعت له من البئر، فوضعها على شفة البئر، ثم وضع يده من تحت عراقي الدلو ثم قال: بسم الله، ثم كرع فيها فأطال، ثم أطال، فرفع رأسه فقال: الحمد لله، ثم عاد فقال: بسم الله، ثم كرع فيها فأطال- وهو دون الأول- ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله، ثم كرع فيها فقال: بسم الله، فأطال- وهو دون الثاني- ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله، ثم قال صلى الله عليه وسلم: علامة ما بيننا وبين المنافقين لم يشربوا منها قط حتى يتضلعوا. الشطر الأخير منه أخرجه أيضا أبو الوليد [2/ 52] ، من حديث رجل من الأنصار عن أبيه، عن جده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 418- وقال ابن عباس: صلّوا في مصلى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار، قيل: ما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب، قيل: وما شراب الأبرار؟ قال: زمزم. 419- وروي عن وهب بن منبه أنه قال: والذي نفسي بيده إنها لفي كتاب الله: برّة، وشراب الأبرار، طعام طعم وشفاء سقم، وكان وهب يكثر شرب زمزم ويقول: والذي نفس وهب بيده لا يعمد إليها أحد فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت منه داء، وأحدثت له شفاء. (418) - قوله: «صلوا في مصلى الأخيار» : أخرجه أبو الوليد الأزرقي [2/ 52- 53] ، من حديث عنبسة بن سعيد، عن إبراهيم بن عبد الله، عن عطاء، عنه به، وسيأتي ضمن رسالة الحسن البصري. (419) - قوله: «وروي عن وهب بن منبه» : أخرج حديثه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 117- 118] رقم 9121، والأزرقي في تاريخ مكة [2/ 49- 50]- واللفظ له-، وسعيد بن منصور كما في الدر المنثور وغيره. قال الأزرقي عن ابن خثيم: قدم علينا وهب بن منبه، فاشتكى، فجئنا نعوده، فإذا عنده من ماء زمزم، قال فقلنا: لو استعذبت فإن هذا ماء فيه غلظ؟ قال: ما أريد أن أشرب غيره حتى أخرج منها، والذي نفس ابن وهب بيده إنها لفي كتاب الله زمزم، لا تنزف ولا تذم، وإنها لفي كتاب الله برّة، شراب الأبرار، وإنها لفي كتاب الله مضنونة، وإنها لفي كتاب الله طعام طعم وشفاء سقم، والذي نفس وهب بيده لا يعمد إليها أحد فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت منه داء وأحدثت له شفاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 420- وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: خير واديين: وادي مكة، وواد بالهند هبط به آدم عليه السّلام، وشر واديين: وادي الأحقاف، وواد بحضر موت، وخير بئر: بئر زمزم، وشر بئر: بئر برهوت الذي يجمع فيه أرواح الكفار. 421- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بسجل من زمزم فتوضأ ثم قال: انزعوا يا بني عبد المطلب، فلولا أن تغلبوا عليها لنزعت معكم. 422- وعن مجاهد قال: ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تريد به شفاء شفاك الله، وإن شربته لظمأ أرواك الله، وإن شربته لجوع أشبعك الله، (420) - قوله: «وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 116] رقم 9118، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 50] ، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 43] رقم 1110، وإسناده قوي. قوله: «بئر برهوت» : زاد يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن علي رضي الله عنه في هذا الحديث: بئر ماؤها بالنهار أسود كأنه القيح، تأوي إليه الهوام. (421) - قوله: «انزعوا يا بني عبد المطلب» : هو طرف من حديثه الطويل صلى الله عليه وسلم في صفة حجه صلى الله عليه وسلم، يأتي تخريجه فيه. (422) - قوله: «وعن مجاهد» : هو ابن جبر، الإمام، شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج المخزومي مولاهم، المكي، صحب ابن عباس فأكثر عنه وأطاب، وعنه أخذ القرآن فجوده، والتفسير والفقه، وكان من أعلام أهل الحرم، انظر عنه في: تاريخ ابن عساكر [57/ 17] ، تهذيب الكمال [27/ 228] ، سير أعلام- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وهي هزمة جبريل عليه السّلام بعقبه، وسقيا الله إسماعيل عليه السّلام. قال: والهزمة: الغمزة بالعقب في الأرض، قال: ماء زمزم شقت من الهزمة. 423- وعن طاوس قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يفيضوا نهارا، - النبلاء [4/ 449] ، العقد الثمين [7/ 132] ، طبقات ابن سعد [5/ 446] ، حلية الأولياء [3/ 279] ، تذكرة الحفاظ [1/ 86] ، التاريخ الكبير [7/ 411] ، الثقات لابن حبان [5/ 419] ، تهذيب التهذيب [10/ 38] ، الكاشف [3/ 106] ، الجرح والتعديل [8/ 319] ، المعرفة والتاريخ [1/ 711] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 83] ، البداية والنهاية [9/ 224] ، غاية النهاية [2/ 41] ، معرفة القراء الكبار [1/ 66] ، طبقات المفسرين [2/ 305] . قوله: «وسقيا إسماعيل عليه السّلام» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 118] رقم 9124، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 50] ، كلاهما من حديث ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عنه به. وعزاه في الدر المنثور أيضا [4/ 153] : لسعيد بن منصور والحكيم الترمذي في النوادر. خالفه محمد بن حبيب- قال ابن القطان: كان صدوقا- فأسنده إلى ابن عباس ورفعه، أخرجه الدارقطني [2/ 289] ، وقال الحاكم في المستدرك [1/ 473] : صحيح الإسناد إن سلم من محمد بن حبيب. (423) - قوله: «وعن طاوس» : هو ابن كيسان اليماني، الإمام الفقيه القدوة: أبو عبد الرحمن الجندي، الفارسي، الحافظ التابعي الجليل، أدرك جماعة من الصحابة، يعد في كبار- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وأفاض في نسائه ليلا، وطاف صلى الله عليه وسلم بالبيت على ناقته، ثم جاء زمزم وقال: ناولوني، فنوول دلوا فشرب منها، ثم مضمض، ثم مجّ في الدلو، ثم أمر بما في الدلو فأفرغ في البئر. 424- وعن الضحاك بن مزاحم قال: إن الله تبارك وتعالى يرفع المياه العذاب قبل يوم القيامة غير زمزم، وتغور المياه غير زمزم، وتلقي الأرض ما في بطنها من ذهب وفضة، فيأتي الرجل بالجراب فيه الذهب والفضة فيقول: من يقبل هذا مني؟ فيقول: لو أتيتني به أمس لقبلته. - أصحاب ابن عباس، وكان من أهل العبادة والزهد والورع، انظر عنه في: حلية الأولياء [4/ 3] ، طبقات ابن سعد [5/ 537] ، التاريخ الكبير [4/ 365] ، المعرفة والتاريخ [1/ 705] ، تهذيب الكمال [13/ 357] ، الجرح والتعديل [4/ 500] ، وفيات الأعيان [2/ 509] ، غاية النهاية [1/ 341] ، سير أعلام النبلاء [5/ 38] ، تذكرة الحفاظ [1/ 90] ، النجوم الزاهرة [1/ 260] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 251] ، تهذيب التهذيب [5/ 8] ، الكاشف [2/ 37] ، طبقات الفقهاء للشيرازي [/ 73] . قوله: «فأفرغ في البئر» : هو مسند عن المصنف، بإسناده إلى أبي الوليد الأزرقي، أخرجه هكذا مرسلا في تاريخ مكة [2/ 55، 55، 56، 57] وزاد: ثم قال صلى الله عليه وسلم: لولا أن تغلبوا عليها لنزعت معكم. وأخرجه أيضا عن ابن جريج، عمن سمع طاوسا أطول منه وفيه قصة. (424) - قوله: «وعن الضحاك بن مزاحم» : أخرج قوله أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 59] ، فهو مسند عن المصنف كالذي قبله، وأخرجه أيضا الفاكهي في أخبار مكة [2/ 67] رقم 1165، كلاهما من حديث مقاتل بن حيان، عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 425- وعن كعب أنه قال لزمزم: إنا نجد: مضنونة، ضنّ بها لكم، وأول من سقي ماؤها إسماعيل عليه السّلام، طعام طعم وشفاء سقم. 426- وعن الضحاك بن مزاحم قال: بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق، وأن ماءها يذهب بالحمى والصداع، وأن الاطلاع فيها يجلو البصر، وأنه سيأتي عليها زمان تكون أعذب من النيل والفرات. قال أبو سعيد: يقال: إن ماء زمزم تطاول على المياه فقمع بماء أبي قبيس، فإذا ظهر ماء أبي قبيس على زمزم كثرت ملوحته، وإذا ظهر ماء زمزم كثرت عذوبته. (425) - قوله: «وعن كعب» : أخرج قوله الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 115] رقم 9116، وأبو الوليد في تاريخ مكة [2/ 50، 53] ، والفاكهي في أخبار مكة [2/ 33] رقم 1088. (426) - قوله: «بلغني أن التضلع من ماء زمزم» : أخرجه أبو الوليد في تاريخ مكة [2/ 54] ، من طريق مقاتل بن حيان، عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 [81- فصل: ذكر ما كان عليه ذرع البيت حتّى صار إلى ما هو عليه اليوم من خارج وداخل] 81- فصل: ذكر ما كان عليه ذرع البيت حتّى صار إلى ما هو عليه اليوم من خارج وداخل 427- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله سنة ستة وسبعين وثلاثمائة، ثنا محمد بن نافع بن محمد الخزاعي بمكة في المسجد الحرام، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي، ثنا أبو الوليد: محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي، قال: كان إبراهيم خليل الرحمن بنى الكعبة، فجعل طولها في السماء تسعة أذرع، وطولها في الأرض: ثلاثين ذراعا، وعرضها في الأرض: اثنين وعشرين ذراعا، وكان غير مسقف على عهد إبراهيم عليه السّلام، ثم بنته قريش في الجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ غلام، فزادت في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى، فكانت في السماء ثمانية عشر ذراعا، وسقفوها، ونقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع وشبرا تركوها في الحجر، واستقصرت دون قواعد إبراهيم عليه السّلام، فجعلوها ربضا في بطن الكعبة، فبنوا عليها حين قصرت بهم النفقة، وحجزوا الحجر على بقية البيت لئلا يطوف الطائف من ورائه. (427) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو في تاريخه [1/ 288- 289] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 ولم يزل على ذلك حتى كان زمن عبد الله بن الزبير، فهدم الكعبة وردها إلى قواعد إبراهيم، وزاد في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى على بناء قريش، فصارت في السماء سبعة وعشرين ذراعا، وأوطأ بابها في الأرض، وفتح في ظهرها بابا آخر مقابل هذا الباب. فكانت على ذلك حتى قتل ابن الزبير وظهر الحجاج، وأخذ مكة، ثم كتب إلى عبد الملك بن مروان يأمره أن يهدم ما كان ابن الزبير زاد من الحجر في الكعبة، ففعل، وردها إلى قواعد قريش التي استقصرت في بطن البيت، وكبسها بما فضل من حجارتها، وسد بابها الذي في ظهرها، ورفع بابها هذا الذي في وجهها والذي هي عليه اليوم من الذرع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 [82- فصل: ذكر تاريخ البيت وفضل ما حوله وما جاء في الحجر الأسود والرّكن والمقام والحجر] 82- فصل: ذكر تاريخ البيت وفضل ما حوله وما جاء في الحجر الأسود والرّكن والمقام والحجر 428- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان البيت قبل هبوط آدم عليه السّلام ياقوتة من يواقيت الجنة، وكان له بابان من زمرد أخضر، باب شرقي، وباب غربي، وفيه قناديل من الجنة، البيت المعمور الذي في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة. (428) - قوله: «عن ابن عباس» : أخرج حديثه بطوله الجندي في فضائل مكة: حدثنا عبد الله بن أبي غسان اليماني، ثنا أبو همام، ثنا محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس به. ومن طريق الجندي أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [3/ 272] رقم 4815، إلى قوله: وفيه قناديل من الجنة، وابن الجوزي في المثير [1/ 350] رقم 203. قوله: «البيت المعمور الذي في السماء» : روي هذا الشطر من أوجه كثيرة، منها: ما أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 153] ، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 470] رقم 11530، وابن جرير في تفسيره [27/ 17] ، والبيهقي في الشعب [3/ 438] رقم 3993، جميعهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس به، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 468] . - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 429- وروي: أن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى موضع الكعبة- وهو مثل الفلك من شدة رعدته- أنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة بيضاء، فأخذه آدم عليه السّلام فضمه إليه استئناسا، ثم أخذ الله من بني آدم ميثاقهم فجعله في الحجر، ثم أنزل على آدم العصا، ثم قال: يا آدم تخط، فتخطى فإذا هو بأرض الهند، فمكث هناك ما شاء الله، - وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 417] رقم 12185، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخه [1/ 49] من حديث كريب، والبيهقي في الشعب [3/ 439] رقم 3997، من حديث عكرمة، كلاهما عن ابن عباس- وهذا لفظه-: إن في السماء السابعة بيتا يقال له: الضّراح، وهو فوق البيت العتيق من حياله، حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض، يلجه في كل ليلة سبعون ألف ملك يصلون فيه، لا يعودون إليه أبدا غير تلك الليلة. في إسناد الطبراني إسحاق بن بشر وهو متروك، لكن تابعه سعيد بن سالم، - وهو أيضا ضعيف- أخرج حديثه الواحدي في تفسيره. * وقد خالفهما صفوان بن سليم عن كريب، رواه الأسلمي، عنه، عن كريب مرسلا، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 28] رقم 8874. وفي الباب عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وعائشة رضي الله عنه أجمعين، وروي عن قتادة، والضحاك، أورد أحاديثهم السيوطي في الدر المنثور [7/ 627- 629] . (429) - قوله: «لما أهبط آدم» : أخرج هذا الشطر منه أبو الوليد الأزرقي في تاريخ [1/ 36] ، من حديث طلحة بن عمرو- أحد الضعفاء- عن عطاء، عن ابن عباس قوله، وأخرجه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 ثم استوحش إلى البيت، فقيل له: احجج يا آدم، فأقبل يتخطى فصار موضع كل قدم قرية، وما بين ذلك مفازة، حتى قدم مكة فلقيته الملائكة، فقالوا: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال: فما كنتم تقولون حوله؟ قالوا: كنا نقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فكان آدم إذا طاف بالبيت قال هؤلاء الكلمات. 430- وكان آدم عليه السّلام يطوف بالبيت سبعة أسابيع بالليل، وخمسة أسابيع بالنهار، فقال آدم: يا رب اجعل لهذا البيت عمّارا يعمرونه من ذريتي، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: إني معمره بنبي من ذريتك اسمه إبراهيم، أتخذه خليلا، أقضي على يديه عمارته، وأنيط له سقايته، وأريه حله وحرمه ومواقفه، وأعلّمه مشاعره ومناسكه، فإذا فرغ من بنائه نادى: يا أيها الناس إن الله تعالى بنى بيتا فحجّوه، فأسمع من بين الخافقين، فأجابوه: لبيك اللهمّ لبيك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن آدم عليه السّلام سأل ربه عزّ وجلّ فقال: يا رب أسألك من حج هذا البيت من ذريتي لا يشرك بك شيئا أن تلحقه بي في الجنة، فقال الله تعالى: يا آدم من مات في الحرم لا يشرك بي شيئا بعثته آمنا يوم القيامة. - أيضا [1/ 38] ، بإسناد ضعيف عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن عبد الله بن لبيد قال: بلغني عن ابن عباس. (430) - قوله: «وكان آدم عليه السّلام» : هو في تاريخ الأزرقي أطول منه [1/ 43- 44] ، بإسناد ضعيف عن أبي هريرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 431- وروى أبو قرة، عن معمر: أن سفينة نوح عليه السّلام طافت بالبيت سبعا، حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه، وبقي أساسه، وبوأه الله عزّ وجلّ لإبراهيم عليه السّلام فبناه بعد ذلك، وذلك قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ الآية. 432- وذكر ابن جريج رضي الله عنه في حديثه: أنه لما كان الغرق رفع الله عزت قدرته إليه البيت، واستودع الركن أبا قبيس، حتى إذا كان بناء (431) - قوله: «وروى أبو قرة» : هو موسى بن طارق الزبيدي، الحافظ الصدوق، أبو قرة اليماني، قاضي زبيد، من رجال النسائي، وممن أثنى عليه الإمام أحمد، قال ابن حبان: كان ممن جمع وصنف، وتفقه وذاكر، يغرب، ووصفه الذهبي في السير بالإمام المحدث الحجة. انظر: تهذيب الكمال [29/ 80] ، ثقات ابن حبان [9/ 159] ، سير أعلام النبلاء [9/ 346] ، تهذيب التهذيب [10/ 312] ، الكاشف [3/ 163] ، الميزان [5/ 332] ، الجرح والتعديل [8/ 148] ، التقريب [/ 551] الترجمة رقم 6977، العبر [1/ 257] . قوله: «عن معمر» : هو ابن راشد الحداني، الإمام الحافظ المفسر، تقدم في حديث رقم: 333. قوله: «أن سفينة نوح طافت بالبيت» : أخرجه من هذا الوجه: الحافظ الجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور -[1/ 316] . (432) - قوله: «وذكر ابن جريج» : يعني: عن مجاهد كما في تاريخ الأزرقي [1/ 50- 51] ، والدر المنثور [1/ 314] ، ورواه أيضا ابن جريج عن جويبر، أخرجه الجندي- كما في الدر المنثور [1/ 314]- ضمن الأول من حديث معمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 إبراهيم عليه السّلام نادى أبو قبيس إبراهيم فقال: يا إبراهيم هذا الركن، فجاء فحفر عنه فجعله في البيت. 433- وعن الزهري أنه قال: وجد حجر في أساس البيت مكتوب في جوانبه الأربع، فأرادوا قراءته فلم يجدوا أحدا يقرأه حتى جاء حبر من أحبار اليمن فقرأه فإذا في جانبه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والأرضين، ووضعت هذين الجبلين يوم وضعت الشمس والقمر، وحففتهما بسبعة أملاك حنفاء، مبارك لأهلها في اللحم والماء- وقال آخرون: في اللحم واللبن-. وفي الجانب الآخر: هذا بيت الله الحرام، يأتيه رزقه من ثلاثة سبل، أهله أول من يستحله. وفي الجانب الآخر: أنا الله لا إله إلا أنا، قدرت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وقدرته له، وويل لمن خلقته للشر وقدرته له. 434- ويقال: إنه مكتوب في أسفل المقام: إني أنا الله ذو بكة، (433) - قوله: «مكتوب في جوانبه الأربع» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 150] رقم 9219، ومن طريقه البيهقي في الشعب [3/ 445] رقم 4017. وأخرجه ابن إسحاق في السيرة [1/ 196] : حدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية. وأخرجه عبد الرزاق أيضا برقم 9221 من حديث معمر، عن رجل، عن مجاهد. (434) - قوله: «في أسفل المقام» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق [5/ 150] رقم 9220، من حديث ابن جريج، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 حرمتها يوم خلقت السماوات والأرضين، ويوم وضعت هذين الجبلين، وحففتهما بسبعة أملاك حنفاء. 435- وقال صلى الله عليه وسلم: إن حول الكعبة لقبور ثلثمائة نبي، وإن ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود لقبور سبعين نبيا صلوات الله عليهم أجمعين، وكل نبي من الأنبياء إذا كذبه قومه خرج من بين أظهرهم فأتى الكعبة فعبد الله حتى يموت. 436- وروي: أن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله- عن مجاهد، وفيه: مكتوب في الحجر: ... ليس فيه الجملة الأخيرة: ما أعلم أنه ينزل ... ، وقال ابن إسحاق في السيرة [1/ 194- ابن هشام] : حدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه: مكة بيت الله الحرام يأتيها رزقها من ثلاثة سبل، لا يحلها أول من أهلها. (435) - قوله: «فعبد الله حتى يموت» : طرفه الأخير تقدم في أول الباب، وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 120] رقم 9129، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 134] ، والبيهقي في الشعب [3/ 441] رقم 4006 من حديث ابن خثيم، عن ابن سابط عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال: ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم إلى الحجر قبر تسعة وتسعين- وفي بعض المصادر: سبعة وسبعين- نبيا، جاءوا حاجين فماتوا فقبروا هنالك، وأخرج أبو الوليد [1/ 73] عن مقاتل قوله: في المسجد الحرام بين زمزم والركن قبر سبعين نبيّا، منهم: هود، وصالح، وإسماعيل، وقبر آدم، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف في بيت المقدس. (436) - قوله: «وروي أن إسماعيل بن إبراهيم» : أخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 312] قال: حدثنا جدي، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 عليهما شكا إلى ربه حر مكة، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: أني أفتح لك بابا من أبواب الجنة في الحجر، يجري عليك منه الروح إلى يوم القيامة. 437- وروي: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أقبل ذات يوم فقال لأصحابه: ألا تسألوني من أين جئت؟ قالوا: من أين جئت يا أمير المؤمنين؟ قال: ما زلت قائما على باب الجنة- وكان قائما تحت الميزاب يدعو الله عنده-. 438- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الركن اليماني باب من أبواب الجنة، وما من أحد يدعو الله عند الركن الأسود إلا استجيب له. - عن خالد بن عبد الرحمن بن خالد المخزومي قال: حدثني المبارك بن حسان الأنماطي قال: رأيت عمر بن عبد العزيز في الحجر فسمعته يقول: شكا إسماعيل عليه السّلام ... القصة، وزاد في آخره: وفي ذلك الموضع توفي، قال خالد: فيرون أن ذلك الموضع ما بين الميزاب إلى باب الحجر الغربي فيه قبره، وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 119] رقم 9128، من حديث ابن جريج قال: بلغني عن كعب أنه قال: دفن إسماعيل بين زمزم والركن والمقام. (337) - قوله: «وكان قائما تحت الميزاب» : روي هذا عن الحسن البصري ضمن رسالته الطويلة المشهورة لرجل من أهل مكة، أخرجها بطولها الفاكهي في تاريخه [2/ 288] رقم 1545، وستأتي. (438) - قوله: «باب من أبواب الجنة» : أخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [1/ 338] موقوفا على ابن الزبير، وأخرجه [1/ 339] عن مجاهد قوله: من وضع يده على الركن اليماني ويدعو إلا أستجيب له، وأيضا بلفظ: ما من إنسان يضع يده على الركن اليماني- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 439- قال: وكذلك عند الركن اليماني، وكذلك عند الميزاب. 440- وعن سعيد بن المسيب أنه قال: الركن والمقام حجران من حجارة الجنة. 441- سئل عطاء عن استلام الركن اليماني وهو في الطواف فقال: - ثم دعا إلا استجيب له، قال: وبلغني أن بين الركن اليماني والركن الأسود سبعين ألف ملك لا يفارقونه، هم هنالك منذ خلق الله سبحانه البيت. (439) - قوله: «وكذلك عند الميزاب» : أخرج أبو الوليد [1/ 318] من حديث عثمان بن ساج، عن عطاء قال: من قام تحت مثعب الكعبة فدعا استجيب له، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وأخرجه أيضا من حديث ابن جريج عن عطاء قوله. (440) - قوله: «الركن والمقام حجران» : حديث ابن المسيب أخرجه الفاكهي في تاريخه [1/ 86] رقم 12، بذكر الركن دون المقام، وقد ثبت هذا مرفوعا، فأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 39] رقم 8921، والإمام أحمد في المسند [2/ 213- 214] ، الترمذي في المناسك، باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام، رقم 878، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخه [1/ 328] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 75] ، جميعهم من طريق مسافع الحجبي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، ولولا أن الله طمس على نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب، صححه ابن خزيمة برقم 2731، 2732، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 3710، والحاكم في المستدرك [1/ 456] . (441) - قوله: «سئل عطاء» : السائل له هو: ابن هشام، حديثه عند ابن ماجه في المناسك، باب فضل الطواف، من طريق إسماعيل بن عياش، ثنا حميد بن أبي سوية قال: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكّل الله به سبعين ملكا، ثم قال: اللهمّ إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. 442- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مررت بالركن اليماني قط إلا وجدت جبريل قائما عنده يقول: يا محمد استلم. 443- وقال صلى الله عليه وسلم: إن خير البقاع وأقربها من الله: ما بين الركن والمقام. - سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني ... الحديث رقم 2957، وأخرجه الآجري في جزء مسألة الطائفين برقم 8، والفاكهي في تاريخ مكة [1/ 138] رقم 152، وابن عدي في الكامل [2/ 690]- في ترجمة حميد هذا، وقال: أحاديثه عن عطاء غير محفوظة- وابن الجوزي في مثير العزم برقم 225. (442) - قوله: «ما مررت بالركن اليماني» : أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 338] من حديث عبد الله بن حميد، عن إبراهيم النخعي، عنها. ورواه من وجه آخر: عن عثمان بن ساج، عن عطاء قال: قيل يا رسول الله، رأيناك تكثر استلام الركن اليماني، فقال- إن كان قاله-: ما أتيت عليه قط إلا وجبريل قائم عنده يستغفر لمن استلمه، مرسل ورواه من وجه آخر عن عثمان بن ساج قال: أخبرني عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب نحوه، إلا أنه قال: وعنده ملك بدل: جبريل. (443) - قوله: «إن خير البقاع» : أخرجه الفاكهي من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: أي البقاع خير؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قالت: قلت: يا رسول الله كأنك تريد بين الركن والمقام؟ قال صلى الله عليه وسلم: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 444- وقال صلى الله عليه وسلم: الركن يمين الله في الأرض، يصافح به عباده كما يصافح أحدكم أخاه. - صدقت، إن خير البقاع وأطهرها وأزكاها وأقربها من الله تعالى ما بين الركن والمقام، وإن فيما بين الركن والمقام روضة من رياض الجنة، فمن صلى فيه أربع ركعات نودي من بطنان العرش: أيها العبد غفر لك ما قد سلف منك، فاستأنف العمل. رجال إسناده عن آخرهم ثقات غير أحمد بن صالح شيخ الفاكهي في هذا الحديث، قال محققه: لم أقف عليه. (444) - قوله: «الركن يمين الله في الأرض» : روي موقوفا على ابن عباس بإسناد صحيح، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 39] رقم 8919، 8920، وابن أبي عمر في مسنده- كما في إتحاف البوصيري [4/ 74- 75] رقم 3351، وأبو الوليد الأزرقي [1/ 324] ، والفاكهي في تاريخه [1/ 89] رقم 20، 21، جميعهم من طريق محمد بن عباد بن جعفر، عنه، وصحح إسناده البوصيري في إتحاف الخيرة. ومن طرق عن ابن عباس، أخرجه عبد الرزاق برقم 8920، الطبراني- كما في إتحاف السادة للزبيدي [4/ 451] ، أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 326] ، الفاكهي في تاريخه [1/ 93] ضمن رقم 28. وأخرجه الخطيب في تاريخه [6/ 328] ، من طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 85] رقم 944، من حديث جابر بن عبد الله بإسناد فيه إسحاق بن بشر الكاهلي عن شيخه أبي معشر المدني، وهما ضعيفان. وأخرج ابن ماجه في المناسك برقم 957- وهو طرف من المتقدم قريبا-، والفاكهي في تاريخه [1/ 87- 88] رقم 15، وابن عدي في الكامل [2/ 690] من حديث ابن أبي سوية قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء وهو في الطواف: يا أبا محمد، ما بلغك في هذا الركن الأسود؟ فقال: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 445- وقال صلى الله عليه وسلم: إن الركن والمقام يأتيان يوم القيامة كل واحد منهما مثل أبي قبيس، له عينان ولسان وشفتان، يشهدان لمن وافاهما بالوفاء. (445) - قوله: «إن الركن والمقام» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 26] رقم 8890، والأزرقي في تاريخه [1/ 326] ، والفاكهي كذلك [1/ 93] ضمن حديث رقم 28، من حديث ابن جريج، عن مجاهد قوله، موقوفا عليه، غير أن مثل هذا لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. وقد روي هذا في الركن دون المقام بإسناد صحيح، فأخرج أبو محمد الدارمي في المناسك من المسند، باب الفضل في استلامه، من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا: ليبعثن الله الحجر يوم القيامة، له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق، خرجناه في شرحنا تحت رقم 1970- فتح المنان، وذكرنا تصحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم له. وأخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 211] ، والطبراني في الأوسط [1/ 337] رقم 567، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 420] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 85] رقم 945، من حديث عبد الله بن المؤمل قال: سمعت عطاء يحدث عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس، له لسان وشفتان يتكلم عمن استلمه بالسنية، وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه» ، صححه ابن خزيمة برقم 2737، والحاكم في المستدرك [1/ 457] . وهاه الذهبي في التلخيص بابن المؤمل، وقد اختلف عليه فيه، روي أيضا عنه، عن عطاء، عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 182] رقم 11432، والفاكهي في تاريخه [1/ 87] رقم 14، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 242] : بكر بن محمد وشيخه لم أعرفهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 446- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يبق في الأرض شيء من الجنة غير هذا الحجر، ولولا ما مسه من أنجاس المشركين ما استشفى به ذو عاهة إلا برأ. (446) - قوله: «إنه لم يبق في الأرض شيء من الجنة» : أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [5/ 75] ، في الشعب [3/ 449- 450] رقم 4033، من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو به مرفوعا، رجاله عن آخرهم ثقات، لكن رواه ابن جريج مرة فأوقفه على عبد الله ابن عمرو ولم يرفعه، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [1/ 38] رقم 8915، وأبو الوليد في تاريخه [1/ 322، 323] ، والفاكهي كذلك [1/ 89، 1، 92] رقم 19، 28. قلت: وقفه لا يضر لأن الذين رفعوه عن ابن جريج ثقات، منهم: سيد الحفاظ حماد بن زيد، ويؤيد رواية بعضهم له ضمن حديث مسافع الحجبي، عن عبد الله بن عمرو المتقدم قريبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 [83- فصل: ذكر المقام وأوّل أمره، وكيف كان] 83- فصل: ذكر المقام وأوّل أمره، وكيف كان وأما المقام فقد قال الله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى الآية. 447- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي أسكنه الله جنته بمكة حرسها الله، قال: حدثنا أبو الحسن: محمد بن نافع، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق الخزاعي، ثنا أبو الوليد قال: سمعت عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة يقول: ذهبنا نرفع المقام في خلافة المهدي فانثلم- وهو من حجر رخو- فخشينا أن يتفتت، فكتبنا في ذلك إلى المهدي، فبعث إلينا بألف دينار، فضببنا بها المقام أسفله وأعلاه، وهو الذهب الذي عليه اليوم. واختلفوا في المقام وابتدائه: 448- فمنهم من قال: صعد إبراهيم عليه السّلام المقام حيث أمر بالدعوة لقوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا الآية، قال إبراهيم: وأين يبلغ كلامي؟ فقال الله تعالى: عليك النداء، وعليّ البلاغ، فصعد وقال: إن الله تعالى كتب عليكم الحج- وأذن الله للمقام حتى صار مثل (447) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو في تاريخه [2/ 36] . (448) - قوله: «فأجابه من في أصلاب الرجال» : روي هذا عن ابن عباس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 518] رقم 11867، وابن منيع في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [4/ 5] رقم- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 أبي قبيس-، فأجابه من في أصلاب الرجال، ومن في أرحام النساء، فمن أجاب مرة واحدة من التلبية فيحج حجة واحدة، ومن أجاب مرتين فيحج حجتين، وكذلك ثلاثة وأربعة، فلما ثقل عليه الوحي خالف بين قدميه. 449- ومنهم من قال: إن إبراهيم لما زار إسماعيل من الشام، وكانت سارة حلفته أن لا ينزل عند هاجر، وطلبت إليه هاجر أن يغسل رأسه ولحيته، فأخرج إبراهيم عليه السّلام رجليه حتى غسلت رأسه. 450- ومنهم من قال: إن امرأة إسماعيل سألت إبراهيم أن ينزل عليها لتغسل رأسه، فلم ينزل؛ لما عهدت إليه سارة أن لا ينزل حتى يرجع، فبركت ناقته، ودلى رجليه، فغسلت شقه الأيمن، ثم حولت الحجر إلى شقه الأيسر، وغسلت شقه الآخر. قال أبو سعد: عبد الملك بن محمد صاحب الكتاب أعانه الله على طاعته: سألت الزمازمة حتى أتوا إليّ بماء زمزم، ثم سألت بني شيبة أن يكشفوا لي عن المقام فكشفوا في البيت، وسكبوا الماء موضع- 3180، وابن جرير في تفسيره [17/ 144] ، وابن أبي حاتم كذلك [8/ 2486] رقم 13877، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 176] ، جميعهم من حديث قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس بنحوه، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 388] ، وقال البوصيري في الإتحاف: قابوس مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات. (449) - قوله: «حتى غسلت رأسه» : أورد الخبر التقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 202] ، ذكر أنه في خبر طويل ضعفه سعيد بن جبير، قال: ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأن يكون الخليل وقف على ذلك لهذه الأمور كلها، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 القدم، ثم شربت تبركا بذلك، ورأيت أثر قدمي إبراهيم عليه السّلام مغموسا فيه، وأصابع إحدى رجليه عند عقب الأخرى، وكان في ذلك الوقت المقام في البيت، وهذا دأبهم في الموسم، يخفون المقام في مصعد السطح في البيت، وذلك أنه حمل المقام مرة، فلما رد الله تعالى عليهم ذلك احتاطوا في ذلك الحفظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 [84- فصل: ذكر ردّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب المقام إلى موضعه الّذي هو عليه الآن] 84- فصل: ذكر ردّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب المقام إلى موضعه الّذي هو عليه الآن 451- قال: فجاء السيل من باب بني شيبة- وكان يعرف بباب (451) - قوله: «فجاء السيل» : اختصر المصنف رواية أبي الوليد في هذا، وقد ساق في تاريخ مكة قصة السيل والمقام فقال [2/ 33] : حدثني جدي، ثنا داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن أبيه، عن جده قال: كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر الردم الأعلى، وكان يقال لهذا الباب: باب السيل، قال: كانت السيول ربما دفعت المقام عن موضعه، وربما نحته إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيل في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقال له: سيل أم نهشل- وإنما سمي بأم نهشل: أنه ذهب بأم نهشل ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاص فماتت فيه- فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة، فأتي به فربط إلى أستار الكعبة في وجهها، وكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأقبل عمر فزعا فدخل بعمرة في شهر رمضان وقد غبي موضعه وعفاه السيل، فدعا عمر بالناس فقال: أنشد الله عبدا عنده علم في هذا المقام، فقال المطلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك، فقد كنت أخشى عليه هذا، فأخذت قدره من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط، وهو عندي في البيت، فقال له عمر: فاجلس عندي، وأرسل إليها، فأتي بها، فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا، فسأل الناس فشاورهم فقالوا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 السيل- فحمل المقام حتى وجد بأسفل مكة، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فتبادروه وموضع المقام. [85- فصل: ذكر ذرع المقام] 85- فصل: ذكر ذرع المقام 452- قال أبو الوليد: وذرع المقام ذراع، والمقام مربع سعة أعلاه: أربعة عشر إصبعا في أربعة عشر إصبعا، وكذلك من أسفله، وفي طرفيه من أعلاه وأسفله طوقا ذهب، وفي الحجر سبع أصابع، وعرض حجر المقام من نواحيه: إحدى وعشرون إصبعا، والقدمان داخلتان في الحجر، وبين القدمين من الحجر إصبعان. - نعم، هذا موضعه، قال: فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به فأعلم ببناء ربضه تحت المقام، ثم حوله، فهو في مكانه هذا إلى اليوم، وردم عمر الردم الأعلى بالصخر وحصنه. قال ابن جريج: ولم يعله سيل بعد عمر رضي الله عنه حتى الآن. (452) - قوله: «قال أبو الوليد» : ساق المصنف كلام أبي الوليد هنا باختصار [2/ 38] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 [86- فصل: ذكر ما جاء في منبر مكّة] 86- فصل: ذكر ما جاء في منبر مكّة 453- وأما المنبر، فأول من خطب بمكة على المنبر: معاوية بن أبي سفيان، قدم به من الشام حين حج في خلافته، وكان منبر صغير ثلاث درجات، والخلفاء والولاة قبل ذلك يخطبون يوم الجمعة على أرجلهم قياما في وجه الكعبة، فلما حج هارون الرشيد أهداه والي مصر- عامل من يده- موسى بن عتيق منبرا عظيما في تسع درجات منقوش، فلما أراد الواثق الحج أمر بثلاث منابر أحدها بمكة، والثاني بمنى، والثالث بعرفة. (453) - قوله: «وأما المنبر» : الخبر رواية عن أبي الوليد كما في تاريخه [2/ 99- 100] . قوله: «قياما في وجه الكعبة» : زاد أبو الوليد: وكان ذلك المنبر الذي جاء به معاوية ربما خرب، فيعمر ولا يزاد فيه حتى حج هارون الرشيد في خلافته، وموسى بن عيسى عامل له على مصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 [87- فصل: في ذكر جبال مكّة حرسها الله تعالى] 87- فصل: في ذكر جبال مكّة حرسها الله تعالى 454- عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا الآية، قال: طارت لعظمته ستة أجبل، فوقع ثلثه بالمدينة، وثلثه بمكة: أحد، وطي، ورضوى، ووقع بمكة: ثور، وثبير، وحراء. (454) - قوله: «عن معاوية بن قرة» : هو الإمام التابعي، العالم، الحافظ الثبت: أبو إياس المزني، البصري، ممن أجمع أهل العلم على ثقته وإمامته، انظر عنه في: طبقات ابن سعد [7/ 221] ، التاريخ الكبير [7/ 330] ، الجرح والتعديل [8/ 378] ، تهذيب الكمال [28/ 210] ، سير أعلام النبلاء [5/ 153] ، تهذيب التهذيب [10/ 195] ، الثقات لابن حبان [5/ 412] ، الكاشف [3/ 140] ، كنى الدولابي [1/ 115] . قوله: «عن أنس بن مالك» : أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1560] رقم 8939، وأبو الشيخ وابن مردويه- كما في الدر المنثور [3/ 545]- وفي إسناده الجلد بن أيوب ممن أجمع أهل الحديث على ضعفه، وفي الباب عن ابن عباس، وعن علي بن أبي طالب قوله. أما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في الأوسط [9/ 123- 124] رقم 8259 من طريق طلحة بن عمرو- وهو ضعيف- عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: لما تجلى الله لموسى بن عمران تطايرت سبعة جبال: ففي الحجاز منها خمسة، وفي اليمن اثنان، في الحجاز: أحد، وثيبر، وحراء، وثور، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 حدثنا بهذا الحديث محمد بن أحمد بن بالويه الكرابيسي. 455- وحكي أن حول مكة حرسها الله اثنا عشر ألف جبل لكل جبل اسم وعرب ينتابونه. 456- ويقال: إن أبا قبيس وجبل بكّاء تسابقا إلى مكة، فسبق أبو قبيس إلى قرب البيت فبقي جبل بكاء خارجا، فلا يزال يبكي أسفا على ما فاته من مكة، وبكاؤه ظاهر تنحدر كل ليلة أحجاره، والمجاورون ينحّونه عن الطريق. قال أبو سعد صاحب الكتاب رحمه الله: فتأملت ذلك فوجدته كما حكي. - وورقان، وفي اليمن: حصور، وصبير، تفرد به طلحة. وأما حديث علي بن أبي طالب فأخرجه ابن مردويه- كما في الدر المنثور [3/ 546]- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قال: اسمع موسى، قال له: إني أنا الله- وذاك عشية عرفة، وكان الجبل بالموقف- فانقطع على سبع قطع، قطعة سقطت بين يديه، وهو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة، وبالمدينة ثلاثة: طيبة، وأحد، ورضوى، وطور سيناء بالشام، وإنما سمي الطور لأنه طار في الهواء إلى الشام. قوله: «محمد بن أحمد بن بالويه الكرابيسي» : تقدمت ترجمته في: باب ظهوره صلى الله عليه وسلم. (455) - قوله: «وحكي أن حول مكة» : أورد هذا الأثر والآتي بعده الحافظ أبو حفص الموصلي في وسيلة المتعبدين [5- ق- 1/ 172] نقلا عن المصنف، وكذا قوله: فتأملت ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 [88- فصل: في فضل المقام بمكّة حرسها الله ومجاورة البيت الحرام والموت فيه] 88- فصل: في فضل المقام بمكّة حرسها الله ومجاورة البيت الحرام والموت فيه 457- قال صلى الله عليه وسلم: من مات في حج أو عمرة لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: ادخل الجنة. (457) - قوله: «من مات في حج أو عمرة» : روي من حديث عطاء، عن عائشة، على ألوان: 1- رواه محمد بن صبيح بن السماك، عن عائذ بن نسير- وهو منكر الحديث- فاختلف عليه فيه: 2- فقال الحسين بن علي الجعفي- أحد الثقات- عنه، عن عائذ، عن عطاء، عن عائشة مرفوعا: من مات في هذا الوجه بحج أو عمرة ... الحديث، أخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 79] رقم 4608، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [8/ 215- 216] ، والبيهقي في الشعب [3/ 473] رقم 4097، والفاكهي في تاريخه [1/ 194، 386] رقم 314، 818، وأبو نعيم في الحلية [8/ 215] ، والآجري في مسألة الطائفين برقم 12، 13. * وتابعه عن عائذ: محمد بن الحسن الهمداني، أخرجه الدارقطني [2/ 297- 298] ، والبيهقي في الشعب [3/ 473] تعليقا. ويحيى بن يمان، أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1992] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 217] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 410] ، والبيهقي في الشعب [3/ 474] رقم 4098. ويحيى بن أيوب، أخرجه الخطيب في تاريخه [5/ 369] ، والأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1035. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 458- وقال صلى الله عليه وسلم: من مات بمكة فكأنما مات في السماء الدنيا. 459- وقال صلى الله عليه وسلم: من مات في أحد الحرمين حاجّا أو معتمرا بعثه الله يوم القيامة لا حساب ولا عذاب. - فقد تبين أن الجعفي- وهو ثقة ثبت- لم يخطيء فيه، فلا يضر قول البيهقي في الشعب: قصر الجعفي في إسناده، لأن رواية غيره منكرة. 3- ورواه محمد بن صبيح بن السماك، مرة عن عائذ، فقال عنه، عن محمد بن عبد الله البصري، عن عطاء، عن عائشة به مرفوعا، أخرجه البخاري في تاريخه [1/ 106- 107] الترجمة رقم 301، ولم يسق المتن، ومن طريقه الخطيب في تاريخه [5/ 369] ، والبيهقي في الشعب [3/ 473] رقم 4096، والتقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 180] . 4- ورواه مندل- وهو ضعيف جدا- عن عائذ، عن محمد البصري، عن عطاء مرسلا، أخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 410] . * وخالف محمد بن صالح العدوي- وهو مجهول- أصحاب الحسين الجعفي، فقال عنه: عن جعفر بن برقان قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن عائشة به مرفوعا، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 185] رقم 5384. قال الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا جعفر، تفرد به حسين الجعفي. قال أبو عاصم: حديث عائشة يقويه حديث الحسن البصري في رسالته المشهورة التي أخرجها الفاكهي في تاريخه [2/ 288] رقم 1545، وستأتي بعد أحاديث. (459) - قوله: «لا حساب ولا عذاب» : روي هذا في حديث طويل عن ابن عمر، أخرجه الفاكهي في تاريخ مكة [2/ 160] رقم 1918، ومن طريقه الحاكم في تاريخه- كما في اللسان [1/ 187]- ومن طريق الحاكم: ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 219] مختصرا، من حديث عبد الله بن نافع الصائغ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا به وزاد فيه: ومن زارني بعد موتي فكأنما زارني في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 460- وقال صلى الله عليه وسلم: من صبر على حر مكّة ساعة من نهار تباعدت منه النار مسيرة مائة عام، وتقربت منه الجنة مسيرة مائة عام. 461- وقال صلى الله عليه وسلم: من مرض يوما بمكة كتب الله له من العمل الصالح الذي كان يعمله عبادة ستين سنة. 462- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدرك شهر رمضان بمكة- حياتي، ومن جاورني بعد موتي فكأنما جاورني في حياتي، ومن مات بمكة مات في السماء الدنيا.. الحديث بطوله، عبد الله بن نافع منكر الحديث ليس بشيء، ولا يعرف هذا من حديث مالك. (460) - قوله: «من صبر على حر مكة» : أخرجه الفاكهي في تاريخه [2/ 310- 311] رقم 1565، وأبو الشيخ- كما في الجامع الكبير [1/ 792] ، بإسناد فيه عبد الرحيم بن زيد العمي- وهو متروك-، عن أبيه- وليس بالقوي- عن ابن المسيب، عن أبي هريرة به مرفوعا، وأخرجه من طريق آخر عن عبد الرحيم، فأسقط منه ابن المسيب وأبا هريرة بصورة المعضل، رقم 1566. وفي الباب عن ابن عباس عند العقيلي في الضعفاء الكبير [1/ 226] ، من طريق الحسن بن رشيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا، وفيه: تباعدت عنه النار سبعين خريفا، ضعف العقيلي الحسن بن رشيد وجعل حديثه هذا لا أصل له. (461) - قوله: «من مرض يوما بمكة» : أخرجه الفاكهي في تاريخه [2/ 312] رقم 1569، أيضا بإسناد فيه عبد الرحيم العمي- وهو متروك. (462) - قوله: «من أدرك شهر رمضان بمكة» : رواه ابن أبي عمر في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [3/ 406] رقم 2969- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 فصامه كله، وقام فيه بما تيسر، كتبه الله له بمائة ألف شهر رمضان لغيرها، وكان له بكل يوم مغفرة وشفاعة، وبكل يوم حملان فرس في سبيل الله. 463- وعن الحسن البصري قال: ما أعلم اليوم على وجه الأرض- ومن طريقه ابن ماجه في المناسك، باب صيام شهر رمضان بمكة، رقم 3117، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 23] ، والفاكهي في تاريخ مكة [2/ 314] رقم 1574، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 196] ، والبيهقي في الشعب [3/ 347] رقم 3729، وفي [3/ 487] رقم 4149، جميعهم من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به مرفوعا. قال ابن أبي حاتم في العلل [1/ 250] : سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر، وعبد الرحيم بن زيد متروك الحديث. وقال البيهقي في الموضع الأول: تفرد به عبد الرحيم وليس بالقوي، وقال في الموضع الثاني: عبد الرحيم ضعيف، يأتي بما لا يتابعه عليه الثقات. قلت: يقوي هذا الحديث ذكر الحسن له في رسالته المشهورة التي أشرنا إلى تخريجها قريبا وفيها: وما أعلم من بلدة على وجه الأرض يكتب لمن صام رمضان بها بمائة ألف شهر رمضان ما يكتب فيها.. الرسالة بطولها. وأخرج البزار في مسنده [1/ 459- 460 كشف الأستار] رقم 966، من حديث عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعا: رمضان بمكة أفضل من ألف رمضان بغير مكة. (463) - قوله: «وعن الحسن البصري» : الإمام التابعي العلامة، العابد الزاهد، القدوة: الحسن بن أبي الحسن: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 بلدة ترفع فيها الحسنات من أنواع البر، بكل واحدة منها مائة ألف ما يرفع من مكة، وقد روي في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى في المسجد الحرام ركعتين فكأنما صلى في مسجدي ألف ركعة، ومن صلى في مسجدي صلاة كانت أفضل من ألف صلاة فيما سواه من البلدان. قال: ثم ما أعلم من بلدة أنه يكتب لمن يتصدق فيها بدرهم واحد بمائة ألف، ما يكتب بمكة. قال: ثم ما أعلم من بلدة على وجه الأرض فيها شراب الأخيار، - يسار الأنصاري مولاهم، أبو زيد المدني البصري، قال الحافظ الذهبي: سيد أهل زمانه علما وعملا، انظر عنه في: حلية الأولياء [2/ 131] ، طبقات ابن سعد [7/ 156] ، التاريخ الكبير [2/ 289] ، الجرح والتعديل [3/ 40] ، أخبار القضاة [2/ 3] ، سير أعلام النبلاء [4/ 563] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 161] ، وفيات الأعيان [2/ 69] ، غاية النهاية [1/ 235] ، النجوم الزاهرة [1/ 267] ، تذكرة الحفاظ [1/ 66] ، طبقات المفسرين [1/ 147] ، تهذيب الكمال [6/ 95] ، تهذيب التهذيب [2/ 231] ، الكاشف [1/ 160] ، الوافي بالوفيات [12/ 306] . قوله: «ما أعلم اليوم» : قال الحسن رحمه الله: هذا في رسالته المشهورة في فضل مكة، كتبها لعبد الرحمن بن أنس الرمادي يرغبه في المقام بمكة، وكان بعث إليه يستفتيه ويستشيره في الخروج منها. وقد طبعت رسالته هذه في جزء صغير مفرد، نشرها الدكتور سامي مكي، اعتمد فيها على عدة نسخ خطية، وأخرجها بطولها الفاكهي في تاريخه [2/ 288] برقم 1545. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 ومصلى الأبرار إلا بمكة، قيل لابن عباس: ما مصلى الأبرار؟ قال: تحت الميزاب، فقيل: ما شراب الأخيار؟ قال: ماء زمزم. قال: ثم ما أعلم على وجه الأرض بلدة يصلي فيها أحد حيث أمر الله ورسوله إلا بمكة ثم قال: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى. قال: ثم ما أعلم على وجه الأرض بلدة أن يكون في مسه ذلك تكفير الخطايا وانحطاط الذنوب كما ينحط الورق من الشجر إلا بمكة وهو إستلام الركن الأسود واليماني، وقد روي في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استلامهما يحط الخطايا حطّا. قال: ثم ما أعلم بلدة على وجه الأرض أنه إذا دعا أحد بدعاء أمن له الملائكة فتقول: آمين، إلا بمكة حول بيت الله الحرام. قال: ثم ما أعلم من بلدة على وجه الأرض أنه يكتب لمن نظر إلى الكعبة من غير طواف ولا صلاة عبادة الدهر وصيام الدهر إلا بمكة. قال: ثم ما أعلم أنه ينزل في الدنيا ببلد كل يوم رائحة الجنة وروحها ما ينزل بمكة، ويقال: إن ذلك كله للطائفين. قال: ثم ما أعلم على وجه الأرض بلدة يوجد فيها من الأعوان على الخير بالليل والنهار ما يوجد بمكة، فلنومك بالليل والنهار وإفطارك بالنهار يوما واحدا في حرم الله أرجى عندي وأفضل من عبادة الدهر وقيامه في غيرها. قوله: «قيل لابن عباس» : تقدم تخريجه قريبا في فصل ما جاء في فضل مائها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 قال: ثم ما أعلم بلدة على وجه الأرض يحشر منها الأنبياء والأبرار والفقهاء والزهاد والعباد والصلحاء من الرجال والنساء ما يحشر من مكة، ويقال: إنهم يحشرون من مكة وهم آمنون. قال: ثم إنه يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر موضعا: أولها الملتزم، فالدعاء فيه مستجاب، وتحت الميزاب، وحول البيت في الطواف، وعند الركن الأسود، وعند الركن اليماني، وخلف المقام، ومنى، وعرفات، والمزدلفة، وعند الجمرات، وفي جوف الكعبة، وعلى الصفا والمروة، والدعاء في جوف الحرم مستجاب، وزمزم. قال: فاغتنم هذه المواضع التي ترجى فيها المغفرة، واجتهد فيهن بالدعاء، فإنك إن حرمت منها ذهبت منك هذه المواضع كلها، فاعمل في ذلك. وإياك أخي ثم إياك أن تبرح من مكة، ولو أنه يدخل عليك كل يوم كسب حلال فلسين وأنت في حرم الله، خير من أن تجد بغيرها ألفين، وإن السعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله، والأعمال بالخواتيم. فعليك يا أخي بتقوى الله، ولزوم العزلة، والاشتغال بنفسك، والاستيناس بكتاب الله تعالى ذكره، والسلام. 464- قال أبو عبيد: القاسم بن سلام» : قال بعض أصحابنا- وكان مجاورا بمكة-: أردت الانتقال منها إلى بعض البلدان، فرأيت في المنام 64 4- قوله: «قال أبو عبيد: القاسم بن سلام» : الهروي، البغدادي، الإمام الحافظ، الفقيه، المجتهد، المقرىء، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 كأنه قيل لي: كرهت جوارنا فتنتقل من عندنا؟ قال: فقلت: قد تبت، وأقام بها حتى مات. 465- وعن وهب بن منبه قال: مكتوب في التوراة: إن الله عزّ وجلّ يبعث يوم المحشر ملائكة من ملائكته المقربين، بيد كل واحد منهم سلسلة من ذهب إلى البيت الحرام، فيقول لهم: اذهبوا إلى البيت فزموها بهذه السلسلة، ثم قودوها إلى المحشر، قال: فيأتونها فيزمونها سبعمائة ألف سلسلة من ذهب، ثم يمدونها، وملك ينادي وهو يقول: سيري يا كعبة الله إلى المحشر بأمر الله، قال: والكعبة يومئذ لها عينان ولسان- صاحب الغريب والتصانيف المفيدة حققت له منها كتابه العظيم: الناسخ والمنسوخ، أسأل الله العلي أن ييسر طبعه. أخذ أبو عبيد القراءة عرضا على الكسائي، وإسماعيل بن جعفر، واللغة عن أبي عبيدة، وكان مؤدبا، ولي قضاء طرسوس، ثم حج وجاور إلى أن توفي بها، يكفيه فخرا قول الإمام أحمد: أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا، وكان ابن راهويه يقول: إن الله لا يستحي من الحق، أبو عبيد أعلم مني ومن الشافعي، ومن ابن حنبل. معرفة القراء الكبار [1/ 141] ، تذكرة الحفاظ [1/ 417] ، سير أعلام النبلاء [10/ 490] ، تاريخ بغداد [12/ 403] ، تاريخ دمشق لابن عساكر [49/ 58] ، العقد الثمين [7/ 23] ، غاية النهاية [2/ 17] ، طبقات السبكي [2/ 153] ، طبقات ابن سعد [7/ 355] ، التاريخ الكبير [7/ 172] ، طبقات الحنابلة [1/ 259] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 257] ، وفيات الأعيان [4/ 60] ، النجوم الزاهرة [2/ 241] ، مرآة الجنان [2/ 83] ، صفة الصفوة [4/ 130] ، الجرح والتعديل [7/ 111] ، معجم الأدباء [16/ 254] ، إنباه الرواة [3/ 12] ، تهذيب الكمال [23/ 354] ، تهذيب التهذيب [8/ 283] ، الكاشف [2/ 336] ، بغية الوعاة [2/ 253] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 وشفتان، قال: فتنادي فتقول: إن ليّ إلى الله تعالى شفاعة وطلبة، فلست بسائرة حتى أعطاها، فينادي ملك من جو السماء: سلي، فتقول الكعبة: يا رب شفعني في جيراني الذين دفنوا حولي من المؤمنين، فيقول الله عزّ وجلّ: قد أعطيتك سؤلك، قال: فيحشر كل موتى مكة من قبورهم بيض الوجوه كلهم محرمون، فيجتمعون حول الكعبة يلبون. ثم تقول الملائكة: سيري يا كعبة الله، فتقول: لست بسائرة حتى أعطى سؤلي، فينادي ملك من جو السماء: سلي تعطي، فتقول الكعبة بأعلى صوتها: يا رب عبادك المذنبون الذين وفدوا إليّ من كل فج عميق على كل ضامر، شعثا غبرا، تركوا الأهلين والأولاد والأحباب، وخرجوا شوقا إليّ زائرين، مسلمين طائعين لك سيدي، حتى قضوا مناسكهم كما أمرتهم، فأسألك أن تؤمنهم من الفزع الأكبر، فشفعني فيهم، واجمعهم حولي. قال فينادي الملك: فإن منهم من ارتكب الذنوب بعدك، وأصروا على الكبائر حتى وجبت لهم النار، قال فتقول الكعبة: إنما أسألك الشفاعة لأهل الذنوب العظام. فيقول الله عزّ وجلّ: قد شفعتك فيهم، وأعطيتك سؤلك، قال: فينادي منادي من جو السماء: ألا من زار الكعبة فليعتزل من بين الناس، فيعتزلون، فيجمعهم الله عزّ وجلّ حول البيت الحرام بيض الوجوه، آمنين من النار، يطوفون، ويلبون. ثم ينادي ملك من جو السماء: ألا يا كعبة الله سيري، فتقول الكعبة: لبيك لبيك، والخير بين يديك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد لك، والنعمة لك، والملك لك، لا شريك لك، ثم يمدونها إلى المحشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 466- وعن مجاهد رضي الله عنه قال: رأيت الكعبة في النوم وهي تكلّم النبي صلى الله عليه وسلم وهي تقول: لئن لم تنته أمتك يا محمد عن المعاصي لأنتفضنّ حتى يصير كل حجر مني في مكان. (466) - قوله: «وعن مجاهد» : هو ابن جبر، أخرج حديثه الجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 330]-. وأخرج الفاكهي في أخبار مكة [1/ 205] رقم 342، من حديث البزي، عن مسافع الحجبي، عن أخيه قال: بينما أنا نائم خلف المقام إذا أنا بطير من ذهب ورأسه من زمردة خضراء واقعا على مصباح زمزم، فاستقبل الكعبة فقال: يا كعبة الله ما لي أراك قاطبة؟ ما لي أراك متغضبة؟ قالت: إني لمؤمنة بالله ورسوله، ولكن لما أرى حولي، ولئن لم ينته المتعللون بي والمتعللات من النساء والرجال لأنتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني إلى موضعه الذي حمل منه. وأخرج الجندي أيضا والآجري في جزء مسألة الطائفين برقم 6، عن وهيب بن الورد قال: كنت أطوف أنا وسفيان بن سعيد الثوري ليلا فانقلب سفيان وبقيت في الطواف، فدخلت الحجر فصليت تحت الميزاب، فبينا أنا ساجد إذ سمعت كلاما بين أستار الكعبة والحجارة وهي تقول: يا جبريل أشكو إلى الله ثم إليك ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي، تفكههم في الحديث ولغطهم وشؤمهم. قال وهيب: فأولت أن البيت يشكو إلى جبريل عليه السّلام. وأخرج الفاكهي في أخبار مكة [2/ 271] رقم 1506، من حديث الفضيل بن عياض قوله: والله لو أصبحنا وقد رفعت الكعبة من بين أظهرنا ما عجبت، ولعلمنا أنه قد استوجبنا ذلك. وأخرج أيضا [2/ 251، 269] رقم 1453، 1500، من حديث ابن جريج، عن ابن أبي عتيق قال: إن البيت يبعث يوم القيامة شهيدا بما يعمل حوله. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 467- وروي: أن الكعبة تتكلم وتنزل يوم القيامة فتقول: إيذن لي يا رب في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيؤذن لها، فإذا جاءت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تهتم لثلاثة فإني أشفع لهم: من طاف بي، ومن خرج من البيت ولم يصل إليّ، والثالث: من اشتهى أن يقصدني فلم يجد سبيلا إلى ذلك. - وأخرج [2/ 269] رقم 1499، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قوله: يا أهل مكة انظروا ما تعملون فيها، فإنها ستخبر عنكم يوم القيامة بما تعملون فيها. (467) - قوله: «إيذن لي يا رب» : أخرجه الجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 329]- عن الزهري قال: إذا كان يوم القيامة رفع الله الكعبة البيت الحرام إلى بيت المقدس فيمر بقبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فيقول صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام يا كعبة الله، ما حال أمتي؟ فتقول: يا محمد أما من وفد إليّ من أمتك فأنا القائم بشأنه، وأما من لم يفد من أمتك فأنت القائم بشأنه، وأخرج الديلمي، وابن مردويه في تفسيره- كما في الدر المنثور [1/ 329] ، ومن طريقه الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1012، من حديث ابن المنكدر عن جابر مرفوعا: إذا كان يوم القيامة زفت الكعبة بيت الله الحرام إلى قبري فتقول: السلام عليك يا محمد، فأقول: وعليك السلام يا بيت الله، ما صنع بك أمتي بعدي؟ فتقول: يا محمد من أتاني فأنا أكفيه، وأكون له شفيعا، ومن لم يأتني فأنت تكفيه وتكون له شفيعا. وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس من حديث خالد بن معدان قال: لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى الصخرة زف العروس، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 468- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الثنية- ثنية المقبرة، وليس بها يومئذ مقبرة- فقال: يبعث الله عزّ وجلّ من هذه البقعة ومن هذا الحرم كله سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، يشفع كل واحد منهم في سبعين ألفا، وجوههم كالقمر ليلة البدر. قال أبو بكر: يا رسول الله من هم؟ قال: الغرباء. - فيتعلق بها جميع من حج واعتمر فإذا رأتها الصخرة قالت لها: مرحبا بالزائرة والمزورة إليها، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [1/ 436] رقم 950، بنحوه. وأخرج أيضا عن كعب قال: لا تقوم الساعة حتى يزف البيت الحرام إلى بيت المقدس، فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما، والعرض والحساب ببيت المقدس. ذكرهما السيوطي في الدر المنثور. (468) - قوله: «وعن عبد الله بن مسعود» : أخرجه الجندي في فضائل مكة، ومن طريقه الفاسي في شفاء الغرام [1/ 284] ، الفاكهي في تاريخه [4/ 51] رقم 2370، عن عبد الرحيم بن زيد العمي- تقدم أنه متروك-، عن أبيه- وليس بالقوي-، عن أبي وائل، عن ابن مسعود به مرفوعا. أسقط الجندي من الإسناد أبا عبد الرحيم، لذلك قال الفاسي عقبه: فيه سقط بين عبد الرحيم وشقيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 [89- فصل: ذكر حنين السّلف إلى مكّة بيت الله] 89- فصل: ذكر حنين السّلف إلى مكّة بيت الله 469 ذكر ابن جريج قال: كان ابن أم مكتوم الأعمى يقول: يا حبذا مكة من وادي ... بها أمشي بلا هادي بها أهلي وعوّادي ... بها ترسخ أوتادي (469) - قوله: «كان ابن أم مكتوم الأعمى» : مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال، ومن السابقين الأولين، والمهاجرين المرضيين، كان ضريرا، هاجر بعد بدر بيسير، يقال: اسمه: عمرو، وقيل: عبد الله بن قيس ابن زائدة بن رواحة القرشي، العامري، انظر أخباره في: حلية الأولياء [2/ 4] ، الإصابة [7/ 83] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 295] ، سير أعلام النبلاء [1/ 360] ، الاستيعاب [7/ 41] ، أسد الغابة [4/ 263] ، طبقات ابن سعد [4/ 205] . قوله: «يا حبذا مكة» : أخرج ابن أبي عمر في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [4/ 95- 96] رقم 3402، والمطالب العالية: النسخة المسندة [3/ 358- 359] رقم 1392-، والأزرقي في تاريخه [2/ 154] ، من طريق طلحة بن عمرو- أحد الضعفاء-، عن عطاء، عن ابن أم مكتوم: أنه طاف مع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة، فانحدر وسعى ابن أم مكتوم، ثم وقف حتى أدركه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ... فذكر الأبيات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حبذا هي، ضعفه البوصيري بطلحة بن عمرو. قلت: خالفه عمر بن قيس المكي- وهو أيضا ضعيف- فرواه عن عطاء، عن جابر قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فطاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم خرج إلى الصفا، فأتى بناقته فركبها، فأتاه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 470- وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على أبي بكر أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: كل امرىء مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله - عبد الله ابن أم مكتوم- رجل من بني عامر بن لؤي، وكان مكفوفا- قال: يا رسول الله أعطني حطام راحلتك حتى أطوف بك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف أن لا تهدي، قال: فأخذ بخطام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا حبذا مكة من وادي ... أرض بها أهلي وعوادي إني بها أمشي بلا هادي ... إني بها ترسخ أوتادي حتى فرغ النبي من طوافه، أخرجه الفاكهي في تاريخه [2/ 237- 238] رقم 1430. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 141] ، من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا: لما كان يوم فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، كان عبد الله ابن أم مكتوم بين يديه وهو يقول: ... فذكر الأبيات. مرسل. وقيل: بل هي لأبي بكر، فأخرج الفاكهي في أخبار مكة [1/ 302- 303] رقم 626، من طريق سعيد بن مسلم بن بانك، عن عبد الله ابن أبي أوفى- سمعه منه- قال: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يقول: يا حبذا مكة من وادي ... أرض بها أهلي وعوادي فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده على منكبه فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقال أبو بكر: الله أكبر، الله أكبر. (470) - قوله: «وروى هشام بن عروة» : الحديث في الصحيحين، أخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب- 12، رقم 1889، وفي مناقب الأنصار، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، رقم 3926، وفي المرض، باب عيادة النساء الرجال، رقم 5654، وفي- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 قالت: ثم دخلت على عامر بن فهيرة، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال: وجدت طعم الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه كل امرىء مجاهد بطوقه ... والثور يحمي جلده بروقه قالت عائشة رضي الله عنها: ثم دخلت على بلال فقلت: كيف تجدك؟ قال: فرفع عقيرته ثم قال: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بفج وحولي إذخر وجليل وهل أردنّ يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل قالت عائشة رضي الله عنها: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إن إبراهيم عبدك ونبيك (عليه السّلام) دعاك لأهل مكة، وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك به إبراهيم لأهل مكة، اللهمّ بارك لهم في صاعهم وفي مدهم وفي تمرهم، وحببها إلينا كحبنا مكة وأشد، وانقل وباءها إلى حمراء والجحفة. - باب من دعا برفع الوباء والحمى، رقم 5677، وفي الدعوات، باب الدعاء برفع الوباء والوجع، رقم 6372، لم يذكر الأبيات في هذا الموضع، ولم يذكر أبيات عامر ابن فهيرة في المواضع الأخرى. وأخرجه مسلم في المناسك، باب الترغيب في سكنى المدينة، رقم 1386 (480) دون الأبيات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 [90- فصل: في فضل الطّواف بالبيت ودخوله والنّظر إليه وما جاء في حجّه والصّلاة في المسجد الحرام] 90- فصل: في فضل الطّواف بالبيت ودخوله والنّظر إليه وما جاء في حجّه والصّلاة في المسجد الحرام 471- وعن مجاهد رضي الله عنه: أن آدم عليه السّلام طاف بالبيت فلقيته الملائكة، فصافحته وسلمت عليه وقالت: بر حجك يا آدم، طف بهذا البيت، فإنا قد طفنا قبلك بألفي عام، فقال لهم آدم عليه السّلام: ماذا كنتم تقولون في طوافكم؟ قالوا: كنا نقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، قال آدم: وأنا أزيد فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله. 472- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حج آدم عليه السّلام، فطاف بالبيت سبعا، فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا: بر حجك يا آدم، أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال: فما كنتم تقولون في الطواف؟ قالوا: كنا نقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، (471) - قوله: «وعن مجاهد» : أخرج قوله الجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 321- 322]-. (472) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 45- 46، 2/ 13] ، والجندي في فضائل مكة، وابن عساكر- كما في الدر المنثور [1/ 320- 321] ، بإسناد فيه طلحة بن عمرو، وهو ضعيف. وأخرج الفاكهي في تاريخه [1/ 282] رقم 575، نحوه من حديث عبد الله بن يزيد، عن أبي يزيد بن العجلان قوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 والله أكبر، قال آدم: فزيدوا فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: فزادت الملائكة فيها ذلك، ثم حج إبراهيم عليه السّلام بعد بنائه البيت، فلقيته الملائكة في الطواف، فسلموا عليه، فقال لهم: ماذا كنتم تقولون في طوافكم؟ قالوا: كنا نقول قبل أبيك آدم عليه السّلام: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فأعلمناه ذلك فقال: زيدوا فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال إبراهيم: فزيدوا فيها: العظيم، فقالت الملائكة ذلك. 473- وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من طاف بالبيت سبعا وأحصاه، وركع ركعتين كان له كعدل رقبة نفيسة من الرقاب. (473) - قوله: «كان له كعدل رقبة» : لفظ حديث عبد الله بن عبد الله بن طلحة، عن عمه، عن ابن عمر، أخرجه الفاكهي في تاريخ مكة [1/ 187- 188] رقم 296، والجندي في فضائل مكة- كما في إتحاف الزبيدي [4/ 359]-. وقد روي عن ابن عمر من وجه آخر بألفاظ من حديث عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر وفيه: وكتب له بكل خطوة حسنة، ومحيت عنه سيئة، ورفعت له به درجة، وكان له عدل رقبة. رواه عطاء بن السائب، وقد اختلف عليه فيه: 1- فروي عنه، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر، وهي رواية الجمهور. 2- وروي عنه مرة بإسقاط أبي عبد الله بن عبيد من الإسناد. من الوجه الأول: أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 29] رقم 8877، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [2/ 89] ، وأخرجه أبو داود في الطيالسي في مسنده برقم 1900، ومن طريقه البيهقي في الشعب [3/ 452] رقم 4041، وأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 11، 95] ، والترمذي في المناسك، باب ما جاء في استلام الركنين، رقم 959- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 ......... - وقال: حسن-، وابن خزيمة في صحيحه برقم 2753، وابن حبان كذلك برقم 3697- إحسان-، والحاكم في المستدرك [1/ 489] ، الطبراني في معجمه الكبير [12/ 390- 392] الأرقام: 1348، 13439، 13440، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 110] ، والآجري في مسألة الطائفين برقم 14. وأخرجه من الوجه الثاني: النسائي في الحج، باب ذكر الفضل في الطواف بالبيت، رقم 2919، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 392] رقم 13447، وروايتهما من طريق حماد بن زيد، عن عطاء، وهي جيدة لأنه سمع منه قبل الاختلاط. وتابعه إبراهيم بن طهمان عند البيهقي في الشعب [3/ 452] رقم 4042. وأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 8824 من طريق معمر، عن عطاء، عن عبد الله بن عبيد مرسلا. ورواه ابن ماجه في المناسك برقم 2956 من طريق العلاء بن المسيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر مرفوعا. ورواه الحافظ عبد الرزاق من هذا الوجه من طريق حوشب، عن عطاء فأوقفه لكن من حديث عبد الله بن عمرو، كذلك قال ابن عجلان، عن عطاء عند الفاكهي [1/ 188] رقم 297. ورواه ابن جريج، ويحيى بن سعيد بن عطاء فرفعاه، أخرجهما الفاكهي برقم 292، 295، وتابعهما المثنى بن الصباح عند الأزرقي [2/ 8] . وفي الباب عن المنكدر مرفوعا: من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة، أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 116] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [3/ 454] رقم 4049، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 360] رقم 845، والحاكم [3/ 457] ، ورجاله ثقات، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 254] ، الظاهر أنه مرسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 474- وروي عنه أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يطوف أحد طوافا يحصيه إلا كان كعدل رقبة، ولا يرفع رجلا ولا يضع أخرى إلا كتبت له بها حسنة ورفع له بها درجة وحط عنه بها سيئة. 475- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحصى أسبوعا فله عتق رقبة، ومن رفع قدما ووضع أخرى كتبت له بها حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة. 476- وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، وشرب ماء زمزم غفر الله له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت. (474) - قوله: «وروي عنه أيضا» : لفظه ولفظ الآتي بعده من ألفاظ حديث ابن عمر المتقدم، أوله: من طاف بالبيت سبعا. (476) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : أخرجه الواحدي في تفسيره الوسيط، والجندي في تاريخ مكة من حديث أبي معشر، عن ابن المنكدر، عنه به مرفوعا، أفاده الزبيدي في الإتحاف [4/ 359] ، قال: وهو حديث غريب، اه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور [1/ 293] للحميدي وابن النجار. قلت: رواه أبو الزبير، عن جابر وقال فيه: كان كعدل رقبة، ليس فيه ذكر الصلاة خلف المقام ولا شرب ماء زمزم، أخرجه الفاكهي في تاريخه [1/ 187] رقم 294، لكن فيه الحجاج بن أرطاة وهو ممن يخرج له في الشواهد والاعتبار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 477- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوافان لا يوافقهما عبد مسلم إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ويغفر له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت: طواف بعد صلاة الفجر يكون فراغه عند طلوع الشمس، وطواف بعد صلاة العصر يكون فراغه مع غروب الشمس. 478- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طاف حول البيت سبعا في يوم صائف شديد حره حاسرا، واستلم الحجر في كل طوفة من غير أن يؤذي أحدا، وقل كلامه إلا بذكر الله كان له بكل قدم يرفعها ويضعها سبعون ألف حسنة، ومحي عنه سبعون ألف سيئة، ورفع له سبعون ألف درجة، ويعطيه الله سبعين ألف شفاعة، إن شاء في أهل بيته من المسلمين وإن شاء في العامة، وإن شاء عجلت له في الدنيا وإن شاء أخرت له في الآخرة. (477) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [6/ 465] رقم 5889، والفاكهي في أخبار مكة [1/ 253] رقم 485، والجندي في فضائل مكة- كما في القرى [/ 330]-، والأزرقي في تاريخ مكة [2/ 22] ، جميعهم من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي- وهو متروك- عن أبيه- وليس بالقوي- عن أنس به. (478) - قوله: «في يوم صائف» : أخرجه الجندي في فضائل مكة من حديث ابن عباس- كما في شفاء الغرام [1/ 176] ، للتقي الفاسي-، والفاكهي في أخبار مكة [1/ 211- 212] رقم 362، والكلام في إسناده كالكلام في إسناد الذي قبله. قوله: «حاسرا» : أي: عن رأسه، زاد الجندي: وقارب بين خطاه، وقل التفاته، وغض بصره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 479- وقال صلى الله عليه وسلم: الكعبة محفوفة بسبعين ألفا من الملائكة، يستغفرون لمن طاف بها ويصلون إليها. 480- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استكثروا من هذا الطواف قبل أن يحال بينكم وبينه، وكأني أنظر إلى رجل من الحبشة أصيلع أفيدع جالس عليها يهدمها حجرا حجرا. (479) - قوله: «الكعبة محفوفة» : أخرجه الفاكهي في تاريخه [1/ 196] رقم 319، من حديث ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس به مرفوعا، ليث ممن يضعف في الحديث. (480) - قوله: «أصيلع» : كذا عندنا، وفي رواية: أصعل، وفي أخرى: أصلع، وروي أيضا: أصمع، قال ابن عيينة بعد روايته: الصمع في الآذان، والصعل: في الرأس: صغر الرأس، قال أبو عبيد القاسم في الغريب: الأصمع الصغير الأذن، فأما الأصلع فمعروف، وهو من ذهب شعر رأسه، والأفيدع: تصغير أفدع، والفدع: زيغ بين القدم وعظم الساق، وكذلك إذا كان في اليد وزالت المفاصل عن أماكنها، أفاده في النهاية. وقد روي حديث الباب موقوفا ومرفوعا. فأخرج يحيى الحماني في مسنده- كما في الفتح [3/ 538]- ومن طريقه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده [1/ 435- بغية الباحث] رقم 351، والحاكم في المستدرك [1/ 448] ، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 340] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 131] ، من حديث الحصين بن عمر- وهو ضعيف جدا وبعضهم تركه- عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي قال: حجوا قبل أن لا تحجوا، فكأني أنظر إلى حبشي أصمع بيده معول ينقضها حجرا حجرا، قلنا لعلي: أبرأيك؟ قال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ولكن سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 481- وقيل: لو أن رجلا بمكة قيل له: طف بهذا البيت، فيقول: لا أطوف، فتؤخذ رجله ويطاف به حول الكعبة لغفر له وإن كان مكرها. 482- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: دخول البيت دخول في حسنة وخروج من سيئة، فيخرج مغفورا له. - ورواه جماعة عن أبي العالية، عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب [2/ 140] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 137] رقم 9178، والأزرقي في تاريخه [1/ 276] ، والفاكهي في أخبار مكة كذلك [1/ 194] رقم 313. وروي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو موقوفا عليه أيضا، أخرجه الحافظ عبد الرزاق [5/ 137، 137- 138] رقم 9179، 9180. قال أبو عاصم: وأصل الحديث في صحيح الإمام البخاري من حديث ابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعا: كأني به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا، أخرجه في المناسك، باب هدم الكعبة. (481) - قوله: «لا أطوف» : يعني: لا أقدر على ذلك لمرض أو ضعف ونحوهما. قوله: «وإن كان مكرها» : يريد على معنى التكلف، لابد من هذا التفسير والتأويل ليتصور ترتيب الأجر المذكور المبني على ذلك. والله أعلم. (482) - قوله: «دخول البيت دخول في حسنة» : مدار هذا الحديث على عبد الله بن المؤمل- أحد الضعفاء- ومع ذلك فقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم 3013، والبزار في مسنده [2/ 43 كشف الأستار] رقم 1161، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 177] رقم 11414، أيضا في [11/ 200- 201] رقم 11490، وابن عدي في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 483- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نظر إلى البيت إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويحشر يوم القيامة في الآمنين. 484- وعن سعيد بن المسيب قال: من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه. 485- وعن محمد بن السائب قال: من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت ذنوبه كما يتحات الورق من الشجر. - الكامل [4/ 1456] ، ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان [/ 208] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 158] ، وفي الشعب [3/ 455] رقم 4053. وأخرجه الأزرقي في تاريخه [2/ 9] ، من حديث رجل، عن مجاهد قوله: النظر إلى الكعبة عبادة، ودخول فيها دخول في حسنة، وخروج منها خروج من سيئة. (484) - قوله: «من نظر إلى الكعبة» : قول ابن المسيب أخرجه الأزرقي في تاريخه [2/ 9] ، والجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 328]-. (485) - قوله: «وعن محمد بن السائب» : هو الكلبي، الإخباري المفسر: أبو النضر، أحد المتروكين، ترجمنا له في باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للمناسبة هناك. قوله: «كما يتحات ورق الشجر» : أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 9] ، والجندي في فضائل مكة- كما في الدر المنثور [1/ 328]-. وقد روي نحو هذا من حديث محمد بن علي قوله، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 135] رقم 9172. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 486- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: النظر إلى الكعبة محض الإيمان. 487- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نظر إلى البيت نظرة من غير طواف ولا صلاة كان أفضل عند الله من عبادة سنة صائما قائما راكعا ساجدا. - وأخرج البيهقي في الشعب [3/ 455] رقم 4052، عن عطاء بن أبي رباح قوله: النظر إلى البيت عبادة، زاد الحافظ عبد الرزاق رقم 9173 من وجه آخر عنه: وتكتب له بها حسنة، وتصلي عليه الملائكة ما دام ينظر إليه. وأخرج الأزرقي في تاريخه [2/ 9] ، والجندي في فضائل مكة، وابن أبي شيبة- كما في الدر المنثور [1/ 328] أيضا عن عطاء وزادوا عنه: والناظر إلى البيت بمنزلة الصائم القائم الدائم المخبت المجاهد في سبيل الله، وأخرج الجندي في فضائل مكة عن عطاء قوله: إن نظرة إلى هذا البيت في غير طواف ولا صلاة تعدل عبادة سنة، قيامها وركوعها وسجودها، ذكره في الدر المنثور. 486- قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 9] ، ومن طريقه الفاسي في شفاء الغرام [1/ 183] ، وعزاه في الدر المنثور [1/ 328] أيضا للجندي في فضائل مكة. وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 8] ، من طريق أبي الأشعث بن دينار، عن يونس بن خباب قال: النظر إلى الكعبة عبادة فيما سواها من الأرض، عبادة الصائم القائم الدائم القانت. (487) - قوله: «من نظر إلى البيت» : انظر ما قبله والتعليق عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 488- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى في المسجد الحرام في جماعة صلاة واحدة كتب الله له ألفي ألف صلاة وخمس مائة ألف صلاة. 489- وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ، ثم قال: هي الصلوات الخمس في الجماعة في المسجد الحرام. 490- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحاج والمعتمر وفد الله، إن سألوا أعطوا، وإن دعوا أجيبوا، وإن أنفقوا أخلف عليهم بكل درهم ألف درهم، والذي نفسي بيده ما أهل مهل، ولا كبّر مكبّر إلا أهل بتهليله وكبر بتكبيرة ما بين يديه حتى ينقطع التراب. 491- وفي حديث آخر فقال رجل: يا رسول الله وأنى هذه (488) - قوله: «كتب الله له ألفي ألف صلاة» : أخرجه الفاكهي في تاريخه [2/ 105- 106] رقم 1223، ومن طريقه التقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 81] ، من حديث المبارك بن حسان عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة قولهما موقوفا عليهما، وفي إسناده الحكم بن عبد الله الأيلي القرشي هو وشيخه المسيب ابن واضح ضعيفان. (489) - قوله: «هي الصلوات الخمس» : أخرجه الجندي في فضائل مكة- كما في شفاء الغرام [1/ 81]-، وابن مردويه في تفسيره- كما في الدر المنثور [5/ 687]-. (490) - قوله: «حتى ينقطع التراب» : أخرجه البيهقي في الشعب [3/ 475] رقم 4104، وأبو الشيخ في الثواب- كما في الكنز [5/ 19] رقم 11867-. (491) - قوله: «وفي حديث آخر» : أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [1/ 418- 419] رقم 907، وأوله: الحاج- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 المضاعفة؟ قال: أما والذي نفسي بيده، أما نفقاتهم فيخلفها الله لهم في الدنيا قبل أن يخرجوا منها، وأما الألف ففي الآخرة، والذي بعثني بالحق للدرهم الواحد أثقل من جبلكم هذا- وأشار إلى أبي قبيس-. 492- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جلس مستقبل الكعبة ساعة واحدة محتسبا حبّا لله ولرسوله وتعظيما للقبلة كان له أجر الحاج والمعتمر والمجاهد في سبيل الله والمرابط الصائم القائم، وأول من ينظر الله إليه من عباده إلى أهل الحرم، فمن رآه طائفا غفر له، ومن رآه جالسا مستقبل الكعبة غفر له. 493- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم عرفة بالموقف يفتح الله عزّ وجلّ أبواب السماء فيباهي بهم الملائكة فيقول لهم: انظروا إلى- والعمار وفد الله ... الحديث، وفي إسناده عبد الرحيم بن زيد العمي- وهو متروك-، عن أبيه- وليس بالقوي-، عن أبي سهيل، عن أبي هريرة، أخرج أوله ابن ماجه والبيهقي- كما تقدم- من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة دون سؤال الرجل وما بعده. (492) - قوله: «من جلس مستقبل الكعبة» : لم أقف عليه. (493) - قوله: «إذا كان يوم عرفة» : هو طرف من حديث ابن عمر الطويل، أوله: جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كلمات أسأل عنهن؟ قال: اجلس، وجاء آخر من ثقيف فقال: يا رسول الله كلمات أسأل عنهن؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبقك الأنصاري، قال: فقال الأنصاري: إنه رجل غريب، وإن للغريب حقا، فابدأ به، فأقبل صلى الله عليه وسلم على الثقفي فقال: إن شئت أنبأتك عما كنت تسألني، وإن شئت تسألني وأخبرك ... الحديث بطوله، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 عبادي شعثا غبرا، جاءوني من كل فج عميق، يرجون مغفرتي، قد غفرت لهم جميعا، أفيضوا عبادي كلكم مغفورا لكم، مشفّعين فيمن شفّعتم، فلو كانت ذنوبكم مثل عدد الرمال، أو كانت ذنوبكم مثل عدد القطر يغفرها الله لكم. 494- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج حجة الإسلام، وطاف طواف الزيارة، فإنه يطوف يومئذ ولا ذنب له، يأتيه ملك فيضع يده بين كتفيه ويقول: اعمل لما يستقبل، قد كفيت ما مضى. - المصنف [5/ 15] رقم 8830، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 425] رقم 13566، والبزار في مسنده [2/ 8 كشف الأستار] رقم 1082، والفاكهي في أخبار مكة [1/ 423] رقم 918، والبيهقي في الدلائل [6/ 294] ، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 963. وفي الباب عن أنس بن مالك، وأبي بن كعب يأتي في الفقرة التالية. (494) - قوله: «فإنه يطوف يومئذ ولا ذنب له» : هو طرف من حديث أنس بن مالك الطويل بنحو حديث ابن عمر المتقدم وفيه: فقال الثقفي: يا رسول الله أرأيت إن كانت ذنوبي أقل من ذلك؟ قال: يذخر لك في حسناتك، قال صلى الله عليه وسلم: وأما طوافك بالبيت بعد ذلك (يعني الإفاضة) فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع كفه بين كتفيك ... الحديث. أخرجه البزار في مسنده [2/ 9 كشف الأستار] رقم 1083، ومسدد كذلك [1/ 26 المطالب العالية] رقم 84، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 5- 6] ، والفاكهي في أخبار مكة [1/ 425] رقم 919، والأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1009، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 276] : رواه البزار وفيه إسماعيل ابن رافع وهو ضعيف. وفي الباب عن أبي بن كعب، أخرجه الفاكهي [1/ 425] رقم 920. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 495- وروي مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا حج المسلم ولم يقبل منه يحط عنه وزر سبعين سنة، قيل: يا رسول الله فإن لم يكن له وزر سبعين سنة؟ قال: يحط عن أبويه، قيل: فإن لم يكن؟ قال: عن أهل بيته. 496- وقال صلى الله عليه وسلم: إن للحاج بكل خطوة يخطوها سبع مائة حسنة من حسنات الحرم، قالوا: يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة الواحد بمائة ألف حسنة. (495) - قوله: «وروي مسندا» : لم أقف عليه. (496) - قوله: «إن للحاج بكل خطوة» : رواه يحيى بن سليم، عن محمد بن مسلم، وقد اختلف عليهما فيه: عن إسماعيل بن أمية مرة، ومرة: عن إسماعيل بن إبراهيم، ومرة عن إبراهيم بن ميسرة، ومرة عمن حدثهم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. أخرجه بالأوجه المذكورة عنهم أبو يعلى- كما في المطالب [1/ 317] رقم 1061، والبزار في مسنده [2/ 26 كشف الأستار] رقم 112، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 75- 76] رقم 12522، وفي الأوسط [3/ 326- 327] رقم 2696، وابن عدي في الكامل [4/ 1570] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 354] ، والفاكهي في تاريخ مكة [1/ 392] رقم 832، وأبو الوليد في تاريخ مكة [2/ 7] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 76] رقم 931، 932. ارتضاه الضياء المقدسي فأخرجه في المختارة [10/ 54] رقم 47، وقال: محمد بن مسلم تكلم فيه بعض الأئمة، وقد وثقه يحيى وروى له مسلم، ويحيى بن سليم قال أبو حاتم: لا يحتج به، ولم يبين الجرح، وقد وثقه يحيى، وروى له البخاري ومسلم. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 497- وقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الملائكة صافحت أحدا لصافحت الغازي في سبيل الله، والبار بوالديه، والطائف ببيت الله الحرام. 498- وقال صلى الله عليه وسلم: الطواف بالبيت خوض في رحمة الله. - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 209] : فيه إسماعيل بن إبراهيم ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: له إسناد آخر من رواية عيسى بن سوادة أحد الضعفاء غير أن ابن خزيمة ارتضى حديثه هذا فصححه برقم 2791. وأخرجه البزار في مسنده [2/ 25 كشف الأستار] رقم 1120، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 105] رقم 12606، والدولابي في الكنى [2/ 13] ، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 331] ، وفي الشعب [3/ 431] رقم 3981. * رواه يحيى بن سليم مرة عن ابن جريج، عن عطاء قوله، أخرجه الفاكهي [1/ 397] رقم 844. ورواه زيد بن الحواري- وهو ضعيف- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله، فالاضطراب في سنده ظاهر فيه. والله أعلم. (497) - قوله: «لو أن الملائكة صافحت أحدا» : لم أقف عليه، لكن أخرج الفاكهي في أخبار مكة [2/ 276] رقم 1518، من حديث عبد الله بن عمرو قوله: إذا بلغ الحاج أنصاب الحرم تلقتهم الملائكة على جنبتي الحرم، فأشاروا بالسلام على الجمالة، وصافحوا البغالة، واعتنقوا الرجالة اعتناقا، موقوف، وفي إسناده لين ومستور، ومثله يروى في هذا الباب. (498) - قوله: «الطواف بالبيت خوض في رحمة الله» : أخرج أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 4] ، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده مرفوعا: إذا خرج المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض في الرحمة، فإذا دخله غمرته ... الحديث. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 499- وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عزّ وجلّ ليباهي بالطائفين ملائكته. 500- وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عمل أفضل من حج مبرور. 501- وقال صلى الله عليه وسلم: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. - وأخرجه من وجه آخر عن عمرو بن شعيب وفيه: من توضأ وأسبغ الوضوء ثم أتى الركن يستلمه خاض في الرحمة ... الحديث، معناه صحيح وإسناده ضعيف. (499) - قوله: «ليباهي بالطائفين ملائكته» : هو طرف من حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم تخريجه تحت رقم: 457. (500) - قوله: «ما من عمل أفضل من حج مبرور» : أخرج الإمام البخاري في المناسك من صحيحه، باب فضل الحج المبرور، من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور، وأخرج في الباب حديث أبي هريرة قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 258] ، والطيالسي برقم 2518 من حديث أبي هريرة مرفوعا: أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحج مبرور، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4597. وأخرج الإمام أحمد [4/ 114] ، من حديث عمرو بن عبسى مرفوعا: أفضل الأعمال حجة مبرورة أو عمرة مبرورة. (501) - قوله: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» : هو طرف من حديث أبي هريرة عند الشيخين، أوله: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ... الحديث، أخرجه البخاري في العمرة، باب وجوب العمرة وفضلها، رقم 1773، ومسلم في المناسك، باب فضل الحج- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 502- وقال صلى الله عليه وسلم: من حج ولم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه. 503- وقال صلى الله عليه وسلم: خلق الله عزّ وجلّ لهذا البيت عشرين ومائة رحمة ينزلها في كل يوم، ستون منها للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين. - والعمرة، رقم 1349، وخرجناه في المناسك من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 1923- فتح المنان. (502) - قوله: «من حج ولم يرفث» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وخرجناه في المناسك من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 1924- فتح المنان. (503) - قوله: «خلق الله عزّ وجلّ لهذا البيت» : كذا قال في أوله، وقال غيره: ينزل الله في كل ليلة، وفي رواية: إن لله في كل ليلة، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده- كما في بغية الباحث- رقم 376، وأبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة [2/ 8] ، ومن طريقه الزبيدي في الإتحاف [4/ 272] . وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 124، 195] رقم 11248، 11475، وفي الأوسط [7/ 169] رقم 6310، وابن عدي في الكامل [6/ 2280] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [3/ 454- 455] رقم 4051، والخطيب في تاريخه [6/ 27] ، والفاكهي في أخبار مكة [1/ 198، 199] رقم 324، 325، والتقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 167] ، والأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1046، والشجري في آماليه [2/ 59] ، من طرق عن عطاء، وابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعا، حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، والمنذري في الترغيب والترهيب- فيما ذكره الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة [4/ 93]-، والسخاوي فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [4/ 272] ، وقال: فإذا اجتمعت طرق هذا الحديث ارتقى إلى مرتبة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 504- وقال صلى الله عليه وسلم: جهاد الكبير وجهاد الضعيف وجهاد المرأة: الحج والعمرة. - الحسن، اه. وحكى التقي الفاسي أن الحافظ توقف فيه، ونقل الزبيدي في الإتحاف عن البلقيني قوله: لم أقف على إسناد صحيح له. قلت: ورواه ابن جريج مرة عن عطاء فأوقفه على ابن عباس، أخرجه الفاكهي برقم 326، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وحسان بن عطية قوله. حديث عبد الله بن عمرو أخرجه الفاكهي في تاريخه برقم 327 وفي إسناده جعفر بن محمد الأنطاكي قال ابن حجر في اللسان: ليس بثقة. وأما حديث حسان بن عطية فأخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 8] . (504) - قوله: «جهاد الكبير» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 421] ، والنسائي في المناسك، باب فضل الحج رقم 2626، وسعيد بن منصور في سننه برقم 2344، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 350] ، جميعهم من حديث يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي هريرة به مرفوعا. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 306] ، قال: رجاله رجال الصحيح. قلت: رواه ابن جريج، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم به مرسلا، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 308] رقم 9709، ولا يضر هذا لأن الذين أسندوه عن ابن الهاد ثقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 [91- فصل: ذكر اعتناء السّلف بحجّ البيت وعدم تركهم له] 91- فصل: ذكر اعتناء السّلف بحجّ البيت وعدم تركهم له 505- قال السري السقطي: سمعت علي بن الموفق وهو راجع من الحج يقول: إلهي لا تجعل هذا آخر عهدي ببيتك وزيارته، إلهي (505) - قوله: «قال السري السقطي» : قال الحافظ الذهبي في السير: هو الإمام القدوة، شيخ الإسلام: السري بن المغلس السقطي، أبو الحسن البغدادي، صحب معروفا الكرخي، وهو أجل أصحابه. اه. كان رحمه الله صاحب أحوال وتأله، وله أقوال مأثورة، انظرها في: تاريخ بغداد [9/ 187] ، حلية الأولياء [10/ 116] ، العبر [2/ 5] ، سير أعلام النبلاء [12/ 185] ، صفة الصفوة [2/ 209] ، البداية والنهاية [11/ 13] ، مرآة الجنان [2/ 158] ، الرسالة القشيرية [/ 12] ، طبقات الصوفية [/ 48] ، النجوم الزاهرة [2/ 339] ، طبقات الصوفية للشعراني [1/ 86] ، لسان الميزان [3/ 13] . قوله: «علي بن الموفق» : الإمام الزاهد، قال الحافظ الذهبي: أحد مشايخ الطريق، له أحوال ومقامات، توفي سنة خمس وستين ومائتين، انظر عنه: تاريخ بغداد [12/ 110] ، المنتظم [12/ 202] ، البداية والنهاية [11/ 38] ، الوافي بالوفيات [22/ 265] ، حلية الأولياء [10/ 312] ، طبقات الحنابلة [1/ 230] ، صفة الصفوة [2/ 218] ، الكامل لابن الأثير [6/ 22] ، النجوم الزاهرة [3/ 41] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 265- ص 139] ، مثير العزم الساكن لابن الجوزي [1/ 221] رقم 398. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 استحييت من كثرة ما أقول: لا تجعل هذا آخر عهدي، وأنت تفعل ذلك، ثم قال: إلهي حججت ستين حجة، إلهي إن قبلت مني فقد وهبت من ذلك ثلاثين حجة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وثواب عشر حجج لخصمائي، وثواب عشر حجج لوالديّ، وثواب عشر حجج لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، ثم رجع إلى راحلته فغلبته عيناه فرأى في المنام كأن قائلا يقول له: يا علي بن الموفق، أعليّ تتسخّى وأنا خلقت السخاء، إني أشهدك وأشهد ملائكتي أني قد غفرت لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فانتبه علي بن الموفق وبكى ثلاثة أيام ولياليها وهو يقول: يا واسع المغفرة اغفر لنا برحمتك. 506- وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول إذا وقف بعرفة: اللهمّ أنت دعوت إلى حج بيتك الحرام، ووعدت المنفعة على شهود مناسكك، وقد جئتك، فاجعل منفعة ما تنفعني به أن تؤتيني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأن تقيني عذاب النار. 507- وعن سفيان بن عيينة، عن ابن عبد الملك قال: حج عمر بن قوله: «وهو راجع من الحج يقول» : الحكاية مخرجة في مظان ترجمته، وقد ذكرتها لك. (506) - قوله: «وعن عمر بن عبد العزيز» : أمير المؤمنين، الخليفة الأموي الراشد، أخرنا ترجمته فذكرناها في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم للمناسبة هناك. (507) - قوله: «عن ابن عبد الملك» : أظنه مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو سعيد القرشي، الأموي، فإنه يروي عن ابن عمه كما في تهذيب الكمال، ويروي عنه والد- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 عبد العزيز بالناس فلما نظر إلى مجتمع الناس بعرفة قال: اللهمّ زد في إحسان محسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، وراجع بمسيئهم إلى التوبة، وحط من أوزارهم بالرحمة. قال ابن عيينة: هكذا يكون الداعي، يدعو لأهل رعيته. - سفيان بن عيينة: عيينة بن أبي عمران، انظر عن مسلمة في: تهذيب الكمال [27/ 562] ، سير أعلام النبلاء [5/ 241] ، تهذيب التهذيب [10/ 131] ، ثقات ابن حبان [7/ 49] ، التاريخ الكبير [7/ 387] ، الجرح والتعديل [8/ 266] ، الكاشف [3/ 127] ، التقريب [/ 531] ، الترجمة رقم 6660. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 [92- فصل: في ذرع المسجد الحرام] 92- فصل: في ذرع المسجد الحرام 508- مكسرا: مائة ألف ذراع وعشرون ألف ذراع، ذرع المسجد طولا من باب بني جمع إلى باب بني هاشم: أربعمائة ذراع وأربعة أذرع، وعرضه من باب دار الندوة إلى الجدار الذي يلي الوادي: ثلاثمائة ذراع وأربعة أذرع، وذرع عرض المسجد الحرام من المنارة التي عند المشعر إلى المنارة التي بباب بني شيبة: مائتا ذراع وثمانية وسبعون ذراعا، وذرع عرض المسجد من منارة باب أجياد إلى منارة بني سهم: مائتا ذراع وثمانية وسبعون ذراعا. (508) - قوله: «مكسرا مائة ألف» : هو رواية عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 81] ، فهو مسند عن المصنف من طريقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 [93- فصل: في صفة باب الكعبة] 93- فصل: في صفة باب الكعبة 509- وطول باب الكعبة في السماء: ستة أذرع وعشرة أصابع، وعرض ما بين جداريه: ثلاثة أذرع وثماني عشرة أصبعا، والجدران وعتبة الباب العليا ونجاف الباب ملبس صحائف ذهب منقوش، وفي جدار عضادتي الباب أحد عشر حلقة من حديد مموه بالفضة متفرقة: في كل جدار سبع حلق يشد بها جوف الباب من أستار الكعبة، وعلى وسط البابين حلقتان من فضة مموه بالذهب سوى ما يقفل عليه. واتفق في شهور سنة ست وثمانين وثلاثمائة خروج بعض إخواننا، وكان جميل النية، فأشرت عليه بحمل حلقتين عظيمتين حسناوتين، ففعل، وعلق فوق هاتين: الحلقتين اللتين ذكرتهما، وضوء الذهب ظاهر عليهما. تقبل الله ذلك منه. (509) - قوله: «وطول باب الكعبة» : هو رواية عن أبي الوليد في تاريخ مكة [1/ 306] ، فهو مسند عن المصنف بالإسناد المتقدم إلى أبي الوليد، وكذا ما سيأتي في هذا الباب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 [94- فصل: في صفة عتبة باب الكعبة] 94- فصل: في صفة عتبة باب الكعبة 510- وفي عتبة الباب: ثمانية عشر مسمارا، منها: أربعة على الباب، وأربعة عشر على وجه العتبة، والمسامير حديد، ملبسة ذهبا، مقببة منقوشا، تدوير كل مسمار سبع أصابع، وعود الباب ساج، وغلظه ثلاثة أصابع، وعليه غلق، وعلى الحاجب كتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وعدد المسامير: مائتا مسمار، منها: مائة كبار، والباب حديد ملبسان ذهبا، وفي المصراعين سلوفينتا فضة مموهتان، وفي السلوفينتين لبنتان من ذهب مرتفعتان، وفي طرف السلوفينتين حلقتا ذهب، سعة كل حلقة: ثمان أصابع، وهما حلقتا قفل الباب، وهما على ذراعين وستة عشر أصبعا من الباب، والقفل حديد مموه. (510) - قوله: «وفي عتبة الباب» : هو رواية عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 307] ، بلفظ مختصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 [95- فصل: ذرع الكعبة من داخل] 95- فصل: ذرع الكعبة من داخل 511- طول الكعبة في السماء من داخلها إلى السقف الأسفل: ثمانية عشر ذراعا واثنا عشر إصبعا، وعرض جدار التحجير الذي فوق سطح الكعبة: ذراعان واثنا عشر إصبعا، وعرض جدار التحجير كما يدور: ذراع، وفي التحجير ملبن مربع من ساج في جدرات سطح الكعبة، كما يدور فيه حلق حديد يشد فيها ثياب الكعبة، وظهرها مشيد بالمرمر المطبوخ شيد به تشييدا. وميزاب الكعبة في وسط الجدار الذي يلي الحجر، بين الركن الشامي والركن الغربي، يسكب في بطن الحجر، وذرع طول الميزاب: أربعة أذرع، وسعته: ثمانية أصابع، في ارتفاع مثلها، والميزاب ملبس بصفائح من ذهب، داخله وخارجه، وكان الذي جعل عليه الذهب: الوليد بن عبد الملك. (511) - قوله: «طول الكعبة في السماء» : هو رواية عن أبي الوليد، انظر تاريخه [1/ 290- 291] . قوله: «ثمانية عشر ذراعا واثنا عشر إصبعا» : عبارة أبي الوليد: ثمانية عشر ذراعا ونصف، وكذا في التي بعدها: ذراعان ونصف. قوله: «وظهرها» : يريد: أرض سطح الكعبة، كما هي عبارة أبي الوليد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 وذرع داخل الكعبة من وجهها من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن الشامي، وفيه باب الكعبة: تسعة عشر ذراعا وعشرة أصابع، وذرع ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي- وهو الشق الذي يلي الحجر-: خمسة عشر ذراعا، وثمانية عشر أصبعا، وذرع ما بين الركن الغربي إلى الركن اليماني- وهو ظهر الكعبة-: عشرون ذراعا وستة أصابع، وذرع ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود: ستة عشر ذراعا وستة أصابع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 [96- فصل: في ذرع البيت من خارج] 96- فصل: في ذرع البيت من خارج 512- طوله في السماء: سبع وعشرون ذراعا. وذرع طول وجه الكعبة من الركن الأسود إلى الركن الشامي: خمس وعشرون ذراعا، وذرع شقها اليمنى من الركن الأسود إلى الركن اليماني: عشرون ذراعا، وذرع شقها الذي يلي الحجر من الركن الشامي إلى الركن الغربي: واحد وعشرون. وذرع جميع الكعبة مكسرا: أربعمائة ذراعا وثمانية عشر ذراعا. وذرع نفد جدار الكعبة ذراعان. والذراع أربعة وعشرون أصبعا. قال: والكعبة لها سقفان: أحدهما فوق الآخر. (512) - قوله: «طوله في السماء» : هو رواية عن أبي الوليد أيضا، انظر تاريخه [1/ 289- 290] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 [97- فصل: في الشّاذروان حول الكعبة] 97- فصل: في الشّاذروان حول الكعبة 513- من خارجها في السماء من البلاط المفروش حولها سبعة وعشرون ذراعا، وعدد حجارة الشاذروان التي حول الكعبة: ثمانية وستون حجرا في ثلاثة أوجه، وفي الشاذروان الذي يلي الملتزم إلى الركن الأسود: ذراعان ليس فيهما شاذروان، طول الشاذروان في السماء: سبعة عشر إصبعا، وعرضه: ذراع، وطول درجة الكعبة التي يصعد عليها إلى بطن الكعبة من خارج إلى بطن: ثمانية أذرع واثنا عشر إصبعا، وعرضها ثلاثة أذرع واثنا عشر إصبعا. وفيها من الدرج: ثلاثة عشر درجة، ومن خشب الساج، ومن حذاء الشاذروان إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود: ثلاثة أذرع واثنا عشر إصبعا ليس فيه شاذروان، ومن الشاذروان إلى عتبة الباب أربعة أذرع. (513) - قوله: «في الشاذروان حول الكعبة» : هو رواية عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 309- 310] ، فهو مسند عن المصنف بإسناده إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 [98- فصل: ذكر الكراسي الموجودة في الكعبة] 98- فصل: ذكر الكراسي الموجودة في الكعبة 514- وفي الكعبة ثلاثة كراسي من ساج. طول كل كرسي في السماء: ذراع ونصف. وعرض كل كرسي منها: ذراع وثمانية أصابع في مثلها. والكراسي عليها صفائح ذهب، وفوق الذهب: الديباج. وتحت الكراسي رخام المرمر بقدر سعة الكراسي. وطول الرخام في السماء: سبعة أصابع. وعلى الكراسي: أساطين متفرقة. الأسطوانة الأولى التي على باب الكعبة ثلثها صفائح ذهب وفضة وبقيتها مموهة. وذرع غلظها: ذراعان واثنا عشر إصبعا. 514- قوله: «وتحت الكراسي رخام المرمر» : كذا عندنا، وفي المطبوع من تاريخ أبي الوليد: رخام أحمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 [99- فصل: في صفة الرّوازن الّتي للضّوء في سقف الكعبة] 99- فصل: في صفة الرّوازن الّتي للضّوء في سقف الكعبة 515- وفي سقف الكعبة: أربع روازن.: أحدها: حيال الركن الغربي. والثاني: حيال الركن اليماني. والثالث: حيال الركن الأسود. والرابع: حيال الركن الوسطى. والروازن مربعة، أعلاها رخام يماني، يدخل منه الضوء إلى بطن الكعبة. (515) - قوله: «والروازن مربعة» : اختصر المصنف ما يتعلق بالترجمة، انظر: تاريخ أبي الوليد [1/ 293- 296] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 [100- فصل: في صفة الدّرجة] 100- فصل: في صفة الدّرجة 516- وفي الكعبة إذا دخلتها على يمينك درجة يظهر عليها إلى سطح الكعبة، وهي مربعة مع جدري الكعبة في زاوية الركن الشامي، منها داخل في الكعبة، من جدرها الذي فيه بابها ثلاثة أذرع واثنا عشر إصبعا، وعرضه ذراع واثنا عشر إصبعا. وبابها ساج فرد أعسر وعليه صفائح فضة أمر به المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين. وطول الدرجة في السماء من بطن الكعبة: عشرون ذراعا. وعدد أضفارها ثمانية وأربعون ضفرا. وعرض الدرجة ذراع وأربعة أصابع، وفي الدرجة ثماني كوى داخلة في الكعبة. (516) - قوله: «وفي الكعبة إذا دخلتها» : رواية عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 294] بلفظ مختصر، وقد عبر المصنف هنا بقياس الإصبع بدل: نصف ذراع، كما هو تعبير الوليد، فهو مسند عن المصنف بالإسناد المتقدم إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 [101- فصل: في صفة الجزعة وذرعها] 101- فصل: في صفة الجزعة وذرعها 517- وفي البيت جزعة مقابل باب الكعبة، سوداء مخططة ببياض، ذرع سعتها اثنا عشر إصبعا في مثلها، وحولها طوق من ذهب، ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى مقابلتها. [102- فصل: في صفة الإزار الرّخام الأسفل الّذي في بطن الكعبة] 102- فصل: في صفة الإزار الرّخام الأسفل الّذي في بطن الكعبة 518- وبطن الكعبة مؤزرة، مدارة من داخلها برخام أحمر وأبيض وأخضر، وألواح ملبسة ذهبا وفضة، وهما إزاران: إزار أسفل، فيه ثمانية وثلاثون لوحا، طول كل لوح: ذراعان وثمانية أصابع. من ذلك: الألواح البيض: أحد وعشرون لوحا: (517) - قوله: «وفي البيت جزعة» : رواية عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 293] . (518) - قوله: «وبطن الكعبة مؤزرة» : رواية عن أبي الوليد في تاريخ مكة [1/ 295] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 منها في الجدار الذي بين الركن اليماني سبعة ألواح. ومنها في الملتزم لوحان. ومنها في الجدار الذي فيه باب الكعبة ثلاثة ألواح. ومنها في الجدار الذي يلي الحجر أربعة ألواح. وعدد الألواح الخضر: تسعة عشر لوحا: منها في الجدار الذي بين الركن الغربي والركن اليماني أربعة ألواح. ومنها في الجدار الذي بين الركن اليماني والركن الأسود أربعة ألواح. ومنها في الجدار الذي في الباب خمسة. ومنها في الملتزم لوحان. ومنها في الجدار الذي يلي الحجر: أربعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 [103- فصل: في صفة الإزار الأعلى] 103- فصل: في صفة الإزار الأعلى 519- وفي الإزار الأعلى الثاني: اثنان وأربعون لوحا، طول كل لوح: أربعة أذرع وأربعة أصابع، البيض من ذلك: عشرون لوحا، ومن الحمر: سبعة، ومن الخضر: ستة. [104- فصل: في صفة فرش أرض البيت بالرّخام] 104- فصل: في صفة فرش أرض البيت بالرّخام 520- وأرض الكعبة مفروشة برخام أبيض وأخضر وأحمر، عدد الرخام ستة وثلاثون رخامة، وعند عتبة باب الكعبة رخامتان: خضراء وحمراء مفروشتان. (519) - قوله: «وفي الإزار الأعلى الثاني» : عن أبي الوليد في تاريخه [1/ 295- 296] . (520) - قوله: «وأرض الكعبة مفروشة» : تاريخ أبي الوليد [1/ 297- 298] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 [105- فصل: ذرع ما بين الأساطين] 105- فصل: ذرع ما بين الأساطين 521- ذرع ما بين الجدر الذي يلي الركن الأسود والركن اليماني إلى الأسطوانة الأولى أربعة أذرع واثنا عشر إصبعا، ومثلها ما بين الأسطوانة الأولى إلى الثانية ومثلها إلى الوسطى، ومثلها إلى الثالثة، ومن الثالثة إلى جدار الحجر: ذراعان وثمانية أصابع. (521) - قوله: «ومثلها إلى الوسطى» : اللفظ اختصره المصنف، وعبارة أبي الوليد: وذرع ما بين الأسطوانة الأولى إلى الأسطوانة الثانية: أربعة أذرع ونصف، وذرع ما بين الأسطوانة الثانية إلى الأسطوانة الثالثة: أربعة أذرع ونصف، وذرع ما بين الأسطوانة الثالثة إلى الجدار ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 [106- فصل: في عدد أساطين المسجد الحرام] 106- فصل: في عدد أساطين المسجد الحرام 522- من شقه الشرقي: مائة وثلاث أسطوانات. ومن شقه الغربي: مائة اسطوانة وخمس أسطوانات. ومن شقه الشامي: مائة وخمسة وثلاثون أسطوانة. ومن شقه اليماني: مائة واحد وأربعون أسطوانة. فجميع ما فيه من الأساطين: أربع مائة أسطوانة وأربعة وثمانون أسطوانة، كل أسطوانة: عشرة أذرع، وتدويرها ثلاثة أذرع. وعدد الأساطين التي على الأبواب من كل ناحية مائة وإحدى وخمسون أسطوانة. فجميع الأساطين التي في المسجد وعلى الأبواب: ستمائة أسطوانة وخمس وثلاثون أسطوانة. (522) - قوله: «في عدد أساطين المسجد الحرام» : تاريخ أبي الوليد [2/ 82] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 [107- فصل: في عدد الطّاقات] 107- فصل: في عدد الطّاقات 523- على الأساطين أربعمائة طاقة وثمان وتسعون طاقة: منها في الظلال التي تلي دار الندوة: مائة واثنتان وأربعون طاقة. ومنها في الظلال التي تلي الوادي: مائة وخمس وأربعون طاقة. ومنها ما يلي المسعى: تسع وتسعون طاقة. ومنها التي تلي شق بني جمح: مائة واثنا عشر طاقة. ومنها التي تلي بطن المسجد الحرام: مائة واحدى وخمسون: من ذلك مما يلي دار الندوة: ست وأربعون. ومنها مما يلي دار بني جمح: تسع وعشرون. ومنها مما يلي الوادي: خمس وأربعون. ومنها مما يلي المسعى: إحدى وثلاثون. (523) - قوله: «في عدد الطاقات» : تاريخ أبي الوليد [2/ 84] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 [108- فصل: في عدد أبواب المسجد الحرام] 108- فصل: في عدد أبواب المسجد الحرام ثلاثة وعشرون بابا: الأول: باب بني شيبة، وهو الباب الكبير، ويعرف بباب بني عبد شمس في الجاهلية. الثاني: باب دار القوارير، ويعرف بباب علي رضي الله عنه. الثالث: باب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يلي زقاق العطارين الذي فيه حجرة خديجة بنت خويلد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل من ذلك الباب ويخرج منه. الرابع: باب العباس بن عبد المطلب، وعنده ميل أخضر في المسعى، داخلها منقوشة بالفسيفساء، وهي المعجون التي في أيام الخلفاء من بني أمية. الخامس: باب بني هاشم، وهو مستقبل الوادي. السادس: باب بني تيم. السابع: باب أم هانىء بنت أبي طالب، يلي دور عبد شمس بني مخزوم. قوله: «ثلاثة وعشرون بابا» : تاريخ أبي الوليد [2/ 86] ، اللفظ هنا مختصر. قوله: «وعنده ميل أخضر في المسعى داخلها» : عبارة أبي الوليد: عند علم المسعى من خارج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 * وهذه الأبواب مما يلي المسعى. والباب الأول مما يلي أجياد الكبير، وهو يعرف بالوادي، يقال له: باب حكيم ابن حزام- ويعرف بباب الحزامية-. والباب الثاني يعرف اليوم بباب الخياطين. والباب الثالث باب بني جمح. والباب الرابع باب أبي البختري بن هشام. والباب الخامس يلي دار زبيدة. والباب السادس باب بني سهم، وفيها باب إبراهيم الذي يذهب منها إلى العمرة، وباب الحزورة. * وفي الشق الذي يلي دار الندوة ودار العجلة- وهو الشق الشامي- وفيه: ستة أبواب: الباب الأول: يلي المنارة التي تلي بني سهم، يعرف بباب عمرو بن العاص. والباب الثاني: قد سدّ، وجعل في دار العجلة، وموضعه بيّن. والباب الثالث: باب دار العجلة. والباب الرابع: باب قعيقعان. والباب الخامس: باب دار الندوة. قوله: «وموضعه بيّن» : زاد أبو الوليد [2/ 93] : لمن يقابله. قوله: «باب دار العجلة» : وهو الذي يسمى الآن بباب الباسطية؛ لاتصاله بمدرسة عبد الباسط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 والباب السادس: أظنه يقال له: باب الأمير. وأما الحطيم: فما بين الركن والمقام والبيت وزمزم والحجر. والملتزم: ما بين الباب والحجر الأسود. قوله: «أظنه يقال له: باب الأمير» : قال أبو الوليد [2/ 94] : الباب السادس طاق واحد، وهو باب دار شيبة بن عثمان، يسلك منه إلى السويقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 [109- فصل: ذكر منى واتّساعها أيّام الحجّ وسبب تسميتها بذلك] 109- فصل: ذكر منى واتّساعها أيّام الحجّ وسبب تسميتها بذلك 524- حدثنا محمد بن سهل بن هلال رحمه الله بمكة حرسها الله، ثنا محمد بن نافع، ثنا إسحاق بن أحمد، ثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى، ثنا سليم بن مسلم، ... (524) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : الخبر في تاريخه [2/ 179] ، من طريقه أيضا أخرجه التقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 323] ، سيأتي تمام تخريجه. قوله: «حدثني محمد بن يحيى» : هو ابن أبي عمر العدني، الإمام الحافظ شيخ الحرم ومسندها: أبو عبد الله المكي صاحب المسند، وأحد شيوخ مسلم في الصحيح، وكان صاحب عبادة ونسك، حج سبعا وسبعين حجة، وروي أنه لم يقعد من الطواف ستين سنة، انظر عنه في: تهذيب الكمال [26/ 639] ، تهذيب التهذيب [9/ 457] ، سير أعلام النبلاء [12/ 96] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 542] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 477] ، العقد الثمين [2/ 387] ، التاريخ الكبير [1/ 265] ، تذكرة الحفاظ [2/ 501] ، الجرح والتعديل [8/ 124] ، ثقات ابن حبان [9/ 98] ، الكاشف [3/ 95] . قوله: «ثنا سليم بن مسلم» : هو الخشاب، كنيته: أبو مسلم الجمحي، المكي، أحد الضعفاء، يقال: كان جهميا، تركه النسائي، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وسليم: بفتح السين المهملة، وكسر اللام، فرق بينهما ابن عدي وغيره، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 عن عبيد الله بن أبي زياد، عن أبي الطفيل قال: سمعت ابن عباس وسئل عن منى فقيل له: عجبا لضيقه في غير الحج؟ فقال: إن منى ليتسع بأهله كما يتسع الرحم بالولد. - وزعم الحافظ الذهبي أنه سليمان بن مسلم فوهم. الكامل لابن عدي [3/ 1165] ، الميزان [2/ 422] ، معرفة الرجال [1/ 58] ، الترجمة رقم 70، لسان الميزان [3/ 113] ، المغني في الضعفاء [1/ 285] ، الديوان [1/ 360] ، ضعفاء العقيلي [2/ 164] ، ضعفاء النسائي: الترجمة رقم 256، والمجروحين [1/ 354] . قوله: «عن عبيد الله بن أبي زياد» : هو القداح، كنيته: أبو الحصين المكي، أحد الرواة الذين يعتبر بهم ويروى لهم، قال أبو حاتم: ليس بالقوي ولا بالمتين، هو صالح الحديث، يحول من كتاب الضعفاء الذي صنفه البخاري. تهذيب الكمال [19/ 41] ، طبقات ابن سعد [5/ 491] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 382] ، المجروحين لابن حبان [2/ 66] ، ثقات ابن شاهين: الترجمة رقم 955، ديوان الضعفاء [2/ 136] ، المغني [2/ 415] ، تهذيب التهذيب [7/ 13] ، الكاشف [2/ 198] ، الجرح والتعديل [5/ 315] ، الكامل لابن عدي [4/ 1634] ، التقريب [/ 371] ، الترجمة رقم 4292. قوله: «كما يتسع الرحم بالولد» : تابع ابن أبي عمر عن سليم: يحيى بن محمد بن ثوبان، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 278] رقم 2621. وروته مولاة أبي الطفيل، عن أبي الطفيل، عن أبي الدرداء به مرفوعا، أخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 380- 381] رقم 7771، وفي الصغير- كما في مجمع الزوائد [3/ 265]- قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 525- وقال صلى الله عليه وسلم: منى مناخ من سبق. 526- واستأذنت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن تبني كنيفا بمنى فلم يأذن لها. 527- والعرب تسمي كل موضع يجتمع فيه الناس منى، ومن مكة إلى منى أربعة أميال، فرسخ وثلث، وهي من الحرم. 528- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: إنما سميت منى منى لما يمنى فيها من الدماء. (525) - قوله: «منى مناخ من سبق» : خرجناه في المناسك من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، باب كراهية البنيان بمنى، من حديث يوسف بن ماهك، عن أمه مسيكة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبني لك بناء بمنى يظلك؟ قال: لا، فذكره، [7/ 681] رقم 2068- فتح المنان. (526) - قوله: «واستأذنت عائشة رضي الله عنها» : أخرجه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه [2/ 173] ، والفاكهي في أخبار مكة [4/ 283] رقم 2626، كلاهما من حديث سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن عائشة به، إسناده على شرط الصحيح إلا أنه منقطع. (528) - قوله: «إنما سميت منى» : هكذا في الأصول عن ابن عباس، وقد أخرج أبو الوليد [2/ 180] ، هذا القول عن شيخه المتقدم محمد بن يحيى، عن عبد الله بن أبي الوزير عمر بن مطرف، عن أبيه قوله. وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال: إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق آدم عليه السّلام قال له: تمنّ، قال: أتمنى الجنة، فسميت منى لأمنية آدم عليه السّلام، أخرجه أبو الوليد أيضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 قال الأستاذ أبو سعد رحمة الله عليه: بت ليلة بمنى في غير أيام الموسم، وكنت ساهرا أكثر الليل أتأذى من البعوض، فلما كان من الغد سألت بعض أهل الحرم عن البعوض بمنى، فقال: جميع السنة يكون كذا إلا أيام منى، فإنه يقل فيها. قوله: «بت ليلة» : هذه الحكاية ذكرها التقي الفاسي في شفاء الغرام [1/ 323] ، في معرض ذكره الآيات التي جعلها الله في منى فقال: ومن الآيات التي بمنى في أيام الحج: قلة البعوض بها على ما ذكره أبو سعيد- كذا- في شرف النبوة فيما حكى عنه شيخنا القاضي مجد الدين الشيرازي في كتابه: الوصل والمنى في فضل منى؛ فإنه قال: قال أبو سعيد في الوفا بشرف المصطفى صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر كلامه هنا بالحرف. قال الشبراخيتي: اعلم أن منى بها خمس آيات: أحدها: أن ما قبل من الحصيات يرفع، والثانية: اتساعها للحجيج مع ضيقها في الأعين، والثالثة: كون الحدأة لا تخطف منها اللحم، والرابعة: كون الذباب لا يقع في الطعام، وإن كان من شأنه أن لا ينفك عنه كالعسل والسكر، والخامسة: قلة البعوض بها، نظمها بعضهم فقال: وآي منى خمس فمنها اتساعها ... لحجاج بيت الله ولو جاوزوا الحدّا ومنع حداة من تخطف لحمها ... وقلة وجدان البعوض بها عدا وكون ذباب لا يقع في طعامها ... ورفع الحصا المقبول دون الذي ردا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 [110- فصل: ذكر مسجد الخيف وله عشرون بابا] 110- فصل: ذكر مسجد الخيف وله عشرون بابا 529- حدثنا محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله، ثنا محمد ابن نافع، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد، ثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن عبد المجيد، عن ابن جريج، ... (529) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : الخبر أورده الطبري في القرى [/ 479] ، وعزاه للمصنف في كتابه هذا، وهو في تاريخ أبي الوليد [2/ 173] ، وزاد بعد قوله مسجد منى: الذي تحالفوا فيه علينا، قال ابن جريج: قلت لعثمان: أي حلف؟ قال: الأحزاب، اه. وهو معضل. وهكذا رواه مسدد في مسنده كما في إتحاف البوصيري [4/ 112] رقم 3440، قال الحافظ البوصيري: ورجاله ثقات. وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 263] رقم 2589، من طريق سعيد بن عبد الرحمن، ثنا عبد المجيد به. قلت: أصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر. قوله: «عن عبد المجيد» : هو ابن عبد العزيز بن أبي روّاد الأزدي، أبو عبد الحميد المكي، الحافظ الصدوق، كان من أعلم الناس بحديث ابن جريج، تكلم فيه للإرجاء، وهو في الحديث عن ابن جريج أثبت فيه، ومن أعلم الناس به، وله عن غيره ما ينكر، أخرج له الجماعة سوى البخاري، انظر عنه في: التاريخ الكبير [6/ 112] ، الجرح والتعديل [6/ 164] ، سير أعلام النبلاء- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قدمنا مكة نزلنا بالخيف- والخيف: مسجد منى-. ومسجد الخيف مسجد في وسطه منارة، بقرب المنارة قبر آدم عليه السّلام، وطول السنة ترى ثمّ خضرة. -[9/ 434] ، تهذيب الكمال [18/ 271] ، تهذيب التهذيب [6/ 339] ، الكاشف [2/ 182] ، طبقات ابن سعد [5/ 500] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 370] ، المجروحين لابن حبان [2/ 160] ، الكامل لابن عدي [5/ 1982] ، الميزان [3/ 362] ، العقد الثمين [5/ 492] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 308] . قوله: «عن عثمان بن أبي سليمان» : النوفلي، القرشي، المكي قاضيها، وثقه الجمهور، استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في الصحيح، انظر عنه في: تهذيب الكمال [19/ 384] ، تهذيب التهذيب [7/ 111] ، الكاشف [2/ 219] ، طبقات ابن سعد [5/ 486] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 352] ، الثقات لابن حبان [7/ 192] ، التقريب [/ 384] ، الترجمة رقم 4476، ثقات ابن شاهين، الترجمة رقم 743. قوله: «عن عبد الله بن أبي بكر» : هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، الإمام الحافظ الحجة أبو محمد المدني أحد الأثبات. قال الإمام أحمد: حديثه شفاء. وقال ابن عبد البر: كان من أهل العلم ثقة فقيها محدثا مأمونا، حافظا، وهو حجة فيما نقل وحمل. تهذيب الكمال [14/ 349] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 195] ، ثقات ابن حبان [7/ 10] ، الجرح والتعديل [5/ 77] ، التاريخ الكبير [5/ 54] ، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 530- قال ابن عباس رضي الله عنهما: صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا، كلهم يخطمون بالليف. - تهذيب التهذيب [5/ 144] ، طبقات ابن سعد [/ 283- الجزء المتمم] ، سير أعلام النبلاء [5/ 314] . (530) - قوله: «قال ابن عباس» : أخرجه أبو الوليد في تاريخه [1/ 69، 2/ 174] : حدثني جدي وابن أبي عمر العدني قالا: ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن أشعث بن سوار، عن عكرمة، عنه به. وزاد: يعني: رواحلهم. قال أبو عاصم: روي هذا مرفوعا، فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 452- 453] رقم 12283، وفي الأوسط [6/ 193] رقم 5403، والفاكهي في أخبار مكة [4/ 266] رقم 2593، من حديث أبي فضيل، عن عطاء- وكان قد اختلط- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا: صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا، فيهم موسى عليه السّلام، وكأني أنظر إليه عليه عباءتان قطوانيتان وهو محرم على بعير من أزد شنوءة، مخطوم بخطام من ليف وله ضفران. أعله الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 221، 297] ، باختلاط ابن السائب، وهو حديث قد حسنه المنذري في الترغيب والترهيب، وارتضاه الضياء إذ أخرجه في المختارة [10/ 292- 293] رقم 309. وأخرج البزار بإسناد صحيح- كما في كشف الأستار [2/ 48- 49] رقم 1177، والفاكهي في أخبار مكة [4/ 266] رقم 2594، من حديث إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعا: في مسجد الخيف قبر سبعون نبيّا. قال البزار: لا نعلمه عن ابن عمر بأحسن من هذا الإسناد، تفرد به إبراهيم عن منصور، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 297] : رجاله ثقات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 531- وعن عطاء قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: لو كنت من أهل مكة لأتيت مسجد منى كل سبت. 532- وقال مجاهد رضي الله عنه: حج خمسة وسبعون نبيا، كلهم قد طاف بالبيت، فصلوا في مسجد منى، فإن استطعت أن لا تفوتك الصلاة في مسجد منى فافعل. (531) - قوله: «وعن عطاء» : هو في تاريخ الأزرقي [2/ 174] ، من حديث ابن أبي رواد، عن ابن جريج، وقد تابعه ابن عيينة عن ابن جريج أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 267] رقم 2595، من حديث شيخه ابن أبي عمر العدني، وهذا إسناد على شرط مسلم. وعن عائشة بنت سعد قالت: كان سعد- يعني ابن أبي وقاص- يقول: لو كنت من أهل مكة ما أخطأني جمعة لا أصلي فيه- يعني: مسجد الخيف- ولو يعلم الناس ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 267] رقم 2596، إسناده جيد، رجاله موثقون. (532) - قوله: «وقال مجاهد» : أخرج قوله الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 69، 2/ 174] ، حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن خصيف، عنه به. تابعه عبد الله بن عمران المخزومي، عن سعيد بن سالم، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [4/ 268] رقم 2599. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 [111- فصل: في مسجد الكبش] 111- فصل: في مسجد الكبش 533- قال أبو سعد: وبهذا الإسناد: عن أبي الوليد قال: حدثنا جدي، ثنا داود بن عبد الرحمن، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسماعيل- أو: إسحاق- صلوات الله عليه. (533) - قوله: «وبهذا الإسناد: عن أبي الوليد» : يعني المتقدم برقم: 529 وهو في تاريخ مكة [2/ 175] ، إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3224] رقم 13243، والحاكم في المستدرك [2/ 559] ، وسكت عنه هو والذهبي لأن في الطريق إليه عنده الواقدي، وحاله مشهور. وعزاه السيوطي في الدر المنثور [7/ 113] أيضا: لعبد بن حميد، وابن المنذر. قوله: «ثنا داود بن عبد الرحمن» : العطار، الإمام الحافظ الثقة الورع القدوة: أبو سليمان المكي فقيهها وعالمها، حديثه في الكتب الستة، وهو ممن اتفق على إمامته. انظر عنه في: تهذيب الكمال [8/ 413] ، طبقات ابن سعد [5/ 498] ، العقد الثمين [4/ 347] ، ثقات ابن حبان [6/ 286] ، تهذيب التهذيب [3/ 266] ، الكاشف [1/ 222] ، إكمال مغلطاي [4/ 257] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 216] ، التاريخ الكبير [3/ 241] ، الجرح والتعديل [3/ 417] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه، وكان مخزونا حتى فدى الله إسماعيل- أو: إسحاق-، وكان أعين، أقرن، له ثغاء، وكان ابنه الآخر قرب حرثا فلم يتقبل منه. [112- فصل: ذكر قصّة فداء إسماعيل عليه السّلام] 112- فصل: ذكر قصّة فداء إسماعيل عليه السّلام 534- والقصة: أنه لما وضع إبراهيم عليه السّلام المدية على حلق إسماعيل نودي: على رسلك، هذا فداؤه، فنظر فإذا الكبش منهبط من جبل ثبير، فخلّى إسماعيل، وسعى يتلقى الكبش ليأخذه فحاد عنه، فلم يزل يعرض له ويردّه حتى أخذه وذبحه في المنحر، فسمي مسجد الكبش. (534) - قوله: «فنظر فإذا الكبش» : أخرجها أبو الوليد، فهي مسندة عن المصنف بالإسناد المتقدم إلى أبي الوليد في تاريخه [2/ 175] : حدثني جدي، ثنا عبد الرحمن بن حسن بن القاسم، عن أبيه قوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 [113- فصل: ذكر المسافة من منى إلى المزدلفة] 113- فصل: ذكر المسافة من منى إلى المزدلفة 535- ومن منى إلى مزدلفة: ميلان وكسر، وإن حسبت من أول المزدلفة فهي ثلاثة أميال- ومن آخر مزدلفة إلى مسجد عرفة: ثلاثة أميال، والمزدلفة كلها موقف. 536- قال ابن عباس رضي الله عنهما: حد عرفة من الجبل المشرف إلى بطن عرنة إلى جبال عرنة إلى وصيق إلى ملتقى وصيق ووادي عرنة. (535) - قوله: «ومن منى إلى مزدلفة» : هو رواية عن أبي الوليد في تاريخه [2/ 186- 190] . (536) - قوله: «قال ابن عباس» : هو موصول عن المصنف بالإسناد المتقدم إلى أبي الوليد في تاريخه [2/ 194] : حدثني جدي، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبي نجيح- كذا وصوابه: ابن أبي نجيح- عن مجاهد، عنه به. تابعه يحيى بن محمد، عن ابن عمير، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة [5/ 6- 7] رقم 2719. قوله: «إلى وصيق إلى ملتقى وصيق» : في الأصول، في الموضعين: وضيق، بالضاد المعجمة، وكذا هو في أصول أبي الوليد، وضبطها العز بن جماعة في مناسكه [3/ 1006- 1007] ، بالصاد المهملة، وقال ياقوت في المعجم [5/ 378] : جبل أدناه لكنانة- قوم من بني عدي بن عدي- وشقه الآخر لهذيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 [114- فصل: حديث عبد الله بن الزّبير بن العوّام ومقتله رضي الله عنه] 114- فصل: حديث عبد الله بن الزّبير بن العوّام ومقتله رضي الله عنه 537- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله سنة ست وسبعين وثلثمائة قال: حدثنا أبو الحسن: محمد بن قوله: «حديث عبد الله بن الزبير بن العوام» : الأسدي، ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمير المؤمنين، أبو بكر وأبو حبيب القرشي، المكي، ثم المدني، أحد المجاهدين الأعلام. له صحبة ورواية، عداده في صغار الصحابة، أدرك من حياته صلى الله عليه وسلم ثمانية أعوام وأربعة أشهر، وكان ملازما للولوج عليه صلى الله عليه وسلم لكونه من آله، وكان أحد الكبار في العلم والشرف والجهاد والديانة والتأله، وهو فارس قريش في زمانه، قال الحافظ الذهبي في السير: بويع له بالخلافة عند موت يزيد سنة أربع وستين، فحكم على الحجاز، واليمن، ومصر، والعراق، وخراسان، وبعض الشام، ولم يستوسق له الأمر، ومن ثم لم يعده بعض العلماء في أمراء المؤمنين، وعد دولته في زمن فرقة، فإن مروان غلب على الشام، ثم مصر، وقام عند مصرعه ابنه عبد الملك بن مروان، وحارب ابن الزبير، حتى قتله رضي الله عنه، فاستقل عبد الملك وآله، واستوسق لهم الأمر، إلى أن قهرهم بنو العباس بعد ملك ستين عاما، وانظر أخباره في: التاريخ الكبير [5/ 6] ، الجرح والتعديل [5/ 56] ، الإصابة [2/ 308] ، الاستيعاب [2/ 299] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1647] ، أسد الغابة [3/ 242] ، تاريخ الخلفاء [/ 211] ، تهذيب الكمال [14/ 508] ، تهذيب التهذيب [5/ 187] ، تاريخ ابن عساكر [28/ 137] ، الوافي بالوفيات [17/ 172] ، سير أعلام النبلاء [3/ 363] ، تاريخ الإسلام- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 نافع بن إسحاق الخزاعي بمكة في المسجد الحرام، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي، ثنا أبو الوليد: محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: حدثني جدي، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن يسار بن عبد الرحمن قال: شهدت ابن الزبير حين فرغ من بناء البيت، كساه القبطي وقال: من كانت لي عليه طاعة فليخرج، فليعتمر من التنعيم. قال: فما رأيت يوما كان أكثر عتيقا ولا أكثر بدنة منحورة من يومئذ. 538- ذكر ابن جريج قال: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكسو البيت القباطي. -[عهد الخلفاء- ص 96] ، المستدرك للحاكم [3/ 547] ، الحلية لأبي نعيم [1/ 329] ، الكامل في التاريخ [4/ 348] ، العقد الثمين [5/ 141] ، غاية النهاية [1/ 419] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 266] ، وفيات الأعيان [3/ 71] ، المعرفة والتاريخ [1/ 243، 543] . (537) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : أخرجه في تاريخه [1/ 215] . قوله: «عن يسار بن عبد الرحمن» : كنيته: أبو الوليد المكي، يعد في التابعين، روى عن جابر بن عبد الله وحديثه عنه في صحيح مسلم. تهذيب الكمال [34/ 393] ، تهذيب التهذيب [12/ 299] ، ثقات ابن حبان [4/ 291] ، الجرح والتعديل [9/ 307] ، الكاشف [3/ 343] ، التقريب [/ 682] ، الترجمة رقم 8438. (538) - قوله: «ذكر ابن جريج» : أخرجه من طرق: أبو الوليد الأزرقي في تاريخه، وزاد في رواية موسى بن عبيدة، وأبي نجيح: من بيت المال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 539- أخبرنا أبو عمر رحمه الله، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو محمد، ثنا أبو الوليد قال: أخبرني محمد بن يحيى، عن الواقدي، عن موسى بن يعقوب، عن عمه قال: هدم ابن الزبير البيت حتى وضعه بالأرض، وبناها من أسها، وأدخل الحجر في البيت- وكان قد احترق حين احترق (539) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : أخرجه في تاريخه [1/ 215- 216] . قوله: «عن الواقدي» : هو العلامة الإخباري، صاحب المغازي والسير والتاريخ: محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم، القاضي أبو عبد الله المديني، أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه مع عدم الاستغناء عن حديثه في الأخبار والسير، حتى قال الخطيب: هو ممن طبّق ذكره شرق الأرض وغربها، وسارت بكتبه الركبان في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات والفقه، كان جوادا كريما مشهورا بالسخاء. تاريخ بغداد [3/ 3] ، طبقات ابن سعد [7/ 334] ، الجرح والتعديل [8/ 20] ، الوافي بالوفيات [4/ 238] ، تذكرة الحفاظ [1/ 348] ، سير أعلام النبلاء [9/ 454] ، وفيات الأعيان [1/ 506] ، تهذيب الكمال [26/ 180] ، معجم الأدباء [18/ 277] ، مقدمة عيون الأثر [1/ 17] ، النجوم الزاهرة [2/ 184] ، التاريخ الكبير [1/ 178] ، تهذيب التهذيب [9/ 323] ، الكامل لابن عدي [6/ 2245] ، المجروحين [2/ 290] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 532] ، القضاة لوكيع [3/ 270] ، الكاشف [3/ 73] ، التقريب [/ 498] ، الترجمة رقم 6175. قوله: «عن موسى بن يعقوب» : هو الزمعي، أبو محمد المدني، من رجال الأربعة، وأحد الضعفاء الذي يروى لهم في الفضائل والترغيب والترهيب، فقد أخرج له البخاري في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 الخشب والحجارة، وانصدع بثلاث فرق، فرأيته منكسرا حتى شده ابن الزبير بالفضة، ثم أدخل الحجر في البيت- ونصب الخشب حول البيت، ثم سترها، وبنوا من وراء الستر حتى بلغ الركن الأسود، فوضعه جوفها، ولطخ جدرها بالمسك حين فرغ منها، وجعل لها بابين موضوعين بالأرض، بابا في وجهها، وبابا بإزائه من خلفها، يدخل من هذا الذي في وجهها ويخرج من الآخر، واعتمر حين فرغ من الكعبة ماشيا مع رجال من قريش وغيرهم، منهم: عبد الله بن صفوان، وعبيد بن عمير. - الأدب، انظر عنه في: تهذيب الكمال [29/ 171] ، تهذيب التهذيب [10/ 337] ، الكاشف [3/ 168] ، التقريب [/ 554] ، الترجمة رقم 7026، الكامل في الضعفاء [6/ 2341] ، الديوان [2/ 391] ، المغني [2/ 689] ، ثقات ابن حبان [7/ 758] . قوله: «عن عمه» : هو يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة القرشي، لا يكاد يعرف لقلة روايته. ذكره البخاري في التاريخ الكبير [8/ 346] ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [9/ 276] ، وسكتا عنه، ووثقه ابن حبان [7/ 625] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 [115- فصل: ذكر سبب بناء ابن الزّبير البيت وما كان عليه قبل ذلك] 115- فصل: ذكر سبب بناء ابن الزّبير البيت وما كان عليه قبل ذلك 540- أخبرنا أبو عمر، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو محمد، ثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي أحمد، عن ابن سالم، عن ابن جريج قال: سمعت غير واحد من أهل العلم ممن حضر ابن الزبير حين هدم الكعبة وبناها، يقول: لما أبطأ عبد الله بن الزبير عن بيعة يزيد بن معاوية وتخلف وخشي منهم، لحق بمكة ليمتنع بالحرم، وحمل مواليه، وجعل يظهر عيب يزيد بن معاوية ويشتمه ويذكر شربه الخمر وغير ذلك ويثبط الناس عنه، وكان يجتمع إليه الناس فيقوم فيهم بين الأيام، فيذكر مساوىء بني أمية فيطنب في ذلك، فبلغ ذلك يزيد بن معاوية فأقسم أن لا يؤتى به إلا مغلولا، فأرسل إليه رجلا من أهل الشام في خيل من خيل الشام، فعظم على ابن الزبير الفتنة، (540) - قوله: «ثنا أبو الوليد» : الخبر بطوله في تاريخ مكة [1/ 201 وما بعده] . وأخرجه من طرق: الفاكهي في تاريخه [2/ 351 وما بعده] رقم 1652، 1653، وأبو نعيم في الحلية [1/ 331] ، وفي المعرفة [3/ 1650] رقم 4144، والحاكم في المستدرك [3/ 550] ، وأبو العرب التميمي في المحن [/ 174 وما بعده] ، وابن عساكر في تاريخه [28/ 229 وما بعده] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 وقالوا: لا يستحل الحرم بسببك فإنه غير تاركك ولا تقوى عليه، وقد لجّ في أمرك، وأقسم أن لا يؤتى بك إلا مغلولا، وقد عملت لك غلا من فضة، وتلبس فوقه الثياب، وتبر قسم أمير المؤمنين، فالصلح خير عاقبة وأجمل بك وبه. فقال: دعوني أياما حتى أنظر في أمري، فشاور أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق في ذلك، فأبت عليه أن يذهب مغلولا، وقالت: يا بني عش كريما ومت كريما، ولا تمكن بني أمية من نفسك فتلعب بك، فالموت أحسن من هذا. قال: فأبى عليهم أن يذهب إليه في غل، وامتنع في مواليه ومن تآلف إليه من أهل مكة وغيرهم، وكان يقال لهم: الزبيرية، فبينما يزيد على بعثة الجيوش إليه، إذ أتى يزيد خبر أهل المدينة وما فعلوا بعامله ومن كان معه بالمدينة من بني أمية وإخراجهم إياه منها إلا ما كان من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجهز إليهم يزيد: مسلم بن عقبة المرّي في أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ من ذلك سار إلى ابن الزبير بمكة- وكان مسلم مريضا، في بطنه الماء الأصفر، فقال له يزيد: إن حدث بك الموت فول الحصين بن نمير الكندي على جيشك- فسار حتى قدم المدينة فقاتلوه أهل المدينة، فقاتلهم فظفر بهم، ودخلها، فقتل من قوله: «وقالوا: لا يستحل» : كذا في الأصل، وفي تاريخ أبي الوليد: وقال، والإشكال في الجملة التالية بعدها: وقد عملت لك غلا من فضة هل هي لفاعل قال أو بالبناء للمجهول، وفي تاريخ الفاكهي: فقيل لابن الزبير: ألا نصنع لك غلا من فضة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 قتل منهم، وأسرف في القتل- فسمي بذلك مسرفا- ونهب المدينة ثلاثا. ثم سار إلى مكة، فلما كان ببعض الطريق حضرته الوفاة، فدعا الحصين بن نمير فولّاه ذلك، وقلّده، ومضى الحصين إلى مكة، فقاتل بها ابن الزبير أياما، وجمع ابن الزبير أصحابه، فتحصّن بهم في المسجد الحرام وحول الكعبة، وضرب أصحاب ابن الزبير في المسجد الحرام خياما ورواقا يكنّون فيها من حجارة المنجنيق، ويستظلون فيها من الشمس. وكان الحصين بن نمير الكندي قد نصب لهم المنجنيق على أبي قبيس وعلى الأحمر- وهما أخشبا مكة- فكان يرميهم بها فتصيب الحجارة الكعبة حتى تحرقت كسوتها عليها فصارت كأنها جيوب النساء، فوهن الرمي بالمنجنيق الكعبة، فذهب رجل من أصحاب ابن الزبير يوقد نارا في بعض تلك الخيام مما يلي الصفا بين الركن الأسود والركن اليماني والمسجد يومئذ ضيق صغير، فطارت شررة في الخيمة فاحترقت، وكانت في ذلك اليوم رياح شديدة، والكعبة يومئذ مبنية بناء قريش مدماكا من ساج ومدماكا من حجارة، من أسفلها إلى أعلاها، وعليها الكسوة، قوله: «فدعا الحصين بن نمير» : في تاريخ أبي الوليد: فدعا الحصين بن نمير فقال له: يا برذعة الحمار، لولا أني أكره أن أتزود عند الموت معصية أمير المؤمنين ما وليتك، انظر إذا قدمت مكة فاحذر أن تمكن قريشا من أذنك فتبول فيها، لا تكن إلا الوقاف، ثم الثقاف، ثم الانصراف، قال: فتوفي مسلم المسرف، ومضى الحصين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 فطارت الرياح بلهب تلك النار فأحرقت كسوة الكعبة، فاحترق الساج الذي بين البناء. وجاء النعي بموت يزيد بن معاوية، فلما احترقت الكعبة، واحترق الركن الأسود وتصدع- وكان ابن الزبير بعد ربطه بالفضة- ضعفت جدران الكعبة حتى إنها لتنقض من أعلاها إلى أسفلها ويقع الحمام عليها فتتناثر حجارتها، وهي مجردة متوهنة من كل جانب، ففزع لذلك أهل مكة وأهل الشام جميعا، فشاور ابن الزبير أشراف أهل مكة ووجوههم، فأشار بعضهم عليه بهدمها وأبي أكثرهم هدمها، ثم أجمع على هدمها وبنائها. قوله: «فاحترق الساج الذي بين البناء» : زاد أبو الوليد [2/ 203] : وكان احتراقها يوم السبت لثلاث ليال خلون من شهر ربيع الأول قبل أن يأتي نعي يزيد بن معاوية بسبعة وعشرين يوما، وجاء نعيه في هلال شهر ربيع الآخر ليلة الثلاثاء سنة أربع وستين، وكان توفي لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وكانت خلافته ثلاث سنين وسبعة أشهر، فلما احترقت الكعبة ... قوله: «ففزع لذلك أهل مكة» : اختصر المصنف هنا ذكر وقف القتال بين ابن الزبير والحصين بن نمير بسبب وصول خبر وفاة أميرهم، وفيه: أنّ ابن الزبير أرسل إليه من يكلمه في الرجوع إلى الشام لينظر ما ينتهي إليه أمر قومه هناك. قوله: «وأبى أكثرهم» : زاد أبو الوليد في روايته [1/ 204] : وكان أشدهم إباء: عبد الله بن عباس وقال له: دعها على ما أقرها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها، فلا تزال تهدم وتبنى، فيتهاون الناس في حرمتها، ولكن- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وكان رضي الله عنه يحب أن يكون هو الذي يردها على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على قواعد إبراهيم وعلى ما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة. فأراد أن يبنيها بالورس، وهمّ أن يرسل إلى اليمن في ورس يشترى له، فقيل له: إن الورس ينفت ويذهب، ولكن ابنها بالفضة، فسأل عن الفضة فأخبر أن فضة صنعاء هي الأجود، فأرسل إلى صنعاء بأربعمائة دينار يشتري له بها فضة ويكترى عليها، ثم سأل رجالا من أهل مكة: من أين أخذت قريش حجارتها؟ فأخبروها بمقلعها، فنقل له من الحجارة قدر ما يحتاج إليه، فلما اجتمعت الحجارة وأراد هدمها خرج أهل مكة منها إلى منى، فأقاموا بها ثلاثا فرقا من أن ينزل عليهم عذاب لهدمها. فأمر ابن الزبير بهدمها فما اجترأ على ذلك أحد، فلما رأى ذلك علاها هو بنفسه، وأخذ المعول، وجعل يهدمها ويرمي بحجارتها، فلما رأوا أنه لم يصبه شيء اجترءوا، فصعدوا فهدموا. وأرسل عبد الله بن- ارقعها، فقال ابن الزبير: والله ما يرضى أحدكم أن يرقع بيت أبيه وأمه، فكيف أرقع بيت الله سبحانه وأنا أنظر إليه ينقض من أعلى إلى أسفله، حتى إن الحمام ليقع عليه فتتناثر حجارته، قال: فكان ممن أشار عليه بهدمها: جابر بن عبد الله- وكان جاء معتمرا- وعبيد بن عمير، وعبد الله بن صفوان بن أمية، فأقام أياما يشاور وينظر، ثم أجمع على هدمها ... قوله: «فصعدوا فهدموا» : اختصر المصنف السياق، ففي رواية أبي الوليد [1/ 205- 206] : فصعدوا فهدموا، وأرقى ابن الزبير فوقها عبيدا من الحبش يهدمونها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 عباس إلى عبد الله بن الزبير: لا تدع الناس يصلوا إلى غير قبلة، انصب لهم حول الكعبة الخشب، واجعل عليها الستور حتى يطوف الناس من ورائها ويصلون إليها، ففعل ذلك ابن الزبير. وقال ابن الزبير: أشهد لسمعت عائشة رضي الله عنها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قومك استقصروا في بناء البيت، وعجزت بهم النفقة فتركوا في الحجر منها أذرعا، ولولا حداثة قومك بالكفر لهدمت الكعبة، وأعدت ما تركوا منها، ولجعلت لها بابين موضوعين بالأرض، بابا شرقيا يدخل منه الناس، وبابا غربيا يخرج منه الناس، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ - قالت قلت: لا، - قال: تعززا أن لا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا كرهوا أن يدخلها يدعونه أن يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط، فإن بدا لقومك هدمها فهلمي لأريك ما تركوا في الحجر منها، فأراها قريبا من سبعة أذرع. فلما هدم ابن الزبير الكعبة وسوّاها بالأرض، كشف عن أساس- قال: وقال مجاهد: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: كأني به أصيلع أفيدع قائم عليها يهدمها بمسحاته، قال مجاهد: فلما هدم ابن الزبير الكعبة جئت أنظر: هل أرى الصفة التي قال عبد الله بن عمرو؟ فلم أرها. قال: فهدموها، وأعانهم الناس، فما ترجلت الشمس حتى ألصقها كلها بالأرض من جوانبها جميعا، وكان هدمها يوم السبت النصف من جمادي الآخرة سنة أربع وستين، ولم يقرب ابن عباس مكة حين هدمت الكعبة حتى فرغ منها، وأرسل إلى ابن الزبير .... قلت: حديث عبد الله بن عمرو تقدم تخريجه عند ذكر حديث: استكثروا من هذا الطواف، تحت رقم: 480. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 إبراهيم، فوجدوه داخلا في الحجر نحوا من ستة أذرع وشبر، كأنها أعناق الإبل، آخذ بعضها ببعض، كتشبك الأصابع بعضها ببعض. قال: فدعا ابن الزبير خمسين رجلا من وجوه الناس وأشرافهم فأشهدهم على ذلك الأساس ثم وضع البناء على ذلك الأساس، ووضع جدار الباب- باب الكعبة- على مدماك على الشاذروان اللاصق بالأرض، وجعل الباب الآخر بإزائه في ظهر الكعبة، مقابله، وجعل عتبته على الحجر الأخضر الطويل الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة قريبا من الركن اليماني فكان البنّاء يبنون من وراء السّتر، والناس يطوفون من خارج، فلما ارتفع البنيان إلى موضع الركن أمر ابن الزبير بموضعه فنقر في حجرين: حجر من المدماك الذي تحته، وحجر من المدماك الذي فوقه بقدر الركن، وطوبق بينهما. قوله: «كتشبك الأصابع بعضها ببعض» : زاد أبو الوليد هنا [1/ 206- 207] : يحرك الحجر من القواعد فتحرك الأركان كلها. قوله: «فأشهدهم على ذلك الأساس» : في الرواية بعض الاختصار، فعند أبي الوليد [2/ 207] : فأدخل رجل من القوم- كان أيدا- يقال له: عبد الله بن مطيع العدوي عتلة كانت في يده في ركن من أركان البيت فتزعزعت الأركان جميعا، ويقال: إن مكة كلها رجفت رجفة شديدة حين زعزع الأساس، وخاف الناس خوفا شديدا، حتى ندم كل من أشار على ابن الزبير بهدمها، وأعظموا ذلك إعظاما شديدا، وأسقط في أيديهم، فقال لهم ابن الزبير: اشهدوا، ثم وضع البناء ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عباد بن عبد الله بن الزبير، وجبير بن شيبة بن عثمان أن يجعلوا الركن في ثوب ويضعوه في موضعه. وكان ابن الزبير حين هدم البيت جعل الركن في ديباجة، وأدخله في تابوت وأقفل عليه، ووضعه عنده في دار الندوة فلما أقروه في موضعه، وطوبق عليه الحجران كبروا. قوله: «ويضعوه في موضعه» : في السياق بعض اختصار، ففي رواية أبي الوليد: وقال لهم ابن الزبير: إذا دخلت في الصلاة- صلاة الظهر-، فاحملوه، واجعلوه في موضعه، فأنا أطوّل الصلاة، فإذا فرغتم فكبروا حتى أخفف صلاتي- وكان ذلك في حر شديد- فلما أقيمت الصلاة كبّر ابن الزبير وصلى بهم ركعة، خرج عباد بالركن من دار الندوة وهو يحمله ومعه جبير بن شيبة بن عثمان، ودار الندوة يومئذ قريبة من الكعبة، فخرقا به الصفوف حتى أدخلاه في الستر الذي دون البناء، فكان الذي وضعه في موضعه هذا عباد بن عبد الله بن الزبير، وأعانه عليه جبير بن شيبة، فلما أقروه ... قوله: «كبروا» : في السياق اختصار، وتمام رواية أبي الوليد للقصة: فخفف عبد الله بن الزبير صلاته، وتسامع الناس بذلك، وغضبت فيه رجال من قريش حين لم يحضرهم ابن الزبير، وقالوا: والله لقد رفع في الجاهلية حين بنته قريش، فحكّموا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله في ردائه، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قبيلة من قريش رجلا فأخذوا بأركان الثوب، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه. وكان الركن قد تصدع من الحريق بثلاث فرق، فانشظت منه شظية كانت عند بعض آل شيبة بعد ذلك بدهر طويل، فشده ابن الزبير بالفضة إلا تلك- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 ثم قال ابن الزبير: من كانت لي عليه طاعة فليخرج، فليعتمر من التنعيم، ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل، ومن لم يقدر على بدنة فليذبح شاة، ومن لم يقدر فليتصدق بقدر طوله. وخرج ابن الزبير ماشيا، وخرج الناس معه مشاة حتى اعتمروا من التنعيم شكرا لله تعالى، ولم ير يوما كان أكثر عتيقا، ولا أكثر بدنة- الشظية من أعلاه- موضعها بيّن في أعلى الركن- وطول الركن: ذراعان. قوله: «فليتصدق بقدر طوله» : وفي تاريخ أبي الوليد [1/ 210] ، نقلا عن ابن جريج وغيره قالوا: كانت الكعبة يوم هدمها ابن الزبير ثمانية عشر ذراعا في السماء، فلما أن بلغ ابن الزبير بالبناء ثمانية عشر ذراعا، قصرت بحال الزيادة، التي زاد من الحجر فيها، واستمسج ذلك إذ صارت عريضة لا طول لها، فقال: قد كانت قبل قريش تسعة أذرع حتى زادت قريش فيها تسعة أذرع طولا في السماء، فأنا أزيد تسعة أذرع أخرى، فبناها سبعة وعشرين ذراعا في السماء، وهي سبعة وعشرون مدماكا، وعرض جدارها ذراعان، وجعل فيها ثلاث دعائم، وكانت قريش في الجاهلية، جعلت فيها ست دعائم، وأرسل ابن الزبير إلى صنعاء فأتي من رخام بها يقال له: البلق، فجعله في الروازن التي في سقفها للضوء. وكان باب الكعبة قبل بناء ابن الزبير مصراعا واحدا، فجعل له ابن الزبير مصراعين طولهما أحد عشر ذراعا من الأرض إلى منتهى أعلاهما اليوم، وجعل الباب الآخر الذي في ظهرها بإزائه على الشاذروان الذي على الأساس مثله، وجعل ميزابها يسكب في الحجر، وجعل لها درجة في بطنها في الركن الشامي من خشب معرجة يصعد فيها إلى ظهرها، فلما فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة خلّقها من داخلها وخارجها، من أعلاها إلى أسفلها، وكساها القباطي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 منحورة ولا شاة مذبوحة ولا صدقة من ذلك اليوم، ونحر ابن الزبير مائة بدنة. قال: فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير، إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعا، ويدخل البيت من هذا الباب ويخرج من الآخر، وأبوابه لاصقة بالأرض، حتى قتل ابن الزبير ودخل الحجاج مكة، فكتب إلى عبد الملك بن مروان أن ابن الزبير زاد في بيت الله ما ليس منه، وأحدث فيه بابا آخر، فكتب إليه عبد الملك أن سدّ بابها الغربي الذي كان فتحه ابن الزبير، واهدم ما كان زاد فيها من الحجر، واكبسها به على ما كانت عليه. قال: فهدم الحجاج منها: ستة أذرع وشبرا مما يلي الحجر، وبناها على أساس قريش التي كانت استقصرت عليه، وكبسها بما هدم منها، وسد الباب الذي في ظهرها، وترك سائرها لم يحرك منه شيئا. قوله: «وأحدث فيه بابا آخر» : زاد أبو الوليد: فكتب إليه يستأذنه في رد البيت على ما كان عليه في الجاهلية، فكتب ... قوله: «لم يحرك منه شيئا» : تمام الرواية عند أبي الوليد [1/ 211- 212] ، فكل شيء فيها اليوم بناء ابن الزبير إلا الجدر الذي في الحجر، فإنه بناء الحجاج وسد الباب الذي في ظهرها، وما تحت عتبة الباب الشرقي الذي يدخل منه اليوم إلى الأرض أربعة أذرع وشبر، كل هذا بناء الحجاج، والدرجة التي في بطنها اليوم والبابان اللذان عليها اليوم هما أيضا من عمل الحجاج. فلما فرغ الحجاج من هذا كله، وفد بعد ذلك الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي على عبد الملك بن مروان، فقال له عبد الملك: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 541- قيل: لما مات مروان ثم دعا عبد الملك إلى نفسه وقام- ما أظن أبا خبيب- يعني: ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها في أمر الكعبة، فقال الحارث: أنا سمعته من عائشة، قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: سمعتها تقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قومك استقصروا في بناء البيت، ولولا حداثة عهد قومك بالكفر، أعدت فيه ما تركوا منه، فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه، فأراها قريبا من سبعة أذرع، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لها بابين موضوعين على الأرض بابا شرقيا يدخل الناس منه، وبابا غربيا يخرج الناس منه. قال عبد الملك بن مروان: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا سمعت هذا منها، قال: فجعل ينكت منكسا بقضيب في يده ساعة طويلة ثم قال: وددت والله أني تركت ابن الزبير وما تحمل من ذلك. قال ابن جريج: وكان باب الكعبة، الذي عمله ابن الزبير، طوله في السماء أحد عشر ذراعا، فلما كان الحجاج نقض من الباب أربعة أذرع وشبرا، عمل لها هذين البابين وطولهما ستة أذرع وشبرا. (541) - قوله: «لما مات مروان» : أخرجه من طرق بألفاظ مطولا ومختصرا، وبعضهم يفرقه: ابن أبي شيبة في المصنف [15/ 85] ، وأبو العرب التميمي في المحن [5/ 174- 183] ، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1649- 1650] الأرقام: 4138، 4142، 4144، وابن عساكر في تاريخه [226، 231 وما بعدها إلى 239] ، والفاكهي في تاريخه [2/ 351 وما بعدها إلى 361] الأرقام: 1652، 1653، 1654، 1655، وابن جرير في تاريخه [7/ 202 إلى 206] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 332] ، والحاكم في المستدرك [3/ 552] ، وانظر طبقات ابن سعد [5/ 228- 229] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 فأجابه أهل الشام، خطب الناس على المنبر فقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج بن يوسف: أنا يا أمير المؤمنين، فأسكته ثم عاد، فأسكته، فقال: أنا يا أمير المؤمنين، فإني رأيت في المنام أني انتزعت جبّته فلبستها، قال: فعقد له، ووجهه في الجيش إلى مكة، حتى وردوا على ابن الزبير وقاتله بها، فقال ابن الزبير: احفظوا هذين الجبلين، فإنكم لن تزالوا أعزة ما لم يظهروا عليهما. فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه على أبي قبيس ونصب المنجنيق عليه، فكان يرمي ابن الزبير ومن معه في المسجد. فلما كانت الغداة التي قتل فيها ابن الزبير، دخل ابن الزبير بسحر على أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وهي يومئذ ابنة مائة سنة، لم يسقط لها سن، ولم يفسد لها بصر، فقالت أمه: يا عبد الله ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، وضحك ابن الزبير وقال: إن في الموت لراحة، فقالت له: يا بني لعلك تتمناه لي، فما أحب أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك: إما أن تملك فتقر بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك، قال ابن الزبير: إني أخشى أن يمثل بي، قالت: يا بني إن الشاة إذا ذبحت لا تحس بسلخها. قال: ثم ودعها وخرج من عندها، ودخل المسجد وجعل يهيء أشياء يستر بها الحجر أن يصيبه المنجنيق. قال: فقيل له: ألا تكلمهم الصلح؟ قال: أو حين الصلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعا- يعني: الكعبة- ثم أنشأ يقول: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 ولست بمبتاع الحياة بسبة ... ولا مرتق من خشية الموت سلما أبي لي ابن سلمى أنه غير بارح ... ملاق المنايا أي صرف تيمما ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول: ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه لئلا يفسد سيفه، فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة، والله ما لقيت زحفا قط إلا كنت في الرعيل الأول، ولا ألمت جرحا قط، إلا كان مر الدواء أشد. قال: فبينا هو كذلك إذ دخل عليه نفر من باب بني جمح فيهم أسود فقال: من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء أهل حمص، فحمل عليهم ومعه سيفان، فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله، فقال الأسود: يا ابن الزانية، فقال له ابن الزبير: اصبر يا ابن حام، أسماء زانية؟ ثم أخرجهم من المسجد وانصرف، فإذا بقوم دخلوا من باب بني سهم، فقال: من هؤلاء؟ قيل: أهل الأردن، فحمل عليهم وهو يقول: لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينجلي غبارها حتى الليل فأخرجهم من المسجد، ثم رجع فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم، فحمل عليهم وهو يقول: لو كان للدهر بلى أبليته ... أو كان قرني واحدا كفيته قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر، قال فحمل عليهم فأصابت آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه، فوقف قائما وهو يقول: فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدما قال: ثم رجع، فأكب عليه موليان له يقاتلان عنه وهما يقولان: العبد يحمي ربه ويحتمي، حتى قتلا. ثم ساروا إليه، فحزّ رأسه رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 542- وروى صالح بن الوليد الرياحي قال: أخبرتني جدتي قالت: كنت عند أسماء إذ جاءها عبد الله بن الزبير فقال لها: إن هذا الرجل قد نزل بنا في أربعين ألفا من أهل الشام، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، وقد نالنا نبلهم ونشابهم، وقد أرسل يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، أو أضع يدي في يده فيبعث بي موقرا إلى الشام، وبين أن أقاتل حتى أقتل، فقالت: سمعت خليلي أبا القاسم صلوات الله وسلامه عليه يقول: إن في ثقيف مبيرا وكذابا، وإني لا أراه إلا المبير، اذهب فعش كريما، ومت كريما. قال: فذهب ونشر المصحف، واستند إلى الكعبة حتى قتل. 543- وعن عروة: أن حصين بن نمير الكندي، الشامي، لما سار إلى مكة في قتال ابن الزبير، ضرب ابن الزبير فسطاطا في المسجد، فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم، ويطعمن الجائع، ويشتكي إليهن المجروح، فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من هذا الفسطاط أسد، كأنما يخرج من عرينه فمن يكفينه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جنّ عليه الليل وضع شمعة في طرف رمح ثم ضرب فرسه حتى طعن (542) - قوله: «وروى صالح بن الوليد الرياحي» : قال البخاري في تاريخه الكبير [4/ 292] : سمع جدته، روى عنه موسى بن إسماعيل، زاد ابن أبي حاتم [4/ 418] عن أبيه: هو مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 464] . (543) - قوله: «وعن عروة أن حصين» : هو أحد طرق الخبر المتقدم تخريجه في أول الباب، تجده في المواضع المشار إليها هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 الفسطاط، قال: فالتهب نارا، والكعبة يومئذ مؤزرة بالطنافس، وعلى أعلاه الحبرة، قال: فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت الكعبة، واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل. قال: فهرب حصين بن نمير لما رأى الحريق، ولحق بالشام. ومات يزيد بن معاوية بالشام، فقام من بعده مروان بن الحكم، ودعا إلى نفسه، فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، قال: فوجه إليه ابن الزبير الضحاك ابن قيس بن مزاحم في مائة ألف، والتقوا بمرج راهط، قال: ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروان لمولى له يقال: ابن أركن: احمل على أي الطرفين شئت، قال: وكيف يحمل على هؤلاء في كثرتهم؟ قال: هم بين مكره ومستأجر، احمل عليهم فيكفيك إضعان الماضع الحجر، فحملوا عليهم فهزمهم مروان، وقتل منهم جملة، وقد مرّ ذكره. ثم مات مروان فدعا عبد الملك بن مروان إلى نفسه، وقام فأجابه أهل الشام، فخطب الناس على المنبر فقال: من لعبد الله بن الزبير، ... وقد مر ذكره. 544- قال محمد بن سيرين: لما أتى عبد الله بن الزبير برأس المختار ووضع بين يديه قال: ما من شيء حدثني به كعب إلا وقد رأيته إلا أنه قال لي: يقتلك شاب من ثقيف. قال ابن سيرين: ولا يدري ابن الزبير أن أبا محمد قد خبىء له- يعني: الحجاج بن يوسف-. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 545- وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن الخطاب قال: إني لأنظر إلى المنجنيق فوق أبي قبيس، فرموا، إذ جاءت سحابة سوداء كأنها غمامة سوداء، فالتفت بالمنجنيق فأحرقته ومن حوله. 546- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم، فأمر عبد الله بن الزبير أن يغيب دمه، فأخذه عبد الله بن الزبير فشربه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت بحظار شديد من النار، ولكن ويل لك من الناس، وويل للناس منك. (545) - قوله: «وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن الخطاب» : هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، الإمام التابعي الثقة، أبو محمد العمري المدني، أحد رجال الكتب الستة، وهو قليل الحديث. انظر: تهذيب الكمال [25/ 226] ، سير أعلام النبلاء [5/ 105] ، الكاشف [3/ 39] ، تهذيب التهذيب [9/ 152] ، التقريب [/ 79] ، الترجمة رقم 5892، التاريخ الكبير [1/ 84] ، الجرح والتعديل [7/ 256] ، الثقات لابن حبان [5/ 365] . (546) - قوله: «فأمر عبد الله بن الزبير أن يغيب دمه» : أخرجه أبو يعلى الموصلي- كما في المطالب العالية [4/ 21] رقم 3847- ولعله في الكبير، ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في تاريخه [28/ 163] ، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 72]- والبزار في مسنده [3/ 145 كشف الأستار] رقم 2436، والحاكم في المستدرك [3/ 554] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 67] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [28/ 163- 164] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 330] ، في المعرفة [3/ 1652] رقم 4151، وابن عساكر في تاريخه [28/ 163] ، جميعهم من حديث الهنيد بن القاسم- لم يوثق ولم يخرج- عن عامر بن- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 547- ولما قتل عبد الله بن الزبير علم جميع أهل مكة بقتله لما شموا من ريح المسك، فغاظ ذلك الحجاج بن يوسف، فأمر حتى علّق مع عبد الله بن الزبير كلبا لتغلب رائحة الميتة ذلك. 548- وعن محمد بن زيد العمري قال: لما نصب الحجاج المنجنيق على ابن الزبير فوق أبي قبيس، قال: جعلت الصواعق تقع من كل مكان، فقال الحجاج: لا يهولنّكم، فإنما هي صواعق تهامة، قال: فأنا نظرت إليها أقبلت من السماء كأنها مخراق فطحطحهم كلهم. 549- وقيل: لما قتل الحجاج ابن الزبير ثم صلبه على عقبة- عبد الله بن الزبير، عن أبيه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة. كذا قال. (547) - قوله: «حتى علق مع عبد الله بن الزبير كلبا» : أخرج ابن سعد في الطبقات- ضمن الجزء المفقود- من حديث شيخه الواقدي: أنا رباح بن مسلم، عن أبيه قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه، فكان ريح المسك يغلب على ريحها. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [28/ 229] . (548) - قوله: «وعن محمد بن زيد العمري» : تقدم قريبا، أخرج حديثه ابن عساكر في تاريخه [28/ 222] ، وفيه: كأنها خمار أحمر قد حرقت أصحاب المنجنيق نحوا من خمسين رجلا. والطحطحة: تفريق الشيء وكسره إهلاكا كما في اللسان. (549) - قوله: «لما قتل الحجاج ابن الزبير» : أخرجه بطوله: مسلم في الفضائل، باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها، حديث رقم 2545، وابن الأعرابي في معجمه برقم 1486، وانظر الأثرين المتقدمين برقم: 414، 413 والتعليق عليهما. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 المدينة كأنه يصغر بذلك قريشا قال: فجعلت قريش تمر به والناس، حتى مر به عبد الله بن عمر فوقف فقال: السلام عليك أبا خبيب- ثلاث مرات- ثم قال: أما والله لقد نهيتك عن هذا، أما والله ما علمتك إلا صواما قواما وصولا للرحم، أما والله إن أمة أنت شرها لأمة صدق، ثم قعد. ثم أرسل الحجاج إلى أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق بعدما ذهب بصرها أن تأتيه، فأبت أن تأتيه، فأعاد إليها الرسول: أما والله لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك حتى يأتيني بك، فأعادت إليه الرسول، فقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إليّ من يسحبني بقروني، قال: إذا آتي ستي، فانطلق حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني ما صنعت بعبد الله بن الزبير؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، ولقد بلغني أنك كنت تعيّره وتقول: يا ابن ذات النطاقين، أما أحدهما فنطاق كنت أرفع فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي طعامهما من الدواب أن تصيبه، وأما النطاق الآخر فنطاق المرأة الذي لا تستغني عنه، فبأي ذينك لا أم لك تعيره؟ قالت أسماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف مبيرا وكذابا، فأما الكذاب فقد رأيته، وأما المبير فلا أجدك إلا إياه، فخرج ولم يرد عليها. - وأخرج البخاري بعضه في الأطعمة، باب الخبز المرقق من حديث وهب بن كيسان قال: كان أهل الشام يعيّرون ابن الزبير يقولون: يا ابن ذات النطاقين. فقالت له أسماء: يا بني إنهم يعيرونك بالنطاقين، وهل تدري ما كان النطاقان؟ ... الحديث. قوله: «إذا آتي ستي» : هكذا في الأصول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 550- وقيل: لما قتل عبد الله بن الزبير كبّر أهل الشام، فسمعها عبد الله بن عمر فقال: لئن كبر القتلة، لقد قدمنا المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت اليهود: قد سحرنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس يولد لهم، فكان أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، فكبّر المسلمون بولادته تكبيرة. 551- وقيل: إن عبد الله بن عمر لما نظر إلى عبد الله بن الزبير وقد صلب منكوسا، قال عبد الله: لئن علت رجلاك، لطالما قمت بها في الصلاة. قال: فبلغ الحجاج موقف ابن عمر وقوله، فبعث إليه فأنزله عن جذعه، فأمر به فطرح في مقبرة اليهود. 552- وعن بكر بن عبد الله المزني، أن يهوديا أسلم يقال له يوسف- وكان يقرأ الكتب، وكان صديقا لعبد الملك- فضرب منكب (550) - قوله: «كبّر أهل الشام» : أخرجه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1647- 1648] رقم 4132، وفيه: الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [28/ 154، 154- 155] . ويروى أيضا عن أسماء بنت أبي بكر أمه، أخرجه ابن سعد، ومن طريقه ابن عساكر [28/ 228] . (551) - قوله: «فطرح في مقبرة اليهود» : ثبت أن أمه أسماء رضي الله عنها أخذته بعد إنزاله فكفنته ثم دفنته في مقبرة الحجون، رواه الواقدي وابن سعد وابن عساكر. (552) - قوله: «وعن بكر بن عبد الله المزني» : أخرج حديثه ابن عساكر في تاريخه [37/ 127] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 عبد الملك ذات يوم وقال: اتق الله يا ابن مروان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا وليتها، قال: فدفعه وقال: ما شأني وذاك، أيكون هذا؟ قال: اتق الله في أمرهم إذا وليتهم، فجهز يزيد بن معاوية جيشا إلى أهل مكة، فأخذ عبد الملك بقميصه فنفضه وقال: أعوذ بالله، أعوذ بالله، أتبعث إلى حرم الله؟! فضرب يوسف منكبه وقال: ما تنفض قميصك!! جيشك إليهم أعظم من جيش يزيد بن معاوية. 553- وعن نافع قال: رأيت ابن عمر رافعا يديه إلى السماء وهو يقول: اللهمّ إني لا أرضى بما يصنع الحجاج. 554- وقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العقوبة إذا نزلت عمّت البر والفاجر، والحساب يوم القيامة على النيات. 555- أبو العالية البراء قال: أتى ابن عمر على ابن الزبير فقال: رحمة الله عليك، أما والله ما علمتك إلا كنت صواما قواما، تحب الله ورسوله. قال: فأتى رجل الحجاج فأخبره بكلام ابن عمر، فقال الحجاج (554) - قوله: «إن العقوبة إذا نزلت» : أخرجه البخاري في الفتن، باب إذا أنزل الله بقوم عذابا، رقم 7108، ومسلم في صفة الجنة، باب الأمر بحسن الظن بالله، كلاهما من حديث حمزة بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر مرفوعا: إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم، لفظ البخاري. (555) - قوله: «أبو العالية البراء» : حديثه عند ابن سعد في الطبقات ضمن الجزء المفقود، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [28/ 242] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 لرجل من أهل الشام: انطلق وائتني برأس ابن عمر، قال: فسكت الشامي هنيهة، ثم قال: أصلح الله الأمير، إن أذنت لي تكلمت، قال: تكلم، قال: هذا رجل إنما أعين الناس إليه اليوم، وإني أخشى أن تكون فتنة لا تطفأ أبدا، قال: فدعه. قال: فأرسل إليه بعشرة آلاف درهم فقبلها ابن عمر، ثم تركها أياما، ثم أرسل إليه أن ابعث إلينا بمالنا، فقال ابن عمر: قد فرقنا بعضه، ونحن مهيؤوه إن شاء الله، فأتاه الرسول فأخبره فقال: ارجع فقل: لا حاجة لنا به. 556- وروى أبو يوسف: محمد بن الزبير مؤذن مسجد عسقلان قال: حدثتني جدتي قالت: وضع الحجاج المنجنيق على الكعبة، فكانت الحجارة تخرج يمينا وشمالا لا تصيبه، حتى جاء يهودي فقال: لا تصيبوه حتى تلطخوه بالعذرة والجيف، فرموه بها فأصابوه بعد ذلك. 557- وروى أبو حفص المكي، عن المرتفع قال: لما وضع الحجاج المنجنيق على ابن الزبير سمعت بالبيت أنينا كأنين الإنسان: آه، آه. (556) - قوله: «مؤذن مسجد عسقلان» : ترجم ابن حبان في الثقات [5/ 369] ، لرجل يقال له: محمد بن الزبير ممن يروي عن ابن الزبير، وابن عباس، وعنه عبدة بن أبي لبابة وقال: كان على إفريقية، فلا أدري هو هذا أو غيره. (557) - قوله: «كأنين الإنسان» : وقال المرتفع، عن أبيه: كأنين المريض، أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 199] ، لم أعرف أبا حفص ولا شيخه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 558- وروى محمد بن كثير الصنعاني رحمه الله، عن جده عبد الرحمن بن أبي عطاء أنه شهد فتنة ابن الزبير، فاشتغل الناس عن الطواف، فجاء جمل فجعل يطوف بالبيت، حتى طاف سبعا. 58 5- قوله: «وروى محمد بن كثير الصنعاني» : صنعاء دمشق، من تلاميذ الأوزاعي، وسط، ويقال: عنده ما ينكر، ويقال: بل اختلط في آخر عمره فظهر له بعض ما ينكر، أخرج له: د. ت. س. انظر عنه في: تهذيب الكمال [26/ 329] ، تهذيب التهذيب [9/ 369] ، الكاشف [3/ 81] ، سير أعلام النبلاء [10/ 380] ، التاريخ الكبير [1/ 218] ، الجرح والتعديل [8/ 69] ، التقريب [/ 504] ، الترجمة رقم 6251، وطبقات ابن سعد [7/ 489] ، المعرفة والتاريخ [1/ 201] . قوله: «عن جده عبد الرحمن بن أبي عطاء» : لم أجده فيما لديّ من المصادر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 [116- باب ذكر الهجرة وحديث الغار] 116- باب ذكر الهجرة وحديث الغار 559- أخبرنا أبو عبد الله التميمي بين المسجدين مكة والمدينة حرسهما الله تعالى، قال: حدثنا ابن الأعرابي، ثنا محمد بن علي بن زيد، ثنا محمد بن عبد الجبار الهمداني، ... (559) - قوله: «ثنا محمد بن علي بن زيد» : الصائغ، الإمام المحدث الثقة: أبو عبد الله المكي، ذكره الحافظ الذهبي في السير وأثنى عليه، وقال: حدث عن جماعة مع الصدق والفهم وسعة الرواية، توفي بمكة سنة إحدى وتسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء [13/ 428] ، تذكرة الحفاظ [2/ 659] ، العبر [2/ 90] ، شذرات الذهب [2/ 382] ، البداية والنهاية [11/ 99] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 291- ص 283] ، المعجم الصغير للطبراني [2/ 39] . قوله: «ثنا محمد بن عبد الجبار الهمداني» : الحافظ الثقة الجليل، الإمام كبير المحل، لقبه: سندول- ويقال: سندولا- قال الحافظ المزي: من كبار التنّاء بهمذان- أي: الدهاقنة ملاك الأراضي- يقال: إنه صنف كتابا كبيرا، روى عنه أبو داود في المراسيل. تهذيب الكمال [25/ 585] ، سير أعلام النبلاء [11/ 157] ، المعجم المشتمل: الترجمة رقم 882، ثقات ابن حبان [9/ 145] ، تهذيب التهذيب [9/ 258] ، ذيل الكاشف: الترجمة رقم 1364، التقريب [/ 491] : الترجمة رقم 6062. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 ثنا شبابة بن سوّار، ثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران قال: كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه إذا خطب بالبصرة يوم الجمعة- وكان واليها- صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ثنى بعمر بن الخطاب يدعو له، فيقوم ضبة بن محصن العنزي فيقول: فأين أنت عن ذكر صاحبه قبله؟ - يعني: أبا بكر الصديق رضي الله عنه- ثم قعد، فلما فعل ذلك مرارا، كتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه: ... قوله: «ثنا شبابة بن سوار» : الفزاري، الإمام الحافظ الحجة: أبو عمرو الفزاري مولاهم، المدائني. حديثه في الدواوين الستة. قال الحافظ الذهبي: من كبار الأئمة إلا أنه مرجىء. تهذيب الكمال [12/ 343] ، سير أعلام النبلاء [9/ 513] ، تهذيب التهذيب [4/ 264] ، تذكرة الحفاظ [1/ 361] ، الكامل لابن عدي [4/ 1365] ، التقريب [/ 263] ، الترجمة رقم 2733، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 218] ، تاريخ بغداد [9/ 295] ، الكاشف [2/ 3] ، إكمال مغلطاي [6/ 200] . قوله: «ثنا فرات بن السائب» : الجزري، كنيته: أبو سليمان- وقيل: أبو المعلى- أحد الضعفاء، قال الإمام أحمد: قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون، يتهم بما يتهم به ذاك. الكامل لابن عدي [6/ 2048] ، الميزان [4/ 261] ، لسان الميزان [4/ 430] ، المغني في الضعفاء [2/ 509] ، الديوان [2/ 234] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 3] ، المجروحين لابن حبان [2/ 207] ، ضعفاء البخاري الصغير، الترجمة رقم 297. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 إن ضبة بن محصن يطعن علينا، ويفعل كيت وكيت، فكتب عمر إلى ضبة يأمره بأن يخرج إليه، فبعث به أبو موسى رضي الله عنه. قوله: «إن ضبة بن محصن يطعن علينا» : هذا الحديث أورده بطوله المجد الفيروز آبادي صاحب القاموس في الصلاة والبشر [/ 288] ، عزاه للمصنف في كتابه هذا. وقد روى هذا الحديث جماعة- كما سيأتي- عن فرات بن السائب دون القصة المذكورة هنا بين ضبة وأبي موسى. وأما حميد بن هلال فروى عن عبد الله بن يزيد الباهلي، عن ضبة خلافا آخر له مع أبي موسى، فأخرج ابن عساكر في تاريخه [32/ 77- 78] : عن عبد الله بن يزيد قال: دخل ضبة بن محصن من الليل فتحدث عندي حتى خشيت عليه الحرس، قال: فكان فيما حدثني، قال: شاكيت أبا موسى في بعض ما يشاكي الرجل أميره، قال: فانطلقت أبووا عليه عند عمر. قال: وذلك عند حضور وفادة أبي موسى إلى عمر، فكتب أبو موسى إلى عمر- والبرد إذ ذاك على الإبل، قال: فكتب-: السلام عليك، أما بعد، فإني كتبت إليك وأنا خارج إليك في كذا وكذا، قال: فكتب إليه: إنّ ضبة بن محصن قد خرج من عندي عاصيا بغير إذن، فهو بيني وبينك، فأحببت أن تعلم ذلك يا أمير المؤمنين، قال: فسبقني كتابه، فقدمت المدينة، فجئت إلى باب عمر، فقلت: السلام عليكم، أيدخل ضبة بن محصن؟ فقال عمر: لا مرحبا ولا أهلا، قال فقلت: أما المرحب فمن الله، وأما أهل فلا أهل ولا مال، قال: فأعدت ذلك ثلاث مرات وأعادهن ثلاثا، ثم قال: ادخل- أو قال: أذن لي- فدخلت، قال: قلت: يا أمير المؤمنين الرجل يظلمه سلطانه فإذا انتهى إلى أمير المؤمنين لم يجد عنده غيرا، فو الله يا أمير المؤمنين إن الأرض لواسعة، وإن العدو لكثير، قال: فكأنما كشف عن وجهه غطاء، فقال: ادن دنوك، فقال: إيه، ثم قال قلت: أبو موسى اصطفى لنفسه أربعين من الأساورة، قال فقال: اكتب، فكتب، قال: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 فلما قدم ضبة إلى المدينة على عمر رضي الله عنه قال له الحاجب: ضبة العنزي بالباب فأذن له، فلما أقبل قال: لا مرحبا بضبة ولا أهلا. قال: أما المرحب فمن الله، وأما الأهل فلا أهل ولا مال، فعلام يا أمير المؤمنين استحللت إنهاضي من بلادي بلا جرم أتيته ولا جناية؟ فأطرق عمر رضي الله عنه طويلا، ثم قال عمر: هل أنت واهب ذنبي إليك؟ قال: قد غفر الله لك يا أمير المؤمنين. قال: ما أغضب أميرك عليك؟؟ فأخبره الخبر: أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثنّى بك فكنت أقول له: فأين أنت عن ذكر صاحبه قبله وفعله؟ فعاد عمر رضي الله عنه فبكى ثم قال: أنت والله أوفق منه وأصوب، والله ليوم وليلة من أبي بكر خير من عمر ومن آل عمر منذ يوم ولد إلى أن يبعث، ألا أنبئك بيومه وليلته؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: أما ليلته: فإنه لما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها إلى الغار جعل يمشي طورا أمامه وطورا خلفه وطورا عن يمينه وطورا عن شماله، قال صلى الله عليه وسلم: ما هذا من فعالك يا أبا بكر، قال: يا رسول الله صلى الله عليك بأبي وأمي أذكر الرصد فأحب أن أكون أمامك، وأتخوف الطلب فأحب أن أكون خلفك، وأحفظ الطريق يمينا وشمالا، فقال: لا بأس عليك يا أبا بكر إن الله معنا، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مخمص القدم يطأ- ثم قال: إيه؟ قال قلت: أبو موسى له مكيالان يكيل الناس بغير الذي يكتال به، قال: اكتب فكتب، قال قلت: عقيلة سريته لها قصعة غادية رائحة يأكل منها أشراف الجند، قال: اكتب فكتب.. القصة. قوله: «غير مخمص القدم» : الأخمص من القدم: الموضع الذي لا يلصق بالأرض منها عند الوطء، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 بجميع قدمه الأرض، وكان حافيا، فحفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمله أبو بكر على كاهله حتى انتهى إلى الغار، فلما وضعه ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل الغار، فقال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فأستبرئه قبلك، فدخل أبو بكر رضي الله عنه فجعل يلتمس بيده في ظلمة الليل الغار مخافة أن يكون فيه شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لم ير شيئا دخل النبي صلى الله عليه وسلم فكانا فيه، فلما أسفر بعض الإسفار، رأى أبو بكر خرقا في الغار فألقمه قدمه حتى الصباح مخافة أن يخرج منها هامة أو ما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فهذه الليلة. وأما اليوم: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قبض واستخلف أبو بكر، رجع من رجع من الناس إلى الكفر، أتيته لا آلوه إلا نصحا، فقلت: يا خليفة رسول الله ارفق بالناس وتألفهم فإنهم كالوحش، قال: يا عمر رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، إنك خوّار في الجاهلية خوّار في الإسلام، - والأخمص: خصر القدم، قال ثعلب: سألت ابن الأعرابي عن قول علي رضي الله عنه في الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خمصان الأخمصين قال: إذا كان خمص الأخمصين بقدر لم يرتفع جدا ولم يستو أسفل القدم جدا فهو أحسن ما يكون، فإذا استوى أو ارتفع جدا فهو ذم، ذكره ابن منظور. قوله: «فحفي رسول الله صلى الله عليه وسلم» : وفي لفظ آخر: فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه. قوله: «إنك خوّار في الجاهلية» : في رواية يحيى بن سعيد العطار، عن فرات: جئتني بخذلانك، جبارا في الجاهلية خوار في الإسلام!! تابعه عن فرات بن السائب: عبد الرحمن بن إبراهيم، أخرجه من طريقه- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 زعمت أن أتآلفهم! أفبسحر مفترى أم شعر مفتعل؟! هيهات، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقرض الوحي، والله لأضربنهم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء إن منعوني عقالا. - أبو بكر الدينوري في المجالسة [5/ 380] رقم 2238، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 79- 80] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [7/ 1278] رقم 2426، والبيهقي في الدلائل [2/ 476- 477] . وعبد الرحمن هذا ذكره الذهبي في الميزان وقال: عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن أبي موسى ... بقصة الغار، قال: وهو يشبه وضع الطرقية. اه. كذا قال، وجعله المتهم به مع أنه قد توبع، فقد رواه يحيى بن سعيد العطار، عن فرات، بمثل سياق المصنف إلا أنه جعله من حديث ابن عمر أن أبا موسى، أخرجه أبو بكر الإسماعيلي- كما في مسند الفاروق لابن كثير [2/ 672]-، وقال عقبه: هذا إسناد غريب من هذا الوجه، ويحيى بن سعيد العطار هذا حمصي فيه ضعف، ولكن لهذا شواهد كثيرة من وجوه أخر. قلت: منها: ما أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 476] ، من طريق عفان بن مسلم: ثنا السري بن يحيى، ثنا محمد بن سيرين قال: ذكر رجال على عهد عمر، قال: والله لليلة خير من آل عمر.. وذكر القصة بطولها، مرسل بإسناد حسن، بل صححه الحاكم في المستدرك [3/ 6] ، قال الذهبي في التلخيص: صحيح مرسل. قلت: لعله سمعه من أنس، فقد روي عنه من طرق ضعيفة، فأخرج الآجري في الشريعة [3/ 45] رقم 1335، وأبو نعيم في الحلية [1/ 33] ، من حديث عطاء ابن أبي ميمونة، عن أنس قال: لما كان ليلة الغار قال أبو بكر: يا رسول الله دعني لأدخل قبلك، فإن كان وجيئة أو شيء كانت بي قبلك.. الحديث، وفي إسناده هلال بن عبد الرحمن الحنفي وهو مجمع على ضعفه. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 560- أخبرنا أبو بكر: أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار بن بغاطرة بن مصعب بن سعيد- قدم علينا في شهور سنة سبع وستين وثلثمائة رحمه الله- قال: - وأخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [7/ 1287] رقم 2427، من حديث علي بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عن أنس ببعضه ومعناه. وأخرج الإمام أحمد في الفضائل برقم 22، 182، وابن أبي شيبة في المصنف [14/ 334] رقم 18466، وابن عساكر في تاريخه [30/ 81] ، من حديث رجل عن ابن أبي مليكة قال: لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم خرج ومعه أبو بكر فأخذا طريق ثور، قال: فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه.. الحديث مرسل، وفيه انقطاع. قال أبو عاصم: كثرة هذه الشواهد تدل على أن للقصة أصلا، والسياق لم يبلغ في نكارته حد الوضع، والله أعلم. (560) - قوله: «ابن بغاطرة» : اختلفت المصادر في ضبطها، ففي بغية الطلب ومختصر ابن منظور: بغاطر، وفي آخر ترجمته من تاريخ ابن عساكر: قال لنا أبو بكر البيهقي: أحمد بن يعقوب كان يعرف بابن بغاطرة. قوله: «ابن مصعب بن سعيد» : هو ابن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو بكر القرشي، الأموي، الجرجاني، ترجم له ابن عساكر في تاريخه، ونقل عن البيهقي قوله: لا أستحل رواية شيء منها- يعني: من أحاديثه-، اه. والظاهر من أمره وترجمته: الاستقامة والتدين والأدب، وممن أوذي وعذب لرفضه الدخول في أمر السلطان. انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر [6/ 101] ، بغية الطلب [3/ 1248] ، مختصر ابن منظور [3/ 327] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 أخبرنا أبو خليفة: الفضل بن حباب الجمحي بالبصرة سنة ثلاث وثلثمائة، قال: سمعت عبد الله بن رجاء أبا عمر الغداني يقول: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمله إلى أهلي، فقال له عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم. قوله: «الفضل بن حباب» : ذكره الحافظ الذهبي في السير فقال: الإمام العلامة، المحدث الأديب، الإخباري شيخ الوقت، ممن عني بهذا الشأن، لقي الأعلام، وكتب علما جما. سير أعلام النبلاء [14/ 7] ، تذكرة الحفاظ [2/ 670] ، النجوم الزاهرة [3/ 193] ، مرآة الجنان [2/ 246] ، الميزان [4/ 270] ، البداية والنهاية [11/ 128] ، طبقات القراء لابن الجوزي [2/ 8] ، أخبار أصبهان [2/ 151] ، بغية الوعاة [2/ 245] ، العبر [2/ 130] . قوله: «أبا عمر الغداني» : الإمام الحافظ الثقة، من شيوخ الإمام البخاري- يقال: كنيته: أبو عمر بضم المهملة وحذف الواو من آخره- وهو ممن اجتمع أهل البصرة على عدالته، وأثنى عليه الأئمة. تهذيب الكمال [14/ 495] ، تهذيب التهذيب [5/ 184] ، سير أعلام النبلاء [10/ 376] ، تذكرة الحفاظ [1/ 404] ، العبر [1/ 380] ، الجمع بين رجال الصحيح [1/ 251] ، ثقات ابن حبان [8/ 341] ، إكمال مغلطاي [7/ 345] ، الكاشف [2/ 76] ، التقريب [/ 302] : الترجمة رقم 3312. أما إسرائيل فهو: ابن يونس بن أبي إسحاق. وأبو إسحاق هو: السبيعي، واسمه: عمرو بن عبد الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 قال: ارتحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا أنا بصخرة فانتهيت إليها فإذا بقية ظلها، فنظفت تلك البقية فسويته، ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: اضطجع، ثم ذهبت أنظر هل أرى من الطلب أحدا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أريد من الظل فسألته وقلت: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش، فسماه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: بلى، فقلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، وقلت: - والحديث في الصحيحين. * تابعه عن الفضل بن حباب: 1- ابن حبان، أخرجه في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6281، 6870. 2- أبو عمرو بن مطر، أخرجه من طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 484] . 3- أبو بكر الإسماعيلي، أخرجه من مستخرجه- كما في الفتح [7/ 11] . * وتابع أبا خليفة الفضل عن عبد الله بن رجاء: 1- الإمام البخاري، أخرجه في اللقطة من صحيحه، باب من عرّف اللقطة ولم يدخلها للسلطان، رقم 2439، وفي فضائل الصحابة، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، رقم 3615. 2- يعقوب بن سفيان، أخرجه في المعرفة [1/ 239] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 483] . * ومن طرق عن إسرائيل، وأبي إسحاق أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3615، وفي باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رقم 3908، 3917، وفي الأشربة، باب شرب اللبن، رقم 5706، ومسلم في الزهد، باب حديث الهجرة، رقم 2009، وابن أبي شيبة في المصنف [14/ 327] رقم 18459، والإمام أحمد في المسند [1/ 2] ، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 انفض ضرعها من الغبار وانفض كفيك، فقال: بهما هكذا- فضرب بإحدى يديه على الأخرى- فحلب كثبة من لبن، وكنت تزودت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة فصببته على اللبن حتى برد أسفله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله فشرب حتى روي، وشربت حتى رويت، فقلت: قد آن الرحيل يا رسول الله. فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله وبكيت، فقال: لا تحزن إن الله معنا، فلما دنا وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة، قلت: هذا الطلب يا رسول الله قد لحقنا، وبكيت فقال: ما يبكيك؟ قلت: أما والله ما أبكي على نفسي، ولكن أبكي عليك، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهمّ اكفناه بما شئت، قال: فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها، فوثب عنها وقال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فو الله لأعمينّ على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في إبلك، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق راجعا إلى أصحابه. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنزل على بني النجار أخوال- ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 239- 241] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 483] ، والمروزي في مسند أبي بكر، رقم 62، 63، 64، 65، والبيهقي في الدلائل [2/ 485] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 عبد المطلب أكرمهم بذلك، فخرج الناس حتى قدمنا المدينة، وفي الطريق وعلى البيوت الغلمان والخدم، ويقولون: جاء محمد، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، الله أكبر، جاء محمد، جاء رسول الله، فلما أصبح انطلق حتى نزل حيث أمر. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة، عشر شهرا، وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة، فأنزل الله عزّ وجلّ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، فوجه نحو الكعبة، فقال السفهاء من الناس- وهم اليهود-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وكان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل فخرج بعد ما صلى، فمر على قوم من الأنصار وهم ركوع في العصر نحو بيت المقدس فقال: أشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد توجه نحو الكعبة. فقال البراء بن عازب: وكان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير بن هاشم أخو بني عبد الدار بن قصي، قلنا له: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو مكانه وأصحابه على أثري، ثم أتانا بعده عمرو ابن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر، فقلنا له: ما فعل من ورائك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ قال: هم على أثري، ثم أتانا بعده عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وبلال، ثم أتانا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عشرين راكبا، ثم أتانا بعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه، قال البراء: فلم يقدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورا من المفصل، ثم خرجنا نلقى العير فوجدناهم قد حذروا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 561- روى مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، فعطش أبو بكر عطشا شديدا، فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى صدر الغار فاشرب. قال أبو بكر: فانطلقت إلى صدر الغار فشربت ماءا أحلا من العسل وأبيض من اللبن وأذكى رائحة من المسك، ثم عدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: شربت؟ فقلت: شربت يا رسول الله، قال: ألا أبشرك؟ قلت: بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: إن الله أمر الملك الموكل بأنهار الجنان: أن اخرق نهرا في جنة الفردوس إلى صدر الغار ليشرب أبو بكر. قال أبو بكر: ولي عند الله هذه المنزلة؟ قال: نعم وأفضل، والذي بعثني بالحق نبيا لا يدخل الجنة مبغضك ولو كان له عمل سبعين نبيّا. 562 روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: بينا نحن جلوس في بيت أبي بكر رضي الله عنه وقت الظهيرة إذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم مقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فاستأذن فأذن له فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخرج من عندك، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت وأمي، قال: فإنه قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالت عائشة رضي الله عنها فجهزناهما أحسن الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر (561) - قوله: «روى مجاهد، عن ابن عباس» : أخرج الحديث المجد الفيروز أبادي في الصلاة والبشر [/ 190] ، وعزاه للمصنف، وأسنده ابن عساكر في تاريخه [30/ 149- 150] ، ووهى إسناده الحافظ السيوطي في الخصائص [1/ 463- 464] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين. قوله: «فبذلك سميت ذات النطاقين» : أخرجه بلفظ أطول منه: الإمام البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 45 وتمامه: قالت عائشة: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور، فمكثنا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر- وهو غلام شاب، ثقف لقن- فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحهما عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل- وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من بني الديل- وهو من بني عبد بن عدي- هاديا خريتا- والخريت: الماهر بالهداية- قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق الساحل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 [117- فصل: حديث أمّ معبد الخزاعيّة، وفيه: وصف حلية النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 117- فصل: حديث أمّ معبد الخزاعيّة، وفيه: وصف حلية النّبيّ صلى الله عليه وسلم 563- حدثنا أبو أحمد: الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي- قراءة عليه في سنة ستين وثلاثمائة-، قال: أخبرني أبو محمد: عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، ثنا أبي، ثنا بشر بن محمد بن أبان بن مسلم الواسطي السكري أبو أحمد ببغداد سنة ثلاث وعشرين ومائتين قال: حدثنا عبد الملك بن وهب المذحجي ... (563) - قوله: «السكري أبو أحمد» : ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [2/ 364] ، نقل عن أبيه قوله: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 139] ، قال الذهبي في الميزان [1/ 324] : صدوق إن شاء الله. ساق له ابن عدي الكامل [2/ 450] ، أربعة أحاديث ثم قال: أرجو أنه لا بأس به، ومقدار ما ذكرته هو من أنكر ما رأيت له، وكأنها من قبل الرواة عنه. قوله: «عبد الملك بن وهب المذحجي» : مذحج اليمن، كوفي يقال: اسمه سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وهب النخعي، ينسب إلى جده وهب، قاله ابن أبي حاتم [5/ 373] عن أبيه، قال: وسمعته يقول: قال بعض أصحابنا: إن عبد الملك بن وهب هذا معمول عن اسمه- كذا ولعله: معدول عن اسمه- قال: وهو سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وهب النخعي، نسبه إلى جده وهب، وسماه عبد الملك، والناس معبدون- كذا- عبيد الله. اه. وهذا يعني أن الاسم مدلس، لم يصرح به لضعفه واتهامه، وفي ذلك نظر، وينبغي أن يحرر القول، ويتثبت من الأمر، وقد ذكره ابن حبان في الثقات [7/ 108] ومدار حديث الباب عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 عن الحر بن الصيّاح النخعي، عن أبي معبد الخزاعي قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة هاجر من مكة إلى المدينة، هو وأبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله ابن الأريقط الليثي، فمروا على خيمتي أم معبد الخزاعية- وكانت امرأة برزة جلدة، تحتبي، وتجلس بفناء الخيمة، وتطعم وتسقي-، فسألوها تمرا ولحما ليشتروه فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون مسنتون. فقالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى. قوله: «عن الحر بن الصياح النخعي» : كوفي، تابعي، ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني والجمهور، وعند البخاري أن أبا معبد مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فالحر لم يدرك أبا معبد في قول البخاري. قوله: «عن أبي معبد الخزاعي» : اختلف في اسمه، قال الحافظ البيهقي في الدلائل عقب إخراجه: قال أبو جعفر ابن محمد الحلواني: سألت مكرما عن اسم أم معبد؟ فقال: اسمها عاتكة بنت خالد وكنيتها أم معبد، وأبو معبد اسمه أكثم بن أبي الجون ويقال له: عبد العزى، وقد ذكره غير واحد في الصحابة لكن قال بعضهم: توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال البخاري: قتل زمن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: «مرملون» : أصله: من الرمل، فكأنهم من شدة حاجتهم قد لصقوا بالرمل، كما قيل للفقير: ترب، قال البيهقي: مرملون: يريد قد نفد زادهم. قوله: «مسنتون» : داخلون في السنة: القحط والجدب والمجاعة، ويروى: مشتون- من الشتاء- أي: داخلون فيه، قاله الحافظ البيهقي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسر خيمتها فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذاك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم بأبي وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم الله وقال: اللهمّ بارك لها في شاتها، فتفاجت، ودرّت فاجترت، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء لها يربض الرهط، فحلب فيه ثجّا حتى علته الثمال، فسقاها فشربت حتى رويت، ثم سقى أصحابه فشربوا حتى رووا، فشرب صلى الله عليه وسلم آخرهم، وقال: ساقي القوم آخرهم شربا، فشربوا جميعا عللا بعد نهل، حتى أراضوا، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها، ثم ارتحلوا عنها. قوله: «في كسر خيمتها» : يريد جانبها. قوله: «فتفاجت» : أي: فتحت ما بين رجليها للحلب. قوله: «يربض الرهط» : أي: يرويهم ويكفيهم، والرهط: ما بين الثلاثة إلى العشرة. قوله: «فحلب فيه ثجا» : أي: سيلا. قوله: «حتى علته الثمال» : أي: علته رغوة اللبن، والثمالة: رغوة اللبن إذا حلب، ويروى: حتى علاه البهاء، قال البيهقي: بهاء اللبن وهو وبيص رغوته، يريد أنه ملأه. قوله: «حتى أراضوا» : أي: شربوا حتى رووا فنقعوا بالري، قاله البيهقي، وقال غيره: حتى ناموا على الأرض وهو البساط، وقيل: حتى صبوا اللبن على الأرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 قال: فقلّ ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيّلا عجافا، يتساوكن هزلا، مخّهن قليل، لا نقي بهن، فلما رأى اللبن قال: من أين لكم هذا والشاء عازب ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب، صفيه لي يا أم معبد؟ قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، مليح الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزريه صعلة، وسيم قسيم، ... قوله: «حيّلا» : أي: ضعيفة الحال لا حول لها، ويقال أيضا: الحيل التي ليست بحوامل. قوله: «يتساوكن هزلا» : يتمايلن من شدة ضعفهن، والتساوك: السير الضعيف، ويروى: يتشاركن هزلا، قال البيهقي: أي عمهن الهزال، فليس فيهن منقية ولا طرق، وهو من الإشراك. قوله: «والشاء عازب» : أي بعيد في المرعى. قوله: «لم تعبه ثجلة» : الثجلة: ضخامة البطن واسترخاء اسفله، ويروى: لم تعبه نحلة، قال البيهقي: النحلة: الدقة والضمر. قوله: «ولم تزريه صعلة» : الصعلة: صغر الرأس، ويروى: لم تزريه صقلة، قال البيهقي: الصقلة: الأضلاع، والصقلة: الخاصرة، تريد: أنه ليس بمنتفخ ولا ناحل. قوله: «وسيم قسيم» : الوسيم: الحسن الهيئة وضيئها، ونحوه القسيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، أحور أكحل، أزج أقرن، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، كأن كلامه خرزات نظم ينحدرن منه، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، أبهى الناس وأجمله من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، ... قوله: «في عينيه دعج» : الدعج: تقدم الكلام على معناه في أبواب صفته صلى الله عليه وسلم. قوله: «وفي أشفاره وطف» : أي في شعر أجفانه طول، ويروى: في أشفاره عطف، قال البيهقي: قال القتيبي: سألت الرياش فقال: لا أعرف العطف، وأحسبه غطف- بالغين المعجمة- وهو أن تطول الأشفار ثم تنعطف، والعطف- إن كان محفوظا- شبيه بذلك، وهو إنعطاف الأشفار. قوله: «وفي صوته صحل» : أي: كالبحة وهو أن لا يكون حادا، ويروى أيضا: صهل. قوله: «في عنقه سطع» : أي: طول. قوله: «وإذا تكلم سما» : حقيقة ومعنى لبلاغة منطقه حتى يبلغ القلب والعقل، وقال الحافظ البيهقي: في قوله: إن تكلم سما، تريد: علا برأسه أو يده. اه. وهو أبلغ من ذلك كما تقدم. قوله: «فصل لا نزر ولا هذر» : وسط بين ذلك، ليس بقليل ولا كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 ربعة لا تشنؤه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند. قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولو كنت وافقته لا لتمست أن أصحبه، ولأفعلنه إن وجدت إلى ذلك سبيلا. قال: وأصبح صوت بمكة عال بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقوله، وهو يقول: قوله: «لا تشنؤه عين من طول» : أي أن العين تعطيه حقه من الطول وتقر له به. وهو في معنى الرواية الأخرى عند البيهقي: ليس بالطويل الذي يؤيس مباريه عن مطاولته. قوله: «ولا تقتحمه عين من قصر» : أي: لا تزدريه ولا تحتقره. قوله: «محفود محشود» : المحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه، ويسرعون في طاعته، والمحشود: المحفوف المطاف به. قوله: «لا عابس» : أي: الوجه، بل طليقه، ويروى: لا عابث. قوله: «ولا مفند» : بكسر النون المشددة: كثير اللوم، أو الذي يكثر اللوم، ويروى: ولا معتد، قال البيهقي: من الاعتداء وهو الظلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلّا خيمتي أمّ معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد فيا لقصي ما زوى الله عنكم به ... من فعال لا تجازي وسؤيد سلوا أختكم عن شاتها ... وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد أتاها بشاة حائل فتحلبت له ... بصريح ضرّة الشاة مزبد فغادره رهنا لديها لحالب ... يدر لها في مصدر ثم مورد قال: فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقد سر من يسري إليهم ويفتدي ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا ... عمي وهداة يهتدون بمهتد نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد قوله: «هما نزلا بالبر» : وروي أيضا: هما نزلا بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد قوله: «سلوا أختكم» : ويروى قبله هذا البيت: ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد قوله: «تسكعوا» : في صلب الأصل: تشغلوا: ثم ضرب الناسخ عليها وكتب في الهامش: تسكعوا صح: قال: والتسكع: التمادي في الباطل. اه. وفي المصادر: تسفهوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 وإن قال في يوم مقالة غايب ... فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد ويهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد قوله: «ومقعدها للمؤمنين بمرصد» : تابعه عن بشر بن محمد: 1- عمرو بن زرارة، أخرجه البخاري في تاريخه [2/ 84] ، اختصر لفظه وقال: ما أدري الحر أدرك أبا معبد؛ أبو معبد قتل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. 2- العباس بن محمد الدوري. أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3019] رقم 7001، وابن عساكر في تاريخه [3/ 316] . 3- محمد بن المثنى. أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 230] ، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم [3/ 57] ، إلا أنه قلب اسم الشيخ فجعله محمد بن بشر، والظاهر أنه من سوء الطبع كما يظهر من رواية ابن الجوزي، وزاد في آخر متنه: قال عبد الملك: فبلغنا أن أم معبد هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلمت. 4- الحسن بن مكرم، أخرجه البيهقي- كما في تاريخ ابن كثير [3/ 192] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 319] . وعزاه الحافظ في الإصابة من هذا الوجه- أعني طريق الحر بن الصياح- لابن خزيمة في صحيحه، والبغوي في الصحابة، ولعله عند ابن منده أيضا في الصحابة من هذا الوجه: فقد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 316] ، من طريقه. وروي من وجه آخر، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 9، 11] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 276، 277، 281] من طرق، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 55] رقم 3605، وفي الأحاديث الطوال برقم 30، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 3019- 3020] ، وفي الدلائل [1/ 337] رقم 238، والبغوي- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 ......... - في شرح السنة [13/ 261] رقم 3704، وفي الأنوار برقم 456، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 42، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد، الأرقام: 1433، 1434، 1435، 1436، 1437، والآجري في الشريعة [/ 465- 466] ، وابن عساكر في تاريخ دمشق [3/ 322- 323، 323- 326، 327- 329، 330، 332، 332- 334] ، وابن قتيبة في الغريب [1/ 465] ، والبغوي، وابن شاهين، وابن السكن، ويعقوب بن سفيان دون الأشعار، قاله البيهقي ثم أخرجه من طريقه [1/ 281] ، وابن منده كما في الخصائص [1/ 466] ، جميعهم من حديث أيوب بن الحكم، عن حزام بن هشام عن أبيه هشام بن حبيش، عن حبيش بن خالد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وقتيل البطحاء يوم فتح مكة به، صححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي في التلخيص، وفي إسناده اختلاف بين وصله وإرساله، فبعضهم يسقط حبيش بن خالد ولا يذكره ويرويه مرسلا، ومعظم أحاديث السيرة إنما الاعتماد فيها على قبول أهل العلم لها حيث يوردونها ولا يطيلون البحث في أسانيدها كما يفعلون في أحاديث الأحكام، قال الحاكم في مستدركه عقب روايته لحديث الباب: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ويستدل على صحة وصدق رواته بدلائل: - فمنها: نزول المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيمتين، متواتر في أخبار صحيحة ذوات عدد. - ومنها: أن الذين ساقوا الحديث على وجهه أهل الخيمتين من الأعاريب الذين لا يتهمون بوضع الحديث والزيادة والنقصان، وقد أخذوه لفظا بعد لفظ عن أبي معبد وأم معبد. - ومنها: أن له أسانيد كالأخذ باليد: أخذ الوالد عن أبيه، والأب عن جده، لا إرسال ولا وهن في الرواة. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 ......... - ومنها: أن الحر بن الصياح النخعي أخذه عن أبي معبد كما أخذه ولده عنه. وقال ابن كثير: قصة أم معبد مشهورة، مروية من طرق كثيرة يشد بعضها بعضا. وله طريق أخرى أخرجه البزار في مسنده [2/ 300 كشف الأستار] رقم 1742، من حديث عبد الرحمن بن عقبة بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، عن جده عن جابر بن عبد الله بنحوها. قال البزار: لا نعلمه يروي بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن عقبة لا نعلم حديث عنه إلا يعقوب وإن كان معروفا في النسب، اه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 55] : وفيه من لم أعرفه. وله طريق أخرى، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 123] رقم 6510، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1433] رقم 3630، (اختصره) ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 1138، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 314- 316] ، جميعهم من حديث عبد العزيز بن يحيى المديني- كذبه غير واحد- قال: حدثنا محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري، عن أبيه، عن جده، القصة بنحوها. وأخرجها البيهقي أيضا [2/ 491] من وجه آخر، من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدث عن أبي بكر الصديق قال:.. فذكر شيئا من القصة، قال البيهقي عقبه: وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها فهي قريبة منها، ويشبه أن تكونا واحدة. قال: وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئا يدل على أنها وهذه واحدة ثم أسندها من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق تعليقا القصة بنحوها ثم قال: فيحتمل أن يكون أولا- أي التي في كسر- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 564- قال أنس رضي الله عنه: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة أظلم فيها كل شيء، فلما دخل المدينة أضاء منها كل شيء. قال أنس: رأيت يوم دخل عليها ويوم قبض فما رأيت يومين شبيهين بهما. - الخيمة كما روينا في حديث أم معبد- ثم رجع ابنها بأعنز كما روينا في حديث ابن أبي ليلى، ثم لما أتى زوجها وصفته له، وهذا منه يدل على قبوله لأسانيد وألفاظ القصة حتى دعاه ذلك لأن يجمع بينها، وإن كان في بعضها ضعف شديد أو إرسال أو إنقطاع، وهذا هو عمل أهل العلم في أحاديث السير والشمائل، والله أعلم. وأخرج ابن سعد وأبو نعيم من حديث الواقدي قال: حدثني حزام بن هشام، عن أبيه، عن أم معبد قالت: بقيت الشاة التي لمس ضرعها النبي صلى الله عليه وسلم عندنا حتى كان زمان الرمادة- زمان عمر بن الخطاب- وكنا نحلبها صبوحا وغبوقا وما في الأرض قليلا ولا كثيرا. (564) - قوله: «قال أنس رضي الله عنه» : بسطت تخريجه وألفاظه في مقدمة المسند الجامع، للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 94، فتح المنان، ومن ألفاظه: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا، ذكرنا طرقه وتصحيح ابن حبان والحاكم له فانظره وانظر الحديث الآتي برقم: 609، والتعليق عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 [118- باب ذكر مقدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قباء، وبناء المسجد] 118- باب ذكر مقدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قباء، وبناء المسجد 565- قال: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قام إليه المنذر بن عمرو وأبو دجانة وجماعة من أشرافهم يقولون: هلمّ يا رسول الله إلى العز والثروة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بارك الله عليكم، خلّوا سبيلها فإنها مأمورة، حتى جاء إلى باب أبي أيوب فبركت ناقته هناك، فجاء جبار بن صخر فنخسها بالرحل فقال أبو أيوب: أعن منزلي تنحّيها، فما؟ والذي بعثه بالحق لولا الإسلام لضربتك بالسيف. وجاء القوم يكلمونه في النزول عليهم، فحطت أم أيوب رحله، وأدخلته بيتها فقال صلى الله عليه وسلم لما رأى ذلك: المرء مع رحله، ونزل في سفل بيت أبي أيوب. وذكر أبو أيوب أنه لم يزل تلك الليلة ساهرا حتى أصبح، فقال: يا رسول الله إني أخشى أن أكون ظلمت نفسي؛ أن أمشي فوق (565) - قوله: «فجاء جبار بن صخر» : أخرجه محمد بن الحسن بن زبالة في تاريخ المدينة له- كما في الإمتاع للمقريزي [8/ 329]-، ومن طريقه- كما في الوفا للسمهودي [1/ 260]- يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- معوّل المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد الآتي برقم 576-، من حديث محمد بن كعب القرظي. قلت: وفي السياق نكارة، لأن جبار بن صخر هذا كان ممن أسر يوم بدر فيما ذكره أصحاب المغازي والسير، ومحمد بن الحسن ممن يضعف في الحديث، وانظر التعليق التالي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 رسول الله صلى الله عليه وسلم فينتثر التراب من تحت أقدامنا، ونحن أطيب نفسا إن كنا تحتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السفل أرفق بنا ولمن يغشانا، قال: فلم يزل به أبو أيوب يتضرع إليه حتى انتقل إلى العلو. 566- وعن عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «فلم يزل به أبو أيوب» : أشار الحافظ في الفتح إلى القصة [7/ 297] ، عزاها للمصنف، وسيأتي أن أصل قصة مقدمه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين؛ فعند البخاري من حديث ابن شهاب، عن عروة، وأخرج مسلم قصة نزوله في السفل من دار أبي أيوب ثم تحوله إلى العلو في الأشربة، باب إباحة أكل الثوم، من حديث أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب، وانظر ألفاظ وسياق مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة في: طبقات ابن سعد [1/ 235- 238] ، سيرة ابن هشام [1/ 492- 499] . (566) - قوله: «وعن عبد الرحمن بن عبد العزيز» : هو ابن عبد الله بن عثمان- وفي الأصول: ابن ثابت- ابن حنيف الأنصاري، العلامة الإخباري: أبو محمد المدني، يقال: إنه من ولد أبي أمامة بن سهل بن حنيف، ولذلك يقال له: عبد الرحمن بن عبد العزيز الأمامي، أحد أئمة السيرة، من شيوخ الواقدي في المغازي والسير، اختلف فيه، فوثقه يعقوب بن شيبة وابن حبان، وقال ابن عدي: ليس هو بذاك، وقال ابن معين: شيخ مجهول، وقال ابن سعد: كان عالما بالسيرة وغيرها، كثير الحديث، انظر عنه في: طبقات ابن سعد [/ 467- الجزء المتمم] ، تهذيب الكمال [17/ 253] ، التاريخ الكبير [5/ 320] ، الصغير [1/ 1] ، الجرح والتعديل [5/ 260] ، ثقات ابن حبان [7/ 75] ، الكامل لابن عدي [4/ 1597] ، تاريخ يحيى برواية الدارمي الترجمة رقم 463، الديوان [2/ 102] ، المغني في الضعفاء [2/ 383] ، تهذيب التهذيب [6/ 199- 200] ، التقريب [/ 345] الترجمة رقم 3933، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 298] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 على سعد بن خيثمة، وأخذ من كلثوم بن الهدم مربده، فجعله مسجدا، وأسسه، وصلى فيه إلى بيت المقدس، وكان مدخله قباء يوم الاثنين، قوله: «على سعد بن خيثمة» : قال ابن إسحاق: ومنهم من يقول: إنه صلى الله عليه وسلم نزل على كلثوم بن الهدم، وكان مجلسه للناس عند سعد بن خيثمة، وذلك أنه كان عزبا لا أهل له [1/ 493- ابن هشام] . قوله: «يوم الإثنين» : لأربع عشرة من ربيع الأول، ذكر هذا العلامة الصالحي في سبل الهدى [3/ 269] ، عزاه للمصنف، غير أنه قال: لثلاث عشرة! وقال أيضا: من طريق أبي بكر بن حزم!! وابن حزم شيخ عبد الرحمن راوي الحديث، وقد تبع في هذا الحافظ ابن حجر، انظر التنبيه الآتي آخر هذا الباب. وقد أخرج البخاري في صحيحه قصة مقدمه صلى الله عليه وسلم ونزوله في بني عمرو بن عوف في كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، فساق الخبر بطوله من طريق ابن شهاب عن عروة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر رسول الله وأصحابه مبيّضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدّكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، فعدّل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا، فطفق من جاء من الأنصار- ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم- يحيّي أبا بكر، حتى أصابت الشمس- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وخروجه منه الجمعة، الثامن عشر من ربيع الأول. - رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسّس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس، حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر سعد بن زرارة، فقال حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزل، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول- وهو ينقل اللبن-: هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبرّ ربنا وأطهر ويقول: اللهمّ إن الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسمّ لي. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا- في الأحاديث- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات. قوله: «وخروجه منه يوم الجمعة» : قاله ابن إسحاق [1/ 494- ابن هشام] ، ابن سعد في الطبقات. قال ابن سعد [1/ 236] : ويقال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة، وهو قول شيخه الواقدي، وقد روي عن ابن إسحاق أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام فيهم ثماني عشرة ليلة، وأخرج البخاري من طريق الزهري عن عروة أنه صلى الله عليه وسلم أقام فيهم بضع عشرة ليلة، وحكى موسى بن عقبة عن مجمع بن يزيد أنه صلى الله عليه وسلم أقام فيهم اثنتين وعشرين ليلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 567- قال: ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني عمرو بن عوف- وقد كان بين الأوس والخزرج ما كان من العداوة- كانت الخزرج تخاف أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأوس، وكانت الأوس تخاف أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الخزرج، وكان أسعد بن زرارة قد قتل نبتل بن الحارث يوم بعاث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أسعد بن زرارة؟ فقال سعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر ورفاعة بن عبد المنذر: يا رسول الله أصاب منا رجلا يوم بعاث. فلما كانت ليلة الأربعاء جاء أسعد بن زرارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم متقنعا بين المغرب والعشاء، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا أمامة جئت من منزلك إلى ما هاهنا وبينك وبين القوم ما بينكما؟ فقال أبو أمامة: لا والذي بعثك بالحق، ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئتك، ثم بات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ثم غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن خيثمة ورفاعة ومبشر ابني عبد المنذر: أجيروه، قالوا: أنت يا رسول الله (567) - قوله: «ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم» : هو مسند عن المصنف من طريق طاهر بن يحيى، - عمدة المصنف في فضائل المدينة يأتي ترجمة رجال الإسناد- عن أبيه بإسناده إلى عبد العزيز بن عبيد الله بن عثمان بن حنيف قال: لما نزل ... أفاده السمهودي في الوفا [1/ 249] . قلت: في السياق نكارة لأن نبتل بن الحارث هذا كان أحد المنافقين، قال ابن إسحاق: وكان يأتي رسول الله يتحدث إليه فيسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين، قال: وهو الذي قال: إنما محمد أذن، من حدثه شيئا صدقه، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ ... أُذُنٌ الآية، قال: وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 فأجره فجوارنا من جوارك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجيره بعضكم، فقال سعد بن خيثمة: هو في جواري، ثم ذهب سعد بن خيثمة إلى أسعد بن زرارة في بيته فجاء به مخاصرة يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى عمرو بن عوف، ثم قالت الأوس: يا رسول الله كلنا لك جار. قال: فكان أسعد بن زرارة بعد يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل من قباء. 568- وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، قال: فأتيته فلما نظرت إليه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته يقول: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام. (568) - قوله: «وصلوا بالليل والناس نيام» : وتمامه: «تدخلوا الجنة بسلام» . خرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 1581، 2796- فتح المنان، فيراجع هناك. تنبيه: وقفنا في بعض المصادر على غير نص معزو للمصنف في هذا الباب، أعني: باب مقدمه (قباء والدينة) لا ندري مدى دقة العزو وصحة نسبته، إذ لم نجده في النسخ الثلاث، وللمصنف عدة كتب غيره، وقد وجدنا الحافظ ابن حجر رحمه الله ذكر حديثا في الإصابة، وذكر إخراج المصنف له مسندا، ثم أورد طريقه، وهو عندنا في باب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم معلقا، فالتبس علينا، لظننا أنه في هذا الكتاب، وبالبحث وجدناه عند المصنف مسندا من الوجه الذي ذكره الحافظ لكن في كتابه تهذيب الأسرار كما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله، ولمسنا عدم دقة العزو أيضا في ترجمة زمل بن ربيعة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 ......... - كما بيناه في أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم، إذا تبين لك هذا عرفت القصد من ترددنا في دقة العزو وصحة النسبة. وإليك ما وقفنا عليه من النصوص المعزوة للمصنف في باب قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة: 1- قال الحافظ في الفتح [7/ 305] ، كتاب مناقب الأنصار، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، أثناء تأييده لقول من قال بنزوله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة على سعد بن خيثمة، قال: ويؤيد قول التيمي ما أخرجه أبو سعيد- كذا- في شرف المصطفى، من طريق أبي بكر بن حزم قال: قدم الرسول صلى الله عليه وسلم قباء يوم الاثنين فنزل على سعد بن خيثمة.. وأشار إليه في الفتح أيضا [7/ 278] ، وهذا الحديث هو عين الثاني في هذا الباب لكن من حديث تلميذ ابن حزم: عبد الرحمن بن عبد العزيز الأمامي، وكأن الشيخ الصالحي اعتمد قول الحافظ فعزاه في سبل الهدى [3/ 296] للمصنف من هذا الوجه. 2- وقال في نفس الموضع: ويقوي قول ابن شهاب ما أخرجه أبو سعيد- كذا- في شرف المصطفى من طريق الحاكم، من طريق ابن مجمع: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن الهدم هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة، قال كلثوم: يا نجيح- لمولى له- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنجحت، اه. قلت: اختصر الحافظ السياق، وهو في كتاب يحيى بن الحسين العلوي- عمدة المصنف في هذا الباب كما سترى- بإسناد معضل عن محمد بن إسماعيل بن مجمع قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن الهدم وأبو بكر وعامر بن فهيرة قال: يا نجيح- لمولى له-، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والتفت إلى أبي بكر: أنجحت- أو: أنجحنا-، فقال: أطعمنا رطبا، قال: فأتوا بقنو من أم جرذان فيه رطب منصف وفيه زهو، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: عذق أم جرذان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ بارك في أم جرذان. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 ......... - فإن صح عزو الحافظ وأن المصنف أخرجه في كتابه هذا، فينبغي أن يكون من هذا الطريق لاعتماد المصنف فيما يتعلق بتاريخ المدينة في الغالب على شيخه إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بإسناده إلى يحيى بن الحسين صاحب أخبار المدينة، لكن لم نجده في الأصول لا من هذا الوجه، ولا من طريق الحاكم، ولا هو عند البيهقي- وهو المكثر عن الحاكم-، وقد أشار الحافظ في ترجمة نجيح من الإصابة إلى إخراج المصنف للرواية، وعزاها أيضا لابن زبالة في أخبار المدينة له، ولم يذكر أنها عند المصنف من طريق الحاكم، ولا ذكر إسنادها كما هي عادته، وكأن السمهودي اعتمد قول الحافظ في الفتح فقال في الوفا [1/ 245] : أخرجه أبو سعيد- كذا- في شرف المصطفى، من طريق الحاكم، اه. وقد أسندها أبو نعيم في المعرفة [5/ 2391] برقم 5855، من طريق مجمع عن أبيه عن ابن جارية به. 3- قال الحافظ في نفس الكتاب والباب [7/ 307] : وأخرج أبو سعيد- كذا- في شرف المصطفى، ورويناه في فوائد الخلعي من طريق عبيد الله ابن أبي عائشة منقطعا: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الولائد يقلن: طلع البدر علينا من ثنية الوداع ... وجب الشكر علينا ما دعا الله داع قال: وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك. اه. قلت: وهذا من هذا الوجه وبهذا السياق أخرجه ابن الجوزي في الوفا [1/ 252]- غير أنه وقع في المطبوع منه: عن عائشة! - وعزاه السمهودي في الوفا [1/ 262] لرزين. 4- قال السمهودي في الوفا [1/ 262] : وفي شرف المصطفي: لما بركت الناقة على باب أبي أيوب خرج جوار من بني النجار يضربن بالدفوف ويقلن: نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 ......... - هكذا ساقه دون ذكر اسم الراوي وبصورة الحكاية، وتبعه الشيخ الصالحي في سبل الهدى [3/ 274] ، عزاه للمصنف والحاكم. وعندي- والله أعلم- أنّ السمهودي عنى بشرف المصطفى كتاب ابن الجوزي: الوفا بأحوال المصطفى، سماه بذلك في بعض المواضع- وقد أطلق عليه بعض أهل العلم ذلك-، والنص في كتاب ابن الجوزي [1/ 252] ، من حديث أنس، وما وقفت عليه في مستدرك الحاكم، فيحرر هذا مع ما تقدم، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 [119- باب ما جاء في إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء، وفضله] 119- باب ما جاء في إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء، وفضله 569- أخبرنا أبو علي: حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد الرفّاء، الهروي، أنا علي بن عبد العزيز، ثنا القعنبي، (569) - قوله: «أنا علي بن عبد العزيز» : هو ابن المرزبان بن سابور، الإمام الحافظ الصدوق: أبو الحسن البغوي، نزيل مكة، ممن جمع وصنف، له المسند الكبير، قال الدارقطني: ثقة مأمون، وزعم الذهبي في تاريخه أنه ليس بحجة، وانظر أخباره في: سير أعلام النبلاء [13/ 348] ، تذكرة الحفاظ [2/ 622] ، الجرح والتعديل [6/ 196] ، العبر [2/ 77] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 286- ص 227] ، البداية والنهاية [11/ 82] ، الشذرات [2/ 363] ، الميزان [4/ 63] ، اللسان [4/ 241] ، معجم الأدباء [14/ 11] ، العقد الثمين [6/ 185] ، ثقات ابن حبان [8/ 477] ، الإنباه للقفطي [2/ 292] ، مرآة الجنان [2/ 213] . قوله: «ثنا القعنبي» : هو الإمام الحافظ، الثبت، العابد، الجليل، عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، أبو عبد الرحمن المدني، نزيل البصرة، من جلة أصحاب مالك، قال العجلي: بصري ثقة رجل صالح قرأ مالك عليه نصف الموطأ، وقرأ هو على مالك النصف الباقي، وانظر أخباره في: تهذيب الكمال [16/ 136] ، طبقات ابن سعد [7/ 302] ، سير أعلام النبلاء [10/ 257] ، تهذيب التهذيب [6/ 28] ، الكاشف [2/ 177] ، التقريب [/ 323] ، الترجمة رقم 3620، ثقات ابن حبان [8/ 353] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قباء راكبا وماشيا. 570- وعن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكبا وماشيا، وكان يأتي قباء كل سبت ماشيا. 571- وعن سهل بن حنيف، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من توضأ قوله: «ثنا مالك» : هكذا هو في رواية يحيى بن يحيى، عن مالك، باب العمل في جامع الصلاة، وقال عامة الرواة عن مالك: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قاله ابن عبد البر في التمهيد، قال: والحديث صحيح لمالك عنهما جميعا. أخرجه مسلم بالرواية المشهورة عن مالك في المناسك، باب فضل مسجد قباء، رقم 1399 (518) . وأخرجاه في الصحيحين من طرق عن نافع وعبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر، انظر التعليق على الآتي بعده. (570) - قوله: «وكان يأتي قباء كل سبت» : أخرجه الإمام البخاري في فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد قباء رقم 1191، وفي باب من أتى مسجد قباء كل سبت، رقم 1193، وفي الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، رقم 7326، وأخرجه مسلم في الحج، باب فضل مسجد قباء، رقم 1399 (515، 516، 517، 518، 519، 520، 521، 522) . (571) - قوله: «وعن سهل بن حنيف» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 487] ، - وليس فيه تحديد عدد الركعات-، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 373]- وفيه: أربع ركعات-، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 فأسبغ الوضوء، وجاء مسجد قباء وصلى فيه ركعتين كان له أجر عمرة» ، وفي بعض الأخبار: عدل عمرة. 572- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أتى مسجد قباء كان عدل رقبة. - والنسائي في المساجد، باب فضل مسجد قباء الصلاة فيه، رقم 699- لم يذكر فيه عدد الركعات-، وابن ماجه في الإقامة، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء، رقم 1412، والبيهقي في الشعب [3/ 499- 500] رقم 4191، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 90، 91] الأرقام: 5558، 5559، 5561، 5562، وابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 40، 41] ، وصححه الحاكم [3/ 12] . (572) - قوله: «كان عدل رقبة» : هكذا يقول موسى بن عبيدة- وهو ضعيف-، عن يوسف بن طهمان- وهو واه-، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه مرفوعا، ولفظه: من توضأ فأحسن وضوءه، ثم دخل مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان ذلك عدل رقبة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 91] رقم 5560. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 373، 12/ 210- 211] ، من الوجه المذكور فقال: عدل عمرة، وهكذا هو عند ابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 41] من طريقه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 11] : فيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. قلت: آفتة يوسف بن طهمان؛ فقد روي عنه أيضا أنها بمنزلة حجة، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [8/ 379]- ولم يسق المتن-، والعقيلي في الضعفاء [4/ 450] ، والبيهقي في الشعب [3/ 500] ، عقب رقم 4191. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 573- وعن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة سبعة عشر من شهر رمضان. 574- وكان صلى الله عليه وسلم يصلي إلى الأسطوان الثالثة لمسجد قباء التي في الرحبة. (573) - قوله: «وعن جابر» : أخرج حديثه ابن شبة في تاريخه [1/ 44] ، من طريق عبد العزيز بن سمعان، عن أبي النضير، عنه به. ورواه ابن المنكدر فاختلف عليه فيه. فقيل: عنه، كان النبي صلى الله عليه وسلم ... مرسلا، أخرجه ابن شبة [1/ 44] . وقيل: عنه، عن جابر به.. أخرجه رزين- كما في الوفا للسمهودي [2/ 803] . ورواه رزين أيضا، عن ابن المنكدر قوله: أدركت الناس يأتون مسجد قباء صبيحة سبع عشرة رمضان. (574) - قوله: «يصلي إلى الأسطوان الثالثة» : أخرجه ابن زبالة في تاريخ المدينة كما في وفا السمهودي [2/ 805] ، قال: رواه يحيى- يعني: ابن الحسين في أخبار المدينة- عمدة المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد الآتي برقم: 576- واقتصر فيه على رواية ابن زبالة في بيان مصلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وقد أخرج ابن شبة [1/ 51] عن الواقدي، عن مجمع بن يعقوب، عن سعيد بن عبد الله بن رقيش قال: كان المسجد في موضع الأسطوانة المخلقة الخارجة في رحبة المسجد، قال ابن رقيش: فحدثني نافع: أن ابن عمر كان بعد إذا جاء مسجد قباء صلى إلى الإسطوانة المخلقة، يقصد بذلك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 575- وعن عائشة بنت سعد قالت: سمعت أبي يقول: والله لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إليّ من أن آتي بيت المقدس مرتين، ولو يعلمون ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل. 576- قرأت على أبي الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي، إمام المسجد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، أنا طاهر بن يحيى بن الحسين رضي الله عنه ... (575) - قوله: «وعن عائشة بنت سعد» : أخرج حديثها ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 373] ، وابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 42] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 249] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 12] ، وأقره الذهبي في التلخيص، وتبعهما الحافظ في الفتح [3/ 69] . تابعهما عامر بن سعد، عن سعد، أخرجه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى. (576) - قوله: «إمام المسجد» : يعني: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم أجده فيما لدي من المصادر. قوله: «العثماني» : نسبة إلى أمير المؤمنين: عثمان بن عفان رضي الله عنه، إما نسبا، أو ولاء، أو اتباعا وهوى كأهل الشام قديما، قاله الحافظ السمعاني في الأنساب، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «طاهر بن يحيى بن الحسين» : الحسيني، العلوي، راوي أخبار المدينة وتاريخها عن أبيه، ذكره الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام وقال: يروي عن أبيه، روى عنه أبو بكر بن المقرىء، زاد الحافظ في التحفة اللطيفة في الرواة عنه: ابنيه. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 قال: حدثني أبي: يحيى بن الحسين، ثنا بكر بن عبد الوهاب قال: - تاريخ الإسلام [وفيات سنة: 314- ص: 478] ، التحفة اللطيفة [2/ 257] ، الترجمة رقم 1857. قوله: «يحيى بن الحسين» : هو ابن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي، العلامة النسابة، صاحب تاريخ المدينة، عن الزبير بن بكار، وأبي مصعب الزهري، وبكر بن عبد الوهاب، وغيرهم، عوّل المصنف على تاريخه كثيرا كما سترى، ذكر الحافظ السخاوي في ترجمة ابنه أنه ترجم له في الياء التحتية، وهو ضمن الجزء المفقود من التحفة اللطيفة، وذكره الحافظ المزي في تراجم شيوخه من التهذيب ووصفه في غير موضع بالعلامة النسابة والسيد، وليس فيما لدي من المصادر ترجمة مفردة له، وممن عوّل على تاريخه أيضا: العلامة السمهودي في الوفاء كما سترى عند تخريج الأحاديث والآثار. تنبيه: وقع اسم والد يحيى في المطبوع من تهذيب الحافظ المزي بفتح الحاء والسين المهملتين وحذف التحتية، والذي في ترجمة ابنه طاهر من المصادر التي أشرنا إليها، ووفاء السمهودي، والحجج المبينة للسيوطي موافق لما وقع عندنا: بضم الحاء وتحتية بعد السين المهملة المفتوحة. انظر مواضع ذكره في تراجم شيوخه من تهذيب الكمال للحافظ المزي: أحمد ابن أبي بكر الزهري راوي الموطأ عن مالك [1/ 280] ، بكر بن عبد الوهاب ابن أخت الواقدي [4/ 221] ، الزبير بن بكار [9/ 296] ، هارون بن موسى الفروي [30/ 115] . قوله: «ثنا بكر بن عبد الوهاب» : هو ابن محمد بن الوليد بن نجيح المدني، الحافظ الصدوق، ابن أخت محمد بن عمر الواقدي، ومن شيوخ ابن ماجه، قال أبو حاتم: صدوق، سمعت أحمد بن صالح أثنى عليه خيرا. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 حدثني عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، ... - تهذيب الكمال [4/ 220] ، تهذيب التهذيب [1/ 425] ، الكاشف [1/ 108] ، التقريب [/ 127] : الترجمة رقم 745. قوله: «حدثني عيسى بن عبد الله» : هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [6/ 280] ، نقل عن أبيه قوله: لم يكن بقوي الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، مع أنه قال في المجروحين: يروي عن آبائه أشياء موضوعة، وقال الدارقطني: متروك الحديث. الجرح والتعديل [6/ 280] ، الثقات [8/ 492] ، الميزان [4/ 235] ، المجروحين [2/ 122] ، اللسان [4/ 399] . قوله: «عن أبيه» : هو عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، أبو محمد المدني، من رجال أبي داود والنسائي، قال ابن المديني: وسط، ووثقه ابن حبان والدارقطني وابن خلفون والذهبي، وقال ابن حجر في التقريب: مقبول! تهذيب الكمال [16/ 93] ، تهذيب التهذيب [6/ 16] ، الكاشف [2/ 114] ، الثقات [7/ 1- 2] ، التقريب [/ 321] : الترجمة رقم 3595، الميزان [3/ 198] . قوله: «عن جده» : هو محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، أبو عبد الله المدني، أحد المقلين، من رجال الأربعة، قال الذهبي في الميزان: ما علمت به بأسا، ولا رأيت لهم فيه كلاما، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة فما استنكر له حديث، ووثقه في الكاشف، وقال ابن حجر: صدوق. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم: هو مسجد قباء، قال الله جلت عظمته: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. - تهذيب الكمال [26/ 172] ، تهذيب التهذيب [9/ 321] ، الكاشف [3/ 73] ، الميزان [5/ 114] ، طبقات ابن سعد الثقات [5/ 353] ، التقريب الترجمة رقم 6170. قوله: «عن أمير المؤمنين» : مع كون الرواية منقطعة وضعيفه الإسناد إلا أن هذا هو قول الجمهور، لرواية البخاري المتقدمة ولظاهر قوله تعالى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا الآية، إذ لا خلاف أنها نزلت في أهل قباء، ولا ينافي هذا ما صح عنه صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره، من حديث أبي سعيد الخدري قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال: هو مسجدكم هذا، أخرجه مسلم. قال الحافظ في الفتح: السر في جوابه صلى الله عليه وسلم هذا رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء، قال: والجمهور على أن المراد به مسجد قباء لظاهر الآية، قال الداوودي وغيره: ليس هذا اختلافا لأن كلا منهما أسس على التقوى، قال: وكذا قال السهيلي، وزاد غيره: إن قوله تعالى: مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، يقتضي أن يكون مسجد قباء لأن تأسيسه كان في أول يوم حل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الهجرة، والله أعلم. اه. والحديث أورده العلامة السمهودي في الوفا [2/ 799] ، قال: أخرجه يحيى بن الحسين- عمدة المصنف في الباب، فهو موصول عنه بالإسناد الماضي إليه في أخبار المدينة- ثم ذكر السمهودي إسناده فوهم في ترجمة عيسى بن عبد الله فجعل جده مالكا وقال: مالك يروي عن علي وابن عمر وهو شيخ مقبول!. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 577- وعن عروة قال: المسجد الذي أسس على التقوى مسجد عمرو بن عوف. 578- وبه قال عطاء. (577) - قوله: «وعن عروة» : أخرج الطبراني في معجمه الكبير [5/ 137] رقم 4828، من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت في المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عروة: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير منه، إنما أنزلت في مسجد قباء، إسناده صحيح. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 244] ، من حديث أبي كدينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه في قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى الآية، قال: مسجد قباء، تابعه الزهري، عن عروة، أخرجه ابن جرير [11/ 28] . (578) - قوله: «وبه قال عطاء» : وهو قول ابن عباس أيضا، أخرجه ابن جرير في تفسيره من طريقين [11/ 27] ، ابن أبي حاتم [6/ 1881] رقم 10076. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 [120- باب ما جاء في بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم] 120- باب ما جاء في بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 579- أخبرنا أبو الحسين يحيى بن الحسين المطلبي رضي الله عنه إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخبرنا أبو عثمان محمد بن عثمان العثماني، ثنا أبو القاسم طاهر بن يحيى بن الحسين قال: حدثني أبي، قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: ... (579) - قوله: «حدثني الزبير بن بكار» : هو ابن مصعب الزبيري، العلامة الحافظ، قاضي مكة وعالمها، الإخباري الثبت: أبو عبد الله المدني، المكي، قال الخطيب: كان ثقة ثبتا عالما بالنسب وأخبار المتقدمين، له مصنف في نسب قريش. وانظر أخباره في: تهذيب الكمال [9/ 293] ، سير أعلام النبلاء [12/ 311] ، الجرح والتعديل [3/ 585] ، وفيات الأعيان [2/ 311] ، تذكرة الحفاظ [2/ 528] ، العقد الثمين [4/ 427] ، مرآة الجنان [2/ 167] ، تهذيب التهذيب [3/ 269] ، الكاشف [1/ 248] ، التقريب [/ 214] الترجمة رقم 1991. قوله: «حدثني محمد بن الحسن» : هو ابن زبالة القرشي، المخزومي، المدني، صاحب تاريخ المدينة، وأحد المضعفين في الحديث، بل اتهمه أحمد بن صالح بالوضع، وابن معين بسرقة الحديث، ووهاه أبو حاتم وقال: وليس بمتروك. انظر عنه في: تهذيب الكمال [25/ 60] ، تهذيب التهذيب [9/ 101] ، الكاشف [3/ 29] ، الميزان [4/ 434] ، التقريب [/ 474] الترجمة رقم 5815، الكامل لابن عدي [6/ 2180] ، ضعفاء أبي نعيم، الترجمة رقم 218، المجروحين- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 حدثني عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن مجمع بن يزيد قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ثمامات وخشبات، فطفق هو وأصحابه ينقلون اللبن ويقولون: هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر - لابن حبان [2/ 274] ، المغني [2/ 569] ، الديوان [2/ 290] . قوله: «حدثني عبد العزيز بن محمد» : هو الدراوردي الحافظ الصدوق: أبو محمد الجهني مولاهم، المدني، من رجال الجماعة، وقرنه البخاري بآخر تثبيتا له، فعن الإمام أحمد: أنه كان إذا حدث من حفظه يهم. وانظر عنه في: سير أعلام النبلاء [8/ 366] ، تهذيب الكمال [18/ 187] ، تهذيب التهذيب [6/ 315] ، الكاشف [2/ 178] ، التقريب [/ 358] الترجمة رقم 4119، التاريخ الكبير [6/ 25] ، الجرح والتعديل [5/ 395] ، الميزان [3/ 347] ، تذكرة الحفاظ [1/ 269] . قوله: «بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ثمامات وخشبات» : اقتصر الحافظ في الفتح [7/ 291] من هذه الرواية على ذكر الأبيات، وعزاها للزبير بن بكار من هذا الوجه، وأشار السمهودي في الوفا [2/ 329] إلى أنها من طريق ابن زبالة. وأخرج ابن النجار سياق بناء مسجده صلى الله عليه وسلم وفيه: فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بالمسجد فطين، فقال: عريش كعريش موسى، ثمام وخشبات والأمر أعجل من ذلك» ، وقد تقدم قريبا عزو قصة البناء للبخاري من حديث الزهري، عن عروة في قصة هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة وقدومه المدينة. والثمام: ما يبس من الأغصان، والثمام أيضا: شجر يصلح به سقف البيت، يقال: بيت مثموم، أي: مغطى بالثمام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 ويقول صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لا خير إلّا خير الآخرة، فارحم الأنصار والمهاجرة. 580- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم فقال قائل من المسلمين: لئن قعدنا والنبي يعمل ... ذاك إذا العمل المضلل 581- وكان المسجد مربدا لسهل وسهيل، غلامين يتيمين، فاشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما، فتركا الثمن، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهما حتى وفر عليهما الثمن. 582- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل اللبن ويقول: اللهمّ لا عيش إلّا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة فلقيه أسيد بن حضير فقال: اعطنيه يا رسول الله، قال: اذهب فاحمل أنت، فلست بأفقر مني إلى الله. (581) - قوله: «وكان المسجد مربدا لسهل وسهيل» : تقدم عزو القصة للبخاري من حديث الزهري، عن عروة. وأخرجا سياق مقدمه صلى الله عليه وسلم وبنائه المسجد أيضا من حديث أبي التياح، عن أنس. أخرجه البخاري في صحيحه ففرقه: في الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد وفي الوصايا، باب إذا وقفت جماعة أرضا مشاعا فهو جائز وفي باب إذا قال الواقف: لا نطلب ثمنه إلّا إلى الله، وأخرجه في مناقب الأنصار، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. وأخرجه مسلم في المساجد، باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر ألفاظه الأخرى وطرقه في: طبقات ابن سعد [1/ 239] ، سيرة ابن هشام [1/ 496] ، تاريخ المدينة لابن النجار [/ 67] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 583- ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بناءه قيل له: عريش كعريش موسى سبعة أذرع- فقال صلى الله عليه وسلم: ثمام وخشبات، إن الأمر أعجل من ذلك- وظلة كظلة موسى، فقيل: وما ظلة موسى؟ قال: إذا قام أصاب رأسه السقف. قوله: «فلست بأفقر مني» : للأجر والثواب، أخرجه طاهر بن يحيى، عن أبيه في أخبار المدينة له- عمدة المصنف في هذا الباب، فهو موصول عن المصنف بإسناده إليه-، من طريق أسامة بن زيد، عن أبيه، أفاده السمهودي في الوفا [1/ 333] ، وعزاه أيضا لرزين. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [17/ 317، 318] رقم 801، 802 من حديث الشموس بنت النعمان قالت: نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ونزل وأسس هذا المسجد- مسجد قباء-، فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره الحجر، وأنظر إلى بياض التراب على بطنه وسرته، فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: بأبي وأمي يا رسول الله أعطني كفك، فيقول: لا، خذ حجرا مثله ... الحديث. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 11] : رجاله ثقات. قلت: فيه غير إشكال، يأتي بيانه عند الكلام على تحويل القبلة. قوله: «فقيل: وما ظلة» : السائل هو: إسماعيل بن مسلم، وفاعل قال هو: الحسن البصري، والحديث مرسل، أخرجه طاهر بن يحيى، عن أبيه في أخبار المدينة له- عمدة المصنف في هذا الباب كما سترى، فهو موصول عنه بإسناده إليه- عزاه ليحيى بن الحسين: السمهودي في الوفا [1/ 326- 327] . وأخرجه أيضا: البيهقي في الدلائل [2/ 541- 542] ، وابن النجار في تاريخه [/ 70] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 ......... - تابعه أيوب عن الحسن، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [1/ 309] . وفي الباب عن أبي بن كعب، وأبي الدرداء، وابن سمعان، ومكحول، وراشد بن سعد. أما حديث أبي بن كعب وأبي الدرداء: أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 154] رقم 5135 من حديث ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان عنهما: أنهما ذرعا المسجد ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم بالذراع فقال: بل عريش كعريش موسى: ثمام وخشبات، فالأمر أعجل من ذلك. قال سفيان: وبلغنا أن عريش موسى إذا قام مس رأسه، أخرجه أيضا ابن زبالة- كما في وفا السمهودي [1/ 339]- وصورة شطره الأخير- وهو قول سفيان- صورة المرفوع، والأشبه ما تقدم. وأخرج الحافظ عبد الرزاق أيضا برقم 5130 من حديث ابن سمعان قال: بلغني أنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن اتخذ مسجدا: عرشا كعرش موسى، يبلغ ذراعا في السماء. وأما حديث مكحول: فأخرج طاهر بن يحيى، عن أبيه في أخبار المدينة- كما في وفا السمهودي [1/ 333] ، عن مكحول قوله: لما كثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: اجعل لنا مسجدا، فقال: خشبات وثمامات، عريش كعريش أخي موسى، الأمر أعجل من ذلك. وأما حديث راشد بن سعد: فأخرجه الجندي في فضائل المدينة برقم 47، قال راشد بن سعد: وجد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وأصحابا له معهم قصبة أو جريدة وهم يمسحون بها المسجد، فقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله لو بنينا مسجدنا هذا على بناء مسجد الشام، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الجريد أو القصبة وهجل بها- يعني: رمى بها- وقال: خشيبات وثمام، وعريش كعريش موسى، والأمر أعجل من ذلك. كثرة طرقه وألفاظه تدل على وجود أصل له في هذا، والله أعلم، وسيأتي في التعليق بعد هذا من حديث عبادة بن الصامت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 [121- فصل: ذكر توسعة مسجده صلى الله عليه وسلم وزيادته وبنائه البناء الثّاني بعد خيبر، وما وقع فيه من دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم] 121- فصل: ذكر توسعة مسجده صلى الله عليه وسلم وزيادته وبنائه البناء الثّاني بعد خيبر، وما وقع فيه من دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم 584- قال: ثم إن المسلمين كثروا، فقيل له: يا رسول الله لو أمرت نزيد فيه؟ فقال: نعم، فأمر فزيد فيه. ثم اشتد عليهم الحر، فقيل: يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل؟ فقال: نعم، فأمر به فأقيمت فيه السواري، وطرحت عليه خصف الأوادي وإذخره، فقيل له لما أصابهم المطر وجعل المسجد يكف عليهم: لو أمرت بتطيينه؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، عريش كعريش موسى. (584) - قوله: «ثم إن المسلمين كثروا» : هو في أخبار المدينة ليحيى بن الحسين- عمدة المصنف في هذا، فهو مسند عنه بالإسناد الماضي برقم: 579-، أفاده السمهودي في الوفا [1/ 335] ، فقال: أخرجه من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، وعزاه أيضا لابن زبالة في تاريخه، ولرزين أيضا. وأخرج البيهقي في الدلائل [2/ 542] من حديث يعلى بن شداد، عن عبادة بن الصامت: أن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ابن لنا هذا المسجد وزينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بي رغبة عن أخي موسى، عريش كعريش موسى، قال ابن كثير في تاريخه [3/ 215] : غريب من هذا الوجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 585- وقال صلى الله عليه وسلم: ما أمرت بتشييد المساجد. 586- قال: فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جداره- قبل أن يظلل- قدر قامة، وبنى صلى الله عليه وسلم بيتين لزوجتين. (585) - قوله: «ما أمرت بتشييد المساجد» : علقه البخاري في الصلاة من صحيحه، باب بنيان المسجد، عقب حديث رقم 445، للاختلاف في رفعه ووقفه عن ابن عباس. أخرج المرفوع منه: الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 152] رقم 5172، وأبو داود في الصلاة برقم 448، ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 463، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 438- 439] ، والطبراني في معجمه الكبير الأرقام: 13000، 13001، 13002، 13003 وصححه ابن حبان برقم 1615- إحسان. وأخرجه الحافظ ابن أبي شيبة في المصنف [1/ 309] عن ابن عباس موقوفا عليه من قوله. (586) - قوله: «وبنى بيتين لزوجتين» : هو في تاريخ يحيى بن الحسين- عمدة المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد الماضي-، من حديث عبد العزيز بن عمر، عن يزيد بن السائب، عن خارجة بن زيد بن ثابت قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده سبعين في ستين ذراعا- أو: يزيد-، ولبّن لبنه من بقيع الخبخبة، وجعله جدارا، وجعل سواريه خشبا شقة شقة، وجعل وسطه رحبة، قال: وبنى بيتين لزوجتيه. وفا السمهودي [1/ 334] . وأخرجه ابن النجار في أخبار المدينة معلقا [/ 73] ، وسمى الزوجتين: عائشة وسودة رضي الله عنهما، وذكر أن البناء على نعت بناء المسجد، من لبن وجريد النخل. وانظر تمام حديث خارجة في الباب الآتي عند الكلام على موضع الخبخبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 587- قال: وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلون لبنة لبنة، وعمار بن ياسر يحمل لبنتين، لبنة لنفسه، ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومسح ظهره فقال: يا ابن سمية لك أجران وللناس أجر، وآخر زادك شربة من لبن، وتقتلك الفئة الباغية. 588- وقال صلى الله عليه وسلم: إنّ عمّار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي- ووضع يده بين عينيه-، وذلك حين بلغه خشونة بين عمار وبين بعض الصحابة، فاجتمعت الصحابة وقالوا: يا عمار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب عليك، ونخاف أن ينزل فيك القرآن، فقال: أنا أرضيه كما غضب، فأتاه فقال: يا رسول الله ما لي ولأصحابك، قال: ما لك ولهم، قال: (587) - قوله: «وعمار بن ياسر يحمل لبنتين» : هو بهذا السياق عند الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 240] رقم 20426، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 550] من حديث معمر عمن سمع الحسن يحدث عن أم سلمة. وهو في السيرة لابن إسحاق [1/ 496- 497- ابن هشام] . (588) - قوله: «ما بين عيني وأنفي» : أخرجه بطوله يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- كما في الوفا للسمهودي [1/ 330] ، فهو مسند عن المصنف بالإسناد الماضي، ورواه ابن إسحاق في السيرة وزاد: فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه. [1/ 497- ابن هشام] . قوله: «وبين بعض الصحابة» : قال ابن هشام: وقد سمى ابن إسحاق الرجل، اه. وقال السهيلي في الروض: كره ابن هشام أن يسميه كي لا يذكر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكروه قال: فلا ينبغي أبدا البحث عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 يريدون قتلي، يحملون لبنة لبنة، ويحملون عليّ اللبنتين والثلاث، فأخذ بيده صلى الله عليه وسلم ورضي فقال: تقتلك الفئة الباغية. وقيل: إن الكلام يبن عمار بن ياسر وبين خالد بن الوليد. قوله: «وبين خالد بن الوليد» : يعني للرواية الآتية في فضائله رضي الله عنه خرجناها هناك، لكن قال أبو ذر: قد سمى ابن إسحاق الرجل فقال: وهذا الرجل هو عثمان بن عفان، وفي مواهب القسطلاني أنه عثمان بن مظعون!! وهو بعيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 [122- فصل: ذكر مؤاخاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار حين قدم المدينة] 122- فصل: ذكر مؤاخاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار حين قدم المدينة 589- وعن سعيد بن عامر الجمحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: يا أبا بكر تعال، ويا عمر تعال، إني أمرت أن أؤاخي قوله: «ذكر مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم» قال ابن سعد في الطبقات [1/ 238] : أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا محمد بن عبد الله، عن الزهري. قال: وحدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه. قال: وحدثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت. قال: وحدثنا موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه، قالوا: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار، آخى بينهم على الحق والمؤاساة ويتوارثون بعد الممات دون ذوي الأرحام، وكانوا تسعين رجلا، خمسة وأربعون من المهاجرين، وخمسة وأربعون من الأنصار، ويقال: كانوا مائة، خمسون من المهاجرين، وخمسون من الأنصار، وكان ذلك قبل بدر، فلما كانت وقعة بدر وأنزل الله تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، وانقطعت المؤاخاة في الميراث، ورجع كل إنسان إلى نسبه وورثه ذوو رحمه. أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن أنس ابن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين المهاجرين والأنصار في دار أنس. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 بينكما بما أنزل عليّ من السماء، أنتما أخوان في الدنيا، وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه وليصافحه، فأخذ أبو بكر بيد عمر، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر تكون قبله، وتموت قبله. ثم قال: يا زبير ويا طلحة تعالا أؤاخي بينكما، أنتما أخوان في الدنيا، وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه وليصافحه، ففعلا. ثم قال لأبيّ عبيدة بن الجراح ولسالم مولى أبي حذيفة مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لأبي بن كعب ولابن مسعود مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لمعاذ ولثوبان مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لأبي طلحة ولبلال مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لأبي الدرداء وسلمان مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لسعد بن أبي وقاص ولصهيب مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لأبي ذر ولهلال- مولى المغيرة بن شعبة- مثل ذلك، ففعلا. ثم قال لأبي أيوب الأنصاري ولعبد الله بن سلام مثل، ففعلا. - قال غير واحد من أهل السير والمغازي: كانت هذه المؤاخاة في السنة الأولى بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر، وقيل: ثمانية وهو يبني المسجد، وقيل: قبله، وقيل: بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 ثم قال صلى الله عليه وسلم لأبي هند وأسامة- وكان أبو هند حجاما، حجم النبي صلى الله عليه وسلم فشرب دمه من حبه- فقال لهما مثل ذلك، ففعلا. قال: فالتفت عبد الرحمن بن عوف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هلكنا، ما لنا لا يلتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نعوذ بالله من مقته، وموجدة رسوله، فالتفت إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله ما الله لكما بماقت، ولا رسوله عليكما بواجد، إنكما لتكرمان على الله ورسوله وعلى ملائكته، ولكن كلما أردت أن أدعوكما نهاني الملك الذي نزل بهذا الأمر من عند الله عزّ وجلّ فقال: أخرهما فإنهما غنيان، فلذلك أخرتكما، وكذلك يحاسب الناس يوم القيامة، يعجل حساب الفقراء، ويؤخر حساب الأغنياء وهم في الحبس الشديد، وأنتما أخوان في الدنيا، وأخوان في الجنة، فليسلم كل واحد منكما على صاحبه، ففعلا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أرضيتما؟، قالا: نعم، فالحمد لله الذي لم يفضحنا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أزيدكما؟، قالا: بلى يا رسول الله، فقال: فأنتما أخوان في هذه الدنيا وأخوان في الجنة كأخي إلياس ومؤمن آل ياسين، إن إلياس كان أحب الناس إلى مؤمن آل ياسين، فبعث الله جبريل إلى إلياس: إن الله قد آخى بينك وبين عبده المقتول ظلما، فأنا أشهد الله، فأشهدكم أني قوله: «لأبي هند وأسامة» : وفي المطبوع من تاريخ ابن عساكر: ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا أخي أسامة تعال، ويا هند- كذا- تعال. قوله: «ومؤمن آل ياسين» : وفي رواية ابن عساكر: ومؤمن فرعون آل ياسين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 قد آخيتكما جميعا في هذه الدار وفي الدار الآخرة، فأنتم خير الناس اليوم» . وقال صلى الله عليه وسلم: وأمرت أن أؤاخي بين فاطمة بنت محمد وأم سليم، هنيئا لأم سليم بلطفها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أؤاخي بين عائشة بنت أبي بكر وبين امرأة أبي أيوب الأنصاري، ألا جزى الله آل أبي طلحة وآل أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا. قوله: «فأنتم خير الناس اليوم» : وفي رواية ابن عساكر: فأنتم خير الناس مأدبة وموالي. قوله: «وآل أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا» : وفي رواية ابن عساكر: وآل أبي أيوب كما صلى على محمد وآل إبراهيم، أخرجه بطوله في ترجمة زيد بن سهل بن الأسود [19/ 416- 418] بإسناده إلى أبي الفضل: رزق الله بن موسى: أنا شبابة بن سوار، أنا جعفر بن مرزوق الباهلي، عن عتاب بن بشير، عن عبد الرحمن بن سابط المخزومي عن سعد- أو: سعيد- بن عامر الجمحي به مرفوعا. تابعه الحسن بن علي، عن شبابة، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1165، مختصرا، مقتصرا منه على المؤاخاة بين أبي بكر وعمر. وجعفر بن مرزوق الباهلي إن كان هو المدائني الذي يروي عن الأعمش فقد جهله أبو حاتم، وقال العقيلي: منكر الحديث. وعلقه تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 295- 296] ، وهو في ثقات ابن حبان [1/ 139- 142] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 [123- باب ما جاء في تحويل القبلة] 123- باب ما جاء في تحويل القبلة 590- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي نضّر الله وجهه، إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخبرنا العثماني، ثنا أبو القاسم: طاهر بن يحيى العلوي قال: حدثني أبي، ثنا أبو مصعب: أحمد بن أبي بكر الزهري، ثنا مالك، عن يحيى بن (590) - قوله: «أخبرنا العثماني» : هو أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، تقدم. قوله: «أحمد بن أبي بكر الزهري» : واسم أبي بكر: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، الإمام الحافظ الثقة، من جلة أصحاب مالك، قال الخليلي في الإرشاد: آخر ما روي عن مالك موطأ أبي مصعب. اه. وهو أحد شيوخ البخاري ومسلم في الصحيح، وروى عنه الحافظان أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، اتفق على توثيقه والاحتجاج به. انظر عنه في: تهذيب الكمال [1/ 278] ، التاريخ الكبير [2/ 5- 6] ، الجرح والتعديل [2/ 43] ، الثقات لابن حبان [8/ 21] ، إكمال مغلطاي [1/ 28] ، تهذيب التهذيب [1/ 17] ، الكاشف [1/ 14] ، التقريب [/ 78] الترجمة رقم 17، وسير أعلام النبلاء [11/ 436] ، تذكرة الحفاظ [2/ 60] ، الوافي بالوفيات [6/ 269] ، العبر [1/ 436] . قوله: «ثنا مالك» : هو في الموطأ برواية أبي مصعب [1/ 215] رقم 547 هكذا مرسلا، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 سعيد، عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة. قال أبو سعد صاحب الكتاب أعانه الله على طاعته: أول ما صلّيت الجمعة ... - وهكذا هو في روايات الموطأ الأخرى، وهو موافق لما رواه الشيخان من حديث أبي إسحاق السبيعي عن البراء الآتي في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن. قال ابن عبد البر في التمهيد [23/ 134] : هكذا هذا الحديث في الموطأ مرسلا، ورواه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح- وهو ضعيف- عن محمد بن خالد بن عثمة، عن مالك فأسنده عن أبي هريرة. اه باختصار. قوله: «أول ما صليت الجمعة» : لا أدري هل مراده التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة أو أول جمعة صليت فيها قبل قدومه؟؟ ظاهر السياق أن المراد: الأول، وقد أخرج يحيى بن الحسين- معوّل المصنف في الباب- كما في وفا السمهودي [1/ 256]-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شخص- يعني: من قباء- اجتمعت بنو عمرو بن عوف فقالوا: يا رسول الله أخرجت ملالا لنا أم تريد دارا خيرا من دارنا؟ قال: إني أمرت بقرية تأكل القرى، فخلوها- أي: ناقته- فإنها مأمورة، فخرج صلى الله عليه وسلم من قباء، فعرض له قبائل الأنصار كلهم يدعوه ويعدوه النصرة والمنعة فيقول: خلوها فإنها مأمورة، حتى أدركته الجمعة في بني سالم، فصلى في بطن الوادي الجمعة- وادي ذي صلب- قال السمهودي: قيل: كانت هذه أول جمعة صلاها صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقيل: إنه كان يصلي الجمعة في مسجد قباء في إقامته هناك. اه. قلت: هذا إن ثبت أنه أقام أكثر مما تقدم ذكره من الأقوال، ومما يؤيد أن الجمعة التي صلاها صلى الله عليه وسلم في مسجد بني سالم هي أول جمعة له بالمدينة- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 ......... - ما رواه الزبير بن بكار- كما في الدر المنثور [8/ 160] من حديث ابن شهاب قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة من قباء فمر على بني سالم فصلى فيهم الجمعة ببني سالم- وهو المسجد الذي في بطن الوادي-، وكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، علقه ابن إسحاق في السيرة [1/ 494- ابن هشام] . وأخرج ابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 68] من حديث كعب بن عجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمّع في أول جمعة حين قدم المدينة في مسجد بني سالم، مسجد عاتكة. وأخرج من حديث ابن أبي فديك عن غير واحد من أهل العلم ممن نثق به من أهل البلد: أن أول جمعة جمعها النبي صلى الله عليه وسلم حين أقبل من قباء في مسجد بني سالم الذي يقال له: مسجد عاتكة. وأخرج أبو داود في الصلاة برقم 1069، وابن ماجه في الجمعة برقم 1082، من حديث عبد الرحمن ابن كعب، عن أبيه: أنه كان إذا خرج إلى الجمعة فسمع الأذان استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة ودعا له، فمكثت حينا أسمع ذلك منه، ثم قلت في نفسي إن ذا لعجز، إني أسمعه كلما سمع النداء يستغفر لأبي أمامة ويصلي عليه ولا أسأله عن ذلك، لم هو؟ فخرجت به كما كنت أخرج به إلى الجمعة، فلما سمع الأذان استغفر كما كان يفعل، فقلت له: يا أبتاه، أرأيتك صلاتك على أسعد بن زرارة كلما سمعت النداء بالجمعة، لم هو؟ قال: أي بني، كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من مكة في نقيع الخضمات في هزم من حرة بني بياضة، قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعين رجلا، صححه ابن حبان. وأخرج الدارقطني- كما في الدر المنثور [8/ 159]- عن ابن عباس قال: أذن النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة قبل أن يهاجر، ولم يستطع أن يجمع بمكة، فكتب إلى مصعب بن عمير: أما بعد، فانظر اليوم الذي تجهر فيه بالزبور فاجمعوا- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 ببقيع الخبخبة وهو فوق بقيع الغرقد. 591- قال: فصلى بعد أن قدم المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا- وقيل: سبعة عشر- ثم حولت القبلة بعد بدر بشهرين. - نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين، قال: فهو أول من جمع، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم فجمع بعد الزوال من الظهر وأظهر ذلك، يؤيده رواية أبي مسعود الأنصاري عند الطبراني في الكبير [17/ 267] رقم 733 لكن في إسناده صالح ابن أبي الأخضر، قال الهيثمي: وفيه كلام. قوله: «ببقيع الخبخبة» : هذا الموضع له ذكر في سنن أبي داود في آخر كتاب الخراج والامارة، قبيل الجنائز، باب ما جاء في الركاز في حديث لضباعة بنت الزبير، وقد اختلف في ضبطه، فعند السهيلي أنه بجيمين، وعند ابن الأثير في النهاية بخائين معجمتين بينهما موحدة، وعند المجد الفيروز آبادي في المغانم أن الأولى بالخاء المعجمة والثانية بالجيم الموحدة بينهما، ولم يختلفوا أنه شجر ينبت هناك. أما موضعه ففي حديث عبد العزيز بن عمر المتقدم في بناء المسجد النبوي قال: سألت زيدا: أين بقيع الخبخبة؟ قال: بين بئر أبي أيوب وتلك الناحية، ثم سئل عبد العزيز عنه فقال: يسار بقيع الغرقد حين تقطع الطريق وتلقاها عند مسجد يحيى، قيل: ومن يحيى؟ قال: يحيى بن طلحة بن عبيد الله، ذكره السمهودي وقال: بقيع الخبخبة لا يعرف اليوم، كما ذكره شيخنا المراغي، ثم حكى موضعه على التقريب والاحتمال. (591) - قوله: «قال» : يعني: ابن المسيب لما سيأتي. قوله: «بعد بدر بشهرين» : هكذا قال: «بعد» ولعله سبق قلم منه رحمه الله، فقد أخرج يحيى بن الحسين- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 592- قال ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقف يصلي انتظر أمر الله عزّ وجلّ في القبلة حتى أنزل الله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها الآية. - عمدة المصنف في الباب- الروايتين، وأشار إلى الثانية منهما هنا بقوله: وقيل، وهما جميعا من حديث ابن المسيب. فلفظ الأولى عن ابن المسيب: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين. وصله ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول.. فذكره، أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 574] . ولفظ الثانية عن ابن المسيب: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا، وصرفت القبلة قبل بدر بشهرين، والثبت عندنا أنها صرفت في الظهر في مسجد القبلتين، أوردهما السمهودي رحمه الله في الوفا [1/ 361] ، وعليه فالأثران موصولان عن المصنف بالإسناد الماضي إلى يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له. (592) - قوله: «قال ابن عباس رضي الله عنه» : هو بنحوه عند ابن مردويه في التفسير- كما في الدر المنثور [1/ 354]-، ورواه يحيى بن الحسين- وهو عمدة المصنف في هذا الباب فهو مسند عنه بالإسناد الماضي إليه- عن أبيه في أخبار المدينة، وسياقه هناك أطول منه، أورده السمهودي في الوفا [1/ 360] فقال: وأسند يحيى، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقف يصلي انتظر أمر الله في القبلة، وكان يفعل أشياء مما لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب، قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فأشار له جبريل: يا محمد صلّ إلى البيت، وصلى جبريل عليه السّلام إلى البيت، قال: فدار النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت، قال: فأنزل الله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها إلى قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، قال: فقال المنافقون: حنّ- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 593- يقال: نزل جبريل عليه السّلام فرفع ما بينه وبين مكة من الجبال والحيطان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر وقد صلى البعض منها، فأشار جبريل عليه السّلام بالتوجه نحو ميزاب البيت فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 594- فقيل: لما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة نحو بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله عزّ وجلّ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية، فأقام رهطا على زوايا المسجد لتعديل القبلة، - محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة، وأن يجعلنا له وسيلة، وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقالت اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وتركتم قبلة موسى ويعقوب والأنبياء؟ والله ما أنتم إلا تعبثون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أم لا؟ فأنزل الله تعالى في ذلك: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. 93 5- قوله: «نزل جبريل عليه السّلام» : انظر ما قبله ... 94 5- قوله: «فقيل: لما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم» : رواه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- عمدة المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد الماضي إليه- من حديث ابن زبالة وغيره، عن الخليل بن عبد الله الأزدي- مستور-، عن رجل من الأنصار به، قاله السمهودي في الوفا [1/ 366] . ورواه ابن النجار في تاريخه [/ 70] معلقا في سياق بناء مسجده صلى الله عليه وسلم بلفظه، وأخرجه أيضا الزبير بن بكار كما في الحجج المبينة [/ 53] . وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة- كما في الحجج المبينة [/ 52]- ومن طريقه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة- كما في وفا السمهودي [1/ 366] من حديث عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 فأتاه جبريل عليه السّلام فقال: يا رسول الله، ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة، ثم قال بيده هكذا، فأماط كل جبل بينه وبين القبلة، فوضع تربيع المسجد وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظره شيء. فلما فرغ قال جبريل عليه السّلام بيده هكذا، فأعاد الجبال والشجر إلى حالها، وصارت القبلة إلى الميزاب، والله أعلم، وكفى به عليما. - عن نافع بن جبير بن مطعم، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وضعت قبلة مسجدي هذا حتى رفعت إليّ الكعبة فوضعتها أؤمها. وأسند يحيى بن الحسين، عن ابن عجلان قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مسجده وجبريل قائم ينظر إلى الكعبة، ثم كشف له ما بينه وبينها، أخرجه الزبير بن بكار من طريق ابن زبالة، كلاهما في أخبار المدينة عن سليمان بن داود بن قيس، عن أبيه: أنه بلغه، الحجج المبينة [/ 53] . قال السمهودي في الوفا [1/ 366] : وأسند العراقي في ذيله من طريق علي بن شاذان بسنده عن إبراهيم بن دينار، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم قال: قال ابن عمر: وضع جبريل عليه السّلام القبلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، تفرد به عن مالك، قال السمهودي: قلت: وهو ثقة. وفي البيان والتحصيل [17/ 129- 130] قال مالك: سمعت أن جبريل هو الذي أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة المسجد- مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، مسجد المدينة-. قال ابن رشد: يريد أنه أقام له قبلة المسجد، أي: أعلمه بحقيقة سمت القبلة، وأراه إياها حين حولت القبلة إلى الكعبة، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته إلى الكعبة، فقبلته قبالة الميزاب. اه. باختصار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 قال أبو سعد: فليس في الدنيا مسجد إلّا بالاجتهاد بني، إلّا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين. قوله: «فليس في الدنيا مسجد إلّا بالاجتهاد بني» : أي: تجاه القبلة، لا يعارض هذا ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 317، 318] رقم 801، 802 من حديث الشموس بنت النعمان قالت: نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ونزل وأسس هذا المسجد- مسجد قباء- فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره الحجر، وأنظر إلى بياض التراب على بطنه وسرته، فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: بأبي وأمي يا رسول الله أعطني أكفك. فيقول: لا، خذ حجرا مثله، حتى أسسه، ويقول: إن جبريل عليه السّلام هو يؤم الكعبة، قالت فكان يقال: إنه أقوم مسجد قبلة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 11] : رجاله ثقات. فقوله في الحديث مسجد قباء، أخشى أن يكون من تفسير الراوي لأن المشهور أن ذلك في مسجده صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ في الإصابة: استشكل ابن الأثير قوله في حديث شبابة: يؤم الكعبة، بأن القبلة حينئذ كانت إلى بيت المقدس ثم حولت إلى الكعبة بعد ذلك. قال الحافظ: وخطر لي في جوابه أنه أطلق الكعبة وأراد القبلة- أو الكعبة على الحقيقة-، وإذا بين له جهتها كان إذا استدبرها استقبل بيت المقدس، وتكون النكتة فيه أنه سيحول إلى الكعبة فلا يحتاج إلى تقويم آخر. اه. كذا قال، وهذا إنما يتجه في البناء الأول قبل التحويل، والتخلص من الإشكال في حديث الشموس بأن يقال: قوله في الحديث: مسجد قباء: تفسير من أحد رواته مدرج في الحديث. وإشكال آخر وهو تسمية السهيلي لراوية الحديث في الروض [2/ 247] بالشفاء بنت عبد الرحمن الأنصارية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 595- قال: فصرفت القبلة يوم الاثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا. (595) - قوله: «فصرفت القبلة» : فاعل قال هو: عمرو بن عوف، حديثه عند يحيى بن الحسين في أخبار المدينة- عمدة المصنف في الباب، فهو موصول عنه بالإسناد الماضي إليه-، من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، وفا السمهودي [1/ 361] . وطرفه الأول عند الطبراني في المعجم الكبير [17/ 18] رقم 17، والبزار في مسنده [1/ 210 كشف الأستار] رقم 417، ولفظه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا، ثم حولت إلى الكعبة، ضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [13/ 2] بكثير بن عبد الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 [124- باب: في فضل تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المدينة، وتسمّى: طيبة] 124- باب: في فضل تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المدينة، وتسمّى: طيبة 596- حدثنا أبو الحسن: محمد بن علي بن سهل الماسرجسي الفقيه رحمه الله، ثنا أبو الوفاء: المؤمل بن الحسن بن عيسى بن (596) - قوله: «الماسرجسي الفقيه» : العلّامة، شيخ الشافعية، ومن أصحاب الوجوه، قال الحاكم: كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، عقد مجلس النظر، ومجلس الإملاء فأملى زمانا. وانظر أخباره في: سير أعلام النبلاء [16/ 446] ، الوافي بالوفيات [4/ 115] ، وفيات الأعيان [4/ 202] ، طبقات الأسنوي [2/ 380] ، حسن المحاضرة [1/ 313] ، طبقات ابن هداية الله [/ 99] ، العبر [3/ 26] ، طبقات الشيرازي [/ 116] ، اللباب [3/ 148] ، الشذرات [3/ 235] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 384- ص 85] ، مرآة الجنان [2/ 421] ، الأنساب [5/ 170] . قوله: «المؤمل بن الحسن بن عيسى» : وصفه الحافظ الذهبي في السير بالرئيس المحدث المتقن، صدر خراسان، ممن يضرب به المثل في الشجاعة والسخاء، أسلم أبوه على يد ابن المبارك، وهو خال أبي الحسن المتقدم. انظر أخباره في: النجوم الزاهرة [3/ 231] ، سير أعلام النبلاء [15/ 21] ، العبر [2/ 177] ، الأنساب [5/ 169] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 319- ص 592] ، تذكرة الحفاظ [3/ 803] ، الشذرات [2/ 483] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 ماسرجس، ثنا عبد الله بن حمزة الزبيري قال: حدثني عبد الله- هو ابن نافع-، عن محمد بن عبد الرحمن بن ردّاد، عن يحيى بن سعيد، قوله: «ثنا عبد الله بن حمزة الزبيري» : أخو إبراهيم بن حمزة، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [5/ 39] ، وقال: أدركته، توفي قبل قدومنا المدينة بأشهر، وذكره المزي في تلاميذ عبد الله بن نافع من تهذيبه [16/ 209] ، وأغرب الحافظ الهيثمي بقوله في مجمع الزوائد [2/ 157] : لم أجد من ترجمه. قوله: «هو ابن نافع» : الصائغ، المخزومي مولاهم، أبو محمد القرشي، المدني، من رجال الجماعة سوى البخاري، كان بارعا في الفقه، لزم مالكا، وروى عنه غرائب، وهو صدوق صحيح الكتاب، ليّن من قبل حفظه، كان إذا حدث من حفظه ربما أخطأ، فضعف من قبل ذلك. تهذيب الكمال [16/ 208] ، تهذيب التهذيب [6/ 46- 47] ، الكاشف [2/ 121] ، الميزان [3/ 227] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 279] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 291] ، سير أعلام النبلاء [10/ 371] ، طبقات ابن سعد [5/ 438] ، ترتيب المدارك [1/ 356] ، الثقات [8/ 348] . قوله: «عن محمد بن عبد الرحمن بن رداد» : المدني، من ولد ابن أم مكتوم، ذكره الذهبي في الميزان وقال: قال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال أبو زرعة: لين، وقال ابن عدي: رواياته ليست محفوظة. الميزان [5/ 69] ، اللسان [5/ 249] ، الكامل [6/ 2198] ، الجرح والتعديل [7/ 315] ، مجمع الزوائد [3/ 299، 5/ 324] . قوله: «عن يحيى بن سعيد» : الإمام الفقيه المشهور، أحد الأثبات، وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 عن عمرة بنت عبد الرحمن: أن مروان بن الحكم خطب الناس بمكة، فذكر من فضلها، وما جعل الله فيها من الخير فأكثر- ورافع ابن خديج بجنب المنبر يسمع كلامه- فقام قائما فقال: يا أيها المتكلم، سمعتك ذكرت مكة، وذكرت فضلها فأطنبت، وهي كما قلت، ولم أسمعك ذكرت المدينة، وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المدينة أفضل من مكة. - ابن زرارة، الأنصارية، التابعية، المدنية المشهورة، ممن أكثر عن عائشة رضي الله عنها. قوله: «أفضل من مكة» : كذا في روايتنا ورواية الجندي في فضائل المدينة برقم 12، وعند غيرهما: خير من مكة، وهو الأشبه، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 343] رقم 4450، والدارقطني في الأفراد [3/ 63] رقم 2057، وابن عدي في الكامل [6/ 2198] . وقد أعله ابن عدي، والدارقطني والهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 299] بمحمد بن عبد الرحمن المتقدم، وقال الذهبي في الميزان: ليس بصحيح، وقد صح في مكة خلاف هذا. اه. قال أبو عاصم: كأن الحفاظ ذهلوا عن دقيقة في الحديث، وهو أن مسلم بن الحجاج أخرج هذا الحديث بعينه في المناسك، باب فضل المدينة رقم 1361 (457) ، من طريق سليمان بن بلال، عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير: أن مروان بن الحكم ... الحديث، وفيه: فناداه رافع بن خديج فقال: ما لي أسمعك ذكرت مكة وأهلها وحرمتها، ولم تذكر المدينة وأهلها وحرمتها، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها، وذلك عندنا في أديم خولاني إن شئت أقرأتكه، قال: فسكت مروان ثم قال: قد سمعت بعض ذلك. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 597- وعن أبي هريرة مسندا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة قال: اللهمّ إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ، فأسكني أحب البلاد إليك، فأسكنه الله عزّ وجلّ المدينة. - فقد تأملنا المتن فوجدناه كما أخبر به ابن الردّاد لكن ليس فيه ذكر التفضيل، فالنكارة من هذه الناحية، وأصل المتن ثابت بدونها، والله أعلم. ولتمام البحث انظر ما كتبناه تعليقا على حديثه صلى الله عليه وسلم عند خروجه من مكة وقوله: والله إنك لخير أرض الله، في كتابنا فتح المنان شرح مسند الحافظ عبد الله بن عبد الرحمن [9/ 200] تحت رقم 2669. (597) - قوله: «وعن أبي هريرة مسندا» : أخرجه قرين المصنف: الحاكم في المستدرك [3/ 3] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [2/ 519] ، قال الحاكم: أخبرني أبو الوليد وأبو بكر بن عبد الله قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو موسى الأنصاري، ثنا سعد بن سعيد قال: حدثني أخي، عن أبي هريرة به مرفوعا. قال الحاكم: هذا حديث رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه موضوع، وبأنه ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة، قال: وسعد ليس بثقة، وقال ابن كثير في تاريخه: غريب جدّا، والمشهور أن مكة أفضل من المدينة. اه. وقد نقل بعضهم عن مالك قوله- وسئل عن هذا الحديث-: لا ينبغي أن يكذب على رسول الله. قال أبو عاصم طالب العلم الفقير إلى الله محققه: أقول بقول إمام الأئمة محمد ابن إدريس الشافعي، في تفضيل مكة على المدينة؛ لتفضيل الله وخليليه إبراهيم ومحمّد صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، وقد بسطت الكلام على المسألة في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي. نعم، والحديث في اصطلاح المحدثين ليس بموضوع بل انقلب متنه على سعد لما لم يكن من أهل الحديث، وفيه تأويل آخر إن ثبت متنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى في هذا التأويل: فأسكني أحب البلاد إليك بعد- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 598- والمدينة حرم، حرّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين جبل عير إلى ثور. 599- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم ما بين لابتيها، وجعل حول المدينة اثنا عشر ميلا حمى. - مكة مما ارتضيت لي إذ كان خروجي في سبيلك وابتغاء مرضاتك، دليل هذا التأويل القرآن الكريم، في قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ المدينة، وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ مكة، في تفسير قتادة. انظر تمام الكلام على الحديث والمسألة في كتابنا المشار إليه [9/ 200- 205] تحت رقم 2669. (598) - قوله: «ما بين جبل عير إلى ثور» : أخرجاه في الصحيحين، غير أن البخاري أبهم ثورا، لشبهة الوهم في تسميته، فأخرجه بلفظ: ما بين عير إلى كذا، وسماه مسلم في روايته، حديث البخاري في فضائل المدينة، باب حرم المدينة، رقم 1870، وفي الجزية، باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة، رقم 3172، وباب إثم من عاهد ثم غدر، رقم 3179، وفي الفرائض، باب إثم من تبرأ من مواليه، رقم 6755، وفي الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين، رقم 7300. وأخرجه مسلم في الحج، باب فضل المدينة، رقم 1370 (467، 468) ، كلاهما من حديث التيمي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة (قال: وصحيفه معلقة في قراب سيفه) فقد كذب، فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات، وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ... الحديث. (599) - قوله: «وجعل حول المدينة اثنا عشر ميلا» : أخرجاه في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم وزاد فيه: قال أبو هريرة: فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها، أخرجه البخاري في فضائل- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 600- وعن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى سمى المدينة طابة. 601- قال: وكان اسمها القديم: يثرب، حتى سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طيبة. - المدينة، باب لابتي المدينة، رقم 1873 ولم يذكر فيه حد الحمى، وأخرجه مسلم في الحج برقم 1372 (472) . (600) - قوله: «وعن جابر بن سمرة» : أخرج حديثه من طرق عنه: ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 179] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 89، 94، 96، 97، 97- 98، 101- 102، 106، 108] ، وعبد الله في زوائده على المسند [5/ 97، 98] ، ومسلم في المناسك من صحيحه برقم 1385، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 3726، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 161، وأبو يعلى في مسنده [13/ 442] رقم 7445، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 240، 259، 261، 263] الأرقام: 1892، 1970، 1976، 1987، وابن شبّة في تاريخ المدينة [1/ 164] . (601) - قوله: «وكان اسمها القديم يثرب» : من ألفاظ حديث جابر بن سمرة المتقدم، وأخرج البخاري في فضائل المدينة، باب فضل المدينة، ومسلم في الحج، باب المدينة تنفي شرارها، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد. قوله: «حتى سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم» : كذا في بعض روايات جابر، ولا تعارض فيها، إذ كانت تسميته صلى الله عليه وسلم لها بأمر من الله كما ورد في رواية للطبراني عن جابر، وفيها: إن الله أمرني أن أسمي المدينة طيبة، وفي رواية: طابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وفيها يقول صرمة بن قيس الأنصاري: فلما أتانا واطمأنت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا 602- ويروى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المدينة تربتها مؤمنة. قال أبو سعد صاحب الكتاب حفظه الله ورضي عنه: اختلف الناس في المدينة هل هي حرم أم لا، - كما جعل إبراهيم عليه السّلام مكة حرما، حتى لا يجوز أن يؤخذ صيدها أو ينفّر أو يقطع شجرها- على ثلاثة أقاويل: فمنهم من قال: إنها حرم. 603- لقوله صلى الله عليه وسلم: إني حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم عليه السّلام ما بين لابتي مكة. (602) - قوله: «ويروى عن عائشة» : أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1082] ، من حديث الزبير بن عبد الله مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه- مديني يعرف بابن رهمة، قال ابن معين: يكتب حديثه، وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة المتن والإسناد-، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها به مرفوعا. قوله: «فمنهم من قال: إنها حرم» : أي مثل حرم مكة، وكما يحصل التماثل في الحرمة يحصل التماثل في الجزاء والضمان، وهو قول الشافعي في القديم- واختاره النووي في المجموع- وابن المنذر، وهو رواية عن أحمد، وبه يقول ابن أبي ذئب وعبد الله بن نافع من أصحاب مالك، وقال القاضي عبد الوهاب من المالكية: إنه الأقيس. (603) - قوله: «إني حرمت ما بين لابتيها» : انظر الحديث الآتي برقم: 610. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 ومنهم من قال: هي حرم في الإكرام، ولا يجب في صيدها وشجرها ما يجب في صيد مكة وشجرها. ومنهم من قال: الفرق بينهما أن كل من أخذ صيدا فسلبه لأول من وقع بصره عليه، وقد روي في ذلك: 604- عن سعد بن أبي وقاص أنه ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد غلاما يقطع شجرة- أو: يخبطه- فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد يسألونه أن يرد عليهم ما أخذه من غلامهم فقال لهم سعد: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبى أن يرد عليهم. قوله: «ولا يجب في صيدها» : أي أنه يأثم بارتكابه ما حرم، وعليه الاستغفار فقط، وهو قول الشافعي في الجديد، ومالك، ورواية عن أحمد، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: يكره فقط ولا يحرم. (604) - قوله: «عن سعد بن أبي وقاص» : أخرج حديثه مسلم في الحج، باب فضل المدينة، رقم 1364 (461) ، والحاكم في المستدرك [1/ 486- 487] ، كلاهما من حديث عامر بن سعد. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 170] ، وأبو داود في المناسك، باب في تحريم المدينة رقم 2037، من حديث سليمان بن أبي عبد الله قال: رأيت سعد بن أبي وقاص. وأخرجه- من الوجهين جميعا- الطحاوي في شرح معاني الآثار [4/ 191] . قوله: «فسلبه» : الحديث حجة عند من يقول بوجوب الجزاء على من تعرض لصيد حرم المدينة وشجره وهو سلب المتعرض، قال الإمام النووي رحمه الله: - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 605- وروي أنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قام على الحزورة فقال: اللهمّ إنك تعلم أنها أحب البلاد إليّ، ولولا أني أخرجت منها ما خرجت. 606- ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أخرجت من أحب البلاد إليّ، فردني إلى أحب البلاد إليك. 607- ثم قال صلى الله عليه وسلم: أريت أرض هجرتكم، فإذا هي سبخة ذات نخل- يريد المدينة-. أخبرني بهذا الحديث أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رحمه الله- وهو إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم-، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قرأنا على أبي القاسم: طاهر بن يحيى بن الحسين العلوي، حدّثك أبوك: يحيى بن الحسين، - وفي المراد بالسلب طريقان، أصحهما: أنه كسلب القتيل من الكفار، وفي مصرف سلبه ثلاثة أوجه، أصحّها: أنه للسالب كالقتيل، قال: ودليله الحديث. والمسألة مبسوطة في مظانها من كتب الفقه وشروح الحديث. انظرها في: المجموع [7/ 471- 476] ، المغني لابن قدامة [3/ 354- 355] ، المحلى لابن حزم [7/ 236- 237] ، شرح السنة [7/ 309- 310] ، معالم السنن للخطابي [2/ 443- 444] ، فتح الباري [4/ 99/ 100] ، شرح معاني الآثار [4/ 191] . (605- 606) - قوله: «اللهمّ إنك تعلم» : إعادة المصنف للفظين معا يفهم منه إثباته لهما جميعا على ما تقدم توجيهه قريبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 ثنا هارون بن موسى، ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، (607) - قوله: «ثنا هارون بن موسى» : هو ابن أبي علقمة: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة الفروي، الحافظ الثقة: أبو موسى المدني مولى آل عثمان بن عفان، من شيوخ الترمذي والنسائي، وثقه الدارقطني، ومسلمة بن قاسم، وابن حبان، وقال النسائي وابن حجر: لا بأس به، توفي سنة اثنتين- ويقال: ثلاث- وخمسين ومائتين. تهذيب الكمال [30/ 113] ، تهذيب التهذيب [11/ 13] ، الكاشف [3/ 109] ، التقريب [/ 569] الترجمة رقم 7244، ثقات ابن حبان [9/ 241] ، الجرح والتعديل [9/ 95] . قوله: «ثنا محمد بن فليح» : هو ابن سليمان الخزاعي، الحافظ الصدوق: أبو عبد الله المكي، من رجال البخاري، تكلم فيه يحيى، والعقيلي، ووثقه الدارقطني. تهذيب الكمال [26/ 299] ، تهذيب التهذيب [9/ 360] ، الكاشف [3/ 79] ، التقريب [/ 502] الترجمة رقم 6228، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 463] ، الثقات لابن حبان [7/ 440] . قوله: «عن موسى بن عقبة» : هو ابن أبي عياش الحافظ الكبير، الإمام الكبير، الإمام الجليل: أبو محمد القرشي مولاهم، كان بصيرا بالمغازي والأيام النبوية، علق له الإمام البخاري في صحيحه الكثير من أقواله في التاريخ والسير لغزارة علمه ومعرفته بذلك، يعد في صغار التابعين، فقد أدرك ابن عمر وجابر بن عبد الله، وهو مجمع على ثقته والاحتجاج به، وحديثه في الكتب الستة. تهذيب الكمال [29/ 115] ، تهذيب التهذيب [10/ 321] ، الكاشف [3/ 165] ، التقريب [/ 552] الترجمة رقم 6993، سير أعلام النبلاء [6/ 114] ، الوافي بالوفيات [2/ 137] ، تذكرة الحفاظ [1/ 148] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 عن ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت أرض هجرتكم ... الحديث. 608- هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كل البلاد فتحت بالسيف والرمح، وفتحت المدينة بالقرآن، وهي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحل أزواجه صلى الله عليه وسلم، وفيها قبره صلى الله عليه وسلم. قوله: «أريت أرض هجرتكم» : صورته هنا صورة المرسل، وقد وصله عامة أصحاب الزهري، عنه، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، بحديث الهجرة الطويل. أخرجه البخاري مطولا ومختصرا، فأخرجه في الصلاة، باب المسجد يكون بالطريق من غير ضرر الناس، رقم 476، وفي الكفالة، باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم رقم 2297، وفي المغازي، باب غزوة الرجيع، رقم 3905، وفي اللباس، باب التقنع رقم 5807. (608) - قوله: «عن عائشة رضي الله عنها» : هذا هو الصواب: وقفه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير- كما في إعلام الزركشي [/ 266] من حديث مالك، عن هشام به، ورواه محمد بن الحسن بن زبالة، عن مالك، فرفعه، أخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 363 النسخة المسندة من المطالب العالية] رقم 1408، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [6/ 2180] ، ومن طريق ابن عدي: ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 216- 217] . وأخرجه أيضا: البزار في مسنده [2/ 49- 50 كشف الأستار] رقم 1180، والعقيلي في الضعفاء [4/ 58] ، والبيهقي في الشعب [2/ 145] رقم 1407. قال البزار عقبه: تفرد به ابن زبالة، وقد تكلم فيه بسبب هذا وغيره. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 609- وقال صلى الله عليه وسلم: المدينة مهاجري، وفيها بيتي، وحق على كل مسلم زيارتها. - وقال الإمام أحمد: هذا منكر، إنما هذا قول مالك. وقال ابن معين: ابن زبالة ليس بشيء، والحديث كذب، أصحاب مالك يروونه من كلام مالك. وقال البيهقي: تفرد به ابن زبالة وبه يعرف، وقد روي عن أبي غزية الأنصاري قاضي المدينة، عن مالك. وتعقبهم ابن عراق في تنزيه الشريعة [2/ 172] بأن ذؤيب، رواه عن مالك كذلك، أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك، قال: وذؤيب قال أبو زرعة: صدوق، وقال ابن حبان: يعتبر به من غير رواية شاذان عنه، قال: ورواه إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن مالك كذلك، وإبراهيم بن حبيب من رجال النسائي وثقوه، قال: وهذا أصلح طرق الحديث. (609) - قوله: «وحق على كل مسلم زيارتها» : عزاه السمهودي في الوفا ليحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- وهو عمدة المصنف في هذا الباب كما سترى، وعليه فهو مسند عنه بالإسناد المتقدم قريبا-، وأورده الزبيدي في الإتحاف [4/ 416] وجعله طرفا من حديث أنس المتقدم الذي أوله: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة أظلم منها كل شيء، ولما دخل المدينة أضاء منها كل شيء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المدينة بها قبري، وبها بيتي وتربتي، وحق على كل مسلم زيارتها، ثم عزاه لأبي داود، وفيه نظر. فأما طرفه الأول عن أنس: لما كان اليوم الذي دخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء ... ، فهو ثابت عن أنس، خرجناه في شرح المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 94- فتح المنان، وذكرنا تصحيح ابن حبان والحاكم له، فيراجع هناك. وأما طرفه الآخر، فقد ورد بغير هذا السياق بلفظ: وحق على كل مسلم- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 610- وقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إن إبراهيم عبدك ونبيك، وإن إبراهيم دعا لأهل مكة، لمدهم وصاعهم، وأنا أسألك لأهل المدينة ما سألك إبراهيم لأهل مكة ومثله معه: أن تبارك لهم في ثمارهم وصاعهم ومدهم، وأن تحبّب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، وأن تجعل ما كان فيها من وباء بخم، اللهمّ إني قد حرمت ما بين لابتيها كما حرمت على لسان إبراهيم الحرم، لا يقطع عضاها، ولا ينفر صيدها، ومن أراد أهلها بسوء أذابه الله عزّ وجلّ ذوب الرصاص وذوب الملح في الماء. - وفي رواية: وحق على أمتي- أن يكرموا جيراني ما اجتنبوا الكبائر، فمن لم يفعل ذلك سقاه الله من طينة الخبال، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 205- 206] رقم 470، من حديث ابن أبي الجنوب- وهو ضعيف جدّا-، عن الحسن، عن معقل بن يسار به، مرفوعا. ورواه محمد بن الحسن بن زبالة- وهو ضعيف- عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة إلى قوله: وحق على أمتي حفظ جيراني، أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2180] . خالفه عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ رواه عن هشام بن عروة، عن جابر، أخرجه الدارقطني في الأفراد [2/ 393] رقم 1725، قال الدارقطني: غريب من حديث هشام بن عروة عنه، تفرد به عبد الرحمن ابن أبي الزناد، ولم يروه عنه غير المغيرة بن إسماعيل. (610) - قوله: «اللهمّ إن إبراهيم عبدك» : أخرجه بطوله: الإمام أحمد في مسنده [5/ 309] ، وسعيد بن منصور والروياني- كما في الكنز [12/ 244] رقم 34875-، من حديث عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه به. وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة جميعا عند مسلم في الحج، باب من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله، رقم 1378 (495) ، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 611- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالحرة- بالسقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بوضوء، فتوضأ، ثم قام فاستقبل القبلة ثم قال: اللهمّ إن إبراهيم عليه السّلام عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة: أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم، مثل ما باركت لأهل مكة، مع البركة بركتين. 612- وروى أبو هريرة قال: قيل يا رسول الله: صاعنا أصغر الصيعان، ومدنا أصغر الأمداد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ بارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، واجعل مع البركة بركتين. - واختصر البخاري لفظه وأخرجه من رواية عائشة بنت سعد عن أبيها بطرفه الأخير رقم 1877. (611) - قوله: «وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [1/ 115] ، والترمذي في المناقب، باب: في فضل المدينة، رقم 3914، والنسائي في الحج من السنن الكبرى [2/ 484] رقم 4276، والبخاري في تاريخه الكبير [6/ 480- 481] جميعهم من حديث الليث، عن عمرو بن سليم، عن عاصم بن عمرو، عنه به مرفوعا، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 3746. * خالفه المقبري، رواه عن عمرو بن سليم، عن ابن عمر، عن علي بن أبي طالب به، أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 418- 419] رقم 6814. (612) - قوله: «وروى أبو هريرة» : أخرج حديثه ابن حبان في صحيحه برقم 3284، 3744، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 171] من حديث العلاء، عن أبيه، عنه به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 613- قال أنس بن مالك: صنعت بالمدينة طعاما نأكله فكفى عشرين رجلا، ثم صنعت مثله في العراق فأكله عشرة. 614- وروي عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهي أوبأ أرض الله، فحمّ أصحابه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ حبب إلينا المدينة كحبنا مكة وأشد، وصححها لنا، وبارك لنا فيها مع ما باركت لأهل مكة، وانقل وباءها وحماها إلى مهيعة- وهي الجحفة-، قال: فشفوا. 615- وهي أفضل البلاد تربة، لأن تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، اختارها الله له، ونقله إليها، وفيها نزلت: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي الآية، وجعلها دار هجرته، وقبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها منبره، قوائمه على ترعة من ترع الجنة. (614) - قوله: «وهي أوبأ أرض الله» : تقدم حديثها بطوله في فضائل مكة، برقم: 470، وخرجناه هناك. (615) - قوله: «قوائمه على ترعة من ترع الجنة» : أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 182] رقم 5242، وابن أبي شيبة [11/ 480] رقم 1183، والحميدي في مسنده [1/ 139] رقم 290، والإمام أحمد في المسند [6/ 289، 292، 318] ، والنسائي في المساجد، باب فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه، رقم 696، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 254] رقم 519، 520، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 248] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 253] ، وأبو نعيم في الحلية [7/ 248] ، والطحاوي في المشكل [4/ 68] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 409] رقم 6974، جميعهم من حديث أم سلمة مرفوعا: قوائم المنبر رواتب في الجنة، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 3749. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 وفيها نزل قوله تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) . قال أبو سعد صاحب الكتاب: ومما خص الله عزّ وجلّ به حرم نبيّه صلى الله عليه وسلم من الآيات الظاهرة والأنوار الزاهرة: الشعاع الذي يرى فوق المدينة كالإكليل، يتطاير من موضع إلى موضع، ولا يخفى على من يتأمله، وهذه كرامة أكرم الله عزّ وجلّ المدينة بها دون سائر البلدان. - وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 335، 339] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 174، 184، 209، 237، 245] الأرقام: 5779، 5809، 5888، 5971، 5995، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 247] ، والطحاوي في المشكل [4/ 71] ، وابن الجعد [2/ 1055] رقم 3047، جميعهم من حديث سهل بن سعد مرفوعا: إن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة، قال سهل بن سعد: أتدرون ما الترعة؟ هي الباب من أبواب الجنة. إسناده صحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 [125- فصل: ما جاء في أنّ الإيمان يأرز إلى المدينة وأنّ الإسلام سيعود غريبا] 125- فصل: ما جاء في أنّ الإيمان يأرز إلى المدينة وأنّ الإسلام سيعود غريبا 616- عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها. 617- وعن أبي نضرة قال: بينما نحن عند جابر بن عبد الله إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدع المدينة رجل رغبة عنها إلا أبدلها الله رجلا خيرا منه أو مثله، وليسمعن أقوام بزيف ورخص من أسعار فيتبعونه، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفس جابر بيده (616) - قوله: «عن ابن عمر» : أخرجه مسلم في الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا، رقم 233. وطرفه الآخر عندهما من حديث أبي هريرة، يأتي بعد حديث. (617) - قوله: «وعن أبي نضرة» : حديثه الطويل عن جابر بن عبد الله في الفتن، يورده بعضهم بطوله، وبعضهم يختصره، شطره الأول عند مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، وأوله: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ... الحديث رقم 2913 (67) . وأخرجه بطوله الحاكم في المستدرك [4/ 454]- مع أنه عند مسلم! سكت عنه الذهبي!! - ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 330- 331] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 ونفس محمد بيده ليعودن الأمر كما بدأ، ليعودن كل الإيمان إلى المدينة كما بدأ منها. 618- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها. (618) - قوله: «إن الإسلام ليأرز» : أخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب الإيمان يأرز إلى المدينة، رقم 1876، ومسلم في الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، رقم 147. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 [126- فصل: ما جاء أنّ المدينة كالكير تنفي خبثها] 126- فصل: ما جاء أنّ المدينة كالكير تنفي خبثها 619- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد. قال مالك بن أنس رضي الله عنه: قوله: تأكل القرى، أي: تفتح القرى، معناه: أن أهلها يفتحون القرى. 620- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: أن أعرابيّا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك المدينة، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (619) - قوله: «عن أبي هريرة» : حديثه في الصحيحين، أخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس، رقم 1871، ومسلم في الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم 1382. (620) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : حديثه عند الشيخين، فأخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب: المدينة تنفي الخبث، رقم 1883، وفي الأحكام، باب بيعة الأعراب، رقم 7209، وفي باب من بايع ثم استقال البيعة، رقم 7211، وفي باب من نكث بيعته، رقم 7216، وأخرجه في الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم، رقم 7322. وأخرجه مسلم في الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم 1383. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 يقيله، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها وينصع طيبها. 621- ويروى أن رجلا خرج في المغازي، فحمل على رجل من (621) - قوله: «ويروى أن رجلا» : أخرج ابن جرير في تفسيره [5/ 222] من حديث نافع، عن ابن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا، فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الإسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية، فرماه محلم بسهم فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله سن اليوم وغير غدا، فقال عيينة: لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي، فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله يستغفر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا غفر الله لك، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به سابعة حتى مات، ودفنوه، فلفظته الأرض، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله جل وعز أراد أن يعظكم، ثم طرحه بين صدفي جبل، وألقوا عليه من الحجارة، ونزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا الآية. وأخرج عبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [1/ 168- 169] ، ومن طريقه ابن جرير من حديث معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً، قال: بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل من المشركين، فحمل عليه فقال له المشرك: إني مسلم، لا إله إلّا الله، فقتله بعد أن قالها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للذي قتله: وقد قال: لا إله إلّا الله، قال وهو يعتذر: يا نبي الله، إنما قالها متعوذا، وليس كذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا شققت عن قلبه، ثم مات قاتل الرجل، فقبر، فلفظته الأرض، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته، فأمرهم أن يعيدوه، ثم لفظته الأرض، فعل ذلك ثلاث مرات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الأرض قد أبت أن تقبله، فألقوه في غار من الغيران، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 المشركين فقال المشرك: لا إله إلّا الله، فقتله بعد ما قال: لا إله إلّا الله، فلما رجع ذكر شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: من لك بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة، قال: فمات ذلك الرجل، فدفنه أهله فأصبح منبوذا على ظهرها، فحفظه أهله كيلا ينبشه أحد، فرأوه منبوذا على وجه الأرض، فذكروا شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الأرض لتقبل من هو شر منه، ولكن الله أراد أن يجعله عبرة. - قال معمر: وقال بعضهم: إن الأرض لتقبل من هو شر منه، ولكن الله جعله لكم عبرة. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 1039] رقم 5824، من حديث المبارك بن فضالة، عن الحسن، أن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا يتطرقون فلقوا أناسا من العدو، فحملوا عليهم، فهزموهم، فشد منهم رجل فتبعه رجل يريد متاعه، فلما غشيه بالسنان قال: إني مسلم إني مسلم، فأوجزه بالسنان فقتله، وأخذ متاعه، قال: فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقائل: أقتلته بعد ما قال إني مسلم؟، قال: يا رسول الله قالها متعوذا، قال: شققت قلبه؟، قال: لم يا رسول الله؟ قال: لتعلم أصادقا هو أو كاذبا، قال: وكنت عالما ذلك يا رسول الله؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما كان يعبر عنه لسانه، إنما كان يعبر عنه لسانه، قال: فما لبث القاتل أن مات فحفر له أصحابه فأصبح وقد وضعته الأرض، ثم عادوا فحفروا فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره، قال الحسن: فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم دفناه مرتين أو ثلاثة كل ذلك لا تقبله الأرض، فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا أهل الإسلام إلى آخر الآية، قال الحسن: أما والله ما ذاك إلّا بكون الأرض تجنّ من هو شر منه، ولكن وعظ الله القوم ألا يعودوا. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 622- ويروى: أن رجلا من الأنصار كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن الرجل ارتد، وقال: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسن أن يملي، فكنت أكتب ما أشاء، ثم مات ذلك الرجل، فدفنه أهله ليلا، فلما أصبحوا وجدوه منبوذا على ظهر الأرض، ثم دفنوه الثانية فأصبح منبوذا، حتى فعلوا ذلك مرارا، فاستحيا أهله، فحملوه إلى غار من الغيران وألقوه فيه. قال أبو سعد صاحب الكتاب أعانه الله على طاعته: فصارت هذه العلامة آية وبركة وطهارة للمدينة إلى يومنا هذا، فقد شاهدت أنا جماعة من الموتى بالمدينة قد دفنهم أهلهم فأصبحوا وقد لفظتهم الأرض ولم تقبلهم. - تابعه البراء بن عبد الله الغنوي، عن الحسن، أخرجه البيهقي في الدلائل [4/ 310] . وأخرج البيهقي أيضا نحوها [4/ 309- 310] من حديث ابن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب به، مرسلا. (622) - قوله: «ويروى أن رجلا من الأنصار كان يكتب» : في رواية مسلم أنه من بني النجار، وفي رواية البخاري أنه كان نصرانيّا، يأتي تخريجه في أبواب المعجزات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 [127- فصل: في فضل المجاورة بالمدينة وفضل الموت بها] 127- فصل: في فضل المجاورة بالمدينة وفضل الموت بها 623- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري مولى المهري أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء عن المدينة، وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله، وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها. فقال له: ويحك، لا آمرك بذلك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلّا كنت له شفيعا يوم القيامة إذا كان مسلما. 624- وعن عبيد الله بن عبد الله، عن الصميتة- امرأة من بني ليث، وكانت يتيمة في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإن من يمت بها يكن له شهيدا وشفيعا. (623) - قوله: «أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة» : أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها، رقم 1374 (475، 476، 477) . (624) - قوله: «يكن له شهيدا وشفيعا» : في رواية ابن حبان: فإنه من يمت بها تشفع له، وتشهد له، وفي رواية عند البيهقي: يشفع له أو يشهد له، وعند النسائي: أشفع له أو أشهد له. أخرجه النسائي في الحج من السنن الكبرى [2/ 488] رقم 4285، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 ......... - والطبراني في معجمه الكبير [24/ 331- 332] الأرقام 824، 825، 826- ولم يسم المرأة-، والبيهقي في الشعب [3/ 497] رقم 4182، 418، وابن الأثير في ترجمتها من الأسد، جميعهم من حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن الصميتة به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 3742. فائدة: اختلف الحفاظ في شيخ الزهري في هذا الحديث، قال المزي في التحفة [11/ 346] : رواه الليث وابن وهب عن يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله- لم يسم جده-، قال: ورواه عقيل بن خالد، وصالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: وكذلك قال ابن أبي ذئب، عن الزهري. اهـ. باختصار، وتعقبه الحافظ في النكت بأن ابن وهب سماه في روايته عن يونس، عن الزهري- عند ابن حبان- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. اهـ. قلت: رواه القاسم بن مبرور فسماه- عن يونس، عن ابن شهاب-: عبيد الله بن عبد الله بن عمر. وتابعه على تسميته كذلك عن الزهري: صالح بن أبي الأخضر؛ عند الطبراني في الكبير، ولم يسمه عند البيهقي في الشعب. وسماه أيضا كذلك: عنبسة بن خالد، عن يونس؛ عند الطبراني في الكبير، وابن أبي ذئب؛ عند البيهقي في الشعب. وجزم البيهقي في الشعب بأنه: عبيد الله بن عبد الله بن عمر، كذلك رواه الدراوردي، غير أنه قال: عن سبيعة الأسلمية، وهو خطأ، إنما هو عن صميته. أخرج حديث الدراوردي: الطبراني في معجمه الكبير [24/ 294] رقم 747، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 103] ، والبيهقي في الشعب [3/ 498] رقم 4184. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 625- وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: اللهمّ ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم. (625) - قوله: وعن زيد بن أسلم» : أخرج حديثه البخاري في فضائل المدينة، باب (بدون ترجمة) ، قال البخاري عقبه: قال ابن زريع، عن روح بن القاسم، عن زيد بن أسلم، عن أمه، عن حفصة بنت عمر قالت: سمعت عمر.. وقال هشام بن زيد: عن أبيه، عن حفصة: سمعت عمر رضي الله عنه.. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 [128- فصل: في أنّ المدينة لا يدخلها الدّجّال ولا الطّاعون] 128- فصل: في أنّ المدينة لا يدخلها الدّجّال ولا الطّاعون 626- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدجال يطأ الأرض كلها إلّا مكة والمدينة، قال: فيأتي المدينة فيجد على كل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة، قال: فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثمة، فترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة. 627- وروي عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يدخلها الطاعون والدجال. (626) - قوله: «عن أنس بن مالك» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة، رقم 1881، وفي الفتن، باب ذكر الدجال، رقم 7124، وفي باب: لا يدخل الدجال المدينة، رقم 7134، وفي التوحيد، باب: في المشيئة والإرادة، رقم 7473، وأخرجه مسلم في الفتن، باب قصة الجساسة، رقم 2943 (123 وما بعده) . (627) - قوله: «وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم» : من ألفاظ حديث أنس المتقدم، ولفظ البخاري في التوحيد، باب المشيئة والإرادة: المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدجال ولا الطاعون. وانظر تخريج ما قبله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 628- وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال. (628) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب لا يدخل الدجال المدينة، رقم 1880، وفي الطب، باب ما يذكر في الطاعون، رقم 5731، وفي التوحيد، باب لا يدخل الدجال المدينة، رقم 7133، وأخرجه مسلم في الحج، باب صيانة المدينة من دخول الدجال إليها، رقم 1379 (485) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 [129- فصل: في التّحذير من إخافة أهل المدينة وإرادة الفتنة بهم] 129- فصل: في التّحذير من إخافة أهل المدينة وإرادة الفتنة بهم 629- أخبرنا أبو بكر: محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال رحمه الله قال: ثنا أبو عروبة الحراني، ... (629) - قوله: «الشاشي القفال» : الفقيه الشافعي، الإمام العلامة الأصولي، عالم خراسان وفقيهها، أثنى عليه الحاكم وقال: كان أعلم أهل ما وراء النهر بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث، وقال العارف بالله الحليمي صاحب الشعب: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره. انظر عنه في: الوافي بالوفيات [4/ 112] ، طبقات السبكي [3/ 200] ، طبقات المفسرين للداودي [2/ 196] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 282] ، وفيات الأعيان [4/ 200] ، طبقات الأسنوي [2/ 79] ، طبقات الأصوليين [1/ 201] ، سير أعلام النبلاء [16/ 283] ، النجوم الزاهرة [4/ 111] ، طبقات الشافعية لابن الصلاح [1/ 228] ، طبقات العبادي [/ 92] ، طبقات الشيرازي [/ 112] ، مرآة الجنان [2/ 381] ، شذرات الذهب [3/ 160] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 365- ص 345] ، طبقات ابن قاضي شهبة [1/ 129] ، العبر [2/ 338] ، اللباب [2/ 174] ، طبقات الشافعية لابن كثير [1/ 299] . قوله: «ثنا أبو عروبة الحراني» : الإمام الحافظ مفتي أهل حران: الحسين بن محمد بن أبي معشر: مودود السلمي، الجزري، أحد علماء هذا الشأن، قال ابن عدي: كان عارفا بالرجال وبالحديث، شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين، وقال- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 ثنا عبد الله بن محمد، ثنا عمرو بن عاصم، ... - الحاكم أبو أحمد: كان من أثبت من أدركناه وأحسنهم حفظا، يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام. انظر: تاريخ الإسلام [وفيات سنة 318- ص 560] ، تذكرة الحفاظ [2/ 774] ، سير أعلام النبلاء [14/ 510] ، الشذرات [2/ 477] ، مرآة الجنان [2/ 277] ، العبر [2/ 172] ، طبقات الحفاظ [/ 325] ، دول الإسلام [1/ 192] ، طبقات ابن عبد الهادي، الترجمة رقم 735. قوله: «ثنا عبد الله بن محمد» : هو ابن أبي شيبة، الإمام سيد الحفاظ والمسندين، صاحب المصنف والتفسير والمسند: أبو بكر العبسي مولاهم، الكوفي، من أقران الإمام أحمد وابن راهويه وعلي بن المديني، قال الذهبي: في السن والمولد والحفظ، اتفق على توثيقه والاحتجاج به، وحديثه عند الجماعة سوى الترمذي. التاريخ الصغير للبخاري [2/ 365] ، الجرح والتعديل [5/ 160] ، تاريخ بغداد [10/ 66] ، تهذيب الكمال [16/ 34] ، تهذيب التهذيب [6/ 3] ، سير أعلام النبلاء [11/ 122] ، تذكرة الحفاظ [2/ 432] ، الكاشف [2/ 111] ، العبر [1/ 421] ، طبقات ابن سعد [6/ 413] ، إكمال مغلطاي [8/ 167] . قوله: «ثنا عمرو بن عاصم» : الكلابي، القيسي، الإمام الثبت، من حفاظ أهل البصرة، قال الذهبي: معدود في كبار شيوخ البخاري. سير أعلام النبلاء [10/ 256] ، طبقات ابن سعد [7/ 305] ، التاريخ الكبير [6/ 355] ، الجرح والتعديل [6/ 250] ، تاريخ بغداد [12/ 202] ، تذكرة الحفاظ [1/ 392] ، تهذيب الكمال [22/ 87] ، تهذيب التهذيب [8/ 51] ، الكاشف [2/ 288] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 367] ، الثقات [8/ 481] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 ثنا همام بن يحيى، عن يحيى بن سعيد: من آذى أهل المدينة- أو: أذل أهل المدينة آذاه الله- أو: أذله الله- وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل. قوله: «ثنا همام بن يحيى» : ابن دينار، الإمام الحجة: أبو بكر البصري، العوذي، من أثبت أصحاب قتادة، احتج به الشيخان، ووثقه الجمهور. طبقات ابن سعد [7/ 282] ، تهذيب الكمال [30/ 302] ، التاريخ الكبير [8/ 237] ، تذكرة الحفاظ [1/ 201] ، الجرح والتعديل [9/ 107] ، سير أعلام النبلاء [7/ 296] ، تهذيب التهذيب [11/ 60] ، الكاشف [3/ 199] ، الثقات [7/ 586] . قوله: «عن يحيى بن سعيد» : الأنصاري، الإمام عالم المدينة، وشيخ عالمها، وتلميذ الفقهاء السبعة، أبو سعيد الخزرجي، النجاري، أحد الأعلام، وصاحب حديث: إنما الأعمال بالنيات. انظر أخبار فضائله في: تهذيب الأسماء واللغات [2/ 153] ، تهذيب الكمال [31/ 346] ، سير أعلام النبلاء [5/ 468] ، تهذيب التهذيب [11/ 194] ، التاريخ الكبير [8/ 275] ، المعرفة والتاريخ [1/ 648] ، تذكرة الحفاظ [1/ 137] ، أخبار القضاة [3/ 241] . قوله: «من آذى أهل المدينة» : هكذا في الأصول بصورة المقطوع، وقد رواه حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم، عن عطاء بن يسار، عن السائب بن خلاد باللفظ الآتي بعد هذا: من أخاف أهل المدينة أخافه الله.. والباقي سواء، أخرجه الإمام أحمد [4/ 55، 56] ، والنسائي في الحج من السنن الكبرى، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 630- وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة، لا يقبل منه صرفا ولا عدلا. 631- ويروى عن عائشة بنت سعد قالت: سمعت سعدا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يكيدنّ أهل المدينة أحد إلّا انماع كما ينماع الملح في الماء. - باب فضل المدينة [2/ 483] ، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 169] رقم: 6631. (630) - قوله: «وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم» : انظر طرق وألفاظ رواية السائب بن خلاد في: معجم الطبراني الكبير [7/ الأرقام: 6632، 6633، 6634، 6635، 6636، 6637] ، والحلية لأبي نعيم [1/ 372] . (631) - قوله: «سمعت سعدا» : أخرج حديثه من رواية ابنته عنه: البخاري في فضائل المدينة، باب إثم من كاد أهل المدينة، رقم 1877، وأخرجه مسلم في الحج، باب من أراد أهل المدينة بسوء، من حديث أبي عبد الله القراظ عنه، رقم 1387 (494، 495) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 [130- باب ما جاء في الحنانة] 130- باب ما جاء في الحنانة 632- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستند إلى جذع في المسجد إذا خطب، فلما وضع المنبر تحول إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحن الجذع حنينا رق له أهل المسجد، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع يده عليه فسكن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت رددتك إلى الحائط الذي كنت فيه فكنت كما كنت تنبت لك عروقك ويكمل خلقك ويجدّد لك خوص وثمرة، وإن شئت غرستك في الجنة فيأكل أولياء الله من ثمرك. ثم أصغى إليه النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ليستمع ما يقول، قال: بل تغرسني في الجنة فيأكل مني أولياء الله وأكون في مكان لا أبلى فيه، فسمعه من يليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم قد فعلت، فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنبر، ثم أقبل على الناس فقال: خيرته كما سمعتم، فاختار أن أغرسه في الجنة، فاختار دار البقاء على دار الفناء. قوله: «باب ما جاء في الحنانة» : أسند المصنف حديثا، وعلق آخر، وستأتي في أبواب المعجزات. (632) - قوله: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أورد هذه الرواية بهذا اللفظ القاضي عياض في الشفاء [1/ 304- 305] من حديث بريدة، وقد خرجنا حديث بريدة في المسند الجامع للحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 33- فتح المنان بمعناه وباختلاف يسير في السياق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 633- وفي رواية: فعدل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنه فسكن، فقال صلى الله عليه وسلم: لو لم أفعل هذا لحنّ إلى يوم القيامة. 634- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رضي الله عنه، ثنا أبو الحريش: أحمد بن عيسى بن مخلد، ثنا شيبان بن فروخ الأبلّي، ثنا مبارك بن فضالة، ثنا الحسن، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: ابنوا لي، فبنوا له منبرا له عتبتان، فلما قام على المنبر حنّت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حنين الوالدة، فما زالت تحن حتى نزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنها فسكنت. قال المبارك: فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه لمكانه من الله عزّ وجلّ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه. (633) - قوله: «وفي رواية» : خرجنا روايات الباب في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، من حديث ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وبريدة بن الخطيب، وأبي بن كعب، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وعن الحسن البصري مرسلا، انظر كتابنا: فتح المنان [1/ 323- 362] ، ويأتي منها في أبواب المعجزات من هذا الكتاب. (634) - قوله: «حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر» : يأتي حديثه في أبواب المعجزات، ويأتي تخريجه هناك إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 [131- باب ذكر العود الذي في المحراب] 131- باب ذكر العود الذي في المحراب 635- قال أنس بن مالك رضي الله عنهما لمحمد بن مسلم: أتدري لم صنع هذا العود في محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع عليه يمينه ثم يلتفت فيقول: استووا، واعدلوا صفوفكم. (635) - قوله: «لمحمد بن مسلم» : هو ابن السائب صاحب المقصورة. والحديث مسند عن المصنف، فقد أخرجه الحافظ يحيى بن الحسين العلوي في تاريخ المدينة- عمدة المصنف في هذا الباب- من طريق مصعب بن ثابت قال: طلبنا علم العود الذي كان في مقام النبي صلى الله عليه وسلم فلم نقدر على أحد يذكر لنا فيه شيئا، قال مصعب: حتى أخبرني محمد بن مسلم بن السائب قال: جلس إليّ أنس بن مالك فقال: تدري لم صنع هذا العود؟ - وما سألته عنه-، فقلت: لا والله ما أدري، فقال أنس ... فذكره، أورده السمهودي في الوفا [1/ 380] . وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 254] ، وأبو داود في الصلاة، باب تسوية الصفوف، كلاهما من حديث حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت، عن محمد بن مسلم به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 [132- باب: في حجرات أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 132- باب: في حجرات أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم 636- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رحمه الله إمام مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني رحمه الله، أنا أبو القاسم: طاهر بن يحيى العلوي قال: حدثني أبي، ثنا بكر بن عبد الوهاب، ثنا محمد ابن عمر، ... (636) - قوله: «بكر بن عبد الوهاب» : هو ابن محمد بن الوليد بن نجيح، ابن أخت محمد بن عمر الواقدي الآتي، تقدم. قوله: «ثنا محمد بن عمر» : هو الواقدي، العلامة الإخباري، العمدة في السير والمغازي وأخبار الناس والأيام، وممن لا يستغنى عن حديثه في هذه الأبواب، وتركوه فيما سوى ذلك من أحاديث السنن والأحكام، قال الحافظ الذهبي في السير: أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه، جمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخزر بالدر الثمين، فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم، انظر عنه في: طبقات ابن سعد [7/ 334] ، تاريخ بغداد [3/ 3] ، وفيات الأعيان [1/ 506] ، الجرح والتعديل [8/ 20] ، التاريخ الكبير [1/ 178] ، الوافي بالوفيات [4/ 238] ، تذكرة الحفاظ [1/ 348] ، تهذيب الكمال [26/ 180] ، تهذيب التهذيب [9/ 323] ، سير أعلام النبلاء [9/ 454] ، النجوم الزاهرة [2/ 184] ، الكاشف [3/ 73] ، التقريب [/ 498] الترجمة رقم 6175. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 عن عبد الله بن يزيد الهذلي قال: رأيت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين هدمها عمر بن عبد العزيز رحمه الله، كانت باللبن، ولها حجر من حديد مطروزة بالطين، عددت تسعة أبيات بحجرها، وهي ما بين بيت عائشة رضي الله عنها إلى الباب الذي يلي باب النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: «عن عبد الله بن يزيد الهذلي» : يقال له: ابن فنطس، يروي عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وابن حبان، وقال ابن أبي أويس: ما بحديثه بأس. قال أبو عاصم: أما الحافظ الذهبي فتسرع في النقل، فنقل عن البخاري قوله: يتهم بالزندقة، والبخاري رحمه الله لم يقل هذا إنما حصل في العبارة سقط كما يعرف ذلك عند مقارنة عبارتي الجرح والتعديل والتاريخ الكبير، والذي اتهم بالزندقة إنما هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس. انظر: التاريخ الكبير [5/ 227] ، الجرح والتعديل [5/ 197- 198] ، الميزان [3/ 240] ، الثقات [5/ 58] . قوله: «إلى الباب الذي يلي باب النبي صلى الله عليه وسلم» : زاد ابن سعد في الطبقات عن محمد بن عمر [1/ 499] : إلى منزل أسماء بنت حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وهو كذلك عند يحيى بن الحسين في أخبار المدينة- معوّل المصنف في هذا الباب-، من طريق الواقدي أيضا، أورده السمهودي في الوفا [1/ 460] ، فكأن المصنف اختصر الرواية. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن النجار في أخبار المدينة [/ 74] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 637- قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة دومة الجندل، بنت أم سلمة حجرتها باللبن، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سلمة إن شر ما ذهب فيه مال المسلم البنيان. 638- قال عمران: أدركت حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جريد النخل، على أبوابها المسوح من شعر أسود، فورد كتاب الوليد بن عبد الملك بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، ... (637) - قوله: «قال» : القائل: هو عبد الله بن يزيد، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 499] متصلا بالأول وفيه: فسألت ابن ابنها- يعني أم سلمة- فقال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة؛ بنت أم سلمة حجرتها باللبن، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى اللبن فدخل عليها أول نسائه فقال ... فذكره. ولتخريجه انظر المواضع المدونة في الذي قبله. (638) - قوله: «قال عمران» : هو ابن أبي أنس، حديثه عند ابن سعد [1/ 499] ، فقال عقب الأولين: قال محمد بن عمر- يعني: الواقدي- فحدثت هذا الحديث معاذ بن محمد الأنصاري فقال: سمعت عطاء الخراساني في مجلس فيه عمر- كذا، وصوابه: عمران- ابن أبي أنس يقول وهو فيما بين القبر والمنبر: أدركت حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث. لتخريجه انظر المواضع المدونة قريبا. قوله: «على أبوابها المسوح» : قال ابن سعد في الطبقات [1/ 500] : أخبرنا خالد بن مخلد، عن داود بن شيبان قال: رأيت حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعليها المسوح- يعني: متاع الأعراب-، كذا مفسرة في حديثه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 فما رأيت أكثر باكيا من ذلك اليوم. 639- وعن عطاء قال: سمعت ابن المسيب يقول: والله لوددت أنهم تركوها على حالها ليقدم القادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ويكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها. 640- قال عمران بن أبي أنس: كان منها أربعة أبيات باللبن، لها حجر من جريد، وكانت خمسة أبيات جديدا مطينة لا حجر لها، على أبوابها مسوح الشعر. قوله: «فما رأيت أكثر باكيا» : قال ابن سعد في الطبقات [1/ 500] عن عمران بن أبي أنس- وهو تمام قوله في الأثر بعد الآتي: - فأما ما ذكرت من البكاء يومئذ فلقد رأيتني في مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو سلمة ابن عبد الرحمن، وأبو أمامة ابن سهل، وخارجة بن زيد وإنهم ليبكون حتى أخضل لحاهم الدمع، وقال يومئذ أبو أمامة: ليتها تركت فلم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء، ويروا ما رضي الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم ومفاتيح خزائن الدنيا بيده. (639) - قوله: «وعن عطاء» : هو الخراساني. هو موصول بإسناد الذي قبله، انظر لتخريجه المواضع المدونة قريبا. (640) - قوله: «على أبوابها مسوح الشعر» : زاد ابن سعد [1/ 500] : ذرعت الستر فوجدته ثلاث أذرع في ذراع، والعظم أو أدنى من العظم، انظر تخريج أول حديث في الباب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 641- وقال مالك بن أنس: كان الناس يدخلون حجرات النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يصلون فيها الجمعة، وكان المسجد يضيق عن أهله، وحجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شارعة أبوابها إلى المسجد، فكان الناس يدخلون ويصلون بصلاة الإمام. (641) - قوله: «وقال مالك بن أنس» : هو في الموطأ برواية أبي مصعب، باب المصلي في الجمعة، رقم 458، ومن طريق مالك، أخرجه ابن النجار في أخبار المدينة [/ 74] . وأخرج البخاري في الأدب المفرد برقم 451، وأبو داود في المراسيل برقم 497، وابن سعد في الطبقات [1/ 500- 501] من حديث ابن السائب قال: سمعت الحسن يقول: كنت أدخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان بن عفان فأتناول سقفها بيدي. وأخرج البخاري في الأدب المفرد برقم 451 من حديث داود بن قيس قال: رأيت الحجرات من جريد النخل، مغشاة من خارج بمسوح الشعر، وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحوا من ست أو سبع أذرع، وأحرز البيت الداخل عشر أذرع، وأظن سمكه بين الثمان والسبع ونحو ذلك، ووقفت عند باب عائشة فإذا هو مستقبل المغرب. وأخرج ابن سعد [1/ 500] من طريق الواقدي عن عبد الله بن عامر الأسلمي قال: قال لي أبو بكر بن حزم وهو في مصلاه فيما بين الإسطوانة التي تلي حرف القبر والتي تلي الأخرى إلى طريق باب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا بيت زينب بنت جحش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه، وهذا كله إلى باب أسماء بنت حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس اليوم إلى رحبة المسجد فهذه بيوت النبي صلى الله عليه وسلم التي رأيتها بالجريد قد طرت باللبن، عليها مسوح الشعر. وأخرج من حديث شيخ من أهل المدينة قال: رأيت حجر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تهدم بجرائد النخل ملبسة الأنطاع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 [133- باب ما جاء في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم] 133- باب ما جاء في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 642- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رحمه الله إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، قال: قرأت على طاهر بن يحيى العلوي أبي القاسم، ثنا أبي، ثنا بكر بن عبد الوهاب قال: حدثني عيسى بن عبد الله، عن أبيه ... (642) - قوله: «ثنا أبي» : هو يحيى بن الحسين صاحب أخبار المدينة، تقدم أن المصنف اعتمد في هذا الباب على كتابه، والأثر أورده السمهودي في الوفا [1/ 466] وعزاه له. قوله: «حدثني عيسى بن عبد الله» : هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، العلوي، قال أبو حاتم: لم يكن بالقوي في الحديث، ووثقه ابن حبان. الجرح والتعديل [6/ 280] ، الثقات [8/ 492] ، التاريخ الكبير [6/ 390] . قوله: «عن أبيه» : هو: عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب القرشي، الحافظ الصدوق أبو محمد، الهاشمي، من رجال أبي داود، والنسائي، قال ابن المديني: هو وسط، وقال ابن حبان في الثقات: يخطىء ويخالف، ووثقه الذهبي في الكاشف. التاريخ الكبير [5/ 187] ، الجرح والتعديل [5/ 155] ، تهذيب الكمال [16/ 93] ، الثقات [7/ 1- 2] ، تهذيب التهذيب [6/ 16] ، الكاشف [2/ 114] ، التقريب [/ 321] الترجمة رقم 3595. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 أنه حدثه: أن بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدور الذي فيه القبر، بينه وبين قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خوخة. 643- وروي: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف على باب علي وفاطمة رضي الله عنهما ويقول: السلام عليكم أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. قال أبو الحمراء: شهدته- يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- أربعين صباحا كان يفعل ذلك. 644- وكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر أتى فاطمة فدخل عليها، فقدم مرة ودخل عليها، وكانت فاطمة صنعت قرطين وقلادة ومسكتين من ورق وسترا لباب البيت، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أطال المكث، ثم خرج وقد عرف الغضب في وجهه، ثم جلس على المنبر، فعلمت فاطمة أن الغضب من أجل ما رأى عليها، فنزعت الستر، فبعثت بها إلى (643) - قوله: «كان يقف على باب علي وفاطمة» : هو حديث أبي الحمراء، وسيأتي في أبواب الفضائل، ويأتي تخريجه هناك، أورده السمهودي في الوفا [1/ 467] ، وذكر إخراج يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- معول المصنف في هذا الباب- وعليه فهو مسند عنه بالإسناد المذكور في أول الباب إليه. (644) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر» : هو في أخبار يحيى بن الحسين- كما في وفا السمهودي-، فهو مسند كالذي قبله، أخرجه هو وابن النجار في أخبار المدينة أيضا من حديث محمد بن قيس، وسيأتي في فضائل الحسن والحسين وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمام تخريجه هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت للرسول: قل له إن ابنتك تقرأ عليك السلام وتقول: اجعل هذا في سبيل الله. فلما أتاه الرسول وأخبره قال: قد فعلت، فداها أبوها- ثلاث مرات-، ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة. ثم قام فدخل عليها. 645- قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات عندنا والحسن والحسين نائمان، فاستسقى الحسن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قربة وجعل يسكبها في القدح، ثم جعل يسقيه، فتناول الحسين فمنعه وبدأ بالحسن، قالت فاطمة: يا رسول الله كأنه أحب إليك؟ قال: إنما استسقاني أولا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إني وإياك وهذين وهذا الراقد- يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه- في مكان واحد يوم القيامة. (645) - قوله: زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 101] ، والطيالسي في مسنده برقم 190، وأبو يعلى- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 281] رقم 4382-، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 31- 32] رقم 2622، والبزار في مسنده [3/ 223 كشف الأستار] رقم 2616 وبعضهم يزيد على بعض. قال في مجمع الزوائد [9/ 170] : في إسناد أحمد: قيس بن الربيع، مختلف فيه، وبقية رجاله ثقات. اهـ. قلت: وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، صححه الحاكم في المستدرك [3/ 137] ، وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 646- وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة فدخل على فاطمة رضي الله عنها فرأى سترا فقال: إن سرك أن يسترك الله يوم القيامة فأعطينيه، فأعطته، فخرج به فشقه لكل إنسان ذراعين في ذراع. 647- وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بيت فاطمة يطلب شيئا، فوجدهم مفتقرين، ثم التفت فقال لفاطمة رضي الله عنها: لعل عندك شيء، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما في بيوتنا منا، وإن الحسن والحسين دخلا يطلبان شيئا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهو لنا- وهو بيت صغير- فصلى ركعتين، فأنزل منها طبقا فيه تمر من تمر الحجاز وزبيب من زبيب الطائف، وكعك من كعك الشام، فوضعه بين أيدينا، فأكلنا فما نرفع شيئا إلا أخلف مكانه، فجاء سائل فاستأذن، فزجره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت فاطمة رضي الله عنها: والله يا أبت ما كنت تنهر السائلين، فسكت عنها، ثم أعاد الرجل في السؤال فزجره، فقالت فاطمة له ذلك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرين من هذا السائل؟ قالت: لا، قال: هذا إبليس، جاء مختفيا ليأكل من ثمار الجنة لم يكن الله سبحانه وتعالى ليطعمه، هذا طبق أتاني به جبريل عليه السّلام من الجنة ثم رفع الطبق. والله أعلم. (646) - قوله: «وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم» : يأتي في أبواب الفضائل، باب فضل الحسن والحسين وآل البيت برقم: 1709، 1752، ويأتي تخريجه هناك، وانظر الآتي برقم: 2251 والتعليق عليه. (647) - قوله: «وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده» : يأتي أيضا في الباب المشار إليه قبل هذا، ويأتي تخريجه هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 [134- باب ما جاء في سدّ الأبواب الشّوارع] 134- باب ما جاء في سدّ الأبواب الشّوارع 648- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رحمه الله، إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني قال: قرأت على أبي القاسم: طاهر بن يحيى العلوي قال: حدثني أبي، ثنا أحمد بن أبي بكر، ثنا مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: إن عبدا خيّره الله عزّ وجلّ بين أن يؤتيه من زهرة الحياة الدنيا ما يشاء وبين ما عنده، فاختار ما عند الله. فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فتعجب الناس من أبي بكر رضي الله عنه كيف علم ذلك!! وإنما عنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، ولم يقف عليه أحد إلا أبو بكر رضي الله عنه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر، فإني لا أعلم رجلا أحسن يدا في الصحابة عندي من أبي بكر الصديق. (648) - قوله: «ثنا مالك» : لم أره إلا في موطأ محمد بن الحسن أخرجه في آخر الموطأ، وفي روايته من الزيادات ما ليس في موطأ غيره. ومن طريق مالك أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من طريق إسماعيل بن عبد الله رقم 3904، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر، من طريق معن بن عيسى، رقم 2382 كلا هما عن مالك به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 649- وقال صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، وقال: سدوا قبل أن ينزل العذاب، فخرج الناس مبادرين، وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر قطيفة له حمراء وعيناه تذرفان ويبكي ويقول: يا رسول الله أخرجت عمك وأسكنت ابن عمك، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أنا أخرجتك، ولا أنا أسكنته، ولكن الله عزّ وجلّ أسكنه، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله أمر موسى بن عمران أن يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا هو وهارون وابنا هارون: شبر وشبير، وإن الله أمرني أن أبني مسجدا طاهرا، لا يسكنه إلا أنا وعلي والحسن والحسين، سدوا هذه الأبواب إلا باب علي. (649) - قوله: «إن الله أمر موسى بن عمران» : اختصر المصنف السياق، وهو بطوله في تاريخ المدينة لابن زبالة- كما في وفا السمهودي [1/ 478- 479]-، ومن طريقه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- معول المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد المتقدم- وفيهما: عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما الناس جلوس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج مناد فنادى: أيها الناس سدوا أبوابكم، قال: فتحسحس الناس لذلك، ولم يقم أحد، ثم خرج الثانية فقال: أيها الناس سدوا أبوابكم، فلم يقم أحد، فقال الناس: ما أراد بهذا؟ فخرج فقال: أيها الناس سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب، فخرج الناس مبادرين، وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر كساءه حين نادى سدوا أبوابكم، قال: ولكل رجل منهم باب إلى المسجد: أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قال: وجاء علي حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما يقيمك؟ ارجع إلى رحلك، ولم يأمره بالسد، فقالوا: سد أبوابنا وترك باب علي وهو أحدثنا، فقال بعضهم: تركه لقرابته، فقالوا: حمزة أقرب منه: أخوه من الرضاعة وعمه، وقال بعضهم: تركه من أجل ابنته، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم بعد ثالثة، فحمد الله وأثنى عليه محمرا وجهه، وكان إذا غضب احمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 ......... - عرق في وجهه، ثم قال: أما بعد، فإن الله أوحى إلى موسى أن اتخذ مسجدّا طاهرا لا يسكنه إلا هو وهارون وابنا هارون: شبرا وشبيرا، وإن الله أوحى إليّ أن أتخذ مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنا وعلي وابنا علي: حسن وحسين، وقد قدمت المدينة، واتخذت بها مسجدا، وما أردت التحول إليه حتى أمرت، وما أعلم إلا ما علمت، وما أصنع إلا ما أمرت، فخرجت على ناقتي فلقيني الأنصار يقولون: يا رسول الله انزل علينا، فقلت: خلوا الناقة فإنها مأمورة، حتى نزلت حيث بركت، والله ما أنا سددت الأبواب وما أنا فتحتها، وما أنا أسكنت عليا ولكن الله أسكنه. وأخرج ابن زبالة ومن طريقه يحيى بن الحسين القصة مختصرة من وجه آخر عن عبد الله بن مسلم الهلالي، عن أبيه، عن أخيه وفيها: فخرج حمزة بن عبد المطلب يجر قطيفة له حمراء وعيناه تذرفان.. الحديث بمثل الذي أورده المصنف. وأخرج نحوه الجلّاني في فضائل أمير المؤمنين برقم 301 من حديث الحارث بن حصيرة- وهو ضعيف- عن عدي بن ثابت. وأخرجه أيضا من حديث سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري في سياق طويل. وأخرج البزار في مسنده [3/ 195- 196 كشف الأستار] رقم 2552 من حديث أبي ميمونة- مجهول- عن عيسى الملائي- مثله- عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون، وإني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك وبذريتك، ثم أرسل إلى أبي بكر أن سد بابك، فاسترجع، ثم قال: سمعا وطاعة، فسد بابه ثم أرسل إلى عمر، ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكن الله فتح باب علي، وسد أبوابكم. - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 ......... - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 115] : فيه من لم أعرفه. ورواه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 364] من وجه آخر عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب، وفي إسناده الحسن بن عبيد الله الإبزازي، هو المتهم به. وأخرج خيثمة في الفضائل ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 141] عن أبي رافع: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: يا أيها الناس إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوّءا لقومهما بيوتا، وأمر هما أن لا يبيت في مسجد هما جنب، ولا يقربوا فيه النساء إلا هارون وذريته، ولا يحل لأحد أن يعرك النساء في مسجدي هذا، ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته. قال أبو عاصم: ظن بعض أهل العلم أن أحاديث الأمر باستثناء باب علي رضي الله عنه من السد ضعيفة، وأن المزية في ذلك إنما هي لأبي بكر، اختص بها دون غيره من الصحابة، وهذا خطأ نتج عن عدم الوقوف بتمعن في طرق الحديث، وذهل قائل ذلك أن المزية إذا ثبتت لصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاز أن يشترك غيره من الصحابة في تلك المزية إما حقيقة أو مجازا أو تأويلا. قال الحافظ في الفتح منبها في آخر شرحه لحديث أبي سعيد الخدري المخرج قريبا قال: جاء في سد الأبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها حديث الباب، منها: حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي، أخرجه أحمد [1/ 175] ، والنسائي في الخصائص برقم 39 وإسناده قوي، وفي رواية للطبراني في الأوسط [4/ 553] رقم 3942 رجالها ثقات من الزيادة: فقالوا: يا رسول الله سددت أبوابنا، فقال: ما أنا سددتها ولكن الله سدها. قال: وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 ......... - المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الأبواب إلّا باب علي، فتكلم ناس في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن أمرت بشيء فاتبعته، أخرجه أحمد [4/ 369] ، والنسائي في الخصائص برقم 37، والحاكم [3/ 125] ، قال الحافظ: ورجاله ثقات!. (قلت: فيه ميمون أبو عبد الله، ضعفه أهل الحديث، منهم الحافظ في التقريب) . قال الحافظ: وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي، وفي رواية: وأمر بسد الأبواب غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، أخرجهما أحمد [1/ 330- 331] ، والنسائي في الخصائص برقم 23، 41، 42، ورجالهما ثقات. قال: وعن جابر بن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي، فربما مر فيه وهو جنب، أخرجه الطبراني في الكبير [2/ 274] رقم 2031. قلت: قال في مجمع الزوائد [9/ 115] : فيه ناصح أبو عبد الله، وهو متروك. قال: وعن ابن عمر قال: كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسول الله خير الناس، ثم أبو بكر، ثم عمر، ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم: زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر، أخرجه أحمد [2/ 26] وإسناده حسن. قال: وأخرج النسائي من حديث شعبة، وزهير، وإسرائيل- كما في الخصائص من السنن الكبرى [5/ 138] الأرقام: 8489، 8490، 8491- وهذا لفظ زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، وهو عند النسائي أيضا كما في تهذيب المزي [22/ 529] ، لم أقف على موضعه عند النسائي، - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 ......... - من طريق العلاء بن عرار- بمهملات- قال: فقلت لابن عمر: أخبرني عن علي وعثمان- فذكر الحديث-، وفيه: وأما علي فلا تسأل عنه أحدا، وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه، رجاله رجال الصحيح إلا العلاء، وقد وثقه يحيى بن معين وغيره. قلت: أخرجه أيضا الطبراني في الأوسط [2/ 97- 98] رقم 1188. قال الحافظ: وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا، وكل طريق منها صالح للإحتجاج فضلا عن مجموعها، وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات، أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص وزيد بن أرقم، وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته، وليس ذلك بقادح؛ لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر، وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر، انتهى، قال: وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا؛ فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة، مع أن الجمع بين القصتين ممكن، وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي، وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر، فإذ ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري- يعنى الذي أخرجه الترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك-، والمعنى أن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده، ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن، من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب، لأن بيته كان في المسجد، ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استثني علي لما ذكره، وفي الأخرى استثني أبو بكر، ولكن لا يتم- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 650- وقال له بعض أصحابه: يا رسول الله دع لي كوة أنظر إليك منها حين تغدوا وحين تروح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا والله ولا مثل ثقب إبرة. - ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه، وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بعد بسدها، فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين، وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار، وهو في أوائل الثلث الثالث منه، وأبو بكر الكلاباذي في معاني الأخبار، وصرح بأن بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد، وخوخة إلى داخل المسجد، وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد، والله أعلم. (650) - قوله: «وقال له بعض أصحابه» : أخرجه ابن زبالة في أخبار المدينة، كما في الوفا للسمهودي [1/ 480] ، ومن طريقه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- معول المصنف في هذا الباب، فهو مسند عنه بالإسناد المتقدم إليه- من حديث عمرو بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب الشوارع في المسجد، قال: فقال له رجل من أصحابه ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 [135- باب ما جاء في أوّل من خلّق القبلة] 135- باب ما جاء في أوّل من خلّق القبلة 651- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، أنا أبو القاسم: طاهر بن يحيى بن الحسين، قال: حدثني أبي، ثنا هارون بن موسى الفروي، ثنا محمد بن يحيى، ثنا إبراهيم بن قدامة، ... (651) - قوله: «ثنا هارون بن موسى الفروي» : الشيخ الصدوق: أبو موسى المدني، مولى آل عثمان بن عفان رضي الله عنه، من رجال الترمذي والنسائي، وثقه الدارقطني ومسلمة، وقال النسائي وابن حجر: لا بأس به. تهذيب الكمال [30/ 113] ، تهذيب التهذيب [11/ 13] ، الكاشف [3/ 190] ، التقريب [/ 569] الترجمة رقم 7245، الجرح والتعديل [9/ 95] ، ثقات ابن حبان [9/ 241] . قوله: «ثنا محمد بن يحيى» : الكناني، أبو غسان المدني، من رجال البخاري في الصحيح، قال النسائي: ليس به بأس. تهذيب الكمال [30/ 113] ، تهذيب التهذيب [9/ 456- 457] ، الكاشف [3/ 95] ، التقريب [/ 513] الترجمة رقم 6390، التاريخ الكبير [1/ 266] ، الجرح والتعديل [8/ 123] ، الثقات لابن حبان [9/ 74] ، والجمع بين رجال الصحيحين [2/ 465] . قوله: «ثنا إبراهيم بن قدامة» : هو ابن عمر بن قدامة بن مظعون الجمحي، لم أر من ذكره في الأسماء أو تكلم فيه، غير أنه مذكور في الرواة عن أبيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 عن أبيه: أن عثمان بن مظعون تفل في المسجد فأصبح مكتئبا، فقالت امرأته: ما لي أراك مكتئبا؟ فقال: لا شيء إلا أني تفلت في القبلة وأنا أصلي، قال: فعمدت إلى القبلة فغسلتها، ثم حملت خلوقا فخلّقتها، فكانت أول من خلّقت القبلة. 652- وروى عمرو بن دينار: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فقال: من فعل هذا؟ أيحب أحدكم أن يكون كيّة في وجهه؟. قوله: «عن أبيه» : هو قدامة بن عمر بن قدامة بن مظعون القرشي، الجمحي، المكي، رأى أنس بن مالك وروى عنه، وروى عن جماعة من التابعين، علق له البخاري، وأخرج له مسلم وغيره، وهو ثقة عند الجمهور. تهذيب الكمال [23/ 553] ، تهذيب التهذيب [8/ 327] ، الكاشف [2/ 342] ، ثقات ابن حبان [7/ 340] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 427] ، التاريخ الكبير [7/ 179] ، الجرح والتعديل [7/ 128] ، التقريب [/ 454] الترجمة رقم 5530. قوله: «فكانت أول من خلّقت القبلة» : أخرجه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له- كما في وفا السمهودي [1/ 660] تابعه ابن شبة، عن محمد بن يحيى، أخرجه في تاريخ المدينة له [1/ 28] . (652) - قوله: «أيحب أحدكم أن يكون كيّة في وجهه» : مرسل، لم أقف عليه هكذا، لكن انظر تخريج الآتي بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 653- وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بزق في قبلة المسجد جاء يوم القيامة وهي في وجهه. 654- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه البقلة- يعني: البصلة- فلا يقربن مسجدنا. 655- وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه فقام فحكها بيده وقال: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبصقن أحدكم في القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه. (653) - قوله: «وعن حذيفة» : أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 365] ورجال إسناده رجال الصحيح. وفي الباب عن ابن عمر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 365] ، وابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 27] : من تنخم في المسجد بعث يوم القيامة وهي في وجهه، لفظ ابن شبة، وقال ابن أبي شيبة: إذا بزق في القبلة جاءت أحمى ما يكون يوم القيامة حتى تقع بين عينيه، رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 293] رقم 7960 من حديث أبي أمامة، وفي إسناده جعفر بن الزبير، وهو ضعيف. (654) - قوله: «من أكل من هذه البقلة» : يأتي في أبواب آدابه صلى الله عليه وسلم وصفة أخلاقه برقم: 1763، ويأتي تخريجه هناك. (655) - قوله: «وعن أنس» : هو في الصحيحين، وقد خرجناه في كتاب الصلاة من المسند الجامع للحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، باب كراهية البزاق في المسجد [6/ 431] تحت رقم 1512- فتح المنان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، فرد بعضه على بعض. 656- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: تفقدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم. (656) - قوله: «تفقدوا نعالكم» : أخرجه أبو نعيم في الحلية [7/ 269] من حديث مسعر، عن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص به، مرفوعا، وقال: غريب من حديث مسعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 [136- باب الصّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم] 136- باب الصّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 657- حدثنا أبو الفضل: جعفر بن الفضل الوزير بمكة حرسها الله، ثنا الفضل بن الخصيب بأصبهان، ثنا أبو مسعود: أحمد بن الفرات، (657) - قوله: «ثنا الفضل بن الخصيب» : هو ابن العباس بن نصر الأصبهاني، الحافظ الصدوق، المحدث الرحالة: أبو العباس الزعفراني، أحد مشاهير الأصبهانيين، توفي في رمضان سنة 319. سير أعلام النبلاء [14/ 551] ، أخبار أصبهان [2/ 154] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 319- ص 588] . قوله: «أحمد بن الفرات» : هو ابن خالد الرازي الحافظ الكبير، الحجة الجليل، نزيل أصبهان ومحدثها وأحد شيوخ أبي داود في السنن، ممن جمع وصنف في التفسير والأحكام والفوائد. انظر عنه في: الجرح والتعديل [2/ 67] ، تاريخ بغداد [4/ 343] ، سير أعلام النبلاء [12/ 480] ، الوافي بالوفيات [7/ 280] ، تهذيب الكمال [1/ 422] ، تهذيب التهذيب [1/ 57] ، طبقات الحنابلة [1/ 53] ، أخبار أصبهان [1/ 82] ، تذكرة الحفاظ [2/ 544] ، النجوم الزاهرة [3/ 29] ، تاريخ ابن عساكر [5/ 150] ، التقريب [/ 83] الترجمة رقم 88، طبقات المحدثين بأصبهان [2/ 254] ، الكاشف [1/ 25] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 ثنا محمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلّا المسجد الحرام. قوله: «ثنا محمد بن عبيد» : هو ابن أبي أمية الطنافسي، الكوفي، الأحدب، الإمام الحافظ الثقة، أخو يعلى وعمر، حديثه في الكتب الستة. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [9/ 436] ، الجرح والتعديل [8/ 10] ، التاريخ الكبير [1/ 173] ، طبقات ابن سعد [6/ 397] ، تهذيب الكمال [26/ 54] ، تهذيب التهذيب [9/ 291] ، الكاشف [3/ 66] ، تذكرة الحفاظ [1/ 333] ، التقريب [/ 495] الترجمة رقم 6114، الثقات [7/ 441] ، تاريخ بغداد [2/ 365] . قوله: «عن عبيد الله بن عمر» : أخرجه من طرق عنه: الإمام أحمد في مسنده [2/ 16، 101، 102] ، والحافظ أبو محمد الدارمي في كتاب الصلاة من المسند الجامع [6/ 473] رقم 1538- فتح المنان (وانظر تعليقنا وتخريجنا له) -، ومسلم في الحج، باب فضل الصلاة بمسجد مكة والمدينة، رقم 1395، وابن ماجه في الإقامة، باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام، رقم 1405، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 246] ، والخطيب في تاريخه [4/ 162] . ومن طرق عن نافع وغيره عن ابن عمر، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 29، 68، 155] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 9137، ومسلم برقم 1395 (وما بعده) ، والنسائي في المناسك، باب فضل الصلاة في المسجد الحرام رقم 2897، والطيالسي برقم 1826، وأبو يعلى في مسنده [10/ 163] رقم 5787، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 246] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 658- وقال صلى الله عليه وسلم: من خرج على طهر حتى يأتي مسجدي هذا- مسجد المدينة- فيصلي فيه ركعتين كانتا عدل عتق رقبة. 659- وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتم المساجد، ... (658) - قوله: «مسجدي هذا- مسجد المدينة-» : هو حديث يوسف بن طهمان، يحدث به مرة فيقول: مسجد قباء، وتارة يقول: مسجدي هذا، وتارة يجمعهما فيجعل الصلاة بمسجد المدينة بمنزلة حجة، وقد تقدم تخريجه في فضل مسجد قباء. (659) - قوله: «وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن» : هذا مرسل، وأصله في صحيح مسلم، فأخرج في الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، من طريق الزهري عنه وعن أبي عبد الله الأغر- وكان من أصحاب أبي هريرة-، أنهما سمعا أبا هريرة يقول: صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، وإن مسجده آخر المساجد. قال أبو سلمة وأبو عبد الله: لم نشك أن أبا هريرة كان يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعنا ذلك أن نستثبت أبا هريرة عن ذلك الحديث، حتى إذا توفي أبو هريرة تذاكرنا ذلك، وتلاومنا أن لا نكون كلمنا أبا هريرة في ذلك حتى يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا ذلك الحديث، والذي فرطنا فيه من نص أبي هريرة عنه، فقال لنا عبد الله بن إبراهيم: أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 وهو أحق المساجد أن يزار وأن يركب إليه الرواحل بعد المسجد الحرام. 660- وعن ابن عمر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا سمع الأصوات في المسجد مرتفعة قال: إياكم واللغط، فإن مسجدنا لا ترفع فيه الأصوات. قوله: «وهو أحق المساجد أن يزار» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 336، 350] ، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 11] رقم 11347، وأبو يعلى في مسنده [4/ 182- 183] رقم 2266، والبزار في مسنده [2/ 4 كشف الأستار] رقم 1075، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 415، 5/ 216] رقم 744، 4427، والطحاوي في المشكل [1/ 241] ، جميعهم من حديث أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: خير ما ركبت إليه الرواحل: مسجدي هذا والبيت العتيق، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1616. قوله: «بعد المسجد الحرام» : أخرجه بهذ اللفظ من وجه آخر من حديث عائشة رضي الله عنها: البزار في مسنده [2/ 56 كشف الأستار] رقم 1193، وابن النجار في أخبار المدينة [/ 72] ، والديلمي في مسند الفردوس [1/ 45- 46] رقم 112، جميعهم من طريق موسى بن عبيدة- وهو ضعيف- عن داود بن مدرك، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها به مرفوعا، وزاد البزار في آخر: وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام. (660) - قوله: «وعن ابن عمر» : أخرجه من طرق- وبعضهم يزيد فيه قصة-: ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 419] ، وعبد الرزاق في المصنف [1/ 437- 438] الأرقام: 1711، 1712، 1713، وابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 34] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 661- ويروي عن السائب بن يزيد قال: كنت مضطجعا في المسجد، فحصبني إنسان فرفعت رأسي فإذا أنا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: اذهب فائتني بهذين الرجلين، قال: فانطلقت حتى جئت بهما، فقال: من أين أنتما؟ - أو: من أنتما؟ - قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد ما فارقتكما حتى أو جعكما جلدا، أترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. 662- وقيل: لما دخل عمر بن عبد العزيز مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: قد بقي في حجرة عائشة رضي الله عنها موضع قبر واحد، فلو أمرت حتى إذا مت قبرت فيه، فقال: والله لو خررت من السماء على هامة رأسي أحب إليّ من أن يخطر ببالي أن أقبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة واحدة. 663- ودخل أبو معاوية الأسود رضي الله عنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا- وأخرج مالك في الموطأ- رواية أبي مصعب الزهري- رقم 581 من حديث أبي النضر، عن سالم بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب بنى إلى جنب المسجد رحبة سماها: البطيحاء، فكان يقول: من أراد أن يغلط أو ينشد شعرا أو يرفع صوتا فليخرج إلى هذه الرحبة. (661) - قوله: «عن السائب بن يزيد» : أخرج حديثه الإمام البخاري في الصلاة، باب رفع الصوت في المسجد، رقم 470. (663) - قوله: «ودخل أبو معاوية الأسود» : أحد الأولياء الكبار، من أصحاب سفيان الثوري، قال الحافظ الذهبي في السير: كان يعد من الأبدال، كان قد ذهب بصره، فإذا نشر القرآن أبصر بإذن الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 فغشي عليه، فلما أفاق قال: أخرجوني منها، فإني أخشى أن أموت فأقبر في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقذفني الأرض فأفتضح، قال: فأخرج، وقال: إني لست ممن تقبلني أرض قبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم. 664- وروي أن قوما قدموا بسفط من عود على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلم يسع الناس، فقال عمر رضي الله عنه: جمروا به المسجد ينتفع به المسلمون، فبقيت سنة في الخلفاء إلى اليوم، يؤتى كل عام بسفط من عود يجمر به المسجد ليلة الجمعة ويوم الجمعة عند المنبر من خلفه إذا كان الإمام يخطب. - انظر أخباره وأقواله المأثورة في: حلية الأولياء [8/ 271] ، سير أعلام النبلاء [9/ 78] ، صفة الصفوة [4/ 271] ، سير أبي القاسم الأصبهاني [4/ 1256] الترجمة رقم 518. (664) - قوله: «وروي أن قوما» : أخرجه يحيى بن الحسين في أخبار المدينة له، - عمدة المصنف في هذا الباب- من طريق محمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبيه به، فهو مسند عن المصنف من طريق يحيى بن الحسين إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناده المتقدم. وأخرجه أيضا: ابن النجار في أخبار المدينة [/ 84] . وانظر: الوفا للسمهودي [2/ 663] . وأخرج أيضا عن سعد القراظ قال: قدم على عمر بعود فقسمه بين الهاجرين، ثم قسم للمسجد حظا، فكان يجمره في الجمع، فجرى ذلك إلى اليوم، وولاه سعد القرظ فكان الذي يجمر المسجد. وروى ابن زبالة في أخبار المدينة عن نعيم المجمر، عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له: تحسن تطوف على الناس بالمجمرة تجمرهم؟ فقال: نعم، فكان عمر يجمرهم يوم الجمعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 665- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تشدوا الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الأقصى، والمسجد الحرام. - وأخرج أبو يعلى في مسنده [1/ 170] رقم 190 من حديث العمري، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة. (665) - قوله: «لا تشدوا الرحال» : لفظ حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه مسلم في الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، رقم 415 وأوله: عن أبي سعيد قال: سمعت منه حديثا فأعجبني، فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع؟! قال: سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشدو الرحال ... الحديث. وأخرجه البخاري في فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد بيت المقدس، رقم 1197 ولفظه عنده:.. ولا تشدّ الرحال ... الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 [137- باب ذكر ما هو مكتوب على جدر المسجد والشّرفات وعند الأبواب] 137- باب ذكر ما هو مكتوب على جدر المسجد والشّرفات وعند الأبواب 666- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رضي الله عنه إمام مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، عن طاهر بن يحيى قال: حدثني أبي، ثنا يوسف بن مسلم قال: * إن الكتب التي حول صحن المسجد مكتوبة فوق الطاقات، ودون الشرفات بالفسيفساء: بسم الله الرّحمن الرّحيم لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى آخر السورة إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ 667- قال: وعند باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 * وعلى باب النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب من خارج: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إلى آخر الآية * وعند باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً * وعلى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه مكتوب من خارج: بسم الله الرّحمن الرّحيم لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ إلى آخر الآيتين * وعلى الباب المستقبل دار ريطة مكتوب من خارج: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى آخر الآية * وعلى الباب المستقبل بيت أسماء بنت الحسن من داخل مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً إلى آخر السورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 * وعلى الباب المقابل دار خالد بن الوليد من داخل مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً إلى آخر السورة وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ إلى منتهى الآيتين * ثم على إثرها: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ الآية* وعليه من خارج مكتوب: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إلى آخر الآية* وعلى الباب المستقبل زقاق المباضع مكتوب من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الآيتين* وعليه مكتوب من خارج: بسم الله الرّحمن الرّحيم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ إلى آخر السورة * وعلى الباب مما يلي الصوافي من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم الم. اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إلى قوله: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الآية اللهمّ صلّ على محمّد عبدك ونبيّك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 * وعليه من خارج مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ الآيتين * وفي دبر المسجد مما يلي الشام في الباب الأول مكتوب من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً إلى آخر السورة* وعليه من خارج: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً اللهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك إمام المتّقين وخاتم النبييّن * وفي الباب الثاني مكتوب من داخل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ إلى منتهى ثلاث آيات وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ * وفي الباب الثالث من داخل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* وفي الباب الرابع مكتوب من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 * وعلى الباب مما يلي المغرب على آخر أبواب المسجد مما يلي دار منبره صلى الله عليه وسلم مكتوب من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ إلى قوله تعالى: إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ * ومن خارج الباب الذي يليه، يقوم عليه سقف المسجد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْقارِعَةُ إلى آخرها * وعلى الباب الذي يستقبل دار منبره صلى الله عليه وسلم أيضا مكتوب من داخله: بسم الله الرّحمن الرّحيم مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ إلى خاتمة السورة * وعليه من خارج مكتوب: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الآية * وعلى الباب الذي يستقبل دار نصير مكتوب من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ الآية إلى خاتمة السورة اللهمّ صلّ على عبدك ونبيّك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 * وعليه مكتوب من خارج: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ الآيتين * وعلى الباب المستقبل لباب جعفر بن يحيى من داخل: بسم الله الرّحمن الرّحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً اللهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك أفضل ما صلّيت على أحد من أنبيائك ورسلك، اللهمّ ابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، كما بلّغ رسالاتك ونصح عبادك وتلا آياتك * وفي الطاق تحته: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ إلى قوله تعالى: تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ صلوات الله على محمّد النبيّ والسلام عليه ورحمة الله وبركاته * وعليه مكتوب من خارج: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ إلى آخر السورة * وعلى باب عاتكة من داخل مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إلى خاتمة السورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 * وتحت الكتاب: الطاق: بسم الله الرّحمن الرّحيم لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ الآيتين وبسم الله الرّحمن الرّحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخرها صلّى الله على محمّد وعليه السلام ورحمة الله وبركاته * وعليه من خارج مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ والكتاب الذي كتبه عمر بن عبد العزيز في قبلة المسجد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى ختمها، ثم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحاها إلى آخرها وبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ إلى آخرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 [138- باب ما جاء في فضائل الشهداء وزيارة قبورهم] 138- باب ما جاء في فضائل الشهداء وزيارة قبورهم 668- أخبرنا أبو حامد: أحمد بن محمد بن حمدان المراري، المعدّل رضي الله عنه، أنا أبو العباس: محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا أبو رجاء: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغدادي، أنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن جابر بن عبد الله أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: أيهما أكثر أخذا بالقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللّحد وقال: أنا أشهد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا. (668) - قوله: «المراري» : بفتح الميم وألف بين رائين مهملتين، ذكره الحافظ السمعاني في الأنساب [5/ 248] وقال: هذه النسبة إلى: المرار، وهو نوع من الحبال المتخذة من القنب وهو جلد الكتان، لبيعه وعمله، قال: والمشهور بهذه النسبة ... ثم ذكر صاحبنا وقال: سمع أبا العباس بن عقدة الحافظ بالكوفة ... سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ. اهـ. باختصار قلت: فعلى هذا هو من شرط الخطيب، أغفله، وكذا لم يذكره الحافظ الذهبي في سيره. قوله: «أنا أبو العباس: محمد بن إسحاق الثقفي» : هو السراج، الحافظ، تقدم. والإسناد على شرط الصحيحين وهو عندهما، يأتي تخريجه، وذكر الاختلاف فيه على الزهري في المغازي، عند الكلام على غزوة أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 669- وعن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه قال: لما انكشف الناس يوم أحد، وقف النبي صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير فقال: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) ، اللهمّ إنّ عبدك ونبيك يشهد إن هؤلاء لشهداء، فأتوهم وسلموا عليهم، فلن يسلم عليهم أحد ما قامت السماوات والأرض إلّا ردوا عليه. 670- قال: ثم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفا آخر فقال: هؤلاء أصحابي الذين أشهد لهم يوم القيامة، قال أبو بكر رضي الله عنه: فما نحن بأصحابك يا رسول الله؟ قال: بلى، ولكن لا أدري كيف تكونون بعدي، إنهم خرجوا من الدنيا خماصا، فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: وإنا لكائنون بعدك؟!. (669) - قوله: «وعن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة» : المدني، أخو إسحاق، مولى آل عثمان بن عفان، وكان ثقة فقيها، قال الدوري عن يحيى: عبد الحكيم، وعبد الأعلى، وصالح كلهم ثقات إلّا إسحاق- يعني: أخاهم-. انظر: تهذيب الكمال [16/ 358] ، تهذيب التهذيب [6/ 87] ، ذيل الكاشف [/ 169] ، التقريب [/ 331] الترجمة رقم 3732، التاريخ الكبير [6/ 71] ، الجرح والتعديل [6/ 27] ، ثقات ابن حبان [7/ 130] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 27] ، المعرفة والتاريخ [1/ 424، 626] . * وحديث عبد الأعلى معضل، وقد خرجناه في المغازي، عند الكلام على غزوة أحد. (670) - قوله: «ثم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفا آخر» : انظر روايات الباب وتخريجها في غزوة أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 671- وروى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على شهداء أحد فقال: أنا الشهيد على هؤلاء، زملوهم بدمائهم وجراحهم وثيابهم، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآنا. قال: ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. 672- وقال خباب بن الأرت: إنا قوم هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا، منهم: مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، لم يوجد له إلا بردة يكفن فيها، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونلقي على رجليه شيئا من الإذخر. 673- وروى كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجل أعزل: رأيت مقتله، قال: فانطلق فأرناه، (671) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» : هو في صحيح الإمام البخاري من رواية عبد الرحمن بن كعب عنه، يأتي تخريجه وذكر الاختلاف فيه على الزهري في المغازي، عند الكلام على غزوة أحد. (672) - قوله: «وقال خباب بن الأرت» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه، أولها في الجنائز، باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه، رقم 1276، وأخرجه مسلم في الجنائز أيضا، باب: في كفن الميت، رقم 940 (44) ، وانظر تحفة الأشراف [3/ 114] . (673) - قوله: «وروى كعب بن مالك» : خرجنا حديثه في المغازي، عند الكلام على غزوة أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على حمزة قد شق بطنه ومثل به، فقال: يا رسول الله قد مثل به والله، قال: فكره نبي الله صلى الله عليه وسلم أن ينظر إليه، فوقف بين ظهراني القتلى فقال: أنا شهيد على هؤلاء القوم، لفّوهم بجراحهم ودمائهم، فإنه ليس من جرح إلا جاء جرحه يوم القيامة يدمي، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك. 674- وروي: أن حمزة لما قتل أرسلت صفية بثوبين ليكفن فيهما، فنظروا، فإذا رجل من الأنصار مقتول إلى جنبه ليس له كفن، فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفن حمزة في ثوبيه ويترك الأنصاري بلا كفن، فكفن حمزة في ثوب، وأعطى الأنصاري الثوب الآخر فكفن فيه. 675- وقال طلحة بن عبيد الله: أردت مالا لي بالغابة، فأدركني الليل، فقلت: لو أني ركبت فرسي إلى أهلي كان خيرا لي من المقام هاهنا، فركبته حتى جئت ودنوت من قبور الشهداء، فآويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن حرام، فو الله ما هو إلا أن وضعت رأسي فسمعت (674) - قوله: «وروي أن حمزة» : يأتي في المغازي، عند الكلام على غزوة أحد، ويأتي تخريجه هناك. (675) - قوله: «وقال طلحة بن عبيد الله» : أخرج حديثه الحاكم أبو أحمد في الكنى له: حدثنا أبو حاتم: مكي بن عبدان، ثنا أحمد- يعني: ابن يوسف السلمي-، ثنا حماد بن سلمان الحراني، ثنا عيسى بن عبد الرحمن الأنصاري، أبو عبادة قال: أخبرني ابن شهاب قال: أخبرني ابن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه به. في إسناده: عيسى بن عبد الرحمن الزهري، ضعفه غير واحد، وقال النسائي: متروك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 قراءة في القبر، ما سمعت قراءة قط أحسن منها، فقلت: هذا القبر، لعله في الوادي، وأخرج إلى الوادي فإذا القراءة في القبر، فرجعت فوضعت رأسي عليه، فإذا قراءة لم أسمع مثلها قط، فاستأنست، وذهب عني النوم، فلم أزل أسمعها حتى طلع الفجر، فلما طلع الفجر هدأت القراءة، وهدأ الصوت حتى أصبحت، فقلت: لو جئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ذاك عبد الله بن عمرو، ألم تعلم يا طلحة أن الله عزّ وجلّ قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت قد علقها وسط الجنة، فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم، فلا يزال كذلك، حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانها الذي كانت فيه. 676- وقال جابر بن عبد الله: لما قتل أبي يوم أحد جعلت أكشف الثوب عنه أبكي، وجعل أصحابي ينهوني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبكيه أو لا تبكيه، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه. 677- وروى جعفر بن محمّد رضي الله عنه، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء، فتصلي هناك، وتدعو وتبكي حتى ماتت. (676) - قوله: «تبكيه أو لا تبكيه» : أخرجه البخاري في الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت، رقم 1244، وبرقم 1293، وفي الجهاد، باب ظل الملائكة على الشهيد، رقم 2816، وعلقه في المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد، رقم 4080، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام، رقم 2471. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 678- وعن العطاف بن خالد قال: حدثتني خالة لي- وكانت من العابدات- قالت: ركبت ومعي غلام لي، حتى جئت قبر حمزة، فصليت ما شاء الله، ولا والله ما في الوادي داعي ولا مجيب يتحرك، وغلامي آخذ برأس دابتي، فلما فرغت من صلاتي قلت: السلام عليكم، وأشرت بيدي، فسمعت رد السلام عليّ من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله خلقني، فاقشعرت كل شعرة مني، فدعوت الغلام، فقلت: هات، فأدنى فركبت. 679- وعن جابر بن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشعرت يا جابر أنّ الله عزّ وجلّ أدنى أباك فكلمه كفاحا فقال: تمن عليّ ما شئت، فقال: أتمنى أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك مرة أخرى. (678) - قوله: «وعن العطاف بن خالد» : القرشي، المخزومي، أبو صفوان المدني، من أقران الليث بن سعد، قال غير واحد: لا بأس به. انظر عنه في: تهذيب الكمال [20/ 138] ، تهذيب التهذيب [7/ 197- 198] ، الكاشف [2/ 234] ، سير أعلام النبلاء [8/ 242] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 406] ، التاريخ الكبير [7/ 92] ، الجرح والتعديل [7/ 32] ، الميزان [3/ 466] ، الكامل لابن عدي [5/ 2015] ، التقريب [/ 393] الترجمة رقم 4612. (679) - قوله: «فأقتل في سبيلك مرة أخرى» : زاد في رواية: قال الله تعالى: إني قضيت أنهم لا يرجعون، أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه، باب سورة آل عمران، رقم 3010- وقال: حسن غريب-، وابن ماجه في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله، وابن أبي عاصم في السنة برقم 602، والواحدي في أسباب النزول- الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 680- وروى الزهري، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن شهداء المؤمنين بأحد بدمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم. 681- وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: جاء عمرو بن الجموح إلى -[/ 86] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 298- 299] ، وابن مردويه في تفسير- كما في مشارع الأشواق لابن النحاس [1/ 698]- جميعهم من طرق عن موسى بن إبراهيم الأنصاري، عن طلحة بن خراش، عن جابر، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7022، والحاكم في المستدرك [3/ 203] ، ووافقه الذهبي. وله طريق أخرى، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 361] ، والحميدي برقم 1265، وأبو يعلى [4/ 6] رقم 2002، وابن جرير في تفسيره [4/ 172] ، من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بنحوه. وأخرجه البزار في مسنده [3/ 259 كشف الأستار] رقم 2706، والبيهقي في الدلائل [3/ 298] من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله: يا جابر ألا أبشرك؟ ... الحديث صححه الحاكم في المستدرك [3/ 203] ووافقه الذهبي. (680) - قوله: «وروى الزهري» : يأتي تفصيل الاختلاف عليه في غزوة أحد. (681) - قوله: «جاء عمرو بن الجموح» : أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 7024- الإحسان- من حديث موسى بن إبراهيم قال: سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابرا يقول:.. فذكره. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 299] من وجه آخر من طريق حميد بن زياد، عن يحيى بن النضر، عن أبي قتادة بنحو حديث جابر. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 315] : يحيى بن النضر الأنصاري ثقة، وباقي رجاله رجال الصحيح، وحسنه الحافظ في الفتح [3/ 216] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد- وكان أعرج- فقال: يا رسول الله من قتل اليوم دخل الجنة؟ قال: نعم، قال: والذي نفسي بيده لا أرجع إلى أهلي حتى أدخل الجنة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا عمرو تتألى على الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن منهم من لو أقسم على الله لأبره، فالتفت عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أين الجنة؟ قال: تحت الأبارقة، قال: فخرج ولم يرجع حتى استشهد، فقال صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى عمرو بن الجموح يخوض الجنة بعرجته. 682- قال مسروق بن الأجدع: سألنا ابن مسعود رضي الله عنه عن هؤلاء الآيات: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية، قال: أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا: إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله تعالى أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فيطلع اليهم ربك إطلاعة فيقول: يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم؟ يقولون: يا ربنا لا فوق ما أعطيتنا، نأكل من حيث شئنا إلا أنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا ثم نرد إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى. (682) - قوله: «قال مسروق بن الأجدع» : خرجنا حديثه في كتاب الجهاد من مسند الحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، باب ما يتمنى الشهيد من الرجعة إلى الدنيا، تحت رقم 2566- فتح المنان، وذكرنا أنه روي مرفوعا وموقوفا، وكلاهما صحيح، كما قال الحافظ ابن النحاس الدمياطي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 683- وروى المقدام بن معدي كرب: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ للشهيد عند الله تبارك وتعالى تسع خصال: يغفر له بأول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من يوم الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ... (683) - قوله: «وروى المقدام بن معدي كرب» : كنيته: أبو كريمة الكندي، صحابي معمر مشهور، نزل الشام، ومات بها سنة سبع وثمانين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، يقال: قبره بحمص. طبقات ابن سعد [7/ 415] ، تاريخ ابن عساكر [60/ 184] ، أسد الغابة [5/ 254] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 112] ، الإصابة [9/ 274] ، التاريخ الكبير [7/ 429] ، تهذيب الكمال [28/ 458] ، العبر [1/ 103] ، البداية والنهاية [9/ 73] ، سير أعلام النبلاء [3/ 427] ، المعرفة لأبي نعيم [5/ 2555] ، الثقات [3/ 395] ، مسند الإمام أحمد [4/ 130] ، معجم الطبراني الكبير [20/ 261] ، الاستيعاب [10/ 268] . قوله: «تسع خصال» : في الأصول: ست وهي لا توافق المعدود، واللفظ موافق للفظ الحافظ عبد الرزاق وفيه تسع، ووقع في رواية الترمذي والإمام أحمد: ست، والمعدود في المتن: سبع وتسع!. قوله: «ويزوج اثنتين وسبعين» : هكذا في الحديث ذكر عدد الحور العين بعد قوله: ويزوج من الحور العين كخصلة غيرها، ولم تقع في رواية ابن ماجه فاتفق فيها عدد الخصال المعدودة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه. 684- وروى أبو الزبير المكي، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عزّ وجلّ أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم، وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عزّ وجلّ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً الآية. قوله: «ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 131] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 265] رقم 9559، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 266] رقم 629، وفي مسند الشاميين برقم 1120، والترمذي في فضائل الجهاد، باب ثواب الشهيد، رقم 1663- وقال: حسن صحيح غريب- وابن ماجه في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله، رقم 2799، وسعيد بن منصور في سننه برقم 2562. (684) - قوله: «وروى أبو الزبير المكي، عن ابن عباس» : روى حديثه محمد بن إسحاق فاختلف عليه فيه. فعامة أصحاب ابن إسحاق يقولون عنه: عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن ابن عباس به مرفوعا. وخالفهم عبد الله بن إدريس عنه، فأدخل سعيد بن جبير بين أبي الزبير وابن عباس. قال الحافظ المزي في التحفة: وقع في بعض الروايات: عن أبي الزبير، عن جابر، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 685- وروى ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء على بارق نهر بباب الجنة، في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا. 686- وقال أبو هريرة: ذكر الشهيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: - حديث العامة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 294] ، والإمام أحمد في المسند [1/ 265- 266] ، وأبو داود في الجهاد، باب فضل الشهادة، رقم 2520، وهناد في الزهد له برقم 155، والبيهقي في الدلائل [3/ 304] ، وفي إثبات عذاب القبر برقم 129، وابن جرير في تفسيره [4/ 170] ، وعبد بن حميد برقم 667- المنتخب. وحديث عبد الله بن إدريس أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 294] ، والآجري في الشريعة [/ 392] ، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 88، 297] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وقال ابن كثير في تفسيره [2/ 141] : هذا أثبت. (685) - قوله: «الشهداء على بارق نهر» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 290] ، والإمام أحمد في المسند [1/ 266] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 405] رقم 10825، وابن جرير في تفسيره [4/ 171- 172، 172] ، جميعهم من طرق عن ابن إسحاق- وقد صرح بالتحديث-، عن الحارث بن فضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس به مرفوعا، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4658، والحاكم في المستدرك [2/ 74] . (686) - قوله: «وقال أبو هريرة» : أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 290] ، ومن طريقه ابن ماجه في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله، رقم 2798 من حديث هلال بن أبي زينب- ضعف- عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة به مرفوعا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 لا تجف الأرض من دمه حتى تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيلهما في براح من الأرض، في يد كل واحدة منهما حلة، خير من الدنيا وما فيها. وبه ينتهي الجزء الثاني من كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم في تقسيمنا، ويليه إن شاء الله الجزء الثالث، وأوله: جامع أبواب المغازي والسرايا والمبعوث النبوية والحمد لله رب العالمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 فهرس موضوعات المجلد الثاني الموضوع الصفحة جامع أبواب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في طهارة أصله وكرامة محتده صلى الله عليه وسلم باب نسب النبي صلى الله عليه وسلم 7 قصيدة أبي العباس الناشي في نظم نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم (ش) 13 قصيدة ابن أبي الخصال رحمه الله في نظم نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم (ش) 16 فصل: في شرف أصله صلى الله عليه وسلم وكرامة محتده 22 باب جدات النبي صلى الله عليه وسلم وأجداده لأمه 28 باب ذكر أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم 40 باب ذكر عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم 45 باب ذكر أخواله وخالاته وإخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة 47 باب ذكر أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره 51 باب ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن وصفاته 54 باب ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم التي وردت بها الأخبار 61 فصل: فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الأسماء والكنى 69 فصل: ولقبه صلى الله عليه وسلم: الذبيح 74 فصل: ذكر قصة حفر عبد المطلب بئر زمزم 77 فصل: ذكر رواية أخرى لرؤيا عبد المطلب في أمر زمزم 80 فصل: ذكر رواية أخرى أيضا في ذلك 83 باب: في ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه ونعته وحليته 85 ذكر حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم 89 فصل: ذكر الآية في وجهه الشريف وعقله المنيف صلى الله عليه وسلم 103 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 فصل: ذكر الآية في عينه وقلبه وصفة نومه صلى الله عليه وسلم 106 فصل: ذكر الآية في خاتمه الشريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفته 109 فصل: ذكر الآية في بوله وغائطه صلى الله عليه وسلم 112 فصل: ذكر الآية في عرقه وما جاء في طيب ريحه صلى الله عليه وسلم 116 فصل: ذكر الآية في شعره الشريف صلى الله عليه وسلم 119 فصل: في ابتداء الدعوة 121 باب: في معاريج النبي صلى الله عليه وسلم 139 فصل: في وصفه صلى الله عليه وسلم النار 165 فصل: فيما ورد في وصف المعراج 169 فصل: في أسماء السماوات السبع ومن فيهن من الأنبياء 171 فصل: في ذكر ما رآه صلى الله عليه وسلم من عجائب المخلوقات ليلة الإسراء 180 فصل: في ما ورد في وصف جبريل عليه السّلام 191 فصل: في ما ورد في وصف البراق وسبب استصعابه 194 فصل: في ما رآه صلى الله عليه وسلم في نومه وحيا من الله عزّ وجلّ 196 باب ما جاء في فضل مكة 199 فصل: ذكر بعض أسماء مكة حرسها الله وزادها الله شرفا 205 فصل: في ذكر حدود الحرم، وكيف حرم 206 فصل: في ذكر عظم الذنب في حرم الله وحمل السلاح فيه 211 فصل: ما جاء في إخراج جبريل زمزم لأم إسماعيل عليهما السلام 215 فصل: ذكر ما جاء في فضل مائها، وهو ماء زمزم 220 فصل: ذكر ما كان عليه ذرع البيت حتى صار إلى ما هو عليه اليوم من خارج وداخل 228 فصل: ذكر تاريخ البيت وفضل ما حوله وما جاء في الحجر الأسود والركن والمقام والحجر 230 فصل: ذكر المقام وأول أمره، وكيف كان 242 فصل: ذكر ردّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المقام إلى وضعه الذي هو عليه الآن 245 فصل: ذكر ذرع المقام 246 فصل: في ما جاء في منبر مكة 247 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 فصل: في ذكر جبال مكة حرسها الله تعالى 248 فصل: في فضل المقام بمكة حرسها الله تعالى 250 فصل: ذكر حنين السلف إلى مكة بيت الله 262 فصل: في فضل الطواف بالبيت ودخوله والنظر إليه 265 فصل: ذكر اعتناء السلف بحج البيت وعدم تركهم له 282 فصل: في ذرع المسجد الحرام 285 فصل: في صفة باب الكعبة 286 فصل: في صفة عتبة باب الكعبة 287 فصل: ذرع الكعبة من داخل 288 فصل: في ذرع البيت من خارج 290 فصل: في الشاذروان حول الكعبة 291 فصل: ذكر الكراسي الموجودة في الكعبة 292 فصل: في صفة الروازن التي للضوء في سقف الكعبة 293 فصل: في صفة الدرجة 294 فصل: في صفة الجزعة وذرعها 295 فصل: في صفة الإزار الرخام الأسفل الذي في بطن الكعبة 295 فصل: في صفة الإزار الأعلى 297 فصل: في صفة فرش أرض البيت بالرخام 297 فصل: ذرع ما بين الأساطين 298 فصل: في عدد أساطين المسجد الحرام 299 فصل: في عدد الطاقات 300 فصل: في عدد أبواب المسجد الحرام 301 فصل: ذكر منى واتساعها أيام الحج وسبب تسميتها بذلك 304 فصل: ذكر مسجد الخيف وله عشرون بابا 308 فصل: في مسجد الكبش 312 فصل: ذكر قصة فداء إسماعيل 313 فصل: ذكر المسافة من منى إلى مزدلفة 314 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 فصل: حديث عبد الله بن الزبير بن العوام ومقتله رضي الله عنه 315 فصل: ذكر سبب بناء ابن الزبير البيت 319 باب ذكر الهجرة وحديث الغار 341 فصل: حديث أم معبد الخزاعية وفيه: وصف حلية النبي صلى الله عليه وسلم 354 باب ذكر مقدم النبي صلى الله عليه وسلم قباء، وبناء المسجد 365 باب ما جاء في إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وفضله 374 باب ما جاء في بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 383 فصل: ذكر توسعة مسجده صلى الله عليه وسلم وزيادته 388 فصل: ذكر مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار 392 باب ما جاء في تحويل القبلة 396 باب: في فضل تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم 405 فصل: ما جاء في أن الإيمان يأرز إلى المدينة 421 فصل: ما جاء في أن المدينة كالكير 423 فصل: في فضل المجاورة بالمدينة 427 فصل: في المدينة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون 430 فصل: في التحذير من إخافة أهل المدينة 432 باب ما جاء في الحنانة 436 باب ذكر العود الذي في المحراب 438 باب: في حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 439 باب ما جاء في بيت فاطمة رضي الله عنها 444 باب ما جاء في سد الأبواب الشوارع 448 باب ما جاء في أول من خلّق القبلة 455 باب الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 459 باب ذكر ما هو مكتوب على جدر المسجد 466 باب ما جاء في فضائل الشهداء 473 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 الجزء الثالث [جامع أبواب المغازي والسّرايا والبعوث النّبويّة] جامع أبواب المغازي والسّرايا والبعوث النّبويّة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 [139- باب ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم] 139- باب ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم 687- أخبرنا أبو بكر: أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار القرشي الجرجاني- قدم علينا ونزل طريق الريّ- قال: أخبرنا أبو خليفة: الفضل ابن حباب الجمحي، ثنا أبو الوليد وأبو عمرو الحوضي قالا: ثنا شعبة، (687) قوله: «أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار» : ابن مصعب بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي، الأموي، ترجمت له في باب ذكر الهجرة، وذكرت قول أبي بكر البيهقي: لا أستحل رواية شيء من أحاديثه. اه. مع استقامة حاله، وإعراضه عن القضاء والدخول في أمور السلطان حتى حبس في ذلك، وحديث الباب في الصحيحين كما سيأتي. قوله: «الفضل بن حباب الجمحي» : واسم الحباب: عمرو بن محمد بن البصري، الإمام شيخ الوقت، ممن عني بهذا الشأن وهو مراهق، ولذلك لقي الأعلام، وكتب علما جما، وكان ثقة صادقا مأمونا، أديبا فصيحا مفوها، رحل إليه من الافاق وعاش مئة عام سوى أشهر، قاله الذهبي، وانظر: سير أعلام النبلاء [14/ 7] ، تذكرة الحفاظ [2/ 670] ، أخبار أصبهان [2/ 151] ، مرآة الجنان [2/ 246] ، البداية والنهاية [11/ 128] ، طبقات القراء لابن الجزري [2/ 8] ، الميزان [3/ 350] ، لسان الميزان [4/ 438] ، بغية الوعاة [2/ 245] ، النجوم الزاهرة [3/ 193] . قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو الطيالسي، واسمه: هشام بن عبد الملك الباهلي، وأبو عمرو- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 عن أبي يعفور: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو: ست غزوات- شك شعبة-، وكنا نأكل الجراد. - الحوضي: هو حفص بن عمر الأزدي، كلاهما من رجال الصحيح الأثبات. قوله: «عن أبي يعفور: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس» : كذا قال الشيخ في تعيين أبي يعفور وتسميته، والخلاف جار في راوي حديث الباب هل هو أبو يعفور الأكبر أو الأصغر، والجمهور على أنه أبو يعفور الأكبر، واسمه: وقدان- أو: واقد- العبدي الكوفي، وهو الصحيح عند جماعة، قال الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث الباب: أبو يعفور: هو العبدي، واسمه: وقدان، وقيل: واقد، وقال مسلم: اسمه واقد، ولقبه وقدان، وهو الأكبر ... قال: وقد ذكرت كلام النووي- يعني في كتاب الصلاة- وجزم بأنه الأصغر، والصواب أنه الأكبر، قال: وبذلك جزم الكلاباذي وغيره، والنووي تبع في ذلك ابن العربي وغيره، قال: والذي يرجح كلام الكلاباذي جزم الترمذي بعد تخريجه بأن راوي حديث الجراد هو الذي اسمه واقد ويقال: وقدان، وهذا هو الأكبر، قال: ويؤيده أيضا أن ابن أبي حاتم جزم في ترجمة الأصغر بأنه لم يسمع من عبد الله بن أبي أوفى. اه. قوله: «وكنا نأكل الجراد» : تابعه عن أبي خليفة: 1- ابن حبان، أخرجه في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 5257. 2- أبو بكر الإسماعيلي، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى [9/ 256- 257] . والحديث في الصحيحين، كما بيناه عند تخريجنا له في كتاب الصيد من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 قال أبو سعد رحمه الله ورضي عنه: 688- غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ستّا وعشرين غزاة، وقاتل منها في تسع غزوات، وهي: بدر، وأحد، والخندق، وبنو قريظة، والمصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف. - مسند الحافظ أبي محمد الدارمي [8/ 110] رقم 2141- فتح المنان من حديث الفريابي، عن سفيان، عن أبي يعفور به. (688) قوله: «غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ستا وعشرين غزاة» : أخرج البخاري في أول المغازي من صحيحه من حديث أبي إسحاق السبيعي قال: كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة ... الحديث. قال الحافظ في الفتح: مراده الغزوات التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه سواء قاتل فيها أو لم يقاتل، لكن روى أبو يعلى [4/ 167] رقم 2239 من طريق أبي الزبير عن جابر قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين غزوة، وإسناده صحيح، وأصله في مسلم، فعلى هذا فات زيد بن أرقم ذكر اثنتين، ولعلهما الأبواء وبواط، وكأن ذلك خفي عليه لصغره. قلت: وكذلك روى يعقوب بن سفيان [3/ 278 نصوص مقتبسة من المعرفة والتاريخ] ، عن قتادة: غزا نبي الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، مثل قول زيد، مرسل بإسناد صحيح. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 294- 295] ، ومن طريقه يعقوب ابن سفيان كما في البداية والنهاية لابن كثير [3/ 241]- بإسناد صحيح من حديث الزهري قال: سمعت ابن المسيب يقول: غزا النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة غزوة، قال: وسمعته مرة أخرى يقول: أربعة وعشرين غزوة، فلا أدري أكان وهما منه أو شيئا سمعه بعد ذلك. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 ......... - وأخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 5- 6] من حديث جماعة من أصحاب المغازي والسير، منهم ابن إسحاق والواقدي وموسى بن عقبة، قالوا: كان عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي غزا فيها بنفسه: سبعا وعشرين، وكانت سراياه التي بعث بها: سبعا وأربعين سرية، وكان ما قاتل فيها من المغازي تسع غزوات: بدر القتال، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، وفتح مكة وحنين والطائف فهذا ما اجتمع لنا عليه، وفي بعض روايتهم: أنه قاتل في بني النضير ولكن الله جعلها له نفلا خاصة، وقاتل في غزوة وادي القرى منصرفه من خيبر وقتل بعض أصحابه وقاتل في الغابة. قال أبو عاصم: ثم اختلف أهل المغازي والسير أيضا في عدد الغزوات التي قاتل فيها صلى الله عليه وسلم بنفسه، ويرجع سبب ذلك إلى إغفال بعضهم للغزوات المتقاربة وذكرهم للأولى دون الثانية منهما، نحو إغفالهم لبني قريظة التي كانت في إثر الأحزاب- أو الخندق- كما فعل موسى بن عقبة فذكر أن ما قاتل فيه صلى الله عليه وسلم بنفسه ثمان غزوات، فذكر الأحزاب دون قريظة، وكما روي عن مكحول فيما أخرجه يعقوب بن سفيان البداية والنهاية لابن كثير-[3/ 241] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثماني عشرة غزوة، قاتل في ثماني غزوات، فجعل حنين والطائف واحدة لتقاربهما، فإذا تبين هذا أمكن الجمع بين قول زيد بن أرقم وجابر بن عبد الله في عدد غزواته صلى الله عليه وسلم. وأما البعوث والسرايا، فتقدم عن ابن سعد عدّها سبعا وأربعين، وحصر ابن الجوزي في التلقيح [/ 78] ، السرايا التي ذكرها ابن سعد ثم قال: فهذه ست وخمسون سرية، وعدّها الواقدي ثمانيا وأربعين، أخرجه ابن سعد في الطبقات ومن طريقه ابن جرير، وعدّها ابن إسحاق ستا وثلاثين، وقال المسعودي في المروج [2/ 306] : وقيل إن سراياه صلى الله عليه وسلم وبعوثه كانت ستا وستين، وقال الحافظ في الفتح: بلغ بها شيخنا في نظم السيرة زيادة على السبعين، ووقع عند الحاكم في الإكليل أنها تزيد على مائة، فلعله أراد ضم المغازي إليها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 [140- فصل: ذكر حديث بدر ونصرة الله رسوله والمسلمين] 140- فصل: ذكر حديث بدر ونصرة الله رسوله والمسلمين 689- فأما قصة بدر: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن عيرا مقبلة لأهل مكة من الشام، فيها أبو سفيان في تسعين رجلا، فشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج إليه، فخرج في ثلاثمائة وسبعين، يعتقب النفر على البعير الواحد، منهم مائتان وسبعون من الأنصار، والباقون من سائر قوله: «ذكر حديث بدر» : انظر عنها في: مغازي الواقدي [1/ 19] ، أنساب البلاذري [1/ 344] ، تاريخ ابن جرير [2/ 420] ، سيرة ابن هشام [1/ 606] ، كشف الأستار [2/ 309] ، دلائل البيهقي [3/ 23- 135] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 353] ، طبقات ابن سعد [2/ 11] ، كنز العمال [10/ 391] ، الاكتفاء لأبي الربيع [2/ 13] ، مجمع الزوائد [6/ 68] ، الخصائص الكبرى [1/ 491] . (689) قوله: «فشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه» : أخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 188] من حديث حميد الطويل، عن أنس قال: استشار النبي صلى الله عليه وسلم مخرجه إلى بدر، فأشار عليه أبو بكر، ثم استشارهم، فأشار عليه عمر، ثم استشارهم، فقال بعض الأنصار: إياكم يريد رسول الله يا معشر الأنصار، فقال بعض الأنصار: يا رسول الله، إذا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ، ولكن والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لا تبعناك، أخرجه النسائي أيضا. قال ابن كثير في تاريخه: إسناد ثلاثي صحيح على شرط الصحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 الناس، وذلك في شهر رمضان، وعده الله بالفتح، ولم يشك صلى الله عليه وسلم أنه الظفر بالعير. فلما خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة بلغ أبا سفيان الخبر، فأخذ بالعير على الساحل، وأرسل إلى أهل مكة يستصرخ بهم، فخرج منهم نحو ألف رجل من سائر بطون قريش إلّا بني عدي، ورجع الأخنس بن شريق الثقفي ببني زهرة من الطريق- وكان حليفا لهم فبقي نحو تسعمائة وسبعين رجلا، وفيهم: العباس، وعقيل، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب خرجوا مكرهين، وكان أشرافهم المطعمون، منهم: العباس بن عبد المطلب، وعتبة بن ربيعة، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعمة بن عدي، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، والنضر بن الحارث بن كلدة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو. 690- قال: فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر- وهي بئر منسوبة إلى صاحبها، رجل من بني غفار يقال له: بدر-، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفوات العير ومجيء قريش، شاور أصحابه في لقائهم أو الرجوع عنهم، فقالوا: الأمر لك، فالق بنا القوم. 691- فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم على بدر وذلك لسبعة عشر يوما من رمضان، فكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: أبيض مع مصعب بن عمير، وراية سوداء من مرط عائشة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمدهم الله تعالى بخمسة ألاف من الملائكة، وكثر الله تعالى المسلمين في أعين الكفار، وقلل المشركين في أعين المؤمنين كيلا يفشلوا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من تراب فرماه إليهم وقال: شاهت الوجوه، فلم يبق منهم أحدا إلّا اشتغل بفرك عينيه. 692 وروى عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، ونظر إلى أصحابه وهم ثلثمائة وتسعة عشر أو ستة عشر، قال: فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يده وجعل يهتف بربه عزّ وجلّ: اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، قوله: «فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من تراب» : أخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 285] رقم 11750 من حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ناولني كفا من حصباء، فناوله، فرمى به في وجوه القوم، فما بقي أحد من القوم إلّا امتلأت عيناه من الحصباء فنزلت: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 84] : رجاله رجال الصحيح. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [3/ 227] ، من حديث حكيم بن حزام قال: لما كان يوم بدر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ كفا من الحصباء، فاستقبلنا به فرمانا بها وقال: شاهت الوجوه، فانهزمنا فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 84] . (692-) قوله: «وروى عبد الله بن عباس» : أخرج حديثه عن عمر بن الخطاب: مسلم في الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، من طريق سماك بن الوليد أبي زميل الحنفي، عنه، رقم 1763 (58) ، وهو في المغازي من صحيح البخاري أخصر منه، من طريق عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا، رقم 3953. قال الحافظ في الفتح: هذا من مراسيل الصحابة، فإن ابن عباس لم يحضر ذلك، ولعله أخذه عن عمر. اه. ثم ذكر رواية مسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لاتعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه عزّ وجلّ مادّا يديه مستقبلا القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر رضوان الله عليه فأخذ بردائه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا رسول الله! قلل منا شدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عزّ وجلّ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ الاية، فأمده الله تعالى بالملائكة. 693- وقتل الله من المشركين نحو سبعين رجلا، وأسر نحو سبعين، منهم: العباس، وعقيل، ونوفل بن الحارث، فأسلموا، وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة وطعمة بن عدي قتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء. 694- وقال صلى الله عليه وسلم للعبّاس: افد نفسك وابني أخويك عقيلا ونوفلا وحليفك، فإنك ذو مال، فقال: إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني، فقال صلى الله عليه وسلم، أعلن إسلامك، فإن يكن حقّا فإن الله يجزيك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، قال: فليس لي مال، قال: أين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة وليس معكما أحد، وقلت لها: إن أصبت في سفري هذا فللفضل منها كذا، ولعبد الله منها كذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق ما علم بها أحد غيرها، وإني لأعلم أنك رسول الله، ففدى كل واحد بأربعين أوقية، وأسلم عقيل من الأسارى، ثم أسلم نوفل بعد ذلك، وهاجر عام الخندق. (694) قوله: «أين المال الذي وضعته عند أم الفضل» : يأتي تخريجه في أبواب المعجزات، فصل إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 695- وقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ: العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، والوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أخا هند، وعامر بن عبد الله- حليفا لهم-، ونوفل بن خويلد عم الزبير بن العوام. 696- وقتل حمزة رضي الله عنه: شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، والأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي. 697- وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: خاله العاص بن هشام بن المغيرة. 698- وقتل عبيدة بن الحارث رضي الله عنه: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. 699- وقتل الزبير رضي الله عنه: عبيدة بن سعيد بن العاص. 700- وقتل عمرو بن الجموح الأنصاري رضي الله عنه: أبا جهل بن هشام، ضربه بالسيف على رجله فقطعها، وذفف عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فذبحه بسيفه من قفاه وحمل رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 701- وقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه: علي بن أمية بن خلف. 702- ومنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي عزة الجمحي على أن لا يقاتله. (695) قوله: «وقتل علي بن أبي طالب» : الظاهر أن المصنف لم يرد استقصاء جميع من قتلهم أمير المؤمنين، لقتله رضي الله عنه جماعة آخرين سوى من ذكر، كما أن المصنف رحمه الله لم يتعرض لذكر الخلاف في المباشر لقتل بعض الذين أوردهم، وكل ذلك مبسوط في كتب المغازي والسير. مغازي الواقدي [1/ 147- 152] ، طبقات ابن سعد [2/ 11- 27] ، السيرة لابن هشام [708/- 715] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 703- وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلقى القتلى في قليب بدر، ثم وقف عليهم فناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم واحدا واحدا واحدا ثم قال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّا؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: إنهم ليسمعون كما تسمعون، ولكنهم منعوا من الجواب. 704- ولما فرغ صلى الله عليه وسلم من قتال أهل بدر أتاه جبريل عليه السّلام على فرس أنثى حمراء عاقدا ناصيته، عليه درعه ورمحه في يده قد عصم ثنيته الغبار فقال: إن الله أمرني أن لا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت؟ قال: نعم قد رضيت. 705- واختلف الصحابة في قسمة الغنيمة، ولم يكن نزل في (703) قوله: «فناداهم بأسمائهم» : أخرج البخاري في المغازي، برقم 3976 من حديث قتادة قال: ذكر لنا أنس ابن مالك، عن أبي طلحة، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث، - وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال-، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها، ثم مشى، واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلّا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الرّكى، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسرك أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. (704) قوله: «قد رضيت» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 26- 27] من حديث أبي بكر بن أبي مريم- وهو ضعيف-، عن عطية بن قيس، بنحوه، وهو معضل. (705) قوله: «واختلف الصحابة في قسمة» : انظر الاتي بعده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 قسمتها حكم حينئذ، فقال بعضهم: نحن أحق بها لأنا كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وندفع عنه، وبدعائه نصرنا لا بالقتال، وقال آخرون: بل نحن أحق لأنا حفظنا ظهركم، وأخذنا سواد عدوكم فكشفناهم عنكم وجمعنا الغنيمة فنحن أحق بها. 706- فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمتها حتى بلغ الصفراء، فأنزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ الاية، القصة كلها في أمر بدر. (706) قوله: «القصة كلها في أمر بدر» : أخرجها بطولها ابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1653] رقم 8768، وابن حبان في صحيحه- واللفظ له برقم 4855 الإحسان- من حديث أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلقي العدو، فلما هزمهم الله اتبعهم طائفة من المسلمين يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم، واستولت طائفة على العسكر والنهب، فلما كفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم قالوا: لنا النفل، نحن طلبنا العدو، وبنا نفاهم الله وهزمهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أنتم أحق به منا، هو لنا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا ينال العدو منه غرة، وقال الذين استولوا على العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحق منا، هو لنا، فأنزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الاية، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفلهم إذا خرجوا بادين: الربع، وينفلهم إذا قفلوا: الثلث، وقال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وبرة من جنب بعير، ثم قال: يا أيها الناس، إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وإياكم والغلول، فإنه عار على أهله يوم القيامة، وعليكم بالجهاد في سبيل الله، فإنه باب- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 707- فقطع الله تعالى عن الغنائم ملك كل أحد، وجعلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يفعل فيها ما رأى. 708- وقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم تفضلا منه عليهم، وأدخل معهم في القسمة ثمانية نفر لم يحضروا الغنيمة، منهم: عثمان بن عفان، وطلحة، وسعد، وأبو لبابة، والحارث بن حاطب، فضرب لهم بالسهم والأجر معا، ثم كانت الغنائم تحمل بعد ذلك إلى المدينة إلى- من أبواب الجنة، يذهب الله بها الهم والغم، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الأنفال ويقول: ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم، صححه أيضا الحاكم في المستدرك [2/ 135- 136] على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. وأخرجه غيرهم مختصرا، وبعضهم يفرقه على الأبواب، فرقه الحافظ أبو محمد الدارمي في السير من مسنده، باب: في أن ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث، برقم 2639، وفي باب كراهية الأنفال، رقم 2643، 2644- فتح المنان، وقد بسطنا تخريجه في الموضعين، وذكرنا الاختلاف فيه على أبي إسحاق الفزاري وسفيان. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 322، 322- 323] ، وعبد بن حميد في مسنده- كما في الدر المنثور [4/ 5]- وابن جرير في تفسيره [9/ 172، 172- 173] ، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 315] من حديث أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال: فينا أصحاب بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل، فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا، وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن براءة، يقول: عن سواء، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 136] شاهدا للمتقدم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفعل فيها ما يراه، حتى نزلت: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الاية. 709- واستشهد يوم بدر أربعة عشر رجلا، منهم: عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ومهجع مولى عمرو، وذو الشمالين: عمرو بن نضلة حليف بني زهرة- وليس بذي اليدين الراوي لسجود السهو، فإن اسمه الخرباق وعاش إلى زمن معاوية، وقبره بذي خشب-، ومنهم: عمير بن أبي وقاص أخو سعد، وعاقل بن البكير، وصفوان بن أبي البيضاء، والباقون من الأنصار رضي الله عنهم أجمعين. (708) قوله: «حتى نزلت» : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 425- 426] رقم 14131، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 314] ، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم، فلما نزلت: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الاية، ترك التنفل، وجعل ذلك في خمس الخمس، وهو سهم الله، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 [141- فصل: وأمّا قصّة أحد] 141- فصل: وأمّا قصّة أحد 710- فإن أهل بدر لما رجع من سلم منهم منهزما، وقتل سادتهم، لم يبق منزل بمكة إلّا دخله الصراخ والعويل على قتلاهم، وحرّض القوم بعضهم بعضا، وحرّضت أمّ معاوية أبا سفيان ليخرج بهم ليأخذ بثأر قتلاها، وكان منهم: أبوها عتبة بن ربيعة، وعمها شيبة، وأخوها الوليد بن عتبة، وبنو عمها. 711- فخرج أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش ومن تبعهم، ومعهم هند وصواحبها ينشدن: قوله: «وأما قصة أحد» : انظر عنها في: المصنف لابن أبي شيبة [14/ 388] ، طبقات ابن سعد [2/ 36] ، تاريخ ابن جرير [2/ 499] ، كنز العمال [10/ 378، 424] ، مغازي الواقدي [1/ 199] ، دلائل البيهقي [3/ 201] ، الاكتفاء [2/ 66] ، أنساب البلاذري [1/ 381] ، سيرة ابن هشام [2/ 60] ، مجمع الزوائد [6/ 107] ، الخصائص الكبرى [1/ 527] ، كشف الأستار [2/ 322] . (711) قوله: «فخرج أبو سفيان في ثلاثة الاف» : أخرج ارتجاز هند وصواحبها: البزار في مسنده [2/ 322 كشف الأستار] رقم 1787، وفيه قصة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ ... الحديث من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام بها. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 109] : رجاله ثقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق المسك في المفارق ... والدر في المخانق إن تقبلوا نعانق ... أو تدبروا نفارق فراق غير وامق حتى بلغوا المدينة، وذلك في شوال سنة ثلاث، فنزلوا بأحد. 712- وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن استشار أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: لا نخرج، فإذا دخلوا علينا قاتلناهم في أفواه الطرق ومن سطوح الدور، فأبوا إلّا الخروج، فلما صار على الطريق قالوا: نرجع، قال صلى الله عليه وسلم: ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم. 713- وكان صلى الله عليه وسلم في ألف رجل، فنزل بيوت بني حارثة، فأقاموا بقية يومهم وليلتهم، ثم خرج في ألف رجل، فلما كانوا ببعض الطريق (712) قوله: «فقال صلى الله عليه وسلم: لا نخرج» : خرجناه في كتاب الرؤيا، من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي- تحت رقم 2298- فتح المنان-، من حديث أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر، فأولت أن الدرع: المدينة، وأن البقر نفر، والله خير، فلو أقمنا بالمدينة، فإذا دخلوا علينا قاتلناهم، فقالوا: والله ما دخلت علينا في الجاهلية، أفيدخل علينا في الإسلام؟ قال: فشأنكم إذا، وقالت الأنصار بعضها لبعض: رددنا على النبي صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاؤا فقالوا: يا رسول الله شأنك، فقال: الان؟ إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل. (713) قوله: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف رجل» : أخرج القصة مطولة مختصره من طرق: ابن إسحاق في سيرته [/ 322- 326] ، ومن طريقه ابن جرير في تاريخه [2/ 499- وما بعده] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 انخذل عنه عبد الله بن أبيّ ابن سلول بثلث الناس وقال: والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه. 714- قال: وهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع، ثم عصمهم الله عزّ وجلّ، وهو قوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا الاية. 715- ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذبّ فرس بذنبه فأصاب كلّاب سيف فاستله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب السيف- وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ولا يعتاف-: شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم، ونفر صلى الله عليه وسلم في سبعمائة. 716- وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بين درعين. - وأخرجها من وجه آخر: ابن جرير في تفسيره [4/ 73] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 220، 221] . (714) قوله: «وهو قوله تعالى» : أخرجه البخاري في المغازي، باب قوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ الاية، رقم 4051، وفي التفسير، برقم 4558، ومسلم في الفضائل، باب من فضائل الأنصار، رقم 2505، كلاهما من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: فينا نزلت: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ الاية، بنو سلمة، وبنو حارثة، وما نحب أنها لم تنزل؛ لقول الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما. (715) قوله: «شم سيفك» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته [2/ 64- ابن هشام] . (716) قوله: «وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ» : يعني: لبس درعا فوق آخر، وهو في سيرة ابن إسحاق [2/ 66- ابن هشام] . وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب: في لبس الدروع، رقم 2590، وأبو يعلى في مسنده [2/ 24] رقم 660، من حديث السائب بن يزيد- وله- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 717- وجعل صلى الله عليه وسلم على الرماة- وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير، أخا خوّات بن جبير، وأقامهم برأس الشعب، وقال لهم: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم حتى أرسل إليكم، فكانت على المشركين، وأدبر النساء يشتددن على الجبل، قد بدت خلاخيلهن وأسورتهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم، ظهر أصحابكم، فما تنظرون؟ قال عبد الله: أنسيتم ما قال لكم- صحبة-، عن رجل قد سماه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 108] : رجاله رجال الصحيح. ورواه أبو يعلى مرة برقم 659: عن السائب عمن حدثه عن طلحة بن عبيد الله به، ورجاله أيضا رجال الصحيح. وأخرجه البزار في مسنده [2/ 322 كشف الأستار] رقم 1786، من حديث سعد بن أبي وقاص به، وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة، وهو ضعيف. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 302، 375] رقم 767، 939، من طريق الواقدي- وهو متروك-؛ فتارة يقول: عن أيوب بن النعمان، عن أبيه، عن جده، وتارة يقول: ثنا أيوب بن العلاء، عن أبيه، عن جده: رأيت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعين. (717) قوله: «وجعل صلى الله عليه وسلم على الرماة» : القصة بنحوها أخرجها البخاري بطولها في الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، رقم 3039، واختصرها في المغازي، باب فضل من شهد بدرا رقم 3986، وفي باب قتل أبي رافع، رقم 4043، وفي باب قوله تعالى: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ الاية، رقم 4067، وفي التفسير، باب قوله تعالى: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ الاية، رقم 4561، من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب، وأخرجها أيضا الإمام أحمد وأبو داود والنسائي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما تركوا موضعهم خرج كمين المشركين من ذلك الموضع في خمس مائة، ورجع المشركون، وانصرفت وجوه المسلمين فأقبلوا منهزمين، فذلك قوله عزّ وجلّ: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ الاية، فلم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلّا إثنا عشر رجلا، وأصابوا من المسلمين سبعين رجلا، منهم أربعة من المهاجرين: حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن جحش، ومصعب بن عمير، وشماس بن عثمان بن الشريد، والباقون من الأنصار. ونادى أبو سفيان: أفي القوم محمد- ثلاثا-، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن إجابته، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة- ثلاث مرات-، أفي القوم ابن الخطاب- ثلاث مرات- ثم رجع إلى قومه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كذبت والله يا عدو الله، إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوءك، فقال: اليوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني- وذلك أن هندا شقت بطن حمزة واستخرجت كبده فأكلته، وجذعت أنفه وأذنيه-، ثم قال: اعل هبل، اعل هبل، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه؟ قالوا: فما نقول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: الله أعلى وأجل، فقالوا: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله مولانا ولا مولى لكم. 718- قال: ثم رجع المشركون وقد قتل منهم، قتل من المشركين من بني عبد الدار عشرة، قتل علي رضي الله عنه: طلحة بن أبي طلحة بن قوله: «ثم قال: اعل هبل» : يعني: أبا سفيان، وفي رواية البخاري: ثم أخذ يرتجز. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 عثمان بن عبد الدار- وكان صاحب لوائهم- وفيهم نزلت: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) . 719- ونزلت في قصة أحد: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ إلى آخر الايات. 720- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليهم يوم أحد فقرأ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ (718) قوله: «وفيهم نزلت» : أخرج البخاري في التفسير من صحيحه من حديث مجاهد، عن ابن عباس في هذه الاية قال: هم نفر من بني عبد الدار. (719) قوله: «ونزلت في قصة أحد» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 784] رقم 4316 من حديث عطية العوفي، عن ابن عباس في هذه الاية قال: قذف الله في قلب أبي سفيان الرعب، فرجع إلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا، وقد رجع وقذف في قلبه الرعب. وأخرج ابن جرير في تفسيره [4/ 124] عن السدي قوله في هذه الاية: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا فقالوا: بئس ما صنعتم، إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلّا الشرير تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فقذف الله عزّ وجلّ في قلوبهم الرعب فانهزموا ... القصة يأتي تمامها في غزوة حمراء الأسد. (720) قوله: «وقف عليهم يوم أحد» : رواه عبيد بن عمير فاختلف عليه فيه، فروي عنه عن أبي ذر، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 200] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) ، اللهمّ إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم فسلموا عليهم، فلن يسلم عليهم أحد ما دامت السماوات والأرض إلّا ردّوا عليه. 721- ثم وقف صلى الله عليه وسلم موقفا آخر فقال: هؤلاء أصحابي الذي أشهد لهم يوم القيامة أنهم خرجوا من الدنيا خماصا، لا تغسلوهم وادفنوهم بكلومهم، - ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الدلائل [3/ 284] لكن قال عنه، عن أبي هريرة، ولذلك قال البيهقي عقب إخراجه: هكذا وجدته في كتابي: عن أبي هريرة. وأخرجه ابن المبارك في الجهاد برقم 95 عن عبيد بن عمير مرسلا لم يذكر أبا ذر ولا أبا هريرة، وإليه أشار البيهقي في الدلائل تعليقا [3/ 284- 285] . وتقدم عند المصنف في باب فضائل الشهداء، وهو عند البيهقي في الدلائل [3/ 307] أيضا، كلاهما من وجه آخر: عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبيه مرسلا. (721) قوله: «خرجوا من الدنيا خماصا» : زاد المصنف في فضائل الشهداء: فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: وإنا لكائنون بعدك؟! وأخرج الحافط عبد الرزاق في المصنف [3/ 541] ، من مرسل الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للشهداء يوم أحد: إن هؤلاء قد مضوا وقد شهدت عليهم، ولم يأكلوا من أجورهم شيئا ولكنكم تأكلون من أجوركم، ولا أدري ما تحدثون بعدي. قوله: «وادفنوهم بكلومهم» : رواه الزهري فاختلف عليه فيه: 1- فروي عنه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الصلاة على الشهيد، رقم 1343، وفي دفن الرجلين والثلاثة رقم 1345، وفي من لم ير غسل الشهداء رقم 1346، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 فإنهم يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك. 722- وروي: أنه صلى الله عليه وسلم لما نظر إلى ما صنع بعمه حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عنه استرجع وبكى وقال: والله لئن ظفرت بهم لأمثلن بسبعين منهم، فأنزل الله تعالى ذكره: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ إلى آخر الايات. - وفي باب: من يقدم في اللحد رقم 1347، 1348، وفي باب اللحد والشق في القبر، رقم 1353، وفي المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد، رقم 4079، واللفظ مختصر في جميع المواضع. 2- وروي عنه، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه بنحوه، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 340] ، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [4/ 1597] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 82] رقم 167. قال الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة [6/ 464] : رواته ثقات. 3- وروي عنه، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير، به مرفوعا، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 431] ، والنسائي في الجنائز، باب مواراة الشهيد في دمه، رقم 2002، وفي الجهاد، باب من كلم في سبيل الله، رقم 3148، وأبو يعلى في مسنده [5/ 40] رقم 2629، وعبد الله له رؤيا فقط، فحديثه من حيث السماع مرسل. 4- ورواه عنه معمر فزاد بعد عبد الله بن ثعلبة: جابر بن عبد الله، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 540- 541] رقم 6633. 5- ورواه أسامة بن زيد- وهو سيء الحفظ- عنه، عن أنس، أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في الشهيد يغسل، رقم 3135، والترمذي معلقا في الجنائز، باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد، عقب رقم 1036. (722) قوله: «والله لئن ظفرت بهم» : خرجنا الحديث في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، الشرف رقم 60. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 723- وبلغ ذلك أخته صفية، فجاءت ببردين لتكفنه فيهما، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب حمزة أنصاريا مقتولا فكفن كل واحد منهما في برد، وكان حمزة طوالا فقصر عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غطو رأسه، واجعلوا على رجله الإذخر. 724- وروي أنه صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة سبعين صلاة بدلا من قوله: لأمثلن بسبعين، فكفّر عن يمينه. (723) قوله: «فجاءت ببردين لتكفنه فيهما» : أخرجه من طرق: الإمام أحمد في المسند [1/ 165] ، أبو يعلى في مسنده [2/ 45- 46] رقم 686، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 701 بغية الباحث] رقم 688، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 401- 402] . قال الحافظ البوصيري في الإتحاف [6/ 465] : وهو حديث رواته ثقات. (724) قوله: «صلى على حمزة سبعين صلاة» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 16] من حديث حماد بن سلمة، عن عطاء عن الشعبي، عن ابن مسعود قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة، ثم جيء باخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة. حماد بن سلمة ممن سمع من عطاء بعد الاختلاط، وقد خالفه همام فرواه عنه مرسلا، لم يذكر ابن مسعود، أخرجه ابن سعد [3/ 16] . وقد شنع إمام الأئمة الشافعي على من روى هذا الحديث فقال في الأم [1/ 267] : شهداء أحد إثنان وسبعون شهيدا، فإذا كان قد صلى عليهم عشرة عشرة في قول الشعبي فالصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان، فنجعله على أكثرها على أنه صلى على اثنين: صلاة، وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات، فمن أين جاءت سبعون صلاة؟ قال: وإن كان- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 725- وقيل أيضا: بل لم يصل على أحد منهم لكونهم أحياء، وصارت سنة في القتلى في المعترك، والله أعلم. 726- ولما دخل صلى الله عليه وسلم المدينة وجد أهل المنازل يبكون على قتلاهم، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أما حمزة لا بواكي له، فبلغ ذلك نساء الأنصار، فلم تبق دار فيهم إلّا بكوا على عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وصارت بعد ذلك سنة إذا بكوا على ميت لهم ذكروا حمزة وبكوا عليه، ثم على ميتهم، والله أعلم. - عنى سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع فهي إذا كانت تسع صلوات، ست وثلاثون تكبيرة، فمن أين جاءت أربع وثلاثون؟! قال الشافعي: فينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحي على نفسه، فقد جاءت الأحاديث من وجوه متواترة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم وقال: زملوهم بكلومهم. اهبتصرف يسير. قلت: هذا على افتراض أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم عشرة عشرة، لكن رواية الشعبي التي بنى عليها الإمام وكذا رواية ابن مسعود ليس فيها أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم عشرة عشرة، بل ظاهرها أنه صلى عليهم الواحد تلو الاخر وإلى جنب كل واحد منهم حمزة رضي الله عنه فالعدد حينئذ يتفق مع عدد الصلاة تقريبا، والله أعلم. وأما المراسيل فأخرجها جميعا ابن سعد في الطبقات [3/ 17، 18، 19] . (726) قوله: «أما حمزة فلا بواكي له» : في الباب عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعطاء بن يسار، ومحمد بن إبراهيم، وابن المنكدر، ومحارب بن دثار مرسلا. أما حديث ابن عمر فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 40، 84، 92] ، وابن ماجه في الجنائز، باب ما جاء في البكاء على الميت، رقم 1591، وابن سعد في الطبقات [3/ 17] ، وأبو يعلى في مسنده [6/ 271، 272، 293- 294] رقم 3576، 3610. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 ثم انصرف أبو سفيان من أحد إلى مكة. 727- وأنزل الله تعالى في فعل المسلمين يوم أحد: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ الاية. - قال ابن كثير في البداية [4/ 48] : وهذا على شرط مسلم. وأما حديث أنس فأخرجه أبو يعلى في مسنده [6/ 271- 272، 293- 294] رقم 3576، 3610. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 120] : رواه أبو يعلى بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح. وأما المراسيل فأخرجها ابن سعد في الطبقات [3/ 17، 18، 19] قوله: «إلا بكوا على عمه حمزة» : إرضاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة حبه له ووجده وحزنه عليه، ذكر ابن هشام في سيرته أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهن- أي على نساء الأنصار- وهن على باب المسجد يبكين على حمزة فقال: ارجعن رحمكن الله، لقد واسيتن، رحم الله الأنصار فإن المواساة فيهم ما علمت قديمة. (727) قوله: «وأنزل الله في فعل المسلمين يوم أحد» : أخرج ابن منده في معرفة الصحابة- كما في الدر المنثور [2/ 355]- عن ابن عباس في هذه الاية قال: نزلت في عثمان بن عفان، ورافع بن المعلى، وحارثة بن زيد. قلت: وأصل هذا في صحيح الإمام البخاري في مناقب عثمان رضي الله عنه كما سيأتي في فضائله. وأخرج عبد بن حميد- كما في الدر المنثور- وابن جرير في تفسيره [4/ 145] من حديث قتادة في هذه الاية قال: ذلك يوم أحد، ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تولوا عن القتال وعن نبي الله يومئذ، وكان ذلك من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 728- وقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين أصابنا هذا، وقد وعدنا الله النصر؟! فأنزل الله: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ الاية، إلى قوله: وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. - أمر الشيطان وتخويفه، فأنزل الله عزّ وجلّ ما تسمعون أنه قد تجاوز عنهم، وعفا عنهم. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 796- 798] الأرقام: 4380، 4382، 4385، 4388، 4389، 4391: عن سعيد بن جبير في هذه الاية قال: يعني الذين انصرفوا عن القتال منهزمين يوم أحد حين التقى الجمعان- جمع المسلمين وجمع المشركين-، فانهزم المسلمون عن النبي صلى الله عليه وسلم وبقي في ثمانية عشر رجلا: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا، يعني: حين تركوا المركز وعصوا أمر رسول الله حين قال للرماة يوم أحد: لا تبرحوا مكانكم، فترك بعضهم المركز: وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ حين لم يعاقبهم فيستأصلوا جميعا: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ لما كان منهم، فلم يجعل لمن انهزم يوم أحد بعد قتال بدر النار كما جعل يوم بدر، فهذه رخصته بعد التشديد. (728) قوله: «وقد وعدنا الله النصر» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 287- 288] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 786- 787] رقم 4325، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 365- 367] رقم 10731، والبيهقي في الدلائل [3/ 269- 270] ، من حديث ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: ما نصر الله نبيه في موطن كما نصر يوم أحد، فأنكرنا ذلك عليه، فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله، إن الله يقول في يوم أحد: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ الاية، وإنما عنى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 ......... - بهذا الرماة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع، ثم قال: احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم، وأباحوا عسكر المشركين انتفضت الرماة جمعيا، فدخلوا العسكر ينتهبون، وقد انتفضت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم هكذا- وشبك أصابع يديه- والتبسوا، فلما أخلى الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فضرب بعضهم بعضا، وقتل من المشركين ناس كثير، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار، حتى قتل من المشركين أصحاب لواء المشركين تسعة أو سبعة، وجال المشركون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس: الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكوا به أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل حتى طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بكتفيه إذا مشى، قال: ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا، فرقى نحونا وهو يقول: اشتد غضب الله على قوم رموا وجه رسول الله، ويقول مرة أخرى: اللهمّ إنه ليس لهم أن يعلونا، حتى انتهى إلينا، مكث ساعة، فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل، اعل هبل- يعني إلهه-، أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: ألا أجيبه يا رسول الله؟ قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان: يا ابن الخطاب أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا. فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، والحرب سجال، قال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال: إنكم تزعمون ذاك، لقد خبنا إذا وخسرنا، ثم قال: أما إنكم ستجدون في قتلاكم مثلة، ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا، ثم أدركته حمية الجاهلية قال: أما إنه إذا كان ذلك لم نكرهه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 729- ومما فضله الله تعالى به أنه لما كسرت رباعيته سمع هزة كأن جبال الدنيا تتقلّع؛ ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وسجد، وسجد معه أصحابه، فلما رفع رأسه قيل: يا رسول الله ما هذه الهزة؟ قال: عارضني ملك بين السماء والأرض فقال: يا محمد إن الله بعثني لأقتلع الدنيا من عروقها: مدائنها وقصورها، وأمرني لك بالطاعة، قال: فما بلغ من قوتك؟ قال: بلغ من قوتي أن لو أمرتني بقلع الدنيا كلها لا قتلعتها بريشة من جناحي، وما مسني من نصب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع من حيث جئت، فإن الله بعثني رحمة ولم يبعثني ملحمة، فأنزل الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. 730- ونقل عن بعضهم أنه قال: إن الذين كسروا رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلد لهم مولود تنبت له رباعية. - صححه الحاكم في المستدرك [2/ 296] ، وأقره في التلخيص مع أن فيه ابن أبي الزناد، اختلف فيه وهو إلى الضعف ما هو، قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: إسناد غريب، وسياق عجيب. (729) قوله: «ومما فضله الله تعالى به» : لم أقف على من رواه أو أخرجه. (730) قوله: «ونقل عن بعضهم» : هو سفيان الثوري، أخرجه الخطيب في تاريخه [12/ 385] ، من طريقه ابن الجوزي في المنتظم [3/ 166] من حديث محمد بن خلف العسقلاني قال: سمعت محمد بن يوسف الفريابي يقول: لقد بلغني أن الذين كسروا رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يولد لهم صبي فنبتت له رباعية، وعن السهيلي في الروض: لم يولد من نسل عتبة بن أبي وقاص- وهو الذي كسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولد يبلغ الحلم إلّا وهو أهتم أبخر، يعرف ذلك في عقبه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 [142- فصل: في غزوة حمراء الأسد] 142- فصل: في غزوة حمراء الأسد 731- ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر أصحابه فقال: إن هذه وقعة تسامع بها العرب، فاطلبوهم حتى يسمعوا بأنكم قد طلبتموهم، فخرجوا وبهم ألم الجراح، حتى بلغوا حمراء الأسد فلم يدركوهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرشدهم صفوان وما كان برشيد، والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة من سجيل، ولو أضحوا لكانوا كالأمس الذاهب، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا. قوله: «حتى بلغوا حمراء الأسد» : موضع على ثمانية أميال من المدينة، عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة. انظر عن الغزوة في: طبقات ابن سعد [2/ 48] ، الخصائص الكبرى [1/ 549] ، أنساب الأشراف [1/ 413] ، دلائل البيهقي [3/ 312] ، تاريخ الطبري [2/ 534] ، مغازي الواقدي [1/ 197] . قوله: «أرشدهم صفوان وما كان برشيد» : اختصر المصنف القصة، وهي بطولها في مغازي الواقدي [1/ 334- 340] ، وفيها: وكان مما رد الله تعالى أبا سفيان وأصحابه كلام صفوان بن أمية قبل أن يطلع معبد بن أبي معبد وهو يقول: يا قوم لا تفعلوا، فإن القوم قد حزنوا، وأخشى أن يجمعوا عليكم من تخلف من الخزرج، فارجعوا والدولة لكم، فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 [143- فصل: في سرية أبي سلمة بن عبد الأسد إلى قطن] 143- فصل: في سرية أبي سلمة بن عبد الأسد إلى قطن 732- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة بن عبد الأسد إلى قطن ماء من مياه بني أسد بنجد- فقتل فيها مسعود بن عروة. قوله: «في سرية أبي سلمة» : أخّر ذكرها المصنف، ولا خلاف أنها كانت في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك رتبتها في موضعها تبعا للمصادر، وانظر: طبقات ابن سعد [2/ 50] ، مغازي الواقدي [1/ 340] ، الدلائل البيهقي [3/ 319] ، تاريخ الإسلام للذهبي [قسم المغازي- ص 229] ، ووهم في تجريد الصحابة فقال: كانت قبل بدر!. (732) قوله: «قتل فيها مسعود بن عروة» : كذلك قال جمع من أهل المغازي والسير، منهم: ابن إسحاق [2/ 612 تهذيب ابن هشام] ، والواقدي في مغازيه [1/ 345] ، وابن الأثير في الأسد [5/ 164] ، وابن عبد البر في الاستيعاب [10/ 85] ، وقد أغفله جماعة فلم يذكروه في الصحابة، منهم: أبو نعيم، والحافظ ابن حجر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 [144- فصل: في غزوة الرّجيع] 144- فصل: في غزوة الرّجيع 733- ثم أقام صلى الله عليه وسلم يسيرا، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى بطن الرجيع ... (733) قوله: «إلى بطن الرجيع» : ضم الإمام البخاري هذه الغزوة والتي بعدها في باب واحد وترجمة واحدة، فربما يتوهم أنهما قصة واحدة، إذ قال في المغازي: باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة ... قال الحافظ في الفتح: سياق الترجمة يوهم أن غزوة الرجيع وبئر معونة شيء واحد، وليس كذلك، فغزوة الرجيع كانت سرية عاصم وخبيب في عشرة أنفس وهي مع عضل والقارة، وبئر معونة كانت سرية القراء السبعين وهي مع رعل وذكوان، وكأن المصنف أدرجها معها لقربها منها، ويدل على قربها منها ما في حديث أنس من تشريك النبي صلى الله عليه وسلم بين بني لحيان وبين عصية وغيرهم في الدعاء عليهم. قال: وقد فصل بينهما ابن إسحاق، فذكر غزوة الرجيع في أواخر سنة ثلاث، وبئر معونة في أوائل سنة أربع. وقد ذكر الواقدي أن خبر بئر معونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة. ورجح السهيلي رواية البخاري أن عاصما كان أميرهم أرجح، وجمع غيره بأن أمير السرية مرثد، وأن أمير العشرة عاصم بناء على التعدد، قال: ولم يرد المصنف- أي: البخاري- أنهما قصة واحدة، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 في سبعة نفر، فقتلهم هذيل، وأصيبوا جميعا. قوله: «في سبعة نفر» : ذكره الواقدي في مغازيه [1/ 355] وقال: ويقال: كانوا عشرة، وهو الصحيح، لما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة برقم 4086 أنهم كانوا عشرة، وقال ابن إسحاق: كانوا ستة، وهو قول موسى بن عقبة، أخرجه البيهقي في الدلائل [3/ 327] ، وانظر عن غزوة الرجيع: سيرة ابن هشام [2/ 169] ، طبقات ابن سعد [2/ 55] ، الاكتفاء [2/ 101] ، الخصائص الكبرى [1/ 549] ، تاريخ الطبري [2/ 538] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 [145- فصل: في سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة] 145- فصل: في سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة 734- ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منذر بن عمرو الساعدي مع عامر بن مالك الكلابي في ثمانية عشر رجلا، ... (734) قوله: «مع عامر بن مالك الكلابي» : كنيته: أبو براء، والملقب بملاعب الأسنة. كان قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بهدية، فلم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو بعثت معي نفرا من أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخاف عليهم أهل نجد، فقال: أنا لهم جار إن تعرض لهم أحد، فبعث معه البعث، فلما نزلوا بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فوثب عليه فقتله، واستصرخ عليهم القبائل من رعل وذكوان وعصية، فنفروا معه حتى أتوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحاطوا بهم وقتلوهم. ولأبي براء قصة مع النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها المصنف في أبواب المعجزات. وانظر عن هذه السرية في: طبقات ابن سعد [2/ 51] ، مغازي الواقدي [1/ 346] ، سيرة ابن هشام [2/ 183] ، مجمع الزوائد [6/ 125] ، تاريخ الطبري [2/ 545] ، الخصائص الكبرى [1/ 555] ، كنز العمال [10/ 382] ، دلائل البيهقي [3/ 338] ، الاكتفاء [2/ 106] . قوله: «في ثمانية عشر رجلا» : كذا يقول المصنف، وهو غريب، وفي صحيح الإمام البخاري من حديث أنس أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 فأصيبوا جميعا إلّا رجلين. - عدد، فأمدهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء في زمانهم.. الحديث، قال الواقدي [1/ 347] : قال أبو سعيد الخدري: كانوا سبعين، ويقال: إنهم كانوا أربعين، ورأيت الثبت على أنهم أربعون، وهو قول ابن إسحاق، وحكى ابن حبيب في المحبر [/ 118] : أنهم ثلاثون، وقد ذكر هذه الأقوال دون ما ذكره المصنف: ابن عبد البر في الدر [/ 161] ، ومغلطاي في الإشارة [/ 240] ، قال ابن القيم في الزاد: الذي في الصحيح هو الصحيح. قوله: «إلا رجلين» : هما: كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضمري، أما كعب فكان به رمق حين تركوه فارتث من بين القتلى، فكان من أمره أن عاش حتى استشهد يوم الخندق رضي الله عنه وأرضاه، وأما عمرو بن أمية فقد كان في سرح القوم، فلما استبطأهم ذهب إليهم فأخذ أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر جزّ ناصيته عامر ابن الطفيل وأطلقه رقبة، زعم أنها كانت على أمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 [146- فصل: في غزوة بني النّضير] 146- فصل: في غزوة بني النّضير 735- ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير، فأجلاهم إلى خيبر، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام بها يسيرا. [147- فصل: في غزوة بدر الميعاد] 147- فصل: في غزوة بدر الميعاد 736- وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا لميعاد أبي سفيان، فلم يأت، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا. (735) قوله: «ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير» : وذلك في ربيع الأول، سنة أربع، حين نقضوا عهدهم، وغدروا به صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله بإلقاء صخرة عليه من فوق أحد بيوتهم، وكان صلى الله عليه وسلم أتاهم يستعينهم في دية رجلين قتلهما عمرو بن أمية، انظر عن القصة في: سيرة ابن هشام [2/ 190] ، أنساب الأشراف [1/ 415] ، دلائل البيهقي [3/ 354] ، طبقات ابن سعد [2/ 57] ، مجمع الزوائد [6/ 125] ، مغازي الواقدي [1/ 363] ، الاكتفاء [2/ 109] ، تاريخ الطبري [2/ 550] . (736) قوله: «بدرا لميعاد أبي سفيان» : وقع في الأصول في إثر غزوة بني النضير غزوة بني المصطلق، ولا خلاف أنها متأخرة، فقد قيل: إن غزوة بني المصطلق- وهي غزوة المريسيع- كانت سنة ست فيما ذكره ابن إسحاق، وعلقه له الإمام البخاري في صحيحه، وأخرج البيهقي في الدلائل [4/ 44- 45] ، عن قتادة وعروة: أنها سنة خمس، وهو قول الواقدي [1/ 404] ، وابن سعد في الطبقات [2/ 62] ، وابن قتيبة في المعارف؛ لذلك قدمت ذكرها وجعلت ترتيبها عقب غزوة بني النضير تبعا للمصادر من كتب المغازي في السير، والله أعلم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 [148- فصل: في غزوة ذات الرّقاع] 148- فصل: في غزوة ذات الرّقاع 737- ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع، فلقي بها العدو قريبا من عسفان، فصلى فيها صلاة الخوف، ثم انصرف الفريقان ... - وانظر عن غزوة بدر الميعاد في: طبقات ابن سعد [2/ 59] ، أنساب الأشراف [1/ 417] ، مغازي الواقدي [1/ 384] ، دلائل البيهقي [3/ 384] ، سيرة ابن هشام [2/ 209] . (737) قوله: «ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع» : في المحرم، قاله ابن سعد [2/ 61] تبعا للواقدي [1/ 395] ، وقال ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام: [2/ 203] : في جمادى الأولى سنة أربع، وهو قول ابن حبيب في المحبر [/ 113] . وانظر: دلائل البيهقي [3/ 369] ، الخصائص الكبرى [1/ 557] ، الاكتفاء [2/ 113] ، أنساب الأشراف [1/ 419] ، تاريخ الطبري [2/ 555] . قوله: «فصلى صلاة الخوف» : قال الإمام البخاري في المغازي: باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة، وهي بعد خيبر، ثم ذكرها رحمه الله قبل خيبر. قال الحافظ في الفتح: لا أدري هل تعمد البخاري ذلك تسليما لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسما لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي؟! على أن أصحاب المغازي مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون في زمانها. اهـ. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 لم يكن بينهما قتل، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. - وزعم ابن القيم في الزاد [3/ 252] : أنه لا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وأنه قد صح أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بذات الرقاع، قال: فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، قال: ويؤيد هذا أن أبا هريرة وأبا موسى شهدا ذات الرقاع، كما في الصحيحين، عن أبي موسى، أنه شهد غزوة ذات الرقاع، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت، وأما أبو هريرة، ففي المسند والسنن: أن مروان بن الحكم سأله: هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال: نعم، قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد، قال ابن القيم: وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهم وهما ظاهرا، قال: فالصواب تحويلها من هذا الموضع إلى ما بعد الخندق، بل بعد خيبر، وإنما ذكرناها هنا تقليدا لأهل المغازي والسير، ثم تبين لنا وهمهم. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 [149- فصل: في غزوة المريسيع] 149- فصل: في غزوة المريسيع 738- ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق- من خزاعة- فأغار عليهم، فغلبهم وسباهم، واشترى جويرية بنت الحارث من ذلك السبي فأعتقها وتزوجها. (738) قوله: «ثم غزا بني المصطلق» : قال ابن إسحاق: سنة ست، وقال موسى بن عقبة: سنة أربع، علقهما البخاري في المغازي من صحيحه، قال الحافظ في الفتح: كذا ذكره البخاري عن موسى بن عقبة، وكأنه سبق قلم، أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع، والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق، أخرجها الحاكم، وأبو سعيد- كذا- النيسابوري، والبيهقي في الدلائل وغيرهم: سنة خمس. وانظر عن غزوة المريسيع في: سيرة ابن هشام [2/ 289] ، دلائل البيهقي [4/ 44] ، الاكتفاء [2/ 161] ، طبقات ابن سعد [2/ 63] ، الخصائص الكبرى [2/ 13] ، مغازي الواقدي [1/ 404] ، تاريخ ابن جرير [2/ 604] ، أنساب الأشراف [1/ 423] ، المصنف لابن أبي شيبة [14/ 427] . قوله: «واشترى جويرية بنت الحارث من ذلك السبي» : وكانت قد صارت في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له، فكاتباها على تسع أواقي ذهب، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها فأداها عنها وتزوجها، فأعتق المسلمون بسبب هذا الزواج مائة أهل بيت من بني المصطلق قد أسلموا، وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 739- وروي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث- وكان صلى الله عليه وسلم بذات الجيش- دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة، وأمره بالاحتفاظ بها، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء للفداء فرغب في بعيرين منها، فغيّبها في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأين البعيران اللذان غيّبت بالعقيق في شعب كذا وكذا، فقال الحارث: اشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله، فو الله ما أطلع على ذلك إلّا الله تعالى ذكره، فأسلم- أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام [2/ 294- 295] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 277] : حدثني محمد بن جعفر، عن عروة، عن عائشة ... الحديث وفيه: قالت عائشة: فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها، إسناده صحيح. 739 قوله: «وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف» : سيرة ابن هشام [2/ 295] . قوله: «فقال الحارث: أشهد ان لا إله إلّا الله» : فرق بينه وبين الحارث بن ضرار جماعة، فذكروا في ابن أبي ضرار القصة المذكورة هنا، أخرجها ابن إسحاق- كما في سيرة ابن هشام [2/ 295- 296] ، ومن طريقه أبو علي الغساني- كما في الأسد لابن الأثير في الأسد [1/ 400]- وذكروا في ابن أبي ضرار قصته مع الوليد بن عقبة وسبب نزول قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا الاية، ومنهم من جعلهما واحدا، قال ابن عبد البر: أخشى أن يكونا اثنين، وقال ابن الأثير في ترجمة ابن أبي ضرار: استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر، وظاهر صنيع الحافظ في الإصابة أنهما واحد، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 الحارث، وأسلم معه ابنان له وناس من قومه، ودفع إليه ابنته جويرية فأسلمت، وحسن إسلامها، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها فزوجها إياه، وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم. [150- فصل: في قصّة الإفك] 150- فصل: في قصّة الإفك 740- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان في ذلك الطريق شأن عائشة رضي الله عنها حين قذفت، فأقام صلى الله عليه وسلم يسيرا. (740) قوله: «وكان في ذلك الطريق شأن عائشة رضي الله عنها» : ترجم لذلك الإمام البخاري في المغازي، فقال: باب غزوة بني المصطلق من خزاعة- وهي غزوة المريسيع- ... قال: وقال النعمان بن راشد، عن الزهري: كان حديث الإفك في غزوة المريسيع. والقصة مشهورة مذكورة في الصحيحين وكتب التفسير والسير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 [151- فصل: في غزوة الخندق وبني قريظة] 151- فصل: في غزوة الخندق وبني قريظة 741- ثم إن حيي بن أخطب اليهودي لما أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج هو إلى مكة يؤلب قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل معه أبو سفيان لميعاده، ثم خرج إلى غطفان يؤلبهم، فأقبل معه عيينة بن حصن، فأقبل حيي بن أخطب بقريش وكنانة وغطفان. 742- وسمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم، وذلك على رأس أربع سنين من مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة، ... (742) قوله: «على رأس أربع سنين من مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة» : وهو قول موسى بن عقبة، علقه الإمام البخاري في المغازي من صحيحه. قال الحافظ في الفتح: وتابع موسى على ذلك: مالك، وأخرجه أحمد عن موسى بن داود، عنه، وقال ابن إسحاق: كانت في شوال سنة خمس، وبذلك جزم غيره من أهل المغازي. اه. وفي مغازي الواقدي [2/ 440] : عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء لثمان مضت من ذي القعدة، وانصرف يوم الأربعاء لسبع بقين من سنة خمس، وتبعه ابن سعد [2/ 65] . وانظر عن غزوة الخندق أيضا: دلائل البيهقي [3/ 392] ، طبقات ابن سعد [2/ 65] ، أنساب الأشراف [1/ 427] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 408] ، مجمع الزوائد [6/ 130] ، كنز العمال [10/ 383] ، الخصائص الكبرى [1/ 565] ، سيرة ابن هشام [2/ 214] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 فنزل المشركون المذاد، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من سلع، فخندق على نفسه، فأقام أبو سفيان أربع عشرة ليلة، ثم إن عمرو بن عبد ود بارز عليّا رضي الله عنه فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبعث الله عليهم ريحا وبردا شديدا. 743- وقد كانت قريظة من اليهود حالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكونوا عليه ولا معه، فقال حيي بن أخطب لأبي سفيان: إني سامر قريظة أن تنقض الحلف الذي كان بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم، ففعلوا ذلك، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشدهم العهد، فسبوا رسله ولم يخرجوا، فرأى ذلك أبو سفيان، وظن أن ما قال حيي باطل، فرجع ورجعت غطفان وكنانة، وفي ذلك أنزل الله عزّ وجلّ: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ إلى آخر الايتين، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. 744- فلما وضع أصحابه صلى الله عليه وسلم السلاح جاءه جبريل عليه السّلام فقال له: قوله: «فنزل المشركون المذاد» : المذاد: المكان المرتفع، وهو هنا الموضع الذي خندق فيه النبي صلى الله عليه وسلم، قال الواقدي في مغازيه [2/ 445] : كان أعجب المنازل إليه صلى الله عليه وسلم أن يجعل سلعا خلف ظهره ويخندق من المذاد إلى ذباب راتج وهو الجبل المجاور لجبل بني عبيد غربي بطحان. (744) قوله: «جاءه جبريل عليه السلام» : أخرجاه في الصحيحين مطولا ومختصرا: فأخرجه البخاري مطولا في المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، رقم 4122، ومختصرا في نفس الباب برقم 4117، ومسلم في الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، رقم 1769 (65، 66، 67، 68) ، كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 وضعتم السلاح؟ والله ما وضعته الملائكة، إن الله عزّ وجلّ يأمرك أن تخرج إلى بني قريظة. 745- فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فحاصرهم، فقال لهم: انزلوا على حكمي فأبوا، وقالوا: ننزل على حكم سعد، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد- وكان مجروحا أصابته رمية يوم الخندق- فجاء سعد ونزلوا، فضرب أعناقهم، وسبى نساءهم، وأخذ أموالهم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين. [152- فصل: في سرية محمّد بن مسلمة إلى القرطاء] 152- فصل: في سرية محمّد بن مسلمة إلى القرطاء 746- ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى القرطاء، فرجع ولم يلق كيدا. (745) قوله: «فأبوا» : وفي رواية الصحيحين: أنهم نزلوا على حكمه، فرد النبي صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد رضي الله عنه. (746) قوله: «ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة» : مذكورة في الأصل في إثر الرجيع، وأثبتها هنا تبعا لأهل المغازي والسير، أخرج الواقدي في مغازيه [2/ 534] قال: حدثني خالد بن إلياس، عن جعفر بن محمود قال: قال محمد بن مسلمة: خرجت في عشر ليال خلون من المحرم، فغبت تسع عشرة، وقدمت لليلة بقيت من المحرم على رأس خمسة وخمسين شهرا، أخرجه أيضا ابن سعد [2/ 78] . وانظر أيضا: دلائل البيهقي [4/ 78] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 [153- فصل: في غزوة بني لحيان من هذيل] 153- فصل: في غزوة بني لحيان من هذيل 747- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام ما شاء الله له أن يقيم، ثم غزا صلى الله عليه وسلم بني لحيان من هذيل، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا. (747) قوله: «فأقام ما شاء الله أن يقيم» : روى الواقدي في مغازيه [2/ 535] : عن عطاء بن أبي مروان قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لهلال ربيع الأول سنة ست، وتبعه ابن سعد [2/ 78] . وقال ابن إسحاق: في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من قريظة، وإليه ذهب ابن حبان، وابن عبد البر في الدر، وصححه ابن كثير في الفصول، وقال ابن حزم في جوامع السيرة: الصحيح أنها في الخامسة. قوله: «ثم غزا صلى الله عليه وسلم بني لحيان» : لشدة وجده وحزنه صلى الله عليه وسلم على عاصم بن ثابت وأصحابه. انظر عن هذه الغزوة في: سيرة ابن هشام [2/ 279] ، دلائل البيهقي [3/ 364] ، الاكتفاء [2/ 153] ، تاريخ ابن جرير [2/ 595] ، أنساب الأشراف [1/ 435] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 [154- فصل: في غزوة الغابة] 154- فصل: في غزوة الغابة 748- ثم إنّ عيينة بن حصن أغار على سرح المدينة، فذهب بها، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه وبعث على مقدمته سعيد بن زيد الأشهلي، فلحق عيينة فهزمه واستنقذ السرح، ولحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد، ثم رجع إلى المدينة. (748) قوله: «فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه» : وتسمى بغزوة ذي قرد، كذلك ترجم لها في الصحيحين، قال البخاري أيضا في الترجمة: وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث. قال الحافظ في الفتح: وهو ماء على نحو بريد مما يلي بلاد غطفان، وقيل: على مسافة يوم. وانظر: طبقات ابن سعد [2/ 80] ، مغازي الواقدي [2/ 537] ، سيرة ابن هشام [2/ 280] ، تاريخ ابن جرير [2/ 596] ، الاكتفاء [2/ 154] ، أنساب الأشراف [1/ 437] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 [155- فصل: في سريّة عكاشة بن محصن] 155- فصل: في سريّة عكاشة بن محصن 749- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن الأسدي، فرجع إلى المدينة ولم يلق كيدا. [156- فصل: في سريّة زيد بن حارثة إلى وادي القرى] 156- فصل: في سريّة زيد بن حارثة إلى وادي القرى 750- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى وادي القرى، فلقي بني فزارة، فقتلوا ناسا من أصحابه، وأفلت جريحا. (749) قوله: «وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن الأسدي» : يعني: إلى غمر مرزوق- ماء لبني أسد- على ليلتين من فيد، في ربيع الأول سنة ست من الهجرة. طبقات ابن سعد [2/ 84] ، مغازي الواقدي [2/ 550] . (750) قوله: «إلى وادي القرى» : وذلك في رجب سنة ست، قاله ابن سعد. انظر: أنساب الأشراف [1/ 484] ، طبقات ابن سعد [2/ 88] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 [157- فصل: بعث عليّ بن أبي طالب وزيد بن حارثة] 157- فصل: بعث عليّ بن أبي طالب وزيد بن حارثة 751- ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى فدك، وزيد بن حارثة، إلى أم قرفة، وعمر بن الخطاب إلى قرية من أرض بني عامر، (751) قوله: «إلى فدك» : يعني: إلى بني سعد بن بكر وذلك في شعبان سنة ست من الهجرة، حيث بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر، فأغار عليهم وغنم نعما وشاء. قوله: «إلى أم قرفة» : واسمها: فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية عم عيينة بن حصن، بناحية وادي القرى، على سبع ليال من المدينة، وذلك في رمضان، لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنها جهزت ثلاثين من ولدها وولد ولدها ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اثكلها بولدها، تأتي قصتها في المعجزات، في فصل ما ظهر من الايات والدلائل فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج القصة ابن سعد في الطبقات [2/ 90] ، والواقدي في المغازي [2/ 565] ، وابن هشام [2/ 617] ، وأسند الحديث أبو نعيم في الدلائل برقم 462، وذكر البلاذري في الأنساب [1/ 485] أنها كانت تؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقل ابن سيد الناس في سيرته [2/ 156] عن الدولابي أنها كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، قال الواقدي: قتلها قيس بن المحسّر قتلا عنيفا؛ ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين، ثم زجرهما فذهبا فقطعاها. قوله: «إلى قرية من أرض بني عامر» : أظنه أراد سريته إلى تربة، إلى عجز هوازن بناحية العبلاء، على أربع ليال من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 وأبا العوجاء السلمي إلى أرض بني سليم، فسلموا جميعا إلّا أبا العوجاء أصيب هو وأصحابه جميعا. [158- فصل: في سرية ابن رواحة إلى يسير بن رزام] 158- فصل: في سرية ابن رواحة إلى يسير بن رزام 752- ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى خيبر، فقتل يسير بن رزام اليهودي في ثلاثين رجلا. - مكة طريق صنعاء ونجران، وكانت في شعبان سنة سبع، فأتى الخبر هوازن فهربوا، وجاء عمر محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة. انظر: طبقات ابن سعد [2/ 117] ، مغازي الواقدي [2/ 722] ، أنساب البلاذري [1/ 486] . قوله: «وأبا العوجاء السلمي» : كذا في سيرة ابن إسحاق [2/ 612 ابن هشام] ، وسماه ابن سعد في الطبقات [2/ 123] ، وبعض من ألف في الصحابة: ابن أبي العوجاء، وكانت سريته في ذي الحجة سنة سبع من الهجرة، وحمل جريحا حتى دخل المدينة، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول يوم من صفر سنة ثمان. (752) قوله: «إلى يسير بن رزام» : ويقال: أسير، وكان من شأنه أنه سار في غطفان يجمعهم لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قتله في شوال سنة ست فيما ذكره الواقدي [2/ 566] ، وابن سعد [2/ 92] ، انظر: أنساب الأشراف [1/ 485] ، سيرة ابن هشام [2/ 618] ، دلائل البيهقي [4/ 293- 294] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 [159- فصل: في سريّة عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع] 159- فصل: في سريّة عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع 753- ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك فقتل أبا رافع ابن أبي الحقيق. (753) قوله: «فقتل أبا رافع» : اختلف في السنة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عتيك، فعن الواقدي [1/ 391] لأربع خلون من ذي الحجة على رأس ستة وأربعين شهرا من الهجرة، أي أنها من حوادث السنة الرابعة، وفيها ذكرها ابن حبان وابن حبيب في المحبر، والبلاذري في الأنساب، وذكر مغلطاي في الإشارة [/ 273] أنها في ذي الحجة سنة خمس، وعن ابن سعد [2/ 91] : أنها في شهر رمضان سنة ست، والقصة بطولها في صحيح الإمام البخاري، كتاب الجهاد، باب قتل النائم المشرك، من طريق ابن أبي زائد، رقم 3022، 3023، وفي المغازي، باب قتل أبي رافع، من طريق إسرائيل، رقم 4039، وفيه أيضا من طريق يوسف رقم 4040، جميعهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 [160- فصل: في قصّة الحديبية] 160- فصل: في قصّة الحديبية 754- ودخلت سنة ست، فتجهّز رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فخرج إلى العمرة، وهو لا يريد قتالا، وخرج معه ألف وستمائة رجل، وساق سبعين بدنة، حتى إذا كان بالحديبية بعث عثمان بن عفان يستأذن له على أهل مكة على أن يدخل معتمرا، فأبوا أن يتركوه، واحتبس عثمان بن عفان رضي الله عنه، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم: تبايعوني على الموت، فبايعوه تحت الشجرة، فتلك بيعة الرضوان، قوله: «في قصة الحديبية» : انظر القصة في: طبقات ابن سعد [2/ 95] ، سيرة ابن هشام [2/ 308] ، دلائل النبوة [4/ 90] ، الخصائص الكبرى [2/ 23] ، مغازي الواقدي [2/ 571] ، الاكتفاء [2/ 173] ، أنساب الأشراف [1/ 439] . (754) قوله: «تبايعوني على الموت» : أخرج البخاري في المغازي، باب غزوة الحديبية برقم 4169، وفي الجهاد، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا، وقال بعضهم: على الموت، رقم 2960، وفي الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام الناس، رقم 7206، ومسلم في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال رقم 1680، كلاهما من حديث يزيد: بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة: على أي شيء بايعتم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت. وأخرجا من حديث عبد الله بن زيد: أنه رأى يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة فقال: على ما يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 ثم إنهم اصطلحوا على أن ينصرف عنهم، ويرجع من العام المقبل فيحلّوا بها ثلاثة أيام، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب بينهم كتابا، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه، ثم جلس فحلق رأسه، ونحر أصحابه بدنهم، وحلقوا رؤوسهم. - على الموت، قال: لا أبايع على ذلك أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شهد معه الحديبية. قلت: ولا ينافي في هذا قول جابر رضي الله عنه: بايعناه على أن لا نفر، ولم نبايعه على الموت، أخرجه مسلم في الأمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، رقم 1856 (67، 68) ، لأن المراد على الثبات عند اللقاء لإحدى الطائفتين، فتأمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 [161- فصل: في غزوة خيبر] 161- فصل: في غزوة خيبر 755- ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فحلّ بها، ثم حاصرهم، (755) قوله: «ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر» : انظر عن غزوة خيبر في: صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر [3/ 134] ، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة خيبر [3/ 1426] ، طبقات ابن سعد [2/ 106] ، دلائل البيهقي [4/ 194] ، مغازي الواقدي [2/ 633] ، أنساب الأشراف [1/ 443] ، الاكتفاء [2/ 186] ، الخصائص الكبرى [2/ 51] ، مجمع الزوائد [6/ 147] ، كنز العمال [10/ 385، 461] . قوله: «فحل بها ثم حاصرهم» : قال موسى بن عقبة: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية مكث بها عشرين ليلة أو قريبا منها، ثم خرج غازيا إلى خيبر، وكان الله وعده إياها وهو بالحديبية، وقال ابن إسحاق: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحديبيه: ذا الحجة، وبعض المحرم، وخرج في بقية منه إليها، رجحه الحافظ في الفتح، وقال ابن سعد: خرج في جمادى الأولى سنة سبع، وقال الواقدي [2/ 636] : خرج في صفر سنة سبع، وقيل: بل خرج آخر سنة ست، لم يبق منها إلّا شهر وأيام، وهو قول مالك، وذكره ابن عبد البر في الدرر، وابن حزم في جوامع السيرة بناء على ما ذهبوا إليه من أن السنة الهجرية تبدأ من شهر ربيع، لا من المحرم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 فخرج إليهم اليهود وقاتلوه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ناسا من أصحابه فهزموا، فلما رجعوا إليه قال صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله قوله: «فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ناسا من أصحابه» : لفظ حديث بريدة بن سفيان، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع اختصره المصنف: ولفظه: قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بن أبي قحافة برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل، فرجع ولم يك فتحا، وقد جهد، ثم بعث عمر بن الخطاب الغد فقاتل، ثم رجع ولم يك فتحا، وقد جهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار، قال سلمة: فدعا علي بن أبي طالب وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك، قال يقول سلمة: فخرج بها والله يهرول هرولة وأنا خلفه أتتبع أثره حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن، فاطلع يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب، قال يقول اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى- أو كما قال-، قال: فما رجع حتى فتح الله عزّ وجلّ على يديه. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 708 بغية الباحث] رقم 696، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 62] وقال: غريب من حديث بريدة، عن أبيه، وفيه زيادات ألفاظ لم يتابع عليها، وصحيحه من حديث يزيد بن أبي عبيدة، عن سلمة. قلت: بريدة ليس بالقوي عندهم، وأبوه ذكره البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. لكن مع هذا يشهد له حديث بريدة ابن الحصيب إذ أخرجه بنحوه من حديثه: الإمام أحمد في المسند [5/ 358] ، والنسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 109] رقم 8403، والحاكم في المستدرك [3/ 437] ، جميعهم من حديث ميمون أبي عبد الله. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 على يديه، فأعطاها علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فأقبل بها حتى ركزها في أصل حصنهم، فأشرف إليه يهودي فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب، فالتفت إلى قومه فقال: غلبتم وما أنزل على موسى، ففتحها الله على يديه. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعناقهم، وسبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وأخذ من سبيهم: صفية بنت حيي، فأعتقها وتزوجها. - وأخرجه البيهقي في الدلائل [4/ 210] من حديث الحسين بن واقد المروزي، وفي [4/ 210- 212] من حديث المسيب بن مسلم، ثلاثتهم عن ابن بريدة، عن أبيه بنحوه. قوله: «غلبتم» : وفي بعض المصادر: عليتم، ويروى أيضا: علوتم، قال أبو نعيم: فيه دلالة على تقدم على اليهود من كتبهم بتوجيه من وجه إليهم، ويكون الفتح على يديه. قوله: «وأخذ من سبيهم صفية» : اصطفاها صلى الله عليه وسلم لنفسه، والقصة مخرجة في الصحيحين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 [162- فصل: في سريّة بشير بن سعد إلى فدك] 162- فصل: في سريّة بشير بن سعد إلى فدك 756- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك، فرجع ولم يلق كيدا. (756) قوله: «إلى بني مرة بفدك» : انظر عنها في: مغازي الواقدي [2/ 723] ، طبقات ابن سعد [2/ 118] ، دلائل البيهقي [4/ 295] . قوله: «فرجع ولم يلق كيدا» : لعله ذهول من المصنف، فقد قال غير واحد من أهل السير والمغازي أنهم قوتلوا وأصيبوا، وقد ذكر المصنف- كما سيأتي- سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة، وإنما كانت لمصاب أصحاب بشير، قال ابن سعد [2/ 118- 119] : خرج يلقى رعاء الشاء فسأل عن الناس فقيل: في بواديهم، فاستاق النعم والشاء وانحدر إلى المدينة، فخرج الصريخ فأخبرهم، فأدركه الدهم منهم عند الليل، فأتوا يرامونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير، وأصبحوا، فحمل المريون عليهم فأصابوا أصحاب بشير، وقاتل بشير حتى ارتث، وضرب كعبه، فقيل: قد مات، ورجعوا بنعمهم وشائهم، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم من بعده بشير بن سعد. قال ابن سعد: كانت سرية بشير إلى فدك في شعبان سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر: مغازي الواقدي [2/ 723] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 [163- فصل: في عمرة القضيّة] 163- فصل: في عمرة القضيّة 757- ثم دخلت سنة سبع، فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين شهدوا معه الحديبية، فخرج ومعه ستون بدنة، فمضى حتى دخل مكة، فطاف بالبيت أسبوعا على ناقته، يستلم الركن بمحجنة، وأقام بها ثلاثة أيام، وتزوج بها ميمونة بنت الحارث الهلالية، ثم خرج فابتنى بها بسرف. (757) قوله: «ثم دخلت سنة سبع فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» : في هلال ذي القعدة منها باتفاق أهل السير. قوله: «فخرج ومعه ستون بدنة» : انظر عن عمرة القضية في: صحيح الإمام البخاري [3/ 144] ، مغازي الواقدي [2/ 731] ، طبقات ابن سعد [2/ 120] ، مجمع الزوائد [6/ 144] ، الخصائص الكبرى [2/ 67] ، دلائل البيهقي [4/ 313] ، الاكتفاء [2/ 202] ، أنساب الأشراف [1/ 447] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 [164- فصل: سياق آخر لقصّة الحديبية وعمرة القضيّة] 164- فصل: سياق آخر لقصّة الحديبية وعمرة القضيّة قال أبو سعد رحمه الله: 758- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحج مع قومه قبل مبعثه، وبعد مبعثه قبل نزول فرض الحج عليه، ويدعو الناس في كل موسم إلى الإيمان وإلى اتباعه. (758) قوله: «قبل نزول فرض الحج عليه» : أخرج الترمذي في الحج، باب ما جاء: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم؟ من حديث زيد بن حباب، عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعد ما هاجر ومعها عمرة ... الحديث، قال أبو عيسى: غريب. وأخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 470] ، صححه على شرط مسلم، وقال البيهقي عقب إخراجه في الدلائل [5/ 454] : تفرد به زيد، عن سفيان، وقد بلغني عن محمد بن إسماعيل أنه قال: هذا حديث خطأ، كان زيد بن الحباب إذا روى حفظا ربما غلط في الشيء، وإنما روى هذا عن الثوري عن أبي إسحاق، عن مجاهد. اه. قلت: لذلك سكت عنه الذهبي في التلخيص، ومن الوجه الذي ذكره البيهقي أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 189] من طريق محمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله. وتابعه وكيع عن سفيان، أخرجه البيهقي في الدلائل [5/ 453- 454] فالقول قولهما. وأخرج البخاري في المغازي من صحيحه، باب حجة الوداع، من حديث- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فلما كان في سنة ست من الهجرة- أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة، لم يحج بعدها: حجة الوداع، قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى. قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: هذا الذي قاله أبو إسحاق من أنه صلى الله عليه وسلم حج بمكة حجة أخرى إن أراد أنه لم يقع منه إلّا حجة واحدة- كما هو ظاهر لفظه- فهو بعيد، فإنه صلى الله عليه وسلم كان بعد الرسالة يحضر مواسم الحج، ويدعو الناس إلى الله ويقول: من رجل يؤويني حتى أبلغ كلام ربي، فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي عزّ وجلّ، حتى قيض الله له جماعة يلقونه ليلة العقبة- أي: عشية يوم النحر- عند جمرة العقبة ثلاث سنين متتاليات، حتى إذا كانوا آخر سنة بايعوه ليلة العقبة الثانية، وهي ثالث اجتماعهم به، ثم كانت بعدها الهجرة إلى المدينة. اه. وقال الحافظ في الفتح: اقتصار أبي إسحاق على قوله: أخرى، قد يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلّا واحدة، وليس كذلك، بل حج قبل أن يهاجر مرارا، بل الذي لا أرتاب فيه أنه لم يترك الحج قط، لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج، وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف، وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة الحج ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب فكيف يظن بالنبي أنه يتركه؟ قال: وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة، وأن ذلك من توفيق الله له، وثبت دعاؤه قبائل العرب إلى الإسلام بمنى ثلاث سنين متوالية. اه. قوله: «ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة» : أي: مهاجرا. قوله: «فلما كان في سنة ست» : وهو قول الجمهور، قاله الحافظ في الفتح، غير أنه ذكر قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 أنزل عليه فريضة الحج، وهو قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في تلك السنة، وأحرم بها من ذي الحليفة، فلما بلغ الحديبية صدّه المشركون، وصالحوه على أن يعود في قابل معتمرا، ويخلون له مكة ثلاثة أيام لياليها، ويصعدون إلى رؤوس الجبال. وهادنهم على ترك القتال عشر سنين، فأحل من إحرامه، ونحر سبعين بدنة ساقها معه صلى الله عليه وسلم. 759- ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم غزا خيبر ففتحها وقسمها بين أهل الحديبية. - وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ الاية بدلا من الاية التي أوردها المصنف. قوله: «ونحر سبعين بدنة ساقها معه صلى الله عليه وسلم» : روى أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتركوا في الهدي، أخرجه مسلم، وقد بسطنا تخريجه في الأضاحي من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 2087، 2088- فتح المنان. (759) قوله: «على ثمانية عشر سهما» : وهو شطر خيبر، من أصل ستة وثلاثين سهما، قال البيهقي: وهذا لأن خيبر فتح شطرها عنوة، وشطرها صالحا، فقسم ما فتح عنوة بين أهل الخمس والغانمين، وعزل ما فتح صالحا لنوائبه وما يحتاج إليه من أمور المسلمين، وقال ابن القيم: وما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طعمة من الله لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب، ولم يغب عن خيبر إلّا جابر بن عبد الله فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وهم أهل بيعة رضوان الذين أنزل الله فيهم سورة الفتح: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الاية، وذلك الحديبية، وكانوا ألفا ومائتي راجل، ومائتي فارس، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم غنيمة خيبر على ثمانية عشر سهما: للرجّالة اثنا عشر سهما، لكل مائة: سهم، وللفرسان ستة أسهم، لكل فارس ثلاثة أسهم، ولكل راجل: سهم. 760- ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فلما كان في قابل أحرم بالعمرة من مسجد الشجرة بذي الحليفة، في ذي القعدة، وخرج إلى مكة، فأقام بها ثلاثة أيام، وفرغ من عمرته، ودخلها هو وأصحابه بجليان السيوف فقط، فلما رآهم المشركون من رؤوس الجبال وبهم تعب السفر، قالوا: أما ترون إلى محمّد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نهكتهم حمى يثرب- يعنون المدينة- فأرادوا قوله: «لكل فارس ثلاثة سهم» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في السير من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 2629، 2630. (760) قوله: «بجليان السيوف» : يعني: سلاح الراكب الظاهر المكشوف. قوله: «قد نهكتهم حمى يثرب» : أخرجه الشيحان من حديث ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا. لفظ مسلم في كتاب الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة، رقم 1266 (240، 241) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 الغدر بهم والنزول إليهم، فأطلع الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلم على عزمهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أظهروا لهم الجلد، فاضطبعوا ورملوا، وسعوا بين الصفا والمروة وفي وسط الوادي، فلما رآهم المشركون كذلك علموا بقوتهم، وقالوا: هؤلاء جلد أقوياء. 761- فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ثلاثا، ثم أنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم عثمان ابن عفان فقال: إن شئتم أقمت عندكم ثلثا آخر، وعرست بأهلي وأولمت لكم، فقالوا: لا حاجة لنا في وليمتك. 762- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة الهلالية قبل عمرته، ولم يدخل بها، فخرج صلى الله عليه وسلم آخر اليوم الثالث، حتى أتى سرف- وهي على عشرة أميال من مكة- وأقام بها ثلاثا، وعرس بأهله، ثم سار صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. (761) قوله: «فقالوا: لا حاجة لنا في وليمتك» : أخرجه ابن إسحاق [2/ 372- ابن هشام] ، وبنحوه ابن سعد في الطبقات [2/ 122] . (762) قوله: «قبل عمرته» : يريد: قبل أن يحرم، قال ابن القيم في الزاد: وفيه نظر إلّا أن يكون وكل في العقد عليها قبل إحرامه، قال: وأظن الشافعي ذكر ذلك قولا. اه. والخلاف في المسألة مشهور، انظر أقوال العلماء في ذلك في: شرح النووي لصحيح مسلم [9/ 204- 205] ، زاد المعاد [3/ 372- 374] ، فتح الباري [9/ 143] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 [165- فصل: في سريّة كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح] 165- فصل: في سريّة كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح 763- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام بها بعد فتح خيبر، وبعث كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح من أرض الشام فأصيب هو وأصحابه جميعا. (763) قوله: «وبعث كعب بن عمير الغفاري» : في شهر ربيع الأول سنة ثمان من الهجرة. قوله: «إلى ذات أطلاح» : موضع وراء وادي القرى. قوله: «فأصيب هو وأصحابه جميعا» : وروي أيضا: أنه أفلت رجل منهم جريح في القتلى، فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فشق ذلك عليه، وهم بالبعث إليهم، فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر فتركهم. وانظر: طبقات ابن سعد [2/ 127- 128] ، سيرة ابن هشام [2/ 621] ، تاريخ ابن جرير [3/ 29] ، أسد الغابة [4/ 485] ، مغازي الواقدي [2/ 752] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 [166- فصل: في غزوة مؤتة] 166- فصل: في غزوة مؤتة 764- ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت سنة ثمان. ثم بعث زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة إلى مؤتة من أرض الشام، فأصيبوا بها جميعا، وفتح من بعدهم على خالد ابن الوليد. (764) قوله: «إلى مؤتة من أرض الشام» : من عمل البلقاء دون دمشق، وكانت في جمادى الأولى، وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير بكتابه إلى ملك بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو السلمي فقتله صبرا، ولم يقتل له صلى الله عليه وسلم رسول غيره. انظر عن الغزوة في: صحيح البخاري [3/ 145] ، طبقات ابن سعد [2/ 128] ، مغازي الواقدي [2/ 755] ، مجمع الزوائد [6/ 156] ، الخصائص الكبرى [2/ 70] ، الاكتفاء [2/ 205] ، دلائل البيهقي [4/ 358] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 512] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 [167- فصل: في سريّة غالب بن عبد الله] 167- فصل: في سريّة غالب بن عبد الله 765- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي إلى أرض بني مرة فقتل وأسر. [168- فصل: في سريّة عيينة بن حصن] 168- فصل: في سريّة عيينة بن حصن 766- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن إلى أرض بني العنبر فقتل وأسر. (765) قوله: «إلى أرض بني مرة» : إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك، وكانت في صفر سنة ثمان من الهجرة. انظر عنها في: طبقات ابن سعد [2/ 126] ، مغازي الواقدي [2/ 723] . (766) قوله: «إلى أرض بني العنبر» : من بني تميم، سنة تسع من الهجرة، قاله ابن سعد في الطبقات [2/ 160] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 [169- فصل: في غزوة ذات السّلاسل] 169- فصل: في غزوة ذات السّلاسل 767- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل. (767) قوله: «إلى ذات السلاسل» : ماء وراء وادي القرى من المدينة على عشرة أيام، واختلف في وقتها وهي من حوادث السنة السابعة، فعند ابن سعد أنها في جمادى الاخرة، وحكى النووي عن ابن عساكر أنها بعد مؤتة عند أهل المغازي سوى ابن إسحاق فإنه قال: هي قبلها. وانظر عنها في: صحيح البخاري [3/ 164] ، طبقات ابن سعد [2/ 131] ، مغازي الواقدي [2/ 769] ، دلائل البيهقي [4/ 417] ، تاريخ ابن جرير [3/ 32] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 [170- فصل: في ذكر سبب مسيره صلى الله عليه وسلم إلى مكّة وفتحها] 170- فصل: في ذكر سبب مسيره صلى الله عليه وسلم إلى مكّة وفتحها 768- فلما كان في العام التالي- وهو سنة ثمان من الهجرة- نقض أهل مكة الهدنة بمعاونة بعضهم لقوم من اليمن- يقال لهم: بنو نفاثة- على خزاعة، وكانوا أحلافا للنبي صلى الله عليه وسلم لمحالفتهم جده عبد المطلب، فخرج صارخهم إلى المدينة يعرّف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال شعرا في ذلك يقول فيه: لاهمّ إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا إن قريشا أخلفوا الموعدا ... ونقضوا عهده المؤكدا وقتلونا ركعا وسجدا ... وهم أذل وأقل عددا (768) قوله: «فخرج صارخهم» : سماه ابن إسحاق- كما في سيرة ابن هشام [2/ 394]-: عمرو بن سالم الخزاعي أحد بني كعب، ثم ساق ابن إسحاق الأبيات بسياق أطول واختلاف في الأولى، وفيها: يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا ... ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا اعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا ... إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزيدا ... إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك الموكدا ... وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 769- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نصرت إن لم أنصر خزاعة. 770- وسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بنقض الهدنة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان إلى مكة، فدخلها من غير إحرام بحج ولا عمرة، ثم أقام بها سبعة عشر يوما. (769) قوله: «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نصرت إن لم أنصر خزاعة» : وفي رواية أبي يعلى [7/ 343- 344] رقم 4380، من طريق حزام بن هشام، عن أبيه، عن عائشة: لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 161- 162] : حزام بن هشام وأبوه وثقهما ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه ابن إسحاق في السيرة ولفظه: نصرت يا عمرو بن سالم، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب، أورده المصنف في أبواب الدلائل وخرجناه هناك تحت رقم: 1111. (770) قوله: «ثم أقام بها سبعة عشر يوما» : هكذا قال شريك بن عبد الله عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد الفتح سبعة عشر يوما يصلي ركعتين، أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: متى يتم المسافر؟ رقم 1232، وابن سعد في الطبقات [2/ 143] ، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 151] . تابعه عاصم الأحول، وحصين، عن عكرمة، أخرجه أبو داود برقم 1230، والدارقطني [1/ 387- 388] ، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 150] ، صحح ابن حبان طريق عاصم، عن عكرمة- الإحسان برقم 2750-. وروى عمران بن حصين قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلّا ركعتين، أخرجه أبو داود برقم 1229، وابن سعد في الطبقات [2/ 143] ، وابن المنذر في الأوسط [4/ 365] رقم 2295، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 151] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 ......... - وأخرج أبو داود من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة، رقم 1231، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 151] ، ضعفها الإمام النووي، فتعقبه الحافظ في الفتح، باب ما جاء في التقصير بقوله: وليس بجيد منه لأن رواتها ثقات، قال: ولم ينفرد بها ابن إسحاق فقد أخرجها النسائي [برقم 1453] عن عبيد الله كذلك. اه. قال أبو عاصم: فات الحافظ رحمه الله بأن في رواية ابن إسحاق علة ذكرها من أخرج حديثه؛ فقد قال أبو داود- في إثر حديث ابن إسحاق بذكر ابن عباس-: روى هذا الحديث عبدة بن سليمان، وأحمد بن خالد الوهبي، وسلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق؛ لم يذكروا فيه ابن عباس. اه. يعني أنهم رووه عن عبيد الله مرسلا. كذلك أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 143] من طريق يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق. نعم، وأما حديث عراك بن مالك الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر فقد اختلف عليه فيه: فرواية النسائي من طريق يزيد بن أبي حبيب عنه، وأخرجها ابن سعد في الطبقات [2/ 143- 144] من طريق بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك مرسلا. فمثل هذا الاختلاف يضعف الاحتجاج به، ولذلك لم يذكر الحافظ البيهقي رواية ابن إسحاق ولا رواية عراك بن مالك عند جمعه بين الروايات المتقدمة، إذ قال في السنن الكبرى [3/ 151] : ويمكن الجمع بين رواية من روى تسع عشرة، ورواية من روى سبع عشرة، ورواية من روى ثمان عشرة، بأن من رواها تسع عشرة عد يوم الدخول ويوم الخروج، ومن روى ثمان عشرة لم يعد أحد اليومين، ومن قال: سبع عشرة لم يعدهما. اه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 771- ثم خرج صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليه، وقسم غنائمها. - وأصر الحافظ في الفتح على إدخال رواية ابن إسحاق في هذا الجمع فقال: فلتحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر؛ فحذف منها يومي الدخول والخروج، وفيه تكلف كما لا يخفى. (771) قوله: «ثم خرج صلى الله عليه وسلم» : يعني إلى حنين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 [171- فصل: سياق آخر في سبب مسيره صلى الله عليه وسلم لفتح مكّة] 171- فصل: سياق آخر في سبب مسيره صلى الله عليه وسلم لفتح مكّة 772- ثم إن بكرا وخزاعة اقتتلوا، وكانت خزاعة دخلت في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكرا في حلف قريش، حيث كتبوا الكتاب بالحديبية، فلما اقتتلوا أعانت قريش بكرا بالسلاح، فنقضوا، وجاء نذير خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستنصره، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى من حوله من العرب أن يشهدوا غرة شهر رمضان بالمدينة، ففعلوا. 773- وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش في عشرة الاف من المهاجرين والأنصار وسائر العرب، حتى إذا كانوا قريبا من مكة أسروا أبا سفيان بن حرب، فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب فيه العباس بن عبد المطلب فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له الناس: أسلم وإلا قتلت، (773) قوله: «وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش» : في رمضان سنة ثمان من الهجرة. انظر عنها في: صحيح البخاري [3/ 148] ، صحيح مسلم [3/ 1405] ، طبقات ابن سعد [2/ 134] ، سيرة ابن هشام [2/ 389] ، دلائل البيهقي [5/ 3] ، مجمع الزوائد [6/ 161] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 471] ، الخصائص الكبرى [2/ 76] ، الاكتفاء [2/ 215] ، مغازي الواقدي [2/ 780، 3/ 873] ، كنز العمال [10/ 389، 497] . قوله: «فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» : خرّجنا القصة في أبواب الدلائل تحت رقم: 1112، وكذا ما تضمنته من تكسير الأصنام التي كانت حول الكعبة، حيث أوردها المصنف هناك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 فأسلم، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ينادي: أن من دخل داره وألقى السلاح فهو آمن، فأتاهم فناداهم وقال: أتاكم ما لا قبل لكم به، من ألقى السلاح ودخل داره فهو آمن، ففعل الناس ذلك، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد وحول الكعبة ثلثمائة وستون صنما، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب رؤوسها بعصى كانت معه، يقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 [172- باب: في ذكر استلامه صلى الله عليه وسلم مفتاح بيت الله الحرام ومفتاح السّقاية] 172- باب: في ذكر استلامه صلى الله عليه وسلم مفتاح بيت الله الحرام ومفتاح السّقاية 774- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله، ثنا أبو الحسن: محمد بن نافع بن محمد بن إسحاق الخزاعي، ثنا أبو محمد: إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي، ثنا أبو الوليد: محمد بن عبد الله بن أحمد قال: وأخبرني جدي، أنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن جريج: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذوا يا بني طلحة، خذوا ما أعطاكم الله ورسوله تالدة خالدة، لا ينزعها منكم إلّا ظالم. (774) قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو الأزرقي، والحديث في تاريخه [1/ 265] وهو مرسل. وروى الحجاج بن محمد، عن ابن جريج في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها الاية، قال: نزلت في عثمان بن طلحة، قبض النبي صلى الله عليه وسلم منه مفاتيح الكعبة، ودخل بها البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الاية، أخرجه ابن جرير في تفسيره [5/ 145] . ورواه سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله، أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة [1/ 265] . وقد روي موصولا بإسناد فيه ضعف، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 120] رقم 11234، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 247- 248] ، من طريق عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوها يا بني طلحة ... الحديث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 775- أخبرنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله، ثنا أبو الحسن: محمد بن نافع، ثنا أبو محمد: إسحاق بن نافع الخزاعي، ثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن محمد بن إدريس، قال: ذكر الواقدي عن أشياخه قالوا: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بعدما طاف على راحلته، فجلس ناحية من المسجد والناس حوله، ثم أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة فقال: قل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه بمفتاح الكعبة، فقال عثمان: نعم، فخرج إلى أمه سلافة بنت سعد الأنصارية، ورجع بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال: نعم، ثم جلس بلال مع الناس. وجاء عثمان إلى أمه- والمفتاح يومئذ عندها- فقال: يا أماه أعطيني المفتاح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبه مني، فقالت أمه: أعيذك بالله أن يكون ذهاب مأثرة قومك على يديك، قال: والله لتدفعنّه إليّ أو ليأتينّك غيري فيأخذه منك، فأدخلته في حجرها وقالت: أي رجل يدخل يده هاهنا؟! فبينا هما على ذلك إذ سمعت صوت أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الدار، وعمر رافع صوته حين رأى إبطاء عثمان: يا عثمان اخرج، فقالت أمه: يا بني خذ المفتاح، فلأن تأخذه أنت أحب إليّ من أن يأخذه تيم وعدي. (775) قوله: «ثنا أبو الوليد» : هو الأزرقي، والخبر في تاريخه [1/ 266] ، وأخرجه الواقدي في مغازيه [2/ 833] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 776- وروى نافع، عن عبد الله قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة، فقال: ائتني بالمفتاح، فذهب إلى أمه، فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي- أو ظهري-، قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه، ففتح الباب، فدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأجافوا عليهم الباب مليا. ثم فتح الباب، وكنت فتى قويا فبدرت وزاحمت الناس، فكنت أول من دخل الكعبة، فرأيت بلالا عند الباب فقلت له: يا بلال أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بين العمودين المقدمين، وكانت الكعبة على ستة أعمدة. قال ابن عمر: ونسيت أن أسأله كم صلى؟. 777- وقيل: إنها قالت: ادفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقل: بالأمانة، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بالأمانة. (776) قوله: «وروى نافع» : هو مسند عن المصنف بالإسناد المتقدم إلى أبي الوليد، أخرجه في تاريخه [1/ 268] . وأخرجاه في الصحيحين، أورده بطوله مسلم في المناسك، باب استحباب دخول الكعبة للحاج، رقم 1329 (388، 389، 390، 391، 392، 393، 394) . وأخرجه البخاري دون قصة المفتاح في المناسك، باب إغلاق البيت، رقم 1598. (777) قوله: «وقيل: إنها قالت» : هو باختلاف يسير عما في تاريخ الأزرقي [1/ 267- 268] ، ومغازي الواقدي [2/ 833- 838] ، وانظر: طبقات ابن سعد [2/ 136- 137] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد قبض السقاية من العباس، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت وقف على الباب وفي يده المفتاح، ثم جعله في كمه، فخطب، ثم جلس، فقال له العباس- وبسط يده-: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اجمع لنا السقاية والحجابة، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع لعمه العباس بين السقاية والحجابة، فهبط جبريل عليه السلام وقرأ عليه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها الاية، فقال صلى الله عليه وسلم: ادع لي عثمان، وقال صلى الله عليه وسلم: خذوها يا بني طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلّا ظالم، يا عثمان إن الله تعالى استأمنكم على بيته فخذوه بأمانة الله. وقال عثمان: فلما ولّيت ناداني، فرجعت إليه فقال صلى الله عليه وسلم: ألم يكن الذي قلت لك؟ قال: فذكرت قوله لي بمكة، فقلت: بلى، إنك رسول الله، فأعطاه المفتاح. قوله: «فذكرت قوله لي بمكة» : وكان صلى الله عليه وسلم قد قال له من قبل: لعلك يا عثمان سترى هذا المفتاح بيدي أضعه حيث شئت، فقال عثمان: لقد هلكت إذا قريش وذلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل عمرت وعزت يومئذ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 [173- فصل: في غزوة حنين] 173- فصل: في غزوة حنين 778- وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بقية شهر رمضان والنصف من شوال، ثم بلغه أن هوازن وثقيفا قد ساروا إليه بأموالهم وذراريهم يقودهم مالك بن عوف النصري، فاستنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم الناس، ثم خرج صلى الله عليه وسلم وخرج معه اثنا عشر ألف رجل، عشرة الاف من أهل المدينة ومن حولهم من العرب، وألفان من أهل مكة، فقال بعض أصحابه: لو لقينا بني شيبان في عدوهم ما بالينا، ولن يغلبنا أحد من قلة. 779- فالتقوا بحنين، فحملت عليهم هوازن حملة فانكشف الناس عنه وولّوا مدبرين، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه من المهاجرين والأنصار، فحفوا به وهو على بغلته الشهباء، (778) قوله: «وخرج معه اثنا عشر ألف» : انظر عن القصة في: صحيح البخاري [3/ 621]- باب قوله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الاية، صحيح مسلم [3/ 1398] ، دلائل البيهقي [4/ 119] ، مغازي الواقدي [3/ 885] ، الاكتفاء [2/ 239] ، مجمع الزوائد [6/ 178] ، الخصائص الكبرى [2/ 89] ، سيرة ابن هشام [2/ 437] ، تاريخ ابن جرير [3/ 70] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 521] ، كنز العمال [10/ 387، 566] ، طبقات ابن سعد [2/ 149] . قوله: «وهو على بغلته الشهباء» : وقع في رواية البراء عند البخاري والعباس عند مسلم أنها البيضاء، وفي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 والعباس آخذ بحكمة بغلته وهو ينادي: يا أصحاب الشجرة يا أصحاب سورة البقرة إليّ أنا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطلب: صح في الناس، فنادى العباس بصوت عال: أين المهاجرون الأولون؟! أين أصحاب الشجرة؟! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكرّ المسلمون عليهم راجعين، فاصطكوا بالسيوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان بن الحارث: ناولني ترابا من الأرض، فناوله من الحصباء كفا فرمى بها في وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فانهزم المشركون، وأخذت فرقة منهم إلى الطائف، وأخرى إلى أوطاس، فأصيب منهم- رواية سلمة بن الأكوع عند مسلم أنه كان على بغلته الشهباء، فذكر الإمام النووي أنها واحدة، وقد تكلمنا على ذلك فيما كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من الخيل والمتاع. قوله: «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان بن الحارث» : كذا في رواية المصنف هنا، وفي رواية سلمة بن الأكوع عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ... الحديث، وكذا في أكثر الروايات، كما يعلم بالبحث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها بنفسه وتناولها ليس فيها ذكر المناول له صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الإمام أحمد [2/ 454] ، والحاكم في المستدرك [2/ 117] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 142] من حديث ابن مسعود: قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى عنه الناس ... الحديث، وفيه فقال: ناولني كفا من تراب ... فيحمل على تكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم جمعا بين الروايات إن صحت طرقها وإلا فما في صحيح مسلم أصح. وأصل القصة في الصحيحين، من حديث أبي إسحاق السبيعي قال: جاء رجل إلى البراء فقال: أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم ما ولى، ولكنه انطلق أخفّاء من الناس وحسّر إلى هذا الحي من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 قتلى كثير، وأموال كثيرة، وسبى المسلمون منهم ستة آلاف، فقال العباس رضي الله عنه: نصرنا رسول الله في الحرب سبعة ... وقد فر من قد فرّ عنه فأقشعوا وثامننا لاقى الحمام بسيفه ... بما مسه في الله لا يتوجّع - هوازن- وهم قوم رماة- فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر وهو يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهمّ نزّل نصرك. قال البراء: كنا والله إذا احمر البأس نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الشجاع منا الذي يحاذي به- يعني: النبي صلى الله عليه وسلم-. قوله: «نصرنا رسول الله» : ذكر هذه الأبيات الحافظ ابن سيد الناس في المنح [/ 191] ، وذكر في أولها: ألا هل ترى عرسي مكري ومقدمي ... بوادي حنين والأسنة تشرع وكيف رددت الخيل وهي مغيرة ... بزوراء تعطي في اليدين وتمنع قوله: «في الحرب سبعة» : وقع في بعض المصادر: تسعة، بتقديم المثناة الفوقية، وفي الشطر الثاني: وعاشرنا بدل: وثامننا، فوقع لذلك الخلاف في عدد الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن إسحاق: ثبت معه صلى الله عليه وسلم من المهاجرين: أبو بكر، وعمر، ومن أهل بيته: علي بن أبي طالب، والعباس، والفضل ابنه، وأبو سفيان ابن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد، وأيمن ابن أم أيمن، قتل يومئذ. قال ابن هشام: وبعض الناس يعد فيهم قثم بن العباس ولا يعد ابن أبي سفيان ابن الحارث. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 [174- فصل: في غزوة أوطاس] 174- فصل: في غزوة أوطاس 780- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قيس الأشعري إلى من أخذ منهم ناحية أوطاس، فقاتلوه، فهزمهم وولوا مدبرين. - وذكر النووي أن الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا، فإن صح ما وقع في شعر ابن عباس فكأنه عنى أهل بيته، وإلا فإن رواية من روى أنهم عشرة أقرب، ولذلك قال الحافظ في الفتح معلقا على كلام النووي: لعل هذا هو الأثبت. اه. ومما يؤيد كونهم أكثر من ذلك قول العباس بن مرداس يومها: ويوم حنين حين سارت هوازن ... إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا ... قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا ... لواء كخذروف السحابة لامع عشية ضحاك بن سفيان معتص ... بسيف رسول الله والموت كانع (780) قوله: «إلى من أخذ منهم ناحية أوطاس» : انظر عن غزوة أوطاس: صحيح الإمام البخاري [3/ 637] ، دلائل البيهقي [4/ 152] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 [175- فصل: في غزوة الطّائف] 175- فصل: في غزوة الطّائف 781- ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فحصرها عليهم، فخرج إليه مالك بن عوف رئيس هوازن فأسلم، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف خمسة عشر- وقيل: أقام بها شهرا-، ثم انصرف ورجع منها (781) قوله: «ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف» : في شوال من السنة الثامنة في قول جمهور أهل المغازي، وعلقه الإمام البخاري عن موسى بن عقبة. قوله: «وأقام رسول الله على الطائف صلى الله عليه وسلم خمسة عشر» : أخرجه الواقدي في مغازيه [3/ 936] عن أبي هريرة، وعند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن مدة حصارهم كانت أربعين يوما، وعند ابن إسحاق في السيرة: فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة- قال ابن هشام: ويقال سبع عشرة ليلة-، وعند ابن إسحاق أيضا، من حديث عبد الله بن حزم وعبد الله بن المكدّم عمن أدركوا من أهل العلم قالوا: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك، ثم انصرفوا عنهم ولم يؤذن فيهم، أخرجه البيهقي في الدلائل [5/ 169] ، وفي الصحيحين، من حديث ابن عمر قال: لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف فلم ينل منهم شيئا، قال: إنا قافلون إن شاء الله، فثقل عليهم وقالوا: نذهب ولا نفتحه؟ - فقال: اغدوا على القتال، فغدوا فأصابهم جراح، فقال صلى الله عليه وسلم: إنا قافلون غدا إن شاء الله، قال: فأعجبهم ذلك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر أيضا عن غزوة الطائف: صحيح البخاري [3/ 157] ، صحيح مسلم [3/ 1402] ، دلائل البيهقي [4/ 156] ، مغازي الواقدي [3/ 936] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 وتركها ولم يؤذن له في فتحها، حتى نزل الجعرانة، فقسم غنائم حنين بين أصحابه، ثم اعتمر من الجعرانة لليالي خلون من ذي القعدة، فأحرم بها بالعمرة ودخل مكة معتمرا، وفرغ من عمرته ليلا وخرج إلى المدينة، وأمّر صلى الله عليه وسلم على مكة عتّاب بن أسيد بن أبي العيص، وخلف معه معاذ بن جبل رضي الله عنه وأبا موسى الأشعري يعلمان الناس القرآن ويفقهان في الدين. - طبقات ابن سعد [2/ 158] ، مجمع الزوائد [6/ 190] ، الخصائص الكبرى [2/ 97] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 507] ، تاريخ ابن جرير [3/ 82] ، كنز العمال [10/ 553] ، الاكتفاء [2/ 254] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 [176- فصل: في غزوة تبوك] 176- فصل: في غزوة تبوك 782- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام بها، ودخلت سنة تسع، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لخروجه في غزوة تبوك- وهو يريد الروم-؛ فأرسل إلى من حوله من العرب فأتوه، ثم خرج ومعه زيادة على ثلاثين ألفا- وهو جيش العسرة- وفيها ظهر النفاق. 783- وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد من الطريق في ثلثمائة رجل إلى دومة الجندل، ومضى هو إلى تبوك، فلم يلق بها كيدا. (782) قوله: «ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة» : في ذي الحجة. قوله: «لخروجه في غزوة تبوك» : في شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف، قال الحافظ في الفتح: وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس: أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر، قال: وليس مخالفا لقول من قال في رجب إذا حذفنا الكسور. انظر عن غزوة تبوك في: صحيح البخاري [3/ 176] ، مجمع الزوائد [6/ 191] ، دلائل البيهقي [4/ 212] ، تاريخ ابن جرير [3/ 100] ، مغازي الواقدي [3/ 989] ، طبقات ابن سعد [2/ 165] ، مصنف ابن أبي شيبة [14/ 539] ، الخصائص الكبرى [2/ 100] . (783) قوله: «إلى دومة الجندل» : ليفتحها، وكان صاحبها أكيدر بن عبد الملك ملكا عليها، وكان نصرانيا، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 784- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة. 785- وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى نجران في ستمائة. - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر خالدا أنه سيجده يصيد البقر، وقد خرجنا القصة في أبواب المعجزات حيث أوردها المصنف هناك. وانظر عن دومة الجندل في: طبقات ابن سعد [2/ 166] ، مغازي الواقدي [3/ 1025] ، دلائل البيهقي [4/ 250] ، كنز العمال [10/ 582] . (784) قوله: «ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة» : في رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم بنى مساجد في طريقها، حصرها ابن إسحاق في سيرته بأسمائها فراجعها. قوله: «إلى الغابة» : حيث نزل رفاعة بن قيس- أو: قيس بن رفاعة- رجل من بني جشم بن معاوية يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء عبد الله بن أبي حدرد برأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وساق معه إبلا عظيمة وغنما كثيرة، القصة بطولها في سيرة ابن هشام [2/ 629- 631] . (785) قوله: «إلى نجران» : في شهر ربيع الأول أو الثاني، أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة، لدعوة بني الحارث بن كعب للإسلام، فأسلموا جميعا. انظر: طبقات ابن سعد [2/ 169] ، سيرة ابن هشام [2/ 592- 593] ، تاريخ ابن جرير [3/ 126] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 [177- فصل: في بعثه صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالحجّ] 177- فصل: في بعثه صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالحجّ 786- وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حتى دخلت سنة تسع، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق أميرا على الحج، فأقامه للناس، فحج المشركون فأنزل الله عزّ وجلّ أول براءة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين آية منها مع علي بن أبي طالب فقرأها على الناس يوم عرفة فقال: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ الاية، يعني: من أهل العهد، وقوله تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الاية، يقول: سيروا في الأرض أربعة أشهر حيث شئتم آمنين، فجعل مدة أهل العهد أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر من ربيع الاخر، وجعل من لا عهد له أجله خمسين يوما من يوم النحر إلى انسلاخ المحرم، فذلك قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. فقرأها عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال: لا يحجن بعد هذا العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عهد فهو على مدته، وأن الله بريء من المشركين. (786) قوله: «فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق أميرا على الحج» : خرجنا مسيره بطوله- وفيه أيضا بعثه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ببراءة- في كتاب الحج من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، باب: في خطبة الموسم، تحت رقم 2047- فتح المنان، وخرجنا قول علي وبما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة عنه، رقم 1549، 2665، ومن حديث زيد بن يثيع، عنه، تحت رقم 2051- فتح المنان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 ثم رجع أبو بكر وعلي رضي الله عنهما إلى المدينة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله، وبعث إليهم رسله. 787- ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأزواجه وأهله أجمعون، وليس معه أحد من المشركين، فنزلت عليه يوم عرفة: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الاية، يعني: أمره ونهيه، فلم ينزل بعد هذه حلال، ولا حرام، ولا فريضة، غير آيتين من آخر سورة النساء- وهي قوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ الاية، إلى آخر السورة- ثم قال تعالى: وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي الاية، يعني: بالإسلام، أي: حججتم وليس معكم مشرك، وقوله تعالى: وَرَضِيتُ يعني: اخترت لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فليس دين أرضى عند الله من الإسلام. فنزلت هذه الاية والناس وقوف بعرفات، فبركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقل القرآن، وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إحدى وثمانين ليلة صلى الله عليه وسلم وعلى آله. (787) قوله: «ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم» : سيأتي الكلام عليه في الباب الذي يليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 [178- فصل: سياق آخر فيه] 178- فصل: سياق آخر فيه 788- وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه حاجا بالناس من المدينة في سنة تسع، فلما بلغ العرج قام يصلي بالناس صلاة الصبح فسمع وغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء، فوقف ولم يكبّر وقال: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزم على الحج، فإذا بعلي رضي الله عنه راكبها، فقال: يا أبا الحسن أنت أمير أو رسول؟ قال: بل رسول، إن الله تعالى أنزل على نبيّه صلى الله عليه وسلم سورة براءة، وأمره أن يقرأها على أهل مكة، وقال: لا يؤديها عنك إلّا رجل من قومك. فخرجا إلى مكة، وكان أبو بكر أميرا، وعلي رضي الله عنه رسولا مبلغا، فإذا خطب أبو بكر رضي الله عنه قام علي رضي الله عنه فأدى الرسالة وقرأ براءة على الناس وأعلمهم أن لهم تأجيل أربعة أشهر يسيحون في الأرض ثم لا أمان لهم. (788) قوله: «وأرسل رسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر» : هكذا وجدنا هذا السياق في الأصول مع أن ما قبله يغني عنه، ولم نجد بدا من إثباته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 [179- باب: في حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم] 179- باب: في حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم 789- أخبرنا أبو علي: حامد بن محمد بن عبد الله بن معاذ الهروي، ثنا محمد بن صالح الأشج، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان الثوري، عن بكير بن عطاء الليثي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي (789) قوله: «الهروي» : المشهور بالرّفاء، قال عنه الحافظ الذهبي في السير: الشيخ الإمام، المحدث الصادق، الواعظ الكبير، ممن اشتهر اسمه، وانتشر حديثه، وكان ذا معرفة وفهم وسعة علم، انتهى إليه علو الإسناد بهراة، انتخب عليه الدارقطني ببغداد، ووثقه الخطيب، وقال الحافظ أبو بشر الهروي: ثقة صالح، توفي بهراة في شهر رمضان، سنة ست وخمسين وثلاث مائة، أظنه عن نيف وتسعين سنة. انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 16] ، تاريخ بغداد [8/ 172- 174] ، المنتظم [14/ 184] ، العبر [2/ 304] ، الشذرات [3/ 119] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 356- ص 140] ، الأنساب [3/ 78 في: الرفاء] . قوله: «ثنا محمد بن صالح الأشج» : الهمداني، ذكره ابن حبان في الثقات [9/ 148] وقال: يخطىء، ولا أدري لما ذكره الحافظ في اللسان [5/ 203] . قوله: «ثنا قبيصة بن عقبة» : السوائي، الحافظ الثقة، أبو عامر الكوفي، هو وشيخه سفيان الإمام أحد الأعلام، من رجال الكتب الستة، وبكير بن عطاء الليثي أيضا من رجال الأربعة الثقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فأتاه نفر من أهل نجد فقالوا: الحج، الحج، يا رسول الله، قال: الحج يوم عرفة، فمن جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه، أيام منى ثلاثة أيام: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى الاية. قال: ثم أردف رجلا فجعل ينادي بهن. قوله: «الحج يوم عرفة» : بسطنا تخريجه في كتاب الحج من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، باب: بم يتم الحج؟ وذكرنا تصحيح الترمذي له، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم في المستدرك، ومن قبلهم قول ابن عيينة: قلت لسفيان الثوري: ليس عندكم حديث أشرف من هذا، وعن الجارود قال: سمعت وكيعا.. وذكر هذا الحديث فقال: هذا الحديث أم المناسك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 [180- فصل: في خروجه صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة للحج، وبم أحرم] 180- فصل: في خروجه صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة للحج، وبم أحرم 790- فلما كان في العام المقبل- وهي سنة عشر من الهجرة- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا من المدينة، فصلى الجمعة بالمدينة لخمس بقين من ذي القعدة، وصلى العصر والمغرب والعشاء بذي الحليفة ثم أحرم منها، وأحرم من معه بالحج فلا يشكون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج. (790) قوله: «لخمس بقين» : متعلق بخرج، فيكون خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة يوم السبت، لما في صحيح البخاري من حديث أنس قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين ... الحديث، أخرجه في المناسك، باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح. فالظاهر أن المصنف أراد بصلاة الجمعة التي سبقت خروجه والتي أعلمهم فيها شأن الإحرام والحج، قال ابن القيم: لا يصح الجمع بين خروجه يوم الخميس وبين بقاء خمس من الشهر البتة، بخلاف ما إذا كان الخروج يوم السبت، فإن الباقي بيوم الخروج خمس بلا شك، قال: والظاهر أنه لم يكن ليدع الجمعة وبينه وبينها بعض يوم من غير ضرورة، وقد اجتمع إليه الخلق، وهو أحرص الناس على تعليمهم الدين، وقد حضر ذلك الجمع العظيم، وقد حضر ابن عمر رضي الله عنه هذه الخطبة بالمدينة على منبره إذ كان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم في كل وقت ما يحتاجون إليه إذا حضر فعله، فأولى الأوقات به الجمعة التي يليها خروجه، ... إلى أن قال متعقبا ابن حزم: فأما قوله لو كان خروجه من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة لكان خروجه يوم الجمعة فغير لازم، بل يصح أن يخرج لخمس ويكون خروجه يوم السبت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 791- وقدموا مكة يوم الأحد الخامس من ذي الحجة، فطاف بها وسعى. 792- وانتظر صلى الله عليه وسلم أمر الله سبحانه وتعالى أن من كان منهم ساق هديا فليقم على إحرامه، ومن لم يسق هديا فليحل بعمرة. - إذ من الممكن أن يكون ذي القعدة كان ناقصا فوقع الأخبار عن تاريخ الخروج بخمس بقين من بناء على المعتاد من الشهر. اه. وقد أيد الحافظ خروجه يوم السبت برواية ابن سعد في الطبقات [2/ 173] ، والحاكم في الإكليل، نعم وقد روي خروجه لخمس بقين من ذي القعدة من حديث ابن عباس عند الإمام البخاري، ومن حديث عائشة عند مسلم لكن على الشك: لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس، وانظر التعليق التالي. (791) قوله: «الخامس من ذي الحجة» : هذا لا يكون، ولعله من سبق القلم، إذ لا خلاف أن الوقفة كانت بالجمعة، فكيف يكون يوم الأحد هو الخامس من ذي الحجة، بل كان قدومه صلى الله عليه وسلم يوم الأحد الرابع منه، ففي البخاري من حديث ابن عباس: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج ... الحديث، قال الحافظ: قوله: صبيحة رابعة، أي: يوم الأحد. اه. وفي رواية مسلم: لأربع خلون من العشر. (792) قوله: «وانتظر صلى الله عليه وسلم أمر الله» : قال الشافعي في اختلاف الحديث [/ 304] : أخبرني سفيان، عن ابن طاوس وإبراهيم بن ميسرة أنهما سمعا طاوسا يقول: خرج النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمي حجا ولا عمرة ينتظر القضاء، قال: فنزل عليه القضاء وهو يطوف بين الصفا والمروة، فأمر أصحابه: أن من كان منهم أهل بالحج ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة، وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولكني لبدت رأسي وسقت هديي، فليس لي محل إلّا محلي هذا ... الحديث، مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 793- ولم يكن أحد منهم ساق هديا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم كان قد ساق سبعين بدنة- وقيل: فوق الستين- فأقام على إحرامه، وأمر الناس بالإحلال. 794- وكان عند قريش والعرب أن العمرة في أشهر الحج من الكبائر ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر. فأراد الله عزّ وجلّ أن يزيل عن قلوبهم ما تعوّدوه وألفوه، وأن لا تنقطع العمرة في كل وقت، فحلّ قوم، وتوقف قوم وقالوا: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل، وأمرنا بالإحلال؟. 795- فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهو غضبان، فقالت: (793) قوله: «ولم يكن أحد منهم ساق هديا» : أخرج الشيخان من حديث جابر بن عبد الله قال: أهل النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا، ثم يقصروا ويحلوا إلّا من كان معه الهدي ... الحديث. (794) قوله: «وكان عند قريش» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عباس: البخاري في المناسك، باب التمتع والقران والإفراد بالحج، رقم 1564، ومسلم كذلك، باب جواز العمرة في أشهر الحج، رقم 1240. (795) قوله: «فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة» : سبق قلم آخر، أو ذهول من المصنف رحمه الله، فإن دخوله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة إنما كان في صلح الحديبية، ففي حديث المسور بن مخرمة ومروان الطويل في الشروط من صحيح الإمام البخاري، باب الشروط في الجهاد، وفيه: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 يا رسول الله ما الذي أغضبك؟ فقال: كيف لا أغضب وأنا آمر بالأمر فيخالف؟ فقالت: لو أحللت لأحلوا، فقال صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. يعني: لو علمت هذا الأمر الذي أمرني الله به الان وأنا بالمدينة لما سقت معي الهدي حتى أحل معهم فلا يتوقفون عن الإحلال. - فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك ... الحديث. وأما في حجة الوداع فإنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها فيما رواه مسلم في الحج، باب بيان وجوه الإحرام، رقم 1211 (130) ، والإمام أحمد في المسند [6/ 175] ، كلاهما من حديث ذكوان مولى عائشة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة- أو خمس- فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار؟ قال: أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون؟ ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثم أحل كما حلّوا. وأخرجه من وجه آخر من حديث البراء: الإمام أحمد في المسند [4/ 286] ، وابن ماجه في الحج، باب نسخ الحج، رقم 2982، وأبو يعلى في مسنده [3/ 233- 234] ، رقم 1672، ورجاله ثقات رجال الصحيح غير أن البوصيري توقف فيه لاختلاط أبي إسحاق، قال: ولا يدرى سمع أبو بكر منه قبل ذلك أو بعده، مع أن البخاري صحح حديثه عنه!. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 796- فقالوا: يا رسول الله أي الحلّ نحلّ؟ قال: الحل كله. 797- وفي رواية: فقالوا: نحل ونصيب النساء، ونخرج إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا؟ فلم يزل بهم صلى الله عليه وسلم حتى أحلوا، وأمرهم أن يحرموا يوم التروية من الأبطح، ويخرجوا إلى منى. 798- وقدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو موسى الأشعري من اليمن، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم أحرمتما؟ فقالا: قلنا: إهلالا كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما نزل عليه، وكان مع علي رضي الله عنه ثلاثون بدنة فأقام على إحرامه. (796) قوله: «الحل كله» : هو ضمن حديث ابن عباس المتقدم قريبا وأوله: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ... الحديث. (797) قوله: «وفي رواية» : هو ضمن حديث جابر بن عبد الله المتقدم قريبا وأوله: أهل النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة ... الحديث. (798) قوله: «وقدم علي بن أبي طالب» : أخرجاه في الصحيحين من حديث مروان الأصفر، عن أنس قال: قدم علي رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: بم أهللت؟ قال: بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لولا أن معي الهدي لأحللت، زاد في رواية: فاهد وامكث حراما كما أنت، أخرجه البخاري في المناسك، باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 1558، ومسلم كذلك، باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم رقم 1250 (213) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 799- قال: ولم يكن مع أبي موسى الأشعري شيء فأحل، وأحل الناس كلهم إلّا النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لسوقهما الهدي، وحجا مفردين. 800- وأحرم الناس بالحج، وكانوا متمتعين، فمنهم من نحر وأكثرهم صام، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة أزواجه البقر. (799) قوله: «ولم يكن مع أبي موسى شيء» : أخرجاه في الصحيحين من حديث طارق بن شهاب، عن أبي موسى قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم باليمن، فجئت وهو بالبطحاء، فقال: بم أهللت؟ قلت: أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هل معك من هدي؟ قلت: لا، فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمرني فأحللت ... الحديث، أخرجه البخاري برقم 1559، ومسلم برقم 1221 (154، 155، 156) . (800) قوله: «عن متعة أزواجه البقر» : أخرجه البخاري في المناسك، باب ذبح الرجل البقر عن نسائه، رقم 1709، ومسلم فيه، باب بيان وجوه الإحرام، رقم 1211 (125) ، وخرجناه في مسند الحافظ أبي محمد، تحت رقم 2036، وكتاب الحج، باب البقرة تجزىء عن البدنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 [181- فصل: في الوقوف بعرفة] 181- فصل: في الوقوف بعرفة 801- وقال صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم. 802- وخرج صلى الله عليه وسلم إلى منى ضحوة النهار، حتى صلى الصبح، ودفع إلى عرفة، وقد أمر بقبة له من شعر أن تضرب له بنمرة، فنزل بها حتى زالت الشمس، ثم قصد مسجد إبراهيم عليه السّلام، فخطب خطبتين، وصلى (801) قوله: «خذوا عني مناسككم» : أخرجه مسلم في الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، من حديث أبي الزبير، عن جابر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه، رقم 1297 (310) ، والإمام أحمد في المسند [3/ 301، 318، 332، 337، 367، 378] ، وأبو داود في المناسك، باب التعجيل من جمع، رقم 1944، والترمذي في الحج، باب ما جاء في الإفاضة من عرفات رقم 886، والنسائي في الحج، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم، رقم 3062، وابن ماجه في الحج، باب الوقوف بجمع، رقم 3023. (802) قوله: «وخرج صلى الله عليه وسلم إلى منى ضحوة» : هو بعض حديث جابر في سياق حجته صلى الله عليه وسلم الطويل. أخرجه: الحافظ أبو محمد الدارمي في المناسك من المسند الجامع، باب: في سنة الحج. وخرجناه في كتابنا فتح المنان، تحت رقم 1981، وذكرنا إخراج مسلم له دون البخاري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 الظهر ركعتين والعصر ركعتين بأذان وإقامتين، ثم راح إلى الموقف، فاستقبل القبلة واستدبر الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه. 803- وكان يوم جمعة- وأنزل عليه بالموقف: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الاية، فلم يزل صلى الله عليه وسلم واقفا يدعو ويحرّض الناس على الدعاء حتى غابت الشمس. قوله: «وجعل حبل المشاة» : بالحاء المهملة ثم موحدة ساكنة كما في الأصول، وهو المشهور في الرواية، قال القاضي عياض: وهو الأشبه، وحبل المشاة مجتمعهم. ورجح المحب الطبري ضبطه بالجيم، قال: لأن الواقف- يعني: بموقف النبي صلى الله عليه وسلم- يكون جبل إلال بين يديه، قال: وهو جبل المشاة، وتعقبه العز بن جماعة في المناسك [3/ 1007] بقوله: وفيه نظر، لأن المشهور في الرواية: حبل المشاة- بالحاء المهملة- قال: وهو طريقهم الذي يسلكونه في الرمل، وعكس ذلك الخطابي فقال: أما الجيم فمعناه طريقهم وحيث تسلك الرجّالة، والحبال: ما كان دون الجبال في الارتفاع. (803) قوله: «وكان يوم جمعة» : أخرج الشيخان واللفظ للبخاري في الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، من حديث طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤنها لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 [182- فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة] 182- فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة 804- ثم أفاض صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة وأسامة بن زيد رديفه قال: فقلت: يا رسول الله الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، حتى بلغ صلى الله عليه وسلم بعض الشعاب ونزل، فاهراق الماء وتوضأ وضوآ خفيفا، ثم سار حتى بلغ مزدلفة، فجمع بين المغرب والعشاء بإقامتين من غير أذان. 805- وبات صلى الله عليه وسلم بها، فلما أصبح صلى الصبح، ووقف على قزح- وهو المشعر الحرام-. (804) قوله: «الصلاة أمامك» : أخرجه الشيخان، فأخرجه البخاري في الحج، باب النزول بين عرفة وجمع، رقم 1667، 1669، ومسلم فيه، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، رقم 1280 (276 وما بعده) . قوله: «من غير أذان» : إذ لم يذكر في حديث أسامة بن زيد، قال الحافظ في الفتح: ظاهر حديث أسامة أنه يجمع بينهما بإقامتين فقط، قال: وهو قول الشافعي في الجديد والثوري، ورواية عن أحمد. اه. وقد أثبت جابر بن عبد الله في حديثه الطويل، الأذان للأولى دون الثانية، وجعله النووي في المجموع [8/ 152] : الأصح في المذهب، وعن ابن مسعود أنه صلى كل صلاة بأذان وإقامة. (805) قوله: «ووقف على قزح» : أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 76، 157] ، وأبو داود في المناسك، باب الصلاة بجمع، رقم 1935، والترمذي فيه، باب ما جاء أن عرفة كلها- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 806- فدعا صلى الله عليه وسلم فأطال، ثم تبسم صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله إنك تبسمت في ساعة لم تكن تبتسم فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبسمت من- موقف، رقم 885، وابن ماجه فيه أيضا: باب الموقف بعرفات، رقم 3010، وأبو يعلى في مسنده [1/ 264] رقم 312، جميعهم من حديث عبيد الله بن أبي رافع، عن علي رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: فأتى جمعا- فصلى بها الصلاتين- يعني: المغرب والعشاء- ثم بات بها، فلما أصبح وقف على قزح فقال: هذ قزح، وهو الموقف، وجمع كلها موقف ... الحديث. قال الرافعي في شرحه [3/ 422- 423] : هو جبل من المشعر الحرام، قال: ويقال: هو المشعر الحرام، والمشعر من المزدلفة. (806) قوله: «فدعا صلى الله عليه وسلم فأطال» : أخرجه عبد الله في زوائده على المسند [4/ 14] ، واختصر لفظه أبو داود في الأدب، باب الرجل يقول للرجل: أضحك الله سنك، رقم 5234، وابن ماجه في المناسك، باب الدعاء بعرفة، رقم 3013، وأبو داود الطيالسي في مسنده- كما في تاريخ ابن كثير قسم السيرة [4/ 352]- ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [5/ 118] . وأخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 149- 150] رقم 1578، والطبراني في معجمه الكبير- كما في قوة الحجاج لابن حجر [/ 20]-، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [3/ 74] رقم 1390، وابن جرير في تفسيره [2/ 149- 150] ، وابن عدي في الكامل [6/ 2094] . قال الحافظ البيهقي: هذا الحديث له شواهد كثيرة، قد ذكرناها في كتاب البعث، فإن صح بشواهده ففيه الحجة. وأعله البوصيري تبعا للبخاري بعبد الله بن كنانة إذ قال في المصباح: في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 عدو الله إبليس، فإنه لما علم أن الله تعالى قد استجاب لي في أمتي أخذ يدعو بالويل والثبور، ويحثو التراب على رأسه. - إسناده عبد الله بن كنانة، قال البخاري: لم يصح حديثه، ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا توثيق. وممن قواه أيضا: ابن كثير في قسم السيرة من تاريخه، فأورد حديث عبادة بن الصامت شاهدا، وهو عند الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 17] رقم 8831 عمن سمع قتادة يقول: حدثنا خلاس بن عمرو، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: أيها الناس إن الله تطوّل عليكم في هذا اليوم فيغفر لكم إلّا التبعات فيما بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم ... الحديث بطوله. ومن طريقه أخرجه الطبراني في معجمه الكبير- كما في الحجاج لابن حجر-، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 257] : فيه راو لم يسم. وقد قوى الحديث أيضا الحافظ ابن حجر في قوة الحجاج، وبسط الكلام عليه وعلى شواهده بما لا مزيد عليه فليراجعه من أراد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 [183- فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى منى] 183- فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى منى 807- فلما كادت الشمس أن تطلع أفاض صلى الله عليه وسلم إلى منى، فرمى ونحر وحلق، وطاف بالبيت أسبوعا، ورجع إلى منى فصلى الظهر، وخطب في الناس خطبة الوداع، يذكر فيها الأحكام. 808- ونعى صلى الله عليه وسلم نفسه. قال أبو سعد رحمه الله ورضي عنه: وقد رويت الخطبة بألفاظ مختلفة على حسب ما حفظها الناس، فمنهم من روى الكلمتين والثلاثة، والحكم والحكمين، ومنهم من زاد، ومنهم من نقص، لا أعلم أحدا روى جميع الخطبة على وجهها لطولها. 809- وقد قيل: إن خطبة الوداع كانت في النفر الأول وهو اليوم الثاني من أيام التشريق وهو الأصح، والله أعلم. (808) قوله: «ونعى صلى الله عليه وسلم نفسه» : قال ابن عمر في آخر سياق خطبته صلى الله عليه وسلم بمنى: فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ اشهد، وودّع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع، أخرجاه في الصحيحين. ومن حديثه أيضا بإسناد ضعيف قال: أنزلت هذه السورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق، وعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له، فركب، فوقف بالعقبة، واجتمع الناس، فقال ... الخطبة. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [5/ 153] ، وضعفه من قبل موسى بن عبيدة. (809) قوله: «وهو اليوم الثاني من أيام التشريق» : الذي في أكثر الأحاديث- كتلك المخرجة في الصحيحين- التصريح بأن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 ......... - خطبته صلى الله عليه وسلم إنما كانت يوم النحر كحديث ابن عباس، وابن عمر، وأبي بكرة، وفي غيرهما كحديث جابر بن عبد الله عند الإمام أحمد، والهرماس بن زياد، وأبي أمامة عند أبي داود، قال الحافظ في الفتح، في باب الخطبة أيام منى: في هذه الأحاديث دلالة على مشروعية الخطبة يوم النحر. قالت المالكية والحنفية: خطب الحج ثلاثة: سابع ذي الحجة، ويوم عرفة، وثاني يوم النحر بمنى. ووافقهم الشافعي إلّا أنه قال بدل ثاني يوم النحر ثالثه لأنه أول النفر، وزاد خطبة رابعة وهي يوم النحر، وقال: إن بالناس حاجة إليها ليتعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمي والذبح والحلق والطواف. اه. وقد يحتج للشافعي في هذا بأحاديث منها: ما أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 411] من طريق أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله في وسط أيام التشريق فقال ... الخطبة. ومنها: حديث سراء بنت نبهان- وكانت ربة بيت في الجاهلية- قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس فقال: أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس أوسط أيام التشريق؟ ... أخرجه أبو داود في المناسك، باب: أي يوم يخطب بمنى، رقم 1953، وسكت عنه. واستشهد أيضا عقبه بحديث عم أبي حرة الرقاشي: أنه صلى الله عليه وسلم خطب أوسط أيام التشريق. وأخرج أيضا من حديث أبي نجيح، عن رجلين من بني بكر قالا: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بين أوسط أيام التشريق، رقم 1952. ومنها: أيضا: ما رواه عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وسط أيام التشريق- يعني: يوم النفر الأول- أخرجه الدارقطني [2/ 227] وليس في الإسناد ضعيف أو مجروح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 وأكثر ما وجدت مما ذكر فيها: 810- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجته بمنى- يعني: في وسط أيام التشريق- فقال: يا أيها الناس أتدرون في أي شهر أنتم؟ وفي أي يوم أنتم؟ وفي أي بلد أنتم؟ قالوا: في يوم حرام، وفي شهر حرام، وفي بلد حرام. قال: فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم القيامة. أيها الناس استمعوا مني تغنموا، ألا لا تظالموا. ألا إنه لا يحل مال امرىء مسلم إلّا بطيب نفس منه. ألا وإن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هاتين إلى يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب- كان مسترضعا في بني ليث، فقتله هذيل. ألا وإن الله قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، ألا وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق قوله: «وأكثر ما وجدت مما ذكر فيها» : جمع المصنف في السياق ألفاظ جماعة من الصحابة لتلك الخطبة، أدخل أحاديث بعضهم في بعض، منها ما هو في الصحيحين، ومنها ما هو في غيرهما مما أشرنا إليه عند التعليق على الحديث قبله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهن أنفسكم. ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ولكنه في التحريش بينكم. واتقوا الله في النساء، فإنهن عوان، لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإن لكم عليهن حقّا ألّا يوطئن فرشكم أحدا غيركم، ولا يأذنّ في بيوتكم لأحد تكرهونه، فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ألا ومن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. أيها الناس، إن ربكم واحد، ألا إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ثم بسط صلى الله عليه وسلم يده فقال: ألا هل بلغت- ثلاثا-. ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 [184- فصل: ثم رجع رسول الله إلى المدينة] 184- فصل: ثم رجع رسول الله إلى المدينة 811- ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فنزل وهو في الطريق قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ الاية. فأقام صلى الله عليه وسلم بها إلى أن مات صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وكان بين خروجه من مكة ووفاته ثمانون ليلة. فثبت ما ذكرنا: من أنه لم يحج من المدينة إلّا حجة واحدة وهي حجة الوداع، واعتمر عمرتين، عمرة في سنة سبع وهي التي تسمى عمرة القضية، بعد أن صده المشركون عن العمرة بالحديبية فأحل ورجع، وعمرة من الجعرانة في سنة ثمان بعد فتح مكة. فهذا جميع إحرامه صلى الله عليه وسلم بعد نزول فرض الحج والعمرة عليه. (811) قوله: «فنزل وهو في الطريق» : أخرج البيهقي في الدلائل [7/ 137] من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ الاية، قال: نزلت بمنى، وبينها وبين موت النبي صلى الله عليه وسلم واحد وثمانون يوما، وعزاه في الدر المنثور أيضا للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، ورجح آخريتها الحافظ في الفتح عما سواها مما روي في أواخر ما نزل لما في الاية من الإشارة لمعنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول، قال: وقد حكى ابن عبد السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزولها إحدى وعشرين يوما، وقيل: سبعا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 [185- فصل: في بدء مرض وفاته صلى الله عليه وسلم] 185- فصل: في بدء مرض وفاته صلى الله عليه وسلم 812- ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فاشتكى في آخر صفر، فكان آخر ما نزل من القرآن: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ الاية، فعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الاية تسع ليال، ثم مات بأبي وأمي يوم الاثنين، لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة عشر صلى الله عليه وسلم وعلى آله. (812) قوله: «ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم» : يعني: من حجة الوداع، وقد ذكر المصنف هناك شيئا مما ذكره هنا. قوله: «فاشتكى في آخر صفر» : اختلف في تعيينه، فعن الخطابي أن ابتداء مرضه يوم الإثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى وعشرة من مهاجره صلى الله عليه وسلم، وعند الواقدي- وعنه ابن سعد في الطبقات [2/ 190]- بعدها بليلتين، أي: يوم الأربعاء وهو قول أبي أحمد الحاكم. قوله: «فكان آخر ما نزل من القرآن» : تقدم الكلام عليه عقب حجة الوداع. قوله: «لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول» : رواه الواقدي، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات [2/ 206] ، البيهقي في الدلائل [7/ 234- 235] ، من حديث أبي معشر- صاحب المغازي- عن محمد بن قيس قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة في بيت زينب بنت جحش شكوى شديدة، واجتمع عنده نساؤه كلهن، اشتكى ثلاثة عشر يوما، وتوفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 ......... - قال الحافظ في الفتح [7/ 736] : اختلف في مدة مرضه صلى الله عليه وسلم، فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوما، وقيل بزيادة يوم، وقيل: بنقصه، وبالثاني صدر في الروضة، وقيل: عشرة أيام، وبه جزم سليمان التيمي في مغازيه، وأخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 234] بإسناد صحيح. قال: وكانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في ربيع الأول بلا خلاف، وكاد يكون إجماعا، ثم عند ابن إسحاق [2/ 642] ، ومن طريقه الطبري [3/ 215] ، هو قول الواقدي كما في الطبقات [2/ 272] أنها في الثاني عشر منه، وعند موسى بن عقبة، والليث، والخوارزمي، وابن زبر: مات لهلال ربيع الأول، وعند أبي مخنف- كما في تاريخ الطبري [3/ 200] : في ثانيه، ورجحه السهيلي [4/ 270] ، وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما، وقيل: أحدا وثمانين، وأما على ما جزم به في الروضة فيكون عاش بعد حجته تسعين يوما أو أحدا وتسعين، وقد استشكل ذلك السهيلي ومن تبعه- أعني كونه مات يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول- وذلك أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس، فمهما فرضت الشهور الثلاثة توام أو نواقص أو بعضها، لم يصح- وهو ظاهر لمن تأمله-، وقد أجاب البارزي ثم ابن كثير باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل، وكان أهل مكة والمدينة اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة، فرآه أهل مكة ليلة الخميس، ولم يره أهل المدينة إلّا ليلة الجمعة، فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة، ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها، فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت، وأول المحرم الأحد وآخره الاثنين، وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء، وأول ربيع الأول الخميس فيكون ثاني عشره الاثنين، وهذا الجواب بعيد من حيث أنه لم يلزم توالي أربعة أشهر كوامل، وقد جزم سليمان التيمي أحد الثقات بأن ابتداء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم السبت الثاني والعشرين من صفر، ومات يوم الاثنين لليلتين خلتا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 ......... - من ربيع الأول- أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 234]- فعلى هذا كان صفر ناقصا، ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت إلّا إن كان ذو الحجة والمحرم ناقصين فيلزم منه نقص ثلاثة أشهر متوالية، وأما على قول من قال: مات أول يوم من ربيع الأول فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملا، ولهذا رجحه السهيلي، وفي المغازي لأبي معشر عن محمد بن قيس قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة مضت من صفر (في الرواية: بقيت، أخرجها ابن سعد [2/ 272] ، والبيهقي في الدلائل [234- 235] ) ، وهذا موافق لقول سليمان التيمي المقتضي لأن أول صفر كان السبت، وأما ما رواه ابن سعد في الطبقات [2/ 272] من طريق عمر بن علي بن أبي طالب قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر فاشتكى ثلاث عشرة ليلة، ومات يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، فيرد على هذا الإشكال المتقدم، وكيف يصح أن يكون أول صفر الأحد فيكون تاسع عشرينه الأربعاء؟ والغرض: أنّ ذا الحجة أوله الخميس، فلو فرض هو والمحرم كاملين لكان أول صفر الاثنين، فكيف يتأخر إلى الأربعاء؟ فالمعتمد ما قاله أبو مخنف، وكأن سبب غلط غيره أنهم قالوا: مات في ثاني شهر ربيع الأول فتغيرت ثاني عشر، واستمر الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضا من غير تأمل، والله أعلم. قال: وقد أجاب القاضي بدر الدين بن جماعة بجواب آخر، فقال: يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت أي بأيامها فيكون موته في اليوم الثالث عشر، ويفرض الشهور كوامل فيصح قول الجمهور، ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم لاثنتي عشرة فإنهم لا يفهمون منها إلّا مضي الليالي، ويكون ما أرخ بذلك واقعا في اليوم الثاني عشر قال أبو عاصم: ما ذكره الحافظ وجيه وقوي، غير أنه يشكل عليه روايات- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 813- فكان جميع غزواته صلى الله عليه وسلم ستين غزاة، منها سبعا وعشرين غزاة غزاها بنفسه صلى الله عليه وسلم، قاتل منها في تسع وهي: بدر، ثم أحد، ثم الخندق، ثم بنو قريظة، ثم بنو المصطلق، ثم خيبر، ثم الفتح، ثم حنين، ثم الطائف. 814- وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ودفن يوم الأربعاء. 815- وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع زوجات: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وميمونة، وسودة، وجويرية، وصفيه. 816- وقيل: عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين عزيزا، ثم اشتكى في صفر، فوعك أشد الوعك، وتوفي يوم الاثنين حين زالت الشمس لهلال ربيع الأول. 817- وقيل: توفي للنصف من ربيع الاخر، ودفن ليلة الأربعاء. - الواقدي عند ابن سعد [2/ 272، 273] بأسانيده إلى علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنها، هكذا بالنص على أنه توفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول. (813) قوله: «فكان جميع غزواته» : مضى الكلام عليه في أول باب غزواته صلى الله عليه وسلم. (814) قوله: «وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين» : أخرج البخاري في الجنائز من صحيحه، باب موت يوم الاثنين، من حديث عائشة رضي الله عنها في وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم، وفيه: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين ... الحديث. (815) قوله: «وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم» : سيأتي الكلام عليه. [باب: في وفاة النّبي صلى الله عليه وسلم] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 (186- باب: في وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم) باب: في وفاة النّبي صلى الله عليه وسلم 818- أخبرنا أبو سعيد: عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، الصوفي رحمه الله، ثنا يوسف بن عاصم الرازي، ثنا جعفر بن مهران، ثنا عبد الأعلى، ... (818) قوله: «الرازي، الصوفي» : قال الحافظ الذهبي في السير: شيخ الصوفية، ومسند الوقت، نزيل نيسابور، قال الحاكم: جاور بمكة، وقد دخلت عليه في أول سنة إحدى وثمانين لما بلغني خروجه إلى مرو، ولم يزل كالريحانة عند مشايخ الصوفية ببلدنا، قال: ووصفه الكنجروذي بالصلاح. قال الذهبي: حديثه مستقيم، ولم أر أحدا تكلم فيه. سير أعلام النبلاء [16/ 427] ، النجوم الزاهرة [4/ 163] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 382- ص 52] ، العبر [3/ 21] ، الشذرات [3/ 226] ، الوافي بالوفيات [17/ 490] . قوله: «ثنا جعفر بن مهران» : السباك، أبو النضر- وقيل: أبو سلمة- البصري، من شيوخ أبي زرعة الرازي، سكت عنه ابن أبي حاتم، ووثقه ابن حبان، وأورده الذهبي في ميزانه وقال: موثق وله ما ينكر، ثم أورد له حديثا خولف فيه. الجرح والتعديل [2/ 491] ، الثقات [8/ 160] ، الميزان [1/ 418] . قوله: «ثنا عبد الأعلى» : هو ابن عبد الأعلى بن محمد- وقيل: ابن شراحيل- السامي، القرشي، أبو محمد البصري، من رجال الكتب الستة الثقات المتقين، يقال: كان- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عمر، عن عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أخبرني أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هجّدني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل وأنا معه في بعض بيوته فقال: يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع، فانطلق معي. قال: فانطلقت معه، فلما وقف بين أظهرهم قال: السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم. يا أبا مويهبة: إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة. قال قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها. فقال: لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي والجنة. - قدريا لكن لم يكن داعية. انظر عنه في: تهذيب الكمال [16/ 359] ، تهذيب التهذيب [9/ 87- 88] ، سير أعلام النبلاء [9/ 242] ، طبقات ابن سعد [7/ 290] ، الثقات لابن حبان [7/ 130] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 331] ، تذكرة الحفاظ [1/ 296] ، الكاشف [2/ 130] ، التقريب [/ 331] الترجمة رقم 3734. قوله: «ثنا محمد بن إسحاق» : خرجنا حديثه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 82- فتح المنان، وتكلمت على بقية رجال السند، وفيه من الفوائد ما يقتضي الوقوف عليه، أعرضت عن نقلها هنا اختصارا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 قال: ثم استغفر لأهل البقيع، ثم انصرف، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات فيه. 819- قال محمد بن إسحاق: فحدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فدخل عليّ فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وا رأساه، فقال: بل أنا والله يا عائشة وا رأساه، وتتام به وجعه حتى استعزّ به وهو في بيت ميمونة، فدعا نساءه فسألهن أن يأذن له أن يمرض في بيتي فأذن له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله، أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر، عاصبا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتي. 820- قالت أسماء بنت عميس: واشتد مرضه صلى الله عليه وسلم حتى أغمي (819) قوله: «قال محمد بن إسحاق» : هو مسند عن المصنف بإسناد الذي قبله إلى ابن إسحاق. وقد خرجناه واستوفينا التعليق عليه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع للحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحت رقم 85، والظاهر أنه من المزيد في متصل الأسانيد، فهو هناك عن ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة، عن الزهري، وكذلك هو في سيرة ابن هشام [2/ 649] . قوله: «استعز به» : بالزاي ويقال: بالراء وهما بمعنى، والمراد: اشتد به المرض، وازداد وجعه. (820) قوله: «قالت أسماء بنت عميس» : أخرج حديثها الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 429] رقم 9754، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 438] ، والطبراني في معجمه الكبير- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 عليه، فتشاور نساؤه في لدّه، فلدّ، وقالت أسماء بنت عميس: كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن ذلك لداء ما كان الله عزّ وجلّ ليقذفني به، لا يبقى في البيت أحد إلّا لدّ إلّا عم النبي صلى الله عليه وسلم- يعني: عباسا- قال: فلقد التدت ميمونة يومئذ وهي صائمة لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 821- قال ابن إسحاق، قال الزهري: وحدثني حمزة بن عبد الله بن عمر أن عائشة رضي الله عنها قالت: لما استعزّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقلت: يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق، ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن ... فذكره. -[24/ 372] ، وابن سعد في الطبقات [2/ 237- 238] من طريق الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أسماء بنت عميس به، إسناد عبد الرزاق على شرط الصحيح، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6587، والحاكم في المستدرك [4/ 202] ، وأقره الذهبي في التلخيص، وصححه أيضا الحافظ في الفتح. (821) قوله: «قال ابن إسحاق» : هو مسند عن المصنف بالإسناد السابق، والخبر في السيرة [2/ 652- ابن هشام] ، وتمامه بعد قولهما كثير البكاء إذا قرأ القرآن: قال: مروه فليصل بالناس، قالت: فعدت بمثل قولي، فقال: إنكن صواحب يوسف، فمروه فليصل بالناس، قالت: فو الله ما أقول ذلك إلّا أني كنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلا قام مقامه أبدا، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان، فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر. حديث حمزة في الصحيحين من طريق عن الزهري: فأخرجه البخاري في الأذان، باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، رقم 682، وعنده: عن يونس، عن الزهري، عن حمزة، عن أبيه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 822- ثم قال صلى الله عليه وسلم: اهريقوا عليّ من سبع قرب من آبار شتى، فأقعدنا صلى الله عليه وسلم بعد أن أفاق في مخصب لحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصببنا عليه من الماء حتى طفق يقول بيده: حسبكم. وأخرجه مسلم في الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما، رقم 418 (94) من طريق معمر عن الزهري، عن حمزة، عن عائشة مثل قول ابن إسحاق، ولعل الذي قبله من المزيد في متصل الأسانيد. (822) قوله: «ثم قال صلى الله عليه وسلم» : يعني في حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة اختصره المصنف، وأخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 57] رقم 4579 بطوله، وهذا لفظه: قالت عائشة: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فدخل عليّ فوجدتني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه! قال: بل أنا والله يا عائشة وارأساه، ثم قال: وما يضرك لو مت قبلي فقمت عليك فكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك؟ قالت: والله لكأني بك لو فعلت ذلك قد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وتتام به وجعه حتى استعز به وهو في بيت ميمونة، فدعا نساءه فسألهن أن يأذن له أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله، أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر، تخط قدماه، عاصبا رأسه حتى جاء بيتي. قال عبيد الله: فحدثت هذا الحديث عبد الله بن عباس، قال: تدري من الرجل الاخر؟ قال قلت: لا، قال: علي. ثم اغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه، ثم أفاق، قال: اهريقوا عليّ سبع قرب من آبارشتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم، قال: فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر فصببنا عليه الماء حتى طفق يقول بيده حسبكم حسبكم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 823- قال ابن إسحاق: وأخبرني الزهري، عن أنس بن مالك: أنه لما كان يوم الإثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح، فرفع الستر حتى قام على باب عائشة رضي الله عنها- قال محمد: ثم خرج- كما حدثني أيوب بن بشير- عاصبا رأسه، فجلس على المنبر فكان أول ما تكلم به أن صلى على أصحاب أحد فأكثر الصلاة عليهم، ثم قال: إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله، قال: ففهمها أبو بكر فبكى وعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يريد، قال: على رسلك يا أبا بكر، انظروا هذه الأبواب اللاصقة في المسجد فسدوها إلّا ما كان من بيت أبي بكر، فإني لا أعلم أحدا كان أفضل عندي في الصحبة منه. وخرجناه في مسند الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي من حديث ابن إسحاق عن محمد ابن كعب، عن عروة، عن عائشة تحت رقم 86- فتح المنان. وهو عند الإمام البخاري من طرق عن الزهري، فأخرجه في الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، رقم 198، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 4442، وفي الطب، باب (بدون ترجمة) رقم 5714. (823) قوله: «عن أنس بن مالك» : هو مسند عن المصنف بالإسناد الماضي إلى ابن إسحاق، وهو في سيرته [2/ 652- 653- ابن هشام] . وأخرجاه في الصحيحين، من طرق عن الزهري: فأخرجه البخاري في الأذان، باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، من طريق شعيب، رقم 680، وفي باب: هل يلتفت لأمر نزل به؟ من طريق عقيل، رقم 754، وكذا من طريقه في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم رقم 4448، وفي الصلاة، باب من رجع القهقرى في صلاته، من طريق يونس، رقم 1205. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 فكاد المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، وتفرّجوا فأشار إليهم صلى الله عليه وسلم بيده: أن اثبتوا على صلاتكم، قال: وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا بما رأى من هيئتهم في صلاتهم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن هيئة منه تلك الساعة. قال: ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه، ورجع أبو بكر إلى أهله بالسنح. - وأخرجه مسلم في الصلاة، في الباب المشار إليه قريبا، من طريق صالح، رقم 419 (98) ، جميعهم عن ابن شهاب به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 [187- فصل: في نعيه صلى الله عليه وسلم نفسه لابنته فاطمة رضي الله عنها] 187- فصل: في نعيه صلى الله عليه وسلم نفسه لابنته فاطمة رضي الله عنها 824- ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في مرضه الذي توفي فيه فاطمة ابنته، فحدثها بحديث بينه وبينها فبكت، ثم حدثها بحديث بينه وبينها فضحكت. قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت أحدا من خلق الله عزّ وجلّ كان أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه. (824) قوله: «قالت عائشة رضي الله عنها» : اختصر المصنف حديثها، وقدم فيه وأخر، فحسن إيراد أحد ألفاظه، فقد أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب ما جاء في القيام، رقم 5217، والترمذي في المناقب، باب فضل فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم، رقم 3872، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 95، 96] رقم 8366، 8367، والطبراني في معجمه الكبير [22/ رقم: 1038] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 101] ، وفي العشرة منها، باب قبلة ذي محرم [5/ 391- 392] رقم 9236. وهذا لفظ الترمذي: عن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 قالت عائشة: فلما كانت تلك المرة بكت وضحكت قلت: بينما هي تبكي إذ ضحكت! فسألتها فقالت: إني لبذرة. - دخلت فاطمة فأكبّت عليه فقبلته، ثم رفعت رأسها فبكت، ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت، فقلت: إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا، فإذا هي من النساء، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت، ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت، ما حملك على هذا؟ قالت: إني إذا لبذرة، أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا بهن فذاك حين ضحكت. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقد روي من غير وجه عن عائشة. قلت: صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6953، والحاكم في المستدرك [4/ 272- 273] على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في التلخيص. وهو في الصحيحين من حديث مسروق عن عائشة قالت: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يغادر منهن امرأة، فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه- أو: عن شماله-، ثم إنه أسر إليها حديثا فبكت فاطمة، ثم إنه سارها فضحكت أيضا، فقلت لها: ما يبكيك؟ فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فقلت لها حين بكت: أخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين؟ وسألتها عما قال: فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه كان حدثني: أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة، وإنه عارضه في العام مرتين، ولا أراني إلّا قد حضر أجلي، وإنك أول أهلي لحوقا بي، ونعم السلف أنا لك. لفظ مسلم في فضائل الصحابة، أخرجه في فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم برقم 2450 (98، 99) . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها فقالت: إنه أسر إليّ فأخبرني أنه ميت فبكيت، ثم أسر إليّ فقال: إنك أول أهلي لحوقا بي فضحكت. - وأخرجه البخاري في غير موضع، فأخرجه في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3623، 3624، وفي الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به، رقم 6285. وأخرجاه من حديث عروة عنها، أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3625، 3626، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، رقم 4433، 4434، وفي الاستئذان برقم 6286. وأخرجه مسلم في الكتاب والباب المشار اليهما برقم 2450 (97) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 [188- فصل: في ما جاء في آخر خطبة خطبها صلى الله عليه وسلم، ووصيته بالأنصار، وصلاته على الشّهداء] 188- فصل: في ما جاء في آخر خطبة خطبها صلى الله عليه وسلم، ووصيته بالأنصار، وصلاته على الشّهداء 825- روى الفضل بن العباس بن عبد المطلب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم قال له: خذ بيدي حتى أخرج فأودع الناس وأعهد إليهم، فخرج إليهم، وصعد المنبر وعلى رأسه عصابة، فذكر خطبة طويلة، وقال في آخرها: ثم ذكر شهداء أحد، فدعا لهم وترحم عليهم وصلى عليهم وقال: ائتوهم فزوروهم وسلموا عليهم. (825) قوله: «روى الفضل بن العباس» : أخرج الخطبة بطولها الطبراني في معجمه الكبير [18/ 280- 281] رقم 718، وفي الأوسط [3/ 298- 300] رقم 2650، وأبو يعلى (ولعله في الكبير) كما في مجمع الزوائد [9/ 26] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 179] ، أبو نعيم في الدلائل- كما في الخصائص [3/ 378] من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن عطاء، عن ابن عباس عنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه، فوجدته موعوكا قد عصب رأسه، فقال: خذ بيدي يا فضل، فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر، فجلس عليه، ثم قال: صح في الناس، فصحت في الناس، فاجتمعوا إليه، فحمد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس، إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليستقد منه، ولا يقولن رجل إني أخشى الشحناء من قبل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 قال الفضل: فكان كالمودع للأحياء والأموات. - رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي، ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إليّ من أخذ حقّا إن كان أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس، ألا وإني لا أرى ذلك بمغن عني حتى أقوم فيكم مرارا، ثم نزل صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم عاد إلى المنبر، فعاد إلى مقالته في الشحناء وغيرها، ثم قال: أيها الناس، من كان عنده شيء فليرده، ولا يقول: فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا خير من فضوح الاخرة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال: أما إنا لا نكذب قائلا، ولا نستحلفه على يمين، فلم صارت لك عندي؟ قال: تذكر يوم مر بك السائل فأمرتني فدفعت إليه ثلاثة دراهم؟ قال: ادفعها إليه يا فضل، ثم قام إليه رجل، فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم، كنت غللتها في سبيل الله، قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجا، قال: خذها منه يا فضل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: من خشي منكم شيئا فليقم أدع له، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إني لكذاب وإني لمنافق، وإني لنئوم، فقال: اللهم ارزقه صدقا وإيمانا، وأذهب عنه النوم إذا أراد، ثم قام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إني لكذّاب وإني لمنافق، وما من شيء من الأشياء إلّا وقد أتيته، فقال عمر: يا هذا، فضحت نفسك، فقال: مه يا ابن الخطاب، فضوح الدنيا أيسر من فضوح الاخرة، اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير، فتكلم بكلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر معي وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر حيث كان. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 26] : في إسناد الطبراني من لم أعرفه، وفي إسناد أبي يعلى عطاء بن مسلم ضعفه جماعة، وبقية رجال أبي يعلى ثقات. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 255] من طريق جعفر بن برقان، عن رجل من أهل مكة قال: دخل الفضل بن العباس ... فذكر نحوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 826- وكان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان من أهل بيته فقالا: يا رسول الله، هذه الأنصار في المسجد رجالها ونساؤها يبكون عليك، قال: ما يبكيهم؟ قال: يخافون أن تموت، قال: أعطني يدك، قال: فأخذ بيد علي والفضل رضي الله عنهما، فخرج حتى جلس على المنبر معتمدا عليهما، وعليه عصابة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، ماذا تستنكرون من نبيكم؟ ألم ينع لكم وينع إليكم أنفسكم؟ أم هل خلّد أحد ممن بعث قبلي فيمن بعثوا إليهم فأخلد فيكم؟ إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله عزّ وجلّ بين أظهركم تقرأونه مبينا به ما تأتون وما تدعون، فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا كما أمركم الله عزّ وجلّ، ثم إني أوصيكم بهذا الحي من الأنصار، ألا إن الأنصار بيت الإيمان، ألا من ولي أمرا نصر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار وليتجاوز عن مسيئهم. (826) قوله: «وكان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان من أهل بيته» : أورد هذا الأثر بطوله الحافظ أبو حفص الموصلي في وسيلة المتعبدين [6- ق 2/ 83- 84] وعزاه للمصنف في كتابه هذا. والرجلان هما: الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، والخطبة بطولها في الفتوح لسيف- كما في إمتاع المقريزي [14/ 444- 445] ، وسبل الهدى للصالحي [12/ 252]- قال سيف: حدثني سعيد بن عبد الله، عن أبيه قال: لما رأت الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يزداد ثقلا أطافوا بالمسجد، فدخل العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بمكانهم، ثم دخل عليه الفضل رضي الله عنه فأعلمه بمثل ذلك، فمد يده فتناولوه، فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون نخشى أن تموت، فثار النبي صلى الله عليه وسلم فخرج متوكئا على علي والفضل، والعباس رضي الله عنه أمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوب الرأس يخط برجله- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 ......... - حتى جلس على أسفل مرقاه من المنبر وثاب الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس بلغني أنكم تخافون عليّ الموت كافة استنكارا منكم للموت، وما تنكرون من موت نبيكم؟! ألم أنع لكم وتنعى لكم أنفسكم؟ هل خلد نبي قبلي ممن بعث إليه فأخلد فيكم؟ ألا إني لاحق وإنكم لا حقون به، وإني أوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم، وإن الله عزّ وجلّ قال: وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ 2- إلى آخرها-، وإن الأمور تجري بإذن الله تعالى، فلا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله فإن الله عزّ وجلّ لا يعجل بعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ 22، وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوؤا الدار والإيمان، أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم الثمار؟ ألم يتوسعوا عليكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسهم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وأنا فرط لكم وأنتم لا حقون بي، ألا وإن موعدكم الحوض حين أعرض مما بين بصرى والشام وصنعاء اليمن فصب فيه ميزاب الكعبة، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من الشهد، من يشرب منه لم يظمأ أبدا، حصباؤه اللؤلؤ، وبطحاؤه في مسك، من حرمه في الموقف غدا حرم الخير كله، ألا فمن أحب أن يرد عليّ غدا فليكفف يده ولسانه إلّا مما ينبغي. وقد أخرج طرفا منه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك وابن عباس، فأخرج في مناقب الأنصار من حديث هشام بن زيد عن أنس قال: مر أبو بكر والعباس رضي الله عنه بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، فصعد- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 827- روى أبو مجلز أن رجلا قال: يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم كأن رأسي قطع، فجعلت أنظر إليه بإحدى عيني، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بأيهما كنت تنظر؟ قال: فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم مات النبي صلى الله عليه وسلم، فعبّر الناس: أن الرأس: كان النبي صلى الله عليه وسلم، والنظر إليه: اتباع سنته. - المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. وفي حديث قتادة عن أنس: الناس سيكثرون ويقلون، وفي حديث ابن عباس: وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم. (827) قوله: «روى أبو مجلز» : هو الإمام التابعي الثقة، لاحق بن حميد السدوسي، أبو مجلز البصري، الأعور، حديثه في الكتب الستة، انظر عنه في: حلية الأولياء [3/ 112] ، طبقات ابن سعد [7/ 216] ، تهذيب الكمال [31/ 176] ، تهذيب التهذيب [11/ 151] ، الكاشف [3/ 217] ، إكمال ابن ماكولا [7/ 421] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 557] ، التعديل والتخريج [3/ 1202] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 499] . قوله: «كأن رأسي قطع» : الحديث مرسل بإسناد قوي، أخرجه الحارث بن أبي أسامة [2/ 744- 745 بغية الباحث] رقم 738، قال الحافظ البوصيري في الإتحاف [8/ 290] : الحديث مرسل، رواته ثقات. قوله: «فلبث ما شاء الله» : وفي رواية الحارث: فلم يلبث إلّا قليلا حتى توفي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 828- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: نعى إلينا نبينا وخليلنا صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته بشهر، فلما دنا له الفراق جمعنا إليه في بيت أمنا عائشة رضي الله عنها، ثم نظر إلينا فدمعت عيناه، وتشدد فقال: مرحبا بكم، (828) قوله: «وعن ابن مسعود رضي الله عنه» : أخرجه بطوله: الطبراني في معجمه الأوسط [5/ 9- 10] رقم 4008، وفي الدعاء [3/ 1371- 1372] رقم 1218، 1219 من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الحسن العرني، عن مرة الهمداني عن ابن مسعود به، وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 15] باختصار، ومن طريق البيهقي في الدلائل بطوله [7/ 231- 232] وقال: تابعه أحمد بن يونس عن سلام الطويل، تفرد به سلام، وقال الحاكم: عبد الملك بن عبد الرحمن الذي في هذا الإسناد مجهول، لا نعرفه بعدالة ولا بجرح، والباقون كلهم ثقات، وقال الذهبي في التلخيص: هذا شأن الموضوع، يكون كل رواته ثقات سوى واحد. وقال الطبراني في الأوسط عقب إخراجه: لم يجود أحد إسناد هذا الحديث إلّا عمرو بن محمد العنقزي. ورواه البخاري عن عبد الملك بن الأصبهاني عن مرة عن عبد الله، لم يذكر خلادا الصفار ولا الأشعث بن طليق، ولا الحسن العرني. قلت: من هذا الوجه أخرجه البزار في مسنده [1/ 398- 399 كشف الأستار] رقم 847، ولذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 25] : رجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل الأحمسي، وهو ثقة. وعزاه الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة [9/ 175] رقم 8778 إلى أحمد بن منيع في مسنده، قال: شهدت سلمة بن صالح يحدث عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الأشعث بن طليق أنه سمع الحسن العرني يحدث عن مرة، عن ابن مسعود. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 256- 257] من طريق الواقدي: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 حيّاكم الله بالسلام، رحمكم الله، حفظكم الله، جبركم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، نفعكم الله، زادكم الله، وقاكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصيه بكم، وأستخلفه عليكم، وأنا لكم منه نذير مبين، ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 83، وقال: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ. قال قلنا: يا رسول الله متى أجلك؟ قال: دنا الفراق، والمنقلب إلى الله عزّ وجلّ، وإلى الجنة المأوى، وإلى سدرة المنتهى، وإلى الرفيق الأعلى، وإلى الحظ الأوفى، وإلى العيش المهنّى. قلنا: يا رسول الله من يغسلك؟ قال: رجال من أهلي الأدنى فالأدنى. قلنا: يا رسول الله فيما نكفنك؟ قال: في ثيابي هذه إن شئتم، أو ثياب مصر أو في حلة يمانية- وهو برد-. قلنا: يا رسول الله فمن يصلي عليك؟ فبكى وبكينا، قال: مهلا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرا، إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا على شفير قبري في بيتي هذا، ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أول من يصلي عليّ حبيبي وخليلي جبريل، ثم ميكائيل، - حدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن ابن مسعود. وقال سيف في الفتوح- كما في إمتاع المقريزي [14/ 486]-: عن المستنير بن يزيد النخعي، عن أرطاة ابن أرطاة النخعي، عن الحارث بن مرة الجهني قال: رأيت عنده رقا مكتوبا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته بشهر ... الحديث بطوله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع جنود من الملائكة، ثم سائر الملائكة، ثم ادخلوا عليّ فوجا فوجا، فسلموا عليّ، وسلموا تسليما، ولا تؤذوني بتزكية ولا ضجة ولا رنة، وليبدأ بالصلاة عليّ رجال أهل بيتي، ثم نساؤهم، ثم أنتم بعد، اقرؤا أنفسكم السلام مني، ومن غاب من أصحابي، فإني قد سلمت على من تبعني على ديني من يومي هذا إلى يوم القيامة. قلنا: يا رسول الله فمن يدخل قبرك؟ قال: أهلي ورجال من أهل بيتي مع ملائكة كثيرة يرونكم من حيث لا ترونهم. ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ في الرفيق الأعلى. 829- قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بأيام خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم استغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد، ثم قال: إنكم معشر المهاجرين تزيدون، وإن الأنصار لا يزيدون، وإنهم عيبتي التي أويت إليها، فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم، وأنفذوا جيش أسامة، ولا تدعوا في جزيرة العرب دينين مختلفين، ثم نزل فدخل بيت عائشة رضي الله عنها حتى اشتد وجعه. (829) قوله: «قال ابن عباس» : أخرجه بسياق أطول منه: الطبراني في معجمه الكبير [3/ 53- 61] رقم 2676، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [4/ 73] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 295- 301] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 31] : فيه عبد المنعم بن إدريس وهو كذاب وضاع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 فجاء بلال اليوم الثالث يؤذنه بصلاة الفجر وهو مستلق على قفاه مغطى وجهه بخميصة له فقال: يا رسول الله الصلاة، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه فقال: يا بلال قد بلّغت، من شاء فليصل ومن شاء فليترك، فخرج بلال من عنده وهو يبكي ويقول: ما ترك حبيبي الخروج إلى الصلاة إلّا من جهد جهيد. قال: فمكث قليلا ثم رجع فقال: يا رسول الله الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد بلّغت يا بلال، من شاء فليصل، ومن شاء فليترك، فخرج بلال من عنده وهو يقول: واحزني لما أرى من جهدك يا رسول الله. قال: ثم عاد ثالثا فقال: الصلاة يرحمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زمعة: مروا رجلا يصلي بالناس- وفي بعض الأخبار: مروا أبا بكر يصلي بالناس-، فقالوا لأبي بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن قوله: «فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زمعة» : أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 432] من طريق معمر، عن الزهري قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زمعة: مر الناس فليصلوا، فخرج عبد الله بن زمعة فلقي عمر بن الخطاب فقال: صل بالناس، فصلى عمر بالناس، فجهر بصوته- وكان جهير الصوت- فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أليس هذا صوت عمر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: يأبى الله ذلك والمؤمنون، ليصل بالناس أبو بكر، فقال عمر لعبد الله بن زمعة: بئس ما صنعت، كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تأمرني، قال: لا والله ما أمرني أن آمر أحدا، أخرجه أيضا ابن سعد في الطبقات من طريق الواقدي، عن معمر، ومن طريق ابن سعد: البلاذري في أنساب الأشراف [2/ 729] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 تصلي بالناس، وأقام بلال، فلما كبّر أبو بكر وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة في بدنه، فخرج إلى الصلاة، فلما رأى الناس سبّحوا وكبّروا، فالتفت أبو بكر رضي الله عنه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يتأخر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مكانك، وجلس عن يمينه. فلما فرغ من الصلاة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المنزل فهبط جبريل وملك الموت، وهبط معهما ملك يقال له: إسماعيل- في سبعين ألف ملك، ليس منهم ملك إلّا مع سبعين ألف ملك- فيسبقهم جبريل عليه السّلام حتى جلس عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء ملك الموت فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل البيت، ومنتهى الرحمة، ومبلغ الرسالة، أأدخل؟ فقالت فاطمة: يا عبد الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك مشغول، ثم نادى ثانيا وثالثا، فقال جبريل عليه السّلام: يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك، لم يستأذن على أحد قبلك، ولا يستأذن على أحد بعدك. فقال صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ائذن له فليدخل. فأقبل ملك الموت حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أحمد، إنّ الله عزّ وجلّ أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك في كل ما أمرتني به، فإن رضيت قبضتها، وإن كرهت تركتها، فقال صلى الله عليه وسلم: يا ملك الموت، امض لما أمرت به، فقال جبريل عليه السّلام: يا أحمد، هذا آخر وطئي الأرض، إنما كنت حاجتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل عند شدتي تتركني؟ فقال جبريل عليه السّلام: يا أحمد، لا أستطيع أن أنظر إليك وأنت تعالج غصص الموت. قال: فعرج جبريل عليه السّلام، وأقبل ملك الموت عليه السّلام يعالج روح النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت العقل لا يغيّره شيء حتى قبض صلى الله عليه وسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 وعنده جميع نسائه، فدنت عائشة رضي الله عنها، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد رضيتك قبل اليوم، وأنت زوجي في الاخرة، ثم قال لها: تأخّري، فقامت إلى مقعدها، ثم دنت منه فاطمة، وهو مغمض العينين فقالت فاطمة رضي الله عنها: بأبي أنت وأمي لا تجعلني أهون أهلك عليك، كلمني كلمة تطيّب بها نفسي، فكلّمها ثم قال لها: تأخّري، فتأخّرت، ثم قالت فاطمة لابنيها الحسن والحسين رضي الله عنهما وهما غلامان صغيران: ادنوا من جدّكما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّماه، فدنوا منه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر تقبيلهما وشمّهما، وقعدا بين يديه، وقالا: يا جدّاه، فلم يجبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لما به من سكرات الموت، فلما رأيا ذلك بكيا بكاء شديدا، وكان الحسن رضي الله عنه يقول: يا جدّاه، ألا تنظر إليّ نظرة واحدة وتكلّمني كلمة واحدة أذكرها بعدك في أيام حياتي، يا جدّاه، لو كانت أمّي أخبرتني قبل أن تصير كما أرى فدخلت عليك للزمتك وقبّلتك، وتروّحت من رائحتك واشتفيت من رؤيتك، وكنت أحبّ الناس إليك، قال: فلم يزل يبكي حتى بكى أهل البيت لبكائه، فسمعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ففتح صلى الله عليه وسلم عينيه وقال: ما هذا الصوت؟ قالت فاطمة رضي الله عنها: ابناي كلّماك فلم تجبهما فبكيا بكاء شديدا، فبكى لهما أهل البيت، فقال صلى الله عليه وسلم: ادنوا، فدنوا فقبّلهما، ووضع رأسهما عليه فبكوا جميعا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ بن أبي طالب: ائتني بقدح من ماء، فجاء به، فكان يدخل يده في القدح ويمرّها على وجهه ويقول: اللهمّ أعنّي على سكرات الموت، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرباه لكربك يا أبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا كرب على أبيك بعد اليوم، قال: فلم يزالوا كذلك من عند صلاة الفجر إلى الضّحى، والباب مغلق وذلك يوم الاثنين، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم شخص صلى الله عليه وسلم ببصره، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 فقال الفضل لعليّ رضي الله عنه: اغمض عيني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمّ فاه، فأراد علي رضي الله عنه أن يفعل ذلك فإذا عيناه قد غمضتا، وضمّ فوه، وبسطت يداه ورجلاه صلى الله عليه وسلم وجعلت فداه، فلم يمس عليّ رضي الله عنه غير رأسه كان في حجره. 830- وقيل: إنه كان في حجر عائشة رضي الله عنها. 831- قال: فسطعت رائحة طيبة لم يجدوا مثلها قط، وسمعوا حفيف أجنحة الملائكة وكثرة استرجاعهم وهم لا يرون أحدا، والله أعلم بذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 [189- فصل: في ذكر ما روي من التّشديد على الأنبياء عند الموت، وسببه] 189- فصل: في ذكر ما روي من التّشديد على الأنبياء عند الموت، وسببه 832- قيل: إن الله عزّ وجلّ ضاعف على نبيه الأوجاع، وأعظم له البلاء ليضاعف له الأجر بذلك. 833- قال صلى الله عليه وسلم: نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء. 834- وفي الحديث: إن جبريل عليه السّلام نزل على نبيّنا صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبضه الله سبحانه فيه فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام (832) قوله: «ليضاعف له الأجر بذلك» : شاهده من السنة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر، أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 94] ، وابن ماجه في الفتن، باب الصبر على البلاء، رقم 4024، وابن سعد في الطبقات [2/ 208] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 312- 313] رقم 1045، جميعهم من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد به، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 307] على شرط مسلم. (833) قوله: «نحن معاشر الأنبياء» : بهذا اللفظ أورده الغزالي في الإحياء، وابن عساكر في تاريخه، وعزاه العراقي لمن أشرنا إليهم في التعليق قبله. (834) قوله: «إن جبريل عليه السّلام نزل» : سيأتي تخريجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 وهو يسألك عما هو أعلم به، يقول لك: كيف تجدك يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أجدني مكروبا يا جبريل، فخرج جبريل عليه السّلام. 835- وروي: أن الله تعالى لما قبض إبراهيم عليه السّلام قال: كيف وجدت الموت يا إبراهيم؟ قال: كالسفود يلوي على لحمي فيجذب، قال: هذا وقد هوّنا عليك الموت. قال أبو سعد رحمه الله: وكان سبب كربه صلى الله عليه وسلم أنه لما شاهد ما له عند ربه، وطالع مكانه منه فكاد صلى الله عليه وسلم أن يهيم فرحا، ونظر وقد بقي له مقام ساعة في الدنيا، وحوله جماعة من الناس فقال: واكرباه من حبسي معكم هذا القليل شوقا إلى مكانه. (835) قوله: «وروي أن الله تعالى» : أورده معلقا الحارث المحاسبي في الرعايا لحقوق الله [140- 141] ، وأخرجه الإمام أحمد في الزهد [/ 125] رقم 408 من طريق حماد بن زيد، ثنا جعفر الضبعي، عن ابن أبي مليكة قال: لما توفي إبراهيم عليه السّلام لقي الله عزّ وجلّ فقيل له: يا إبراهيم كيف وجدت الموت؟ قال: يا رب وجدت نفسي تنزع بالسلا، فقيل: فقد هونا عليك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 [190- فصل: ذكر استئذان جبريل وملك الموت عليه السّلام في قبض روحه الشّريفة صلى الله عليه وسلم] 190- فصل: ذكر استئذان جبريل وملك الموت عليه السّلام في قبض روحه الشّريفة صلى الله عليه وسلم 836- قال محمد بن إسحاق: قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان آخر كلامه صلى الله عليه وسلم سمعتها منه وهو يقول: بل الرفيق الأعلى في الجنة، فقلت: إذا والله لا يختارنا، وعرفت أنه الذي كان يقول لنا: أن نبي الله لا يقبض حتى يخير. 837- وقال عطاء بن يسار: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة، (836) قوله: «قال محمد بن إسحاق» : هو مسند عن المصنف بالإسناد الماضي إلى ابن إسحاق، وهو في السيرة [2/ 651- 652- ابن هشام] ، أوله عنده: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما أسمعه يقول: إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره، قالت: فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر ... الحديث. وهو في الصحيحين من طرق عنها: فأخرجه البخاري في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، رقم 4435، 4436، 4437، وفي التفسير، باب قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ رقم 4586، وفي الدعوات، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ في الرفيق الأعلى، رقم 6348، وفي الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، رقم 6509. وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة، رقم 2444 (85، 86، 87) . (837) قوله: «وقال عطاء بن يسار» : أخرجه بطوله ابن سعد في الطبقات [2/ 258- 259] : أخبرنا أنس بن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 قال له جبريل عليه السّلام: لا أنزل إلى الأرض بعد هذا اليوم أبدا، إن الله أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك: كيف تجدك؟ قال: أجدني يا جبريل مكروبا، ثم جاءه في اليوم- عياض أبو ضمرة الليثي، قال: حدثونا عن جعفر بن محمد، عن أبيه به، مرسل جيد لولا الانقطاع بين أنس وجعفر بن محمد. لكنه توبع عن جعفر بن محمد فمنهم من يسنده عنه ومنهم من يرسله، فأسنده ابن أبي عمر في مسنده- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 644] رقم 4818: ثنا محمد بن جعفر بن محمد قال: كان أبي يذكر عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه أنه دخل على نفر من قريش فقال: ألا أحدثكم عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: لما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أهبط الله إليه جبريل ... الحديث بطوله. وتابعه علي بن أبي علي الهاشمي، عن جعفر، أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير مختصرا [3/ 832- 833] وفيه: عن جعفر بن علي بن الحسين نسبه إلى جده وهو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين. وخالفهما القاسم بن عبد الله، عن جعفر، فقال عنه، عن أبيه أن رجالا من قريش ... القصة بطولها، أخرجه الشافعي في السنن والاثار التي رواها الطحاوي [/ 334- 335] رقم 390. وتابعه عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 139] ، وفي الدعاء له [3/ 1372- 1373] رقم 1220. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 35] : عبد الله بن ميمون ذاهب الحديث. قلت: وأخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 210- 211] من طريق عبد الواحد بن سليمان الحارثي، حدثنا الحسن بن علي، عن محمد بن علي به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 الثاني، والثالث، فقال له كيف تجدك يا محمد؟ قال: أجدني يا جبريل مكروبا، وأجدني يا جبريل مغموما. قال: وهبط مع جبريل ملك في الهواء يقال له: إسماعيل مع سبعين ألف ملك، فقال له جبريل: يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك، ما أستأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له، فأذن له جبريل، فدخل فقال ملك الموت: يا أحمد إن الله عزّ وجلّ أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك: إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها. قال جبريل عليه السّلام: يا أحمد إن الله قد اشتاق إلى لقائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امض لما أمرت به، فقال جبريل: يا أحمد هذا آخر وطئي الأرض، إنما أنت حاجتي من الدنيا. قال: فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل البيت، إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك، ودركا من كل ما فات، فبالله فثقوا وإياه فارجوا، فإن المحروم من حرم الثواب، فقال علي رضي الله عنه: هذا هو الخضر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 [191- فصل: ذكر ما نزل من الكرب على الأمّة بوفاته صلى الله عليه وسلم واضطراب النّاس بذلك] 191- فصل: ذكر ما نزل من الكرب على الأمّة بوفاته صلى الله عليه وسلم واضطراب النّاس بذلك 838- عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس على أبيك كرب بعد اليوم، فلما مات قالت فاطمة: يا أبتاه أجاب ربا دعاه ... يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه من ربه ما أدناه ... يا أبتاه إلى جبريل أنعاه قال: فلما دفن قالت: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟! 839- عن محمد بن علي قال: ما رأيت فاطمة رضي الله عنها بعد أبيها ضاحكة، ومكثت بعده ستة أشهر. (838) قوله: «عن ثابت، عن أنس» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 94- فتح المنان. (839) قوله: «عن محمد بن علي» : أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات مفرقا [2/ 248، 8/ 28] ، وقوله هو أثبت الأقوال عند الجمهور، فأخرج ابن سعد في الطبقات [8/ 28] ، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 3191] رقم 7333، من حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: عاشت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 840- وعن جعفر بن محمد، عن القاسم قال: ما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الموت في أظفاره. 841- فلما مات صلى الله عليه وسلم قال عمر رضي الله عنه: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن صعق كما صعق موسى، وإني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ألسنة قوم وأيديهم وأرجلهم، يزعمون أنه مات. - ستة أشهر، صححه الحاكم في المستدرك [3/ 162] ، وفيه أقوال أخرى ليست بالقوية عند أهل السير والمغازي أعرضنا عن ذكرها، وهي مذكورة في المواضع المشار إليها. (840) قوله: «عن القاسم» : هو ابن محمد، أخرج قوله ابن سعد في الطبقات [2/ 274] . (841) قوله: «قال عمر رضي الله عنه» : فرقه الإمام البخاري في صحيحه، من حديث الزهري، عن أنس. وأخرجه بطوله من هذا الوجه: ابن سعد في الطبقات [2/ 269- 271]- واللفظ له-. والحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 433- 435] ضمن رقم 9754، 9756، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 196] ، ومسلم في الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر 419 (99) اختصر لفظه، ومن طريقه أيضا ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6875، وأخرجه ابن حبان بطوله أيضا برقم 6220. وفرقه الإمام البخاري كما تقدم، فأخرج شطرا منه في الأذان، باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، رقم 680، وفي باب: هل يلتفت لأمر ينزل به؟ رقم 754، وفي العمل في الصلاة، باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم، رقم 1205، وفي الجنائز، باب الدخول على الميت، رقم 1241، 1242، وفي المغازي، باب مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، رقم 4448، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 فقام العباس رضي الله عنه فقال: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حارب وسالم، ونكح وطلق، وترككم على طريقة واضحة، فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليخبرنا به. - 4452، 4453، 4454، وفي الأحكام، باب الاستخلاف، رقم 7219، وفي الاعتصام، برقم 7269. وهذا لفظ ابن سعد في الطبقات: عن يونس عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك: أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر خطيبا فقال: ألا لا أسمعن أحدا يقول إن محمدا مات فإن محمدا لم يمت ولكنه أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة. قال الزهري: وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال في خطبته تلك: إني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات! قال الزهري: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسجى فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت! والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا، أما الموتة التي كتب عليك فقد متّها. قال أبو سلمة: أخبرني ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس، فأبى عمر أن يجلس، فقال: اجلس، فأبى أن يجلس، فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال: أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ 144 قال: والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 قال: ثم أقبل على عمر فقال: يا عمر خل بيننا وبين صاحبنا، فإن يك ما تقول حقّا فلن يعجز الله أن يحثو التراب عنه حتى يخرجه إلينا. - هذه الاية إلّا حين تلاها أبو بكر، قال: فتلقاها منه الناس كلهم فما تسمع بشرا إلّا يتلوها. قال الزهري: وأخبرني سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال: والله ما هو إلّا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى والله ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. قال الزهري: أخبرني أنس بن مالك: أنه سمع عمر بن الخطاب الغد حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستوى أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشهد قبل أبي بكر ثم قال: أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة لم تكن كما قلت، وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهده إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال كلمة يريد حتى يكون آخرنا- فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا لما هدي له رسول الله. أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرني عوف عن الحسن قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتمر أصحابه فقالوا: تربصوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم لعله عرج به، قال: فتربصوا به حتى ربا بطنه فقال أبو بكر: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. أخبرنا محمد بن عمر، حدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة، عن زيد بن أبي عتاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: اقتحم الناس على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ينظرون إليه فقالوا: كيف يموت وهو شهيد علينا ونحن شهداء على الناس فيموت ولم يظهر على الناس؟ لا والله ما مات ولكنه رفع كما رفع عيسى بن مريم عليه السّلام وليرجعن! وتوعدوا من قال إنه مات، ونادوا في حجرة عائشة وعلى الباب: لا تدفنوه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت! - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 842- وروي أن أبا بكر دخل على رسول الله عزّ وجلّ في ناحية البيت مسجى الثوب، فأقبل حتى كشف عن وجهه فأكب عليه وقبل بين عينيه ثلاثا، ثم قال: بأبي أنت وأمي طبت حيّا وميتا، ثم رد البرد على وجهه، وخرج عمر يكلّم الناس، فقال: على رسلك يا عمر، فأبى إلّا الكلام، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، ثم تلا هذه الاية: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ 144. قالوا: كأنا لم نسمع هذه الاية حتى قرأها أبو بكر رضي الله عنه. - أخبرنا محمد بن عمر، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج العباس بن عبد المطلب فقال: هل عند أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر التعليق الاتي. (842) قوله: «وروي أن أبا بكر» : هو مروي ضمن الذي قبله، وقد أخرجه بطوله أيضا: البيهقي في الدلائل [7/ 217- 218] من وجه آخر من حديث أبي الأسود، عن عروة في ذكر وفاته فقال: وقام عمر بن الخطاب يخطب الناس ويوعد- من قال: قد مات-، بالقتل والقطع، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غشيته لو قد قام، قطع وقتل، وعمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم بن أم مكتوم قائم في مؤخر المسجد يقرأ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله: وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ. والناس في المسجد قد ملؤه ويبكون، ويموجون لا يسمعون، فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس، فقال: أيها الناس هل عند أحد منكم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 ......... - من عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفاته فليحدنا؟ قالوا: لا، قال: هل عندك يا عمر من علم؟ قال: لا، قال العباس: أشهد أيها الناس أن أحدا لا يشهد على النبي صلى الله عليه وسلم لعهد عهده إليه في وفاته، والله الذي لا إله إلّا هو، لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت. قال: وأقبل أبو بكر من السنح على دابته حتى نزل بباب المسجد، ثم أقبل مكروبا حزينا فاستأذن في بيت ابنته عائشة، فأذنت له فدخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي على الفراش والنسوة حوله، فخمرن وجوههن، واستترن من أبي بكر إلّا ما كان من عائشة، فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنا عليه يقبله ويبكي ويقول: ليس ما يقول ابن الخطاب شيء، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده، رحمة الله عليك يا رسول الله ما أطيبك حيّا وما أطيبك ميتا، ثم غشاه بالثوب، ثم خرج سريعا إلى المسجد يتوطأ رقاب الناس حتى أتى المنبر، وجلس عمر حتى رأى أبا بكر مقبلا إليه فقام أبو بكر إلى جانب المنبر ثم نادى الناس، فجلسوا وأنصتوا فتشّهد أبو بكر، بما علمه من التشهد، وقال: إن الله تبارك وتعالى نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم، ونعاكم إلى أنفسكم، فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلّا الله عزّ وجلّ، قال الله تبارك وتعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله: وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ، فقال عمر: هذه الاية في القرآن! والله ما علمت أن هذه الاية أنزلت قبل اليوم، وقال: قال الله عزّ وجلّ لمحمّد صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، ثم قال: قال الله تبارك وتعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وقال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ 26 وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وقال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى عمر محمّدا صلى الله عليه وسلم وأبقاه، حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد في سبيل الله، ثم توفاه الله على ذلك، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 ......... - وقد ترككم على الطريقة، فلن يهلك هالك إلّا من بعد البينة والشفاء، فمن كان الله ربه، فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمدا وينزّله إلها فقد هلك إلهه، واتقوا الله أيها الناس، واعتصموا بدينكم، وتوكلوا على ربكم فإن دين الله قائم، وإن كلمة الله تامة، وإن الله ناصر من نصر ومعز دينه، وإن كتاب الله عزّ وجلّ بين أظهرنا، وهو النور والشفاء، وبه هدى الله محمّدا صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه، والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله، إن سيوف الله لمسلولة ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يبقين أحد إلّا على نفسه، ثم انصرف معه المهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم ذكر الحديث من غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه. وله طريق آخر، فخرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي برقم 79، 88- فتح المنان- من حديث سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين، فحبس بقية يومه وليلته والغد حتى دفن ليلة الأربعاء، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن عرج بروحه كما عرج بروح موسى، والله لا يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي أقوام وألسنتهم، فلم يزل عمر يتكلم حتى ازبد شدقاه مما يوعد ويقول، فقام العباس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وإنه لبشر، وإنه يأسن كما يأسن البشر، أي قوم ادفنوا صاحبكم، فإنه أكرم على الله من أن يميته إماتتين، أيميت أحدكم إماتة ويميته إماتتين وهو أكرم على الله من ذاك؟ أي قوم فادفنوا صاحبكم فإن يك كما تقولون فليس بعزيز على الله أن يبحث عنه التراب، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات حتى ترك السبيل نهجا واضحا فأحل الحلال وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم، ما كان راعي غنم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 843- وروي أنه لما شك في موت النبي صلى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: قد مات، وقال بعضهم: لم يمت-، وضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا الذي قد عرف من موته صلى الله عليه وسلم. - يتبع بها صاحبها رؤوس الجبال، يخبط عليها العضاه بمخبطه، ويمدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيكم، أي قوم فادفنوا صاحبكم. (843) قوله: «وروي: أنه لما شك في موت رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 272] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 219] ، كلاهما من طريق الواقدي، قال البيهقي: عن شيوخه، وقال ابن سعد عن الواقدي: حدثني القاسم بن إسحاق عن أمه عن أبيها القاسم بن محمد بن أبي بكر- أو: عن أم معاوية- أنه لما شك في موت النبي ... الحديث، الواقدي حاله في الرواية معروف؛ لذلك ضعفها ابن كثير في تاريخه [5/ 244] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 [192- فصل: ذكر تجهيزه بأبي هو وأمّي صلى الله عليه وسلم وغسله وتكفينه ودفنه صلوات ربّي وسلامه عليه] 192- فصل: ذكر تجهيزه بأبي هو وأمّي صلى الله عليه وسلم وغسله وتكفينه ودفنه صلوات ربّي وسلامه عليه 844- قال: ثم أخذوا في جهازه صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لا ندري، أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا، أو نغسله وعليه الثياب؟ قال: فألقى الله تعالى عليهم النوم حتى ضربوا بأذقانهم على صدورهم، ثم كلمهم مكلم (844) قوله: «ثم كلمهم مكلم» : ثبت هذا ثبوت الصحيح من الخبر، وتناقله أهل الحديث وأصحاب المغازي والسير، حتى صار بينهم في حد المشتهر، ففي الموطأ- وقد عرفت مكانته- باب ما جاء في دفن الميت: عن مالك، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء ... الحديث، وفيه: فلما كان عند غسله فأرادوا نزع قميصه، سمعوا صوتا يقول: لا تنزعوا عنه القميص، فغسل وهو عليه ... الحديث، أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 276] من طريق معن بن عيسى، عنه. وقد أخرج القصة والخبر ابن إسحاق في سيرته [2/ 662- ابن هشام] : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه، فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه؟ قالت: فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلّا ذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت، لا يدرون من هو؟: أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثيابه، قالت: فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 من ناحية البيت: لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واغسلوه وعليه ثيابه، قال: فغسلوه في ثيابه، غسله علي والعباس والفضل، وأعانهم في الغسل: قثم- وهو غلام- وأسامة بن زيد يصب عليه الماء، فلم يرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يرى من الميت. - قميصه، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه، والقميص دون أيديهم- زاد في رواية: وكان الذي أجلسه في حجره علي بن أبي طالب، أسنده إلى صدره-، قالت عائشة: فما رئي من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت. ومن طرق عن ابن إسحاق بألفاظ، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 267] ، وأبو داود في الجنائز، باب ستر الميت عند غسله، رقم 3141، وابن ماجه- مختصرا لفظه- في الجنائز، باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، رقم 1464، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 387] ، وفي الدلائل [7/ 242] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6627، 6628، والحاكم في المستدرك [3/ 59- 60] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 276- 277] من طريق عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله به. وفي الباب عن ابن عباس بقصة غسله صلى الله عليه وسلم دون ذكر النداء أيضا من طريق ابن إسحاق، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عنه قال: لما اجتمع القوم لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلّا أهله: عمه العباس وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وصالح مولاه، قال: فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوس بن خولي الأنصاري- أحد بني عوف بن الخزرج، وكان بدريا- علي بن أبي طالب رضي الله عنه: نشدتك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: ادخل، فدخل فحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا، قال: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 845- قال: وجعل الفضل يقول: أرحني يا علي قطعت وتيني، أرى شيئا يتنزل عليّ- وهم الملائكة-. - فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي، وكان أسامة بن زيد وصالح مولاه هما يصبان الماء، وجعل علي يغسله ... الحديث، لفظ الإمام أحمد [1/ 8، 260، 292] ، عند ابن هشام [2/ 662] في هذا الحديث بعينه: وكان أسامة بن زيد وشقران مولاه هما اللذان يصبان الماء، وهكذا يقول الزهري في حديثه عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عند ابن سعد في الطبقات [2/ 279] فإن صح فقد حضر غسله من مواليه صلى الله عليه وسلم: أسامة وصالح وشقران رضي الله عنه أجمعين. وقد رويت قصة النداء أيضا من حديث بريدة بن الحصيب بإسناد ضعيف صالح للاعتبار، أخرجه ابن ماجه في الجنائز، باب غسل النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أخذوا في غسل النبي صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد من الداخل: لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، ضعف إسناده البوصيري، وأخرجه أيضا البيهقي في الدلائل [7/ 243] . وأخرج ذكر النداء أيضا من طرق: ابن سعد في الطبقات [2/ 267- 277] عن ابن عباس، عن مولى لبني هاشم، وعن الشعبي، وغيلان بن جرير، والحكم بن عتيبة، ومنصور. (845) قوله: «وجعل الفضل يقول» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 280] من طريق إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، والبيهقي في الدلائل [7/ 245] من طريق سفيان، كلاهما عن ابن جريج، عن أبي جعفر قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا بالسدر، غسل وعليه قميص، وغسل من بئر يقال لها: الغرس بقباء، كانت لسعد بن خيثمة، فجعل الفضل يقول: أرحني ... الحديث، وفي دلائل البيهقي: يتسلط علي. وأخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 280- 281] من طريق الواقدي: أنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن علي في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 846- قال: فكان علي رضي الله عنه كلما اجتمع الماء في محاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حساه ويقول: بأبي أنت وأمي، ما أطيبك حيا وميتا. 847- قال: فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه، غسله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمسكه الفضل، وغسل ثلاثا بماء سدر، فكان علي رضي الله عنه يدخل يده تحت قميصه فيغسله، وكان العباس والفضل يناولان الماء. - قصة غسل النبي صلى الله عليه وسلم قال: فغسلته، فما آخذ عضوا إلّا تبعني، والفضل آخذ بحضنه يقول: أعجل يا علي، انقطع ظهري. وقوله في الحديث أنه غسل من بئر غرس، له شاهد بإسناد ضعيف، أخرجه ابن ماجه في الجنائز عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه مرفوعا: إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غرس، ضعفه البوصيري في الزوائد. (846) قوله: «حساه» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 267] : حدثنا يحيى بن يمان، عن الحسن بن صالح، عن جعفر بن محمد قال: كان الماء- ماء غسله صلى الله عليه وسلم حين غسلوه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يستنقع في جفون النبي صلى الله عليه وسلم، فكان علي رضي الله عنه يحسوه. وأورد المقريزي في الإمتاع [14/ 575] عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: إن عليّا رضي الله عنه كان كلما اجتمع من الماء شيء في معاينه أو محاجره امتصه، قال: فلذلك كان علي رضي الله عنه أكرم بعلم لم يكرم بمثله أحد. (847) قوله: «وغسل ثلاثا بماء وسدر» : أخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 280] من حديث إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن جريج، عن محمد بن علي أبي جعفر قال: غسل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث غسلات بماء وسدر في قميص، تابعه سفيان، عن ابن جريج، أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 245] . وأخرجه ابن شبة في تاريخه [1/ 161] بلفظ مختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 848- وكفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: برد أحمر حبرة، وثوبين أبيضين سحوليين. (848) قوله: «في ثلاثة أثواب» : اتفق الشيخان في حديث عائشة رضي الله عنها أنها سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن، رقم 1264، ومسلم في الجنائز، باب كفن الميت، رقم 941 (45، 46، 47) . قوله: «برد أحمر حبرة» : أورد هذا الحديث الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 2/ 103] وعزاه للمصنف في كتابه هذا. وقد روي هذا التفصيل من حديث الزهري عن ابن المسيب، وعنه عن علي ابن الحسين، وعنه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. أخرج حديثه عنهم: ابن سعد في الطبقات [2/ 284] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 248] ، وأخرج ابن إسحاق في السيرة حديث الزهري، عن علي بن الحسين [2/ 663- ابن هشام] . وروي مثله من حديث مقسم، عن ابن عباس، أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 285] ، علقه البيهقي في الدلائل [7/ 249] . وروي مثله عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين، وثوب حبرة، وأوصاني والدي بذلك وقال: لا تزيدن على ذلك، أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 284- 285] ، أخرجه ابن إسحاق في السيرة فزاد فيه: عن جده علي بن الحسين [2/ 663- ابن هشام] . قال أبو عاصم: قد ثبت أن البرد الحبرة أحضرت ساعة تجهيزه صلى الله عليه وسلم لكنها ردت فلم يكفن فيها، فكأن من ذكرها ذهل عن ردها فظن أنها ضمن ما كفن فيها، وإذا ثبت ذلك فما اتفق عليه الشيخان من ذكره هو المعتمد، فأخرج- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 849- قال: ثم لما فرغوا من غسله وكفنوه اختلفوا في دفنه، فقالوا: ما ندري، ندفنه مع أصحابه بالبقيع أم في المسجد؟ قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. - مسلم في صحيحه من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة، قالت: أما الحلة فإنما شبه على الناس فيها، إنها اشتريت له ليكفن فيها، فتركت الحلة، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، فأخذها عبد الله بن أبي بكر فقال: لأحبسنها حتى أكفن فيها نفسي، ثم قال: لو رضيها الله عزّ وجلّ لنبيه لكفنه فيها، فباعها وتصدق بثمنها. (849) قوله: «لعن الله الذين اتخذوا» : جمع المصنف رحمه الله بين متنين بإسنادين مختلفين كلاهما عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. أما الأول فأخرجه أبو بكر: محمد بن حاتم بن زنجويه في فضائل الصديق رضي الله عنه- كما في الكنز [7/ 236] رقم 18762- من حديث عمرة بنت عبد الرحمن، عن أمهات المؤمنين: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: كيف نبني قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنجعله مسجدا؟ فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالوا: كيف نحفر له؟ فقال أبو بكر: إن من أهل المدينة رجلا يلحد، ومن أهل مكة رجل يشق، اللهمّ فأطلع علينا أحبهما إليك أن يعمل لنبيك، فاطلع أبو طلحة- وكان يلحد- فأمره أن يلحد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم دفن ونصب عليه اللبن. أما الحديث الثاني فقد أخرجه ابن إسحاق في سيرته [2/ 663- ابن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 ......... - هشام] : حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، ومن طريقه مختصرا ومطولا: الإمام أحمد في مسنده [1/ 8، 260، 292] ، وابن ماجه في الجنائز، باب ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم ودفنه، رقم 1628، وأبو يعلى في مسنده [1/ 31، 32] رقم 22، 23، ومن طريقه مختصرا المروزي في مسند أبي بكر برقم 26، ومن طريقه أيضا بطوله البيهقي في الدلائل [7/ 260] ، وأخرجه أيضا في السنن الكبرى [3/ 407] . وهذا لفظ أبي يعلى بطوله: قال ابن عباس: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح- يحفر- لأهل مكة، وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي كان يحفر لأهل المدينة وكان يلحد، فدعا العباس رجلين، فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وللاخر: اذهب إلى أبي طلحة، اللهم خر لرسولك، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به، فلحد لرسول الله، فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، وضع على سريره، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه، فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل يدفن مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما قبض نبي إلّا دفن حيث قبض، فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، فحفر له تحته، ثم دعي الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا: الرجال، حتى إذا فرغ منهم، أدخل النساء، حتى إذا فرغ من النساء، أدخل الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله أحد، فدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوسط الليل، ليلة الأربعاء. وأخرجه الترمذي في الشمائل برقم 379- واللفظ له- والنسائي في الوفاة من السنن الكبرى [4/ 263- 264، 265] رقم 7119، 7122، وابن ماجه في الإقامة، برقم 1324، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 65- 66] رقم 6367، والبيهقي في الدلائل [7/ 259] ، جميعهم من حديث سلمة بن نبيط: عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 ......... - عبيد- وكانت له صحبة- قال: أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأفاق، فقال: حضرت الصلاة؟ فقالوا: نعم، فقال: مروا بلالا فليؤذن ومروا أبا بكر أن يصلي للناس أو قال بالناس، قال: ثم أغمي عليه فأفاق فقال: حضرت الصلاة؟ فقالوا: نعم، فقال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف إذا قام ذلك المقام بكى فلا يستطيع، فلو أمرت غيره، قال ثم أغمي عليه فأفاق فقال: مروا بلالا فليؤذن ومروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب- أو صواحبات يوسف-، قال: فأمر بلال فأذن وأمر أبو بكر فصلى بالناس. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فقال: انظروا لي من أتكىء عليه، فجاءت بريرة ورجل آخر فاتكأ عليهما، فلما رآه أبو بكر ذهب لينكص فأومأ إليه أن يثبت مكانه حتى قضى أبو بكر صلاته. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، فقال عمر: والله لا أسمع أحدا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلّا ضربته بسيفي هذا. قال: فكان الناس أميين لم يكن فيهم نبي قبله فأمسك الناس، فقالوا: يا سالم انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه، فأتيت أبا بكر وهو في المسجد فأتيته أبكي دهشا فلما رآني قال: أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلّا ضربته بسيفي هذا، فقال لي: انطلق، فانطلقت معه فجاء الناس قد دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس افرجوا لي، فأفرجوا له فجاء حتى أكب ومسه فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (40) ، ثم قالوا: يا صاحب رسول الله أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فعلموا أن قد صدق، قالوا: يا صاحب رسول الله أيصلى على رسول الله؟ قال: نعم، قالوا: وكيف؟ قال: يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون ثم يخرجون ثم يدخل قوم فيكبرون ويصلون- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 850- قال: وقال صلى الله عليه وسلم: ما من نبي قبض إلّا دفن في الموضع الذي قبض فيه، قال: فرفعوا فراشه، وحفروا تحته. - ويدعون ثم يخرجون حتى يدخل الناس، قالوا: يا صاحب رسول الله أيدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الذي قبض الله فيه روحه فإن الله لم يقبض روحه إلّا في مكان طيب، فعلموا أن قد صدق، ثم أمرهم أن يغسله بنو أبيه، واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في الأمر، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقال عمر بن الخطاب: من له مثل هذه الثلاثة: ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، من هما؟ قال: ثم بسط يده فبايعوه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة. معدود في الموقوف، صحح إسناده الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه، وابن حجر في الفتح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 [193- فصل: في دفنه صلى الله عليه وسلم وموضع قبره] 193- فصل: في دفنه صلى الله عليه وسلم وموضع قبره 851- وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه صلى الله عليه وسلم، فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: يدفن مع أصحابه، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما قبض نبي إلّا دفن حيث قبض. 852- قال: فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، فحفر له تحته، ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا: الرجال، حتى إذا فرغ منهم أدخل النساء، حتى إذا فرغ منهن أدخل الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط الليل- ليلة الأربعاء-. (851) قوله: «ما قبض نبي» : تقدم تخريجه قريبا. (852) قوله: «فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم» : هو طرف من حديث الحسين بن عبد الله، وقد تقدم بطوله قريبا وذكرنا أنه مسند عن المصنف، وسيأتي طرف منه أيضا في الذي بعده. قوله: «ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد» : قال ابن عبد البر: أما صلاة الناس عليه فرادى فمجتمع عليه عند أهل السير وجماعة أهل النقل، ما يختلفون فيه، وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه [5/ 232] : وهذا أمر مجمع عليه، لا خلاف فيه، وقد اختلف في تعليله، قال: فلو صح الحديث الذى أوردناه عن ابن مسعود رضي الله عنه (يعني: المتقدم تخريجه) لكان نصا فى ذلك، ويكون من باب التعبد الذي يعسر تعقل معناه، قال: وليس لأحد أن يقول: لأنه لم يكن لهم إمام، لأنا قدمنا أنهم إنما شرعوا في تجهيزه صلى الله عليه وسلم بعد تمام بيعة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 853- قال محمد بن إسحاق: حدثني الحسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة هو الذي يحفر لأهل المدينة، وكان يلحد-، فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وقال للاخر: اذهب إلى أبي طلحة، اللهمّ خر لرسولك، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته، ثم جعل صلى الله عليه وسلم في بيته وأدخل عليه الناس، فلما صلّي عليه نزل علي رضي الله عنه القبر ومعه الفضل بن عباس، فقال أوس بن خولي: يا علي أنشدك الله أن تعطونا حظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل معهم القبر. - وقد قال بعض العلماء: إنما لم يؤمهم أحد ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه إليه، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد مرة، قال: وقال السهيلي: لا يكون هذا الفعل إلّا عن توقيف، ووجه الفقه: أن الله تبارك وتعالى افترض الصلاة عليه بقوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وحكم هذه الصلاة التي تضمنتها الاية ألا تكون إلّا بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الاية وهي متناولة لها وللصلاة عليه في كل حال. اه، وجعل صاحب مرشد المحتار هذا من خصائصه [/ 367] . وسئل ابن الماجشون: كم صلّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: اثنتان وسبعون صلاة كحمزة، فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذي تركه مالك بخطه: عن نافع، عن ابن عمر-، ذكره مغلطاي في الإشارة [/ 357] ، المقريزي في الإمتاع. (853) قوله: «لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم» : هو طرف من حديث الحسين بن عبد الله المتقدم بطوله، وقد بينا لك أنه مسند عن المصنف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 854- قال: ثم نصب تسع لبنات نصبا، وجعل عليها حصباء. 855- قال: ورفع قبره صلى الله عليه وسلم. (854) قوله: «ثم نصب تسع لبنات» : أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 252] بلاغا، أورده عقب حديث حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس الطويل المتقدم تخريجه، وقال في آخره: وبلغني أنه بني عليه في لحده اللبن، ويقال: هي تسع لبنات عددا. (855) قوله: «ورفع قبره صلى الله عليه وسلم» : أخرج ابن حبان في صحيحه- برقم 6635 إحسان- من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد، ونصب عليه اللبن نصبا، ورفع قبره من الأرض نحوا من شبر، وفي مراسيل أبي داود من حديث عاصم، عن أبي صالح قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم شبرا ونحو شبر- يعني: في الارتفاع-. وأخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 306] من حديث حماد، عن إبراهيم قال: جعل على قبره صلى الله عليه وسلم شيء مرتفع من الأرض حتى يعرف أنه قبره صلى الله عليه وسلم، وفي الجنائز من صحيح الإمام البخاري، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكر بن عياش، عن سفيان التمار: أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما. وأخرج البيهقي في السنن الكبرى [4/ 55] من حديث ابن بريدة، عن أبيه قال: أدخل النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة وألحد له لحدا، ونصب عليه اللبن نصبا. فأما ما أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 264] ، من حديث عبد العزيز بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: جعل قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسطوحا، فهذا يعارض رواية جابر، لكن ذكر الحافظ ناصر الدين في سلوى الكئيب عن البيهقي، قوله في الجمع بين هذه الأحاديث: إن أصل قبر النبي صلى الله عليه وسلم جعل مسطحا وسنّم على البطحاء، فمن رواه مسطحا أراد: دون الحصباء، ومن رواه مسنما أراد: بالبطحاء. اه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 856- وجعل رأسه صلى الله عليه وسلم مما يلي المشرق، ورأس أبي بكر عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم. - وذهب البيهقي في السنن [4/ 4] إلى ترجيح رواية القاسم بن محمد في التسطيح، وصححها. (856) قوله: «وجعل رأسه مما يلي المشرق» : هكذا يقول المصنف رحمه الله- ولعله من سبق القلم أو تصحيف من النساخ- إذ الحديث مسند عن المصنف من طريق يحيى بن الحسين معوّل المصنف في هذا الباب، فقد أخرج من حديث إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، عن أبيه، عن عمرة عن عائشة، رضي الله عنها أنها وصفت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر، وهذه القبور في سهوة بيت عائشة قالت: رأس النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي المغرب، وقبر أبي بكر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر عمر خلف النبي صلى الله عليه وسلم. أفاده السمهودي في الوفا [1/ 553] . وأخرجه أيضا أبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 244] من طريق ابن زبالة- وهو في تاريخه كما في وفا السمهودي [1/ 556] . قلت: ذكر أبو اليمن في تاريخه سبع روايات في صفة القبور الشريفة، وذكر شيخه ابن النجار في أخبار المدينة ستا، ورجح السمهودي في الوفا منها الرواية التي أخرجها أبو داود في الجنائز برقم 3220، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 3] ، وفي الدلائل [7/ 263] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 53] رقم 4571، جميعهم من حديث القاسم بن محمد أنه قال لعائشة رضي الله عنها: يا أمّه، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم. صححه الحاكم في المستدرك [1/ 369] ، وأقره الذهبي في التلخيص، ومال إلى تصحيحه الحافظ في الفتح، وقدمه على الروايات الأخرى إذا تعذر الجمع بينها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 857- وصلى عمر على أبي بكر رضي الله عنهما، وصلى صهيب على عمر، وكبّر كل واحد منهما أربع تكبيرات، وقبر في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا. 858- ثم إن شقران فرش قطيفة في القبر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها، ثم قال: والله لا يلبسها أحد بعدك. (857) قوله: «وصلى عمر على أبي بكر رضي الله عنهما» : أخرج أبو نعيم في المعرفة [1/ 44] من حديث معمر عن الزهري قال: صلى على أبي بكر عمر، وصلى على عمر صهيب. وأخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 206] ، ومن طريقه ابن عساكر [30/ 445] : أن علي بن الحسين سأل ابن المسيب: أين صلي على أبي بكر؟ فقال: بين القبر والمنبر، قال: من صلى عليه؟ قال: عمر، قال: كم كبر عليه؟ قال: أربعا. وأخرج أيضا أبو نعيم في المعرفة [1/ 35] رقم 118: عن ميمون بن مهران: أن عمر كبر على أبي بكر أربعا، وأخرج أيضا [/ 29] من حديث الحسن البصري قال: صلى عليه عمر، ووضع تجاه المنبر، وكبر عليه أربعا، ودفنه ليلا ... الحديث. قوله: «وصلى صهيب على عمر» : أخرجه أبو نعيم في المعرفة عن الزهري كما تقدم قريبا، وأخرجه أيضا [1/ 44] عن يحيى بن بكير، وكذا ذكر من ترجم له، وقد ذكرنا مظان ترجمته في فضائله رضي الله عنها. (858) قوله: «فرش قطيفة في القبر» : هو مسند عن المصنف كما تقدم، إذ هو طرف من حديث ابن إسحاق، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس الطويل، وقد مضى تخريجه، وأصله في صحيح مسلم لكن لم يسمه في روايته، فأخرج في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 859- وعن المغيرة بن شعبة أنه قال: أنا آخر الناس عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه طرح خاتمه في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهال عليه التراب، فنزل وأخذ الخاتم. - الجنائز: باب جعل القطيفة في القبر: من حديث أبي جمرة، عن ابن عباس قال: جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء، وسماه الترمذي في كتاب الجنائز من جامعه، باب ما جاء في الثواب الواحد يلقى تحت الميت في القبر: من حديث جعفر بن محمد عن أبيه قال: الذي ألحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو طلحة، والذي ألقى القطيفة تحته شقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال جعفر بن محمد: وأخبرني عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت شقران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر. قال أبو عيسى: حديث شقران حديث حسن غريب. وقد روى الحديث بتسمية شقران: ابن سعد في الطبقات [2/ 299] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 254] ، وأخرج أبو داود في المراسيل عن الحسن قال: جعل في لحد النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء أصابها يوم خيبر لأن المدينة أرض سبخة. (859) قوله: «وعن المغيرة بن شعبة» : هو في سيرة ابن إسحاق [2/ 664- ابن هشام] ولفظه: وقد كان المغيرة بن شعبة يدّعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث، وأخرجه من طرق: ابن سعد في الطبقات [302- 3030] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 257] ، وقول ابن إسحاق في حديثه: يدعي، يوحي أنه لا يسلم له بذلك، بدليل ما أسند بعده عن أبيه، عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن الحارث قال: اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمان عمر- أو: زمان عثمان- فنزل على أخته أم هانىء، فلما فرغ من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 ......... - عمرته رجع فسكب له غسل فاغتسل، فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا: يا أبا حسن جئنا نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه، قال: أظن أن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: أجل، عن ذلك جئنا نسألك. قال: كذب، أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس. أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 303] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 258] من حديث الواقدي قال: حدثني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: ألقى المغيرة بن شعبة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن خرجوا خاتمه لينزل فيه، فقال علي بن أبي طالب: إنما ألقيت خاتمك لكي تنزل فيه فيقال: نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لا تنزل فيه أبدا، ومنعه، زاد ابن سعد عن الواقدي من وجه آخر: لا يتحدث الناس أنك نزلت فيه، ولا يتحدث الناس أن خاتمك في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل علي وقد رأى موقعه فتناوله فدفعه إليه، وأخرج ابن سعد الحديث من وجه آخر فقال: أخبرنا سريج بن النعمان، أنا هشيم، عن أبي معشر قال: حدثني بعض مشايخنا قال: لما خرج علي من القبر ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في القبر وقال لعلي: خاتمي! فقال علي للحسن بن علي: ادخل فناوله خاتمه، ففعل. يؤيد رواية ابن إسحاق، عن أبيه: حديث ابن سعد في الطبقات [2/ 304] من طريق الواقدي قال: حدثني حفص بن عمر، عن علي بن عبد الله قال: قلت: زعم المغيرة أنه آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كذب والله، أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن العباس، كان أصغر من كان في القبر، وكان آخر من صعد. قال مغلطاي في الإشارة: قال الحاكم: كان آخرهم عهدا به صلى الله عليه وسلم: قثم، وقيل: علي، وأما حديث المغيرة فضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 [194- باب ما جاء في زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 194- باب ما جاء في زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم 860- أخبرنا أبو الحسين: يحيى بن الحسين المطلبي رضي الله عنه إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، أنا أبو عثمان: محمد بن عثمان العثماني، أنا أبو القاسم: طاهر بن يحيى بن الحسين العلوي قال: حدثني أبي، ثنا رجل من طلبة العلم قال: ثنا الفضل بن موسى قال: حدثني موسى بن هلال قال: حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع، قوله: «ثنا الفضل بن موسى» : هو السيناني، الإمام الحافظ، الثقة، الثبت، أبو عبد الله المروزي، أحد رجال الكتب الستة، المشهورين بالاتباع، أثنى عليه أبو نعيم الحافظ وكان عنده أثبت من ابن المبارك. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [9/ 103] ، تذكرة الحفاظ [1/ 296] ، تهذيب الكمال [23/ 254] ، تهذيب التهذيب [8/ 257] ، التقريب [/ 447] الترجمة رقم 5419، وثقات ابن حبان [7/ 319] ، العبر [1/ 307] ، طبقات ابن سعد [7/ 372] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 475] ، الكاشف [2/ 330] . قوله: «حدثني موسى بن هلال» : العبدي، البصري، أحد مشايخ الإمام أحمد، جهله أبو حاتم، وقد روى عنه جماعة، قال الحافظ الذهبي في الميزان: صويلح، وزعم ابن القطان في بيان الوهم أنه لم تثبت عدالته، مع أن ابن عدي قد قال بعد أن سبر حديثه: أرجو أنه لا بأس به. انظر عن موسى بن هلال في: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي. - الميزان [5/ 350- 351] ، لسان الميزان [6/ 134- 135] ، المغني [2/ 688] ، الديوان [2/ 390] ، بيان الوهم والإيهام [4/ 323] ، الجرح والتعديل [8/ 166] ، الكامل لابن عدي [6/ 2350] ، ضعفاء العقيلي [4/ 170] . قوله: «وجبت له شفاعتي» : تفرد به موسى بن هلال، واضطرب عنه فيه: فقيل عنه هكذا، فتابع الفضل موسى: 1- محمد بن إسماعيل بن سمرة- في إحدى الروايتين عنه-: أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل [6/ 2350] ، ومن طريق ابن عدي أخرجه البيهقي في الشعب [3/ 490] رقم 4159، والدينوري في المجالسة [1/ 431] رقم 129. 2- علي بن معبد، أخرجه من طريقه الدولابي في الكنى [2/ 64] . 3- الفضل بن سهل، أخرجه ابن الجوزي في مثير الغرام [2/ 296] رقم 495، لكن قال الحافظ المزي في ترجمته من التهذيب: الصحيح أن بينهما الهذيل بن أبي الغريف الهمداني. 4- عبيد بن محمد الوّراق- في إحدى الروايتين عنه-، أخرجه من طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرحم [1/ 581] . * وروي عن موسى بن هلال، عن عبيد الله العمري- المصغر الثقة الثبت-، قال ذلك عنه: 1- جعفر بن محمد البزوري، أخرجه العقيلي في الضعفاء [4/ 170] . 2- عبيد بن محمد الوراق- في الرواية الثانية عنه-، أخرجه الدارقطني [2/ 278] ، ومن طريقه ابن البخاري في تاريخ المدينة [/ 143] ، وأبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 19- 20، 21- 22] ، والتقي الفاسي في شفاء- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 ......... - الغرام [2/ 397] ، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان [3/ 490] . 3- محمد بن إسماعيل الأحمسي- في الرواية الثانية له-، أخرجه من طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1054. وهذا القول عن محمد بن إسماعيل جعله البرزالي هو المحفوظ عنه، وضعفها الحافظ يحيى بن علي القرشي. * وقد سلك أهل العلم في هذا الحديث ثلاثة مسالك: الأول: أنه صحيح- أو حسن- يحتج به لوجود ما يشبه حاله في المعمول به عند أهل العلم، وهو مسلك السبكي ومعه جماعة من أهل العلم منهم السمهودي في الوفا وغيره. الثاني: وهو قول جمهور الفقهاء والمحدثين وأهل الإنصاف: أنه من الضعيف الذي يعمل به في الفضائل، سيما وأن زيارة القبور مأمور بها مرغب فيها، فهي في حقه صلى الله عليه وسلم أوكد لدخولها في عموم الأمر بالإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. فهذا الحافظ البيهقي بعد إيراده لجملة من أحاديث الزيارة يقول في هذا الحديث بعينه: هو منكر: سواء قال: عبيد الله أو عبد الله؛ لأنه لم يأت به غيره. اه [3/ 490] ، ويرى مع ذلك أن زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم مما ينبغي للحاج أن يحرص عليه سيما للافاقي. أيضا فإن الفقهاء وأصحاب المذاهب يوردونه في مناسكهم، وفي المناسك من كتب الفقه على سبيل الترغيب والعمل به، أورده عبد الحق الإشبيلي في أحكامه [1/ 467] وسكت عنه مع علمه بضعفه، وقال ابن القطان في بيان الوهم [4/ 323] : أراه تسامح فيه لأنه من الحث والترغيب على عمل. الثالث: وهو قول من لا يرى شد الرحل- لزيارته صلى الله عليه وسلم والسلام عليه، يرونه مخالفا النهي الوارد، منهم الشيخ ابن تيمية، وابن عبد الهادي وغيرهم، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 861- وعن بكر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى المدينة زائرا وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعث آمنا. - ومن عجيب ما ينتج عن قولهم أن العمل به بدعة ومعصية، ولكل وجهة فيما يذهب إليه، والله الموفق وهو الهادي. (861) قوله: «وعن بكر بن عبد الله» : المزني، الإمام التابعي الحجة، أبو عبد الله البصري، أحد الأعلام، ممن يذكر مع الحسن، وابن سيرين، وكان مجاب الدعوة، صاحب زهد وتقوى وورع. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [4/ 532] ، طبقات ابن سعد [7/ 209] ، حلية الأولياء [2/ 224] ، تهذيب الكمال [4/ 216] ، إكمال مغلطاي [3/ 16] ، تهذيب التهذيب [2/ 424] ، الكاشف [1/ 108] ، التقريب [/ 127] الترجمة رقم 743. قوله: «بعث آمنا» : أخرجه يحيى بن الحسين، في أخبار المدينة له- كما في شفاء السقام [/ 40] ، وفا السمهودي [2/ 1344] ، وقد تقدم أن المصنف عول عليه كثيرا في هذا الباب، فالحديث مسند عنه بالإسناد الماضي إلى طاهر بن يحيى بن الحسين، عن أبيه: حدثنا محمد بن يعقوب، ثنا عبد الله بن وهب، عن رجل، عنه به. محمد بن يعقوب هذا: هو الزبيري، الحافظ الصدوق، أبو عمر القرشي، المدني، من شيوخ النسائي، قال عنه: لا بأس به. وابن وهب: الإمام المشهور، غير أن شيخه المبهم أضعف الإسناد، ثم أوهنه الإرسال، ولذلك سكت عنه السبكي في الشفاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 862- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن لم يزر قبري فقد جفاني. 863- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من زار قبري بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا. (862) قوله: «وعن علي بن أبي طالب» : أورده الحافظ التقي السبكي في شفاء السقام [/ 39] ، عزاه للمصنف في كتابه هذا. وعزاه للمصنف أيضا: السمهودي في الوفا [2/ 1347] . والحديث مسند عن المصنف بإسناده الماضي إلى طاهر بن يحيى، عن أبيه في أخبار المدينة له: عن النعمان بن شبل قال: حدثنا محمد بن الفضل- مديني، سنة ست وسبعين- عن جابر، عن محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب به. جابر الجعفي ضعيف باتفاق أهل العلم، ومحمد بن علي أبو جعفر لم يدرك علي بن أبي طالب ففيه انقطاع أيضا. (863) قوله: «وعن أنس بن مالك» : له طريقان عن أنس: الأول: طريق ابن أبي فديك: ثنا سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس، أخرجه ابن أبي الدنيا في القبور- كما في شفاء السقام [/ 35]- والبيهقي في الشعب [3/ 489- 490، 490] رقم 4157، 4158، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 434] ، ومن طريقه السبكي في شفاء السقام [/ 35] . سليمان بن يزيد الكعبي أبو المثنى اختلف فيه، حسن له الترمذي، وصحح- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 864- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جاءني زائرا- لا ينزعه إلّا زيارتي- كان حقّا عليّ أن أكون له شفيعا. - له الحاكم حديثا [4/ 221] ، قال أبو حاتم: منكر الحديث، ليس بالقوي، وضعفه الدارقطني، وتردد فيه ابن حبان فأدخله الثقات، وأورده في المجروحين، ومع هذا وذاك فهو لم يدرك أنس بن مالك، فالحديث ضعيف. لعله مع الطريق التالية يرتقي ليكون له أصل، من حديث أنس. فقد قال إسحاق بن راهويه في مسنده- كما في المداوي لعلل المناوي [6/ 291]-: أخبرنا عيسى بن يونس، ثنا ثور بن يزيد، ثنا شيخ، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ... فذكره. رجاله رجال الصحيح من أحسن ما يكون إلّا أنه منقطع بالمبهم الذي لم يسم. (864) قوله: «كان حقّا عليّ أن أكون له شفيعا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 291] رقم 13149، وفي الأوسط [5/ 275- 276] رقم 4543، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 219] ، وابن المقرىء في معجمه برقم 169، وأبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 30- 31] ، والدارقطني في أماليه، والخلعي في فوائده، وابن السكن في الصحاح له- كما في شفاء السقام [/ 16] ، وإتحاف الزبيدي [4/ 416] . قال الحافظ العراقي في تخريج الأحياء [1/ 265] : صححه ابن السكن. اه. وقال الزبيدي: تصحيح ابن السكن له، وعبد الحق بالسكوت عنه، والتقي السبكي في الشفاء باعتبار مجموع الطرق. اه. قلت: لأن فيه مسلمة بن سالم قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 2] : وهو ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 865- وقال صلى الله عليه وسلم: من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي. (865) قوله: «من حج فزار قبري» : أخرجه أبو يعلى الموصلي- كما في المطالب العالية النسخة المسندة [3/ 367] رقم 1416، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 406] رقم 13497، والدارقطني [2/ 278] ، وابن عدي في الكامل [2/ 790] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 246] ، وفي الشعب [3/ 489] رقم 4154، والضياء في المختارة- كما في الصارم لابن عبد الهادي [/ 99] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1053، والفاكهي في أخبار مكة برقم [1/ 435- 436] رقم 949، وابن الجوزي في مثير الغرام برقم 467، وأبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 27- 29] . جميعهم من طرق عن حفص بن سليمان- إمام في القراءة، ضعيف في الحديث-، عن ليث بن أبي سليم- ممن يعتبر به-، عن مجاهد، عن ابن عمر، به مرفوعا. ورواه غير حفص بإسناد فيه جهالة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 406] رقم 13496، وفي الأوسط [1/ 201] . قال في مجمع الزوائد [4/ 2] : عائشة بنت يونس لم أجد من ترجمها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 [195- فصل: في فضل ما بين قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره، وفضل منبره] 195- فصل: في فضل ما بين قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره، وفضل منبره 866- قال صلى الله عليه وسلم: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. (866) قوله: «ما بين قبري ومنبري» : أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة لكن بلفظ: بيتي، وقد روي بالسند نفسه إلى أبي هريرة باللفظ الوارد هنا، قال الحافظ في الفتح معلقا على رواية أبي هريرة في فضائل المدينة: قوله: ما بين بيتي ومنبري: كذا الأكثر، ووقع في رواية ابن عساكر وحده: قبري بدل بيتي، وهو خطأ، وقد تقدم قبيل الجنائز بهذا الإسناد بلفظ بيتي، وكذلك هو في مسند مسدد شيخ البخاري فيه. اه. قال أبو عاصم: ليس هذا من الخطأ في شيء، بل هو من قبيل الجمع بين الألفاظ، وإلى هذا أشار البخاري في الترجمة فقال: باب فضل ما بين القبر والمنبر، قال الحافظ: ترجم بذكر القبر وأورد الحديثين بلفظ البيت لأن القبر صار في البيت، وقد ورد في بعض طرقه بلفظ القبر. اه، وقد أخرج يحيى عن مالك برواية أبي هريرة في الموطأ، باب ما جاء في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم برقم 463، وفيها: ما بين قبري ومنبري، غير أنه قال: عن أبي هريرة، أو عن أبي سعيد على الشك، ولم أره بهذا اللفظ في غير رواية يحيى مما قد طبع من روايات الموطأ، لكن أشار ابن عبد البر في التمهيد [2/ 287] إلى أنه قد روي بهذا اللفظ. وممن أخرجه عن أبي هريرة كذلك: البزار في مسنده [1/ 216 كشف الأستار] رقم 430 بإسناد فيه سلمة بن وردان وهو ضعيف. وقد صح بهذا اللفظ- ما بين قبري ومنبري- من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وأم سلمة. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 ......... -* أما حديث سعد بن أبي وقاص، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 56 كشف الأستار] رقم 1195، والخطيب البغدادي في تاريخه [11/ 290] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 9] ، والحافظ في الفتح [4/ 120] : رجاله ثقات، وقال البدر العيني في العمدة [10/ 249] : سنده صحيح. * وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 64] ، وأبو يعلى في معجمه الأوسط [1/ 360] رقم 412، والطحاوي في المشكل [4/ 70] ، والخطيب في تاريخه [4/ 403] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 92] ، وصححه الضياء في المختارة. * وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 360] رقم 412، والطحاوي في المشكل [4/ 69] ، والخطيب في تاريخه [12/ 160] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 72] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 9] : رجاله ثقات. * وأما حديث أم سلمة، فأخرجه الطحاوي في المشكل [4/ 69] بإسناد على شرط مسلم، وقد صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 3749 لكن اختصر لفظه. ما ورد في هذا الحديث من دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم قال الحافظ الطحاوي رحمه الله في المشكل [4/ 72] : في هذا الحديث معنى يجب أن يوقف عليه، وهو في قوله صلى الله عليه وسلم: ما بين قبري ومنبري، على ما في أكثر هذه الاثار، وعلى ما في سواه منها: ما بين بيتي ومنبري، فكان تصحيحهما يجب أن يكون بيته هو قبره، ويكون ذلك علامة من علامات النبوة جليلة المقدار، لأن الله عزّ وجلّ قد أخفى على كل نفس- سواه- الأرض التي يموت فيها بقوله عزّ وجلّ: وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، فأعلمه صلى الله عليه وسلم الموضع الذي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 767- وقال صلى الله عليه وسلم: منبري على ترعة من ترع الجنة. - يموت فيه، والموضع الذي فيه قبره، حتى علم ذلك في حياته، وحتى أعلمه من أعلمه من أمته، فهذه منزلة لا منزلة فوقها، زاده الله شرفا وخيرا. (867) قوله: «منبري على ترعة من ترع الجنة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 335، 339] ، وابن الجعد في مسنده [2/ 1055] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 174، 184، 209، 237، 245] الأرقام: 5779، 5809، 5971، 5888، 5995، والطيالسي في مسنده برقم 2736، وابن سعد في الطبقات [1/ 253] ، والطحاوي في مشكل الاثار [4/ 71] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 247] من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 9] : رجاله رجال الصحيح- يعني: رجال أحمد والطبراني-. وفي الباب عن أبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وغيرهما، وهو يروى أيضا ضمن قوله صلى الله عليه وسلم: ما بين بيتي ومنبري: أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 360، 401- 402، 412، 450، 534] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 478] رقم 11778، وابن سعد في الطبقات [1/ 253] ، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 249] رقم 1110، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 247] ، وأنوار البغوي [1/ 75] رقم 80، إسناده على شرط مسلم. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 389] ، والبزار في مسنده [2/ 57 كشف الأستار] رقم 1196، وأبو يعلي في مسنده [3/ 319، 462] رقم 1784، 1964، وأبو نعيم في الحلية [3/ 26] ، والخطيب في تاريخه [3/ 360] ، والطحاوي في المشكل [4/ 70] ، جميعهم من حديث علي بن زيد- صالح في الشواهد- عن ابن المنكدر، عنه به. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 868- وروى كعب الأحبار قال: ما من فجر يطلع إلّا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلّون على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت الأرض خرج صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفا من الملائكة يزفّونه. - تابعه أبو الزبير، عن جابر، أخرجه الخطيب [11/ 228] ، قال الدارقطني: تفرد به محمد بن كثير (وهو صدوق) ، عن الثوري عنه. (868) قوله: «خرج صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفا» : خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحت رقم 100- فتح المنان، وإسناده على شرط الصحيح فيما نذهب إليه من أن كاتب الليث من رجال البخاري في الصحيح، وقد ثبت أن كعبا قال هذا بحضرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فلم تنكر عليه، فهو في حكم الموقوف، ومثل هذا لا يقال من قبيل الرأي، فتأمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 [196- فصل: فيما يقال عند زيارته للسّلام عليه صلى الله عليه وسلم] 196- فصل: فيما يقال عند زيارته للسّلام عليه صلى الله عليه وسلم 869- روي عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا قدم من سفر تقدم إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه. 870- وعن ابن عون قال: قلت لنافع: كان ابن عمر يسلم على القبر؟ (869) قوله: «روي عن نافع عن ابن عمر» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 576] رقم 6724، من طريق معمر، عن أيوب، عنه. قال: وأخبرناه عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر فقال: ما نعلم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلّا ابن عمر. ومن طرق عن نافع أخرجه الحافظ إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الأرقام 100، 101، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 341] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 245] ، وفي الشعب [3/ 490] رقم 4161، وأبو اليمن ابن عساكر في إتحاف الزائر [/ 59- 60] . (870) قوله: «وعن ابن عون» : أخرجه مالك في الموطأ، عن عبد الله بن دينار: أن ابن عمر كان إذا أراد سفرا أو قدم من سفر جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ودعا ثم انصرف. أخرجه محمد بن الحسن في الموطأ برقم 948، وقال: هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة، يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 قال: قد رأيته- مائة مرة أو: أكثر من مائة مرة- يجيء إلى القبر فيقول: السلام على النبي، السلام على أبي بكر، السلام على أبي، ثم ينصرف. 871- وعن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف، فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف. 872- وعن يزيد بن أبي سعيد المهري قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز إذ كان خليفة بالشام، فلما رأيته ودعته قال لي: إني أراك إذا أتيت المدينة سترى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاقرأه مني السلام. - ومن طريق مالك أخرجه الحافظ إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 98، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 245] ، وأخرجه الحافظ إسماعيل القاضي أيضا، من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، رقم 99. وأورده ابن عبد البر في الاستذكار [2/ 163] ، عن صخر بن أبي سمية قال: رأيت ابن عمر ... فذكر نحوه. (871) قوله: «وعن عبد الله بن أبي أمامة» : أخرج أثره ابن أبي الدنيا في كتاب القبور- كما في القول البديع للسخاوي [/ 211]- ومن طريقه البيهقي في الشعب [3/ 491] رقم 4164. (872) قوله: «وعن يزيد بن أبي سعيد المهري» : أخرج أثره ابن النجار في الدرة الثمينة معلقا [/ 145] ، وأسنده البيهقي في الشعب [3/ 492] رقم 4167، وقد تصحف في المطبوع اسم المهري إلى المقبري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 873- قال محمد بن إسماعيل: فحدثت به عبد الله بن جعفر فقال: أخبرني فلان أن عمر كان يبرد إليه البريد من الشام. 874- وقيل: أن من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الاية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) ، وقال: صلّى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، لم تسقط لك حاجة. 875- قال أبو عمرو: محمد بن جعفر بن مطر رحمه الله: بلغنا أن أعرابيا قدم المدينة على قعود له، فأناخها على باب المسجد وعقلها، ثم دخل المسجد فوقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، جزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبيّا عن أمته، أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنك رسول الله، وأنك قد بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، وعبدت ربك حتى أتاك اليقين، صلى الله على روحك في الأرواح، وعلى جسدك في الأجساد. (873) قوله: «قال محمد بن إسماعيل» : هو ابن أبي فديك، أخرج أثره البيهقي في الشعب عقب الذي قبله. (874) قوله: «وقيل: أن من وقف» : روي هذا عن ابن أبي فديك الإمام الثقة قال: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا ... فذكره، أخرجه ابن أبي الدنيا في القبور، ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان [/ 220- 221] ، والبيهقي في الشعب [3/ 492] رقم 4169، وابن النجار في أخبار المدينة [/ 146] . وأخرجه معلقا: ابن الجوزي في الوفاء [2/ 801] ، وفي مثير الغرام [2/ 297] ، والقاضي عياض في الشفاء [2/ 85] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 قال: ثم أقبل على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: السلام عليك يا أبا بكر الصديق، السلام عليك يا عمر الفاروق، السلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وضجيعيه بعد وفاته، جزاكما الله عن الإسلام وعن نبينا خيرا. قال: ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله جئتك مثقلا بالذنوب والخطايا، أستشفع بك إلى ربي فيشفعك فيّ، لأن الله عزّ وجلّ قال في كتابه- وقوله الحق-: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً، فأنا ممن ظلم نفسه، وجئتك أستشفع بك إلى ربي وأستغفر الله وأتوب إليه، فاشفع لي إلى ربي. ثم استقبل القبلة ورفع يديه ودعا ثم قال: إلهي إنك قلت- وقولك الحق-: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ، فها أنا بين يديك، ظلمت نفسي، وأستغفرك وأتوب إليك، وقد جئت محمّدا صلى الله عليه وسلم ومحمّد صلى الله عليه وسلم قد مات، وإن كان محمّد صلى الله عليه وسلم قد مات فأنت حي لا تموت، وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم صاحب هذا القبر، اللهمّ شفعه فيّ. إلهي إذا مات لنا ميت وله عندنا إجلال وحرمة كنا نعتق عند رأس قبره عبيدا وإماء إجلالا وحرمة له، وإنك قد أخبرتنا بإجلال محمّد صلى الله عليه وسلم، فأسألك بحرمة صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم أن تعتق عبدك الخاطيء اليوم على رأس قبره إجلالا وحرمة له. قال: ثم ولّى وهو يقول: يا خير من دفنت في القبر أعظمه ... فطاب من طيبه القيعان والأكم قوله: «فطاب من طيبه القيعان» : كذا عندنا، وأشار إليه البيهقي في الشعب عقب إيراده له بلفظ: فطاب من- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم - طيبه الأبقاع والأكم، فقال: وفي غير هذه الرواية: فطاب من طيبه القيعان والأكم. اه. وفي أكثر المصادر: فطاب من طيبهن القاع والأكم. والقصة رويت بأسانيد وألفاظ، فأخرجها ابن النجار في أخبار المدينة [/ 147] ، وابن بشكوال- كما في القول البديع [/ 162- 163] ، وأبو اليمن ابن عساكر في إتحاف الزائر [/ 68- 69] ، وابن الجوزي في مثير الغرام برقم 477، من حديث محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أعرابي يوضع عن بعيره فأناخه وعقله ... القصة، وزاد بيتا: أنت النبي الذي ترجى شفاعته ... عند الصراط إذا ما زلت القدم قال محمد بن حرب في رواية ابن بشكوال: ثم ركب راحلته، فما أشك إن شاء الله إلّا أنه راح بالمغفرة. وقال محمد بن حرب في رواية ابن النجار: ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحق بالرجل فبشره بأن الله عزّ وجلّ قد غفر له بشفاعتي. وأخرجها غيرهم، والرائي للأعرابي فيها العتبي، قصته عند البيهقي في الشعب [3/ 495- 496] رقم 4178، بنحو سياق ابن النجار، وأبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 67- 68] . قال أبو عاصم: رواية البيهقي يوردها أهل التفسير في كتبهم عند تفسير قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ الاية، وممن أوردها: القرطبي في تفسيره [5/ 265] ، وابن كثير [2/ 306] ، ويوردها أهل المناسك استيناسا، منهم: ابن قدامة في المغنى [3/ 557] ، والنووي في الإيضاح [/ 451] ، والله أعلم وهو الموفق الهادي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 [197- فصل: في أنّ الأنبياء أحياء في قبورهم وما ورد من سماعه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه ومعرفته به وردّه عليه] 197- فصل: في أنّ الأنبياء أحياء في قبورهم وما ورد من سماعه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه ومعرفته به وردّه عليه 876- روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أكرم على الله أن يتركني في الأرض فوق ثلاث. (876) قوله: «أنا أكرم على الله» : أخرج ابن حبان في ترجمة الحسن بن يحيى الخشني من المجروحين [1/ 235] ، من حديثه: عن سعيد بن عبد العزيز، عن يزيد بن أبي مالك، عن أنس مرفوعا: ما من نبي يموت فيقيم في قبره أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه، ومررت بموسى ليلة أسرى بي وهو قائم يصلي بين عالية وعويلية، قال ابن حبان: باطل موضوع إلّا قوله: مررت بموسى. وقد تعقب كل من الحافظ ابن حجر والسيوطي ابن حبان، قال السيوطي في اللالىء [1/ 285] : هذا الحديث أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن، والخشني من رجال ابن ماجه، ضعفه الأكثر، ولم ينسب إلى وضع ولا كذب، وقال: دحيم لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق سيء الحفظ، وقال ابن عدي: تحتمل رواياته، ومن هذا حاله لا يحكم على حديثه بالوضع، وقال البيهقي في كتاب حياة الأنبياء رقم 4: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن علي الحسنوي إملاء، حدثنا أبو محمد بن العباس الحمصي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا إسماعيل بن طلحة بن يزيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 ......... - بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلون بين يدي الله عزّ وجلّ حتى ينفخ في الصور، قال البيهقي -[رقم 5]- : وروى الثوري في جامعه، عن شيخ، عن سعيد بن المسيب قال: ما يمكث نبي في قبره أكثر من أربعين حتى يرفع، ورواه عبد الرزاق في مصنفه [3/ 576- 577] ، عن الثوري، عن أبي المقدام، عن سعيد بن المسيب قال: ما مكث نبي في قبره من الأرض أكثر من أربعين يوما، قال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: وأبو المقدام هو ثابت ابن هرمز الكوفي، والد عمرو ابن أبي المقدام، شيخ صالح، وقال إمام الحرمين في النهاية ثم الرافعي في الشرح: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أكرم على ربي أن يتركني في قبري بعد ثلاث، زاد إمام الحرمين: وروي: أكثر من يومين، قال الزركشي: ولم أجده، وقيل: إن الأزرقي: رواه، قال الزركشي: وذكر أبو الحسن بن الزاغوني الحنبلي في بعض كتبه حديثا: إن الله لا يترك نبيا في قبره أكثر من نصف يوم، وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الرافعي [2/ 133] ، متعقبا على ابن حبان وابن الجوزي في حكمهما على حديث أنس بالبطلان: وقد أفرد البيهقي جزآ في حياة الأنبياء وأورد فيه عدة أحاديث تؤيد هذا فيراجع منه، وقال في دلائل النبوة: الأنبياء أحياء عند ربهم كالشهداء، وقال في كتاب الاعتقاد [/ 198] : الأنبياء بعدما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، اه. والله أعلم. قال أبو عاصم: وتمام كلام البيهقي في الاعتقاد: وقد رأى نبيّنا صلى الله عليه وسلم جماعة منهم ليلة المعراج، وأمر بالصلاة عليه والسلام عليه، وأخبر- وخبره صدق- أن صلاتنا معروضة عليه، وأن سلامنا يبلغه، وأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. اه. وفسر قوله في الحديث: لا يتركون في قبورهم بعد أربعين: أي لا يتركون لا يصلون إلّا هذا المقدار، ثم يكونون مصلين فيها بين يدي الله عزّ وجلّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 877- وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله ملائكة يطوفون في الطرق يبلغوني عن أمتي السلام. 878- وفي الخبر: إن الله تعالى أعطى ملكا من الملائكة أسماع الخلائق، وهـ وقائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة، فليس أحد يصلي عليّ من أمتي صلاة إلّا سماه باسمه واسم أبيه وقال: يا محمد صلى عليك فلان كذا وكذا. (877) قوله: «وعن ابن مسعود» : خرجنا حديثه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، كتاب الرقاق، باب: في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، تحت رقم 2940- فتح المنان. (878) قوله: «يا محمد صلى عليك فلان كذا وكذا» : تمام لفظ الرواية: قال: فيصلي الرب عزّ وجلّ على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا، أخرجه من طرق عن نعيم: البخاري في تاريخه الكبير [6/ 416] ، والبزار في مسنده [4/ 47 كشف الأستار] رقم 3162، 3163، والطبراني في معجمه الكبير- كما في جلاء الأفهام [/ 107- 108]-، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 962 بغية الباحث] رقم 1063، وابن الأعرابي في معجمه برقم 122، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 51، وأبو الشيخ في العظمة برقم 341، وفي الثواب- كما في جلاء الأفهام [/ 49]-، والقول البديع [/ 112] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 249] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1644، والطوسي في مختصر الأحكام [2/ 459- 460] ، والروياني في مسنده- كما في جلاء الأفهام [/ 50]-، جميعهم من حديث نعيم بن ضمضم، عن عمران بن الحميري، عن عمار بن ياسر، به مرفوعا. نعيم بن ضمضم اختلف فيه، وابن الحميري لم يوثقه سوى ابن حبان، وقال البخاري: لا يتابع عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 879- وعن سليمان بن سحيم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتوك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال: نعم، وأرد عليهم. 880- وروي عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يسلّم عليّ إلّا رد الله إليّ روحي حتى أرد عليه السّلام. 881- وقال صلى الله عليه وسلم: إنّ لله ملائكة يبلغوني صلاة أمتي، يقولون: يا رسول الله إن فلان بن فلان صلى عليك، فقيل: يا رسول الله كيف وقد صرت رميما؟ فقال: إنّ الله حرّم لحوم الأنبياء على الأرض أن تأكلها. (879) قوله: «وعن سليمان بن سحيم» : أبو أيوب المدني، تابعي، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأخرج رؤياه- وهي رؤيا حق فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشيطان لا يتمثل به، ثم إنها موافقة لما أخبر به صلى الله عليه وسلم-: البيهقي في الشعب [3/ 491] رقم 4165، وفي حياة الأنبياء برقم 19، وأبو اليمن بن عساكر في إتحاف الزائر [/ 75- 76] . (880) قوله: «وروي عن أبي هريرة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 527] ، وأبو داود في المناسك برقم 2041، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 353] ، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 245] ، وفي الشعب [2/ 217] رقم 1581، جميعهم من حديث حميد بن زياد أبي صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عنه به مرفوعا. (881) قوله: «فقيل: يا رسول الله» : كأن المصنف رحمه الله جمع بين لفظين في هذا الحديث، إذ لم أجده بهذا السياق بل بشطرين في إسنادين. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 ......... - أما شطره الأول فقد تقدم عن ابن مسعود: إن لله ملائكة سياحين، وكذا حديث عمار بن ياسر مرفوعا: إن الله أعطى ملكا أسماع الخلائق. وفيه أيضا من حديث يزيد الرقاشي قوله: إنّ ملكا موكل يوم الجمعة بمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن فلانا من أمتك يصلي عليك. أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 27، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 516- 517] ، قال السخاوي في القول البديع [/ 159] : وأخرجه بقي بن مخلد، ومن طريقه ابن بشكوال، وهو في سنن سعيد بن منصور. وفيه أيضا من حديث أيوب السختياني قوله: بلغني- والله أعلم- أن ملكا موكل بكل من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبلغه النبي صلى الله عليه وسلم، سنده صحيح، ومثل هذا لا يقال من قبيل الرأي. وأخرج القاضي عياض في الشفاء، والنميري- كما في القول البديع [/ 160]- معلقا غير مسند، عن ابن شهاب الزهري مرسلا: أكثروا عليّ من الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر، فإنهما يؤديان عنكم، وإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وكل ابن آدم يأكله التراب إلّا عجب الذنب، وما من مسلم يصلي عليّ إلّا حملها ملك حتى يؤديها إليّ ويسميه حتى إنه يقول: إن فلانا يقول كذا وكذا. فأما شطره الثاني فهو في حديث أوس بن أوس مرفوعا: إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ، قال رجل: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت- يعني: بليت-؟ قال: فذكره ... خرجناه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1694. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 882- وسمعت أبا حامد الهروي المجاور بمكة قال: سمعت أستاذي عبد الله الطبري قال: أكلت الكراث بالمدينة، ثم أردت زيارة القبر فقلت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الكراث ودخول المسجد، ثم قلت في نفسي: قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يتأذى؟ فتقدمت إلى القبر، فسمعت من وراء القبر صيحة كأنه يقول: آه ... قال: فما تناولت الكراث بعد ذلك بالمدينة. 883- قال إبراهيم الخواص: أصابتني فاقة فضجرت، فدخلت المدينة، وتقدمت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشكو، فسمعت هاتفا يقول من وراء القبر: لا تضجر يا أبا إسحاق. 884- وقيل: جاءت امرأة إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن إبليس يوسوس لي، ويقول لي: إلى كم تعذبين نفسك، فاقصري، قالت: فهتف بي هاتف من ناحية القبر: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا، قالت: فخرجت ذعرة وجلة، وو الله ما عاودني ذلك الوسواس بعد تلك الليلة. - وأخرج ابن ماجه في سننه برقم 1637، وابن جرير في تفسيره [30/ 131] ، وفي تهذيب الاثار [/ 354 من الجزء المفقود] ، والحافظ المزي في تهذيب الكمال [10/ 23- 24] ، والطبراني والنميري- كما في القول البديع للسخاوي [/ 158] ، جميعهم من حديث أبي الدرداء مرفوعا: أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، وإن أحد لن يصلي عليّ إلّا عرضت عليّ صلاته حتى يفرغ منها، قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: وبعد الموت، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي الله حي يرزق. قال البوصيري: إسناده صحيح، لكنه منقطع في موضعين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 [198- فصل: ذكر بعض أحوال الزّائرين والمجاورين] 198- فصل: ذكر بعض أحوال الزّائرين والمجاورين 885- حكي عن بعض مجاوري المدينة قال: قدم شيخ من أهل خراسان، فدخل من باب جبريل عليه السّلام، وزار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع من الباب الذي دخل منه- ومن قصد مكة لا يرجع من ذلك الطريق- قال: فظننت أنه أخطأ، فجئت خلفه وقلت: يا شيخ ليس هذا طريق مكة، فقال: لم أرد مكة، وإنما جئت لأزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرجع إلى بيتي، فإن اتفق لي الخروج إلى مكة خرجت، قال: وإنما قصدي هذه الزيارة. 886- وحكي عن بعض مجاوري المدينة قال: أقمت بالمدينة ثلاثا، وكان ثمّ شيخ لم يزر القبر، فقلت له يوما من الأيام: أقمت هاهنا ثلاث سنين لم أرك تقدمت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سبحان الله، أنا هاهنا منذ سبع سنين لم أتجاسر أن أتقدم إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم هيبة منه وإجلالا له صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 [199- فصل: في قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتّخذوا قبري عيدا] 199- فصل: في قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتّخذوا قبري عيدا 887- روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تتخذوا قبري عيدا. (887) قوله: «لا تتخذوا قبري عيدا» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 375] ، ومن طريقه أبو يعلى في مسنده [1/ 361- 362] رقم 469، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (مختصرا) برقم 26 من حديث علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن أبيه أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم- منقطع-، علي بن الحسين، عن جده مرسل. رواه أيضا إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 20 فأبهم علي بن عمر. ورواه ابن عجلان، عن سهيل، عن الحسن بن علي مرسلا، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 71] رقم 4839، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 375، 3/ 345، ووقع في الموضع الأول من المطبوع من المصنف: عن سهيل بن حسين بن حسن! وفي الموضع الثاني: عن سهيل بن حسن بن حسن!!] . وقد رواه عبد الله بن نافع- وهو ممن يضعف في الحديث- فاختلف عليه فيه: * فقال أبو بكر الحنفي عنه: عن العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، أخرجه أبو يعلى في مسنده [12/ 131] رقم 6761. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 888- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تتخذوا قبري وثنا يعبد. -* ورواه سريح بن النعمان عند الإمام أحمد في المسند [2/ 367] ، وأحمد بن صالح عند أبي داود برقم 2042، ومن طريقه البيهقي في حياة الأنبياء برقم 14، ومسلم بن عمرو عند ابن فيل في جزءه- كما في القول البديع للسخاوي [/ 154] ، جميعهم عن عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به مرفوعا. (888) قوله: «لا تتخذوا قبري وثنا» : رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 317] ، من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: لا تجعلوا قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قال أبو نعيم: غريب من حديث حمزة بن المغيرة، تفرد به عنه سفيان- وهو ابن عيينة-. قلت: رواه الإمام أحمد في المسند [2/ 246] ، عن سفيان بهذا الإسناد، فقال: اللهمّ لا تجعل قبري وثنا ... الحديث، وهذا أصح. ورواه محمد بن الحسن الكرماني، عن سفيان أيضا بهذا الإسناد فقال: لا تتخذوا قبري وثنا، أخرجه ابن عبد البر في التمهيد [5/ 43] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 [200- باب ما جاء في رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام وقوله عزّ وجلّ: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فكان صلى الله عليه وسلم رحمة في الدّنيا والاخرة] 200- باب ما جاء في رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام وقوله عزّ وجلّ: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فكان صلى الله عليه وسلم رحمة في الدّنيا والاخرة 889- حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن هارون الأصفهاني رحمه الله بمكة حرسها الله تعالى في المسجد الحرام بحذاء الكعبة، ثنا أبو الحسن: محمد بن سهل، ثنا لوين، ثنا محمد بن المصفّى، (889) قوله: «محمد بن أحمد بن هارون الأصفهاني» : لم أقف على ترجمة له فيما لدي من المصادر، وكذا شيخ شيخه محمد سهل. قوله: «ثنا لوين» : هو محمد بن سليمان المصيصي، من رجال أبي داود والنسائي، تقدم. قوله: «ثنا محمد بن المصفى» : الحمصي، الحافظ الصدوق، أبو عبد الله القرشي، من رجال أبي داود والنسائي، وابن ماجه، كان من أهل الحديث، صاحب سنة، غير أنه نسب للتدليس، فتكلم فيه من تكلم. انظر عنه في: تهذيب الكمال [26/ 465] ، تهذيب التهذيب [9/ 406] ، الكاشف [3/ 86] ، الثقات [9/ 100] ، الميزان [5/ 168] ، سير أعلام النبلاء [12/ 94] ، التقريب [/ 507] الترجمة رقم 6304، تاريخ ابن عساكر [55/ 410] ، التاريخ الكبير [1/ 246] ، الوافي بالوفيات [5/ 33] ، الجرح والتعديل [8/ 104] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن ميسرة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يدخل النار من رآني في المنام. قوله: «عن يحيى بن سعيد» : هو العطار، أبو زكرياء الأنصاري، الشامي، الحمصي، ذكره أصحاب التهذيب للتمييز، لم يوثقه سوى تلميذه محمد بن المصفى، وتكلم فيه جمهور الحفاظ، وتوسط فيه أبو داود فقال: جائز الحديث. انظر عنه في: تهذيب الكمال [31/ 343] ، تهذيب التهذيب [11/ 193] ، الميزان [6/ 53] ، الكامل لابن عدي [7/ 2650] ، ضعفاء العقيلي [4/ 403] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 195] ، سير أعلام النبلاء [9/ 472] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 644] ، التقريب [/ 591] الترجمة رقم 7558، المجروحين لابن حبان [3/ 123] ، تاريخ ابن عساكر [64/ 266] ، ديوان الضعفاء [2/ 446] . قوله: «عن سعيد بن ميسرة» : البكري، كنيته: أبو عمران، أحد الضعفاء المتفق عليه. انظر عنه في: الكامل لابن عدي [3/ 1223] ، الميزان [2/ 350] ، لسان الميزان [3/ 45] ، الديوان [1/ 333] ، المغني في الضعفاء [2/ 266] ، ضعفاء ابن الجوزي [1/ 326] . قوله: «لم يدخل النار من رآني في المنام» : إسناده ضعيف جدّا، أعله ابن عدي في الكامل [3/ 1224] بسعيد بن ميسرة، وقال: عامة ما يرويه عن أنس أحاديث ينفرد بها، وما أقل ما يقع فيها مما يرويها غيره، وهو مظلم الأمر. اه. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [23/ 385] ، وعزاه في الكنز [15/ 383- 384] رقم 1486، للديلمي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 890- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزآ من النبوة. 891- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق، وبيده قضيب أخضر، وعليه بغلان يتلألأ شراكهما وهو يبادر، قلت: بأبي وأمي، اشتد شوقي إليك، فإلى أين تبادر؟ قال: إن عثمان رضي الله عنه أصبح في الجنة عروسا ملكا، وإنا قد دعينا إلى عرسه. 892- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لما فرغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه (890) قوله: «من رآني في المنام فقد رآني» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ثابت عنه، فأخرجه البخاري في التفسير، باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 6994، وأخرجه مسلم في الرؤيا، مقتصرا على الشطر الثاني منه، برقم 2264. (891) قوله: «وإنا قد دعينا إلى عرسه» : القصة بطولها تأتي في مناقبه رضي الله عنه، ويأتي تخريجها. (892) قوله: «وعن أبي الدرداء» : أخرج الرؤيا ابن الأثير في الأسد [1/ 244] من طريق ابن سعد في الطبقات [3/ 235 وهي عنده مختصرة] : أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني، قال: حدثني عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد، وعمار بن حفص بن عمر بن سعد، وعمر بن حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم: أنهم أخبروهم، قالوا: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال إلى أبي بكر ... قصته بطولها في طلبه الجهاد وهجرته إلى الشام. وأورد الرؤيا الحافظ الذهبي في السير [1/ 358] وقال: إسناده لين، وهو منكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 من فتح بيت المقدس فصار إلى الجابية، سأل بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقره بالشام، ففعل ذلك. ثم إن بلالا رضي الله عنه رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا بلال؟ قال: فانتبه حزينا، وجاء خائفا، فركب راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه. وأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا: يا بلال نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر، ففعل، وعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد ان لا إله إلّا الله ازدادت رجتها، فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله خرجن العواتق من خدورهن وقالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فما رؤي يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم. 893- وقال أبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه: قال الحسن بن علي: قال لي علي رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنح لي الليلة في منامي، فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمتك من الأود والكرب! فقال: ادع عليهم، (893) قوله: «وقال أبو عبد الرحمن السلمي» : هو الإمام العلم، مقرىء أهل الكوفة: عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوه حبيب من الصحابة، عرض القرآن على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن مسعود، فجوّده ومهر فيه، وثبت أن الحسن بن علي رضي الله عنه قرأ عليه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 فقلت: اللهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر لهم مني. قال: فخرج فضربه الرجل. - انظر عنه في: معرفة القراء الكبار [1/ 52] ، طبقات ابن سعد [6/ 172] ، تاريخ بغداد [9/ 430] ، العقد الثمين [8/ 66] ، غاية النهاية [1/ 413] ، حلية الأولياء [4/ 191] ، سير أعلام النبلاء [4/ 267] ، تهذيب الكمال [14/ 408] ، تهذيب التهذيب [5/ 161] ، الكاشف [2/ 71] ، المعرفة والتاريخ [2/ 589] ، تذكرة الحفاظ [1/ 55] ، النجوم الزاهرة [1/ 206] ، التاريخ الكبير [5/ 72] ، الجرح والتعديل [5/ 37] ، البداية والنهاية [9/ 16] ، العبر [1/ 96] . قوله: «فخرج فضربه الرجل» : أخرجه باللفظ الوارد هنا: ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 110- وفي المطبوع تصحيف في غير موضع من الرواية-، ومن طريق ابن أبي الدنيا أخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 556] . والرواية مختصرة، أخرجها بطولها: الاجري في الشريعة برقم 1656، وابن عساكر في تاريخه [42/ 556] ، عن أبي عون الثقفي قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه، قال أبو عبد الرحمن: فاستعمل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رجلا من بني تميم يقال له: حبيب بن قرة على السواد، وأمره أن يدخل الكوفة من كان بالسواد من المسلمين، فقلت للحسن بن علي رضي الله عنه: إن ابن عم لي بالسواد أحب أن يقر بمكانه فقال: تغدوا على كتابك قد ختم، فغدوت عليه من الغد، فإذا الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، فقلت: أتقربني الى القصر، فدخلت القصر، وإذا الحسن بن علي قاعد في المسجد في الحجرة، وإذا صوائح، فقال: ادن يا أبا عبد الرحمن، فجلست إلى جنبه فقال لي: خرجت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 894- وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أشعث أغبر، في يده قارورة فيها دم، فقلت: ما هذه القارورة؟ قال: دم الحسين بن علي رضي الله عنه، لم أزل ألتقطه منذ الليلة. - البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد فقال لي: يا بني إني الليلة أوقظ أهلي، لأنها ليلة الجمعة، صبيحة بدر لتسع عشرة من رمضان، فملكتني عيناي، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، فإذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟! - قال: والأود: العوج-، واللدد: الخصومات-، فقال لي: ادع عليهم، فقلت: اللهمّ أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي شرا، قال: وجاء ابن التياح فاذنه بالصلاة فخرج، وخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما الاخر فأثبتها في رأسه. قال ابن صاعد: قال أبو هشام: قال أبو أسامة: إني لأغار عليه كما يغار الرجل على المرأة الحسناء- يعني على هذا الحديث-، لا تحدث به ما دمت حيا. وقد رويت الرؤيا من طرق أخرى، أخرجها أبو يعلى في مسنده [1/ 398] رقم 520 من طريق شريك، عن عمار، عن أبي صالح، عن علي رضي الله عنه، والحميدي في مسنده- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [10/ 99] رقم 4980، من طريق إبراهيم بن ميسرة، عمن أخبره عن الحسن أو الحسين: أنّ عليّا رضي الله عنه قال: لقيني حبيبي- يعني: في المنام- فشكوت إليه ما لقيت من أهل العراق بعده، فوعدني الراحة منهم، فما لبث إلّا ثلاثا. (894) قوله: «وعن عبد الله بن عباس» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 283] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 116- 117] رقم 2822، وابن أبي الدنيا في المنامات برقم 130، وابن عساكر في تاريخه [14/ 237] ، قال الحافظ ابن كثير في تاريخه [8/ 200] : سنده قوي. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 قال: فأحصي من ذلك اليوم فوجدوه يوم قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما. 895- ويروى عن سالم، عن عبد الله بن عمر أنه قال: سمعت رجلا يقول: رأيت في المنام أن الناس جمعوا للحساب، فجاءت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، مع كل نبي أمته، وأنه رأى لكل نبي نورين يمشي بهما، ورأى لكل من اتبعه من المؤمنين نورا واحدا يمشي به، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لكل شعرة في رأسه ووجهه نور يستنير به كل أمرىء نظر إليه، وإذا لكل من اتبعه من أمته من المؤمنين نور كنور الأنبياء قبل محمّد صلى الله عليه وسلم. 896- قال: فقال كعب: ولا يشعر حين يحدث الرجل أنها رؤيا: من حدثك بهذا الحديث؟ وما علمك بهذا الحديث؟ قال: إنها رؤيا، قال: فيناشدك كعب بالله الذي لا إله إلّا هو لقد رأيت ما تقول في منامك؟ فقال الرجل: نعم والله، لقد رأيت ذلك، فقال كعب: والذي بعث محمّدا صلى الله عليه وسلم بالحق إنه لنعت محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته، ونعت الأنبياء وأممهم في كتاب الله، لكأنما قرأته من التوراة. 897- وقال كعب الأحبار: إن خلافة الصديق رضي الله عنه كانت من السماء، وقد علم خلافته قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم بست عشرة سنة، قيل: - وأخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 129، ومن طريقه ابن عساكر [14/ 237] ، من وجه آخر عن علي بن زيد بن جدعان، عن ابن عباس نحوه. (897) قوله: «وقال كعب الأحبار» : سيعيد المصنف القصة في فضائل أبي بكر رضي الله عنه، ويأتي تخريجها هناك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 كيف ذلك؟ قال كعب: رؤيا رآها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمكة، رآى كأن القمر سقط من السماء إلى الكعبة، فتقطع قطعة قطعة، فلم تبق حجرة في مكة إلّا دخلها من القمر قطعة، ووقعت في حجر أبي بكر رضي الله عنه قطعة، فخرج القمر من حجرات مكة واستوى كما كان إلّا الذي وقع في حجر أبي بكر الصديق فإنه بقي في حجره، قال: فكره علماء مكة- حرسها الله- رؤياه، وكانوا يهود، قال: فخرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه في رحلة الشتاء إلى الشام وبها بحيرا الراهب، فسأله فقال بحيرا الراهب: سيبعث الله عزّ وجلّ نبيّا بمكة، وتكون أنت وزيره في حياته، وخليفته بعد مماته. قال: فلما سأل أبو بكر الصديق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن برهانه على النبوة، قال له صلى الله عليه وسلم: الرؤيا التي رأيتها بمكة. 898- وعن عبد الملك بن عمير قال: حدثني كثير بن الصلت قال: دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور، فقال لي عثمان رضي الله عنه: يا كثير بن الصلت ما آراني إلّا مقتولا من يومي هذا، قال قلت: رؤيت لك في هذا اليوم- أو قيل لك فيه- شيء؟ قال: لا، ولكني سهرت في ليلتي هذه الماضية، فلما كان عند السحر أغفيت إغفاءة فرأيت فيما يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا عثمان الحقنا، لا تمسكنا، فإنا منتظروك. قال: فقتل من يومه صلى الله عليه وسلم. (898) قوله: «وعن عبد الملك بن عمير» : خرجنا حديثه في فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث أعاده المصنف هناك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 899- وعن عمر بن عبد العزيز قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: ادن يا عمر، ثم قال: ادن يا عمر، ثم قال: ادن يا عمر، حتى كدت أن أصيبه، ثم قال لي صلى الله عليه وسلم: يا عمر إذا وليت فاعمل في ولايتك نحوا من هذين. قال: وإذا كهلان قد اكتنفاه، قلت: ومن هذان؟ قال: هذا أبو بكر وهذا عمر. (899) قوله: «وعن عمر بن عبد العزيز» : هو ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين في زمانه حقّا، الزاهد العابد صدقا، أبو حفص القرشي، المدني، الخليفة الراشد، صاحب المناقب والفضائل. انظر عنه في: تاريخ ابن عساكر [45/ 126] ، حلية الأولياء [5/ 253] ، طبقات ابن سعد [5/ 330] ، الوافي بالوفيات [22/ 506] ، سير أعلام النبلاء [5/ 114] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي [/ 273] ، تذكرة الحفاظ [1/ 188] ، تهذيب الكمال [21/ 432] ، تهذيب التهذيب [7/ 418] ، التاريخ الكبير [6/ 174] ، النجوم الزاهرة [1/ 246] ، العقد الثمين [6/ 331] ، فوات الوفيات [3/ 133] ، طبقات ابن الجزري [1/ 593] . قوله: «ادن يا عمر» : أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 262، ومن طريقه ابن عساكر [45/ 175] ، وأخرج ابن أبي الدنيا أيضا برقم 120، ومن طريقه ابن عساكر [45/ 175] ، من حديث حماد بن زيد، عن أبي هاشم: أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فأقبل رجلان يختصمان وأنت بين يديه جالس فقال لك: يا عمر، إذا عملت فاعمل بعمل كل من أبي بكر وعمر، فاستحلفه عمر بالله أرأيت هذه الرؤيا؟ فحلف، فبكى عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 900- عن القاسم بن محمد قال: أخذ بيدي سفيان الثوري فمضينا إلى رجل يكنى: أبا همام- من أهل البصرة-، فسأله عن حديث عمر بن عبد العزيز فقال: حدثني رجل من الحي- وذكر من فضله- قال: سألت الله عزّ وجلّ أن يرزقني الحج ثلاث سنين، فأريت النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاني فقال: احضر الموسم العام، فانتبهت، فذكرت أنه ليس عندي ما أحج به، قال: فأتاني في الليلة الثانية فقال لي مثل ذلك، فانتبهت، فقلت مثل ذلك، قال: فأتاني في الليلة الثالثة- قال: وكنت قلت في نفسي: إن هو أتاني قلت: ليس عندي ما أحج به-، قال: فقلت له ذلك فقال لي: انظر في موضع كذا وكذا من دارك فاحتضره فإن فيه درعا لجدك- أو: لأبيك- قال: فصليت الغداة، ثم احتضرت ذلك الموضع، فإذا درع كأنما رفعت عنها الأيدي، قال: فأخرجتها وبعتها بأربعمائة درهم، ثم أتيت المربد فاشتريت بعيرا- أو: ناقة- فتهيأت كما يتهيأ الحاج، فوعدت أصحابا لي، فخرجت معهم حتى شهدت الموسم، ثم أردت الانصراف، فذهبت لأودع أهلي، وقدمت بعيري إلى الأبطح لأصلي للحج الذي نويته، إذ غلبتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: يا هذا، (900) قوله: «عن القاسم بن محمد» : الأسدي، أبو نهيك الضبي، كوفي يعد في شيوخ سفيان الثوري، مذكور في كتب التهذيب للتمييز، تصحف في منامات ابن أبي الدنيا إلى القاسم بن يزيد: قال محققه: هو القاسم بن يزيد الجرمي!!. تهذيب الكمال [34/ 356] ، تهذيب التهذيب [12/ 284] ، الجرح والتعديل [7/ 119] ، ثقات ابن حبان [5/ 305] ، طبقات ابن سعد [6/ 329 بدون ترجمة] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 إن الله عزّ وجلّ قد قبل منك سعيك، ائت عمر بن عبد العزيز وقل له: إن لك عندنا ثلاثة أسماء: عمر بن عبد العزيز، وأمير المؤمنين، وأبو اليتامى، شدّ يدك بالعرّيف، والمكّاس. قال: فانتبهت، فأتيت أصحابي فقلت لهم: امضوا على بركة الله، وأخذت برأس بعيري وسألت عن رفقة تخرج إلى الشام فمضيت معهم، حتى انتهيت إلى دمشق، فسألت عن منزله، فأنخت ناقتي على باب الدار وأوصيت بها- وذلك قرب انتصاف النهار- فإذا رجل قاعد على باب الدار فقلت له: يا أبا عبد الله استأذن لي على أمير المؤمنين، فقال لي: ما أمنعك- أو قال: ما امتنع عليك-، ولكني عالم بما كان من شأنه، من تشاغله بالناس، حتى كان الساعة أنت، فإن صبرت وإلا دخلت. قال: فلما دخلت على عمر بن عبد العزيز قال لي: من أنت؟ قلت: رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فنظرت إليه فإذا نعلاه في إصبعيه، وإذا هو يستقي ماء، فلما رآني، تنحى فألقى نعليه ثم جلس، فسلّمت وجلست فقال: ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل البصرة، فقال: ممن أنت؟ فقلت: من بني فلان، قال: كيف البرّ عندكم؟ كيف الشعير؟ كيف الزيت؟ كيف الزبيب؟ كيف التمر؟ كيف البرني؟ كيف السمن؟ حتى عدّ هذه الأنواع، فلما فرغ من هذا عاد إلى المسألة الأولى ثم قال لي: ويحك جئت لأمر عظيم؟ قلت: يا أمير المؤمنين ما أتيت إلّا بما رأيت، قوله: «لأصلي للحج الذي نويته» : كذا عندنا، ووقع عند ابن أبي الدنيا: لأصلي في الحجر. فعلى روايتنا كأنه عند ذهابه للموسم ولما يحج بعد، وعلى الثانية كأنه عند انقضاء النسك والعودة، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 ثم اقتصصت رؤياي، من لدن رؤياي إلى مجيئي إليه- قال: فكأن ذلك تحقق عنده- فقال: ويحك أقم عندي- أو: البث قليلا، فأواسيك، قلت: لا، قال: فدخل فأخرج صرة فيها أربعون دينارا، وقال: لم يبق من عطائي غير ما ترى وأنا أواسيك منها، قال قلت: لا والله لا آخذ على رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا. قال: فكأن ذلك تصدق عنده، فودعته، فقام إليّ واعتنقني، ومشى معي إلى باب الدار، ودمعت عيناه، ورجعت إلى البصرة، فمكثت حولا ثم قيل لي: مات عمر بن عبد العزيز، فخرجت غازيا، فلما كنت في أرض الروم إذا الرجل الذي كان يستأذن لي قد عرفني ولم أعرفه، فسلّم عليّ ثم قال: علمت أن الله عزّ وجلّ قد صدق رؤياك. قوله: «أن الله قد صدق رؤياك» : زاد ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 121: مرض عبد الملك ابنه فكنت أعتنقه أنا وهو من الليل، فكان إذا كانت ساعتي التي أكون عنده يذهب فيصلي، وإذا كانت ساعته ذهبت أنا فنمت وقام يصلي، وعلى الباب دوي، قال: فو الله إني الليلة من الليالي إذ سمعت بكاء شديدا فقلت: يا أمير المؤمنين هل حدث بعبد الملك؟ فجعل لا يكترث ليالي، ثم إنه سري عنه ففتح الباب فقال: أعلمك أن الله تعالى صدق رؤيا البصري، أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي مقالته. ومن طريق ابن أبي الدنيا أخرجه ابن عساكر في تاريخه [45/ 184- 186] ، وأوردها بطولها ابن الجوزي في سيرته [/ 292] . وأخرجها أبو نعيم في الحلية [5/ 344] بطولها من وجه آخر عن محمد بن المهاجر بها، ومن هذا الوجه أيضا أخرجها ابن الجوزي في سيرته [/ 191- 292] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 901- وعن أبي عبد الله مولى الليثين قال: رأيت كأن النبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد والناس حوله، ومالك بن أنس رضي الله عنه قائم بين يديهن وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسك، فهو يأخذ منه قبضة قبضة فيدفعها إلى مالك رضي الله عنه، ومالك ينثرها على الناس. قال أبو مصعب: فأوّلت ذلك العلم باتباع السنة. 902- قال خلف: دخلت على مالك رحمه الله فقال لي: انظر ما تحت مصلاي- أو: حصيري-، قال: فنظرت فإذا بكتاب أقرأه فإذا فيه رؤيا ... (901) قوله: «وعن أبي عبد الله مولى الليثيين» : أخرج رؤياه ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 254، وأبو نعيم في الحلية [6/ 317] . قوله: «قال أبو مصعب» : هو مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ابن أخت مالك بن أنس، وهو راوي الرؤيا عن أبي عبد الله، وأحد مشايخ البخاري في الصحيح. انظر عنه في: تهذيب الكمال [28/ 70] ، تهذيب التهذيب [10/ 158] ، الكاشف [3/ 133] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 503] ، ثقات ابن حبان [9/ 183] ، طبقات ابن سعد [5/ 438] ، التقريب [/ 534] الترجمة رقم 6707. (902) قوله: «قال خلف» : هو ابن عمر- أو: عمرو-، أبو الأصبغ، من أصحاب مالك بن أنس، قال عنه أبو حاتم [3/ 372] : صدوق لا بأس به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 رآها بعض إخوانه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في مسجده وقد اجتمع الناس فقال لهم: إني قد خبأت تحت منبري طيبا- أو: علما- وأمرت مالكا أن يعرفه الناس، فأشرف على الناس وهم يقولون: ومتى ينفذ مالك ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بكى، فقمت عنه. 903- وعن مصعب بن المقدام قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وسفيان الثوري آخذ بيده وهما يطوفان فقال له سفيان: يا رسول الله مات مسعر بن كدام! قال: نعم، واستبشر بموته أهل السماء. 904- وعن الكلبي أنه قال: رأيت في المنام كأن القيامة قد قوله: «رآها بعض إخوانه» : هو ابن أبي كثير القارىء، ففي ترتيب المدارك للقاضي عياض [1/ 242] : قال خلف: كنت عند مالك فأتاه ابن أبي كثير قارىء المدينة فناوله رقعة، فنظر فيها، وجعلها تحت مصلاة، فلما قام من عنده ذهبت لأقوم فقال: اثبت، فناولني رقعة: رأيت الليلة ... وذكره نحوها، وقد أسندها أبو نعيم في الحلية [6/ 316- 317] . (903) قوله: «وعن مصعب بن المقدام» : هو الخثعمي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي، الحافظ الصدوق، أحد رجال مسلم انظر عنه في: تهذيب الكمال [28/ 43] ، تهذيب التهذيب [10/ 150] ، الكاشف [3/ 131] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 512] ، التقريب [/ 533] الترجمة رقم 6696، تاريخ الخطيب [13/ 110] ، الثقات [9/ 175] . قوله: «واستبشر بموته أهل السماء» : أخرجها أبو نعيم في الحلية [7/ 210] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 قامت، وكأني عرضت على الله تبارك وتعالى فقال لي: تنسب إليّ ما لا تعلم، وتتكلم فيما لا تعلم؟! ثم أمر بي إلى النار، فمر بي على حلقة رأيت فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، رجل من أمتك أمر به إلى النار فاشفع إلى ربك، قال: كيف أشفع وأنت تنسب إليّ ما لا تعلم؟ فقلت: إني مع ذلك أفسر القرآن، فقال لرجل من جلسائه: قم إليه فاسأله، قال: فقام إليّ رجل فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال لي: ما الأيام المعدودات؟ قلت: أيام التشريق، قال: فما الأيام المعلومات؟ قلت: أيام العشر، حتى سألني عن أربع مسائل أو خمس، فأومأ بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أصاب- وعقد ثلاثين-، فشفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلّي عني، فجلست مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إن بني أمية طال ملكهم علينا وهم يظلموننا، فمتى انقضاء ملكهم؟ فقال: إلى عدان أو عدانين أو نصف عدان. قال: فقلت للكلبي: وما العدان؟ قال: سبع سنين. (904) قوله: «وعن الكلبي» : هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، العلامة الإخباري المفسر النسابة: أبو النضر، ممن أجمع على ترك حديثه، ورمي بالكذب. انظر عنه في: تهذيب الكمال [25/ 246] ، تهذيب التهذيب [9/ 157] ، الكاشف [3/ 40- 41] ، طبقات ابن سعد [6/ 249] ، التاريخ الكبير [1/ 101] ، الجرح والتعديل [7/ 270] ، المجروحين لابن حبان [2/ 253] ، سير أعلام النبلاء [6/ 248] ، الميزان [5/ 2] ، الوافي بالوفيات [3/ 83] ، طبقات المفسرين [2/ 144] ، وفيات الأعيان [4/ 309] ، العبر [1/ 207] ، التقريب [/ 479] الترجمة رقم 5901، الديوان [2/ 299] ، المغني [2/ 584] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 قال: فكان الكلبي بعد ذلك لا ينسب إلى القبائل إلّا المعروفة التي لا شك فيها، ولما انقضى ذلك العدد ذهب ملكهم. 905- عن محمد بن سهل الأسدي قال: حدثني أبو يعقوب بن سليمان الهاشمي قال: حدثني شيخ من موالينا ... قال محمد: ثم رأيت الشيخ فسألته فحدثني به قال: كنت يوما مع قوم، فتذاكرنا أمر علي وطلحة والزبير رضي الله عنهم، فكأني نلت من الزبير رضي الله عنه، فلما كان من الليل أريت في منامي كأني انتهيت إلى صحراء واسعة، فيها خلق كثير عراة، رؤوسهم رؤوس الكلاب، وأجسادهم أجساد الناس، مقطعي الأيدي والأرجل من خلاف، فيهم رجل مقطوع اليدين والرجلين فلم أر منظرا أوحش منه، فامتلأت رعبا وفزعا، فقلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذي يشتمون أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما بال هذا من بينهم مقطوع اليدين والرجلين؟ قيل: هذا أغلاهم على شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. (905) قوله: «عن محمد بن سهل الأسدي» : هو الذي يقال له: المقعد انظر عنه في: الجرح والتعديل [7/ 277] ، التاريخ الكبير [1/ 108] ، الثقات لابن حبان [9/ 51] . قوله: «حدثني أبو يعقوب بن سليمان الهاشمي» : هكذا عندنا في الأصل، وهكذا هو في المنامات لابن أبي الدنيا برقم 173، وفي تاريخ ابن عساكر [18/ 438] : يعقوب بن سليمان الهاشمي! مع أنه من طريق ابن أبي الدنيا!! ولم أقف على ترجمة ليعقوب ولا لأبي يعقوب فيما لدي من المصادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 قال: فبينا أنا كذلك إذ رفع لي باب فدخلته، فإذا درجة فصعدتها إلى موضع واسع، وإذا رجل جالس حواليه جماعة، فقيل لي: هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فدنوت منه وأخذت بيده فجذب يده من يدي وغمز عليّ غمزة شديدة، وقال: تعود؟ - فذكرت ما كنت قلت في الزبير- فقلت: لا والله يا رسول الله لا أعود إلى شيء من ذلك؟ قال: فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى رجل خلفه فقال: يا زبير قد ذكر أنه لا يعود، فأقله، فقال: قد أقلته يا رسول الله، قال: فأخذت بيده وجعلت أقبلها وأبكي وأضعها على صدري، قال: فانتبهت، وإنه ليخيل إليّ أني أجد بردها في صدري. 906- وعن بعضهم قال: سألت أبا بكر الكتاني، قلت: بلغني أنك كثيرا ما ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم؟ قال: نعم، قلت: رأيت عشرا؟ قال: أكثر، إلى أن بلغ أربعمائة مرة، ثم قال: آخر ما رأيته البارحة، وكان على يمينه شيخ، وعلى يساره شيخ، وقدامه شيخ، ووراءه شاب فقال: سلمت عليه؟ فقلت: لا أعرفه؟ فقال: أبو بكر، ثم أبو حفص، ثم عثمان، ثم علي، قال: فلما قال علي رضي الله عنه أعرضت، فقال: لم أعرضت؟ قلت: جرى في أيامه شيء، قال: فضرب (906) قوله: «سألت أبا بكر الكتاني» : الإمام القدوة، العارف بالله، شيخ الصوفية، محمد بن علي بن جعفر البغدادي، قال الحافظ الذهبي في السير بعد أن امتدحه: يقال: ختم الكتاني في الطواف اثنتي عشر ألف ختمة، وكان من الأولياء. سير أعلام النبلاء [14/ 533] ، حلية الأولياء [10/ 357] ، تاريخ بغداد [3/ 74] ، الرسالة القشيرية [انظر الفهرس] ، طبقات الصوفية [/ 373] ، صفة الصفوة [2/ 257] ، الوافي بالوفيات [4/ 111] ، طبقات الأولياء [/ 144] ، النجوم الزاهرة [3/ 248] ، العبر [2/ 194] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري وكنت نائما في المسجد، فانتبهت وأنا على الصفا. 907- وعن محمد بن المنكدر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول في رجلين من أهل المدينة: عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، قال: قلت: ما ذنبهما يا رسول الله؟ قال: يأكلان لحوم الناس ويغتابانهم. قال محمد: إني لأعرفهما، فلئن مرضا لا أعودهما، ولئن ماتا لا أشهدهما. 908 وعن سفيان بن عيينة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد اختلفت عليّ القرآآت، فعلى قراءة من تأمرني أن اقرأ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اقرأ على قراءة أبي عمرو بن العلاء. (907) قوله: «وعن محمد بن المنكدر» : أخرج رؤياه ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 211. (908) قوله: «وعن سفيان بن عيينة» : أسند الرؤيا: ابن مجاهد في كتابه السبعة [/ 81] . قوله: «اقرأ على قراءة أبي عمرو بن العلاء» : المازني، مقرىء أهل البصرة، الحافظ المحوّر، الأكثر على أن اسمه زبان، ويقال: اسمه كنيته، قرأ على سعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، ومجاهد ابن جبر، وكان إماما، انتهت إليه رئاسة الإقراء بالبصرة. انظر عنه في: تهذيب الكمال [34/ 120] ، تهذيب التهذيب [12/ 197] ، السبعة لابن مجاهد [/ 79] ، معرفة القراء الكبار [1/ 100] ، غاية النهاية [1/ 288] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 909- وعن محمد بن الصباح، عن أبي نعيم الخراساني قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في المنام قراءة أبي عمرو بن العلاء، - وفيات الأعيان [3/ 466] ، سير أعلام النبلاء [6/ 407] ، فوات الوفيات [1/ 331] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 262] ، مرآة الجنان [1/ 325] ، البداية والنهاية [10/ 113] ، النجوم الزاهرة [2/ 22] ، بغية الوعاة [2/ 231] ، التاريخ الكبير [9/ 55] ، المعرفة والتاريخ [2/ 125] ، التقريب [/ 660] الترجمة رقم 8271. (909) قوله: «وعن محمد بن الصباح» : الدولابي، الحافظ أبو جعفر البغدادي من شيوخ مسلم في الصحيح، وروى عنه البخاري خارجه، وثقه الجمهور. انظر عنه في: تهذيب الكمال [25/ 388] ، تهذيب التهذيب [9/ 203] ، الكاشف [3/ 48] ، التقريب [/ 484] الترجمة رقم 5966، سير أعلام النبلاء [10/ 670] ، تاريخ بغداد [5/ 365] ، كنى الدولابي [1/ 134] ، طبقات ابن سعد [7/ 342] ، ثقات ابن حبان [9/ 78] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 440] . قوله: «عن أبي نعيم الخراساني» : هو الإمام المقريء شجاع بن أبي نصر البلخي، الحافظ المجود، العابد الزاهد: أبو نعيم الخراساني، من شيوخ أبي عبيد القاسم بن سلام في القراءة، سئل عنه الإمام أحمد فقال: بخ بخ، وأين مثله اليوم؟. انظر عنه في: تهذيب الكمال [12/ 381] ، تهذيب التهذيب [4/ 275] ، ذيل الكاشف [/ 134] ، الترجمة رقم 631، التقريب [/ 264] الترجمة رقم 2749، غاية النهاية [1/ 324] ، معرفة القراء الكبار [1/ 162] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 فما غيّر عليّ إلّا حرفا واحدا، قرأت: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ننساها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَوْ نُنْسِها. 910- روي عن ابن مجاهد رضي الله عنه قال: جاءني رجل من القراء وقال: أحب أن تذهب بي .... قوله: «فما غير عليّ إلّا حرفا» : قال تلميذه أبو عبيد القاسم بن سلام عنه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو فما ردّ عليّ إلّا حرفين، قال أبو بكر بن مجاهد: والحرفان: وَأَرِنا مَناسِكَنا الاية ساكنة الراء، وقوله: أو ننسأها مهموزة، أخرجها ابن مجاهد في السبعة [/ 81- 82] . (910) قوله: «روي عن ابن مجاهد» : هو الإمام شيخ المقرئين، المحدث، أمير النحويين، صاحب كتاب السبعة في القراآت أبو بكر: أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد، البغدادي، من تلاميذ المقرىء الكبير: قنبل، وممن انتهى إليه أمر هذا الشأن في زمانه فتصدر له مدة. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [15/ 272] ، معرفة القراء الكبار [1/ 216] ، طبقات السبكي [3/ 57] ، النجوم الزاهرة [3/ 258] ، الوافي بالوفيات [8/ 200] ، تاريخ بغداد [5/ 144] ، مرآة الجنان [2/ 288] ، البداية والنهاية [11/ 185] ، غاية النهاية [1/ 139] ، معجم الأدباء [5/ 65] ، العبر [2/ 201] ، المنتظم لابن الجوزي [13/ 357] . قوله: «أحب أن تذهب بي» : وذلك أن ابن مجاهد كان يأتي علي بن عيسى كل جمعة يقرأ عليه القرآن، وكان علي بن عيسى يجلسه على مرتبته ويجله، وكان إذا أتاه ابن مجاهد يأمر الحاجب ألا يدخل أحدا مجلسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 إلى علي بن عيسى، قلت: إيش الحاجة؟ قال: لي إليه حاجة، قلت: لا بد منها؟ قال: لا، وقلت: ربما يسألني لأكفيه شيئا من هذا، فقال: اعلم أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقلت: يا رسول الله رق حالي ولي صبيان، فقال: اذهب إلى علي بن عيسى، وقل له بالعلامة التي قوله: «إلى علي بن عيسى» : وزير المقتدر والقاهر، الإمام العادل، والمحدث الصادق، علي بن عيسى بن داود بن الجراح، الأمير العفيف، الزاهد العلامة، القارىء العابد: أبو الحسن البغدادي، الكاتب، قال عنه الحافظ الذهبي في السير وغيرها: كان عديم النظير في فنه، وكان على الحقيقة غنيا شاكرا، ينطوي على دين متين وعلم وفضل، صبورا على المحن، ولله به عناية، فكان كثير الصدقات والصلوات، مجلسه موفور بالعلماء، صنف كتابا في الدعاء، وكتاب معاني القرآن أعانه عليه ابن مجاهد المقرىء وآخر، قال: وكان من بلغاء زمانه، وزر في سنة إحدى وثلاث مائة أربعة أعوام، وعزل، ثم وزر سنة خمس عشرة، قال الصولي: لا أعلم أنه وزر لبني العباس مثله في عقله وزهده وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه، كان يصوم نهاره ويقوم ليله. اه باختصار. انظر عنه في: تاريخ ابن عساكر [43/ 120] ، سير أعلام النبلاء [15/ 298] ، المنتظم لابن الجوزي [14/ 56] ، تاريخ بغداد [12/ 14] ، معجم الأدباء [14/ 68] ، العبر [2/ 238] ، مرآة الجنان [2/ 316] ، النجوم الزاهرة [3/ 288] . قوله: «رق حالي ولي صبيان» : أخرج القصة باختلاف يسير الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 161] . وانظر ما له من المرائي ونحو ذلك في المواضع المشار إليها، ومظان ترجمته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 كنت تصلي عليّ كل ليلة جمعة ألف مرة، فهذه الجمعة دعاك فلان الخادم وكان بقي عليك ثلثمائة، فلما رجعت تممتها. قال ابن مجاهد: قلت: أنا لا أقول من ذا شيئا، ولكن تجيء معي وأنصت. قال: فجاء، ودخلت عليه وقلت: هذا رجل مستور وله حاجة، فقال له علي بن عيسى: إيش الحاجة؟ قال: فذكر القصة، فقال: صدق، وبكى، وكتب رقعة بألف دينار إلى ولده في الديوان: أن تخرج إليه من مال خاصتي دون مال السلطان، فقال ابن مجاهد لما تحقق الأمر: قلت: ناولني الرقعة لأذهب معه، فجاء إلى ابنه فقال: أدفع إليه ألف درهم وأعرض الرقعة، فإن قال: هو دينار تممت، وأبى أن يعطي ألف دينار، وردّ الرقعة، فلما رد الرقعة وردنا إلى علي بن عيسى وأخبرناه بالقصة فجعل الألف ألفين، وردنا، فجئنا إلى ابنه فقال: ما غيّر الدينار ولكن زادكم ألفا، كأنه استحيا منكم، ولا أدفع إلّا أن يكون خطأ ثالثا، فردنا إليه، فمزق تلك الرقعة وكتب: إذا أتاك برقعتي فادفع إليه ثلاثة آلاف دينار وإلا زدنا. قال: فلما رأى ذلك علم أنه صحيح، فدخل ووزن. فقال ابن مجاهد: قلت: لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ثلاثة آلاف دينار. 911- ورأى رجل النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فشكا إليه حاله، (911) قوله: «ورأى رجل النبي صلى الله عليه وسلم» : انظر نحو ذلك في مظان ترجمته المشار إليها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فقال: اذهب إلى علي بن عيسى وقل له: ليدفع إليك ما يصلح به أمرك، فقال: يا رسول الله، بأي علامة؟ قال صلى الله عليه وسلم: قل: رأيتني على البطحاء، وكنت على نشز من الأرض فنزلت وجئتني، فقلت: ارجع إلى مكانك. - قال: وكان علي بن عيسى عزل عن الوزارة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى مكانك فرد إليه الوزارة]-. قال: فجاء الرجل مجلسه، وذكر قصته، فقال: صدقت، ودفع إليه أربعمائة دينار لدين كان عليه ليقضية، وأربعمائة أخرى وقال: اجعل هذا رأس مالك، فإذا فني فارجع إليّ. 912- وسمع بعض أصحاب ابن العميد بالري يقول: كأن ليلة من الليالي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وكان بدينور فقال: لا يكون بينك وبين ابني عمل، قال: ففزعت، وطلبت الجيش، وجلس القاضي، وكتبت إلى العمال فلم أجد لذلك خبرا، وكنت على بال حتى ورد كتاب (912) قوله: «ابن العميد» : الوزير الكبير لركن الدولة الاتي: محمد بن الحسين بن محمد الكاتب، قال الذهبي: كان لسان البلغاء، عجبا في الترسل والإنشاء والبلاغة يضرب به المثل. سير أعلام النبلاء [16/ 137] ، الوافي بالوفيات [2/ 381] ، النجوم الزاهرة [4/ 60] ، وفيات الأعيان [5/ 103] ، الإمتاع والمؤانسة [1/ 66] ، يتيمة الدهر [3/ 154] ، العبر [2/ 317] . قوله: «حتى ورد كتاب من ابن بويه» : هو السلطان ركن الدولة، أبو علي: الحسن بن بويه الديلمي، صاحب- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 من ابن بويه بأنا نريد أن نخلع المطيع ونقيم غيره مقامه، فقلت: هذا هو الأمر، فكتبت: إن هذا أمر عظيم لا يجيء بالكتاب، انتظروا حتى أقدم عليكم، حتى أمسكوا عن ذلك. قال: فكأنه صلى الله عليه وسلم سمّاه ولدا لنفسه. قال: وكنت ليلة أخرى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: قم صل، فنمت فرأيته ثانيا، فقلت: ليس هذا من عمل الشيطان، يوقظني؟! قال: فرأيته ثالثا فقال صلى الله عليه وسلم: قم فصل، قال: ففزعت وقمت، وتطهرت، قال: فلما أصبحنا جاء رجل- وهو المؤذن- ودخل الدار وجاء إليّ فقلت: ويحك! من أذن لك؟ لم دخلت؟ قال: أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك، ومنذ ثلاث ليال هوذا صلى الله عليه وسلم أراه يقول لي: اذهب إليه وقل له: صل، فقلت: يا رسول الله لا أحسن أن أدخل عليه، قال: ادخل وقل له، قال فقلت: سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. 913- سمعت الثقة، قال: أخبرنا أبو عبد الله: الحسين بن محمد المعروف بالشراك- رجل من أهل عكة معروف بالزهد- قال: كنت بالكوفة في جوار رجل رقي دقاق يعرف بأبي الحسن: علي بن إبراهيم بن عثمان الرقي رضي الله عنه، وكان له مال كثير، فورد عليه ذات يوم فقير من فقراء- أصبهان وبلاد العجم، كان ملكا سعيدا، قسم ممالكه على أولاده، توفي بالقولنج سنة ست وستين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 203] ، المنتظم لابن الجوزي [14/ 249] ، وفيات الأعيان [2/ 118] ، الوافي بالوفيات [11/ 411] ، مرآة الجنان [3/ 93] ، البداية والنهاية [11/ 288] ، النجوم الزاهرة [4/ 127] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد الحسين بن علي عليه السّلام، فقال له: أيها الشيخ أعطني مائة منّا دقيق، فقال له: أين الثمن؟ قال: ما معي شيء، ولكن اكتب على جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفع إليه ما طلب منه، وكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن، ثم سمع به العلويون، فكان يرد عليه الحسنيون والحسينيون ويسألونه فيعطيهم ويقولون له: اكتب على جدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يكتب إلى أن افتقر الرجل، ولم يبق عنده شيء، فأقام أياما، ثم دخل على السيد عمر بن يحيى العلوي رضي الله عنه ومعه الخط، فشكا إليه فقره، وأراه الخط، فلما جن عليه الليل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه ومعه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الحسن أتعرفني؟ قال: نعم، أنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لم شكوتني وأنت معاملي؟ قال: يا رسول الله افتقرت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عاملتني للدنيا وفيتك، وإن كنت عاملتني للاخرة فاصبر، فإني نعم الغريم. فجزع الرجل جزعا شديدا وانتبه من نومه وهو يبكي، فخرج سائحا في الجبال والبراري، فلما كان بعض الأيام وجدوه ميتا في كهف جبل فحملوه ودفنوه. قال: وفي تلك الليلة رآه سبعة نفر من صالحي أهل الكوفة في نومهم وعليه حلل من استبرق، وهو يمشي في رياض الجنة، فقالوا له: أبو الحسن؟ قال: أبو الحسن، قالوا: كيف وصلت إلى هذه النعمة؟ قال: من عامل محمّدا صلى الله عليه وسلم وصل إلى ما وصلت إليه، ألا إني رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصبري رزقت، والحمد لله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 914- سمعت أبا الحسين الإمام رضي الله عنه بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت عند أبي مروان القاضي رحمه الله بالمدينة، فدخل طاهر العلوي رحمه الله فسلم على الصوفيين الذين بين يدي أبي مروان، وأقبل عليه فقال له أبو مروان: إيش بينك وبين الصوفية؟ دعهم معنا، قال: إن لي معهم قصة، كنت نائما بالعقيق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول لي: أطعم الرجل الذي عندي سكباجة، فانتبهت وفكرت وكان الليل، ثم نمت ثانيا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: اذهب وأطعم الرجل سكباجة، فأسرجت لي الدابة، وجئت إلى المدينة في الليل، فدرت حول القبر فلم أجد أحدا إلّا رجلا متصوفا وضع رأسه بين ركبتيه فقلت: السلام عليك، فأجاب فقلت: تجيء معي إلى العقيق؟ قال: نعم، فجاء، وكان انفجر الصبح، فصلينا ودخلنا الباب، فقلت للجارية: أصلحي لنا شيئا، وقدمي، فاتفق أنه كان عندنا سكباجة فقدمت الجارية ذلك ووضعت، فأمسك الرجل وقال: إيش هذا؟ أخبرني، فقلت: القصة كيت وكيت، فحلف ألا يأكل السكباجة عمره، وقال: كنت أؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في السر، ولم أعلم! 915- وذكر أبو الحارث الأولاسي قال: (914) قوله: «أبا الحسين الإمام» : هو إمام مسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم وشيخ المصنف، تقدم. (915) قوله: «أبو الحارث الأولاسي» : اسمه الفيض بن الخضر، الصوفي الجليل، صاحب الكرامات: أبو الحارث التميمي، الطرسوسي، وأولاس قال الحافظ السمعاني: بلدة على ساحل بحر الشام، قال: ومنها: أبو الحارث الأولاسي، كان من المشايخ الكبار، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فبادرت إليه فأعرض عني بوجهه، فجعلت أبكي وأقول: بأبي وأمي قد علمت مم إعراضك عني، وقد كنت فهمت منك ما أمرتني به، ولكني أخاف أن أكون قد حرمت التوفيق فمنعت العون على نفسي وهواي، فالتفت إلي وقال: والذي بعثني بالحق لو كان ثمة رغبة أو رهبة لساعدك بالتوفيق، ولجاءتك المعونة، ولكن لا رغبة تحركك، ولا رهبة بقلبك فتهرب، وأنت بين الامال الكاذبة، وأماني الغرور، متردد حيران، أطلت الأمل، وسوّفت العمل، قلت: بأبي وأمي الان أوصني، وسل الله أن يوفقني فقال: أمسك عليك لسانك، فإن لك في الصمت نجاة من أهل زمانك، وعليك بالورع في مطعمك ومشربك وملبسك وسائر حركاتك، واستعن على ذلك بالقلة، ووار شخصك عن الناس، وكن حلسا من أحلاس بيتك، فقد أصبح وأمسى كثير من الناس في أمر مريج، فإنك إن تتبع أهواءهم وتسلك مسالكهم وتلتمس رضاهم وتحذر سخطهم يضلك عن سبيل الله، وذلك هو الخسران- له كرامات، وعجائب. قلت: هو من شرط الحافظ الذهبي في السير، لم يذكره، فكأنه ذهل عنه. الأنساب [1/ 229] ، سير السلف لأبي القاسم الأصبهاني [4/ 1342] ، تاريخ ابن عساكر [49/ 24] ، المنتظم [13/ 98] ، الكامل في التاريخ [8/ 59] ، الرسالة القشيرية [2/ 682] ، طبقات الأولياء لابن الملقن [/ 24/ 302] . قوله: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام» : أخرج الرؤيا الحافظ ابن عساكر في تاريخه [49/ 27] إلى قوله: الخسران المبين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 المبين، صن مواهب الله وحكمته وعلمه وبيانه عن المتلذذين الحيارى، ولتكتم المصائب بجهدك، وإياك وذم طعام وشراب، واحذر الشكوى عند النوازل كلها، فإن زللت فبادر بالتوبة والاستغفار، وإياك والإصرار، قلت: بأبي وأمي زدني، قال: نعم، ثم تنفس صلى الله عليه وسلم وقال: كن في الدنيا كأنك غريب في أرض مفازة، محزونا مهموما قد أشرف على التلف، وأحاطت به المخاوف من كل جانب فهو لا يهدأ من الدعاء ولا يمل البكاء، واحذر طول الأمل فإنه مستراح نفسك، وسلاح عدوك، ومتى أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، ومتى أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، فبه تهزم عدوك، وتوهن كيد نفسك وغلبة هواك، فهذه حجة الله عليك، وأنا لك نذير. 916- ويقال: كان نصر بن أحمد صاحب خراسان رحمه الله استعمل رجلا على بلخ، وجعل الحجبة إلى الطغناج، وكان يوما من الأيام نام نصر وقت الظهيرة، وجلس صاحبه طغناج في موضع رسمه، فجاءت امرأة علوية متظلمة، وقالت: جئت من بلخ متظلمة من عاملها، أخبر الأمير بذلك، فقال الحاجب: ليس هذا وقت الدخول عليه، قال: ثم تفكّر وقال: ولد من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف أرده، فدخل فوجده نائما، وعند رأسه سيف مسلول، فقال: لا يمكنني أن أنبهه، فرجع، ثم قال لنفسه: ولد من أولاد الرسول، كيف أرده؟ فرجع ثانيا- مرارا كان يرجع إلى رأسه ثم يبدو له فينصرف- فحسّ الأمير بذلك، وفزع- أن جاء ليكيد به كيدا- فقام وأخذ السيف وقال: ما حملك على هذا؟ فقص عليه القصة، قال: أدخلها، فدخلت المرأة ومعها قصة، فشكت من والي بلخ، فأمر لها بعشرة آلاف درهم، وبغلة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 بالاتها، وثلاثة تخوت ثياب، وكتب لها كتابا إلى والي بلخ عما التمست، فرجعت المرأة. قال: ونام نصر فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول له: حفظ الله حرمتك كما حفظت حرمتي، فانتبه، ودعا الحاجب، وقال: اعلم أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام- وقص عليه القصة- فأحضر الفقهاء وأعلمهم بما رأيت، فأشاروا إليه أن يكتب إلى سائر البلدان بالإحسان إلى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب بذلك. 917- وقال أبو الوفاء القاري، الهروي: رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام بفرغانة باشحكث سنة ستين وثلاثمائة، وكنت أقرأ للسلطان بها، وكانوا يتحدثون فلا يستمعون، فانصرفت إلى المنزل مغتما، فنمت، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فكأنه تغير لونه فقال لي صلى الله عليه وسلم: أتقرأ كلام رب العزة بين يدي قوم وهم يتحدثون ولا يسمعون كلام رب العزة، مر، إنك لا تقرأ بعد ذلك إلّا ما شاء الله، قال: فانتبهت وأنا ممسك اللسان أربعة أشهر، فكلما كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع، فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأفتوا أن آخر الأمر أتكلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: إلّا ما شاء الله وهو استثناء. قال: فنمت تسعة أشهر على الموضع الذي كنت أولا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء ووجهه يتهلل فقال: قد تبت، ومن تاب تاب الله عليه، أخرج لسانك، فمسح بسبابته، فقال: مر، إن كنت بين يدي قوم قوله: «تخوت ثياب» : التخوت: الوعاء الذي يحفظ فيه الثياب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 وأنت تقرأ كلام رب العزة وهم يتحدثون ولا يستمعون كلام رب العزة فاقطع قراءتك حتى يستمعوا كلام رب العزة. قال: فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد الله ومنه. 918- وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت شيخا من أهل صنعاء- وكان جليسا لوهب بن منبه رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله، أين بدلاء أمتك؟ قال: فأومأ بيده صلى الله عليه وسلم نحو الشام، (918) قوله: «وعن جعفر بن سليمان» : الضبعي الحافظ الصدوق الزاهد: أبو سليمان البصري، أحد الشيعة، حديثه عند الجماعة سوى البخاري، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [8/ 176] ، تذكرة الحفاظ [1/ 241] ، طبقات ابن سعد [7/ 288] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 86] ، تهذيب الكمال [5/ 43] ، تهذيب التهذيب [2/ 81] ، الكاشف [1/ 129] ، إكمال مغلطاي [3/ 218] ، التقريب [/ 140] الترجمة رقم 942. قوله: «فأومأ بيده صلى الله عليه وسلم نحو الشام» : شاهده من المرفوع: ما أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 112] ، من طريق ابن عساكر في تاريخه [1/ 289] ، من حديث شريح بن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين، قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأبدال يكونون بالشام- وهم أربعون رجلا-، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا، فيسقي بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 62] : رجاله رجال الصحيح، وقد سمع شريح من المقداد وهو أقدم من علي بن أبي طالب. اه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 فقلت: أما بالعراق منهم أحد؟ قال: نعم، محمد بن واسع، وحسان بن أبي سنان، ومالك بن دينار يمشي في الناس بزهد أبي ذر. - وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت عند الإمام [5/ 322] قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الواحد بن قيس، وثقه أبو زرعة والعجلي، وضعفه غيرهما. قوله: «محمد بن واسع» : هو ابن جابر بن الأخنس، أبو بكر- أو: أبو عبد الله- الأزدي، البصري، أحد الأئمة العباد، قال عنه الحافظ الذهبي في السير: الإمام الرباني، القدوة، أحد الأعلام، كان قليل الرواية، روى المعتمر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا قط أخشع من محمد بن واسع، وقال ابن شوذب: لم يكن لمحمد بن واسع عبادة ظاهرة، وكانت الفتيا لغيره، فإذا قيل: من أفضل أهل البصرة؟ قيل: محمد بن واسع، انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [6/ 119] ، الوافي بالوفيات [5/ 272] ، حلية الأولياء [2/ 345] ، طبقات ابن سعد [7/ 10] ، صفة الصفوة [3/ 190] ، المعرفة والتاريخ [2/ 44] ، التاريخ الكبير [1/ 255] ، تهذيب الكمال [26/ 576] ، تهذيب التهذيب [9/ 441] ، الكاشف [3/ 92] ، الثقات لابن حبان [7/ 366] ، التقريب [/ 511] الترجمة رقم 6368. قوله: «وحسان بن أبي سنان» : البصري، يعد من التابعين، من زهاد البصرة وعبادهم، وهو من شرط الحافظ الذهبي في السير لكنه أغفله، فكأنه ذهل عنه، قال أبو نعيم: شغلته العبادة عن الرواية، انظر عنه في: حلية الأولياء [3/ 114] ، تاريخ واسط [/ 202] ، معارف ابن قتيبة [/ 420] ، البداية والنهاية [10/ 181] ، سير السلف لأبي القاسم الأصبهاني [3/ 745] ، التاريخ الكبير [3/ 35] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 919- وقال أبو أسامة رحمه الله: - 130- ص 74] ، تهذيب الكمال [6/ 26] ، تهذيب التهذيب [2/ 218] ، ذيل الكاشف [/ 74] ، إكمال مغلطاي [4/ 62] ، ثقات ابن حبان [6/ 225] ، التقريب [/ 158] الترجمة رقم 1200. قوله: «ومالك بن دينار» : قال عنه الحافظ الذهبي: علم علماء الأبرار، الزاهد الإمام، أحد الأعلام معدود في ثقات التابعين، من أعيان كتبة المصاحف، كان من ذلك بلغته، وليس هو من أعيان الرواية. انظر عنه في: حلية الأولياء [2/ 375] ، طبقات ابن سعد [7/ 243] ، صفة الصفوة [3/ 197] ، وفيات الأعيان [4/ 139] ، سير أعلام النبلاء [5/ 362] ، تهذيب الكمال [27/ 135] ، تهذيب التهذيب [10/ 13] ، الكاشف [3/ 100] ، التاريخ الكبير [7/ 309] ، تهذيب الأسماء [2/ 80] ، الثقات لابن حبان [5/ 483] . قوله: «يمشي في الناس بزهد أبي ذر» : أخرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 114] بإسناده إلى سليمان الشاذكوني، ثنا جعفر ابن سليمان به. ومن طريق أبي نعيم أخرجه المزي في تهذيبه [6/ 28] . وأخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات برقم 134: حدثنا هارون بن عبد الله، ثنا جعفر بن عون به. (919) قوله: «وقال أبو أسامة» : هو الإمام الحافظ الثبت: حماد بن أسامة، من رجال الكتب الستة. انظر عنه في: تهذيب الكمال [7/ 217] ، تهذيب التهذيب [3/ 3] ، سير أعلام النبلاء [9/ 277] ، الكاشف [1/ 186] ، التقريب [/ 177] الترجمة رقم 1487، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 سمعت الفضيل يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وإلى جنبه فرجة، فذهبت لأجلس فقال: هذا موضع أبي إسحاق الفزاري رحمه الله تعالى. 920- وقال أبو أيوب الضرير: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فوضع شفته على شفتي، وعلمني هذا الدعاء: اللهمّ اجعلني مكثرا لذكرك، مؤديا لحقك، حافظا لأمرك، راجيا لوعدك، خائفا لوعيدك، راضيا في كل حالاتي عنك، راغبا في كل أموري إليك، مؤملا لفضلك شاكرا. - تذكرة الحفاظ [1/ 321] ، طبقات ابن سعد [6/ 394] ، التاريخ الكبير [3/ 28] ، الجرح والتعديل [3/ 132] . قوله: «سمعت الفضيل» : هو ابن عياض، الإمام شيخ الإسلام، القدوة الثبت الورع: أبو علي التميمي، الخراساني، المجاور بحرم الله، صاحب المناقب. انظر عنه في: حلية الأولياء [8/ 84] ، تاريخ ابن عساكر [48/ 375] ، وفيات الأعيان [4/ 74] ، تذكرة الحفاظ [1/ 245] ، تهذيب الكمال [23/ 281] ، سير أعلام النبلاء [8/ 421] ، طبقات الصوفية [6/ 14] ، البصائر والذخائر [4/ 188] ، تهذيب التهذيب [8/ 264] ، الكاشف [2/ 331] ، التاريخ الكبير [7/ 123] ، النجوم الزاهرة [2/ 121] ، صفة الصفوة [2/ 134] ، العبر [1/ 298] . قوله: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم» : أخرج الرؤيا ابن عساكر في تاريخه [7/ 133] ، وأبو نعيم في الحلية [8/ 254] ، ومن طريقه أيضا ابن عساكر [7/ 133] ، كلاهما من طرق عن أبي أسامة بها. (920) قوله: «وقال أبو أيوب الضرير» : لم أعرفه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 921- وبلغنا أن الحسن البصري رضي الله عنه رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عظني، قال: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان غده شرّا من يومه فهو ملعون، ومن لم يتعهد النقصان في نفسه فهو في النقصان، ومن كان في النقصان فالموت خير له. 922- وعن أبي جعفر الصيدلاني قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وحوله جماعة من الفقراء، فمنهم من أعرفه، ومنهم من لا أعرفه، واستحسنت نور رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أولئك الفقراء، فبينا أنا كذلك إذا انشقت السماء، ونزل منها ملكان، أحدهما بيده طست، والاخر بيده إبريق، فوضع الطست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسل يده صلى الله عليه وسلم. (921) قوله: «وبلغنا أن الحسن البصري» : اختلفت الروايات في صاحب هذه الرؤيا، نسبها المصنف هنا للحسن البصري، وأخرجها ابن أبي الدنيا في المنامات برقم: 243 من طريق سهل ابن عاصم، عن الحسين بن موسى الخراساني، عن شيخ من بني سليم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر الرؤيا. وأخرجها البيهقي في الزهد له برقم: 987 فجعلها لعبد العزيز بن أبي روّاد. وقد رويت بإسناد ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأخرج الديلمي في مسند الفردوس [3/ 611] رقم 5910 من طريق محمد بن سوقة، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه به مرفوعا. (922) قوله: «وعن أبي جعفر الصيدلاني» : من رجال الرسالة القشيرية أهل الزهد والعبادة، ذكر رؤياه أبو القاسم في الرسالة [1/ 408] ، والغزالي في الإحياء [4/ 491- 492] ، وقد خرجنا الحديث الذي تضمنته الرؤيا في مقدمة الكتاب وهو في الصحيحين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 قال: ثم لم يزالا يغسلان يد كل واحد من القوم حتى وصلا إليّ، فوضعا الطست بين يدي، فقال أحدهما للاخر: لا تصب على يده، ليس هو منهم، فقلت: يا رسول الله أليس قد روي عنك أنك قلت: المرء مع من أحب؟ قال: بلى، فقلت: يا رسول الله فإني أحبك، وأحب هؤلاء الفقراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صبوا على يده، فإنه منهم. 923- وروي عن بعض أهل بغداد قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام مشمرا عن ساقه فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: مات الخليفة، قال: فدخلت بغداد من غده وسألت الناس عن الخليفة، فقالوا: هو في الأحياء. (923) قوله: «مات الجنيد» : قال الحفاظ الذهبي: هو شيخ العارفين، وقدوة السائرين، وعلم الأولياء في زمانه، أبو القاسم: الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي، البغدادي، سمع من الحسن بن عرفة، وتفقه بأبي ثور، وأتقن العلم، كان ورده كل يوم ثلاثمائة ركعة، وكذا وكذا ألف تسبيحة. انظر عنه في: حلية الأولياء [10/ 255] ، تاريخ بغداد [7/ 241] ، سير أعلام النبلاء [14/ 66] ، طبقات الصوفية للسلمي [/ 155] ، المنتظم لابن الجوزي [13/ 118] ، طبقات السبكي [2/ 28] ، الطبقات الكبرى للشعراني [1/ 98] ، وفيات الأعيان [1/ 373] ، طبقات الإسنوي [1/ 334] ، طبقات ابن الملقن [/ 126] ، صفة الصفوة [2/ 416] ، مرآة الجنان [2/ 231] ، البداية والنهاية [11/ 113] ، النجوم الزاهرة [3/ 168] ، نتائج الأفكار القدسية [1/ 129] ، الكواكب الدرية [1/ 22] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 298- ص- 118] ، طبقات الحنابلة [1/ 127] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 قال: وما كنت أترك البحث عن حديث الخليفة حتى قال لي بعض المشايخ: مات الجنيد. قال: وهو في الحقيقة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 924- حكي عن أبي الفضل البلعمي أنه قال: دخل محمد بن نصر (924) قوله: «عن أبي الفضل البلعمي» : ذكره الحافظ الذهبي في السير فقال: الوزير الكامل، الإمام الفقيه: أبو الفضل: محمد بن عبيد الله بن محمد بن رجاء التميمي، البلعمي، البخاري، من رجال العلم، لازم الفقيه محمد بن نصر مدة فأكثر عنه، وكان على مذهبه، وبرع في الترسل، وفاق أهل زمانه، ونال من التقدم والرئاسة أعلى الرتب، فوزر لصاحب ما وراء النهر إسماعيل بن أحمد (الاتي) ، وكان جد الوزير استولى على بلد بلعم- وهي من بلاد الروم-، له كتاب تلقيح البلاغة، والمقالات، وغير ذلك، مات في صفر سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [15/ 292] ، الوافي بالوفيات [4/ 5] ، الكامل في التاريخ [8/ 378] ، الإكمال لابن ماكولا [7/ 278] ، العبر [2/ 218] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 329- ص 272] ، الأنساب [2/ 291] ، شذرات الذهب [3/ 24] . قوله: «دخل محمد بن نصر المروزي» : قال الحافظ الذهبي: هو شيخ الإسلام، كان يقال: كان أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق، ذكره الحاكم فقال: إمام عصره بلا مدافعة في الحديث. انظر عنه في: تاريخ بغداد [3/ 315] ، سير أعلام النبلاء [14/ 33] ، تذكرة الحفاظ [2/ 650] ، طبقات الشافعية للسبكي [2/ 246] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 92] ، الوافي بالوفيات [5/ 111] ، مرآة الجنان [2/ 223] ، المنتظم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 المروزي الفقيه على إسماعيل بن أحمد وعنده أخوه إسحاق- وكان أكبر منه سنا-، فقام إسماعيل وبالغ في تبجيله وإكرامه، فلما خرج عاتبه إسحاق على ذلك، فقال له إسماعيل: إنما قمت إجلالا لإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن: العلماء ورثة الأنبياء. قال: ثم إن إسماعيل بن أحمد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول له: يا إسماعيل قمت لمحمد بن نصر المروزي الفقيه إجلالا لإخباري، ثبت الله ملكك وملك بنيك، مكافأة لإجلالك محمد بن نصر المروزي. 925- وفي رواية أخرى: أنه صلى الله عليه وسلم أقبل على أخيه إسحاق فقال له: عاتبته؟! إنه لا يخرج من صلبك ملك. قال: وذهب ملك إسحاق، وهلك بنوه لاستخفافه بمحمد بن نصر المروزي الفقيه، أو نحوه من الألفاظ. -[13/ 54] ، البداية والنهاية [11/ 102] ، النجوم الزاهرة [3/ 161] . قوله: «إسماعيل بن أحمد» : صاحب خراسان الأمير إسماعيل ابن الملك أحمد بن أسد بن سامان بن نوح، من ملوك السامانية- وهم أرباب الولايات بسمرقند وتلك البلاد-. قال الحافظ الذهبي: كان ملكا فاضلا، عالما، فارسا، شجاعا، ميمون النقيبة، معظما للعلماء، سمع من أبيه ومن محمد بن نصر المروزي (المتقدم) ، وأخذ عنه ابن خزيمة وغيره. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [14/ 154] ، المنتظم [13/ 74] ، الكامل لابن الأثير [7/ 500- 504، 8/ 5- 8] ، الشذرات [2/ 395] ، اللباب [1/ 523] ، وفيات الأعيان [5/ 161] ، العبر [2/ 102] ، البداية والنهاية [11/ 106] ، ابن خلدون [4/ 334] ، النجوم الزاهرة [3/ 163] . (925) قوله: «وذهب ملك إسحاق» : أخرج القصة الخطيب البغدادي في تاريخه [3/ 318] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 قال أبو سعد صاحب الكتاب رحمه الله: 926- سمعت أبا القاسم الفارسي الحافظ بمصر بإسناد ذكره عن بعض سلفه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وبين يديه سبعة عشر طبقا عليها رطب، قال: فناولني منها نيفا وعشرين. قال: فلما أصبحت خرجت من الدار فقالوا: نزل علي بن موسى الرضا في بعض القرى، فخرجت إليه، فرأيته نازلا في دار وبين يديه سبعة عشر طبقا- تمرا أو رطبا شك الراوي- فناولني منها نيفا وعشرين عددا، فقلت: زدني يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لو زادك جدي لزدت. (926) قوله: «سمعت أبا القاسم الفارسي الحافظ بمصر» : أثنى عليه الحافظ الذهبي في السير فقال: الشيخ الأمين، الجليل، مسند الديار المصرية: أبو القاسم: علي بن محمد بن علي بن أحمد بن عيسى الفارسي، ثم المصري، شيخ معمّر عال الرواية، مكثر، توفي سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة، وكان من أبناء التسعين. سير أعلام النبلاء [17/ 613] ، حسن المحاضرة [1/ 374] ، العبر [3/ 302] ، مرآة الجنان [3/ 61 وفيه: علي بن أحمد] ، المعين في طبقات المحدثين [/ 128] الترجمة رقم 1417، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 443- ص 81] . قوله: «عن بعض سلفه» : أخرج الرؤيا الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 2/ 327] عن ابن علوان قال: كنت بالبصرة فرأيت في منامي ... الرؤيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 927- وعن أبي العباس الحجاجي رحمه الله قال: كان في وقت محمد بن إسحاق بن خزيمة رضي الله عنه هاهنا رجل بكري ورد من المدينة، فصيح اللهجة، قال في اليوم الذي توفي فيه محمد بن إسحاق بن خزيمة رضي الله عنه: رأيت البارحة رؤيا عجبا، رأيت كأني دخلت كنجروذ، فرأيت ناقة على باب محمد بن إسحاق بن خزيمة وقد أخذ بزمامها رجل فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان، قال: فدخلت الدهليز، فوجدت هناك رجلا كوسجا، فقلت: من هذا؟ قالوا: قيس بن عبادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت الدار، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا على السرير في الصفة التي في الدار الأولى، فبينا كذلك إذ خرج محمد بن إسحاق بن خزيمة رضي الله عنه من الدار السفلى، وجاء فقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فقرأه، ثم قال: سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده وخرجا معا. 928- سمعت أبا الحسن: علي بن محمد بن البغدادي بمشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ....... (927) قوله: «وعن أبي العباس الحجاجي» : في «م» : الحاجي، ولم أعرفهما. (928) قوله: «علي بن محمد البغدادي» : أظنه الوراق المحدث المسند، ولا أجزم، ففي طبقة شيوخ المصنف جماعة، غير أن وفياتهم متقدمة، فأما ابن لؤلؤ فإنه عاش إلى سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. انظر عنه في: تاريخ بغداد [12/ 89] ، العبر [3/ 4] ، سير أعلام النبلاء [16/ 327] ، الميزان [3/ 154] ، اللسان [4/ 256] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 قال ابن أبي الطيب الفقير: كان بي طرش عشر سنين، فأتيت المدينة فبت بين القبر والمنبر، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله أنت قلت: من سأل لي الوسيلة وجبت له شفاعتي؟ قال: عافاك الله، ما هكذا قلت، ولكني قلت: من سأل لي الوسيلة عند الله وجبت له شفاعتي. قال: فذهب عني الطرش ببركة قوله صلى الله عليه وسلم: عافاك الله. 929- أخبرني أبو بكر: محمد بن عبد الله الرازي قال: قوله: «قال ابن أبي الطيب» : الإمام العلامة: أبو الحسن: علي بن أبي الطيب عبد الله بن أحمد النيسابوري، ذكره الحافظ الذهبي في السير وقال: له تفسير في ثلاثين مجلدا، وآخر في عشرة وضعه في ثلاث مجلدات، وكان يملي ذلك من حفظه. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [18/ 173] ، معجم الأدباء [13/ 273] ، طبقات المفسرين للداودي [1/ 405] ، طبقات المفسرين للسيوطي [/ 23] . قوله: «كان بي طرش» : ذكر الحافظ الذهبي قصة إصابته به وسببها فقال: قيل إنه حمل إلى السلطان محمود بن سبكتكين ليسمع وعظه، فلما دخل جلس بلا إذن، وأخذ في رواية الحديث بلا أمر، فتنمرّ له السلطان، وأمر غلاما فلكمه لكمة أطرشته، فعرفه بعض الحاضرين منزلته في الدين والعلم فاعتذر إليه ... القصة. (929) قوله: «أبو بكر: محمد بن عبد الله الرازي» : ذكره الحافظ الذهبي في السير فقال: الإمام المحدث الصوفي الواعظ، له اعتناء زائد بعبارات القوم، وله جلالة وافرة بين الصوفية، كتب عنه الحاكم وزجره لأشياء بدرت منه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 سمعت أبا إسحاق: إبراهيم بن شيبان يقول: سمعت أبا عبد الله المغربي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله، - روى عنه أبو عبد الرحمن السلمي بلايا وحكايات منكرة، وما هو بمؤتمن. قلت: هو في الحديث صدوق إن شاء الله، فأما الحكايات والعبارات المنكرة فندعها. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [16/ 364] ، تاريخ بغداد [5/ 464] ، الوافي بالوفيات [3/ 308] ، الميزان [3/ 606] ، اللسان [5/ 230] ، النجوم الزاهرة [4/ 150] ، العبر [3/ 3] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 376- ص 600] ، مرآة الجنان [2/ 406] ، المنتظم [14/ 320] ، الشذرات [3/ 206] ، المغني [2/ 603] . قوله: «إبراهيم بن شيبان» : القرميسيني، الإمام الزاهد، شيخ الصوفية، أثنى عليه كثيرا الحافظ الذهبي، ونقل عن ابن منازل قوله: هو حجة الله على الفقراء وأهل المعاملات والاداب. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [15/ 392] ، حلية الأولياء [10/ 361] ، الرسالة القشيرية [/ 27] ، تاريخ دمشق لابن عساكر [6/ 441] ، الوافي بالوفيات [6/ 20] ، مرآة الجنان [2/ 325] ، البداية والنهاية [11/ 234] ، طبقات الأولياء [/ 21] ، الشذرات [3/ 49] ، المنتظم [14/ 119- ذكره في وفيات سنة 348، وهو وهم بلا شك] ، الأنساب [10/ 110] ، طبقات الصوفية للسلمي [/ 402] ، العبر [2/ 244] ، طبقات الشعراني الكبرى [1/ 132] ، نتائج الأفكار القدسية [1/ 199] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 337- ص 146] . قوله: «سمعت أبا عبد الله المغربي» : هو الإمام العارف بالله، شيخ الصوفية في وقته: محمد بن إسماعيل المغربي، صاحب رحلة وعبادة وزهد وورع. انظر عنه في: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 لي إلى الله عزّ وجلّ حاجة؟ فبماذا أتوسل إليه؟ قال: من كانت له حاجة إلى الله تبارك وتعالى فليسجد، وليقل أربعين مرة في سجوده ويشير بإصبعه: لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه تستجاب دعوته. 930- عن محمد بن علي السمان رحمه الله قال: كان لي جار في منزلي وسوقي، وكان يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، قال: فكثر الكلام بيني وبينه، فلما كان ذات يوم شتمهما وأنا حاضر فوقع بيني وبينه كلام حتى تناولته وتناولني، فانصرفت إلى منزلى وأنا مغموم حزين، ألوم نفسي، قال: فنمت وتركت العشاء من الغم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام من ليلتي، فقلت: يا رسول الله فلان جاري في منزلي وسوقي، وهو يسب الأصحاب، قال: من سب من أصحابي؟ قلت: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ هذه المدية واذبحه بها، قال: فأخذتها، وأضجعته وذبحته، فرأيت كأن يدي قد أصابها من دمه، قال: فألقيت المدية، وأهويت بيدي إلى الأرض أمسحهما، فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو داره، فقلت: انظروا ما هذا الصراخ؟ قالوا: فلان مات فجاءة، فلما أصبحنا نظرنا إليه فإذا خط موضع الذبح في عنقه. - حلية الأولياء [10/ 335] ، صفة الصفوة [4/ 305] ، الرسالة القشيرية [1/ 141] ، طبقات الصوفية للسلمي [/ 242] ، طبقات الشعراني الكبرى [2/ 108] ، نتائج الأفكار القدسية [1/ 169] ، المنتظم [13/ 128] ، البداية والنهاية [11/ 117] ، الكواكب الدرية [1/ 269] ، طبقات الأولياء لابن الملقن [/ 402] الترجمة رقم 109، النجوم الزاهرة [3/ 132] ، جامع كرامات الأولياء [1/ 101] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 931- أبو عبد الله بن الجلاء قال: دخلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة، فتقدمت إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وقلت: يا رسول الله بي فاقة، وأنا ضيفك، ثم تنحيت ونمت دون القبر، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جاء إليّ فقمت فدفع إليّ رغيفا فأكلت بعضه، وانتبهت وفي يدي باقي الرغيف. 932- وحكي أن امرأة- قرابة لابن برزك المجوسي- رأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لها صلى الله عليه وسلم: ألا تستحين؟ فقالت: ومن إيش أستحي؟ فقال: لا تؤمنين بإلهي، فامنت في المنام، فأصبحت وقسيها مقطع بأربع. (931) قوله: «أبو عبد الله بن الجلاء» : ذكره الحافظ الذهبي فقال: القدوة العارف، شيخ الشام: أحمد بن يحيى- وقيل: محمد بن يحيى-، كان يقال: الجنيد ببغداد، وابن الجلاء بالشام، وأبو عثمان الحيري بنيسابور، يعني: لا نظير لهم. انظر عنه في: حلية الأولياء [10/ 314] ، تاريخ بغداد [5/ 213] ، تاريخ ابن عساكر [6/ 81] ، الوافي بالوفيات [8/ 239] ، طبقات الأولياء [/ 81] ، النجوم الزاهرة [3/ 170، 194] ، طبقات الصوفية [/ 176] ، الرسالة القشيرية [/ 20] ، المنتظم [3/ 181] ، صفة الصفوة [2/ 443] ، العبر [2/ 132] ، البداية والنهاية [11/ 129] ، سير أعلام النبلاء [14/ 251] ، طبقات الشعراني الكبرى [1/ 152] ، مرآة الجنان [2/ 249] ، شذرات الذهب [2/ 433] ، نتائج الأفكار القدسية [1/ 151] ، اللباب [1/ 59] ، الكواكب الدرية [2/ 10] ، بغية الطلب لابن العديم [3/ 1233] . قوله: «وقسيها» : رسمت في الأصول بالكاف ووضع الناسخ فوقها ثلاث نقاط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 933- وكان رجل من رؤساء اليهود كثيرا ما يقول: اختم لي بخير، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: إلى متى تقول: اختم لي بخير، فقد ختم الله سبحانه لك بخير، اشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله، فشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدا رسول الله، على يديه في النوم. 934- وعن عباس بن أحمد بن عثمان بن أبي صخر قال: كنت مجاورا سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، إذ قدمت امرأة التمار المتكلم من مصر في بحر القلزم ومعها جارية بلال الخليلي، وحملت للفقراء طعاما ودعتهم إليه، وكنت ذلك اليوم في المسجد الحرام قد طفت أسبوعا وركعت، وجلست إذ سرقتني عيناي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنعت والصفة وهو جالس وظهره إلى المقام، ووجهه إلى باب الكعبة، عن يمينه أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي، وعن يساره ابن عباس رضي الله عنه أجمعين، وإلى جنب ابن عباس القراء: أبو عمرو بن العلاء، وحمزة، وعاصم، والكسائي ... القرّاء السبعة رضي الله عنه أجمعين، وعن يمينه صلى الله عليه وسلم: أبو حنيفة، والشافعي وباقي الفقهاء رضي الله عنه، وشيوخ الصوفية رضي الله عنهم جلوس (934) قوله: «وعن عباس بن أحمد بن عثمان» : أظنه الشاعر، شيخ الصوفية في وقته، وأحد الزهاد، قال الحافظ الذهبي: شيخ الصوفية بالشام وأسنهم، له معرفة وفتوة ظاهرة، توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة. انظر عنه في: تاريخ دمشق [26/ 242] ، الأربعين في شيوخ الصوفية للماليني [/ 209] الترجمة رقم 36، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 373- ص 541] ، تاريخ بغداد [12/ 154] . قوله: «امرأة التمار» : في «م» : امرأة اليمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب، فقرأ رضي الله عنه من سورة الكهف: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا الاية، قال: فاغرورقت عيناه صلى الله عليه وسلم. قال: ثم التفت إلى ابن عباس فسأله عن مسألة من تفسير آية من كتاب الله عزّ وجلّ، فلما فسرها ابن عباس تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ثم التفت إلى الفقهاء فسألهم عن مسألة فأجابه الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل، وسكت الباقون. قال: ثم سأل الصوفية مسألة في التوحيد فوثب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجلس مع الصوفية بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم أحد من الصوفية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تكلموا رحمكم الله، فأشاروا إلى علي بن أبي طالب، فقال لهم علي رضي الله عنه: تكلموا رحمكم الله، فتكلم الجنيد وكل واحد منهم، ففهمت ما تكلموا به غير أبي يزيد البسطامي، فإنه تكلم بالفارسية فلم أفهمها، قال: ففسر النبي صلى الله عليه وسلم كلام أبي يزيد وشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكلهم بالصحة، وأنا في ذلك ما أصرف بصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أنظر إلى غيره، إذ نبهني أبو عبد الله الفرغاني، فقمت مغتاظا عليه وقلت: يا قاطع الطريق حركتني، إيش تريد مني؟ فقال أبو عبد الله: يقول لك: تحضر مع الفقراء، قال: فعلمت أني ما بلغت مكان أبي عبد الله، وأنا مع العلم والتوفيق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 [جامع أبواب ما كان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأموال والحفدة والمتاع] جامع أبواب ما كان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأموال والحفدة والمتاع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 [201- باب ذكر أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 201- باب ذكر أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم 935- حدثنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي رحمه الله بمكة حرسها الله، ثنا أبو قتيبة: سلم بن الفضل بن سهل الادمي، ثنا أبو جعفر: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قوله: «باب ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» : انظر في هذا: المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بن بكار، تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عبيدة معمر بن المثنى، كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن يوسف الصالحي صاحب سبل الهدى، تاريخ ابن عساكر [3/ 125] ، أنساب الأشراف للبلاذري [1/ 396] ، تاريخ ابن جرير [3/ 160] ، طبقات ابن سعد [8/ 52] ، نهاية الأرب للنويري [18/ 170] ، سيرة ابن هشام [2/ 643] ، عيون الأثر [2/ 300] ، دلائل البيهقي [7/ 282] . (935) قوله: «ثنا أبو قتيبة: سلم بن الفضل» : بغدادي نزل مصر، قال الحافظ الذهبي: محله الصدق، توفي سنة خمس- أو إحدى- وخمسين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء [16/ 27] ، تاريخ بغداد [9/ 148] ، الأنساب [1/ 100] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 355، ص 56، وفيها: وقد تقدم، ولم يذكره!] . قوله: «محمد بن عثمان بن أبي شيبة» : الحافظ المسند صاحب التاريخ، قال الحافظ الذهبي: كان من أوعية- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 ثنا أبو بلال الأشعري، ثنا زياد البكائي، عن ابن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن محمد بن علي بن الحسين، - العلم، لم يرزق حظا بل نالوا منه، قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا فأذكره، وقال صالح جزرة: ثقة، أما عبد الله بن أحمد فقال: كذاب، واتهمه ابن خراش بالوضع. سير أعلام النبلاء [14/ 22] ، تاريخ بغداد [3/ 42] ، تذكرة الحفاظ [2/ 661] ، الوافي بالوفيات [4/ 82] ، البداية والنهاية [11/ 111] ، النجوم الزاهرة [3/ 171] ، الكامل لابن عدي [6/ 2297] ، المنتظم [13/ 102] ، لسان الميزان [5/ 280] ، طبقات الداودي [2/ 192] ، الميزان [3/ 642] ، العبر [2/ 108] . قوله: «ثنا أبو بلال الأشعري» : كوفي ينتهي نسبه إلى أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال: اسمه كنيته، وقيل: اسمه مرداس بن محمد، وقيل: محمد بن محمد، لينه الدارقطني. سير أعلام النبلاء [10/ 582] ، الجرح والتعديل [9/ 350] ، الميزان [4/ 507] ، المغني في الضعفاء [2/ 775] ، اللسان [6/ 14، 7/ 22] ، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم [2/ 366] . قوله: «ثنا زياد البكائي» : تقدم، وابن إسحاق هو: محمد صاحب السيرة تقدم أيضا. قوله: «عن حكيم بن حكيم» : هو ابن عباد بن حنيف الأنصاري- أخو سهل وعثمان، من رجال الأربعة، حسن حديثه الحافظ الذهبي، وقال ابن حجر: صدوق. تهذيب الكمال [7/ 193] ، تهذيب التهذيب [2/ 385] ، الكاشف [1/ 185] ، التقريب [/ 176] الترجمة رقم 1471. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 عن أبيه قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع أزواج له، وكن في دار واحدة، منهن: عائشة، وسودة، وحفصة، وأم حبيبة، وصفية. 936- وعن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تزوجت شيئا من نسائي ولا زوجت شيئا من بناتي إلّا بوحي جاءني به جبريل عن ربي عزّ وجلّ. قوله: «عن أبيه» : مرسل، اختصر المصنف لفظه، أخرجه أبو نعيم في المعرفة مرة بطوله، ومرة مفرقا من طريق محمد بن أحمد بن الحسن، عن ابن أبي شيبة [6/ 3202- 3203، 3239- 3240، 3241] الأرقام: 7364، 7464، 7468، 7469. قوله: «عن تسع أزواج» : وهو مما لا خلاف فيه، ففي الصحيحين من حديث عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف فقال ابن عباس: هذه زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها، وارفقوا، فإنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم تسع، كان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة، لفظ البخاري في النكاح، باب كثرة النساء. وأخرجه النسائي في أول كتاب النكاح بلفظ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده تسع نسوة يصيبهن إلّا سودة، فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة. (936) قوله: «وعن عطية العوفي» : عزاه الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس في العيون [2/ 300] للمصنف في كتابه هذا، وقد أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 300] ، ومن طريقه ابن عساكر [69/ 149] ، وأبو نعيم في الحلية [7/ 258] ، من حديث إسماعيل ابن يحيى- اتهم بالوضع- عن مسعر، عن عطية به، قال ابن عدي عقبه: وهذا بهذا الإسناد باطل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 937- وبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم واضع رأسه في حجر فاطمة إذ بكت ثم ضحكت، فقلن لها أزواجه صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة ما أضحكك وما أبكاك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعن بنتي، فإني أخبرتها أنه قد نعيت إليّ نفسي فبكت، ثم أخبرتها أني سألت ربي جلّ وعلا أن يجعلها معي في الجنة فضحكت. (937) قوله: «فإني أخبرتها أنه قد نعيت» : هذا بهذا اللفظ منكر، ففي الصحيحين أن ذلك كان مما سارها به صلى الله عليه وسلم، وأنها رضي الله عنها لم تخبر به إلّا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فما في الصحيحين أصح، وقد تقدم في باب وفاته صلى الله عليه وسلم وخرجناه هناك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 [202- فصل: عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم] 202- فصل: [عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم] 938- وكان جميع ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين امرأة، ست منهن من قريش وهن: خديجة بنت خويلد- وهي أول امرأة تزوجها-، وعائشة بنت أبي بكر- وليس منهن بكر غيرها-، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة- واسمها: رملة بنت أبي سفيان-، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وزينب بنت جحش- وهي ابنة عمته-. واثنتان من بني هلال وهما: ميمونة، وزينب- أم المساكين-. واثنتان سبايا وهما: صفية بنت حيي بن أخطب اليهودية، سباها من خيبر، وجويرية بنت الحارث بن عمرو، سباها من بني المصطلق، فأعتقهما وتزوجهما. والباقيات من سائر القبائل. (938) قوله: «وهي ابنة عمته» : واسمها أميمة بنت عبد المطلب. قوله: «وزينب أم المساكين» : هي زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية، من بني عامر بن هلال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 [203- فصل: فأول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم] 203- فصل: فأول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم 939- فأول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، تزوجها صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وأشهر، وأقامت معه أربعة وعشرين سنة وشهرا، وماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام. أمهرها صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة أوقية، وكذلك سائر نسائه، ولم يتزوج عليها حتى ماتت. وكانت قبله عند عتيق بن عائذ المخزومي، فولدت له جارية، ثم تزوجها بعده أبو هالة ابن زرارة بن نّباش الأسيدي، فولدت له هندا، (939) قوله: «أمهرها صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة أوقية» : لم أقف على من ذكر هذا غير المصنف، والظاهر أنه اعتمد على ما غلب منه صلى الله عليه وسلم بقرينة قوله: وكذلك سائر نسائه، فأخرج مسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة: كم كان صداق أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كانت صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا، قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقية، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 2340، أما ابن إسحاق فذكر في السيرة: أنه أصدقها عشرين بكرة. قوله: «ثم تزوجها بعده أبو هالة» : هكذا يقول قتادة عن ابن المسيب، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3205] رقم 7368، وهكذا يقول يونس بن بكير عن ابن إسحاق، أخرجه ابن هشام في السيرة [2/ 643] ، وروي أيضا عن قتادة، قال الحافظ في الإصابة: وكذا في كتاب النسب للزبير بن بكار. اهـ. وكذلك قال البيهقي في الدلائل [7/ 283] . وروى أبو نعيم في المعرفة برقم 7366 من حديث ابن شهاب، عن أبي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربى ابنها هندا، وكان يقول: أنا أكرم الناس أبا وأخا وأختا، أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي خديجة، وأخي القاسم، وأختي فاطمة، ومات في الطاعون الجارف رضي الله عنه. 940- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم بعدها سودة بنت زمعة، وكانت قبله تحت السكران بن عمرو، وهو من مهاجرة الحبشة، فمات ولم يعقب، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده. 941- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم عائشة بمكة، وهي ابنة سبع، ولم يتزوج بكرا غيرها، ودخل بها وهي ابنة تسع، لسبعة أشهر من مقدمه المدينة، وأقامت عنده تسعا، وبقيت إلى خلافة معاوية، وتوفيت سنة ثمان وخمسين، وقد قاربت السبعين، فقيل لها ندفنك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إني قد أحدثت بعده فادفنوني مع إخواني، فدفنت بالبقيع، وأوصت إلى عبد الله بن الزبير ابن أختها صلى الله عليه وسلم. ومن مواليها: علقمة بن أبي علقمة، كان يعلم العربية والنحو والعروض، روى عنه مالك، ومات في أول خلافة المنصور، وأبو السائب، واسمه: عثمان، وقد روي عنه أيضا. - أمامة، عن أبيه أنها كانت تحت عتيق بن عائذ ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه أيضا عن ابن شهاب برقم 7367، أي أنها كانت أولا تحت أبي هالة ثم تزوجها عتيق، قال ابن عبد البر في الاستيعاب: وهو الأصح. (941) قوله: «وأقامت عنده تسعا» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في النكاح، باب إنكاح الرجل ولده الصغار، رقم 5133، وفي باب تزويج الأب ابنته من الإمام، رقم 5134، ومسلم في النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة، رقم 1422 (69، 70، 71، 72) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 942- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم غزية بنت دودان بن عوف بن عمرو بن خالد، وهي أم شريك التي وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قبله عند أبي العسكر بن تميم بن الحارث الأزدي، فولدت له شريكا فدخل بها ثم طلقها. 943- ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت تحت خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه- وكان قد أسلم-، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه إلى كسرى، فمات ولا عقب له، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده، وماتت بالمدينة في خلافة عثمان رضي الله عنه، وصلى عليها أخوها لأبيها وأمها عبد الله بن عمر بن الخطاب. 944- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم أم حبيبة، واسمها: رملة بنت أبي سفيان، وكانت تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، هاجر بها إلى الحبشة فتنصر وهلك هناك، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده، وكان وكيله: عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه، ووليها: ابن سعيد بن العاص- وهو ابن عم أبيها، لأنه كان مسلما دون أبيها، وأبوها كان كافرا فلم يكن وليّا لها-، وبقيت إلى خلافة معاوية، وكان السرير الذي حمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها، فهو باق بالمدينة عند مولى لها. (942) قوله: «وهي أم شريك» : اضطرب قول من ترجم لها في اسمها ونسبها، وفي كون النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها أو لا، فهناك أنصارية ودوسية وعامرية وغفارية وما قيل في تراجمهن متقارب، والجمهور على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل الواهبة نفسها فكان الأولى ذكرها في الفصل التالي. قوله: «ووليها ابن سعيد بن العاص» : هو خالد بن سعيد من المتقدمين في الإسلام أثبت له صلى الله عليه وسلم هجرتين، واستعمله على صنعاء اليمن، وله مناقب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 945- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة وهي ابنة عمته عاتكة بنت عبد المطلب، وهي ابنة عم أبي جهل، وأخوها عبد الله بن أبي أمية كان من أشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم واستشهد يوم الطائف. 946- واسم أم سلمة: هند بنت أبي أمية بن المغيرة، زوجها إياه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويقال: زوجها إياه ابنها عمر. (946) قوله: «زوجها إياه عمر بن الخطاب رضي الله عنه» : لكونه كان ابن عمها، نسبهما يلتقيان في كعب. قوله: «زوجها إياه ابنها عمر» : أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده [6/ 313، 314] ، والنسائي في النكاح، باب إنكاح الابن أمه، رقم 3254، وابن سعد في الطبقات [8/ 92] ، وفيه: فقالت: مرحبا برسول الله، إني امرأة غيرى، وإني مصبية وليس لي أحد من أوليائي حاضرا ... الحديث، وفيه: فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه. وقد اعترض على هذا الشيخ ابن القيم فقال: في هذا نظر، فإن عمر هذا كان سنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة أربع، فيكون له من العمر حينئذ ثلاث سنين، قال: ومثل هذا لا يزوج، قال: ولما قيل للإمام أحمد؛ قال: من يقول إن عمر كان صغيرا؟. قال أبو الفرج ابن الجوزي: لعل أحمد قال هذا قبل أن يقف على مقدار سنه، وقد ذكر مقدار سنه جماعة من المؤرخين: ابن سعد وغيره. قال: وقد قيل: إن الذي زوجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمها عمر بن الخطاب، والحديث: قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسب عمر ونسب أم سلمة يلتقيان في كعب، قال: فوافق اسم ابنها اسمه فقالت: قم يا عمر، فظن بعض الرواة أنه ابنها فرواه بالمعنى، وقال: فقالت لابنها: وذهل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 947- ويروى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أن مري ابنك أن يزوجك، فزوجها ابنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام لم يبلغ. توفيت أم سلمة سنة تسع وخمسين بعد عائشة بسنة وأيام، وكانت تحت أبي سلمة بن عبد الأسد، وكان لها منه زينب وعمر- وكان عمر مع علي يوم الجمل، وولاه البحرين، وله عقب بالمدينة-، ثم مات أبو سلمة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن مواليها: شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب أبو ميمونة، إمام أهل المدينة في القراءة، قرأ عليه نافع بن أبي نعيم، وخيرة أم الحسن البصري. 948- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية، وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب، وهي أول من مات من أزواجه من بعده، توفيت في خلافة عمر، وأول من حمل على نعش، وكانت عند زيد بن حارثة قبله، وفيها نزلت وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ - عن تعذر ذلك عليه لصغر سنه، قال: ونظير هذا وهم بعض الفقهاء في هذا الحديث وروايتهم له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا غلام فزوج أمك. قال أبو الفرج ابن الجوزي: وما عرفنا هذا في هذا الحديث، وإن ثبت فيحتمل أن يكون قاله على وجه المداعبة للصغير إذ كان له من العمر يومئذ ثلاث سنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتقر نكاحه إلى ولي، قال ابن عقيل: ظاهر كلام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشترط في نكاحه الولي، وأن ذلك من خصائصه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) الاية، وطلقها زيد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. 949- ثم زينب بنت خزيمة الهلالية من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكانت قبله تحت عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فلما قتل ببدر تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقال لها أم المساكين، وماتت قبله. 950- ثم تزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزن، من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، تزوجها وهو بالمدينة من العباس عمه، وكان وكيله أبو رافع، وبنى بها صلى الله عليه وسلم وهو بسرف حين رجع من عمرته بعشرة أميال من مكة، وتوفيت أيضا بسرف، ودفنت هناك، وكانت قبله تحت أبي سبرة بن أبي رهم العامري. ومن مواليها: يسار، وولده: عطاء، وسليمان، وعبد الملك، كلهم فقهاء. وأمها: هند بنت عمرو من جرش، ولدت ميمونة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأم الفضل- زوجة العباس وأم أولاده- من الحارث الهلالي. قوله: «هند بنت عمرو» : هكذا سماها ابن قتيبة في المعارف، وسماها ابن الأثير في ترجمة لبابة أم الفضل من الأسد: هند بنت عوف الكنانية، وقيل: الحميرية، قال: فمن قال: هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة بن جرش من حمير. (950) قوله: «فكان يقال: أكرم عجوز في الأرض أصهارا» : النص في معارف ابن قتيبة [/ 137] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 ثم تزوجها عميس الخثعمي فأولدها زينب وكانت تحت حمزة، وسلمى وكانت تحت شداد بن الهاد، وأسماء وكانت تحت جعفر بن أبي طالب ثم خلف عليها أبو بكر ثم خلف عليها علي، وولدت لهم جميعا، فكان يقال: أكرم عجوز في الأرض أصهارا: هند الجرشية، لأن أصهارها: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمزة، وعلي، وجعفر، وأبو بكر، والعباس، وشداد بن الهاد. وبناتها: ميمونة، وأم الفضل بنتا الحارث، وزينب، وسلمى، وأسماء بنات عميس الخثعمي. 951- وصفية بنت حيي بن أخطب النضيري، من خيبر، اصطفاها لنفسه من الغنيمة، ثم أعتقها وتزوجها، وجعل صلى الله عليه وسلم عتقها صداقها، وكانت تحت رجل من يهود خيبر يقال له: كنانة، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقه لأمر، أحل دمه وسبى أهله، وتزوجها صلى الله عليه وسلم، وتوفيت سنة ست وثلاثين. قوله: «ميمونة وأم الفضل» : وقع في الأصول قبلهما: صفية، والظاهر أنه من الأوهام، لم أر من ذكرها، والسياق يقتضي حذفها إذ فيه: بنتا الحارث، وقد ذكر في أولادها: محمية بن جزء، وزاد ابن الأثير في بنات عميس: سلامة، فالله أعلم. (951) قوله: «وجعل صلى الله عليه وسلم عتقها صداقها» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2384، 2385- فتح المنان. قوله: «يقال له كنانة» : هو ابن الربيع بن أبي الحقيق، وكانت قبله تحت سلام بن مشكم القرظي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 952- وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق. سباها صلى الله عليه وسلم وأعتقها وتزوجها، توفيت سنة ست وخمسين. 953- وكان صلى الله عليه وسلم يولم لكل نسائه باللحم والتمر والسويق ويأمر به، ويقول: أولموا ولو بشاة. (953) قوله: «باللحم والتمر والسويق» : الواو: فيها للتنويع، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم بأقل من الشاة، لكنها في حق الموسر أقل ما تجزىء في الوليمة، أخرج البخاري ومسلم في النكاح من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وأولم عليها بحيس- وهو التمر المنزوع منه النوى، يخلط بالأقط أو الدقيق أو السويق وربما جعل فيه السمن-، وأخرجا أيضا من حديث أنس، قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة ما أولم على زينب. قوله: «أولموا ولو بشاة» : ذكره بصيغة الجمع؛ لأنه أمر ندب يشمل جميع الموسرين، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان بلفظ: أولم ولو بشاة، قاله لعبد الرحمن بن عوف حين تزوج، خرجناه في فتح المنان تحت رقم 2197، 2345. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 [204- فصل: ذكر من تزوّجهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهنّ] 204- فصل: ذكر من تزوّجهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهنّ 954- منهن: قتيلة بنت قيس- أخت الأشعث- الكندي، مات صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بعده، وقال بعضهم: هذا غلط، لأن سببها منه لم ينقطع بالموت، ولعله طلقها صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها ثم مات. (954) قوله: «ولعله طلقها صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها» : وفيها اختلاف كثير، والاعتماد في هذا على ما صحت روايته، وقد أخرج ابن سعد في الطبقات [8/ 147] ، قال: أخبرنا المعلى بن أسد، عن وهيب، عن داود ابن أبي هند: أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وقد ملك امرأة من كندة يقال لها قتيلة، فارتدت مع قومها، فتزوجها بعد ذلك عكرمة بن أبي جهل، فوجد أبو بكر من ذلك وجدا شديدا، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها والله ما هي من أزواجه، ما خيرها ولا حجبها ولقد برأها الله منه بالارتداد الذي ارتدت مع قومها، هذا مرسل برجال الصحيح. تابعه عبد الوهاب، عن داود، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3246] رقم 7482، وقد رواه أبو نعيم في المعرفة برقم 7481 مسندا من طريق عبد الأعلى، عن داوود، عن عكرمة، عن ابن عباس مختصرا، قال الحافظ في الإصابة: هذا موصول قوي الإسناد. وأخرج ابن سعد في الطبقات [8/ 147] من حديث الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس قال: لما استعاذت أسماء بنت النعمان من النبي صلى الله عليه وسلم خرج والغضب يعرف من وجهه، فقال له الأشعث بن قيس: لا يسؤك الله يا رسول الله، ألا أزوجك من ليس دونها في الجمال والحسب؟ قال: من؟ قال: أختي قتيلة، قال: قد تزوجتها، قال: فانصرف الأشعث إلى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 955- وفاطمة بنت الضحاك، تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابنته زينب، وخيّرها حين أنزلت عليه آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها، فكانت بعد ذلك تلقط البعير وتقول: أنا الشقية؛ اخترت الدنيا. 956- وعالية بنت ظبيان، ... - حضرموت، ثم حملها، حتى إذا فصل من اليمن بلغه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فردها إلى بلاده وارتد وارتدت معه فيمن ارتد، فلذلك تزوجت لفساد النكاح بالارتداد، وكان من تزوجها قيس بن مكشوح المرادي، ضعيف الإسناد وهو شاهد للذي قبله. قال ابن الأثير في الأسد: فيها وفي غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي لم يدخل بهن اختلاف كثير لم يتحصل منه كثير فائدة. (955) قوله: «خيرها حين أنزلت عليه آية التخيير» : كذا قال ابن إسحاق فيما نقله ابن الأثير في الأسد، وكذا روى ابن سعد في الطبقات [8/ 142] ، من طريق الواقدي، عن عبد الله بن سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقد أبطل هذا ابن عبد البر وقال: هذا عندنا غير صحيح، وقال الواقدي، عن الزهري: أنها هي التي استعاذت منه، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 141] ، وأخرج أيضا من حديثه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أنها لما دخلت عليه ودنا منها قالت: إني أعوذ بالله منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك. (956) قوله: «عالية بنت ظبيان» : العامرية، وقيل: العالية بنت ظبيان بن عمرو بن عوف الكلابية، والخلاف جار أيضا فيها، فقيل: هي التي رأى بها كشحا، وقيل: مكثت عنده دهرا ثم طلقها، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 143] بإسناد ضعيف. وأخرج أبو نعيم في ترجمتها من المعرفة قصة أبي أسيد المخرجة عند- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 طلقها صلى الله عليه وسلم حين أدخلت عليه. 957- وسنا بنت الصلت، ماتت قبل أن يدخل بها صلى الله عليه وسلم. - البخاري في الجونية، أخرجه من حديث قتادة مرسلا برقم 7494، وانظر أنساب البلاذري [2/ 595] . قوله: «طلقها صلى الله عليه وسلم حين أدخلت عليه» : أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3236] ، والبلاذري في الأنساب [2/ 595] ، كلاهما من حديث الزهري مرسلا، رقم 7453، وأخرجه أبو نعيم أيضا من حديث ابن أبي كثير معضلا، رقم 7455. (957) قوله: «وسنا بنت الصلت» : ويقال: سنا وسبا- بالموحدة- وأسماء بنت الصلت، وفي نسبها اختلاف، فقيل: سنا بنت الصلت بن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن سماك بن عوف السلمي، ويقال: أسماء بنت الصلت بن كثير بن حارثة بن هلال، والباقي سواء. قوله: «ماتت قبل أن يدخل بها» : قاله قتادة، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3240] رقم 7467. وقاله أيضا الكلبي عن رجل من رهط عبد الله بن خازم السلمي، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 149] . وحكى الرشاطي عن بعضهم أنه لما بلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها فرحت فرحا شديدا فماتت منه، ذكره الحافظ. وروي أنها هي التي قيل فيها أنها لم تمرض قط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في ابنتك، تجيئنا تحمل خطاياها، لا خير في مال لا يرزأ منه، وجسد لا ينال منه، أخرجه ابن سعد في الطبقات من حديث الكلبي: ثنا عبيد الله الوصافي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي قال: جاء رجل من بني سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 958- وكذلك شراف، أخت دحية الكلبي. 959- وخولة بنت الهذيل- وقيل: خولة بنت حكيم-، وهي التي وهبت نفسها له، وقيل: بل هي أم شريك الأزدية. (958) قوله: «وكذلك شراف أخت دحية الكلبي» : وهي شراف بنت خليفة بن فروة الكلبية، حديثها عند الشرقي بن قطامي قال: لما هلكت خولة بنت الهذيل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم شراف بنت دحية الكلبي ولم يدخل بها، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 160] . عزاه الحافظ في الفتح [9/ 270] للمصنف من هذا الوجه، وليست عندنا مسندة كما ترى!. (959) قوله: «وهي التي وهبت نفسها له» : أخرج الشيخان من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل ... الحديث، لفظ البخاري في النكاح، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد. قوله: «وقيل: بل هي أم شريك الأزدية» : قال أبو نعيم في المعرفة [6/ 3239] : قيل: اسمها خولة بنت حكيم السلمية، ثم أخرج بالإسناد المتقدم في أول هذا الباب عن حكيم بن حكيم، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه: منهن أم شريك الأنصارية وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم. أما ابن سعد فسماها في الطبقات [8/ 154] غزية بنت جابر بن حكيم، وأخرج في ترجمتها من طرق عن علي بن الحسين، ومحمد بن إبراهيم التيمي، والشعبي، وعكرمة أنها هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 960- وأسماء بنت النعمان بن شراحيل بن الجون- وقيل: بل أميمة بنت النعمان-، لما أدخلت عليه قالت: أعوذ بالله منك، فقال: قد أعذتك، الحقي بأهلك، وكان بعض أزواجه علمتها ذلك، وقالت: إنك تحظين عنده، فتزوجها المهاجر بن أبي أسيد، فأراد عمر أن يجلده فقالت: إنه لم يدخل بي، وأقامت البينة. 961- ومليكة الليثية، لما دخل صلى الله عليه وسلم عليها قال لها: هبي لي نفسك، (960) قوله: «وقيل: بل أميمة بنت النعمان» : صححه الحافظ في الفتح، وأبقى ابن عبد البر على الاختلاف في اسمها، حيث قال: أجمعوا على أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها ثم اختلفوا في قصة فراقها. اهـ. ولا أدري لم أغفل ما أخرجه البخاري في الطلاق، باب من طلق، برقم 5254، من حديث الأوزاعي قال: سألت الزهري: أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه؟ قال: أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن ابنة الجوني لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث. نعم في الصحيحين رواية أخرى بإبهام الاسم، فأخرجا في الأشربة من حديث سهل بن سعد قال: ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها، فقدمت، فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك، فقال صلى الله عليه وسلم: قد أعذتك مني، فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك، قالت: كنت أنا أشقى من ذلك ... الحديث، لفظ البخاري في باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته. لكن في هذه الرواية التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوجها بعد. (961) قوله: «ومليكة الليثية» : هي بنت كعب، وقال بعضهم: بل كانت كنانية، وينكرون أن يكون النبي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة، فأهوى بيده يضعها عليها لتسكن، قالت: أعوذ بالله منك، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد عذت بمعاذ، فسرحها ومتعها. 962- وليلى بنت الخطيم الأنصارية، ضربت ظهره فقال: أكلك الأسود، ثم لما تزوجها، قالت: أقلني، فأقالها، فأكلها الذئب. - تزوج بالليثية، أخرج حديثها الواقدي، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات [8/ 148، 220] ، والبلاذري في أنساب الأشراف [2/ 599] . (962) قوله: «أكلك الأسود» : أخرج حديثها ابن سعد في الطبقات [8/ 150- 151] ، ومن طريقه ابن عساكر- في تاريخه [3/ 244] ، من حديث الكلبي- وهو متروك- عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أقبلت ليلى بنت الخطيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مولّي ظهره الشمس فضربت على منكبه فقال: من هذا! أكله الأسد، - وكان كثيرا ما يقولها-، فقالت: أنا ابنة مطعم الطير، ومباري الريح، أنا ليلى بنت الخطيم، جئتك لأعرض عليك نفسي، تزوجني؟ قال: قد فعلت، فرجعت إلى قومها فقالت: قد تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: بئس ما صنعت، أنت امرأة غيرى، والنبي صلى الله عليه وسلم صاحب نساء، تغارين عليه، فيدعو الله عليك، فاستقيليه نفسك، فرجعت فقالت: يا رسول الله أقلني، قال: قد أقلتك، قال: فتزوجها مسعود بن أوس بن سواد بن ظفر فولدت له، فبينا هي في حائط من حيطان المدينة تغتسل إذ وثب عليها ذئب لقول النبي صلى الله عليه وسلم، فأكل بعضها فأدركت، فماتت. وفيها قصة أخرى، أخرجها ابن سعد [8/ 151] من طريق الواقدي- متروك الحديث- قال: حدثني محمد بن صالح بن دينار، عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: كانت ليلى بنت الخطيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقبلها، وكانت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 963- وعمرة بنت يزيد، رأى بها بياضا، فقال صلى الله عليه وسلم: دلّستم عليّ، وردها. - تركب بغلتها ركوبا منكرا، وكانت سيئة الخلق، فقالت: لا والله، لأجعلن محمدا لا يتزوج في هذا الحي من الأنصار، والله لاتينه ولأهبن نفسي له، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم مع رجل من أصحابه، فما راعه إلّا بها واضعة يدها عليه فقال: من هذا! أكله الأسد ... الحديث. اختصرها أبو نعيم في المعرفة [6/ 3241] بالإسناد المتقدم في أول الباب إلى ابن إسحاق: عن حكيم بن حكيم، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه. وانظر قصتها أيضا في الأنساب [2/ 600] ، والمحبر [/ 96] ، وأسد الغابة [7/ 257] ، عزاه أيضا لابن أبي خيثمة وابن منده. (963) قوله: «وعمرة بنت يزيد» : الغفارية، وقال ابن سعد: عمرة بنت يزيد بن عبيد بن رؤاس بن كلاب الكلابية، وسماها ابن إسحاق: أسماء بنت النعمان الكندية، وجعل عمرة حديثة عهد بكفر وأنها هي التي استعاذت من النبي صلى الله عليه وسلم [سيرة ابن هشام- 2/ 6470] . قوله: «رأى بها بياضا» : أخرج الحديث من طرق: الإمام أحمد في المسند [3/ 493] ، وابن سعد في الطبقات [8/ 142، 143] ، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 3239- وقال: الغفارية، ولم يسمها] رقم 7463، وابن عساكر في تاريخه [3/ 234] ، والبلاذري في الأنساب [2/ 596] . قوله: «دلستم عليّ» : تبع الحافظ أبو حفص الموصلي المصنف في إيراده بهذا اللفظ، أخرجه في الوسيلة له [6/ ق- 1/ 151] ، ولم أره بهذا اللفظ عند غيرهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 964- وخطب صلى الله عليه وسلم امرأة من بني مرّة، فقال أبوها: إنّ بها برصا- ولم يكن بها-، فرجع فإذا هي برصاء. 965- وخطب صلى الله عليه وسلم عمرة من بني القرطات، فوصفها أبوها ثم قال: وأزيدك أنها لم تمرض قط، فقال صلى الله عليه وسلم: ما لهذه عند الله من خير، وقيل: إنه تزوجها، فقال أبوها ذلك، فطلقها ولم يبن بها. (964) قوله: «وخطب صلى الله عليه وسلم امرأة من بني مرة» : قال أبو نعيم: هي أم شبيب ابن البرصاء الشاعر، وسماها ابن أبي خيثمة: جمرة بنت الحارث بن عوف بن مرة بن كعب بن ذبيان، وكذلك قال أبو عبيدة فيما نقله عنه البلاذري في الأنساب [2/ 601- 602] ، قال: هي أم شبيب، قال الحافظ في الإصابة: ويقال: اسمها أمامة، وقيل: قرصافة. وأوردها أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف فلم يسمها [6/ ق- 1/ 151- 152] . قوله: «فإذا هي برصاء» : أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3242] رقم 7472، وابن أبي خيثمة وأبو عبيدة معمر بن المثنى- كما في سبل الهدى والرشاد [11/ 233]-، جميعهم من حديث قتادة مرسلا، وذكرها الحافظ في الإصابة في البرصاء، وقال في جمرة بنت الحارث: هي البرصاء، تقدمت. (965) قوله: «عمرة من بني القرطات» : أوردها أبو حفص الموصلي وحديثها في الوسيلة [6/ ق- 1/ 152] ، لم يسمها، وانظر التعليق التالي. قوله: «ما لهذه عند الله من خير» : خرجنا قوله صلى الله عليه وسلم هذا في ترجمة سنا أو سبا، وقد قال جماعة أن هذا كان في ابنة الضحاك بن سفيان، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3242] ما بعد- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 فذلك جميع أزواجه صلى الله عليه وسلم، إحدى وعشرين امرأة طلق منهن ستا، ومات عنده خمس، ومات صلى الله عليه وسلم عن عشر، واحدة لم يدخل بها وتسع كان صلى الله عليه وسلم يقسم لهن، ثم أراد صلى الله عليه وسلم طلاق سودة فوهبت ليلتها لعائشة، وقالت: لا رغبة لي في الرجال، وأنا أريد أن أحشر في أزواجك. 966- فصار صلى الله عليه وسلم يقسم لثمان، وهن: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وأم حبيبة، وصفية، وزينب بنت جحش، وميمونة، وجويرية رضي الله عنهن جميعا، لكل واحدة ليلة، ولعائشة ليلتان ليلة لها، وليلة سودة وهبتها لها. - رقم 7472، ومال إليه ابن عبد البر، والأمر عندهم غير منضبط؛ إذ البعض يقول: إن فاطمة هي التي استعاذت، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 141] ، منهم من يقول: بل هي التي اختارت الدنيا، أخرجه ابن إسحاق، واستبعده ابن عبد البر وقال: إنه غير صحيح، وأطال الرد عليه الحافظ في الإصابة. (966) قوله: «فصار صلى الله عليه وسلم يقسم لثمان» : فيه حديث ابن عباس المخرج في الصحيحين، وقد ذكرناه في أول الباب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 [205- باب ذكر موالي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما كثيرا] 205- باب ذكر موالي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما كثيرا 967- أخبرنا أبو عمرو: محمد بن أحمد بن حمدان الحيري رحمه الله، أنا عمران بن موسى، ثنا محمد بن عبيد بن حساب، (967) قوله: «محمد بن أحمد بن حمدان» : قال الحافظ الذهبي: الإمام المحدث الثقة، النحوي البارع، الزاهد العابد، مسند خراسان، ممن كتب وتميز، وبرع في العربية، ومناقبه جمة رحمه الله. انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 356] ، الوافي بالوفيات [2/ 46] ، طبقات السبكي [3/ 69] ، النجوم الزاهرة [4/ 150] ، بغية الوعاة [1/ 22] ، الشذرات [3/ 206] ، المنتظم [14/ 376] ، الأنساب [2/ 298] ، الميزان [4/ 377] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 376- ص 598] ، العبر [3/ 3] . قوله: «أنا عمران بن موسى» : هو ابن مجاشع الجرجاني، الحافظ الحجة: أبو إسحاق السختياني، أحد الأعلام، مولده سنة بضع عشرة ومائتين، سمع الكبار، وكان كثير الرحلة والتصنيف، قال الحاكم: محدث ثبت، وقال الإسماعيلي: جرجاني صدوق، محدث البلد في زمانه، توفي سنة خمس وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [14/ 136] ، تاريخ السهمي [/ 322- 323] ، تذكرة الحفاظ [2/ 762] ، البداية والنهاية [11/ 128] ، العبر [2/ 129] . قوله: «ثنا محمد بن عبيد بن حساب» : البصري، من رجال مسلم في الصحيح، روى عنه أيضا: أبو داود وقال: هو عندي حجة. ومن فوق ابن عبيد من رجال الصحيحين، والحديث عندهما كما سيأتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له ومعه غلام أسود يقال له: أنجشة، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أنجشة، رويدك سوقا بالقوارير- يعني النساء-. قال: أما مواليه: 968- 1- فزيد بن حارثة، وكان لخديجة رضي الله عنها، اشتراه لها حكيم بن حزام بسوق عكاظ بأربع مائة درهم، فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تهبه له- وذلك بعد أن تزوجها-، ففعلت، فأعتقه وزوجه أم أيمن، فولدت له أسامة، وكان زيد بن حارثة بن شراحيل من كلب، أدركه سبي فجاء أبوه وعمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: ولدنا سبي منا فخذ منا ثمنه، فقال صلى الله عليه وسلم: ما كنت لاخذ له ثمنا، ولكن خيّراه، فإن اختاركم فشأنكم به، فقالوا: لقد أكرمت، فاجتهدا به فلم يتبعهما، واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك قبل مبعثه، فتبنّاه صلى الله عليه وسلم، فكان يدعى زيد ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنزل الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ الاية، فقالوا: زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: «يا أنجشة رويدك» : أخرجاه في الصحيحين، وقد خرجناه في كتاب الاستئذان من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، باب: في المزاح، تحت رقم 2866- فتح المنان، بما أغنى عن إعادته هنا. (968) قوله: «اشتراه لها حكيم» : الخبر بطوله في طبقات ابن سعد [3/ 40- 43] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 346- 348] ، البلاذري في الأنساب [2/ 609- 110] ، وفي رواية أبي نعيم في المعرفة [3/ 1137- 1138] : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أم المؤمنين خديجة برغبته فيه فأعطته ثمنه ليشتريه فاشتراه صلى الله عليه وسلم بنفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 أمّره صلى الله عليه وسلم على الجيش يوم مؤتة فاستشهد، وذلك في سنة ثمان، وهو ابن خمس وخمسين سنة. 969- 2- أسامة بن زيد بن حارثة، وأمه: بركة، أم أيمن، حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاطمة بنت قيس، وكان له ابنان يروى عنهما: محمد والحسن ابنا أسامة. 970- 3- وأيمن بن عبيد الخزرجي، أمه: أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وكان لأيمن ابن يقال له: جبير. 971- 4- أبو رافع، واسمه: أسلم، كان للعباس، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم العباس بشّر أبو رافع النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه فأعتقه صلى الله عليه وسلم وزوجه سلمى مولاته، فولدت له عبيد الله بن أبي رافع، فلم يزل كاتبا لعلي بن أبي طالب خلافته كلها. 972- 5- سفينة، واسمه: رباح- ويقال: مهران-، أبو عبد الرحمن، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة؛ لأنه كان في سفر، فكان كل من أعيا ألقى عليه بعض متاعه- ترسا كان أو سيفا-، حتى حمل من ذلك شيئا كثيرا، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سفينة، وكان أسود، من مولدي الأعراب، اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه. (969) قوله: «أم أيمن» : حاضنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم ورثها من أبويه، أعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها عبيد الخزرجي فجاءت بأيمن بن عبيد. (972) قوله: «لأنه كان في سفر» : أخرج الحديث: الإمام أحمد في مسنده [5/ 221، 222] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 369] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 267، 268] ، وغيرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 973- 6- ثوبان، يكنى: أبا عبد الله، من حمير، أصابه سبي، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، ولم يزل معه حتى قبض، ثم تحول إلى الشام، فنزل حمص، وله بها دار وصدقة، ومات سنة أربع وستين، في خلافة معاوية. 974- 7- يسار، كان عبدا نوبيا، أصابه في غزوة بني عبيد بن ثعلبة فأعتقه، وهو الذي قتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم، فقطعوا يده ورجله، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى كات، وانطلقوا بالسراح، وأدخل المدينة ميتا. 975- 8- شقران، واسمه: صالح، قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه من عبد الرحمن بن عوف فأعتقه، وقال بعضهم: بل ورثه عن أبيه. 976- 9- أبو كبشة، واسمه: سليمان، من مولدي أرض دوس، ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وتوفي في أول يوم استخلف فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 977- 10- أبو ضميرة، كان مما أفاء الله على رسوله فأعتقه، وكتب له كتابا- هو في يد ولده- بالإيصاء به وبأهل بيته. (974) قوله: «الذي قتله العرنيون» : ويقال: إنهم من عكل، وحديثهم في الصحيحين. (975) قوله: «بل ورثه عن أبيه» : كذا قال البغوي وتبعه غير واحد، أن شقران وأم أيمن ورثهما النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه وأمه. (976) قوله: «واسمه سليمان» : كذا في الأصول، وقد اختلف في اسم أبي كبشة، فقيل: سليم، وسلمة، وأوس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 ومن ولده: حسين بن عبد الله بن ضميرة، وفد على المهدي ومعه الكتاب فوضعه المهدي على عينيه، ووصله بثلاث مائة دينار. 978- 11- مدعم، كان عبدا لرفاعة بن يزيد الجذامي، وهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل: إن الشملة التي غلّها يوم خيبر تحترق عليه نارا، أصابه سهم في وادي القرى فمات. 979- 12- أبو مويهبة، من مولدي مزينة، اشتراه فأعتقه، وهو الذي انطلق به إلى البقيع وقال: إني أمرت أن أستغفر لهم. 980- 13- أنيسة، كان من مولدي السراة، اشتراه فأعتقه. ومنهم: 981- 14- فضالة، نزل الشام، ومات بها. ومنهم: 982- 15- وردان. (978) قوله: «ويقال: هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم» : حديث صحيح؛ أخرجه مالك في الجهاد من الموطأ، والذي حمل المصنف على التعبير ب (يقال) إخراج البخاري نحو قصته وسمى الرجل فيها كركرة، وكلاهما من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظاهر أنهما قصتان مختلفتان لاختلاف مخرجهما، ولأنه قال هنا: شملة، وفي قصة كركرة أنها: عباءة، والله أعلم. (979) قوله: «وهو الذي انطلق به إلى البقيع» : تقدم حديثه في أول باب الوفاة. (980) قوله: «أنيسة» : كذا ذكر هنا أنيسة، وسيأتي أيضا آخر عنده باسم: أنسة، وقد قيل: إنهما واحد أنسة، وأنيسة، أو أبو أنسة، وهو أبو مسروح في الجميع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 983- 16- وأبو بكرة، سباهما من الطائف فأعتقهما. ومنهم: 984- 17- طهمان. 985- 18- وأبو أيمن. 986- 19- وأبو هند، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: زوّجوا أبا هند، وتزوجوا إليه، ابتاعه صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من الحديبية وأعتقه. 987- 20- وأنجشة، وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: رويدك يا أنجشة رفقا بالقوارير، وكان يحدوا بالجمال. (986) قوله: «زوّجوا أبا هند» : أخرجه أصحاب الكتب مطولا ومختصرا من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه، ثم قال: إن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة، أخرجه الإمام أحمد [3/ 119، 192] ، والطيالسي برقم 1994، وأبو داود في الطب، باب في موضع الحجامة، رقم 3860، والترمذي في الطب، باب ما جاء في الحجامة، رقم 2051، وابن ماجه في الطب، باب موضع الحجامة، رقم 3483، وأبو يعلى في مسنده [10/ 318] رقم 5911، وصححه ابن حبان برقم 4067، 6078 الإحسان. (996) قوله: «من تميم» : قبلها كلمة غير واضحة، رسمها هكذا «السرف» بالسين والراء المهملتين، وفي الوسيلة لأبي حفص تبعا للمصنف [6/ ق 1/ 202] : تزوج في الشرف. (997) قوله: «كركرة» : روى البخاري في الجهاد، باب القليل من الغلول من حديث عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة، فمات، فقال- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 988- 21- وصالح. 989- 22- وأبو سلمى. 990- 23- وأبو عسيب. 991- 24- وعبيد. 25992- وأفلح. 993- 26- رويفع، من سبي هوازن، صار للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه. 994- 27- أبو لقيط، كان نوبيا، وكان يأكل الذباب، عاش إلى أيام عمر. 995- 28- أبو رافع الأصغر، كان غلاما لسعيد بن العاص فأعتقه. 996- 29- يسار الأكبر، كان عبدا لال عمرو بن عبيد الثقفي، تزوج من تميم، وولد له تسعون ولدا من ذكر وأنثى. 997- 30- كركرة، كان نوبيا، أهداه هوذة بن علي الحنفي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه. 998- 31- رباح، كان نوبيا، اشتراه من وفد عبد القيس، فأعتقه. - رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو في النار: فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها، قال البخاري: قال ابن سلام: كركرة: بفتح الكاف. اهـ. قال الحافظ في الفتح: روى أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى أنه كان نوبيا، أهداه له هوذة ابن علي الحنفي صاحب اليمامة فأعتقه. اهـ. نقلته لما فيه من التوثيق. وانظر التعليق المتقدم على مولاه مدعم برقم (978) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 999- 32- أنسة، كان يتولى الحجامة، فأعتقه بالمدينة، وكان شهد بدرا، وكان حبشيا فصيحا. 1000- 33- أبو لبابة، كان لبعض عماته، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. 1001- 34- بجيل بن حبيب، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلاد الطائف. 1002- 35- أبو البشر، له عقب. ومنهم: 1003- 36- وفاق، وكان من أهل الطائف. 1004- وأما خدمه صلى الله عليه وسلم من الأحرار: فأنس بن مالك، وهند وأسماء ابنتا خارجة الأسلميتان. (999) قوله: «أنسة» : انظر التعليق المتقدم على: أنيسة برقم (980) . (1002) قوله: «أبو البشر» : كذا في الأصول، وفي المصادر الأخرى: أبو البشير. (1003) قوله: «وفاق» : ذكره أبو حفص الموصلي- تبعا للمصنف- في الوسيلة [6- ق 1/ 203] ، لم أر من ذكره غيرهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 [206- باب: في ذكر مواليات رسول الله صلى الله عليه وسلم] 206- باب: في ذكر مواليات رسول الله صلى الله عليه وسلم 1005- أخبرنا أبو سهل: بشر بن أحمد بن محمود بن أشرس الإسفراييني، التميمي رحمه الله، ثنا حمدان بن عمرو بن موسى الموصلي، ثنا غسان بن الربيع، ... (1005) قوله: «ابن أشرس» : آخره مهملة، الإمام المحدث الجوال، أحد مشايخ الحاكم أبي عبد الله، قال عنه: انتخبت عليه، وأملى زمانا من أصول صحيحة، قال الحافظ الذهبي: هو مسند وقته، كبير إسفرايين، وأحد الموصوفين بالشهامة والشجاعة. سير أعلام النبلاء [16/ 228] ، الأنساب [2/ 516 الدهقان] ، النجوم الزاهرة [4/ 139] ، المنتخب من السياق [/ 171] ، الترجمة رقم 428، الشذرات [3/ 71] ، العبر [2/ 355] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 370- ص: 436] . قوله: «ثنا حمدان بن عمرو بن موسى الموصلي» : الوزّان، أحد شيوخ الإسماعيلي صاحب المستخرج [2/ 629] ، ذكره في معجمه، ولم أقف له على كبير ترجمة تبين حاله. قوله: «ثنا غسان بن الربيع» : ابن منصور الأزدي، أبو محمد الغساني، موصلي، صالح الحديث، روى عنه أحمد بن حنبل، وابن معين وجماعة، قال الحافظ الذهبي: كان شيخا نبيلا صالحا ورعا، له نسخه مروية. اهـ. قال الدارقطني مرة: صالح، وضعفه في أخرى. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 ثنا حماد، عن شعيب بن الحبحاب وعبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها. 1006- وروي عن عبد الله بن بريدة بن الحصيب، عن أبيه قال: أهدى أمير القبط- وهو المقوقس، صاحب الإسكندرية- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين وبغلة. فكان صلى الله عليه وسلم يركب البغلة بالمدينة، واتخذ إحدى الجاريتين- وهي مارية القبطية- لنفسه فولدت له إبراهيم، وماتت بعده بخمس سنين في خلافة عمر سنة ست عشرة، ووهب الأخرى لحسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن بن حسان. - الجرح والتعديل [7/ 52] ، تاريخ بغداد [2/ 329] ، المغني [2/ 506] ، الثقات [9/ 2] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 226، ص: 314] ، البداية والنهاية [10/ 294] ، ضعفاء ابن الجوزي [2/ 246] ، الميزان [3/ 334] ، تعجيل المنفعة [/ 330] . قوله: «ثنا حماد» : هو: ابن سلمة، وما فوقه من رجال الصحيحين، والحديث فيهما، وقد تقدم. (1006) قوله: «وروي عن عبد الله بن بريد» : أخرجه الحافظ البزار في مسنده [2/ 393 كشف الأستار] رقم 1935، حدثنا محمد بن زياد، ثنا ابن عيينة، نثا بشير بن المهاجر، عنه بنحوه، تابعه حاتم بن إسماعيل، عن بشير، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 333] رقم 3573، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 152] : رجالهما رجال الصحيح. قوله: «أهدى أمير القبط» : سنة ثمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 1007- وأم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت سوداء، ورثها عن أمه، وكان اسمها بركة، فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجها عبيد الخزرجي بمكة فولدت له أيمن، ثم هلك، فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم من زيد بن حارثة، فولدت له أسامة أسود يشبهها، فأسامة وأيمن أخوان لأم. 1008- وريحانة بنت شمعون، غنمها من بني قريظة. 1009- وروضة. 1010- وسلمى، زوّجها مولاه أبا رافع. 1011- خضرة. 1012- ميمونة بنت سعد. (1011) قوله: «خضرة» : ذكرها أبو نعيم في المعرفة [6/ 3321] الترجمة 3862. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 487] ، من طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 221] ، جميعهم من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، قال: كانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء، وبغلته الشهباء وحماره يعفور وجاريته خضرة. (1012) قوله: «ميمونة بنت سعد» : ذكرها أبو نعيم في الصحابة [6/ 3442- 3443] ، الترجمة 4012، 4013، وقد فرق بعضهم بينهما وبين أخرى لم تنسب، قال أبو نعيم: أفردها المتأخر عن الأولى، وهي عندي الأولى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 [207- باب ذكر ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاته من الثّياب والقمص والأزر والسّرير والصّاع والمدّ] 207- باب ذكر ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاته من الثّياب والقمص والأزر والسّرير والصّاع والمدّ 1013- يقال: إنه صلى الله عليه وسلم ترك يوم مات ثوبي حبرة، وإزارا عمانيّا، وثوبين صحاريين، وقميصا صحاريّا، وآخر سحوليّا، وجبّة يمانية، وخميصة، وكساآ أبيض، وقلانس صغارا لاطئة ثلاثا أو أربعا، وإزارا طوله خمسة أشبار، وملحفة مورسة. 1014- وكان له صلى الله عليه وسلم سرير وقطيفة، وقصعة. قوله: «ذكر ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أورد الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة ما يتعلق بهذا الباب نقلا عن المصنف في كتابه هذا، وقد أفرده بالتصنيف الحافظ حماد بن إسحاق في كتاب تركة النبي صلى الله عليه وسلم والسبل التي وجهها فيها. وأخرج أبو نعيم في الحلية [5/ 326] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 174] ، من حديث عمرو بن مهاجر قال: كان متاع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر بن عبد العزيز في بيت ينظر فيه كل يوم، قال: وكان ربما اجتمعت إليه قريش فأدخلهم في ذلك البيت ثم استقبل ذلك المتاع فيقول: هذا ميراث من أكرمكم الله به وأعزكم الله به، قال: وكان سريرا مرمولا بشريط ومرفقة من آدم محشوة بليف، وجفنة، وقدح، وقطيفة صوف كأنها جرمقانية، قال: ورحى وكنانة فيها أسهم، وكان في القطيفة أثر وسخ، فأصيب رجل فطلبوا أن يغسلوا بعض الوسخ فيسعط به، فذكر ذلك لعمر فسعط فبرأ. وأخرج الواقدي من حديث ابن أبي سبرة، عن محمد بن أبي حرملة، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت قريش بمكة وليس شيء- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 1015- وكان له صلى الله عليه وسلم صاع يكال بها في بيته، ويخرج بها زكاته، وكان يطعم بها الكفارات، ويأخذ بها الزكاة من الثمار والحبوب. 1016- وكان له صلى الله عليه وسلم مد، وهو الذي كفّر به عن أم ولده: طعام عشرة مساكين مدا مدا. 1017- وكان له صلى الله عليه وسلم محجن قدر الذراع أو نحوه يمشي به، وينكت به، ويعلقه بين يديه على بعيره ويأخذ به الشيء، ولقد استلم به الركن حين طاف على بعيره، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان محموما يومئذ. - أحب إلينا من السرير ننام عليه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل منزل أبي أيوب قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا أيوب، أما لكم سرير؟ قال: لا والله، فبلغ ذلك أسعد بن زرارة فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرير له عمود، وقدامه ساج مرسول بحزم- يعني: المسد-، فكان ينام عليه حتى تحول إلى منزلي وكان فيه فوهبه لي، فكان ينام عليه حتى توفي صلى الله عليه وسلم فوضع عليه، وصلي عليه وهو فوقه، فطلبه الناس منا يحملون عليه موتاهم، فحمل عليه أبو بكر وعمر والناس بعد طلبا لبركته. قال الواقدي: أجمع أصحابنا- لا اختلاف بينهم- في أن سرير النبي صلى الله عليه وسلم اشترى ألواحه عبد الله بن إسحاق الإسحاقي- من موالي معاوية بن أبي سفيان- بأربعة آلاف درهم، فلما كان مروان- يعني على المدينة- منع أن يحمل عليه إلّا الرجل الشريف، وفرّق في المدينة سررا يحمل عليها الموتى، قال: وكان وسطه بليف منسوج. وأخرج أبو الشيخ من حديث الحسن، عن أنس قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مرمل بالشريط ... الحديث. (1017) قوله: «ولقد استلم به الركن حين طاف» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 1018- لم يورث صلى الله عليه وسلم ولده وقال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة. قوله: «وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان محموما» : بوّب لذلك البخاري في صحيحه، فقال في كتاب الحج: باب المريض يطوف راكبا، وأخرج فيه حديث ابن عباس المشار إليه ليس فيه التصريح بمرضه، وكأنه أشار إلى حديث عكرمة عن ابن عباس عند أبي داود وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته، كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين، رقم 1881. (1018) قوله: «ما تركناه صدقة» : هو في الصحيحين من حديث عائشة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 [208- فصل: في ذكر أسماء سيوفه صلى الله عليه وسلم] 208- فصل: في ذكر أسماء سيوفه صلى الله عليه وسلم 1019- أخبرنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، ثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن ناصح بن نومرد الدامغاني، ثنا محمد بن عمران الهمداني، ... (1019) قوله: «ابن نومرد الدامغاني» : لم أقف عليه فيما لدي من المصادر. قوله: «محمد بن عمران الهمداني» : هو الحافظ أبو بكر الكوفي، الخراز. ذكره الخطيب في تاريخه وقال: كتب إليّ أبو طاهر محمد بن محمد بن حسين المعدل من الكوفة يذكر أن أبا الحسن محمد بن أحمد بن سفيان الحافظ حدثهم قال: سنة إحدى وعشرين وثلثمائة: فيها مات أبو بكر محمد بن عمران بن موسى بن إسماعيل بن عبد الله بن مرداس الهمداني- من أنفسهم-، البغدادي الخراز، ويعرف بابن السوسي. وكان شيخا نبيلا حسن الهيئة ثقة، كتب عنه ابن سعيد- يعني أبا العباس بن عقدة-، وأفاد عنه، وكان يكرمه إكراما شديدا، وكان قد صحب الحفاظ في طلبه للحديث، وكان يتولى شيئا من الوقوف، وأقام بالكوفة من سنة خمس وتسعين إلى سنة عشرين وثلثمائة، ثم خرج فمات ببغداد سنة إحدى وعشرين، وكان صاحب مذهب حسن، وكان ابن سعيد يحضنا عليه. وانظر: تاريخ بغداد [3/ 135] ، تاريخ الإسلام [وفيات 321 ص 92] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 ثنا القاسم بن الحكم بن كثير العرني، ثنا يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف، عن محمد بن عبد الله، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: اسم راية النبي صلى الله عليه وسلم: ... قوله: «ثنا القاسم بن الحكم بن كثير العرني» : الهمداني، قاضيها، الحافظ الصدوق: أبو أحمد الكوفي، من رجال البخاري في الأدب المفرد، وأخرج له الترمذي أيضا، وثقه الإمام أحمد، وابن معين وأبو خيثمة، وابن نمير، والنسائي، وغيرهم، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال الذهبي في الكاشف: وثقوه، وقال ابن حجر: صدوق فيه لين!. تهذيب الكمال [23/ 345] ، تهذيب التهذيب [8/ 279] ، الكاشف [2/ 335] ، التقريب [/ 449] . قوله: «أبو يوسف» : الأنصاري، الإمام الحافظ المجتهد قاضي القضاة، صاحب أبي حنيفة، لجده الأعلى سعد بن بجير صحبة، وكان أبو يوسف وزير الرشيد وزميله في حجه، وكان الرشيد يبالغ في إجلاله، قال الحافظ الذهبي: بلغ أبو يوسف من رياسة العلم ما لا مزيد عليه. التاريخ الكبير [8/ 397] ، سير أعلام النبلاء [8/ 535] ، تاريخ بغداد [14/ 242] ، وفيات الأعيان [6/ 378] ، تذكرة الحفاظ [1/ 292] ، أخبار القضاة [3/ 254] ، تاريخ جرجان [/ 444] ، الجواهر المضية [2/ 220] ، الميزان [4/ 397] . قوله: «محمد بن عبد الله» : لم أعرفه، وقد خولف عن الحكم، خالفه إدريس بن يزيد الأودي فقال عنه، عن يحيى بن الجزار، عن علي بن أبي طالب، وقد تقدم تخريجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 العقاب، واسم درعه: ذات الفضول، واسم حماره: يعفور، واسم سيفه: ذو الفقار، واسم بغلته: الدلدل، واسم فرسه: ذو الجناح، واسم ناقته: القصواء. 1020- أما ذو الفقار، فكان سيفا أصابه من منبه بن الحجاج يوم بدر، وهو الذي شهد به الحروب، ... قوله: «العقاب» : روى ذلك أيضا: ابن سعد في الطبقات [1/ 486] ، من حديث علقمة بن أبي علقمة قال: بلغني أن اسم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو الفقار، واسم رايته: العقاب، وأخرجه ابن عساكر من طريقه [4/ 225- 226] ، وأخرجه أيضا حماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم [/ 103] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 154] ، وسيأتي في اسم نوقه صلى الله عليه وسلم من حديث زهير بن محمد. قوله: «ذات الفضول» : تقدم ذكرها، وأخرج ابن عساكر في تاريخه [4/ 215] ، من حديث ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن عطاء قال: كانت درع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الفضول، أرسل بها سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى بدر، وسيف يقال له: العضب، فشهد بهما بدرا، حتى غنم سيفه ذا الفقار يوم بدر من منبه بن الحجاج. (1020) قوله: «أصابه من منبه بن الحجاج يوم بدر» : أخرجه الترمذي في السير، باب في النفل، رقم 1561، وابن ماجه في الجهاد، باب السلاح، رقم 2808، والواقدي في مغازيه [1/ 103] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 147] ، وابن سعد [1/ 485، 486] ، وابن عساكر في تاريخه، من حديث ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، وأخرجه ابن سعد- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وكان له سيف ورثه عن أبيه، ... - عن الزهري، عن ابن المسيب وفيه: فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غزا إلى بدر بسيف وهبه له سعد بن عبادة يقال له: العضب، ودرعه ذات الفضول. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 86] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 149] ، من حديث جابر الجعفي عن الشعبي قال: أخرج إلينا علي بن حسين سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قبيعته من فضة، وإذا حلقته التي يكون فيها الحمائل من فضة، وسللته فإذا هو سيف قد نحل كان لمنبه بن الحجاج السهمي اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه يوم بدر. أخرجه ابن عساكر أيضا من طريق ابن سعد [4/ 216] . وأخرج ابن عساكر [4/ 217] ، من حديث الأصمعي قال: دخلت على هارون الرشيد، فإني لجالس عنده في جماعة إذ قال: أريكم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار؟ فقلنا: نعم يا أمير المؤمنين!! فقام فجاء به، فما رأيت شيئا قط أحسن منه، إذا نصب لم ير فيه شيء، وإذا بطح على الأرض عد فيه سبع فقر، وإذا هو صفيحة يمانية يحار الطرف فيه من حسنه. وستأتي رواية ابن عساكر عند ذكر أسماء البغال والحمير أن سيفه ذا الفقار أهداه الحجاج بن علاط لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا بمشهور. قوله: «ورثه عن أبيه» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 485] من طريق الواقدي، وابن عساكر في تاريخه [4/ 214] من طريق محمد بن عثمان، كلاهما عن ابن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل- زاد محمد بن عثمان في الإسناد: عن عبد الرحمن بن عوف- قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في الهجرة بسيف كان لأبيه مأثورا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 وله سيف يقال له: القضيب، وهو أول ما تقلد به من السيوف، وكان له العضب، والبتار، ومخذم، والرسوب، والقلعي، والحتف. وقضيب يسمى الممشوق، ومنطقه من أديم منشور فيها ثلاث حلق، قوله: «يقال له القضيب» : ذكر مغلطاي في الإشارة أنه قيل هو وذو الفقار واحد، وحكى الصالحي في السبل [7/ 583] : أنه أصابه صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع. قوله: «العضب والبتار» : تقدم قريبا ذكر العضب، وأما البتار فأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 486] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 217] ، من حديث مروان بن أبي سعيد المعلى قال: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف، سيف قلعي، وسيف يدعى: بتارا، وسيف يدعى: الحتف، وكان عنده بعد ذلك: رسوب، والمخذم أصابهما عند صنم طي. قوله: «يسمى الممشوق» : أخرج الطبراني في الكبير [11/ 111- 112] رقم 11208، وابن حبان في المجروحين [2/ 108] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 293] ، من حديث علي بن عروة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، وعمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيف قائمته من فضة، وقبعته من فضة، وكان يسمى: ذا الفقار، وكانت له قوس تسمى: السداد، وكانت له كنانة تسمى: الجمع، وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى: ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى: النبعاء، وكان له مجن يسمى: الذقن، وكان له ترس أبيض، وكانت له بغلة شهباء يقال له: دلدل، وكانت له ناقة تسمى: القصواء، وكان له حمار يسمى: يعفور، وكان له بساط يسمى: الكر، وكانت له عنزة تسمى: النمر، وكانت له ركوة تسمى: الصادر، وكانت له مرآة تسمى: المرآة، وكان له- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 والأبزيم والطرف من فضة. - مقراض يسمى: الجامع، وكان له قضيب شوحط يسمى: الممشوق. في إسناده علي بن عروة وهو ضعيف جدّا، لكن لا يصل حديثه إلى حد الوضع، لذلك تعقب الحافظ الذهبي في الميزان ابن الجوزي لقوله: موضوع، فقال: كلا، ثم أورد طريق الطبراني. قوله: «والأبزيم» : الذي يكون في رأس المنطقه، وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الاخر، ويقال أيضا: هو الحلقة التي لها لسان يدخل في الخرق في أسفل المحمل ثم تعض عليها حلقتها، وقال بعضهم أيضا: الإبزيم حديدة تكون في طرف السرج يسرج بها، وقد تكون في طرف المنطقة. وأشار إلى هذه المنطقة: الواقدي في المغازي [1/ 214] ، وأوردها ابن سيد الناس في العيون [2/ 416] ، والمقريزي في الإمتاع [7/ 158] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 [209- فصل: في أسماء دروعه صلى الله عليه وسلم] 209- فصل: في أسماء دروعه صلى الله عليه وسلم 1021- ذات الفضول، والسعدية، والفضة، ويقال: كانت عنده صلى الله عليه وسلم قوله: «في أسماء دروعه» : الدرع: القميص المتخذ من الزرد، وقد جاء وصف درعه صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 487- 488] ، ومن طريقه ابن عساكر [4/ 222] : عن جابر الجعفي، عن الشعبي، قال: أخرج لنا علي بن الحسين درع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي يمانية رقيقة ذات زرافين، إذا علقت بزرافينها لم تمس الأرض، وإذا أرسلت مست الأرض، وأخرج أيضا بإسناد صحيح من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كان في درع النبي صلى الله عليه وسلم حلقتان من فضة عند موضع- قال عبد الله: الثدي، وقال خالد: الصدر- وحلقتان خلف ظهره من فضة، قال خالد في حديثه عن جعفر: قال أبي: فلبستها فخطت الأرض، أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 275] من وجه آخر أفضل منه من طريق أبي حاتم الرازي، ثنا ابن مرحوم العطاء، ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد، عن أبيه به. وقد وردت تسميتها في حديث جعفر بن محمود عن محمد بن مسلمة، قال: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعين: درعه ذات الفضول، والسعدية، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 487] من حديث الواقدي، ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 221- 222] . (1021) قوله: «والسعدية» : بالسين والعين المهملتين، وقيل: العين فيها معجمة، حكاه مغلطاي في الإشارة، وابن سيد الناس في العيون فقال: ويقال: السعدية كانت درع- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 درع داود النبي صلى الله عليه وسلم التي كان لبسها يوم قتل جالوت. - داود التي لبسها لقتال جالوت. وأخرج ابن عساكر [4/ 218] من طريق إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط، عن أبيه، عن جده قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم قوس تدعى الكتوم، كسرت يوم أحد، كسرها قتادة بن النعمان، ثم إنه أصاب من سلاح بني قينقاع ثلاثة أقسية تدعى: البهاء، والصفراء، والروحات، وكانت له صلى الله عليه وسلم درعان: درع تدعى الصفرية، والأخرى تدعى فضة ... الحديث، زاد مغلطاي في أسماء أدرعه صلى الله عليه وسلم: ذات الوشاح، وذات الحواش، والبتراء، والخرنق، فهي ثمانيه عندنا؛ إذ لم يذكر مغلطاي ولا ابن سيد الناس: الصفرية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 [210- فصل: في أسماء رماحه وألويته وترسه ومغفره وراياته صلى الله عليه وسلم] 21- فصل: في أسماء رماحه وألويته وترسه ومغفره وراياته صلى الله عليه وسلم 1022- المنثني، والمحجن، والعنزة- وهي حربة دون الرمح- كان صلى الله عليه وسلم يدعم عليها ويمشي بها في يده، وكانت تحمل بين يديه في العيدين أمامه يتخذها سترة يصلي إليها. 1023- وكانت له صلى الله عليه وسلم راية سوداء مخملة يقال لها: العقاب، (1022) قوله: «المنثني» : وسماه غيره: المثني، والمثوي، أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 489] ، ومن طريقه ابن عساكر [4/ 216] ، من حديث الواقدي عن ابن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال: أصاب رسول الله من سلاح بني قينقاع ثلاثة أرماح، فهي غير الاثنين، ولذلك عدهما ابن القيم في الزاد، وابن سيد الناس في العيون خمسة أرماح. قوله: «والمحجن» : كان قدر ذراع أو نحوه، يمشي ويركب به، ويعلقه بين يديه على بعيره، وفي رواية الطبراني [11/ 111- 112] أن اسمه الذقن. قوله: «ويمشي بها في يده» : قال ابن سيد الناس: وهي شبه العكاز، قال: وله حربتان: النبعة، ذكرها السهيلي، وحربة كبيرة اسمها: البيضاء، وفي رواية الطبراني المشار إليها أن اسمها: القمرة. (1023) قوله: «يقال لها العقاب» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 486] ، ومن طريقه ابن عساكر- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 فربما جعلت من مروط عائشة رضي الله عنها، وكان لواؤه صلى الله عليه وسلم أبيض، وربما جعلت الألوية من خمر نسائه. -[4/ 225] ، وحماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم [/ 103] ، من حديث علقمة بن أبي علقمة: أنه بلغه ... وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 154] : عن الحسن قال: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى: العقاب، وأخرج ابن عساكر [4/ 226] ، من حديث عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد قال: اسم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم: العقاب. وأخرج ابن عساكر في تاريخه [4/ 224- 225] ، من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد، عن أبي هريرة قال: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة قطيفة كانت لعائشة، فسألها فشقتها، وكان لواؤه صلى الله عليه وسلم أبيض، وكان يحملها سعد بن عبادة حتى يركزها في الأنصار في بني عبد الأشهل، وهي الراية التي دخل بها خالد بن الوليد من ثنية دمشق فسميت ثنية العقاب. أخرجه أيضا ابن عدي في الكامل [3/ 31] في ترجمة خالد بن عمرو القرشي، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 225] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 486] . وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 152- 153] من حديث ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، أظنه عن عائشة قالت: كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض، وكانت رايته سوداء من مرط عائشة مرجل، وذكر ابن سيد الناس أن له راية بيضاء يقال لها: الزينة، وربما جعل فيها الأسود، وأخرج أبو داود في الجهاد بإسناد فيه مجهول عن صحابي قال: رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء. وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 153] من حديث أبي مجلز عن ابن عباس قال: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء، ولواءه أبيض مكتوب فيه: لا إله إلّا الله محمد رسول الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 وكان له صلى الله عليه وسلم مغفر يقال له: السّبوغ، وله ترس يسمى: الزّلق. 1024- وكان له صلى الله عليه وسلم قدح يقال له: الريّان، وقدح غيره يقال له: المضبّب أكثر من نصف المد وأصغر من المد فيه ثلاث ضبات من فضة، وحلقه يعلق بها، للسفر كان صلى الله عليه وسلم يسقى فيه من استسقى. 1025- وكان له صلى الله عليه وسلم تور من حجارة يقال له: المخضب وكان قوله: «السّبوغ» : ويقال له أيضا: ذا السبوغ، وآخر يقال له: الموشح. قوله: «الزّلق» : ويسمى أيضا: الزلوق، زاد مغلطاي وابن سيد الناس وغيرهما: الفتق، وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 489] ، ومن طريقه ابن عساكر [4/ 222] من حديث ابن جابر، عن مكحول قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ترس فيه تمثال رأس كبش فكره النبي صلى الله عليه وسلم مكانه، فأصبح وقد أذهبه الله، وفي إمتاع المقريزي [7/ 153] من حديث الأوزاعي، عن ابن شهاب قال: أخبرني القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بترس فيه تمثال عقاب، فوضع يده عليه فأذهبه الله عزّ وجلّ. (1024) قوله: «وحلقه يعلق بها» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه كما في تهذيب ابن منظور [2/ 366] . وفي فرض الخمس من صحيح البخاري، باب ما ذكر من ورع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه من حديث أنس بن مالك أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. وذكر جماعة من أهل السير أيضا قدحا ثالثا يسمى مغيثا. (1025) قوله: «بضعة وثمانون رجلا» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس قال: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 كثيرا ما يتوضأ منه، ولقد توضأ صلى الله عليه وسلم منه يوما فاحتاج الناس إلى الوضوء فأقبلوا إليه، فأذن لهم أن يتوضؤوا منه، فتوضأ منه يومئذ من ذلك المخضب بضعة وثمانون رجلا. 1026- وكان له صلى الله عليه وسلم قدح من خشب، وقدح من زجاج، وكان له مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب. - فيه ماء، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فتوضأ القوم كلهم، قلنا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة، لفظ البخاري في الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة. (1026) قوله: «قدح من خشب» : أخرج أبو داود في الطهارة برقم 24، والنسائي كذلك برقم 32، والطبراني في معجمه الكبير [24/ 189] ، والبيهقي في الكبرى [1/ 99] ، جميعهم من حديث أميمة قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير، صححه ابن حبان برقم 1426، والحاكم في المستدرك [1/ 167] ، وفسر الحافظ: العيدان بنوع من الخشب. وأخرج الترمذي في الشمائل برقم 188، والبخاري في تاريخه [1/ 184] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 238] من طرق عن أنس: أنه أخرج إليهم قدحا من خشب وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب فيه ويتوضأ، وفي رواية: هذا قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن طريق الترمذي والبخاري، أخرجه البغوي في الأنوار برقم 1020، 1021، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الأشربة من حديث عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع فسلسله بفضة، قال: وهو قدح جيد عريض من نضار. قوله: «وقدح من زجاج» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 485] ، وابن ماجه في الأشربة، باب الشرب في الزجاج، برقم 3435، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 1027- وكان الأنصار يرسلون أولادهم الصغار فيدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدفعون عنه، فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا به وجوههم وأجسادهم يبتغون بذلك البركة. 1028- وكان له صلى الله عليه وسلم مخضب من شبه، يكون فيه الحناء والكتم، توضع على رأسه من الحر الذي يجده صلى الله عليه وسلم. -[/ 238] ، والبغوي في الأنوار برقم 1026 من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن صاحب اسكندرية بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح قوارير، فكان صلى الله عليه وسلم يشرب فيه، في إسناده مندل بن علي وهو ضعيف. (1027) قوله: «يبتغون بذلك البركة» : أخرجه الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف [6- ق- 1/ 90] . (1028) قوله: «من شبه» : هو النحاس، وباللفظ المذكور أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب ابن منظور [2/ 366] . وأصله عند الإمام البخاري في الوضوء من صحيحه، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة من حديث عبد الله بن زيد قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثا ... الحديث. وأخرجه أيضا الدارمي في مسنده وخرجناه هناك تحت رقم 739. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 [211- فصل: في أسماء قسيّه صلى الله عليه وسلم] 211- فصل: في أسماء قسيّه صلى الله عليه وسلم الروحاء، والبيضاء، والصفراء، والكتوم- كسرت يوم أحد-. 1029- وروي أنه كان بيده صلى الله عليه وسلم قوس عربية فرأى رجلا بيده قوس فارسية فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذه؟ ألقها، عليكم بهذه وأشباهها. 1030- وكانت له صلى الله عليه وسلم الجعبة، تسمى الكافور. قوله: «الروحاء» : أخرج الثلاثة الأولى: ابن سعد في الطبقات [1/ 489]- ومن طريقه ابن عساكر [4/ 215]-، عن شيخه الواقدي: أخبرنا أبو بكر بن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعد بن المعلى قال: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أرماح ... فذكرها، زاد ابن عساكر [4/ 216] : والكتوم. والرواية في مغازي الواقدي [1/ 178] ، في غزوة بني قينقاع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من سلاحهم ثلاث قسي، فذكر الكتوم بدل الصفراء، وقال: كسرت يوم أحد، وزاد مغلطاي، وابن سيد الناس، وابن القيم في أسماء قسيه: الزوراء، والسداد، فهي على هذا ستة. (1029) قوله: «وروي أنه كان بيده قوس عربية» : هو طرف من الحديث الاتي برقم: 1061. (1030) قوله: «الجعبة» : هي الكنانة التي يجمع فيها النبل، وقد أخرجها ابن عساكر في تاريخه [2/ 365 تهذيب ابن منظور] ، وذكر أن نبله صلى الله عليه وسلم يسمى: المويصلة، وقال غيره: الموصلة، والمتصلة، والمؤتصلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 [212- فصل: ذكر خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم] 212- فصل: ذكر خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم 1031- حدثنا أبو عمر: محمد بن سهل بن هلال البستي بمكة حرسها الله، ثنا أبو قتيبة: سلم بن الفضل بن سهل الأدمي، ثنا أبو جعفر: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد الحميد بن صالح، ثنا حبان بن علي، عن إدريس الأودي، عن الحكم، ... (1031) قوله: «ثنا عبد الحميد بن صالح» : البرجمي، المحدث الصدوق، أبو صالح الكوفي، من رجال النسائي، لا بأس به. تهذيب الكمال [16/ 440] ، تهذيب التهذيب [6/ 106] ، التقريب [/ 333] ، والكاشف [2/ 134] . قوله: «ثنا حبان بن علي» : العنزي، أبو علي الكوفي، أحد الضعفاء الذين يعتبر بهم، ويخرج لمثله في هذا الباب، وهو من رجال ابن ماجه. تهذيب الكمال [5/ 339] ، تهذيب التهذيب [2/ 151] ، الكاشف [1/ 143] ، التقريب [/ 149] الترجمة رقم 1076، والكامل لابن عدي [2/ 833] ، طبقات ابن سعد [6/ 381] ، التاريخ الكبير [3/ 307] ، تاريخ بغداد [8/ 255] ، الميزان [1/ 449] . قوله: «عن إدريس الأودي» : هو إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، الحافظ الثقة المتقن: أبو عبد الله الكوفي، من رجال الكتب الستة المتفق عليهم. انظر عنه في: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 عن يحيى بن الجزار، عن علي رضي الله عنه قال: كان حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى: عفيرا، وبغلته: دلدل، وفرسه: المرتجز، وناقته: القصواء، ودرعه: ذات الفضول، وسيفه: ذو الفقار. - تهذيب الكمال [2/ 299] ، تهذيب التهذيب [1/ 171] ، الكاشف [1/ 54] ، إكمال مغلطاي [1/ 28] ، التقريب [/ 97] الترجمة رقم 296، والثقات [6/ 78] . قوله: «عن يحيى بن الجزار» : العرني، لقبه: زبّان، كوفي ثقة، حديثه عند الجماعة سوى البخاري، وقد رمي بالتشيع. تهذيب الكمال [31/ 251] ، تهذيب التهذيب [11/ 168] ، الكاشف [3/ 221] ، التقريب [/ 588] . قوله: «وسيفه: ذو الفقار» : وفي الإسناد من قد رأيت، وهو معضود بشواهد أخرى بعضها في الصحيح وبعضها بإسناد جيد. * تابع أبا جعفر عن عبد الحميد: 1- العباس بن محمد الدوري، أخرجه من طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 150، 159] . 2- إبراهيم بن الوليد، أخرجه من طريقه الحافظ ابن عساكر في تاريخه [4/ 219] . 3- إسماعيل بن إبراهيم، أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 278] . * وتابع عبد الحميد، عن حبان: 1- إسحاق بن إبراهيم الضبي، أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه [4/ 220] . 2- إبراهيم بن إسحاق الجعفي، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 220] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: 1032- كان فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى: السّكب، اشتراه من فزاري وسماه سكبا، وكان تحته يوم أحد. -* خالف محمد بن عبد الله إدريس الأودي فقال: عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس ... نحوه، تقدم عند المصنف في أسماء سيوفه صلى الله عليه وسلم برقم 1019. * نعم، وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بإسناد أمثل من هذا، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 159- 163] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 278] ، ومن طريقه ابن عساكر في التاريخ [4/ 220] ، من حديث ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن عبد الله بن زرير، عن علي به، إسناده على شرط أهل السنن، غير أن محمد بن حميد الرازي ممن يضعف في الحديث، مع صلاحه وفضله، وهو صالح في الشواهد والفضائل والسير إن شاء الله. (1032) قوله: «اشتراه من فزاري» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 489] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 227] ، من حديث شيخه الواقدي، عن ابن أبي خثمة، عن أبيه قال: أول فرس ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرس ابتاعه بالمدينة من رجل من بني فزارة بعشر أواق، وكان اسمه عند الأعرابي: الضرس فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: السكب، فكان أول ما غزا عليه أحد، ليس مع المسلمين يومئذ فرس غيره، وفرس لأبي بردة بن نيار يقال له: ملاوح، وقد أشار إلى بعض ذلك ابن قتيبة في المعارف [/ 149] . وأخرج ابن سعد أيضا من حديث الواقدي، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرس يدعى السكب، معضل، وفيه الواقدي. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 1033- وفرسه: المرتجز، اشتراه صلى الله عليه وسلم من أعرابي من بني تميم ثم جحده وقال: من يشهد لك؟ فشهد له خزيمة بن ثابت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تشهد على ما لم تحضر؟ فقال: نصدقك في علم السماء، ولا نصدقك على ما في الأرض؟! فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: ذا الشهادتين. - وأخرج أيضا من حديث أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة قال: بلغني أن اسم فرس النبي صلى الله عليه وسلم السكب، وكان أغرّ محجلا طلق اليمين، زاد ابن حبيب في أخبار قريش [/ 511] : وكان كميتا، زاد ابن الأثير: أدهم. قال أبو منصور الثعالبي: إذا كان الفرس خفيف الجري سريعه فهو فيض وسكب، شبه بفيض الماء وسكبه، قال: وبه سمي أحد أفراس النبي صلى الله عليه وسلم. (1033) قوله: «وفرسه المرتجز» : سمي بذلك لحسن صوت صهيله، كان إذا صهل كأنه ينشد رجزا، وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 490] ، ومن طريقه ابن عساكر [4/ 227] من حديث مقسم، والطبراني في الأوسط [8/ 255] رقم 7511، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 159] ، من حديث سعيد بن جبير، كلاهما عن ابن عباس قال: كان لرسول الله فرس يقال له: المرتجز، في إسناد ابن سعد: الواقدي، وفي إسناد الطبراني وأبي الشيخ: الشاذكوني، لهما متابع بإسناد جيد عند ابن عساكر [4/ 227] ، ويقويه أيضا: قول أهل السير: أن المرتجز هو الذي شهد فيه خزيمة بن ثابت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسناد هذه القصة مخرجة في السنن: أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 490] من حديث الواقدي قال: سألت محمد بن يحيى بن سهل بن أبي خثمة عن المرتجز فقال: هو الفرس الذي أشتراه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- من الأعرابي الذي شهد له فيه خزيمة بن ثابت، وكان الأعرابي من بني مرة، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 1034- وفرسه صلى الله عليه وسلم: الضرس. 1035- وكان له صلى الله عليه وسلم فرس يقال له: لزاز، أهداه إليه المقوقس ملك القبط، فأعجب به صلى الله عليه وسلم، وكان يركبه، في أكثر غزواته، وفرس يقال- أشار إلى هذا المصنف، وتبعهم أهل الحديث والمغازي والسير، منهم ابن سيد الناس، وابن القيم في الزاد. وقد أخرج القصة جماعة، منهم من يختصرها ومنهم من يوردها بطولها، فأخرجها أبو داود في الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد، رقم 360، والنسائي في البيوع، باب التسهيل في ترك الإشهاد في البيع، رقم 4661، والبخاري في تاريخه [1/ 86- 87] ، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 101] رقم 373، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [8/ 366] ، وبعضهم يزيد على بعض، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقبضه ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته ... الحديث، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 18] . (1034) قوله: «الضرس» : تقدم أنه عين السكب، كان اسمه عند الأعرابي صاحبه الأول- قبل أن يشتريه النبي صلى الله عليه وسلم ويغير اسمه- الضرس، وإذا ثبت هذا فعده في خيول النبي صلى الله عليه وسلم مع السكب ذهول عن اسم السكب الأول. (1035) قوله: «لزاز» : بزايين، الأولى خفيفة، قيل: سمي بذلك لشدة تلززه- أي لصوقه- واجتماع خلقه، أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 490] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 227] ، من حديث الواقدي قال: أخبرنا أبيّ بن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 له: الظّرب، وفرس يقال له: الورد، أهداه تميم الداري فدفعه إلى- عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ثلاثة أفراس: لزاز والظرب واللحيف. تابعه معن بن عيسى عن أبي، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 226] ، وحديث معن هذا قد أخرجه البخاري في الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، لكنه اقتصر على اللحيف فقط وقال: وقال بعضهم: اللخيف. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 156] رقم 5729، وابن منده- فيما ذكره الحافظ في الفتح- من حديث عبد المهيمن أخي أبيّ عن أبيه عن جده به. قلت: وتمام حديث الواقدي: أما لزاز فأهداه له المقوقس، وأما الظرب فأهداه له فروة الجذامي، وأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبي البراء فأثابه عليه فرائض من نعم بني كلاب. قوله: «الظرب» : ضبطه النووي في تهذيب الأسماء وغيره بفتح المعجمة، بعدها راء مكسورة، قيل: هو الكريم من الخيل، وقيل: الظرب واحد الظراب، وهي الروابي الصغار، سمي بذلك لكبره وسمنه، وقيل: لقوته وصلابته، ومنه قولهم في حوافر الدابة إذا اشتدت وقويت: ظربت حوافرها، وتقدمت الرواية بأن فروة الجذامي أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد وقعت في روايات لابن عساكر بلفظ الجمع. قوله: «وفرس يقال له الورد» : هو لون بين الكميت والأشقر. قوله: «أهداه تميم الداري» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 490] ، وزاد: فحمل عليه عمر في سبيل الله فوجده يباع، وفي الصحيحين أنه أراد أن يشتريه فسأل النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفرسه ملاوح، كان لأبي بردة بن نيار، وفرس يقال له: اللحيف، أهداه فروة بن عمرو الجذامي. 1036- وكان له صلى الله عليه وسلم فرس يقال له: سبحة، جاءت سابقة- عن ذلك فقال: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه، لفظ البخاري في الهبة. قوله: «وفرسه ملاوح» : هو العظيم الألواح، السريع العدو، الضامر القليل اللحم الذي لا يسمن، ويقال له أيضا: الملواح، وقد حكى ابن سيد الناس في وصفه ما حكى في وصف السكب، وقد تقدم. قوله: «اللحيف» : تقدم عن البخاري قوله: وقال بعضهم: اللخيف، ومن قال بالمهملة فسره بطول ذنبه، فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الأرض بذنبه، وحكى ابن الجوزي في تلقيح الفهوم [/ 39] أنه قيل فيه أيضا: النحيف، وأشار إلى هذا النووي في تهذيب الأسماء، وقال ابن الأثير: ويروى بالجيم. قوله: «أهداه فروة بن عمرو الجذامي» : كذا يقول المصنف، وتبعه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 1/ 205] ، وكذلك قال ابن أبي خيثمة- فيما ذكره الحافظ في الفتح-، وقد نقلت لك عن ابن سعد أن الذي أهداه فروة هو الظرب، وأما اللحيف فأهداه ربيعة بن أبي البراء المعروف أبوه بملاعب الأسنة، فالله أعلم. (1036) قوله: «يقال له: سبحة» : خرجنا حديثه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، كتاب الجهاد، باب في رهان الخيل رقم 586، من حديث- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 فسبح عليها فسميت سبحة. 1037- وكان فرسه صلى الله عليه وسلم: السجل. 1038- وفرسه: البحر، اشتراه من تجار قدموا من اليمن فسبق عليه ثلاث مرات، فجثا صلى الله عليه وسلم على ركبته ومسح وجهه، وقال: ما أنت إلّا بحر. - أنس رضي الله عنه وفيه: لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس يقال له: سبحة، فسبق الناس فانبهش لذلك وأعجبه، وهو عند الإمام أحمد، وابن أبي شيبة وغيرهما كما بيناه هناك. قوله: «فسبح عليها» : قال ابن بنين في وصفها: هي فرس شقراء ابتاعها النبي صلى الله عليه وسلم من أعرابي من جهينة بعشر من الإبل، وسابق عليها يوم خميس، ورد الخيل بيده، ثم خلى عنها وسبح عليها، فأقبلت الشقراء حتى أخذ صاحبها العلم، وهي تغبر في وجوه الخيل فسميت سبحة. اهـ. وقال غيره: إنما هي من قولهم: فرس سابح، إذا كان حسن مد اليدين في الجري، وسبح الفرس: جريه إذا علا علوا في اتساع. (1037) قوله: «السّجل» : ضبطه بعضهم بكسر المهملة، وسكون الجيم، قال الدمياطي: كذا ألفيته مضبوطا، فإن كان محفوظا غير مصحف فلعله مأخوذ من قولك سجلت الماء فانسجل، أي: صببته فانصب، وأسجلت الحوض ملأته. (1038) قوله: «وفرسه البحر» : الظاهر أنه غير المندوب الذي استعاره النبي صلى الله عليه وسلم من أبي طلحة المشار إليه في حديث أنس الاتي، قال الدمياطي: الظاهر أنه الأدهم، وقال أبو منصور الثعالبي: إذا كان الفرس لا ينقطع ماؤه يسمى بحرا، قال: وأول من تكلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في وصف فرس ركبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 1039- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة عريا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه لبحر. قال: فو الله ما سبق بعد ذلك اليوم. 1040- وأصاب صلى الله عليه وسلم فرسا جميلا في غزوة تبوك فأعجبه صهيله، ووقع منه كل موقع، فقال له رجل من الأنصار: بأبي أنت وأمي لو وهبت لي هذا الفرس، فقال: هو لك، ولكن إن استطعت أن لا تزال تنزل قريبا مني، فإن صهيله قد كان يعجبني. (1039) قوله: «عن أنس بن مالك» : أخرجه الشيخان من طرق، فأخرجه البخاري في الهبة، باب من استعار من الناس الفرس، رقم 2627، وفي الجهاد، باب الشجاعة في الحرب والجبن، رقم 2820، وفي باب اسم الفرس والحمار، رقم 2857، وفي باب الركوب على الدابة الصعبة رقم 2862، وفي باب ركوب الفرس العري، رقم 2866، وفي باب الفرس القطوف، رقم 2867، وفي باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق، رقم 2908، وفي باب مبادرة الإمام عند الفزع، رقم 2968، وفي باب السرعة والركض في الفزع، رقم 2969، وفي باب إذا فزعوا بالليل، رقم 3040، وأخرجه في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، رقم 6033، وفي باب المعاريض مندوحة عن الذب، رقم 6212. وأخرجه مسلم في الفضائل، باب في شجاعة النبي، رقم 2307 (49- وما بعده) . (1040) قوله: «قد كان يعجبني» : أخرجه الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 1/ 206] تبعا للمصنف، إلّا أنه قال: أهداه له رجل من خزاعة، وتمامه عنده: فلما قدم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 ......... - المدينة فقد صهيله فسأل عنه صاحبه فقال: خصيته، فقال صلى الله عليه وسلم: مه! فإن الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، فاتخذوا من نسلها، وباهوا بصهيلها المشركين، أعرافها أدفاؤها، وأذنابها مذابها، فو الذي نفسي بيده إن الشهداء ليأتون يوم القيامة بأسيافهم على عواتقهم، لا يمرون بأحد من الأنبياء إلّا تنحى عنهم حتى يجلس على منابر من نور فيقال: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الذين أهرقوا دماءهم لرب العالمين. قلت: وقد اختلفت طريقة أهل السير في عد الخيل التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من لم يلتفت إلى طريقة الجمع فيما تعددت الأسماء فيه من الخيول، كالسكب الذي كان اسمه قبل أن يشتريه: الضرس، أو اختلف في ضبط اسمه كاللحيف واللخيف والنجيب وكلها لواحد، وقد قيل في الضرس: الضريس، حتى أدخل بعضهم ما ركبه وليس له كالمندوب الذي استعاره صلى الله عليه وسلم من أبي طلحة يوم فزع أهل المدينة وقال فيه: إن وجدناه لبحرا، حتى بلغ بها بعضهم سبعا وعشرين فرسا، فذكر: السكب، واللحيف، والسبحة، والظرب- وفي بعض الروايات: الظراب- واللزاز، والمرتجز، والورد، والأبلق، وذا العقال، وذا اللمة، والمرتجل، والمرواح، والبحر، والسرحان، واليعسوب، واليعبوب، والضرس، والمندوب، والطرف، والنجيب، والأدهم، والشحاء، والسجل، وملاوح، والضريس- ذكره السهيلي- والكميت، ومسروح. وسيأتي في أسماء سيوفه عند المصنف: ذو الجناح، فهذا مجموع ما ذكره ابن سيد الناس، ومغلطاي، والصالحي، ثم حكى ابن سيد الناس: عن شيخه الحافظ أبي محمد الدمياطي الاتفاق على السبعة الأولى، وكذا ذكر الاتفاق عليها ابن القيم في الزاد، والحافظ العراقي ونظموا في ذلك أبياتا، فعن أبي الفضل عبد الرحيم العراقي: خيل النبي عدة لم تختلف ... في السبع الاولى كلها مركوب - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 1041- وكان صلى الله عليه وسلم يمسح وجوه خيله بطرف كمه بيده، وربما مسحها بطرف ردائه. - سكب لزاز ظرب مرتجز ... ورد الخيل سبحة مندوب أبلق ذو العقال بحر ضرس ... مرتجل ذو اللمة اليعسوب أدهم سرحان الشحا مراوح ... سجل نجيب طرف اليعبوب ملاوح عدة أربعة تلي ... عشرين لم يحظ بها مكتوب وعن أبي الفتح ابن سيد الناس: لم يزل في حربة ... ذا ثبات وثبات ومضاء قصرت عنه ... مواضي المرهفات كلفا بالطعن والضرب ... وحب الصافنات من لزاز ولحيف ... ومن السكب المؤات ومن المرتجز السابق ... سبق الذاريات ومن الورد ومن سبحة ... مثل العاديات وعن ابن جماعة: والخيل سكب لحيف سبحة ظرب ... لزاز مرتجز ورد لها أسرار (1041) قوله: «وربما مسحها بطرف ردائه» : أخرجه مالك في الموطأ من حديثه عن يحيى بن سعيد الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي يمسح وجه فرسه بردائه، فسئل عن ذلك فقال: إني عوتبت الليلة في الخيل، قال ابن عبد البر في التمهيد [24/ 100] : وهكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته فيما علمت، وقد روي عن مالك مسندا، عن يحيى بن سعيد عن أنس، ولا يصح، ثم ساقه بإسناده إلى عبد الله بن عمرو الفهري، عن مالك، وقال في موضع آخر: لا أعلمه يسند إلّا في حديث من لا يوثق به عن مالك، ولا يصح عنه إلّا كما في الموطأ. قلت: رواه يحيى القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن رجل من الأنصار به، أخرجه مسدد في مسنده، قال البوصيري في إتحاف الخيرة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 ......... -[6/ 292] : هذا إسناد رجاله ثقات. نعم، ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث جرير بن حازم عن الزبير ابن الخريت، عن نعيم بن أبي هند الأشجعي قال: رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يمسح خد فرسه فقيل له في ذلك فقال: إنّ جبريل عاتبني في الفرس، ومن طريق أبي داود أخرجه ابن عبد البر في التمهيد [24/ 101] وهذا أيضا مرسل، خالفه سعيد بن زيد فأسنده عن الزبير، عن نعيم، عن عروة البارقي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود في مسنده عقب الذي قبله. وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 675- 676 بغية الباحث] رقم 651: حدثنا العباس بن الفضل، ثنا عبد الوارث بن سعيد، ثنا يونس بن عبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح وجه فرسه بكمه. ومن طريق الحارث أخرجه أبو عوانة في المستخرج [5/ 13] إلّا أنه قال: يلوي ناصية فرسه بيده وزاد: فقلت له، قال: الخيل معقود في نواصيها الخير. قلت: العباس بن الفضل شيخ الحارث ضعفه الجمهور، لكن تابعه غير واحد عند أبي عوانة على اللفظ الذي أخرجه في مستخرجه. وروى ابن سعد في الطبقات [1/ 490- 491] من حديث الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي عبد الله واقد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى فرس له فمسح وجهه بكم قميصه ... الحديث إسناده على شرط الشيخين إلّا أنه مرسل. هذا، وفي الحديث من إكرام الفرس والخيل ما لا يخفى، والأمر بالمسح على ناصيته جاء من رواية أبي وهب الجشمي عند النسائي في الخيل، باب ما يستحب من شية الخيل، رقم 3565 وفيه: ارتبطوا وامسحوا بنواصيها، وأكفالها وقلدوها.. الحديث، رواه غيره مختصرا، ليس فيه الشاهد، منهم أبو داود في الأدب، والبخاري في تاريخه وغيرهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 [213- فصل: ذكر أسماء البغال والحمير الّتي أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والّتي كان يركبها] 213- فصل: ذكر أسماء البغال والحمير الّتي أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والّتي كان يركبها 1042- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولقد أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلته الشهباء، فركبها وأردفني خلفه. 1043- قال ابن عباس: وأهدى إليه ملك الروم بغلة، فجعلنا لها (1042) قوله: «بغلته الشهباء» : لم يبين في الرواية اسم مهديها، وقد روى غير واحد عن ابن عباس تعدد إهداء الشهباء، ووقع في بعض الطرق أنها كانت بيضاء، ثم سميت في أخرى بالدلدل، فكان ذلك وجه من قال بالجمع بينهما وأنها واحدة. فأخرج ابن عساكر في تاريخه [4/ 213] ، من حديث الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن الحجاج بن علاط أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار، وأن دحية الكلبي أهداه بغلته الشهباء. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 491] ، من حديث عبد القدوس، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء، فهي أول شهباء كانت في الإسلام فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجته أم سلمة فأتيته بصوف وليف، ثم فتلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم لها رسنا وعذارا، ثم دخل البيت فأخرج عباءة مطرفة فثناها، ثم ربّعها على ظهرها، ثم سمى وركب، ثم أردفني خلفه. لم يبين اسم المهدي، وبينه المصنف في روايته التالية، وانظر التعليق عليها. (1043) قوله: «وأهدى إليه ملك الروم» : هكذا في الأصول، وقد أخرج الحديث الحاكم في المستدرك [3/ 541] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 رسنا من صوف وشعر فرشتها به، ثم دعا بعباءة فثناها، ثم طرحها على ظهرها، ثم ركب وأردفني فسار هنيهة ثم حرك رأسه فقال: يا غلام لو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض على أن ينفعوك بغير ما كتب الله لك لم يقدروا على ذلك، ولو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض على أن يضروك بغير ما كتب الله لم يقدروا على ذلك، فقلت: يا رسول الله فكيف لي أن أكون على ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك. - وفيه أن الذي أهداه إياه ملك كسرى، قال الحافظ الدمياطي: وهذا بعيد، لأن كسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عامله على اليمن أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن سيد الناس في العيون: ولا يثبت- يعني: الحديث-؛ أما الصالحي فقال في سبل الهدى: يحتمل أن يكون الذي أرسلها ولد المقتول. اهـ، وهو بعيد أيضا. قال الحاكم عقب إخراجه للحديث: هذا حديث كبير عال من حديث عبد الملك بن عمير، عن ابن عباس، إلّا أن الشيخين رضي الله عنهما لم يخرجا لشهاب ابن خراش ولا للقداح في الصحيحين. اهـ. وعلل الذهبي عدم إخراجهما؛ بأن القداح- قال أبو حاتم: - متروك، والاخر مختلف فيه، قال: وعبد الملك لم يسمع من ابن عباس فيما أرى. قال أبو عاصم: في لفظ هذا الحديث نكارة، وقد روي طرفاه بأسانيد صحيحة وحسنة، فقد أخرج طرفه الأول أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 162] بإسناد على شرط الصحيح، من طريق محمد بن زياد، عن سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة، فكان يركبها، وبعث إليه بقدح وكان يشرب فيه. وأما طرفه الاخر فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 138، 303، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 قال أبو سعد رحمه الله: 1044- كانت البغلة التي يقال له دلدل أهداها إليه المقوقس، فكان يركبها في المدينة، وكان يركبها علي رضي الله عنه، وبقيت إلى زمن معاوية. - 307] ، والترمذي في القيامة رقم 2516، وابن أبي عاصم في السنة [1/ 138] رقم 316، والفسوي في المعرفة [2/ 530] ، وأبو يعلى في مسنده [4/ 430] رقم 2556، والبيهقي في الاعتقاد [/ 72] ، وغيرهم، من حديث قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا غلام احفظ الله يحفظك.. الحديث بطوله، قال الترمذي: حسن صحيح. وأسنده المصنف في كتابه تهذيب الأسرار، باب: في ذكر اليقين، من وجه آخر عن ابن عباس من طريق شيخه أبي عمرو بن مطر: أنا أبو إسحاق: إبراهيم بن شريك، ثنا شهاب بن عباد العبدي، ثنا عيسى بن يونس عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمر مولى غفرة عنه قال: أردفني رسول الله خلفه فقال: يا غلام، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بها؟ ... الحديث. (1044) قوله: «أهداها إليه المقوقس» : ملك الإسكندرية، أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 491] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 230] ، من حديث الواقدي- وهو حجة في السير والأخبار متروك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-، قال: حدثني موسى بن محمد، عن أبيه قال: كانت دلدل بغلة النبي صلى الله عليه وسلم أول بغلة رئيت في الإسلام، أهداها المقوقس، وأهدى معها حمارا يقال له عفير، فكانت البغلة قد بقيت حتى زمن معاوية، وفي تهذيب ابن منظور [2/ 365] : وهي التي قال لها في بعض الأماكن: اربضي دلدل. قوله: «وكان يركبها علي رضي الله عنه» : زاد ابن عساكر [4/ 230] من طريق آخر عن الواقدي: كانت دلدل بغلة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 ......... - رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بقيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة أبي بكر وعمر وعثمان حتى كان زمن معاوية، وكانت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد عليها القتال يوم النهروان حين قاتل الخوارج. وأخرج ابن عساكر [4/ 231] بإسناد على شرط الصحيح، من حديث زيد بن وهب قال: لما قاتل علي رضي الله عنه الخوارج يوم النهروان جاء على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء، فهذا يؤيد وجه من قال بالجمع، وأنها واحدة، وأخرج أيضا من طريق قطن عن أبي القعقاع قال: رأيت عليّا رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء يطوف بين القتلى، ثم ردت البغلة بعد إلى المدينة، أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 162] من وجه آخر من حديث ابن أبي الجعد، عن الأصبغ ابن نباتة. وقد روى الواقدي عن معمر، عن الزهري أن دلدل أهداها فروة بن عمرو الجذامي، أخرجه ابن سعد [1/ 491] ، زاد ابن عساكر [4/ 230] : وحضر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال يوم حنين، وقد وقع ذلك في صحيح مسلم عند سياقه لروايات غزوة حنين، ففي رواية عنده أنه كان على الشهباء، وفي رواية أخرى مختلفة المخرج أنه كان على البيضاء وأن الذي أهداه إياها فروة الجذامي، فهذان وصفان قد وصفت بهما الدلدل. وأخرج ابن سعد وابن عساكر من حديث علقمة بن أبي علقمة قال: بلغني أن اسم بغلته صلى الله عليه وسلم الدلدل وكانت شهباء، وكانت بينبع حتى ماتت ثم. فيستفاد من مجموع تلك الروايات أن الدلدل هي الشهباء، وكانت بيضاء، وقد ذهب إلى هذا الدمياطي فيما ذكره الحافظ في الفتح، وذهب بعضهم إلى أنها هي التي يقال لها فضة؛ لشدة بياضها، واتحاد مهديها وهو فروة الجذامي، كما سيأتي. قال ابن منظور في تهذيبه [2/ 365] : قال غير ابن عباس: وكان عثمان بن عفان- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 1045- وكان له حمار يقال له يعفور، وكانت له بغلة أخرى يقال لها فضة وهبها لأبي بكر، وله بغلة يقال لها أيلية أهداها له ملك أيلة. - أيضا يركبها، وركبها الحسن بن علي، ثم ركبها الحسين ومحمد بن الحنفية، حتى كبرت وعميت، ودخلت مبطحة لبني مذجح فرماها رجل بسهم فقتلها. (1045) قوله: «يقال له يعفور» : هو غير عفير فيما ذهب إليه أكثر أهل السير. أخرج ابن سعد الطبقات [1/ 491] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 230] من حديث الواقدي عن ابن أبي سبرة، عن زامل بن عمرو قال: أهدى فروة بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغلة يقال لها: فضة فوهبها لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وحماره يعفور نفق منصرفه من حجة الوداع، وأخرج ابن سعد [1/ 492] ، وابن عساكر [4/ 230] من حديث ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة: اسم حماره صلى الله عليه وسلم يعفور، وزاد ابن عساكر: وكان رسنه من ليف. وأخرجا أيضا من حديث محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: أخبرنا سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كانت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى الشهباء وحماره اليعفور. وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن ابن عمر: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له اليعفور، وقد روي في الحمار يعفور قصة مع النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد منكر خرجناها في معجزاته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات. قوله: «أيلية» : أو الأيلية، نسبة إلى أيلة، أهداها له ملك أيلة، اسمه: يحنّة بن رؤبة، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 ......... - يقال له: ابن العلماء، وهي أمه، وذلك مروي في الزكاة من صحيح البخاري، باب خرص التمر، من حديث أبي حميد الساعدي، وعلقه في الهبة أيضا، وأخرجه أيضا في الجزية والموادعة، باب إذا وادع الإمام ملك القرية، وقد فرق ابن عساكر في تاريخه- ومغلطاي في الإشارة-، بينها وبين التي أهداها ابن العلماء، ووصف ابن عساكر الأيلية بأنها: كانت حسنة السير مخدوفة طويلة، كأنما تقوم على رماح قال: وهي التي قال له علي رضي الله عنه فيها لما أعجبته صلى الله عليه وسلم: إن كانت أعجبتك هذه البغلة فإنا نصنع لك مثلها، قال: وكيف ذلك؟ قال: هذه أمها فرس عربية وأبوها حمار فلوا أنزينا على فرس عربية حمارا لجاءت بمثل هذه البغلة، فقال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون، [تهذيب ابن منظور 2/ 365] ، وقد أخرج ابن سعد بعضه في الطبقات [1/ 491- 492] . ومما تقدم، يكون للنبي صلى الله عليه وسلم من البغال: دلدل، وفضة، والأيلية، والتي أهداها له كسرى أو ملك الروم- إن صح الخبر-، والتي أهداها النجاشي، ثم التي أهداها صاحب دومة الجندل، أخرجه ابن سعد [2/ 78] ، فهذه ست، وسبع عند من فرق بين الأيلية وبين التي أهداها ملك أيلة. وأما الحمير: فعفير، تقدم في أول الباب، وشاهده في الصحيحين من حديث عمرو ابن ميمون، عن معاذ قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير فقال: يا معاذ ... الحديث، ويعفور تقدم تخريج حديثه، وقيل: هما واحد، ذهب إلى ذلك ابن عبدوس فيما ذكره الحافظ في الفتح، ومال إليه ابن القيم فلم يذكر غير عفير، وكذا ابن كثير، وذكروا ثالثا أعطاه سعد بن عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم فركبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 [214- فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من النّوق] 214- فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من النّوق 1046- كان له صلى الله عليه وسلم من النوق: القصواء، ابتاعها أبو بكر رضي الله عنه- وأخرى معها- من بني الحريش بثمانمائة درهم، فأخذها منه النبي صلى الله عليه وسلم بأربعمائة درهم، وكان لا يحمله غيرها إذا أنزل عليه الوحي. (1046) قوله: «القصواء» : شاهده في الصحيحين من حديث ابن عمر وابن عباس والمسور بن مخرمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف أسامة بن زيد على القصواء من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل ... الحديث، وفي حديث المسور في قصة الحديبية الطويل عند البخاري في الشروط: أن القصواء بركت عند الثنية التي يهبط عليهم منها، فقال الناس: حل، حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق ... » الحديث. قوله: «فأخذها منه صلى الله عليه وسلم» : أخرج الحديث ابن سعد في الطبقات [1/ 492] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 233] ، من حديث الواقدي، لكنه جمع في روايته بين الثلاثة فجعلهن واحدة فقال: وهي التي هاجر عليها، وكانت حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة رباعية، وكان اسمها القصواء والجدعاء والعضباء، قال الحافظ في الفتح: قال الزمخشري: العضباء منقول من قولهم ناقة عضباء أي قصيرة اليد، واختلف هل العضباء هي القصواء أو غيرها؟ فجزم الحربي بالأول، وقال غيره بالثاني، وقال: الجدعاء كانت شهباء، وكان لا يحمله عند نزول الوحي غيرها. اهـ. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 1047- وأما العضباء، فكانت لا تسبق، ثم جاء أعرابي على ناقة فسبقها، فعجب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن من قدر الله تعالى أن لا يرتفع شيء إلّا وضعه. 1048- وكانت له صلى الله عليه وسلم: الجدعاء. - قلت: هذا الذي ذكره في الجدعاء، قيل في القصواء لا في الجدعاء، وسيأتي أن الجدعاء هي التي هاجر عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. (1047) قوله: «وأما العضباء فكانت لا تسبق» : أخرجه البخاري في الجهاد، باب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الرقاق أيضا من حديث حميد، عن أنس، وكذا أبو داود في الأدب، وأخرجه البخاري معلقا في الجهاد من حديث ثابت، عن أنس، وأخرجه أبو داود من هذا الوجه أيضا. (1048) قوله: «وكانت له صلى الله عليه وسلم الجدعاء» : أخرج البخاري في المغازي، باب غزوة الرجيع من حديث عروة، عن عائشة قالت: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى، فقال له: أقم، فقال: يا رسول الله أتطمع أن يؤذن لك؟ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأرجو ذلك ... الحديث. وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أبا بكر فقال: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج؟ فقال: يا رسول الله الصحبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الصحبة، قال: يا رسول الله عندي ناقتان قد كنت أعددتهما للخروج، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما- وهي الجدعاء- فركبا ... الحديث. وروى أبو زرعة من حديث عبد الله بن صالح، عن معاوية، عن أبي الزاهرية قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنيق: الجدعاء، والقصواء، والعضباء، أخرجه ابن عساكر [4/ 233] . وأخرج أيضا من حديث ابن البرقي، عن عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد قال: اسم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم العقاب، وفرسه المرتجز، وناقته العضباء، والقصواء، والجدعاء ... الحديث. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 1049- وأما أسماء لقاحه صلى الله عليه وسلم: المروة، والبغوم، وكانت لقاحه التي أغار عليها عيينة بن حصن بالغابة ... - وبقي من الإبل مما لم يذكر: نجيبة، كان أهداها له عياض بن حمار، قبل أن يسلم، فلم يقبلها، ثم قبلها منه صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه، ذكرها ابن إسحاق، وذكر الطبري في تاريخه آخر كان يغزو عليه ويضرب في لقاحه صلى الله عليه وسلم، غنمه يوم بدر، وكان لأبي جهل قبل، وكان له صلى الله عليه وسلم الثعلب، بعث صلى الله عليه وسلم عليه يوم الحديبية خراش بن أمية إلى مكة قبل عثمان، فعقروا الجمل، حكاه الثعالبي في تفسيره. (1049) قوله: «أسماء لقاحه» : اللقاح: جمع لقحة- بكسر اللام وفتحها-: الناقة القريبة العهد بالولادة، ويقال للناقة إذا كانت غزيرة اللبن: لقوح. قوله: «عيينة بن حصن» : هو الفزاري، مذكور في الصحابة، وفي ترجمته ما يدل على أنه كان به غلظة وجفاء، سكان البوادي، وقد ساق الحافظ في الإصابة شواهد لذلك قال: وفي صحيح البخاري أن عيينة قال لابن أخيه: استأذن لي على عمر، فدخل عليه فقال: ما تعطي الجزل، ولا تقسم بالعدل، فغضب، فقال ابن أخيه: إن الله يقول: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ فتركه، قال الحافظ: وقرأت في كتاب الأم للشافعي في باب من كتاب الركاز: أن عمر قتل عيينة على الردة، قال: ولم أر من ذكر ذلك غيره، فإن كان محفوظا فلا يذكر عيينة في الصحابة، لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله فبادر إلى الإسلام فترك، فعاش إلى خلافة عثمان، وأخرج ابن سعد في الطبقات بإسناد على شرط الصحيح: أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عكرمة ابن عمار قال: حدثني إياس بن سلمة، عن أبيه في حديث رواه: أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يقال له رباح، وكان في ظهر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أغار عليه ابن- كذا- عيينة بن حصن، ولعل لفظة ابن مقحمة في الأصل والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 عشرين لقحة. قوله: «عشرين لقحة» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 494] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 234] ، كلاهما من حديث الواقدي: حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاح، وهي التي أغار عليها القوم بالغابة، وهي عشرون لقحة، وكانت التي يعيش بها أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يراح إليه كل ليلة بقربتين عظيمتين من لبن، فكان فيها لقائح لها غزر: الحناء، والسمراء، والعريس، والسعدية، والبغوم، واليسيرة، والدباء، ولم يذكر المروة، وذكرها ابن سيد الناس في العيون [2/ 423] . وأخرجا من طريقه أيضا عن أم سلمة قالت: كان عيشنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن- أو قالت: أكثر عيشنا-، كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقائح بالغابة كان قد فرقها على نسائه، فكانت لي منها لقحة تدعى: العريس، كنا منها فيما شئنا من اللبن، وكانت لعائشة لقحة تدعى: السمراء، غزيرة، ولم تكن كلقحتي، فقرب راعيهن اللقاح إلى مرعى بناحية الجوانية، فكانت تروح على أبياتنا فيؤتى بهما فتحلبان، فتوجد لقحته- تعني النبي صلى الله عليه وسلم- أغزر منها بمثل لبنها أو أكثر. وأخرج ابن سعد أيضا من طريق الواقدي: حدثني موسى بن عبيدة عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: أهدى الضحاك بن سفيان الكلابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقحة تدعى: بردة، لم أر من الإبل شيئا قط أحسن منها، وتحلب ما تحلب لقحتان غزيرتان، فكانت تروح على أبياتنا، يرعاها هند وأسماء، يعتقبانها بأحد مرة وبالجماء مرة، ثم يأوي بها إلى منزلنا معه ملء ثوبه مما يسقط من الشجر وما يهش من الشجر فتبيت في علف حتى الصباح، فربما حلبت على أضيافه فيشربون حتى ينهلوا غبوقا، ويفرق علينا بعد ما فضل، وحلابها صبوحا حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 1050- وقيل: كانت لقاحه سبعا، فأغار عليها العرنيون وقتلوا غلامه يسارا، وساقوا اللقاح، فوجه صلى الله عليه وسلم عليّا في آثارهم، فردهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم وصلبهم في الشمس. (1050) قوله: «وقيل كانت لقاحه سبعا» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 495] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 233- 234] عن الواقدي: أخبرنا عبد السلام بن جبير، عن أبيه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سبع لقائح تكون بذي الجدر وتكون بالجماء، فكان لبنها يؤوب إلينا: لقحة تدعى مهرة، ولقحة تدعى الشقراء، ولقحة تدعى الدباء- وفي بعض المصادر: الزبا، وفي بعضها الرياء-، قال: فكانت مهرة أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بني عقيل وكانت غزيرة، وكانت الشقراء والدباء ابتاعهما بسوق النبط من بني عامر، وكانت بردة، والسمراء، والعريس، واليسيرة، والحناء يحلبن ويراح إليه بلبنهن كل ليلة، وكان فيها غلام النبي صلى الله عليه وسلم يسار فقتلوه، زاد ابن عساكر: كان يسار أصابه صلى الله عليه وسلم في بني عبد بن ثعلبة فأعتقه وهو نوبي، فقتلوه يومئذ. وذكر ابن القيم في الزاد أن للنبي صلى الله عليه وسلم خمسا وأربعين لقحة، وفيه نظر لا يخفى. قوله: «وسمل أعينهم» : أي: فقأها، ويروى بالراء، وباللام أثبت، والقصة مخرجة في الصحيحين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 [215- فصل: ذكر أعنزه صلى الله عليه وسلم] 215- فصل: ذكر أعنزه صلى الله عليه وسلم 1051- كنّ سبعا ترعاهن أم أيمن وتروح بهن إليه. 1052- وأسماؤها: عجوة، وزمزم، وسقيا، وبركة، وورسة، وإطلال، وإطراف. 1053- وكان اسم شاته صلى الله عليه وسلم التي يشرب لبنها: غيثة. (1051) قوله: «كن سبعا» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 495] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 249- 250] ، كلاهما من حديث الواقدي: حدثني أبو إسحاق، عن عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 496] أيضا من حديث الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن مسلم بن يسار، عن وجيهة مولاة أم سلمة، قالت: سئلت أم سلمة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو؟ قالت: لا والله ما علمته، كانت لنا أعنز سبع، فكان الراعي يبلغ بهن مرة الجماء، ومرة أحدا ويروح بهن علينا فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاح بذي الجدر، فتؤوب إلينا ألبانها بالليل، وتكون بالغابة فتؤوب إلينا ألبانها بالليل، وكان أكثر عيشنا من الإبل والغنم. (1052) قوله: «وأسماؤها» : سماهن إبراهيم بن عبد الله من ولد عقبة بن غزوان، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 495] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 250] . (1053) قوله: «غيثة» : وقيل: غوثة، قال ابن سيد الناس: وأخرى تسمى قمر، وعنز تسمى: اليمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 1054- وكانت له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم. 1055- وكان له صلى الله عليه وسلم ديك أبيض. (1054) قوله: «كانت له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم» : زاد غيره: لا يريد أن تزيد على ذلك، فكان كلما ولد الراعي بهمة ذبح مكانها شاة، قال ابن سيد الناس: وأما البقر فلم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك منها شيئا. (1055) قوله: «وكان له صلى الله عليه وسلم ديك أبيض» : أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 834 بغية الباحث] رقم 878، من حديث طلحة بن عمرو عمّن حدّثه عن أبي زيد الأنصاري مرفوعا: الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي، يحرس دار صاحبه وسبع دور حولها، قال: وكان صلى الله عليه وسلم يبيته معه في بيته، هذا أصرح شيء في هذا الباب في اتخاذه صلى الله عليه وسلم الديك الأبيض، وهو ضعيف جدّا؛ مداره على عبد الرحيم بن واقد أحد الضعفاء، وشيخه فيه وهب، أبو البختري اتهم بالكذب، وفيه انقطاع أيضا، وفي اللفظ اضطراب، أخرجه أبو الشيخ من وجه أمثل منه في العظمة [5/ 1757] رقم 1253 من حديث الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنس مرفوعا: الديك الأبيض حبيبي، وحبيب حبيبي جبريل ... الحديث، ليس فيه أنه اتخذه أو بيته معه في بيته، وإسناد هذا أمثل من الذي قبله بكثير، وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم الديك، وثبت أنه نهى صلى الله عليه وسلم عن سبه ولعنه بأسانيد حسنة، ليس هذا محل بسطها، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 [216- فصل: ذكر ما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم وما كان يعجبه من اللّباس] 216- فصل: ذكر ما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم وما كان يعجبه من اللّباس 1056- كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: القميص، وكان إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصف الساق. 1057- كان صلى الله عليه وسلم يلبس الشملة ويأتزر بها، يلبسها فيصلي فيها بالناس. (1056) قوله: «كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» : وفي رواية: ما كان شيء من الثياب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من القمص، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 317] ، من طريقه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 239] . وأخرجه أبو داود في اللباس، باب ما جاء في القميص، رقم 4025، 4026، والترمذي في اللباس، باب ما جاء في القميص رقم 1762، 1763، 1764، وابن ماجه، في لبس القميص، رقم 3575، وأبو يعلى في مسنده [12/ 445] رقم 7014، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 239] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 160] جميعهم من حديث أم سلمة، حسنه الترمذي، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 192] ، ووافقه الذهبي، وفيه اختلاف على عبد المؤمن بن خالد لا يضر. وسيأتي الكلام على الشق الثاني من الحديث. (1057) قوله: «يلبس الشملة» : أخرجه ابن ماجه في اللباس، باب لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم 3552، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 127] ، من حديث خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في شملة قد عقد عليها، وزاد ابن عدي في الكامل [1/ 405- 406] : أشار سفيان إلى قفاه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 1058- وكان صلى الله عليه وسلم يلبس القلانس تحت العمائم، ويلبس القلانس بغير العمائم، والعمائم بلا قلانس، ويلبس القلانس ذوات الاذان في- قال أحمد بن محمد بن عبد الكريم شيخ ابن عدي في هذا الحديث، قال لنا سفيان: الصوفية قد عنوني، كم يسألوني عن هذا الحديث. اهـ. وهو منقطع، خالد بن معدان لم يلق عبادة ابن الصامت. ورواه أبو يعلى والبزار فقالوا: في ثوب، بدل شملة. وأخرج أبو داود في اللباس برقم 4057، والإمام أحمد في مسنده [5/ 63- 64] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 119] ، والبيهقي في الكبرى [3/ 236] ، من حديث أبي تميمة، عن جابر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتبي بشملة قد وقع هدبها على قدميه. (1058) قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يلبس القلانس تحت العمائم» : أخرج البخاري في التاريخ الكبير [3/ 338] ، وأبو داود في اللباس، باب في العمائم، برقم 4078، والترمذي في اللباس، باب العمائم على القلانس، برقم 1748، من حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس، أخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده [3/ 5] رقم 1412، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 68] رقم 4614، والحاكم في المستدرك [3/ 452] ، والبيهقي في الاداب رقم 698. قال الترمذي: غريب، وليس إسناده بالقائم، وقال ابن حبان: في إسناد خبره نظر الثقات [3/ 130] . وأخرج الطبراني في الأوسط [7/ 105] رقم 6179، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 125] ، والبيهقي في الشعب برقم 6259، من حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس قلنسوة بيضاء، وفي إسناده عبد الله بن خراش وهو ضعيف، وزعم البيهقي في الشعب أنه تفرد به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 الحرب، وربما نزع قلنسوته عن رأسه فجعلها سترة بين يديه ثم يصلي إليها صلى الله عليه وسلم. 1059- وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يتعمم بالعمائم الحرقانية السواد في أسفاره، وربما يعتجر اعتجارا. قوله: «ثم يصلي إليها» : أخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 125] من حديث ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث قلانس، قلنسوة بيضاء مضربة، وقلنسوة برد حبرة، وقلنسوة ذات آذان، يلبسها في السفر، وربما وضعها بين يديه إذا صلى. وأخرج أبو الشيخ [/ 125] من حديث أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قلنسوة بيضاء شامية. (1059) قوله: «بالعمائم الحرقانية» : قال الزمخشري: كأنها منسوبة إلى الحرق، وقال السيوطي: أي على لون ما أحرقته النار، بوب لها النسائي في المجتبى وأورد فيه حديث عمرو بن حديث قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم عليه عمامة حرقانية، رقم 53423. وهذا قد أخرجه مسلم في الحج، باب جواز دخول مكة بغير إحرام، رقم 1359 (452، 453) ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 233] ، والترمذي في الشمائل، رقم 111، وابن ماجه في إقامة الصلاة، رقم 1104، وفي اللباس، برقم 3584، والحميدي في مسنده [1/ 257- 258] ، والإمام أحمد في مسنده [4/ 307] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 455] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 122] . قوله: «يعتجر اعتجارا» : الاعتجار: أن يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه دون أن يرد منها شيئا تحت ذقنه، يقال: هي لبسة كالالتحاف، ومنه حديث ابن عباس- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 1060- وكانت له صلى الله عليه وسلم عمامة يعتم بها يقال لها: السحاب، فكان يلبسها، فكساها بعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان ربما طلع علي رضي الله عنه عليه فيها فيقول: أتاكم علي في السحاب- يعني: عمامته التي وهب له صلى الله عليه وسلم-. 1061- وروى أبو راشد الحبراني عن علي رضي الله عنه قال: عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدل طرفها على منكبي وقال: إن العمامة حاجز بين المشركين والمسلمين. - عند البخاري في مناقب الأنصار: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متعطفا بها، وعليه عصابة رسماء ... الحديث. ومنه أيضا حديث أنس بن مالك عنده: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وقد عصب على رأسه حاشية برد ... الحديث. (1060) قوله: «أتاكم علي في السحاب» : أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي، عند ذكر عمامته صلى الله عليه وسلم [/ 122- 123] ، وزاد: فحرفوها هؤلاء فقالوا: علي في السحاب، وفي إسناده مسعدة بن اليسع، مجمع على ضعفه، وعلقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6/ ق- 1/ 105] . (1061) قوله: «وروى أبو راشد الحبراني، عن علي» : أخرجه الطيالسي في مسند برقم 156، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 14] ، واللفظ عندهما: عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم بعمامة سدلها خلفي ثم قال: إن الله عزّ وجلّ أمدّني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة، وقال صلى الله عليه وسلم: إن العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان. إسناده ضعيف، أبو راشد الحبراني: من رجال التهذيب ثقة، لكن عبد الله بن بسر الراوي عنه: أحد الضعفاء. وقد تقدم تمام حديث علي رضي الله عنه في أسماء قسيه صلى الله عليه وسلم برقم: 1029. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 1062- وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الثياب الخضر، وكانت له جباب: جبة سندس بزيون خضراء. 1063- روى أنس أن أكيدر دومة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم جبة سندس، فجعل الناس يتعجبون منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذه، (1062) قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الثياب الخضر» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 226- 228، 4/ 163] ، وأبو داود في اللباس، باب في الخضرة، رقم 4065، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في الثوب الأخضر، رقم 2812، والنسائي في الزينة، باب لبس الخضر من الثياب، جميعهم من حديث أبي رمثة (بألفاظ) ، قال: كنت مع أبي فوجدناه جالسا في ظل الكعبة وعليه بردان أخضران. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 458] ، والبغوي في الأنوار برقم 770، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 116] ، من حديث ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة: أن ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يخرج فيه إلى الوفد: رداء وثوب أخضر ... الحديث. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 453] ، من حديث ابن جريج، عن عطاء أو غيره، عن ابن يعلى، عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت مضطبعا ببرد أخضر. قوله: «بزيون خضراء» : البزيون: بالضم: السندس، قال ابن بري: هو رقيق الديباج، وفي الصحيحين من حديث أنس: أن أكيدر دومة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم جبة سندس، أورده المصنف بعد هذا، وعند الترمذي في اللباس من حديث أنس: أن سعدا بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة من ديباج منسوج فيها الذهب، فلبسها النبي صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر ... الحديث، رقم 1723، وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند [3/ 121] ، والنسائي في الزينة، باب ليس الديباج المنسوج بالذهب، رقم 5302. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه. 1064- وكانت له صلى الله عليه وسلم جبة من طيالسة مكفوفة بالديباج يلقى بها العدو. 1065- وكان صلى الله عليه وسلم يشتري لنفسه الثياب، وربما طلب اللبيس من القمص والسراويلات، وربما يشتري الجدد. قوله: «لمناديل سعد بن معاذ في الجنة» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الهبة، باب قبول الهدية من المشركين، رقم 2615، 2616، وفي بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، رقم 3248 وغير ذلك، وأخرجه مسلم في الفضائل، باب من فضائل سعد بن معاذ، رقم 2468 (126، وما بعده) . (1064) قوله: «وكانت له صلى الله عليه وسلم جبة من طيالسة» : هكذا وصفها ابن سعد في روايته، فقال في الطبقات [1/ 454] : أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي، وعبيدة بن حميد، وإسحاق بن يوسف الأزرق، قالوا: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله مولى أسماء قال: أخرجت إلينا أسماء جبة من طيالسة لها لبنة شبر من ديباج كسرواني، وفروجها مكفوفة به، فقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يلبسها، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عند عائشة رضي الله عنها، فلما توفيت عائشة رضي الله عنها قبضتها، فنحن نغسلها للمريض منا إذا اشتكى. أخرجه النسائي في الزينة من السنن الكبرى برقم 9619، وأصل هذا في الصحيحين كما سيأتي تحت كسائه صلى الله عليه وسلم الملبد. (1065) قوله: «يشتري لنفسه الثياب» : فيه عن مخرفة العبدي، خرجناه في فتح المنان تحت رقم 2748، وسيأتي في باب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه أنه كان يخرج إلى السوق، وفيه: أنه اشترى قميصا، وأخرج أبو داود في اللباس من حديث إسحاق بن عبد الله: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 1066- ويكون قميصه وجبابه وأقبيته صلى الله عليه وسلم كلها مشمرة فوق الكعبين. - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضع وعشرين قلوصا، فأهداها إلى ذي يزن، وأخرجه أيضا ابن سعد في الطبقات [1/ 461] ، وفي رواية عند ابن مسعد من وجه آخر، عن محمد بن سيرين: أنه صلى الله عليه وسلم اشترى حلة- وإما قال ثوبا- بتسع وعشرين ناقة. قلت: كلاهما مرسل. (1066) قوله: «وأقبيته صلى الله عليه وسلم كلها مشمرة» : القباء: ممدود، فارسي معرب، وقيل: عربي، مشتق من القبو وهو الضم، وهو الثوب الذي له شق من خلفه، ضيق الكمين والوسط مشقوق من الخلف لتسهل له الحركة في السفر والحرب. أخرج الشيخان من حديث المسور بن مخرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أقبية ولم يعط مخرمة شيئا ... الحديث، وفيه: فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء منها فقال: خبأت هذا لك. قوله: «مشمرة فوق الكعبين» : عزاه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 373] لأبي الفضل محمد بن طاهر ابن صفوة التصوف، من حديث عبد الله بن بسر، بإسناد ضعيف. قلت: أخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 262] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، والبغوي في الأنوار برقم 74، وفي شرح السنة [12/ 22] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 195] ، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 88] رقم 1113، وهذا لفظ الحاكم في المستدرك [4/ 195] : عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس قميصا وكان فوق الكعبين، وكان كمه مع الأصابع، ولفظ ابن ماجه والطبراني: قصير اليدين والطول، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: مسلم- يعني ابن كيسان- تالف. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 وكانت تكون قمصه صلى الله عليه وسلم مشدودة الأزر، وربما لبس صلى الله عليه وسلم الكساء الصوف وحده فيصلي فيه، وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره، يعقد طرفيه بين كتفيه فيصلي فيه. - وأخرج الترمذي في اللباس برقم 1765، وابن عساكر في تاريخه [4/ 196] من حديث أسماء بنت يزيد قالت: كان كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ. وأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 319] ، والنسائي في الزينة من السنن الكبرى رقم 9682، والترمذي في الشمائل برقم 115، والبغوي في الأنوار برقم 765، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 114] ، من حديث الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتي، تحدث عن عمها قال: بينا أنا أمشي في المدينة إذا إنسان خلفي يقول: ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إنما هي بردة ملحاء، قال: أما لك فيّ أسوة؟ فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه. قوله: «مشدودة الأزر» : وربما كانت محلولة، فأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 434] ، وأبو داود في اللباس، باب في حلّ الأزرار، رقم 4082، والترمذي في الشمائل برقم 57، وابن ماجه في اللباس، باب حل الأزرار رقم 3578، والطيالسي في مسنده برقم 1072، من حديث معاوية بن قرة، عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة، فبايعناه، وإن قميصه لمطلق الأزرار، صححه ابن حبان برقم 5452. قوله: «وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره» : أخرج الشيخان من حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث عمر بن أبي سلمة، ولمسلم أيضا من حديث أبي سعيد الخدري كلهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد متوشحا به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 1067- وكان له صلى الله عليه وسلم كساء من صوف سيحاني يشهد فيه الصلاة. 1068- وكان له صلى الله عليه وسلم كساء ملبد. 1069- وكان له صلى الله عليه وسلم كساء أسود يلبسه، ثم كساه، فقالت له أم سلمة رضي الله عنها: بأبي وأمي أنت ما فعل الله بذلك الكساء الأسود؟ فقال: كسوته، فقالت: ما رأيت شيئا قط كان أحسن من بياضك على سواده. (1067) قوله: «سيحاني» : كذا في الأصول، فإن كان صحيحا فقد قال في اللسان: السيح: العباءة، وكل عباءة سيح ومسيّحه، وقيل: المسيّح من العباء: الذي فيه الجدد أو هو المخطط، وما لم يكن جدد فهو كساء. اهـ. ولعله المعبر عنه في الحديث بالأنبجاني، وهو الكساء من الصوف له خمل. (1068) قوله: «وكان له صلى الله عليه وسلم كساء ملبد» : أخرج الشيخان من حديث أبي بردة قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من التي تسمونها الملبدة قال: فأقسمت بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين. (1069) قوله: «من بياضك على سواده» : أورده هكذا الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 374] ، قال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أقف عليه من حديث أم سلمة. اهـ. قلت: أخرج أبو داود في اللباس من سننه، باب في السواد، رقم 4074، والنسائي في الزينة من السنن الكبرى، رقم 9561، والإمام أحمد في المسند [6/ 132، 219] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 453] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 120، 129] ، والبغوي في الأنوار برقم 778، وابن عساكر في تاريخه [3/ 311] ، جميعهم من حديث مطرف، عن عائشة قالت: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها فأعجبته، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 1070- وكان له صلى الله عليه وسلم ثوبان لجمعته خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة. 1071- وكان صلى الله عليه وسلم يلبس يوم الجمعة برده الأحمر، ويعتم ويسدل طرف العمامة. - زاد ابن سعد في الطبقات [1/ 453] : فذكرت بياض النبي صلى الله عليه وسلم وسوادها، فلما عرق فيها وجد منها ريح الصوف نزعها، وكان تعجبه الريح الطيبة، وفي رواية للبغوي في الأنوار برقم 777، وأبي الشيخ في هذا الحديث بعينه: أن عائشة قالت: ما أحسنها عليك، يشوب بياضك سوادها وسوادها بياضك، صححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 6295- وفي رواية ابن عساكر [3/ 311] : أنه لما لبسها سألها: كيف ترينها يا عائشة؟، قالت: ما أحسنها عليك.. الحديث. (1070) قوله: «سوى ثيابه في غير الجمعة» : أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 310] رقم 3540، وفي الصغير [1/ 259] رقم 424، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان يلبسهما في جمعته، فإذا انصرف طويناهما إلى مثله، وفي إسنادهما الواقدي وهو ضعيف جدّا، وفيه نكارة أيضا؛ فإنه يعارض ما أخرجه ابن ماجه في اللباس من حديث ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عاصم بن عمر، عن علي بن الحسين، عنها رضي الله عنها قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسب أحدا ولا يطوى له ثوب، رقم 3554. (1071) قوله: «يلبس يوم الجمعة برده الأحمر» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 451] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 204] ، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في الجمعة والعيدين. خالفه هشيم عن الحجاج، فقال: عنه، عن أبي جعفر مرسلا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 1072- وكانت له صلى الله عليه وسلم خرقة- أو منديل- بمسح بها وجهه بعد الوضوء، وربما لم يكن معه منديل فيمسح وجهه بطرف ردائه الذي يكون معه. (1072) قوله: «وكانت له صلى الله عليه وسلم خرقة أو منديل» : أخرجه الترمذي في الطهارة، باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء، رقم 53، وابن عدي في الكامل [3/ 1102] ، والدارقطني [1/ 110] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 185] ، والحاكم في المستدرك [1/ 154] ، جميعهم من حديث عروة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له خرقة ينشف بها بعد الوضوء، وفي الإسناد أبو معاذ، يقال: هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث، قال الترمذي: ليس إسناده بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء. اهـ. وللحاكم وجهة في تصحيحه؛ حيث ذهب إلى أن أبا معاذ هو: فضيل بن ميسرة؛ ولذلك وافقه الذهبي في تصحيحه، وتبعهم الشيخ أحمد شاكر. وفي ذلك نظر؛ فقد نص الدارقطني على أنه سليمان بن أرقم، ثم إنه يعارض حديث ابن عباس في الصحيحين، ومسند أبي محمد الدارمي: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فأتي بمنديل فلم يمسه، وجعل يقول بالماء هكذا- يعني ينفضه بيده-، انظر تخريجنا له ونقل مذاهب أهل العلم في هذا في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع تحت رقم 757. قوله: «فيمسح وجهه بطرف ردائه» : أخرجه الترمذي في الطهارة، في الباب المشار إليه، رقم 54، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 185] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 353] ، والطبراني في مسند الشاميين برقم 2243 جميعهم من حديث ابن غنم، عن معاذ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح وجهه بطرف ثوبه، وفي الإسناد رشدين بن سعد، وهو ضعيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 1073- وأهدى له النجاشي خفّين ساذجين فكان صلى الله عليه وسلم يلبسهما. 1074- وكان صلى الله عليه وسلم قد لبس خاتم الذهب، فلبس الناس خواتيم الذهب فنبذه. 1075- ثم لبس خاتما من فضة، فصه حبشي، فجعل الفصّ مما يلي الكف. (1073) قوله: «وأهدى له النجاشي» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 352] ، وأبو داود في الطهارة، باب المسح على الخفين، رقم 155، الترمذي في الأدب، باب ما جاء في الخف الأسود، رقم 2821، وفي الشمائل برقم 69، وابن ماجه في الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين، رقم 549، وفي اللباس برقم 3620، وفرقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم جمعيهم من طرق عن دلهم بن صالح قال: سمعت عبد الله بن بريدة، عن أبيه: أن النجاشي كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني قد زوجتك امرأة من قومك وهي على دينك: أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأهديت لك هدية جامعة: قميصا وسراويل وعطافا وخفين ساذجين، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عليهما ... الحديث حسنه الترمذي. (1074) قوله: «فنبذه» : زاد في رواية: لا ألبسه أبدا، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر، وأنس بن مالك. (1075) قوله: «فصه حبشي» : أي: مما يجلب من بلاد الحبشة، وقيل: بل المراد على لونهم، إنما نسب إلى الحبشة لصفة في صياغته أو نقشه. أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 225] ، ومسلم في اللباس والزينة، باب خاتم الورق فصه حبشي، رقم 2094، وأخرجه أيضا أصحاب السنن جميعهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 1076- وجعل خاتما بعده من حديد ملويا عليه فضة، أهداه له معاذ بن جبل من اليمن مكتوب عليه: محمد رسول الله، فلبسه في يده اليمنى. ثم نقله إلى اليسرى. (1076) قوله: «أهداه له معاذ» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 476] ، من حديث أسامة بن زيد: أن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان حدثه: أن معاذ بن جبل لما قدم من اليمن- حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها- قدم وفي يده خاتم من ورق، نقشه: (محمد رسول الله) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا الخاتم؟ قال: يا رسول الله إني كنت أكتب إلى الناس، فأفرق أن يزاد فيها وينقص منها، فاتخذت خاتما أختم به، قال: وما نقشه؟ قال: محمد رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمن كل شيء من معاذ حتى خاتمه، ثم أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتختمه. وهذا لو كان له متابع لكان أعجب إلينا، محمد بن عمرو بن عثمان تكلم فيه فيما قال: حدثنا، فكيف بمن لم يدرك وفي الباب ما يعارضه قال ابن سعد [1/ 474] : أخبرنا أحمد بن محمد الأزرقي، أخبرنا عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده قال: دخل عمرو بن سعيد حين قدم من الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا الخاتم على يدك يا عمرو؟ قال: هذه حلقة يا رسول الله، قال: فما نقشها؟ قال: محمد رسول الله، قال: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتختمه فكان في يده حتى قبض ... الحديث، وهذا أولى، ويؤيده حديث مسلم المتقدم أن فصه كان حبشيا فلعله هذا الذي أخذه من عمرو، والله أعلم. قوله: «ثم نقله إلى اليسرى» : هذا الذي ذكره المصنف هو أحد المسالك في الجمع بين الروايات المختلفة في ذلك، وللحافظ ابن حجر في الفتح بحث جيد أطال فيه وأجاد، ونقل فيه أقوال أهل العلم في طريقة الجمع بين الأحاديث في هذا، أحدها هذا الذي ذكره صاحبنا رحمه الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 [217- فصل: ذكر مرآته ومكحلته ومشطه وغير ذلك من أدواته] 217- فصل: ذكر مرآته ومكحلته ومشطه وغير ذلك من أدواته 1077- أخبرنا أبو الفتح: إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن سيبخت، ثنا أبو الحسين: زيد بن محمد، ثنا أبو الرميح: محمد بن الرميح الترمذي، ثنا صالح بن محمد، ... (1077) قوله: «ابن سيبخت» : بفتح السين المهملة وسكون التحتية، بعدهما موحدة مضمومة، ثم خاء معجمة مضمومة، أبو الفتح البغدادي، أحد الضعفاء؛ حدث عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان ضعيفا سيء الحال في الرواية، توفي سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. تاريخ بغداد [6/ 133] ، تاريخ الإسلام [وفيات 381- 400، ص 300] ، مرآة الجنان [2/ 447] ، العبر [3/ 57] ، الشذرات [3/ 144] . قوله: «زيد بن محمد» : هو ابن جعفر العامري، أبو الحسين ابن أبي اليابس الكوفي، ذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم بغداد وحدث بها عن إبراهيم القصار ... وذكر جماعة، قال: وكان صدوقا، توفي سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة. تاريخ بغداد [8/ 449] ، تاريخ الإسلام [وفيات 331- 350، ص 244] . قوله: «محمد بن الرميح الترمذي» : لم أجده فيما لدي من المصادر، والذي وقفت عليه: صالح بن محمد بن الرميح الترمذي، فيحتمل شيخه الاتي، وقد ترجم غير واحد لصالح بن محمد الترمذي، وذكروا أنه ولي قضاء ترمذ، وأنه كان جهميا يبيع الخمر، وأن ابن راهويه كان يبكي من جرأته على الله. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 ثنا سليمان بن عمرو، عن الحارث بن زياد، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج دعا بالمرآة، ثم لا يخرج حتى ينظر فيها. - انظر ترجمة صالح بن محمد الترمذي في: سير أعلام النبلاء [11/ 539] ، تاريخ بغداد [9/ 330] ، الميزان [3/ 176] ، الجرح والتعديل [4/ 412] ، الميزان [3/ 14] ، المجروحين [1/ 370] . وانظر: صالح بن محمد بن الرميح الترمذي في القند [/ 138] الترجمة 223. قوله: «ثنا سليمان بن عمرو» : هو ابن عمرو بن عبد الله النخعي، أبو داود الكوفي، وسكن بغداد، أحد المتهمين بالكذب والوضع، وكان ابن عم شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وكان شريك يقول: ما لقينا من ابن عمنا؛ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو معمر: كان كذابا جهميا، وكان بشر المريسي ممن أخذ من أبي داود رأي جهم. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد [9/ 15] ، الميزان [2/ 406] ، الكامل [3/ 1096] ، الجرح والتعديل [4/ 132] ، التاريخ الكبير [4/ 28] . قوله: «عن الحارث بن زياد» : مذكور في شيوخ سليمان بن عمرو، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «دعا بالمرآة» : سميت في حديث ابن عباس المتقدم تخريجه في أسماء فرسه وبغاله: المدلة، أخرجه أيضا العقيلي في الضعفاء، وابن الجوزي في الموضوعات ولا يبلغ ذلك، إنما فيه علي بن عروة، قال في مجمع الزوائد [5/ 272] : متروك، وأورد اسم مرآته أيضا: مغلطاي في الإشارة، والمقريزي في الإمتاع [7/ 86] . قوله: «ثم لا يخرج حتى ينظر فيها» : هذا منكر، وأمثل منه حديث سليمان بن أرقم عن الزهري، عن عروة، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 قال الأستاذ أبو سعد صاحب الكتاب أعانه الله على طاعته: 1078- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر في المرآة ويرجل جمته ويمتشط، ويتجمل لأصحابه فضلا عن أن يتجمل لأهله. 1079- وكان في حجرة عائشة رضي الله عنها ركوة فيها ماء، كان صلى الله عليه وسلم ينظر فيها ويسوي فيها جمته ويقول: إن الله يحب عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل. - عن عائشة قالت: كان لا يفارق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه ومشطه، وكان ينظر في المرآة أحيانا، أخرجه البيهقي في الشعب [5/ 233] رقم 6490، وقال: سليمان بن أرقم ضعيف. وانظر التعليقات التالية. (1078) قوله: «كان رسول الله ينظر في المرآة» : انظر ما بعده. (1079) قوله: «إن الله يحب عبده» : أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 341] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 198] رقم 1144، في ترجمة أيوب بن مدرك- منكر الحديث، ضعيف- عن مكحول، عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فمر بركوة فيها ماء، فاطلع فيها فسوى من لحيته ومن رأسه، فقالت عائشة: يا رسول الله- يعني: سألته عن ذلك- فقال: ينبغي للرجل إذا خرج إلى أصحابه أن يهيىء من لحيته ومن رأسه، فإن الله جميل يحب الجمال. قلت: ومع نكارة حديث أيوب هو منقطع أيضا، مكحول لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، وعزاه السيوطي أيضا لابن لال، وأورده أبو حامد الغزالي في الإحياء [1/ 143، 3/ 292] ووصفه بالغريب. (1080) قوله: «وكان في يده صلى الله عليه وسلم مدرى» : أخرجاه في الصحيحين: فأخرجه البخاري في اللباس، باب الامتشاط، رقم 5924، وفي الاستئذان، باب الاستئذان من أجل البصر، رقم 6241، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 1080- وكان في يده صلى الله عليه وسلم مدرى يرجل بها رأسه. 1081- وكان صلى الله عليه وسلم يضع المشط تحت وسادته. 1082- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن المشط يذهب بالوباء. - ومسلم في الاداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، رقم 2156، كلاهما من حديث الزهري، عن سهل بن سعد أن رجلا اطلع من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يخلل بها رأسه ... الحديث. خرجناه في كتاب الديات من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم: 2537، 2538- فتح المنان. (1081) قوله: «يضع المشط تحت وسادته» : أخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 184] ، من حديث بقية، عن عمرو بن خالد، عن قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع له سواكه ومشطه، فإذا أهبه الله عزّ وجلّ من الليل استاك وتوضأ وامتشط، قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتشط بمشط من عاج. خالفه عمر بن موسى- أحد المتروكين- فرواه عن قتادة مرسلا، أخرجه أبو الشيخ [/ 183] . (1082) قوله: «إن المشط يذهب بالوباء» : أخرج أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 295] ، وابن حبان في المجروحين [1/ 271] ، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 53- 54] ، جميعهم من حديث حسان بن غالب- المتهم بوضعه- قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب- مرفوعا-: من سرح رأسه ولحيته بالمشط في كل ليلة عوفي من أنواع البلاء، وزيد في عمره. قال ابن حبان: حسان هذا من أهل مصر يقلب، ويروي عن الثقات المقلوبات، لا يحل الاحتجاج به بحال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 1083- وكان صلى الله عليه وسلم إذا سرح رأسه ولحيته بالمشط يأخذ ما بقي في المشط من الشعر، وربما سرح صلى الله عليه وسلم لحيته في اليوم مرتين. 1084- وكان صلى الله عليه وسلم لا تفارقه قارورة الدهن في أسفاره والمكحلة (1083) قوله: «وربما سرح صلى الله عليه وسلم لحيته في اليوم مرتين» : لم أره إلّا عند الغزالي في الإحياء في القسم الثالث من النظافة وقال: غريب، وهو كذلك، وأخرج أبو الشيخ في هذا المعنى [/ 186 أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم] حديث يزيد الرقاشي- أحد الضعفاء- عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر تسريح رأسه ولحيته بالماء، ثم يتقنع كأن ثوبه ثوب زيات. الرقاشي ضعيف، ومتن حديثه مضطرب، رواه الربيع بن صبيح مرة هكذا ورواه مرة أخرى فقال: يكثر دهن رأسه ويسرح لحيته بالماء، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، وهكذا رواه يحيى بن أبي كثير عنه، أخرجه أبو الشيخ أيضا [/ 185] . (1084) قوله: «لا تفارقه قارورة الدهن» : أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 484] من حديث خالد بن معدان مرسلا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافر بالمشط والمرآة والدهن، والسواك والكحل، وفي إسنادها مندل بن علي العنزي، وهو ضعيف. وأخرج الطبراني في الأوسط [6/ 116] رقم 5238، وابن عدي في الكامل [1/ 230] ، والخطيب في جامعه [1/ 378] رقم 901، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 889، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خمس لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهن في حضر ولا سفر: المرآة، والمكحلة، والمشط، والمدرى، والسواك، وفيه أبو أمية بن يعلى، ضعفه ابن معين والدارقطني وغيرهما، لكن تابعه: عبد الكريم بن مسلم الجزري، عند الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 890، قال فيه الذهبي في الميزان: متأخر لا يعرف من هو، فهذان الطريقان ربما يجعلان للحديث أصلا. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 والمرآة والمشط والمقراض والسواك، ويكون معه الخيوط والإبرة، والمخصف والسيور، فيخيط ثيابه ويخصف نعله صلى الله عليه وسلم. - وله إسناد ثان عن عائشة رضي الله عنها عند العقيلي في الضعفاء [1/ 116] ، والبيهقي في الشعب [5/ 233] ، وهو أيضا ضعيف. وثالث أخرجه الطبراني في الأوسط [3/ 182] رقم 2373، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 184] ، من حديث أم الدرداء قالت: سألت عائشة: ما كنت إذا سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحججت أو غزوت معه ما كنت تزودينه؟ قالت: أزوده قارورة دهن، ومشطا ومرآة، ومقصا، ومكحلة، وسواكا. قال في مجمع الزوائد: فيه محمد بن حفص الوصابي وهو ضعيف، وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 254] : طرقها كلها ضعيفة. قوله: «فيخيط ثيابه ويخصف نعله» : شاهده ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 260] رقم 20492، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 167] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 539، 540، وابن سعد في الطبقات [1/ 366] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 117] برقم 4653، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 62] ، من حديث عائشة رضي الله عنها وسئلت: ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ فقالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويرفع دلوه، صححه ابن حبان برقم 5676، 5677، وأصله في صحيح الإمام البخاري في غير موضع، منها: في الأذان، باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة من حديث الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله ... الحديث رقم 676. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 [جامع أبواب الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم وما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من المعجزات] جامع أبواب الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم وما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من المعجزات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 [218- فصل: في الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم] 218- فصل: في الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا بعض ما انتهى إلينا من الأخبار الصحيحة والمروية في المعجزات والايات. فأما الدلائل التي يستدل بها على نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي من خمسة أوجه: - الأول: ما أتى به من الايات التي يعجز عنها طوق البشر. الثاني: هو الاستدلال بالظاهر من أمره على الخفي. الثالث: وجود الأخبار في الكتب المتقدمة شاهدة لتصديقه. الرابع: إخباره لما يكون في المؤتنف والمستقبل، ثم يكون الأمر كما أخبر لا يقع في أخباره- على كثرتها- خلف. الخامس: البرهان العقلي الذي يضطر العقول إلى معرفة صدقه. فأما الوجه الأول: وهو الايات التي أتى بها مما يعجز عنها طوق البشر: فهو مثل: شكوى البعير، وكلام الذئب، وحنين الجذع، ومشي الشجر، وتفجر الماء من بين أصابعه، وإخباره الشاة المسمومة عن نفسها، وإطعامه أصحابه وهم كثيرون من طعام يسير، ومسحه ضرع الشاة لابن مسعود وأم معبد حتى صار حافلا، وما أشبه ذلك من الايات التي ظهرت في حفره صلى الله عليه وسلم الخندق وفي سفره ومسيره وفي عامّة مغازيه. قوله: «قد ذكرنا» : يعني: فيما سيأتي في هذا الباب عقب المقدمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 وأما الوجه الثاني: وهو ما يستدل بالظاهر من أمره على الخفي: فهو ما وجد فيه من الفضائل والمعالي والمكارم والأخلاق الحسنة الشريفة التي لم تجتمع مثلها في واحد قط ثم يكون مع ذلك كذابا، ألا ترى إلى قول ابن سلام: أتيت المدينة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يقول: يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وألينوا الكلام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام، فعلمت أن وجهه ليس بوجه كذاب. وكان أكثم بن صيفي- وهو من حكماء العرب، عاش ثلثمائة وستين سنة، ولم يكن أحد من العرب يفضل عليه في الحكمة-، لمّا سمع برسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه ابنه وكتب إليه كتابا، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كتابه، فلما ورد عليه ابنه بالكتاب قال لابنه: ما رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن لئامها، يدعو إلى أن يعبد الله وحده لا شريك له، ويأمر بخلع الأوثان، فقال: قد علم ذو الرأي والعقل أن الفضل فيما يدعو إليه، فكونوا في أمره أولا، ولا تكونوا آخرا، واتبعوه تشرفوا، وأتوه طائعين من قبل أن تأتوه كارهين، فإني والله أرى أمرا ليس بالهين، لا يترك مصعدا إلّا صعده، ولا مضربا إلّا ضربه، ولينفرن بالمقيم، إن الذي يدعو إليه لو لم يكن دينا لكان في العقل حسنا، وإني والله أرى أمرا لا يتعبه ذليل إلّا عز، ولا يخالفه عزيز إلّا ذل، اتبعوه تزدادوا مع عزكم عزا. قوله: «ألا ترى إلى قول ابن سلام» : خرجناه في باب صفة أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وفي باب مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة. قوله: «فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم» : تقدم ذلك في أول الكتاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 أما الوجه الثالث من آياته: فالأخبار في الكتب المتقدمة قبل مبعثه شاهدة لتصديقه وناطقة بنعوته، ومبينة عن صفاته بما وجدت حقيقة ذلك كله فيه، وتلك الأخبار ضربان: أحدهما: ما وجد في الكتب المنزلة من السماء مثل التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من كتب شعيا ودانيال. الضرب الثاني: ما وجد من قبل الكهان والمنامات، وما روي من حديث سطيح وشق وما أشبه ذلك. وأما الوجه الرابع: فإخباره عن الحوادث والكوائن التي تكون بعده: مثل قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ الاية، ومثل قوله تعالى: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ الاية، ومثل قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الاية، ومثل قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ الاية، ومثل قوله تعالى: سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا الاية، ومثل قوله تعالى: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ الاية، وما أشبه ذلك من الايات. ومن هذا الضرب أيضا: دعواته صلى الله عليه وسلم التي لم تخلف قط، كقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لأنس بن مالك: اللهمّ أكثر ماله وولده، وكقوله للعباس بن عبد المطلب: لا يفضض الله فاك، وكذلك في النابغة الجعدي، فكانت أسنانه تزف زفيفا على كبر سنه، ومات ولم ينفض له سن، ودعائه صلى الله عليه وسلم على قريش بالقحط، وعلى كسرى أن يمزّق ملكه، وعلى عتبة بن أبي لهب وأبي جهل، وما أشبه ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 والوجه الخامس: البرهان العقلي- وهو القرآن-: الذي تحدى به العرب مرة بعد أخرى، وتارة بعد أولى إلى يأتوا بسورة مثله، وفيهم الشعراء والخطباء والبلغاء، ولم يتركهم على ذلك بل توعدهم بأشد الوعيد، ووبخهم أغلظ التوبيخ، إن لم يأتوا بسورة مثله أن يدعوا شهداءهم من دون الله إن كانوا صادقين، قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا شرطا، وَلَنْ تَفْعَلُوا خبرا حتما، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ، يعني: فإن لم تفعلوا ولن تقدروا عليه وأصررتم على ما أنتم عليه من التكذيب فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. وقال عزّ وجلّ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ الاية، وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) . وكيف يجوز أن يكونوا- مع ما أوتوا من البسطة في اللسان والقدرة على البيان والفصاحة والجزالة والحمية والأنفة- قد جاءهم واحد من جملة عددهم بدين يخالف دينهم فسفّه عقولهم وضلل أحلامهم وسب آلهتهم وشتت جموعهم، وجاءهم بكلام منظوم يبين بذلك الكلام على صدقه وأنه دليله على نبوته، وأنهم لا يقدرون على أن يأتوا بسورة مثله!! فقرعهم بذلك في المواقف والرد عليهم مقالة في المواطن، وهم قادرون على أن يكذبوه في انتحاله، ويكفون أنفسهم أمره بمعارضته، مختارين بذلك بذل النفوس والأموال، والعزيز من الأهل والأولاد على ما هو أخف وأيسر من مقابلته بكلام يسير يلوح منه كذبه، ويظهر به افتعاله وإفكه، فدل ما قلنا: أن تركهم المعارضة إنما كان لظهور العجز والانقطاع، والكلام في إعجاز القرآن يطول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 [219- فصل: في أعلام نبوّته الباهرة، وما في تأييد الله ونصرته له على أعدائه وردّ كيدهم عنه من الدّلائل الظاهرة] 219- فصل: في أعلام نبوّته الباهرة، وما في تأييد الله ونصرته له على أعدائه وردّ كيدهم عنه من الدّلائل الظاهرة 1085- فمن أعلام نبوّته صلى الله عليه وسلم التي بهرت عقول قريش، وتركتهم في أمرهم حيرى: ليلة أسرى الله به من مكة إلى المسجد الأقصى بالشام، فبات معهم أول الليل، ثم اخترق الشام ورجع من آخر الليل، فلما أنبأهم بذلك أنكره من لم يعقل آيات الرسل عقله، ونفروا منه، وعرف صدقه العارفون بالله من أصحابه. فأعداؤه أنكروا ما أخبرهم به، ... (1085) قوله: «فأعداؤه أنكروا ما أخبرهم به» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 309] من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة فظعت بأمري، وعرفت أن الناس مكذبي، فقعدت معتزلا حزينا، فمر عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزىء: هل كان من شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: ما هو؟ قال: إنه أسري بي الليلة، قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم، - قال: فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إذا دعا قومه إليه-، قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي، حتى قال: فانتفضت إليه المجالس، وجاؤا حتى جلسوا إليهما، قال: حدث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قلت: إلى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 فامتحنوه بوسع طاقتهم ومبلغ جهدهم، جهدا منهم في إطفاء نوره وإبطال دعوته، فرفعه الله إليه ومثّله له نصب عينيه، فأخبرهم عنه عيانا، حتى أبرأ الصدور، وقطع العذر من المكذبين، وأيد الله بذلك المؤمنين. ثم أخبرهم صلى الله عليه وسلم بمجيء عيرهم، وأن الجمل الذي يتقدمها عليه غرارتان، وإخباره صلى الله عليه وسلم بأمر العير من أعجب العلامات التي أخبر بها، - بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم، قال: فمن بين مصفق، ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب ... الحديث. قوله: «فامتحنوه بوسع طاقتهم» : أخرج الشيخان من حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه، وأخرج مسلم من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربا ما كربت مثله قط؛ فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلّا أنبأتهم ... الحديث. قوله: «وأن الجمل الذي يتقدمها عليه غرارتان» : أخرج البيهقي في الدلائل [2/ 395- 396]- من حديث أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري- حديث الإسراء بطوله وفيه: ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب ... فأخبرهم بعير لقريش: لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وأنها نفرت، فلما رجعت رأيتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا، ومتاعه كذا وكذا ... الحديث، وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر- وقد تقدم في باب معاريجه صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 فلو كان مخبرا عن غير الله لم يدر أن يتفق أن يتقدم بعير آخر فيجيء الأمر بخلاف ما أخبر به، والحق واضح لمن لم يلحد فيه. 1086- ومنها: أنه لما خرج في متوجه إلى الهجرة، وآوى إلى غار بقرب مكة، يعتريه النزال، ويأوي إليه الرعاء من مسيمي الأنعام، قل ما يخلو من مبكر فيه ورائح إليه، هو لهم سند، وللغوبهم مستراح، أقام ثلاثا لا يطرقه بشر حتى كأن لم يكن هنا لك أثر. - وتقدم أيضا تخريج حديث أم هانىء في قصة الإسراء، وفيها: قالوا يا محمد أخبرنا عن عيرنا، فقال: أتيت على عير بني فلان بالروحاء قد أضلوا ناقة لهم فانطلقوا في طلبها فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق مخطط ببياض لا أدري أكسر البعير أم لا، ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل أورق وها هي ذي تطلع عليكم من الثنية، فقال الوليد بن المغيرة: ساحر، فانطلقوا فنظروا فوجدوا الأمر كما قال فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ الاية، أورده في الخصائص [1/ 443] . (1086) قوله: «ويأوي إليه الرعاء» : شاهد هذا في صحيح البخاري، مناقب المهاجرين والأنصار في قصة الهجرة، وفيها قول أبي بكر: ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا ... الحديث تقدم بطوله في باب الهجرة وحديث الغار. قوله: «وللغوبهم مستراح» : اللغوب: التعب والنصب والإعياء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 وخرج القوم في طلبه، فعمّى الله عليهم أثره، وهو نصب أعينهم، فصدهم عنه وأخذ بأبصارهم دونه، وهم دهاة العرب وأهل الحنق عليه والعداوة له. فبعث الله عنكبوتا فنسجت عليهم، فايسهم من الطلب فيه بعد أن قصدوا له. وما كان ذلك لولا ما أراد الله من حياطته بموضع نسج العنكبوت، وهو يرده كل يوم فئام من الناس، وأعكار من النعم- وهو أعمر من المسجد الحرام- ولكن الله يفعل ما يريد. قوله: «فبعث الله عنكبوتا» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 348] ، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 407] رقم 12155، والخطيب في تاريخه [3/ 361، 13/ 9] ، وابن جرير في تفسيره [9/ 228] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 49، وأبو نعيم كذلك- كما في الخصائص [1/ 461]-، من حديث مقسم، عن ابن عباس في قوله تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ الاية، قال: تشاورت قريش ليلة بمكة ... القصة بطولها، وفيها: فاقتفوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل، فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل هاهنا أحد لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال. قال الحافظ ابن كثير: هذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار، وذلك حماية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. قلت: هو في مصنف عبد الرزاق [5/ 389] عن مقسم بصورة المقطوع لم يبلغ به ابن عباس، وانظر التعليق التالي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 1087- ويروى أنهم لما قصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار ليأخذوه، بعث الله عزّ وجلّ حمامتين فوقفتا أمام الغار، ونسجت العنكبوت في فم الغار، فصرفوا عنه. (1087) قوله: «بعث الله عزّ وجلّ حمامتين» : أخرج هذا في قصة الغار ابن سعد في الطبقات [1/ 228- 229] ، والبزار في مسنده [2/ 229- 230 كشف الأستار] رقم 1741، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 443] رقم 1082، وأبو نعيم في الدلائل برقم 229، والبيهقي كذلك [2/ 481- 482] ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [9/ 441] ولم يسق المتن، والعقيلي في الضعفاء [3/ 422- 423] ، وأبو القاسم الأصفهاني في الدلائل برقم 64، وابن مردويه وابن عساكر فيما ذكره ابن كثير في تاريخه، والسيوطي في الخصائص. قال ابن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا عون بن عمرو القيسي أخو رياح القيسي، أخبرنا أبو مصعب المكي قال: أدركت زيد بن أرقم، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة، فسمعتهم يتحدثون: أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر الله العنكبوت فنسجت على وجهه فسترته، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، وأقبل فتيان قريش- من كل بطن رجل- بأسيافهم وعصيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم قدر أربعين ذراعا، نظر أولهم فرأى حمامتين فرجع فقال له أصحابه: ما لك لم تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، قال: فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله فعرف أن الله قد درأ عنه بهما، فسمت النبي صلى الله عليه وسلم عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في حرم الله، رجع الحديث إلى الأول، قالوا: وكانت لأبي بكر منيحة غنم، يرعاها عامر بن فهيرة وكان يأتيهم بها ليلا، فيحتلبون، فإذا كان سحر سرح مع الناس، قالت عائشة: وجهزنا هما أحب الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب، وقطعت أخرى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 1088- ومنها: خبر العرب وكافريها وما يتناقلونه بالأشعار ويتفاوضونه في الديار: أمر سراقة بن مالك بن جعشم وقد تبعه متوجها- فصيرته عصاما لفم القربة، فبذلك سميت ذات النطاقين، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، واستأجر أبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا يقال له: عبد الله بن أريقط، وهو على دين الكفر، ولكنهما أمناه، فارتحلا ومعهما عامر بن فهيرة، فأخذ بهم ابن أريقط يرتجز فما شعرت قريش أين وجّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سمعوا صوتا من جني من أسفل مكة ولا يرى شخصه: جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد قلت: عون بن عمرو شيخه أبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الذهبي: أبو مصعب المكي غير معروف، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 53] : فيه جماعة لم أعرفهم. اهـ. والقصة في الجملة مقبولة في هذا الباب، ففي دلائل النبوة من المعجزات ما هو أعظم وأكبر، والحديث كما قال الحافظ ابن كثير: غريب من هذا الوجه. (1088) قوله: «وما يتناقلونه بالأشعار» : في الأصول: يتقاولون فيه، يشير بهذا إلى قول سراقة لأبي جهل: أبا حكم والله لو كنت شاهدا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا ... رسول ببرهان فمن ذا يقاومه عليك بكف الناس عنه فإنني ... أرى أمره يوما ستبدوا معالمه بأمر يود النصر فيه بإلبها ... لو أن جميع الناس طرا تسالمه قوله: «أمر سراقة بن مالك بن جعشم» : المدلجي، وقد ينسب إلى جده، كنيته: أبو سفيان، كان ينزل قديدا، أسلم يوم الفتح، وتوفي في خلافة عثمان، وكان عمر رضي الله عنه ألبسه سواري كسرى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 إلى المدينة طالبا لعثرته، ملتمسا لغرته ليحظى به عند قريش ويبيعه بعرض من الدنيا يسير ... فأمهله الله، حتى إذا أمكنته الفرصة في نفسه وأيقن أن قد ظفر ببغيته- لأمنه بقوته-، وإشرافه على الغلبة لا يمتري؛ إذ خسف الله به الأرض فساخت قوائم فرسه حتى تغيبت بأجمعها في الأرض وهو بموضع جدد، وقاع صفصف كأنه ظهر صفوان، فارتاب وأي موضع ارتياب، وانتبه ولو عقل لتنبه، وعبر لو اعتبر، ولكن إيثار الهوى يسلب الهدى، فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي، فنادى: يا محمد، فأجابه صلى الله عليه وسلم آخذا بالفضل، ورحمة بعباد الله فقال: ادع ربك يطلق لي فرسي، وذمة الله عليّ أن لا أدل عليك أحدا، فدعا، فوثب جواده كأنه أفلت من أنشوطه، ولم يكن بموضع عثار ولا خبار، ولكن- ومنطقته وتاجه تحقيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قبل: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟. أخرج قصته في إدراكه النبي صلى الله عليه وسلم البخاري في غير موضع من حديث البراء عن أبي بكر. انظر: اللقطة، باب- بدون ترجمة- حديث رقم 2439، وتمامه في الأرقام: 3615، 3652، 3908، 3917، 5607. وأخرجه مسلم بطوله في الزهد، باب حديث الهجرة 2009. وأخرجاه أيضا من حديث البراء بن عازب. وأخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من حديث ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن مالك- ابن أخي سراقة-، عن سراقة. قوله: «ولم يكن بموضع عثار» : يعني: لم يكن بالفرس عيب حين عثر، والعثار من عيوب الدواب، يقال: عثر الفرس عثارا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 لله في كل شيء سلطان ومع كل شيء قدره، وسأله- وكان رجلا داهية وعلم بما رأى أنه سيكون له نبأ- فقال: اكتب لي أمانا، فكتب له صلى الله عليه وسلم، فانصرف وخلف حظّه خلفه وهداه وراء ظهره، والله غالب على أمره. 1089- ومنها: أن أبا جهل عدوّه الذي حاربه واغتر في إطفاء نوره وقلقل في الأرض التثريب عليه، اشترى من رجل طارىء بمكة إبلا فبخسه أثمانها ولوّاه بحقه، فأتى نادي قريش مستجيرا بهم، وراجيا لرفدهم، فذكرهم حرمة البيت، وواجب حق من لجأ إليه، فأحالوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم استهزاء به لقلة منعته عندهم، ولكثرة أعوان عدوّه عليه، فأتاه مستجيرا به، فمضى معه، ودق الباب على أبي جهل، فعرفه، فخرج منخوب العقل، منقسم اللّب، فقال: أهلا بأبي القاسم- قول باخع ذليل- فقال: اعط هذا حقه، قال: نعم، فأعطاه من فوره، وكان الذي لا يصطلى بناره شرارة وجرأة وعتوا، فلما أتى قومه عيّروه فقال: إني رأيت ما لم تروا، رأيت والله على رأسه تنينا فاتحا فاه، قوله: «وكان رجلا داهية» : لما وقر في قلبه، ووقع في نفسه من صدق النبي صلى الله عليه وسلم كما بينه شعره لأبي جهل، ومع ذلك أخر إسلامه، فلم يسلم إلّا يوم الفتح، وظهر دهاؤه حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتابا. (1089) قوله: «اشترى من رجل طارىء» : القصة هاهنا بالمعنى، وقد أخرجها بطولها: ابن إسحاق في سيرته [/ 195] ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجها أبو نعيم في الدلائل [1/ 210] رقم 161، والبيهقي [2/ 193] ، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 264. قوله: «تنينا فاتحا فاه» : في الرواية: فخرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 لو أبيت لا لتقمني، فعلموا أن قد صدق لخبرهم به، وعلمهم ببغضائه. فأنى يؤفك بالقوم عن قصد السبيل؟ 1090- ومنها: أن أبا جهل طلب غرّته، واحتال في ختله، وراقب ساعات غفلته، فوافقه يوما ساجدا لربه، فاهتبلها منه، وظن أن قد ظفر ببغيته، فأخذ صخرة بوسع طاقته وقدر قوته، وأقبل بها إليه، حتى إذا هيأها ليطرحها عليه ألزقها الله بكفه، وحال بينه وبينه، وأراه ما يرونه ليعتبر من يدكر، فارعوى وأبصر، فلما عرف ألا نجاة له إلّا به سأله- فسأل رحيما- أن يدعو ربه، فدعا له، فسلّها من يده. ويله، مما اجترحت يداه!. - هامته ... الحديث، وفي رواية: والذي نفسي بيده لقد رأيت معه رجالا معهم حراب تلألأ. وأخرج أبو نعيم في الدلائل من حديث أبي قزعة: أن رجلا كان له على أبي جهل دين فلم يعطه، فقيل له: ألا ندلك على من يستخرج لك حقك؟ قال: بلى، قالوا: عليك بمحمد بن عبد الله، قال: فأتاه فجاء معه إلى أبي جهل فقال: أعطه حقه، قال: نعم، فدخل البيت، فدخل البيت معه فأخرج دراهمه فأعطاه، فقالوا لأبي جهل: فرقت من محمد كل هذا؟ قال: والذي نفسي بيده لقد رأيت معه رجالا معهم حراب تلمع، لو لم أعطه لخفت أن يبعج بها بطني. قوله: «فأنى يؤفك بالقوم» : في «ظ» : فأين القوم عن قصد السبيل. (1090) قوله: «أن أبا جهل طلب غرته» : أخرج ابن إسحاق في سيرته [/ 200] ، من حديث عكرمة: عن ابن عباس قال: قال أبو جهل بن هشام: يا معشر قريش، إن محمد قد أبى إلّا ما ترون- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 ......... - من عيب ديننا وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم. قال: فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يغدو، وكانت قبلته الشام، فكان إذا صلى صلى بين الركنين الأسود واليماني، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمة يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينظرون، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا، قد يبست يداه على الحجر، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال من قريش فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهمّ أن يأكلني. قال ابن إسحاق: فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذاك جبريل عليه السّلام، لو دنا مني لأخذه. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 205- 206] رقم 156، والبيهقي كذلك [2/ 190- 191] . وأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم 152، من حديث المعتمر بن سليمان، عن أبيه: أن رجلا من بني مخزوم قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده فهر ليرمي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتاه وهو ساجد رفع يديه وفيها الفهر ليدمغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبست يده على الحجر، فلم يستطع إرسال الفهر من يده، فرجع إلى أصحابه، فقالوا: أجبنت عن الرجل؟ قال: لم أفعل ولكن هذا في يدي لا أستطيع إرساله، فعجبوا من ذلك، فوجدوا أصابعه قد يبست على الفهر، فعالجوا أصابعه حتى خلصوها، وقالوا: هذا شيء يراد، مرسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 1091- ومن ذلك: أن نفرا من قريش اجتمعوا وتامروا أن يقتلوه صلى الله عليه وسلم، فابتدر أبو جهل لذلك، وتقلد سيفه، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الاية، حتى فرغ من صلاته تأخر، فقالوا لأبي جهل: لم لا تتقدم إليه؟ قال: أما رأيتم ما رأيت؟ فقالوا: وما رأيت؟ قال: والله لقد رأيت بيني وبينه أمثال الجبال. 1092- ومنها: ما روي أنه لما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم، اجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، (1091) قوله: «وتامروا أن يقتلوه صلى الله عليه وسلم» : أخرج البزار في مسنده [3/ 130 كشف الأستار] رقم 2404، والطبراني في الأوسط [9/ 314- 315] رقم 8686، والحاكم في المستدرك وصححه [3/ 325] ، من حديث ابن عباس، عن العباس قال: كنت يوما في المسجد فأقبل أبو جهل فقال: إن لله عليّ إن رأيت محمدا ساجدا أن أطأ على رقبته، فخرجت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل، فخرج غضبانا حتى جاء المسجد، فعجل قبل أن يدخل من الباب فاقتحم الحائط، فقلت: هذا يوم شر، فاتزرت ثم اتبعته، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) الاية، فلما بلغ شأن أبي جهل: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (7) الاية، قال إنسان لأبي جهل: يا أبا الحكم هذا محمد، فقال أبو جهل: ألا ترون ما أرى؟ والله لقد سد أفق السماء عليّ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة سجد. وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو ضعيف جدّا، وقال بعضهم: متروك، وهو في صحيح مسلم كما سيأتي. (1092) قوله: «في هيئة شيخ جليل» : زاد ابن هشام: عليه بتلة، وهي الكساء الغليظ، وقد نقل بعضهم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 فوقف على باب الدار، فلما رأوه قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتّم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى ألا يعدمكم منه رأيا ونصحا. قالوا: ادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش من كل قبيلة، من بني عبد شمس: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل، ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة، ومن بني أسد بن عبد العزى: أبو البحتري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام، ومن بني مخزوم: أبو جهل بن هشام، ومن بني سهم: منبه ونبيه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، فقال بعضهم لبعض: هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا، قال: فتشاوروا، ثم قال قائل: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذي كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم. فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم؛ ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره. - عن السهيلي في سبب إتيان إبليس في هيئة الشيخ النجدي لأنهم قالوا: لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة فإن هواهم مع محمد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 فتشاوروا، فقال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلدنا، فإذا أخرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع. قال الشيخ النجدي: ليس هذا برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ فلا نأمن من أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا آخر. فقال أبو جهل: إني أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا فينا، ثم يعطى كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه ويضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه، فإذا فعلنا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ورضوا بالعقل فعقلناه لهم. فقال الشيخ النجدي: القول ما قلت، هذا الرأي الذي لا رأي غيره، فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له. فأتى جبريل عليه السّلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: نم على فراشي وتسجّ ببردي هذا فنم فيه فإنه لن يخلص إليك منهم شيء تكرهه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك. ولما اجتمعوا له، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم على بابه فأخذ حفنة من تراب في يديه، وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر من ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إلى قوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9) ، فلم يبق منهم رجل إلّا وضع على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب. قال: وأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون هاهنا؟ قالوا: محمدا، قال: خيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمدا ثم لم يترك منكم رجلا إلّا وضع على رأسه التراب، وانطلق لحاجته، أفلا ترون ما نزل بكم؟ قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، ثم جعلوا ينطلقون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائم عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي رضي الله عنه عن الفراش فقالوا: والله لقد صدقنا الذي كان حدثنا، فكان مما أنزل الله تعالى من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30) ، وقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) . قوله: «والله لقد صدقنا الذي كان حدثنا» : الخبر بطوله في سيرة ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج وغيره ممن لا أتهم، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به [ابن هشام 2/ 480] . ومن طريقه أخرجه الطبري في تاريخه [2/ 370] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 154. وأخرجها بطولها الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 384- 390] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [1/ 348] باختصار، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 407] رقم 12155، بإسناد فيه عثمان الحزري، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 27] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 1093- ومنها: ما روي عن ابن عباس قال: دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال: يا بنية ما يبكيك؟، قالت: يا أبة وما لي لا أبكي وهؤلاء الملأ من قريش في الحجر يتعاقدون باللات والعزى ومناة لو رأوك لقاموا إليك فيقتلونك، فليس فيهم أحد إلّا وقد عرف نصيبه من دمك، فقال صلى الله عليه وسلم: يا بنية، إيتيني بوضوء، فتوضأ ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فلما رأوه قالوا: ها هو ذا، فطأطأوا رؤوسهم، وسقطت رقابهم بين أيديهم فلم يرفعوا إليه أبصارهم، فتناول النبي صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب وهو في الحجر فحصبهم بها وقال: شاهت الوجوه، فما أصاب رجلا منهم حصاة من تلك الحصى إلّا قتل يوم بدر كافرا. 1094- ومنها: ما روي عن ابن عباس أيضا قال: لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ الاية، جاءت امرأة أبي لهب إلى أبي بكر، - وأخرجها من طرق: ابن سعد في الطبقات [1/ 227] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 154، والطبري في تاريخه [2/ 370] . (1093) قوله: «عن ابن عباس» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 303، 368] ، وأبو نعيم في الدلائل [1/ 192] برقم 139، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 240] ، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 163، 3/ 157] ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6502، والضياء في المختارة [10/ 218، 219، 220] الأرقام 230، 231، 232، وقال في مجمع الزوائد [8/ 228] بعد عزوه للإمام أحمد: رجال أحدهما رجال الصحيح، والظاهر: رجالهما رجال الصحيح، والله أعلم. (1094) قوله: «لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» : تقدم تخريجه في عصمة الله نبيه تحت رقم 183. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 وأبو بكر جالس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله إنها امرأة بذيئة، وأنا أخاف أن تؤذيك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنها لن تراني، فقالت: يا أبا بكر هجاني صاحبك، فقال لها أبو بكر: لا، وما يقول الشعر، قالت: فإنك عندي مصدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله أما رأتك؟ قال: ما زال الملك يسترني منها بجناحيه. 1095- ومنها: ما روي عن عروة بن الزبير قال: كان النضر بن الحارث ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعرض له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يريد حاجته نصف النهار في حر شديد، فلما بلغ أسفل من ثنية الحجون- وكان صلى الله عليه وسلم يبعد إذا ذهب لحاجته- فرآه النضر بن الحارث فقال: لا أجده أبدا أخلى منه الساعة فأغتاله، قال: فدنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف راجعا مرعوبا إلى منزله، فلقي أبا جهل، فقال: من أين الان؟ قال النضر: اتبعت محمدا رجاء أن أغتاله وهو وحده ليس معه أحد، فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها، فهالتني فذعرت منها ووليت راجعا، قال أبو جهل: هذا بعض سحره. 1096- ومنها: ما روي عن الحكم بن أبي العاص قال: مررت يوما بحراء، فإذا أنا بنور عظيم، ورأيت شجرة لم أر مثلها قط، فدنوت، (1095) قوله: «هذا بعض سحره» : مرسل، وفيه الواقدي، أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 155. (1096) قوله: «عن الحكم بن أبي العاص» : هو ابن أمية بن عبد شمس، صحابي، لكن في ترجمته ما يدل على أنه كان ممن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه وبعده، حتى نفاه النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 فإذا أنا بمحمّد صلى الله عليه وسلم جالسا، وإلى جانبه رجل لم أر رجلا قط أحسن وجها منه يحدثه، وكنت شجاع قومي، فقلت: ما لي لا أريح قريشا من هذا؟ فهممت بقتله، فإذا أنا بأسد قد استقبلني، والله ما رأيت قط أشد هيبة منه، فرأيته وهو يريدني، فلما رأيته ولّيت مدبرا، فسمعته يقول: والذي بعث محمدا بالنبوة لولا أنك وليت لتركتك لا تمشي على قدميك أبدا. وقد كان يجلس ويسمع لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: لم لا تؤمن؟ قال: لا أكون أول من يدخل السّبّة والعار على قومه. - إلى الطائف. وقد أخرج الطبراني في ترجمته من المعجم الكبير [3/ 239- 240] رقم 3166، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 711] رقم 1904، وابن منده في الصحابة- كما في الخصائص [1/ 321] ، جميعهم من حديث قيس حبتر- تصحف في المصادر إلى: جبير- قال: قالت ابنة الحاكم: قلت لجدي الحكم: ما رأيت قوما كانوا أعجز ولا أسوأ رأيا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم يا بني أمية، قال: لا تلومينا يا بنية، إني لا أحدثك إلّا ما رأيت بعيني هاتين، قلنا: والله ما نزال نسمع قريشا تقول: يصلي هذا الصابىء في مسجدنا، تواعدوا له حتى نأخذه، فتواعدنا إليه، فلما رأيناه سمعنا صوتا ظننا أنه ما بقي بتهامة جبل إلّا تفتت علينا، فما عقلنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا ليلة أخرى قلما جئنا نهضنا إليه، فرأيت الصفا والمروة التقيا إحداهما بالأخرى فحالتا بيننا وبينه، فو الله ما نفعنا ذلك. وذكروا في ترجمته ما سيأتي عند المصنف من محاكاته حركة النبي صلى الله عليه وسلم حتى دعا عليه، انظر النص الاتي برقم 1117، والتعليق عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 1097- ومنها: ما روي عن عكرمة: أن قوما قالوا: تعالوا، فإذا لقينا محمدا فعلنا به وفعلنا، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فجعل يذر التراب على رؤوسهم ويقرأ: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إلى قوله: فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ. (1097) قوله: «أن قوما قالوا» : بينت رواية ابن جرير بأن القائل هو أبو جهل، قال: لئن رأيت محمدا لأفعلن ولأفعلن، فنزلت إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا إلى قوله: فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ، فكانوا يقولون: هذا محمد، فيقول: أين هو؟ أين هو؟ لا يبصره، [تفسير ابن جرير 22/ 152] . وقد أشار الحافظ البيهقي في الدلائل إلى أثر عكرمة هذا عقب تفسير ابن عباس للايات، فأخرج في الدلائل [2/ 196- 197] ، من حديث الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا، قال: (سدّا) : غطاء، (فأغشيناهم) يقول: ألبسنا أبصارهم وغشيناهم فهم لا يبصرون النبي صلى الله عليه وسلم فيؤذونه، وذلك أن أناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، منهم: أبو جهل، والوليد بن المغيرة، ونفر من بني مخزوم، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فلما سمعوا قراءته أرسلوا الوليد ليقتله، فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فجعل يسمع قراءته ولا يراه، فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك، فأتاه من بعده: أبو جهل، والوليد، ونفر منهم، فلما انتهوا إلى المكان الذي هو فيه يصلي سمعوا قراءته فيذهبون إلى الصوت فإذا الصوت من خلفهم فينتهون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا، فذلك قوله: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا إلى آخر الاية. قال البيهقي: روي عن عكرمة ما يؤيد هذا. وأخرج أبو نعيم في الدلائل بإسناد فيه النضر بن عبد الرحمن أحد الضعفاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد حتى تأذى به ناس من قريش، حتى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 1098- وروي عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم حنين على بغلة يقال لها: دلدل، فلما انهزم المسلمون، قال النبي صلى الله عليه وسلم: التزمي دلدل، فوضعت بطنها على الأرض، فأخذ حفنة من تراب فرمى بها في وجوههم، وولى المشركون منهزمين، ما ضرب بسيف ولا طعن برمح، ولا رمى بهم، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين. - مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم عمي لا يبصرون، فجاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ننشدك الله والرحم يا محمد، قال: ولم يكن بطن من بطون قريش إلّا والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب عنهم، فنزلت: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) إلى قوله: أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، قال: فما آمن من أولئك النفر أحد. (1098) قوله: «وروي عن أنس بن مالك» : أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 332، وهو في مغازي الواقدي أيضا [3/ 898] بنحوه، وعزاه السيوطي في الخصائص لأبي نعيم. وأصله في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فلما واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم، فتوارى عني، فما دريت ما صنع، ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرجع منهزما وعليّ بردتان متزرا بإحداهما، مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا، ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهزما، وهو- صلى الله عليه وسلم- على بغلته الشهباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأى ابن الأكوع فزعا، فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم فقال: شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانا إلّا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله عزّ وجلّ، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 1099- ولما نزل صلى الله عليه وسلم خيبر قال: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين. 1100- ومنها: ما روي عن عروة بن الزبير قال: قدم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توافقا على ما تواثقا عليه من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدما قال عامر لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف. فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر: يا محمد خالّني، قال: لا، حتى تؤمن بالله وحده، قال: يا محمد خالّني، قال: لا، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، وجعل يكلمه وينظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يجيب شيئا، فلما رأى عامر ما صنع أربد قال: يا محمد خالّني، قال: لا، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، فلما أبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أما والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا، ولأربطن بكل نخلة فرسا، فلما ولّى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اكفني عامر بن الطفيل، فلما خرجا من عنده قال عامر لأربد: ويلك يا أربد أين ما كنت أوصيتك به؟ ... وذكر باقي الحديث على نحو ما مضى. (1099) قوله: «ولما نزل صلى الله عليه وسلم خيبر» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن مالك. (1100) قوله: «يا محمد خالّني» : قيل: من الخلة، أي: اتخذني خليلا وصاحبا، وقيل: من الخلوة، أي مكّنّي حتى أحدثك خاليا على انفراد. قوله: «على نحو ما مضى» : في باب عصمة الله نبيه من التدين بغير الحق، في أول الكتاب، حديث رقم: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 قال: فلما كانا ببعض الطريق أصاب عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله في بيت امرأة من بني سلول، وخرج أربد ومن معه من أصحابه حين رأوا عامرا قد مات بأرض بني عامر، فقالت بنو عامر: يا أربد ما وراءك؟ قال: لا شيء، والله لقد دعاني إلى عبادة شيء لوددت أنه الان عندي فأرميه بمثل هذه- وأشار إلى مكان قريب- حتى أقتله، فخرج أربد بعد ذلك بيوم أو يومين ومعه جمل له يبيعه، فأرسل الله عليه صاعقة فاحترق هو وجمله. 1101- ومنها: ما روي عن ابن عباس قال: مر أبو جهل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يصلي، فقال: ألم أنهك يا محمد؟ لتنتهين عن هذا أو لأفعلن بك، فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغلظ، فقال: بم تهددني يا محمد؟ ما بهذا الوادي أحد أكثر مني ناديا، فقال الله عزّ وجلّ: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18) . - 168، وتأتي مسندة أيضا في فصل ما ظهر من الايات والدلائل فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، الاتي بعد هذا مباشرة برقم: 1115. قوله: «فأرميه بمثل هذه» : يعني بالنبل كما بينته الرواية الأخرى. (1101) قوله: «ومنها: ما روي عن ابن عباس» : أخرجه من طرق بألفاظ متقاربة: ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 298] رقم 18411، والإمام أحمد في المسند [1/ 256، 329] ، والترمذي في التفسير من جامعه، رقم 3349، والنسائي في التفسير من الكبرى برقم 11684، 11685، وابن جرير في تفسيره [30/ 256] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 192] ، والطبراني في الأوسط [6/ 86- 87 مجمع البحرين] رقم 3417. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 ......... - وأصله في صحيح الإمام البخاري، فأخرج في التفسير، باب قوله تعالى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ، من طريق عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو فعله لأخذته الملائكة. وأخرجه أيضا الإمام في المسند [1/ 248، 368] ، وعبد الرزاق في التفسير من المصنف [2/ 384] ، والترمذي في التفسير برقم 3348، والنسائي كذلك برقم 11685، والبيهقي في الدلائل [2/ 192] ، وابن جرير في تفسيره [30/ 256] . وفي الباب عن أبي هريرة، والعباس بن عبد المطلب. فأخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 370] ، ومسلم في صفة القيامة من صحيحه برقم 2797، والنسائي في التفسير من الكبرى برقم 11683، وابن جرير في تفسيره [30/ 256] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 158، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 253، والبيهقي فيه [2/ 188] ، البغوي في الأنوار برقم 31، جميعهم من حديث أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله وهو يصلي، - زعم ليطأ على رقبته- قال: فما فجأهم منه إلّا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا، قال: فأنزل الله عزّ وجلّ- لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه-: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (7) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى الايات ... الحديث باختصار لفظ مسلم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 1102- ومنها ما رواه زكرياء بن عمرو، من أهل الكوفة، مولى لبني زهرة، عن شيخ من قريش، قال: لما مضى ثلاث سنين أطلع الله تعالى رسوله على أمر صحيفتهم، وأن الأرضة قد أكلت ما فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم- وأما حديث العباس فأخرجه البزار في مسنده [3/ 130 كشف الأستار] رقم 2404، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 143 مجمع البحرين] رقم 3507، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 325]- مع أن فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ضعفه الجمهور-، وهذا لفظ الحاكم: عن العباس بن عبد المطلب قال: كنت يوما في المسجد فأقبل أبو جهل فقال: إن لله عليّ إن رأيت محمدا ساجدا أن أطأ على رقبته، فخرجت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل؛ فخرج غضبانا حتى جاء المسجد فعجل قبل أن يدخل من الباب فاقتحم الحائط فقلت: هذا يوم شر، فاتّزرت ثم اتبعته، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) ، فلما بلغ شأن أبي جهل: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (7) ، قال إنسان لأبي جهل: يا أبا الحكم، هذا محمد- رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال أبو جهل: ألا ترون ما أرى؟! والله لقد سد أفق السماء عليّ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة سجد. (1102) قوله: «ما رواه زكرياء بن عمرو» : الزهري مولاهم، ذكر خبره السيوطي في الخصائص [1/ 376] فقال: قال ابن سعد: أنا محمد بن عمر، حدثني الحكم بن القاسم، عن زكرياء بن عمرو، عن شيخ من قريش به ... ولم أقف عليه في طبقات ابن سعد من هذا الوجه، لكن أخرجه من طرق مختصرا ومطولا [1/ 210- 212] . وانظر خبر الصحيفة وطرقها في: دلائل أبو نعيم [1/ 272- 278] رقم 205، ودلائل البيهقي [2/ 311- 315] ، وسيرة ابن هشام [1/ 371] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 لأبي طالب، فقال أبو طالب: أحق ما تخبرني به يا ابن أخي؟ قال: نعم، والله، فذكر أبو طالب ذلك لإخوته، فقالوا له: ما ظنك به؟ قال أبو طالب: والله ما كذبني ابن أخي قط، قالوا: فما ترى؟ قال: أرى أن تلبسوا أحسن ما تجدون من الثياب، ثم تخرجوا إلى قريش فتذكروا لهم قبل أن يبلغهم الخبر، قال: فخرجوا حتى دخلوا المسجد، فعمدوا إلى الحجر- وكان لا يجلس فيه إلّا صبيان قريش وذووها- فترفعت إليهم المجالس ينظرون إليهم ماذا يقولون، فقال أبو طالب: إنا جئنا لأمر فأجيبونا فيه بالذي يعرف لكم، قالوا: مرحبا بكم وأهلا، وعندنا ما يسرك فيما طلبت، قال: إن ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني قط: أن الله جل ذكره قد سلط على صحيفتكم التي كتبتم الأرضة تأكل ما كان فيها من جور وظلم وقطيعة رحم، وبقي فيها كل ما ذكر به الله، فإن كان ابن أخي صادقا نزعتم عن سوء رأيكم، وإن كان كاذبا دفعته إليكم فقتلتموه واستحييتموه، قالوا: أنصفتنا. فأرسلوا إلى الصحيفة، وكانت موضوعة على يدي الجلاس، فلما أتى بالصحيفة قال: اقرؤها، فلما فتحوها إذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكلت إلّا ما كان من ذكر الله، فسقط في أيدي القوم، ثم نكسوا على رؤسهم، فقال أبو طالب: هل بيّن لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة والإساءة؟ فلم يراجعه أحد من القوم، وتلاوم رجال من قريش على ما صنعوا ببني هاشم، فمكثوا غير كثير، ورجع أبو طالب إلى الشعب وهو يقول: يا معشر قريش نحصر ونحبس وقد بان لكم الأمر؟ ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة فقالوا: اللهمّ انصرنا على من ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل منا ما حرم الله منا، ثم انصرفوا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 1103- ومنها: ما روي عن أبي أمامة قال: كان رجل من بني هاشم يقال له: ركانة، وكان من أفتك الناس وأشدهم، وكان مشركا، وكان يرعى غنما له في واد يقال له: أضم، فخرج نبي الله عزّ وجلّ من بيت عائشة ذات يوم فتوجه قبل ذلك الوادي، فلقيه ركانة، وليس مع نبي الله أحد، فقام إليه ركانة فقال: يا محمد، أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم؟ ولولا رحم بيني وبينك (1103) قوله: «عن أبي أمامة» : الباهلي، أخرج حديثه البيهقي في الدلائل [6/ 251] ، وأبو نعيم كذلك وفي الإسنادين: علي بن يزيد الشامي أبو عبد الملك ضعفه الجمهور، قال البيهقي: أبو عبد الملك ليس بالقوي إلّا أن معه ما يؤكد حديثه. وكان البيهقي قد أخرج قصة مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ركانة من طريق ابن إسحاق قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لركانة بن عبد يزيد: ... الحديث. ومن طريق ابن إسحاق أخرجها أيضا أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 245. وأخرجها أبو داود في المراسيل [/ 235] رقم 308، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 18] ، من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد ابن جبير بها، قال البيهقي: مرسل جيد. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص: وصله أبو بكر الشافعي وأبو الشيخ في كتاب السبق والرمي من طريق عبد الله بن يزيد المدني، عن حماد، عن عمرو ابن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وأخرج أبو داود في اللباس برقم 4078، والترمذي كذلك برقم 1785، من حديث أبي جعفر محمد بن علي بن ركانة: أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 ما كلمتك الكلام حتى أقتلك، ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني اليوم، وسأعرض عليك أمرا: هل لك أن أصارعك وتدعو إلهك العزيز الحكيم يعينك عليّ، وأنا أدعو اللات والعزى، فإن أنت صرعتني فلك عشرة من غنمي هذه تختارها، فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن شئت، فأخذ، ودعا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة، ودعا ركانة اللات والعزى: أعنّي اليوم على محمد، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه، وجلس على صدره، فقال ركانة: لست أنت الذي فعلت هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة: عد، فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة، فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم الثانية، وجلس على صدره فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم، وخذلني- وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 427] رقم 20909 من حديث معمر، عن يزيد بن أبي زياد- قال: أحسبه عن عبد الله بن الحارث- قال: صارع النبي صلى الله عليه وسلم أبا ركانة في الجاهلية وكان شديدا، فقال: شاة شاة، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو ركانة: عاودني ... القصة، وفي آخرها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك، خذ غنمك. ولها طريق آخر بسياق آخر عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أتى رجل من بني عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أريك آية؟ ... الحديث، وفي آخره أنه قال: ما رأيت رجلا كاليوم أسحر منه، بسطنا الكلام في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 25 فانظره. فهذه الشواهد يقوي بعضها بعضا، ما يجعل للحديث أصلا، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة: عد، فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى تختارها، فأخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، ودعا كل واحد منهما إلهه، فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا وإنما فعله إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، فدونك ثلاثين شاة من غنمي فاخترها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أريد ذلك، ولكني أدعوك إلى الإسلام يا ركانة وأنفس بك أن تصير إلى النار، إنك إن تسلم تسلم، فقال له ركانة: لا، إلّا أن تريني آية، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: الله عليك شهيد، إن أنا دعوت ربي فأريتك آية لتجيبنّني إلى ما أدعوك إليه؟ قال: نعم، وقريب منه شجرة سمرة ذات فروع وقضبان، فأشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: أقبلي بإذن الله عزّ وجلّ، فانشقت باثنين، فأقبلت على نصف شقها وقضبانها وفروعها حتى كانت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ركانة، فقال ركانة: أريتني عظيما، فمرها فلترجع، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: الله عليك شهيد، لئن أنا دعوت ربي أمر بها فرجعت لتجيبنّي إلى ما أدعوك إليه؟ قال: نعم، فأمرها، فرجعت بقضبانها وفروعها حتى التأمت بشقها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسلم، تسلم، فقال له ركانة: ما بي إلّا أن أكون رأيت عظيما، ولكني أكره أن يتحدث نساء المدينة وصبيانها، أني إنما جئت لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت نساء أهل المدينة قوله: «وخذلني اللات والعزى» : في «ظ» : وخذله اللات والعزى، في جميع المواضع، وأهل العلم يتحاشون عود مثل هذه الألفاظ على أنفسهم عند التعبير والكلام، فيعيدوها إلى قائلها بلفظه كما وقع في «ظ» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 وصبيانها أنه لم يضع جنبي أحد قط، ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط ليلا ولا نهارا، ولكن دونك فاختر غنمك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لي حاجة إلى غنمك إذ أبيت أن تسلم. فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعا، وأقبل أبو بكر وعمر يلتمسانه في بيت عائشة، فأخبرتهما أنه توجه قبل وادي أضمن، وقد عرف أنه وادي ركانة لا يكاد يخطئه، فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله، فجعلا يصعدان على كل شرف ويشرفان مخرجا له إذ نظرا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، فقالا: يا نبي الله كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك، وقد عرفت أنه جهة ركانة وأنه من أفتك الناس وأشدهم تكذيبا لك؟! فضحك إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أليس يقول الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، إنه لم يكن يصل إلي والله معي، فأنشأ يحدثهما بحديثه والذي فعل به، والذي أراه، فعجبا من ذلك فقالا: يا رسول الله أصرعت ركانة؟ فلا والذي بعثك بالحق نبيا ما نعلم أنه وضع جنبه إنسان قط!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني دعوت ربي فأعانني عليه، وإن ربي أعانني ببضع عشرة وقوة عشرة. 1104- ومن ذلك: أن شيبة بن عثمان الحجبي كمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ليقتله، فجاء من خلفه، فلما أراد أن يسوره وأن يعلوه بالسيف رفع له شواظ من نار كاد أن يحترق، فنكص على عقبيه وتركه. (1104) قوله: «كمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم» : قصة إسلام شيبة، أخرجها ابن عساكر في تاريخه [23/ 255- 256] من طريق ابن سعد عن الواقدي، وهي في مغازيه [3/ 910] : أنا عمر بن عثمان المخزومي، عن عبد الملك بن عبيد وغيره قالوا: كان شيبة بن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 ......... - عثمان رجلا صالحا له فضل، وكان يحدث عن إسلامه وما أراد الله به من الخير، ويقول: ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه من الضلالات آباؤنا، ثم يقول: لما كان عام الفتح ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قلت: أسير مع قيس إلى هوازن بحنين، فعسى إن اختلفوا أن أصيب من محمد غرة وأثأر منه، فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحدا إلّا اتبع محمدا ما اتبعته أبدا، فكنت مرصدا لما خرجت له، لا يزداد الأمر في نفسي إلّا قوة، فلما اختلط الناس، اقتحم الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته، وأصلتّ السيف، ودنوت أريد ما أريد منه، ورفعت سيفي حتى كدت أسوره، فرفع لي شواظ كالبرق من نار كاد يمتحشني، فوضعت يدي على بصري خوفا عليه، والتفت إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداني: يا شيبة، ادن مني، فدنوت منه فمسح صدري ثم قال: اللهمّ أعذه من الشيطان، قال: فو الله لهو كان ساعة إذن أحب إليّ من سمعي وبصري ونفسي، وأذهب الله ما كان بي، ثم قال: ادن فقاتل، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي، الله أعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء، فجعلت ألزمه فيمن لزمه، حتى تراجع المسلمون، فكروا كرة رجل واحد، وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها، فخرج في إثرهم حتى تفرقوا في كل وجه، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه، فدخلت عليه ما دخل عليه غيري حبّا له ولرؤية وجهه وسرورا به، فقال: يا شيبة، الذي أراد الله بك خير مما أردت لنفسك، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أذكره لأحد قط، قال: فقلت: فإني أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، ثم قلت: استغفر لي يا رسول الله، قال: غفر الله لك. وأخرج البيهقي في الدلائل [5/ 145] ، أبو نعيم كذلك برقم 144، وابن عساكر في تاريخه [23/ 256- 257] ، من طريق أبي بكر الهذلي، عن عكرمة نحوه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 1105- ومنها: يوم صافّ صلى الله عليه وسلم أعداءه ببدر وهم ألف أو زهاء ألف، وهو في عصابة تكون ثلثهم، فلما حمي الوطيس والتحمت الحرب أخذ قبضة من التراب ملء كفه، والقوم متفرقون في نواحي عسكرهم، فرمى به وجوههم فلم يبق منهم رجل إلّا امتلأت عيناه منه، وإن الريح لتعصف يومها إلى الليل، لم يكن ليصيب اثنين منهم. ثم قرعهم الله بذلك في القرآن، وثبّت به المؤمنين. فأي أحد يقدر أن يرمي قوما بينه وبينهم مائتا ذراع بتراب ملء كفه فيصيبهم جميعا؟ فهل هي إلّا قدرة الخالق تبارك وتعالى معجزة لنبيّه صلى الله عليه وسلم؟. 1106- ومنها: أنه انكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدر فقال: يا رسول الله انكسر سيفي، فأخذ صلى الله عليه وسلم جزلا من حطب فأعطاه إياه وقال- وأخرج ابن إسحاق في سيرته [4/ 58 ابن هشام]- ومن طريقه البيهقي في الدلائل [5/ 128] ، وابن عساكر في تاريخه [23/ 258]- شاهدا له بلفظ مختصر. وأخرج الواقدي في مغازيه [3/ 909- 910] القصة بنحو ما تقدم. (1105) قوله: «أخذ قبضة من التراب» : تقدم تخريجه في المغازي، انظر النص المتقدم برقم 691. قوله: «لم يكن ليصيب اثنين منهم» : يعني: فضلا عن جميعهم لولا قدرته سبحانه معجزة لنبيه. (1106) قوله: «أنه انكسر سيف عكاشة» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته [2/ 278 ابن هشام] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 98- 99] ، في تسمية من شهد بدرا قال: ... وعكاشة بن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 له: هزه، فصار سيفا، فتقدم وجاهد به الكفار، فكان لم يزل بعد ذلك معه. 1107- ومنها: أن قوما من العرب اجتمعوا عند صنم لهم ينسكو له، ففاجأهم صوت من جوفه يتكلم بلسان فصيح يناديهم: يا آل ذريح ... أتاكم رجل فصيح في كلام كثير، فانجفل القوم فزعا، وذلك حين بعث صلى الله عليه وسلم. قال: فأسلم أكثرهم. - محصن، وهو الذي قاتل بسيفه يوم بدر حتى انقطع في يده، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جزلا من حطب وقال: قاتل بها يا عكاشة، فلما أخذه من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه فعاد سيفا في يده طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله تعالى على رسوله، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل- يعني في قتال أهل الردة- وهو عنده، وكان ذلك السيف يسمى القوي. وأخرج نحوه الواقدي في مغازيه [1/ 93] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 99] ، من حديث أسامة بن زيد عن داود بن الحصين، عن رجال من بني عبد الأشهل عدة. وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا علي بن محمد، عن أبي معشر، عن زيد بن أسلم ويزيد بن رومان وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وغيرهم: أن عكاشة بن محصن انقطع سيفه يوم بدر.. الحديث بنحوه. (1107) قوله: «ففاجأهم صوت من جوفه» : وذلك عند ابتداء بعثته صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت القصة بطولها أول الكتاب، في أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم في قصة إسلام سواد بن قارب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 1108- ومنها: أنه كان في سفرين من أسفاره، معروفين مذكورين عند عشيرته، لا يتدافعون حديثهما، ولا ينكرون ذكرهما، فكان إذا أصابته الشمس أظلته سحابة حين يمشي، تدور معه حيث دار، وتزول معه حيث زال، يراها رفقاؤه ومعاشروه. 1109- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله ما من شيء نقوله؟ فقد بلغت القلوب الحناجر، قال: نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، قال: فضرب الله عزّ وجلّ وجوه أعدائه بالريح، فهزمهم الله بالريح. 1110- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم سافر سفرا ونزل تحت شجرة وعلق بها سيفه، وتفرق الناس في نزولهم، فدسوا رجلا ليقتله، فجاء إليه وهو لا يشعر فأخذ سيفه وسله فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ قال: الله، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كتفيه فسقط الرجل، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ سيفه، وقال: من يمنعك الان مني؟ فقال: لا أحد، فعفا عنه صلى الله عليه وسلم. (1108) قوله: «في سفرين من أسفاره» : وذلك في رحلته مع ميسرة وعمه عبد المطلب، وقد تقدم ذلك في أول الكتاب. (1109) قوله: «فهزمهم الله بالريح» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 3] ، وابن جرير في تفسيره [21/ 127] ، وابن أبي حاتم كذلك [9/ 3116] رقم 17599. (1110) قوله: «سافر سفرا» : القصة في الصحيحين رويت من وجوه بألفاظ من حديث جابر، وفي بعض طرقها أنها لقتال بني محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان، وأن الرجل الذي بعثوه لذلك يقال له: غورث بن الحارث، وأخرجها الشيخان من وجه آخر عن جابر أيضا، وفيه أن الذي أخذ السيف رجل أعرابي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 1111- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى السحابة علم رعدها وفيم ترعد، فمرت به صلى الله عليه وسلم سحابة ورعدت عند نكث أهل مكة عهودهم فقال: والذي نفسي بيده إنها لترعد بنصر بني كعب، فكان كذلك، وسار صلى الله عليه وسلم عند ذلك ففتحها. (1111) قوله: «عند نكث أهل مكة عهودهم» : أخرج ابن أبي إسحاق في سيرته [2/ 389- 391] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [5/ 5- 7] ، - واللفظ له-، قال ابن إسحاق: حدثنا الزهري، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة، أنهما حدثاه جميعا، قالا: كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش: أنه من شاء يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل، فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن ندخل في عقد محمّد صلى الله عليه وسلم وعهده، وتواثبت بنو بكر، فقالوا: نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة والثمانية عشر شهرا، ثم أن بني بكر الذين كانوا في عقد قريش وعهدهم، وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلا بماء لهم يقال له: الوتير، قريب من مكة، فقالت قريش: ما يعلم بنا محمد، وهذا الليل وما يرانا أحد، فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح، فقاتلوا معهم للطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عمر بن سالم ركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها: اللهمّ إني ناشد محمّدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا كنا والدا وكنت ولدا ... ثم أسلمنا ولم ننزع يدا فانصر رسول الله نصرا أعدنا ... وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا ... إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا ... إن قريشا أخلفوك الموعدا - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 ......... - ونقضوا ميثاقك المؤكدا ... وزعموا أن لست أرجو أحدا فهم أذل وأقل عددا ... قد جعلوا لي بكداء مرصدا هم بيتونا بالوتير هجدا ... فقتلونا ركعا وسجدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم. فما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مرت عنانة في السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وكتمهم مخرجه، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم. تابعه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [4/ 2012] رقم 5060. ولها إسناد آخر بلفظ أطول، فأخرجها الطبراني في معجمه الكبير [23/ 433] رقم 1052، وفي الصغير أيضا [2/ 167] رقم 968، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 59، من حديث علي بن الحسين، عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات عندها في ليلتها ثم قام فتوضأ للصلاة، فسمعته وهو يقول: لبيك، لبيك، لبيك- ثلاثا-، ونصرت، ونصرت، ونصرت- ثلاثا-، قالت: فلما خرج من متوضأه، قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي سمعتك تكلم إنسانا، فهل كان معك أحد؟ قال: هذا راجز بني كعب يستصرخني، ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر ... القصة بطولها. قال الطبراني عقبه: لم يروه عن جعفر إلّا محمد بن نضلة، تفرد به يحيى بن سليمان، ولا يروى عن ميمونة إلّا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 164] : رواه الطبراني في الصغير والكبير، وفيه يحيى بن سليمان بن نضلة، وهو ضعيف. ولها إسناد آخر، قال الواقدي [2/ 801] : فحدثني يحيى بن خالد بن دينار، عن عبد الله بن عمير، عن ابن عباس. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 1112- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قصد البيت وفيه ثلاث مائة وستون صنما، فأخذ عودا وجعل يطعن في وجوههم ويقول: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (81) الاية. 1113- وفي رواية: أنه صلى الله عليه وسلم كلما أشار بيده إلى صنم خر لوجهه من غير أن يمسه. - قال: وحدثني داود بن خالد، عن المقبري، عن أبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرى السحاب تستهل بنصر بني كعب ... الحديث. حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر [5/ 13] بإسناده إلى علي بن عثمان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بأبيات بني خزاعة حسب. ولها إسناد آخر فيه غير مجهول وضعيف، فأخرج الفاكهي في تاريخه [5/ 103] رقم 2914، من حديث عبد الله بن مسعود الخزاعي، عن خالد بن عبد العزيز قال: إن المستنصر- مستنصر خزاعة- خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكى إليه ما صنع بهم، فقدم عليه وهو يقول: - فذكر الأبيات-، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أنشده: لا نصرت إن لم أنصركم، ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة نحو مكة، يريد نصر خزاعة ... القصة، اختصرها المصنف في سبب فتح مكة، لذلك أوردناها بطولها هنا. (1112) قوله: «وجعل يطعن في وجوههم» : أخرجاه من حديث ابن مسعود: فأخرجه البخاري في المظالم، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر الزقاق، رقم 2478، وفي المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح، رقم 4287، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً رقم 4720، وأخرجه مسلم في الجهاد، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة، رقم 1781. (1113) قوله: «وفي رواية» : أخرجها الطبراني في معجمه الكبير [12/ 452] رقم 13643، ومن طريقه- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 1114- ومن ذلك: أن كسرى كتب إلى باذان- وهو عامله على اليمن- أن ابعث إلى هذا الرجل- يعني محمّدا صلى الله عليه وسلم- فأحضره، فبعث إليه، وكتب كتابا: إنك إن أجبت كتبت فيك، وشفعت لك، وإن لم تجب فهذا كسرى مخرب بلادك، ومستأصل قوتك، فنزل جبريل عليه السّلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: سلطت ابن كسرى على أبيه فقتله لخمس ساعات من ليلة كذا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم برسل باذان فأخبرهم، وكتب إلى باذان: إن أسلمت استعملتك، وانصرف الرسولان بما كتب، وقال: فقدما على باذان فأخبراه بما قاله صلى الله عليه وسلم عن شيرويه وقتله كسرى، فأسلم باذان، وأسلمت الأبناء من آل فارس. - أبو نعيم في الدلائل برقم 446، والبيهقي فيه أيضا [5/ 72] ، صححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1702 مع أن في إسناده عاصم بن عمر العمري وهو ضعيف، قال البيهقي عقب إخراجه: هذا الإسناد وإن كان ضعيفا فالذي قبله- يعني حديث ابن مسعود- يؤكده، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 176] : رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه عاصم بن عمر العمري، وهو متروك، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطىء ويخالف. قلت: وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس، وحديث ابن مسعود المتفق عليه يغني عن الإطالة في تخريجه. (1114) قوله: «أن كسرى كتب إلى باذان» : ويقال أيضا: باذام، وقد خرجنا القصة بطولها في باب إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات تحت رقم 1280. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 [220- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل فيمن دعا عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 220- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل فيمن دعا عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم 1115- أخبرنا الشريف أبو محمد: عبد الله بن يحيى بن طاهر بن يحيى الحسيني بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن نصر قال: حدثنا أبو عبد الله: الزبير بن بكار قال: (1115) قوله: «حدثنا محمد بن الحسن بن نصر» : في دلائل البيهقي: حدثنا محمد بن يحيى بن الحسن بن نصر، فلعله نسب لجده هنا، ولم أجد فيما لدي من المصادر محمد بن الحسن أو محمد بن يحيى بن الحسن، وكذا شيخ المصنف لم أجد له ترجمة، لكن تقدم أن المصنف رحمه الله يروي تاريخ المدينة ليحيى بن الحسين عن إمام مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بإسناده إلى طاهر بن يحيى، عن أبيه. قوله: «حدثنا أبو عبد الله: الزبير بن بكار» : الإمام الحافظ المؤرخ النسابة، قاضي مكة وعالمها، أبو عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي، الأسدي، الزبيري، المدني، المكي، أحد الأعلام، من مشايخ ابن ماجه الثقات، وروى عنه أبو حاتم الرازي أيضا، وهو صاحب كتاب نسب قريش، وثقه الدارقطني، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا عالما بالنسب عارفا بأخبار المتقدمين وماثر الماضين. سير أعلام النبلاء [12/ 311] ، تاريخ بغداد [8/ 467] ، تهذيب الكمال [9/ 293] ، الجرح والتعديل [3/ 585] ، وفيات الأعيان [2/ 311] ، الوافي بالوفيات [14/ 256] ، العقد الثمين [4/ 427] ، تذكرة الحفاظ- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 حدثتني ظمياء بنت عبد العزيز بن مولة عن أبيها، عن جدها مولة بن حمل قال: أتى عامر بن الطفيل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا عامر أسلم، -[2/ 528] ، تهذيب التهذيب [3/ 269] ، الكاشف [1/ 248] ، الميزان [2/ 256] ، تحفة السخاوي [2/ 85] . قوله: «حدثتني ظمياء» : هكذا ضبطها الحافظ الدارقطني في غير موضع من المؤتلف، ووقع في الأصول ورواية البيهقي: فاطمة! وظمياء لم أجد من أفردها بترجمة، لكن ذكرها ابن حبان في ترجمة أبيها من الثقات [7/ 115] ، والدارقطني في المؤتلف [3/ 1491] . قوله: «عن أبيها» : هو عبد العزيز بن مولة، ذكره ابن حبان في الثقات [7/ 115] وقال: روى عن أبيه، روى عنه ابنته طهماء! - كذا- قال محققه: في نسخة: ظمناء!!. قوله: «ابن حمل» : وقع في الأصول والمطبوع من دلائل البيهقي: ابن جميل، وهو تصحيف، ضبطه غير واحد بالحاء المهملة المفتوحة بعدها ميم ثم لام- باسم الحيوان-، نسب لجده، وهو: مولة- بفتحات-، ابن كثيف- بالتصغير، وبعد الكاف مثلثة، وزن: زبير-، ابن حمل بن خالد الكلابي مولاهم، مولى الضحاك بن سفيان الكلابي، له صحبة ووفادة، عاش مائة سنة في الإسلام، وكان يسمى: ذا اللسانين من فصاحته وبلاغته. أسد الغابة [5/ 283] ، المعرفة لأبي نعيم [5/ 2645] ، الإصابة [9/ 300] ، الثقات [5/ 461] ، المؤتلف للدار قطني [4/ 1976، أيضا: 1/ 396] ، المشتبه [1/ 175] ، التبصير [1/ 262] ، الإكمال [2/ 123] ، التوضيح [1/ 303] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 قال: أسلم على أنّ لي الوبر ولك المدر؟ قال: لا، ثم قال: يا عامر أسلم، قال: أسلم على أن لي الوبر ولك المدر؟ قال: لا، قال: فولى وهو يقول: والله يا محمد لأملأنها عليك خيلا جردا، ورجالا مردا، ولأربطن بكل نخلة فرسا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اكفني عامرا واهد قومه. فخرج، حتى إذا كان بظهر المدينة صادف امرأة يقال لها: سلولية، فنزل عن فرسه ونام في بيتها، فأخذته غدّة في حلقه، فوثب على فرسه وأخذ رمحه، وأقبل يجول وهو يقول: غدة كغدة البكرة وموت في بيت سلولية، فلم يزل تلك حاله حتى سقط عن فرسه ميتا. قوله: «سلولية» : أي: من بني سلول، وهي بنت ذهل بن شيبان، وزوجها مرة بن صعصعة أخو عامر الصحابي. قوله: «حتى سقط عن فرسه ميتا» : أخرجه من طريق المصنف: البيهقي في الدلائل [5/ 321] : أخبرنا أبو سعد: عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد رحمه الله قال ... فذكره شاهدا لما في صحيح الإمام البخاري الاتي. تابعه عن الزبير بن بكار جماعة، منهم: ابن صاعد، والمحاملي وآخرون، حديثهم عند الدارقطني في المؤتلف والمختلف [1/ 397، 4/ 1976] ، وأبي نعيم في المعرفة [5/ 2645] ، والبغوي في الصحابة، فيما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة [9/ 300] . وأصله عند الإمام البخاري في الصحيح، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع، قال الإمام البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال: حدثني أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خاله- أخ لأم سليم- في سبعين راكبا، وكان رئيس المشركين- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 ......... - عامر بن الطفيل خير بين ثلاث خصال فقال: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك، أو أغزوك بأهل غطفان بألف وألف ... الحديث بطوله نحوه، رقم 4091، وأخرجه البيهقي في الدلائل [5/ 320] . وله طرق أخرى، فأخرجه البخاري في تاريخه [8/ 326] قال: أخبرنا الحميدي، أنا علي بن يزيد بن أبي حكيمة، عن أبيه وعدة منهم، عن سلمة بن الأكوع قال: لم يدخل عامر بن الطفيل المدينة إلّا بأمان النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عامر أسلم تسلم ... الحديث، وأخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 82- 83] . وقد رويت من طريق آخر سببا في نزول قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الاية، فأخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2230] ، قال: أخبرنا أبو يزيد القراطيسي فيما كتب إلي، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ الاية، قال: أتى عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عامر: ما تجعل لي إن أنا اتبعتك؟ ... الحديث بطوله رقم 12193. وأخرجها [7/ 2231] أيضا، عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء ابن يسار قال: أنزل الله في عامر وأربد ما كانا هما به من النبي صلى الله عليه وسلم قوله عزّ وجلّ: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ الاية. وقد أخرجه موصولا الى ابن عباس: الطبراني في معجمه الكبير [10/ 379] رقم 10760، وفي الأوسط [6/ 40- مجمع البحرين، رقم 3346] من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف جدّا، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أيضا ضعيف وفيه مجهول، وإنما أوردته كالشاهد لما تقدم، ومن طريق الطبراني أخرجه- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 1116- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب وكان يؤذيه هو وأبواه كثيرا، وكان هو ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته، - أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 184، وأبو نعيم كذلك [1/ 206] رقم 157. نعم، وأخرجه ابن جرير في تفسيره [13/ 126] من وجه آخر: حدثنا القاسم، ثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: نزلت- يعني قوله تعالى: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ الاية- في أربد أخي لبيد بن ربيعة؛ لأنه قدم وعامر بن الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عامر ... الحديث بطوله. قوله: «وكان هو ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم» : ويقال في اسمه أيضا: عتيبة، أشار إلى ذلك البيهقي في الدلائل، وكذلك ترجم له ابن عساكر في تاريخه [38/ 301] ، روى بعضهم حديثه فسماه: لهب بن أبي لهب. وقد ترجم بعضهم لعتبة في الصحابة؛ لما سيأتي، فأخرج ابن سعد في الطبقات [4/ 60] من حديث ابن عباس، عن العباس بن عبد المطلب قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في الفتح قال لي: يا عباس أين ابنا أخيك عتبة ومعتب لا أراهما؟ قال: قلت: يا رسول الله تنحيا فيمن تنحى من مشركي قريش، فقال لي: اذهب إليهما وأتني بهما، قال العباس: فركبت إليهما بعرنة فأتيتهما فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكما، فركبا معي سريعين حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهما إلى الإسلام فأسلما وبايعا، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى بهما الملتزم- وهو بين باب الكعبة والحجر الأسود- فدعا ساعة ثم انصرف والسرور يرى في وجهه، قال العباس: فقلت له: سرك الله يا رسول الله فإني أرى السرور في وجهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، إني استوهبت ابني عمي هذين ربي فوهبهما لي، قال- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها فطلقها، وتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فمزق عليه ثيابه، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ سلط عليه كلبا من كلابك، فخرج إلى الشام في نفر من قريش تاجرا، فلما كان في بعض الطريق عرسوا ليلا فسمعوا زئير الأسد، فقال عتبة: إن هذا والله آكلني، فقيل له: كيف تخافه أنت من بيننا؟ فقال: إن محمدا قد توعدني به، وقلّ ما قال شيئا إلّا كان كما قال. - حمرة بن عتبة: فخرجا معه في فوره ذلك إلى حنين فشهدا غزوة حنين، وثبتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فيمن ثبت من أهل بيته وأصحابه، وأصيبت عين معتب يومئذ، ولم يقم أحد من بني هاشم من الرجال بمكة بعد أن فتحت غير عتبة ومعتب ابني أبي لهب. قوله: «فطلقها» : أخرج البيهقي في الدلائل [2/ 338- 339] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 305، وابن عساكر في تاريخه [38/ 302] ، من حديث ابن أبي عروبة عن قتادة قال: تزوج أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عتيبة بن عبد العزى أبي لهب، فلم يبن بها حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت رقية ابنة النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه عتبة بن عبد العزى أبي لهب، فلما أنزل الله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ الاية، قال أبو لهب لابنيه: رأسي من رأسيكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عتبة طلاق رقية، وسألته رقية ذلك، فقالت له أمه وهي حمالة الحطب: طلقها يا بني فإنها قد صبئت، فطلقها، وطلق عتيبة أم كلثوم، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين طلق أم كلثوم وقال: كفرت بدينك، وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك، ثم سطا عليه فشقّ قميص النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج نحو الشام تاجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبه، فخرج في نفر من قريش حتى نزلوا بمكان من الشام- يقال له: الزرقاء- ليلا، فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أمي، هو والله آكلني- كما دعا عليّ محمد- أقاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام؟! - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 قال: فجعلوه وسطهم وباتوا، فجاء الأسد فتخطى إبلهم وأثقالهم، ثم تخطاهم إليه وأخذ برأسه واحتمله من بينهم وذهب به وحطمه وقتله، وكان يستغيث فلم يغثه أحد، وكانت هذه آية عظيمة لأهل مكة. فقال حسان بن ثابت في ذلك: سائل بني الأشقر إن جئتهم ... ما كان أنباء بني واسع رحم نبيّ جدّه جده ... يدعو إلى نور له ساطع فاستوجب الدعوة منه بما ... بين للناظر والسامع لا وسّع الله له قبره ... بل ضيّق الله على القاطع - فعدا عليه الأسد من بين القوم فأخذ برأسه وضغمه ضغمة فدغه، فتزوج عثمان بن عفان رقية، فتوفيت عنده ولم تلد له. وأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم 380، وابن عساكر في تاريخه [38/ 302] ، من حديث ابن إسحاق، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن هبار بن الأسود، قال: كان أبو لهب وابنه عتيبة قد تجهزا إلى الشام وتجهزت معهما، فقال ابنه عتبة والله لأنطلقن إليه فلأوذينه في ربه، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هو يكفر بالذي دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ابعث عليه كلبا من كلابك ... القصة، وفيها قول أبي لهب: قد عرفت والله ما كان لينفلت من دعوة محمد. أخرجها أبو نعيم من وجه آخر في الدلائل برقم 383، عن الواقدي، عن ابن طاوس، عن أبيه. وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 562 بغية الباحث] رقم 511، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [2/ 539] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 338] ، من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب، عن أبيه قال: كان لهب بن أبي لهب يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عليه، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 إذ سلط الله في كلبه ... يمشي الهوينا مشية الخادع حتى أتاه وسط أصحابه ... وقد علتهم سنة الهاجع أسلمتموه وهو يدعوكم ... بالنسب الأدنى وبالجامع فالتقم الرأس بيافوخه ... والحلق منه نقرة الجائع والليث يعلوه بأنيابه ... مضطرما وسط دم ناقع لا يرفع الرحمن مصروعكم ... فينا ودامت قوة الصارع من عاد فاللّيث له عائد ... أفظع به من خبر شائع - للهمّ سلّط عليه كلبك ... القصة وفيه قول أبي لهب: ألم أقل لكم إني أخاف عليه دعوة محمد. وأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم 384، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 306، من طريق محمد بن كعب القرظي عن عثمان بن عروة، عن رجال من أهل بيته قالوا: كانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتيبة بن أبي لهب فطلقها، فلما أراد الخروج إلى الشام، قال: لاتين محمدا فأوذينه في ربه، قال: فأتى فقال: يا محمد- هو يكفر بالذي دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية-، ثم تفل في وجهه، ثم رد عليه ابنته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ سلط عليه كلبا من كلابك، قال: وأبو طالب حاضر، فوجم عنها، وقال: ما أغناك عن دعوة ابن أخي، فرجع فأخبره بذلك، وخرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا، فأشرف عليهم الراهب من الدير فقال لهم: هذه أرض مسبعة، فقال أبو لهب: يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة؛ فإني أخاف عليه دعوة محمد ... القصة. قوله: «من عاد فالليث» : الأبيات مختصرة في ديوان حسان، ولم تتفق المصادر على عددها، ولا على ألفاظها، وفي بعض المصادر الكسر في الأبيات ظاهر، لذلك تركتها كما وردت في الأصول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 1117- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم إلى سوق المدينة، فأمر الناس بالمعروف، وأخبرهم فيما يأتون ويذرون، ورجل خلفه يقال له الحكم بن أبي العاص، كلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر تمثل به (1117) قوله: «الحكم بن أبي العاص» : هو ابن عبد شمس القرشي، الأموي، والد مروان بن الحكم، وعم عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال ابن سعد: أسلم يوم الفتح، وسكن المدينة، ثم نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف. قال ابن عبد البر في الاستيعاب: اختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره النبي صلى الله عليه وسلم إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك عليه، وكان يحاكيه في مشيته وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها، ثم أخرج بإسناده إلى عثمان بن حكيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل عليكم رجل لعين، قال عبد الله: وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل، فدخل الحكم بن أبي العاص. وقال الحافظ في الإصابة: روينا في جزء بن بخيت من طريق زهير بن محمد، عن صالح بن أبي صالح قال: حدثني نافع بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر الحكم بن أبي العاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل لأمتي مما في صلب هذا. قال: وروى الفاكهي من طريق حماد بن سلمة، حدثنا أبو سنان، عن الزهري وعطاء الخراساني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص فقالوا: يا رسول الله ما له؟ قال: دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي، فقالوا: فلا نلعنه نحن؟ قال: لا، فإني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه، فقالوا: يا رسول الله ألا نأخذهم؟ قال: لا. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 كالمستهزىء، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كن كذلك، فضربته اللقوة، فانقلب وجهه ورأسه. - قال الحافظ: روى ابن أبي خيثمة من حديث عائشة: أنها قالت لمروان في قصة أخيها عبد الرحمن لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه. قال الحافظ: وأصل القصة عند البخاري بدون هذه الزيادة. قال ابن عبد البر: وقد روي عن عائشة أنها قالت لمروان حينها: إن اللعين أبوك فارم عظامه ... إن ترم ترم مخلجا مجنونا يمسي خميص البطن من عمل التقى ... ويظل من عمل الخبيث بطينا قال الحافظ: وروى الطبراني من حديث حذيفة قال: لما ولّي أبو بكر كلم في الحكم أن يرده إلى المدينة فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: «تمثل به كالمستهزىء» : القصة أخرجها البيهقي في الدلائل [6/ 239] لم يسم فيها الحكم، أخرجها من طريق جميع بن عمير التيمي قال: كنا على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ننتظره، فخرج فاتبعناه حتى أتى عقبة من عقاب المدينة، فقعد عليها فقال: يا أيها الناس لا يتلقين أحد منك سوقا، ولا يبيع مهاجر للأعرابي، ومن باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثل- أو قال: مثلي- لبنها قمحا، قال: ورجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمظه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذلك فكن، قال: فرفع إلى أهله فليط به شهرين فغشي عليه، ثم أفاق حين أفاق وهو كما حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج البخاري في تاريخه [3/ 1] ، الحاكم في المستدرك [2/ 621] وصححه- وفي تصحيحه نظر- ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 240] ، أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 11، والطبراني- كما في مجمع- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 1118- ومن ذلك: ما روى عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة وأبو جهل وناس من قريش قد نحروا جزورا في ناحية مكة، قال: فبعثوا فجاؤا بسلاها فطرحوه بين كتفيه، قال: فجاءت فاطمة رضي الله عنها فطرحته عنه صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال- وكان يستحب أن يدعو ثلاثا فقال-: اللهمّ عليك بقريش، اللهمّ- الزوائد [5/ 243]-، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 712] رقم 1906، وابن عساكر- كما في الجامع الكبير [2/ 557]- من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان فلان يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء اختلج بوجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كن كذلك، فلم يزل يختلج حتى مات. فيه ضرار بن صرد رافضي متروك الحديث. وقد رويت قصة الحكم هذه من طريق حسنة- لا بل صحيحة- أخرجها البيهقي والدلائل [6/ 240] ، من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا حسان بن عبد الله الواسطي، حدثنا السري بن يحيى، عن مالك بن دينار قال: حدثني هند بن خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي الحكم فجعل يغمز بالنبي صلى الله عليه وسلم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فرآه فقال: اللهمّ اجعله وزعا، فرجف مكانه، قال: والوزع ارتعاش. قال البيهقي عقبه: كذا في كتابي. وقال أبو القاسم البغوي، عن محمد بن إسحاق بإسناده قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم أبي مروان ... ثم ذكر الباقي. تابعه محمد بن سهل عن حسان، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [5/ 2755] رقم 6555. (1118) قوله: «ومن ذلك: ما روى عبد الله بن مسعود» : الحديث أخرجاه في الصحيحين وزادا فيمن دعا عليه صلى الله عليه وسلم، عمارة بن الوليد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 عليك بقريش: بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط. قال عبد الله: فلقد رأيتهم صرعى في قليب بدر. 1119- ومن ذلك: دعاؤه صلى الله عليه وسلم على كسرى حين مزق كتابه فقال: اللهمّ مزق ملكه كل ممزق. 1120- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه بكتاب فمزقه فقال: مزق كسرى ملكه، وقال صلى الله عليه وسلم: أما إنكم ستملكون أرضه. فمزق الله ملكه، وشتت جمعه. 1121- ومن ذلك: دعاؤه صلى الله عليه وسلم على مضر حين آذوه بالتكذيب، (1119) قوله: «اللهمّ مزق ملكه» : أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، قال: فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق. وسيأتي تمام بحث قصته في إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات. (1121) قوله: «اللهمّ اشدد وطأتك على مضر» : أخرج البخاري في الصلاة، باب يهوي بالتكبير حين يسجد، من حديث أبي هريرة، في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهمّ اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، وأخرجه أيضا الإمام أحمد، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 فقال: اللهمّ اشدد وطأتك على مضر، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، فقام عليهم القحط ثماني سنين، فوّجه حاجب بن زرارة إلى كسرى فشكى إليه ما نالهم، وسأله أن يأذن لهم في الرعي بالسواد، وفي ذلك نزل قوله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (11) الاية، فالدخان: الجدب، لأنه كان دخانا، ولذلك سميت: سنة الجدب لارتفاع الغبار فيها. قال أبو سعد رحمه الله: فلا يجوز أن يكون هذا لمن تاب، لأنه سبحانه قال بعد ذلك: يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (11) إلى قوله- وأبو داود، والنسائي، وغيرهم، وسيأتي في فصل ما ظهر من الايات والدلائل في دعائه المبارك صلى الله عليه وسلم حيث أعاده المصنف. قوله: «وفي ذلك نزل قوله تعالى» : ليس المراد أن ذلك كان سبب نزول الاية، إنما المعنى- والله أعلم كما يظهر- أن هذا قد وجد وصار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بين ذلك البيهقي في الدلائل. وقد أخرج الشيخان من حديث مسروق قال: دخلت على عبد الله فقال: إن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم، إن الله قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) الاية؛ إن قريشا لما غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال: اللهمّ أعني عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) الاية، فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا، فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ إلى قوله جلّ ذكره: إِنَّا مُنْتَقِمُونَ الايات، لفظ البخاري في التفسير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16) ، يعني: يوم بدر. وهذا كله يعني: أن آية الدخان قد مضت. 1122- ثم كان انكشاف العذاب عنهم بدعائه أيضا صلى الله عليه وسلم، فأتاهم الغيث، وكثر حتى هدم بيوتهم فلما شكوا إليه قال صلى الله عليه وسلم: اللهم حوالينا ولا علينا، فانحدرت السحابة عن رأسه، فسقى الناس حولهم. 1123- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، قال: فما وصلت يده إلى فيه بعد. 1124- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم مر برجل يسوق فرسا فقال: أعطها فارسا تربت يمينك، فسقط عن فرسه فتربت يمينه. (1123) قوله: «كل بيمينك» : أخرجه مسلم في الأشربة، باب آداب الطعام برقم 2021، وانظر تمام تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2163، ويستفاد من روايته تسمية الصحابي المبهم. (1124) قوله: «اعطها فارسا تربت يمينك» : القصة في سيرة ابن إسحاق [2/ 282] ، ومغازي الواقدي [2/ 542] ، في سياق غارة عيينة بن حصن على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة، وفيه: فاطلع أبو عياش الزرقي على فرس له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أعطيت فرسك من هو أفرس منك فتبع الخيول، فقلت: أنا يا رسول الله أفرس الناس، قال: فركضته، فما جرى بي خمسين ذراعا حتى صرعني الفرس، فكان أبو عياش يقول: فعجبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أعطيته أفرس منك، وأنا أقول: أنا أفرس الناس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 1125- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم سأل عن رجل فأخبروه بنعته، فقال صلى الله عليه وسلم: لا أقرت به الأرض، فكان كلما دخل أرضا لم يستقر فيها، حتى يخرج منها. (1126) - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اعتنقه وقبله، وكانت أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها ثم قالت لهم: سيروا حتى تدخلوا المدينة فتقتلوا محمدا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهمّ أثكلها بولدها، فقتلهم زيد بن حارثة في رجعته إلى بني فزارة مع أمهم، وبعث بذراع أم قرفة (1125) قوله: «سأل عن رجل» : زاد أبو نعيم في المعرفة [6/ 3570] رقم 8060، 8061، والبيهقي في الدلائل [6/ 242] : يقال له قيس، أخرجاه من حديث مسلم بن إبراهيم: حدثتنا أم الأسود الخزاعية قالت: حدثتني أم نائلة الخزاعية قالت: حدثني بريدة به. وعزاه ابن الأثير في الأسد [7/ 401] إلى ابن منده أيضا. (1126) قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : حديثها عند ابن إسحاق في السيرة، ومن طريقه الترمذي في الاستئذان برقم 2732، وأبو نعيم في الدلائل برقم 462، وابن عساكر في تاريخه [19/ 364- 365، 365] ، عن الزهري، عن عروة، عنها، وأخرجه الواقدي في مغازيه [2/ 565] ، من حديث ابن أخي الزهري، عن الزهري، ومن طريق الواقدي: ابن سعد [2/ 90] في الطبقات ضمن سياق سرية زيد بن حارثة، ومن طريق الواقدي أيضا: ابن عساكر [19/ 360، 365- 366] . اقتصر الترمذي فيه على الشاهد وفيه: قالت عائشة: استأذن زيد بن حارثة على النبي صلى الله عليه وسلم فاعتنقه وقبله. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بالمدينة بين رمحين. 1127- ومن ذلك: أن نفرا من المشركين خرجوا عليه يوم الحديبية شاكين السلاح، فدعا صلى الله عليه وسلم عليهم، فأخذ الله على أبصارهم حتى أخذوا سلما، ثم عفا عنهم صلى الله عليه وسلم. - وأخرجها ابن عساكر عن ابن إسحاق بالفاظ منها: أتانا زيد بن حارثة فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فقبل وجهه، فقالت عائشة: وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلوه، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فقتلهم، وقتل أم قرفة، وأرسل بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بالمدينة بين رمحين. وأخرجه الواقدي عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، وفيه: قالت عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا قط إلّا مرة واحدة، جاء زيد بن حارثة من غزوة يستفتح، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقام عريانا يجر ثوبه فقبله. الواقدي مشهور حاله في الحديث، وهذا من مناكيره. قوله: «وكانت أم قرفة» : تقدمت قصتها في المغازي، عند الكلام على سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 [221- باب الايات في تكليم الأحجار وإطاعة الأشجار وسائر الجمادات له صلى الله عليه وسلم] 221- باب الايات في تكليم الأحجار وإطاعة الأشجار وسائر الجمادات له صلى الله عليه وسلم 1128- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رضي الله عنه، ثنا أبو الحريش: أحمد بن عيسى بن مخلد، ثنا شيبان بن فروخ الأبلي، ثنا مبارك بن فضاله، ثنا الحسن، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: ابنوا لي، فبنوا له منبرا له عقبتان، فلما قام على المنبر حنّت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حنين الوالدة، فما زالت تحن حتى نزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنها فسكنت. قال المبارك: فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، وقال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه لمكانه من الله عزّ وجلّ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه. (1128) قوله: «ثنا أبو الحريش» : أخرج له البيهقي في السنن الكبرى [2/ 30- 31] حديثين عن علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك في وضع اليدين في الصلاة، من رواية أبي الشيخ، عنه، عن شيبان ولم يسمه ولا وقفت له على ترجمة، وقد توبع هنا، تابعه جماعة عن شيبان، ذكرنا أحاديثهم عند تخريجنا للحديث في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 40- فتح المنان، باب ما أكرم به النبي صلى الله عليه وسلم بحنين المنبر، وذكرنا هناك تصحيح ابن حبان له، فراجعه، وبالله التوفيق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 1129- وفي رواية: أنه كان في مسجده صلى الله عليه وسلم بالمدينة يستند إلى جذع، فيخطب الناس، فلما كثر الناس اتخذ له بعض غلمان العباس درجا، وقال غيره: اتخذ له منبرا، فلما صعده حن الجذع حنين الناقة إذا فقدت ولدها، فدعاه فأقبل يخد الأرض والناس حوله ينظرون، والتزمه وكلمه، ثم قال له وهم يسمعون: عد إلى مكانك، فمرّ كأحد الخيل حتى صار في مكانه وبحضرته المؤمنون فازدادوا إيمانا، وفي دينهم بصيرة، وهنالك هلك المنافقون. 1130- ومن ذلك: ما روى علقمة عن ابن مسعود قال: إنكم تعدون الايات عذابا وإن كنا نعدها بركة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام. (1129) قوله: «حن الجذع حنين الناقة» : معجزة حنين الجذع من المعجزات التي تواترت بها الأحاديث والأخبار، وقد بينا في كتابنا فتح المنان أنها من أعلامه النيرة صلى الله عليه وسلم التي تناقلتها الأجيال واشتهرت بها الاثار، وأنها من أعظم ما أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال إمام الأئمة الشافعي رضي الله عنه: أنها أكبر مما أعطيه عيسى عليه السّلام- يعني: من إحياء الموتى وإبرائه الأكمه والأبرص-، انظر تخريجنا لأحاديث الحنين في كتابنا فتح المنان شرح وتحقيق المسند الجامع لأبي محمد الدارمي: باب ما أكرم به النبي صلى الله عليه وسلم بحنين المنبر، حيث أوردها من حديث ابن عمر، وبريدة بن الحصيب، وجابر بن عبد الله، وأبي بن كعب، وأبي سعيد الخدري، والحسن البصري، وابن عباس، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد. (1130) قوله: «إنكم تعدون الايات عذابا» : اختصر المصنف اللفظ هنا، وسيأتي بطوله عند ذكر ما ظهر من الايات والدلائل في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 1131- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أخذ حصيات فوضعها في يده فسبحت، ثم وضعها في يد أبي بكر فسبحت، ثم في يد عمر فسبحت، ثم في يد عثمان فسبحت. (1131) قوله: «فوضعها في يده فسبحت» : روي بأسانيد عن أبي ذر بعضها صحيح وفي بعضها ضعف، وروي من حديث أنس، أبدأ بذكر الصحيح منها؛ لقول الحافظ ابن حجر في الفتح: أما تسبيح الحصى فليست له إلّا طريق واحدة مع ضعفها. قال الطبراني في الأوسط [6/ 152 مجمع البحرين] رقم 3520: حدثنا أحمد، ثنا المنذر بن الوليد الجارودي، ثنا أبي، ثنا حميد بن مهران، عن داود بن أبي هند، عن رجل من أهل الشام- يعني الوليد بن عبد الرحمن الجرشي-، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر قال: إني لشاهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة وفي يده حصى فسبحن في يده- وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي- فسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فسبحن مع أبي بكر، سمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسبحن في يده، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر فسبحن في يده، فسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان فسبحن في يده، ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا. هذا حديث رجاله عن آخرهم ثقات، شيخ الطبراني هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة الحافظ أبو بكر البغدادي أحد المتقنين، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 338. تابعه الزبيدي، عن الوليد، أخرجه البزار في مسنده [3/ 136 كشف الأستار] رقم 2414، ولم يسق المتن، قال الهيثمي [8/ 299] ، مشيرا إلى هذا الإسناد: رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما ثقات، قال: وفي بعضهم ضعف. قلت: انجبر ضعفهم بمتابعة الثقات لهم. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 ......... - وروي عن الزبيدي بإسناد آخر لم يصح، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 119] ، من طريق الطبراني: أنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، أنا أبي، أنا عمرو بن الحارث، أنا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، أنا حميد بن عبد الله: أن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي حدثه: أنه سمع ابن عبد ربه: أنه سمع عاصم بن حميد يقول ... إن أبا ذر كان يقول: فذكر نحوه. قلت: شيخ الطبراني لم أجد من ترجم له، وأبوه إسحاق هو ابن زبريق، تكلم فيه، وشيخه عمرو بن الحارث الحمصي، الزبيدي، ليس له راو غير إسحاق هذا، ولذلك لوح الذهبي بجهالته، وقال ابن حجر: مقبول، فالأول أولى. وله عن أبي ذر إسناد آخر مال إليه الحافظ البيهقي، ولم يتعرض للأول الذي قدمناه وفي هذا انقطاع- فيما ذكره الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 253] إذ قال: قال محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب قال: ذكر الوليد بن سويد، أن رجلا من بني سليم كبير السن كان ممن أدرك أبا ذر بالربذة ذكر أنه بينما هو قاعد يوما في ذلك المجلس وأبو ذر في المجلس إذ ذكر عثمان بن عفان، يقول السلمي: فأنا أظن أن في نفس أبي ذر على عثمان معتبة لإنزاله إياه بالربذة، فلما ذكر له عثمان عرض له أهل العلم بذلك وهو يظن أن في نفسه عليه معتبة، فلما ذكره قال: لا تقل في عثمان إلّا خيرا، فإني أشهد لقد رأيت منه منظرا وشهدت منه مشهدا لا أنساه حتى أموت، كنت رجلا ألتمس خلوات النبي صلى الله عليه وسلم لأسمع منه أو لاخذ عنه ... الحديث. قال البيهقي في الدلائل [6/ 65] : هذا هو المحفوظ. وزعم الحافظ ابن حجر في الفتح [7/ 404] أنها الوحيدة وضعفها بالانقطاع، أخرجها ابن عساكر في تاريخه [39/ 118] ، من طريق- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 ......... - ابن الشرقي، عن الذهلي، ومن طريق الطبراني عن أبي زرعة، أنا أبو اليمان به. ورواه عن الزهري أيضا صالح بن أبي الأخضر، وفي حديثه لين؛ لم يكن بالحافظ، سمى الراوي عن أبي ذر سويد بن يزيد. أخرجه الحافظ البزار في مسنده [3/ 135 كشف الأستار] برقم 2413، وأبو نعيم في الدلائل برقم 339، 538، وأبو القاسم الأصبهاني فيها أيضا برقم 296، والبيهقي كذلك [6/ 64] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 116- 117] . قال الحافظ البيهقي: والمحفوظ رواية شعيب، وقال ابن عساكر: القول ما قال شعيب. قلت: ورواه عن الزهري محمد بن أبي حميد- أحد الضعفاء- فقال عنه، عن ابن المسيب، عن أبي ذر، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 153 مجمع البحرين] رقم 3521، وفيه قول الزهري: هي الخلافة التي أعطاها الله أبا بكر وعمر وعثمان. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 179] : فيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف، وأشار إلى الطريق الأول التي أوردناه وقال: إسنادها صحيح. وفي الباب عن أنس بن مالك أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 120، 121] ، فيه عن أبي هريرة. وقد أغنانا الإسناد الأول عما أوردناه بعده لكن رأيت في إيرادها تقوية لأصل متنها، ثم إذا علمت أنه قد رواها عن الزهري ابن أبي حمزة الثقة، والزبيدي، وابن أبي الأخضر، ومحمد بن أبي حميد، علمت أن في قول الحافظ البزار- لم يروه عن سويد إلّا الزهري، ولا عنه إلّا صالح بن أبي الأخضر وصالح لين الحديث- نظر، ذلك أن صالحا إنما أخطأ في تسمية شيخ الزهري فقط لا في أصل الحديث عنه، فتأمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 1132- ومنها: انشقاق القمر وهو بمكة في أول مبعثه، رآه أهل الأرض طرا، وتلي به عليهم قرآن، فما أنكروا ذلك عليه، وكان كما أخبر به، لم يخفى في الأرض أثره، ولم يندرس ذكره. 1133- ومنها: ما روي عن أبي أسيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: يا أبا الفضل إلزم أنت وبنوك منزلك غدا، فإن لي فيكم حاجة، فصبحهم وقال: تقاربوا، فزحف بعضهم إلى بعض حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته وقال: يا رب هذا عمي صنو أبي، وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه، فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت: آمين آمين آمين. (1132) قوله: «ومنها انشقاق القمر» : وذلك في الصحيحين، فأخرج البخاري في التفسير من صحيحه، باب قوله تعالى: وانشق القمر الاية، من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا- رقم 4864. وأخرج فيه أيضا من حديث قتادة عن أنس قال: سأل أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر- رقم 4867. زاد في رواية: انشق القمر فرقتين- رقم 4868. (1133) قوله: «ما روي عن أبي أسيد» : الساعدي، أخرج حديثه ابن ماجه في الأدب برقم 3711، لكن ليس فيه الشاهد، والطبراني كما في مجمع الزوائد [9/ 270] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 340، والبيهقي كذلك [6/ 71] ، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 221، بإسناد فيه عبد الله بن عثمان الوقاصي، قال عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: لا أعرفه. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 1134- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أتي بشاة مسمومة أهدتها له امرأة من اليهود، فدعا أصحابه إليها، فرفع يده ثم قال: ارفعوا أيديكم، فإنها تخبرني أنها مسمومة. ولو كان ذلك لعلة الارتياب باليهودية ما قبلها بدآ، ولا جمع عليها أصحابه، ولا استجاز تركهم يأكلونها. 1135- ومنها: ما صح أنه صلى الله عليه وسلم أراد الوضوء وهو في سفر فقال ليعلى بن مرة: اذهب إلى تينك الشجرتين وقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وفيه أيضا: محمد بن يونس الكديمي أحد الضعفاء. وقال البخاري: مالك بن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم- فذكره، - لا يتابع عليه. وله شاهد من حديث عبد الله بن الغسيل عند أبي نعيم لم أقف على إسناده، إذ ليس في المطبوع من الدلائل، إنما أورده السيوطي في الخصائص [2/ 310] . وله شاهد آخر من حديث سهل بن سعد عند الحاكم في المستدرك [2/ 326] ، ليس فيه تأمين الأسكفة، وأخرجه أيضا الطبراني كما في مجمع الزوائد [9/ 269] ، وفي الإسنادين إسماعيل بن قيس، قال الذهبي في التلخيص: ضعفوه. (1134) قوله: «أهدتها له امرأة» : القصة مخرجة في الصحيحين، وخرجنا بعض طرقها في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت الأرقام 71، 72، 73. (1135) قوله: «فقال ليعلى بن مرة» : الثقفي صحابي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى المعجزات الثلاث، إما التي شهدها جابر بن عبد الله بعينها وحدث بها أو غيرها إذا قلنا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 يأمركما أن تجتمعا، فأقبلتا تخدان الأرض خدا حتى اجتمعتا، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفهما، ثم أمرهما بالرجوع إلى مكانيهما، فرجعتا. 1136- وفي رواية: أن يعلى بن مرة الثقفي قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا لم يره إلّا من كان معي، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بمكان كذا وكذا جاءته طلحة أو سمرة وطافت حوله، ثم رجعت إلى منبتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها استأذنت ربها أن تسلم عليّ. 1137- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم مر بشجرة غليظة الشوك، متفيئة الفرع، ثابتة الأصل، فدعاها فأقبلت تخد الأرض إليه طوعا، ثم أذن لها فرجعت إلى مكانها. قال أبو سعد عبد الملك صاحب الكتاب: فأي آية أبين من موات لا حركة به ولا حيلة عنده أقبل مستجيبا لدعوته صلى الله عليه وسلم مطيعا لأمره؟ فتبارك الله رب العالمين. - بتعددها، وفيها قصة الجمل الذي اشتكى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة الشجرتين اللتين اجتمعتا لقضاء حاجة النبي صلى الله عليه وسلم خلفهما، وقصة المرأة التي أتت بصبي لها يتسلط عليه الشيطان في غدائهم وعشائهم، وقد خرجناها في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي عند الكلام على حديث جابر بن عبد الله الطويل، تحت رقم 18. (1136) قوله: «فأقبلت تخد الأرض» : في الباب عن أنس بن مالك، وابن عمر، وابن عباس، وعمر بن الخطاب، والحسن البصري، مرسلا، خرجناها في شرحنا للمسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي تحت الأرقام: 17، 24، 25- فتح المنان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 1138- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نخلتين بينهما فجوة من الأرض، نابت أصلهما، باسقة فروعهما، فقال لهما صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حضور-: انضما، فأقبلتا تخدان الأرض حتى اصطفتا، فأي عبرة أبين من هذه؟ 1139- ومن ذلك أنه كان صلى الله عليه وسلم في غزوة الطائف في مسيره ليلا على راحلته بواد بقرب الطائف يقال له: نجب، ذو شجر كثير: من سدر، وطلح، فعثر- وهو وسن- بسدرة في سواد الليل، فانفرجت السدرة له نصفين، فمر صلى الله عليه وسلم بين نصفيها، وبقيت السدرة منفرجة على ساقين إلى زماننا هذا، وهي معروفة بذلك الواد، مشهور أمرها، يعظمها أهله، وتسمى: سدرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا ... الأعراب الغيث عضدوا ما أمكنهم عضده مما يمرون به من الشجر، وحملوه على إبلهم وأغنامهم، فيفعلون مثل ذلك في شجر الوادي، ولا ينالون هذه السدرة بعضد ولا حصد ولا غيرهما من المكروه؛ معرفة بحالها، وتعظيما لشأنها، ولشهرة أمرها هنالك، وأنها آية بينة عجيبة، وحجة باقية على مر الدهر. (1138) قوله: «فأقبلتا تخدان الأرض» : انظر التعليق المتقدم قبله. (1139) قوله: «وهو وسن» : يعني: أخذته غفوة النوم. قوله: «فانفرجت السدرة» : أورد الأثر القاضي عياض في الشفاء [1/ 302] ، وسكت عنه السيوطي في المناهل فلم يعزه إلى أحد. قوله: «وإذا ... الأعراب» : في الأصول كلمة غير واضحة رسمها هكذا: وإذا انتجج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 1140- ومنها: ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمر على شجرة ولا مدر إلّا سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم. 1141- ومن ذلك ما روى عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فانتهينا إلى موضع من الطريق فأتاه أعرابي فصوّت بصوت جهوري: أفيكم محمد؟ قلنا: نعم، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد أسلمت، فأرني شيئا أزدد به يقينا، فقال: ما تريد؟ قال: ادع تلك الشجرة فلتأتك، قال: اذهب إليها فقل لها: أجيبي رسول الله، فقال لها: أجيبي رسول الله، فمالت على شقها الأيمن فقطعت عروقها، ثم مالت على شقها الأيسر فقطعت عروقها، ثم أقبلت مغيرة تجر عروقها وفروعها حتى انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله مرها فلترجع، فأمرها فرجعت حتى انتهت إلى حفرتها فدلت عروقها فيها ثم استوت فيه كما كانت، فقال الأعرابي: يا رسول الله إيذن لي فأسجد لك، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو أمرت أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. (1140) قوله: «ما روي عن علي بن أبي طالب» : خرجناه في شرحنا للمسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 22- فتح المنان. (1141) قوله: «عن أبيه بريدة» : أخرجه البزار في مسنده [3/ 132 كشف الأستار] رقم 2409، وأبو نعيم في الدلائل برقم 291 بإسناد فيه صالح بن حيان وهو ضعيف. قوله: «ايذن لي فأسجد لك» : في رواية البزار: فقام الرجل فقبل رأسه ويديه ورجليه وأسلم، قال البزار: لا نعلم من رواه عن صالح إلّا حبان- يعني: ابن علي-. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 1142- ومنها: نداء الحجر والرمل وعراجين النخل إيّاه صلى الله عليه وسلم، روي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل هو وسهل بن حنيف وخالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري حائطا من حوائط بني النجار، فلما دخل ناداه حجر على رأس بئر لهم عليها السواني: السلام عليك يا رسول الله، اشفع إلى ربك أن لا يجعلني من حجارة جهنم التي يعذب بها الكفرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه: اللهمّ لا تجعل هذا الحجر من أحجار جهنم، ثم ناداه الرمل: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ادع الله أن لا يجعلني من كبريت جهنم فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم لا تجعل هذا الرمل من كبريت جهنم، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من النخل نادته العراجين من كل جانب: السلام عليك يا رسول الله، وكل واحد منها يقول: خذ مني فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل وأطعم، ثم دنا من العجوة، فلما أحسته سجدت، فبرّك عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم بارك عليها، وانفع بها. 1143- قال أبو سعد رحمه الله: فمن ثم روت العامة: أن الكمأة من المنّ، وماؤها شفاء للعين، وأن العجوة من الجنة. (1143) قوله: «فمن ثم روت العامة» : كان الأولى أن يقال: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين، فقد أخرجاه في الصحيحين من حديث سعيد بن زيد. وروي في العجوة وأنها من الجنة ضمن الكمأة أيضا وبعضهم يختصره من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وبريدة بن الحصيب، وابن عباس. أما حديث أبي هريرة فأخرجه- من طرق عنه-: الإمام أحمد في مسنده [2/ 301، 305، 356، 357] ، وأبو محمد الدارمي في مسنده برقم 3008 فتح المنان، والترمذي في جامعه برقم 2066، 2068، والنسائي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 1144- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يتناول الحجر فيسبح في يده، فقال له بعض أصحابه في ذلك، فقال: نعم. 1145- ومنه معجزته صلى الله عليه وسلم في كلام الركن الغربي، قال له الركن: يا رسول الله ألست قاعدة من قواعد بيت ربك؟ فما بالي لا أستلم؟ فدنا منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اسكن عليك السلام غير مهجور. - في الكبرى برقم 6719، 6720، 6721، وابن ماجه برقم 3454. وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه: الإمام في مسنده [3/ 48] ، والنسائي في الكبرى الأرقام 6717، 6718، وابن ماجه برقم 3452. وأما حديث بريدة بن الحصيب فأخرجه: الإمام أحمد في مسنده [5/ 346، 351] ، ابن عدي في الكامل [4/ 1371] . وأما حديث ابن عباس فأخرجه: الطبراني في معجمه الصغير برقم 344، وفي الكبير برقم 12481، 13010. (1144) قوله: «فيسبح في يده» : انظر التعليق على النص المتقدم برقم 1131، ومن شواهده أيضا: ما أخرج الإمام البخاري في المناقب من صحيحه من حديث ابن مسعود قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل، خرجناه في شرحنا للمسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 30- فتح المنان. قوله: «فقال له بعض أصحابه» : في الكلام حذف، تقديره: وتفقه تسبيحه يا رسول الله؟. (1145) قوله: «اسكن عليك السلام غير مهجور» : لم أقف عليه فيما لدي من المصادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 [222- فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات وما في طاعتها وانقيادها له من الدّلائل] 222- فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات وما في طاعتها وانقيادها له من الدّلائل 1146- أخبرنا أبو الحسن: علي بن داود المقريء بدمشق، أنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي، ثنا سعيد بن الحكم، ثنا ليث بن (1146) قوله: «علي بن داود المقرىء» : إمام جامع دمشق ومقرئه: علي بن داود بن عبد الله الداراني، الحافظ المجود أبو الحسن القطان، ممن انتهت إليه الرياسة في وقته في قراءة الشاميين، توفي سنة اثنتين وأربع مائة. معرفة القراء الكبار [1/ 366] ، تذكرة الحفاظ [3/ 1062] ، غاية النهاية [1/ 541] ، تاريخ الإسلام ص 63، تاريخ ابن عساكر [41/ 469] ، الشذرات [3/ 164] . قوله: «الأذرعي» : نسبة إلى أذرعات في أطراف الشام بجوار البلقاء وعمّان، وهو أحد الأئمة الثقات، والعباد الأثبات، شيخ دمشق وعالمها، توفي يوم النحر سنة أربع وأربعين وثلاث مئة. سير أعلام النبلاء [15/ 478] ، تاريخ دمشق [8/ 166] ، الوافي بالوفيات [8/ 398] ، العبر [2/ 263] ، الشذرات [2/ 366] . قوله: «ثنا سعيد بن الحكم» : الجمحي مولاهم، المعروف بابن أبي مريم، أحد رجال الستة الثقات، ومن فوقه كذلك من رجال التهذيب: ابن لهيعة: هو عبد الله، وابن الهاد: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 سعد ويحيى بن أيوب وابن لهيعة قالوا: حدثنا ابن الهاد عن ثعلبة بن أبي مالك قال: اشترى رجل من بني سلمة جملا ينضح عليه، فأدخله في مربد فحرد الجمل، فلم يقدر أحد أن يدخل عليه إلّا تخبطه، فجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال: افتحوا عنه، فقالوا: نخشى عليك منه، قال: افتحوا عنه، قال: ففتحوا، فلما رآه الجمل خر ساجدا، فسبح القوم، فقالوا: يا رسول الله نحن كنا أحق أن نسجد من هذه البهيمة، فقال صلى الله عليه وسلم: لو ينبغي لشيء من الخلق أن يسجد لشيء دون الله لكان ينبغي للمرأة أن تسجد لزوجها. 1147- ومنها: أن ظبية كلمته حين وقعت في شبكة، فقالت: يا رسول الله إن لي حشفا ذا لبن وإني قد وقعت في شبكة فخلني حتى- هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، من رجال الستة الثقات، والإسناد على شرط الصحيح غير ثعلبة بن أبي مالك مذكور في الصحابة يقال: له رؤية فقط. قوله: «أن تسجد لزوجها» : مرسل قوي، أخرجه أبو نعيم في الدلائل [1/ 382] ، من طريق يحيى بن بكير، قال: حدثني الليث بن سعد به، رقم 282. وفي الباب عن جابر بن عبد الله وبريدة بن الحصيب، وابن مسعود وأنس بن مالك، انظر التعليق على النصوص الاتية برقم 1149، 1151، 1154، 1155. (1147) قوله: «ومنها أن ظبية كلمته» : في الباب عن أبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وأم سلمة. أما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 34] ، إسناده لا بأس به في هذا الباب. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 أرضعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أخليك وصاحب الشبكة غائب؟ فقالت: خلني حتى أرجع، فخلاها وجلس حتى رجعت الظبية، وجاء صاحبها، فتشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خلى سبيلها، فاتخذ القوم من ذلك الموضع مسجدا. 1148- ومنها: أن رجلا كان في غنمه يرعاها، فأغفلها سويعة من نهاره وتلهى عنها، فجاءها ذئب فأخذ منها شاة، فأقبل يعدو خلفه، فطرح الذئب الشاة ثم كلمه بكلام فصيح، ولسان ذلق، فقال: تمنعني رزقا ساقه الله إليّ؟ فقال الرجل: يا عجبي! الذئب يتكلم؟ فقال الذئب: - وأما حديث زيد بن أرقم، فأخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 34- 35] ، وأبو نعيم كذلك برقم 273، وفي إسناديهما الهيثم ابن حماد، عن أبي كثير، قال الذهبي في الميزان: لا يعرف لا هو ولا شيخه، وقال ابن كثير: وفي بعضه نكارة. وأما حديث أم سلمة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [23/ 331] رقم 763، وأبو نعيم في الدلائل- كما في جزء الشمائل لابن كثير [/ 282] ، والخصائص الكبرى للسيوطي [2/ 265] ، وفي الإسنادين أغلب بن تميم، ضعفه به الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 295] ، ووهاه الحافظ ابن حجر في تخريج المنتهى، وقال ابن كثير في جزء الشمائل: قال أبو نعيم: رواه آدم بن أبي إياس فقال: حدثني حبي الصدوق نوح بن الهيثم، عن حبان بن أغلب، عن أبيه، عن هشام بن حسان، ولم يجاوزه به. قوله: «فاتخذ القوم من ذلك الموضع مسجدا» : لم أجد ذلك في شيء من الروايات المخرجة، والله أعلم. (1148) قوله: «تمنعني رزقا ساقه الله إليّ» : قصة حديث الذئب مع الراعي ساقها المصنف بالمعنى، وقد أخرجها- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 أنتم أعجب، وفي شأنكم للمعتبرين عبرة، هذا محمد يدعو إلى الحق ببطن مكة، وأنتم عنه لاهون، فأبصر الرجل حظه وهدي لرشده فأقبل- جماعة بأسانيد بعضها صحيح، وتكلم في البعض الاخر، وقد رويت من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وأهبان بن أوس، وابن عمر، وأنس بن مالك، ورافع بن عميرة الطائي. أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 306]- واللفظ له-، ومسدد- كما في إتحاف الخيرة [9/ 38] رقم 8521-، وأبو نعيم في الدلائل برقم 271، من حديث شهر بن حوشب عنه قال: جاء ذئب إلى راعي غنم فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه، قال: فصعد الذئب على تل فأقعى فاستذفر وقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله عزّ وجلّ انتزعته مني؟! فقال الرجل: لله إن رأيت كاليوم، ذئبا يتكلم؟! فقال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وما هو كائن بعدكم. قال: وكان الرجل يهوديا، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وأخبره، فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه بما أحدثه أهله بعده. قال ابن كثير: تفرد به أحمد، وهو على شرط السنن ولم يخرجوه. وقال البوصيري: هو في الصحيح باختصار. وبنحوه حديث شهر بن حوشب أيضا عن أبي سعيد الخدري، أخرجه من طرق: الإمام أحمد في مسنده [3/ 88، 89، 89] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 173] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 42] . قال الحافظ ابن كثير في جزء من الشمائل من التاريخ: على شرط أهل السنن، ولم يخرجوه، ولعل شهر بن حوشب قد سمعه من أبي سعيد وأبي هريرة. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 حتى أسلم، وحدث القوم بقصته، وليس بالرجل الخامل ذكره، ولا المجهول موضعه- وبقي لعقبه شرفا لا تخلقه الأيام، يفخرون به على العرب والعجم، فيقولون: أنا ابن مكلم الذئب-. - قلت: رواه أبو نضرة أيضا عن أبي سعيد وهو ما يؤيد كونه عندهما جميعا، أخرجه ابن إسحاق في السيرة [279- 280] ، وأحمد في مسنده [3/ 83- 84] ، وابن أبي شيبة في المصنف [15/ 167] رقم 19401، والترمذي في الفتن، باب ما جاء في كلام السباع، رقم 2181، وأبو يعلى في مسنده، وابن منيع كذلك- كما في إتحاف الخيرة [9/ 39، 10/ 78] رقم 8522، 9960-، وعبد بن حميد في مسنده برقم 877- المنتخب-، والبزار في مسنده [3/ 143 كشف الأستار] رقم 2431، والعقيلي في الضعفاء [3/ 477- 478] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 116، 234، والبيهقي، في الدلائل [6/ 41] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 270، جميعهم من طرق عن القاسم بن الفضل عنه، وبعضهم يزيد على بعض، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6494، والحاكم في المستدرك [4/ 467] على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وكذلك ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 274] ، وقال: روى الترمذي منه قوله: والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة. ورواه أبو نعيم في الدلائل من حديث الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، قاله ابن كثير في جزء الشمائل. وأما حديث أهبان بن أوس، فأخرجه البخاري في تاريخه [2/ 44] الترجمة 1633، وأبو نعيم في الدلائل كما في الخصائص [2/ 268] ، وعلقه البيهقي في الدلائل [6/ 43] . قال البخاري: إسناده ليس بالقوي، فتعقبه البيهقي في الدلائل بما أسنده من طريق ابن عدي قال: حدثنا ابن أبي داود السجستاني أحد حفاظ عصره وعلماء دهره، فلا يقول مثل هذا في ولد مكلم الذئب إلّا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 ......... - عن معرفة، وفي إشهار ذلك في ولده قوة للحديث، ثم قال البيهقي ردا على قول البخاري: قد مضى ما يقويه. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 573] ، من طريقه البيهقي في الدلائل. قال ابن عدي عقبه: قال لنا ابن أبي داود: ولد هذا الراعي بمرو، يقال لهم من بني مكلم الذئب، ولهم أموال ونعم، وهم من خزاعة، واسم مكلم الذئب أهبان، ومحمد بن الأشعث الخزاعي من ولده. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه أبو نعيم في الدلائل كما في جزء الشمائل من تاريخ ابن كثير [/ 276] ، والخصائص الكبرى للسيوطي [2/ 269] ، إذ ليس في المختصر المطبوع منه. وأما حديث رافع بن عميرة، فأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه [18/ 15] ، وقد أشار إلى حديثه: أبو نعيم في المعرفة [2/ 1058] ، وابن الأثير في الأسد [2/ 195- 196] وغيرهما، وأوردوا له هذه الأبيات في كلام الذئب: رعيت الضأن أحميها زمانا ... من الضبع الخفي وكل ذئب فلما أن سمعت الذئب ينادي ... يبشرني بأحمد من قريب سعيت إليه قد شمرت ثوبي ... عن الساقين قاصدة الركيب فألفيت النبي يقول قولا ... صدوقا ليس بالقول الكذوب فبشرني بدين الحق حتى ... تبينت الشريعة للمنيب وأبصرت الضياء يضيء حولي ... أمامي إن سعيت وعن جنوبي ألا أبلغ بني عمرو بن عوف ... وإخوتهم خذيلة أن أجيبي هذا، وفي الباب من حديث الذئب بغير هذا السياق عن جماعة، وفيه أن وافد الذئاب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفرض لجماعته، سيأتي في هذا الباب. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 1149- ومنها: ما روي أنه صلى الله عليه وسلم دخل حائش نخل فرأى فيها بعيرا، فلما رآه البعير خر له ساجدا، وذرفت عيناه، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم سراته- يعني ظهره-، وذفراه- يعني أصول الأذن-. 1150- ومنها: ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة وحوله المهاجرون والأنصار إذ أتى أعرابي من بني سليم (1149) قوله: «فلما رآه البعير» : القصة خرجناها في مسند أبي محمد الدارمي، من حديث جابر بن عبد الله الطويل المشتمل على المعجزات الثلاث التي شهدها جابر في ذلك المسير، وذكر فيها قصة الجمل، وفيها: ثم سرنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا كأنما علينا الطير تظلنا، فإذا جمل ناد، حتى إذا كان بين السماطين خر ساجدا، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: عليّ الناس، من صاحب الجمل؟، فإذا فتية من الأنصار قالوا: هو لنا يا رسول الله، قال: فما شأنه؟، قالوا: استنينا عليه منذ عشرين سنة، وكانت به شحيمة فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا، فانفلت منا، قال: بيعونيه، قالوا: لا، بل هو لك يا رسول الله، قال: أما لي فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله، قال المسلمون عند ذلك: يا رسول الله نحن أحق بالسجود لك من البهائم، قال: لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء، ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن. خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 18. وأخرج أبو محمد عقبه (برقم 19) من حديث جابر بن عبد الله أيضا قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دفعنا إلى حائط في بني النجار، فإذا فيه جمل لا يدخل الحائط أحد إلّا شد عليه، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه فدعاه فجاء واضعا مشفره على الأرض حتى برك بين يديه، فقال: هاتوا خطاما، فخطمه، ودفعه إلى صاحبه، ثم التفت فقال: ما بين السماء والأرض إلّا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 يقال له: سعيد أو معاذ وقد صاد ضبا- وهو في ثيابه-، فجعل يتخطى الناس: عنقا عنقا، حتى قام بحذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، والله ما اشتملت النساء على ذي لهجة هو أكذب منك، ولا أبغض إليّ منك، ولولا خصلة لملأت سيفي منك. قال: فهمّ به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمر كاد الحليم أن يكون نبيا، ثم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم على السلمي فقال: مه يا أخا بني سليم، فو الله إني لأمين في السماء محمود عند الملائكة، أمين في الأرض محمود عند الادميين، فلا تسمعني في مجلس إلّا خيرا، ولا تقل فيّ إلّا الحق. فقال: يا محمد، أتلومني أن أقول الحق؟ فباللات والعزى ما آمنت بك ولا صدقتك ولا اتبعتك حتى يشهد لك هذا الضب. فقال صلى الله عليه وسلم: يا ضب، من ربك؟ فقال الضب: ربي الذي في السماء ملكه وفي الأرض سلطانه، وفي البرّ والبحر سبيله. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيّها الضب، من أنا؟ قال: أنت محمد بن عبد الله سيّد النبيّين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجلين إلى جنات- يعلم أني رسول الله إلّا عاصي الجن والإنس، انظر تخريجهما هناك، وقد خرجنا تحتهما حديث ابن مسعود وأنس بن مالك، ويعلى بن مرة، وانظر النص المتقدم برقم: 1146، والنصوص الاتية بالأرقام: 1151، 1154، 1155. قوله: «ولولا خصلة» : وفي رواية عمر بن الخطاب: ولولا أن قومي يدعونني عجولا لقتلتك فسررت بقتلك الأسود والأحمر والأبيض، وغيرهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 النعيم، قد أفلح من آمن بك وصدقك واتبعك، وخاب وخسر من كذّبك وخالفك. قالت عائشة رضي الله عنها: فاستوهبت الضب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأطعمه مما آكل وأسقيه مما أشرب، ولم أسمع له كلاما بعد ذلك اليوم الذي كلّم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولى السلمي وهو ضاحك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني سليم، أبا لله تستهزىء ثم بي؟ فقال السلمي: والله يا محمد ما أستهزىء بالله ولا أستهزىء بك، وقد أتيتك وما على الأرض أحد هو أبغض إليّ منك، وقد ولّيت عنك وما على الأرض أحد هو أحبّ إليّ منك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أسلم تسلم. فقال السلمي: أما أنا فقد أسلمت، أنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك محمد رسول الله حقّا، قال: فسرّ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وثب قائما على قدميه ثم صفّق بيديه ثلاثا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: بخ بخ يا أخا بني سليم، أتيتنا كافرا وتنصرف من عندنا سعيدا، يا أخا بني سليم، هل لك من شيء من عرض هذه الدنيا؟ قال السلمي: والذي بعثك بالحق نبيّا ما في بني سليم كلها قاطبة أحد هو أفقر منّي، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: من يضمن للسلمي ناقة من نوق الدنيا أضمن له على الله ناقة من نوق الجنة؟، قال: فوثب إليه عبد الرحمن بن عوف فقال: فداك أبي وأمّي يا رسول الله، إنّ له عندي ناقة حمراء عشراء دون البختي وفوق الأعرابي، إذا أقبلت بها دقّت وإذا قوله: «إذا أقبلت بها دقت» : الدق: أصوات حوافر الدواب في سرعة ترددها، وهو نحو الطقطقة. والزف: الإسراع، زف البعير زفيفا: أي أسرع، وأزفه حمله على ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 أدبرت بها زفّت، أهداها إليّ الأشعث بن قيس الكندي يوم رجعنا من غزوة تبوك. قوله: «يوم رجعنا من غزوة تبوك» : قد أشار البيهقي إلى حديث عائشة هذا عقب إخراجه له من حديث عمر بن الخطاب فقال: روي ذلك في حديث عائشة وأبي هريرة، وما ذكرناه هو أمثل الأسانيد فيه، وهو أيضا ضعيف، والحمل فيه على محمد بن علي بن الوليد السلمي، وهذه العبارة الأخيرة ليست في المطبوع من الدلائل، ذكرها الحافظ ابن عساكر في تاريخه [4/ 385] ، عقب إخراجه للحديث من طريق البيهقي، وذكرها أيضا ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 288] ، والسيوطي في الخصائص [2/ 276] . وأخرج حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الطبراني في الصغير [2/ 153] رقم 948، وفي الأوسط [6/ 467] رقم 5993، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل [2/ 376] رقم 275، والحاكم في المعجزات، فيما ذكره البيهقي في الدلائل [6/ 38] ، ومن طريقه البيهقي [6/ 36] ، ومن طريق البيهقي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 382] . وقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 294] كلام البيهقي المتقدم في محمد بن علي السلمي، قال: وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال الذهبي في الميزان: صدق والله البيهقي- يعني في قوله: والحمل فيه على محمد بن علي السلمي-، فإنه خبر باطل. قال أبو عاصم: ذهل الحفاظ رحمهم الله عن معنى كلام البيهقي، وعن طريقته في الدلائل. فأما معنى قوله: والحمل فيه على السلمي: فإنه عنى ما أشار إليه من كلام شيخه الحاكم، حيث زاد في آخر حديثه: قال أبو أحمد- يعني: ابن عدي-: كان ابن عبد الأعلى يحدث بهذا مقطوعا، وحدثنا بطوله من أصل كتابه مع رعيف الوراق، فبان معنى قوله: والحمل فيه، أي: في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن عوف إنك قد وصفت الناقة التي عندك، أفلا أصف الناقة التي هي عندنا؟ فقال: بلى فداك أبي وأمّي يا رسول الله، صفها لي. فقال: إنها ناقة من لؤلؤة جوفاء، عنقها ياقوتة حمراء، ذنبها من زمردة خضراء، قوائمها من أنواع الجواهر، رحالها من السندس والاستبرق، تزفّ بك يا ابن عوف ما بين مقامي وحوضي. ثم قال: يا أخا بني سليم، قم فاركب، فركب، ثم قال: أقبل، فأقبل، ثم قال: أدبر، فأدبر، ثم قال: انزل، فنزل، ثم قال له: يا أخا بني سليم لا يكون الإيمان إلّا بالصلاة، ولا صلاة إلّا بقراءة، وكل صلاة ليس فيها قراءة فهي خداج فهي خداج وصلاته غير تامة، والخداج في النار، يا أخا بني سليم ألا أعلمك سورا من القرآن تقيم بها أمر دينك؟. فقال السلمي: علمني يا رسول الله، قال: فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب والمعوذتين، وقل هو الله أحد، فأخذهن الأعرابي في أسرع من طرفة عين، فقال: يا رسول الله كلام ما أحلاه، ودين ما أبهاه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني سليم، كن عبدا شكورا، فالله يحب من عباده كل شكور. - روايته له موصولا، وقد اشترط البيهقي في دلائله ألا يخرج الموضوع، فتنبه لهذا، والله أعلم. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 381] ، من حديث علي بن أبي طالب، ثم قال عقبه: هذا حديث غريب، وفيه من يجهل حاله، وإسناده غير متصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 1151- ومنها: ما روى نافع عن رجل من الأنصار قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه يمشي ونحن معه، فأقبل علينا جمل يهدر- أي: يصيح- فقال له أصحابه: يا رسول الله إنا نخاف عليك من هذا البعير! قال: دعوه فإنه جاء مستغيثا، فجاء يمشي حتى وضع مشفره على عاتق ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنا بالله وبك يا رسول الله، إن مواليّ اشتروني فصيلا، وكدّوني حتى بلغت من السن ما ترى، وإنهم يريدون نحري، فأنا بالله وبك أستغيث يا رسول الله. قال: فجاء أصحابه يطلبونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم أنبأتكم، وإن شئتم أخبرتموني بما أردتم، قالوا: أخبرنا أنت يا رسول الله، قال: إنه يزعم أنكم اشتريتموه فصيلا صغيرا، وإنكم كددتموه حتى بلغ من السن، وإنكم أردتم ذبحه. قالوا: والذي بعثك بالحق إنه لكما قال، فشأنك به يا رسول الله، هو فداك بابائنا أنت وأمهاتنا، قال: فسرّحوه يرتع حيث يشاء. قال: فسرّحوه، فتباعد الجمل قليلا، ثم خر ساجدا، فقال له أصحابه: هذه بهيمة تسجد لك!! فنحن أحق بالسجود منه، فلو أذنت لنا بالسجود لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، - يعني: لعظم حقه عليها-. (1151) قوله: «ما روى نافع عن رجل من الأنصار» : انظر التعليق على النص المتقدم في أول الباب برقم: 1146 والنصوص: 1149، 1154، 1155. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 1152- ومنها: ما روي عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما فتح الله على نبيه خيبر أصابه من سهمه أربعة أزواج نعال، وأربعة أزواج خفاف، وعشرة أواق ذهب وفضة، وحمار أقمر. قال: فكلم صلى الله عليه وسلم الحمار حين ركبه فقال له: يا حمار ما اسمك؟ قال: عفير بن يزيد بن شهاب بن خشفة، قال: ولمن كنت؟ قال: (1152) قوله: «عن عروة، عن عائشة» : لم أقف عليه من هذا الوجه، لكن أخرجه الحافظ أبو محمد بن حامد في دلائل النبوة فيما ذكره الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من تاريخه [/ 288] ، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد السحركي، ثنا عمر بن محمد بن بجير، ثنا أبو جعفر محمد بن يزيد- إملاء- أنا أبو عبد الله محمد بن عقبة بن أبي الصهباء، حدثنا أبو حذيفة، عن عبد الله بن حبيب الهذلي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن أبي منظور قال: لما فتح الله ... القصة، ومن هذا الوجه أخرجها الحافظ ابن عساكر في تاريخه [4/ 232] . قال الحافظ ابن كثير: حديث الحمار أنكره غير واحد من الحفاظ الكبار. قال أبو عاصم: إنكاره له من حيث إسناد هذه القصة بعينها حسب، فمحادثته وفهمه لغة البهائم ثابتة له صلى الله عليه وسلم، ولذلك ذكر غير واحد من أهل السّير أنّ ذلك كان بإزاء ما أوتي النبي سليمان عليه السّلام حيث علم منطق الطير وغيره من الحيوانات، فتأمل. قوله: «أربعة أزواج نعال» : كذا في الأصول، وفي رواية ابن حامد: ثقال- ولعله تصحيف- وفي رواية ابن عساكر: بغال، ولعله أيضا تصحيف. قوله: «عفير بن يزيد» : كذا في الأصول، وفي رواية غيره: يزيد بن شهاب بدون عفير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 ليهودي، وكنت أعثر به عمدا، وكان يسيء إليّ، ويجيع بطني ويضرب ظهري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك من رب؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: لأنه حدّثني أبي عن آبائه وأجداده أنه قال: ركب نسلنا سبعون نبيّا، وإنّ آخر نسلنا يركبه نبي يقال له: محمّد صلى الله عليه وسلم، ولم يبق من نسل جدي غيري، ولا من الأنبياء غيرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد سمّيتك يعفورا، يا يعفور، فقال: لبّيك يا رسول الله. قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يركبه في حاجته، فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل فيأتي الباب فيقرعه برأسه، فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم مكث بعده ثلاثا، فجاء إلى بئر لأبي الهيثم بن التيهان فتردّى فيها فصار قبره جزعا منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا نعد ذلك من الايات. 1153- ومنها: ما رواه عبد الرحمن العنبري يرفعه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يخطب الناس ويحث على الصدقة، فقام شاب فقال: يا رسول الله، هذه الناقة للمساكين، فنظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتروها لي، قال: فبينما هو يسير ذات يوم ومعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا ابن الخطاب ألا أخبرك بالعجب؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: خرجت في بعض الليل إلى الدار، فقالت الناقة: السلام عليك يا رسول الله، قلت: بارك الله فيك، قالت: يا رسول الله كانت أمي لرجل من قريش، إذا حلبوها علفوها، وإذا لم يحلبوها لم يعلفوها، وكنت خامس خمسة أبطن، فكانت الجاهلية إذا وضعت الناقة خمسة أبطن جعلوا الخامس لأصنامهم لا يركبونها ولا يستعملونها، ولا يأخذوا وبرها، فاستعارني الأعراب فهربت منهم في بعض الطريق، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 فكنت أرعى، فيناديني الحشيش: إليّ إليّ فإنك لمحمّد صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الليل نادى السباع والهوام بعضها بعضا: لا تقربوها فإنها لمحمّد صلى الله عليه وسلم، حتى صيرني الله لك. قال صلى الله عليه وسلم: فقلت لها: ما كان اسم مولاك؟ قالت: العضباء، فسميتها العضباء باسم مولاها. قال: فلما حضر النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة قالت العضباء: يا رسول الله بمن توصني من بعدك؟ قال: يا عضباء بارك الله فيك، أنت لابنتي فاطمة تركبك في الدنيا والاخرة، قالت: يا رسول الله ما أحب أن يركبني أحد بعدك، قال: لا يركبك غيرها، قال: فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم خرجت فاطمة ليلا فإذا هي بالعضباء فقالت: السلام عليك يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حان فراقي من الدنيا، والله ما تهنأت بعلف ولا شراب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1154- ومنها: ما روي عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لنا جملا صئولا في الدار، وليس أحد منا يستطيع أن يقربه أو يزم أنفه. فقام معه النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا معه، فأتى ذلك الباب ففتحه، فلما رآه الجمل جاء إليه فسجد له ووضع جرانه، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه فمسحه، (1154) قوله: «ما روي عن عبد الله بن بريدة» : بريد بن الحصيب، أخرج حديثه أبو نعيم في الدلائل- وليس في المختصر المطبوع منه، ذكره السيوطي في الخصائص [2/ 258] . وفي الباب عن جابر بن عبد الله، انظر التعليق على النص المتقدم برقم 1149. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 ثم دعا بالخطام فخطمه، ودفعه إلى صاحبه. فقال له أبو بكر وعمر: قد عرف يا رسول الله أنك نبي، وأنك رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليس شيء إلّا يعرف أني رسول الله غير كفرة الإنس والجن. 1155- ومنها: ما روى الربيع بن أنس، عن أنس قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم حائطا للأنصار ومعه أبو بكر وعمر ورجل من الأنصار، وفي الحائط غنم فسجدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله نحن أحق بالسجود لك من هذه الغنم، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي أن يسجد لأحد، ولو كان ينبغي لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. 1156- ومنها: ما روى مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش، وكان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب وتحرك من موضع إلى موضع، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يتحرك ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت. (1155) قوله: «ما روى الربيع بن أنس» : أخرج حديثه أبو نعيم في الدلائل برقم 276، وفي الإسناد أبو جعفر الرازي؛ حديثه صالح في هذا الباب، وانظر التعليق على النص المتقدم برقم 1146. (1156) قوله: «ما روى مجاهد عن عائشة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 112- 113، 150، 209] ، وأبو يعلى في مسنده [7/ 419، 8/ 121] رقم 4442، 4460، والطبراني في الأوسط [7/ 307] رقم 6587، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 3- 4] : رجال أحمد رجال الصحيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 1157- ومنها: كلام الذئب إياه صلى الله عليه وسلم، روى بعض أهل البيت قال: إنّ الذئاب جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب أرزاقها، فقال لأصحابه: إن شئتم صالحتها على شيء فتخرجوه إليها ولا ترزأ من أموالكم شيئا، وإن شئتم تركتموها تعدوا، وعليكم بحفظ أموالكم، قالوا: بل نتركها كما هي، تصيب منا ما أصابت ونمنعها ما استطعنا. 1158- ومنها: ما قال بعضهم: كنت على شاطىء البحر فجاء غلمان بسمكة منقشة، فنظرت إلى بياض شحمة أذنيها فإذا في إحداها: لا إله إلّا الله، وفي الأخرى: محمد رسول الله. (1157) قوله: «ومنها كلام الذئب إياه» : يعني حين جاء يستفرض، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، من حديث شمر بن عطية، عن رجل من مزينة أو جهينة له صحبة تحت رقم 23، وخرجناه أيضا من حديث أبي هريرة، وحمزة بن أبي أسيد، والمطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلا. وأخرج أبو نعيم من طريق الواقدي عن سليمان بن يسار قال: أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحرة، فإذا الذئب واقف بين يديه، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا أويس يسأل من كل سائمة شاة، فأبوا، فأومأ إليه بأصابعه فولى، أورده في الخصائص [2/ 271] . (1158) قوله: «ومنها ما قال بعضهم» : قال الشيخ أبو القاسم المهرواني في الفوائد المنتخبة المسماة بالمهروانيات التي خرجها الخطيب البغدادي رحمه الله: أخبرنا أبو بكر: محمد بن أحمد الطوسي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: سمعت الحسن بن إسحاق بن يزيد العطار يقول: كنا خارجين من مصر إلى إفريقية في البحر، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 ......... - فركدت علينا الريح، فأرسينا إلى موضع يقال له: البرطون، وكان معنا صبي سقلبي يقال له: أيمن، كان معه شص يصطاد به السمك، قال: فاصطاد لنا سمكة نحوا من شبر أو أقل، قال: وكان على صنيفة أذنها اليمنى مكتوبا: لا إله إلّا الله، وعلى صنيفة أذنها اليسرى: محمد رسول الله، قال: وكان أبين من نقش على حجر، وكانت السمكة بيضاء، والكتاب أسود كأنه كتاب بحبر. قال: فقذفناها في البحر، ومنع الناس أن يتصيدوا من ذلك الموضع حتى أوغلنا. ومن ذلك ما رواه تمام، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [13/ 9- 10] ، وابن العديم في بغية الطلب [5/ 2255] ، قال تمام: أخبرنا أبو علي: الحسن بن أحمد بن الحسين الخواص المصيصي في مسجد باب الجابية، أنا أبو عبد الله محمد بن عمر الغلفي بجامع طرطوس، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي الرقي بالرملة، قال: دخلت في بلاد الهند إلى بعض قراها فرأيت شجرة ورد أسود، ينفتح عن وردة كبيرة طيبة الرائحة سوداء عليها مكتوب كما تدور بخط أبيض: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، قال: فشككت في ذلك وقلت: إنه عمل معمول، فعمدت إلى جنبذة لم تفتح ففتحتها، فكان فيها وردة سوداء، فيها مكتوب بخط أبيض كما رأيت في سائر الورود، قال: وفي البلد منه شيء عظيم، وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة لا يعرفون الله عزّ وجلّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 [223- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وما جاء في تكثيره وتصييره عذبا ببركته] 223- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وما جاء في تكثيره وتصييره عذبا ببركته 1159- فمن ذلك: ما روى إبراهيم، عن علقمة قال: زلزلت الأرض على عهد عبد الله بن مسعود فقال: كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الايات رحمة وأنتم ترونها عذابا، لقد نزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم منزلا ليس فيه ماء. فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة فيها ماء، فوجد فضل إداوة فصبه في قدح، ثم وضع يده فيه فجعل الماء يتفجر من بين أصابعه، فنادى: حي على الطهور والبركة من الله عزّ وجلّ، فأقبل الناس فتوضئوا وشربوا، وجعلت لا هم لي إلّا ما أجعل في بطني، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: والبركة من الله عزّ وجلّ. فقيل له: كم كنتم يومئذ؟ قال: خمس عشرة مائة. قال: وكنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. (1159) قوله: «ما روى إبراهيم، عن علقمة» : أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3579، وخرجناه في شرح المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 30، فيراجع هناك بقية تخريجه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 1160- وعن عمران بن حصين قال: كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسرنا ذات ليلة، حتى إذا كان قرب السحر نزلنا فنمنا فما أيقظنا إلّا حر الشمس، فارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بوضوء، ثم نادى بالصلاة، فصلى بالناس، وإذا رجل معتزل لم يصل مع القوم، فقال له صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك. ثم سار فشكى إليه الناس العطش، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ورجلا آخر فقال: اذهبا وابغيا الماء، فانطلقا فلقيا امرأة بين سطيحتين- أو: مزادتين- على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ فقالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، فقالا: انطلقي، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله، قالت: إلى هذا الذي يقال له الصابىء؟ قالا: هو الذي تعنين، فجاآ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثاه بالحديث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استنزلوها من بعيرها، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين- أو: السطيحتين- ثم أعاده في الإناء، ثم أعاده في أفواه المزادتين، ثم أطبق أفواههما، ثم نودي في الناس أن استقوا، وكان آخر ذلك أن أعطى ذلك الرجل الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال: اذهب فأفرغه عليك، قال: وهي قائمة تنظر ما يفعل بمائها، (1160) قوله: «وعن عمران بن حصين» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، رقم 344، واختصره برقم 348. وأخرجه في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3571، وأخرجه مسلم في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيلها، رقم 682، وسيأتي في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بالحوادث والكوائن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 وأيم الله لقد أقلع عنه حين أقلع وإنه ليخيل إليّ أنه أشد امتلاء منها حين ابتدأ فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجمعوا لها من عجوة وسويق ودقيق، حتى جعلوا لها طعاما في ثوب وحملوها على بعيرها فوضعوه بين يديها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعلمي والله ما رزأناك من مائك شيئا، ولكن الله سقانا، قال: فأتت أهلها وقد احتبست عنهم فقالوا لها: يا فلانة ما حبسك؟ قالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الفتى الذي يقال له الصابىء، ففعل بمائي كذا وكذا، فو الله إنه لأسحر ما بين هذه وهذه- تعني السماء والأرض-، أو إنه رسول الله حقّا. قال: فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوما لقومها: والله ما أرى أن هؤلاء القوم على عمد يدعونا، هل لكم في الإسلام؟ فطاوعوها، فجاؤا فدخلوا جميعا في الإسلام. 1161- وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: كانت المياه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلة، فكان إذا كان الصيف صلى الناس الظهر ثم خرجوا يتروحون، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الظهر، ثم خرجوا معه إلى مسجد قباء فمكث حتى إذا كان مع النداء أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أم سلمة آتيه بوضوء فجئته بقدح- ثلثاه أو نصفه ماء-، فتوضأ، فلما فرغ من وضوءه فضل في القدح فضل، ثم رفع رأسه فإذا الناس قيام فقال: ما لهؤلاء؟ قال أنس: فقلت: يا رسول الله، إنهم لا يجدون ماء، (1161) قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرجه بنحوه البيهقي في الدلائل [4/ 124] ، وأصله في الصحيحين من طرق بألفاظ عن أنس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 قال: ادعهم، فدعوتهم فجاؤا، فأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في القدح- في الفضلة التي فضلت من وضوءه-، فو الذي نفسي بيده ما منهم إنسان إلّا توضأ مما في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضل في القدح فضل فرجعت به إلى البيت، وذلك ببركته وبركة دعائه صلى الله عليه وسلم. 1162- وعن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام- وذكر حديثا طويلا- وقال فيه: يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا عليه، وإذا كان الصيف قل ماؤها وتفرقنا على ما حولها، وإنا لا نستطيع اليوم أن نتفرق، فكل من حولنا عدو لنا، فادع الله أن يسعنا ماؤها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع حصيات (1162) قوله: «وعن زياد بن الحارث الصدائي» : صحابي نزل مصر، له حديث طويل في قصة إسلامه أشار إليه المصنف وغيره ويأتي تخريجه. قوله: «يا رسول الله إن لنا بئرا» : أخرج الحديث في ترجمته جماعة، وذكروا قبله مما يتعلق بالباب، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبرز، ثم انصرف إليّ وقد لا حق أصحابه فقال: هل من ماء يا أخا صداء؟ فقلت: لا، إلّا شيء قليل لا يكفيك، فقال صلى الله عليه وسلم: اجعله في إناء ثم ائتني به، ففعلت، فوضع كفه في الإناء، فقال الصدائي: فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أخا صداء، لولا أنّي أستحيي من ربي عزّ وجلّ لسقينا واستقينا، ناد في أصحابي: من له حاجة في الماء ... الحديث. أخرجه بطوله ضمن قصة إسلامه: الفسوي في المعرفة [2/ 495] ، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 302] رقم 5285، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1206] رقم 3041، والبيهقي في الدلائل [5/ 355- 357] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 فحركهن في يده، وقال: إذا رأيتموها فألقوها فيها واحدة واحدة واذكروا اسم الله عليها، قال: فو الله ما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعد. 1163- ومنها: أنهم كانوا معه في سفر فشكوا أن لا ماء معهم وأنهم بعرض عطب وسبيل هلاك، فقال صلى الله عليه وسلم: كلا إنّ معي ربي عليه توكّلت، ثم دعا بركوة فيها ماء ما كان ليروي رجلا ضعيفا، فوضع يده عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، وصاح في الناس، فشربوا وسقوا، ثم نهلوا وعللوا، وتداخلوا وهم ألوف وهو يقول: أشهد أني رسول الله حقّا. - وروى الإمام أحمد في المسند منه، وكذا أصحاب السنن ما يتعلق بالأذان، وفيه: من أذن فهو يقيم. وأخرج ما يتعلق منه بالباب: أبو نعيم في الدلائل برقم 321، والبيهقي كذلك [4/ 125] . (1163) قوله: «أنهم كانوا معه في سفر» : الظاهر أنه سفر غزوة تبوك، أخرجه مسلم بطوله من حديث أبي قتادة، وليس فيه التصريح بذلك، لكن أخرجه البيهقي ضمن ما وقع في غزوة تبوك من الدلائل، قال أبو قتادة: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، وتأتون الماء إن شاء الله، غدا، فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد. قال أبو قتادة: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى ابهارّ الليل وأنا إلى جنبه. قال: فغمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمال عن راحلته، فأتيته فدعمته، من غير أن أوقظه، حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته، قال: فدعمته من غير أن أوقظه، حتى اعتدل على راحلته، ثم قال: ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة هي أشد من الميلتين الأوليين، حتى كاد ينجفل، فأتيته فدعمته، فرفع رأسه فقال: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 ......... - من هذا؟ قلت: أبو قتادة، قال: متى كان هذا مسيرك مني؟ قلت: ما زال هذا مسيري منذ الليلة، قال: حفظك الله بما حفظت به نبيه، ثم قال: هل ترانا نخفى على الناس؟ ثم قال: هلّا ترى من أحد؟ قلت: هذا راكب، ثم قلت: هذا راكب آخر، حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب، قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق، فوضع رأسه، ثم قال: احفظوا علينا صلاتنا، فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره، قال: فقمنا فزعين، ثم قال: اركبوا فركبنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس نزل، ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء، قال: فتوضأ منها وضوآ دون وضوء، قال: وبقي فيها شيء من ماء، ثم قال لأبي قتادة: احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ، ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم، قال: وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبنا معه، قال: فجعل بعضنا يهمس إلى بعض: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال: أما لكم فيّ أسوة؟، ثم قال: أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها، ثم قال: ما ترون الناس صنعوا؟ قال: ثم قال: أصبح الناس فقدوا نبيهم، فقال أبو بكر وعمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم لم يكن ليخلفكم، وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا. قال فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار وحمي كل شيء وهم يقولون: يا رسول الله! هلكنا، عطشنا، فقال: لا هلك عليكم، ثم قال: أطلقوا لي غمري، قال ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنوا الملأ، كلكم سيروى، قال: ففعلوا، فجعل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 1164- ومنها: أن قوما شكوا إليه ملوحة مائهم، وأنهم في جهد من الظمأ وبعد المناهل وأن لا قوة لهم على شربه، فجاء معهم في جماعة أصحابه، حتى إذا أشرف صلى الله عليه وسلم على بئرهم تفل فيها ثم انصرف، وكانت مع ملوحتها غائرة، فانفجرت بالماء العذب الزلال المعين. قال أبو سعد رحمه الله: فها هي الان يتوارثها أهلها، يعدونها أعظم مكارمهم، وأسنى مفاخرهم، وإنهم لصادقون. قال: وكان مما أكد الله به صدقه: أن قوم مسيلمة سألوه مثلها لما بلغهم ذلك، فأتى بئرا فتفل فيها فعادت ملحا أجاجا كبول الحمار، فهي بحالها إلى اليوم معروفة المكان. - رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم صب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: اشرب، فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله! قال: إن ساقي القوم آخرهم شربا، قال: فشربت، وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتى الناس الماء جامين رواء. (1164) قوله: «تفل فيها ثم انصرف» : فيه: أن بركته صلى الله عليه وسلم وفضله وفضيلته كل ذلك غير مقتصر على أفعاله وأعماله المؤيدة إليها، بل يسري على ما احتواه جسده الشريف وما خرج من جوفه المنيف من بصاق، ونفث، وبول، وعرق، ودم، وحتى ما لامس جلده العفيف من ملبس وموضع جلوس أو شرب ونحوهما. وسنورد هنا بعض ما جاء في الروايات المفيدة عن أثر بصاقه الشريف في استعذاب الماء وتكثيره: فمن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة- وقد كان فتح مكة فتحا-؟ نحن نعد الفتح بيعة الرضوان- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 ......... - يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها- يريد مجه، كما بينته رواية زهير عن أبي إسحاق قال: فبصق فدعا- ثم قال: دعوها ساعة، فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا، لفظ الروايتين للبخاري في المغازي من صحيحه، باب غزوة الحديبية رقم 4150، 4151. ورواه مسلم في الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد. وغيرهما من حديث عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه فقال: إما بزق وإما دعا، ورواه عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة فقالا: فتوضأ في الدلو ومضمض فاه ثم مج به وأمر أن يصب في البئر، أخرجه ابن إسحاق في السير كما في سيرة ابن هشام [3/ 267] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [4/ 112] . وقال الزبير بن بكار: حدثني إبراهيم بن حمزة، عن إبراهيم بن نسطاس، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بيسان، فسأل عنه، فقيل: اسمه يا رسول الله بيسان وهو مالح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، بل هو نعمان، وهو طيب، قال: فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه، فغيره الله تبارك وتعالى ببركته صلى الله عليه وسلم، فاشتراه طلحة بن عبيد الله ثم تصدق به، [الخصائص الكبرى 2/ 51، والإمتاع 5/ 144] . قلت: بيسان موضعان: أحدهما بجهة خيبر من المدينة، أورد ياقوت فيه هذا الحديث، ثم نقل عن الزبير بن بكار راوي الحديث أنه قال: بيسان موضع معروف بأرض اليمامة، قال ياقوت: وبيسان أيضا مدينة بغور الأردن الشامي، يقال: هي لسان الأرض بين حوران وفلسطين، بها عين القلوس، يقال: إنها من الجنة، قال: وهي عين فيها ملوحة يسيرة. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 ......... - نعم، وأخرج أبو نعيم في الدلائل [2/ 444] رقم 366، من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيطيل القيام، وإن النبي صلى الله عليه وسلم بال- كذا، ولعل الصواب: بصق- في بئر داره، قال: فلم يكن في المدينة بئر أعذب منها، قال: وكانوا إذا حضروا استعذب لهم منها، وكانت تسمى في الجاهلية البرود. والبرود مواضع: منها موضع بين الجحفة وودان، ومنها البئر الذي بطرف حرة ليلى، ومنها موضع بين ملل وبين جبل جهينة. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 505] ، من حديث سعد بن رقيش، والبيهقي في الدلائل [6/ 136] ، من حديث يحيى بن سعيد، كلاهما عن أنس، وهذا لفظ ابن سعد قال: جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى بئر غرس وإنه ليستقى منها على حمار، ثم نقوم عامة النهار ما نجد فيها ماء، فمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدلو وردّه فيه فجاشت بالرواء. قال أبو عاصم: صارت هذه البئر بعد ببركة مجته بأبي هو وأمي عينا من عيون الجنة، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 504] ، من حديث ابن عمر وابن عباس، وقد علمت أن في كلا الإسنادين الواقدي، وهو ممن يخرج له في هذا الباب. وأخرج ابن السكن- كما في الخصائص الكبرى للسيوطي [2/ 226]- عن همام بن نقيد السعدي قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله حفر لنا بئر فخرجت مالحة، قال: فدفع إليّ إداوة فيها ماء فقال: «صبه فيها» ، قال: فصببته فعذبت، فهي أعذب ماء باليمن. قال ابن سعد في الطبقات [1/ 503] : أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني سعيد بن أبي زيد، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت قد طلبت البئار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب منها، والتي برك فيها وبصق فيها، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 1165- ومنها: أنه لما انصرف صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك قافلا إلى المدينة، وكان في الطريق ماء يخرج من وشل، ما يروي الراكب والراكبين والثلاث، بواد يقال له المشقّق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبقنا إلى ذلك الواد فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه، قال: فسبقه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه، فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم ير فيه شيئا فقال: «من سبقنا إلى هذا الماء؟ فقيل: فلان وفلان، قال: أو لم- قال: فكان يشرب من بئر بضاعة، وبصق فيها وبرك، وكان يشرب من بئر غرس بقباء وبرك فيها وقال: هي عين من عيون الجنة، وكان يشرب من العبيرة بئر بني أمية بن زيد، وقف صلى الله عليه وسلم على بئرها فبصق فيها وشرب منها ونزل وسأل عن اسمها: فقيل العبيرة، فسماه اليسيرة ... الحديث. قال ابن سعد [1/ 505] : أخبرنا محمد بن عمر، حدثني أبي بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه قال: سمعت عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: أبو أسيد وأبو حميد وأبي- سهل بن سعد- يقولون: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بئر بضاعة فتوضأ في الدلو وردّه في البئر، ومج في الدلو مرة أخرى، وبصق فيها وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض في عهده صلى الله عليه وسلم يقول: اغسلوه من ماء بضاعة، فيغسل فكأنما حل من عقال. وقال ابن سعد [1/ 506] : أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا معمر- يعني: ابن رشد-، عن الزهري، عن محمود بن الربيع: أنه يقفل- كذا، وصوابه: يعقل- مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدلو في بئر أنس، زاد أبو نعيم من طريق آخر عن ثمامة عن أنس قال: فلم يكن في المدينة بئر أعذب منها، وقد تقدمت. (1165) قوله: «يخرج من وشل» : الوشل بالتحريك: الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة يقطر قليلا قليلا، لا يكاد قطره يتصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 أنههم أن لا يستقوا منه شيئا حتى آتيه؟ قال: ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا عليهم، ثم نزل فوضع يده تحت الوشل، فجعل يصب في يديه ما شاء أن يصب، ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا الله بما شاء أن يدعوه به، فانخرق من الماء- كما يقول من سمعه: أن له حسا كحس الصواعق-، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن بقيتم- أو: من بقي منكم- ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه، قيل: وهو اليوم كما قاله صلى الله عليه وسلم. 1166- ومنها: ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض أسفاره فأعوز عليهم الماء وظهر في القوم العطش، فبعث عليّا رضي الله عنه ورجلا آخر معه قوله: «ما بين يديه وما خلفه» : هذه رواية ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام [2/ 527] ، ومن طريق ابن إسحاق أخرجها ابن جرير في تاريخه [3/ 109] . وقد أخرجها مسلم في الفضائل من صحيحه من حديث مالك، عن أبي الزبير: أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره: أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فذكر نحوه وفي آخره: يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملىء جنانا. وقد أخرجها البيهقي في الدلائل [5/ 236- 237] ، أيضا من حديث مالك وقال: وروينا زيادة ماء تلك العين بمضمضته الشريفة فيها عن عروة بن الزبير، وقال: هي كذلك حتى الساعة. قلت: تقدم تخريجها في هذا الباب، وستأتي الإشارة إليها في الحديث بعده، وسيعيد المصنف القصة برقم: 1292. (1166) قوله: «كان في بعض أسفاره» : القصة في الصحيحين، تقدمت قريبا ليس فيها ذكر العبد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 ليطلب لهم الماء، فوجد غلاما أسود- أو جارية سوداء- على رواية ماء، فقال: أجب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تعني هذا الساحر الفاعل؟ فقال: هو الذي تعنيه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستعملوا ماءه، وملأوا سطائحهم وأوانيهم، وبقي الماء في الرواية كما هو، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يتكلفوا له بشيء، فحمل كل واحد إليه هدية من خبز وتمر وسويق ودراهم وكعك وغير ذلك، فاجتمع عنده شيء كثير فمسح النبي صلى الله عليه وسلم بيده على وجهه فابيض وجهه، فرجع إلى مواليه، وكان مواليه ينتظرونه، فلما رأوه من بعيد قالوا: الراوية راويتنا، والجمل جملنا والعبد ليس بعبدنا، فلما وصل إليهم أخبرهم بالقصة، فأسلموا وأسلم العبد معهم، والله أعلم بذلك. 1167- عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية على بئر ثمد قليل الماء في بضع عشرة مائة من أصحابه، فشكوا إليه العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال: فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه. (1167) قوله: «زمن الحديبية» : بطولها أخرجها البخاري في الشروط، باب الشروط في الجهاد، رقم 2731، 2732، وأخرجها أيضا أبو داود والنسائي. قال الواقدي في مغازيه [1/ 586- 587] : وقد روي أن جارية من الأنصار قالت لناجية بن جندب وهو في القليب: يا أيها المائح دلوي دونكا ... إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيرا ويمجدونكا فقال ناجية وهو في القليب: قد علمت جارية يمانية ... إني أنا المائح واسمي ناجية وطعنة مني رشاش واهية ... طعنتها تحت صدور العالية - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 1168- وفي رواية: أنه ورد في غزاته هذه على ماء لا يبل حلق واحد، والقوم عطاش، فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم فأخذ سهما من كنانته فدفعه إلى رجل من أصحابه ثم قال له: انزل فاغرزه في الركي، فنزل فغرزه ففار الماء حتى طفى إلى أعلى الركي، فارتوى القوم، للمقام والظعن، وهم ثلاثون ألفا، ورجال من المنافقين حضور الأبدان، غائبو العقول قد عاينوا ذلك. - قال الواقدي: أنشدنيها رجل من ولد ناجية بن الأعجم، يقال له: عبد الملك بن وهب الأسلمي، قال الواقدي: وحدثني موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: الذي نزل بالسهم: ناجية بن جندب. قال أبو عاصم: هكذا قال موسى بن عبيدة في روايته للقصة: ناجية بن جندب، أخرجها من طريقه: الواقدي في مغازيه عقب رواية المسور بن مخرمة [1/ 588] ، ابن أبي شيبة في المغازي من المصنف [14/ 452] رقم 18707، ومن طريق الحسن بن سفيان في مسنده- كما في الإصابة- ومن طريق الحسن بن سفيان: أبو نعيم في المعرفة [5/ 2698] رقم 6453، والطبراني في معجمه [2/ 193] رقم 1727، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل [2/ 410] رقم 319. قال الحافظ في الإصابة: وقد وقع لنا بعلو في المعرفة لابن منده، وكذا أخرجه ابن السكن. اهـ. (1168) قوله: «ورجال من المنافقين حضور الأبدان» : قال الواقدي: وعلى الماء يومئذ نفر من المنافقين: الجد بن قيس، وأوس، وعبد الله بن أبي رهم جلوس ينظرون إلى الماء والبئر تجيش بالرواء وهم جلوس على شفيرها، فقال أوس بن خولي: ويحك يا أبا الحباب! أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء؟ وردنا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 1169- ومن ذلك ما روت خليلة قالت: قلنا يا رسول الله إنا حفرنا ركية فإذا فيها دواب وهوام، فدفع إلينا النبي صلى الله عليه وسلم إداوة من ماء فقال: صبوها فيها، فصبت فيها فمتن، وذهبن كلهن. 1170- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يمج في القدح والدلو والكوز فيجدون لذلك ريحا أطيب من المسك. - بئرا يتبرض ماؤها، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدلو ومضمض فاه في الدلو، ثم أفرغ الدلو فيها، ونزل بالسهم فحثحثها فجاشت بالرواء، قال: يقول ابن أبي: قد رأيت مثل هذا، فقال أوس: قبحك الله وقبح رأيك.. الحديث. (1169) قوله: «وذهبن كلهن» : لم أقف عليه فيما لدي من المصادر، وخليلة هذه لم أر من ذكرها في الصحابة، والله أعلم. (1170) قوله: «فيجدون لذلك ريحا أطيب من المسك» : أخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 315، 316، 318] ، والحميدي في مسنده برقم 886، وابن ماجه في الطهارة، باب المج في الإناء رقم 659، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 51] رقم 119، والبيهقي في دلائل النبوة [6/ 69] ، أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 6، جمعيهم من حديث وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بدلو من ماء فشرب، ثم مج في الدلو، ثم صب في البئر ففاح منها ريح المسك. وفي رواية للطبراني [22/ 51] رقم 120، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أتي بدلو فتوضأ منه فمضمض، ثم مج فيه المسك أو أطيب من المسك واستنثر خارجه، في إسناده انقطاع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 [224- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل في تكثيره صلى الله عليه وسلم الطّعام وإطعامه الالاف من النّاس بالشّيء اليسير] 224- فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدّلائل في تكثيره صلى الله عليه وسلم الطّعام وإطعامه الالاف من النّاس بالشّيء اليسير 1171- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أتى امرأة من العرب يقال لها: أم شريك، اعتنت في قراه وإلطافه، فأخرجت عكة لها فيها أوضار السمن، فالتمست ما فيها فلم تجد شيئا، فأخذها صلى الله عليه وسلم فحركها بيده فامتلأت سمنا (1171) قوله: «يقال لها: أم شريك» : قال ابن سعد: اسمها غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية، من الأزد، روي أنها هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها زيدا. وروي أيضا أنها لما وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم وقصت قصتها الاتية أرادها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه فتصاغرت نفسها، وقالت: بل زوجني من شئت، فزوجها زيد. وروي أيضا أنها التي نزل فيها قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الاية، والله أعلم. قصة هجرتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتها لليهودي الذي زعم أنه يوصلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما لاقت منه في سفرها، أخرجها ابن سعد في الطبقات [8/ 157] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 123] بطولها، وابن إسحاق في سيرته [/ 284- 285] . وقد ضمنوها أيضا قصة العكة، لم أوردها لطولها، وقد رويت منفصلة بإسناد آخر. فقال ابن سعد بعد إيراده هذه القصة الطويلة: أخبرنا عارم، ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد قال: هاجرت أم شريك الدوسية، فصحبت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 سائلا عذبا، وهي تعالجها قبل ذلك لا يبضّ منها شيء، فأنهلت القوم، وأبقت فضلا كافيا، وأبقى لها صلى الله عليه وسلم شرفا يتوارثه الأعقاب. 1172- وفي رواية: أن امرأة كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم العكة من العسل، فأهدت إليه مرة عكة ثم استرجعت الإناء، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد العكة عليها، فأخذتها ووضعتها في بيتها، فدخلت البيت فوجدت- يهوديا في الطريق فأمست صائمة، فقال اليهودي لامرأته: لئن سقيتها لأفعلن، فباتت كذلك حتى إذا كان في آخر الليل إذا على صدرها دلو موضوع وصفن فشربت، ثم بعثتهم للدلجة، فقال اليهودي: إني لأسمع صوت امرأة، لقد شربت؟ فقالت: لا والله إن سقيتني. قال: وكانت لها عكة تعيرها من أتاها، فاستامها رجل فقالت: ما فيها ربّ، فنفختها فعلقتها في الشمس فإذا هي مملوءة سمنا، قال: فكان يقال: ومن آيات الله عكة أم شريك، قال: والصفن: مثل الجراب والمزود، مرسل برجال الصحيح قال ابن سعد: أخبرنا أبو بكر بن عبد الرحمن، ثنا عيسى بن المختار، عن محمد ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أم شريك أنها كانت عندها عكة تهدي فيها سمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فطلبها صبيانها ذات يوم سمنا فلم يكن، فقامت إلى العكة لتنظر فإذا هي تسيل، قال: فصبت لهم منه فأكلوا منه حينا، ثم ذهبت تنظر ما بقي فصببته كله ففني، ثم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: أصببته؟ أما إنك لو لم تصبيه لقام لك زمانا. (1172) قوله: «أن امرأة كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم» : أخرج الطبراني في معجمه الكبير [25/ 151] رقم 363 قريبا منه، وسمى المرأة أم أوس البهزية، قالت: سليت سمنا لي فجعلته في عكة وأهديته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبله وترك في العكة قليلا، ونفخ فيها ودعا بالبركة ثم قال: ردوا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 العكة ملاى فقالت: يا رسول الله ما لك رددت عليّ العسل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نرده عليك، ولكن الله أراد أن يبارك لك فيه. قال: فما زالت المرأة تتأدم وأهل بيتها من ذلك العسل حتى أفرغته في إناء آخر ففني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تفرغيه لأكلتم منه ما بقيت الدنيا. 1173- وفي رواية أيضا: أن بعض العجائز أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمست منه عسلا، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة فيها عسل، فكانت تحمل من ذلك الشيء بعد الشيء ولم يكن يفنى ذلك، حتى إذا كان يوما- عليها عكتها، فردوها عليها وهي مملوءة سمنا، فظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبلها، فجاءت ولها صراخ، قالت: يا رسول الله، إنما سليته لك لتأكله، فعلم صلى الله عليه وسلم أنه قد استجيب له فقال: اذهبوا فقولوا لها فلتأكل سمنها، وتدعو بالبركة، قال: فأكلت بقية عمر النبي صلى الله عليه وسلم وولاية أبي بكر وولاية عمر وولاية عثمان حتى كان من أمر علي ومعاوية ما كان. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 310] : عصمة بن سليمان لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. اهـ. قلت: تابعه علي بن نجيح القطان عند البيهقي في الدلائل [6/ 114] شيخ للعباس الدوري، أيضا لم أره في الأسماء. (1173) قوله: «وفي رواية أيضا» : أخرج مسلم في الفضائل برقم 2280، من حديث جابر: أن أم مالك كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم في عكة لها سمنا، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم وليس عندهم شيء، فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للنبي صلى الله عليه وسلم فتجد فيه سمنا، فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عصرتيها؟، قالت: نعم، قال: لو تركتيها ما زال قائما، أخرجه البيهقي أيضا في الدلائل [6/ 114] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 من الأيام حولت ما كان في القصعة إلى إناء آخر ففني سريعا، فجاءت المرأة وذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: لأن الأول كان من صنع الله، والثاني كان من فعلك. - وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 494] رقم 11809، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [6/ 177] رقم 3405، والطبراني في معجمه الكبير [25/ 145] رقم 351، وأبو نعيم في الدلائل برقم 500، وفي المعرفة برقم 8044، 8045، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 15: عن أم مالك الأنصارية أنها جاءت بعكة سمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فعصرها، ثم دفعها إليه، فرجعت فإذا هي ممتلئة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: نزل فيّ شيء يا رسول الله؟ قال: وما ذاك؟ قالت: لم رددت عليّ هديتي؟ فدعا بلالا فسأله عن ذلك فقال: والذي بعثك بالحق لقد عصرتها حتى استحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئا لك يا أم مالك، هذه بركة عجل الله ثوابها، ثم علمها في دبر كل صلاة: سبحان الله عشرا، والحمد لله عشرا، والله أكبر عشرا، لفظ الطبراني. أخرج أبو يعلى- واللفظ له-[7/ 17- 218] رقم 4213، والطبراني في معجمه الكبير [25/ 120] رقم 293، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 206] ، أبو نعيم في الدلائل برقم 499، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 14، والبغوي في الأنوار [1/ 119] رقم 129، جميعهم من حديث محمد ابن زياد البرجمي- مجهول-، عن أبي ظلال- ضعيف-، عن أنس، عن أمه: أنها كانت لها شاة فجمعت من سمنها في عكة، فملأت العكة ثم بعثت لها مع ربيبة- وفي رواية غيره: زينب- فقالت: يا ربيبة أبلغي هذه العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها، فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سليم، قال: فرّغوا لها عكتها، ففرّغت العكة، فدفعت إليها، فانطلقت بها فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر، فقالت أم سليم: يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 1174- ومنها: أن أصحابه أرملوا يوم الأحزاب وضاقت بهم الحال، وركبهم الجهد، وصاروا بعرض العطب لفناء الأزواد، فدعاه داع من أصحابه فانجفل القوم معه، فدخل وليس بحضرة القوم إلّا قوت- بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: قد فعلت، فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلقت أم سليم ومعها ربيبة فقالت: يا رسول الله إني بعثت إليك معها بعكة فيها سمن، قال: قد فعلت، قد جاءت بها، فقالت: والذي بعثك بالهدى ودين الحق إنها لممتلئة تقطر سمنا! قال: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبين أن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه؟ كلي وأطعمي، قالت: فجئت البيت فقسمت في قعب لنا كذا وكذا، وتركت فيها ما ائتدمنا منه شهرا أو شهرين. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 309] : فيه محمد بن زياد البرجمي- وهو اليشكري- وهو كذاب. اهـ. قلت: كذا جمع بين البرجمي واليشكري وفيه نظر، وكأنه تبع في ذلك البوصيري حيث قال في إتحاف الخيرة [9/ 158] : هذا إسناد ضعيف، محمد بن زياد اليشكري كذاب. وقد فرق بينهما المزي- كما يعلم من تهذيبه، حيث ذكرهما في شيوخ شيبان، وقد فرق بينهما الذهبي في ميزانه فقال في البرجمي تبعا لأبي حاتم: مجهول، وعليه ففي إسناد الحديث مجهول وضعيف. وتقدم قريبا حديث أبي الزبير، عن جابر، عن أم شريك في قصة العكة أيضا نحو ما تقدم. (1174) قوله: «فدعاه داع من أصحابه» : هو جابر بن عبد الله الأنصاري، والقصة بطولها في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي بسياق في غاية الحسن، خرجناها في شرحنا له تحت رقم 44- فتح المنان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 رجل واحد أو رجلين ... فقال رسول الله: غطوا إناءكم، ثم برّك عليه، وقدمه والقوم ألوف، كل رجل منهم أكل أضعافها، ثم صدروا كأن لم يشبعوا قط شبعا، والطعام بكليته لم يفقدوا منه شيئا. 1175- ومنها: ما رواه عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عندي إلّا قليل شعير، فأكلت منه حتى طال عليّ ولا يفنى، فكلته ففني، فليتني لم أكن كلته. 1176- ومنها: ما روي عن أبي العالية، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم بتميرات فقلت: ادع الله بالبركة يا رسول الله، قال: فوضعهن في يده ثم دعا بالبركة، ثم قال: خذه يا أبا هريرة فأعده في مزودتك، فإذا أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل يدك، ولا تكبه ولا تنثره، قال: فلم يزل يأكل منه ويطعم، وكان على حقوي لا يفارقني، فلما قتل عثمان سقط فذهب وكنت في شغل. (1175) قوله: «فليتني لم أكن كلته» : أخرجاه في الصحيحين: أخرجه البخاري في فرض الخمس برقم 3097، ومسلم في الزهد برقم 2973. (1176) قوله: «ما روي عن أبي العالية، عن أبي هريرة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 352] ، والترمذي في المناقب برقم 3839 وقال: حسن غريب، وابن راهويه في مسنده برقم 3، وأبو نعيم برقم 341، والبيهقي كلاهما في الدلائل [6/ 109] ، وابن عدي في الكامل [6/ 2452] ، وابن سعد في الطبقات- كما في الخصائص [2/ 240]-، جميعهم من طرق، عن مهاجر بن مخلد- ممن يعتبر به-، عن أبي العالية به، وانظر ما بعده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 1177- وعن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصابهم عوز من طعام فقال: عندك شيء يا أبا هريرة؟، قلت: شيء من تمر في مزود لي، قال: جىء به فجئت بالمزود فقال: هات بنطعك، فجئت بالنطع فبسطته، فأدخل يده فقبض على التمر فإذا هو إحدى وعشرون تمرة، ثم قال: بسم الله، وجعل يضع كل تمرة ويسمي حتى أتى على التمر، فقال به هكذا- فجمعه-، فقال: ادع فلانا وأصحابه، فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا، ثم قال: ادع فلانا وأصحابه فأكلوا وشبعوا وخرجوا، ثم قال: ادع فلانا وأصحابه، فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا، وفضل تمر، فقال لي: اقعد، فقعدت فأكل وأكلت، (1177) قوله: «وعن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة» : أخرجه البيهقي أيضا [6/ 110] ، وأبو نعيم فيما ذكره السيوطي في الخصائص [2/ 241] . وأخرج البيهقي في الدلائل [6/ 110- 111] ، وأبو نعيم برقم 342 وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 140، والذهبي في السير [2/ 630- 631] ، من طريق أبي منصور، عن أبي هريرة قال: أصبت بثلاث مصائب في الإسلام لم أصب مثلهن: بموت النبي صلى الله عليه وسلم وكنت صويحبه، وقتل عثمان، والمزود، قالوا: وما المزود يا أبا هريرة؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال: يا أبا هريرة، أمعك شيء؟ قال: قلت تمرا، في مزود معي، قال: جىء به، فأخرجت منه تمرا، فأتيته، قال: فمسّه، فدعا فيه ثم قال: ادع عشرة، فدعوت عشرة فأكلوا حتى شبعوا، ثم كذلك، حتى أكل الجيش كله وبقي من تمر المزود، قال: يا أبا هريرة إذا أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل يدك ولا تكبه، قال: فأكلت منه حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكلت منه حياة أبي بكر كلها، وأكلت منه حياة عمر كلها، وأكلت منه حياة عثمان كلها، فلما قتل عثمان انتهب ما في بيتي، وانتهب المزود، ألا أخبركم؟ أكلت أكلت منه أكثر من مائتي وسق. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 وفضل تمر، فأخذه وأدخله في المزود فقال: يا أبا هريرة إذا أردت شيئا فأدخل يدك فخذ ولا تكفأ فيكفأ عليك، قال: فما كنت أريد تمرا إلّا أدخلت يدي فأخذت منه خمسين وسقا في سبيل الله وكان مغلقا خلف راحلتي، فوقع في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب. 1178- ومنها: ما روي عن جابر: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه فأطعمه وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم. 1179- ومنها: ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجمع له بني عبد المطلب- أو كما ذكر في الحديث- قال: لما نزل قوله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ الاية، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال الحافظ الذهبي في السير: تفرد به سهل بن أسلم العدوي عن يزيد بن أبي منصور، وهو صالح إن شاء الله. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [32412] ، وابن راهويه برقم 46، 47 من حديث إسماعيل، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي هريرة. فهذه طرق يجود بعضها بعضا. (1178) قوله: «ولقام لكم» : أخرجه مسلم في الفضائل برقم 2281، والبزار في مسنده [3/ 139 كشف الأستار] رقم 242، والبيهقي في الدلائل [6/ 114] ، جميعهم من طرق عن أبي الزبير عن جابر. (1179) قوله: «لما نزل قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ الاية» : أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 159] من حديث أبي صادق الأزدي، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي رضي الله عنه قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم- أو: قال- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 ثلاثين رجلا من أهل بيته على فخذ شاة وقعب من لبن، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى رووا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب يقضي ديني وينجز موعدي، فكان يقعد منهم عشرة عشرة. قال أبو سعد: وكان الطعام في رأي العين لا يكفي لعشرة نفر فما دونهم، فطعموا منه حتى شبعوا كلهم وفضل عنهم ما كفى غيرهم. 1180- ومنها: ما رواه أنس بن مالك قال: اتخذت أمي حيسا وبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن يطعم منه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: قوموا بنا، قال: فلما رأت أمي الجماعة، قالت: يا رسول الله- رسول الله صلى الله عليه وسلم- بني عبد المطلب فيهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس، ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقي الشراب كأنه لم يمس أو: لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب إني بعثت لكم خاص وإلى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الاية ما رأيتم.. الحديث، رجاله ثقات كما في مجمع الزوائد [8/ 303] . وأخرجه ابن إسحاق في سيرته [/ 145] ومن طريق البيهقي في الدلائل [2/ 179] عمن حدثه عن عبد الله بن الحارث بن نوفل- واستكتمه اسمه- عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) الاية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرفت أني إن بادأت بها قومي رأيت منهم ما أكره فصمت عليها، فجاءني جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرك ربك تعالى عذبك ربك، فاصنع لنا يا علي رجل شاة على صاع من طعام، وأعد لنا عس لبن، ثم اجمع بني عبد المطلب. قال: ففعلت، فاجتمعوا له، وهم يومئذ أربعون رجلا أو ينقصون، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب الكافر الخبيث، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 إنما أعددت لك شيئا مقدار ما تأكله وحدك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة، وقال: ادخلوا عشرة عشرة، وكانوا يأكلون ويشبعون ويخرجون، - فقدمت إليهم الجفنة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خديه فشقها بأسنانه، ثم رمى بها في نواحيها، ثم قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم حتى نهلوا عنه فما رؤي إلّا آثار أصابعهم، وو الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقهم يا علي، فجئت بذلك العقب فشربوا حتى نهلوا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله ... الحديث. وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 2826] رقم 16015 من حديث الأعمش، عن المنهال بن عمرو- في المطبوع: عن الأعمش بن عمرو-، عن عبد الله بن الحارث قال: قال علي: لما نزلت هذه الاية ... الحديث، خالفه عبد الغفار بن القاسم وهو ضعيف فقال: عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس، عن علي، أخرجه ابن جرير في تفسيره [19/ 121] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 331، والبزار في مسنده [3/ 137] رقم 2417، وزعم أحمد بن عبد الجبار فيما حكاه البيهقي أنه بلغه أن ابن إسحاق إنما سمعه من عبد الغفار عن المنهال بن عمرو وهو وإن كان الأمر يحتمله فيقال: ولضعفه أبهمه ابن إسحاق، غير أن الذي سمع منه ابن إسحاق يروي عن عبد الله بن الحارث مباشرة، كما قال ابن إسحاق: حدثني من سمع عبد الله بن الحارث وبين عبد الغفار وعبد الله بن الحرث المنهال بن عمرو، فيبقى في قول أحمد بن عبد الجبار نظر، والله أعلم. وخالف شريك أصحاب الأعمش فقال عنه، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، عن علي ... أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 172 مجمع البحرين] رقم 3546، والبزار في مسنده [3/ 138 كشف الأستار] رقم 2418، ولم يسق المتن، وعلقه البيهقي في الدلائل [2/ 180] ، قال البزار: هكذا قال شريك. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة! كذا قال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 وأكلنا معهم وشبعنا. 1181- وروي أن أبا طلحة قال لأم سليم: لقد سمعت صوت النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفا، أعرف فيه الجوع: فهل من عندك من شيء؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، فلفّه في خمار ثم أرسلت أنسا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس: فذهبت فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد والناس حوله، قال: أرسلك أبو طلحة؟ قلت: نعم، قال: يدعوني إلى الطعام؟ قلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة لأم سليم: قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سليم هلمي ما عندك، فجاءت بذلك الخبز، وعصرت عكة لها فأدمته، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن لعشرة، فأذنت لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، قوله: «وأكلنا معهم وشبعنا» : الحديث مختصر، وهو بطوله في الذي بعده، أخرجاه في الصحيحين من طرق عن أنس، خرجنا منها طريق ابن أبي ليلى عند الإمام أحمد ومسلم وأبي محمد الدارمي في فتح المنان تحت رقم 45، وخرجنا تحته أيضا حديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المخرج في الصحيحين. (1181) قوله: «وروي أن أبا طلحة» : اسمه زيد بن سهيل الأنصاري، النجاري، بدري، عقبي، وكان أحد النقباء، يقال: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وقيل: بل نيفا وعشرين سنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 ثم قال: ائذن لعشرة، فأذنت لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، فأكل عشرة عشرة. وسئل أنس: كم كانوا؟ قال: تسعون أو ثمانون. 1182- ومنها: أنه اجتمع عنده فقراء أصحابه وأهل الخصاصة في غزوة تبوك، فشكوا من المعاش ضيقا، ومن حالهم كللا، فدعا صلى الله عليه وسلم بفضلة زاد لهم، فلم يوجد لهم إلّا بضع عشرة تمرة، فطرحت بين يديه، وانجفل القوم، فوضع يده عليها، وقال: كلوا بسم الله، فأكلوا حتى شبعوا وهي بحالها يرونها عيانا. 1183- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أتى يوم الخندق بقبضتين من تمر فأمر فصب بين يديه، ونادى مناديه في الجيش، فأكلوا وشبعوا. قوله: «تسعون أو ثمانون» : في رواية: أنهم كانوا نيفا وثمانين، أخرجاه في الصحيحين من طرق عن مالك، وأخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده، وخرجناه هناك تحت رقم 45- فتح المنان-. (1182) قوله: «فدعا صلى الله عليه وسلم بفضلة زاد لهم» : ستأتي القصة بعد حديث. (1183) قوله: «بقبضتين من تمر» : أخرج ابن إسحاق في سيرته [3/ 172 بن هشام] ، من طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 427] ، أبو نعيم كذلك برقم 431، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 286 من حديث سعيد بن ميناء، عن ابنة بشير بن سعد قالت: بعثتني أمي بتمر في طرف ثوبي إلى أبي وخالي وهم يحفرون الخندق، فمررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداني فأتيته، فأخذ التمر مني في كفيه وبسط ثوبا فنثره عليه فتساقط في جوانبه، ثم أهل بأهل الخندق فاجتمعوا وأكلوا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 1184- وروى أبو صالح، عن أبي هريرة قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فقال: اجمعوا زادكم، فجعل الرجل يجيء بالحفنة من التمر والحفنة من السويق، وطرحوا الأنطاع والأكسية، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليها ثم قال: كلوا، فأكلنا حتى شبعنا، وأخذنا في مزاودنا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله، من جاء بها غير شاك فيها لم يحجب عن الجنة. 1185- وفي رواية: فأصابهم فيها شدة حتى هموا بنحر ظهورهم، ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله لو أنك أمرت الناس فجمعوا أزوادهم، فدعوت فيها بالبركة رجوت أن يبلغهم الله بها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمعوا أزوادهم، فجمعوه على نطع- وكان شيئا تافها- فدعا فيها بالبركة، ثم أمرهم أن يأتوه رسلا، لا يتأخر بعضهم عن بعض، من غير مزاحمة، فاحتملوا من الزاد ما أرادوا وفضل فضلا وقالوا: والذي أكرمك بما أعطاك، ما ندري أهو الان أكثر أم حين أوتي- منه حتى صدروا عنه، وفي رواية أبي نعيم: فجعلوا يأكلون منه وهو يزيد حتى صدر أهل الخندق وإنه ليسقط من أطراف الثوب. (1184) قوله: «وروى أبو صالح، عن أبي هريرة» : أخرجه مسلم في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة، قالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا فأكلنا وادّهنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا، فجاء عمر ... القصة التي سيوردها المصنف في السياق التالي، أخرجها مسلم بالشك من الأعمش عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، وروي عن الأعمش أيضا من غير شك من حديث أبي هريرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أني رسول الله من جاء بها غير شاك بها وجبت له الجنة. 1186- قال ثابت البناني: سألت أنس بن مالك فقلت: أخبرني بأعجب شيء رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم يا ثابت، خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلم يعير عليّ شيئا أسأت فيه، وإنه لما تزوج بزينب بنت جحش قالت لي أمي: يا أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح عروسا ولا أرى أحدا أصلح له الغداء، هلم تلك العكة وتمرا قدر مد بقي، فجعلت له حيسا، فقالت: يا أنس اذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرأته، فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتور من حجارة فيه ذلك الحيس قال: ضعه في ناحية واذهب فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ونفرا من أصحابه- رضوان الله عليهم أجمعين-، ثم ادع لي أهل المسجد ومن رأيت في الطريق، فجعلت أتعجب من قلة الطعام ومن كثرة من يأمرني أن أدعو من الناس، وكرهت أن أعصيه، حتى امتلأ البيت والحجرة، فقال: يا أنس هل ترى من أحد؟ فقلت: لا يا نبي الله، قال: هلم ذلك التور، فجئت به ووضعته قدامه، فغمس ثلاث أصابع في التور ودعا بالبركة، فجعل يربو ويرتفع، فأكلوا حتى فرغوا وبقي في التور نحو ما جئت به، فقال: احمل وضعه قدام زينب، فوضعته قدامها، وخرجت وأصفدت عليها بابا من جريد، قال ثابت: فقلت: يا أبا حمزة كم ترى كانوا؟ قال: نحوا من سبعين. قوله: «نحوا من سبعين» : وفي رواية لمسلم من طريق الجعد أبي عثمان: زهاء ثلاثمائة. والحديث أخرجه الشيخان دون سؤال ثابت في أوله، رواه البخاري في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 1187- وعن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل مع أحد طعام؟ فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعجن، ثم جاء رجل بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبيع أم هبة؟ قال: بل بيع، فاشترى منه شاة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسواد بطنها أن يشوى، قال: وايم الله ما من الثلاثين والمائة إلّا وقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من سواد بطنها، إن كان شاهدا أعطاه، وإن كان غائبا خبأ له، قال: وجعل منها قصعتين، فأكلنا أجمعين وشبعنا، وفضل في القصعتين فحملتا على البعير. 1188- وعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وقال لي: ادع أصحابك- يعني: أصحاب الصفة-، فجعلت أتتبعهم رجلا رجلا وأوقظهم حتى جمعتهم، وجئنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنا فأذن لنا، قال أبو هريرة: ووضعت بين أيدينا صحفة فيها ثريد من شعير، قال: - مواضع كثيرة مطولا ومختصرا من طرق، والحديث أخرجاه في الصحيحين دون أوله وهو سؤال ثابت عن أنس، أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه مطولا ومختصرا، منها في التفسير، باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ الاية، رقم 4791 (انظر بقية أطرافه في هذا الموضع) . وأخرجه مسلم في النكاح، باب زواج زينب بنت جحش، رقم 1428 (89، 90، 91، 92، 93، 94، 95) ، وانظره بطوله- وفيه سؤال ثابت- عند أبي نعيم في الدلائل برقم 330. (1187) قوله: «عبد الرحمن بن أبي بكر» : الصديق، أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في البيوع، وفي الهبة، وفي الأطعمة، وأخرجه مسلم في الأطعمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وقال: خذوا بسم الله، فأكلنا وشبعنا ثم رفعنا أيدينا، فقيل لأبي هريرة: كم كانت الصحفة حين فرغتم؟ قال: مثلها حين وضعت، إلّا أن فيها أثر الأصابع. 1189- وروى واثلة بن الأسقع قال: كنت أنا من أصحاب الصفة، قوله: «فأكلنا وشبعنا» : وفيه قصة، قال أبو هريرة: أخطأني العشاء ذات ليلة مع النبي وأخطأني أن يدعوني أحد من إخواننا، فصلينا العشاء ثم أردت أن أنام فلم أقدر، وأردت أن أصلي فلم أقدر، فإذا رجل عند حجرة النبي فأتيته فإذا هو رسول الله يصلي، فصلى ثم استند إلى السارية التي كان يصلي إليها فقال: من هذا؟ أبو هر؟، قلت: نعم، قال: أخطأك العشاء معنا الليلة؟ قلت: نعم، قال: انطلق إلى المنزل فقل: هلموا الطعام الذي عندكم، فأعطوني صحفة فيها عصيدة بتمر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوضعتها بين يديه، فقال لي: ادع لي أهل المسجد، فقلت في نفسي: الويل لي مما أرى من قلة الطعام، والويل لي من العصيدة ... الحديث، لفظ الطبراني. قوله: «مثلها حين وضعت» : أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [8/ 188] رقم 7383، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 308] : رجاله ثقات. وعزاه السيوطي في الخصائص [2/ 235] لابن أبي شيبة وابن سعد، وأبي نعيم. (1189) قوله: «وروى واثلة بن الأسقع» : أخرج حديثه من طرق عنه: الإمام أحمد في مسنده [3/ 490] ، وابن ماجه برقم 3276 بلفظ مختصر، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 86، 90] رقم 208، 216، وأبو نعيم في الدلائل برقم 328، وصححه الحاكم في المستدرك من وجه آخر [4/ 116- 117] ، قال في مجمع الزوائد [8/ 305] : رواه الطبراني بإسنادين، وإسناده حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 فشكا أصحابي الجوع فقالوا: يا واثلة اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطعمه لنا، فأتيته فقلت: يا رسول الله إن أصحاب الصفة أرسلوني إليك وهم جياع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجته عائشة: هل عندك شيء؟ فقالت: يا رسول الله ما عندي إلّا فتات خبز، فقال: هاته، فجاءت بالجراب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحفة فأفرغ الخبز في الصحفة، ثم جعل يصلح الثريد بيده وهي تربو حتى امتلأت الصحفة فقال صلى الله عليه وسلم: يا واثلة، اذهب فجئني بعشرة من أصحابك، فجئت بعشرة من أصحابي، فقال: اجلسوا، اجلسوا، ثم قال: كلوا بسم الله، خذوا من جوانبها ولا تأخذوا من أعلاها فإن البركة تنزل من أعلاها، فأكلوا حتى شبعوا، ثم قاموا وفي الصحفة مثل ما كان فيها، ثم جعل يصلحها بيده وهي تربوا حتى امتلأت فقال: يا واثلة، اذهب فجئني بعشرة، فقال: اجلسوا اجلسوا، فأكلوا حتى شبعوا، ثم قاموا وبقي في الصحفة مثل ما كان فيها، ثم قال: هل بقي أحد؟ قلت: نعم، عشرة، قال: جىء بهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم قاموا وبقي في الصحفة مثل ما كان فيها، ثم قال: يا واثلة ارفع هذا إلى عائشة. 1190- وعن دكين بن سعيد قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأله طعاما ونحن أربعمائة وأربعون راكبا فقال لعمر: اذهب فأطعمهم، (1190) قوله: «دكين بن سعيد» : المزني ويقال: الخثعمي، صحابي، له حديث واحد وهو حديث الباب، وهم الحافظ في الإصابة فقال: تفرد به عنه أبو إسحاق السبيعي وإنما الذي تفرد عنه قيس بن أبي حازم، أخرجه الحميدي في مسنده برقم 893، والإمام أحمد في مسنده [4/ 174، 174- 175] ، وأبو داود في الأدب، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 فقال: ما معي إلّا صاع من تمر يكفي أهلي، قال: انطلق فأعطهم، قال: سمعا وطاعة، قال: فانطلقنا معه فارتقينا إلى علو له، ففتح الباب فإذا مثل الفصيل الرابض تمرا، فقال: خذوا، فأخذ كل واحد منا ما أراد، فقال دكين: لقد التفت إليه وإني في آخر القوم مكانا كأن لم نرزأه تمرة. 1191- وعن عبد الله بن طهفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتمع الضيفان قال: لينقلب كل رجل بضيفه، حتى إذا كان ليلة اجتمع في المسجد ضيفان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لينقلب كل رجل بجليسه، فكنت أنا ممن انقلب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل قال: يا عائشة هل من شيء؟ قالت: نعم، حويسة كنت- باب في اتخاذ الغرف، رقم 5238، والبخاري في تاريخه الكبير [3/ 255- 256] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [2/ 340- 341] رقم 1109، 1110، وأبو نعيم في الحلية [1/ 365] ، وفي الدلائل برقم 333، وفي المعرفة [2/ 1015- 1016] رقم 2585، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 270] رقم 4207، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2151. (1191) قوله: «وعن عبد الله بن طهفة» : غفاري له صحبة، وكان من أصحاب الصفة، وفي اسمه واسم ابنه الراوي عنه وإسناد حديثه اختلاف كثير، فقيل: اسمه: طهفة وطخفة وطغفة، وعبد الله بن طخفة- أو: طهفة- وقيل: قيس بن طهفة، وقيل: عكسه، وقيل: بل اسم ابنه: قيس بن طهفة أو: يعيش بن طهفة أو عطية بن قيس عن أبيه، وقيل أيضا: أن الصحبة لابنه، وترجم له بعضهم في غير موضع نتيجة لذلك، وفي الإسناد جوانب حديثية، محلها كتب الحديث والرواية، وقد استوعب الاختلاف في الإسناد النسائي في سننه الكبرى. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 أعددتها لإفطارك، قال: فأتي بها، قالت: فأتيت بها في قعب، فتناول منها بإصبعه شيئا ثم قال: بسم الله، فأكلنا منها حتى ما ننظر إليها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: هل عندكم من لبن؟ قالت: نعم، لبينة أعددتها لإفطارك، فجاءت بها، قال: فمص منها شيئا ثم قال: بسم الله اشربوا، قال: فو الله لشربنا منها حتى ما ننظر إليها، قال: ثم خرجنا، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم. 1192- وقيل: حمل بعض جيران فاطمة رضي الله عنها إليها قرصين بينهما لحم، فوضعتها في نقير لها، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم- أخرجه من طرق مطولا ومختصرا ومفرقا على الأبواب: الإمام أحمد في مسنده [3/ 429- 430، 430، 5/ 426- 427، 427] ، وأبو داود في الأدب، باب الرجل ينبطح على بطنه، رقم 5040، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1187، وابن ماجه في المساجد، باب النوم في المسجد، رقم 752، وفي الأدب، باب النهي عن الاضطجاع على الوجه، رقم 3723، والنسائي في الوليمة من السنن الكبرى [4/ 144- 146] الأرقام: 6619، 6620، 6621، 6622، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 392] الأرقام 8226، 8227، 8228، 8229، 8230، 8231، 8232، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1572] رقم 3973 (وما بعده من طرق) ، وفي موضع آخر [3/ 1691] رقم 4231، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5550، والحاكم في المستدرك [4/ 270] . وأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19802 من حديث معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن رجلا من أهل الصفة. وصورته صورة المرسل. (1192) قوله: «وقيل: حمل بعض جيران فاطمة» : لو عبر بلفظ: روي، لكان أولى. أخرج أبو يعلى- كما في تفسير ابن كثير [2/ 29] ، والدر المنثور [2/ 186] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 زائرا فقال: هل عندكم من طعام؟ فقالت: نعم، فذهبت لتحمل القرصين فإذا النقير قد امتلأ أقراصا ولحما، فأكل منها خلق كثير وفضل منه. - ولعله في الكبير- من حديث جابر بن عبد الله قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة فقال: يا بنية هل عندك شيء آكله فإنه جائع؟ فقالت: لا والله، فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت: والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها فقالت له: بأبي أنت وأمي- قد أتى الله بشيء خبأته لك، فقال: هلمي يا بنية بالجفنة، فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله، فحمدت الله تعالى وقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه حمد الله وقال: من أين لك هذا يا بنية؟ قالت: يا أبت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ الاية، فحمد الله ثم قال: «الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقها فسئلت عنه قالت: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ الاية، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل علي وفاطمة وحسن وحسين وجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته حتى شبعوا جميعا، قالت: وبقيت الجفنة كما هي، قالت: فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا. إسناده حسن فإنه من رواية أحد العبادلة عن ابن لهيعة. قال أبو يعلى: حدثنا سهل بن زنجلة، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا ابن لهيعة، عن ابن المنكدر، عن جابر به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 1193- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم وكل لطعامه وما يرفقه رجلا من أصحابه في سفره وأعطاه نحي سمن، فقال الرجل: فنظرت إلى النّحي فإذا هو قد قل ما فيه، فأصلحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعامه، فوضعت النحي في الشمس ونمت، فانتبهت بخرير النحي، فإذا هو يجري من السمن، قال: فقمت فأخذت رأسه بيدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تركته لسال الوادي سمنا. 1194- وعن جابر بن عبد الله قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إذ جاء علبة بن زيد الحارثي بثلاث بيضات أداحي فقال: وجدت هذه (1193) قوله: «نحي سمن» : النحي: زقاق السمن خاصة. قوله: «لسال الوادي سمنا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 175، 176] رقم 2991، 2992، وأبو نعيم في الدلائل برقم 344، والبيهقي كذلك [6/ 112] ، واختصر لفظه الحاكم في المستدرك [3/ 520] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 191، 8/ 310] : رجاله وثقوا. (1194) قوله: «علبة بن زيد الحارثي» : علبة: بضم أوله، وسكون اللام ثم موحدة، صحابي، مذكور في البكائين منهم، كان فقيرا لا يجد ما يتصدق به. أخرج من ترجم له حديثه في التصدق بعرضه حين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بالصدقة فقال: اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، ولكني أتصدق بعرضي، فمن آذاني أو شتمني أو لمزني فهو له حل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قبلت منك صدقتك، وفي رواية: إنه قد غفر لك. قوله: «أداحي» : جمع أدحى، يقال: هو الموضع الذي تبيض فيه النعام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 البيضات في مفحص نعام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دونك يا جابر فاعمل هذه البيضات، قال ... فأخذتهن فعملتهن ثم جئت بالبيض في قصعة فجعلت أطلب خبزا فلا أجده، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون منها بغير خبز، حتى انتهى إلى حاجته، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك يده والبيض في القصعة كما هو، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه عامة أصحابه ثم رحلنا مبردين. 1195- وعن سعد مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد اذهب إلى تلك العنز فاحلبها، وعهدي بذلك المكان وما فيه عنز، فذهبت فإذا عنز حافل فحلبتها ... قوله: «والبيض في القصعة كما هو» : أخرجه الواقدي في المغازي [1/ 399] ، غزوة ذات الرقاع. وعزاه السيوطي في الخصائص [1/ 564] لأبي نعيم أيضا. قوله: «فأكل منه عامة أصحابه» : وكانوا أربعمائة، ويقال: سبعمائة. (1195) قوله: «وعن سعد مولى أبي بكر» : صحابي نزل البصرة، يعد فيمن خدم النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 67] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 138] ، وابن عدي، وأبو نعيم فيما ذكره السيوطي في الخصائص [2/ 261] . قوله: «فلم أزل أحلبها» : في رواية الطبراني: قال: لا أدري كم من مرة.. قال ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: غريب جدّا إسنادا ومتنا، وفي إسناده من لا يعرف حاله. اهـ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 313] : رجال ثقات. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 فلم أزل أحلبها حتى أرويت الجيش كلهم وهم أربعمائة، ثم قال: يا سعد املكها، وما أراك تملكها، قال: واشتغلت عنها ثم لم أرها، قال: ألم أقل لك إنك لا تملكها، إن الذي جاء بها هو الذي ذهب بها. - قال أبو عاصم: فيه أبو عامر صالح بن رستم حاله وسط، ولا أدري سمع الحسن منه أولا، وفي الباب عن نافع بن الحارث بن كلدة، فأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 179، 7/ 70- 71] ، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة [5/ 2678- 2679] رقم 6411، والبيهقي في الدلائل [6/ 137] ، وابن السكن- كما في الخصائص [2/ 261]- عن نافع بن الحارث- وكانت له صحبة-: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في زهاء أربعمائة رجل، فنزل بنا على غير ماء، فكأنه اشتد على الناس ورأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل فنزلوا، إذ أقبلت عنز تمشي حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم محددة القرنين، قال: فحلبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأروى الجند وروي، ثم قال: يا نافع املكها، وما أراك تملكها- قال: فلما قال لي ذلك أخذت عودا فوكزته في الأرض، وأخذت رباطا فربطت الشاة فاستوثقت منها، قال: ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم ونام الناس ونمت، قال: فاستيقظت فإذا الحبل محلول، وإذ لا شاة، قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال قلت: الشاة ذهبت، قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نافع أو ما أخبرتك أنك لا تملكها، إن الذي جاء بها هو الذي ذهب بها، قال ابن كثير: غريب جدّا متنا وإسنادا. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 [225- فصل: ذكر الايات في دعائه المبارك وما جاء في إبرائه المرضى وذوي العاهات وآثار يده الشّريفة فيما مسّته وريقه الطيّب فيما نفث فيه] 225- فصل: ذكر الايات في دعائه المبارك وما جاء في إبرائه المرضى وذوي العاهات وآثار يده الشّريفة فيما مسّته وريقه الطيّب فيما نفث فيه 1196- أخبرنا الإمام أبو بكر: محمد بن علي بن إسماعيل الإمام الشاشي القفال رحمه الله قال: أنا أبو عروبة، ... (1196) قوله: «الشاشي القفال» : العلامة الفقيه الأصولي، عالم خراسان، إمام وقته بما وراء النهر، وصاحب التصانيف، قال الحاكم: كان أعلم أهل ما وراء النهر بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث، توفي سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، له مناقب مذكورة في المطولات. انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 283] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 282] ، وفيات الأعيان [4/ 200] ، الوافي بالوفيات [4/ 112] ، طبقات السبكي [3/ 200] ، طبقات الأسنوي [2/ 79] ، طبقات الأصوليين [1/ 201] ، طبقات المفسرين [2/ 196] . قوله: «أنا أبو عروبة» : الحراني، الإمام الحافظ، المحدث البارع، الثبت الناقد الحسين ابن محمد بن أبي معشر مودود السلمي، الجزري، صاحب التصانيف، قال ابن عدي: كان عارفا بالرجال وبالحديث، وكان مع ذلك مفتي أهل حران، شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين، وقال الحاكم: كان من أثبت من أدركناه، وأحسنهم حفظا، يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام، وانظر: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 ثنا العباس بن الفرج، ثنا أحمد بن شبيب، ثنا أبي، ... - سير أعلام النبلاء [15/ 510] ، تذكرة الحفاظ [2/ 774] ، الشذرات [2/ 279] ، مرآة الجنان [2/ 277] . قوله: «ثنا العباس بن الفرج» : الرياشي، الحافظ النحوي الثقة: أبو الفضل البصري، إمام أهل اللغة، كان راويا للأصمعي، روى عنه أبو داود في سننه قوله في تفسير أسنان الإبل، قال الحافظ الذهبي: كان من بحور العلم، قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومئتين. سير أعلام النبلاء [12/ 372] ، تهذيب الكمال [14/ 234] ، تهذيب التهذيب [5/ 109] ، الكاشف [2/ 60] ، تاريخ بغداد [12/ 138] ، إنباه الرواة [2/ 367] ، وفيات الأعيان [3/ 27] ، طبقات النحاة [2/ 14] . قوله: «ثنا أحمد بن شبيب» : هو ابن سعيد الحبطي، من شيوخ البخاري في الصحيح، قال عنه أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال ابن حجر في الفتح والتقريب: صدوق، زاد في الفتح: ضعفه ابن عبد البر تبعا للأزدي، والأزدي غير مرضي فلا يتبع في ذلك. تهذيب الكمال [1/ 327] ، تهذيب التهذيب [1/ 31] ، الكاشف [1/ 19] ، التقريب [/ 80] ، فتح الباري [11/ 268] قوله: «ثنا أبي» : هو شبيب بن سعيد الحبطي، الحافظ أبو سعيد التميمي، البصري، أحد أصحاب يونس بن يزيد الثقات، اعتمده البخاري في صحيحه، ووثقه ابن المديني، والدارقطني، والطبراني وغيرهم، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به. تهذيب الكمال [12/ 360] ، تهذيب التهذيب [4/ 269] ، الكاشف [2/ 4] ، التقريب [/ 263] . - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر المديني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة، فتوضأ، ثم إيت المسجد فصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك قوله: «عن روح بن القاسم» : التميمي، الحافظ الثقة: أبو غياث العنبري، البصري، حديثه عند الجماعة سوى الترمذي. تهذيب الكمال [9/ 252] ، تهذيب التهذيب [3/ 257] ، الكاشف [1/ 244] ، التقريب [/ 211] . قوله: «عن أبي جعفر المديني» : هو عمير بن يزيد الأنصاري، الخطمي، نزيل البصرة، أمه بنت عقبة بن الفاكه الأنصاري، ولجديه عمير والفاكه صحبة، وثقه ابن معين والنسائي، والطبراني، وابن نمير، والعجلي، وقال ابن مهدي: كان أبو جعفر وأبوه وجده قوما يتوارثون الصدق بعضهم من بعض. تنبيه: زعم الترمذي أن أبا جعفر المديني هذا هو غير الخطمي فوهم، وقد نص على كونه عمير بن يزيد: النسائي ورواية الطبراني، فتأمل. تهذيب الكمال [22/ 391] ، تهذيب التهذيب [8/ 134] ، الكاشف [2/ 303] ، التقريب [/ 432] . قوله: «فلقي عثمان بن حنيف» : صحابي، وهو عم أبي أمامة بن سهل. قوله: «ثم قل: اللهم إني أسألك» : قد تبين لك من خلال رجال إسناد الحديث أنه صحيح، وقد صححه الترمذي، وابن خزيمة، والحاكم، والطبراني، والمنذري في الترغيب- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي- واذكر حاجتك- ثم رح حتى أرفع. قال: فانطلق الرجل وصنع ذلك، ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب فأخذ بيده، فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه على الطنفسة، فقال: انظر ما كان لك من حاجة، ثم إن الرجل خرج من عنده- والترهيب، والذهبي، والهيثمي، وأبو عبد الله المقدسي، وابن تيمية، وغيرهم، وهو عمدة من يقول بالتوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، والخلاف في ذلك جار ولكل دليل وسلف فيما ذهب إليه. أخرجه من طريق المصنف: الحافظ البيهقي في الدلائل [6/ 167] . وأخرجه البيهقي أيضا في الدلائل من طريق محمد بن علي الصائغ، عن أحمد بن شبيب به. تابعه ابن وهب عن شبيب، أخرجه الطبراني في معجمه الصغير برقم 508. وتابع روحا، عن أبي جعفر: هشام الدستوائي، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 660. * وخالفهما عن أبي جعفر: شعبة بن الحجاج، فقال عنه، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 138] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 659، والترمذي في جامعه برقم 3578، وابن ماجه في سننه برقم 1385، والحاكم في المستدرك [1/ 313، 519] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 166] ، والدعوات الكبير برقم 204. وتابعه عن أبي جعفر: حماد بن سلمة، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 658، وعزاه غير واحد من الحفاظ لابن خزيمة في صحيحه وأبي نعيم وابن منده وغيرهم. وهذا القدر من الاختلاف بين الحفاظ الأربعة لا يضر بصحة الحديث، فعند الترجيح يكون كالانتقال من ثقة إلى آخر، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلمته، فقال له عثمان بن حنيف: ما كلمته، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو تصبر؟ فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليّ، فقال: ائت الميضأة فتوضأ وصلي ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري، اللهم شفعه فيّ، وشفعني في نفسي. قال عثمان: فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضرر. 1197- أخبرنا أبو الحسين: محمد بن أحمد بن جميع الغساني (1197) قوله: «محمد بن أحمد بن جميع» : نسبه لجده الأعلى، وربما قيل فيه: أبو الحسن ابن جميع، وهو: محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن جميع الغساني، الحافظ المسند الرحالة: أبو الحسين الصيداني صاحب المعجم، من أهل صيدا، هكذا نسبه الحافظ السمعاني، وقال: له رحلة إلى ديار مصر والعراق وبلاد فارس وكور الأهواز وأكثر عن الشيوخ بهذه البلاد، وخرج له خلف بن أحمد بن علي الواسطي الحافظ معجم شيوخه في خمسة أجزاء ... قال: وكانت ولادته سنة ست وثلاثمائة بصيدا، ووفاته بعد سنة أربع وتسعين وثلاثمائة. اهـ. كذا قال في تاريخ ولادته- وفيه نظر لما سيأتي- وقال الصوري في جزء له: أخبرنا أبو الحسين ابن جميع وكان شيخا صالحا ثقة مأمونا، وقال الخطيب وغير واحد: ثقة. قال الحافظ الذهبي في سيره: قال أبو الفضل السعدي، والسكن ولده، وأبو إسحاق الحبال: توفي ابن جميع في رجب سنة اثنتين وأربع مائة، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 بثغر صيدا، ثنا العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد أبو الفضل، ثنا أبي، ثنا جدي شاصونة بن عبيد، ثنا معرّض بن عبد الله بن معيقيب، عن أبيه، عن جده قال: حججت حجة الوداع، فدخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه كدارة القمر، فسمعت منه عجبا، أتاه رجلا- لكن ابنه ما ذكر الشهر، ووهم الكتاني فقال: مات في سنة ثلاث وأربع مائة والصحيح الأول، وعاش ستا وتسعين سنة. انظر: الأنساب [3/ 571، 4/ 296] ، سير أعلام النبلاء [17/ 152] ، تاريخ دمشق [51/ 125] ، الوافي بالوافيات [2/ 60] ، الشذرات [3/ 304] ، العبر [3/ 80] ، معجم البلدان [3/ 437] ، اللباب [2/ 253] ، المنتظم [8/ 108] ، تاريخ الإسلام ص 65. قوله: «ثنا العباس بن محبوب» : هكذا في الأصول، وهكذا في دلائل البيهقي من طريق المصنف، وفي الإصابة: أخرجه أبو الحسين بن جميع في معجمه عن العباس بن محمد- كذا- ولعله تصحيف، ولم أجد من أفرده بترجمة، وانظر التعليق على تخريجه. قوله: «ثنا جدي شاصونة» . كذا في الأصول وهو موافق لما في المصادر، ووقع في تاريخ بغداد، والإصابة: شاصوية. قوله: «عن جده» : هو معيقيب اليمامي مذكور في الصحابة، وأورد من ترجم له فيهم حديث الباب، انظر: المعرفة لأبي نعيم [5/ 2650] الترجمة 2844، أسد الغابة [5/ 229] ، الإصابة [9/ 255] ، معجم ابن قانع [14/ 5060] الترجمة 1109، التجريد [2/ 87] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 من أهل اليمامة بغلام يوم ولد وقد لفه في خرقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام من أنا؟ فقال: أنت رسول الله، فقال له: بارك الله فيك، ثم إن الصبي لم يتكلم بعدها. قوله: «ثم إن الصبي لم يتكلم بعدها» : زاد في رواية: حتى شب، فكنا نسميه: مبارك اليمامة. أخرجه من طريق المصنف: البيهقي في الدلائل [6/ 59- 60] : أخبرنا أبو سعد: عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني بثغر صيدا به. وهو في معجم ابن جميع- كما في الإصابة [9/ 255]- ومن طريق ابن جميع أخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 442- 443] . تابعه الكديمي، عن شاصونة بن عبيد، أخرجه المصنف بعده، والبيهقي في الدلائل [6/ 59] ، والخطيب في تاريخه [3/ 442] ، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2650] رقم 6355، وابن قانع في معجمه [14/ 5061] رقم 2003. وقد أخرجه الحاكم في الإكليل من وجه آخر عن العباس بن محبوب، قاله الحافظ في الإصابة. إذا علمت هذا علمت أن قول ابن السكن: لم أجده إلّا عند الكديمي- وهو محمد بن يونس الذي اتهم بالوضع- وهم وغلط، وتمام كلام ابن السكن: وهو عن شيخ مجهول لذلك لم أتشاغل به. اهـ. وهذا أيضا فيه نظر؛ لقول البيهقي عقب إخراجه من طريق المصنف: ولهذا الحديث أصل من حديث الكوفيين بإسناد مرسل، ثم ساقه من حديث إبراهيم بن عبد الله العبسي أنا وكيع بن الجراح، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن بعض أشياخه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي قد شب لم يتكلم قط قال: من أنا؟ قال: أنت رسول الله ... الحديث. تابعه يونس بن بكير، عن الأعمش، أخرجه البيهقي أيضا في إثر الذي قبله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 1198- أخبرنا أبو الحسن: علي بن عثمان بن محمد السراج البغدادي بفسطاط مصر، ثنا الهجيمي بالبصرة، ثنا محمد بن يونس الكديمي، ثنا شاصونة بن عبيد في عدن سنة أربع ومائتين، ثنا معرض بن عبد الله بن معيقيب، عن أبيه، عن جده قال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت عجبا، أتي بصبي في خرقة ابن يومه، فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر كفه ثم قال له: من أنا؟ فقال: أنت محمد رسول الله، فقال: صدقت، بارك الله فيك، فكنا نسميه مبارك اليمامة. (1198) قوله: «السراج البغدادي» : ترجم الحاكم في تاريخه- كما في المنتخب الترجمة 1315- لعلي بن عثمان بن محمد بن إبراهيم أبو الحسن الأصبهاني، وقال فيه: سديد، صالح ثقة، حدث وكان أمينا معتمدا، فلا أدري هو هذا أم لا؟. قوله: «ثنا الهجيمي» : هو الإمام المحدث الصدوق، مسند الوقت: أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد الله البصري، مولده سنة نيف وخمسين ومئتين، وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وهو صحيح الذهن، مقبول الحديث. سير أعلام النبلاء [15/ 525] ، الوافي بالوفيات [6/ 57] ، الشذرات [3/ 8] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 351- ص 51] ، النجوم الزاهرة [3/ 334] ، العبر [2/ 291] ، المنتظم [7/ 23] . قوله: «ثنا محمد بن يونس الكديمي» : أحد حفاظ الحديث، تكلم فيه أبو داود وبالغ في الحط عليه حتى اتهمه بالكذب، واتهمه غير واحد بالوضع، والحق أنه محدث كبير لكن النفس تنكمش إذا رأته في الإسناد لما قيل فيه، والله أعلم. سير أعلام النبلاء [13/ 302] ، الجرح والتعديل [8/ 122] ، المجروحين [2/ 312] ، تاريخ بغداد [3/ 435] ، الميزان [4/ 74] ، الوافي بالوفيات- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 1199- ومنها: ما روى يزيد بن أبي حبيب قال: أقبلت امرأة معها ابن لها ابن شهرين حتى حاذت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت عليه بوجهها، فقال وهو في حجرها: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، فأنكرت الأم ذلك من ابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يدريك يا غلام أني رسول الله، وأني محمد بن عبد الله؟ قال: علّمنيه رب العالمين والروح الأمين جبريل وهو قائم على رأسك ينظر إليّ، فقال جبريل عليه السّلام: يا محمد هذا تصديق لك بالنبوة والرسالة كي يؤمن بقية قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك يا غلام؟ قال: سموني عبد العزى وأنا به كافر، فسمني يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت عبد الله، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني من خدمك في الجنة، فقال جبريل عليه السّلام: ادع الله عزّ وجلّ يعطه ما سأل، فقال الغلام: السعيد من آمن بك، والشقي من كذبك، ثم شهق شهقة فمات. فأقبلت المرأة عليه فقالت: يا رسول الله فداك أبي وأمي لقد كنت مكذبة إلى أن رأيت من آيات نبوتك ما رأيت، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله، يا أسفى على ما فاتني منك، فقال لها صلى الله عليه وسلم: أبشري، فو الذي ألهمك الإيمان إني لأنظر إلى حنوطك وكفنك مع الملائكة، فما برحت حتى شهقت وفاضت نفسها، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما ودفنهما جميعا. -[5/ 291] ، تهذيب الكمال [27/ 66] ، تهذيب التهذيب [9/ 475] ، تذكرة الحفاظ [2/ 618] . (1199) قوله: «ما روى يزيد بن أبي حبيب» : لم أقف على حديثه هذا فيما لدي من المصادر وإسناده معضل، ويشم من ركاكة سياقه رائحة الوضع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 1200- ومن ذلك: أن النجاشي مات بأرض الحبشة فطوى الله تعالى لنبيه الأرض حتى نظر إلى جنازته في اليوم الذي مات فيه، ثم قام فصلى عليه هو وأصحابه ثم قال صلى الله عليه وسلم: استغفروا لأخيكم. 1201- ومن ذلك: ما روى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تبوكا، فأصبح ذات يوم فوجد الشمس صافية مضيئة بشعاع لم يكن قبل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السّلام: ما هذا يا جبريل؟ قال: ذاك أن معاوية بن معاوية مات بالمدينة، فنزل لجنازته سبعون ألف ملك، هل لك أن تصلي عليه؟ قال: نعم، فطويت له الأرض، فصلى عليه. (1200) قوله: «استغفروا لأخيكم» : أخرجاه من حديث أبي هريرة، فرقه البخاري في غير موضع وأخرجه في مناقب الأنصار، باب موت النجاشي، نحو لفظه هنا من حديث أبي سلمة وابن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى لهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه وقال: «استغفروا لأخيكم» ، وأخرجه مسلم في الجنائز، باب في التكبير على الجنازة، رقم 951 (63) وسيأتي في فصل إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات والكوائن. (1201) قوله: «ما روى أنس بن مالك» : روي عنه بأسانيد ثلاثة: الأول: من رواية عطاء بن أبي ميمونة، عنه، أخرجه أبو يعلى في مسنده [7/ 258] رقم 4268، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 428] رقم 1040، وابن الضريس في فضائل القرآن برقم 272، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2506] رقم 6081، والبيهقي في الدلائل [5/ 246] ، وابن عبد البر في الاستيعاب [10/ 152] ، وسمويه في فوائده، وابن منده في الصحابة- فيما ذكره الحافظ في الإصابة- وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل بم نال هذه المنزلة من الله؟ قال: بحبه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 1202- وعن علي رضي الله عنه قال: كنت شاكيا فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرا- وقراءته إيّاها ذاهبا وجائيا، وفي الإسناد محبوب بن هلال، قال أبو حاتم: ليس بالمشهور، قاله الحافظ في الإصابة. الثاني: من رواية العلاء أبي محمد الثقفي- أحد الضعفاء- أخرج حديثه أبو نعيم في المعرفة برقم 6080، والبيهقي في الدلائل [5/ 245] ، وابن عبد البر في الاستيعاب [10/ 153] . الثالث: من رواية العلاء بن زيد- أو زيدل- وهو أحد الضعفاء أيضا- حديثه عند ابن الضريس في فضائل القرآن برقم 274. وله إسناد رابع من رواية أبي عتاب أخرجه ابن منده في الدلائل فيما ذكره الحافظ في الإصابة. وروي هذا من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [5/ 2507] رقم 6082، ولعله من أمثل ما يكون في هذا، ابن أبي الزناد أخرج له أصحاب السنن، وباقي رجاله من أهل الصدق. ومن حديث أبي أمامة، أخرجه الطبراني في مسند الشاميين [2/ 12- 13] رقم 831، وأبو نعيم في المعرفة برقم 6081، وابن عبد البر في الاستيعاب [10/ 153] ، وأبو أحمد الحاكم في فوائده، والخلال في فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فيما ذكره الحافظ في الإصابة، وفي الإسناد نوح بن عمرو، عن بقية، زعم ابن حبان أنه سرقه، وبه ضعف الحديث الذهبي في الميزان، والهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 38] ، مع أن ابن حبان لم يدخله ضعفاءه، ولذلك قال الحافظ في الإصابة: فما أدري عنى نوحا أو غيره فإنه لم يذكر نوحا في الضعفاء. وللحديث طرق أخرى مرسلة، وفيما ذكرناه كفاية، وزعم ابن عبد البر أن جميع طرقه لو كانت في الأحكام لم يكن في شيء منها حجة، ومعلوم أننا في السير والمغازي والفضائل لا نحتاج إلى مثل تلك الأسانيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 فارفع عني، وإن كان بلاء فصبّرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ فأعاد عليه، فضربه برجله، وقال: اللهم عافه، اللهم اشفه، قال: فما اشتكيت وجعي بعد. 1203- وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان أبي يسمر مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف، فقيل له: لو سألته (1202) قوله: «فارفع عني» : كذا هنا، وفي بعض الروايات: فارفعني، وفي بعضها الاخر على الشك كما عند أحمد وابن أبي شيبة: فاشف عني- أو: عافني-. قوله: «فما اشتكيت وجعي بعد» : أخرجه الإمام في المسند [1/ 83، 107، 128] ، وفي الفضائل برقم 1192، والترمذي في الدعوات، باب دعاء المريض، برقم 3559- وقال: حسن صحيح، والنسائي في اليوم والليلة برقم 1058، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 404 رقم 3622، 10/ 316 رقم 9548] ، وأبو يعلى في مسنده [1/ 244] رقم 284، وأبو نعيم في الحلية [5/ 96- 97] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 179] من طرق عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عنه به، وصححه الحاكم [2/ 620- 621] ، وابن حبان- كما في الموارد- برقم 2209. (1203) قوله: «كان أبي» : هو أبو ليلى الأنصاري، صحابي اختلف في اسمه، شهد أحدا وما بعدها، ثم سكن الكوفة، وكان من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وكان معه في حروبه، يقال: قتل بصفين. قوله: «لو سألته» : في رواية ابن أبي شيبة والبيهقي: فقال: أو ما شهدت معنا خيبر؟ فقلت: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إليّ وأنا أرمد العينين يوم خيبر، فقلت: يا رسول الله إني أرمد العينين. قال: فتفل في عيني، فأعطانيها وقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد. فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ. - بلى، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا أبا بكر فعقد له وبعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم، ثم جاء بالناس وقد هزموا؟ فقال: بلى، ثم قال: ثم بعث إلى عمر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: لأعطين الراية اليوم ... الحديث. أخرجه من طرق عن ابن أبي ليلى: الإمام أحمد في المسند [1/ 99] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 62- 63] رقم 12129، والنسائي في الخصائص من السنن الكبرى [5/ 152] رقم 8536، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 117، والطبراني في الأوسط [3/ 151] بطوله رقم 307 واختصره في [6/ 369] برقم 5785، والبيهقي في الدلائل [4/ 212- 213] ، وأبو نعيم كذلك رقم 391، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 244. حسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 122] . وأصل القصة في الصحيحين من حديث سهل بن سعد، وسلمة بن الأكوع دون قوله: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، فهي كالشاهد. وأخرج أبو نعيم- كما في الخصائص [2/ 52] من حديث شبرمة بن الطفيل قال: رأيت عليا بذي قار عليه إزار ورداء وهو يهنأ بعيرا له في يوم شديد البرد وإن جبهته لترشح عرقا. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 1204- ومنها: ما روي عن أنس قال: مرض أبو طالب فعاده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا ابن أخي ادع ربك الذي تعبد أن يعافيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اشف عمي، قال: فقام كأنما نشط من عقال، فقال أبو طالب: يا ابن أخي إن ربك الذي تعبد ليطيعك، قال: وأنت يا عماه لئن أنت أطعت الله ليطيعنّك. - وأخرج الطبراني في الأوسط- كما في مجمع الزوائد [9/ 122]- من حديث سويد بن غفلة قال: لقينا عليا وعليه ثوبان في الشتاء، فقلنا: لا تغتر بأرضنا، فإن أرضنا هذه مقرة ليست مثل أرضك، قال: فإني كنت مقرورا، فلما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قلت: إني أرمد، فتفل في عيني فما وجدت حرا ولا بردا، ولا رمدت عيناي. وأخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 78] ، وأبو يعلى كذلك [1/ 445] رقم 593، والبيهقي في الدلائل [4/ 213] من حديث أم موسى قالت: سمعت عليا يقول: ما رمدت ولا صدعت مذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 122] : رجاله رجال الصحيح غير أم موسى وحديثها مستقيم. (1204) قوله: «ما روي عن أنس» : أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2561] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 184] ، وأبو نعيم في الدلائل- وليس في المختصر المطبوع-، والطبراني في المعجم الأوسط [4/ 574- 575] ، والحاكم في المستدرك [1/ 542- 543] ، والخطيب في تاريخه [8/ 377] ، وفي إسناد الجميع الهيثم بن جماز البكاء الحنفي، قال ابن عدي: أحاديثه أفراد غرائب عن ثابت، وفيها ما ليس بالمحفوظ، وقال البيهقي: هو ضعيف عند أهل العلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 1205- ومنها: ما روي عن ابن عباس أن رجلا من أزد شنوءة يقال له: ضماد، وكان باليمن، وكان يعالج من الرياح، فقدم مكة، فسمع أهل مكة يقولون: محمد شاعر، مجنون، وكاهن، وساحر، فقال: والله لو لقيت هذا الرجل فلعل الله أن يشفيه على يديّ، فلقيه فقال: يا محمد إني أعالج، وإن الله يشفي على يديّ، وإني أعالج من هذه الرياح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله، نحمده ونستهديه ونستعينه ونستغفره، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد، فقال: أعد عليّ، فأعادها عليه صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة والشعراء، فما سمعت بهذه الكلمات، ولقد بلغت قاموس البحر، فمد يدك أبايعك، فمد يده فبايعه على الإسلام- قال: وعلى قومك- فبايعه على قومه. (1205) قوله: «يقال له: ضماد» : - ويقال: ضمام والأول أصح- ابن ثعلبة الأزدي، صحابي، أخرج حديثه من طرق عن ابن عباس: الإمام أحمد في مسنده [1/ 350] ، ومسلم في الجمعة من صحيحه، باب تخفيف الصلاة والخطبة، رقم 868، والنسائي في النكاح [6/ 89] باب ما يستحب من الكلام عند النكاح، وابن ماجه كذلك، باب خطبة النكاح، رقم 1893، وابن سعد في الطبقات [4/ 241] ، وابن منده في الإيمان برقم 132، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 257، وابن الأثير في الأسد [3/ 56] ، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 214] ، وهو في صحيح ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6568. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 1206- ومن ذلك: أن سلمة بن الأكوع أصيب ساقه بضربة يوم خيبر، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكى ساقه بعد ذلك. 1207- وبارز عبد الله بن عتيك أبا رافع بن أبي الحقيق، فضربه أبو رافع ابن أبي الحقيق فأبان يده، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا ومعه يده المقطوعة، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فاستوت، فلم تكن تعرف من اليد الأخرى. (1206) قوله: «أصيب ساقه بضربة يوم خيبر» : أخرج البخاري في المغازي، وأبو داود في الطب، والإمام أحمد في المسند [4/ 48] وغيرهم من حديث يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة بن الأكوع فقلت: ما هذه الضربة؟ قال: ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيت حتى الساعة. (1207) قوله: «فأبان يده» : هكذا يقول المصنف رحمه الله، فلا أبو رافع ضربه، ولا اليد التي أبينت، إنما كان عبد الله ضعيف البصر فتعثر في درجة بيت ابن أبي الحقيق بعد قتله فأصيب، ثم اختلفوا فيما أصيب منه، ففي رواية ابن إسحاق [2/ 275- ابن هشام] أنها يده، ولفظه: فخرجنا- يعني: بعد قتله- وكان عبد الله سيء البصر فوقع من الدرجة فوثئت يده وثئا شديدا- ويقال: رجله فيما قال ابن هشام-، فحملناه حتى نأتي به منهرا من عيونهم فندخل فيه ... القصة، أخرجها البخاري في غير موضع من صحيحه كما مضى في المغازي وفيها أن ساقه هي التي أصيبت، قال الحافظ في الفتح: وقع في رواية ابن إسحاق: فوثئت يده، قال: وهو وهم، والصواب: رجله، وإن كان محفوظا فوقع جميع ذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 1208- وعن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: فلما رأيت ذلك دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابن أبي العاص؟ قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال: ما حاجتك؟ قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: ذاك شيطان، ادن، فدنوت منه فجلست على صدر قدمي فقال: افغر فاك، قال: فضرب صدري بيده وتفل في فيّ وقال: اخرج عدو الله، قال: ففعل ذلك ثلاثا، ثم قال: الحق بعملك. (1208) قوله: «ذاك شيطان» : زاد في رواية مسلم: يقال له خنزب، أشار إليها المصنف في الذي بعده، وقد اختلفت ألفاظ هذا الحديث، فتمامه عند مسلم: فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني، أخرجه في السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة، رقم 2203 (68 وما بعده) ، وأخرجه الإمام أحمد أيضا [4/ 216] وغيرهما. وأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 21، 217] ، ومسلم برقم 2202 من حديث نافع بن جبير، عن عثمان بن أبي العاص: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، أخرجه أيضا أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [9/ 37] رقم 8347، والبيهقي [5/ 308] ، وأبو نعيم برقم 396 كلاهما في الدلائل عن عثمان قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف، وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة، فقلت: يا رسول الله، إنّ القرآن ينفلت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 قال عثمان: فلعمري ما أحسبني خالطني بعده. 1209- وفي رواية أنه قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوء حفظي القرآن فقال: ذاك شيطان يقال له: خنزب، ادن مني يا عثمان، ثم تفل في فيّ، ووضع يده على صدري حتى وجدت بردها بين كتفي، فقال: يا شيطان أخرج من صدر عثمان، قال: فما سمعت بعد ذلك شيئا إلّا حفظته. 1210- وعن أم جميل أنها قالت لابنها محمد بن حاطب: أقبلت- منّي، فوضع يده على صدري وقال: يا شيطان، اخرج من صدر عثمان، قال: فما نسيت شيئا بعد أريد حفظه، ورواه أبو نعيم من وجه آخر وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ذاك شيطان يقال له خنزب، تأتى عند المصنف، والصواب في هذا رواية مسلم، ورواية الطبراني والبيهقي، والله أعلم، وانظر التعليقين الاتيين. قوله: «فلعمري ما أحسبني خالطني بعده» : أخرجه بطوله ولفظه ابن ماجه في الطب، باب الفزع والأرق وما يتعوذ منه، رقم 3548. (1209) قوله: «يقال له: خنزب» : هكذا قال أبو نعيم في هذا الحديث في الدلائل برقم 396، من طريق يونس عن الحسن عنه وإسناده لا بأس به، لكن الأولى رواية مسلم والجماعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك في شيطان الوسوسة في الصلاة كما تقدم، فكأن في هذا اللفظ خلطا بين رواية الوسوسة في الصلاة ورواية شكواه سوء الحفظ. والله أعلم، انظر ما قبله. (1210) قوله: «لابنها محمد بن حاطب» : القرشي، الجمحي، أول من سمي في الإسلام محمدا، ولد بأرض الحبشة فأرضعته أسماء بنت عميس مع ابنها عبد الله بن جعفر، وأرضعت أمه أم جميل- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 بك من أرض الحبشة، حتى إذا كنت من المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت لك طبيخا ففني الحطب، فخرجت أطلب الحطب، فتناولت القدر، فانقلبت على ذراعك، فقدمت بك إلى المدينة حتى أتيت بك النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله هذا محمد بن حاطب، وهو أول من سمي بك، فتفل صلى الله عليه وسلم في فيك، ومسح على رأسك، ودعا بالبركة، وجعل يتفل على يدك ويقول: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، قالت: فما قمت بك من عنده إلّا وقد برأت يداك. 1211- ومن ذلك: أن رجلا من أصحابه طبخ قدرا فعالجه ليحمله- واسمها: فاطمة بنت المجلّل العامرية عبد الله بن جعفر، فكانا يتواصلان على ذلك حتى ماتا، يقال: مات محمد بن حاطب سنة ست وثمانين. أخرجه من طرق: الإمام أحمد في المسند [3/ 418، 6/ 437] ، والبخاري في تاريخه الكبير [1/ 17] ، الترجمة رقم 8، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 175] . وأخرجه النسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 55] رقم 10015، وفي الطب أيضا [6/ 254] رقم 10864، 10865، والطيالسي في مسنده برقم 1194، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 239- 241] الأرقام 535، 536، 537، 538، 539، 540، وأبو نعيم في الدلائل برقم 398، وفي المعرفة [1/ 170- 171] رقم 643، 644، 645، والبيهقي في الدلائل [6/ 174] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 243. (1211) قوله: «فعالجه ليحمله» : هكذا وجدنا هذا الأثر في الأصول، وكأنه عين الذي قبله لذلك جعلناه في إثره، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 فسقط على يده فأحرقته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتفل عليها، ودعا، فضم الرجل يده فلم يشكها بعد. 1212- وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر، ثم قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. 1213- ومن ذلك: أن امرأة بذيئة كانت ترافث الرجال، فمرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل على الأرض فقالت: تأكل ولا تطعمني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (1212) قوله: «فدعا لها» : أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في المرضى، باب فضل من يصرع من الريح، ومسلم في البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه. (1213) قوله: «أن امرأة بذيئة» : البذاءة: ذرب في اللسان، ويقال أيضا: فحش اللسان وسلاطته. قوله: «وهو يأكل على الأرض» : زاد في الرواية: فقالت: انظروا إليه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي عبد أعبد مني؟ قالت: ويأكل ولا يطعمني، قال: فكلي ... الحديث، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 236] رقم 7812، من حديث علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة به، قال في مجمع الزوائد [9/ 21] : إسناده ضعيف. وأخرجه الطبراني أيضا في معجمه الكبير [8/ 275] رقم 7903 من وجه آخر عن أبي عبد الملك، عن القاسم بنحوه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 تعالي كلي، فقالت: أريد مما في يدك، فناولها، فقالت: أريد مما في فمك، فناولها، فلما وصلت اللقمة إلى فيها ألقى الله تعالى عليها الحياء، فكانت لا تنظر إلى شيء بعد ذلك. 1214- ومنها: ما روي أن الحمى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعت بابه فقال: من هذا؟ قالت: أم ملدم، فقال: لا مرحبا ولا أهلا، قالت: يا رسول الله ابعثني إلى أحب أصحابك إليك، قال: اذهبي إلى قباء، قال: فمضت إليهم فصبت عليهم سبعا، فدخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم لا يعقلون، ثم دعا لهم بالشفاء فشفوا. قوله: «فكانت لا تنظر إلى شيء بعد ذلك» : وفي رواية: فلم يعلم من تلك المرأة بعد ذلك الأمر الذي كانت عليه من البذاءة والذرابة. (1214) قوله: «ومنها ما روي أن الحمى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» : لفظ حديث الباب قريب من لفظ حديث أم طارق. وفي الباب أيضا عن جابر بن عبد الله، وسلمان، وأبي هريرة. أما حديث جابر بن عبد الله: فأخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 158] من طريق أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله (في المطبوع: عن جابر بن عمرو) قال: أتت الحمى النبي صلى الله عليه وسلم واستأذنت عليه فقال: من أنت؟ قالت: أم ملدم، قال: أتريدين أهل قباء؟ قالت: نعم، قال: فحموا ولقوا منها شدة، فاشتكوا إليه قالوا: يا رسول الله لقينا من الحمى، قال: إن شئتم دعوت الله فكشفها عنكم، وإن شئتم كانت لكم طهورا، قالوا: بل تكون لنا طهورا. وأما حديث سلمان: فأخرجه البيهقي أيضا في الدلائل [6/ 159] بإسناد على شرط الصحيح غير هشام بن لاحق شيخ الإمام أحمد فيه قال عنه: لم يكن به بأس، وكذلك قال النسائي. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 ......... - قال هشام بن لاحق: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال: استأذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا الحمى أبري اللحم وأمص الدم، قال: اذهبي إلى أهل قباء، قال: فأتتهم، فجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصفرت وجوههم، فشكوا الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شئتم؟ إن شئتم دعوت الله عزّ وجلّ فكشفها عنكم، وإن شئتم تركتموها فأسقطت ذنوبكم، قالوا: بل ندعها يا رسول الله. وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه البيهقي أيضا في الدلائل [6/ 160] من حديث عطاء عنه قال: جاءت الحمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ابعثني إلى أحب قومك- أو أحب أصحابك إليك شك قرة- فقال: اذهبي إلى الأنصار، قال: فذهبت فصبت عليهم فصرعتهم ... الحديث، قال البيهقي: يحتمل أن يكون هذا في قوم آخرين من الأنصار. اهـ. قلت: في إسناده الكديمي وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات، وهو شاهد لحديث الباب. وأما حديث أم طارق مولاة سعد: فأخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 303] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 158] ، قال ابن سعد: أخبرنا يعلى بن عبيد، ثنا الأعمش، عن جعفر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أم طارق مولاة سعد قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فاستأذن، فسكت سعد ثلاثا فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلني سعد إليه: إنه لم يمنعنا أن نأذن لك إلّا أنا أردنا أن تزيدنا، قالت: فسمعت صوتا على الباب يستأذن ولا أرى شيئا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا أم ملدم، قال: لا مرحبا، ولا أهلا، أتهدين إلى أهل قباء؟ قالت: نعم، قال: فاذهبي إليهم. قلت: إسناده جيد، جعفر بن عبد الرحمن الأنصاري، أبو عبد الرحمن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 1215- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابني به لمم، وإنه يأخذ عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا، فقال: فمسح رسول الله صدره، ودعا له، فثع ثعة، فخرج من فيه مثل الجرو الأسود. 1216- وعن أم جندب قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر وهو على دابته، ثم انصرف، فتبعته امرأة من خثعم ومعها صبي أصابه بلاء فقالت: يا رسول الله هذا ابني وبقية أهلي، وإن به بلاء لا يتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيتوني بشيء من ماء، فأتي به، وغسل يديه ومضمض فاه، ثم أعطاه فقال: اسقيه منه، وصبي عليه منه، واستشفي الله له، قالت: فلقيت المرأة وقلت: لو وهبت لي منه، فقالت: إنما هو لهذا المبتلى، فلقيت المرأة من الحول، فسألتها عن الغلام، فقالت: برأ وعقل عقلا ليس كعقول الناس. - ليس له في الكتب شيء، ذكره ابن أبي حاتم، ونقل عن أبيه قوله: هو شيخ للأعمش لقيه بواسط، وهو واسطي، روى عن أم طارق وحكيم بن سعد. (1215) قوله: «مثل الجرو الأسود» : زاد في الرواية: فسعى، خرجناه في مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحت رقم 20- فتح المنان، وخرجنا تحته حديث أم جندب الاتي. (1216) قوله: «وعن أم جندب» : ذكرنا حديثها في مسند أبي محمد الدارمي عند الكلام على حديث ابن عباس بمعنى القصة هنا، وخرجناه تحت رقم: 20- فتح المنان، وهو عند ابن أبي شيبة في المصنف برقم 11804 ومن طريقه ابن ماجه في السنن برقم 3532، والإمام أحمد في المسند [6/ 379] ، والطبراني في معجمه الكبير [25/ 160] رقم 387. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 1217- ومن ذلك: حديث أبيض بن حمال أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان بوجهه حزازة- يعني: القوباء- وقد التمع وجهه، فدعاه نبي الله صلى الله عليه وسلم فمسح وجهه، فلم يمس ذلك اليوم وفيه أثر. 1218- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم دخل على جابر بن عبد الله وهو مريض دنف قد أغمي عليه فقام صلى الله عليه وسلم فتوضأ وصب عليه وضوءه، فعقل جابر وعوفي من مرضه. 1219- ومن ذلك: أن رجلا من أصحابه صلى الله عليه وسلم ضرب في بعض غزواته بالسيف فتعلقت يده فاذته فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث عليها فلزقت يده كأصح ما يكون. (1217) قوله: «حديث أبيض بن حمال» : المأربي، صحابي، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حمى الأراك، واستقطعه الملح الذي بمأرب. وحديثه هنا أخرجه ابن سعد في الطبقات [5/ 524] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 255] رقم 812، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 331] رقم 1042 وغيرهم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 412] : رجاله ثقات. (1218) قوله: «فتوضأ وصب عليه وضوئه» : أخرجاه في الصحيحين، وبيّنا موضعه فيهما في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 778. (1219) قوله: «أن رجلا من أصحابه صلى الله عليه وسلم» : هو خبيب بن يساف- أو: إساف ويقال: يسار- وقصته عند الإمام أحمد في المسند [3/ 454] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 534] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 178] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 364] ، جميعهم من حديث- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 1220- ومنها: أن ملاعب الأسنة كان ممن ببطنه استسقاء فبعث إليه يستشفيه، فأخذ بيده حثوة من الأرض فتفل عليها، ثم أعطاها رسوله، فأخذها متعجبا يرى أن قد استهزىء به، فشربها فأطلق من مرضه. - خبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجل من قومي في بعض مغازيه فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده، قال: أسلمتم؟ قلنا: لا، قال: فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين، قال: فأسلمت، وشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابتني ضربة على عاتقي فخانتني فتعلقت يدي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فتفل فيها وألزقها فالتأمت وبرأت، وقتلت الذي ضربني، ثم تزوجت ابنة الذي ضربني فقتلته، وحدثتني فكانت تقول: لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح، فأقول: لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار، لفظ البيهقي في الدلائل. (1220) قوله: «أن ملاعب الأسنة» : لقب لقبه به درار بن عمرو القيسي، القصة مذكورة في مظان ترجمته واسمه عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري أبو براء الكلابي، ذكره في الصحابة جماعة وأوردوا له حديث الباب، وزعم بعضهم أنه لم يسلم، والذي مال إليه الحافظ أنه أسلم ولكن كان ذلك منه متأخرا، والله أعلم. أما قصة استشفائه فأخرجها الواقدي في مغازيه [1/ 350] في سياق قصة بئر معونة ... قال: وأقبل أبو براء سائرا- وهو شيخ كبير، همّ- فبعث من العيص ابن أخيه لبيد بن ربيعة بهدية فرس، فرده النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا أقبل هدية مشرك، فقال لبيد: ما كنت أظن أن أحدا من مضر يرد هدية أبي براء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قبلت هدية مشرك لقبلت هدية أبي براء، قال: فإنه قد بعث يستشفيك من وجع به- وكانت به الدبيلة-، فتناول النبي صلى الله عليه وسلم جبوبة من الأرض فتفل فيها، ثم ناوله وقال: دفها بماء ثم اسقها إياه، ففعل فبرئ، قال: ويقال: إنه بعث إليه بعكة عسل فلم يزل يلعقها حتى برىء. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 1221- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم عاشوراء وعظمه، وجعل يدعو صبيانه وصبيان فاطمة رضي الله عنها الرضع فيتفل في أفواههم ويقول لأمهاتهم: لا ترضعنهن إلى الليل، قال: فكان ريقه صلى الله عليه وسلم يجزئهم. - ومن طريق الواقدي أخرجها أبو نعيم في الدلائل [2/ 513] رقم 441. وأخرج ابن الأعرابي في معجمه [2/ 526- 529] ، من طريق مسعر، عن خشرم، عن عامر بن مالك قال: بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وعك بي ألتمس منه دواء أو شفاء، ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في المعرفة [4/ 2062] رقم 5184. قال أبو نعيم: ورواه عقبة الرفاعي، عن عبد الله بن بريدة، قال: حدثنا عم عامر بن الطفيل: أن عامر بن الطفيل كان به دبيلة، فبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بفرس هدية يلتمس منه دواء، فرد الفرس وبعث إليه بعكة من عسل، وقال: تداوى بها، قال: وإنما رد الفرس لأنه لم يكن أسلم. قال الحافظ في الإصابة بعد إيراده رواية ابن الأعرابي: ورواه ابن منده من هذا الوجه فقال: عن عامر بن مالك. ورواه البغوي فقال: عن خشرم الجعفري: أن ملاعب الأسنة بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله الدواء، قال: وأخرجه أيضا بإسناد صحيح عن أبي قتادة، عن المتوكل، عن أبي سعيد: أن ملاعب الأسنة بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله الدواء من وجع بطن ابن أخ له، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عكة عسل، فسقاه فبرأ. (1221) قوله: «صبيانه وصبيان فاطمة» : في الروايات الأخرى: برضعائه ورضعاء ابنته فاطمة. قوله: «لا ترضعنهم إلى الليل» : أخرجه أبو يعلى في مسنده [13/ 92] رقم 7162، والطبراني في معجمه الكبير [24/ 277] رقم 704، والحارث في مسنده [1/ 423 بغية الباحث] ، رقم 337، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 334- 3335] رقم- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 1222- وعن عثمان بن حنيف أن رجلا أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت في بصري فادع الله تعالى لي، قال: توضأ، ثم صلي ركعتين وقل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمّد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أستشفع بك إلى ربي في رد بصري، اللهم شفعني في بصري، وشفع نبيك فيّ. قال: فإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك، فرد الله عليه بصره. 1223- وروي عن حبيب بن فديك: أن أباه خرج به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا، فسأله: ما أصابك؟ قال: وضعت رجلي على بيض حية فأصيب بصري، فنفث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينه فأبصر. قال: فرأيته يدخل الخيط في الإبرة وإنه ابن ثمانين، ... - 7645، والبيهقي في الدلائل [6/ 226] ، جميعهم من حديث عليلة بنت الكميت، عن أمها ... به، وعزاه الحافظ في الإصابة أيضا لابن أبي عاصم وابن منده وأبي مسلم الكجي، قال الحافظ ابن كثير: له شاهد في الصحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 186] : عليلة ومن فوقها لم أجد من ترجمهن. (1222) قوله: «فرد الله عليه بصره» : هكذا جاء في الأصول معلقا مكررا، وقد أسنده المصنف في أول هذا الفصل، وتقدم تخريجه. (1223) قوله: «عن حبيب بن فديك» : السلاماني، وفديك: يقال بالدال المهملة أو بالواو، وبالثاني قال ابن عبد البر في الاستيعاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 وإن عينه لمبيضتان. 1224- ومن ذلك: ما ذكر قتادة بن النعمان أنه أصيب عينه يوم بدر فسالت حدقته على وجنته فأرادوا أن يقطعوها، فقالوا: نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستشيره في ذلك، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فأدناه منه فرفع حدقته حتى وضعها في موضعها، ثم عمّها براحتيه وقال: اللهم اكسه جمالا، قال: فمات، ولا يدري من لقيه أي عينيه أصيبت. 1225- ومن ذلك: ما روت ابنة خباب بن الأرت قالت: خرج أبي في غزاة له ولم يدع لنا إلّا شاة، وقال: إذا أردتم أن تحلبوها فأتوا قوله: «وإن عيناه لمبيضتان» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [7/ 401، 11/ 512] الأرقام 3614، 11853، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 30] رقم 3546، وأبو نعيم في الدلائل برقم 397، وفي المعرفة [2/ 831] رقم 2181، 2182، والبيهقي في الدلائل [6/ 173] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 269، وابن الأثير في الأسد [1/ 447] ، وعزاه السيوطي في الخصائص أيضا لابن السكن، والبغوي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 298] : فيه من لم أعرفه. (1224) قوله: «أنه أصيب عينه يوم بدر» : سعيد المصنف القصة بإبهام اسم صاحبها، ويأتي تخريجها تحت رقم 1264. وانظر أيضا النص الاتي برقم: 1542. (1225) قوله: «ابنة خباب بن الأرت» : أخرج حديثها الطيالسي في مسنده ولفظه مختصر برقم 1663، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 138] ، وأخرجه بطوله ابن سعد في الطبقات [8/ 290، 291] بإسناد رجاله ثقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 بها أهل الصفة، قالت: فانطلقنا بها وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فأخذها واعتقلها فحلب ملأ القدح ثم قال: اذهبوا فأتوني بأعظم إناء عندكم، فذهبنا فلم نجد إلّا الجفنة التي نعجن فيها، فأتينا بها فحلب حتى ملأها، فقال: اذهبوا به واشربوا واسقوا جيرانكم، فإذا أردتم أن تحلبوها فأتوني بها، فكنا نختلف بها إليه، فأخصبنا حتى قدم أبي فأخذها واعتقلها وحلبها، فعادت إلى لبنها، فقالت أمي: أفسدت علينا شاتنا! قال: وما ذاك؟ قالت: إن كانت لتحلب ملء هذه الجفنة، قال: ومن كان يحلبها؟ قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال خباب: أوقد عدلتني به، هو والله أعظم بركة يدا مني صلى الله عليه وسلم. 1226- ومن ذلك: أن بشر بن معاوية قدم مع أبيه معاوية بن ثور- وكان معاوية قال لابنه بشر يوم قدم به وله ذؤابة: إذا جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل ثلاث كلمات لا تنقص منهن ولا تزد عليهن، قل: السلام عليك يا رسول الله، أتيتك يا رسول الله لأسلم عليك، وأسلم إليك، وتدعو لي بالبركة- قال بشر: فقلتهن. فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه، ودعا له بالبركة، فكان في وجهه مسحة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنها غرة، فكان لا يمسح شيئا إلّا برأ. (1226) قوله: «فكان لا يمسح شيئا إلّا برأ» : القصة أخرجها بأسانيد: البخاري في تاريخه [2/ 83]- وفي سياقه ذكر الوفادة دون القصة، - وأبو نعيم في المعرفة [1/ 393- 394] رقم 1181، 1182، وابن قانع في معجم الصحابة [2/ 664] رقم 133، 134، وعزاه الحافظ في الإصابة، والسيوطي في الخصائص للبغوي في معجم الصحابة، وابن منده، وابن شاهين، ولها ثلاث طرق، في الأولى- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 1227- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أتي بغلام من الأنصار فمسح جبهته فنبتت له في جبهته كهلبة الفرس. - منها: يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف، وفي الثانية: صاعد بن طالب عند أبي نعيم بإسناد مجهول، وفي الثالثة: وهي طريق زياد البكائي فيها انقطاع، قاله الحافظ في الإصابة، لكن مجموع هذه الطرق يحسّن القصة في الجملة، سيما وأن لها شواهد كثيرة، والله أعلم. (1227) قوله: «أتي بغلام من الأنصار» : أخرج البيهقي في الدلائل [6/ 231] من طريق أبي القاسم البغوي حديث ابن جدعان، عن أبي الفضل: أن رجلا ولد له غلام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له بالبركة، وأخذ بجبهته فنبتت شعرة في جبهته كأنها هلبة فرس، فشب الغلام، فلما كان زمن الخوارج أجابهم فسقطت الشعرة عن جبهته، فأخذه أبوه فقيده وحبسه مخافة أن يلحق بهم، قال: فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له: ألم تر إلى بركة النبي صلى الله عليه وسلم وقعت؟ فلم نزل به حتى رجع عن رأيهم، قال: فرد الله بعد الشعرة في جبهته إذ تاب. ورواه البيهقي أيضا، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 2298] رقم 5675، والبارودي، وابن منده فيما ذكره الحافظ في الإصابة من وجه آخر عن أبي الطفيل، فسمى الغلام: فراس بن عمرو، لكن في إسناد هذا إسماعيل بن إبراهيم التيمي، ضعيف جدّا، والإسناد الأول أمثل منه؛ ابن جدعان وهو علي بن زيد من شرط أصحاب السنن. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 587] من حديث حشرج عن عائذ بن عمرو: قال: أصابتني رمية في وجهي وأنا أقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلما سالت الدماء على وجهي ولحيتي وصدري تناول النبي صلى الله عليه وسلم فسلت الدم عن وجهي وصدري إلى ثندوتي ثم دعا لي، قال حشرج: فكان يخبرنا بذلك عائذ في حياته، فلما هلك وغسلناه نظرنا إلى ما كان- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 1228- وعن جرير بن عبد الله قال: كنت لا أثبت على الخيل، وكنت أسقط عن فرسي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب بيده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري فقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا، فانطلقت في خمسين ومائة فارسا مجاهدين كانوا أصحاب خيل، قال: فما وقعت عن فرسي بعد. 1229- وعن محمد بن المنكدر عن جابر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع فقامت إليه امرأة فقالت: يا رسول الله إن زوجي لا يقربني ولا يأتيني، فبينا هي كذلك إذ جاء زوجها فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه تزعم أنك لا تقربها ولا تأتيها، فقال: عهدي بها البارحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: - يصف لنا من أثر يده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منتهى ما كان يقول لنا من صدره وإذا غرة سابلة كغرة الفرس. (1228) قوله: «وعن جرير بن عبد الله» : البجلي، أخرج حديثه الشيخان: فأخرجه البخاري في الجهاد، باب حرق الدور، وفي المغازي، باب غزوة ذي الخلصة، وأخرجه مسلم في الفضائل. (1229) قوله: «عهدي بها البارحة» : في رواية: الليلة، وفي أخرى: والذي أكرمك ما جف رأسي منها، فقالت امرأته: ما! مرة واحدة في الشهر؟. وفي الإسناد ضعف واضطراب: رواه علي بن أبي علي اللهبي- وهو ضعيف- فاختلف عليه فيه: * فقال الحميدي عنه: عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 387. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 اللهم أدن كل واحد منهما من صاحبه، - أو نحو ذلك-، ثم مر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فقامت إليه فقالت: يا رسول الله لقد كلمتك بما كلمتك به، وما على الأرض أحد أحب إليّ منه. 1230- ومنها: ما رواه جابر بن عبد الله أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وترك ست بنات وعليه عشرين وسقا دين، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى غريمي، فأبى إلّا أن يأخذ الكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق فأعطه، قال: فانطلقت إلى عريش لنا من النخل ومعي صاحبتي جزاها الله حسنا، فعالجنا نخلنا وصرمنا، ولنا عنز نطعمها من الحشف، وقد سمنت، إذ أقبل رجلان، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر، فقلت: مرحبا يا رسول الله ومرحبا يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا يا جابر- وتابعه عن ابن المنكدر: يوسف بن محمد بن المنكدر- اختلف فيه- أخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 392] رقم 387، وعلقه البيهقي في الدلائل [6/ 229] قال الهيثمي في مجمع الزوائد: يوسف بن محمد وثقه أبو زرعة وغيره، وضعفه جماعة. قلت: فيه انقطاع أيضا فإن عبيد الله بن معاذ ذكر عند أبي يعلى أنه لم يسمعه من أبيه معاذ. * ورواه عبد العزيز الأويسي، عن علي بن أبي علي، عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 228- 229] والأول أشبه بالصواب، والله أعلم. (1230) قوله: «ما رواه جابر بن عبد الله» : القصة في الصحيحين، خرجناها بطولها في فتح المنان شرح مسند الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 47، ولفظ المصنف هنا أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه [12/ 227- 228] ، ولها عنده طرق وألفاظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 حتى نطوف في نخلك، قال: فقلت: نعم، فأمرت بالعنز فذبح، فطفنا ثم جيء بمائدة عليها رطب ولحم فقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر فأكلا، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج قالت صاحبتي: نرجو دعواتك يا رسول الله، فدعا بالبركة، فأرسلت إلى غرمائي بأحمرة وجواليق، وقد حدثت نفسي أن أشتري حتى أوفيهم ما كان على أبي من الدين، فو الذي نفسي بيده لقد أوفيتهم عشرين وسقا وفضل لنا فضل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وبشرته، فقال: اللهم لك الحمد. 1231- وعن عمرو بن أخطب قال: استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقيته في قدح قوارير، فرأيت فيه شعرة فأخذتها، فقال: اللهم جمله، قال الراوي: فرأيته وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء. 1232- وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: أمتعه بشبابه. 1233- وقال يعلى بن الأشدق العقيلي: سمعت النابغة الجعدي يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته: (1231) قوله: «اللهم جمله» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 340] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 493] ، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 28] برقم 47، وأبو نعيم في الدلائل برقم 384، والبيهقي كذلك [6/ 212] ، وصححه الحاكم [4/ 139] ، وابن حبان كما في الإحسان برقم 7172. (1233) قوله: «وقال يعلى بن الأشدق العقيلي» : أحد الضعفاء، روى حديثه هذا جماعة منهم: الحسن بن سفيان في مسنده والشيرازي في الألقاب- فيما ذكره الحافظ في الإصابة- والبزار في مسنده- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 بلغنا السماء مجدنا وثراءنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ فقال قلت: إلى الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: إن شاء الله. فقلت: ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك. قال يعلى: فلقد رأيته وأتى عليه أكثر من مائة سنة، وكان من أحسن الناس ثغرا. -[3/ 4 كشف الأستار] رقم 2104، وأبو نعيم في الدلائل برقم 385، وفي تاريخ أصبهان [1/ 74] ، وفي المعرفة [4/ 2318] رقم 5709. وقد تابع يعلى عن النابغة: كريز بن أسامة وكانت له وفادة، أخرجه الدارقطني في المؤتلف والمختلف [2/ 1060، 4/ 1957] ، ومن هذه الوجه أخرجه ابن السكن في الصحابة فيما ذكره الحافظ في الإصابة. وتابعه أيضا عبد الله بن جراد، أخرجه الخطابي في الغريب [1/ 190] ومن هذا الوجه أخرجه المرحبي في كتاب العلم فيما ذكره الحافظ في الإصابة. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 844] رقم 894، من طريق الحسن بن عبيد الله قال: حدثني من سمع النابغة به، ومن طريقه ابن عبد البر في الاستيعاب. قال الحافظ في الإصابة: ورويناه في الأربعين البلدانية للسلفي من طريق عمرو بن العلاء، عن نصر بن عاصم الليثي، عن أبيه سمعت النابغة، ورويناه مسلسلا بالشعراء من رواية دعبل بن علي الشاعر، عن أبي نواس، عن والبة بن الحباب، عن الفرزدق عن الطرماح، عن النابغة، وهي في كتاب الشعراء لأبي زرعة المتأخر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 1234- وعن عروة بن الجعد البارقي قال: دفع إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا وأمرني أن أشتري له كبشا يضحي به، فاشتريته، فلقيني رجل فأربحني فيه دينارا فبعته، ثم رجعت فاشتريت بأحد الدينارين كبشا آخر ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبض الكبش والدينار وقال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. 1235- وفي رواية أنه قال: أعطاني النبي صلى الله عليه وسلم دينارا وقال: يا عروة إيت الجلب فاشتر لنا شاة، فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت شاتين بدينار، فجئت أسوقهما، فلقيني رجل في الطريق فساومني فبعته شاة بدينار، فجئت بالدينار وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم وهذه شاتكم، قال: وما صنعت؟ قال: فحدثته الحديث، فقال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. (1234) قوله: «كبشا يضحي به» : في رواية البخاري من حديث سفيان بن عيينة: يشتري له شاة كأنها أضحية. قوله: «اللهم بارك له في صفقة يمينه» : في رواية البخاري وغيره: فدعا له بالبركة في البيعة، وزادوا: وكان لو اشترى التراب لربح فيه. أخرجها البخاري في المناقب برقم 3642، 3643، وأبو داود في البيوع، برقم 3384، 3385، والترمذي كذلك برقم 1258، وابن ماجه في الصدقات برقم 2402. ويروى نحو سياق اللفظ الأول عن حكيم بن حزام، أخرجه أبو داود برقم 3386، والترمذي برقم 1257. (1235) قوله: «وفي رواية» : أخرجها أبو نعيم في الدلائل برقم 388. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 قال: فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة فأربح أربعين دينارا قبل أن أرجع إلى أهلي. 1236- وروي عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب- وكانت تحت المقداد بن عمرو- قالت: إنما كان الناس يذهبون الغائط فرط اليوم واليومين والثلاثة فيبعرون كما تبعر الإبل، فلما كان ذات يوم خرج المقداد لحاجته إلى بقيع الغرقد، فدخل خربة لحاجته، فبينا هو جالس إذ أخرجت جرذ من جحر دينارا، فلم يزل يخرج دينارا دينارا حتى أخرجت سبعة عشر دينارا، ثم أخرجت طرف خرقة خمرا، فقال المقداد: فقمت فأخذتها فوجدت فيها دينارا فتمت ثمانية عشر دينارا، فأخذتها فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبرها فقال: هل اتبعت يداك الجحر؟ قلت: لا والذي بعثك بالحق، قال: لا صدقة فيها، بارك الله لك فيها. (1236) قوله: «بنت الزبير بن عبد المطلب» : الهاشمية ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم، زوج المقداد بن عمرو، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاشتراط في الحج، أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي. قوله: «فقال المقداد» : هو ابن عمرو، أحد السابقين الأولين شهد بدرا والمشاهد، ويقال له: المقداد بن الأسود لأنه ربّي في حجره، وهو الأسود بن عبد يغوث الزهري، ويقال: بل كان حليفه لما أصاب دما في كندة فهرب إلى مكة، استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى الإمام أحمد من حديث بريدة مرفوعا: عليكم بحب أربعة: علي، وأبي ذر، وسلمان، والمقداد. قوله: «بارك الله لك فيها» : أخرجه أبو داود في الخراج والأمارة، باب ما جاء في الركاز، رقم 3087، وابن ماجه في اللقطة، باب التقاط ما أخرج الجرذ، رقم 2508، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 قالت ضباعة: فما فني آخرها حتى رأيت غرائر الورق في بيت المقداد. 1237- وعن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة رضي الله عنها، فنظرت إليها وقد ذهب الدم من وجهها وعلتها الصفرة من شدة الجوع، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليها فأدناها فقامت بين يديه فوضع يده على صدرها في موضع القلادة وفرج أصابعه وقال: اللهم مشبع الجاعة، ورافع الوضعة، لا تجع فاطمة بنت محمد. - وأبو نعيم في الدلائل برقم 389، من طريق الطبراني، ثنا عبيد بن غنام، ثنا ابن أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد، ثنا موسى بن يعقوب، حدثتني عمتي قريبة بنت عبد الله بن وهب عن أمها كريمة بنت المقداد بن عمرو عنها به. إسناده حسن إن شاء الله. قوله: «حتى رأيت غرائر الورق في بيت المقداد» : مصداق ذلك: ما روى عن عكرمة: أن المقداد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفا، ولأمهات المؤمنين لكل واحدة سبعة آلاف درهم. (1237) قوله: «وعن عمران بن حصين» : أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [5/ 12] رقم 4011، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 390، والبيهقي في الدلائل [6/ 108] ، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 337، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 203] : فيه عتبة بن حميد، وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا. قوله: «فأدناها» : في رواية أنه قال لها: ادني يا فاطمة ثم ادني يا فاطمة. قوله: «اللهم مشبع الجاعة» : في رواية: اللهم مشبع الجوعة، وقاضي الحاجة، ورافع الوضعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 قال عمران: فنظرت إليها وقد علا الدم على الصفرة في وجهها، فلقيتها بعد ذلك، قالت: ما جعت بعد ذلك يا عمران. 1238- ومن ذلك: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس وقوله: اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل، فكان أفقه خلق الله وأعلمهم، حتى سمي البحر. (1238) قوله: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» : هذا الحديث وإن كان أصله في الصحيحين إلّا أنهما لم يخرجاه بهذا اللفظ، كما سيأتي، أخرجه بهذا اللفظ ونحوه الإمام أحمد في مسنده [1/ 266، 314، 335] وفي الفضائل برقم 1856، 1858، 1882، وابن سعد في الطبقات [2/ 365] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 493، 494] ، والطبراني في معجمه الكبير برقم 10587، 10614، والبلاذري في الأنساب [3/ 28] ، جميعهم من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبعضهم يزيد على بعض، وصححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 7055. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 365] من حديث طاوس، عن ابن عباس بلفظ: اللهم علمه الحكمة، وتأويل الكتاب، وله ألفاظ أخرى تدور حول هذا المعنى، وقد أخرج الشيخان من حديث عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له حين وضع له وضوءه بعد أن دخل الخلاء فقال: اللهم فقهه ... زاد البخاري: في الدين. وأخرج البخاري في العلم وغيره من حديث عكرمة، عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم علمه الكتاب. قوله: «فكان أفقه خلق الله» : ليس بين أهل العلم اختلاف في أن ابن عباس إنما بلغ ما بلغ بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج يعقوب بن سفيان في المعرفة، وابن سعد في الطبقات من حديث ابن مسعود قال: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره رجل منا، وكان يقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس، وروى يعقوب أيضا- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 1239- فقيل: رأيت البحر، وسمعت البحر. 1240- وعن ابن عباس قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء فوضعت له وضوآ، فلما خرج قال: من وضع هذا؟ قالوا: ابن عباس، قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل واعطه الحكمة. 1241- ودعا لأنس بن مالك بطول العمر وكثرة المال والولد، فكثر ماله وولده وعاش عمرا طويلا. - بإسناد صحيح عن أبي وائل قال: قرأ ابن عباس سورة النور ثم جعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت. رواه أبو نعيم في الحلية من وجه آخر فقال: سورة البقرة بدل (النور) ، وذكر أنه كان على الموسم، أرسله عثمان رضي الله عنه لما حصر، وأخرج ابن سعد في الطبقات من حديث أبي بن كعب، وكان عنده ابن عباس فقام فقال أبي: هذا يكون حبر هذه الأمة أوتي عقلا وفهما، وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقهه في الدين، ومناقبه أجل من أن تحصر. (1239) قوله: «رأيت البحر، وسمعت البحر» : رواه ابن سعد في الطبقات [2/ 366] : أخبرنا أبو أسامة، قال الأعمش: حدثنا عن مجاهد قال: كان ابن عباس يسمى البحر من كثرة علمه، قال: وأخبرت عن ابن جريج عن عطاء قال: كان ابن عباس يقال له: البحر، قال: وكان عطاء يقول: قال البحر وفعل البحر. (1240) قوله: «فوضعت له وضوآ» : انظر النص المتقدم برقم: 1238، والنصوص الاتية بالأرقام: 2528، 2529، 2533. (1241) قوله: «وعاش عمرا طويلا» : ثبت في الصحيحين أنه كان في الهجرة ابن تسع سنين، ثم اختلف في وفاته فقيل: سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وله من العمر مائة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 1242- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم فأتته بتمر وسويق فقال: أعيدوا تمركم في وعائه، وسمنكم في سقائه، فإني صائم، ثم قام إلى ناحية البيت فصلى بنا صلاة غير مكتوبة، ثم دعا لأم سليم ولأهلها بخير، فقالت: يا رسول الله إن لي خويصة، فقال: وما هي؟ قالت: أنس خادمك، فما ترك من أمر الدنيا والاخرة شيئا إلّا دعا لي. ثم قال: اللهم ارزقه مالا وولدا، وبارك له فيما أعطيته. فقال أنس: أخبرني بعض ولدي أنه دفن من ولدي وولد ولدي أكثر من مائة، وما من الأنصار أحد أكثر مني مالا. - وثلاث سنين، قاله خليفة، قال الحافظ: وهو المعتمد، قال: وأكثر ما قيل في سنه أنه بلغ مائة وسبع سنين. (1242) قوله: «أخبرني بعض ولدي» : في صحيح البخاري: وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة، أخرجه في الصوم، باب من زار قوما فلم يفطر عندهم، وأخرج مسلم من حديث ابن أبي طلحة قال: حدثنا أنس قال: جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أزرتني بنصف خمارها، وردتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أنس ابني أتيتك به يخدمك، فادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده، قال أنس: فو الله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون المائة اليوم. وأخرج من حديث أبي عثمان، عن أنس قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الاخرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 1243- وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أذقت أول قريش نكالا، فأذق آخرهم نوالا، وروي: اللهم أذق آخر قريش نوالا كما أذقت أولها نكالا. 1244- وعن جابر، عن أبي بكر، عن بلال قال: أذنت في ليلة باردة فلم يأت أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنهم؟ قلت: حبسهم البرد. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أذهب عنهم البرد. قال: فرأيتهم في الصبح يتروحون من الحر. (1243) قوله: «وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس» : أخرجه من هذا الوجه الإمام أحمد في المسند [1/ 242] ، والترمذي في المناقب، باب في فضل الأنصار وقريش برقم 3904، وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أبو يعلى في مسنده [5/ 69] رقم 2662، من طريق طلحة بن عبد الله، عن ابن عباس، أطول منه، أوله: أما والله لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إليّ وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ... الحديث. (1244) قوله: «وعن جابر، عن أبي بكر» : أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 340] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 224] ، والعقيلي في الضعفاء [1/ 112- 113] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 392، وفي المعرفة [1/ 374- 375] رقم 1134. وفي الإسناد أيوب بن سيار أورد له ابن عدي هذا الحديث وقال: له غير ما ذكرت، وليست أحاديثه بالمنكرة جدّا، إلّا أن الضعف بين على رواياته، وقال البيهقي: تفرد به أيوب بن سيار. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 1245- وروي أن رجلا قال: يا رسول الله إني لبخيل، وإني لجبان، وإني لنؤوم، فادع الله لي، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن تسخى نفسه، وأن يشجع جبنه، وأن يذهب بكثرة نومه. قال الراوي: فما منا رجل أسخى نفسا منه، ولا أشد بأسا منه، ولا أقل نوما منه. (1245) قوله: «وروي أن رجلا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [18/ 718] ، وفي الأوسط [3/ 299- 300] ، ضمن حديث الفضل بن عباس الطويل، قال الطبراني في الأوسط: حدثنا أبو مسلم، ثنا علي بن المديني، ثنا معن بن عيسى القزّاز، ثنا الحارث بن عبد الملك بن عبد الله الليثي ثم السمعي النخعي، عن الفضل بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه، فوجدته موعوكا قد عصب رأسه، فقال: خذ بيدي يا فضل، فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر فجلس عليه، ثم قال: صح في الناس، فصحت في الناس، فاجتمعوا إليه، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس، إنه قد دنى مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا، فهذا مالي فليستقد منه، ولا يقولن رجل إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي، ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إليّ من أخذ حقّا إن كان أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس، ألا وإني لا أرى ذلك بمغن عني حتى أقوم فيكم مرارا، ثم نزل صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم عاد إلى المنبر، فعاد إلى مقولته في الشحناء وغيرها، ثم قال: يا أيها الناس، من كان عنده شيء فليرده، ولا يقول: فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا خير من فضوح- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 ......... - الاخرة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال: أما إنا لا نكذب قائلا، ولا نستحلفه على يمين، فلم صارت لك عندي؟ قال: تذكر يوم مر بك السائل فأمرتني فدفعت إليه ثلاثة دراهم؟ قال: ادفعها إليه يا فضل، ثم قام إليه رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم، كنت غللتها في سبيل الله، قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجا. قال: خذها منه يا فضل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: من خشي منكم شيئا فليقم أدع له، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لمنافق، وإني لنئوم. فقال: اللهمّ ارزقه صدقا وإيمانا، وأذهب عنه النوم إذا أراد. ثم قام إليه رجل فقال: يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لمنافق، وما من شيء من الأشياء إلّا وقد أتيته، فقال عمر: يا هذا، فضحت نفسك، فقال: مه يا ابن الخطاب، فضوح الدنيا أيسر من فضوح الاخرة، اللهمّ ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير، فتكلم بكلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر معي وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر حيث كان. قال الطبراني عقبه: لا يروى هذا الحديث عن الفضل إلّا بهذا الإسناد، تفرد به الحارث بن عبد الملك. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 26] : رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو يعلى بنحوه، وقال في آخره: فقام رجل فقال: يا رسول الله إني رجل جبان كثير النوم، قال: فدعا له، قال الفضل: فلقد رأيته أشجعنا وأقلنا نوما، قال: ثم أتيت بيت عائشة فقال للنساء مثل ما قال للرجال، ثم قال: ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له، قال: فأومأت امرأة إلى لسانها قال: فدعا لها، قال: فلربما قالت لي: يا عائشة أحسني صلاتك. قال الهيثمي: وفي إسناد أبي يعلى: عطاء بن مسلم، وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجال أبي يعلى ثقات، وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 1246- ومنها كذلك: قوله يومئذ لمحمد بن مسلمة لما برز إليهم مرحب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهذا؟ فقال محمد: أنا له يا رسول الله، أنا والله الموتور الثائر، قتل أخي بالأمس- يعني محمد بن مسلمة-. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم إليه، اللهمّ أعنه عليه، فقام إليه فقتله. (1246) قوله: «فقام إليه فقتله» : اختلفت الروايات في قاتل مرحب، فالجمهور على أن قاتله علي بن أبي طالب وذلك لهيبة صحيح مسلم، إذ أخرج في الجهاد والسير من صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع الطويل في قصة فتح خيبر، وقتل عامر بن الأكوع بعد بروزه لمرحب. قال سلمة: ثم أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وهو أرمد حتى أتيت به رسول الله فبصق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدرة ... كليث غابات كريه المنظرة أو فيهم بالصاع كيل السندرة قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه. والذي ذكره المصنف هنا هو رواية ابن اسحاق في السيرة من حديث جابر بن عبد الله- ولم يكن ممن شهد خيبر-[2/ 333- ابن هشام] ومن طريق ابن إسحاق: الإمام أحمد في المسند [3/ 385] ، وابن جرير في تاريخه [3/ 10] ، والبيهقي في الدلائل [4/ 215] . وكذلك قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب، والواقدي في مغازيه. وقد توسط قوم لرواية رواها الواقدي: أن محمد بن مسلمة لما بارزه واختلفت الضربات بينهما ضرب محمد ساقي مرحب فقطعهما ووقع- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 1247- ومن ذلك: أن امرأة عربية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسلم، فلما رأته أرعدت، فقال بيده صلى الله عليه وسلم: يا مسكينة عليك السكينة، فذهبت رعدتها. 1248- ومن ذلك: أن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معه في سفر فكلّ ركاب القوم وثقل عليهم متاعهم، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمع على ظهره ثقل أصحابه وقال له: احمل فإنما أنت سفينة، فكان بعد ذلك لو حمل حمل سبع بغال ما ثقل عليه ذلك. - مرحب فقال: أجهز يا محمد، فقال له محمد: ذق الموت كما ذاقه أخي محمود، ومر به علي فضرب عنقه وأخذ سلبه، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث، فقالوا: اشتركا في ذلك. انظر: مغازي الواقدي [2/ 654- 657] ، دلائل البيهقي [4/ 214- 217] ، تاريخ ابن جرير [3/ 10- 12] ، سيرة ابن هشام [3/ 333- 335] . (1247) قوله: «أن امرأة عربية» : هي قيلة بنت مخرمة العنبرية، وفي حديثها قصة أخرجها ابن سعد في الطبقات [1/ 317- 321] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 343 رقم 3469 مختصرة وفي 25/ 7 رقم 1 بطولها] . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 12] : رجاله ثقات. (1248) قوله: «ما ثقل عليه ذلك» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 121، 222] ، والطبراني في معجمه الكبير برقم 6439، وابن قتيبة في المعارف [/ 146- 147] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 369] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 267، 268] ، وصححه الحاكم في المستدرك، جميعهم من حديث سعيد بن جمهان- وهذا لفظ ابن عساكر- قال: لقيت سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببطن- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 1249- ويروى عن أبي دجانة أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بينا أنا مضطجع في فراشي إذ سمعت في داري صريرا كصرير الرحى، ودويا كدوي النحل، ولمعا كلمع البرق، فرفعت رأسي فزعا مرعوبا، فإذا أنا بظل أسود مدلى يعلو ويطول في صحن داري، فأهويت إليه فمسسته فإذا جلده كجلد القنفذ، فرمى في وجهي مثل شرر النار، فظننت أنه قد أحرقني وأحرق معي داري. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عامرك عامر سوء يا أبا دجانة، ائتني بدواة وقرطاس. فأتاه بدواة وقرطاس فناوله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال: اكتب يا أبا الحسن، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله إلى من طرق الدار من الزوار والمساكين إلّا طارق يطرق بخير.، أما بعد: - نخلة، فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم، ثم حمله عليّ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: احمل فإنما أنت سفينة، قال: فلو حمل عليّ منذ يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أو أربعة، أو خمسة، أو ستة، أو سبعة، ما ثقل عليّ إلّا أن يخفّوا. سقط من المطبوع من المستدرك سعيد بن جمهان من الإسناد. (1249) قوله: «ويروى عن أبي دجانة» : الأنصاري، اسمه: سماك بن خرشة- أو: ابن أوس بن خرشة- اتفق على أنه ممن شهد بدرا، وعلى أنه استشهد باليمامة، قاله الحافظ في الإصابة، وهو الذي أخذ السيف من النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بحقه حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه، فأخذه وفلق به هام المشركين. أخرجه مسلم وغيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 فإن لنا ولكم في الحق سعة، فإن تك عاشقا مولعا أو فاجرا مقتحما أو راغبا حقّا أو مبطلا، هذا كتاب الله ينطق علينا وعليكم بالحق، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون، ورسلنا يكتبون ما تمكرون، اتركوا صاحب كتابي هذا وانطلقوا إلى عبادة الأصنام، وإلى من يزعم أن مع الله إلها آخر، لا إله إلّا الله، كل شيء هالك إلّا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، تغلبون، حم لا تنصرون، حمعسق، تفرق أعداء الله، وبلغت حجة الله، ولا قوة إلّا بالله، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. قال أبو دجانة: فأدرجات الكتاب وصيرته تحت رأسي وبت ليلتي، فما انتبهت إلّا بصراخ صارخ يقول: أحرقتنا واللات والعزى الكلمات يا أبا دجانة، بحق صاحبك لما رفعت عنا الكتاب، فلا عود لنا في دارك ولا جوارك ولا في موضع فيه هذا الكتاب، قال: فقلت: لا وحق صاحبي لا أرفعنه حتى أستأذن فيه صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطال عليّ الليل بما سمعت من أنين الجن وصراخهم، حتى أصبحت فغدوت فصليت الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بمقالة الجن وما قلت لهم، فقال: يا أبا دجانة ارفع عن القوم العذاب، فو الذي بعثني بالحق نبيا، إنهم ليجدون ألم العذاب إلى يوم القيامة. قوله: «إنهم ليجدون ألم العذاب إلى يوم القيامة» : أخرجه البيهقي في الدلائل [7/ 118- 120] ، وقد اشترط ألا يخرج الموضوع وما لا أصل له، قال البيهقي عقبه: وقد روي في حرز أبي دجانة حديث طويل وهو موضوع لا تحل روايته. اهـ. فدل على أن ما أورده بخلاف ذلك، والله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 1250- وروي عن عزة بنت عياض بن أبي قرصافة أنها سمعت جدها أبا قرصافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان أول بدء إسلامي أني كنت يتيما بين أمي وخالتي وكان أكثر ميلي إلى خالتي، وكنت أرعى شويهات لي، وكانت خالتي كثيرا ما تقول لي: يا بني لا تمر إلى هذا الرجل- تعني محمدا- فيغويك ويضللك، قال: فكنت أخرج حتى آتي المرعى فأترك شويهاتي ثم آتي النبي صلى الله عليه وسلم فلا أزال عنده أسمع منه، ثم أروح بغنمي ضمرا يابسات الضروع، فقالت لي خالتي: ما لغنمك يابسات الضروع؟ قلت: ما أدري، ثم عدت إليه اليوم الثاني لأسمع منه، فسمعته في خلال ذلك يقول: يا أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالإسلام، فإن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد، ثم رحت بغنمي كما رحت في اليوم الأول، ثم رحت إليه في اليوم الثالث فلم أزل عنده أسمع منه حتى أسلمت وبايعته وصافحته بيدي، ثم شكوت إليه أمر خالتي وغنمي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: جئني بالشياه، فجئته بهن، فمسح على ضروعهن ودعا فيهن بالبركة، فامتلأن شحما ولبنا، ثم رجعت بغنمي سمانا، ممتلئات شحما ولبنا، فلما دخلت على خالتي بهن قالت لي: يا بني هكذا فارع، فقلت: والله يا خالتي ما رعيت إلّا حيث أرعى كل يوم، ولكني أخبرك بقصتي، فأخبرتها بالقصة، وإتياني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرتها بسيرته وبكلامه فقالت لي أمي وخالتي: اذهب بنا إليه، فذهبت أنا وأمي وخالتي إليه، فأسلمن وبايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصافحهن، فهذا ما كان من إسلام أبي قرصافة. (1250) قوله: «أبا قرصافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم» : اسمه جندرة بن خيشنة الكناني، أخرج حديثه الطبراني في المعجم الكبير [3/ 1] رقم 2513، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 378، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 395] : رجاله ثقات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 1251- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن قاضيا فقال: يا رسول الله، تبعثني وأنا حديث السن لا علم لي بالقضاء؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على صدره وقال: اذهب فإن الله سيهديك ويثبت قلبك. فقال علي رضي الله عنه: فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين. (1251) قوله: «ويثبت قلبك» : رواه عن علي بن أبي طالب جماعة منهم: حارثة بن مضرب، وحنش بن المعتمر- أو: ابن ربيعة-، وعمرو بن حبشي، وعمر بن علي، وأبو البختري سعيد بن فيروز- ولم يسمعه منه-. أما حديث حارثة بن مضرب: فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 88، 156] ، والنسائي في الخصائص من السنن الكبرى [5/ 117] رقم 8421. وأما حديث حنش: فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 177، 152، 128، 152] ، وأبو داود في القضاء برقم 3582، والترمذي في الأحكام برقم 1331، وقال: حسن. وأما حديث عمرو بن حبشي: فأخرجه النسائي في الخصائص من السنن الكبرى برقم 8422، عند ذكره الاختلاف على أبي إسحاق فيه. وأما حديث عمر بن علي: فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 389] . وأما حديث أبي البختري: فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 83] ، والنسائي في الخصائص [5/ 116] رقم 8417، 8418، 8419، وابن ماجه في الأحكام برقم 2310، وابن سعد في الطبقات [2/ 337] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 397] . قال البوصيري في الزوائد: رجاله ثقات إلّا أنه منقطع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 1252- ومن ذلك: ما قال أبي بن كعب: أن رجلا قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حاضر بقراءة خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: أحسنت، أحسنت، قال: فحك في صدري شك، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضرب بيده في صدري وقال: اللهمّ أذهب عنه الشك، ففضت عرقا، وكأني أنظر إلى ربي فرقا. (1252) قوله: «أن رجلا قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم» : اختصر المصنف رحمه الله اللفظ، وأخرجه بطوله: ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 483] ، ومن طريقه مسلم في صلاة المسافرين برقم 820- واللفظ له- والإمام أحمد في المسند [5/ 127] ، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند [5/ 128- 129] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1227، وابن حبان في صحيحه برقم 740 وابن عساكر في تاريخه [7/ 328] ، وغيرهم، من حديث ابن أبي ليلى عن أبي قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عزّ وجلّ فرقا، فقال لي: يا أبي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت عليه: أن هوّن على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه: أن هوّن على أمتي، فرد إلى الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها، فقلت: اللهمّ اغفر لأمتي، اللهمّ اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السّلام. رواه عن أبي أيضا: سليمان بن صرد، أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 1253- ومنها: أن سلمان الفارسي أتاه فأخبره أنه كاتب مواليه، ووافقوا على كذا وكذا ودية كلها تعلق، وكان ذلك غير مأمون عند سلمان لولا ما علم من تأييد الله نبيّه صلى الله عليه وسلم، فجمعها له ثم قام معه فمرسها بيده، فما سقطت واحدة منها علقت، وبقيت علما يستشفى بثمرها، ويرجى بركتها، وأعطاه صلى الله عليه وسلم تبرة من ذهب كبيضة الديك، فقال: أوف منها أصحابك، فقال متعجبا مستقلا لما رأى: وأين تقع هذه مما عليّ؟ فأدارها صلى الله عليه وسلم على لسانه، ثم أعطاه إياها، وقد كانت في ذاتها الأولى لا تفي بربع حقهم، فذهب بها فوفاهم بها حقهم. 1254- ويروى عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عطس فقال له ذمي: يرحمك الله يا أبا القاسم، فقال صلى الله عليه وسلم: يهديك الله، فأسلم. 1255- ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم لرجل عليه ثياب رثة: ما له، ضرب الله عنقه في سبيل الله، فقتل الرجل في سبيل الله. - المسند [5/ 124، 125] ، وابن عساكر في تاريخه [7/ 329] . ورواه أيضا أبو الحكم عن أبي، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [7/ 329] . (1253) قوله: «أن سلمان الفارسي» : تقدمت قصة إسلامه بطولها، وخرجناها في أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم. (1254) قوله: «ويروى عن أنس» : أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 207] وقال عقبه: هذا إسناد مجهول. (1255) قوله: «عليه ثياب رثة» : أخرج مالك في الموطأ، ومن طريقه ابن حبان كما في الموارد برقم 1436، والبزار في مسنده [3/ 368 كشف الأستار] رقم 2963، والحاكم في المستدرك [4/ 183] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 244] ، وهذا لفظ- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 1256- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أتي بمولود فمسح رأسه، ودعا له بخير، فلما كبر الغلام شاب رأسه إلّا الموضع الذي مسحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. - ابن حبان، عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار، قال: فبينما أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله هلم إلى الظل، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فقمت إلى غرارة لنا فالتمست فيها فإذا فيها جرو قثاء فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين لكم هذا؟ فقلت: خرجنا به يا رسول الله من المدينة، قال جابر: وعندنا صاحب لنا نجهزه ليرعى ظهرنا، قال: فجهزته ثم أدبر ليذهب في الظهر وعليه بردان له قد خلقا، قال: فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما له ثوبان غير هذين؟ قال: فقلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العيبة كسوته إياهما، قال: فادعه فمره فليلبسهما، قال: فدعوته فلبسهما، ثم ولى يذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما له ضرب الله عنقه؟ أليس هذا خيرا؟ فسمعه الرجل فقال: يا رسول الله في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في سبيل الله، فقتل الرجل في سبيل الله. تابعه هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم أخرجه البزار في مسنده برقم 2962 كشف الأستار، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 183] ، وسكت عنه الذهبي، ورواه البزار في مسنده برقم 2964 من حديث عطاء بن يسار عن جابر نحوه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 134] : رواه البزار بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح، وقد رواه مالك في الموطأ. (1256) قوله: «أتي بمولود» : أخرج البخاري في تاريخه [8/ 307] ، ومن طريقه: البيهقي في الدلائل [6/ 213- 214] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 244] رقم 547، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 179] رقم 666، 667، وأبو علي بن السكن فيما ذكره الحافظ في الإصابة، جميعهم من طريق يعقوب الزهري: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 1257- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم غزا غزوة فأخذ أصحابه راعيا مع غنمه، فأسلم الراعي، ثم قال: يا رسول الله كيف أضيّع الغنم؟! وإنما هي أمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: ارمها بسبع حصيات، وقل عند كل حصاة: بسم الله، ففعل الرجل ذلك، فاشتدت الغنم نحو أربابها حتى بلغت حصونهم. - أنا إدريس بن محمد بن يونس قال: حدثني جدي يونس بن محمد بن أنس، عن أبيه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أسبوعين فأتي بي إليه فمسح رأسي، وحج بي حجة الوداع وأنا ابن عشر سنين، ودعا لي بالبركة، وقال صلى الله عليه وسلم: سموه باسمي ولا تكنوه بكنيتي، قال يونس: فلقد عمر أبي حتى شاب كل شيء من أبي، وما شاب موضع يد النبي صلى الله عليه وسلم من رأسه. أخرجه الحسن بن سفيان- فيما ذكره الحافظ في الإصابة- عن إبراهيم الجوهري، عن عبد الله بن كثير، عن يونس، ومن طريق الحسن أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 179] رقم 666. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 48] : فيه يعقوب بن محمد وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جماعة. قلت: رواية عبد الله بن كثير، عن يونس، تجعله صالحا إذ هو مقبول على طريقة الحافظ في التقريب. والله أعلم. (1257) قوله: «غزا غزوة» : هي خيبر، أخرج البيهقي في الدلائل [4/ 220- 221] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 241، من حديث جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر، فخرجت سرية فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها، فجاؤا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه ما شاء الله أن يكلمه به فقال له: إني قد آمنت بك وبما جئت به، فكيف بالغنم يا رسول الله، فإنها أمانة، وهي للناس، الشاة والشاتان وأكثر من ذلك؟ قال: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 ......... - احصب وجوهها ترجع إلى أهلها، قال: فأخذ قبضة من حصباء أو تراب فرمى به وجوهها، فخرجت تشتد حتى دخلت كل شاة إلى أهلها، ثم تقدم إلى الصف فأصابه سهم فقتله، ولم يصل لله سجدة قط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخلوه الخباء، فأدخل خباء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه ثم خرج فقال: لقد حسن إسلام صاحبكم، لقد دخلت عليه وإن عنده لزوجتين له من الحور العين. وأخرج القصة أيضا من حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة ومن حديث ابن أبي أويس، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة وفيها: وجاء عبد حبشي أسود من أهل خيبر كان في غنم لسيده فلما رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح سألهم: ما تريدون؟ قالوا: نقاتل هذه الرجل الذي يزعم أنه نبي، فوقع في نفسه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل بغنمه حتى عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاءه قال: ماذا تقول؟ وماذا تدعو إليه؟ قال: أدعو إلى الإسلام، وأن تشهد أن لا إله إلّا الله وأني محمد رسول الله وأن لا نعبد إلّا الله، قال العبد، فماذا لي إن أنا شهدت وآمنت بالله؟ قال: لك الجنة إن مت على ذلك، فأسلم، وقال: يا نبي الله إن هذا الغنم عندي أمانة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجها من عسكرنا وارمها بالحصباء فإن الله سيؤدي عنك أمانتك، ففعل، فرجعت الغنم إلى سيدها فعرف اليهودي أن غلامه قد أسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظ الناس ... فذكر الحديث في إعطاء الراية عليا ودنوّهم من الحصن، وقتل مرحب، قال: وقتل من المسلمين: العبد الأسود، ورجعت عادية اليهود واحتمل المسلمون العبد الأسود إلى عسكرهم فأدخل في الفسطاط فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع في الفسطاط ثم أقبل على أصحابه فقال: لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير، قد كان الإسلام من نفسه حقّا، وقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 1258- ومنها: أن قوما من وفد عبد القيس أتوه بغنم فسألوه أن يجعل لهم علامة تذكر بها، فخمر صلى الله عليه وسلم إصبعه في أصول آذانها، فابيضت فهي تلك إلى اليوم معروفة النسل ظاهرة الأمر. 1259- ومن ذلك: أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان معه في سفر متأخرا عن الناس على جمل بطيء، فقال صلى الله عليه وسلم: ما لك يا جابر؟ قال: قلت: جملي، فقال صلى الله عليه وسلم: أنخه، فأناخه، فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضيب، قال جابر: فو الذي بعثه بالحق ما استطعت أن أحبسه، ووالله لقد صرت في أوائل الناس كما كنت في أواخرهم. - وأخرج البيهقي قصة هذا العبد مختصرة من حديث المؤمل بن إسماعيل عن حماد، عن ثابت، عن أنس، وفيها: أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني رجل أسود اللون قبيح الوجه منتن الريح، لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟ قال: نعم، فتقدّم فقاتل حتى قتل، فأتى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقتول فقال: لقد أحسن الله وجهك، وطيّب روحك، وكثر مالك، قال: وقال لهذا أو لغيره: لقد رأيت زوجتيه من الحور العين تنازعانه جبته عنه يدخلان فيما بين جلده وجبته. (1258) قوله: «فخمر صلى الله عليه وسلم إصبعه» : أورده القاضي عياض في الشفاء بدون إسناد، وسكت عنه السيوطي في المناهل فلم يعزه إلى أحد. سكت عنه السيوطي في المناهل فلم يعزه إلى أحد. (1259) قوله: «على جمل بطيء» : قصة جمل جابر مفرقة في الصحيحين على الأبواب، أكتفي بذكر موضعين، فأخرجها البخاري في البيوع، باب شراء الدواب والحمير، رقم 2097، وأخرجها مسلم في المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه [3/ 1221] رقم الحديث في الكتاب 109. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 1260- وفي رواية أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما رجعنا أبطأ بي جملي وأعيا، فتخلفت، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا؟ قلت: جابر بن عبد الله، فقال: ما لك؟ قلت: إني على جمل ثفال: فقال: ما معك قضيب؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: أعطنيه، فأعطيته إياه فضربه ونخسه نخسة أو نخستين ثم قال: اركب، قال: فما ركبت بعيرا قبله ولا بعده كان أوسع ولا أوطأ منه. 1261- ومن ذلك: ما روى جعيل الأشجعي قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته على فرس عجفاء مهزولة، فدنا مني فقال: سر، فقلت: يا رسول الله إنها عجفاء ضعيفة، فدنا مني فضربها بمخفقة معه وقال: اللهمّ بارك له فيها، وكنت في أخريات القوم، فما ملكت رأسها أن تقدم القوم، قال: وبعت من بطنها باثني عشر ألفا. (1260) قوله: «إني على جمل ثفال» : الثفال: البطيء الذي لا ينبعث إلّا كرها. (1261) قوله: «جعيل الأشجعي» : جعيل- بالتصغير- آخره لام، ابن زياد الأشجعي، وقيل: جعيد- آخره دال مهملة- وقيل أيضا: جعال، له صحبة. أخرج حديثه: النسائي، في السير من السنن الكبرى [5/ 253] رقم 8818، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [3/ 25] رقم 1310، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 315] رقم 3172، والروياني في مسنده برقم 1514، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 625] رقم 1684، وما بعده، والبيهقي في الدلائل [6/ 153، 154] ، وأبو القاسم الأصبهاني كذلك برقم 110، وابن قانع في معجم الصحابة [2/ 1192] رقم 294، واختصر البخاري لفظه في التاريخ [2/ 249] ، وأشار في موضع آخر إلى الاختلاف- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 1262- ومن ذلك: أنّ نفرا من أصحابه صلى الله عليه وسلم شكوا إليه أنهم إذا أكلوا لم يشبعوا، فقال صلى الله عليه وسلم: اجمعوا طعامكم وكلوا جميعا، ولا تأكلوا وحدانا، ففعلوا ذلك فشبعوا. 1263- ومنها: أن أهل المدينة مطروا مطرا خافوا أن يعقبه الغرق وانهدام البنيان، فأتوه ألحّ ما كان المطر، وأركد ما كان السحاب، فشكوا إليه ذلك، فرفع يديه صلى الله عليه وسلم إلى وليّه وقال: اللهمّ حوالينا ولا علينا، - فيه [3/ 305- 306] ، ومداره على عبد الله بن أبي الجعد، وهو مجهول الحال، لكن صحح الحافظ في الإصابة إسناد الرواية، وقال شيخه الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 262- 263] : رواه الطبراني ورجاله ثقات. (1262) قوله: «اجمعوا طعامكم» : في رواية أنه قال لهم: فلعلكم تفترقون أو تتفرقون؟ قالوا: نعم، قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم. أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 501] ، وأبو داود في الأطعمة برقم 3764، وابن ماجه كذلك برقم 3286، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 139] رقم 368، والبيهقي في الدلائل [6/ 119] ، وفي الشعب [5/ 75- 76] رقم 5835، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5224-، والحاكم في المستدرك [2/ 103] ، وهو حديث حسن. (1263) قوله: «ومنها: أن أهل المدينة مطروا مطرا» : ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم بعد أن شكوا إليه الهلاك، فأخرج الشيخان في الاستسقاء من صحيحيهما من حديث أنس بن مالك: أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهمّ اسقنا، اللهمّ اسقنا، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 فلم يكن بين قوله وبين انجياب السحاب عن المدينة فرق، فأطاف من حولها مستديرا، وهي في فجوة كالدارة، فعاينوا أمرا لم يكن ليتهيأ لأحد فيما خبروا من الأمطار، وجربوا من الأعلام مثله، يرى ذلك ظاهرا مؤمنهم وكافرهم. - وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس سبتا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وتهدمت البيوت، وتقطعت السبل، - وفي رواية: وتهدمت البيوت- فادع الله أن يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهمّ حوالينا ولا علينا، اللهمّ على الاكام والظراب والأودية ومنابت الشجر، قال: فانقطعت، وخرجنا نمشي في الشمس. لفظ البخاري، حديث رقم 1013. قوله: «فأطاف من حولها مستديرا» : أي السحاب أطاف بالمدينة، وهو معنى قوله في الرواية المذكورة: مثل الترس: أي مستديرة، وفي رواية أخرى: حتى ثار السحاب أمثال الجبال، وقد علق الحافظ في الفتح على قوله في الحديث: فلما توسطت السماء انتشرت، قال: هذا يشعر بأنها استمرت مستديرة حتى انتهت إلى الأفق، فانبسطت حينئذ، وكأن فائدته تعميم الأرض بالمطر. قوله: «كالدارة» : هي بمعنى الجوبة المعبر بها في حديث إسحاق عن أنس في إحدى روايات هذا الحديث، وفيه: فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلّا تفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة. قال أهل اللغة: الدارة: الجوبة، وهي الأرض الواسعة تحفها الجبال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 1264- ومنها: أن رجلا من أصحابه أصيبت إحدى عينيه في بعض مغازيه، فسالت حتى وقعت على خده، فأتاه مستغيثا به، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيده فردها مكانها فكانت أحسن عينيه وأصحهما وأحدّهما بصرا. (1264) قوله: «ومنها أن رجلا من أصحابه» : هو قتادة بن النعمان الصحابي البدري أصيبت عينه يوم بدر فسالت على وجنته فأرادوا أن يقطعوها، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا، فدعا به فغمز حدقته براحته فكان لا يدري أي عينيه أصيبت. أبهم المصنف اسمه هنا، وصرح باسمه في النص المتقدم برقم: 1224. أخرج القصة أبو يعلى الموصلي في مسنده [3/ 120] رقم 1549، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 100] ، وابن الأثير في الأسد [4/ 390] من حديث عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه- يعني قتادة- به وفي إسناده الحماني وهو ضعيف. وأخرجها أبو نعيم في الدلائل برقم 416، من طريق عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن قتادة به. وهي في مستدرك الحاكم [3/ 295] معلقة، وفي سيرة ابن إسحاق [2/ 82- ابن هشام] ومن طريقه ابن سعد في الطبقات [3/ 453] بصورة المرسل. وأخرج القصة ابن سعد في الطبقات من طريق الواقدي [3/ 452] ، فزعم أن عينه إنما أصيبت يوم أحد لا يوم بدر، وأنه جاء بعينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن عندي امرأة أحبها، وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، وهكذا قال الطبراني في معجمه الكبير [19/ 8] ، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 417، من وجه آخر عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه: أن ذلك كان يوم أحد، قال: أهدى إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس فدفعها إليّ يوم أحد فرميت بها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اندقت- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 1265- ومنها: أن امرأة أتت بصبي لها ترجو البركة بأن يمسه ويدعو له- وكانت به عاهة- فرحمها- والرحمة صفته-، فمسح يده على رأس الصبي فاستوى شعره، وبرأ داؤه، وبلغ ذلك أهل اليمامة فأتت مسيلمة امرأة بصبي لها فمسح رأسه فصلع، وبقي نسله إلى يومنا هذا. - عن سنتها، ولم أزل عن مقامي نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أتقي السهام بوجهي، كلما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلت رأسي لأقي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا رمي أرميه، فكان آخرها سهما بدرت منه حدقتي على خدي وتفرق الجمع، فأخذت حدقتي بكفي فسعيت بها في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفي دمعت عيناه فقال: اللهمّ إن قتادة قد أوجه نبيك بوجهه، فاجعلها أحسن عينيه وأحدهما نظرا، قال: فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 113] : في إسناده من لم أعرفه. وقال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه لما أخبره عاصم بن عمر بن قتادة بهذا الحديث أنشده مع ذلك: أنا ابن الذي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أيما رد فأنشده عمر بن عبد العزيز في موضعه: تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعاد بعد أبوالا (1265) قوله: «وكانت به عاهة» : في حديث جابر بن عبد الله الطويل أنها قالت: يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات- وفي رواية ابن عباس: وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيخبث علينا-، قال جابر: فتناول النبي صلى الله عليه وسلم الصبي فجعله بينه وبين مقدم الرجل ثم قال: اخسأ عدو الله، أنا رسول الله، ثلاثا، ثم دفعه إليها، وفي رواية ابن عباس: فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا، فثع ثعة وخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فسعى. - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 1266- وقال سعيد بن المسيب: ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن أبا لبابة يقول: يا سماء اجمدي- لأجل تمر عنده- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اسقنا غيثا يحمل تمر أبي لبابة من ثعلب مربده، ثم لا يجد ما يسده إلّا إزاره، فأرسل الله السماء فاحتمل تمر أبي لبابة من ثعلب مربده فلم يجد شيئا يسده به إلّا إزاره، فسده به وهو يقول: صدق الله ورسوله. - خرجناهما في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 18، 20- فتح المنان، وانظر الحديثين المتقدمين برقم 1215، 1216. ومن شواهده أيضا ما أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 182] من حديث ابن سيرين: أن إمرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هذا ابني وقد أتى عليه كذا وكذا، وهو كما ترى، فادع الله أن يميته، فقال: أدعو الله أن يشفيه ويشب، ويكون رجلا صالحا فيقاتل في سبيل الله فيقتل ويدخل الجنة، فدعا له فشفاه الله عزّ وجلّ، فشب وكان رجلا صالحا، فقاتل في سبيل الله فقتل، فدخل الجنة. قال البيهقي: مرسل جيد. وأخرج أيضا في الدلائل [6/ 61] من حديث شمر بن عطية، عن بعض أشياخه قال: جاءت امرأة بابن لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحرك، فقالت: يا رسول الله إن ابني هذا لم يتكلم منذ ولد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدنيه» ، فأدنته منه، فقال: من أنا؟ فقال: أنت رسول الله. قلت: مرسل جيد أيضا. (1266) قوله: «ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم» : هذا مرسل، وروي متصلا، والاختلاف فيه من عبد الرحمن بن حرملة. فقال أبو أويس: عنه، عن سعيد، عن أبي لبابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الطبراني في معجمه الصغير برقم 385، وأبو نعيم في الدلائل برقم 372، والبيهقي كذلك [6/ 144- 145] ، وفي السنن الكبرى [3/ 354] ، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 1267- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم نزل ذات يوم منزلا فقال لرجل من أصحابه: اذهب فأتني بتلك العنز، فقال الرجل: وعهدي بذلك الموضع- والخطيب في الموضح [2/ 140- 141] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 81، وابن عساكر في تاريخه [43/ 199- 200] . وهذا لفظ البيهقي: استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: اللهم اسقنا، اللهمّ اسقنا، فقام أبو لبابة فقال: يا رسول الله إنّ التمر في المرابد وما في السماء سحاب نراه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اسقنا، فقام أبو لبابة فقال: يا رسول الله إن التمر في المرابد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اسقنا حتى يقوم أبو لبابة يسد ثعلب مربده بإزاره، فأسبلت السماء ومطرت وصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف الأنصار بأبي لبابة يقولون له: يا أبا لبابة إن السماء والله لن تقلع حتى تقوم عريانا تسد ثعلب مربدك بإزارك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره فأقلعت السماء. قال ابن كثير في تاريخه [6/ 92] : إسناده حسن، ولم يروه أحمد ولا أهل الكتب، خالفه علي بن عاصم- وفيه ضعف- فقال: عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم.. مرسلا، لم يذكر أبا لبابة، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب له [1/ 421] . وهكذا رواه ابن شهاب، عن ابن المسيب، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 354] ، وهذا هو الأشبه بالصواب، والله أعلم. وقد روي حديث ابن المسيب من وجه آخر من حديث أبي وجزة: يزيد بن عبيد المدني، أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 143- 144] ، ويزيد بن عبيد تابعي، فالحديث أيضا مرسل، وهو شاهد للذي قبله. (1267) قوله: «فقال لرجل من أصحابه» : هو سعد مولى أبي بكر، وقد خرجنا حديثه في آياته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام تحت رقم 1195. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 لا عنز فيه، فأتيته، فإذا بعنز حافل، فحلبتها ما شاء الله، فسقاني وشرب ثم أمرها فتقلصت، فلما اشتغلنا بالرحيل إذ العنز قد ذهبت، فقلت: العنز يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: ذهب بها ربها. 1268- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل أعرابي فقال: يا رسول الله، أتينا وما لنا بعير يئط ولا صبي يصيح، وأنشد: أتيناك والعذراء يدمي لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وألقى بكفيه الصبي استكانة ... من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي ولا شيء مما يأكل الناس عندنا ... سوى الحنظل العامي والعلهز العسل وليس لنا إلّا إليك فرارنا ... وأين فرار الناس إلّا إلى الرسل فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم رفع يديه نحو السماء فقال: اللهمّ اسقنا غيثا مغيثا، مريئا مريعا، غدقا طبقا سحا سجالا، نافعا غير ضار عاجلا غير رائث، تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيي به الأرض بعد موتها، وكذلك تخرجون. قال: فما تم كلامه حتى ألقت السماء بأرواقها، وجاء أهل البطانة يصيحون: يا رسول الله الغرق الغرق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ حوالينا ولا علينا. قال: فانجابت السحابة عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه- وكان أكثر ضحكه- ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حيا قرتا عيناه من ينشدنا قوله؟ فقام علي بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 522 أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله لعلك أردت قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله لا تخرجون ... ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجل. قال: فقام أعرابي من بني كنانة فقال: لك الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة ... فأرخى وأشخص منه البصر فما كان إلّا وألقى الرداء ... وأسرع حتى رأينا الدرر رقاق العوالي وجم البعاق ... أغاث به الله ربي مضر قوله: «كذبتم وبيت الله لا تخرجون» : في المصادر: كذبتم وبيت الله لا نبزي محمدا ... ولما نقاتل دونه ونناضل قوله: «فما كان إلّا وألقى» : في بعض المصادر: فلم يك إلّا كإلقاء الرداء أو أسرع، وفي بعضها الاخر: فلم يك إلّا كلف الرداء وأسرع. قوله: «رقاق العوالي وجم البعاق» : في بعض المصادر: رقاق العوالي عم البقاع. قوله: «ربي مضر» : في المصادر: عينا مصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 523 وكان كما قال عمه أبو ... طالب أبيض ذو غرر بذاك سقى الله صوب الغمام ... فهذا العيان لذاك الخبر ومن يشكر الله يلقى المزيد ... ومن يكفر الله يلقى الغير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يك شاعر يحسن، فقد أحسنت. قوله: «بذاك سقى الله» : في المصادر: به الله يسقي الغمام. قوله: «فهذا العيان» : في بعض المصادر: وهذا العيان كذاك. قوله: «إن يك شاعر يحسن» : أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 141- 142، 142] من وجهين عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك به، ساقه شاهدا لحديث أنس المخرج في الصحيحين، وفي أوله: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال.. الحديث، أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب من تمطر في المطر حتى تحدر على لحيته رقم 1033، وأخرجه مسلم في الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء برقم 6142. ثم أورد له من الشواهد أيضا: ما رواه البخاري في الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا من حديث ابن دينار قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل حديث رقم 1008، 1009. وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 238. وقد أورد الحافظ في الفتح حديث البيهقي هذا (حديث الباب) ثم قال: - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 1269- روى سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فقال: اللهم بارك لنا في مكتنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، اللهمّ بارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، فقال رجل: يا رسول الله وفي عراقنا، فأعرض عنه، فرددها ثلاثا كل ذلك يقول الرجل: وفي عراقنا، فيعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: بها الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان. - وإسناد حديث أنس وإن كان فيه ضعف لكنه يصلح للمتابعة، وقد ذكره ابن هشام في زوائده في السيرة تعليقا عمن يثق به. اهـ. وقال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل: في سياقه غرابة لا تشبه روايات أنس التي في الصحيح، قال: فإن كان محفوظا فهو قصة أخرى غير ما تقدم، ثم أورد حديث أبي لبابة، وقال: وهذا السياق يشبه سياق مسلم الملائي عن أنسز. ولبعضه شاهد في سنن أبي داود، وفي حديث أبي رزين العقيلي شاهد لبعضه. اهز وعزاه المتقي في الكنز [8/ 437] رقم 23549 للديلمي، وعزاه السيوطي في الخصائص أيضا لابن عساكر. (1269) قوله: «اللهمّ بارك لنا في مكتنا» : هكذا أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه [2/ 748] بإسناد على شرط الصحيح. وقد أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب ما قيل في الزلازل والايات برقم 1037، وفي الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الفتنة من قبل المشرق، من حديث ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا، ليس فيه ذكر مكة. وأخرج مسلم في الفتن الشطر الأخير منه من حديث سالم ونافع كلاهما عن ابن عمر به، رقم 2905 (45، 46، 47، 48، 49، 50) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 525 1270- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع فيقول: اللهمّ أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين من أهل مكة، اللهمّ اشدد وطأتك على مضر، وخذهم بسنين كسني يوسف، قال: فابتلوا بالجوع حتى أكلوا العلهز. والعلهز: الوبر بالدم. 1271- وروي عن بهية بنت عبد الله البكرية أنها قالت: لما سارع الناس في الإسلام أصابنا جهد شديد، فخرج أبي، وأخرجوا نساءهم وبناتهم، وكنا بماء بظهر الكوفة يقال له: فيد، وكنت مع أبي، فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فأسلم الرجال والصبيان فبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (1270) قوله: «وعن أبي هريرة» : تقدم في باب من دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم 1121 (1271) قوله: «بهية بنت عبد الله البكرية» : نسبة إلى بكر بن وائل، صحابية إن صح خبرها. قال الحافظ في الإصابة: أسنده البارودي من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة أحد المتروكين. قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3279] رقم 7545. قوله: «يقال له: فيد» : قال ياقوت في معجم البلدان: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة عامر إلى الان، يودع الحاج فيها أزوادهم وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها، فإذا رجعوا أخذوا أزوادهم ووهبوا لمن أودعوها شيئا من ذلك، وهم مغوثة للحاج في مثل ذلك الموضع المنقطع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 526 وصافحهم، وبايع النساء ولم يصافحهم، ثم نظر إليّ فمسح رأسي ودعا لي وقال: اللهمّ بارك فيها وفي نسلها. قال: فبلغ ولدها ثمانين رجلا وأربعين امرأة، قالت: وقتل من بني أربعين رجلا في سبيل الله. 1272- وروت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت: خرج بي خراج فتخوفت منه، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: بسم الله، اللهمّ أذهب عني ما أجده بدعوة نبيك الصادق الطيب المبارك المكين عندك، قالت: ففعلته فانخفض. قوله: «ثمانين رجلا وأربعين امرأة» : كذا في رواية المصنف، وعند أبي نعيم ومن أوردها في ترجمتها في كتب الصحابة: فولد لها ستون: أربعون رجلا، وعشرون امرأة، واستشهد منهم عشرون. (1272) قوله: «بدعوة نبيك» : أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 181- 182] وفيه: أن عائشة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجع أسماء، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على أسماء فوضع يده على وجهها ورأسها من فوق الثياب، فقال: بسم الله ... فذكره. وأخرج له شاهدا من حديث يزيد بن نوح بن ذكوان: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث عبد الله بن رواحة مع زيد وجعفر إلى مؤتة، قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله إني أشتكي ضرسي، آذاني، واشتد عليّ، فقال: ادن مني، والذي بعثني بالحق لأدعون لك بدعوة لا يدعو بها مؤمن مكروب إلّا كشف الله عنه كربه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على الخد الذي فيه الوجع وقال: اللهمّ اذهب عنه سوء ما يجد وفحشه بدعوة نبيك المبارك المكين- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 1273- وصحت الرواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لسعد بن أبي وقاص أن يستجيب الله دعوته فقال: اللهمّ أجب سعدا إذا دعاك. قال: فكان لا يدعو بشيء إلّا استجيب له. - عندك، سبع مرات، قال: فشفاه الله عزّ وجلّ قبل أن يبرح. قال البيهقي: هذا منقطع. وأخرج ابن سعد في الطبقات بإسناد على شرط الصحيح من حديث عبيد بن عمير أن أسماء كان في عنقها ورم فجعل النبي يمسحها ويقول: اللهمّ عافها من فحشه وأذاه. مرسل. وسيعيد المصنف الحديث في باب ما دعا به صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته. (1273) قوله: «لسعد بن أبي وقاص» : أحد العشرة المبشرين، والسابقين الأولين، شهد بدرا والمشاهد، جمع له النبي أبويه يوم أحد فقال: ارم سعد فداك أبي وأمي، فكان ذلك من مفاخره، وفضائله رضي الله عنه كثيرة. قوله: «اللهمّ أجب سعدا إذا دعاك» : أخرجه بنحوه ومعناه من طرق: الإمام أحمد في الفضائل برقم 1308، والترمذي في المناقب، باب مناقب سعد بن أبي وقاص، رقم 3751، والبزار في مسنده برقم 2579- كشف الأستار، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1408، وأبو نعيم في الحلية [1/ 93] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 142 بصورة المرسل] ، وصححه ابن حبان برقم 6990- إحسان، والحاكم في المستدرك [3/ 499] . قوله: «فكان لا يدعو بشيء إلّا استجيب له» : أخرج الشيخان من حديث جابر بن سمرة قال: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي، فقال سعد: أما أنا فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله، صلاتي العشي لا أخرم منها، أركد في- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 528 1274- وروي عن سلمان الفارسي قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعود رجلا من أصحابه، فدخل عليه فإذا أهله عنده، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على جبينه ثم نادى: كيف تجدك؟ فلم يجب إليه شيئا، فقال أهله: بابائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله إنه لموعك مشغول، قال: خلوا بيني وبينه، فأشار إليه المريض بأن أعد يدك مكانها حيث كانت، ففعل ثم ناداه: ما تجد وما ترى؟ قال: أجدني بخير- كأنه وجد ليده صلى الله عليه وسلم راحة- ثم ناداه: ما ترى؟ قال: يدنو مني رجلان أحدهما أبيض والاخر أسود قال: أيهما أقرب منك؟ قال: الأسود، قال: وما ترى؟ قال: أرى الخير والشر، فمنّ عليّ يا رسول الله بأبي وأمي منك بدعوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أتم القليل واغفر الكثير، ثم ناداه: ما ترى؟ قال: استأخر عني الأسود واقترب مني الأبيض، وإن الشر ينجفل، وإن الخير ينمو، قال: أي عملك كان أملك بك؟ قال: كنت أسقي الناس، قال: اسمع يا سلمان، هل تنكر مني شيئا؟ قال: نعم، بأبي وأمي، قد رأيتك- الأوليين وأحذف في الأخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة إلّا قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعدة: أما إذ نشدتمونا بالله، فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسر بالسرية، فقال سعد: اللهمّ إن كان كاذبا، فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل: كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. متفق عليه (1274) قوله: «وروي عن سلمان الفارسي» : لم أقف على حديثه هذا فيما لدي من المصادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 529 وما رأيتك على مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أعلم ما يلقى، ما منه عرق إلّا يألم بالموت على حدته. 1275- ومن ذلك أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في [] فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له، قال: فلم ير بالمدينة شاب أفضل منه. (1275) قوله: «أن رجلا» : لعله الذي يقال له: الزارع أو: الوازع العبدي، أحد وفد عبد القيس: جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ابن أخ له مصاب ليدعو الله له. وقع في الأصول بياض بعد كلمة: فاستأذنه في، مقدار كلمة. والحديث بطوله عند البزار [3/ 278- 279 كشف الأستار] رقم 2746، وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند أخصر منه، فيما ذكره الحافظ في الأطراف [5/ 445] ، وأخرجه أبو داود في الأدب برقم 5225، والبخاري في الأدب المفرد برقم 975، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 317] رقم 5314، والبيهقي في الدلائل [6/ 21- 22] ، وهذا لفظ البزار- وهو من طريق أبي داود-: ثنا مطر بن عبد الرحمن الأعنق، حدثتني امرأة منا من عبد القيس يقال لها أم أبان بنت الزارع، عن جدها الزارع: أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه بأخيه لأمه- يقال له مطر بن هلال، من عنزة-، وخرج بابن أخ له مجنون، ومعهم الأشج، وكان اسمه منذر بن عائذ، فقال المنذر: يا زارع خرجت معنا برجل مجنون وفتى شاب ليس منا، وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال الزارع: أما المصاب فاتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له، عسى أن يعافيه الله، وأما الفتى العنزي فإنه أخي لأمي، وأرجو أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة، تصيبه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فما عدا أن قدمنا المدينة قيل: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تمالكنا أن وثبنا عن رواحلنا، - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 530 ......... - فانطلقنا إليه سراعا، فأخذنا يديه ورجليه نقبلهما، وأناخ المنذر راحلته، فعقلها، وذاك بعين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عمد إلى رواحلنا، فأناخها راحلة راحلة، فعقلها كلها، ثم عمد إلى عيبته ففتحها، فوضع عنه ثياب السفر، ثم أتى يمشي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أشج إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله، قال: وما هما بأبي وأمي؟ قال: الحلم والأناة، قال: فأنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: الله جبلك عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله، قال الزارع: يا نبي الله بأبي وأمي، جئت بابن أخ لي مصاب، لتدعو الله له وهو في الركاب، قال: فأت به، قال: فأتيته وقد رأيت الذي صنع الأشج، فأخذت عيبتي، فأخرجت منها ثوبين حسنين، وألقيت عنه ثياب السفر، وألبستهما إياه، ثم أخذت بيده، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ينظر نظر المجنون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعل ظهره من قبلي، فأقمته، فجعلت ظهره من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه من قبلي، فأخذه، ثم جره بمجامع ردائه، فرفع يده حتى رأيت بياض إبطيه ثم ضرب بثوبه ظهره، وقال: اخرج عدو الله، فالتفت وهو ينظر نظر الصحيح، ثم أقعده بين يديه فدعا له، ومسح وجهه، قال: فلم تزل تلك المسحة في وجهه، وهو شيخ كبير، كأن وجهه وجه عذراء شبابا، وما كان في القوم رجل يفضل عليه، بعد دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث بطوله. وبه ينتهي الجزء الثالث في تقسيمنا، ويليه إن شاء الله الجزء الرابع، وأوله: فصل في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيبات وغير ذلك والحمد لله رب العالمين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 531 فهرس موضوعات المجلد الثالث جامع أبواب المغازي والسرايا والبعوث النبوية باب ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم 7 فصل: ذكر حديث بدر 11 فصل: وأما قصة أحد 20 فصل: في غزوة حمراء الأسد 34 فصل: في سرية أبي سلمة إلى قطن 35 فصل: في غزوة الرجيع 36 فصل: في سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة 38 فصل: في غزوة بني النضير 40 فصل: في غزوة بدر الميعاد 40 فصل: في غزوة ذات الرقاع 41 فصل: في غزوة المريسيع 43 فصل: في قصة الإفك 45 فصل: في غزوة الخندق وبني قريظة 46 فصل: في سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء 48 فصل: في غزوة بني لحيان من هذيل 49 فصل: في غزوة الغابة 50 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 532 فصل: في سرية عكاشة بن محصن 51 فصل: في سرية زيد بن حارثة 51 فصل: بعث علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة 52 فصل: في سرية ابن رواحة إلى يسير بن رزام 53 فصل: في سرية عبد الله بن عتيك 54 فصل: في قصة الحديبية 55 فصل: في غزوة خيبر 57 فصل: في سرية بشير بن سعد إلى فدك 60 فصل: في عمرة القضية 61 فصل: سياق آخر لقصة الحديبية وعمرة القضية 62 فصل: في سرية كعب بن عمير إلى ذات أطلاح 67 فصل: في غزوة مؤتة 68 فصل: في سرية غالب بن عبد الله 69 فصل: في سرية عيينة بن حصن 69 فصل: في غزوة ذات السلاسل 70 فصل: ذكر سبب مسيره صلى الله عليه وسلم إلى مكة وفتحها 71 فصل: سياق آخر في سبب مسيره صلى الله عليه وسلم لفتح مكة 75 باب: في ذكر استلامه صلى الله عليه وسلم مفتاح بيت الله الحرام 77 فصل: في غزوة حنين 81 فصل: في غزوة أوطاس 84 فصل: في غزوة الطائف 85 فصل: في غزوة تبوك 87 فصل: في بعثه صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالحج 89 فصل: سياق آخر فيه 91 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 533 باب: في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم 92 فصل: في خروجه صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة للحج، وبم أحرم 94 فصل: في الوقوف بعرفة 100 فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة 102 فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى منى 105 فصل: ثم رجع رسول الله إلى المدينة 109 فصل: في بدء مرض وفاته صلى الله عليه وسلم 110 باب: في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم 117 فصل: في نعيه صلى الله عليه وسلم نفسه لابنته فاطمة رضي الله عنها 124 فصل: في ما جاء في آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم 127 فصل: في ذكر ما روي من التشديد على الأنبياء عند الموت 139 فصل: ذكر استئذان جبريل وملك الموت عليهما السلام في قبض روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم 141 فصل: ذكر ما نزل من الكرب على الأمة بوفاته صلى الله عليه وسلم 144 فصل: ذكر تجهيزه صلى الله عليه وسلم وغسله وتكفينه 152 فصل: في دفنه صلى الله عليه وسلم وموضع قبره 161 باب: ما جاء في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم 168 فصل: في فضل ما بين قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره 175 فصل: فيما يقال عند زيارته للسلام عليه صلى الله عليه وسلم 179 فصل: في أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وما ورد من سماعه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه 184 فصل: ذكر بعض أحوال الزائرين 190 فصل: في قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا 191 باب ما جاء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام 193 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 534 جامع أبواب ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأموال والحفدة والمتاع باب ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 241 فصل: وكان جميع ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم 245 فصل: فأول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم 246 فصل: ذكر من تزوجهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن 254 باب ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم 263 باب: في ذكر مواليات رسول الله صلى الله عليه وسلم 271 باب ذكر ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاته من الثياب والقمص والأزر والسرير والصاع والمد 274 فصل: في ذكر أسماء سيوفه صلى الله عليه وسلم 277 فصل: في أسماء دروعه صلى الله عليه وسلم 283 فصل: في أسماء رماحه وألويته وترسه ومغفره وراياته صلى الله عليه وسلم 285 فصل: في أسماء قسيه صلى الله عليه وسلم 290 فصل: ذكر خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم 291 فصل: ذكر أسماء البغال والحمير التي أهديت لرسول الله، والتي كان يركبها صلى الله عليه وسلم 303 فصل: ذكر ما كان له من النوق صلى الله عليه وسلم 309 فصل: ذكر أعنزه صلى الله عليه وسلم 314 فصل: ذكر ما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم وما كان يعجبه من اللباس 316 فصل: ذكر مرآته ومكحلته ومشطه صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من أدواته 329 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 جامع أبواب الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم فصل: في الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم 337 فصل: في أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وما في تأييد الله ونصرته له على أعدائه ورد كيدهم عنه من الدلائل الظاهرة 341 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم 377 باب: الايات في تكليم الأحجار وإطاعة الأشجار وسائر الجمادات له صلى الله عليه وسلم 393 فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات 405 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم 423 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل في تكثيره صلى الله عليه وسلم الطعام 437 فصل: ذكر الايات في دعائه صلى الله عليه وسلم المبارك وما جاء في إبرائه المرضى وذوي العاهات 460 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 536 الجزء الرابع [[تابع] جامع أبواب الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم] [تابع] جامع أبواب الدّلائل الّتي يستدلّ بها على نبوّته صلى الله عليه وسلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 [226- فصل: في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيّبات والكوائن وما يقع في نفوس المنافقين وغيرهم من الصّحابة وما في ذلك من الدّلائل] 226- فصل: في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيّبات والكوائن وما يقع في نفوس المنافقين وغيرهم من الصّحابة وما في ذلك من الدّلائل 1276- فمن ذلك: أن من كان بحضرته من المنافقين كانوا لا يكونون في شيء من ذكره، ولا يفيضون في غيبته إلّا أطلعه الله على ذلك وبينه لهم صلى الله عليه وسلم، حتى إن كان بعضهم ليقول لصاحبه: اسكت فو الله لو لم يكن عندنا إلا الحجارة لأخبرته حجارة الأبطح، لم يكن ذلك منه صلى الله عليه وسلم ولا منهم مرة واحدة ولا مائة مرة، فلا يظن ظان أنه كان منه صلى الله عليه وسلم بالوهم والظن فإنه كفر منه به صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما قالوا على لفظهم، (1276) - قوله: «فقد كان صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما قالوا» : سيورد المصنف قريبا خبر الناقة، وفيها إخباره أصحابه بما تفوه به بعض المنافقين، ومن ذلك أيضا ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 240، 267، 350] وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 482] ، والبيهقي في الدلائل من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة، وقد كاد الظل أن يتقلص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان، فإذا جاءكم لا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور، فقال حين رآه دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: على ما تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال: ذرني آتيك بهم، فانطلق فدعاهم، فحلفوا ما قالوا وما فعلوا حتى يخون، فأنزل الله عزّ وجلّ: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ الآية- لفظ الحاكم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وينبئهم بما في ضمائرهم، ولما ضوعف عليهم في الآيات ازدادوا عمى وإدبارا وضلالة. - ومن ذلك ما أخرجه ابن إسحاق في سيرته، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [5/ 260] من حديث حذيفة قال: كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به، وعمار يسوقه- أو قال: أنا أسوقه وعمار يقوده-، حتى إذا كنا بالعقبة إذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها، قال: فانبهت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، فصرخ بهم فولوا مدبرين، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل عرفتم القوم؟ قلنا: لا يا رسول الله، كانوا متلثمين ولكنا قد عرفنا الركاب، قال: هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة، هل تدرون ما أرادوا؟ قلنا: لا، قال: أرادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها، قلنا: يا رسول الله، أو لا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم؟ قال: لا، أكره أن تحدث العرب بينها: أن محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم، ثم قال: اللهمّ ارمهم بالدبيلة، قلنا: يا رسول الله وما الدبيلة؟ قال: شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك. رواها الإمام أحمد في مسنده عن أبي الطفيل، وأخرجها ابن سعد عن جبير بن مطعم، وأخرجها أيضا البيهقي في الدلائل عن أبي الأسود، عن عروة مرسلا. وأخرج مسلم في صفات المنافقين من صحيحه، من حديث قيس بن أبي حاتم قال: قلت لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في أصحابي اثنا عشر منافقا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة، وأربعة..- قال: لم أحفظ ما قال شعبة فيهم-، وأمثلة هذا كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 1277- ومنها: أنه لما أتى يهود بني النضير واندس له رجل يريد أن يطرح عليه صخرة- وكان قاعدا في ظل أطم-، فنبأه الله بما أضمروا له، فقام راجعا إلى المدينة، ورد الله كيد عدوه عنه، وقتله بعض أقربائه، ونفله رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله. 1278- ومنها: أمر سحر اليهود له صلى الله عليه وسلم، فأخبره الله تعالى حتى استخرج ذلك علي رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان كلما حلّ عقدة ظهر البرء على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كأنه أطلق من عقال. (1277) - قوله: «واندس له رجل» : ستأتي القصة في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن [شرف رقم 61] . (1278) - قوله: «حتى استخرج ذلك علي رضي الله عنه» : كذا قال المصنف، والذي أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 248] من حديث محمد بن السائب- وهو الكلبي الضعيف- عن أبي صالح، عن ابن عباس أن الذي استخرجه عمار بن ياسر، وفيها قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا، فأتاه ملكان فقعدا، أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما ترى؟ قال: طب، قال: وما طبه؟ قال: سحر، قال: وما سحره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلان، تحت صخرة في ركية، فأتوا الركي فانزحوا ماءها، وارفعوا الصخرة، ثم خذوا الكربة فاحرقوها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركي فإذا ماؤها مثل ماء الحناء، فنزحوا الماء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الكربة فأحرقوها، فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأنزلت عليه هاتان السورتان، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. قال الحافظ البيهقي: الاعتماد على الأول، يعني على ما في الصحيحين من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البئر ثم رجع إليها فقال: والله لكأن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 1279- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الخندق حول المدينة، فاعترضت لهم صخرة عظيمة منعتهم عن حفرها، فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فدخل الخندق وأخذ المعول، وضرب الصخرة ضربة فكسر منها ثلثها فبرقت برقة، فكبّر وكبر أهل الخندق، ثم ضربها الثانية فكسر ثلثها، وبرقت برقة، فكبر وكبر أهل الخندق، ثم ضربها الثالثة فاقتلعها، وبرقت برقة، فكبر وكبر أهل الخندق، فقال صلى الله عليه وسلم: أما البرقة الأولى فإن ربي أعطاني فيها كنوز كسرى، وأما البرقة الثانية فإني رأيت فيها بيضاء الشام، وأما البرقة الثالثة فإن الله تعالى ... - ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فقلت له: يا رسول الله هلا أخرجته؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله، كرهت أن أثير على الناس منه شرّا. 279 1- قوله: «فإن الله تعالى» : وقع بعدها بياض في الأصل بمقدار كلمتين. وقد رويت القصة من حديث عمرو بن عوف، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسلمان الفارسي، والبراء بن عازب. أما حديث عمرو بن عوف، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [21/ 133- 134] ، وابن أبي حاتم كذلك [9/ 3117] رقم 17603، والحاكم في المستدرك [3/ 598] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 418] ، قال: خرجت لنا من الخندق صخرة بيضاء مدورة فكسرت حديدنا وشقت علينا، فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها وبرقت منها برقة أضاء ما بين لا بتي المدنية، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضربها الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبر، ثم ضربها الثالثة، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها فكبر، فقلنا: يا رسول الله، قد رأيناك تضرب فيخرج- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 ......... منها برق كالموج ورأيناك تكبر؟! فقال: أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء في الثالثة قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا بالنصر، فقال المنافقون: يخبركم محمد أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا؟! فنزل: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12) الآية. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه أبو نعيم- فيما ذكره السيوطي في الخصائص- قال: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق بمعوله ضربة فبرقت برقة، فخرج نور من قبل اليمن، ثم ضرب أخرى فخرج نور من قبل فارس، ثم ضرب أخرى فخرج نور من قبل الروم، فعجب سلمان من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت؟ قلت: نعم، قال: لقد أضاءت لي المدائن وإن الله بشرني في مقامي هذا بفتح اليمن والروم وفارس. وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، فأخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 429: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخندق وهم محدقون حول المدينة فتناول الفأس فضرب به ضربة فقال: هذه الضربة يفتح الله بها كنوز الروم، ثم ضرب الثانية فقال: هذه الضربة يأتي الله بأهل اليمن أنصارا وأعوانا. وأما حديث سلمان الفارسي، فأخرجه ابن إسحاق في سيرته [3/ 173 ابن هشام] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 417] ، قال: ضربت في ناحية من الخندق فعطف عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قريب مني فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي، نزل فأخذ المعول من يدي فضرب به ضربة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 1280- ومن ذلك: أنه كتب إلى قيصر وكسرى كتابين دعاهما فيهما إلى الإسلام وبدأ بنفسه،.. - فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى، قلت: يا رسول الله ما هذا الذي رأيت يلمع؟ قال: أما الأولى فإن الله فتح عليّ بها اليمن، وأما الثانية فإن الله فتح عليّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح عليّ بها المشرق. فحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول في زمن عمر وزمن عثمان وما بعده: افتتحوا ما بدا لكم فو الذي نفسي بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلّا والله تعالى قد أعطى محمدا مفاتيحها. أما حديث البراء بن عازب، فأخرجه النسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 269- 270] رقم 8858، والبيهقي في الدلائل [3/ 21] ، وأبو نعيم كذلك برقم 430، قال: عرض لنا في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول، فشكونا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أخذ المعول وقال: بسم الله، وضرب ضربة فكسر ثلثها، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر إلى قصورها الحمر، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض، ثم ضرب الثالثة فقطع الحجر فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة. 280 1- قوله: «أنه كتب إلى قيصر» : عظيم الروم هرقل، والقصة في الصحيحين من حديث ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: حدثني أبو سفيان من فيه إلى فيّ قال: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، قال: وكان دحية الكلبي جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 ......... - هرقل، قال: فقال هرقل: هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقالوا: نعم، قال: فدعيت في نفر من قريش فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه، فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا، فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه فقال: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه. قال أبو سفيان: وايم الله لولا أن يؤثروا عليّ الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه: سله: كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قال: قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاءهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم، قال: يزيدون أو ينقصون؟ قال: قلت: لا، بل يزيدون، قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم، قال: فكيف قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا سجالا يصيب منا ونصيب منه، قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هو صانع فيها، قال: والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه، قال: فهل قال هذا والقول أحد قبله؟ قلت: لا. ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم، فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها، وسألتك: هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه، وسألتك عن أتباعه: أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت: أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله، وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 ......... - بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب، وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا، ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم الغلبة، وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك: هل قال أحد هذا القول قبله؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله، قلت رجل ائتم بقول قيل قبله، قال: ثم قال: بم يأمركم؟ قال: قلت: يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف. قال: إن يك ما تقول فيه حقّا فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أك أظنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه تحت قدمي. قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ إلى قوله: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ الآية. قال: فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا، قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، وإنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 فوضع قيصر كتابه على الوسادة وأجابه بجواب حسن، - قال الزهري: فدعا هرقل عظماء الروم فجمعهم في دار لهم فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد وأن يثبت لكم ملككم؟ قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فقال: عليّ بهم، فدعا بهم، فقال: إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه. لفظ البخاري في التفسير، باب قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ الآية. قوله: «فوضع قيصر كتابه على الوسادة» : احتراما واعترافا بنبوته، ولم يسلم لخوفه على ملكه، فأخرج البيهقي في الدلائل [4/ 394] من حديث ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، فأما قيصر فوضعه، وأما كسرى فمزقه، فبلغ ذلك النبي صلى الله فقال: أما هؤلاء فيمزقون، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية. وأخرج البيهقي في الدلائل [4/ 394] عن الشافعي قال: لما أتى كسرى بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمزق ملكه، وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثبت ملكه. وأخرج [4/ 384] أيضا من طريق ابن إسحاق، عن الزهري قال: حدثنا أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قال: لما قدم دحية الكلبي على هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وذكر القصة، وفيها: فأمر بعظماء الروم فجمعوا له في دسكرة ملكه، ثم أمر بها فأسرجت عليهم، واطلع عليهم من علّيّة له وهو منهم خائف فقال: يا معشر الروم إنه جاءني كتاب أحمد، وإنه والله النبي الذي كنا ننتظر ونجد ذكره في كتابنا، نعرفه بعلاماته وزمانه، فأسلموا واتبعوه تسلم لكم دنياكم وآخرتكم، فنخروا نخرة رجل- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 وأما كسرى فإنه مزق كتابه، وكتب إلى فيروز بن ديلم باليمن- وهو من بقية أصحاب سيف بن ذي يزن- يأمره بالمسير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه وقتله. فقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ مزق ملكه، فمزّق الله ملكه. - واحد، وابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم فخافهم فقال: ردوهم عليّ، فكرّهم عليه فقال لهم: يا معشر الروم إني إنما قلت لكم هذه المقالة أغمزكم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم، فلقد رأيت منكم ما سرني، فوقعوا له سجّدا، ثم فتحت لهم أبواب الدسكرة فخرجوا. وفي رواية عند أبي نعيم في الدلائل برقم 240 من حديث ابن الهاد عن دحية أن قيصر قال له: بلغ صاحبك أني أعلم أنه نبي، ولكن لا أترك ملكي، قال: ثم أخذ الكتاب فوضعه على رأسه وقبله وطواه في الديباج والحرير وجعله في سفط.. الحديث. قوله: «وأما كسرى فإنه مزق كتابه» : قال ابن المسيب: فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق، أخرجه البخاري في الجهاد من صحيحه، باب دعوة اليهود والنصارى، من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه كسرى خرقه، رقم 2939. قوله: «وكتب إلى فيروز بن ديلم» : وهو فيروز الديلمي أو ابن الديلمي، صحابي حميري، من أبناء فارس، كنيته: أبو عبد الله وأبو الضحاك، يقال: إنه ابن أخت النجاشي، وكان ممن بعثه كسرى مع سيف بن ذي يزن لينفوا الحبشة عن اليمن. قال أبو عاصم: لم أر أحدا تابع المصنف في قوله أن كسرى كتب إلى فيروز بن ديلم، والمشهور من الروايات في كتب السيرة والتاريخ وغيرها- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 ......... - أن كسرى كتب إلى عامله بصنعاء، وذلك فيما أخرجه البزار في مسنده [3/ 117] كشف الأستار] رقم 2374، والبيهقي في الدلائل [4/ 390] ، وأبو نعيم كذلك برقم 240، جميعهم من حديث ابن الهاد، عن دحية في قصة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم له إلى قيصر وكسرى الطويلة وفيها: وكتب كسرى إلى صاحب صنعاء يتوعده، يقول: لتكفيني رجلا خرج بأرضك يدعوني إلى دينه أو أؤدي الجزية، أو لأقتلك أو لأفعلن بك، قال: فبعث صاحب صنعاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسة عشر رجلا فوجدهم دحية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ كتاب صاحبهم نزّلهم خمسة عشر ليلة، فلما مضت خمس عشرة ليلة تعرضوا، فلما رآهم دعاهم فقال: اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له: إن ربي قتل ربه الليلة.. الحديث. قال الحافظ البيهقي في الدلائل [4/ 391] : وذكره أيضا داود بن أبي هند عن عامر الشعبي بمعناه، وسمى العامل الذي كتب إليه كسرى: باذان صاحب اليمن، فلما جاء باذان الكتاب اختار رجلين من أهل فارس، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بما كتب به كسرى من رجوعه إلى دين قومه أو تواعده يوما بلقائه فيه، ثم ذكر معناه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: وأبلغاه أن ربي قتل ربه، فكان كما أخبر. وأخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 47، 43] ، والبزار في مسنده [3/ 142 كشف الأستار- كذلك باختصار] رقم 2427، والطبراني- فيما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 287] واللفظ منه- والبيهقي في الدلائل [4/ 390] ، وأبو نعيم كذلك- كما في الخصائص الكبرى للسيوطي [2/ 137] ، جميعهم من حديث أبي بكرة قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه بعث كسرى عامله على أرض اليمن ومن يليه من العرب- كان يقال له: باذام-: إنه قد بلغني أنه خرج رجل قبلك يزعم أنه نبي، فقل له فليكف عن ذلك أو لأبعثن إليه من يقتله ... الحديث. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 قال: وسار إليه فيروز وأعلمه بما قد أمر به فيهز فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ربي قد أعلمني أنه قتل البارحة، فراع فيروز وهاله، وكره الإقدام عليه لما رأى وسمع، فأتاه الخبر أن ابنه شيرويه وثب عليه في تلك الليلة بعينها فقتله. قال: فأسلم فيروز لما رأى وسمع من النبأ اليقين، وصار إلى اليمن، ودعا من باليمن من أبناء الفرس إلى الإسلام فأسلموا. - فهذا يدل على أن كسرى إنما بعث إلى صاحب صنعاء وهو باذام، ولم أر من ذكر فيروز فيمن أرسل إليه كسرى أو أنه كان فيمن أرسلهم عامل صنعاء. وفي خصائص السيوطي [2/ 136] قال: وأخرج أبو نعيم وابن سعد في شرف المصطفى- كذا في المطبوع- من طريق إسحاق عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لما قدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى كتب إلى باذام عامله على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين جلدين من عندك فليأتياني به ... القصة. ولعل جملة: في شرف المصطفى، سبق قلم؛ إذ الخبر في طبقات ابن سعد [1/ 260] ، ودلائل أبي نعيم برقم 241 من طرق باللفظ الذي ذكره السيوطي لا عندنا، والله أعلم. قوله: «وسار إليه فيروز» : انظر التعليق المتقدم. قوله: «فأتاه الخبر أن ابنه شيرويه وثب عليه» : أخرج القصة من طرق ابن سعد في الطبقات [1/ 259- 260] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 241. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 فلما خرج العنسي الكذاب باليمن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تآمر هو وقيس بن مكشوح على قتله، فدخل عليه فيروز وهو نائم، فلوى عنقه فدقها. قوله: «فلما خرج العنسي الكذاب» : أخرج ابن سعد في الطبقات [5/ 534] في ترجمة داذويه قال: كان من الأبناء، وكان شيخا كبيرا، أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيمن قتل الأسود بن كعب العنسي الذي تنبأ باليمن، فخاف قيس بن مكشوح من قوم العنسي فادعى أن داذويه قتله، ثم وثب على داذويه فقتله يسترضي بذلك قوم العنسي، فكتب أبو بكر الصديق إلى المهاجر بن أبي أمية أن يبعث إليه بقيس بن مكشوح في وثاق، فبعث به إليه في وثاق، فقال: قتلت الرجل الصالح داذويه؟ وهم بقتله، فكلمه قيس وحلف أنه لم يفعل، وقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم استبقني لحربك، فإن عندي بصرا بالحروب ومكيدة للعدو، فاستبقاه أبو بكر وبعثه إلى العراق، وأمر ألا يولى شيئا، وأن يستشار في الحرب. وأخرج ابن سعد [5/ 534] : أن فيروز كان فيمن قتل الأسود العنسي باليمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قتله الرجل الصالح فيروز بن الديلمي. وأخرج أبو نعيم في المعرفة [4/ 2297] من حديث ضمرة، عن السيباني، عن عبد الله بن الديلمي، عن أبيه قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس الأسود العنسي الكذاب.. الحديث. قال ابن الأثير: تفرد به ضمرة، وقال الحافظ في الإصابة: لم يتابع ضمرة. وانظر قصة قتل الأسود: عند البيهقي في الدلائل [5/ 335- 336] ، وتاريخ ابن جرير، وابن الأثير وغيرهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 1281- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار: إنكم سترون بعدي أثرة، فلما ولي عليهم معاوية منع عنهم عطاياهم، فقدم عليهم فلم يتلقّوه، فقال: ما الذي منعكم أن تلقوني؟ قالوا: لم يكن لنا ظهور نركبها، فقال لهم: أين كانت نواضحكم؟ فقال أبو قتادة: عقرناها يوم بدر في طلب أبيك، ثم رووا له الحديث. فقال لهم: وما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: قال لنا، اصبروا حتى تلقوني، قال: فاصبروا إذن. فقال في ذلك حسان بن ثابت: ألا أبلغ معاوية بن صخر ... أمير المؤمنين نبأ كلامي فإنا صابرون ومنتظروكم ... إلى يوم التغابن والخصام (1281) - قوله: «إنكم سترون بعدي أثرة» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن مالك: فأخرجه البخاري في المساقاة تعليقا، باب كتابة القطائع، رقم 2376، 2377، وفي الجزية والموادعة، باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين، رقم 3163، وفي مناقب الأنصار، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: اصبروا حتى تلقوني على الحوض، رقم 3793، 3794. وأخرجه مسلم في الزكاة برقم 1059. وأخرجاه من روايته عن أسيد بن حضير: أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، رقم 3792، ومسلم في الجهاد 474. والأثرة: بفتح الهمزة- ويقال: بضمها- وسكون المثلثة إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أن الأمر يصير في غيرهم، فيختصون دونهم بالأموال وغيرها من أمور الدنيا، قال الحافظ في الفتح: وكان الأمر كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معدود فيما أخبر به من الأمور الآتية فوقع كما قال. قوله: «فقال في ذلك حسان بن ثابت» : أخرجه بطوله الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 60- 61] ومن طريقه الإمام أحمد في المسند باختصار [5/ 304] ، وابن عساكر في تاريخه [67/ 151] . - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 1282- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله عنه: إن الله مقمصك قميصا، وإنهم حاملوك على خلعه، فلا تفعل، فلما حوصر عثمان قالوا له: اخلع الخلافة، قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، ولست فاعلا ما تقولون، فقتل. - وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 459] من طريق الحكم، عن مقسم أن أبا أيوب أتى معاوية فذكر له حاجة فقال: ألست صاحب عثمان؟ فقال: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أنه سيصيبنا بعده أثرة، قال: وما أمركم؟ قال: أمرنا أن نصبر حتى نرد عليه الحوض، قال: اصبروا، قال: فغضب أبو أيوب وحلف ألا يكلمه أبدا ... الحديث. (1282) - قوله: «ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 75، 86، 114] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 48- 49] ، والترمذي برقم 3705 وقال: حسن غريب، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 112، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 100] من طرق عن عائشة: وهذا لفظ رواية النعمان بن بشير عند الإمام أحمد: عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني في مرضه-: لو كان عندنا رجل يحدثنا؟ فقلت: يا رسول الله ألا أبعث إلى أبي بكر؟ فسكت، ثم قال: لو كان عندنا رجل يحدثنا؟ فقالت حفصة: ألا أرسل لك إلى عمر؟ فسكت، ثم قال: لا، ثم دعا رجلا فساره بشيء فما كان إلّا أن أقبل عثمان، فأقبل عليه بوجهه وحديثه فسمعته يقول له: يا عثمان، إن الله عزّ وجلّ لعله أن يقمصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه، ثلاث مرار، قال: فقلت: يا أم المؤمنين فأين كنت عن هذا الحديث؟ فقالت: يا بني أنسيته، والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته، صححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 6915. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 1283- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم حين صعد هو وأبو بكر وعمر وعثمان جبل حراء: ما عليك إلّا نبي وصديق وشهيدان، فكان كما قال. - ورواه قيس بن أبي حازم عن عائشة، وعن أبي سهلة مولى عثمان عنها، فأبهم ما دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عثمان رضي الله عنه، وفيه بعد أن قال: وددت أن عندي بعض أصحابي، قالت: فأرسلنا إلى عثمان قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه ووجهه يتغير، قال قيس: فحدثني أبو سهلة أن عثمان قال يوم الدار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهدا فأنا صائر عليه. وقال بعضهم في حديثه: فأنا صابر عليه. قال قيس: فكانوا يرونه ذلك اليوم. أخرجه مطولا ومختصرا: الإمام أحمد في مسنده [1/ 58، 69] والترمذي برقم 3711، وابن ماجه برقم 113، وابن أبي شيبة [12/ 44- 45] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 66- 67] ، وصححه الحاكم [3/ 99] ، وابن حبان برقم 6918. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 392] ، وعن زيد بن أرقم عند الطبراني في الكبير [5/ 218] رقم 5061، وفي إسناده عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف. (1283) - قوله: «حين صعد هو وأبو بكر وعمر وعثمان» : وصعد معهم أيضا: علي وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد والزبير فتحركت بهم الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهدأ- أو: اثبت، أو اسكن- حراء فما عليك إلّا نبي أو صديق أو شهيد. أخرجه مسلم في الفضائل من صحيحه، باب من فضائل طلحة والزبير، رقم 2417 (50 وما بعده) ، والإمام أحمد في المسند [2/ 419] ، والترمذي في المناقب، برقم 3696، والنسائي في الفضائل من السنن الكبرى برقم 8207. وقال عبد الله بن ظالم: خطب المغيرة بن شعبة فسب عليا، فأخذ بيدي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 1284- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم للزبير: إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم، ففعل، وقرعه علي بذلك يومئذ، فرجع عنه وترك القتال لما ذكره بذلك. - سعيد بن زيد وقال: ألا ترى هذا الرجل الذي أرى يلعن رجلا من أهل الجنة، وأشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم، فقلت: من التسعة؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء فقال: اثبت حراء فإن عليك نبيا وصديقا وشهيدا.. الحديث. أخرجه من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في مسنده [1/ 188، 189] ، وأبو داود برقم 4648، والترمذي برقم 3757- وقال: حسن صحيح- والنسائي برقم 8156، 8191، 8192، 8205، 8206، 8208 في مسنده برقم 235، والحميدي كذلك برقم 84، وصححه الحاكم [3/ 450- 451] ، وابن حبان كما في الإحسان برقم 6996، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: لما حصر عثمان وأحيط بداره أشرف على الناس فقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتفض بنا حراء قال: اثبت حراء فما عليك إلّا نبي أو صديق أو شهيد ... الحديث. أخرجه البخاري معلقا في الوصايا دون ذكر الشاهد هنا برقم 2778، وأخرجه بالشاهد الإمام أحمد في المسند [1/ 59] ، والترمذي برقم 3699، والنسائي في الأحباس برقم 3601 وصححه ابن حبان برقم 6916. (1284) - قوله: «إنك ستقاتل عليا» : أخرج أبو يعلى في مسنده [2/ 30] رقم 666، والحاكم في المستدرك [3/ 367] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 415] ، جميعهم من حديث أبي جرو المازني قال: شهدت عليا والزبير حين تواقفا فقال له علي: يا زبير أنشدك الله أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قال: بلى ولكني نسيت، ولم أذكر إلّا في موقفي هذا، ثم انصرف. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 1285- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: إن آخر زادك من الدنيا شربة من لبن. - عبد الملك الرقاشي، أورده البخاري في تاريخه وقال: لم يصح حديثه. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 366] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 414- 415] عن الأسود، عن يزيد الفقير عن أبيه- دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه- قال: لما دنا علي وأصحابه من طلحة والزبير ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج علي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعوا لي الزبير بن العوام فإني علي، فدعي له الزبير، فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما، فقال علي: يا زبير نشدتك بالله أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا فقال: يا زبير تحب عليا؟ فقلت: ألا أحب ابن خالي وابن عمي وعلى ديني، فقال: يا علي أتحبه؟ فقلت: يا رسول الله ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني، فقال: يا زبير لتقاتلنه وأنت له ظالم! قال: بلى والله، لقد نسيته منذ سمعته من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك، فرجع.. الحديث، قال ابن كثير: غريب، وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 366] من حديث قيس بن أبي حازم قال: قال علي للزبير: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ فقلت: وما يمنعني؟ قال: أما إنك ستخرج عليه وتقاتله وأنت له ظالم، قال: فرجع الزبير. (1285) - قوله: «إن آخر زادك من الدنيا» : أخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 319] واللفظ له، وابن سعد في الطبقات [3/ 257] ، والطبراني- كما في مجمع الزوائد [7/ 243]- والحاكم في المستدرك وصححه [3/ 389] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 421] ، جميعهم من حديث أبي البختري: أن عمار بن ياسر أتي بشربة لبن، فضحك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن آخر شراب أشربه لبن حتى أموت، بيّن الطبراني اسم الذي سقاه هو أبو المخارق، وزاد في روايته: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 ......... - ثم نظر إلى لواء معاوية فقال: قاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح إلّا أنه منقطع. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 389] من حديث إبراهيم بن سعد، عن أبيه عن جده قال: سمعت عمار بن ياسر بصفين في اليوم الذي قتل فيه وهو ينادي: أزلفت الجنة، وزوجت الحور العين، اليوم نلقى حبيبنا محمّد صلى الله عليه وسلم، عهد إليّ أن آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن، قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. وأخرج أيضا [3/ 391] من حديث حبة العرني قال: دخلنا مع أبي مسعود الأنصاري على حذيفة بن اليمان أسأله عن الفتن فقال: دوروا مع كتاب الله حيثما دار، وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية فاتبعوها فإنه يدور مع كتاب الله حيثما دار، قال فقلنا: ومن ابن سمية؟ قال: عمار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية، تشرب شربة ضياح تكن آخر رزقك من الدنيا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح عال ولم يخرجاه! وقال الذهبي: صحيح!!. ما أدري كأنهما ذهلا عن حبة.. وأخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 258] من حديث أبي عبيدة، عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار قالت: لما كان اليوم الذي قتل فيه عمار والراية يحملها هاشم بن عتبة.. الحديث وفيه: ومع عمار ضيح من لبن فكان وجوب الشمس أن يفطر، فقال حين وجبت الشمس وشرب الضيح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن، قال: ثم اقترب فقاتل حتى قتل وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة. وأخرج البيهقي في الدلائل [6/ 421] من حديث أبي عبيدة، عن مولاة لعمار قالت: اشتكى عمار شكوى أرق منها فغشي عليه، فأفاق ونحن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 1286- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: تقتلك الفئة الباغية. 1287- ومنها: نعيه صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه قتل جعفر الطيار، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة يوم قتلوا وهم بالشام، وذلك أنه يوم أنفذهم قال: إن أصيب زيد فجعفر، وإن أصيب جعفر فعبد الله، وإن أصيب عبد الله فخالد بن الوليد. فأصيبوا كلهم إلّا خالد بن الوليد، ونعاهم صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ساعة أصيبوا. - نبكي حوله فقال: ما تبكون أتخشون أن أموت على فراشي؟ أخبرني حبيبي صلى الله عليه وسلم أنه تقتلني الفئة الباغية، وأن آخر أدمي من الدنيا مذقة من لبن. (1286) - قوله: «تقتلك الفئة الباغية» : هذا القدر منه وكذلك بلفظ: تقتل عمارا الفئة الباغية، في الصحيحين، وهو من الأحاديث المتواترة كما بينه جماعة من الحفاظ. (1287) - قوله: «وذلك أنه يوم أنفذهم قال» : أخرج البخاري في المغازي من صحيحه، باب غزوة مؤتة من أرض الشام من حديث ابن عمر قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة ... الحديث، رقم 4261. وأخرج من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب- وعيناه تذرفان- حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم. وأخرج الواقدي في مغازيه [2/ 756] ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 457، والبيهقي كذلك [4/ 361] من حديث عمر بن الحكم، عن أبيه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 ......... - قال: جاء النعمان بن مهص اليهودي فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد بن حارثة أمير المؤمنين، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فإن قتل عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم، فقال النعمان: أبا القاسم إن كنت نبيا، فسميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا، إن الأنبياء من بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم فقالوا: إن أصيب فلان ففلان، فلوا سموا مائة أصيبوا جميعا، قال: ثم جعل اليهودي يقول لزيد: اعهد، فلن ترجع إلى محمد أبدا، إن كان محمدا نبيّا، قال زيد: فأشهد أنه نبي صادق بار صلى الله عليه وسلم. قال الواقدي [2/ 761] : فحدثني محمد بن صالح التمار، عن عاصم بن عمر بن قتادة [ح] ، وحدثني عبد الجبار بن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم- زاد أحدهما على صاحبه في الحديث- قالا: لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وكشف له ما بينه وبين الشام فهو ينظر إلى معتركهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد بن حارثة فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة، وكره إليه الموت، وحبب إليه الدنيا فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين يحبب إليّ الدنيا؟! فمضى قدما حتى استشهد فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: استغفروا له، فقد دخل الجنة وهو يسعى. فلما قتل زيد أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فجاءه الشيطان، فمناه الحياة وكره إليه الموت، ومناه الدنيا فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين، تمنيني الدنيا؟! ثم مضى قدما حتى استشهد، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له، وقال: استغفروا لأخيكم فإنه شهيد، دخل الجنة، فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة. قال: ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد، ثم دخل الجنة معترضا، فشق- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 ......... - ذلك على الأنصار، فقيل: يا رسول الله ما اعتراضه؟ قال: لما أصابته الجراح نكل فعاتب نفسه فتشجع فاستشهد، فدخل الجنة فسري عن قومه. أخرجه من طريقه البيهقي في الدلائل [4/ 368] . وأخرج البيهقي القصة من طريق موسى بن عقبة [4/ 364] وفيها: وقدم يعلى بن منبه بخبر أهل مؤتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت فأخبرني، وإن شئت أخبرتك، قال: أخبرني يا رسول الله، قال: فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم كله ووصفه لهم، فقال: والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا لم تذكره، وإن أمرهم كما ذكرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم. وأخرجها ابن إسحاق في سيرته [3/ 328 ابن هشام] ومن طريقه البيهقي في الدلائل وفيها: ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل شهيدا، ثم قال: لقد رفعوا إليّ في الجنة فيما يرى النائم على سرر من الذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه، فقلت: عم هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى. وأخرج الواقدي [2/ 764] ومن طريق البيهقي من حديث عبد الله بن الحارث، عن أبيه في هذه القصة: أنه لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن حمي الوطيس، قال: فحدثني العطاف بن خالد قال: لما قتل ابن رواحة مساء بات خالد بن الوليد، فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرته، وميسرته ميمنته، فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم فقالوا: قد جاءهم المدد، فرعبوا فانكشفوا منهزمين فقتلوا مقتلة عظيمة. قلت: كان ذلك ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم: فأخرج الحاكم في المستدرك، ومن طريقه البيهقي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبرهم بأخذ خالد بن الوليد اللواء- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 1288- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن خلف- في فرس كان يعلفها بمكة: ليقتلن عليها محمّدا صلى الله عليه وسلم- فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتله إن شاء الله، فطعنه صلى الله عليه وسلم يوم أحد فسقط يخور كما يخور الثور، فقيل له: إنما هي خدشة، فقال: والله لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم، وكان والله توعدني بالقتل وأنا بمكة فقال: بل أنا أقتل أبيّا. - قال: لم يكن من الأمراء، وهو أمر نفسه-، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره، قال: فمن يومئذ سمّي خالد: سيف الله. (1288) - قوله: «في فرس كان يعلفها» : أخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 46] من حديث ابن شهاب، عن ابن المسيب قال: لما أسر أبيّ بن خلف يوم بدر وافتدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عندي فرسا أعلفه كل يوم فرق ذرة لعلي أقتلك عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله، قال: فلما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف يركض فرسه تلك حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأخروا استأخروا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحربة في يده فرمى بها أبي بن خلف فكسرت الحربة ضلعا من أضلاعه فرجع إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه، حتى ولوا به، وطفقوا يقولون له: لا بأس بك، فقال لهم أبي: ألم يقل لي: بل أنا أقتلك إن شاء الله؟ فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه، قال ابن المسيب: وفيه أنزل الله تبارك وتعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الآية، وانظر تخريج ما يتعلق بالآية من أسباب النزول في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن [شرف رقم 32] . حديث ابن المسيب أخرجه الواقدي في المغازي [1/ 250] من طريق محمد بن عبد الله، عن الزهري عن ابن المسيب، وأخرجه البيهقي من طريق موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، لم يذكر ابن المسيب في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 ......... - هذا الموضع [3/ 206] ، وذكره في الموضع [3/ 259] ، وأحال إلى الرواية التي قبلها، وأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 327] من طريق موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبيه وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي. وأخرج ابن اسحاق في سيرته [/ 331] ، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 414 عن ابن شهاب، عن عبد الله بن كعب بن مالك أخي بني سلمة: أن أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كعب بن مالك، قال كعب: عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليّ أن أنصت، فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به، ونهض معهم نحو الشعب، معه أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، والحارث بن الصمة رضي الله عنه أجمعين في رهط من المسلمين، قال: فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول: أين محمد؟ أين محمد؟ لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: أيعطف عليه يا رسول الله رجل منا؟ فقال: دعوه، فلما دنا، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، يقول بعض القوم فيما ذكر لي: فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر من ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطعنه بها طعنة تردى بها عن فرسه مرارا. أخرج القصة أيضا من طريق ابن إسحاق: ابن جرير في تاريخه [2/ 518] . وأخرجها ابن إسحاق في سيرته [/ 331] ، ومن طريقه ابن جرير في تاريخه [2/ 518] ، من حديث صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: كان أبي بن خلف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول: يا محمد إن عندي العوز أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه، فيقول: بل أنا أقتلك إن شاء الله، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 1289- ومنها: كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، ودفع الكتاب إلى امرأة، فأطلع الله نبيّه صلى الله عليه وسلم، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فأدركاها فاستخرجاه من قرونها، فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا حاطب أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: وما حملك على ذلك؟ قال: يا رسول الله أما والله إني ناصح لله ورسوله، ولكني كنت غريبا في أهل مكة، وكان- فرجع إلى قريش وقد خدشه خدشا في عنقه غير كبير فاحتقن الدم فقال: قتلني والله محمد، قالوا: ذهب والله فؤادك إن كان بك بأس، قال: إنه قد قال لي بمكة: بل أنا أقتلك، فو الله لو بصق عليّ لقتلني. قال: فمات عدو الله بسرف وهم قافلون به إلى مكة، فقال حسان بن ثابت في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيا: لقد ورث الضلالة عن أبيه ... أبي حين بارزه الرسول وأخرج الواقدي في المغازي [1/ 252] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 259] : أن ابن عمر كان يقول: مات أبي بن خلف ببطن رابغ، فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل إذا نار تأجج لي فهبتها، وإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يصيح: العطش، وإذا رجل يقول: لا تسقه فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أبي بن خلف، وللقصة طرق أخرى عند: أبي نعيم في الدلائل برقم 415، والواقدي في المغازي [1/ 251- 252] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 206، 258- 259] . (1289) - قوله: «فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام» : وبعث معهم أيضا أبا مرثد الغنوي، والمقداد، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 أهلي بين أظهرهم فخشيت عليهم، فكتبت هذا الكتاب لأؤلف به قلوبهم، ولكي لا يؤذوا أهلي. قال: فاخترط عمر سيفه ثم قال: يا رسول الله مكني منه أضرب عنقه فإنه قد كفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر، ما يدريك لعل الله اطلع على هذه العصابة من أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. 1290- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر في غزوة تبوك ونزلها واستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا من مائها، ولا تتوضئوا منها للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه به فاعلفوه للإبل ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلّا ومعه صاحب له، قوله: «ولكي لا يؤذوا أهلي» : وفي رواية: أحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقكم، وفي رواية: صدق فلا تقولوا له إلّا خيرا. والقصة مخرجة في الصحيحين من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (1290) - قوله: «لما مر بالحجر في غزوة تبوك» : الخبر بطوله في سيرة ابن اسحاق [2/ 520 سيرة ابن هشام] ، وهو في الصحيحين مفرق: فأخرج الشيخان من حديث نافع عن ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود: الحجر، واستقوا من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من- البئر التي كانت تردها الناقة، لفظ البخاري في أحاديث الأنبياء، وقال: تابعه أسامة، عن نافع. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 ففعل الناس ما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا رجلين من بني طي خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعير له، فأما الذي خرج لحاجته فإنه خنق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طي، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أنهكم أن يخرج أحد إلّا ومعه صاحب له، ثم دعا للذي أصيب في مذهبه فشفي، وأما الآخر فإن طيّا أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة. 1291- ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة الجندل وهو: أكيدر بن عبد الملك رجل من كندة- وأخرج مسلم في الفضائل من حديث أبي حميد الساعدي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرصوها، فخرصناها ... الحديث، وفيه: وانطلقنا حتى قدمنا تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقيم فيها أحد منكم، فمن كان له بعير فليشد عقاله، فهبت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء ... الحديث. (1291) - قوله: «فبعثه إلى أكيدر دومة» : الخبر رواه ابن إسحاق من طرق مرسلا، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن هشام [4/ 526] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 250- 251] ، وفي السنن الكبرى [9/ 178] ، وابن جرير في تاريخه [3/ 108- 109] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 455، وفي المعرفة [1/ 429] رقم 1250، 1251، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 157. وعزاه الحافظ في ترجمة بجير بن بجرة من الإصابة من هذا الوجه: لأبي علي بن السكن وابن منده. وأخرجها الواقدي في المغازي [3/ 1025] من طريق ابن أبي حبيبة، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 - وكان ملكا عليها، وكان نصرانيا- قال صلى الله عليه وسلم: إنك ستجده يصيد البقر، فخرج خالد، حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته، فأتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا، والله، قالت: فمن يترك مثل هذا الصيد؟ قال: لا أحد، فنزل، فأمر بفرسه فأسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له: حسان، فركب، وخرجوا معه بمطاردهم، فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته، وقتلوا أخاه حسانا، وكان عليه قباء ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه. ثم إن خالدا قدم بالأكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن دمه، وصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله، فرجع إلى قريته. وكان المسلمون يذكرون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: إنك ستجده يصيد البقر، وما صنع البقر تلك الليلة حتى استخرجه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. - عن داود بن الحصين، عن ابن عباس، وللقصة عنده أسانيد أخرى. وأخرجها أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 170 من حديث موسى العبسي، عن بلال، عن حذيفة بلفظ مختصر، وانظر ألفاظها في: طبقات ابن سعد [2/ 166] ، وسيرة ابن هشام [4/ 526] . قوله: «وكان المسلمون يذكرون» : الذي قال ذلك هو بجير بن بجرة، وفيها: فقال رجل من طي يقال له بجير بن بجرة يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: إنك ستجده يصيد البقر، وما صنع البقر تلك الليلة حتى استخرجه لتصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم: تبارك سائق البقرات ... رأيت الله يهدي كل هاد فمن بك صائدا عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 1292- ومنها: أنه لما انصرف صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك قافلا إلى المدينة، وكان في الطريق ماء يخرج من وشل، ما يروي الراكب والراكبين والثلاث، بواد يقال له: وادي المشقّق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبقنا إلى ذلك الواد فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه، قال: فسبقه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه. فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم ير فيه شيئا فقال: من سبقنا إلى هذا الماء؟ فقيل: فلان وفلان، قال: أولم أنههم أن لا يستقوا منه شيئا حتى آتيه؟ قال: ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا عليهم، ثم نزل فوضع يده تحت الوشل، فجعل يصب في يديه ما شاء أن يصب، ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا الله بما شاء أن يدعوه به، فانخرق من الماء- كما يقول من سمعه: أن له حسا كحس الصواعق- فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن بقيتم- أو: من بقي منكم- ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه. قيل: وهو اليوم كما قاله صلى الله عليه وسلم. 1293- ومنها: ما روي عن سهل بن سعد أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: ما رأينا مثل ما أبلى فلان، لقد فر الناس وما فر، ما ترك للمشركين شاذة ولا فاذة إلّا اتبعها يضربها بسيفه، قال: من هو؟ قال: فنسب له فلم يعرفه، ثم وصف له صفته فلم يعرفه، حتى إذا طلع الرجل- قال البيهقي: زاد فيه غيره وليس في روايتنا: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك، قال: فأتى عليه تسعون سنة، فما تحرك له ضرس ولا سن. (1292) - قوله: «وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه» : تقدمت القصة برقم: 1165، وخرجناها هناك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 بنفسه قالوا: هذا يا رسول الله الذي أخبرناك عنه، فقال: هو هذا؟ قالوا: نعم، فقال: أما إنه من أهل النار، قال: فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا: فأينا من أهل الجنة إذا كان فلان من أهل النار؟! فقال رجل من القوم، وكان أمثلهم: يا قوم أنظروني، فو الذي نفسي بيده لا يموت على مثل الذي أصبح عليه، ولأكونن صاحبه من بينكم. قال: فكان يميل خلفه في العدو، فجعل يشد معه إذا شد، ويرجع معه إذا رجع، فينظر ما يصير إليه أمره، حتى إذا أصابه جرح أذلقه، فاستعجل الموت فوضع قائمة سيفه على الأرض، وذبابته بين ثدييه ثم تحامل على سيفه حتى خرج من ظهره، وخرج الرجل يعدو ويقول: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنك رسول الله، حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل الجنة. قوله: «وإنه لمن أهل الجنة» : لفظ حديث سعيد بن عبد الرحمن القاضي، عن أبي حازم، أخرجه أبو يعلى في مسنده [13/ 537] رقم 7544. وحديث سعيد هذا أصله في الصحيحين من طرق عن أبي حازم، لكن الوقعة عندهما مبهمة، وأستغرب من الحافظ إذ لم يعينها بحديث أبي يعلى فقال في الفتح: جزم ابن الجوزي في مشكله بأن القصة التي حكاها سهل بن سعد وقعت بأحد، قال: واسم الرجل: قزمان الظفري.. قال الحافظ: وهذا الذي نقله ابن الجوزي أخذه من مغازي الواقدي وهو لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟ نعم أخرج أبو يعلى ... وذكر حديث الباب قال: وهو على نحو ما في الصحيح وليس فيه تسميته قال: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 ......... - وسعيد مختلف فيه وما أظن روايته خفيت على البخاري، قال: وأظنه لم يلتفت إليها لأن في بعض طرقه عن أبي حازم: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وظاهره يقتضي أنها غير أحد، قال: لأن سهلا ما كان حينئذ ممن يطلق على نفسه مثل ذلك لصغره. اه. قال أبو عاصم: لم يخلص الحافظ بما أورده إلى شيء، كما أن مقصوده لم يتضح من ردّه لحديث أبي يعلى- حديث الباب-، كان الأولى أن يقوي به أمر تسمية الوقعة لا ردها سيما وأن سعيدا هذا الذي ضعفه من رجال مسلم، وقد قوى هو أمره في تهذيبه، وعبارته التي أطلقها عليه في التقريب ليست من عبارات الضعف بل تدل على أنه وسط. وأما قوله: إن الواقدي لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟ كان الأولى أن يقال: لا يحتج به إذا وافق فكيف إذا خالف؟ وفي قوله هذا نظر أيضا من حيث أن المخالفة إنما تتضح من المخرج، ومخرج الواقدي للقصة مختلف عن مخرج حديث الصحيحين فكيف يكون عند ذلك مخالفا؟ ثم إن الواقدي لم ينفرد بذلك ولعل الحافظ لم يقف على رواية ابن إسحاق من طريق عاصم بن عمر بن قتادة قال: كان فينا رجل أتي ولا ندري ممن هو يقال له: قزمان.. فذكر قصته، وكذلك لم ينفرد ابن الجوزي بترجيح كون الرجل قزمان الظفري، وأن قصته كانت يوم أحد فقد ذهب إلى ذلك الخطيب في الأسماء المبهمة، وابن بشكوال في غوامض الأسماء، وابن سيد الناس في العيون، والحافظ أبو زرعة العراقي في المستفاد عند الكلام على حديث سهل هذا عند البخاري. بقي أن أقول إنّ ما ورد في آخر قصة الواقدي من قوله صلى الله عليه وسلم: إنّ الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، يتفق وما ورد في قصة أبي هريرة، الأمر الذي يجعل القول باتحادهما متجه، وأن قصة سهل هذه كانت يوم أحد لحديث الباب لرجل غير قزمان الظفري، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 1294- وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال صلى الله عليه وسلم: زويت لي الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها، فكان كذلك. 1295- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم وعدهم كنوز كسرى. (1294) - قوله: «وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [5/ 278، 279، 284] ، ومسلم في صحيحه برقم 2889 (19، 20) ، وأبو داود في سننه برقم 4252، والترمذي في جامعه برقم 2176، وابن ماجه في سننه برقم 3952، جميعهم في كتاب الفتن، وهذا لفظ ابن ماجه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: زويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطيت الكنزين الأصفر (أو الأحمر) والأبيض- يعني: الذهب والفضة- وقيل لي: إن ملكك إلى حيث زوي لك.. الحديث بطوله، وأخرجه أبو نعيم أيضا في الدلائل برقم 464. (1295) - قوله: «وعدهم كنوز كسرى» : أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله، وأخرجا مثله عن جابر بن سمرة. وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل من حديث جابر بن سمرة أيضا: لتفتحن عصابة من المسلمين كنوز كسرى التي في القصر الأبيض، قال: فكنت أنا وأبي فيهم، فأصابنا من ذلك ألف درهم. قال الحافظ البيهقي في الدلائل معلقا على قوله صلى الله عليه وسلم: لتنفقن كنوزهما في سبيل الله، فيه إشارة إلى صحة خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، لأن كنوزهما نقلت إلى المدينة بعضها في زمان أبي بكر وأكثرها في زمان عمر، وقد أنفقاها في المسلمين، قال: فعلمنا أن من أنفقها كان له إنفاقها، وكان والي الأمر في ذلك مصيبا فيما فعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 1296- وقال صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك بن جعشم: كأني بك وقد تسورت بسواري كسرى، فألبسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 1297- وقال لعبد الله بن عمر: كيف بك إذا دفعت من حصن خيبر، فكان كذلك، دفعته اليهود فانكسرت يده. (1296) - قوله: «كأني بك وقد تسورت بسواري كسرى» : أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 325] من طريق أبي داود، ثنا محمد بن عبيد، ثنا حماد، ثنا يونس، عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك بن جعشم، قال: فألقى إليه سواري كسرى بن هرمز فجعلهما في يديه، فبلغا منكبيه، فلما رآهما في يدي سراقة قال: الحمد لله- سواري كسرى بن هرمز في يد سراقة بن مالك بن جعشم، أعرابي من بني مدلج. قال البيهقي: قال الشافعي: وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه: كأني بك قد لبست سواري كسرى. قال الشافعي: وقال عمر رضي الله عنه حين أعطاه سواري كسرى: البسهما، ففعل فقال: قل الله أكبر، قال: الله أكبر، قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج. وأخرج البيهقي من طريق ابن عتبة، عن إسرائيل، عن أبي موسى، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ قال: فلما أتى عمر بسواري كسرى دعا سراقة فألبسه، وقال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابي. (1297) - قوله: «وقال لعبد الله بن عمر» : أخرج مالك في الموطأ، ومن طريقه البخاري في الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك، من حديث نافع عن ابن عمر قال: لما فدع أهل خيبر عبد الله بن عمر قام عمر خطيبا فقال: إن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 ......... - رسول صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ما له هناك فعدي عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق فقال: يا أمير المؤمنين أتخرجنا وقد أقرنا محمّد صلى الله عليه وسلم وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا؟ فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة؟ فقال: كان ذلك هزيلة من أبي القاسم، فقال: كذبت عدو الله. فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالا وإبلا وعروضا من أقتاب وحبال وغير ذلك. قال البخاري: رواه حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، اختصره. قال الحافظ في الفتح: فدع، بالفاء والمهملتين، الفدع: بفتحتيين: زوال المفصل، فدعت يداه إذا أزيلتا من مفاصلهما، وقال الخليل: الفدع: عوج في المفاصل، وفي خلق الإنسان الثابت إذا زاغت القدم من أصلها، من الكعب وطرف الساق فهو الفدع، وقال الأصمعي: هو زيغ في الكف بينها وبين الساعد، وفي الرجل بينها وبين الساق، هذا الذي في جميع الروايات، وعليها شرح الخطابي، وهو الواقع في هذه القصة، قال: ووقع في رواية ابن السكن: بالغين المعجمة أي: فدغ، وجزم به الكرماني، قال: وهو وهم، لأن الفدغ بالمعجمة كسر الشيء المجوف قاله الجوهري، قال: ولم يقع ذلك لابن عمر في القصة. قال الحافظ: وقوله: فعدي عليه من الليل، قال الخطابي: كأن اليهود سحروا عبد الله بن عمر فالتوت يداه ورجلاه، كذا قال، ويحتمل أن يكونوا ضربوه، ويؤيده تقييده بالليل في هذه الرواية. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 1298- وقال أبو بكر رضي الله عنه للمهاجرين والأنصار الذين وجههم إلى قتال مسيلمة وأهل الردة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وعد المسلمين الفتح، وأن يظهر دينه على كل دين، وأن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وإن الله متم نوره، ومصدق وعده، ولكن أخوف ما أخاف عليكم أن يصرفهم الله إلى غيرنا لتقصير يكون منا، فجدوا وبادروا لتحوزوا. 1299- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم بعث رجلا إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: إنك ستجده في داره محتبيا، فكان كذلك. - وقال لرجل بعثه إلى عمر: إنك ستجده راكبا تلوح صلعته، فوجدوه كذلك. - قال: ووقع في رواية حماد التي علق المصنف إسنادهما في آخر الباب بلفظ: فلما كان زمان عمر غشوا المسلمين، وألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه. قال الحافظ: وفي الحديث أشار صلى الله عليه وسلم إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات قبل وقوعها. (1298) - قوله: «وبادروا لتحوزوا» : في الأصول كلمة غير مقروءة بعد قوله: لتحوزوا. (1299) - قوله: «بعث رجلا إلى أبي بكر» : هذا الحديث والذي بعده رويا جميعا بسند، فأخرج الطبراني في الأوسط [1/ 479- 480] رقم 872، والبيهقي في الدلائل [6/ 89- 391] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 150- 151] من حديث زيد بن أرقم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالسا محتبيا، فقل: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 1300- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في سفر له: تهجمون على رجل في هذا الوادي معتجرا ببرد أحمر من أهل الجنة، يبايع الناس، فهبطوا إلى الوادي فإذا الرجل على الصفة التي وصفها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو عثمان بن عفان. - بالجنة، ثم انطلق حتى تأتي الثنية فتلقى عمر راكبا على حمار تلوح صلعته فقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة، ثم انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق يبيع ويبتاع فقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد ... الحديث بطوله. أخرجه البيهقي في الدلائل شاهدا لما أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري قال: توضأت في بيتي ثم خرجت فقلت: لأكونن اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت المسجد فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج وتوجه هاهنا، فخرجت في أثره حتى جئت بئر أريس وبابها من جريد، فمكثت عند بابها حتى ظننت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى حاجته وجلس، فجئته فسلمت عليه وإذا هو قد جلس على قف بئر أريس فتوسطه ثم دلى رجليه في البئر وكشف عن ساقيه، فرجعت إلى الباب فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فلم أنشب أن دق الباب، فقلت: من هذا؟ قال: أبو بكر، قلت: على رسلك، وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة ... الحديث بطوله. قال الحافظ البيهقي بعد إيراده حديث زيد بن أرقم: عبد الأعلى بن أبي المساور ضعيف في الحديث، فإن كان حفظ هذا فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن أرقم إليهم، وأبو موسى لم يعلمه فقعد على الباب، فلما جاءوا راسلهم على لسان أبي موسى بمثل ذلك. اه. (1300) - قوله: «وإذا هو عثمان بن عفان» : وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1250، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 152- 153] وابن عدي في الكامل [3/ 1229] من- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 1301- وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: خرج نبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بأبي ذر نائما في المسجد، فضربه برجله، قال: فقام، فقال: يا أبا ذر كيف أنت إذا أخرجت منه؟ قال: إذا أرجع إلى هذا، قال: فإن منعوك؟ قال: أقاتلهم بسيفي حتى ألقاك، قال: لا تفعل، ولكن انقد لهم حيث قادوك، وانسق لهم حيث ساقوك حتى تلقاني. - حديث الجريري، عن أبي وائل، عن عبد الله بن حوالة بإسناد على شرط الصحيح وفيه علة غير قادحة. خالفه زبيد اليامي فرواه عن أبي وائل، عن ابن مسعود، أخرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 34] وابن عساكر في تاريخه [39/ 152] ، وهذا القدر من الاختلاف لا يقدح؛ إذ التردد بين الرواة في تعيين الصحابي لا يضر في صحة الحديث لعدالتهم رضي الله عنه أجمعين، وانظر ما قبله. (1301) - قوله: «وعن أسماء بنت يزيد» : حديثها هنا مختصر، وأخرجه الإمام أحمد في المسند بطوله في المسند [4/ 457] ، من طريق شهر بن حوشب عنها قالت: إن أبا ذر كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغ من خدمته آوى إلى المسجد فكان هو بيته يضطجع فيه، قالت: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ليلة فوجد أبا ذر نائما منجدلا في المسجد، فنكته رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله حتى استوى جالسا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أراك نائما؟ قال أبو ذر: يا رسول الله فأين أنام، هل لي من بيت غيره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: كيف أنت إذا أخرجوك منه؟ قال: إذا ألحق بالشام، فإن الشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء فأكون رجلا من أهلها، قال له: كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟ قال: إذا أرجع إليه فيكون هو بيتي، قال له: كيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية؟ قال: إذا آخذ سيفي فأقاتل عني حتى أموت، قال: فكشر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثبته بيده قال: أدلك على خير من ذلك؟ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 1302- ومنها: ما روي عن عقبة بن عامر الجهني قال: كنت في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء نفر من اليهود فقالوا: استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته. - قال: بلى بأبي أنت وأمي يا نبي الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنقاد لهم حيث قادوك، وتنساق لهم حيث ساقوك حتى تلقاني وأنت على ذلك. وروى عم أبي حرب، عن أبي ذر نحوه. أخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده، وخرجناه في شرحنا له تحت رقم 1517- فتح المنان أخرجه مقتصرا منه على الشاهد، وأخرجه غيره بنحو حديث أسماء. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 334] من حديث معمر، عن قتادة قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر وهو يحرك رأسه فقال: يا رسول الله أتعجب مني؟ قال: لا، ولكن مما تلقون من أمرائكم بعدي، قال: أفلا آخذ سيفي فأضرب به؟ قال: لا، ولكن اسمع وأطع، وإن كان عبدا حبشيا مجدعا، فانقد حيث ما قادك، وانسق حيث ما ساقك، واعلم أن أسرع أرض العرب خرابا الجناحان: مصر والعراق. (1302) - قوله: «ما روي عن عقبة بن عامر الجهني» : اختصر المصنف لفظ حديثه هنا، وأخرجه بطوله ابن جرير في تفسيره [16/ 8] وابن عبد الحكم في فتوح مصر [/ 38- 39] ، وأبو الشيخ في العظمة برقم 975، والبيهقي في الدلائل [6/ 295- 296] ، جميعهم من حديث ابن أنعم- وهو ضعيف-، عن سعد بن مسعود، عن شيخين أو رجلين من كندة. قالا: استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني فوجدناه في ظل داره جالسا، فقلنا: إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك، فقال: وأنا استطلت يومي، فخرجت إلى هذا الموضع. قال: ثم أقبل علينا، فقال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت ذات يوم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 فدخلوا فقالوا: أخبرنا عما جئنا نسألك عنه. قال: جئتم تسألوني عن ذي القرنين، قالوا: نعم، قال: كان غلاما من أهل الروم، ناصح الله عزّ وجلّ فأحبه الله، وملك الأرض، وسار حتى أتى مغرب الشمس، ثم سار إلى مطلعها، ثم سار إلى جبل يأجوج ومأجوج فبنى السد فيها. قالوا: نشهد أن هذا شأنه، وإنه لفي التوراة. - فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا: من يستأذن لنا على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: وما لي ولهم؟ يسألونني عما لا أدري! إنما أنا عبد لا أعلم إلّا ما علمني ربي عزّ وجلّ. ثم قال: أبغني وضوءا، فأتيته بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلى ركعتين ثم انصرف، فقال لي- وأنا أرى السرور والبشر في وجهه، فقال-: أدخل القوم عليّ، ومن كان من أصحابي فأدخله. قال: فأذنت لهم فدخلوا، فقال: إن شئتم أخبرتكم عما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا، وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول، قالوا: قل فأخبرنا. فقال: جئتم تسألوني عن ذي القرنين، إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر، فابتنى مدينة يقال لها الاسكندرية، فلما فرغ من شأنها بعث الله عزّ وجلّ ملكا ففرع به فاستعلى بين السماء ثم قال له: انظر ما تحتك؟ فقال: أرى مدينتين، ثم استعلى به ثانية ثم قال: انظر ما تحتك؟ فنظر فقال: ليس أرى شيئا، فقال له: المدينتين هو البحر المستدير، وقد جعل الله عزّ وجلّ لك مسلكا تسلك به، فعلم الجاهل وثبت العالم، قال: ثم جاوزه فابتنى السد جبلين زلقين لا يستقر عليهما شيء، فلما فرغ منهما سار في الأرض فأتى على أمة أو على قوم وجوههم كوجوه الكلاب، فلما قطعهم أتى على قوم قصار، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 1303- ومن ذلك: ما روى سفينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء. 1304- ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر. - فلما قطعهم أتى على قوم من الحيات تلتقم الحية منهم الصخرة العظيمة، ثم أتى على الغرانيق وقرأ هذه الآية: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) . فقال: هكذا نجده في كتابنا. في إسناده مبهمان، أورده ابن كثير في تفسيره بلفظ مختصر وضعفه فقال: فيه طول ونكارة، ورفعه لا يصح، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل، واستغرب إيراد أبي زرعة له في دلائل النبوة، وأنكر قول الراوي أن ذا القرنين من الروم، والله أعلم. وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 301 من وجه آخر عن ابن إسحاق قال: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان بنحوه مختصرا. (1303) - قوله: «ما روى سفينة» : حديثه عند الإمام أحمد في المسند [5/ 220، 221] ، وأبو داود في كتاب السنة من سننه، باب: في الخلفاء، رقم 4646، والترمذي في الفتن من جامعه، باب: في الخلافة، رقم 2227، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 47] رقم 8155، والحاكم في المستدرك [3/ 145] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 341، 342] . (1304) - قوله: «اقتدوا باللذين من بعدي» : زاد في الرواية: وأشار إلى أبي بكر وعمر وفيها أيضا: واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه، روى هذا الحديث عمرو بن هرم وهلال مولى ربعي بن حراش كلاهما عن ربعي، عن حذيفة به. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 ......... - أما حديث عمرو بن هرم، فأخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر وعمر، رقم 3663، والإمام أحمد في مسنده [5/ 399] ، وفي الفضائل برقم 479، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 97، وابن أبي شيبة في المصنف [14/ 569] رقم 18896، وابن سعد في الطبقات [2/ 334] ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على الفضائل برقم 198، والطحاوي في شرح مشكل الآثار [2/ 85] ، وابن عدي في الكامل [2/ 666] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6902. وأما حديث هلال مولى ربعي، فقد رواه عبد الملك، واختلف عليه فيه: أ- فقال سفيان عنه: عن هلال، عن ربعي، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 11، 14/ 569] رقم 11991، 18895، والإمام أحمد في المسند [5/ 385] ، والترمذي في المناقب برقم 3799، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 97، والبزار في مسنده [7/ 250- البحر الزخار] رقم 2828، 2829، ويعقوب الفسوي في المعرفة [1/ 480] ، وعبد الله بن أحمد في السنة برقم 1367، والطبراني في الأوسط [6/ 236] رقم 5499، وابن أبي عاصم في السنة الأرقام: 1148، 1149، 1422، 1423، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 153] ، وفي المدخل برقم 61، وابن أبي حاتم في العلل [2/ 381] ، وأبو نعيم في الإمامة برقم 49، والطحاوي في المشكل [2/ 84] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم 2498، والخطيب في تاريخه [4/ 346- 347] ، وغيرهم، وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ. وتابع سفيان، عن عبد الملك: مسعر بن كدام في إحدى الروايتين عنه، أخرجه الخطيب في التاريخ [12/ 20] ، وتابعه أيضا ابن عيينة في إحدى الروايات، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 75] ، وزائدة أيضا في إحدى- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 ......... - الروايتين عنه، أخرجه ابن عبد البر في جامعه [2/ 182] ، وأبو نعيم في الحلية [9/ 109] ، والبيهقي في مناقب الشافعي [1/ 362] . ب- ورواه من تقدم في الرواية الثانية لهم، وجماعة غيرهم عن عبد الملك، عن ربعي، بإسقاط مولى ربعي، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 382] ، ومن طريقه عبد الله بن أحمد في السنة برقم 1366، والترمذي في جامعه برقم 3662، والحميدي في مسنده برقم 449، ومن طريقه الطحاوي في المشكل [2/ 84] ، والطبراني في الأوسط [4/ 487] رقم 3828، والبغوي في شرح السنة [14/ 101] رقم 3895، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم 2499، والبيهقي في مناقب الشافعي [1/ 437] ، والحاكم في المستدرك [3/ 75] . تذييل: 1- قال أبو عيسى الترمذي: وكان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث، فربما ذكره عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، وربما لم يذكره. أخرج حديث سفيان بن عيينة: الترمذي في مناقب أبي بكر وعمر من جامعه، وابن سعد في الطبقات [2/ 334] ، والقطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 670، والطحاوي في المشكل [2/ 84] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 101] رقم 3894، والبيهقي في السنن الكبرى [25/ 212] ، والخطيب في الفقيه والمتفقه [1/ 177] . 2- ورواه المؤمل بن إسماعيل- وفيه كلام- عن سفيان الثوري فسمى شيخ عبد الملك منذرا، أخرجه القطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 526. ورواه بعضهم عن سفيان فلم يذكر هلالا ولا منذرا، وجعلوا شيخه فيه ربعي بن حراش بلا واسطة، أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 1305- وقوله صلى الله عليه وسلم: إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا. قال أبو سعد: فأعلمنا صلى الله عليه وسلم بهذا أن الخليفة بعده أبو بكر وعمر. 1306- وقال أبو بكر الصديق رضوان الله عليه: يا رسول الله رأيت كأن في صدري رقمتين وعليّ حبرة، فقال صلى الله عليه وسلم: صدقت رؤياك، يولد لك غلام تحبر به، وتلي بعدي سنتين. قال أبو سعد رحمه الله: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم كما يقول المعبرون: - فضائل أبيه برقم 293، والطحاوي في المشكل [2/ 83- 84] ، والحاكم في المستدرك [3/ 75] . وليعلم أن هذا القدر من الاختلاف لا ينزل الحديث عن رتبة الحسن لأن أصحاب الروايتين عن عبد الملك ثقات، وحديث عبد الملك لا ينزل عن الحسن، سيما وقد توبع في الطرف الآخر كما تقدم. (1305) - قوله: «إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا» : هو طرف من حديث أخرجه بطوله الإمام أحمد في مسنده [5/ 298] ، ومسلم في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، رقم 681، والبيهقي في الدلائل [4/ 284، 285] وابن حبان في صحيحه مقتصرا على هذا الشطر برقم 6901- الإحسان- جميعهم من حديث عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة. (1306) - قوله: «وتلي بعدي سنتين» : رواه ابن سعد في الطبقات [3/ 176] قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، أخبرنا السري بن يحيى، عن الحسن قال: قال أبو بكر: يا رسول الله ما أزال أراني أطأ في عذرات الناس، قال: لتكونن من الناس بسبيل، قال: ورأيت في صدري كالرقمتين، قال: سنتين، قال: ورأيت عليّ حلة حبرة، قال: ولد تحبر به، مرسل ورجاله ثقات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 لئن صدقت رؤياك، بل قال: صدقت رؤياك، حتما منه، فوجد الأمر كذلك. 1307- وروي عن محمد بن علي قال: أقبل جيران أم أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن أم أيمن لم تنم البارحة من البكاء، لم تزل تبكي حتى أصبحت. قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن فجاءته فقال: يا أم أيمن لا أبكى الله عينيك، إن جيرانك أتوني فأخبروني أنك لم تنمي الليل أجمع، فلا أبكى الله عينيك، ما الذي أبكاك؟ قالت: يا رسول الله رأيت رؤيا عظيمة شديدة، فلم أزل أبكي الليل أجمع، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقصيها عليّ، فإن الله ورسوله أعلم بذلك، فقالت: يعظم عليّ أن أتكلم بها، فقال لها: إن الرؤيا ليست على ما ترين، فقصيها على رسول الله، قالت: إني رأيت في ليلتي هذه كأن بعض أعضائك ملقى في بيتي. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: نامت عينك يا أم أيمن، تلد فاطمة الحسين فتربينه وتلين بعض أعضائي في بيتك. فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السّلام وكان اليوم السابع، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه، وتصدق بوزن شعره فضة، وعق عنه، ثم هيأته أم أيمن، ولفته في برد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: مرحبا بالحامل والمحمول، هذا تأويل رؤياك. (1307) - قوله: «مرحبا بالحامل والمحمول» : في السياق نكارة، رواه قابوس عن أم الفضل أنها قالت: يا رسول الله- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 1308- ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أشقى الناس عاقر الناقة، والذي يخضب هذه من هذه. يعني: الذي يضرب رأسك فيخضب لحيتك من دم رأسك، فضرب على رأسه رضي الله عنه حتى قتل. - رأيت كأن في بيتي عضوا من أعضائك، قال: خيرا رأيت، تلد فاطمة غلاما فترضعيه، قال: فولدت حسينا أو حسنا فأرضعته بلبن قثم، قالت: فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، فبال، فضربت كتفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجعت ابني رحمك الله. أخرجه ابن ماجه في التعبير، باب تعبير الرؤيا. قال الحافظ البوصيري في الزوائد: رجال إسناده ثقات إلّا أنه منقطع. اه. يعني: بين قابوس وأم الفضل. (1308) - قوله: «أشقى الناس عاقر الناقة» : له طرق كثيرة عن علي بن أبي طالب، وفي الباب أيضا عن عمار بن ياسر، وجابر بن سمرة وغيرهما. فمن طرق حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 113] ، من حديث أبي سنان الدؤلي: أنه عاد عليّا رضي الله عنه في شكوى له شكاها قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني والله ما تخوفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول: إنك ستضرب ضربة هاهنا، وضربة هاهنا- وأشار إلى صدغيه- فيسيل منها دمها حتى تختضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود، قال الحاكم: على شرط البخاري، وعبد الله بن صالح كاتب الليث قد ذكر غير واحد أن البخاري أخرج له غير منسوب، يقول فيه: حدثنا عبد الله بن صالح، وبسبب ذلك حصل الخلاف في كونه من رجاله أو لا. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 ......... - وأخرج أبو نعيم في الدلالائل برقم 489 من حديث ثعلبة بن يزيد الحماني- وثقه النسائي، وقال البخاري: فيه نظر- قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، وأشهد أنه كان مما يشير إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتخضبن هذه وهذه- يعني لحيته من رأسه-. وأما حديث عمار، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 263- 264] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 490، والحاكم في المستدرك [3/ 141] وصححه على شرط مسلم من طريق محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خثيم أبي يزيد عنه قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم.. الحديث، وفيه: ألا أحدثكما بأشقى الناس: رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه- يعني: قرنه- حتى تبل منه هذه- يعني لحيته-. وأخرج الطبراني في الأوسط [8/ 156] رقم 7314، وأبو نعيم في الدلائل برقم 491 من حديث سماك، عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: إنك مؤمر مستخلف، وإنك مقتول، وهذه مخضوبة من هذا- يعني: لحيته من رأسه-. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 139] بإسناد ضعيف من حديث عطاء بن السائب، عن أنس قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعوده وهو مريض وعنده أبو بكر وعمر فتحولا حتى جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما لصاحبه: ما أراه إلّا هالك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لن يموت إلّا مقتولا، ولن يموت حتى يملأ غيظا. وأخرج الحاكم أيضا من حديث أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 1309- ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي رضي الله عنه: إنه سيّد، وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كذلك. 1310- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى الطائف فأتى على موضع قال: هذا قبر أبي رغال- وكان من أصحاب ثمود- منعه الله العذاب لمنصبه من الحرم مات فدفن فيه، ودفن معه غصن من ذهب، فطفق أصحابه صلى الله عليه وسلم فحفروا عنه حتى استخرجوا الغصن. - عن علي رضي الله عنه قال: أتاني عبد الله بن سلام وقد وضعت رجلي في الغرز وأنا أريد العراق فقال: لا تأتي العراق، فإنك إن أتيته أصابك به ذباب السيف، فقال علي: وأيم الله لقد قالها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك، قال أبو الأسود: فقلت في نفسي: يا الله، ما رأيت كاليوم رجل محارب يحدث الناس بمثل هذا. أخرجه الحميدي برقم 53، وأبو يعلى برقم 491، والبزار برقم 2571 كشف الأستار وصححه ابن حبان برقم 7633 الإحسان. (1309) - قوله: «بين فئتين عظيمتين» : أخرجه البخاري من حديث أبي بكرة في الصلح، وفي المناقب، وفي الفتن، وفي علامات النبوة، وأخرجه أيضا أبو داود، والترمذي، والنسائي، والإمام أحمد وغيرهم. (1310) - قوله: «هذا قبر أبي رغال» : أخرجه أبو داود في الخراج والإمارة برقم 3088، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 156] وفي الدلائل [6/ 297] ، من حديث بحير بن أبي بحير، عن عبد الله ابن عمرو. ورواه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 454] رقم 20989، من طريق معمر عن إسماعيل بن أمية بنحوه- مرسل-. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 1311- ومن ذلك ما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على كل بيضاء وصفراء، وعلى كل شيء إلّا أنفسهم وذراريهم، فأتي بالربيع وكنانة ابنا أبي الحقيق وأحدهما عروس بصفية بنت حيي، فلما أتى بهما قال: أين آنيتكما التي كانت تستعار في أعراس المدينة؟ قالا: أخرجتنا وجليتنا فأنفقناها، فقال لهما: انظرا ما تقولان، فإنكما إن كتمتماني استحللت بذلك دماء كما وذراريكما، فقالا: نعم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فقال: اذهب إلى مكان كذا وكذا إلى نخل كذا وكذا، فانظر نخلة في رأسها رقعة، فانزع الرقعة واستخرج ما فيها، وائتني بها، قال: فانطلق حتى جاءه، فقدمهما فضرب أعناقهما، وبعث إلى ذراريهم، فأتى بصفية وهي عروس مخضبة فأمر بها بلالا، فذهب بها إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1312- وقال صلى الله عليه وسلم لرجل يقال له: أبو سلمى: إنك ستبقى بعدي حتى تسأل، فكان كذلك. (1311) - قوله: «ما روى عبد الله بن عباس» : حديثه بطوله عند ابن سعد في الطبقات [2/ 112] من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عنه، واختصره الإمام أحمد [1/ 250] وابن ماجه في الرهون، باب معاملة النخيل والكرم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف. وله شاهد من حديث ابن عمر، أخرجه أبو داود في الخراج، باب في حكم أرض خيبر، رقم 306، والبيهقي في الدلائل [4/ 229- 230] . (1312) - قوله: «يقال له: أبو سلمى» : لعله راعي غنمه صلى الله عليه وسلم وخادمه، ذكر بعضهم أن اسمه: حريث، ترجم له في الصحابة لكني لم أجد حديثه في ترجمته، وربما يؤيد ما ذكرت ما ورد في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 1313- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أعلم أصحابه بموته ودنو أجله، وأسرّ إلى ابنته فاطمة رضي الله عنها، وأخبرها أنها أول أهل بيته لحوقا به، فكان كذلك. - بعض طرق ما روى أبو سلام قال: كنا قعودا في مسجد دمشق فمر بنا بعض خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال القوم: قوموا حتى نسأله عن حديث لم يتداوله الرجال، وفي رواية: حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله الرجال فيما بينكم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يقول ثلاث مرات حين يمسي أو يصبح: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمّد صلى الله عليه وسلم نبيا؛ إلّا كان حقّا على الله أن يرضيه يوم القيامة. أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره، واللفظ لابن عساكر في التاريخ. (1313) - قوله: «أعلم أصحابه بموته ودنو أجله» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 217] من حديث عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعيت إليّ نفسي بأني مقبوض في تلك السنة، وأخرج البخاري في تفسيرها عن ابن عباس قوله: أجل، أو مثل ضرب لمحمّد صلى الله عليه وسلم نعيت له نفسه، وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيرها من حديث أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يبعث نبيا إلّا عمّر في أمته شطر ما عمر النبي الماضي قبله، وإن عيسى بن مريم كان أربعين سنة في بني إسرائيل، وهذه لي عشرون سنة، وأنا ميت في هذه السنة، فبكت فاطمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت أول أهل بيتي لحوقا بي، فتبسمت، وفي صحيح البخاري من حديث عروة عن عائشة قالت: دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارّها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارّها بشيء فضحكت، فسألناها عن ذلك فقالت: سارني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 1314- ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب حين أسره: فاد نفسك وابني أخويك: عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، فإنك ذو مال، فقال: إن مالي قد ذهب، فقال صلى الله عليه وسلم: ما فعلت الدنانير التي دفعتها لأم الفضل ليلة أردت الخروج إلى بدر وقلت لها: إن أصبت في هذا الوجه فافعلي كذا وكذا؟ فتعجب العباس بن عبد المطلب وقال: والله ما كان لنا ثالث إلّا الله عزّ وجلّ. فأيقن بنبوته وبالإسلام. - وأخرجاه أيضا في الصحيحين من حديث مسروق عن عائشة. وانظر ما تقدم في هذا في باب وفاته صلى الله عليه وسلم. (1314) - قوله: «فاد نفسك وابني أخويك» : أخرجه ابن إسحاق في سيرته، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 142] ، من حديث عروة، عن الزهري، وغيره في قصة أسارى بدر: فبعث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا، وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله إني قد كنت مسلما، فقال صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهرا منك فكان علينا، فافد نفسك وابني أخيك: نوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر، قال: ما أخال ذلك عندي يا رسول الله، قال: فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل، فقلت لها: إن أصبت في سفري هذا فهذا المال لبني: الفضل بن العباس وعبد الله بن العباس وقثم بن العباس؟ فقال: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي.. الحديث. رواه يونس بن بكير أيضا عن ابن إسحاق، ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة نحوه، أخرجه الحاكم في المستدرك- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 ......... -[3/ 324] ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 142- 143] غير أنه أدخل حديث غيره فيه. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 409 من حديث محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثني بعض أصحابنا عن مقسم، عن ابن عباس بنحوه. وأخرجه أيضا برقم 410 من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، حسنه من هذا الوجه الحافظ في الفتح، وصححه السيوطي في الخصائص. وأخرج الإمام أحمد القصة في مسنده [1/ 353] ، من حديث يزيد، عن ابن إسحاق، عمن سمع عكرمة، عن ابن عباس. وأخرجها ابن سعد في الطبقات [4/ 13- 14] من طرق، عن ابن إسحاق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب حين انتهى به إلى المدينة: يا عباس افد نفسك.. القصة. وأخرجها أيضا [4/ 15] من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس القصة بطولها. وأخرج ابن سعد في الطبقات، والبيهقي في الدلائل [3/ 144] من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: لما أسر نوفل بن الحارث ببدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افد نفسك يا نوفل، قال: ما لي شيء أفدي به نفسي يا رسول الله، قال: افد نفسك من مالك الذي بجدة، قال: أشهد أنك رسول الله، ففدى نفسه بها فكانت ألف رمح. قال الحافظ البيهقي في الدلائل: المشهور عند أهل المغازي أن عباسا رضي الله عنه فداه. قلت: الإسناد جيد، ولا يعارض هذا ما كان من العباس رضي الله عنه للقرابة التي بينهم، أو أن العباس جعله دينا يقضيه إياه نوفل بعد رجوعه، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 1315- ومن ذلك: أن بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم- وهو خبيب- أسر، فقدم به مكة فباعوه- ابتاعه بعض المشركين-، وكان قد قتل لهم يوم بدر قتيلا، فاجتمعوا بمكة فصلبوه، فقال وهو مصلوب: اللهمّ إني لا أجد أحدا يقرئ رسولك مني السلام، فاقره مني السلام، والنبي صلى الله عليه وسلم ساعة ذلك بالمدينة على المنبر فقال: وعليك وعليه السلام، هذا جبريل يخبرني أن خبيبا صلب وهو يقرأ عليّ السلام. (1315) - قوله: «وهو خبيب» : القصة بطولها أخرجها البخاري في غير موضع من صحيحه، فأخرجها في الجهاد، باب: هل يستأسر الرجل؟ من طريق عمرو بن أبي سفيان صاحب أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري- جد عاصم بن عمر بن الخطاب- فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة- وهو بين عسفان ومكة- ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا قريبا من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة فقالوا: هذا تمر يثرب، فاقتصوا آثارهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا أيديكم، ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فو الله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهمّ أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم: خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي في هؤلاء لأسوة- يريد القتلى-، وجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 ......... - عندهم أسيرا، فأخبرني عبيد الله ابن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته، فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حتى أتاه، قالت: فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمر، وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيبا، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهمّ احصهم عددا: ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي أشق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع فقتله ابن الحارث. فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا. فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا. وأخرجه البيهقي في الدلائل [3/ 326- 329] ، وأبو نعيم كذلك برقم 438، 439، من طريق عروة بن الزبير، وبريدة بن سفيان الأسلمي، وموسى بن عقبة بزيادة: فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو جالس في ذلك اليوم الذي قتلا فيه: وعليكما- أو: عليك السلام- خبيب قتلته قريش. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 1316- ومن ذلك: ما روى قيس بن أبي حازم، عن أبي شهم قال: كنت بالمدينة فمرت بي امرأة فأخذت بكشحها، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع، فأتيته فلم يبايعني، وقال لي: ألست صاحب الجبيذة بالأمس؟ فقلت: لا أعود يا رسول الله، قال: فبايعني. 1317- ومن ذلك: ما روى أبو السفر قال: رأى أبو سفيان يوما (1316) - قوله: «عن أبي شهم» : اختلف في اسمه، فقيل: زيد- أو يزيد- بن أبي شيبة، صحابي، يعد في الكوفييين. أخرج حديثه وقصته النسائي في الرجم من السنن الكبرى [4/ 319] رقم 7329، والإمام أحمد في المسند [5/ 294] ، وابن سعد في الطبقات [6/ 56] وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني [5/ 138- 139] رقم 26766، 2677، وأبو يعلى في مسنده [3/ 112] رقم 1543، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [6/ 168] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 372- 373] رقم 932، 933، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 932] رقم 6861، 6862، والبيهقي في الدلائل [6/ 306] . صححه الحاكم في المستدرك [4/ 377] على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، وقال الحافظ في الإصابة: إسناده قوي. قلت: من شواهده قول ابن عمر المخرج في صحيح البخاري: كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا مخافة أن ينزل فينا القرآن، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا. قوله: «صاحب الجبيذة» : تصغير: الجبذة. (1317) - قوله: «ما روى أبو السفر» : الكوفي، التابعي، الفقيه سعيد بن محمد الهمداني، أحد الثقات، حديثه في الكتاب الستة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي والناس يطؤون عقبه، فقال بينه وبين نفسه: لو عاودت هذا القتال، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ضرب بيده على صدره فقال: إذن يخزيك الله، قال: أتوب إلى الله وأستغفر الله مما تفوهت به. 1318- ومن ذلك: أن رجلا من المشركين- كان رأسا فيهم وعظيما من عظمائهم- قعد في نادي قومه وهو بمكة يقال له: عمير بن وهب، فتحدثوا بما أصيبوا يوم بدر وذكروا أصحاب القليب من قريش، وقالوا: لا خير في الحياة بعدهم، فقال عمير بن وهب: والله لولا دين- أخرج حديثه هكذا مرسلا: ابن سعد في الطبقات- فيما ذكره السيوطي في الخصائص [2/ 85]-. وقال البيهقي في الدلائل [5/ 102] : قرأت في كتاب محمد بن سعد، عن محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن إسحاق: أن أبا سفيان بن حرب بعد فتح مكة كان جالسا فقال في نفسه ... فذكره، مرسل. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [23/ 458] . ثم أخرجه البيهقي موصولا بإسناده إلى الفريابي، حدثنا موسى بن أبي إسحاق، عن أبي السفر، عن ابن عباس به. ومن طريق البيهقي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [23/ 458] . (1318) - قوله: «يقال له: عمير بن وهب» : الجمحي، أخرج قصته بسند متصل صحيح: الطبراني في معجمه [17/ 61- 62] رقم 120، من طريق عبد الرزاق أنا جعفر بن سليمان: عن أبي عمران الجوني- لا أعلمه إلّا عن أنس- قال: فذكر القصة بطولها إلّا أنه قال: كان وهب بن عمير، فقلب اسمه وذكر بدل بدر أحدا، ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده- كما في الإصابة- وأبو نعيم في المعرفة [4/ 2095] رقم 5269، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 287] : رجاله رجال الصحيح، وقال السيوطي في الخصائص: إسناده موصول صحيح. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 عليّ وبنات أخلفهن لسرت إلى محمد وشفيت نفسي بقتله. فتحمل صفوان بن أمية دينه، وضمن له من يقوم بعياله على أن يقتل محمّدا صلى الله عليه وسلم. قال: فلما جاء إلى المدينة عقل ناقته بباب المسجد، وأخذ السيف فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه على عاتقه، فلما رآه عمر رضي الله عنه سبقه إلى- وروي عن ابن إسحاق على ألوان، ففي السيرة [2/ 206- 209 ابن هشام] : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة. وتابعه سلمة بن الفضل، أخرجه ابن جرير في تاريخه [2/ 472] . وكذلك رواه ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 56] رقم 117، وأبو نعيم في المعرفة برقم 5268، والبيهقي في الدلائل [3/ 147] . مرسل، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 286] . ورواه يونس، عن ابن إسحاق فلم يذكر عروة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 58] رقم 118، والبيهقي في الدلائل [3/ 149] . وتابعه إبراهيم ابن سعد عند أبي نعيم في الدلائل برقم 413، ومحمد بن سلمة، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [4/ 2095] رقم 526. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 286] : مرسلا، وإسناده جيد. ورواه أبو نعيم في المعرفة برقم 5267، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 59] رقم 119، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 153، من حديث موسى بن عقبة، عن الزهري. ورواه البيهقي في الدلائل [3/ 147- 148] أيضا، عن مغازي موسى بن عقبة لم يذكر ابن شهاب. وأخرج القصة ابن سعد في الطبقات [4/ 200] من حديث ثابت، عن عكرمة، وأخرجها بطولها أيضا غير مسندة [4/ 199- 200] . وأخرجها الواقدي في المغازي [1/ 125] ، عن عاصم بن عمر بن قتادة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذا الغادر عمير بن وهب قد أقبل عليك فلا تأمنه على نفسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخله عليّ، فأقبل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه بحمائل سيفه يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعه يا عمر، ادن يا عمير، ما الذي جاء بك؟ قال: جئت للأسير الذي بين أيديكم، قال: أصدقني، ما أقدمك؟ قال: ما جئت إلّا لذلك، فقال له صلى الله عليه وسلم: فما بال سيفك على عاتقك؟ فقال: قبحها الله من سيوف، ما أغنت عنا شيئا، فنزل جبريل عليه السّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه بقصته وبما جاء فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا، بل قعدت أنت وفلان وفلان في الحجر وتذاكرتم قتلاكم ببدر فقلت: لولا دين عليّ وبنات ورائي لقصدت محمدا، ولأقتلنه، فضمن عنك دينك فلان، وكفل بناتك فلان، والله تعالى حائل بينك وبين ما تريد، فقال عمير بن وهب: من أخبرك بهذا يا محمد؟ قال: الله تعالى الذي أخبرني به، فأسلم عمير مكانه. 1319- وعن جابر بن عبد الله قال: هبت ريح شديدة، والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال: هذه لموت منافق، فلما قدمنا المدينة إذا عظيم من عظماء المنافقين قد مات. (1319) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : الأنصاري، أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [3/ 315، 351] ، ومسلم في صفات المنافقين، برقم 2782 (15) ، والبيهقي في الدلائل [4/ 61] . قوله: «والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره» : أخرج البيهقي في الدلائل [4/ 59- 60] ، وأبو نعيم كذلك برقم 443، القصة بطولها من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، ومن طريق ابن أبي أويس، عن إسماعيل بن إبراهيم عن موسى بن عقبة، وفيها أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 1320- ومن ذلك: ما روي عن قتادة بن النعمان قال: كانت ليلة شديدة الظلمة والمطر، فقلت: لو أني اغتنمت الليلة شهود العتمة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فبقيت. فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أبصرني ومعه عرجون يمشي معه، فقال: ما لك يا قتادة هاهنا هذه الساعة؟ قلت: اغتنمت شهود الصلاة معك يا رسول الله. قال: فأعطاني العرجون، وقال: إن الشيطان قد خلفك في بيتك، فاذهب بهذا العرجون فاستضئ به حتى تأتي بيتك فتجده في زاوية البيت فاضربه بالعرجون. قال: فخرجت من المسجد فأضاء العرجون بمثل الشمعة، فاستضأت- وأخرجها الواقدي في مغازيه [2/ 423] وزعم أن الذي أخبر بموته عند هبوب الريح: زيد بن رفاعة بن التابوت، وكذلك قال ابن إسحاق في روايته فيما ذكره السيوطي في الخصائص [2/ 15] . (1320) - قوله: «فلم أزل أضربه بالعرجون» : أخرج القصة من طرق: الإمام أحمد في المسند [3/ 65] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [49/ 285] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 13] رقم 19، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل برقم 505، وابن عساكر في تاريخه [49/ 283- 284] . وأخرجها الطبراني أيضا برقم 9، والبزار في مسنده [1/ 296- 297] رقم 620، كشف الأستار. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 166] في حديث أبي سعيد وأبي هريرة: حديث أبي هريرة في الصحيح، وحديث أبي سعيد في حك البصاق رواه أحمد والبزار ... ورجاله رجال الصحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 به فأتيت أهلي فوجدتهم رقود، فنظرت في الزوايا فإذا فيها قنفذ، فلم أزل أضربه بالعرجون حتى خرج. 1321- ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: تنبح عليك كلاب الحوأب. (1321) - قوله: «تنبح عليك كلاب الحوأب» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 52، 97] ، وابن أبي شيبة في المصنف [15/ 259- 260] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 282] رقم 4868، والبزار كذلك [4/ 94 كشف الأستار] رقم 3275، والحاكم في المستدرك [3/ 120] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 410] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1627] وصححه ابن حبان برقم 6732- إحسان، جميعهم من حديث قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة مرت ببعض مياه بني عامر طرقتهم ليلا، فسمعت نباح الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلّا راجعة، قالوا: مهلا، يرحمك الله، تقدمين فيراك المسلمين فيصلح الله بك، قالت: ما أظنني إلّا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 119] وصححه، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 411] من حديث ابن أبي الجعد، عن أم سلمة قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض نسائه أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها. قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: هذا حديث غريب جدّا. وأخرج البزار في مسنده- 3273، 3274 كشف الأستار- من حديث ابن عباس مرفوعا: أيتكن صاحبة الجمل الأحمر الأدبب تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب، يقتل حولها قتلى كثيرة، ثم تنجو بعد ما كادت. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 1322- ومنه: نعيه صلى الله عليه وسلم النجاشي وإخباره أصحابه بموته. 1323- وذلك أن النجاشي مات بأرض الحبشة، فطوى الله تعالى لنبيه الأرض حتى نظر إلى جنازته في اليوم الذي مات فيه، ثم قام فصلى عليه هو وأصحابه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: استغفروا لأخيكم. 1324- ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم لزيد بن صوحان: ........... - قال البيهقي في مجمع الزوائد [7/ 234] : رجاله ثقات. (1322) - قوله: «نعيه صلى الله عليه وسلم النجاشي» : أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات، وأخرجا من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مات اليوم رجل صالح، فصلوا على أصحمة. (1323) - قوله: «استغفروا لأخيكم» : أخرجاه من حديث أبي هريرة، فرقه البخاري في غير موضع، وأخرجه في مناقب الأنصار، باب موت النجاشي بنحو اللفظ هنا من حديث أبي سلمة، وابن المسيب عن أبي هريرة، وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى لهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه، وقال: استغفروا لأخيكم. وأخرجه مسلم في الجنائز، باب في التكبير على الجنازة، رقم 951 (63) . (1324) - قوله: «لزيد بن صوحان» : هو: الربعي، أبو سلمان العبدي، اختلف في صحبته، يقال: له وفادة، وكان من أهل الفضل والصلاح، قال الذهبي في سيره: كان من العلماء العباد، ذكروه في كتب معرفة الصحابة ولا صحبة له، لكنه أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع من عمر وعلي وسلمان، وقال ابن الزبير: لا أعلم له صحبة، وكان فاضلا دينا سيدا في قومه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 زيد وما زيد، يسبقه عضو منه إلى الجنة، فقطعت يده يوم نهاوند في سبيل الله تعالى. قوله: «زيد وما زيد» : حديث الباب أخرجه أبو يعلى في مسنده [1/ 393] رقم 511 من حديث الهذيل بن بلال- تصحف في المسند إلى: هلال- عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجل يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة، فلينظر إلى زيد بن صوحان. وأخرجه من طريق أبي يعلى: الخطيب في تاريخه [8/ 440] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 416] وقال: الهذيل بن بلال غير قوي، وابن عساكر في تاريخه [19/ 435] وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 398] وقال: فيه من لم أعرفهم. قلت: تابعه الحسين بن الرماحس، عن عبد الرحمن بن مسعود، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [19/ 435] وعزاه الحافظ في الإصابة لابن منده. وأخرج ابن عساكر [19/ 436] من حديث الحارث الأعور قال: كان ممن ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم زيد الخير وهو زيد بن صوحان قال صلى الله عليه وسلم: سيكون بعدي رجل من التابعين- وهو زيد الخير- يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة بعشرين سنة، قال: فقطعت يده اليسرى بنهاوند، ثم عاش بعد ذلك عشرين سنة، ثم قتل يوم الجمل بين يدي علي بن أبي طالب. وأخرج ابن سعد في الطبقات [6/ 123] من حديث الأجلح، عن عبيد بن لاحق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل رجل من القوم فساق بهم ورجز، ثم نزل آخر، ثم بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواسي أصحابه فنزل فجعل يقول: جندب، وما جندب؟ والأقطع الخير زيد، ثم ركب، فدنا منه أصحابه فقالوا: يا رسول الله سمعناك الليلة تقول: جندب، وما جندب؟ والأقطع الخير زيد، فقال: رجلان يكونان في هذه الأمة، يضرب أحدهما- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 1325- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم بعث نفرا إلى خالد بن سفيان ليقتلوه فقال: إنكم إذا رأيتموه ذكّركم الشيطان ما بينكم وبينه فتأخذكم قشعريرة، قال: فكان كذلك. - ضربة تفرق بين الحق والباطل، والآخر تقطع يده في سبيل الله، ثم يتبع الله آخر جسده بأوله. قال الأجلح: أما جندب فقتل الساحر عند الوليد بن عقبة، وأما زيد فقطعت يده يوم جلولاء، وقتل يوم الجمل، عزاه في الإصابة أيضا لابن منده. وروى نحوه من حديث أبي فروة أخرجه ابن عساكر [19/ 436] . وأخرجه ابن منده أيضا من حديث بريدة، قاله السيوطي في الخصائص. وأخرج البيهقي في الدلائل [6/ 416- 417] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 445] ، وغيرهما، من حديث عوف الأعرابي وجرير بن حازم، عن ابن سيرين: أن عائشة رضي الله عنها قالت لخالد ابن الواشمة: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قال: نعم، وما يمنعني؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، قلت: بل نحن لله ونحن إليه راجعون، على زيد وأصحاب زيد، قالت: زيد بن صوحان؟ قلت: نعم، فقالت له خيرا، فقلت: والله لا يجمع الله بينهما في الجنة أبدا، فقالت: لا تقل، فإن رحمة الله واسعة، وهو على كل شيء قدير، لفظ حديث أيوب، عن ابن سيرين أخرجه ابن الأثير في الأسد. (1325) - قوله: «بعث نفرا إلى خالد بن سفيان» : هو ابن نبيح الهذلي، أخرج القصة: ابن إسحاق في سيرته [4/ 619- ابن هشام] ومن طريقه أبو داود في الصلاة برقم 1249، والإمام أحمد في مسنده [3/ 496] ، وأبو يعلى [2/ 201] رقم 905، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 256] وفي الدلائل [4/ 42] ، وأبو نعيم كذلك برقم 445، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 ......... - قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي جمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة- أو بعرنة- فأته، قال: قلت: يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه، فقال: آية ما بينك وبينه، أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة، قال: فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه في ظعن يرتاد لهن منزلا، حين كان وقت العصر فلما رأيته، وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة فأخذت نحوه، وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه، أومئ برأسي، فلما انتهيت إليه قال: ممن الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاء لذلك، قال: أجل، إني أنا في ذلك، قال: فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف حتى قتلته، ثم خرجت، وتركت ظعائنه منكبّات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال: قد أفلح الوجه، قال: قلت: قتلته يا رسول الله، قال: صدقت، قال: ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلني بيته، فأعطاني عصا، فقال: امسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس، قال: فخرجت بها على الناس فقالوا: ما هذه العصا؟ قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أمسكها، قالوا: أفلا ترجع فتسأله لم ذلك؟ قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟ قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المختصرون- أو المتخصّرون- يومئذ، فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه في كفنه ثم دفنا جميعا رحمه الله. علقه ابن سعد في الطبقات [2/ 50] ، وابن عبد الله بن أنس هو عبد الله، كما جاء مصرحا به في بعض الروايات، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 1326- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة بدر وبلغ بدرا جعل يسير إلى موضع موضع ويقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى. فما أخطأوا تلك المواضع. (1326) - قوله: «هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى» : أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب غزوة بدر، رقم 1779، والإمام أحمد في مسنده [3/ 19- 220، 257] ، وأبو داود في الجهاد، باب في الأسير ينال منه ويضرب ويقرر، والبيهقي في الدلائل وغيرهم. وهذا لفظ مسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه. فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا. قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول: ما لي علم بأبي سفيان ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا أيضا ضربوه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما رأى ذلك انصرف، قال: والذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا مصرع فلان، قال: ويضع يده على الأرض هاهنا وهاهنا، قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 1327- وقال صلى الله عليه وسلم: ليرعفن على منبري رجل من بني أمية، فكان كذلك، رعف عنده عمرو بن سعيد حتى سال رعافه على درج المنبر. 1328- ومن ذلك أن بعض من كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد على عقبيه كافرا فمات، فقال صلى الله عليه وسلم: لن تقبله الأرض، فدفن، فأصبحوا به فوق الأرض، ثم دفن فأصبحوا به كذلك، ثم كذلك حتى ألقوه في بعض الغيران. (1327) - قوله: «ليرعفن على منبري» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 385، 522] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [46/ 36] ، من حديث ابن جدعان عمن سمع أبا هريرة، وفي رواية: ليرتقين جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا يسيل رعافه.. الحديث، قال: فحدثني من سمع عمرو بن سعيد يرعف على منبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى سال الدم على درج المنبر وأخرجه الحارث في مسنده- كما في بغية الباحث برقم 617- قال في مجمع الزوائد [5/ 240] : رواه أحمد وفيه راو لم يسم. (1328) - قوله: «أن بعض من كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم» : يعني: الوحي، أخرج الشيخان من حديث أنس قال: كان رجل نصرانيا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري محمد إلّا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه خارج القبر، فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه. لفظ البخاري في المناقب، وأخرجه مسلم في صفات المنافقين ليس فيه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 1329- ويروى: أن أبا عمرو النخعي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد من النخع فقال: يا رسول الله إني رأيت في طريقي هذا رؤيا، رأيت أتانا تركتها في الحي ولدت جديا أسفع أحوى. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من أمة تركتها مسرة حملا؟ - قوله صلى الله عليه وسلم: لن تقبله الأرض، وأخرجه الإمام أحمد في المسند وجماعة، وهذا لفظ ابن حبان: كان رجل يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قد قرأ البقرة وآل عمران عد فينا ذو شأن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه: غَفُوراً رَحِيماً، فيكتب: عَفُوًّا غَفُوراً، فيقول النبي اكتب، ويملي عليه: عَلِيماً حَكِيماً، فيكتب: سَمِيعاً بَصِيراً، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب أيهما شئت، قال: فارتد عن الإسلام، فلحق بالمشركين فقال: أنا أعلمكم بمحمد، إن كنت لأكتب ما شئت، فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الأرض لن تقبله، قال: فقال أبو طلحة: فأتيت تلك الأرض التي مات فيها، وقد علمت أن الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال، فوجدته منبوذا، فقلت: ما شأن هذا؟ فقالوا: دفناه فلم تقبله الأرض. (1329) - قوله: «أن أبا عمرو النخعي» : اسمه: زرارة بن قيس- أو: ابن عمرو بن قيس- بن الحارث بن عدّاء، قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن في النصف من المحرم سنة إحدى عشرة. ذكره ابن سعد في الطبقات [5/ 531] ، وأورد فيه قصة الباب. وقال الحافظ في الإصابة: أخرجها ابن شاهين من طريق أبي الحسن المدايني عن شيوخه، قال الحافظ: وأخرج ابن شاهين من طريق ابن الكلبي: حدثني رجل من جرم عن رجل منهم قال: وفد رجل من النخع يقال له: زرارة بن قيس بن الحارث بن عدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 قال: نعم، تركت أمة إني أظنها قد حملت، قال: قد ولدت غلاما وهو ابنك، قال: فما له أسفع أحوى؟ قال: ادن مني، فدنا منه، قال: هل بك برص تكتمه؟ قال: نعم، والذي بعثك بالحق ما رآه مخلوق ولا علم به، قال: هو ذاك. 1330- وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس في مجلسه- يعني: المسجد- معه ناس من أصحابه، منهم: عامر ابن فهيرة، وبلال، وسلمان، إذ دخل قيس بن مطاطية الثقفي فقال: هؤلاء الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بال هؤلاء؟ قوله: «هو ذاك» : زاد من ذكرنا قريبا في هذا الحديث، قال: يا رسول الله، ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان، قال: ذاك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته، قال: ورأيت عجوزا شمطاء خرجت من الأرض، قال: تلك بقية الدنيا، قال: ورأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له: عمرو وهي تقول: لظى لظى، بصير وأعمى، أطعموني آكلكم أهلكم ومالكم، قال صلى الله عليه وسلم: تلك فتنة تكون في آخر الزمان، قال: يا رسول الله وما الفتنة؟ قال: يقتل الناس إمامهم، ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس- وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه- يحسب المسيء فيها أنه محسن، ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء، إن مات ابنك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك، قال: فقال: يا رسول الله ادع الله أن لا أدركها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لا يدركها. فمات وبقي ابنه عمرو فكان ممن خلع عثمان بالكوفة. اهـ. وفي رواية: فكان أول من خلع عثمان وبايع عليا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 فسمعه حذيفة بن اليمان فقام إليه فلبّبه، ثم أقبل يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قال، فقال: اشدد يدك به. ثم علا رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فاجتمع إليه ناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا إن الرب عزّ وجلّ واحد، وإن العربية اللسان الناطق، فمن تكلم بها فهو منهم، ألا وإن مولى القوم منهم، وابنه من أبنائهم، وابن ابنه من أنفسهم. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حذيفة: ما أصبح لقيس يا رسول الله؟ فقال: خلّ عنه، فإنه من أهل النار، يكفيهم عمله. قال: فقتل يوم اليمامة مع مسيلمة الكذاب مرتدا. (1330) - قوله: «فسمعه حذيفة بن اليمان» : هكذا هو عندنا في الأصول، وعند الخطيب وابن عساكر أن الذي سمعه ولبّبه هو معاذ بن جبل. قوله: «ألا إن الرب عزّ وجلّ واحد» : لفظ الخطيب وابن عساكر: يا أيها الناس إن الرب رب واحد، وإن الأب أب واحد، وإن الدين دين واحد، ألا وإن العربية ليست لكم بأب ولا أم، إنما هي لسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي. رواه أبو بكر الهذلي- وهو ضعيف- فاختلف عليه فيه. رواه مرة عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك- كما في سبل الهدى والرشاد [10/ 118- 119]-، ومن طريقه ابن عساكر [24/ 225] . ورواه أبو بكر عن مالك مرة فقال: عن أبي سلمة مرسلا، لم يذكر أبا هريرة، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [24/ 224] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 1331- وروي عن سمرة بن جندب: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فقال: هاهنا من آل فلان أحد؟ فلم يقم أحد حتى قالها ثلاثا، فقام إليه رجل، فقال: إن فلانا مأسور بدينه، قال: فلقد رأيت أهله ومن تحزن به قاموا، فقضوا ما عليه حتى لم يبق عليه شيء. 1332- وروي أن رجلا ضخما من العرب رآه صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد صارعني، فإن صرعتني قتلتني ولك أغنامي، وإن صرعتك قتلتك وأرحت العباد منك، قال: نعم، فصارعه فألقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض، فقال له الرجل: أقلني هذه المرة، فأقاله، فصرعه الثانية، فلما صرعه الثالثة عزم الرجل أن يأخذه برجله، فهبط جبريل عليه السّلام فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم: تريد أن تخدعني؟ قال: كيف؟ قال: تريد أن تأخذني برجلي، قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله. (1331) - قوله: «وروي عن سمرة بن جندب» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 11، 13، 20] وأبو داود في البيوع، باب التشديد في الدين، رقم 3341، والنسائي كذلك، باب التغليظ في الدين، رقم 4685 وغيرهم، وفي إسناد حديثه اختلاف: فمنهم من يرويه عن الشعبي عن سمعان، عن سمرة. ومنهم من يسقط سمعان. ومنهم من يرويه عن الشعبي مرسلا، قال البخاري في تاريخه: لا يعلم للشعبي سماع من سمعان، ولا لسمعان من سمرة. (1332) - قوله: «وروي أن رجلا ضخما» : هو ركانة بن يزيد، تقدم حديثه في الفصل الأول من هذا الباب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 1333- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم بعث بعض نسائه إلى امرأة يريد أن يخطبها فقال لها: انظري إليها. فذهبت المرأة، فلما رأتها رأت امرأة على وجهها مسحة من الجمال، فقالت: لئن وصفتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، فرجعت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت؟ فقالت: ما رأيت طائلا. فقال صلى الله عليه وسلم: قد رأيت طائلا وخالا بخدها اقشعرت كل شعرة منك، فقالت: ما دونك سر. 1334- وروي: أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى سفر فشكا إليه أصحابه الجوع فقال صلى الله عليه وسلم: لا يأتيكم الله برزق حتى تصلوا العصر، فلما صلوا العصر إذا هم بأربعة بدن سمان بعث بها عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأكل القوم حتى شبعوا. (1333) - قوله: «بعث بعض نسائه» : هي عائشة رضي الله عنها، والمرأة التي خطبها من كلب. أخرج القصة ابن سعد في الطبقات [8/ 161- في ترجمة شراف التي هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخطبها، - وقد تقدم الكلام عليها] ، والخطيب في تاريخه [1/ 301] ، وابن عساكر في تاريخه [51/ 36] ، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 188] ، جميعهم من حديث جابر الجعفي- وهو ضعيف-، عن ابن سابط، عنها به. قوله: «اقشعرت كل شعرة منك» : في رواية: اقشعرت منها ذوائبك، وفي نسخة: فنعت- يعني: النبي صلى الله عليه وسلم- كل شعرة منها بحيالها. قوله: «ما دونك سر» : زاد في رواية: ومن يستطع أن يكتمك؟. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 1335- وأهدي إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قدر من اللحم فقالت للخادم: ارفعيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء قدميها إليه، قالت: فجاء إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: قدمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرة اللحم، فجاءت بها فإذا هي قد صارت حجرا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها وقال: ما لك يا أم سلمة؟ فقصت عليه القصة، فقال: لعله قام على بابكم سائل فأهنتموه؟ قالت: أجل يا رسول الله، قال: فإن ذاك لذاك. 1336- ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم عن الأهلة: هل يزيد عددها أو ينقص؟ فيجدونها كما أخبرهم عنها. (1335) - قوله: «فإن ذاك لذاك» : أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 299] ، من طريق خارجة بن مصعب، عن سعيد بن إياس الجريري، عن مولى لعثمان، عن أم سلمة.. بنحوه، وفيه خارجة بن مصعب ضعفه غير واحد، ومولى عثمان لا يدرى من هو. لكن، تابع خارجة: علي بن عاصم عن الجريري، أخرجه البيهقي في إثر الذي قبله، فبقيت جهالة مولى عثمان، عزاه السيوطي في الخصائص [2/ 290] أيضا لأبي نعيم. (1336) - قوله: «كان يخبرهم عن الأهلة» : أخرج ابن جرير في تفسيره [2/ 185- 186] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [1/ 322] ، من حديث ابن عباس قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة فنزلت هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ الآية، يعلمون بها حل دينهم، وعدة نسائهم ووقت حجهم، وروي نحوه عن عطاء، وأبي العالية، والضحاك، وقتادة، والسدي والربيع بن أنس. وكان صلى الله عليه وسلم يخبرهم أيضا عن السحاب ووجهته، وعن وقت وقوع المطر بفضل ما أعلمه الله وأطلعه عليه، أخرج البخاري في تاريخه [5/ 248] ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 ......... - وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 237- واللفظ له-، وابن منده في الصحابة-، كما في الإصابة [6/ 314] من حديث ابن إسحاق قال: حدّثت عن عبد الرحمن بن خباب، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري- وكانت له صحبة-: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده ومعه رجال من أهل الريب وهم المنافقون، إذ نشأت سحابة، قال: فأبدها رسول الله صلى الله عليه وسلم عينيه ثم جعل كأنه يتبع بصره شيئا حتى نظر نحو بعض حجره، قال: فقام، فلبث ما شاء الله ثم رجع فجلس، فقلنا: يا رسول الله رأيناك تصنع شيئا ما رأيناك تصنعه، قال: إني بينا أنا معكم إذ نظرت إلى ملك تدلى من هذه السحابة فأتبعته بصري أنظر أين يعمد، فإذا هو قد وقع في بعض حجري، فقمت إليه فسلم عليّ، ثم قال: إني لم أزل أستأذن ربي في لقيك حتى كان هذا أوان أذن لي في ذلك، وإني أبشرك يا محمد أنه ليس آدمي أكرم على ربه منك، قلت: ومن أنت؟ قال: أنا ملك السحاب الذي وكل به، قلت: فهل أمطرتم شيئا من البلدان؟ قال: نعم أمطرنا بلد كذا وكذا، وبلد كذا وكذا، وبلد كذا وكذا، وبلد كذا وكذا، قلت: فهل أمرتم لنا بشيء؟! قال: أما في شهركم هذا فلا، ولكنا قد أمرنا أن نمطركم في شهركم الداخل ليلة كذا وكذا في كذا وكذا من الشهر، قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا، فقال أولئك النفر من المنافقين: قد فصل محمد بينكم وبين نفسه، انظروا ما قال لكم، فإن يك حقّا فالرجل نبي مرسل، وإلا يكن حقّا فأنتم على ما أنتم عليه، لم يزدكم في أمركم ذلك إلّا شدة، ثم خرجوا يتلقون الركبان فلا يسألون عن بلد من البلدان التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أخبروا عنه بمطر، قال: فقالوا: سأل الركبان كما سألنا فأخبر، ولكن انظروا الليلة التي وعدكم فيها ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدهم فيها ما وعدهم أمطروا، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا كنا أهل ريب فهلم نبايعك بيعة جديدة، فبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامهم، وبورك لهم في ذلك المجلس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 1337- ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أعطى رجلا من المشركين فرسا فقيل له: تعطي عدو الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: سيسلبها، فكان كذلك. 1338- ومنها: معجزة عجيبة- لعمر الله عند من عقل-: أمر ناقته حين افتقدت، فأرجف المنافقون فقالوا بألسنة حظلة، وقلوب خاوية، فطعنوا في الأمر الذي هو أعظم الحجة عليهم، قالوا: يأتينا بخبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فلما خاف صلى الله عليه وسلم على المؤمنين وساوس الشيطان، دلّهم عليها، ووصف لهم حالها، والشجرة التي هي متعلقة بها، فأتوها فوجدوها كما وصف من الحال التي أخبر صلى الله عليه وسلم. (1338) - قوله: «بألسنة حظلة» : أي فاسدة، يقال: حظلت النخلة وحضلت بالظاء والضاد، إذا فسدت أصول سعفها. قوله: «وهو لا يدري أين ناقته؟» : القصة في سيرة ابن إسحاق وقد اختلف عليه في إسنادها، فقيل: عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من بني عبد الأشهل، وقيل: عن عاصم.. قوله. أخرجها ابن هشام [4/ 135- 136]- ومن طريق ابن إسحاق بن جرير في تاريخه [3/ 105- 106] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 231- 232] ، وابن الأثير في الأسد [2/ 298- 299] ، ففي سياق ابن إسحاق لقصة المسير في غزوة تبوك قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته فخرج بعض أصحابه في طلبها، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم عمارة بن حزم الأنصاري- وكان في رحله زيد، وكان منافقا- فقال زيد: أليس محمد يزعم أنه نبي، وأنه يخبركم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- وعمارة بن حزم عنده-: إن رجلا قال: هذا محمد يخبركم أنه نبي ويخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 1339- ومنها: أن الزبير بن العوام لما خرج إلى ياسر بخيبر مبارزا وقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: أيقتل ياسر ابني يا رسول الله؟ قال: لا، بل ابنك يقتله إن شاء الله، فخرج الزبير بن العوام فالتقيا، فقتله الزبير. - وإنّي والله ما أعلم إلّا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها، هي في الوادي قد حبستها الشجرة بزمامها، فانطلقوا فجاءوا بها، فرجع عمارة إلى رحله فحدثهم عما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبر الرجل، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة: إنما قال زيد والله هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول: إن في رحلي لداهية وما أدري، اخرج عني يا عدو الله فلا تصحبني، فقال بعض الناس: إن زيدا تاب، وقال بعض الناس: لم يزل مصرا حتى هلك. وأخرجها الواقدي في مغازيه [2/ 423- 424] عن عاصم بن عمر بن قتادة به. وأخرجها أبو نعيم في الدلائل برقم 443، والبيهقي كذلك [4/ 59- 60] من حديث أبي الأسود، عن عروة به. وأخرجها البيهقي في الدلائل [4/ 59] من طريق موسى بن عقبة، عن جابر، نحوه. (1339) - قوله: «لما خرج إلى ياسر» : وهو أخو مرحب اليهودي صاحب حصن خيبر الذي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه- على اختلاف الروايات في ذلك- خرج ياسر بعد مقتل أخيه وهو يرتجز: قد علمت خيبر أني ياسر ... شاك السلاح بطل مغامر إذا الليوث أقبلت تبادر ... وأحجمت عن صولة المساور إن حماي فيه موت حاضر - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 1340- ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: أطولكن يدا أسرعكن بي لحوقا، فتطاولن فطالتهن سودة، ثم ماتت بعده صلى الله عليه وسلم زينب، وكانت زينب صنيعة- وكان ياسر أشد من أخيه مرحب وأسير الذي قتله محمد بن مسلمة، كانت في يده حربة يحوش بها المسلمين حوشا، فبرز له علي رضي الله عنه فقال له الزبير: أقسمت عليك إلّا خليت بيني وبينه، ففعل علي رضي الله عنه فلما برز له الزبير ارتجز: قد علمت خيبر أني زبار ... قوم لقوم غير نكس فرار ابن حماة المجد وابن الأخيار ... ياسر لا يغررك جمع الكفار فجمعهم مثل السراب الجرار قالت صفية أمه رضي الله عنها: يا رسول الله، واحزني، ابني يقتل يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: بل ابنك يقتله، قال: فاقتتلا، فقتله الزبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي حواري، وحواريي الزبير وابن عمتي. انظر طرق القصة وألفاظها في: سيرة ابن إسحاق [3/ 334 ابن هشام] ومن طريق ابن إسحاق ابن جرير في التاريخ [3/ 11] ، ومغازي الواقدي [2/ 657] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [4/ 217] ، وابن عساكر في تاريخه [18/ 380- 381] . وقد قيل: إن هذا كان يوم بني قريظة: قال الواقدي [2/ 504] حدثني الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة قال: لما كان يوم بني قريظة قال رجل من اليهود: من يبارز؟ فقام إليه الزبير فبارزه، فقالت صفية: ... الحديث، قال الواقدي: لم يسمع بهذا الحديث في قتالهم، أراه وهل، هذا في خيبر. 340 1- قوله: «فطالتهن سودة» : يشبه أن يكون في سياق المصنف توضيح لما جاء في رواية البخاري التي ظن أن وهما فيها قد وقع. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 اليد، كثيرة الخير، عظيمة النفع، تجهز الجيوش، وتنفع الخلق، فلما ماتت على إثره صلى الله عليه وسلم علمن أنه أراد بقوله: أطولكن يدا، أي: أكثركن معروفا، أراد به: الطّول الذي هو الغنى والنفع. - فالحديث أخرجه الشيخان، فأما لفظ البخاري فيقول عن عائشة: أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: أينا أسرع بك لحوقا؟ قال: أطولكن يدا، فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا ... الحديث، ليس فيه ذكر زينب، ثم نقل الحافظ في الفتح عن ابن الجوزي قوله: هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه، ولا أصحاب التعاليق؟ ولا علم بفساد ذلك الخطابي، فإنه فسره وقال: لحوق سودة به من أعلام النبوة، قال: وكل ذلك وهم، وإنما هي زينب، فإنها كانت أطولهن يدا بالعطاء كما رواه مسلم من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة بلفظ: فكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل وتتصدق. قال الحافظ بعد أن ساق ألفاظ الروايات المخرجة في هذا: فهذه روايات يعضد بعضها بعضا، ويحصل من مجموعها أن في رواية أبي عوانة يعني التي أخرجها البخاري- وهما. قال أبو عاصم: وقوع الوهم والخطأ من سمات البشر، غير أنه يظهر- والله أعلم- أن في الرواية اختصارا، فقوله: فكانت سودة أطولهن يدا، أي في نتيجتهن، بناء على ما فهمنه من مراده صلى الله عليه وسلم بالطول، وتمام رواية البخاري: فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، - أي: وليست بسودة لما تبين مراده صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وكانت أسرعنا لحوقا به. اهـ. الحديث، يريد: زينب؛ لأن المشهور في التاريخ أن أول زوجاته موتا ولحوقا به هي زينب رضي الله عنها. فقد روى البخاري ذلك في تاريخه الصغير [1/ 49] من طريق الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت مع عمر على أم المؤمنين زينب بنت جحش فكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم موتا بعده، إسناده على شرط الشيخين. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 1341- وذكر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رجلان من ثقيف مبير وكذاب، فأما الكذاب فقد رأيناه، وهذا المبير- تعني: الحجاج-. 1342- وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اللهمّ كما ائتمنتهم فخانوني، ونصحت لهم فغشوني، فسلّط عليهم فتى ثقيف الذيّال الميال، يأكل خضرتها، ويلبس فروتها، ويحكم فيهم بحكم الجاهلية. قال الحسن: وما خلق الحجاج يومئذ. - ولا يعقل أن يخالف البخاري نفسه فيما يرويه، ولو ثبت الوهم في روايته كما قيل لكان لقائل أن يقول: إن البخاري لا يدري عما يرويه وهذا شنيع، وتوجيه رواية المصنف هنا توضح ما وقع في لفظ البخاري من الاختصار أو الخفاء وهو الأولى، والله أعلم. (1341) - قوله: «وذكر عن أسماء بنت أبي بكر» : هو عند مسلم، وقد تقدم تخريجه في فضائل مكة في حديث مقتل ابن الزبير. (1342) - قوله: «وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» : أخرج حديثه من طرق بألفاظ: البيهقي في الدلائل [6/ 488] ، وابن عساكر في تاريخه [12/ 168، 168- 169، 196] ، وابن العديم في بغية الطلب [5/ 2057- 2058] . قوله: «قال الحسن» : هو البصري، وفي دلائل البيهقي ما يوهم أنه ابن علي، إذ تصحفت العبارة فصارت: وتوفي الحسن وما خلق الحجاج يومئذ، والعبارة كما في المصادر: قال: يقول الحسن، فتصحفت كلمة يقول إلى: توفي، ولذلك قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: منقطع، أي: بين الحسن البصري وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 1343- ويروى عن بعض التابعين قال: قدمت على عمر بن الخطاب رابع أربعة من أهل الشام ونحن حجاج، فبينا نحن عنده إذ أتاه آت من قبل العراق فأخبره أنهم حصبوا إمامهم، وقد كان عوّضهم به مكان إمام كان قبله فحصبوه، فخرج إلى الصلاة مغضبا فسها في صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: من ههنا من أهل الشام؟ قال: فقمت أنا وأصحابي فقال: يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرّخ، ثم قال: اللهمّ إنهم قد لبّسوا عليّ فلبس عليهم، اللهمّ (1343) - قوله: «ويروى عن بعض التابعين» : هو أبو عذبة الحضرمي، ذكره ابن سعد في الطبقات [7/ 440] ، في الطبقة الأولى من أهل الشام بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر أخباره في: طبقات ابن سعد [7/ 441] ، الإصابة [4/ 145] ، التاريخ الكبير [/ 333] ، الجرح والتعديل [6/ 236] ، الميزان [4/ 551] ، المعرفة والتاريخ [2/ 529، 754، 755] . قوله: «قدمت على عمر بن الخطاب» : أخرجه: ابن سعد في الطبقات [7/ 442] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [67/ 83] . وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 755] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 486- 487] ، وابن عساكر في تاريخه [67/ 82] من حديث حريز بن عثمان، ثنا عبد الرحمن بن ميسرة، عنه به. وأخرجه ابن سفيان في المعرفة [2/ 529، 754- 755] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [12/ 168] ، والبيهقي في الدلائل [6/ 487- 488] من حديث معاوية بن صالح، عن شريح بن عبيد، عن أبي عذبة، وربما قيل: عن شريح عمن حدثه. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 عجّل لهم الغلام الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم. - وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [67/ 82] من حديث بقية، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن عمرو بن مسلم بالقصة. قال الحافظ البيهقي: ولا يقول هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلّا توقيفا أهـ. يريد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ففيه: إخباره صلى الله عليه وسلم بالحجاج، وذلك من دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 [227- فصل: ما جاء في مسارعة الله له في هواه وإعطائه ما لم تجر العادة به، وما في ذلك من الدّلائل] 227- فصل: ما جاء في مسارعة الله له في هواه وإعطائه ما لم تجر العادة به، وما في ذلك من الدّلائل 1344- ومن ذلك: ما روى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فطبختها في قدر فقال: ناولني الذراع، فناولته الذراع فأكل، ثم قال: ناولني الذراع، فناولته، ثم قال: ناولني الذراع، فقلت: وهل للشاة إلّا ذراعان يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو التمسته لوجدته. (فصل: ما جاء في مسارعة الله له في هواه) الأصل في هذا الفصل قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى الآية، وقول أم المؤمنين عائشة فيما أخرجه الشيخان من حديثها، قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ الآية، قلت: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك. لفظ البخاري في التفسير. ويدخل فيه أيضا: تمنيه صلى الله عليه وسلم تحويل القبلة إلى الكعبة، وقد أورد ذلك المصنف في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن حتى بلغه مولاه ما تمنى. (1344) - قوله: «أما إنك لو التمسته لوجدته» : إكراما لمقامه عند ربه عن أن يرد حاجته، حديث أبي رافع هذا خرجناه في شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عند الكلام على حديث أبي عبيد رقم 46- فتح المنان، وهو بنحو حديث الباب، وخرجنا تحته أيضا حديث أبي هريرة، وحديث مبهم عن مثله فيراجع هناك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 1345- ومنها: أنه لما تخلف أبو خيثمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج على إثره فسار أياما وليالي حتى تراءى للناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازل بتبوك فقال الناس: هذا راكب على الطريق، فقال صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة، فلما دنا إذا هو أبو خيثمة. (1345) - قوله: «كن أبا خيثمة» : أخرجه مسلم في التوبة من صحيحه ضمن سياق قصة كعب بن مالك وصاحبيه في التخلف عن غزوة تبوك الطويلة، وفيها قال كعب: ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوكا فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلّا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول بالسراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون. أخرجها من حديث ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن كعب بالقصة. وقد أخرجها البخاري في صحيحه دون الشاهد هنا، واختصرها أيضا أبو داود، والترمذي، والنسائي. ومن هذا الوجه أيضا عن ابن شهاب، - القصة بطولها مع الشاهد- أخرجها الحافظ عبد الرزاق في المصنف [5/ 397] رقم 9744، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 42] رقم 90، والبغوي في تفسيره [2/ 334] ، وابن جرير [11/ 59] . ولها طرق أخرى: 2- فأخرجها الواقدي في مغازيه [3/ 996] من طريق رفاعة بن ثعلبة بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 ......... - أبي مالك، عن أبيه، عن جده، قال: جلست مع زيد بن ثابت فذكرنا غزوة تبوك ... القصة. 3- وأخرجها الطبراني في معجمه الكبير [6/ 37- 38] رقم 5419، من طريق يعقوب بن محمد الزهري- وهو ضعيف-: ثنا إبراهيم ابن عبد الله بن سعد بن خيثمة، ثنا أبي، عن أبيه، بنحو القصة الآتية. 4- وأخرجها ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام [2/ 520] ، ومن طريقه إبراهيم الحربي في الغريب- مادة: ضح- كما في تخريج الكشاف للحافظ ابن حجر [2/ 109] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 223] من حديث ابن حزم وفيه: أن أبا خيثمة أخا بني سالم رجع بعد مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما إلى أهله في يوم حار، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط قد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل قام على باب العريشين فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح والحر، وأبو خيثمة في ظل بارد، وماء بارد، وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ماله مقيم؟ ما هذا بالنصف، ثم قال: لا، والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهيّئا لي زادا، ففعلتا، ثم قدم ناضحه فارتحله، ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه بتبوك حين نزلها، وقد كان أدرك أبا خيثمة: عمير بن وهب الجمجمي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فترافقا حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير: إن لي ذنبا فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل فسار حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة ... الحديث. وأخرجها البيهقي من وجه آخر [5/ 224- 226] عن عروة بن الزبير، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 ......... - وموسى بن عقبة وفيها: قوله صلى الله عليه وسلم: فأتاه أبو خيثمة وهو يبكي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلفك أبا خيثمة أولى لك؟ قال: كدت يا نبي الله أن أهلك بتخلفي عنك، تزينت لي الدنيا وتزين لي مالي في عيني وكدت أن أختاره على الجهاد فعزم الله عليّ بالخروج، فاستغفر له ودعا له بالبركة.. الحديث، وذكر في آخره مضمضة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاه من تلك البئر، ثم بصقه فيه ففارت عنها حتى امتلأت فهي كذلك حتى الساعة. وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، فأخرج ابن إسحاق في السيرة [2/ 524] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 50] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 221] ، قال ابن إسحاق: حدثني بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون: يا رسول الله تخلف فلان، فيقول: دعوه إن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه، حتى قيل: يا رسول الله تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فتلوم أبو ذر بعيره فأبطأ عليه، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين، فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا ذر، فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول الله هو والله أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده. وسار أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت، أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني، ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به ذلك، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 ......... - فاطلع ركب، فما علموا به حتى كادت ركابهم تطأ سريره فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة فقال: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود يبكي، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده، ثم نزل فوليه بنفسه حتى أجنه، فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان قول ابن مسعود وما ولي منه. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: فيه إرسال. قلت: فيه بريدة بن سفيان ضعفه الجمهور، وهو شاهد لما قبله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 [جامع أبواب شرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم] جامع أبواب شرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 [228- باب ما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الشّرف في القرآن- 1-] 228- باب ما خصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الشّرف في القرآن- 1- 1346- ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه قصة آدم فقال: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى، وذكر الفعل فقال: فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما، ثم ذكر توبته. وذكر نوحا فقال: فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46) ، وذلك حين قال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي الاية. وذكر ذا النون فقال: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ الاية، إلى قوله: وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ، وقال: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الاية، إلى قوله: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. وعرّض بداود على لسان خصمين فقال: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ. (1346) - قوله: «وذكر الفعل» : يريد أنه سبحانه نص على ما بدر منهم من الزلل، ونص على طلبهم المغفرة، ولم يبد سبحانه في حقه صلى الله عليه وسلم شيئا، بل نصّ على مغفرته له لما يتقدّم منه ويتأخّر، قال أبو نعيم في الدلائل [1/ 45- 46] : وهذا غاية الفضل والشرف، وانظر ما بعده. قوله: «وكذلك نجي المؤمنين» : كذا في الأصول وهي قراءة أبي بكر عن عاصم وابن عامر الشامي وقرأ الباقون: ننجي- بنونين-. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 وفي قصة موسى: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ الاية. فنص على ذنب الجميع. ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية، ذكر الغفران وترك الذنب مستورا، وزاده فبشّره بالفتح. وقيل: إنه عنى: ذنب آدم الذي تقدم وذنب أمته الذي تأخر. 1347- روي أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا لأي شيء فرض الله جل جلاله على أمتك الصوم بالنهار ثلاثين يوما، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض الله على ذريته الجوع والعطش ثلاثين يوما، والذي يأكلونه تفضل من الله عزّ وجلّ عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله تعالى ذلك على أمتي، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ الاية. فقالوا: صدقت. وفيه شرف آخر- 2 1348- وهو أنه في العتاب معه أقرع سمعه العفو أولا فقال: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ الاية، فقدم العفو على العتاب. (1348) - قوله: «أقرع سمعه العفو أولا» : قال القاضي عياض: حكى السمرقندي عن بعضهم في معنى هذه الاية: عافاك الله يا سليم القلب لم أذنت لهم، قال: ولو بدأ النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 شرف آخر- 3 1349- قال: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الاية، فأخّر بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقدمه في- لم أذنت لهم، لخيف عليه أن ينشق قلبه من هيبة هذا الكلام، لكن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو، حتى يسكن قلبه، ثم قال: لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ بالتخلف حتى يتبين لك الصادق في عذره من الكاذب؟! وفي هذا من عظيم منزلته عند الله ما لا يخفى على ذي لب. قال: وقال أبو محمد المكي: هذا افتتاح كلام بمنزلة: أعزك الله، أصلحك الله. قال القاضي عياض: يجب على المسلم أن يتأدب باداب القرآن في قوله وفعله ومعاطاته ومحاوراته، فهو عنصر المعارف الحقيقية، وروضة الاداب الدينية والدنيوية، وليتأمل هذه الملاطفة العجيبة في السؤال من رب الأرباب، وكيف ابتدأ بالإكرام قبل العتب، وآنس بالعفو قبل ذكر الذنب إن كان ثم ذنب. قال نفطويه: ذهب ناس إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم معاتب بهذه الاية وحاشاه من ذلك، بل كان مخيرا، فلما أذن لهم أعلمه الله تعالى أنه لو لم يأذن لهم لقعدوا لنفاقهم، وأنه لا حرج عليه في الإذن لهم. (1349) - قوله: «فأخّر بعثة رسول صلى الله عليه وسلم» : تقدم حديث ميسرة الفجر: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 495، 13/ 230] ، وابن جرير في تفسيره [21/ 72] ، بإسناد صحيح عن قتادة في هذه الاية، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ الاية، قال: بدء بي في الخير، وكنت آخرهم في البعث، وقد خرجناه في أول الكتاب مسندا من حديث سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن عن أبي هريرة بلفظ: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 الذكر عليهم، وذكر النبيين، واختار منهم خمسة، وفضلهم على الجميع، فجعل الله رسوله صلى الله عليه وسلم واحدا منهم وقدّمه عليهم. فلما ذكر الغلظة في الميثاق خفف عنه صلى الله عليه وسلم، وقال في حقهم: وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً. شرف آخر- 4 1350- خاطب الله عزّ وجلّ كل نبي باسمه فقال: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ الاية، وقال: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا الاية، وقال: يا إِبْراهِيمُ - كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث، زاد بعضهم في هذا الحديث: فبدئ بي قبلهم- يعني هذه الاية-. وأخرج البزار في مسنده [3/ 114 كشف الأستار] رقم 2368، من حديث أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خيار ولد آدم خمسة: نوح، وإبراهيم، وعيسى، وموسى، ومحمد صلى الله عليهم وسلم، وخيرهم محمّد صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 546] بلفظ: سيد الأنبياء خمسة، ومحمّد صلى الله عليه وسلم سيد الخمسة ... الحديث. قال الحاكم: صحيح الإسناد وإن كان موقوفا، وأقره الذهبي في التلخيص. قوله: «وقدمه في الذكر عليهم» : وكذلك في قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ الاية. (1350) - قوله: «خاطب الله عزّ وجلّ كل نبي باسمه» : ذكر هذا الشرف: الحافظ الحليمي رحمه الله- وهو من طبقة المصنف- في المنهاج [2/ 116] ، ومن بعده وبعد المصنف: كأبي نعيم في الدلائل [1/ 40- 41] ، والبيهقي في الشعب [2/ 181] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 أَعْرِضْ عَنْ هذا الاية، وقال: يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ الاية، وقال: يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ الاية، وقال: يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ الاية، وقال: يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا الاية، وقال: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ الاية، وقال: يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي الاية، وقال: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا الاية، وقال: يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ الاية، وقال: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ الاية. فلما ذكر سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ذكره باسم التفخيم مشوبا بمننه قوله: «ذكره باسم التفخيم» : قال الحافظ أبو نعيم في الدلائل: من فضائله صلى الله عليه وسلم: إخبار الله عزّ وجلّ عن إجلال قدر نبيّه صلى الله عليه وسلم، وتبجيله وتعظيمه، وذلك أنه ما خاطبه في كتابه، ولا أخبر عنه إلّا بالكناية التي هي النبوة والرسالة التي لا أجل منها فخرا، ولا أعظم خطرا، وخاطب غيره من الأنبياء وقومهم وأخبر عنهم بأسمائهم ولم يذكرهم بالكناية التي هي غاية المرتبة، إلّا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم في جملتهم بمشاركته معهم في الخطاب والخبر، فأما في حال الانفراد فما ذكرهم إلّا بأسمائهم. والكناية عن الاسم غاية التعظيم للمخاطب المجلل والمدعو العظيم، لأن من بلغ به غاية التعظيم كنّي عن اسمه، إن كان ملكا قيل له: يا أيها الملك، وإن كان أميرا قيل له: يا أيها الأمير، وإن كان خليفة قيل: يا أيها الخليفة، وإن كان ديّانا قيل: يا أيها الحبر، أيها القس، أيها العالم، أيها الفقيه، ففضل الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلم، وبلغ به غاية الرتبة وأعالي الرفعة. قال: وكل موضع ذكر فيه محمّدا صلى الله عليه وسلم باسمه أضاف إليه ذكر الرسالة فقال عزّ وجلّ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، وقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وقال: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً: شاهدا على الكل، مبشرا لمن آمن بك بالجنة، ونذيرا لمن تولى عنك بالنار. وقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الاية، وقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ الاية. شرف آخر- 5 1351- أمر الله المؤمنين بغض الأصوات فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الاية، وتوعد على رفع الصوت فوق صوته بإحباط العمل، توقيرا وتعظيما لمحله وإجلالا لأمره، ونبّههم على عظم الخطيئة. - وقال: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، فسماه، ليعلم من جحده أن أمره وكتابه هو الحق، ولأنهم لم يعرفوه إلّا بمحمد، ولو لم يسمه لم يعلم اسمه من الكتاب، وكذلك سائر الأنبياء لو لم يسموا في الكتاب ما عرفت أساميهم، كتسمية الله له محمدا، وذلك كله زيادة في جلالته ونبالته ونباهته وشرفه، لأن اسمه مشتق من اسم الله، كما مدحه عمه فقال: وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد ثم جمع في الذكر بين اسم خليله ونبيه، فسمى خليله باسمه، وكنى حبيبه بالنبوة فقال: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ، فكناه إجلالا ورفعة لفضل رتبته ونباهته عنده. قوله: «مشوبا بمننه» : كذا في نسخة، وفي أخرى: مشوبا بالتعظيم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 1352- فكان أبو بكر رضي الله عنه يقول: لا أناجيك إلّا سرا- أو كما قال-. 1353- وكان من شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته أن من دعاه بصوت جهوري يجيبه بمثله كي لا يأثم داعيه. شرف آخر- 6 1354- وهو أن الله تعالى ذكره حرّم على أمته أن ينادوه باسمه كدعاء بعضهم بعضا، قال عزّ وجلّ: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ (1352) - قوله: «فكان أبو بكر رضي الله عنه يقول» : أخرجه عبد بن حميد في مسنده- كما في الدر المنثور [7/ 548] ، والبيهقي في المدخل برقم 653، وفي الشعب [2/ رقم 1521] ، من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 462] ، وأقره الذهبي في التلخيص. وأخرجه البزار في مسنده [3/ 69 كشف الأستار] رقم 2257، وابن عدي في الكامل [2/ 803] ، وابن مردويه- كما في الدر المنثور [7/ 548]-، من حديث طارق، عن أبي بكر، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 74] ، وتعقبه الذهبي بأن حصين بن عمر الأحمسي واه، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 108] : متروك، قال: وبقية رجاله رجال الصحيح. (1353) - قوله: «وكان من شفقته صلى الله عليه وسلم» : لم أجده هكذا، لكن قصة ثابت بن قيس- وكان صيتا- في الصحيحين، وفيها أنه صلى الله عليه وسلم افتقده فسأل عنه فأخبر أنه في بيته حزين، يخشى أن تكون الاية نزلت فيه، وأن عمله قد حبط وأنه من أهل النار، فبشره صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، أخرجها البخاري في المناقب، وفي التفسير، ومسلم في الإيمان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً الاية، ولم يكن هذا لنبي قبله، بل حكى عنهم مخاطبات أنبيائهم: قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا الاية، وقالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ الاية، وقالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا الاية، ولم يزجرهم عن ذلك. فلما ذكر سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) . 1355- روى أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن الأقرع بن حابس نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، فسكت عنه رسول صلى الله عليه وسلم، فقال له الأقرع: إن مدحي زين وإن ذمي شين، فقال عليه الصلاة والسلام: كذبت، ذلكم الله سبحانه. وفيه لطيفة: وهو أن الله جلت عظمته لم يصرح بما ناداه به، بل عرض له كرامة له أن يسمع ما يكرهه، وكذلك في قوله: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) ، لم يصرح بما شانه، وكذلك في قوله: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ. (1355) - قوله: «روى أبو سلمة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 488، 6/ 493- 494، 494] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 277] رقم 878، وابن جرير في تفسيره [26/ 122] .. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 108] : أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الاخر. اهـ. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 شرف آخر- 7 1356- أسماء الله تعالى على نوعين: أحدهما: لا يجوز أن يسمى بها مخلوقا، والثاني: جائز أن يسمى بها مخلوقا، فما جاز مدح به بعض أنبيائه، وقد يرد على صفة واحدة، كقوله في مدح نوح عليه السّلام: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً، ومدح نفسه فقال: إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. وكذلك إبراهيم: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ، ومدح نفسه فقال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. وقال في موسى عليه السّلام: وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ الاية، ومدح نفسه فقال: فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ الاية. فلما مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع له بين الوصفين فقال: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ الاية، كما مدح نفسه فقال: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ الاية. شرف آخر- 8 1357- وهو أن الله تبارك وتعالى تولى الرد على المشركين فيما عابوا عليه، بقولهم: وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) ، فرد- قلت: وقع عند ابن جرير، التصريح بالتحديث من أبي سلمة، وعليه فهو متصل، لذلك صححه السيوطي في الدر المنثور. (1357) - قوله: «تولى الرد على المشركين» : قال أبو نعيم في الدلائل [1/ 44] : ومن فضائله صلى الله عليه وسلم: أن من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام كانوا يدفعون ويردون عن أنفسهم ما قرفهم به مكذبوهم من- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 عليهم فقال: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) . وكذلك في قوله: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) ، فرد عليهم فقال: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) . وكذلك في قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ الاية، فرد عليه فقال: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ الآية، ثم قال: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ تخصيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان كل نبي إذا قوبل بما يكره يتولى الجواب بنفسه، كما ذكر لنوح عليه السّلام في قوله: قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60) ، قال نوح: قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (61) . وكذلك في قصة هود قال له قومه: إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ، فأجاب عن نفسه فقال: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. وكذلك في قصة موسى عليه السّلام قال له فرعون: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً الاية، فرد عن نفسه فقال: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ الاية. ولما عيّروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنون ردّ الله تعالى الجواب عنه صلى الله عليه وسلم، فقال عزّ وجلّ: وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) الاية. - السفه والضلال والكذب، وتولى الله ذلك عن رسوله فنزهه عما نسبوه إليه تشريفا وتعظيما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 شرف آخر- 9 1358- ذكر الله عز اسمه فضله على الأنبياء ولم يقيّده بالتعظيم والتفخيم فقال حاكيا عن يوسف عليه السّلام: ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ الاية. وحكى عن سليمان عليه السّلام قوله عزّ وجلّ: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ الاية. وفي قصة داود عليه السّلام قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا الاية. فلما جاء إلى صنيعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً الاية. وقال تعالى: إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً الاية. فوصف الفضل مع محمّد صلى الله عليه وسلم بالكبير والعظيم إجلالا وتعظيما. شرف آخر- 10 1359- وهو أن الأنبياء عليهم السّلام أرسلهم سبحانه وتعالى إلى طائفة وأمة فقال: إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ الاية، وقال: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً الاية، وقال: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً الاية، وقال: وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً الاية، وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (96) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ. (1358) - قوله: «فوصف الفضل مع محمد بالكبير والعظيم» : قال القاضي عياض في الشفاء: حارت العقول في تقدير فضله عليه، وخرست الألسن دون وصف يحيط بذلك أو ينتهي إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 فلما أرسل محمّدا صلى الله عليه وسلم أرسله إلى الناس كافة أجمعين، فقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ الاية، وقال: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً الاية، وقال: نَذِيراً لِلْبَشَرِ (36) الاية، وقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) . 1360- وقال صلى الله عليه وسلم: بعثت إلى الخلق كافة. 1361- وقال صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، ونصرت بالرعب- يخاف العدو مني على مسير شهر-، وأحلت لي الغنائم، وأعطيت الشفاعة يوم القيامة. شرف آخر- 11 1362- وهو أنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الجن والإنس لقوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ الاية، وقال تعالى ذكره: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ الاية. 1363- وقال صلى الله عليه وسلم: بعثت إلى الأحمر والأسود- يعني الجن والإنس-. (1360) - قوله: «بعثت إلى الخلق كافة» : هو طرف من الذي بعده. (1361) - قوله: «أعطيت خمسا» : أسنده المصنف في باب تفضيله على الأنبياء، وخرّجناه هناك. (1363) - قوله: «بعثت إلى الأحمر والأسود» : هو من ألفاظ الحديث المشار إليه في التعليق قبله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 وفيه دليل: على أن الإنس أفضل من الجن لأنه سبحانه قال: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ الاية، فلم يأمره بالمصير إليهم كما أمره بالمصير إلى الإنس، كقوله تعالى: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا الاية. شرف آخر- 12 1364- وهو أن الله تعالى ذكره جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم فقال: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ الاية. وفي قراءة أبيّ: وهو أب لهم الاية. (1364) - قوله: «وفي قراءة أبي» : أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 181] رقم 18748، - وهو في التفسير له [2 ق 2/ 112]- والبيهقي في الكبرى [7/ 69] ، وسعيد بن منصور، وابن راهويه، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [6/ 567]-، من حديث ابن جريج، عن عمرو بن دينار قال: سمعت بجالة التميمي قال: مر عمر بغلام وهو يقرأ: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وهو أب لهم، فقال عمر: احككها يا غلام، قال: والله لا أحكها، أقرأنيها أبي، فأرسل إلى أبي بن كعب فجاءه، قال: فرفع صوته عليه، فقال أبي: كان يشغلني القرآن، إذ كان يشغلك الصفق بالأسواق، قال: فسكت عمر. إسناده على شرط البخاري. وله شاهد ضعيف، فأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 415] ، ومن طريقه البيهقي في الكبرى [7/ 69] ، وابن مردويه، والفريابي- كما في الدر المنثور [6/ 567]-، من حديث طلحة بن عمرو- وهو ضعيف- عن عطاء، عن ابن عباس: أنه كان يقرأها كذلك. وأخرج ابن جرير في تفسيره [21/ 122] ، وابن أبي حاتم [9/ 3115] رقم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 شرف آخر- 13 1365- وهو في قوله عزّ وجلّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى الاية، افترض مودة أقربائه له، وذكر نوحا فقال: إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ الاية، وكذلك قال عن هود، وصالح. شرف آخر- 14 1366- وهو أنه تعالى ذكره شهد لنبيه بالإيمان، وقدّمه على سائر الخلق فقال: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ الاية. شرف آخر- 15 1367- وهو أنه سبحانه جعل اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم علما لمحبته عزّ وجلّ فقال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، ثم جعل الشريعة- 17588، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن المنذر- كما في الدر المنثور- عن مجاهد أنه كان يقرأها كذلك. وأخرج ابن أبي حاتم [9/ 3115] رقم 17589، عن عكرمة، قوله: كان في الحرف الأول: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وهو أب لهم. وأخرج ابن جرير [21/ 122] عن الحسن قوله نحو قول عكرمة. وأخرج عبد الرزاق في التفسير [2- ق 2/ 112] عن معمر قوله: وفي حرف أبي: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وهو أب لهم وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ. (1366) - قوله: «وقدمه على سائر الخلق» : انظر الشرف المتقدم برقم 3. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 منوطة بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا الاية. شرف آخر- 16 1368- وهو أنه سبحانه ردهم عند الإختلاف إليه وإلى رسوله كما ذكر ندبا، فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ الاية، ثم قال: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ الاية. شرف آخر- 17 1369- وهو أنه أوحي إليه كما أوحي إلى سائر الأنبياء، ثم جعل الله له مزية بإرسال الرسول إلى قلبه، لأن القلب لا يخطئ، والسمع قد يخطئ ويصيب، قال تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ الاية. ثم خصّه فقال: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ الاية، وقال: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ الاية. شرف آخر- 18 1370- وهو أنه سبحانه جعل التزكية إليه في الاخرة كما جعلها في الدنيا فقال: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها الاية. وقال: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41) الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 شرف آخر- 19 1371- وهو أنه سبحانه أمره باللّين وحفظه في الوسط، وأمر موسى وهارون فرد الحفظ إليهما فلم ينفع فرعون، وذلك حين قال: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً الاية. ثم قال لرسوله: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ الاية. شرف آخر- 20 1372- وهو أنه سبحانه ضمن عصمته من الناس فقال: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، فأقبل صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: تفرقوا فإن الله ضمن عصمتي. شرف آخر- 21 1373- وهو أنه عزّ وجلّ أعطى رسوله صلى الله عليه وسلم قبل المسألة، وأعطى الرسل بعد المسألة، فحكى سبحانه سؤال إبراهيم عليه السّلام أنه قال: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) الاية. وحكم له عزّ وجلّ ولأمته فقال: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الاية. وحكى سبحانه عن موسى عليه السّلام أنه قال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ (1372) - قوله: «فأقبل صلى الله عليه وسلم على أصحابه» : خرّجناه في أول الكتاب، باب عصمة الله نبيّه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 لِي أَمْرِي الاية. وقال عزّ وجلّ في حق نبيه: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ الاية. شرف آخر- 22 1374- وهو أن الله تعالى ذكره قال: يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) الاية، يعني: مثلا في الفضل أو عدلا في اسمه، ولم يقل ولم نجعل له من بعد، فقيل: عبّر بالقبل دون البعد لما علم أنه يبعث بعد محمّد صلى الله عليه وسلم وهو أفضل البرية. شرف آخر- 23 1375- وهو أنه سبحانه ذكر القسم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول من نفسه شيئا؛ في قوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) . ولم يبرئ غيره، كما قال: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (1375) - قوله: «ولم يبرئ غيره» : قال القاضي عياض رحمه الله في الشفاء معلقا على هذه الايات: اشتملت هذه الايات على إعلام الله تعالى بتزكية جملته صلى الله عليه وسلم وعصمتها من الافات، فزكى فؤاده ولسانه وجوارحه، فأقسم تعالى بما أقسم به من عظيم قسمه على تنزيه المصطفى مما غمزته الكفرة به وتكذيبهم له، فأقسم عزّ وجلّ على هداية المصطفى، وتنزيهه عن الهوى، وصدقه فيما تلا، وأنه وحي يوحى أوصله إليه عن الله جبريل، وهو الشديد القوي، ثم أخبر تعالى عن فضيلته بقصة الإسراء. اهـ. بتصرف يسير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الاية، وخاف إبراهيم على نفسه فقال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ، قيل: يعني أن أعمل بهوى نفسي. شرف آخر- 24 1376- وهو أن الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء عليهم السّلام كالتبع له حيث قال: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ الاية، ثم قال: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ الاية، وكقول عيسى لقومه: يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ الاية. (1376) - قوله: «جعل الأنبياء عليهم السّلام كالتبع له» : استشهد المصنف لذلك بقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ الاية، لما ورد في تفسيرها، فأخرج ابن جرير في تفسيره [3/ 332] من حديث أبي روق، عن أبي أيوب عن علي بن أبي طالب في هذه الاية قال: لم يبعث الله عزّ وجلّ نبيّا، آدم فمن بعده، إلّا أخذ عليه العهد في محمد لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه. وأخرج ابن جرير أيضا [3/ 332] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [2/ 694] رقم 3761 عن السدي نحوه. وأخرج ابن جرير في تفسيره [3/ 332] من حديث ابن عباس في هذه الاية، قال: ثم ذكر ما أخذ عليهم- يعني على أهل الكتاب- وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه، يعني: بتصديق محمّد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم وإقرارهم به على أنفسهم. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 شرف آخر- 25 1377- وهو أن الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقة عامة، قال تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الاية، وقال: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا الاية. شرف آخر- 26 1378- وهو أن الله تعالى ذكره لما ذكر عاص بن وائل السهمي رسوله صلى الله عليه وسلم- فقال عنه: أنه أبتر، وأنه إذا مات ذهب ذكره-، ردّ ذلك أوّلا، ولم يذكر ما عابه به؛ لكي لا يسمع رسوله صلى الله عليه وسلم ما يكره ثانيا. - وأخرج أيضا عن قتادة في هذه الاية قوله: هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمّد صلى الله عليه وسلم ويصدّقوه وينصروه. وأخرج أيضا عن الربيع قوله: هم أهل الكتاب، يقول: لتؤمنن بمحمد ولتنصرنه. (1377) - قوله: «مطلقة عامة» : ذكر المصنف قوله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا الاية، لإخراج ما خص به صلى الله عليه وسلم من ذلك الإطلاق والعموم الذي أشار إليه. (1378) - قوله: «فقال عنه أنه أبتر» : وذلك لما تأخر وأبطأ عليه الولد من السيدة خديجة رضي الله عنها، وقيل: عابه لما توفي القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إبراهيم ولده صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية، روي ذلك من طرق عن ابن عباس، وأبي أيوب، والسدي، ومحمد بن علي، أخرج أحاديثهم: ابن سعد في الطبقات [1/ 133] ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 فقال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) ، يعني: هو المنقطع ذكره. وأما أنت يا محمد فرفعنا لك ذكرك فتذكر حين أذكر. وقال: أنت ذكر، فحيث ذكرت ذكرت، قال تعالى: ذِكْراً (10) رَسُولًا الاية. شرف آخر- 27 1379- وهو أنه سبحانه جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فقال: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ الاية، إكراما له. - والطبراني في معجمه الكبير [4/ 214] رقم 4071، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3470] ، وابن جرير كذلك [30/ 328- 329] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 125، 126، 128] . وقيل: نزلت في عقبة بن أبي معيط حين عاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يبقى له ولد، أخرج حديثه ابن جرير في تفسيره [30/ 329] من حديث حفص بن حميد، عن شمر بن عطية به مرسل. وقيل: نزلت في كعب بن الأشرف لما قدم مكة وشكى إليه أهلها من قريش ما يرونه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم خير منه، فنزلت، أخرجه البزار في مسنده [3/ 83 كشف الأستار] رقم 2293، وابن جرير في تفسيره [30/ 329- 330] ، من حديث ابن عباس. قوله: «فتذكر حين أذكر» : انظر الشرف الاتي برقم 57. (1379) - قوله: «إكراما له» : زاد القاضي عياض رحمه الله: وخصوصية، لأنهن له أزواج في الجنة، فهن في الحرمة كالأمهات، حرم نكاحهن عليهم بعده. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 فإن قيل: على هذا فلم لم يجعل بناته أخوات للمؤمنين لأنهن بنات الزوجات وهن أمهاتهم؟ فالجواب: أن ذلك على وجه الكرامة، والإنسان يلحقه غضاضة أن تخطب امرأته التي كانت في حباله لاخر، ويلحقه غضاضة أن لا تخطب بناته، فالمعنى الذي أوجب أن لا تخطب النساء: أوجب أن تخطب البنات. شرف آخر- 28 1380- وهو أنه سبحانه علّم رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لنفسه وللمؤمنين فقال: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الاية، ثم لابد أن يجيبه، وإلا ما كان للأمر من فائدة. ولم يكن هذا للأنبياء عليهم السّلام، لأن نوحا عليه السّلام سأل في ابنه الهدى، - قال: وقال أهل التفسير في معنى قوله تعالى: أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الاية، أي: ما أنفذه فيهم من أمر فهو ماض عليهم كما يمضي حكم السيد على عبده، وقيل: اتباع أمره أولى من اتباع رأي النفس. اهـ. قلت: وهذا الثاني مبين في قوله تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ الاية. (1380) - قوله: «فلم يجبهما» : ليست في الأصول، والسياق يقتضي إثباتها. قال أبو عاصم: كان الأولى- والله أعلم- أن يقال: إن الله علّم رسوله أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم أمره بذلك لإعلامه إياه بأنه سيستجيب له، فأما نوح عليه السّلام فقد ألهم ذلك بلا تعلم، واستغفر بلا أمر منه سبحانه كما قال تعالى حاكيا عنه: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الاية، وعلى هذا فاستجابة الله له وإن كانت واردة ومحتملة إلّا أنها ليست حتمية فظهر الفرق، فأما استشهاد المصنف- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 وسأل إبراهيم عليه السّلام في أبيه فلم يجبهما لأنه لم يكن بالتعليم. وكذلك في قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (80) الاية، وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً، وأمثال ذلك. شرف آخر- 29 1381- وهو أنه سبحانه جعله محفوظا وكلامه موزونا حين قال أبو بكر رضي الله عنه في الغار: لو نظر أحدهم إلى قدمه لرآنا فقال: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا الاية، والقصة أنه لما خرجا متوجهين إلى الغار جعل أبو بكر طورا يمشي خلفه، وطورا عن يمينه، وطورا عن شماله، فقال: ما هذا من فعالك يا أبا بكر؟! فقال: يا رسول الله أذكر الرصد فأحب أن- رحمه الله بالايتين المتعلقتين بنوح وإبراهيم عليهم السّلام ففيه نظر، لكونه ليس في محله، ففي حالتيهما كان الأمر يتعلق برحمة في قلبيهما، لحقتهما رحمة الوالد بولده والولد بأبيه، فاجتهدا من غير وحي، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الحال، لكنه صلى الله عليه وسلم فارقهما بخلقه العظيم مع ربه حين أرجأ الأمر إلى مولاه تأدبا وتواضعا فقال: لأستغفرن ما لم أنه، وقال صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، وعدم الإذن موجه من قبل أهل العلم أنهم من أهل الفترة، ومعلوم أن أهل الفترة لهم موقف يوم القيامة يمتحنون فيه فتأمل حال نبينا صلى الله عليه وسلم مع ربه وحال إخوانه من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين مع ربهم، وحال المستغفر لهم يظهر لك الفرق جليا، وشرفه صلى الله عليه وسلم وفضله فيه عليّا. (1381) - قوله: «ما هذا من فعالك يا أبا بكر؟!» : قصة الهجرة والمسير إلى المدينة تقدمت مسندة عن المصنف بطولها في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 أكون أمامك، وأذكر الخوف والطلب فأحب أن أكون خلفك، وأحفظ الطريق يمينا وشمالا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حافيا يطأ الأرض بجميع قدمه، فحمله أبو بكر حتى انتهى إلى الغار فلما وضعه ذهب صلى الله عليه وسلم ليدخل، فقال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا تدخل حتى أدخله فأسبره، فدخل أبو بكر رضي الله عنه يلتمس بيده في ظلمة الغار مخافة أن يكون فيه شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ير شيئا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا فيه، فلما أسفر الصبح بعض الإسفار، رأى أبو بكر خرقا في الغار فألقمه قدمه حتى الصباح مخافة أن يخرج منه ما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهوام وغيره، فلما جاء الطلب وخاف أبو بكر قدم صلى الله عليه وسلم اسم الله على اسمه، فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَنا. وموسى عليه السّلام لما قالوا له حين تراءى الجمعان: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ، فقدم نفسه في الخطاب. - باب ذكر الهجرة وحديث الغار. قوله: «فقدم نفسه في الخطاب» : قال الإمام العارف الشمس ابن اللبان الشافعي معلقا على هذا الشرف: تأمل رحمك الله في قول موسى عليه السّلام لبني إسرائيل: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم للصدّيق: إِنَّ اللَّهَ مَعَنا. فموسى خص بشهود المعية ولم يتعد منه إلى أتباعه ونبينا تعدى منه إلى الصديق، ولم يقل معي لأنه أمد أبا بكر بنوره فشهد سر المعية، ومن ثم سرى سر السكينة على أبي بكر، وإلا لم يثبت تحت أعباء هذا التجلي والشهود، وأين معية الربوبية في قصة موسى عليه السّلام من معية الإلهية في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم، ذكره القسطلاني في المواهب [1/ 297] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 شرف آخر- 30 1382- وهو أنه سبحانه وتعالى ذكر القسم بثلاثة أشياء فقال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) الاية، حتى قال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) الاية، قال صلى الله عليه وسلم: بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق، ولم يجعل ذلك لأحد قبله. وقال لإبراهيم: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) الاية، وقال لإسماعيل: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا الاية، وقال لإدريس: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا الاية، وقال ليونس: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) الاية، وقال ليحيى: وَسَيِّداً وَحَصُوراً الاية، وقال: وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (40) الاية، وقال لأيوب: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ الاية، ولم يذكر القسم على مدح أحد. شرف آخر- 31 1383- وهو أن الله تعالى أقامه خليفة في أرضه، وقال: كل ممن بايعك فقد بايعني وقد رضيت عنه، قال عزّ وجلّ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الاية، وكان بالحديبية، ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ الاية. شرف آخر- 32 1384- وهو أن الله تعالى ذكره فعل فعلا على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسبه إليه من وجه وإلى نفسه من وجه، فقال تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (1382) - قوله: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» : الحديث يأتي تخريجه في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1620. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب ورمى بها إلى وجوهم وقال: شاهت الوجوه، يعني: قبّحت، فحمل الله ذلك إلى أعينهم وأعمالهم حتى اجتاز بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يروه. قوله: «حتى اجتاز بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يروه» : الاية التى أوردها المصنف رحمه الله وإن كان يدخل في معناها ما أورده ليلة خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا، إلّا أن المشهور أنها متعلقة بفعله يوم بدر. أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1673] من حديث ابن زيد في قوله تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ الاية، قال: هذا يوم بدر، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وحصاة في ميسرة القوم، وحصاة بين أظهرهم فقال: شاهت الوجوه، فانهزموا. وأخرج ابن جرير في تفسيره [9/ 205] من حديث محمد بن قيس، ومحمد بن كعب القرظي قالا: لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه، فدخلت في أعينهم كلهم، وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم ويأسرونهم، وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية. وقد روي عن ابن المسيب والزهري أنها نزلت في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وأخرجا من حديث عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه أنها نزلت يوم رمى ابن أبي الحقيق بقوسه وهو على فراشه، والاية تحتمل كل هذا. فأما خروجه مهاجرا إلى المدينة فقد أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3188] رقم 18029، وأبو نعيم في الدلائل، وغيرهما، من حديث محمد ابن كعب القرظي قال: اجتمع قريش وفيهم أبو جهل على باب النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 شرف آخر- 33 1385- ذكر الله أنبياءه عليهم السّلام فلم يقسم لأحد منهم اسما مشتقا من أسمائه تعالى ذكره، وشق اسم رسوله صلى الله عليه وسلم من الحميد والمحمود: محمّد صلى الله عليه وسلم. ومدحه عمه أبو طالب، فقال: وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد فبين كرامته. 1386- وروي: أن الله بعث مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي صلى الله وسلم عليهم أجمعين، منهم: ثلثمائة وثلاثة عشر مرسلا، والرسول لا يكون إلّا نبيا، والنبي يكون ولا رسالة له. - فقالوا على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال: نعم أقول ذلك، وأنت أحدهم، وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إلى قوله: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ، حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الايات، فلم يبق رجل إلّا وضع على رأسه ترابا، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا: لقد كان صدقنا الذي حدثنا، تقدم تخريجه في المعجزات. (1385) - قوله: «وشق اسم رسوله صلى الله عليه وسلم» : تقدم ما يتعلق بذلك في باب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم. (1386) - قوله: «وروي أن الله بعث» : روي من مسند أبي أمامة وأبي ذر الغفاري. أما حديث أبي أمامة فله طريقان، فأخرجه الإمام أحمد [5/ 265- 266]- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 ......... - من حديث علي بن يزيد- وهو ضعيف لكنه توبع- عن القاسم، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، وكانوا يظنون أنه ينزل عليه ... الحديث بطوله، وفيه: قال أبو ذر: فقلت يا نبي الله فأي الأنبياء كان أول؟ قال: آدم عليه السّلام، قال: قلت: يا نبي الله أو نبي كان آدم؟ قال: نعم، نبي مكلم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه روحه، ثم قال له يا آدم قبلا، قال: قلت: يا رسول الله كم وفّى عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر جما غفيرا، تابعه جعفر بن الزبير، عن القاسم، أخرجه ابن جرير في تاريخه [1/ 150] مختصرا، وقد روي بإسناد آخر على شرط مسلم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 139- 140] رقم 7545، وفي الأوسط- كما في مجمع الزوائد [1/ 196] ، وابن حبان في صحيحه- رقم 2085 موارد- وعثمان بن سعيد في الرد على الجهمية برقم 295، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 268] ، والحاكم في المستدرك [2/ 262] ، وقال: على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، جميعهم من حديث أبي توبة الربيع بن نافع، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة: أن رجلا قال ولم يسمه، وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ. وبنحو حديث القاسم المتقدم رواه عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 178، 179] ، والبزار في مسنده [1/ 93 كشف الأستار] رقم 160، والطيالسي في مسنده برقم 478، وابن سعد في الطبقات [1/ 32] ، جميعهم من طرق عن المسعودي، عن أبي عمر الدمشقي، عنه، وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 160] : فيه المسعودي، وهو ثقة لكنه اختلط. اهـ. قلت: رواية وكيع عنه عند الإمام أحمد، وهو ممن سمع منه قبل ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 شرف آخر- 34 1387- وهو أن الله تعالى جعله سعادة لأمته لقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الاية، فجعل رضاه في مبايعة رسوله كما جعل محبته في متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، وحين ذكر سبحانه الحواريين لم يذكر لهم فضيلة، ولما وصف أمة محمّد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المنزلة عليهم امتدحهم فقال: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ الاية. شرف آخر- 35 1388- وهو أن دعوات الأنبياء أكثرها بر، كقول آدم: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الاية، وكقول نوح: رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي الاية، ورَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً الاية. فعلّم الله نبيّه صلى الله عليه وسلم فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) الاية، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) الاية، ووَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) الاية، وزاده تعليما فقال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ الاية، وقُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الاية. فاللهمّ اسم يمتنع أن يدعى به غيره، وليس الرب كذلك، لأن العرب تقول: رب الدار، رب الدابة، ولذلك قال الصديق يوسف: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ الاية، فهذا تخصيص وشرف لا يشترك فيه غيره صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 شرف آخر- 36 1389- وهو أنه سبحانه لم يعط رسله إلّا بعد سؤالهم إياه، وأعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم وأمته بغير سؤال فقال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) ، وقال موسى عليه السّلام: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وجعل أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم وزراءه فقال: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ الاية، وقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ الاية. 1390- قال صلى الله عليه وسلم: لي وزيران في الأرض أبو بكر وعمر، وقال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، وسأل موسى ربه الوزير فقال: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) الاية. (1389) - قوله: «وهو أنه سبحانه لم يعط رسله إلّا بعد سؤالهم» : كأنه مكرر، انظر الشرف المتقدم برقم 21. (1390) - قوله: «لي وزيران في الأرض» : في الباب عن أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأبي ذر الغفاري، وأنس بن مالك. أما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه الترمذي في المناقب برقم 3680، وابن عدي في الكامل [2/ 517] ، والحاكم في المستدرك [2/ 264] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 119- 120، 120 مرتين] من طرق عن عطية العوفي عنه مرفوعا: ما من نبي إلّا وله وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر. قال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 264] ، وابن عساكر في تاريخه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 شرف آخر- 37 1391- وهو أنه تعالى ذكره جعل فعل الرسول فعل نفسه، وفعل نفسه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ الاية، وقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ. وقال: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية، ثم جعل أمر التحريم والتحليل إليه ولم يجعل ذلك لأحد قبله، وهو أن الحرم أحل له حتى دخل محاربا وغير محارب. -[30/ 119] من وجه آخر عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 179] رقم 11422، والخطيب في تاريخه [3/ 298] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 62] ، كلاهما من حديث عطاء، عن ابن عباس، نحوه، وفي إسنادهما محمد بن مجيب الثقفي كذبه ابن معين. وله طريق أخرى، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 167- 168 كشف الأستار] رقم 2491، وبحشل في تاريخ واسط [/ 185، 230- 231] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 121] ، [44/ 62- 63، 63] ، جميعهم من طرق ضعيفة عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، نحوه. تابعه مالك بن مغول، عن مجاهد، أخرجه ابن عساكر [44/ 63- 64] ، بإسناد فيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول اتهم بالكذب والوضع. وأما حديث أبي ذر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 65] من طريق سهل بن زنجلة، أنا عبد الرحمن بن عمر، أنا محمد بن علي بن الحسين الأزدي، حدثني الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي ذر مرفوعا: إن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 1392- قال صلى الله عليه وسلم: لم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من النهار. 1393- وحين قيل له إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة قال: اقتلوه، فجعله حلّا وهو حول الكعبة. 1394- وجعل صلى الله عليه وسلم دار أبي سفيان حرما وهو بعيد من البيت فقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. - لكل نبي وزيرين، ووزيراي أبو بكر وعمر. وأما حديث أنس فأخرجه ابن عساكر [44/ 65] من طريق محمد بن ثابت، عن أبيه، عن أنس مرفوعا: وزيراي من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض: أبو بكر وعمر. (1392) - قوله: «وإنما أحلت لي ساعة» : حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عام الفتح فقال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ... الحديث في الصحيحين، وقد خرجناه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2763. (1393) - قوله: «إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة» : أخرجاه من حديث أنس، وخرجناه في فتح المنان تحت رقم 2069، 2070، 2613. وتقدم تخريج حديث من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، عند الكلام على فتح مكة حرسها الله تعالى. (1394) - قوله: «من دخل دار أبي سفيان» : تقدم في فتح مكة من أبواب المغازي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 شرف آخر- 38 1395- وهو أنه سبحانه فوض إليه صلى الله عليه وسلم بعض شرائعه بتسديد الله إياه في قوله: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ الاية، وقال للأمم السالفة: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا الاية، إلى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ، ثم خاطب أهل الإنجيل فقال عزّ وجلّ: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47) ، فجعل تارك الحكم بالتوراة ظالما وبالإنجيل فاسقا وبالقرآن كافرا، فرقا بين الحكم بالقرآن والحكم بالتوراة والإنجيل. شرف آخر- 39 1396- وهو أنه عزّ وجلّ جعل التشديد والثقل على الأمم المتقدمة، وجعل التسهيل والتيسير للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ الاية، وقال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، فجعل اليسرين مع عسر واحد. (1396) - قوله: «فجعل اليسرين مع عسر واحد» : قال الإمام البخاري رحمه الله في تفسير هذه الاية من صحيحه: قال ابن عيينة: إن مع ذلك العسر يسرا آخر كقوله تعالى: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ الاية، ولن يغلب عسر يسرين. اهـ. قال الحافظ في الفتح: وهذا مصير من ابن عيينة إلى اتباع النحاة في قولهم إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وموقع التشبيه: أنه كما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى كذلك ثبت لهم تعدد اليسر، أو أنه ذهب إلى أن المراد بأحد اليسرين الظفر وبالاخر الثواب فلا بد للمؤمن من أحدهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يغلب عسر يسرين، ذلك أن العسر ذكره مرتين ومعناه مرة واحدة، لذكره إياه معرفا بلام التعريف فهو مرة واحدة، أما اليسر فذكره منكرا، فيكون يسرين. قوله: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» : روي من حديث أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله موصولا، ومن حديث قتادة والحسن البصري مرسلا، وروي موقوفا من قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود. أما حديث أنس، فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3446] رقم 19395 من طريق عائذ بن شريح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله حجر فقال: لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه، فأنزل الله عزّ وجلّ: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، قال ابن كثير: قال أبو حاتم الرازي: عائذ في حديثه ضعف. وأخرجه أيضا أبو بكر البزار في مسنده [3/ 81 كشف الأستار] رقم 2288، وقال: لا نعلم رواه عن أنس إلّا عائذ بن شريح، والطبراني في معجمه الأوسط [2/ 315] رقم 1548، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه عائذ بن شريح وهو ضعيف. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن مردويه بإسناد ضعيف كما في الفتح [8/ 582] . وأما المرسل: فأخرجه ابن جرير في تفسيره بإسناد على شرط الصحيح [30/ 236] من حديث قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشّر أصحابه بهذه الاية، فقال: لن يغلب عسر يسرين إن شاء الله. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنفه [2/ 380 التفسير] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [2/ 528] ، وابن جرير في تفسيره [30/ 236] ، بإسناد جيد من حديث عوف ومعمر ويونس، جميعهم عن الحسن في هذه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 وقال عز ذكره في التشديد على الأمم المتقدمة لموسى: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها الاية، ثم قال: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ الاية، وقال: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ الاية. وقال في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) ، وقال في شأن أمته: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الاية، ورفع عنهم تلك الشدائد والأغلال حيث قال: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الاية. - الاية قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فرحا مسرورا وهو يقول: لن يغلب عسر يسرين، لن يغلب عسر يسرين: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، وفي رواية: أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين. * خالفهم المبارك بن فضالة- وهو دونهم في الثقة- فأوقفه، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3446] رقم 19396. وأما الموقوف: فقال الحاكم في المستدرك [2/ 528] : قد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب. اهـ. قال الحافظ في الفتح: كتب عمر إلى أبي عبيدة: مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وهو في الموطأ عن عمر لكن من طريق منقطع. وأخرجه عبد بن حميد في مسنده- كما في الفتح- من حديث معاوية ابن قرة، عن ابن مسعود، وابن جرير في تفسيره كذلك [30/ 236] ، وأخرجه من وجه آخر أيضا من حديث شعبة، عن رجل، عن ابن مسعود، جوّد الإسناد الأول الحافظ في الفتح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 شرف آخر- 40 1397- وهو أنه سبحانه جعل رزقه طيبا مما أعطاه إياه، ولم يفرق بين ملكه وملك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الاية، وقال: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ الاية، فجعل خمس الخمس من الغنيمة، وأربعة أخماس الفيء وخمس خمسه مخصوصان بطعمته صلى الله عليه وسلم، وهي من أطيب الوجوه. 1398- قال صلى الله عليه وسلم: جعل رزقي في ظل سيفي، وقال للأنبياء عليهم السّلام: كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً، فبعضهم يكتسب وبعضهم يرعى بأجره، وغير ذلك. (1398) - قوله: «جعل رزقي في ظل سيفي» : روي من حديث ابن عمر، وأنس بن مالك، وأبي هريرة. أما حديث ابن عمر، فعلقه البخاري في الجهاد، باب ما قيل في الرماح، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 50، 92] ، وأبو داود برقم 4031 بلفظ مختصر، وابن أبي شيبة في المصنف [5/ 313] ، وعبد بن حميد في مسنده [المنتخب- رقم 846] ، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 577] رقم 1137، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 75] رقم 1199، جميعهم من حديث ابن ثوبان، ثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر به، وعزاه الحافظ ابن حجر أيضا: لأبي يعلى الموصلي، والطبراني. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 49] : فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه ابن المديني وأبو حاتم، وضعفه أحمد وغيره، وباقي رجاله ثقات. وأما حديث أنس، فأخرجه أبو نعيم في ترجمة أحمد بن محمود من تاريخ أصبهان [1/ 129] : ثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة، ثنا بشر بن الحسين الأصبهاني، ثنا الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك به، قال الحافظ ابن حجر: إسناده ساقط. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 شرف آخر- 41 1399- وهو أن الملائكة كانت تنزل وتحارب العدو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. - نعم، ورواه الأوزاعي فاختلف عليه فيه على ألوان: 1- فرواه عنه الوليد بن مسلم كرواية الجمهور، عن ابن ثوبان، عن حسان بن عطية، أخرجه الطحاوي في المشكل [1/ 213 سقط من المحقق المطبوع عبد الرحمن بن ثوبان] رقم 231. 2- ورواه ابن المبارك، عنه، عن سعيد بن جبلة، عن طاوس مرسلا، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 322] القضاعي في مسند الشهاب برقم 390 مقتصرا على طرفه الأخير الوارد في حديث أنس: من تشبه بقوم فهو منهم. قال الحليمي في المنهاج [2/ 7] معلقا على الحديث: فلو كان انتظار الرزق بالصبر والصمت أفضل من طلبه- بما أذن الله تعالى فيه- لما حرم الله رسوله أفضل الوجهين. وقال الإمام الغزالي رحمه الله معلقا: الأنبياء عليهم السّلام أشرف مخلوق على وجه الأرض، وقد هدى الله بهم سائر الخلق وتمم بهم حكمته، وأعلاهم رتبة نبيّنا صلى الله عليه وسلم إذ أكمل الله به الدين وختم به النبيين، قال: ويلي الأنبياء: العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، فإنهم في أنفسهم صالحون، وقد أصلح الله بهم سائر الخلق، قال: ثم يليهم السلاطين بالعدل لأنهم أصلحوا دنيا الخلق كما أصلح العلماء دينهم، قال: ولاجتماع الدين والملك والسلطنة لنبينا محمّد صلى الله عليه وسلم كان أفضل من سائر الأنبياء، فإنه أكمل الله به صلاح دينهم ودنياهم إذ لم يكن السيف والملك لغيره من الأنبياء. اهـ. باختصار. (1399) - قوله: «وهو أن الملائكة كانت تنزل وتحارب» : قال الحليمي رحمه الله في المنهاج في معرض بيان أدلة أفضليته: ووجه سادس وهو أن من ينزل عليه الملك كرامة له إذ كان أفضل ممن لم ينزل عليه، وحسب أن يكون من ينزل عليه فيتجاوز مكالمته إلى مقاتلة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 وقد ذكر الله محاربة الأنبياء مع أعدائهم ولم يذكر إنزال الملائكة فقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إلى أن قال: وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ الاية، وذكر موسى ولم يذكر إنزال الملائكة وأنها قاتلت معه. وذكر محمّدا صلى الله عليه وسلم، فقال: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ الاية، وقال في موضع آخر: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ الاية، وقال جلّ ذكره: بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ الاية، وقال: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ الاية، وقال: وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها الاية، فذكر الملائكة ولم يكن ذلك إلّا له صلى الله عليه وسلم. 1400- وروي: أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وضع لأمته وسلاحه، فنزل جبريل عليه السّلام وقال: يا محمد، أتضع سلاحك ونحن معشر الملائكة لم نضع الأسلحة؟! فخرج إلى بني قريظة وبني النضير. - المشركين عنه حتى يظفره الله عليهم أفضل ممن لا يكون من الملك إلّا إبلاغ الرسالة إياه ثم الانصراف عنه، ومعلوم أن هذا لم يكن إلّا لنبيّنا صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن يكون لذلك أفضل الأنبياء صلوات الله عليهم. وقال البيهقي في الشعب: أما قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم فإنها كرامة خالصة عرّضه الله لها بفضله دلالة على نفاسة قدره وعظيم منزلته. (1400) - قوله: «وروي أنه لما رجع» : أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، رقم 4117، وفي الجهاد، باب جواز قتل من نقض العهد، وأخرجه مسلم في الجهاد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 1401- وروي أن بعض الصحابة قال: يا رسول الله شددت على رجل من المشركين لأقتله فسمعت صوتا من الهواء يقول: أقدم حيزوم، فسبقني وقتل الرجل، قلت: فمن حيزوم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: .......... - والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، رقم 1769 كلاهما من حديث عائشة. وأخرج البخاري في المغازي بعد روايته قول جبريل عليه السّلام للنبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس قال كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة. (1401) - قوله: «أقدم حيزوم» : أخرج مسلم في الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة من حديث أبي زميل، عن ابن عباس في قصة بدر: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقت، ذلك مدد من السماء الثالثة، فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين، اختصره أبو داود، والترمذي، وأخرجه البيهقي في الدلائل [3/ 52] . وقال ابن إسحاق في سيرته [1/ 633- ابن هشام] : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عمن حدثه عن ابن عباس عن رجل من بني غفار قال: حضرت أنا وابن عم لي بدرا ونحن على شركنا، وإنا لفي جبل ننتظر الواقعة على من تكون الدائرة، فأقبلت سحابة فلما دنت من الجبل سمعنا منها حمحمة الخيل، وسمعنا قائلا يقول: أقدم حيزوم، قال: فأما صاحبي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك، ثم تماسكت. أخرجه ابن جرير في تفسيره [4/ 77] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 53] ، وأبو نعيم برقم 403 جميعهم من طريق ابن إسحاق، به. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 حتى أسأل جبريل عليه السّلام، فلما نزل سأله عنه فقال: ما كل خلق الله أعرفه، فهذه منقبة ومنزلة لم تذكر لأحد من الأنبياء قبله دل على شرف منزلته. 1402- وروي عن بعض الصحابة أنه قال: كنا نقصد الرجل من المشركين فقبل أن تصل إليه سيوفنا نرى رأسه ملقى بين أيدينا. قوله: «حتى أسأل جبريل» : أخرجه الواقدي في مغازيه [1/ 77] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 57] ، من حديث خارجة بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: من القائل يوم بدر من الملائكة: أقدم حيزوم؟ فقال جبريل: يا محمد ما كل أهل السماء أعرف! فيحتمل أن يكون هذا قبل أن يعلمه الله، لما تقدم قبله في رواية مسلم والله أعلم. (1402) - قوله: «وروي عن بعض الصحابة» : أخرج الحاكم في المستدرك [3/ 409] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 56] ، وأبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [1/ 501]- من حديث أبي أمامة بن سهل، قال: قال لي أبي: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر، وإن أحدنا يشير بسيفه إلى رأس الشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه، صححه الحاكم، وأقره الذهبي في التلخيص. وأخرج ابن إسحاق في السيرة [1/ 633] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [5/ 450] ، وابن جرير في تفسيره [4/ 77] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 56- وتصحفت الكنية في المطبوع إلى: أبي واقد] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 404، قال ابن إسحاق: حدثني أبي: إسحاق بن يسار، عن رجال من بني مازن بن النجار، عن أبي داود المازني- وكان شهد بدرا- قال: إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ رفع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 شرف آخر- 42 1403- وهو انتصار الله له ممن يؤذيه- وإن كانت امرأة- لأن الله تعالى ذكر امرأة نوح وامرأة لوط فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً الاية، فذكر الله خيانتهما والأذى بلسانيهما، ولا يجوز لامرأة نبي أن ترتكب المحظور، أما امرأة نوح فكانت تقول: هذا مجنون، وأما امرأة لوط فكانت تخبر المشركين بأضيافه. فلما ذكر الله تبارك وتعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) زجرا لنسائه عن التظاهر عليه، ومراجعته ومخالفته، ورفعة لمنزلته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ إلى قوله: وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً، وقال: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ إلى قوله: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً الاية، وقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ الاية. - وأخرج الواقدي في المغازي [1/ 78- 79] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 57- 58] ، من حديث رافع بن خديج، عن أبي بردة بن نيار، قال: جئت يوم بدر بثلاثة رؤوس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالثة فإني رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه، فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك فلان من الملائكة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 شرف آخر- 43 1404- في قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) الاية، وقوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية، يحمده الأولون والاخرون لأن ذلك مقام الشفاعة، ....... (1404) - قوله: «يحمده الأولون والاخرون» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 398] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 98- 99] ، وابن جرير في تفسيره [15/ 146] ، والحاكم في المستدرك [2/ 364] ، والبزار، جميعهم من حديث ابن مسعود- وهذا لفظ الإمام أحمد-: في حديث: وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة، فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود؟ قال: ذاك إذا جيء بكم عراة حفاة غرلا، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السّلام يقول: اكسوا خليلي، فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فألبسهما، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد غيري فيغبطني الأولون والاخرون ... الحديث في إسناد الجميع عثمان بن عمير ضعفه الجمهور، قال الحافظ الذهبي: باقي رجاله ثقات. قوله: «لأن ذلك مقام الشفاعة» : روي هذا عن أبي هريرة، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 441، 442] ، والترمذي برقم 3137، وقال: حسن، وابن جرير في تفسيره [15/ 145، 146] . وروي عن ابن عباس، أخرجه ابن جرير في تفسيره [15/ 144] ، والطبراني في معجمه كما في الدر المنثور [5/ 324] . وأخرجه ابن مردويه من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الدر المنثور [5/ 325] . وأخرج الإمام البخاري في التفسير من صحيحه، باب قوله تعالى: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 والكوثر نهر في الجنة، وفيه أن بعض الكفار عابه بأنه أبتر وينقطع ذكره عند موته فأحزن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الاية تسلية له، ثم قال في آخر السورة بعد أن قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ الاية، اشتغل بي، واشكر لي ولا تجبهم فإني أجيبهم عنك إن الذي عابك هو الأبتر، وهذا كما قال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ الاية، لما عابوه بأنه كاهن ومجنون، وكما قال بعد القسم: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى الاية، وذلك حين زعمت الجهال عند انقطاع الوحي عنه أياما تأديبا له وتهذيبا لأخلاقه، قالوا: إنّ محمدا قلاه ربه فقال: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) ، فأجابهم كما شاء. - عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية، عن ابن عمر قال: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود، موقوف له حكم الرفع. وانظر التعليق على النص رقم 1483. قوله: «والكوثر نهر في الجنة» : ورد وصفه في أحاديث مخرجة في الصحيحين وغيرهما، وألفت فيها الكتاب والرسائل، قال غير واحد: أحاديث الحوض بلغت حد التواتر. قوله: «وفيه أن بعض الكفار عابه» : راجع شرف رقم 26. قوله: «حين زعمت الجهال عند انقطاع الوحي» : تقدم الكلام على هذا في أول الكتاب عند مبتدأ الوحي والرسالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 1405- فمنهم أبو لهب حين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة بمكة وجمع قريشا فقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا! تبا لك. فأنزل الله تعالى وأجابه عنه فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ، فذكره وذكر امرأته وأجابه بواحدة ستة. شرف آخر- 44 1406- وهو أن الله تعالى جعله رحمة للناس ورحمة للعالمين فقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) الاية، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً الاية، ثم بيّن ما للمؤمنين وما للكافرين فقال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الاية، وقال: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها الاية. فجعله سببا لنجاة المؤمنين، ثم لما نجاهم وأنقذهم لا يردهم إلى النار، هذا للمؤمنين. وقال للكافرين: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الاية، يعني: ما دمت نبيهم يا محمد فإن الله لا يعذبهم، ولا يعذبهم أيضا وفي أصلابهم (1405) - قوله: «فقال أبو لهب» : أخرجه البخاري في تفسير سورة تبت، رقم 4971، 4972، ومسلم في الإيمان، باب قوله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) رقم 355، 356، كلاهما من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 مؤمن يستغفر، وذلك حين ذكر المتقدمين من الكفار فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ الاية، وذكر موسى وما دعا على قومه: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ الاية، ففعل وجعل سكّرهم حجرا، وأنزل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع، فلما قال جهّال قريش: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ الاية، قال الله عزّ وجلّ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية، وهذا بيّن في رحمته للمؤمنين والكافرين، وشرف لا يشاركه فيه أحد من الأنبياء. قوله: «فلما قال جهال قريش» : أخرج الإمام البخاري في التفسير من صحيحه من حديث أنس أن أبا لهب قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ الاية، قال: فنزلت: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية. قوله: «وشرف لا يشاركه فيه أحد من الأنبياء» : ذلك أن الله تعالى عذب أمم من تقدم من الأنبياء في حياة رسلهم وأنبيائهم أمام أعينهم، وشرف نبيّه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يهلك أمته في حضرته، ولن يهلك جميعها بعده لأسباب إلهية رتبها بحكمته، وجعلها مرتبطة بنبيه لما منّ عليه بفضله وخصه بكرمه، بينت ذلك وأوضحته جملة من الأحاديث المروية: منها: ما أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية، قال: أنزل الله عليّ أمانين لأمتي: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 ......... - فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ، إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة، قال الترمذي: غريب، وإسماعيل بن مهاجر يضعف في الحديث، وأخرجه موقوفا على أبي موسى بنحوه: ابن جرير في تفسيره، والحاكم في المستدرك، وموقوفا على أبي هريرة: الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الشعب، وموقوفا على ابن عباس: البيهقي في الشعب. ومنها: ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان: وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها ... الحديث، وفي حديث عمرو بن قيس عند الدارمي: وإن الله وعدني في أمتي وأجارهم من ثلاث: لا يعمهم بسنة، ولا يستأصلهم عدو، ولا يجمعهم على ضلالة. ومنها: ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه من حديث أبي موسى مرفوعا: إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا يشهد له ... الحديث. ومنها: ما أخرجه البزار من حديث ابن مسعود مرفوعا: حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض أعمالكم عليّ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم، جودّه الحافظ العراقي، في الجنائز من طرح التثريب، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد، والسيوطي في الخصائص وغيرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 شرف آخر- 45 1407- قوله عزّ وجلّ: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (4) الاية، وذلك حين قالوا: إنه ليس بوحي وإنه لسحر، فأقسم سبحانه بالنجم الذي في السماء. شرف آخر- 46 1408- وهو في قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية، يعني: بل هو أدنى من ذلك، وهذه مرتبة خص الله بها محمّدا صلى الله عليه وسلم، لم يشركه فيها أحد من أنبيائه، وليس المراد هنا تقريب المكان وإنما هو تقريب الجاه، يقال: فلان قريب من فلان ينظره بعينه، أراد جاهه عنده. (1407) - قوله: «فأقسم سبحانه بالنجم» : انظر الشرف المتقدم برقم 23. (1408) - قوله: «وإنما هو تقريب الجاه» : روى نحوه عن جعفر بن محمد، ذكره القاضي عياض في الشفا فقال: قال جعفر بن محمد- يعني في قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ الاية-: الدنو من الله لا حد له، انقطعت الكيفية عن الدنو، ألا ترى كيف حجب جبريل عن دنوه، ودنا محمد إلى ما أودع قلبه من المعرفة والإيمان، فتدلى بسكون قلبه إلى ما أدناه، وزال عن قلبه الشك والارتياب؟. قال القاضي عياض: اعلم أن ما وقع من إضافة الدنو والقرب هنا من الله أو إلى الله فليس بدنو مكان ولا قرب مدى، بل كما ذكرنا عن جعفر بن محمد الصادق ليس بدنو حد، وإنما دنو النبي صلى الله عليه وسلم من ربه وقربه منه إبانة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 شرف آخر- 47 1409- وهو أن الله تعالى حكم له بتمام الأعمال، وجعل الزيادة نافلة له فقال عز من قائل: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ الاية، والنافلة لا تكون إلّا زيادة على الفرض، وذكر إبراهيم فقال: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ الاية، وقال: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى الاية، ولم يذكر الإتمام لأحد غير إبراهيم وزاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم. - عن عظيم منزلته وتشريف رتبته وإشراف أنوار معرفته ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته، ومن الله تعالى مبرّة وتأنيس وبسط وإكرام، قال: ويتأول فيه ما يتأول في قوله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا على أحد الوجوه، نزول إفضال وإجمال وقبول وإحسان، قال الواسطي: من توهم أنه بنفسه دنا جعل ثم مسافة، بل كل ما دنا بنفسه من الحق تدلى بعدا- يعني: عن درك حقيقته- إذ لا دنو للحق ولا بعد. اهـ. وسيورد المصنف في الشرف رقم 56 سياقا آخر في هذا. انظر النص الاتي برقم 1436. (1409) - قوله: «جعل الزيادة نافلة له» : أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 71- 72] رقم 4842، ومن طريقه الإمام أحمد [5/ 259] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 145، 330- 331] رقم 7561، 8060، وابن جرير في التفسير [15/ 143] ، وابن أبي حاتم [7/ 2342] رقم 13367، بأسانيد عن أبي أمامة قوله: إنما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 265] : بعض أسانيد أحمد وغيره حسن. وأخرج البيهقي في الدلائل [5/ 487] ، وابن جرير في التفسير [15/ 143] ، من حديث مجاهد في قوله تعالى: نافِلَةً لَكَ الاية، قال: لم تكن النافلة لأحد إلّا النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، من أجل أنه قد غفر له- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 شرف آخر- 48 1410- وهو أنه سبحانه أمر الأنبياء المتقدمين بالبشارة به قبل بعثته، وجعل نبوته ممتدة إلى قيام الساعة، فقال حاكيا عن عيسى عليه السّلام: وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ الاية، وقد علمنا أن نبوة النبي المتقدم تكون إلى خروج النبي المتأخر، ثم لما لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي لقوله تعالى: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، وقوله معلما رسوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ الاية، كان الإنذار قائما إلى يوم القيامة، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الاية. شرف آخر- 49 1411- وهو أن الله تعالى جعل أمته خير الأمم لكون نبيها خير الأنبياء، فقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الاية، ولم يذكر هذا التفضيل لأمة من الأمم، وإن مدح قوما فإنما مدح طائفة فقال عزّ وجلّ: - ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل مع المكتوب فهو نافلة سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، والناس يعملون ما سوى المكتوبة في كفارة ذنوبهم، فليس للناس نوافل، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وأخرج ابن أبي حاتم برقم 13366، وابن جرير [15/ 143] ، عن قتادة، مثله. وأخرج ابن المنذر- كما في الدر المنثور- عن الحسن، مثله. (1410) - قوله: «أمر الأنبياء المتقدمين بالبشارة» : للإعلام به، قال البيهقي رحمه الله في الشعب عند الكلام على بيان أفضليته: ومنها أنه صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر الأنبياء إعلاما، ومعلوم أن أقل الإعلام إذا كان يوجب الفضيلة فإن كثرة الإعلام توجب لصاحبها اسم الأفضل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ الاية، ولم يمدح الله عزّ وجلّ من مدح الأقوام إلّا على التخصيص، وعمّ بالفضل أمة محمّد صلى الله عليه وسلم ولم يخص، فصار ذلك فضيلة له على الأنبياء قبله. شرف آخر- 50 1412- وهو أن الله تعالى جعل القرآن شرفا له ولقومه فقال: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ الاية، وقال: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ الاية، يعني: شرفكم، ونزل القرآن بلسانهم فقال: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا الاية، وقال: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الاية، إكراما له وإبانة لفضله ودرجته صلى الله عليه وسلم. (1412) - قوله: «يعني: شرفكم» : روى هذا عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [8/ 2446] رقم 13606، والبيهقي في الشعب [2/ 232] رقم 1616، وفي الدلائل [7/ 63- 64] ، وابن مردويه وعبد بن حميد كما في الدر المنثور [5/ 617] . وأخرج ابن جرير في تفسيره [23/ 118] عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبي حصين، والسدي في قوله تعالى: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الاية، قالوا: ذي الشرف. قوله: «ونزل القرآن بلسانهم» : أي: بلسان قريش، ومن مرسل محمد بن إبراهيم التيمي أنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم في يوم دجن فقال: كيف ترون بواسقها، الحديث وفيه: فقال رجل: يا رسول الله ما أفصحك؟ ما رأيت الذي هو أعرب منك؟ فقال: حق لي، وإنما أنزل القرآن عليّ بلسان عربي مبين، أخرجه ابن أبي الدنيا في المطر والرعد برقم 12، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره والبيهقي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 1413- ويروى عن سفيان بن عيينة في تفسير هذه الاية أنه قال: يسأل الرجل فيقال: من أين أنت؟ فيقول: من العرب، فيقال: من أي قبيلة؟ فيقول: من حي من قريش، فيقال: كفى بقريش شرفا أن أنزل الله القرآن بلسانهم ولغتهم. شرف آخر- 51 1414- وهو أن الله جعل أمته ذوي العقول والألباب ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثرهم عقلا، قال تعالى: وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ، وقال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ. وذكر تعالى الأمم السالفة فقال في قصة أصحاب موسى: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ الاية، - في الشعب [2/ 158] رقم 1431، والرامهرمزي في الأمثال [/ 155] ، وأبو الشيخ في العظمة [/ 254] رقم 720. (1413) - قوله: «ويروى عن سفيان بن عيينة» : هو هنا من تفسيره، وقد روي عنه، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: يقال: ممن هذا الرجل؟ يقال: من العرب، فيقال: من أي العرب؟ يقال: من قريش، فيقال: من أي قريش؟ فيقال: من بني هاشم. أخرجه الحافظ عبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [2 ق 2/ 199] ، وابن أبي حاتم [10/ 18509] ، وابن جرير [25/ 76] ، وعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن المنذر كما في الدر المنثور. (1414) - قوله: «ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثرهم عقلا» : أخرج ابن عساكر في تاريخه [3/ 386] من حديث وهب بن منبه قال: قرأت في واحد وسبعين كتابا فوجدت جميعها أن محمّدا صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 فكان ينزل عليهم الطير المشوي والترنجبين الأبيض، فقالوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قال موسى عليه السّلام: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ الاية، استصغر عقولهم، وقالوا حين رأوا الأصنام في قوله: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قال موسى: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ الاية، ولم ينكر الله على موسى عليه السّلام ولا رد عليه لأن الله تعالى أهلك عدوهم فرعون ونجاهم من الغرق فطلبوا بعد ذلك صنما يعبدونه. ولما غاب موسى ووعدهم أربعين ليلة أخطأوا العدد، ولبّس عليهم السامري فقال: عشرين يوما وعشرين ليلة، واتخذ لهم العجل فعبدوه. وكذلك لما أراد موسى عليه السّلام أن يدخل أرض العمالقة، وعلم أصحابه قوة بطش العدو، قالوا لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ الاية. 1415- ولم يحك الله عن أمة محمّد صلى الله عليه وسلم مثل هذا، بل لما أراد الخروج إلى الغزو قال له أصحابه: لا نقول لك اذهب أنت وربك كما قوله: «والترنجبين الأبيض» : هو المن، فأخرج ابن جرير في تفسيره [1/ 296] ، وابن أبي حاتم [1/ 114] من حديث السدي في قوله تعالى: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ الاية، قال: قالوا: يا موسى كيف لنا بماء ههنا؟ أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان يسقط على شجر الترنجبين، والسلوى: طائر يشبه السماني. (1415) - قوله: «لما أراد الخروج إلى الغزو» : يعني: إلى بدر، أخرج الإمام البخاري في المغازي من صحيحه، باب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 قال أصحاب موسى، بل نقول: نحن معك برا وبحرا، ونفديك بابائنا وأمهاتنا. 1416- ومن قوة عقولهم قول عمر رضي الله عنه لما أتى الحجر الأسود للاستلام قال: اللهمّ إني أعلم أن هذا الحجر لا يضر ولا ينفع ولولا إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّله ما قبّلته. 1417- ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام أبو بكر فقال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وكانوا رضوان الله عليهم يبذلون أرواحهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياتهم، فمن ذلك: - قول الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الاية، من حديث ابن مسعود قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشاهدا لأن أكون صاحبه أحب إليّ مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى المشركين فقال: لا نقول لك كما قال قوم موسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا الاية، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك، وخلفك، قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره يعني: قوله. (1416) - قوله: «قول عمر رضي الله عنه لما أتى الحجر الأسود» : أخرجاه في الصحيحين بنحوه. (1417) - قوله: «قام أبو بكر فقال» : أخرجه البخاري في الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت رقم 1241، 1242، والنسائي في الجنائز مختصر دون قول أبي بكر رقم 1841، وابن ماجه في الجنائز برقم 65، وقد تقدم في باب الوفاة مبسوطا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 1418- نوم علي رضي الله عنه على فراشه لما قصده المشركون. 1419- وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم يبايعونه في المنشط والمكره، والنساء يقدّمنه على آبائهن وأقاربهن، وفي قصة حمنة بنت جحش لما قتل أخوها وزوجها وأبوها يوم أحد أنها طلبت أباها فقيل: قتل، فطلبت أخاها فقيل: قتل، فقالت: أين زوجي؟ فقيل: قتل، فقالت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ها هو هنا، فقالت: كل المصائب جلل بعد أن سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1418) - قوله: «نوم علي رضي الله عنه على فراشه» : يعني ليلة الهجرة، وفيها قصة طلب قريش النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت. (1419) - قوله: «وفي قصة حمنة بنت جحش» : أخت عبد الله بن جحش، وكانت تحت مصعب بن عمير استشهد يوم أحد، خرجت معه فكانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى، حديثها الذي أشار إليه المصنف عند ابن إسحاق في السيرة كما في سيرة ابن هشام [3/ 42] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 302] من حديث إسماعيل بن محمد بن أبي وقاص قال: كانت امرأة من الأنصار من بني ذبيان أصيب زوجها وأخوها يوم أحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشاروا لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل. قال أبو عاصم: ما أظن أن الحديث حديث حمنة، ذلك أنها لم تكن ذبيانية قط، فهي حمنة بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد، وكان جحش بن رئاب حليف حرب بن أمية بن عبد شمس، فهذه امرأة أخرى غير حمنة. ثم قد أخرج ابن إسحاق في سيرته [3/ 41 ابن هشام] ، وابن ماجه في سننه برقم 1590، وابن سعد في الطبقات [8/ 241]- واللفظ له- والبيهقي في الدلائل [3/ 301] : - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 شرف آخر- 52 1420- وهو أن الله تعالى ذكر أصحاب الجنة من الأمم التي تقدمت فقال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) ، فجعل أمته من أهل الجنة أقل من الأمم قبله. 1421- فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، أترضى أن يكون ثلة من الأولين وقليل من الاخرين؟ فراجع صلى الله عليه وسلم ربه حتى سوى الله أمته أمما قبلها، فقال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، ثم زاد له تعالى. - أن النساء قمن حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد يسألن الناس عن أهليهن فلم يخبرن حتى أتين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تسأله امرأة إلّا أخبرها، فجاءته حمنة بنت جحش فقال: يا حمنة احتسبي أخاك عبد الله بن جحش، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: يا حمنة احتسبي خالك حمزة بن عبد المطلب، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: يا حمنة احتسبي مصعب بن عمير فقالت: يا حرباه (وفي رواية: فصاحت وولولت) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن للرجل لشعبة من المرأة ما هي له شيء (وفي رواية: إن زوج المرأة منها لبمكان، لما رأى من صبرها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها) . (1421) - قوله: «فقال عمر رضي الله عنه» : أخرجه ابن مردويه، وابن عساكر- كما في الدر المنثور [8/ 7]- من طريق عروة بن رويم، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) ، وذكر فيها: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) ، قال عمر: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر، تعال فاستمع- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 1422- حتى قال صلى الله عليه وسلم: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفّا، ثمانون منها من أمتي، وأربعون من سائر الأمم. 1423- وقال صلى الله عليه وسلم حين ذكر القيامة: أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة. - ما قد أنزل الله عزّ وجلّ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، ألا وإن من آدم إليّ ثلة، وأمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل، ممن يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. قال السيوطي: وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عروة بن رويم مرسلا ولم أقف عليه في المطبوع من التفسير! قال السيوطي: وأخرج الإمام أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي هريرة قال: لما نزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم الشطر الثاني. قلت: هو في آخر كتاب الإيمان من صحيح مسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه إلّا أنه لم يذكر سبب نزول الاية، وأخرجه ابن حبان في صحيحه بطوله وذكر فيه نزول قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) الاية. (1422) - قوله: «إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا» : خرجناه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 3003، من حديث ابن بريدة، عن أبيه. (1423) - قوله: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة» : هو طرف من حديث خرجناه في شرحنا للمسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 54- فتح المنان، اختصر الدارمي لفظه، وأوله: أنا أول شفيع في الجنة، وهو حديث أودعه مسلم صحيحه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 شرف آخر- 53 1424- وهو فيما خصه الله من تعجيل العذاب على من يعاديه، قال تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ، ودعاهم إلى شيء معاين ووعد كل طائفة من أعدائه نوعا من العذاب. 1425- فأما أبو جهل فإنه حلف لئن رأى محمّدا صلى الله عليه وسلم ليطأن على عنقه، فجاء جبريل عليه السّلام وقال: انطلق يا محمد علانية حتى تدخل الحجر فاقرأ: بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فإذا قرأت وفرغت فاسجد ولا ترفع رأسك حتى يأتيك. فانطلق صلى الله عليه وسلم فقيل لأبي جهل: هذا محمد ساجد في الحجر، فقام مسرعا إلى باب الحجر فوقف ونكص رأسه، فقال له أصحابه: ما لك لا تتقدم؟ قال: إن بيني وبينه فحلا فاتح فاه لو دخلت لا لتقمني، ورجع هاربا، وقام صلى الله عليه وسلم وقال: لو دنا مني لا ختطفته الملائكة. 1426- وروي أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعو اليهود للمباهلة، قال الشعبي: (1425) - قوله: «لو دنا مني لا ختطفته الملائكة» : تقدم في أبواب المعجزات، وخرجناه هناك. (1426) - قوله: «وروي أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعو اليهود» : ليست روي هنا للتضعيف، إذ الحديث في الصحيحين من غير هذا الوجه كما سيأتي. قوله: «قال الشعبي» : هو عامر بن شراحيل الإمام التابعي الجليل، وحديثه مرسل، أخرجه هكذا: ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 549] رقم 18860، وسعيد بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 كان أهل نجران من النصارى يجادلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ الاية، إلى قوله: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ الاية، فتواعدوا أن يلاعنوه من الغد، فانطلق أهل نجران إلى السيد والعاقب- أحبارا لهم- فبايعوا وذهبوا إلى رجل من كبرائهم وذكروا القصة، فقال: لا تفعلوا، قالوا: كيف نفعل وقد وعدناه غدا؟ قال: إذا غدوتم عليه وعرض عليكم الذي فارقتموه عليه، فقولوا: نعوذ بالله، فلعله يعافيكم، فلما غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام صلى الله عليه وسلم ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين رفعوا ظهور أكفهم إلى السماء، فقال أسقف للنصارى لمعشر أهل نجران: إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل الجبل من مكانه لفعل فلا تبتهلوا فتهلكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق لو مضوا على الابتهال لمسخوا قردة وخنازير، ولقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تمموا الملاعنة. - منصور [3/ 1044] رقم 500، وابن جرير في تفسيره [3/ 299] ، وابن أبي حاتم كذلك [2/ 667] رقم 3616، وبعضهم يزيد على بعض، وعزاه السيوطي في الدر المنثور [2/ 232] أيضا لعبد بن حميد، وأبي نعيم، وابن المنذر، وقد روي موصولا من حديث الشعبي، عن جابر بن عبد الله، أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 593] ، والواحدي في أسباب النزول [/ 99] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 244، وابن مردويه- كما في تفسير ابن كثير [1- 371]-. وقد أخرجها الشيخان من غير هذا الوجه، من حديث حذيفة بن اليمان، فأخرجها البخاري في المغازي، باب قصة أهل نجران، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل أبي عبيدة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 1427- وكذلك في قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الاية، قال: ثم جاء جبريل عليه السّلام بقوله تعالى: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الاية، الوليد ابن المغيرة، والحارث بن عيطلة، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب. قال: أتاه جبريل، فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراه الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل عليه السّلام إلى أكحله، قال: ما صنعت؟ قال: كفيتكه، ثم أراه الأسود بن عبد المطلب، فأومأ إلى عينيه، فقال: ما صنعت؟ قال: كفيتكه. قال: فأما الوليد بن المغيرة فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فأصاب أكحله فقطعها، وأما الأسود بن عبد المطلب فمنهم من يقول: عمي، ومنهم من يقول: نزل تحت شجرة فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عني؟ قد قتلت، ها هو ذا يطعن بالشوك في عيني، فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا، فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه. وأما الأسود بن عبد يغوث الزهري فخرجت في رأسه قروح فمات منها. (1427) - قوله: «في قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ» : هو في الأصول منثور في أبواب المعجزات، رأينا إثباته هنا للعلاقة. قوله: «ثم جاء جبريل عليه السّلام بقوله» : هذا التفسير منسوب لابن عباس، أخرجه عنه من طرق: الطبراني في الأوسط [5/ 515- 516] رقم 4983، وفي إسناده محمد بن عبد الحليم النيسابوري، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 47] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 وأما الحارث بن عيطلة فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خراءه من فيه فمات منها. وأما العاص بن وائل السهمي فبينما هو كذلك يوما إذ دخل في رأسه شبرقة حتى امتلأت منها، فمات منها. شرف آخر- 54 1428- وهو أن الله تعالى أطلع نبيه على ما يحدث ويكون، قال تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ الاية، فأعلمه بما يكون، وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ الاية، فأعلمه كيف يحارب من يرتد عن الإسلام، ثم أطلعه على ما لم يطلع عليه غيره، حتى قال صلى الله عليه وسلم لعلي: إنك تحارب المارقين والناكثين. - قلت: تابعه عمر بن عبد الله بن رزين، عن سفيان بن حسين، أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 316- 318] ، وهذا إسناد صحيح. وتابع سفيان بن حسين، عن جعفر بن أبي بشر: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله، أخرج حديثه ابن أبي حاتم في التفسير- كما في الجواب الصحيح للشيخ ابن تيمية [4/ 215] ، إذ ليس في المطبوع منه- وإسناده فيه على شرط الصحيحين. وحسن إسناده السيوطي في الدر المنثور [5/ 101] ، بعد أن عزاه لابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل برقم 202، 203، والضياء في المختارة، ويستثنى من ذلك إسنادي أبي نعيم، ففي الاسناد الأول الكلبي، عن أبي صالح، والثاني مرسل. (1428) - قوله: «حتى قال صلى الله عليه وسلم لعلي: إنك تحارب المارقين» : في الباب عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 ......... - أما حديث علي، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 92] رقم 3269، من طريق علي بن ربيعة، والطبراني في الأوسط [9/ 198] رقم 8428، من طريق ربيعة بن ناجذ كلاهما عن علي قال: أمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، لفظ الطبراني، وقال البزار: عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرجه البزار أيضا برقم 3270 بإسناد آخر عن علي من حديث إبراهيم، عن علقمة، عنه به. وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطبراني في الأوسط [10/ 198] رقم 9430، من حديث إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: أمر عليّ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وأما حديث أبي أيوب، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 139] ، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. قال الذهبي في التلخيص: ساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين، وقال الهيثمي في حديثي الطبراني المتقدمين: أحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد فوثقه ابن حبان. قلت: وهذه الاثار وإن كان في أسانيدها ضعف إلّا أنها تشير إلى أمر الخوارج، وذلك مخرج في الصحيحين، أخرج الشيخان من حديث سويد بن غفلة عن علي رضي الله عنه قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إليّ من أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة. وأخرجا من حديث أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 1429- وقال صلى الله عليه وسلم: إنّ جبريل نفخ في روعي- يعني: - ففهمت كل شيء. 1430- وفي حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. - وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ايذن لي أن أضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه- وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس، قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته. (1429) - قوله: «ففهمت كل شيء» : أورد الإمام الرباني محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله في الرسالة في تفسيرها ومعناها أقوالا، فقال: منهم من قال: ألقي في روعه كل ما سن، وسنته: الحكمة، فكان ما ألقى في روعه سنته، ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلّا ولها أصل في الكتاب، كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة، وعملها على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سن من البيوع وغيره من الشرائع..، فما أحل وحرم فإنما بين فيه عن الله كما بين الصلاة، قال: وكل جاءه من نعم الله كما أراد الله. اهـ. بتصرف واختصار يسير. (1430) - قوله: «وفي حديث» : أخرجه مطولا ومختصرا من حديث ابن مسعود جماعة بإسناد فيه انقطاع غير أن رجاله موثقون منهم: القضاعي في مسند الشهاب برقم 1151، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 شرف آخر- 55 1431- وهو أن الله لعن من آذى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً الاية، فأخبر أن من آذى رسوله استحق اللعنة مع ما أعد له من العذاب في- والبغوي في شرح السنة [14/ 303- 305] رقم 4111، 4112، 4113، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 4] ، وأقره الذهبي في التلخيص. وهذا لفظ حديث البغوي من طريق زبيد اليامي وعبد الملك بن عمير كلاهما عن ابن مسعود مرفوعا: أيها الناس إنه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلّا قد أمرتكم به، وإنه ليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلّا قد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوا بمعاصي الله، فإنه لا يدرك ما عند الله إلّا بطاعته. نعم، وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وأبي أمامة، وحذيفة. أما حديث جابر، فأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 4] ، وصححه وأقره الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 264- 265، 265] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 156- 157، 7/ 158] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1152. وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 194] رقم 7694، وأبو نعيم في الحلية [10/ 26- 27] ، وهذا لفظ الطبراني: نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلّا بطاعته. وفي إسناده عفير بن معدان، وهو ضعيف. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 الاخرة، وذكر الأنبياء والأمم قبله، فقال: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا الاية، لم يذكر اللعنة. 1432- ولما قال بعض الصحابة: لأنكحن فلانة- لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته، أنزل الله سبحانه وتعالى الايات: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ الاية، - وأما حديث حذيفة، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 81- 82 كشف الأستار] ، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه قدامة بن زائدة، لم أجد من ترجمه، وهذا لفظ الحديث: قام النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس فقال: هلموا إليّ، فأقبلوا إليه، فجلسوا فقال: هذا رسول رب العالمين عليه السّلام نفث في روعي، أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلّا بطاعته. قوله: «لم يذكر اللعنة» : وأصرح من هذه الاية قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا الاية، لم يذكر سبحانه أنه لعنهم، ولا يشكل على هذا قوله سبحانه: آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ الاية، لأن لعنتهم كانت بسبب مخالفة أمر الله لا بسبب إيذائهم نبيهم موسى عليه السّلام. (1432) - قوله: «لما قال بعض الصحابة» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3150] رقم 17765، عن السدي، وعبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [2 ق 2/ 122] ، عن معمر، وابن سعد في الطبقات [8/ 201] ، عن أبي بكر بن حزم في هذه الاية قالوا: نزلت في طلحة بن عبيد الله أنه قال: إن توفي النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 إلى قوله تعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ثم قال تعالى بعد ذلك: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) الايات، إلى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (57) . 1433- ومن فضله صلى الله عليه وسلم: أنه لما قذف المنافقون بعض أزواجه أنزل الله فيه ثمانية عشر آية، فقال عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ الاية، إلى قوله: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ. شرف آخر- 56 1434- وهو أن الله تعالى خفف عن أمته ما لم يخفف عن سائر الأمم فقال: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ الاية، ثم جعل لهم العفو والترخص في شريعته عزّ وجلّ، فقال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ الاية، فجعل للمجني عليه الخيار بين العفو والقتل وقبول الدية تبيينا لفضيلة محمّد صلى الله عليه وسلم وشريعته رحمة بهم، وقال سبحانه: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ الاية، ووصف رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الاية. 1435- ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. (1435) - قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» : أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 198] ، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان [16/ 202] رقم 7219. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 1436- عن محمد بن كعب القرظي، قال: ما بعث الله نبيا مرسلا إلّا أمره أن يعرض على أمته: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الاية، فكان إذا عرض عليهم قالوا: لا نستطيع أن يؤاخذنا الله بما توسوس به قلوبنا، فلما بعث الله عزّ وجلّ محمّدا صلى الله عليه وسلم أنزلها عليه فامن بها، وعرضها على أصحابه فامنوا بها، فخفف الله تعالى عنهم. - وأخرجه أيضا الطحاوي في شرح معاني الاثار [3/ 95] ، والطبراني في معجمه الصغير [1/ 270] ، والدارقطني [4/ 170- 171] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 356] . وهو عند ابن ماجه كأن في إسناده سقطا من حديث الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن ابن عباس- كذا- قال البوصيري في الزوائد: وليس ببعيد أن يكون السقط من صنعة الوليد بن مسلم، فإنه كان يدلس تدليس التسوية. (1436) - قوله: «عن محمد بن كعب القرظي» : دخل حديثه في تفسير المصنف فحسن الإتيان بلفظه، قال السيوطي في الدر المنثور [2/ 129] : أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر، عن محمد بن كعب القرظي قال: ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلّا أنزل عليه هذه الاية: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها، ويقولون: نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟! فيكفرون ويضلون، فلما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم، فقالوا: يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟ قال: نعم، فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم، فذلك قوله: آمَنَ الرَّسُولُ الاية، فوضع الله عنهم حديث النفس إلّا ما عملت الجوارح لَها ما كَسَبَتْ من خير، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شر رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 فلما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وانتهى من القربى إلى الله بمكان كما قال عزت قدرته: ثُمَّ دَنا محمّد صلى الله عليه وسلم إلى ربه جلّ ذكره فَتَدَلَّى فقرب بالجاه لا بالمكان، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ من قسي العرب أَوْ أَدْنى بل أدنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ محمد صلى الله عليه وسلم ما أَوْحى. ما كَذَبَ الْفُؤادُ فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رَأى الذي رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربّه بقلبه، ويقال: ببصره، وهذا جواب القسم. فلما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كذّبوه، فنزل قوله تعالى: أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أفتكذبونه على ما قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم، وإن قرأت بالألف يقول: أتجاحدونه على ما قد رأى؟ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى مرة أخرى غير التي أخبركم بها عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى التي ينتهي إليها كل ملك مقرّب ونبي مرسل، ويقال: ينتهي إليها علم كل ملك مقرب ونبي مرسل وعالم راسخ، عِنْدَها عند سدرة المنتهى جَنَّةُ الْمَأْوى تأوي إليها أرواح الشاهداء إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما يعلو: نور، ويقال: ملائكة، ما زاغَ الْبَصَرُ ما مال بصر محمد صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا مما رأى وَما طَغى ما تجاوز عما رأى. فلما جاوز النبي صلى الله عليه وسلم السماوات السبع والحجب كان جبريل عليه السّلام معه في كل ذلك، وانتهى إلى حجاب موقف جبريل عليه السّلام، فوقف جبريل عليه السّلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك يا جبريل وقفت؟ فقال: يا محمد، وما منا إلا له مقام معلوم، قد جاوزت من مقامي لجلالتك مقدار خمسمائة عام، تقدم فإنك أكرم على الله مني، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى يمين العرش، فوق السماء السابعة، لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى من عجائب- قال: فوضع عنهم الخطأ والنسيان رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً الاية، قال: فلم يكلفوا ما لم يطيقوا، ولم يحمل عليهم الإصر الذي جعل على الأمم قبلهم، وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 ربه العظمى، فقال له الجليل جل جلاله: يا محمد، هل تدري ما الدرجات والحسنات؟ فالدرجات: إسباغ الوضوء في السبرات، والمشي على الأقدام في الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. والحسنات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فتدلى قطرة من العرش على لساني فما ذاق الذائقون قط أحلى منها، فاتاني الله بها بيان علم الأولين والاخرين، فنادى جبريل عليه السّلام: حيّ يا محمد ربك، فألهمني الله تعالى فقلت: التحيات لله والصلوات والطيبات، فأجابه الله تعالى بثلاث أجوبة، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون له كرامة لا يشاركه فيها أمته، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فلما رأت الملائكة كرامته ومناجاته مع المولى بغير ترجمان قال كل واحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. قال بعض العلماء: التحية: الملك، فمعنى التحيات لله، يعني: الملك لله، والصلوات: الخمس، والطيبات: الزكوات. ثم قال الله عزّ وجلّ: آمَنَ الرَّسُولُ أي: صدّق الرسول بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، إلى قوله: وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فرفع الله تعالى عن أمته حديث أنفسهم بالمعصية فقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 1437- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا به أو يتكلموا، ولم يرفع عن أمة غيرها. قال الله تعالى: يا محمد سل تعطه، فدعا لنفسه ولأمته فقال: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا الطاعة، فقال الرب تبارك وتعالى: لا أؤاخذكم بالنسيان. ألا ترى أن من أكل بالنسيان وهو لا يذكر لم يؤاخذ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَوْ أَخْطَأْنا، فقال الله تعالى: لا أؤاخذكم بالخطأ ولكن ما تتعمدون. ألا ترى أن من قتل مؤمنا بالخطأ لم يقتص منه، لأنه مرفوع عنه، قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ الاية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. ثم قال عزّ وجلّ: يا محمد سل تعط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا يعني شدة وجهدا، فقال الله جل جلاله: قد رفعت الإصر والشك عن أمتك، وذلك قوله عزّ وجلّ: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، وقوله عزّ وجلّ: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. (1437) - قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» : أخرجه البخاري في العتق، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، رقم 2528، وفي النكاح، باب الطلاق في الإغلاق والكره، رقم 5269، وفي الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، رقم 6664، من حديث قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، بنحوه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وكان الإصر على بني إسرائيل في عشرة أشياء: الأول: كانوا إذا أذنبوا ذنبا حرم عليهم طعاما طيّبا كما قال جلّ جلاله: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ. والثاني: كان عليهم خمسون صلاة. والثالث: عليهم الزكاة ربع المال. والرابع: إذا أصابهم حدث من جنابة أو حيض أو نفاس ولا يجدون الماء كانوا نجسا رجسا ولا يطهرهم غير الماء. والخامس: كان عليهم فريضة أن يصلوا في المساجد، ولا يجوز لهم الصلاة في غير المساجد. والسادس: كانوا في صيامهم إذا صلوا العتمة وناموا حرم عليهم الطعام والشراب إلى الليل القابل. والسابع: كان عليهم الجماع حراما بعد صلاة العتمة والنوم. والثامن: كان قبول صدقاتهم بالقربان مع الفضيحة إذا تصدقوا، إن قبله تعالى تجيء نار فتحرقه وإن لم يقبله الله لم تحرقه النار فيفتضح صاحبه. والتاسع: كانت حسناتهم واحدة بواحدة. والعاشر: كان فيهم مع الفضيحة، كانوا إذا أذنبوا ذنبا بالليل أصبحوا مكتوبا على باب دارهم وافتضحوا. فكانت هذه الأشياء العشرة إصرا على بني إسرائيل. فرفع الله جل جلاله عن هذه الأمة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 فقال عزّ وجلّ: يا محمد لا أحرم على أمتك الطيبات من الطعام بذنوبهم، بفضل دعوتك، كما حرمت على بني إسرائيل، وما حرمت على بني إسرائيل فقد حللته لك بفضلي، لقوله عزّ وجل: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ. يا محمد: لا آمر أمتك بخمسين صلاة كما أمرت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأثيبهم بخمس صلوات ثواب خمسين صلاة بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها. يا محمد: لا آمر أمتك بإخراج ربع المال وهي الزكاة كما أمرت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وجعلت عليهم ربع عشر المال وأطهر مالهم بفضلي. يا محمد: لا أدع أمتك في نجاسة الذنوب والحدث والجنابة والحيض والنفاس إذا لم يجدوا الماء كما كان لبني إسرائيل، بفضل دعوتك، جعلت طهارتهم من الجنابة والحدث بالتراب والتيمم بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. يا محمد: لا أفسد صلاة أمتك إذا صلوا في غير المساجد بفضل دعوتك، جعلت صلاتهم في غير المساجد مقبولة بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 يا محمد: لا أحرم على أمتك الطعام والشراب بعد صلاة العشاء والنوم كما حرمت على بني إسرائيل بفضل دعوتك، ورخصت لهم الأكل والشرب بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ الاية، ورفعت أيضا الحساب لما تأكل أمتك من الفطور والسحور بفضلي. يا محمد: لا أحرم على أمتك الجماع بعد صلاة العشاء كما حرمت على بني إسرائيل بفضل دعوتك ورخصت لهم الجماع إلى أن يتبين الصبح بفضلي لقوله عزّ وجلّ: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ الاية. يا محمد: لا أجعل صدقات أمتك مع الفضيحة كما جعلت صدقات بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وآخذ صدقاتهم بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ. يا محمد: لا أجعل حسنات أمتك واحدة بواحدة كما جعلت حسنات بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأجعل حسنة واحدة عشرة وسبعين وألفي ألف بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها. يا محمد: لا أفضح أمتك بكتب الذنوب على أبوابهم كما فضحت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأستر ذنوبهم من الخلائق والملائكة بفضلي. فلم يبق شيء مما أعطى الله الأمم المتقدمة إلا وأعطى هذه الأمة، وجعل لك فضلا وهو أن القرآن كتابك ظاهرا ولم تقرأ أمة كتابها ظاهرا، قال عزّ وجلّ: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 وجعل أيضا كتبهم منسوخة وكتابك ناسخا فقال: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ. وأمرهم بالدعوة وأمرك بالدعوة أيضا حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بالقتال، لقوله عزّ وجلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وأمرهم بالصلاة وأمرك أيضا بالصلاة حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بالجماعة لقوله عزّ وجلّ: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الاية، وفضل الجماعة إذا بلغوا اثني عشر نفسا لا يدري فضلها أحد إلا الله، وجعل علامة صلاتهم الناقوس وعلامة صلاتك الأذان والإقامة. وأمرهم بالصيام وأمرك بالصيام حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بليلة القدر. وجعل قبلتهم بيت المقدس وجعل قبلتك في أول الإسلام بيت المقدس حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بصرفك إلى الكعبة قبلة إبراهيم. وأعطاهم عمرا طويلا، وعقلا قليلا، وأعطاك عمرا قصيرا، وعقلا كثيرا. وأخبرك بمساوئهم، ولم يخبرهم بمساوئك حتى بان فضلك عليهم بقدرته، فرفع الشدائد عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بدعوته قال: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا الاية. قال له: يا محمد سل تعط، فقال: وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 كما حملت بني إسرائيل من أنواع الأشياء، مثل تعجيل العقوبة إذا أذنبوا، وكانوا إذا أصابت أعضاءهم وثيابهم قذارة كان عليهم القطع ولا يجوز غسلها، وكانت عقوبتهم إذا أذنبوا أن يقتلوا أنفسهم، يقول لهم عزّ وجلّ: لا أغفر لكم حتى تقتلوا أنفسكم، لقوله عزّت قدرته: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وقال لهذه الأمة: إن لم تقتلوا أنفسكم أغفر لكم، لقوله عزّ اسمه: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً. فمعنى قوله تعالى: وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ الاية، أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل، فقال: جعلت لأمتك الندامة بفضلي، ورفعت قطع الثياب والأعضاء بذلك، ولا أعجلهم بالعذاب بفضلي، لقوله تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ الاية. ثم قال: يا محمد سل تعطه، فقال: وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا الاية، فدعا بثلاث دعوات: الأولى: العفو، والثانية: المغفرة، والثالثة: بالرحمة، لأن الله عزّ وجلّ عذّب قبل أمته ثلاث أمم، واحدة بالخسف، وهو قارون، قال تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ الاية، وواحدة بالمسخ وهم قوم داود، لقوله عزّ وجلّ: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ الاية، وواحدة بالقذف بالحجارة وهم قوم لوط، قال تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ الاية. فخاف النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الخصال على أمته، فقال: واعف عنا من الخسف، قال الله تبارك وتعالى: لا أخسف بذاتهم الأرض بسؤالك ودعوتك، وأخسف بذنوبهم بفضلي، حتى لا يرى الملائكة والادميون ذنوبهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: واغفر لنا من المسخ، فقال الرب عزّ وجلّ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 لا أمسخ أبدانهم ولا أحوالهم من حال الإنسانية، وأمسخ ذنوبهم أي: أحولها إلى حسنات بفضلي، لقوله تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ الاية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وارحمنا من القذف، فقال: لا أمطر عليهم الحجارة بدعوتك، وأمطر عليه الرحمة بفضلي. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ؛ لأنا قليل وهم كثير مثل الشعرة البيضاء، في جنب الثور الأسود، قال الله عزّ وجلّ: أنا ناصرك وناصر أمتك يا صفيّي وحبيبي، لقوله تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ الاية. قوله: «مثل الشعرة البيضاء» : أخرج البخاري في أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، رقم 3348، وفي التفسير، باب قوله تعالى: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى الاية، وفي الرقاق، باب قوله عزّ وجلّ: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الاية، رقم 6530، ومسلم في الإيمان، باب: يقول الله تعالى لادم: أخرج بعثا من النار، رقم 379 (222) ، كلاهما من حديث أبي صالح، عن أبي سعيد في حديثه الطويل في قصة يأجوج ومأجوج، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج، ألفا ومنكم رجل، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة، فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد- وفي رواية: في جنب- الثور الأسود، - أو كالرقمة في ذراع الحمار- لفظ مسلم. تنبيه: وقع أثر محمد بن كعب وتفسيره في الأصول في موضع لا علاقة له بما قبله ولا بما بعده، وهو كالمنثور فيها، رأينا إثباته هنا لما ظهر لنا من العلاقة فيه، وبالله التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 فأعطى الله عزّ وجلّ محمّدا صلى الله عليه وسلم ما سأل وما لم يسأله أعطاه إياه أيضا، فلم يدر النبي صلى الله عليه وسلم ما يسأل ربه من عبادة الملائكة القيام أم الركوع أم السجود أم التشهد. فقال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: مر أمتك بالصلاة حتى يجتمع في صلواتهم عبادة الملائكة من العرش إلى الثرى إذا كبروا، فإذا كبروا أعطاهم الله ثواب المكبرين، وإذا ركعوا أعطاهم الله تعالى ثواب الراكعين، وهكذا في القيام، والقراءة، والسجود، والتشهد. وبذلك أعطى الله النبي صلى الله عليه وسلم مراده وشهوته في أمته بفضله. شرف آخر- 57 1438- وهو أن الله خصه بعلامة يعرف بها شرف رسوله صلى الله عليه وسلم عند الدعاء إلى الصلوات، ولم يكن ذلك لنبي من أنبياء الأمم المتقدمة، إنما كان لهم قرن أو ناقوس، قال تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية، تذكر حيث أذكر، وقال عزّ من قائل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً الاية. (1438) - قوله: «تذكر حيث أذكر» : أخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 522] رقم 1380، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3445] رقم 19393 معلقا، وابن جرير في تفسيره [30/ 235] من حديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم! قال: إذا ذكرت ذكرت معي، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 254] ، وقد أودعه ابن حبان صحيحه كما في الإحسان [8/ 175] رقم 3382. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 شرف آخر- 58 1439- وهو أن الله تعالى غيّر قبلته عن قبلة الأنبياء قبله حيث غير، إذ قالوا: ألست تصلي إلى قبلتنا؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء- وأخرج الشافعي في الرسالة [/ 16] ، وعبد الرزاق في المصنف [2/ 380- التفسير] ، وابن حبان في تفسيره [10/ 3454] رقم 19391، وابن جرير كذلك [30/ 235] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 63] ، جميعهم من حديث مجاهد في قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية، قال: لا أذكر إلّا ذكرت معي: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. وأخرج ابن جرير في تفسيره [30/ 235] ، وابن أبي حاتم كذلك [10/ 3445] رقم 19392، والبيهقي في الدلائل [7/ 63] عن قتادة في هذه الاية قال: رفع الله ذكره في الدنيا والاخرة، فليس من خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلّا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. وقد استشهد المصنف رحمه الله بقوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ الاية، لما جاء في تفسيرها وأنها نزلت في المؤذنين- أو أنهم الذين عنى الله-، روي هذا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي حاتم في التفسير، وعن عكرمة أخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور. (1439) - قوله: «إذ قالوا» : يعني: اليهود، أخرج ابن جرير في تفسيره [2/ 20] عن مجاهد في سبب نزول قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية، قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا ... الحديث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 منتظرا جبريل عليه السّلام أن ينزل فيخبره بما في قلبه، فنزل جبريل بقوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الاية، وقال: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ الاية، ولم يفعل ذلك بأحد قبله تبيانا لشرفه وحفظا لجاهه جعله متبوعا لا تابعا. قوله: «منتظرا جبريل» : أخرج ابن إسحاق في سيرته وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور [1/ 342] ، من حديث البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية. هذا لفظهم، وأصله في الصحيحين، من حديث البراء أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه- وفي رواية: كان يحب- أن تكون قبلته قبل البيت ... الحديث، لفظ البخاري في التفسير مختصرا. وأخرج أبو داود في ناسخه ما في الدر المنثور [1/ 343] من حديث أبي العالية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك، ولا أملك لك شيئا إلّا ما أمرت، فادع ربك وسله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل، فأنزل الله: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ الاية، مرسل. قوله: «ولم يفعل ذلك بأحد» : أي أنه سبحانه لم يهتم لأمر نبي وهواه كما فعل مع حبيبه صلى الله عليه وسلم، ومنه يفهم معنى قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك، وربما قالت: رضاك، أخرجه الشيخان وغيرهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 شرف آخر- 59 1440- حيث رضي الله تبارك وتعالى عن أمته، ذكر الله رضاه عن أمته في مواضع فقال: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا الاية، وقال: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ الاية، إلى قوله: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ الاية، وقال: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الاية، وهذه الدرجة مما تمنت الأنبياء ذلك، أخبر الله عن موسى عليه السّلام أنه قال حيث قيل له: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (83) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (84) الاية، فأخبر الله عزّ وجلّ أنه عليه السّلام إنما عجل طلبا للرضى، ثم رأينا أن الله لم ينص في القرآن على إعطائه سؤله من الرضا، ولم يقل له إني قد رضيت عنك، كما فعل ذلك في سؤاله في غير الرضا حيث قال: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى، ونص في الرضا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بمتابعتهم إياه من غير إظهار مسألة منهم بالقول بل لطفا منه بهم وفضلا منه عليهم. شرف آخر- 60 1441- أعطى الله تبارك وتعالى محمدا وأمته فضلا منه وإكراما له ما تمنى موسى عليه السّلام أن يعطاه ذلك بالسؤال، وذلك في قوله عزّ وجلّ: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ إلى قوله: (1441) - قوله: «ما تمنى موسى عليه السّلام أن يعطاه» : أخرج البزار في مسنده [3/ 49- 50 كشف الأستار] رقم 2213، من حديث ابن عباس في قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ، قال: سأل موسى ربه مسألة فأعطاها محمّدا صلى الله عليه وسلم، لفظ البزار، زاد في رواية أخرى: فأعطى- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ الاية. وذكر فضيلة أمة محمّد صلى الله عليه وسلم عقيبه فقال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ الاية، إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الاية. - محمّدا صلى الله عليه وسلم كل شيء سأل موسى ربه في هذه الاية، عزاه في الدر المنثور [3/ 573] أيضا لابن المنذر، وابن أبي حاتم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 24] : فيه عطاء وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرج ابن جرير في تفسيره [9/ 79] ، وابن أبي حاتم كذلك [5/ 1580] رقم 9055، عن ابن عباس في قوله تعالى: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الاية، قال: كتبها الله لهذه الأمة. وأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 322] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1581] رقم 8333، عن ابن عباس قال: دعا موسى فبعث الله سبعين، فجعل دعاءه حين دعاه لمن آمن بمحمّد صلى الله عليه وسلم، وأتبعه قوله: فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ، فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ الاية، والذين يتبعون محمّدا صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ- كما في الدر المنثور [3/ 573]- عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الاية، قال: أمة محمّد صلى الله عليه وسلم، فقال موسى: يا ليتني أخرت في أمة محمد ... الحديث. أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1580] رقم 9054، من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس وهو الأولى. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 شرف آخر- 61 1442- أن الله تعالى جعل لأنبيائه ورسله وأوليائه الاختيار لأنفسهم، أن يختاروا كيف شاءوا ولم يرض لنبيه محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته الاختيار، بل تولى الله عزّ وجلّ الاختيار لهم وذلك في شأن قتل حمزة فعزم صلى الله عليه وسلم على أن يمثل بأربعين منهم إن أظفره الله بهم، فخيّره الله بين العقوبة بالمثل أو الصبر وترك القود، ثم لم يتركه واختياره بل تولى له الاختيار فقال: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) الاية، ثم قال: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ الاية، فاختار له الصبر وترك القود. - وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1580] رقم 9059، من حديث علي بن أبي طالب: أنه سئل عن أبي بكر وعمر فقال: إنهما من الوفد السبعين الذين سأل موسى عليه السّلام فأعطيهما محمّد صلى الله عليه وسلم، زاد في رواية: وتلا وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا الاية. عزاه في الدر المنثور أيضا [3/ 573] ، لابن المنذر وابن مردويه. (1442) - قوله: «فعزم صلى الله عليه وسلم على أن يمثل بأربعين منهم» : وفي رواية: بثلاثين، وفي رواية أخرى: بسبعين، فأخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 13] ، والبزار في مسنده [2/ رقم 1795 كشف الاستار] ، والحاكم في المستدرك [3/ 197] ، وصححه، والبيهقي في الدلائل [3/ 288] ، جميعا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد فنظر إلى منظر لم ير شيئا قط كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه وقد مثل به فقال: رحمة الله عليك، فإنك كنت ما علمت وصولا للرحم فعولا للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل- والنبي صلى الله عليه وسلم واقف- بخواتيم النحل: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ الاية، فكفر النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وأمسك عن الذي أراد وصبر. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 1443- وكذلك حين وقف على خيانة اليهود وما همّوا به، فاختار الله له العفو عنهم والصفح فقال: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ الاية، ثم ندبه إلى العفو فقال: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، - قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلّا من هذا الوجه، تفرد به عن سليمان: صالح بن بشير وقد تقدم- يعني: ضعفه-، وضعفه الهيثمي أيضا بصالح بن بشير في مجمع الزوائد [6/ 119] . وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 62- 63] رقم 11051، والبيهقي في الدلائل [3/ 288] ، من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله حين قتل حمزة ومثل به: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم، فأنزل الله: وَإِنْ عاقَبْتُمْ الايات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نصبر يا رب، فصبر ونهى عن المثلى. وأخرج ابن جرير في تفسيره [14/ 195- 196] ، من حديث عطاء بن يسار مرسلا قال: نزلت سورة النحل كلها بمكة وهي مكية إلّا ثلاث آيات في آخرها نزلت في المدينة بعد أحد حيث قتل حمزة ومثل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلا منهم، فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا الايات إلى آخر السورة. (1443) - قوله: «حين وقف على خيانة اليهود» : أي: يهود بني النضير حين خرج إليهم صلى الله عليه وسلم يستعينهم على دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فأوهموه بالترحيب والإعانة وأضمروا له الخيانة والغدر، وتامروا أن يطرحوا عليه صخرة من على ظهر بيتهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 ولم نجد الله تعالى فعل ذلك بأحد من الأنبياء قبله، بل وجدناه خلّى بين الأنبياء وبين اختيارهم لأنفسهم فيما يعزمون عليه ويتخيرون فيه، فأخبر عن سليمان عليه السّلام في شأن غيبة الهدهد عنه في وقت الحاجة منه إليه، وعزمه على ما عزم عليه، فقال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (21) الاية، ثم لم نجد الله اختار له ترك العقوبة ولا فرض عليه إيثار العفو بل وجدناه ساكتا عن الاختيار له في ذلك، وكذلك وجدناه فعل بنوح عليه السّلام في مقابلته فعل الكفرة بمثله، ولم نجده اختار له ترك ذلك فقال: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ الاية، ولم نجده اختار له الكف عن مقابلتهم والميل إلى الأحسن من العفو والصفح فيهم، وكذلك وجدناه فعل بيوسف في قوله لإخوته: فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (60) الاية، ولم نجده اختار له ترك ذلك وأمره بإيفاء كيلهم إذ كان ذلك أحسن به وأجمل وأرفق بهم وأولى، بل تركهم كلهم، وإيثار ما يعزمون عليه من أفعالهم. - أخرج القصة ابن جرير في تفسيره من حديث عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر [6/ 144] ، وأبو نعيم في الدلائل من حديث ابن عباس برقم 425، وابن جرير من حديث مجاهد [6/ 144، 156] . وأخرج ابن جرير [6/ 157] ، من حديث قتادة في قوله تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ الاية، قال: لم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله أن يعفو عنهم ويصفح، ثم نسخ ذلك في براءة فقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 شرف آخر- 62 1444- وهو ما أحدث الله تعالى في السماوات من انشقاق القمر وإقامة الرصد من الشهب المانعة للجن والشياطين من استراق السمع، حكى الله عنهم في قوله عزّ وجلّ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9) ، وانشقاق القمر يجيء في المعجزات. شرف آخر- 63 1445- وهو أنه سبحانه زاده في النعم صلى الله عليه وسلم، فعلّمه الشكر زيادة على شكر الأنبياء، فقال فيما حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السّلام أنه قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ الاية، واقتصر على ذلك، ومدح نوحا فقال: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً الاية، وعلّمه فقال: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الاية. ثم سوى الله بينه وبينهم فأعطاه ما أعطاهم فقال: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ الاية، ثم تمم له في مفتتح كتابه ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، فقال: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية، وقال: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية، وقال: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية. (1444) - قوله: «وانشقاق القمر يجيء في المعجزات» : تقدم باب المعجزات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 شرف آخر- 64 1446- وهو أن الله تعالى ذكره خص كتابه بأسماء لم يجعل لكتب الأنبياء المتقدمين ذلك، فسماه قرآنا، وكتابا، وكلاما، وهدى، ورحمة، ونورا، وفرقانا، وشفاء، وذكرا، وتبيانا، وحبلا، وعهدا، وحكيما، وعلما، ومهيمنا، وصراطا مستقيما، وصحفا مطهرة، وبيانا، وبلاغا، وبشرى، وموعظة، ومباركا، وذكر كتب الأنبياء عليهم السّلام فقال: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى الاية، وقال تعالى: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً الاية، وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ، فلم يزد على اسم واسمين، فدلت كثرة الأسماء على جلالة الكتاب، وجلالة الكتاب بجلالة الرسول. قال أبو سعد رحمه الله: فلا نقول بأن بعض الكلام أفضل من بعض، إلّا أن الله يثيب على البعض أكثر، وأما الفائدة في الاختصار ما روي أن بعض العلماء صنف في الحيض كتابا في قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً الاية، وقع في أجزاء، فبلغ ذلك بعض المجوس فقال: أعلم أن كتابهم حق؛ حيث جعل الله فيه من البركة ما يصنف في نصف آية كتابا مبسوطا، وأسلم. (1446) - قوله: «فلا نقول بأن بعض الكلام أفضل من بعض» : نعم، لا نقول ذلك من عند أنفسنا، بل نقوله تبعا لما جاء عن الله وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم تفضيله لايات وسور من كتاب الله، ومعلوم أن ذلك مرتبط بحب الله لتلك الايات والسور حتى رتب عليها الأجر العظيم لذاكرها وحافظها، وليس هذا محل بسط المسألة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 شرف آخر- 65 1447- قوله عزّ وجلّ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ الاية. وكان صلى الله عليه وسلم أسر إلى حفصة كلمات منها: أن أباها وأبا عائشة يملكان من بعده أمته، فلم تتمالك من الفرح أن أخبرت عائشة سرا وأمرتها أن تكتمه فأظهره الله عليه وذلك قوله عزّ وجلّ: قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ الاية. (1447) - قوله: «منها: أن أباها وأبا عائشة يملكان من بعده» : أخرج ابن عدي في الكامل [3/ 912] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 222] ، من حديث المخزومي- متهم بالوضع- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ الاية، قال: أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي. وأخرج الطبراني في الأوسط [3/ 166] رقم 2337، والعقيلي في الضعفاء [4/ 155] ، من حديث موسى بن جعفر، عن عمه- قال الذهبي: مجهول وخبره ساقط- عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بمارية القبطية بيت حفصة.. فذكر القصة بطولها وفيها: ثم قال لي: يا حفصة ألا أبشرك؟ فقلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله، فأعلمني أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك ... الحديث بطوله. وأخرج ابن عدي في الكامل [3/ 1272] ، من حديث سيف بن عمر الضبي- أحد المضعفين- بأسانيد عن علي وابن عباس قالا: والله إن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 شرف آخر- 66 1448- قوله عزّ وجلّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً الاية، فهذا برهان ظاهر ودليل باهر على صدق القرآن، فإنه يقول هذا وهم يومئذ قليلون ذليلون يخافون ولا يخافون، فصار الأمر كما قال، فاستخلفهم في الأرض وملكهم على العباد، ومكن لهم في البلاد، وأعز لهم دينهم الذي ارتضى لهم وأبدلهم بعد الخوف أمنا يخافهم الأمم ولا يخافون أحدا إلّا الله ويعبدونه ولا يشركون به شيئا. 1449- ولما قدمت الروم منهزمة على هرقل بأنطاكية، قال لهم: أخبروني ويلكم: هؤلاء الذين يقاتلونكم أليسوا بشرا مثلكم؟ قالوا: - إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً الاية، وقال لحفصة: أبوك وأبو عائشة واليا الناس بعدي، ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 222] . وأخرج ابن عساكر في تاريخه [30/ 222- 223] ، من حديث ميمون بن مهران في هذه الاية قال: أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي. وأخرج أيضا عن حبيب بن أبي ثابت نحوه، أسانيدها ليست بشيء. قال أبو عاصم: هذه الأخبار وإن طابقت الواقع الذي أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بوقوع كثير منه حتى كان الأمر كما أخبر، إلّا أن أسانيدها غير مستقيمة، فلا يستأنس بها ولا يفرح بها سيما وأنها مخالفة لما صح من تفسيرها. والله أعلم. (1449) - قوله: «ولما قدمت الروم» : هذه الجملة إلى قوله: صدقت، منثورة في الأصل ضمن ما فضله الله به النبي صلى الله عليه وسلم لا علاقة تربطها بما قبلها ولا بما بعدها، رأينا إثباتها هنا، وبالله التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 بلى، قال: فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم؟ فقال شيخ: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنّا نشرب الخمر، ونزني، ونرتكب الحرام، وننقض العهد، ونغصب ونظلم، ونأمر بما يسخط الله، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض، قال: صدقت. شرف آخر- 67 1450- قوله تعالى لليهود: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ الاية، ومصداق ذلك ما نراه عيانا في اليهود في كل مصر وفي كل عصر مذ قام الإسلام، فإنك تراهم أذل الكفار نفوسا، وأبذلهم هيبة، وقد كان لهم قبل ذلك ملك، كانوا يقتلون عند ذلك الأنبياء وزعموا أنهم قتلوا المسيح، ألا ترى أنهم كانوا في جزيرة العرب أعزّ من فيها كأهل خيبر وفدك وقريظة وغيرهم؟ ولا تراهم اليوم في أمة من الأمم إلّا وعليهم الصغار والحقار، وإن كانوا ذوي الأموال وعليهم الجزية يؤدونها عن يد وهم صاغرون. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 [229- باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيّه في القرآن] 229- باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيّه في القرآن قال الله عزّ وجلّ: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) الاية. 1451-- قال ابن عباس: ما خلق الله نفسا هي أكرم عليه من محمّد صلى الله عليه وسلم، وما أقسم بحياة أحد غيره. (1451) - قوله: «قال ابن عباس» : أخرجه جماعة أسانيد بعضهم على شرط مسلم، فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2269] رقم 12420، وابن جرير كذلك [14/ 44] ، وأبو يعلى في مسنده [5/ 139] رقم 2754، وأبو نعيم في الدلائل برقم 22، والبيهقي كذلك [5/ 488] ، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 871- 872] رقم 934، وغيرهم، وبعضهم يزيد على بعض. قال أبو عاصم: لم ينفرد ابن عباس بقوله هذا في أن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على الله بل تابعه غير واحد من الصحابة: منهم: ابن مسعود، فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 455] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 484- 485] ، وابن عساكر- كما في الدر المنثور- من حديث المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمدا أكرم الخلق على الله، ثم قرأ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً، فيه المسعودي يقال: اختلط بأخرة. ومنهم: عبد الله بن سلام الصحابي الحبر، أخرج الحافظ أسد بن موسى في الزهد له [/ 38] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 485- 486] ، بإسناد رجاله عن آخرهم ثقات من حديث بشر بن شغاف، قال: كنا جلوسا مع- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 أقسم على هدايته فقال: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى الاية. وأقسم على رسالته فقال: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) الاية. وأقسم على محبته فقال: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) الاية. وأقسم على شرف أخلاقه فقال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ الاية، إلى قوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية. - عبد الله بن سلام يوم الجمعة، فقال: إن أعظم أيام الدنيا يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قلت: رحمك الله فأين الملائكة؟ قال: فنظر إليّ وضحك، فقال: يا ابن أخي وهل تدري ما الملائكة؟ إنما الملائكة خلق كخلق الأرض وخلق السماء وخلق السحاب وخلق الجبال، وخلق الرياح وسائر الخلائق، وإن أكرم الخلائق على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ... الحديث. قوله: «وإنك لعلى خلق عظيم» : قال ابن عباس: على دين عظيم، قال ابن القيم رحمه الله في أقسام القرآن: سمى الدين خلقا لأن الخلق هيئة مركبة من علوم صادقة، وإرادات زاكية، وأعمال ظاهرة وباطنة، موافقة للعدل والحكمة والمصلحة، وأقوال مطابقة للحق، تصدر تلك الأقوال والأعمال عن تلك العلوم والإرادات، فتكتسب النفس المقتبسة من مشكاة القرآن، فكان كلامه مطابقا للقرآن تفصيلا له، وتبيينا، وعلومه علوم القرآن، وإراداته وأعماله ما أوجبه وندب إليه القرآن، وإعراضه وتركه لما منع منه القرآن، ورغبته فيما رغب فيه، وزهده فيما زهد فيه، وكراهته لما كرهه، ومحبته لما أحبه، وسعيه في تنفيذ أوامره، وتبليغه، والجهاد في إقامته. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 1452- وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن. 1453- وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله عزّ وجلّ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) الاية، فقال: صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك. - وقال معلقا على قول أم المؤمنين الاتي: أجابت رضي الله عنها بحسن تعبيرها، وكمال معرفتها بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى. قال: فإذا كانت أخلاق العباد، وعلومهم، وإراداتهم، وأعمالهم مستفادة من القلم وما يسطرون، وكان في خلق القلم والكتابة إنعام عليهم وإحسان إليهم، إذ وصلوا به إلى ذلك، فكيف ينكرون إنعامه وإحسانه على عبده ورسوله الذي أعطاه أعلى الأخلاق، وأفضل العلوم والأعمال والإرادات، التي لا تهتدي العقول إلى تفاصيلها من غير قلم ولا كتابة؟ فهل هذا إلّا من أعظم آيات نبوته وشواهد صدق رسالاته؟ وسيعلم أعداؤه المكذبون له أيهم المفتون هو أم هم؟ وقد علموا هم والعقلاء ذلك في الدنيا، ويزداد علمهم في البرزخ، وينكشف، ويظهر كل الظهور في الاخر، بحيث تتساوى أقدام الخلائق في العلم به. (1452) - قوله: «وسئلت عائشة رضي الله عنها» : أخرجه الشيخان. (1453) - قوله: «واعف عمن ظلمك» : في الباب عن عبد الله بن الزبير، وعلي، وعقبة بن عامر، وأنس، ومعاذ بن أنس، وأبي بن كعب، وأبي هريرة، وعامر الشعبي، وعائشة رضي الله عنها. أما حديث عبد الله بن الزبير، فأخرجه البخاري في التفسير من صحيحه عن عبد الله بن الزبير قوله في هذه الاية: أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 ......... - وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى [10/ 235] ، والطبراني في الأوسط [6/ 264] ، ولفظه: ألا أدلك على أكرم أخلاق الدنيا والاخرة؟ أن تصل من قطعك، وأن تعطي من حرمك، وأن تعفو عمن ظلمك، وفي إسناده الحارث الأعور، وهو ضعيف. وأما حديث عقبة بن عامر، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 148، 158] ، وهناد في الزهد له برقم 1014، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 269، 270] 739، 740، والحاكم في المستدرك [4/ 161- 162] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 31] رقم 3443، والبيهقي في الشعب [6/ 222] رقم 7959. وأما حديث أنس، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 222] رقم 7957. وأما حديث معاذ بن أنس، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 438] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 188] رقم 413، 414 بإسناد فيه زبان بن فائد وهو ضعيف. وأما حديث أبي بن كعب، فأخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 57، ولفظه: من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه، وليعط من حرمه، وليصل من قطعه. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 261] رقم 8081 من حديث الحسن البصري عنه. وأما حديث الشعبي، فأخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وابن المنذر كما في الدر المنثور [3/ 628] : قوله في هذه الاية: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل! قال: لا أدري حتى أسأل العالم، فذهب ثم رجع فقال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك ... الحديث، وصله ابن مردويه فجعله عن جابر بن عبد الله. وأما حديث عائشة، فأخرجه أيضا البيهقي في الشعب [6/ 261] رقم 8080. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 قال الأستاذ أبو سعد سلمه الله: 1454- سمعت أبا عبد الله- صاحب أبي عمرو الزجّاجي- في المسجد الحرام يقول: قال أبو عمرو: هذه الفضيلة أعظم من قوله: لَعَمْرُكَ، لأن هذا مدح يرجع إلى صفته، وذلك ابتداء عطاء. وأقسم على نزاهته من كل العلل، فقال جل جلاله وعظم شأنه: فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (38) وَما لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (42) الاية. وأقسم أنه لم يكلّفه ما كان يتحمل من العبادة فقال: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) الاية. وشهد له وأقسم على أنه رأى جبريل عليه السّلام في السماء السابعة فقال: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ الاية. وأقسم أنه ينتقم ممن يؤذونه فقال: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) الاية. وأقسم على أن عدوه لفي حزن وكيد فقال: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ الاية، (1454) - قوله: «وذلك ابتداء عطاء» : وقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن: هي آية عظيمة في تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر المفسرين على أنه قسم بحياة محمّد صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 قال: في أمر معاشه ومعاده. وأقسم على بعد أعدائه من الله عزّ وجلّ فقال: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ الاية. وأقسم على صحة شريعته فقال: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ. قوله: «قال: في أمر معاشه ومعاده» : القائل هو ابن عباس، أخرج قوله ابن جرير في تفسيره [30/ 197] ، وابن أبي حاتم [10/ 3433] رقم 19311، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [8/ 519]- من حديث عطاء، عنه، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 523] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 [230- باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرّسول صلى الله عليه وسلم في القرآن] 230- باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرّسول صلى الله عليه وسلم في القرآن قال بعض أهل العلم: 1455- إن الله عزّ وجل ذكر أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن محبة له ومدحا. فذكر نفسه فقال: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ الاية. وذكر وجهه فقال عز من قائل: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية. وذكر عينه فقال جل جلاله في سورة الحجر: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ. قوله: «باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم» : كذا في «ب» و «م» ، ووقع في ظ: باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن من قرنه إلى قدمه، وفيها تقديم وتأخير في ترتيب الأعضاء الشريفة. (1455) - قوله: «محبة له ومدحا» : قال السيوطي في الخصائص [3/ 170] : قال ابن سبع: ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى وصفه في كتابه عضوا عضوا. قوله: «فذكر نفسه» : أصرح مما ذكر وأحلى فيما أرى قوله سبحانه معتنيا بنفس نبيه مهتما لها: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الاية، وقوله: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ الاية، وقوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وذكر بصره فقال: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى الاية. وذكر أذنه فقال: وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ الاية. وذكر قلبه فقال: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ الاية. وذكر نطقه فقال: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) الاية. وذكر صدره فقال عزّ وجلّ: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ الاية، وقال تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الاية. وذكر فؤاده فقال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (11) الاية. وذكر لسانه فقال: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ الاية، وقال: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ الاية. وذكر ظهره فقال: الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ الاية. وذكر يده فقال: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ الاية. وذكر يمينه فقال: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ الاية، وقال: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ الاية. وذكر رجله فقال سبحانه: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الاية. قوله: «وذكر رجله» : في توجيه قوله تعالى: طه بأن المراد رجله صلى الله عليه وسلم- نظر، اللهمّ إلّا أن يقال أنها نزلت بسبب قيامه صلى الله عليه وسلم الليل على قدميه؛ فأخرج البزار [3/ 58 كشف الأستار] بسند حسن- قاله السيوطي- عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه، يقوم على كل رجل حتى نزلت: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية، وأخرج البيهقي في الشعب [2/ 186] من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله عزّ وجلّ ... قال- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 وذكر صورته فقال: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ الاية. وذكر خلقه فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية. وذكر عمره فقال: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ الاية. - السيوطي في الدر المنثور [5/ 549- 550] : وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله عزّ وجلّ: طه، يعني: طا الأرض يا محمد. قال أبو عاصم: أولى الأقوال في هذا أن طه اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم كما تقدّم، والله أعلم. قوله: «وذكر صورته» : لم أر من وجه الإنسان في الاية المذكورة بأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم وقد يشكل عليه ما بعدها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 [جامع أبواب فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم] جامع أبواب فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 [231- باب جامع في فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما ورد من الدّلالة على تفضيله على سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين] 231- باب جامع في فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما ورد من الدّلالة على تفضيله على سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين 1456- حدثنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي رضي الله عنه، أنا أبو العباس: محمد بن إسحاق السراج، ........ (1456) - قوله: «المزكي» : الإمام الحافظ: أبو إسحاق بن سختويه، شيخ بلده ومحدث وقته، سمع ابن خزيمة وابن أبي حاتم، قال الحاكم أحد تلاميذه: أملى عدة سنين، وكنا نعد في مجلسه أربعة عشر محدثا، منهم: أبو العباس الأصم ومحمد بن يعقوب الأخرم، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا مكثرا مواصلا للحج، انتخب عليه الدارقطني، توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 163] ، تاريخ بغداد [6/ 168] ، الوافي بالوفيات [6/ 123] ، العبر [2/ 327] ، المنتظم [14/ 216] ، النجوم الزاهرة [4/ 69] ، مرآة الجنان [2/ 375] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 362- ص 288] . قوله: «محمد بن إسحاق السراج» : الثقفي مولاهم، الحافظ شيخ الإسلام ومحدث خراسان، صاحب المسند الكبير والتاريخ، حدث عنه الشيخان خارج الصحيح، قال الخطيب: كان من الثقات الأثبات، عني بالحديث، وصنف كتابا كثيرة، توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 ثنا أحمد بن سعيد الدارمي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، ............... .... - تاريخ بغداد [1/ 248] ، الوافي بالوفيات [2/ 187] ، سير أعلام النبلاء [14/ 388] ، الجرح والتعديل [7/ 196] ، تذكرة الحفاظ [2/ 731] ، طبقات السبكي [3/ 108] ، طبقات الجزري [2/ 97] ، النجوم الزاهرة [3/ 214] ، المنتظم [13/ 252] . قوله: «أحمد بن سعيد الدارمي» : الحافظ الثبت: أبو جعفر السرخسي، أحد مشايخ الإسلام، روى عنه الجماعة سوى النسائي، ولي قضاء خراسان، وحدث بها، قال الإمام أحمد: ما قدم علينا خراساني أفقه بدنا منه، توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين. تهذيب الكمال [1/ 314] ، تهذيب التهذيب [1/ 28] ، الكاشف [1/ 18] ، سير أعلام النبلاء [12/ 233] ، الوافي بالوفيات [6/ 390] ، تذكرة الحفاظ [2/ 548] ، تاريخ بغداد [4/ 166] . قوله: «ومحمد بن عثمان بن كرامة» : الحافظ: أبو جعفر العجلي مولاهم، الكوفي الوراق- وراق عبيد الله بن موسى- روى عنه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وكان ثقة، توفي سنة ست وخمسين ومائتين. تهذيب الكمال [26/ 91] ، تهذيب التهذيب [9/ 301] ، الكاشف [3/ 68] ، سير أعلام النبلاء [12/ 296] ، الجرح والتعديل [8/ 25] ، تاريخ بغداد [3/ 40] ، الوافي بالوفيات [4/ 82] . قوله: «حدثنا عبيد الله بن موسى» : العبسي، الحافظ الثقة: أبو محمد الكوفي، أحد أصحاب إسرائيل الأثبات، حديثه عند الجماعة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه قال: - سير أعلام النبلاء [9/ 553] ، تهذيب الكمال [19/ 164] ، تهذيب التهذيب [7/ 46] ، الكاشف [2/ 205] ، التاريخ الكبير [5/ 401] ، الجرح والتعديل [5/ 334] ، طبقات ابن سعد [6/ 400] ، تذكرة الحفاظ [1/ 353] . قوله: «ثنا إسرائيل» : هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، الإمام الحجة، أحد مشايخ الإسلام وأوعية العلم والحديث، ممن اتفق على إمامته وجلالته. سير أعلام النبلاء [7/ 355] ، تهذيب الكمال [2/ 515] ، تهذيب التهذيب [1/ 229] ، الكاشف [1/ 67] ، التاريخ الكبير [2/ 56] ، الجرح والتعديل [2/ 330] ، طبقات ابن سعد [6/ 374] ، تاريخ بغداد [7/ 20] ، تذكرة الحفاظ [1/ 214] . قوله: «عن أبي إسحاق» : السبيعي، اسمه: عمرو بن عبد الله الهمداني، الكوفي الإمام شيخ الكوفة، وعالمها ومحدثها، وأحد العلماء العاملين، رأى علي بن أبي طالب، وروى عن جماعة من الصحابة، وكان طلّابة للعلم كبير القدر، وكان ربما دلس في الحديث، مع ما له من الجلالة، له مناقب وفضائل مذكورة في مظان ترجمته. سير أعلام النبلاء [5/ 392] ، طبقات ابن سعد [6/ 313] ، تهذيب الكمال [22/ 102] ، تهذيب التهذيب [8/ 56] ، الكاشف [2/ 288] ، التاريخ الكبير [6/ 347] ، الجرح والتعديل [6/ 242] . قوله: «عن أبي بردة» : هو ابن أبي موسى الأشعري، الكوفي، الإمام التابعي الفقيه، كان قاضيا على الكوفة للحجاج، ثم عزله بأخيه أبي بكر، وثقه الجماعة، وحديثه في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: بعثت إلى الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، وإنه ليس من نبي إلّا وقد سأل شفاعته، وإني أخرت شفاعتي فجعلتها لمن مات لا يشرك بالله شيئا. - الكتاب الستة. طبقات ابن سعد [6/ 268] ، والتاريخ الكبير [6/ 447] ، سير أعلام النبلاء [4/ 343] ، أخبار القضاة [2/ 408] ، تهذيب الكمال [33/ 66] ، تهذيب التهذيب [12/ 21] ، الكاشف [3/ 273] ، تذكرة الحفاظ [1/ 89] ، النجوم الزاهرة [1/ 252] . قوله: «وإني أخرت شفاعتي» : كذا في نسخة وهو موافق لما في المصادر، وفي نسخة: وإني ادخرت شفاعتي. قوله: «لا يشرك بالله شيئا» : رجال إسناده رجال الصحيح، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 416] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 433] رقم 11691، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 258]- قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. قلت: رواه أبو أحمد الزبيري، عن إسرائيل مرسلا، لم يذكر أبا موسى، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 416- 417] . وهو في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه البخاري في التيمم برقم 335، وفي الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم 438، وفي الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أحلت لكم الغنائم، رقم 3122، وأخرجه مسلم في المساجد برقم 521. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 قال أبو سعد صاحب الكتاب عفا الله عنه: فمما فضله الله تعالى به: أن أعطاه خمسا لم يعطها أحدا من الخلق: بعثه إلى الجن والإنس إلى يوم القيامة، وإنما كانت الأنبياء يبعثون إلى قومهم وأرضهم، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت له الغنائم ولم تكن حلالا لمن قبله، ونصر على عدوه بالرعب مسيرة شهر، وأعطي الشفاعة دون النبيين في الاخرة، وذلك أن الله تعالى جعل لكل نبي دعوة في الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى الاخرة لأمته، فهذه الخصال الخمس لم تكن لأحد من ولد آدم غيره. كذلك مما فضله الله تعالى به مما لم يسبقه به نبي قبله: 1457- أنه أسرع الناس خروجا من الأرض إذا بعثوا، وسيد النبيين إذا حشروا، وإمامهم إذا سجدوا، ومبشرهم إذا أبلسوا، وقائدهم إلى الجنة إذا وفدوا، وأقربهم مجلسا إذا اجتمعوا، يتكلم عند الرب (1457) - قوله: «أسرع الناس خروجا من الأرض» : أخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث الربيع بن أنس، عن أنس مرفوعا: أنا أولهم خروجا إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا مستشفعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، الكرامة والمفاتيح يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي، يطوف عليّ ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور. فيه ليث بن أبي سليم وحديثه حسن في هذا الباب، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان، تحت رقم 50، وخرجنا تحته حديث أم كرز الخزاعية مرفوعا: أنا سيد المؤمنين إذا بعثوا، وسائقهم إذا وردوا، ومبشرهم إذا أيسوا، وإمامهم إذا سجدوا، وأقربهم مجلسا من الرب تعالى إذا اجتمعوا، أتكلم فيصدقني، وأتشفع فيشفعني، وأسأل فيعطيني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 فيصدقه، ويسأله فيعطيه، ويشفع فيشفعه، ويعطيه الحوض المورود، ويبعثه المقام المحمود، ومفاتيح الجنة بيده. 1458- روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون. 1459- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأكملها إلّا في موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون من بنائه ويقولون: ما أحسن هذا القصر لو تمت هذه اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة. ومما فضله الله تعالى به: 1460- أنه أول من يدعى، وأوّل من يشفّع، وأول من يأخذ بحلقة باب الجنة، قد غفر الله له ما عمل وما يعمل كما قال تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية. (1458) - قوله: «فضلت على الأنبياء بست» : أسنده المصنف في باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة من طريق مسلم، ويأتي تخريجه هناك. (1459) - قوله: «مثلي ومثل الأنبياء» : أخرجه الشيخان، فأخرجه مسلم في الفضائل، باب ذكر كونه خاتم النبيين، رقم 2286، والبخاري في مناقب الأنصار، باب خاتم النبيين. (1460) - قوله: «وأول من يأخذ بحلقة باب الجنة» : انظر التعليق على الحديث التالي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 1461- وعلمه السّيما كما أخبر سبحانه بقوله: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ الاية، فلم يتكلم بعد ذلك عنده أحد إلّا عرفه بكلامه. 1462- أخبرنا أبو طاهر: أحمد بن محمد بن إسماعيل السفياني الهروي، نا أبو علي: الحسين بن إدريس الأنصاري، ثنا سليمان بن (1461) - قوله: «وعلمه السيما» : الاية المذكورة متعلقة بمعرفته بحال المنافقين في الدنيا، وأما في الاخرة فقد أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 199] ، بسند صحيح من حديث جبير بن نفير أنه سمع أبا ذر وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف أمتي يوم القيامة من بين الأمم، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟ قال: أعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم. (1462) - قوله: «السفياني» : نسبة إلى سفيان من أعمال هراة، ذكره الأمير ابن ماكولا، وابن ناصر الدين وقالا: توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة، أما السمعاني فقال: في حدود سنة ثمانين وثلاث مائة. الإكمال لابن ماكولا [4/ 544] ، توضيح المشتبه [5/ 111] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 380- ص 672] ، الأنساب [3/ 261] . قوله: «الحسين بن إدريس الأنصاري» : الإمام المحدث الثقة، الرحال، وقال الذهبي: كان صاحب حديث وفهم، له تاريخ كبير وتصانيف، وثقه الدارقطني، وأرخ موته أبو النضر الفامي سنة إحدى وثلاث مائة، ولعله جاوز التسعين. سير أعلام النبلاء [14/ 113] ، الوافي بالوفيات [12/ 340] ، تذكرة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 عبد العزيز المدني- من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري-، ثنا عبد الله بن نافع، ثنا المنكدر بن محمد، عن أبيه: عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، والذي نفس أبي القاسم بيده ولا فخر، وأنا والذي نفس أبي القاسم بيده أول من يستشفع الجنة ولا فخر- الحافظ [2/ 695] ، الجرح والتعديل [3/ 47] ، الميزان [1/ 530] ، النجوم الزاهرة [3/ 184] . قوله: «من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري» : الصحابي المشهور، وسليمان هذا لم أقف له على ترجمة له فيما لدي من المصادر. قوله: «ثنا عبد الله بن نافع» : الزبيري، الأسدي، الإمام العابد الناسك أبو بكر المدني، كان ممن يسرد الصوم ويجتهد في العبادة، توفي سنة ست عشرة ومائتين. سير أعلام النبلاء [10/ 374] ، طبقات ابن سعد [5/ 439] ، تهذيب الكمال [16/ 203] ، تهذيب التهذيب [6/ 46] ، الكاشف [2/ 121] . قوله: «ثنا المنكدر بن محمد» : ابن المنكدر القرشي، التيمي، المدني، من رجال الترمذي والبخاري في الأدب المفرد، يقال: لم يكن بالحافظ، كان كثير الخطأ، ليس بالقوي في الحديث، قال ابن حبان: كان من خيار عباد الله، قطعته العبادة عن مراعاة الحفظ، فكان يأتي بالشيء توهما فبطل الاحتجاج بأخباره. تهذيب الكمال [28/ 562] ، تهذيب التهذيب [10/ 281] ، الكاشف [3/ 156] ، الكامل [6/ 2446] ، الميزان [5/ 315] ، المجروحين [3/ 23] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر. قوله: «وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر» : إسناده ضعيف، وهو من هذا الوجه غريب جدّا، وأوله في الصحيحين من حديث أبي هريرة في حديث الشفاعة الطويل: أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر ... الحديث بطوله. وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 144] ، وأبو محمد الدارمي كذلك برقم 55- فتح المنان من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وآتي باب الجنة فاخذ بحلقتها فيقولون: من هذا؟ فأقول: أنا محمد فيفتحون لي ... الحديث بطوله. رجاله رجال الصحيحين، انظر تخريجه في كتابنا: فتح المنان شرح المسند الجامع. وأخرج مسلم برقم 2278، وأبو داود في السنة، باب التخيير بين الأنبياء برقم 4673 وغيرهما من حديث عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع. وأخرج مسلم في الفضائل برقم 2276، والإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، والترمذي برقم 3605، 3606 من حديث واثلة بن الأسقع، وهذا لفظ ابن حبان وهو أتم: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع. وأخرج الترمذي في الفضائل برقم 3615، وأحمد في المسند [3/ 2] ، وابن ماجه برقم 4308، من حديث ابن جدعان- ممن يخرج له في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 1463- وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون، فإذا بعضهم يقول: عجبا، إن الله اتخذ إبراهيم من خلقه خليلا، فإبراهيم خليل الله، وقال الاخر: ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما، وقال الاخر: فعيسى كلمة الله وروحه، وقال آخر: وآدم اصطفاه الله. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم في إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجيه وهو كذلك، وعيسى كلمة الله وروحه وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك غلق الجنة ولا فخر، - الشواهد والمتابعات- عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ: آدم فمن سواه إلّا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال الترمذي: حسن صحيح. وأخرج ابن أبي عاصم في السنة برقم 793، وأبو يعلى في مسنده [13/ 481] رقم 7493، من حديث بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام مرفوعا: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي آدم فمن دونه. صححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2127. (1463) - قوله: «وقال عبد الله بن عباس» : خرجنا حديثه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 49- فتح المنان، وفي إسناده زمعة بن صالح، وحديثه مقبول في الشواهد والمتابعات والفضائل والرقاق، أخرج له مسلم مقرونا بغيره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 فيفتحها الله لي فأدخلها مع فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والاخرين ولا فخر. 1464- وروى كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل، فيكسوني ربي عزّ وجلّ حلّة خضراء فأقول: ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود. 1465- وعن جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: من أنا؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، ولكن من أنا؟ قلنا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر. (1464) - قوله: «وروى كعب بن مالك» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [3/ 456] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 72- 73] رقم 142، وفي مسند الشاميين [3/ 36] رقم 1759، وابن جرير في تفسيره [15/ 146- 147] ، وابن أبي داود في كتاب البعث رقم 27، وابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2342 بدون إسناد] رقم 13369، والطحاوي في مشكل الاثار [1/ 449] ، وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 2579- والحاكم على شرط الشيخين [2/ 363] ، ووافقه الذهبي. (1465) - قوله: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» : أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 604- 605] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: القاسم متروك تالف، وعبيد بن إسحاق العطار ضعفه غير واحد ومشاه أبو حاتم. قلت: شاهده في الصحيحين كما تقدم ويأتي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 1466- وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا قائد المرسلين، وأنا خاتم النبيين، وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر. 1467- وعن مقاتل بن سليمان قال: فضل الله محمّدا صلى الله عليه وسلم على الناس، وفضل أمته على جميع الأمم لفضل منزلته عنده. (1466) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه أبو محمد الدارمي في مسنده بإسناد مصري جيد، وخرجناه في كتابنا فتح المنان تحت رقم 51. (1467) - قوله: «وعن مقاتل بن سليمان» : تقدم، وقوله هذا ليس من رأيه ولا باجتهاد منه، بل هو مجموع أحاديث وردت في حقه صلى الله عليه وسلم، منها ما تقدم، ومنها ما سيأتي تخريجه. قوله: «لفضل منزلته عنده» : شاهده في صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم 522، من طريق ابن أبي شيبة- وهو في المصنف [11/ 435] برقم 11695- عن ابن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت على الناس- وفي لفظ: فضلنا على الناس- بثلاث: جعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتيت هؤلاء الايات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعط مثله أحد قبلي ولا أحد بعدي. لفظ ابن حبان- وفيه: العدد لا يوافق المعدود، وهكذا يزيد فيه بعضهم على بعض- الإحسان برقم 1697، 6400، وأخرجه النسائي في فضائل القرآن من السنن الكبرى [5/ 15] رقم 8022، والإمام أحمد في المسند [5/ 383] ، وابن خزيمة في صحيحه برقم 263، 264، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 213 مرتين، 223] ، وفي الدلائل [5/ 474- 475] ، وأبو عوانة في مستخرجه [1/ 303] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 قال: فكان مما فضل الله به محمّدا صلى الله عليه وسلم: أنه أسرع الناس خروجا من الأرض يوم القيامة إذا بعثوا، وإمامهم إذا سجدوا، وخطيبهم إذا أنصتوا، وشافعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا يئسوا، وقائدهم إلى الجنة إذا وفدوا، وأقربهم مجلسا من الرب إذا اجتمعوا، فيتكلم النبي صلى الله عليه وسلم عند الرب فيصدقه، ويعطيه الحوض المورود، والشفاعة المتقبلة، ويبعثه المقام المحمود، ولواء الكرامة ومفاتيح الجنة يومئذ بيده. وقد اتخذه خليلا، وكلمه تكليما، وجعله حكيما، وبعثه نبيا، قوله: «ولواء الكرامة ومفاتيح الجنة يومئذ بيده» : خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن من حديث الربيع ابن أنس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولهم إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا ... الحديث، انظر تخريجنا له برقم 50- فتح المنان، باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل، وخرجنا تحته حديث أم كرز الخزاعية في هذا الباب. قوله: «وقد اتخذه خليلا» : شاهده عند مسلم من حديث أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعا: لو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عزّ وجلّ صاحبكم خليلا، أخرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهم. قوله: «وكلمه تكليما» : يعني: ليلة الإسراء التي حصلت فيها مراجعته صلى الله عليه وسلم ربه عزّ وجلّ يسأله تخفيف الصلاة. قوله: «وجعله حكيما» : مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ الاية، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 وجعله شاهدا وغفر له ما تقدم من ذنبه، وغفر له ما لم يعمل وما هو عامل، وعلّمه الأسماء، وزيّنه بالتقوى، ودنا إليه فتدلى- وقوله عزّ وجلّ: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ، وتقدّم في حديث الإسراء المخرج في الصحيحين بألفاظ من طرق: ثم أتيت بطست من ذهب مملوآ إيمانا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي ... الحديث بطوله. قوله: «وجعله شاهدا» : أخرج البخاري في كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ ، وفي التفسير، باب قول الله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً الاية، وفي الاعتصام كذلك، باب قول الله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً الاية، من حديث أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدا، فذلك قوله جلّ ذكره: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً الاية. قوله: «وعلمه الأسماء» : مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ الاية، وسيأتي في الموازاة حديث أبي رافع: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء، وإسناده مجهول. قوله: «وزينه بالتقوى» : مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) ، مع آيات كثيرة فيها الأمر بالتقوى، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، فهو متحقق بها ومزين بلا شك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 عند سدرة المنتهى، ورآه بقلبه مرتين فذلك قوله عزّ وجلّ: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى الاية، وذلك بعد أن قال: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى الاية، وأعطاه مكان التوراة: السبع الطوال، ومكان الإنجيل: المثاني، ومكان الزبور: المئين، وفضله ربه بالحواميم والمفصل، وأعطاه جوامع الخير ومفاتحه، ............... .. قوله: «وأعطاه مكان التوراة» : شاهده حديث أبي المليح، عن واثلة مرفوعا: أعطيت مكان التوراة: السبع، ومكان الزبور: المئين، ومكان الإنجيل: المثاني، وفضلت بالمفصل. إسناده حسن، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، والطيالسي برقم 1012، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 75] برقم 186، 187، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 225] ، وابن جرير في تفسيره [1/ 44] ، والبيهقي في الشعب برقم 2415. وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في المسند الجامع، باب فضائل الأنعام والسور، انظر تخريجنا له في كتابنا فتح المنان تحت رقم 3665. قوله: «وأعطاه جوامع الخير ومفاتحه» : أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 408، 437] ، وابن ماجه في النكاح برقم 1892، وغيرهما من حديث أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الخير وخواتمه- أو قال: فواتح الخير-، وفي رواية للإمام أحمد: إن محمّدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وجوامعه وخواتمه، وفي رواية أخرى له: علم فواتح الخير وجوامعه، أو جوامع الخير وفواتحه. وعند الإمام البخاري من حديث أبي هريرة: بعثت بجوامع الكلم، وفي رواية مسلم: أعطيت جوامع الكلم، زاد في رواية: وفواتحه. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 واسمه الأعظم، وخواتيم سورة البقرة وهي من كنز الرحمن، - قال الحافظ في الفتح: قال غير واحد: جوامع الكلم: القرآن، بقرينة قوله: بعثت، والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني. قوله: «واسمه الأعظم» : أخرج ابن ماجه في الدعاء من سننه برقم 3859 من حديث أبي شيبة- مستور- عن عبد الله بن عكيم، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: يا عائشة هل علمت أن الله دلني على الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب؟ قالت: فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فعلمنيه، قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة، قالت: فتنحيت وجلست ساعة، ثم قمت فقبلت رأسه ثم قلت: يا رسول الله علمنيه، قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة أن أعلمك، إنه لا ينبغي لك أن تسألي به شيئا من الدنيا ... الحديث. قال الحافظ البوصيري: أبو شيبة لم أر من جرحه ولا من وثقه، وعبد الله بن عكيم وثقه الخطيب، وعده من الصحابة. قلت: شواهده كثيرة، فقد ورد عن جماعة من الصحابة في إشارته صلى الله عليه وسلم لاسمه الأعظم جلّ وعلا. فمنها: ما أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة، والترمذي والنسائي، وابن ماجه من حديث أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، المنان بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. صححه ابن حبان، والحاكم في المستدرك. قوله: «وهي من كنز الرحمن» : تقدم قريبا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 وأعطاه الكوثر وهو نهر في الجنة، حافتاه قباب الدر يكون أزواجه فيها، وذلك النهر يطرد مثل السهم، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، وطينته مسك أذفر. قوله: «حافتاه قباب الدر يكون أزواجه فيها» : أخرجه ابن المنذر- كما في الدر المنثور [8/ 649]- من حديث الضحاك، معضلا، وانظر ما بعده. قوله: «وطينته مسك أذفر» : أخرج البخاري في الرقاق، باب في الحوض، وفي التفسير من حديث قتادة، عن أنس، قال: بينا أنا أسير في الجنة، إذا بنهر حافتاه قباب الدر المجوّف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه- أو: طينته- مسك أذفر. وأخرج البخاري في التفسير من حديث عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) ، قالت: هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم، شاطئاه عليه در مجوف، آنيته كعدد النجوم. وأخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 158] ، وابن أبي شيبة في المصنف [13/ 144] رقم 15945، والترمذي في التفسير من جامعه برقم 3361، وابن ماجه في الزهد من سننه برقم 4334، من حديث عطاء بن السائب قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس أنه الخير الكثير، فقال: صدقت والله إنه للخير الكثير، ولكن حدثنا ابن عمر قال: نزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل. قال الترمذي: حسن صحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 ومما فضله الله تعالى به: 1468- أن أعطاه الحكمة، وشرح له صدره، وحط عنه وزره، وبعثه في خير البقاع، ورفع له درجته في العالمين، فكلما ذكر الله تعالى ذكر صلى الله عليه وسلم معه يوم الجمعة، ويوم العيد، وفي مواقيت الحج والعمرة، وحول البيت، وفي السعي بين الصفا والمروة، وعند الجمار، وفي خطبة النساء، وفي الأذان والإقامة، وفي الصلاة في كل تشهد، وفي مشارق الأرض ومغاربها، وأنه لا يرد دعاء بين الصلاتين، وكلما ذكر الله ذكر معه فذلك قوله عزّ وجلّ: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية. قال بعضهم: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم غير محصاة: 1469- فمنها: أنه سمي باسم مشتق من أسماء الله تعالى، وذلك يقتضي تفضيله على غيره، وفيه قد قيل: (1468) - قوله: «أن أعطاه الحكمة» : شاهده من التنزيل قوله تعالى: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ الاية، ومن السنة ما تقدم في باب معاريجه صلى الله عليه وسلم من حديث مالك بن صعصعة عند الشيخين، وفيه: ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي ... الحديث بطوله. قوله: «وكلما ذكر الله ذكر معه» : تقدم الكلام على هذا في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، الشرف رقم 57. (1469) - قوله: «وفيه قد قيل» : تقدم البيت في ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم وهو لعمه أبي طالب، وتقدم في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، وفي نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم عند الكلام على أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد وإنما سمي أحمد لأنه أحمد الأنبياء. * ومنها: أنه خص في المعراج بأعلى درجة. - البخاري في التاريخ الصغير [1/ 13] : حدثنا قتيبة، ثنا سفيان، عن علي بن زيد قال: كان أبو طالب يقول: فذكره، وعزاه السيوطي في الرياض لحسّان وهي في ديوانه، وأول الأبيات: أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله من نور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي لاسمه ... إذ قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد قال الحافظ في الفتح في معرض شرحه لأسمائه صلى الله عليه وسلم: فأما محمد فمن باب التفعيل للمبالغة، وأما أحمد فمن باب التفضيل، قيل: سمي أحمد لأنه علم منقول من صفة أفعل التفضيل وهي: أحمد الحامدين، وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، وقيل: الأنبياء حمادون وهو أحمدهم، أي: أكثرهم حمدا أو أعظمهم في صفة الحمد، قال عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمد قبل أن يكون محمدا كما وقع في الوجود، لأن تسميته أحمد وقعت في الكتاب السالفة. قال: وأما محمد فهو منقول من صفة الحمد، وهو بمعنى محمود وفيه معنى المبالغة، والمحمد الذي حمد مرة بعد مرة أو الذي تكمّلت فيه الخصال المحمودة، فهو الذي حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الاخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس، وقد خص بسورة الحمد وبلواء الحمد وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل وبعد الشرب وبعد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 1470- * ومنها: أنه خص- في قول بعض الصحابة- بالرؤية. - الدعاء وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه صلى الله عليه وسلم. (1470) - قوله: «في قول بعض الصحابة» : هو ابن عباس، روى الإمام أحمد في المسند من حديثه بإسناد على شرط الصحيح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم [1/ 285- 290] : رأيت ربي تبارك وتعالى. وعلى هذا، ففي قول من قال أن ابن عباس إنما قال ذلك عن اعتقاد منه غير مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم نظر. ولعل الإمام أحمد قد أخذ بما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكى النقاش عنه أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، رآه بعينه، رآه، رآه- حتى انقطع نفسه- يعني: نفس أحمد بن حنبل-، حكاه المقريزي في الإمتاع [8/ 299] . وروي عن أنس نحو ما رواه ابن عباس، وإليه ذهب عامة أصحاب ابن عباس، وهو قول الحسن البصري، وعروة بن الزبير، والزهري، وجزم به كعب الأحبار، وابن خزيمة، ومعمر بن راشد، وبه يقول الشيخ أبو الحسن الأشعري. وخالفهم من الصحابة ابن مسعود، وأبو هريرة، وعائشة، ولم يختلفوا في إمكانية ذلك وجوازه، لأن مرد أكثر من خالف كان إلى عدم وجود الدليل عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بما لا يحتمل الشك والتأويل، والمسألة مبسوطة في الكتاب. وقد أجاد في جمع ذلك وبسطه العلامة المقريزي في الإمتاع والشيخ الصالحي في سبل الهدى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 * ومنها: أنه رفع مقامه عن مقام جبريل وعن مقام ميكائيل وإسرافيل عليهم السّلام. * ومنها: أنه ما ناجى به موسى عليه السّلام صريح، وما ناجى به المصطفى صلى الله عليه وسلم مرموز، قال تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (10) الاية. * ومن ذلك: أن الأرض كانت تطوى له صلى الله عليه وسلم، فيسرع أصحابه خلفه حتى تنقطع نعالهم، وتسقط أرديتهم، وإنه صلى الله عليه وسلم غير مكترث. * ومنها: ما خص به من الإمداد بالملائكة والقتال بين يديه. * ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه من الصفوف كما يرى من بين يديه، قوله: «أنه رفع مقامه» : قد يستدل على هذا بما ذكره قبل بأنه خص في المعراج بأعلى درجة، ويجوز أن يقصد به يوم القيامة، روى عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: إن الله رفعني يوم القيامة في أعلى غرفة من جنات النعيم، ليس فوقي إلّا حملة العرش، في إسناده ابن لهيعة ورجل لم يسم. قوله: «وإنه صلى الله عليه وسلم غير مكترث» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 350] ، والترمذي في المناقب، باب صفة صلى الله عليه وسلم، رقم 3648، وفي الشمائل برقم 118، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 268] ، جميعهم من حديث ابن لهيعة، عن أبي يونس سمع أبا هريرة، بنحوه. تابعه عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 415] . قوله: «كما يرى من بين يديه» : سيعيده المصنف، وكذا ما بعده ويأتي تخريج كل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 ولذا قال صلى الله عليه وسلم: أقيموا الركوع والسجود، فو الله إني لأراكم من بعدي إذا ركعتم وسجدتم. * ومنها: أن شيطانه أسلم. * ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أعطي في الجماع قوة خمسة وأربعين رجلا. * ومنها: أنه جعل خاتم الأنبياء. 1471- وقال بعض العلماء: أعطى الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلم سبعة في الدنيا، وسبعة في الاخرة، وخص بسبعة أشياء في الجنة: فأما الذي أعطاه الله إياها في الدنيا: فبعثته إياه إلى جميع خلقه. والثاني: أنه ختم به النبوة. الثالث: جعل كتابه أشرف كتاب نزل من السماء، معجزا في نظمه ومعناه، على قلة حروفه وصغر حجمه. الرابع: جعل الله شريعته أيسر الشرائع. 1472- قال صلى الله عليه وسلم: بعثت بالحنيفية السمحة. (1472) - قوله: «بعثت بالحنيفية السمحة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 266] ، من حديث أبي أمامة وفيه قصة، وإسناده ضعيف، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 236] ، واللفظ له، والبخاري في الأدب برقم 287، وأشار إليه بالترجمة في صحيحه- والبزار في مسنده [1/ 59 كشف الأستار] رقم 78، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 227] رقم 11571، 11572، جميعهم من حديث داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: الحنيفية السمحة، عنعنه محمد بن إسحاق، وحسن إسناده الحافظ في الفتح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 الخامس: الجمعة والجماعات مثل العيدين ونحوهما. السادس: الخطبة والاذان والإقامة. السابع: كثرة الأمة. وأما الذي أعطاه الله في الاخرة: فمثل دخول الجنة، فهو صلى الله عليه وسلم أول من تنشقّ عنه الأرض، وأول شافع يوم القيامة. وهو صلى الله عليه وسلم خطيبهم إذا أنصتوا، وإمامهم إذا سجدوا، وله الحوض، وبيده مفتاح الجنة ولواء الحمد. وأما السبعة التي له في الجنة فأحدها: 1473- أن الجنة حرام على الأنبياء عليهم السّلام حتى يدخلها هو وأمته. وثانيها: أن له نهر الكوثر في الجنة، له سيلان في كل قصر. 1474- وثالثها: يزوج مريم بنت عمران. (1473) - قوله: «أن الجنة حرام على الأنبياء» : أخرج الطبراني في الأوسط [1/ 512] رقم 946، من حديث سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا: الجنة حرمت على الأنبياء حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي، منقطع، سعيد بن المسيب لم يدرك عمر بن الخطاب، وفيه أيضا صدقة بن عبد الله السمين مختلف فيه. وروى الطبراني أيضا في الأوسط [5/ 90] رقم 4165، من حديث عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: الجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها أنا وأمتي، الأول فالأول، فيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف. (1474) - قوله: «يزوج مريم بنت عمران» : أخرج ابن عدي في الكامل [7/ 2637] ، من طريق أبي يعلى: ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا عبد النور بن عبد الله، ثنا يونس بن شعيب، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 رابعها: يزوج آسية امرأة فرعون خامسها: يزوج أم كلثوم أخت موسى بنت عمران. سادسها: يعطى الدرجة- الوسيلة-. سابعها: له شجرة طوبى. ومما فضله الله تعالى به: 1475- أنه ليلة أسري به مثل له النبيون فصلى بهم وهم خلفه يقتدون به. - عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة علمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون؟ قلت: هنيئا لك يا رسول الله، أخرجه ابن السني كما في الكنز [12/ 145] ، رقم 34410. قال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: يونس بن شعيب، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في مريم بنت عمران: منكر الحديث. قال ابن عدي: هذا الذي ذكره البخاري ليونس وأنكره عليه، وهو يعرف به. وأخرج أبو نعيم في المعرفة [6/ 3206] ، رقم 7369، من طريق محمد بن الحسن بن زبالة- وهو ضعيف- عن يعلى بن المغيرة، عن ابن أبي رواد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه، فقال لها: بالكره مني، ما الذي أرى منك يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا، أما علمت أن الله عزّ وجلّ زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون؟ قالت: وقد فعل الله ذلك؟ قال: نعم، قالت: بالرفاء والبنين، مرسل، وإسناده ضعيف جدّا. قوله: «يعطى الدرجة- الوسيلة-» : يأتي تخريجه عند التعليق على النص رقم: 1482. (1475) - قوله: «فصلى بهم» : تقدم في معاريجه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 ومما فضله الله عزّ وجلّ به: 1476- أنه عاين تلك الليلة الجنة والنار، وعرج به إلى السماء، وسلمت عليه الملائكة، وعاين قوم موسى الذين هم وراء ... وذلك أن بني إسرائيل حين عملوا المعاصي وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس دعوا ربهم وهم في الأرض المقدسة فقالوا: اللهمّ أخرجنا من بين أظهرهم، فاستجاب الله لهم فجعل لهم سربا في الأرض فدخلوه، وجعل معهم نهرا يجري، وجعل لهم مصباحا من نور بين أيديهم، فساروا فيه سنة ونصفا، وذلك ستة آلاف فرسخ من بيت المقدس إلى منزلهم الذي هم به، فأخرجهم إلى أرض يجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطة لأنها ليست فيهم ذنوب ولا معاصي، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ومعه جبريل فعلّمهم الأذان والصلاة، وصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، وأخبروه أن موسى عليه السّلام قد بشرهم به. ومما فضله الله تعالى به: 1477- أن ملك الموت لما أتاه ليقبض روحه لم يدخل عليه إلّا بإذن، ثم أمر الله ملك الموت عليه السّلام أن يخيّر النبي صلى الله عليه وسلم بين تركه وقبض روحه (1476) - قوله: «الذين هم وراء» : في الأصل: كلمة مبتورة. (1477) - قوله: «لم يدخل عليه إلّا بإذن» : تقدم في باب وفاته صلى الله عليه وسلم. قوله: «أن يخير النبي صلى الله عليه وسلم» : شاهده في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير، قالت: فلما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه على فخذي غشي عليه ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت وقال: اللهمّ في الرفيق- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 فاستنظره النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يلقى جبريل عليه السّلام، فخرج ملك الموت فلقيه جبريل فرده، فدخلا عليه جميعا فخيره عليه السّلام إما ميتة طيبة وإما حياة لا هرم فيها. ومما فضله الله عزّ وجلّ به: 1478- أن إسرافيل هبط عليه ولم يهبط على أحد من الأنبياء، وكان جبريل عن يمينه فخيّره بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا، فأومأ إليه جبريل عليه السّلام أن تواضع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نبيا عبدا. - الأعلى، فعرفت أنه الحديث الذي حدثنا وهو صحيح. قوله: «وإما حياة لا هرم فيها» : أخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 257- 258] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 210] كلاهما من طريق الواقدي: حدثنا الحكم بن القاسم، عن أبي الحويرث قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلّا سأل الله العافية، حتى كان في مرضه الذي مات فيه فإنه لم يكن يدعو بالشفاء ويقول: يا نفس ما لك تلوذين كل ملاذ، قال: وأتاه جبريل عليه السّلام في مرضه ويقول: إن الله يقرئك السلام ورحمة الله ويقول: إن شئت شفيتك وكفيتك وإن شئت توفيتك وغفرت لك، قال: ذلك إلى ربي يصنع بي ما يشاء، قال: وكان لما نزل به دعا بقدح من ماء فجعل يمسح به وجهه ويقول: اللهمّ أعني على كرب الموت، ادن مني يا جبريل، ادن مني يا جبريل، ادن مني يا جبريل. قال البيهقي: إسناده منقطع يريد: مرسل، وفيه أيضا الواقدي. (1478) - قوله: «ولم يهبط على أحد من الأنبياء» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 231] ، والبزار كذلك برقم 2462 كشف الأستار، وأبو يعلى الموصلي كذلك في مسنده [10/ 491] رقم 6105، ومن طريقه ابن حبان كما في الموارد برقم 2137- وهذا لفظه-، جميعهم من حديث أبي هريرة قال: جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل، فقال له جبريل: هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 1479- وقال صلى الله عليه وسلم: رأيت بين عيني إسرافيل كل شيء أنزل عليّ قبل نزوله. ومما فضله الله تعالى به: 1480- أنه رفع له الدنيا فنظر ما فيها إلى النفخة. - الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك: أملكا جعلك لهم أم عبدا رسولا؟ فقال له جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: لا بل عبدا رسولا. وأخرج البخاري في تاريخه [1/ 124] ، والنسائي في آداب الأكل من السنن الكبرى [4/ 171] رقم 6743، والبيهقي في الدلائل [1/ 344] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [5/ 213- 214] ، نحوه عن ابن عباس. وله طريق أخرى عن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط [7/ 474] رقم 6933، حسنها السيوطي في الخصائص [3/ 156] . ونحوه من حديث ابن عمر عند الطبراني في المعجم الكبير [12/ 348] رقم 13309، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] : فيه يحيى البابلتي وهو ضعيف. ونحوه من حديث عائشة عند ابن سعد في الطبقات [1/ 381] ، وأبي يعلى الموصلي [8/ 318] رقم 4921، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [5/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 380] عن الزهري نحوه مرسلا. (1479) - قوله: «رأيت بين عيني إسرافيل» : لم أقف عليه. (1480) - قوله: «رفع له الدنيا» : تقدم حديث: إن الله زوى لي الأرض، وأحاديث إخباره بالحوادث والوقائع شاهدة على ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 ومما فضله الله تعالى به: 1481- أن السماء لم تكن تحرس، ولم تكن الشياطين ترم بالشهب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فلما بعث صلى الله عليه وسلم حرست السماء بالملائكة، ورميت الشياطين بالشهب. ومما فضله الله تعالى به: 1482- أن في الجنة درجة تسمى الوسيلة في أعلى عليين من الجنان، هي له خاصة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الجنة درجة لا ينالها إلّا رجل واحد- يعني نفسه- وهي الوسيلة. ومما دل على فضله صلى الله عليه وسلم: 1483- أنه سبحانه أعطاه الشفاعة، ووعده أن يبعثه يوم القيامة مقاما محمودا، يكون كل نبي مشغولا بنفسه، ويكون هو مهتما بغيره، متشفعا لأمته، قال تعالى: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية، قال: .............. (1481) - قوله: «بأن السماء لم تكن تحرس» : تقدم في أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم. (1482) - قوله: «أن في الجنة درجة» : أخرج مسلم في الصلاة برقم 384، والإمام أحمد في مسنده [2/ 168] ، وأبو داود في الصلاة برقم 523، والترمذي في المناقب برقم 3614، والنسائي في الأذان [2/ 25، 26] ، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 226] ، وغيرهم، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة فإن الوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 هو مقام الشفاعة، وكذلك قوله عزّ ذكره: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية. 1484- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المقام المحمود هو الشفاعة. فأعطاه الله بذلك مقامين تخصيصا له: مقام قاب قوسين، والمقام المحمود لقوله عزّ وجلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. (1483) - قوله: «هو مقام الشفاعة» : أخرج أبو نعيم في الحلية [3/ 179] ، من حديث حرب بن شريح قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: جعلت فداك، أرأيت هذه الشفاعة الذي تحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال: شفاعة ماذا؟ قلت: شفاعة محمّد صلى الله عليه وسلم، قال: إي والله، حدثني عمي ابن محمد بن علي ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشفع لأمتي حتى يناديني ربي عزّ وجلّ: أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم يا رب رضيت، ثم أقبل عليّ فقال: إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب الله عزّ وجلّ: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الاية، قلت: إنا لنقول ذلك، قال: كلنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله عزّ وجلّ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية، قال: وهي الشفاعة. قال أبو نعيم: لم نكتبه إلّا من حديث حرب بن شريح، ولا رواه عنه إلّا عمرو بن عاصم، وهو بصري ثقة. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3443] ، من حديث الحسن البصري في هذه الاية قال: هي الشفاعة. (1484) - قوله: «المقام المحمود هو الشفاعة» : تقدم تخريجه في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، الشرف رقم 43. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 1485- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة يوضع للأنبياء منابر، ولي منبرا، ومنبري أقرب إلى العرش من منابرهم، فتجلس الأنبياء صلوات الله عليهم على منابرهم، ولا أجلس على منبري لشغلي بأمتي، فيقال: أين النبي القرشي الأبطحي التهامي، صاحب التاج والباقة، صاحب الحوض والشفاعة، قم فتكلم في أمر أمتك حتى أعطيك ما وعدتك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأسجد عند عرش الرحمن، فأقول: يا رب أمتي أمتي، هب لي ... إلى آخر الحديث. (1485) - قوله: «ولا أجلس على منبري لشغلي بأمتي» : أخرجه باختلاف يسير: ابن خزيمة في التوحيد [/ 245] ، والطبراني في الأوسط [3/ 446- 447] رقم 2958، والحاكم في المستدرك [1/ 65- 66] ، والبيهقي- كما في الخصائص-[3/ 230- 231] ، جميعهم من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس- وهذا لفظ ابن خزيمة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للأنبياء منابر من ذهب، فيجلسون عليها، قال: ويبقى منبري لا أجلس عليه ولا أقعد عليه، قائم بين يدي الله ربي مخافة أن يبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقول الله عزّ وجلّ: يا محمد ما تريد أن تصنع بأمتك؟ فيقول: يا رب عجل حسابهم، فيدعى بهم فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكا برجال قد بعث بهم إلى النار، وحتى إن مالكا خازن النار يقول: يا محمد ما تركت لغضب ربك في أمتك من نقمة. قال الحاكم: صحيح الإسناد، غير أن الشيخين لم يحتجا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشفاعة، ولم يخرجاه. وقال الحافظ الذهبي: محمد بن ثابت ضعفه غير واحد، والحديث منكر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 1486- وقال صلى الله عليه وسلم: خيّرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفل، أترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين. 1487- وقال صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، نظرا منه صلى الله عليه وسلم لأمته وشفقة عليهم. (1486) - قوله: «خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة» : اختلف في إسناد هذا الحديث على زياد بن خيثمة: فقال عبد السلام بن حرب، عنه: عن نعمان بن قراد، عن ابن عمر به مرفوعا، أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه برقم 93. وقال معمر بن سليمان، عنه، عن علي بن النعمان، عن رجل، عن ابن عمر، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 75] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 368] برقم 791. وقال أبو بدر: شجاع بن البدر عنه: عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن أبي موسى الأشعري به مرفوعا، أخرجه ابن ماجه في الزهد من سننه، باب ذكر الشفاعة رقم 4311. وهذا المقدار من الاختلاف يوهن من قوة إسناده، ويجعل للكلام فيه مجالا. وقد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 378] فوقع فيه عبد الله بن عمرو- آخره واو-! وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح. (1487) - قوله: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» : في الباب عن: 1- أنس بن مالك عند الإمام أحمد [3/ 213] ، وأبي داود في السنة، باب الشفاعة، برقم 4739، والترمذي في صفة القيامة، باب ما جاء في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 ومما فضله الله تعالى به: 1488- أن جعل نساءه وأولاده معه في الجنة، وجعل لهم الأجر مرتين، وضاعف حسناتهم فوق حسنات المؤمنات، وضرب عليهن الحجاب دون المسلمين. ومما فضله الله تعالى به: 1489- أن الله تعالى صلّى عليه، وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وفرض على أوليائه الذين في الأرض الصلاة عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) . - الشفاعة- وقال: حسن صحيح غريب- والطيالسي في مسنده برقم 2026، والبزار في مسنده [4/ 172 كشف الأستار] برقم 3469، والحاكم في المستدرك [1/ 69] ، وصحح ابن حبان منها طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت عنه برقم 6468. 2- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، أخرجه من طرق عنه: الإمام أحمد في مسنده [3/ 384، 396] ، والترمذي في صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة، رقم 2436- وقال: حسن غريب- وابن ماجه في الزهد، باب ذكر الشفاعة رقم 4310، والحاكم في المستدرك [1/ 69] ، وصحح ابن حبان كما في الإحسان برقم 6467. 3- وعن ابن عمر أخرجه أبو يعلى في مسنده [10/ 185- 186] برقم 5813، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 398] رقم 830، وإسناده حسن من أجل حرب بن سريج المنقري تكلم فيه بعضهم. وأخرجه الخطيب في تاريخه [8/ 11] من وجه آخر من حديث يحيى بن يحيى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر ولا يعرف هذا من حديثه. 4- وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 359- 360] رقم 4710، وفي الكبير [11/ 189] رقم 11454. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 ومما فضله الله تعالى به: 1490- أنه كان يستأذن رب العزة كل يوم سبعون ألف ملك ينظرون إليه في الأرض لما يعلمون من كرامته صلى الله عليه وسلم على الله تعالى. ومما فضله الله تعالى به: 1491- أنه أتي بطعام من الجنة في قدر يقال له: الكفيت، فأكل منها أكلة فأعطي قوة أربعين. (1490) - قوله: «يستأذن رب العزة كل يوم» : أخرج أبو محمد الدارمي في مسنده باب ما أكرم الله تعالى نبيه بعد موته من حديث نبيه بن وهب أن كعب الأحبار دخل على عائشة رضي الله عنها فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب: ما من يوم يطلع إلّا نزل سبعون ألفا من الملائكة، حتى يحفوا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم يضربون بأجنحتهم، ويصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه. إسناده جيد جيد، وتمام تخريجه والكلام عليه في كتابنا فتح المنان، تحت رقم 100. (1491) - قوله: «فأعطي قوة أربعين» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 374] : أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن أسامة بن زيد، عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل بقدر فأكلت منها فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع. تابعه الواقدي عن أسامة، أخرجه ابن سعد [8/ 192] . *- خالفه سفيان بن وكيع، عن أبيه فقال عنه: عن أسامة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به، أخرجه أبو نعيم في الحلية [8/ 376] ، والخطأ فيه- والله أعلم- من سفيان فإنه ممن يضعف في الحديث، وعبيد الله بن موسى أوثق وأثبت، فالأول أشبه بالصواب، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 ......... - وعليه فهو معضل برجال مسلم، فإنه أخرج لأسامة في الشواهد والمتابعات ومقرونا، وقد علق له البخاري. وأخرج ابن سعد من طريق الواقدي- وحاله في الحديث مشهور- من مرسل الزهري: رأيت كأني أتيت بقدر فأكلت منها حتى تضلعت، فما أريد أن آتي النساء ساعة إلّا فعلت منذ أكلت منها. والكفيت: قال ابن الأثير في الغريب [4/ 185] : قيل أراد القوة في الجماع، ثم أورد الحديث، قال: ويقال للقدر الصغيرة: كفت، قال: وقيل للحسين: ما الكفيت؟ قال: البضاع. وأخرج عبد الرزاق في المصنف [7/ 507] برقم 14052، عن ابن جريج قال: أخبرت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت الكفيت، قيل: وما الكفيت؟ قال: قوة ثلاثين رجلا في البضاع، قال: وكان له تسع نسوة، وكان يطوف عليهن جميعا في ليلة، منقطع، لكن أصله في صحيح البخاري من حديثه: كنا نتحدث أنه صلى الله عليه وسلم أعطي قوة ثلاثين، وقال طاوس في مرسله: قوة أربعين، أخرجه ابن سعد [1/ 374] ، والحارث في مسنده [بغية الباحث 2/ 877] رقم 943، وقال ابن المسيب في مرسله: خمسة وأربعين، أخرجه عبد الرزاق [7/ 507] رقم 14050، 14051، وعن مجاهد مرسلا: قوة بضع وأربعين رجلا كل رجل من أهل الجنة، أخرجه الحارث في مسنده [2/ 878- بغية الباحث] رقم 944، وابن سعد في الطبقات [1/ 374] ، وأخرج الإسماعيلي في معجمه برقم 251، والطبراني في الأوسط [7/ 418] رقم 6812، والخطيب في تاريخه [8/ 69- 70] ، من حديث أنس بن مالك مرفوعا: فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش إسناده على شرط مسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 ومن ذلك: 1492- أن الرب عزّ وجلّ أطعمه بطعام من السماء، وما فضل منه رفع. ومما فضله الله تعالى به: 1493- أنه بعث إليه وهو مسترضع في بني سعد بن بكر طائرين أبيضين، فوقع أحدهما على يمينه والاخر عن شماله، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، قال: ائتني بسجل من ثلج وسجل من برد وماء زمزم، فشق عن قلبه فغسله، ثم أعاده مكانه، فلم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مما صنع ألما، والتأم وبرأ من ساعته. ومما فضله الله تعالى به: 1494- أنه نعته في التوراة: ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب (1492) - قوله: «وما فضل منه رفع» : قال أبو محمد الدارمي في المسند الجامع: حدثنا محمد بن المبارك، ثنا معاوية بن يحيى، ثنا أرطاة بن المنذر، عن ضمرة بن حبيب، قال: سمعت مسلمة السكوني- وقال غير محمد: سلمة السكوني- قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال قائل: يا رسول الله هل أتيت بطعام من السماء؟ قال: نعم، قال: هل كان فيه من فضل؟ قال: نعم، قال: فما فعل به؟ قال: رفع إلى السماء ... الحديث. خرجناه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع، وذكرنا تخريج الحاكم له وقوله: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقول الذهبي في التلخيص: لم يخرجا لأرطاة بن المنذر وهو ثبت، قال: والحديث من غرائب الصحاح. (1493) - قوله: «أنه بعث إليه وهو مسترضع» : تقدمت القصة في باب رضاعه صلى الله عليه وسلم. (1494) - قوله: «أنه نعته في التوراة» : تقدم الكلام عليه في بابه في أول الكتاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 بالأسواق، ولا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وأن مولده بمكة وهجرته إلى المدينة ومملكته إلى الشام. ومما فضله الله تعالى به: 1495- أنه كان إذا حضرته الملائكة والمسلمون من الجن لا يعاينهم من الناس غيره. (1495) - قوله: «لا يعاينهم من الناس غيره» : أي فلا يرونهم على صورتهم كما يراهم هو صلى الله عليه وسلم، لكن قد يرونهم في صور أخرى كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا إذ جاء رجل شديد سواد اللحية شديد بياض الثياب ... الحديث، وفيه: ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وسيأتي في مناقب ابن عباس أنه رأى جبريل مرتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم مرتين. أما الجن فقد كان صلى الله عليه وسلم مبعوثا إليهم، أخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 399، 436] ، ومسلم في الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح، رقم 450، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 155] ، وأبو داود- وفي لفظه اختصار- برقم 39، 85، والترمذي في الطهارة، برقم 18، وفي تفسير سورة الأحقاف، برقم 4258، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 499] رقم 11623، والطيالسي في مسنده برقم 281، وأبو عوانة في مستخرجه [1/ 219] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 108- 109] ، وفي الدلائل [2/ 229] ، وابن خزيمة في صحيحه برقم 82، وابن حبان كذلك برقم 1432- الإحسان- والبغوي في شرح السنة برقم 180، جميعهم من طرق بألفاظ، وبعضهم يزيد على بعض، من حديث ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب ... الحديث، وفيه: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ... الحديث، وفي لفظ آخر من حديثه أيضا: قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله جعل لنا فيها رزقا ... الحديث. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 ومما فضله الله تعالى به: 1496- أن المنافقين كانوا يتغامزون به في الصلاة وهم خلفه، فجعل الله له بصرا في قلبه، حتى كان يرى من ورائه كما يرى من أمامه. - وتقدم حديث أبي هريرة في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم: إن عفريتا من الجن تفلّت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه ... الحديث. ومن الشواهد الضعيفة المروية في هذا الباب ما أخرجه الواقدي في مغازيه [3/ 1015] ، ومن طريقه أبو نعيم- كما في الخصائص [2/ 110]- في سياق أحداث غزوة تبوك ومسيرهم، قال: وعارض الناس في مسيرهم حيّة ذكر من عظمها وخلقها، وانصاع الناس عنها، فأقبلت حتى واقفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته طويلا والناس ينظرون إليها ... القصة، وفيها: فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن هذا أحد الرهط الثمانية من الجن الذين يريدون أن يسمعوا القرآن وهو ذا يقرئكم السلام، فسلموا عليه ... الحديث. (1496) - قوله: «كما يرى من أمامه» : أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل ترون قبلتي هاهنا، فو الله لا يخفى عليّ ركوعكم ولا خشوعكم، وإني لأراكم من وراء ظهري. وللبخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ثم رقي المنبر، فقال في الصلاة وفي الركوع: إني لأراكم من ورائي كما أراكم. ثم اختلف العلماء في هذه الرؤية وكيفيتها، والذي ذكروه احتمالات واجتهادات مبسوطة في محلها من الشروح، وبعضها يذهب بهيبة هذه الفضيلة، وفي ترك الخوض فيها إبقاء لهيبتها، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 ومما فضله الله تعالى به: 1497- أن الشيطان لم يسلط عليه. ومما فضله الله تعالى به: 1498- أنه صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السّلام أن يأمر مالكا خازن النار أن يكشف بابا من أبواب النار فنظر إليها. (1497) - قوله: «أن الشيطان لم يسلط عليه» : أخرج مسلم في صحيحه برقم 2814 من حديث ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلّا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك؟ قال: وإياي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، لفظ أبي محمد الدارمي في المسند الجامع، وقد خرجناه فيه تحت رقم 2900- فتح المنان. (1498) - قوله: «أمر جبريل» : يعني ليلة الإسراء، تقدم في معاريجه صلى الله عليه وسلم، وقال السيوطي في الدر المنثور [8/ 434] : أخرج ابن المنذر عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل ليلة الإسراء: اكشف عن النار، فكشف عنها فنظر إليها، فذلك قوله تعالى: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) الاية، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثم رأيناك كعكعت؟ قال: إني رأيت الجنة فتناولت عنقودا، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع منه، ورأيت أكثر أهلها النساء. وأخرجا من حديث أسماء قالت: كسفت الشمس فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما من شيء لم أكن أريته إلّا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار. وأخرجا من حديث عمران بن حصين مرفوعا: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 ومما فضله الله تعالى به: 1499- أن إبليس اللعين أمر ماردا من مردة الشياطين فتمثل له في صورة جبريل عليه السّلام ليوحي إليه، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه جبريل عليه السّلام دفعة بيده ووقع من مكة إلى أرض الهند، فأنزل الله تعالى: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) الاية، يعني: جبريل عليه السّلام حين أوقعه بتلك الدفعة إلى أرض الهند. ومما فضله الله تعالى به: 1500- أنه جعل ليلة القدر خير من ألف شهر، يستبشر بها حملة ... - أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء، وأخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه، وهو أول من سيب السوائب. (1499) - قوله: «أمر ماردا من مردة الشياطين» : انظر حديث أنس المتقدم في باب عصمة الله نبيّه صلى الله عليه وسلم. (1500) - قوله: «يستبشر بها حملة» : بياض في الأصل بمقدار كلمة لعلها: القرآن. قال الإمام النووي رحمه الله: ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفا، لم تكن لمن كان قبلنا. قال مالك في الموطأ: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله- أو: ما شاء الله من ذلك- فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم بطول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر. وقد أخرج الديلمي في مسند الفردوس برقم 647 من حديث أنس مرفوعا: إن الله وهب لأمتي ليلة القدر، ولم يعطها من كان قبلكم، في إسناده إسماعيل بن أبي زياد وهو متروك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 ومما فضله الله تعالى به: 1501- أنه سبحانه أخذ ميثاقه قبل النبيين، وأخذ ميثاقهم بالرضا والتصديق به. ومما فضله الله تعالى به: 1502- أنه لا يدخل جنات عدن أحد قبله، وهي دار الرحمن وموضع عرشه، وجنة عدن قصبة الجنة، وهي مشرفة على الجنان، ولباب جنة عدن مصراعان من زمرد من نور يضيء ما بين المشرق والمغرب. ومما فضله الله تعالى به: 1503- أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وفتح له فتحا مبينا، ونصره نصرا عزيزا، وهداه صراطا مستقيما. 1504- عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السّلام، عن ربه تبارك وتعالى قال: إني مننت عليك بسبعة أشياء: أولها: لم أخلق في السماوات والأرضين أكرم علي منك. والثاني: أن مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي مشتاقون إليك وإلى أمتك. والثالث: لم أعط أمتك مالا كثيرا حتى لا يطول عليهم الحساب. والرابع: لم أطول أعمارهم حتى لا تجتمع عليهم الذنوب كثيرا. (1501) - قوله: «أخذ ميثاقه قبل النبيين» : تقدم في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن. (1504) - قوله: «عن أنس بن مالك» : لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 والخامس: لم أعطهم من القوة كما أعطيت من قبلهم حتى لا يدّعوا الربوبية، كما ادعت الأمم السابقة. والسادس: أخرجتهم في آخر الزمان حتى لا يكون مقامهم تحت التراب كثيرا. والسابع: لا أعاقب أمتك كما عاقبت بني إسرائيل، إذا أصابهم دم حيض في ثيابهم أمرت بقطعه ولا يجوز الغسل، وإذا أذنبوا ذنبا وجدوه مكتوبا على بابهم. فالحمد لله الذي رفع عنا الإصر، وجعلنا من أمة محمّد صلى الله عليه وسلم. 1505- عن أنس بن مالك أنه قال: جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أنت أكرم الخلق على الله أم آدم؟ قال: أنا ورب الكعبة. قال: قال اليهودي: كذبت ورب المتقدمين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا يهودي إن الله تبارك وتعالى أعطاني في أمتي (1505) - قوله: «جاء رجل من اليهود» : أورد نحو هذا الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة معلقا [5- ق- 1/ 232- 233] ، جعله من قول آدم عليه السّلام، ليس فيه قصة اليهودي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وروي أن آدم عليه السّلام قال: إن الله أعطى أمة محمّد صلى الله عليه وسلم أربع كرامات ما أعطاني إحداهن: قبول توبتي كانت بمكة، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يتوبون في كل مكان فتقبل توبتهم، والثانية: كنت لابسا فلما عصيت وأكلت من الشجرة جعلني عريانا، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون عراة فيسترهم، ولما عصيت فرق بيني وبين امرأتي حواء، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون فلا يفرق بينهم وبين أزواجهم، وإني عصيت في الجنة فأخرجت منها، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون خارج الجنة ويدخلونها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 خمسا لم يعط آدم- وإن آدم أبي- ولكني أعطيت ما لم يعط، وأنا أفضل منه ولا فخر ولا عجب. قال اليهودي: وما هذه الخمس؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن آدم لما عصى الله أخرجه الله من جواره طريدا عطشان عريانا، ولو عصى من أمتي أحدكم لم يمنعه من المساجد. والثاني: سلب عنه الحلي والحلل، ولم يسلبها عن أمتي. والثالث: فرق بينه وبين امرأته، ولم يفرق بين أمتي وبين أزواجهم. والرابع: أظهر الله عليه خطيئته بقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى الاية. والخامس: لم يقبل الله توبته حتى بنى البيت المعمور، وطاف حوله، وإن من أمتي من ذنوبه أكثر من زبد البحر، وقطر المطر، إذا ندم عليها واستغفر غفر الله له. قال: صدقت يا محمد، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسوله. قال أبو سعد رحمه الله: فاشكر الله أن لم يمنعك عن قول لا إله إلّا الله كما منع بني إسرائيل، وذلك أنهم لم يستطيعوا أن يقولوا: لا إله إلّا الله حتى يعتزلوا النساء أربعين يوما، ومع هذا منعهم عن أكل اللحم أربعين يوما حتى يغسلوا أبدانهم، ويلبسوا لباسهم الجديد، ويخرجوا إلى الصحارى حتى أطلق الله ألسنتهم أن يقولوا: لا إله إلّا الله، موسى رسول الله، ونحن نرتكب المعاصي ونقول مع هذا- آناء الليل والنهار في السر والعلانية، في الخلأ والملأ: لا إله إلّا الله محمد رسول الله. قال: أفيكون في الدنيا أحد أفضل منا؟ وبالله التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 قال الله تعالى ذكره: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ الاية. 1506- قال يحيى بن معاذ رحمه الله: هذه مدحة، ولم يكن الله يمدح قوما ثم يعذبهم. ومن فضل محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته: أن الله تبارك وتعالى لما خلق اللوح والقلم، وجرى القلم بما يكون من سائر الأمم، ثم جرى بما يكون من الله إليهم، حتى فرغ من الأمم السالفة، فكتب ما يكون من إحسان الله لهذه الأمة فضاعف إحسان الله إلى هذه الأمة وحدها من إحسانه إلى سائر الأمم، ثم كتب ما يكون من خطايا هذه الأمة وعصيانهم إلى الله تعالى، وكانت خطاياهم تضاعف على خطايا الأمم كلها حتى أمر الله تعالى أن يجري على اللوح: أنها أمة يقتل ولدا نبيها- يعني: الحسن والحسين- قال: فتعجب القلم وتحير، فنظر الرب تبارك وتعالى إلى القلم، فانشق رأس القلم هيبة من الله، فمن ذلك أن القلم يشق رؤوسها، قال: فلما كتب القلم الخطايا قال الله: اكتب يا قلم: أمة مذنبة ورب غفور، قال القلم: إلهي لو علمت أنك تأمرني كتبة هذه الأحرف لم أبال كتبة الذنوب عليهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 [232- فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب] 232- فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب 1507- ومما دل على فضل كتابه أنه عزّ وجلّ لم يصف كتابا من الكتاب بصفة الحق مثل ما وصف به هذا الكتاب. ألا ترى إلى قوله تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ الاية، وقال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الاية، وقال: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ الاية، وقال: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ الاية، فخص كتابه باسم الحق، ولم يفعل ذلك بما قبله من الكتاب، ألا ترى إلى قوله: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ الاية، وقال: وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ الاية، فلم يخص بصفة الحق في كثير من المواضع إلّا كتاب نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم، فكان في ذلك ما يدل على فضله على سائر الكتاب. 1508- ومما دل على فضله على سائر الكتاب أيضا: تسميته بالأسامي الرفيعة العالية منها: 1- أنه سمّاه قرآنا، لأنه يقرأ ويتلى، ويقال: القرآن: الجمع لقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) الاية. 2- وسمّي فرقانا، لأنه فرق يبن الحق والباطل. 3- وسمّي روحا، لأن مكانه من الأرواح مكان الأرواح من الأجساد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 4- وسمّي نورا، لأنه ضياء ونور القلوب، قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ الاية. 5- وسمّاه كريما، لأنه لا يلحقه كلام الادميين. 6- وسمّاه عزيزا، لأنه ممتنع، لا ينقاد لأحد من الخلق. 7- وسمّاه مجيدا، لأنه منتسب إليه جلّ جلاله. 8- وسمّاه مباركا، لما فيه من عظيم البركة، قال تعالى: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ الاية. 9- وسمّاه حبل الله، فقال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً الاية. 10- وسمّاه حقّا، فقال: وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ الاية، وقال: لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ الاية. 11، 12- وسمّاه فضلا ورحمة، فقال: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا الاية. 13- وسمّاه نعمة، فقال: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الاية. 14- وسمّاه نجما، فقال: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) الاية، وقال: * فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) الاية. 15- وسمّاه ذكرا، فقال: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 ومن الدلالة على فضله صلى الله عليه وسلم وفضل كتابه على سائر الكتاب: أنّ الله تبارك وتعالى تولى حفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ الاية، فتعهد سبحانه بحفظه، ولم يجعل ذلك لكتاب نبي قط، بل إنه أمر سبحانه أهل الكتاب بحفظ كتبهم، ووكله إلى حفظهم فقال: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ الاية، فلما رد الحفظ إليهم وقع فيه التبديل والتغيير، قال عزّ وجلّ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الاية. فضمن عزّ وجلّ لهذه الأمة أن يحفظ لها كتابها وقال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) الاية، وقال: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28) الاية. 1509- ومما فضله الله تعالى به: أن أعطاه اسمه وأعطاه جوامع الخير: خواتيم سورة البقرة من كنوز عرش الرحمن. (1509) - قوله: «من كنوز عرش الرحمن» : أخرج مسلم في الإيمان من صحيحه برقم 279 ومن طريقه المصنف (يأتي في باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة) من حديث ابن مسعود في قصة الإسراء وفيه: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا: المقحمات. وهو عند الإمام أحمد في المسند [1/ 387، 422] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 460] ، والترمذي في التفسير برقم 3276، والنسائي في الصلاة [1/ 223- 224] ، وغيرهم. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 ......... - وأخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 383] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 435] ، ومن طريقه مسلم في المساجد برقم 522، وأبو داود والطيالسي في مسنده برقم 418، والنسائي في فضائل القرآن من السنن الكبرى برقم 47 وغيرهم من حديث حذيفة بن اليمان مرفوعا: فضلت على الناس بثلاث: جعلت الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتيت هؤلاء الايات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطه أحد قبلي، ولا يعطي أحد بعدي. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 151، 180] ، والبيهقي في الشعب [2/ 461] رقم 2404، من حديث أبي ذر مرفوعا: أعطيت خواتيم سورة البقرة وهي من كنوز بيت تحت العرش، لم يعطهن أحد قبلي، رواه أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، مرسلا. خرجناه في فتح المنان تحت رقم 3655. وأخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث صفوان، حدثني أيفع بن عبد الكلاعي قال: قال رجل: يا نبي الله أي سور القرآن أعظم؟ قال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، قال: فأي آي القرآن أعظم؟ قال: آية الكرسي اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الاية، قال: فأي آية يا نبي الله تحب أن تصيبك وأمتك؟ قال: خاتمة سورة البقرة، فإنها من خزائن رحمة الله من تحت عرشه، أعطاها هذه الأمة، لم تترك خيرا من خير الدنيا والاخرة إلّا اشتملت عليه، مرسل جيد. خرجناه في فتح المنان تحت رقم 3645. وأخرج مسلم من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 1510- وقال صلى الله عليه وسلم: أعطيت السبع الطوال مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل، وأعطيت المئين مكان الزبور، وفضلت بالمفصل. قال أبو سعد رحمه الله: وتصديق هذا في كتاب الله عزّ وجلّ في قوله تعالى: أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى الاية. - وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [17/ 283] رقم 781، من حديث أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: ترددوا في الايتين من آخر سورة البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الاية إلى خاتمتها، فإن الله عزّ وجلّ اصطفى بها محمّدا صلى الله عليه وسلم، قال في مجمع الزوائد [6/ 312] : عمرو بن الحارث لم أعرفه!، وبقية رجاله رجال الصحيح. (1510) - قوله: «أعطيت السبع الطوال» : أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1012، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 225] ، وابن جرير الطبري في تفسيره [1/ 44] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 75- 76] الأرقام 185، 186، 187، والطحاوي في المشكل [2/ 154] ، والبيهقي في الشعب [2/ 465] رقم 2415، جميعهم من حديث واثلة بن الأسقع به. وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني كما في مجمع الزوائد [7/ 158] ، بإسناد فيه ليث بن أبي سليم وهو صالح في الشواهد والمتابعات. وعن سعيد بن أبي هلال بلاغا عند أبي عبيد القاسم في فضائل القرآن [/ 225- 226] . وعن أبي قلابة مرسلا بإسناد صحيح عند الطبري في التفسير [1/ 45] ، وابن الضريس في فضائل القرآن برقم 158. وعن ابن مسعود قوله أخرجه أيضا ابن جرير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 1511- ومما فضله الله تعالى به: أن جبريل عليه السّلام أتاه بسورة الأنعام ومعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح والتحميد حتى كادت الأرض ترتج بهم، فخرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا. (1511) - قوله: «فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن برقم 202 عن إسماعيل بن عياش، عن أبان، عن شهر بن حوشب قال: سمعت ابن عباس يقول: أنزلت سورة الأنعام جميعا بمكة، فتبعها موكب من الملائكة يشيعونها، قد طبقوا ما بين السماء والأرض لهم زجل بالتسبيح حتى كادت الأرض أن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا، قال: فلما سمع النبي زجلهم بالتسبيح وهب من ذلك فخر ساجدا حتى أنزلت عليه، أبان هذا هو ابن أبي عياش ضعفه الجمهور لكن له طريق أخرى، فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 240] ، وابن الضريس من حديث علي بن زيد بن جدعان- صالح في الشواهد- عن ميمون ابن مهران، عن ابن عباس نحوه ولفظه أخصر منه. ورواه الطبراني في معجمه [12/ 215] رقم 12930، فقال: عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس. ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 44] ، من حديث ابن عمر مرفوعا: نزلت عليّ سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد، وفي الإسناد يوسف بن عطية وهو ضعيف. وأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 314- 315] وصححه، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 470] رقم 2431، من حديث جابر بن عبد الله قال: لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 ......... - رواه البيهقي عن ابن المنكدر نحوه مرسلا، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في التفسير من المصنف [2/ 203] ، من حديث فضيل الرقاشي، عن مجاهد قال: نزل مع سورة الأنعام خمسمائة ملك يزفونها ويحفونها. وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط [7/ 229] رقم 6443، والبيهقي في شعب الإيمان [2/ 470] رقم 2433، والإسماعيلي في مستخرجه [2/ 552] ، من حديث أنس مرفوعا: نزلت عليّ سورة الأنعام ومعها موكب من الملائكة يسد ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح والتقديس، والأرض ترتج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سبحان الله العظيم، سبحان الله العظيم. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 20] : شيخ الطبراني وشيخ شيخه لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. وأخرج البيهقي في الشعب [2/ 471] رقم 2435، والخطيب في تاريخه [7/ 271] ، كلاهما بإسناد ضعيف من حديث علي بن أبي طالب.. وفيه قال: أنزل القرآن خمسا خمسا، ومن حفظ خمسا خمسا لم ينسه إلّا سورة الأنعام فإنها نزلت جملة في ألف يشيعها من كل سماء سبعون ملكا حتى أدوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ما قرئت على عليل قط إلّا شفاه الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 [233- باب ما أعطي النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خصّ به من الشّريعة] 233- باب ما أعطي النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خصّ به من الشّريعة 1512- حدثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم رحمه الله قال: حدثنا أبو محمد: أحمد بن علي بن الحسين القلانسي، ثنا مسلم بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن (1512) - قوله: «المتكلم» : المعروف بالأشقر، ذكره الحافظ السمعاني في الأنساب فقال: من أهل نيسابور، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور، من أهل الصدق في رواية الحديث، سمع جعفر بن محمد بن سوّار، وإبراهيم بن أبي طالب، ويوسف بن موسى، وإبراهيم بن محمد السكني وأقرانهم، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وكان سمع المسند الصحيح- يعني: صحيح مسلم- من أحمد بن علي القلانسي، رواه عنه، وهو أحسن رواية لذلك الكتاب، توفي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وثلاث مائة. وقال الذهبي في تاريخه: قال الحاكم: صدوق في الحديث. الأنساب [5/ 190] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 359- ص 189] . قوله: «القلانسي» : ذكره الحافظ السمعاني، والذهبي في شيوخ أبي بكر المتكلم، وأشاروا إلى سماعه صحيح مسلم منه، ولم أر من أفرده بترجمة. قوله: «ثنا مسلم بن الحجاج» : الإمام العلم المشهور، وفي شهرته غنى عن ترجمته. وحديثه هذا أخرجه في أول المساجد، برقم 523 (5) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 حجر قالوا: حدثنا إسماعيل- وهو ابن جعفر- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون. 1513- قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن مالك بن مغول [ح] . وحدثنا ابن نمير وأبو خيثمة: زهير بن حرب جميعا عن عبد الله بن نمير وألفاظهم متقاربة. قال ابن نمير: ثنا أبي، ثنا مالك بن مغول، عن الزبير بن عدي، عن طلحة، عن مرة، عن عبد الله قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى- وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال سبحانه: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (16) الاية، قال: فراش من ذهب. قوله: «وختم بي النبيون» : وأخرجه من أصحاب الكتاب أيضا سوى مسلم: الإمام أحمد في المسند [2/ 411- 412] ، والترمذي في السير، باب ما جاء في الغنيمة، بعد رقم 1553، وابن ماجه في الطهارة، باب ما جاء في السبب، رقم 567. (1513) - قوله: «قال مسلم» : يعني بالإسناد الماضي قبله، وقد تقدم الحديث قريبا في فصل تفضيله صلى الله عليه وسلم بأفضل الكتاب، برقم 1509. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 قال: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات. قال أبو سعد رحمه الله: خص النبي صلى الله عليه وسلم بستين خصلة فارق فيها جميع النبيين عليهم السّلام. قوله: «خص النبي صلى الله عليه وسلم بستين خصلة» : ذكرها عن المصنف: الحافظ ابن حجر في الفتح [1/ 524] ، عند شرحه لحديث جابر بن عبد الله مرفوعا: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ... الحديث، قال: وقد ذكر أبو سعيد- كذا- النيسابوري في كتاب شرف المصطفى أن عدد الذي اختص به نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة. اهـ. وأوردها أيضا الخيضري في اللفظ المكرم [2/ 82] ، عند نقله كلام شيخه الحافظ ابن حجر في طريقة الجمع بين أحاديث الباب. وذكرها أيضا السيوطي في الخصائص الكبرى [3/ 125] ، فقال: قال أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى: الفضائل التي فضل بها النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء ستون خصلة، قال: ولم أقف على من عدها، وقد تتبعت الأحاديث والاثار فوجدت القدر المذكور ثلاثة أمثاله معه. اهـ. قال أبو عاصم: قد يذكر بعض العلماء الفضائل ويريدون بها الخصائص ويعكسون ذلك أحيانا أخرى لما بينهما من القاسم المشترك في المعنى والعموم والخصوص، فإذا جمعت تلك الفضائل والخصائص في باب أو مؤلف واحد وجدت القدر لا كما ذكره السيوطي، فحسب بل ومثله معه، دليل ذلك قول المصنف في الباب المتقدم قبل هذا: قال بعضهم: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم غير محصاة، وقد زاد المصنف خصالا وخصائص عما أورده تأتي هنا في: فصل جامع في خصائصه، فكأن السيوطي رحمه الله ذهل عن هذا، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 فمنها: عشر خصال من أمر الاخرة وبعد الموت وهي: 1- أنه صلى الله عليه وسلم أفضل المرسلين. 2- وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء. 3- وأنه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض. 4- وأكثر النبيين أمة يوم القيامة. 5- وأنه صلى الله عليه وسلم يشهد لجميع الأنبياء بالأداء. 6- وله صلى الله عليه وسلم الشفاعة. 7- وله صلى الله عليه وسلم لواء الحمد. 8- وله صلى الله عليه وسلم الحوض المورود: نهر الكوثر. 9- وهو صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة. 10- وأنه صلى الله عليه وسلم يسأل عن غيره يوم القيامة، وكل الناس يسألون عن أنفسهم. * ومنها عشر في باب النبوة، وهي: 11- تأييد شريعته صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة. قوله: «ومنها عشر في باب النبوة» : لم يذكر المصنف رحمه الله إلّا ثمان، وعند التحقيق إلّا سبع خصال، فسيأتي ذكر الجمعة، ولعل الباقي: كونه صلى الله عليه وسلم أفضلهم، وأنه أوتي من السنة مثل القرآن منزلة في التشريع، كما قال تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) ، وكما قال صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، وبالإسراء والمعراج، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 12- وأنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الخلق كافة. 13- وكون كتابه صلى الله عليه وسلم معجز، لا يمكن الإتيان بمثله. 14- وخص بخروج الماء من بين أصابعه. 15- وبليلة القدر. 16- وبيوم الجمعة عيدا له ولأمته. 17- وأنه صلى الله عليه وسلم ممنوع من قول الشعر، فلا يتأتى له قوله ولا روايته. قوله: «ممنوع من قول الشعر» : لقوله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ الاية، روى البيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط. وقد تكلم أهل العلم في المسألة بما حاصله: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنشد شعرا فلا يخلو فعله من أمور: إما أن يكون مما قيل قبله، فإن كان كذلك فإن أتمه كسره، وإلا ذكر صدره أو عجزه، فإن لم يكن مما قيل قبله كان ذلك منه عن غير قصد، والحذاق من أهل هذا الفن لا يعدون ما قيل عن غير قصد شعرا، وقالوا: إن شرط الشعر قصده، ومن أتى بكلام موزون مقفى من دون قصد منه فلا يسمى شعرا. وذكروا شواهد على ذلك منها: ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [4/ 272] ، في قصة العباس بن مرداس وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: أرأيت قولك: أصبح نهبي ونهب العبيد ... بين الأقرع وعيينة فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله ليس هكذا، قال: فقال صلى الله عليه وسلم: كيف؟ قال: فأنشده أبو بكر: بين عيينة والأقرع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سواء، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 ......... - ما يضرك بدأت بالأقرع أو بعيينة، فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، ما أنت بشاعر ولا راوية ولا ينبغي لك.. القصة، وفي الإسناد الواقدي وهو عن ابن أبي الزناد معضلا. وله شاهد عند ابن أبي حاتم من حديث ابن جدعان، عن الحسن البصري مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر رضي الله عنه: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا فأعادها صلى الله عليه وسلم كالأول، فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ الاية، ذكرها ابن حجر في التلخيص [3/ 129] . قال أبو إسحاق الحربي الحافظ رحمه الله: لم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا كاملا، بل إما الصدر كقول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل ............... ............ وإما العجز كقول طرفة: ............... ............ ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود وذكروا من شواهد ما أنشده من غير قصد الشعر، نحو رجزه صلى الله عليه وسلم يوم حنين: أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب وقد قيل: أن غيره أنشده فقال: أنت النبي لا كذب، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم. هذا حاصل ما ذكروه، وفي المسألة أقوال وتفصيلات مذكورة في مظانها من كتب التفسير والشمائل والخصائص، وبالله التوفيق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 18- وأنه صلى الله عليه وسلم كان يرى ما خلفه كما يرى ما بين يديه. * ومنها: عشر في باب الطهارة وهي: 19- كمال الوضوء. قوله: «كان يرى ما خلفه» : تقدم تخريجه قريبا في الباب الذي قبله. قوله: «عشر في باب الطهارة» : ذكر المصنف رحمه الله ثمان أو تسع خصال، ولعل تمام ذلك: عدم انتقاض وضوئه صلى الله عليه وسلم بالقبلة واللمس، وإباحة دخوله ومكثه في المسجد جنبا، وسيورد المصنف هذا في الفصل التالي. قوله: «كمال الوضوء» : قد يستدل له بحديث ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ واحدة واحدة، فقال: هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلّا به، ثم توضأ اثنتين اثنتين فقال: هذا وضوء الأمم من قبلكم، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، فقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 396- 397] برقم 3674، وضعف بابن لهيعة، وحديثه صالح في هذا الباب، قال الحافظ ابن حجر: على تقدير ثبوته يحتمل أن يكون الوضوء من خصائص الأنبياء دون أممهم إلّا هذه الأمة، وقال السيوطي: فيه تصريح بكون الوضوء للأمم السابقة، ثم فيه خصوصية لنا عنهم وهو التثليث كما كان الأنبياء. الخصائص [3/ 182] . وقد يعبر بعضهم بالكمال: الوضوء لكل صلاة؛ لحديث أنس عند البخاري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، قال عمرو بن عامر: قلت كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث، وقال بعضهم نسخ ذلك بحديث ابن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة حتى كان يوم الفتح- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 20- والتيمم. 21- ووجوب السواك عليه خاصة. 22 و 23- وجعلت له الأرض مسجدا، وترابها طهورا. 24- وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط، ثم يصلي ولا يتوضأ، ويقول صلى الله عليه وسلم: تنام عيناي ولا ينام قلبي. - صلى الصلوات بوضوء واحد فقال بعضهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعمد المواظبة على ذلك طلبا للكمال، وقال الطحاوي: يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه دون أمته ثم نسخ يوم الفتح، انظر تعليقنا على الحديثين في شرحنا لمسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 703، 765، وانظر التعليق التالي. قوله: «ووجوب السواك عليه خاصة» : أيضا في الباب أحاديث تكلم في أسانيدها، أحسنها حديث عبد الله بن حنظلة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة. خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 702- فتح المنان، وبينا أنه حسن لأن ابن إسحاق صرح بالتحديث عند غير الدارمي، لكن في إسناده اختلاف، أعله به بعضهم، والمصححون له أكثر، صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن كثير. وله شاهد من حديث واثلة عند الإمام أحمد [3/ 490] : أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب عليّ، مداره على ليث بن أبي سليم، وحديثه صالح في الشواهد، وقد قوى الأمر بوجوب السواك عليه صلى الله عليه وسلم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: ترددوا في وجوب السواك عليه صلى الله عليه وسلم وقطعوا بوجوب الضحى والأضحى والوتر مع أن مستنده الحديث الضعيف، قال: ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك وترددوا في الأمور الثلاثة لكان أقرب، ذكره ابن الملقن في غاية السول [/ 99] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 25- وجعل له الماء مزيلا للنجاسة. 26- وإن كثر الماء لا يؤثر فيه النجاسة. 27- والاستنجاء بالحجارة. * ومنها عشر في باب الصلاة، وهي: 28- أنه صلى الله عليه وسلم خص بصلاة العشاء الاخرة، ولم يكن لنبي قبله. 29- وبصلاة الجمعة. قوله: «ومنها عشر في باب الصلاة» : ذكر المصنف رحمه الله تسع خصال، فأما الكسوفان والاستسقاء فلم أر من ذكرهما، ولم أقف على دليل الاختصاص، وذكر غيره: التأمين، واستقبال الكعبة، والصف كصف الملائكة، وتحية السلام، وقول المصلي بعد الركوع: اللهمّ ربنا لك الحمد، والصلاة في النعلين. قوله: «خص بصلاة العشاء الاخرة» : استدل لذلك: بما رواه الإمام البخاري من حديث أبي موسى برقم 567، والإمام أحمد [1/ 396] ، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 313] برقم 11073، من حديث ابن مسعود، وأبو داود برقم 421، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 331] ، من حديث معاذ بن جبل، وهذا لفظه عند أبي داود: أعتموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم. قوله: «وبصلاة الجمعة» : استدل لذلك: بما أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث حذيفة وأبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، فجعل يوم الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 30- وبصلاة الجماعة. 31- وبصلاة العيدين. 32- وبصلاة الليل. - القيامة، نحن الاخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق. وأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 135] ، في قصة لعائشة مع يهودي وهي عند النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين، إسناده حسن. قوله: «وبصلاة الجماعة» : قال السيوطي في الخصائص [3/ 187] : ذكر ابن فرشة في شرح المجمع في قوله صلى الله عليه وسلم: من صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا فهو منّا، قال: أراد بقوله: صلاتنا، الصلاة بالجماعة، لأن الصلاة منفردا موجودة فيمن كان قبلنا. قوله: «وبصلاة الليل» : احتج بعضهم لذلك بقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ الاية، وبقوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) الاية، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن وقد قال تعالى: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (17) الاية، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (64) الاية، واستدل الرافعي رحمه الله بحديث عائشة مرفوعا: ثلاث هن علي فرائض وهن لكم سنة: الوتر، والسواك، وقيام الليل، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 13] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 39] ، وضعفه بموسى بن عبد الرحمن الصنعاني، ولذلك نص الإمام الشافعي رحمه الله على نسخ وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم كأمته، وإليه ذهب ابن الصلاح، والنووي، وعامة الشافعية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 33- وبصلاة الكسوفين. 34- وبصلاة الاستسقاء. 35- وبالأذان والإقامة. 36- وبالوتر. * ومنها: عشر في باب الجهاد وغيره: 37- أنه صلى الله عليه وسلم خص بإباحة الغنيمة، وكانت حراما على من قبله. قوله: «وبالأذان والإقامة» : أخرج الشيخان من حديث أبي قلابة عن أنس قال: ذكروا النار والناقوس، فذكروا اليهود والنصارى، فأمر بلال أن يشفع الاذان وأن يوتر الإقامة، لفظ البخاري في الصحيح، قال الحافظ في الفتح: أوضح منها رواية أبي الشيخ ولفظه: فقالوا: لو اتخذنا ناقوسا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقا، فقال: ذاك لليهود، فقالوا: لو رفعنا نارا، فقال: ذاك للمجوس، قال الحافظ: فعلى هذا ففي الرواية اختصار كأنه كان فيه: ذكروا النار والناقوس والبوق فذكروا اليهود والنصارى والمجوس، واللف والنشر فيه معكوس، فالنار للمجوس، والناقوس للنصارى، والبوق لليهود، قال: وفي حديث ابن عمر التنصيص على أن البوق لليهود، قال: وفيه نفي النداء للصلاة قبل ذلك. قوله: «ومنها عشر في باب الجهاد» : بقي لتمام العشر ذكر: نصره صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر، وإذا ربطنا قوله الاتي: وكان صلى الله عليه وسلم أفرس العالمين، بما بعدها؛ ليتضح المعنى، بقيت أخرى وهي تخميس الفيء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 38- ونال صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها من رأس الغنيمة. 39- وأنه صلى الله عليه وسلم كان أفرس العالمين. قوله: «ونال صلى الله عليه وسلم صفية من رأس الغنيمة» : يعني قبل قسمتها، وهو الذي يعبر عنه بعضهم بالصفي وهو مما خص به صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم أن يصطفي من الغنيمة قبل قسمتها ما شاء ليس ذلك لغيره. والحجة في ذلك ما رواه أبو داود برقم 2999، والنسائي برقم 4146 من حديث يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد فجاء رجل أشعث الرأس، بيده قطعة أديم أحمر فقلنا: كأنك من أهل البادية، فقال: أجل، ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها فقرأناها فإذا فيها: من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيس، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم، وسهم النبي الصفي، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا: من كتب لك هذا؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الخطابي رحمه الله: أما سهم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يسهم له كسهم رجل ممن شهد الوقعة حضرها النبي صلى الله عليه وسلم أو غاب عنها، وأما الصفي فهو ما يصطفيه من عرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس- عبد أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها- وكان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك مع الخمس الذي كان له خاصة. اهـ. وفيه أيضا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كانت صفية من الصفي، رواه أبو داود، قال ابن عبد البر: سهم الصفي مشهور في صحيح الاثار، معروف عند أهل النقل، ولا يختلف أهل السير في أن صفية منه. اهـ. وقال السيوطي في الخصائص [3/ 288] : وأجمع العلماء على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم، وذكر الرافعي أن سيفه ذا الفقار كان من الصفي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 40- وأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرجع إذا خرج للحرب. 41- وإذا لبس صلى الله عليه وسلم لأمته لم ينزعها حتى يقاتل. 42- ولا ينهزم إذا لقي العدو وإن كثر عليه العدد. قوله: «إذا خرج للحرب» : حتى يلقى العدو، وربما انتظر ثلاثا فإن لم يلق كيدا رجع، انظر التعليق التالي. قوله: «لم ينزعها حتى يقاتل» : والحجة في هذا: ما أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في المسند الجامع من حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر، فأولت أن الدرع: المدينة، وأن البقر نفر والله خير، فلو أقمنا بالمدينة، فإذا دخلوا علينا قاتلناهم، فقالوا: والله ما دخلت علينا في الجاهلية أفيدخل علينا في الإسلام؟ قال: فشأنكم إذا، وقالت الأنصار بعضها لبعض: رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله شأنك، فقال: الان؟، إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل. انظر تخريجه في كتابنا فتح المنان تحت رقم 2298. قوله: «ولا ينهزم إذا لقي العدو» : بل جيشه صلى الله عليه وسلم ينهزم إليه ويلوذ به، أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 86] ، من حديث حارثة بن مضرب، عن علي رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا، ولفظ النسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 191- 192] رقم 8639: كنا إذا حمي الباس- أو: احمر البأس- ولقي القوم القوم اتقينا- في المطبوع: بعثنا! - برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أدنى منا إلى القوم منه، وأخرج الشيخان من حديث البراء وقيل له: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 43- وخص صلى الله عليه وسلم بالحمى، ويكون هو أفضل العالمين. - إن هوازن كانوا قوما رماة، فلما التقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم فاستقبلونا بالسهام فانهزم الناس، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام البغلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب قوله: «وخص صلى الله عليه وسلم بالحمى» : والحجة في هذا ما رواه البخاري وغيره من أصحاب الكتاب من حديث الصعب ابن جثامة مرفوعا: لا حمى إلّا لله ولرسوله، وفيه: عن ابن شهاب قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وأخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث وائل ابن حجر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا فأرسل معي معاوية، قال: أعطها إياه، خرجناه في فتح المنان تحت رقم 2772، 3773، وأخرج أيضا من حديث أبيض بن حمال أنه استقطع الملح من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقال له ملح شذاء الذي بمأرب فأقطعه- 2771 فتح المنان، وقد أقطع أيضا تميما الداري وذريته قرية ببيت المقدس قبل فتحه. قال ابن الملقن في غاية السول: ذكر القضاعي هذه الخصيصة فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم دون من قبله من الأنبياء، قال ابن الملقن: وكان له صلى الله عليه وسلم أن يحمي لنفسه، ولم يقع ذلك منه، ولو وقع لكان ذلك لمصلحة المسلمين، لأن ما كان مصلحة له فهو مصلحة لهم، وليس للأئمة بعده ولا لغيرهم أن يحموا لأنفسهم كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه، قال: وما حماه للمسلمين لا ينقض بحال لأنه نص، وقيل: إن بقيت الحاجة التي حمى لها لم ينقض وإن زالت، فوجهان، والأصح: المنع أيضا لأنه تغيير المقطوع بصحته باجتهاد، أما الإمام بعده فله أن ينقض حماه للحاجة على الأصح. اهـ. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 44- وأبيح له الوصال في الصوم. 45- ولم يكن له صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين. - وذكر السيوطي في الخصائص أن بعض الولاة أراد التشويش على ذرية تميم الداري فيما أقطعه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفتى الغزالي بكفره، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع أرض الجنة، فأرض الدنيا أولى. قوله: «وأبيح له الوصال» : لأنه قربة في حقه بما أهله الله ومكنه، بين ذلك صلى الله عليه وسلم في جوابه لما قيل له: فإنك تواصل؟ قال: إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة. قوله: «ولم تكن له صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين» : قال ابن الملقن في الغاية: اختلف في المراد بخائنة الأعين، فقيل: هي الإيماء بالعين، وقيل: مسارقة النظر، وعبارة الرافعي: هي الإيماء إلى مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال، وإنما قيل لها خائنة الأعين تشبيها بالخيانة من حيث أنه يخفي خلاف ما يظهر، ولا يحرم ذلك على غيره إلّا في محظور، واستدل به صاحب التلخيص على أنه لم يكن له أن يخدع في الحرب وخالفه المعظم كما قال الرافعي معللا بأنه اشتهر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد سفرا ورى بغيره، وهو في الصحيح من حديث كعب، وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: الحرب خدعة، والفرق أن الرمز يزري برامزه بخلاف الإيهام في الأمور العظام. اهـ. والحجة في هذا ما رواه أبو داود في الجهاد برقم 2683، 4359، والنسائي في تحريم الدم [7/ 105- 106] ، وابن أبي شيبة في المصنف [14/ 491- 492] ، وغيرهم، من حديث سعد بن أبي وقاص في قصة الفتح وفيه: وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 * ومنها: عشر في باب النكاح، وهي: 46- أنه أبيح له صلى الله عليه وسلم البضع بلفظ الهبة لقوله عزّ وجلّ: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الاية، فله صلى الله عليه وسلم أن يعقد بلفظ الهبة. - النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ قالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، هلا أو مأت إلينا بعينك؟ قال: لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين، صححه الحاكم [3/ 45] ووافقه الذهبي. وأخرج القصة ابن سعد في الطبقات [2/ 141] ، من حديث ابن المسيب وفيها: أن رجلا كان قد نذر أن يقتل عبد الله بن سرح لأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فلما جاء عثمان به وقف الأنصاري وقد أخذ بقائم السيف ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم متى يومي إليه أن يقتله، فشفع له عثمان حتى تركه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: هلا وفيت بنذرك؟ فقال: يا رسول الله وضعت يدي على قائم السيف أنتظر متى تومي فأقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الإيماء خيانة، ليس لنبي أن يومي، مرسل، وفي الإسناد ابن جدعان. قوله: «ومنها عشر في باب النكاح» : لم يذكر المصنف اختصاصه صلى الله عليه وسلم بنكاح أكثر من أربع نسوة وهو إجماع. فأما صحة نكاحه صلى الله عليه وسلم حال الإحرام فسيذكره المصنف في الفصل بعده. قوله: «أن يعقد بلفظ الهبة» : قال ابن الملقن: في انعقاد نكاحه بلفظ الهبة وجهان: أحدهما: لا كغيره، وأصحهما: نعم، وهو ما قطع به الغزالي، يعني: للاية المذكورة، قال: وعلى هذا لا يجب المهر بالعقد ولا بالدخول كما هو مقتضى الهبة، قال: وهل يشترط لفظ النكاح من جهته أو يكفي لفظ الاتهاب؟ فيه وجهان، أحدهما: لا يشترط كما في حق المرأة، وأصحهما في أصل الروضة وعند- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 47- وخص صلى الله عليه وسلم بإسقاط المهر، فأبيح له البضع بلا بدل. 48- وبالنكاح بلا ولي ولا شهود، لأن الشهود يحتاج إليهم للاستيثاق وثبوت النسب، ولما يفارق الزنا، وكان صلى الله عليه وسلم معصوما عن مثل ذلك. 49- وحرم الله نكاح أزواجه على الخلق من بعده، فقال عزّ وجلّ: وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً الاية. - الشيخ أبي حامد: يشترط لظاهر قوله تعالى: أَنْ يَسْتَنْكِحَها، فاعتبر في جانبه النكاح، وقال الرافعي: إنه أرجح. قال ابن الملقن: قال القضاعي في عيون المعارف: إن مما خص به صلى الله عليه وسلم إباحة الموهوب له خاصة، وهو أن يتزوجها بلفظ الهبة، وإباحة النكاح بغير مهر، ولا يستقر عليه إلّا بالدخول قال: وهذا ليس بجيد منه، وذكر هذه الخصوصية في قسم ما خص به دون الأنبياء من قبله ودون أمته تشريفا له وتعظيما لشأنه صلى الله عليه وسلم. قوله: «بلا ولي ولا شهود» : استدلوا على ذلك بما ذكره المصنف، واحتجوا لذلك أيضا بما أشكل على الصحابة من أمر صفية- وقصتها في صحيح مسلم- حين بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد، وقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها فعرفوا أنه قد تزوجها. قال ابن الملقن في الغاية: أما زينب فمنصوص عليها- يعني لقوله تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها الاية، فدخل عليها بلا إذن بتزويج الله تعالى-. قال: والخلاف في غير زينب. وقد ذكر القضاعي هذه الحقيقة فيما خص به صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء من قبله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 فإن قيل: حرم نساؤه على غيره، فلم أبيح بناته لغيره؟ الجواب: أن الإنسان تلحقه غضاضة أن يتزوج نساؤه من بعده، ويلحقه غضاضة أن لا تخطب بناته، فهذا هو الفرق بين المرأة والابنة، وقد حرم على الابن التزوج بامرأة الأب، وحرمته صلى الله عليه وسلم آكد. 50- ووجبت لهن النفقة بعد موته. 51- وإذا ابتدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القسم لبعض نسائه فقيل: إن له ألا يقسم للباقيات. قوله: «فلم أبيح بناته لغيره؟» : أعاده المصنف هنا، وقد ذكره في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن. قوله: «ووجبت لهن النفقة» : قال النووي رحمه الله في الروضة [7/ 10] : وهل كان صلى الله عليه وسلم يلزمه نفقة زوجاته؟ فيه وجهان بناء على المهر، قلت: الصحيح الوجوب. قوله: «له ألا يقسم للباقيات» : قطع الأصطخري من الشافعية بأنه لا يجب عليه القسم، وصححه الغزالي في الخلاصة، واقتصر عليه في الوجيز، قالوا: وإنما كان يتطوع به، ولأنه في وجوبه عليه شغلا عن لوازم الرسالة، لقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ الاية، أي: تبعد من تشاء فلا تقسم لها وتقرب من تشاء فتقسم لها. ونقل ابن الجوزي عن أكثر العلماء أن الاية نزلت مبيحة ترك ذلك، قال ابن الملقن في الغاية: وأصحهما عند الشيخ أبي حامد والعراقيين وتابعهم البغوي وهو ظاهر نصه في الأم أنه يجب، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطاف به في مرضه على نسائه حتى حللنه. وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 52- وقيل: إذا وطئ صلوات الله وسلامه عليه جارية بملك اليمين لا تثبت الحرمة في أمها وابنتها حتى لا يجوز الجمع بينهما. - برسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه واستأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهمّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك، أخرجه أصحاب السنن، وصححه ابن حبان والحاكم، ولما هم بطلاق سودة وهبت يومها لعائشة فجعل لها يومين. قال: وأما الاية فمحمولة على إباحة التبدل بهن بعد التحريم، وقال القشيري في تفسيره إنه كان واجبا ثم نسخ، وذكر الماوردي في الاية تأويلين: أحدهما معناه: تعزل من شئت فلا تأتيها، وتأتي من شئت منهن، وهو قول قتادة ومجاهد ونقله البخاري عن ابن عباس. اهـ. قوله: «حتى لا يجوز الجمع بينهما» : لم أر من ذكر ذلك فيما يتعلق بملك اليمين، وذكروا في غير ذلك أنه لم يكن يحل له صلى الله عليه وسلم الجمع بين الأختين لأن خطاب الله تعالى يدخل فيه نبيه، قال ابن الملقن: وفيه وجه حكاه الحناطي وهو باطل قطعا لما ثبت في الصحيح عن أم حبيبة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: أفعل ماذا؟ قلت: تنكحها، قال: أو تحبين ذلك؟ قلت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني في خير أختي، قال: فإنها لا تحل لي. قال ابن الملقن: ولم يكن يحل له الجمع بين الأم وبنتها، وفيه وجه بعيد حكاه الحناطي، قال: وهل كان يحل له الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها؟ وجهان في الرافعي عن ابن القطان بناء على أن المخاطب هل يدخل في الخطاب أولا، قال صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها. اهـ، وقد ذهب إلى سريانه عليه صلى الله عليه وسلم جماعة لعدم ثبوت ما يخص حكمه وهو الأشبه والأولى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 53- وكان له صلى الله عليه وسلم أن يخطب على خطبة أخيه، وكان له أن يتزوج بأكثر من أربع، وكان طلاقه زائدا. 54- وكان له صلى الله عليه وسلم إذا طلق امرأة بائنة ثم بدا له، كان لا يحتاج أن يتوسطه زوج آخر، وله أن يخطبها ثانيا قبل أن تزوج. 55- وفرض عليه صلى الله عليه وسلم التخيير بين أزواجه. 56- ثم حظر عليه التزوج عليهن والاستبدال بهن لقول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ الاية، لأنهن خيّرن فاخترن المقام معه على الشدة والفقر، فعوضهن الله تعالى على ذلك قوله: «وكان له صلى الله عليه وسلم أن يخطب على خطبة أخيه» : لأنه كما قال تعالى: أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الاية، وكذا إن كانت ذات زوج وجب على زوجها طلاقها لينكحها على الصحيح، فقد ثبت تنازل الأنصار لإخوانهم المهاجرين محبة وصدقا وإخلاصا، فلأن يكون ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، وفي المتفق عليه: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله وولده ووالده والناس أجمعين. قال الإمام الغزالي: لعل السر من جانب الزوج امتحان إيمانه بتكليفه النزول عن أهله- يعني: لهذا الحديث-، قال: ومن جانبه صلى الله عليه وسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية، ومنعه من خائنة الأعين، ومن الإضمار الذي يخالف الإظهار. اهـ باختصار من غاية ابن الملقن. قوله: «ثم بدا له» : يعني: أن يعيدها إليه. قوله: «لأنهن خيرن فاخترن المقام معه» : هو تفسير أنس بن مالك عند البيهقي في السنن الكبرى [7/ 54] ، وعزاه أيضا في الدر المنثور [6/ 637] لأبي داود في الناسخ والمنسوخ وابن مردويه. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 بأن حرم على النبي صلى الله عليه وسلم التزوج بغيرهن من أمثالهن على الغيرة، وقيل: بل أبيح له بعد ذلك من العدد ما شاء. 57- وكان صلى الله عليه وسلم كفؤا لأي أحد وإن كانت شريفة، فإذا تزوج صلى الله عليه وسلم بولي فاسق أو أعمى جاز ذلك، وكذلك إذا كان أخرس. 58- ومما خص به صلى الله عليه وسلم أن حرم الله عليه نكاح الإماء أبدا. - وكذلك فسرها ابن عباس عند ابن مردويه، وأبي أمامة بن سهل عند ابن سعد في الطبقات [8/ 195] ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومجاهد، والحسن عند ابن سعد أيضا [8/ 195] ، قالوا: لما خيرهن الله فاخترنه ورسوله حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه، وحرم عليه التزوج بغيرهن، وعلى هذا فالاية عندهم هي الناسخة. وقال قوم: هي منسوخة، لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء لقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ الاية، روي هذا عن عائشة، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2383، وروي عن ابن عباس أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 194] ، وعن أم سلمة عند ابن سعد [8/ 194] ، وابن أبي حاتم في التفسير [10/ 3147] رقم 17748، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عند ابن سعد [8/ 194] ، وعن عطاء بن يسار عند ابن سعد أيضا. قوله: «أن حرم الله عليه نكاح الإماء أبدا» : وهو الصحيح من مذهب الشافعية؛ ذكره ابن الملقن في الغاية، وحجتهم: بأن جوازه في حق أمته مشروط بخوف العنت، وهو صلى الله عليه وسلم معصوم، وبفقدان طول الحرة ونكاحه صلى الله عليه وسلم، غير مفتقر إلى المهر ابتداء وانتهاء، ولأن من نكح أمة كان ولده رقيقا، ومنصبه صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، وبهذا قطع جماعة، وادعى الماوردي أنه لا خلاف فيه. اهـ. باختصار، وفي المسألة بحث مبسوط في مظانه من المطولات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 59- وحرم عليه تزوج الذميات، لأن الله أخبر أن المشركين نجس، فحظر عليه معاشرتهن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل سبب ونسب ينقطع.. الحديث، والزوجة اتصالها بالنسب. قوله: «كل سبب ونسب ينقطع» : وتمامه: يوم القيامة إلّا سببي ونسبي، روي هذا ونحوه من حديث عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، والمسور بن مخرمة رضي الله عنه. * أما حديث عمر، فروي منقطعا ومتصلا، رواه جعفر بن محمد فاختلف عليه فيه: فقال ابن إسحاق، عنه، عن أبيه، عن عمر- منقطع-، أخرجه في السيرة [/ 249] ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] . وتابعه: 1- وهيب بن خالد، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 142] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: منقطع. 2- أنس بن عياض الليثي، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 463] . وخالفهم سفيان بن عيينة فقال عنه، عن أبيه، عن جابر، عن عمر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37] رقم 2635، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [7/ 314] ، قال في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة. تنبيه: قال الدارقطني في العلل [2/ 190] ، معلقا على هذا الحديث: هو حديث رواه محمد بن إسحاق عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عمر، قال: وخالفه الثوري وابن عيينة ووهيب وغيره فرووه عن جعفر. قلت: ورواه كذلك: عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، أخرجه الحافظ عبد الرزاق [6/ 163] رقم 10352، ليس فيه الشاهد. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 ......... - ورواه الحسن بن علي، عن عمر بن الخطاب، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 114] . وروي عن ابن عمر، عن عمر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 36- 37] رقم 2634، والبزار في مسنده [3/ 152 كشف الأستار] رقم 2455، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 199- 200] . وممن رواه عن عمر أيضا: 1- عقبة بن عامر، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 270] ، والخطيب في تاريخه [6/ 182] ، بإسناد فيه إبراهيم بن رستم يقال: منكر الحديث عن الثقات. 2- زيد بن أسلم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 36] رقم 2633، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 34] ، والبزار في مسنده [3/ 152 كشف الأستار] رقم 2456، إسناد الطبراني جيد. 3- عكرمة الهاشمي، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [6/ 163] رقم 10354، وانقطاعه ظاهر. 4- سليمان الأعمش، أخرجه أيضا الحافظ عبد الرزاق برقم 10353 وليس فيه الشاهد وهو أيضا منقطع. 5- المستظل بن حصين، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 56] رقم 215. ورواه إبراهيم بن يزيد الخوزي- أحد الضعفاء- عن محمد بن عباد بن جعفر فتارة يقول: عن ابن عمر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [67/ 21] ، وتارة يقول: عن عبد الله بن الزبير، أخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 80] رقم 4144. * وأما حديث عبد الله بن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 243] رقم 11621، والخطيب في تاريخه [10/ 271] ، قال في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله ثقات. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 قال بعض أهل النظر في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا الاية، قال: في هذه الاية دليل على أنه لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بكافرة، لأنه سبحانه لم يرض لأزواجه أن يكن ممن يردن الحياة الدنيا وزينتها، فبأن لا يرض لهن الكفر والشرك من باب أولى، فكان في هذا ما دل على فضله صلى الله عليه وسلم على الأنبياء قبله إذ كانوا صلوات الله عليهم أجمعين غير ممنوعين من نكاح الكوافر، قال الله عزّ وجلّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) الاية. 60- ومما خص به صلى الله عليه وسلم أن الواحدة من نسائه إذا أتت بفاحشة ضعف لها العذاب، قال أبو سعد: فذلك ستون خصلة باين بها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الخلق. والله أعلم. -* وأما حديث المسور بن مخرمة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 323، 332] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 25، 27] رقم 30، 33، وصححه الحاكم [3/ 158] ، وقال الذهبي: صحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 [234- فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم] 234- فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم 61- وكان يجب عليه صلى الله عليه وسلم حفظ أموال المسلمين إذا عدموا النفقة. 62- ووجب عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، والوتر، والسواك. قوله: «إذا عدموا النفقة» : استدل لذلك بما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته. لفظ مسلم في الفرائض من صحيحه. قال النووي رحمه الله: قيل: كان هذا القضاء واجبا عليه صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو تبرع منه، قال: والخلاف وجهان لأصحابنا. وقال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 128] : الصحيح عند الشيخين أنه يجب عليه، وحكي أيضا عن بعض الخراسانيين، وبه جزم البغوي في التعليق والتهذيب، وحكاه الإمام عن الجمهور، قال: والدليل عليه قوله: ... وذكر حديث أبي هريرة، قال: وظاهر كلام الشيخين وجوب الوفاء عليه سواء كان قادرا عليه أو لا، قال: وإنما وجب عليه صلى الله عليه وسلم الوفاء عند قدرته عليه بسبب الفتوحات واتساع المال، قال: فتكون الخصوصية بالنسبة إلى أواخر الحال. قوله: «ووجب عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، والوتر، والسواك» : أعاد المصنف هذه الخصائص، وقد تقدم الكلام عليها قريبا، انظر ما خص به في بابي الطهارة والصلاة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 63- ويحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفريضة، وصدقة التطوع، وخائنة الأعين. 64- ولم يكن له صلى الله عليه وسلم إذا سمع بمنكر ترك النكير، ...... قوله: «ويحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفريضة، وصدقة التطوع» : استدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم للحسن رضي الله عنه: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة، أخرجاه في الصحيحين، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم: إنا لا تحل لنا الصدقة: ظاهره تحريم صدقة الفرض والنفل، وقال الحافظ في الفتح: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفرض والتطوع، كما نقل غير واحد منهم الخطابي الإجماع، قال: واختلف هل كان تحريم الصدقة من خصائصه صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء أو كلهم سواء في ذلك؟. قلت: قال ابن الملقن في الغاية: بالأول قال ابن عيينة، وبالثاني قال الحسن البصري. قوله: «وخائنة الأعين» : أعاد ذكرها المصنف، فقد أوردها قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم في باب الجهاد، وتكلمنا عليها هناك. قوله: «ولم يكن له صلى الله عليه وسلم إذا سمع بمنكر ترك النكير» : قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 114] : كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى منكرا أن ينكره ويغيره، قال: ووجهه كما قال القاضي أبو الطيب في تعليقه: إنما كان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لشيئين: أحدهما: أن الله تعالى ضمن له النصرة والظفر، فقال تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ الاية، والثاني: أنه لو لم ينكره لكان يوهم ذلك أنه جائز وأن أمره بتركه منسوخ، قال: وكذلك علله ابن الصباغ في الشمائل. وانظر غاية السول لابن الملقن [/ 102] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 وليس له صلى الله عليه وسلم نكير، ولا أن يتعلم الشعر. 65- وكلف وحده صلى الله عليه وسلم من العلم ما كلف الناس بأجمعهم. 66- وأن يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة. قوله: «ولا أن يتعلم الشعر» : أعادها المصنف، فقد ذكرها قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم من أمر الاخرة وبعد الموت، وعلقنا عليها هناك. قوله: «وكلف وحده صلى الله عليه وسلم من العلم ما كلف الناس بأجمعهم» : ذكر هذه الخصوصية والاثنين التي بعدها: ابن القاص، ونقلها عنه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 49] ، وبوب لذلك فقال: باب فضل علمه على علم غيره. وممن نقلها عن ابن القاص أيضا: ابن الملقن في الغاية [/ 107، 304] ، فقال بعد أن ذكرها: ومنه نقلتها، قال: وعد أمورا أخرى منها: أن يدفع بالتي هي أحسن، ومنها: أنه يؤخذ عن الدنيا، ومنها: أنه نهي عن طعام الفجاءة وذكر أن هذا مما خص به دون سائر الأنبياء، ومنها: الأعلال الموجبة، وبعصمته صلى الله عليه وسلم من الناس اهـ. باختصار. قوله: «وأن يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة» : ذكر هذه الخصوصية ابن القاص في الخصائص، وفي الباب عن أبي هريرة أيضا عند الشيخين مرفوعا: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، أخرجه البخاري في الدعوات، وأخرجه مسلم في الذكر والدعاء من حديث الأغر المزني، لكن قال الحافظ في الفتح معلقا: من ادعى الخصوصية كأنه حمل الاستغفار على الوجوب عند وجود الغين. قال الخيضري: وقد جزم به البيهقي في السنن الكبرى. انظر: السنن الكبرى [7/ 52] ، اللفظ المكرم [1/ 145] ، غاية السول [/ 108] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 67- وكان صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. 68- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئا، وقال صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا آكل متكئا. 69- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الثوم والبصل والكراث، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى» : ذكر هذه الخصوصية أبو العباس بن القاص في الخصائص وتبعه البيهقي في السنن الكبرى والقضاعي في العيون، واستدل لذلك بأحاديث، منها: حديث ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي البقاع خير؟ ... الحديث. قلت: مثل هذا لا يحتاج إلى دليل ولا تعليل للتصريح به في التنزيل. وانظر: اللفظ المكرم [2/ 211] ، السنن الكبرى [7/ 50] ، الجامع لأحكام القرآن [17/ 85] . قوله: «أما أنا فلا آكل متكئا» : انظر تخريجنا له تحت رقم 1574، 1570. قال ابن الملقن في الغاية [/ 130] : وهل كان حراما عليه صلى الله عليه وسلم أو مكروها كما في حق الأمة؟ فيه وجهان، أشبههما كما قال الرافعي: الثاني، وجزم بالأول صاحب التلخيص، أي لما فيه من الكبر والعجب، وعلل الأول بأنه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم، واجتناب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيء واختياره غيره لا يدل على كونه محرما عنده. قوله: «إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» : أخرجاه في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، وهذا الشطر منه عند مسلم، اختصر البخاري لفظه، وأوله: من أكل من هذه البقلة الثوم، وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 70- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الضب، وقال صلى الله عليه وسلم: إني أعافه لأنه لم يكن بأرض قومي. - تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. لفظ مسلم في المساجد، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها. قال ابن الملقن في الغاية [/ 128] : وهل كان ذلك حرامأ عليه صلى الله عليه وسلم؟ فيه وجهان: أحدهما وبه جزم الماوردي: نعم، كيلا يتأذى به الملك، وأشبههما: لا، وإنما كان يمتنع منه صلى الله عليه وسلم ترفعا. قلت: يدل على الثاني حديث أبي سعيد الخدري في هذا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها، أخرجه مسلم. وأخرج أيضا من حديث أبي أيوب الأنصاري في هذا وفيه: فسألته: أحرام هو؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه، قال: فإني أكره ما كرهت. وبقول الكراهة في حقه صلى الله عليه وسلم جزم الإمام النووي في الروضة [5/ 384] ، وانظر: اللفظ المكرم للخيضري [1/ 205] . قوله: «إني أعافه لأنه لم يكن بأرض قومي» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عباس وفيه قصة، أخرجها البخاري في الأطعمة، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو، رقم 5391، وفي الشواء، برقم 5400، وفي الذبائح، باب الضب، برقم 5537، ومسلم في الصيد، باب إباحة الضب رقم 1945، 1946. قال أبو عاصم: إذا اتجه القول بأن البصل والثوم والكراث لم يكن حراما في حقه صلى الله عليه وسلم مع تأذي الملك منه، فيتجه القول بذلك في الضب من باب أولى، فكيف وقد نص صلى الله عليه وسلم بأنه يعافه، ثم بيّن صلى الله عليه وسلم العلة وهو أنه لم يكن بأرض قومه صلى الله عليه وسلم؟. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 71- ولا يصلّي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين. قوله: «ولا يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين» : استدل لذلك بأحاديث منها: حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بأخرى فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فقال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه. أخرجه البخاري في الحوالة، باب إذا أحال على مليء فليس له رد، وفي الكفالة، باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع. فاختلف أهل العلم هل كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم أن يصلي على من عليه دين؟ ذكر الرافعي عن أبي العباس الروياني وجهين: أحدهما: الجواز كغيره من الأمة، فلا يكون من الخصائص، والثاني: لا يجوز، وفي جوازه مع وجود الضامن وجهان، وجزم النووي بأن الصواب جوازه مع الضامن، ثم نسخ التحريم فكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يصلي على من عليه دين ولا ضامن له، ويوفيه من عنده صلى الله عليه وسلم، قال: والأحاديث الصحيحة مصرحة بذلك. قلت: منها ما أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالمتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته. وانظر: الروضة للنووي [7/ 6] ، غاية السول لابن الملقن [/ 143] ، اللفظ المكرم للخيضري [1/ 252] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 72- وأبيح له صلى الله عليه وسلم النكاح في الإحرام، والحمى له صلى الله عليه وسلم خاص. 73- وأحلت له صلى الله عليه وسلم مكة، وقال: لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من النهار. قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم النكاح في الإحرام» : عند بعض أهل العلم هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عباس- ولم يشهد الواقعة-: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، أخرجاه في الصحيحين، وقد خالفه غيره من الصحابة ممن شهد الواقعة وباشرها، منهم: أم المؤمنين نفسها ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وأبو رافع مولاه: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها وهو حلال، لذلك كان للعلماء في المسألة كلام وتأويلات يطول المقام بنقلها، قال الزركشي: جعلهم هذه المسألة من الخصائص فيه نظر، فإن الشافعي رحمه الله رد رواية ابن عباس بحديث أبي رافع وميمونة، ولم يثبت الشافعي وقوع العقد حال إحرامه صلى الله عليه وسلم فالتجويز يحتاج إلى دليل. اهـ، لكن صحح النووي انعقاد النكاح حال إحرامه صلى الله عليه وسلم، وهو مما يرجح القول بثبوت الخصوصية، والله أعلم. وانظر: الروضة للنووي [7/ 9- 10] ، غاية السول [/ 204] ، اللفظ المكرم [1/ 491] . قوله: «والحمى له صلى الله عليه وسلم خاص» : أعاد المصنف ذكر هذه الخصوصية هنا، وتقدمت قريبا فيما خص به من باب الجهاد، وعلقنا عليها هناك. قوله: «لم تحل لأحد قبلي» : هو طرف من حديث أبي هريرة الطويل، أوله: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسول الله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ... الحديث، أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه، في كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم 112، وغير ذلك. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 74- وجعل له صلى الله عليه وسلم أن يحرم المدينة- ما بين لابتيها-. 75- وأحل له صلى الله عليه وسلم التقبيل والوصال في الصوم. 76- وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط، ثم يصلي ولا يتوضأ. - وأخرجه مسلم في الحج، باب تحريم مكة، رقم 1355. قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 313] : قال الشيخ البلقيني في خصائص التدريب: أحلت له صلى الله عليه وسلم مكة ساعة من نهار، وثبتت له صلى الله عليه وسلم الخصوصية بذلك عن الناس كلهم، وذكر القضاعي أنه صلى الله عليه وسلم خص بذلك من بين سائر الأنبياء، وذكر ابن القاص أن القتل في الحرم مما أبيح له صلى الله عليه وسلم، واستدل لذلك بقتله صلى الله عليه وسلم ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، قال ابن الملقن في الغاية: كذا رأيت في التلخيص لابن القاص. قال ابن الملقن: وفي الخصوصية نظر لأن ابن خطل صاحب جرم، والحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة كما ثبت في الصحيح. وقال غيره: لا حجة في قتله صلى الله عليه وسلم ابن خطل لأن ذلك كان في الوقت الذي أحلت فيه للنبي صلى الله عليه وسلم. قلت: الحجة في هذه الساعة التي خص بها حتى أحل له القتل فيها، وقد ثبتت. قوله: «وأحل له صلى الله عليه وسلم التقبيل والوصال في الصوم» : قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 395] : قال بعض العلماء: كان التقبيل خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهل يكره لغيره أو يحرم أو يباح أو يبطل صوم من فعله، أو يفرق بين الشيخ والشاب؟ على أقوال للعلماء رضي الله عنهم. وأما الوصال فقد ذكره المصنف قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم من باب الجهاد، وعلقنا عليه هناك. قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط ثم يصلي ولا يتوضأ» : أعاد المصنف هذه الخصوصية، وقد ذكرها قريبا فيما خص به من باب الطهارة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 77- وكانت صلاة تطوعه صلى الله عليه وسلم قاعدا لغير علة كصلاته قائما، ولا ينقص من أجره شيء إن شاء الله. قوله: «كصلاته صلى الله عليه وسلم قائما» : قاله الرافعي: قال النووي في الروضة: وقاله صاحب التلخيص، وتابعه البغوي، وأنكره القفال وقال: لا نعرف هذا، بل هو كغيره، والمختار الأول، واستدل له بما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة، قال فأتيته فوجدته يصلي جالسا فوضعت يدي على رأسه فقال: ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة، وأنت تصلي قاعدا؟ قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم. خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 1501. قال الإمام النووي رحمه الله معلقا: هذا عند أصحابنا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، جعلت نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما تشريفا له صلى الله عليه وسلم، قال: قال القاضي عياض: معناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لحقه مشقة من القيام لحطم الناس وللسن، فكان أجره صلى الله عليه وسلم تامّا بخلاف غيره ممن لا عذر له، قال النووي: هذا كلامه، وهو ضعيف باطل، لأن غيره صلى الله عليه وسلم إن كان معذورا فثوابه أيضا كامل، وإن كان قادرا على القيام فليس حاله كالمعذور فلا يبقى فيه تخصيص فلا يحسن على هذا التقدير: لست كأحد منكم، وإطلاق هذا القول، فالصواب ما قاله أصحابنا: أن نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام ثوابها كثوابه قائما، وهو من الخصائص. اهـ. وانظر: اللفظ المكرم [2/ 124] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 78- وأبيح له صلى الله عليه وسلم أن يدعو المصلي فيجيبه وهو في الصلاة. 79- وأن الميت يسأل عنه صلى الله عليه وسلم في القبر. 80- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل يدعو ومعه أبو رافع، فدعا ما شاء الله، ثم انصرف منقلبا، فمر على قبر فقال: أف، أف، أف- ثلاثا- فقال أبو رافع: يا نبي الله بأبي وأمي ما بك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ولكني أففت من صاحب هذا القبر، سئل عني فشك!. قوله: «فيجيبه وهو في الصلاة» : استدل لهذه الخصيصة بما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: مر بي رسول الله فقال: ألم يقل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ الاية ... الحديث، قال ابن الملقن في الغاية [/ 278] : ذكر القضاعي هذه الخصيصة فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من دون سائر الأنبياء. قوله: «سئل عني فشك» : روي هذا الحديث بأسانيد، ليس يخلو شيء منها من كلام، فأخرج البخاري في التاريخ [3/ 315] الترجمة رقم 1072- ولم يسق المتن- والطبراني في معجمه الكبير [1/ 302] رقم 961، كلاهما من حديث رباح بن صالح بن صالح بن عبيد الله- مجهول- عن أبيه، عن جده به. صالح لم يرو عنه سوى ابنه رباح، ورواه عبادل- وقال بعضهم: عباد- ولعله تصحف في بعض المصادر إلى عبادة كما عند البيهقي- وهو عبادل بن عبيد الله بن أبي رافع، عن جدته، عن أبي رافع، أخرج حديثه البخاري في التاريخ الكبير [6/ 135] الترجمة رقم 1941، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 307] رقم 974، والبزار في مسنده [1/ 11 كشف الأستار] رقم 869، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم 99، وفي إسناد الحديث اختلاف ذكره البخاري في تاريخه، والبيهقي في الموضع المشار- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 81- وكان صلى الله عليه وسلم لا يورث، كان ماله بعد موته صلى الله عليه وسلم صدقة. - إليه، رواه الحماني، عن الدراوردي، فقال: عن أبيه، بدل: عن جدته- ولعله تصحيف-، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 304] رقم 968. وأخرجه الروياني في مسنده وكأن في الإسناد سقطا، إذ فيه: عن عباد مولى أبي رافع، عن أبي رافع!. وقد روي من حديث رافع بن أبي رافع، عن أبيه أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم البقيع فسمعته يقول: لا دريت ولا أفلحت، فقلت: بأبي وأمي، ما لي لا أدري ولا أفلح؟ قال: ليس لك، قلت: بأبي وأمي ليس معك غيري، قال: سمعت صاحب هذا القبر يسأل عني فقال: لا أدري، فقلت: لا دريت ولا أفلحت، أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 96، وفي إسناده عبد المنعم بن بشير، عن أبي مودود كذبه غير واحد، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وعنده عن أبي مودود مناكير. وأخرجه البزار في مسنده [1/ 411 كشف الأستار] رقم 870، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 327] رقم 2872، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 33] رقم 1237، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة [1/ 407] رقم 1216، جميعهم من حديث عمر بن صهبان- وهو ضعيف جدا- عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أيوب بن بشير، عن أبيه-، وليس في آحاد ابن أبي عاصم عن أبيه- قال: كانت ثائرة في بني معاوية فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم فالتفت إلى قبر، فقال: لا دريت، فقيل له، فقال: إن هذا يسأل عني، فقال: لا أدري. قوله: «كان ماله بعد موته صلى الله عليه وسلم صدقة» : يعني: لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: لا نورث، ما تركناه صدقة، أخرجاه في الصحيحين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 82- وأبيح له صلى الله عليه وسلم دخول المسجد جنبا. 83- وأبيح له صلى الله عليه وسلم الحكم لنفسه، وكذلك أبيح له أن يحكم لولده. قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم دخول المسجد جنبا» : ذكر هذه الخصيصة ابن القاص في الخصائص، ونقلها عنه البيهقي في كتاب الخصائص من السنن الكبرى، باب دخول المسجد جنبا، يعني للنبي صلى الله عليه وسلم. قال: كذا قال أبو العباس، والصواب إن صح الخبر فيه: لبثه في المسجد جنبا، فالعبور جائز للكافة مع الجنابة دون اللبث، ثم أخرج فيه أحاديث تكلم في أسانيدها منها: حديث جسرة عن أم سلمة مرفوعا: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ... الحديث. واحتج النووي في الروضة لصاحب التلخيص في المسألة بما رواه الترمذي من حديث عطية عن أبي سعيد مرفوعا: يا علي، لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. قال النووي: قد يقدح قادح في الحديث بسبب عطية فإنه ضعيف عند جمهور المحدثين، لكن قد حسنه الترمذي فلعله اعتضد بما اقتضى حسنه كما تقرر لأهل الفن، قال: فظهر ترجيح صاحب التلخيص. وانظر: السنن الكبرى [7/ 65] ، اللفظ المكرم [1/ 378] ، الروضة للنووي [5/ 352] . قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم الحكم لنفسه» : بوب لذلك البيهقي في السنن الكبرى فقال: باب ما أبيح له صلى الله عليه وسلم من الحكم لنفسه وقبول شهادة من شهد له بقوله، وإن جاز له ذلك جاز أن يحكم صلى الله عليه وسلم لولده وولد ولده، ثم أخرج في الباب حديث ابتياعه صلى الله عليه وسلم الفرس الذي شهد له به خزيمة بن ثابت الذي خرجناه في غير هذا الموضع من الكتاب. انظر: السنن الكبرى [7/ 66] ، واللفظ المكرم [1/ 340] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 84- وقسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وكان طاهرا. 85- وشرب بوله ودمه صلى الله عليه وسلم، فقال لصاحب البول: لا يتجع بطنك، وقال لصاحب الدم: حرم لحمك على النار، وقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك. قوله: «وقسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وكان طاهرا» : بوب لذلك البيهقي في الخصائص من السنن الكبرى فقال: باب قسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ثم أخرج فيه حديث أنس بن مالك- وهو في الصحيحين- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رمى الجمرة ونحر هديه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه فناوله أبا طلحة، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه، وأمره أن يقسمه بين الناس. قال ابن الملقن في الغاية [/ 276] ما حاصله: شعره صلى الله عليه وسلم طاهر وإن نجسنا شعر غيره من الناس، وكذلك بوله ودمه وسائر فضلاته صلى الله عليه وسلم، على أحد الوجهين لأصحابنا، قال: وينبغي اختياره، وقد صححه القاضي حسين من أصحابنا، ونقله الرافعي عن أبي جعفر الترمذي، قال: وقد كان يستشفى ويتبرك ببوله ودمه صلى الله عليه وسلم، وانظر فصل: 65- الاية في شعره صلى الله عليه وسلم المبارك، في باب صفته صلى الله عليه وسلم. قوله: «وشرب بوله ودمه صلى الله عليه وسلم» : تقدم في الباب حديث أم أيمن التي شربت بوله برقم 323، وحديث عبد الله ابن الزبير الذي شرب دمه برقم 546 وخرجناهما في الموضعين، حديث البول صححه الدارقطني، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص [1/ 31] : حديث البول صحيح وعليه يقاس سائر الفضلات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 [235- فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة] 235- فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة كان صلى الله عليه وسلم يأخذ خمس خمس الغنيمة والفيء، وذلك ما شاء: عبدا أو أمة أو فرسا أو غير ذلك، ثم يقسم الباقي. وأما خمسه فكان يحبس منه لعياله قوت سنة، يدفع إلى كل امرأة من نسائه مائة وسق: ثمانين تمرا، وعشرين شعيرا. وأما الفيء فكان صلى الله عليه وسلم يصرفه في مثل ذلك، فكان له صلى الله عليه وسلم أربعة أخماس الفيء مخصوصا به، وهو ما يقوم به الولاة من الأموال، وجملة ذلك ثلاثة: أموال الصدقات، والفيء، والغنائم. فالصدقات لأهلها، وهي ثمانية أصناف: فثلاثة يأخذون وإن كانوا أغنياء، وهم: العاملون، والمؤلفة، والغارمون إذا عملوا لإصلاح ذات البين وهم أغنياء، وقيل أيضا: الغازي، والباقون يدفع إليهم إن كانوا فقراء. قوله: «كان صلى الله عليه وسلم يأخذ خمس خمس الغنيمة والفيء» : انظر عن هذا في: الأوسط لابن المنذر [11/ 85 وما بعده إلى 108] ، والأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام [/ 18 وما بعده] ، والأموال لابن زنجويه [2/ 717 وما بعده] ، والحاوي الكبير للماوردي [10/ 424] ، والسنن الكبرى [6/ 290] ، والوسيط للغزالي [4/ 519] ، والبيان للعمراني [12/ 205] ، وروضة الطالبين للنووي [6/ 354] ، وغاية السول [/ 162] ، واللفظ المكرم [1/ 306] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 وثلاثة يدفع إليهم بغير بينة: وهم الفقراء، والمساكين، وابن السبيل. والباقون لا يدفع إليهم إلا ببينة، ومن لم يوجد رجع سهمه على باقي أهل السهمان. وأما الغنيمة فإنها تخمّس: فأربعة أخماسها للغانمين، وخمسها يقسم على خمسة أيضا، فيعزل سهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدفع الباقي إلى ذوي القربى: سهم وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب أغنياء كانوا أو فقراء، للذكر سهمان وللأنثى سهم، وسهم ليتامى المسلمين الفقراء، وسهم لمساكين المسلمين، وسهم لابن السبيل، وهم المسافرون الفقراء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفد في جميع ما يتم به مصلحة المسلمين من المساجد وأرزاق الحكام والفقهاء والأئمة والمؤذنين، والقراء، والثغور، والحصون ونحو ذلك. وأما الفيء فكل ما أخذ من مشرك أو تركه المشرك أو هرب ونحو ذلك. قال الشافعي رحمه الله: يقسم خمسه، وخمس خمسه على خمسة كخمس الغنيمة. وأما أربعة أخماسه فقال في أحد قوليه: أنه لأهل الفيء خاصة، لأنهم يقومون مقامه صلى الله عليه وسلم في خوف العدو وتهيبه. والقول الثاني: أنه يجري مجرى سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا من أهل العلم ممن تقدم الشافعي خمّس الفيء أيضا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 [236- باب الموازاة] 236- باب الموازاة 1515- أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي، قوله: «باب الموازاة» : ويقصد به المفاضلة بين الأنبياء بذكر ما خص به كل واحد منهم من الشرف، بغرض التوصل لمعرفة أفضلهم وأكرمهم عند الله، والأصل فيه قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ الاية، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: فضّلت على الأنبياء بست ... الحديث. قال غير واحد من أهل العلم- منهم الحافظ المزي وابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ-: أول من تكلم في هذا المقام الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه قال: ما أعطى الله نبيّا مثل ما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر بن سوار: أعطى عيسى إحياء الموتى، فقال: أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب إلى جانبه حين بنى له المنبر، فحن الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك. وقد أورد البيهقي في هذا الباب حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين: ما من الأنبياء من نبي إلّا وقد أعطي من الايات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة. وانظر عن هذا الباب في: الدلائل لأبي نعيم الأصبهاني [/ 587- 625] ، دلائل البيهقي [7/ 129] ، الخصائص الكبرى للبيهقي [3/ 110- 125] ، جزء الشمائل من تاريخ ابن كثير [/ 497- 568] ، المواهب اللدنية [2/ 582- 597] ، سبل الهدى والرشاد [10/ 264- 273] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 أنا أبو بكر: محمد بن حمويه بن عباد السراج، ثنا محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر بمكة، ثنا إبراهيم بن صرمة، ..... قوله: «محمد بن حمويه» : الحافظ: أبو بكر السراج، النيسابوري، المعروف بالطهماني لجمعه حديث إبراهيم بن طهمان، كان ثقة، توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. أنساب السمعاني [4/ 88] ، تاريخ بغداد [2/ 293] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 313- ص- 466] . قوله: «محمد بن الوليد بن أبان» : القلانسي، الهاشمي مولاهم، أحد المضعّفين في الحديث، المتهمين بسرقته، سمع منه أبو حاتم، وقال: لم يكن بصدوق، واتهمه ابن عدي بالوضع وقلب الأسانيد والمتون، وضعفه الدارقطني، وجمع الذهبي في ميزانه بينه وبين المخرمي، وقال في المغني: هما واحد، وفرق بينهما الخطيب، وهو الأولى والأشبه. تاريخ بغداد [3/ 331] ، الميزان [5/ 184] ، الجرح والتعديل [8/ 113] ، المغني [2/ 641] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 106] ، الديوان [2/ 44] ، الكامل لابن عدي [6/ 2287] . قوله: «ثنا إبراهيم بن صرمة» : الأنصاري، أبو إسحاق المدني، أحد الضعفاء، شيخه أبو حاتم، وقال ابن صاعد: انقلبت على إبراهيم بن صرمة نسخة ابن الهاد فجعلها عن يحيى بن سعيد في الأحاديث كلها، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه إما أن تكون مناكير المتن، أو تنقلب عليه الأسانيد، وبين على أحاديثه ضعفه. وقال العقيلي: أحاديث هذا الشيخ عن يحيى ليست بمحفوظة من حديث يحيى، فيها شيء يحفظ من حديث ابن الهاد، وفيها مناكير، وليس هو ممن يضبط الحديث، وضعفه الدارقطني والجمهور. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكنّ أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وزوجته عونا على خطيئته. - الكامل [1/ 251] ، الجرح والتعديل [2/ 106] ، الضعفاء للعقيلي [1/ 55] ، الميزان [1/ 38] ، المغني [1/ 17] ، الديوان [1/ 50] . قوله: «عن يحيى بن سعيد» : هو الأنصاري، أحد العلماء الأثبات المجمع عليهم، ونافع: هو أبو عبد الله، مولى ابن عمر أحد فقهاء التابعين. قوله: «فضلت على آدم بخصلتين» : إسناده ضعيف جدّا للراويين المتقدمين. أخرجه من طريق المصنف: البيهقي في الدلائل [5/ 488] وقال: محمد بن الوليد بن أبان في عداد من يضع الحديث. تابعه مكي بن علي الجريري، ومحمد بن أحمد بن الغطريف العبدي عن ابن حمويه، أخرج حديثهما الخطيب في تاريخه [3/ 330- 331] . قال الزبيدي في الإتحاف [5/ 313] : ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي. اهـ وهو في مسنده [3/ 123] رقم 4333. * خالف صالح بن معاذ أبو بشر محمد بن الوليد فقال: عن إبراهيم بن صرمة، ثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة به إلّا أنه ذكر خصلة وقال: ونسيت الخصلة الأخرى، أخرجه البزار في مسنده [3/ 146 كشف الأستار] رقم 2438 قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 225] : فيه إبراهيم بن صرمة وهو ضعيف. قال الزبيدي: الصحيح أن الحديث ضعيف ولا يدخل في حيز الموضوع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 [237- فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام] 237- فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام قال أبو سعد رحمه الله: ما من شرف خص الله به نبيا من أنبيائه إلّا وأعطى رسوله محمّدا صلى الله عليه وسلم من جنسه أفضل منه. 1516- ومنها: أنّ آية آدم عليه السّلام: في سجود الملائكة له، ولم يكن (1516) - قوله: «في سجود الملائكة» : وقال غيره: خلقه الله تعالى بيده، وعلمه الأسماء كلها. قال السيوطي في الخصائص: أما تعليم الله آدم أسماء كل شيء فأخرج الديلمي في مسند الفردوس [4/ 166] رقم 6519 عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كلها. اهـ. قلت: في إسناده كما في زهر الفردوس من لم أعرفه، لكن قد أطلع الله نبينا صلى الله عليه وسلم على كثير من المغيبات والحوادث والكوائن، وأطلعه ليلة الإسراء والمعراج على ملكوته، وأراه من صور القيامة ما هو أعظم وأجل من تعليم الأسماء. وروى الطبراني في معجمه الكبير [3/ 202] رقم 3055 ما هو أمثل من حديث الديلمي إسنادا، فأخرج من حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد مرفوعا: عرضت عليّ أمتي البارحة لدى هذه الشجرة أولها وآخرها، فقال رجل: يا رسول الله هذا عرض عليك من خلق، فكيف عرض عليك من لم يخلق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: صوروا لي في الماء والطين حتى لأنا أعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه، رجاله عن آخرهم ثقات؛ رواه الطبراني من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد: ثنا عقبة بن مكرم، ثنا أبو بكر الحنفي- اسمه: عبد الكبير بن عبد المجيد من جلة- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 حقيقة السجود إلّا لله تعالى ذكره، وكان آدم كالقبلة لهم فيه، والذي أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم من جنس ذلك أنه أمّ ثلاث مائة وعشر رسولا حتى صلوا خلفه ليلة المعراج ببيت المقدس. - تلاميذ مالك- ثنا داود بن الجارود، عن أبي الطفيل به، وداود عداده في صغار التابعين لم أجد من ترجمه، هذه علة إسناده حسب، وقد ساقه بإسناد آخر، لكن الراوي عن أبي الطفيل- وهو زياد بن المنذر- ضعيف الحديث. قوله: «وكان آدم كالقبلة لهم» : حكى الرازي في تفسيره [2/ 230] الإجماع على أن هذا السجود لم يكن سجود عبادة، لأن سجود العبادة لغير الله كفر، والأمر لا يرد بالكفر، ثم حكى قول المصنف وقال: إن ذلك السجود كان لله تعالى، وكان آدم عليه السّلام كالقبلة. قال الفخر في تفسيره- فيما ذكره القسطلاني وغيره- أن الملائكة إنما أمروا بالسجود لادم لأجل النور الذي كان في جبهته، قال القسطلاني: وقال الفاكهاني: عن أبي عثمان الواعظ قال: سمعت سهل بن محمد يقول في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الاية، هذا التشريف الذي شرف الله به محمّدا صلى الله عليه وسلم أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السّلام بأمره الملائكة بالسجود له، لأن الله لم يكن معهم في ذلك التشريف، فتشريف يصدر عنه سبحانه وعن ملائكته والمؤمنين أبلغ من تشريف تختص به الملائكة، زاد السيوطي في الخصائص: وهو أتم وأعم في الإكرام لاستمراره أبدا، أما ذاك فوقع وانقطع. قوله: «أنه أمّ ثلاث مائة وعشر رسولا» : في نسخة أنه أحيا له، وقال غيره: وتولى شرح صدره فتولى بذلك من سيدنا محمد الخلق النبوي، وتولى من آدم الخلق الوجودي. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 1517- وقيل: إن الله تعالى فضله على آدم عليه السّلام، وأن آدم خلقه بلطفه، وخلق نور محمّد صلى الله عليه وسلم، فأمر الرب عزّ وجلّ النور فطاف حول عرشه قبل أن يخلق آدم بخمس مائة عام. - وقد أورد البيهقي في الدلائل في موازاة ما أوتي آدم عليه السّلام حديث عمر بن الخطاب في توسل آدم عليه السّلام بالنبي صلى الله عليه وسلم لما ارتكب الخطيئة، وهو حديث ضعيف الإسناد، وقد تقدم الكلام عليه. (1517) - قوله: «خلفه بلطفه» : أي: أمره كما قال سبحانه: كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الاية. قوله: «وخلق نور محمّد صلى الله عليه وسلم» : يعني: قبل أن يخلق آدم، هذا مراد المصنف كما يتضح من آخر السياق، وتعبيره بقيل يكفيك عن مطالبته الدليل، لكن قد ذكرت لك حديثا قوي الإسناد في هذا الباب في أول أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم. وقد أخرج الترمذي في التفسير من جامعه برقم 3076 وصححه، وابن سعد في الطبقات [1/ 28] ، والحاكم في المستدرك [2/ 325] ، وصححه من حديث أبي هريرة مرفوعا: لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو طالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود ... الحديث. ففيه إثبات النور الذي يرى في الجبهة وبين العينين، وأن وبيصه يختلف من نبي لاخر حسب فضله وأفضليته، وإذا ثبت ذلك للنبي داود عليه السّلام فهو في حق نبيّنا صلى الله عليه وسلم أثبت وأولى للإجماع على أفضليته على سائر الأنبياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 قالوا: وآدم عليه السّلام حين خلق علّم الأسماء كلها ولم يعلّم الملائكة، وجعل ذلك آية لسجود الملائكة. قلنا: وكذلك محمّد صلى الله عليه وسلم كان أميا وأمته كاتبون، وكانت هذه آية له، وقد آتاه الله كتابا جمع له فيه خبر الأولين والاخرين، وفصل الخطاب وهو القضاء بين الناس، ثم أبقى آيته- وهو القرآن- تقرأ إلى يوم القيامة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 [238- فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام] 238- فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام ولئن رفع إدريس عليه السّلام إلى السماء، فقد رفع محمّد صلى الله عليه وسلم إلى الحجب، فشاهد ما لم يعاينه أحد، قال الله عزّ وجلّ: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ الاية، وقال: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الاية. 1518- قالوا: قد أطعم إدريس بعد وفاته من الجنة، وقد أطعم محمّد صلى الله عليه وسلم في الدنيا، فقيل له: إنك تواصل يا رسول الله، قال: إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، فكم بين من أطعم في حياته وبين من أطعم بعد وفاته. (1518) - قوله: «بعد وفاته من الجنة» : قد أعطي ذلك من هو أدنى مقاما من الأنبياء: الشاهداء، أخبر الله بذلك في كتابه فقال: بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ الاية. قوله: «إني لست كأحدكم» : تقدم تخريجه في خصائصه صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 [239- فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام] 239- فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام وأعطى الله نوحا عليه السّلام جري السفينة على الماء، واليوم تجري السفينة للكافر والمؤمن، وأعطي نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم جري الحجر على الماء، وذلك أبلغ في الأعجوبة. 1519- فروي: أنه صلى الله عليه وسلم دعا عكرمة بن أبي جهل إلى الإسلام فقال: لا حتى تريني آية- وكان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير ماء حوله أحجار-، فقال صلى الله عليه وسلم: ائت ذلك الحجر، فقل: إن محمدا يدعوك، فذهب إليه وقال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يدعوك، فجرى الحجر على وجه الماء حتى انتصب قائما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علم أن جري الحجر على الماء أبلغ في باب الإعجاز من جري الخشب على الماء. قالوا: إن قوم نوح لما بالغوا في إيذائه والاستخفاف به، وتركوا الإيمان به دعا عليهم نوح عليه السّلام فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ (1519) - قوله: «إنه صلى الله عليه وسلم دعا عكرمة» : تقدمت قصة إسلامه وأنه من مسلمة الفتح، وقد أورد القصة الشيخ القسطلاني في المواهب، وكأنه اقتبسها من المؤلف ولم أقف عليها مسندة، وفيما تقدم من الايات في تكليمه صلى الله عليه وسلم الأحجار، وإطاعة الأشجار من الأحاديث الصحيحة المسندة غنى وكفاية. قوله: «دعا عليهم نوح عليه السّلام» : قال أبو نعيم رحمه الله في الدلائل: وكم لنبيّنا صلى الله عليه وسلم من دعوة مجابة، منها- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً الاية، فاستجاب الله دعوته وشفا غيظه بإهلاك قومه. وقد نال محمّد صلى الله عليه وسلم من المحن والنكبات والاستخفاف حتى أنزل الله ملك الجبال وأمره أن يطيع محمّدا صلى الله عليه وسلم فيما يأمره به من إهلاك قومه، فاختار صلى الله عليه وسلم الصبر على أذاهم. - دعوته على الذين وضعوا السلا على ظهره، وقد دعا بالمطر عند القحط فهطلت السماء بدعائه، قال: وزاد نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن نوح عليه السّلام بأنه في مدة عشرين سنة آمن به ألوف كثيرة، ودخل الناس في دينه أفواجا، وأقام نوح في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما فلم يؤمن به إلّا دون المائة نفس. قال السيوطي في الخصائص [3/ 112] : ومما أوتيه نوح عليه السّلام تسخير جميع الحيوانات له في السفينة، وقد سخرت أنواع الحيوانات لنبيّنا صلى الله عليه وسلم، ونوح كان السبب في نزول الحمى إلى الأرض، ونبينا صلى الله عليه وسلم نفى الحمى من المدينة إلى الجحفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 [240- فصل: فيما أوتيه إبراهيم الخليل عليه الصّلاة والسّلام] 239- فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام 1520- أعطي إبراهيم عليه السّلام تسخير النار، فكانت له معجزة، وروي عن الزهري قال: سخر لإبراهيم عليه السّلام نار الدنيا، ... (1520) - قوله: «فكانت له معجزة» : بأن جعلها الله بردا وسلاما عليه فلم تحرقه كما قال تعالى: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (69) الاية، والفرق بين ظاهر، بين ما أوتيه إبراهيم عليه السّلام وبين ما أوتيه نبيّنا صلى الله عليه وسلم، فإن الله باشر الأمر للنار بنفسه، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم سخرت له المخلوقات فجعلت رهن إشارته وأمره، فكان يباشر الأمر بنفسه، كما سيأتي في التعليق التالي. قوله: «وروي عن الزهري» : لم أقف عليه. قوله: «سخر لإبراهيم عليه السّلام نار الدنيا» : وسخرها لنبيّنا صلى الله عليه وسلم أيضا، وطوعها له، وزاده عليه بأن جعله الله سبحانه الامر لها. أخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 248] ، قال: أخبرنا يحيى بن حماد، أنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به، ويمر يده على رأسه فيقول: يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية مرسل، رجاله ثقات، وأبو بلج الفزاري وسط لم يتفق على توثيقه، قال الحافظ في التقريب: صدوق ربما أخطأ. وانظر التعليق التالي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 ويقال لنار جهنم: كوني مطاوعا لمحمّد صلى الله عليه وسلم، أحرقي من يأمرك بإحراقه، وكفي عمن يأمرك بالكف عنه، فسخر الله لنبيّنا صلى الله عليه وسلم نار الاخرة، ونار الدنيا جزء من مائة جزء منها. 1521- وقيل: إن بإزاء إبراهيم حين ألقي في النار فبرد الله عليه النار، ما أعطي محمّدا صلى الله عليه وسلم حين امتحنه بالذراع المشوي المسموم فقال: لا تأكلني يا رسول الله فإني مسموم. قوله: «ويقال لنار جهنم» : يعني حين يعطى النبي صلى الله عليه وسلم مقام الشفاعة يوم القيامة، ففي حديث أنس المخرج في الصحيحين: أن الله يحد له حدا فيخرجهم من النار ويدخلهم الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: ثم أعود فأقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما يبقى في النار إلّا من حبسه القرآن؟ أي: وجب عليه الخلود- ... الحديث، وفي حديث سلمان عند ابن أبي شيبة أنه صلى الله عليه وسلم يشفع في كل من كان في قلبه مثقال حبة من حنطة من إيمان، أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان، فذلكم المقام المحمود، وفي حديث ابن عباس: حتى إن خازن النار ليقول يا محمد ما تركت لغضب ربك في أمتك من نقمة.. الحديث. فمما أوردناه في التعليقين: هذا والذي قبله يتبين لك أن الله طوع له نار الدنيا والاخرة، والله أعلم. قوله: «جزء من مائة جزء» : كذا هنا، وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة بلفظ: «جزء من سبعين جزآ من نار جهنم» ، ولم أقف على اللفظ المذكور، لكن قال الحافظ في الفتح: هي رواية لأحمد، والجمع: بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص، أو أن الحكم للزائد. (1521) - قوله: «لا تأكلني يا رسول الله» : تقدمت القصة في أبواب المعجزات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 والقصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من فتح خيبر أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مسمومة، وكانت قد سألت: أي عضو إلى رسول الله من الشاة أحب؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها السم، وسمّت سائر الشاة، ثم جاءت بها فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتناول الذراع ثم قال: إن هذا الذراع ليخبرني إنه مسموم، ثم دعا بالمرأة فاعترفت، فقال لها: ما حملك على ذلك؟ قالت قلت: إن كنت نبيا لا يضرك ذلك، وإن كنت ملكا استراح الناس منك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند موته: ما زالت أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان انقطاع أبهري. فقيل: إن هذه الاية بإزاء آية إبراهيم في تبريد النار عليه، لأنها منعت مضرة الإحراق، وهاهنا منع مضرة السم، ثم زيد له حتى كلمه الذراع المشوي، قالوا: فمنع النار الظاهرة عن خليله فقال: كُونِي بَرْداً وَسَلاماً الاية، ومنع نار الباطن عن حبيبه- وهو السم- فكلمه الذراع فقال: لا تأكلني فإني مسموم. وقالوا: إن إبراهيم عليه السّلام خصّ بالخلّة، قال تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية، فكان أفضل من محمّد صلى الله عليه وسلم. قوله: «فقيل إن هذه الاية بإزاء» : ذكر هذا الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن حامد في دلائله في معرض كلامه في الموازاة، نقلها عنه الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 525] ، ولعل ابن حامد اقتبسها من المصنف لتقدمه عليه، وقصة الشاة المسمومة وإخبار الذراع مخرجة في الصحيحين كما تقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 قلنا: وكذلك اتخذ الله محمدا حبيبا وخليلا، ومن جمع له بين الخلة والمحبة كان أفضل ممن خص بالخلة، والحبيب ألطف من الخليل، ولا شك أن الأنبياء كلهم عليهم السّلام وأممهم تحت رايته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهو يشفع لهم. واختلف الناس في الفرق بين الحبيب والخليل، فقال بعضهم: الفرق بين الحبيب والخليل أنه لا يكون حبيبا حتى يكون خليلا، قوله: «اتخذ الله محمدا حبيبا وخليلا» : لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتقدم في جامع أبواب فضله صلى الله عليه وسلم حين تسمّع صلى الله عليه وسلم قول الصحابة في مفاضلتهم بين الأنبياء وقولهم: عجبا إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ... قال صلى الله عليه وسلم: ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وفي حديث عمرو بن قيس: إني قائل قولا غير فخر: إبراهيم خليل الله، وموسى صفي الله، وأنا حبيب الله ... الحديث. خرجناهما في المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 49، 57- فتح المنان- وتكلمنا على إسناديهما. قال الحافظ البيهقي في الشعب [2/ 183] : اتخذ الله محمدا حبيبا بدلالة الكتاب، وهو قوله عزّ وجلّ: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ الاية، قال: فإذا كان اتباعه يفيد للمتبع محبة الله عزّ وجلّ فالمتبع بها يكون أولى، ودرجة المحبة فوق درجة الخلة. قوله: «تحت رايته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة» : لحديث ابن عباس المشار إليه وحديث غيره أيضا: وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة، تحته آدم فمن دونه ولا فخر. قوله: «لا يكون حبيبا حتى يكون خليلا» : قال الإمام الحليمي رحمه الله في الشعب [2/ 119] في معرض مفاضلته: درجة المحبة فوق درجة الخلة، فكل حبيب خليل، وليس كل خليل حبيبا، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 وقد يكون خليلا غير حبيب، كما أن الرسول يكون نبيا، ويكون النبي نبيا غير رسول. ويقال: الخليل الذي يكون فعله برضا الله كفعل إبراهيم، والحبيب الذي فعل الله برضاه ومراده، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد تحويل القبلة حول الله القبلة على مراده، قال تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها الاية، وقال تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية. ويقال: الخليل الذي يكون بعضه متعلقا بالدنيا، وبعضه متعلقا بالعقبى، وبعضه متعلقا بالمولى، والحبيب: الذي يكون بجملته متعلقا بالمولى. ويقال: الخليل الذي يمتحنه ثم يجتبيه من قول الله عزّ وجلّ: - واتخاذ الله إبراهيم خليلا إنما هو على أعداء زمانه لا على غيره من النبيين، حين لم يكن في الدنيا نسمة تعرف الله، وحين كان الكفر قد طبق الأرض، فلما أمره ونهاه وظهرت منه الطاعة، وابتلاه فوجد منه الصبر، كان يومئذ خليله، وأهل الأرض كلهم أعداءه لأنه كان المطيع ومن سواه من الناس عصاة. اهـ بتصرف واختصار، حيث أطال البحث في هذا فأفاد وأجاد رحمه الله. قوله: «ولسوف يعطيك ربك فترضى» : وقال تعالى: وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى الاية، قرأ أبو بكر ابن عياش والكسائي: ترضى بضم التاء، وفيها معنى لا يخفى، ومن السنة قول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك، وذلك لما نزل قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ الاية، والحبيب: الذي اصطفاه أولا، من قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ الاية، يعني به: محمّدا صلى الله عليه وسلم. ويقال: الخليل الذي أنس بذكر ربه، والحبيب الذي أنس بربه. ويقال: الخليل الذي منه انتظار العطاء، والحبيب الذي منه انتظار اللقاء. ويقال: الخليل الذي يصل إليه بالواسطة، من قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) الاية، والحبيب الذي يصل إليه بلا واسطة، من قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية. ويقال: الخليل الذي تكون مغفرته في حد الطمع، قال الله عزّ وجلّ حاكيا عن إبراهيم: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) الاية، والحبيب الذي تكون مغفرته في حد اليقين من غير سؤال، من قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية. وأيضا: فإن الخليل قال: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) الاية، وقال الله للحبيب: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ الاية. قوله: «والحبيب الذي منه انتظار اللقاء» : ذكر هذا كله الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن حامد في دلائل النبوة، فكأنه اقتبسه من المصنف رحمه الله لتقدمه عليه، نقله الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 520- 521] ، وروى البيهقي- في الشعب [2/ 184]- جزآ منه عن أبي عبد الرحمن السلمي وهو في طبقة المصنف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 وأيضا: قال الخليل في حال المحنة: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الاية، وقال الله للحبيب في حال المحنة: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) الاية. وأيضا: فإن الخليل قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، وقال الله للحبيب: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (7) الاية. وأيضا: فإن الخليل قال: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ الاية، وقال الله للحبيب بغير سؤال: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ الاية. وأيضا: فإن الخليل قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ الاية، وقال الله للحبيب: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً الاية. والخليل قال: وَأَرِنا مَناسِكَنا الاية، وقال للحبيب بغير سؤال: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا الاية. وسأل الخليل فقال: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) الاية، وقال للحبيب: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) الاية. وقال الله جلّ جلاله حاكيا عن إبراهيم عليه السّلام: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) الاية، قال بعض المفسرين: ثناء حسنا، وقال بعضهم: خلقا صالحا، وقال بعضهم: ذكرا باقيا. قوله: «أرنا مناسكنا» : وفي صريح السنة وصحيحها يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم، تقدم تخريجه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 1522- فكان النبي صلى الله عليه وسلم الخلف الصدق من أبيه، والذكر الباقي لأسلافه كما قال جلّ جلاله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ الاية، أي: شرف لك وصيت لهم. وقيل: الفرق بين الحبيب والخليل: قال الخليل: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ الاية، وقال للحبيب: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الاية. ويقال: الخليل: الذي يعبده على الخوف مثل إبراهيم عليه السّلام كان إذا صلّى سمع وجيب قلبه من ميلين، قال تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ الاية. والحبيب الذي يعبده على المحبة والروية. ويقال: الخليل الذي يقول: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، (1522) - قوله: «أي: شرف لك» : تقدم تخريجه في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، ووقع في نسخة: قضيت لهم، بدل: وصيت لهم. قوله: «وجيب قلبه» : أي خفقاته واضطرابه، وأصل الوجب: السقوط، والجبة: صوت الشيء إذا سقط كالهدّة. قوله: «الذي يعبده على المحبة والروية» : شاهده من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد أشفقت عليه طول قيامه صلى الله عليه وسلم: أفلا أكون عبدا شكورا، أخرجاه في الصحيحين، وقال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (79) الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 والحبيب يقول: لولا الله ما اهتدينا، وقال الله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (7) الاية، وقال: إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ الاية. والخليل الذي يكون مريدا، والحبيب الذي يكون مرادا. والخليل عطشان، والحبيب ريّان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأم من العبادة، قام حتى تورمت قدماه، فقيل له: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية. 1523- وكان صلى الله عليه وسلم مشغوفا بقراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، فقالت الجهلة: إن ابن أبي كبشة يحب مولاه أبدا بقراءة نسبته: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية. وإن إبراهيم كان طالبا، قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، والحبيب كان مطلوبا، قال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ الاية، أسرى به من غير طلب. فإن قيل: لم أظهر خلة إبراهيم ولم يظهر محبته رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قوله: «لولا الله ما اهتدينا» : وفي التنزيل أيضا: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً. قوله: «فقيل له طه» : تقدم في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن. (1523) - قوله: «كان مشغوفا بقراءة» : لم أقف عليه هكذا، لكن قد حث صلى الله عليه وسلم على قراءتها وأخبر أنها تعدل ثلث القرآن، أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد انسب لنا ربك! فأنزل الله عزّ وجلّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، صححه ابن خزيمة والحاكم وغيرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 والجواب من وجهين: أحدهما: أنه أثبت المحبة لمتبعه، فكيف للمتبوع؟ قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية. والجواب الثاني: ما قاله الجنيد: إذا أحببته شهرك ونادى عليك، وإذا أحبك سترك وغار عليك. قالوا: إنّ إبراهيم كسر أصنام قومه غضبا لله عزّ وجلّ. قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم كسر عن الكعبة ثلثمائة وستين صنما وأذلّ من عبدها بالسيف. قوله: «والجواب من وجهين» : روي هذا عن جعفر بن محمد، فأخرج البيهقي في الشعب [2/ 184] ، من حديث علي بن موسى الرضا، عن أبيه عنه في قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية، قال: أظهر اسم الخلة لإبراهيم عليه السّلام لأن الخليل ظاهر في المعنى، وأخفى اسم المحبة لمحمّد صلى الله عليه وسلم لتمام حاله، إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه، بل يحب إخفاءه وستره لئلا يطلع عليه أحد سواه، ولا يدخل أحد بينهما، فقال لنبيه وصفيه محمّد صلى الله عليه وسلم لما أظهر له حال المحبة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، أي: ليس الطريق إلى محبة الله إلّا اتباع حبيبه، ولا يتوسل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيبه وطلب رضاه. قال البيهقي: قال أبو عبد الرحمن السلمي: الحبيب يوجب لمتبعه اسم المحبة لذلك لم يوقع عليه هذا الاسم، فإن حاله أجل من أن يعبر عنه بالمحبة، لأن متبعيه استحقوا هذا الاسم بمتابعته، ألا ترى الله عزّ وجلّ يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، والخليل لا يوجب اتباعه الخلة لذلك أطلق له اسم الخلة. قوله: «فكيف للمتبوع» : يعني: هي له أثبت وهو بها أولى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 [241- فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام] 241- فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام قالوا: أعطى الله موسى عليه السّلام فلق البحر، والبحر من ملكوت الأرض الدنيا. قلنا: وأعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم شق القمر، والقمر من أنوار الفلك، ومن ملكوت السماء، وذلك أبلغ في باب الإعجاز. وأعطى موسى عليه السّلام انفجار الماء من الحجر، واليوم يتفجر الماء من الأحجار. 1524- ولكن قد روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأصابهم عطش فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتور من ماء وجعل يده في وسطه، وجعل الماء ينبع من تحت أصابعه حتى استقى العسكر كلهم ورويت قوله: «أعطى الله موسى عليه السّلام فلق البحر» : قال أبو نعيم: وقد أوتي نظيره بعض أمته من بعده- لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحتج إلى اجتياز بحر ... وهو العلاء بن الحضرمي لما كان بالبحرين واضطر إلى عبور البحر، فعبر هو وأصحابه مشيا على الماء ولم يبل لهم ثوب. اهـ. أخرجها الطبراني في معاجمه الثلاثة، قال في مجمع الزوائد [9/ 373] : في إسناده إبراهيم بن معمر الهروي والد إسماعيل لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. (1524) - قوله: «ولكن قد روى جابر» : حديثه في الصحيحين، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحت رقم 28. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 الدواب، فقيل لجابر: كم كنتم؟ قال: ألفا وستمائة، وهذا أعجب من تفجير الماء من الحجر، لأن انفجار الماء من اللحم والدم أعجب من خروجه من الحجر. قالوا: إن موسى عليه السّلام أعطي اليد البيضاء. 1525- قلنا: قد أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه وهو أن نورا كان يضيء عن يمينه حيث ما جلس، فكان يراه الناس كلهم، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة. قالوا: وإن كان موسى عليه السّلام أكرمه الله بأن أنزل له عمودا من السماء يضيء لهم ليلهم ويرتفع نهارهم. قوله: «أعجب من خروجه من الحجر» : قال أبو نعيم في الدلائل: لأن نبع الماء من الحجر معهود، فالحجر سنخ من أسناخ الماء، مشهور في المعلوم، مذكور في المتعارف، لكن ما روي قط ولا سمع في ماضي الدهور بماء نبع وانفجر من آحاد بني آدم حتى صدر عنه الجم الغفير من الناس وحتى روي الحيوان، وانفجار الماء من الأحجار ليس بمنكر ولا بديع، وخروجه وتفجيره من بين الأصابع معجز بديع. اهـ. باختصار وتصرف يسير. (1525) - قوله: «أن نورا كان يضيء عن يمينه» : ذكر هذا الإمام الفقيه أبو محمد: عبد الله بن حامد في دلائل النبوة له- ولعله اقتبسه من المصنف لتقدمه عليه-، نقله عنه الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ وقال: هذا الذي ذكره من هذا النور غريب جدّا. اهـ. قلت: وقد تقدم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها فقدت إبرة لها في ليلة مظلمة فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم التمستها فوجدتها، خرجناها في الاية في وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 1526- قلنا: ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى بعض أصحابه عصا يضيء أمامه وبين يديه، فأعطى قتادة بن النعمان عرجونا فكان العرجون يضيء أمامه عشرا. وقالوا: قد كلم الله موسى تكليما وناجاه وخاطبه، وألقى الألواح إليه. - وذكر الحافظ ابن كثير في المقابل قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم آية تكون له عونا على إسلام قومه فسطع نور بين عينيه كالمصباح فقال: اللهمّ في غير هذا الموضع فإنه يظنونه مثلة، فتحول النور إلى طرف سوطه، فجعلوا ينظرون إليه كالمصباح فهداهم الله على يديه ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدعائه لهم، وقوله: اللهمّ اهد دوسا وأت بهم، فكان يقال للطفيل: ذو النور لذلك. وفي صحيح البخاري قصة أسيد بن حضير وعباد بن بشر وخروجهما من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف عصا أحدهما، فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف عصاه. قال الحافظ ابن كثير: وروى الحافظ أبو زرعة الرازي في دلائل النبوة من حديث محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه قال: سرنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء دحمسة فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم وإن أصابعي لتستنير. (1526) - قوله: «يضيء أمامه عشرا» : روى الحديث أبو سعيد الخدري في سياق طويل في فضل العراجين، وفي ساعة الجمعة، وفيه: ثم هاجت السماء من تلك الليلة، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الاخرة برقت برقة، فرأى قتادة بن النعمان فقال: ما السرى يا قتادة؟ قال: علمت يا رسول الله أن شاهد الصلاة قليل، فأحببت أن أشهدها، قال: فإذا صليت فاثبت حتى أمر بك، فلما انصرف أعطاه العرجون، وقال: خذ هذا فسيضيء أمامك عشرا، وخلفك عشرا، فإذا دخلت البيت وترائيت سوادا في زاوية البيت فاضربه قبل أن يتكلم فإنه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 قلنا: وقد دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب العزة دنوا لم يدن موسى ولا أحد من المرسلين عليهم السّلام ولا الملائكة المقربون لقوله عزّ وجلّ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية. قالوا: وأعطى الله موسى عليه السّلام إلقاء العصا فاستحالت حيّة. قلنا: فقد نطقت الشاة المسمومة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمته أنها مسمومة، فمصير الشاة المشوية ناطقة أعجب من مصير العصاحية. - شيطان، قال: ففعل ... الحديث. أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 65] ، والبزار في مسنده [1/ 296 كشف الأستار] رقم 620، وأبو نعيم في الدلائل برقم 505، وصححه ابن خزيمة برقم 881. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 167] ، بعد أن عزاه لأحمد والبزار: رجالهما رجال الصحيح. وقد مضى الحديث في فصل آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات والكوائن، شاهده فيه إخباره صلى الله عليه وسلم بالشيطان في بيت قتادة، وأنه في إحدى زوايا بيته، وانظر التعليق المتقدم قبله. قوله: «وقد دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب العزة» : قال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: قال شيخنا- يعني: ابن الزملكاني-: وأما أن الله كلم موسى تكليما فقد تقدم حصول الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء مع الرؤية، هو أبلغ. اهـ. قال ابن كثير معلقا: ويشهد له: فنوديت يا محمد قد كلّفت فريضتين، وخففت عن عبادي ... قال: وسياق بقية القصة يرشد لذلك، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك، لكن رأيت في كلام القاضي عياض نقل خلاف فيه فالله أعلم، قال: وأما الرؤية ففيها خلاف مشهور بين الخلف والسلف، ونصرها من الأئمة: أبو بكر: محمد بن إسحاق بن خزيمة المشهور بإمام الأئمة، واختار ذلك القاضي عياض والشيخ محيي الدين النووي، وجاء- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 1527- وروي عن بعض الصحابة قال: بينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس يتذاكرون فضل النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاهم يهودي فقال: يا أمة محمّد صلى الله عليه وسلم ما تركتم للأنبياء درجة ولا للمرسلين فضيلة إلّا وجعلتموها لنبيكم صلى الله عليه وسلم، فقال علي رضي الله عنه: إن كنتم تزعمون أن موسى بن عمران كلمه ربه عزّ وجلّ على طور سيناء، فإن الله عزّ وجلّ كلّم محمّدا صلى الله عليه وسلم في السماء السابعة: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) . قال: ولئن زعمت النصارى أن عيسى عليه السّلام أبرأ العميان وأحيا الموتى بإذن الله عزّ وجلّ، فإن محمّدا صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش إحياء ميت نقيض عيسى ابن مريم إذ كان، دعاني النبي صلى الله عليه وسلم ثم وشحني ببرده السحاب، ثم قال: يا علي، انطلق مع القوم إلى المقابر فأحيي لهم بإذن الله عزّ وجلّ ما سألوك من آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وعشائرهم، فانطلقت معهم، فدعوت الله عزّ وجلّ باسمه الأعظم، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عزّ وجلّ. ثم قال: وإن محمّدا صلى الله عليه وسلم قد فعل ما هو أكثر من هذا، إن أبا قتادة بن ربعي الأنصاري شهد وقعة أحد، .... - عن ابن عباس تصديق الرؤية، وجاء عنه تفنيدها، وكلاهما في صحيح مسلم. اهـ. وقد تقدم البحث بأكثر من هذا. (1527) - قوله: «فقال علي رضي الله عنه» : في صحة نسبة هذا الخبر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب نظر، لما سيأتي، ولم أقف عليه عند غيره. قوله: «إن أبا قتادة بن ربعي الأنصاري» : اسمه: الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو، وهو الذي قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 فأصابته طعنة في عينه فبرزت حدقته، فأخذها بيده ثم أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن امرأتي الان تبغضني، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من يده ثم وضعها مكانها، فلم تكن تعرف إلّا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى. - أخرجه مسلم في الجهاد والسير من حديث سلمة الطويل في قصة خيبر. قوله: «فأصابته طعنة في عينه» : كذا يقول، وفيه نظر، فإن الذي أصابته عينه يوم أحد قتادة بن النعمان وقد تقدم ذلك في المعجزات، فأما أبو قتادة فإنما أصيب في وجهه، وكان ذلك يوم ذي قرد حين أغير على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصل القصة في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع المشار إليه في التعليق قبل هذا، وأخرج القصة الواقدي في مغازيه [2/ 544- 545] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 480] ، وأخرجها من طرق بألفاظ: الطبراني في معجمه الصغير [2/ 152] ، والبيهقي في الدلائل [4/ 190- 193] . قال الواقدي: حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن أبي قتادة قال: أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قرد فنظر إليّ فقال: اللهمّ بارك في شعره وبشره، وقال: أفلح وجهك، قلت: ووجهك يا رسول الله، قال: قتلت مسعدة؟ قلت: نعم، قال: فما هذا الذي بوجهك؟ قلت: سهم رميت به يا رسول الله، قال: فادن، فدنوت منه، فبصق عليه، فما ضرب علي قط ولا قاح. الواقدي عمدة في الأخبار والمغازي، ولكنه متروك الحديث، وللقصة طرق أخرى تثبت صحتها، وإنما اخترت سياق الواقدي للفظه المختصر، والقصة مذكورة في ترجمته من كتب الصحابة. انظر عن أبي قتادة بن ربعي في: المعجم الكبير للطبراني [3/ 270] ، طبقات ابن سعد [6/ 15] ، تاريخ ابن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 1528- وروي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصف النهار إذ أقبل ثلاثة نفر من أصحابه فقالوا: ندخل يا رسول الله؟ فصيّر ظهره إلى ظهري، ووجهه إليهم، فقال الأول منهم: يا محمد زعمت لنا أنك خير من إبراهيم، وإبراهيم اتخذه الله عزّ وجلّ خليلا، فأي شيء اتخذك الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك! أكفر بعد إيمان؟ اتخذني الله عزّ وجلّ صفيّا، والصفي أقرب من الخليل. قال: فقام الثاني فقال له: يا محمد زعمت لنا أنك خير من موسى، وموسى كلمه الله عزّ وجلّ تكليما، وأنت متى كلمك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويلك، موسى كلمه الله عزّ وجلّ في الأرض، من وراء حجاب، وأنا كلمني ربي تحت سرادق عرشه. قال: فقام إليه الثالث فقال له: زعمت لنا أنك خير من عيسى، وعيسى أحيا الموتى، وأنت لم تحيي شيئا؟ قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى تصابّ عرقا، وصفق بيديه وصاح: يا علي يا علي، فإذا علي رضي الله عنه مشتمل بشملة له وهو يقول: لبيك لبيك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أين كنت يا علي؟ فقال: كنت في بستان أنضح على نخلي إذ سمعت صوتك وتصفيقك، فقال له: ادن مني، فو الذي نفس محمد بيده ما ألقى الصوت- عساكر [67/ 141] ، أسد الغابة [6/ 250] ، الإصابة [11/ 320] ، مسند الإمام أحمد [4/ 383، 5/ 295] ، تهذيب الكمال [34/ 195] ، تهذيب التهذيب [12/ 224] ، المستدرك للحاكم [3/ 480] ، التاريخ الكبير [2/ 258- 259] ، الجرح والتعديل [3/ 74] ، كنز العمال [13/ 617] ، سير أعلام النبلاء [2/ 449] . (1528) - قوله: «وروي عن أم سلمة» : لم أقف عليه، والظاهر أنه موضوع، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 في مسامعك إلّا جبريل، قال: فأقبل علي رضي الله عنه يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيه حتى أدخله في قميصه، وأخرج رأسه من جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كلمه بكلمات لم أسمعها، ثم قال له: قم يا حبيبي، والبس قميصي هذا، فانطلق بهم إلى قبر يوسف بن كعب فأحيه لهم بإذن محيي الموتى. قالت أم سلمة: فخرجوا أربعة معا، واتبعت آثارهم حتى انتهى بهم إلى بقيع الغرقد، فانتهى بهم إلى قبر دارس، فدنا منه وتكلم بكلمات وأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدّع القبر، ثم أمره الثالثة، وركله برجله، فقال له: قم بإذن محيي الموتى، فإذا شيخ ينفض التراب عن رأسه ولحيته وهو يقول: ويلكم! أكفر بعد إيمان؟ أنا يوسف بن كعب صاحب أصحاب الأخدود، أماتني الله منذ ثلثمائة وستين عاما حتى كانت الساعة، فإذا هاتف يهتف ويقول: قم فصدق سيد ولد آدم محمّد صلى الله عليه وسلم فقد كذب، فقال بعضهم لبعض: ارجع بنا لا يعلم بنا صبية قريش فيرجمونا بالحجارة، وقالوا: نشدناك يا علي لما رددته، قال: فتكلم بكلام لا أفهمه، فإذا الرجل قد رجع إلى قبره، وسوّي عليه التراب، ورجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 [242- فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام] 242- فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام قالوا: إن داود عليه السّلام بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه. 1529- وقد أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه، وهو أنه كان إذا قام إلى صلاته سمع من صدره أزيز كأزيز المرجل، وقد أمّنه الله من عقابه، فأراد أن يخشع لربه ببكائه، ولكي يقتدى به، ولقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه من قيام الليل، وحتى عوتب عليه فأنزل الله تعالى: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية. (1529) - قوله: «كأزيز المرجل» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 25، 26] ، وأبو داود في الصلاة، باب البكاء في الصلاة، والترمذي في الشمائل برقم 315، والنسائي في السهو، باب البكاء في الصلاة، والبيهقي في الدلائل [1/ 357] ، جميعهم من حديث مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وهو قائم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل، صححه ابن حبان، والحاكم، وابن خزيمة. قوله: «فأنزل الله تعالى طه» : تقدم نقل أقوال المفسرين في الاية في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، لكن هذا الذي ذكره المصنف- من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبكي حتى يغشى عليه- منكر جدا لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالت عائشة: لم تصنع هذا- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 1530- وكان صلى الله عليه وسلم يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله، أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا. قالوا: وليّن الله لدواد عليه السّلام الحديد حتى كان يأخذ الحديد فيمده كيف شاء، ثم يكون في يده مثل الشمع، فيجعل منه الحلق والبدن. قلنا: فقد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة أم معبد وهي يابسة فتخلصت لبنا. - يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟ لفظ البخاري في التفسير، باب لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية، وفيهما أيضا من حديث المغيرة قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم حتى ترم قدماه- أو ساقاه- فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا؟ لفظ البخاري في التهجد، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا ما روي في سبب سؤالهم لا لأجل أنه كان يبكي حتى يغشى عليه، وما في الصحيحين أصح وأولى بالإثبات، والله أعلم. (1530) - قوله: «ضرع شاة أم معبد» : تقدمت القصة في حديث الهجرة، وقد أجاب غيره بأن الله قد ألان له الصخر، وقد مرت قصة الكدية التي اعترضت الصحابة وهم يحفرون الخندق فلم يقدروا على كسرها، حتى قام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ربط على بطنه من شدة الجوع، فضربها ثلاث ضربات فعادت كثيبا أهيل، قال ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: لا شك أن انسيال الصخر التي لا تنفعل ولا بالنار أعجب من الحديد الذي إن أحمي لان، كما قال الشاعر: فلو أن ما عالجت لين فؤادها ... فقسا استلين به للان الجندل والجندل: الصخر، فلو أنه أشد قوة من الصخر لذكره هذا الشاعر المبالغ، وقد قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 1531- وقال الواقدي: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار فبلغ الجبل وجده انفرج، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم الغار، فهذا مثل فلق البحر وتليين الحديد. - قَسْوَةً الاية، قال: وحاصله أن الحديد أشد امتناعا في الساعة الراهنة من الحجر ما لم يعالج، فإذا عولج انفعل الحديد ولا ينفعل الحجر. اهـ. قوله: «مثل فلق البحر وتليين الحديد» : أشار إلى هذا الحافظ أبو نعيم في الدلائل فقال: فإن قيل: فقد لين الله تعالى لداود الحديد حتى سرد منه الدروع السوابغ، قلنا: قد لينت لمحمّد صلى الله عليه وسلم الحجارة وصم الصخور فعادت له غارا استتر بها من أعين المشركين، ويوم أحد مال برأسه إلى الجبل ليخفي شخصه عنهم، فلين الله له الجبل حتى أدخل فيه رأسه، قال: وهذا أعجب لأن الحديد تلينه النار، ولم نر النار تلين الحجر، وكذلك في بعض شعاب مكة حجر من جبل أصم استروح في صلاته إليه فلان له الحجر حتى أثر فيه بذراعيه وساعديه وذلك مشهور يقصده الحجاج ويزورونه، وعادت الصخرة ببيت المقدس ليلة أسري به صلى الله عليه وسلم كهيئة العجين، فربط بها دابته البراق، يلمسه الناس إلى يومنا هذا باق. اهـ. قال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ معلقا على هذا: هذا الذي أشار إليه من يوم أحد وبعض شعاب مكة غريب جدّا، ولعله قد أسنده هو فيما سلف، وليس ذلك بمعروف في السيرة المشهورة، وأما ربط الدابة في الحجر فصحيح، والذي ربطها جبريل كما هو في صحيح مسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 [243- فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام] 243- فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام قالوا: إن سليمان عليه السّلام أعطي مركبا من الريح. قلنا: وأعطي نبيّنا صلى الله عليه وسلم من جنسه: البراق، حتى بلّغه في ساعة سدرة المنتهى فما فوقها، فهذا أعجب من ذهاب الريح لسليمان مقدار شهرين بيوم واحد. وقالوا: إن سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده. قلنا: وقد أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه: 1532- عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا فردها، فأعطاه الله الكوثر، وهو أصل حوضه لسقي الخلق منه، وأعطاه الشفاعة، وهي (1532) - قوله: «عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا فردها» : جاء هذا في حديث أبي مويهبة المتقدم في باب وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه: يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة، قال: قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، فقال: لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي والجنة ... الحديث، وقد تقدم. وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا: بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي، قال أبو هريرة: وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها، لفظ البخاري في الجهاد والسير، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وقد تقدم أيضا في الباب الذي قبله: جامع أبواب فضله صلى الله عليه وسلم. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 أعظم من ملك الدنيا بأسرها سبعين مرة، ووعده الله المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والاخرون. وقالوا: إن سليمان سخر له الجن، فقد علمنا أنها كانت مسخرة، وكانت مع ذلك تعتاص عليه حتى يصفدها ويعذبها. قلنا: قد أتت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم راغبة طائعة له معظمة لشأنه، فامنت به وصدقته واتبعت أمره وتضرعت إليه في الزاد حتى أجابهم إلى ذلك، قال الله عزّ وجلّ وقد قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ الاية. - وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 327- 328] ، من حديث أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: أوتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق عليه قطيفة سندس، صححه ابن حبان برقم 6364- الإحسان-. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 509- 510] رقم 11849، وابن أبي حاتم في التفسير [8/ 2666] رقم 14991، وابن جرير كذلك [18/ 186- وصورته عنده صورة المرسل] ، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن مردويه- كما في الدر المنثور [6/ 238]- من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن خيثمة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أعطيناك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطاه أحد بعدك، ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئا، وإن شئت جمعتها لك في الاخرة؟ قال: اجمعها لي في الاخرة، فأنزل الله تبارك وتعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) الاية. قوله: «قد أتت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم» : انظر التعليق على النص المتقدم برقم: 1495. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 نقول: إن كان سليمان عليه السّلام علمه الله منطق الطير، فقد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاركه في علم ذلك. 1533- ألا ترى أنه قد جاءه بعير فشكى إليه أهله، فعلم شكواه. 1534- وكذلك روي أن بعض الطيور- وهي الحمرة- فجعت بأخذ ولدها، فجاءته وجعلت ترفرف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (1533) - قوله: «قد جاءه البعير فشكى إليه» : تقدم ما يتعلق بهذا في أبواب الدلائل، فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات. (1534) - قوله: «فجعت بأخذ ولدها» : أخرج أبو داود في الجهاد، باب كراهية حرق العدو بالنار، رقم 2675، وأعاده في الأدب برقم 5268، والبيهقي في الدلائل [6/ 32] ، وأبو نعيم- وليس في المختصر المطبوع، وأبو الشيخ في العظمة فيما ذكره السيوطي في الخصائص- من حديث ابن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فمررنا بشجرة فيها فرخا حمرة فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي تعرض فقال: من فجع هذه بفرخيها؟ قال: فقلنا: نحن، قال: ردوهما، قال: فرددناهما إلى مواضعهما، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 239] ، وأقره الذهبي في التلخيص. قال البيهقي: كذا في كتابي: تعرض، وقال غيره: تفرش، يعني: تقرب للأرض وترفرف بجناحيها. وفي مغازي الواقدي [1/ 398] ، من حديث جابر بن عبد الله قال: إنا لمع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فأقبل أبواه أو أحدهما حتى طرح نفسه بين يدي الذي أخذ فرخه، فرأيت- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 أيكم فجع هذه بفرخيها؟ فقال رجل من القوم: أنا أخذت فرخيها، فقال صلى الله عليه وسلم: ارددها. - الناس عجبوا من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا الطائر؟ أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه، والله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 [244- فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام] 244- فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام ومن معجزات صالح عليه السّلام أن خرجت له ناقة عشراء من بين صخرة صماء. 1535- وقد خرج لنبيّنا صلى الله عليه وسلم رجل من وسط الجبل يدعو له ويقول: اللهمّ ارفع له ذكرا، اللهمّ أوجب له أجرا، اللهمّ احطط له وزرا. وقالوا: أخرج الله تعالى لصالح ناقة فجعلها لقومه عبرة، لها شرب ولقومه شرب يوم معلوم. قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، وذلك أن ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تشهد له بالنبوة. 1536- ومحمّد صلى الله عليه وسلم بينما يسير في بعض غزواته إذا هو ببعير دنا منه فقال: يا رسول الله إن فلانا استعملني حتى إذا كبرت وعمرت (1535) - قوله: «وقد خرج لنبيّنا صلى الله عليه وسلم رجل» : لم أقف عليه. قوله: «ما هو أفضل من هذا» : وقال أبو نعيم: بل هو أبلغ. اهـ. ثم ذكر نحو كلام المصنف من أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي شهادة الحيوانات له بالرسالة والنبوة، وقد تقدم قصة الذئب، والغزالة، والبعير الناد، والضب، وتقدم تسليم الأحجار له أيام بعثته صلى الله عليه وسلم، وإطاعة الأشجار له صلى الله عليه وسلم. (1536) - قوله: «بينما يسير في بعض غزواته» : تقدم في أبواب الدلائل، فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 يريد ذبحي، فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوهبه فوهبه منه وخلاه. 1537- ومثله ما ذكر في قصة بئر رومة التي اشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه فاقتسمها بين المسلمين والمشركين على أن للمسلمين يوما ولهم يوم، فكان يستقي منها في يوم المسلمين ما يكفيهم ليومين، ولا يزيد في يوم المشركين على ما كان قبله. (1537) - قوله: «في قصة بئر رومة» : تنسب لصاحبها رومة الغفاري، قال ابن عبد البر: كانت ركية ليهودي يبيع ماءها من المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري رومة فيجعلها للمسلمين، يضرب لدلوه في دلائهم، وله بها شرب في الجنة؟ فأتى عثمان اليهودي فساومه بها، فأبى أن يبيعه كلها، فاشترى عثمان نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله للمسلمين، فقال له عثمان: إن شئت جعلت لنصيبي قربين، وإن شئت فلي يوم ولك يوم، فقال: بل لك يوم ولي يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك، قال: أفسدت علي ركيتي، فاشتر النصف الاخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم، [وفا السمهودي 2/ 970] ، وأصل قصة البئر في الصحيحين، تأتي في فضائله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 [245- فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكريّاء عليه السّلام] 245- فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكريّاء عليه السّلام قالوا: إن يحيى بن زكرياء أوتي الحكم صبيا وأوتي الفهم، وكان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم. قلنا: قد أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل، لأن يحيى عليه السّلام لم يكن في عصره أوثان ولا جاهلية، ومحمّد صلى الله عليه وسلم أوتي الحكم والفهم في صباه وهو بين الأوثان، فلم يرغب لهم في صنم، ولم يسمع منه كذب، وعرف فيما بينهم بالصدق والأمانة والحكم، وكان يواصل الصوم، وكان يبكي من خشية الله حتى يبتل مصلاه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قوله: «أوتي الحكم صبيا» : ذكر قريبا من كلام المصنف: أبو نعيم في الدلائل وزاد مسألة فقال: فإن قيل: فقد أثنى الله على يحيى فقال: وَسَيِّداً وَحَصُوراً الاية، والحصور: الذي لا يأتي النساء، قلنا: إن يحيى كان نبيا ولم يكن مبعوثا إلى قومه، وكان منفردا بمراعاة شأنه، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى كافة الناس ليقودهم ويحوشهم إلى الله عزّ وجلّ قولا وفعلا، فأظهر الله به الأحوال المختلفة والمقامات العالية المتفاوتة ليقتدي كل الخلق بأفعاله، فاقتدى به الصديقون في جلالتهم، والشاهداء في مراتبهم، والصالحون في اختلاف أحوالهم، ليأخذ العالي والداني والمتوسط والمسكين من فعاله قسطا وحظا، إذ النكاح من أعظم حظوظ النفس وأبلغ الشهوات، فأمر بالنكاح، وحث عليه لما جبل الله عليه النفوس. اهـ. باختصار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 [246- فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام] 246- فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام قالوا: وأعطى الله تعالى عيسى إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص. قلنا: فقد أعطى نبيّنا صلى الله عليه وسلم إحياء الشاة المسمومة حتى كلمته وقالت: لا تأكلني فإني مسمومة. 1538- وروي أن معاذ بن عفراء تزوج امرأة فقيل لها: إن بجنبه برصا، فكرهت المرأة أن تزف إليه، فجاء معاذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكشف لي عن جنبك، فكشف له عن جنبه، فمسحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود فذهب البرص عنه. 1539- وجاءت امرأة ومعها عكة سمن وأقط، ومعها بنت فقالت: يا رسول الله ولدت هذه كمهاء، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا فمسح به عينيها فأبصرتا. (1538) - قوله: «وروي أن معاذ بن عفراء» : كذا هنا، وأوردها القسطلاني في المواهب فقال: وروي أن امرأة معاذ بن عفراء- وكانت برصاء- فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليها بعصا فأذهب الله البرص منها، عزاه للرازي، ولعله الأولى لاتفاقهما على ذكر العصا في القصة. (1539) - قوله: «ولدت هذه كمهاء» : لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 وإن كان المسيح عليه السّلام أتي بطعام من السماء أكله الحواريون. فقد أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام من الجنة فأكله، أتاه به جبريل عليه السّلام. وإن كان المسيح عليه السّلام أبرأ الأكمه والأبرص. 1540- قلنا: فرسول الله صلى الله عليه وسلم أبرأ صاحب السّلعة. قوله: «فقد أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام من الجنة» : انظر النص المتقدم برقم: 1492 والتعليق عليه. (1540) - قوله: «صاحب السّلعة» : في الباب عن عبد الرحمن بن شرحبيل، وأبي سبرة. أما حديث عبد الرحمن بن شرحبيل فأخرجه البخاري في تاريخه [4/ 250]- واللفظ له- ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 176] ، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 367] ، قال عبد الرحمن: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وبكفي سلعة، قلت: يا رسول الله هذه السّلعة قد آذتني، تحول بيني وبين قائم السيف أن أقبض عليه وعنان دابتي! فقال: ادن مني، فدنوت منه، فقال: افتحها، ففتحتها فنفث في كفي، ووضع كفه على السّلعة، فما زال يصلحها بكفه حتى رفع عنها وما أدري أين أثرها. قلت: رجال إسناده مذكورون في الكتاب، ليس فيهم من يضعف في الحديث. وأما حديث أبي سبرة فقال البيهقي في الدلائل [6/ 176] : قرأت في كتاب الواقدي أن أبا سبرة قال: يا رسول الله إن بظهر كفي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فجعل يضرب على السّلعة ويمسحها، فذهبت، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإبنيه ... الحديث. الواقدي حاله معروف مشهور في الحديث. والسّلعة: غدة تظهر بين الجلد واللحم تتحرك إذا غمزت باليد وتشعر بالألم مع ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 1541- وأتاه رجل وبه أدرة فقال: إن هذه الأدرة تمنعني عن التطهر والوضوء، فدعا بماء فبرّك فيه وتفل فيه، ثم أمره أن يقبض منه عليه، ففعل الرجل فأغفى إغفاءة فانتبه فإذا هي قد تقلصت. 1542- وأصيبت عين قتادة بن النعمان في بعض غزواته مع النبي صلى الله عليه وسلم فسقطت عينه على وجنته فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت أحدّهما بصرا وأحسنهما عينا. ويقال: إن كان المسيح عليه السّلام أحيا الميت بإذن الله عزّ وجلّ. 1543- فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحيي له النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم وكلمهم وعيّرهم بكفرهم وطغيانهم، وناداهم بأسمائهم وأعيانهم وأسماء آبائهم. (1541) - قوله: «وأتاه رجل وبه أدرة» : الأدرة: فتق في إحدى الخصيتين، ويقال أيضا: انتفاخ في الخصية، وخصية أدراء: إذا كانت عظيمة. والحديث أورده القاضي عياض في الشفاء بلا إسناد، وسكت السيوطي عنه فلم يعزه لأحد في المناهل، لكن أشار إليه ابن الأثير في الغريب [1/ 31] . (1542) - قوله: «وأصيبت عين قتادة» : تقدمت قصته في أبواب الدلائل برقم: 1244، 1264. (1543) - قوله: «أحيي له النفر الذين قتلوا يوم بدر» : أخرج البخاري في المغازي، ومسلم في صفة أهل الجنة والنار من حديث قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى واتّبعه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 قالوا: إن عيسى عليه السّلام أمات شهوته في نفسه فأحيا الله ميتا بإذنه ودعوته. قلنا: قد جعل الله للنبي صلى الله عليه وسلم حياة القلوب، قال تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الاية. وكما أن عيسى عليه السّلام يبرئ الأكمه، كذلك كان للنبي صلى الله عليه وسلم. 1544- وذلك أنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم أخوان أحدهما أعمى والاخر أخرس فدعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم فأبصر الأعمى وتكلم الأخرس. - أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلّا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة وحسرة وندما، لفظ البخاري في المغازي، باب قتل أبي جهل، حديث رقم 3976. (1544) - قوله: «أحدهما أعمى والاخر أخرس» : لم أقف على هذا، لكن شواهده كثيرة مذكورة في باب آياته صلى الله عليه وسلم في إبراء المرضى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 [247- فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام] 247- فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام قالوا: فإن يعقوب عليه السّلام عظم في الخير نصيبه، وجعل الأسباط من سلالة صلبه، ومريم ابنة عمران من بناته، والهداة من ذريته، قال الله تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ الاية. قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم أعظم بالخير نصيبا، وأوفر حظّا وأرفع ذكرا: 1545- جعلت فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من ذريته، وأعطي صلى الله عليه وسلم الكتاب المحفوظ، لا يغير ولا يبدل، وأوجب الله على الخلق الاقتداء بسنته، وفتح عليه باب الحكمة، فهل من فضيلة أعظم من هذه؟. (1545) - قوله: «سيدة نساء العالمين» : أخرج الشيخان من حديث عائشة أنها سألت فاطمة عما أسر إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أسر إليّ أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلّا قد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت، فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة- أو: نساء المؤمنين-؟ فضحكت لذلك، لفظ البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام. قوله: «والحسن والحسين من ذريته» : وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بما أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 391] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 96] ، والترمذي في المناقب برقم 3783، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 95] رقم 8365، جميعهم من- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 وقالوا: إن يعقوب عليه السّلام صبر على فراق ولده حتى كاد أن يكون حرضا من الحزن. قلنا: كان حزنه على ولده حزن تلاق ومضض واشتياق، ووجد وفراق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فجع بأولاده، خصوصا بقرّة عينه إبراهيم في حياته، فصبر محتسبا، ووفى بصدق الاختيار مستسلما: 1546- فقال صلى الله عليه وسلم: العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. في كل ذلك ينهج صلى الله عليه وسلم سبيل الرضا عن الله عزّ وجلّ والاستسلام له في جميع أحكامه وأحواله، يدلّك عليه قول الله عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب عليه السّلام: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ الاية، فقد أصابه من الوجد ما أصابه بفقد ابن واحد من بنين كثيرة، ومحمّد صلى الله عليه وسلم فقد ابنه إبراهيم ولم يكن له سواه فلم يصبه مع ذلك جزع، وكان صلى الله عليه وسلم موصوفا بالرأفة والرحمة، فبان صبره على صبر يعقوب عليه السّلام. - حديث حذيفة بن اليمان: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه فإذا عارض قد عرض له، ثم ذهب فرآني فقال: حذيفة؟ فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: هل رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: نعم، قال: فإنه ملك من الملائكة استأذن ربه ليسلم عليّ وليبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب الجنة، وأن فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة، صححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2228. (1546) - قوله: «وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» : أخرجاه في الصحيحين بنحوه من حديث أنس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 [248- فصل: فيما أوتيه يوسف عليه السّلام] 247- فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام قالوا: وقد أوتي يوسف عليه السّلام شطر الحسن. قلنا: لم يكن جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم دون جماله: 1547- ألا ترى إلى قول الربيع بنت معوذ بن عفراء حين سألها محمد بن عمار بن ياسر عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لو رأيته لرأيت الشمس طالعة. وقالوا: إن يوسف عليه السّلام قاسى مرارة الفرقة، وامتحن بالغربة، وابتلي بمفارقة أبويه وإخوته ووطنه. قلنا: ورسول الله قاسى مرارة الغربة، وفارق الأهل والعشيرة، فخرج مهاجرا من حرم الله وأمنه ومسقط رأسه، وموطن آبائه اضطرارا لا اختيارا. 1548- وإنه صلى الله عليه وسلم وقف على الثنيّة وحوّل وجهه إلى مكة، وقال: إني لأعلم أنك أحب البقاع إلى الله عزّ وجلّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت. (1547) - قوله: «لرأيت الشمس طالعة» : أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في المسند الجامع، باب: في حسن النبي صلى الله عليه وسلم. وخرجناه في شرحنا له تحت رقم 63- فتح المنان، وانظر فصل: الاية في وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم في باب صفته صلى الله عليه وسلم. (1548) - قوله: «إني لأعلم أنك أحب البقاع إلى الله» : إسناده صحيح وهو في كتاب السير من مسند أبي محمد الدارمي، وخرجناه تحت رقم 2669- فتح المنان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 1549- فلما بلغ صلى الله عليه وسلم الجحفة أنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ الاية. وقالوا: فإن يوسف عليه السّلام ألقي في الجب. قلنا: ورسول الله صلى الله عليه وسلم حبس نفسه في الغار مخافة عدوه، حتى قال لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا. (1549) - قوله: «فلما بلغ الجحفة أنزل الله تعالى» : قاله الضحاك، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3026] رقم 17205. ولفظه: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله تبارك وتعالى عليه: لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ الاية، إلى مكة. وأصله في صحيح البخاري، فأخرج في التفسير من حديث عكرمة، عن ابن عباس في هذه الاية قال: إلى مكة. قوله: «مخافة عدوه» : الذي أعتقده أن إطلاق مثل هذا اللفظ لا يليق ومقام النبوة، وما سمعنا قط أن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى أو احتجب عن عدوه خوفا، وقد كان يتعبد الله أمامهم تجاه الكعبة يبصرهم ويبصرونه، وكيف يخاف صلى الله عليه وسلم وهو يقول لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا؟ إنما كان الغار محطة سفر له صلى الله عليه وسلم، وقد حجبه الله عن أعين المشركين وهو بينهم فأعمى أبصارهم. وقد مر في باب عصمة الله نبيه قصة امرأة أبي لهب حين جاءت أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم معه فلم تره. فتأمل مع ما خرجناه في الباب قبله بإسناد على شرط مسلم من حديث أنس مرفوعا: فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وشدة البطش وكثرة الجماع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 [249- فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السّلام وما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم] 249- فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السّلام وما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم اعلم أن الله تبارك وتعالى أعطى الصفوة لادم عليه السّلام، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً الاية. وأعطى الرفعة لإدريس عليه السّلام، قال تعالى: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا الاية. وأعطى الإجابة لنوح عليه السّلام، قال الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) الاية. والفداء لإسماعيل عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ الاية. والخلة لإبراهيم عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية. والحلم لإسحاق عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ الاية. والعلم والحكم للوط عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً الاية. وتعبير الرؤيا ليوسف عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ الاية. والقرب لموسى عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 والخلافة لداود عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ الاية. والفهم والعطاء لسليمان عليه السّلام، قال عزّ وجلّ: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ الاية، وقال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ الاية. والحكمة ليحيى عليه السّلام، قال عزّ وجلّ: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا الاية. وصحبة الملائكة والرفعة لعيسى عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ الاية. وأعطى محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين ستة أشياء: أولها: حسن الخلق، قال الله عزّ وجلّ: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية. ثانيها: العصمة، قال الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الاية. ثالثها: النصرة، قال الله عزّ وجلّ: وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً الاية. رابعها: الفضل، قال الله عزّ وجلّ: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً الاية. خامسها: المحبة، قال الله عزّ وجلّ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية. سادسها: القرب والوصلة، قال الله عزّ وجلّ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 1550- روي عن ابن عباس أن محمدا صلى الله عليه وسلم ويوسف عليه السّلام تقارعا في صلب آدم عليه السّلام. فصار الحسن والجمال ليوسف عليه السّلام. وصار البهاء والنور، والشرف، والقوة والشجاعة، والزهد والتواضع والخضوع، والشفاعة، والقرآن، والناقة، والهراوة، والسيف والقضيب، والنعل والغمامة، والرضا واليقين والقنوع، ولواء الحمد، والكرسي، والمنبر الرفيع، والحوض المورود، والكأس الأوفى، والاسم الحسن، والذكر الرفيع، والحسب الشريف، والنسل الكريم، والأزواج المطهرات، والوجه الصبيح، والقلب القنوع، والبدن الصابر، والكرم الظاهر، والايات الفاضلات، والكلمات المنزلات، والمعجزات الباهرات، والحج والإحرام، والجهاد والرباط، وصوم رمضان، والأشهر الحرم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والكعبة والشفاعة، وكل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. 1551- وقيل: ماء الصلابة لموسى عليه السّلام، ولبن المودة لسليمان عليه السّلام، وخمر العبرة لعيسى عليه السّلام، وعسل مصفى لمحمد صلى الله عليه وسلم، فكان للعسل فضل على جميع الحلوى، فكذلك فضل محمّد صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء، وهذا على قوله عزّ وجلّ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى الاية. (1550) - قوله: «روي عن ابن عباس» : لم أقف عليه. قوله: «والجهاد في سبيل الله» : هكذا تكرر الجهاد وقد ذكر قبل مع الرباط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 1552- وقيل: قرّب الله تعالى نبيه محمّدا صلى الله عليه وسلم منه، وبيّن في كتابه فقال: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى الاية، قال: من الوتر إلى العروة أو من القبضة إلى الوتر، جعل الإله محمّدا صلى الله عليه وسلم أقرب من ذلك حيث قال: أَوْ أَدْنى الاية، فلا يهتدي أحد قرب الخالق من محمّد صلى الله عليه وسلم إلّا الله تعالى، فإنه عرّف الخلق قربه ثم قال: أَوْ أَدْنى الاية، لئلا يعرف مخلوق كم قدر الأدنى. وأيضا قال: خلقت شيئا خلفا بعد آدم لحفظ وصية آدم، يا محمد حفظتك وأمتك من شفير جهنم لئلا تقعوا فيها، قال تعالى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها الاية، يا محمد حبست آدم في السماء الدنيا وقرّبتك، وجعلت لنوح الفلك وجعلت لك البراق، وجعلت إبراهيم خليلا وجعلتك حبيبا، والحبيب أقرب إلى الخليل، وجعلت الكبش فداء لإسماعيل، وأجعل يوم القيامة اليهود والنصارى والمجوس قوله: «وأيضا قال» : يعني الله عزّ وجلّ، ولعل ذلك في الكتاب المتقدمة. قوله: «وجعلتك حبيبا» : ومن المرفوع في هذا المعنى ما جاء في حديث أبي هريرة في سياقه الطويل لقصة الإسراء عند ابن جرير في التفسير [15/ 6، 11] ، وابن أبي حاتم في التفسير [7/ 2309] رقم 13184، والبيهقي في الدلائل [3/ 397] ، والبزار [1/ 38 كشف الأستار] رقم 55، وفيه: فكلمه الله تعالى عند ذلك فقال له: سل، فقال صلى الله عليه وسلم: اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما، وكلمت موسى تكليما، وأعطيت داود ملكا عظيما، وألنت له الحديد وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكا عظيما، وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 فداك يا محمد، وكلمت موسى على طور سيناء وكلمتك من فوق العرش، وخلصت يونس من بطن الحوت، وخلصت أمتك من ظلمة القبر واللحد، وأنجيهم يوم القيامة من الظلمة، قال تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ الاية. - من بعده، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل، فقال له ربه: وقد اتخذتك خليلا وحبيبا، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك، فلا أذكر إلّا ذكرت معي، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس، وجعلت أمتك وسطا، وجعلت أمتك هم الأولين والاخرين، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم يقضى له، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك الكوثر، وأعطيتك ثمانية أسهم: الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلتك فاتحا وخاتما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فضلني ربي: أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وألقى في قلب عدوي الرعب مني مسيرة شهر، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا، وأعطيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعرضت عليّ أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع. 2- ومن شواهده ما أخرجه أبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [3/ 163]-، من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السماوات، قلت: يا رب إنه لم يكن نبي قبلي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 ......... - إلّا وقد أكرمته، جعلت إبراهيم خليلا، وموسى كليما، وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال: أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله؟ أن لا أذكر إلّا ذكرت معي، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرأن القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة، وأنزلت إليك كلمة من كنوز عرشي: لا حول ولا قوة إلّا بالله. 3- وأخرج ابن عساكر في تاريخه- كما في الخصائص الكبرى [3/ 151]-، من حديث سلمان قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: كلم الله موسى تكليما، وخلق عيسى من روح القدس، واتخذ إبراهيم خليلا، واصطفى آدم، فما أعطيت من الفضل؟ فهبط جبريل فقال: إن ربك يقول: إن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وإن كنت كلمت موسى في الأرض تكليما فقد كلمتك في السماء، وإن كنت خلقت عيسى من روح القدس فقد خلقت اسمك من قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة، ولقد وطئت في السماء موطئا لم يطأه- كذا في المطبوع من الخصائص- أحد بعدك، وإن كنت اصطفيت آدم فقد ختمت بك الأنبياء، وما خلقت خلقا أكرم علي منك، وقد أعطيتك الحوض والشفاعة، والناقة والقضيب والتاج والهراوة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود، وتاج الحمد على رأسك معقود، وقرنت اسمك مع اسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرّفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا. 4- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [3/ 134، 155] ، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية [/ 92] ، عن عبادة ابن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فقال: إن جبريل أتاني فقال: اخرج فحدث بنعمة الله التي أنعم بها عليك، فبشرني بعشر لم يؤتها نبي قبلي: أن الله بعثني إلى الناس جميعا، وأمرني أن أنذر الجن، ولقاني- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 1553- قال ابن عباس: أعطى الله محمّدا صلى الله عليه وسلم خلق آدم عليه السّلام، ومعرفة شيث عليه السّلام، وشجاعة نوح عليه السّلام، وصفوة إبراهيم عليه السّلام، ورضا إسحاق عليه السّلام، وحسن يوسف عليه السّلام، وشدّة موسى عليه السّلام، وصبر أيوب عليه السّلام، وطاعة يونس عليه السّلام، وصوت داود عليه السّلام، وفصاحة صالح عليه السّلام، وزهد يحيى عليه السّلام، وعصمة عيسى عليه السّلام، ووقار إلياس عليه السّلام، وحب دانيال عليه السّلام، وجهاد يوشع بن نون عليه السّلام. - كلامه وأنا أمي، قد أوتي داود الزبور، وموسى الألواح، وعيسى الإنجيل، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وأعطاني الكوثر، وأمدني بالملائكة، وآتاني النصر، وجعل بين يدي الرعب، وجعل حوضي أعظم الحياض، ورفع لي ذكري في التأذين، ويبعثني يوم القيامة مقاما محمودا، والناس مهطعين مقنعي رؤوسهم، ويبعثني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل الجنة بشفاعتي سبعين ألفا من أمتي لا يحاسبون، ويرفعني في أعلى غرفة من جنات النعيم ليس فوقي إلّا الملائكة الذين يحملون العرش، وآتاني السلطان، وطيب الغنيمة لي وأمتي ولم تكن لأحد قبلنا. في إسناده ابن لهيعة، وقد عنعنه، وفيه انقطاع بين علي بن رباح وعبادة بن الصامت برجل لم يسم. (1553) - قوله: «قال ابن عباس» : لم أقف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 [ جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم ] جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 [250- باب: في صفة أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] 250- باب: في صفة أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 1554- كان صلى الله عليه وسلم رؤوف القلب، ... قوله: «في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» : أورد فيه المصنف قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، كالشاهد لكلامه الاتي، فجلّه مستفاد من القرآن، مع ما ورد في كتب السنة والسير والشمائل. وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث سعد بن هشام- في حديث طويل- وفيه: فقلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت ... الحديث. (1554) - قوله: «كان صلى الله عليه وسلم رؤوف القلب» : شاهده من القرآن قوله تعالى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، وقوله تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ، فعبّر سبحانه بلو لأنه لم يكن كذلك. أخرج الشيخان من حديث مالك بن الحويرث قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ونحن شببة فأقمنا عنده عشرين ليلة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا ... الحديث. لفظ أبي محمد الدارمي في المسند الجامع، في الصلاة، باب من أحق بالإمامة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 كثير الحياء، واسع الصدر دائم البكاء، طويل الحزن عظيم الرجاء، قليل المنّ كريم الوفاء، دائم الذكر أمين السماء، كاتم السر جزيل العطاء صلى الله عليه وسلم. 1555- وكان صلى الله عليه وسلم لين الجانب قليل الأذى، زين العالم، سراج الهدى صلى الله عليه وسلم. - وخرجناه في شرحه تحت رقم 1365- فتح المنان، وذكرنا قول النووي رحمه الله: ضبطناه- يعني: قوله: رفيقا- في مسلم بقافين، وفي البخاري بوجهين: يعني: رفيقا ورقيقا. قوله: «كثير الحياء» : أخرج الشيخان: البخاري في الأدب برقم 6092، ومسلم في الفضائل من حديث أبي سعيد الخدري، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه صلى الله عليه وسلم. قوله: «واسع الصدر» : إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم سريع الغضب، ولا يعرف طريقه الضجر، وسيأتي في هذا الباب شواهد لذلك. قوله: «قليل المن» : ولو نفاه بالكلية لكان أولى لقوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، أخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 128] رقم 12672، من حديث عطية العوفي، عن ابن عباس في هذه الاية، قال: لا تعطي الرجل عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه، وقد كانت عطاياه صلى الله عليه وسلم على الدوام مما يعجز عن رد مثلها فضلا عن أن يؤمل بأكثر منها، انظر إلى عطاياه يوم هوازن، وتوزيعه مال البحرين وغيره، وإقطاعه القطائع، يتبين لك صحة ما ذكرناه، والله أعلم. قوله: «دائم الذكر» : سيذكر المصنف شواهد لكل ما أجمله بما يغني عن التعليق عليه هنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 1556- وكان صلى الله عليه وسلم ألوفا حليما، ودودا رحيما، مضيافا كريما، وفيا حكيما صلى الله عليه وسلم. 1557- وكان صلى الله عليه وسلم قائما بأمر الله، موفيا لوعد الله، مشمرا في عبادة الله، ملتمسا مرضاة الله صلى الله عليه وسلم. 1558- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطع الشهوات، غافر العثرات، كاتم المصيبات صلى الله عليه وسلم. 1559- وكان صلى الله عليه وسلم صوّام النهار خاشعا منيبا، قوّام الليل خاضعا قريبا، راغبا في الخير منصفا رقيبا، زاهدا في الشر بين أهله رغيبا صلى الله عليه وسلم. 1560- وكان صلى الله عليه وسلم شريف الهمة حبيب الفقراء، لطيف الفطنة طبيب الأغنياء، جميل العشرة تقي الأتقياء، دليل الأئمة لبيب الألباء صلى الله عليه وسلم. 1561- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم الكبير لعظم وقاره، ويقرب الصغير لشدة افتقاره، ويشكر اليسير لقلة اغتراره، ويرحم الأسير لرؤية اضطراره صلى الله عليه وسلم. 1562- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا عند المصاحبة، عدلا عند المقاسمة، سباقا عند المعاملة، شجاعا عند المقاتلة صلى الله عليه وسلم. 1563- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الخطر، طويل الصمت، هيوب المنظر، قليل الضحك، كثير الفكر، باسط الكف، شريف المخبر صلى الله عليه وسلم. (1559) - قوله: «رغيبا» : أصل الرغبة: طلب الشيء والحرص عليه والطمع فيه، وحق له صلى الله عليه وسلم أن يوصف بذلك، فقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن، وفيه يقول سبحانه: وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً الاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 1564- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيح الوجه، كثير التبسم، مليح القول، سجيّ الترنّم، سخيّ النفس، قليل التنعّم، بطيء الغيظ، سريع التحلّم صلى الله عليه وسلم. 1565- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رزين العقل، طيب الكلام، واسع الخلق، قليل الملام، عفيف النفس، بذول السلام، لطيف الطبع، طبيب الأنام صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 [251- فصل: روى سمرة بن جندب] 251- فصل: روى سمرة بن جندب 1566- روى سمرة بن جندب عن كعب الأحبار في ذكر الأنبياء قال: كان محمّد صلى الله عليه وسلم حسن الوجه، حسن اللون، عربي اللسان، فصيح الكلام، بليغا في حاجته، منجحا إذا طلبها، وإذا طلبت إليه كان لها قاضيا. كان صلى الله عليه وسلم يتيما فاواه الله، وضالّا فهداه الله. وكان صلى الله عليه وسلم حسن الوجه، رفيقا في منطقه، رؤوفا رحيما بأمته، عزيزا عليه ما عنتم. أول شافع يوم القيامة، وأول مشفع، وأول داخل الجنة، له صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة يدعو بها لأمته يوم القيامة. وهو صلى الله عليه وسلم أول من يحاسب الحساب في الموقف بين يدي الله الجبار، وقد قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) الاية. 1567- وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس، فقد ملك من أقصى اليمن إلى (1567) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس» : روي مطولا ومختصرا، فأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 197- 198، 198، 203، 204] ، وابن حبان في صحيحه [14/ 291 الإحسان] رقم 6379، والحاكم في المستدرك [4/ 315، 326] ، والطبراني- كما في مجمع الزوائد [10/ 315]-، جميعهم من حديث علي بن رباح قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا، وأنتم أرغب الناس فيها، زاد في رواية: والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلّا كان الذي عليه أكثر من الذي له، فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 شحر عمان إلى أقصى الحجاز، ثم توفي صلى الله عليه وسلم وعليه دين، ودرعه مرهونة في ثمن طعام أهله. 1568- ولم يترك صلى الله عليه وسلم عينا ولا دينارا، ولا بنى دارا، ولا شيّد قصرا، ولا غرس نخلا، ولا شق نهرا، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله. 1569- وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا، كان يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض صلى الله عليه وسلم. - قال الحاكم: صحيح على شرطهما، وقال المنذري في الترغيب والترهيب [4/ 205] : رواته رواة الصحيح، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. قوله: «ودرعه مرهونة في ثمن طعام أهله» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين- يعني: صاعا- من شعير، لفظ البخاري في المغازي، رقم 4467. (1568) - قوله: «ولم يترك صلى الله عليه وسلم عينا ولا دينارا» : أخرج البخاري في الوصايا، باب الوصايا، وفي الخمس، باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وفي الجهاد، باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عمرو بن الحارث قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا، ولا عبدا ولا أمة، ولا شيئا إلّا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضا جعلها صدقة. (1569) - قوله: «كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا» : شواهده الكثيرة تنبئ عن ذلك، منها حديث ابن أبي أوفى الاتي: كان صلى الله عليه وسلم لا يأنف ولا يستكبر- وفي رواية: لا يستنكف- أن يمشي مع العبد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 1570- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا عبد؛ آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد، وأجلس على الأرض. - والأرملة حتى يقضي لهما حاجتهما، يأتي عن المصنف في هذا الباب، وأخرج أبو الحسن بن الضحاك في شمائله- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 102]- بسند ضعيف من حديث أبي سعيد الخدري في صفته صلى الله عليه وسلم: متواضع في غير ذلة. (1570) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا عبد» : في الباب عن عائشة رضي الله عنها، وعن ابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وروي مرسلا ومعضلا عن أيوب ويحيى بن أبي كثير، والحسن البصري، وعمرو بن مرة، وعطاء بن أبي رباح. أما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 318] رقم 4920، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] . وأما حديث ابن عمر، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 157 كشف الأستار] رقم 2469، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 273] . وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1971] . وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 212] . وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 212] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 329- 330] ، جوّد إسناده ابن كثير في تاريخه [6/ 47] . وأما حديث أيوب ويحيى بن أبي كثير، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 415، 417] رقم 19543، 19554 معضلا. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 1571- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت. 1572- وكان صلى الله عليه وسلم يتوسد يده، ........ - وأما حديث الحسن، فأخرجه من طرق عنه: ابن المبارك في الزهد برقم 202، والمروزي في زوائد الزهد برقم 995، والإمام أحمد في الزهد برقم 21، وهناد كذلك برقم 799. وأما حديث عمرو بن مرة، فأخرجه هناد في الزهد له برقم 800. وأما حديث عطاء بن أبي رباح، فأخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 19. (1571) - قوله: «لو دعيت إلى ذراع لأجبت» : أخرج البخاري في الهبة، باب القليل من الهبة، وفي النكاح، باب من أجاب إلى كراع، من حديث أبي هريرة مرفوعا: لو دعيت على ذراع- أو: كراع- لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع- أو: كراع- لقبلت. وأخرج مسلم في النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي، من حديث ابن عمر: إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا. (1572) - قوله: «يتوسد يده» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 290، 298، 303] ، والترمذي في الدعوات، معلقا عقب رقم 3399، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1215، والنسائي في اليوم والليلة برقم 752، 753، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 251] رقم 9360، والطبراني في معجمه الأوسط [2/ 378] رقم 1658، وأبو يعلى في مسنده [3/ 243] رقم 1683، والطيالسي في مسنده برقم 709، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 178] ، جميعهم من حديث أبي إسحاق، عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ثم قال: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 ......... - اللهمّ قني عذابك يوم تبعث عبادك، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5522، 5523. قال أبو عاصم: اختلف فيه على أبي إسحاق على ألوان: 1- فروي عنه، عن البراء كما تقدم. 2- وروي عنه، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 300، 301] ، وعلقه الترمذي عقب رقم 3399، وأخرجه كذلك في الشمائل برقم 252، والنسائي في اليوم والليلة برقم 755، والبغوي في شرح السنة برقم 1310. 3- وروي عنه، عن أبي بردة، عن البراء، أخرجه الترمذي برقم 3399، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 758، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 179] . 4- وروي عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، فقيل: عن أبيه ابن مسعود، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 394، 400، 414، 443] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 756، وابن ماجه في الدعاء برقم 3877، وأبو يعلى في مسنده [3/ 243] رقم 1682، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 176] . قال البوصيري في مصباح الزجاجة: رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا قاله غير واحد. * وقيل: عن أبي عبيدة، عن البراء، ورجل آخر عن البراء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 281] ، والترمذي في الشمائل برقم 252، وعلقه في الدعوات، والنسائي في اليوم والليلة برقم 754، 757، وأبو يعلى [3/ 261] رقم 1711، 1712. رواه أيضا الربيع بن لوط، عن البراء، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 760. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 ويلعق أصابعه، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويصلح ما يخصه، ويمتهن أهله صلى الله عليه وسلم. - وفي الباب أيضا: عن حذيفة بن اليمان، عند الترمذي في الدعوات برقم 3398. قوله: «ويلعق أصابعه» : أخرج مسلم- واللفظ له- في الأشربة، رقم 2032 (131، 132) ، وأبو داود في الأطعمة برقم 3848، وأحمد في المسند [3/ 454] ، والترمذي في الشمائل برقم 135 وغيرهم من حديث كعب بن مالك قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه الثلاث من الطعام، وفي لفظ آخر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، ويلعق يده قبل أن يمسحها، وفي لفظ آخر: كان يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها. قوله: «ويرقع ثوبه، ويخصف نعله» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 260] رقم 20492، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 167] . وأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 106، 121، 260] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 539، 540، وأبو يعلى في مسنده [8/ 117] رقم 4653، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 20] ، جميعهم من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته- لفظ عبد الرزاق-، وأصله في صحيح البخاري من حديث الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله- تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة، أخرجه في الأذان برقم 676، وفي النفقات برقم 5363. وله طرق كثيرة عن عائشة رضي الله عنها، وفيما ذكرنا غنى وكفاية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 1573- وكان صلى الله عليه وسلم يلبس العباء، ويجالس المساكين، ويمشي في الأسواق صلى الله عليه وسلم. 1574- ولا أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط، ولا أكل وحده قط صلى الله عليه وسلم. 1575- ولا ضرب صلى الله عليه وسلم عبده قط، ولا ضرب صلى الله عليه وسلم بيده إلّا في سبيل الله. (1573) - قوله: «ويجالس المساكين» : فيه حديث ابن أبي أوفى: كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع العبد والأرملة حتى يقضي لهما حاجتهما، يأتي. وله شواهد أخرى تأتي في هذا الباب، منها ما أخرجه أبو الحسن بن الضحاك في شمائله بسند ضعيف- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 102]- من حديث أبي سعيد الخدري في صفته: متواضع في غير ذلة. (1574) - قوله: «ولا أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط» : أخرج البخاري في الأطعمة، باب الأكل متكئا من حديث أبي جحيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا آكل متكئا، وفي لفظ آخر: لا آكل وأنا متكئ. قوله: «ولا أكل وحده قط» : انظر النصين الاتيين برقم 1732، 1734 والتعليق عليهما. (1575) - قوله: «ولا ضرب صلى الله عليه وسلم بيده إلّا في سبيل الله» : أخرج البخاري في الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله برقم 6786، وفي باب كم التعزير والأدب، رقم 6853، ومسلم في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للاثام، رقم 2327 (79) ، 2328، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما إلّا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 1576- وكان صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه، لم ير صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط ملء فيه صلى الله عليه وسلم. 1577- وما عاب صلى الله عليه وسلم مضجعا، إن فرشوا له اضطجع ما يفرش له، وإن لم يفرش اضطجع على الأرض. - فينتقم من صاحبه إلّا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عزّ وجلّ، لفظ مسلم، واقتصر البخاري منه على ما يتعلق بالحدود، وهو شطره الأخير. (1576) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 41] ، وأبو داود في الديات، باب القود من الضربة، وقص الأمير من نفسه، رقم 4537، والنسائي في القسامة، باب القصاص من السلاطين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه، وأخرج أبو داود برقم 4536، والنسائي في القسامة، باب القود في الطعنة، من حديث أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسما، أقبل رجل فأكب عليه فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه، فخرج بوجهه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال فاستقد، فقال: بل عفوت يا رسول الله. قوله: «لم ير صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط ملء فيه» : أخرج البخاري في تفسير سورة الأحقاف برقم 4828، وفي الأدب، باب التبسم والضحك، رقم 6092، ومسلم في الاستسقاء، 899 (16) من حديث عائشة رضي الله عنها قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يبتسم. واللهواة: جمع لهاة، وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك. (1577) - قوله: «ما عاب صلى الله عليه وسلم مضجعا» : بهذا اللفظ أورده الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 361] ، قال الحافظ- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 قالوا: وكان ذلك أمره صلى الله عليه وسلم: لا يعيب على أحد شيئا صنعه لم يكن يحب أن يصنعه، ولا في ترك شيء تركه أحد كان يحب أن لا يترك، فيما بينه وبين الناس، فأما في حقوق الله أو فيما بين الناس بعضهم في بعض فليس عنده صلى الله عليه وسلم هوادة، ولا عبرة لقريب ولا بعيد. 1578- روى مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليّ امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه عباءة مثناة، فانطلقت فبعثت إليّ بفراش حشوه الصوف، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: - العراقي في تخريجه: لم أجده بهذا اللفظ، والمعروف: ما عاب طعاما، ويؤخذ من عموم حديث علي بن أبي طالب: ليس بفظ ... إلى أن قال ولا عياب، قال: رواه الترمذي في الشمائل، والطبراني، وأبو نعيم في دلائل النبوة، قال: وروى ابن أبي عاصم في كتاب السنة من حديث أنس: ما أعلمه عاب شيئا قط. اهـ. قلت: لو ثبت عن أنس بهذا اللفظ لكان عمومه أولى من عموم حديث علي بن أبي طالب المذكور، لكنه عند ابن أبي عاصم بلفظ: ما عاب عليّ شيئا قط، يعني من خدمته كما يفهم من أول سياقه إذ قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين ... الحديث. (1578) - قوله: «روى مسروق عن عائشة» : أخرج الحديث: الإمام أحمد في الزهد له برقم 76، والحسن بن عرفة في جزءه برقم 20، وابن سعد في الطبقات [1/ 465] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 345] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 166- 167] ، والخطيب في تاريخه [11/ 102] ، جميعهم من حديث عباد بن عباد المهلبي، عن مجالد، عن الشعبي، عنه به، وعده الحافظ الذهبي من مناكير مجالد، وأورده أيضا في ترجمة عباد من سير أعلام النبلاء، انظر: السير [6/ 286- 287، 8/ 295- 296] . - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 ما هذا يا عائشة؟ فقلت: فلانة الأنصارية دخلت عليّ فرأت فراشك فذهبت وبعثت إليّ بهذا، فقال صلى الله عليه وسلم: ردّيه، قالت: فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال: ردّيه يا عائشة فو الله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة. - وقد روي عن عائشة رضي الله عنها من وجه آخر، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 318] رقم 4920، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683، من حديث أبي معشر- واسمه نجيح بن عبد الرحمن، ضعف-، عن سعيد المقبري، عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا ... الحديث، حسنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 [252- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكلّ خير من إنذار بعذاب أو تبشير برحمة] 252- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكلّ خير من إنذار بعذاب أو تبشير برحمة 1579- فكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضبا وأسرع رضا. 1580- وكان صلى الله عليه وسلم أرأف الناس بالناس، وخير الناس للناس، وأنفع الناس للناس. (1579) - قوله: «أبعد الناس غضبا» : أي أنه لا يغضبه شيء، وهذا في حديث ابن أبي هالة الطويل المتقدم تخريجه، وفيه: كان لا يغضبه شيء ولا يستفزه شيء.. الحديث، وكيف لا يكون كذلك صلى الله عليه وسلم وهو القائل: ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى جمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا ... الحديث بطوله. أخرجه الترمذي في الفتن برقم 2191، والإمام أحمد في المسند [3/ 19] ، كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري. (1580) - قوله: «أرأف الناس» : في «ب» : أرق الناس، وشاهد اللفظة في الصحيحين من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه المتقدم ذكره في أول الباب، واللفظ الوارد هنا أورده بتمامه الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 363] . قال الحافظ العراقي في تخريجه: هذا من المعلوم، وقد رويناه في الجزء- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 1581- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إليه أحسنهم صنيعا إلى عياله. - الأول من فوائد أبي الدحداح من حديث علي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. كأن الحافظ العراقي يشير إلى حديث علي بن أبي طالب الطويل وهو بنحو سياق حديث ابن أبي هالة، وفيه قوله: أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة ... الحديث بطوله، أخرجه مطولا ومفرقا جماعة، منهم: الترمذي في المناقب، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3638، وقال: حسن غريب، ليس إسناده بمتصل، وابن سعد في الطبقات [1/ 411- 412] ، والبيهقي في الدلائل مفرقا [1/ 270- 271] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 261] ، والبغوي في الأنوار برقم 460، وفي شرح السنة برقم 3707. وفي صحيح مسلم: كان أرحم الناس بالعيال، وفي رواية: بالصبيان، وفي رواية بجمعهما، قال الإمام النووي: وروي بالعباد، وكل منها صحيح وواقع. (1581) - قوله: «الخلق كلهم عيال الله» : في الباب عن أنس، وابن مسعود، وابن عباس، بأسانيده ضعيفة. أما حديث أنس، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 398 كشف الأستار] رقم 1949، والحارث في مسنده [2/ 857 بغية الباحث] رقم 911، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [6/ 65، 106] رقم 3315، 3370، وابن عدي في الكامل [7/ 2610، 2611] ، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 24، والبيهقي في الشعب [6/ 43، 44] رقم 7445، 7446، 7447، والطبراني في مكارم الأخلاق رقم 87، 210، جميعهم من حديث يوسف بن عطية- ضعيف بمرة- عن ثابت، عن أنس. وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 105] رقم 10033، وابن عدي في الكامل [5/ 1810] ، و [6/ 2340] ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 1582- وكان صلى الله عليه وسلم أفضل الناس خلقا، وأبسطهم وجها، وأطيب الناس نفسا بالخير، وأجود الناس كفا، ما سأله أحد شيئا فأباه، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده وعد. - وأبو نعيم في الحلية [2/ 102، 4/ 237] ، والبيهقي في الشعب برقم 7448، 7449، والخطيب في تاريخه [6/ 334] ، جميعهم من حديث موسى بن عمير- ضعيف جدّا- عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود- وبعضهم يذكر علقمة- عن ابن مسعود به، وهو في مسند الديلمي [2/ 201] رقم 2995. (1582) - قوله: «أفضل الناس خلقا» : أخرج البخاري في المناقب من صحيحه، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3549، ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 2337 (92، 93) ، كلاهما من حديث البراء: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا، وقد تقدم حديث عائشة وغيرها في هذا. قوله: «وأبسطهم وجها» : تقدم في حديث هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب ... الحديث. قوله: «وأجود الناس كفا» : أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس ... الحديث، واتفقا عليه من حديث ابن عباس. قوله: «ما سأله أحد شيئا فأباه» : أخرجاه من حديث ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا، قال ابن عيينة في حديثه عن ابن المنكدر، إذا لم يكن عنده وعد، وهو ما أشار إليه المصنف هنا، انظر تخريجنا للحديث في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 74. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 1583- عن ابن عباس أنه قال: ما ولدت النساء أفصح ولا أشجع ولا أسمح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما شجاعته صلى الله عليه وسلم: فيوم هوازن وقد انهزم الناس وهو يحمل ونحن نمنعه الحملة وهو يقول: لا أبرح حتى يحكم الله لي وهو خير الحاكمين. وأما سماحته وجوده: فيوم هوازن لما استولى على أموالها فأعطاها كلها وفرقها بأجمعها ولم يدخر لنفسه شيئا. وأما فصاحته ففي فصل من كتابه إلى النجاشي حيث يقول: كأنا في الثقة منا بك منك، وكأنك في الرقة علينا منا، لأنا ما رمناك لأمر إلّا نلنا، ولا خفناه إلّا أمنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 [253- فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم:] 253- فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم: 1584- بفظّ ولا عيّاب، ولا بغليظ ولا صخّاب، ولا بفحّاش ولا سبّاب، ولا طيّاش، ولا مغتاب صلى الله عليه وسلم. 1585- ولا حريص ولا جمّاع، ولا بخيل ولا منّاع، ولا مكّار ولا خدّاع، ولا مكثار ولا طمّاع صلى الله عليه وسلم. 1586- ولا نمّام ولا خيول، ولا منّان ولا أكول، ولا بكسلان ولا ملول، ولا طعّان ولا عجول، ولا مفتخر ولا ختّال صلى الله عليه وسلم. (1584) - قوله: «ولا طياش» : من الطيش: وهو خفة العقل، وطيش العقل ذهابه حتى لا يدري الرجل ما يحاول. وقد كان صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأكثرهم رزانة. (1586) - قوله: «ولا خيول» : غير متكبر، يقال: خال الرجل يخول خولا واختال إذا تكبر، فهو خيول وذو مخيلة. قوله: «ولا ختال» : الختل: الخدع عن غفلة، يقال: ختل الصياد صيده إذا صاده من حيث لا يشعر، والمخاتلة: مشي الصياد في خفية من فريسته حتى لا يسمع حسه فيتمكن منه على غفلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 1587- ولا حسود ولا ضرّار، ولا ختّار ولا غدّار، ولا مهذار ولا ثرثار صلى الله عليه وسلم. 1588- ولا جزوع ولا طنّاز، ولا متكبّر ولا همّاز، ولا متبختر ولا كنّاز، ولا محتكر ولا رمّاز. فصلوات الله عليه في الأولين مبعوثا وبركاته عليه في الاخرين موروثا (1587) - قوله: «ولا ختار» : الختر: الحال الذي يضعف عنده الإنسان عن الاجتهاد والإعمال فيه، ومنه قوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ الاية. قوله: «ولا مهذار» : الهذر: الكلام الذي لا يعبأ به، يقال: هو سقط الكلام ورديئه، فإذا كثر ذلك من صاحبه قيل له: هذار ومهذار. (1588) - قوله: «ولا طناز» : الطنز: السخرية، والطناز: الكثير الاستهزاء بالناس عند كلامه لهم. قوله: «ولا رماز» : من الرمز: وهو الإشارة الخفية باليد أو العين أو تحريك الشفتين، ونحوه الغمز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 [254- فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر:] 254- فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: 1589- أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رحمه الله، حدثنا إبراهيم بن علي، ثنا يحيى بن يحيى التميمي، ..... (1589) - قوله: «حدثنا إبراهيم بن علي» : ابن محمد بن آدم الذهلي، الحافظ الثقة، أبو إسحاق النيسابوري، سمع يحيى الحماني، وابن راهويه وأبا مصعب الزهري والكبار، قال الحاكم: سألت أبا زكرياء العنبري وعلي بن حمشاد عنه فوثقاه، توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. الوافي بالوفيات [6/ 56] ، تاريخ الإسلام [وفيات 293- ص 99] ، النجوم الزاهرة [3/ 195] . قوله: «ثنا يحيى بن يحيى التميمي» : قال الذهبي: هو شيخ الإسلام، وعالم خراسان، أبو زكرياء المنقري، النيسابوري، الحافظ، لقي صغارا من التابعين، منهم: كثير بن سليمان، وأخذ عنه وعن عبد الله بن جعفر المخرمي.. قال: يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسب أنه رأى مثل نفسه. قلت: أخرج له الشيخان والترمذي والنسائي، وله مناقب وفضائل مذكورة في المطولات. تهذيب الكمال [32/ 31] ، تهذيب التهذيب [11/ 259] ، الكاشف [3/ 237] ، سير أعلام النبلاء [10/ 512] ، التقريب [/ 598] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 أنا هشيم، عن حميد، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كلّمه إنسان في حاجة لم ينصرف حتى يكون الاخر هو الذي ينصرف. قوله: «أنا هشيم» : هو ابن بشير الحافظ شيخ بغداد ومحدثها أبو معاوية السلمي مولاهم، الواسطي، سكن بغداد ونشر بها العلم، وكان رأسا في الحفظ، يقال: كان عنده عشرون ألف حديث، إلّا أنه مشهور بالتدليس، معروف عنه ذلك، وحديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [30/ 272] ، تهذيب التهذيب [11/ 53] ، سير أعلام النبلاء [8/ 287] ، الكاشف [3/ 198] ، التقريب [/ 574] . قوله: «عن حميد» : هو ابن أبي حميد الطويل الإمام الحافظ أبو عبيدة البصري، مولده عام موت ابن عباس سنة ثمان وستين، روى عن أنس فأكثر، ويقال: عامة ما يرويه عن أنس إنما سمعه من ثابت، وهو ثقة، بلا ريب، حديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [7/ 355] ، سير أعلام النبلاء [6/ 163] ، تهذيب التهذيب [3/ 34] ، الكاشف [1/ 192] ، التقريب [/ 181] . قوله: «لم ينصرف حتى يكون الاخر هو الذي ينصرف» : رواه عن أنس بنحو هذا: 1- زيد العمي، أخرجه ابن المبارك في الزهد [1/ 132] رقم 392، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [5/ 1744] ، والترمذي في الزهد من جامعه، باب (بدون ترجمة- 46) رقم 2490، وابن ماجه في الأدب، باب 21- إكرام الرجل جليسه، رقم 3716، وابن سعد في الطبقات [1/ 378] ، ويعقوب الفسوي في المعرفة [3/ 289] ، ومن طريقه البيهقي في السنن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 1590- وروى عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يستنكف أن يمشي مع العبد والأرملة، حتى يقضي لهما حاجتهما. -[10/ 192] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 56] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 320] ، وفي الشعب [6/ 273] رقم 8132، وفي الاداب برقم 209. قال الترمذي: غريب، وزعم البوصيري أن مداره على زيد وهو ضعيف- كذا قال- وليس الأمر كذلك، فقد رواه عن أنس أيضا: 2- ثابت البناني، أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب في حسن العشرة، رقم 4793، والبيهقي في الدلائل [1/ 320] ، وفي الشعب [6/ 273] رقم 8131. 3- يحيى بن سعيد الأنصاري، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 55] . 4- مولى لأنس بن مالك لم يسم، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 378] . 5- وروي عن العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس، أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 38- 39] . ورواه جماعة عن هشيم بمعناه وفيه: أقيمت الصلاة ذات يوم فعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فكلمه في حاجة له هويا من الليل حتى نعس بعض القوم، أخرجه البخاري في الاذان، باب الكلام إذا أقيمت الصلاة، رقم 643، ومسلم في الطهارة، باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، رقم 376 (126) . (1590) - قوله: «وروى عبد الله بن أبي أوفى» : صحابي من أهل بيعة الرضوان ممن فاز بالدعوة النبوية، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة والده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ صل على آل أبي أوفى، كف بصره في آخر عمره، وتوفي بالكوفة، وهو آخر من توفي بها من الصحابة. أخرج حديثه الدارمي في مقدمة مسنده، باب في تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 78- فتح المنان- والترمذي في العلل [2/ 906] ، والنسائي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 1591- وعن ابن بريدة، عن أبيه قال: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه فجاءته جارية سوداء فقالت: يا نبي الله إني نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف، فقال لها: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، قالت: فجعلت تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحتها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت ألقت الدف. 1592- وما يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد- حر أو عبد أو أمة- إلّا قام معه في حاجته. - في الجمعة، باب ما يستحب من تقصير الجمعة، رقم 1414، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان رقم 6424، 6433- والحاكم في المستدرك [2/ 614] . وانظر تمام تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، وكذا ما يتعلق بالحديث من المباحث. (1591) - قوله: «ألقت الدف» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 353] ، والترمذي في المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رقم 3690، وقال: حسن صحيح غريب من حديث بريدة، والبيهقي في الشعب [10/ 77] . (1592) - قوله: «إلا قام معه في حاجته» : فيه حديث ابن أبي أوفى المتقدم، وأخرج مسلم في الفضائل، باب قرب النبي صلى الله عليه وسلم من الناس من حديث أنس أن امرأة عرضت للنبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان اجلسي في أي سكك المدينة شئت أجلس إليك، قال: ففعلت، فقعد إليها- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 1593- وجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني قدمت بإبل أريد بيعها ولا أعرف السعر، وأنا أخاف أن أخدع، فلو قمت معي فبعتها لي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا أعرف أثمان الإبل ولا بيعها، فألح عليه الأعرابي فقال: قرّب إبلك، فقرّبها، فقال: اعرضها بعيرا بعيرا، فجعل كلما مر ببعير قال: أما هذا فبعه بكذا وكذا حتى فرغ منها. ثم مضى الأعرابي بها إلى السوق، فباع كل بعير بما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب مالا كثيرا، فجاء به يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نظرت إليّ وأرشدتني فأصبت أكثر من أمنيتي، فخذ من هذا المال ما أحببت، فقال صلى الله عليه وسلم: ما آخذ منه شيئا، قال: فاستهدني فإني كثير المال، قال: ولا أستهديك، فألحّ عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت لا بد فاعلا فاهد لي ناقة ذات لبن، وإياك أن تهديها مولهة عن ولدها. - رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قضت حاجتها، ولفظ البخاري في الأدب، باب الكبر: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. (1593) - قوله: «إني قدمت بإبل أريد بيعها» : في سياق المصنف طول، والذي وقفت عليه أخصر منه، فأخرج البزار في مسنده [2/ 89 كشف الأستار] رقم 1273، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 36] رقم 3560، وفي الأوسط [8/ 464- 465] رقم 961، من حديث نعيم بن حصين السدوسي قال: حدثني عمي- واسمه: زياد- عن جدي قال: أتينا المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بها ومعي إبل لي، فقلت: يا رسول الله مر أهل الغائط أن يحسنوا مخالطتي وأن يعينوني، قال: فقاموا معي، فلما بعت إبلي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ادنه، فمسح على ناصيتي، ودعا لي ثلاث مرات. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 1594- وتزوج بعض جلسائه صلى الله عليه وسلم من المقلين، فجاءه وذكر حاله له، فأحب أن يعينه، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها فقال: ماذا عندك من خير حتى أعين صاحبنا هذا؟ فقالت: ما عندي شيء إلّا هذا المكتل الذي فيه الدقيق. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك المكتل فدفعه إليه بما فيه ولم يكن عندهم غيره. - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 83] : في إسناده جماعة لم أجد من ترجمهم. قلت: كذا قال رحمه الله، وقد بين الطبراني في روايته اسم العم والجد، فقال: لم يرو هذا الحديث عن نعيم بن حصين إلّا عبد الله بن معاوية وهو نعيم ابن فلان ابن حصين، وجده حصين السدوسي. اهـ. وبين أن عمه هو زياد بن حصين، وكلهم من رجال التهذيب خلا نعيم. (1594) - قوله: «وتزوج بعض جلسائه» : ممن يقوم على خدمته، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي، لازم النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبض، فخرج إلى بئر بلاد أسلم على بريد من المدينة ومكث فيها حتى توفي أيام الحرة، حديثه عند الإمام أحمد في المسند [4/ 58] ، والطبراني في المعجم الكبير [5/ 53] ، والحاكم في المستدرك [2/ 172- 173] . قال ربيعة: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا ربيعة ألا تتزوج؟ قال: فقلت لا والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء، قال: فأعرض عني، قال: ثم راجعت نفسي فقلت: والله يا رسول الله أنت أعلم بما يصلحني في الدنيا والاخرة، قال: وأنا أقول في نفسي: ليت قال لي: الثالثة، لأقولن نعم، قال: فقال لي الثالثة: يا ربيعة ألا تتزوج؟ قال: فقلت: بلى يا رسول الله، مرني بما شئت أو بما أحببت، قال: انطلق إلى آل فلان- إلى حي من- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 1595- وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية دراهم يريد بها السوق، فمضى، فإذا هو بجارية على الطريق تبكي، فقال لها: ما يبكيك يا جارية؟ فقالت: بعثني أهلي بدرهمين لأشتري بهما حاجتهم فأضللتهما، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمين من الثمانية ومضى إلى السوق بستة دراهم، فاشترى بأربعة دراهم قميصا ولبسه وانصرف، - الأنصار فيهم تراخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرئكم السلام ويأمركم أن تزوجوا ربيعة فلانة- امرأة منهم-، قال: فأتيتهم، فقلت لهم ذلك، فقالوا: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا بحاجته، قال: فأكرموني وزوجوني، وألطفوني ولم يسألوني البينة، فرجعت حزينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بالك؟ فقلت: يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني ولم يسألوني البينة، فمن أين لي الصداق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبريدة الأسلمي: يا بريدة اجمعوا له وزن نواة من ذهب، قال: فجمعوا لي وزن نواة من ذهب، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب بهذا إليهم، وقل: هذا صداقها، فذهبت به إليهم، فقلت: هذا صداقها، قال: فقالوا: كثير طيب، فقبلوا ورضوا به، قال: فقلت: من أين أولم؟ قال: فقال: يا بريدة اجمعوا له في شاة، قال: فجمعوا لي في كبش عظيم سمين، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى عائشة فقل: انظري المكتل الذي فيه الطعام، فابعثي به، قال: فأتيت عائشة رضي الله عنها، فقلت لها ذلك، فقالت: ها هو ذاك المكتل فيه سبعة آصع من شعير، وو الله إن أصبح لنا طعام غيره، قال: فأخذته فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب به إليهم فقل: ليصلح هذا عنكم خبزا، قال: فذهبت به وبالكبش، قال: فقبلوا الطعام، وقال: اكفونا أنتم الكبش، قال: وجاء ناس من أسلم فذبحوا وسلخوا وطبخوا، قال: فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا، وأعطى أبا بكر أرضا ... الحديث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 فإذا هو بشيخ من شيوخ المسلمين قد يبس جلده على عظمه عاريا ما يستتر إلّا بنعليه وهو ينادي: من كساني كساه الله من خضر الجنة. فلما رآه لم يتمالك صلى الله عليه وسلم أن ألقى الثوب عليه، ثم أقبل إلى السوق وهو يبادر الليل، فاشترى قميصا بدرهمين فلبسه، وأقبل فإذا هو بالجارية حيث تركها تبكي، فقال لها: ما شأنك؟ ألم أكن أعطيتك درهمين؟ فقالت: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اشتريت ما احتيج إليه ولكن طالت غيبتي عن أهلي فأشفقت من عقوبتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ألحقيني بأهلك، واتبعها حتى انتهى إلى دار من دور الأنصار، فإذا رجالهم خلوف ليس فيها إلّا النساء، فسلم عليهن وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فسمع النساء صوته فعرفنه فلم يجبنه، ثم ثنى مثلها فلم يجبنه، ثم سلّم الثالثة ورفع بها صوته فقلن بأجمعهن: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته بابائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أما سمعتن ابتداء سلامي؟ قلن: بلى، ولكن أحببنا أن نكثر لأنفسنا وذرارينا من تسليمك، قال: إن جاريتكم هذه أبطأت عليكم فخشيت عقوبتكم، فهبوا لي عقوبتها، فقلن جميعا: قد شفعناك بابائنا وأمهاتنا أنت، شفعناك فيها، ووهبنا عقوبتها لك، وأعتقناها لممشاك، فهي حرة لوجه الله تعالى. قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ما رأيت ثمانية دراهم أعظم بركة من هذه الثمانية: آمن بها خائفا، وأعتق بها نسمة، وكسى بها عاريين- يعني نفسه والشيخ-. قوله: «يعني نفسه والشيخ» : في الباب عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعن أبي الدرداء، وأبي ذر موقوفا. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 ......... - أما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 441- 442] رقم 13607، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 14] : فيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف. اهـ. وأورده الحافظ ابن كثير في الشمائل من تاريخه وقال: في إسناده أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وأما حديث أنس، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 89] ، وقال: هذا حديث منكر، والمحفوظ في هذا حديث أبي الدرداء، وأبي ذر، ثم ساق حديث أبي الدرداء في ترجمته من التاريخ [47/ 157] ، من طريق إبراهيم بن هشام، حدثني أبي، عن جدي، قال: خرج أبو الدرداء إلى السوق يشتري قميصا، فلقي أبا ذر، فقال: أين تريد يا أبا الدرداء؟ قال: أريد أن أشتري قميصا، قال: وبكم؟ قال: بعشرة دراهم، قال: فوضع يده على رأسه ثم قال: ألا إن أبا الدرداء من المسرفين، ألا إن أبا الدرداء من المسرفين. قال: فالتمست مكانا أتوارى فيه، فلم أقدر، فقلت: يا أبا ذر لا تفعل، مر معي فاكسني أنت، قال: وتفعل؟ قلت: نعم، فأتى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم، قال: فانصرفت حتى إذا كنت بين منزلي والسوق لقيت رجلا لا يكاد يواري سوأته، فقلت له: اتق الله ووار سوءتك، فقال: والله ما أجد ما أواري به سوءتي، فألقيت إليه الثوب، ثم انصرفت إلى السوق، فاشتريت قميصا بأربعة دراهم، ثم انصرفت إلى منزلي، فإذا خادمة على الطريق تبكي قد اندق إناؤها، فقلت: ما يبكيك؟ فقالت: اندق إنائي وأبطأت على أهلي، فذهبت معها إلى السوق، فاشتريت لها سمنا بدرهم، فقالت: يا شيخ أما إذا فعلت ما فعلت فامش معي إلى أهلي، فإني قد أبطأت وأخاف أن يضربوني، قال: فمشيت معها إلى مواليها، فدعوت، فخرج مولاها إليّ، فقال: ما عناك يا أبا الدرداء، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 1596- وكان صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه كما يعودونه، ويشيّعهم كما يشيّعونه، ويعتنقهم كما يعتنقونه، ويقبّل وجوههم كما يقبّلون وجهه، - فقال: خادمكم أبطأت عنكم وأشفقت أن تضربوها، فسألتني أن آتيكم لتكفوا عنها، قال: فأنا أشهدك أنها حرة لوجه الله عزّ وجلّ لممشاك معها، قال: فقلت: أبو ذر أرشد مني حين كساني قميصا وكسا مسكينا قميصا، وأعتق رقبة بعشرة دراهم. (1596) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه» : أخرج الترمذي في الجنائز، باب آخر رقم 1017، وابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر والتواضع، رقم 4178، وابن سعد في الطبقات [1/ 371] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 241] رقم 3673، والحاكم في المستدرك [2/ 466] ، والبيهقي في الدلائل [4/ 204] ، جميعهم من حديث مسلم الأعور، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشيع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار ... الحديث. وأخرج مالك في الموطأ برقم 533، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 276] ، والطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 494] ، والحاكم في المستدرك [2/ 466] ، جميعهم من حديث أبي أمامة بن سهل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم- لفظ الحاكم-. وأخرج أبو داود في الجهاد، باب في الدعاء عند الوداع، برقم 2601، والنسائي في اليوم والليلة، باب ما يقول للشاخص برقم 10341، كلاهما من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي- وهذا لفظ النسائي- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتم أعمالكم. وأخرجه النسائي برقم 10340، وابن ماجه في الجهاد، باب تشييع الغزاة، برقم 2826 من حديث ابن عمر. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 ......... - وأخرج ابن أبي شيبة في الجهاد من المصنف [12/ 535] ، باب تشييع الغزاة وتلقيهم من حديث ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شيع النبي صلى الله عليه وسلم عليا ولم يتلقه- مرسل-. وأخرج الترمذي في الاستئذان من جامعه، باب ما جاء في المعانقة والقبلة من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله، قال الترمذي: حسن غريب، قلت: في اللفظ نكارة. وأجود منه ما ورد في تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد ما مات حتى رؤيت دموعه صلى الله عليه وسلم تسيل على وجنته، أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في تقبيل الميت برقم 3163، والترمذي كذلك في الجنائز، برقم 994، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه برقم 1456، وابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة برقم 28، وصححه الحاكم [3/ 190] ، وسيورده المصنف قريبا. وأخرج أبو داود في الأدب، باب في المعانقة برقم 5214، والإمام أحمد في المسند [5/ 167- 168] ، من حديث رجل من عنزة لم يسم أنه سأل أبا ذر: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ فقال: ما لقيته قط إلّا صافحني، وبعث إليّ يوما ولست في البيت فلما جئت أخبرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو على سرير له فالتزمني، فكانت أجود وأجود، رجاله ثقات إلّا ما فيه من المبهم. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 535] ، من حديث علي بن مسهر عن الأجلح، عن الشعبي أن جعفرا لما قدم تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتزمه وقبل ما بين عينيه، وصله البغوي في معجم الصحابة بسند فيه محمد بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 ويفديهم بأبيه وأمه كما يفدونه بابائهم وأمهاتهم. 1597- وكان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه، ويسأل عنهم، فمن كان مريضا عاده، ومن كان غائبا دعا له، ومن مات استرجع فيه وأتبعه بالدعاء، - عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ضعيف، قاله الحافظ في الفتح [162/ 62] ، وقال: وأخرج قاسم بن أصبغ عن أبي الهيثم بن التيهان أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فاعتنقه وقبله، قال: وسنده ضعيف. قوله: «ويفديهم بأبيه وأمه» : أخرج البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب سعد بن أبي وقاص، برقم 3725، ومسلم كذلك برقم 2412، واللفظ له، من حديث ابن المسيب قال: عن سعد قال: لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد. وأخرج البخاري في الكتاب المذكور، باب مناقب الزبير بن العوام برقم 3720، ومسلم كذلك برقم 2416 من حديث ابن الزبير، عن أبيه في قصة الخندق، قال: أما والله لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبويه فقال: فداك أبي وأمي. (1597) - قوله: «فمن كان مريضا عاده» : شواهد هذا في الصحيحين، منها: زيارته صلى الله عليه وسلم لسعد، وجابر بن عبد الله ودخوله على الرجل الذي أصابته الحمى، وانظر ما بعده. قوله: «ومن كان غائبا دعا له» : ومنه افتقاده لأم معقل في الحج، وفيه قوله: ما منعك أن تخرجي معنا العام ... الحديث، لفظ الإمام أحمد [1/ 229] ، وأخرجه أيضا أبو داود برقم 1989، والترمذي والنسائي وابن ماجه بألفاظ. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 349] ، وابن ماجه في المناسك، باب الشرط في الحج، رقم 2936، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة فقال: ما يمنعك يا عمة من الحج؟ قالت: إني سقيمة.. الحديث، وإنما أوردت- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 ومن كان يتخوف أن يكون وجد في نفسه قال: لعل أبا فلان وجد علينا في شيء، أو رأى منا تقصيرا، انطلقوا بنا إليه، فينطلق حتى يأتيه في منزله. 1598- عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه في كل ثلاث، فإن كان حاضرا زاره وإن كان مريضا عاده وإن كان غائبا دعا له. وأنه صلى الله عليه وسلم افتقد بعض أصحابه ذات يوم فقيل: يا رسول الله إنه مريض حتى صار كأنه هامة، لا يأكل شيئا إلّا خرج من دبره، فقال صلى الله عليه وسلم: امضوا بنا إليه، فلما دخل عليه رآه كما وصف له، فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ بك- هذا لأن في إثبات افتقاده لنساء أصحابه وسؤاله عنهن إثبات ذلك لأصحابه من باب أولى، وقد اهتم للمرأة التي كانت تقم المسجد وأمر أصحابه أن يؤذنوه إذا ماتت، فلما دفنوها ليلا وبخهم على فعلتهم فاعتذروا بأن ذلك كان ليلا، فلم يهدأ باله بأبي هو وأمي حتى قام على قبرها وصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عزّ وجلّ ينورها بصلاتي عليهم، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 388] ، وهو في الموطأ وغيره. قوله: «وجد علينا في شيء» : وسيأتي في الباب بعد هذا حديث الذي غضب لما لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيه. (1598) - قوله: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه في كل ثلاث» : اختصر المصنف لفظه، وقد أورده أبو يعلى أطول منه في المسند [6/ 151- 152] رقم 3429 من حديث عباد بن كثير- ضعف في الحديث لغفلة فيه- عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام، سأل عنه، فإن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 ما أرى؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بك وأنت تقرأ القارعة فلما بلغت: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) الاية، قلت: اللهمّ إن كنت تعاقبني في الاخرة فعجله لي في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ألا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار، فأمره صلى الله عليه وسلم بالدعاء ودعا له، قال: فقام فكأنما نشط من عقال. - كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده، ففقد رجلا من الأنصار في اليوم الثالث فسأل عنه فقيل: يا رسول الله تركناه مثل الفرخ لا يدخل في رأسه شيء إلّا خرج من دبره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: عودوا أخاكم، قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوده وفي القوم أبو بكر وعمر، فلما دخلنا عليه إذا هو كما وصف لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك؟ قال: لا يدخل في رأسي شيء إلّا خرج من دبري، قال: ومم ذاك؟ قال: يا رسول الله: مررت بك وأنت تصلي المغرب فصليت معك وأنت تقرأ هذه السورة: الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ إلى آخرها: نارٌ حامِيَةٌ (11) ، قال: فقلت: اللهمّ ما كان لي من ذنب أنت معذبي عليه في الاخرة، فعجل لي عقوبته في الدنيا، فنزل بي ما ترى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ألا سألت الله أن يؤتيك في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ويقيك عذاب النار؟ قال: فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بذلك، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقام كأنما نشط من عقال ... الحديث بطوله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عباد بن كثير [2/ 295- 296] : كان رجلا صالحا، ولكنه ضعيف الحديث، وقال الحافظ في المطالب العالية حيث أورده برقم 3440: أول الحديث صحيح، ومن سؤال عمر إلى آخره تفرد به عباد بن كثير وهو واه، ثم زعم أن آثار الوضع لائحة على آخره (يعني: عند أبي يعلى) مع أن آخره مثل أوله من حيث وجود الشواهد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 1599- وكان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ابنا له، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقيل: يا رسول الله أصيب بابنه الذي كان يحمله، وهو حزين لا يكلم أحدا. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وعزاه ثم قال: أما تطيب نفسك أنك لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلّا وجدته بإزاء ذلك الباب يستفتح لك؟ فقال الرجل: وكذاك يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: هذا لي خاصة يا رسول الله أم للناس عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل للمسلمين عامة. - عليه، ولذلك قال الحافظ البوصيري متعقبا ابن الجوزي لقوله: هذا خبر موضوع، قال: لم ينفرد به عباد، بل أصله صحيح، إتحاف الخيرة [5/ 494] ، وانظر تخريج محقق أبي يعلى لألفاظه في صحيح مسلم وغيره، فقد أفاد وأجاد جزاه الله خيرا. (1599) - قوله: «وكان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 436، 5/ 34- 35، 35] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 354] ، والنسائي في الجنائز، باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة، رقم 187، وفي باب التعزية، رقم 2088 بطوله، والطيالسي في مسنده برقم 1075، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 26] رقم 54، والدمياطي في التسلي والاغتباط، برقم 54، 55، 56، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 2947- والحاكم في المستدرك [1/ 384] ، وقال الذهبي: صحيح، جميعهم من حديث أبي إياس معاوية، عن أبيه قرة، وبعضهم يزيد على بعض. وفي الباب عن جماعة من الصحابة بنحو هذه القصة، منهم: بريدة بن الحصيب، وابن عمر، وحوشب الفهري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 1600- وقبّل صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته. 1601- وكان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان، فيقف، ثم يأمر بهم فيرفعوا إليه فيحملهم بين يديه، ويحمل وراءه، (1600) - قوله: «عثمان بن مظعون» : الجمحي، الصحابي الجليل، أبو السائب، من سادة المهاجرين وأولياء الله المتقين، فازوا بوفاتهم في حياة نبيهم، إذ صلى عليهم ودعا لهم، وشهد لهم بالخير، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وتوفي بعد بدر، وكان عابدا مجتهدا ممن همّ بالاختصاء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم، يقال: هو أول من دفن بالبقيع فوضع النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه حجرا وقال: هذا قبر فرطنا، وقال: ذهبت ولم تلبس منها شيء. سير أعلام النبلاء [1/ 153] ، التاريخ الكبير [6/ 210] ، طبقات ابن سعد [3/ 393] ، حلية الأولياء [1/ 102] ، أسد الغابة [3/ 598] ، الإصابة [6/ 395] ، العقد الثمين [6/ 49] ، التجريد [1/ 375] ، الاستيعاب [8/ 60] . قوله: «بعد موته» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 43، 55، 206] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 385] ، وعبد الرزاق كذلك [3/ 596] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 396] ، وأبو داود في الجنائز، باب تقبيل الميت، رقم 3163، والترمذي كذلك برقم 994، وابن ماجه برقم 1456، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1415، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 407] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 302] ، وابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة برقم 28، والحاكم في المستدرك [1/ 361، 3/ 190] . (1601) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر» : أورده بلفظه الإمام الغزالي في الإحياء- فكأنه عن المصنف-، وهو ههنا بالمعنى. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 ويأمر أصحابه أن يحملوا. فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك، فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وحملك وراءه، ويقول بعضهم: حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه وأمر بعض أصحابه أن يحملك أنت. 1602- وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يرى الأنصار، فيتلقاه صبيانهم، فيمسح رؤوسهم ويسلم عليهم ويدعو لهم. - وقد أخرجاه في الصحيحين، فأخرج البخاري في الجهاد، باب استقبال الغزاة، حديث رقم 3082، ومسلم في الفضائل، باب فضائل عبد الله بن جعفر، حديث رقم 2427 من حديث ابن أبي مليكة قال: قال ابن الزبير لابن جعفر: أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك، لفظ البخاري، ووقع في رواية مسلم: قال عبد الله بن جعفر لابن زبير، وأخرج مسلم أيضا في فضائل عبد الله بن جعفر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، قال: وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه، قال: فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. لتمام تخريجه انظر: فتح المنان شرح المسند الجامع، حديث رقم 2830. (1602) - قوله: «ويسلم عليهم ويدعو لهم» : أخرجه بطوله النسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 90] ، باب التسليم على الصبيان والدعاء لهم وممازحتهم، رقم 10161. وهو عند الشيخين بلفظ أخصر منه، فأخرجه البخاري في الاستئذان باب التسليم على الصبيان، رقم 6247، ومسلم في السلام، باب استحباب السلام على الصبيان، رقم 2168 (14، 15) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 1603- وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم وأتحفهم بما عنده. 1604- وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا حتى يحمله، فإن أبى قال: تقدم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد. 1605- وخرج صلى الله عليه وسلم إلى قباء على حمار عري وأبو هريرة معه، فقال: يا أبا هريرة أحملك؟ فقال: ما شئت يا رسول الله، قال: اركب (1603) - قوله: «وأتحفهم بما عنده» : أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفّ عبد الله وعبيد الله وكثيرا من بني العباس، ثم يقول: من سبق إليّ فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم. (1604) - قوله: «لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 421] ، وأبو داود في الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، رقم 5185، والنسائي في اليوم والليلة [6/ 89] رقم 10157، جميعهم من حديث قيس بن سعد الطويل، وفيه قصة زيارته صلى الله عليه وسلم لهم، وفي آخره: فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا قد وطأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد: يا قيس اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قيس: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اركب، فأبيت، ثم قال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت. (1605) - قوله: «على حمار عري» : لم أقف عليه مسندا، لكن عزاه الزبيدي في الإتحاف [7/ 102] للطبري في مختصر السيرة. قال أبو عاصم: وقع نحو هذه القصة لمعاذ بن جبل مع النبي صلى الله عليه وسلم، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 - وكان في أبي هريرة ثقل- فوثب ليركب فلم يقدر فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أبا هريرة أحملك؟ قال: ما شئت يا رسول الله، قال: اركب، فلم يقدر على ذلك فتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أبا هريرة أحملك؟ قال: لا والذي بعثك بالحق لا صرعتك ثالثا. 1606- وكان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويحلب الشاة، ويلبس الصوف، ويقول: من فعل هذه الثلاث ذهب كبره. - قال الإمام أحمد [5/ 238] : حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، حدثني عبد الله بن أبي حسين، حدثني شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم- وهو الذي بعثه عمر بن الخطاب إلى الشام يفقه الناس- أن معاذ بن جبل حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ركب يوما على حمار له يقال له: يعفور، رسنه من ليف، ثم قال: اركب يا معاذ، فقلت: سر يا رسول الله، فقال: اركب، فردفته، فصرع الحمار بنا، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يضحك، وقمت أذكر من نفسي أسفا، ثم فعل ذلك الثانية ثم الثالثة.. الحديث. (1606) - قوله: «من فعل هذه الثلاث» : أخرجه الترمذي في البر والصلة من جامعه، باب ما جاء في الكبر، من حديث جبير بن مطعم قال: يقولون فيّ التيه، وقد ركبت الحمار ولبست الشملة، وقد حلبت الشاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء. قال أبو عيسى: حسن غريب، وفي نسخة: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضا: البيهقي في الشعب [6/ 290- 291] رقم 8195، وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول برقم 228 إلّا أنه لم يذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 1607- وكان صلى الله عليه وسلم إذا ركب الدابة يردف في بعض الأحايين. 1608- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: صاحب الدابة أحق بصدر الدابة. (1607) - قوله: «يردف في بعض الأحايين» : شواهد ذلك في الصحيحين كثيرة، منها ما تقدم قريبا من إردافه الصبيان، وأردف صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، والفضل بن العباس في الحج، وكل ذلك في الصحيحين. (1608) - قوله: «أحق بصدر الدابة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 353] ، وأبو داود في الجهاد، باب رب الدابة أحق بصدرها، رقم 2572، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في أن الرجل أحق بصدر دابته، رقم 2773- وقال: حسن غريب- وصححه ابن حبان برقم 4735. وله طرق أخرى خرجنا منها في فتح المنان، تحت رقم 2831، حديث عبد الله بن حنظلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 [255- فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم] 255- فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم 1609- كان صلى الله عليه وسلم يقول: لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تعالى خلقني عبدا، واتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا، ثم اتخذني عبدا وجعلني نبيا، ثم أنا نبي الله وعبده. (1609) - قوله: «لا ترفعوني فوق حقي» : أخرجه المروزي في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 984، وهناد في الزهد برقم 797، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 138- 139] رقم 2889، من حديث يحيى بن سعيد عن علي بن الحسين، به، وبعضهم يزيد على بعض، ومنهم من يرويه عن علي بن الحسين، عن أبيه مرسلا وموصولا، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 21] : إسناده حسن. اهـ. وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 179] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 76- مرتين] . قوله: «ثم اتخذني عبدا وجعلني نبيا» : يشبه أن تكون هذه الجملة والتي بعدها مدرجة من كلام سعيد بن المسيب كما يظهر من رواية الحاكم وابن عساكر وهناد، وفيها: قال علي بن الحسين: فذكرته لسعيد بن المسيب فقال: صدق، قبل أن كان نبيا كان عبدا، وفي رواية: وبعد ما اتخذه نبيا كان عبدا. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 153] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 498] ، واللفظ له، وغيرهما من حديث ثابت عن أنس قال: يا أيها الناس أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجلّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 1610- ولقد كان صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للهرّة فما يرفع الإناء رحمة لها حتى تروي. (1610) - قوله: «ولقد كان صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للهرّة» : يعني: يصغي لها الإناء كما ورد في الحديث من طرق- تكلم في جميعها- عن عائشة رضي الله عنها: 1- فأخرجه أبو داود في الطهارة، باب سؤر الهرة رقم 76، وأبو نعيم في الحلية [9/ 309] ، والطبراني في الأوسط [8/ 456] رقم 7945، والدارقطني في سننه [1/ 70] رقم 20، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 246] ، وهذا لفظ أبي نعيم: عن داود بن صالح التمار، عن أمه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي لها الإناء فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها- يعني الهرة-. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن داود بن صالح إلّا الدراوردي، وقال الدارقطني: رفعه الدراوردي، وخالفه هشام بن عروة فأوقفه على عائشة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 216] : رواه أبو داود خلا إصغاء الإناء لها. 2- ورواه عبد الله بن سعيد المقبري- أحد الضعفاء- فاختلف عليه فيه: *- فقال يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي عنه- وسماه: عبد ربه بن سعيد- عن أبيه، عن عروة، عن عائشة نحوه، أخرجه الدارقطني [1/ 66- 67] . وقال أبو بكر النيسابوري: عبد ربه هو: عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف. قلت: تابعه مندل بن علي- أحد الضعفاء فلم يقوه-، أخرجه البزار في مسنده [1/ 44 كشف الأستار] رقم 275. *- وقال أشعث بن عبد الرحمن اليامي، عنه، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة بنحوه، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده [8/ 361- 362] رقم 4951. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 1611- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب ويطرح النوى في يساره- ولا يلقيه في الأرض- فمرت شاة قريبا منه فأشار إليها بالنوى التي كانت في كفه، فدنت منه، فجعلت تأكل في كفه اليسرى، ويأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه ويلقي إليها حتى فرغ فانصرفت الشاة. - قال البزار عقب روايته: الوضوء بفضل الهر عند أبي داود من حديثها، وإصغاء الإناء لم أره. 3- وأخرجه ابن عدي في كامله [5/ 1882] ، من حديث محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة به، وفي إسناده عيسى بن ميمون، قال عنه: عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه. 4- ورواه البزار في مسنده [1/ 145 كشف الأستار] رقم 276، من حديث عمران بن أبي أنس، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة. قال البزار: لا نعلم روى عمران ولا سعيد عن عروة إلّا هذا. اهـ. قلت: في إسناده الواقدي، وحاله مشهور في الحديث. (1611) - قوله: «فمرت شاة» : قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: روينا هذه القصة في فوائد أبي بكر الشافعي، عن أنس بإسناد ضعيف. اهـ. قال أبو عاصم: كأنه ما وقف على رواية ابن سعد في الطبقات [1/ 394] ، حيث قال: أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا أبو معشر، أخبرنا حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق من رطب، فجثا على ركبتيه فأخذ يناولني قبضة قبضة يرسل به إلى نسائه، وأخذ قبضة منها فأكلها ويلقي النوى بشماله، فمرت به داجنة فناولها فأكلت. أبو معشر صالح في هذا الباب، وحفص بن عمر ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال عن أبيه: صالح الحديث. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 1612- وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذبح شاة في سفر، فقال رجل من القوم: عليّ ذبحها، وقال آخر: عليّ سلخها، وقال آخر: عليّ قطعها، وقال آخر: عليّ طبخها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ أن ألقط لكم الحطب، فقالوا: لا تتعن بابائنا وأمهاتنا أنت نحن نكفيك، قال: قد عرفت أنكم تكفون، ولكن الله يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن يتميز من بينهم، فقام صلى الله عليه وسلم يلقط الحطب لهم. 1613- ودخل صلى الله عليه وسلم هو وصاحب له غيضة فافترقا في حاجتهما، فلما رجع مر بغصنين في شجرة فأعجبه اعتدالهما وطولهما فقطعهما، فلما لقيه صاحبه قال: أعجبني هذان الغصنان فاختر أعدلهما وأجودهما، قال: أجل، ولكن اختر أنت فإن كل صاحب مسئول عن صاحبه. - نعم، وليست هذه بعادة إنما هذا من تواضعه، ولذلك فهو لا يعارض ما أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 120] ، من حديث شعيب بن الحبحاب، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الرطب ويلقى النوى على القنع، والقنع: الطبق، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. (1612) - قوله: «أن يتميز من بينهم» : عزاه الزبيدي في الإتحاف [7/ 102] ، والعجلوني في المقاصد [/ 126] ، لأبي اليمن ابن عساكر في جزء تمثال نعله الشريف صلى الله عليه وسلم. (1613) - قوله: «فإن كل صاحب مسئول عن صاحبه» : قال ابن جرير في تفسيره [5/ 82] عند قوله تعالى: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ الاية: حدثنا سهل بن موسى الرازي، ثنا ابن أبي فديك، عن فلان ابن عبد الله، عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم في غيضة طرفا، فقطع فصيلين- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 1614- وكان صلى الله عليه وسلم يوما يأكل التمر ويلقي الحشف فقال رجل: يا رسول الله أعطني مما ألقيت، فقال: إني لا أرضى لكم ما أسخط لنفسي، ولكن كل مما آكل. 1615- وإن كان صلى الله عليه وسلم ليدعوه رجل من المسلمين شطر الليل على خبز الشعير فيجيبه. - أحدهما معوج والاخر معتدل، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل، وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي وأمي أنت أحق بالمعتدل مني، فقال: كلا يا فلان، إن كل صاحب يصحب صاحبا مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار. (1614) - قوله: «إني لا أرضى لكم ما أسخط لنفسي» : أخرجه أبو نعيم في الحلية [7/ 256] ، من حديث علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة، ورجال إسناده ثقات، قال أبو نعيم: غريب من حديث مسعر، لم نكتبه إلّا من حديث محمد بن السمط. اهـ. قلت: رواه أبو نعيم الفضل، عن مسعر فأرسله، لم يذكر أبا جحيفة، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 393] . (1615) - قوله: «وإن كان صلى الله عليه وسلم ليدعوه» : أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 188] برقم 257، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 20] ، رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات، قال: ورواه في الكبير باختصار وقال في موضع آخر من مجمع الزوائد [4/ 53] : فيه أبو مسلم قائد الأعمش وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وضعفه جماعة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 ......... - وباللفظ الذي أورده المصنف أخرجه هناد في الزهد برقم 803، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 290، عن مجاهد، به، مرسلا. قلت: وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 67] رقم 2494، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 8193، من حديث عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير. قال في مجمع الزوائد [9/ 20] : إسناده حسن. تابعه مسلم الأعور، عن سعيد بن جبير، أخرجه ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول برقم 111، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 63، 212- 213] ، والبغوي في شرح السنة [11/ 288] ، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 8192. وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 180، 210- 211، 252، 270، 289- 290] ، من حديث قتادة، عن أنس: أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه، أخرجه الضياء في المختارة [7/ 86، 87] رقم 2493، 2494، 2495 وأصله في صحيح مسلم، وفيه: خياطا بدل يهوديا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 [256- فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب ومكارم أخلاق العجم] 256- فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب ومكارم أخلاق العجم 1616- وزاده أشياء ليست عندهم، وما جاء به الإسلام من مكارم الأخلاق أكثر من أن يحصى أو يحيط به علم عالم. 1617- وقد كان الله تبارك وتعالى أعلم بما اختار لوحيه وحلاله وحرامه وكريم أخلاقه ومحاسنها، اختاره من آدم وحواء إلى أبيه وأمه. 1618- فهو صلى الله عليه وسلم أكرم الناس نسبا، وأثبت الناس أصلا، وأطول الناس فرعا، وأكملهم دينا وخلقا. 1619- قال صلى الله عليه وسلم: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. 1620- حدثنا أبو ذر: عمار بن محمد البغدادي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، (1620) - قوله: «حدثنا أبو ذر: عمار بن محمد البغدادي» : هو الإمام المحدث الرحالة: عمار بن محمد بن مخلد بن جبير بن عبد الله بن إسماعيل بن سعد بن ربيعة بن كعب بن مرة، أبو ذر التميمي البغدادي، نزيل بخارى، حدّث عن ابن صاعد، وابن الأعرابي، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن مخلد، وابن عقدة وغيرهم. وعنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو سهل الأبيوردي، وعبد الواحد بن محمد الخشاب، وغيرهم، وهو أحد الذين رحلوا في طلب الحديث، وثقه السمعاني وغيره، توفي ببخارى سنة 388، وانظر: تاريخ ابن عساكر [43/ 340] ، تاريخ بغداد [12/ 256] ، العبر [3/ 36] ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 ثنا أبو العباس: أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا محمد بن إسماعيل الراشدي، ثنا عمر بن إبراهيم الكردي، ..... - الشذرات [3/ 253] ، مختصر تاريخ دمشق [18/ 202] ، وانظر: تاريخ الذهبي [وفيات سنة 388- ص 151] . قوله: «ثنا أبو العباس: أحمد بن محمد بن سعيد» : الإمام الحافظ المشهور بابن عقدة، قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس ابن عقدة، وترجم له الحافظ الذهبي ترجمة جيدة في سيره، تشهد بعلو مقامه ورفعة درجته في المحدثين، حتى قال معلقا على قول الحاكم هذا: ويمكن أن يقال: لم يوجد أحفظ منه وإلى يومنا وإلى قيام الساعة بالكوفة، وانظر: سير أعلام النبلاء [15/ 340] ، تذكرة الحفاظ [3/ 839] ، تاريخ بغداد [5/ 14] ، الوافي بالوفيات [7/ 395] ، المنتظم [6/ 336] ، النجوم الزاهرة [3/ 281] ، تاريخ الإسلام [11/ 209] ، الميزان [1/ 136] ، لسان الميزان [1/ 263] ، مرآة الجنان [2/ 311] ، العبر [2/ 230] . قوله: «ثنا محمد بن إسماعيل الراشدي» : لم أر من أفرده بترجمة، لكن ذكره الذهبي في جملة شيوخ ابن عقدة. قوله: «ثنا عمر بن إبراهيم الكردي» : الهاشمي مولاهم، أحد الضعفاء، كذبه الدارقطني، وقال الخطيب في تاريخه: كان غير ثقة، يروي المناكير عن الأثبات. الجرح والتعديل [6/ 98] ، الترجمة 510، تاريخ بغداد [11/ 202] ، الضعفاء لابن الجوزي [2/ 204، ونقل فيه عن ابن حبان ما لم نجده في المجروحين ولا الثقات] ، الميزان [4/ 99] ، لسان الميزان [4/ 280] ، السابق واللاحق [/ 283] ، المغني في الضعفاء [2/ 462] ، تاريخ الذهبي [وفيات 220- 230 الترجمة 295] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وتمام محاسن الأفعال. قوله: «ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر» : التيمي، من رجال ابن ماجه، ضعفه الجمهور. تهذيب الكمال [32/ 456] ، تهذيب التهذيب [11/ 422] ، الكاشف [3/ 262] ، التقريب [/ 612] ، الميزان [6/ 146] ، لسان الميزان [7/ 448] ، المغني في الضعفاء [2/ 764] ، المجروحين [3/ 135] ، ضعفاء النسائي [/ 246] ، ضعفاء الدارقطني [/ 402] ، الخلاصة [/ 439] ، التاريخ الكبير [8/ 381] ، الجرح والتعديل [9/ 229] . قوله: «عن أبيه» : هو الإمام التابعي الحافظ: محمد بن المنكدر القرشي، أبو عبد الله المدني المقرئ، قال الإمام مالك: كان سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلّا بكى، وحديثه في الكتاب الستة. سير أعلام النبلاء [5/ 353] ، تهذيب الكمال [26/ 503] ، تهذيب التهذيب [9/ 473- 475] ، الكاشف [3/ 88] ، التقريب [/ 508] ، الخلاصة [/ 360] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 121- 140 ص 533] ، التاريخ الكبير [1/ 219] ، الجرح والتعديل [8/ 97] . قوله: «عن جابر» : هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، صحابي جليل، ولأبيه أيضا صحبة، كان مفتي المدينة في زمانه، غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، وله مناقب وفضائل مبسوطة في المطولات. سير أعلام النبلاء [3/ 189] ، أسد الغابة [1/ 307] ، الإصابة [2/ 45] ، الاستيعاب [2/ 109] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 73] . قوله: «لتمام مكارم الأخلاق» : كذا في «ظ» ، وكذا في رواية البغوي من طريق المصنف، وفي «ب» : - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 ......... - بمكارم الأخلاق. وقد روي أيضا بلفظ: لإتمام مكارم الأخلاق، وبلفظ: لأتمم مكارم الأخلاق، فقيل في شرحه: بعد ما كانت ناقصة، أو: لأجمعها بعد التفرقة، وقال بعضهم: أشار صلى الله عليه وسلم بهذا إلى أن الأنبياء قبله بعثوا بمكارم الأخلاق وبقيت بقية فبعث صلى الله عليه وسلم بإتمام ما بقي عليهم، ومن ثم قال الطيبي في شرح المشكاة: معنى هذا الحديث يلتقي وحديث أبي هريرة: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ... إلى قوله:.. أنا سددت موضع اللبنة، يلتقيان في معنى إتمام الناقص. اهـ. وقد أحسن أبو العتاهية حين قال: ليس دنيا إلّا بدين ... وليس الدين إلّا مكارم الأخلاق وفي إسناد الحديث من قد عرفت من الضعفاء، وهو مما يخرج في هذا الباب، وله من الشواهد ما يجعله حسنا فيه. أخرجه من طريق المصنف الحافظ البغوي في تفسيره [2/ 224] ، وفي شرح السنة [13/ 202] ، رقم 3622. تابعه عن عمر بن إبراهيم: (1) - صالح بن بشير الطبراني، أخرجه من طريقه الطبراني في معجمه الأوسط [7/ 454] رقم 6891، وقال: لم يروه عن يوسف إلّا عمر، تفرد به صالح. اهـ. كذا قال رحمه الله، وقد تبين لك أن المصنف أخرجه من طريق الراشدي عن عمر، وقد رواه أيضا: (2) - داهر بن نوح- أحد الضعفاء- أخرجه البيهقي في الشعب [6/ 231] برقم 7979 وضعفه، وتصحف اسم داهر إلى: زاهر بالزاي، والبغوي في شرح السنة [13/ 202] برقم 2623، وتصحف عنده اسم عمر إلى: محمد. - خالفه المبارك بن فضالة عن ابن المنكدر في متنه، فرواه عنه، عن جابر بلفظ: إن الله يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها، إسناده جيد، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 ......... - أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 10. وفي الباب عن أبي هريرة، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أسلم مرسلا: - أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 381] رقم 8939، واللفظ له، والبخاري في التاريخ [7/ 188 الترجمة 835] ، وفي الأدب برقم 273، وابن سعد في الطبقات [1/ 192] ، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 13، والحاكم في المستدرك [2/ 613] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 192] ، وفي الشعب برقم 7978، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1165، والخرائطي في مكارم الأخلاق 1/ أ- ب، وفي المنتقى من المكارم برقم 1، وابن عبد البر في التمهيد [24/ 333- 334] ، والخطيب في الجامع [1/ 93] ، جميعهم من حديث أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق. وأخرجه مالك في الموطأ بلاغا بلفظ: حسن الأخلاق، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات [1/ 193] ، قال ابن عبد البر في التمهيد: هذا الحديث يتصل من طرق صحاح عن أبي هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم. - وأما حديث معاذ، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 65- 66] رقم 120، والبيهقي في الشعب [6/ 231] رقم 7980، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق، واللفظ له برقم 14، والبزار في مسنده [2/ 407 كشف الأستار] ، وسقط اسم مكحول من الإسناد في المطبوع منه، وابن عبد البر في التمهيد [24/ 334- 335] ، جميعهم من حديث شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أحب أن أحمد- كأنه يخاف على نفسه-، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يمنعك أن تعيش حميدا وتموت فقيرا، وإنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 1621- وقال له رجل: أوصني قال: أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. 1622- وجاءه آخر فقال: أوصني وأوجز لي بشيء يوجب لي الجنة، قال: عليك بحسن الكلام وبذل الطعام. 1623- وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. -- وأما حديث زيد بن أسلم المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 500] رقم 11822، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم مرفوعا: إنما بعثت لأتمم صلاح [كذا في الأصل وصوبها المحقق إلى: صالح] الأخلاق. (1621) - قوله: «وقال له رجل» : هو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وقد خرجنا حديثه، وذكرنا الاختلاف فيه في كتابنا: فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2957. (1622) - قوله: «وجاءه آخر» : هو هانئ بن يزيد أبو شريح الحارثي، من بني الحارث بن كعب، أخرج حديثه: ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 519] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 811، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 179- 180] الأرقام 467، 468، 496، 470، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 131، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1140، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 490، 504-، والحاكم في المستدرك [1/ 23] ، وأقره الذهبي. (1623) - قوله: «أشد حياء من العذراء» : أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في المناقب، برقم 3562، ومسلم في الفضائل برقم 2320، كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري به، وتقدم في أول الباب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 1624- وقال صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: إن فيك لخلتين يحبهما الله ورسوله، فقال: وما هما يا رسول الله؟ قال: الحلم والحياء، قال: أقديما كانت فيّ أو حديثا؟ قال: لا بل قديما، قال: قلت: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله. 1625- عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال: سمعت الحسين بن علي رضي الله عنهما يقول: لو شتمني رجل في هذه الأذن- وأومأ إلى اليمنى- واعتذر لي في الأخرى لقبلت منه، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حدثني: أنه سمع جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا ورد عليّ الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل. (1624) - قوله: «لبعض أصحابه» : هو الأشج: أشج عبد القيس، أخرج قصته الجماعة كلهم مطولة ومختصرة من حديث نصر بن عمران أبي جمرة، عن ابن عباس، غير أن البخاري استثنى من القصة قوله: إن فيك لخلتين أو خصلتين وقد أخرجها الباقون. (1625) - قوله: «من محق أو مبطل» : في الباب عن جابر بن عبد الله عند الطبراني في الأوسط [2/ 21] رقم 1033، من طريق علي بن قتيبة الرفاعي- أحد الضعفاء-: حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الزبير، عنه مرفوعا: من اعتذر إليه فلم يقبل، لم يرد عليّ الحوض. وعن عائشة رضي الله عنها أيضا أخرجه في الأوسط [7/ 160] رقم 6291، من طريق خالد بن يزيد العمري- اتهم بالكذب-: حدثنا عبد الملك بن يحيى، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عنها مرفوعا: عفوا تعف نساؤكم، وبروا تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء يبلغه عنه فلم يقبل عذره لم يرد عليّ الحوض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 1626- ونهى صلى الله عليه وسلم عن الإساءة إلى أحد من الخدم وغيرهم، ما ضرب صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة، ولا ضرب شيئا بيده إلّا أن يحارب في سبيل الله عزّ وجلّ. 1627- قال أنس بن مالك: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين فلا والذي بعثه بالحق ما قال لي في شيء قط فعلته- وهو يكره ذلك-: لم فعلت ذلك؟ وما تركت شيئا قط من خدمته كان يحب أن أفعله: ما لك لم تفعله؟ فضلا عن أن يلومني بشيء. 1628- وفي رواية: وما كان يلومني أحد من نسائه إلّا قال: دعوه فإنما كان هذا بكتاب وقدر. (1626) - قوله: «إلا أن يحارب في سبيل الله عزّ وجلّ» : تقدم تخريجه قريبا في أول الباب. (1627) - قوله: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين» : أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، رقم 6038، ومسلم في الفضائل، باب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، رقم 2309 (51، 52، 53) . (1628) - قوله: «وما كان يلومني أحد» : بعضهم يرويه ضمن الأول، وبعضهم يفرقه، أخرج معنى هذا اللفظ ضمن الأول ومنفصلا: الإمام أحمد في مسنده [3/ 231] ، وابن أبي عاصم في السنة [1/ 156] رقم 355، وأبو نعيم في الحلية [6/ 179] ، من حديث عمران القصير، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 243] برقم 1100، من حديث ابن عجلان، عن حميد، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [9/ 443] برقم 17947، والبيهقي في الشعب [6/ 258] ، رقم 8070، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 1629- وما شتم صلى الله عليه وسلم أحدا من المؤمنين بشتيمة تعلم إلّا جعلها له كفارة ورحمة. 1630- وما لعن صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولا خادما بلعنة تعلم. 1631- وقد قيل له صلى الله عليه وسلم وهو يوازي قوما للقتال: لو لعنتهم يا رسول الله؟ قال: إنما بعثت رحمة ولم أبعث لعانا. - وابن حبان في صحيحه من حديث عزرة بن ثابت، عن ثمامة- كما في الإحسان برقم 7179-، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 35] ، من حديث ابن المسيب، وابن أبي الدنيا في الرضا برقم 4، من حديث فرات بن سليمان، جميعهم عن أنس بألفاظ، وبعضهم يزيد على بعض. (1629) - قوله: «إلا جعلها له كفارة ورحمة» : أخرج البخاري ومسلم- واللفظ له- من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ إنما أنا محمد بشر، يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة. (1630) - قوله: «بلعنة تعلم» : أخرجه النسائي في الصوم، باب الفضل والجود في شهر رمضان، من حديث معمر والنعمان بن راشد رقم 2096، وابن سعد في الطبقات [1/ 367] ، وزاد الحاكم في الطريق: أيوب [2/ 613] ، جميعهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- وهذا لفظ الحاكم- قالت: ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما من لعنة تذكر، ولا ضرب بيده شيئا قط إلّا أن يضرب بها في سبيل الله ... الحديث بطوله صححه على شرط الشيخين- وهو عندهما لكن بغير هذا السياق- وأقره الذهبي. (1631) - قوله: «ولم أبعث لعانا» : أخرجه مسلم في البر والصلة، باب النهي في لعن الدواب، برقم 2599، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 1632- وما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده أحدا قط إلّا أن يضرب بها في سبيل الله، وما انتقم صلى الله عليه وسلم شيئا صنع إليه إلّا أن يكون لله في ذلك حرمة تنتهك فيكون لله ينتقم، وما خيّر صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلّا اختار أيسرهما، إلّا أن يكون فيه قطيعة رحم فيكون أبعد الناس من ذلك. 1633- ولو لم يكن من حلمه صلى الله عليه وسلم وكرم عفوه إلّا ما كان يوم فتح مكة لكان من أعجب العجب. ذلك أنه حين دخل مكة- وكان أهلها قد قتلوا أعمامه ورجاله وأولياءه وأنصاره، وعذبوهم بألوان العذاب، واستعدوا عليه، وأرادوا نفسه وقتا بعد وقت- فلما دخل جمعهم، ثم قام خطيبا فيهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أقول كما قال أخي يوسف عليه السّلام: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، صلى الله عليه وسلم. 1634- يقال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا ينشد هذا البيت: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد - والبخاري في الأدب المفرد، باب لعن الكافر، برقم 321، وأبو يعلى في مسنده [11/ 35] رقم 6174، والبغوي في الأنوار [1/ 208] . (1632) - قوله: «فيكون أبعد الناس من ذلك» : تقدم قريبا أنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها. (1634) - قوله: «متى تأته تعشو» : البيت للحطيئة، وهو في ديوانه برواية ابن السكيت [/ 161] ، ونسبه له أبو عبيدة بن المثنى في مجاز القرآن [2/ 204] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 فقال عمر رضوان الله عليه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1635- ويقال: أنشد شعر زهير في هرم بين يدي أبي بكر رضوان الله عليه: دع ذا وعد القول في هرم ... خير الكهول وسيد الحضر فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: حامي الذمار على محافظة ... الجلّى أمين مغيّب الصدر فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: وإذا خلوت به خلوت إلى ... صافي الحقيقة طيب الخبر قوله: «فقال عمر» : أخرج ابن عساكر في تاريخه [3/ 358] أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حيث يقول لهرم بن سنان: لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المضيء ليلة البدر فيقول عمر ومن سمع ذلك: كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره. (1635) - قوله: «دع ذا وعد القول» : الأبيات في ديوانه [/ 53- 55] . قوله: «الجلّى» : وزن فعلى، أي: الجماعة والعشيرة، وقيل: البلية النازلة، ووقع في الأصل: حامي الحقيقة في محافظة. قوله: «وإذا خلوت» : كذا في الأصل، وفي الديوان: وإذا برزت به برزت إلى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: متصرف للمجد معترف به ... للنائبات يراح للذكر فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما يدل على ثبات قلبه صلى الله عليه وسلم وشجاعته وشدة بأسه أن الناس فرّوا عنه يوم حنين والعباس رضي الله عنه آخذ بحكمة بغلته، وهو صلى الله عليه وسلم ينادي: يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة إليّ أنا رسول الله. قوله: «وهو صلى الله عليه وسلم ينادي» : تقدم ما يتعلق بهذا في المغازي، فصل: في غزوة حنين، انظر النص رقم: 779. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 [257- باب: في آداب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنّهي وقول الله عزّ وجلّ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الاية] 257- باب: في آداب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنّهي وقول الله عزّ وجلّ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الاية 1636- أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد الدينوري بمكة حرسها الله قال: أخبرنا أبو محمد: عبد الله بن وهب الحافظ الدينوري قال: حدثنا عباس قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، (1636) - قوله: «حدثنا عباس» : هو ابن الوليد النرسي، الإمام الحافظ الحجة: أبو الفضل الباهلي، البصري، ابن عم الحافظ عبد الأعلى بن حماد، وأحد مشايخ الشيخين الأثبات، انظر: سير أعلام النبلاء [11/ 27] ، تهذيب الكمال [14/ 259] ، تهذيب التهذيب [5/ 116] ، الكاشف [2/ 62] ، التقريب [/ 294] الترجمة رقم 3193، إكمال مغلطاي [7/ 221] . قوله: «حدثنا سفيان» : هو ابن عيينة، الإمام الحجة. تابعه عن القعقاع: جعفر بن عبد الله، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 355] ، ومسلم في الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وإغلاق الأبواب.. رقم 2014 (99) ، ومن طريق مسلم: البغوي في شرح السنة برقم 3061. وأخرجه البخاري في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم 3280، وفي باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، رقم 3304، وفي باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، رقم 3316، وفي الأشربة، باب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 عن القعقاع بن حكيم، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفوا صبيانكم فحمة العشاء، فإنكم ما تدرون ما يبث الله من خلقه، أكفوا الإناء، وأوكوا السّقاء، وغلّقوا الأبواب، واطفئوا المصابيح. 1637- وقال صلى الله عليه وسلم: بلّوا الأرحام ولو بالسلام. - تغطية الإناء رقم 5623، 5624، وفي الاستئذان، باب لا تترك النار في البيت عند النوم، رقم 6295، وفي باب غلق الأبواب بالليل، رقم 6296، ومسلم برقم 2012 (97) من حديث عطاء، عن جابر به. وأخرجه مسلم برقم 2013 (98) من طريق أبي الزبير عن جابر. (1637) - قوله: «بلّوا الأرحام» : ذكر الحليمي في شعبه [3/ 256] عن بعضهم في معناه: أي صلوها، قال: فكأنه جعل وصل الرحم كتسكين الحرارة بالماء. والحديث أخرجه البيهقي في الشعب [6/ 227] رقم 7973 من حديث إسماعيل بن عياش، عن مجمع بن جارية، عن عمه (يعني: يزيد بن جارية) ، عن أنس بن مالك به وهو إسناد لا بأس به. *- وخالفه جماعة عن مجمع، فقالوا: عنه، عن سويد بن عامر به- مرسل، وهو مرسل حسن، أخرجه هناد في الزهد [2/ 492] رقم 1011، ووكيع كذلك برقم 409، وابن حبان في الثقات [4/ 324] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 654، والبيهقي في الشعب [6/ 226- 227] رقم 7972. ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب [1/ 207] من حديث مروان بن معاوية الفزاري، عن مجمع، عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في مسند الفردوس [2/ 10] رقم 2087، وهكذا قال عيسى بن يونس، عن مجمع، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 653. ورواه البزار في مسنده [2/ 373- كشف الأستار] رقم 1877 من حديث أبي جمرة عن ابن عباس به، وفي إسناده البراء بن يزيد الغنوي وهو ضعيف. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 1638- وقال صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بحفظ الجار، حتى ظننت أنه سيورثه. 1639- وقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من جار السوء في دار الإقامة. 1640- وقال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره. - قال الشيخ الغماري في فتح الوهاب [1/ 466] : ورواه الطبراني وابن لال من حديث أبي الطفيل: عامر بن واثلة، وفيه راو لم يسم، لكن بمجموع هذه الطرق يتقوى الحديث. (1638) - قوله: «حتى ظننت أنه سيورثه» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما وفيه: يوصيني بالجار، بدل كلمة: بحفظ. أخرجه البخاري في الأدب، باب الوصاة بالجار رقم 6014، 6015، ومسلم في البر والصلة برقم 2624، 2625. (1639) - قوله: «في دار الإقامة» : زاد في الرواية: فإن جار البادية يتحول، أخرجه بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [2/ 346] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 117، والنسائي في الاستعاذة [8/ 274] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 359] رقم 5473، وأبو يعلى في مسنده [11/ 411] رقم 6536، جميعهم من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2056، والحاكم في المستدرك [1/ 532] ، وسكت عنه الذهبي. (1640) - قوله: «فلا يؤذي جاره» : أخرجاه من حديث أبي هريرة، فرقه البخاري في غير موضع من طرق عنه، منها: في النكاح، باب الوصاة بالنساء، رقم 5185، ومسلم في الإيمان رقم 47. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 1641- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على اصطناع المعروف، وقال: كل معروف صدقة. 1642- وقال صلى الله عليه وسلم: رأس العقل بعد الإيمان: مداراة الناس، ولن يهلك رجل بعد مشورة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الاخرة. (1641) - قوله: «كل معروف صدقة» : أخرجه البخاري في الأدب، باب كل معروف صدقة، من حديث جابر بن عبد الله برقم 6021، وأخرجه مسلم في الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، من حديث حذيفة، رقم 1005. (1642) - قوله: «رأس العقل بعد الإيمان» : يأتي في باب ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال برقم 2096، ويأتي تخريجه هناك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 [258- فصل: ولما جعل الله فيه من الرّقّة:] 258- فصل: ولما جعل الله فيه من الرّقّة: 1643- قال صلى الله عليه وسلم: ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا. 1644- وقال صلى الله عليه وسلم: فلأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة. (1643) - قوله: «ادفعوا الحدود» : أخرجه ابن ماجه في الحدود من حديث المقبري، عن أبي هريرة، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات رقم 2545، وابن عدي في الكامل [1/ 232- 233] ، بإسناد فيه إبراهيم بن الفضل المخزومي، ضعفه الجمهور، وقال ابن عدي بعد أن أورد له هذا الحديث وأحاديث أخرى: لم أر أوحش منها، وكل ذلك غير محفوظ، وعندي أنه لا يجوز الاحتجاج به، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. (1644) - قوله: «فلأن يخطئ» : سقط هذا الحديث من «ب» و «م» ، وهو منفصل في المصادر عما قبله، أدخل المصنف اللفظين معا، وأول هذا: «ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم مخرجا فخلوا سبيله» . أخرجه الترمذي في الحدود، باب ما جاء في درء الحدود رقم 1424، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 123] ، والحاكم في المستدرك [4/ 384] جميعهم من حديث عروة، عن عائشة، وزعم أنه صحيح الإسناد، وقد قال الترمذي: يزيد ابن زياد الدمشقي ضعيف. قال: ورواه وكيع عن يزيد ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح. قلت: رواية وكيع أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 569- 570] . - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 1645- وقال صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئة عثراتهم. فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالكرم بإقالة ذوي الهيئة، لما جبله الله عليه، وجعله أولى خلقه بهم. 1646- وقال صلى الله عليه وسلم: تجافوا عن عقوبة ذوي المروآت إلّا في حد من حدود الله. - وأخرجه من حديث عمرة عن عائشة الإمام أحمد في مسنده [6/ 181] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 465، وأبو داود في الحدود، باب في الحد يشفع فيه، برقم 4375، والنسائي في الرجم من السنن الكبرى، باب التجاوز عن ذلة ذي الهيئة، الأرقام 7293، 7294، 7295، 7296، 7297، 7298، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 334] وغيرهم، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 94. (1645) - قوله: «ذوي الهيئة» : كذا في «ظ» ، وفي «ب» و «م» : ذوي المروآت، وقد وردت الرواية باللفظين. (1646) - قوله: «تجافوا عن عقوبة ذوي المروآت» : فسره في حديث ابن عمر بأنه: ذو الصلاح. أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق برقم 62، والطحاوي في المشكل [3/ 130] ، بإسناد فيه محمد بن عبد العزيز الزهري، ضعفه الجمهور. وأخرجه الطبراني في الصغير برقم 883 بإسناد فيه محمد بن كثير بن مروان، وهو ضعيف أيضا. لكن يشهد لحديث ابن عمر ما أخرجه أبو داود في الحدود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان، برقم 4376، واللفظ له، والنسائي كذلك، باب ما يكون حرزا وما لا يكون، رقم 4885، 4886، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 383] من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 1647- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شفع شفاعة حالت دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في ملكه، ومن أعان على خصومة لا يعلم أحق أم باطل فهو في سخط الله حتى ينزع، ومن مشى مع قوم يري أنه شاهد وليس بشاهد فهو شاهد زور. - عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب. (1647) - قوله: «فهو شاهد زور» : زاد الطبراني في الأوسط [9/ 251] رقم 8547: ومن تحلّم كاذبا كلف أن يعقد بين طرفي شعيرة، وسباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، أخرجه من حديث أبي يحيى: رجاء صاحب السقط- وهو ضعيف- قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يحدث أيوب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعا. وأخرجه أيضا: العقيلي في ترجمته من الضعفاء [2/ 60] ، وقال: هذا الحديث يروى بأسانيد مختلفة صالحة من غير هذا الطريق. اهـ. قلت: يشير إلى طرق حديث ابن عمر، وهو بنحو الوارد هنا، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 70] ، وأبو داود برقم 3597، من حديث يحيى بن راشد عنه مرفوعا: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره، ومن مات وعليه دين فليس الدينار والدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال. وأخرجه أبو داود برقم 3598، وابن ماجه برقم 2320 مختصرا، والطبراني في الأوسط [3/ 436- 437] رقم 2942 بطوله من حديث مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 1648- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تطرقوا الطير في أوكارها، فإن الليل أمان لها. وذلك لما جبله عليه الله من الرحمة. 1649- وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا، فوجد امرأة تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: فرّق بيني وبين ابني ببيع بأرض بني عبس، فدعا بصاحب السبي- وهو: أبو أسيد الساعدي- فقال: أفرقت بينها وبين ولدها؟ قال: ضعف عن المشي ولم تقو هي على حمله فبعته بأرض بني عبس، فقال صلى الله عليه وسلم: لتذهبن أنت بنفسك حتى تأتي به، فذهب أبو أسيد حتى جاء بابنها فرده عليها. - وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 270] رقم 13084، والحاكم في المستدرك [4/ 383] ، من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن ابن عمر بمعنى طرفه الأول، وفيه عبد الله بن جعفر المديني، والد علي بن المديني وهو ضعيف. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 82] ، والخطيب في الموضح [1/ 154] ، من طريق عطاء بن أبي مسلم، عن نافع، عن ابن عمر. رواه القاسم بن أبي بزة، عن عطاء، عن حمران، عن ابن عمر، أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 253- 254] رقم 6487. (1648) - قوله: «لا تطرقوا الطير في أوكارها» : أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [3/ 142] برقم 2896، بإسناد فيه عثمان بن عبد الرحمن القرشي وهو ضعيف. (1649) - قوله: «سبايا» : من البحرين، جاء بهم أبو أسيد الساعدي، أخرج الحديث الحاكم في المستدرك [3/ 516] من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه به، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه مرسل، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 1650- وقال صلى الله عليه وسلم: من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. 1651- وكان صلى الله عليه وسلم يفزعه الريح إذا هاجت، فإذا قطرت السماء سرّي ذلك عنه وفرح صلى الله عليه وسلم. - وهو كذلك لكن قال البيهقي عقب إخراجه: مرسل حسن، السنن الكبرى [9/ 126] . قال أبو عاصم: هذا الحديث رواه أنس بن عياض فأرسله، وخالفه ابن أبي ذئب- وهو ثقة وزيادته مقبولة- فوصله، بيّن ذلك البيهقي في السنن الكبرى، وعلى هذا فهو مسند بإسناد حسن أيضا. (1650) - قوله: «من فرق بين والدة وولدها» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 412، 413، 414] ، وأبو محمد الدارمي في المسند الجامع كتاب السير باب النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها، رقم 2636- فتح المنان-، والترمذي في البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع، رقم 1283، وقال: حسن غريب، والدارقطني [3/ 67] ، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 217] رقم 4080، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 126] ، وصححه الحاكم في المستدرك على شرط مسلم [2/ 55] ، وسكت عنه الذهبي. (1651) - قوله: «يفزعه الريح إذا هاجت» : أخرج البخاري في بدء الخلق، باب وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الاية، برقم 3206، ومسلم في الاستسقاء باب التعوذ عند رؤية الريح، رقم 899 (15) ، كلاهما من حديث عطاء ابن أبي رباح عن عائشة أنها قالت: كان النبي إذا عصفت الريح قال: اللهمّ إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 1652- وهبت ريح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشفت عن ثوب رجل فسبها ذلك الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تسبها فإنها مأمورة. - وشر ما أرسلت به، قالت: وإذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سري عنه فعرفت ذلك في وجهه، قالت: فسألته فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الاية، لفظ مسلم، ولفظ البخاري دون الدعاء في أوله. (1652) - قوله: «فكشفت عن ثوب رجل» : وقال أبو داود في روايته: أن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها.. الحديث، أخرجه في الأدب، باب في اللعن، رقم 4908، وأخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة رقم 1978- وقال: حسن غريب-، والطبراني في معجمه الكبير رقم 12757، وفي الدعاء له [3/ 1718] رقم 2050، والبيهقي في الشعب [4/ 315- 316] رقم 5235، وفي الاداب له برقم 460، جميعهم من حديث بشر بن عمر الزهراني- ثقة-: حدثنا أبان بن يزيد، ثنا قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5745، لوح أبو داود بأن بشرا هو الذي أسنده، وقال الترمذي: لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر، وقال البيهقي عقب إخراجه له في الشعب: كذا رواه بشر، ثم أخرجه من طريق أبي داود المرسل برقم 5236. وأخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 123] ، والترمذي في الفتن، باب ما جاء في النهي عن سب الريح، رقم 2252، والنسائي في عمل اليوم والليلة، رقم 934، 936، وعبد بن حميد في المنتخب برقم 167، والطحاوي في المشكل [2/ 380] رقم 918، وابن أبي الدنيا في المطر- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 ......... - والرعد برقم 128، جميعهم من حديث ابن أبي ثابت، عن زر، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي رفعه: لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهمّ إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به، قال الترمذي: حسن صحيح. وقد اختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت: فروي عنه موقوفا أيضا، ومنهم من يذكره عنه عن زر بينه وبين سعيد، ومنهم من يسقطه، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 217] رقم 9268، ومن طريقه البخاري في الأدب المفرد برقم 719، وأخرجه عبد الله ابن الإمام في زوائده [5/ 123] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 937، والطحاوي في المشكل [1/ 398] . وتابعه على وقفه سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن، أخرجه البيهقي في الشعب [4/ 315] رقم 5234. وهكذا رواه موقوفا شعبة عن زر، عن سعيد، أخرجه النسائي في اليوم والليلة 938، 939. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 [259- فصل: إعفاء اللحى، وقص الشوارب] 259- فصل: إعفاء اللحى، وقص الشوارب 1653- وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى، وقص الشوارب، وقال: انهكوا الشوارب واعفوا اللحى. 1654- وكان صلى الله عليه وسلم إذا اهتم أكثر من مس لحيته. (1653) - قوله: «انهكوا الشوارب» : أخرجه البخاري في اللباس، باب إعفاء اللحى، من حديث نافع عن ابن عمر به، رقم 5893. (1654) - قوله: «أكثر من مس لحيته» : أخرجه البزار في مسنده [1/ 96 كشف الأستار] رقم 165 من طريق رشدين بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلّا بهذا الإسناد. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 160] : الجمهور على تضعيف رشدين بن سعد. اهـ. تابعه أبو حريز: سهل مولى المغيرة، عن الزهري، أخرجه ابن حبان في المجروحين [1/ 348] ، وأبو حريز قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وتابعه عن الزهري أيضا: الأوزاعي، أخرجه تمام في فوائده برقم 666، لكن في إسناده أبو زيد الحوطي: أحمد بن عبد الرحيم، قال ابن القطان: لا يعرف حاله، وفيه أيضا: محمد بن مصعب القرقساني، قال: ابن معين: ليس بشيء. وله طريقان آخران، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 71] ، من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 1655- وقال صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فأما الذي في الرأس: فقص الشوارب والمضمضة والاستنشاق والسواك والفرق. وأما التي في البدن: فالختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار وانتقاص الماء، وبعض الأخبار: غسل البراجم. 1656- ومن السنة: الترجل، أن يرجل غبا. - عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد وجده أكثر مس لحيته، حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 378] . خالفه ابن أبي يحيى- وهو متروك، لكنه توبع-، عن محمد بن عمرو، فقال عنه: عن أبيه، عن جده، عن عائشة، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 225] ، وتابعه علي بن مسهر، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6439. (1655) - قوله: «عشر من الفطرة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 137] ، ومسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة، رقم 261 (56) ، وأبو داود في الطهارة، باب السواك من الفطرة، رقم 53، والترمذي في الاداب، باب ما جاء في التوقيت في تقليم الأظفار، رقم 2758، والنسائي في الزينة، باب من السنن: الفطرة، رقم 5040، وابن ماجه في الطهارة، باب الفطرة، رقم 239 جميعهم من حديث ابن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها به. (1656) - قوله: «أن يرجل غبا» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 86] ، وأبو داود في الترجل برقم 4159، والترمذي في اللباس، باب ما جاء في النهي عن الترجل إلّا غبا، رقم 1756، وفي الشمائل برقم 34، والنسائي في الزينة، باب الترجل- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 1657- وكان صلى الله عليه وسلم ينظر في المرآة، ويرجّل جمته ويمتشط، وربما نظر في الماء يسوي فيه جمته. 1658- ومن السنة الكحل واستعماله، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عليكم بالإثمد. - غبا، برقم 5055 جميعهم من حديث الحسن، عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلّا غبا، صححه ابن حبان برقم 5484. وأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 111] ، وأبو داود برقم 28، والنسائي برقم 5058 معناه من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، صححه الحافظ في الفتح. (1657) - قوله: «ويرجل جمته ويمتشط» : أعاده المصنف، وقد تقدم الكلام عليه في باب مرآته ومكحلته، انظر الحديث رقم 1077 وما بعده. (1658) - قوله: «عليكم بالإثمد» : زاد في الرواية: فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر، وفي رواية: إنه من خير أكحالكم، أخرجه مختصرا ومطولا من حديث ابن عباس: الإمام أحمد في المسند [1/ 247، 274، 328، 355، 363] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 6201، والحميدي في مسنده برقم 520، والطيالسي كذلك برقم 2681، وأبو داود في اللباس، باب في البياض، برقم 4061، وفي الطب، باب في الأمر بالكحل، برقم 3878، والترمذي في الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، برقم 994- وقال: حسن صحيح- وفي الشمائل برقم 65، والنسائي في الزينة [8/ 149- 150] ، وابن ماجه في اللباس، باب البياض من الثياب، رقم 3566، وفي الجنائز، باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، رقم 1472، والشافعي في مسنده [/ 364- 365] ، وأبو يعلى في مسنده [4/ 300] رقم 2410، وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 1439، والحاكم في المستدرك [1/ 354] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 1659- وكان صلى الله عليه وسلم يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا، وفي اليسرى ثنتين. 1660- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: من شاء اكتحل ثلاثا في كل عين، ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج. (1659) - قوله: «وفي اليسرى ثنتين» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [7/ 379] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 183] ، والبغوي في شرح السنة [12/ 119] رقم 3205، وفي الأنوار برقم 1095 بإسناد حسن من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس عن أنس به، وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 364] رقم 13353- وهو عند البزار أيضا كما أفاده الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 96]- من حديث ابن عمر بمعناه، قال الهيثمي: فيه عقبة بن علي وهو ضعيف. (1660) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقول: من شاء اكتحل ثلاثا» : أظنه بالمعنى إذ لم أجده هكذا، روي من حديث أبي هريرة مرفوعا: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، بسطنا تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 707، ورقم 2233، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتحل ثلاثا في كل عين، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 354] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 380، 8/ 411] ، والطيالسي في مسنده برقم 349، والترمذي في جامعه برقم 1757، وفي الشمائل برقم 49، وابن ماجه في الطب برقم 3947، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 161] ، والبغوي في الأنوار برقم 1093، جميعهم من حديث عكرمة، عن ابن عباس، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 408] وقال: عبّاد لم يتكلم فيه بحجة، فرد الذهبي بقوله: ولا هو حجة، وقال البيهقي: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 1661- وربما اكتحل صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وكان كحله الإثمد. 1662- ومن السنة استعمال الطيب، لما روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف بريح الطيب إذا أقبل. - هذا أصح ما روي عن اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عاصم: ولحديث أبي هريرة الذي أشرت إليه، ولاختلاف الأحاديث الواردة في صفة اكتحاله صلى الله عليه وسلم اختلف أهل العلم في الوتر كيف يحصل؟ هل هو بالنسبة إلى العينين كلتيهما فيكون في هذه ثلاث وفي هذه اثنتان، أو هو بالنسبة إلى كل عين فيكون في هذه ثلاث وفي الأخرى ثلاث، قولان لأهل العلم، فكان ابن سيرين يقول: إذا اكتحلت ثلاثا وثلاثا فهو شفع ولكن اجعل الميل بينهما، وكان الحسن وقتادة يقولان: هو وتر، وللإمام أحمد قولان. (1661) - قوله: «وربما اكتحل صلى الله عليه وسلم وهو صائم» : أحاديث الباب في أسانيدها كلام، لذلك ضعف الاحتجاج بها، بيّن ذلك المصنف بقوله: وربما. نعم، وإنما احتجوا في هذا بفعل الصحابة والأئمة الفقهاء. أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، والبيهقي في الكبرى [4/ 262] ، من حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد وهو صائم، في إسناده حبان بن علي العنزي وهو ضعيف. وأخرج ابن ماجه برقم 1678، والبيهقي في الكبرى [4/ 262] ، من حديث عائشة قالت: اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وفي إسناده سعيد بن عبد الجبار الزبيدي وهو ضعيف، وقيل: من مجاهيل شيوخ بقية، يأتي بما لا يتابعه عليه الثقات. (1662) - قوله: «كان يعرف بريح الطيب» : وفي اللفظ بعد الاتي: يعرف في الليلة المظلمة، وقد خرجناهما- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 1663- وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بموضع عرف من طيبه. وهذا مختص بالرجال. 1664- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة خرجت متعطرة لعنتها الملائكة حتى ترجع. 1665- وكان صلى الله عليه وسلم يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بطيب ريحه صلى الله عليه وسلم. 1666- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزّ وجلّ جعل لذتي في النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة. - في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 69، 70 فتح المنان. (1664) - قوله: «أيما امرأة خرجت متعطرة» : خرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي من حديث أبي موسى الأشعري، مرفوعا وموقوفا بلفظ: أيما امرأة استعطرت ثم خرجت ليوجد ريحها فهي زانية، رقم 2811- فتح المنان. (1666) - قوله: «وجعل قرة عيني في الصلاة» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 219- 220] ضمن قصة مرضه وخروجه يوم الاثنين للصلاة، وفيه: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر فرأى الناس يصلون فقال: إن الله جعل قرة عيني في الصلاة.. الحديث ليس فيه الشطر الأول، وفي إسناده الواقدي، وفيه الكلام المشهور، لكن أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 128، 199، 285] ، والنسائي في العشرة [7/ 61] باب حب النساء، رقم 3939، وابن سعد في الطبقات [1/ 298] ، وأبو يعلى في مسنده [6/ 199- 200] رقم 3482، وأبو الشيخ في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 ......... - أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 247] ، جميعهم من حديث ثابت، عن أنس مرفوعا: حبب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 160] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وزعم ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ أنه ليس بمحفوظ قال: لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا، وإنما هي من أهم شؤون الاخرة. اهـ. قال أبو عاصم: ابن كثير أجل من أن يقصر فهمه عن معنى مثل هذا، فإن مراده صلى الله عليه وسلم أن يفهم السامع أن ما حبب إليه من أمور الدنيا ليس يلهيه عن أمور الاخرة وطلبها، فأشار إلى أن الصلاة- المتضمنة لمناجاته ربه- تسمو على ما حبب إليه من أمور الدنيا فهي تشغله عن ذلك، لا أن الصلاة مما حبب إليه من أمور الدنيا فتأمل، شاهد هذا ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 398] من حديث يونس، عن الحسن مرسلا: ما أحببت من عيش الدنيا إلّا الطيب والنساء، وأخرج أيضا من حديث عائشة: كان يعجب نبي الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثلاثة أشياء: الطيب والنساء والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب ولم يصب الطعام، إسناده على شرط الصحيح إلّا أن فيه رجلا لم يسم. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 398] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 27] ، وأبو يعلى في مسنده- ولعله في الكبير، أورده البوصيري في إتحاف الخيرة [6/ 299] رقم 5943- والبزار في مسنده- فيما ذكره البوصيري أيضا في الإتحاف-، جميعهم من حديث معقل بن يسار قال: ما كان شيء أعجب إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم من الخيل، ثم قال: اللهمّ غفرا بل النساء، وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 398] من حديث سلمة بن كهيل قال: لم يصب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الدنيا أحب إليه من النساء والطيب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 1667- وعن سفيان الثوري رضي الله عنه، عن محمد بن المنكدر رحمه الله، عمن حدثه به عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: حباني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورد بكلتا يديه، فلما أن قربته من أنفي، قال: أما إنه من سيد رياحين الجنة بعد الاس. 1668- وكان صلى الله عليه وسلم يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفارقه، ويتطيب بذكارة الطيب، بالمسك والعنبر، ويتطيب بالغالية. (1667) - قوله: «حباني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورد» : أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده المسماة بالغيلانيات، من حديث يحيى ابن عبد الله بن الحسين، عن أبيه عن جده الحسين بن علي به، رقم 1130، وفي إسناده من لا يعرف. (1668) - قوله: «حتى يرى وبيصه في مفارقه» : أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما أجد، وفي رواية: بأطيب الطيب، ولمسلم أيضا: كنت أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله أيضا مفسرا ذلك الطيب: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: «ويتطيب بذكارة الطيب» : قال ابن سعد في الطبقات [1/ 399] : أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا أبو بشر، أنا عبد الله بن عطاء المكي، عن محمد بن علي قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطيب؟ قالت: نعم، بذكارة الطيب، قلت: وما ذكارة الطيب؟ قالت: المسك والعنبر. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 31، 36، 40] ومسلم في الألفاظ برقم 2252، والترمذي في الجنائز برقم 991، 992، والنسائي فيه أيضا برقم 1905، وابن سعد في الطبقات [1/ 399] من حديث أبي سعيد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 1669- ومن السنة ألا يبيت إلّا طاهرا، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بات طاهرا بات في شعاره ملك، كلما تعار من الليل يقول الملك: اللهمّ اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا. 1670- وألا ينام وفي يده غمر، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نام وفي يده ريح غمر فأصابه لمم فلا يلومن إلّا نفسه. - الخدري في ذكر المسك وبعضهم يذكره بتمامه وفيه قصة المرأة من بني إسرائيل وفيه: أطيب الطيب المسك، وفي أخرى: إن من خير طيبكم المسك، وأخرجه مالك أيضا في الموطأ. وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 104] ، والبغوي في الأنوار برقم 1066 كلاهما من حديث يوسف بن أبي بردة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أحب الطيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العود. (1669) - قوله: «فإنه بات طاهرا» : أخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 1244، والبزار في مسنده [1/ 151 كشف الأستار] رقم 288، من حديث الحسن بن ذكوان- أخرج له البخاري في الرقاق ضعف شيئا-، عن الأحول، عن عطاء، عن ابن عمر به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1051، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 226] : أرجو أنه حسن الإسناد. قلت: في الباب عن عمرو بن عبسة عند الإمام أحمد [4/ 113] ، والطبراني في الأوسط [2/ 303] رقم 1528 وإسناده حسن، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 223] . (1670) - قوله: «فلا يلومن إلّا نفسه» : حديث حسن، وهو في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، خرّجته تحت رقم 2196- فتح المنان- قال الحافظ البيهقي في السنن الكبرى [7/ 276] : الحديث في غسل اليد بعد الطعام حسن، وأما قبله فضعيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 1671- وكان صلى الله عليه وسلم إذا راعه الشيء في منامه قال: هو الله لا شريك له. 1672- وكان صلى الله عليه وسلم كثير الرؤيا، ولا يرى في منامه إلّا الخير. ومن السنة ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عند الاستيقاظ من النوم، وهي دعوات مشهورة ذكرتها في باب الدعاء من كتاب الفتوة. 1673- وكان صلى الله عليه وسلم يستاك في ليلة ثلاث مرات، واحدة قبل نومه، وواحدة إذا قام من نومه إلى ورده، وواحدة قبل خروجه إلى الصبح. (1671) - قوله: «هو الله لا شريك له» : وفي رواية: هو الله لا أشرك به شيئا، وفي أخرى: الله الله ربي لا شريك له، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 657، ومن طريقه ابن السني كذلك في اليوم والليلة برقم 335، وأبو نعيم في الحلية [5/ 218] جميعهم من حديث خالد بن معدان، عن ثوبان، قال أبو نعيم: غريب من حديث خالد وثور، لم يروه عن الثوري إلّا سهل بن هاشم، وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 199- 200] : سألت أبي عنه فقال: إنما يروونه عن ثوبان، موقوف. (1672) - قوله: «كثير الرؤيا» : لا تصال ذلك بالوحي وأمر النبوة، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ... الحديث. (1673) - قوله: «يستاك في ليلة ثلاث مرات» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 417] ، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 170] والطبراني في معجمه الكبير [4/ 213] ، جميعهم من حديث واصل بن السائب- وهو ضعيف-، عن أبي سورة، عن أبي أيوب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 1674- وكان صلى الله عليه وسلم يستاك بالأراك. 1675- ومن السنة: صلاة الليل: اثنتا عشرة ركعة. - الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك من الليل مرتين أو ثلاثا ... الحديث، ولفظ ابن أبي شيبة: مرارا. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [1/ 169] من حديث جابر: أنه كان يستاك إذا أخذ مضجعه، وإذا قام من الليل، وإذا خرج إلى الصبح، قال أبو عتيق: فقلت له: قد شققت على نفسك بهذا السواك؟ فقال: إن أسامة أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك هذا السواك. (1674) - قوله: «يستاك بالأراك» : وكان يجنيه له ابن مسعود كما جاء في الحديث عنه عند الإمام أحمد [1/ 420] ، وأبي داود الطيالسي برقم 355، وأبي يعلى الموصلي في مسنده [9/ 209] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 155] رقم 5310، والبزار في مسنده [3/ 249] رقم 2678، وأبي نعيم في الحلية [1/ 127] ، والطبراني في معجمه [9/ 75] برقم 8452، وصحح ابن حبان منها طريق عاصم، عن زر، عن ابن مسعود برقم 7069 الإحسان. وأخرج خليفة في طبقاته [/ 60] ومن طريقه البخاري في الكنى من تاريخه [9/ 28] ، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2877] رقم 6765، والطبراني [22/ 368] رقم 923، والدولابي في الكنى [1/ 27] من حديث أبي خبرة الصنابحي قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم من عبد القيس، فزودنا الأراك نستاك به، وقال: استاكوا بهذا. (1675) - قوله: «صلاة الليل: اثنتا عشرة ركعة» : بدون ركعة الوتر، لما أخرجاه من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بالليل، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 1676- وكان صلى الله عليه وسلم يكثر تلاوة القرآن في غير صلاته. 1677- وكان صلى الله عليه وسلم أرق عباد الله في كتاب الله، وأطولهم فيه بكاء إذا خلا به، .... (1676) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يكثر تلاوة القرآن» : في معناه حديث ابن أبي أوفى: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر وقد تقدم. وأخرج أبو داود في الطهارة، باب في الجنب يقرأ القرآن رقم 229، والترمذي فيه، باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا، رقم 146، والنسائي فيه، باب حجب الجنب من قراءة القرآن، رقم 265، وابن ماجه فيه أيضا، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، رقم 594، والإمام أحمد في المسند [1/ 84] ، جميعهم من حديث عبد الله بن سلمة، عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه- أو قال: يحجزه- عن القرآن شيء ليس الجنابة. وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 376] من حديث عمرة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وأخرج ابن جرير في تفسيره [29/ 188] من حديث ابن عباس في قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ الاية، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتر من قراءة القرآن مخافة أن ينساه، ومن حديث قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فيكثر مخافة أن ينسى، ومن حديث مجاهد قال: كان يستذكر القرآن مخافة النسيان. (1677) - قوله: «وأطولهم فيه بكاء» : شاهده حديث ابن مسعود في الصحيحين لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن عليه فلما بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ الاية، قال ابن مسعود: قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك، قال ابن مسعود: فإذا عيناه تذرفان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 وأشدهم به ترسلا. 1678- وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه. 1679- وكان يسمع لجوفه صلى الله عليه وسلم إذا قام بالليل إلى الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء. 1680- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ترسلوا بالقرآن وقفوا على محاسنه، قوله: «وأشدهم به ترسلا» : أخرج مسلم من حديث حفصة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته وهو جالس فيرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 1502 من كتابنا فتح المنان، وأخرج البخاري في فضائل القرآن من صحيحه- وفي غير موضع أيضا- من حديث ابن مغفل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته يقرأ سورة الفتح- أو من سورة الفتح- قراءة لينة وهو يرجّع، وأخرج أيضا من حديث أنس وسئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا، وأخرج أبو داود في الصلاة برقم 1466، والترمذي في فضائل القرآن برقم 2923، والنسائي في الصلاة برقم 1022، والإمام أحمد في مسنده [6/ 294] من حديث أم سلمة ونعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا، صححه الحاكم على شرط مسلم [1/ 310] ووافقه الذهبي. (1678) - قوله: «وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه» : تقدم والذي بعده في باب الموازاة، انظر التعليق على النص رقم 1530. (1680) - قوله: «ترسلوا بالقرآن» : لم أره هكذا، وأورده الغزالي تبعا لصاحب القوت بلفظ: اقرأوا القرآن..، وقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 456] ، وأبو يعلى في مسنده [11/ 436] رقم 6560، والبيهقي في الشعب برقم 2291، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 ولا تنثروه نثر الدقل. 1681- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لم يأذن لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن. 1682- قال صلى الله عليه وسلم: شيبتني هود وأخواتها. - 2292، 2293، والخطيب في تاريخه [8/ 77] جميعهم من حديث المقبري عبد الله- وهو ضعيف-، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: اعربوا القرآن واتبعوا غرائبه، وصححه الحاكم [2/ 439] وتعقبه الذهبي بقوله: بل أجمع على ضعفه. قوله: «ولا تنثروه نثر الدقل» : أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 353] رقم 5946، 5947، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 501] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 154] رقم 8701، 8705، والبيهقي في الشعب برقم 2170، والفريابي في فضائل القرآن برقم 147 وغيرهم بإسناد رجاله رجال الصحيح من حديث ابن مسعود قال: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز، هذّا كهذّ الشعر، ونثرا كنثر الدقل- موقوف-. (1681) - قوله: «إن الله لم يأذن لشيء كإذنه لنبي» : أخرجه الشيخان، انظر كتابنا: فتح المنان شرح مسند أبي محمد الدارمي، الأرقام 1609، 1612، 3762، 3763، 3769. (1682) - قوله: «شيبتني هود وأخواتها» : في الباب عن جماعة من الصحابة، نشير إلى رواية بعضهم إيجازا. فأخرج البيهقي في الشعب [1/ 482] رقم 776 من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم- وقد اختلف عليه فيه-، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر الصديق: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: ما شيبك؟ قال: سورة هود، والواقعة، وعم يتساءلون، والمرسلات، وإذا الشمس كورت، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 476] على شرط البخاري ووافقه الذهبي. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 1683- ويقول: فابكوا في القرآن، فإن لم تبكوا فتباكوا. - وتابعه شيبان، عن أبي إسحاق، أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه برقم 3297، وابن سعد في الطبقات [1/ 435] ، والمروزي في مسند أبي بكر برقم 30، وأبو نعيم في الحلية [4/ 350] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 357] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 372] ، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 341] . * ورواه أبو الأحوص مرة فأسقط ابن عباس وجعل صورته صورة المنقطع، أخرجه كذلك ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 553- 554] ، وأبو يعلى في مسنده [1/ 102، 103] رقم 107، 108، والمروزي في مسند أبي بكر برقم 31، وابن سعد في الطبقات [1/ 436] . وكذلك رواه أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 46، والترمذي عقب الأول. ورواه علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، أخرجه الترمذي في الشمائل برقم 41، وأبو يعلى في مسنده [2/ 184] رقم 880، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 123] رقم 318، وأبو نعيم في الحلية [4/ 350] . وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 286] رقم 790 من حديث عقبة بن عامر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 37] : رجاله رجال الصحيح. وأخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 145] من حديث عمران بن حصين بإسناد حسن. وأخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 358] من حديث أبي سعيد الخدري. (1683) - قوله: «فإن لم تبكوا فتباكوا» : أخرج ابن ماجه في إقامة الصلاة برقم 1337، وفي الزهد برقم 4196، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 231] وأبو يعلى في مسنده [2/ 49- 50] برقم 689، واللفظ له من حديث عبد الرحمن بن السائب، عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 1684- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ ارزقني عينين هطالتين، تذرفان الدموع، تشفيان من مخافتك. 1685- وفي رواية أخرى: اللهمّ ارزقني عينين هطالتين تبكيان بذروف الدموع من خشيتك، ويشفيان من مخافتك، قبل أن تكون الدموع دما، والأضراس جمرا. - قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، وفي إسناده إسماعيل بن رافع ضعف، لكن جود إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [1/ 284] . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [13/ 156] رقم 15977، وابن ماجه في الزهد برقم 4324، وأبو يعلى في مسنده [7/ 161- 162] رقم 4134، جميعهم من حديث يزيد الرقاشي- وهو ضعيف- عن أنس مرفوعا: أوله عند أبي يعلى: يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا ... وأوله عند ابن أبي شيبة: يلقى البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنفد الدموع، ثم يبكون الدم ... الحديث. وأخرج الإمام أحمد في الزهد برقم 1101، وابن أبي شيبة [13/ 156] رقم 15978، من حديث أبي موسى الأشعري أنه خطب الناس بالبصرة، فقال: يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار ليبكون الدموع حتى تنقطع، ثم يبكون الدماء ... الحديث، موقوف بإسناد صحيح، ومثله لا يقال من قبيل الرأي. (1685) - قوله: «والأضراس جمرا» : أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 47، والحسين المروزي في زياداته على زهد ابن المبارك برقم 480، وأبو نعيم في الحلية [2/ 196] ، وابن عساكر في تاريخه [11/ 120، 121] جميعهم من حديث الوليد بن مسلم، ثنا ثابت أبو سلمة الدوسي، عن سالم بن عبد الله- وليس بابن عمر إنما هو سالم بن عبد الله المحاربي- به مرسلا. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 1686- وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسمع ما أسمع؟ أطت السماء وحق لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما منها موضع أربع أصابع إلّا وملك ساجد لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء، ولما تقارفتم على الفرش، ولصعدتم إلى الصعدات تجأرون: ربنا، ربنا. قال أبو ذر: ليتني كنت شجرة تعضد. - قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رواه الطبراني في الكبير وفي الدعاء، وأبو نعيم في الحلية، من حديث ابن عمر بإسناد حسن. قال: ورواه الحسين المروزي في زياداته على الزهد والرقائق لابن المبارك من رواية سالم بن عبد الله مرسلا دون ذكر أبيه، قال: وذكر الدارقطني في العلل أن من قال فيه عن أبيه وهم، وإنما هو عن سالم بن عبد الله مرسلا، قال: وسالم هذا يشبه أن يكون سالم بن عبد الله المحاربي وليس بابن عمر. اهـ. وما ذكر من أنه سالم المحاربي هو الذي يدل عليه كلام البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم، عن أبيه، ومسلم في الكنى، وأبي أحمد الحاكم، فإن الراوي عن سالم: ثابت بن سرج أبو سلمة، وإنما ذكروا له روايته عن سالم المحاربي والله أعلم، نعم حكى ابن عساكر في تاريخه الخلاف في أن الذي يروي عنه سالم المحاربي أو سالم بن عمر. لكن ممن جزم أنه سالم المحاربي لا ابن عمر: أبو زرعة، كما بخط الحافظ ابن حجر. اهـ. إتحاف السادة المتقين، وانظر الطرق التي أوردها ابن عساكر في تاريخه لهذا الحديث [11/ 120- 123] . (1686) - قوله: «وعن أبي ذر» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [5/ 173] ، والترمذي في الزهد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم، رقم 2312، وابن ماجه في الزهد، باب الحزن والبكاء، رقم 4190، والطحاوي في المشكل [2/ 44] ، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 1687- وكان إذا أتاه المؤذن فاذنه بصلاة الصبح خرج وهو يقول: اللهمّ اجعل في قلبي نورا، واجعل في لساني نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل أمامي نورا، واجعل خلفي نورا، واجعل عن يميني نورا، واجعل عن شمالي نورا، واجعل فوقي نورا، واجعل تحتي نورا، اللهمّ تمم لي النور. 1688- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ اجعلني من أفضل عبادك نصيبا في كل خير قسمته في هذا اليوم: من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو سوء تدفعه أو بلاء ترفعه أو ضر تكشفه. ثم يستاك قبل أن يخرج إلى صلاة الصبح. - وأبو نعيم في الحلية [2/ 238] ، وفي الدلائل برقم 360، والبيهقي في الشعب [1/ 484] رقم 783، 784، والبزار في مسنده [9/ 357] البحر الزخار] رقم 3924، 3925، وأبو الشيخ في العظمة برقم 509، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 510، 4/ 544، 579] ، وقال الذهبي في الموضع الأخير: على شرطهما، وقال البوصيري: صحيح، رجاله ثقات. (1687) - قوله: «خرج وهو يقول» : أخرجاه في الصحيحين، فرقه البخاري في غير موضع من صحيحه، وانظر كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه من الليل، رقم 6316، وهو عند مسلم في الصلاة، برقم 763. (1688) - قوله: «أو ضر تكشفه» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 78] رقم 6594، وأبو نعيم في الحلية [1/ 304] ، كلاهما من حديث حصين، عن عبد الله بن سبرة، عن ابن عمر أنه كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى- موقوف-. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 1689- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على عتبة بابه ثم يقول: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله. 1690- وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتعل بدأ باليمنى، وإذا خلع بدأ باليسرى. 1691- وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا لبس أحدكم نعليه فليلبس اليمنى ثم لينزع اليسرى قبل اليمنى. 1692- وكره صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل في نعل واحدة. (1689) - قوله: «لا حول ولا قوة إلّا بالله» : أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 1197، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته، رقم 3885، وابن السني في اليوم والليلة برقم 177، والطبراني في الدعاء [2/ 984] رقم 406، وصححه الحاكم على شرط مسلم [1/ 519] ، ووافقه الذهبي مع أن في إسناده عبد الله ابن حسين بن عطاء؛ ضعف من غير واحد، قال الحافظ ابن حجر: في تصحيحه نظر لتفرد عبد الله بن حسين عن سهيل، وقد ضعفه أبو زرعة، قال: لكن اعتضد حديثه بشواهد فلذلك قلت: إنه حسن. اهـ. (1690) - قوله: «إذا انتعل بدأ باليمنى» : أخرجاه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله. (1691) - قوله: «إذا لبس أحدكم نعليه» : هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع، لفظ البخاري. (1692) - قوله: «في نعل واحدة» : أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا: لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليحفيهما أو لينعلهما جميعا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 1693- وكان صلى الله عليه وسلم يذكر الله ويقول: إن الله يعجب من عبده إذا ذكره في السوق. 1694- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل السوق قال: اللهمّ إني أسألك من خيره وخير ما فيه، وأعوذ بك من شره وشر ما فيه، اللهمّ إني أعوذ بك من يمين فاجرة ومن صفقة خاسرة. 1695- وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال أعرض عنه وقال: هلال رشد وخير، آمنت بالذي خلقك، الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا، اللهمّ أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، (1693) - قوله: «يعجب من عبده» : رواه ابن عبد البر في التمهيد بإسناده إلى أبي داود في المسائل قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، عن أحمد بن نصر أنه سأل سفيان بن عيينة قال: حديث عبد الله: إن الله عزّ وجلّ يجعل السماء على أصبع، وحديث: إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، وحديث: إن الله يعجب- أو: يضحك- ممن يذكره في الأسواق ... الحديث، وعزاه أيضا لأبي داود في المسائل: ابن كثير في البداية والنهاية [10/ 307] . (1694) - قوله: «ومن صفقة خاسرة» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 6] رقم 1157، وابن السني في اليوم والليلة برقم 181، والحاكم في المستدرك [1/ 539] وسكت عنه، وفيه محمد بن أبان الجعفي- وهو ضعيف- عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه به. (1695) - قوله: «إذا رأى الهلال أعرض عنه وقال» : في الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد تكلم فيها، ليس يسلم منها إلّا المرسل الذي سأذكره، حتى قال أبو داود في سننه: ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 الحمد لله الذي بدأك ثم يعيدك، آمنت بالذي خلقك وصوّرك وعدلك، ربي وربك الله، ثلاث مرات يرددها. 1696- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أحب أن يخرج يوم الخميس ويكون غدوا. 1697- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا صلى، ثم يقول: ما استخلف أحد على أهله خليفة إذا سافر مثل ركعتين يصليهما في أهله. - فأما المرسل: فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [4/ 169] رقم 7353، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 400] رقم 9798، وأبو داود في الأدب برقم 5092، 5093، والبغوي في شرح السنة [5/ 129] رقم 1336 جميعهم من حديث قتادة به- مرسل-. وأخرجه الحافظ عبد الرزاق برقم 7351، وابن أبي شيبة برقم 9794 من حديث ابن المسيب ببعضه. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم 9793، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [5/ 329] من حديث عبادة بن الصامت وفي إسناده مبهم لم يسم، وأسنده الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 212] رقم 313، وابن السني في اليوم والليلة برقم 643 من حديث أنس بإسناد فيه أحمد بن عيسى، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: له مناكير، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 139] : وبقية رجاله ثقات. اهـ. ولعل هذا أمثل ما في الباب من المسند، والله أعلم. (1696) - قوله: «أن يخرج يوم الخميس» : أخرجه البخاري من حديث كعب بن مالك، وهو في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي وخرجناه تحت رقم 2593- فتح المنان. (1697) - قوله: «ما استخلف أحد على أهله» : أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 858، ومن طريقه الزبيدي في الإتحاف [6/ 403] ، وأخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة نصر بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 1698- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله يقول: اللهمّ إني أسألك خير المدخل وخير المخرج، بسم الله خرجنا وبسم الله دخلنا، وعلى الله توكلنا، ثم ليسلم عليهم بعد ذلك. 1699- وكان صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا أخذ بيده ثم يقول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتم عملك. - بابا، جميعهم من حديث سعيد بن مرتاش- لا يعرف-: عن إسماعيل بن محمد، عن أنس بن مالك: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت سفرا، وقد كتبت وصيتي، فإلى أي الثلاثة أدفعها: إلى أبي، أم إلى أخي، أم إلى ابني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله عزّ وجلّ من أربع ركعات يصليهن العبد في بيته إذا شد عليه ثياب سفره، يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم يقول: اللهمّ إني افتقرت بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي، فهن خليفة في أهله وما له ودور حول دوره حتى يرجع. (1698) - قوله: «ثم ليسلم عليهم» : أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب ما يقول إذا خرج من بيته، رقم 5096، من حديث شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري به. قال النووي: لم يضعفه أبو داود. وتعقبه الحافظ ابن حجر في النتائج [1/ 172] بأنه تكلم في راويه محمد بن إسماعيل بن عياش في أسئلة الاجري فقال: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه، ثم قال: لعله كانت له من أبيه إجازة فأطلق فيها الحديث. اهـ. ورواه الطبراني في معجمه الكبير برقم 3452، وفي مسند الشاميين برقم 1674. (1699) - قوله: «وخواتم عملك» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 7، 38، 136] ، وأبو داود في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 1700- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيث ما توجهت. 1701- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أحدث الله له نعمة- صغرت أو كبرت- قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا الذي بنعمته تتم الصالحات. - الجهاد، باب الدعاء عند الوداع، رقم 2600، والترمذي في الدعوات، باب ما يقول إذا ودع إنسانا، رقم 2442، 2443، والنسائي في اليوم والليلة الأرقام من 509- 523، والبخاري في تاريخه الكبير [8/ 260] ، وأبو يعلى في مسنده [9/ 472] ، والبيهقي في السنن- الكبرى [5/ 251] جميعهم من طرق عن ابن عمر، وصحح ابن حبان منها طريق الهيثم بن حميد، عن مطعم بن مقدام، عن مجاهد، عن ابن عمر كما في الموارد برقم 2376، والحاكم في المستدرك [1/ 442، 2/ 97] . (1700) - قوله: «زودك الله التقوى» : خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2836- فتح المنان-. (1701) - قوله: «الذي بنعمته تتم الصالحات» : في الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وحبيب بن أبي ثابت مرسلا. فأما حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فأخرجه ابن ماجه في الأدب من سننه، باب فضل الحامدين، رقم 3803. قال الحافظ البوصيري في الزوائد [4/ 131] : إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك [1/ 499] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي، ومن طريق الحاكم: البيهقي في الاداب برقم 1039، وفي الشعب برقم 4375. وأخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 344] رقم 6659، وفي الدعاء [3/ 1595] رقم 1769، وابن السني في اليوم والليلة برقم 378، وجوّد إسناده النووي في الأذكار. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 فإما أن يركع ركعتين، وإما أن يخر ساجدا شكرا لله، وإذا كان سوى ذلك مما يخالفه قال: الحمد لله على كل حال. - وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 157] بإسناد فيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف، وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي هريرة برقم 3804 بإسناد فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو أيضا ضعيف. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 68] من حديث محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه- كلاهما مستور- عن عمه عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأما حديث حبيب بن أبي ثابت المرسل، فأخرجه الطبراني في الدعاء [3/ 1596] رقم 1770، والبيهقي في الأسماء والصفات [1/ 154] ، والخرائطي في فضيلة الشكر برقم 32. قوله: «وإما أن يخر ساجدا شكرا لله» : أخرج أبو داود في الجهاد، باب في سجود الشكر، رقم 2774، والترمذي في السير، باب ما جاء في سجدة الشكر، رقم 1578، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، رقم 1394، والدارقطني [4/ 148] ، وابن أبي الدنيا في الشكر برقم 132، والخرائطي كذلك برقم 62، والخطيب في تاريخه [2/ 124] جميعهم من حديث أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا لله. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 45] ولفظه: أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه على حجر عائشة رضي الله عنها فقام فخر ساجدا، ثم أنشأ يسأل البشير فأخبره فيما أخبره أنه ولي أمرهم امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الان، هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 1702- وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه ما يحب قال: الحمد لله رب العالمين، وإذا جاء ما يكرهه قال: الحمد لله على كل حال. 1703- ومر صلى الله عليه وسلم بمبتلى- أحسبه مجذوما- فسجد شكرا لله على الذي عافاه مما ابتلاه به، فلما رفع رأسه قال: أما كان هذا يسأل الله العافية. - هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، ثلاثا، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 291] ، وقال الذهبي: صحيح. وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف، برقم 1391، من حديث ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم بشر برأس أبي جهل ركعتين. (1702) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه ما يحب» : من ألفاظ الذي قبله. (1703) - قوله: «أحسبه مجذوما» : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 483] ، والدارقطني [1/ 410] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 371] ، والحاكم في المستدرك تعليقا [1/ 276] من حديث جابر الجعفي، عن محمد بن علي قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا نغاشيا يقال له: زنيم، قصير، فخر النبي صلى الله عليه وسلم ساجدّا ثم قال: «أسأل الله العافية» هذا مرسل، وجابر ليس ممن يحتج به. وله شاهد من حديث حفص بن غياث، عن مسعر، عن محمد بن عبيد الله، عن عرفجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا به زمانة فسجد، أخرجه البيهقي في إثر الذي قبله، وهذا قد رواه وكيع، عن مسعر، عن أبي عون عن يحيى الجزار به إلّا أنه قال: فسجد وأبو بكر وعمر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 483] ويحيى الجزار تابعي، أخرج له الجماعة سوى البخاري وهو من غلاة الشيعة الموثقين. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 1704- وكان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا سمّاه باسمه، إن كان قميصا أو رداء أو إزارا أو عمامة، يقول: اللهمّ أنت كسوتني فلك الحمد، اللهمّ إني أسألك خير ما صنع له، وأعوذ بك من شر ما صنع له. 1705- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: بسم الله، الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس. - وأخرج الخرائطي في الشكر برقم 63 من حديث يوسف بن محمد بن المنكدر- ضعيف- عن أبيه، عن جده- كذا ولعل الصواب: عن جابر كما في الدر-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى صاحب بلاء خر ساجدا. (1704) - قوله: «من شر ما صنع له» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 30/ 50] ، وأبو داود في اللباس، برقم 4020، 4021، 4022، والترمذي كذلك، باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا برقم 1767، وفي الشمائل برقم 59، وابن سعد في الطبقات [1/ 460] ، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 309، 310، والبغوي في شرح السنة [12/ 40] رقم 3111، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 108] ، وأبو يعلى في مسنده [7/ 392] رقم 1079، والحاكم في المستدرك [4/ 192] جميعهم من حديث أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1442. (1705) - قوله: «الحمد لله الذي كساني» : في الباب عن معاذ بن أنس، وفيه شطران: الأول فيما يقال بعد الطعام، والثاني فيما يقال بعد لبس الثوب، فمنهم من يورده بطوله ومنهم من يفرقه على الأبواب، وقد خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 2855، وفيه أيضا عن أبي أمامة، عن عمر بن الخطاب يأتي في الذي بعده. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 [260- فصل: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه:] 260- فصل: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه: قال أبو سعد: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه: 1706- فكان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا حمد الله، ثم يدعو مسكينا فيعطيه أخلاق ثيابه. 1707- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يكسو مسلما من سمل ثيابه لا يكسوه إلّا لله إلّا كان في ضمان الله وحرزه وخيره ما واراه حيا وميتا. 1708- وقال صلى الله عليه وسلم: وما من مسلم يكسو مسلما إلّا كان في حفظ الله ما دامت عليه من رقعة. (1707) - قوله: «ما من مسلم يكسو مسلما» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 44] ، والترمذي في الدعوات، برقم 3560، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 265] ومن طريقه ابن ماجه في اللباس برقم 3557، وعبد بن حميد في المنتخب برقم 18، والحاكم في المستدرك [4/ 193] وقال: آثرت إخراجه لتفرد إمام خراسان عبد الله بن المبارك ليرغب المسلمون في استعماله، ولم يحتج الشيخان بإسناده. اهـ. والبيهقي في الشعب [5/ 182] رقم 6286، 6287، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر له برقم 74. وفي الباب عن ابن عباس، يأتي في التعليق التالي. (1708) - قوله: «وما من مسلم يكسو مسلما» : أخرجه الترمذي في صفة القيامة برقم 2484، والبخاري في تاريخه الكبير [3/ 9] ، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 97] رقم 12591، 12592، والبيهقي في الشعب [5/ 182] رقم 6288، وأبو الشيخ في الثواب، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 1709- وجاءه صلى الله عليه وسلم ناس، قدموا عليه عراة يستكسونه فدخل فما وجد شيئا إلّا سترا لفاطمة رضي الله عنها قد لفته على بعض المتاع، فقال لها: يا فاطمة، هل لك أن تشتري نفسك بهذا الستر من النار؟ قالت: نعم، فأخذه فقطعه بينهم ذراعين في ذراعين فوارى سوآتهم وأعطى فاطمة رضي الله عنها أعظم الثمن وأجز له. - وابن النجار فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [7/ 130] جميعهم من حديث حصين بن مالك، عن ابن عباس به مرفوعا، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 196] ، وتعقبه الحافظ الذهبي في التلخيص بأن خالد بن طهمان ضعيف. (1709) - قوله: «فما وجد شيئا إلّا سترا لفاطمة» : اختصر لفظه ومعناه، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب هدية ما يكره لبسها، رقم 2612، أوردت لفظه في آداب الطعام والشراب برقم 1752، وأورد هنا لفظ ابن حبان جمعا بين الألفاظ، أخرجه من حديث إبراهيم بن القعيس، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج في غزاة كان آخر عهده بفاطمة، وإذا قدم من غزاة كان أول عهده بفاطمة رضوان الله عليها، فإنه خرج لغزوة تبوك ومعه علي رضوان الله عليه، فقامت فاطمة فبسطت في بيتها بساطا، وعلقت على بابها سترا، وصبغت مقنعتها بزعفران، فلما قدم أبوها صلى الله عليه وسلم ورأى ما أحدثت رجع فجلس في المسجد، فأرسلت إلى بلال فقالت: يا بلال اذهب إلى أبي فسله ما يرده عن بابي، فأتاه فسأله فقال صلى الله عليه وسلم: إني رأيتها أحدثت ثم شيئا، فأخبرها، فهتكت الستر، ورفعت البساط، وألقت ما عليها، ولبست أطمارها فأتاه بلال فأخبره، فأتاها فاعتنقها وقال: هكذا كوني فداك أبي وأمي. وفي رواية البخاري أنها أرسلت علي بن أبي طالب، فلما أخبرها بما قال، قالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال: ترسلي به إلى فلان- أهل بيت فيهم حاجة-. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 1710- وقالت امرأة لابنها: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: إن أمي تقرأ عليك السلام وتقول: أعطني ثوبا أقطعه درعا، فأتى الغلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أمي تقرأ عليك السلام وتقول: أعطني ثوبا أقطعه درعا، فقال: ليس عندنا حتى يجيئنا، فقال: إنها تقول: أعطني رداءك حتى أقطعه درعا، فقال صلى الله عليه وسلم: أنظرني حتى أدخل الحجرة، فلما توارى بالباب ألقى إليه رداءه فذهب به الغلام إلى أمه. - وأخرج أبو داود في الخراج والأمارة، باب في الإمام يقبل هدايا المشركين، رقم 3055، والبيهقي في الدلائل [1/ 348] ، والطبراني في معجمه الكبير، رقم 1119، وابن حبان في صحيحه برقم 6351 في حديث بلال الطويل من رواية عبد الله الهوزني قال: لقيت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا بلال أخبرني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان له من شيء، وكنت أنا الذي ألي ذلك منذ بعثه الله حتى توفي، فكان إذا أتاه الإنسان المسلم عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري البردة أو التمرة فأكسوه وأطعمه ... الحديث الطويل. (1710) - قوله: «أعطني ثوبا أقطعه درعا» : في الباب عن ابن مسعود وجابر بن عبد الله والمنهال بن عمرو مرسلا. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الواحدي في أسباب النزول [/ 217] ، وابن جرير في تفسيره- كما في الدر المنثور [5/ 276]- من حديث قيس بن الربيع- وهو ضعيف- عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: جاء غلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا، فقال: ما عندنا اليوم شيء، قال: فتقول لك اكسني قميصك، قال: فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسرا، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ الاية، علقه ابن دحية في الايات البينات [/ 205] . - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 ......... - وأما حديث جابر بن عبد الله، فعلقه الواحدي عقب حديث ابن مسعود، والزمخشري في الكشاف [2/ 447] ، وابن دحية في الايات البينات [/ 205] ، وهذا لفظ الواحدي: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فيما بين أصحابه أتاه صبي فقال: يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعا- ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا قميصه- فقال: من ساعة إلى ساعة يظهر، فعد وقتا آخر، فعاد إلى أمه فقالت: قل له إن أمي تستكسيك القميص الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره ونزع قميصه وأعطاه، وقعد عريانا، فأذن بلال للصلاة فانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عريانا فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الاية. قال الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف: لم أجده. وأما حديث المنهال بن عمرو، فأخرجه ابن أبي حاتم معلقا في تفسيره [7/ 2327] رقم 13256، قال: بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابنها فقالت: قل له اكسني ثوبا، فقال: ما عندي شيء، فقالت: ارجع إليه فقل له: اكسني قميصك، فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه، فنزلت: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ الاية. قلت: له شاهد في الصحيح، فأخرج البخاري في الأدب من صحيحه، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فأكسنيها، فقال: نعم، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه، فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجا إليها ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلّي أكفن فيها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 1711- وقالت عائشة رضي الله عنها: سأل سائل على بابي فقلت للجارية: أطعميه، فجاءت تريني ما تطعمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك. 1712- وقال صلى الله عليه وسلم: إنه ما طلعت الشمس يوما قط ولا غابت إلّا وعن يمينها وعن شمالها ملكان، فإذا طلعت نادى أحدهما: يا صاحب الشر أقصر ويا صاحب الخير أبشر، وإذا غابت قال أحد الملكين: اللهمّ أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا. (1711) - قوله: «تريني ما تطعمه» : زاد النسائي في روايته: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلّا بعلمك؟ قلت: نعم، قال: مهلا يا عائشة.. فذكره، أخرجه في الزكاة، باب الإحصاء في الصدقة من حديث أبي أمامة بن سهل، عنها، به، رقم 2549. قوله: «فيحصي الله عليك» : زاد العسكري في الأمثال له: فقالت عائشة: والله ما أردت ذلك، فقال: إن أكثركن في النار، قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنكن إذا شبعتن حجلتن، وإذا جعتن دقعتن، ولأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير وتغلبن ذا الرأي والدين على رأيه ناقصات الرأي والدين [الكنز برقم 46029] . (1712) - قوله: «إنه ما طلعت الشمس يوما قط» : أخرجه هكذا البيهقي في الشعب [3/ 386] رقم 3840 من حديث الزهري، عن عثمان بن محمد بن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم طلعت شمسه ... الحديث معضل، قال البيهقي: هذا منقطع. قلت: أخرجه جماعة بإسناد صحيح فذكروا بدل: يا صاحب الشر.. ويا صاحب الخير: هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، والباقي سواء، وهذا يأتي تخريجه إن شاء الله في باب الأمثال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 [261- فصل: ومن آداب المساجد] 261- فصل: ومن آداب المساجد 1713- ولا يستحب أن يأخذ مكانا في المسجد يرجع إليه لوقت الصلاة للنهي الوارد فيه. 1714- ومن السنة لداخل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسليك الغطفاني لما جلس: أركعت؟ قال: لا، قال: قم فصل. وهذه مسألة فيها خلاف، إذا كان الإمام يخطب. فأما إذا دخل المسجد الحرام: (1713) - قوله: «للنهي الوارد فيه» : فيه حديث عبد الرحمن بن شبل الأنصاري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن افتراش السبع، ونقرة الغراب، وأن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير، وهو حديث صحيح خرجناه في فتح المنان تحت رقم 1439. (1714) - قوله: «قال لسليك الغطفاني» : أخرج حديثه الإمام البخاري في صحيحه، لكنه أبهمه، فقال في الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين، من طريق عمرو بن دينار عن جابر قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت ... الحديث، وكذلك أبهمه مسلم في رواية عمرو هذه، لكنه أخرجها من وجه آخر عن أبي سفيان وأبي الزبير كلاهما عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ... الحديث، قال الحافظ في الفتح: تحرر من طرق هذا الحديث أن القصة لسليك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 1715- فالسنة فيه أن يبدأ أولا بالطواف، ثم بالصلاة. 1716- ولا يجوز أن يتخذ المسجد طريقا لأنه- صلى الله عليه وسلم- قال: لا تتخذوا المساجد طرقا. 1717- ومن السنة أن يبدأ برجله اليمنى إذا دخل، وبرجله اليسرى إذا خرج. (1715) - قوله: «أن يبدأ أولا بالطواف» : يعني لما أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: إن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف ... الحديث، وبه يقول الشافعية، وهو المشهور عن الإمام أحمد، قالوا: لأن تحية البيت هي الطواف، فأما تحية المسجد فتحصل بركعتي الطواف إذا ركعهما عند المقام. (1716) - قوله: «لا تتخذوا المساجد طرقا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 314] برقم 13219، وفي الأوسط [1/ 49] رقم 31 من حديث سالم، عن ابن عمر مرفوعا، قال في مجمع الزوائد [2/ 24] : ورجاله موثقون. وأخرج ابن ماجه في المساجد، باب ما يكره في المساجد برقم 748 من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعا: خصال لا تنبغي في المسجد: لا يتخذ طريقا.. الحديث، وفيه زيد بن جبيرة ممن يعتبر به لضعفه. (1717) - قوله: «وبرجله اليسرى إذا خرج» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 218] من حديث أنس: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 1718- وإن جلس في المسجد يجلس متوجها نحو القبلة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: لكل شيء زينة، وزينة المجلس استقبال القبلة. 1719- ولا يرفع صوته في المسجد، ولا ينشد ضالته، لما قال عليه الصلاة والسلام لناشد: لا وجدت لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له. 1720- ولا يشهر السلاح؛ للنهي الوارد فيه. 1721- ولا يدع المجنون والصبيان يدخلوا المسجد؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: جنبوا المساجد الصبيان والمجانين. (1718) - قوله: «لكل شيء زينة» : يأتي في آداب المجلس برقم: 1904. (1719) - قوله: «لا وجدت لا وجدت» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 360، 361] ، وعبد الرزاق في المصنف برقم 1721، ومن طريقه مسلم في المساجد، باب النهي عن إنشاد الضالة في المسجد، رقم 569، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 419] ، ومن طريقه مسلم، والنسائي في اليوم والليلة برقم 174، 175، وابن ماجه في المساجد، باب النهي عن إنشاد الضوال في المسجد برقم 765. (1720) - قوله: «للنهي الوارد فيه» : أخرج الشيخان من حديث سفيان قال: قلت لعمرو: أسمعت جابرا يقول: مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك بنصالها؟ قال: نعم، وأخرجا من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مر بشيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها بكفه لا يعقر مسلما. (1721) - قوله: «جنبوا المساجد الصبيان والمجانين» : فيه اختلاف شديد على مكحول، فروي عنه عن معاذ، وعنه عن واثلة، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 1722- ولا يبع ولا يشتر في المسجد، لما روي أنه لا يبارك فيه، على أن البيع يقع صحيحا. 1723- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ليليني منكم في الصلاة ذو الألباب ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. - وعنه عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة جميعا، وعنه مرسلا، وروي عن أبي هريرة. أما حديث معاذ، فأخرجه ابن ماجه في المساجد، باب ما يكره في المساجد، رقم 750، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 57] رقم 136، وفيه الحارث بن نبهان وهو ضعيف. وأما حديث مكحول عن الثلاثة جميعا، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 156] رقم 7601، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] من حديث العلاء بن كثير- وبه أعلّ الحديث- عن مكحول. وأما حديث مكحول المرسل، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [1/ 442] رقم 1727. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق [1/ 442] رقم 1727، وابن عدي في الكامل [4/ 1454] من حديث عبد الله بن محرر، قال ابن عدي: رواياته غير محفوظة. تنبيه: الأحاديث المخرجة في بعض ألفاظها طول اختصرت المقام بعدم إيرادها. (1722) - قوله: «لما روي أنه لا يبارك فيه» : يعني لما في حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك ... الحديث. خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع تحت رقم 1519. (1723) - قوله: «ذو الألباب» : في رواية: ذو الأحلام، وفي أخرى: أولو الأحلام، أخرجه مسلم في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 1724- وأنه صلى الله عليه وسلم مرّ بزقاق من أزقة الأنصار، فأقيمت الصلاة في مسجدهم فدخل فصلى بهم، فلما سلم رأى النخامة في القبلة، فقال: أين إمامكم؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال: أما تفتقد مسجدك؟ أما ترى هذه النخامة في القبلة؟ قد عزلتك عن إمامتك، ثم قام فحكها، فلما كان بعدها ما شاء الله مر بذلك الزقاق فسمع الإقامة في مسجدهم، فدخل فصلى بهم فنظر إلى ذلك المكان عليه خلوق فقال: ما هذا؟ فقالوا: بابائنا وأمهاتنا لما خرجت أنت جاءت امرأة إمامنا فقالت: لم عزل رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجي عن إمامته؟ فأخبرناها، فذهبت فجاءت بماء فغسلت ذلك المكان ثم خلّقته، فقال صلى الله عليه وسلم: أين زوجها؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال: قد رددتك على إمامتك لما صنعت امرأتك. - الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، رقم 432، والإمام أحمد في المسند [4/ 122] ، وأبو داود في الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام، رقم 674، والنسائي في الإمامة، باب من يلي الإمام ثم الذي يليه، رقم 807، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام، رقم 976. وانظر تخريجه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 1380، وفي الباب عن ابن مسعود خرجناه تحت رقم 1381. (1724) - قوله: «قد عزلتك عن إمامتك» : أوردها السمهودي في الوفا [1/ 661] ، وعزاها للمجد، وما وقفت على إسنادها، لكن أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 56] ، وأبو داود في الصلاة باب كراهية البزاق في المسجد، من حديث السائب بن خلاد أن رجلا أمّ قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلّ لكم، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم، وحسبت أنه قال: إنك آذيت الله، زاد بعضهم: ورسوله، صححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 1636. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 [262- فصل: في آداب الطّعام والشّراب] 262- فصل: في آداب الطّعام والشّراب 1725- ومن السنة غسل اليد قبل الطعام وبعده، لما قال صلى الله عليه وسلم: غسل اليد قبل الطعام يذهب الفقر، ...... (1725) - قوله: «قبل الطعام وبعده» : ويعبر عن غسل اليد في الحديث بالوضوء. أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 3441] ، وأبو داود في الأطعمة، باب في غسل اليد قبل الطعام، رقم 3761، والترمذي في الأطعمة، باب الوضوء قبل الطعام وبعده رقم 1847، جميعهم من حديث زاذان، عن سلمان مرفوعا: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده، وفيه قيس بن الربيع قال المنذري: صدوق وفيه كلام لسوء حفظه، لا يخرج الإسناد عن حد الحسن. اهـ. وأخرجه الحاكم في المستدرك مقرا بضعف قيس [4/ 106- 107] ، وقال الذهبي: وفيه أيضا إرسال. اهـ. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 275- 276] ، وقال: قيس بن الربيع غير قوي، ولم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث. وأخرج ابن ماجه في الأطعمة، باب الوضوء عند الطعام، رقم 3260، وابن أبي حاتم في العلل [2/ 11] رقم 1505، وابن عدي في الكامل [6/ 2084] من حديث كثير بن سليم، عن أنس: من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع. قال أبو زرعة: هذا حديث منكر، وامتنع من قراءته. وقال ابن عدي: عامة ما يروى عن كثير بن سليم عن أنس غير محفوظة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 وبعد الطعام يذهب اللمم. 1726- وقال صلى الله عليه وسلم: غسل اليدين قبل الطعام يذهب الفقر، وبعده يذهب الدرن. 1727- ومن أدب الأكل أن يسمي الله، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، وادن من الطعام. 1728- وقال صلى الله عليه وسلم: أكرموا الطعام. قوله: «وبعد الطعام يذهب اللمم» : زاد القضاعي: ويصح البصر، أخرجه في مسند الشهاب برقم 310 من حديث موسى بن جعفر عن أبيه عن جده متصلا مرفوعا وفي إسناده من لا يعرف، لكن قال الزبيدي في الإتحاف [5/ 212] ، والغماري في فتح الوهاب: له شواهد يتقوى بها- يعني بالمخرج قبله، وبالذي سيأتي بعده-، ثم ذكروا حديث نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط [8/ 81] رقم 7162: الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفي الفقر، وهو من سنن المرسلين، ونهشل يكاد يترك، بل قال بعضهم أنه متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. (1727) - قوله: «وادن من الطعام» : أول الحديث في الصحيحين من رواية عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم دون هذه الزيادة، وهي مذكورة في بعض طرقه عند الإمام أحمد [4/ 27] وغيره. (1728) - قوله: «أكرموا الطعام» : اختصر لفظه ومعناه، فأخرج ابن ماجه في الأطعمة، باب النهي عن إلقاء الطعام برقم 3353، وابن عدي في الكامل [3/ 912] من حديث عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فرأى كسرة ملقاة فقال: يا عائشة أكرمي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 1729- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض، ويقول: آكل كما يأكل العبد. 1730- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما قال: اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا، وارزقنا خيرا منه، إلّا أنه كان إذا أكل لحما أو لبنا قال: وزدنا من فضلك، إنا إليك راغبون، ويغسل يده. - جوار نعم الله فإنها قلما انكشفت عن أهل بيت فكادت تعود فيهم، لفظ ابن عدي، وقال ابن ماجه: أكرمي كريما، وقال غيرهما: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، وجميع طرقه ضعيفة. وأخرج البخاري في تاريخه [8/ 12] ، وابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1528] من حديث موسى الطايفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض، أخرجه البزار في مسنده [3/ 334 كشف الأستار] رقم 2877، والخطيب في تاريخه [12/ 322] من وجه آخر من حديث عبد الله ابن أم حرام الأنصاري. (1729) - قوله: «آكل كما يأكل العبد» : تقدم تخريجه في أول هذا الباب برقم: 1570. (1730) - قوله: «وارزقنا خيرا منه» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 225] ، وأبو داود في الأشربة، باب ما يقول إذا شرب اللبن برقم 3730، والترمذي في الدعوات، باب ما يقول إذا أكل طعاما، رقم 3451، والنسائي ببعضه في اليوم والليلة، رقم 286، وابن ماجه في الأطعمة، باب اللبن رقم 3322، جميعهم من حديث ابن عباس مرفوعا: من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلّا اللبن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 1731- وكان صلى الله عليه وسلم يقول في رجل رآه سمينا قال: ما تأكل؟ قال: ليس بأرضي حبّ، وإنما آكل اللحم واللبن، فقال صلى الله عليه وسلم: جمعت بين اللحمين. (1731) - قوله: «جمعت بين اللحمين» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق- 1/ 20] ، وقد روى الترمذي في الأطعمة، باب ما جاء في إكثار ماء المرقة برقم 1833، والحاكم في المستدرك [4/ 130] وصححه، وابن عدي في الكامل [6/ 2179] ، والبيهقي في الشعب [5/ 95] رقم 5920، جميعهم من حديث محمد بن فضاء- وهو ضعيف-، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اشترى أحدكم لحما فليكثر مرقته، فإن لم يجد لحما أصاب مرقه، وهو أحد اللحمين. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي التمر واللبن الأطيبين، قال الإمام أحمد في مسنده [3/ 474] : حدثنا وكيع، ثنا ابن أبي خالد- وهو إسماعيل-، عن أبيه قال: دخلت على رجل وهو يتمجع لبنا بتمر، فقال: ادن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماهما الأطيبين. قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رجاله ثقات، وإبهام الصحابي لا يضر. اهـ. قلت: تابعه عيسى، عن إسماعيل، أخرجه مسدد في مسنده- كما في إتحاف الخيرة للبوصيري [5/ 323] رقم 4885-. وسماه يزيد بن هارون في روايته عن إسماعيل، فقال عنه، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذانك الأطيبان: التمر واللبن، أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2728] . ورواه زمعة بن صالح، عن محمد بن أبي سليمان، عن بعض أصحاب جابر، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل الخربز بالرطب، ويقول: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 1732- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده ما أمكنه. 1733- لما قال صلى الله عليه وسلم: طعام الواحد يكفي الاثنين. 1734- وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من أكل وحده، وضرب عبده، ومنع رفده. - هما الأطيبان، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1762، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 234] ، قال البوصيري في الاتحاف [5/ 323] : هذا إسناد ضعيف لجهالة التابعي أهـ. قلت: وزمعة ممن يخرج له في الشواهد والمتابعات. (1732) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده» : أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أنس برقم 320، وفي إسناده سعد بن سعيد، ضعفه غير واحد. (1733) - قوله: «طعام الواحد يكفي الاثنين» : أخرج مسلم في هذا الباب حديث جابر: طعام الواحد يكفي الاثنين، وأشار إليه البخاري فترجم له في الأطعمة، وأورد فيه حديث أبي هريرة: طعام الاثنين كافي الثلاثة.. الحديث، قال ابن المنذر: يؤخذ من حديث أبي هريرة استحباب الاجتماع على الطعام، وألا يأكل المرء وحده، قاله في الفتح. (1734) - قوله: «ألا أنبئكم بشراركم» : اختصر المصنف لفظه، وأخرجه بطوله ابن عساكر في تاريخه [51/ 133] من حديث محمد بن عون- وهو متروك-، عن يحيى بن معين، عن يحيى بن أبي كثير، عن زائدة بن قدامة، عن أبيه، عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ألا أنبئك بأشر الناس؟ قال: بلى يا رسول، قال: من أكل وحده، ومنع رفده، وسافر وحده، وضرب عبده، ثم قال: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 1735- ومن السنة أن يتتبع ما يسقط من المائدة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: من تتبع ما يسقط من المائدة فأكله نفي عنه الفقر وعن عياله وعن أهل بيته. - يا علي ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: من يخشى شره، ولا يرجى خيره، ثم قال: يا علي ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: من باع آخرته بدنيا غيره، ثم قال: يا علي، ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: من أكل الدنيا بالدين. قال ابن عساكر عقبه: كذا في الأصل، والصواب: بشر، في المواضع كلها، قال: وإسناد هذا الحديث مضطرب، فإن قدامة الثقفي لم يدرك معاذا وإنما يروي عن عبد الله بن أبي مليكة وطبقته، ويحيى الذي يروي عنه يحيى بن معين ويروي عن زائدة هو ابن أبي بكير الكرماني، فأما ابن أبي كثير فهو أقدم منه. اهـ. قلت: وأخرجه ابن عساكر [55/ 132، 133] بإسناد آخر من حديث ابن عباس بطوله، وفي إسناده أيضا نظر. (1735) - قوله: «نفي عنه الفقر» : في الباب عن أبي أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، والحجاج بن علاط السلمي. أما حديث أبي أيوب، فأورده المصنف بعد هذا. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 355] ، ومن طريقه الخطيب في المؤتلف والمختلف- كما في الإتحاف [5/ 224]- ومن طريق الخطيب ابن عساكر في تاريخه [33/ 318- 319] ، وأخرجه ابن عساكر [33/ 318] ، جميعهم من حديث أحمد بن مؤنس- من ولد شداد بن أوس- قال: سمعت هدبة بن خالد يقول: حضرت غداء أمير المؤمنين المأمون فلما رفعت المائدة جعلت ألتقط ما في الأرض، فنظر إليّ المأمون- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 ......... - فقال: أيها الشيخ أما شبعت؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، إنما شبعت في فنائك وكنفك، ولكن حدثني حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أكل مما تحت مائدته أمن من الفقر.. القصة، قال الحافظ في أطراف المختارة: مسنده من هدبة على شرط مسلم، والمتن منكر فينظر فيمن هو دون هدبة. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الخطيب في تاريخه [4/ 91] ، وابن عساكر كذلك [69/ 170] ، وأبو الحسن بن معروف في فضائل بني هاشم، وابن النجار في تاريخه- كما في الإتحاف [5/ 224] من حديث زينب بنت سليمان الهاشمية قالت: حدثني أبي عن جدي عن عبد الله بن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أكل مما يسقط من الخوان نفي عنه الفقر وصرف عن ولده الحمق. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو الشيخ في الثواب، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: ولفظه: من أكل مما يسقط من المائدة أمن من الفقر والبرص والجذام، وصرف عن ولده الحمق، ولفظه قريب من لفظ حديث أبي أيوب الذي أورده المؤلف بعد هذا. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [51/ 249] من حديث إسحاق بن نجيح- كذبه غير واحد- عن عطاء بن ميسرة، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعا: من أكل ما يسقط من المائدة عاش في سعة، وعوفي من المحن في ولده، وفي جاره، وجار جاره ودويرات جاره. وأما حديث الحجاج بن علاط السلمي، فأخرجه البارودي- كما في الإتحاف [5/ 224] ، ولفظه: من أكل ما يسقط من المائدة لم يزل في سعة من الرزق، ووقي الحمق في ولده وولد وولده. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 1736- ورأى صلى الله عليه وسلم أبا أيوب الأنصاري يلتقط نثارة المائدة فقال له: بورك عليك، وبورك فيك، فقال له أبو أيوب: يا رسول الله وغيري؟ قال: نعم، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك، وقال: من فعل هذا وقاه الله الجنون والجذام والبرص والفالج وذات الجنب والماء الأصفر والحمى والحمق. 1737- ورأى صلى الله عليه وسلم لقمة على الأرض فقال: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها قلّ ما زالت عن قوم فعادت إليهم. 1738- ومنها إطعام الطعام، لما قال عليه الصلاة والسلام: أطعموا الطعام. 1739- وأضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا كافرا وما عنده إلّا ست شياه، فأمر فحلبت له شاة شاة حتى شرب الضيف لبنها كلها، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي، فلما أصبح أسلم الضيف فكساه ثوبا وأمر أن تحلب له الست أيضا، فحلبت له شاة فروى منها ففضل الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكافر يشرب في سبعة أمعاء، ..... (1736) - قوله: «ورأى أبا أيوب الأنصاري» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ق- 1/ 6/ 19- 20] ، ولم أقف عليه مسندا، وانظر ما قبله. (1737) - قوله: «يا عائشة أحسني جوار نعم الله» : تقدم قريبا تحت رقم 1728 (1738) - قوله: «أطعموا الطعام» : حديث عبد الله بن سلام تقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 والمؤمن يشرب في معى واحد. 1740- وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يطعم مسلما على جوع إلّا أطعمه الله من ثمار الجنة، ولا يسقي على ظمأ إلّا سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وما من مسلم كسا مسلما إلّا كساه الله من خضر الجنة. قوله: «والمؤمن يشرب في معى واحد» : أخرجه مالك في الموطأ برقم 1673، ومن طريق مالك أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 375] ، ومسلم في الأشربة، باب المؤمن يأكل في معى واحد، رقم 2063، والترمذي في الأطعمة، باب ما جاء أن المؤمن يأكل في معى واحد، رقم 1819، والنسائي في الوليمة، من السنن الكبرى- كما في التحفة [9/ 416] رقم 12739، والبيهقي في الاداب برقم 695، وفي الدلائل [6/ 116- 117] ، وابن حبان في صحيحه- الإحسان- برقم 162، 5235، والطحاوي في المشكل [2/ 408] ، والبغوي في شرح السنة برقم 2880. نعم، وقد قيل: إن الرجل هذا هو: جهجاه الغفاري ممن شهد بيعة الرضوان، حديثه عند البزار في مسنده [3/ 339 كشف الأستار] رقم 2891، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 307] رقم 2152، والطحاوي في مشكل الاثار [5/ 256] رقم 2021. وأخرج بعضهم حديثه مقتصرا منه على الشاهد، منهم: ابن أبي شيبة [8/ 133- 134] رقم 4602، وأبو يعلى في مسنده [2/ 218] ، وفي إسنادهم موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف-. (1740) - قوله: «ما من مسلم يطعم مسلما» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [51/ 37] من طريق أبي نعيم: حدثنا محمد بن معمر، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد المؤدب، ثنا هشام بن عمار، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 1741- وقال صلى الله عليه وسلم: من لذّذ أخاه المسلم ما يشتهي كتب الله له ألف حسنة، ومحى عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة، وأطعمه الله من ثلاث جنان: من جنة الفردوس، وجنة عدن، ومن جنة الخلد. - ثنا بقية، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كسا وليّا لله ثوبا كساه الله من خضر الجنة، ومن أطعمه على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة. إسناده جيد، هشام بن عمار علق له البخاري وهو صدوق في الحديث وليس بالمتن فيه، وبقية صرح بالتحديث وشيخه فيه ابن جريج أحد الأئمة غير أنه لم يصرح بالسماع وهو مذكور في المدلسين. وفي الباب عن أبي سعيد من رواية أبي هارون العبدي عنه بشطره الأول: من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة، أخرجه أبو نعيم في الحلية [8/ 134] ، وفي أخبار أصبهان [2/ 268] . قال أبو نعيم: غريب من حديث الفضيل وأبي هارون، تفرد به خالد بن يزيد. اهـ. تنبيه: كذا جاء الحديث في الحلية، وأورده الزبيدي في الإتحاف بتمامه [4/ 174] ، وبنحو حديث ابن عباس، وعزاه لأبي نعيم في الحلية وأبي الشيخ في الثواب. (1741) - قوله: «من لذّذ أخاه المسلم» : قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: ذكره ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 172] من رواية محمد بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، وقال الإمام أحمد: هذا باطل كذب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 1742- وقال صلى الله عليه وسلم: من أطعم مريضا شهوته أطعمه الله من ثمار الجنة. 1743- ومنها: ترك النفخ في الطعام والشراب وأكل الحار. (1742) - قوله: «من أطعم مريضا شهوته» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 295] من حديث عمرو بن خالد- وهو متروك- عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان به، رقم 6107. (1743) - قوله: «ومنها ترك النفخ في الطعام والشراب» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 309، 357، 357- 358] قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب، إسناده على شرط الصحيح، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 32] من حديث ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري مثله، مرسلا، وزاد: ولم أر أحدا أشد في ذلك من عمر بن عبد العزيز. قال الحليمي في الشعب [3/ 68] معلقا: وهذا لأن البخار الذي يرتفع من المعدة أو ينزل من الرأس- وكذلك رائحة الجوف- قد يكون بات كريها- كذا في شعب الحليمي، وفي شعب البيهقي نقلا عنه: قد يكونا كريهين- فإما أن يعلقا بالماء فيضرا، وإما أن يفسدا السؤر على غير الشارب لأنه قد يتقذر إذا علم به فلا يشرب، وذكر كليب الجرمي أنه شهد عليّا رضي الله عنه نهى القصابين عن النفخ في اللحم، قال: وهو نظير النفخ في الطعام والشراب الذي جاء النهي عنه، لأن النكهة ربما كانت كريهة، فكرهت اللحم وغيرت ريحه، وقد عرف ذلك بالتجارب. قلت: وأحاديث النهي عن التنفس في إناء الشرب خاصة مخرجة في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن والمسانيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 1744- وقال صلى الله عليه وسلم: الحار والقار منزوعا البركة. (1744) - قوله: «منزوعا البركة» : علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق- 1/ 20] ، وأخرج أبو نعيم في الحلية [8/ 252] من حديث يوسف بن أسباط، عن العرزمي- وهو: عبد الملك بن أبي سليمان- عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكي والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد فإنه ذو بركة، ألا وإن الحار لا بركة فيه، يوسف بن أسباط اختلف في الاحتجاج به، ومن فوقه على شرط مسلم، خالفه محمد بن عبيد الله العرزمي، رواه عن أبيه، عن عطاء، عن جابر، أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 118] ، وسكت عنه هو والذهبي. وأخرج الطبراني في الأوسط [7/ 117] رقم 6205 من حديث هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الله بن يزيد البكري، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: أبردوا الطعام فإن الطعام الحار غير ذي بركة. قال عقبه: لم يروه عن ابن أبي ذئب إلّا عبد الله بن يزيد، تفرد به هشام، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 20] : عبيد الله بن يزيد البكري ضعفه أبو حاتم، وبقية رجاله ثقات. قلت: خولف في سنده ومتنه فقال محمد بن نصر: عن هشام بن عمار، حدثنا عبد الله بن يزيد البكري، عن يعقوب بن عبد الله، عن بلال بن أبي هريرة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصحفة تفور، فأشرع يده فيها ثم رفع يده فقال: إن الله لم يطعمنا نارا، أخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 9] رقم 7008، وقال: لا يروى عن بلال، عن أبي هريرة إلّا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار. قلت: ووقع في الصغير [2/ 58] من طريق محمد بن نصر، عن هشام بن عمار، عن محمد بن يعقوب بن محمد بن طحلاء حدثنا بلال، والباقي- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 ومنها: إجابة الدعوة. 1745- قال صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم فليجب. 1746- ثم لا يدخلنّ حتى يؤذن له، .... - سواء إلّا أنه قال: فرفع يده منها فقال: اللهمّ لا تطعمنا نارا، إن الله لم يطعمنا نارا. وأخرج البيهقي في الشعب [5/ 93- 94] من حديث عبد الواحد بن معاوية بن حديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الطعام الحار حتى يبرد- مرسل-. وأخرج البيهقي في السنن الكبرى [7/ 280] ، وفي الاداب برقم 583 بإسناد صحيح عن أبي هريرة قوله: لا يؤكل الطعام حتى يذهب بخاره. وخرجنا في مسند أبي محمد الدارمي حديث أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا أتيت بثريد أمرت به فغطي حتى يذهب فوره ودخانه وتقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هو أعظم للبركة، رقم 2180- فتح المنان-. (1746) - قوله: «ثم لا يدخلن حتى يؤذن له» : أخرج البخاري في الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن، من حديث عمر بن ذر، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح فقال: يا أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إليّ، قال: فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا، وعلق في الباب حديث قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة مرفوعا: إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه، ووصله في الأدب المفرد برقم 1075، وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند [2/ 533] ، وأبو داود في الأدب، باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟ برقم 5190، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 340] ، ورواه ابن سيرين أيضا عن أبي هريرة، ولفظه: رسول الرجل إلى الرجل إذنه، إسناده على شرط مسلم، أخرجه أبو داود برقم 5189، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1076، والبيهقي في السنن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 فإن كان صائما دعا بالبركة، وليخفف ولا يقعد. 1747- قال صلى الله عليه وسلم ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله. 1748- ودعاه صلى الله عليه وسلم قوم من أهل المدينة إلى طعام صنعوه له ولأصحاب له خمسة فأجاب دعوتهم، فلما كان .... - الكبرى [8/ 240] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5811-. قوله: «فإن كان صائما دعا بالبركة» : لحديث أبي هريرة- عند مسلم برقم 1431- مرفوعا: إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم، وأخرج ابن حبان في صحيحه برقم 5290- الإحسان- من حديث عمر بن محمد العمري أن نافعا حدثه أن ابن عمر حدثه كان إذا دعي ذهب إلى الداعي، فإن كان صائما دعا له بالبركة ثم انصرف، وإن كان مفطرا جلس فأكل، وفي رواية أبي داود رقم 3730 من حديث أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليدع، دلت هذه الرواية على أن رواية ابن حبان مرفوعة. (1747) - قوله: «ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» : أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: ومن ترك الدعوة. (1748) - قوله: «ودعاه صلى الله عليه وسلم قوم» : الذي دعاه هو أبو شعيب الأنصاري، والقصة فرقها البخاري في صحيحه، أخرجها في البيوع، باب ما قيل في اللحام والجزار، رقم 2081، وفي المظالم، باب إذا أذن إنسان لاخر شيئا جاز، رقم 2456، وفي الأطعمة، باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه، رقم 5434، وفيه أيضا، باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي، رقم 5461. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 في بعض الطريق أدركهم سادس، فقال: إن القوم لم يدعوك فاجلس حتى تذكر لهم مكانك ونستأذنهم لك. 1749- ويكره إجابة من يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء دون الفقراء. 1750- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء دون الفقراء. 1751- ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم دعي إلى وليمة ختان فأبى أن يجيب. - ورواها مسلم في الأطعمة، باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه، رقم 2036. (1750) - قوله: «نهى أن يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء» : مروي ضمن الأول، وهو أول لفظه، وتمام سياقه: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله. (1751) - قوله: «فأبى أن يجيب» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة 6- ق 1/ 66] ، لم يذكر صحابيه أو راويه، ولا وقفت عليه مسندا، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 217] ، والطحاوي في المشكل [4/ 149] من حديث عبيد الله بن طلحة بن كريز، عن الحسن قال: دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب وقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه، رجاله ثقات غير أن فيه عنعنة ابن إسحاق، وعبيد الله بن طلحة ابن كريز روى عنه جماعة، ولم يوثقه سوى ابن حبان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 1752- ودعي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فلما دخل البيت إذا هم قد ستروا جدرانه وسقفه، فنظر إليه فقال: ما أدري، اشتكى بيتكم هذا العري فكسوتموه، أو شكى إليكم البرد فأدفيتموه؟! قال: ثم خرج. (1752) - قوله: «ما أدري اشتكى بيتكم هذا العري» : أخرجه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 1/ 66] ، لم يذكر صحابيه الراوي، ولا وقفت عليه مسندا. لكن أخرج البخاري في الهبة، باب هدية ما يكره لبسها، رقم 2613 من حديث ابن عمر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء علي فذكرت له ذلك، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت على بابها سترا موشيا فقال: ما لي وللدنيا؟ فأتاها علي فذكر ذلك لها فقالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال: ترسلي به إلى فلان- أهل بيت فيهم حاجة-. أخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند [2/ 21] ، وابن أبي شيبة في المصنف [13/ 239] ، وأبو داود في اللباس، باب في الفرش برقم 4149، 4150. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 220، 221، 222] ، وأبو داود في الأطعمة، باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه رقم 3755، وابن ماجه في الأطعمة، باب إذا رأى الضيف منكرا رجع، رقم 3360، والطبراني في الكبير برقم 16446، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 267] من طرق بألفاظ وبعضهم يزيد على بعض، وصححه ابن حبان بلفظ مختصر برقم 6355- الإحسان-، والحاكم [2/ 186] ، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة- وهذا لفظ الحاكم- أن عليا أضاف رجلا وصنع له طعاما فقال: لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى فراشا قد ضرب في ناحية البيت فرجع، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 ......... - فقالت فاطمة: ارجع فقل له: ما رجعك يا رسول الله؟ فذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس لنبي أن يدخل بيتا مزوقا. نعم، وقد ورد النهي عن ستر الجدر، ووردت كراهته عنه صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه صلى الله عليه وسلم لمعنى السرف والترف. فمن ذلك: ما أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الدعاء، رقم 1485، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 272] ، والعقيلي في الضعفاء [1/ 170] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2564] ، وابن عساكر في تاريخه [55/ 132، 133] ، جميعهم من حديث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس الحديث الطويل أوله: إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة.. الحديث، وفيه: ولا تستروا الجدر، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار.. الحديث، بطوله، قال أبو داود عقبه: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد ابن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا، وسيأتي في آداب المجلس برقم: 1904. ومنها: ما رواه أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب أيضا قال: دعي عبد الله بن يزيد إلى طعام فلما جاء رأى البيت منجدّا فقعد خارجا وبكى، قال: فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، قال: فرأى رجلا ذات يوم قد رفع بردة له بقطعة، قال: فاستقبل مطلع الشمس وقال: هكذا- ومد يديه، ومد عفان يديه- وقال: تطلعت عليكم الدنيا- ثلاث مرات: أي أقبلت-، حتى ظننا أن يقع علينا، ثم قال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى، وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟ فقال عبد الله بن يزيد: أفلا أبكي وقد بقيت حتى تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟ أخرجه البيهقي [7/ 272] . - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 ......... - وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: أخبرني سفيان الثوري، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تستر الجدر- مرسل ورجاله ثقات. وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عمر، عن ربيعة، عن عطاء- كذا ولعل الصواب: ربيعة بن عطاء- قال: عرست ابنا لي فدعوت القاسم بن محمد وعبيد الله بن عبد الله بن عمر فلما وقفا على الباب رأى عبيد الله البيت قد ستر بالديباج فرجع ودخل القاسم بن محمد، فقلت: والله لقد مقتني حين انصرف، فقلت: أصلحك الله والله إن ذلك لشيء ما صنعته، وما هو إلّا شيء صنعته النساء وغلبونا عليه، قال: فحدثني أن عبد الله بن عمر زوج ابنه سالما فلما كان يوم عرسه دعا عبد الله بن عمر ناسا فيهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فلما وقف على الباب رأى أبو أيوب في البيت سترا من قز فقال: لقد فعلتموها يا أبا عبد الرحمن؟ قد سترتم الجدر؟! ثم انصرف. قال البيهقي: وفي غير هذه الرواية قال: دعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء، فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لك طعاما، فرجع. وأخرج البيهقي من حديث سعيد بن منصور قال: أنا سفيان، عن ابن جريج قال: تزوج سلمان إلى أبي قرة الكندي فلما دخل عليها قال: يا هذه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني إن قضى الله لك أن تزوج فيكون أول ما تجتمعان عليه طاعة، فقالت: إنك جلست مجلس المرء المطاع أمرهن، فقال لها: قومي نصلي وندعوا، ففعلا، فرأى في البيت سترا فقال: ما بال بيتكم محموم؟ أو تحولت الكعبة في كندة؟ فقالوا: ليس بمحموم ولم تتحول الكعبة في كندة، فقال: لا أدخله حتى يهتك كل ستر إلّا سترا على الباب- منقطع. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 ومنها: أكل البقول. 1753- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالرجلة- وهي البقلة الحمقاء- ويقال لها: البقلة المباركة، وكان صلى الله عليه وسلم وجد في رجله حرارة فأخذ منها فعصرها على رجله فوجد لذلك راحة فقال: اللهمّ بارك فيها، إن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء أدناه الصداع، انبتي حيث شئت. - قال البيهقي: وروينا في كراهية ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويشبه أن يكون ذلك لما فيه من السرف. (1753) - قوله: «من تسعة وتسعين داء» : هكذا أورده أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا له [6- ق 2/ 47] فقال: ذكر أبو عثمان الواعظ في كتابه أن النبي مر بالرجلة ... فذكره، وأورده أيضا في موضع آخر من الوسيلة [6- ق 1/ 51] ووقع في رواية غيرهما: سبعين داء، وانظر التعليق الاتي. قوله: «انبتي حيث شئت» : أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في موضع آخر من الوسيلة معلقا أيضا [6 ق- 1/ 51] ، وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 579، 597 بغية الباحث] رقم 535، 558: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، أنا محمد بن خالد القرشي، ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن ثور قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بالرجلة وفي رجله قرحة، فداواها بها فبرأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله فيك، انبتي حيث شئت فأنت شفاء من سبعين داء أدناه الصداع، فيه متروكان ومجهول، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 31] : مرسل بإسناد ضعيف. قلت: ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] ، وأورده البوصيري في الإتحاف [5/ 541] رقم 5355 وسكت عنه. نعم، وله إسناد آخر: فأخرجه السهمي في تاريخ جرجان [/ 242] بإسناده- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 ومنها: أكل الكرفس. 1754- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن أخي موسى صبر مع الخضر لأصاب منه ألف باب من العلم سوى خرقه السفينة وقتله الغلام وإقامته الجدار، فقال عبد الله بن سلام في كلام: يا رسول الله ما كان ذلك العلم الذي علمه الخضر؟ قال: علم السماء السابعة، وما تحت العرش، وما في البيت المعمور، وما وراء سدرة المنتهى، وما في الهواء، وإن الخضر في البحر وإلياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان في كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل وطعامهما الكرفس. - إلى إسماعيل بن مسلم، عن أبي المهاجر، عن رجل من أهل الشام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه وجع في رجله فمر ببقلة الحمقاء.. الحديث بنحوه، وهذا أيضا فيه من لم أعرفه. قال الذهبي في طبه موردا الأثر في هذه البقلة: باردة رطبة، تنفع المواد الصفراوية، وخاصيتها بالخل أكلا وضمادا، وتنفع الضرس، وتقطع الباه، وتضعف شهوة الطعام، ومن رماها في فراشه لم ير مناما ولا حلما. (1754) - قوله: «عن أنس بن مالك» : أورده بطوله الحافظ أبو حفص الموصلي في كتابه الوسيلة [6 ق- 1/ 51- 52] معلقا، وأسنده ابن الجوزي في الموضوعات فقال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى- إذنا إن لم يكن سماعا- أنا أبو عبد الرحمن بن أبي عاصم الجوهري. أنا أبو عبد الله: محمد بن محمد بن جعفر الماليني، ثنا أحمد بن محمد بن علي بن رزين النيسابوري، ثنا أبو محمد: عبد الرحيم بن حبيب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 1755- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الكرفس ثم نام عليه نام ونكهته طيبة، ونام آمنا من وجع الأضراس والأسنان. - الفاريابي، حدثنا صالح ابن بيان، عن أسد بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الأدهان، فقال: فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلنا أهل البيت على سائر الخلق، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدهن به ويتسعط، قال: وذكر عنده البقول، فقال: فضل الكراث على البقول كفضل الخبز على سائر الأشياء، وذكر له الحوك- وهو الباذروج- فقال: بقلي وبقل الأنبياء من قبلي، فإني أحبها وآكلها، وكأني أنظر إلى شجرتها نابتة في الجنة، وذكر له الجرجير فقال: أكرهها ليلا ولا بأس بها نهارا، وكأني أنظر إلى شجرتها نابتة في جهنم، وذكر له الهندبا فقال: كلوا الهندبا من غير أن ينفض أو يغسل فإنه من الجنة، ليس فيها ورقة إلّا وفيها قطرة من الجنة، وذكر له الكمأة والكرفس فقال: الكمأة من الجنة وماؤها شفاء للعين وفيها شفاء من السم، وهما طعام إلياس واليسع يجتمعان كل عام بالموسم فيشربان شربة من ماء زمزم فيكتفيان بها إلى قابل، فيرد الله شبابهما في عام مرة، طعامهما الكمأة والكرفس ... الحديث. قال ابن الجوزي عقبه: هذا حديث لا يشك في وضعه، والمتهم به عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي، قال أبو حاتم ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ولعله قد وضع أكثر من خمسمائة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الدارقطني: صالح ابن بيان متروك. (1755) - قوله: «ونام آمنا من وجع الأضراس» : أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 52] معلقا تبعا للمصنف، وعزاه له الذهبي [/ 170] ، والموفق [/ 147] ، كلاهما في الطب لهما. وقال ابن القيم في طبه: لا يصح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 ومنها: أكل الشذاب. 1756- قال صلى الله عليه وسلم: من أكل الشذاب ثم نام عليه نام آمنا من الداء والدمل وذات الجنب. ومنها: ترك الكرّاث. 1757- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الكراث ثم نام عليه نام آمنا من ريح البواسير ونكهته منتنة، واعتزله الملكان حتى يصبح. ومنها: ترك الجرجير. 1758- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الجرجير ثم نام عليه نام وعرق الجذام ينازعه في أنفه. (1756) - قوله: «من أكل الشذاب» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 52] لم يذكر صحابيه الراوي، ولا وقفت عليه مسندا. (1757) - قوله: «واعتزله الملكان حتى يصبح» : أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ق- 1/ 6/ 52] ، وعنه الذهبي في طبه [/ 170] ، والموفق البغدادي في طبه [/ 147] ، ولم أقف عليه مسندا ولا عرفت صحابيه، وقال ابن القيم في طبه [/ 545] : لا يصح، وانظر حديث أنس الطويل المتقدم قريبا. قوله: «ومنها: ترك الجرجير» : قال الذهبي: يسميه الأطباء: بقلة عائشة، وهو حار رطب، يحرك شهوة الجماع، وقال الموفق: الكثير منه يورث الهزال. (1758) - قوله: «وعرق الجذام ينازعه» : أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2386- 2387] من حديث مسعدة بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 ......... - اليسع- وهو آفته- عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرفوعا: من أكل الجرجير ثم بات، بات الجذام يتردد في جلده، كذبه- أعني: مسعدة- أبو داود، وقال الإمام أحمد: خرقنا حديثه. وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، أنا محمد بن خالد القرشي، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الشامي، عن عمرو بن موسى، عن واثلة بن الأسقع مرفوعا: الحوك بقلة طيبة، كأني أراها نابتة في الجنة، والجرجير بقلة خبيثة، كأني أراها نابتة في النار، لم أره في زوائد الحارث، ولا في إتحاف البوصيري، ولا في إتحاف الحافظ ابن حجر ولا في المطالب العالية، أورده السيوطي في اللالئ [2/ 223] مستشاهدا لحديث مسعدة المتقدم، وعبد الرحيم بن واقد متروك، وشيخه مجهول، وعمر بن موسى الوجيهي ليس بثقة، اتهم بالوضع وهو الوجيهي الشامي، ولم يدرك الصحابة بينه وبينهم واسطة، يروي عن مكحول والقاسم عن أبي أمامة، فأنى يصلح مثل هذا؟. روى ابن عدي- كما في اللالئ [2/ 222]- وأبو القاسم السهمي في تاريخه [/ 243] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 299] من حديث محمد بن عبد المؤمن، ثنا عبد المؤمن بن عبد العزيز، ثنا أبو الحسن، عن أبي العلاء، عن مكحول، وعن عطية بن بسر مرفوعا: بئست البقلة الجرجير، من أكل منها ليلا حتى يتضلع بات ونفسه تنازعه، وتضرب بعرق الجذام من أنفه، كلوها بالنهار، وكفوا عنها ليلا. قال ابن الجوزي: موضوع، وأكثر رواته مجاهيل، وانظر حديث أنس المتقدم في الكرفس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 1759- وقال صلى الله عليه وسلم: رأيتها نابتة في النار. ومنها: الهندباء. 1760- قال صلى الله عليه وسلم: من أكل الهندباء ثم نام عليه لم يحك فيه سحر ولا سم، ولا يقربه شيء من الدواب: حية ولا عقرب حتى يصبح. 1761- وقال صلى الله عليه وسلم: كلوا الهندباء ولا تنفضوه، فإنه ليس يوم من الأيام إلّا وقطرا من الجنة يقطرن عليه. (1759) - قوله: «رأيتها نابتة في النار» : مخرج ضمن الذي قبله. (1760) - قوله: «لم يحك فيه سحر ولا سم» : أورده ابن القيم في طبه وكذا الاتي بعده، وقال: لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يثبت مثلها، بل هي موضوعة. اهـ ولم أقف عليه مسندا. (1761) - قوله: «فإنه ليس يوم من الأيام» : جاء ذلك بأسانيد منكرة وتالفة، قال الحارث في مسنده [2/ 579 بغية الباحث] رقم 534: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن زكرياء الهاشمي، ثنا أبان بن المحبر، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك مرفوعا: كلوا من الهندباء ولا تنفضوه، فإنه ليس يوم من الأيام إلّا وقطرا من الجنة تقطر عليه، ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] قال السيوطي في اللالئ [2/ 222] : هذا الإسناد كله تالف. وأخرج ابن عدي في الكامل [6/ 2387] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [5/ 105- 106] رقم 5965، وابن السني في الطب- كما في اللالئ [2/ 221]- من حديث مسعدة بن اليسع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده مرفوعا: على كل ورقة من الهندباء حبة من ماء الجنة، قال- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 ......... - البيهقي عقبه هذا مرسل، ومسعدة ضعيف بمرة. اهـ. وقال الإمام أحمد في مسعدة: خرقنا حديثه منذ دهر. وقال أبو نعيم في الحلية [3/ 204] : حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا محمد بن يونس الشامي، ثنا محمد بن إبراهيم بن الحسن العلاف، ثنا عمر ابن حفص المازني، عن بشر بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين مرفوعا: فضل البنفسج على الأدهان كفضل الإسلام على سائر الأديان، وما من ورقة من الهندباء إلّا عليها قطرة من ماء الجنة، قال أبو نعيم عقبه: غريب من حديث جعفر، لم نكتبه إلّا بهذا الإسناد، أفادنا الشيخ أبو الحسن الدارقطني عن هذا الشيخ. اهـ. ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 298] ثم قال: عمر بن حفص قال أحمد بن حنبل: خرقنا حديثه، وفيه محمد بن يونس الكديمي قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وقال السيوطي في اللالئ عقب حديث أبي نعيم: وقد أخرجه الطبراني: حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا حفص بن عمر المازني، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده مرفوعا به قال في اللسان: شيخ أرطاة مجهول، والحديث منكر. وقال أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى، ثنا صالح بن سهل، ثنا موسى بن معاذ، ثنا عمر بن عثمان بن أبي أسامة قال: حدثتني أم كلثوم بنت أبي سلمة، عن ابن عباس مرفوعا: ... فذكر مثل حديث أنس المتقدم، قال السيوطي في اللالئ [2/ 222] : إسناده كالذي قبله- يعني: كإسناد حديث أنس- تالف. وأخرج ابن عدي في الكامل [4/ 1604] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 298] من حديث عنبسة بن عبد الرحمن، عن موسى بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 ومنها: ترك البقلة المنتنة والثوم والبصل. 1762- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره البقلة المنتنة، والثوم والبصل. - عقبة، عن أنس بن مالك عن أبيه مرفوعا: الهندباء من الجنة، قال ابن الجوزي: عنبسة قال النسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء. (1762) - قوله: «كان يكره البقلة المنتنة» : هو الكراث لما سيأتي. قوله: «والثوم والبصل» : أخرج مالك في الموطأ من حديث الزهري، عن سليمان بن يسار مرسلا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الثوم ولا الكراث ولا البصل من أجل أن الملائكة تأتيه، ومن أجل أنه يكلم جبريل عليه السّلام. قال ابن عبد البر في التمهيد [6/ 419] : رواه عبد الله بن يوسف، والقعنبي وطائفة عن مالك في الموطأ هكذا، ورواه محمد بن إسحاق البكري، عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن مالك أنه قرأ عليه: عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك به، قال الدارقطني: هذا مما انفرد به محمد بن إسحاق البكري بهذا الإسناد وهو ضعيف، وما جاء به وهم، لأنه في الموطأ عن الزهري، عن سليمان بن يسار- مرسل. قلت: أخرج حديث البكري أيضا: أبو نعيم في الحلية [6/ 332] ، والخطيب في تاريخه [2/ 265] وقال: تفرد به محمد بن إسحاق البكري، وهو ضعيف. وأخرج ابن أبي حاتم في العلل [1/ 101] من حديث أحمد بن عبد الله بن يونس، عن مندل، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكراث، فمن أكله منكم فلا يحضر المساجد وتلاوة القرآن، قال أبي: هذا خطأ، إنما هو حصين، عن هلال- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 1763- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الثوم والبصل فلا يغشانا في مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى به كما يتأذى المسلم. - ابن يساف، عن عمر بن الخطاب- مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: عمرو بن ميمون لقي عمر بن الخطاب؟ قال: نعم، وهلال بن يساف لم يلق عمر. (1763) - قوله: «من أكل الثوم والبصل» : أخرجاه من حديث جابر بن عبد الله وأنس بن مالك، وابن عمر، وأبي هريرة من طرق بألفاظ بمعنى حديث الباب. أما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه البخاري في الأذان، باب ما جاء في الثوم النّيء والبصل والكراث رقم 854، 855، وفي الأطعمة، باب ما يكره من الثوم والبقول، رقم 5452، وفي الاعتصام، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، رقم 7359، وأخرجه مسلم في المساجد، باب نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، رقم 564 (73، 74، 75) . فتارة يذكر الثوم والبصل، وتارة يزاد إليهما الكراث مع بيان السبب وهو تأذي الملائكة منه، كما في حديث مسلم 564 (74) ، وتارة لا يذكر فيه إلّا الثوم ولا يذكر فيه تأذي الملائكة كما في حديث البخاري رقم 854، ومسلم 564 (75) . ورواه مسلم من حديث أبي الزبير، عن جابر رقم 564 (72) فذكر النهي عن البصل والكراث ولم يذكر الثوم، وذكر أن الملائكة تتأذى منه. وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري في الأذان، برقم 856 بذكر الثوم حسب ولم يذكر تأذي الملائكة منه، وأخرجه كذلك مسلم برقم 562 (70) . وأما حديث ابن عمر، فأخرجه البخاري في الاذان برقم 853 نحو سياق أنس المشار إليه، وأخرجه مسلم برقم 561 (68، 69) . وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه مسلم برقم 563 (71) مقتصرا فيه على الثوم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 ومنها: الدباء. 1764- كان صلى الله عليه وسلم يحب الدباء بالعدس. 1765- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الدباء بالعدس رق قلبه عند ذكر الله، وزاد في دماغه. (1764) - قوله: «يحب الدباء بالعدس» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 29] ، ولم أقف عليه مسندا، وقد روي حبه صلى الله عليه وسلم للدباء- أو القرع- عن أنس صراحة وجاء عنه معناه، فأما الصريح منه ففيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 177، 274، 290] والنسائي في الأطعمة من السنن الكبرى [4/ 156] رقم 6664 من حديث قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الدباء- وفي رواية: القرع- قال: فأتي بطعام أو دعي له فجعلت أتتبعه فأضعه بين يديه لما أعلم أنه يحبه. وأخرج الترمذي في الأطعمة من حديث أبي طالوت قال: دخلت على أنس بن مالك وهو يأكل القرع وهو يقول: يا لك من شجرة ما أحبك إلّا لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك، قال الترمذي: غريب من هذا الوجه، رقم (1849) . وأخرج ابن ماجه في الأطعمة برقم 3302 من حديث حميد عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب القرع، إسناده على شرط الصحيح. وأما حديث أنس في أكله صلى الله عليه وسلم الدباء وتتبعه لها في الصحفة، وأنها كانت تعجبه فمخرّج في الصحيحين من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأخرجه البخاري أيضا من حديث ثمامة بن أنس، وأخرجه مسلم أيضا من حديث ثابت جميعهم عن أنس بهذا المعنى. (1765) - قوله: «وزاد في دماغه» : لم أجده هكذا لكن أخرج الطبراني في معجمه الكبير [22/ 63]- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 ......... - رقم 152، وفي مسند الشاميين برقم 457، 3395، وأبو نعيم في الطب [الورقة 111] : حدثنا الحسين بن إسحاق، ثنا عمرو بن الحصين، ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن واثلة مرفوعا: عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا، قال السيوطي في اللالئ [2/ 213] : عمرو وشيخه متروكان. وأخرج البيهقي في الشعب [5/ 102] رقم 5947 من حديث مخلد بن قريش، عن عبد الرحمن بن دلهم، عن عطاء مرفوعا: عليكم بالقرع فإنه يزيد في العقل ويكثر الدماغ، قال البيهقي: منقطع. اهـ. قال البيهقي عقبه: وبهذا الإسناد: قدس العدس على لسان سبعين نبيا، منهم عيسى بن مريم عليه السّلام وهو يرق القلب ويسرع الدمعة. خالفه حميد بن أبي حميد، فرواه عن ابن دلهم مرفوعا، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 294- 295] ، وقال: موضوع، كافأ الله من وضعه، فإنه قصد شين الشريعة والتلاعب، فإن العدس من أردأ المأكولات، فإذا سمع من ليس من أهل شرعنا هذا، نسب نبينا إلى غير الحكمة، قال: فيه عيسى بن شعيب فحش خطؤه فاستحق الترك، والحديث مقطوع لأن ابن دلهم ليس بصحابي. قال أبو أحمد بن عدي في الكامل [3/ 1173] : سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: سئل ابن المبارك عن الحديث في أكل العدس أنه قدس على لسان سبعين نبيا، فقال: ولا على لسان نبي واحد، إنه لمؤذ ينفخ، من حدثكم به؟ قالوا: سلم بن سالم، قال: عمن؟ قالوا: عنك، قال: وعني أيضا؟! قال يحيى بن معين: سلم بن سالم ليس بشيء. اهـ. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 ......... - وقال ابن السني في الطب- كما في اللالئ [2/ 213]- أخبرنا علي بن محمد، ثنا حسون بن أحمد بن سليمان، ثنا موسى بن محمد المرادي، ثنا يحيى بن حوشب الأسدي، عن صفوان بن عمرو، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعا: إن نبيا من الأنبياء اشتكى إلى الله قساوة قلوب قومه، فأوحى الله إليه وهو في مصلاه: أن مر قومك يأكلوا العدس فإنه يرق القلب ويدمع العينين ويذهب الكبر، وهو طعام الأبرار، قال السيوطي: يحيى منكر الحديث. قال السيوطي: وقال الديلمي: أخبرنا محمد بن الحسين إذنا، أنا أبي، أنا أبو القاسم: عبد الرحمن بن يزيد الدقاق، ثنا محمد بن عبد العزيز، ثنا أبو يوسف: محمد بن أحمد الصيدلاني بالرقة، ثنا الوليد بن مسلمة الأزدي، ثنا عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس رفعه: من أحب أن يرق قلبه فليدمن أكل البلس- يعني: العدس وقيل: التين-، عمر بن قيس متهم. وقال ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 294] : أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أنا أبو بكر بن بخيت، أنا أبو القاسم: عبد الله بن أحمد بن عامر، حدثني أبي، ثنا علي بن موسى الرضى، حدثني أبي: موسى بن جعفر، حدثني أبي: جعفر بن محمد، حدثني أبي: محمد بن علي، حدثني أبي: علي بن الحسين، حدثني أبي: الحسين بن علي، حدثني أبي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: عليكم بالعدس فإنه مبارك، وإنه يرق القلب وتكثر له الدمعة، وإنه قد بارك فيه سبعون نبيا. قال ابن الجوزي: المتهم به عبد الله بن أحمد بن عامر أو أبوه، فإنهما يرويان عن أهل البيت نسخة كلها موضوعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 ومنها: استعمال الملح. 1766- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الملح أول كل شيء وآخر كل شيء دفع الله عنه ثلاثا وسبعين نوعا من البلاء أهونها: الجذام. (1766) - قوله: «من أكل الملح أول كل شيء» : تبع أبو حفص الموصلي المصنف فأورده بهذا اللفظ في الوسيلة [6 ق- 1/ 20] ، لكن تصحف العدد إلى: ثلاثمائة، وأخرجه البيهقي في الشعب [5/ 103] رقم 5952 من حديث عيسى بن الأشعث- مجهول-، عن جويبر- متروك الحديث-، عن النزال بن سبرة، عن علي أنه قال: من ابتدأ غذاؤه بالملح أذهب عنه سبعين نوعا من البلاء. وأخرج أبو عبد الله بن منده في أخبار أصبهان- كما في اللالئ [2/ 211]- أخبرنا عبد الله بن إبراهيم المقبري، ثنا عمرو بن مسلم بن الزبير، ثنا إبراهيم بن حبان بن حنظلة بن سويد، عن علقمة بن سعد بن معاذ، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده مرفوعا: استغنموا طعامكم بالملح، فوالذي نفسي بيده إنه ليرد ثلاثا وسبعين نوعا من البلاء- أو قال: من الداء- سكت عنه السيوطي. وأخرج ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 289] من نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر، حدثني أبي: أحمد بن عامر، حدثني علي بن موسى الرضى، حدثني أبي: موسى بن جعفر، حدثني أبي: جعفر بن محمد، حدثني أبي: محمد بن علي، حدثني أبي: علي بن الحسين، حدثني أبي: الحسين بن علي، حدثني أبي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: يا علي عليك بالملح فإنه شفاء من سبعين داء: الجذام والبرص والجنون. تقدم أن عبد الله بن أحمد وأباه يرويان عن آل البيت نسخة موضوعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 ومنها: ألا يشرب قائما. 1767- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من شرب قائما فأصابه شيء من المرض لم يستشف أبدا. (1767) - قوله: «لم يستشف أبدا» : لم أقف عليه هكذا لكن قد ورد النهي عنه صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما من حديث أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة وكلها في صحيح مسلم فلا نطيل البحث في تخريجها. أما حديث أنس بن مالك، فأخرجه في باب كراهية الشرب قائما رقم 2024 (112، 113) ففي حديث همام عن قتادة عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما، وفي حديث ابن أبي عروبة، عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائما، قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال: ذاك أشر- أو: أخبث-. وأما حديث أبي سعيد الخدري، فرواه همام، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عنه، ولفظه فيه كلفظ همام، عن قتادة، عن أنس أخرجه برقم 2025 (114) . ورواه شعبة، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري ولفظه فيه كلفظ ابن أبي عروبة، عن قتادة. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ، رقم (2026- 116) . ورواه بعضهم عن أبي هريرة بلفظ: لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 283] ، وعبد الرزاق في المصنف برقم 19588، 19589، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 288] ، والبزار في مسنده [برقم 2897، كشف الأستار] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5324-. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 1768- على أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتي بذنوب من ماء فكرع منه وهو قائم وشرب، ولكن الأحسن أن يشرب الماء جالسا ليأخذ بالأدب. 1769- وشرب رجل قائما فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال: لا، قال: فقد شرب معك من هو شر منه: الشيطان. 1770- ومن السنة أن لا يشرب من الموضع المكسور. (1768) - قوله: «فكرع منه وهو قائم» : أخرجه البخاري في الأشربة، باب الشرب قائما من حديث النزال بن سبرة، قال: أتي علي رضي الله عنه على باب الرحبة بماء فشرب قائما فقال: إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت، رقم (5615، 5616) . وأخرجا من حديث الشعبي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما من زمزم. (1769) - قوله: «أيسرك أن يشرب معك الهر» : خرجناه في كتاب الأشربة من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، باب من كره الشرب قائما تحت رقم 2266- فتح المنان، وانظر تحته ما يتعلق بالمسألة من المباحث. (1770) - قوله: «من الموضع المكسور» : وهو المعبر عنه في الحديث بالثلمة، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 80] ، وأبو داود في الأشربة، باب في الشرب من ثلمة القدح، رقم 3722، والبيهقي في الشعب [5/ 117] رقم 6019، جميعهم من حديث قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من ثلمة القدح، وأن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 1771- ولا يشرب من إناء فضة أو ذهب، للنهي الوارد فيهما. 1772- ولو شرب من إناء له حلقة فضة جاز. 1773- ومن السنة أن يتنفس ثلاثة أنفاس، ..... - ينفخ في الشراب- لفظ ابن حبان في الإحسان. وأخرج أبو نعيم في الحلية [9/ 38] من حديث ابن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن ابن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: نهي عن الشرب من كسر القدح، إسناده جيد. قال البيهقي في الشعب معللا: نهيه صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح لأن الماء لا ينزل منها كما ينزل من الموضع الصحيح، بل يتفرق فيصيب من حواشيها، فيبل ثوب الشارب فيتأذى منه. (1771) - قوله: «للنهي الوارد فيهما» : فمن ذلك: ما أخرجه الشيخان من حديث ابن أبي ليلى قال: خرجنا مع حذيفة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تلبسوا الحرير والديباج فإنها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة، لفظ البخاري في الأشربة. (1772) - قوله: «له حلقة فضة جاز» : لما أخرجه الشيخان من حديث أنس أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كان قد انصدع فسلسله بعضه. (1773) - قوله: «أن يتنفس ثلاثة أنفاس» : لما أخرجه الشيخان من حديث ثمامة بن عبد الله قال: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثا، لفظ البخاري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 فإذا ابتدأ ذكر الله، وإذا فرغ حمده. قوله: «فإذا ابتدأ ذكر الله» : أخرج الترمذي في الأشربة برقم 1885، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 166] رقم 11378، والبيهقي في الشعب [5/ 116] رقم 6015، جميعهم من حديث أبي فروة الرهاوي- وهو يزيد بن سنان أحد الضعفاء- عن الزهري، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا: لا تشربوا واحدة كشربة البعير، واشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا شربتم، واحمدوا إذا فرغتم، قال الترمذي: غريب. وأخرج الطبراني في الأوسط [7/ 231] رقم 6448، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 472، كلاهما من حديث شبل بن العلاء- وهو ضعيف- عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن نوفل بن معاوية الدؤلي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب بثلاثة أنفاس يسمي الله عزّ وجلّ في أوله، ويحمده في آخره. وأخرج البزار في مسنده [3/ 344 كشف الأستار] رقم 2900، والطبراني في الكبير [10/ 253] رقم 10475، وفي الأوسط [10/ 134] رقم 9286، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 471 جميعهم من حديث المعلى بن عرفان- وهو متروك- عن شقيق، عن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس يحمد الله عزّ وجلّ في كل نفس، ويشكره في آخرهن. وأخرج الطبراني في الأوسط [1/ 465- 466] رقم 844 من حديث الدراوردي، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى الله، فإذا أخره حمد الله، يفعل به ثلاث مرات، قال العراقي في تخريج الإحياء: رجاله ثقات، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 81] : فيه عتيق ابن يعقوب لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 1774- ولا يتنفس في الإناء ولا ينفخ فيه. 1775- ونهى عليه الصلاة والسلام عن ثلاث نفخات: نفخة في الطعام، ونفخة في الشراب، ونفخة في السجود. (1774) - قوله: «ولا ينفخ فيه» : تقدم الكلام في النهي عن النفخ في الطعام والشراب في النص رقم: 1743. (1775) - قوله: «عن ثلاث نفخات» : لم أجده هكذا، لكن ورد النهي عن النفخ في الطعام والشراب وفي السجود، فتقدم قريبا الحديث في النهي عن النفخ في الطعام والشراب، فأما في السجود فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [5/ 150] رقم 4870 من حديث زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في السجود، وعن النفخ في الشراب. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 83] : فيه خالد بن إلياس وهو متروك. وأخرج في الأوسط [1/ 183] رقم 244 من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليبدأ فليسوّ موضع سجوده، ولا يدعه حتى إذا هوى ليسجد نفخ ثم سجد، فلئن يسجد أحدكم على جمرة خير له من أن يسجد على نفخته. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 83] : فيه عبد المنعم بن بشير وهو منكر الحديث. وأخرج الطبراني في الأوسط [2/ 288] رقم 1505 من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في السجود، والنفخ في الطعام. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 20] : إسناده منقطع، وفيه أيضا معلى بن عبد الرحمن وهو ضعيف جدّا، وأثنى عليه الدقيقي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 1776- ولو شرب في إناء من زجاج فقد ورد به الخبر. 1777- وأما الشرب من أذن القدح فإنه مخالف السنة. 1778- ومنها: أن يشرب مصّا، ولا يعب عبّا، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: الكباد من العب. (1776) - قوله: «فقد ورد به الخبر» : أخرجه ابن ماجه في الأشربة، باب الشرب في الزجاج، رقم 3435، وأبو نعيم في الطب [الورقة 126] كلاهما من حديث مندل بن علي العنزي- وهو ضعيف-، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدح قوارير يشرب فيه. قال الموفق البغدادي في طبه: الزجاج فاضل للشرب، تفضله الملوك وتختاره على الذهب والياقوت لأنه قل ما يقبل الوضاءة ويرجع بالغسل جديدا، ويرى فيه كدر الماء وكدر المشروب، وقلما يقدر الساقي أن يدس السم فيه، وهذه أشرف الخلال التي دعت ملوك الهند إلى اتخاذه. (1777) - قوله: «من أذن القدح» : وهو المعبر عنه في الحديث بالاختناث، أن يثني رأس السقاء ويعطفه ويطويه، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية- يعني: أن تكسر أفواهها فيشرب منها- كذا جاء مفسرا في رواية البخاري، وجاء في رواية مسلم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وفيه: واختناثها: أن يقلب رأسها ثم يشرب. (1778) - قوله: «الكباد» : بضم الكاف، ثم موحدة خفيفة- وجع الكبد، وقال الموفق البغدادي في طبه: ووقع في رواية البيهقي: الكنار، وهو أيضا وجع في الكبد، قال ابن القيم في طبه: قد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 ......... - يؤلمها ويضعف حرارتها، وسبب ذلك المضادة التي بين حرارتها وبين ما ورد عليها من كيفية المبرود وكميته. ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا لم يضاد حرارتها ولم يضعفها، ومثال هذا صب الماء البارد على القدر وهي تفور، لا يضرها قليلا قليلا. والحديث أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 428] رقم 19594، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 284] ، وفي الاداب له برقم 603، وفي الشعب [5/ 115] ، رقم 6013، وسعيد بن منصور، وأبو نعيم، وابن السني كلاهما في الطب- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 125]-، عن معمر، عن ابن أبي حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا شرب أحدكم فليمص مصا، ولا يعب عبا فإن الكباد من العبّ- مرسل-. وفي الباب عن بهز- على خلاف يأتي-، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، وابن شهاب مرسلا، وعن أم سلمة، وميمونة رضي الله عنه. حديث بهز روي عن سعيد بن المسيب، رواه عنه يحيى بن سعيد فلم يقم أصحابه إسناده. * 1- رواه عن يحيى: ثبيت بن كثير الضّبي- وهو بصري منكر الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به- عن ابن المسيب، عن بهز، ومنهم من يقول عن ثبيت: القشيري بدل بهز، أو معاوية القشيري، أخرج حديث ثبيت: الطبراني في معجمه الكبير [2/ 35] رقم 1242- واللفظ له-، وابن عدي في الكامل [7/ 2639] ، وابن قانع في معجم الصحابة [3/ 826] رقم 183، وابن حبان في المجروحين [1/ 208] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 440] رقم 1277، وفي الطب، وابن السني كذلك، والبغوي في الصحابة- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 124- 125] ، وابن منده كما في الإصابة-، وابن عبد البر في التمهيد [1/ 394-- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 ......... - 395] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، عن بهز قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك عرضا، ويشرب مصّا، ويتنفس ثلاثا ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ، قال الحافظ في الإصابة: قال البغوي: لا أعلم روى بهز إلّا هذا وهو منكر، وقال ابن منده: رواه عباد بن يوسف، عن ثبيت فقال: عن القشيري بدل بهز، ورواه محسن بن تميم، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده فقال: إن سعيد بن المسيب إنما سمعه من بهز بن حكيم فأرسله الراوي عنه فظنه بعضهم صحابيا، قلت- يعني: ابن حجر- لكن ذكر ابن منده أن سليمان بن سلمة الخبائري رواه عن اليمان بن عدي، عن ثبيت، عن يحيى، عن سعيد، عن معاوية القشيري، فعلى هذا لعل سعيدا سمعه من معاوية جد بهز بن حكيم فقال مرة: عن جد بهز، فسقط لفظ جد من بعض الرواة. * 2- ثم رواه عن يحيى: علي بن ربيعة القرشي- أحد الضعفاء- فقال عنه، عن ابن المسيب، عن ربيعة بن أكثم بنحوه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 229] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 1098- 1099] رقم 2773، وابن عبد البر في التمهيد [1/ 395] ، وقال: هذان الحديثان- حديث بهز وابن أكثم- ليس لإسناديهما عن سعيد أصل، وليسا بصحيحين من جهة الإسناد عندهم، وقد جاء عن جماعة من السلف إجازة الشرب في نفس واحد. اهـ. وقال البيهقي: لا أحتج بمثله. وأصل الحديث عند مسلم: من حديث عبد الوارث، عن أبي عصام، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشرب ثلاثا ويقول: إنه أروى وأبرأ وأمرأ، فالعب المذكور مستفاد من المعنى، وقد رواه جعفر بن محمد بن الليث الزيادي- ضعفه الدارقطني- عن عبيد الله بن محمد بن أبي عائشة، عن عبد الوارث، عن أبي عصام فقال: مصوه مصا ولا تعبوه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 ......... - عبا، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 896] ، والبيهقي في الشعب [5/ 115] رقم 6009. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الديلمي في مسند الفردوس برقم 1070، ولفظه: إذا شربتم الماء فاشربوه مصا ولا تشربوه عبا، فإن العب يورث الكباد، وفسر العب: بأنه شرب بلا تنفس، وأن الكباد: داء يكون في الصدور، وفي إسناده: محمد بن خلف، فيه لين، وموسى المروزي قال الذهبي عن الدارقطني: متروك. وأما حديث عطاء بن أبي رباح، فأخرجه أبو داود في المراسيل برقم 5، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، ولفظه: إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا، مرسل، وفيه محمد بن خالد القرشي وفيه جهالة. وأما حديث ابن شهاب، فأخرجه البيهقي في الشعب [5/ 115] رقم 6011، وفي الاداب له برقم 602، ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس ثلاثة أنفاس، ونهى عن العب نفسا واحدا، ويقول: ذاك شرب الشيطان- مرسل- برجال ثقات رجال الصحيح. وأما حديث أم سلمة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [23/ 332- 333] رقم 766، 767، من حديث الحماني: ثنا أبو بكر بن عياش، عن المعلى الأسدي، عن معاوية بن قرة، عن أم سلمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بالشراب إذا كان صائما، وكان لا يعب، يشرب مرتين أو ثلاثا، في الإسناد الأول الحماني يحيى، وفي الثاني شيخ الطبراني أبو عمر الضرير، قال في مجمع الزوائد [5/ 80] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وأما حديث ميمونة، فعزاه الحافظ العراقي لأبي الشيخ وضعفه بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعب ولا يلهث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 1779- ويستحب سقي الماء، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: في كل ذات كبد حرّى أجر. (1779) - قوله: «في كل ذات كبد حرّى أجر» : في الباب عن أبي هريرة، وسراقة بن جعثم، ومخول السلمي. حديث أبي هريرة، يأتي بعد هذا. وحديث سراقة، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 457] برقم 19692، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 175] ، والطبراني في معجمه الكبير برقم 6587، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 186] ، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عنه، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه، فقال: أرأيت ضالة ترد على حوض لطته فهل لي أجر إن سقيتها؟ فقال: نعم، في الكبد الحارة أجر. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 175] ، وابن ماجه في الأدب، باب فضل صدقة الماء، رقم 3686، والبيهقي في الاداب برقم 89، وفي الشعب [3/ 219] رقم 3373 من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن جعثم، عن أبيه، عن عمه سراقة. تابعه موسى بن عقبة، عن الزهري، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 157- 159] رقم 6602. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 6595، 6599، من طريق بشر بن المفضل وخالد كلاهما عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك، عن عمه سراقة. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 6600، والحاكم في المستدرك [3/ 619] من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك، عن سراقة. وأخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان برقم 542- من حديث يونس، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، أن سراقة. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 1780- وقال صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي في الطريق إذ مر بكلب قد عطش على رأس بئر، فنزع الرجل خفيه، ثم ربطه بعمامته فدلاه البئر، فأخرج ماء وسقى ذلك الكلب، فشكر الله له ذلك وغفر له، فقيل: يا رسول الله ألنا أجر في البهائم؟ فقال: نعم، وفي كل ذات كبد رطب أجر. - وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 112 من حديث سفيان، عن الزهري، عن ابن سراقة- أو غيره-، عن سراقة، والاختلاف فيه من الزهري، والله أعلم. وأما حديث مخول، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 137- 138] رقم 1586، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه برقم 5882- الإحسان- وابن الأثير في الأسد [5/ 129] . وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [8/ 30] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 763] كلاهما من حديث محمد بن سليمان بن مسمول- أحد الضعفاء-، عن القاسم بن مخوّل، عن أبيه- وكان قد أدرك الجاهلية والإسلام- ... وفيه قصة، وفيها: قلت يا رسول الله الضوال ترد علينا هل لنا الأجر أن نسقيها؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حرّى أجر. (1780) - قوله: «بينما رجل يمشي» : القصة أخرجها البخاري في الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان رقم 173، وفي المساقاة، باب فضل سقي الماء، رقم 2363، وفي المظالم، باب الابار التي على الطريق، رقم 2363، وفي الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم 6009، ومسلم في السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، رقم 2244، من طرق عن أبي صالح بنحوها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 [263- فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطّبّ] 263- فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطّبّ 1781- كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع، فغلف رأسه بالحناء. 1782- وكان صلى الله عليه وسلم يداوي ما يكون في جسده من بثر أو غيره بالحناء يضعه عليها. (1781) - قوله: «إذا نزل عليه الوحي صدع» : أخرجه البزار في مسنده [3/ 391 كشف الأستار] رقم 3028 من حديث الأحوص بن حكيم- وقد اختلف عليه فيه-، عن أبي عون، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به مرفوعا، وروي أيضا: عن الأحوص، عن راشد بن سعد، عن أبي هريرة، أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 443] . قال البزار: لا نعلمه يروى مرفوعا إلّا بهذا الإسناد، ولا أسند أبو عون، عن سعيد، عن أبي هريرة إلّا هذا. وعزاه الذهبي في الطب [/ 253] لابن ماجه فوهم، وإنما أخرج الاتي بعده. وعزاه ابن كثير في تاريخه [3/ 22] لأبي نعيم، زاد الزبيدي في الإتحاف [9/ 518] : في الطب، وعزاه لابن السني فيه أيضا. قال ابن كثير: غريب جدّا، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 95] : فيه الأحوص بن حكيم فيه ضعف، وأبو عون لم أعرفه. (1782) - قوله: «بالحناء يضعه عليها» : أخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 462] ، وأبو داود برقم 3858، والترمذي برقم 2054، وابن ماجه برقم 3502، كلهم في الطب من حديث- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 1783- وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا جمع يديه وقرأ فيهما بالمعوّذات وتفل فيهما، ثم ردهما على وجهه. 1784- وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه من به قرحة قد أعياه برؤها، أخذ صلى الله عليه وسلم بإصبعه من ريقه فوضعها على الأرض فحملت من التراب ما حملت، فوضعها على القرحة ثم يقول: بسم الله، ريقة بعضنا، بتربة أرضنا، تشفي سقيمنا، بإذن الله. 1785- وكان صلى الله عليه وسلم ربما يأمر عائشة بأن تعوّذه فتقول: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، ثم تمسح بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جسده رجاء بركتها. 1786- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض لم يحضر أجله قال: - سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلّا وضع عليها الحناء، لفظ ابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب. (1783) - قوله: «وقرأ فيهما بالمعوّذات» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها. (1784) - قوله: «بسم الله ريقة بعضنا» : أخرجه البخاري في الطب، باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 5745، 5746، ومسلم في السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة، والحمى والنظرة، رقم 2194. (1785) - قوله: «رجاء بركتها» : أخرجاه في الصحيحين من حديثها رضي الله عنها. (1786) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 239، 243، 352] ، والترمذي في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، سبع مرات فعوفي. وقلّ ما يقال عند مريض في أجله تأخير إلّا برأ. 1787- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل هو وأصحابه تمرا، فجاء صهيب وقد غطى على عينه وهو أرمد فسلم، فأهوى فوضع يده في التمر يأكل، فقال صلى الله عليه وسلم: تأكل الحلوى وأنت أرمد؟ فقال: يا رسول الله إنما آكل بشق عيني الصحيحة. فضحك صلى الله عليه وسلم وتركه يأكل. 1788- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب يوما فجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أرمد فدنا يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأكل الحلوى وأنت أرمد؟ فتنحى ناحية، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه فرمى إليه برطبة- الطب، باب 32، برقم 2083- وقال: حسن غريب- وأبو داود في الجنائز، باب الدعاء للمريض عند العيادة، رقم 3106، والبخاري في الأدب المفرد برقم 536، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 2978، 2975، والحاكم في المستدرك [1/ 343، 4/ 213] وقال في الموضع الثاني: شاهد صحيح غريب من رواية المصريين عن المدنيين، عن الكوفيين، لم نكتبه عاليا إلّا عنه (يريد: ابن وهب) ، وقد خالف الحجاج بن أرطاة الثقات في الحديث عن المنهال بن عمرو. (1787) - قوله: «وتركه يأكل» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 61، 5/ 374] ، وابن ماجه برقم 3443، وابن سعد في الطبقات [3/ 228] ، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 344] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 399، 4/ 411] ، وقال الذهبي: صحيح، وقال البوصيري في الزوائد: رجاله ثقات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 فأكلها، ثم أخرى حتى رمى إليه بسبع، ثم قال: حسبك فإنه لا يضر ما أكل من التمر وترا، وجاءوا ببقلة يقال لها: بقلة الأنصار، فوضعت بين أيديهم، فأكل هو وأصحابه ثم قال: يا أبا الحسن، إن كنت آكلا فمن هذه. 1789- وكان صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. قوله: «حسبك» : أورده الحافظ الذهبي في طبه [/ 239] من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، إلّا أنه قال: وعلي محموم، ثم قال الذهبي: وذلك لأن التمر فيه حرارة تضر أصحاب الحميات وتورثهم الصداع والعطش، فإذا أخذ منه القليل لم يكن له تلك المضرة. وأخرج أبو نعيم في الطب [/ 121] من حديث ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أخواله من الأنصار ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقدموا إليه قناعا من رطب فأهوى علي ليأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تأكل فإنك حديث عهد بالحمى، معضل، وله شاهد. فأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 363- 364] ، وأبو داود في الطب برقم 3856، والترمذي كذلك برقم 2037، وابن ماجه كذلك برقم 3442 من حديث أم المنذر الأنصارية قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلي ناقه من مرض، ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها، وقام علي يأكل منها، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: مه إنك ناقه، حتى كف، قالت: وصنعت شعيرا وسلقا فجئت به، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: من هذا أصب، فهو أنفع لك. (1789) - قوله: «ومن كل عين لامة» : زاد بعضهم في هذا الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: كان أبوكما يعوذ بهما- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 1790- وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، ويكره الطيرة. 1791- ويقول: الطيرة شرك، وما منا إلّا (ويجد في نفسه) ولكن الله تعالى يذهبه بالتوكل (وما من عبد إلّا سيدخل قلبه طيرة) . - إسماعيل وإسحاق، أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه دون الجزء الأخير، باب (بدون ترجمة) رقم 3371، وأبو داود في السنة، باب في القرآن، رقم 4737، والإمام أحمد في المسند [1/ 236، 270] ، والترمذي في الطب، رقم 2060، والنسائي في اليوم والليلة برقم 1006، 1007، وابن ماجه في الطب، باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به، رقم 3525، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 48- 49، 10/ 315] وغيرهم. (1790) - قوله: «يحب الفأل ويكره الطيرة» : أخرجه من حديث أبي هريرة: ابن ماجه في الطب، باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، رقم 3536. قال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وأخرجه أيضا: الإمام أحمد في مسنده [2/ 332] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6121. (1791) - قوله: «ويجد في نفسه» : تفسير من المصنف ليس من متن الحديث، وكذلك جملة قوله: وما من عبد إلّا سيدخل قلبه طيرة ليست من المتن، ولذلك وضعناهما بين حاصرتين. وقد ذكر بعض أهل العلم أن قوله في الحديث: وما منا إلا، أنه من قول ابن مسعود مدرج في الحديث قاله الترمذي عن البخاري، عن سليمان بن حرب، وقاله الخطابي في المعالم والبيهقي في الشعب أيضا، أما الحافظ ابن القطان فأنكر ذلك في بيان الوهم والإيهام [5/ 387] وقال: كل كلام مسوق في السياق لا ينبغي أن يقبل ممن يقول إنه مدرج إلّا أن يجيء بحجة، وهذا الباب معروف عند المحدثين. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486 1792- فإذا هو أحس بذلك فليقل: بسم الله ولا قوة إلّا بالله، أنا عبد الله، ما شاء الله، لا يأتي بالحسنات إلّا الله، ولا يذهب السيئات إلّا الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله، أشهد أن الله على كل شيء قدير، ثم يمضي لوجهه. 1793- وفي بعض الأخبار: أن رجلا قام- حين ذكر عليه الصلاة والسلام: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر، فقال: يا رسول الله البعير حين يكون فيه الجرب فيعدي الإبل؟ قال: ذلك القدر، فمن أجرب الأول. - قال الخطابي في المعالم [4/ 232] في معنى قوله: وما منا إلا: معناه إلّا من يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهية فيه، فحذف اختصارا للكلام واعتمادا على فهم السامع. (1792) - قوله: «فليقل: بسم الله» : هو منفصل عما قبله ولذلك فصلته، أخرج الدعاء: أبو داود في الطب من سننه، باب في الطيرة، رقم 3919، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 139] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 293 جميعهم من حديث عروة بن عامر ولا صحبة له. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف [10/ 406] من حديث معمر، عن الأعمش مرسلا. (1793) - قوله: «فمن أجرب الأول» : أخرجاه في الطب من الصحيحين من حديث أبي هريرة. فأخرجه البخاري برقم 5717، ومسلم برقم 2220 (101، 102) إلّا أنهما قالا: فمن أعدى الأول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 487 1794- على أنه روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لمجذوم: ارجع فقد بايعناك، ولم يصافحه. قال أبو سعد رحمه الله: كان هذا في بدء الإسلام، فأراد صلى الله عليه وسلم بذلك أن يحفظ قلوب القوم مخافة أن يصافحهم فيدخلهم منه شيء ولم يخف على نفسه. والله أعلم. ومن السنة أن يديم الحجامة، قال صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي، ما مررت بسماء إلّا قالوا: مر أمتك بالحجامة. (1794) - قوله: «قال لمجذوم» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 390] ، ومسلم في السلام، باب اجتناب المجذوم، رقم 2231، والنسائي في البيعة، باب بيعة من به عاهة، رقم 4182، وابن ماجه في الطب، باب الجذام، رقم 3544، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 131- 132] رقم 4593، جميعهم من حديث عمر بن الشريد، عن أبيه به. قوله: «مر أمتك بالحجامة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 354] ، والترمذي في الطب من جامعه، برقم 2047، 2053، وابن ماجه في الطب أيضا برقم 3477، وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب، جميعهم من حديث عباد بن منصور- اختلف فيه، وبه أعل الحديث- عن عكرمة، عن ابن عباس، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 209، 409] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 488 [264- فصل: ذكر آداب متفرّقة] 264- فصل: ذكر آداب متفرّقة ومن السنة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه. 1795- لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفّس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الاخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة، ومن يسر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والاخرة، والله في عون عبده ما دام العبد في عون أخيه. 1796- ومن السنة أن لا يمنع الماعون- وهو: ما يحتاج إليه جيرانه وعدموه عند أنفسهم كالقدر والفأس، والمغرفة وأشباهها. (1795) - قوله: «ما دام العبد في عون أخيه» : أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم 2699، والإمام أحمد في مسنده [2/ 252] ، وابن أبي شيبة في المصنف [9/ 85- 86] ، وأبو داود في الأدب، باب في المعونة للمسلم، رقم 4946، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الستر على المسلم، رقم 1930، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم 225، وفي الصدقات، باب إنظار المعسر رقم 2417. (1796) - قوله: «أن لا يمنع الماعون» : أخرجه أبو داود في الزكاة، باب في حقوق المال برقم 1657، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 522] كلاهما من حديث أبي وائل، عن ابن مسعود قال: كل معروف صدقة، كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر، زاد الطبراني في معجمه الكبير- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 489 1797- ومن السنة أن لا يكتم علما ولا يمنعه عن أهله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان عنده علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار. 1798- ويخالط الناس، لما قال عليه الصلاة والسلام: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. -[9/ 235] رقم 9014: الفأس. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3469] من حديث عابد بن ربيعة- تصحف في المطبوع إلى: مائذ بن ربيعة- أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ما تعهد إلينا؟ قال: لا تمنعون الماعون، قالوا: يا رسول الله وما الماعون؟ قال: في الحجر وفي الحديدة وفي الماء، قالوا: فأي الحديدة؟ قال: قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به، قالوا: وما الحجر؟ قال: قدوركم الحجارة، رواه أبو نعيم في المعرفة [4/ 811- 812] من وجه آخر عن عابد بن ربيعة، حدثنا قرة بن دعموص ولم يسق المتن. (1797) - قوله: «ألجمه الله بلجام من نار» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 43، 305، 344، 353، 495] ، وأبو داود في العلم، باب كراهية منع العلم، رقم 3658، والترمذي في العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، رقم 2649، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب من سئل عن علم فكتمه، رقم 261، والطيالسي في مسنده برقم 2534، وابن أبي شيبة في المصنف [9/ 55] جميعهم من حديث أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 95، 297، والحاكم في المستدرك [1/ 101] وأقره الذهبي في التلخيص. (1798) - قوله: «المؤمن الذي يخالط الناس» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 43، 5/ 365] ، والبخاري في الأدب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 490 1799- ولا يدخل على أحد إلّا بإذن. 1800- ومن السنة أن يسلّم قبل الدخول. 1801- ولا ينظر ولا يطّلع إلّا بإذنهم، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فلا دية ولا قصاص. - المفرد برقم 388، والترمذي في صفة القيامة برقم 2507، وابن ماجه في الفتن، برقم 4032، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 564] ، والطيالسي في مسنده برقم 1876، وأبو نعيم في الحلية [7/ 365] ، والبيهقي في الاداب برقم 218، وفي الشعب [6/ 266] رقم 8102، جميعهم من حديث ابن عمر وبعضهم يبهمه وبعضهم يتردد فيه. (1799) - قوله: «ولا يدخل على أحد إلّا بإذن» : فيه حديث أبي موسى في الاستئذان والسلام، وهو مخرج في الصحيحين، انظر كتابنا: فتح المنان، شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، حديث رقم 2793. (1801) - قوله: «من اطلع في دار قوم» : بهذا اللفظ أخرجه النسائي في القسامة، باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، وابن الجارود في المنتقى برقم 790، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 338] ، والطحاوي في المشكل [1/ 405] ، جميعهم من حديث بشير بن نهيك، عن أبي هريرة به. وهو في الصحيحين من حديث الأعرج عنه. أخرجه البخاري في الديات، باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، رقم 6888، وفي باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، رقم 6902، ومسلم في الاداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، رقم 2158- بلفظ: لو أن امرآ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 491 1802- ويجتنب أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يسمعه، لما روي أنه قال صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. 1803- ويجتنب الكذب واللهو والغيبة والنميمة والخوض في النجوم، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لست من دد ولا الدد مني، يعني اللهو والطرب. (1802) - قوله: «من كذب عليّ متعمدا» : خرجناه في فتح المنان من حديث جابر بن عبد الله تحت رقم 242، ومن حديث ابن عباس تحت رقم 243، ومن حديث الزبير بن العوام تحت رقم 244، ومن حديث يعلى بن مرة تحت رقم 245، ومن حديث أنس بن مالك تحت رقم 246، 250، 252، ومن حديث أبي قتادة تحت رقم 251. (1803) - قوله: «لست من دد» : فسره مالك باللهو واللعب، وفسره غيره بالباطل. والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 785، والطبراني في معجمه الأوسط [1/ 262] رقم 451، والبزار في مسنده [3/ 129 كشف الأستار] رقم 2402، وابن عدي في الكامل [7/ 2698] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 217] ، وفي الاداب برقم 424، والعقيلي في الضعفاء [4/ 427] كلهم من حديث أبي زكير: يحيى بن محمد بن قيس، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس به. قلت: يحيى بن محمد ممن يضعف في الحديث، وقد خالفه الدراوردي فقال: عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن معاوية به، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 343- 344] رقم 794. قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 266] : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو زكير: يحيى بن محمد بن قيس، عن عمرو بن أبي عمرو، سمعت أنسا يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره، قالا: هكذا رواه أبو زكير، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 492 1804- عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته حتى أسمع العواتق في الخدور: يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان في قلبه، اتقوا الله ولا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته. - ورواه الدراوردي عن عمرو، عن المطلب، عن معاوية قال: قلت لأبي زرعة أيهما عندك أشبه؟ قال: الله أعلم، ثم تفكر ساعة فقال: حديث الدراوردي أشبه، وسألت أبي فقال: حديث معاوية أشبه. (1804) - قوله: «عن البراء بن عازب» : أصحاب الدلائل يوردون هذا الحديث فيما خص به صلى الله عليه وسلم من بلوغ صوته للقاصي. أخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 237- 238] رقم 1675، وابن أبي الدنيا في الصمت، برقم 167، كلاهما من طريق حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 93] : رجاله ثقات. وفي الباب: عن ابن عمر، وأبي برزة الأسلمي، وابن عباس، وبريدة بن الحصيب، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما حديث ابن عمر، فأخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن، رقم 2032، والبغوي في شرح السنة برقم 3526، من طريق أوفى بن دلهم، عن نافع، عنه بمثل حديث الباب، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5763. وأما حديث أبي برزة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 420- 421، 424] ، وأبو داود برقم 4880، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 168، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 247] . وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 493 1805- وقال صلى الله عليه وسلم: الكذب مجانب الإيمان. 1806- وقال صلى الله عليه وسلم: من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر. - 11444، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 94] : رجاله ثقات. وأما حديث بريدة بن الحصيب، فأخرجه أيضا الطبراني في معجمه الكبير برقم 1155، وفي الإسناد مجهول. وأما حديث ثوبان، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 279] . (1805) - قوله: «الكذب مجانب الإيمان» : روي من حديث أبي بكر الصديق رضى الله عنه مرفوعا وموقوفا. أما المرفوع: فأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 43] ولم يسق المتن، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 206] رقم 4804، وأخرجه أيضا البيهقي في الشعب مرفوعا [4/ 206] وقال: إسناده ضعيف، والصحيح أنه موقوف. وأخرج الموقوف: الإمام أحمد في المسند [1/ 5] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 592] ، وابن المبارك في الزهد برقم 736 وهناد في الزهد له برقم 1368، ووكيع كذلك برقم 399، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 77، والخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم 132، والدارقطني في العلل [1/ 285- 259] ، والبيهقي في الشعب برقم 4806، 4807، وفي السنن الكبرى [10/ 197] بأسانيد في غاية الجلالة. قال الدارقطني في العلل [1/ 258] : اختلف فيه على إسماعيل، رواه جماعة عنه مرفوعا وموقوفا والصحيح منه قول من أوقفه. اهـ. باختصار. (1806) - قوله: «شعبة من السحر» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 227، 311] ، وأبو داود في الطب، باب في النجوم، رقم 3905، وابن ماجه في الأدب، باب تعليم النجوم، رقم 3726، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 414] 5698، وعبد بن حميد- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 494 1807- ويكره المدح في الوجه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احثوا في وجوه المدّاحين التراب. 1808- ويقول صلى الله عليه وسلم: إن كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل: أحسب، ولا أزكي على الله أحدا. 1809- ومن السنة أن يشاور في المهم، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن يهلك رجل بعد مشورة. - في المنتخب برقم 713، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 135] رقم 11278، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 138] ، والخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم 773، والبغوي في شرح السنة [12/ 182] ، والخطيب في القول في علم النجوم [/ 179] جميعهم من حديث ابن عباس به، وصححه النووي في رياض الصالحين، والذهبي في كتاب الكبائر، والعراقي في تخريج الإحياء [4/ 117] . (1807) - قوله: «احثوا في وجوه المداحين التراب» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 5] ، ومسلم في الزهد والرقاق، برقم 3002 (68، 69) ، وأبو داود برقم 4804، والترمذي برقم 2393، وابن ماجه برقم 3742، والبخاري في الأدب المفرد برقم 339 جميعهم من حديث المقداد بن الأسود. (1808) - قوله: «ولا أزكي على الله أحدا» : أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يكره من التمادح برقم 6061، ومسلم برقم 3000 (66) من حديث أبي بكرة. (1809) - قوله: «لن يهلك رجل بعد مشورة» : هو طرف من حديث ابن المسيب الاتي في باب ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال برقم 2096، أوله: رأس العقل بعد الإيمان ... الحديث، يأتي تخريجه هناك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 495 1810- ومن السنة أن لا يسب شيئا ولا يلعن، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فهبت ريح فكشفت عن رجل قطيفة فلعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنتها؟ قال: يا رسول الله كشفت قطيفتي، فقال: إذا رأيتها فاسأل الله من خيرها، وتعوّذ من شرها، ولا تلعنها فإنها مأمورة. 1811- ويستحب أن لا يسافر وحده أو يبيت في بيت وحده، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم أحدكم ما له في الوحدة ما سار أحد بليل. 1812- ويكره التطير، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الطيرة. 1813- وقال صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، وما منا إلّا (ويجد في نفسه) ولكن الله يذهبه بالتوكل. 1814- ومن السنة أن يؤخذ برخص الله، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه. (1810) - قوله: «فإنها مأمورة» : هو مكرر، وقد تقدم برقم 1652، وخرجناه هناك. (1811) - قوله: «لو يعلم أحدكم» : خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 2844 من حديث ابن عمر. (1812) - قوله: «ويكره التطير» : هكذا تكرر والذي بعده في النسخ، وقد تقدما قريبا برقم 1792، 1791. (1814) - قوله: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه» : في الباب عن ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنها. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 496 ......... - أما حديث ابن عمر، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 108] ، وأبو يعلى في المسند- كما في إتحاف الخيرة [3/ 462] رقم 3112-، والبزار في مسنده [1/ 469 كشف الأستار] رقم 988، 989، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 140] ، وفي الشعب [3/ 403] رقم 3889، 3890، وابن الأعرابي في معجمه برقم 2237، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 145- 146] رقم 5298، والخطيب في تاريخه [10/ 347] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1078، وصححه ابن خزيمة برقم 2027، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2724. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه مسدد- كما في إتحاف الخيرة [1/ 509] رقم 1008- والطبراني في معجمه الكبير [11/ 323] رقم 11880، 11881، والبزار في مسنده [1/ 469 كشف الأستار] رقم 990، وأبو نعيم في الحلية [6/ 276] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 354. وأما حديث ابن مسعود، فروي مرفوعا وموقوفا، فأخرجه مسدد- كما في إتحاف الخيرة [1/ 510] رقم 1009- موقوفا-، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 103] رقم 10030، وفي الأوسط [3/ 276] رقم 2602، وأبو نعيم في الحلية [2/ 101]-، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 545] . قال البو صيري في إسناد حديث مسدد: رجاله ثقات، وقال الهيثمي في رجال الطبراني [3/ 162] : فيه معمر بن عبد الله الأنصاري، قال العقيلي: لا يتابع على رفع حديثه. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن أبي شيبة- كما في إتحاف الخيرة [2/ 469] رقم 2116، ومن طريقه ابن ماجه مقتصرا منه على ما يتعلق بالمسح، رقم 555. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 497 1815- ومن السنة ألا يكون جبانا ولا بخيلا ولا منانا، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية، ويحب السماحة ولو على تمرة. - قال البوصيري: سنده ضعيف، لضعف عمر بن عبد الله بن أبي خثعم. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الدولابي في الكنى [2/ 42] . وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه ابن حبان في الثقات [2/ 200] ، وابن عدي في الكامل [5/ 1718] ، والطبراني في الأوسط [7/ 153- 154] رقم 6278، وفي [9/ 16] رقم 8028 وفي إسناده عمر ابن عبيد، وهو ضعيف. (1815) - قوله: «إن الله يحب الشجاعة» : هو طرف من حديث الزبير بن العوام، أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1502] ، وأبو نعيم في الحلية [10/ 73] ببعضه، وبتمامه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول [/ 151، 308] فرقه. وهذا لفظ ابن عدي: عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال لي الزبير بن العوام: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فجذب عمامتي بيده فالتفت إليه، فقال: يا زبير إن باب الرزق مفتوح من لدن العرش إلى قرار بطن الأرض، فيرزق الله كل عبد على قدر همته، يا زبير إن الله يحب السخاء ولو بفلقة تمرة، ويحب الشجاعة ولو بقتل الحية والعقرب، وفي إسناد هذا الحديث عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام، ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال ابن عدي: لم أجد من المتقدمين فيه كلاما، ولم أجد بدا من ذكره لما رأيت من أحاديثه أنها غير محفوظة. وأورده الغزالي في الإحياء من وجه آخر [3/ 242] من حديث الواقدي، عن ابن إسحاق عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير بن العوام: يا زبير اعلم أن مفاتح أرزاق العباد بإزاء العرش ... الحديث. قال الحافظ العراقي: رواه الدارقطني، وفي إسناده الواقدي، عن محمد بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 498 1816- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منّان. 1817- وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، قال: فأتيته فلما نظرت إليه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته يقول: افشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام. 1818- وروي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عملا يدخلني الجنة وينجيني من النار، قال: تقول العدل، وتعطي- إسحاق، عن الزهري بالعنعنة ولا يصح. اهـ. قال الزبيدي في الإتحاف [8/ 182] : رواه الدارقطني في المستجاد ... قال: ورواه أيضا في الأفراد بلفظ: إن مفاتح الرزق متوجهة نحو العرش، فينزل الله تعالى على الناس أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر كثر له، ومن قلل قلل له ... قال: وفيه أيضا عبد الرحمن بن حاتم المرادي، قال الذهبي: ضعيف، وقد رواه كذلك: ابن النجار، ولفظ المصنف (يعني: الغزالي) رواه التيمي في الترغيب. (1816) - قوله: «لا يدخل الجنة منان» : سيعيده المصنف برقم 1876، ويأتي تخريجه هناك. (1817) - قوله: «وصلوا بالليل والناس نيام» : وتمامه: تدخلوا الجنة بسلام، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 1581، 2796. (1818) - قوله: «أن رجلا جاء» : يقال: هذا الرجل هو كدير بن قتادة الضبي ولا يصح، لأنه قد اختلف في صحبته، أثبتها له أبو نعيم، والجمهور على خلافه، وأن حديثه مرسل، وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون هو المبهم في الحديث، قال أبو داود في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 499 الفضل، قال: ومن يطيق ذلك؟ قال: تطعم الطعام، وتفشي السلام، قال: ومن يطيق ذلك؟ قال: هل لك إبل؟ قال: نعم، قال: فانظر إلى بعير منها وسقاء وإلى أهل بيت لا يشربون الماء إلّا غبا، قال: فلعله أن لا يهلك بعيرك، ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة، فأدبر وهو يكبر. - سؤالاته للإمام أحمد: قلت لأحمد بن حنبل: كدير له صحبة؟ قال: لا، قلت: إن زهيرا يقول: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إنما سمع زهير من أبي إسحاق بأخرة. اهـ. وقد أدخل البخاري كدير هذا في الضعفاء فلم يصب، قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: لا صحبة له، وقال: يحول من كتاب الضعفاء، وقال الذهبي في الميزان: قواه أبو حاتم، وضعفه البخاري والنسائي، وكان من غلاة الشيعة. انظر: المعرفة لأبي نعيم [5/ 2412] ، معجم ابن قانع [13/ 4478] ، الاستيعاب [9/ 296] ، مراسيل ابن أبي حاتم [/ 144] ، الإصابة [8/ 275] ، الميزان [4/ 330] ، اللسان [4/ 486] ، ضعفاء البخاري [/ 200] الترجمة رقم 308. قوله: «ومن يطيق ذلك؟» : وفي رواية أنه قال: هذا شديد، لا أستطيع أن أقول العدل كل ساعة ولا أن أعطي فضل مالي. قوله: «فأدبر وهو يكبر» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 456] رقم 19691، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 187] رقم 422، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 186] من حديث معمر، عن أبي إسحاق، عن كدير به. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 500 1819- وروي: أن السلام اسم من أسماء الله تعالى مقدس، وضعه بين أهل الأرض، وما بينه وبين اسم الله الأعظم إلّا كقرب سواد العين من بياضها، وهو تحية الملائكة المقربين للمؤمنين، قال الله عزّ وجلّ: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ الاية. - ومن طرق عن أبي إسحاق أخرجه هناد في الزهد برقم 655، 1063، والطيالسي في مسنده برقم 1361، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [4/ 463] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 199] رقم 2728، وابن قانع في معجمه [13/ 4478] رقم 1663، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2412] رقم 5904، والبيهقي في الشعب [3/ 219] رقم 3374، وصححه ابن خزيمة برقم 2503، وقال: لم يتبين لي سماع أبي إسحاق من كدير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 132] : رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح، وقول ابن خزيمة متعقب بما وقع في رواية شعبة عند الطيالسي وغيره وفيها التصريح بسماع أبي إسحاق من كدير، والله أعلم. (1819) - قوله: «وروي: أن السلام اسم من أسماء الله» : في الباب عن أبي هريرة، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأنس بن مالك. أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 131] قال: أخبرنا بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله فافشوه بينكم، أخرجه أيضا الطبراني في معجمه الأوسط [4/ رقم 3032] وابن عدي في الكامل [2/ 444] ، والعقيلي في الضعفاء [1/ 141] ، والبيهقي في الشعب [6/ 433] رقم 8784، 8785، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 29] : بشر بن رافع ضعيف. وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 438، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 501 1820- وقال ابن عباس: من كرم الرجل سلامه على من يعرفه ومن لا يعرفه، السلام أحب الأشياء إلى الله تبارك وتعالى، وهو سنة لادم وولده والأنبياء من بعده، وإن إبليس ليبكي من سلام ابن آدم على أخيه ويقول: يا ويله، لم يتفرقا حتى غفر لهما. - 441 فرقه] رقم 5796، 5807، والبيهقي في الشعب [6/ 432] رقم 8779 من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب قال: قال عبد الله: إن السلام هو اسم من أسماء الله، وضعه الله في الأرض فافشوه بينكم، فإن الرجل إذا مر على القوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بأنه أذكرهم، وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب- موقوف-، رفعه أيوب بن جابر- وهو ضعيف-، عن الأعمش، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 224] رقم 10391، والبيهقي في الشعب برقم 8781، 8783، وتابعه شريك، أخرجه البزار في مسنده [2/ 417 كشف الأستار] رقم 1999، والبيهقي في الشعب برقم 8782، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 29] : رواه البزار بإسنادين، والطبراني بأسانيد وأحدهما رجاله رجال الصحيح عند البزار والطبراني. وأما حديث معاذ بن جبل، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 381] من طريق ابن أبي ليلى، عن أبيه: أن معاذ بن جبل أتى الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها قال: فقلت: لأي شيء تصنعون ذلك؟ قالوا: هذا كان تحية الأنبياء قبلنا، فقلت: نحن أحق أن نصنع هذا بنبينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم كذبوا على أنبيائهم وحرفوا كتابهم، إن الله عزّ وجلّ أبدلنا خيرا من ذلك: السلام تحية أهل الجنة. وأما حديث أنس بن مالك فأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 989 من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه الله في الأرض، فافشوا السلام بينكم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 502 1821- وقال صلى الله عليه وسلم: من سلم على أخيه المسلم كتب الله له عشرين حسنة، وكتب للراد عشر حسنات. 1822- وروي عنه صلى الله عليه وسلم إذ سئل: أينحني بعضنا لبعض إذا التقينا؟ قال: لا، قيل: أيصافح بعضنا بعضا؟ قال: نعم. 1823- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا، لم يفترقا حتى يغفر لهما. (1821) - قوله: «كتب الله له عشرين حسنة» : لم أجده هكذا، لكن روى عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه وقال: عشر، ثم جاء رجل فسلم فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: عشرون، ثم جاء رجل فسلم فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه وقال: ثلاثون. إسناده حسن، وقد خرجناه في مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 2804- فتح المنان. (1822) - قوله: «إذ سئل: أينحني بعضنا لبعض» : تفرد بهذا الحديث حنظلة السدوسي، عن أنس، وحنظلة ضعفه الجمهور، وتركه يحيى القطان لاختلاطه. أخرج حديثه: الإمام أحمد في المسند [3/ 198] ، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في المصافحة، رقم 2729، وابن ماجه في الأدب، باب المصافحة، رقم 3702، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 431] رقم 5769، وأبو يعلى في مسنده [7/ 269، 270] رقم 4287، 4289، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 100] ، وفي الشعب [6/ 476] رقم 8962، 8963، والطحاوي في شرح معاني الاثار [4/ 281] . (1823) - قوله: «حتى يغفر لهما» : في الباب عن البراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وسلمان- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 503 ......... - الفارسي، وحذيفة بن اليمان. (أ) أما حديث البراء، فرواه عنه جماعة منهم: أبو إسحاق السبيعي، وأبو الحكم بن أبي الشعثاء، ويزيد بن البراء، وأبو داود الأعمى، وأبو العلاء ابن الشخير، والربيع بن لوط. 1- أما حديث أبي إسحاق السبيعي، عن البراء- وهو بنحو سياق المصنف-، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 289، 303] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 431] رقم 5768، ومن طريقه أبو داود في الأدب، باب في المصافحة، رقم 5212، والترمذي في الستئذان، باب ما جاء في المصافحة، رقم 2728، وابن ماجه في الأدب، باب المصافحة، رقم 3703، والبيهقي في السنن الكبرى- من طريق أبي داود-[7/ 99] ، وفي الشعب [6/ 474] رقم 8954، والبغوي في شرح السنة [12/ 289] رقم 3326. 2- وأما حديث زيد بن أبي الحكم البصري، عن البراء، فأخرجه أبو داود- واللفظ له- برقم 5211، وأبو يعلى في مسنده [3/ 234] رقم 1673، والطيالسي في مسنده برقم 102، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 112، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 99] ، وفي الشعب [6/ 474] رقم 8956 جميعهم من طريق أبي بلج عن زيد: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عزّ وجلّ واستغفراه، غفر لهما. إسناده حسن، وزعم المنذري في الترغيب أن فيه اضطرابا. 3- وأما حديث يزيد بن البراء، عن أبيه، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 475] رقم 8957. 4- وأما حديث أبي داود الأعمى- أحد الضعفاء- عن البراء، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 289] ، والطبراني في معجمه الأوسط [1/ 321] رقم 531، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 111، قال أبو داود: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 504 ......... - أخذ البراء بيدي، فقال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: ما من مؤمنين يلتقيان فيأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه- لا يأخذ بها حين يأخذ إلّا لمودة في الله- فيفترقا حتى يغفر لهما. 5- وأما حديث أبي العلاء بن الشخير، عن البراء، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [9/ 155- 156] رقم 8335، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 110، وهذا لفظ الطبراني: قال البراء: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فصافحني، فقلت: يا رسول الله إن كنت أحسب المصافحة إلّا في العجم، قال: نحن أحق بالمصافحة منهم، ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه بمودة ونصيحة، إلّا ألقى الله ذنوبهما. 6- أما حديث الربيع بن لوط، عن البراء، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 474] رقم 8955، إسناده حسن في الشواهد والمتابعات إذ فيه محمد بن عمرو أبو جعفر البغدادي لم أعرف حاله، وبقية رجاله مذكورون في الكتاب غير مضعفين. (ب) وأما حديث أنس بن مالك، فرواه عنه قتادة، وميمون بن سياه. 1- أما حديث قتادة، عن أنس، فأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [/ 252] ، وأبو يعلى في مسنده [5/ 334] رقم 2960، وابن السني في اليوم والليلة برقم 194، وابن حبان في المجروحين [1/ 288- 289] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 45] ، وابن عدي في الكامل [3/ 969] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 471، 472] رقم 8944، 8945، جميعهم من حديث درست بن حمزة- وهو ضعيف- عن مطر الوراق، عن قتادة، عن أنس مرفوعا: ما من عبدين- أو مؤمنين- متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيتصافحان ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلّا لم يفترقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. ليس في كل الروايات ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: لا يتابع عليه. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 505 ......... - 2- وأما حديث ميمون بن سياه، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 142] ، وأبو يعلى كذلك [7/ 65- 166] رقم 4139، والبزار في مسنده [2/ 419- 420 كشف الأستار] رقم 2004، وابن عدي في الكامل [6/ 2409] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 472] رقم 8946، وهذا لفظه: ما من مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلّا كان حقّا على الله عزّ وجلّ أن يحضر دعاءهما، ولا يفرق بينهما حتى يغفر لهما، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 173] : رجال أحمد رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان، وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد. (ج) وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 420 كشف الأستار] رقم 2005، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8951، كلاهما من طريق مصعب بن ثابت- ضعفه الجمهور-، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي حذيفة بن اليمان فأراد أن يصافحه فتنحى حذيفة، فقال: إني كنت جنبا، فقال: إن المسلم إذا صافح أخاه تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر. * رواه بعضهم عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة فذكر معاذا بدل حذيفة، علقه البيهقي في الشعب برقم 8952، وقال: حذيفة أشبه. (د) وأما حديث سلمان الفارسي، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 315] رقم 6150، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8950 كلاهما من طريق الجعد أبي عثمان قال: حدثني أبو عثمان النهدي، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا لقي أخاه فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق اليابس من الشجر في يوم عاصف وإلّا غفر لهما وإن كانت ذنوبهما مثل زبد البحر، حسنه المنذري في الترغيب، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 37] : رجاله رجال الصحيح. (هـ) وأما حديث حذيفة بن اليمان، فأخرجه الطبراني في الأوسط- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 506 1824- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليصافحه، فإنه أثبت للمودة. 1825- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: المصافحة تسل السخيمة. -[1/ 184] رقم 247، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8953- وهو في مسند الديلمي [1/ 190] رقم 714- قال المنذري في الترغيب: لا أعلم في رواته مجروحا. (1824) - قوله: «فإنه أثبت للمودة» : لم أقف عليه إلّا من قول الحسن وسيورده المصنف. (1825) - قوله: «المصافحة تسل السخيمة» : كذا في الأصل: المصافحة، والذي وقفت عليه من حديث أنس أن ذلك في الهدية، فعنه مرفوعا: يا معشر الأنصار تهادوا، فإن الهدية تسل السخيمة، لو أهدي إليّ كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 316] رقم 1549، والبزار في مسنده [2/ 394 كشف الأستار] رقم 1937، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 91، 187] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 442، وابن حبان في المجروحين [2/ 183] ، وابن عدي في الكامل [2/ 693- 694] ، والبيهقي في الشعب [6/ 479] رقم 8977، 8978 جميعهم من حديث عائذ بن شريح- أحد الضعفاء- عن أنس به. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [25/ 162- 163] رقم 393، والبيهقي في الشعب [6/ 480] رقم 8979، 8980، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 3485] رقم 7904، وابن الأثير في الأسد [7/ 323] جميعهم من حديث أم حكيم بنت وداع الخزاعية أنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيش الذي يصلح للغني من الفقير؟ قال: النصيحة والدعاء، قلت: نكره رد اللطف؟ قال: ما أقبحه، لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 507 1826- وروي عن الحسن أنه قال: تصافحوا فإنه يزيد في المودة. 1827- وروي أن الصحابة كانوا إذا صافح بعضهم بعضا قرأوا: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) الاية، فروي أنها سنة. 1828- وروي عن بعضهم: أنه أمان من العذاب، ولم يفشه قوم إلّا أمنوا من العذاب. - لأجبت، قالت: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تهادوا فإن الهدية تزيد في القلب حبا، وتذهب بغوائل الصدر- وهو في مسند الفردوس [2/ 46] رقم 2296-. (1826) - قوله: «وروي عن الحسن» : هو البصري، أورد قوله هذا الشيخ أبو طالب المكي في قوت القلوب، وتبعه الغزالي في الإحياء. (1827) - قوله: «كانوا إذا صافح بعضهم بعضا» : أخرجه أبو داود في الزهد برقم 409، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 55- 56] رقم 5120، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [3/ 214] ، والبيهقي في الشعب [6/ 501] رقم 9057، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي مدينة الدارمي- وكانت له صحبة- قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الاخر: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، ثم يسلم أحدهما على الاخر. قال ابن المديني: اسم أبي مدينة: عبد الله بن حصن. (1828) - قوله: «وروي عن بعضهم» : أخرج الحكيم في نوادر الأصول [1/ 186] ، عن أبي بكر الصديق قوله: السلام أمان للعباد فيما بينهم، وذكره في كشف الخفاء عن أنس بلفظ: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 508 1829- وروى سويد بن علقمة بن الحارث، عن أبيه علقمة بن الحارث قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا سابع سبعة من قومي، فسلّمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّ علينا، فكلمناه فأعجبه كلامنا فقال: من أنتم؟ قلنا: مؤمنون، قال: لكل إيمان حقيقة، فما حقيقة إيمانكم؟ قلنا: خمس عشر خصلة، خمس أمرتنا بها، وخمس أمرتنا بها رسلك، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، ونحن عليها إلّا أن تنهانا يا رسول الله. قال: وما الخمس التي أمرتكم بها؟ قالوا: أمرتنا أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر خيره وشره. - السلام أمان الله في الأرض، وعزاه لأبي نعيم والديلمي في مسند الفردوس. (1829) - قوله: «وروى سويد بن علقمة بن الحارث، عن أبيه» : عزى هذا الحديث للمصنف: الحافظ ابن حجر في الإصابة [4/ 299] في ترجمة سويد بن الحارث فقال: روى حديثه أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى، عن أحمد بن أبي الحواري فقال: علقمة بن سويد بن علقمة بن الحارث، فذكره أبو موسى في الذيل: علقمة بن الحارث بسبب ذلك. اهـ. قال أبو عاصم: كلام الحافظ يوهم أن الحديث عند المصنف في كتابه هذا كما يظهر من عبارته- وهو معلق عندنا كما ترى وقد أشكل علينا ذلك، لكن بالبحث وجدنا الحديث في تهذيب الأسرار للمصنف أيضا مسندا من الوجه الذي ذكره الحافظ في باب: في ذكر وصاياهم: قال أبو سعد: سمعت الشريف أبا الحسن: محمد بن علي بن الحسين الصوفي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: سمعت علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: ... فذكره. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 509 قال: وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟ قلنا: أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، ونقيم الصلاة المكتوبة، ونؤدي الزكاة المفروضة، ونصوم شهر رمضان، ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلا. قال: وما الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق في مواطن اللقاء، والرضا لمر القضاء، وترك الشماتة إذا حلت بالأعداء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقهاء، أدباء، كادوا يكونون أنبياء من خصال ما أشرفها، وتبسم إلينا ثم قال: وأنا أوصيكم بخمس خصال يكمل الله لكم خصال الخير: لا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا فيما غدا عنه تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون، وعليه تقدمون، وارغبوا فيما إليه تصيرون، وفيه تخلدون. - وفي إسناد حديثه اختلاف على أبي سليمان الداراني: 1- فمنهم من يقول: عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني، عن علقمة بن يزيد بن سويد: حدثني أبي، عن جدي سويد بن الحارث قال: وفدت على أبي ... الحديث. أخرجه أبو موسى المديني، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [2/ 488] ، وأبو نعيم في الحلية [9/ 279] ، وابن عساكر في تاريخه [41/ 197- 198] ، وأبو أحمد العسكري، والرشاطي- كما في الإصابة [4/ 298]-. 2- ومنهم من يقول: عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني: سمعت علقمة بن يزيد بن سويد بن الحارث يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي علقمة بن الحارث يقول: قدمت على- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 510 1830- وكان صلى الله عليه وسلم يمنع عن الهجران، ويحث على التواصل، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. 1831- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ومن بدأ السلام فهو أولى بالله ورسوله. 1832- وقال صلى الله عليه وسلم: من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار. - رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث. أخرجه ابن عساكر [41/ 199] ، وانظر بقية الاختلاف في تاريخ ابن عساكر [41/ 197- 201] . (1830) - قوله: «يمنع عن الهجران» : في نسخة: عن هجر الأخ. قوله: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن مالك، وأبي أيوب الأنصاري. (1831) - قوله: «ومن بدأ السلام» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 245، 261، 264، 269] ، وأبو داود في الأدب برقم 5155، والترمذي في الأدب أيضا برقم 2694، وقال: حسن، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 210، 237، 252] ، رقم 7743، 7814، 7858 من طرق عن أبي أمامة به. (1832) - قوله: «فهو في النار» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 342] رقم 5423، والطبراني في معجمه الكبير [18/ 315] رقم 815 من حديث فضالة بن عبيد وزاد: إلّا أن يتداركه الله بكرمه، ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 67] ، ورواه أبو داود في الأدب، باب فيمن يهجر أخاه المسلم، من حديث أبي هريرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 511 1833- وكان صلى الله عليه وسلم يذم الغضب، وقال صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الصرعة فيكم- أو الشدة-؟ قالوا: الذي لا يصرعه الرجال، قال: لا، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب. 1834- وتنازع رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أوداج أحدهما واحمرت عينه، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف كلمة لو قالها هذا الغضبان لذهب غضبه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. 1835- وجاءه رجل فقال: علمني عملا أدخل به الجنة؟ قال: لا تغضب. (1833) - قوله: «الذي يملك نفسه عند الغضب» : أخرجه مسلم في البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب، رقم 2608 (106) ، وأبو داود في الأدب، باب من كظم غيظا، رقم 4779، والإمام أحمد في مسنده [1/ 382] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 532] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 155 جميعهم من حديث الحارث بن سويد، عن ابن مسعود به. (1834) - قوله: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم 3282، وفي الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن، رقم 6048، وفي باب الحذر من الغضب، رقم 6115، ومسلم في البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه، رقم 2610 (109، 110) . (1835) - قوله: «أدخل به الجنة» : هذا بهذا اللفظ عند أبي يعلى الموصلي في المسند [3/ 166] رقم 1593 من رواية الأعمش، عن أبي صالح به- مرسل-. وأخرجه البخاري موصولا في الأدب، باب الحذر من الغضب من رواية- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 512 1836- وكان فعله صلى الله عليه وسلم الرفق، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الرفق في شيء إلّا زانه، ولا يفارق شيئا إلّا شانه. 1837- وقال في بعض كلامه لعائشة رضي الله عنها: اعلمي أن الرفق لم يدخل في شيء قط إلّا زانه، ولم يفارق شيئا قط إلّا شانه. - أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به، إلّا أن السؤال: أوصني ... الحديث، رقم 6116، كذلك أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 466] ، والترمذي في البر، باب ما جاء في كثرة الغضب، رقم 2021. وقيل: إن السائل هو جارية بن قدامة، أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 532- 533، 533] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 34، 370، 372] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 226] رقم 6838، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 292- 295] الأرقام من 2093- 2107، والخطيب في تاريخه [3/ 108] ، وصحح حديثه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 5689، 5690. (1837) - قوله: «وقال في بعض كلامه» : ذكره المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة عند مسلم قال: ركبت عائشة بعيرا فكانت فيه صعوبة فجعلت تردده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكر نحوه، أخرجه في البر والصلة، باب فضل الرفق، رقم 2594 (79) ، وأخرجه بعضهم مختصرا منهم: الإمام أحمد في مسنده [6/ 85، 112، 206، 212] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 469، 475، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 510] ، وأبو داود في الجهاد، باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو برقم 2478، 24808 وغيرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 513 1838- وروي أن جماعة من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم، فسمعت عائشة رضي الله عنها فقالت: عليكم السام والبرسام، فقال صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة، فإن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما دخل العنف شيء إلّا شانه. 1839- وحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جفنة من عند أم سلمة- ثريدا أو طعاما- فرمته عائشة وكسرتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع ذلك في جفنة ويقول: غارت أمكم، غارت أمكم. 1840- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على الرفق بالولد وغيره، وقال: من كان له ثلاث بنات، يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة. (1838) - قوله: «السام والبرسام» : كذا في الأصول، وفي رواية البخاري: السام واللعنة، وفي رواية مسلم: السام والذام- لغة في الذم-، فأما البرسام فهي العلّة كما في اللسان، البرسام: علة معروفة، وقد برسم الرجل فهو مبرسم: إذا كان معلولا. (1839) - قوله: «من عند أم سلمة» : أبهم البخاري اسم المرسلة والتي كان عندها النبي صلى الله عليه وسلم يومها لتعدد القصة فيما يظهر، فأخرج في المظالم من حديث حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة ... الحديث، خرجنا طرقه وألفاظه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 2761. (1840) - قوله: «يكفيهن ويرحمهن» : أخرجه بهذا اللفظ جماعة من حديث ابن المنكدر مرسلا وروي موصولا، والمرسل أصح، وفي الإسنادين علي بن زيد والاختلاف فيه منه. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 514 1841- وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها- يعني: الذكور- أدخله الله الجنة. 1842- وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له أختان- أو بنتان- فأحسن إليهما كنت أنا وهو كهاتين- يعني: السبابة والوسطى-. - فأما المرسل، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 458] رقم 19697، والبيهقي في الشعب [6/ 406] رقم 8685. وأما المسند الموصول عن ابن المنكدر عن جابر، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 362] ، والإمام أحمد في المسند [3/ 303] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 78، وأبو يعلى في مسنده [4/ 147] رقم 2210، والبزار في مسنده [2/ 384 كشف الأستار] رقم 1908، والطبراني في الأوسط [5/ 381] رقم 4757. قال أبو عاصم: ثم وقفت عليه من غير طريق ابن جدعان، عند البزار في مسنده [2/ 384 كشف الأستار] رقم 1908، من حديث سليمان التيمي، والطبراني في الأوسط [6/ 73] رقم 5153 من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن ابن المنكدر، والطريقان يشعران بأن له أصلا من حديث ابن المنكدر عن جابر فيما يخص اللفظ الوارد هنا، فأما معناه فثابت في الصحيحين، وأخرجه أصحاب السنن بألفاظ وأسانيد صحيحة. (1841) - قوله: «من كانت له أنثى» : أخرجه أبو داود في الأدب، باب في فضل من عال يتيما، من حديث ابن حدير- وليس بمشهور- عن ابن عباس به رقم 5146، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 177] وأقره الذهبي في التلخيص. (1842) - قوله: «يعني: السبابة والوسطى» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 551، 552] ، والإمام أحمد في المسند [3/ 147، 148، 156] ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [6/ 166]- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 515 1843- وفي بعض الأخبار: وإن كانت واحدة. 1844- وروي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- أو غيره- رجع من اليمن، وكانوا قبل ذلك يتكلمون في الصلاة. - رقم 3448 من حديث ثابت، عن أنس، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 447. (1843) - قوله: «وفي بعض الأخبار» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 335] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 364- 365] ، والحاكم في المستدرك [4/ 176] ، والبيهقي في الشعب [6/ 405] رقم 8678 جميعهم من حديث عمر بن نبهان- وفيه جهالة- عن أبي هريرة: من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وعلى ضرائهن دخل الجنة، زاد في رواية محمد بن يونس: فقال رجل: يا رسول الله وابنتين؟ قال: وابنتين، قال: يا رسول الله وواحدة؟ قال: وواحدة. قلت: حديث: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه، أخرجه مسلم في البر والصلة برقم 2631، وابن أبي شيبة [8/ 552] ، والترمذي في البر والصلة برقم 1914، والحاكم في المستدرك [4/ 177] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1682 جميعهم من حديث عبيد الله ابن أبي بكر بن أنس، عن أنس به، قلب بعض الرواة اسم عبيد الله فقال فيه: عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس. (1844) - قوله: «وروي أن عبد الله بن مسعود» : حديثه في النهي عن الكلام في الصلاة أخرجاه في الصحيحين وله طرق وألفاظ ليس فيها اللفظ المذكور هنا، أدرك ذلك المصنف فأعقبه بقوله: أو غيره: وهو معاوية بن الحكم السلمي، والحديث حديثه، لكن ذهل المصنف بقوله: رجع من اليمن، لأن نسخ الكلام في الصلاة وقع بالمدينة وبعد رجوع من رجع من الصحابة منه- وفيهم ابن مسعود- من الحبشة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 516 قال: أدركت الصلاة وهم يصلون، فقلت: كم صليتم؟ فجعلوا ينظرون إليّ شذرا، ويضربون أفخاذهم، فخشيت أنه نزل فيّ قرآن، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني فما ضربني ولا نهرني بأبي وأمي ما رأيت معلما أحسن تأديبا منه، فقال: إنما جعلت الصلاة للتهليل والتسبيح والتحميد. 1845- وروي أن بعض الأعراب دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال، فهمّ أصحابه بضربه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقطعوا عليه بوله وارفقوا به، قوله: «فقلت: كم صليتم» : لم أقف عليه هكذا، وحديث معاوية عند مسلم نحو هذا، فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمّياه ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، لفظ مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة، رقم 537، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع للإمام أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1623. (1845) - قوله: «وروي أن بعض الأعراب» : يقال: هو ذو الخويصرة التميمي: حرقوص بن زهير، الذي صار بعد ذلك من رؤوس الخوارج، وقيل: هو الأقرع بن حابس، وقيل: عيينة بن حصن. قصته في الصحيحين من حديث أنس بن مالك وأبي هريرة، فرقهما البخاري في صحيحه، فأخرج حديث أبي هريرة في الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم 220، وفي الأدب، باب رحمة الناس- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 517 فلما فرغ دعاه فقال: إنما بني هذا المسجد للصلاة فيه، فأمر بذنوب من ماء فصب على بوله، فخرج الرجل من عنده وقال: اللهمّ ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: لقد حجّرت واسعا. - والبهائم، رقم 6010، وفيه أيضا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وكان يحب التخفيف والتيسير على الناس، برقم 6128، وأخرج حديث أنس في الوضوء، باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، رقم 219 وفيه أيضا، باب صب الماء على البول في المسجد، رقم 221، وفي الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، رقم 6125، وأخرجه مسلم في الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، رقم 284 (98، 99، 100) . قوله: «فخرج الرجل من عنده» : في رواية أبي هريرة عند البخاري في الأدب أنه قال ذلك وهو في الصلاة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لقد حجّرت واسعا، بعد ما سلّم من الصلاة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 518 [265- فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من النّاس في شيء فعرف به] 265- فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من النّاس في شيء فعرف به 1846- ولقد كلمه عمه العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن حرب في العفو عن أهل مكة ليلة أسر أبو سفيان وأسلم، فقال العباس: بأبي أنت وأمي هم عشيرتك وبيضتك التي تفلّقت عنك، وهم الأعمام والأخوال، والاباء والأبناء، لو قد بدأت بهم فعفوت عن وفدهم، وهذا أبو سفيان ذو شرف وسن فاصنع إليه شيئا ينال به ذكرا، فقال صلى الله عليه وسلم: مروا صائحا يصيح: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقال أبو سفيان: بأبي وأمي، وما داري؟ إنما هي مربض العنز، ولكن آمن قومك حيث كانوا، فقال صلى الله عليه وسلم: من وضع السلاح فهو آمن، ومن أتى المجلس فجلس فيه فهو آمن، ومن كف يده فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن. فأعطاهما النبي صلى الله عليه وسلم كل ما طلباه. (1846) - قوله: «ولقد كلمه عمه العباس بن عبد المطلب» : انظر القصة في فتح مكة في: المصنف لابن أبي شيبة [14/ 480- 496] رقم 18748- 18769، سنن أبي داود، كتاب الخراج، باب ما جاء في خبر مكة، رقم 3021، 3022، مغازي الواقدي [2/ 814- 818] ، دلائل البيهقي [5/ 31- 35] ، سيرة ابن هشام [4/ 16] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 519 [266- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع النّاس إلى العفو والبرّ وأولاهم به صلى الله عليه وسلم] 266- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع النّاس إلى العفو والبرّ وأولاهم به صلى الله عليه وسلم 1847- روي أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمزود له فقال: املأ هذا تمرا وهذا سويقا، لست تعطي من مالك ولا من مال أبيك، فقال: أعد، كيف قلت؟ فأعاد الرجل كلامه، فقال صلى الله عليه وسلم: املأوا هذا تمرا وسويقا، لست أعطي من مالي ولا من مال أبي. (1847) - قوله: «وروي أن رجلا» : من الأعراب، جاف الخلق، حاد الطبع. قوله: «بمزود له» : على بعيرين، أخرجه أبو داود في الأدب، باب في الحلم وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم رقم 4775، والنسائي في القسامة من السنن الكبرى، باب القوة من الجبذة، رقم 6978، واللفظ له عن أبي هريرة قال: كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فإذا قام قمنا معه، فقام يوما فقمنا معه، حتى لما بلغ وسط المسجد أدركه أعرابي فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه خشنا فحمّر رقبته فقال: يا محمد احمل لي على بعيري هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا مال أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وأستغفر الله، لا أحمل لك حتى تقيدني مما جبذت برقبتي، فقال الأعرابي: لا والله لا أقيدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات كل ذلك يقول: لا والله لا أقيدك، فلما سمعنا قول الأعرابي أقبلنا إليه سراعا، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عزمت على من سمع كلامي أن لا يبرح مقامي حتى- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 520 1848- وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: احملني، فقال: لا أحملك، قال: لا بد أن تحملني، فقال: والله لا أحملك. فولى الرجل وآيس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني به لأحمله، فقيل: يا رسول الله حلفت ألا تحمله. قال: إني إذا حلفت على يمين فرأيت أن غيرها خيرا منها كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. 1849- وسأله رجل فقال: ما أجد ما أعطيك، فولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول: أما إنك تعطي من شئت، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على- آذن له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: يا فلان احمل له على بعير شعيرا وعلى بعير تمرا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصرفوا. (1848) - قوله: «وجاء رجل» : هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه. قوله: «لا بد أن تحملني» : هذا بالمعنى، وفي رواية الحاكم وغيره أنه طلب منه ذلك ثلاثا كل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: والله لا أفعل. قوله: «وأتيت الذي هو خير» : أخرجه البخاري في المغازي، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، رقم 4385، وفي كفارات الأعيان، باب الاستثناء في الأعيان، رقم 6718، وفي باب الكفارة قبل الحنث وبعده، رقم 6721. وأخرجه مسلم في الأعيان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير، رقم 1649 (7، 8، 9، 10) ، وانظر الحاكم في المستدرك [4/ 301] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 521 الناس وقال: يغضب أحدكم إذا لم أجد ما أعطيه يوما. 1850- وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل: هذا قسم ما أريد به وجه الله تعالى، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر إلى الرجل فقال: يرحم الله أخي موسى، قد كان يؤذى بأشد من هذا فصبر. 1851- وخرج عكرمة بن أبي جهل حين افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (1849) - قوله: «إذا لم أجد ما أعطيه» : زاد مالك: من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا، أخرجه في الموطأ برقم 1837، ومن طريقه أبو داود في الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، رقم 1627، ومن طريق أبي داود البيهقي في الكبرى [7/ 24] ، ومن طريق مالك أيضا: النسائي في الزكاة، باب إذا لم يكن له دراهم وله عدلها، رقم 2596، والطحاوي في شرح معاني الاثار [2/ 21] . (1850) - قوله: «هذا قسم ما أريد به وجه الله» : أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه أذكر واحدا اختصارا، فأخرجه في الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم، رقم 3150، وأخرجه مسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه، رقم 1062. (1851) - قوله: «وخرج عكرمة بن أبي جهل» : صحابي من مسلمة الفتح، قال الإمام الشافعي رحمه الله: عكرمة بن أبي جهل ابن هشام كان محمود البلاء في الإسلام، محمود الإسلام حين دخل فيه. انظر أخباره في: تاريخ ابن عساكر [41/ 51- 72] ، سير أعلام النبلاء [1/ 323] ، طبقات ابن سعد [5/ 329] ، التاريخ الكبير [7/ 48] ، أسد الغابة [4/ 70] ، الإصابة [7/ 36] ، العقد الثمين [6/ 119] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2171] ، الاستيعاب [3/ 190] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 522 هاربا إلى اليمن، فخرج من أهله من يخبره بكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفوه، وأنه لا يثرّب على أحد شيئا ولا يؤاخذه بما مضى، فرجع حتى دخل المسجد الحرام وهو خائف، فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليه ونشر رداءه حتى استقبله وقبّل بين عينيه، استئلافا وكرما وعفوا. فقال عكرمة: ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أحب إليّ من النفس والولد والوالد، ثم أسلم وحسن إسلامه حتى استشهد يوم أجنادين. 1852- وروي أن بعض المتصلين بأبي جهل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نؤذى في الأسواق، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر وقال: لا تسبوا الأموات فتحزنوا به الأحياء. قوله: «فخرج من أهله من يخبره» : روى الواقدي في مغازيه [2/ 850] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه أن زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام استأمنت له، فأمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركته باليمن فردته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس ... الحديث. قوله: «ونشر رداءه» : في «ظ» : وبسط رداءه، وفي رواية ابن عساكر: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عكرمة وثب إليه وما على رسول الله صلى الله عليه وسلم رداء- كذا- فرحا بعكرمة ... الحديث. (1852) - قوله: «بعض المتصلين بأبي جهل» : هو عكرمة بن أبي جهل، أخرج ابن عساكر في تاريخه [41/ 67] من طريق ابن سعد قال: أنا أبو سهل، أنا داود، عن هشام بن يحيى قال: قال شيخ لنا: لما قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة جعل الناس يتنادون: هذا ابن أبي جهل، هذا ابن أبي جهل، فانطلق هو أولا حتى دخل على- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 523 ......... - أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له أم سلمة: ما لك، وما شأنك؟ قال: ما شأني؟! لا أخرج في طريق ولا سوق إلّا تنادوا بي: هذا ابن أبي جهل، هذا ابن أبي جهل، قال: ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلال ذلك فذكرت ذلك له أم سلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته: ما بال أقوام يؤذون الأحياء بشتم الأموات، ألا لا تؤذوا الأحياء بشتم الأموات. وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 243] من حديث الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت لأبي جهل عذقا في الجنة، فلما أسلم عكرمة قال: يا أم سلمة هذا هو، قالت أم سلمة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه عكرمة أنه إذا مر بالمدينة قيل له: هذا ابن عدو الله أبي جهل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: إن الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، لا تؤذوا مسلما بكافر، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: لا بل فيه ضعيفان، وأخرج الواقدي في مغازيه [2/ 850] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [41/ 63] من حديث ابن الزبير في قصة مكة وفيه: فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال لأصحابه: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي، ولا تبلغ الميت. وأخرج ابن عساكر أيضا [41/ 67] من حديث سفيان عن عمرو بن دينار قال: لما قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة اجتمع الناس فجعلوا يقولون: هذا ابن أبي جهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات، مرسل. فهذا ما يتعلق بالمتن المتصل بالقصة، وهو محفوظ بدونها أيضا، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 252] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشتم رقم 1982، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 420] رقم- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 524 1853- وأمر صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره بلالا أن يرقب لهم الفجر، فنام بلال، فلم يشعر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه حتى أصابتهم الشمس، فقال الناس: ماذا صنعت بنا يا بلال؟ فجعل صلى الله عليه وسلم يعذره ويقول: إن بلالا أتاه الشيطان وهو يرقب لكم الفجر فأخذ يهديه كما يهدي الصبي حتى نام، فقال أبو بكر: - 1013، من حديث المغيرة بن شعبة وصححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 3022، وأخرج البخاري في الجنائز، باب ما ينهى عن سب الأموات، رقم 1393، وفي الرقاق، باب سكرات الموت، رقم 5616، والإمام أحمد في مسنده [6/ 180] ، والدارمي كذلك في السير، باب في النهي عن سب الأموات، رقم 2670 فتح المنان، والنسائي في الجنائز، باب النهي عن سب الأموات، رقم 1936 جميعهم من حديث مجاهد، عن عائشة مرفوعا: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. (1853) - قوله: «في بعض أسفاره» : بين مالك في روايته أن ذلك كان في طريق مكة، فالظاهر أنها غير القصة التي وقعت بعد رجوعهم من خيبر المخرجة في الصحيحين، لكن قال ابن عبد البر في التمهيد [5/ 205] : قول زيد بن أسلم في هذا الحديث أنها في طريق مكة ليس بمخالف لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة يشبه أن يكون واحدا، وربما جعلته القوافل واحدا، قال: وأظن أن القصة لم تعرض له إلّا مرة واحدة فيما تدل عليه الاثار، والله أعلم، إلّا أن في بعضها فيه مرجعه من خيبر، كذا قال ابن شهاب عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث، وهو أقوى ما يروى في هذا وهو الصحيح ... إن شاء الله. وقال في الاستذكار [1/ 329] : ويحتمل أن يكون نومه- يعني عن صلاة الفجر- مرتين لأن في بعض الأحاديث أن ذلك النوم كان منه عليه الصلاة والسلام زمن الحديبية، وفي بعضها زمن خيبر، وفي بعضها بطريق مكة، ويشبه أن يكون كل واحدا، لأن عمرة الحديبية كانت زمن خيبر وهو طريق- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 525 أشهد أنك رسول الله. 1854- وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له صلى الله عليه وسلم بالبركة أو يسميه فيأخذه صلى الله عليه وسلم فيضعه في حجره تكرمة لأهله، فربما بال الصبي عليه فيصيح- مكة إن شاء الله، قال: وأما قول عطاء بن يسار أن ذلك كان في غزوة تبوك فليس بشيء وأحسبه وهما. اهـ. قال الإمام النووي في شرح مسلم: ظاهر الأحاديث أنه مرتان، ومال إليه ابن حجر فقال في الفتح: ما حاوله ابن عبد البر من الجمع بين الحادثتين لا يخفى ما فيه من التكلف، ورواية غزوة تبوك ترد عليه. اهـ. قلت: لا زال الأمر لم يتضح لأن ابن عبد البر أجاب باحتمال وقوع الوهم من عطاء في قوله أن ذلك كان في غزوة تبوك، فالله أعلم. والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم 25، عن زيد بن أسلم معضلا، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [4/ 273- 274] . قال البيهقي: في هذا الحديث المرسل عن زيد بن أسلم أن ذلك كان في طريق مكة. قوله: «أشهد أنك رسول الله» : لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نام ليسن لأمته من بعده، فهو من الباب الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم: إني لأنسى أو أنسى لأسن، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي، قال ابن عبد البر: الذي كانت عليه جبلته وعادته صلى الله عليه وسلم أن لا يخامر النوم قلبه، ولا يخالط نفسه، إنما كانت تنام عينه، قال: فلما أراد الله منه ما أراد ليبين لأمته صلى الله عليه وسلم قبض روحه وروح من معه ليبين لهم مراده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا التأويل جماعة أهل الفقه والأثر وهو واضح، والمخالف فيه مبتدع. (1854) - قوله: «وكان يؤتى بالصبي الصغير» : أخرج مسلم في الطهارة، باب حكم بول الطفل من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 526 بعض من رآه حين بال، فيقول: لا تزرموا الصبي، فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يدعو له أو يسميه إياه فيبلغ سرور أهله فيه، ولا يرون أنه تأذى ببول صبيهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعد، وأتبع ذلك البول الماء. 1855- ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عباس حين ولد فأخذ بفقميه، ثم مج في فيه من ريقه صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهمّ فقهه في الدين وعلمه التأويل، فحنكه بأفضل ما حنك به أحد من الناس بريق النبوة. وكان ابن عباس غاية في الفقه والمعرفة بالتأويل. 1856- وجاءت عائشة رضي الله عنها بابن الزبير حين ولد فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لعق من عسل. - عليه، فدعا بماء، فأتبعه بوله ولم يغسله، وهو عند الإمام البخاري في الوضوء، باب بول الصبيان بلفظ أخصر منه. قوله: «لا تزرموا الصبي» : الإزرام: القطع، يريد: لا تقطعوا عليه بوله، وهذه القصة بهذا السياق أوردها الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 194] . (1855) - قوله: «اللهمّ فقهه في الدين» : تقدم في أبواب الدلائل، فيمن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1238، 1240، وسيأتي في فضائله رضي الله عنه برقم: 2528، 2529، وانظر أيضا: 2530، 2533. (1856) - قوله: «بثلاث لعق من عسل» : كذا قال، وقد أخرج الإمام البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة رقم 3909، وفي العقيقة، باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه، برقم 5469، ومسلم في- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 527 1857- وكان صلى الله عليه وسلم يحنك الصبيان بالتمر أيضا. 1858- وكان من أفعاله صلى الله عليه وسلم ألا يدع العقيقة عن المولود من أهله، ويأمر بثلاث: حلق رأس ذلك الصبي، .... - الاداب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته رقم 2146 (25، 26) وهذا لفظ البخاري عن أسماء رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت: فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنكه بتمرة ثم دعا وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام. (1857) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يحنك الصبيان بالتمر أيضا» : شاهده في الصحيحين ما تقدم وفيه أيضا ما أخرجاه من حديث أبي موسى قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إليّ وكان أكبر ولد أبي موسى، وأخرجا من حديث أنس قصة وفاة ابن أبي طلحة ثم ما رزقهما الله ببركة دعوته صلى الله عليه وسلم حين ولدت له غلاما فقال أبو طلحة لأنس: احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي، ثم حنكه وسماه عبد الله. (1858) - قوله: «ويأمر بثلاث» : أخرج البخاري في العقيقة من صحيحه، باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة رقم 5471، 5472 من حديث سلمان بن عامر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى، انظر تخريجه في كتابنا فتح المنان، شرح مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 1803، 1804، وانظر أيضا تعليقنا على حديث رقم 2099 في الكتاب المشار إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 528 وأن يتصدق عنه بوزن شعره فضة. 1859- ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن نفسه بعد ما جاءته النبوة. قوله: «وأن يتصدق عنه بوزن شعره فضة» : أخرج الترمذي في الأضاحي، باب العقيقة بشاة برقم 1519، والحاكم في المستدرك [3/ 179، 4/ 237] من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسين بشاة وقال: يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة، قال: فوزنته فكان وزنه درهما أو بعض درهم، قال الترمذي: حسن غريب، وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي لم يدرك علي ابن أبي طالب. قلت: وصله يعلى بن عبيد وهو ثقة، عن ابن إسحاق عند الحاكم، وله شاهد من حديث أبي رافع عند الإمام أحمد في المسند [6/ 390، 392] ، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 304] ، وابن أبي الدنيا في العيال برقم 53. (1859) - قوله: «ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن نفسه» : هذا الحديث لم يثبته الحفاظ مع كونه روي بإسناد صحيح، ولعله من نتائج التتابع، تبع الحفاظ بعضهم بعضا في عدم إثباته، وأنا أورد ما وقفت عليه من الأسانيد الصحيحة ثم أورد لك كلام الحفاظ في هذا. قال ابن أبي الدنيا في كتاب العيال [1/ 208] حديث رقم 66: حدثنا عمرو الناقد، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما جاءته النبوة. قال: وربما قال: حدثنيه رجل من آل أنس عن أنس. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 529 ......... - قال أبو عاصم: فهذا الحديث رجاله عن آخرهم ثقات، ابن المثنى من رجال البخاري تكلم فيه بكلام لا ينزل به حديثه عن كونه حسنا، والبخاري فلا تسأل عن مثله في اعتماد الرجال. قال ابن حجر في التقريب في عبد الله بن المثنى: صدوق كثير الغلط، وحمل عليه في الفتح فقال: عبد الله من رجال البخاري، وهذا الحديث- يعني: الذي نحن بصدده- قوي الإسناد ولولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا، لكن قد قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: لا أخرج حديثه، وقال الساجي: فيه ضعف، لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير، وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه، وقال ابن حبان في الثقات: ربما أخطأ، ووثقه العجلي، والترمذي وغيرهما قال: فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة. قلت: قد بين لنا إمام الأئمة البخاري طريقة الاحتجاج بحديثه وتتلخص في أمرين: الأول: أن تكون روايته عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس. الثاني: إذا روى عن غير عمه أن يتابعه عليه غيره. وهذا الذي ذكرت مأخوذ من طريقة البخاري عند إخراجه لحديث عبد الله في صحيحه، فقد قال الحافظ في مقدمة الفتح: لم أر البخاري احتج به إلّا في روايته عن عمه ثمامة، فعنده عنه أحاديث، وأخرج له من روايته عن ثابت، عن أنس حديثا توبع فيه عنده وهو في فضائل القرآن، وأخرج له أيضا في اللباس عن مسلم بن إبراهيم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر في النهي عن القزع بمتابعة نافع وغيره عن ابن عمر قال: فالظاهر أن البخاري انتقى من حديثه الصحيح. اهـ. فقد أقر الحافظ أن ما كان من روايته عن عمه ثمامة يكون صحيحا، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 530 ......... - ولذلك رجع في الفتح فقال: ويحتمل أن يقال في هذا الخبر إن صح أنه من خصائصه، كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته. اهـ. وقد صح الخبر بحمد الله، وكأن الحافظ رحمه الله ما وقف على كلام الإمام أحمد في هذا، قال ابن القيم في زاد المعاد [2/ 332] قال أبو داود في مسائله: سمعت أحمد بن حنبل حدثهم بحديث الهيثم بن جميل، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه، فقال أحمد: عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن أنس، قال مهنا، قال أحمد: هذا منكر، وضعف عبد الله بن محرر. اهـ. فقد ارتضى الإمام حديث ابن المثنى دون ابن المحرر وهذا هو الحق والتحقيق وبالله التوفيق. ومن طريق عمرو الناقد المتقدم أخرجه الضياء في المختارة [5/ 205] رقم 1833. وأخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 529] رقم 998: حدثنا أحمد، ثنا الهيثم، ثنا عبد الله، عن ثمامة، عن أنس به قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 59] : رجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد ابن مسعود الخياط المقدسي ليس في الميزان. قلت: فكان ماذا؟ نعم، بل الأولى أن يقال: لم أجده، وهو أحمد بن مسعود المقدسي، قال ابن عساكر في تاريخه [6/ 10] : قيل إنه دمشقي، روى عنه سليمان الطبراني ببيت المقدس سنة أربع وسبعين ومائتين فذكر حديثا. اهـ. والظاهر أنه ثقة لأن أبا عوانة اعتمده في مستخرجه، وقد وصفه الحافظ الذهبي في سيره [13/ 244] بالمحدث الإمام، وقال في تاريخه [حوادث 261- 280 ص 283] : آخر من حدث عنه: الطبراني، وممن روى عنه: أبو نعيم عبد الملك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 531 [267- فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم] 267- فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم 1860- ولقد كافأ صلى الله عليه وسلم الأنصار بإكرامهم إياه، فقال: إذا لقيتم الأنصار فأجلّوهم، فإنه طالما تنعمت بينهم. 1861- وقال: من ولي من أمور الناس شيئا فليحفظني في الأنصار، وليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فكافأهم صلى الله عليه وسلم بأعظم المكافأة، وأبقاها لهم ذكرا وشرفا. (1860) - قوله: «فإنه طالما تنعمت بينهم» : لم أجده هكذا ولعله أورده بالمعنى، ووصيته صلى الله عليه وسلم بالأنصار مخرجة في الصحيحين وسيأتي من ذلك في فضائل الأنصار رضي الله عنه، أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 76] من حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الأنصار فقال: يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلّالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟، قالوا: بل الله ورسوله أمنّ وأفضل، قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار، قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المن والفضل، قال: أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم وصدّقتم: أتيتنا مكذّبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فاويناك، وعائلا فأغنيناك ... الحديث. (1861) - قوله: «فليحفظني في الأنصار» : أخرج ابن سعد في الطبقات من حديث شيخه الواقدي (والمتن صحيح) عن أبي سعيد الخدري قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وثاب الناس إليه- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 532 1862- وجاء عثمان بن عفان يوما يطلب النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة: ما أدري أين ذهب؟ ولقد خرج وإنه لمحتاج إلى الطعام، فذهب عثمان فاشترى كبشا سمينا، فأمر به فذبح وطبخ، وأمر بخبز فجعل في جفنتين ثم صب فيهما مرق ذلك الكبش ولحمه، ثم حملهما إلى عائشة رضي الله عنها، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتاج إلى الطعام، والطعام على حاله، فكشفت له عائشة الجفنتين فقال: ما هذا؟ فأخبرته خبر عثمان، فتقدم إلى القبلة ورفع يديه مدا ويقول: اللهمّ لا تنساه، ثلاث مرات، فكافأه صلى الله عليه وسلم حين تفقد أمره بأعظم المكافأة. 1863- وساير رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر بن عبد الله على جمل له فقال: - حتى امتلأ المسجد، قال: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ قال: يا أيها الناس إن الأنصار عيبتي ونعلي وكرشي التي آكل فيها فاحفظوني فيهم، اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا من مسيئهم، أصله في الصحيحين كما تقدم في أبواب الوفاة وكما سيأتي في فضائل الأنصار. (1862) - قوله: «اللهمّ لا تنساه» : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا لعثمان عندما جهز جيش العسرة، فأما في هذه القصة فكانت دعوته له: اللهمّ إن عثمان يترضاك فارض عنه، وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو له من أول الليل حتى طلع الفجر، رافعا يديه يدعو: اللهمّ عثمان رضيت عنه فارض عنه، أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طرق [4/ 244، 39/ 52- 56] وفيه: أنه أول من خبص الخبيص في الإسلام. (1863) - قوله: «وساير رسول الله صلى الله عليه وسلم» : قصة جمل جابر بن عبد الله مخرجة في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم في البيوع والمساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه: قال جابر: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي وتحتي ناضح لي قد أعيا ولا يكاد يسير، قال: فقال لي: ما لبعيرك؟ قال: قلت: عليل، قال: فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فزجره- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 533 بعني جملك، فقال: هو لك بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال: بل بعنيه، فباعه إياه، فأمر بلالا أن ينقده الثمن فنقده، ثم قال جابر: - ودعا له، قال: فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير، قال: فقال لي: كيف ترى بعيرك؟ قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك، قال: أفتبيعنيه؟ قال: فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره، قال: فقلت: نعم، فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة ... الحديث، وفيه قصة زواجه ... الى أن قال: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوت إليه بالبعير فأعطاني ثمنه ورده علي، وفي رواية أخرى عندهما: فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني أوقية ثم وهبه لي، وفي رواية أخرى أيضا عندهما فقال: يا جابر أتوفيت الثمن؟ قال: قلت: نعم، قال: لك الثمن ولك الجمل، لك الثمن ولك الجمل، وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: اعطه أوقية من ذهب وزده، فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة. ووقع في رواية للإمام أحمد من طريق أبي هبيرة، عن جابر [3/ 303] قال: فمررت برجل من اليهود فأخبرته قال: فجعل يتعجب، فقال: اشترى منك البعير ودفع إليك الثمن ووهبه لك؟! قال: قلت: نعم. وفي الحديث معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لما حصل في الجمل وتغير حاله، قال الحافظ في الفتح: آل أمر جمل جابر لما تقدم له من بركة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مال حسن، فرأيت في ترجمة جابر من تاريخ ابن عساكر بسنده إلى أبي الزبير عنه قال: فأقام الجمل عندي زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فعجز فأتيت به عمر فعرّفت قصته، فقال: اجعله في إبل الصدقة وفي أطيب المراعي، ففعل به ذلك إلى أن مات. اهـ. وفيه رفقه صلى الله عليه وسلم بحال جابر، وسخائه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه والناس. انظر طرق الحديث وألفاظه في صحيح البخاري في الاستقراض، باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، رقم 2385، وفي كتاب الشروط، باب- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 534 قد أخذت الثمن بأبي وأمي أنت يا رسول الله فإلى من أدفع الجمل؟ فقال: اذهب بالجمل والثمن، بارك الله لك فيهما، مكافأة لقول جابر: بل هو لك بأبي أنت وأمي، فأعطاه الثمن ورد إليه الجمل وزاده خيرا منهما: الدعاء فيهما. 1864- وكان رجل بالمدينة يقال له: عبد الله، ويلقب: حمار، يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباكورة أول ما يدخل المدينة مثل اللبن والجبن والرطب أو الشيء الظريف أول ما يدرك فيقول: بأبي وأمي أنت، هذا أول ما يدخل المدينة فجئت به أهديه لك فيأمر به فيؤخذ، فإذا كان بالعشي حين يروح الركبان طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا صاحب السلعة التي أهديت لك يطلب ثمنها وليس هو عندي، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأمر فيعطى ذلك عنه، حتى أتى به قد شرب شرابا فأمر به فصنع به مثل ما يصنع بمثله، فقال رجل من الناس: عليك غضب الله أبعد ما نزلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، رقم 2718، وفي الجهاد، باب من ضرب دابة غيره في الغزو، رقم 2861. وفي الكتاب والباب المشار إليهما عند مسلم الأرقام 715 (109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117) . وانظر ألفاظ القصة أيضا في ترجمة جابر عند ابن عساكر [11/ 208- 240] . (1864) - قوله: «يقال له: عبد الله» : صحابي، أخرج حديثه الإمام البخاري في الحدود، باب ما يكره من لعن شارب الخمر، رقم 6780، وأبو يعلى في مسنده [1/ 161] رقم 176، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1626] رقم 4092، 4093، ومن طريق البخاري أخرجه ابن الأثير في الأسد [3/ 216] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 535 المنزلة صنعت هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تؤذيه فإنه ما علمت، قد كان يحب الله ورسوله، فأخذ صلى الله عليه وسلم منه وحفظ حرمته، وأجمل المقال، ثم ما بكته بشيء من ذلك ولا أنكر في وجهه. 1865- ودعا للعباس بن عبد المطلب ليلة العقبة حين أخذ له العهد والعقد على الأنصار، ولم يكن معه من أهل بيته ولا من أصحابه أحد غيره، فشكر له ما كان من منابذته للناس فيه، فقال له: سرّك الله يا عم في الدنيا والاخرة، فكافأه في ساعة واحدة من الليل بأن دعا له بسرور الدنيا والاخرة. 1866- وجلس غليم من الأنصار على طريق النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مر إلى الصلاة مر معه، فلما وقف يصلي خلع نعله اليسرى برجله اليمنى فأخذها الصبي فمسحها بإزاره ثم نفخها، وكذلك فعل بنعله اليمنى، فلما فرغ من صلاته وأراد أن ينصرف ناوله الصبي نعله اليمنى فلبسها، ثم أعطاه اليسرى فلبسها، ثم فعل ذلك أياما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت يا غليم؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من الأنصار، قال: فمن أمرك بهذا؟ قال: ما أمرني به أحد ولكني أحببت أن أتبع سرور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده مدا ثم قال: إنه زعم أنه أراد اتباع سروري فسره في الدنيا والاخرة، يقولها ثلاثا. (1866) - قوله: «ناوله الصبي نعله» : أخرج البزار في مسنده [3/ 149 كشف الأستار] رقم 2449، والأصبهاني في دلائل النبوة برقم 260، والبيهقي في الشعب [7/ 463] رقم 11003 من حديث عمر بن أبي خليفة قال: سمعت أبا بدر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في حلقة فأراد القيام فقام- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 536 1867- وجاءه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه أبي قحافة يوم فتح مكة ليسلم، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم عنيت الشيخ يا أبا بكر؟ ألا تركته حتى أنا آتيه في منزله؟ فقال له: بأبي أنت وأمي هو أولى أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكرم أبا بكر في أبيه، وكلمه بما يحب. - غلام فناوله نعله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أردت رضا ربك رضي الله عنك، قال: فكان الغلام يجيء في المدينة حتى استشهد. عمر بن أبي خليفة لم يعرفه الهيثمي كما في مجمع الزوائد [8/ 268] وهو من رجال النسائي، قال عنه أبو حاتم: صالح الحديث، وقال بعضهم: بل منكر الحديث، وقال الحافظ في التقريب: مقبول. تابعه الحسن بن أبي جعفر- وهو ضعيف- عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لغلام من الأنصار: ناولني نعلي، فقال الغلام: يا نبي الله بأبي أنت وأمي اتركني حتى أجعلهما أنا في رجليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إن عبدك هذا يترضّاك، فارض عنه، أخرجه الطبراني في معجمه الصغير [2/ 283] رقم 1175، أعله الطبراني بأبي جابر: محمد بن عبد الملك، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 268] بالحسن بن أبي جعفر. (1867) - قوله: «وجاءه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه» : قصة إسلام أبي قحافة رواها من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في مسنده [6/ 349] ، وابن هشام في السيرة [4/ 48] ، وابن سعد في الطبقات [5/ 451] ، والطبراني في معجمه الكبير [24/] ، الأرقام 236، 237، 238، والبيهقي في الدلائل [5/ 95- 96] ، وابن الأثير في الأسد [3/ 582] من حديث أسماء بنت أبي بكر، صححها ابن حبان- كما في الإحسان برقم 7208-، والحاكم في المستدرك [3/ 46] . وأخرجها باختصار الإمام أحمد في المسند [3/ 160] من حديث ابن سيرين، عن أنس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 537 1868- ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم بن التيهان خادما، فأتي بثلاثة من السبي، فأعطى اثنين وبقيت واحدة، فجاءته فاطمة تطلب منه وهي تقول: ألا ترى أثر الرحى بيدي يا رسول الله؟ فذكر موعده أبا الهيثم حتى جاءه أبو الهيثم فاثره على فاطمة لما سبق من وعده له. 1869- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع جملا من رجل ونقده ثمنه ثم خيره صلى الله عليه وسلم فقال: أيهما أحب إليك الجمل أو الدراهم؟ فقال الرجل: عمّرك الله، ممن الرجل؟ فقال: امرؤ من قريش، فقال الرجل: ما رأيت كاليوم قط. (1868) - قوله: «ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم» : وذلك ليلة خروجهم من بيوتهم وقد شكوا الجوع، فأضافهم في حائطهم وأكرمهم غاية الإكرام، وأصل هذه القصة في صحيح مسلم، كتاب الأطعمة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، رقم 2038، وأخرجها غيره بطولها وفيها: فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي الهيثم: إذا أتانا رقيق فأتنا حتى نأمر لك بخادم، قال: فلبث ما شاء الله ثم أتي بسبي، فأتاه أبو الهيثم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهم أيهم شئت ... الحديث، يفرقه أصحاب الحديث، فأخرج البخاري في الأدب المفرد منه قوله صلى الله عليه وسلم: هل لك خادم؟ رقم 256، ورواه الترمذي من طريقه بطوله برقم 2474. وأخرجه مطولا أيضا ابن جرير في تفسيره [30/ 287] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 251- 257] الأرقام 567، 568، 569، 570، 571، والطحاوي في مشكل الاثار [1/ 410- 411] . (1869) - قوله: «ابتاع جملا من رجل» : الظاهر أنها قصة جابر المتقدمة قريبا برقم 1863، والرجل المبهم هو جابر، غير أني لم أقف عليها باللفظ المذكور هنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 538 1870- وقالت عائشة رضي الله عنها: ولقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اثنين ما عفا أحد قط عن مثلهما، وما كانت لتحمل العفو عن مثل ذلك في نفسه، لقد سحرته اليهود وجعلت سحرها في بئر بني زريق، حتى أخذه من ذلك السحر، ثم أظهره الله تعالى على ذلك السحر، حتى كان هو الذي حل نفسه، وحتى اعترف بذلك لبيد بن الأعصم وأصحابه، فعفا عنهم. والأخرى أنه عفا عن اليهودية التي سمته وأرادت نفسه: 1871- جعلت له زينب بنت الحارث اليهودية حين افتتح خيبر سما في شاة مصلية، فحملت إليه صلى الله عليه وسلم فقبل منها لأنها بنت خالة صفية، فلما تناول الذراع ناداه الذراع: إني مسموم، فألقاه وقال لأصحابه: ارفعوا أيديكم، ففعلوا، ثم أرسل فأتي بها فقال: سممتي هذه الشاة؟ فقالت: نعم، قلت: إن كان نبيّا لم يضره السم، وإن كان ملكا استراح الناس منه، فإن كنت نبيا لا يضرك، وسوف يدفع عنك الذي أرسلك، فأمر بها صلى الله عليه وسلم فخلى سبيلها، وعفا عنها ما صنعت به. (1871) - قوله: «وجعلت له زينب بنت الحارث» : قصتها في الصحيحين، وخرجناها في شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 72، 73- فتح المنان-. قوله: «فخلى سبيلها وعفا عنها» : في ذلك اختلاف بين أهل العلم، يقال: إنه عفا عنها أولا، فلما توفي بشر بن البراء قتلها به، ويقال: عفا عنها لأنها أسلمت، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 539 [268- فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم] 268- فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم 1872- وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم وحفظه الحرمة لأهلها أنه لقيته امرأة سوداء فوقف لها ورحب بها وألحف مسألتها، فقيل: من هذه يا رسول الله؟ قال: هذه امرأة كانت تأتينا أيام خديجة بمكة، (1872) - قوله: «من تذممه» : أي: مراعاته لأصحاب الحقوق، يقال: فلان له ذمة: أي حق، والذمام: كل حرمة تلزمك إذا ضيعتها المذمة، ومنه قيل لأهل العهد: أهل الذمة. قوله: «لقيته امرأة سوداء» : سميت في بعض الروايات: جثامة، وفي أخرى: الحولاء، وفي بعضها أنها كانت عجوزا، وفي رواية: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا حنانة المزنية، قال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ ... الحديث. قوله: «وألحف مسألتها» : أصل الإلحاف: شدة الإلحاح في المسألة، ومنه قوله تعالى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً الاية، وكأنه صلى الله عليه وسلم ألح عليها ليكرمها، أو يجوز أن يكون الإلحاف هنا بمعنى الإيثار والفضل والكرم ومنه قول جرير: كم قد نزلت بك ضيفا فتلحفني ... فضل اللحاف، ونهم الفضل يلتحف أراد: أعطيتني فضل عطائك وجودك، يقال: لحفه فضل لحافه إذا أناله معروفه وفضله وزوده. والله أعلم. قوله: «كانت تأتينا أيام خديجة» : كذا في «ظ» ، وفي «م» و «ب» : كانت تدخل علينا بمكة، وكانت تمشط خديجة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 540 وكانت تمشطها، وإن حسن العهد من الإيمان، وكانت تأتيه بعد ذلك في منزله صلى الله عليه وسلم. قوله: وكانت تمشطها» : قاله الزبير بن بكار في روايته عن سليمان بن عبد الله، عن شيخ من أهل مكة أنها أم زفر ماشطة خديجة. قوله: «وإن حسن العهد من الإيمان» : أشار إلى هذا الحديث البخاري في صحيحه فجعله ترجمة لأحد أبوابه في الأدب، فقال: باب: في حسن العهد من الإيمان، ثم أورد حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين ... الحديث، رقم 6004. قال الحافظ في الفتح: جرى البخاري على عادته في الاكتفاء بالإشارة دون التصريح، فإن لفظ الترجمة قد ورد في حديث يتعلق بخديجة رضي الله عنها، وذكر الحديث. قلت: رواه صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، به، أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة، وابن الأعرابي في معجمه [1/ 401] برقم 774، ومن طريقه القضاعي في مسند الشهاب برقم 971، والحاكم في المستدرك [1/ 15] وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة، وليس له علة. اهـ. قلت: صالح بن رستم استشهد به البخاري، وحديثه من قبيل الحسن. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الشعب برقم 9121، وفي الاداب برقم 235، وابن عساكر في تاريخه [4/ 52] ، وابن الأثير في الأسد [7/ 47، 64] . وأخرجه البيهقي أيضا في الشعب برقم 9123 من وجه آخر بإسناد رجاله- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 541 1873- وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالشاة فتذبح، ثم تقطع أعضاء أعضاء، ثم يتبع بها صدائق خديجة رضي الله عنها يهدي لهن بعد موتها بزمان مكافأة لهن. 1874- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على بر الولد، وحفظ الجار، وقال صلى الله عليه وسلم: رحم الله والدا أعان ولده على برّه. - ثقات، وقال عقبة: كذا وجدته وهو بهذا الإسناد غريب. ومن طرق أخرجه البيهقي في الشعب برقم 9123، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 55، والديلمي في مسند الفردوس، والعسكري في الأمثال وابن عبد البر، والزبير ابن بكار كما في إتحاف الزبيدي [6/ 235- 236] . (1873) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالشاة فتذبح» : هو في الصحيحين في فضائل خديجة من حديث عائشة: إن كان صلى الله عليه وسلم ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن، لفظ البخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها، رقم 3816، وقد فرقه في غير موضع أيضا، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها رقم 2435 (74) . (1874) - قوله: «أعان ولده على برّه» : قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 317] : رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف، ورواه النوقاني من رواية الشعبي مرسلا ... اهـ. قال أبو عاصم: مرسل الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 357] رقم 5467، وهناد في الزهد له [1/ 486] رقم 995، وابن أبي الدنيا في العيال برقم 150، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق، من رجال أبي داود والترمذي ضعفوه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 542 1875- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على بر الوالدين ويقول: لا يجزي ولد والده إلّا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه. 1876- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن الخمر، ولا منان. (1875) - قوله: «فيعتقه» : أخرجه مسلم في العتق، باب فضل عتق الوالد، رقم 1510، وأبو داود في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 5137، والترمذي في البر، باب في حق الوالدين، رقم 1907، وابن ماجه في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 3659، والإمام أحمد في المسند [2/ 230] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 351] رقم 5450 جميعهم من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به. (1876) - قوله: «ولا منان» : خرجناه وذكرنا الاختلاف في إسناده في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2229، 2230 حيث أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 543 [269- فصل: في آداب المجلس] 269- فصل: في آداب المجلس 1877- ومن السنة إذا أتى مجلسا أن لا يتخطى الرقاب، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى به مجلسه. 1878- ومن السنة أن يوسّع له في المجلس. 1879- ولا بأس أن يتحلحل عن مكانه إيجابا له، لما روي عن بعض الصحابة أنهم قالوا: أتى شاب مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه مسحة من الجمال (1877) - قوله: «حيث ما انتهى به مجلسه» : لم أره هكذا، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 91] ، وأبو داود في الأدب برقم 4825، والترمذي في الاستئذان برقم 2725، والنسائي في العلم من السنن الكبرى برقم 5899، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 224] ، والطيالسي في مسنده برقم 780، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1141، وعبد الله بن أحمد في زوائده [5/ 98] ، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 231] ، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 255] رقم 1951 جميعهم من حديث جابر بن سمرة قال: كنا إذا انتهينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي، صححه ابن حبان برقم 6433. (1878) - قوله: «أن يوسع له في المجلس» : أخرج الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا، وانظر ما بعده. (1879) - قوله: «أن يتحلحل» : في «م» : يتحرك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 544 فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه حتى جلس عليه، وكان نصرانيا حينئذ ثم أسلم، وهو عدي بن حاتم. 1880- وربما جاءه صلى الله عليه وسلم بعض من يأتيه وهو على الوسادة جالس فلا يكون فيها سعة يجلس معه، فينزعها من تحته، ويضعها تحت الذي جلس إليه، فإن أبى أن يضعها له عزم عليه حتى يفعل. قوله: «وهو عدي بن حاتم» : وقع في الأصول: وهو جابر بن عبد الله، ولعله من خطأ النساخ. قصة إسلام عدي بن حاتم وقدومه على النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجها من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [4/ 257، 258، 377، 378] ، وأبو نعيم في المعرفة الترجمة رقم 2283، وابن الأثير في ترجمته من الأسد [4/ 8] وغيرهم. ومن روايات أبي نعيم: من طريق الأعمش، عن خيثمة، عن عدي قال: ما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قط إلّا توسع لي- أو تحرك لي-، فدخلت عليه ذات يوم وهو في بيت مملوء من أصحابه، فلما رآني توسع لي حتى جلست إلى جانبه، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 85] رقم 196. (1880) - قوله: «ويضعها تحت الذي جلس إليه» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 96] من حديث ابن عمر أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فألقى له وسادة من أدم حشوها ليف، قال: فلم أقعد عليها، فبقيت بيني وبينه، إسناده صحيح. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير [6/ 278] رقم 6068 من حديث سلمان قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي ... الحديث. سكت عنه الحاكم في المستدرك [3/ 599] ، وكذا الذهبي في التلخيص، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 545 1881- وما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فيقوم حتى يقوم الذي جلس إليه إلّا أن يستعجله أمر فيستأذن. 1882- ومن السنة أن يسلم إذا أتاهم، وكذلك إذا قام من عندهم، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم، فليست الأولى بأولى من الأخرى. 1883- ولا يقم أخاه من مجلسه ثم يجلس هو فيه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه، ثم يجلس فيه. - أما الهيثمي فضعفه في مجمع الزوائد [8/ 174] بعمران بن خالد الخزاعي، وانظر الحديثين الاتيين برقم: 2099، 2100 والتعليق عليهما. (1881) - قوله: «حتى يقوم الذي جلس إليه» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 418] من حديث ابن المنتشر، عن أنس قال: ما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فقام حتى يقوم، وقد روى معناه جماعة عن أنس تقدم مبسوطا برقم 1589. (1882) - قوله: «بأولى من الأخرى» : أخرجه مطولا ومختصرا الإمام أحمد في مسنده [2/ 287، 32، 439] ، وأبو داود في الأدب برقم 5208، والبخاري في الأدب برقم 1007، 1008، والترمذي في الاستئذان برقم 2706، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 369، 370، والحميدي في مسنده [2/ 490] رقم 1162، وأبو يعلى في مسنده [11/ 440] رقم 6566، والبيهقي في الاداب برقم 271، وصححه ابن حبان برقم 493، 494، 495، 496. (1883) - قوله: «لا يقيمن أحدكم أخاه» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر، وخرجناه في كتاب الاستئذان من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2818- فتح المنان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 546 1884- وإذا قام من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه، وإذا سبق فليس لغيره أن ينازعه فيه، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منى مناخ من سبق. 1885- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن مجلسين وملبسين، فأما المجلسان: فجلوس بين الظل والشمس، وأن يحتبي في ثوب يفضي ببصره إلى عورته، وأما الملبسان: أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء، - والاخر: أن يصلي في ملاءة لا يتوشح بها. (1884) - قوله: «منى مناخ من سبق» : قد يقال: هذا خاص بمنى، وفي الباب ما هو أصرح منه، فأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به، بقية تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2819، وحديث منى مناخ من سبق خرجناه أيضا في كتابنا المشار إليه تحت رقم 2068. (1885) - قوله: «نهى عن مجلسين وملبسين» : هو طرف من حديث طويل، بعضهم يختصره ويفرقه على الأبواب. أخرجه بطوله: ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 298] رقم 5271: حدثنا زيد ابن الحباب، والحاكم في المستدرك [4/ 272] من طريق أبي تميلة: يحيى بن واضح، كلاهما عن عبيد الله بن عبد الله أبي المنيب العتكي، ثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به مرفوعا. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن ماجه في الأدب، باب الجلوس بين الظل والشمس، برقم 3722 الشطر المشار إليه في الترجمة، وحسنه الحافظ البوصيري في الزوائد. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 382] من طريق ابن وهب، عن زيد بن الحباب بشطره الأخير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 547 1886- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا جلس أحدكم في الشمس فقلص عنه فليتحول. 1887- ولم تكن ركبتاه صلى الله عليه وسلم يتعديان ركبة جليس له. - وأخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 250] من طريق أبي تميلة: يحيى بن واضح، ثنا أبو المنيب بالصلاة في السراويل، وعلقه الحافظ البيهقي في السنن الكبرى [3/ 237] مقتصرا على النهي في الجلوس بين الشمس والظل. قال الحاكم: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا بأبي تميلة، وأما أبو المنيب فمن ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين. (1886) - قوله: «فليتحول» : زاد معمر، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة: فإنه مجلس الشيطان، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 237] . تابعه سفيان، عن ابن المنكدر، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 383] ، وأبو داود في الأدب، باب في الجلوس بين الظل والشمس، رقم 4821، والحميدي في مسنده برقم 1138، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 236، 237] ، ورواه البيهقي أيضا [3/ 237] من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن أبان، عن ابن المنكدر. (1887) - قوله: «يتعديان ركبة جليس له» : أخرج الترمذي في صفة القيامة برقم 2490، وابن ماجه في الأدب برقم 3716، وابن سعد في الطبقات [1/ 378] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 56] ، باب إكرام الرجل جليسه من حديث زيد العمي- ضعيف- عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه عنه حتى يكون هو الذي ينصرف ... الحديث، وفيه: ولم ير مقدما ركبتيه بين يدي جليس له، قال الترمذي: غريب. قلت: هو عين حديثه الماضي برقم 1589. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 548 1888- وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تكرمة لأصحابه ورحمة، ما رؤي قط مادّا رجليه بين أصحابه حتى لا يضيّق بهما على أحد. 1889- ويتوسع للناس، إلّا أن يكون المكان واسعا لا ضيق فيه على أحد. 1890- وقبّلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم. 1891- وأن اليهود قبّلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله. (1890) - قوله: «وقبلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» : أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 7، 86] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 972، وأبو داود في الجهاد، باب التولي يوم الزحف رقم 2647، والترمذي في الجهاد، باب الفرار من الزحف رقم 1716، وابن ماجه في الأدب، باب الرجل يقبل يد الرجل، رقم 3704، جميعهم من حديث ابن عمر في قصة حيصتهم وقولهم: نحن الفرارون، قال: فأقبل إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بل أنتم العكارون، قال: فدنونا فقبلنا يده، فقال: أنا فئة المسلمين. وأخرج الإمام أحمد في مسنده [أطراف المسند المعتلي لابن حجر [5/ 445] رقم 7519، وأبو داود في الأدب، باب في قبلة الرجل من حديث الزارع العبدي- وكان في وفد عبد القيس- قال: لما قدمنا المدينة جعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ... الحديث، جوده ابن حجر في الفتح. وأخرج ابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة من حديث أسامة بن شريك قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه كأن على رؤوسهم الطير، فجاء الأعراب فسألوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام الناس فجعلوا يقبلون يده، قال: فأخذتها ووضعتها على وجهي فإذا هي أطيب من ريح المسك وأبرد من الثلج. (1891) - قوله: «وأن اليهود قبلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله» : أخرج الإمام أحمد [4/ 239- 240] ، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، رقم 2733، والنسائي في السير من السنن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 549 1892- ويكره القيام لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. 1893- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض. - الكبرى [5/ 198- 199] رقم 8656، وابن ماجه في الأدب، باب الرجل يقبل يد الرجل، رقم 3705، جميعهم من حديث صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي.. الحديث، وفيه: وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا يوم السبت، قال: فقبلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله ... الحديث، قال الترمذي: حسن صحيح. (1892) - قوله: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما» : أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 977، وأبو داود في الأدب، برقم 5229، والترمذي في الأدب رقم 2755، والإمام أحمد في مسنده [4/ 91، 100] ، وابن الجعد في مسنده [1/ 643- 644] رقم 1532، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [12/ 295] رقم 3330، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 398] ، والبيهقي في المدخل برقم 720، وعبد بن حميد في مسنده [المنتخب- رقم 413] ، وهناد في الزهد برقم 837، ومن طريقه الترمذي عقب رقم 2755، جميعهم من حديث معاوية به. (1893) - قوله: «كما تقوم الأعاجم» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 253، 256] ، وأبو داود في الأدب برقم 5230، ومن طريقه الخطيب في الجامع [1/ 399] رقم 938، وابن شيبة في المصنف [8/ 397- 398، 10/ 267] ومن طريقه البيهقي في المدخل برقم 719، وابن ماجه في الدعاء برقم 3836، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 334] ، جميعهم من طرق بإسناد فيه اضطراب عن أبي أمامة به. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 550 1894- وكان صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القرآن أو يخطب بخطبة عظة أو يذكر الساعة. 1895- وكان ضحك أصحابه صلى الله عليه وسلم عنده التبسم اقتداء منهم لفعله صلى الله عليه وسلم وتوقيرا له. 1896- وجاءه صلى الله عليه وسلم أعرابي وهو متغير ينكره أصحابه، فأراد أن يسأله فقالوا: لا تفعل يا أعرابي فإننا ننكر لونه، فقال: دعوني فو الذي بعثه (1894) - قوله: «أو يذكر الساعة» : أخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 338] ، ومسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867، والنسائي في الصلاة، برقم 1578، وابن ماجه في السنة برقم 45، جميعهم من حديث جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب- وبعضهم يقول في روايته: إذا ذكر الساعة- احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم ... الحديث، وأخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 167] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 38] رقم 677 من حديث الزبير (عند الإمام أحمد على الشك علي أو الزبير) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه ... وفيه: وكان إذا كان حديث عهد بجبريل لم يبتسم ضاحكا حتى يرتفع عنه. (1895) - قوله: «اقتداء منهم لفعله» : هو طرف من حديث ابن أبي هالة الطويل وقد مضى تخريجه برقم 310، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 97] ، والترمذي في المناقب برقم 3645، والبيهقي في الدلائل [1/ 212] من حديث جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلّا تبسما، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 606] ، وقال الذهبي: الحجاج بن أرطاة لين الحديث. قلت: هو ممن يعتبر به في الشواهد والمتابعات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 551 بالحق لا أدعه حتى يبتسم، فقال: يا رسول الله إنه بلغنا أن المسيح الدجال يأتي الناس بالثريد وقد هلكوا جوعا، أفترى لي بأبي وأمي أن أكف عن ذلك تعففا وتنزّها حتى أهلك هزلا، أم أضرب في ثريده حتى إذا تضلعت شبعا آمنت بالله وكفرت به؟ قالوا: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لا بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين يومئذ. قوله: «بما يغني به المؤمنين يومئذ» : هكذا أورده الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 366] ، قال الحافظ العراقي في تخريجه: هذا منكر، لم أقف له على أصل، ويرده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة بن شعبة المتفق عليه حين سأله إنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: هو أهون على الله من ذلك، وفي رواية لمسلم: إنهم يقولون إن معه جبالا من خبز ولحم. اهـ. هكذا قال رحمه الله وغفر لنا وله، كأنه ما وقف على رواية الإمام أحمد في المسند [5/ 434، 435] ، بإسناد رجاله كلهم ثقات من حديث مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية، عن رجل من الأنصار له صحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فيهم خطيبا فقال: أنذركم المسيح الدجال ... الحديث، وفيه: يمكث في الأرض أربعين صباحا، معه جبال خبز وأنهار ماء، يبلغ سلطانه كل مستهل، الحديث بطوله، وعليه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه أن معه جبال الخبز وأنهار الماء، فكيف يقال في حديثنا أنه منكر وقد ثبت من حديثه صلى الله عليه وسلم؟ وكأن الحافظ العراقي رحمه الله ما وقف كذلك على تفسير القاضي عياض لمعنى قوله: هو أهون على الله من هذا، وقد نقله النووي في شرح مسلم وابن حجر في الفتح، قال القاضي عياض: ليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك، بل معناه: أنه أهون على الله من أن يجعل شيئا من ذلك آية على صدقه يضل به المؤمنين ويشككهم بربهم الحق، سيما أن الله جعل فيه آية ظاهرة على كذبه وكفره- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 552 1897- ومن السنة أن يؤتى حق المجلس، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: أعطوا المجالس حقها، قيل: وما حقها؟ قال: غضوا أبصاركم، وردوا السلام، وأرشدوا الأعمى، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر. - يقرأها من يقرأ ومن لا يقرأ، وهي آية ناطقة شاهدة على كذبه من حدثه ونقصه. وعلى هذا فالمتن مشهور لا مجال لرده، ومورده فمن أهل الرواية، وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 75، 125] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 78] رقم 4607، من حديث الحسن البصري عن عائشة رضي الله عنها في ذكر الدجال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدا شديدا يكون بين يدي الدجال ... وفيه: قالت: فقلت: يا رسول الله وما يجزىء المؤمنين يومئذ من الطعام؟ قال: ما يجزىء الملائكة: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل ... الحديث. فتأمل هذا مع جوابه صلى الله عليه وسلم للأعرابي: لا بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين يومئذ. (1897) - قوله: «أعطوا المجالس حقها» : أخرجه مسلم في السلام، باب من حق الجلوس على الطريق رد السلام، من حديث أبي طلحة، رقم 2161. وأخرجاه من حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه البخاري في المظالم، باب أفنية الدور والجلوس فيها، رقم 2465، وفي الاستئذان باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها الاية، رقم 6229، وأخرجه مسلم برقم 2121. قلت: ليس في لفظيهما إرشاد الأعمى لكن في لفظ غيرهما من الزيادات ما ليس عندهما، وفي بعضهما إرشاد الضال بدل إرشاد الأعمى، قال الحافظ في الفتح: مجموع ما في طرق الحديث أربعة عشر أدبا نظمتها في ثلاثة أبيات وهي: - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 553 1898- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حق المسلم على المسلم ست، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيه يسلم عليه، وإذا دعاه أجابه، وإذا استنصحه نصحه، وإذا عطس فحمد الله شمّته، وإذا مرض عاده، وإذا مات صحبه. 1899- وكان صلى الله عليه وسلم طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، وكان إذا سكت تكلم جلساؤه، ولا ينازع عنده الحديث، فمتى تكلم أنصتوا له، لا يرد على أحد حديثه ولا يقطعه عليه. - جمعت آدابا من رام الجلوس على ... الطريق من قول خير الخلق إنسانا افش السلام وأحسن في الكلام ... وشمت عاطسا وسلاما رد إحسانا في الحمل عاون ومظلوما أعن وأغث ... لهفان اهد سبيلا واهد حيرانا بالعرف مر وانه عن نكر وكف أذى ... وغض طرفا وأكثر ذكر مولانا (1898) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه مسلم في السلام، باب من حق المسلم على المسلم رد السلام، رقم 2162، والبخاري في الأدب المفرد برقم 925، والإمام أحمد في المسند [2/ 372، 412] ، وابن حبان في صحيحه برقم 242- الإحسان-، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 347، 10/ 108] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 210] رقم 1405، جميعهم من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه به. وأخرجا معناه بنحوه من حديث ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، رقم 1240، ومسلم برقم 2162. (1899) - قوله: «ولا يقطعه عليه» : هو طرف من حديث ابن أبي هالة، وقد تقدم بطوله برقم 310. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 554 1900- وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسما في مجلسه وضحكا في وجوه أصحابه، وربما ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير قهقهة حتى تبدو نواجذه من الشيء إذا أعجبه. 1901- وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه يقول: سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، وهو السنة. 1902- وقال صلى الله عليه وسلم: إنها كفارة المجلس. (1900) - قوله: «وضحكا في وجوه أصحابه» : أخرج الشيخان من حديث جرير بن عبد الله: ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلّا تبسم في وجهي ... لفظ البخاري، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 190- 191] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 372] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 46] من حديث عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرج مسلم في الصلاة برقم 670 من حديث جابر بن سمرة في جلوسه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح في مصلاه حتى تطلع الشمس وفيه: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم، أخرج أبو داود طرفه الأول، وأخرجه النسائي برقم 1358. وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 396، وابن عساكر في تاريخه [4/ 46] من حديث عمرة عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من رجالكم إلّا أنه كان ضحاكا بساما، وأخرج الإمام أحمد [5/ 198] من حديث أبي الدرداء: ما رأيت- أو: ما سمعت- النبي صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا إلّا تبسم، وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [8/ 246] رقم 7838 من حديث القاسم عن أبي أمامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبه نفسا. وانظر النص المتقدم برقم 1895 والتعليق عليه. (1901- 1902) - قوله: «سبحانك الله وبحمدك» ، و «إنها كفارة المجلس» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 494- 495] ، والترمذي في الدعوات، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 555 1903- وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه قال: سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. 1904- وكان صلى الله عليه وسلم أكثر ما يجلس تجاه القبلة. - باب ما يقول إذا قام من مجلسه، رقم 3433- وقال: حسن صحيح غريب-، والنسائي في اليوم والليلة برقم 397 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 594- والحاكم [1/ 536] ، وأقره الذهبي. وأخرجه أبو داود في الأدب، باب في كفارة المجلس، برقم 4858 من حديث المقبري، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان برقم 593. (1903) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام» : هكذا تكرر في الأصول الخطية، لم نر بدا من إثباته كما جاء. (1904) - قوله: «تجاه القبلة» : لم أجده هكذا، لكن أخرج الطبراني في معجمه الأوسط [3/ 183] رقم 2375 من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: إن لكل شيء سيدا وإن سيد المجالس قبالة القبلة، حسنه المنذري في الترغيب، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 52] . وأخرج الحاكم في المستدرك [4/ 269- 270] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 272] ، وابن عساكر في تاريخه [55/ 132، 133] من حديث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس مرفوعا: إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة، أخرج أبو داود في الصلاة الطرف الاخر من هذا الحديث، وفرقه ابن ماجه دون أوله، وهذان الحديثان أمثل شيء في هذا الباب، وفي الطريق الثاني أبو المقدام هشام ابن زياد تكلم فيه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 556 1905- ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل المسجد- ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده- فتزحزح له صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: في المكان سعة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن من حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له. 1906- ولقد جاءت إليه ظئره التي أرضعته فبسط لها رداءه وقال لها: مرحبا بأمي، فأجلسها على ردائه. 1907- وربما بسط صلى الله عليه وسلم ثوبه لمن ليس بينه وبينه قرابة ولا رضاع، يجلسه عليه. (1905) - قوله: «أن يتزحزح له» : أخرجه هناد في الزهد [2/ 498] رقم 1025، والبيهقي في الشعب [6/ 467، 468] رقم 8932، 8933، وابن الأثير في الأسد [5/ 429] ، وأبو الشيخ- كما في الكنز [9/ 55] رقم 25497-، جميعهم من حديث واثلة بن الخطاب به، وفيه مجاهد بن فرقد تكلم فيه، قيل: هو منكر الحديث. (1906) - قوله: «ظئره التي أرضعته» : يقال: إنها حليمة السعدية، ولذلك أورد بعضهم هذا الحديث في ترجمتها، وأخرجه أبو داود في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 5144، والبيهقي في الدلائل [5/ 199] ، وابن الأثير في الأسد [7/ 68- 69] من حديث أبي الطفيل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحما بالجعرانة وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور، إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته. صححه الحاكم في المستدرك [4/ 164] ، وسكت عنه الذهبي. (1907) - قوله: «وربما بسط صلى الله عليه وسلم ثوبه» : في الباب عن: عدي بن حاتم تقدم قريبا برقم 1879، وعن جرير بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 557 1908- وكان الناس عنده صلى الله عليه وسلم في الحق سواء، معتدلين بالتقوى، متواضعين في مجلسه، يوقرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصغير. 1909- وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا. - عبد الله، وعيينة بن حصين يأتي حديثهما في باب ما ضربه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال رقم 2099، 2100، وانظر التعليق على الحديث المتقدم برقم: 1880. (1908) - قوله: «ويرحمون فيه الصغير» : هو طرف من حديث ابن أبي هالة الطويل، وقد مضى في صفته صلى الله عليه وسلم. (1909) - قوله: «ولم يوقر كبيرنا» : أخرجه أبو داود، باب: في الرحمة، برقم 4943، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الصبيان، رقم 1920- وقال: حسن صحيح- والبخاري في الأدب المفرد برقم 354 من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وأخرجه الترمذي برقم 1921، والإمام أحمد في المسند [1/ 257] ، والبزار في مسنده [2/ 401 كشف الأستار] رقم 1955، 1956، والبغوي في شرح السنة [13/ 39] برقم 3452، والبيهقي في الشعب [7/ 458] رقم 10980 من حديث عكرمة، عن ابن عباس، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 458- وقد سقط من إسناده ليث بن أبي سليم وهو فيه. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 449] رقم 12276 من طريق المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مختصرا. وأخرجه الترمذي برقم 1919، وأبو يعلى في مسنده [6/ 191] رقم 3476، والبيهقي في الشعب [7/ 458، 459] رقم 10981، 10982، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 254] بأسانيد ضعيفة من حديث أنس. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 558 1910- ومن السنة إعظام الكبير، قال صلى الله عليه وسلم: إن من إعظام جلال الله: إكرام حامل القرآن، وذي الشيبة المسلم. 1911- وبلغ من كرمه صلى الله عليه وسلم أن أشرك جلساءه في صنائعه، وأشركهم في أجرها. - وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 353، والبيهقي في الشعب [7/ 458] رقم 10979، والخرائطي في مكارم الأخلاق رقم 341، وصححه الحاكم [4/ 178] ووافقه الذهبي من حديث أبي هريرة. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 323] وابنه عبد الله في زوائده من حديث عبادة بن الصامت بإسناد حسن بل صححه الحاكم [1/ 122] ووافقه الذهبي. (1910) - قوله: «إكرام حامل القرآن» : زاد أبو داود: غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط، أخرجه في الأدب، باب: في تنزيل الناس منازلهم، رقم 4843، ومن طريقه البيهقي في المدخل برقم 662، ورواه ابن صاعد في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 389، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 163] جميعهم من طريق عبد الله بن حمران- لا بأس به- عن عوف الأعرابي، عن زياد بن مخراق، عن أبي كنانة، عن أبي موسى الأشعري به مرفوعا. خالفه غير واحد عن عوف فأوقفه على أبي موسى، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 221] ، والبخاري في الأدب المفرد رقم 357، والمروزي في زوائد الزهد لابن المبارك برقم 388، والبيهقي في المدخل برقم 661. (1911) - قوله: «وأشركهم في أجرها» : هو طرف من حديث ابن أبي هالة المتقدم برقم 310. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 559 1912- ثم كان صلى الله عليه وسلم يقسم نظره بين أصحابه، حتى كان صلى الله عليه وسلم يقول: من الإنصاف أني أخفيت لكم صوتي منذ ثلاث. 1913- ويستحب من طريق السنة أن يتردد إلى جلسائه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما جلس إليه أحد قط فقام هو حتى يقوم هو. 1914- وكان صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته، واستتر بيده أو بثوبه. 1915- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده رجلان فعطسا جميعا، (1912) - قوله: «يقسم نظره بين أصحابه» : هو في حديث ابن أبي هالة الطويل، وقد تقدم، وفيه: فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس ... الحديث، وأما شطره الأخير فلم أقف عليه. (1913) - قوله: «حتى يقوم هو» : تقدم برقم 1881، وانظر أيضا المتقدم برقم 1589. (1914) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 439] ، والبخاري في تاريخه [9/ 9] ، وأبو داود في الأدب، باب في العطاس، رقم 5029، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في خفض الصوت وتخمير الوجه عند العطاس، رقم 2745، والبغوي في شرح السنة [12/ 314] رقم 3346، والحميدي في مسنده برقم 1157، وابن سعد في الطبقات [1/ 385] ، والطبراني في معجمه الصغير برقم 109 جميعهم من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة نحوه، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم [4/ 293] : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. (1915) - قوله: «فعطسا جميعا» : الحديث أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس، فأخرجه البخاري في الأدب، باب الحمد للعاطس، رقم 6221، وفي باب لا يشمت العاطس- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 560 فشمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما ولم يشمت الاخر، فقال الرجل: يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني؟ فقال: إن هذا حمد الله، وإنك لم تحمده. 1916- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يشمت العاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم. - إذا لم يحمد الله، رقم 6225، ومسلم في الزهد، باب تشميت العاطس، رقم 2991 (53 وما بعده) ، وخرجناه في مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 2825- فتح المنان، وخرجنا تحته حديث أبي موسى مرفوعا: إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه. (1916) - قوله: «يشمت العاطس ثلاثا» : في الباب عن سلمة بن الأكوع، وأبي هريرة، وعبيد بن رفاعة الزرقي، وأبي بكر بن عبد الله بن عمرو بن حزم. أما حديث سلمة، فأخرجه مسلم في الزهد، باب تشميت العاطس، رقم 2993، من طريق عكرمة بن عمار قال: حدثني إياس بن سلمة أن أباه حدثه قال: عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يرحمك الله، ثم عطس أخرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم، خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2826- فتح المنان. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو داود برقم 5035، ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 32- 33] رقم 9358، 9359، وابن السني في اليوم والليلة برقم 250، وابن عدي في الكامل [6/ 2197] ، والطبراني في الدعاء برقم 1998، 1999، 2001 جميعهم من طرق عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعا: شمت أخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام. رواه يحيى القطان، عن ابن عجلان فجعله من قول أبي هريرة، أخرجه أبو داود برقم 5034. - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 561 1917- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصدق الحديث ما عطس عنده. - ورواه الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 251. وأما حديث عبيد بن رفاعة، فأخرجه أبو داود برقم 5036، والترمذي برقم 2744- وقال: غريب، وإسناده مجهول-، وابن السني في اليوم والليلة برقم 252، ولفظه عند أبي داود: تشمت العاطس ثلاثا، فإن شئت أن تشمته فشمته، وإن شئت فكف. وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 453] رقم 19682، ومالك في الموطأ، ومن طريق مالك البيهقي في الشعب [7/ 33] رقم 9364، والبيهقي أيضا برقم 9363 من حديث عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه يرفعه: شمته ثلاثا، فما كان بعد ذلك فهو زكام، وفي رواية مالك: إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، فقل إنك مضنوك- مرسل-. (1917) - قوله: «أصدق الحديث ما عطس عنده» : أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 216] رقم 3384 من حديث عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 59] : فيه جعفر بن محمد بن ماجد لم أعرفه، وعمارة بن زاذان وثقه أبو زرعة وجماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. قلت: وفي الباب عن أبي هريرة، فأخرج أبو يعلى في مسنده [11/ 234] ، وابن عدي في الكامل [6/ 2397] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 33- 34] رقم 9365، والطبراني في الأوسط [7/ 263] رقم 6505، وتمام في فوائده برقم 1005، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 77] جميعهم من حديث معاوية بن يحيى الأطرابلسي، الشامي- لا الصدفي المضعّف-، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عنه مرفوعا: من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 59] : فيه معاوية بن يحيى وهو ضعيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 562 1918- ومنه أن يسبق العاطس بالحمد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق العاطس بالحمد وقي وجع الضرس. - قلت: إنما قال ذلك تبعا لابن الجوزي حيث ظن أنه الصدفي، والأطرابلسي بشهادة الحافظ أوثق وأعلى من الصدفي، والحق أن علته بقية فقد عنعنه، ولذلك قال النووي حين سئل عنه قال: رويناه في مسند أبي يعلى برجال كلهم ثقات إلّا بقية بن الوليد فمختلف فيه، وأكثر الحفاظ الأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وقد روى هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الشامي. أما ابن أبي حاتم فذكره في العلل [2/ 342] ، وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث كذب. اهـ. وقال البيهقي في الشعب: منكر، عن أبي الزناد. نعم، وقد وجدت له متابعا لكن لم يفد شيئا في تقوية الحديث، فقد أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1496- 1497] من طريق عبد الله بن جعفر المدائني- ضعفه غير واحد وتركه النسائي- عن أبي الزناد به. (1918) - قوله: «من سبق العاطس بالحمد» : أخرج تمام في فوائده برقم 223، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [35/ 386] من حديث بقية بن الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: من سبق العاطس بالحمد وقاه الله وجع الخاصرة، ولم ير في فيه مكروها حتى يخرج من الدنيا. وأخرج الطبراني في الأوسط [8/ 69] رقم 7137، وفي الدعاء برقم 1987 من حديث أبي إسحاق عن الحارث، عن علي مرفوعا: من بادر العاطس بالحمد عوفي من وجع الخاصرة، ولم يشك ضرسه أبدا، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 57- 58] : فيه من لم أعرفهم، والحارث الأعور ضعفه الجمهور، وأخرج الحكيم الترمذي في النوادر [1/ 152] قال: حدثنا عمر بن أبي عمر السويقي، عن خالد بن عبد الله، عن سعيد بن العاص، ثنا بشر بن عبد الله، عن عمر بن عبد العزيز، عن بشر بن حبّان، - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 563 قال بعض الحكماء: للعاطس ست خلال: أن يخفض صوته إذا عطس، وأن يستتر بثوبه أو بيده، وأن لا يلوي عنقه إذا عطس، وأن يقول: الحمد لله رب العالمين، وإذا قيل له: يرحمك الله، يجيب فيقول: - عن مكحول، عن واثلة ابن الأسقع مرفوعا: من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن. قال السيوطي في اللالئ [2/ 285] : قال الحاكم في تاريخه: حدثنا محمد بن يوسف المؤذن، ثنا مكي، ثنا قطن بن إبراهيم، ثنا خالد بن يزيد المدني، ثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: إذا عطس العاطس فابدؤوه بالحمد، فإن ذلك دواء من كل داء: من وجع العين، والخاصرة. قال: وقال الديلمي: أخبرنا أبي، أنا الفضل القومساني، أنا أحمد بن المظفر الزنجاني، ثنا أبو بكر: أحمد بن علي الديلمي، ثنا محمد بن مسعود القزويني، ثنا عبد الله بن زياد، ثنا خلف بن خليفة، ثنا يحيى بن ثعلبة الأنصاري، عن أنس ابن مالك رفعه: من سبق العاطس بالحمد وقي وجع الرأس والأضراس. قال أبو عاصم: أحسن شيء في الباب حديث البخاري في الأدب المفرد برقم- 929، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 422] رقم 9860 كلاهما من حديث شيبان، عن أبي إسحاق، عن خيثمة، عن علي رضي الله عنه قال: من قال عند عطسة سمعها: الحمد لله رب العالمين على كل حال، ما كان ليجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا، سكت عنه الحاكم في المستدرك [4/ 414] ، وكذا الذهبي في التلخيص، وقال الحافظ في الفتح [10/ 615] : هذا موقوف، رجاله ثقات، ومثله لا يقال من قبل الرأي، فله حكم الرفع. فائدة: أورد ابن الأثير في النهاية حديث الباب بلفظ: من سبق العاطس بالحمد أمن من: الشوص، واللوص، والعلوص، قال الزبيدي في الإتحاف: سنده ضعيف، وقد نظمه بعض الشعراء، أنشدناه شيخنا علي بن- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 564 يهديكم الله ويصلح بالكم. 1919- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: البسوا النعال الصفر، فإنه بهن تقضى الحوائج. - موسى بن شمس الدين الحسيني، وكتبه من إملائه وخطه قال: أنشدنا شيخ الوقت: أحمد بن عبد الفتاح الملوي قدس الله روحهما في الجنة: من يستبق عاطسا بالحمد يأمن من ... شوص ولوص وعلوص كذا وردا عنيت بالشوص داء الضرس ثم بما ... يليه البطن والضرس اتبع رشدا قوله: «يهديكم الله ويصلح بالكم» : أخرج البخاري في الأدب من صحيحه، باب إذا عطس كيف يشمت؟ من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا عطس فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه- أو صاحبه- يرحمك الله، فإذا قال: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم. (1919) - قوله: «فإنه بهن تقضى الحوائج» : لم أجده هكذا، لكن أخرج العقيلي في الضعفاء [1/ 235، 3/ 446] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 319- 320] رقم 10612، والخطيب في الجامع برقم 915 جميعهم من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لا بسها، زاد في رواية: وذلك قوله تعالى: صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) الاية. موقوف، قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 319] : سألت أبي عن حديث رواه ابن العذراء، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ... فذكره، قال أبي: هذا حديث كذب موضوع. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 139] : فيه ابن العذراء- غير مسمى- ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 565 1920- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من امتشط قائما ركبه الدّين. (1920) - قوله: «من امتشط قائما ركبه الدين» : أسنده ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 54] من طريق أحمد بن عبد الله الهروي، عن أبي البختري- قال: وهما كذابان-، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعا. وبه ينتهي الجزء الرابع في ترتيبنا، ويليه إن شاء الله الجزء الخامس، وأوله: باب: ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته بالليل والنهار والحمد لله رب العالمين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 566 فهرس موضوعات المجلد الرابع الموضوع الصفحة [تابع] جامع أبواب الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم فصل: في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيبات والكوائن 7 فصل: ما جاء في مسارعة الله له صلى الله عليه وسلم في هواه 86 جامع أبواب شرف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف في القرآن 93 باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن 180 باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن 186 جامع أبواب فضل النبي صلى الله عليه وسلم باب جامع في فضل النبي صلى الله عليه وسلم 191 فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب 234 باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خص به من الشريعة 241 فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم 265 فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة 278 باب الموازاة 280 فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام 283 فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام 287 فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام 288 فصل: فيما أوتيه إبراهيم عليه السّلام 290 فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام 300 فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام 308 فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام 311 فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام 315 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 567 فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكرياء عليه السّلام 317 فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام 318 فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام 322 فصل: فيما أوتيه يوسف عليه السّلام 324 فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السلام وما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم 326 جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم باب: في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 335 فصل: روي سمرة بن جندب 339 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكل خير 349 فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم بفظّ ولا عيّاب 353 فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر 355 فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم 375 فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب والعجم 381 باب: في آداب النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنهي 393 فصل: ولما جعل الله فيه صلى الله عليه وسلم من الرقة 397 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى وغيرها من السنن 404 فصل: ومن السنة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه 430 فصل: ومن آداب المساجد 435 فصل: في آداب الطعام والشراب 440 فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطب 482 فصل: ذكر آداب متفرقة 489 فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من الناس في شيء فعرف به 519 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إلى العفو والبر وأولاهم به صلى الله عليه وسلم 520 فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم 532 فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم 540 فصل: في آداب المجلس 544 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 568 الجزء الخامس [ جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها ومزاحه صلى الله عليه وسلم وما ضربه من الأمثال ] جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها ومزاحه صلى الله عليه وسلم وما ضربه من الأمثال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 [270- باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمّته باللّيل والنّهار، وأمر أن يدعى به] 270- باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمّته باللّيل والنّهار، وأمر أن يدعى به 1921- حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى العدل رحمه الله إملاء، أنا أبو محمد: الحسن بن محمد اللباد، ثنا أبو نصر: الليث بن الجنّية النيسابوري- وكان كتب عن النضر بن شميل- ثنا عبد الله بن مسلم الدمشقي، ثنا عبد الملك بن خصاف بن عبد الرحمن، (1921) - قوله: «الحسن بن محمد اللباد» : هكذا في الأصول، ولعله أراد: أبا محمد بن محمد بن الحسن بن زنجويه اللباد الزاهد، من أهل نيسابور، وأحد المجتهدين في العبادة، قال عنه الحاكم: عهدت الحفاظ من مشايخنا كلهم يثنون عليه، انظر عنه في: الأنساب [5/ 124] ، سير أعلام النبلاء [14/ 522] . قوله: «ابن الجنية» : هكذا بخط واضح بالنون المشددة، ولم أقف له على ترجمة فيما لدي من المصادر. قوله: «ثنا عبد الله بن مسلم الدمشقي» : ترجم له الخطيب في التلخيص [1/ 37] مفرقا بينه وبين ابن مسلم بن رشيد، وتبعه ابن عساكر في تاريخه [33/ 201] لكن قال في ترجمة هذا: وعندي أنهما واحد. قوله: «ثنا عبد الملك بن خصاف» : ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [5/ 349] وسكت عنه، ووثقه ابن حبان [8/ 389] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 عن خصيف، عن أنس بن مالك قال: قدمت على الحجاج بن يوسف في حاجة لي، فأقمت أياما أختلف إليه فلا يأذن لي، قال: فجئت يوما فوقفت على بابه فصحت: أنس بن مالك، فسمع صوتي فأدخلني، فإذا هو يعرض خيلا له، وإذا كراسي موضوعة، فأشار إلى كرسي منها، فجلست عليه، فما استقررت جالسا حتى قال لي: يا أنس أين هذا الخيل من خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال أنس: فانتشر منخراي، وارتفعت قصبة أنفي من شدة الغضب، فقلت له: يا ابن أم الحجاج ما ذكرك خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كان يعدها لله عزّ وجلّ وللجهاد في سبيله مع خيلك هذه التي أعددتها للدنيا والسمعة، فقال لي: والله لقد هممت أن آمر من يأخذ برجلك فيسحبك ظهرا لبطن حتى يأتي بك إلى الحبس، فقلت: والله ما أقدرك على ذلك، ولقد علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات إذا أنا قلتهن أمنت بإذن الله من شر الإنس والجن والهوام، ولقد قلتهن في يومي هذا فما جعل الله لك عليّ من سبيل. قوله: «عن خصيف» : عم المتقدم قبله، وهو خصيف بن عبد الرحمن الجزري، أبو عون الحراني، أخو خصاف بن عبد الرحمن، وكان توأما، قال الحافظ المزي: رأى أنس بن مالك، ولم يذكره في شيوخه، وخصيف ممن اختلف فيه، وهو من رجال الأربعة، وعداده فيمن يعتبر به. وانظر: تهذيب الكمال [8/ 257] ، إكمال مغلطاي [4/ 191] ، تهذيب التهذيب [3/ 123] ، الكاشف [1/ 213] ، المجروحين لابن حبان [1/ 287] ، الكامل لابن عدي [3/ 940] ، سير أعلام النبلاء [6/ 145] ، الميزان [2/ 176] ، المغني في الضعفاء [1/ 209] ، الديوان [1/ 259] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 قال: ثم نهضت وتركت حاجتي، وأتيت منزلي، فما استقررت فيه جالسا إلّا وإنسان يدق الباب، فقلت لابني: انظر من هذا؟ قال: فخرج ثم رجع إليّ فقال: هذا محمد بن حجاج، فقلت: أدخله، قال: فدخل ومعه ثلاثون ألف درهم تحمل، فقال لي: إن أبي وإن كان قد قال لك ما قال، فإنه يراجع إلى ما تحب، خذ هذه ثلاثين ألف درهم انتفع بها وعلمني الكلمات، فقلت له: أما الدراهم فلا حاجة لي بها، وأما الكلمات فو الله ما أنت ولا أبوك لها بأهل، والكلمات هذه: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي وولدي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي. بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي في جميع أسمائه الشفاء. بسم الله افتتحت، وعلى الله توكلت. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. الله الله الله ربي، لا أشرك به، الله أعظم وأجل وأعزّ، مما أخاف وأحذر. حسبي الله لا إله إلّا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. اللهمّ إني أسألك من خيرك بخيرك الذي لا يملكه غيرك، عز جارك، اجعلني في عياذك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 اللهمّ إني أحترز بك من جميع ما خلقت، وأحترز بك منك، وأقدم بين يديّ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، والمعوذتين، ثم تقول إذا فرغت من قراءتهن: وعن يميني مثل ذلك، وعن يساري مثل ذلك، ومن فوقي مثل ذلك، ومن تحتي مثل ذلك. 1922- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض قوله: «ومن تحتي مثل ذلك» : تابعه أبان بن أبي عياش- يكاد يترك- عن أنس، مع اختلاف يسير في اللفظ، أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات- كما في الخصائص [3/ 99- 100] ، والكنز [2/ 221- 222] رقم 3850، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 346، وأبو الشيخ في الثواب- كما في الكنز [2/ 667- 668] ، رقم 5020، وقد عزاه فيه أيضا برقم 5021 للحاكم في المستدرك ولم أقف عليه فيه. وله طريق أخرى، فأخرجه الطبراني في الدعاء [2/ 1294] رقم 1059 من حديث محمد بن سهل بن عمار، عن أبيه أنه كان في مجلس الحجاج بن يوسف ... وذكر القصة، وفي الإسناد من لا يعرف حاله. (1922) - قوله: «اللهمّ لك الحمد» : أسنده المصنف في كتابه تهذيب الأسرار فقال: حدثنا أبو عمرو بن نجيد، ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، ثنا أبو نصر، ثنا مالك، عن أبي الزبير، عن طاوس اليماني، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: ... فذكره إلى قوله: لا إله إلّا أنت، وهو في موطأ مالك من هذا الوجه، ومن طريقه أخرجه مسلم، وهو عند البخاري من وجه آخر عن طاوس كما بيناه في فتح المنان حيث أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في مسنده برقم 1607. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 ومن فيهن، ولك الحمد أنت حق، ووعدك حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، اللهمّ لك أسلمت، وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلّا أنت، اللهمّ لك الحمد كله ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير. 1923- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والاخرة. (1923) - قوله: «اللهمّ أني أسألك العفو والعافية» : رواه العلاء بن زياد فاختلف عليه فيه: * فقال هشام الدستوائي: عن قتادة، عنه، عن أبي هريرة مرفوعا: ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: اللهمّ إني أسألك المعافاة في الدنيا والاخرة. * وقال عمران القطان عن قتادة عنه: عن معاذ بن جبل به إلّا أنه قال: المعافاة أو العافية. حديث هشام الدستوائي أخرجه ابن ماجه، في الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، رقم 3851، قال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات، والعلاء بن زياد ذكره ابن حبان في الثقات ولم أر من تكلم فيه، وباقي رجال الإسناد لا يسأل عن حالهم لشهرتهم. وحديث عمران القطان أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 165] رقم 346، قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، غير العلاء بن زياد، وهو ثقة، ولكنه لم يسمع من معاذ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 1924- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى درج الجنة، جنة الخلد. 1925- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، في قبضتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي. (1924) - قوله: «إيمانا لا يرتد» : أخرجه الإمام أحمد [1/ 386، 437، 445، 446، 454] ، وابن ماجه في المقدمة برقم 13، وأبو يعلى في مسنده [1/ 26، 27] رقم 16، 17، وفي [8/ 471] رقم 5058، والطيالسي في مسنده رقم 334، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 60- 62] الأرقام 8413، 8414، 8416، وأبو نعيم في الحلية [1/ 127] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 201، من حديث زر، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة بين أبي بكر وعمر، وعبد الله يصلي، فافتتح النساء فسحلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على ابن أم عبد، ثم قعد، ثم سأل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سل تعطه، سل تعطه، فقال: ففيم يسأل؟ قال: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- 7067. (1925) - قوله: «اللهمّ إني عبدك» : أخرجه الإمام أحمد [1/ 391، 452] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 253] رقم 9367، وأبو يعلى في مسنده [9/ 198] رقم 5297، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 209- 210] رقم 10352، والحارث بن أبي أسامة [2/ 957- بغية الباحث] رقم 1057، من حديث أبي سلمة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 1926- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. 1927- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني. - الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود به مرفوعا، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 972، والحاكم في المستدرك [1/ 509- 510] على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن أبا سلمة لا يدرى من هو، ولا رواية له في الكتاب الستة، وقال في مجمع الزوائد [10/ 136] : رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح، غير أبي سلمة، وقد وثقه ابن حبان. قلت: رواه عبد الرحمن بن إسحاق- ضعف- فتارة يقول: عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود، أخرجه البزار في مسنده [4/ 31 كشف الأستار] رقم 3122. وتارة يسقط قوله: عن أبيه ويجعله عن القاسم، عن ابن مسعود، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 340. (1926) - قوله: «والنجاة من النار» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 525]- وصححه على شرط مسلم- ومن طريقه البيهقي في الدعوات الكبير برقم 206 من حديث حميد الأعرج- ضعف- عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره. (1927) - قوله: «اللهمّ اغفر لي» : ورد عنه صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء في الجلسة بين السجدتين، أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين، رقم 284 من حديث كامل- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 ......... - أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين ... فذكره. قال الترمذي: غريب، ورواه بعضهم عن كامل أبي العلاء مرسلا. اهـ. وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 262] ، وأقره الذهبي في التلخيص. نعم، وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطارق بن أشيم الأشجعي، وابن أبي أوفى دون قوله: واجبرني. أما حديث عائشة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 143] ، وأبو داود في الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، رقم 766، والنسائي في الصلاة، باب ما يستفتح به القيام، رقم 1617، وفي الاستعاذة، باب الاستعاذة من ضيق المقام، رقم 5535، وابن ماجه في الإقامة، باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل، رقم 1356، جميعهم من طريق عاصم بن حميد أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان رسول الله يستفتح به إذا قام من الليل؟ قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح إذا قام من الليل يصلي يبدأ فيكبر عشرا، ثم يسبح عشرا، ويحمد عشرا، ويهلل عشرا، ويستغفر عشرا ويقول: اللهمّ اغفر لي واهدني وارزقني ... الحديث صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2602. وأما حديث طارق بن أشيم الأشجعي، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 207] رقم 9237، ومن طريقه ابن ماجه في الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، رقم 3845، ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2697 (34، 35، 36) ، والإمام أحمد في المسند [3/ 472] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 379- 380] رقم 8183، 8184، 8185، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 1928- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. - وجمع أصابعه الأربع إلّا الإبهام، فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك، صححه الحاكم في المستدرك على شرط مسلم [1/ 529- 530] وزعم أنه لم يخرجه، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه أخرجه بسنده. وأما حديث ابن أبي أوفى، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 353، 356] قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لا أستطيع أخذ شيء من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، قال: يا رسول الله هذا لله عزّ وجلّ فما لي؟ قال: قل: اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني، ثم أدبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يديه من الخير. وأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 2747، وأبو داود في الصلاة ما يجزىء الأمي والأعجمي من القراءة، رقم 832، والنسائي في الافتتاح، برقم 924، والحميدي في مسنده برقم 717، والدارقطني [1/ 313] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 381] ، وصححه ابن خزيمة برقم 544، وابن حبان- كما في الإحسان- الأرقام 1808، 1809، 1810، والحاكم في المستدرك [1/ 241] على شرط البخاري، ووافقه الذهبي في التلخيص. (1928) - قوله: «اللهمّ آت نفسي تقواها» : أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل، رقم 2722 (73) ، والإمام أحمد في المسند [4/ 371] ، والنسائي في الاستعاذة برقم 5458، 5538، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 186] رقم 9183، جميعهم من حديث عبد الله بن الحارث، عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلّا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل، والبخل والجبن، والهرم وعذاب القبر، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 1929- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة. 1930- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو- اللهمّ آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها. وفي الباب عن ابن عباس وعائشة يأتي تخريجهما عند التعليق على النص رقم 2000. (1929) - قوله: «اللهمّ أحسن عاقبتنا» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 181] ، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 19] . الأرقام 1196، 1197، 1198، وفي الدعاء له أيضا برقم 1436، وابن عدي في الكامل [2/ 438] ، والخطيب في تاريخه [4/ 237] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 238، جميعهم من حديث بسر بن أرطاة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 949، والحاكم في المستدرك [3/ 591] ، وقال في مجمع الزوائد [10/ 178] : رجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات. (1930) - قوله: «اللهمّ إني أسألك من الخير كله» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 263- 264] رقم 9394 ومن طريقه ابن ماجه في الدعاء، باب الجوامع من الدعاء رقم 3846، والإمام أحمد في المسند [6/ 134، 147] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 639، وأبو يعلى في مسنده [7/ 446- 447] رقم 4473 من حديث- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك من خير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا. 1931- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، فالق الحبّ والنّوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الاخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين واغنني من الفقر. - أم كلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول: ... فذكره، وبعضهم يزيد فيه على بعض، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 869، والحاكم في المستدرك [1/ 521، 521- 522] ، وأقره الذهبي في التلخيص. (1931) - قوله: «اللهمّ رب السماوات السبع» : أخرجه مسلم في الذكر والدعاء برقم 2713 (62، 63) ، والإمام أحمد في المسند [2/ 381، 536] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقال عند النوم، رقم 5051، والترمذي في الدعوات، برقم 3400، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 790، ومن طريقه ابن السني كذلك برقم 720، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 251] رقم 9362، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به إذا أوى إلى فراشه، رقم 3873، وابن حبان في صحيحه برقم 5537- إحسان- من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه قال: ... فذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 1932- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أعني ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسر الهدى لي، وأعني على من بغى عليّ، اللهمّ اجعلني لك شكّارا، ذكّارا، رهّابا، إليك راغبا، ولك مطيعا مخبتا، إليك أوّاها منيبا، ربّ تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي. 1933- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والاخرة، والفوز عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء، اللهمّ إنا ننزل بك حاجاتنا، وإن قصرت آراؤنا وضعفت أعمالنا وافتقرنا إلى رحمتك يا أرحم الراحمين، (1932) - قوله: «اللهمّ أعني ولا تعن عليّ» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 227] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 280] رقم 9439، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم 1510، 1511، والترمذي في الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3551، والنسائي في اليوم والليلة، رقم 607، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3830، والبخاري في الأدب المفرد، رقم 664، 665. وابن أبي عاصم في السنة برقم 384، والطبراني في الدعاء برقم 1411، 1412، والبغوي في شرح السنة، رقم 1375 من حديث طليق بن قيس الحنفي، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 947، 948، والحاكم في المستدرك [1/ 519- 520] وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 نسألك يا قاضي الأمور، وشافي الصدور، كما تحجز بين الصخور، أن تجيرنا من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، اللهمّ اجعلنا هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك، اللهمّ هذا الدعاء وعليك الاستجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. اللهمّ ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد، نسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، الركع السجود، الموفّين بالعهود، إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد. اللهمّ اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وفي لساني نورا، وعن يميني نورا وعن شمالي نورا، اللهمّ اجعل لي من فوقي نورا ومن تحتي نورا، واجعل لي أمامي نورا، وأعظم لي نورا، اللهمّ عافني في سمعي وبصري. قوله: «اللهمّ عافني في سمعي وبصري» : اختصره المصنف، وأوله: اللهمّ إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غايتي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء، ... الحديث. أخرجه الترمذي في الدعوات، رقم 3419، ومحمد بن نصر في الوتر- كما في مختصر المقريزي برقم 77، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 343] رقم 10668، وفي الأوسط [4/ 422] رقم 3708، وفي الدعاء له أيضا برقم 482، وابن عدي في الكامل [3/ 957] ، وابن حبان في المجروحين [1/ 230] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 80، 204] ، وأبو نعيم في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 1934- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهمّ إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحكم في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا يبيد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهمّ زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين. - الحلية [3/ 209- 210] ، جميعهم من حديث ابن أبي ليلى- سيء الحفظ- عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليلة حين فرغ من صلاته: ... فذكره، تفرد به ابن أبي ليلى، ومع هذا فقد صححه ابن خزيمة، برقم 1119!. (1934) - قوله: «اللهمّ بعلمك الغيب» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 264] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 264، 265] رقم 9395، 9397، والنسائي في السهو برقم 1305، 1306، وأبو يعلى في مسنده [3/ 195] رقم 1624، وابن خزيمة في التوحيد [/ 12] ، وابن منده في الرد على الجهمية برقم 86، والدارمي كذلك [/ 60] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد رقم 845 جميعهم من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عمار بن ياسر أنه صلى صلاة فخففها فقيل له: يا أبا اليقظان، خففت الصلاة، قال: أو خففت؟ لقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام تبعه رجل من القوم هو أبي غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم قال: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1971، والحاكم في المستدرك [1/ 524] ، وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 1935- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهمّ اغفر لي جميع ما مضى من ذنوبي، واعصمني في ما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني، اللهمّ لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما أبعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهمّ إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهمّ إني أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهمّ عائذ بك من شر ما أعطيت وشر ما صنعت، اللهمّ حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهمّ توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين. 1936- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا أنت سبحانك، اللهمّ (1935) - قوله: «اللهمّ لك الحمد كله» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 424] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 609، والبخاري في الأدب المفرد برقم 699، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 40] رقم 4549 جميعهم من حديث عبيد بن رفاعة بن رافع، عن أبيه قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استووا حتى أثني على ربي عزّ وجلّ، فصاروا خلفه صفوفا فقال: وأوله عند الجميع: اللهمّ لك الحمد كله، اللهمّ لا قابض لما بسطت، وبعضهم يزيد فيه على بعض. (1936) - قوله: «لا إله إلّا أنت سبحانك» : أخرجه أبو داود في الأدب، باب ما يقال عند النوم، برقم 5061، والنسائي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 إني أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهمّ زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. 1937- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك تعجيل عافيتك، وصبرا على بليتك، وخروجا من الدنيا إلى رحمتك. 1938- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن يساري، ومن فوقي ومن تحتي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. - في اليوم والليلة برقم 865، وابن السني كذلك برقم 761، والطبراني في الدعاء برقم 762 من حديث ابن المسيب، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5531، والحاكم في المستدرك [1/ 450] ، وأقره الذهبي في التلخيص. (1937) - قوله: «اللهمّ إني أسألك تعجيل عافيتك» : أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 922- إحسان-، والحاكم في المستدرك [1/ 522] وصححه، وأقره الذهبي في التلخيص، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 192 من حديث زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات، فإنه معطيك إحداهن، قال: ... فذكره. وفي الباب عن أنس، فأخرج ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات برقم 30 من حديث يوسف بن عطية- وهو متروك- قال: عادني أبو الحكم وأنا مريض فحدثني أنه دخل هو وثابت على أنس بن مالك فأخبرهم أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يشتكي فقال له: قل اللهمّ ... فذكره. (1938) - قوله: «اللهمّ استر عوراتي» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 239- 240] رقم 9327، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 1939- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ عافني في جسدي وسمعي وبصري ما أبقيتني، واجعله الوارث مني. - 9328، والإمام أحمد في المسند [2/ 25] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5074، والنسائي في الاستعاذة برقم 5529، وفي اليوم والليلة برقم 566، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1200، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 32، وفي الأسماء والصفات [/ 172- 173] ، والطبراني في الدعاء برقم 305، وفي المعجم الكبير [12/ 343] رقم 13296، جميعهم من حديث جبير بن أبي سليمان أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح، وأوله عند الجميع: اللهمّ إني أسألك العافية في الدنيا والاخرة، اللهمّ إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، ... والباقي سواء، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 961، والحاكم في المستدرك [1/ 517- 518] ، وأقره الذهبي. (1939) - قوله: «اللهمّ عافني في جسدي» : أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات برقم 3476، وأبو يعلى في مسنده [8/ 145] برقم 4690، وابن عدي في الكامل [2/ 815] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 260، والخطيب في تاريخه [2/ 137] ، والشجري في أماليه [1/ 233] من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة- ولم يسمع منه-. عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، وزاد في آخره: لا إله إلّا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 530] بشرط سماع حبيب من عروة، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن فيه بكر بن بكار، قال عنه النسائي: ليس بثقة. اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 1940- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، والعمل فيما تحب وترضى. 1941- وفي رواية: اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى، والعفة والغنى. - قلت: قد توبع عند غيره ممن ذكرنا أثناء التخريج فتبقى علة الانقطاع وهي مجبورة بما في الباب من الشواهد، وفيه عن أبي بكرة عند ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 205- 206] رقم 9233، والبخاري في الأدب المفرد برقم 701، والإمام أحمد في المسند [5/ 42] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5090، والنسائي في اليوم والليلة برقم 651 ومن طريقه ابن السني في اليوم والليلة برقم 68، والطبراني في الدعاء برقم 345، 1032، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 33، صححه ابن حبان- ولفظه مختصر- برقم 970 إحسان، وفي إسناد الجميع جعفر بن ميمون، عن ابن أبي بكرة، وليس بالقوي لكن حسنه الحافظ في النتائج فيما ذكره ابن علان في تخريج الأذكار [4/ 8] ، وحسنه قبل الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 137] . (1940) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الهدى» : أخرجه مسلم في الذكر والدعاء برقم 2721، والإمام أحمد في المسند [1/ 411، 416، 437] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 208] رقم 9241، والترمذي في الدعوات برقم 3489، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 3832، والبخاري في الأدب المفرد برقم 674، والطبراني في الدعاء برقم 1408، وفي الأوسط [6/ 411- 412] رقم 5878، وابن حبان برقم 900- إحسان- جميعهم من حديث أبي الأحوص عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء ... فذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 1942- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلّا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. 1943- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسألك خير ما تعلم. (1942) - قوله: «اللهمّ إني ظلمت نفسي» : أخرجه البخاري في الأذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم 834، وفي الدعوات، باب الدعاء في الصلاة، رقم 3626، ومسلم في الذكر، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم 2705، من حديث أبي بكر الصديق، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال قل: ... فذكره. (1943) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الثبات في الأمر» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 123، 125] ، والترمذي في الدعوات، رقم 3407، والنسائي في السهو، رقم 1304، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 351- 353] الأرقام 7175، 7176، 7177، 7178، 7179، 7180 من حديث شداد بن أوس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اكتنز الناس الدنانير والدراهم، فاكتنزوا هؤلاء الكلمات: ... فذكره. صححه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 935، والحاكم في المستدرك [1/ 508] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 1944- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ربنا وربّ كلّ شيء، أنا شهيد أنك أنت الربّ وحدك لا شريك لك، اللهمّ ربّنا وربّ كل شيء، أشهد أنّ محمدا عبدك ورسولك، أشهد أن العباد كلهم إخوة، اللهمّ ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصا لك في كل ساعة في الدنيا والاخرة، يا ذا الجلال والإكرام اسمع واستجب، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، نور السماوات والأرض، الله أكبر حسبي الله ونعم الوكيل، الله الأكبر الله الأكبر. 1945- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر لي ذنبي، ووسع لي في رأيي، وبارك لي في رزقي. (1944) - قوله: «اللهمّ ربنا ورب كل شيء» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 369] ، وأبو داود برقم 1508، والنسائي في اليوم والليلة رقم 101، وابن السني رقم 114، والشجري في أماليه [1/ 249] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 170- 171] من حديث داود الطفاوي- أحد الضعفاء- عن أبي مسلم البجلي- مستور- عن زيد ابن أرقم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة: ... فذكره. (1945) - قوله: «اللهمّ اغفر لي ذنبي» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 63، 5/ 367، 375] من حديث الجريري قال: سمعت عبيد بن القعقاع، يحدث رجلا من بني حنظلة قال: رمق رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فجعل يقول في صلاته: اللهمّ اغفر لي ذنبي ... الحديث. قوله: «ووسع لي رأيي» : كذا عندنا بخط واضح، وهي رواية عند الإمام أحمد، وفي رواية أخرى عنده أيضا: في داري، لا أدري هي كذلك أو دخلها خطأ الطبع. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 1946- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أجرني من النار سبع مرات. - وفي الباب عن أبي موسى عند ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 281] رقم 9440، من حديث عباد بن عباد، عن أبي مجلز، عن أبي موسى قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ، وصلى، ثم قال: ... فذكره، إسناده صحيح. وعن أبي هريرة عند الترمذي، من حديث أبي السليل، عن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله سمعت دعاءك الليلة، فالذي وصل إليّ منه إنك تقول: ... فذكره، قال صلى الله عليه وسلم: فهل تراهن تركن شيئا؟ قال الترمذي: غريب، وأخرجه الطبراني في الصغير برقم 1019. (1946) - قوله: «سبع مرات» : عقب صلاة الغداة، وعقب صلاة المغرب، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 234] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5079، 5080، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 111، والبخاري في تاريخه الكبير [7/ 253] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 139، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 433] رقم 1051، 1052، وابن سعد في الطبقات [7/ 419- 420]- الحديث بطوله ليس فيه الشاهد- وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2486- 2487] رقم 6046، 6047، جميعهم من حديث عبد الرحمن بن حسان الكناني: حدثنا الحارث بن مسلم- ومنهم من يقول: مسلم بن الحارث- عن أبيه مطولا ومختصرا وفيه: إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا: اللهمّ أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله عزّ وجلّ لك جوارا من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مت من ليلتك كتب الله عزّ وجلّ لك جوارا من النار، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2022، وحسنه الحافظ في النتائج [80/ ب] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 1947- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، لا إله إلّا الله، ولا نعبد إلّا إياه، له المنّ وله النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن الجميل، لا إله إلّا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. 1948- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك رزقا طيبا، وعلما نافعا، وعملا متقبلا. (1947) - قوله: «ولو كره الكافرون» : أخرجه مسلم في المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم 594 (139، 140، 141) ، والإمام أحمد في المسند [4/ 4، 5] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 232] رقم 9311، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم 1506، 1507، والنسائي في السهو رقم 1339، 1340، وأبو عوانة في المستخرج [2/ 245، 246] ، والشافعي في مسنده [1/ 93- 94] ، ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 717، وابن خزيمة في صحيحه برقم 740، 741، وابن حبان كذلك- كما في الإحسان- الأرقام 2008، 2009، 2010، جميعهم من حديث أبي الزبير أن عبد الله بن الزبير كان يقول في دعائه: ... فذكره، وكان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هؤلاء الكلمات دبر كل صلاة. (1948) - قوله: «وعملا متقبلا» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 294، 305، 318، 318، 322] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 234] ، رقم 3190، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 234] رقم 9314، ومن طريقه ابن ماجه في الإقامة، برقم 925، والنسائي في اليوم والليلة برقم 102، والحميدي في مسنده برقم 299، وابن السني في اليوم والليلة برقم 54، 110، والطبراني- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 ......... - في معجمه الكبير [23/ 305] رقم 685، 686، 687، 688، 689، والبيهقي في الدعوات الكبير له برقم 99، والخطيب في السابق واللاحق [/ 127- 128] ، جميعهم من حديث موسى بن أبي عائشة عن مولى لأم سلمة- وبعضهم يقول: عن رجل سمع أم سلمة- عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الفجر إذا صلى: ... فذكره. قال البوصيري في الزوائد: رجال إسناده ثقات، خلا مولى أم سلمة فإنه لم يسمع، ولم أر أحدا ممن صنف في المبهمات ذكره، ولا أدري ما حاله. قال أبو عاصم: كذا قال رحمه الله وبتتبع طرقه وجدنا أن الاختلاف فيه جاء في طريق سفيان الثوري، فروي عنه عن موسى، وعنه عن منصور، عن موسى، وسمى مرة المولى سفينة. وأخرجه الدارقطني في الأفراد- كما في النكت الظراف [13/ 46]- ومن طريقه الخطيب في تاريخه [4/ 39] من حديث شاذان عن الثوري، عن موسى، عن عبد الله بن شداد عن أم سلمة. قال الحافظ في التهذيب: فإن كان عبد الله بن شداد غير الليثي فلا إشكال، وإن كان هو الليثي فيبعد أن يقال فيه مولى، فلعل ذلك من الاختلاف في الإسناد، فالموضع موضع احتمال، ولهذا أفرده بترجمة في الأسماء. اه. قلت: ورواه الطبراني في الصغير برقم 735، ومن طريقه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 39] من وجه آخر من حديث سفيان عن منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة به، وهذا إسناد صحيح جوده الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 111] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 1949- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. 1950- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني ضعيف فقوّ في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضاي، اللهمّ إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فاغنني. (1949) - قوله: «اللهمّ أعنّي على ذكرك» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 244- 245، 247] ، وأبو داود في الصلاة، باب: في الاستغفار، رقم 1522، والنسائي في اليوم والليلة برقم 109، 117، وفي السهو من المجتبى، باب نوع آخر من الدعاء [3/ 53] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ الأرقام 110، 218، 250] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 117، والبيهقي في الشعب برقم 4410، جميعهم من حديث عقبة بن مسلم قال: حدثني أبو عبد الرحمن المقرىء، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل أن رسول الله أخذ بيد معاذ فقال: يا معاذ والله إني لأحبك، فقال معاذ: بأبي أنت وأمي، والله إني لأحبك، فقال: يا معاذ أوصيك أن لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: ... فذكره، صححه ابن خزيمة برقم 751، وابن حبان- كما في الموارد- برقم 2511، 2345، والحاكم في المستدرك [1/ 273] على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص. وروي من وجه آخر عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر قال: كان مما يدعو به صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، مرسلا، ورجاله ثقات، أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر برقم 4، والبيهقي في الشعب برقم 4411. (1950) - قوله: «اللهمّ إني ضعيف» : رواه أبو داود الأعمى- أحد المتروكين- على ألوان فتارة يجعله عن بريدة، وتارة عن ابن عمر، وروي عنه أيضا عن البراء، وعن عائشة. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 1951- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ارزقني حبّك، وحبّ من ينفعني حبه عندك، اللهمّ وما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله لي فراغا لي فيما تحب. 1952- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ نق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت- حديث بريدة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 268- 269] رقم 9402، والطحاوي في المشكل [1/ 64] ، عن بريدة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات من أراد الله به خيرا علمه إياها؟ قال: ... فذكرها، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 527] فتعقبه الذهبي بأن أبا داود الأعمى متروك. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 179]- وأعله الهيثمي أيضا بأبي داود هذا. وأما حديث البراء فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [43/ 340] . وأما حديث عائشة فعزاه المتقي الهندي في الكنز [2/ 216، 217] رقم 3831، 3833 للدارقطني في الأفراد. (1951) - قوله: «اللهمّ ارزقني حبك» : أخرجه الترمذي في الدعوات، برقم 3491- وقال: حسن غريب- وابن المبارك في الزهد برقم 430، والطبراني في الدعاء برقم 1403 من حديث محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن يزيد الخطمي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ... فذكره. (1952) - قوله: «اللهمّ نق قلبي» : اختصر المصنف لفظه الأول، وأورده بطوله الطبراني في معجمه الكبير [23/ 316- 317] رقم 717، وفي الأوسط- كما في مجمع البحرين [8/ 41] رقم 4676- من حديث سهيل بن أبي صالح، عن موسى بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 بين المشرق والمغرب، اللهمّ باعد بين الذنوب وبيني، اللهمّ إني أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتني وثقل ميزاني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة، آمين، اللهمّ إني أسألك أن ترفع ذكري، وتضع وزري، وتصلح أمري، وتطهر قلبي، وتحفظ فرجي، وتنور قبري، وتغفر ذنبي. 1953- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك صحة في إيمان، وإيمانا في حسن خلق، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك ورضوانا. - عقبة، عن عاصم بن أبي عبيدة، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهمّ أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الاخر لا شيء بعدك، أعوذ بك من كل دابة ناصيتها بيدك، وأعوذ بك من الإثم والكسل ومن عذاب النار ومن عذاب القبر، ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم، وأخرجه في [23/ 352] رقم 825 من طريق جنادة، عن عاصم لكن قال: عن أم سلمة أو: عن زينب عن أم سلمة، بالشك. الطريق الأول صححه الحاكم في المستدرك [1/ 524] وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 177] : أحد أسانيد الكبير ورجال الأوسط ثقات. اه. يعني الموضع الأول. (1953) - قوله: «اللهمّ إني أسألك صحة في إيمان» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 321] ، والطبراني في الأوسط [10/ 155] رقم 9329 من حديث ابن حجيرة عن أبيه، عن أبي هريرة قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم سلمان فقال: إن نبي الله يريد أن يمنحك كلمات من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 1954- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر. 1955- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اجعلني صبورا، واجعلني شكورا، واجعلني في عيني صغيرا، وفي أعين الناس كبيرا. - الرحمن ترغب إليه فيهن، وتدعو بهن في الليل والنهار، قال: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 523] وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 174] : رجاله ثقات. (1954) - قوله: «اللهمّ أصلح لي ديني» : أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، رقم 2720 (71) ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 668، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 127- 128] رقم 901، وفي الأوسط [8/ 129- 130] رقم 7257، وفي الدعاء له برقم 1455، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 214 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره. (1955) - قوله: «اللهمّ اجعلني صبورا» : أخرجه البزار في مسنده [4/ 61 كشف الأستار] رقم 3198، وابن أبي حاتم في العلل برقم 1978، 2047 من حديث عقبة بن عبد الله الأصم- وهو ضعيف، وبه أعل الحديث- عن ابن بريدة عن أبيه لفظ البزار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره. وفي رواية ابن أبي حاتم أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني دعوة، قال: ... فذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 1956- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ هب لنا من رحمتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهمّ متعنا بأسماعنا وأبصارنا ما أبقيتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. 1957- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا. (1956) - قوله: «اللهمّ هب لنا» : وقال غيره: اللهمّ اقسم لنا، أخرجه الترمذي في الدعوات برقم 3502- وقال: حسن غريب- والنسائي في اليوم والليلة برقم 401، 402، وابن المبارك في الزهد برقم 431، وابن السني في اليوم والليلة برقم 446، والبغوي في شرح السنة [5/ 174] رقم 1374، والشجري في أماليه [1/ 238] ، جميعهم من حديث عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، أن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 528] على شرط البخاري، وسكت عنه الذهبي. (1957) - قوله: «من الذين إذا أحسنوا استبشروا» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 129، 145، 188، 239] ، وابن ماجه في الأدب، برقم 3820، وأبو يعلى في مسنده [7/ 446] رقم 4472، والطيالسي في مسنده برقم 1533، ومن طريقه البيهقي في الشعب [5/ 371، 372] رقم 6992، 6996 من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد وثابت عن أبي عثمان، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، فقد توبع علي بن زيد وبقية رجاله ثقات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 1958- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الصحة والعفة والأمانة وحسن الخلق، والرضا بالقدر. 1959- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب عليّ فتغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون. (1958) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الصحة» : أخرجه هناد في الزهد برقم 445، والبخاري في الأدب المفرد برقم 703، والبزار في مسنده [4/ 57 كشف الأستار] رقم 3187، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 173]-، وابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب [3/ 229] رقم 3340، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 150، والخطيب في تاريخه [12/ 121] جميعهم من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم- وهو ضعيف- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره، غير أن البزار قال: العصمة بدل: الصحة. (1959) - قوله: «فتوفني غير مفتون» : في الباب عن عبد الرحمن بن عائش، وابن عباس، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل. أما حديث عبد الرحمن بن عائش، فقد أورد المصنف هنا طرفا منه، وتخريجه مبسوط في كتاب الرؤيا من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي وأوله قوله صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ... الحديث بطوله، وقد ذكرنا هناك ما فيه من الاختلاف، وأخرج منه القدر المذكور هنا كالمصنف: الإمام أحمد في المسند [4/ 66] ، والحاكم في المستدرك [1/ 520] ، وانظر حديث رقم 2288- فتح المنان. لتمام تخريجه، وخرجنا تحته حديث ابن عباس. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 1960- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. 1961- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدنا علما تنفعنا به، والحمد لله على كل حال. - وأما حديث ثوبان، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 60- 61 كشف الأستار] رقم 3197، ولفظه كاللفظ الوارد هنا، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 527] ، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 181] : إسناده حسن. وأما حديث معاذ بن جبل، فأخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 521] من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: أبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر ... الحديث، وفيه: فنمت فرأيت ربي تبارك وتعالى فألهمني أن قلت: اللهمّ إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات ... الدعاء. وفي الإسناد من العلل: ضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وابن أبي ليلى كذلك، ولم يسمع هو من أبيه، ولا سمع عبد الرحمن بن معاذ كما في إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر [13/ 265- 266] . (1960) - قوله: «اللهمّ أحيني ما كانت» : أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، ومن حديث شعبة عن ثابت، وأخرجه مسلم من حديث حماد، عن ثابت كلاهما عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأوله: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: ... فذكره. (1961) - قوله: «اللهمّ انفعني بما علمتني» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 281- 282] رقم 9442، ومن طريقه ابن ماجه في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، رقم 251، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 1962- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اهدني وسددني. - وفي الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 3833، والترمذي في الدعوات، رقم 3593، والبغوي في شرح السنة [5/ 173] رقم 1372، جميعهم من حديث موسى بن عبيدة- وهو ضعيف- عن محمد بن ثابت- مستور-، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، وزادوا في آخره: وأعوذ بالله من حال أهل النار- أو من عذاب النار- قال الترمذي: حسن غريب. وفي الباب عن أنس، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 445] رقم 1769، والبيهقي في الدعوات الكبير رقم 210، من حديث سليمان بن موسى، عن مكحول أنه دخل على أنس قال: فسمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهمّ انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما تنفعني به، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 510] ، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 181] ، من رواية إسماعيل بن عياش عن المديني، وهي ضعيفة. (1962) - قوله: «اللهمّ اهدني وسددني» : هو طرف من حديث أبي بردة، عن علي رضى الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه أو التي تليها- وأشار إلى السبابة والوسطى- ونهاني عن القسي وعن الجلوس على المياثر ... الحديث، علق البخاري منه ما يتعلق باللباس، وأخرجه مسلم في اللباس، وأخرج ما يتعلق بالدعاء في الذكر والدعاء 2725 (78) وفيه: واذكر بالهدى: هدايتك بالطريق، والسداد: سداد السهم، وأخرجه أيضا أبو داود في الخاتم، باب ما جاء في خاتم الحديد، رقم 4225، والنسائي في الزينة، باب النهي عن الجلوس على المياثر، رقم 5378، والترمذي في اللباس، باب كراهية التختم في إصبعين، رقم 1787، وابن ماجه في اللباس، باب التختم بالإبهام، رقم 3648. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 1963- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. (1963) - قوله: «يا مقلب القلوب» : رواه الأعمش، فاختلف عليه فيه: * فروي عنه، عن أبي سفيان، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقالوا: يا رسول الله آمنا بك، وبما جئت فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها. أخرجه الإمام أحمد [3/ 257] ، والترمذي في القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، رقم 2141، وأبو يعلى في مسنده [6/ 359] رقم 3687، 3688، والبغوي في شرح السنة [1/ 165] رقم 88، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 526] وأقره الذهبي في التلخيص. * وروي عنه، عن أبي سفيان، عن جابر، أخرجه أبو يعلى [4/ 207] رقم 2318، وأشار إليه الترمذي عقب الذي قبله وقال: وحديث أبي سفيان عن أنس أصح. * وروي عنه، عن يزيد الرقاشي- وهو ضعيف- عن أنس، أخرجه ابن ماجه في الدعاء برقم 3834. وفي الباب عن أم سلمة عند الإمام أحمد [6/ 294، 301- 302، 315] ، والترمذي في الدعوات برقم 3517- وقال: حسن- وابن أبي عاصم في السنة برقم 223، والاجري في الشريعة [/ 316] . وعن النواس بن سمعان، أخرجه الإمام أحمد [4/ 182] ، والنسائي في النعوت من السنن الكبرى [4/ 414] رقم 7738، وابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، برقم 199، والبغوي في شرح السنة برقم 89، وصححه ابن حبان برقم 943- إحسان- والحاكم في المستدرك [1/ 525] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 1964- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا أبدا ما أبقيتنا. 1965- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أنت أجلّ من ذكر، وأول- وعن عائشة رضي الله عنها أخرجه بأسانيد الإمام أحمد [6/ 91، 250- 251] ، والنسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 83] رقم 10136، وفي النعوت [4/ 414] رقم 7737، وأبو يعلى في مسنده [8/ 128- 129] رقم 4669، وابن أبي عاصم في السنة برقم 224، والاجري في الشريعة [/ 317] . (1964) - قوله: «اللهمّ ألف بين قلوبنا» : أخرجه أبو داود في الصلاة، باب التشهد، رقم 969، والطبراني في الكبير برقم 10426 من حديث شريك بن عبد الله، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القرآن، ويعلمنا ما لم يكن يعلمنا كما يعلمنا التشهد: اللهمّ ألف بين قلوبنا ... الحديث، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 996، والحاكم في المستدرك [1/ 265] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 679] : إسناد الكبير جيد. (1965) - قوله: «اللهمّ أنت أجل من ذكر» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 316] رقم 8027 من طريق فضال بن جبير، عن أبي أمامة الباهلي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وأمسى دعا بهذه الدعوات ... وقال في أوله: اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد ... الحديث. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 من عبد، وأشكر من حمد، وأنصر من استغيث به، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت المليك لا شريك لك، وكل شيء هالك إلّا وجهك، لا تطاع إلّا بإذنك، ولا تعصى إلّا بعلمك، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى فتغفر، أنت أقرب حفيظ، وأدنى شهيد، أخذت بالنواصي، ونسخت الاثار والأعمال، فالسر عندك علانية، فالحلال ما حللت، والحرام ما حرمت، والأمر ما قضيت، والدين ما شرعت، والعباد عبادك، وأنت الرؤوف الرحيم، أسألك بوجهك الكريم الذي أشرقت له السماوات والأرض أن تدخلنا الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين. - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 117] : وفيه فضال بن جبير، مجمع على ضعفه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 [271- باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتّى، وما كان يتعوّذ به صلى الله عليه وسلم] 271- باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتّى، وما كان يتعوّذ به صلى الله عليه وسلم 1966- حدثنا أبو الحسن: أحمد بن جعفر اليزيدي، ثنا أبو جعفر: محمد بن عبد العزيز الأصفهاني، ثنا أبو بكر: عبيد الله بن محمد العمري، ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: ... (1966) - قوله: «أحمد بن جعفر اليزيدي» : لم أر من أفرده وشيخه محمد بن عبد العزيز بترجمة. قوله: «عبيد الله بن محمد العمري» : يغلب على ظني أنه عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس، القرشي، المخزومي، أبو بكر- ويقال: أبو يحيى- المكي، وإذا صح ظني ففي نسبته للعمري نظر، قال السمعاني: هذه النسبة إلى العمري، أحدهما: عمر بن الخطاب، والثاني: إلى عمر بن علي بن أبي طالب ثم ذكر بعض المنتسبين من أهل العلم إليهما، وليس في ترجمة المذكور ما يدل على انتسابه إلى أحدهما، ولا وجدت في تراجم العمريين من يروي عن ابن أبي أويس، وابن خنيس، فمشهور في الرواة عنه، فعندي أن المراد- والله أعلم- هو هذا، وفي النسبة إما تصحيف أو وهم. وعبيد الله هذا روى عنه الأصبهانيون والنيسابوريون، وهو من رجال مسلم، انظر: تهذيب الكمال [19/ 155] ، تهذيب التهذيب [7/ 43] ، الكاشف [2/ 204] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 307] ، التقريب [374] الترجمة رقم 4338. قوله: «إسماعيل بن أبي أويس» : هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، الإمام- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة فيقول: اللهمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف. - الحافظ أبو عبد الله بن أبي أويس المدني، حليف بني تيم بن مرة، وابن أخت مالك بن أنس، ومن مشايخ البخاري ومسلم في الصحيح، تكلم فيه شيئا لحكاية عند الدارقطني، ولعل رواية الشيخين عنه تقوي أمره. تهذيب الكمال [3/ 124] ، الكاشف [1/ 75] ، تهذيب التهذيب [1/ 271] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 25] ، التقريب [/ 108] ، الترجمة رقم 460. قوله: «حدثني أخي» : هو أبو بكر: عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس، أحد الثقات، حديثه عند الجماعة سوى ابن ماجه. تهذيب الكمال [16/ 444] ، الكاشف [2/ 134] ، تهذيب التهذيب [6/ 107] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 318] ، التقريب [/ 333] ، الترجمة رقم 3767، الثقات [8/ 398] . قوله: «عن سليمان بن بلال» : هو ومن فوقه من رجال الصحيحين والحديث عندهما كما سيأتي في التعليق التالي. قوله: «كان يدعو في الصلاة» : أخرجه البخاري في الاستقراض، باب من استعاذ من الدين، رقم 2397: حدثنا إسماعيل به، وله عندهما طرق أخرى عن الزهري، وعن هشام بن عروة، يأتي ذكرهما بعد ثلاثة أحاديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 ومما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ به: 1967- قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. 1968- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. (1967) - قوله: «أعوذ بكلمات الله التامات» : أخرجه مسلم من حديث خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، رواه يعقوب بن الأشج، واختلف عليه فيه، وقد بسطنا تخريجه والاختلاف فيه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2845- فتح المنان. (1968) - قوله: «من غضبه وعقابه» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 364] رقم 9670، وأبو داود في الطب، باب: كيف الرقى؟ رقم 3893، والترمذي في الدعوات، رقم 3528، والنسائي في اليوم والليلة برقم 766، والطبراني في الدعوات برقم 1086، وابن السني برقم 748، جميعهم من حديث ابن إسحاق عنعنه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: إذا فزع أحدكم من نومه فليقل: ... فذكره، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 548] ، وأغفله الذهبي من تلخيصه، وحسنه الحافظ في النتائج. وفي الباب عن الوليد بن الوليد، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 57] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 638 من طريق محمد بن يحيى بن حبان، عنه أنه قال: يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: إذا أخذت مضجعك فقل: ... فذكره، وقال في آخره: فإنه لا يضرك، وبالحري أنه لا يقربك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 1969- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجه الله العظيم، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن. 1970- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بوجهك الكريم، وبكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهمّ لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك. (1969) - قوله: «التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر» : في الباب عن ابن مسعود، وخالد بن الوليد، وعن مكحول مرسلا، خرجناها في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم تحت رقم 187، 188. (1970) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بوجهك الكريم» : أخرجه أبو داود في الأدب، باب ما يقول عند النوم، رقم 5052، والنسائي في النعوت من السنن الكبرى [4/ 413] رقم 7732، وفي اليوم والليلة برقم 767، والطبراني في الصغير برقم 998، وابن السني في اليوم والليلة برقم 713، جميعهم من حديث أبي إسحاق عن الحارث وأبي ميسرة، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: ... فذكره، فقد توبع الحارث، ولذلك حسنه الحافظ في النتائج. وله طريق أخرى، فأخرجه الطبراني في الدعاء برقم 238، وفي الأوسط [7/ 398- 399] رقم 6775، من حديث حماد بن عبد الرحمن الكوفي- ضعيف- ثنا أبو إسحاق، عن أبيه قال: كتب إليّ علي بن أبي طالب كتابا وقال: أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أخذت مضجعك فقل: ... فذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 1971- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل، ومن فتنة القبر وعذاب القبر، ومن فتنة النار وعذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم. 1972- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو اعتدي أو يعتدى عليّ، أو أكسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره. (1971) - قوله: «من العجز والكسل» : في الصحيحين: الهرم بدل العجز، فرقه المصنف في هذا الباب، وهو حديث واحد، أخرجاه من حديث عائشة، فأخرجه البخاري مطولا ومختصرا في الاذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم 832، وفي الاستقراض، باب من استعاذ من الدين، رقم 2397، وفي الدعوات، باب التعوذ من المأثم والمغرم، رقم 6368، وفي باب الاستعاذة من أرذل العمر، رقم 6375، وفي الاستعاذة من فتنة الغنى، رقم 6376، وفي باب التعوذ من فتنة الفقر، رقم 6377. وأخرجه مسلم في المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، رقم 589 (129) ، وفي الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر الفتن. (1972) - قوله: «أو أكسب خطيئة» : لم أقف عليه بهذا اللفظ الوارد هنا، وفي الباب عن أم سلمة، رواه الشعبي عنها، وذكر الحافظ في النتائج عن ابن المديني في العلل قوله: لم يسمع الشعبي من أم سلمة، وليس له علة سوى الانقطاع، ومع هذا فقد صححه جماعة: أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 306، 318، 322] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 211] رقم 9249، 9250، وأبو داود في الأدب، باب ما جاء فيمن دخل بيته، رقم 5094، والترمذي في الدعوات، برقم 3427، والنسائي في اليوم والليلة برقم 86، 87، 88 وفي الاستعاذة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 1973- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من يوم السوء، وساعة السوء، وجار السوء، وصاحب السوء. 1974- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من فجاءة الشر، وأسألك من فجاءة الخير. - من المجتبى برقم 5486، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، رقم 3884، والطيالسي في مسنده برقم 1607، والحميدي في مسنده برقم 303، وابن السني في اليوم والليلة برقم 176، والطبراني في الدعاء، الأرقام: 411، 412، 413، 414، 415، 416، 417، 418، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 62، وفي السنن الكبرى [5/ 251] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1469، وأبو نعيم في الحلية [7/ 264- 265، 8/ 125] ، والخطيب في تاريخه [11/ 141] ، جميعهم من طرق عن الشعبي، عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال: بسم الله توكلت على الله، اللهمّ إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 519] ، وخالف ما ذكره في علوم الحديث من عدم سماع الشعبي، فأثبت سماعه في المستدرك وتعقبه ابن حجر في النتائج بما تقدم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. (1973) - قوله: اللهمّ إني أعوذ بك من يوم السوء» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 294] رقم 810 من طريق موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة ابن عامر به مرفوعا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 220، 10/ 144] : رجاله رجال الصحيح غير بشر بن ثابت البزار وهو ثقة. (1974) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من فجاءة الشر» : أخرجه أبو يعلى في مسنده [6/ 107] رقم 3371، ومن طريقه ابن السني- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 1975- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. 1976- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال. - في اليوم والليلة برقم 39، من حديث يوسف بن عطية- وهو متروك- عن ثابت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح وإذا أمسى، ويقول: فإن العبد لا يدري ما يفجؤه إذا أصبح وإذا أمسى. (1975) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء، رقم 6347، وفي القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء، رقم 6616، ومسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، رقم 2707 (53) ، كلاهما من حديث ابن عيينة، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. قال سفيان: الحديث ثلاث، زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن. قال الحافظ في الفتح: أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي عمر بين الخصلة المزيدة وهي شماتة الأعداء. (1976) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من الهم» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عمرو بن أبي عمرو عن أنس، وفيه قصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة: التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر، قال: فخرج أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرا يقول: ... فذكره. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 1977- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع. - أخرجه البخاري في الجهاد، باب من غزا بصبي للخدمة، رقم 2893، وفي الأطعمة، باب الحيس، رقم 28، وفي الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال، رقم 6363، وفي باب الاستعاذة من الجبن والكسل، رقم 6369. أما مسلم فأخرج القصة مختصرة ليس فيها الدعاء، في الحج، باب فضل المدينة، رقم 1365. (1977) - قوله: «من علم لا ينفع» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 340، 365، 451] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187] رقم 9175، ومن طريقه ابن ماجه في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل، رقم 250، وأخرجه النسائي في الاستعاذة (من المجتبى) ، باب الاستعاذة من نفس لا تشبع، رقم 5467، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 3837، والبخاري في تاريخه الكبير [6/ 36] ، والطيالسي في مسنده برقم 2323، وأبو يعلى في مسنده [11/ 412] رقم 6537، جميعهم من حديث المقبري، عن أبي هريرة قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 104] وأقره الذهبي في التلخيص. وفي الباب عن زيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وابن مسعود، وعبد الله بن عمرو وغيرهم. أما حديث زيد بن أرقم، فقد خرجناه تحت رقم 1928. وأما حديث أنس، فرواه عنه جماعة وبعضهم يزيد فيه على بعض، رواية حفص ابن عمر مشتملة على المذكور هنا، وهي عند الإمام أحمد [3/ 283] ، والنسائي في الاستعاذة (من المجتبى) برقم 5470، وصححها الحاكم في المستدرك [1/ 104] وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 1978- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة. - ورواه قتادة لم يذكر فيه النفس، أخرجه الإمام أحمد [3/ 192، 255] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187- 188] رقم 9177، والطيالسي برقم 2007، وأبو يعلى في مسنده [5/ 232] رقم 2845، وأبو نعيم في الحلية [6/ 252] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 83. وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187] رقم 9176. وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه ابن أبي شيبة [10/ 194] رقم 9199، والترمذي في الدعوات برقم 3482- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في المجتبى برقم 5442. (1978) - قوله: «فإنها بئست البطانة» : أخرجه أبو داود في الصلاة، باب في الاستعاذة، رقم 1547، والنسائي في المجتبى، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الجوع، رقم 5468، وفي الاستعاذة من الخيانة، رقم 5469، وابن ماجه في الأطعمة، باب التعوذ من الجوع، رقم 3354، جميعهم من حديث ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1029. ورواه ليث فاختلف عليه: *- فروي عنه، عن كعب، عن أبي هريرة، أخرجه ابن ماجه برقم 3354، وأبو يعلى في مسنده [11/ 297] رقم 6412. *- وروي عنه، عن رجل، عن أبي هريرة، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 440] رقم 19636، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [5/ 170] برقم 1370. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 1979- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم، والجبن والبخل، وأن أردّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسق والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، والشقاق والنفاق، وأعوذ بك من الرياء والسمعة، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام وسيء الأسقام. 1980- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين. 1981- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. (1979) - قوله: «وسيّىء الأسقام» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 530- 531] من حديث شيبان، عن قتادة عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ... فذكره، وصححه على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، مع كون الأمر كما قال: فادم بن أبي إياس، ومن فوقه على شرطهما، وعزاه في الكنز [2/ 188] رقم 3681 للبيهقي في الدعوات الكبير. (1980) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين» : وتمامه: وأعوذ بك من مقارنة الشياطين، وأعوذ بك من عذاب يوم الدين، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 192- 193] رقم 9- 193 من حديث المطلب بن زياد، عن جابر، عن أبي جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره، مرسلا. وعزاه في الكنز [2/ 213] رقم 3817 لابن الصصرى في أماليه عن البراء. (1981) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ برضاك» : أخرجه مالك في الموطأ، رقم 499، ومسلم في الصلاة، باب ما يقال في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 1982- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع في غير مطمع، حين لا مطمع. - الركوع والسجود، رقم 486، والإمام أحمد في المسند [6/ 58، 201] ، وأبو داود في الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، رقم 879، والترمذي في الدعوات، رقم 3493، والنسائي في الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته، رقم 169، وفي التطبيق، باب نصب القدمين في السجود، رقم 1100، وفي الدعاء في السجود، رقم 1130، وعبد الرزاق في المصنف برقم 2881، وابن خزيمة في صحيحه برقم 655، 671، وابن حبان كذلك برقم 1932، 1933- إحسان-، والطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 234] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 127] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 166] برقم 1366، جميعهم من حديث عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو ساجد. (1982) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من طمع» : أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 232] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 93، 274] رقم 179، 647، والبزار في مسنده- كما في مجمع الزوائد [10/ 144]- والبغوي في شرح السنة [5/ 164] رقم 1363، وأبو نعيم في الحلية [5/ 136] ، جميعهم من حديث عبد الله بن عامر الأسلمي- وهو ضعيف- عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع ... الحديث، قال الحاكم في المستدرك [1/ 533] : مستقيم الإسناد، وأقره الذهبي في التلخيص! * رواه إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن أبي سليمان، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عوف بن مالك به مرفوعا، أخرجه ابن عساكر [22/ 325، وفي 64/ 101] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 1983- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من مال يطغي، وفقر ينسي، وهوى يردي، وبوار الإثم. 1984- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أنت ربي، لا إله إلّا أنت (1983) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من مال يطغي» : روي عن ابن مسعود من دعائه صلى الله عليه وسلم، أخرجه وكيع في الزهد له برقم 183- واللفظ له-، والطبراني في المعجم الكبير [9/ 226] رقم 8977، من طريق المسعودي- اختلط بأخرة-، عن عون- ولم يسمع من ابن مسعود-، قال: كان ابن مسعود يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من غنى يطغي، أو فقر ينسي، أو هوى يردي، أو عمل يخزي. قال حنظلة: وكان عون يزيد فيه من قبله: أو جار يؤذي، أو صاحب يغوي. وقد يكون من شواهده ما أخرجه الترمذي في الزهد، باب ما جاء في المبادرة بالعمل، رقم 2307، وأبو يعلى في مسنده [11/ 421] رقم 6542، والطبراني في الأوسط [9/ 226- 227] رقم 8493، وابن الجوزي في مشيخته [/ 196] من حديث أبي هريرة مرفوعا: بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلّا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر، قال الترمذي: حسن غريب. وقد روي أيضا أن ذلك كان من دعاء داود عليه السلام، فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 276] رقم 9427 من حديث علي الأزدي قال: حدثت أن داود عليه السلام كان يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من غنى يطغي، ومن فقر ينسي، ومن هوى يردي، ومن عمل يخزي. (1984) - قوله: «اللهمّ أنت ربي» : أخرج البخاري في الدعوات، باب: لكل نبي دعوة مستجابة، من حديث شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيد الاستغفار أن يقول: ... - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت. 1985- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوما قال: اللهمّ إني أعوذ بك من شرورهم، وأدفع بك في نحورهم. - فذكره، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة. (1985) - قوله: «إذا خاف قوما قال» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [414، 414- 415] ، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول إذا خاف قوما، برقم 1537، والنسائي في اليوم والليلة برقم 601، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 253] ، والطبراني في معجمه الصغير برقم 996، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 359] ، جميعهم من حديث قتادة عن أبي بردة، عن أبيه به، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4765، والحاكم في المستدرك [2/ 142] على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 [272- فصل: ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة] 272- فصل: ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة 1986- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء. 1987- عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استعاذ بالله من الشيطان ثلاثا، وقرأ آخر سورة الحشر حين يصبح وحين يمسي، وكل به سبعون ألف ملك يحفظونه من شيطان الجن والإنس. (1986) - قوله: «فليكثر الدعاء في الرخاء» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 544] من حديث معاوية بن صالح، عن أبي عامر الألهاني، عن أبي هريرة، به مرفوعا، وقال: صحيح الإسناد، احتج البخاري بأبي صالح، وأبو عامر الألهاني، أظنه الهوزني وهو صدوق، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح. *- رواه أبان بن أبي عياش- وهو ضعيف- عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به، مرفوعا، أخرجه الخطيب في تاريخه [1/ 414، 8/ 399] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 359] رقم 1410. *- ورواه عبيد بن واقد، عن سعيد بن عطية، عن شهر، عن أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 29] ، وقال: قال عمرو بن علي: لا أعلمه رواه غير عبيد بن واقد، وكان ثقة. (1987) - قوله: «عن واثلة بن الأسقع» : لم أقف على حديثه، وفي الباب عن معقل بن يسار، خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 3690- فتح المنان وفيه: وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن قالها مساء فمثل ذلك حتى- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 1988- وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. 1989- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دخل إلى ذي سلطان يقول: بسم الله، ربي الله، لا إله إلّا هو، لا حول ولا قوة إلّا بالله، وقاه الله شره، وسدّده في منطقه. 1990- وقال رجل: اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. قال: فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد دعوت باسمه الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. - يصبح، قال الترمذي بعد إخراجه: غريب، وانظر تخريجه في فتح المنان. (1988) - قوله: «وعن عبادة بن الصامت» : أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 210]- بلفظ: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، قال الهيثمي: إسناده جيد. وفي الباب عن أم سلمة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [23/ 370] رقم 877، ولفظه: من قال كل يوم: اللهمّ اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات، ألحق به من كل مؤمن حسنة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 210] : فيه أبو أمية ابن يعلى وهو ضعيف. (1989) - قوله: «وسدده في منطقه» : أخرجه الطبراني في الدعاء برقم 1063 من حديث المقري: ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم- وهو ضعيف- قال: بلغني أنه من دخل على ذي سلطان ... الحديث، ولم يقل عن النبي صلى الله عليه وسلم. (1990) - قوله: «لقد دعوت باسمه» : أسنده من طريق المصنف الحافظ البيهقي في الدعوات الكبير له برقم 106، فقال: حدثنا أبو سعد: عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 1991- وعن أنس قال: مر كلب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده فقال رجل: اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت، المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام أن تقتله. قال: فخر ميتا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم ربه فليبدأ بالمغفرة. - أنا أبو القاسم: عبد الرحمن بن محمد بن متويه البلخي، ثنا محمد بن صالح بن سهل الترمذي، ثنا أبو معمر، ثنا خلف بن خليفة، عن حفص ابن أخي أنس، عن أنس بن مالك به. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 120، 158، 245، 265] ، وأبو داود في الصلاة، برقم 1495، والترمذي في الدعوات برقم 3544، والنسائي في السهو، باب الدعاء بعد الذكر، رقم 1300، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 272] رقم 9410، والبخاري في الأدب المفرد برقم 705، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 206] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 136] ، والخطيب في الأسماء المبهمة [/ 346] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1258، جميعهم من طرق عن أنس بن مالك، وصحح ابن حبان طريق حفص بن عبد الله عن أنس برقم 893- إحسان- هو والحاكم في المستدرك [1/ 503- 504] ، وأقره الذهبي في التلخيص. (1991) - قوله: «مر كلب» : لم أقف عليه هكذا، لكن أخرج الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 157]- من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وصلى بالناس العصر وهو قاعد في الركعتين الأوليين فمر كلب ليقطع عليه صلاته فأشفق أن يمر عليه فدعا سعد بن أبي وقاص على الكلب فأهلكه الله بقدرته، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته نظر إلى الكلب قد هلك فقال: من الداعي منكم على هذا الكلب، فلم يتكلم أحد، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال سعد عند ذلك: أنا الداعي يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أشفقت أن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 1992- وجاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال: أعني على مكاتبتي، فقال: أعلمك كلمات علّمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل دينا لأداه الله عنك: اللهمّ اغنني بحلالك عن حرامك، واكفني بفضلك عمن سواك. 1993- وعن أنس بن مالك قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل تعط، فقد نظر الله إليك. 1994- وقال أبو أمامة الباهلي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملكا- يقطع عليك صلاتك، فدعوت عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف دعوت عليه يا سعد؟ فقال سعد: سبحانك لا إله إلّا أنت، يا ذا الجلال والإكرام أهلك هذا الكلب قبل أن يقطع على نبيك صلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد لقد دعوت في يوم وساعة بكلمات لو دعوت على من بين السماوات والأرض لا ستجيب لك، فابشر يا سعد. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه يحيى البابلتي، وهو ضعيف. (1992) - قوله: «اللهمّ اغنني بحلالك» : أخرج العسكري في المواعظ- كما في الكنز [2/ 672] رقم 5032 من حديث أبي مليكة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقول: اللهمّ اغننا بحلالك عن حرامك، واغننا من فضلك عمن سواك. (1993) - قوله: «سل تعط» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 544] ولفظه: سل فقد نظر الله إليك، قال الذهبي في التلخيص: لم يصح هذا. (1994) - قوله: «إن لله ملكا» : أورده الحاكم عقب المتقدم شاهدا، وسكت عنه وفي إسناده فضال بن جبير، عن أبي أمامة، قال الذهبي في التلخيص: ليس بشيء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 يقال له اليسع موكل بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك، فسل. 1995- وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهمّ إني أسألك أن تتم علينا النعم، فقال: أتدري ما تمام النعم؟ قال: لا، قال: الفوز بالجنة والنجاة من النار، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: قد استجيبت دعوتك فسل. 1996- وعن حميد، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل قد عاد مثل الفرخ فقال: ما كنت تسأل؟ قال: كنت أقول: اللهمّ ما كنت معاقبي به في الاخرة فعجله في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، لا تطيق ذلك، فهلّا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفاء فعوفي. (1995) - قوله: «اللهمّ إني أسألك أن تتم علينا النعم» : أخرجه مطولا ومختصرا ببعضه: الإمام أحمد في المسند [5/ 231، 235] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 269- 270] رقم 9405، وعبد بن حميد في مسنده [/ 66 المنتخب] رقم 107، والترمذي في الدعوات، برقم 3527- وقال: حسن-، والبخاري في الأدب المفرد برقم 725، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 55- 56] الأرقام 97، 98، 99، 100، وفي الدعاء برقم 2020، 2021، وأبو نعيم في الحلية [6/ 204] ، والخطيب في تاريخه [3/ 126- 127] ، والبيهقي في الدعوات الكبير الأرقام 197، 256، 257، وفي الأسماء والصفات [/ 92] . (1996) - قوله: «وعن حميد، عن أنس» : روي عن حميد، عن أنس، وعن حميد، عن ثابت، عن أنس وكلاهما صحيح عنه، وأخرجه من طرق عن أنس: مسلم في الذكر والدعاء، باب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 1997- وأتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الوحشة، فقال: أكثر من قول: سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، جللت السماوات والأرض بالعزة والجبروت، قال: ففعل الرجل فأذهب الله عنه الوحشة. 1998- وعن حجاج بن فرافصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مريض يقول: سبحان الملك القدوس الرحمن، الملك الديان، لا إله إلّا أنت، مسكن العروق الضارية، ومنيم العيون الساهرة، سكن عروقي الضارية، وأنم عيني الساهرة إلّا شفاه الله تعالى. 1999- وروي عن ابن مسعود أنه قال: إذا كان يوم القيامة قال الله- كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا، رقم 2688 (23، 24) ، والإمام أحمد في المسند [3/ 107، 288] ، والترمذي في الدعوات برقم 3487، والنسائي في اليوم والليلة برقم 1053، 1055، والبخاري في الأدب المفرد برقم 728، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 261] رقم 9389، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 258، والطبراني في الدعاء الأرقام 2016، 2017، 2018، 2019، وأبو يعلى وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب كما في الدر المنثور، وانظر الحديث المتقدم عن أنس في باب صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1598. (1997) - قوله: «فشكا إليه الوحشة» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 9] رقم 1171 قال في مجمع الزوائد [10/ 128] : فيه محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف. (1998) - قوله: «وعن حجاج بن فرافصة» : من العباد أهل الصدق، أخرج حديثه هكذا معضلا: ابن أبي الدنيا في آخر كتاب المرض والكفارات برقم 256. (1999) - قوله: «وروي عن ابن مسعود» : أخرجه ابن أبي شيبة [10/ 329- 330] رقم 9575- بصورة الموقوف- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 عزّ وجلّ: من كان له عندي عهد فليقم، فيقوم من قال هذه الكلمات: اللهمّ فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا خائفا مستجيرا مستغفرا، راغبا راهبا إليك: إنك إن تكلني إلى نفسي وإلى عملي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وأنا لا أثق إلّا برحمتك، فاجعل لي عهدا تؤديه إليّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد. 2000- وقالت عائشة رضي الله عنها: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مضجعه، فنظرت فإذا هو ساجد يقول: رب أعط نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. - وابن أبي حاتم- كما في الدر المنثور [5/ 542]- والطبراني في معجمه الكبير [9/ 209] رقم 8918، جميعهم من حديث الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد الله: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً، قال: يقول الله يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن فعلّمنا، قال: قولوا: ... فذكره، صحح إسناده الحاكم في المستدرك [2/ 377- 378] ، وأقره الذهبي في التلخيص وصورته عند الجميع صورة الموقوف، لكن مثل هذا لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم المرفوع، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 184] : فيه المسعودي وهو ثقة لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات. قلت: ومما يؤكد كونه مرفوعا ما أخرجه الحكيم الترمذي في النوادر [1/ 217] من حديث أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في دبر الصلاة بعد ما يسلم هؤلاء الكلمات، كتبه ملك في رق، فختم بخاتم ثم رفعها إلى يوم القيامة، فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي: أين أهل العهود حتى يدفع إليه؟ ثم ذكر الكلمات. (2000) - قوله: «وقالت عائشة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 209] بإسناد صحيح من حديث صالح بن سعيد عن عائشة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 110] : رواه أحمد، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 2001- وعن ابن زمل الجهني قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال وهو ثان رجله: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، إن الله كان توابا، سبعين مرة ثم يقول: سبعين بسبعمائة، ولا خير فيمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة. - ورجاله رجال الصحيح غير صالح بن سعيد وهو ثقة، وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني بإسناد حسن كما في مجمع الزوائد [7/ 138] ، وتقدم حديث زيد بن أرقم في أول الباب برقم 1928 وهو عند مسلم. (2001) - قوله: «وعن ابن زمل الجهني» : أكثر من أخرج حديثه لم يسمه، قال الحافظ في الإصابة: لم أره سمي في أكثر الكتاب. اه. وسماه ابن السكن وابن منده وأبو نعيم عبد الله بن زمل، وسماه الطبراني وغيره: الضحاك بن زمل، قال ابن الأثير في الأسد: وكلاهما ليس بصحيح، والصحيح: ابن زمل غير مسمى، وهو غير عبد الله والضحاك، انظر: المعرفة لأبي نعيم [3/ 1660] ، الإصابة [6/ 90] ، أسد الغابة [3/ 246، 6/ 339] ، معجم الطبراني الكبير [8/ 361] . قوله: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح» : هو طرف من حديث طويل، وفيه بعد قوله: أكثر من سبعمائة: ثم يقول صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين، ثم يستقبل الناس بوجهه، وكان صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا فيقول: هل رأى أحد منكم شيئا؟ قال ابن زمل: فقلت: أنا يا نبي الله، قال: خيرا تلقاه، وشرا توقاه، وخير لنا، وشر على أعدائنا، والحمد لله رب العالمين، اقصص ... الحديث بطوله، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 361- 363] رقم 8146، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1660- 1661] رقم 4166، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [6/ 339] ، وابن قتيبة في الغريب [1/ 199] ، واختصر لفظه مقتصرا على أوله: ابن السني في اليوم والليلة برقم 141. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 2002- وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: خرج بي خرّاج في عنقي، فتخوفت منه، فأخبرت به عائشة رضي الله عنها فقلت: سلي النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فسألته، فقال: ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: بسم الله، أذهب عني ما أجد وأحسه بدعوة نبيك الطيب المبارك المكين عندك. قالت: ففعلته، فانخفض. قال الراوي: ما قلته على مريض لم يجىء أجله إلّا برأ بإذن الله تعالى. - وفي إسناد حديثه سليمان بن عطاء القرشي الحراني- أحد الضعفاء، تفرد به- عن مسلم بن عبد الله الجهني، قال ابن حبان في الثقات: عبد الله بن زمل له صحبة، لكن لا أعتمد على إسناد خبره، وأعله الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 184] بسليمان هذا وقال: هو ضعيف. وقد روي نحو هذا الاستغفار من وجه آخر عن أنس بن مالك، فأخرج البيهقي في الشعب [1/ 442] رقم 652، والخطيب في تاريخه [6/ 392] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 350] رقم 1397، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 205 من حديث الحسن بن أبي جعفر- أحد الضعفاء- عن محمد بن جحادة، عن الحر بن الصياح، عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فقال: استغفروا الله، فاستغفرنا، فقال: أتموها سبعين، قال: فأتممناها، فقال: ما من عبد ولا أمة يستغفر الله كل يوم سبعين مرة إلّا غفر الله له سبعمائة ذنب، وقد خاب عبد أو أمة عمل في يوم وليلة أكثر من سبعمائة ذنب. (2002) - قوله: «وعن أسماء بنت أبي بكر» : تقدم حديثها في أبواب الدلائل برقم 1272. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 [ دعاء جامع ] دعاء جامع 2003- اللهمّ بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت، ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت، لك الحمد إن أطعتك، ولك الحمد إن عصيتك، يا عظيما يرجى لكل عظيم، اغفر لي الذنب العظيم، اللهمّ إن ذنوبنا عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجل، افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، يا عماد من لا عماد له، يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز من لا حرز له، يا سند من لا سند له، يا غياث من لا غياث له، يا غياث المستغيثين، يا صريخ المستصرخين، يا مفرجا عن المكروبين، ويا أرحم الراحمين، يا كريم العفو، يا حسن البلاء، يا عظيم الرجاء، يا واسع العطاء، يا كنز الفقراء، يا عون الضعفاء، يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، يا محسن، يا مجمل، يا متفضل، يا منعم، يا الله، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار ونور القمر وشعاع الشمس وحفيف السحر، أسألك يا الله أن تغفر ذنوبي كلها، وترحمني رحمة واسعة، وتعطيني خير الدنيا والاخرة، وأن تجيرني من كل سوء استجار به مستجير بك يا أرحم الراحمين. اللهمّ إنك تملك ما لا أملك من نفسي، أنت خلقتني وتفردت بخلقي، ولم أرد شيئا إلّا بك، ولا أرجو الخير إلّا من عندك، ولا ينصرف عني من السوء إلّا ما صرفته عني، يا رب علمتني ما لا أعلم، ورزقتني ما لم أملك ولم أحتسب، وبلغتني ما لم أكن أرجو، وأعطيتني ما قصر عنه أملي، فلك الحمد كثيرا كما أنعمت عليّ، فاغفر لي ذنوبي، وهوّن عليّ أموري في الدنيا والاخرة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 اللهمّ إني أصبحت وأمسيت في ذمتك وجوارك، فأجرني بحق لا إله إلّا أنت من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على كل شيء قدير. اللهمّ إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وأولادي وإيماني، وآخرتي ودنياي، وأمانتي، وإخواني في الله وخواتيم عملي، أستودعهم الحي الذي لا يموت، الذي لا تضيع ودائعه ولا يخيب سائله. 2004- اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بكنفك الذي لا يرام، وقوّنا بعزك الذي لا يضام، اللهمّ ارحمنا بقدرتك علينا، اللهمّ لا يهلك شيء مما استودعتك ولا يضيّع، وأنت ثقتنا ورجاؤنا، ولا حول ولا قوة بنا إلّا بك يا رب العالمين، عليك توكلت وأنت خير الحافظين. (2004) - قوله: «اللهمّ احرسنا بعينك» : روي نحو هذا عن إبراهيم بن أدهم، فأخرج أبو نعيم في الحلية [8/ 405] ، وابن عساكر في تاريخه [6/ 318- 319- 320] من طرق عن إبراهيم بن أدهم، أنه كان في سفر فعرض عليه أسد، فقيل له: هذا السبع قد ظهر لنا، قال: أرونيه، فلما رآه جاءه قال: يا قسورة إن كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به، وإلّا فعودك على بدئك، قال: فولى السبع ذاهبا، قال: أحسبه يضرب بذنبه، قال: فتعجبنا كيف فهم السبع كلام إبراهيم بن أدهم، قال: فأقبل علينا إبراهيم، قال: قولوا: اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا. قال خلف بن تميم: فما زلت أقول منذ سمعتها فما عرض لي لص ولا غيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 [273- باب ما جاء في التّسبيح والتّهليل] 273- باب ما جاء في التّسبيح والتّهليل 2005- وكان من فعله صلى الله عليه وسلم أن يسبح الله ثلاثا وثلاثين، ويحمد الله ثلاثا وثلاثين، ثم يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال صلى الله عليه وسلم: من فعل ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر. قال أبو سعد رحمه الله: وإن شئت سبح الله واحمده وكبّره وهلّله خمسا وعشرين مرة، حتى يكون تمام المائة. 2006- فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك. وقل أيضا: عشر مرات: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير. (2005) - قوله: «وإن كانت مثل زبد البحر» : أخرجه مسلم في المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم 597، والإمام أحمد في مسنده [2/ 371، 483] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 142، 143، وابن خزيمة في صحيحه برقم 570، وأبو عوانة في مستخرجه [2/ 247، 248] ، وابن حبان في صحيحه برقم 2013، 2016- الإحسان- وغيرهم. (2006) - قوله: «أنه أمر بذلك» : خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1471- فتح المنان- من حديث ابن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت قال: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 2007- فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قالها عشر مرات كتب الله له عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، وكان له عدل عشر رقاب، وأجاره الله يومه من الشيطان، ومن قاله عشية كان له مثل ذلك. - أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، ونحمده ثلاثا وثلاثين، ونكبره ثلاثا وثلاثين فأتى رجل- أو: أري رجل- من الأنصار في المنام فقيل: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وتحمدوا ثلاثا وثلاثين وتكبروا أربعا وثلاثين؟ قال: نعم، قال: فاجعلوها خمسا وعشرين، خمسا وعشرين، واجعلوا معها التهليل، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: افعلوها، تمام تخريجه فيه. (2007) - قوله: «ومحى عنه عشر سيئات» : اختصر المصنف اللفظ وتمامه: ورفع له عشر درجات، وكانت حرزا من كل مكروه، وحرزا من الشيطان الرجيم، ولم يلحقه في يومه ذلك ذنب إلّا الشرك، وكان من أفضل الناس عملا إلّا رجلا يفضله، يقول أفضل مما قال. رواه شهر بن حوشب- والكلام فيه معروف مشهور- فاختلف عليه فيه: 1- فقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم مرسلا، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 227] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 235] رقم 3192. 2- وقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر، أخرجه الترمذي في الدعوات، برقم 3474- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في اليوم والليلة برقم 127. 3- وقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 126، وابن السني كذلك برقم 140، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 65] رقم 119. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 2008- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس. 2009- وقال صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا الله، والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله كثيرا، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، قال: من قالها كفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. قال أبو سعد رحمه الله: وأكثروا من قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. 2010- فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنهما كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن. (2008) - قوله: «أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 288] رقم 9461، ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2695، والترمذي في الدعوات، باب في العفو والعافية، رقم 3597، والنسائي في اليوم والليلة برقم 835 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعا. (2009) - قوله: «لا إله إلّا الله، والله أكبر» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 210] من حديث أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو بنحوه مرفوعا. (2010) - قوله: «كلمتان خفيفتان على اللسان» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6406، وفي الأعيان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى، رقم 6682، وفي التوحيد، باب قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ الاية، رقم 7563. وأخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2694 كلاهما من حديث أبي زرعة بن عمرو، عن أبي هريرة به مرفوعا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 2011- وأكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله. 2012- فإن الله عزّ وجلّ يقول إذا قالها العبد: أسلم عبدي واستسلم. 2013- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها كنز من كنوز الجنة. (2012) - قوله: «أسلم عبدي واستسلم» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 20] من حديث عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أعلمك- أو قال: أدلك- على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلّا بالله، فيقول الله عزّ وجلّ: أسلم عبدي واستسلم. قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولا يحفظ له علة، ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بيحيى بن أبي سليم، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح، لا علة له. (2013) - قوله: «إنها كنز من كنوز الجنة» : أخرج البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر- واللفظ منه- وفي الدعوات، باب الدعاء إذا علا عقبة رقم 6384، وفي القدر، باب لا حول ولا قوة إلّا بالله، رقم 6610، وفي التوحيد، باب وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً، رقم 7386، ومسلم في الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم 2704 (45، 46، 47) من حديث أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: لما عزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر- أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم- أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم، وأنا خلف دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعني وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فقال لي: يا عبد الله بن قيس، قلت: لبيك رسول الله، قال: ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي، قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 2014- وقال صلى الله عليه وسلم: أكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قيل: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله. (2014) - قوله: «أكثروا من غراس الجنة» : في الباب عن أبي أيوب الأنصاري، وابن عمر. أما حديث أبي أيوب، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 418] ، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم فقال: من معك يا جبريل؟ قال: هذا محمد، فقال له إبراهيم: مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 821، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 445] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 97] : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، لم يتكلم فيه أحد، ووثقه ابن حبان. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 364] رقم 13354 من حديث عقبة بن علي- أحد الضعفاء- عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: أكثروا من غراس الجنة، فإنه عذب ماؤها، طيب ترابها، فأكثروا من غراسها، لا حول ولا قوة إلّا بالله، عزاه المنذري أيضا لابن أبي الدنيا في الذكر ولفظه الذي ساقه: قالوا: يا رسول الله وما غراسها؟ قال: ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 [274- باب فضل الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 274- باب فضل الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) . قال أبو سعد صاحب الكتاب: فينوي العبد موافقة ربه، والاقتداء بملائكته في الصلاة على أكرم بريته طمعا أن يصلي الله عليه. 2015- روي في قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: تذكر حيث أذكر، فظهر اسمه صلى الله عليه وسلم عند ملائكة السماوات، وملائكة الأرضين، وفي البحار والأودية والجبال. 2016- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر صلى الله عليه وسلم، ثنا أبو القاسم: عبد الله بن محمد البغوي، ... (2015) - قوله: «روي في قوله تعالى» : خرجناه في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، شرف رقم 57. (2016) - قوله: «ثنا أبو القاسم: عبد الله بن محمد البغوي» : الإمام الحافظ الحجة، مسند العصر، صاحب معجم الصحابة، والجعديات، له سماع قديم حتى قال الرامهرمزي رحمه الله: لا يعرف في الإسلام محدث وازى البغوي في قدم السماع. انظر أخباره في: سير أعلام النبلاء [14/ 440] ، تذكرة الحفاظ [2/ 737] ، تاريخ بغداد [10/ 111] ، المنتظم [13/ 286] ، النجوم الزاهرة [3/ 226] ، طبقات الحنابلة [1/ 190] ، الوافي بالوفيات [17/ 479] ، تاريخ الإسلام [وفيات 317- ص 538] ، البداية والنهاية [11/ 163] ، اللباب [1/ 133] ، المختصر في أخبار البشر [2/ 72] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة، والحسن بن الصباح البزار، قالا: ثنا خالد بن مخلد القطواني، ... قوله: «ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة» : الإمام الحافظ صاحب التصانيف، أخو أبي بكر، وأحد رجال الصحيحين، حدثا عنه، واحتجا به، وهو ثقة عند الجمهور. تهذيب الكمال [19/ 478] ، تهذيب التهذيب [7/ 135] ، الكاشف [2/ 223] ، سير أعلام النبلاء [11/ 151] ، تاريخ بغداد [11/ 283] ، تذكرة الحفاظ [2/ 444] ، التقريب [/ 386] الترجمة رقم 4513، طبقات المفسرين [1/ 379] . قوله: «والحسن بن الصباح البزار» : الحافظ: أبو علي الواسطي ثم البغدادي، من شيوخ البخاري في الصحيح، قال الإمام أحمد: ثقة، صاحب سنة، وقال أبو حاتم: كانت له ببغداد جلالة عجيبة، كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [12/ 192] ، تهذيب الكمال [6/ 191] ، تهذيب التهذيب [2/ 252] ، الكاشف [1/ 162] ، الوافي بالوفيات [12/ 60] ، تاريخ بغداد [7/ 330] . قوله: «ثنا خالد بن مخلد القطواني» : الحافظ الصدوق: أبو الهيثم البجلي مولاهم، الكوفي، منسوب إلى قطوان موضع بالكوفة، حديثه عند الجماعة، يقال: كان يتشيع، وقال غير واحد: لا بأس به. انظر: تهذيب الكمال [8/ 163] ، تهذيب التهذيب [3/ 101] ، الكاشف [1/ 208] ، التقريب [/ 190] الترجمة رقم 1677، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 121] ، سير أعلام النبلاء [10/ 217] ، غاية النهاية [1/ 269] ، اللباب لابن الأثير [3/ 47] ، المعرفة والتاريخ [2/ 478] ، طبقات ابن سعد [6/ 406] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 ثنا سليمان بن بلال، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ... قوله: «ثنا سليمان بن بلال» : القرشي، الحافظ الكبير أبو محمد- أو: أبو أيوب المدني- ممن اتفق على توثيقه والاحتجاج به، وحديثه في الكتاب الستة. انظر عنه في: تهذيب الكمال [11/ 372] ، تهذيب التهذيب [4/ 154] ، الكاشف [1/ 311] ، سير أعلام النبلاء [7/ 425] ، تذكرة الحفاظ [1/ 234] ، طبقات ابن سعد [5/ 420] ، التقريب [/ 250] الترجمة رقم 2539. قوله: «ثنا عمرو بن أبي عمرو» : مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، القرشي، المخزومي، أبو عثمان المدني، من رجال الجماعة غير أنه اختلف في توثيقه، فوثقه أبو زرعة، وقال الإمام أحمد وأبو حاتم: لا بأس به، وضعفه يحيى بن معين، وتوسط فيه الذهبي فقال في الميزان: حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح. انظر عنه في: تهذيب الكمال [22/ 168] ، تهذيب التهذيب [8/ 72] ، الكاشف [2/ 291] ، التقريب [/ 425] الترجمة رقم 5083، الميزان [4/ 201] ، الكامل لابن عدي [5/ 1768] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 369] ، الثقات لابن حبان [5/ 185] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 450] . قوله: «عن عاصم بن عمر بن قتادة» : ابن النعمان الظفري، الإمام التابعي الثقة: أبو عمر- أو: أبو عمرو- المدني، أحد المتفق عليه، وحديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [13/ 528] ، تهذيب التهذيب [5/ 47] ، الكاشف [2/ 46] ، سير أعلام النبلاء [5/ 240] ، الثقات [5/ 234] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 383] ، التقريب [/ 286] الترجمة رقم 3071. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، عن عبد الرحمن ابن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني قوله: «عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري» : ليس له في الكتاب الستة شيء، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، ووثقه ابن حبان وحده. التاريخ الكبير [6/ 55] ، الجرح والتعديل [6/ 23] ، الثقات [5/ 127] . قوله: «عن عبد الرحمن بن عوف الزهري» : الصحابي المشهور، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، ومن السابقين البدريين، ومن الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام. انظر سيرته وأخباره في: مستدرك الحاكم [3/ 306] ، الإصابة [6/ 311] ، أسد الغابة [3/ 480] ، الاستيعاب [6/ 68] ، مسند الإمام أحمد [1/ 190] ، معجم الطبراني الكبير [1/ 88] ، كنز العمال [13/ 220] ، سير أعلام النبلاء [1/ 68] . قوله: «إني لقيت جبريل» : اختلف فيه على سليمان بن بلال، وعمرو بن أبي عمرو، وعبد الواحد بن محمد، ومحمد بن عبد الرحمن بن عوف. 1- أما حديث سليمان بن بلال: فمن طريق البغوي، عن ابن أبي شيبة، أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 14، وأورده ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 33] من حديث المخلص، عن البغوي به. وعن ابن مخلد، أخرجه عبد بن حميد في المنتخب برقم 157، وأخرجه البخاري في تاريخه تعليقا [6/ 55] . تابعه ابن أبي أويس عن سليمان، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 371] ، وصححه أبو حاتم الرازي فيما ذكره ابنه في الجرح والتعديل [7/ 316] ، والحاكم في المستدرك [1/ 550] ، وأقره الذهبي. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلّم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عزّ وجلّ شكرا. -* خالفهما أبو سعيد الهاشمي مولاهم، عن سليمان بن بلال، فأسقط من الإسناد عاصم بن عمر بن قتادة، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 191] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 125- 126] رقم 926، وعلقه البخاري في تاريخه [1/ 147- 148] . 2- وهكذا رواه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام والدراوردي، عن عمرو، قاله الدارقطني في العلل [4/ 297] ، وقال: وهو الصواب. * حديث الدراوردي أخرجه البخاري في تاريخه [6/ 55] تعليقا. * ورواه الحماني في الدراوردي فلم يتقنه، تارة يقول: عنه، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الواحد، عن عبد الرحمن، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 7. وتارة يقول عنه: عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الواحد، عن أبيه، عن عبد الرحمن، قاله الدارقطني في العلل [4/ 298] ، وقال: ليس ذلك بمحفوظ. * وله عن عمرو بن أبي عمرو إسناد آخر، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 191] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 128- 129] ، رقم 930، 931، وأبو يعلى في مسنده [1/ 104] رقم 869، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 370- 371] من حديث يزيد بن الهاد، عنه، عن عبد الرحمن ابن الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن عبد الرحمن بن عوف به، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 222- 223] . 3- وأما حديث محمد بن عبد الرحمن بن عوف، فرواه عبد الله المدني، عنه، عن أبي سعيد الخدري، علقه البخاري في تاريخه [1/ 147] ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [7/ 315- 316] ، وفي العلل [1/ 196] رقم 562، وقال عن أبيه: هو وهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 2017- وفي رواية عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فسجد سجدة طويلة، فسألته، فقال: جاءني جبريل عليه السلام، وقال: إنه لا يصلي عليك أحد إلّا ويصلي عليه سبعون ألف ملك. 2018- ولقوله صلى الله عليه وسلم وقد رؤي في وجهه صلى الله عليه وسلم البشر: أتاني جبريل عليه السلام فقال: يقول الله عزّ وجلّ: من صلى عليك مرة صليت عليه عشرا، ومن صلى عليك عشرا صليت عليه مائة. (2017) - قوله: «وفي رواية عن عبد الرحمن بن عوف» : لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولشطره الأول طرق أخرى سوى ما تقدم: 1- فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 158] رقم 847، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 57، والبيهقي في الشعب [2/ 210] رقم 1555 من طريق الوليد بن سعيد بن أبي سندر السلمي، عن مولى لعبد الرحمن بن عوف، عنه. 2- وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 517- 518، 11/ 506] ، ومن طريقه أبو يعلى [2/ 164- 165] رقم 858، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 10، والبزار في مسنده [3/ 219 البحر الزخار] رقم 1006، والعقيلي في الضعفاء [3/ 467- 468] ، وابن أبي عاصم في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 46، جميعهم من حديث سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن به، وفي الإسناد موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. (2018) - قوله: «وقد رؤي في وجهه صلى الله عليه وسلم البشر» : هو من ألفاظ حديث عبد الرحمن بن عوف المتقدم، وانظر تخريج الاتي بعده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 2019- وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه فقال: جاءني جبريل عليه السلام فقال: أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك صلاة إلّا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك من أمتك أحد إلّا سلمت عليه عشرا؟ قال: قلت: بلى. 2020- وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ من أمتي صلاة مخلصا من قلبه، صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفع له بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحى عنه بها عشر سيئات. (2019) - قوله: «وعن أبي طلحة» : خرجنا حديثه في كتاب الرقاق من المسند الجامع للحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، باب: في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، تحت رقم 2939. (2020) - قوله: «مخلصا من قلبه» : وفي لفظ: صادقا من قلبه. قوله: «ومحى عنه بها عشر سيئات» : أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 65، والبزار في مسنده [4/ 46 كشف الأستار] رقم 3160، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 195- 196] رقم 513، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 156، جميعهم من حديث أبي أسامة، عن سعيد التغلبي- وسقط من المطبوع من المعجم الكبير- عن سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار، عن عمه أبي بردة بن نيار به مرفوعا. * خالفه وكيع فقال: عن سعيد التغلبي، عن سعيد بن عمير الأنصاري، عن أبيه- وكان بدريا- عن النبي صلى الله عليه وسلم به، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 64. قال الحافظ في النكت: رواه عثمان بن أبي شيبة عن وكيع فذكر اسم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 2021- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليّ من أمتي صلاة مخلصا من قلبه، صلى الله عليه بها عشر صلوات، وكتبت له بها عشر حسنات، ومحي عنه بها عشر سيئات، ورفع له بها عشر درجات. 2022- وعن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلّى عليّ عشرا من أول النهار، وعشرا من آخر النهار نالته شفاعتي يوم القيامة. - الصحابي بفتح العين غير مصغر- عمرو- فخالفهم في اسم الصحابي، أخرجه ابن منده. وسئل أبو زرعة عن الحديثين فقال: حديث أبي أسامة أشبه، أفاده المزي في التحفة. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 161- 162] : رجال البزار ثقات. (2021) - قوله: «وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم» : الرواية الأولى مذكورة في الأصول في باب ما دعا به صلى الله عليه وسلم، والرواية الثانية مذكورة في هذا الباب، فأثبتناهما كما وجدنا هما في الأصول مكررة. (2022) - قوله: «وعن بكر بن عبد الله المزني» : حديثه مرسل، أورده الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 122] ، وقبله المجد اللغوي في الصلات والبشر [/ 87] معزوا للمصنف في كتابه هذا، ويعضده حديث أبي الدرداء عند الطبراني في الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 120] ، وجلاء الأفهام لابن القيم [/ 58] ، وداعي الفلاح للسيوطي برقم 86، والقول البديع للسخاوي [/ 121]-، قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي الرقي، ثنا محمد بن علي بن ميمون، ثنا سليمان بن عبد الله الرقي، ثنا بقية بن الوليد، عن إبراهيم بن محمد بن زياد قال: سمعت خالد بن معدان يحدث عن أبي الدرداء قال: قال- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 2023- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يصلي عليّ صلاة إلّا صلّت عليه الملائكة ما صلى، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر. - رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ حين يصبح عشرا أو حين يمسي عشرا أدركته شفاعتي. منقطع، خالد بن معدان لم يدرك أبا الدرداء، لكن جوّده الهيثمي والسخاوي، وحسنه السيوطي لكون رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن علي بن ميمون به، رقم 61. تابعه يزيد بن عبد ربه، عن بقية، وفيه تصريح بقية بالتحديث من إبراهيم بن محمد، أخرجه الطبراني أيضا- كما في جلاء الأفهام [/ 233]- وفيه: قال أبو موسى المديني: رواه عن بقية غير واحد، ويزيد بن عبد ربه كان يسكن بحمص قرب كنيسة جرجس فنسب إليها. قلت: وممن رواه عن بقية: عمرو بن عثمان، أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 61. (2023) - قوله: «فليقل عبد من ذلك أو ليكثر» : عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 122] للمصنف في كتابه هذا، وقد أخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 1026، والإمام أحمد في مسنده [3/ 445، 449] ، وابن ماجه في الإقامة برقم 907، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 516، 11/ 507] رقم 11840، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 36، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 6، والطيالسي في مسنده برقم 1288، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 120] ، وعبد بن حميد في مسنده برقم 317- المنتخب-، وأبو يعلى في مسنده [13/ 154] رقم 7196، والبغوي في الجعديات برقم 896، ومن طريقه الضياء في المختارة [8/ 189- 190] رقم 216، 217، 218، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 2024- وقال صلى الله عليه وسلم: صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ زكاة لكم. - 37، وابن عدي في الكامل [5/ 1868] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب برقم 1652، 1662، والبيهقي في الشعب [2/ 211] رقم 1557، 1558، جميعهم من حديث شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، به مرفوعا. تابعه عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن عامر، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 215] رقم 3115، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 180] . * وخالف عبيد الله بن شريك شعبة، رواه عن عاصم، عن عامر، عن عمر بن الخطاب، أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 13، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 38، وابن بشكوال كما في القول البديع [/ 113] ، وقد حسنه المنذري في الترغيب [2/ 500] في المتابعات، وتبعه ابن القيم في جلاء الأفهام، والسخاوي في القول البديع. (2024) - قوله: «صلوا عليّ» : رواه ليث بن أبي سليم- صالح في الشواهد والاعتبار- فاختلف عليه فيه: 1- فقال محمد بن فضيل، عنه: عن كعب، عن أبي هريرة مرفوعا، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 365] ، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 217] ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 41، 72. * وتابعه سعيد بن زيد، عن ليث، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 46. 2- وخالفه المعتمر عن ليث، رواه عنه فأسقط أبا هريرة، وجعله في صورة المرسل، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 47. 3- ورواه إبراهيم بن طهمان، عن ليث، عن نافع بن كعب، عن أبي هريرة به مرفوعا، أخرجه أبو الشيخ في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- كما في جلاء الأفهام [/ 234]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 2025- وعن مقاتل بن سليمان قال: إن لله ملكا تحت العرش، على رأسه ذؤابة، قد أحاط بالعرش، ما من شعرة على رأسه إلّا مكتوب عليها: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، فإذا صلى العبد، ما بقيت شعرة إلّا استغفرت لصاحبها. 2026- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب. - وفي الباب عن أنس بن مالك، أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 40، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1669 من حديث أبي إسحاق السبيعي- ولم يلقه، ولا يثبت له سماع منه- عن أنس مرفوعا: صلوا عليّ، فإن الصلاة عليّ كفارة لكم، فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا. (2025) - قوله: «وعن مقاتل بن سليمان» : أورد قوله الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 115] معزوا للمصنف في كتابه هذا، ثم قال بعد إيراده: وفي صحته نظر. (2026) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه من طرق بأسانيد: الطبراني في الأوسط [2/ 456] رقم 1856، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 228] ، والخطيب في شرف أصحاب الحديث [/ 36] ، والسمعاني في أدب الإملاء [/ 137] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1670، والرافعي في التدوين [4/ 107] ، وأبو القاسم بن بشكوال، وأبو الشيخ في الثواب، والمستغفري في الدعوات- أفاده السخاوي في القول البديع [/ 250] ، والزبيدي في إتحاف السادة [5/ 50]-. قال ابن كثير في التفسير [3/ 524] : قد روي من طرق عن أبي هريرة ولا- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 2027- وروي أن جماعة شهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بالسرقة، فأمر بقطع يده، وكان المسروق جملا، فصاح الجمل: لا تقطعوا يده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم نجوت؟ قال: بصلاتي عليك كل يوم مائة مرة، فقال صلى الله عليه وسلم: نجوت من عذاب الدنيا والاخرة. 2028- وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق قد شهدوا عليه بالسرقة، وكان مع الرجل جمل، فأنطق الله عزّ وجلّ جمله، فقال: - يصح، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أحسبه موضوعا، وقال الحافظ في ترجمة بشر بن عبيد من لسان الميزان: الحديث موضوع لا يفرح بطرقه ولا بشاهده. اه. لكن قال ابن القيم في الجلاء [/ 54] : وقد روي موقوفا من كلام جعفر بن محمد وهو أشبه، يرويه محمد بن حمير عنه قال: من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب صلت عليه الملائكة غدوة ورواحا، ما دام اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب. (2027) - قوله: «نجوت من عذاب الدنيا والاخرة» : أورده المجد الفيروز آبادي في الصلات والبشر [/ 80] ، والحافظ السخاوي في القول البديع [/ 241] ، وقالا: رواه ابن بشكوال في القربة بلا سند. (2028) - قوله: «فأنطق الله عزّ وجلّ جمله» : أخرجه الديلمي فيما ذكره الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 241] من حديث ابن عمر بلفظ: أنهم جاءوا برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا عليه أنه سرق ناقة لهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع، فقال: اللهمّ صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء، وسلم على محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء، قال: فتكلم الجمل فقال: يا محمد إنه بريء من سرقتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأتيني- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 لا تقطعوا يده فإنه بريء من ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما قلت حين حركت شفتيك؟ قال: قلت: اللهمّ صل على محمد وعلى آل محمد قد تعلم براءة ساحتي، فقال صلى الله عليه وسلم: قد برأك الله مما قيل فيك. - بالرجل؟ فابتدره سبعون من أهل المسجد فجاءوا به، فقال صلى الله عليه وسلم: يا هذا ما قلت آنفا وأنت مدبر، فأخبره بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لذلك نظرت إلى الملائكة محدقون سكك المدينة حتى كادوا يحولوا بيني وبينك، ثم قال: لتردنّ على الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر. قال السخاوي: ولا يصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 [275- فصل: في ذكر البخيل، وذمّ النّاسي والكاره للصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم] 275- فصل: في ذكر البخيل، وذمّ النّاسي والكاره للصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2029- قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأبخل الناس؟ قالوا: بلى، قال: من ذكرت عنده فلم يصل عليّ. (2029) - قوله: «ألا أنبئكم بأبخل الناس» : هكذا هو في الأصول التي بين أيدينا، وفي القول البديع [/ 148] معزوا لكتاب المصنف بلفظ: ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس، وأبخل الناس، وأكسل الناس، وألأم الناس، وأسرق الناس؟ قيل: يا رسول الله بلى، قال: خير الناس من انتفع به الناس، وشر الناس من يسعى بأخيه المسلم، وأكسل الناس من أرق ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه، وألأم الناس من ذكرت عنده فلم يصل عليّ، وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس، وأسرق الناس من سرق صلاته، قيل: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها. والشطر الذي أورده المصنف هنا طرف من حديث أبي ذر الطويل، يورده بعضهم بطوله، وبعضهم يختصره، وله عن أبي ذر أسانيد متصلة ومنقطعة، في بعضها الشاهد، وبعضهم يورده بطوله بدون الشاهد. فأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 513، [8/ 476] رقم 8435-، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [1/ 195، 334، 2/ 963 بغية الباحث] الأرقام 53، 223، 1064، وأبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 516-، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 37، جميعهم من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 2030- وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ. - حديث حماد بن سلمة، عن معبد بن هلال قال: حدثني رجل من أهل دمشق، عن أبي ذر بسياقه الطويل، وفي آخره الشطر المذكور عندنا، قال الحافظ البوصيري: إسناده ضعيف لجهالة التابعي. ورواه ابن أبي عمر في مسنده بطوله- كما في إتحاف الخيرة [1/ 294] رقم 512 من طريق يزيد بن رومان، عمن أخبره عن أبي ذر وفي آخره الشطر المذكور هنا. وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 29 من طريق علي ابن يزيد، عن القاسم، عن أبي ذر وهو بطوله عند الإمام أحمد [5/ 265] بدون الشاهد. وله طرق عن أبي ذر بأسانيد متصلة بسياق طويل يزيد فيها بعضهم على بعض، أخرجها أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 478، وابن أبي شيبة- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 514-، والإمام أحمد في المسند [5/ 179] ، وصحح ابن حبان حديث هشام بن يحيى، عن أبيه، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر برقم 361- الإحسان-. (2030) - قوله: «البخيل من ذكرت عنده» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 201] ، والترمذي في الدعوات، برقم 3546، وقال: حسن صحيح، والنسائي في اليوم والليلة برقم 55، 56، وابن السني كذلك برقم 384، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [1/ 311] رقم 432، وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 30، والبخاري في تاريخه الكبير [5/ 148] ، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الأرقام 32، 33، 34، 35، 36، وابن عدي في الكامل [2/ 906] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 147] رقم 6776، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 153، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 151، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب الترهيب برقم 518، 1666، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 2031- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فقد أخطأ طريق الجنة. 2032- وفي رواية أخرى: من نسي الصلاة عليّ فقد أخطأ طريق الجنة. - برقم 81 جميعهم من طرق عن عمارة بن غزية، وقد اختلف عليه فيه- عن عبد الله بن علي بن الحسين (منهم من يرسله، ومنهم من يوصله والجمهور على تصحيح المرسل) صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 909، والحاكم في المستدرك [1/ 549] وأقره الذهبي في التلخيص. قال الدارقطني في العلل [2/ 102- 103] : رواه الدراوردي عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين مرسلا عن علي بن أبي طالب. اه. قلت: يريد أنه منقطع بينه وبين علي، حديث الدراوردي أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 34. قال الدارقطني: ورواه سليمان بن بلال، عن عمارة، عن عبد الله بن علي، عن أبيه، عن جده. اه. رواية سليمان بن بلال أخرجها الإمام أحمد والنسائي، وإسماعيل القاضي وقد أشرنا إلى مواضعها، قال الدارقطني: وقول سليمان بن بلال أشبه بالصواب. اه يعني عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم- مرسل. (2031) - (2032) - قوله: «وفي رواية أخرى» : مخرجها مخرج الرواية التي قبلها، رويت باللفظين على ألوان: 1- أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 507- 508] رقم 11842، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 83. * وهكذا رواها وهيب عن جعفر بن محمد، حديثه عند إسماعيل القاضي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 2033- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: بحسب امرىء من البخل أن أذكر عنده ثم لا يصلي عليّ. - في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 54، والبيهقي في الشعب [2/ 215] رقم 1573. * وهكذا رواها عمرو بن دينار، عن محمد بن علي مرسلا، حديثه عند إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 42، 43، والطبراني في تهذيب الاثار [/ 358- من الجزء المفقود] . 2- خالفهما فطر بن خليفة، فرواه عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده حسين بن علي، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 138] رقم 2887، لكن في إسناده محمد بن بشير الكندي وهو ضعيف. رجع إلى حديث حفص بن غياث 3- خالف عمر بن حفص أبا بكر بن أبي شيبة، فقال عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه برقم 354، والبيهقي في الشعب [2/ 216] رقم 1574، وفي الدعوات الكبير له برقم 154، وفي السنن الكبرى [9/ 286] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1658. وللحديث شاهد بإسناد ضعيف يتحسن بمجموعه ترغيبا، فأخرجه ابن ماجه في الصلاة برقم 908، وابن عدي في الكامل [2/ 603] من حديث ابن عباس بإسناد فيه جيارة بن المفلس وهو ضعيف. (2033) - قوله: «بحسب امرىء من البخل» : أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 38، وقاسم بن أصبغ- كما في جلاء الأفهام [/ 60]- كلاهما من طريق جرير بن حازم، عن الحسن البصري به مرسلا- رجال إسماعيل القاضي رجال- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 2034- وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجلس قوم مجلسا لا يصلّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة، لما يرون من الثواب. - الصحيح-، تابعه أبو حرة: واصل بن عبد الرحمن، عن الحسن، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 175] ، وسعيد بن منصور في سننه- كما في جلاء الأفهام والقول البديع [/ 148]- والطبري في تهذيب الاثار [/ 357- القسم المفقود]-، ولفظه: كفى به شحا أن يذكر في قوم فلا يصلون عليّ. (2034) - قوله: «وروى أبو سعيد الخدري» : صح من حديث الأعمش، عن أبي صالح عنه موقوفا ومرفوعا والوجهان صحيحان، ثم مثل هذا لو لم يرد مرفوعا لكان له حكمه لكونه مما لا مجال للرأي فيه. وقد صح أيضا من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا. حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 409، 410، والبغوي في الجعديات برقم 761، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 55، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 16، والخطيب في الجامع [2/ 71] رقم 1213، وابن أبي عاصم في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 84، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 321، ومن طريقه الذهبي في معجم الشيوخ [1/ 67] ، والبيهقي في الشعب [2/ 215] رقم 1571، وصححه الضياء في المختارة كما في الدر المنثور. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 463] ، وفي الزهد له [/ 49] رقم 142، وأبو داود في الأدب من سننه، باب كفارة المجلس، رقم 4857، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 591، 592. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 2035- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل الصلاة إلّا بالطهر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. (2035) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : أخرج حديثها الدارقطني [1/ 355] من طريق عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الشعبي، عن مسروق، عنها ولفظه: لا يقبل الله صلاة إلّا بطهور وبالصلاة عليّ، عمرو وجابر لا يحتج بهما، لكن قال ابن القيم في جلاء الأفهام عند إيراده له: لا تقوم الحجة به عند انفراده وقد يقوي بعضها بعضا عند الاجتماع. اه. وفي الباب عن سهل بن سعد، فأخرج ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 80 من حديث عبد المهيمن بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعا: لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم. وأصله عند جماعة بلفظ: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار. أخرجه ابن ماجه برقم 400، والحاكم في المستدرك [1/ 269] ، والدارقطني [1/ 355] ، والطبراني في معجمه الكبير [6- رقم 5698] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 379] ، وابن عبد البر في التمهيد [16/ 196] ، وقد أعله الدارقطني وابن عبد البر والذهبي في التلخيص بعبد المهيمن. وأخرج أبو الشيخ في الثواب وفضائل الأعمال- كما في جلاء الأفهام [/ 236]-، ومن طريقه أبو موسى المديني- كما في القول البديع [/ 171]- من طريق محمد بن جابر- ضعفه الجمهور-، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود مرفوعا: إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة. وهذا قد رواه البيهقي في السنن الكبرى [1/ 44] ، وأبو القاسم الأصبهاني في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 2036- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: آمين- ثلاث مرات- فقيل: يا رسول الله صنعت شيئا لم تصنعه؟ قال: نعم، جاءني جبريل عليه السلام فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. - الترغيب والترهيب برقم 1649 من طريق يحيى بن هاشم- متروك الحديث- عن الأعمش بلفظ: إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره لم يطهر منه إلّا ما مر عليه الماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة. ضعفه البيهقي بيحيى بن هاشم. (2036) - قوله: «وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر» : روي هذا من حديث أبي هريرة، وكعب بن عجرة، وابن عباس، وأنس بن مالك، ومالك بن الحويرث، وعبد الله بن الحارث، وجابر بن سمرة، وعمار بن ياسر. (أ) أما حديث أبي هريرة، فله طرق: 1- فأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 646، والبزار في مسنده [4/ 49 كشف الأستار] رقم 3169، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 66، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 18 من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عنه به، وصححه ابن خزيمة برقم 1888. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 ......... - 2- وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 346] من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عنه به. 3- وأخرجه أبو يعلى في مسنده [10/ 328] رقم 5922 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 895. 4- وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 67 من طريق يحيى ابن يزيد النوفلي، عن أبيه، عن أبي سلمة ويزيد بن رومان كلاهما عنه به. 5- وأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 254] ، والترمذي برقم 3545، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 16، 17، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 65، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 152 جميعهم من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 549] . (ب) وأما حديث كعب بن عجرة، فأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 319] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 144] رقم 315، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 19، من طريق سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن هلال قال: حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عنه به، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 153] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 166] : رواه الطبراني ورجاله ثقات، مع أن إسحاق بن كعب مستور. (ج) وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 82] رقم 11115 من طريق يزيد بن أبي زياد- ضعيف- عن مجاهد، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 165] : يزيد بن أبي زياد- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 ......... - اختلف فيه، وبقية رجاله ثقات. وله طريق أخرى، فأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1672 بإسناد فيه كادح بن رحمة، عن شيخه نشهل بن سعيد، عن الضحاك، عنه به، وهذا إسناد ضعيف جدا بكادح وشيخه والانقطاع بين الضحاك وابن عباس. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 83- 84] رقم 12551، وابن شاهين في فضائل شهر رمضان برقم 1، من وجه آخر عن ابن عباس بإسناد فيه إسحاق بن عبد الله بن كيسان قال في مجمع الزوائد [10/ 165] : فيه ضعف. (د) وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البخاري في بر الوالدين- كما في تفسير القرطبي [10/ 242]-، وابن أبي شيبة في مسنده- كما في المطالب العالية [3/ 223] رقم 3319-، والبزار في مسنده [4/ 49 كشف الأستار] رقم 3168، وابن شاهين في فضائل شهر رمضان برقم 7، 8، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 15، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 187، ومن طريقه الخطيب في الموضح [2/ 110] ، والسمعاني في أدب الإملاء [/ 137] جميعهم من حديث سلمة بن وردان- وهو ضعيف- عن أنس به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 166] : فيه سلمة بن وردان وقد قال البزار فيه: صالح، وبقية رجاله رجال الصحيح. (هـ) وأما حديث مالك بن الحويرث، فأخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 409، وابن عدي في الكامل [6/ 2378] من حديث عمران بن أبان، عن مالك بن الحسن- منكر الحديث-، عن أبيه، عن جده به. (و) وأما حديث عبد الله بن الحارث بن جزء، فأخرجه الطبراني- كما في مجمع الزوائد [10/ 165]- والبزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3165، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 68، وفي إسناده- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 ......... - ابن لهيعة ضعفه به السخاوي في القول البديع [/ 145] ، أما الهيثمي فقال في مجمع الزوائد: فيه من لم أعرفه. (ز) وأما حديث جابر بن سمرة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 271] رقم 2022، والبزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3166 من طريق إسماعيل بن أبان- ضعيف-، عن قيس بن الربيع- مثله- عن سماك، عنه به. (ح) وأما حديث عمار بن ياسر، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3164، والطبراني- كما في القول البديع [/ 142- 143] ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 164] : فيه من لم أعرفه، وقال السخاوي: محمد بن عمار ذكره ابن حبان في الثقات، وابنه أبو عبيدة وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 [276- فصل: في أنّ الدّعاء محجوب عن السّماء لا يرفع حتّى يصلّى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم] 276- فصل: في أنّ الدّعاء محجوب عن السّماء لا يرفع حتّى يصلّى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من دعاء إلّا وبينه وبين الله عزّ وجلّ حجاب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء. 2037- حدثناه أبو الحسن: محمد بن أحمد بن حامد العطار: ثنا علي بن سعيد، ثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثني الوليد بن بكير (2037) - قوله: «محمد بن أحمد بن حامد العطار» : لم أقف عليه فيما لدي من المصادر. قوله: «ثنا علي بن سعيد» : هو ابن جرير بن ذكوان النسائي، الحافظ الثقة: أبو الحسن النيسابوري نزيلها، محدث مشهور، وصاحب رحلة، وكان من جلساء الإمام أحمد وأحد المتقنين، روى عنه النسائي وابن ماجه، أغفله الذهبي فلم يذكره في سيره وهو من شرطه، فكأنه ذهل عنه. انظر عنه في: تهذيب الكمال [20/ 447] ، تهذيب التهذيب [7/ 286] ، الكاشف [2/ 248] ، المعجم المشتمل: الترجمة رقم 631، التقريب [/ 401] الترجمة رقم 4737، التاريخ الصغير [2/ 395] . قوله: «ثنا الحسن بن عرفة» : هو ابن يزيد العبدي، الحافظ الصدوق: أبو علي البغدادي، المؤدب، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 أبو خبّاب التميمي، عن سلام الخزّاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. 2038- وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدعاء محجوب حتى يختم- صاحب الجزء المشهور، وهو من شيوخ الترمذي وابن ماجه في كتابيهما، وروى عنه النسائي بواسطة، أثنى عليه ابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق. انظر عنه في: تهذيب الكمال [6/ 201] ، تاريخ بغداد [7/ 394] ، سير أعلام النبلاء [11/ 547] ، الوافي بالوفيات [12/ 103] ، تهذيب التهذيب [2/ 254] ، الكاشف [1/ 163] ، التقريب [/ 162] الترجمة رقم 1255. قوله: «أبو خباب التميمي» : تصحفت الكنية في الأصول، فوقع فيها: أبو حيان التميمي، وقد قيدها أصحاب المشتبه كما أثبتناها: بالخاء المعجمة ثم موحدة مشددة، ثم موحدة بعد الألف، وضبطها الحافظ في التقريب بنون بعد الجيم وهو غريب، والوليد بن بكير كوفي، شيخه أبو حاتم، وقال الذهبي في الميزان: ما رأيت من وثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ في التقريب: لين الحديث. انظر عنه في: توضيح المشتبه [1/ 349] ، المؤتلف لعبد الغني [/ 41] ، المؤتلف للدارقطني [1/ 473] ، الميزان [6/ 10] ، تهذيب الكمال [31/ 5] ، تهذيب التهذيب [11/ 115] ، الكاشف [3/ 209] ، التقريب [/ 581] الترجمة رقم 7417، الميزان [6/ 10] . قوله: «عن سلام الخزاز» : بمعجمات، مذكور في شيوخ الوليد بن بكير وأبي إسحاق السبيعي، ولم أر من أفرده بترجمة، فهذه علة أخرى تضاف للثلاث التي ذكرها ابن القيم في جلاء الأفهام في إسناد هذا الحديث، حيث أغفل الكلام على سلام هذا. (2038) - قوله: «وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم» : يأتي تخريجها أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 بالصلاة عليّ. 2039- وروى أبو عمرو بن العلاء، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد. (2039) - قوله: «وروى أبو عمرو بن العلاء» : ابن عمار التميمي، المازني، البصري، الإمام المقرىء المشهور، أحد القراء السبعة، وأحد علماء العربية، اختلف في اسمه، وهو بكنيته أشهر. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [6/ 407] ، وفيات الأعيان [3/ 466] ، فوات الوفيات [2/ 28] ، التاريخ الكبير [9/ 55] ، طبقات القراء لابن الجزري [1/ 288] ، تهذيب الكمال [34/ 120] ، تهذيب التهذيب [12/ 197- 198] ، ذيل الكاشف [/ 337] الترجمة رقم 1903، التقريب [/ 660] الترجمة رقم 8271، العبر [1/ 223] . قوله: «عن أبيه» : لم أر من أفرده بترجمة، ولكنه مذكور في شيوخ ابنه. قوله: «كل دعاء محجوب» : أورده هكذا معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 203] ، ولم أقف عليه مسندا من هذا الوجه. وفي الباب عن عبد الله بن بسر، ومعاذ بن جبل، وأبي سليمان الداراني، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب قوله. أما حديث عبد الله بن بسر ومعاذ وقول أبي سليمان الداراني، فنخرّجه تحت الأثر الاتي بعد هذا. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 408] رقم 725، والحاكم في شعار أصحاب الحديث برقم 86، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 ......... - والهروي في مقدمة ذم الكلام برقم 4، والبيهقي في الشعب [2/ 216] رقم 1576، والشجري في أماليه [1/ 122] ، جميعهم من حديث عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث- وبعضهم يقرنه بعاصم بن ضمرة- عن علي رضي الله عنه مرفوعا: ما من دعاء إلّا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجب الدعاء. هكذا روي مرفوعا، وأخرجه البيهقي أيضا من حديث عبد الكريم برقم 1575 موقوفا، وقال: كذا وجدته موقوفا، وقال المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 505] : رفعه بعضهم والموقوف أصح، وكذا قال ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 63] ، والسخاوي في القول البديع [/ 224] . * ورواه نوفل بن سليمان- أحد الضعفاء- فسمى عبد الكريم ونسبه فقال: الجزري يريد: عبد الكريم بن مالك الجزري- فظن بعض أهل العلم أنه كذلك- منهم ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 63] حيث قال: رفعه سلام الخزاز وعبد الكريم بن مالك الجزري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وقد قال الحافظ في اللسان [4/ 53] : رواه نوفل بن سليمان- أحد الضعفاء- عن عبد الكريم هذا لكنه وهم فقال: عن عبد الكريم الجزري، والجزري ثقة لا يحتمل مثل هذا. حديث نوفل أخرجه البيهقي في الشعب برقم 1576، والهروي في مقدمة ذم الكلام برقم 4. * ورواه إسحاق بن بشر، عن عبد الكريم، عن أبي إسحاق، عن البراء، علقه الهروي في مقدمة ذم الكلام عقب حديث رقم 4. وممن رواه عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي فرفعه: سلام الخزاز، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 ......... - أخرجه الحسن بن عرفة- ولم أجده في جزئه- لكن أخرجه من طريقه المصنف في المتقدم قبله، ومن طريقه أيضا أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1650، وبيبي الهرثمية في جزئها برقم 35، وابن رشيد في ملء العيبة [3/ 381] ، وابن المستوفي في تاريخ إربل [1/ 238- 239] . وقد أعله ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 14] بثلاث علل: بأنه من رواية الحارث الأعور وهو ضعيف، وبأن شعبة قال: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلّا أربعة أحاديث ليس هذا منها، وبأن الثابت وقفه على علي رضي الله عنه. اه. قلت: وهذه الثلاث تضاف إلى ما تقدم ذكره، ومنها جهالة سلام الخزاز. وأما حديث عمر بن الخطاب، فأخرجه الترمذي في أبواب الصلاة من جامعه، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم 486 من طريق أبي قرة الأسدي- قال ابن خزيمة: لا أعرفه بجرح ولا تعديل- عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصليّ على نبيك صلى الله عليه وسلم، موقوف بإسناد منقطع، ولكن جوّد إسناده ابن كثير في مسند الفاروق [1/ 176] فقال: وهذا إسناد جيد، وكذا رواه أيوب بن موسى، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قوله، ورواه معاذ بن الحارث، عن أبي قرة الأسدي، عن سعيد، عن عمر مرفوعا، والأول أصح. اه. وعزاه السخاوي في القول البديع [/ 223] لابن راهويه، وابن بشكوال، والواحدي، ومن طريقه الرهاوي في الأربعين له. قلت: ورواه عمرو بن مسافر- أحد الضعفاء- قال: حدثني شيخ من أهلي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما من دعوة لا يصلى على النبي قبلها إلّا كانت معلقة بين السماء والأرض، أخرجه القاضي إسماعيل في جزء- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 2040- وقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: إذا دعا الرجل ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفرف الدعاء فوق رأسه، وإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الدعاء. - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 74. وأما حديث أنس بن مالك، فعلقه البيهقي في الشعب عقب حديث علي رضي الله عنه المتقدم فقال: رويناه من وجه آخر عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك مرفوعا- وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس، هكذا يقول السخاوي في القول البديع [/ 222] ، ولم أقف عليه عنده إلّا من حديث علي بن أبي طالب المتقدم قريبا، وفي الباب أيضا عن عبد الله بن بسر في التعليق على الأثر بعده. (2040) - قوله: «رفرف الدعاء فوق رأسه» : موقوف، وقد تقدم الكلام عليه، وأخرج النسائي- كما في جلاء الأفهام [/ 212] ، والقول البديع [/ 222]-، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 112]-، ومن طريق الطبراني: الضياء في المختارة [9/ 82] رقم 65- وليس في سياقه الشاهد-، وابن بشكوال من حديث الجراح بن يحيى- قال الهيثمي: لم أعرفه- قال: حدثني عمرو بن عمرو قال: سمعت عبد الله بن بسر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عزّ وجلّ وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو يستجاب لدعائه. وأخرج ابن حبان في المجروحين [1/ 113] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 358] رقم 1409 من حديث إبراهيم بن إسحاق الواسطي- ضعيف، وبه أعل الحديث-، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعا: الدعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتابع إبراهيم أحد على روايته هذه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 ......... - وأخرج النميري- كما في القول البديع [/ 232] ، وجلاء الأفهام من حديث أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما. قال ابن القيم بعد إيراد حديث أمير المؤمنين وعبد الله بن بسر: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء بمنزلة الفاتحة من الصلاة، فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن مفتاح الصلاة الطهور، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 [277- فصل: في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها] 277- فصل: في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها 2041- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصّعقة، فأكثروا عليّ الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ. 2042- وقال صلى الله عليه وسلم: أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنها تعرض عليّ. (2041) - قوله: «فإن صلاتكم معروضة عليّ» : رواه أبو الأشعث عن أوس بن أوس وتمام اللفظ: فقال رجل: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت- يعني: بليت-؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. حديث صحيح، وقد خرجناه في كتاب الجمعة، من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1698- فتح المنان. (2042) - قوله: «أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة» : فيه حديث أبي الدرداء خرجناه في باب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، في فصل: الأنبياء أحياء في قبورهم، وفيه حديث أبي أمامة، يأتي تخريجه في فصل: فضل الإكثار والمكثرين من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. وفيه حديث أبي مسعود الأنصاري أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 421] ، ومن طريقه البيهقي في حياة الأنبياء برقم 11، وفي الشعب [3/ 110] رقم 3030، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 64 من حديث أبي رافع: إسماعيل بن رافع- اختلف فيه- عن المقبري، عنه بنحوه مرفوعا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 2043- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغراء فإن صلاتكم تعرض عليّ- يعني: يوم الجمعة-. - وفيه حديث أنس، رواه عنه جماعة، منهم: 1- يزيد الرقاشي- أحد الضعفاء- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [3/ 944] ، وهو بنحو اللفظ الوارد، ورواه درست بن زياد، عن يزيد الرقاشي بلفظ: أكثروا من الصلاة عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له شهيدا- أو: شافعا- يوم القيامة، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 968- 969] ، والبيهقي في الشعب [3/ 110- 111] رقم 3033. 2- أبو ظلال: هلال بن أبي هلال- أحد الضعفاء- أخرجه الطبراني- كما في الترغيب والترهيب للمنذري [2/ 498]- ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1651، وأبو يعلى الصابوني وابن أبي عاصم- كما في القول البديع للسخاوي [/ 111، 194] . 3- أبو إسحاق السبيعي، عن أنس، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 249] ، ولفظه: أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا، وإسناده حسن. 4- قتادة، عن أنس، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 379، والطبراني في مسند الشاميين برقم 2610، وابن عدي في الكامل [3/ 1039] من طريق رواد بن الجراح، عن سعيد بن بشير، عنه بلفظ: أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، رواد ضعيف جدا، ولذلك عده أبو حاتم فيما رواه ابنه عنه في العلل [1/ 205] منكرا. (2043) - قوله: «في الليلة الغراء» : عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 195] للمصنف، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 182- 183] رقم 243 بلفظ: أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الزهراء واليوم الأزهر- وفي القول البديع عن الطبراني: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 2044- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى عليّ يوم الجمعة مائة صلاة غفرت له خطيئة ثمانين سنة، قال أبو الحجاج: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت يا رسول الله: حدثني أبو مقاتل عنك أنه من صلى عليك يوم الجمعة مائة صلاة غفر له خطيئة ثمانين سنة، قال: صدق أبو مقاتل. - واليوم الأغر-، فإن صلاتكم تعرض عليّ، أخرجه من حديث عبد المنعم بن بشير- وهو ضعيف- عن أبي مودود: عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 169] : فيه عبد المنعم بن بشير، وهو ضعيف. وأخرج البيهقي في الشعب [3/ 111] رقم 3034 من طريق عمرو بن شمر- ضعيف بمرة- عن محمد بن سوقة، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس مرفوعا: أكثروا الصلاة على نبيكم في الليلة الغراء واليوم الأزهر ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وأخرج السلفي- كما في القول البديع [/ 195] مثله من حديث ابن عمر، قال الحافظ السخاوي: وفي إسناده قاسم الملطي وهو كذاب. (2044) - قوله: «خطيئة ثمانين سنة» : عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 120، 196] للمصنف، وقد روي من حديث أبي هريرة أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 22، ومن طريقه ابن بشكوال كما في القول البديع [/ 195] ، والديلمي في مسند الفردوس برقم 3814، بإسناد فيه متروك وضعيفان، وعزاه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [1/ 193] للدارقطني في الأفراد وقال: حديث غريب، وقال ابن النعمان: حديث حسن، وقال السخاوي في القول البديع [/ 195] : ومن طريقه- أي الدارقطني-: أبو الشيخ في الثواب، والضياء المقدسي، وعزاه أيضا لأبي نعيم قال: وهو عند الأزدي في الضعفاء- ولم أقف عليه في المطبوع منه- قال: وسنده ضعيف. اه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 قال: فكان أبو الحجاج يقول: أنا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدثكم عن أبي مقاتل، لأن الشيطان لا يقدر على أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم. - قال السخاوي [/ 196] : وأخرجه ابن بشكوال أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ: من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال قبل أن يقوم من مكانه: اللهمّ صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما، وكتبت له عبادة ثمانين سنة. وأخرج الخطيب في تاريخه [13/ 459] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 468] رقم 796، والذهبي في الميزان [4/ 351] من حديث أنس مرفوعا مثله، وفي إسناده وهب بن داود، قال الخطيب: لم يكن ثقة. قوله: «فكان أبو الحجاج» : ما عرفته، ولا عرفت أبا مقاتل، وقد ذكر الأثر والقصة الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 194] وذكر أنه مما لم يقف على أصله، والله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 [278- فصل: ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم] 278- فصل: ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2045- روي أنهم سألوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا: كيف نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قولوا: صلوات الله البرّ الرحيم، والملائكة المقربين، والنبيّين والصدّيقين، والشهداء والصالحين، وما سبّح لك من شيء يا رب العالمين، على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الشاهد المبشر، الداعي إليك بإذنك السراج المنير. (2045) - قوله: «روي أنهم سألوا علي بن أبي طالب» : أورد هذه الصيغة منسوبة لأمير المؤمنين رضي الله عنه جماعة، منهم: القاضي عياض في الشفاء [2/ 72] وذكر في أولها الاية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الاية، وفي أولها: لبيك ربي وسعديك، صلوات الله ... وقال في آخرها: وعليه السلام، ومنهم الإمام مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس في كتابه الصلات والبشر [/ 168- 169] ، ومنهم الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 44] ، وقال: لم أقف على أصله. قلت: مما يروى عن أمير المؤمنين مسندا موقوفا عليه في هذا الباب، ما أخرجه الطبراني في الأوسط [10/ 35- 36] رقم 9085، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 23، وسعيد بن منصور، والطبري في مسند طلحة من تهذيب الاثار، وأبو الحسن بن فارس في جزء فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سنان القطان في مسنده، ومن طريقه يعقوب بن شيبة في أخبار علي رضي الله عنه، وابن عبد البر، وابن فارس، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 2046- وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أصبح وأمسى وقال: - والنخشبي في العاشر من الحنانيات، وابن بشكوال- كما في القول البديع للسخاوي [/ 45] ، جميعهم من حديث سلامة الكندي- قال الحافظ المزي: ليس بمعروف، ولم يدرك عليا- قال: كان علي بن أبي طالب يعلم الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: اللهمّ داحي المدحوات، وبارىء المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحننك- في بعض المصادر: ورافع تحيتك- على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق، والمعلن الحق بالحق، والدافع لجيشات الأباطيل، كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك، مستوفزا في مرضاتك بغير نكل عن قدم، ولا وهن في عزم، داعيا لوجهك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبسا لقابس، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والاثام، أبهج موضحات الأعلام، ومنيرات الإسلام، ونائرات الأحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، ومبعوثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة، اللهمّ افسح له متفسحا في عدنك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنات له غير مكدرات، من فوز ثوابك المعلوم، وجزيل عطائك المجزول، اللهمّ أعل على بناء البنائين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتم له نوره، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة، ومرضي المقالة، ذا منطق عدل، وكلام فصل، وحجة وبرهان عظيم صلى الله عليه وسلم. قال الطبراني: لا يروى عن علي إلّا بهذا الإسناد، تفرد به نوح بن قيس الطائي. (2046) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» : في الباب عن ابن عباس، فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 206]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد، واعط محمدا الدرجة الوسيلة في الجنة، اللهمّ يا رب محمد وآل محمد، صلّ على محمد وعلى آل محمد، واجز عنا محمدا صلى الله عليه وسلم ما هو أهله، أتعب سبعين كاتبا ألف صباح، ولم يبق لنبيه حق إلّا أدّاه، وغفر له ولوالديه، وحشر مع محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله. - رقم 11509، وفي الأوسط [1/ 180] رقم 237، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [3/ 206] ، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 15، والخطيب في تاريخه [8/ 338] ، والخلعي في فوائده، وأبو القاسم ابن بشكوال، والرشيد العطار، وأبو الشيخ، وأبو الحسين ابن عبد الله القرشي، وابن النجار- كما أفاده المجد اللغوي في الصلات والبشر [/ 75] ، والسخاوي في القول البديع [/ 43] ، والسيوطي في الجامع الكبير [1/ 809]-، جميعهم من حديث هانىء بن المتوكل الإسكندراني- وهو ضعيف-: أنا معاوية بن صالح، عن جعفر بن محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: من قال: جزى الله محمدا عنا ما هو أهله، أتعب سبعين كاتبا ألف صباح. تابعه رشدين بن سعد- وهو ضعيف أيضا- عن معاوية، أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1673، وعنه أبو القاسم بن عساكر في تاريخه، ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر- كما أفاده السخاوي في القول البديع [/ 43]-. قلت: فإذا تبين أن رشدين بن سعد قد تابع هانىء بن المتوكل فقول الطبراني وغيره أنه تفرد به هانىء ليس بمتجه، وقد قال السخاوي: وتابعهما أيضا أحمد بن حماد وغيره، فالأولى أن يقال حينئذ: تفرد به معاوية بن صالح- أحد رجال مسلم في الصحيح-، لكن في الطريق إليه ضعف، والله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 2047- وعن بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال: لا تقولوا: اللهمّ صل على محمد وتمسكوا، بل قولوا: اللهمّ صل على محمد وآل محمد. (2047) - قوله: «لا تصلوا عليّ» : لم أقف عليه مسندا، لكن أورده الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 46] وعزاه للمصنف، وقال: وهو مما لم أقف على سنده. اه. وأورده الفقيه الهيثمي في الصواعق المحرقة [/ 146] بصيغة: ويروى، والبتراء: الناقصة، أو المنقوصة من الخير والبركة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 [279- فصل: في فضل الإكثار والمكثرين من الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم] 279- فصل: في فضل الإكثار والمكثرين من الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال أبو سعد رحمه الله تعالى ورضي عنه: وأكثروا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم آناء الليل والنهار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه قال: 2048- أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة. (2048) - قوله: «أولى الناس بي يوم القيامة» : رواه موسى بن يعقوب الزمعي، عن عبد الله بن شداد فاختلف عليه فيه. فقال خالد بن مخلد عنه: عن عبد الله بن شداد، عن أبيه، عن ابن مسعود به، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 505] رقم 11836، ومن طريقه البخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 427- 428] رقم 5011، والبزار في مسنده [4/ 278- 279 البحر الزخار] رقم 1446، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي برقم 24، وابن عدي في الكامل [3/ 906، 6/ 2342] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 213] رقم 1564، وأخرجه في الدعوات الكبير له برقم 150، والشاشي في مسنده برقم 414، وفي شرف أصحاب الحديث برقم 64، جميعهم من طرق عن خالد بذكر أبي عبد الله بن شداد في الإسناد، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 911. * ورواه خالد بن مخلد مرة عن موسى فأسقط أبا عبد الله كذلك زعم البغوي في شرح السنة [3/ 197] عقب حديث رقم 686، أخرجه من طريق الدوري عن خالد، والدوري رواه عن خالد كرواية الجمهور عنه أخرجها من طريقه الخطيب، والشاشي، والبيهقي في الدعوات كما تقدم وكلهم يذكر أبا عبد الله في الإسناد فإن صح ذلك عن خالد فيكون حفظه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 2049- وقال صلى الله عليه وسلم: إن أقربكم مني، أكثركم صلاة عليّ. - عن موسى بالوجهين لأن الاضطراب فيه من موسى وليس بالحافظ كما سيأتي. * وقد تابعه عن موسى: محمد بن خالد بن عثمة، لم يذكر أبا عبد الله، أخرجه الترمذي في الصلاة باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 484- وقال: حسن غريب- ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 686، والبخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] ، والبزار في مسنده [5/ 190] رقم 1789، وأبو يعلى في مسنده [9/ 13] رقم 5080، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 25، وخالفهم العباس بن أبي شملة عن موسى، فقال عنه، عن ابن كيسان، عن عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] . قال الدارقطني في العلل [5/ 759] ما ملخصه: الاضطراب فيه من موسى، ولا يحتج به، قال: وقد رواه القاسم بن أبي الزياد، عن موسى، عن ابن كيسان، عن سعيد بن سعيد، عن ابن عتبة، عن ابن مسعود. اه. قلت: أخرجه البخاري في تاريخه [5/ 177] . (2049) - قوله: «إن أقربكم مني» : يعني: منزلة، كما في حديث أبي أمامة، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 249] ، وفي الشعب [3/ 110] رقم 3032، وفي حياة الأنبياء برقم 12 من طريق برد بن سنان، عن مكحول، عن أبي أمامة مرفوعا: أكثروا عليّ من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض عليّ في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليّ صلاة كان أقربهم مني منزلة. حسّنه المنذري في الترغيب والترهيب، قال: إلّا أن مكحولا قيل: إنه لم يسمع من أبي أمامة. وفي الباب عن أنس بن مالك، فأخرج البيهقي في الشعب [3/ 111] رقم 3035، وفي حياة الأنبياء برقم 13، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 2050- وقال صلى الله عليه وسلم: أولى الناس بي يوم القيامة، أكثرهم عليّ صلاة. 2051- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحب أن يكتال له بالمكيال الأوفى، فليصل علي رضي الله عنه. - والترهيب برقم 1647، وابن عساكر في تاريخه، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [6/ 654]-، وابن منده في الأول من فوائده، والديلمي في مسند الفردوس، وابن بشكوال، وأبو اليمن ابن عساكر- كما في القول البديع [/ 156]- وهذا لفظ البيهقي: إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليّ صلاة في الدنيا، من صلى عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الاخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبره كما يدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى عليّ باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء. في إسناده من لا يعرف. (2050) - قوله: «أولى الناس بي يوم القيامة» : هكذا تكرر في الأصول. (2051) - قوله: «فليصل عليّ» : وتمامه: فليقل: اللهمّ صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. رواه حبان بن يسار- وهو ممن يضعف في الحديث- فاختلف عليه فيه، فرواه موسى بن إسماعيل عنه، عن أبي المطرف الخزاعي، عن محمد بن علي الهاشمي، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة به مرفوعا، أخرجه أبو داود في الصلاة، برقم 982، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 151] ، وفي الاعتقاد [/ 185] ، والبخاري في التاريخ الكبير [3/ 87] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 2052- وقال رجل: يا رسول الله إني جعلت ثلث دعائي صلاة عليك، قال: إن زدتّ فهو خير لك، قال: وإن جعلت نصف دعائي صلاة عليك؟ قال: إن زدت فهو خير لك، قال: إن جعلت دعائي صلاة عليك؟ قال: إذا تكفى همك، ويغفر ذنبك. - ورواه عمرو بن عاصم، عنه، عن عبد الرحمن بن طلحة الخزاعي، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب به مرفوعا، أخرجه النسائي في مسند علي [5/ 348 تهذيب الكمال] ، وابن عدي في الكامل [2/ 830] . (2052) - قوله: «وقال رجل» : في الباب عن حبان بن منقذ، وأبي بن كعب، وأبي هريرة، ويعقوب بن زيد التيمي مرسلا. أما حديث حبان بن منقذ، فرواه رشدين بن سعد- وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه- عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبيه، عن جده حبان بن منقذ أن رجلا قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ ... الحديث، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 41- 42] رقم 3574، حسنه المنذري في الترغيب والترهيب بشواهده [2/ 501] ، والهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 160] . ورواه رشدين مرة كرواية الثقات من أصحاب ابن شهاب عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبيه ليس فيه: عن جده، حديث قرة من هذا الوجه أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 60. وحديث ابن شهاب المرسل، أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 389] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 217] رقم 1580. ورواه عبدان المروزي في الصحابة ومن طريقه أبو موسى المديني في الذيل- كما في القول البديع [/ 119]- من طريق الحكم بن عبد الله، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 ......... - عن محمد بن يحيى بن حبان وسمى الرجل أيوب بن بشير، قال السخاوي: والحديث معروف لأبي بن كعب. وأما حديث أبي بن كعب، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 136] ، والترمذي في القيامة برقم 2457، وعبد بن حميد في مسنده [رقم 170- المنتخب] ، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 517، 11/ 504] ، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 14، ومن طريقه السبكي في الطبقات [1/ 173] ، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 58، وفي الزهد له برقم 263، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 21، وأبو نعيم في الحلية [1/ 256] ، والبيهقي في الشعب [1/ 394، 2/ 217] رقم 517، 1579، جميعهم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، فقال أبي بن كعب: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك منها؟ ... الحديث، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 421، 513] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 46 كشف الأستار] رقم 3158، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 59، وابن عدي في الكامل [5/ 1674] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 82] من طريق عمر بن صبهان- منكر الحديث، وبعضهم تركه-، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أجعل شطر صلاتي دعاء لك؟ قال: إذن يكفيك الله همّ الدنيا والاخرة. وأما حديث يعقوب بن زيد، فأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 2053- عن علي بن موسى عليه السلام، عن أبيه، عن جده أنه قال: من قال كل يوم: اللهمّ صل على محمد، وعلى آل محمد وعلى أهل بيته، مائة مرة، قضي له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا. 2054- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى عليّ ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة. - على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 13، ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية [1/ 173- 174] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 215] رقم 3114. قال الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 120] : يعقوب بن زيد من صغار التابعين، فحديثه إما مرسل أو معضل. (2053) - قوله: «عن علي بن موسى عليه السلام» : تصحف في الأصول إلى: أحمد بن موسى، وجده هو جعفر بن محمد، وقوله هذا روي من حديث جابر بن عبد الله، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. أما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن منده في الأول من فوائده- كما في القول البديع [/ 128، 156]- قال: ولفظه: من صلى عليّ في كل يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، سبعين منها لاخرته، وثلاثين منها لدنياه، قال السخاوي: قال الحافظ أبو موسى المديني: غريب حسن. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الديلمي في مسند الفردوس- قال الحافظ السخاوي [/ 129] : بلا إسناد- عن علي رفعه: من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة قضى الله له مائة حاجة. وأما حديث أنس، فمذكور في التعليق على حديثه المتقدم قريبا: إن أقربكم مني أكثركم عليّ صلاة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 2055- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا عليّ من الصلاة، قال قلت: وهل تبلغك الصلاة بعد أن تفارقنا؟ قال: نعم يا علي، إن الله عزّ وجلّ وكل لقبري ملكا، يقال له: صلصائيل- وهو في صورة الديك متن عفريه تحت عرش الرحمن، ومخالبه في تخوم الأرض السابعة، له ثلاثة أجنحة: جناح إذا نشره بالمشرق، وآخر بالمغرب، وآخر منتشر على قبري، قال: فإذا قال العبد: اللهمّ صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، لقطها من فيه كما يلتقط الطير الحب، يرفرف على قبري ويقول: يا محمد يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك وأقرأك السلام فيكتب له ذلك في رق من نور بالمسك الأذفر، وترفع له عشرون ألف حسنة، ويمحى عنه عشرون ألف سيئة، ويغرس له عشرون ألف شجرة طوبى على شاطىء الكوثر، مختوم بالمسك الأذفر الأبيض في قبري عند رأسي، فأول من تنشق عنه الأرض أنا، فيأتيني جبريل عليه السلام بدابة، بين عينيه: لا إله إلّا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، له سبعون ألف جناح، تحت كل ريشة من أجنحته خلخال من ذهب، جوفه محشو بالمسك الأذفر الأبيض، فيسبح الخلخال بلسان لا يعلم الخلخال الذي بجنبه ما يقول إلّا أنه يسبح ويهلل ويحمد رب العالمين فأرفع إلى رضوان (2055) - قوله: «عفريه» : عفرية الدّيك: ريش عنقه. قوله: «مختوم بالمسك» : أي الرق المكتوب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 خازن الجنة لواء وهو لواء الحمد مكتوب عليه في وسطه لا إله إلّا الله محمد رسول الله لو نشرته على جميع ولد آدم لغطّاهم عن آخرهم ومن سواهم، جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري يسبحان ويهللان ويحمدان مع خلاخل البراق حتى أغرز لوائي عند الميزان، ونصبت الموازين ودعي العباد إلى الحساب، فإذا دعي العبد الذي أكثر الصلاة عليّ في دار الدنيا وضع في كفّة الميزان، فيخفّ الميزان، فأقول للوزّان: ارفق يرحمك الله، فإن له عندي وديعة وصنيعة، والكتاب معي، فيقول الوزّان: يا حبيب الله أنت اليوم مطاع، فامر فيفك كتاب يراه باسمه واسم أبيه وجده وأضعه في كفة الميزان، فأدعو الله أن يرجح ميزانه. قوله: «فأدعوا الله أن يرجح ميزانه» : هكذا أورده بطوله المجد الفيروز آبادي في الصلات والبشر معلقا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقال: رواه أبو سعد في الوفا- كذا- بشرف المصطفى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 [280- فصل: ذكر حكاية متعلّقة بفضل الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم] 280- فصل: ذكر حكاية متعلّقة بفضل الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2056- يروى عن الثوري أنه قال: رأيت رجلا من الحجاج يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له: هذا موضع ذا؟ فقال: ألا أخبرك؟ مات أبي وكان البيت مظلما، فدخل رجل كأن وجهه السراج، فمسح وجه أبي فصار كالقمر، فقلت: من أنت؟ فقال: ملك موكل بمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أفعل به هكذا. (2056) - قوله: «هذا موضع ذا» : كذا في الأصول، وفي القول البديع للحافظ السخاوي [/ 239] : هذا موضع الثناء على الله عزّ وجلّ. قوله: «أفعل به هكذا» : أوردها الحافظ السخاوي في القول البديع، وأعقبها بأخرى بنحوها بسياق أطول فقال [/ 240] : وروى أبو نعيم وابن بشكوال عن سفيان الثوري أيضا قال: بينما أنا حاج إذ دخل عليّ شاب لا يرفع قدما ولا يضع أخرى إلّا وهو يقول: اللهمّ صلي على محمد وعلى آل محمد، فقلت له: أبعلم تقول هذا؟ قال: نعم، ثم قال: من أنت؟ قلت: سفيان الثوري، قال: العراقي؟ قلت: نعم، قال: هل عرفت الله؟ قال قلت: نعم، قال: كيف؟ قال: قلت: بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويصور الولد في الرحم، قال: يا سفيان ما عرفت الله حق معرفته، قلت: وكيف تعرفه؟ قال: بفسخ العزم والهم، ونقض العزيمة، هممت ففسخ همتي، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 ......... - وعزمت فنقض عزمي، فعرفت أن لي ربا يدبرني، قال: قلت: فما صلواتك على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت حاجّا ومعي والدتي، فسألتني أن أدخلها البيت ففعلت، فوقعت، وتورم بطنها، واسود وجهها، قال: فجلست عندها وأنا حزين، فرفعت يدي نحو السماء فقلت: يا رب هكذا تفعل بمن دخل بيتك، فإذا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة، وإذا رجل عليه ثياب بيض، فدخل البيت وأمرّ يده على وجهها فابيضّ، وأمر يده على بطنها فسكن المرض، ثم مضى ليخرج فتعلقت بثوبه فقلت: من أنت الذي فرجت عني؟ قال: أنا نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله فأوصني، قال: لا ترفع قدما ولا تضع أخرى إلّا وأنت تصلي على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 [281- فصل: في ختم الباب] 281- فصل: في ختم الباب 2057- قال أبو سعد: أنشدت: صلى الإله على النبي محمد ... والطيبين الطاهرين الرّشد من آله الأبرار أعداد الحصى ... والرمل والقطر، الذي لم يعد (2057) - قوله: «أنشدت» : بهذه الأبيات ختم الحافظ السخاوي كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع [/ 264] ، وقال: وقد أنشد بعضهم: ... فذكرها، وبها ختم ناسخ الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود للعلامة الهيتمي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 [282- باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلّا حقّا] 282- باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلّا حقّا 2058- حدثنا أبو محمد: عبد الله بن محمد بن علي بن زياد قوله: «وما قال إلّا حقّا» : يشير المصنف رحمه الله بهذه الترجمة إلى ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 340، 360] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في المزاح، رقم 1990، وفي الشمائل برقم 229، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [13/ 179] برقم 3602، والبخاري في الأدب المفرد برقم 265، وابن عساكر في تاريخه [4/ 35 مرتين، 36 مرتين] ، جميعهم من طرق عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله إنك تداعبنا، فقال: إني وإن داعبتكم فإني لا أقول إلّا حقّا. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 391] رقم 13443، وفي الأوسط [7/ 391] رقم 6760، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 88- 89] من حديث عبيد بن عمير قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها ونحن نذكر حمى المدينة وانتقالها إلى مهيعة ونضحك، ثم صرنا إلى حديث بريدة ومسكنها إذا افتتح علينا عبد الله بن عمر فلما رأيناه أكثرنا وقال: دعنا من باطلكما، قالت عائشة: سبحان الله، ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأمزح ولا أقول إلّا حقّا، لفظ أبي الشيخ، اختصره الطبراني وزاد في آخره، جواب ابن عمر: نعم. وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 530] رقم 999، وفي [8/ 158- 159] رقم 7318، وفي الصغير [2/ 59] رقم 779 من حديث بكر بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 الدّقّاق العدل رحمه الله، قال: أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن إسحاق الأنماطي، قال: حدثنا لوين: محمد بن سليمان المصيصي، قال: - عبد الله المزني، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأمزح ولا أقول إلّا حقّا، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 89] . وأخرج ابن الأعرابي في معجمه [3/ 1027] رقم 2202، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 43- 44] من حديث حماد بن سلمة، عن ابن جعفر الخطمي أن رجلا كان يكنى أبا عمرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أم عمرة، فضرب الرجل يده إلى مذاكيره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مه! قال: والله ما ظننت إلّا أني امرأة لما قلت لي: يا أم عمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر مثلكم أمازحكم، مرسل، ورجاله ثقات، وتصحفت كلمة أمازحكم في المطبوع من المعجم إلى: أمان حكم! هكذا ضبطها المحقق. قوله: «الدقاق العدل» : لم أقف على ترجمة له فيما لديّ من المصادر. قوله: «إبراهيم بن إسحاق الأنماطي» : الإمام الحافظ المحقق: أبو إسحاق النيسابوري، صاحب التفسير الكبير، كان من علماء الأثر ممن أثنى عليه المشايخ والأقران، توفي سنة ثلاث وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء [14/ 193] ، تذكرة الحفاظ [2/ 701] ، طبقات المفسرين للداودي [1/ 7] ، العبر [2/ 125] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 303- ص 111] ، طبقات الحفاظ [/ 304] ، الشذرات [2/ 424] . قوله: «حدثنا لوين» : بضم اللام وفتح الواو، وتصغير لون، لقب، وكنيته: أبو جعفر الكوفي العلاف، الإمام الحافظ الثقة، وأحد علماء الحديث، كان صاحب رحلة، وله حلقة في علم الفرائض، انتهت إليه مشيخة الثغر في وقته، وثقه الجمهور، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وهو من رجال أبي داود والنسائي. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 حدثنا شريك، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك قال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الأذنين. - سير أعلام النبلاء [11/ 500] ، تاريخ بغداد [5/ 292] ، الوافي بالوفيات [3/ 123] ، تهذيب الكمال [25/ 297] ، تهذيب التهذيب [9/ 176] ، الكاشف [3/ 43] ، التقريب [/ 481] الترجمة 5925، طبقات المحدثين بأصبهان [2/ 147] . قوله: «ثنا شريك» : هو ابن عبد الله النخعي، القاضي، من أهل العلم، كان حافظا، ثم قل ضبطه وإتقانه بعد القضاء، وساء حفظه، فصار غيره مقدم عليه سيما إذا خالف، علق له البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعات، واحتج به أصحاب السنن. سير أعلام النبلاء [8/ 178] ، إكمال مغلطاي [6/ 245] ، تذكرة الحفاظ [1/ 232] ، تهذيب التهذيب [12/ 462] ، الكامل لابن عدي [4/ 1321] ، تاريخ بغداد [9/ 279] ، تهذيب التهذيب [4/ 293] ، الكاشف [2/ 9] ، التقريب [/ 266] الترجمة رقم 2787، الميزان [2/ 460] ، ثقات ابن حبان [6/ 444] ، طبقات ابن سعد [6/ 370، 379] . قوله: «عن عاصم الأحول» : هو عاصم بن سليمان الأحول، الإمام التابعي الثقة: أبو عبد الرحمن البصري، أحد رجال الستة الثقات. تهذيب الكمال [13/ 485] ، سير أعلام النبلاء [6/ 13] ، تذكرة الحفاظ [1/ 149] ، طبقات ابن سعد [7/ 256، 319] ، إكمال مغلطاي [7/ 103] ، تهذيب التهذيب [5/ 38] ، الكاشف [2/ 44] ، التقريب [/ 285] الترجمة رقم 3060. قوله: «كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الأذنين» : إسناده حسن من أجل شريك بن عبد الله، أخرجه من طرق عنه: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 2059- روى أنس بن مالك قال: كان لأبي طلحة ابن من أم سليم يقال له: أبو عمير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه إذا دخل، وكان له نغير- وهو العصفور- فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دارهم فرأى أبا عمير حزينا فقال: ما شأن أبي عمير؟ قيل: يا رسول الله مات نغيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا عمير ما فعل النغير. وقيل: إن فيه من الفوائد: الأول: حبه صلى الله عليه وسلم الأنصار. - الإمام أحمد في المسند [3/ 127، 127، 260] ، وأبو داود في الأدب برقم 3828، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [10/ 248] . وأخرجه الترمذي في البر والصلة برقم 1992- وقال: صحيح غريب-، وفي المناقب برقم 3828، - وقال: حسن غريب صحيح-، وفي الشمائل برقم 227، ومن طريق الترمذي: البغوي في شرح السنة [13/ 182] رقم 3606. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 211] رقم 663، وابن السني في اليوم والليلة برقم 420، وابن عساكر في تاريخه [4/ 41، 42 ثلاث مرات، 23/ 295- وتصحف شريك هنا إلى: السري] . تابعه الصلت بن الحجاج- وهو منكر الحديث- عن عاصم، أخرجه ابن عساكر [64/ 267] . (2059) - قوله: «روى أنس بن مالك» : حديثه في الصحيحين. قوله: «وقيل: إن فيه من الفوائد» : أفرده بالتصنيف الإمام الفقيه: أبو العباس أحمد الطبري الشافعي، المعروف بابن القاص، والمتوفى سنة 335 هـ[طبع مؤخرا بتحقيق صابر البطاوي] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 الثاني: اختصاص أم سليم بالدخول عليها، والانبساط معها. الثالث: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم للقاصي والداني. الرابع: إباحة الممازحة مع الصبيان. الخامس: جواز تصغير الاسم كحميد، ونجيد. السادس: جواز أن يكنى الرجل قبل أن يولد له. السابع: جواز تصغير اسم الحيوان إذا كان صغير الجسم. الثامن: جواز إضافة الفعل إليه لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل النغير. التاسع: تحليل الصيد من الحل. العاشر: جواز إمساك الصيد في الحرم إذا كانت الإصابة في الحل، لأن المدينة حرم من وجه الخبر، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: حرمت ما بين لا بتيها، ولا يزول الملك، أو قيل: إن من اصطاد بالمدينة سلبه لمن رآه في حال الصيد، روي في ذلك مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم. - قال الحافظ في الفتح: وقد سبق إلى التنبيه على فوائد قصة أبي عمير بخصوصها من القدماء: أبو حاتم الرازي أحد أئمة الحديث وشيوخ أصحاب السنن، ثم تلاه الترمذي في الشمائل، ثم تلاه الخطابي قال: وجميع ما ذكروه يقرب من عشرة فوائد فقط، وقد ساق شيخنا في شرح الترمذي ما ذكره ابن القاص بتمامه. اه. ثم لخص الحافظ ما ذكره ابن القاص مستوفيا مقاصده. قوله: «روي ذلك مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم» : تقدم في فضائل المدينة، فليراجع هناك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 الحادي عشر: من السنة أن تسأل عن الحزين ما أصابه إذا رؤي الأثر فيه، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: ما شأنه؟ الثاني عشر: جواز إمساك الطير من غير أرب، لا لفرخ ولا لبيض. 2060- ومنها: أن امرأة من عماته قالت: يا رسول الله، سل الله أن يدخلني الجنة، قال: إن الجنة لا يدخلها العجز، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها حزينة قال: جعلهن الله أبكارا. قوله: «من السنة أن تسأل عن الحزين» : قال ابن القاص: في قوله صلى الله عليه وسلم: ما بال أبي عمير؟ دليل على أن من السنة إذا رأيت أخاك أن تسأل عن حاله. (2060) - قوله: «أن امرأة من عماته» : قال ابن بشكوال في الغوامض [13/ 854] : العجوز المذكورة في هذا الحديث هي عمة النبي صلى الله عليه وسلم: صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، قاله لنا الوزير الضابط: أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب رحمه الله من قراءتي عليه لغريب الحديث لابن قتيبة، وقال لي: قال لي أبو مروان: سراج: زعم بعض الناس أن هذه العجوز هي عمته صفية بنت عبد المطلب. اه. قلت: وللحديث طرق منها: 1- حديث الحسن البصري- مرسل، أخرجه الترمذي في الشمائل: حدثنا عبد بن حميد، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أتت عجوز النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، قال: فولت تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) عُرُباً أَتْراباً. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 ......... - قال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشاف: مرسل ضعيف، وبهذا السند أخرجه الثعلبي. قلت: تابعه آدم، عن المبارك، أخرجه البيهقي في البعث والنشور برقم 382. وتابع المبارك: جرير بن حازم، أخرجه ابن بشكوال في الغوامض [13/ 854] الترجمة 311. 2- حديث عائشة، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 254- 255] رقم 5541: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا أحمد بن طارق الوالبي- في المطبوع: الوابشي- ثنا مسعدة بن اليسع، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتته عجوز من الأنصار فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن الجنة لا يدخلها عجوز، فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم رجع إلى عائشة، فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن ذلك كذلك، إن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا. مسعدة بن اليسع ضعيف، وقد خالفه خارجة بن مصعب فقال: عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، أخرجه ابن الجوزي في الوفاء كما في تخريج الكشاف للحافظ ابن حجر [3/ 407] . * ورواه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عنها، أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 90] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور [8/ 15] : للبيهقي في الشعب. وأما ابن حجر فعزاه للبيهقي في البعث والنشور، ولم أجد فيه إلّا الطريق المتقدم ذكره، والله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 2061- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ذو اليدين، وذو الشمالين. (2061) - قوله: «ذو اليدين، وذو الشمالين» : يعني في حديث السهو المخرج في الصحيحين حين قال صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟ وقد اختلف أهل العلم في ذي اليدين هل هو: ذو الشمالين، واسمه: الخرباق المذكور في حديث عمران بن حصين أم هما اثنان؟ ليس هذا محل بسطه لكن نشير بإيجاز إلى شيء من ذلك وصولا لترجمتهما فقط. قال الحافظ العلائي في نظم الفرائد: جمهور العلماء على أن ذا اليدين المذكور في حديث السهو من رواية أبي هريرة غير ذي الشمالين، قال: وهذا هو الصحيح الراجح إن شاء الله، ثم ساق ما احتج به القائلون بهذا فأطال وأجاد إلى أن قال: ثم لا خلاف بين أهل السير أن ذا الشمالين استشهد يوم بدر سنة اثنتين صلى الله عليه وسلم، كذلك قال ابن المسيب، وعروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق وغيرهم. قال ابن إسحاق: ذو الشمالين: هو عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن غبشان بن سليم بن مالك بن قصي بن خزاعة حليف بني زهرة. قال أبو بكر الأثرم: سمعت مسدد بن مسرهد يقول: الذي قتل يوم بدر هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وذو اليدين رجل من العرب، كان يكون بالبادية فيجيء فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر في الاستذكار: قول مسدد هذا هو قول أئمة الحديث والسير وأهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه. قال العلائي: وقد ثبت أيضا عن أبي هريرة من طرق في هذا الحديث قوله: فقام رجل من بني سليم يقال له: ذو اليدين وذو الشمالين خزاعي، كما قال ابن إسحاق. اه. قال الإمام النووي رحمه الله: قوله في الحديث: ذو اليدين، وفي رواية: رجل بسيط اليدين، وفي رواية: رجل له يقال له: الخرباق، وكان في يديه طول، هذا كله رجل واحد اسمه الخرباق. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 2062- ومنها: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله احملني على جمل، قال: أحملك على ولد ناقة، قالت: يا رسول الله لا يطيقني، فقال صلى الله عليه وسلم: لا أحملك إلّا على ولد ناقة، فقالت: يا رسول الله إنه لا يطيقني، فقال لها الناس: وهل الجمل إلّا ولد الناقة. - واختار القاضي عياض وابن الأثير وتبعهما النووي- كما تقدم- ثم ابن حجر أنهما واحد، والله أعلم. وقد تبع الحافظ أبو حفص الموصلي المصنف فذكر الحديث معلقا في كتابه الوسيلة، باب تباسطه مع أصحابه صلى الله عليه وسلم بالمداعبة [5/ ق- 2/ 86] . (2062) - قوله: «أن امرأة جاءت» : هي أم أيمن فيما رواه ابن سعد في الطبقات [8/ 224] قال: أخبرنا الفضل بن دكين، ثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس قال: جاءت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: احملني، قال: أحملك على ولد الناقة، فقالت: يا رسول الله إنه لا يطيقني ولا أريده، فقال: لا أحملك إلّا على ولد الناقة- يعني أنه كان يمازحها- قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلّا حقا، والإبل كلها ولد النوق. قلت: غريب من هذا الوجه، أبو معشر ضعيف، وفي الحديث انقطاع، والمشهور في هذا ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 360] ، وأبو داود في الأدب، باب ما جاء في المزاح، رقم 4998، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في المزاح، رقم 1991- وقال: حسن غريب- وفي الشمائل برقم 230، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [13/ 181- 182] رقم 3605، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 89- 90] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 40- 41، 41] ، جميعهم من حديث حميد، عن أنس أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... القصة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 2063- وجاءت امرأة أخرى فقالت: يا رسول الله إن زوجي مريض وهو يدعوك، فقال صلى الله عليه وسلم: لعل زوجك الذي في عينيه بياض، فرجعت المرأة وفتحت عين زوجها لتنظر إليها فقال: ما لك؟ قالت: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عين زوجي بياض، فقال: ويحك! فهل أحد إلّا وفي عينيه بياض، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2064- روي أن عائشة رضي الله عنها قالت: سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقني ثم ضرب بين كتفي. (2063) - قوله: «وجاءت امرأة أخرى» : ذكر أبو حفص في الوسيلة [5/ ق- 2/ 87] أنه يقال لها أم أيمن، أخرجه من رواية زيد بن أسلم مرسلا، ومن هذا الوجه أسنده الزبير بن بكار في كتابه الفاكه كما في سبل الهدى [7/ 114] . (2064) - قوله: «فسبقني» : اختصر المصنف لفظ الرواية وأولها: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلا فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، ثم خرجت معه بعد ذلك في سفر وقد جمعت اللحم، فنزلنا منزلا فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني، فضرب بين كتفي وقال: هذه بتلك. هذا لفظ الطبراني في معجمه الكبير [23/ 47] رقم 124، وقد أخرجه أيضا من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [6/ 39، 129، 182، 261، 264، 280] ، والحميدي في مسنده برقم 261، وأبو داود في الجهاد، باب في السبق على الرجل، رقم 2578، وابن ماجه في النكاح، باب حسن معاشرة النساء، رقم 1979، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 17- 18] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 46- 47] رقم 123، 125، والطحاوي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 2065- وروي أنه صلى الله عليه وسلم سابق أبا هريرة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأبي هريرة: أبا هر. 2066- وروي عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت مع أصحابه صلى الله عليه وسلم في سفر فثقل عليهم متاعهم فقال لي: ابسط كساك، فبسطت، فوضع أمتعتهم في كسائي ثم قال: أنت سفينة فاحملها، فحملتها، وكان من ذلك اليوم لو حمل عليّ وقران وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعة ما ثقل عليّ. 2067- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم مال للحسن أو الحسين فوضع رجله على رجليه، وأخذ بيده: حزقّه حزقه ... ترقّ عين بقّه اللهمّ إني أحبه فأحبه - في المشكل [2/ 361] ، وصحح أحد طرقه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4691. (2065) - قوله: أبا هر» : أخرج البخاري في الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء، هل يستأذن؟ من حديث مجاهد، عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح، فقال: أبا هر، الحق أهل الصفة فادعهم إليّ. (2066) - قوله: «وروي عن سفينة» : تقدم حديثه في أبواب المعجزات. (2067) - قوله: «أنه مال للحسن أو الحسين» : الشك من أبي هريرة، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42- 43] رقم 2653، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 35] ، ومن طريق أبي نعيم: الخطيب البغدادي، ومن طريق الخطيب: ابن عساكر- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 ......... - في تاريخه [13/ 194] بإسناد قوي فقال: أخبرنا عبدان بن محمد المروزي، أنا قتيبة بن سعيد، أنا حاتم بن إسماعيل، عن معاوية بن أبي مزرد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: سمعت أذناي هاتان وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفيه جميعا- يعني حسنا أو حسينا- وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: حزقّة حزقّة ... ترقّ عين بقّة قال: فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: افتح فاك، ثم قبّله، ثم قال: اللهمّ أحبّه ... فإني أحبّه رجاله جميعا ثقات، قتيبة بن سعيد ومن فوقه على شرط الشيخين غير أبي مزرد أخي أبي الحباب سعيد بن يسار، لم يرو عنه غير ابنه معاوية، أخرج له البخاري في الأدب المفرد. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 176] : أبو مزرد لم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح. تابعه جعفر بن عون، عن معاوية، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 101] رقم 12241، والرامهرمزي في الأمثال [/ 132] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 421، وابن عساكر في تاريخه [13/ 194] وقال: قال لنا أبو نعيم: الحزقة: المتقارب الخطا، والقصير الذي يقرب خطاه، وعين بقة أشار إلى البقة، ولا شيء أصغر من عينها لصغرها، وقيل: أراد النبي صلى الله عليه وسلم بالبقة فاطمة فقال له: ترق يا قرة عين بقة. وقال ابن الأثير في النهاية [1/ 378] : ذكر هذا على سبيل المداعبة والتأنيس له، قال: وحزقة: مرفوع على خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنت- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 2068- وروي أن زاهرا كان في السوق إذ أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء ظهره، فوضع يديه على عينيه- وما كان يعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم- حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري العبد؟ فجعل يمسح ظهره برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: إذا تجدني كاسدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكنك عند ربك لست بكاسد. - حزقة، وحزقة الثاني كذلك، أو أنه خبر مكرر، ومن لم ينون حزقة أراد: يا حزقة فحذف حرف النداء وهو من الشذوذ، كقولهم: أطرق كرا، لأن حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف. قلت: وأصله في الصحيحين، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهمّ إني أحبه فأحبه، لفظ البخاري. (2068) - قوله: «وروي أن زاهرا» : هو زاهر بن حرام الأشجعي، من أهل البادية، كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية والطرفة، وكان دميم الخلقة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه. قوله: «لست بكاسد» : وفي رواية: بل أنت عند الله غال، وفي أخرى: ولكنك عند الله ربيح، رواه معمر، عن ثابت، عن أنس، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19688، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 161] ، والترمذي في الشمائل برقم 231، وأبو يعلى في مسنده [6/ 173- 174] رقم 3456، والبزار في مسنده [3/ 272 كشف الأستار] رقم 2735، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 169، 10/ 248] ، والبغوي في شرح السنة [3/ 181] رقم 3604، وابن الأثير في الأسد [2/ 245- 246] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5790، وقال ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، ولم يروه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 2069- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: إني أعرف إذا كنت راضية عني وإذا كنت غضبى، قالت: فسألته عن ذلك؟ فقال: إذا كنت راضية قلت: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى تقولي: لا وربّ إبراهيم، قالت: يا رسول الله لا أهجر إلّا اسمك. 2070- وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يمازح بلالا، فرآه يوما وقد خرج بطنه فقال: أم حبين- شبّهه بها-. - إلّا الترمذي في الشمائل، ورواه ابن حبان في صحيحه. * خالفه حماد بن سلمة، عن ثابت، فقال عنه، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، مرسلا، علقه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1230] رقم 3084، قال الحافظ في الإصابة: حماد أقوى من معمر في ثابت. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [5/ 315- 316] رقم 5310 ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1230] رقم 3084، وابن الأثير في الأسد [2/ 246] ، والبزار في مسنده [3/ 271- 272 كشف الأستار] رقم 2734، قال في مجمع الزوائد [9/ 369] ، رجاله موثقون. (2069) - قوله: «لا أهجر إلّا اسمك» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في النكاح، باب غيرة النساء ووجدهن، رقم 5228، وفي الأدب، باب ما يجوز من الهجران لمن عصى، رقم 6078، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب في فضل عائشة، رقم 2439. (2070) - قوله: «فقال: أم حبين» : هي دويبة كالحرباء، والحبن: نتوء البطن واندحاقه لمرض، والأحبن: الذي به داء السقي، قال رؤبة: فبات ذو الداء انتفاخ الكودن ... يحكي من الغيظ زفير الأحبن يقال: إنما سميت أم حبين لا نتفاخ بطنها، قال الحربي في الغريب: حدثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 2071- ومنها: أنه رأى حسينا مع صبية في السّكة، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم، فطفق الحسين يفرّ هاهنا وهاهنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى فوق رأسه، ثم أخذ قفاه فقبله. - حدثه سمع عقبة بن عامر قال: أتموا صلاتكم ولا تصلوا صلاة أم حبين- موقوف. ثم روى عن الأصمعي قوله: الحبن: وجع البطن، ورم يكون فيه. أما الحديث فلم أقف عليه مسندا لكن أورده ابن الأثير في النهاية [1/ 335] وقال: تشبيها له بها، وهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم. اه. وانظر: الغريب لأبي إسحاق الحربي [2/ 400- 402] ، غريب الخطابي [1/ 153- 154] . (2071) - قوله: «ثم أخذ قفاه فقبله» : وتمامه: فقال صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 172] ، وفي الفضائل برقم 1361، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 102- 103] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3775، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 144، والفسوي في المعرفة والتاريخ [1/ 308- 309] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 20- 21] رقم 2586، 2587، 2589 [22/ 273- 274، 275] الأرقام 701، 702، 703، والدولابي في الكنى [1/ 88] من حديث سعيد بن أبي راشد، وراشد بن سعد كلاهما عن يعلى بن مرة به، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2240، والحاكم في المستدرك [3/ 177] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 [283- فصل: وممّا موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم] 283- فصل: وممّا موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم 2072- فمن ذلك أن عائشة رضي الله عنها كانت تلعب فقال: إيش الذي تعملين؟ قالت: خيل سليمان. فلم ينكر عليها صلى الله عليه وسلم. (2072) - قوله: «فلم ينكر عليها صلى الله عليه وسلم» : أخرج أبو داود في الأدب، باب: في اللعب بالبنات، رقم 4932، والنسائي في العشرة من السنن الكبرى [5/ 306- 307] رقم 8950، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 219] ، جميعهم من طرق عن يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة وقد نصبت على باب حجرتي عباءة، وعلى عرض بيتها ستر إرميني، فدخل البيت، فلما رآه قال لي: يا عائشة ما لي وللدنيا! فهتك العرض حتى وقع على الأرض، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بين ظهرانيهن فرس له جناحان، قال: فرس له جناحان! قالت: أوما سمعت أن لسليمان خيلا له أجنحة! فضحك حتى رأيت نواجذه. * خالفهم ابن وهب، رواه عن يحيى فقال: عنه، عن عمارة بن غزية، عن أبي النضر، عن عروة، عنها، أخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 5864. وانظر تخريج الحديث الاتي برقم: 2085. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 2073- وكان صلى الله عليه وسلم يقول لها: يا حميراء لا تأكلي الطين. 2074- وعن أبي هريرة أنه قال: اشتكيت بطني، واشتد بي، فمر بي في المسجد- وكنت مطروحا- فقال: شبوذ اشكم درد؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قم فصلّ، فإن في الصلاة شفاء. (2073) - قوله: «يا حميراء لا تأكلي الطين» : أخرجه معلقا تبعا للمصنف أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5/ ق- 2/ 85] ، وزاد: يمازحها بذلك. وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 33] ، وأبو القاسم بن منده في جزء أكل الطين، كما في اللالي المصنوعة [2/ 249] بإسنادهما إلى يحيى بن هاشم- قال ابن معين: هو دجّال هذه الأمة، واتهمه ابن عدي بالوضع- قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به وزاد: فإنه يعظم البطن، ويصفر اللون، ويذهب ببهاء الوجه. قال السيوطي في اللالي [2/ 249] متعقبا: قلت: أخرجه أبو بكر الطريثيثي في جزء أكل الطين من طريق عمر بن وهب العتكي، عن هشام بن عروة به، وقال ابن عساكر: أنا سليمان بن سلمة الخبائري، ثنا بقية، عن محمد بن سوار، عن أبي عمرو، عن عائشة مرفوعا، قال ابن عساكر: هذا حديث منكر. (2074) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [2/ 390] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 170] رقم 269، 270، وابن ماجه في الطب، باب الصلاة شفاء، رقم 3458، وأبو الحسن القطان في زياداته على سنن ابن ماجه، عقب رقم 3458، وابن جرير في تفسيره [1/ 260] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 275، 276 مرتين] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل برقم 271، 275، والعقيلي في الضعفاء [2/ 48] ، ومن طريقه ابن الجوزي في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 ......... - العلل برقم 272، وابن عدي في الكامل [3/ 985] جميعهم من حديث داود بن علبة- أحد الضعفاء- عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة به. وتابعه على رفعه الصلت بن الحجاج- قال ابن عدي: في بعض حديثه ما ينكر عليه، بل عامته كذلك- أخرجه في الكامل [4/ 1400] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 171] رقم 273. وخالفهم عن ليث جماعة فأوقفوه على أبي هريرة ولم يرفعوه، منهم: 1- عبد الرحمن بن محمد المحاربي، أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط [2/ 185] رقم 140: حدثنا ابن الأصبهاني، ثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد قال: قال لي أبو هريرة: يا فارسي، اشكم درد، قال ابن الأصبهاني: رفعه داود وليس له أصل، أبو هريرة لم يكن فارسيا، إنما مجاهد فارسي. ومن طريق البخاري أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 985] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 48] ، ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 172] رقم 275. 2- عبد السلام بن حرب، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 985] . 3- شريك بن عبد الله، أخرجه العقيلي في الضعفاء [2/ 48] وقال: الموقوف أولى، ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 173] رقم 275. وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 254] : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن ناجية الحراني بحرّان، ثنا سلم بن عبد الصمد، ثنا إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم مضطجع على بطني فضربني برجله فقال: اشكمت درد- يعني: تشتكي بطنك؟ - قلت: نعم، قال: قم فصل، فإن في الصلاة شفاء من كل داء. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 2075- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأمزح، ولا أقول إلّا حقّا. 2076- وعن أنس قال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت اجتنيتها. - قال ابن عدي: إبراهيم بن البراء حدث عن شعبة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وغيرهم من الثقات بالبواطيل، وعامة أحاديثه غير محفوظة، وهو في جملة الضعفاء. اه. ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 171- 172] رقم 274. قوله: «شبوذ اشكم درد» : لم تتفق المصادر على ضبطها، فأثبتها كما في الأصل. (2075) - قوله: «ولا أقول إلّا حقا» : تقدم تخريجه في أول الباب. (2076) - قوله: «ببقلة كنت اجتنيتها» : يعني حمزة، قال الأزهري: البقلة التي جناها أنس كان في طعمها لذع فسميت حمزة، والحمزة: التي في طعمها حموضة، وقال في القاموس: الحمزة: الأسد والبقلة. والحديث يقال: تفرد به عن أنس: خيثمة بن أبي خيثمة، أبو نصر البصري، لينه ابن حجر في التقريب، ولم يتفرد به كما سترى. أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 127، 161، 232، 260، مرتين] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب أنس بن مالك، رقم 3830، وأبو يعلى في مسنده [7/ 110] رقم 4057، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [9/ 340] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 210] رقم 656، وابن عساكر في تاريخه [4/ 340] من طريق جابر الجعفي، عن خيثمة أبي نصر، عن أنس به. جابر الجعفي ضعيف الحديث، وخيثمة أبو نصر لينه الحافظ في التقريب، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 2077- وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي بن أبي طالب رضوان الله عليه مضطجعا في المسجد وقد سقط رداءه عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول: اجلس أبا تراب. 2078- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة: زر غبّا تزدد حبّا، وسببه: أن أبا هريرة تخلف يوما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا أبا هريرة أين- لكنه توبع، تابعه عاصم الأحول، عن أنس، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 406 من طريق سليمان بن سيف، ثنا فهد بن حبان، عن ابن المبارك، عن عاصم به وهذا إسناد قوي. وقد أخرجه الإمام أحمد من حديث شعبة عن جابر الجعفي، عن حميد بن هلال، عن أنس. فإذا تبين أن أبا نصر لم يتفرد به فلا يكون حينئذ علته، بل العلة فيه كونه من رواية الجعفي عنه، والجعفي ضعيف، وطريق ابن السني تقويه. (2077) - قوله: «وعن سهل بن سعد الساعدي» : أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، رقم 441، وفي فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب، رقم 3707، وفي الأدب، باب التكني بأبي تراب ومن كانت له كنية أخرى، رقم 6204، وفي الاستئذان، باب القائلة في المسجد، رقم 6280، وأخرجه مسلم في الفضائل، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رقم 2409. (2078) - قوله: «زر غبا تزدد حبا» : روى هذا الحديث عن أبي هريرة- أعني: إن صح الإسناد إليهم-: عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابن سيرين، وإسماعيل بن وردان. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 كنت؟ قال: كنت عند أختي لتغسل ثوبي، ثم تخلف يوما آخر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة زر غبّا تزدد حبّا، أي: أقم عندنا، فإنك عزيز عندنا، وزر أقرباءك غبّا. - وأما حديث عطاء، عن أبي هريرة، فرواه جماعة منهم: (أ) طلحة بن عمرو- وهو ضعيف شبه المتروك، بل قال الحافظ في التقريب: متروك- أخرج حديثه: أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 2535، والبزار في مسنده [2/ 390 كشف الأستار] رقم 1922، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 298] رقم 5637، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 862 بغية الباحث] رقم 920، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [3/ 322] وفي أخبار أصبهان [2/ 185] ، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 752] رقم 1526، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 629، 630، 631، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 104، وابن عدي في الكامل [4/ 1427] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 15، والبيهقي في الشعب [6/ 328] رقم 8371، والعقيلي في الضعفاء [2/ 224- 225، 4/ 192] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية [2/ 253] رقم 1235، وأبو إسحاق الحربي في غريبه [2/ 609] ، وابن حبان في الثقات [9/ 172] . وقد ذكر الحافظ البيهقي أن طريقة طلحة هذه أمثل الطرق لهذا الحديث، فقال في الشعب: طلحة بن عمرو غير قوي، وقد روي هذا الحديث بأسانيد هذا أمثلها، قال: وقد روي في بعض هذه الأسانيد أنه قال له: أين كنت أمس يا أبا هريرة؟ قال: زرت ناسا من أهلي، فقال: فذكره، ثم أسنده من حديث: (ب) يحيى بن أبي سليمان متابعا طلحة بن عمرو عن عطاء [6/ 328] رقم 8372، ومن هذا الوجه أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2686] ، والخطيب في الموضح [2/ 10] ، وفي تاريخه أيضا [14/ 108] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 ......... - ورواه عن عطاء أيضا: (ج) ابن جريج- عبد الملك بن عبد العزيز- أخرج حديثه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 341] من طريق بقية، عن عبد الله بن سالم، عنه، ثم روى عن أبيه قوله: هذا منكر، إنما يرويه طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اه. يعني: يحتمل أن يكون بقية دلسه، إذ هو معروف بتدليس التسوية، لكنه توبع، فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 298] رقم 5637، وابن حبان في الثقات [9/ 172] ، والعقيلي في الضعفاء من طريق منصور بن إسماعيل الحراني، عن ابن جريج، إسناده جيد، والضعف فيه غير بيّن فقد قال ابن حبان في منصور: يغرب، وقال العقيلي: لا يتابع عليه. ورواه عن عطاء أيضا: (د) عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 449] رقم 1775، من طريق الوليد بن مسلم- وهو مشهور بتدليس التسوية- وابن حبان في المجروحين [2/ 302- 303] ، والخطيب في تاريخه [6/ 57] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1236 من طريق محمد بن خليد، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي. قال أبو زرعة في محمد بن خليد: حدّث بأباطيل، وقال ابن حبان: هذا حديث عيسى بن يونس، عن طلحة، جعل مكانه الأوزاعي، يقلب الأخبار ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وضعفه الدارقطني. ورواه أيضا عن عطاء: (هـ) محمد بن عبد الملك الأنصاري- كذبه الإمام أحمد- أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2169] . (و) أبو حنيفة النعمان، أخرجه الخوارزمي في جامع المسانيد [1/ 97] من طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن الحسن الدينوري، عن محمد بن عبد العزيز الدينوري، عن محمد بن العباس بن الفضل الأنصاري، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 ......... - عن محمد بن الحسن الشيباني، عنه به. (ز) عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي- وهو متروك- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [5/ 1810] لكن في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، وقد عدّ الذهبي في الميزان هذا في أوهام ابن عدي وقال: إنما هو الوقاصي لا الجمحي، ومن هذا الوجه أيضا أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 16. وأما حديث الحسن البصري، عن أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1138] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 217] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 138] من طريق سليمان بن كران- اختلف فيه، فقال البزار: ليس به بأس، وزعم العقيلي أن الغالب على حديثه الوهم-. وأما حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة: فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 115] من طريق عبد الرحمن بن محمد بن الجارود، أنا هلال بن العلاء، أنا معمر بن مخلد السروجي، أنا عبدة، عن محمد بن عمرو، وأخرجه العسكري في الأمثال- كما في المقاصد [/ 233]- من طريق ابن علاثة: محمد بن عبد الله، عن الأوزاعي، عن يحيى، كلاهما عن أبي سلمة به، في طريق أبي نعيم من لا يعرف حاله، وفي طريق العسكري ابن علاثة اختلف فيه، والأكثر على تضعيفه. وأما حديث ابن سيرين، عن أبي هريرة: فعزاه في المقاصد [/ 233] للخلعي في فوائده من حديث الحكم بن سفيان- وهو ضعيف- عن يحيى بن عتيق، عنه به. وأما حديث إسماعيل بن وردان- ولم أر من ذكره في الأسماء- عن أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1077] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1237، من حديث عبد الملك الذماري- لينه الحافظ في التقريب- عن زهير بن محمد- وهو ضعيف فيما رواه عنه الشاميون-- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 ......... - عنه به. قال أبو عاصم: وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعن أبي ذر، وعبد الله بن عمرو، وحبيب بن مسلمة، ومعاوية بن حيدة، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، بأسانيد لا تخلو من كلام: 1- أما حديث عائشة رضي الله عنها: وإنما ابتدأت به لقول الحافظ في الفتح: إنه أقوى طرقه، فأخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور، والحافظ أبو محمد بن السقاء في فوائده- كما في الفتح-[13/ 111] ، والخطيب في تاريخه [10/ 182] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 255] رقم 1240، جميعهم من طريق أبي عقيل: يحيى بن حبيب بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي ثابت، عن جعفر بن عون، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به. يحيى بن حبيب، قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو صدوق، ومن فوقه على شرط الصحيحين، لكن قال الحافظ: اختلف عليه في رفعه ووقفه. 2- وأما حديث أبي ذر: فأخرجه البزار في مسنده [2/ 390 كشف الأستار] رقم 1923، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 19، وتمام في فوائده برقم 227، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 632، وابن عدي في الكامل [3/ 1144، 5/ 2019] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 424] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 252] برقم 1232، وابن عساكر في تاريخه [27/ 44] ، جميعهم من حديث عوبد بن أبي عمران الجوني- وهو منكر الحديث، ضعيف- عن أبيه، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر زر غبا تزدد حبا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : عوبد بن أبي عمران متروك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 ......... - 3- وأما حديث عبد الله بن عمرو: فأخرجه الخطيب في تاريخه [9/ 300] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 253] رقم 1233 من طريق أحمد بن عيسى: أنا ضمام بن إسماعيل، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو قال: كنا نسمع في الجاهلية الجهلاء: زر غبا تزدد حبا، حتى سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحمد بن عيسى هذا كذّبه ابن معين- يقال: بغير حجة-، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الخطيب: ما رأيت لمن تكلم فيه حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه، وقال الحافظ ابن حجر في تهذيبه: لم يتهم بالوضع، وليس في حديثه شيء من المناكير. قلت: وإذا كان الأمر كذلك فطريقه جيدة إن شاء الله، سيما وقد توبع بإسناد فيه نظر، تابعه سويد بن سعيد- قال الحافظ في التقريب: صدوق في نفسه، إلّا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش ابن معين القول فيه- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [4/ 1424] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 18، وابن أبي الدنيا في الإخوان عقب حديث رقم 104. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : إسناده جيد. وتابعه أيضا: محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي، أخرجه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 229] ، وتمام في فوائده برقم 228. قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: ليس هذا الحديث بصحيح، إنما يرويه ضمام مبتر- كذا ولعله مبترا أو مبتورا-. 4- وأما حديث حبيب بن مسلمة: فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 25- 26] 3535، وفي الأوسط [4/ 61] رقم 3076، وفي الصغير [1/ 187] رقم 296، وابن عدي في الكامل [3/ 1112] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1239، وتمام في فوائده برقم 64، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 ......... -[22/ 358] ، وأخرجه ابن عساكر أيضا من طرق [22/ 358] ، والحاكم في المستدرك [3/ 347] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : فيه محمد بن مخلد الرعيني، وهو ضعيف. 5- وأما حديث معاوية بن حيدة: فأخرجه تمام في فوائده برقم 1093 من طريق شيخه محمد بن هارون الأنصاري- اتهم كما في اللسان [5/ 411]- . 6- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 143] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 17 من طريق العرزمي- وهو محمد بن عبيد الله، وهو ضعيف جدّا- عن أبي الزبير عنه به. 7- وأما حديث ابن عمر: فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 95- 96] رقم 87- ولفظه: زوروا غبا تزدادوا حبا- وابن عدي في الكامل [3/ 1005- 1006] ، وفي الإسناد روح بن صلاح اختلف فيه، وهو وسط إن شاء الله، لكن ابن لهيعة اختلط بعد احتراق كتبه، وفي قبول خبره شروط مفقودة في إسناد هذا الخبر لكنه صالح في الاعتبار والشواهد، لذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات. وله طريق أخرى، فأخرجه ابن عدي [2/ 448] من طريق بشر بن عبيد، عن يزيد بن عبد الله القرشي، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: زر غبّا تزدد حبا، وبشر بن عبيد قال عنه ابن عدي: منكر الحديث عن الأئمة، بيّن الضعف، وإنما يروي عن ضعيف مثله أو مجهول أو محتمل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 ......... - 8- وأما حديث علي بن أبي طالب: فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 14، وابن أبي الدنيا في الإخوان عقب حديث رقم 104 ص 165، وابن الجوزي في العلل [2/ 252] رقم 1231، وفي إسناده النعمان بن سعد مستور الحال، لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن إسحاق- وهو ضعيف- فالإسناد لين. تذييل: نذكر فيه بعض ما يتعلق بالحديث من الفوائد: فمن ذلك: ما تبين من التخريج المتقدم أن بعض الأسانيد الضعف فيها غير بيّن، فإذا ما ضمت إلى غيرها يخرج بها عن دائرة الضعف إلى الحسن لغيره، وهو ما مال إليه جماعة من الحفاظ الذين اهتموا بجمع طرقه واعتنوا بتخريجها. فقد ذكر الحافظ في الفتح أن ممن جمع طرقه من المتقدمين أبا نعيم الحافظ، قال: وقد جمعتها في جزء مفرد. اه. لم يسمه وسماه السخاوي في المقاصد- الإنارة بطرق غب الزيارة- وقال الحافظ المنذري في الترغيب: قد اعتنى غير واحد من الحفاظ بجمع طرقه والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار، بل له أسانيد حسان عند الطبراني وغيره. اه. ومن ذلك: عمل أهل العلم بذلك، وما تناقلوه بينهم بالشعر، أخرج ابن عساكر في تاريخه [39/ 368] من طريق البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو جعفر الموسائي- وهو محمد بن جعفر بن هارون- قال: حدثني أبو الحسين: محمد بن السكن قال: حدثني أبي، حدثني دارم بن سليمان قال: قال أبي: كنت عند عدي بن حاتم الطائي فذكر قريشا وما رزقوا من الفصاحة والبيان فقال: أما الرسول فهو ينطق بالوحي، ولا ينطق بالهوى، وأما سائر قريش في الجاهلية والإسلام فإنهم فاقوا الناس، ولقد كنت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذ وردت عليه رقعة من عثمان بن عفان بخطه: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 2079- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس، رواه أنس. - تجنّى عليّ كي يقارضني ذنبا ... وأبدى عتابا فامتلأت له عتبى فلو لي قلوب العالمين بأسرها ... لما تركت لي من معاتبة قلبا معاتبه السلفين تحسن مرة ... فإن أكثر إدمانها أفسد الحبا وقد قال في بعض الأقاويل قائل ... أراد به العتبى ولم يرد العتبا إن شئت أن تقلى فزر متتابعا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا وفي الشعب للبيهقي [6/ 327] : أنشدنا يونس بن حبيب: اغبب زيارتك الصديق ... يراك كالثوب استجده إن الصديق يحله أن ... لا يزال يراك عنده وروى أيضا عن علي بن الحسن بن العلاء الهلالي: لا تكثرن من الزيارة إنها ... إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكا ألم تر أن الغيث يسأم دائبا ... ويطلب بالأيدي إذا هو أمسكا وقال ابن أبي الدنيا في الإخوان [/ 169] : حدثني محمد بن عمرو بن عيسى التميمي، عن الوليد بن هشام القحذمي أنشد له: غببت عليّ فاستحققت وصلي ... فو ربك لما أحدثت عينا فلمّا أن وهبتك محض ودّي ... جعلت زيارتك عليّ دينا فإني لا أقيم على هوان ... وإن أمسى هواك عليّ دينا وقد قال النبي وكان برّا ... إن زرت الصديق فزره غبا فاقلل زور من تهواه تزدد ... إلى من زرته ودا وحبا (2079) - قوله: «من أفكه الناس» : زاد بعضهم: مع صبي، قال الزبيدي في الإتحاف: ووقع في بعض نسخ البزار بزيادة: مع نسائه، تفرد به ابن لهيعة مصرحا بالتحديث. أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده- فيما ذكره الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 45]- والبزار في مسنده [3/ 158- 159 كشف الأستار] رقم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 2080- وكان صلى الله عليه وسلم يداعب الرجل ليس إلّا ليسره، رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. 2081- وعن الحسن قال: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك هل كانت في النبي صلى الله عليه وسلم مداعبة؟ قال: لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة، إن الله بعث أنبياءه فكانت فيهم كدارة، وبعث محمّدا صلى الله عليه وسلم بالرأفة والرحمة، وكان من رأفته ورحمته مداعبته لهم، لكي لا يبلغ بأحد تعظيم حتى لا ينظر إليه، ثم قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده- 2474، والطبراني في المعجم الأوسط [7/ 189] رقم 6357، وفي المعجم الصغير [2/ 112] رقم 870، وابن عساكر في تاريخه [4/ 37] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 419، والبيهقي في الدلائل [1/ 331] . قوله: «رواه أنس» : وفي الباب عن حبيش بن جنادة، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 372] بإسناده إلى الحصين بن مخارق: أنا أبي، أنا جدي، عن جده، عن حبيش بن جنادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكه الناس خلقا. (2080) - قوله: «رواه علي بن أبي طالب» : انظر الاتي بعده. (2081) - قوله: «إذا كان مغموما بالمداعبة» : شاهده الحديث المتقدم: أبا عمير ما فعل النغير، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 190] ، والترمذي في المناقب، باب في بشاشة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3641 من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد أبو حفص الموصلي في الوسيلة [2/ 5/ 88] وما رأيت أحدا أكثر مزاحا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليسر أهل الصبي بمداعبته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 علي بن أبي طالب قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسر الرجل من أصحابه إذا كان مغموما بالمداعبة. 2082- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزّ وجلّ يبغض المعبس في وجوه إخوانه. 2083- وعن امرأة من الأنصار يقال لها: أم نبيط قالت: أهدينا جارية لنا من بني النجار إلى زوجها، فكنت مع نسوة من بني النجار ومعي دف أضرب به وأنا أقول: أتيناكم أتيناكم ... فحيّونا نحيّيكم ما حللنا بواديكم ... لولا الذهب الأحمر (2082) - قوله: «يبغض المعبس في وجوه إخوانه» : أخرجه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 81] ، وأخرجه مختصرا: الديلمي في مسند الفردوس [1/ 153] رقم 555، ضعفه السيوطي في الجامع الصغير، وقال المناوي في فيض القدير [2/ 285] : فيه هارون الهاشمي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال الدارقطني عن عيسى بن مهران: كذاب رافضي. (2083) - قوله: «يقال لها أم نبيط» : الأنصارية، مذكورة في الصحابة. قوله: «ما سمنت عذاريكم» : علقه الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 81- 82] وأسنده ابن الأثير في الأسد [7/ 401- 402] ، وابن حجر في الإصابة [13/ 298- 299] ، كلاهما من طريق عتبة بن الزبير- من ولد كعب بن مالك: أخبرنا محمد بن عبد الخالق- من ولد النعمان بن بشير- ثنا عبد الرحمن بن نبيط، عن أبيه هو نبيط، عن جابر، عن جدته أم نبيط به، قال الحافظ ابن حجر: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 قالت: فوقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا أم نبيط؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله جارية منا من بني النجار نهديها إلى زوجها، قال عليه الصلاة والسلام: فتقولين ماذا؟ قالت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولولا الحنطة السمرا ... ما سمنت عذاريكم - هذا حديث غريب، أخرجه ابن منده وابن الأثير عن أبي البركات بن عساكر، عن محمد بن الخليل بن فارس، عن أبي القاسم بن أبي العلاء، فكأن شيخنا سمعه منه. اه. قلت: وله شاهد عند البيهقي في السنن الكبرى [7/ 289] فأخرج من حديث الحسن بن سفيان: أنا أبو كامل الفضيل بن الحسين، أنا أبو عوانة، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت ذا قرابة لها من الأنصار، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟ قالت: نعم، قال: فأرسلتم من تغني؟ قالت: لا، قال صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو أرسلتم من يقول: أتيناكم أتيناكم ... فحيّانا وحيّاكم وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: أنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: كان النساء إذا تزوجت المرأة أو الرجل خرج جواري من جواري الأنصار يغنين ويلعبن، قالت: فمروا في مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يغنين وهن يقلن: أهدى لها زوجها أكبش ... يبحبحن في المربد وزوجها في الناد ... يعلم ما في غد وأن النبي صلى الله عليه وسلم قام إليهن فقال: سبحان الله لا يعلم ما في غد إلّا الله، لا تقولوا هكذا وقولوا: أتيناكم أتيناكم ... فحيّانا وحيّاكم قال البيهقي: هذا مرسل جيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 2084- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: عثر أسامة بن زيد بعتبة الباب فشج في وجهه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطي عنه، قالت: فقذرته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ويمجّه ويقول: لو كان أسامة جارية لحلّيناه، ثم لو كان أسامة جارية لكسوناه، لننفقه. (2084) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : أخرج حديثها الإمام أحمد في المسند [6/ 139، 222] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 67] ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 139] رقم 12356، وابن ماجه في النكاح، باب الشفاعة في التزويج، رقم 1976، وابن سعد في الطبقات [4/ 61- 62] ، وابن عساكر في تاريخه [8/ 66، 67 من ثلاث طرق] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 72- 73] رقم 4597، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] ، جميعهم من طرق عن شريك بن عبد الله، عن العباس بن ذريح، عن البهي، عن عائشة به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7056 من طريق أبي يعلى. قال البوصيري في المصباح: هذا إسناد صحيح إن كان البهي سمع من عائشة، وقد سئل أحمد: هل سمع من عائشة؟ فقال: ما أدري، إنما يروي عن عروة، وقال العلائي في المراسيل: أخرج مسلم في صحيحه لعبد الله البهي عن عائشة، وكأن ذلك على قاعدته. قلت: تابعه الشعبي، عن عائشة، أخرجه أبو يعلى في مسنده [7/ 435] رقم 24458، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] لكن في الإسناد إليه مجالد بن سعيد وهو ضعيف صالح في الشواهد. ورواه وائل بن داود، عن عبد الله البهي قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهم خائفون على من شذ منهم أن يغتال، فأصاب وجه أسامة حجر فأدماه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: اغسلي عن وجه أسامة دماءه، وخرج- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 2085- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخل عليّ أبي فقال لي: يا عائشة إذا دخل عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور فاسأليه أن يدعو الله لك ليغفر ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قالت: فدخل عليّ ذات يوم وأنا ألعب بلعب لي فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان بن داود عليه السلام فضحك، وطلب الباب فابتدرته واعتنقته، فقال: ما لك يا حميراء؟ قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ادع الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، قالت: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى رأيت بياض إبطيه فقال: اللهمّ اغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة وباطنة لا يغادر ذنبا ولا تكسب بعدها خطيئة ولا إثما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفرحت يا عائشة؟ - إلى الصلاة، فلما رجع لم يرها تفعل به كما تفعل المرأة بولدها فقال: أدنيه، فألقم فمه الجرح الذي بوجه أسامة فجعل يمص الدم الذي بفيه ويمجّه، حتى إذا غسل عن أسامة دماءه نظر في وجهه فقال: لو كنت جارية ما أرادك أحد، ولو كنت لأعطيناك مالا وإبلا حتى يرغب فيك، مرسل. وقال الواقدي: حدثني محمد بن خوط، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار قال: كان أسامة بن زيد قد أصابه الجدري أول ما قدم المدينة وهو غلام بمخاطه يسيل على فيه، فتقذرته عائشة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق يغسل وجهه ويقبله، فقالت عائشة: أما والله بعد هذا فلا أقصيه أبدا، أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] . وأخرج ابن سعد في الطبقات [4/ 62] من حديث يحيى بن عباد قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثنا أبو السفر قال: ... فذكر نحو حديث البهي، عن عائشة- وهذا أيضا مرسل. (2085) - قوله: «اللهمّ اغفر لعائشة» : أخرجه بنحوه البزار في مسنده [3/ 238 كشف الأستار] رقم 2658، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7111، وقال الهيثمي في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 قلت: إي والذي بعثك بالحق، فقال: أما والذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي، وإنها لصلاتي لأمتي في الليل والنهار فيمن مضى منهم ومن بقي ومن هو آت إلى يوم القيامة، وأنا أدعو لهم والملائكة يؤمّنون على دعائي. - مجمع الزوائد [9/ 243- 244] : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة. ولطرفه الأول طريق أخرى صحيحة، تقدم تخريجها قريبا برقم: 2072. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 132] رقم 12335، والحاكم في المستدرك [4/ 11] من حديث موسى الجهني، عن أبي بكر بن حفص، عن عائشة أنها جاءت هي وأبواها: أبو بكر وأم رومان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع ... فذكر نحوه، قال الذهبي في التلخيص: منكر على جودة إسناده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 [284- باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال كلمة فصارت مثلا سائرا] 284- باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال كلمة فصارت مثلا سائرا وقال عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ الاية. 2086- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رحمه الله، ثنا أبو بكر: أحمد بن داود السمناني، ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس بن مالك، ... (2086) - قوله: «السمناني» : نسبة إلى سمنان من أعمال قومس- بين دامغان وخوار الري- كنيته: أبو بكر القومسي، أحد الأئمة الثقات، ذكره الخطيب في تاريخه، وروى بإسناده عن ابن سعيد قوله: صاحب حديث فهم، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. تاريخ بغداد [4/ 14] ، الأنساب للسمعاني- وتصحف اسمه فيه إلى محمد-[4/ 560] ، وتاريخ الإسلام [وفيات السنة المشار إليها- ص 46] . قوله: «إسحاق بن سعيد بن أركون» : القرشي، الدمشقي، قال الدارقطني: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بثقة. الجرح والتعديل [2/ 221] ، الميزان [1/ 192] ، لسان الميزان [1/ 363] ، المغني في الضعفاء [1/ 17] ، ديوان الضعفاء [1/ 74] . قوله: «سعيد بن بشير» : الأزدي- أو: النصري مولاهم- الشامي، أحد رجال الأربعة، اختلف فيه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة، لا ريح لها وطعمها طيب، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة، لا ريح لها وطعمها مر. 2087- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا بتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوفه إلّا التراب، ويتوب الله على من تاب. - وهو صالح، حديثه حسن في الشواهد والاعتبار، وقد توبع هنا، وحديثه في الصحيحين كما سيأتي. تهذيب الكمال [10/ 348] ، تهذيب التهذيب [4/ 8] ، الكاشف [1/ 282] ، سير أعلام النبلاء [7/ 304] ، الميزان [2/ 318] ، الديوان [1/ 322] ، المغني [1/ 256] . قوله: «عن أبي موسى الأشعري» : حديثه في الصحيحين من طرق عن قتادة، فأخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب فضل القرآن على سائر الكلام، رقم 5020، وفي باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تاكل به، رقم 5059، وفي التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق، رقم 7560، وفي الأطعمة، باب ذكر الطعام، رقم 5427، ومسلم في صلاة المسافرين، باب فضيلة حافظ القرآن، رقم 797. (2087) - قوله: «ويتوب الله على من تاب» : وتمامه: إنما جعل المال لتقضى به الصلاة، وتؤتى به الزكاة، قالت: فكنا نرى أنه مما نسخ من القرآن، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 55] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 2088- وسئلت عائشة رضي الله عنها: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل شعرا قط؟ قالت: كان أحيانا إذا دخل بيته يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزود. 2089- وقال عبد الله بن عمرو: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. - وأبو يعلى كذلك [7/ 438] رقم 446، والبزار [4/ 246 كشف الأستار] رقم 3640، 3641، وفي الإسناد مجالد بن سعيد وحديثه صالح في الشواهد والمتابعات، قال البزار: لا نعلمه يروى عن عائشة إلّا بهذا الإسناد. اه. وسيعيده المصنف برقم 2154. (2088) - قوله: «كان أحيانا إذا دخل» : وفي رواية عنها: كان يتمثل بشعر ابن رواحة، أخرجه من حديثها: الإمام أحمد في المسند [6/ 138، 156، 222] ، والبخاري في الأدب المفرد، برقم 867، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر، برقم 2848- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 247- 248] الأرقام 10833، 10834، 10835. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 506] رقم 6065 من حديث عكرمة، عن ابن عباس، إسناده على شرط مسلم. (2089) - قوله: «وقال عبد الله بن عمرو» : ابن العاص، أخرج حديثه مسلم في الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك، رقم 996 من حديث طلحة بن مصرف، عن خيثمة عنه. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 160، 193، 194، 195] ، وأبو داود في الزكاة، باب في صلة الرحم، رقم 1692، والنسائي في العشرة من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 2090- وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس. 2091- وعن أبي سعيد والأشعث بن قيس قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لا يشكر الناس لا يشكر الله. - السنن الكبرى [5/ 374] رقم 9176، 9177، والحميدي في مسنده برقم 599، والطيالسي برقم 2281، جميعهم من حديث وهب بن جابر عنه به، وصححه ابن حبان برقم 4240- الإحسان-، والحاكم في المستدرك [1/ 415، 4/ 500] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. (2090) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [2/ 258، 303، 388، 461، 492] ، وأبو داود في الأدب، باب في شكر المعروف، رقم 4811، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، رقم 1955 وقال: حسن صحيح، والبخاري في الأدب المفرد برقم 218، والطيالسي في مسنده برقم 2491، وصححه ابن حبان برقم 3407 الإحسان. (2091) - قوله: «وعن أبي سعيد» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 32، 73- 74] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، رقم 1956، وقال: حسن صحيح! - وفي الإسناد: ابن أبي ليلى صدوق سيء الحفظ- وأبو يعلى [2/ 365] رقم 1122، والطبراني في الأوسط [4/ 357] رقم 3606. قوله: «والأشعث بن قيس» : الكندي، علق حديثه الترمذي في البر والصلة عقب المتقدم، وأسنده الإمام أحمد [5/ 211] ، وفي [5/ 212] مرفوعا بلفظ: إن أشكر الناس لله عزّ وجلّ أشكرهم للناس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 2092- روى نصر بن سيار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم رجل على آخر نعمة فلم يشكرها له، فدعا الله عليه إلّا استجيب له. (2092) - قوله: «روى نصر بن سيار» : في الأصول ما يوهم أن نصر بن سيار روى الأثر الذي قبله، إذ وقع في نهاية الأثر قبله: رواه نصر بن سيار، والذي في المصادر أن نصرا إنما روى هذا. ونصر بن سيار هو الأمير أبو الليث المروزي صاحب خراسان، نائب مروان بن محمد. قال الحافظ الذهبي في السير: خرج عليه أبو مسلم صاحب الدعوة- يعني: المذكورة في هذا الأثر- فحاربه فعجز عنه نصر، واستصرخ بمروان غير مرة فبعد عن نجدته، واشتغل باختلال أذربيجان والجزيرة، فتقهقر نصر، وجاءه الموت على حاجة، فتوفي بساوة في سنة إحدى وثلاثين ومئة، وقد ولي إمرة خراسان عشر سنين، وكان من رجال الدهر سؤددا وكفاءة. سير أعلام النبلاء [5/ 463] ، الجرح والتعديل [8/ 469] ، وفيات الأعيان [6/ 7، 11] ، النجوم الزاهرة [1/ 313] ، معجم الأدباء [19/ 243] . قوله: «إلّا استجيب له» : أخرجه من حديث نصر: العقيلي في الضعفاء [4/ 299] ، والبيهقي في الشعب [6/ 524] رقم 9148، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 172] ، والحاكم في تاريخ نيسابور- كما في اللالىء للسيوطي [2/ 355] ، وتمام في مسند المقلين من الأمراء والسلاطين برقم 11، وأورده الديلمي في مسند الفردوس [3/ 571] رقم 5790. وفي هذا الإسناد مجهولان. وله إسناد آخر، فأخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 173] من حديث جعفر بن عبد الواحد، عن أبي عتاب الدلال، ثنا أبو بكر الهذلي عن أبي جعفر المنصور عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس به، وجعفر متهم بالوضع- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 ثم قال نصر بن سيار: اللهمّ إني أنعمت على آل بسام فلم يشكروها، اللهمّ اهرق دماءهم، قال: فما أصبح منهم إلّا قليل. 2093- وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما. - وأبو بكر أيضا ضعيف في الحديث. قال السيوطي: ولجعفر بن عبد الواحد متابع أخرجه الحسن بن بدر في جزء: ما رواه الخلفاء، قال: فزالت تهمته، بل وتهمة نصر بن قديد وشيخه وشيخ شيخه. قوله: «فما أصبح منهم إلّا قليل» : وفي رواية أنه قال في دعائه: اللهمّ أذقهم حد السلاح، قال: فما مات منهم واحد إلّا بالسيف، وفي أخرى أنه دعا: اللهمّ فاجعل موتهم قتلا، قال: فسمعت أنهم قتلوا في مرحلة واحدة سبعين رجلا، زاد في رواية البيهقي: قال نصر بن قديد: قال أبو عمرو: قال شعبة: الأشراف لا يكذبون. (2093) - قوله: «وعن علي رضي الله عنه» : روي عنه مرفوعا وموقوفا، والموقوف أصح كما سيأتي عن جمهور المحدثين والحفاظ. أما المرفوع فقد اختلف في إسناده، رواه الحسن بن أبي جعفر- أحد الضعفاء- عن أيوب، فتارة يقول: عن ابن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن، أخرجه كذلك ابن عدي في الكامل [2/ 712] . وتارة يرويه فلا يذكر ابن سيرين في الإسناد، أخرجه كذلك أبو الشيخ في الأمثال [/ 69] رقم 113، وتمام في فوائده [2/ 207] رقم 1542، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 ......... - والبيهقي في الشعب [5/ 260- 261] رقم 6597 وأشار إليه الدارقطني في العلل [4/ 34] ، وقال في الغرائب [1/ 187] : غريب، تفرد به الحسن بن أبي جعفر. * ورواه جماعة من أصحاب حماد بن سلمة، عن أيوب عن ابن سيرين فجعلوه من مسند أبي هريرة مرفوعا، أخرجه الترمذي في البر والصلة برقم 1997، وأبو الشيخ في الأمثال [/ 69] رقم 114، وابن عدي في الكامل [2/ 712] ، وتمام في فوائده [2/ 208- 209] رقم 1544، 1545، وابن حبان في المجروحين [1/ 351] ، والبيهقي في الشعب [5/ 260] رقم 6595. قال الترمذي: غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلّا من هذا الوجه. اه. فتعقبه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 186] بقوله: قلت: رجاله ثقات رجال مسلم، لكن الراوي تردد في رفعه. اه وقال في أجوبته عن أحاديث الشهاب [2/ 365] : جيد الإسناد. وقال الحافظ في النكت [10/ 334 حاشية التحفة] موجها استغراب الترمذي: قلت: إما أن يكون الترمذي لم يعتد بذلك لشدة ضعفه، وإما أن يكون أراد بالغرابة بكونها من رواية حماد عن أيوب، وإما أن يكون ما اطلع على رواية الحسن. اه. قلت: الحسن هذا الذي أشار إليه الحافظ هو ابن دينار أحد الضعفاء وقد تابع بروايته حماد بن سلمة عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [2/ 711] ، وتمام في فوائده برقم 1543، والخطيب في تاريخه [11/ 427- 428] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 248] رقم 1225. * وقد خالف موسى بن إسماعيل- أحد الأثبات- الرواة عن حماد، فقال عنه، عن أيوب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي به موقوفا، فرجع- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 ......... - الكلام إلى حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخرجه البيهقي في الشعب [5/ 260] بإسناد رجاله عن آخرهم ثقات. وبه يتجه قول من قال: الصحيح أنه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله، موقوف عليه، وأن رفعه وهم، وهو قول الترمذي، وابن القيسراني في التذكرة [/ 26] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 66] ، وابن عساكر في تاريخه، وابن الجوزي في العلل، والذهبي في الميزان. * وقد أخرج حديث أمير المؤمنين من طرق بأسانيد: ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 102] رقم 17725، ومسدد- كما في الإتحاف للبوصيري [7/ 475- 476] رقم 7341. قال البوصيري: هذا حديث موقوف إسناده حسن، هبيرة مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات- والإمام أحمد في فضائل الصحابة [1/ 336] رقم 484، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1321، وابن عساكر في تاريخه [44/ 365- 366] ، والبيهقي في الشعب [5/ 260] رقم 6593، 6594. وفي الباب أيضا: عن أبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو. أما حديث أبي هريرة فتقدمت رواية ابن سيرين، وقد روي أيضا من طريق الأعرج عنه، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 234] رقم 3419، وفي [7/ 105- 106] رقم 6181 قال الطبراني: تفرد به محمد بن ماهان. اه. وهو مجهول، وابنه الراوي عنه، قال الدارقطني: ليس بالقوي. وأما حديث ابن عمر، فروي بإسناد فيه جميل بن زيد أحد الضعفاء، أخرجه من طريقه تمام في فوائده برقم 1546، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 739، والطبراني في الأوسط [6/ 55] رقم 5115، وابن عدي في الكامل [2/ 593] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 152] . قال تمام عقبه: ورواه يحيى البكاء، عن ابن عمر، ويحيى أيضا ضعيف الحديث. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 2094- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السماح رباح، والعسر شؤم. - وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 55] رقم 5116، وفي إسناده محمد بن كثير وهو ضعيف، وقد قال الحافظ العراقي في أجوبته على أحاديث الشهاب [2/ 365] : وقد ورد من حديث ابن عمر، وعبد الله بن عمرو، ولا يصح من حديثهما. اه والله أعلم. (2094) - قوله: «وعن ابن عمر» : أخرج حديثه القضاعي في مسند الشهاب برقم 23، وفي إسناده: عبد الله ابن إبراهيم الغفاري، ضعيف جدّا، قال الدارقطني: حديثه منكر، وشيخه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أيضا ضعيف الحديث. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [2/ 347] برقم 3571، من طريق الحجاج بن فرافصة- وليس بالقوي وبعضهم يضعفه- عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، قال الغماري في فتح الوهاب [1/ 29] : هؤلاء ثقات- كذا قال!! - فإن كان من قبلهم كذلك فهو جيد. اه. قلت: بل إن كان قبلهم كذلك فهو صحيح، وإنما عدل عن قول ذلك للحجاج بن فرافصة. قال الغماري: وله شواهد أخرى منها: حديث العسكري في الأمثال، والديلمي في مسند الفردوس [5/ 549] رقم 9052 من طريق أشعث بن براز، عن علي بن زيد، عن سعيد بن جبير قال: ما كنت أحسبها إلّا مقولة: اليسر يمن والعسر شؤم، حتى حدثني الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره. قلت: أشعث بن براز ضعيف، وكذا شيخه علي بن زيد. قال العجلوني في كشف الخفاء [1/ 553] : ورواه الديلمي أيضا عن أبي هريرة مرفوعا، ولم أقف عليه في مسند الفردوس. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 2095- وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: يا رسول الله وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. - قال الغماري: وحديث ابن عباس مرفوعا: اسمح يسمح لك، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 248] ، والطبراني في الصغير [2/ 141- 142] ، والبيهقي في الشعب [7/ 537] رقم 11258، وتمام في فوائده [1/ 288] رقم 718، 719، قال المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 563] : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (2095) - قوله: «وعن حذيفة» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [5/ 405] ، والترمذي في الفتن، برقم 2254، - وقال: حسن غريب- وابن ماجه كذلك، باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الاية، رقم 4016، وابن عدي في الكامل [5/ 1710، 6/ 2307] ، وابن أبي حاتم في العلل [2/ 138 رقم 1907، 2/ 306 رقم 2428] ، والشجري في أماليه [2/ 153] ، جميعهم من حديث علي بن زيد، عن الحسن، عن جندب، عن حذيفة، أنكره أبو حاتم وقال: قد زاد في الإسناد جندبا وليس بمحفوظ، حدثناه أبو سلمة، عن حماد ليس فيه جندب. وفي الباب عن ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي بكرة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن الحسن وقتادة مرسلا. أما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في الكبير [12/ 408- 409] رقم 13507، وفي الأوسط [6/ 171] رقم 5353 والبزار في مسنده [4/ 112 كشف الأستار] رقم 3323 بإسناد رجاله كلهم ثقات. وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 536- 537] رقم 1411 ضمن حديث طويل له ورجال إسناده رجال الصحيح، صححه البوصيري. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 2096- وعن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأس العقل بعد الإيمان بالله: مداراة الناس، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، ولن يهلك امرؤ بعد مشورة. - وأما حديث أبي بكرة، فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 772- 773 بغية الباحث] رقم 773، وفي إسناده الخليل بن زكرياء الشيباني وهو ضعيف جدّا. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 437] رقم 7894 تفرد به الجارود عن إسرائيل. وأما حديث الحسن وقتادة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 348] رقم 20721. وله إسناد آخر عن الفضيل بن عياض وطلبه هارون الرشيد، فقال: ما لي ولأمير المؤمنين؟ فقيل له: سبحان الله أو ما عليك طاعة؟ أو ليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره ... القصة بطولها عند ابن عساكر في التاريخ [48/ 441] . (2096) - قوله: «رأس العقل بعد الإيمان» : روي هذا الحديث عن ابن المسيب مرسلا ومسندا من حديثه عن أبي هريرة والاختلاف فيه من علي بن زيد بن جدعان وهو ممن يخرج له في الفضائل لضعفه. أما حديثه عن ابن المسيب المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 549] رقم 5480، وابن أبي الدنيا في المدارة برقم 2، وفي العقل له برقم 29، وفي قضاء الحوائج برقم 17، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 109] ، وفي الشعب [6/ 344، 500] رقم 8447، 9054، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 934، والخطيب في تاريخه [4/ 125] ، وابن عدي في الكامل [1/ 367، 7/ 2595] ، والعسكري في الأمثال- فيما ذكره شيخ مشايخنا في فتح الوهاب [1/ 178]- وهناد في الزهد له برقم 1266، وعلقه ابن معين في تاريخه [2/ 622] وذكر أن هشيما لم يسمعه من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 2097- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حليم إلّا ذو عثرة، ولا حكيم إلّا ذو تجربة. - ابن جدعان ولا يضر لسماع غيره منه هذا الحديث، قال الحافظ البيهقي معلقا على الحديث المرسل: هذا هو المحفوظ، مرسل. وقد روى مسندا من حديث ابن جدعان عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه البزار في مسنده [2/ 397 كشف الأستار] رقم 1945، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 200، وابن أبي الدنيا في المداراة برقم 31، وفي الإشراف برقم 156، وفي الإخوان برقم 140، وابن عدي في الكامل [5/ 1987] ، والبيهقي في الشعب [6/ 343، 501] رقم 8446، 905، والطبراني في الأوسط [7/ 41] رقم 6067، والعسكري في الأمثال كما في فتح الوهاب [1/ 178] رقم 134. قال البزار عقب إسناده لحديث أبي هريرة: رواه هشيم عن علي بن زيد، عن سعيد مرسلا، وعبيد الله بن عمرو ليس بالحافظ سيما إذا خالف الثقات. اه. قلت: لم ينفرد عبيد الله بن عمرو- وهو القيسي- بإسناده، بل تابعه سفيان على هذا، أخرجه البيهقي في الشعب لكن قال عقبه: فيه ضعف. نعم، وفي الباب عن ابن عباس عند ابن عدي في الكامل [3/ 1099] ، ومن وجه آخر عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان بطرفه الأخير [2/ 46] وكلا الإسنادين ضعيفان، وعن علي بن أبي طالب عند الطبراني في الصغير [2/ 21] رقم 705، وأبو نعيم في الحلية [3/ 203]- وقال: غريب-، والبيهقي في الشعب [6/ 256] رقم 8062. (2097) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 8، 69] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 565- مرفوعا وموقوفا-، والترمذي في البر، باب ما جاء في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 2098- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعظم النساء بركة أقلهن مؤونة. - التجارب برقم 2033- وقال: حسن غريب-، وأبو الشيخ في الأمثال [/ 26- 27] رقم 41، وأبو نعيم في الحلية [8/ 324] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 834، والخطيب في تاريخه [5/ 301] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1256، 4/ 1521] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 42] ، وابن عساكر في تاريخه [17/ 225] ، وابن حبان في روضة العقلاء [/ 208] ، وصححه برقم 2078- موارد-، والحاكم في المستدرك [4/ 293] ، وأقره الذهبي في التلخيص مع أن نسخة درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد ضعفها جماعة من الحفاظ، لكن ابن حبان انتقى منها شيئا كثيرا، ومن حجته في تصحيح هذا الحديث ما رواه عن موهب بن يزيد عقب هذا الحديث فقال: قال لي أحمد بن حنبل: إيش كتبت بالشام؟ قال: فذكرت له هذا الحديث فقال: لو لم تسمع إلّا هذا لم تذهب رحلتك. (2098) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : أخرج حديثها الإمام أحمد في المسند [6/ 145] ، وابن أبي شيبة في المصنف [4/ 189] ، والنسائي في العشرة من السنن الكبرى [5/ 402] رقم 9274، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، والخطيب في الموضح [1/ 305- 306] ، وأبو نعيم في الحلية [2/ 186] ، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن أبي سخبرة، عن القاسم بن محمد، عنها به، وتكلم في إسناده لأجل ابن سخبرة هذا فقيل: لا يعرف، وقيل: بل هو عيسى بن ميمون، وهو قول أبي حاتم الرازي، وابن معين، وإليه ذهب الخطيب في الموضح وقال: وهو أيضا: ابن تليدان الذي روى عنه وكيع وعثمان بن عمر، وقد يحتج له في ذلك برواية الطيالسي في مسنده برقم 1427، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [6/ 182] والخطيب في الموضح [1/ 306]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 ......... - وأبو الشيخ في الأمثال برقم 65 وفيها: موسى ابن تليدان عن القاسم عنها به. ورواه الخطيب في الموضح [1/ 306] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 123 وفيه: عن عيسى بن ميمون، عن القاسم بن محمد. ووقع في بعض الروايات مسمى ب عمر أو: عمرو بن الطفيل بن سخبرة كما في رواية الحاكم في المستدرك [2/ 178] ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، ووافقه الذهبي على تصحيحه مع أنه جهّل ابن سخبرة في الميزان. لكن للحديث شاهد يجوده من حديث عروة عنها بلفظ: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 77، 91] ، والبزار في مسنده [2/ 158 كشف الأستار] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، وابن عدي في الكامل [1/ 386] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 163، 8/ 180] ، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 1256، والحاكم في المستدرك [2/ 181] ، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 255] ظنا منه أن أسامة هذا هو ابن زيد بن أسلم العدوي، ورواية ابن عدي قد أو ضحت أنه أسامة بن زيد الليثي إذ أخرجه في ترجمته من الكامل. وله شاهد من حديث ابن عباس بلفظ: خيرهن أيسرهن صداقا، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [3/ 313] ، وابن راهويه في مسنده- كما في المطالب العالية [2/ 3] رقم 1500، والطبراني في الكبير [11/ 78] رقم 11100، 11101، صححه ابن حبان برقم 1255- موارد- وقال في مجمع الزوائد [4/ 281] : فيه رجاء بن الحارث ضعفه ابن معين وغيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 2099- وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر وهم جميعا جلوس بالأرض، فدعا لعيينة بنمرقة فأجلسه عليها وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. 2100- وعن جرير بن عبد الله قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك يا جرير؟ قال: جئت لأسلم يا رسول الله، قال: فبسط لي رداءه وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. (2099) - قوله: «دخل عيينة بن حصن» : هذا منكر، لأن المشهور أن ذلك كان لجرير، وعليه فالتالية هي الصحيحة، أورد هذه الرواية بهذا اللفظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 16] وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. (2100) - قوله: «وعن جرير بن عبد الله» : البجلي، روي حديثه من طرق، فأخرج البيهقي في الشعب [7/ 462] رقم 10998، والخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى برقم 345، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 149 جميعهم من حديث معبد بن خالد- وهو مجهول- عن أبيه- وهو مثله- عن جده، عن أنس قال: دخل جرير بن عبد الله على النبي صلى الله عليه وسلم فضن الناس بمجالسهم فلم يوسع له أحد، فرماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردته وقال: اجلس عليها، فأخذ جرير فلقيها بوجهه ونحره وقبلها وردها على ظهره وقال: أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر- ثلاثا- فإذا أتاه كريم قوم فليكرمه، لفظ البيهقي في الشعب. وروي عن جابر بن عبد الله نحو حديث أنس أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 291- 292] وصححه- وسكت عنه الذهبي. وروى يحيى بن يعمر عن جرير نحوه، أخرجه الطبراني في الصغير [2/ 12] وفي الأوسط [6/ 125] رقم 5257، وأبو نعيم في الحلية [6/ 205- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 2101- وعن جعفر بن عمرو بن أمية قال: قال عمرو بن أمية: قلت: يا رسول الله أقيد راحلتي وأتوكل، أو أرسلها وأتوكل؟ قال: قيدها وتوكل. - 206] ، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 71 تفرد به عوين بن عمرو- وهو ضعيف- عن الجريري، عن ابن بريدة عنه. وروى قيس بن أبي حازم، عن جرير قال: لما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأي شيء جئت يا جرير؟ قال: جئت لأسلم على يدك، قال: فألقى لي كساءه ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 243] رقم 22666، وفي الأوسط [7/ 158] رقم 6286، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 168] ، وفي المدخل برقم 712، وفي الشعب [7/ 461- 462] رقم 10997، والخطيب في الجامع [1/ 188] وفي تاريخه [7/ 94] ، وابن عدي في الكامل [2/ 803- 804] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 762. وقد ذكر البيهقي في المدخل والسنن الكبرى بأن له شاهدا صحيحا من حديث الشعبي مرسلا، ثم أخرجه من هذا الوجه في الكبرى [8/ 168] ، وفي المدخل برقم 714، وفي الاداب برقم 319، وهو في مراسيل أبي داود برقم 511، وعند الطبراني في الكبير برقم 2358، وعند الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى برقم 329، وجودها بمجموعها الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 319] . (2101) - قوله: «قيدها وتوكل» : وفي رواية: اعقلها وتوكل، وهي المشهورة، أخرجها من طرق باللفظين من حديث عمرو بن أمية: ابن حبان في صحيحه كما في الموارد برقم 2549، والحاكم في المستدرك [3/ 623] ، والبيهقي في الشعب [2/ 79- 80] رقم 1209، 1210، 1211، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 633. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 2102- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بكر أنهم كانوا في سفر قالوا: يا رسول الله أنرسل رواحلنا ونتوكل؟ قال: اعقلوها وتوكلوا. 2103- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة واحدة. - وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد أيضا [10/ 291، 303] للطبراني من طرق قال: ورجال أحدهما رجال الصحيح. (2102) - قوله: «وعن ابن عباس» : في الباب عن أنس وابن عمر. أما حديث أنس، فأخرجه الترمذي في صفة القيامة برقم 2517، وقال: غريب، وفي آخر كتاب العلل، وابن أبي الدنيا في التوكل برقم 12، والبيهقي في الشعب [5/ 80] رقم 1212، وفي الاداب برقم 1093، والقشيري في الرسالة [1/ 417] ، وأبو نعيم في الحلية [8/ 390] ، جميعهم من حديث المغيرة ابن أبي قرة- وهو مجهول الحال- عن أنس به. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [8/ 279] من طريق الخطيب بإسناده إلى مالك عن نافع، عنه به قال الخطيب: غير محفوظ عن مالك، وابن ريسان- يعني محمد بن عبد الرحمن بن بجير بن ريسان- متروك. (2103) - قوله: «لا تجد فيها راحلة» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الرقاق، باب رفع الأمانة برقم 6498، ومسلم في فضائل الصحابة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة، رقم 2547. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 2104- وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء خير من ألف مثله إلّا المؤمن. وأنشد لبعض الشعراء في ذلك: أدب المرء كلحم ودم ... ما حواه رجل إلّا صلح لو وزنتم رجلا ذا أدب ... بألوف من ذوي الجهل رجح 2105- وروى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه- وكان جالسا في المسجد محتبيا بكساء صوف- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوحدة خير من جليس (2104) - قوله: «إلّا المؤمن» : أخرجه الإمام أحمد في المسند ضمن الذي قبله [2/ 109] ، ومن حديث ابن عمر من طرق أيضا: أخرجه الطبراني في الصغير [1/ 147] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1216، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 139. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 292] رقم 6095، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 139. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 292] رقم 6095، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 137، وتمام في فوائده برقم 973. حسنه العراقي في تخريج الإحياء [3/ 23] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 318] : رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن يوسف وهو ثقة. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه [2/ 238] من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم به- مرسل-. (2105) - قوله: «محتبيا بكساء صوف» : زاد في رواية: وحده، فقال له عمران بن حطان: يا أبا ذر ما هذه الوحدة؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 343] ساكتا عليه، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 256] رقم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر. 2106- وأن رجلا من العرب كان يغشى أبا بكر يقال له: عفير، فقال له أبو بكر: يا عفير ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عفير: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الود يتوارث، والبغض يتوارث. - 3993، والديلمي في مسند الفردوس [4/ 434] رقم 7262، والعسكري وأبو الشيخ في الأمثال- فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 203]- ونقل عن الحافظ ابن حجر قوله: وسنده حسن، وقد أغفله العراقي فلم يورده قال: وفيه صدقة بن أبي عمران قاضي الأهواز كوفي صدوق، روى له البخاري تعليقا ومسلم وابن ماجه، وقد قيل: المحفوظ أنه موقوف على أبي ذر أو أبي الدرداء. قلت: حديث عمران، عن أبي الدرداء قوله أخرجه ابن حبان في الروضة [/ 101] . (2106) - قوله: «يقال له: عفير» : ابن أبي عفير الأنصاري، ذكروه في الصحابة، وقد أثبتها له البخاري وغيره، ولا يعرف له غير حديث الباب. أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 357] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 218] رقم 2748، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 2255] رقم 5600، والبيهقي في الشعب [6/ 200- 201] رقم 7899، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 189] رقم 507، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 216، والقضاعي في مسند الشهاب [1/ 156] ، والخطيب في الموضح [1/ 23، 24] ، وصحّح إسناده الحاكم في المستدرك [4/ 176] فتعقبه الذهبي بقوله: المليكي واه، وفي الخبر انقطاع. اهـ. يعني بين طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن وجده أبي بكر الصديق. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 2107- وعن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رزق من شيء فليلزمه. - ورواه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 190] رقم 508، وصححه الحاكم [4/ 176] من حديث يوسف بن عطية عن أبي بكر، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن يوسف بن عطية هالك. * خالف آدم بن أبي إياس عامة أصحاب المليكي فأدخل عائشة بين أبي بكر وطلحة، ذكره الدارقطني في العلل [1/ 264] . وروي بإسناد مرسل، فأخرجه البخاري في الأدب برقم 43، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 201] 7899، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 218] رقم 2748 من حديث ابن المبارك، عن محمد بن عبد الرحمن بن فلان بن طلحة، عن أبي بكر بن حزم، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. قال الدارقطني في العلل [1/ 264] وسئل عن هذا الحديث فقال: المحفوظ عن محمد بن طلحة، عن أبيه- مرسلا- عن أبي بكر. اه باختصار. وقال الحافظ في الإصابة: قال ابن حبان: ليس إسناد حديثه بشيء. (2107) - قوله: «وعن أنس» : هو ابن مالك، أخرج حديثه باللفظ المذكور: أبو الشيخ في الأمثال برقم 154، والبيهقي في الشعب [2/ 89] رقم 1241، وأخرجه أيضا برقم 1242 بلفظ: من رزقه الله رزقا في شيء فليلزمه، وبالإسناد نفسه أخرجه ابن ماجه في التجارات، باب: إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه ولفظه: من أصاب من شيء فليلزمه. وفي الإسناد: فروة بن يونس الكلابي اختلف فيه: وعليه فالحديث صالح في الباب، وزعم بعضهم أنه موضوع ظنا منه أن شيخ محمد بن بشار- وهو محمد ابن عبد الله الأنصاري- هو محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري المتهم بالوضع، ولو راجع كتب التهذيب لعلم أنه ليس كذلك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 2108- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب، يدع أحدكم طعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفر فليعجل الرجوع إلى أهله. 2109- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس سواء كأسنان المشط، إنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه، يرفده، يكسوه، يحمله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له. - ومثله قول الشيخ ابن تيمية لما سئل عن حديث: من بورك له في شيء فليلزمه، قال: هو من كلام بعض السلف! وهو ذهول منه رحمه الله. نعم، وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها، فأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 246] ، وابن ماجه في التجارات برقم 2148، والبيهقي في الاداب برقم 1103، وفي الشعب [2/ 89، 90] رقم 1243، 1244، جميعهم من حديث رجل يقال له نافع- وليس بمولى ابن عمر- قال: كنت أتجر إلى الشام- أو إلى مصر- قال: فتجهزت إلى العراق فدخلت على عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين إني قد تجهزت إلى العراق، فقالت: ما لك ولمتجرك؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له ... الحديث. (2108) - قوله: «السفر قطعة من العذاب» : هو في الصحيحين، وقد خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2835- فتح المنان. (2109) - قوله: «عن أنس بن مالك» : أخرج حديثه: ابن عدي في الكامل [3/ 1099] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 46، 47، 166 فرقه، والشجري في أماليه [2/ 141، 143] ، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 80] ، جميعهم من حديث سليمان بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 وقد أخبر الشاعر بذلك فقال: وإني لأستحي صديقي أرى له ... عليّ من الفضل الذي لا يرى ليا - عمرو أبي داود- المتهم بوضعه على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة- عنه، عن أنس به، وهو عند العسكري في الأمثال أيضا كما في الكنز [9/ 38] رقم 24821 وأوله: المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له. وفي الباب عن سهل بن سعد، والحسن البصري مرسلا وعن مجاهد بن جبر. أما حديث سهل، فأخرجه الدولابي في الكنى [1/ 168] ، والحسن بن سفيان في مسنده- كما في اللالىء المصنوعة [2/ 290]- وأبو الشيخ في الأمثال برقم 48، وابن حبان في الروضة [/ 103] جميعهم من حديث بكار بن شعيب- ذكره الدولابي في الكنى، وضعفه ابن حبان، والذهبي، والسيوطي- عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل مرفوعا: إنما الناس كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون بالعافية، فلا تصحب من لا يرى لك مثل ما ترى له. وقد رواه أيضا عن أبي حازم: عمر بن سليم، أخرجه ابن لال في مكارم الأخلاق- كما في اللالىء المصنوعة [2/ 290] ، ومناهل الصفا [/ 49] . والخليل بن مرة- وهو ضعيف أيضا- أخرج حديثه الشجري في أماليه [2/ 154] مما يعني أن له أصلا من حديث سهل بن سعد لا أنس بن مالك والله أعلم، وانظر ما بعد الاتي. وأما حديث الحسن البصري، فأخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 57] من حديث بشر المريسي- أحد المبتدعة المشهور بالغلو- عن البراء الغنوي، عنه به، مرسلا. وأما حديث مجاهد بن جبر، فأخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 2110- وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الخبر كالمعاينة، إن موسى عليه السلام أخبره الله عزّ وجلّ عن قومه فلم يكسر الألواح، فلما عاين ذلك منهم كسرها ورمى بها. 2111- وعن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له. - بأصبهان [3/ 56] وابن سمعون في أماليه برقم 19، 286، كلاهما من طريق أبي كدينة، عن ليث، عنه قال: كانوا يقولون: لا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له. (2110) - قوله: «ليس الخبر كالمعاينة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 215، 271] ، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 54] رقم 12451، وفي الأوسط [1/ 45- 46] رقم 25، والبزار في مسنده [1/ 111 كشف الأستار] رقم 200، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 5، وابن عدي في الكامل [7/ 2596] ، والخطيب في تاريخه [6/ 56، 8/ 12] ، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 505] رقم 1027، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1182، 1183، 1184، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2087، 2088، والحاكم في المستدرك [2/ 321، 380] على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. (2111) - قوله: «وعن سهل بن سعد» : أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1097] ، وأبو الشيخ بلفظ مختصر برقم 49، من حديث سليمان بن عمرو أبي داود النخعي- المتهم بالوضع كما أشرنا في الحديث قبل المتقدم- عن أبي حازم عن سهل بن سعد، وانظر تمام تخريجه فيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 2112- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن مرآة المؤمن حيث لقيه، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه. 2113- وفي رواية: المؤمن مرآة أخيه، فإذا رأى به شيئا فليمطه عنه. 2114- وعن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الإنسان مضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب. 2115- وعن عامر بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة. (2112) - قوله: «ويحوطه من ورائه» : أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 239، وأبو داود في الأدب، برقم 4918، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 167] ، وفي الاداب برقم 106، وفي الشعب [6/ 113] رقم 7645. (2113) - قوله: «وفي رواية» : عزاها الحافظ البوصيري في الإتحاف [8/ 11] لأحمد بن منيع: ثنا أبو معاوية، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: المسلم مرآة المسلم، فإذا رأى به شيئا فليأخذه، قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب. (2114) - قوله: «وعن النعمان بن بشير» : حديثه في الصحيحين، وخرجناه في أول كتاب البيوع من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 2691- فتح المنان-. (2115) - قوله: «وعن عامر بن مسعود» : القرشي، الجمحي، اختلف في صحبته، والأكثر على عده في التابعين، أخرج حديثه: الإمام أحمد في المسند [4/ 335] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 100] ، والترمذي في الصوم برقم 797، ويعقوب بن سفيان- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 2116- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: يا رسول الله سيدنا جد بن قيس، قال: بم سودتموه؟ قالوا: أكثرنا مالا، وإنا على ذلك لنزنّه بالبخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل، قال: ليس ذلك سيدكم، قالوا: فمن سيدنا؟ قال: سيدكم بشر بن البراء. - في المعرفة [3/ 127] ، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 296- 297] ، وفي الشعب [3/ 416] رقم 3941، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 223، وصححه ابن خزيمة برقم 2145 (وقع عنده: عن مالك بن مسعود!) . نعم، وفي الباب عن أنس بن مالك. أما حديث أنس، فأخرجه الطبراني في معجمه الصغير [1/ 254] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1210] ، والبيهقي في الشعب [3/ 416] رقم 3943، تفرد به الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير قاله الطبراني، وسعيد بن بشير ممن يعتبر به. * خالف عبد الوهاب بن الضحاك- وهو ضعيف جدّا- أصحاب الوليد فقال عنه، عن زهير بن محمد، عن ابن المنكدر، عن جابر، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1075] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب برقم 3942. (2116) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 251] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 94، والوليد بن أبان في كتاب الجود- فيما ذكره الحافظ في الإصابة- جميعهم من حديث النضر بن شميل، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، ليس فيه أنه قال ذلك لكعب بن مالك، بل فيه: من سيدكم يا بني سلمة؟ ... الحديث. تابعه عن محمد بن عمرو: محمد بن يعلى، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 219] وصححه على شرط مسلم، وأقره الذهبي. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 ......... - وتابعه أيضا: سعيد بن محمد الوراق- وهو ضعيف- أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل [3/ 1238] ، والحاكم في المستدرك [4/ 163] وقال: صحيح على شرط مسلم، وسعيد بن محمد الوراق ثقة مأمون. اه. فتعقبه الذهبي بأن الدارقطني وغيره قالوا فيه: متروك، وعلقه البيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10856، وجعل الطريق الاتي أولى كما سيأتي. * ورواه إبراهيم بن يزيد الخوزي- وهو ضعيف جدّا- عن عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بل سيدكم عمرو بن الجموح، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 389] رقم 3663، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 90، والبيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10855، وزعم أنه أولى من الأول وحجته أن الأول من رواية سعيد بن محمد الوراق، وقد بينت لك أنه لم ينفرد بذلك، وفات الحافظ البيهقي أن هذا من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي، وعلى هذا فحديث الباب هو الأولى فتأمل، ويشهد له حديث كعب بن مالك، رواه الزهري فاختلف عليه فيه: فرواه عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، موصولا، أخرجه الطبراني في الصغير برقم 317، وفي الكبير [19/ 81] رقم 163 ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة برقم 1170، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 95. * وتابعه مرة يونس، عن ابن شهاب، أخرجه أبو نعيم في المعرفة عقب الأول. * وقال يونس مرة وعامة أصحاب الزهري: عنه، عن عبد الرحمن بن كعب، به مرسلا، أخرجه من طرق عن الزهري الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 337- 338] رقم 20705، ومن طريقه الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 593، 647، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [3/ 358] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 81] رقم 164، والبيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10858، وابن سعد في الطبقات [3/ 571] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 2117- وعن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: واقية كواقية الوليد- يعني: الطفل-. 2118- وقال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: يا رسول الله ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تكفه عن الظلم فذلك نصرتك إياه. 2119- وقال صلى الله عليه وسلم: القناعة مال لا ينفد. (2117) - قوله: «يعني: الطفل» : قال أبو يعلى عقب تفسيره: كذا فسر لنا، أخرجه في مسنده [9/ 396- 397] رقم 5527 من حديث الثوري، عن شيخ من أهل المدينة لم يسم، عن سالم، عن أبيه به. ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سالم به، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 295] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 371، والقضاعي في مسند الشهاب رقم 1484، 1485، 1486 وفي إسناده عبد الوهاب بن الضحاك، تقدم أنه ضعيف جدّا. * ورواه محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن سالم، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1487، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 174، وفي الإسناد إليه الهيثم بن عدي اتهم بالكذب. (2118) - قوله: «وقال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك» : أخرجاه في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، وخرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 2919- فتح المنان-. (2119) - قوله: «القناعة مال لا ينفد» : أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1507] ، والبيهقي في الزهد برقم 104، والخطيب في الفقيه والمتفقه [2/ 94] ، والشجري في أماليه [2/ 198] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 2120- وقال صلى الله عليه وسلم: الخير عادة والشر لجاجة، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. - جميعهم من حديث عبد الله بن إبراهيم الغفاري- أحد الضعفاء- عن المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله الأنصاري به. قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 106] رقم 1813: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث باطل. اه. وقال ابن عدي: لا يرويه عن المنكدر إلّا عبد الله بن إبراهيم، وضعف إسناده البيهقي عقب إخراجه. وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رفعه غريب. (2120) - قوله: «الخير عادة» : يعني: بالتعود، فمن لم يكن من طبعه حب الخير وحب فعله فليعود نفسه ذلك بالتكلف وليعالجها كما يعالجها عند فعل الطاعة ويكلفها محتسبا الأجر وطالبا رضى الرحمن، ومن هذا قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا الاية، وقوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا الاية. قوله: «والشر لجاجة» : أي: تعوده والتمادي فيه: لجاجة، من لجة البحر أو الظلمة، والمراد: معظم الخطر أو السواد. والحديث: أخرجه ابن ماجه في مقدمة السنن، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم برقم 221، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 385- 386] رقم 904، وفي مسند الشاميين برقم 2215، وأبو نعيم في الحلية [5/ 252] ، وفي تاريخ أصبهان [1/ 345] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 20، وابن أبي عاصم في كتاب الصمت برقم 100، والقضاعي في مسند- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 2121- وعن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن والحرام بيّن، وبين ذلك شبهات، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك. 2122- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن عبدا عمل في صخرة لا باب لها ولا كوة، لظهر للناس عمله كائنا ما كان. - الشهاب برقم 22، وابن عدي في الكامل [3/ 1005] ، والخطيب في الفقيه والمتفقه [1/ 7، 8] ، جميعهم من حديث الوليد بن مسلم، عن مروان بن جناح- وعند ابن عدي: روح بن جناح وهما أخوان- عن يونس بن ميسرة، عن معاوية بن أبي سفيان به، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 82. (2121) - قوله: «وعن نافع، عن ابن عمر» : أخرج حديثه الطبراني في معجمه الصغير [1/ 41] رقم 32، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 71] : إسناده حسن، وتبعه السيوطي في الجامع الصغير. (2122) - قوله: «لو أن عبدا» : هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري أوله: من تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في عليين، ومن تكبر على الله درجة وضعه حتى يجعله أسفل السافلين، يفرقه بعض الحفاظ وبعضهم يورده بطوله. أخرجه مطولا ومختصرا: الإمام أحمد في مسنده [3/ 28، 76] ، وابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر والتواضع، رقم 4176، وأبو يعلى في مسنده [2/ 359، 521] رقم 1109، 1378، والبيهقي في الشعب [5/ 359] رقم 6940، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 1942، والحاكم في المستدرك [4/ 314] وصححه، ووافقه الذهبي مع أن نسخة دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد تكلم فيها وفيها جملة حسنة لعل هذا منها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 2123- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فاحرص على ما ينفعك ولا تفجر، فإن غلبك أمر فقل: قدّر الله أو: ما شاء، وإياكم واللّو، فإن اللّو تفتح عمل الشيطان. 2124- وقال صلى الله عليه وسلم: ما عال من اقتصد. (2123) - قوله: «فإن اللّو تفتح عمل الشيطان» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 366، 370] ، ومسلم في القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز رقم 2664، والنسائي في اليوم والليلة برقم 623، 624، وابن ماجه في الزهد، باب التوكل واليقين، رقم 4168، والحميدي في مسنده برقم 1114، ومن طريقه الفسوي في المعرفة [3/ 5- 6] وغيرهم. (2124) - قوله: «ما عال من اقتصد» : زاد في رواية عفان، عن مسكين بن عبد العزيز: ولا يبقى على سرف كثير، أشار إلى هذه الزيادة البيهقي في الشعب، ورواها أبو الشيخ في الأمثال وقال في أوله: لا يعيل أحد على قصد ... أخرج الشطر الأول منه: الإمام أحمد في المسند [1/ 447] ، وابن أبي شيبة في المصنف [6/ 96] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 133] رقم 10118، وفي الأوسط [6/ 44] رقم 5090، وابن عدي في الكامل [3/ 1301] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 86، والبيهقي في الشعب [5/ 255] رقم 6569، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال برقم 346، جميعهم من حديث إبراهيم الهجري- وهو ضعيف- عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود به. وفي الباب عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في الكبير [12/ 123] رقم 12656، وفي الأوسط [9/ 114/ 115] رقم 8237، والبيهقي في الشعب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 2125- وعن أسلم مولى عمر قال: خرجت في سفر فلما رجعت قال لي عمر: من صحبت؟ قلت: صحبت رجلا من بني بكر، فقال عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخوك البكري فلا تأمنه. 2126- وقال بعض الصحابة: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح فقال: -[5/ 255] رقم 6570، 6571، وابن عدي في الكامل [3/ 885] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 85 جميعهم من حديث خالد بن يزيد، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس به، وهذا إسناد فيه ضعف وانقطاع، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 252] : رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف. (2125) - قوله: «وعن أسلم مولى عمر» : إسناد حديثه ضعيف، لكن متنه حسن كما سيأتي، حديث أسلم أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [4/ 464] رقم 3786، وابن عدي في الكامل [1/ 318، 3/ 1065] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 72] جميعهم من حديث زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 215، 5/ 258] : فيه زيد بن عبد الرحمن وأبوه وكلاهما ضعيف، وانظر التعليق على الحديث التالي. (2126) - قوله: «وقال بعض الصحابة» : هو عمر بن الفغواء الخزاعي، صحابي، قال ابن حجر: في إسناد حديثه اختلاف، أخرج قصته الإمام أحمد في المسند [5/ 289] ، والبخاري في تاريخه [7/ 39] الترجمة رقم 172، وأبو داود في الأدب، باب الحذر، رقم 4861، وابن سعد في الطبقات [4/ 296] ، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 36] رقم 73، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 1991- 1992] الأرقام 5004، 5005، 5006، وابن قانع في معجمه [10/ 3771] رقم 1255. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 التمس صاحبا، فجاءني عمرو بن أمية الضمري قال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا، قلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: وجدت صاحبا، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وجدت صاحبا فاذنّي، - فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمري، قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري فلا تأمنه، قال: فخرجت حتى جئت الأبواء، قال: إني أريد حاجة إلى قومي فتلبّث لي، قلت: امض راشدا، فلما ولّى ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري، فخرجت أوضعه فسبقته، فلما رآني أن تقدمته جاءني فقال لي: كانت لي حاجة إلى قومي، قلت: أجل، فمضينا حتى قدمنا إلى مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان. 2127- وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الحلال بيّن والحرام بيّن، وبين ذلك شبهات، فمن ترك الشبهات فهو للحرام أترك، ومعصية الله حمى، ومن رتع حول الحمى يوشك أن يرتع في الحمى، ألا إن لكل ملك حمى وحمى الله محارمه. 2128- وقال صلى الله عليه وسلم: اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله. (2127) - قوله: «وعن النعمان بن بشير» : حديثه في الصحيحين، وخرجناه في أول كتاب البيوع من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2691- فتح المنان- وقد تقدم قريبا طرف منه. (2128) - قوله: «اتقوا فراسة المؤمن» : في الباب عن أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي، وثوبان، وأبي هريرة وابن عمر، وأنس بن مالك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 ......... - فأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه البخاري في تاريخه [7/ 354] الترجمة 1529، والترمذي في التفسير من جامعه برقم 5133- وقال: غريب- وابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 129] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 127، والخطيب في تاريخه [3/ 191، 7/ 242] ، وأبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين [/ 14] ، وأبو حنيفة في مسنده [1/ 189 جامع المسانيد] ، جميعهم من طرق عن عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد به. * خالف سفيان الثوري- والقول قوله عند المخالفة- سائر أصحاب عمرو ابن قيس فقال عنه قوله: كان يقال: ... أخرجه العقيلي، وقال الخطيب: وهو المحفوظ. وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 121] رقم 7497، وفي مسند الشاميين برقم 2042، والبيهقي في الزهد له برقم 358، وأبو نعيم في الحلية [6/ 118] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1523، 6/ 2401] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 663، والخطيب في تاريخه [5/ 99] ، وأبو نعيم في الطب، والحكيم الترمذي في النوادر، وسمويه في فوائده فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 544- 545] ، جميعهم من حديث عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة به، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 268] وهو كما قال، فإن عبد الله ابن صالح ومعاوية من رجال مسلم. وأما حديث ثوبان، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [14/ 46- 47] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 81] ، وأبو الشيخ في الأمثال من حديث وهب بن منبه، عن طاوس، عنه مرفوعا بلفظ: احذروا دعوة المسلم وفراسته، فإنه ينظر بنور الله، وينطق بتوفيق الله، وفي إسناده: سليمان بن سلمة الخبائري، وهو ضعيف جدّا، وبعضهم تركه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 2129- وقال صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدود. 2130- وقال صلى الله عليه وسلم: من صمت نجا. - وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 126، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 147] من حديث سليمان بن أرقم، عن الحسن البصري، عنه به. سليمان بن أرقم متروك الحديث، وقد خالفه معمر فرواه عن الحسن قوله: كان يقال، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 451] رقم 19674. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 94] من حديث الفرات بن السائب- وهو متروك- عن ميمون بن مهران، عنه بلفظ حديث الباب. وأما حديث أنس بن مالك، فهو أمثل ما في الباب مع حديث أبي أمامة المتقدم، أخرج حديث أنس: البزار في مسنده [4/ 243 كشف الأستار] رقم 3632، وابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، والطبراني في الأوسط [3/ 445] رقم 2956، وأبو الشيخ في الثواب، وابن السني، وأبو نعيم كلاهما في الطب فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 545] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1005، جميعهم من حديث أبي بشر المزلق، عن ثابت، عنه يرفعه: إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، حسنه الهيثمي والسخاوي في المقاصد، والزبيدي في الإتحاف. (2129) - قوله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» : تقدم تخريجه في صفة أخلاقه صلى الله عليه وسلم برقم 1645، وانظر هناك ما قبله وما بعده. (2130) - قوله: «من صمت نجا» : خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2878- فتح المنان-. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 2131- وقال صلى الله عليه وسلم: ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى. (2131) - قوله: «ما قل وكفى» : في الباب عن أبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنس بن مالك رضي الله عنه. أما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 319] رقم 1053، ورجاله عن آخرهم ثقات كما في مجمع الزوائد [10/ 255- 256] ، وصححه الضياء في المختارة. وأما حديث أبي الدرداء، فبعضهم يورده بطوله وبعضهم يختصره، وأوله: ما طلعت شمس قط إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان من على الأرض غير الثقلين: أيها الناس هلموا إلى ربكم، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا غربت شمس إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان: اللهمّ أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا. أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 197] ، وعبد بن حميد في مسنده -[المنتخب برقم 207]- والطيالسي في مسنده برقم 979، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 226] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 247] رقم 4045، وأخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 102، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 188، وأبو نعيم في الحلية [2/ 233، 9/ 60] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 810، والبيهقي في الشعب [7/ 297- 298] رقم 10373، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 814، 2476، والحاكم [2/ 444- 445] ووافقه الذهبي. وأما حديث أبي هريرة، ففي الصحيحين منه قوله صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهمّ أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، غير أن المؤمل بن إسماعيل- ممن تكلم في حفظه- رواه عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 2132- وقال صلى الله عليه وسلم: عمل قليل في سنّة، خير من عمل كثير في بدعة. - أبي رافع- أو ابن رافع على الشك- عن أبي هريرة وزاد فيه: وملك بباب آخر يقول: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ... الحديث، أخرجه البيهقي في الشعب [7/ 396] رقم 10730، فقد وهم فيه إسنادا ومتنا، فأما الإسناد فإنما هو عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، وليس في المتن ما زاده، وقد خالفه بهز وعفان وعبد الصمد، وأسد عند الإمام أحمد [2/ 305- 306] ، وابن حبان- 815 موارد- والطبراني في الأوسط [9/ 432] رقم 8930. وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 314] برقم 8020، ولفظه: أيها الناس هلموا إلى ربكم، إن ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى، يا أيها الناس إنما هما نجدان: نجد خير ونجد شر، فاجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1263 بإسناد فيه فضال بن جبير، وهو ضعيف. وأما حديث ثوبان، فأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1261، 1262 باللفظ الوارد هنا، وفي إسناده يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو دمشقي ضعيف. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 276] من طريق إسماعيل بن سلمان- قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك- عن أنس بلفظ حديث الباب. (2132) - قوله: «عمل قليل في سنة» : أخرجه أبو محمد الدارمي في المسند الجامع من حديث ابن مسعود قوله: القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة، بسطنا تخريجه في شرحنا تحت رقم 228- فتح المنان، وذكرت فيه ما يروى في الباب، فيراجع هناك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 2133- وأنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس بمنى فقال: ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع. 2134- وقال صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة. 2135- عن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، فأظهر أنه يريد غيرها، وكان يقول: الحرب خدعة. 2136- وقال صلى الله عليه وسلم: التمسوا الجار قبل شراء الدار، والرفيق قبل الطريق. 2137- وقال صلى الله عليه وسلم: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، ويدع الجذع في عينيه. (2133) - قوله: «خطب الناس بمنى» : أخرجاه من حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري من حديث ابن عباس، ذكرنا مواضع ذلك في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي عند شرحنا لحديث جبير بن مطعم تحت رقم 238- فتح المنان-. (2134) - (2135) - قوله: «الحرب خدعة» : أيضا خرجناه في كتاب السير من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2607- فتح المنان-. (2136) - قوله: «التمسوا الجار» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 319] رقم 4379، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 232، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 709، جميعهم من حديث رافع بن خديج مرفوعا وفي أسانيدهم أبان بن المحبر وهو متروك، قاله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 164] . (2137) - قوله: «يبصر أحدكم القذاة» : رواه من أصحاب جعفر بن برقان: كثير بن هشام، ومسكين بن بكير، عنه، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 2138- وقال صلى الله عليه وسلم: أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم. 2139- وقال صلى الله عليه وسلم: الحزم سوء الظن. - عن يزيد ابن الأصم، عن أبي هريرة قوله، أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 992، والبخاري في الأدب المفرد برقم 592، وابن أبي الدنيا- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 537]-. ورواه محمد بن حمير وحده- وهو من رجال البخاري، ثقة له أفراد- عن جعفر بن برقان فرفعه، أخرجه ابن صاعد في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 212، وأبو نعيم في الحلية [4/ 99] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 610، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 217، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1848. (2138) - قوله: «أكرموا أولادكم» : أخرجه ابن ماجه في الأدب، باب بر الوالد والإحسان إلى البنات برقم 3671، والعقيلي في الضعفاء [1/ 214] كلاهما من حديث الحارث بن النعمان، عن أنس به، قال البوصيري في الزوائد: في إسناده الحارث بن النعمان لينه أبو حاتم. اه. وقال العقيلي: منكر الحديث. (2139) - قوله: «الحزم سوء الظن» : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مرسل، وفيه انقطاع، قال ابن أبي الدنيا في المداراة حديث رقم 114: حدثني أبي رحمه الله، أخبرنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان عمن أخبره عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الحزم سوء الظن بالناس، رجاله ثقات غير أنه منقطع، ومرسل، وأضعف منه ما أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من حديث بقية بن الوليد: ثنا الوليد بن كامل، عن نصر بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه: ... ، الوليد بن كامل وعبد الرحمن بن عائذ ومن دون بقية ما بين ضعيف ولين. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 ......... - وأمثل منهما حديث أنس الذي أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 355، 1/ 208] رقم 602، 9454، وابن عدي في الكامل [6/ 2398] وابن أبي الدنيا في المداراة برقم 113 من حديث بقية بن الوليد أيضا لكن عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن سليم، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احترسوا من الناس بسوء الظن، عزاه الحافظ في المطالب العالية برقم 2701 للإمام أحمد في الزهد فوهم فإنه أخرجه من قول مطرف كما سيأتي. ومعاوية بن يحيى المذكور في حديث أنس هو الأطرابسي، الدمشقي لا الصدفي، ذاك متفق على تضعيفه، أما هذا فوثقه أبو زرعة وقال: صدوق مستقيم الحديث، ووثقه أيضا أبو علي النيسابوري وهشام بن عمار، وأخرج له النسائي وقال: لا بأس به، وكذلك قال أبو داود وجماعة واختلف قول يحيى فيه لذلك، قال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق إلّا عنعنة بقية كما يفهم من كلام الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 89] حيث قال: فيه بقية وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وقد أنكر بعضهم الحديث لمخالفته عندهم الأمر النبوي بحسن الظن بالمسلم، والحقيقة أنه لا يعارض ذلك لأن أمر المؤمن العاقل وسط، يعقل ويتوكل لا يفعل واحدا دون الاخر، يتوكل مع أخذ الحذر والحيطة، يتقدم تارة عزما، ويتأخر حزما تارة أخرى، وقد مر قريبا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أخوك البكري فلا تأمنه، وقوله صلى الله عليه وسلم: أعقلها وتوكل، ومنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: فر من المجذوم فرارك من الأسد. نعم، وقد روي حديث أنس من قول مطرف بن عبد الله، كذلك أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 1356، وأبو نعيم في الحلية [2/ 210] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 129] وقال: روي ذلك عن أنس مرفوعا، والحذر من أمثاله سنة متبعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 2140- وقال صلى الله عليه وسلم: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه. - وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله- وهو الأشبه- وعن الحكم بن عبد الله الأزرق. فأخرج ابن عساكر في تاريخه [13/ 253- 256] من حديث الحارث الأعور أن عليا سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة- وهو حديث طويل- وفيه: قال علي رضي الله عنه: فما الخرق؟ قال: معاداتك لإمامك، ورفعك عليه كلامك، قال: فما السناء؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح، قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة، والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم ... الحديث بطوله، وهو في الجليس الصالح [3/ 321] . وعزاه السيوطي في الدرر المنتثرة: لأبي الشيخ عن علي قوله بسند واه جدّا. وأخرج ابن أبي الدنيا في العقل برقم 40، وابن حبان في روضة العقلاء [/ 22] ، والبيهقي في الشعب [4/ 166] رقم 4681، جميعهم من حديث ابن أبي شيبة، عن جرير، عن الحكم بن عبد الله الأزرق- وعند البيهقي: ابن عبد الرحمن- قال: كانت العرب تقول: العقل: التجارب، والحزم: سوء الظن، وهذا موافق تماما لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المار قريبا: أخوك البكري فلا تأمنه، والله أعلم. (2140) - قوله: «اطلبوا الخير عند حسان الوجوه» : ثبت من وجه مرسل برجال الصحيح، ولذلك ذهب جماعة إلى تحسين بعض طرقه المسندة التي لم يبلغ ضعفها الحد، نحو حديث ابن عباس من طريق ابن خراش، ولنبدأ بإيراد الروايات المرسلة حيث يقودنا بعضها إلى المسندة منها نتيجة مخالفة الضعفاء للثقات. أولا: ذكر مرسل الزهري: قال ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا المعروف عند حسان الوجوه، - هذا مرسل برجال الصحيح. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 ......... - 1- ذكر من رواه عن الزهري- وفيه حديث عائشة رضي الله عنها: (أ) رواه سليمان بن أرقم- أحد الضعفاء والمتروكين- أبو معاذ عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به وزاد في المتن: وتسموا بخياركم، وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [2/ 121] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 162] ، وابن عساكر في تاريخه [22/ 184- 185] . (ب) وتابعه الوقاصي- وهو عثمان بن عبد الرحمن أحد المتروكين- عن الزهري، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 68. * وخالفهما الحكم بن عبد الله الأيلي- كذبه أبو حاتم- فقال: عن الزهري، عن ابن المسيب عنها به مرفوعا، أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 622] ، ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 162] . وقد روي عن عائشة من غير هذا الوجه: فأخرج البخاري في تاريخه الأوسط [2/ 162] ، وفي الكبير [1/ 157] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 162] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 199] رقم 4759، والخرائطي في اعتلال القلوب [1/ 166] رقم 342، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 51، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 67، ومن طريقه الشجري في أماليه [2/ 154] ، والبيهقي في الشعب [3/ 278] رقم 3541، 3542، وابن عساكر في تاريخه [51/ 156- 157] تفردت به جبرة- أو خيرة- عن أبيها أو أمها، لا يعرف حالهم، قاله العراقي في تخريج الإحياء [4/ 105] ، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 195] . 2- ذكر من رواه عن ابن أبي ذئب عن الزهري- وفيه حديث أنس بن مالك: (ج) رواه سليمان بن سلمة- يقال: إنه الخبائري- عن عبد العظيم بن حبيب الفهري، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أنس به، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161] ، والسيوطي في اللالي [2/ 79] بإسنادهما. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 ......... - قال ابن الجوزي- وتبعه الذهبي في الميزان، والسيوطي في اللالىء- اتهمه ابن حبان بوضع الحديث. اه. ولم أره في المجروحين، بل قال ابن عدي في ترجمته من الكامل: له أحاديث صالحة، لكن الحمل فيه عليه، والله أعلم. (د) ورواه ناعم بن السري، عن قبيصة بن عقبة، عن الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن مالك، عن الزهري، عن أنس به، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [57/ 8] وقال: حديث غريب، وإسناده عجيب. قلت: ناعم بن السري لم أعرفه، ولعل العهدة عليه إذ من فوقه ثقات، وقد رواه السري بن يحيى، عن قبيصة، عن سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، وهذا سيأتي الكلام عليه. وقد روي من حديث أنس من غير هذا الوجه: فأخرج الخطيب في تاريخه [3/ 226] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 161] من حديث محمد الطرازي- أحد الضعفاء- عن أبي سعيد العدوي- اتهم بوضع الحديث- عن خراش- تابعي لا يعرف حاله- عن أنس به. ثانيا- ذكر الاختلاف فيه على طلحة- وفيه حديث ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة: (أ) رواه قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عنه، عن عطاء، عن ابن عباس به، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 59] ، وتمام في فوائده برقم 865، والخطيب في تاريخه [11/ 43، 13/ 158] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 159] ، وابن عساكر في تاريخه [36/ 224- 225] . (ب) وهكذا قال مالك بن سلام البغدادي، عن مالك بن أنس، عن الثوري، أخرجه الخطيب في تاريخه [13/ 158] . (ج) ورواه محمد بن خليد الخثعمي، عن مالك بن أنس، عن الثوري، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 ......... - عن طلحة، عن عطاء، عن جابر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [57/ 8] . (د) ورواه نصر بن سلام المدني، عن مالك، عن سفيان، عن طلحة، عن عطاء، عن أبي هريرة. أخرجه تمام في فوائده- فيما ذكره السيوطي في الجامع الصغير برقم 11907-، والخطيب في الرواة عن مالك- كما في اللسان لابن حجر-[6/ 152] . قال الذهبي في ترجمة نصر بن سلام من الميزان: عن مالك بخبر باطل متنه: الخير عند حسان الوجوه ... اه. (هـ) وهكذا قال أبو داود الطيالسي عن طلحة: عن عطاء، عن أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 246- 247] . (و) وقاله زيد بن الحباب عنه أيضا، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 70. (ز) وصفوان بن عيسى، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 472] رقم 3800. (ح) ورواه عيسى بن يونس عنه، عن عطاء فأرسله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتغوا الخير عند حسان الوجوه، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] . فقد تبين أن الاختلاف فيه من طلحة وهو ابن عمرو الحضرمي، المكي، من رجال ابن ماجه، يقال: إن شعبة كتب عنه، وهو ممن اتفق على تضعيفه. فهو علته. وقد روي عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة من غير هذا الوجه. أما حديث ابن عباس فله طرق: منها: وهو أمثل ما في المسند منه: ما أخرجه الطبراني في الكبير [11/ 81] رقم 1110 من طريق عبد الله بن خراش، عن العوام ابن حوشب، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 ......... - عن مجاهد، عنه بنحوه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 195] : عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات. ومنها: ما أخرجه الخطيب في تاريخه [4/ 185] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 159] من حديث أحمد بن سلمة، عن منصور بن عمار، عن أبي حفص الابار، عن ليث، عن مجاهد ومن دون ابن سلمة، وابن سلمة وشيخه ضعفاء. * ورواه مصعب بن سلام- أحد الضعفاء- فاختلف عليه فيه: (أ) فقال زياد بن أيوب، عنه: عن أبي الفضل القرشي، عن عمرو بن دينار به مرفوعا- مرسل- أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 54. (ب) وقال يحيى بن يزيد الخواص، عنه: عن عباد القرشي، عن عمرو، عن ابن عباس به مرفوعا، أخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 11] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 159- 160] . (ج) ورواه خلف بن يحيى عنه فجعله من مسند جابر بن عبد الله، أخرجه أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين [3/ 158] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 309، 2/ 214] وخلف هذا ضعفوه، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، كان كذابا، لا يشتغل بحديثه. اه. وأما حديث جابر، فأخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 70- 71] رقم 6113، والبزار في مسنده [2/ 398 كشف الأستار] رقم 1948، وتمام في فوائده برقم 1488، والعقيلي في الضعفاء [2/ 138- 139] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1138] ، والخرائطي في اعتلال القلوب [1/ 166- 167] رقم 343، وأبو نعيم في الحلية [3/ 156] ، وفي أخبار أصبهان [1/ 151] جميعهم من حديث عمر بن صبهان، عن ابن المنكدر، عن جابر به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 194] : عمر بن صبهان متروك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 ......... - وأما حديث أبي هريرة فله طريقان: أخرج الأول: العقيلي في الضعفاء [2/ 321] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161] من حديث محمد بن الأزهر البلخي عن عبد الرحمن ابن إبراهيم، عن العلاء، عن أبيه، عنه به. وعلة هذا الإسناد محمد بن الأزهر، فقد نهى الإمام أحمد عن الكتابة عنه وقال: يحدّث عن الكذابين، وقد بينت لك حال عبد الرحمن بن إبراهيم القاضي في رسالتنا الحطة ضمن كتابنا إتمام الاهتمام وأنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. وأخرج الثاني: أبو الشيخ في الأمثال برقم 69، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 53، وابن الجوزي [2/ 161] من حديث يزيد ابن عبد الملك النوفلي- وهو ضعيف جدا- عن عمران بن أبي أنس، عنه به مرفوعا. هذا وفي الباب عن أبي بكرة، وابن عمر، وعبد الله بن جراد، وعبد الله بن عمرو، ويزيد القسملي، وأبي خصيفة، وعن أبي مصعب الأنصاري مرسلا. أما حديث أبي بكرة، فأخرجه تمام في فوائده برقم 864 وفيه شيخ تمام أبو علي محمد بن هارون بن شعيب كان ممن يتهم. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه عبد بن حميد في مسنده [/ 243 المنتخب] برقم 751، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 52، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 71، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 385- 386] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 661، والخطيب في تاريخه [11/ 295- 296] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 160] ، جميعهم من حديث محمد بن عبد الرحمن ابن المجبّر- ضعفه الجمهور- عن نافع، عنه به. ورواه الكديمي، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن قتادة، عن ابن المسيب عن ابن عمر به، أخرجه من طريقه ابن حبان في المجروحين [2/ 313] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 ......... - ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 160] ، والكديمي ضعيف جدّا وبعضهم يتهمه بالوضع. وله طريق أخرى عن ابن عمر أخرجها السلفي في الطيوريات- كما في اللالىء [2/ 79]- وفي الإسناد من لا يعرف حاله. وأما حديث عبد الله بن جراد، فأخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2742] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 73، والبيهقي في الشعب [7/ 435] برقم 10876، جميعهم من حديث يعلى بن الأشدق- ضعفوه، لكن عند أبي الشيخ عنه مقرونا بكليب بن جزي، ورقاد بن ربيعة- عن عمه عبد الله بن جراد مرفوعا: إذا ابتغيتم المعروف فابتغوه في حسان الوجوه ... الحديث. وأما مرسل يزيد القسملي، فأخرجه أحمد بن منيع في مسنده- كما في المطالب العالية برقم 2641- ومن طريقه أبو الشيخ في الأمثال برقم 72، وابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161- 162] من حديث هشام بن زياد- وهو متروك- عن الحجاج بن يزيد، عن أبيه به، ويزيد تابعي لا يعرف. وأما مرسل أبي خصيفة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 396] من حديث يحيى بن يزيد- منكر الحديث- عن أبيه وهو ضعيف، عن جده به. وأما مرسل أبي مصعب الأنصاري- وهو إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال: أتعجب من أبي زرعة حيث أدخل حديثه عن ابن عبد الملك في فوائده، ولا يعجبني حديثه-، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] من طريق عيسى بن يونس، عن عبد الحميد بن جعفر عنه به. وتخلص مما تقدم إلى أن أمثل ما في المرفوع من المرسل: حديث الزهري إذ كان رجاله رجال الصحيح، وأمثل ما في المسند منه حديث ابن عباس الذي في إسناده عبد الله بن خراش الضعيف، وقد قال الحافظ السيوطي في اللالىء: هذا الحديث في معتقدي حسن صحيح، وقد جمعت طرقه في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 2141- وعن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. 2142- وقال صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة. 2143- وقال صلى الله عليه وسلم: أخبر تقله. - جزء، وقال شيخ مشايخنا المحدث أحمد بن الصديق الغماري: تكلمت عليه بما تفرد من القواعد، وذكرت ماله من المتابعات والشواهد في جزء سميته: بلوغ الطالب ما يرجوه، من طرق حديث: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، وحكمت عليه بحسنه لغيره. والله أعلم. (2141) - قوله: «وعن أبي مسعود» : عقبة بن عمرو، حديثه في صحيح البخاري، أحاديث الأنبياء، رقم 3483، 3484. (2142) - قوله: «كل معروف صدقة» : هو عند البخاري في الأدب، باب كل معروف صدقة برقم 6201 من حديث جابر، وعند مسلم في الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم 1005 من حديث حذيفة. (2143) - قوله: «أخبر تقله» : زاد في رواية: وثق بالناس رويدا، يريد: جرّب الناس قبل حمدهم وقبل أن تثني عليهم، فإنك إذا جربتهم قليتهم- أي: بغضتهم- وتركتهم لما يظهر لك من بواطن أمورهم وسرائرهم. والأثر أخرجه أبو يعلى الموصلي- كما في إتحاف الخيرة [7/ 526] رقم 7460- والطبراني في مسند الشاميين برقم 1493، وابن عدي في الكامل، والعسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [6/ 357] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 635، 636، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 117، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 2144- وقال صلى الله عليه وسلم: حبك الشيء يعمي ويصم. - وأبو نعيم في الحلية [5/ 154] ، جميعهم من حديث بقية- وحديثه عن الضعفاء ضعيف وهذا منه- عن أبي بكر بن أبي مريم- أحد الضعفاء- عن عطية بن قيس ويقال: عن أبي عطية بن قيس المذبوح- عن أبي الدرداء به مرفوعا، وهو في مسند الديلمي برقم 1154. وأخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 185 عن أبي الدرداء قوله، وهكذا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 90]- ولفظه: ثق بالناس رويدا، قال: وقال أبو الدرداء: أخبر تقله، قال الهيثمي: فيه أبو بكر ابن أبي مريم وهو ضعيف، وعزاه الزبيدي في الإتحاف [6/ 357] للعسكري في الأمثال، وذكر إسناده وإسناد الطبراني وأنه من حديث أبي حيوة شريح بن يزيد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن عبيد الله الأفطس وسفيان بن المذبوح كلاهما عن أبي الدرداء أنه كان يقول. قال الزبيدي: ورواه العسكري في الأمثال من حديث مؤثرة بن محمد: ثنا سفيان، عن سعيد بن حسان، عن مجاهد قال: وجدت الناس كما قيل: أخبر من شئت تقله ... اه. وفي هذا المعنى يقول بعضهم: من حمد الناس ولم يبلهم ... ثم بلاهم ذم من يحمد وصار بالوحدة مستأنسا ... يوحشه الأقرب والأبعد (2144) - قوله: «يعمي ويصم» : روي هذا عن أبي الدرداء مرفوعا وموقوفا عليه من قوله، وعن أبي برزة الأسلمي، وعن عبد الله بن أنيس، وهو حديث حسن ولعله صحيح لما سيأتي. أما حديث أبي الدرداء، فقال الإمام أحمد في مسنده [5/ 194] : حدثنا عصام ابن خالد، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 ......... - خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره، ومن طريق الإمام أحمد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 523] . تابعه الإمام البخاري، عن عصام أخرجه في تاريخه الكبير [2/ 107] الترجمة رقم 1853 ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 188] وتابعه أيضا: القاسم بن يونس، عن عصام، أخرجه الدولابي في الكنى [1/ 101] . وتابع عصاما، عن أبي بكر: 1- محمد بن مصعب القرقساني، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 450] ، وابن عدي في الكامل [2/ 472] ، والخرائطي في اعتلال القلوب برقم 818. 2- ابن المبارك، أخرجه من طريقه يعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 328] ومن طريق يعقوب أخرجه البيهقي في الاداب برقم 147، وفي الشعب [1/ 368] رقم 411. 3- يحيى البابلتي، أخرجه من طريقه الطبراني في مسند الشاميين برقم 1454، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 219. 4- شريح بن يزيد. 5- محمد بن حرب، أخرجه من طريقهما العسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 276]-. * ورواه بقية بن الوليد فاختلف عليه فيه: 6- فقال مرة عن أبي بكر كقول العامة، أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب: في الهوى برقم 5130، والطبراني في مسند الشاميين برقم 1468، والخرائطي في اعتلال القلوب برقم 819، والعسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 276]-، وابن عساكر في تاريخه [16/ 187 مرتين من طريقين عن بقية] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 ......... -* وقال مرة: عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن بلال، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 70 وهذا إسناد حسن، فقد توفر في حديث بقية ما يوجب القول بتحسينه، صرح فيه بالتحديث، وشيخه فيه من ثقات الحمصيين، فإن كان محفوظا فلبقية في هذا الحديث شيخان، والله أعلم. رجع إلى حديث أبي بكر: * وقد خالف أبو اليمان عامة أصحاب أبي بكر، فرواه عنه ولم يرفعه، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 194] وقال: رفعه القرقساني- يشير بذلك إلى الموضع المتقدم [6/ 450]- ومن طريق الإمام أحمد ابن عساكر في تاريخه [10/ 523] أوقفه الإمام أحمد عن أبي اليمان، ورواه أبو زرعة عنه فرفعه، أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 186] . وهكذا قال حريز بن عثمان، عن بلال، أخرجه من طريقه البيهقي في الشعب [1/ 368] رقم 412. وتابعه حميد بن مسلم، عن بلال، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [2/ 107] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [15/ 302- 303] ، وعلقه البيهقي في الشعب [1/ 368] . * ورواه حميد بن مسلم أيضا عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قوله أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [3/ 172] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 188] . * ورواه الوليد بن مسلم، عن أبي بكر، عن بلال فأسقط شيخ أبي بكر خالد بن محمد، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [2/ 107، 3/ 172] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [15/ 303] ، [16/ 188] ولم أر من تابعه على ذلك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 ......... - وأما حديث أبي برزة الأسلمي، فقال الخرائطي في اعتلال القلوب: حدثنا أبو بدر: عباد بن الوليد الغبري، ثنا يحيى بن حماد، ثنا جعفر بن حيان، عن أبي الحكم، عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حبك الشيء يعمي ويصم، هذا إسناد رجاله عن آخرهم ثقات، أبو بدر شيخ الخرائطي من رجال ابن ماجه، قال عنه ابن أبي حاتم: سمعت منه وهو صدوق، وكذلك قال ابن حجر في التقريب، ويحيى بن حماد ختن أبي عوانة أحد الثقات العباد من رجال الشيخين. وجعفر بن حيان أبو الأشهب العطاردي من ثقات رجال الستة، وأبو الحكم هو علي بن الحكم البناني من رجال البخاري، قال الحافظ في التقريب: ثقة ضعفه الأزدي بلا حجة. وعليه فالحديث بهذا الإسناد قوي، وكأن من ضعفه لم يقف عليه من هذا الوجه. وأما حديث عبد الله بن أنيس، فأخرجه أبو حنيفة في مسنده- كما في جامع المسانيد للخوارزمي [/ 23، 78]- بإسناده إلى يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن أبي حنيفة قال: ولدت سنة ثمانين، وقدم عبد الله بن أنيس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكوفة سنة أربع وتسعين ورأيته وسمعت منه وأنا ابن أربع عشرة سنة، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حبك الشيء يعمي ويصم، ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في تاريخه [13/ 316] في ترجمة الحسن بن علي، أبي علي اليماني الدمشقي، قال ابن عساكر عقبه: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، وفيه غير واحد من المجاهيل. اه. قلت: المشهور أن عبد الله بن أنيس توفي سنة أربع وخمسين قاله ابن حبان في الثقات، فكأن الأمر كما قال ابن عساكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 2145- وكانت بمكة امرأة صالحة فقدمت المدينة فنزلت على امرأة مثلها، فبلغ ذلك عائشة فقالت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. 2146- وقال صلى الله عليه وسلم: المستشار مؤتمن. 2147- وقال صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة. (2145) - قوله: «امرأة صالحة» : كذا عندنا، وفي رواية أبي يعلى: مزّاحة، فلا أدري تصحفت عندنا أو هي رواية. قوله: «سمعته يقول» : حديث عائشة هذا عند البخاري في أحاديث الأنبياء، باب: الأرواح جنود مجندة، دون القصة رقم 3336، وأخرج القصة والحديث أبو يعلى في مسنده [7/ 344] رقم 4381 بالإسناد الموجود عند البخاري، ولذلك أشار إلى القصة الحافظ في الفتح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 88] : رجاله رجال الصحيح. (2146) - قوله: «المستشار مؤتمن» : خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2- فتح المنان- من حديث أبي مسعود الأنصاري بإسناد حسن، وخرجنا تحته حديث سمرة، وأبي هريرة، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله فيراجع هناك. (2147) - قوله: «وإن من الشعر لحكمة» : أخرجه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه، باب ما يجوز من الشعر، من حديث أبي بن كعب، وقد اختلف فيه على الزهري اختلافا كثيرا بيناه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2869- فتح المنان-. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 2148- وقال صلى الله عليه وسلم: إن طول الصلاة وقصر الخطبة مئنّة من فقه الرجل، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا. 2149- وقال صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة، وما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله ضامن، إلّا أن ينفقها في بناء أو معصية، قيل لمحمد: وما يعني بقوله: ما وقى الرجل به عرضه؟ قال: ما يعطي الشاعر وذا اللسان. (2148) - قوله: «إن طول الصلاة» : أخرجه مسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة من حديث عمار بن ياسر برقم 869، وخرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 1677- فتح المنان. (2149) - قوله: «كل معروف صدقة» : الحديث بطوله حديث جابر بن عبد الله غير أن الإمام البخاري اقتصر على الجزء الأول منه، فأخرجه في الأدب من صحيحه، باب كل معروف صدقة، من حديث أبي غسان، عن ابن المنكدر، عنه بهذا الجزء رقم 6021. ورواه بطوله عن ابن المنكدر: 1- المسور بن الصلت- أحد الضعفاء- حديثه عند أبي يعلى في مسنده [4/ 36] رقم 2040، وابن عدي في الكامل [6/ 2424] ، وابن حبان في المجروحين [3/ 7] من طريق أبي يعلى، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 242] ، وفي الشعب [3/ 264، 7/ 392] رقم 3495، 10713. 2- عبد الحميد بن الحسن الهلالي- أيضا ضعفه الجمهور- أخرج حديثه عبد بن حميد في مسنده [/ 327 المنتخب] رقم 1083، والطيالسي في مسنده برقم 1713- بلفظ مختصر-، وابن عدي في الكامل [5/ 1959] ، والدارقطني [3/ 28] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 42] ، وفي الاداب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 2150- وقال صلى الله عليه وسلم: أعط السائل ولو جاءك على فرس. - برقم 1028، وفي الشعب [3/ 264، 7/ 392] رقم 3496، 10712، والبغوي في شرح السنة [6/ 146] رقم 1646، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 27، وفي قصر الأمل برقم 231، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 50] ، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن عبد الحميد ضعفوه. قوله: «قيل لمحمد» : يعني: ابن المنكدر، والقائل له: هو عبد الحميد بن الحسن. (2150) - قوله: «أعط السائل» : روي بهذا اللفظ من حديث مالك عن زيد بن أسلم مرسلا، أخرجه في الموطأ برقم 1829، وتابعه معمر، عن زيد، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 93] رقم 20017. قال ابن عبد البر في التمهيد [5/ 294] : لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا بين رواة مالك، وليس في هذا اللفظ مسند يحتج به فيما علمت. اه. خالفهما عاصم بن سليمان- أحد الضعفاء- عن زيد فقال عنه: عن عطاء، عن أبي هريرة وزاد فيه: وأعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، فخالفهم متنا وإسنادا، أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1878] وقال: لا يرويه عن زيد غير عاصم- كذا قال- وقد رواه عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بالشطر الأول فقط وهذا أمثل، أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1504] وقال: وعبد الله بن زيد مع ضعفه يكتب حديثه، على أنه قد وثقه غير واحد. نعم، وقد روي بلفظ: للسائل حق وإن جاء على فرس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [3/ 113] ، والإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، والبخاري في تاريخه [8/ 416] الترجمة رقم 3544، وأبو داود في الزكاة برقم 1665، 1666، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 23] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 2151- وقال صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. 2152- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل، فإنه كانت فيهم الأعاجيب. - وفي الشعب [3/ 227] رقم 3396، 3397، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 141] رقم 2893، وأبو نعيم في الحلية [8/ 279] ، جميعهم من حديث يعلى بن أبي يحيى- مدني مجهول- عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي به مرفوعا. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 203] رقم 535 من حديث الهرماس بن زياد، وفي إسناده عثمان بن فائد وهو ضعيف. وأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 258] من حديث ابن عباس، وفي إسناده إبراهيم بن عبد السلام المخزومي مجهول، ويعد في الضعفاء، واتهم بسرقة الحديث. (2151) - قوله: «بلغوا عني ولو آية» : أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء من صحيحه، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم 3461، وأخرجه الترمذي في العلم كلاهما من حديث عبد الله ابن عمرو. (2152) - قوله: «فإنه كانت فيهم الأعاجيب» : وفيه قصة رواها جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طائفة منهم خرجوا فأتوا مقبرة من مقابرهم ... الحديث بطوله، قال الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة [3/ 191] : رواه أبو بكر بن أبي شيبة-[9/ 62] رقم 6537- وعبد بن حميد، وأبو يعلى الموصلي- (ولعله في الكبير) بلفظ واحد بسند رجاله ثقات، قال: ورواه أحمد بن منيع من حديث عبد الرحمن بن سابط أوله مرسلا وبقيته موقوفا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 2153- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. (2153) - قوله: «تركه ما لا يعنيه» : رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهو الصحيح عنه فيما قاله الدارقطني في العلل [3/ 109] ، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 195] ، والخطيب في تاريخه [12/ 64] . وهو الصحيح عن ابن شهاب الزهري في هذا الحديث فيما روي عن الإمام أحمد وابن معين- حكاه ابن رجب في جامع العلوم والحكم-، والبخاري في تاريخه [4/ 220] ، والترمذي في جامعه، والدارقطني في العلل [3/ 110] ، والبيهقي في الشعب [4/ 255] . أخرج حديث مالك: الترمذي في الزهد من جامعه برقم 2318، وابن وهب في الجامع [2/ 548] رقم 443، وابن الجعد في مسنده برقم 3033، والبخاري في تاريخه [4/ 220] ، وهناد بن السري في الزهد برقم 1117، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 360] ، ووكيع في الزهد برقم 364، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 107، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 321] رقم 4133، والخطابي في العزلة برقم 78، والبيهقي في المدخل برقم 87، 88، وفي (الأربعون الصغرى) - دون المتن- رقم 25، وفي الشعب [7/ 416] رقم 10806. وقد تابع مالكا في إرساله: 1- شعيب بن خالد، أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، والبخاري في تاريخه الكبير [4/ 220] . 2- معمر بن راشد، أخرجه من طريقه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 307- 308] رقم 20617، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 254- 255] رقم 4986. 3- زياد بن سعد، أخرج حديثه ابن أبي عاصم في الزهد برقم 103، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 197] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 ......... - 4- يونس بن يزيد، حديثه عند ابن وهب في الجامع [2/ 548] رقم 443، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 193. * وهكذا رواه أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي مرسلا، أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2341] من طريق موسى بن عمير، وحكى الدارقطني في العلل [3/ 110] أن موسى بن عمير قال فيه: عن أبيه، عن جده، عن علي فالله أعلم ثم قال: وخالفه يوسف بن أسباط فرواه عن الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب. اه. أخرجه من هذا الوجه أبو نعيم في الحلية [8/ 249] وقال: غريب عن الثوري عن جعفر تفرد به يوسف. * ورواه عبد الله بن عمر العمري- أحد الضعفاء- عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه مثل رواية خالد بن عبد الرحمن عن مالك- الاتي تخريجها- أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 138] ، وتمام في فوائده برقم 477، 478، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، والحاكم في تاريخه ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 415] رقم 10805. * وقد قيل: إن عبيد الله بن عمر العمري الحافظ الثقة قد تابعه فقال عن الزهري مثله، متصلا، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الصغير [2/ 111] ، وتمام في فوائده برقم 476، والقضاعي في مسند الشهاب جميعهم من رواية قزعة بن سويد- وهو ضعيف- عنه به، وإذا كان الراوي عنه غير قوي فكيف تقوى المتابعة؟. ثم إنه قد رواه القعنبي عن عبد الله بن عمر العمري الضعيف مثل رواية مالك المرسلة سواء، أخرجه البيهقي في الشعب [7/ 416] رقم 10806. رجع إلى حديث مالك والزهري: * وقد خالف بعض أصحاب مالك عامة رواة الموطأ عنه، وزادوا في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 ......... - الإسناد: عن أبيه فجعلوه متصلا، قال ذلك عنه: خالد بن عبد الرحمن الخراساني الذي وثقه ابن معين وابن عبد الحكم، وقال أبو زرعة وأبو حاتم- وهو الذي تعرف-: لا بأس به، أخرج حديث خالد: ابن عدي في الكامل [3/ 907] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، وتمام في فوائده برقم 474، 475، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 152، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 195- 196] . وخالد مع كونه غير ضعيف في الحديث- كما تقدم- غير أنه لم يتابع فيما رواه عن مالك، وتقديم قول الجماعة والعامة أولى، وقد قيل: إن موسى بن داود تابعه، ولم يصح عندي ذلك، فقد انفرد بذلك عن موسى رجل يقال له إبراهيم بن محمد بن مروان، رواه عنه، عن مالك والعمري- وهو عبد الله ابن عمر الضعيف- عن الزهري، ولم يجمع مالكا مع العمري في رواية موسى غير إبراهيم هذا، وقد حكى ابن حجر في اللسان عن الدارقطني قوله فيه: غمزوه، وعامة الرواة عن موسى يذكرون العمري فقط- وسيأتي تخريجها-، فتبين لنا أن خالدا لم يتابعه أحد عن مالك فيما قاله، وأن رواية إبراهيم عن موسى بن داود بذكر مالك في الإسناد منكرة. * ثم خالف مالكا عن الزهري جماعة رووه عنه على ألوان: 1- فقال قرة بن خالد عنه: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعا، وقد قيل: قرة ليس بقرة في الحديث، فهو ممن ضعفه الجمهور، لكنه توبع، لذلك حسنه بعضهم، وبعضهم صححه. أخرج حديثه الترمذي في الزهد برقم 2317- وقال: غريب- وابن ماجه في الفتن برقم 3976، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 54، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 198] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 192، والبيهقي في الشعب [4/ 255] رقم 4987، وفي الاداب برقم 1173، وفي المدخل برقم 290، وفي (الأربعون الصغرى) برقم 26، دون سياق- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 ......... - المتن، والبغوي في شرح السنة [14/ 320] رقم 4132، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 229. قال أبو عاصم: وقد روي عن مالك، عن الزهري كذلك من رواية أحد أصحابه وهو: محمد بن المبارك الصوري، من مشايخ ابن معين الذين امتدحهم وقال عنه: شيخ أهل الشام بعد أبي مسهر غير أن في الإسناد إليه من لا يعرف حاله، فلعله إن صح عن مالك يكون رواه كذلك خارج الموطأ ولا يبعد، حديث محمد بن المبارك أخرجه الخطيب في تاريخه [12/ 64] . نعم، وربما يستأنس لحديث قرة ومحمد بن المبارك عن مالك بما رواه محمد بن كثير- أحد أصحاب الأوزاعي- وسط- عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، أخرجه تمام في فوائده برقم 481. * وقد تابع قرة- ضعيف آخر- هو عبد الرزاق بن عمر، أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [1/ 234] رقم 361، والخطيب في تاريخه [4/ 309] . * وقد روي من وجه آخر من حديث أبي هريرة أيضا، فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 53، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 108، وتمام في فوائده برقم 479، 480، والخطيب في تاريخه [5/ 172] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1588] جميعهم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري- أيضا يعد في الضعفاء- عن سهيل، عن أبيه، عنه به. وفي الباب عن جماعة من الصحابة قال ابن رجب في العلوم: كلها ضعيفة. قلت: منها: حديث زيد بن ثابت عند الطبراني في معجمه الصغير [2/ 43] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 191، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 18] : فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 2154- وعن الشعبي، عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء؟ قالت: نعم، كان إذا دخل منزله قال: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا بتغي لهما واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب- ويتوب الله على من تاب- وإنما جعل المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. 2155- وروى واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحونة. 2156- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله يطعمهم ويسقيهم ما داموا في مرضهم. (2154) - قوله: «وعن الشعبي، عن مسروق» : أعاده المصنف، وقد تقدم في أول الباب برقم 2087. (2155) - قوله: «كالحمار في الطاحونة» : أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2484] من حديث نعيم بن حماد، عن بقية، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن واثلة به، قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن بقية غير نعيم- كذا قال- وقد رواه أيضا محمد بن إبراهيم الشامي، عن بقية، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 302]- واتهمه به وقال: لا تحل الرواية عنه إلّا عند الاعتبار- وأبو نعيم في الحلية [5/ 219] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 262] وتبع ابن حبان في اتهام محمد بن إبراهيم به ولعل الأولى أن يقال: إن لبقية شيوخا يدلسهم، وحيث لم يصرح بالتحديث فتبقى العلة منه، والحديث في مسند الفردوس أيضا برقم 6607. (2156) - قوله: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب» : في الباب عن عقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وابن عمر. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 ......... - أما حديث عقبة بن عامر، فأخرجه الترمذي في الطب، باب ما جاء: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، رقم 2041- وقال: حسن غريب-، وابن ماجه في الطب، باب: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام، رقم 3444، وأبو يعلى في مسنده [3/ 281] رقم 1741، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 293] رقم 807، وفي الأوسط [7/ 148] رقم 6268، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات، رقم 200، والبيهقي في الشعب [6/ 544] رقم 9229، وابن عدي في الكامل [2/ 464] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 383- 384] ، جميعهم من حديث بكر بن يونس، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة به، تفرد به بكر، - وهو ممن اختلف فيه واحتمل حديثه- ولذلك حسنه البوصيري في الزوائد، وحسنه الحافظ ابن حجر بشواهده كما في شرح الأذكار [4/ 90] غير أن أبا حاتم أنكره وقال: هذا حديث باطل كذا في العلل لابنه [2/ 242] وما أظنه كذلك لأن بكرا لم يتهم ولم يترك. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [10/ 51، 221] ، وفي أخبار أصبهان [2/ 147] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [40/ 340- 341] ، والشجري في أماليه [2/ 282- 283] من حديث شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر به، وشريك حديثه حسن في الشواهد. وأما حديث عبد الرحمن بن عوف، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 387 كشف الأستار] رقم 3018، والطبراني في معجمه الأوسط [10/ 38] رقم 9089، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 410] وقال: رواته كلهم مدنيون، وأقره الذهبي في التلخيص، وأما الهيثمي فقال في مجمع الزوائد [5/ 86] : فيه الوليد بن عبد الرحمن بن عوف لم أعرفه ولا من روى عنه، وبقية رجاله ثقات. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 2157- وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيّته، يجول ثم يرجع إلى آخيّته، - وأما حديث ابن عمر، فأخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 74] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 383] رقم 1451، والدارقطني في غرائب مالك- كما في اللسان في ترجمة عبد الوهاب بن نافع- من روايته عن مالك، عن نافع، عنه به، قال العقيلي: عبد الوهاب منكر الحديث لا يقيمه، ووهاه الدارقطني. تابعه علي بن قتيبة، عن مالك- وهو أيضا منكر الحديث- أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1850] وقال: باطل عن مالك. اه. وقد أورده ابن حجر في اللسان من خمسة أوجه كلها ضعيفة عن مالك لا يعرف لها أصل من حديثه. (2157) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه: ابن المبارك في الزهد برقم 73، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [3/ 55] ، والبيهقي في الشعب [7/ 452] رقم 10964، 10965، وأبو نعيم في الحلية [8/ 179] ، والبغوي في شرح السنة برقم 3485، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 616. وأخرجه الإمام أحمد [3/ 38] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 357، 492] رقم 1106، 1332، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 352، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 713، 714، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 201] : رجالهما رجال الصحيح، غير أبي سليمان الليثي وعبد الله بن الوليد وكلاهما ثقة. اه. وفي قوله نظر لا يخفى، فالأول مستور لم يوثقه سوى ابن حبان، والثاني ضعفه الدارقطني، ووثقه ابن حبان. نعم، لكن له شاهد من حديث ابن عمر بإسناد صححه السيوطي، أخرجه الرامهرمزي في الأمثال [/ 84] . قوله: «في آخيّته» : بالمد والتشديد: حبيل أو عويد يعرض في الحائط ويدفن طرفاه فيه، ويصير- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان، فأطعموا طعامكم الأتقياء، وأولوا معروفكم المؤمنين. 2158- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يسمع الحكمة ولا يحمل إلّا شرّها كمثل رجل أتى راعيا فقال: يا راعي أعطني شاة من غنمك، قال: اذهب فخذ بأذن شاة منها، فانطلق فأخذ بأذن الكلب. 2159- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أو آخره. - وسطه كالعروة، تشد فيها الدابة، قاله ابن الأثير، والمعنى أنه قد يبعد المؤمن عن ربه بالذنوب، ثم يرجع إلى أصله وهو الإيمان الثابت في قلبه. (2158) - قوله: «مثل الذي يسمع الحكمة» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 353، 405، 508] ، والطيالسي برقم 2563، وابن ماجه في الزهد، باب الحكمة، برقم 4172، وأبو الحسن القطان في زياداته على سنن ابن ماجه صلى الله عليه وسلم (أورده عقبه) ، وابن عدي في الكامل [5/ 1843] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 291، وأبو يعلى في مسنده [11/ 275- 276] رقم 6388، والرامهرمزي في الأمثال برقم 57، 58، والبيهقي في الشعب [2/ 269، 287] رقم 1722، 1788 جميعهم من حديث علي بن زيد بن جدعان- ومداره عليه- عن أوس بن خالد- اختلف في تعيينه فقيل: هو أبو الجوزاء، وقيل: هو أوس ابن أبي أوس أبو خالد وهذا مجهول- عن أبي هريرة به، ضعفه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء. (2159) - قوله: «مثل أمتي مثل المطر» : في الباب عن عمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، وعن ابن عمر، وعبد الله بن عمرو وغيرهم. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 ......... - أما حديث عمار بن ياسر، فأخرجه من طرق: الإمام أحمد في مسنده [4/ 319] ، والبزار في مسنده برقم 2843 [كشف الأستار] ، والطيالسي في مسنده برقم 647- وفي إسناده انقطاع- والرامهرمزي في الأمثال [/ 109] وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 2307-. ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، رجال البزار رجال الصحيح غير الحسن بن قزعة وعبيد بن سلمان الأغر وهما ثقتان، قال: وفي عبيد خلاف لا يضر. ورواه الطبراني أيضا من وجه آخر بإسناد فيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. وأما حديث أنس، فأخرجه الإمام أحمد [3/ 130، 143] ، والترمذي في الأمثال، باب مثل أمتي مثل المطر، رقم 2869- وحسنه-، وأبو يعلى في مسنده [6/ 190، 380] رقم 3475، 3717، والطيالسي في مسنده برقم 2023، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 330، 331، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1351، 1352، وابن عدي في الكامل [3/ 918، 1638] ، والرامهرمزي في الأمثال [/ 108- 109] . وأما حديث عمران بن حصين، فأخرجه البزار في مسنده برقم 2844 [كشف الأستار] من طريق إسماعيل بن نصر، عن عباد بن راشد وزعم أنه لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أحسن منه، والطبراني في الأوسط [4/ 396] رقم 3673 من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن جده كلاهما عن عمران بن حصين به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] : رواه البزار والطبراني في الأوسط، وإسناد البزار حسن. وأما حديث عبد الله بن عمر، فأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1349، 1350، وأبو نعيم في الحلية [2/ 231] ، وابن الأعرابي في معجمه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 2160- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة، تقلبها الريح ظهرا لبطن. - برقم 1122، وعزاه الهيثمي أيضا للطبراني وقال: وفيه عيسى بن ميمون، وهو متروك. وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه الطبراني وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيف، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] . (2160) - قوله: «مثل القلب كمثل ريشة» : رواه الأعمش فاختلف عليه فيه: 1- فقال أسباط بن محمد عنه: عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى الأشعري بنحوه مرفوعا، أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب في القدر، برقم 88، وابن أبي عاصم في السنة برقم 228. 2- وتابعه عبيدة بن حميد، عن الأعمش، أخرجه أبو الشيخ في اعتلال القلوب برقم 374. 3- ويحيى بن سعيد الأموي، أشار إليه الدارقطني في العلل [7/ 255] وقال: حديث الأموي أصح. * وتابع الرقاشي: الجريريّ، عن غنيم بن قيس، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 419] ، وابن الجعد في مسنده برقم 1499، وابن أبي عاصم في السنة برقم 227، والروياني في مسنده برقم 568، والبيهقي في الشعب [1/ 474] رقم 753، والبغوي في تفسيره [1/ 281] ، وهذا إسناد صحيح، حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، وعزاه للطبراني في الكبير- حديث أبي موسى من أجزائه الساقطة المفقودة-. * وخالفهم محمد بن كناسة رواه عن الأعمش، فأسقط غنيم بن قيس من الإسناد- صورته صورة المنقطع- أخرجه أبو الشيخ في اعتلال القلوب عقب حديث رقم 374. * ورواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش، فقال عنه: عن أبي سفيان، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 ......... - عن أنس، أخرجه البزار في مسنده [1/ 3 كشف الأستار] رقم 44، وابن الأعرابي في معجمه برقم 856، ومن طريقه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1369، والبيهقي في الشعب [1/ 473] رقم 751. * ورواه السهمي في تاريخ جرجان [/ 129] من هذا الوجه إلّا أنه أسقط أبا سفيان شيخ الأعمش فلا أدري أهو من الراوي أو من أخطاء الطبع، قال البزار عقبه: وهذا لا نعلم رواه عن الأعمش بهذا الإسناد إلّا أبو بكر ابن عياش، وقد رواه غيره عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 293] : رواه البزار وفيه أحمد بن عبد الجبار العطاردي وثقه الدارقطني، وقال ابن عدي: رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه. وله إسناد آخر عن أبي موسى، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 408] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 263] ، والبيهقي في الشعب [1/ 473] رقم 752، من حديث عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى بنحوه مرفوعا، وهذا إسناد صحيح بما قبله. * وفي الباب أيضا عن أبي عبيدة عامر بن الجراح ولفظه: قلب ابن آدم مثل العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات، رجال إسناده ثقات إلّا أن في إسناده انقطاعا وروي مرفوعا وموقوفا. أخرج المرفوع: أبو نعيم في الحلية [5/ 216] ، والبيهقي في الشعب [1/ 474] رقم 754، وابن أبي الدنيا في الإخلاص- فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [7/ 302] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [4/ 307] وقال: صحيح الإسناد، وأعله الذهبي بالانقطاع بين خالد بن معدان وأبي عبيدة. وأخرج الموقوف: ابن أبي شيبة في المصنف [13/ 322] ، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 102] ، والبيهقي في الشعب برقم 755. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 2161- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المنافق كمثل الشاة العائرة، عائرة بين غنمين، يعني: إلى هذه مرة وإلى هذه مرة. 2162- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن تعهدها صاحبها بعقلها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت. 2163- وقال صلى الله عليه وسلم: مثل الصلوات الخمس كمثل رجل على بابه نهر جار، يغتسل منه كل يوم خمس مرات. 2164- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل المؤمن من أهل الإيمان كمثل الرأس من الجسد، ... (2161) - قوله: «مثل المنافق» : خرجنا هذا الحديث في مقدمة مسند أبي محمد الدارمي، باب من رخص في الحديث إذا أصاب المعنى، تحت رقم 331- فتح المنان، من حديث ابن عمر وعبيد بن عمير، فيراجع هناك. (2162) - قوله: «مثل القرآن» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، رقم 5031، ومسلم في صلاة المسافرين، باب فضائل القرآن، كلاهما من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: - وهذا لفظ البخاري- إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت. (2163) - قوله: «مثل الصلوات الخمس» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 1289- فتح المنان، من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة. (2164) - قوله: «كمثل الرأس من الجسد» : زاد في رواية: يألم الرأس فيألم الجسد، كذلك يألم المؤمن ... الحديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 يألم المؤمن من أهل الإيمان، كما يألم الجسد لما في الرأس. 2165- وقال صلى الله عليه وسلم: مثل المريض إذا برأ وصح، كمثل بردة تقع من السماء في صفائها ولونها. قوله: «يألم المؤمن من أهل الإيمان» : يعني من ألم أهل الإيمان، فبسبب ألمهم يألم ويحس بالألم من ألمهم، كما أن الجسد يألم لما في الرأس من الألم. والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 340] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 160- 161] رقم 5743، وفي الأوسط [5/ 351] رقم 4693، والروياني في مسنده برقم 1045. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 178] : رجال أحمد رجال الصحيح. اه. قلت: ورجال الروياني ثقات رجال الصحيح خلا علي بن سهل الرملي شيخ الروياني وهو ثقة. قال الحافظ الهيثمي: ورواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه سوار بن عمارة الرملي وهو ثقة. وفي الباب عن النعمان بن بشير، فأخرج مسلم في البر والصلة، من حديثه: المسلمون- وفي رواية عنده وعند غيره: المؤمنون- كرجل واحد، إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله. (2165) - قوله: «مثل المريض» : أخرجه الترمذي في الطب من جامعه، باب التداوي بالرماد، رقم 2086، والطبراني في الأوسط [6/ 78] رقم 5162، والبزار في مسنده [1/ 363 كشف الأستار] رقم 762، والديلمي في مسند الفردوس [4/ 143] رقم 6441، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 346، وابن عساكر في تاريخه [11/ 387] ، والشجري في أماليه [2/ 287] ، والحكيم الترمذي في النوادر- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 2166- عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل القائم على حدود الله والمداهن في حدود الله كمثل ثلاثة نفر ركبوا سفينة، فجلس أحدهم في صدرها والثاني في وسطها والثالث في أسفلها، فجعل الذي في أسفلها يضربها بفأس معه فقال الذي يليه: لا تضرب فتغرقنا، وقال الاخر: دعه فإنه يغرق نفسه. 2167- وقال أبو سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. -[/ 215، 236] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 92- 93] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2534] ، جميعهم من حديث الوليد بن محمد الموقري- وليس بشيء، ضعفه الجمهور لروايته عن الزهري وغيره أحاديث غير محفوظة، لا يتابعه عليها أحد- عن الزهري، عن أنس به، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 303] : فيه الوليد بن محمد الموقري، وهو ضعيف. (2166) - قوله: «عن النعمان بن بشير» : تقدم طرفاه برقم 2114، 2127، وأوله: الحلال بيّن والحرام بيّن، بعضهم يورده بطوله، وبعضهم يفرقه على الأبواب، وقد تقدم أنه في الصحيحين، غير أن هذا الجزء منه لم يورده مسلم، وأورده البخاري في الشركة، باب: هل يقرع في القسمة؟ والاستهام فيه، رقم 2493، وفي الشهادات، باب القرعة في المشكلات، رقم 2686. (2167) - قوله: «وقال أبو سعيد الخدري» : أخرج حديثه الطبراني في الصغير [2/ 84- 85] رقم 825، وفي الأوسط [6/ 406] رقم 5866، والشجري في أماليه [1/ 152، 154] قال الطبراني- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 ......... - عقبه: تفرد به عبد العزيز بن ربيعة الكلابي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] : فيه جماعة لم أعرفهم. اه. قلت: وفيه أيضا: عطية العوفي، وحديثه صالح في الشواهد والاعتبار. وفي الباب عن أبي ذر، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس بن مالك. أما حديث أبي ذر، فأخرجه أبو يعلى في مسنده- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 288] رقم 4403-: حدثنا سويد بن سعيد، ثنا مفضل، عن أبي إسحاق، عن حنش قال: سمعت أبا ذر وهو آخذ بحلقة الباب وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنكر أنكر، أنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 343، 3/ 150- 151] ، وتعقبه الذهبي في التخليص بأن المفضل بن صالح ضعفوه، وأنه لم يخرج له سوى الترمذي. قلت: تابعه عن أبي إسحاق: 1- سليمان بن مهران الأعمش، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37- 38] رقم 2637، وفي الأوسط [4/ 283- 384] رقم 3502، وفي الصغير [1/ 240] رقم 391، وابن عدي في الكامل [4/ 1514] ، قال الطبراني عقبه: لم يروه عن الأعمش إلّا عبد الله بن عبد القدوس، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 169] : فيه عبد الله بن داهر الرازي وهو متروك. 2- الحسن بن عمرو الفقيمي، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 333 مجمع البحرين] رقم 3795، وفي إسناده عمرو بن عبد الغفار الفقيمي وهو متروك. ورواه عن حنش أيضا: سماك بن حرب، أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [6/ 251] رقم 5532 وفيه إسناده عمرو بن ثابت، قال عنه الحافظ في التقريب: ضعيف ورمي بالرفض. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 ......... - ورواه عن أبي ذر أيضا: 1- أبو الطفيل: عامر بن واثلة، قال أبو يعلى: حدثنا عبد الله، ثنا عبد الكريم ابن هلال، أخبرني أسلم المكي، أخبرني أبو الطفيل أنه رأى أبا ذر قائما على الباب ... الحديث بمثل حديث حنش، النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 288] برقم 4404، وأخرجه أيضا أبو الشيخ في الأمثال برقم 333. قال أبو عاصم: عبد الكريم بن هلال أدخله الحافظ الذهبي ميزانه وقال: لا يدرى من هو، ضعفه الأزدي، فأما أسلم هذا فلم أعرفه، وضعف إسناده البوصيري في الإتحاف [9/ 306] . 2- سعيد بن المسيب، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37] رقم 2636، والبزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2614 قال البزار: لا نعلم صحابيا رواه إلّا أبا ذر، ولا له غير هذا الإسناد، تفرد به ابن أبي جعفر. اه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] : وهو متروك. قلت: وفي الإسناد أيضا: ابن جدعان وهو ضعيف. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 38] ، والبزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2615، وأبو نعيم في الحلية [4/ 306] وفي إسناده أيضا الحسن بن أبي جعفر المتقدم ولعله مما اختلف عليه فيه، قال البزار: لا نعلم رواه إلّا الحسن، وليس بالقوي، وكان من العباد، وقد حدث عنه جماعة، وقال أبو نعيم: غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلّا من هذا الوجه، وسيورده المصنف برقم 2231. وأما حديث ابن الزبير، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2613، أعله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] بابن لهيعة، وفي إسناده أيضا ابن أبي مريم وهو أشد ضعفا، ومع الضعف البين في كل طريق على حدته مع هذا قال السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف: بعض هذه الطرق يقوي بعضا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 2168- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، يقتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن يضل الهداة. 2169- وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: ألا أخبركما مثلكما في الملائكة ومثلكما في الأنبياء؟ مثلك يا أبا بكر في الملائكة كمثل ميكائيل، ينزل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء كمثل إبراهيم عليه السّلام، كذبه قومه وعصوه وهو يقول: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ومثلك يا عمر- وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الخطيب في تاريخه [12/ 91] وفي إسناده أبان بن أبي عياش، وهو ضعيف جدّا. (2168) - قوله: «مثل العلماء في الأرض مثل النجوم» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 157] ، والرامهرمزي في الأمثال [/ 137] من حديث رشدين بن سعد- ضعف- عن عبد الله بن الوليد، عن أبي حفص- مجهول- عن أنس به مرفوعا، وانظر مجمع الزوائد [1/ 121] . (2169) - قوله: «وروى سعيد بن جبير» : رواه عنه سعيد بن عجلان تفرد به عنه: رباح بن أبي معروف- من رجال مسلم- قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام، وقال ابن عدي الذي سبر حديثه وأورد له حديث الباب: ما أرى برواياته بأسا، ولم أجد له حديثا منكرا. وأما سعيد بن عجلان فأورده الذهبي في الميزان وقال: قال الأزدي: فيه نظر، أخرج الحديث: ابن عدي في الكامل [3/ 1031] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 61- 62] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 كمثل جبريل، ينزل بالبأس والشدة والنقمة على أعدائه، ومثلك في الأنبياء كمثل نوح عليه السّلام قال: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) . 2170- لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر غانما ومعه سبعين أسيرا ثم بات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ببدر، وأمر أن يستوثق كل إنسان منهم من أسيره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام، فقال أصحابه: ما لك يا رسول الله لا تنام؟ قال: سمعت صوت العباس في وثاقه، فقالوا: يا رسول الله نخلي سبيله؟ قال: لا ولكن خففوا من وثاقه، فإن عم الرجل صنو أبيه. - ورواه أيضا أبو نعيم في الحلية [4/ 304] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 121، 121- 122] . وقد روي نحوه من وجه آخر بإسناد صحيح يأتي في الذي بعده. (2170) - قوله: «لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر» : القصة بطولها عند ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 370- 372] رقم 15837، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [6/ 321] . وأخرجها الإمام أحمد في المسند [1/ 383- 384- 384 مرتين] ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال [/ 113] ، والترمذي في الجهاد برقم 714، وفي التفسير برقم 3084 بلفظ مختصر، حسنه وقال: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وأبو يعلى في مسنده [9/ 116] رقم 5187، وابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1731] رقم 9151، والطبراني في معجمه الكبير [10/ الأرقام 10257، 10258، 10259، 10260] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 138] ، والحاكم في المستدرك وصححه [3/ 21- 22] ، ووافقه الذهبي! والطبري في تاريخه [2/ 295] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 55- 56، 56- 57] ، وابن مردويه في التفسير- كما في الدر المنثور [4/ 105]-، جميعهم من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور الناس في الأسارى، فقال له أبو بكر: يا رسول الله هم قومك، تقتلهم يدخلون النار، ولكن فادهم، فيكون الذي تأخذه منهم قوة للمسلمين، ولعل الله يقبل بقلوبهم فيسلموا، فقال عمر: يا رسول الله اقتلهم، فو الله ما أعلم قوما شرّا لنبيهم منهم، لقد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك فاقتلهم. قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر، ثم ضرب لهما مثلا فقال: إن مثلكما مثل نوح وإبراهيم، فمثل أبي بكر مثل إبراهيم حيث قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ومثل عمر مثل نوح حيث قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. 2171- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله علما ومالا، فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا، فهو يقول: لو كان لي مثل مال فلان عملت فيه مثل الذي يعمل. - حديث أبي عبيدة بن مسعود ولم يسمع من أبيه- هذه علته حسب- عن ابن مسعود بنحوه وبعضهم يزيد على بعض. وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر عزاهما السيوطي في الدر المنثور [4/ 104، 106، 107] لابن مردويه في التفسير، وعن عبد الرحمن بن غنم أخرجه ابن عساكر [44/ 59- 60] ، وعن أم سلمة أخرجه ابن عساكر [44/ 60- 61] ، وعن أبي سعيد الخدري يأتي في الفضائل. (2171) - قوله: «مثل هذه الأمة» : رواه الأعمش ومنصور عن سالم بن أبي الجعد. (أ) أما الأعمش فقال: عن سالم، عن أبي كبشة الأنماري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه وكيع في الزهد برقم 240، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء. ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما، فهو يتخبط في ماله ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو كان لي مثل فلان هذا عملت فيه مثل الذي يعمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء. -[4/ 230] ، وابن ماجه في الزهد، باب السنة، برقم 4228، والفريابي في فضائل القرآن برقم 106، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 345] رقم 876، وأخرج حديث الأعمش أيضا: هناد في الزهد برقم 586، والمروزي في زياداته على زهد ابن المبارك برقم 354، والفريابي في فضائل القرآن برقم 105، وابن الأعرابي في معجمه برقم 1900، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 189] . (ب) وهكذا قال بعض أصحاب منصور عن سالم مثل قول الأعمش عنه، منهم: 1- سفيان الثوري، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 230] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 344] رقم 861، 862. 2- مسعر بن كدام، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 344] رقم 863. * ورواه المفضل بن المهلهل عن سالم فاختلف عليه فيه. فمرة يقول مثل قول الأعمش وبعض أصحاب منصور عن سالم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 864. ومرة يقول: عن منصور، عن سالم، عن أبي كبشة، عن أبيه، أخرجه ابن ماجه عقب حديث الأعمش رقم 4228. * وتابعه معمر، عن منصور على هذا، أخرجه ابن ماجه عقب الذي قبله، والطبراني برقم 865، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 189] وقال: وابن أبي كبشة هذا معروف، وهو محمد بن أبي كبشة قد روي عنه حديث آخر عن أبيه في وادي ثمود. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 2172- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح في الطعام، ولا يصلح الطعام إلّا بالملح. قال الحسن: قد ذهب ملحنا فكيف يصلح؟. -* ورواه قتادة، عن سالم، فاختلف عليه فيه. فتارة يقول كقول الأعمش، عن سالم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 860، 869. وتارة يقول: عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان أو عن أبي كبشة- على الشك- أخرجه الطبراني برقم 866. وهذا المقدار من الاختلاف لا يضعف الحديث، فقد رواه عن أبي كبشة: 1- أبو البختري الطائي، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 231] ، والترمذي في الزهد، باب ما جاء: مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم 2325- وقال: حسن صحيح- والطبراني في معجمه الكبير برقم 868. 2- أبو كنانة- ولعله الذي يروي عن أبي موسى الأشعري- أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير برقم 870. قال أبو عاصم: وأصله في الصحيحين، فأخرج البخاري في فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلّا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل. وأخرجا نحوه من حديث ابن عمر وابن مسعود. والله أعلم. (2172) - قوله: «قال الحسن» : هو البصري، وهو راوي الحديث، عن أنس، رواه عنه: إسماعيل بن مسلم المكي أحد الضعفاء، أخرجه ابن المبارك في الزهد برقم 572، ومن طريقه البغوي في التفسير [1/ 445- 446] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 2173- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران عليهما أبواب متفتحة وستور مرخاة، وعلى رأس الصراط داع يدعو يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط ولا تعوجّوا، وداع يدعو فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان فتح شيء من تلك الأبواب قال له: إن تفتحه تلجه فعليك بالصراط، قال: فالصراط: هو الإسلام، والأبواب المفتحة: محارم الله، والداعي على باب الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم. - وأخرجه أبو يعلى في مسنده [5/ 152] رقم 2763، والبزار في مسنده [3/ 291 كشف الأستار] رقم 2771 من طرق عن إسماعيل به. قال البزار: لا نعلم رواه عن الحسن إلّا إسماعيل، ولا عنه إلّا أبو معاوية- كذا يقول- قال: وإسماعيل قد روى عنه الأعمش والثوري وجماعة كثيرة، على أنه ليس بالحافظ، وقد احتمل الناس حديثه، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 18] بإسماعيل هذا. قلت: له شاهد من حديث سمرة بن جندب، فأخرج البزار في مسنده [3/ 291 كشف الأستار] رقم 2770، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 323] رقم 7098 كلاهما من طريق حبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: يوشك أن تكونوا في الناس كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلّا بالملح، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 18] : إسناد الطبراني حسن. (2173) - قوله: «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 182، 183] ، والترمذي في الأمثال من جامعه، باب ما جاء في مثل الله لعباده رقم 2859- وقال: غريب-، والنسائي في تفسير سورة يونس من السنن الكبرى [6/ 361] رقم 11233، والفسوي في المعرفة [3/ 14 من طريقين] ، وعنه من أحدهما الرامهرمزي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 2174- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل البخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من لدن ثدييهما إلى تراقيهما، فإذا أراد المتصدق أن يتصدق اتسعت عليه حتى تغشى أنامله وتعفي أثره، وإذا أراد البخيل أن ينفق تقلصت عليه وانضمت يداه إلى تراقيه وانقبضت عليه كل حلقة إلى صاحبتها، فيجتهد أن يوسعها فلا يستطيع. 2175- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليأتين على الناس زمان يكونون على شبه أسد وذئب وكلب وثعلب وخنزير وشاة. فأما الأسد: فملوك الدنيا يغيروا سنتها، ويتعدون حدودها، ويحلون حرامها، ويحرمون حلالها، لا يطمع أحد في فريسته. وأما الذئب: فالتاجر الفاجر، يذم إذا اشترى، يمدح إذا باع. وأما الكلب: فالرجل الكذاب. - في الأمثال برقم 3، وابن أبي عاصم في السنة برقم 18، 19، والبيهقي في الشعب [5/ 7216] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 280، وابن جرير في تفسيره [1/ 75 من طريقين بلفظ مختصر] ، والطحاوي في المشكل [2/ 423، 3/ 35] ، جميعهم من طرق عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 73] على شرط مسلم وقال: ولا أعلم له علة، ووافقه الذهبي. (2174) - قوله: «مثل البخيل والمتصدق» : أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري في الزكاة، باب مثل المتصدق والبخيل، رقم 1443 (بقية مواضعه في الصحيح موضحة الأرقام في هذا الموضع) ، ومسلم في الزكاة، باب مثل المنفق والبخيل، رقم 1021. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 وأما الثعلب: فالرجل القارىء الذي يأكل بدينه. وأما الخنزير: فالرجل المتشبه بالنساء، لا يظلف نفسه عن شيء. وأما الشاة: فالرجل المؤمن، يجز صوفها، ويؤكل لحمها، ويحلب لبنها. فكيف بشاة بين أسد، وذئب، وكلب، وثعلب، وخنزير؟. 2176- وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدا إلى اليمن، وأمّر عليهم أميرا منهم- هو أصغرهم- فبقي أياما لم يسر، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا منهم فقال: يا فلان ما لك ما انطلقت؟ قال: يا رسول الله، أميرنا يشتكي رجله، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بسم الله، وبالله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما فيها- سبع مرات- فبرأ الرجل، فقال له شيخ: يا رسول الله أتؤمّره علينا وهو أصغرنا، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم قراءته القرآن، فقال الشيخ: يا رسول الله لولا أني أخاف أن أتوسده فلا أقوم لتعلمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فتعلمه، وإنما مثل القرآن كجراب ملأته مسكا ثم ربطت على فيه فإن فتحته فاح عليك ريح المسك وإن تركته كان مسكا موضوعا، كذلك مثل القرآن إن قرأته أو كان في صدرك. (2176) - قوله: «وعن عثمان بن عفان» : أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [8/ 62] رقم 7122، وقال عقبه: لم يروه عن سلمة بن كهيل إلّا ابنه يحيى، تفرد به إسماعيل بن صبيح. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 161] : يحيى بن سلمة بن كهيل ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: في أحاديث ابنه عنه مناكير. اه. قلت: وهذا منه، لكن روى مثله بإسناد آخر عن المقبري وقد اختلف عليه فيه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 ......... - فأخرج الترمذي- واللفظ له- في فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي، رقم 2876، والنسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 227] رقم 8739، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 217، ومحمد بن نصر في قيام الليل [25- المختصر] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 334، والبيهقي في الشعب معلقا [2/ 554] عقب رقم 2697، جميعهم من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذو عدد فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل منهم من أحدثهم سنا فقال: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، قال: أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم ... وذكر باقي الحديث. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1789، والحاكم في المستدرك [1/ 443] . * خالفه الليث بن سعد فرواه عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أخرجه الترمذي عقب الأول، والبخاري في التاريخ الكبير [6/ 462] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 554] رقم 2698. * ورواه إبراهيم بن طهمان، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 554] رقم 2697. * ورواه عمر بن طلحة، عن المقبري، عن أبي هريرة علقه البخاري في تاريخه [6/ 462] ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 554] . قال البخاري عقبه: والأول أصح- يعني المرسل- وكذا قال النسائي في السنن الكبرى [5/ 228] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 2177- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس. (2177) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الرقاق، باب الغنى غنى النفس، رقم 6446، ومسلم في الزكاة، باب: ليس الغنى عن كثرة العرض، رقم 1051. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 [ جامع أبواب الفضائل والمناقب ] جامع أبواب الفضائل والمناقب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 [285- باب فضل العرب] 285- باب فضل العرب وقوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ. وقوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وقوله: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وقوله: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا. 2178- حدثنا أبو الحسن: محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل السّرّاج المؤدّب: ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان (2178) - قوله: «السراج المؤدب» : الإمام المحدث القدوة، شيخ الإسلام: أبو الحسن النيسابوري المقرىء، ممن ارتحل في الطلب، فأتم الله له الأرب. روى عنه الحاكم وقال: قل ما رأيت أكثر اجتهادا وعبادة منه، كان يعلم القرآن، وما أشبه حاله إلّا بحال أبي يونس القوي الزاهد، صلى حتى أقعد، وبكى حتى عمى، توفي سنة ست وستين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [16/ 161] ، المنتظم [14/ 251] ، الوافي بالوفيات [6/ 123] ، النجوم الزاهرة [4/ 69] ، البداية والنهاية [11/ 274] ، تاريخ بغداد [6/ 168] ، الشذرات [3/ 167] ، العبر [2/ 327] ، تاريخ الإسلام [وفيات 366- ص 364- 365] ، مرآة الجنان [2/ 387] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 الحضرمي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي، قال: ... قوله: «الحضرمي» : هو الإمام المشهور، الشيخ الحافظ الصدوق، محدث الكوفة: أبو جعفر الملقب بمطيّن، صنف المسند والتاريخ، وكان متقنا، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل. قال الحافظ الذهبي في السير: تكلم فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وتكلم هو في ابن عثمان، فلا يعتد غالبا بكلام الأقران، سيما إذا كان بينهما منافسة، وقد عدد ابن عثمان لمطين نحوا من ثلاثة أوهام، فكان ماذا؟ ومطين أوثق الرجلين، ويكفيه تزكية من مثل الدارقطني، وقال الخليلي: ثقة حافظ. قال: قيل لمطين لم لقبت بهذا؟ قال: كنت صبيا ألعب مع الصبيان، وكنت أطولهم، فنسبح ونخوض فيطينون ظهري، فبصر بي يوما أبو نعيم فقال لي: يا مطين لم لا تحضر مجلس العلم؟ فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم، وكتبت عن أكثر من خمس مائة شيخ. سير أعلام النبلاء [14/ 41] ، تذكرة الحفاظ [2/ 662] ، الوافي بالوفيات [3/ 345] ، النجوم الزاهرة [3/ 171] ، الميزان [5/ 53] ، اللسان [5/ 233] ، الشذرات [2/ 403] ، وتاريخ الإسلام [وفيات 297- ص 274] ، طبقات الحنابلة [1/ 300] ، الأنساب [5/ 329- 330] ، العبر [2/ 108] ، طبقات الحفاظ [/ 288] . قوله: «العلاء بن عمرو الحنفي» : أورده ابن حبان في المجروحين وقال: شيخ يروي عن أبي إسحاق العجائب، لا يجوز الاحتجاج به، وقال صالح جزرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: كتبت عنه ولم أر إلّا خيرا. المجروحين [2/ 185] ، الميزان [4/ 23] ، اللسان [4/ 185] ، ضعفاء ابن الجوزي [2/ 188] ، المغني في الضعفاء [2/ 440] ، الديوان [2/ 165] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 حدثنا يحيى بن بريد الأشعري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، قوله: «يحيى بن بريد الأشعري» : وهو يحيى بن بريد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أحد الضعفاء، ضعفه الإمام أحمد وابن معين وغيرهما، ووهاه أبو زرعة، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. الميزان [6/ 39] ، اللسان [6/ 242] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 192] ، المغني [2/ 731] ، الديوان [2/ 443] . قوله: «عن ابن جريج» : هو عبد الملك بن عبد العزيز الاموي مولاهم، الفقيه المكي، أحد الأئمة الأعلام، حديثه في الكتاب الستة، غير أنه اشتهر بالتدليس، وكان يرسل، وهو إمام حجة، وفقيه كبير، انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد [5/ 491] ، سير أعلام النبلاء [6/ 325] ، تذكرة الحفاظ [1/ 169] ، تاريخ بغداد [10/ 400] ، التاريخ الكبير [5/ 422] ، الجرح والتعديل [5/ 356] ، العقد الثمين [5/ 508] ، تاريخ ابن معين برواية الدوري [2/ 371] ، تهذيب الكمال [18/ 338] ، تهذيب التهذيب [6/ 357] ، الكاشف [2/ 185] ، التقريب [/ 363] الترجمة 4193. قوله: «عن عطاء» : هو ابن أبي رباح، الإمام مفتي أهل مكة والحرم، وأحد فقهاء التابعين، مجمع على إمامته وجلالته، وحديثه في الكتاب الستة. طبقات ابن سعد [2/ 386، 5/ 467] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 333] ، وفيات الأعيان [3/ 261] ، سير أعلام النبلاء [5/ 78] ، ثقات ابن حبان [5/ 198] ، التاريخ الكبير [6/ 463] ، الجرح والتعديل [6/ 330] ، غاية النهاية [1/ 518] ، تهذيب الكمال [20/ 69] ، تهذيب التهذيب [7/ 179] ، الكاشف [2/ 231] ، التقريب [/ 391] الترجمة 4591. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي. قوله: «وكلام أهل الجنة عربي» : في إسناده من قد رأيت، أعلّوه بالعلاء بن عمرو، فأوردوه في ترجمته، قال العقيلي: منكر لا أصل له. تابعه عن السراج: أبو نصر بن قتادة، أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 230] رقم 1610، وقال: تفرد به العلاء بن عمرو، عن يحيى بن بريد. ومن طريق مطين، عن العلاء أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 87] ، وفي علوم الحديث [/ 161- 162] ، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 159] رقم 1433. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 185] رقم 11441، وفي الأوسط [6/ 271] رقم 5579، ومن طريقه العراقي في محجة القرب برقم 12، 13، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 41] . ومن طرق عن العلاء أخرجه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 376] رقم 2641، والواحدي في الوسيط [2/ 599] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] ، والعراقي في المحجة برقم 14، وابن عساكر في تاريخه [20/ 140] ، وتمام في فوائده برقم 134، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [19/ 115] ، والعراقي في المحجة برقم 12. قال الحاكم عقب إيراده: حديث صحيح، فتعقبه الذهبي بأن يحيى بن بريد ضعفه أحمد وغيره، وأنه من رواية العلاء بن عمرو وليس بعمدة، قال: وأظن الحديث موضوعا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 52] : فيه العلاء بن عمرو الحنفي، وهو مجمع على ضعفه. قلت: وفي الباب عن أبي هريرة، فأخرج الطبراني في الأوسط [10/ 71] رقم 9143 ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 273 من طريق عبد العزيز بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 2179- وروى عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفظوني في العرب. 2180- عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك، قال: قلت: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله؟ قال: تبغض العرب فتبغضني. - عمران- وهو متروك قاله في مجمع الزوائد- عن شبل بن العلاء، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعا: أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي. وطرفه الأول: أحبوا العرب، أيضا روي من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 340] من طريق محمد بن عبد الصمد بن جابر الضبي- قال الذهبي في الميزان: صاحب مناكير- عن أبيه- ضعفه ابن معين كما في اللسان- عن عطاء بن أبي ميمونة، عنه به مرفوعا. (2179) - قوله: «احفظوني في العرب» : هو أحد ألفاظ حديث يحيى بن بريد المتقدم، منهم من يقول في أوله: أحبوا العرب لثلاث، ومنهم من يقول: احفظوني في العرب لثلاث، كذلك قال محمد ابن الفضل، عن ابن جريج عند الحاكم، قال الذهبي: وهو متهم. (2180) - قوله: «تبغض العرب فتبغضني» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 440- 441] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 19، والترمذي في المناقب، برقم 3927، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 18، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 291] رقم 6093، 6094، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 20، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 56، 99] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 184] ، والبزار في مسنده البحر [6/ 481] رقم 2513، والبيهقي في الشعب [2/ 229- 230] رقم 1607، وفي مناقب الشافعي [1/ 35] ، والخطيب في تاريخه [9/ 247] ، جميعهم من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 2181- وروي عن سلمان الفارسي أنه قال للعرب: لكم علينا أن لا ننكح نساءكم، ولا نؤمكم؛ بتفضيل الله إياكم. 2182- ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: استند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: يا علي أوصيك بالعرب خيرا. 2183- وروى ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق. - حديث أبي بدر شجاع بن الوليد، ثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان به، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 86] فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن قابوس تكلم فيه. (2182) - قوله: «أوصيك بالعرب خيرا» : زاد بعضهم: ثلاثا، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 8- 9] رقم 3481، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 24، والبزار في مسنده [3/ 315 كشف الأستار] رقم 2832، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 25، وابن عدي في الكامل [6/ 2066] ، جميعهم من حديث حبة بن جوين، عن علي به مرفوعا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 52] : رجال البزار وثقوا على ضعفهم. (2183) - قوله: «وروى ثابت البناني، عن أنس» : أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [3/ 257] ، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 333] ، ومن طريق أبي نعيم: العراقي في المحجة برقم 10، والبزار في مسنده [1/ 51 كشف الأستار] رقم 64، وأبو نعيم في الحلية [2/ 333] ، جميعهم من حديث الهيثم بن جماز، عن ثابت، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 87] ، وتعقبه الذهبي بأن الهيثم متروك، وفيه أيضا معقل بن مالك وهو ضعيف. وهذا لفظ الطبراني: حب قريش إيمان، وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 2184- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيكون فتن يصطلم فيها العرب، اللسان فيها أشد وقعا من السيف، قتلاها جميعا في النار. 2185- وقال صلى الله عليه وسلم: من غش العرب لم يدخل في شفاعتي، ولم تنله مودتي. - وبغضهم كفر، فمن أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني. قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن ثابت إلّا الهيثم، وروى الحسن بن أبي جعفر شبيها به، وهو والهيثم لا يحتجا بما انفردا به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 53] : الهيثم بن جماز ضعفه أحمد ويحيى بن معين. وفي الباب عن ابن عمر تقدم في أول الكتاب عند ذكر نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم وفيه: فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ... الحديث. (2184) - قوله: «يصطلم فيها العرب» : الاصطلام افتعال من الصلم، وهو القطع والإبادة والاستئصال، ووقع في رواية: تستنظف العرب أي تستوعبهم هلاكا. قوله: «قتلاها جميعا في النار» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 211- 212] ، وأبو داود في الفتن والملاحم، باب في كف اللسان رقم 4265، والترمذي في الفتن، باب كيف يكون الرجل في الفتنة، رقم 2178- وقال: غريب- وابن ماجه في الفتن، باب كف اللسان في الفتن، رقم 3967، جميعهم من حديث طاوس عن رجل يقال له: زياد- وهو ابن سليم العبدي، تابعي مستور، قال البخاري: لا أعلم له غير هذا الحديث- عن عبد الله بن عمرو به. (2185) - قوله: «ولم تنله مودتي» : أخرجه الحافظ ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 193] رقم 12517، وعبد الله ابن أحمد في المسند [1/ 72] وجادة، ومن طريقه العراقي في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 2186- وقال صلى الله عليه وسلم: من سبّ العرب فأولئك هم المشركون. 2187- قال بعضهم: العرب أكرم الناس أخلاقا، وأطهرهم أعراقا، لأنهم من نسل إبراهيم الخليل، وزرع إسماعيل الذبيح عليه السلام، حبهم إيمان، وبغضهم نفاق، لأن الوحي فيهم نزل، والنبي صلى الله عليه وسلم منهم أرسل، والجود إليهم نسب، والفضل بهم عصب. 2188- وقيل: إن العرب يد ورجل، والأتراك يد بلا رجل، والدّيالمة رجل بلا يد، وذلك أن العرب تعمل راكبا وراجلا، والأتراك هم الفرسان، فإذا صاروا رجالة ذهبت صولتهم، والديالمة قل ما يخرج منهم فارس. 2189- قال وكيع بن الجراح: ما من قوم مضوا في حاجة ومعهم رجل من قريش أو العرب إلّا قضيت حاجتهم بالحسنى. - المحجة برقم 27، وعبد بن حميد في مسنده [/ 48- المنتخب] رقم 53، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 27، والترمذي في المناقب، باب في فضل العرب، رقم 3928 ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 27، جميعهم من حديث حصين بن عمر- قال الترمذي: وليس بالقوي- عن مخارق، عن طارق بن شهاب، عن عثمان به. (2186) - قوله: «من سب العرب» : أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2375- 2376] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 217] ، والبيهقي في الشعب [2/ 231] رقم 1612، والخطيب في تاريخه [10/ 294] ، جميعهم من حديث مطرف بن معقل- وهو منكر الحديث- عن ثابت، عن أنس به مرفوعا، وزعم الذهبي أنه موضوع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 [286- فصل: ذكر فراسة أعرابيّ] 286- فصل: ذكر فراسة أعرابيّ 2190- عن عبد الله بن الحسن بن علي قال: أخبرني أبي أن عبد الله بن طاهر لما صار إلى المدينة بينا هو راكب ومعه كاتبه إسحاق بن إبراهيم الرافقي، ... (2190) - قوله: «أن عبد الله بن طاهر» : هو أبو الحسين بن مصعب بن رزيق، الأمير العادل، السخي الباذل: أبو العباس حاكم خراسان وما وراء النهر، ولاه المأمون دمشق ومصر، وقدم دمشق مجتازا إلى مصر، وكان ملكا مطاعا، سائسا مهيبا، جوادا ممدحا من رجال الكمال، له باع في النظم والنثر. انظر أخباره وماله من النثر والشعر في: سير أعلام النبلاء [10/ 684] ، تاريخ ابن عساكر [29/ 216] ، تاريخ الطبري [8/ 610] ، تاريخ بغداد [9/ 483] ، النجوم الزاهرة [2/ 258] ، حسن المحاضرة [1/ 593] ، وفيات الأعيان [3/ 83] ، الكامل لابن الأثير [7/ 14] ، البداية والنهاية [10/ 302] ، العبر [1/ 357] ، المجالسة وجواهر العلم، الفقرات: 2285، 3218، 3377، الفرج بعد الشدة [1/ 339] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 230- ص 229، وقد استوعب محققه مظان ترجمته فانظرها فيه] . قوله: «إسحاق بن إبراهيم الرافقي» : نسبة إلى الرافقة، من أعمال الجزيرة بينها وبين الرقة ثلاثمائة ذراع، انظر عنه في: بغية الطالب [3/ 1450] ، تاريخ ابن عساكر [8/ 179] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 وإسحاق ابن أبي ربعي وزيره، وأبو السمراء، إذ أقبل أعرابي على قعود له، فلما نظر إليه عبد الله بن طاهر قال: إن الأعراب أفطن قوم، وفيهم الرّجز والفأل والفراسة والقيامة، ويشرف أحدهم على الموكب فيسلم بالإمرة وهو لا يعرف الأمير، وإني لأحسب الأعرابي منهم، فإذا سلم فردوا عليه بأجمعكم كي يلبس عليه الأمر. فلما دنا الأعرابي وسلم بالإمرة ردوا عليه بأجمعهم، فتحير الأعرابي ساعة، ثم نظر إلى إسحاق بن أبي ربعي- وكان كاتبه- فأنشأ يقول: أظن بلا شك بأنك كاتب ... عليم بأبواب الرشا بصير قوله: «وإسحاق بن أبي ربعي» : في الأصول: ابن أبي الربيع، وهو تصحيف، انظر عنه في: تاريخ ابن عساكر [8/ 215] ، والمواضع المتقدمة في الذي قبله. قوله: «وأبو السمراء» : اسمه العلاء بن عاصم الغساني، انظر عنه في: تاريخ ابن عساكر [47، 219، 66/ 281] ، وفهارس تاريخ الطبري، وفهارس تاريخ ابن الأثير. قوله: «كي يلبس عليه الأمر» : وفي رواية: قال أبو السمراء: وكنا يومئذ أفره من الأمير دوابا، وأجود منه كسا، قال: فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا، قال: فقلت: يا شيخ قد ألححت في النظر، أعرفت منا أمرا أنكرته؟ قال: والله ما عرفتكم قبل يومي هذا، ولا أنكرتكم لسوء أراه بكم، ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم، قال: فأشرت إلى إسحاق بن أبي ربعي، وأنشأ يقول: فذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 أديب خدوم للملوك مساعد ... على ما أرادوا للبلاد خبير ثم نظر إلى إسحاق بن إبراهيم- وهو وزيره- فأنشأ يقول: ومظهر نسك ما عليه ضمير ... يحب الهدايا بالرجال مكور أظن به جبنا وبخلا سمته ... يخبر عنه أنه لوزير ثم نظر إلى أبي السمراء فأنشأ يقول: وأنت خليل للأمير ومؤنس ... لكون له بالقرب منك سرور وأنت أخو لب وبالشعر عالم ... وأنت نديم مرة وسمير ثم نظر إلى عبد الله بن طاهر فقال: وهذا الأمير المرتجا سيب كفه ... وما أن له في العالمين نظير عليه رداء من جلال وهيبة ... ووجه بإدراك النجاح يشير قوله: «أظن بلا شك» : كذا عندنا، وعند غيرنا: أرى كاتبا داهي الكتابة بيّن ... عليه وتأديب العراق منير له حركات قد يشاهدن أنه ... عليم بتقسيط الخراج بصير القافية رائية عند الأكثر، وفي موضع عند ابن عساكر ميمية: أرى كاتبا داهي الكتابة بيّن ... عليه وتأديب العراق كريم وفيه علامات يشاهدن أنه ... بصير بتقسيط الخراج عليم انظر القصة بطولها من طرق في: تاريخ ابن جرير [8/ 611] ، ومن طريق ابن جرير: ابن النديم في بغية الطلب [3/ 1450] ، وابن عساكر [8/ 179] ، وأخرجها ابن عساكر أيضا بطولها من وجه آخر في [47/ 219- 222] ، وأوردها ابن الأثير أيضا في كامله [4/ 207] في حوادث سنة 210. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 كريم له من الكرامات سوابق ... على كل من يزهو بهم ويطير فما قلت ظنا بل فراسة قائف ... وعلم لكشف الغائبات سفير قال: فضحك عبد الله بن طاهر واستظرفه، وقال: ويحك! أساحر أنت؟ وأمر له بمائة ألف درهم، واستصحبه. قوله: «سفير» : زاد غيره باختلاف يسير في الأبيات: ألا إنما عبد الإله ابن طاهر ... لنا والد في دهرنا وأمير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 [287- فصل: في فضل قريش] 287- فصل: في فضل قريش 2191- روى عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أهان قريشا أهانه الله. (2191) - قوله: «أهانه الله» : زاد في حديث أنس: قبل موته، حديث عثمان رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 64] فقال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر بن عمر التيمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمي عبيد الله بن عمرو بن موسى يقول: كنت عند سليمان بن علي رضي الله عنه فدخل شيخ من قريش فقال سليمان: انظر إلى الشيخ فأقعده مقعدا صالحا فإن لقريش حقا، فقلت: أيها الأمير ألا أحدثك حديثا بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال قلت له: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أهان قريشا أهانه الله، قال: سبحان الله! ما أحسن هذا، من حدثك هذا؟ قال: قلت: حدثنيه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال لي أبي: يا بني إن وليت من أمر الناس شيئا فأكرم قريشا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهان قريشا أهانه الله. ومن طريق الإمام أحمد أخرجه العراقي في المحجة برقم 109 وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه البزار في مسنده [3/ 295 كشف الأستار] رقم 2781، والعقيلي في الضعفاء [3/ 124] ، وأبو يعلى- كما في إتحاف البوصيري [9/ 415] رقم 9257، ومجمع الزوائد [10/ 27] ولعله في الكبير- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [46/ 285] ، والحاكم في المستدرك [4/ 74] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1505، وابن عساكر في تاريخه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 ......... -[46/ 285] ، والضياء في المختارة [1/ 511- 513] وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2288. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 27] : رجاله ثقات. وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابن شهاب، وعمر بن عبد العزيز مرسلا. أما حديث سعد بن أبي وقاص، فرواه الزهري واختلف عليه فيه. 1- (أ) أما صالح بن كيسان فتارة يقول: عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن سعد به، كذلك أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 171، 183] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [53/ 105] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 171] رقم 12442، ومن طريقه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 61] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1504، والحاكم في المستدرك [4/ 74] . (ب) وتارة يقول صالح: عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد، عن سعد، كذلك أخرجه الترمذي في المناقب برقم 3905- وقال: غريب- والبخاري في تاريخه [1/ 103] الترجمة 2288، وأبو يعلى في مسنده [2/ 113] رقم 775، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [53/ 106] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 140] رقم 545، والبغوي في شرح السنة [14/ 61] رقم 3849، وتمام في فوائده برقم 1421، 1422، وفي مسند المقلين [/ 63- 64] ، ومن طريقه ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد [3/ 82] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1503. (ج) ورواه صالح أيضا عن الزهري فأسقط يوسف بن الحكم، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 183] ، ومن طريقه ابن عساكر [53/ 106] . 2- ورواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر- وهو ضعيف- عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه به، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 ......... -[1/ 108] رقم 327. 3- ورواه معمر، عن الزهري، عن عمر بن سعد- أو غيره-، عن سعد، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 58] رقم 19904، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [1/ 176] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 224] ، وابن عدي في الكامل [2/ 334] من طريق عبد الرزاق. قال الدارقطني في العلل [4/ 362] : وهم فيه معمر والصحيح حديث صالح بن كيسان، وقال أيضا: الصحيح في حديث الزهري عن محمد بن أبي سفيان. اه. 4- ورواه حكيم بن أبي حكيم، عن الزهري وعمر بن عبد العزيز به مرسلا، أخرجه الشافعي في مسنده برقم 692. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 295- 296 كشف الأستار] رقم 22782، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1506، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 429- 430] رقم 5920، وفي الكبير [1/ 233] رقم 753، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 110، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 570- 571] رقم 1120، وابن عدي في الكامل [6/ 214] ، جميعهم من حديث محمد بن سليم أبي هلال الراسبي- اختلف فيه، وبعضهم لينه- عن قتادة، عن أنس مرفوعا: من أهان قريشا أهانه الله قبل موته، قال الحافظ العراقي: هذا حديث حسن، وقال في مجمع الزوائد [10/ 27] : بقية رجاله رجال الصحيح. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 109] ، وتمام في مسند المقلين [/ 67] ، ومن طريقه ابن عساكر [35/ 409] ، والذهبي في سير أعلام النبلاء [6/ 73] ، جميعهم من حديث أبي مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني- قال الذهبي: ليس بأهل أن يحمل عنه شيء- عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده به مرفوعا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 2192- وروى رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن قريشا أهل صبر وأمانة، فمن بغاها العواثر أكبه الله لوجهه يوم القيامة. - وأما حديث عمرو بن العاص، فروي مرفوعا وموقوفا بإسناد ضعيف جدا والاختلاف فيه من إسحاق بن سعيد بن أركون وهو منكر الحديث. أخرج المرفوع تمام في فوائده برقم 1526، من طريق ابن أركون هذا: حدثنا سلمة بن العيار، عن ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عنه مرفوعا: قريش خالصة لله، فمن نصب لها حربا- أو: من حاربها- سلب، ومن أرادها بسوء خزي في الدنيا والاخرة- إسناده واه جدّا. ومن طريق تمام أخرجه ابن عساكر في تاريخه [22/ 110] وأخرجه أيضا [8/ 305- 306] من طريق أحمد بن أنس عن إسحاق به. ورواه الديلمي في مسند الفردوس [3/ 223] رقم 4652 من هذا الوجه أيضا- كما في المحجة للعراقي [/ 236- 237] رقم 134-، فأوقفه على عمرو بن العاص، والطريقان معلولان. قال ابن عساكر في تاريخه [8/ 306] عقب حديث ابن أركون المتقدم: وبهذا الإسناد عن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد هوان قريش أهانه الله عزّ وجلّ. وانظر التعليق على الحديثين الاتيين. (2192) - قوله: «وروى رفاعة بن رافع» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [4/ 340 ثلاث مرات] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 111- وقال: صحيح، رجاله ثقات- والشافعي في مسنده [2/ 194- 195] رقم 695، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 167- 177] رقم 12433، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 635] رقم 1507، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 37- 38، 38، 39] رقم 4544، 4545، 4546، 4547، والبخاري في الأدب المفرد برقم 75، والبيهقي في مناقب الشافعي [1/ 61] ، والبزار في مسنده- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 2193- وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: قريش راية الله في الأرض، فمن بغاها العواثر أكبه الله في النار على وجهه. 2194- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أذل قريشا أذله الله. -[3/ 294- 295 كشف الأستار] رقم 2780، والحاكم في المستدرك [4/ 73] وصححه، وأقره الذهبي. (2193) - قوله: «وفي رواية» : في الباب عن معاوية، وجابر بن عبد الله. أما حديث معاوية، فأخرج البخاري في المناقب، باب مناقب قريش من حديث جبير بن مطعم أنه بلغ معاوية، أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلّا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين. وأما حديث جابر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [11/ 233] ، من طريق المسور بن عبد الملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع المخزومي، عن زيد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عمرو بن نفيل من بني عدي، عن أبيه، عن جابر مرفوعا: إن قريشا أهل أمانة لا يبغيهم العثرات أحد إلّا أكبه الله عزّ وجلّ لمنخريه. وانظر تخريج ما قبله. (2194) - قوله: «من أذل قريشا أذله الله» : عزاه السيوطي في الدر المنثور [8/ 637] لعبد بن حميد وابن المنذر كلاهما عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: من أذل قريشا أذله الله، وقال: ارقبوني وقريشا، فإن ينصرني الله عليهم فالناس لهم تبع، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 2195- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا من قريش ولا تعلموها. - فلما فتحت مكة أسرع الناس في الإسلام فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الناس تبع لقريش في الخير والشر، كفارهم تبع لكفارهم، ومؤمنوهم تبع لمؤمنهم. (2195) - قوله: «قدموا قريشا ولا تقدموها» : في الباب عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعلي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعبد الله بن السائب، وسهل بن أبي حثمة، والبراء بن عازب، وعتبة بن غزوان، وجبير بن مطعم، وابن عباس، وقتادة بن النعمان، وعائشة رضي الله عنها، وأبي جعفر مرسلا، وابن شهاب بلاغا، وعن الحارث بن عبد الرحمن كذلك. أما حديث جابر بن عبد الله، فأورده المصنف في الذي بعده، وهو عند ابن عدي في الكامل [1/ 299] بلفظ مختصر بن حديث إسماعيل بن يحيى التيمي، عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر مرفوعا: قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب. قال ابن عدي: إسماعيل بن يحيى يحدث عن الثقات بالبواطيل، وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، ليس يرويه غير إسماعيل عن الثوري. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 296 كشف الأستار] رقم 2784، وابن عساكر في تاريخه [58/ 378] وعزاه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 25] للطبراني وقال: فيه أبو معشر وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1810] من حديث عثمان بن عبد الرحمن الجمحي- اختلف فيه- عن الزهري، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 ......... - عن ابن وديعة، عن أبي هريرة مرفوعا: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموها. قال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يوافقه عليه الثقات، وعامة ما يرويه مناكير إما إسنادا وإما متنا. وأما حديث عبد الله بن السائب، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 237] رقم 1518، 1519، والطبراني في معجمه الكبير- كما في المحجة للعراقي [/ 219- 220]- ومن طريقه العراقي في كتابه المشار إليه برقم 120، كلاهما من حديث أبي معشر- وفيه ضعف- عن المقبري، عن عبد الله بن السائب مرفوعا: قدموا قريشا ولا تقدموها. وأما حديث سهل بن أبي حثمة، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 168- 169] ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1515، 1521، برقم 12436، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 55] والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 122] من حديث معمر، عن الزهري عنه مرفوعا: تعلموا من قريش ولا تعلموها، وقدموا قريشا ولا تؤخرها، فإن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش، إسناده على شرط الصحيح، وعزاه في الكنز [13/ 34] رقم 33863 للطبراني. وأما حديث البراء بن عازب، فعزاه صاحب الكنز [13/ 31] رقم 33841 للبارودي ولفظه: لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله. وأما حديث عتبة بن غزوان فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 632، 637] رقم 1516، 1520 من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب كلاهما عنه بلفظ: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا من قريش ولا تعلموها. وأما حديث جبير بن مطعم، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1517، وما بعده رقم 1521، 1528، والبيهقي في المدخل- كما في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 ......... - المحجة للعراقي [/ 216] إذ ليس في المطبوع منه- ومن طريقه العراقي في كتابه المشار إليه برقم 118، وقال: هذا حديث حسن، من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عنه مرفوعا: يا أيها الناس لا تقدموا قريشا فتهلكوا، ولا تخلفوا عنها فتهلكوا، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإنهم أعلم منكم، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي عند الله. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1529 من حديث طلحة بن عمرو- متروك الحديث- عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا بطرفه: لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله. وأما حديث قتادة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 384] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 114، والشافعي في مسنده برقم 696، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1530، والبزار في مسنده [3/ 297 كشف الأستار] رقم 2787 جميعهم من حديث ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن قتادة بن النعمان الظفري وقع في قريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا قتادة، لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منهم رجالا تزدري عملك مع أعمالهم، وفعلك مع أفعالهم، وتغبطهم إذا رأيتهم، لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله. قال يزيد: سمعني جعفر بن عبد الله بن أسلم وأنا أحدث هذا الحديث فقال: هكذا حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده، وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 6- 7] رقم 10. قال الحافظ العراقي: حديث صحيح، أخرجه أحمد هكذا في مسنده من الطريقين معا، الأول مرسل والثاني متصل، ورجالهما ثقات، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 23] : رجال البزار في السند رجال الصحيح، ورجال أحمد في المرسل والمسند رجال الصحيح غير جعفر بن عبد الله بن أسلم في مسند أحمد وهو ثقة، وفي بعض رجال الطبراني خلاف. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 2196- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تؤموا قريشا وائتموا بها، ولا تقدموا على قريش وقدموها، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإن أمانة الأمين من قريش تدل أمانة أمينين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بمالها عند الله. - قال الحافظ العراقي في المحجة [/ 214] : وقد قيل: إن الذي تكلم في قريش أبو قتادة الأنصاري، ثم أسند حديثه من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن محمد بن عكرمة، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن أبا قتادة الأنصاري ... القصة. قال العراقي: ورويناه في كتاب المدخل للبيهقي من رواية الليث، عن ابن الهاد، عن سعد بن إبراهيم، وقال: هذا مرسل جيد، والذي قبله موصول. وأما حديث عائشة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 158] ، ومن طريقه العراقي في المحجة [/ 212] رقم 113 أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال: لولا أن تبطر قريش ... الحديث، قال الحافظ العراقي: حديث صحيح، رجاله محتج بهم في الصحيح. وأما حديث أبي جعفر المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 167] رقم 12431 من حديثا ابن إدريس، ثنا هاشم بن هاشم، عن أبي جعفر رفعه: لا تقدموا قريشا فتضلوا، ولا تأخروا عنها فتضلوا، خيار قريش خيار الناس، وشرار قريش شرار الناس، والذي نفس محمد بيده لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لخيارها عند الله- أو ما لها عند الله-. وأما حديث ابن شهاب، أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموها، أو: لا تعالموها، شك ابن أبي فديك، فأخرجه الشافعي في مسنده برقم 691، وأخرج أيضا حديث الحارث بن عبد الرحمن الجزء الأخير منه: لولا أن تبطر قريش ... رقم 693. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 2197- وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحبوا قريشا ولا تبغضوها فتهلكوا. (2197) - قوله: «أحبوا قريشا» : في الباب عن: 1- سهل بن سعد، أخرجه الحسن بن عرفة في جزءه برقم 92، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 125، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 150] رقم 5709، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 124، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 641] رقم 1541، والبيهقي في الشعب [2/ 231] رقم 1611، جميعهم من حديث عبد المهيمن بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعا: أحبوا قريشا فإن من أحبهم أحبه الله، قال في مجمع الزوائد [10/ 27] : عبد المهيمن ضعيف. 2- وعن عدي بن حاتم أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 86] رقم 201 من حديث أبي جنادة السلولي- ضعيف جدا، وبعضهم اتهمه- عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء من بدر، فقال رجل من الأنصار: وهل لقينا إلّا عجائز كالجزر المعقلة فنحرناهم؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيته كأنه تفقأ فيه حب الرمان، ثم قال: يا ابن أخي لا تقل ذلك، أولئك الملأ الأكبر من قريش، أما لو رأيتهم في مجالسهم بمكة لهبتهم، فو الله لأتيت مكة فرأيتهم قعودا في المسجد فما قدرت أن أسلم عليهم من هيبتهم، قال: فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الناس، أحبوا قريشا، فإنه من أحب قريشا فقد أحبني، ومن أبغض قريشا فقد أبغضني، وأن الله حبب إليّ قومي فلا أتعجل لهم نقمة، ولا استكثر لهم نعمة، اللهمّ إنك أذقت أول قريش وبالا فأذق آخرها نوالا ... الحديث بطوله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 2198- وروى عمرو بن دينار، عن سالم، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشا. 2199- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش. (2198) - قوله: «ثم اختار من العرب قريشا» : لفظه هنا مختصر، وقد تقدم بطوله في نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم، وخرجناه تحت رقم 196. (2199) - قوله: «من غير قريش» : وفيه أيضا: سئل ابن شهاب: ما يعني بذلك؟ قال: نبل الرأي. أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 81، 83] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 117، والطيالسي في مسنده برقم 951، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 168] رقم 12435، وأبو يعلى في مسنده [13/ 397] رقم 7400، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 114] رقم 1490، والبزار في مسنده [3/ 296- 297 كشف الأستار] رقم 2785، والطحاوي في المشكل [4/ 203] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 635] رقم 1508، وأبو نعيم في الحلية [9/ 64] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 61- 62] رقم 3850، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 386] ، والخطيب في تاريخه [3/ 166] من حديث عبد الرحمن بن الأزهر، عن جبير بن مطعم مرفوعا، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2289، والحاكم في المستدرك [4/ 72] ، وأقره الذهبي. وفي الباب عن سهل بن أبي خثمة وقد تقدم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 2200- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن عقل الرجل من قريش عقل رجلين من غيرهم. 2201- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلب الرجل قريش، وهل يمشي الرجل من غير صلب. (2200) - قوله: «إن عقل الرجل من قريش» : أورده الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 28] وابن عساكر في تاريخه [51/ 327] عن هارون الرشيد مرفوعا، قال البيهقي: وقد احتج هارون الرشيد حين ذكر الشافعي بهذه الرواية- يريد حديث: إن للقرشي قوة الرجلين ... الحديث- قال هارون الرشيد: ما ينكر لرجل من بني عبد مناف أن يقطع محمد بن الحسن، أما علم محمد بن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عقل الرجل من قريش عقل رجلين من غيرهم، ولم أقف عليه مسندا والظاهر- والله أعلم- أنه تفسير الذي قبله، كذلك فسره الزهري كما تقدم عنه. (2201) - قوله: «صلب الرجل قريش» : أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 55] رقم 19896، عن معمر، عن زيد بن أسلم مرسلا. وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 74، 81، 90] ، والبزار في مسنده [3/ 298 كشف الأستار] رقم 2789، والطبراني في معجمه الأوسط [4/ 70] رقم 3090 جميعهم من حديث موسى بن داود: ثنا عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عنها مرفوعا: يا عائشة إن أسرع الناس هلاكا قومك، قلت: أمن سم جعلني الله فداك؟ قال: لا، ولكن هذا الحي من قريش تستجلبهم المنايا، وينفس الناس عليهم، قلت: فما بقاء الناس بعدهم؟ قال: هم صلب الناس، فإذا هلكوا هلك الناس، لفظ الطبراني. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 2202- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمان أهل الأرض من الإختلاف: الموالاة لقريش، قريش أهل الله فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا في حزب إبليس. - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 28] : إسناد الرواية الأولى عند أحمد رجال الصحيح، وفي بقية الروايات مقال. (2202) - قوله: «صاروا في حزب إبليس» : أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 417] رقم 747، وفي الكبير [11/ 196- 197] رقم 11479، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، والعراقي في المحجة برقم 105، وابن عساكر في تاريخه [8/ 217] ، وتمام في فوائده برقم 283، 284، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 218] ، جميعهم من حديث إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا خليد بن دعلج- وهما ضعيفان عند الجمهور- عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا: أمان الأرض من الغرق: القوس، وأمان الاختلاف: الموالاة لقريش، قريش أهل الله، قريش أهل الله، فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا في حزب إبليس، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 75] وتعقبه الذهبي بأن في إسناده ضعفين، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 195] بخليد بن دعلج. وأخرجه الحاكم [3/ 149] أيضا من طريق ابن أركون وأوله: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وصححه وزعم الذهبي في هذا الموضع أنه موضوع. تابع ابن أركون: محمد بن سليمان الحراني: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 143] من رواية وهب بن حفص- أحد المتهمين- عن محمد بن سليمان بنحو اللفظ الأول. وفي الباب عن عمرو بن العاص، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [8/ 306] ، وتمام في فوائده برقم 1526، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [22/ 110] أيضا من طريق ابن أركون، عن سلمة بن العيار، عن ابن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 2203- عن عتبة بن عبد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة لقريش، والحكم للأنصار. 2204- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الدين واصبا ما بقي من قريش عشرون رجلا. - لهيعة، عن مشرع بن هاعان، عنه مرفوعا: قريش خالصة الله، فمن نصب لها حربا- أو حاربها- سلب، ومن أرادها بسوء خزي في الدنيا والاخرة، إسناده واه جدا، وقد تقدم تخريجه. (2203) - قوله: «وعن عتبة بن عبد السلمي» : أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 185] ، والبخاري في تاريخه الكبير [4/ 338] الترجمة 3048، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 528] رقم 1114، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 121] رقم 298. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 192، 5/ 196] : رجاله ثقات. وفي الباب عن أبي هريرة قوله موقوف عليه وهو في حكم المرفوع للحديث المتقدم، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1124. (2204) - قوله: «ما بقي من قريش عشرون رجلا» : رواه نعيم بن حماد في الفتن [1/ 406] رقم 1224، ومن طريقه البزار في مسنده [3/ 299] رقم 2791، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 638] رقم 1524، والعقيلي في الضعفاء [1/ 71] ، جميعهم من حديث نعيم بن حماد: ثنا إبراهيم بن أبي حيّة- منكر الحديث، ضعيف- عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به. تابعه قتيبة بن سعيد، عن إبراهيم، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 238] قال ابن عدي: لا يرويه إلّا إبراهيم، وهو معروف بنعيم، عن إبراهيم، وضعف إبراهيم بيّن على أحاديثه وروايته. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 2205- وروى أبو سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد هممت أن لا أقبل هبة إلّا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري. 2206- وروى أبو جمرة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير أهل المشرق عبد القيس، أسلم الناس كرها وأسلموا طائعين. - وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعا: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان. أخرجه البخاري في المناقب، باب مناقب قريش، ومسلم في الإمارة، باب الناس تبع لقريش. (2205) - قوله: «وروى أبو سلمة» : هو ابن عبد الرحمن، حديثه عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6383. وروي من حديث المقبري، عن أبي هريرة، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 247، 292] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 16522، ومن طريقه النسائي في العمرى، باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، رقم 3760، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 201] رقم 2544، وأبو داود في البيوع، باب قبول الهدايا، رقم 3537، والترمذي في المناقب، باب مناقب ثقيف وبني حنيفة، رقم 3945، والبخاري في الأدب المفرد رقم 596، ومن طريقه الترمذي برقم 3946، والحميدي في مسنده برقم 1051، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 180] ، وبعضهم يزيد على بعض، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 62- 63] على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. (2206) - قوله: «وروى أبو جمرة» : هو نصر بن عمران الضبعي، أحد الأئمة الأثبات، والتابعين الثقات، حديثه في الدواوين الستة، نزل خراسان، وهو بكنيته أشهر. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 2207- وروى أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء ركبن الإبل: نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده. - أخرج حديثه البزار في مسنده [3/ 310 كشف الأستار] رقم 2821، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 231] رقم 12970، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 246، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7294 مع أن في إسناده وهب بن يحيى بن زمام، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 49] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وقد روي مثله من حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [2/ 367] رقم 1638 من طريق ابن كهمس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عنه به، قال الحافظ العراقي: وهذا إسناد حسن. قال الحافظ العراقي في المحجة [/ 382] : وروينا في مسند إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا سليمان بن نافع العبدي بحلب قال: قال لي أبي: وفد المنذر بن ساوى من البحرين فذكر قدومه مع وفد عبد القيس وفيه: فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت عبد القيس طوعا، وأسلم الناس كرها، فبارك الله في عبد القيس وموالي عبد القيس، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق ابن راهويه [8/ 478- 479] رقم 7992. (2207) - قوله: «وروى أبو الزناد، عن الأعرج» : أخرجاه في الصحيحين من هذا الوجه، فأخرجه البخاري في النكاح، باب إلى من ينكح، وأي النساء خير؟ رقم 5082، وفي النفقات، باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة، رقم 5365، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل نساء قريش، رقم 2527 (200 وما بعده) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 2208- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأزد أزد الله، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلّا أن يرفعهم، وليأتينّ على الناس زمان يقول الرجل: يا ليت أبي كان أزديا، يا ليت أمي كانت أزدية. 2209- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عنزة حي من هاهنا مبغي عليهم منصورون. (2208) - قوله: «الأزد أزد الله» : زاد في رواية: في الأرض، وفي أخرى: الأزد أسد الله في الأرض. قوله: «يا ليت أمي كانت أزدية» : أخرجه الترمذي في المناقب، باب: في فضل اليمن برقم 3937، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 213 من حديث صالح بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب- مجهول- عن عمه عبد السلام بن شعيب، عن أبيه، عن أنس به. قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وروي عن أنس بهذا الإسناد: موقوف، وهو عندنا أصح. اه، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [5/ 229] . (2209) - قوله: «وعن عمر بن الخطاب» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 22] ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 258، وأبو يعلى كذلك- لكن في الكبير كما في محجة العراقي [/ 397] ، ومجمع الزوائد [10/ 51]- وهو في المقصد العلي [3/ 55] رقم 1480، ومن طريق أبي يعلى البزار في مسنده [3/ 313- 314 كشف الأستار] رقم 2829، والطبراني في معجمه الأوسط [3/ 276- 277] رقم 2603 من حديث الغضبان بن حنظلة العنزي، عن أبيه قال: جاءه عمر بن عصام فقال: يا أبا رباح ما الذي ذكر لك أمير المؤمنين عمر حين قدمت عليه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 ......... - في قومك عنزة؟ قال: مررت عليه فقال لي: من أنت- أو: ممن أنت؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا حنظلة بن نعيم العنزي، فقال: عنزة؟ قلت: نعم، قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر قومك ذات يوم فقال أصحابه: يا رسول الله وما عنزة؟ فأشار بيده نحو المشرق فقال: حي من هاهنا مبغي عليهم منصورون. قال في مجمع الزوائد [10/ 51] : رواه أبو يعلى في الكبير، والبزار بنحوه باختصار، والطبراني في الأوسط، وأحمد إلّا أنه قال: عن الغضبان بن حنظلة أن أباه وفد على عمر ولم يذكر حنظلة، وأحد إسنادي أبي يعلى رجاله ثقات كلهم. اه. وفي الباب عن سلمة بن سعد، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 63- 64] رقم 6364، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 67، والبزار في مسنده [3/ 313 كشف الأستار] رقم 2828، عن سلمة بن سعد أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجماعة من أهل بيته وولده فاستأذنوا عليه فدخلوا فقال: من هؤلاء؟ قيل له: هذا وفد عنزة، فقال: بخ بخ بخ، نعم الحي عنزة مبغي عليهم منصورون، مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى- كذا في المعجم الكبير- سل يا سلمة عن حاجتك؟ قال: جئت أسألك عما افترضت عليّ في الإبل والغنم والعنز، فأخبره، ثم جلس عنده قريبا، ثم استأذنه في الإنصراف فقال له: انصرف، فما غدا أن قام فقال: اللهمّ ارزق عنزة كفافا قوت- كذا- ولا إسراف، وفي البزار: قوتا لا سرف فيه. قال في مجمع الزوائد [10/ 51] : فيه من لم أعرفه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 [288- فصل: في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش] 288- فصل: في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش 2210- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عالم قريش يملأ طباق الأرض علما. (2210) - قوله: «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم» : في الباب عن ابن مسعود، وابن عباس، وعلي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وهارون الرشيد مرسلا. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطيالسي في مسنده برقم 309، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، ومن طريق أبي نعيم الخطيب في تاريخه [2/ 60] ، ومن طريق الخطيب ابن عساكر في تاريخه [51/ 326] ، ومن طريق أبي نعيم أيضا: ابن حجر في توالي التأسيس [/ 42- 43] ، والبيهقي في مناقب الشافعي من حديث النضر بن حميد: ثنا أبو الجارود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعا: لا تسبوا قريشا، فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما، اللهمّ إنك أذقت أولها عذابا- أو: وبالا-، فأذق آخرها نوالا. وفيه من الإشكالات: 1- تسمية النضر بن حميد، ففي أكثر المصادر وقع اسمه: النضر بن معبد، كذلك وقع في المطبوع من مسند الطيالسي، ومن أخرجه من طريقه، ويؤيده قول الحافظ في التوالي: النضر بن معبد ذكره ابن حبان في الثقات. اهـ، وابن حبان لم يذكر النضر بن حميد حتى يقال أن الاسم تصحف في النسخ- كما يذكر معظم المحققين والمعلقين- بل النضر بن معبد مذكور في موضعين من الثقات، ولا ذكر فيه للنضر بن حميد. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 ......... - 2- وفيه إشكال آخر، وهو أن ابن أبي حاتم لما ذكره في الجرح والتعديل جعل أبا الجارود كنيته فقال: النضر بن حميد أبو الجارود، والذي وقع في الروايات أن أبا الجارود شيخه. 3- أيضا من الإشكال ما وقع في بعض النسخ: عن الجارود، ولذلك قال الحافظ في التوالي: الجارود إن كان ابن يزيد ففيه مقال، وإلّا فلا أعرفه. قال الحافظ الذهبي في الميزان: النضر بن حميد أبو الجارود عن أبي إسحاق، قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وهو النضر بن حميد الكندي، قال البخاري: حدث عن أبي الجارود وثابت، ثم ذكر الذهبي حديثه هذا، فينظر. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو يعلى في مسنده- فيما ذكره الحافظ في التوالي [/ 44] ولعله في الكبير فإني لم أقف عليه في المطبوع، ولا في المطالب العالية- ومن طريق أبي يعلى: ابن عدي في الكامل [1/ 281] ، ومن طريق ابن عدي أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 25] من حديث إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: اللهمّ اهد قريشا، فإن علم عالم منهم يسع طباق الأرض، اللهمّ أذقت أولها نكالا، فأذق آخرهم نوالا. قال الحافظ في التوالي: رجاله رجال الصحيح إلّا إسماعيل ففيه مقال، قال: وقد أخرج بعضه الإمام أحمد بسند جيد من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. اه. قلت: أخرج الإمام شطره الثاني في [1/ 242] من حديث الأعمش، عن طارق، عن سعيد. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الابري والحاكم كلاهما في المناقب- كما في التوالي- من حديث عدي بن الفضل، عن أبي بكر بن أبي جهمة، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال لي علي بن أبي طالب يوم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 ......... - حروراء: اخرج إلى هؤلاء القوم فقل لهم: يقول لكم علي بن أبي طالب: أتتهموني على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تؤموا قريشا وائتموا بها، ولا تقدموا على قريش وقدموها، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإن أمانة الأمين من قريش تعدل أمانة اثنين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض- وفي رواية الابري: وإن علم عالم قريش مبسوط على الأرض. قال الحافظ عقبه: أخرج بعضه البزار في مسنده وأبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه، قال البزار: لا نعلم لأبي بكر ولا لأبيه غيره، قال الحافظ: وهما مجهولان، وفي عدي بن الفضل مقال. اه. قلت: ومن طريق الحاكم أخرجه الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 24- 25] . وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 27] ، والخطيب في تاريخه [2/ 60- 61] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [51/ 326] ، والحافظ ابن حجر في التوالي [/ 43] من حديث عبد العزيز بن عبد الله- وهو ضعيف- عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة مرفوعا بنحو حديث ابن عباس المتقدم غير أنه قال في آخره: دعا بها ثلاث مرات. قال الحافظ بعد تضعيفه بعبد العزيز: والراوي عنه إسماعيل بن عياش روايته عن غير الشاميين فيها ضعف. اه. قلت: لكن قال الحافظ البيهقي بعد إيراده لطرقه في مناقب الشافعي: أسانيد هذا الحديث إذا ضم بعضها إلى بعض مع ما تقدم صارت قوية. اه. قلت: سيما وأن الإمام أحمد- وهو الذي تعرف- قال: كنت إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام عالم من قريش، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عالم قريش يملأ الأرض علما، روى هذا عن الإمام: أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، والبيهقي في مناقب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 ......... - الشافعي [1/ 53- 54] ، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء [10/ 81- 82] ، وابن حجر في توالي التأسيس [/ 48] . وقد تقدم حديث هارون الرشيد عند التعليق على حديث رقم 2200. وقوله: «عالم قريش» : ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المعني به هو الشافعي، وأنه صلى الله عليه وسلم أشار إليه في هذا الحديث، حتى تتابع أصحاب السير والتراجم إلى إيراده في ترجمته، قال الحافظ البيهقي في المناقب: قال أبو نعيم: في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما: علامة بينة، إذا تأملها الناظر الفائق المميز علم أن المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمه فانتشر في البلاد، وكتبت كتبه وتاليفه كما تكتب المصاحف، ودرستها المشايخ والشبان والأحداث في مجالسهم وكتاتيبهم، وصيروها كالإمام، واستظهروا أقاويله، وأجروها في مجالس الحكام والأمراء والقراء وأهل الاثار وغيرهم، قال: وهذه الصفة لا نعلمها قد أحاطت بأحد إلّا بالشافعي رحمه الله محمد بن إدريس القرشي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسألات في الجزء منه: خمس أو عشر أو واحد، وسائر ذلك لغيره من الصحابة والتابعين، فهم قد اشتركوا في الفتيا اشتراكا لا يبين أن أحدا منهم قد ملأ الأرض بعلمه، ولا له فضل على علم غيره من أشكاله حتى يظهر هذا التأويل عليه، ولا يتبين في شيء من علومهم أن واحدا منهم قد ملأ الأرض علما، وملأ طبق الأرض بعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 [289- باب: في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل] 289- باب: في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل 2211- عن صهيب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المهاجرين الأوّلين: هم السابقون الشافعون المدلّون على ربهم تبارك وتعالى، والذي نفسي بيده، إنهم ليأتون يوم القيامة، وعلى عواتقهم السلاح، فيقرعون باب الجنة، فيقول لهم الخزنة: من أنتم؟ فيقولون: نحن المهاجرون، فيقول لهم الخزنة: هل حوسبتم؟ فيجثون على ركبهم، وينثرونا ما في جعابهم، ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون: يا رب ألهذا نحاسب وقد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد؟ فتمثل لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت، فيطيرون حتى يدخلون الجنة، فذلك قوله: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ 34 الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ. (2211) - قوله: «عن صهيب» : الصحابي المشهور وهو: صهيب بن سنان، أبو يحيى الرومي، أصله من النّمر، يقال: اسمه عبد الملك، وصهيب لقب، توفي في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سنة ثمان وثلاثين، وقيل: قبل ذلك. طبقات ابن سعد [3/ 226] ، مسند الإمام أحمد [4/ 332، 6/ 15] ، معجم الطبراني [8/ 33، 53] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1496] ، أسد الغابة [3/ 36] ، الإصابة [5/ 160] ، المستدرك [3/ 397] ، الاستيعاب [5/ 147] ، تهذيب الكمال [13/ 237] ، تهذيب التهذيب [4/ 385] ، سير أعلام النبلاء [2/ 17] ، مجمع الزوائد [9/ 305] ، تاريخ ابن عساكر [24/ 209] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 قال أبو حذيفة: قال حذيفة: قال صيفي: قال صهيب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا. 2212- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول زمرة تدخل الجنة: فقراء المهاجرين. قوله: «قال أبو حذيفة» : هو: حصين بن حذيفة بن صيفي بن صهيب، قال البخاري في تاريخه: أراه من ولد صهيب، وقال أبو حاتم: هو مجهول، وتبعه الذهبي في الميزان، وليس له في الكتاب الستة شيء. التاريخ الكبير [3/ 10] ، الجرح والتعديل [3/ 191] ، الميزان [2/ 75] . قوله: «قال حذيفة» : هو: ابن صيفي، مذكور في ترجمة أبيه صيفي فيمن روى عنه، ولم أر من أفرده بترجمة، وصيفي أبوه، أخرج له ابن ماجه في سننه، وقال عنه الحافظ في التقريب: مقبول. قوله: «فلهم بمنازلهم في الجنة» : أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 399] وقال: غريب الإسناد والمتن، ذكرته في مناقب صهيب لأنه من المهاجرين الأولين، والراوي للحديث أعقابه، والحديث لأصحابه، لم نكتبه إلّا عن شيخنا الزاهد أبي عمرو. اه. وقال الذهبي في التلخيص: بل كذب، وإسناده مظلم، وأخرجه أبو نعيم في الحلية- كما في ترتيب الحافظ الهيثمي [3/ 225- 226] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضا [7/ 29] لابن مردويه. (2212) - قوله: «فقراء المهاجرين» : اختصر المصنف لفظ الرواية، وتمامها: الذين تسد بهم الثغور، ويتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله عزّ وجلّ لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيوهم، فيقول الملائكة: ربنا نحن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 2213- وروى أبو رهم الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... - سكان سماواتك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؟! قال: إنهم كانوا عبادا يعبدوني لا يشركون بي شيئا، وتسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك، فيدخلون عليهم من كل باب سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ. أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 168، 168 مرتين، وعبد بن حميد في مسنده [/ 138 المنتخب] رقم 352، والبزار في مسنده [4/ 256 كشف الأستار] رقم 3665، وأبو نعيم في صفة الجنة برقم 81، وفي الحلية [1/ 347] ، وابن أبي عاصم في الأوائل برقم 57، والبيهقي في البعث والنشور برقم 414، جميعهم من حديث أبي عشانة، عن عبد الله بن عمرو، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2565، والحاكم في المستدرك [2/ 71- 72] ووافقه الذهبي. وفي المسند الجامع لأبي محمد الدارمي من حديث عبد الله بن عمرو قال: بينا أنا قاعد في المسجد وحلقة من فقراء المهاجرين قعود إذ دخل النبي صلى الله عليه وسلم فقعد إليهم فقمت إليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليبشر فقراء المهاجرين بما يسر وجوههم، فإنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين عاما ... الحديث خرجناه في فتح المنان، تحت رقم 3012. (2213) - قوله: «وروى أبو رهم الغفاري» : اسمه: كلثوم، واختلف في اسم أبيه، فقيل: هو ابن الحصين، أو ابن حصين بن عبيد، وقيل: ابن عتبة بن خلف بن بدر بن أحيمس بن غفار، صحابي، أسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، لقب بالمنحور لسهم أصابه يوم أحد في نحره، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبصق عليه فبرأ، استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين، مرة في عمرة القضاء، ومرة عام الفتح، فكان عليها حتى- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 إن أعز أهلي عليّ أن يتخلف عني: المهاجرون والأنصار، وأسلم وغفار. - منصرفه صلى الله عليه وسلم من الطائف، وهو ممن شهد بيعة الرضوان، وبايع تحت الشجرة، رضي الله عنه وأرضاه. قوله: «إن أعز أهلي عليّ» : في الحديث قصة، قال أبو رهم: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا، فلما قفل سرنا ليلة، فسرت قريبا منه، وألقي عليه النعاس، فطفقت استيقظ وقد دنت راحلتي من راحلته فيفزعني دنوها خشية أن أصيب رجله في الغرز، فأزجر راحلتي، حتى غلبتني عيناي في بعض الليل، فزحمت راحلتي راحلته، ورجلي رجله في الغرز، فأصبت رجله، فلم أستيقظ إلّا بقوله: حسّ، فرفعت رأسي، فقلت: استغفر لي يا رسول الله، قال: سر، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف من بني غفار، فأخبرته، فإذا هو يقول: ما فعل النفر الحمر الثطاط؟ فحدثته بتخلفهم، قال: ما فعل النفر السود الجعاد القطاط- أو: القصار- الذين لهم نعم بشبكة شرخ؟ فتذكرتهم في بني غفار، فلم أذكرهم حتى ذكرت رهطا من أسلم، فقلت: يا رسول الله أولئك رهط من أسلم وقد تخلفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما يمنع أولئك حين تخلف أحدهم أن يحمل على بعض إبله امرءا نشيطا في سبيل الله؟ إن أعز أهلي عليّ ... الحديث. رواه الزهري، عن ابن أخي أبي رهم، عن عمه، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19882، ومن طريق الإمام أحمد في المسند [4/ 349] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 183] رقم 415، وابن الأثير في الأسد [6/ 117] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7257، والحاكم في المستدرك [3/ 593- 594] وابن أخي أبي رهم لا يعرف حاله. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 349- 350] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 754، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 184] رقم 416، 417، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 394- 395] ، والخطيب في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 2214- روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجنة للأعرابي بعشر، وللمهاجرين بسبع. 2215- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق بغض الأنصار، وآية المؤمن حب الأنصار. 2216- وقال صلى الله عليه وسلم في الأنصار: لا يحبهم إلّا مؤمن، ولا يبغضهم إلّا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله. - الكفاية [/ 40- 41] جميعهم من طرق عن الزهري. * خالفهم ابن إسحاق، رواه عن الزهري فأدخل ابن أكيمة بينه وبين ابن أخي أبي رهم، أخرجه في السيرة [4/ 172- 173 ابن هشام] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 350] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 185- 186] رقم 418. وتابعه ابن أخي الزهري، عن الزهري، أخرجه البزار في مسنده [2/ 355 كشف الأستار] رقم 1842. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 191] : رواه البزار بإسنادين، وفيه ابن أخي أبي رهم ولم أعرفه، وبقية رجال أحد الإسنادين ثقات.. (2215) - قوله: «عن أنس بن مالك رضي الله عنه» : أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار، رقم 17، وفي مناقب الأنصار، باب حب الأنصار، رقم 3784، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنه من الإيمان، رقم 128 (74) . (2216) - قوله: «ومن أبغضهم أبغضه الله» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب حب الأنصار من الإيمان، رقم 3783، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان، رقم 129 (75) .. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 2217- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الاخر. 2218- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: افتخر الحيان: الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة: حنظلة بن أبي عامر، ومنا من حمته الدّبر: عاصم بن ثابت، ومنا من اهتز له عرش الرحمن: (2217) - قوله: «يؤمن بالله واليوم والاخر» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 163- 164] رقم 12422، ومن طريقه مسلم في الإيمان برقم 130 (77) ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 287- 288] رقم 1007، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7274. وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 34، 45، 72، 93] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 146، ومسلم 130 (77) ، والطيالسي في مسنده برقم 2182، جميعهم من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري به. ورواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه مسلم برقم 130 (76) ، والإمام أحمد في المسند [2/ 419] . وفي الباب أيضا: عن ابن عباس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 163] ، والترمذي في المناقب برقم 3902 وقال: حسن صحيح. (2218) - قوله: «افتخر الحيان» : أخرجه أبو يعلى في مسنده [5/ 329- 330] رقم 2953، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 11- 12] رقم 3488، والبزار في مسنده [3/ 303 كشف الأستار] رقم 2802، 2803، جميعهم من حديث عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 41] : رواه أبو يعلي، والبزار، والطبراني، ورجالهم رجال الصحيح. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة ابن ثابت، فقالت الخزرجيون: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه أحد غيرهم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. 2219- قال أنس بن مالك: ليس حي من أحياء العرب أكثر شهيدا منا يوم القيامة، أصيب منا سبعون رجلا يوم أحد، وسبعون رجلا يوم بئر معونة، وسبعون رجلا يوم اليمامة. 2220- وروى عبد الله بن الحارث بن جزء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العلم في قريش، والأمانة في الأنصار. - قال أبو عاصم: وأصل الحديث في الصحيحين، فأخرجا من حديث همام، عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، لفظ البخاري في فضائل القرآن، وقد أخرجه من غير وجه عن أنس أيضا. (2219) - قوله: «ليس حي من أحياء العرب» : أخرجه البخاري في المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد، رقم 4078. (2220) - قوله: «وروى عبد الله بن الحارث بن جزء» : أورد حديثه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 364] من طريق عثمان بن صالح، ثنا ابن لهيعة قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عنه مرفوعا باللفظ الذي أورده المصنف. قال: وحدثناه أيضا ابن لهيعة مرة أخرى: والأمانة في الأزد. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 2221- روي عن أبي هريرة أنه قال: قلنا يا رسول الله إذا فتحت الأمصار، وفتحت فارس والروم فهم خير منا يا رسول الله، يذكرون الفتوح؟ قال: بل أنتم خير منهم، وأبناؤكم خير من أبنائهم. - قال ابن أبي حاتم: قال أبي: إنما يرويه ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة. اه. يريد أنه اختلف فيه على ابن لهيعة، وقد أخرجه باللفظ الأول- وهو لفظ المصنف: الطبراني في معجمه الكبير- كما في المحجة [/ 222] ومن طريقه العراقي في الكتاب المشار إليه برقم 121، وقال: هذا حديث حسن. اه. وأخرجه باللفظ الثاني: الطبراني في الأوسط [7/ 6- 7] رقم 3934، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 25] له في الكبير أيضا وحسنه. (2221) - قوله: «وأبناؤكم خير من أبنائهم» : وأخرج البزار في مسنده [3/ 292- كشف الأستار] رقم 2774، من حديث الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم. قال البزار: الحسن بن أبي جعفر كان متعبدا، ولم يكن حافظا، واحتمل حديثه على قلة حفظه. اه. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [20/ 115] من حديث معاذ بن جبل الطويل وفيه: أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يوما: إن أبناءنا خير منا، ولدوا على الإسلام ولم يشركوا، وقد كنا أشركنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نحن خير من أبنائنا، وبنونا خير من أبنائهم، وأبناء بنينا خير من أبناء أبنائهم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 16] : فيه معاوية بن عمران ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 2222- روى إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر للأنصار، ولذراري الأنصار، ولذراري ذراري الأنصار، ولموالي الأنصار. 2223- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: إن الأنصار كرشي وعيبتي التي آويت إليها، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. (2222) - قوله: «روى إسحاق بن عبد الله» : هو ابن أبي طلحة، وحديثه عند مسلم في الفضائل، باب: من فضائل الأنصار، رقم 2507 (173) ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7282، وروى النضر بن أنس، عن أنس أن زيد بن أرقم لما بلغه حزن أنس على ولده وما أصابهم يوم الحرة كتب إليه يعزيه: وإني مبشرك ببشرى من الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، ولنساء الأنصار ولنساء أبناء الأنصار ولنساء أبناء أبناء الأنصار، هذا لفظ ابن حبان، وأخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في التفسير، باب وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ، من طريق موسى ابن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن أنس إلى قوله: ولأبناء الأنصار، وشك ابن الفضل في أبناء أبناء الأنصار، رقم 4906. وأخرجه مسلم من حديث النضر برقم 2506 (172) إلى قوله: وأبناء أبناء الأنصار. (2223) - قوله: «أنه خطب الناس» : في آخر خطبة له قبل وفاته، ففي مناقب الأنصار من صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم، من حديث هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: مرّ أبو بكر والعباس- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 2224- وقال صلى الله عليه وسلم: لو سلك الناس واديا- أو: شعابا- وسلك الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم. 2225- وعنه صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنصار أحبائي، وفي الدين إخواني، وعلى الأعداء أعواني، وحق على أمتي حفظ جيراني. - رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه حاشية برد، قال: فصعد المنبر- ولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي ... الحديث، رقم 2509 (175) . (2224) - قوله: «لسلكت شعب الأنصار» : إلى هنا أخرجه البخاري في مناقب الأنصار من حديث أنس، وأبي هريرة رقم 3778، 3779. (2225) - قوله: «الأنصار أحبائي» : أخرجه الدارقطني في الأفراد [2/ 191] رقم 111، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 284] رقم 460 ومن طريقه أيضا: العراقي في المحجة برقم 194، وابن عدي- كما في المحجة للعراقي [/ 293]- ومن طريقه العراقي في كتابه هذا برقم 194 من حديث حسان بن غالب الحجري- تفرد به وهو ضعيف- عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس به. قال ابن حبان في حسان هذا: يقلب الأخبار عن الثقات، لا يحل الاحتجاج به بحال، وجعله الذهبي في الميزان من مصائبه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 2226- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأنصار شعار، والناس دثار. 2227- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأنصار أعفة صبر. (2226) - قوله: «الأنصار شعار» : هو في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، وفيه قصة قال: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الطائف، رقم 4330، ومسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، رقم 1061 (139) . (2227) - قوله: «أعفة صبر» : في الباب عن أبي طلحة، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وأسيد بن حضير، وعاصم بن عمر، والزهري مرسلا. أما حديث أبي طلحة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 150] ، والترمذي في المناقب، باب فضل الأنصار وقريش، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 188، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقريء قومك السلام، فإنهم ما علمت أعفة صبر، قال الترمذي: حسن غريب. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 ......... - قال الحافظ العراقي عقب إخراجه: اختلف فيه على أبي داود الطيالسي فرواه عبدة بن عبد الله الخزاعي عنه هكذا، ورواه محمد بن عثمان الثقفي عنه فجعله من حديث أنس، ثم ساقه من طريق البزار [2/ 3 كشف الأستار] رقم 2804. قلت: في الإسنادين محمد بن ثابت البناني وهو ضعيف، ولا يبعد أن يكون الاختلاف فيه منه، فقد أخرج أبو داود الحديث في مسنده برقم 2049 من طريقه وفيه: عن أنس قال: دخل أبو طلحة ... الحديث. وانظر الوجه الاخر من حديث أنس في التعليق الاتي قريبا. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الفسوي في المعرفة [1/ 383- 384] : حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثني يزيد بن وديعة، عنه مرفوعا: الأنصار أعفة صبر، وإن الناس تبع لقريش في هذا الشأن، لمؤمنهم تبع مؤمنهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم، صححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2290، وقد اتفق الشيخان على الشطر الثاني منه دون أوله. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه النسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 91] رقم 8345 من طريق عاصم بن سويد بن عامر، عن يحيى بن سعيد، عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير الأشهلي النقيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قسم طعاما، فذكر له أهل بيت من بني ظفر من الأنصار فيهم حاجة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسيد تركتنا حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت، قال: فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر: شعير وتمر، قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، وقسم في الأنصار فأجزل، وقسم في أهل ذلك البيت فأجزل، فقال له أسيد يشكر له: جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء- أو قال: خيرا- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء- أو قال: خيرا- فإنكم ما علمت أعفة صبر، وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم، فاصبروا حتى تلقوني على- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 ......... - الحوض، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7277، والحاكم [4/ 79] ، ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضا ابن عدي في الكامل في ترجمة عاصم بن سويد [5/ 1897- 1880] . ورويت القصة بإسناد آخر من مسند أسيد بن حضير، أخرجها البخاري في تاريخه الكبير [8/ 439] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 243- 244] رقم 945، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 187، والطبراني في معجمه الكبير برقم 568، وهي في صحيح ابن حبان من طريق أبي يعلى- كما في الإحسان- برقم 7279. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 33] : رواه الإمام أحمد ورجاله ثقات، إلّا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن. اه. قال أبو عاصم: وهّم بعض المحققين الهيثمي حين عزا هذا الحديث من هذا الوجه للإمام أحمد لكونه لم يجده في مسنده، إذ المتبادر إلى الذهن عند العزو أن يكون في المسند- ولا يبعد- فهناك جملة من النصوص أوردها الحافظ ابن حجر في أطراف المسند لم نقف عليها في المطبوع من المسند، وعلى كل حال فالحديث عند الإمام أحمد في العلل [1/ 236- 237] رقم 304: حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن حصين بن عبد الرحمن- مديني- عن محمود بن لبيد، عن ابن شفيع- وكان طبيبا- قال: قطعت لأسيد بن حضير عرق النساء، اختصر لفظه. وأما حديث عاصم بن عمر، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 160] من حديث ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الأنصار قال: أعفة صبر- مرسل. وأما حديث الزهري، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19894 عن معمر، عنه مرفوعا: الأنصار أعفة صبر، والناس تبع لقريش ... نحو حديث أبي هريرة، وهو مرسل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 [290- باب فضل الحسن والحسين وآل البيت رضي الله عنهم] 290- باب فضل الحسن والحسين وآل البيت رضي الله عنهم 2228- أخبرنا أبي رحمه الله قال: أخبرني أبو علي: محمد بن عبد الوهاب إمام عصره قال: ... (2228) - قوله: «أخبرنا أبي» : هو أبو عثمان: محمد بن إبراهيم الخركوشي، لم أر من أفرده بترجمة مع شهرة ابنه وثناء الناس عليه. قوله: «محمد بن عبد الوهاب» : هو الإمام المحدث الزاهد الفقيه العلامة العابد، شيخ خراسان الواعظ: محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب الثقفي، النيسابوري، الشافعي، من ولد الحجاج بن يوسف. قال أبو العباس الزاهد: كان أبو علي في عصره حجة الله على خلقه، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: كان إماما في أكثر علوم الشرع، مقدما في كل فن منه. وقال الحاكم: قال شيخنا الصبغي: شمائل الصحابة والتابعين أخذها مالك الإمام عنهم، وأخذها عن مالك: يحيى بن يحيى، وأخذها عن يحيى: محمد بن نصر المروزي، وأخذها عن ابن نصر أبو علي الثقفي. توفي أبو علي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء [15/ 280] ، الوافي بالوفيات [4/ 75] ، النجوم الزاهرة [3/ 267] ، مرآة الجنان [2/ 290] ، العبر [2/ 214] ، طبقات الصوفية [/ 361] ، الرسالة القشيرية [/ 26] ، الأنساب [3/ 135] ، طبقات الشافعية [3/ 192] ، الشذرات [3/ 14] ، طبقات الأولياء [/ 298] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 328- ص- 238] ، طبقات ابن قاضي شهبة [1/ 119] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 حدثني إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا أبو غسان: مالك بن إسماعيل، ثنا إسرائيل قال: ... قوله: «إبراهيم بن الهيثم البلدي» : هو المحدث الرجال، الحافظ الصدوق الجوال: أبو إسحاق البغدادي نزيلها، ذكره ابن عدي في الكامل لانتقاد الأئمة عليه حديث الثلاثة الذين آووا إلى الغار، فقال: أحاديثه مستقيمة سوى حديث الغار، فنالوا منه، وقد تعقبه الخطيب في التاريخ بما ملخصه: قد روى حديث الغار عن الهيثم جماعة، وإبراهيم ثقة ثبت عندنا، لا يختلف شيوخنا فيه، وما حكاه ابن عدي من الإنكار عليه لم أر أحدا من علمائنا يعرفه، ولو ثبت لم يؤثر قدحا فيه، لأن جماعة من المتقدمين أنكر عليهم بعض رواياتهم، ولم يمنع ذلك من الاحتجاج بهم. اه باختصار. توفي أبو إسحاق سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء [13/ 411] ، تاريخ بغداد [6/ 207] ، الكامل لابن عدي [1/ 272] ، الوافي بالوفيات [6/ 163] ، الميزان [1/ 73] ، اللسان [1/ 123] . قوله: «مالك بن إسماعيل» : هو ابن درهم، الحافظ الحجة: أبو غسان النهدي مولاهم، الكوفي، سبط إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه، وأحد مشايخ الإمام البخاري في الصحيح، اتفق على توثيقه، قال ابن معين: ليس بالكوفة أتقن منه. تهذيب الكمال [27/ 86] ، سير أعلام النبلاء [10/ 430] ، تهذيب التهذيب [10/ 3] ، الكاشف [3/ 99] ، تذكرة الحافظ [1/ 402] ، التقريب [/ 516] الترجمة رقم 6424، والجمع بين رجال الصحيحين [2/ 481] . قوله: «ثنا إسرائيل» : هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، الإمام الحافظ الحجة: أبو يوسف الهمداني، الكوفي، أحد أوعية الحديث، ومن مشايخ الإسلام كأبيه وجده، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 سمعت سالم بن أبي حفصة يقول: سمعت أبا حازم قال: سمعت- قال أبو حاتم: ثقة صدوق، من أتقن أصحاب أبي إسحاق، وقال الحافظ الذهبي: أثنى عليه الجمهور، واحتج به الشيخان، وكان حافظا، صاحب كتاب ومعرفة. تهذيب الكمال [2/ 515] ، سير أعلام النبلاء [7/ 355] ، تاريخ بغداد [7/ 20] ، تذكرة الحفاظ [1/ 214] ، طبقات ابن الجزري [1/ 159] ، تهذيب التهذيب [1/ 229] ، التقريب [/ 104] الترجمة رقم 401. قوله: «سالم بن أبي حفصة» : العجلي، أبو يونس الكوفي، رأى عبد الله بن عباس، وعداده في شيعة أهل الكوفة، قال الإمام أحمد: ما أظن به بأسا في الحديث، وكان شيعيا، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت، وهو من الغالين، في متشيعي أهل الكوفة، وإنما عيب عليه الغلو فيه، وأما أحاديثه فأرجو أنه لا بأس به، وضعفه بعضهم، وبعضهم لم يره في موضع الثقة ممن يؤخذ عنه، روى له البخاري في الأدب المفرد، والترمذي. تهذيب الكمال [10/ 133] ، طبقات ابن سعد [6/ 336] ، تهذيب التهذيب [3/ 374] ، الكاشف [2/ 270] ، المجروحين لابن حبان [1/ 343] ، الميزان [2/ 300] ، التقريب [/ 226] الترجمة رقم 2171، المغني في الضعفاء [1/ 250] ، الديوان [1/ 315] ، إكمال مغلطاي [5/ 183] . قوله: «سمعت أبا حازم» : هو سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزة الأشجعية، أحد الثقات، وحديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [11/ 259] ، تهذيب التهذيب [4/ 123] ، طبقات ابن سعد [6/ 294] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 193] ، إكمال مغلطاي [5/ 441] ، الكاشف [2/ 304] ، التقريب [/ 246] الترجمة رقم 2479، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 223] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. قوله: «فقد أحبني» : تابعه عن أبي غسان: علي بن عبد العزيز، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2648. وتابع أبا غسان، عن إسرائيل: أبو نعيم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2648. وتابع إسرائيل عن سالم: 1- سفيان الثوري، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 531] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 471- 472] رقم 6369، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 40] رقم 2646. 2- ابن فضيل، أخرجه أبو يعلى في مسنده [11/ 78] رقم 6215، والبزار في مسنده [3/ 226- 227 كشف الأستار] رقم 2626. 3- علي بن عابس، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42] رقم 2651. وتابع سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم: 1- داود بن أبي عوف، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 446] ، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 49] رقم 8168، وابن ماجه في المقدمة برقم 143، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2647. قال البوصيري في مصباح الزجاجة: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. 2- طلحة بن مصرف، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41- 42] رقم 2650، والبزار في مسنده [3/ 227 كشف الأستار] رقم 2628. 3- كثير النواء، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42] رقم 2651. 4- يونس بن خباب، أخرجه الخطيب في تاريخه [1/ 141] . وتابع أبا حازم، عن أبي هريرة: عبد الرحمن بن مسعود، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 440] ، والبزار في مسنده [3/ 227 كشف الأستار]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 2229- عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما، ووضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ الاية، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. 2230- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. - رقم 2627، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 179] : رواه أحمد ورجاله ثقات، وفي بعضهم اختلاف. وأخرجه الطيالسي في مسنده برقم 2502 من طريق موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: من أحبني فليحب هذين. (2229) - قوله: «حتى قطعت حديثي ورفعتهما» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 354] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 368، 12/ 299- 300] ، وأبو داود في الصلاة، باب قطع الخطبة لأمر يحدث، رقم 1109، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3774، والنسائي في الجمعة، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة [3/ 108] ، وفي صلاة العيدين، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه [3/ 192] ، وابن ماجه في اللباس، باب ليس الأحمر للرجال، رقم 3600 وصححه ابن خزيمة برقم 1082، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6038، 6039، والحاكم في المستدرك [1/ 287] . (2230) - قوله: «سيدا شباب أهل الجنة» : زاد في رواية: إلّا ابني الخالة: عيسى بن مريم، ويحيى بن زكرياء. أخرج حديث أبي سعيد هذا من طرق: الإمام أحمد في المسند [3/ 3، 62، 64، 82] ، وفي الفضائل برقم 1360، 1368، 1384، وعبد الله في زوائد- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 2231- وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق. 2232- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: إني امرؤ مقبوض، وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به- المسند [3/ 80] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 96] رقم 12225، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3768- وقال: حسن صحيح- والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 50] رقم 8169، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 644] ، والطحاوي في المشكل [2/ 393] والخطيب في تاريخه [4/ 207] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 395] رقم 1169، وأبو نعيم في الحلية [5/ 71] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 28- 29] الأرقام: 2610، 2611، 2612، 2613، جميعهم من طريق الحكم ابن عبد الرحمن بن أبي نعم، عنه به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6959، والحاكم في المستدرك [3/ 166- 167] . قال الحاكم: هذا حديث قد صح من أوجه كثيرة، وأنا أتعجب أنهما لم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن الحكم لين. قلت: وقد اختلف على ابن أبي نعم فروي عنه أيضا عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الطبراني في الكبير برقم 2617، لكنه توبع في حديثه عن أبي سعيد، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 29] من حديث عطاء بن يسار، وعطية العوفي كلاهما عن أبي سعيد مرفوعا: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. (2231) - قوله: «مثل أهل بيتي» : خرجناه في باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال تحت رقم 2167. (2232) - قوله: «إني امرؤ مقبوض» : أخرجه البزّار في مسنده [3/ 221- 222 كشف الأستار] رقم 2612 باختلاف يسير في آخره، وفيه: وإنه لن تقوم الساعة حتى يبتغي أصحاب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 لن تضلوا من بعده: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا، هم والقرآن حتى يردا عليّ الحوض. 2233- وعن بعض الصحابة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يوعدون. - رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تبتغي الضالة فلا توجد، وفي إسناده الحارث بن عبد الله وهو ضعيف، لكن أصله في صحيح مسلم من حديث زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا- بين مكة والمدينة- فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، كتاب فضائل القرآن، تحت رقم 3580. (2233) - قوله: «وعن بعض الصحابة» : في الباب عن أبي موسى الأشعري، وسلمة بن الأكوع، وابن عباس، والمنكدر، وجابر بن عبد الله. أما حديث أبي موسى، فأخرجه مسلم في الفضائل، باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، رقم 2531، والإمام أحمد في مسنده [4/ 398- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 ......... - 399] وغيرهما من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده مرفوعا: النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. وأما حديث سلمة بن الأكوع، فأخرجه مسدد كما في إتحاف المهرة [9/ 305] رقم 9025، والمطالب العالية- النسخة المسندة [9/ 287] رقم 4402، وابن راهويه- كما في المطالب- النسخة المسندة [10/ 125] رقم 5049، وابن أبي شيبة- كما في الإتحاف [9/ 305] رقم 9025-، ومن طريقه أبو يعلى الموصلي- ولعله في الكبير- والطبراني في معجمه الكبير [7/ 25] رقم 6260، والروياني في مسنده برقم 1152، 1164، 1165، وابن عساكر في تاريخه [40/ 20] ، والحكيم الترمذي في النوادر [1/ 263] ، والشجري في أماليه [1/ 155] ، جميعهم من حديث موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف، ومدار الحديث عليه- عن إياس بن سلمة، عن أبيه مرفوعا: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 149] من حديث إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا خليد بن دعلج، أظنه عن قتادة، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس، صححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: بل موضوع، ابن أركون ضعفوه، وكذا خليد ضعفه أحمد وغيره. وأخرجه الطبراني في الكبير [11/ 54] رقم 1103 من وجه آخر عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعا: إن النجوم أمان السماء فإذا طمست النجوم أتى السماء ما توعدون، وإني أمان لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمان لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 2234- وفي بعض الأخبار: فإذا انقرضوا صب الله عليهم العذاب صبّا. 2235- عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد الحسن والحسين ويقول: اللهمّ إني أحبهما فأحبهما. - قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 313] : رجاله موثقون. وأما حديث المنكدر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 361] رقم 846، وفي الصغير [2/ 72- 73] ، ومن طريقه الخطيب في التاريخ [3/ 67- 68] ، من طرق عن محمد بن سوقة- وقد اختلف عليه إسنادا ومتنا- عن ابن المنكدر، عن أبيه مرفوعا: النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون، لفظ الحاكم في المستدرك [3/ 457] وسكت عنه هو والذهبي. * رواه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 448] وصححه، وتعقبه الذهبي بأن عيينة بن كثير متروك، والافة منه قال: وأظنه موضوعا. * ورواه ابن المبارك، عن محمد بن سوقة، عن علي بن أبي طلحة بنحوه مرسلا، أخرجه في الزهد برقم 569. * ورواه غيره عن محمد بن سوقة فأسنده عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 50] رقم 4086، [7/ 354] رقم 6683. (2235) - قوله: «عن أسامة بن زيد» : أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3940، وفي الأدب باب وضع الصبي على الفخذ رقم 6003. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 2236- وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنّ الحسن ابني أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أسفل من ذلك. 2237- وروى عبد العزيز بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فأقبل الحسن والحسين فلما رآهما النبي صلى الله عليه وسلم قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه، فاستقبلهما وحملهما على كتفه، وقال: نعم المطي مطيكما، ونعم الراكبان أنتما، وأبوكما خير منكما. (2236) - قوله: «وقال أمير المؤمنين» : روي عنه من طرق عند الإمام أحمد في المسند [1/ 99، 108] ، وفي الفضائل برقم 1366، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3779- وقال: حسن غريب- والطيالسي في مسنده برقم 103، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 108، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 98- 99] الأرقام 2768، 2769، 2670، 2671، 2672. وصحح ابن حبان منها حديث أبي إسحاق عن هانىء بن هانىء، عن علي رضي الله عنه رقم 6974 الإحسان. (2237) - قوله: «وروى عبد العزيز» : أورده المحب في الذخائر [/ 226] فقال: وروى أبو سعد في شرف النبوة عن عبد العزيز بإسناده ... ولم أعرف عبد العزيز هذا، ولا وقفت على إسناده. قوله: «وأبو كما خير منكما» : في الباب عن ابن عباس، وسلمان، وجابر بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبي جعفر مرسلا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 ......... - أما حديث ابن عباس، فأخرجه الترمذي في المناقب برقم 3784 من حديث زمعة- وهو مقارب الحديث صالح في الشواهد- عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملا الحسين بن علي على عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكب هو، قال أبو عيسى: حسن غريب، وزمعة بن صالح قد ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وله طريق أخرى عن هارون الرشيد يأتي عند المصنف برقم 2281. وأما حديث سلمان، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 62] رقم 677، بإسناد فيه حبة العرني- وهو ضعيف- عن سلمان قال: كنا حول النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت أم أيمن فقالت: يا رسول الله لقد ضل الحسن والحسين، قال: وذلك راد النهار- يقول: ارتفاع النهار- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا فاطلبوا ابني، قال: وأخذ كل رجل تجاه وجهة، وأخذت نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل حتى أتى سفح جبل، وإذا الحسن والحسين ملتزق كل واحد منهما بصاحبه، وإذا شجاع قائم على ذنبه، يخرج من فيه شبه النار، فأسرع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انساب فدخل بعض الأحجرة، ثم أتاهما، ففرق بينهما، ومسح وجهيهما وقال: بأبي وأمي أنتما، ما أكرمكما على الله، ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن، والاخر على عاتقه الأيسر، فقلت: طوباكما، نعم المطية مطيتكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكبان أنتما، وأبو كما خير منكما. قال في مجمع الزوائد [9/ 182] : فيه أحمد بن رشد الهلالي وهو ضعيف. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 46] رقم 2611، والعقيلي في الضعفاء [4/ 247] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 254- 255] رقم 412، وابن حبان في المجروحين [3/ 19] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 2238- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حفظني في أهل بيتي فقد اتخذ عند الله عهدا. - وابن عدي في الكامل [5/ 1898] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 255] رقم 413، والرامهرمزي في الأمثال [/ 131] من حديث مسروح بن عمرو- وهو ضعيف- عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة، وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما. في إسناد ابن عدي: عيسى بن عبد الله القرشي، قال ابن عدي: سرقه عيسى من يزيد فرواه عن مسروح، وقال النسائي: هذا حديث منكر. وسيأتي برقم 2296. وأما حديث عمر بن الخطاب، فأخرجه أبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة [9/ 325] رقم 9073- قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نعم الفرس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الفارسان هما. وأما حديث أبي جعفر المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 102] رقم 12243 فقال: حدثنا المطلب بن زياد، عن جابر، عن أبي جعفر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحسن والحسين وهو حاملهما على مجلس من مجالس الأنصار فقالوا: يا رسول الله نعمت المطية، قال: نعم الراكبان. (2238) - قوله: «فقد اتخذ عند الله عهدا» : أورده أيضا المحب في الذخائر [/ 50] فقال: وعن عبد العزيز بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، ثم قال: أخرجه أبو سعد- يعني: المصنف- والملّاء، يعني: أبا حفص، وهو في الوسيلة له [5- ق 2/ 204] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 2239- وعنه صلى الله عليه وسلم قال: أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا. 2240- وعن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف قال: خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، (2239) - قوله: «أنا وأهل بيتي» : أورده المحب في الذخائر [/ 48] وقال: أخرجه أبو سعد في شرف النبوة. اه. ولم أقف عليه مسندا، وأخرجه الملاء في الوسيلة تبعا للمصنف [5- ق 2/ 199] . (2240) - قوله: «وعن ميناء بن أبي ميناء» : تابعي كبير لكنه متروك الحديث، رمي بالرفض، وكذبه أبو حاتم الرازي، وذهل عن ذلك الحاكم فقال: سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأثبت له الصحبة، فشنع عليه الذهبي في التلخيص لذلك، أما ابن حبان فتردد فيه فذكره في الثقات والمجروحين. تهذيب الكمال [29/ 245] ، التاريخ الكبير [8/ 31] ، تهذيب التهذيب [10/ 354] ، الكاشف [3/ 171] ، التقريب [/ 556] الترجمة رقم 7059، الميزان [5/ 362] ، المغني في الضعفاء [2/ 691] ، الديوان [2/ 393] ، الكامل لابن عدي [6/ 2450] ، ضعفاء العقيلي [4/ 253] ، الثقات [5/ 455] ، المجروحين [3/ 22] ، ضعفاء النسائي [/ 231] ، الجرح والتعديل [8/ 395] ، لسان الميزان [7/ 407] . قوله: «أنا الشجرة» : أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2451] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 5] ، وابن عساكر في تاريخه [14/ 168] ، والحاكم في المستدرك [3/ 160] وقال: هذا متن شاذ، وإن كان كذلك فإن إسحاق- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 والحسن والحسين ثمرتها، ومحبونا ورقتها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائرها سائر الجنان. - الدبري صدوق، وعبد الرزاق وأبوه وجده ثقات، وميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، والله أعلم. فتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: أظن أن هذا وضع على الدبري، فإن ابن حيويه متهم بالكذب، أفما استحييت أيها المؤلف، تورد هذه الأخلوقات من أقوال الطرقية فيما يستدرك على الشيخين؟. وفي الباب عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة، وعلي بن أبي طالب. أما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 5] ، وابن عساكر في تاريخه [14/ 168] ، كلاهما من حديث موسى بن نعمان- ولا يعرف- عن ليث، عن ابن جريج، عن مجاهد، عنه مرفوعا بنحوه. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1824] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 64] ، وأخرجه ابن عساكر أيضا [42/ 64] ، كلاهما من حديث عثمان بن عبد الله الشامي- ضعيف متهم-: أنا ابن لهيعة، عن ابن الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرفة وعلي تجاهه فقال: يا علي ادن مني، ضع خمسك في خمسي، يا علي أنا وأنت من شجرة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، من تعلق بغصن منها أدخله الله الجنة ... الحديث. قال ابن عدي: ولعثمان بن عبد الله أحاديث موضوعات. وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 65] من حديث أبي حفص العبدي، عن أبي هارون العبدي قال: سألت أبا سعيد الخدري عن علي بن أبي طالب خاصة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها، فطوبى لمن استمسك بأصلها وأكل من فرعها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 2241- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحبنا أهل البيت أحد فزلّت به قدم إلّا ثبتته قدم أبدا حتى ينجيه الله يوم القيامة. 2242- وفي بعض الكتاب مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله- وأما حديث أبي أمامة الباهلي، فأخرجه ابن عساكر [42/ 65- 66، 66] من طريق طالوت بن عباد الصيرفي: أنا فضال بن جبير، أنا أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعليا من شجرة واحدة، فأنا أصلها، وعلي فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى، ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ثم لم يدرك محبتنا إلّا أكبه الله على منخريه في النار، ثم تلا: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى. قال ابن عساكر عقبه: هذا حديث منكر، وقد وقع إلينا جزء طالوت بن عباد- بعلو- وليس هذا الحديث فيه. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن مردويه- كما في اللالىء [1/ 379] من حديث عباد بن يعقوب- رافضي يرد في المناكير-: ثنا يحيى بن بشار، عن عمرو بن إسماعيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وعن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعا: مثلي مثل شجرة، أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورثتها، فأي شيء يخرج من الطيب إلّا الطيب. (2241) - قوله: «حتى ينجيه الله يوم القيامة» : أخرجه معلقا تبعا للمصنف: أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 199] ولم أقف عليه مسندا. (2242) - قوله: «مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم» : أورده كذلك- أعني معلقا تبعا للمصنف- أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 99] ولم أقف على إسناده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 لا تؤمنون حتى تحبوني، والله لا تحبوني حتى أكون عند المؤمن آثر من نفسه، وأهل بيتي آثر عنده من أهل بيته، وولدي أحب إليه من ولده، وأزواجي أحب إليه من أزواجه. 2243- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى الحسن والحسين يمشيان، فتهلل لهما ثم التفت إلى أصحابه فقال: أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض. 2244- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي، وإني سائلكم غدا عنهم فمجحف بكم في المسألة. 2245- وبلغنا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض فوضعها في حال، وخفّف في حال، وفرض ولا يتنا أهل البيت فلم يضعها في حال من الأحوال. 2246- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: استوصوا بأهل بيتي خيرا، فإني مخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار. (2244) - قوله: «إن الله تعالى جعل أجري» : أخرجه أبو حفص الملاء في الوسيلة [5- ق 2/ 199] معلقا تبعا للمصنف، وأورده المحب في الذخائر [/ 63] وعزاه له، ولم أقف عليه مسندا. (2245) - قوله: «إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض» : أخرجه أبو حفص الملاء في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف [5- ق 2/ 200] ولم أقف عليه مسندا. (2246) - قوله: «استوصوا بأهل بيتي خيرا» : أخرجه الملاء في الوسيلة [5- ق 2/ 200] وأورده المحب في الذخائر [/ 50] وعزاه للمصنف، ولم أقف عليه مسندا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 2247- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أهل بيتي فيكم كباب حطة. 2248- خرج علي بن الحسين ذات ليلة ومعه جراب خبز وهو يريد أن يتصدق به، فرآه مولى له فقال: احمله؟ قال: ويحك، أما علمت أن الصدقة تطفىء غضب الرب. (2247) - قوله: «كباب حطة» : تقدم في باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال، وخرجناه تحت رقم 2167. (2248) - قوله: «خرج علي بن الحسين» : هو ابن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، السيد الجليل، الإمام الجواد، الكبير، حفيد رسول الله، وأحد العباد الزهاد، المشهورين بالخير في السر، أبو الحسين- وقيل في كنيته غير ذلك- زين العابدين المدني، من أهل الفضل والجلالة. قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه، ولا رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث، انظر أخباره وفضائله في: سير أعلام النبلاء [4/ 386] ، تاريخ دمشق لابن عساكر [41/ 360] ، حلية الأولياء [3/ 133] ، طبقات ابن سعد [5/ 211] ، أنساب القرشيين [/ 108] ، تهذيب الكمال [20/ 382] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 343] ، تذكرة الحفاظ [1/ 74] ، وفيات الأعيان [3/ 266] ، تهذيب التهذيب [7/ 268] . قوله: «يريد أن يتصدق به» : أخرج القصة: أبو نعيم في الحلية [3/ 135، 136] ، وابن عساكر في تاريخه [41/ 383، 384، 384 مرتين] . وأخرج ابن عساكر وأبو نعيم من طريق ابن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون بالليل. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 2249- ونظر الفرزدق إلى علي بن الحسين وعليه قميص فوق الكعب، وإزار فوق ذلك، وعمامة قد كورها على رأسه كورتين، فأنشأ يقول: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلهم ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم - وفي طبقات ابن سعد [5/ 222] من حديث جرير، عن شيبة بن نعامة: كان علي بن حسين يبخّل، فلما مات وجدوه يعول مئة أهل بيت بالمدينة. وأخرج أبو نعيم وابن عساكر من حديث جرير بن عبد الحميد، عن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثرا، فسألوا عنه؟ فقالوا: هذا مما كان ينقل الجرب بالليل على ظهره إلى منازل الأرامل. (2249) - قوله: «ونظر الفرزدق» : انظر القصة في الحلية [3/ 139] ، وفضائل أمير المؤمنين للجلاني [/ 243، 244] رقم 446، وتاريخ ابن عساكر [41/ 399- 400، 400- 403] . وانظر القصيدة في: الأغاني لأبي الفرج [15/ 325] ، وديوان الفرزدق [2/ 178] ، والجليس الصالح الكافي [4/ 107] . قوله: «فأنشأ يقول» : وفي القصة أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة الوليد فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وكان علي بن الحسين إذا دنا من الحجر تفرق عنه الناس إجلالا له، فوجد لذلك هشام وقال: من هذا، فإني لا أعرفه؟ وكان الفرزدق حاضرا فقال: لكني أعرفه، فقيل له: ومن هو؟ فأنشأ القصيدة. قوله: «إذا ما جاء يستلم» : وتمامها: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 ......... - يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلّا حين يبتسم بكفه خيزران ريحها عبق ... من كف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله بنعته ... طابت عناصره والخيم والشيم ينجاب نور الهدى عن نور غرته ... كالشمس ينجاب عن اشراقها العتم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده نعم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضّله قدما وشرفه ... جرى بذلك له في لوحه القلم فليس قولك: من هذا بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت له الأمم عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنه الغيابة والإملاق والعدم كلتا يديه سحاب عم نفعهما ... يستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا يخشى بوادره ... يزينه اثنان: حسن الخلق والكرم لا يخلف الوعد ميمون نقيبته ... رحب الفناء أريب حين يعتزم من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم ... ويستربّ به الإحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بر ومختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والبأس محتدم يأبى لهم أن بحل الذّم ساحتهم ... خيم كريم وأيد بالندى هضم لا ينقص العسر بسطا من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أوله نعم من يشكر الله يشكر أوّلية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 2250- وقال بعض العلوية ليحيى بن معاذ الرازي: ما تقول فينا أهل البيت؟ قال: ما أقول في طينة عجنت بماء النبوة وغرست بماء الرسالة، فهل ينفح منها إلّا ريح الهدى وعنبر التقى؟ قال: فأمر به فحشى فمه درّا. - قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، وقال: أعتذر أبا فراس فلو كان عندنا أكثر منها لو صلناك بها، فردّها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلّا غضبا لله ولرسوله وما كنت لأرزأ عليه شيئا، فردها إليه، وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس، فكان مما هجاه به: أيحبسني بين المدينة والتي إليها ... قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن سيد ... وعين له حولاء باد عيوبها قال: فبعث فأخرجه. (2250) - قوله: «ليحيى بن معاذ الرازي» : الإمام الواعظ، من كبار المشايخ المتألهين، له أقوال مأثورة في الزهد والوعظ، انظر أخباره وأقواله في: سير أعلام النبلاء [13/ 15] ، حلية الأولياء [10/ 51] ، تاريخ بغداد [14/ 208] ، وفيات الأعيان [6/ 165] ، طبقات الأولياء [/ 321] ، طبقات الصوفية [/ 107] ، البداية والنهاية [11/ 31] . قوله: «فحشى فمه درّا» : زاد في الرواية: ثم إن العلوي زاره من الغد، فقال يحيى: إن زرتنا فبفضلك، وإن زرناك فلفضلك، فلك الفضل زائرا ومزورا، أخرجها الخطيب في تاريخه [14/ 211] ، وأوردها السخاوي في القول البديع [/ 82] وعزاها في استجلاب ارتقاء الغرف له [/ 105] للحميدي في التذكرة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 2251- وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج كان آخر عهده بفاطمة، وإذا رجع كان أول عهده بفاطمة، فلما رجع من غزوة تبوك ومعه علي- وقد اشترت مقنعة وصبغتها بزعفران وأرختها على بابها سترا، وألقت في بيتها بساطا- فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رجع عن بابها، فأتى المسجد فقعد فيه، فلما علمت ذلك أرسلت إلى بلال فقالت: اذهب فانظر ما ردّه عن بابي، فأتاه فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: إني رأيتها صنعت ثمة كذا وكذا، فأتاها فأخبرها فهتكت الستر، وكل شيء أحدثته وألقت ما عليها ولبست أطمارها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فجاء حتى دخل عليها فقال: كذلك فكوني فداك أبي وأمي. 2252- يقال: أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: إن الحسن بن علي قد شمخ أنفا، ورفع رأسا، واشرأبت إليه قلوب الناس بالثقة والمقة، فلو سألته أن يخطب الناس، فإنه امرؤ حديث السن، لم يتعود الخطب، فيجتمع الناس إليه فيحصر، فيكون في ذلك ما يصغره في أعين الناس، فبعث معاوية للحسن وأمره أن يخطب، فلما صعد المنبر وقد جمع له معاوية كهول قريش وشبانها، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلى الله عليه وسلم وآله، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما بين جابلق وجابرس أحد جده نبي غيري، أنا ابن نبي الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن (2251) - قوله: «وعن ابن عمر» : خرجنا حديثه تحت رقم 1709، 1752. قوله: «جابلق وجابرس» : في الأصل: جابلص، وفي المصادر: جابرس فسره معمر في حديثه: المشرق والمغرب، وفي معجم البلدان: جابرس: مدينة بأقصى المشرق، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 بريد السماء، ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قال: فلما سمع ذلك معاوية أراد أن يسكته ويخلط عليه مخافة أن يبلغ به المنطق بما يكرهه، فقال: يا حسن أنعت لنا الرطب، فقال: يا سبحان الله وأين هذا من هذا؟ الحرّ ينضجه، والليل يبرده، والريح يلقحه، ثم استفتح كلامه الأول: أنا ابن من كان مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يقرع باب الجنة، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب، أنا ابن من رضاه رضا الرحمن، وسخطه سخط الرحمن، أنا ابن من لا يسامى كرما. فقال له معاوية: حسبك يا أبا محمد، ما أعرفنا بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاوية إنما الخليفة من سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملكه، وليس الخليفة من دان بالجور، وعطّل السنن، واتخذ الدنيا أما وأبا، ولكن ذاك ملك تمنع في ملكه، وكان ذلك قد انقطع وانقطعت لذته وبقيت تبعته، ثم قرأ: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 111، ونزل عن المنبر. - أهلها من ولد ثمود، وجابلق: مدينة بأقصى المغرب أهلها من ولد عاد، ففي كل واحدة منهما بقايا ولد موسى عليه السّلام. اه. قوله: «ونزل عن المنبر» : انظر الخطبة مختصرة ومطولة من طرق في مصنف عبد الرزاق [11/ 452] رقم 20980، وتاريخ ابن عساكر [13/ 272، 273، 274، 275، 276، 277] ، وأسد الغابة [1/ 491] ، والمعرفة لأبي نعيم [2/ 659] ، والمعرفة ليعقوب [3/ 317] . وانظر النص الاتي برقم 2271. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 2253- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أوتيت ثلاثا لم يؤتهن أحد- ولا أنا-: أوتيت صهرا مثلي ولم أوت أنا مثلي، وأوتيت صدّيقة مثل ابنتي ولم أوت مثلها زوجة، وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني وأنا منكم. 2254- وبلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في وصيته للمسلمين الذين حضروه حين نقل من الضربة في جملة ما قاله: ومن فيكم تحلّف من نبيّكم صلى الله عليه وسلم إن تمسكتم بهم لن تضلوا؟ هم الدعاة، وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء، من شجرة طاب فرعها، وزيتونة طاب أصلها، نبتت في حرم، وسقيت من كرم، إلى حين مستودع، من مبارك إلى مباركة، صفت من الأقذار والأدناس، ومن قبيح ما يأتيه شرار الناس، لها فروع طوال، وثمر لا ينال، قصرت عن وصفها وصفاتها الألسن، وقصرت عن بلوغها الأعناق، فهم الدعاة وهم النجاة، وبالناس إليهم الحاجة، فاخلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم بأحسن الخلافة، فقد خبّركم أنهما الثقلان، فهما لن يفترقا هم والقرآن حتى يردا عليه الحوض، فالزموهم تهتدوا وترشدوا، ولا تتفرقوا عنهم فتتركوهم فتفرقوا وتمزقوا. (2253) - قوله: «ولكنكم مني وأنا منكم» : أورده المحب الطبري في الرياض النضرة [3/ 219- 220] ، وعزاه للمصنف وقال: وأخرج معناه ابن موسى الرضا في مسنده، وزاد في اللفظ: يا علي أعطيت ثلاثا لم يجتمعن لغيرك: مصاهرتي، وزوجك، وولديك، والرابعة لولاك ما عرف المؤمنون. قلت: ومن طريق ابن موسى الرضا، أخرجه الجلاني في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب برقم 101 مقتصرا على الشطر الأخير منه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 2255- وبلغنا أن رجلا من ولد الحسن- أو: الحسين- كان متعديا على نفسه فيما يتخطى إليه كثير من الناس، ووقع بينه وبين رجل من العامة خصومة في حق للعامي عليه، فتخارجا إلى المبارزة، فقال العلوي للعامي: والله لأشكون ذلك إلى أمي فاطمة، فقال له العامي: افعل، وقال قولا فيه جفاء، وتفرقا، فلما كان مساء ذلك النهار، رأى العامي الصدّيقة فاطمة في المنام ماشية، فذهب ليسرع إليها وهي تعرض عنه يمينا وشمالا حتى لحق بها، فلما ذهب ليقبل يدها أو شيئا من ثيابها تباعدت عنه وصاحت به، وقالت: أنت الذي قال لك ولدي: لأشكونك إلى أمي فاطمة فقلت: افعل؟ فقال: يا سيدة النساء لا أعود إليه أبدا، أنا إلى الله تائب على يدك، وانتبه، ورأى العلوي في هذه الليلة بعينها سيدة النساء على مثل ذلك فذهب ليلحق بها ويسلم عليها فصاحت به، وقالت- لما قال لها: أنا من ولدك-: أنت من ولدي؟ قد فضحتني وفضحت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت على نفسك معصية! واستيقظ فأخذ بإراقة ما عنده من المسكر، وإخراج ما عنده من الملاهي وأقبل على التوبة، وقد عزم المصير إلى العامي ليوفيه ما بينهما، فإذا بالرجل قد وافاه، فحدث كل واحد منهما صاحبه بما رأى، وحلله العامي فيما كان بينهما. 2256- قال بعضهم: كان عندنا ببغداد رجل من ولد الحسين عليه السلام مشهور، يعرف بصاحب الخاتم، سمي بذلك لأنه كان رأى في يد بعض الناس خاتما، فسأله إياه فلم يهبه له، فانصرف الرجل فرأى في الليل (2255) - قوله: «فحدث كل واحد منهما صاحبه» : في الباب حكايات مشابهة جمع منها الحافظ السخاوي شيئا في كتابه استجلاب ارتقاء الغرف فليرجع إليه من شاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 فاطمة وهي تقول: بخلت على ابني بخاتم في يدك وقد طلبه منك، فاستيقظ الرجل فزعا، وغسل ذلك الخاتم وطيبه، وأضاف إليه برا آخر وحمله إليه واعتذر من رده مسألته. 2257- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها وفطم محبيها من النار. (2257) - قوله: «إنما سميت فاطمة» : في الباب عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود. أما حديث علي، فأخرجه علي بن موسى الرضا في مسنده، ومن طريقه الجلاني في فضائل أمير المؤمنين علي برقم 92. نسخة علي بن موسى تكلم فيها الحفاظ، وقال بعضهم إنها موضوعة. وأما حديث أبي هريرة، فأسنده ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 421] من طريق محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا ابن عمير، ثنا بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال ابن الجوزي عقبه: هذا من عمل الغلابي، وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه كان يضع الحديث. وأما حديث ابن عباس، فأسنده الخطيب ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 421] من طريق منصور بن صدقة، عن أبي معبد، عن ابن عباس به مرفوعا، قال الخطيب: ليس بثابت، وفيه مجاهيل. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه الديلمي في مسنده [1/ 346] رقم 1385 ولم أقف على إسناده. وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه أبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة [9/ 314- 315] رقم 9046- والبزار في مسنده [3/ 235 كشف الأستار] رقم 2651، والحاكم في المستدرك [3/ 152] وصححه، وابن عدي في الكامل [5/ 1714] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 422] ، والعقيلي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 2258- عن سلمان رضي الله عنه في قوله عز وجل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ 19، قال: علي وفاطمة. وفي قوله تعالى: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال: النبي صلى الله عليه وسلم. - في الضعفاء [3/ 184] ومن طريقه ابن الجوزي [1/ 422] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 33] رقم 2625 وفي [22/ 406- 207] رقم 1018، وابن عساكر في تاريخه [14/ 147] ، وتمام في فوائده رقم 356، 357، 358 جميعهم من حديث معاوية بن هشام، عن عمر بن غياث، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله مرفوعا: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها من النار. عمر بن غياث ضعفه الدارقطني، وقال: كان من شيوخ الشيعة، وإنما حدث بهذا عمر، عن عاصم، عن زر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرواه معاوية بن هشام فأفسده، ووهم فيه. اه. يعني مرسلا، وقد قال العقيلي: هو الأولى. وقال ابن الجوزي: ثم إن الحديث محمول على ذريتهما الذين هم أولادها خاصة: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، كذلك فسره محمد بن علي بن موسى الرضى، فقال: هو خاص للحسن والحسين. اه. قلت: الحديث إذا فسره أهل العلم فهو وجه منهم في إثبات أصله وقبوله لا نفيه، ونحن هنا إنما نتكلم عليه من جهة الإسناد لا معناه وما قد يفهم منه، وإذا قيل بوقفه فلا يبعد حينئذ ثبوته مرفوعا لأنه مما لا مجال للرأي فيه، ولأنه يتفق وما في التنزيل، فإن الله تعالى يقول: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ الاية. قال الذهبي في التلخيص: منكر بمرة، سمعه أبو كريب من معاوية، فالافة من عمرو، وقد اتهم. (2258) - قوله: «عن سلمان» : لم أقف عليه من حديثه، لكن أورده السيوطي في الدر المنثور [7/ 697] من حديث ابن عباس وأنس، وعزاهما لابن مردويه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 وفي قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ، قال: الحسن والحسين رضي الله عنهما. 2259- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلّا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما. (2259) - قوله: «كل بني أنثى» : حديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن عمر رضي الله عنه أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 36] رقم 2633، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 34] من طريق الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فساره ... الحديث وفيه قصة تزويجه أم كلثوم ابنته من عمر. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 42- 43] من طريق سهل بن عثمان السكري، أنا السفر بن منصور، عن أبي الجنوب عقبة بن علقمة اليشكري، عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن عثمان بسياق طويل وفيه قصة. وقد رواه عن عمر رضي الله عنه أيضا: 1- المستظل بن حصين، أخرج حديثه القطيعي في زوائده على الفضائل للإمام أحمد برقم 1070، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم فاعتل عليه بصغرها فقال: إني لم أرد الباه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي، كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أبوهم وعصبتهم. في إسناده الكديمي: محمد بن يونس، وبشر بن مهران وهما ضعيفان، وقد أخرجه الضياء في المختارة [1/ 398] من طريق عبد الملك الرقاشي، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 ......... - عن عمر ابن عامر- وهو ضعيف أيضا- وبشر بن مهران كلاهما عن شريك به، وهذه متابعة ضعيفة أيضا. 2- ورواه محمد بن علي أبو جعفر عن عمر- أو: أن عمر، بصورة المنقطع في الروايتين- بنحوه، أخرجه من طرق بأسانيد ابن إسحاق في سيرته [/ 249] ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] ، وسعيد بن منصور في سننه برقم 520، وابن سعد في الطبقات [8/ 463] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [19/ 486] ، وابن أبي عمر- كما في المطالب [4/ 177] رقم 4258-، والحاكم في المستدرك [3/ 142] ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 63- 64] ، وابن راهويه في مسنده- كما في المطالب [4/ 80] رقم 4020، 4021-، وابن عساكر في تاريخه [19/ 485] ، والقطيعي في زوائد الفضائل برقم 1069، والجلاني في مناقب علي بن أبي طالب برقم 152. * وقد رواه بعضهم عن محمد بن علي فأدخل جابر بن عبد الله بينه وبين عمر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37] برقم 2635، ومن طريقه الضياء المقدسي في مختارة [1/ 197- 198] ، وقال: لم يجوده عن سفيان إلّا الحسن بن سهل، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله رجال الصحيح، غير الحسن بن سهل وهو ثقة. ورواه تمام في فوائده برقم 1603 بإسناد فيه سيف بن محمد- كذبوه- والراوي عنه محمد بن عكاشة اتهم بالوضع. ورواه ابن جميع في معجمه [/ 338] من طريق عصمت بن محمد- كذبه ابن معين- عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر. 3- ورواه البزار في مسنده [3/ 152 كشف الأستار] رقم 2455، والجلاني في مناقب علي بن أبي طالب برقم 153 من طريق عبد الله بن محمد بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 ......... - عمر بن علي، عن عاصم بن عبد الله، عن ابن عمر، عن عمر مرفوعا. * ورواه إبراهيم بن عبد السلام- وهو ضعيف- عن إبراهيم بن يزيد الخوزي- وهو متروك- عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر مرفوعا، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [67/ 21] ، ورواه الجلاني برقم 51 أيضا من حديث ابن عمر بإسناد فيه الكديمي. 4- ورواه زيد بن أسلم، عن عمر، أخرجه البزار في مسنده [3/ 52 كشف الأستار] رقم 2456 وفيه مع انقطاعه: عبد الله بن زيد بن أسلم وفيه ضعف. 5- ورواه عقبة بن عامر، عن عمر، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 272] ، والخطيب في تاريخه [6/ 182] من طريق إبراهيم بن رستم- يقال: منكر الحديث عن الثقات-. 6- ورواه عكرمة، عن عمر، منقطع، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [6/ 63- 64] . * وروي عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 243] ، والخطيب في تاريخه [10/ 271] من حديث موسى ابن عبد العزيز العدني- اختلف فيه- عن الحكم بن أبان، عنه به. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله ثقات. * ورواه الجلاني في مناقب أمير المؤمنين برقم 150 من حديث الحجبي: محمد ابن طلحة: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال ابن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر بنحوه. 7- ورواه الحسن بن علي، عن عمر- منقطع- أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] . وفي الباب- عن المسور بن مخرمة وجابر بن عبد الله وفاطمة رضي الله- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 ......... - عنهما. أما حديث المسور، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 323، 332] ، وابنه عبد الله في زوائد الفضائل برقم 1347، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 158] وصححه، وأخرجه الحاكم أيضا في [3/ 154] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 25- 26] رقم 30. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 203] : فيه أم بكر بنت المسور لم يجرحها أحد ولم يوثقها، وبقية رجاله وثقوا. اه. قلت: قد توبعت عند الإمام أحمد، والحاكم مبينة في مواضع التخريج المشار إليها. وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 164] وصححه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن فيه يحيى بن العلاء قال أحمد: كان يضع الحديث، وفيه أيضا: القاسم بن أبي شيبة، وهو متروك. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [36/ 313] من طريق طاهرة بنت عمرو بن دينار عن أبيها، عن جابر مرفوعا: إن لكل نبي أب عصبة ينتمون إليها إلّا ولد فاطمة، فأنا وليهم وأنا عصبتهم، وهم عترتي، خلقوا من طينتي، ويل للمكذبين بفضلهم، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 35] رقم 2630 من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعا: إن الله عزّ وجلّ جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب، قال في مجمع الزوائد [4/ 224] : وفي سنده بشر بن مهران، وهو متروك. وأما حديث فاطمة، فأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده [12/ 109]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 2260- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش فتقول: يا عدل يا جبار احكم بيني وبين قاتل ولدي، فيحكم لا بنتي ورب الكعبة. 2261- وقال صلى الله عليه وسلم: إن قاتل الحسين في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدنيا، وقد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار، منكب حتى يقع في قعر جهنم وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتن ريحه. - رقم 6741، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [70/ 14] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 36] رقم 2632 من طريقه شيبة بن نعامة- وهو ضعيف- عن فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة الكبرى مرفوعا: كل بني أم ينتمون إلى عصبة، إلّا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم. (2260) - قوله: «فيحكم لابنتي ورب الكعبة» : أخرجه الجلاني في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب برقم 91 من طريق علي بن موسى الرضا، عن أبيه بالإسناد الاتي في حاشية الحديث بعده، وسيأتي بيان حاله. (2261) - قوله: «إن قاتل الحسين» : أخرجه أبو الحسن الجلاني في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [/ 61] رقم 95 من طريق علي بن موسى الرضا: حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي الحسين بن علي، حدثني أبي علي بن أبي طالب به مرفوعا، وهذه نسخة مضعفة، ويقال: إنها موضوعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 2262- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا علي إذا كان يوم القيامة كنت وولديك على خيل بلق، متوجين بالدر والياقوت، فيأمر الله بكم إلى الجنة والناس ينظرون. 2263- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحبّوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبّوني لحبّ الله، وأحبّوا أهل بيتي بحبي. (2262) - قوله: «كنت وولديك على خيل بلق» : أخرجه شاذان الفضيلي في جزء رد الشمس: بإسناده إلى موسى الرضا بالسند المتقدم- كما في كنز العمال [13/ 152]-، وأورده المحب في ذخائر العقبى [/ 234] وقال: ولا تضاد بينه وبين حشرهم على العضباء والقصواء إذ قد يكون الحشر أولا عليهما ثم ينتقلون إلى الخيل، أو يحمل ولده على غير الحسن والحسين منهم. (2263) - قوله: «أحبوا الله لما يغذوكم» : أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3789، - وقال: حسن غريب- وعبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل برقم 1952، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 38- 39] رقم 2639 [10/ 341- 342] رقم 10664، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 497] ، والبخاري في تاريخه الكبير [1/ 162] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 211] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2570] ، والخطيب في تاريخه [4/ 160] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 266] رقم 430، والخطيب في تاريخه [4/ 160] ، والبيهقي في الشعب [1/ 366] رقم 408، وفي [2/ 130] رقم 1378، وفي الاعتقاد [/ 186] أو الشجري في أماليه [1/ 152] ، والجلاني في فضائل أمير المؤمنين برقم 179، 180، جميعهم من حديث علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه به، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 149] وأقره الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 2264- وقال صلى الله عليه وسلم: يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا: أن يثبّت قائمكم، وأن يهدي ضالّكم، وأن يعلم جاهلكم، وأن يجعلكم رحماء نجداء، فلو أن رجلا صفن قدميه، ثم صام وصلى، ثم لقى الله وهو مبغض لأهل هذا البيت دخل النار. 2265- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتروني يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة مؤثرا عليكم أحدا؟. (2264) - قوله: «إني سألت الله لكم ثلاثا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 177] رقم 1142 بإسناد فيه محمد بن زكرياء الغلابي وهو ضعيف. وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 148- 149] من وجه آخر، وصححه على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي، وعزاه المحب في الذخائر [/ 45] لابن السري. وفي الباب عن عبد الله بن جعفر مرفوعا: يا بني هاشم إني قد سألت الله لكم أن يجعلكم نجباء رحماء، وسألته أن يهدي ضالتكم، ويؤمن خائفكم، ويشبع جائعكم ... الحديث، أخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 372- 373] رقم 7757. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 17] : في الصحيح بعضه، وفي الإسناد أصرم بن حوشب وهو متروك. (2265) - قوله: «أتروني يا بني عبد المطلب» : في الباب عن علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك، وابن عباس. أما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل برقم 1058، من حديث موسى بن عمير- اتفق على تضعيفه- عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عنه مرفوعا: يا معشر بني هاشم والذي بعثني بالحق لو أخذت بحلقة باب الجنة ما بدأت إلّا بكم. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 2266- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله عزّ وجلّ، فانظروا من توفدون من دينكم. 2267- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وصف آخر الزمان فقيل: يا رسول الله فأي العمل أفضل في ذلك الزمان؟ قال: فرس تربطه، وسلاح تميل به مع أهل بيتي حيث مالوا. 2268- وعن علي بن الحسين أنه قال لابنه أبي جعفر: حق على قائمنا إذا قام أن يجعل المساجد عريشا كعريش موسى، وأن يبدأ بالرافضي فيقتله. - وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الخطيب في تاريخه [9/ 439] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 286] من حديث نعيم بن سالم بن قنبر- اتهم- عن أنس مرفوعا: لو أني أخذت بحلقة باب الجنة ما بدأت إلّا بكم يا بني هاشم. وأما حديث ابن عباس، فأورده المتقي في الكنز [12/ 41] رقم 33904 ولفظه: أتروني أني إذا تعلقت بحلق أبواب الجنة أوثر على بني عبد المطلب أحدا؟ عزاه لابن النجار. (2266) - قوله: «في كل خلف من أمتي» : أخرجه معلقا تبعا للمصنف: أبو حفص الملاء في الوسيلة [5- ق- 2/ 200] ، وأورده المحب الطبري في الذخائر [/ 49] وعزاه له ولم أقف على إسناده. (2267) - قوله: «وسلاح تميل به مع أهل بيتي» : أخرجه أبو حفص الموصلي في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف [5- ق- 2/ 200- 201] ولم أقف عليه مسندا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 2269- عن سالم الجعفي قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك، ادع الله لي، قال: اللهمّ أحيه محيانا، وأمته مماتنا، واسلك به سبيلنا، قال: فاستشهد مع زيد بن علي. 2270- عن الحسين بن علي قال: تنفس أمير المؤمنين، فقلت له: بأبي وأمي تنفست الصعداء تنفس مغموم، قال: نعم لما أعلم مما تلقون ويلقى بعضكم من بعض من العداوة، وبغي بعضكم على بعض، حتى يبلغ بعضكم من بعض ما لا يبلغه عدوكم منكم، ولولا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما طابت نفسي، قلت: ما سمعته يقول؟ قال سمعته يقول: اللهمّ إنهم عترة رسولك فهب مسيئهم لمحسنهم، وهبهم لي، قال: ففعل وهو فاعل، قلت: ما فعل وهو فاعل؟ قال: فعله بكم ويفعله بمن بعدكم. 2271- روي أن الحسن بن علي خطب حين قتل علي رضي الله عنه فقال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولا يدركه الاخرون غير (2270) - قوله: «ويفعله بمن بعدكم» : أورده أبو حفص الملا بطوله في سيرته معلقا تبعا للمصنف [5- ق- 2/ 201] ، وأورده المحب في الذخائر [/ 53] وعزاه له أيضا. (2271) - قوله: «خطب حين قتل علي» : أخرجها مطولة ومختصرة من طرق: الإمام أحمد في المسند [1/ 199، 199- 200] ، وفي الفضائل برقم 922، 1014، وفي الزهد [/ 133] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 68- 69، 73- 74، 75] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 38] ، والنسائي في الخصائص برقم 23، والطبراني في معجمه الكبير [3/ الأرقام: 2717، 2718، 2719، 2722، 2723، 2724، 2725] وصحح ابن حبان منها طريق ابن أبي شيبة، عن ابن نمير، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن الحسن، برقم 6936- الإحسان-، وانظر النص المتقدم برقم 2252. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 الأنبياء، وما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم، فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا ابن النبي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل عليه السلام ينزل فينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، ثم قرأ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. 2272- 2273- وعن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتمل بالعباء، قالتا: سمعناه يقول وقد ألصق ظهر علي إلى صدره وظهر فاطمة إلى ظهره والحسن على يمينه والحسين على يساره، ثم عمهم ونفسه بالعباء حتى غطاهم. قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد لفّفهم إليه حتى إنه جعل أطرافه تحت قدميه، ثم قال ورفع طرفه إلى السماء وأشار بسبابته وما كاد يبين وجهه: اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فسالم من سالمهم، وحارب (2272) - (2273) - قوله: «وعن أم سلمة وعائشة» : هكذا أورده معلقا بهذا السياق تبعا للمصنف: الحافظ الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 221- 222] . وقد روى حديث أم سلمة من طرق كثيرة، رواه عنها: شهر بن حوشب، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعطاء بن يسار، وحكيم بن سعد، وأبو المعذل الطفاوي، عن أبيه، وأبو ليلى، ورواه عطاء بن أبي رباح عنها أو عمن حدثه جميعهم عنها بنحوه ومعناه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 من حاربهم، اللهمّ وال من والاهم، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- وجبريل حاضر- فأمّن على الدعاء وقال: وأنا معكم يا محمد؟ فقال: نعم. - أما حديث شهر بن حوشب، فأخرجه من طرق عنه: الإمام أحمد في المسند [6/ 292، 304، 323] ، والترمذي في المناقب، باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، رقم 3870، والبخاري في تاريخه الكبير [2/ 69- 70] ، وأبي هريرة في تفسيره [22/ 6، 7] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3132- 3133- معلقا] برقم 17679، والطبراني في معجمه الكبير [23/ الأرقام: 768، 769، 770، 771، 773، 779، 780، 783، 786] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ الأرقام: 6912، 7021، 7026] . قال الترمذي في إسناد حديثه: حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. وسيأتي عند المصنف برقم 2347. وأما حديث أبي سعيد عنها، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [12/ 313- 314] رقم 6888، وابن جرير في تفسيره [22/ 6، 7] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 249] رقم 503 من حديث عطية العوفي- وهو صالح في الشواهد- عنه، عن أم سلمة. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [22/ 7] . وأما حديث عطاء بن يسار، فأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 416، 3/ 146] ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 150] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 286] رقم 627. قال الحاكم: على شرط البخاري، وقال الذهبي في الموضع الأول: على شرط مسلم. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 2274- عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وعدني في أهل بيتي خاصة، من لقيني منهم بالتوحيد فله الجنة. - وأما حديث حكيم بن سعد، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [22/ 8] . وأما حديث أبي المعذل الطفاوي عن أبيه، فأخرجه ابن أبي شيبة [12/ 73] رقم 12153، والإمام أحمد في مسنده [6/ 296، 304- 305] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 330] رقم 759، والدولابي في الكنى [2/ 122] ، وأبو المعذل ممن يضعف في الحديث. وأما حديث أبي ليلى، فأخرجه الإمام أحمد [6/ 292] . وأما حديث عطاء بن أبي رباح، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 292] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 281] رقم 612. والظاهر أن الذي أخبره بذلك هو عمر بن أبي سلمة، حديثه عنه في تفسير ابن جرير [22/ 8] . وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه مسلم في اللباس، باب التواضع في اللباس برقم 2081، وفي الفضائل، باب فضائل أهل البيت برقم 2424، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 72] رقم 12151، وابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3131] رقم 1767، والحاكم في المستدرك [3/ 147] . (2274) - قوله: «عن سعيد بن المسيب» : هذا مرسل، وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 150] ، وابن عدي في الكامل [5/ 1704] ، كلاهما من حديث عمر بن سعيد الأبح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس به مرفوعا، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال ابن عدي في الكامل: عمر الأبح، عن ابن أبي عروبة، منكر الحديث، ثم أورد له من مناكيره هذا، وتبعه الذهبي في التلخيص فتعقب الحاكم لقوله المتقدم فقال: بل منكر لم يصح وعزاه المحب في الذخائر [/ 54] لابن السري في معجمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 2275- عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني سألت ربي أن لا يدخل النار أحدا من أهل بيتي، فأعطاني ذلك. 2276- عن زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وفاطمة والحسن والحسين وعمي في حظيرة القدس، في قبة بيضاء، سقفها عرش الرحمن. (2275) - قوله: «عن عمران بن حصين» : أخرج حديثه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 201- 202] ، وأورده المحب الطبري في الذخائر [/ 53] وعزاه لهما، وأورده المتقي في الكنز [12/ 95] رقم 34149، وعزاه لأبي القاسم بن بشران في أماليه. (2276) - قوله: «في قبة بيضاء» : كتب ناسخ «ظ» فوقها: وهي قبة المجد، كأنه تفسير منه أثبته الحافظ الموصلي في متن الرواية في الوسيلة [5- ق 2/ 224] فصار السياق هكذا: في قبة بيضاء، وهي قبة المجد. ولم أثبته، فقد أخرج الحديث مسندا الحافظ ابن عساكر في تاريخه [13/ 229] من طريق الدارقطني: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم السرار قال: حدثتني سمانة بنت حمدان بن الوضاح بن حسان الأنبارية قالت: حدثني أبي، عن عمرو بن زياد اليوناني، حدثني عبد العزيز بن محمد، نا زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء، سقفها عرش الرحمن، وفي الإسناد من لم أعرفه، وفي الباب عن أبي موسى الأشعري مرفوعا: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة تحت العرش، ليس فيه التفسير المذكور في نسخة «ظ» - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 2277- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أعطي كل نبي سبعة نجباء رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر: عليّا وفاطمة، والحسن والحسين، وأبا بكر، وعمر، ومصعب بن عمير، وحمزة، وجعفرا، وابن مسعود، وبلالا، وعمارا، وأبا ذر، وسلمان، والمقداد. - وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير، - كما في مجمع الزوائد [9/ 174]- قال الهيثمي: فيه حيان الطائي ولم أعرفه. (2277) - قوله: «عليّا وفاطمة» : هكذا ذكر المصنف رحمه الله فاطمة في هذا الحديث، وتبعه صاحب الوسيلة الحافظ أبو حفص الموصلي [5- ق 2/ 204] فصار العدد على رواية المصنف لا يوافق المعدود، وقد اتفقت روايات أهل الحديث على عدم ذكرها فيه رضي الله عنها، كذلك أخرجه الناس. أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم 3785، وقال: حسن غريب، وقد روي هذا الحديث عن علي موقوفا. وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 199] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: كثير النوّاء واه، وابن بشار صاحب عجائب عن ابن عيينة. اه. قلت: إن أراد الحكم على الطريق بعينه فنعم، وإلّا ففيما قاله نظر، أما كثير فقد توبع، وكأن الحافظ الذهبي لم يقف على رواية الترمذي التي أخرجها من طريق ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، ثم للحديث شواهد كما سيأتي. والحديث اختلف فيه على كثير، فأخرجه الترمذي- كما تقدم من طريق ابن أبي عمر- فأدخل أبا إدريس بين كثير النواء والمسيب بن نجبة، ومن طريق ابن أبي عمر أخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 452] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 ......... - وتابعه محمد بن عيسى المدائني، عن ابن عيينة، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [58/ 194] . ورواه الحاكم- كما تقدم- من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، عن ابن عيينة، فأسقط أبا إدريس من الإسناد، جعله عنه، عن المسيب بن نجبة، عن علي، ولم أر من تابعه على هذا. ورواه فطر بن خليفة، عن كثير النواء، عن عبد الله بن مليل سمعت عليا يقول: ... فذكره، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 148] ، وابن عساكر في تاريخه [10/ 451- 452] ، وفي [12/ 270، 270- 271] ، وفي [13/ 226] ، وفي [15/ 380] ، وفي [43/ 384 مرتين] ، وفي [44/ 124- 125] ، وفي [60/ 178] . وتابعه عن كثير: 1- إسماعيل بن زكرياء، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 88] ، وعبد الله بن أحمد في زوائد على المسند [1/ 88] ومن طريقهما ابن عساكر في تاريخه [60/ 178] . 2- جعفر بن زياد الأحمر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 452] ، وفي [43/ 384- 385] ، وفي [60/ 178] . 3- منصور بن أبي الأسود، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [60/ 177- 178] . 4- يزيد بن عبد العزيز. 5- هاشم بن البريد. 6- نصير بن أبي الأشعث، أخرج حديثهم ابن عساكر في تاريخه [60/ 178] . وتابع كثيرا عن ابن مليل: سالم بن أبي حفصة، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 149] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 123- 124] . وأخرجه ابن عساكر في [43/ 385 مرتين] ، وفي [44/ 124 مرتين] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 2278- عن يزيد بن حيان التميمي قال: دخلت على زيد بن أرقم أنا ونفر من التيم فقلنا: يا أبا عبد الله حدثنا بحديث نحفظه، فقال: إن هذا أرسل إليّ- يعني الحجاج- قال: أنت الذي تزعم أن لمحمد صلى الله عليه وسلم حوضا، فلقد قرأت كتاب الله فما سمعت للحوض بذكر، ولكن سمعته يقول: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ الاية، قال: فقلت له: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم، وقد حدثنا أن له حوضا، قال: فقلنا له: حدثنا بشيء نحفظه عنك، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعته يقول يوم غدير خم: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزّ وجلّ، حبل من استمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الله الضلالة، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، ثلاثا. - وتابع ابن مليل، والمسيب بن نجبة عن علي: أبو معاذ، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [12/ 271] . ومن شواهد هذا الحديث ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 255] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 437] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 542] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [33/ 148] ، وأخرجه ابن عساكر من وجه آخر أيضا [33/ 148] ، جميعهم من طرق عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال: قرىء علينا كتاب عمر رضي الله عنه: السلام عليكم، إني قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وإنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر ... الحديث. (2278) - قوله: «أذكركم الله في أهل بيتي» : أخرجه مسلم، وقد خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 3580- فتح المنان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 2279- وقال أبو سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، سبب بيد الله وسبب بأيديكم، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنها لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. 2280- عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال: ما سماني الحسن والحسين بيا أبه حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهما كانا يقولان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبه يا أبه، وكان الحسن يقول لي: يا أبا حسن، وكان الحسين يقول لي: يا أبا حسين. 2281- قال عثمان بن أبي سويد العدل بالبصرة: حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي قال: ... (2279) - قوله: «وقال أبو سعيد الخدري» : روى حديثه عطية العوفي- وهو مقارب الحديث، حديثه صالح في هذا الباب-، أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 4/ 17، 26، 59] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3788- وقال: حسن غريب-، وأبو يعلى في مسنده [2/ 297] رقم 1021، والطبراني في الأوسط [4/ 262، 328] رقم 3463، 3566، والشجري في أماليه [1/ 152] وغيرهم. (2281) - قوله: «قال عثمان بن أبي سويد» : الذرّاع، البصري، لم أر من أفرده بترجمة، ولابنه محمد أبي عثمان ترجمة في كامل ابن عدي، وسير الذهبي وميزانه، يعد في الضعفاء. قوله: «حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي» : هو إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أبو يعقوب الهاشمي، ذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان من أولي الأقدار- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 سمعت أبي يوما يحدث أنهم كانوا عند الرشيد، فجرى ذكر علي بن أبي طالب، فقال الرشيد: يتوهم العوام أني أبغض عليا وولده، وو الله ما كان ذلك كما يظنون، وإن الله ليعلم شدة حبي لعلي بن أبي طالب- العالية، ولي لهارون الرشيد المدينة والبصرة ومصر والسند، وولي لمحمد الأمين حمص وأرمينية، وذكر أحمد بن محمد بن حميد الجهمي النسابة أنه مات ببغداد، وقال الدارقطني: لا يعرف حاله، وتبعه ابن القطان والعراقي. تاريخ بغداد [6/ 329] ، التحفة اللطيفة [1/ 294] ، ذيل الميزان [/ 29] ، اللسان [1/ 364] . قوله: «سمعت أبي» : هو الأمير: سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، أبو أيوب البصري، عم المنصور، وأحد الأجواد المشهورين بالسخاء وطول ذات اليد، وهو والد الأميرين: محمد وجعفر، كان مقدما عند السفاح والمنصور، ولي البصرة والأهواز والبحرين، قال ابن القطان: هو مع شرفه في قومه لا يعرف حاله في الحديث، وقال في التقريب: مقبول، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. تهذيب الكمال [12/ 44] ، تهذيب التهذيب [4/ 185] ، الكاشف [1/ 318] ، سير أعلام النبلاء [6/ 162] ، التقريب [/ 253] الترجمة رقم 2596، التحفة اللطيفة [2/ 183] . قوله: «أنهم كانوا عند الرشيد» : هو الخليفة النبيل، والملك الجليل، أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي. قال الحافظ الذهبي في السير: كان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حج، وجهاد، وغزو، وشجاعة، ورأي. انظر حول ترجمته في: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 والحسن والحسين ومعرفتي لفضلهم رحمة الله ورضوانه عليهم، ولكن طلبنا بثأرهم حتى قاتلنا، وأفضى الله بهذا الأمر إلينا، فقربناهم، وأخلطناهم بنا، فحسدونا، وطلبوا ما في أيدينا، وسعوا في الأرض فسادا وجهرا على قطيعتهم، والله لقد حدثني أمير المؤمنين المهدي، عن أمير المؤمنين المنصور ... - سير أعلام النبلاء [9/ 286] ، تاريخ بغداد [14/ 5] ، الكامل [6/ 106] ، النجوم الزاهرة [2/ 142] ، وفيات الأعيان [1/ 331] ، المعرفة والتاريخ [1/ 161، 182] ، تاريخ الطبري [8/ 230] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 193- ص 423] . قوله: «المهدي» : هو أمير المؤمنين، أبو عبد الله محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، قال الذهبي في السير: كان جوادا ممداحا معطاءا، محببا إلى الرعية، قصابا في الزنادقة باحثا عنهم، مليح الشكل، تملك عشر سنين وشهرا ونصفا، وعاش ثلاثا وأربعين سنة، ومات بماسبذان، في المحرم سنة تسع وستين ومئة، وبويع ابنه الهادي. وقال في التاريخ: ما علمت أحدا احتج بالمهدي ولا بأبيه في الأحكام. الوافي بالوفيات [3/ 300- 302] ، سير أعلام النبلاء [7/ 400] ، تاريخ بغداد [5/ 391] ، وفيات الأعيان [2/ 387] ، مرآة الجنان [1/ 356] ، ماثر الأناقة [1/ 183] ، تاريخ الإسلام [وفيات السنة المذكورة- ص 433] . قوله: «عن أمير المؤمنين المنصور» : هو الخليفة، أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي. قال الحافظ الذهبي في السير: كان فحل بني العباس هيبة وشجاعة، ورأيا وحزما، ودهاء وجبروتا، وكان جمّاعا للمال، حريصا، تاركا للهو- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 أنه حدثه عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عباس أنه قال: كنا ذات يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة صلوات الله عليها تبكي، فقال لها: فداك أبوك، ما يبكيك؟ قالت: إن الحسن والحسين خرجا فما- واللعب، كامل العقل، بعيد الغور، حسن المشاركة في الفقة والأدب والعلم. أباد جماعة كبارا حتى توطد له الملك، ودانت له الأمم على ظلم فيه، وقوة نفس، ولكنه يرجع إلى صحة إسلام وتدين له في الجملة، وتصوّن وصلاة وخير، مع فصاحة وبلاغة وجلالة، وقد ولي بليدة من فارس لعاملها سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة، ثم عزله وضربه وصادره، فلما استخلف قتله، وكان يلقب: أبا الدوانيق، لتدنيقه ومحاسبته الصناع لما أنشأ بغداد. تاريخ بغداد [10/ 53- 61] ، مروج الذهب [2/ 228- 246] ، عبر الذهبي [1/ 228] ، فوات الوفيات [2/ 216- 217] ، العقد الثمين [5/ 248] ، سير أعلام النبلاء [7/ 83] . قوله: «عن أبيه» : هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، أبو الخلفاء من بني العباس، حديثه عند الجماعة سوى البخاري. تهذيب الكمال [26/ 153] ، تهذيب التهذيب [9/ 316] ، الكاشف [3/ 71] ، التقريب [/ 497] رقم الترجمة 6158. قوله: «عن جده» : هو علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، من رجال التهذيب، حديثه عند الجماعة سوى البخاري. تهذيب الكمال [21/ 35] ، تهذيب التهذيب [7/ 312] ، الكاشف [2/ 252] ، التقريب [/ 403] رقم الترجمة 4761، طبقات ابن سعد [5/ 312] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 أدري أين باتا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبكين يا بنية، الذي خلقهما هو ألطف بهما مني ومنك، ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهمّ إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما، فهبط جبريل عليه السلام: فقال: يا محمد، لا تغتم ولا تحزن، هما فاضلان في الدنيا، وهما فاضلان في الاخرة، وأبو هما خير منهما، هما في حظيرة بني النجار نائمين، - وإسناد الحديث ضعيف كما يتبين من تراجم رجاله، أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 212] ، وعزاه المحب الطبري في الذخائر [/ 226- 227] لهما، وتبعه المرتضى الفيروز آبادي في فضائل الخمسة. وأخرجه الجلّاني في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [/ 107- 113] رقم 188 بسياق أطول من هاهنا من طرق عن الأعمش، عن أبي جعفر المنصور. وأخرجه ابن عساكر من وجه آخر عن الحسن بن الحسين بن علي، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة بنحوه [14/ 173] ، وله طريق أخرى، فأخرجه الحافظ أبو الحسن الجلّاني الشهير بابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين [/ 233] بإسناده إلى إسحاق بن زيد، عن سهل بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، بنحو القصة. وأخرج الطبراني بعضه في معجمه الكبير [3/ 64- 65] برقم 2682، وفي الأوسط [7/ 237] رقم 6458، ومن طريقه ابن عساكر [13/ 228- 229] ، بإسناد فيه أحمد بن محمد اليمامي- وهو متروك- عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، مرفوعا ببعضه. وانظر تخريجنا لحديث عبد العزيز المتقدم قريبا برقم 2237 وفيه: نعم المطي مطيكما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 وقد وكل الله تعالى بهما ملكا يحفظهما، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى إذا أتوا الحظيرة فإذا الحسن معانق الحسين عليه السّلام، وإذا الملك الموكل بهما جعل إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما قد أظلهما، وانكب النبي صلى الله عليه وسلم يقبلهما، حتى انتبها من نومهما، فجعل الحسن على عاتقه اليمنى والحسين على عاتقه اليسرى، وجبريل عليه السلام معه حتى خرجا من الحظيرة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: شرفتكما كما شرفكما الله تعالى، فتلقاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين حتى أحمله عنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم المطي مطيكما، ونعم الراكبان أنتما، وأبوكما خير منكما، حتى أتى المسجد، فأمر بلالا فنادى في الناس، فاجتمع الناس في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدم وهما على عاتقه فقال: يا معشر المسلمين، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة، ألا أدلكم على خير الناس أبا وأما؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأمهما فاطمة بنت خديجة سيدة نساء العالمين، أيها الناس ألا أدلكم على خير الناس عمّا وعمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانىء بنت أبي طالب، ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين، خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله، قال: ثم قال: اللهمّ إنك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة، وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة، ومن أبغضهما في النار. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 قال سليمان: كان هارون يحدثنا وعيناه تدمعان، وتخنقه العبرة. 2282- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يبغضنا- أهل البيت- أحد إلّا أدخله الله النار. 2283- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو أن عبدا عبد الله بين الركن والمقام ألف عام، ثم ألف عام، ولم يقل بحبنا أهل البيت لأكبه الله على منخره في النار. (2282) - قوله: «إلّا أدخله الله النار» : أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 150] من حديث أبان بن جعفر بن ثعلب- كذا ولعله: أبان بن تغلب- عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به مرفوعا، وقال: على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الحافظ الذهبي في التلخيص. وأخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6978- من طريق سليم بن حيان، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري به مرفوعا. وأخرجه البزار في مسنده برقم 3348- كشف الأستار- من وجه آخر عن داود ابن عبد الحميد، عن عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد به وقال عقبه: أحاديث داود، عن عمرو لا نعلم أحدا تابعه عليها. وقال في مجمع الزوائد [7/ 296] : داود من الضعفاء. (2283) - قوله: «وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 201] ، ولم أقف عليه مسندا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 2284- وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحبنا أهل البيت إلّا مؤمن تقي، ولا يبغضنا إلّا منافق شقي. 2285- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة أنا لهم شفيع ولو أتوا بذنوب أهل الأرض: الضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه. 2286- عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحسن والحسين ابنيّ، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن (2284) - قوله: «إلّا منافق شقي» : أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف [5 ق- 2/ 202] ، وأورده المحب الطبري في الذخائر [/ 51] وعزاه لأبي حفص. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه القطيعي في زيادات الفضائل للإمام أحمد [2/ 661] رقم 1126 من حديث الحجاج بن أرطاة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: من أبغضنا أهل البيت فهو منافق. (2285) - قوله: «أربعة أنا لهم شفيع» : أورده معلقا تبعا للمصنف الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 202] وقد أخرجه الديلمي في مسند الفردوس- كما في الكنز [12/ 100] رقم 3418 من طريق عبد الله بن عامر، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي رضي الله عنه. ضعيف جدّا، ويقال: إنها نسخة موضوعة. (2286) - قوله: «عن سلمان» : الفارسي، الصحابي المشهور، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 43] رقم 2655، وفي [6/ 296] رقم 6109، وابن عساكر في تاريخه [14/ 155- 156] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 56] ومن طريقه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه. 2287- وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي عصبة ينتمون إليها إلّا ولد فاطمة، فأنا وليهم وأنا عصبتهم وهم عترتي، خلقوا من طينتي، ويل للمكذبين بفضلهم، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله. - ابن عساكر في تاريخه [14/ 156] وفي إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف. وأخرجه الحاكم في المستدرك من وجه آخر [3/ 166] من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي ظبيان، عن سلمان، وصححه على شرط الصحيحين، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه منكر، وأن بقي بن مخلد رواه بإسناد آخر واه عن زاذان، عن سلمان. اه. وهو حديث الحماني المشار إليه. (2287) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : خرجناه تحت حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المتقدم قريبا برقم 2259. (2288) - قوله: «وروى ابن عباس» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 433] رقم 12228، والخطيب في تاريخه [5/ 317] ، والشجري في أماليه [1/ 154] من طريق الطبراني: ثنا محمد ابن زكرياء، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى عنه به. ورواه يزيد بن أبي زياد أطول منه، وقد تقدم في طهارة نسبه صلى الله عليه وسلم وشرف أصله برقم 199، وذكرنا هناك الاختلاف فيه. وفي الباب عن العباس بن عبد المطلب، أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل العباس بن عبد المطلب من طريق محمد بن كعب القرظي قال: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 2288- وروى ابن عباس قال: جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي صنعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يبلغوا الإيمان حتى يحبوكم لله ولقرابتي. 2289- وعن سفيان الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن عباس قال: جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت بيننا ضغائن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يصنعون الخير حتى يحبوكم لله ولقرابتي، أيرجو بنو سلهب- حي من مراد- شفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب. 2290- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من آذاني في أهل بيتي فقد آذى الله عزّ وجلّ، ومن أعان على أذاهم وركن إلى أعدائهم فقد أذن بحرب من الله، ولا نصيب له غدا في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. - كنا نلقي النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل الإيمان قلب رجل حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني. قال في الزوائد: رجال إسناده ثقات، إلّا أنه قيل: رواية محمد بن كعب، عن العباس مرسلة، وانظر الحديث الاتي بعده. (2289) - قوله: «جاء العباس» : انظر الحديث المتقدم قبله والتعليق عليه. (2290) - قوله: «فقد آذى الله عزّ وجلّ» : إلى هنا عزاه في الكنز [12/ 103] رقم 34197 لأبي نعيم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 2291- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرّم الله الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم، ومن سبهم، والمعين عليهم، أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. 2292- وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لأحد ثلاثة: إما منافق، وإما ولد زنية، وإما امرؤ حملت به أمه على غير طهر. 2293- وقال صلى الله عليه وسلم: أول من أشفع له من أمتي: أهل بيتي، ثم الأقرب فالأقرب، ثم الأنصار، ثم من آمن بي واتبعني من اليمن، ثم سائر العرب، ثم الأعاجم، رواه مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. (2291) - قوله: «حرّم الله الجنة» : أورده معلقا تبعا للمصنف: أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 203] ولم أقف على إسناده. (2292) - قوله: «من لم يعرف حق عترتي» : أخرجه أبو الشيخ في الثواب- كما في استجلاب ارتقاء الغرف للسخاوي-[/ 103] ، ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس، وابن عدي في الكامل [3/ 1059، 1060] ومن طريق ابن عدي البيهقي في الشعب [2/ 232] رقم 1614. قال البيهقي عقبه: زيد بن جبيرة غير قوي في الرواية. (2293) - قوله: «رواه مجاهد عن ابن عمر» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 421] رقم 13550، وزاد في آخره: وأول من أشفع له أولو الفضل، وفي إسناده حفص بن أبي داود، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 2294- عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: - عن ليث بن أبي سليم، وهذا إسناد ضعيف لضعفهما. ومن هذا الوجه أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 790] وقال: لا يرويه عن ليث غير حفص، وعامة حديثه عمن روى عنهم غير محفوظة. اه. وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات أيضا [3/ 250] . (2294) - قوله: «عن عيسى بن عبد الله» : هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي، سكت عنه البخاري في تاريخه الكبير، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن أبيه: لم يكن بالقوي في الحديث. التاريخ الكبير [6/ 390- 391] ، الجرح والتعديل [6/ 280] . قوله: «عن أبيه» : هو عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد العلوي، المدني، وكان يلقب بدافن، من رجال أبي داود والنسائي، وكان قليل الحديث، ولذلك قال الحافظ في التقريب: مقبول. تهذيب الكمال [16/ 93] ، إكمال مغلطاي [8/ 185] ، ثقات ابن حبان [7/ 1] ، تهذيب التهذيب [6/ 16] ، التقريب [/ 321] الترجمة رقم 3595، الكاشف [2/ 114] ، الميزان [3/ 198] . قوله: «عن جده» : هو محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي، من رجال الأربعة، وحديثه عن جده مرسل، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، وقال الذهبي في الميزان: ما علمت به بأسا، ولا رأيت لهم فيه كلاما. تهذيب الكمال [26/ 172] ، تهذيب التهذيب [9/ 321] ، الكاشف [3/ 73] ، التقريب [/ 498] الترجمة رقم 6170، طبقات ابن سعد [5/ 329] ، الميزان [5/ 114] ، الثقات لابن حبان [5/ 353] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الولد ريحانة من الله قسمها بين العباد، وإن ريحانتي من الدنيا: الحسن والحسين. 2295- وعن عتبة بن غزوان قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء الحسن والحسين يركبان ظهره، فانصرف، فوضعهما في حجره، فجعل يقبل هذا مرة، ويشم هذا مرة، فقال قوم: أتحبهما يا رسول الله؟ فقال: ما لي لا أحب ريحانتي من الدنيا. قوله: «إن الولد ريحانة» : أخرجه العسكري في الأمثال- كما في الكنز [12/ 120] رقم 34287-، والديلمي في مسنده [4/ 431] رقم 7253 ولفظه عندهما: الولد ريحانة، وريحانتي حسن وحسين، وما وقفت على سنده عندهما، ولا عند غير المصنف باللفظ الذي أورده، ولطرفه الثاني شاهد في فضائل الصحابة من صحيح البخاري، باب مناقب الحسن والحسين، من حديث ابن عمر مرفوعا: هما ريحانتاي من الدنيا. (2295) - قوله: «وعن عتبة بن غزوان» : أورده تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 213] ولم أقف على إسناده ولا رأيته عند غيرهما، ووصفهما بالريحانة تقدم أنه عند البخاري من حديث ابن عمر، وورد أيضا من حديث أنس بن مالك عند النسائي في السنن الكبرى [5/ 150] رقم 8529، وعن أبي بكرة عند ابن عدي في الكامل [5/ 110] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [13/ 238] . وأخرج أبو نعيم في المعرفة [2/ 663] حديث رقم 1767: من طريق علي بن هاشم بن البريد: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن سهيل بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 2296- وعن جابر بن عبد الله قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربع، والحسن والحسين على ظهره، وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما. 2297- وعن أسامة بن زيد قال: طرقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة لبعض الحاجة، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشف فإذا الحسن والحسين على ركبتيه، فقال: هذان ابناي، وابنا ابنتي، اللهمّ إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما، اللهمّ إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما، اللهمّ إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما. - والحسن والحسين يلعبان على ظهره فقلت: يا رسول الله أتحبهما؟ فقال: وما لي لا أحبهما وإنهما ريحانتي من الدنيا. (2296) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : بسطنا تخريجه عند التعليق على حديث عبد العزيز المتقدم قريبا برقم 2237. (2297) - قوله: «وعن أسامة بن زيد» : أخرج حديثه الترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم 3769- وقال: حسن غريب- والبخاري في التاريخ الكبير مختصرا [2/ 287] كلاهما من حديث عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر المدني، عن مسلم بن أبي سهل النبال، عن الحسن بن أسامة، عن أبيه، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6967، وقد انتقد الذهبي في السير [3/ 252] تحسين الترمذي له، وذلك لتفرد عبد الله بن أبي بكر به، والحق أنه لا انتقاد عليه، فإنه لم يحسنه مطلقا بل قال: حسن غريب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 2298- وعن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: جئت إلى أمي فقالت لي: متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: ما لي به عهد، قال: فنالت مني وقالت لي: ائت النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر لي، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إني جئت إلى أمي فسألتني متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: ما لي به عهد، وقالت: اذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فما سلطان يستغفر لنا فأته فلما رآني قال: غفر الله لك ولأمك، غفر الله لك ولأمك، غفر الله لك ولأمك يا حذيفة، أما رأيت الرجل الذي كان عندي آنفا، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ذاك ملك لم يهبط إلى الدنيا قط، وإنه استأذن الله عزّ وجلّ في السلام عليّ، وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. (2298) - قوله: «وعن زر بن حبيش» : روى حديثه إسرائيل بن يونس فاختلف عليه فيه: 1- فروى عنه، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو، عن زر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 96] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 391- 392] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم 3781- وقال: حسن- والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 80- 81] رقم 8298، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 27] رقم 2607، والخطيب في تاريخه [6/ 372- 373] ، وابن عساكر في تاريخه [13/ 207] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 381] ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6960. 2- وروي عنه، عن ابن أبي السفر، عن الشعبي، عن حذيفة، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [13/ 207] . 3- ورواه قيس بن الربيع، عن ميسرة، عن عدي بن ثابت، عن زر، عن حذيفة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 2299- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين: أعوذ بكلمات الله التامّات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامّة، ويقول: هكذا كان إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه يعوّذ ابنيه إسماعيل وإسحاق، وكان يقول عليهما. 2300- وعن أنس بن مالك قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يصطرعان والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: هيّ حسن، فقلت: يا رسول الله أتعين الكبير على الصغير، فقال: إن جبريل عليه السلام يقول: هيّ حسين. - فخالف إسرائيل، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 26- 27] رقم 2606. * ورواه عن زر أيضا: عاصم بن بهدلة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 27] رقم 2608 بإسناد فيه عبد الله بن عامر الهاشمي، قال عنه في مجمع الزوائد [9/ 183] : لم أعرفه. * ورواه عن حذيفة أيضا: قيس بن أبي حازم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 28] رقم 2609، وابن عساكر في تاريخه [13/ 208 مرتين] بإسناد فيه أبو عمرو الأشجعي، قال عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 183] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. (2299) - قوله: «وعن ابن عباس رضي الله عنهما» : حديثه في أحاديث الأنبياء من صحيح الإمام البخاري، برقم 3371. (2300) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 227] ولم أقف على إسناده، من حديث أنس، لكن في الباب عن أبي هريرة ومحمد بن علي مرسلا، وبعضهم يسنده عن علي. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 2301- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الحسن بن علي رضي الله عنه فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يرحم لا يرحم. 2302- عن جابر بن عبد الله قال: لما ولدت فاطمة الحسن قالت لعلي رضي الله عنه: سمّه! فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت لأسبق باسمه ربي عزّ وجلّ، - أما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو يعلى في المعجم [/ 238] رقم 196، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [5/ 1678] ، وابن عساكر في تاريخه [14/ 165] . وأما حديث محمد بن علي، فأخرجه الحارث في مسنده [2/ 910- بغية الباحث] رقم 992 من طريق الحسن بن قتيبة- وهو ضعيف- ثنا حسين المعلم، عن محمد بن علي نحوه. تابعه علي اللهبي- وهو ضعيف- عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [14/ 165] . * ورواه اللهبي مرة عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي قال: قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع الجنائز وأنا معه فطلع الحسن والحسين فاعتركا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيها حسن خذ حسينا، فقال علي: يا رسول الله أعلى حسين تواليه وهو أكبرهما، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل يقول: إيها حسين. (2301) - قوله: «من لا يرحم لا يرحم» : أخرجه البخاري في الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم 5997، ومسلم في الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال، رقم 2318. (2302) - قوله: «عن جابر بن عبد الله» : أورده الحافظ الموصلي معلقا في الوسيلة تبعا للمصنف [5- ق 2/ 222- 223] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبريل عليه السلام: إنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط، فاقره السلام وهنّه وقل: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبريل فهنأه من الله عزّ وجلّ، ثم قال: إن الله يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون، قال: وما كان اسمه؟ قال: شبر، قال: لساني عربي! قال: فسمّه الحسن، فسمّاه الحسن. - وفي الباب عن علي بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس، وسلمان. أما حديث علي بن أبي، طالب فله طرق وألفاظ منها: 1- حديث هانىء بن هانىء، عنه قال: لما ولد الحسن سميته حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: بل هو حسن، فلما ولد الحسين سميته حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: بل هو حسين، فلما ولد الثالث سميته حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلنا: حربا، فقال: بل هو محسن، فقال: إنما سميتهم بولد هارون: شبر، وشبّير، ومشبّر، أخرجه مطولا ومختصرا من طرق: الإمام أحمد في المسند [1/ 290، 118] ، وفي الفضائل برقم 1365، والبخاري في الأدب المفرد برقم 823، والطيالسي في مسنده برقم 129، وابن أبي شيبة- كما في إتحاف الخيرة-[7/ 93] ، والبزار في مسنده [2/ 416 كشف الأستار] رقم 1997، 1998، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 96- 97] رقم 2773- 2774- 2775- 2776، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 166] ، وابن عبد البر في الاستيعاب [3/ 100] ، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 98، وابن الأثير في أسد الغابة [2/ 19] وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2227، والحاكم في المستدرك [3/ 165، 168، 180] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانىء بن هانىء وهو ثقة. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 قال: فلما ولد الحسين أوحى الله عزّ وجلّ إلى جبريل عليه السلام: إنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فهنّه وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون- 2- ورواه سالم بن أبي الجعد، عن علي- ولم يلقه-، وفي اللفظ اختصار، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 98] رقم 12234- وسقط من الطبع قوله: عن علي بن أبي طالب فصارت صورته صورة المعضل- والطبراني في معجمه الكبير برقم 2777، وأبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة -[7/ 93] رقم 6548، ومن طريقه ابن عساكر [13/ 171] ، ولفظه عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا أحب الحرب، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حربا لأني كنت أحب الحرب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حربا لأني كنت أحب الحرب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين، فقال: إني سميت ابني هذين باسم ابني هارون: شبّر، وشبّير. وأما حديث أسماء بنت عميس، فهو في نسخة الإمام علي بن موسى الرضا- كما في ذخائر العقبى [/ 209- 210]- ولفظها: قالت: قبلت فاطمة بالحسن، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسماء! هلمي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فألقاها عنه قائلا: ألم أعهد إليكن أن لا تلفوا مولودا بخرقة صفراء؟! فلففته بخرقة بيضاء فأخذه وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم قال لعلي: أي شيء سميت ابني؟ قال: ما كنت لأسبقك بذلك، قال: ولا أنا سابق ربي، فهبط جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: علي منك بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدك، فسم ابنك هذا باسم ولد هارون، فقال: وما كان اسم ابن هارون يا جبريل؟ قال: شبّر، فقال صلى الله عليه وسلم: إن لساني عربي، فقال: سمه الحسن، ففعل صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد حول ولد الحسين، فجاء نبي الله صلى الله عليه وسلم وذكرت مثل الأول، وساقت قصة التسمية مثل الأول وأن جبريل عليه السلام أمره أن يسميه باسم ولد هارون شبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الأول، فقال: سمه حسينا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 من موسى فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبريل فهنّأه من الله، ثم قال: إن الله يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون، قال: وما كان اسمه؟ قال: شبير، قال: لساني عربي، قال: فسمّه الحسين، فسمّاه الحسين. 2303- روى أبو رافع أن حسنا حين ولد أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعقي عنه، ولكن احلقي شعر رأسه ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله، ثم ولدت حسينا بعد ذلك فصنعت مثل ذلك. 2304- وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الحسن ابني أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أسفل من ذلك. - وأما حديث سلمان، فأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [2/ 147] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 97] رقم 2778، وابن عساكر في تاريخه من طريق ابن سعد- ولعله في القسم المفقود من الطبقات- ولفظه: سميتهما باسم ابنيّ هارون- يعني الحسن والحسين: شبّر وشبير، قال البخاري: إسناده مجهول، وقال في مجمع الزوائد [8/ 52] : فيه برذعة بن عبد الرحمن، وهو ضعيف. (2303) - قوله: «روى أبو رافع» : أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [6/ 390- 391، 392] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 289، 289- 290] رقم 917، 918، وفي [3/ 17] رقم 2576، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 304] حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 57] . (2304) - قوله: «والحسين أسفل من ذلك» : أعاده المصنف وقد تقدم برقم 2236، وخرجناه هناك. أحمد في المسند- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 2305- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: كانت لعائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم شرفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد لقاء جبريل لقيه فيها، قال: فزاره مرة وأمر عائشة أن لا يطلع إليهما أحد، قال: وكان رأس الدرجة في حجرة عائشة، فدخل الحسين بن علي فرقى ولم تعلم به حتى غشيهما، فقال جبريل عليه السلام: من هذا؟ فقال: ابني، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على فخذه، فقال جبريل عليه السلام: أتحبه؟ قال: نعم، قال: يقتل، تقتله أمتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمتي؟! قال: نعم، إن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل فيها، فأشار جبريل عليه السلام إلى الطّف بالعراق، فأخذ تربة حمراء فأراه إياها. -[1/ 99، 108] ، وفي الفضائل برقم 1366، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم 3779- وقال: حسن غريب- والطيالسي في مسنده برقم 103، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 108، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 98- 99] الأرقام: 2768، 2769، 2670، 2671، 2772- كذا الترقيم في المطبوعة- وصحح ابن حبان منها طريق أبي إسحاق، عن هانىء بن هانىء عن علي برقم 6974. (2305) - قوله: «فأراه إياها» : أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [7/ 170] رقم 6312 والشجري في أماليه [1/ 177- 178] ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 188] : في إسناده من لم أعرفه. وأخرجه الطبراني في الكبير يقارب لفظه اللفظ الوارد هنا من وجه آخر من حديث ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، وضعفه في مجمع الزوائد [9/ 188] بابن لهيعة. وأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 294] من حديث عبد الله بن سعيد، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 ......... - عن أبيه، عن عائشة أو أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما: لقد دخل عليّ البيت ملك لم يدخل علي قبلها فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن أنس بن مالك قال: استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له- وكان في يوم أم سلمة- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة احفظي علينا الباب، لا يدخل علينا أحد، قال: فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فاقتحم، ففتح الباب فدخل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يلتزمه ويقبله، فقال الملك: أتحبه؟ قال: نعم، قال: إن أمتك ستقتله، إن شئت أريتك المكان الذي تقتله فيه، قال: نعم، قال: فقبض قبضة من المكان الذي قتل به فأراه، فجاء سهلة- أو تراب أحمر- فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها. قال ثابت: فكنا نقول: إنها كربلاء. أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 242، 265] ، وأبو يعلى في مسنده [6/ 129] رقم 3402، والبزار [3/ 232 كشف الأستار] رقم 2642، وأبو نعيم في الدلائل برقم 492، والبيهقي كذلك [6/ 469] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 112] رقم 2813، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2241. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 187] : فيه عمارة بن زاذان، وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح. ورواه أيضا أبو الطفيل، أورده الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 190] وقال: إسناده حسن. وروي نحوه من مسند أم سلمة، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [15/ 97- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 ......... -- 98] رقم 19213، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 114- 116] الأرقام 2817، 2819، 2820، 2821، [23/ 289] رقم 637. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 189] : رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحد أسانيده ثقات. وفي الباب أيضا عن علي رضي الله عنه، فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [15/ 98] رقم 19214، والإمام أحمد في المسند [1/ 85] ، والبزار [3/ 231 كشف الأستار] رقم 2641، وأبو يعلى [1/ 298] رقم 363 والطبراني في معجمه الكبير [3/ 111] رقم 2811 من حديث عبد الله بن نجي، عن أبيه أنه سافر مع علي رضي الله عنه فلما حاذى نينوى قال: صبرا أبا عبد الله صبرا بشط الفرات، قلت: وما ذاك؟ قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، فقلت: هل أغضبك أحد يا رسول الله؟ ما لي أرى عينيك مفضيتين؟ قال: قام من عندي جبريل عليه السلام فأخبرني أن أمتي تقتل الحسين ابني، ثم قال: هل أريك من تربته؟ قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة فلما رأيتها لم أملك عيني أن فاضتا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 187] : رجاله ثقات، ولم ينفرد نجي بهذا. اه. نجي الحضرمي لم يوثقه سوى ابن حبان. وفي الباب أيضا عن أبي أمامة عند الطبراني في الكبير [8/ 342] رقم 8096، حسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد. وعن أم الفضل بنت الحارث، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 176] بإسناد ضعيف ومنقطع. وعن زينب بنت جحش، أخرجه الطبراني بإسنادين [24/ 54، 57] رقم 141، 147. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيهما من لم أعرفه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 2306- وجاءه صلى الله عليه وسلم فتية من بني هاشم فقالوا: استعملنا على الصدقات فنصيب منها ما يصيب الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا لال محمد. 2307- وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعد دخوله مكة أن عليا خطب أم جميل بنت أبي جهل فأغضبه ذلك وخطب الناس فقال: لا تجمع بنت حبيب الله وبين ابنة عدو الله، إنما فاطمة شجنة مني يسرني ما يسرها، ... (2306) - قوله: «وجاءه صلى الله عليه وسلم فتية من بني هاشم» : القصة أخرجها مسلم في الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، رقم 1072 (167، 168) ، والإمام أحمد في المسند [4/ 166] ، وأبو داود في الخراج والإمارة والفيء، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربي، رقم 2685، والنسائي في الزكاة، باب استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، رقم 2609، جميعهم من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: اجتمع ربيعة بنت الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين- قالا لي وللفضل بن عباس- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدي الناس، وأصابا مما يصيب الناس ... الحديث. (2307) - قوله: «أم جميل بنت أبي جهل» : اختلف في اسمها، فقيل: جويرية، وقيل: العوراء، وجميلة أو جرهمة حكاه السهيلي والحافظ في الفتح. قوله: «شجنة مني» : الشجنة: العروق المشتبكة، ويقال أيضا: للغصن المشتبك والملتف في الشجرة كناية عن شدة القرابة، وقد جاء مفسرا في الحديث الاخر: إنما فاطمة بضعة مني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 ويسوءني ما يسوءها. 2308- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قوله: «ويسوءني ما يسوءها» : أخرجاه في الصحيحين من رواية المسور بن مخرمة فرقه البخاري فأخرجه في فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه ... رقم 3110، وفي فضائل الصحابة، باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3729، وفي فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة، رقم 3767، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة عليها الصلاة والسلام، رقم 2449 (93، 94، 95، 96) . (2308) - قوله: «وعن علي بن أبي طالب» : قال المحب الطبري في الذخائر [/ 82- 83] : أخرجه أبو سعد في شرف النبوة. اه. قلت: أخرجه الطبراني في الكبير [1/ 66] رقم 182، وأبو يعلى في معجم الشيوخ برقم 220، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [2/ 762] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 156] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 93] رقم 355 جميعهم من حديث حسين بن زيد، عن علي بن عمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب به، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 153- 154] وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن حسين بن زيد منكر، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 203] وقال أبو نعيم: تفرد برواية هذا الحديث العترة الطيبة خلفهم عن سلفهم حتى ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعزاه المحب الطبري في الذخائر لعلي بن موسى الرضا في مسنده، وابن المثنى في معجمه، وعزاه الهندي في الكنز للديلمي أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 2309- وروي أن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله ما لك إذا قبّلت فاطمة جعلت لسانك في فيها كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ فقال: إنه لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبريل عليه السلام الجنة، فناولني تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في صلبي، فلما نزلت من السماء واقعت خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها. (2309) - قوله: «فناولني تفاحة» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ الموصلي في الوسيلة [6- ق 2/ 207] ، وقال المحب الطبري في الذخائر [/ 78] : أخرجه أبو سعد في شرف النبوة. قلت: هذا حديث تلوح على ألفاظه علامات الوضع، نخرجه ليعلم حاله والتحذير من روايته وتناقله، أخرجه الدارقطني من طريق ابن غيلان: أخبرنا إبراهيم بن محمد المزكي، ثنا عبد الله بن أحمد بن عاصم، أنبأنا أحمد بن الأحجم المروزي، ثنا أبو معاذ النحوي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 411] وقال: هذا حديث موضوع لا يشك المبتدىء في العلم في وضعه فكيف بالمتبحر، ولقد كان الذي وضعه أجهل الجهال بالنقل والتاريخ، فإن فاطمة ولدت قبل النبوة بخمس سنين، وقد تلقفه منه جماعة أجهل منه فتعددت طرقه، وذكره الإسراء كان أشد لفضيحته، فإن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة بعد موت خديجة، فلما هاجر أقام بالمدينة عشر سنين، فعلى قول من وضع هذا الحديث يكون لفاطمة يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين وأشهر، وأين الحسن والحسين وهما يرويان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان لفاطمة من العمر ليلة المعراج سبع عشرة سنة، فسبحان من فضح هذا الجاهل الواضع على يد نفسه، ولقد عجبت من الدارقطني كيف خرج هذا- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 ......... - الحديث لابن غيلان ثم خرجه لأبي بكر الشافعي أتراه أعجبته صحته؟ ثم لم يتكلم عليه ولم يبين أنه موضوع، وغاية ما يعتذر به أن يقول هذا لا يخفى عن العلماء، وإنما لا يخفى على العلماء، فمن أين يعلم الجهال الذين يسمعون هذا وكيف يصنع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من روى عنه حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) ، وإنما يذكر العلماء مثل هذا في كتب الجرح والتعديل ليبينوا حال واضعه، فأما في المنتقى والتخريج فذكره قبيح إلّا أن يتكلموا عليه. وحديث عائشة من هذا الطريق لا يعرف إلّا من رواية أحمد بن الأحجم وقد كذبه علماء النقل. اه. تابعه عن هشام بن عروة: 1- سفيان الثوري- من رواية أبي قتادة الحراني، عنه وهو ضعيف- أخرجه ابن حبان في المجروحين [2/ 29- 30] ومن طريقه الدارقطني، ومن طريق الدارقطني أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 412] ، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 400- 401] . قال الذهبي في ترجمة أبي قتادة من الميزان: هذا حديث موضوع، مهتوك الحال، ما أعتقد أن أبا قتادة رواه، ثم وجدت له إسنادا آخر عنه، رواه الطبراني عن عبد الله بن سعيد الرقي، عن أحمد بن أبي شيبة الرهاوي، عنه، فهو الافة. 2- أبو بدر شجاع بن الوليد- من رواية محمد بن الخليل عنه، وهو مجهول، ويقال: اتهم بالوضع- أخرجه الخطيب في تاريخه [5/ 87] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 411] قال الخطيب عقبه: محمد بن الخليل مجهول. 3- سفيان بن عيينة، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 412] بإسناد فيه غلام خليل وهو متهم بالكذب والوضع. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 2310- وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحمي لا تنفع، بلى والله، إن رحمي موصولة في الدنيا والاخرة، وإني فرط لكم أيها الناس على الحوض، فإذا جئت قام رجال فقال هذا: يا رسول الله أنا فلان، وقال هذا: يا رسول الله أنا فلان، وقال هذا: يا رسول الله، أنا فلان، فأقول: قد عرفتكم، ولكنكم أحدثتم بعدي ورجعتم القهقرى. - نعم، وفي الباب عن عمر وابن عباس استوعب طرقها ابن الجوزي في الموضوعات والسيوطي في اللالىء بأسانيد تالفة استغنينا عن إيرادها، واكتفينا بإيراد طرق حديث عائشة رضي الله عنها. (2310) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 62] ، والحاكم في المستدرك [4/ 74]- وصححه، وأقره الذهبي-، والبيهقي في مناقب الشافعي [1/ 63- 64] ، وابن عبد البر في التمهيد [2/ 298- 299، 299- 300] ، وانظر الاتي برقم 2332. وفي الباب عن أبي هريرة، وعمار بن ياسر، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأم هانىء. فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [24/ 259] رقم 660، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 470- 471] رقم 3165، وابن منده- كما في الإصابة جميعهم من حديث عبد الرحمن بن بشير- وهو ضعيف- عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع مولى ابن عمر وزيد بن أسلم، عن ابن عمر [ح] ، وعن عمار بن ياسر قال: قدمت درة ابنة أبي لهب المدينة مهاجرة، فنزلت في دار رافع بن المعلى، فقالت نسوة من بني زريق: أنت ابنة أبي لهب الذي يقول الله عزّ وجلّ له: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ؟ فما تغني عنك هجرتك؟ فأتت درة النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسي، ثم صلى- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 ......... - بالناس الظهر، وجلس على المنبر ساعة ثم قال: أيها الناس، ما لي أؤذى في أهلي؟ فو الله إن شفاعتي لتنال قرابتي حتى حاء، وصداء، وحكم، وسلهب يوم القيامة. ولحديث أبي هريرة طريق أخرى أخرجها ابن عدي في الكامل [4/ 1496] ، والبيهقي في البعث والنشور برقم 8 من حديث ابن المديني، عن أبيه، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه إلّا أنه قال: امرأة من بني هاشم ولم يسمها، وسماها المصنف في الحديث بعد الاتي: سبيعة بنت أبي لهب، وقد قيل ذلك في اسمها أيضا. وأما حديث جابر، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [6/ 38- 39] رقم 5078 من طريق القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل- وهو ضعيف جدا- قال: حدثني أبي- وكنت أدعو جدي: أبي- عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: حدثنا جابر بن عبد الله قال: كان لال رسول الله صلى الله عليه وسلم خادم تخدمهم يقال لها: بريرة، فلقيها رجل فقال: يا بريرة غطي شعيفاتك، فإن محمدا لن يغني عنك من الله شيئا، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه محمرة وجنتاه- وكنا معشر الأنصار نعرف غضبه بجر ردائه وحمرة وجنتيه- فأخذنا السلاح، ثم أتيناه فقلنا: يا رسول الله مرنا بما شئت، فو الذي بعثك بالحق لو أمرتنا بأمهاتنا وآبائنا وأولادنا لأمضينا قولك فيهم، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: من أنا؟ فقلنا: أنت رسول الله، قال: نعم، ولكن من أنا؟ فقلنا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأول من ينفض التراب عن رأسه ولا فخر، وأول داخل الجنة ولا فخر، ما بال أقوام يزعمون أن رحمتي لا تنفع، ليس كما زعموا، إني لأشفع وأشفع حتى إن من أشفع له ليشفع فيشفّع، حتى إن إبليس ليتطاول في الشفاعة. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 ......... - وأخرجه الحاكم في المستدرك مختصرا [2/ 604] وصححه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: لا والله، القاسم متروك تالف، وعبيد بن إسحاق ضعفه غير واحد، ومشاه أبو حاتم. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 110 كشف الأستار] رقم 2363 من طريق هانىء بن أيوب الحضرمي قال: حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: توفي ابن لصفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها فبكت عليه وصاحت، فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: يا عمة ما يبكيك؟ قالت: توفي ابني، قال: يا عمة: من توفي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتا في الجنة، فسكتت، ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال: يا صفية: لقد سمعت صراخك، إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تغني عنك من الله شيئا، فبكت، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم وكان يكرمها ويحبها، فقال: يا عمة: أتبكين وقد قلت لك ما قلت، قالت: ليس ذاك بكائي يا رسول الله، استقبلني عمر بن الخطاب، فقال: إن قرابتك من رسول الله لن تغني عنك من الله شيئا، قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا بلال! هجّر الصلاة، فهجّر بلال بالصلاة، فصعد المنبر النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع، كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي فإنها موصولة في الدنيا والاخرة، فقال عمر: فتزوجت أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، أحببت أن يكون لي منه سبب ونسب، ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت على ملأ من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية، فقالت: منا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الشجرة لتنبت في الكيا، قال: فمررت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: يا بلال هجّر الصلاة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، قال: انسبوني، قالوا: أنت محمد بن عبد الله بن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 2311- عن سفيان بن ليل الهمداني قال: أتيت الحسن بن علي، حين بايع معاوية، وانطلق إلى المدينة، فوجدته بعبّادان ... فذكر الحديث، ثم قال الحسن: ابشر يا سفيان، فإني سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: - عبد المطلب، قال: أجل، أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله، فما بال أقوام يبتذلون أصلي، فو الله لأنا أفضلهم أصلا، وخيرهم مرضعا، قال: فلما سمعت الأنصار بذلك قالت: قوموا فخذوا السلاح فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أغضب، قال: فأخذوا السلاح ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى منهم إلّا الحدق، حتى أحاطوا بالناس، فجعلوهم مثل الحرة حتى تضايقت بهم أبواب المسجد والسكك، ثم قاموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لا تأمرنا بأحد إلّا أبرنا عترته، فلما رأى النفر من قريش ذلك قاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا وتنصلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس دثار، والأنصار شعار، فأثنى عليهم وقال خيرا. وأما حديث أم هانىء، فأخرجه الطبراني في الكبير [24/ 434] رقم 1060، وفيه: أن أم هانىء بنت أبي طالب خرجت متبرجة قد بدا قرطاها، فقال لها عمر بن الخطاب: اعلمي فإن محمدا لا يغني عنك شيئا، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يزعمون أن شفاعتي لا تنال أهل بيتي، وإن شفاعتي تنال حا، وحكم، وفسرحا وحكم بالقبيلتين. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 257] : مرسل، ورجاله ثقات. (2311) - قوله: «عن سفيان بن ليل الهمداني» : ذكره البخاري وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وسكتا عنه، ووثقه ابن حبان، أما العقيلي فقال في الضعفاء: كان ممن يغلو في الرفض، لا يصح حديثه، وأورد له حديثا في المهدي وآخر غير حديث الباب، والذي يفهم من تاريخ البخاري أن الضعف في حديثه من غيره لا من جهته إذ قال- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من أمتي كهاتين السبابتين، ولو شئت قلت: كهاتين السبابة والوسطى، أحدهما أفضل من الاخر، ثم أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر حتى يبعث الله عزّ وجلّ إمام الحق من آل محمد صلى الله عليه وسلم. 2312- عن أبي هريرة أن سبيعة بنت أبي لهب جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الناس يصيحون بي يقولون: إني ابنة حطب- البخاري: روى السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عنه، ولا يصح، السري، يعني بسبب السري، وهو الإسناد الذي أورد به العقيلي الحديث. انظر: التاريخ الكبير [4/ 88- 89] ، والجرح والتعديل [4/ 219] ، والميزان [2/ 361] ، والثقات [4/ 319] ، وضعفاء العقيلي [2/ 175- 176] . قوله: «يرد علي الحوض» : أورده الحافظ أبو حفص الموصلي معلقا تبعا للمصنف في الوسيلة [5- ق- 2/ 203] وقد أسنده ابن أبي عاصم في السنة [2/ 348] : حدثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا محمد بن فضيل، ثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن سفيان بن الليل قال: لقيت حسنا عند انصرافه من عند معاوية فقال: سمعت عليّا رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن أحبني من أمتي، علته السري بن إسماعيل ضعيف جدا وبعضهم اتهمه بالكذب، وعزاه في الكنز [12/ 100] رقم 34178 للديلمي. (2312) - قوله: «أن سبيعة بنت أبي لهب» : وقيل في اسمها أيضا: درّة كما بيناه قبل حديث، وقد خرجناه تحته، وانظر أيضا تخريج حديث: من سب عليا فقد سبني، والحديث الذي بعده: من آذى شعرة منك، في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 النار، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضب شديد الغضب، فقال: ما بال أقوام يؤذونني في قرابتي، ألا من آذى قرابتي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى. 2313- عن إبراهيم بن شيبة الأنصاري، قال: جلست إلى الأصبغ ابن نباتة، فقال: ألا أقرئك ما أملاه عليّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ قال: فأخرج إليّ صحيفة صفراء فإذ فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته وأمته، أوصى أهل بيته بتقوى الله ولزوم طاعته، وأوصى أمته بلزوم أهل بيته، فإن أهل بيته (2313) - قوله: «عن إبراهيم بن شيبة الأنصاري» : لم أعرفه، ولم أره في الأسماء. قوله: «جلست إلى الأصبغ بن نباته» : التميمي، كنيته: أبو القاسم الكوفي، من رجال ابن ماجه المضعّفين ومن الشيعة المحترقين، شذ العجلي فوثقه، قال ابن حبان: فتن بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتى بالطامات في الروايات، فاستحق من أجلها الترك، وتوسط في أمره ابن عدي فقال: هو بين الضعف، وله عن علي أخبار وروايات، وإذا حدث عن الأصبغ ثقة فهو عندي لا بأس بروايته، وإنما أتى الإنكار من جهة من روى عنه، لأن الراوي عنه لعله يكون ضعيفا. قلت: رواية الباب من المناكير التي لا تحتمل، لأن المشهور بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب شيئا، ولا أوصى بشيء، اللهمّ إلّا أن يقال: إنها حديث في صورة وصية، فيجري عليها ما يجري على الأحاديث المسندة من الصحة والضعف، وعليه فالرواية ضعيفة الإسناد جدّا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 آخذون بحجزة نبيّهم صلى الله عليه وسلم، وإن شيعتهم آخذون بحجزهم يوم القيامة من النار، وإنهم لن يدخلوكم باب ضلالة، ولن يخرجوكم من باب هدى. 2314- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي، وإن كرشي الأنصار، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. 2315- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته عنها يوم القيامة. - قوله: «ولن يخرجوكم من باب هدى» : أوردها معلقة تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 225] . (2314) - قوله: «وتجاوزوا عن مسيئهم» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 252] : أخبرنا عبيد الله بن موسى، أنا ابن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري به، ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن ضعف لسوء حفظه، وشيخه عطية مقارب الحديث. تابعه محمد بن عبد الله بن عبيد، عن عبيد الله بن موسى، أخرجه الرامهرمزي في الأمثال [/ 158] ، وهو في مسند الفردوس للديلمي [1/ 407] رقم 1645. (2315) - قوله: «كافأته عنها يوم القيامة» : أورده أبو حفص الملاء في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف، وذكره المحب الطبري في الذخائر [/ 52] وعزاه لهما، وقد أسنده ابن عساكر في تاريخه [45/ 303] من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي، عن أبيه، عن جده بنحوه مرفوعا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 2316- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي معروفا يعجز عن مكافأته في الدنيا كنت أنا المكافىء له عنه يوم القيامة. 2317- وعن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد أسدى إلى رجل من أهل بيتي يدا فلم يكافئه عليها إلّا كنت أنا مكافئه عليها يوم القيامة. 2318- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملنا له خزيرة وأهدت لنا أم أيمن قعبا من اللبن وزبد وصحفة من تمر، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا معه، ثم وضّأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه ووجهه بيديه، ثم استقبل القبلة فدعا الله عزّ وجلّ ما شاء، ثم أكب على الأرض بدموع غزيرة مثل القطر، فهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأله، فوثب الحسين فأكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبه، رأيتك تصنع ما لم تصنع مثله قط، فقال: يا بني إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسر به قط، وإن حبيبي جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أنكم قتلى، (2316) - قوله: «من اصطنع إلى أحد» : عزاه المحب الطبري في الذخائر [/ 52] للمصنف، وانظر التعليق التالي. (2317) - قوله: «وعن عثمان بن عفان» : أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 265] رقم 1469، وأبو نعيم في الحلية [10/ 366] ، والخطيب في تاريخه [10/ 103] جميعهم من حديث ابن أبي الزناد- وهو ضعيف- عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عنه بنحوه مرفوعا. (2318) - قوله: «عن علي بن أبي طالب» : أورده معلقا تبعا للمصنف الحافظ الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 223] ولم أقف عليه مسندا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 وأن مصارعكم شتى فأحزنني ذلك فدعوت الله عزّ وجلّ لكم بالخيرة، فقال الحسين: فمن يزورنا على تشتتنا ويتعاهد قبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طائفة من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي، إذا كان يوم القيامة زرتهم بالموقف فأخذت بأعضادهم فأنجيهم من أهواله وشدائده. 2319- عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي، ثم الأقرب، فالأقرب، ثم الأنصار، ثم من آمن بي واتبعني من اليمن، ثم سائر العرب، ثم العجم. 2320- عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليّ الحسن والحسين فوهبت لهما دينارين وشققت مرطي بينهما، فرديت كل واحد منهما شقة، ثم خرجا فرحين مسرورين يضحكان، فلقيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرتا العين، قرتا العين، من كساكما بردين ووهب لكما دينارين جزاه الله خيرا؟ فقالا: أمّنا عائشة، فقال: صدقتما، والله يا بني والله أمكما وأم كل مؤمن، فقالت عائشة رضي الله عنها: فو الله ما صنعت ولا سمعت شيئا كان أحب إليّ من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحب إليّ من الدنيا وما فيها. (2319) - قوله: «عن مجاهد، عن ابن عمر» : هكذا أعاده المصنف، وقد تقدم برقم 2293، وخرجناه هناك. (2320) - قوله: «عن مسروق، عن عائشة» : أورده الحافظ: أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5 ق- 2/ 221] معلقا تبعا للمصنف، وما وقفت عليه مسندا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 2321- عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس قال: انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى النبي صلى الله عليه وسلم على باب فاطمة ثلاثا فلم يجبه أحد، فمال إلى حائط فقعد فيه وقعدت إلى جانبه، فبينا هو كذلك إذ خرج الحسن بن علي قد غسل وجهه وعلقت عليه سبحة، قال: فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يديه ومدهما ثم ضم الحسن إلى صدره وقبله، وقال: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين. 2322- عن أبي ليلى قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه الحسن أو الحسين فبال في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فوثبنا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوا ابني لا تزرموه حتى يقضي بوله، ثم اتبعه الماء، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيت تمر الصدقة فأخذ الغلام تمرة فجعلها في فيه، فنزعها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن الصدقة لا تحل لنا. (2321) - قوله: «عن عبيد الله بن أبي يزيد» : المكي، أحد الثقات، لم أقف على حديثه، عن ابن عباس، وقد أخرج البخاري طرفه الاخر في غير موضع من صحيحه من حديث أبي بكرة فأخرجه في الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: ابني هذا سيد، رقم 274، وفي المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم 3629، وفي فضائل الصحابة، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3746، وفي الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي، أن ابني هذا السيد، رقم 7109. (2322) - قوله: «عن أبي ليلى» : هو الأنصاري، الصحابي والد عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد خرجنا حديثه في مسند أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1766 فتح المنان. وفي الباب عن أنس بن مالك، وزينب بنت جحش، وأم الفضل لبابة بنت الحارث، وأبي السمح. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 ......... - أما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 34] رقم 2627 من طريق نافع أبي هرمز- وهو ضعيف الحديث- عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم راقد في بعض بيوته على قفاه، إذ جاء الحسن يدرج حتى قعد على صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثم بال على صدره، فجئت أميطه عنه فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك يا أنس دع ابني وثمرة فؤادي ... الحديث. وأما حديث زينب بنت جحش، فأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [3/ 131- 132] ، والطبراني في معجمه الكبير [24/ 54- 55، 57] رقم 141، 147 من طريق أبي القاسم مولى زينب، عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما عندها وحسين يحبو في البيت، فغفلت عنه فحبا حتى بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فصعد على بطنه، ثم وضع ذكره في سرته، قالت: واستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقمت إليه فحططته عن بطنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دع ابني، فلما قضى بوله أخذ كوزا من ماء فصبه عليه ... الحديث. مولى زينب لم يعرفه الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 285، 9/ 188] مع ذكر البخاري له في تاريخه، وتوثيق ابن حبان له، واسمه: حدمر، لكن قال الذهبي في الميزان: ليس بمقنع. وأما حديث أم الفضل، فله طرق في مسند الإمام أحمد في المسند [6/ 339- 340، 340] ، وأبي داود في الطهارة برقم 375، وابن ماجه كذلك برقم 522، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 120، 121] ، وفي [14/ 171- 172] ، ومعجم الطبراني الكبير [3/ 5] رقم 2526، وفي [25/ 25، 26] رقم 38، 39، 40، 41، 42، ومستدرك الحاكم [1/ 166] ، وصححه ابن خزيمة برقم 282. وأما حديث أبي السمح، فأخرجه أبو داود برقم 376، والنسائي برقم 304، وابن ماجه برقم 526، وصححه ابن خزيمة برقم 283. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 2323- وعن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين، قلت: يا رسول الله فمحبونا؟ قال: من ورائكم. (2323) - قوله: «من ورائكم» : أورده المحب الطبري في الذخائر [/ 214] وقال: أخرجه أبو سعد- يعني: المصنف- ولم يعزه لغيره وهو في مستدرك الحاكم [3/ 151] ، وتاريخ ابن عساكر [14/ 169] من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي: ثنا الأجلح بن عبد الله الكندي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن إسماعيل وشيخه وعصام ضعفوا، قال: والحديث منكر من القول، يشهد القلب بوضعه، كذا قال، وقد رواه إسماعيل بن عمرو أيضا، عن محمد بن يحيى، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين، عن علي قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسد الناس إياي، فقال: يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة ... فذكره، أخرجه ابن عساكر [14/ 169] . وفي الباب عن أبي رافع، فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [1/ 299] رقم 950 من حديث حرب بن الحسن الطحان، ثنا يحيى بن يعلى، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا. قال الذهبي في الميزان: محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ضعفوه، وحرب أيضا متكلم فيه، والحديث باطل بهذا الإسناد. اه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 131] : حرب بن الحسن ويحيى بن يعلى كلاهما ضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 2324- عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ. 2325- عن نفيع بن الحارث، عن أبي الحمراء- خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء عند كل صلاة فجر، فيأخذ بعضادة هذا الباب ثم يقول: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته، فيردّون عليه من البيت فيقولون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيقول: الصلاة رحمكم الله، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. قال: قلت: يا أبا الحمراء، من كان في البيت؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام. (2324) - قوله: «عن عائشة رضي الله عنها» : أخرج حديثها ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 72] رقم 12151، ومن طريقه مسلم في الفضائل، باب فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم رقم 2424 (61) ، والإمام أحمد في المسند [6/ 292] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3131] رقم 17674، وابن جرير كذلك [22/ 6] ، والحاكم في المستدرك [3/ 147] . (2325) - قوله: «عن أبي الحمراء» : اختلف في اسمه، فقيل: هلال بن الحمراء، وقيل: هلال بن الحارث بن الحمراء، وقيل: هلال بن ظفر خادم النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل الكوفة. قوله: «الصلاة رحمكم الله» : أخرجه ابن جرير في تفسيره [22/ 6] ، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2870] رقم 6752، وابن مردويه- كما في الدر المنثور [7/ 606]-. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 2326- روى الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ إلى قوله عزّ وجلّ: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ الاية، قال: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ نفسه، وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ في فاطمة، أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ في الحسن والحسين، والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم. - قال البخاري: له صحبة ولا يصح حديثه- يعني بسبب ضعف نفيع بن الحارث أبي داود الأعمى-. (2326) - قوله: «روى الكلبي» : هو محمد بن السائب، يعد في أهل التفسير، ومن علماء النسب، اتهم بالكذب، ورمي بالرفض، لكن لحديثه شواهد كما سيأتي. قوله: «نزلت في العاقب والسيد» : اختصر لفظه المصنف، وأخرجه بتمامه أبو نعيم في الدلائل برقم 245، ولفظه: أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، منهم السيد: وهو الكبير، والعاقب: وهو الذي يكون بعده وصاحب رأيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما: أسلما، قالا: قد أسلمنا، قال: ما أسلمتما، قالا: بلى قد أسلمنا قبلك، قال: كذبتما، منعكما من الإسلام ثلاث فيكما، عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وزعمكما أن لله ولدا، ونزل: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فلما قرأها عليهم قالوا: ما نعرف ما تقول؟ ونزل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ من القرآن فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ الاية، ثُمَّ نَبْتَهِلْ، يقول: نجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق، هو العدل، وأن الذي تقولون هو الباطل، وقال لهم: إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم، قالوا: يا أبا القاسم بل- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 2327- وعن ابن جريج في قوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ الاية، قال: بلغنا أن نصارى نجران قدم وفدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وفيه السيد والعاقب- وأخبرت أن معهما عبد المسيح- وهو يومئذ سيد أهل- نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك، قال: فخلا بعضهم ببعض، وتصادقوا فيما بينهم، فقال السيد للعاقب: قد والله علمتم أن الرجل لنبي مرسل، ولئن لاعنتموه إنه لاستئصالكم، وما لا عن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم، فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم إلّا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بنفر من أهله، فجاء عبد المسيح بابنه وابن أخيه، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أنا دعوت فأمّنوا أنتم، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية، فقالوا: يا أبا القاسم نرجع إلى ديننا وندعك ودينك، وابعث معنا رجلا من أصحابك يقضي بيننا، ويكون عندنا عدلا فيما بيننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين، فنظر حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاء، فقال: اذهب مع هؤلاء القوم فاقض بينهم بالحق. (2327) - قوله: «وعن ابن جريج» : أخرج حديثه ابن جرير في تفسيره [3/ 296، 301] مرة من تفسيره، ومرة عنه عن عكرمة تفسيره، وعزاه السيوطي أيضا في الدر المنثور [2/ 228]- لابن المنذر. ومن شواهد ما تقدم ما أخرجه مسلم في الفضائل من صحيحه، رقم 2404 (32) من حديث سعد بن أبي وقاص حين أمره معاوية أن يسب عليا فامتنع ... القصة، وفيها: لما نزلت هذه الاية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ الاية، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهمّ هؤلاء أهلي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 نجران، فقالوا: يا محمد فيم تشتم صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى ابن مريم، تزعم أنه عبد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أجل هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فغضبوا، وقالوا: إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه، ولكنه الله، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ الاية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل إنهم سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى، قال جبريل: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ حتى قال: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ في عيسى يا محمد من بعد هذا فقل: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ إلى قوله: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الاية، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي والحسن والحسين وجعلوا فاطمة قدامهم، ثم قال: هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم فنجعل لعنة الله على الكاذبين، فأبى السيد، وقالوا: نصالحك، فصالحوه على ألفي حلة كل عام، في كل رجب ألف، وفي كل صفر ألف حلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما حال الحول ومنهم بشر إلّا أهلك الله الكاذبين. 2328- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان الحسن أو الحسين عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، وكان يحبه حبا شديدا، فقال: أذهب إلى أمي، فقلت: أذهب معه؟ فقال: لا، فجاءت برقة من السماء فمشى في ضوئها حتى بلغ إلى أمه. (2328) - قوله: «حتى بلغ إلى أمه» : بهذا اللفظ أخرجه البزار [3/ 227 كشف الأستار] رقم 2629، إلّا أنه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 2329- عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة غداة من الغدوات، وهي خبيثة النفس فقال لها: يا ابنتاه ما لي أراك خبيثة النفس؟ قالت: يا أبتاه، قد أصبحنا وليس عندنا شيء والحسن والحسين بين أيدينا نائمان، وعلي جاث، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيقظيهم، فجلسوا، فقال: هات ذلك الطريان، فالتفتت فإذا طريان خلفها، قال: ضعيها، فوضعتها، ... - قال في روايته: الحسن أو الحسين، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم 506، وقال: الحسن بدون شك، وفي الإسنادين عبد الرحمن بن صالح اختلف فيه، وشيخه موسى بن عثمان الحضرمي، قال ابن معين: ليس بشيء. وله عن أبي هريرة طريق أخرى بإسناد صحيح، فأخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 513] ، والبزار [3/ 228 كشف الأستار] رقم 2630، والبيهقي في الدلائل [6/ 76] ، وابن عساكر في تاريخه [13/ 213، 213- 214، 214 مرتين] ، جميعهم من حديث أبي كامل بن العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فكان يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعا رفيقا، فإذا عاد عادا، فلما صلى جعل واحدا هاهنا وواحدا هاهنا، فجئته فقلت: يا رسول الله ألا أذهب بهما إلى أمهما؟ قال: لا، فبرقت برقة، فقال: إلحقا بأمكما، فما زالا يمشيان في ضوئها حتى دخلا، صححه الحاكم في المستدرك [3/ 167] ، وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 181] : رجال أحمد رجال الصحيح. (2329) - قوله: «هات ذلك الطريان» : الطريان: الطبق الذي يؤكل عليه، أو الإناء الذي يوضع فيه الطعام. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 ثم قال: كلوا بسم الله، فبينما هم يأكلون إذ جاء سائل فقام على الباب فقال: السلام عليكم أهل البيت، أطعمونا مما رزقكم الله، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم: يطعمكم الله يا عبد الله، فمكث غير بعيد ثم رجع، فقال مثل ذلك، ثم ذهب ثم رجع، فقالت فاطمة: يا أبتاه سائل، فقال: يا ابنتاه هذا هو الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام ولم يكن الله ليطعمه هذا من طعام الجنة. 2330- عن أبي سعيد التيمي قال: سمعت الحسن بن علي رضي الله عنه يقول: من أحبنا لله نفعه الله بحبنا، ومن أحبنا لغير الله فإن الله يقضي في الأمور ما شاء، أما إن حبنا أهل البيت يساقط عن العبد الذنوب كما يساقط الريح الورق من الشجر. 2331- عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني هاشم إنه سيصيبكم بعدي جفوة، فاستعينوا عليها بأرقاء الناس. - قوله: «ثم قال كلوا بسم الله» : أورده أبو حفص الموصلي في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف [5- ق 2/ 224] ولم أقف عليه مسندا. (2330) - قوله: «كما يساقط الريح الورق من الشجر» : وعن أخيه الحسين عليه السلام: من أحبنا لله وردنا نحن وهو على النبي صلى الله عليه وسلم هكذا- وضم إصبعيه- ومن أحبنا للدنيا، فإن الدنيا تسع البر والفاجر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [14/ 184] . (2331) - قوله: «يا بني هاشم» : أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 761] في ترجمة الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس وقال: هو ممن يكتب حديثه، فإني لم أجد في حديثه حديثا منكرا قد جاوز المقدار والحد. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 2332- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحمي لا تنفع، بلى والله أن رحمي موصولة في الدنيا والاخرة، وإني أحب أيها الناس أن أكون فرطا لكم على الحوض. 2333- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين فقال: من أحبني، وأحب هذين وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة. - وأخرج الطبراني في الأوسط [2/ 380] رقم 1662، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 281] : فيه الحسين بن عبد الله ضعفه الجمهور، قال: ورواه البزار باختصار. (2332) - قوله: «فرطا لكم على الحوض» : زاد الحاكم [4/ 74- 75] : فإذا جئت قام رجال فقال هذا: يا رسول الله أنا فلان، وقال هذا: يا رسول الله أنا فلان، وقال هذا: يا رسول الله أنا فلان، فأقول: قد عرفتكم، ولكنكم أحدثتم بعدي ورجعتم القهقرى، وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 62] ، وقد بسطنا تخريجه تحت الحديث المتقدم برقم 2310. (2333) - قوله: «كان معي في درجتي يوم القيامة» : أخرجه عبد الله في زوائد المسند [1/ 77] ، وفي زوائد الفضائل برقم 1185، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [13/ 196] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم 3733- وقال: حسن غريب- والطبراني في معجمه الكبير [3/ 43] رقم 2654، وابن عساكر في تاريخه [13/ 195، 196 مرتين] ، جميعهم من حديث نصر بن علي الجهضمي- ثقة- عن علي بن جعفر بن محمد الصادق قال عنه الذهبي في الميزان: ما هو من شرط كتابي لأني ما رأيت أحدا لينه، نعم، ولا وثقه، ولكن حديثه منكر جدّا- كذا يقول! - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 2334- وروى الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، في قوله تعالى: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ الاية، ... - وأغرب أيضا فقال: وما صححه الترمذي ولا حسنه، ثم ذكره، وقال في سيره: إسناده ضعيف، والمتن منكر. قال أبو عاصم: تحسين الترمذي ثابت في النسخ، والحديث من غرائب الحسان، وذكر الحافظ في التهذيب أن نصر بن علي لما حدث به أمر المتوكل بضربه ألف سوط. (2334) - قوله: «وروى الأصمعي» : هو الإمام العلامة لسان العرب، وحجة الأدب: عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع البصري، الحافظ اللغوي، والأديب الإخباري أبو سعيد الأصمعي، يقال: اسم أبيه عاصم، ولقبه قريب، أثنى عليه الإمام أحمد، وقال له شعبة: لو تفرغت لجئتك، وروى عمر بن شبة عنه قال: أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة، وقال الشافعي: ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي. وانظر أخباره في: سير أعلام النبلاء [10/ 175] ، تهذيب الكمال [18/ 382] ، تاريخ بغداد [10/ 410] ، وفيات الأعيان [3/ 170] ، غاية النهاية لابن الجزري [1/ 470] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 273] ، بغية الوعاة [2/ 112] ، تاريخ أصبهان [2/ 130] ، طبقات المفسرين [1/ 354] ، تهذيب التهذيب [6/ 368] ، الكاشف [2/ 187] ، التقريب [/ 364] الترجمة رقم 4205، إنباه الرواة [2/ 197] . قوله: «عن جابر الجعفي» : هو جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي، ممن أجمع أهل العلم على ضعفه، ورمي بالرفض. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 قال: محمد وآله. 2335- وعن أبان بن تغلب، ... - تهذيب الكمال [4/ 465] ، تهذيب التهذيب [2/ 41] ، الكاشف [1/ 122] ، الميزان [1/ 379] ، المغني في الضعفاء [1/ 126] ، ضعفاء ابن الجوزي [1/ 164] ، الكامل في الضعفاء [2/ 537] ، المجروحين [1/ 208] ، التقريب [/ 137] الترجمة رقم 878. قوله: «محمد وآله» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 361] بإسناده إلى الحسين بن حماد، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر بلفظ: مع علي بن أبي طالب، جابر الجعفي تقدم أنه ممن يضعف في الحديث، وقد روي هذا أيضا عن ابن عباس، أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور [4/ 316] . وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [6/ 1906] رقم 10097 من حديث يحيى الحماني، ثنا يعقوب القمي، عن زيد بن أسلم، عن نافع، عن ابن عمر في هذه الاية: مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أخرجه ابن جرير [11/ 63] من حديث ابن حميد، عن يعقوب فجعله عن نافع قوله موقوفا عليه. (2335) - قوله: «وعن أبان بن تغلب» : الربعي، كنيته: أبو سعد، كوفي، يعد في الشيعة المعتدلين، وهو من أهل الإقراء، أخذ القراءة عن طلحة بن مصرف، وعاصم بن أبي النجود، وحديثه عند الخمسة، قال عنه الحافظ الذهبي: عالم كبير، صدوق في نفسه، وبدعته خفيفة، لم يعد في التابعين، وهو قديم الموت، لم يخرج له البخاري. انظر: سير أعلام النبلاء [6/ 308] ، تهذيب الكمال [2/ 6] ، الوافي بالوفيات [5/ 300] ، تهذيب التهذيب [1/ 81] ، الكاشف [1/ 31] ، التاريخ الكبير [1/ 453] ، الجرح والتعديل [2/ 396] ، التقريب [/ 87] الترجمة رقم 136. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتد غضب الله على اليهود، واشتد غضب الله على النصارى، واشتد غضب الله على من أهراق دما، واشتد غضب الله على من آذاني في عترتي. 2336- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الويل لظالمي أهل بيتي، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار. 2337- وعن عقبة بن الحارث أن أبا بكر لقي الحسن بن علي رضي الله عنه فضمه إليه وقال: - قوله: «عن أبي جعفر» : لعل هذا هو الصواب في الرواية، أنها مرسلة، وهي في نسخة علي بن موسى الرضا موصولة من مسند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخرجها من طريق هذه النسخة: ابن عدي في الكامل [6/ 2304] ، والجلّاني في فضائل أمير المؤمنين علي برقم 64. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الجلاني في فضائل أمير المؤمنين برقم 334 وعزاه السيوطي في الجامع الصغير، لفردوس الديلمي، وقال في فيض القدير [1/ 516] : فيه أبو إسرائيل الملائي، قال الذهبي: ضعفوه. (2336) - قوله: «الويل لظالمي أهل بيتي» : أخرجه الجلاني في فضائل أمير المؤمنين علي [/ 61] من حديث علي بن موسى الرضا عن آبائه برقم 94، وتقدم أن نسخة علي بن موسى يقال إنها موضوعة. (2337) - قوله: «وعن عقبة بن الحارث» : النوفلي، القرشي، كنيته: أبو سروعة المكي، من مسلمة الفتح. طبقات ابن سعد [5/ 447] ، أسد الغابة [3/ 415] ، تجريد أسماء- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 بأبي شبيه بالنبي ... ليس شبيه بعلي قال: وعلي رضي الله عنه يضحك. 2338- وعن ربيعة بن شيبان قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما: ما تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أخذت تمرة من تمر الصدقة فألقيتها في فمي فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها وقال: أما علمت أنّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة؟. 2339- وعن موسى بن محمد بن جعفر الصادق، عن أبيه، - الصحابة [1/ 383] ، الإصابة [7/ 20] ، معجم الطبراني الكبير [17/ 351] ، ومسند الإمام أحمد [4/ 7، 373] ، والاستيعاب [8/ 98] . قوله: «ليس شبيه» : كذا في الأصل: برفع شبيه، وكذا هو في فضائل الصحابة من صحيح البخاري، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناقب: لا شبيه بعلي، ولا إشكال فيه لكن الوجه في ليس النصب أي: ليس شبيها كما وقع في رواية، خرج ابن مالك رواية الرفع على أن ليس حرف عطف على مذهب الكوفيين، قال: ويجوز يكون «شبيه» اسم ليس، ويكون خبرها ضميرا متصلا حذف استغناء عن لفظه بنيته، ومن قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم النحر: أليس ذو الحجة؟ نقله الحافظ في الفتح. (2338) - قوله: «وعن ربيعة بن شيبان» : خرجنا حديثه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 1713، 1714، 1715- فتح المنان. (2339) - قوله: «وعن موسى بن محمد» : تصحف في الأصل إلى: ابن مسعود، والرواية أخرجها أبو نعيم الحافظ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [13/ 225] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 عن جده قال: أراد الحسن بن علي عليه السلام أن ينقش فص خاتمه، فلم يدر ما ينقش عليه، فرأى في منامه عيسى بن مريم عليه السلام قائما على بئر يستقي منها ماء وسط روضة خضراء، قال: قلت: يا روح الله وكلمته، أردت أن أنقش فص خاتمي، فما تأمرني أن أنقش عليه؟ فقال: اكتب عليه: لا إله إلّا الله الملك الحق المبين، فإنها تذهب الغم والحزن، وهي خاتمة الإنجيل. 2340- وعن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة. (2340) - قوله: «وعن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه» : أخرج حديثه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [4/ 336] رقم 7986، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 315] رقم 931، وفي [3/ 18] رقم 2758، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 305] . وأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 9، 391، 392] ، وأبو داود في الأدب، باب: في الصبي يولد فيؤذن في أذنه، رقم 5105، والترمذي في الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود، رقم 1514- وقال: حسن صحيح- والطبراني في معجمه الكبير [1/ 292، 315] رقم 926، 931، والبيهقي في الشعب [6/ 389] رقم 8617، 8618، والبغوي في شرح السنة [11/ 273] ، جميعهم من حديث عاصم بن عبيد الله العدوي- ومدار الحديث عليه وهو أحد الضعفاء- ومع ذلك صححه الحاكم في المستدرك [3/ 179] ، وهو حديث حسن بشواهده. فقد أخرج البيهقي في الشعب [6/ 390] رقم 8620 من طريقه القاسم بن مطيب العجلي- فيه ضعف- عن منصور بن صفية، عن أبي معبد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 2341- وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي رضي الله عنه. 2342- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل بطنك فاكشف الموضع الذي قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله، قال: فكشف له الحسن فقبله. - اليسرى، قال البيهقي عقبه: فيه ضعف. وأخرج أبو يعلى في مسنده [12/ 150] رقم 6780، ومن طريقه ابن السني في اليوم والليلة برقم 623، وابن عدي في الكامل [7/ 2656] ، والبيهقي في الشعب [6/ 390] رقم 8619 من حديث طلحة بن عبيد الله العقيلي- مجهول- عن الحسين بن علي مرفوعا: من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان، وأعله الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 59] بمروان بن سالم الغفاري وهو متروك. (2341) - قوله: «إلى سيد شباب» : وفي رواية: إلى رجل من أهل الجنة، أخرجه الإمام أحمد في الفضائل برقم 1372، وأبو يعلى في مسنده [3/ 397] رقم 1874، وصححه ابن حبان من طريقه- كما في الموارد- برقم 2237، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 187] : رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد- وقيل: ابن سعيد- وهو ثقة. (2342) - قوله: «فكشف له الحسن فقبله» : أي: فكشف له عن بطنه فقبل سرته، كما وقع مبينا في رواية. والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 255، 427، 488، 493] ، وفي الفضائل برقم 1375، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 19، 97] رقم 2580، 2764، 2765، وابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة برقم 26، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 232] ، وابن عساكر في تاريخه [13/ 219- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 2343- وعن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغ به الحسن بن علي، كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما يمر أحد من خلق الله عليه إجلالا له، فإذا علم قام فدخل بيته، فمرّ الناس، ولقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى، فما من خلق الله أحد إلّا نزل ومشى، حتى رأيت سعد بن أبي وقاص نزل ومشى إلى جنبه. 2344- وروي عن ابن شهاب قال: كنت مع حذيفة بن اليمان قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على جبل- أظنه حراء أو غيره- ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه أجمعين وجماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن علي رضي الله عنهما يمشي في هدوء- 220، 220 ثلاث مرات، 220- 221] ، جميعهم من طرق عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كنت أمشي مع أبي هريرة ... فذكره، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2238. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 232] من حديث أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ابن عون، عن محمد، أن أبا هريرة ... ثم قال البيهقي: كذا قال عن حماد، وقال غيره: عن حماد، عن ابن عون، عن أبي محمد- وهو عمير بن إسحاق-. قلت: وكذا قال أزهر السمان، عن ابن عون عند الحاكم [3/ 168] ، ولذلك صححه على شرط الصحيحين، ووافقه الذهبي، فإن كان محفوظا فالحديث عندهما جميعا عن أبي هريرة، والله أعلم. (2344) - قوله: «كنت مع حذيفة» : لا يعرف لابن شهاب إدراك ولا رواية عن حذيفة، وتلوح على الخبر علامات الوضع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 ووقار، نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمقناه معه، فقال بلال: يا رسول الله أما ترى مأخذه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل يهذبه، وميكائيل يسدده، وهو ولدي، والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، وسبطي وقرة عيني، بأبي هو. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه وهو يقول: أنت تفاحتي، وأنت حبيبي، ومهجة قلبي. وأخذ بيده فمشى معه، ونحن نمشي حتى جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يرفع بصره عنه، ثم قال: سيكون بعدي هاديا مهديا، هذا هدية من رب العالمين، ينبىء عني، ويحيي سنتي، ويتولى أموري في فعله، ينظر الله إليه برحمة، رحم الله من عرف له ذلك وبرّني فيه، وأكرمني فيه، فلما قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه أقبل إلينا أعرابي يجر هراوة له، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، وإنه يسألكم عن أمور وإن لكلامه جفوة. قال: فجاء الأعرابي فلم يسلم، فقال: أيكم محمد؟ قلنا: وما تريد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا، فقال: يا محمد لقد كنت أبغضك، ولم أرك، والان فقد ازددت لك بغضا، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اسكتوا. فقال الأعرابي: يا محمد إنك تزعم أنك نبي، وأنك خير الأنبياء، فقد كذبت، وما معك من التخيير شيء، فقال له صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي، وما يدريك؟ قال: فأخبرني ببرهانك، فقال: إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك، وكيف كنت في نادي قومك، وإن أحببت عضوا من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 أعضائي يخبرك فيكون ذلك أوكد لبرهاني، قال: أو يتكلم؟ قال: نعم، يا حسن، قم، قال: فازدرى الأعرابي نفسه وقال: هو يأبى ويقيم حسنا ليكلمني؟! قال: إنك ستجده عالما، ثم نزل فابتدره الحسن عليه السلام، وقال: مهلا يا أعرابي: وما عيّا سألت ولا ابن عيّ ... فقيها عالما بما جهل الجهول فإن تك قد جهلت فإن عندي ... شفاء الجهل ما سأل السؤول لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعتك نفسك، غير أنك لن تبرح حتى تؤمن إن شاء الله. قال: فتبسم الأعرابي، وقال: هيه. فقال له الحسن عليه السلام: نعم، اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعتم أن محمدا مبتور، وأن العرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمت أنك قاتله، وكان قومك مؤنثه، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تأمّه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلّا ذلك، فأتيتنا خوفا من أن يستهزأ بك، وإنما جئت لخير يراد بك، أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلة طخياء، إذ عصفت ريح شديدة، قوله: «ما سأل السؤول» : الشطر الثالث من البيت مطموس لم نستطع قراءته. قوله: «قناتك» : هي العصا، تشبه الهراوة. قوله: «في ليلة طخياء» : أي في ليلة ظلماء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 اشتد منها ظلماؤها، وأطبقت سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت متحيرا كالأشقر، إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر، لا تسمح لواطىء حسبا، ولا لنافخ نار جرسا، تراكمت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجة، وتهبط لجّة بعد لجّة، في ديمومة قفر، بعيدة القفر، مجحفة السفر، إذا علوت صعدا ازددت بعدا، الريح تخطفك، والشوك يخبطك، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشتك آكامها، وقطّعتك ببلامها، فأبصرت نارا عندنا فقرت عينك، وظهرت نيتك، وذهب خوفك. قال: من أين قلت يا غلام هذا، كأنك كشفت عن سويداء قلبي، ولقد كنت كأنك شاهدي، وما خفي عليك شيء من أمري، كأنه علم غيب يا غلام، لقّنّي الإسلام. قال الحسن عليه السلام: الله أكبر، قل: أشهد ان لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فأسلم الأعرابي، وحسن إسلامه، وسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسر المسلمون، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن، فقال: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأعرفهم ذلك؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف ورجع ومعه جماعة من قومه، فدخل في الإسلام، فكان الناس إذا نظروا إلى الحسن قالوا: أعطي ما لم يعط أحد من الناس. قوله: «كالأشقر» : هو البعير. قوله: «وقطعتك ببلامها» : أي قبحها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 2345- وروي أن الحسن بن علي رضي الله عنهما ورث من امرأته شيء فتصدق به على بعض الورثة قبل أن يقسم. 2346- وعن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي وللحسن: اللهمّ ارحمهما فإني أرحمهما. 2347- وعن شهر بن حوشب قال: ... (2346) - قوله: «وعن أسامة بن زيد» : أخرج حديثه الإمام البخاري في الأدب من صحيحه، باب وضع الصبي على الفخذ، رقم 6003. قوله: «فإني أرحمهما» : وأخرجه البخاري أيضا في فضائل الصحابة، ذكر أسامة بن زيد، رقم 3735، وفي باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3747 بلفظ: اللهمّ إني أحبهما فأحبهما. (2347) - قوله: «وعن شهر بن حوشب» : الأشعري، الإمام التابعي، كنيته: أبو سعيد الشامي، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية، عرض القرآن على ابن عباس سبع مرات، وعرض أيضا على ابن عمر، وكان من العلماء غير أنه في الحديث ليس يكن عندهم في موضع الحجة، واختلف في توثيقه ولم يعرض عنه بالكلية، وهو صالح في الشواهد والاعتبار. انظر: سير أعلام النبلاء [4/ 372] ، طبقات ابن سعد [7/ 449] ، التاريخ الكبير [4/ 258] ، الحلية [6/ 59] ، أخبار أصبهان [1/ 343] ، تهذيب الكمال [12/ 578] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 260] ، إكمال مغلطاي [6/ 299] ، تهذيب التهذيب [4/ 324] ، التقريب [/ 269] الترجمة رقم 2830، غاية النهاية [1/ 329] ، الميزان [2/ 473] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول حين جاء نعي الحسين بن علي عليه السلام لعنت أهل العراق قالت: قتلوه قتلهم الله، غروه ودلوه لعنهم الله، إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته فاطمة رضوان الله عليها ببرمة وقد صنعت له فيها عصيدة تحملها في طبق لها، حتى وضعتها بين يديه فقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: هو في البيت، قال: قومي فادعيه، وائتيني بابنيه، - قوله: «سمعت أم سلمة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 292، 298، 304، 323] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [13/ 205] ، والترمذي في المناقب، باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم رقم 3871- وقال: حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب- وأبو يعلى في مسنده [12/ 344، 383، 451، 456] الأرقام 6912، 6951، 7021، 7026، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [5/ 1917] ، وابن عساكر في تاريخه [13/ 203- 204، 204 مرتين] ، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 201، وابن جرير في التفسير [22/ 6] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 47، 114- 115] الأرقام 2664، 2665، 2666، 2818، وابن عساكر في تاريخه [13/ 203 مرتين، 204 مرتين] . وأخرج الحديث من طرق عن أم سلمة: الإمام أحمد في المسند [6/ 292، 296، 304] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 313] رقم 6888، وابن جرير في تفسيره [22/ 7 من طريقين] ، وابن أبي حاتم كذلك [9/ 3132] رقم 17679، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 46، 46- 47، 48، 49] الأرقام 2662، 2663، 2667، 2668، وابن عساكر في تاريخه [13/ 202] ، وصحح الحاكم في المستدرك [2/ 416] طريق ابن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أم سلمة، على شرط مسلم، وأقره الذهبي. ولتمام التخريج انظر حديث أم سلمة وعائشة المتقدم برقم 2272، 2273. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 قال: فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيده، وعلي رضي الله عنه يمشي في إثرهما حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسهما في حجره، وجلس علي عن يمينه، وجلست فاطمة على يساره. قالت أم سلمة: فاجتذب صلى الله عليه وسلم من تحتي كساء كان بساطا لنا، فلفّه رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا، وأخذ بشماله طرفي الكساء، وألوى بيده اليمنى إلى ربه تبارك وتعالى فقال: اللهمّ اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت: قلت يا رسول الله ألست من أهلك؟ قال: بلى، فأدخلني في الكساء، قالت: فدخلت في الكساء بعد ما قضى، دعا لابن عمه علي وابنيه وفاطمة صلوات الله عليهم أجمعين. 2348- وعن علي بن جدعان، عن علي بن الحسين رضوان الله عليهما قال: ما نزل الحسين منزلا حين خرج من مكة إلى الكوفة إلّا وهو يحدثنا مقتل يحيى بن زكرياء رضي الله عنه. (2348) - قوله: «وعن علي بن جدعان» : هو علي بن زيد بن جدعان البصري، أبو الحسن المكفوف، مكي الأصل، يعد في صغار التابعين، ممن يضعف في الرواية لسوء حفظه. طبقات ابن سعد [7/ 252] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 417] ، تهذيب الكمال [20/ 434] ، سير أعلام النبلاء [5/ 206] ، الميزان [4/ 47] ، تهذيب التهذيب [7/ 283] ، الكاشف [2/ 248] ، التقريب [/ 401] الترجمة رقم 4734، المجروحين لابن حبان [2/ 103] ، الكامل لابن عدي [5/ 1840] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 2349- وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال لي جبريل عليه السلام: إن الله قتل بدم يحيى بن زكرياء سبعين ألفا، وهو قاتل بدم ابن ابنتك الحسين بن علي رضي الله عنهما سبعين ألفا وسبعين ألفا. 2350- وعن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: نيح على الحسين بن علي رضي الله عنهما ثلاث سنين كل يوم، من اليوم الذي قتل فيه. (2349) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرج حديثه أبو نعيم، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [2/ 290، 290- 291، 592] ، وصححه في [3/ 178] ، وسكت عنه الذهبي في هذا الموضع، وقال في الأول: المتن منكر جدا، ومن طريق أبي نعيم أيضا: أخرجه الخطيب في تاريخه [1/ 141- 142] . (2350) - قوله: «نيح على الحسين بن علي» : أخرج الطبراني في معجمه الكبير [3/ 131] رقم 22869، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [14/ 240- 241] ، وابن العديم في بغية الطلب [6/ 2650- 2651] من طريق عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت أم سلمة: ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم إلّا الليلة، وما أرى ابني إلّا قد قتل- تعني الحسين- فقالت لجاريتها: اخرجي فسلي، فأخبرت أنه قد قتل، وإذا جنية تنوح: ألا يا عين فاحتفلي بجهد ... ومن يبكي على الشهداء بعدي على رهط تقودهم المنايا ... إلى متحير في ملك عبد قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 199] : فيه عمرو بن ثابت بن هرمز، وهو ضعيف. وسماع أم سلمة لنوح الجن أخرجه أيضا الطبراني في معجمه الكبير دون الأبيات [3/ 130، 131] رقم 2862، 2867، وأبو نعيم في المعرفة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 ......... - برقم 791، وابن عساكر في تاريخه [14/ 239- 240] ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 199] : رجاله رجال الصحيح. وأخرج الطبراني أيضا برقم 2868، وأبو نعيم في المعرفة برقم 1790 من حديث عمار بن أبي عمار عن ميمونة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين. وأخرج الطبراني في معجمه الكبير برقم 2865، أبو نعيم في المعرفة [2/ 668] رقم 1792، 1793، ابن عساكر في تاريخه [14/ 241، 242] ، ابن العديم في بغية الطلب [6/ 2651] من طرق عن أبي جناب الكلبي أن الجن ناحت على الحسين بن علي رضي الله عنهما فقالت: مسح الرسول جبينه ... فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ... جده خير الجدود وأخرج ابن العديم في بغية الطلب [6/ 2650] بإسناده إلى أم سلمة أنها سمعت الجن تنوح وتقول: أيها القاتلون ظلما حسينا ... أبشروا بالعذاب والتنكيل كل أهل السماء يدعو عليكم ... من نبي ومرسل وقتيل وقد لعنتم على لسان ابن داود ... وموسى وصاحب الإنجيل (2351) - قوله: «ومروان بن الحكم» : هو ابن أبي العاص بن أمية الأموي، أبو عبد الملك المدني، تابعي لا تصح له صحبة، فلا يتوهم ذكر المصنف له مع المشيخة من الأصحاب أن له صحبة. انظر: طبقات ابن سعد [5/ 35] ، التاريخ الكبير [7/ 368] ، الجرح والتعديل [8/ 271] ، العقد الثمين [7/ 165] ، تهذيب الكمال [27/ 387] ، تهذيب التهذيب [10/ 82] ، الكاشف [3/ 116] ، التقريب [/ 525] الترجمة رقم 6567، وأسد الغابة [5/ 144] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 2351- قال: وكان واثلة بن الأسقع ومروان بن الحكم والمسور بن مخرمة وتلك المشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقنعون ثم ينوحون، فيسمعون النوح ويبكون. 2352- ولما قتل الحسين بن علي رضي الله عنه كتب ابن عباس رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية: وإني لأرجو أن لا يمهلك الله بعد قتلك عترة نبيه صلى الله عليه وسلم إلا قليلا حتى يأخذك الله أخذا أليما وخرجك من الدنيا مذموما أثيما، فعش لا أبا لك ما استطعت، فكان قتل الحسين سبب زوال دولتهم. وحكي أن بعضهم كان عند الحسن بن علي العلوي الأطروش بمصر وعند رجل من أولاد الزبير ينازعه فقال له الزبيري: أنتم تستحلون الأموال، وتستعبدون الأحرار، قال: فأنشأ الحسن بن علي وهو يقول: يقول أناس بأنا نقول ... بأن الأنام عبيد لنا فلا والذي جعل المصطفى ... أبانا وفاطمة أمنا ووالد سبطي نبي الهدى ... وسبطي نبي الهدى فخرنا فما صدقوا في مقالاتهم علينا ... ولكن رأوا فضلنا وأعزوا بنا ليروا مثلنا ... ولن يدركوا أبدا سعينا فإن صدقونا كفيناهم ... وإن كذبوا سفها قولنا فبا لله ندفع ما لا نطيق ... فما زال سبحانه حسبنا (2352) - قوله: «الحسن بن علي العلوي» : هو أبو محمد: الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المولود سنة 230 هـ والمتوفى سنة 304 هـ. قوله: «الأطروش» : قال الحافظ السمعاني: هذه اللفظة لمن بأذنه أدنى صمم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 [291- فصل: في المهدي، وأنّه من أهل البيت] 291- فصل: في المهدي، وأنّه من أهل البيت 2353- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب الدنيا حتى يملكها رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا وقسطا، (2353) - قوله: «حتى يملكها رجل» : هو المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان، ذكر الحافظ أبو الحسين الابري في مناقب الشافعي أن أحاديثه المخبرة عنه متواترة فقال: تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى بمجيء المهدي، وأنه من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى عليه السلام خلفه، في طول من قصته وأمره. اه. نقله القرطبي في التذكرة، والحافظ في الفتح، والسخاوي في فتح المغيث. وقد أفرد أحاديث المهدي بالتصنيف والجمع والتخريج جماعة، منهم: العلامة يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي في كتابه: عقد الدرر في أخبار المنتظر، ومنهم: العلامة الشوكاني في كتابه: التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال المسيح، ومنهم شيخ شيخنا الحافظ أحمد بن محمد بن الصديق في كتابه: المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي، ولأخيه شيخنا الحافظ أبي الفضل عبد الله بن الصديق رسالة فيه أيضا، سرد فيها أسماء من روى حديث المهدي من الصحابة والتابعين وطرقها وألفاظها. قوله: «من أهل بيتي» : روي من طرق عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود به- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 كما ملئت جورا وظلما. 2354- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: بنا أهل البيت بدأ الله عزّ وجلّ، - مرفوعا، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 376، 377، 430، 448] ، وأبو داود في المهدي، برقم 4282، والترمذي في الفتن، باب ما جاء في المهدي برقم 2230، 2231، والبخاري في تاريخه الكبير [6/ 228] ، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- الأرقام 5954، 6824، 6825، والطبراني في معجمه الصغير برقم 1181، وفي الأوسط [2/ 135- 136] رقم 1255، وفي الكبير [10/ 163- 168] الأرقام 10213، 10214، 10215، 10216، 10217، 10219، 10220، 10221، 10222، 10223، 10224، 10225، 10226، 10227، 10228، 10229، 10230، والبزار في مسنده [5/ 204- 207 البحر الزخار] الأرقام 1803، 1804، 1805، 1806، 1807، 1808، والحاكم في المستدرك [4/ 442]- وأقره الذهبي في تصحيحه- وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 195] ، والخطيب في تاريخ بغداد [4/ 388] . تابعه عمرو بن مرة، عن زر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 161- 162] رقم 10208، وابن عدي في الكامل [7/ 2625] ، وأبو نعيم في الحلية [5/ 75] بإسناد فيه يوسف بن حوشب وهو مجهول. ورواه أيضا أبو إسحاق السبيعي وسفيان الثوري عن زر، حديث أبي إسحاق عند أبي نعيم في أخبار أصبهان [2/ 195] ، وحديث سفيان عند الطبراني في الكبير [10/ 164- 165] رقم 10218. (2354) - قوله: «بنا أهل البيت» : هو جواب لسؤال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخرج الحديث الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 136] رقم 157 من حديث ابن لهيعة، عن أبي زرعة: عمرو بن جابر، عن عمر بن علي، عن أبيه علي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 وبنا يختم الدنيا. - أمنّا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منا، بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة بينة كما بنا آلف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، قال علي: أمؤمنون أم كافرون؟ فقال: مفتون وكافر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 316] : فيه عمرو بن جابر الحضرمي وهو كذاب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 [292- باب ما جاء في فضائل الصّحابة رضوان الله عليهم أجمعين] 292- باب ما جاء في فضائل الصّحابة رضوان الله عليهم أجمعين [293- فصل: في فضل أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه] 293- فصل: في فضل أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه وهو أبو بكر: عبد الله بن أبي قحافة، واسم أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، لأن تيما جد أبي بكر، وكلاب بن مرة جد النبي صلى الله عليه وسلم، وتيم وكلاب أخوان، ابنا مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر التيمي، القرشي. قوله: «في فضل أبي بكر رضي الله عنه» : انظر سيرته وأخباره رضي الله عنه في: تهذيب الأسرار للمؤلف نفسه: أبي سعد الخركوشي [/ 224- 225] ، طبقات ابن سعد [3/ 169] ، سير أعلام النبلاء [سيرة الخلفاء/ 7] ، تاريخ ابن عساكر [30/ 3] ، الإصابة [6/ 155] ، أسد الغابة [3/ 205] ، الاستيعاب [6/ 361] ، تهذيب الكمال [15/ 282] ، تهذيب التهذيب [5/ 276] ، المعرفة لأبي نعيم [1/ 22] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 323] ، وسيلة المتعبدين [5- ق- 2/ 119] ، الكنى للدولابي [1/ 118] ، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم [2/ 96] ، وفيات الأعيان [3/ 64، 71] ، حلية الأولياء [1/ 28] ، إكمال مغلطاي [8/ 60] ، غاية النهاية [1/ 431] ، فضائل الصحابة [1/ 65- 335] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 2355- وقيل: إن اسم أبي بكر: عتيق بن عثمان، وأن اسمه كان عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت عتيق الله من النار، فسمي عتيقا. (2355) - قوله: «أنت عتيق الله من النار» : أخرج البزار في مسنده [3/ 163 كشف الأستار] رقم 2483، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 5] رقم 7، 8، وأبو نعيم في المعرفة برقم 61، وابن عساكر في تاريخه [30/ 8، 9، 10] من حديث عبد الله بن الزبير قال: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت عتيق الله من النار، فسمي عتيقا، لفظ ابن حبان، صححه برقم 6864- الإحسان. وأخرج الترمذي في المناقب، وابن سعد في الطبقات [3/ 170] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 6] رقم 9، 10، وأبو نعيم في المعرفة برقم 59، 60، وأبو يعلى في مسنده [8/ 303] رقم 4899، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 6- 7] من طرق عن عائشة رضي الله عنها قالت: من سره أن ينظر إلى عتيق الله من النار فلينظر إلى أبي بكر، وإن اسمه الذي سماه أهله لعبد الله بن عثمان، فغلب عليه اسم عتيق. صححه الحاكم في المستدرك [3/ 61- 62] فتعقبه الذهبي بأن في إسناده صالح بن موسى الطلحي ضعفوه، وأن إسناده مظلم. قلت: قد توبع عند الترمذي لكن قال: غريب، وتوبع عند أبي نعيم في الموضع الثاني وهو شاهد للصحيح المتقدم، وله شاهد ثالث أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 6، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة برقم 62، وابن عساكر في تاريخه [30/ 7، 8] من حديث عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: سألنا عائشة رضي الله عنها عن اسم أبي بكر فقالت: عبد الله، فقلت: إنهم يقولون: عتيق، فقالت: إن أبا قحافة كان له ثلاثة، فسمى واحدا عتيقا، ومعيتقا، ومعتقا، وفي الإسناد قيس بن أبي قيس البخاري، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 41] : فإن كان ثقة فهو حسن- يعني لأجل ابن لهيعة-. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 2356- أخبرنا أبو علي: حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد الرفّا الهروي، ثنا محمد بن المغيرة، ثنا أبو نعيم، ثنا مالك بن مغول (2356) - قوله: «ثنا محمد بن المغيرة» : هو ابن سنان الضّبيّ، الهمداني، السكري، الفقيه، الحنفي، الملقب بحمدان، شيخ المحدثين وأهل الرأي بهمدان، ذكره الحافظ الذهبي في السير وقال: قال صالح بن أحمد: صدوق، وقال السليماني: فيه نظر، قلت: يشير إلى أنه صاحب رأي. اه. سير أعلام النبلاء [3/ 383] ، الوافي بالوفيات [5/ 50] ، الجواهر المضية [2/ 134] ، تاريخ الإسلام [وفيات 281- 290/ ص- 290] ، السابق واللاحق [/ 362] . قوله: «ثنا أبو نعيم» : هو الإمام شيخ الإسلام الفضل بن دكين التيمي، الطلحي، القرشي، مولاهم، الكوفي، الملائي، الأحول، مولى آل طلحة بن عبيد الله، وأحد حفاظ الإسلام، وحديثه في الكتاب الستة، انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء [10/ 142] ، تذكرة الحفاظ [1/ 372] ، تهذيب الكمال [23/ 197] ، تاريخ بغداد [12/ 346] ، تهذيب التهذيب [8/ 243] ، الكاشف [2/ 328] ، الميزان [4/ 270] ، الجرح والتعديل [7/ 61] ، التاريخ الكبير [7/ 118] ، التقريب [/ 446] الترجمة رقم 5401. قوله: «ثنا مالك بن مغول» : الكوفي، الإمام الحافظ الثبت، كنيته: أبو عبد الله، أحد رجال الكتاب الستة، ممن اتفق على الاحتجاج به. انظر عنه في: تهذيب الكمال [27/ 158] ، تهذيب التهذيب [8/ 243] ، الكاشف [2/ 382] ، سير أعلام النبلاء [7/ 174] ، التقريب [/ 518] الترجمة رقم 6451. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 قال: سمعت عطية العوفي قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الدرجات العلى ينظرون إلى من هو أسفل منكم كما تنظرون إلى الكوكب الدرّي في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر من أولئك وأنعما. قوله: «وأنعما» : أي: أحرزا نعما أخرى مع ما أثبته لهما أولا، أو: بلغا في الأمر غايته. والحديث أخرجه من طرق عن عطية العوفي: الإمام أحمد في المسند [3/ 27، 93، 98] ، وفي الفضائل برقم 162، 164، 165، 166، 167، 169، وفي زوائد الفضائل أيضا الأرقام: 131، 212، 559، 568، 569، 596، 646، 650، 646، 650، 667، 673. وأخرجه أبو داود في الحروف والقراءات برقم 3987، والترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر، رقم 3659، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب في فضائل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، رقم 96، والحسن بن عرفة في جزءه برقم 74، وأبو يعلى في مسنده [2/ 369] رقم 1130، وابن حبان في المجروحين [3/ 11] ، والطبراني في معجمه الأوسط الأرقام: 1799، 2975، 3451، 5483، 7336، 9484. قلت: أصله في الصحيحين دون تعيين أبي بكر وعمر، فأخرجا من حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري- صاحب حديث الباب- مرفوعا: إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغهم غيرهم، قال: بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 6] رقم 6003، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 54] : رجاله رجال الصحيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 2357- وقال صلى الله عليه وسلم: حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهم كفر، وحب الأنصار إيمان وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان وبغضهم كفر. (2357) - قوله: «حب أبي بكر وعمر إيمان» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 144] بإسناده إلى خليد بن دعلج وعمر بن صبح ويونس بن عبيد جميعهم عن الحسن، عن جابر به، زاد الديلمي في مسند الفردوس [2/ 141- 142] رقم 2719 في آخره: ومن سب أصحابي فعليه لعنة الله، ومن حفظني فيهم فلا لعنة الله عليه. وقد روي معناه عن جابر من وجه آخر، فأخرج ابن عساكر في تاريخه [30/ 144] ، والذهبي في سير أعلام النبلاء [16/ 216] من طريق المعلى بن هلال- ضعيف جدّا وبعضهم كذبه- عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعا: لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن، ولا يحبهما منافق. قال الذهبي عقبه: متن الحديث حق لكنه ما صح مرفوعا، والمعلى ترك. اه. تابعه عبد الرحمن بن مالك بن مغول- وهو متهم أيضا- عن الأعمش، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 144] وأورده الذهبي في ترجمته في الميزان وقال: كلام صحيح، وقد تابعه المعلى- وهو كذاب- عن الأعمش. وفي الباب عن أنس بن مالك، وأبي هريرة. أما حديث أنس، فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 943] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 143] من طريق أبي إسحاق الحميسي- كوفي ضعيف الحديث- عن مالك بن دينار، عن أنس مرفوعا: حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهم كفر. رواه الحماني- وهو ضعيف أيضا- أنا أبو إسرائيل، عن علي بن زيد، عن أنس مرفوعا باللفظ الذي أورده المصنف هنا، أخرجه أيضا ابن عساكر في تاريخه [30/ 144] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 2358- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في السماء الدنيا ثماني ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر. - وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 145] من حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا: هذا جبريل عليه السلام يخبرني عن الله عزّ وجلّ قال: ما أحب أبا بكر وعمر إلّا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلّا منافق شقي. حماد بن زيد ومن فوقه على شرط الصحيح، فينظر فيمن دونه في الإسناد. (2358) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة عن محمد بن إسحاق الأهوازي، والديلمي من حديث الحسن بن علي بن زكرياء، والخطيب في تاريخه [7/ 383] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 148، 149] من حديث الحسن بن علي أبي سعيد العدوي، جميعهم عن طالوت، عن عباد الجحدري، أنا الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة به. قال الخطيب في تاريخه: صنع إسناده العدوي، وقد أتى العدوي أمرا عظيما، وارتكب أمرا قبيحا في الجرأة بوضعه أعظم من جرأته في حديث ابن لهيعة. اه. وقد ظهر لك أنه لم يتفرد بذلك عن طالوت. وأخرجه القطيعي في زياداته على فضائل الإمام، والخطيب في تاريخه، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 325- 326] ، وابن عساكر أيضا [30/ 148] من طريق آخر عن العدوي: أنا كامل بن طلحة، أنا ابن لهيعة، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة به مرفوعا. قال الخطيب: وضعه العدوي على كامل بن طلحة، وإنما يرويه عبد الرزاق بن منصور البندار، عن أبي عبد الله الزاهد السمرقندي، عن ابن لهيعة، وأبو عبد الله الزاهد مجهول، فوضعه العدوي على كامل، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 2359- وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقلت: يا جبريل حدثني بفضائل عمر في السماء، فقال: لو حدثتك بفضائل عمر في السماء مثل ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر بن الخطاب، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر. - وكامل ثقة، والحديث ليس بمحفوظ عن ابن لهيعة، ثم ساقه هو وابن الجوزي من طريق أبي عبد الله الزاهد، عن ابن لهيعة. وقال ابن عساكر: هذا مما ركبه العدوي على كامل، عن ابن لهيعة. (2359) - قوله: «وعن عمار بن ياسر» : أخرج حديثه أبو يعلى في مسنده [3/ 179] رقم 1603، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 122] ، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [9/ 68]- وفي الأوسط [2/ 342] رقم 1593، وابن عساكر في تاريخه [30/ 122، 123] . وفي إسناده الوليد بن الفضل العنزي وهو ضعيف جدّا، قاله في مجمع الزوائد، وقد تابعه إسماعيل بن عبد الرحمن الأعرج، عن إسماعيل بن عبيد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 123، 124] . وفي الباب عن عثمان بن عفان، أخرجه ابن عساكر [30/ 122] بإسناده إلى يحيى بن أحمد الكوفي، أنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عثمان به مرفوعا. قال ابن عساكر عقبه: كذا قال: عن عثمان، وإنما يروى عن عمار بن ياسر. وفي الباب أيضا عن أبي بن كعب يأتي في ترجمة عمر بن الخطاب برقم 2432، ويأتي تحته حديث زيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 2360- وروى حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقد هممت أن أبعث إلى الافاق رجالا يعلمون الناس السنن والفرائض كما بعث عيسى ابن مريم عليه السلام الحواريين فقيل له: فأين أنت عن أبي بكر وعمر؟ قال: لا غنى بي عنهما، إنهما من الدين كالسمع والبصر. (2360) - قوله: «كالسمع والبصر» : كذا في الأصل، وهو موافق لرواية الحاكم [3/ 74] ، وابن عساكر [30/ 114] ، وفي رواية الطبراني في الأوسط [6/ 170] رقم 5350: إنهما من الدين كالرأس من الجسد، وقد ورد باللفظ المذكور أيضا في حديث ابن عمر عند الطبراني في الأوسط أيضا [5/ 524] رقم 4996 في إسناد الأول- أعني: حديث حذيفة: حفص بن عمر الأبلي، وهو ضعيف قاله في مجمع الزوائد [9/ 53] ، وفي إسناد الثاني حمزة بن أبي حمزة النصيبي اتهم بالوضع. وفي الباب عن: 1- عبد الله بن حنطب، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [2/ 886- 887] رقم 2294، 2295، وابن عساكر في تاريخه [30/ 115] كلاهما من حديث ابن أبي فديك حدثني غير واحد منهم: عمر بن أبي عمر وعلي بن عبد الرحمن بن عثمان، عن عبد العزيز بن المطلب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن حنطب قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر فلما نظر إليهما قال: هذان السمع والبصر. أخرجاه أيضا من حديث ابن أبي فديك عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن المطلب ابن عبد الله بن حنطب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو بكر وعمر بمنزلة السمع والبصر. 2- جابر بن عبد الله، أخرجه الخطيب في تاريخه [8/ 459- 460] ومن طريقه ابن عساكر [30/ 116] من حديث الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر مرفوعا: أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 2361- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لي وزيرين من أهل الأرض، ووزيرين من أهل السماء، فوزيراي من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض: أبو بكر وعمر. - السمع والبصر من الرأس. 3- عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه الطبراني- كما في مجمع الزوائد [9/ 52] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 115، 116 مرتين] من طريق بقية: أنا ثور بن يزيد أنه حدثه عن عبد الله بن بسر الكندي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بنحو حديث حذيفة الذي أورده المصنف، وقد أعله الهيثمي بالراوي الذي لم يسم، وهو متصل عند ابن عساكر وإسناده جيد. 4- عبد الله بن عباس، أخرجه ابن حبان في المجروحين [3/ 82] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 72- 73] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 114- 115] من حديث الحسن بن عرفة: أنا الوليد بن الفضل العنزي- ضعيف جدّا- أنا عبد الله بن إدريس الأودي، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث رجالا إلى البلدان يدعون الناس إلى الإسلام، فقال رجل: لو بعثت أبا بكر وعمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر لا غنى بي عنهما إن أبا بكر وعمر من الإسلام بمنزلة السمع والبصر من الإنسان. قال أبو نعيم: كذا قال الحسن بن عرفة: عبد الله بن إدريس، وإنما هو عبد المنعم بن إدريس، والحديث غريب، تفرد به الوليد بن الفضل، عنه. (2361) - قوله: «وعن ابن عباس» : خرجنا حديثه في باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف في القرآن، الشرف رقم 35. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 399 2362- وعن سويد بن غفلة قال: مررت بقوم يذكرون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فدخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما من الأمة أهل، فلولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل الذي أعلنوا ما اجترأوا على ذلك، فقال علي: أعوذ بالله أن أضمر لهما إلّا الذي ائتمنني عليه المضمر، لعن الله من أضمر لهما إلّا الحسن الجميل، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه، ووزيراه رحمة الله عليهما، ثم نهض دامع العينين يبكي، قابضا على لحيته وهو ينظر إلى بياضها حتى اجتمع الناس، فتشهد بخطبة بليغة موجزة ثم قال: ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزّه، وعما يقولون منه بريء، وعليه معاقب؟ أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لا يحبهما إلّا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلّا فاجر خبيث، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان، فما يجاوزان فيما يقضيان، لا ير رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل رأيهما رأيا، ولا يحب كحبهما حبا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا وهو عنهما راض، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المسلمين، فصلى أبو بكر بالمسلمين سبعة أيام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه واختار له ما عنده صلى الله عليه وسلم ولّاه ذلك المؤمنون وفوّضوا إليه أمر الزكاة لأنهما مقرونتان، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، أنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب- وهو لذلك كاره يود لو أن أحدنا كفاه ذلك- فكان (2362) - قوله: «سبعة أيام» : كذا في الأصل، وفي المطبوع من شرح أصول الاعتقاد للالكائي: تسعة أيام- بتقديم المثناة الفوقية على المهملة- وفي رواية غيرهما: أياما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 والله خير ما بقي، أرحمهم رحمة، وأرأفهم رأفة، وأورعهم ورعا، وأقدمهم سنا وإسلاما، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفوا وحلما ووقارا، فسار بيننا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله، رحمة الله عليه ورضوانه. ثم ولي الأمر من بعده عمر، واستأمر المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي- وكنت فيمن رضي منهم- ومنهم من كره، فلم يفارق عمر الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم ومنهاج أبي بكر رضي الله عنه، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه، وكان والله رحيما لطيفا بالضعفاء، ناصرا للمظلوم على الظالم، لا تأخذه في الله لومة لائم، ضرب الله الحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى إن كنا نرى أن ملكا ينطق على لسانه، أعز الله الإسلام بإسلامه، وجعل هجرته للدين قواما، ألقى الله له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل: فظا غليظا على الأعداء، وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار، ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده على صدره حين أسلم وهو يقول: اللهمّ اخرج ما في صدره من غل وأبدله إيمانا- يقول ذلك ثلاثا- الضراء في طاعة الله آثر عنده من السراء في معصية الله، فمن لنا بمثلهما؟ رحمة الله عليهما، ورزقنا اتباعهما، ولا يبلغ مبلغهما العبد إلّا باتباع آثارهما، والحب لهما. قال صلى الله عليه وسلم: فمن أحبني فليحبهما، ومن لم يحبهما فقد أبغضني، وأنا منه بريء. قوله: «وأنا منه بريء» : أخرج الخطبة بطولها: اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [7/ 1295]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 401 2363- ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لا أجد أحدا فضلني على أبي بكر وعمر إلّا جلدته حدّ المفتري. - رقم 4456، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 302] رقم 579، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 366] من طرق عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد به، وهو عند الشيرازي في الألقاب، وابن منده في تاريخ أصبهان، وأبو الحسن البغدادي وخيثمة كلاهما في الفضائل- كما في الكنز [13/ 24] رقم 36145. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 570- 571] رقم 18899 من حديث عبد خير قال: سمعت عليا يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء، قال: ثم استخلف أبو بكر، فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد- وكان خير هذه الأمة بعد نبيها- ثم استخلف عمر، فعمل بعملهما وسنتهما، ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد- وكان خير هذه الأمة بعد نبيها. بعد أبي بكر-. (2363) - قوله: «ويروى عن علي بن أبي طالب» : روي هذا ضمن الخطبة المتقدمة، وقد تقدم تخريجها. وأخرج الأثر منفصلا: ابن أبي عاصم في السنة [2/ 575] رقم 1219، وابن عساكر في تاريخه [44/ 365] ، ويعقوب بن سفيان، ومن طريقه الخطيب، ومن طريق الخطيب ابن عساكر في تاريخه [44/ 365] ، وخيثمة في فضائل الصحابة- كما في الكنز [13/ 27] رقم 36157- من حديث الحكم بن حجل، عن علي رضي الله عنه به. ورواه الأعمش، عن أبي عطية جابر بن حميد، عن علي قال: فذكر نحوه، أخرجه ابن عساكر [44/ 365] . وأخرج ابن عساكر [44/ 365] من طريق أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة قال: خطبنا علي على هذا المنبر، فذكر ما شاء الله أن يذكر ثم قال: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 402 2364- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والاخرين إلّا النبيين والمرسلين، لا تخبرهما يا علي. - إنه بلغني أن ناسا يفضلوني على أبي بكر وعمر، ولو كنت تقدمت في ذلك لعاقبت، ولكن أكره العقوبة قبل التقدم، من أتيت به بعد مقامي هذا قد قال شيئا من ذلك فهو مفتر، عليه ما على المفتري، إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. وأخرج ابن عساكر [44/ 377- 378] من طريق أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهدير، عن عمار بن ياسر قال: من فضّل على أبي بكر وعمر أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار وطعن على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي: لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلّا وقد أنكر حقي وحق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح [1/ 110] عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله عنه، وخيرها بعد أبي بكر عمر رضي الله عنه، ولو شئت سميت الثالث. تنبيه: ورد هذا الأثر في نسخة «ب» بلفظ: لا تفضلوني على أبي بكر وعمر، ألا ومن فضلني عليهما فقد افترى، والله لأجلدنه. (2364) - قوله: «لا تخبرهما يا علي» : أخرجه من طرق عن علي رضي الله عنه الإمام أحمد في مسنده [1/ 80] ، والترمذي في المناقب، باب: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة، رقم 3666، 3667 وابن ماجه في مقدمة السنن، باب فضل أبي بكر رقم 95، والدولابي في الكنى [2/ 99] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 165، 165- 166، 166، 167، 167- 168، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 178] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 2365- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ألا أخبركما بمثلكما في الملائكة ومثلكما في الأنبياء؟ مثلك يا أبا بكر في الملائكة مثل ميكائيل ينزل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء مثل إبراهيم، كذّبه قومه، وصنعوا به ما صنعوا، وقال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. ومثلك يا عمر في الملائكة مثل جبريل ينزل بالبأس والشدة والقوة على الأعداء، ومثلك في الأنبياء كمثل نوح إذ قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. 2366- وعن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا بوجهه فقال: بينا رجل يسوق بقرة إذ عيا فركبها، فضربها فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا لحراثة الأرض، فقال الناس: بقرة تكلمت! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني أؤمن به وأبو بكر وعمر، وما هما ثّم. 2367- ويروى عن الحسن في قوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ الاية، قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. (2365) - قوله: «وعن ابن عباس» : تقدم حديثه في باب ما ضربه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال برقم 2169. (2366) - قوله: «وعن أبي هريرة» : أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في الحرث والمزارعة، باب استعمال البقر للحراثة، رقم 2324، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم 2388. (2367) - قوله: «ويروى عن الحسن» : أخرج تفسيره من طرق عنه: ابن أبي حاتم في التفسير [4/ 1160] رقم 6533، وابن جرير في تفسيره [6/ 282، 282- 283، 283] ، والبيهقي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 2368- وعن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ الاية، قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. 2369- وعن عكرمة في قوله تعالى: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الاية، قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. 2370- وعن ابن عباس في قوله تعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ الاية، قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. - في الدلائل [6/ 362] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 308، 309، 310] ، وابن المنذر، وأبو الشيخ، وخيثمة الأطرابلسي- كما في الدر المنثور [3/ 102] ولفظهم: أبو بكر وأصحابه. (2368) - قوله: «وعن ابن مسعود» : أخرجه من مسنده مرفوعا: الطبراني في معجمه الكبير [10/ 253] رقم 10477، وابن عساكر، وابن مردويه، وأبو نعيم في فضائل الصحابة- كما في الدر المنثور [8/ 223] ، وفي إسناد الطبراني: عبد الرحمن بن زيد العمي، وهو متروك، قاله في مجمع الزوائد [7/ 127] . (2369) - قوله: «وعن عكرمة» : أخرج تفسيره ابن جرير في تفسيره [5/ 149] ، وابن أبي حاتم [3/ 989] رقم 5537، وابن عساكر في تاريخه [30/ 337] ، وعبيد بن حميد- كما في الدر المنثور [2/ 575] . (2370) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 70] وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 108- 109] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 2371- وعن أبي العالية في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الاية، قال: هو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر. قال عاصم: فذكرت ذلك للحسن فقال: صدق أبو العالية. 2372- ورأت عائشة رضي الله عنها في المنام كأنه سقط في حجرها ثلاثة أقمار، فذكرت ذلك لأبي بكر فقال لها: إن صدقت رؤياك ليدفننّ في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، قال: فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيتها، فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: هذا خير أقمارك. (2371) - قوله: «وعن أبي العالية» : أخرج تفسيره ابن أبي حاتم [1/ 30] رقم 34، وابن عساكر في تاريخه [44/ 259] ، وعبد بن حميد، وابن جريج، وابن عدي- كما في الدر المنثور [1/ 39- 40] . وأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 259] مسندا عن أبي العالية، عن ابن عباس قوله، وفيه: فذكر ذلك للحسن فقال: صدق والله، ونصح والله، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح. (2372) - قوله: «ورأت عائشة» : أخرج الرؤيا: الحاكم في المستدرك [4/ 395] من طريق مسعدة بن اليسع- وهو متروك- عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عنها، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه! وأقره الذهبي في التلخيص!!. وأخرجه أيضا الحميدي، والضياء في المختارة- كما في الكنز [15/ 515- 516] رقم 42010، وسعيد بن منصور من حديث ابن المسيب عنها- كما في تاريخ الخلفاء [/ 105] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 406 2373- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس ائتني بإداوة من ماء، قال: فأتيته فوجدته في مسجد بني سالم، ويده على يد علي رضي الله عنه وهو يقول: يا علي كل نعيم دون الجنة يزول، وكل بلاء دون النار عافية، وكل هم ينقطع إلّا هم النار، يا علي ما من أهل بيت كانوا حبرة إلا سيتبعها بعد ذلك عبرة، يا علي إذا قلت فلا تكذب، وعليك بالصدق، فإن ضرّك في العاجل كان فرحا لك في الاجل، قال: فبينا هما على ذلك إذ أقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ماشيان من قبل قباء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: أتحبهما؟ قال: إي والله يا رسول الله إني لأحبهما، وقد ازددت لهما حبا، قال: أجل، حبّهما، فإن حبهما إيمان وبغضهما نفاق. (2373) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [63/ 121- 122] من طريق الوليد بن حماد بن جابر الرملي: حدثنا عبد الرحمن الحلبي، ثنا عمرو بن الأزهر، عن جرير بن حازم قال: قال الحسن، قال أنس: فذكره نحوه، عمرو بن الأزهر هو العتكي، ضعفه جماعة، وجماعة اتهموه. وأخرجه ابن النجار- كما في الكنز [16/ 139] رقم 44170 بإسناد فيه الحسن بن يحيى الخشني، وهو متروك. وأخرجه ابن لال- كما في الكنز أيضا [14/ 473، 491] رقم 39314، 39388 بلفظ مختصر. قوله: «حبرة» : كذا في الأصول، وهو السرور يقال: الحبر والحبر، والحبرة والحبور، كله: السرور، ومنه قول العجاج: الحمد لله الذي أعطى الحبر، ووقع في بعض المصادر: الحياة، وفي البعض الاخر: حضرة!. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 407 2374- وعن أنس بن مالك قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد جالس وقد أطاف به أصحابه، إذ أقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسلّم ووقف ثم نظر مجلسا يشبهه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر في وجوه أصحابه أيهم يوسع له- وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه جالسا عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم- فتزحزح له عن مجلسه ثم قال: هاهنا يا أبا الحسن، فجلس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: فعرفت السرور في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووا الفضل. (2374) - قوله: «إنما يعرف الفضل لأهل الفضل» : أخرجه ابن الأعرابي في معجمه [1/ 94- 95] رقم 141، ومن طريقه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1164، والخطيب في تاريخه [3/ 105] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 380] ، والخطيب أيضا [7/ 222- 223] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 381] ، وهو في مسند الفردوس [1/ 343] رقم 1372، وفي [5/ 304] رقم 8260. وأخرجه العسكري في الأمثال، والخلعي في فوائده- فيما ذكره المحدث أحمد بن الصديق الغماري في فتح الوهاب [2/ 250- 251] جميعهم من حديث الغلابي: محمد بن زكرياء- وهو متهم-: ثنا العباس بن بكار، ثنا ابن المثنى الأنصاري، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس به. وللغلابي فيه إسناد آخر عند الخطيب [7/ 223] وفيه: حدثنا عبيد الله بن أبي عائشة، أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس- فيما قاله شيخ مشايخنا المحدث أحمد بن الصديق الغماري في فتح الوهاب [2/ 251]- من طريق محمد بن أبي القاسم بن علي بن خيثمة: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 2375- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أمشي أمام أبي بكر، فقال: أتمشي أمام من هو خير منك، إن أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس أو غربت. قال: فما رؤي أبو الدرداء بعد ذلك يمشي إلّا خلف أبي بكر. - ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا المظفر بن الحسين بن علي السمسار، ثنا علي بن محمد بن عامر النهاوندي، ثنا محمد بن زريق، ثنا حسين بن الفضل، ثنا مأمون بن سعيد بن يوسف، ثنا سليمان بن سلم، عن أبي سعيد الخدري رفعه: يا أبا بكر ... فذكره. اه. وهذا في مسند الفردوس في الموضع [5/ 304] رقم 8260 من مسند أنس أيضا، قال: ابن عراق في تنزيه الشريعة: فيه مجاهيل. وقد روي نحو هذا من وجه آخر لكن الذي أوسع له أبو بكر: العباس بن عبد المطلب، فأخرج ابن عساكر في تاريخه [26/ 334] من طريق الحلواني: ثنا الفيض بن وثيق- كذبه ابن معين- أنا زكريا بن منظور، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه وبجنبه أبو بكر وعمر، فأقبل العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوسع له أبو بكر ... الحديث، وفيه أيضا عيسى بن محمد الطوماري، وزكرياء بن منظور، كلاهما ضعيف. (2375) - قوله: «وعن أبي الدرداء» : أخرجه القطيعي في زوائد الفضائل برقم 137، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1224، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [9/ 44]- وابن أبي حاتم في العلل [2/ 384] رقم 2663، وابن عساكر في تاريخه [30/ 207- 208] جميعهم من حديث محمد بن مصفى، عن بقية بن الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء نحوه. قال ابن أبي حاتم في العلل: قال أبي: هذا حديث موضوع، سمع بقية- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 ......... - هذا الحديث من هشام الرازي، عن محمد بن الفضل، عن ابن جريج، فترك الاثنين من الوسط، قال أبي: محمد بن الفضل بن عطية متروك الحديث. اه. قلت: قد توبع بقية، عن ابن جريج لا من واحد ولا اثنين، بل من جماعة، منهم: 1- عبد الله بن سفيان الواسطي، حديثه عند القطيعي في زوائد الفضائل برقم 135، وابن عساكر في تاريخه [30/ 208] . 2- هوذة بن خليفة، حديثه عند أبي نعيم في الحلية [3/ 325] وقال: غريب من حديث عطاء، عن أبي الدرداء، تفرد به عنه: ابن جريج، وقد رواه عنه بقية بن الوليد وغيره، عن ابن جريج. اه. والخطيب في تاريخه [12/ 438] ، ومن طريقه ابن عساكر [30/ 209 مرتين] . 3- محمد بن الفضل، حديثه عند ابن عساكر في تاريخه [30/ 209] . 4- أبان أبو سعيد البكري، أخرج حديثه ابن حميد في مسنده [101- المنتخب] رقم 212، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 208] وقال: كذا كان في كتابي: البكري، وإنما هو العسكري، ثم ساقه من طريق آخر. 5- وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 210، 211] من طريق أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة البزي قال: حدثني الوليد بن عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج- ولم أسمع منه غيره، وكان فاضلا قارئا لكتاب الله، معروفا بالقراءة، مشهورا بالفضل في الناس بمكة، ما كان له عندنا ثان في حياته- قال: حدثتني أمي أنها سمعت جدي عبد الملك بن جريج يقول: أخبرني عطاء، عن أبي الدرداء ... الحديث. 6- رجل قد أثنى عليه خيرا، أخرجه من طريقه القطيعي في زوائد الفضائل برقم 662. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 410 2376- وفي رواية أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ذات يوم فتقدم رجل منهم أمام أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتمشي أمام من هو خير منك؟ والله ما طلعت الشمس على أحد بعد النبيين خير من أبي بكر، والله ما كتب في السماء محمد رسول الله إلّا وكتب على إثره: أبو بكر الصديق. 2377- قال كعب الأحبار: إن خلافة الصديق من السماء، ولقد علم خلافته قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم بستة عشر سنة، قيل: كيف؟ قال كعب: رؤيا رآها أبو بكر بمكة، رأى كأن القمر المنير سقط من السماء إلى الكعبة فتقطع قطعا قطعا، فلم يبق حجرة بمكة إلّا دخلها من القمر قطعة، ووقع في حجر أبي بكر قطعة، فخرج القمر من حجرات مكة واستوى كما كان إلّا قطعة أبي بكر فإنه بقي في حجره، فكره علماء مكة رؤياه- وكانوا يهودا- فخرج أبو بكر في رحلة الشتاء وبها بحيرا الراهب فسأله، فقال بحيرا: يبعث الله عزّ وجلّ بمكة نبيا، وتكون أنت وزيره في-* خالف إسماعيل بن يحيى بن طلحة- أحد الضعفاء- عامة أصحاب ابن جريج، فقال عنه: عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، أخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 150] رقم 7302، وابن الجوزي في العلل [1/ 187] رقم 298، وابن عساكر في تاريخه [30/ 207] . قال ابن عساكر: كذا قال: والمحفوظ: عطاء، عن أبي الدرداء. وقال ابن الجوزي: قال الدارقطني: إسماعيل ضعيف، وغيره يرويه عن عطاء، عن أبي الدرداء. (2377) - قوله: «الرؤيا التي رأيتها» : أخرج القصة ابن عساكر في تاريخه [30/ 29- 30] وفي لفظه بعض اختصار أعادها المصنف هنا وأوردها أيضا في الرؤيا برقم 897. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 حياته، وخليفة من بعده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله أبو بكر عن برهانه على النبوة قال: الرؤيا التي رأيتها. 2378- وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيتني البارحة كأن رجلا ألقمني كتلة تمر فعجمتها فوجدت فيها نواة، فاذتني، فلفظتها، ثم ألقمني كتلة مثل ذلك، قال أبو بكر: أعبرها يا رسول الله؟ قال: اعبرها، قال: هو الجيش الذي بعثتهم يسلمهم الله ويغنمهم، ثم يلقون رجلا فينشدهم بذمتك فيدعونه، ثم يلقون آخر فينشدهم بذمتك فيدعونه، فيلقون آخر فينشدهم بذمتك فيدعونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذلك قال الملك يا أبا بكر. 2379- وروت عائشة رضي الله عنها قالت: قال أبو بكر رضي الله عنه: إذا أنا مت فاغسلي ثيابي وكفنيني فيها، ولا تكفنيني بالجديد، فإن الحي أحق بالجديد من الميت، فإذا غسلتموني، وحنطتموني، فاحملوني على (2378) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : خرجنا حديثه في كتاب الرؤيا من مسند أبي محمد الدارمي الحافظ رحمه الله، تحت رقم 2301- فتح المنان. (2379) - قوله: «وروت عائشة» : أصل قصة مرض الصديق، وطلب غسله وتكفينه وهو الشطر الأول من هذا الحديث صحيح، فأخرج الإمام البخاري في الصحيح، في كتاب الجنائز، باب موت يوم الاثنين من حديثها رضي الله عنها قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، فقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 أعواد المنايا، وائتوا بي قبر النبي صلى الله عليه وسلم ونادوا ثلاثا: يا محمد، يا أبا القاسم، يا رسول الله، هذا صاحبك أبو بكر بالباب، فإن انفتح القفل، ووقعت الفراشة فادفنوني حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم ينفتح القفل فارجعوا بي إلى البقيع. قالت عائشة رضي الله عنها: فلما توفي فعلنا به ما أمرنا، وقلنا: يا محمد، يا أبا القاسم، يا رسول الله، فما تممنا أن قلنا: صاحبك- فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما، قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، وإنما هو للمهلة، قالت: فلم يتوفى حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح. قوله: «وائتوا بي قبر النبي» : وأما هذا الشطر من الحديث فلم يصح إسناده، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 436] بإسناده إلى طاهر المقدسي عن عبد الجليل المزني، عن حبة العرني، عن علي بن أبي طالب قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة أقعدني عند رأسه وقال لي: يا علي إذا أنا مت فغسلني بالكف الذي غسلت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحنطوني واذهبوا بي إلى البيت الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوا، فإن رأيتم الباب قد انفتح، فادخلوا بي، وإلّا فردوني إلى مقابر المسلمين حتى يحكم الله بين عباده، قال: فغسل، وكفن، وكنت أول من يأذن إلى الباب، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر مستأذن، فرأيت الباب قد تفتح، وسمعت قائلا يقول: ادخلوا الحبيب إلى حبيبه، فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق. قال ابن عساكر عقبه: هذا منكر، وراويه أبو الطاهر موسى بن محمد بن عطاء المقدسي، وعبد الجليل مجهول، والمحفوظ أن الذي غسل أبا بكر امرأته أسماء بنت عميس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 بالباب حتى انفتح القفل، ووقعت الفراشة، وسمعنا هاتفا يهتف ويقول من داخل البيت- ولا نرى شخصه-: أدخلوا الحبيب إلى الحبيب، فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق. 2380- وعن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت متخذا من الناس خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا، لكن خلة الإسلام أفضل. (2380) - قوله: «وعن ابن مسعود» : أسنده المصنف في تهذيب الأسرار [/ 224] بإسناده إلى عبد الله بن الحسن الهاشمي: حدثنا شبابة وورقاء وشعبة والمغيرة بن مسلم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله به. ومن طرق عن ابن مسعود أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 377، 389، 408، 409، 412، 433، 434، 437، 455] ، وفي فضائل الصحابة برقم 155، 156، 157، 158، 159، 160، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 298] رقم 20398، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 5] رقم 11972، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق، رقم 2383 [4، 5، 7] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق، رقم 3655، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 35- 36] رقم 8104، 8105، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 93، والحميدي في مسنده برقم 113، وابن حبان في صحيحه 6855، 6856- كما في الإحسان- والقطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 587، وابن سعد في الطبقات [3/ 176] ، وأبو يعلى في مسنده الأرقام: 5149، 5180، 5249، 5308، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1226، والبغوي في شرح السنة [14/ 77- 78] رقم 3866، 3867. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 2381- وفي بعض الروايات: لو كنت متخذا خليلا غير ربي لا تخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا. 2382- وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما نفعني مال قط، ما نفعني مال أبي بكر، فقال: وهل أنا ومالي إلّا لك يا رسول الله؟. 2383- وروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: سدّوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلّا باب أبي بكر، فإني لا أعلم (2382) - قوله: «وروى أبو هريرة» : أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 6- 7] رقم 11976، والإمام أحمد في المسند [2/ 253، 366] ، وفي فضائل الصحابة برقم 25، 32، وعبد الله بن أحمد في الزيادات على الفضائل برقم 26، والقطيعي أيضا في الزيادات على الفضائل برقم 595، والترمذي في المناقب، برقم 3661، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 37] رقم 8110، وابن ماجه في المقدمة برقم 94، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1229. (2383) - قوله: «وروى أنس بن مالك» : أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [4/ 1524] ، والطحاوي في المشكل [9/ 181] ، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 367، وابن عساكر في التاريخ [30/ 249، 249- 250، 250] جميعهم من طرق من حديث عبد الله بن صالح- كاتب الليث- عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أنس به. قال ابن عدي عقبه: لا أعلم أوصل هذا الحديث عن الليث غير عبد الله بن صالح، ورواه ابن بكير عن الليث، عن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر في إسناده أنس بن مالك. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 أحدا أعظم عندي يدا في صحبته وذات يده من أبي بكر. 2384- وروى أبو حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من اتّبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت هذه الخصال في رجل قط إلّا دخل الجنة. - وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 383] : سألت أبي عن حديث يحكى أن أبا صالح كاتب الليث رواه عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره، فقال أبي: هذا الحديث باطل بهذا الإسناد، حدثنا به أبو صالح كاتب الليث، عن الليث، عن يحيى، عن النبي صلى الله عليه وسلم- مرسل، وبلغنا أن يحيى بن معين نهى أبا صالح أن يحدث بهذا الحديث فامتنع من تحديثه. قوله: «وذات يده من أبي بكر» : اختصره المصنف وتمامه: فقال بعض الناس: سدوا الأبواب كلها إلّا باب خليله، فقال صلى الله عليه وسلم: إني رأيت على أبوابهم ظلمة، وعلى باب أبي بكر نورا، فكانت الاخرة أعظم عليهم من الأولى. قلت: أمره صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب إلّا باب أبي بكر في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري، وأخرجه البخاري أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (2384) - قوله: «وروى أبو حازم، عن أبي هريرة» : أخرجه مسلم في الزكاة، باب من جمع الصدقة وأعمال البر، رقم 1028، وأعاده في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 36] رقم 8107، والبخاري في الأدب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 2385- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأرجو لأمتي في حبهم أبي بكر وعمر كما أرجو لهم في قول لا إله إلّا الله. 2386- وعن أنس بن مالك أن يهوديا أتى أبا بكر فقال: والذي بعث موسى بالحق كليما إني لأحبك، قال: فلم يرفع أبو بكر رأسا تهاونا باليهودي، قال: فهبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنّ العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول: قل لليهودي الذي قال لأبي بكر: إني- المفرد برقم 515، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 189] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 96] . تابعه عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، أخرجه ابن عساكر [30/ 96- 97] . (2385) - قوله: «إني لأرجو لأمتي» : أسنده ابن عساكر في تاريخه [30/ 396] من طريق شعيب بن حرب المدائني قال: أتيت مالك بن مغول فقلت: يا أبا عبد الرحمن أوصني، فقال: أوصيك بحب أبي بكر وعمر، فو الله إني لأرجو لك على حبهما كما أرجو لك في التوحيد، قلت: وما بلغ من حبهما؟ قال: حدثني يزيد الرقاشي، عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو لأمتي في حبهم أبي بكر وعمر ما أرجو لهم في قول لا إله إلّا الله. يزيد الرقاشي ليس بعمدة في الحديث، والجمهور على تضعيفه. وهو في مسند الفردوس [1/ 59] رقم 167. (2386) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [2/ 338] : أنا الحسن بن علي العدوي، - ومن طريق ابن عدي: ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 312] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 146- 147] ، وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 313] ، وابن عساكر [30/ 147] بإسنادهما إلى أبي بكر محمد بن السري- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 أحبك، أن الله عزّ وجلّ قد أحاد عنك في النار خلتين: لا يوضع الأنكال في قدميك، ولا الغلّ في عنقك لحبك أبا بكر، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهودي فأحضره وأخبره الخبر، فرفع اليهودي رأسه إلى السماء وقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله، والذي بعثك بالنبوة إني ازددت لأبي بكر حبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئا هنيئا، أحاد الله عنك النار بحذافيرها، وأدخلك الجنة بحبك أبي بكر. 2387- وعن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم. - ابن عثمان التمار قال: أنا علي بن أحمد المصري، وأبو عبد الله غلام الخليل ثلاثتهم عن الحسن بن علي ابن راشد، أنا هشيم، عن حميد، عن أنس به. قال ابن عدي عقبه: وهذا بهذا الإسناد باطل. وقال ابن الجوزي في الأول: المتهم به العدوي، وفي الثاني: البصري مجهول، وغلام خليل كذاب. علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف [5/ ق- 2/ 126] . (2387) - قوله: «وعن عمر بن الخطاب» : روي بإسناد صحيح عنه من طريق عبد الله بن شوذب، عن محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن هزيل بن شرحبيل، عن عمر به، كذلك قال عن ابن شوذب: 1- ابن المبارك، أخرج حديثه الصابوني في عقيدة السلف برقم 110، والبيهقي في الشعب [1/ 69] رقم 36، وابن عساكر في تاريخه [30/ 126- 127، 127] . 2- ضمرة بن ربيعة- في إحدى الروايتين عنه-، أخرج حديثه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة [1/ 378] رقم 821، 822. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 418 2388- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة، وجمع الله الأولين والاخرين، يؤتى بمنبرين من النور فينصب- 3- أيوب بن سويد الرملي، أخرج حديثه القطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 653، وابن عساكر في تاريخه [30/ 127] . * ورواه ضمرة- في الرواية الثانية له- فأسقط شيخ ابن شوذب: محمد بن جحادة- ولم يذكره، أخرجه معاذ بن المثنى في زياداته على مسند مسدد- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 243] رقم 4292. * ووقفت على رواية ثالثة لضمرة ذكرها الدارقطني في العلل [2/ 224] حيث قال: وخالفهم ضمرة، رواه عن ابن شوذب، عن ابن جحادة، عن سلمة، عن عمرو بن شرحبيل- كذا، ولم يقل: هزيل بن شرحبيل-. * ورواه رواد بن الجراح، عن ابن شوذب، عن محمد بن جحادة، عن طلحة ابن مصرف، عن هزيل، عن عمر، ذكره الدارقطني في العلل [2/ 224] . قال الدارقطني: أصحها قول ابن المبارك ومن تابعه. قال أبو عاصم: وقد روي مرفوعا من وجه آخر، فأخرج ابن عدي في الكامل [4/ 1517- 1518] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 126] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [7/ 1281] رقم 2432، من حديث عبد الله بن عبد العزيز بن أبي روّاد- ضعفه الجمهور- قال: حدثني أبي، عن نافع، عن ابن عمر به مرفوعا. قال ابن عدي: حدث عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر بأحاديث لا يتابعه أحد عليها، وقال ابن عساكر: مرفوع غريب، وإنما يحفظ عن عمر قوله. (2388) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه ابن عساكر في تاريخه [30/ 156] بإسناده إلى أبي بكر الخلال قال: أنا الحسن بن عبيد الله بن خال سفيان الثوري، أنا فضيل بن مرزوق، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 419 أحدهما عن يمين العرش والاخر عن يساره ويعلوهما شخصان، فينادي الذي عن يمين العرش: معاشر الخلائق من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا رضوان خازن الجنة، أمرني الله أن أسلم مفاتيحها إلى محمد، وأمرني محمد أن أسلم مفاتيحها إلى أبي بكر وعمر، ليدخل محبيهما ومحبي عائشة الجنة، ألا فاشهدوا، ثم ينادي الذي عن يسار العرش: معاشر الخلائق، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك خازن النار، إن الله عزّ وجلّ أمرني أن أسلم مفاتيح النار إلى محمد، وأمرني محمد صلى الله عليه وسلم أن أسلم مفاتيحها إلى أبي بكر، ليدخل مبغضه ومبغض عائشة النار، ألا فاشهدوا. 2389- وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة يوضع ثلاث كراسي من ذهب: أحمر يتلألأ منها الجميع، فيجلس إبراهيم عليه السلام على واحد منها، وأجلس أنا على آخر، ويبقى واحد منها، فيؤتى بأبي بكر فيجلس عليه ثم ينادي مناديا: يا طوبى لصديق بين حبيب وخليل. - عن عطية العوفي، عن أبي سعيد به، قال ابن عساكر عقبه: قال أبو بكر الدينوري: لم يرو هذا الحديث عن فضيل بن مرزوق غير الحسن بن عبيد الله العجلي. اه. والحسن- أو الحسين- هذا لم أعرفه. علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف [5/ ق- 2/ 124- 125] إلّا أنه جعله من حديث ابن عباس، فكأنه وهم. (2389) - قوله: «بين حبيب وخليل» : علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5/ ق- 2/ 124] . وأخرجه الخطيب في تاريخه [4/ 386] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 317- 318] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 158] من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 2390- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا تحت قدميه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما. 2391- وعن قيس بن أبي حازم قال: ابتاع أبو بكر الصديق بلالا بخمسة أواق- وهو مائتا درهم- فقالوا له حين ابتاعه: لو أبيت إلّا أوقية واحدة لبعناك، قال أبو بكر رضي الله عنه: لو أبيتم إلّا مائة أوقية لأخذته. - وجه آخر من حديث ابن أبي ذئب، عن معن بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعا بنحوه. قال ابن الجوزي: فيه أبو عبد الله الضرير قدم بغداد ومعه كتب طرية غير أصول، وكان مكفوفا، فلعله أدخل هذا في حديثه، ومحمد بن أحمد الحليمي لا يعرف. (2390) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرج حديثه الإمام البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، رقم 3653، وفي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، رقم 3922، وفي التفسير، باب قوله تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ الاية، رقم 4663، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب ومن فضائل أبي بكر الصديق، رقم 2381. (2391) - قوله: «وعن قيس بن أبي حازم» : أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات [3/ 232] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 150] ، وابن عساكر في تاريخه [10/ 443] جميعهم من حديث ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس به، قال الذهبي في السير [1/ 353] : إسناده قوي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 2392- وقال محمد بن سيرين: مر أبو بكر ببلال- وقد جعله مولاه في جلد بقرة، وهم يمرغونه في رمل حار ويقولون: آمن باللّات والعزى- وهو يقول: أحد أحد، فقال أبو بكر: أتبيعوني عبدكم هذا؟ فباعوه، فاشتراه منهم، ثم أعتقه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر الشركة، قال: يا رسول الله قد أعتقته، فدعا له. 2393- وقال الشعبي: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن أول من أسلم فقال: أما سمعت قول حسان بن ثابت: إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبي وأوفاها بما حملا الثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدّق الرسلا فجعله ثانيا وتاليا وصاحبا (2392) - قوله: «وقال محمد بن سيرين» : رجاله ثقات لكن إسناده منقطع، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 232] من حديث أيوب، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [10/ 442] ، وأخرجه ابن عساكر أيضا من حديث هشام كلاهما عن ابن سيرين به. (2393) - قوله: «سألت ابن عباس» : أخرجه ابن أبي شيبة في التاريخ من المصنف [13/ 52- 53] رقم 15732 وأعاده في المغازي [14/ 310- 311] رقم 18433، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 39- 40، 40 مرتين] . وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 64] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 39، 40- 41، 41 مرتين] من حديث مجالد، عن الشعبي. قلت: وقد روي مرفوعا، فأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 64] من حديث حبيب بن أبي حبيب قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت: قلت في أبي بكر شيئا؟ قال: نعم، قال: قل حتى أسمع، قال: - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 2394- وقال بعضهم: إذا ما ذكرنا من علي فضيلة ... رمينا بزنديق يسب أبا بكر وهل يشتم الصديق من كان مؤمنا؟ ... ضجيع رسول الله في الغار والقبر - وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صاعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا ... من الخلائق لم يعدل به بدلا قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الذهبي في التلخيص: عمرو بن زياد يضع الحديث. وروي من وجه آخر، فأخرج ابن عساكر في تاريخه [30/ 90- 91، 91] ، وابن عدي في الكامل [2/ 582- 583] ومن طريقه ابن عساكر [30/ 91- 92] من حديث أبي العطوف: الجراح بن المنهال الجزري، عن الزهري، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان: هل قلت في أبي بكر شيئا؟ قال: نعم، قال: قل وأنا أسمع، فقال: وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صاعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا ... من الخلائق لم يعدل به بدلا قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: صدقت يا حسان هو كما قلت. وأخرجه ابن عدي وابن عساكر عن أبي العطوف، عن الزهري مرسلا. ثم قال ابن عدي: وهذا الحديث منكر عن الزهري، عن أنس، لم يوصله، إلّا محمد بن الوليد بن أبان عن شبابة بن سوار، ومحمد بن الوليد ضعيف، يسرق الحديث، وهذا الحديث موصوله ومرسله منكر، والبلاء فيه من أبي العطوف. (2394) - قوله: «وقال بعضهم» : أخرج الأبيات: ابن عساكر في تاريخه [42/ 532] عن أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار قال: أنشدني أبي وأبو عبد الله بن الجهم: إذا ما ذكرنا من علي فضيلة ... رمونا لها جهلا بشتم أبي بكر - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 2395- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أفرس الناس ثلاثة: المرأة التي تفرست في موسى عليه السلام فقالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ الاية، والملك حين تفرس في يوسف الصديق عليه السلام والقوم فيه زاهدون، وأبو بكر حين تفرس في عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستخلفه. - يديروننا لا قدّس الله أمرهم ... على شتمه تبا لذلك من أمر إذا ما ذكرنا فضله فكأنما ... تجرعهم منه أمرّ من الصبر وهل يشتم الصديق من كان مؤمنا؟ ... ضجيع رسول الله في الغار والقبر وقد سأل الصدّيق من آل هاشم ... عليّ الهدى عندار تداد ذوي الكفر فقال له: إن مانعوك ركابهم ... وما كان قد يعطونه سيد البدر فحارب على رد الشريعة إنها ... شريعة رب الناس ذي العز والفخر فلا تنكروا بفضل من كان هاديا ... فإن عليّا خيركم يا بني فهر (2395) - قوله: «أفرس الناس ثلاثة» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 574] رقم 18904، وابن الجعد في مسنده برقم 2649، وابن أبي حاتم في تفسيره [12/ 175، 176] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 185] رقم 8829، 8830 جميعهم من حديث أبي إسحاق- وقد اختلف عليه فيه: 1- فمنهم من يقول عنه: عن أبي عبيدة. 2- ومنهم من يقول عنه: عن أبي الأخوص. 3- ومنهم من يقول عنه: ثنا ناس من أصحاب ابن مسعود. وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 90] ، وأقره الذهبي في التلخيص مع أنه منقطع، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 268] : رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح إن كان محمد بن كثير هو العبدي، وإن كان هو الثقفي فقد وثق على ضعف كثير فيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 [294- فصل: في فضائل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه] 294- فصل: في فضائل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، لأن عديا جد عمر، ومرّة جد النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة وعدي أخوان، ابنا كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر- وهو قريش-. كنيته صلى الله عليه وسلم: أبو حفص، ولقبه الفاروق. قوله: «في فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه» : انظر سيرته وأخباره رضي الله عنه في: تهذيب الأسرار للمؤلف نفسه: أبي سعد الخركوشي [/ 225- 226] ، تاريخ ابن عساكر [44/ 3] وقد استوعب أخباره في مجلد كامل] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 23- ص 253] ، أسد الغابة [4/ 52] ، تهذيب الكمال [21/ 316] ، سير أعلام النبلاء [سير الخلفاء- 71] ، المنتظم لابن الجوزي [4/ 329] ، تاريخ عمر بن الخطاب له، المعرفة لأبي نعيم [1/ 38، 4/ 1938] ، الإصابة [7/ 74] ، الاستيعاب [8/ 242] ، المستدرك [3/ 80] ، الإحسان ترتيب صحيح ابن حبان [15/ 300] ، الكنى لأبي أحمد الحاكم [3/ 207] ، المعجم الكبير [1/ 18] ، مسند الإمام أحمد [1/ 14] ، مصنف ابن أبي شيبة [12/ 21] ، المستدرك [3/ 80] ، حلية الأولياء [1/ 38] ، صفة الصفوة [1/ 268] ، تهذيب الأسماء واللغات [2 ق 1/ 3] ، البداية والنهاية [7/ 147] ، الرياض النضرة [2/ 5- 202] ، كنز العمال [11/ 573، 12/ 545] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي [/ 108] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 2396- أخبرنا أبو سهل: بشر بن أحمد المهرجاني رحمه الله، أنا عبد الله بن محمد بن ناجية، ... (2396) - قوله: «المهرجاني» : بكسر الميم، وسكون الهاء، بعدها مهملة مكسورة، ثم جيم مفتوحة، وبعد الألف نون، هي بلدة إسفرايين ويقال لها: المهرجان، ويقال: إن الذي لقب إسفرايين بهذا اللقب هو قباذ بن فيروز لحسنه وخضرته وصحة هوائه، فأطيب الأوقات في الفصول: المهرجان، وينسب صاحبنا أيضا إلى الدّهقان، قال السمعاني: هذه النسبة لمن هو مقدم ناحية من القرى، ومن يكون صاحب الضيعة والكروم. وصاحبنا أبو سهل هذا هو مسند وقته، وكبير المحدثين ببلده، وأحد الموصوفين بالشجاعة والشهامة، سمع أبا يعلى الموصلي، وإبراهيم بن علي الذهلي وجماعة، وروى عنه الحاكم وقال: أملى علينا زمانا من أصول صحيحة، وقد انتخبت عليه، توفي في شوال سنة سبعين وثلاث مئة. سير أعلام النبلاء [16/ 228] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 370- ص 436] ، العبر [2/ 355] ، الشذرات [3/ 184] ، النجوم الزاهرة [4/ 139] ، الأنساب [2/ 516- في الدهقان-، 5/ 414 المهرجاني] ، المنتخب من السياق [/ 171] الترجمة رقم 428. قوله: «أنا عبد الله بن محمد بن ناجية» : البريري، الإمام الحافظ الثقة: أبو محمد البغدادي، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا معمر الهذلي- وعبد الأعلى بن حماد-، وطبقتهم، وكان ممن صنف وجمع، قال الذهبي: وكان إماما حجة، بصيرا بهذا الشأن، له مسند كبير، توفي في شهر رمضان سنة إحدى وثلاث مائة. تاريخ بغداد [10/ 104] ، سير أعلام النبلاء [14/ 164] ، الأنساب [1/ 306- في البريري] ، تذكرة الحفاظ [2/ 696] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 301- ص- 68] ، الشذرات [2/ 414] ، العبر [2/ 119] ، المنتظم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 ثنا إبراهيم بن موسى المؤدب، ثنا محمد بن حمزة الرقي، عن حمزة بن أبي حمزة النصيبي، ... -[13/ 147] ، الوافي بالوفيات [17/ 474] ، النجوم الزاهرة [3/ 184] ، تاريخ جرجان [/ 115، 363، 534] . قوله: «ثنا إبراهيم بن موسى المؤدب» : ذكره الحافظ ابن حجر في تهذيبه للتمييز، مستدركا على تهذيب الحافظ المزي، لكنه فرق بينه وبين الرازي، فقال في المؤدب: عن معمر بن سليمان الرقي، وعنه يعقوب بن سفيان، وأبو حامد بن هارون الحضرمي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في الرازي: عن محمد بن حمزة الرقي- وهو شيخ صاحبنا هنا- قال: وعنه: أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، قال: وكان ثقة، ذكرهم الخطيب، وهم متقاربو الطبقة من الرازي. انظر: تهذيب الحافظ ابن حجر [1/ 149، 150] ، الثقات لابن حبان [8/ 70] . قوله: «ثنا محمد بن حمزة الرقي» : أبو وهب الأسدي، ذكره الذهبي في الميزان فقال: عن جعفر بن برقان، منكر الحديث، وقال الحافظ في اللسان: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي عن الخليل أنه ضعيف- كذا- والذي في الثقات: يروي عن الخليل بن مرة، روي عنه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، يعتبر حديثه إذا روى عنه غير الخليل بن مرة، لأنه ضعيف. اه. أي الخليل بن مرة، والفرق بين القولين واضح، وعليه ففي قول الذهبي في الميزان: منكر الحديث، نظر، لأن النكارة قد تكون من جهة الشيخ لا الراوي عنه، كما سيأتي عن ابن عدي في التعليق التالي. الثقات [9/ 73] ، الميزان [4/ 449] ، اللسان [5/ 148] . قوله: «عن حمزة بن أبي حمزة النصيبي» : الجزري، الجعفي، من رجال الترمذي المضعفين، قال ابن عدي: عامة ما يرويه مناكير موضوعة، والبلاء منه ليس ممن يروي عنه، ولا ممن يروي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427 عن زيد بن رفيع، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل الحق على لسان عمر وقلبه، ورضيت لأمتي ما رضي لها عمر. - هو عنهم. تهذيب الكمال [7/ 323] ، تهذيب التهذيب [3/ 25] ، الكاشف [1/ 190] ، التقريب [/ 179] الترجمة 1519، ضعفاء ابن الجوزي [1/ 237] ، المجروحين [1/ 269] ، الكامل لابن عدي [2/ 785] ، الميزان [1/ 129] ، لسان الميزان [2/ 361] ، المغني في الضعفاء [1/ 192] ، الديوان [1/ 234] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 134] ، ضعفاء العقيلي [1/ 290] . قوله: «عن زيد بن رفيع» : الجزري، النصيبي، مولى أسماء بن خارجة، ليس له في الكتاب الستة شيء، ذكره البخاري في تاريخه الكبير، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: روى عن أبي عبيدة بن عبد الله، وحزام بن حكيم، روى عنه معمر، وزيد بن أبي أنيسة ثم روى عن أحمد بن حنبل قوله في زيد بن رفيع: ثقة، ما به بأس، روى عنه معمر والمسعودي، قلت: سمع من أبي عبيدة بن عبد الله؟ قال: نعم. التاريخ الكبير [3/ 394] ، الجرح والتعديل [3/ 563] ، طبقات ابن سعد [7/ 480] ، الثقات [6/ 314] . قوله: «نزل الحق على لسان عمر» : لم أقف عليه من حديث ابن مسعود، عزاه المتقي في الكنز [11/ 580] رقم 32758 بهذا اللفظ لأبي نعيم في فضائل الصحابة من حديث ابن عمر، ولحديث ابن عمر هذا طرق وألفاظ، منها: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وبعضهم يزيد فيه قول ابن عمر: ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر بن الخطاب إلّا نزل القرآن على نحو مما قال عمر. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428 ......... - أسنده المصنف في تهذيب الأسرار [/ 225] من طريق أحمد بن منصور الرمادي: ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا نافع مولى ابن عمر عنه به مرفوعا. ومن طرق عن نافع أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 53، 95] ، وفي فضائل الصحابة برقم 313، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 103، 104] ، والترمذي في المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب، برقم 2185، 3682، وابن سعد في الطبقات [2/ 335] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 467] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 103] ، وعبد بن حميد في مسنده [/ 245 المنتخب] برقم 758، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 103] ، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل أبيه برقم 395، والقطيعي فيها أيضا برقم 525، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1247، والطبراني في الأوسط [1/ 185، 202] رقم 249، 291، وفي مسند الشاميين برقم 52، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 104] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 327] ، وابن الأعرابي في معجمه [3/ 1057] رقم 2274، والمؤلف في تهذيب الأسرار [/ 225] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 85] ، وأبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين [1/ 382] ، وصحح ابن حبان منها طريق خارجة بن عبد الله الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر برقم 6895- الإحسان. وقد رواه بعضهم عن مالك، عن نافع، فقيل: هو وهم، إذ لا يعرف من حديث مالك، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 203] رقم 3354، وابن عساكر في تاريخه [44/ 105] ، والخليلي في الإرشاد [1/ 414] ، جميعهم من حديث عبد الله بن صالح، عن ابن وهب، عن مالك. قال الخليلي: قال أبو حاتم والبخاري: أخطأ عبد الله بن صالح، عن ابن وهب بقوله: عن مالك، وإنما هو من حديث ابن وهب، عن نافع القارىء، عن نافع، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 66] : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد وثق. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429 ......... - قلت: قد روي أيضا من حديث القعنبي، عن مالك، رواه عنه أحمد بن يزيد الخراساني، أخرجه تمام في فوائده برقم 1016 بإسناد ليس فيه من يضعف، أحمد بن يزيد غاية ما قاله الدارقطني فيه أنه ليس بالمشهور، وهذه عبارة لا تدل على الضعف المطلق، والله أعلم. نعم، وفي الباب عن أبي هريرة، وأبي ذر، وبلال، وعمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري، ومعاوية، وأبي بكر، وعائشة، وواصل مولى أبي عيينة مرسلا. أما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 25] رقم 12035، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1250، والإمام أحمد في المسند [2/ 401] ، والبزار في مسنده [3/ 174 كشف الأستار] برقم 2501، والطبراني في الأوسط [6/ 245 مجمع البحرين] رقم 3661، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 42] ، وفي الإمامة برقم 100، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1250، وابن عساكر في تاريخه [44/ 101، 101- 102، 102] ، جميعهم من طرق من حديث الجهم بن أبي الجهم، عن المسور بن مخرمة، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 66] : رجاله رجال الصحيح غير الجهم، وهو ثقة. ورواه بعضهم عن مالك، عن الجهم، عن أبي هريرة، فلا هو من حديث مالك، ولا هو كذلك عن الجهم، أخرجه تمام في فوائده برقم 1664 من طريق علي بن قتيبة الخراساني- وله عن مالك بواطيل- ومن طريق تمام أخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 101] . وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل برقم 315، والقطيعي فيها أيضا برقم 524، 684، وأبو نعيم في الإمامة برقم 91، وابن عساكر في تاريخه [44/ 101] من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 ......... - أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6889. وأما حديث أبي ذر، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 165] من حديث ابن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث- رجل من أيلة- قال: مررت بعمر بن الخطاب، فقال: نعم الغلام، فاتبعني رجل ممن كان عنده فقال: يا ابن أخي ادع الله لي بخير، قال: قلت: ومن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: غفر الله لك، أنت أحق أن تدعو لي مني لك، قال: يا ابن أخي إني سمعت عمر بن الخطاب حين مررت به آنفا يقول: نعم الغلام، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به. وأخرجه الإمام أحمد أيضا في [5/ 177] ، وفي فضائل برقم 316، والقطيعي في الزوائد عليها برقم 521، ومن طريق الإمام أحمد بن عساكر في تاريخه [44/ 98- 99، 99] ومن طريق غيره في [48/ 71] ، وابن ماجه في المقدمة برقم 108، وابن سعد في الطبقات [2/ 335] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 461] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1249، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 21] رقم 12017، ومن طريقه ابن عساكر [48/ 72] ، والطبراني في مسند الشاميين برقم 1543، وأبو نعيم في الحلية [5/ 161] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 85] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 86- 87] على شرط الشيخين، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم. تابعه عبادة بن نسي، عن غضيف، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 145] ، وفي الفضائل برقم 317، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 101] ، وأخرجه أيضا من طريق آخر في [48/ 71] . * ورواه حبيب بن عبيد، عن غضيف، عن بلال، لكن بإسناد فيه ابن أبي مريم- وهو ضعيف- أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1248، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 ......... - والطبراني في معجمه الكبير [1/ 338- 339] ، والقطيعي في زوائده على الفضائل برقم 520، وابن عساكر في تاريخه [48/ 73- 74، 74] ، والشاشي في مسنده [2/ 376- 377] رقم 983. * ورواه وبرة بن عبد الرحمن، عن غضيف، عن عمر- بإسناد فيه علي بن سعيد العكاوي، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 66] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات- أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 356] رقم 6688، وابن عساكر في تاريخه [44/ 94] ، وفي [48/ 73] . * ورواه هشام بن الغاز مرة، عن مكحول مرسلا، أخرجه ابن عساكر [48/ 73] . * ورواه ابن أبي حسين، عن مكحول، عن أبي ذر- منقطع- أخرجه ابن عساكر في تاريخه [48/ 72] . * وتابعه عقيل، عن مكحول، أخرجه ابن عساكر [48/ 73] . وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه تمام في فوائده برقم 1086، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 100- 101] بإسناد فيه مجاهيل، والراوي عن أبي سعيد وهو أبو هارون العبدي، واسمه عمارة بن جوين متروك. وأما حديث معاوية، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 312- 313] بإسناد فيه الشاذكوني، والواقدي وهما ضعيفان. وأما حديث أبي بكر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 106] بإسناد منقطع من طريق هشيم، عن العوام بن حوشب عمن حدثه عن أبي بكر به مرفوعا. وأما حديث عائشة، فأخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 335] ، ومن طريقه ابن عساكر. وأما حديث واصل، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 106- 107]- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 2397- وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أبغض عمر فقد أبغضني، ومن أحب عمر فقد أحبني، وإن الله تبارك وتعالى باهى ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة عامة، وإنه باهى ملائكته بعمر بن الخطاب خاصة، وإنه لم يبعث نبي قط إلّا كان في أمته من يحدّث، وإن يكن في أمتي، فعمر، قيل: يا رسول الله، كيف يحدّث؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه. - بإسناده إلى يزيد بن هارون، أنا هشام، عن واصل مولى أبي عيينة قال: كانت امرأة عمر اسمها عاصية، فأسلمت، فأتت عمر فقالت: قد كرهت اسمي فسمني، فقال: أنت جميلة، فغضبت، وقالت: ما وجدت اسما سميتني إلّا اسم أمة، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني كرهت اسمي فسمني، فقال: أنت جميلة، فقالت: يا رسول الله إني أتيت عمر فسألته أن يسميني فقال: أنت جميلة، فغضبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الله عزّ وجلّ عند لسان عمر وقلبه. وأخرجه أيضا الشاشي في مسنده، وابن منده- كما في الكنز [11/ 579] رقم 32751. (2397) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [7/ 372] رقم 6722، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1273، وابن عساكر في تاريخه [44/ 116- 117] من طريق إسماعيل بن عياش، عن أبي سعد خادم الحسن، عن الحسن، عنه به. قال أبو عاصم: وقع في الكتابين المشار إليهما: عن أبي سعيد، والصواب: عن أبي سعد، كما قال الحافظ المزي في شيوخ محمد بن مهاجر من تهذيبه، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 69] : فيه أبو سعد خادم الحسن البصري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 433 2398- وروي أنه خرجت نار زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من وراء خيبر، تأكل كل شيء مرت عليه، فأراد أن يبعث إليها نفرا يقاتلونها، ثم عرف أنها من قبل الله تعالى، فقال: اطفئوها بالصدقة، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف، فقال عمر: يا عبد الرحمن أتعبت من بعدك، فتصدق الناس، فطفئت. - ولطرفه الأخير شاهد في الصحيحين من حديث عائشة، فأخرجا في فضائل الصحابة من حديثها مرفوعا: لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يتكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر، لفظ البخاري. ومن شواهد طرفه الأول ما أخرجه السهمي في تاريخ جرجان [/ 171] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 117] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 192] رقم 307 من طريق موسى بن عبد الرحمن الصغاني- ضعيف متهم- عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: إن الله تعالى باهى بالناس يوم عرفة عامة، وباهى بعمر بن الخطاب خاصة. رواه رشدين بن سعد- وهو ضعيف أيضا- قال: حدثني أبو حفص المكي، عن ابن جريج به، أخرجه الطبراني في الكبير [11/ 182] رقم 11430، وابن عساكر في تاريخه [44/ 117] . وروي نحوه من حديث ابن عمر بإسناد فيه عبد العزيز بن أبي رواد- وهو ضعيف أيضا- عن نافع، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 117- 118] . ومن حديث أبي هريرة، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 147] رقم 1273، وفيه: عبد الرحمن بن إبراهيم القاص بينت أنه ثقة في رسالتي الحطة ضمن كتاب إتمام الاهتمام بمسند أبي محمد بن بهرام، غير أن هذا الحديث من رواية ابنه عنه وفيها كلام. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 434 2399- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن فشربت منه، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم. 2400- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني رأيت في النوم أني أعطيت عسا مملوءا لبنا، فشربت منه حتى تملأت، ففضلت فضلة فأعطيتها عمر بن الخطاب، فأوّلوها، فقالوا: يا نبي الله هذا علم أعطاكه الله فملأك، ففضلت، فأعطيتها عمر بن الخطاب، فقال: أصبتم. - وروي نحوه من حديث عقبة بن عامر بإسناد فيه ابن لهيعة- وهو ممن يعتبر به- أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 464] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 191] رقم 306، وابن عساكر في [44/ 118] . ولعل مما يقوي الحديث ويجعل له أصلا مع ما تقدم ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 119] من حديث عطاء، عن ابن عباس قال: قام رجل إلى أبي بكر الصديق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خليفة رسول الله، من خير الناس؟ قال: عمر بن الخطاب، قال: ولأي شيء قدمته على نفسك؟ قال: بخصال: لأن الله باهى به ملائكته ولم يباه بي، ولأن جبريل أقرأه السلام ولم يقرئني، ولأن جبريل قال: يا رسول الله اشدد الإسلام بعمر بن الخطاب ... الحديث بطوله. (2399) - قوله: «ثم أعطيت فضلي عمر» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في كتاب الرؤيا من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 2293- فتح المنان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 435 2401- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا عليّ وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين. 2402- وفي رواية عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ فوق ذلك، وعرض عليّ عمر وعليه قميص يجره، فقالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين. 2403- وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر أول من يصافحه الحق بعدي ويسلم عليه، ويأخذ بيده حتى يدخله الجنة. (2401) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في كتاب الرؤيا من مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 2290- فتح المنان. (2403) - قوله: «أول من يصافحه الحق» : أخرجه ابن ماجه في مقدمة السنن، برقم 104، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1245، والحاكم في المستدرك [3/ 84] جميعهم من حديث داود بن عطاء، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي. قال الحافظ الذهبي في ترجمة داود بن عطاء من الميزان: منكر جدّا. وقال في التلخيص: موضوع، وفي إسناده كذاب، وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده ضعيف، فيه داود بن عطاء، وقد اتفقوا على ضعفه، وباقي رجاله ثقات، وقال السيوطي: قال الحافظ عماد الدين بن كثير في جامع المسانيد: هذا الحديث منكر جدا، وما هو أبعد من أن يكون موضوعا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 2404- وعن عمر بن الخطاب قال: وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من المقام قبلة، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى الاية، وقلت: إنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الاية، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة، فقلت: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا، فنزلت الاية. قال أبو سعد رحمه الله: فلو لم يكن لابن الخطاب فضيلة غيرهن لكان كافيا. (2404) - قوله: «وافقت ربي في ثلاث» : هو في الصحيحين كما بيناه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1980- فتح المنان. وقد جمع الحافظ السيوطي هذه الموافقات في منظومة سماها: قطف الثمر، وقال في تاريخ الخلفاء: أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين، ثم قال: أخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن. وأخرج ابن عساكر عن علي قال: إن في القرآن لرأيا من رأي عمر. وأخرج عن ابن عمر مرفوعا: ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلّا جاء قرآن بنحو ما يقول عمر. وأخرج الشيخان عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى، وقلت: يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن يتحجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة، قلت: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت كذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 ......... - وأخرج مسلم عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب، وفي أسارى بدر، وفي مقام إبراهيم، ففي هذا الحديث خصلة رابعة. قال: وفي تهذيب النووي: نزل القرآن بموافقته في أسرى بدر، وفي الحجاب، وفي مقام إبراهيم، وفي تحريم الخمر، فزاد خصلة خامسة، وحديثها في السنن ومستدرك الحاكم أنه قال: اللهمّ بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فأنزل الله تحريمها. قال: وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في أربع، نزلت هذه الاية: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) الاية، فلما نزلت قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ، فزاد في هذا الحديث خصلة سادسة، وللحديث طريق آخر عن ابن عباس أوردته في التفسير المسند. قال: ثم رأيت في كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال: وافق عمر ربه في أحد عشر موضعا، فذكر هذه الستة، وزاد سابعة قصة عبد الله بن أبي، قلت: حديثها في الصحيح عنه، قال: لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه، فقمت حتى وقفت في صدره، فقلت: يا رسول الله أو على عدو الله ابن أبي القائل يوم كذا وكذا فو الله ما كان إلّا يسيرا حتى نزلت: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً الاية. وثامنا: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ الاية. وتاسعا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ الاية، قلت: هما مع آية المائدة خصلة واحدة، والثلاثة في الحديث السابق. وعاشرا: لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم قال عمر: سواء عليهم، فأنزل الله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ الاية، قلت: أخرجه الطبراني عن ابن عباس. الحادي عشر: لما استشار صلى الله عليه وسلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 438 ......... - بالخروج، فنزلت: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ الاية. الثاني عشر: لما استشار الصحابة في قصة الإفك قال عمر: من زوجكها يا رسول الله؟ قال: الله، قال: أفتظن أن ربك دلّس عليك فيها؟ سبحانك هذا بهتان عظيم! فنزلت كذلك. الثالث عشر: في الصيام لما جامع زوجته بعد الانتباه، وكان ذلك محرما في أول الإسلام، فنزل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الاية، قلت: أخرجه أحمد في مسنده. الرابع عشر: قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ الاية، قلت: أخرجه ابن جرير وغيره من طرق عديدة، وأقربها للموافقة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن يهوديا لقي عمر فقال: إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا، فقال له عمر: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين، فنزلت على لسان عمر. الخامس عشر: قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الاية، قلت: أخرج قصتها ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي الأسود، قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب، فأتيا إليه، فقال الرجل: قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال: ردنا إلى عمر، فقال: أكذاك؟ قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فخرج إليهما مشتملا على سيفه، فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الاخر، فقال: يا رسول الله، قتل عمر- والله- صاحبي، فقال: ما كنت أظن أن يجترىء على قتل مؤمن، فأنزل الله: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الاية، فأهدر دم الرجل وبرأ عمر من قتله، وله شاهد موصول أوردته في التفسير المسند. السادس عشر: الاستئذان في الدخول، وذلك أنه دخل عليه غلامه، وكان نائما، فقال: اللهمّ حرم الدخول، فنزلت آية الاستئذان. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 2405- وعن أبي الخليل قال: لما نزلت هذه الاية: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، وعنده عمر، فقال عمر: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنها ختمت بما تكلمت. - السابع عشر: قوله في اليهود: إنهم في البهت. الثامن عشر: قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، قلت: أخرج قصتها ابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله، وهي في أسباب النزول. التاسع عشر: رفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا، الاية. العشرون: قوله يوم أحد لما قال أبو سفيان: أفي القوم فلان؟ لا تجيبنه، فوافقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: أخرج قصته أحمد في مسنده. قال: ويضم إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهميّة من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن كعب الأحبار قال: ويل لملك الأرض من ملك السماء، فقال عمر: إلّا من حاسب نفسه، فقال كعب: والذي نفسي بيده إنها في التوراة لتابعتها، فخر عمر ساجدا. ثم رأيت في الكامل لابن عدي من طريق عبد الله بن نافع- وهو ضعيف- عن أبيه عن عمران أن بلالا كان يقول- إذا أذن-: أشهد أن لا إله إلّا الله، حي على الصلاة، فقال له عمر: قل في أثرها: أشهد أن محمدا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل كما قال عمر. (2405) - قوله: «وعن أبي الخليل» : لم أعرفه لإبهام شيخه وتلميذه، وقد قال الحاكم أبو أحمد في الكنى [4/ 330] : وممن أعرف منهم بكنيته، ولا أقف على اسمه: أبو الخليل، عن ابن عباس، روى عنه الأعمش، وأبو الخليل، عن سلمان، روى عنه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 ......... - برذعة بن عبد الرحمن حديثه في الكوفيين، وقال فيمن يعرف اسمه: أبو الخليل عبد الله بن الخليل الهمداني، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، سمع أبا الحسن علي بن أبي طالب، حديثه في الكوفيين، وأبو الخليل، صالح بن أبي مريم الضبعي، عن أبي موسى الأشعري، روى عنه أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي، حديثه في البصريين. اه، فلا أدري من أراد المصنف منهم. وفي الباب عن أنس، وابن عباس. أما حديث أنس، فأخرجه الواحدي في أسباب النزول [/ 234- 235] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 113- 114] ، والطيالسي في مسنده [/ 9- 10] ، وابن أبي حاتم- وليس في المطبوع منه- وابن مردويه- كما في الدر المنثور [6/ 94] من حديث ابن جدعان، عن أنس قال: وافقت ربي في أربع، قلت: يا رسول الله لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى، وقلت: يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا، فإنه يدخل عليك البر والفاجر، فأنزل الله تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ الاية، وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن، فنزلت: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ الاية، ونزلت: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) إلى قوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، فقلت: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ. تابعه حميد، عن أنس في الثلاثة الأول، تقدم تخريجه. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في الكبير [11/ 438- 439] رقم 12244، وفي الأوسط [6/ 308- 309] رقم 5658 من طريق بشر بن السري، ثنا رباح بن أبي معروف، عن سالم بن عجلان الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن عبد الله بن عبد الله بن أبي قال له أبوه: أي بني اطلب لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا من ثيابه تكفنني فيه ومره- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 ......... - يصلي عليّ، فقال عبد الله: يا رسول الله قد عرفت شرف عبد الله، وأنه أمرني أن أطلب إليك ثوبا تكفنه فيه وأن تصلي عليه، فأعطاه ثوبا من ثيابه وأراد أن يصلي عليه، فقال عمر: يا رسول الله قد عرفت عبد الله ونفاقه أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ قال: وأين؟ قال: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني سأزيده، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ، وأنزل الله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ، قال: ودخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطال الجلوس فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا لكي يتبعه، فلم يفعل، فدخل عمر رضي الله عنه فرأى الرجل، فعرف الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقعده، فقال: لعلك آذيت النبي صلى الله عليه وسلم، ففطن الرجل فقام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قمت ثلاثا لتتبعني فلم تفعل، فقال: يا رسول الله، لو اتخذت حاجبا فإن نساءك لسن كسائر النساء وهو طهر لقلوبهن، فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى آخر الاية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر فأخبره بذلك، قال: واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر في الأسارى، فقال أبو بكر: يا رسول الله، استحيي قومك وخذ منهم الفداء، فاستعن به، وقال عمر بن الخطاب: اقتلهم، فقال: لو اجتمعتما ما عصيناكما، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر، فأنزل الله عزّ وجلّ: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ، قال: ثم نزلت: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) إلى آخر الايات، فقال عمر: تبارك الله أحسن الخالقين، فأنزلت: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 68] : فيه أبو عبيدة بن فضيل بن عياض وهو لين، وبقية رجاله ثقات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 2406- ولقي يهودي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له: إن جبريل عليه السلام الذي يذكره صاحبك هو عدو لنا، فقال له عمر: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين، فنزلت على لسان عمر رضي الله عنه. 2407- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنا نرى أن السكينة تنزل على لسان عمر، ونرى أن شيطانه يخافه أن يجره إلى معصية الله. (2406) - قوله: «فنزلت على لسان عمر» : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [1/ 182] رقم 961، وابن جرير في تفسيره [1/ 435] كلاهما من طريق حصين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى. قال الحافظ ابن حجر في العجاب [ب 1/ 296] : وهذا غريب، وإن ثبت فيضاف إلى موافقات عمر، وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف، ولم يبين جهة ضعفه، وليس فيه إرسال. اه. وأخرجه ابن جرير من طرق أخرى بألفاظ مطولة ومختصرة [1/ 433- 435] وإلى هذه الموافقة أشار السيوطي في قطف الثمر بقوله: وذكر جبريل لأهل الغدر ... وآيتين أنزلا في الخمر (2407) - قوله: «كنا نرى أن السكينة تنزل على لسان عمر» : روي عن أمير المؤمنين من طرق كثيرة، فأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 462] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 110] ، والطبراني في الأوسط [6/ 256- 257] رقم 5545، وأبو نعيم في الحلية [1/ 42] من حديث عمرو بن ميمون، عن علي قال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر، ما كنا نبعد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة تنطق على لسان عمر- لفظ الطبراني. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 67] : إسناده حسن. وأخرج يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 461] ، ومن طريقه ابن عساكر في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 443 2408- وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ذهب، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لفتى من قريش، فظننت أني أنا هو، فقيل لي: هو لعمر بن الخطاب، فسمعت فيه الأصوات، فذهبت لأدخله، فذكرت غيرتك فرجعت، فقال عمر: أو عليك أغار يا رسول الله!. - تاريخه [44/ 110] من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي بطرفه الأول: ما كنا نبعد ... الحديث، وقد روي موصولا عن الشعبي، عن أبي جحيفة، عن علي، أخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 42] . وطرق حديث الشعبي أسهب في إخراجها ابن عساكر فانظرها في [44/ 107- 111] . وفي الباب عن ابن مسعود عند ابن عساكر [44/ 111] من طريق عاصم عن المسيب بن رافع، عنه: ما كنا نتعاجم أن السكينة تنطق على لسان عمر. وعن طارق ابن شهاب، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 35] رقم 12060، وابن عساكر [44/ 111] كلاهما من طريق شعبة، عن قيس بن مسلم، عنه: كنا نتحدث أن عمر ينطق على لسان ملك، لفظ ابن عساكر، ولفظ ابن أبي شيبة نحو الأول. رواه الكديمي عن عثمان بن عمر، عن شعبة فبلغ به علي بن أبي طالب، أخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 42] . (2408) - قوله: «وعن أنس» : أخرج حديثه من طرق عن أنس: الإمام أحمد في المسند [3/ 107، 179، 191، 263، 269] ، وفي فضائل في الصحابة برقم 679، 715، 450، والترمذي في المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب، رقم 2688، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 41] رقم 8127، وابن أبي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 2409- وقالت عائشة رضي الله عنها: إذا أردتم أن تحسن مجالسكم فعليكم بذكر عمر رضي الله عنه وإن لذكره هشاشة في القلب. - شيبة في المصنف [12/ 27] رقم 12040، والطحاوي في مشكل الاثار [5/ 212- 213] رقم 1957، 1958، 1960، 1961، وصحح ابن حبان حديث حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس، وحديث إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس الأرقام 54، 6887. وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وجابر بن عبد الله. (2409) - قوله: «وقالت عائشة» : أخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 370] من حديث الشعبي عنها قالت: إذا ذكر عمر في المجلس حسن الحديث. وأخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 207] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 380] ، من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبذكر عمر بن الخطاب. وأخرجه ابن عساكر [44/ 380] من طريق جعفر بن برقان، عنها نحوه ليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 148] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 380] من حديث أبي نوفل عنها قالت: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر. وفي الباب عن ابن عباس، أخرجه ابن عساكر [44/ 379- 380] من طريق جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه قال: أكثروا ذكر عمر، فإن عمر إذا ذكر ذكر العدل، وإذا ذكر العدل ذكر الله. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [9/ الأرقام 8812، 8813، 8817، 8818، 8819] من طرق عن ابن مسعود قوله: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 2410- وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث جيشا، وأمّر عليهم رجلا يدعى: سارية، فبينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس يوم الجمعة جعل يصيح وهو على المنبر: يا سارية، الجبل، الجبل، قال: فقدم الجيش سالما غانما، فسألهم فقال: يا أمير المؤمنين لقينا العدو يوم الجمعة وقت الزوال، فقاتلناهم، فهزمونا، فسمعنا صياح صائح يقول: يا سارية، الجبل، الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزمهم الله، فقيل لعمر رضي الله عنه: إنك كنت تصيح بذلك. (2410) - قوله: «يا سارية الجبل، الجبل» : أخرجه الدير عاقولي في فوائده- كما في الإصابة، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، ومن طريقه البيهقي في الدلائل، ومن طريق البيهقي ابن عساكر في تاريخه [20/ 24] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 526، وابن عساكر [20/ 24- 25، 25، 44/ 336] ، واللالكائي في شرح السنة، وابن الأعرابي في كرامات الأولياء، والخطيب في الرواة عن مالك- كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي، والإصابة لابن حجر من حديث نافع، عن ابن عمر. وأخرجه ابن سعد- وليس في المطبوع منه-، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [20/ 25] من حديث الواقدي: حدثني أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه وأبو سنيم، عن يعقوب بن زيد بالقصة. وأخرج القصة ابن عساكر [20/ 26] من طريق سيف بن عمر، عن محمد، وطلحة، ومهلب، وعمرو بها، وفي [20/ 26- 27] عن سيف، عن دثار بن شبيب، عن أبي عثمان وأبي عمرو بن العلاء، عن رجل بها، وفي [20/ 27] من طريق سيف، عن مجالد، عن الشعبي بها. وأخرجها أبو نعيم في الدلائل برقم 527 من طريق الطبراني: ثنا أبو يزيد القراطيسي، أنا أسد بن موسى، ثنا أبو معشر، ثنا نصر بن طريف بها- مرسل. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 2411- وروي أن عمر لما وضع على سريره وسجّي عليه الثوب، أقبل علي بن أبي طالب ومعه الحسن والحسين حتى قام عند سريره وقال: رحمك الله وجزاك عن الإسلام وأهله خيرا، ما من الناس أحد أحب إليّ أن ألقى الله بكتابه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأخيه الماضي من هذا المسجّى. - وأخرجها أبو نعيم برقم 528 من طريق محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن عمرو بن الحارث بها أيضا إسنادها معضل. وأخرجها ابن مردويه- كما في تاريخ الخلفاء [/ 125] من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عمر. (2411) - قوله: «ما من الناس أحد أحب إليّ» : هو في الصحيحين من حديث ابن عباس قال: وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع وأنا فيهم، قال: فلم يرعني إلّا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت إليه فإذا هو علي، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحدا أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أكثر ما أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو- أو لأظن- أن يجعلك الله معهما، لفظ مسلم في فضائل الصحابة برقم 2389. أخرجه البخاري أيضا برقم 3677 لكن دون الشاهد هنا فكأنه اختصره. وقد استوعب طرقه وألفاظه ابن عساكر، فانظر هنا فيه [44/ 451- 457] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 369- 371] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 2412- وروي على علي رضي الله عنه برد- وكان يكثر لبسه- فقيل: إنك تكثر لبس هذا البرد، فقال: كساني خليلي وصفيّي وصديقي وصاحبي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إن عمر ناصح الله فنصحه، ثم بكا. 2413- وقالت أم أيمن لما مات عمر رضي الله عنه: اليوم وهى الإسلام. 2414- وروي أن رسول الروم جاء إليه فقال: أين ملك العرب؟ قالوا: هو نائم في المسجد، فرآه نائما ودرته تحت رأسه، فقال: عدلت فأمنت فنمت. 2415- وروي أن بعض الصحابة قال لعبد الله بن عمر: إني رأيت عجبا، رأيت أمير المؤمنين في الحمام وعلى ظهره أثر السوط، فقال: سبحان الله ومن يضرب أمير المؤمنين، قال: إنه لا ينام كل ليلة حتى يحاسب نفسه، ثم إن له ليلة في كل أسبوع يخلو فيها بنفسه، فإن كان فضل على نفسه شيء ضربها، فذلك الأثر من ذلك. (2412) - قوله: «إن عمر ناصح الله» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 29] رقم 12046، وابن سعد في الطبقات [3/ 121] وابن عساكر في تاريخه [44/ 363] من طرق من حديث أبي السفر، وقيس بن أبي حازم عنه رضي الله عنه. (2413) - قوله: «وقالت أم أيمن» : رواه عنها طارق بن شهاب، أخرجه من طرق، عن قيس بن مسلم، عنه: الطبراني- كما في مجمع الزوائد [9/ 77]-، وابن عساكر في تاريخه [44/ 461- 462، 462] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 2416- ورؤي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما وعلى ظهره قربة ماء، فقيل له: نحن نكفيكها يا أمير المؤمنين، فقال: إنه قد أتاني وفود العرب، وإن نفسي خرجت عليّ، فأحببت أن أكسرها بهذا. 2417- وعن زيد بن وهب قال: كنا في حلقة من حلق المسجد، فاختلف رجلان في حرف من القرآن، فدخل عبد الله بن مسعود المسجد وقد جاء من جبانة بني فزارة، فقام إليه الرجلان فقرأ عليه أحدهما فقال: من أقرأك؟ قال: معقل بن مقرن أبو عمرة، وقرأ عليه الاخر فقال: من أقرأك؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: فرأيته بكى لما ذكر الرجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم مسح عينيه بيده، ثم نفضها، فرأيت لدموعه أثرا في الحصى، ثم قال: إن أهل بيت لم يدخل عليهم حزن من قبل عمر لأهل بيت سوء، ولو علمت أن كلبا كان يحب عمر لكان من أحب الكلاب إليّ، وقال: كان عمر بن الخطاب حصنا حصينا يلجأ إليه أهل الإسلام، فلما ذهب عمر انثلم ذلك الحصن ثلمة لا يسدها أحد بعده، (2416) - قوله: «ورؤي عمر بن الخطاب» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 293] ، وابن عساكر في تاريخه. (2417) - قوله: «وعن زيد بن وهب» : أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 23- 34] مفرقا، الأرقام: 12026، 12033، 12037، 12056، وابن سعد في الطبقات [3/ 371، 371- 372] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 176- 178] الأرقام: 8801، 8802، 8803، 8804، 8805، وأسهب في إيراد طرقه وألفاظه الحافظ ابن عساكر في تاريخه [44/ 373- 376] . وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 26- 27] رقم 12038 من حديث زر عن عبد الله ببعضه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 وكان عمر رضي الله عنه أقرأنا لكتاب الله، وأعلمنا بالله، وأفقهنا في دين الله، اقرأ كما أقرأك عمر، فو الله لهي أبين من طريق السيلحين، وكان رضي الله عنه إذا سلك طريقا اتبعناه فيه رحبا وسهلا، فإذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر رضي الله عنه. 2418- وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستحمله فقال: يا أمير المؤمنين إن ناقتي دبرة نقبة، فقال له عمر: ليست كذلك، فذهب الرجل، قال: فسمعه عمر رضي الله عنه وهو يحدو من الليل ويقول: أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما مسّه من نقب ولا دبر فاغفر له اللهمّ إن كان فجر فقال له عمر: يا فلان يا فلان هل علمت أني معكم؟ قال: لا، فحمله، ثم قال: اللهمّ اغفر لي، اللهمّ اغفر لي. (2418) - قوله: «وجاء رجل إلى عمر» : قال الحارث في مسنده [2/ 895- 896، بغية الباحث] رقم 971: حدثنا أشهل، ثنا ابن عون، عن محمد قال: سأل عمر رجلا عن إبله، فذكر عجفا ودبرا، فقال عمر: إني لأحبسها ضخاما سمانا، قال: فأتى عليه عمر وهو في إبله يحدوا، وهو يقول: أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما أن بها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهمّ إن كان فجر قال: فقال له عمر: ما هذا؟ قال: أمير المؤمنين سألني عن إبلي فأخبرته عنها، فزعم أنه يحبسها ضخاما سمانا، وهي كما ترى، قال: فإني أنا أمير المؤمنين عمر، ائتني في مكان كذا وكذا، فأتاه، فأمر بها فقبضت، وأعطاه مكانها من إبل الصدقة. رجاله ثقات، غير أنه منقطع. وعزاه في الكنز [12/ 650] رقم 35980 للحاكم في الكنى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 2419- وقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر. (2419) - قوله: «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر» : زاد بعضهم في الرواية: خاصة، هكذا وردت بدون (أو) التخيير، وقد أخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 267] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 25- 26] من حديث ابن المسيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عمر بن الخطاب أو أبا جهل بن هشام قال: اللهمّ اشدد دينك بأحبهما إليك، فشدد دينه بعمر بن الخطاب، قال ابن عساكر معلقا: لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا جهل عمرو بن هشام لن يسلم خص عمر بن الخطاب بدعائه فأجيب فيه ... اه. وقد وردت الرواية في ذلك من حديث عائشة، وابن عباس، وثوبان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعن الحسن مرسلا. أما حديث عائشة، فأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 83] ، ومن طريق الحاكم البيهقي في السنن الكبرى [6/ 370] . وأخرجه ابن ماجه في مقدمة السنن برقم 105، وابن عدي في الكامل [6/ 2312] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 26] ، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 370] ، والخطيب في تاريخه [4/ 54] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 26] ، وابن سيد الناس في العيون [1/ 121] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 27] جميعهم من حديث عبد الملك الماجشون، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعا وصححه ابن حبان برقم 6882، ورواه بعضهم عن الماجشون عن هشام. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن الأعرابي في معجمه برقم 275، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 26، 28] من حديث نافع، عن ابن عمر، عن ابن عباس، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 83] وأقره الذهبي في التلخيص. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 2420- وفي رواية: اللهمّ أيد الإسلام بعمر. - وأما حديث ثوبان، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 93] رقم 1428، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 62] : فيه يزيد بن ربيعة الرحبي، قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 27] من طريق الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب. وأما حديث الزبير بن العوام، فأخرجه ابن عساكر [44/ 27] من طريق سيف ابن عمر، عن وائل بن داود، عن يزيد البهي عنه به مرفوعا وزاد فيه: وأعز عمر بن الخطاب. وأما حديث الحسن، فأخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 267] ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على الفضائل برقم 338. (2420) - قوله: «وفي رواية» : الرواية في الأصل ضمن الأولى وفي المصادر منفصلة عنها، وقد وردت من حديث ابن مسعود، وابن عمر، ويحيى بن قيس. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 456] من طريق هاشم بن القاسم، عن المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل قال: قال عبد الله: فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأربع: بذكر الأسرى يوم بدر وأمر بقتلهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68) ، وبذكر الحجاب، أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فقالت له: وإنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ الاية، وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أيد الإسلام بعمر، وبرأيه في أبي بكر، كان أول الناس تابعه. *- خالفه القاسم بن يزيد- وهو ثقة- عن المسعودي، رواه عنه، عن القاسم، عن أبي وائل: اللهمّ أيد الإسلام بعمر، مختصر أخرجه- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 2421- وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو كان بعدي نبي لكان عمر. - الطبراني في معجمه الأوسط [9/ 119] رقم 8249، وابن عساكر في تاريخه [44/ 26] . قال الطبراني: رواه الناس عن المسعودي، عن أبي نهشل. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 270] بإسناد على شرط الصحيح غير أنه منقطع عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال: بلغنا أن عبد الله بن عمر كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أيد دينك بعمر بن الخطاب، وقد ثبت هذا عن ابن عمر. انظر تخريج ما قبله. وأما حديث يحيى بن قيس، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 28- 29] من حديث سعيد بن يحيى بن قيس بن عيسى، عن أبيه أن عمر بن الخطاب ولج على أخته ... الحديث، في قصة إسلامه، وفيه: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ أسعد الدين بعمر، اللهمّ اشدد الدين بعمر. (2421) - قوله: «وعن عقبة بن عامر» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [4/ 154] ، والترمذي في المناقب برقم 3686- وقال: حسن غريب- ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 462، 2/ 500] ، ومن طريقه البيهقي في المدخل برقم 65، ومن طريق البيهقي ابن عساكر [44/ 115] ، والحاكم في المستدرك [3/ 85] وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص، ومن طريق الحاكم البيهقي في المدخل برقم 65، ومن طريق البيهقي ابن عساكر [44/ 115] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1014، 4/ 1511] ، ومن طريقه الثاني ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 320] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 114] ، والروياني في مسنده برقم 214، 223، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 114- 115] ، وأخرجه القطيعي في زوائده على فضائل الإمام، الأرقام 498، 549، 676، 677، 694، وفي فوائده- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 2422- وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: كان إسلام عمر رضي الله عنه فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمارته رحمة. - المنتقاة المسماة بالقطيعيات برقم 199، وابن عبد الحكم في فتوح مصر [/ 288] ، والخطيب في الموضح [2/ 414] ، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 298، 310] رقم 822، 857، جميعهم من طرق بألفاظ من حديث مشرح بن هاعان، عن عقبة به مرفوعا. وفي الباب عن عصمة بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وبلال بن رباح، وابن عمر. أما حديث عصمة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 180] رقم 475 بإسناد فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف، قاله في مجمع الزوائد [9/ 68] . وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 247- 248 مجمع البحرين] رقم 3666 بإسناد فيه عند المنعم بن بشير، وهو ضعيف كما في مجمع الزوائد [9/ 68] . وأما حديث بلال، فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1071] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 320] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 116] من حديث ابن أبي مريم- وهو ضعيف باتفاق- عن ضمرة، عن غضيف بن الحارث، عن بلال مرفوعا: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر. قال ابن عدي: وهذا عن بلال بهذا الإسناد غير محفوظ، وإنما يروى عن عقبة بن عامر، ومع هذا فقد قلب متنه، لأن الرواية: لو كان بعدي نبي لكان عمر. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الخطيب في الرواة عن مالك، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 116] قال الخطيب عقبه: هذا حديث منكر. (2422) - قوله: «كان إسلام عمر رضي الله عنه فتحا» : انظر ما بعده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 2423- وعن ابن مسعود قال: والله ما استطعنا أن نصلي عند الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر. 2424- وعنه رضي الله عنه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله عنه. 2425- وعن حذيفة قال: كان الإسلام في زمان عمر كالرجل المقبل، لا يزداد إلّا قربا، فلما قتل عمر صار كالرجل المدبر، لا يزداد إلّا بعدا. 2426- وكان عند عمر رجل يريد أن يستعمله، فجاء ولد لعمر رضي الله عنه فقبّله عمر، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إن لي منهم أربعة- أو خمسة- ما قبلت صبيا منهم قط، فقال عمر: أنت بالمسلمين أقل رحمة، لا تلي لي عملا أبدا. (2423) - قوله: «والله ما استطعنا أن نصلي» : فرقه المصنف عن الذي قبله والاتي بعده، وأخرجه بطوله ابن سعد في الطبقات [3/ 270] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 178، 182] رقم 8806، 8820، وابن عساكر في تاريخه [44/ 47، 47- 48] ، جميعهم من حديث القاسم بن عبد الرحمن- ولم يسمع من ابن مسعود- عن ابن مسعود به. (2424) - قوله: «ما زلنا أعزة» : أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، رقم 3684، وفي مناقب الأنصار، باب إسلام عمر بن الخطاب، رقم 3863. (2425) - قوله: «وعن حذيفة» : أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات [3/ 373] ، والحاكم في المستدرك [3/ 84] وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في التلخيص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 455 2427- وعن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: إني لأحسب لو وضع علم عمر في كفة ميزان، ووضع علم الناس في الكفة الأخرى لرجح علم عمر، وقال: إني لأظن أن عمر رضي الله عنه قد ذهب بتسعة أعشار العلم. 2428- وجاء ذميّ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: السلام عليك يا ملك العرب، فقال له عمر: أكذاك تجدوني في كتابكم؟ أليس تجدون النبي ثم الخليفة، ثم أمير المؤمنين، ثم الملوك بعد؟ قال: بلى. 2429- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: دخلت على عمر رضي الله عنه حين أصيب، فقلت: مصّر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح، وفعل بك وفعل، فقال: وددت أني أنجو منها، لا أجر ولا وزر. 2430- وحكي أنه رضي الله عنه مر بسوق الطعام، فرأى رجلا يعرف بحاطب يبيع الزبيب- وكان السعر غاليا- فقال له: يا حاطب إما أن تدخل زبيبك البيت، وإما أن ترخص في السعر، فإني سمعت بعير مقبلة، فإذا سمعوا سعرك سعروا بمثله، فلما رجع إلى بيته وحاسب نفسه قال: لم فعلت ذلك وهو ماله لا مالك؟ فرجع إليه وقال: إنما أردت به الخير للمسلمين، فكيف شئت فبع، وأين شئت فبع. (2427) - قوله: «إني لأحسب لو وضع علم عمر» : خرجناه في مقدمة المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 371- فتح المنان. (2429) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 657، وابن سعد في الطبقات [3/ 351 مرتين] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 423، 423- 424، 424، 424- 425] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 2431- وروي أنه رضي الله عنه كان يخطب يوما للاستسقاء، فسمع صوتا: أبا حفص أتاك الغيث، وأمطروا مطرا مباركا. 2432- وعن أبي كعب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جاءني جبريل فذكرني أمر عمر بن الخطاب، فقلت: يا جبريل أخبرني عن فضائل عمر بن الخطاب وما له عند الله، قال لي: يا محمد لو جلست معكم قدر ما لبث نوح في قومه لن أستطيع أن أخبرك عن فضائل عمر وما له عند الله، ثم قال: يا محمد، ليبك الإسلام بعد موتك على موت عمر. (2431) - قوله: «وروي أنه كان يخطب» : أخرج القصة بطولها ابن عساكر في تاريخه [44/ 346] من طريق عطاء بن مسلم، عن العمري، عن خوات بن جبير قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر رضي الله عنه، فخرج عمر رضي الله عنه بالناس، فصلى بهم ركعتين، وخالف بين طرفي ردائه، فجعل اليمين على اليسار، واليسار على اليمين، ثم بسط يده فقال: اللهمّ إنا نستغفرك ونستسقيك، قال: فما برح مكانه حتى مطروا، فبينا هم كذلك إذ الأعراب قد قدموا فأتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين بينا نحن بوادينا في يوم كذا، في ساعة كذا إذ أظلنا غمام، فسمعنا فيها صوتا: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص. (2432) - قوله: «وعن أبي بن كعب» : أخرج حديثه تمام في فوائده برقم 1662، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 137- 138] ، والدارقطني في غرائب مالك- كما في اللسان [2/ 189]- والخطيب في الرواة عن مالك، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 137] جميعهم من حديث فتح بن نصر الفارسي: أنا حسان بن غالب، ثنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي به. قال الدارقطني: لا يصح عن مالك، وفتح وحسان ضعيفان. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 2433- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ما رأيت عمر رضي الله عنه إلّا وكأن بين عينيه ملكا يسدده. - تابعه عبد الله بن عامر الأسلمي- وهو ضعيف أيضا- عن ابن شهاب، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 321] ، والراوي عنه: حبيب بن أبي ثابت، كذا وقع في موضوعات ابن الجوزي والظاهر أنه تصحيف، لأن الراوي عنه وهو محمد بن رزق الله إنما يروي عن حبيب بن أبي حبيب- كاتب مالك- عن عبد الله بن عامر، فظهر فيه علة أخرى وهو أن حبيب بن أبي حبيب هذا كذبه جماعة واتهموه حتى قال النسائي: أحاديثه كلها موضوعة، ومن الدليل على ما تقدم ما رواه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 21] رقم 61 من طريق أحمد بن داود المكي، ثنا حبيب كاتب مالك، ثنا ابن أخي الزهري، وذكر الحديث مختصرا. نعم وفي الباب عن عمار بن ياسر، وعثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري. حديث عمار بن ياسر، تقدّم في فضائل أبي بكر رضي الله عنه برقم 2359، وأشرنا تحته إلى حديث عثمان. أما حديث زيد بن ثابت، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 137] بإسناد فيه الكديمي وهو متهم. وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه أيضا ابن عساكر [44/ 138] بإسناد فيه داود بن سليمان- وهو ضعيف كما في اللسان [2/ 418]- أنا حازم بن جبلة، عن أبيه- وهو مجهول- عن جده، عن أبي سعيد به. (2433) - قوله: «وعن عبد الله بن مسعود» : أخرج حديثه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 462] ومن طريقه ابن عساكر [44/ 89] من حديث عاصم، عن زر قال: كان عبد الله يخطب ويقول: إني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقومه، وإني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثا فيرده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 2434- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان قبل إسلام عمر تسعة وثلاثون ما بين رجل وامرأة، فأسلم عمر فتموا أربعين، فأنزل الله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) الاية. 2435- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقني الله من نوره، وخلق أبا بكر من نوري، وخلق عمر من نور أبي بكر، وخلق أمتي من نور عمر، ... (2434) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 60] رقم 12470، والواحدي في أسباب النزول [/ 177- 178] ، وأبو الشيخ، وابن مردويه- كما في الدر المنثور [4/ 101]-، من حديث إسحاق بن بشر- وهو ضعيف اتهم بالكذب-: ثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. رواه الحماني، عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس لم يذكر فيه عدد من أسلم، وبعضهم يذكر سبب نزول الاية، وبعضهم يذكر قول قريش: انتصف القوم منا. أخرجه البزار في مسنده [3/ 172 كشف الأستار] رقم 2495، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 55] رقم 11659، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 85] ، ووافقه الذهبي في التلخيص، والحماني ضعيف أيضا. (2435) - قوله: «خلقني الله من نوره» : أخرجه أبو نعيم في أماليه- كما في تنزيه الشريعة [1/ 337]- من طريق أحمد بن يوسف المسيحي، عن أبي شعيب السوسي، عن الهيثم بن جميل، عن أبي معشر، عن المقبري، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال أبو نعيم: هذا باطل، أبو معشر والهيثم وأبو شعيب متروكون، وقال الذهبي في الميزان: هذا كذب، ما حدث به واحد من الثلاثة، وإنما الافة عندي من المسيحي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 459 فعمر سراج أهل الجنة. 2436- وقالت عائشة رضي الله عنها: لما طعن عمر رضي الله عنه سمعوا: - قوله: «فعمر سراج أهل الجنة» : ورد هذا الشطر من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، والصعب بن جثامة، وعن ابن المسيب قوله. أما حديث ابن عمر، فأخرجه الحسن بن عرفة في جزءه برقم 5، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [4/ 1507] ، والخطيب في تاريخه [12/ 49] ، ومن طريق الخطيب وغيره ابن عساكر في تاريخه [44/ 166] ، والبزار في مسنده [3/ 174 كشف الاستار] رقم 2502 وفي إسناده عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وهو ضعيف كما في مجمع الزوائد [9/ 74] . أما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [6/ 333] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 167] من حديث الواقدي- وهو متروك- عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال أبو نعيم: تفرد به الواقدي، عن مالك. *- رواه أبو خالد البياضي، عن ابن المسيب قوله، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 167] . وأما حديث الصعب بن جثامة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 166- 167] أيضا من حديث الواقدي، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عنه به مرفوعا. (2436) - قوله: «وقالت عائشة» : أخرج حديثها ابن سعد في الطبقات [3/ 333] من طريق أبي نعيم: أنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع قال: أخبرني ابن شهاب قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أن أمه أم كلثوم بنت أبي بكر حدثته- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 460 عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق في أكمامها لم تفتّق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق 2437- وقال عمر رضي الله عنه لعائشة: أتأذنين أن أقبر في حجرتك هذه وأعوضك؟ ثم قال: إذا مت فاغسلوني وكفنوني واستأذنوا لي على- عن عائشة قالت: لما كان آخر حجة حجها عمر بأمهات المؤمنين قالت: إذ صدرنا عن عرفة مررت بالمحصب سمعت رجلا على راحلته يقول: أين كان عمر أمير المؤمنين؟ فسمعت رجلا آخر يقول: هاهنا كان أمير المؤمنين، قال: فأناخ راحلته ثم رفع عقيرته فقال: وذكرت الأبيات، قال: فلم يحرك ذاك الراكب ولم يدر من هو، فكنا نتحدث أنه من الجن، قال: فقدم عمر من تلك الحجة فطعن فمات، قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة قال: قالت عائشة: من صاحب هذه الأبيات؟ فقالوا: مزرد بن ضرار، قالت: فلقيت مزردا بعد ذلك فحلف بالله ما شهد تلك السنة الموسم. وأخرج ابن عساكر [44/ 478- 480] من طرق عن معروف بن أبي معروف، ومالك بن دينار، وثور ابن لابي أن عمر لما مات ناحت عليه الجن، وسمعوها تحدوا: ليبك على الإسلام من كان باكيا ... فقد أوشكوا هلكى وما قدم العهد وقد ولّت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملها من كان يوقن بالوعد رواية معروف أيضا أخرجها الطبراني في معجمه الكبير [1/ 22] رقم 62. وأخرج ابن إسحاق ومن طريقه ابن عساكر أن عمر لما أصيب سمع صوت الجن: يبكيك نساء الجن يبكين شجيات ويخمشن وجوها كالدنانير نقيات ويلبسن ثياب السود بعد القصيبات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أذن فادفنوني معه ففعلوا، ثم أتوا باب الحجرة واستأذنوا فسمعوا صوتا: أن أدخلوا الحبيب على الحبيب، فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق، فقبر ثم، وانتقلت عائشة رضي الله عنها إلى دار في وجه القبلة، فقيل لها: لم انتقلت يا أم المؤمنين؟ قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم روحي، وإن أبا بكر رضي الله عنه كان أبي، وإني ربما أكشف عن رأسي وعمر رضي الله عنه من الأجانب، لا أحب أن يراني. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 462 [295- فصل: في فضائل عثمان بن عفّان رضي الله عنه] 295- فصل: في فضائل عثمان بن عفّان رضي الله عنه وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عبد شمس جد عثمان، وهاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم، وهاشم وعبد شمس أخوان، ابنا عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر- وهو قريش-. كنيته رضي الله عنه: أبو عمر، وأبو عبد الله، ولقبه: ذو النورين. - قوله: «في فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه» : انظر أخباره وسيرته رضي الله عنه في: تهذيب الأسرار للمؤلف نفسه [/ 226] ، سير أعلام النبلاء [سير الخلفاء- 149] ، تاريخ ابن عساكر [استوعب أخباره في مجلد كامل 39] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 35- ص 467] ، المعرفة لأبي نعيم [1/ 58، 4/ 1952] ، التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان لمحمد بن يحيى المالقي، الإصابة [6/ 391] ، الاستيعاب [8/ 27] ، تهذيب الكمال [19/ 445] ، طبقات ابن سعد [3/ 53] ، أسد الغابة [4/ 91] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 321] ، غاية النهاية لابن الجزري [1/ 507] ، تهذيب التهذيب [7/ 127] ، مسند الإمام أحمد [1/ 57] ، فضائل الصحابة له [1/ 448] ، كنز العمال [11/ 585] ، [13/ 27] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي [/ 147] قوله: «ولقبه: ذو النورين» : قال أبو نعيم في المعرفة: كان اسمه ذا النورين، وهاجر الهجرتين، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 2438- أخبرنا أبو سعيد: إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الخلالي، الجرجاني، التاجر رحمه الله، أنا أحمد بن محمد الجرجاني، - قتل مظلوما فأوتي من الأجر كفلين، كان يسمى: الليّن الرحيم، المتعفف العفيف، أمير البررة، وخير الخيرة، الأمين قتيل الفجرة، كان كفه أول كف خطّت المفصّل، سل سيف الفتنة لقتله، فلم يغمد بعد، كان ممن يحيي الليل بركعة يختم فيها، ممن جاد بدمه دون دماء المسلمين، كانت الخيل البلق في المغازي إلى أيامه مشهودة، فلما قتل مظلوما صارت مفقودة، ضرب له النبي بسهم بدر وأجره، وبايع له في بيعة الرضوان بكفه. (2438) - قوله: «الخلالي» : قال السمعاني: هذه النسبة إلى الخل، وإلحاق الياء في مثل هذا الانتساب أكثرها بجرجان وطبرستان وخوارزم، قال: وأبو سعيد هذا من أهل جرجان، سكن نيسابور، وبها ولد، وبها مات، وكان أحد الجوّالين في طلب الحديث والورّاقين في بلاد الدنيا والمفيدين، سمع بنيسابور أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وببغداد الهيثم بن خلف الدوري، وبالموصل أبا يعلى أحمد بن المثنى، وبعسقلان محمد بن الحسن ابن قتيبة، وبمصر أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، قال: وسمع منه الحاكم أبو عبد الله، وذكره في التاريخ وقال: انتقى عليه أبو علي الحافظ، قال: وكان يملي من أصوله، ويحسن إلى أهل العلم ويقوم بحوائجهم. اه. باختصار. قال أبو عاصم: لم يذكره الحافظ الذهبي في السير وهو من شرطه، فكأنه ذهل عنه، وذكره في تاريخ الإسلام، وانظر: تاريخ جرجان [/ 151] ، الأنساب [2/ 423] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 364- ص- 322] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 464 الملحمي، ثنا أبو مروان العثماني بمكة قال: حدثني أبي، ... - قوله: «الملحمي» : بضم الميم، وسكون اللام، ثم مهملة مفتوحة، نسبة إلى الملحم، وهي نبات تنسج من الإبريسيم، قاله السمعاني، ثم ذكر صاحبنا وقال: ومنهم أبو الحسن أحمد بن محمد بن حرب بن سعيد بن عمرو الملحمي، مولى سليمان بن علي الهاشمي الجرجاني، من أهل جرجان، روى عن علي بن الجعد وأبي مصعب، روى عنه أبو أحمد بن عدي، وأحمد بن أبي عمران، وكان كذابا يتعمد الكذب، وكان يلقن فيتلقن. اه. وكذلك قال ابن عدي في الكامل، وقد توبع في حديث الباب كما سيأتي. انظر: الأنساب للسمعاني [5/ 378] ، الكامل لابن عدي [1/ 203] ، الميزان [1/ 134] . قوله: «ثنا أبو مروان العثماني» : هو محمد بن عثمان بن خالد بن عمر القرشي، الأموي، المدني، نزيل مكة، وأحد شيوخ ابن ماجه داخل السنن، وهو صدوق له عن أبيه مناكير، قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطىء، ولو زاد: يجتنب من روايته ما كان منها عن أبيه، ففيها مناكير، لكان أحسن، قال الذهبي في الديوان: ثقة، له عن أبيه مناكير. التاريخ الكبير [1/ 181] ، الجرح والتعديل [8/ 25] ، وثقات ابن حبان [9/ 94] ، وتهذيب الكمال [26/ 81] ، وتهذيب التهذيب [9/ 299] ، والكاشف [3/ 67] ، الميزان [5/ 86] ، ديوان الضعفاء [2/ 320] ، والتقريب [/ 496] الترجمة رقم 6128، سير أعلام النبلاء [11/ 441] ، المغني [2/ 612] . قوله: «حدثني أبي» : هو عثمان بن خالد بن عمر القرشي، الأموي، أبو عفان المدني، أيضا من- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 465 عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، ... - رجال ابن ماجه داخل السنن، وهو منكر الحديث، قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة. تهذيب الكمال [19/ 363] ، تهذيب التهذيب [7/ 105] ، الكاشف [2/ 217] ، التاريخ الكبير [6/ 220] ، الجرح والتعديل [6/ 149] ، الكامل لابن عدي [5/ 1822] ، الميزان [3/ 429] ، المغني [2/ 424] ، الديوان [2/ 145] ، التقريب [/ 383] الترجمة رقم 4464، المجروحين لابن حبان [2/ 102] . قوله: «عن عبد الرحمن بن أبي الزناد» : القرشي مولاهم، كنيته: أبو محمد المدني، ممن يعتبر به في الحديث، ويجتنب من روايته ما كان منها عن أبيه لشدة نكارتها، يقال: روى عنه أشياء لم يروها غيره، أخرج له البخاري في التعاليق، ومسلم في المقدمة، والباقون. تهذيب الكمال [17/ 95] ، تاريخ بغداد [10/ 282] ، تهذيب التهذيب [6/ 155] ، الكاشف [2/ 146] ، التقريب [/ 340] الترجمة رقم 3861، سير أعلام النبلاء [8/ 150] ، الميزان [3/ 289] ، الديوان [2/ 100] ، المغني في الضعفاء [2/ 382] ، المجروحين [2/ 56] ، الكامل لابن عدي [40/ 1585] ، التاريخ الكبير [5/ 315] ، الجرح والتعديل [5/ 252] . قوله: «عن أبيه» : هو عبد الله بن ذكوان القرشي مولاهم، أبو عبد الرحمن الأموي، المدني، يعد في التابعين الثقات ومن فقهاء المدينة الأثبات المحتج بهم، أخرج له الستة. تهذيب الكمال [14/ 476] ، تهذيب التهذيب [5/ 178] ، الكاشف [2/ 75] ، التقريب [/ 302] الترجمة رقم 3302، سير أعلام النبلاء [5/ 445] ، إكمال مغلطاي [7/ 333] ، المعرفة والتاريخ [1/ 300] ، التاريخ الكبير [5/ 83] ، الجرح والتعديل [5/ 49] ، الميزان [3/ 132] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي رفيقا، ورفيقي في الجنة عثمان بن عفان. قوله: «عن الأعرج» : هو عبد الرحمن بن هرمز، الإمام التابعي الحافظ الثبت: أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأحد أصحاب أبي هريرة الأثبات، وحديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [17/ 467] ، سير أعلام النبلاء [5/ 69] ، طبقات ابن سعد [5/ 183] ، تهذيب الأسماء [1/ 305] ، الثقات لابن حبان [5/ 107] ، التاريخ الكبير [5/ 360] ، الجرح والتعديل [5/ 297] ، تهذيب التهذيب [6/ 260] ، الكاشف [2/ 167] ، التقريب [/ 352] الترجمة رقم 4033. قوله: «ورفيقي في الجنة عثمان» : إسناده ضعيف كما تبين من خلال تراجم رجاله، وأخرجه المصنف بنفس الإسناد في كتابه الجليل: تهذيب الأسرار [/ 226] . تابعه عن أبي مروان: 1- ابن ماجه، أخرجه في مقدمة السنن برقم 109. 2- عبد الله بن موسى الصقر، أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل برقم 843، وابن عدي في الكامل [5/ 1822] ، ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 105] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 201] رقم 324. 3- ابن أبي عاصم، أخرجه في السنة برقم 1289، ومن طريقه الحافظ المزي في التهذيب [19/ 365] . 4- هارون بن يوسف الشطوي، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 105] . *- رواه أبو الموجه محمد بن عمرو، عن أبي مروان فأسقط أبا الزناد، أخرجه ابن عساكر [39/ 104] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 467 ......... - وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله، فأخرج الترمذي في المناقب، باب في مناقب عثمان بن عفان، رقم 3698، وعبد الله في زوائده على الفضائل برقم 820، والقطيعي كذلك برقم 616، 840، 860، 861، وابن عساكر في تاريخه [39/ 104] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 28] رقم 665، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 104] جميعهم من حديث يحيى بن يمان: ثنا شيخ من بني زهرة، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن طلحة بن عبيد الله بمثله مرفوعا، قال أبو عيسى: غريب، وليس إسناده بالقوي، وهو منقطع. قلت: تابعه النعمان بن سعد- تابعي يعتبر به- عن طلحة، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 288] . وله إسناد آخر، فأخرجه أبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [9/ 239] رقم 8900- وابن أبي عاصم في السنة برقم 1288، وعبد الله في زوائد المسند [1/ 74] ، وفي زوائد الفضائل برقم 783، وابن الجوزي في العلل [1/ 199- 200] رقم 323، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم 2566، من حديث أبي عبادة الزرقي- اسمه عيسى بن عبد الرحمن، أحد الضعفاء-، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: شهدت عثمان يوم حوصر، ولو ألقي حجر لم يقع إلّا على رأس رجل، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل فقال: يا أيها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا، ثم قال: يا أيها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا، ثم قال: يا أيها الناس أفيكم طلحة؟ فقام طلحة بن عبيد الله، فقال له عثمان: ألا أراك هاهنا، ما كنت أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيا بني، أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع كذا وكذا ليس معه أحد من أصحابه غيري وغيرك، فقال: يا طلحة إنه ليس من نبي إلّا ومعه من أصحابه رفيق من أمته معه في الجنة، وإن عثمان بن عفان رفيقي في الجنة؟ فقال طلحة: اللهمّ نعم، ثم انصرف. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 468 2439- وعن عبد الرحمن بن خيّاب السلمي قال: إني لتحت منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فحضّ على جيش العسرة، فلم يجبه أحد، فقام عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: يا رسول الله مائة بعير بأحلاسها وأقتابها عون في هذا الجيش، ثم حضض فلم يجبه أحد فقام عثمان فقال: يا رسول الله مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها عون في هذا الجيش، ثم حضض فلم يجبه أحد فقام عثمان فقال: يا رسول الله ثلثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها عون في هذا الجيش. - صححه الحاكم في المستدرك [3/ 97] : وأعله الذهبي في التلخيص بجهالة القاسم بن الحكم. وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1290 من وجه آخر من حديث خارجة بن مصعب، عن عبيد الله بن عبيد، عن أبيه بمعناه مختصرا. (2439) - قوله: «وعن عبد الرحمن بن خباب السلمي» : قيل: هو ابن خباب بن الأرث، قال ابن عبد البر: وليس بشيء، له صحبة، يعد في البصريين، يقال: ليس له سوى حديث الباب. طبقات ابن سعد [7/ 78] ، مسند أحمد [4/ 75] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 1839] ، المعرفة والتاريخ [1/ 289] ، الاحاد والمثاني [3/ 102] ، أسد الغابة [3/ 290] ، الاستيعاب [6/ 41] ، تهذيب الكمال [17/ 80] ، تهذيب التهذيب [6/ 152] ، الإصابة [6/ 274] ، ثقات ابن حبان [3/ 253] ، التاريخ الكبير [5/ 246] ، الجرح والتعديل [5/ 228] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 347] ، الكاشف [2/ 145] . قوله: «فحضّ على جيش العسرة» : أخرجه من طرق: الترمذي في المناقب برقم 3700- وقال: غريب-، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1189 ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 59] ، وابن عساكر في تاريخه [39/ 58- 59، 59- 60، 61] ، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 469 قال عبد الرحمن بن خباب: فكأني أنظر إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب بها ويجيء وهو يقول: ما على عثمان ما عمل بعد اليوم. 2440- وعن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: قحط الناس على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا له: قد قحط الزمان، والسماء لم تمطر، والأرض لم تنبت، والناس في شدة، فقال: انصرفوا فإنكم لن تمسوا حتى يفرج الله عنكم، قال: فما لبثنا إلّا قليلا أن جاء أجراء عثمان بن عفان رضي الله عنه من الشام، وجاءته مائة راحلة برا- أو قال: طعاما- فجاء التجار إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج عثمان رضي الله عنه- والإمام أحمد في مسنده [4/ 75] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 60] ، والبخاري في التاريخ الكبير [5/ 246] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 289] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [3/ 102، 103] رقم 1419، 1420، وابن سعد في الطبقات [7/ 78] ، والقطيعي في زوائد الفضائل برقم 822، 823، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 426] رقم 5911، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 1839] والروياني في مسنده برقم 1541، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 60] . (2440) - قوله: «وعن ميمون بن مهران» : تقدمت القصة في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ مختصر، برقم 891، ساقها المصنف هنا بطولها، وأخرجها ابن عساكر في تاريخه [39/ 533] من طريق أبي عمرو بن العلاء المقرىء، عن يعلى بن حكيم، عن طاوس عن ابن عباس قال: لما أن قتل عثمان رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي فمر بي فسلم علي فقلت: حبيبي يا رسول الله ألا تقف حتى أشتفي منك بالنظر؟ قال: إني مستعجل، إن أبي إبراهيم وأخي موسى منتظرون لي لزفاف عثمان بن عفان الليلة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 في ملأ من الناس فقال: ما شأنكم؟ قالوا: قد قحط الزمان والناس في شدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما فبعناه حتى نوسع على المسلمين، فقال عثمان رضي الله عنه: حبا وكرامة، ادخلوا واشتروا، فدخل التجار، وإذا الطعام موضوع في الدار فقال: معاشر التجار كم تربحوني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنين، قال: قد زادوني، قالوا: للعشرة أربعة، قال: قد زادوني، قالوا: للعشرة خمسة، قال: قد زادوني، قال التجار: يا أبا عمرو ما بقي في المدينة تجار غيرنا، فمن الذي زادك؟ فقال عثمان رضي الله عنه: زادني الله عز وجل، بكل درهم عشرا، أعندكم زيادة؟ قالوا: لا، قال: فإني أشهد الله عز وجل أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين. قال ابن عباس: فرأيت في ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق، عليه حلة من نور، وفي رجليه نعلان من نور، وبيده قضيب من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله قد اشتد شوقي إليك، فأين تبادر؟ فقال: يا ابن عباس إن عثمان بن عفان تصدق بصدقة، وإن الله تعالى قد قبلها منه، فزوجه بها عروسا في الجنة، وإنا قد دعينا إلى عرسه. 2441- وروي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مضطجعا في بيت عائشة رضي الله عنها على الفراش لابسا مرط عائشة كاشفا عن فخذيه- أو ساقيه- فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث ساعة ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث ساعة ثم انصرف، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فسوّى ثيابه، ثم أذن له، فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله لم أرك عرفت لأبي بكر وعمر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 471 مثل ما عرفت لعثمان، قال: إن عثمان رجل حيي، وإني خثيت إن أذنت له وأنا على تلك الحال ألا يبلغ فيّ حاجته. قوله: «إن عثمان رجل حيي» : روي الحديث باللفظ الأخير هنا وباللفظ الاتي بعده، رواه عن أم المؤمنين عائشة جماعة منهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن العاص وحديثهما عند مسلم، ورواه عنها أيضا: يحيى بن سعيد بن العاص وعطاء، وسليمان ابنا يسار، وجبير بن نفير، وذكوان أبو صالح، وعائشة بنت طلحة، نشير إلى مواضع حديثهم عنها في الجملة دون تفصيل اختصارا. فأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان رضي الله عنه رقم 2401 (26) ، 2402 (27) ، والإمام أحمد في المسند [1/ 71، 6/ 155] ، وفي فضائل الصحابة برقم 493، 794، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 20409، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 167] ، وفي الفضائل برقم 760، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6906، والبغوي في شرح السنة برقم 3900، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 474] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 74- 75] رقم 5515، 5516، وأبو يعلى في مسنده [7/ 414- 415] رقم 4437، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 83- 84] ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6907، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 231] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 82- 83] ، وأبو يعلى أيضا في [8/ 240- 241] رقم 4815، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 80] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 230- 231] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 81] ، والبغوي في شرح السنة برقم 3899، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد رقم 2558، 2559. حديث عائشة بنت طلحة أخرجه الإمام أحمد [6/ 62] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 86] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 472 2442- وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة. 2443- وجاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه فقال: أشهد عثمان بيعة رضوان؟ قال: لا، قال: فشهد بدرا؟ قال: لا، قال: فكان الرجل ممن استزلّه الشيطان؟ قال: نعم، فقام الرجل، فقال له بعض القوم: إن هذا يزعم أنك وقعت في عثمان، فقال: ردوا عليّ الرجل، فقال: عقلت ما قلت لك؟ قال: نعم، سألتك: هل شهد عثمان بيعة الرضوان؟ قلت: لا، وسألتك: هل شهد بدرا؟ قلت: لا، وسألتك: هل كان ممن استزلّه الشيطان؟ فقلت: نعم. قال: أما بيعة الرضوان فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، وإني أبايع له، فضرب إحدى يديه على الأخرى، وأما يوم بدر فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب له بسهم، ولم يضرب- وحديث جبير بن نفير عنها أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 86] . وحديث ذكوان أبو صالح أخرجه أبو يعلى- ولعله في الكبير- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 85- 86] ، وعبد الله في زوائده على الفضائل برقم 450. (2443) - قوله: «وجاء رجل» : في صحيح البخاري أنه من أهل مصر حج البيت، أخرجه في صحيحه بطوله ومعناه- مع اختلاف في السياق يسير- في فضائل الصحابة، باب مناقب عثمان بن عفان، رقم 3698، وفي المغازي، باب قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ الاية، رقم 4066. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 473 لأحد غاب عنها غيره، وأما قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 155. 2444- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأبى أن يصلي عليها، فقالوا: يا رسول الله ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلّا على هذا؟ قال: إنه كان يبغض عثمان، فأبغضه الله. 2445- وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يطلع عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة، فاطلع عثمان بن عفان رضي الله عنه. (2444) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه الترمذي في المناقب، برقم 3709، والقطيعي في زياداته على الفضائل برقم 859، 863، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1312، وابن حبان في المجروحين [2/ 250] ، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 332] ، وابن عساكر في تاريخه من طرق [39/ 129- 131] ، جميعهم من حديث محمد بن زياد- وليس بالطحان بل رجل اتهم بالكذب والوضع- عن ابن عجلان، عن أبي الزبير عنه به مرفوعا. أورده ابن أبي حاتم في العلل [1/ 367] وذكر عن أبيه قوله: هذا حديث منكر. (2445) - قوله: «فاطلع عثمان» : أخرجه عبد الله في زياداته على فضائل أبيه برقم 732، وابن عساكر في تاريخه [39/ 105، 105- 106] بإسناد فيه محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 474 2446- وقال عثمان رضي الله عنه في بعض حديثه: ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2447- وقال صلى الله عليه وسلم ذات يوم: تهجمون على رجل من أهل الجنة معتجر ببرده، قال: فهجمنا على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو معتجر ببرد يبايع الناس. 2448- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعثمان: إن الله مقمصك قميصا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني. (2446) - قوله: «في بعض حديثه» : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 53] رقم 12101، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1308، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 488] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 27] ، والخرائطي في اعتلال القلوب برقم 195، وابن عساكر في تاريخه [39/ 27- 28] عن عثمان بن عفان قال: إني اختبأت عند الله عشرا: إني لرابع في الإسلام، وقد زوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم ابنته، وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه اليمنى فما مسست بها ذكري، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري هذه الربعة ويزيدها في المسجد وله بيت في الجنة؟ فاشتريتها وزدتها في الجنة. (2447) - قوله: «تهجمون على رجل» : تقدم في أبواب الدلائل، في فصل إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات، برقم 1300. (2448) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» : تقدم حديثها في الدلائل، في فصل إخباره صلى الله عليه وسلم بالكوائن والمغيبات برقم 1282، وأشرنا هناك إلى بعض طرقه ومواضعه، ونشير هنا إلى مواضع- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 475 2449- وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي بعثني بالحق نبيا، ما من نبي أوحى الله إليه من ولد آدم أمره أن يزوج ابنتيه رجلا واحدا إلّا أنا، أمرني الله فزوجت ابنتي عثمان، وما زوجته إلّا بوحي من السماء. - أخرى تتميما للفائدة، فقد رواه عنها جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: 1- النعمان بن بشير، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 48- 49] رقم 12094، والإمام أحمد في المسند [6/ 86، 149] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 279- 280] ، والترمذي في المناقب، برقم 3705، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 112، والطبراني في الأوسط [3/ 397] رقم 2854، وصحح ابن حبان أحد أسانيده برقم 6915- الإحسان-. 2- ورواه سعيد بن عمرو بن العاص، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 114] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 283] . 3- ورواه عروة عنها وله طرق، منها: ما أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 75] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 281- 282] ، من حديث الفرج بن فضالة، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عنه، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 99- 100] . وانظر تعليقنا على حديثها المتقدم في الفصل المشار إليه. (2449) - قوله: «وما زوجته إلّا بوحي من السماء» : في الباب عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري وابن عباس، وعائشة، وأم عياش رضي الله عنه. أما حديث أبي هريرة، فتقدّم تخريجه في أول الترجمة، وفيه عند من ساقه بطوله: وما زوجته إلّا بوحي من السماء، وفي إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد لين، وبقية رجاله ثقات، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 83] ، كما تقدم. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 476 فكان عثمان إذا لقيه ابن عمر سلم عليه وقال له: يا ذا النورين. - وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأورده المصنف في باب أزواجه صلى الله عليه وسلم، برقم 936 وفيه: ولا زوجت شيئا من بناتي إلّا بوحي جاءني به جبريل، وفي إسناده عطية العوفي، وقد خرجناه هناك. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1725] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 41] ، والطبراني في معجمه الصغير [1/ 148] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 41] من حديث عمير بن عمران الحنفي- وهو ضعيف-، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: إن الله أوحى إليّ أن أزوج كريمتيّ عثمان. وأما حديث عائشة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 41] ، نحو حديث ابن عباس بإسناد فيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو ضعيف. وأما حديث أم عياش، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [25/ 92] رقم 236، وفي الأوسط [6/ 128- 129] رقم 5265، وابن عساكر في تاريخه [39/ 46] ، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زوجت عثمان أم كلثوم إلّا بوحي من السماء، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 83] بشواهده. قوله: «وقال له: يا ذا النورين» : أخرج خيثمة في فضائل الصحابة- كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي- ومن طريقه ابن عساكر [39/ 47] ، وأبو نعيم في المعرفة برقم 240، عن النزال بن سبرة قال: قلنا لعلي، يا أمير المؤمنين حدثنا عن عثمان، قال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه، ضمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتا في الجنة. وأخرج أبو نعيم في المعرفة برقم 239 من حديث الحسين بن علي الجعفي قال: قال لي أبي: يا بني تدري لم سمي عثمان ذا النورين؟ لأنه لم يجمع بين ابنتي نبي من لدن آدم إلى قيام الساعة إلّا عثمان بن عفان. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 477 2450- وروي أنه لما ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتمّ عثمان رضي الله عنه غمّا شديدا، فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صبيحة ثالثة على عثمان رضي الله عنه فسلم عليه فردّ ردا ضعيفا، فقال: ما يحزنك؟ إنما هي امرأة من النساء، والنساء كثير، هلمّ أزوجك حفصة، فلم يجب إليه عثمان رضي الله عنه شيئا، فانطلق عمر رضي الله عنه من وجهه ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على ختن هو خير لك من عثمان، وأدل عثمان على صهر هو خير له منك، زوجني ابنتك حفصة، وقد زوجته ابنتي أم كلثوم. - وأخرج برقم 238 من حديث الحسن البصري قال: إنما سمي عثمان ذا النورين لأنه لا يعلم أحد أغلق بابه على ابنتي نبي لله غيره. (2450) - قوله: «ألا أدلك على ختن» : في الباب عن عثمان بن عفان، وأنس بن مالك، وعن الحسن البصري، وعن ابن أبي عون ومحمد بن جبير بن مطعم مرسلا. أما حديث عثمان، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 36] ، والحاكم في المستدرك [3/ 106- 107] ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 159] ومن طريق البيهقي: ابن عساكر في تاريخه [39/ 36] من حديث عبيد بن الفضل، أنا ربعي بن حراش، عن عثمان أنه خطب إلى عمر ابنته فرده، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلما راح إليه عمر قال: يا عمر ألا أدلك على ختن خير لك من عثمان، وأدل عثمان على خير له منك ... الحديث. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن ما في الصحيحين يعارضه بأن عمر هو الذي عرضها على عثمان فامتنع. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 386] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 36- 37] من حديث خالد بن عبد الرحمن المخزومي، عن عيسى بن طهمان، عن أنس أن عثمان ماتت- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 478 2451- وعن عبد الله بن ظالم قال: جاء رجل إلى سعيد بن زيد فقال: إني أبغض عثمان بغضا ما أبغضت شيئا قط، فقال: بئس ما فعلت، أبغضت رجلا من أهل الجنة. 2452- وروت نائلة بنت الفرافصة قالت: أغفى عثمان رضي الله عنه إغفاءة ثم استيقظ وهو يقول: ليقتلننّي القوم، قالت قلت: كلا، هم رعيتك- زوجته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر عليه عمر فعرض عليه ابنته فلم يجبه، فمر عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أزوجك خيرا من بنت عمر، وتتزوج ابنة عمر خيرا منك، فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنة عمر، وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان ابنته. وأما حديث الحسن البصري، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 56] رقم 12111، وابن سعد في الطبقات [8/ 82- 83] بنحو سياق المصنف، وإسناده صحيح إلّا أنه مرسل. وأما حديث ابن أبي عون ومحمد بن جبير، فأخرجهما أيضا ابن سعد في الطبقات [8/ 83] عن عمر بن الخطاب قال: لما توفي خنيس بن حذاقة عرضت حفصة على عثمان فأعرض عني، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث. مرسل وفيه انقطاع. وأخرجه ابن سعد أيضا [8/ 83] من طريق علي بن زيد- ممن يعتبر به- عن سعيد بن المسيب بالقصة، إسنادها منقطع. وتابع ابن جدعان: ابن شهاب الزهري، أخرجه ابن عساكر [39/ 37] وفي إسناده ابن لهيعة. ورواه حبيب كاتب مالك- وهو متهم- عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة بالقصة، قال ابن عساكر: ذكر أبي هريرة غير محفوظ. (2452) - قوله: «وروت نائلة بنت الفرافصة» : هي امرأة عثمان رضي الله عنه، أخرج حديثها ابن سعد في الطبقات [3/ 75] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 387] ، وعبد الله في زوائد المسند- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 479 استعتبوك، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا: تفطر عندنا الليلة. -[1/ 73] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 387] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1302. وقد روى نحو هذه الرؤيا عن عثمان رضي الله عنه: أبو سعيد مسلم مولاه، فأخرج عبد الله في زوائد المسند [1/ 72] ومن طريقه ابن عساكر [39/ 387] عنه أن عثمان أعتق عشرين مملوكا، ودعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وإنهم قالوا لي: اصبر، فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه. ورواها أيضا ابن عمر، فأخرج أبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة [9/ 239] رقم 8899- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 385] ، والبزار في مسنده برقم 2517- كشف الأستار-، والحاكم في المستدرك [3/ 103] عن ابن عمر: أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عثمان افطر عندنا، فأصبح صائما، وقتل من يومه. وروي نحو هذا من حديث نافع، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 74- 75] ، وابن عساكر [39/ 384] . وعن كثير بن الصلت، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 75] ، وأبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [9/ 243] رقم 8906-، والبزار برقم 2516- كشف الاستار-، والحاكم في المستدرك [3/ 99] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 384] عنه قال: أغفى عثمان بن عفان في اليوم الذي قتل فيه فاستيقظ فقال: لولا أن يقول الناس تمنى عثمان الفتنة لحدثتكم، قال: قلنا أصلحك الله، فحدثنا فلسنا نقول ما يقول الناس، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي هذا فقال: إنك شاهد معنا الجمعة. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 480 2453- 2454- ويروى عن حفصة وعائشة أنهما كانتا جالستين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وددت أن معي بعض أصحابي يتحدث، فقالت عائشة: أرسل إلى أبي بكر يتحدث معك؟ قال: لا، قالت حفصة: أرسل إلى عمر يتحدث معك؟ قال: لا، ولكن أرسلي إلى عثمان، قال: فجاء عثمان ودخل، فقمنا فأرخينا الستر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك مقتول مستشهد، فاصبر صبّرك الله، ولا تخلعن قميصا قمصك الله ثنتي عشرة سنة وستة أشهر حتى تلقى الله وهو عنك راض، قال عثمان: أستعين بالله، وأسأله الصبر، ادع لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ صبّره، وأجبه. - وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده برقم 983- بغية الباحث-، وابن عساكر في تاريخه [39/ 386] من طرق عن عبد الله بن سلام قال: أتيت عثمان وهو محصور فدخلت عليه فقال: مرحبا بأخي، ما يسرني أنك كنت ورواءك، رأيت في هذه الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة من البيت فقال لي: يا عثمان حصروك؟ قلت: نعم، قال: عطشوك؟ قلت: نعم، فأدلى دلوا فيه ماء فشربت منه حتى رويت، حتى إني لأجد برد ذلك الماء بين ثديي وبين كتفي، فقال: إن شئت أفطرت عندنا، وإن شئت نصرت عليهم، فاخترت أن أفطر عنده، قال: فقتل في ذلك اليوم. (2453) - (2454) - قوله: «ويروى عن حفصة وعائشة» : أخرج حديثهما بطوله أبو يعلى في مسنده [12/ 473- 475] رقم 7045، 7046، ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 263] ، وابن عساكر في تاريخه [39/ 289- 290] بإسناد فيه إبراهيم بن عمر بن أبان وأبوه وهما ضعيفان، وأصله ثابت من حديثهما باختلاف يسير في السياق في مسند الإمام أحمد وغيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 481 قال: فخرج عثمان رضي الله عنه، فلما أدبر صرخ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اصبر، صبّرك الله فإنك سوف تستشهد وأنت صائم فتفطر معي. 2455- وعن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ الاية، قال: الذي يأمر بالعدل: عثمان بن عفان رضي الله عنه. 2456- وقال بعضهم: شهدت أبا هريرة وعثمان رضي الله عنه محصور في الدار فقال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنها ستكون فتنة واختلاف- أو: اختلاف وفتنة- قال قلنا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالأمين وأصحابه- وأشار إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه-. (2455) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 60] ، وابن أبي حاتم في التفسير [7/ 2293] رقم 12604، وابن أبي شيبة، والبخاري في تاريخه، والضياء في المختارة، وابن مردويه في التفسير- كما في الدر المنثور [5/ 152]-. (2456) - قوله: «وقال بعضهم» : هو أبو حبيبة الأسدي، القرشي، مولى الزبير بن العوام، وجد موسى بن عقبة لأمه، لا يعرف له اسم، وحديثه في أهل المدينة، وثقه العجلي، وابن حبان، وأشار من ترجم له إلى حديث الباب. ثقات ابن حبان [5/ 591] ، الجرح والتعديل [9/ 359] ، كنى الحاكم [4/ 189] ، إكمال الحسيني [/ 499] ، تعجيل المنفعة [/ 311] ، ثقات العجلي [/ 495] ، كنى البخاري من التاريخ الكبير [/ 24] ، الاستغناء [2/ 1136] ، ذيل الكاشف [/ 321] ، الطبقات الكبرى [5/ 300] ، المقتنى [1/ 167] . قوله: «عليكم بالأمين» : وفي رواية: بالأمير، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 345] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 266] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 50- 51] رقم- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 482 2457- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: بينما نحن في بيت ابن حشفة في نفر من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لينهض كل رجل منكم إلى كفئه، ونهض النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان فاعتنقه، وقال: أنت وليي في الدنيا والاخرة. 2458- وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي من سماء إلى سماء، فصرت إلى السماء السابعة سقطت في حجري تفاحة فأخذتها بيدي، فانفلقت، فخرجت منها حوراء تقهقه، فقلت لها: تكلمي، لمن أنت؟ فقالت: أنا للمقتول الشهيد عثمان. - 12098، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1278، وأبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة [9/ 232- 233] رقم 8882، والحاكم في المستدرك [3/ 99، 4/ 433- 434] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 393] ، ومن طريق البيهقي ابن عساكر في تاريخه [39/ 266- 267] قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. (2457) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه أبو يعلى في مسنده [4/ 44] رقم 2051، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 101] ، والحاكم في المستدرك [3/ 97] وصحح إسناده، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن طلحة بن زيد واه، وعبيد بن حسان شويخ مقل. (2458) - قوله: «وعن ابن عمر» : أخرج حديثه الخطيب في تاريخه [5/ 297] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 112- 113] ، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 329] قال الخطيب: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، وكل رجاله ثقات سوى محمد بن سليمان بن هشام، والحمل فيه عليه. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 483 2459- ولما جهز عثمان رضي الله عنه جيش العسرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أخفيت وما أبديت، وما هو كائن إلى يوم القيامة. 2460- وروي أن فيه رضي الله عنه نزل قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) . - قلت: روي أيضا من حديث عقبة بن عامر وأنس بن مالك، أخرجها ابن الجوزي في الموضوعات، وابن عساكر في تاريخه لم أر في إيرادها كبير فائدة لما تقدم من حكم المحدثين عليها بالوضع. (2459) - قوله: «ولما جهز عثمان» : في الباب عن ابن مسعود، وحسان بن عطية مرسلا. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 59] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 56- 57] من حديث عامر، عن مسروق، عن عبد الله قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان يوم جيش العسرة جائيا وذاهبا فقال: اللهمّ اغفر لعثمان ما أقبل وما أدبر، وما أخفى وما أعلن، وما أسر وما جهر. إسناده جيد. وأما حديث حسان بن عطية المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 54] رقم 12108، والحسن بن عرفة في جزءه برقم 48، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 58] ، وابن عدي في الكامل [6/ 2253] وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 57، 57- 58] جميعهم من حديث محمد بن القاسم الأسدي- وليس بشيء-، عن الأوزاعي، عن حسان به مرسلا، فقد اجتمع في الحديث الإرسال وضعف الراوي. (2460) - قوله: «وروي أن فيه رضي الله عنه نزل» : عزاه السيوطي في الدر المنثور [8/ 513- 514] لابن مردويه في التفسير من حديث ابن عباس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 484 2461- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا من عثمان وعثمان مني. 2462- ودخل صلى الله عليه وسلم على رقية فقال لها: كيف تجدين بعلك أبا عمرو؟ قالت: خير بعل يا رسول الله، قال: أكرميه، فإنه أشبه أصحابي بي خلقا. (2461) - قوله: «أنا من عثمان وعثمان مني» : يأتي تخريجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في سياق طويل في باب فضائل الأربعة برقم 2512. (2462) - قوله: «ودخل صلى الله عليه وسلم» : في الباب عن أبي هريرة، وعبد الرحمن بن عثمان القرشي، وعائشة رضي الله عنها. أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 32] رقم 99، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 60] رقم 230، وخيثمة في فضائل الصحابة، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 97] . وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 97- 98] ، والحاكم في المستدرك [4/ 48] ، جميعهم من حديث محمد بن عبد الله، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي هريرة قال: دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدها مشط فقالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا، رجلت رأسه فقال لي: ... فذكره. قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد، واهي المتن، فإن رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر، وإنما أسلم- يعني أبا هريرة- بعد فتح خيبر، وقد كتبناه بإسناد آخر، ثم ساقه من حديث عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن أبي هريرة، ثم قال: لا أشك أن أبا هريرة روى هذا الحديث عن متقدم من الصحابة أنه دخل على رقية، لكني قد طلبته جهدي فلم أجده في الوقت. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 485 2463- وروي أنه كان رضي الله عنه يختم القرآن في ليلة واحدة. - وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 81] في الإسناد الأول: فيه محمد بن عبد الله يروي عن المطلب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: قال أبو نعيم عقب إخراجه: محمد بن عبد الله هو ابن عمرو بن عثمان. وأما حديث عبد الرحمن بن عثمان القرشي، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 31] رقم 98، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 81] : رجاله ثقات. وأما حديث عائشة، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1784] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 28] من حديث عمرو بن الأزهر- ضعيف متهم- عن هشام بن عروة، عن أبيه عنها قالت: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم من عثمان قال لأم أيمن: هيئي ابنتي، وزفيها إلى عثمان، واخفقي بين يديها بالدف، ففعلت ذلك، فجاءها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثالثة فدخل عليها فقال: يا بنية كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير بعل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد. قال ابن عدي: لا يروى عن هشام إلّا من رواية عمرو بن الأزهر. (2463) - قوله: «أنه كان رضي الله عنه يختم القرآن في ليلة واحدة» : رواه عن امرأة عثمان نائلة بنت الفرافصة: 1- أنس بن مالك، أخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 57] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 235] ، قالت امرأة عثمان حين قتلوه: لقد قتلتموه، وإنه ليحيى الليلة بالقرآن في ركعة. قال أبو نعيم: رواه الناس فقالوا: أنس بن سيرين- يعني لا أنس بن مالك- وسيأتي. 2- ابن سيرين، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 76] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 71] رقم 276، وابن عساكر في تاريخه [39/ 235] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 486 2464- ويروى أنه كان رضي الله عنه يقرأ بالسبع الطوال في ركعة واحدة خلف المقام، وهو مقنع رأسه بالليل. - 3- أبو سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه أبو نعيم في المعرفة برقم 275. 4- أيوب السختياني، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [39/ 235] . وروي عن ابن سيرين قوله، أخرجه ابن سعد [3/ 75] ، وابن عساكر [39/ 235] . (2464) - قوله: «وهو مقنع رأسه بالليل» : أخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 76] ومن طريقه ابن عساكر [39/ 234] من حديث عطاء بن أبي رباح أن عثمان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام فجمع كتاب الله في ركعة كانت وترة، فسميت البتيراء. وأخرج ابن سعد [3/ 76] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 234] من حديث أبي إسحاق، عن رجل قد سماه، قال: رأيت رجلا طيب الريح، نظيف الثوب، قائما إلى دبر الكعبة يصلي وغلام خلفه، كلما تعايا عليه فتح عليه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: عثمان. الرجل المبهم سماه ابن عساكر في الطريق الاخر: عامر بن عبدة. وأخرج ابن سعد [3/ 75- 76] ، وأبو نعيم في المعرفة برقم 277، وابن عساكر [39/ 232، 232- 233] من حديث عبد الرحمن بن عثمان قال: قمت خلف المقام وأنا أريد ألا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجل يغمزني فلم ألتفت، ثم غمزني فنظرت فإذا عثمان بن عفان فتنحيت، فتقدم فقرأ القرآن في ركعة ثم انصرف. وأخرج ابن عساكر في تاريخه [39/ 233- 234] من حديث موسى بن طلحة قال: حججت في خلافة عثمان فقلت: آتي المقام حين ينكفت الناس ويخفون، فأتيته في ذلك الوقت، فإني لقائم أصلي إذا كف على منكبي يطلب السعة، فلم أتنح، فرفع يده عني، ثم رجع إلى وراء فلحظته فإذا هو عثمان بن عفان- وهو إذ ذاك خليفة- فأوسعت له ودخل فيما بيني وبين- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 487 2465- وكان عثمان رضي الله عنه يقول: لولا أني أخاف أن يكون في الإسلام ثلمة أسدها بهذا المال ما جمعته. 2466- وكان رضي الله عنه لا يزال يقول: اللهمّ أحيني سعيدا، وأمتني شهيدا. 2467- وقال أبو هريرة رضي الله عنه: اشترى عثمان رضي الله عنه الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين: حيث حفر للنبي صلى الله عليه وسلم بئر رومة، وحيث جهز جيش العسرة. - صاحبي، فنزع نعليه ثم استقبل فكبر فقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أم القرآن، ثم قرأ البقرة، يرفع بالاية صوته ويخفضه مرة، ثم قرأ آل عمران، يرفع بالاية صوته ويخفضه أخرى، ثم لم يزل يقرأ سورة سورة كل ذلك ألحظ وأتحفظ عليه حتى قرأ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، و: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ خاتمة القرآن، ثم ركع، ثم سلم ومد رجليه، ثم استلقى على يديه متوكئا على ظهره، فركعت، ثم سلمت، ثم التفت إليه فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين إني أحسبك ساهيا منذ الليلة، قال: فقال له: ابن أخي مما سهوت؟ قال قلت: إني منذ الليلة، أتحفظ عليك لم تركع إلّا ركعة، قال: يا ابن أخي إني لم أسه، ولكنها كانت وتري، أوترت ركعة. (2467) - قوله: «وقال أبو هريرة» : أخرج قوله ابن عدي في الكامل [2/ 464] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 72] . وأخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 58] ، وابن عساكر [29/ 72- 73] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 107] جميعهم من حديث بكر بن بكار- اختلف فيه-: ثنا عيسى بن المسيب البجلي، ثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة به. قال الذهبي في التلخيص متعقبا: عيسى ضعفه أبو داود وغيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 488 وكان عثمان رضي الله عنه اشترى بئر رومة من صلب ماله، وألقى عليها الدلو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن له الجنة، واشترى البقعة التي زاد في المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن له الجنة لأجلها، لأن المسجد كان قد ضاق بأهله. 2468- روي أن عثمان رضي الله عنه أشرف عليهم وهو محصور فقال: أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه فيها مع المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي، فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين؟ فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهمّ نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله: من يشتري (2468) - قوله: «روي أن عثمان أشرف عليهم» : علقه الإمام البخاري في الوصايا، باب إذا وقف أرضا أو بئرا، من حديث أبي عبد الرحمن السلمي، أن عثمان حين حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله- ولا أنشد إلّا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حفر رومة فله الجنة، فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته؟ قال: فصدقوه بما قال، اختصره معلقا، وأخرجه من طرق بألفظ يزيد بعضهم فيها على بعض: الإمام أحمد في المسند [1/ 59، 70] ، وفي الفضائل برقم 751، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 39- 40] برقم 12072، والترمذي برقم 3703- وقال: حسن- والنسائي في الأحباس، باب وقف المساجد الأرقام: 3606، 3607، 3608، 3609، 3610، والدارقطني [4/ 198، 199- 200] ، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 167] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1309، وابن حبان برقم 1916- 6920- الإحسان-. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 489 بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين، قالوا: اللهمّ نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من صلب مالي؟ قالوا: اللهمّ نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا على ثبير مكة وأنا معهم، فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض، فركضه النبي صلى الله عليه وسلم برجله وقال: اسكن، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان؟ قالوا: اللهمّ نعم. قال: فسمعته يقول: الله أكبر، شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد، ثلاثا. قال: ثم دخلوا عليه فقتلوه، رضوان الله عليه. قال أبو سعد رحمه الله: 2469- قال بعض العارفين: خص الله سبحانه عثمان بن عفان رضي الله عنه بالتمكين، وهو من أعلى مراتب المحققين، فإنه يوم قتل لم يبرح من موضعه، ولم يأذن لأحد بالقتال، ولا وضع المصحف من حجره إلى أن قتل، وسال الدم على المصحف، ووقع على هذه الاية: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. (2469) - قوله: «قال بعض العارفين» : ذكر المصنف هذا أيضا في كتابه الجليل: تهذيب الأسرار [/ 226] أثناء ترجمته لعثمان رضي الله عنه. قوله: «ووقع على هذه الاية» : أخرج القصة مطولة ومختصرة من طرق: ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6919، وابن خزيمة- كما في الفتح- وابن راهويه- كما- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 490 2470- روى الزهري عن أنس رضي الله عنه أنّ جبريل عليه السلام قال: يا رسول الله من هذا الذي خرج من عندك آنفا؟ فقال: عثمان بن عفان، قال: أو تعرفونه في السماء يا جبريل؟ قال: والذي بعثك بالحق إن نور عثمان ليضيء لأهل السماء كما تضيء الشمس لأهل الأرض. - في المطالب العالية [4/ 283- 286] رقم 4438، وقال: رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض. وأخرجها أبو نعيم في المعرفة [1/ 66] رقم 255، والطبري في تاريخه [4/ 354- 356] ، وفي [4/ 383- 384] . وأخرجها ابن سعد في الطبقات [3/ 72- 74] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 408- 411] ، وانظر سائر ألفاظها وطرقها فيه. (2470) - قوله: «ليضيء لأهل السماء» : لم أقف عليه، وقد تقدم ذكر حديث علي بن أبي طالب لما سئل عن عثمان قال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، أخرجه خيثمة في الفضائل، قال السيوطي في تاريخ الخلفاء: وأخرج الماليني بسند فيه ضعف عن سهل بن سعد قال: قيل لعثمان: ذو النورين لأنه ينتقل من منزل إلى منزل في الجنة، فتبرق له برقتين، فلذلك قيل له ذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 491 [296- فصل: في فضائل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه] 296- فصل: في فضائل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. واسم أبي طالب: عبد مناف، واسم عبد المطلب: شيبة، واسم قصي: زيد. قوله: «في فضائل علي بن أبي طالب» : انظر سيرته وأخباره رضي الله عنه في: تهذيب الأسرار للمؤلف نفسه [/ 226] ، طبقات ابن سعد [2/ 337، 3/- 19، 6/ 12] ، معجم الطبراني في الكبير [1/ 50] ، تاريخ الخلفاء [/ 166] ، مجمع الزوائد [9/ 101] ، صحيح ابن حبان- الإحسان-[15/ 363] ، مصنف ابن أبي شيبة [12/ 56] ، المعرفة لأبي نعيم [1/ 75، 4/ 1968] ، سير أعلام النبلاء [سير الخلفاء- 225] ، تهذيب الكمال [20/ 472] ، تاريخ الإسلام [عهد الخلفاء- ص 621] ، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم [3/ 270] ، وسيلة المتعبدين [5- ق 2/ 158] ، أسد الغابة [4/ 16] ، مسند الإمام أحمد [1/ 75] ، فضائل الصحابة [1/ 528، 2/ 563] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 344] ، الرياض النضرة [3/ 132] ، فضائل أمير المؤمنين للحافظ النسائي المسماة بالخصائص، تاريخ بغداد [1/ 133] ، فضائل الخمسة [1/ 167، ما بعده المجلد الثاني والثالث] ، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار للقاضي أبي حنيفة التميمي، تاريخ ابن عساكر المجلد 42، كنز العمال [11/ 598، 13/ 104] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 492 2471- 2472- حدثنا أبو محمد: الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن الفقيه الزولاقي، المصري بحرم الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن القاسم بن محمد، ... قوله: «الزولاقي» : تصحفت النسبة في الأصول إلى: الدولابي، والمترجم له ذكره الذهبي في السير فقال: الشيخ العلامة المحدث المؤرخ، صاحب التصانيف، سمع أبا جعفر الطحاوي فمن بعده، وقد ارتحل إلى دمشق، وفات ابن عساكر أن يذكره، قدمها سنة ثلاثين وثلاث مائة، ووصفه ابن كثير بالحافظ وقال: صنف كتابا في قضاة مصر ذيل به كتاب أبي عمر محمد بن يوسف الكندي، انظر: سير أعلام النبلاء [16/ 462] ، الوافي بالوفيات [11/ 370] ، وفيات الأعيان [2/ 91] ، البداية والنهاية [11/ 321] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 387، ص 118] ، معجم الأدباء [7/ 225] ، المختصر لابن الوردي [2/ 133] ، حسن المحاضرة [1/ 553] ، لسان الميزان [2/ 191] ، معجم المؤلفين [3/ 194] ، الأنساب [3/ 179، في الزولاقي] . قوله: «حدثنا محمد بن إسحاق» : في شيوخ المصنف من يروي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، ومنهم من يروي عن محمد بن إسحاق السراج، ومنهم من يروي عن محمد بن إسحاق الصفار، لذلك لم أستطع الجزم في تعيين المراد. قوله: «أحمد بن القاسم بن محمد» : الطائي، كنيته: أبو الحسن البرتي، ترجم له الخطيب في تاريخه ووثقه وقال: توفي سنة ست وتسعين ومائتين. تاريخ بغداد [4/ 350] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 296- ص 61] ، المشتبه [1/ 58] ، توضيح المشتبه [1/ 415] ، المعجم الصغير للطبراني [1/ 37] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 493 ثنا أبو شعيب: محمد بن يزيد، عن علي بن المديني، عن إبراهيم النخعي، عن مصعب بن سليم، مولى بني زهرة وحرملة بن قيس قالا: ... قوله: «ثنا أبو شعيب: محمد بن يزيد» : لم أعرفه، وشيخه ابن المديني هو الإمام العلم المشهور، حديثه في الكتاب الستة. قوله: «عن إبراهيم النخعي» : لم أعرفه، ويبعد أن يروي ابن المديني عن رجل مجهول ليس له ذكر في الأسماء، فيحتمل أن تكون النسبة تصحفت، ففي الأسماء: إبراهيم بن محمد النخلي، الحافظ أبو عبد الله صاحب التاريخ، من علماء الرجال، له معرفة بالكنى والأسماء، ذكره البخاري في تاريخه الكبير وقال: سمع منه ابن أبي الأسود. اهـ. وابن أبي الأسود يعد في طبقة شيوخ البخاري كابن المديني، فالله أعلم إن كان هو المعني، أو غيره. انظر عن النخعي في: التاريخ الكبير [1/ 321] ، الأنساب للسمعاني [5/ 476] ، المشتبه [1/ 52] ، الإكمال [1/ 386] ، مشتبه النسبة لعبد الغني [/ 76] ، مؤتلف الدارقطني [1/ 275] (وسماه محمد بن عمران، وإنما هو من ولده كما يفهم من المصادر، وانظر تعليق محققه) . قوله: «مولى بني زهرة» : كذا عندنا، وفي الجرح والتعديل والتاريخ الكبير: مولى الزبير بن العوام، قال ابن أبي حاتم: كان عريف بني زهرة، روى عن أنس بن مالك، وأبي بكر بن أبي موسى، ثم نقل عن أبي زرعة قوله: لا بأس به، وعن أبيه قوله: صالح. انظر: الجرح والتعديل [8/ 304] ، والتاريخ الكبير [7/ 352] ، والثقات [5/ 412] . قوله: «وحرملة بن قيس» : النخعي، من أهل الكوفة الأثبات، روى عنه جماعة من شيوخ البخاري كأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى قال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 494 حدثنا رياح بن الحارث النخعي قال: سمعت أبا أيوب وخباب بن الأرت يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. - الجرح والتعديل [3/ 273] ، والتاريخ الكبير [3/ 68] ، والثقات [6/ 233] . قوله: «رياح بن الحارث النخعي» : كوفي، كنيته: أبو المثنى، يقال: أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحج معه، وهو من رجال التهذيب، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ووثقه العجلي، والذهبي، وابن حجر. طبقات ابن سعد [6/ 153] ، التاريخ الكبير [3/ 328] ، الجرح والتعديل [3/ 511] ، تاريخ بغداد [8/ 419] ، إكمال مغلطاي [5/ 15] ، الثقات لابن حبان [4/ 238] ، تهذيب الكمال [9/ 256] ، تهذيب التهذيب [3/ 258] ، الكاشف [1/ 244] ، التقريب [/ 211] الترجمة رقم 1972. قوله: «سمعت أبا أيوب» : هو الأنصاري، تابعه عن رياح: حنش بن الحارث النخعي، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 419 مرتين] ، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 207] رقم 4052، 4053. ورواه أيضا عن رياح، الحسن بن الحكم، أخرجه الطبراني برقم 4053. وأما حديث خباب، فلم أقف عليه، لكن قد قال الحافظ ابن حجر في الفتح: هو كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في مؤلف مفرد، وأكثر أسانيدها صحيح أو حسن ... اه. وأورده السيوطي في قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة من رواية اثنين وعشرين صحابيا، وهم أكثر من ذلك بكثير، ففي رواية أبي الطفيل عند الإمام أحمد [4/ 370] وغيره قال: جمع علي رضي الله عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كل امرىء مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غدير خم ما سمع لما قام، قال: فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير ... الحديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 495 2473- وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لعلي ثلاثة أشياء، لو كان لي واحدة منها لكان أحب إليّ من حمر النعم: أحدها: إعطاؤه الراية إليه يوم خيبر، وتزويج فاطمة إياه، وسد الأبواب إلّا باب علي. 2474- وسأل الحجاج الحسن فقال: ما تقول في عليّ؟ قال: ما أقول في عليّ إلّا ما قال الله فيه، قال: وما قال الله فيه؟ قال: قال الله: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ الاية، قد سماه الله مؤمنا مهديّا، فما أقول فيه؟. 2475- ويروى عن سفيان الثوري رحمه الله قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كالجبل بين المسلمين والمشركين، أعز الله به المسلمين، وأذل به المشركين، يأتيه رزقه من المدينة في جراب مختوم. 2476- وعن البراء بن عازب قال: لما أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من (2473) - قوله: «وقال عبد الله بن عمر» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 26] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 121- 122] ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [9/ 453] رقم 5601، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 121] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 210] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 120- 121] من حديث هشام بن سعد، عن عمر بن أسيد، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 120] : رجالهما رجال الصحيح. وأخرجه أبو يعلى في الكبير- كما في مجمع الزوائد [9/ 120- 121] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 120] من حديث عبد الله بن جعفر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب قوله، قال الهيثمي: عبد الله بن جعفر متروك. (2476) - قوله: «وعن البراء بن عازب» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 78- 79] رقم 12167، والإمام- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 496 حجة الوداع، حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح للنبي صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: أليس أزواجي أمهاتهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإن هذا المولى من أنا مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. - أحمد في مسنده [4/ 281] ، وعبد الله في زوائده على المسند [4/ 281] ، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 116، والشجري في أماليه [1/ 145] جميعهم من حديث علي بن زيد بن جدعان- ممن يعتبر به- عن عدي بن ثابت، عن البراء به مرفوعا. وله إسناد آخر فأخرج النسائي في خصائص علي بن أبي طالب من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول على منبر الكوفة: إني أنشد الله رجلا- ولا أنشد إلّا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم- سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه ... الحديث قال: قال شريك: فقلت لأبي إسحاق: هل سمعت البراء بن عازب يحدث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال أبو عاصم: وقد طعن قوم في حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، منهم الشيخ ابن تيمية رحمه الله حتى ذهب إلى أنه مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا بلا شك من الأوهام التي لا يسلم منها البشر، غير أن جماعة تبعوه في ذلك لكون مثله قدوة، ولم يتثبتوا، وقد قال الحافظ الذهبي في السير والتذكرة: الحديث ثابت بلا ريب، ولما بلغ ابن جرير أن ابن أبي داود تكلم في حديث غدير خم عمل كتاب الفضائل، وتكلم في تصحيحه، وقد رأيته مجلدا ضخما في طرق الحديث، فاندهشت له ولكثرة طرقه. اه. وتقدم قول الحافظ أن ابن عقدة استوعب طرقه في مؤلف مفرد، وأكثر أسانيدها صحيح أو حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 497 2477- وعن أبي البختري، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن لأقضي بينهم، فقلت: إنه لا علم لي بالقضاء، فضرب يده في صدري وقال: اللهمّ اهد قلبه، قال: فما شككت في قضاء بين اثنين حتى جلست مجلسي هذا. 2478- وعن أنس بن مالك قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهدي إليه طائر فقال: اللهمّ ائتني بأحب خلقك إليك، فجاء علي بن أبي طالب، فاستأذن فأذن له، فأكل معه الطير. (2477) - قوله: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم» : خرجناه في أبواب الدلائل، في فصل الايات في دعائه المبارك وآثار يده الشريفة من أبواب تحت رقم 1251، حيث أورده المصنف هناك أيضا. (2478) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : قال ابن الجوزي في العلل: حديث أنس له ستة عشر طريقا. اه. وقال البزار في مسنده [3/ 194 كشف الأستار] : روي عن أنس من وجوه، وكل من رواه عن أنس فليس بالقوي. قلت: أشير إلى بعض طرقه عن أنس اختصارا، ومن أراد الوقوف عليها بتوسع فعليه بتاريخ الحافظ ابن عساكر وعلل ابن الجوزي وموضوعاته، وأنا أشير إلى حديث السدي عنه حيث أخرجه الترمذي في المناقب برقم 3721، وأبو يعلى في مسنده [7/ 105- 106] رقم 4052، ومن طريق أبي يعلى: ابن عساكر في تاريخه [42/ 254] ، والدارقطني في الأفراد [2/ 5- 6] رقم 634، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 254] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 226- 227] رقم 363، وأخرجه أيضا من طريق ابن عدي برقم 362، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 130- 131] . - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 498 قال أبو سعد رحمه الله: 2479- وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإبراهيم عليه السلام حلما ورحمة ووقارا، وشبه عمر بنوح عليه السلام شدة وغيظا وصلابة. 2480- وشبه صلى الله عليه وسلم عثمان بموسى عليه السلام عفة وحياء، وشبه عليّا بهارون عليه السلام فصاحة وبلاغة وبيانا، فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوّة لأنه كان أخاه وخليفته. - قال الترمذي: غريب، وقال الدارقطني: تفرد به عيسى بن عمر، عن السدي، وقال الذهبي متعقبا الحاكم: ابن عياض لا أعرفه ولقد كنت زمانا طويلا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه، فلما علقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه، فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء. (2479) - قوله: «وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر» : تقدم الحديث فيما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال، برقم 2169، وفي فضائل أبي بكر رضي الله عنه برقم 2365. (2480) - قوله: «وشبه صلى الله عليه وسلم عثمان بموسى عليه السلام» : الذي وقفت عليه أنه صلى الله عليه وسلم شبهه بسيدنا إبراهيم عليه السلام، انظر الحديث المتقدم برقم 2462، والتعليق عليه، وأخرج ابن عدي والعقيلي وابن عساكر والديلمي- كما في الكنز [11/ 592] رقم 32834- من حديث ابن عمر مرفوعا: إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم، وأخرج ابن عساكر من حديث مسلم بن يسار قال: نظر رسول الله إلى عثمان فقال: ... فذكره الكنز [11/ 592] رقم 32835. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 499 2481- عن سعد بن أبي وقاص قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك خلف عليّا بالمدينة فقالوا: قد ملّه وكره صحبته، فتبع علي بن أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحقه في الطريق فقال: يا رسول الله خلفتني بالمدينة مع الذراري والنساء حتى قالوا: قد ملّه وكره صحبته، فقال: يا علي إنما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي. 2482- وروى زاذان عن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام يدعى يوم القيامة فيقام عن يمين العرش فيكسى، ثم أدعى فأكسى، ثم تدعى فتكسى؟. (2481) - قوله: «عن سعد بن أبي وقاص» : أخرج حديثه الشيخان مقتصرين على الشطر الأخير منه، وقد رواه بهذا اللفظ: سعيد بن المسيب عن سعد، أخرجه النسائي في الخصائص برقم 43، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [2/ 823] ، وابن عساكر في تاريخه [42/ 151، 152] . وروي بنحو هذا السياق أيضا عن أبي سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، أحاديثهم عند ابن سعد في الطبقات [3/ 23- 24، 24] . (2482) - قوله: «وروى عن زاذان» : هو أبو عمر الكندي، روي نحو حديثه من وجه آخر، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 531- 532] رقم 3903، وأبو نعيم في فضائل الصحابة- كما في اللالىء [1/ 378]-، وابن عساكر في تاريخه [42/ 329] من طريق عمران بن ميثم- ضعيف جدا واتهم بالكذب- عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل سمع علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 500 2483- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. 2484- وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنا نصير مع علي رضي الله عنه، وكان علي رضي الله عنه يلبس ثياب الشتاء في الصيف، وثياب الصيف في الشتاء، فقلت لأبي: لو سألته، فسأله فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليّ وأنا أرمد يوم خيبر، فقلت: يا رسول الله إني أرمد، فتفل فيها، وقال: - عراة حفاة مشاة قد قطع العطش أعناقهم فكان أول من يدعى إبراهيم فيكسى ثوبين أبيضين، ثم يقوم عن يمين العرش، ثم يفجر مثعب من الجنة إلى حوضي- وحوضي أبعد مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة- فأشرب وأتوضأ، وأكسى ثوبين أبيضين، ثم أقوم عن يمين العرش، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ، وتكسى ثوبين أبيضين فتقوم معي، ولا أدعى إلى خير إلّا دعيت له. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 135] : عمران بن ميثم كذاب. تابعه الحكم بن ظهير- وهو مثله كذاب- أخرجه الدارقطني- كما في اللالىء [1/ 378] . (2483) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» : أخرج حديثه الطبراني في معجمه الصغير [2/ 193] رقم 1014، والعقيلي في الضعفاء [2/ 161] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 246] رقم 398. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 135] : فيه سلام بن سليم المدائني، وزيد العمي وهما ضعيفان- وقد وثقا- وبقية رجاله ثقات. اه. وقال ابن الجوزي في العلل: لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 501 اللهمّ أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ. 2485- ومر ابن عباس رضي الله عنه بقوم من أهل الشام على ضفة زمزم بعد ما كف بصره فسمعهم ينالون من علي بن أبي طالب- وكان سعيد بن جبير معه يقوده- فقال: ردني إلى هؤلاء القوم، ففعل ذلك سعيد، فوقف عليهم فقال: أيكم السابّ الله عزّ وجلّ؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد يسب الله عزّ وجلّ، قال: فأيكم الساب محمّدا صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: ولا فينا أحد يسب محمّدا صلى الله عليه وسلم، قال: فأيكم الساب عليا؟ قالوا: أما هذا فنعم، قال: فإني أشهد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أكبّه الله على منخريه في نار جهنم. (2484) - قوله: «اللهمّ أذهب عنه الحر والبرد» : خرجناه في باب الايات في دعائه المبارك، من أبواب الدلائل، تحت رقم 1203. (2485) - قوله: «ومر ابن عباس» : علقه تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 176] ، وأسنده الشجري في أماليه [1/ 135- 136] من حديث حماد عن علي بن زيد بن جدعان- ممن يعتبر به- عن سعيد بن جبير به، وزاد في آخره: فقال ابن عباس لابنه علي: كيف رأيتهم؟ فأنشأ يقول: نظروا إليك بأعين مزورة ... نظر التيوس إلى شفار الجازر قال: زدني فداك أبوك، فقال: حزر الحواجب ناكسوا أذقانهم ... نظر الذليل إلى العزيز القاهر قال: زدني فداك أبوك، قال: ما أجد مزيدا، قال: لكني أجد، فقال: أحياؤهم خزي على أمواتهم ... والميتون فضيحة للغابر - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 502 ......... - وروي معناه بإسناد آخر، فأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 121- 122] من حديث ابن أبي مليكة، عن أبيه قال: جاء رجل من أهل الشام فسب عليا عند ابن عباس فحصبه ابن عباس وقال: يا عدو الله آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيّا لاذيته. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص. وفي الباب عن الحسن بن علي، وأم سلمة. أما حديث الحسن بن علي، فأخرجه ابن عساكر [14/ 131- 132، 30/ 178- 179] من طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن محمد بن علي، عن أبي محمد الأنصاري قال: قلت للحسن بن علي: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني بحديث سمعته من جدك لم يتناقله الرجال، ننسى بعضه ونحفظ بعضه، قال: كنت أصغر من ذلك، ولكني سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسبوا أبا بكر وعمر فإنهما سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والاخرين إلّا النبيين والمرسلين، ولا تسبوا الحسن والحسين، فإنهما سيدا شباب أهل الجنة، ولا تسبوا عليا، فإنه من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله عزّ وجلّ عذبه. وأما حديث أم سلمة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 160- 323] ، وفي الفضائل برقم 1011، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 266] . وأخرجه النسائي في الخصائص من السنن الكبرى [5/ 133] رقم 8476، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 21] ، وابن عساكر في تاريخه [42/ 266، 266- 267، 267- 268، 533] جميعهم من طرق عن أبي عبد الله الجدلي- وهذا لفظ ابن عساكر- قال: حججت أنا وغلام فمررت بالمدينة فرأيت الناس عنقا واحدا فاتبعتهم، فأتوا أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتها وهي تقول: يا شبث بن ربعي- فأجابها رجل جلف جاف-: لبيك- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 503 2486- عن أرطأة بن حبيب، عن عبيد بن ذكوان قال: حدثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره، قال: ... - يا أمة، فقالت: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم؟ فقال: إنا نقول شيئا نريد عرض هذه الحياة الدنيا، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، إسناده قوي، بل صححه الحاكم في المستدرك [3/ 121] ، ووافقه الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 130] : رجاله رجال الصحيح. قلت: ورواه أيضا عن أم سلمة: عبد الرحمن ابن أخي زيد بن أرقم، أخرجه ابن عساكر [42/ 265، 265- 266]- قال: دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قالت: من الذي يسب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: لا والله يا أمة، ما سمعت أحدا يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: بلى والله، أليس يلعنون عليا، ويلعنون من يحبه؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه. وانظر تخريج الاتي بعده. (2486) - قوله: «عن أرطاة بن حبيب» : الأسدي، هو وشيخه عبيد لم أرهما في الأسماء. قوله: «حدثني أبو خالد الواسطي» : هو عمرو بن خالد القرشي، الهاشمي مولاهم، الكوفي ثم الواسطي نزيلها، من رجال ابن ماجه المضعفين، كذبه الإمام أحمد وقال: يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة، يكذب، واتهمه غير واحد بالوضع. تهذيب الكمال [21/ 603] ، تهذيب التهذيب [8/ 24] ، الكاشف [2/ 283] ، الكامل لابن عدي [5/ 1774] ، ضعفاء النساء [/ 185] الترجمة رقم 473، ضعفاء العقيلي [3/ 268] ، الميزان [4/ 177] ، ضعفاء الدارقطني الترجمة رقم 403، المجروحين [2/ 76] ، التقريب- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 504 حدثني زيد بن علي وهو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن الحسين وهو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن علي وهو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره، قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بشعره قال: من آذى شعرة منك فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ... -[/ 421] الترجمة رقم 5021، المغني [2/ 483] ، ضعفاء ابن الجوزي [2/ 225] ، الديوان [2/ 204] . قوله: «حدثني زيد بن علي» : هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو الحسين القرشي، المدني، أخو محمد بن علي، يعد في التابعين، وإليه تنسب الزيدية وفقههم. قال أحمد بن داود الحدّاني، سمعت عيسى بن يونس- وسئل عن الرافضة والزيدية- يقول: أما الرافضة فأول ما ترفضت جاءوا إلى زيد بن علي فقالو: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، فقال: بل أتولاهما وأبرأ ممن تبرأ منهما، قالوا: إذا نرفضك، فسميت الرافضة، قال: وأما الزيدية، فقالوا: نتولاهما ونبرأ ممن يتبرأ منهما فخرجوا مع زيد فسميت الزيدية. وقال خليفة بن خياط: حدثني أبو اليقظان، عن جويرية بن أسماء- أو غيره- أن زيد بن علي قدم على يوسف بن عمر الحيرة فأجازه وأحسن إليه، ثم شخص إلى المدينة، فأتاه ناس من أهل الكوفة فقالوا: ارجع فليس يوسف بشيء ونحن نأخذ لك الكوفة، فرجع فبايعه ناس كثير، وخرج معه ناس كثير، فاقتتلوا، فقتل زيد فيها. وقال غيره: صلب سنة اثنتين وعشرين ومئة ولم يزل مصلوبا إلى سنة ست وعشرين، ثم أنزل بعد أربع سنين وأحرق، أخرج له الأربعة. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 505 ومن آذى الله فعليه لعنة الله. - تهذيب الكمال [10/ 95] ، تهذيب التهذيب [3/ 362] ، الكاشف [1/ 267] ، التقريب [/ 224] الترجمة رقم 2149، طبقات ابن سعد [5/ 325] ، سير أعلام النبلاء [5/ 389] ، إكمال مغلطاي [5/ 162] . قوله: «فعليه لعنة الله» : لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً الاية. والحديث ضعيف جدا لما تبين من الإسناد، لكن له شاهد صحيح يدل على أصله أذكره بعد تخريج هذا. أما حديث أرطاة بن حبيب فقد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [54/ 308] : أنبأنا أبو محمد الأكفاني، أنا أبو عبد الله: محمد بن علي بن الحسين بن علي الأسدي، المعروف بابن الخابط- قدم علينا دمشق قراءة عليه وأنا أسمع في ربيع الأول سنة ستين وأربعمائة، ثنا الشريف أبو عبد الله: محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، الحسني، ثنا محمد بن الحسين التميلي، ثنا علي بن العباس البحلي، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا أرطاة بن حبيب الأسدي به. وعزاه المتقي الهندي في الكنز [12/ 349] رقم 35351 لأبي الحسن بن المفضل في مسلسلاته، وهي المسلسلات الأربعينية ذكرها شيخ مشايخنا العلامة الحافظ محمد بن عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في فهرس الفهارس، وله فيها أسانيد منها ما أخبرنا به شيخنا الفقيه عالي القدر والهمة، العلامة قاضي الحجاز ومكة المكرمة الشيخ حسن بن محمد المشاط إجازة قال: أخبرنا العلامة الحافظ الجليل الشريف محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني عن جماعة منهم: المعمر نور الحسنين بن محمد حيدر الأنصاري الحيدر آبادي، عن القاضي عبد الحفيظ بن درويش العجيمي المكي، عن طاهر سنبل، عن محمد عارف جمل الفتني، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 506 ......... - عن العلامة البركة أبي علي: الحسن بن علي بن محمد بن عمر العجيمي، عن عبد القادر بن علي الفاسي، عن أبي القاسم بن محمد بن أبي النعيم الغساني، عن العلامة أبي عبد الله محمد بن هارون بن مجبر، عن محمد بن يحيى البادسي، عن أبي زيد: عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي الجزائري، المالكي المتوفى سنة 875، عن أبي محمد الغرياني التونسي، عن أبيه، عن الحافظ ابن جابر الوادي آشي، عن أبي حيان والذهبي، كلاهما عن عبد المؤمن الدمياطي، عن الحافظ زكي الدين المنذري، عن الحافظ أبي الحسن علي بن الفضل المقدسي رحمه الله. وقد تقدم أن إسناد الحديث ضعيف، وبعضهم يراه موضوعا، ولعل مما يقويه من الشواهد فيجعل له أصلا ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 75] ، والإمام أحمد في مسنده [3/ 483] ، وفي فضائل الصحابة برقم 981، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 329- 330] ، والبخاري في تاريخه [6/ 3060- 307] ، والبزار في مسنده برقم 2561- كشف الأستار-، جميعهم من حديث عمرو بن شاس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد آذيتني، قلت: يا رسول الله ما أحب أن أؤذيك، قال: من آذى عليا فقد آذاني، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6923، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 129] : رجال أحمد ثقات. وفي الباب أيضا عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه أيو يعلى في مسنده [2/ 109] رقم 770 والبزار، وابن أبي عمر في مسنديهما- كما في إتحاف الخيرة [9/ 266] رقم 8952 قال: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلين معي قبلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه فقال: ما لكم وما لي؟ من آذى عليا فقد آذاني، زاد غيره: يقولها ثلاث مرات، قال الحافظ البوصيري: رواته ثقات، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 129] : رواه أبو يعلى والبزار باختصار، - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 507 2487- وروى عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك. - ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير محمود بن خداش وقنان بن عبد الله وهما ثقتان. وأخرج القلعي والأنصاري وأبو مسلم بن عامر- كما في الرياض النضرة- بينما سعد يمشي إذ مر برجل وهو يشتم عليا وطلحة والزبير، فقال له سعد: إنك لتشتم قوما قد سبق لهم من الله ما سبق، والله لتكفن عن شتمهم أو لأدعون الله عليك، فقال: يخوفني كأنه نبي، قال: فقال سعد: اللهمّ إن كان قد سب أقواما سبق لهم منك ما سبق فاجعله اليوم نكالا، قال: فجاءت بختية، وأخرج الناس لها فتخبطته، قال: فرأيت الناس يبتدرون سعدا فيقولون: استجاب الله لك أبا إسحاق، وفي رواية: فإذا ببختي يشق الناس، فأخذه ووضعه بين كركرتيه وبين البلاط فسحبه حتى قتله. (2487) - قوله: «وروى عمار بن ياسر» : أخرج حديثه الحسن بن عرفة في جزئه برقم 8، ومن طريق الحسن بن عرفة أخرجه: 1- أبو يعلى الموصلي في مسنده [3/ 178- 179] رقم 1602، ومن طريق أبي يعلى ابن عساكر في تاريخه [42/ 280- 281] . 2- ابن عدي، أخرجه في الكامل [5/ 1831] . 3- الخطيب البغدادي، أخرجه في تاريخه [9/ 71- 72] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 281] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 242] رقم 391. رواه الحسن بن عرفة عن سعيد بن محمد الوراق- ضعفوه- عن علي بن الحزور- وهو متروك- عن أبي مريم الثقفي- وهو مجهول- عن عمار بن ياسر به. تابع الحسن بن عرفة، عن سعيد: الإمام أحمد بن حنبل، أخرجه في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 508 2488- وفي رواية أخرى عن عمار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا علي إن الله تبارك وتعالى زينك بزينة لم يزّين العباد بزينة أحب لله منها، وهي زينة الأبرار: الزهد في الدنيا، فلا تنال منها شيئا، ولا تنال الدنيا منك شيئا، ووهب لك حب الفقراء، وجعلك ترضى بهم أتباعا، ويرضون بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، فهم إخوانك في دارك، ورفقاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك فحقيق على الله أن يوقفه يوم القيامة موقف الكذابين. - الفضائل برقم 1162، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 135] ، والخطيب في تاريخه [9/ 72] ، صحح الحاكم إسناده، وتعقبه الذهبي بأن سعيدا وعليا متروكان. وقد روي عن ابن الحزور بإسناد آخر بالمتن الاتي بعده، ويأتي تخريجه. (2488) - قوله: «وفي رواية أخرى» : رواه كذلك عن ابن الحزور: 1- محمد بن كثير الكوفي، أخرجه الطبراني في الأوسط [3/ 89- 90] رقم 2178، وأعله الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 132] بابن الحزور وأنه متروك. 2- يحيى بن هاشم الغساني، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 281- 282] . 3- خيثمة بن سليمان، أخرجه في الفضائل، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 282] . تابعه سعد بن طريف- وهو متروك أيضا- عن أصبغ، أخرجه ابن المغازلي الجلاني في مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 148. وفي الباب عن ابن عباس يأتي في الذي بعده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 509 2489- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: أنت سيد في الدنيا والاخرة، من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ. (2489) - قوله: «أنت سيد في الدنيا والاخرة» : أخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 377] رقم 4748، والقطيعي في زوائده على الفضائل برقم 1092، ومن طريقه الخطيب في تاريخه [4/ 41] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 218] رقم 348. وأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 195- 196] ، والخطيب في تاريخه [4/ 41] ، وابن عساكر كذلك [42/ 291- 292، 292] ، وابن المغازلي في المناقب برقم 145، جميعهم من حديث أبي الأزهر- اختلف فيه- عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: أنت سيد في الدنيا سيد في الاخرة، من أحبك فقد أحبني، وحبيبك حبيب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، وبغيضك بغيض الله، والويل لمن أبغضك من بعدي. قال ابن عدي: قال لنا علي الداري: جاء يحيى بن معين فوقف على رفقة فيهم أبو الأزهر ببغداد وقال لهم: من الكذاب منكم الذي روى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت سيد في الدنيا ... الحديث؟ فقال أبو الأزهر: أنا، فقال يحيى: أما إنك لست بكذاب، زاد الخطيب: فقال يحيى: الذنب لغيرك في هذا الحديث. قال الخطيب: وقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري عن محمد بن علي بن سفيان النجار، عن عبد الرزاق، فبرىء أبو الأزهر من عهدته إذ قد توبع على روايته والله أعلم، وذكر الخطيب عن أبي حامد بن الشرقي أن هذا الحديث- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 510 2490- وقال علي بن أبي طالب: والذي خلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لعهد إليّ النبي الأمي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يحبك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق. 2491- وقال صلى الله عليه وسلم: لو نثرت الدر على المنافق ما أحبك، ولو ضربت خيشوم المؤمن ما أبغضك. - دسه ابن أخ رافضي لمعمر، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، فالله أعلم. (2490) - قوله: «وقال علي بن أبي طالب» : أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 56- 57] رقم 12113، ومن طريقه مسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان، رقم 78، والإمام أحمد في المسند [1/ 128، 95، 84] ، وفي فضائل الصحابة برقم 961، 948، والترمذي في المناقب، رقم 3736، والنسائي في علامات الإيمان من المجتبى برقم 5018، وفي علامة المنافق برقم 5022، وفي الخصائص من السنن الكبرى [5/ 137] رقم 848، 8486، 8487، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضل علي بن أبي طالب برقم 114، والحميدي في مسنده برقم 58، وأبو يعلى [1/ 250- 251] رقم 291، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6924، وابن منده في الإيمان برقم 261، والبغوي في شرح السنة 3908، 3909، وابن عساكر في تاريخه من طرق [42/ 271- 277] . (2491) - قوله: «لو نثرت الدر على المنافق» : صورته هنا صورة المرفوع وقد رواه أبو الطفيل بصورة الموقوف قال: أخذ علي بيدي فقال: يا أبا الطفيل لو أني ضربت أنف المؤمن بخشبة ما أبغضني أبدا، ولو أني أقمت المنافق ونثرت على رأسه الدنانير حتى- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 511 2492- وعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبة من ياقوتة حمراء على يمين العرش، وضربت لإبراهيم قبة من ياقوتة خضراء على يسار العرش، وضربت فيما بيننا لعلي بن أبي طالب قبة من لؤلؤة بيضاء، فما ظنكم بحبيب بين خليلين. - أغمره ما أحبني أبدا، يا أبا الطفيل إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي، وأخذ ميثاق المنافقين ببغضي، فلا يبغضني مؤمن أبدا، ولا يحبني منافق أبدا، هذا موقوف، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 277- 278] من حديث عبد الله بن عمر- مشكدانة-: أنا عبد الكريم بن هلال الخلقاني، أنا أسلم المكي عنه به. * رواه محمد بن إسماعيل المكي، عن عبد الكريم فجعله من مسند أبي ذر ورفعه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: إن الله أخذ ميثاق المؤمنين على حبك وأخذ ميثاق المنافقين على بغضك، ولو ضربت خيشوم المؤمن ما أبغضك، ولو نثرت الدنانير على المنافق ما أحبك، يا علي لا يحبك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق، أخرجه ابن عساكر [42/ 277] الموقوف أولى وأشبه، والله أعلم. (2492) - قوله: «وعن سلمان الفارسي» : أخرج حديثه الحاكم في التاريخ، ومن طريقه البيهقي في فضائل الصحابة- كما في الكنز [11/ 615- 616]- رقم 32987، ومن طريقه أيضا ابن الجوزي في العلل المتناهية [1/ 248] رقم 401، من حديث علي بن الحسن الخسرو جردي قال: أنا يحيى بن المغيرة السعدي، أنا جرير، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي به مرفوعا وأعله ابن الجوزي بداود بن الحصين، وفيه أيضا علي بن الحسن قال الذهبي في الميزان: روى عن يحيى بن المغيرة بخبر كذب في فضائل علي. اهـ. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 512 2493- 2494- وروى عمار بن ياسر وأبو أيوب قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حق علي بن أبي طالب على المسلمين كحق الوالد على ولده. - قلت: خالفه الأشقر- وهو الحسين بن الحسن، صدوق يهم ويغلو في التشيع- عن جرير، فقال عنه: عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن، عن سهل بن أبي خيثمة، عن أبيه به، أخرجه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب برقم 265، 266، وهذا أجود إسنادا من الذي قبله. وفي الباب عن حذيفة، أخرجه الحاكم في تاريخه، ومن طريقه البيهقي في فضائل الصحابة ومن طريقهما ابن الجوزي في العلل المتناهية [1/ 247- 248] رقم 400، وأعله بيزيد بن معقل وعقبه بن موسى، وأنهما مجهولان. (2493) - (2494) - قوله: «وروى عمار بن ياسر وأبو أيوب» : أخرجه حديثهما مقرونين: ابن عساكر في تاريخه [42/ 308] من طريق جعفر الأحمر، عن أبي رافع، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه عنهما به مرفوعا. وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وعلي بن أبي طالب. أما حديث جابر، فأخرجه الدارقطني في الأفراد [2/ 406] رقم 1759، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 307- 308] من حديث زياد بن المنذر، عن أبي الزبير عنه به مرفوعا. قال الدارقطني: غريب من حديث أبي الزبير، عنه، ومن حديث زياد، عنه، تفرد به كادح بن رحمة. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1884] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 308] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 121- 122] ، وابن المغازلي في مناقب علي برقم 70 من حديث عيسى بن عبد الله ابن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده به مرفوعا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 513 2495- ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أجيء يوم القيامة وأبو بكر عن يميني، وعمر عن شمالي، وعثمان من ورائي، وعلي من بين يدي ومعه لواء الحمد، وعليه يومئذ شقتان، شقة من السندس، وشقة من الإستبرق، فقام إليه أعرابي فقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله، وعلي يستطيع أن يحمل لواء الحمد؟ قال: كيف لا يستطيع حمله وقد أعطي خصالا: صبرا كصبري، وحسنا كحسن يوسف، وقوة كقوة جبريل عليه السلام، وإن لواء الحمد بيد علي بن أبي طالب، وإن جميع الخلائق يومئذ تحت لوائي- صلى الله عليه وسلم-. 2496- ولما قدم علي من خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك قولا لا تمر بملأ إلّا أخذوا من تراب رجليك، وفضل طهورك، يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، فإنك تبرىء عني ذمتي، وتقاتل على سنتي، وإنك في الاخرة معي، وإنك على الحوض خليفتي، وإنك أول من يكسى معي، وإنك أول من يدخل الجنة- قال ابن حبان: يروي عن أبيه، عن آبائه أشياء موضوعة، وقال ابن القيسراني في تذكرة الحفاظ: عيسى هذا عنده نسخة بهذا الإسناد موضوعة. (2495) - قوله: «ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم» : هكذا أورده الحافظ أبو حفص الموصلي معلقا في الوسيلة تبعا للمصنف [ج 5- ق 2/ 172] . (2496) - قوله: «ولما قدم علي من خيبر» : أورده بطوله معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5- ق 2/ 172- 173] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 514 معي من أمتي، وإن محبيك على منابر من نور مبياضة وجوههم، أشفع لهم، ويكونون غدا جيراني، وإن حربك حربي، وسلمك سلمي، وإن سرك سري، وعلانيتك علانيتي، وإنك امرؤ سريرة صدرك كسريرة صدري، وإن ولدك ولدي، تنجز وعدي، وإن الحق معك، وعلى لسانك وفي قلبك، وبين عينيك، وإن الإيمان مخالط لحمك ودمك، كما خالط لحمي ودمي، ليس أحد من الأمة يعدلك، وإنه لن يرد الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك حتى ترد الحوض معي. قال: فخر عليّ ساجدا، ثم قال: الحمد لله الذي أنعم عليّ بالإسلام، وعلمني القرآن، وحبّبني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين إحسانا منه وتفضلا. 2497- 2498- وعن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي رضي الله عنه فقال: ألا إن هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة يفرّق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين. (2497) - (2498) - قوله: «وعن أبي ذر وسلمان» : أخرج حديثهما الطبراني في معجمه الكبير [6/ 329- 330] رقم 6184، وابن عساكر في تاريخه [42/ 41] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 102] : فيه عمر بن سعيد، وهو ضعيف. اه. وله إسناد آخر إليهما، فأخرجه ابن عساكر [42/ 41] بإسناده إلى ابن العباس ابن عقدة قال: أنا محمد ابن أحمد القطواني، أنا مخلد بن شداد، أنا محمد بن عبيد الله، عن أبي سخيلة قال: حججت أنا وسلمان فنزلنا بأبي ذر، فكنا عنده ما شاء الله، فلما حان من حفوف قلت: يا أبا ذر أرى- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 515 ......... - أمورا قد حدثت، وإني خائف أن يكون في الناس اختلاف، فإن كان ذلك فما تأمرني؟ قال: الزم كتاب الله عزّ وجلّ وعلي بن أبي طالب، فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي أول من آمن، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو الفاروق بين الحق والباطل. وأخرجه البزار في مسنده [3/ 183 كشف الأستار] رقم 2522، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 344] ، وابن عساكر في تاريخه [42/ 41- 42] من وجه آخر من حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع، عن أبي ذر به مرفوعا، أغفل الهيثمي الكلام على إسناده، وشيخ البزار فيه: عباد بن يعقوب شيعي ضعفوه، أخرج له البخاري مقرونا، وقد تابعه أبو الصلت الهروي- وهو رافضي اتهم بالكذب- أخرج حديثه الحاكم في تاريخه، ومن طريقه البيهقي في فضائل الصحابة، ومن طريقهما ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 344- 345] . وفي الباب عن أبي ليلى الغفاري، وعلي بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس رضي الله عنه. أما حديث أبي ليلى الغفاري، فأخرجه أبو نعيم في المعرفة [6/ 3003] رقم 6974 من طريق إسحاق بن بشر- منكر الحديث، وبعضهم كذبه- عن خالد بن الحارث، عن عوف، عن الحسن عنه مرفوعا: ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو معي في السماء الأعلى، وهو الفاروق بين الحق والباطل، زاد ابن عبد البر في ترجمته، وابن الأثير في الأسد: وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين، قال ابن عبد البر: إسحاق بن بشر ممن لا يحتج بنقله إذا انفرد لضعفه ونكارة حديثه. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1885] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 303- 304] ، وابن الجوزي في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 516 2499- وعن أبي الحمراء قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي بن أبي طالب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكرياء في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب. - العلل [1/ 237- 238] رقم 383 من حديث عيسى بن عبد الله عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب مرفوعا: علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين، وقد تقدم أن عيسى بن عبد الله عنده نسخة موضوعة عن آبائه. وأما حديث حذيفة، فعزاه المتقي في الكنز [11/ 612] رقم 32990 لابن عدي، والبيهقي في فضائل الصحابة ولفظه نحو لفظ حديث أبي ذر وسلمان. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1544] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 345] ، وابن عساكر في تاريخه [42/ 42] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 47] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 43] من حديث عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن الأعمش، عن عباية، عنه بمثل حديث أبي ذر وسلمان مرفوعا. قال ابن عدي: عامة ما يرويه ابن داهر في فضائل علي هو فيه متهم، وقال العقيلي: كان يغلو في الرفض، ولا يتابع على حديثه. (2499) - قوله: «وعن أبي الحمراء» : أخرج حديثه الحاكم في تاريخه، ومن طريقه البيهقي في فضائل الصحابة، ومن طريقهما ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 370] ، وابن عساكر في تاريخه [42/ 313] من حديث أبي عمر الأزدي، عن أبي راشد الحبراني، عنه به مرفوعا. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 517 2500- ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عليّا لم يشرك بالله ساعة قط، ولم يشرب الخمر، ولم يعبد اللات والعزى قط، ولم ينكث قط. 2501- وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فرأيت على باب الجنة مكتوبا: لا إله إلّا الله، عليّ أخو رسول الله. - قال ابن كثير في تاريخه [7/ 356] : منكر جدّا، ولا يصح إسناده، وقال ابن الجوزي: أبو عمر الأزدي متروك. وفي الباب عن أنس، أخرجه ابن المغازلي في المناقب برقم 256 من طريق زيد بن عطية- تابعي مجهول- عن أبان بن فيروز- وهو أبان بن أبي عياش ممن اتفق على تضعيفه- عن أنس بنحوه مرفوعا. (2500) - قوله: «إن عليا لم يشرك بالله» : لم أجده كذلك، لكن أخرج ابن عدي في الكامل [6/ 2287] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 313] من حديث محمد بن المغيرة الشهرزوري، أنا يحيى ابن الحسن المدائني، أنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: ثلاثة ما كفروا بالله قط: مؤمن آل ياسين، وعلي بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون. (2501) - قوله: «وعن جابر» : أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [6/ 234] رقم 5494، والعقيلي في الضعفاء [1/ 33، 2/ 86] ، ومن طريقه ابن عساكر [42/ 336] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 235] رقم 379، والخطيب في المتفق والمفترق- كما في الكنز [11/ 624] رقم 33043- من حديث الأشعث ابن عم الحسن بن صالح، أنا مسعر، عن عطية العوفي، عن جابر. قال العقيلي: أشعث كوفي كان له مذهب، وزكرياء ويحيى بن سالم يسايرون أشعث في المذهب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 518 2502- ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: النظر إلى المصحف بغير قراءة عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة، والنظر إلى البحر عبادة، والنظر إلى علي بن أبي طالب عبادة. (2502) - قوله: «ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم» : أخرج ابن الجوزي في العلل [2/ 344] رقم 1386 من حديث همام بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس من العبادة: قلة الطعام عبادة، والقعود في المساجد عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى المصحف من غير أن يقرأ عبادة، والنظر في وجه العالم عبادة. قال ابن الجوزي عقبه: تفرد به همام عن ابن جريج، ولم يروه عنه غير سليمان بن الربيع قال ابن حبان: همام يسرق الحديث. اهـ. وضعفه الدارقطني وغيره، والحديث في مسند الفردوس برقم 2669. قوله: «والنظر إلى الوالدين» : ورد هذا في حديث أخرجه الدارقطني- كما في الكنز [15/ 880] رقم 43494، وذكر فيها أيضا: النظر إلى زمزم وأنها تحط الخطايا، ولم يذكر النظر إلى البحر، ويقع في نفسي أن البحر مصحف من البيت، والله أعلم. قوله: «والنظر إلى علي بن أبي طالب» : روي هذا القدر من وجوه من حديث جماعة من الصحابة منهم: عثمان بن عفان، وابن عباس، وعن ابن مسعود بأسانيد، وعن أبي هريرة كذلك، وأنس بن مالك، ومعاذ بن جبل، ومن حديث عمران بن حصين، وعن جابر بن عبد الله، وثوبان، وعن أبي ذر، وعائشة، وزعم الحافظ ابن كثير في التاريخ [7/ 357] أنه لا يصح منها شيء، وأنه لا يخلو كل سند منها عن كذاب أو مجهول لا يعرف حاله. اه، كذا قال وفيه بعد، فقد صحح- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 519 ......... - منها الحافظ الذهبي طريقا عن ابن مسعود نورده إتماما للفائدة، فقد أخرج الحاكم في المستدرك [3/ 141] حديث أبي سعيد الخدري، عن عمران بن حصين مرفوعا: النظر إلى علي عبادة، وقال: صحيح الإسناد وشواهده عن ابن مسعود صحيحة، فقال الذهبي في التلخيص: ذا موضوع، وشاهده صحيح. ثم ساق الحاكم حديث ابن مسعود من رواية يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعا: النظر إلى وجه علي عبادة. قال الذهبي: وذا موضوع، قال الحاكم: تابعه عمرو بن مرة، عن إبراهيم، فسكت عنه الذهبي. قلت: أما حديث يحيى بن عيسى- شيعي اختلف فيه- فأخرجه أيضا ابن عدي في الكامل [7/ 2674] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 93] رقم 10006، والخطيب في تالي التلخيص [2/ 365] رقم 221، وابن عساكر في تاريخه [42/ 351، 352] ، وأبو نعيم في الحلية [5/ 58] ، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 359] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 119] : فيه- يعني في إسناد الطبراني- أحمد بن بديل اليامي وثقه ابن حبان وقال: مستقيم الحديث، وابن أبي حاتم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. اه. أغفل الكلام عن يحيى بن عيسى، وقد ذكرنا لك حاله، فإذا كان رجال إسناده كذلك فكيف يحكم على الحديث بالوضع، وليس فيه متهم به ولا كذاب؟ وقد روي من أوجه عن الأعمش، عن إبراهيم، وعن الأعمش، عن أبي وائل ساقها الحافظ ابن عساكر واستوعب طرقها في تاريخه، وقد قال الحافظ ابن حجر في اللسان في حديث عمران بن حصين- وهو أضعف إسنادا حتى حكم عليه الذهبي في التلخيص، وابن الجوزي بأنه موضوع- قال- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 520 2503- ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا علي فيك مثل من عيسى، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس هو بها. - عنه الحافظ في اللسان [4/ 345] : الحكم عليه بالبطلان فيه بعد، ولكنه كما قال الخطيب: غريب، فتأمل، وغاية ما يقال فيه أنه حسن بمجموع طرقه، ولولا خوف الإطالة والملل لنقلنا طرقه وأسانيده، لكن قد كفانا مؤونة ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخه، وابن الجوزي في الموضوعات، والسيوطي في اللالي، وما ذكرناه هو خلاصة ذلك كله. وبالله التوفيق. (2503) - قوله: «ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم» : أخرجه عبد الله في زوائده على المسند [1/ 160 مرتين] ، وفي زوائده على الفضائل برقم 1087، 1221، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 223- 224] 357، وكذا ابن عساكر في تاريخه [42/ 292- 293، 293] ، وأبو يعلي في مسنده [1/ 406- 407] رقم 534، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 293- 294] ، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 765- 776] رقم 1550، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 294] . وأخرجه النسائي في الخصائص برقم 100، والبخاري في تاريخه الكبير [3/ 281- 282] ، والبزار في مسنده [3/ 202 كشف الأستار] رقم 2566، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1004، والبلاذري في الأنساب [2/ 120] جميعهم من حديث الحارث بن حصيرة- ضعف، ورمي بالرفض- عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ- تابعي وثقه العجلي وابن حبان- عن علي به مرفوعا، ضعف إسناده جماعة. وقد روي من وجه آخر، فأخرجه ابن حبان في المجروحين [2/ 122] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 224] رقم 358 من حديث عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 521 2504- وقال علي بن أبي طالب: يهلك فيّ رجلان: محب مطري، ومبغض مفتري، يحمله بغضه أن يبهتني. - ملأ من قريش فنظر إليّ وقال: يا علي إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا فيه، وأبغضه قوم فأفرطوا فيه، قال: فضحك الملأ الذين عنده، وقالوا: انظروا كيف يشبه ابن عمه بعيسى فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ الاية، تقدم أن عيسى بن عبد الله يروي عن آبائه نسخة يقال: إنها موضوعة. وروي من وجه آخر موقوفا أظنه الأشبه، أخرجه الإمام أحمد في الفضائل برقم 1025، قال عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده- وأظنني قد سمعته منه- أنا وكيع، عن شريك، عن عثمان بن أبي اليقظان، عن زاذان، عن علي قال: مثلي في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبته طائفة وأفرطت في حبه فهلكت، وأبغضته طائفة وأفرطت في بغضه فهلكت، وأحبته طائفة فاقتصدت في حبه فنجت. نسخة شريك عن أبي اليقظان ضعفها الدارقطني وغيره. (2504) - قوله: «وقال علي بن أبي طالب» : هو موقوف من قوله، رواه عنه: 1- ربيعة بن ناجذ ضمن اللفظ المتقدم قبله مرفوعا، وقد تقدم تخريجه والكلام. 2- أبو البختري، أخرج حديثه الإمام أحمد في الفضائل برقم 951، والقطيعي في زوائده على الفضائل برقم 1147، وابن أبي عاصم في السنة برقم 986، وابن عساكر في تاريخه [42/ 297، 301- 302، 302] . 3- أبو السوار السعدي، أخرج حديثه الإمام أحمد في الفضائل برقم 952، وابن أبي عاصم في السنة برقم 983، وابن عساكر [42/ 297] وإسناده صحيح على شرط الشيخين. - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 522 2505- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز يقال لهم: الرافضة، ينتحلون شيعتنا وليسوا بشيعتنا، وآية- 4- أبو جحيفة السوائي، أخرج حديثه ابن منيع في مسنده- كما في المطالب برقم 4370- النسخة المسندة. 5- أبو مريم الثقفي، المدائني، أخرج حديثه الإمام أحمد في الفضائل برقم 964. 6- أبو حيرة الضبعي، أخرج حديثه ابن أبي عاصم في السنة برقم 984. 7- عائشة بنت بجدان، أخرج حديثها ابن أبي عاصم في السنة برقم 987. 8- النزال بن سبرة، أخرج حديثه ابن أبي عاصم برقم 1005. 9- ابن سيرين- ولم يدركه- حديثه عند عبد الرزاق في المصنف برقم 20647. 10- ابن أبي ليلى، أخرج حديثه ابن منيع كما في المطالب برقم 4369- النسخة المسندة-. 11- زاذان أبو عمر، أخرج حديثه ابن منيع كما في المطالب برقم 4370- النسخة المسندة-، وابن عساكر في تاريخه [42/ 296- 297] . 12- فاطمة بنت علي رضي الله عنه، أخرج حديثها ابن عساكر [42/ 297] . 13- جابر بن عبد الله، أخرج حديثه ابن عساكر [42/ 297] . (2505) - قوله: «يخرج في آخر الزمان» : هذا موقوف، أخرجه كذلك اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [8/ 1456] رقم 2807 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، عن أبي جناب الكلبي، عن أبي سليمان الهمداني، عن علي به. خالفه الحماني، عن أبي جناب- وهما ضعيفان- فرفعه، أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة برقم 1272 والأول أشبه وفي الطريقين أبو جناب الكلبي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 523 ذلك أنهم يسبّون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون. - واسمه يحيى بن أبي حية ضعفوه وهو مشهور أيضا بكثرة تدليسه. وقد روي عن أمير المؤمنين موقوفا ومرفوعا من غير وجه، فأخرج اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم 2806 من حديث حماد بن كيسان، عن أبيه- وكانت تحته سرية لعلي- عن علي رضي الله عنه نحوه موقوفا. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند [1/ 103، 103 مرتين] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 157] رقم 252- وزعم أنه من حديث الإمام أحمد عن لوين ولم أره كذلك في المسند- وعبد الله في السنة أيضا الأرقام 1268، 1269، 1270، 1271، وابن أبي شيبة- كما في أطراف المسند [4/ 396]- والبزار في مسنده [3/ 293 كشف الأستار] رقم 2776، والبخاري في تاريخه الكبير [1/ 279- 280] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 978، وابن عدي في الكامل [7/ 2667- 2669] ، جميعهم من حديث يحيى ابن المتوكل، عن كثير النواء- هما ضعيفان-، عن إبراهيم بن حسن بن حسن ابن علي، عن أبيه، عن جده مرفوعا: يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام. وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 979 من حديث حصين بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي نحوه مرفوعا، وإسناده جيد فيه محمد بن أسعد التغلبي حديثه في الشواهد صالح. وفي الباب عن ابن عباس، فأخرج عبد بن حميد في مسنده [/ 232 المنتخب] رقم 698، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 157] رقم 253، وأبو يعلى في مسنده [4/ 459] رقم 2586، والبزار في مسنده [3/ 293 كشف الأستار] رقم 2777، والحارث بن أبي أسامة في مسنده- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 524 ......... -[2/ 945 بغية الباحث] رقم 1043، وابن أبي عاصم في السنة برقم 981، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 242] رقم 12997، جميعهم من حديث الحجاج بن تميم عن عمران بن زيد- وهما ضعيفان-، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس مرفوعا: يكون في آخر الزمان قوم ينبزون الرافضة، يرفضون الإسلام ويلفظونه فاقتلوهم إنهم مشركون. وبه انتهى الجزء الخامس في ترتيبنا، ويليه إن شاء الله الجزء السادس، وأوله: باب فضائل الأربعة وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين والحمد لله رب العالمين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 525 فهرس موضوعات المجلد الخامس الموضوع الصفحة جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته بالليل والنهار، وأمر أن يدعى به 7 باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتى، وما كان يتعوذ به صلى الله عليه وسلم 41 فصل: ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة 54 باب ما جاء في التسبيح والتهليل 65 باب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 70 فصل: في ذكر البخيل، وذمّ الناسي والكاره للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 83 فصل: في أن الدعاء محجوب عن السماء لا يرفع حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم 93 فصل: في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها 100 فصل: ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 104 فصل: في فضل الإكثار والمكثرين من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 108 فصل: ذكر حكاية متعلقة بفضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 116 فصل: في ختم الباب 118 باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلا حقّا 119 فصل: ومما موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم 134 باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال: كلمة فصارت مثلا سائرا 153 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 527 جامع أبواب الفضائل والمناقب باب فضل العرب 237 فصل: ذكر فرأسة أعرابي 245 فصل: في فضل قريش 249 فصل: في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش 267 باب: في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل 271 باب فضل الحسن والحسين وآل البيت عليهم السلام 284 فصل: في المهدي، وأنّه من أهل البيت 388 باب ما جاء في فضائل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين 391 فصل: في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه 391 فصل: في فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه 425 فصل: في فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه 463 فصل: في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه 492 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 528 الجزء السادس [ [تابع] جامع أبواب الفضائل والمناقب ] [تابع] جامع أبواب الفضائل والمناقب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 [297- باب فضائل الأربعة، وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين] 297- باب فضائل الأربعة، وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين 2506- أخبرنا الإمام أبو بكر: محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفّال رحمه الله قراءة عليه في شهور سنة ست وخمسين وثلثمائة قال: أخبرنا أبو عروبة: (2506) - قوله: «الشاشي» : نسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون يقال لها: الشاش، وهي من ثغور الترك، قاله السمعاني، وذكر شيخ المصنف فقال: أحد أئمة الدنيا في التفسير والحديث والفقه واللغة، ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين، ومات سنة ست وستين وثلاثمائة، وقال الذهبي في السير: الإمام العلامة، الفقيه الأصولي، اللغوي عالم خراسان، إمام وقته بما وراء النهر، وصاحب التصانيف، سمع ابن خزيمة، وابن جرير الطبري، وأبا عروبة الحراني وطبقتهم، قال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره. الأنساب [3/ 375] ، سير أعلام النبلاء [16/ 283] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 282] ، الوافي بالوفيات [4/ 112] ، طبقات المفسرين للداودي [2/ 196] ، النجوم الزاهرة [4/ 111] ، وفيات الأعيان [4/ 200] ، اللباب [2/ 174] ، مرآة الجنان [2/ 381] ، العبر [2/ 338] ، طبقات الشافعية للسبكي، [3/ 200] ، طبقات الإسنوي [2/ 79] ، معجم الأدباء [6/ 379] ، الشذرات [3/ 160] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 365- ص 345] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 الحسين بن أبي معشر السلمي بحران، ثنا محمد بن معمر، ثنا يعقوب بن محمد الزهري، ....... قوله: «الحسين بن أبي معشر» : نسبه لجده، وهو: الحسين بن محمد بن أبي معشر: مودود السلمي، الجزري، الحراني، وقد قيل أيضا: الحسين بن أبي معشر: محمد بن مودود، والأول أشبه، قال عنه الحافظ الذهبي: الحافظ المعمّر الصادق، قال ابن عدي: كان عارفا بالرجال وبالحديث، وكان مع ذلك مفتي أهل حران، شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين، وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: كان من أثبت من أدركناه وأحسنهم حفظا، يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام. سير أعلام النبلاء [14/ 510] ، تذكرة الحفاظ [2/ 774] ، الشذرات [2/ 477] ، مرآة الجنان [2/ 277] ، طبقات الحفاظ [/ 325] ، العبر [2/ 172] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 318- ص 560] . قوله: «محمد بن معمر» : ابن ربعي القيسي، الحافظ الصدوق: أبو عبد الله البصري، المعروف بالبحراني، أحد رجال الكتاب الستة. تهذيب الكمال [26/ 485] ، تهذيب التهذيب [9/ 412] ، الكاشف [3/ 87] ، ثقات ابن حبان [9/ 122] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 452] ، التقريب [/ 508] الترجمة رقم 6313. قوله: «ثنا يعقوب بن محمد الزهري» : هو ابن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، كنيته: أبو يوسف المدني، علق له البخاري، وأخرج له ابن ماجه، ضعفه بعضهم، قال أبو حاتم: هو على يدي عدل، أدركته فلم أكتب عنه، وفي التقريب: صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء. - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 ثنا عبد العزيز بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - تهذيب الكمال [32/ 367] ، تهذيب التهذيب [11/ 347] ، الكاشف [3/ 257] ، الميزان [6/ 128] ، المغني في الضعفاء [2/ 759] ، الكامل لابن عدي [7/ 2606] ، الثقات لابن حبان [9/ 284] ، التقريب [/ 608] الترجمة رقم 7834. قوله: «ثنا عبد العزيز بن محمد» : هو الدراوردي، الحافظ الصدوق، قرنه البخاري في صحيحه، وأخرج له الباقون. سير أعلام النبلاء [8/ 324] ، تهذيب الكمال [18/ 187] ، تهذيب التهذيب [6/ 315] ، الكاشف [2/ 178] ، التقريب [/ 358] الترجمة رقم 4119، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 312] ، ثقات ابن حبان [7/ 116] . قوله: «ثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف» : الزهري، المدني، الإمام، الحافظ الثقة، حديثه في الكتاب الستة. تهذيب الكمال [17/ 71] ، تهذيب التهذيب [6/ 150] ، سير أعلام النبلاء [6/ 204] ، الكاشف [2/ 144] ، التقريب [/ 339] الترجمة رقم 3847، ثقات ابن حبان [7/ 64] . قوله: «عن أبيه» : الإمام التابعي الجليل، أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت عثمان بن عفان لأمه، يقال: رآه وسمع منه. انظر: تهذيب الكمال [7/ 378] ، تهذيب التهذيب [3/ 40] ، طبقات ابن سعد [5/ 153] ، سير أعلام النبلاء [4/ 293] ، التقريب [/ 182] الترجمة رقم 1552، العبر [1/ 113] ، الكاشف [1/ 192] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 أبو بكر في الجنة، عمر في الجنة، عثمان في الجنة، علي في الجنة، عبد الرحمن في الجنة، سعد في الجنة، طلحة في الجنة، الزبير في الجنة، سعيد بن زيد في الجنة، أبو عبيدة بن الجراح في الجنة. قال عبد العزيز: لا أدري بمن بدأ. 2507- وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي بأمتي: أبو بكر، وأشدهم في أمر الله: عمر، وأصدقهم حياء: عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله: أبي بن كعب، وأفرضهم: زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام: معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة: أبو عبيدة بن الجراح. قوله: «أبو بكر في الجنة» : تابعه قتيبة بن سعيد، عن الدراوردي، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 193] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب عبد الرحمن بن عوف، رقم 3747، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 56] رقم 8194. وتابعه أيضا الحماني، أخرجه ابن عساكر [21/ 78، 25/ 446] . * ورواه مصعب، عن عبد العزيز، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه مرسلا، لم يذكر عبد الرحمن بن عوف، أخرجه الترمذي عقب الأول. * ورواه عمر بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، أخرجه الترمذي برقم 3748، والنسائي في الكبرى برقم 8195. قال أبو عيسى: سمعت محمدا يقول: هو أصح من الحديث الأول. (2507) - قوله: «وروى أنس بن مالك» : أخرجه من طرق عنه مطولا ومختصرا ببعضه: الإمام أحمد في مسنده [3/ 184، 281] ، والترمذي في المناقب، باب- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 2508- وفي رواية ابن عباس: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواكم في دين الله عمر، وأشدكم حياء عثمان، وأقضاكم علي ابن أبي طالب، ولكل نبي حواري وحواريي طلحة والزبير، وحيث ما دار سعد بن أبي وقاص دار الحق معه، وعبد الرحمن بن عوف من تجار الرحمن، وسعيد بن زيد من أحباء الله في الأرض، وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله، وطلحة ممن قضى نحبه. 2509- وفي رواية: وأبصركم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضكم زيد بن ثابت، وأقرأكم أبي بن كعب. - مناقب معاذ وزيد، وأبي، وأبي عبيدة، رقم 3790، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 67] رقم 8242 وفي [5/ 78] رقم 8287، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 155، والطيالسي في مسنده برقم 2096، وابن أبي عاصم في السنة الأرقام 1252، 1281، 1282، 1283، والحاكم في المستدرك [3/ 422] ، والطحاوي في المشكل [1/ 350- 351] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 122] ، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 210] ، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- الأرقام: 7001، 7131، 7137، 7252، والبغوي في شرح السنة برقم 3930. (2508) - قوله: «وفي رواية ابن عباس» : اختصر المصنف السياق هنا، وسيورده بطوله برقم 2598، أوردها معلقة تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5- ق- 2/ 196] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 2510- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته عائشة، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله. رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وما له من صديق. رحم الله عثمان، تستحي منه الملائكة. رحم الله عليّا، اللهمّ أدر الحق معه حيث دار. 2511- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ..... (2510) - قوله: «اللهمّ أدر الحق معه حيث دار» : أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم 3714، - وقال: غريب-، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1232، والعقيلي في الضعفاء [4/ 210] ، وابن الجوزي في العلل المتناهية [1/ 253- 254] رقم 410، وابن عساكر في تاريخه [30/ 62- 63، 39/ 71، 42/ 48، 44/ 139] ، جميعهم من حديث المختار بن نافع التميمي- من الضعفاء أصحاب الغرائب-، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب به مرفوعا، وصححه الحاكم على شرط مسلم [3/ 72، 124- 125] ، وتعقبه الذهبي بأن المختار ساقط. (2511) - قوله: «وعن أبي موسى الأشعري» : حديثه في الصحيحين باختلاف في السياق، فأخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب عثمان بن عفان، رقم 3695، وفي أخبار الاحاد، باب قوله تعالى: لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ الاية، رقم 7262، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عثمان بن عفان، رقم 2403. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- أحسب قال: في حائط- فجاء رجل فسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب، فأذن له وبشره بالجنة، قال: فذهبت، فإذا هو أبو بكر الصديق، فقلت: ادخل وابشر بالجنة، فما زال يحمد الله حتى جلس ثم جاء آخر فسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيذن له وبشره بالجنة، قال: فذهبت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقلت: ادخل وابشر بالجنة، فما زال يحمد الله حتى جلس، ثم جاء آخر فسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فأذن له وبشره بالجنة بعد بلاء شديد، فانطلقت فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقلت: ادخل وابشر بالجنة على بلوى شديدة، فجعل يقول: اللهمّ صبرا، حتى جلس. 2512- وعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه إذ قال عمر: يا رسول الله أنبئنا عن أفضل أصحابك نتخذهم علما، ويكونوا لنا مفزعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وزيري والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي وينطق على لساني، وعلي أخي وصاحب لوائي، وأنا من عثمان وعثمان مني. (2512- قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [6/ 2103] ومن طريقه ابن عساكر [39/ 102] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 230] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 404] ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة- كما في اللالئ [1/ 386- 387]- من حديث كادح بن رحمة- اتهم بالكذب-، عن الحسن ابن أبي جعفر- متروك الحديث- عن أبي الزبير، عن جابر بالمتن دون أوله. وأخرج العقيلي في الضعفاء الكبير [2/ 130] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 102- 103] من حديث سليمان بن شعيب بن الليث: - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 2513- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أسري بي إلى السماء دخلت جنة عدن، فإذا أنا بشجرة خضراء عليها أوراق حمر مكتوب على كل ورقة: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، وعلى وجه الأخرى: أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان الشهيد ذو النورين، علي المرتضى. - أنا ابن لهيعة، أنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: لما اشتبكت الحرب- يعني اشتدت- يوم خيبر قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هذه الحرب قد اشتبكت، فأخبرنا بأكرم أصحابك عليك، فإن يكن أمر عرفناه، وإن يكن الأخرى أبيناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. قال العقيلي: سليمان حديثه غير محفوظ، ولا يتابع عليه ولا يعرف إلّا به. اه. تابعه مجّاعة بن ثابت- ولا يعرف- عن ابن لهيعة، أخرجه الخطيب في تاريخه [13/ 261] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 103] إلّا أنه قال في حديثه: يوم حنين بدل: خيبر. (2513) - قوله: «وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم» : في الباب عن ابن عباس، والبراء بن عازب، وجعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده. أما حديث ابن عباس فأخرجه القطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 664، ومن طريقه الخطيب في تاريخه [5/ 4] ، ومن طريقه الخطيب: ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 336- 337] . وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 76] رقم 11093، وأبو نعيم في الحلية- كما في اللالئ [1/ 319]-، وابن عدي في الكامل [5/ 1857] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 116] ، وابن عساكر في تاريخه [39/ 49- 50] ، جميعهم من حديث علي بن جميل- اتهم بالوضع- عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا: ما في- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 ......... - الجنة شجرة إلّا مكتوب على كل ورقة: لا إله إلّا الله، محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذي النورين. سرقه جماعة من علي بن جميل فحدثوا به عن جرير، منهم: 1- معروف بن أبي معروف، أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2326] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [59/ 353] . قال ابن عدي: سرقه من علي بن جميل، ومعروف ليس بمعروف، يسرق الحديث. 2- الحسن بن عبد الرحمن، أبو علي الاحتياطي- اتهم بسرقة الحديث- أخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 337] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 50] . 3- عبد العزيز بن عمرو الخراساني، أخرج حديثه الختلي في الديباج- كما في اللالئ [1/ 319]-. ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [39/ 50] ، وأخرجه أيضا ابن عساكر [39/ 50] ، من طريق آخر عنه. قال الذهبي في الميزان: عبد العزيز فيه جهالة، والخير باطل، فهو الافة فيه. قلت: ورواه عصام بن يوسف- ممن اختلف فيه- على ألوان بألفاظ: 1- فرواه مرة عن جرير مثل رواية علي بن جميل، أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه- كما في اللالئ [1/ 319] . 2- ورواه مرة عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد حدثه عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: تدرون ما على العرش مكتوب؟ مكتوب: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان الشهيد، علي الرضا، أخرجه ابن عساكر [39/ 297] ، لكن الراوي عن عصام محمد بن عامر اتهم بالكذب. - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 2514- وعن بعضهم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أنبئكم بما على العرش مكتوب؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: على العرش مكتوب: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان الشهيد، علي الرضا. 2515- وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب المدينة وهو متكئ، يمينه على أبي بكر، وشماله على عمر، وعثمان- 3- ورواه محمد بن عامر نفسه أيضا عنه مرة أخرى، عن شعبة، عن حميد، عن أنس مرفوعا: لما عرج بي ما مررت بسماء إلّا وجدت فيها اسمي وأبي بكر الصديق من خلفي، أخرجه ابن عساكر [30/ 204] . وأما حديث جعفر بن محمد فأخرجه إسحاق بن إبراهيم الختلي في الديباج- كما في اللالئ [1/ 320] ، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 51] عن أبيه، عن جده مرفوعا: ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوبا: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين يقتل مظلوما، قال في اللالئ: أبو بكر عبد الرحمن بن عفان شيخ إسحاق ومحمد بن مجيب الراوي عن جعفر كذابان. (2514) - قوله: «وعن بعضهم» : هكذا أورده أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف [5- ق- 2/ 183] إلّا أنه قال: وعن بعض الصحابة، وهو في نسخة «ب» فقط من الأصول، وتخريجه في الذي قبله. (2515) - قوله: «وروى أبو هريرة» : في الباب عن معاذ بن جبل، وابن عمر، وأبي الدرداء. حديث معاذ أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1526] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 254] رقم 411، وابن عساكر في تاريخه- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 آخذ بطرف ثوبه، وعلي من بين يديه فقال: هكذا ندخل الجنة، فمن فرق بيننا فعليه لعنة الله عزّ وجلّ. 2516- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى بكرا من أعرابي بدين إلى نظرة، فأدبر الأعرابي فلقيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال للأعرابي: إن قبض الله رسوله فإلى من حقك؟ فرجع الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لي بحقي إن أتى عليك الموت؟ قال: إلى أبي بكر الصديق، فأدبر الأعرابي فلقيه علي أيضا، فقال ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، -[39/ 107] من حديث عبد الله بن خراش- أحد الضعفاء-، عن العوام بن حوشب، عن شهر بن حوشب، عن معاذ بن جبل- ولم يسمع منه- قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمينه في يد أبي بكر، ويساره في عمر، وعلي آخذ بطرف ردائه، وعثمان من خلفه، فقال صلى الله عليه وسلم: هكذا ورب الكعبة ندخل الجنة. وحديث ابن عمر أخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 138- 139] ، وابن عساكر [44/ 188] ، واللفظ له من طريق إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال: خرج رسول الله بين أبي بكر وعمر- زاد الخطيب: وهو معتمد عليهما- قال: هكذا نموت، وهكذا ندفن، وهكذا ندخل الجنة، ولفظ الخطيب: هكذا ندخل الجنة جميعا دون أوله. وحديث أبي الدرداء أخرجه ابن عساكر [22/ 205] من طريق أيوب بن مدرك، عن سليمان بن بلال، عن أبي الدرداء، عن أبيه قال: رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وبين عمر، أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره فقال: هكذا نكون، ثم هكذا نموت، ثم هكذا نبعث، ثم هكذا ندخل الجنة. (2516) - قوله: «اشترى بكرا من أعرابي» : لم أقف عليه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 فقال علي: فإن أبا بكر يموت؟ قال: فرجع الأعرابي فقال: يا رسول الله إن مات أبو بكر فمن لي بحقي؟ قال: إلى عمر بن الخطاب، فأدبر الأعرابي فلقيه الأخرى، فقال علي: فإن مات عمر فإلى من حقك؟ قال: فرجع الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: إن مات عمر فإلى من حقي؟ قال: حقك إلى عثمان، فأدبر الأعرابي حتى لقيه علي فقال له ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن مات عثمان فإلى من حقك؟ فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إن مات عثمان فإلى من حقي؟ قال: إلى الذي أرسلك. قال أبو سعد رحمه الله: 2517- في قوله صلى الله عليه وسلم: الخلافة ثلاثون سنة: فقدر لأبي بكر سنتين، ولعمر عشر سنين، ولعثمان اثنتا عشرة سنة، ولعلي ست سنين، رضي الله عنهم أجمعين. 2518- وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: (2517) - قوله: «الخلافة ثلاثون سنة» : تقدم تخريجه في الدلائل تحت رقم 1303، وتعليق المصنف هذا ورد في آخر نسخة «ظ» . (2518) - قوله: «وروي عن عمر بن الخطاب» : أخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 102] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الحدائق [1/ 406] ، وأبو القاسم الأصبهاني في سير السلف [2/ 650] من حديث زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب به. رواه عبيد الله بن عمر، عن نافع وزيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: قال عمر، أخرجه ابن أبي الدنيا في المتمنين برقم 154. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 تمنوا، فقال بعضهم: أتمنى لو كانت هذه الديار مملوءة ذهبا أنفقها في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرجدا وجوهرا أنفقها في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، قالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين، قال عمر: أنا أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة، ومعاذ، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان. 2519- وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمع حب هؤلاء الأربع إلّا في قلب مؤمن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنه. - وله طريق أخرى، فأخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 413] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [25/ 473- 474] ، وابن أبي الدنيا في المتمنين برقم 39، والبلاذري في الأنساب [11/ 72] من حديث ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح قال: قال عمر بن الخطاب لجلسائه ... فذكر نحوه منقطع. وأخرجه الدينوري في المجالسة [6/ 156- 157] رقم 2496، ومن طريقه ابن عساكر [25/ 474] من حديث علي بن عبد الله القرشي، عن أبيه قال: مر عمر بن الخطاب بقوم يتمنون ... الحديث. قوله: «وسالم مولى أبي حذيفة» : زاد في رواية: إن سالما كان شديدا في ذات الله، لو لم يخف الله ما أطاعه، وأما أبو عبيدة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. (2519) - قوله: «وروى أبو هريرة» : أخرج حديثه عبد بن حميد في مسنده [/ 426- 427 المنتخب] رقم 1464، ومن طريقه ابن عساكر [39/ 126] ، والقطيعي في زياداته على فضائل الإمام أحمد برقم 675، وأبو نعيم في الحلية [5/ 203] والخطيب- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 2520- وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي عما يختلف فيه أصحابي من بعدي، - في تاريخه [14/ 332] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 221] . وأخرجه ابن عساكر [39/ 125، 125- 126، 126] ، وفي [44/ 221] جميعهم من طرق من حديث يزيد بن حبان، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال الحافظ البوصيري في الإتحاف [9/ 213] : رواته ثقات. قلت: عطاء عن أبي هريرة منقطع، ويزيد بن حبان جهله أبو حاتم، لكن حسن حديثه الذهبي في الميزان، فتبقى علة الانقطاع، لا بل فيه علة أخرى فقد روي عن الثوري، عن عطاء من مسند أنس فكأن عطاء غير ضابط للرواية، فإن قلنا بأن الاختلاف في تعيين الصحابي لا يضر فقد انجبرت علة الانقطاع بشاهد أنس. حديث الثوري أخرجه الطبراني في الأوسط- كما في الكنز [11/ 637] رقم 33103 إذ لم أجده في المطبوع من المعجم الأوسط، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية معلقا [5/ 203]-، ومن طريق أبي نعيم ابن عساكر في تاريخه [39/ 128- 129] . رواه المستملي، عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم، عن ابن راهويه، عن ابن علية، عن حميد، عن أنس، أخرجه ابن عساكر [37/ 395- 396] . ورواه أبو عبد الله البكاء، عن أبي خلف، عن أنس، أخرجه ابن عساكر [39/ 128] . (2520) - قوله: «وروى سعيد بن المسيب عن عمر» : ولم يدركه فهو منقطع، أخرج حديثه: ابن عدي في الكامل [3/ 1057] ، وابن بطة في الإبانة [2/ 562] رقم 700، والخطيب في الفقيه والمتفقه [1/ 177] ، والبيهقي في المدخل برقم 151، وابن عساكر في تاريخه [19/ 383] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 282- 283] رقم 457، جميعهم- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 فأوحى الله إليّ: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضها أضوء من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. 2521- سئل جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبي بكر فقال: كان صلى الله عليه وسلم قد حرّق قلبه مشاهدة ربوبيته، فكان لا يشهد مع الله غير الله، فمن أجل ذلك كان أكثر كلامه: لا إله إلّا الله. قال: وعمر رضي الله عنه كان يرى كلّ ما دون الله صغيرا حقيرا في جنب عظمة الله، وكان لا يرى التعظيم لغير الله، فمن أجل ذلك كان أكثر كلامه: الله أكبر. - من حديث نعيم بن حماد: أنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عنه به. نعيم بن حماد تكلم فيه، وعبد الرحيم بن زيد كذبه ابن معين، وتركه غير واحد، وأبوه ضعيف، وتقدم ذكر علة الانقطاع. وعزاه في المشكاة لرزين، والمتقي في الكنز [1/ 181] رقم 917 للسجزي في الإبانة. روي عن عبد الرحيم أيضا، عن أبيه، عن ابن المسيب فقال: عن ابن عمر، أخرجه ابن عبد البر في الجامع بإسناده إلى البزار، ونقل عنه قوله: لا يصح عن النبي، لكن قال البيهقي في الاعتقاد [/ 206] في باب القول في أصحاب رسول الله عقب حديث أبي موسى الذي أخرجه مسلم في صحيحه: النجوم أمنة للسماء ... قال: وروي في حديث موصول بإسناد غير قوي وفي حديث آخر بإسناد منقطع- يشير إلى حديث الباب-: مثل أصحابي مثل النجوم ... قال: والذي رويناه هنا من الحديث الصحيح يؤدي بعض معناه. قال الحافظ في التلخيص: صدق البيهقي هو يؤدي التشبيه للصحابة بالنجوم خاصة أما في الاقتداء فلا يظهر في حديث أبي موسى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 قال: وعثمان بن عفان رضي الله عنه كان يرى كل ما دون الله معلولا إذ كان مرجعه إلى الفناء، وكان لا يرى التنزيه إلّا لله تعالى، فمن أجل ذلك كان أكثر كلامه: سبحان الله. قال: وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يرى ظهور الكون من الله، وقيام الكون بالله، ورجوع الكون إلى الله، فمن أجل ذلك كان أكثر كلامه: الحمد لله. قال: وكان إشارة الصديق رضي الله عنه إلى جلال الألوهية وكمال الألوهية، وإشارة عمر رضي الله عنه كان إلى عظم الكبرياء وحسن الربوبية، وإشارة عثمان رضي الله عنه كان إلى التنزيه والأزلية في أوقات العبودية، وإشارة عليّ رضي الله عنه إلى البقاء والديمومية واضمحلال من سواه تحت جلال الصمدانية. قال: فأكرم الله الصديق بصفوة الإيمان، وعمر بحلاوة الإيمان، وعثمان بحياء الإيمان، وعلي بسخاء الإيمان، ولهذا كان للأربعة الخلفاء ثمانية أحوال: البقاء واللقاء، والجهد والوفاء، والصدق والحياء، والمحبة والرضاء. فالبقاء واللقاء لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. والجهد والوفاء لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. والصدق والحياء لعثمان بن عفان رضي الله عنه. والمحبة والرضاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال: وقد دل على هذه الأحوال منهم خبر يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 حبّب إليّ من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء، وجعل قرة عيني في الصلاة. قال أبو بكر: وحبب إليّ ثلاث يا رسول الله، قال: وما ذاك يا أبا بكر؟ قال: النظر إلى وجهك، وجمع المال للإنفاق عليك، والتوسل إليك بقرابتك. وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله وحبب إليّ ثلاث، قال: وما ذاك يا عمر؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بأمر الله. وقال عثمان: وحبب إليّ ثلاث يا رسول الله، قال: وما ذاك يا عثمان؟ قال: إشباع الجائع، وإرواء الظمان، وإكساء العاري. وقال علي بن أبي طالب: وحبب إليّ ثلاث يا رسول الله، قال: وما ذاك يا علي؟ قال: الصوم في الصيف، وقرى الضيف، والضرب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف. قال: فقول أبي بكر: النظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، دليل على محبة اللقاء، ومن أحب حبيبا تسلّى برؤيته، وقوله: وجمع المال والإنفاق على رسول الله، دليل على محبة البقاء، لأن من أحب البقاء أفنى الفاني. وقول عمر بن الخطاب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دليل على الجهد، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقهما أن يقوم المرء بحقوق الله مجتهدا، ثم يأمر بالمعروف، وقوله: القيام بأمر الله، دليل على الوفاء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 وقول عثمان: إشباع الجائع وإرواء الظمان، دليل على الصدق، لأن الإيثار من أسباب الصدق، وقوله: وإكساء العاري من دلائل الحياء، لأن الحيي يحب أن يكسو العاري لاستحيائه لنفسه، وفضل حيائه لغيره. وقول علي بن أبي طالب: الصوم في الصيف وقرى الضيف، دليل على الرضا، وقوله: والضرب بين يدي رسول الله بالسيف، دليل على المحبة، لأن من أحب حبيبا ناب عن حبيبه وذب عنه، وقاتل أعداءه. قال: وقول الله تعالى يشير إلى هذه الأحوال وصدقها، فإن الله عزّ وجلّ يقول: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ، يعني: أبا بكر رضي الله عنه، وقال أبو بكر: النظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أحب رؤية شيء كان معه. أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، يعني: عمر رضي الله عنه، ومن غلظ على الكافرين أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر. رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، يعني: عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن رحم الخلق كساهم وأطعمهم. تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً، يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأن من أحب محبوبا طلب قربه، وقرب حبيبه في الصلاة الركوع والسجود قال الله تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ. 2522- وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: لما طعن عمر وأمر بالشورى، دخلت عليه حفصة ابنته فقالت له: يا أبة إن الناس يزعمون أن هؤلاء (2522- قوله: «وعن ابن عمر» : أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [4/ 123- 124] رقم 3196، - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 الستة ليسوا برضا، فقال: أسندوني، أسندوني- مرتين- قال: فلما أن أسند، قال: ما عسى أن يقولوا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدك في يدي يوم القيامة، تدخل معي حيث أدخل. ما عسى أن يقولوا في عثمان بن عفان رضي الله عنه؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم يموت عثمان تصلي عليه ملائكة السماء، فقلت: يا رسول الله لعثمان خاصة أم للناس عامة، فقال: لعثمان خاصة. ما عسى أن يقولوا في طلحة بن عبيد الله؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة قرّبه وقد سقط رحله فقال: من يسوي رحلي وله الجنة، فندب طلحة فسوّاه له حتى ركب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا طلحة هذا جبريل يقرئك السلام ويقول لك: أنا معك يوم القيامة حتى أنجيك من أهوالها. - وابن عساكر في تاريخه [42/ 328] من حديث ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عنه به. قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلّا معمر، ولا عن معمر إلّا ابن المبارك، تفرد به عبد الله بن يحيى. اه. هكذا قال وقد رواه الوليد بن مسلم، عن معمر، أخرجه معاذ بن المثنى في زياداته على مسند مسدّد- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 297] رقم 4425- ومن طريقه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات- كما في الكنز [13/ 247] رقم 36736- ومن طريق أبي بكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه [18/ 393- 394] . وأخرجه الخطيب في تالي تلخيص المتشابه في الرسم [1/ 37- 38] ، قال في الكنز [13/ 247] : وأبو نعيم في فضائل الصحابة، وأبو الحسين بن بشران في فوائده، والديلمي (برقم 8999 مقتصرا على منقبة عثمان) قال: وسنده صحيح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 ما عسى أن يقولوا في الزبير وهو يذب عن وجهه حتى استيقظ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا عبد الله لم تزل؟ فقال: لم أزل بأبي أنت وأمي، فقال: هذا جبريل يقرئك السلام ويقول: أنا معك يوم القيامة حتى أذب عن وجهك شرر جهنم. ما عسى أن يقولوا في سعد بن أبي وقاص؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وقد أوتر قوسه: أربع عشرة مرة فدفعها إليه ويقول: ارم فداك أبي وأمي. ما عسى أن يقولوا في عبد الرحمن بن عوف؟ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في منزل فاطمة والحسن والحسين يبكيان جوعا ويتضوران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يصلهما بشيء؟ فاطلع عبد الرحمن بصحفة فيها حيس ورغيفان بينهما إهالة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفاك الله أمر دنياك، فأما أمر آخرتك فأنا لها ضامن. 2523- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد الله: ليقم أهل الله، فيقوم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه (2523) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 64، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 403] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 191] من حديث محمد بن عثمان بن أبي شيبة- متروك الحديث- ثنا الحسن بن صالح، ثنا الحسن بن الحسن النرسي، ثنا أصبغ بن الفرج، عن اليسع بن محمد، عن أبي سليمان الأيلي، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس به مرفوعا تابعه الربيع بن سليمان الجيزي، عن أصبغ، أخرجه أبو بكر في الغيلانيات برقم 65، ومن طريقه ابن عساكر- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 فيقال لأبي بكر: قم على باب الجنة فأدخل فيها من شئت برحمة الله، وذد عنها من شئت بقدرة الله. ويقال لعمر: قم على الميزان، فثقل ميزان من شئت برحمة الله، وخفف ميزان من شئت بقدرة الله. -[39/ 132- 133] وفي [44/ 190- 191] . قال ابن الجوزي في الموضوعات: رواه أصبغ عن سليمان بن عبد الأعلى، عن ابن جريج، ورواه أصبغ عن السري- كذا والصواب: اليسع- ابن محمد عن أبي سليمان، عن ابن جريج، قال: وهذا يدل على تخليط من أصبغ أو ممن روى عنه، قال: وفي إسناده جماعة مجهولون. اه. وتعقبه ابن عراق في تنزيه الشريعة [1/ 369] بقوله: أصبغ بن الفرج ثقة إمام، ولعله عنده من الوجوه المذكورة كلها، نعم يحتمل أن تكون الافة من أحد المجهولين الواقعين في الإسناد، والله أعلم. اه. وقد رواه عن ابن جريج أيضا: سفيان الثوري، والحجاج بن محمد المصيصي، حديث الثوري أخرجه أبو بكر الغيلانيات برقم 66، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 191- 192] . وأخرجه ابن حبان في المجروحين [1/ 145] ، وخيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة- كما في اللالئ [1/ 386]- ومن طريق خيثمة أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 156] بإسناد فيه أحمد بن الحسين الذي يقال له: رسول نفسه، قال الدارقطني: متروك، واتهمه ابن حبان بالوضع: حدثنا وكيع ثنا سفيان به. وأما حديث الحجاج بن محمد، فأخرجه ابن حبان في المجروحين [1/ 117] ، وابن عساكر في تاريخه [39/ 132] بإسناد فيه يمان بن سعيد عن الحجاج ضعفه السيوطي به، وتعقبه ابن عراق في تنزيه الشريعة [1/ 369] بأن اليمان وثقه ابن حبان والحاكم قال: ولو لم يكن- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 ويقال لعثمان: خذ هذه العصا واثبت عند الحوض، فاسق من شئت واطرد من شئت. ويؤتى بعلي بن أبي طالب فتوضع تفاحة في كفه فيخرج منها حلتان فيقال له: البسهما، فإني إنما خبأتهما لك قبل أن أخلق السماوات والأرض. 2524- وجاء ناس إلى ابن عباس فقالوا: جئنا نسألك، قال: فاسألوا عما شئتم، قالوا: أي رجل كان أبو بكر؟ قال: الخير كله على حدة كانت فيه. قالوا: فأي رجل كان عمر؟ قال: كالطير الحذر الذي يظن أن له في كل طير شرك يأخذونه. قالوا: فأي رجل كان عثمان؟ قال: ألهته نومته عن يقظته. قالوا: فأي رجل كان علي؟ قال: ملئ جوفه حكما وعلما وقرابة- في الحديث إلّا هو لتمشى، لكن راويه عنه محمدبن المسيب الأرغياني لم أعرفه. اه. ورواه عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن البجلي- ولم أعرفه حاله أيضا- عن الحجاج، أخرجه ابن عساكر [44/ 192] . وفي الباب عن معاذ بن جبل علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5- ق 2/ 182] . قوله: «ويقال لعثمان: خذ هذه العصا» : في بعض طرق هذه الرواية بعينها أن هذه المنقبة لعلي بن أبي طالب، ومنقبة علي بن أبي طالب هنا هي لعثمان في تلك الرواية رضي الله عنهما. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأسا ونجدة، فظن أنه لا يمد يده إلى شيء إلّا ناله، قال: فما مد يده إلى شيء فناله. 2525- وروي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سبع حصيات فوضعهن في كفه فسبّحن حتى سمع لها حنين كحنين النحل فوضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبّحن حتى سمع لها حنين كحنين النحل، ثم في كف عمر، ثم في كف عثمان، ثم في كف علي ثم قال: هؤلاء الخلفاء من بعدي. 2526- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لحوضي أربعة أركان: فالركن الأول في يد أبي بكر، والثاني (2525) - قوله: «وروي عن أبي ذر» : خرجنا حديثه في أبواب الدلائل تحت رقم 1131. (2526) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5/ ق- 2/ 183- 184] ، وأورده الشيخ القسطلاني في المواهب [4/ 639] وعزاه للمصنف. قلت: أخرجه أبو بكر الشافعي في الفوائد المسماة بالغيلانيات برقم 63، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 252- 253] رقم 408، وابن عساكر في تاريخه [30/ 157] ، وابن الجزري في مناقب الأسد الغالب [/ 88] ، وأخرجه ابن عساكر [30/ 157- 158] ، جميعهم من حديث علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس به مرفوعا لكن في الإسناد من لا يعرف حاله لذلك قال ابن الجوزي في العلل: لا يصح، وقال ابن عراق في تنزيه الشريعة [1/ 406] : قال الذهبي في تلخيص الواهيات: هذا باطل. - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 في يد عمر، والثالث في يد عثمان، والرابع في يد علي، فمن كان محبا لأبي بكر مبغضا لهم لم يسقه أبو بكر، ومن كان مبغضا لأبي بكر محبا لعمر لم يسقه عمر، ومن كان محبا لعثمان مبغضا لعلي لم يسقه عثمان، فمن أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب عليا فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن أحسن القول في أصحابي برىء من النفاق، ومن أساء القول في أصحابي فهو منافق. 2527- وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: - وفي الباب عن جابر، أخرجه ابن عساكر [39/ 132] من طريق الغلابي- وهو ضعيف-: أنا محمد بن المثنى، أنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا: إن لحوضي أربعة أركان: ركن عليه أبو بكر، وركن عليه عمر، وركن عليه عثمان، وركن عليه علي، فمن جاء محبا لهم سقوه، ومن جاء مبغضا لهم لا يسقونه. (2527) - قوله: «وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر» : أورده بطوله الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5- ق- 2/ 178] من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قدمت قافلة عبد الرحمن بن عوف من الشام إلى مكة ومن مكة إلى المدينة، وكان فيها أبو أمامة الباهلي ومعاذ بن جبل، فشكا معاذ وأبو أمامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض أهل القرى بالشام وقالا: إنهم يتذاكرون أبا بكر وعثمان وعليا وقوما من بني هاشم بما ليس هم بأهل، قالا: فنهيناهم فلم يقبلوا، قال: فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة عظيمة، ثم أمر بلالا أن ينادي في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى انغص المسجد، ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ... الحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 ما لي أراكم تختلفون في أصحابي؟ أما علمتم أن حبي وحب أهل بيتي وحب أصحابي فريضة على أمتي إلى يوم القيامة؟. ثم قال صلى الله عليه وسلم: أين أبو بكر الصديق؟ قال: فوثب إليه أبو بكر وقال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: ادن مني، فدنا منه فضمه إلى صدره وقبّل بين عينيه- ورأينا دموع عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم تجري على خديه- ثم أخذ بيده وقال بأعلى صوته: معاشر المسلمين، هذا أبو بكر الصديق، هذا شيخ المهاجرين والأنصار، هذا الذي أمرني الله أن أتخذه والدا في الدنيا وخليلا في الاخرة، هذا صاحبي، صدقني حين كذبوني، وآواني حين طردوني، وآنسني حين أوحشوني، وواساني بنفسه وماله، وزوجني ابنته عائشة، واشترى لي بلالا من ماله، فعلى مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين، والله منه بريء، وأنا منه بريء، فمن أحب أن يتبرأ من الله ومني فليتبرأ من أبي بكر الصديق، وليبلغ الشاهد منكم الغائب، ثم قال له: اجلس أبا بكر، فقد عرف الله ذلك لك. ثم قال صلى الله عليه وسلم: أين عمر بن الخطاب؟ فوثب إليه عمر وقال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال: ادن مني، فدنا منه فضمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقبّل بين عينيه، ورأينا دموع عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم تجري على خديه، ثم أخذ بيده وقال بأعلى صوته: معاشر المسلمين، هذا عمر بن الخطاب هذا شيخ المهاجرين والأنصار، هذا الذي أمرني الله أن اتخذه ظهيرا ومشيرا، هو الذي أنزل الله الحق على قلبه ولسانه ويده، هو الذي تركه الحق ما له من صديق، هو الذي يقول الحق وإن كان مرا، هو الذي لا يخاف في الله لومة لائم، هو الذي يفرق الشيطان من شخصه، هذا سراج أهل الجنة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 فعلى مبغضه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، والله منه بريء، وأنا منه بريء. ثم قال صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن عفان؟ فوثب إليه عثمان وقال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ادن مني، فدنا منه فضمه إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، ورأينا دموع عينيه تجري على خديه، ثم أخذ بيده وقال: معاشر المسلمين هذا عثمان بن عفان، هذا شيخ المهاجرين والأنصار، هذا الذي أمرني الله أن أتخذه سندا وختنا على ابنتي، ولو كان لي ثالثة لزوجتها إياه، هذا الذي استحيت منه ملائكة السماء، فعلى مبغضيه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم قال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فوثب إليه علي وقال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: ادن مني، فدنا منه فضمه إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، ورأينا دموع عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم تجري على خديه، ثم أخذ بيده وقال بأعلى صوته: معاشر المسلمين، هذا علي بن أبي طالب، هذا شيخ المهاجرين والأنصار، هذا أخي وابن عمي وختني، هذا لحمي ودمي وشعري، هذا أبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، هذا مفرج الكرب عني، هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه، فعلى مبغضيه لعنة الله ولعنة اللاعنين، والله منه بريء، وأنا منه بريء، فمن أحب أن يتبرأ من الله ومني فليتبرأ من علي بن أبي طالب، وليبلغ الشاهد منكم الغائب، ثم قال: اجلس يا أبا الحسن فقد عرف الله لك ذلك. ثم قال صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته: معاشر المسلمين، لو عبدتم الله حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصليتم حتى تجف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 الركب منكم ثم أبغضتم واحدا من أصحابي العشرة لأكبكم الله في النار على مناخيركم، ثم نزل عن المنبر باكيا حزينا. قوله: «ثم نزل عن المنبر» : واختصره الحافظ أبو حفص الموصلي في موضع آخر من الوسيلة، في الباب التاسع، في ذكر حبه صلى الله عليه وسلم لعمر [ج 5/ ق- 2/ 127] وجعله هنا من حديث أنس بن مالك، مقتصرا منه على فضيلة الشيخين رضي الله عنهما. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 [298- فصل: ومن فضائل عبد الله بن عبّاس] 298- فصل: ومن فضائل عبد الله بن عبّاس 2528- روي أنه صلى الله عليه وسلم ضم عبد الله بن عباس رضي الله عنه إلى نفسه وقال: اللهمّ علمه الحكمة. 2529- وفي رواية: اللهمّ فقهه في الدين، وعلمه التأويل والتنزيل. 2530- وقال صلى الله عليه وسلم: تلد أم الفضل ولدا تقر به أعيننا. (2528- قوله: «أنه صلى الله عليه وسلم ضم عبد الله بن عباس إلى نفسه» : الصحابي الحبر، والمفسر الأبر، انظر فضائله ومناقبه في: مجمع الزوائد [9/ 275] ، معجم الطبراني الكبير [10/ 286] ، تاريخ بغداد [1/ 173] ، سير أعلام النبلاء [3/ 331] ، تاريخ ابن عساكر [29/ 285] ، تهذيب الكمال [15/ 154] ، تهذيب التهذيب [5/ 242] ، المعرفة والتاريخ [1/ 241، 270، 493] ، التاريخ الكبير [5/ 3] ، طبقات ابن سعد [2/ 365] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 274] ، وفيات الأعيان [3/ 62] ، تذكرة الحفاظ [1/ 37] ، العقد الثمين [5/ 190] ، أنساب الأشراف [3/ 27، 55] ، المستدرك [3/ 533] ، الحلية [1/ 314] . 2529- قوله: «وفي رواية» : خرجنا الروايتين في فصل من دعا له صلى الله عليه وسلم من أبواب الدلائل، تحت رقم 1238، 1240. (2530) - قوله: «تقر به أعيننا» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 287] رقم 10566، وابن عساكر- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 ......... - في تاريخه [29/ 288] من طريق مسلم بن خالد الزنجي قال: أخبرني ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته في الشعب أتى أبي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد ما أرى أم الفضل إلّا قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقر أعيننا منها بغلام، فأتي بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في خرقتي فحنكني. قال مجاهد: لا نعلم أحدا حنك بريق النبي صلى الله عليه وسلم غيره. قال في مجمع الزوائد [9/ 275] : رجاله وثقوا، وفيهم ضعف. قلت: له شاهد بإسناد معضل، فأخرج يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 541] ، ومن طريق ابن عساكر [29/ 288- 289] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 286- 287] رقم 10565 من حديث سعيد بن عبد العزيز، عن داود بن علي قال: حملت أم الفضل في الشعب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تبيض وجوهنا بغلام، قال: فولدت عبد الله بن عباس. وأحسن منه ما أخرجه الطبراني أيضا [10/ 289- 290] رقم 1058 من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس، عن ابن عباس قال: حدثتني أم الفضل بنت الحارث قالت: بينا أنا مارة والنبي صلى الله عليه وسلم في الحجر فقال: يا أم الفضل، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: إنك حامل بغلام، قالت: كيف وقد تحالفت قريش ألا يولدون النساء؟ قال: هو ما أقول لك، فإذا وضعتيه فائتيني به، فلما وضعته أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله، والباه من ريقه ثم قال: اذهبي به فلتجدنه كيسا، قالت: فأتيت العباس فأخبرته فتلبس ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم- وكان رجلا جميلا مديد القامة- فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه فقبل ما بين عينيه، ثم أقعده عن يمينه ثم قال: هذا عمي، فمن شاء فليباه بعمه، فقال العباس: بعض القول يا رسول الله، قال: ولم لا أقول وأنت عمي، وبقية آبائي والعم والد؟. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 276] : إسناده حسن. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 2531- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقبل على رجل يناجيه، فلما خرجنا من عنده قال العباس: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟ قال قلت: يا أبة أو ما رأيت الرجل الذي كان معه؟ قال: وكان معه أحد؟ قال قلت: نعم، ما رأيته؟ قال: فرجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبي: إن عبد الله أخبرني بكذا وكذا، فهل كان عندك أحد تناجيه؟ قال: نعم، رأيته يا عبد الله؟ قال: نعم، قال: ذاك جبريل عليه السلام هو الذي شغلني عنك. 2532- وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل عبد الله بن عباس فقال: أتشتمني وفيّ ثلاث خلال؟ ما سمعت بحكم عدل قط إلّا فرحت به وإن لم أقاض إليه، وما بلغني أن الغيث أصاب ناحية من الأرض إلّا فرحت به وإن لم يكن لي فيها سائمة، وما علمت من آية من كتاب الله علما إلّا أحببت أن يعلم الناس منها مثل ما أعلم. (2531) - قوله: «وعن ابن عباس» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 293- 294، 312، 312، 312 ثلاث مرات] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 291، 12/ 185] رقم 10584، 12836. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 275] : رواه أحمد والطبراني بأسانيد رجالها رجال الصحيح. (2532) - قوله: «وعن عبد الله بن بريدة» : الأسلمي، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 323] رقم 10621، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 284] : رجاله رجال الصحيح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 2533- وعن أبي جهضم قال: رأى ابن عباس رضي الله عنه جبريل مرتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم مرتين. 2534- وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد. 2535- وقال ابن مسعود رضي الله عنه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. 2536- وقال صلى الله عليه وسلم: لكل كتاب فارس، وفارس القرآن ابن عباس. (2533) - قوله: «وعن أبي جهضم» : هو موسى بن سالم الهاشمي مولاهم، روايته عن ابن عباس مرسلة، إنما يروي عن عبيد الله بن عبد الله عنه، ففي الرواية انقطاع، وهي من رواية ليث بن أبي سليم عنه، أخرجها ابن سعد في الطبقات [2/ 370] من حديث سفيان، عنه. وقد خالفه يحيى بن المهلب، عن ليث فجعله عن مجاهد، عنه، أخرجها الطبراني في معجمه الكبير [10/ 320- 321] رقم 10615. (2534) - قوله: «وقال ابن مسعود» : أخرجه من طرق: ابن سعد في الطبقات [2/ 366] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 495] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 537] . (2535) - قوله: «نعم ترجمان القرآن» : أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 366] ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 495] ، وصححه الحاكم على شرط الشيخين [3/ 537] ووافقه الذهبي في التلخيص. (2536) - قوله: «لكل كتاب» : في الأصل: لكل نبي، كأنها تصحفت، والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 [299- فصل: ومن مناقب سعد بن معاذ] 299- فصل: ومن مناقب سعد بن معاذ 2537- روي أن سعد بن معاذ رضي الله عنه: قطع أكحله، فدعا الله فأمسك عليه عرقه. (2537) - قوله: «أن سعد بن معاذ» : ابن النعمان بن امرئ القيس الصحابي الجليل الكبير الأوسي، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [1/ 279] ، طبقات ابن سعد [3/ 420] ، تاريخ البخاري الكبير [4/ 65] ، الإصابة [4/ 171] ، الاستيعاب [4/ 163] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 214] ، تهذيب الكمال [10/ 300] ، مجمع الزوائد [9/ 308] ، أسد الغابة [2/ 373] . قوله: «فأمسك عليه عرقه» : أخرج الإمام أحمد في المسند من حديث أبي الزبير، عن جابر قال: رمى سعد يوم الأحزاب فقطعوا أكحله، فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم، فحسمه أخرى فانتفخت يده، فلما رأى ذلك قال: اللهمّ لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة حتى نزلوا على حكم سعد ... الحديث اختصره مسلم في السلام، وخرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 2668- فتح المنان. وأخرج ابن سعد في الطبقات من حديث أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: لم يرق دم سعد حتى أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بساعده، فارتفع الدم إلى عضده، فكان سعد يقول: اللهمّ لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة، هذا منقطع. - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 2538- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. - وأخرج الشيخان من حديث عروة من عائشة رضي الله عنها قالت: أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة، رماه في الأكحل، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعته، اخرج إليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأين؟ فأشار إلى بني قريظة، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكمه، فرد الحكم إلى سعد، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم. قال هشام: فأخبرني أبي عن عائشة أن سعدا قال: اللهمّ إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهمّ فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فابقني له حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها، فانفجرت من لبّته، فلم يرعهم- وفي المسجد خيمة من بني غفار- إلّا الدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذو جرحه دما، فمات منها رحمه الله. لفظ البخاري في المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، رقم 4122، واختصره في غير موضع من صحيحه. (2538) - قوله: «لقد اهتز عرش الرحمن» : شهرة هذا وتواتره عن النبي صلى الله عليه وسلم غني عن تخريجه، قال الحافظ الذهبي في السير [1/ 292] : قد تواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن العرش اهتز لموت سعد فرحا به، وقال ابن عبد البر: روي من وجوه كثيرة متواترة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 2539- وقال صلى الله عليه وسلم له: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات. 2540- وروى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد وهو يدفن: إن هذا العبد الصالح تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء. 2541- ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره فاحتبس، فلما خرج قيل: يا رسول الله ما حبسك؟ قال: ضم سعد في القبر ضمة، فدعوت الله أن يكشف عنه. (2539) - قوله: «من فوق سبع سماوات» : أخرجه النسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 62- 63] رقم 8223، وابن سعد في الطبقات [3/ 426] كلاهما من طريق محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه، به، وأصله في الصحيحين. (2540) - قوله: «وروى جابر» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 327] ، وفي الفضائل برقم 1497، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 63] رقم 8224، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 13] رقم 5340، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7033، والحاكم في المستدرك [3/ 206] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. (2541) - قوله: «ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره» : رواه عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 142- 143] رقم 12366، وابن سعد في الطبقات [3/ 433] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7034، والحاكم في المستدرك [3/ 206] ووافقه الذهبي. وقد روي من طرق أخرى عن ابن عمر بغير هذا اللفظ وبمعنى ما تقدم فتخريجه فيها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 [300- فصل: ومن فضائل عبد الله بن سلام] 300- فصل: ومن فضائل عبد الله بن سلام 2542- كان اليهود يقرون لعبد الله بن سلام رضي الله عنه قبل إسلامه أنه سيدهم وابن سيدهم. 2543- عن سعد بن أبي وقاص قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض أنه من أهل الجنة غير عبد الله بن (2542) - قوله: «يقرون لعبد الله بن سلام» : ابن الحارث الإسرائيلي الصحابي الحبر، حليف الأنصار، وأحد خواص الأصحاب، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [2/ 413] ، طبقات ابن سعد [2/ 352] ، مجمع الزوائد [9/ 326] ، المستدرك [3/ 412] ، الإصابة [6/ 108] ، الاستيعاب [6/ 228] ، التاريخ الكبير [5/ 18] ، المعرفة والتاريخ [1/ 264] ، تهذيب الكمال [15/ 74] ، تهذيب التهذيب [5/ 219] ، أسد الغابة [3/ 264] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1665] ، مسند الإمام أحمد [5/ 450] ، سنن الترمذي [5/ 670] . قوله: «أنه سيدهم وابن سيدهم» : وذلك عندما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن سلام أي رجل هو فقالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، وفي الخبر قصة، أخرجها البخاري في أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، رقم 3329، وفي مناقب الأنصار رقم 3911، 3938، وفي تفسير سورة البقرة، رقم 4480. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 سلام، وفيه نزلت: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ الاية. 2544- وعن مصعب بن سعد، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقصعة فيها ثريد، فأكلوا منها وفضلت فضلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يأكل هذه الفضلة رجل من أهل الجنة- وكنت تركت أخي عميرا في البيت يتوضأ فرجوت أن يكون هو- فجاء عبد الله بن سلام فأكلها. 2545- وعن قيس بن عباد قال: كنت بالمدينة فدخلت المسجد فقعدت إلى رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وإنا لقعود فدخل علينا رجل في وجهه أثر الخشوع، فقال بعض القوم: هذا رجل من أهل الجنة، وقال آخرون: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر قوله: «وفيه نزلت» : الحديث في الصحيحين، أخرجه البخاري في المناقب، باب مناقب عبد الله بن سلام، رقم 3812، ومسلم في الفضائل برقم 2483. (2544) - قوله: «يأكل هذه الفضلة» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 169/ 183] ، ومن طريقه ابن عساكر [29/ 120] ، وعبد الله ابن الإمام في زوائد المسند [1/ 169] ، ومن طريقه ابن عساكر [29/ 120] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 75] رقم 721، ومن طريقه ابن عساكر [29/ 119] ، والبزار في مسنده برقم 2712- كشف الأستار- وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2254، والحاكم في المستدرك [3/ 416] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. (2545) - قوله: «وعن قيس بن عباد» : أخرج حديثه البخاري في المناقب، برقم 3813، وفي التعبير، باب الخضر في المنام، رقم 7010، وفي التعليق بالعروة والحلقة رقم 7014، ومسلم في الفضائل برقم 2484. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 إلى هذا، قال: فصلى إلى سارية من المسجد ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج فتبعته، فدخل منزله فمكثت على الباب هنيهة حتى ظننت أنه قد استقر في مجلسه، ثم استأذنت عليه فأذن لي، فقعدت عنده فتحدثنا، فلما استأنس بي في حديثه قلت له: إنك لما دخلت المسجد قالوا: كذا وكذا، قال: سبحان الله، ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك عن ذلك إني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه: رأيت كأني في روضة خضراء، وفي وسط الروضة عمود من حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، وفي رأس العمود عروة، فقيل لي: أرق، فقلت: لا أستطيع، فجاءني منصف من خلفي فقال بثيابي من خلفي فرفعه من خلفي فرقيت، حتى إذا كنت في أعلى العمود أخذت العروة بيدي فقيل لي: استمسك، فانتبهت وإن العروة في يدي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الروضة الخضراء فالإسلام، وأما عمود الحديد فعمود الإسلام، والعروة عروة الإسلام، ولا تزال على الإسلام حتى تموت. قال: وإذا الرجل عبد الله بن سلام. 2546- ويروى أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قالوا: يا أبا عبد الرحمن أوصنا، فقال: أجلسوني، ثم قال: إن العلم والإيمان (2546) - قوله: «ويروى أن معاذ بن جبل» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 242- 243] ، والترمذي في المناقب، برقم 3804، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 70] رقم 8253، والبخاري في التاريخ الصغير [1/ 73] ، ومن طريقه ابن عساكر [29/ 129] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 96] رقم 8514، وفي [20/ 116] رقم- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 مكانهما، من التمسهما وجدهما- قال ذلك ثلاث مرات- العلم، العلم، العلم عند أربعة رهط: عند عامر أبي الدرداء، وعند سلمان، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه عاشر عشرة في الجنة. - 229، ومن طريقه ابن عساكر [29/ 129] من حديث معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة، عنه به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7165، والحاكم في المستدرك [2/ 313] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. وتابعه أيضا: أبو قلابة، عن يزيد، أخرجه الطبراني في الكبير [20/ 115- 116] رقم 228، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 550- 551] إلّا أنه لم يسم شيخ أبي قلابة فقال: عن رجل كان يخدم معاذا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 [301- فصل: ومن فضائل سلمان الفارسي] 301- فصل: ومن فضائل سلمان الفارسي 2547- كان سلمان الفارسي رضي الله عنه قد اختصم المهاجرون والأنصار فيه، فقال المهاجرون: هو منا، وقال الأنصار: هو منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلمان من أهل البيت، قال: فكان في حيز المهاجرين. 2548- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء عويمر: سلمان أفقه منك. (2547) - قوله: «كان سلمان الفارسي» : تقدمت قصة إسلامه في أول الكتاب، ودونّا هناك بعض مظان ترجمته وأخباره. قوله: «قد اختصم المهاجرون والأنصار فيه» : وذلك حين خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، وحزب الأحزاب، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 82- 83، 7/ 319] ، ومن طريقه ابن عساكر [21/ 408] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 260- 261] رقم 6040، والبغوي في التفسير [3/ 510] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 418] وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1329] رقم 3347، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [21/ 408] جميعهم من حديث كثير بن عبد الله المزني- اتفق على تضعيفه- عن أبيه، عن جده به مرفوعا، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 598] !. (2548) - قوله: «قال لأبي الدرداء عويمر» : وفيه قصة: أن سلمان دخل على أبي الدرداء في يوم جمعة فقيل له: - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 2549- وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى برضى سلمان، ويسخط بسخطه. 2550- وقال صلى الله عليه وسلم: إن الجنة أشوق إلى سلمان، من سلمان إلى الجنة. - هو نائم، فقال: ما له؟ قالوا: إنه إذا كان ليلة الجمعة أحياها ويصوم يوم الجمعة، قال: فأمرهم فصنعوا طعاما يوم الجمعة ثم أتاهم فقال: كل، قال: إني صائم، فلم يزل به حتى أكل، ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عويمر، سلمان أعلم منك- وهو يضرب على فخذ أبي الدرداء-، عويمر، سلمان أعلم منك، ثلاث مرات، لا تخص ليلة الجمعة بقيام بين الليالي، ولا تخص يوم الجمعة بصيام بين الأيام. أخرجها ابن سعد في الطبقات [4/ 85] ، ومن طريقه ابن عساكر [21/ 419] من حديث ابن عون، عن ابن سيرين به. وأخرجها ابن سعد من وجه آخر [4/ 85] من حديث أبي عوانة، ثنا قتادة أن سلمان ... القصة، كلاهما منقطع برجال الصحيح. (2549) - قوله: «إن الله ليرضى برضى سلمان» : لم أجده. (2550) - قوله: «إن الجنة أشوق إلى سلمان» : أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 253] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 195] رقم 314، وابن عساكر في تاريخه [21/ 411] ، عن علي بن حاتم، وابن عساكر أيضا [21/ 411] عن عبد الملك بن محمد بن عدي الإستراباذي كلاهما عن أحمد بن عيسى، عن إبراهيم بن مالك- قال ابن عدي: له أحاديث موضوعة-: أنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا: هذا جبريل يخبرني عن الله عزّ وجلّ: ما أحب أبا بكر وعمر إلّا مؤمن تقي ولا أبغضهما إلّا منافق شقي، وإن الجنة لأشوق إلى سلمان من سلمان إليها. - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 ......... - قلت: لطرفه الأول شواهد تقدمت، ولطرفه الثاني شواهد من حديث أنس، وعلي بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان. أما حديث أنس، فأخرجه الترمذي في مناقب سلمان من جامعه، برقم 3797، وابن عساكر في تاريخه [21/ 410، 410، 410- 411] من حديث الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة الإيادي، عن الحسن، عنه مرفوعا: اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 137] ، وأقره الذهبي في التلخيص. * رواه عمران بن وهب الطائي، عن أنس فقال: إن الجنة تشتاق إلى أربعة وزاد: والمقداد بن الأسود، أخرجه الطبراني في الكبير [6/ 263- 264] رقم 6045، وأبو نعيم في الحلية [1/ 190] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 307] : عمران بن وهب اختلف في الاحتجاج به. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 280] رقم 7565، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 328] كلاهما من حديث نهشل بن سعيد- وهو متروك- عن الضحاك بن مزاحم، عن الأعمش، عن باذام- وهو ضعيف- عن قنبر- وهو مجهول- عن علي مرفوعا: ألا إن الجنة اشتاقت إلى أربعة من أصحابي ... الحديث، وهم الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 155] فقال: فيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات! وأما حديث حذيفة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [21/ 411] من حديث إسماعيل بن يحيى بن طلحة- ولم أعرفه- عن الثوري، عن منصور، عن سعيد ابن جبير، عنه مرفوعا: اشتاقت الجنة إلى أربعة ... الحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 [302- فصل: ومن فضائل العبّاس بن عبد المطّلب] 302- فصل: ومن فضائل العبّاس بن عبد المطّلب 2551- قال صلى الله عليه وسلم: العباس بن عبد المطلب عمي. 2552- واستسقى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عام الرمادة (2551) - قوله: «العباس بن عبد المطلب» : هو الصحابي الجليل شيخ الإسلام والمسلمين حقا، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه، أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه، وورد في بعض الروايات أنه خرج مكرها يوم بدر، انظر فضائله واخباره في: طبقات ابن سعد [4/ 5- 33] ، سير أعلام النبلاء [2/ 78] ، تهذيب الكمال [14/ 225] ، تهذيب التهذيب [5/ 107] ، مجمع الزوائد [9/ 268] ، كنز العمال [13/ 502] ، الإصابة [5/ 328] ، الاستيعاب [6/ 3] ، المعرفة والتاريخ [1/ 295] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2120] ، أنساب الأشراف [3/ 1] ، المستدرك [3/ 321] ، تاريخ ابن عساكر [26/ 273] . قوله: «عمي» : زاد في الرواية: وصنو أبي، وفي لفظ: العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عم الرجل صنو أبيه، أخرجه الترمذي في المناقب، باب المناقب العباس رقم 3761، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 275، كلاهما من حديث ابن أبي الزناد، عن الأعرج، عن ابن أبي ليلى، قال الترمذي: حسن صحيح غريب. (2552) - قوله: «واستسقى عمر بن الخطاب» : حديث استسقاء عمر بالعباس أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، رقم 1010، وفي فضائل الصحابة، باب- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 بالعباس ابن عبد المطلب فقال: اللهمّ إنا جئناك نستسقيك ونتشفع إليك بعم نبيك، فما انقضى كلامه والناس ينظرون إليهما حتى نشأت سحابة من قبل القبلة، فلم يلبث أن طبقت الأفق، ثم أرملت عزاليها، فأمرغ الله الجبال، وأخصب البلاد، وفي ذلك يقول الفضل بن العباس: بعمي سقى الله الحجاز وأرضها ... عشية يستسقي بشيبته عمر توجه بالعباس في الجدب راغبا ... فما كبّر حتى جاد بالديمة المطر - ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، رقم 3710 من حديث ابن المثنى، عن ثمامة، عن أنس. قوله: «وفي ذلك يقول الفضل بن العباس» : كذا في الأصل، وفي المصادر: عباس بن عتبة. قوله: «فما كبر حتى» : كذا في الأصل، وفي المصادر: توجه بالعباس في الجدب راغبا ... إليه فما أن رام حتى أتى المطر وزاد: من رسول الله فينا تراثه ... فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر أخرجها ابن عساكر في تاريخه [26/ 361] . وأخرج في تاريخه أيضا أبياتا لابن عفيف النصري في الاستسقاء بالعباس يقول فيها: ما زال عباس بن شيبة غاية ... للناس عند تنكر الأيام رجل تفتحت السماء لصوته ... لما دعا بدعاوة الإسلام فتحت له أبوابها لما دعا ... فيها بجند معلمين كرام عم النبي فلا كمن هو عمه ... ولدا ولا كالعم في الأعمام عرفت قريش يوم قام مقامه ... فيه: له فضل على الأقوام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 [303- فصل: ومن فضائل أبي عبيدة بن الجرّاح] 303- فصل: ومن فضائل أبي عبيدة بن الجرّاح 2553- قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد أبي عبيدة بن الجراح قوله: «ومن فضائل أبي عبيدة بن الجراح» : واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي، الفهري، المكي، أحد السابقين الأولين، أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة، كاد أبو بكر وعمر أن يولياه الخلافة، لما كان فيه من الكمال والسيادة ومعرفته بالأمانة. انظر فضائله وأخباره في: طبقات ابن سعد [3/ 409، 7/ 384] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 259] ، كنز العمال [13/ 214] ، تاريخ ابن عساكر [25/ 435] ، المستدرك للحاكم [3/ 262] ، حلية الأولياء [1/ 100] ، معجم الطبراني [1/ 117] ، العقد الثمين [5/ 84] ، الإصابة [5/ 285] ، أسد الغابة [3/ 128] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2049] ، صفوة الصفوة [1/ 142] ، سير أعلام النبلاء [1/ 5] ، تهذيب الكمال [14/ 52] . (2553) - قوله: «يعلمنا القرآن» : وقع في رواية أنس عند مسلم: يعلمنا السنة والإسلام، وأن الذين قدموا من أهل اليمن، قال الحافظ في الفتح: إن كان الراوي تجوز عن أهل نجران بقوله: أهل اليمن لقربها منها، وإلّا فهما واقعتان، قال: والأول أرجح. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 فأرسله معهم، وقال: هذا أمين هذه الأمة. قوله: «فأرسله معهم» : قصة وفد نجران مخرجة في الصحيحين، فأخرجها البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب أبي عبيدة ابن الجراح، رقم 3745، وفي المغازي، باب قصة أهل نجران، رقم 4380، 4381، وفي أخبار الاحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، رقم 7254. وأخرجها مسلم في فضائل الصحابة، باب أبي عبيدة بن الجراح، رقم 2420 (55) ، كلاهما من حديث حذيفة بن اليمان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 [304- فصل: ومن فضائل بلال بن رباح] 304- فصل: ومن فضائل بلال بن رباح 2554- يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما فدعا بلالا فقال: يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة، إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي؟ قال بلال: يا رسول الله ما توضأت قط إلّا صليت ركعتين- أو قال: ما أصابني حدث إلّا توضأت عنده-. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بهذا. (2554) - قوله: «ومن فضائل بلال بن رباح» : سيد المؤذنين، البدري، الصحابي الجليل مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السابقين الأولين الذين عذبوا في الله، انظر فضائله ومناقبه في: حلية الأولياء [1/ 147] ، تاريخ ابن عساكر [10/ 429] ، طبقات ابن سعد [3/ 232] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 136] ، أسد الغابة [1/ 243] ، كنز العمال [13/ 305] ، الإصابة [1/ 165] ، الاستيعاب [1/ 141] ، سير أعلام النبلاء [1/ 347] ، مجمع الزوائد [9/ 299] ، العقد الثمين [3/ 378] ، العبر [1/ 24] ، مسند الإمام أحمد [6/ 12] ، تهذيب الكمال [4/ 288] ، تهذيب التهذيب [1/ 441] ، التاريخ الكبير [2/ 106] ، الوافي بالوفيات [10/ 276] . قوله: «يا بلال بم سبقتني إلى الجنة» : لفظ حديث بريدة، أخرجه من طرق بألفاظ مطولا ومختصرا: الإمام أحمد في المسند [5/ 354، 360] ، وفي الفضائل برقم 713، 1731، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 455] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 150]- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 2555- وقال صلى الله عليه وسلم: نعم المرء بلال، إنه سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلّا مؤمن، والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة. - رقم 12385، والترمذي في المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب، رقم 3689، وابن عساكر في تاريخه [10/ 454- 455] ، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 455] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1012، والخطيب في تاريخ بغداد [11/ 370] ، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 456- 457] وأبو نعيم في الحلية [1/ 150] ، وابن عساكر [10/ 456] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7086، 7087 والحاكم في المستدرك [1/ 313] على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قال أبو عاصم: الحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟ قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلّا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي، لفظ البخاري في التهجد. (2555) - قوله: «نعم المرء بلال» : أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 840] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [10/ 460- 461] ، وابن منده في الصحابة، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 461] ، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 237] ، رقم 5118، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 461] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 147] ، والطبراني في الكبير أيضا [5/ 237- 238] رقم 5119، وفي الأوسط أيضا [3/ 406] رقم 2872، والبزار في مسنده برقم 2693- كشف الأستار- من طرق عن حسام ابن مصك- وهو ضعيف- عن قتادة، عن القاسم بن ربيعة والقاسم بن عوف، عن زيد بن أرقم به مرفوعا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 2556- وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله الأولين والاخرين، ثم يجيء بلال على ناقة من نوق الجنة، فيتبعه المؤذنون، فيؤمر بالأذان، فيؤذن، فإذا بلغ قوله: أشهد أن محمدا رسول الله، شهد أهل الحشر من الأولين والاخرين. (2556) - قوله: «ثم يجيء بلال على ناقة» : في الباب عن كثير بن مرة الحضرمي، وأبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وأنس ابن مالك. أما حديث كثير بن مرة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 459] من طريق ابن زنجويه: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، أنا سلام بن سليم، ثنا خليفة بن عثمان عمن حدثه عن مكحول، عن كثير بن مرة مرفوعا: حوضي أشرب منه يوم القيامة أنا ومن آمن بي ومن استسقاني من الأنبياء ... الحديث، ثم نظر إلى بلال فقال: ويبعث هذا يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة ينادي على ظهرها بالأذان محقا- أو قال: حقّا- فإذا سمعت الأنبياء وأممها: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمّدا رسول الله نظروا كلهم إلى بلال (قالوا:) ونحن نشهد على ذلك ... الحديث. إسناده منقطع، وروي من وجه آخر من حديث عبد الكريم بن كيسان- يقال: مجهول-، عن سويد بن عامر أو: سويد بن عمير-، أخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 64- 65] ، وقال: ابن كيسان مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ. ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 244- 245] . وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 140- 141] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 246] ، وابن عساكر في تاريخه [10/ 458] من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث: ثنا يحيى بن- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 2557- وقال صلى الله عليه وسلم: بلال سابق الحبشة إلى الجنة. - أيوب، عن ابن جريج، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة مرفوعا: يبعث الله الأنبياء على الدواب، ويبعث صالحا على ناقته ... الحديث، وفيه: ويبعث بلالا على ناقة فينادي بالأذان وشاهده حقا حقا، حتى إذا بلغ: أشهد أن محمدا رسول الله، شهد بها جميع الخلائق من المؤمنين الأولين والاخرين فقبلت ممن قبلت منه. أعله ابن الجوزي بعبد الله بن صالح ولم يبلغ حد الوضع حتى يتهم به. وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 459] بإسناد ضعيف جدا عن علي بن أبي طالب مرفوعا: إذا كان يوم القيامة حملت على البراق، وحملت فاطمة على ناقة العضباء، وحمل بلال على ناقة من نوق الجنة وهو يقول: الله أكبر، إلى آخر الأذان يسمع الخلائق. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الخطيب في تاريخه [13/ 38] ، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 461] من حديث داود بن الزبرقان، عن محمد بن جحادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر المؤذنون يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة يقدمهم بلال، رافعي أصواتهم بالأذان ينظر إليهم الجمع ... الحديث. (2557) - قوله: «بلال سابق الحبشة» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 151- 152] رقم 12389، وابن سعد في الطبقات [3/ 232] ومن طريقه ابن عساكر [10/ 449] ، ومن حديث يونس وهشام عن الحسن به مرسلا برجال الصحيح. قلت: لعل الحسن سمعه من أنس، فقد أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2624] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 34] رقم 7288، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 149] ، ومن طريق أبي نعيم ابن عساكر في تاريخه [10/ 448] ، من حديث عمارة بن زاذان- اختلف فيه- عن ثابت، عن أنس مرفوعا: السباق أربعة، أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 2558- وفي رواية: أول من يقرع باب الجنة بلال المؤذن. 2559- وقال أبو بكر الصديق: يا ليت أمي أم بلال وأبي أبو بلال، وأنا مثل بلال. - وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة. قال الحاكم عقب إخراجه [3/ 285] : تفرد به عمارة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 305] : رجاله رجال الصحيح غير عمارة بن زاذان، وهو ثقة، وفيه خلاف. وأخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 507] ، ومن طريقه ابن عساكر [10/ 449] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 131] رقم 7526 من حديث بقية بن الوليد: عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا سابق العرب إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة، وسلمان سابق الفرس إلى الجنة. قال ابن عدي: لا يعرف إلّا من حديث بقية عن محمد بن زياد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 305] : إسناده حسن. (2558) - قوله: «أول من يقرع باب الجنة بلال المؤذن» : لم أجده هكذا، لكن معناه في حديث بريدة المتقدم قريبا، وفيه إثبات سبقه وتقدمه، وكذا حديث أبي أمامة، فأما قول الحافظ في الفتح: لا يلزم من هذا الحديث دخول بلال الجنة قبل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام التابع ففيه نظر، إذا صح أن المتبوع صلى الله عليه وسلم هو الذي أثبت تلك الفضيلة له، سيما إذا كان الأمر نسبيا، بمعنى أنه أول من يدخلها من الحبشة إلى درجته، كما أن سلمان أول من يدخلها من الفرس إلى درجته، قال تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا، فأما درجة النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه فهذا ما لا يسبقه إليه أحد لا من النبيين ولا من غيرهم من سائر الخلق، والله أعلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 2560- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا بلال. (2560) - قوله: «وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول» : أخرجه البخاري في فضائل الصحابة من صحيحه، باب مناقب بلال بن رباح، من حديث ابن المنكدر، عن جابر قال: كان عمر يقول: فذكره، رقم 3754. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 [305- فصل: ومن فضائل عمّار بن ياسر] 305- فصل: ومن فضائل عمّار بن ياسر 2561- قال صلى الله عليه وسلم: عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه. (2561) - قوله: «عمار ملئ إيمانا» : هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك، الإمام الكبير أبو اليقظان العشي، المكي، المخزومي مولاهم، أحد السابقين الأولين، والأعيان البدريين، انظر أخباره وفضائله في: حلية الأولياء [1/ 139] ، تاريخ ابن عساكر [43/ 348] ، العقد الثمين [6/ 279] ، مجمع الزوائد [9/ 291] ، كنز العمال [13/ 526] ، سير أعلام النبلاء [1/ 406] ، تاريخ بغداد [1/ 150] ، العبر [1/ 25] ، أسد الغابة [4/ 129] ، تهذيب الكمال [21/ 215] ، تهذيب التهذيب [7/ 357] ، الإصابة [7/ 64] . قوله: «إلى مشاشه» : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 118] ، رقم 212294، والنسائي في الإيمان من المجتبى، باب تفاضل أهل الإيمان، رقم 5007، والحاكم في المستدرك [3/ 392- 393] عند ابن أبي شيبة بصورة المرسل، وعند النسائي عن عمرو بن شرحبيل، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرجهما من الوجهين ابن عساكر [43/ 392، 393] . رواه ابن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 392] وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه البزار في مسنده برقم 2685- كشف الأستار- من طريق سعيد بن- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 2562- وقال صلى الله عليه وسلم: يا خالد لا تبغض عمارا فإن من أبغض عمارا أبغضه الله، ولا تسب عمارا فإن من سب عمارا سبه الله. - عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمارا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ إيمانا إلى مشاشه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 295] : رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 139] من طريق ابن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به مرفوعا. ورواه جماعة من حديث الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، مرحبا بالطيب المطيب. * خالف عثام أصحاب الأعمش فجعل الاستئذان على علي والحديث من قوله، وقال عن علي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه. أخرجه من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [1/ 99/ 100، 123، 125- 126، 130- 138] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [43/ 338] ، والترمذي في المناقب برقم 3799، وابن ماجه في المقدمة رقم 146، وأبو نعيم في الحلية [1/ 140، 7/ 135] ، وأبو يعلى في مسنده [1/ 324] رقم 403، وفي [1/ 381] رقم 492، ومن طريقه ابن عساكر [43/ 389] ، والخطيب في تاريخه [2/ 332] ، ومن طريقه ابن عساكر [43/ 390] ، وصحح الحاكم طريق سفيان، عن أبي إسحاق [3/ 388] . وحديث عثام، عن الأعمش أخرجه ابن ماجه في المقدمة برقم 147، وأبو يعلى في مسنده [1/ 324- 325] رقم 404، ومن طريقه ابن عساكر [43/ 391] ، وقد استوعب طرقه الحافظ ابن عساكر فليراجعها من أراد الاستزادة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 2563- قال: وكان بين عمار وخالد بن الوليد كلاما، فشكاه عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل خالد يطلب إليه حتى عفا عنه واستغفر له. 2564- وروى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بياسر وعمار بن ياسر وأم عمار وهم يؤذون في الله ويعذبون فقال: ابشروا آل ياسر فإن موعدكم الجنة. (2563) - قوله: «وكان بين عمار وخالد بن الوليد كلاما» : روى القصة الأشتر عن خالد بن الوليد قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وعمار في سرية، فأصبنا أهل بيت قد كانوا وحدوا، فقال عمار رضي الله عنه: إن هؤلاء قد احتجزوا منا بتوحيدهم، فسفهته، ولم أحفل بقوله، فلما رجعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكاني إليه ... الحديث. أخرجه من طرق بأسانيد وألفاظ مطولا ومختصرا: الإمام أحمد في المسند [4/ 89، 90] ، وفي الفضائل برقم 3831، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [43/ 398] ، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 73- 74، 74] رقم 8269، 8270، 8271، 8272، والطبراني في معجمه الكبير الأرقام: 3831، 3832، 3833، وأبو يعلى- ولعله في الكبير- ومن طريقه ابن عساكر [43/ 399- 400] ، والحاكم في المستدرك [3/ 390- 391، 391] ، والطحاوي في المشكل [4/ 255] . (2564) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» : أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات [3/ 249] ، والبيهقي في الدلائل [2/ 282] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 388- 389] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، لكن سقط جابر من إسناد ابن سعد فصار بصورة المرسل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 2565- ولما قتل عمار بن ياسر، دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتله الفئة الباغية، فقام عمرو بن العاص فزعا حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار، فقال معاوية: قتل، فماذا؟ فقال عمرو: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عمار من أهل الجنة، تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: إنك لا تزال تدحض في بولك، أو نحن قتلناه؟ إنما قتله علي وأصحابه، جاؤا به حتى ألقوه بين رماحنا وسيوفنا. 2566- وروى أبو سعيد الخدري قال: كان المسجد يا بنى، فكنا نحمل لبنة لبنة، وحجرا وحجرا، وكان عمار يحمل لبنتين لبنتين، وحجرين حجرين، فنفض رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب عن رأسه، ومسح بيده على ظهره وقال: اللهمّ بارك في عمار، ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية. (2565) - قوله: «حتى ألقوه بين رماحنا وسيوفنا» : أخرج القصة الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 240] رقم 20427، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 199] ، والحاكم في المستدرك [3/ 386- 387] عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه به، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. (2566) - قوله: «وروى أبو سعيد الخدري» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الصلاة، باب التعاون في بناء المسجد، رقم 447، وفي الجهاد، باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله، رقم 2812. وأخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، رقم 2915. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 [306- فصل: ومن فضائل طلحة والزّبير] 306- فصل: ومن فضائل طلحة والزّبير 2567- قال صلى الله عليه وسلم: طلحة ممن قضى نحبه. (2567) - قوله: «طلحة ممن قضى نحبه» : هو ابن عبد الله بن عثمان القرشي، التيمي، أبو محمد المكي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ممن سبق إلى الإسلام، وأوذي في الله، ثم هاجر، تألم لغيابه عند بدر، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، ببركة صدقه وبره، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [1/ 23] ، طبقات ابن سعد [3/ 214] ، مسند الإمام أحمد [1/ 160] ، مستدرك الحاكم [3/ 368] ، حلية الأولياء [1/ 87] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 251] ، أسد الغابة [3/ 85] ، معجم الطبراني الكبير [1/ 68] ، مجمع الزوائد [9/ 147] ، العقد الثمين [5/ 68] ، تاريخ ابن عساكر [25/ 54] ، الإصابة [5/ 232] ، الاستيعاب [5/ 235] ، وكنز العمال [13/ 198] ، وتهذيب الكمال [13/ 412] ، تهذيب التهذيب [5/ 19] ، الوافي بالوفيات [16/ 473] ، السنة لابن أبي عاصم [2/ 612] . والحديث أخرجه الترمذي في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، رقم 3202، وفي المناقب، باب مناقب طلحة بن عبيد الله رقم 3740، وابن ماجه في مقدمة السنن، رقم 126، 127، وابن سعد في الطبقات [3/ 218- 219] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1402، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 324- 325] رقم 739، وأبو داود الطيالسي، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [25/ 82] ، وابن جرير- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 2568- وقال صلى الله عليه وسلم: لكل نبي حواري، وحواريي الزبير. 2569- وفي رواية: لكل نبي حواري، وحواريي طلحة والزبير. - في تفسيره [21/ 147] جميعهم من حديث معاوية بن أبي سفيان به مرفوعا. رواه موسى وعيسى ابني طلحة فاختلف عليهما فيه، روي عنهما بأسانيد خرجها ابن أبي عاصم في السنة، وابن عساكر في تاريخه، فليراجعها من أراد. قال الترمذي: غريب. (2568) - قوله: «وحواريي الزبير» : هو ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، أحد العشرة المشهود له بالجنة، والستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، وممن جمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه، انظر أخباره وفضائله في: سير أعلام النبلاء [1/ 41] ، تهذيب الكمال [9/ 319] ، حلية الأولياء [1/ 89] ، معجم الطبراني [1/ 77] ، السنة لابن أبي عاصم [2/ 610] . والحديث أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الجهاد، باب فضل الطليعة، رقم 2746، وفي باب هل يبعث الطليعة وحده، رقم 2747، وفي باب السير وحده، رقم 2997، وفي المغازي، باب غزوة الخندق، رقم 4113، وفي أخبار الاحاد، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم الزبير طليعة وحده، رقم 7261، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل طلحة والزبير، رقم 2415، من حديث ابن المنكدر، عن جابر. (2569) - قوله: «وفي رواية» : ورد هذا في حديث ابن عباس الطويل يأتي في فصل: في فضل جماعة من الصحابة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 2570- وقال صلى الله عليه وسلم: طلحة والزبير جاراي في الجنة. (2570) - قوله: «طلحة والزبير جاراي في الجنة» : أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب طلحة بن عبيد الله، رقم 3741 من طريق عقبة بن علقمة اليشكري، عن علي بن أبي طالب قال: سمعت أذني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: فذكره ... قال الترمذي: غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 364] ، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: لا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 [307- فصل: ومن فضائل عبد الله بن مسعود] 307- فصل: ومن فضائل عبد الله بن مسعود 2571- يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة. (2571) - قوله: «من عبد الله بن مسعود» : هو ابن غافل بن حبيب الهذلي، البدري، المهاجري، حليف بني زهرة، وأحد السابقين، والعلماء العاملين، والصحابة أهل الهجرتين، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [1/ 461] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 1765] ، تاريخ ابن عساكر [33/ 51] ، الحلية [1/ 124] ، طبقات ابن سعد [2/ 342، 3/ 150، 6/ 13] ، تهذيب التهذيب [6/ 24- 25] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 288] ، طبقات القراء [1/ 458] ، تاريخ بغداد [1/ 147] ، مجمع الزوائد [9/ 286] ، العقد الثمين [5/ 283] ، أسد الغابة [3/ 384] ، معرفة القراء الكبار [1/ 33] . قوله: «وسالم مولى أبي حذيفة» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة، رقم 3758، وفي مناقب ابن مسعود، رقم 3760، وفي مناقب معاذ بن جبل، رقم 3806، وفي مناقب أبي بن كعب، رقم 3808، وفي فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 4999، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: ومن فضائل عبد الله بن مسعود، رقم 2464 (116، 117) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 2572- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رضيت لأمتي ما رضي لهم ابن أم عبد، وكرهت لهم ما كره لهم ابن أم عبد. (2572) - قوله: «وكرهت لهم ما كره لهم ابن أم عبد» : ورد بزيادة لفظ الكراهة في حديث أبي الدرداء عند الطبراني- كما في مجمع الزوائد [9/ 290] ، وابن عساكر في تاريخه [33/ 121- 122] ، وأبي نعيم في المعرفة [4/ 1769- 1770] ، ومن طريقه ابن عساكر [33/ 121] ، من حديث محتسب الأعمى البصري، عن محمد بن واسع، عن سعيد بن جبير، عن أبي الدرداء قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة خفيفة، فلما فرغ من خطبته قال: يا أبا بكر قم فاخطب، فقام أبو بكر فخطب فقصر دون النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا عمر قم فاخطب، فقام عمر فقصر دون أبي بكر، ثم قال: يا فلان قم فاخطب، فشقق القول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسكت- أو: اجلس- فإن التشقق من الشيطان، وإن البيان من السحر، وقال: يا ابن أم عبد قم فاخطب، فقام ابن أم عبد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إن الله عزّ وجلّ ربنا، وإن الإسلام ديننا، وإن القرآن إمامنا، وإن البيت قبلتنا، وإن هذا نبينا- وأومأ بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم- رضينا ما رضي الله تعالى لنا ورسوله، وكرهنا ما كره الله تعالى لنا ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصاب ابن أم عبد وصدق، أصاب ابن أم عبد وصدق، رضيت بما رضي الله تعالى لي ولأمتي وابن أم عبد، وكرهت ما كره الله لي ولأمتي وابن أم عبد. منقطع، والمحتسب، قال الحافظ الذهبي: لا أدري من هو. واختلف فيه على محمد بن واسع، فروي عنه، عن ابن خيثم، عن أبي الدرداء، وقيل: عنه، عن سعيد بن جبير، عن أبي الدرداء، وكلاهما منقطع. قال الهيثمي: رجاله ثقات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 ......... - ووردت أيضا في حديث ابن مسعود أخرجه البزار في مسنده برقم 2679- كشف الأستار- من طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه به مرفوعا: رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وكرهت لأمتي ما كره لها ابن أم عبد. قال البزار: لا نعلم أسند منصور عن القاسم، عن أبيه، عن عبد الله إلّا هذا، ولا نعلمه مسندا إلّا بهذا الإسناد، وروي عن منصور، عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا. قلت: أخرجه من هذا الوجه أبو نعيم في المعرفة [4/ 1770] رقم 4483 دون لفظ الكراهة. حديث ابن مسعود بزيادة لفظ الكراهة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 290] : رواه البزار، والطبراني في الأوسط باختصار الكراهة، قال: وفي إسناد البزار محمد بن حميد الرازي وفيه خلاف، وبقية رجاله وثقوا. قلت: هذا الحديث مشهور بدون لفظ الكراهة، حسن بطرقه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 [308- فصل: ومن فضائل معاذ بن جبل] 308- فصل: ومن فضائل معاذ بن جبل 2573- ذكر عبد الله بن مسعود معاذ بن جبل فقال: إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا، قال: أتدرون ما الأمة؟ وما القانت؟ الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله. (2573) - قوله: «معاذ بن جبل» : هو ابن عمرو بن أوس الإمام البدري المقرىء، أعلم الصحابة بالحلال والحرام، أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي، انظر فضائله وأخباره في: حلية الأولياء [1/ 228] ، تاريخ ابن عساكر [58/ 383] ، طبقات ابن سعد [3/ 583، 7/ 387] ، سير أعلام النبلاء [1/ 443] ، تهذيب الكمال [28/ 105] ، أسد الغابة [5/ 194] ، تهذيب الأسماء واللغات [2/ 98] ، مجمع الزوائد [9/ 311] ، طبقات القراء [2/ 301] ، تهذيب التهذيب [10/ 169] ، كنز العمال [13/ 583] . قوله: «الذي يعلم الخير» : علقه البخاري في التفسير من صحيحه، في تفسير سورة النحل فقال: وقال ابن مسعود: الأمة معلم الخير، والقانت: المطيع. وقد روي من طرق بألفاظ عن ابن مسعود، أخرجها الحافظ عبد الرزاق في التفسير من المصنف [1 ق 2/ 360- 361] ، وابن سعد في الطبقات [2/ 348، 348- 349، 349] ، وابن جرير في تفسيره [14/ 191، 192] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 70- 71- 72، 73] الأرقام: 9943، 9944، 9945، 9946، 9947، 9948، 9949، 9950، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 2574- وعن أنس أنه قال: جمع القرآن أربعة: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، كلهم من الأنصار. - وأخرجه في [20/ 34] رقم 47، وأبو نعيم في الحلية [1/ 230] ، وابن عساكر في تاريخه [58/ 418- 420] من طريق ابن سعد وأبي نعيم وغيرهما، وصحح الحاكم منها [1/ 271- 272، 272] من طريق الشعبي عن فروة بن نوفل عن ابن مسعود، وطريق الشعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود، وأقره الذهبي في التلخيص. (2574) - قوله: «وعن أنس» : هو في الصحيحين، تقدم تخريجه في مناقب الأنصار، تحت رقم 2218. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 [309- فصل: ومن فضائل أبي ذرّ] 309- فصل: ومن فضائل أبي ذرّ 2575- قال صلى الله عليه وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. (2575) - قوله: «أصدق من أبي ذر» : تقدمت قصة إسلامه في أول الكتاب وذكرنا هناك مظان ترجمته. والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 163، 175، 223] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 124] رقم 12315، والترمذي في المناقب، باب مناقب أبي ذر، رقم 3801، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 156، وابن سعد في الطبقات [5/ 228] ، وابن الأثير في أسد الغابة [1/ 357] ، وابن عساكر [66/ 190] من حديث أبي اليقظان عثمان بن عمير- وهو ضعيف- عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن عمرو بن العاص به مرفوعا، حسنه الترمذي، وصححه الحاكم [3/ 342] !. وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 442] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 125] رقم 12316، وابن سعد في الطبقات [4/ 228] ، والبزار في مسنده برقم 2713- كشف الأستار- من طريق علي بن زيد- وهو ضعيف- عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء به مرفوعا، أخرجه الحاكم أيضا [3/ 342] . وأخرجه الإمام أحمد [5/ 197] من وجه آخر عن أبي الدرداء بإسناد فيه شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي الدرداء. وأخرجه الترمذي برقم 3802، وابن عساكر [66/ 190] من حديث عكرمة ابن عمار، عن أبي زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 2576- وقال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى ابن مريم فلينظر إلى زهد أبي ذر. - قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7132، 7135، والحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وفي الباب أيضا عن علي بن أبي طالب عند أبي نعيم في الحلية [4/ 172، وابن عساكر [66/ 190] ، وفي إسناده بشر بن مهران- تركه أبو حاتم- عن شريك، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن علي بنحوه مرفوعا. وعن أبي هريرة أخرجه ابن أبي شيبة [12/ 125] رقم 12317، وابن سعد في الطبقات [4/ 228] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 333] ، وابن عساكر [66/ 190] من حديث أبي أمية بن يعلى- وهو ضعيف- عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن سعد في الطبقات [4/ 228] من حديث مالك بن دينار وابن سيرين مرسلا. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [66/ 190] من حديث علي بن الحسين، عن جابر بن عبد الله به مرفوعا، وزاد فيه: ولا خيرا من عمر. (2576) - قوله: «من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى» : هو ضمن المتن المتقدم في رواية أبي ذر، وأبي هريرة، ومالك بن دينار المخرجة، بلفظ: ومن سره أن ينظر ... وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [2/ 157] رقم 1625، 1626، وابن عساكر [66/ 190] من حديث أبي مرفوعا: إن أبا ذر ليباري عيسى ابن مريم في عبادته، من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى ابن مريم خلقا وخلقا فلينظر إلى أبي ذر، منقطع، وإبراهيم الهجري ضعيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 2577- وروي أن أبا ذر دخل المسجد ومعه عصا له وقد اخضرت مما يضرب بها الشجر لرعية غنمه، فرآه محمد بن مسلمة فقال: أما له من يرعى غنمه؟ فبعث إليه ألف درهم وخادما، فردها وقال: إن لنا غنيمة، ولنا محررة أحيانا نرعاها وأحيانا ندع، وأيم الله إني مشفق من فضل ألبانها ألا نؤدي شكرها. (2577) - قوله: «فرآه محمد بن مسلمة» : قصته مع أبي ذر أخرجها الإمام أحمد في الزهد [/ 214] رقم 793، وابن عساكر في تاريخه [66/ 207- 208] مع اختلاف في اللفظ يسير. وأخرج الإمام أحمد في الزهد [/ 212] ، وابن سعد في الطبقات [4/ 235] ، وابن عساكر في تاريخه [66/ 208- 209] من طريق سفيان عن عمار الدهني، عن أبي شعبة قال: جاء رجل من قومنا أبا ذر يعرض عليه فأبى أبو ذر أن يأخذ وقال: لنا أحمرة نحتمل عليها، وأعنز نحلبها، ومحررة تخدمنا، وفضل عباءة عن كسوتنا، وإني لأخاف الحساب فيها. وأخرج ابن سعد في الطبقات [4/ 235] من حديث الواقدي قال: حدثنا سعيد بن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن أبي ذر أنه رآه في نمرة مؤتزرا بها قائما يصلي فقلت: يا أبا ذر أما لك ثوب غير هذه النمرة؟ قال: لو كان لي لرأيته عليّ، قلت: فإني رأيت عليك منذ أيام ثوبين! فقال: يا ابن أخي أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني، قلت: والله إنك لمحتاج إليهما، قال: اللهمّ غفرا، إنك لمعظم للدنيا، أليس ترى عليّ هذه البردة، ولي أخرى للمسجد، ولي أعنز نحلبها، ولي أحمرة نحتمل عليها ميرتنا، وعندنا من يخدمنا ويكفينا مهنة طعامنا؟ فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 [310- فصل: ومن فضائل عبد الله بن حذافة] 310- فصل: ومن فضائل عبد الله بن حذافة 2578- عن أبي رافع قال: أسر الروم جماعة، فقيل: إن فيهم رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عبد الله بن حذافة، فدعا به، فقال: هل لك أن ترجع عن دينك وأشركك في ملكي؟ فقال له: لو أعطيتني ملكك وملك كل ملك ملكته العرب والعجم على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت، قال: إذا أقتلك؟ قال: شأنك، قال: (2578) - قوله: «يقال له عبد الله بن حذافة» : هو ابن قيس بن عدي، أحد السابقين، الصحابي الجليل، أبو حذافة السهمي، ممن هاجر إلى الحبشة، ونفذه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كسرى، وهو قليل الرواية، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [2/ 11] ، مسند الإمام أحمد [3/ 450] ، طبقات ابن سعد [4/ 189] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1615] ، المستدرك [3/ 630] ، الاستيعاب [6/ 150] ، تاريخ ابن عساكر [27/ 345] ، أسد الغابة [3/ 211] ، الإصابة [6/ 54] ، تهذيب الكمال [14/ 411] ، كنز العمال [13/ 490] ، تهذيب التهذيب [5/ 162] . قوله: «هل لك أن ترجع عن دينك» : حديث أبي رافع رواه البيهقي، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه [27/ 357- 358] من حديث عبد العزيز بن مسلم القسملي: أنا ضرار بن عمرو، عنه به. وأخرجه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1615- 1616] رقم 4067، ومن طريقه ابن عساكر [27/ 359] ، ومن طريق ابن عساكر: ابن الأثير في- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 فأمر به فصلب، ثم قال للرماة: ارموا ولا تصيبوا له مقتلا، ارموه عن يمينه وشماله ومن فوقه ومن تحته، قال: فكانوا يرمونه، فأبى أن يتنصر، فأمر به فأنزل فقال: ألا تتنصر؟ قال: لا، قال: اذهبوا به فاقتلوه، فذهبوا به ليقتل فبكى عبد الله بن حذافة، فأخبر الملك ببكائه، فقال: ردوه، فرد إليه فقال: تتنصر؟ قال: لا، قال: فلم بكيت؟ قال: بكيت لأن لي جسما واحدا، وددت أن لي بكل شعرة في جسدي روحا أعذب بها في الله، قال: فتقوم فتقبل رأسي حتى أخلي عنك، قال: أما لنفسي فلا، ولكن أقبل رأسك على أن تخلي هؤلاء الأسرى معي، قال: أفعل، فقام إليه فقبل رأسه وقال: ماذا عليّ إن قبلت رأسك فتخلص عدة من أسارى المسلمين، فلما رجع إلى المدينة قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطيبا وقال: ألا إن عبد الله بن حذافة فعل كذا وكذا، حق على كل مسلم أن يقبل رأسه، قال: فنزل فقبل رأسه، ثم إن المسلمين قاموا فقبلوا رأسه. - الأسد [3/ 212] من حديث عطاء بن عجلان، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وأخرجه ابن عساكر [27/ 359- 360] من حديث هشام بن عمار، أنا يزيد ابن سمرة، أنا سليمان بن حبيب أنه سمع الزهري قال: فذكر القصة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 [311- فصل: ومن فضائل أبي أمامة الباهليّ] 311- فصل: ومن فضائل أبي أمامة الباهليّ 2579- قال أبو أمامة الباهلي: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي فانتهيت إليهم وهم يأكلون الدم، فقالوا: هلمّ، فقلت: إنما جئتكم لأنهاكم عنه- وكنت بجهد- فاستهزؤا بي، فسمعت بعضهم يقول لبعض: أتاكم رجل من سراة قومكم فما لكم بد من أن تتحفوه ولو مذقة، قال: فوضعت رأسي فنمت، فأتاني آت فناولني إناء فأخذته فشربته، فاستيقظت وقد كظّني بطني، فناولوني إناء وقالوا: خذ، قلت: لا حاجة لي فيه، قالوا: قد رأيناك تجهد! قال قلت: إن ربي قد أطعمني وسقاني، فأريتهم بطني، فأسلموا من عند آخرهم. (2579) - قوله: «قال أبو أمامة الباهلي» : الصحابي الجليل، نزيل حمص، صدي بن عجلان بن وهب الباهلي، يقال: أنه ممن بايع تحت الشجرة، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [3/ 359] ، تهذيب الكمال [13/ 158] ، طبقات ابن سعد [7/ 411] ، المستدرك [3/ 641] ، الإصابة [5/ 133] ، الاستيعاب [5/ 169] ، أسد الغابة [3/ 16] ، تاريخ ابن عساكر [24/ 50] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 2/ 176] ، معجم الطبراني الكبير [8/ 105] ، مجمع الزوائد [9/ 386] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1526] . قوله: «فأسلموا من عند آخرهم» : رواه أبو يعلى- ولعله في المسند المذكور- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [24/ 63] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 ......... - وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 641] ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 127] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [24/ 63- 64] . وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 335، 336] رقم 8073، 8074، 8099، والبيهقي في الدلائل [6/ 126] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [24/ 64] . قال الذهبي في التلخيص: صدقة بن هرمز ضعفه ابن معين، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 386- 387] : رواه الطبراني بإسنادين، وإسناد الأول حسن فيها أبو غالب وقد وثق. قلت: أبو غالب في أسانيد الجميع وهو الراوي عن أبي أمامة، روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن، قال ابن حجر: صدوق يخطىء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 [312- فصل: ومن فضائل أنس بن مالك] 312- فصل: ومن فضائل أنس بن مالك 2580- ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك فقال: اللهمّ أكثر ماله وولده وبارك له فيه، فيقال: إنه ولد له ستة وعشرون ومائة. 2581- وقال صلى الله عليه وسلم: لكل نبي خادم، وخادمي أنس بن مالك. (2580) - قوله: «ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك» : خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر فضائله وأخباره في: تاريخ ابن عساكر [9/ 332] ، طبقات ابن سعد [7/ 17] ، سير أعلام النبلاء [3/ 395] ، تهذيب الكمال [3/ 353] ، أسد الغابة [1/ 151] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 127] ، مجمع الزوائد [9/ 325] ، تهذيب التهذيب [1/ 329] ، الإصابة [1/ 112] ، تذكرة الحفاظ [1/ 42] . قوله: «اللهمّ أكثر ماله وولده» : تقدم تخريج ذلك في أبواب الدلائل، تحت رقم 1242، 1241. (2581) - قوله: «لكل نبي خادم» : لم أقف عليه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 [313- فصل: ومن فضائل أبي هريرة] 313- فصل: ومن فضائل أبي هريرة 2582- قوله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى حكيم هذه الأمة فلينظر إلى أبي هريرة. 2583- وقال صلى الله عليه وسلم في أبي هريرة: اللهمّ حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين. (2582) - قوله: «فلينظر إلى أبي هريرة» : واسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وعاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد أكثر الصحابة رواية له، انظر فضائله وأخباره في: طبقات ابن سعد [2/ 362، 4/ 325] ، الحلية [1/ 376] ، تاريخ دمشق [67/ 295] ، مجمع الزوائد [9/ 361] ، أسد الغابة [6/ 318] ، المستدرك [3/ 506- 514] ، تهذيب الكمال [34/ 366] ، تهذيب التهذيب [12/ 288] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 1846] ، سير أعلام النبلاء [2/ 578] . والحديث أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [3/ 337] رقم 5015 من حديث ابن عباس بلفظ: لكل أمة حكيم، وحكيم هذه الأمة أبو هريرة. (2583) - قوله: «اللهم حبب عبيدك» : هو طرف من حديث أبي هريرة الطويل في إسلام أمه، أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي هريرة، رقم 2491، والإمام أحمد في المسند [2/ 319- 320] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [67/ 324- 325] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 306- 308] رقم 3726. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 2584- وقال صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة وعاء العلم. 2585- وقال زيد بن ثابت: كنا جلوسا فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس إلينا، فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهمّ إني أسألك مثل الذي سألك صاحبي هذا، وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمين، فقلنا: يا رسول الله ونحن نسأل الله علما لا ينسى، قال: سبقكما به الدوسي. (2584) - قوله: «أبو هريرة وعاء العلم» : أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 509]- وسكت عنه-، والعقيلي في الضعفاء، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [21/ 413] من حديث زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي- تكلم العقيلي في هذه النسخة- عن أبي سعيد الخدري بسياق أطول وأوله: أرحم هذه الأمة بها أبو بكر ... الحديث. قال العقيلي: هذه الأسانيد غير محفوظة، والمتون معروفة بخلاف هذا الإسناد. (2585) - قوله: «سبقكما بها الدوسي» : أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 131- 132] رقم 1250 من حديث الفضل ابن العلاء، عن إسماعيل ابن أمية، عن محمد بن قيس، عن أبيه به، قال في مجمع الزوائد [9/ 361] ، قيس هذا قاص عمر بن عبد العزيز، لم يرو عنه غيره ابنه محمد وبقية رجاله ثقات،. اه. تابعه حماد بن شعيب، عن إسماعيل بن أمية، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 508] ، وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن حمادا ضعيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 [314- فصل: ومن فضائل عبد الله بن عمر] 314- فصل: ومن فضائل عبد الله بن عمر 2586- روى نافع، عن ابن عمر أنه رأى رؤيا: كأن بيده قطعة من إستبرق لا يهوي إلى مكان من الجنة إلّا طارت بي إليه، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخاك رجل صالح. (2586) - قوله: «روى نافع، عن ابن عمر» : هو ابن الخطاب العدوي، الإمام الجليل، الصحابي القدوة، أبو عبد الرحمن القرشي المكي ثم المدني، أسلم وهو صغير ثم هاجر مع أبيه قبل الاحتلام واستصغر يوم أحد، وأول غزواته الخندق، وهو ممن بايع تحت الشجرة، أنظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [3/ 203] ، تهذيب الكمال [15/ 232] ، طبقات ابن سعد [2/ 373، 4/ 142] ، حلية الأولياء [1/ 292، 2/ 7] ، الاستيعاب [6/ 308] ، أسد الغابة [3/ 340] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 278] ، وفيات الأعيان [3/ 28] ، مجمع الزوائد [9/ 346] ، العقد الثمين [5/ 215] ، تهذيب التهذيب [5/ 287] ، الإصابة [6/ 167] ، تاريخ ابن عساكر [31/ 79] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1707] . قوله: «أنه رأى رؤيا» : سياق الرؤيا هنا مختصرة، وهي في الصحيحين، فرقها البخاري في صحيحه فأخرجها مطولة ومختصرة، وبنحو السياق هنا أخرجها البخاري في التفسير، باب الإستبرق ودخول الجنة في المنام، رقم 7015، 7016، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن عمر، رقم 2478 (139) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 2587- وعن جابر بن عبد الله قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلّا وقد مالت به إلّا عبد الله بن عمر. 2588- وقال صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن عمر من وفد الرحمن، وعمار بن ياسر من السابقين، والمقداد بن الأسود من المجتهدين. (2587) - قوله: «وعن جابر بن عبد الله» : روي عنه من طرق بألفاظ، أخرجها يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 490] ، ومن طريقه ابن عساكر [31/ 107] بلفظ: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين مضوا قبله وبعده لم يغيروا ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا- يعني: ابن عمر-، قال جابر: ما منهم أحد إلّا وقد- وأومأ جابر بيده-. ورواه ابن الأعرابي في معجمه برقم 2440، ومن طريقه ابن عساكر [31/ 108] . وأخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 294] ، وابن عساكر في تاريخه [31/ 107- 108، 108، 109] . (2588) - قوله: «عبد الله بن عمر من وفد الرحمن» : أخرجه الديلمي في مسند الفردوس- كما في الكنز-[11/ 644] ، رقم 33134. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 [315- فصل: ومن فضائل سعد بن أبي وقّاص] 315- فصل: ومن فضائل سعد بن أبي وقّاص 2589- وقال صلى الله عليه وسلم: حيث ما دار سعد بن أبي وقاص دار الحق معه. (2589) - قوله: «سعد بن أبي وقاص» : الزهري، أبو إسحاق القرشي، المكي، الصحابي، الجليل، أحد السابقين الأولين، والعشرة المبشرين، ممن سعد بجمع الأبوين- أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم- شهد بدرا والحديبية، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد الذين حظوا بإجابة الدعوة من الله عزّ وجلّ، انظر فضائله ومناقبه في: طبقات ابن سعد [3/ 137، 6/ 12] ، التاريخ الكبير [4/ 43] ، سير أعلام النبلاء [1/ 92] ، حلية الأولياء [1/ 92] ، تاريخ بغداد [1/ 144] ، العقد الثمين [4/ 537] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 213] ، مسند الإمام أحمد [1/ 168] ، مجمع الزوائد [9/ 153] ، كنز العمال [13/ 212] ، تاريخ ابن عساكر [20/ 280] ، تهذيب الكمال [10/ 309] ، الاستيعاب [4/ 170] ، أسد الغابة [2/ 366] ، المعرفة لأبي نعيم [1/ 129] ، طبقات القراء [1/ 304] ، النجوم الزاهرة [1/ 147] ، الإصابة [4/ 160] . قوله: «دار الحق معه» : سيأتي ضمن حديث ابن عباس الطويل برقم 2598، وقد روي هذا عن سعد ابن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق علي بن أبي طالب، حدث به عندما عاتبه معاوية على عدم قتاله إلى جانب إحدى الطائفتين، أخرج ابن عساكر في تاريخه [20/ 360- 361] من حديث عبيد الله بن عبد الله في قصة حج معاوية أنه جلس في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص وفيه: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 2590- وقال صلى الله عليه وسلم: ارم فداك أبي وأمي. - فأقبل على سعد فقال: يا أبا إسحاق أنت الذي لم تعرف حقنا وجلس فلم يكن معنا ولا علينا؟ قال: فقال سعد: إني رأيت الدنيا قد أظلمت فقلت لبعيري: إخ، فأنختها حتى انكشفت، قال: فقال معاوية: لقد قرأت ما بين اللوحين، ما قرأت في كتاب الله عزّ وجلّ: إخ، قال: فقال سعد: أما إذ أبيت، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: أنت مع الحق، والحق معك حيث ما دار، قال: فقال معاوية: لتأتيني على هذا بينة، قال: فقال سعد: هذه أم سلمة تشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاموا جميعا فدخلوا على أم سلمة فقالوا: يا أم المؤمنين إن الأكاذيب قد كثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا سعد يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم نسمعه، أنه قال لعلي: أنت مع الحق والحق معك حيث ما دار، فقالت أم سلمة: في بيتي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي، قال: فقال معاوية لسعد: يا أبا إسحاق ما كنت ألوم الان إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلست عن علي، ولو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنت خادما لعلي حتى أموت. (2590) - قوله: «ارم فداك أبي وأمي» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الجهاد، باب المجن ومن يترس بترس صاحبه، رقم 2905، وفي المغازي، باب: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا الاية، رقم 4058، 4059، ومسلم في الفضائل، باب في فضل سعد ابن أبي وقاص، رقم 2411 من حديث علي بن أبي طالب قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلّا لسعد فإنه قال يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 [316- فصل: ومن فضائل أسامة بن زيد] 316- فصل: ومن فضائل أسامة بن زيد 2591- قال صلى الله عليه وسلم: من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة. 2592- قال ابن عمر: لما فرض عمر رضي الله عنه للناس فرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف، وفرض لي ألفين وخمسمائة، فقلت: والله ما شهد (2591) - قوله: «فليحب أسامة» : هو ابن زيد بن حارثة بن شراحيل، الحب ابن الحب، ومولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، انظر فضائله وأخباره في: مجمع الزوائد [9/ 286] ، وتهذيب الكمال [2/ 338] ، وسير أعلام النبلاء [2/ 496] ، وتاريخ ابن عساكر [8/ 46] ، وطبقات ابن سعد [4/ 61] ، ومعجم الطبراني الكبير [1/ 120] ، والاستيعاب [1/ 143] ، والإصابة [1/ 45] ، وأسد الغابة [1/ 79] ، والوافي بالوفيات [8/ 73] ، ومسند الإمام أحمد [5/ 199] . والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 156، 157] ومن طريقه ابن عساكر [8/ 55] من حديث زائدة، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عائشة به مرفوعا. تابعه أبو عوانة، عن مغيرة، أخرجه ابن عساكر [8/ 55] بلفظ: من أحب الله ورسوله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 286] : رجاله رجال الصحيح. (2592) - قوله: «لما فرض عمر رضي الله عنه» : أخرجه من طرق بألفاظ مطولا ومختصرا، الترمذي في المناقب، باب مناقب زيد بن حارثة، رقم 3815، وابن عساكر في تاريخه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 أسامة قط مشهدا غبت عنه، وما شهد أبوه مشهدا غاب عنه أبي، قال: صدقت يا بني، لكن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فلذلك فضلته عليك. -[8/ 71- 72] ، والبيهقي في فضائل الصحابة، ومن طريقه ابن عساكر [8/ 70- 71] من حديث زيد بن أسلم، عن أبيه به، قال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه أبو يعلى في مسنده [1/ 148- 149] رقم 162، ومن طريقه ابن عساكر [8/ 70] من حديث الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر. أخرجه ابن عساكر أيضا من وجه آخر عن الدراوردي. وروي من وجه آخر بسياق طويل من حديث عمر بن عبد الله مولى غفرة، أخرجه البزار- كما في مجمع الزوائد [6/ 3- 6]- قال الهيثمي: فيه أبو معشر نجيح ضعيف يعتبر بحديثه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 [317- فصل: ومن فضائل حاطب بن أبي بلتعة، وفيه: فضل من شهد بدرا والحديبية] 317- فصل: ومن فضائل حاطب بن أبي بلتعة، وفيه: فضل من شهد بدرا والحديبية 2593 روى جابر بن عبد الله قال: جاء غلام حاطب بن أبي بلتعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، والله لا يدخل حاطب الجنة أبدا، قال- وكان حاطب شديدا على الرقيق- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبت، لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية إن شاء الله. (2593) - قوله: «حاطب بن أبي بلتعة» : واسمه: عمرو بن عمير بن سلمة، اللخمي المكي، حليف بن أسد بن عبد العزى بن قصي، الصحابي البدري الجليل، ومن المهاجرين الأولين، انظر فضائله وأخباره في: سير أعلام النبلاء [2/ 43] ، طبقات ابن سعد [3/ 114] ، معجم الطبراني في الكبير [3/ 205] ، الاستيعاب [2/ 280] ، الإصابة [2/ 192] ، أسد الغابة [1/ 431] ، مجمع الزوائد [9/ 303] ، المستدرك [3/ 300] ، المعرفة لأبي نعيم [2/ 695] . (2593) - قوله: «والله لا يدخل حاطب الجنة» : حديث جابر أخرجه من طرق: مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر، رقم 2195، والإمام أحمد في المسند [3/ 325، 349] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 155] رقم 12398، - وسقط من الإسناد جابر فصارت صورته صورة المرسل-، والترمذي في المناقب، برقم 3864، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 80] رقم 8296، وفي التفسير- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 2594- وروى أبو سلمة، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل النار من شهد بدرا. 2595- وفي رواية: لن يلج النار رجل شهد بدرا والحديبية- وهي بيعة الرضوان-. 2596- وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: وما يدريك؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. - من السنن الكبرى [6/ 314] رقم 11074، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4799، 7120، والطبراني في معجمه الكبير برقم 3064، والحاكم في المستدرك [3/ 301] . (2596) - قوله: «وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب» : في حديث علي الطويل عند الشيخين قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا، حتى انتهينا على الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: اخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب ابن أبي بلتعة إلى أناس من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله، لا تعجل عليّ إني كنت امرآ ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة، يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد صدقكم، فقال عمر: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 2597- وروى أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. - يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، لفظ البخاري في الجهاد والسير، باب الجاسوس. (2597- قوله: «وروى أبو صالح، عن أبي هريرة» : أخرج حديثه أبو داود في السنة، برقم 4654، والحاكم في المستدرك [4/ 77- 78] ، وسكت عنه هو والذهبي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 [318- فصل: ومن فضائل بعض الصّحابة مجتمعين] 318- فصل: ومن فضائل بعض الصّحابة مجتمعين 2598- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأشدهم حياء عثمان بن عفان، وأفضلهم علي بن أبي طالب، ولكل نبي حواري وحواريي طلحة والزبير، وحيث ما دار سعد بن أبي وقاص دار الحق معه، وسعيد بن زيد من أحباء الرحمن عزّ وجلّ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري من تجار الرحمن، وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله، ولكل نبي صاحب سر وصاحب سري معاوية بن أبي سفيان، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك. 2599- وقال صلى الله عليه وسلم: أول من يسقى من حوضي صهيب الرومي، (2598) - قوله: «وعن ابن عباس» : أورده المصنف قريبا بلفظ مختصر برقم 2508، وأخرجه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ج 5- ق- 2/ 196] ، ولم أقف عليه مسندا بهذا اللفظ، ومضى بعض ألفاظه مفرقا، انظر الأرقام: 2507، 2508، 2509، 2584. قوله: «وصاحب سري معاوية بن أبي سفيان» : في اللفظ نكارة، فمعاوية لم يكن بذاك اللصوق به صلى الله عليه وسلم بحيث يكون صاحب سره صلوات ربي عليه، ورضي الله عن الجميع. (2599) - قوله: «أول من يسقى من حوضي» : أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [1/ 34] ، رقم 57، وزاد: وأول من تصافحه الملائكة في مفازة القيامة: أبو الدرداء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 وأول من يأكل من ثمار الجنة أبو الدحداح. 2600- وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى أبا موسى الأشعري مزمارا من مزامير آل داود. 2601- وقال صلى الله عليه وسلم: خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله، وحمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وحذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن. 2602- وقال صلى الله عليه وسلم: حسان بن ثابت مؤيد بروح القدس. (2600) - قوله: «إن الله أعطى أبا موسى» : هو في الصحيحين، وقد خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي الأرقام: 1610، 3764، 3770، 3771. (2601) - قوله: «وحذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن» : أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [2/ 194] رقم 2967 من حديث ابن عباس مرفوعا وزاد: وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله، وعبد الرحمن بن عوف من تجار الرحمن عزّ وجلّ. (2602) - قوله: «حسان بن ثابت مؤيد بروح القدس» : معناه صحيح، وهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير هذا اللفظ، فأخرج البخاري ومسلم من حديث سعيد بن المسيب قال: مر عمر في المسجد وحسان ينشد فقال: كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني، اللهمّ أيده بروح القدس، قال: نعم، لفظ البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم 3212، وأخرجاه من حديث عدي بن ثابت، عن البراء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان: اهجهم- أو هاجهم- وجبريل معك، لفظ البخاري في الكتاب والباب المشار إليهما برقم 3213. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 2603- وقال صلى الله عليه وسلم: جعفر بن أبي طالب يطير مع الملائكة في الجنة حيث شاء. - وأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 72] ، وأبو داود في الأدب برقم 5015، والترمذي كذلك برقم 2846، من حديث عروة، عن عائشة قالت: كان حسان يضع له النبي صلى الله عليه وسلم منبرا في المسجد، يقوم عليه قائما ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صححه الحاكم في المستدرك [3/ 487] ، ووافقه الذهبي في التلخيص. (2603) - قوله: «يطير مع الملائكة في الجنة» : أخرج الترمذي في المناقب، باب مناقب جعفر بن أبي طالب، برقم 3767، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 512] رقم 1436 من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت جعفر بن أبي طالب يطير في الجنة له جناحان، قال الترمذي: غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 209] ، وأعله الترمذي والذهبي بالراوي عن العلاء وهو عبد الله بن جعفر المديني لتضعيف الناس له، وقد توبع عند ابن حبان، تابعه نصر بن حاجب، أخرجه في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 7047. وتابعه أيضا عوبد بن أبي عمران عند أبي نعيم في المعرفة. وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 212] من طريق عبد الله بن المختار، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا: مر جعفر الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم، صححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 106] رقم 1467، وأبو نعيم في المعرفة برقم 1436، وابن عدي في الكامل [1/ 240] ، من طريق الحكم، عن مقسم، عنه مرفوعا: رأيت جعفر بن أبي طالب ملكا يطير في الجنة ذا جناحين، يطير بهما حيث يشاء مضرجة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 ......... - قوادمه بالدماء، فيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة وهو ضعيف، تابعه كريب، عن ابن عباس، أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 2009] بإسناد فيه عصمة بن محمد وهو منكر الحديث. ورواه عكرمة عن ابن عباس، أخرجه الطبراني برقم 1466، بلفظ: دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها وإذا جعفر يطير مع الملائكة، صححه الحاكم [3/ 209] وفي الإسناد زمعة بن صالح ممن يعتبر به. وله طريق آخر عن ابن عباس، رواه سعدان بن الوليد، عن عطاء، عن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال: يا أسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مر فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلم فردي عليه السلام، قال: إنه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون، فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت، ثم أخذ اليسرى فقطعت، قال: فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها. سكت عنه الحاكم [3/ 210- 211] وكذا الذهبي، وقال في مجمع الزوائد [9/ 272- 273] : سعدان ابن الوليد لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وأخرج الطبراني من حديث عبد الله بن جعفر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء، حسن إسناده الحافظ في الفتح. وفي الباب أيضا عن البراء عند الحاكم في المستدرك [3/ 40] ، وعن علي بن أبي طالب عند ابن سعد [4/ 39] . وبمجموع طرقه يصير حسنا، مع ما أخرجه البخاري في الفضائل من حديث الشعبي أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 2604- وقال صلى الله عليه وسلم: أبو سفيان بن الحارث خير أهلنا. 2605- وقال صلى الله عليه وسلم: صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة. (2604) - قوله: «أبو سفيان بن الحارث» : عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أخرج ابن سعد في الطبقات [4/ 51] من حديث إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه أن أبا سفيان كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: «خير أهلنا» : زاد في رواية: أبو سفيان أخي، وقد أعقبني الله من حمزة أبا سفيان، أخرج الحديث من طرق بألفاظ: ابن سعد في الطبقات [4/ 52] ، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2587] رقم 6233، وصحح الحاكم طريق عمار بن أبي عمار، عن أبي حبة البدري [3/ 255] على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي. (2605) - قوله: «صوت أبي طلحة» : هو زيد بن سهيل الأنصاري، النجاري رضي الله عنه. أخرج الحديث: ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 463] رقم 15270، وعبد بن حميد في المسند [/ 407- المنتخب] رقم 1384، والإمام أحمد في المسند [3/ 111، 112، 203، 249، 261] من طرق عن أنس أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 352- 353] ، وسكت عنه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم، وفي إسناد الحاكم علي بن زيد، عن أنس وقد توبع عند عبد بن حميد والإمام أحمد، رواه ثابت وغيره. وفي الباب عن جابر، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 352] من حديث سفيان عن عبد الله بن محمد ابن عقيل، عنه وعن أنس، قال الحاكم: رواته عن آخرهم ثقات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 [319- فصل: في فضل المصاهرة وحرمة الأصحاب رضي الله عنهم] 319- فصل: في فضل المصاهرة وحرمة الأصحاب رضي الله عنهم 2606- عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني دعوت الله فقلت: اللهمّ من صاهرت إليه أو صاهر إليّ فأدخله الجنة. (2606) - قوله: «عن عبد الله بن عمر» : علقه الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا للمصنف [ج 5- ق- 2/ 125] ، وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس. أما حديث عبد الله بن أبي أوفى، فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 356] رقم 5758] ، وابن عساكر في تاريخه [67/ 20] كلاهما من طريق عمار بن سيف- ضعيف مع صلاحه، واختلف عليه فيه-، عن إسماعيل بن أبي خالد، عنه مرفوعا: سألت ربي ألا أتزوج إلى أحد، ولا أزوج إليه إلّا كان معي في الجنة، فأعطاني ذلك. أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 137] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه!، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح!!. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 17] : عمار بن سيف وثقه ابن معين وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. * قلت: رواه يزيد بن الكميت، عن عمار، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 502] . وتابعه محمد بن إبراهيم الشامي، عن عمار، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [67/ 21] ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 17] : يزيد بن الكميت ضعيف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 2607- وقال صلى الله عليه وسلم: أصحابي مثل النجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم. - وأما حديث ابن عباس، فأورده المتقي في الكنز [12/ 99- 100] برقم 34175، بلفظ: سألت ربي لأصهاري الجنة فأعطانيها البتة، عزاه لأبي الخير الحاكمي القزويني. 2607- قوله: «أصحابي مثل النجوم» : في الباب عن عمر بن الخطاب، وابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وابن عباس بأسانيد واهية. أما حديث عمر، فتقدم الكلام عليه برقم 2520. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه عبد بن حميد في مسنده [/ 250- 251] رقم 783، وابن عدي في الكامل، والدارقطني في فضائل الصحابة- كما في تخريج الكشاف لابن حجر [2/ 231]- وابن عبد البر في الجامع [2/ 111] ، جميعهم من طريق حمزة الجزري- واه بمرة، وبعضهم اتهمه بالوضع- عن نافع، عن ابن عمر به. وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البزار- كما في التلخيص الحبير [4/ 191]- قال الحافظ: وإسناده واه. وأما حديث جابر، فأخرجه الدارقطني في المؤتلف والمختلف [4/ 1778] ومن طريقه ابن عبد البر في الجامع [2/ 111] ، وابن حزم في الإحكام [6/ 82] من حديث الحارث بن غصين- مجهول- عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة. وروي من وجه آخر، فأخرجه الدارقطني في غرائب مالك- كما في تخريج الكشاف [2/ 230]- من حديث جميل بن يزيد أو: ابن زيد، عن مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر وأوله: ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به ... الحديث، قال الدارقطني: لا يثبت عن مالك، ورواته مجهولون. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 2608- وقال صلى الله عليه وسلم: من سب أحدا من أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ألا فلا أناله الله شفاعتي يوم القيامة، ألا فلا سقاه الله من حوضي. - وأما حديث ابن عباس، فأخرجه البيهقي في المدخل برقم 152 من طريق سليمان بن أبي كريمة- أحد المضعفين- عن جويبر وهو مثله، عن ابن عباس ولم يدركه بمثل حديث جابر الثاني، ثم ساقه البيهقي بإسناد آخر عن جويبر فقال: عن جواب بن عبيد الله به مرفوعا ليس فيه ابن عباس. وانظر التعليق المتقدم على حديث عمر بن الخطاب في مؤدى هذا الحديث ومعناه. (2608) - قوله: «من سب أحدا من أصحابي» : في الباب عن أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنها، وعن عطاء مرسلا، وعويم بن ساعدة. أما حديث أنس، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1855] ، وحمزة السهمي في تاريخ جرجان [/ 275] ، والخطيب في تاريخه [14/ 241- 242] جميعهم من حديث علي بن يزيد الصدائي- قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه- ثنا أبو شيبة الجوهري عنه مرفوعا: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 503] رقم 1867 من حديث فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عنه مرفوعا: من سب أحدا من أصحابي فعليه لعنة الله، قال في مجمع الزوائد [10/ 21] : فيه ضعفاء وثقوا. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 142] رقم 12709 من طريق عبد الله بن خراش- وهو ضعيف كما في مجمع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 ......... - الزوائد [10/ 21]- عن العوام بن حوشب، عن عبد الله بن أبي الهزيل، عنه مرفوعا: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأما حديث عائشة، فأخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 387] رقم 4768 من حديث علي بن سهل، ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن عطاء عنه مرفوعا: لا تسبوا أصحابي، لعن الله من سب أصحابي، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 21] : رجاله رجال الصحيح غير علي بن سهل وهو ثقة. وأما مرسل عطاء، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 179] رقم 12465، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1001، وأبو نعيم في الحلية [7/ 103] من حديث محمد بن خالد، عنه مرفوعا: من سب أصحابي فعليه لعنة الله، قال أبو نعيم: كذا رواه الحماني عن سفيان وأرسله، تفرد به عنه، ومحمد بن خالد يعرف بأبي حمنة الكوفي، الضبي. قلت: وهكذا رواه أبو معاوية عن محمد بن خالد عند ابن أبي شيبة، فلا عتب على الحماني. وأما حديث عويم بن ساعدة، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1000، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 140] رقم 349، وأبو نعيم في الحلية [2/ 11] من حديث محمد بن طلحة- ضعّف- عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن جده مرفوعا: إن الله اختارني، واختار لي أصحابي، فجعلهم لي وزراء وأنصارا وأصهارا، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. صححه الحاكم في المستدرك [3/ 632] ، وأقره الذهبي في التلخيص!! قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 17] : فيه من لم أعرفه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 2609- وقال صلى الله عليه وسلم: من سب نبيا فاقتلوه، ومن سب أصحابي فاجلدوه. 2610- وروى جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد. (2609) - قوله: «من سب نبيا فاقتلوه» : أخرج الطبراني في الصغير برقم 659 من حديث شيخه عبيد الله بن محمد العمري- رماه النسائي بالكذب-: ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب مرفوعا: من سب الأنبياء قتل، ومن سب الأصحاب جلد. (2610) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» : أخرجه بنحوه: ابن ماجه في مقدمة السنن، باب من سئل عن علم فكتمه، رقم 263، والبخاري في تاريخه [3/ 197] الترجمة رقم 668، ومن طريقه ابن عساكر [17/ 7] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 994، والطبراني في الأوسط [1/ 270] رقم 432، ومن طريقه الخطيب [9/ 472] ، وابن عساكر كذلك [17/ 6] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1528- خمس مرات] ، ومن طريقه ابن عساكر [17/ 5] والعقيلي في الضعفاء الكبير [2/ 265- 266، 266] ، والخطيب في تاريخه [9/ 471، 472، 472] ، ومن طريقه ابن عساكر [17/ 6] . وقد اختلف الناس في السبب في إعلاله، فأعله البخاري في تاريخه بعبد الله بن السري، وقال: لا أعرفه، ولا أعلم له سماعا من ابن المنكدر. اه. وتبعه في ذلك العقيلي، والبوصيري وجماعة غيرهما. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 2611- وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ظهرت البدع في أمتي وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فقيل: وما إظهار العلم؟ قال: السنة. 2612- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله اختارني واختار لي أصحابا، فجعلهم أصهاري وأصحابي، وإنه سيجيء في آخر الزمان قوما ينتقصونهم، فلا تؤاكلوهم ولا تشاربوهم، ولا تعودوهم إذا مرضوا، ولا تصلوا عليهم إذا ماتوا. - أما ابن عدي الذي سبر حديثه وطرقه فيذهب إلى أن العلة فيه من عنبسة بن عبد الرحمن وقال: عبد الله بن السري لا بأس به، ومتن هذا الحديث وإنكار متنه ليس هو من جهته، إنما هو من جهة عنبسة بن عبد الرحمن، فإنه منكر الحديث، ولا أعرف له من الحديث غير ما ذكرت. اه. وأما الخطيب فيذهب إلى أن الخطأ في إسناده من خلف بن تميم، فقال في تاريخه: هكذا رواه خلف بن تميم وبين عبد الله بن المنكدر في هذا الحديث ثلاثة أنفس، ثم أورده من طريق الطبراني بإسناده إلى عنبسة بن عبد الرحمن فعادت العلة فيه إليه، والله أعلم. (2611) - قوله: «وفي رواية» : أخرجه بهذا اللفظ بالإسناد المتقدم إلى جابر الحافظ أبو عمرو الداني في الفتن وغوائلها برقم 287. (2612) - قوله: «إن الله اختارني» : في الباب عن عويم بن ساعدة، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وعبد الله بن معقل بأسانيد ضعيفة. حديث عويم بن ساعدة، تقدم تخريجه قريبا تحت رقم 2608. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 2613- ويروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من شتم الأنبياء، ثم من شتم أصحابي، ثم من شتم المسلمين. 2614- ويروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل أصحابي في أمتي مثل الملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلّا بالملح. - أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الدارقطني في المقلين، عن آبائهم المكثرين، والمكثرين عن آبائهم المقلين- كما في الكنز [11/ 539- 54] رقم 32528. وأما حديث أنس، فروي عنه بألفاظ وأسانيد ضعيفة: 1- من حديث أبي جعفر، عنه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [1/ 126] . 2- من حديث بشر الحنفي، عنه، أخرجه الخطيب في تاريخه [13/ 443] . 3- من حديث أبان بن أبي عياش، عنه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [1/ 126] . 4- عمر بن بسر، عنه، أو: عمن حدثه عن أنس، أخرجه العقيلي [1/ 126] . 5- من حديث أبي عياض- أو: أبي طاهر- مولى الحسن بن علي، عنه، أخرجه الخطيب في تاريخه [2/ 99] . وعزاه في الكنز أيضا [11/ 540، 542] رقم 32529، 32542 لابن النجار، وابن عساكر، ونقل عن الذهبي قوله: هو منكر جدّا. وأما حديث عبد الله بن مغفل، فأخرجه العقيلي في الضعفاء [1/ 126] . (2613) - قوله: «إن أشد الناس عذابا» : أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1002 من حديث أبي غالب، عن الحسين مرفوعا وفيه: فما من أحد خارج من الدنيا شاتما لأحد منهم إلّا سلط الله عليه دابة في قبره تقرض لحمه، فيجد ألمه إلى يوم القيامة، رجاله موثقون غير عمرو بن النضر فهو مستور، لم يوثقه سوى ابن حبان. (2614) - قوله: «مثل أصحابي في أمتي» : تقدم في باب ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال، وخرجناه تحت رقم 2172. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 2615- وروى السّدي: عن أبي مالك، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى، قال: أصحاب محمد، اصطفاهم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. (2615) - قوله: «وروى السدي» : هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، الإمام المفسر: أبو محمد الحجازي، ثم الكوفي، الأعور، من موالي قريش، اعتنى بعلم التفسير فأخذه عن جماعة، وهو فيه أحظى بالقبول من الحديث، وهو فيه وسط، وانظر: سير أعلام النبلاء [5/ 264] ، تهذيب الكمال [3/ 132] ، تهذيب التهذيب [1/ 273] ، الكاشف [1/ 75] ، التقريب [/ 108] الترجمة رقم 463، الميزان [1/ 236] ، النجوم الزاهرة [1/ 308] ، الجرح والتعديل [2/ 184] ، طبقات ابن سعد [6/ 323] ، التاريخ الكبير [1/ 360] ، طبقات المفسرين [1/ 190] . قوله: «عن أبي مالك» : الكوفي، اسمه: غزوان الغفاري، اشتهر بكنيته، وهو أحد الثقات، عداده في تابعي أهل الكوفة، أخرج له البخاري في التعاليق، وروى له: د. ت. س. تهذيب الكمال [23/ 100] ، تهذيب التهذيب [8/ 220] ، الكاشف [2/ 322] ، التقريب [/ 442] الترجمة رقم 5354. قوله: «عن ابن عباس» : أخرج تفسيره ابن أبي حاتم [9/ 2906] رقم 16495، وابن جرير [20/ 2] ، والبزار في مسنده [3/ 62 كشف الأستار] رقم 443- وتصحف فيه ابن عباس إلى: ابن شهاب-، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد- كما في الدر المنثور [6/ 370] . قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 87] : فيه الحكم بن ظهير وهو متروك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 [320- فصل: في فضل زوجاته صلى الله عليه وسلم] 320- فصل: في فضل زوجاته صلى الله عليه وسلم 2616- وقال صلى الله عليه وسلم: خير نساء العالمين خمسة: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم- امرأة فرعون-، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وعائشة بنت أبي بكر من أحب النساء إليّ. 2616- قوله: «خير نساء العالمين: خمسة» : في صلب الأصل: أربعة، ثم كتب ناسخ «ظ» فوقها: خمسة، فأردت أن أثبت الأولى لموافقتها ما في المصادر، لكن وجدت الحافظ أبا حفص الموصلي تبع المصنف- كما هي عادته-، فأورد الرواية بلفظ خمسة في الوسيلة [ج 5 ق/ 2/ 232] من حديث ابن عباس، فعلى الرواية الأولى يكون الكلام على عائشة رضي الله عنها مستأنف، وعلى رواية المصنف أنها داخلة في الخيرية. وفي الباب عن أنس، وابن عباس، وعائشة. حديث أنس رواه جماعة عنه، منهم: 1- قتادة السدوسي، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 430] رقم 20919، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [3/ 135] ، وفي الفضائل برقم 1325، 1337، والترمذي في المناقب، باب فضل خديجة رضي الله عنها، رقم 3878، والبغوي في شرح السنة [14/ 157] رقم 3955، والطحاوي في المشكل [1/ 50] ، وأبو نعيم في الحلية [2/ 344] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 402] رقم 1003، وفي [23/ 7] رقم 3، وصححه الترمذي والحاكم في المستدرك [3/ 157] ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7003. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 ......... 2- ابن شهاب الزهري، أخرجه الإمام أحمد في الفضائل برقم 1332، 1338، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 157] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6951. 3- ثابت البناني، عن أنس، أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1533] ، والخطيب في تاريخه [9/ 404] من حديث أبي جعفر الرازي- وقد اختلف عليه فيه- عنه، عن أنس به مرفوعا. 4- حميد الطويل، عن أنس، أخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 185] من حديث محمد بن حميد- ضعيف الحديث- عن علي بن مجاهد، عنه به. 5- ورواه هشام، عن الحسن مرسلا، ولعله سمعه من أنس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 134] رقم 12341. وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 293] ، وفي الفضائل برقم 250، 252، 259، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [5/ 110] رقم 2722، والطحاوي في المشكل [1/ 50] ، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 336] رقم 11928، وفي [22/ 407] رقم 1019، وفي [23/ 7] رقم 1، والحاكم في المستدرك [2/ 594، 3/ 160، 185] ، جميعهم من طرق عن داود بن الفرات، عن علباء بن أحمد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض خطوطا أربعة، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ... الحديث، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7010. وله إسناد آخر عن ابن عباس عند الطبراني كما في مجمع الزوائد [9/ 223] فيه محمد بن الحسن بن زبالة، وهو ضعيف. وأما حديث عائشة، فأخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة برقم 1336. 1576، فيما وجده عبد الله بخط يده من حديث ابن شهاب، عن عروة قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 2617- وقال صلى الله عليه وسلم: أزواجي خير نساء أمتي. - قالت عائشة لفاطمة: ألا أبشرك؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيدات أهل الجنة أربع ... الحديث، سكت عنه الحاكم [3/ 185] ، وصححه الذهبي على شرط الشيخين وصورته عند الإمام أحمد صورة المنقطع ليس فيه عن ابن شهاب، عن عروة. (2617) - قوله: «أزواجي خير نساء أمتي» : معناه صحيح بنص الكتاب، قال تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ الاية، غير أني لم أقف عليه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما لدي من المصادر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 [321- فصل: ذكر حديث أويس القرنيّ رضي الله عنه] 321- فصل: ذكر حديث أويس القرنيّ رضي الله عنه 2618- حدثنا أبو يعقوب: إسحاق بن زوران بن قهزاد الفقيه بمكة رحمه الله قال: حدثنا أبو نصر السمرقندي، ثنا هشام، قوله: «ذكر حديث أويس القرني» : هو سيد التابعين في زمانه، القدوة الزاهد، والشيخ العابد: أويس بن عامر بن جزء القرني، المرادي، اليماني، انظر مناقبه وأخباره في: طبقات ابن سعد [6/ 161] ، التاريخ الكبير [2/ 55] ، حلية الأولياء [2/ 79] ، تاريخ ابن عساكر [9/ 408] ، سير أعلام النبلاء [4/ 19] ، الإصابة [1/ 187] ، أسد الغابة [1/ 179] . (2618) - قوله: «ابن زوران» : ضبطه الأمير ابن ماكولا بزاي في أوله، وبعد الواو راء، ووقع اسم الجد عنده: قهزاد دون ضبط، وهو كذلك في الأصل، ووقع في العقد الثمين: بهزاد. قال الأمير بعد أن نسبه لسيراف: الفقيه الشافعي، يروي عن شيوخ العراق ومصر وغيرهم. اه. وقال في العقد الثمين: حدث عن علي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندري، روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن. إكمال ابن ماكولا [4/ 193] ، العقد الثمين [3/ 754] . قوله: «أبو نصر السمرقندي» : في الطبقة جماعة يكنون بأبي نصر كما يعلم من تاريخ سمرقند للنسفي، لذلك لم أستطع تعيينه. فأما هشام: فهو ابن حسان، الإمام المشهور، وعلقمة بن مرثد كذلك، وهما من رجال التهذيب الثقات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، منهم: أويس القرني، وإن أهله ظنوا أنه مجنون، فبنوا له بيتا على باب دارهم، فكان يأتي عليه السنة والسنتان لا يرون له وجها. فكان طعامه مما يلتقط من النوى، فإذا أمسى باعه لإفطاره، وإذا أصاب حشفة حبسها لإفطاره. فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أيها الناس قوموا بالموسم فقاموا، فقال: ألا اجلسوا إلّا من كان من أهل الكوفة، فجلسوا، فقال: ألا اجلسوا إلّا من كان من مراد، فجلسوا، فقال: ألا اجلسوا إلّا من كان من قرن، فجلسوا إلّا رجلا كان عم أويس بن أنيس، فقال له عمر رضي الله عنه: أقرني أنت؟ قال: نعم، قال: أتعرف أويسا؟ قال: وما سؤالك عنه يا أمير المؤمنين؟ فو الله ما فينا أحمق منه ولا أجوع، فبكى عمر وقال: ويحك! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل بشفاعته الجنة مثل ربيعة ومضر. قال هرم: فلما بلغني ذلك قدمت الكوفة، ولم يكن لي هم إلّا طلبه حتى سقطت عليه جالسا على شاطئ الفرات نصف النهار يتوضأ، فعرفته بالنعت الذي نعت لي، فإذا هو رجل لحيم آدم- شديد الأدمة- أشعث محلوق الرأس، مهيب المنظر- زاد فيه غيره: كان رجلا أشهب أصهب، عريض ما بين المنكبين، وفي كتفه اليسرى وضح، وضارب بلحيته على صدره- ناصب بعينه موضع السجود، قال: فسلمت عليه فرده عليّ، قوله: «ولا أجوع» : في رواية يزيد بن عطاء، عن علقمة: ولا أجن منه ولا أجوع. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 ونظر إليّ، ومددت إليه يدي فأبى أن يصافحني، فقلت: رحمك الله يا أويس وغفر لك، كيف أنت رحمك الله؟ - ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي عليه لما رأيت من حاله، حتى بكيت وبكى- فقال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان، كيف أنت يا أخي؟ من دلك عليّ؟ فقلت: الله، فقال: لا إله إلّا الله، سبحان ربنا: إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا، قلت له: فمن أين عرفت اسمي واسم أبي وما رأيتك قبل اليوم ولا رأيتني؟ قال: نبأني العليم الخبير، عرفت روحي روحك، حتى كلمت نفسي نفسك، إن الأرواح لها أنفاس كأنفاس الأجناد، وإن المؤمنين ليعرف بعضهم بعضا، ويتحاجون بروح الله، وإن لم يلتقوا ويتعارفوا، وإن نأت بهم الديار، وتغربت بهم المنازل. قلت: حدثني رحمك الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني لم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لي معه صحبة بأبي وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني قد رأيت رجالا قد رأوه، ولست أحب أن أفتح على نفسي هذا الباب أن أكون محدثا أو قاصا أو مفتيا، في نفسي شغل عن الناس. فقلت: يا أخي اقرأ عليّ آيات من كتاب الله أسمعها منك، وأوصني بوصية أحفظها عنك فإني أحبك في الله، قال: فأخذ بيدي ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، قال: أحق القول قول ربي، وأصدق الحديث حديث ربي، ثم قرأ: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (38) ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ إلى قوله: إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، فشهق شهقة فنظرت إليه وأنا أحسبه قد غشي عليه ثم قال: يا ابن حيان مات أبوك حيان، ويوشك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 أن تموت أنت، فإما إلى جنة وإما إلى نار، ومات أبوك آدم، وماتت أمك حواء، يا ابن حيان مات نوح، ومات إبراهيم خليل الرحمن، ومات موسى نجيّ الرحمن، ومات داود خليفة الرحمن، ومات محمد صلى الله عليه وسلم، ومات أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أخي وصديقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقلت له: رحمك الله إن عمر رضوان الله عليه لم يمت، قال: نعم، نعاه إليّ ربي، ونعى إليّ نفسي، وأنا وأنت في الموتى، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا بدعوات خفيات ثم قال: هذه وصيتي: اتل كتاب الله، وانعى المرسلين وانعى صالح المؤمنين، وعليك بذكر الموت لا يفارق قلبك طرفة عين ما بقيت، وأنذر قومك إذا رجعت إليهم، وانصح الأمة جميعا، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم فتدخل النار، وادع لي ولنفسك، ثم قال: اللهمّ إن هذا زعم أنه يحبني فيك، وزارني من أجلك فعرفني وجهه في الجنة، وأدخله عليّ في دارك دار السلام، واحفظه ما دام في الدنيا حيا، وارضه من الدنيا باليسير، واجعله لما أعطيته من نعمك من الشاكرين، واجزه عني خيرا. ثم قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا أراك بعد اليوم يرحمك الله، فإني أكره الشهرة، والوحدة أعجب إليّ، وإني كثير الغم ما دمت مع هؤلاء الناس حيا، فلا تسأل عليّ ولا تطلبني، واعلم أنك مني على بال وإن لم أرك وتراني، وادع لي فإني سأدعو لك وأذكرك إن شاء الله، انطلق أنت هاهنا حتى آخذ أنا هاهنا، فحرصت على أن أمشي معه ساعة فأبى عليّ، ففارقته وأنا أبكي، وبكى، فجعلت أنظر إليه في قفاه حتى دخل بعض السكك، ثم سألت عنه بعد ذلك وطلبته فما وجدت أحدا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 يخبرني عنه بشيء، رحمه الله وغفر له، فما أتت عليّ جمعة إلّا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين. قوله: «مرة أو مرتين» : أخرجه بطوله الحافظ ابن عساكر في تاريخه [9/ 432] بإسناده إلى يحيى بن سعيد العطار: ثنا يزيد بن عطاء الواسطي عن علقمة بن مرثد به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [2/ 87] ، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء [4/ 28] من طريق خالد بن يزيد العمري، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن علقمة بن مرثد مختصرا. وللقصة طرق وألفاظ أخرى أوردها ابن عساكر، فتراجع فيه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 [322- ذكر رواية أخرى في حديث أويس القرني] 322- ذكر رواية أخرى في حديث أويس القرني 2619- أخبرنا أبو الحسن: عبد العزيز بن الحسن بن شاه رحمه الله، ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن معاذ الحجري فيما كتب إلينا، ثنا سلمة بن شبيب النيسابوري، ثنا الوليد بن إسماعيل بن أبي النجم، ............... .. (2619) - قوله: «أخبرنا أبو الحسن: عبد العزيز» : لم أقف على ترجمة له فيما لدي من المصادر، ولا لشيخه أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل ولا للحسين بن معاذ. قوله: «ثنا سلمة بن شبيب النيسابوري» : الإمام الحافظ: أبو عبد الرحمن الحجري، المسمعي، نزيل مكة، وأحد الأئمة المكثرين، والرحالة الجوالين روى له الجماعة سوى البخاري، توفي في رمضان سنة سبع وأربعين ومائتين. سير أعلام النبلاء [12/ 56] ، الجرح والتعديل [4/ 164] ، العقد الثمين [4/ 597] ، تهذيب الكمال [11/ 284] ، طبقات الحنابلة [1/ 168] ، تذكرة الحفاظ [2/ 543] ، تاريخ ابن عساكر [22/ 76] ، تهذيب التهذيب [4/ 129] ، الكاشف [1/ 306] ، أخبار أصبهان [1/ 336] ، العبر [2/ 187، 207] ، إكمال مغلطاي [6/ 12] . قوله: «ثنا الوليد بن إسماعيل بن أبي النجم» : الحراني، الدمشقي، ذكره الحافظ المزي في شيوخ سلمة في تهذيبه، لكن ما رأيت له ولا لشيخه محمد بن إبراهيم بن عبيد ترجمة مفردة فيما لدي من المصادر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 عن محمد بن إبراهيم، ثنا مخلد بن يزيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة من أصحابه إذ قال: ليصلين معكم غدا رجل من أهل الجنة. قال أبو هريرة: فطمعت أن أكون أنا ذلك الرجل، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فصليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقمت في المسجد حتى انصرف الناس، وبقيت أنا وهو صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن كذلك إذ أقبل رجل أسود متزر بخرقة، مرتد برقعة فجاء حتى وضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «ثنا مخلد بن يزيد» : القرشي، الحراني، الحافظ الصدوق، كان خيرا فاضلا، وحديثه في الصحيحين، وثقه غير واحد، ويقال: كان يهم. سير أعلام النبلاء [9/ 237] ، تهذيب الكمال [27/ 343] ، تهذيب التهذيب [10/ 69] ، الثقات لابن حبان [9/ 186] ، الميزان [5/ 209] ، الكاشف [3/ 113] ، التقريب [/ 524] الترجمة رقم 6540، المعرفة والتاريخ [2/ 459] ، الجمع بين رجال الصحيحين [2/ 507] . قوله: «الضحاك بن مزاحم» : الهلالي، الإمام التابعي المفسر، أحد أوعية العلم، من رجال الأربعة، يقال: لم يكن بالمجود ولا بالضابط لحديثه، وهو صدوق في نفسه، مقدم في التفسير دون الحديث، وحديثه عن جماعة من الصحابة منقطع، انظر: تهذيب الكمال [13/ 291] ، سير أعلام النبلاء [4/ 598] ، طبقات ابن سعد [6/ 300، 7/ 369] ، التاريخ الكبير [4/ 332] الميزان [3/ 39] ، تهذيب التهذيب [4/ 793] الكاشف [2/ 33] ، التقريب [/ 280] الترجمة رقم 2978، طبقات المفسرين [1/ 216] ، المغني في الضعفاء [1/ 312] ، العبر [1/ 124] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 ثم قال: يا رسول الله ادع لي بالشهادة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادة- وإنا لنجد منه ريح المسك الإذفر- فقلت: يا رسول الله أهو هو؟ فقال: نعم، وإنه لمملوك لبني فلان، قال فقلت: أفلا تشتريه فتعتقه يا نبي الله؟ قال: فأني لي بذلك، إن كان الله يريد أن يجعله من ملوك أهل الجنة وساداتهم، يا أبا هريرة، إن الله عزّ وجلّ يحب من خلقه الأصفياء الأتقياء الأخفياء، الشعثة رؤوسهم، المغبرة وجوههم، بطونهم من كسب الحلال خميصة، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإن خطبوا لم ينكحوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا قالوا: يا رسول الله، صف لنا الرجل، قال: ذاك أويس القرني، قالوا: وما أويس القرني؟ قال: أشهل، ذا صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رام ببصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو ويبكي على نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، متزر بإزار صوف ورداء صوف، مجهول في الأرض، معروف في أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه، ألا وإن تحت منكبه لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة، ويقال لأويس: قم فاشفع فيشفع في مثل عدد ربيعة ومضر، يا عمر، ويا علي إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه يستغفر لكما يغفر الله لكما. قال: فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليهن، فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر رضي الله عنه، صعد على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج، من أهل اليمن أفيكم أويس- رجل من مراد-؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال: إنا لا ندري ما أويس، ولكن ابن أخ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 لنا يقال له أويس هو أخمل ذكرا، وأقل مالا، وأهون أمرا، أن نرفعه إليك، وإنه ليرعى إبلنا، حقير بين أظهرنا، فعمى عليه عمر كأنه لا يريده فقال: أين ابن أخيك هذا أبحرمنا هو؟ قال: نعم، قال: وأين يصاب؟ قال: بأراك عرفات، قال: فركب عمر وعلي رضي الله عنهما سراعا إلى عرفات، فإذا هو قائم يصلي إلى شجرة والإبل حوله ترعى، فشدّا حماريهما، ثم أقبلا إليه فقالا له: السلام عليك ورحمة الله، فخفف أويس الصلاة ثم قال: السلام عليكما ورحمة الله وبركاته، قالا: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير القوم، قالا: لسنا نسألك عن الرعاية ولا عن الإجارة، ما اسمك الذي سمتك أمك؟ قال: يا هذان ما تريدان إليّ؟ قالا: وصف لنا محمد صلى الله عليه وسلم أويس القرني، فقد عرفنا الصهوبة، والشهولة، وأخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا، فإن كانت بك فأنت هو، فأوضح منكبه فإذا اللمعة فابتدراه يقبلانه، فقالا: نشهد أنك أويس القرني فاستغفر الله لنا يغفر الله لك، قال: ما أخص باستغفاري نفسي ولا أحدا من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر وللمؤمنين والمؤمنات وللمسلمين والمسلمات، يا هذان قد أشهر الله لكما أمري، وعرفكما حالي، فمن أنتما؟ قال علي: أما هذا فعمر أمير المؤمنين، وأما أنا فعلي ابن أبي طالب، قال: فاستوى أويس قائما فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، وأنت يا علي بن أبي طالب فجزاكما الله عن هذه الأمة خيرا، قالا: وأنت فجزاك الله عن نفسك خيرا، قال له عمر: مكانك رحمك الله حتى أدخل مكة فاتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من ثيابي، هذا المكان ميعاد بيني وبينك، قال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني، ما أصنع بالنفقة؟ ما أصنع بالكسوة؟ أما ترى عليّ إزار من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 صوف ورداء من صوف؟ متى تراني أخرقهما؟ أما ترى أن نعلي مخصوفتان، متى تراني أبليهما؟ أما تراني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم، فمتى تراني آكلهما؟ يا أمير المؤمنين إن بين يدي ويديك عقبة كؤودا لا يقطعها إلّا كل مخف مهزول، فاخف يرحمك الله، فلما سمع ذلك عمر من كلامه ضرب بيده الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه ليتها كانت عقرى لم تعالج حمله، ألا من يأخذها بما فيها ولها؟ قال أويس: من جدع أنفه، ثم قال: يا أمير المؤمنين خذ أنت هاهنا حتى آخذ أنا هاهنا، فولى عمر نحو مكة، وساق أويس إبله، فوافى القوم وإبلهم، فخلى عن الرعاية، وأقبل على العبادة حتى لحق بالله. فهذه ماثر أويس خير التابعين، رحمة الله ورضوانه عليه. قوله: «حتى لحق بالله» : أخرجه بطوله الحافظ أبو نعيم في الحلية [2/ 81- 83] ، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء [4/ 27] من حديث حامد بن محمود: ثنا سلمة به وفي آخره: قال سلمة: كتبنا غير حديث في قصة أويس، ما كتبنا أتم منه. وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [9/ 423] من طريق الروياني: ثنا سلمة به. خالف نهشل بن سعيد مخلد بن يزيد، رواه عن الضحاك، عن ابن عباس الخبر بطوله، أخرجه ابن عساكر [9/ 422] ، ونهشل متروك، والأول أصح، والله أعلم. تمام طرقه وألفاظه في تاريخ ابن عساكر حيث استوعبها فيه رحمه الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 [323- فصل: ذكر زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل] 323- فصل: ذكر زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل 2620- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل فقالوا: يا رسول الله كان يستقبل القبلة، ويقول: اللهمّ إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، ويصلي ويسجد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يبعث ذاك أمة وحده، يحشر بيني وبين عيسى ابن مريم عليهما السّلام. (2620) - قوله: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل» : تقدم ذكره في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنه ممن جانب الشرك وأعمال الجاهلية وطلب دين سيدنا إبراهيم، وانظر عنه في: المعرفة لأبي نعيم [3/ 1133] ، أسد الغابة [2/ 295] ، الإصابة [4/ 61] ، تهذيب التهذيب [3/ 363] ، تاريخ ابن عساكر [19/ 493] ، تهذيب ابن منظور [9/ 162] ، طبقات ابن سعد [3/ 379] ، سيرة ابن هشام [انظر الفهارس] ، الوافي بالوفيات [15/ 38] ، بغية الطلب [9/ 4055] . قوله: «فقالوا: يا رسول الله كان يستقبل القبلة» : في اللفظ اختصار، يرويه بعضهم بطوله، وبعضهم يختصره ويفرقه، وفي أوله: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي طالب هل تنفعه نبوتك؟ قال: نعم، أخرجته من غمرة جهنم إلى ضحضاح منها ... الحديث بطوله أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 313] وقال: لم يحدث به عن مجالد غير ابنه إسماعيل مع أحاديث أخرى، قال: وإسماعيل هذا قد حدث عنه يحيى ووثقه، وهو خير من أبيه مجالد، يكتب حديثه. اه. هكذا قال رحمه الله، وقد رواه غير واحد عن مجالد كما سيأتي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 فقالوا: يا رسول الله أرأيت ورقة بن نوفل، كان يستقبل القبلة، ويقول: اللهمّ ديني دين إبراهيم، وإلهي إله زيد، وقد كان يمتدحه ويقول: رشدت وأنعمت ابن عمرو ... تجنبت تنورا من النار حاميا لرب كريم ليس رب كمثله ... وتركك أحجار الجبال كما هيا - فمن طريق إسماعيل، عن مجالد أخرجه أبو يعلى في مسنده [4/ 41] رقم 2047، وتمام في فوائده [2/ 152- 153] رقم 1404، ومن طريق أبي يعلى وابن عدي وغيرهما، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [63/ 22، 22- 23، 23] . تابعه يحيى بن سعيد، عن مجالد، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1135] رقم 2824، وابن عساكر في تاريخه [19/ 511- 63/ 22] . وخالفهما أبو أسامة، رواه عن مجالد، عن عامر فأرسله ولم يسنده، أخرجه ابن سعد في الطبقات [3/ 381] مقتصرا على الشطر الأخير منه: يبعث يوم القيامة أمة وحده. أورد الهيثمي حديث مجالد هذا في مجمع الزوائد [9/ 416] وذكر أنه مما مدح من حديثه. قوله: «أرأيت ورقة بن نوفل» : استوعب أخباره شيخنا العلامة المحقق الدكتور عويد بن عياد المطرفي في كتابه النافع: ورقة بن نوفل في بطنان الجنة، أتى فيه بما لا مزيد عليه فانظره. قوله: «وقد كان يمتدحه» : يعني بعد أن خرج من الشام مسرعا يريد مكة لما سمع من رهبانها خروج النبي صلى الله عليه وسلم، فتركوه حتى إذا بلغ أرض لخم عدوا عليه فقتلوه حسدا وبغضا، فبكى عليه ورقة ورثاه بهذه الأبيات، ذكر ابن عساكر وغيره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيته يمشي في بطنان الجنة، عليه سندس. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن خديجة رضي الله عنها فقال: رأيتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا لغو فيها ولا نصب. 2621- وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية وهو مسند ظهره إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش، والله الذي لا إله إلّا هو، ما أصبح اليوم أحد على ظهر الأرض على دين إبراهيم عليه السلام غيري. - أتم منها وفيها أيضا: أقول إذ هبطت أرضا مخوفة ... حنانيك لا تظهر علينا الأعاديا حنانيك إن الجن كانت رجاهم ... وأنت إلهي ربنا ورجائيا لتدركن المرء رحمة ربه ... وإن كان تحت الأرض سبعين واديا أدين لرب يستجيب ولا أرى ... أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا أقول إذا صليت في كل بيعة ... تباركت قد أكثرت باسمك داعيا وأورد من شعر ورقة أيضا: عزلت الجن والجنان عني ... كذلك يفعل الجلد الصبور فلا العزّى أدين ولا أبتنيها ... ولا أطم بني عمرو أزور ولا غنما أدين وكان ربّا ... لنا في الدهر إذ حلمي صغير أربا واحدا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور ألم تعلم بأن الله أفنى ... رجالا كان شأنهم الفجور وأبقى آخرين ببر قوم ... فيربو منهم الطفل الصغير وبينا المرء يعثر ثاب يوما ... كما يتروح الغصن المطير (2621) - قوله: «وعن أسماء بنت أبي بكر» : علق حديثها الإمام البخاري في المناقب، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل، رقم 3828. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 2622- عن هشام بن عروة، عن أبيه أن زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل ذهبا إلى الشام في الجاهلية يلتمسان الدين، فعرضت اليهود عليهما دينهم فكرهاه، وسألا رهبان النصرانية فعرضوا عليهم دينهم، فأتوا راهبا من الرهبان فسألاه فقال: إن هذا الدين الذي تطلبان لم يجىء بعد- وهذا زمانه- وإن هذا الدين يخرج من قبل تيماء. - وأخرجه النسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 54] رقم 8187، وابن إسحاق في سيرته [/ 116] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 380] ، وابن عساكر في تاريخه [19/ 505، 506] ، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1134] رقم 2843، وابن الجوزي في المنتظم [2/ 330] وبعضهم يزيد فيه: وكان يحيى الموؤدة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مهلا لا تقتلها، أنا أكفيك مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها لك، وإن شئت كفيتك مؤونتها. (2622) - قوله: «عن هشام بن عروة» : أخرجه من طريقه أبو داود الطيالسي، ومن طريق أبي داود ابن الجوزي في المنتظم [2/ 330] ، وابن عساكر في تاريخه [63/ 6] ، وأخرجه أيضا في [19/ 511- 512] مقتصرا على الشطر الأخير منه. وأخرجه الذهبي في سير أعلام النبلاء [1/ 128، 129] . وأخرجه البيهقي بطوله في الدلائل [2/ 141- 146] وفيه قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام وإخباره صلى الله عليه وسلم خديجة وورقة بما رأى، وقصة خروج زيد بن عمرو وورقة الشام من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة. قال البيهقي: وذكر القصة بأجمعها شيخنا أبو عبد الله الحافظ، عن، أبي جعفر البغدادي، عن أبي علاثة: محمد بن عمرو بن خالد، عن، أبيه، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة إلّا أنه لم يذكر من شعر ورقة إلّا البيتين الأولين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 فأما ورقة فقال: إني مقيم على النصرانية حتى يتبين لي الدين المستقيم، وأما زيد فقال: أنا أعبد رب هذا البيت حتى يأتيني هذا الدين، فرجع من الشام فكان ربما لقي بلالا وهو يعذب فيقول: يا بني أحد أحد، فو الذي نفسي بيده لئن قتلوك لا يخزيك ذلك. ومات زيد، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده، بيني وبين عيسى عليه السلام. 2623- وعن سعيد بن زيد أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه- قلت: وأصلها في مناقب الأنصار من صحيح البخاري، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل، من حديث ابن عمر أن زيد بن عمرو خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه ... القصة بطولها دون ذكر ورقة معه فيها، رقم 3827. وانظر طرقها وألفاظها في: سيرة ابن إسحاق [/ 118- 119] ، وطبقات ابن سعد [1/ 162- 379] ، ودلائل البيهقي [2/ 122- 146] ، وتاريخ ابن عساكر [19/ 493- 503، 63/ 6، 21] . وانظر أيضا الحديث المتقدم برقم 172 والتعليق عليه. قوله: «فكان ربما لقي بلالا» : قال الحافظ الذهبي في سيره بعد إخراج الحديث: فمن أنكر ما فيها قوله: مر ورقة على بلال وهو يعذب، قال: هذا مرسل، وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح، وذهب الحافظ في الفتح إلى الترجيح فرجح رواية الصحيح مع إمكان الجمع المتكلف، فمن أراد الوقوف عليه فهو في شرح الحديث الثالث من صحيح الإمام البخاري. (2623) - قوله: «وعن سعيد بن زيد» : هو ابن عمرو بن نفيل العدوي، من جلة الصحابة، وأحد العشرة المبشرين، والسابقين الأولين، شهد بدرا والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 زيد بن عمرو بن نفيل، فقال: يا رسول الله كان كما رأيت، وكان كما بلغك، ولو أدركك آمن بك، فاستغفر له؟ قال: نعم، أستغفر له، فإنه يجيء يوم القيامة أمة وحده. 2624- وعن عروة بن الزبير قال: كان ورقة بن نوفل قد كره عبادة الأوثان هو وزيد بن عمرو بن نفيل، وكان زيد قد حرم كل شيء حرمه الله من الدم والذبيحة على النصب وكل شيء من أبواب الظلم في الجاهلية، وأخبر بذلك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني وأنا أرعى ومعي لحم مطبوخ فدعوته إليه وأقسمت عليه فقال: يا ابن أخي لو سألت عماتك لأخبرنك أني لا آكل من اللحم ما ذبح لغير الله. قوله: «فإنه يجيء يوم القيامة أمة وحده» : أخرج حديثه من طرق بألفاظ: ابن إسحاق في سيرته [/ 119] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 381] ، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 234، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [19/ 500] . وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 189- 190] ، والبزار في مسنده [3/ 283- كشف الأستار] رقم 2754، وأبو يعلى [2/ 261] رقم 973، وإبراهيم الحربي في الغريب [2/ 790] ، والحاكم في المستدرك [3/ 439- 440، 441] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 350] رقم 350، وابن عساكر في تاريخه [19/ 498، 500، 506، 508، 509، 510، 511، 512] . (2624) - قوله: «أتاني وأنا أرعى» : قد أشرت إلى ما في السياق من النكارة، وأن في لفظ ابن إسحاق ما يستلزم القول بوضعه، أسوق لفظه محذرا منه ومعيبا على ابن إسحاق إيراده، قال ابن إسحاق [/ 118] : فحدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدّث عن زيد بن عمرو بن نفيل: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 وكان انطلق هو وورقة بن نوفل يلتمسان الدين حتى وقعا بالشام، فعرضت عليهما اليهود دينهم فكرهاه، وسألا رهبان النصرانية، فكل قائم أتيا عليهن، فأما ورقة فتنصر، وأما زيد فكره النصرانية، فقال له قائم من الرهبان: إنك تلتمس دينا ليس يوجد اليوم في الأرض ... وذكر الحديث. - إن كان لأول من عاب عليّ الأوثان، ونهاني عنها، أقبلت من الطائف ومعي زيد بن حارثة حتى مررت بزيد بن عمرو وهو بأعلى مكة وكانت قريش قد شهرته بفراق دينها حتى خرج من بين أظهرهم، وكان بأعلى مكة، فجلست إليه ومعي سفرة لي فيها لحم يحملها زيد بن حارثة من ذبائحنا على أصنامنا، فقربتها له، وأنا غلام شاب، فقلت: كل من هذا الطعام أي عم، قال: فلعلها أي ابن أخي من ذبائحكم هذه التي تذبحون لأوثانكم؟ فقلت: نعم، فقال: أما إنك يا ابن أخي لو سألت بنات عبد المطلب أخبرنك أني لا آكل هذه الذبائح، فلا حاجة لي بها، ثم عاب على الأوثان ومن يعبدها ويذبح لها، وقال: إنما هي باطل لا تضر ولا تنفع، أو كما قال: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما تحسست بوثن منها بعد ذلك على معرفة بها، ولا ذبحت لها حتى أكرمني الله عزّ وجلّ برسالته «صلى الله عليه وسلم» . هذا بهذا اللفظ لا أشك أنه موضوع، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يزل محفوظا بعين العناية الإلهية، لم يحتج لا لزيد ولا لغيره أن يرشده ويعيب عليه، ولو عيب عليه صلى الله عليه وسلم من قبل زيد لكان ذلك قدحا في النبوة والعصمة الإلهية عليه، فمثل هذا لا ينبغي روايته ونقله، وقد أطلت البحث في هذا في أول باب عصمة الله نبيه، وأوردت ما فتح الله به، وما نعتقده تجاهه صلى الله عليه وسلم. ومن طريق ابن إسحاق أخرجها ابن عساكر في تاريخه [19/ 507] . قوله: «وذكر الحديث» : أي القصة المخرجة قبل الحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 [324- باب ما جاء في فضل هذه الأمّة على سائر الأمم وقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الاية] 324- باب ما جاء في فضل هذه الأمّة على سائر الأمم وقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الاية 2625- حدثنا عبد الله بن حامد، أنا أبو القاسم: الحسين بن محمد بن الحسين بن الحارث المعروف بالمارستاني، ثنا أحمد بن الليث بن الخليل، ثنا عمر بن محمد قال: حدثني علي بن داود بن يزيد، ثنا عمر بن صالح المدائني، ثنا محمد بن عمرو بن عثمان، ثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي السفر، عن أبيه قال: كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه جارية يقال لها: زائدة، وكانت كثيرا ما تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتته ذات يوم بكرة فقالت: يا رسول الله أستأنس؟ قال: استأنسي يا زائدة، إنك لموفقة، فقالت: بأبي أنت وأمي، عجنت عجينا لأهلي، فخرجت من وراء دار آل شيبة أحتطب حطبا، فلما شددت رزمتين سمعت وقع فارس لم أر في ذلك المكان قبل ذلك اليوم، فالتفت، فإذا أنا بفارس لم أر فارسا أحسن منه مركبا، (2625) - قوله: «يقال لها: زائدة» : أو: زيدة، ذكرها من ألّف في الصحابة لحديث الباب مع كونه لا يثبت كما سيأتي، قال الحافظ في الإصابة: وقع ذكرها في كتاب شرف المصطفى لأبي سعيد- كذا- النيسابوري. اه. انظر: أسد الغابة [7/ 122] ، تجريد أسماء الصحابة [2/ 270] الترجمة رقم 3252، الإصابة [12/ 271] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 ولا أحسن ثوبا، ولا أطيب منه ريحا فقال: كيف أنت يا زائدة، وكيف محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بخير، يحمد الله، وينذر بأيام الله، فقال: إذا أتيت محمدا فاقريه السلام، وقولي له: إن رضوان خازن الجنان يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد ما فرح أحد بمبعثك كما فرحت أنا، وإن الله تعالى قسم الجنة ثلاثة أثلاث: ثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا، وثلث تشفع فيهم فتشفّع. قالت: ثم مضى، فذهبت لأحمل حطبي فثقل عليّ وارتعدت، فرأى تعبي، فالتفت فنظر إليّ فقال: يا زائدة أثقل عليك حطبك؟ قلت: نعم بأبي أنت وأمي، فأخذ قضيبا أخضر كان في يده، فغمز الحطب فإذا هو بصخرة ناتئة فقال: أيتها الصخرة اقبلي، فأقبلت فقال لها: احملي هذا الحطب مع زائدة إلى باب عمر بن الخطاب، قالت: والله يا رسول الله لو رأيتها تدكدك بين يدي حتى أتت باب عمر رضي الله عنه فألقت الحطب، ثم رجعت. قالت: فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا وهو يبكي ويقول: الحمد الله قوله: «إن رضوان خازن الجنة» : كذا عندنا أن الذي لقيته زائدة هو رضوان خارن الجنة، وأخرج حديثها أبو موسى المديني من وجه آخر سأذكره، وفيه أنها لقيت الخضر عليه السلام، قال الحافظ في الإصابة: كذا وقع في رواية أبي موسى، ووقع في رواية أبي سعد أن اسمها زائدة، وأن الذي لقيها رضوان خازن الجنة. قوله: «فخر رسول الله ساجدا» : أخرج القصة أبو موسى المديني- كما في الأسد والإصابة- ومن طريقه ابن الأثير فقال: أخبرنا أبو موسى إذنا، أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي نصر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 الذي لم يخرج نفسي من الدنيا حتى بشرني رضوان خازن الجنة بالخير لأمتي، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا بنا نأتي باب عمر بن الخطاب فننظر إلى آثار الصخرة، إلى ذهابها ومجيئها. - اللفتواني، أخبرنا أبو حفص السمسار، أخبرنا أبو سعيد النقاش، أخبرنا أبو يعلى: الحسين بن محمد الزبيري، قال: حدثني أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد، ثنا الفضل بن يزيد بن الفضل قال: حدثني بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، عن واصل، عن أم نجيح- كذا قال- عن عائشة قالت: كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت زيدة جارية عمر بن الخطاب- وكانت من المجتهدات في العبادة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيها لما يعلم منها- فقالت: ... القصة. قال الحافظ في الفتح: وأخرجها المستغفري فقال: عن واصل مولى أبي عتبة، عن أم يحيى قالت: قالت عائشة: قال: وواصل مولى أبي عتبة لا سماع له من أم يحيى، وقال الذهبي في التجريد: كانت عابدة وأظن أن حديثها موضوع، قال الحافظ في الإصابة: وهو كما ظن. قلت: في إسناد روايتنا من لم أجد له ترجمة، ومنهم من لم أجد من وثقه، فالضعف والجهالة في الإسناد ظاهر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 [325- باب ما جاء في ذكر الألوية، وصفة لواء الحمد وقوله عزّت قدرته: وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ الاية] 325- باب ما جاء في ذكر الألوية، وصفة لواء الحمد وقوله عزّت قدرته: وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ الاية 2626- أخبرنا أبو طاهر: أحمد بن محمد بن إسماعيل السفياني، الهروي، أنا الحسين بن إدريس الأنصاري، ثنا سليمان بن عبد العزيز المديني- من ولد عبد الرحمن الزهري- ثنا عبد الله بن نافع، عن المنكدر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة- والذي نفس محمد بيده- ولا فخر، وأنا والذي نفس أبي القاسم بيده صاحب اللواء يوم القيامة ولا فخر، وأول من يدخل الجنة ولا فخر، وأنا والذي نفس أبي القاسم بيده صاحب الشفاعة يوم القيامة ولا فخر، وأنا والذي نفس أبي القاسم بيده أول من يستفتح الجنة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر. 2627- وفيما سأل عبد الله بن سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخبرني عن لواء الحمد، ما صفته؟ قال: طوله مسيرة ألف سنة، وسنانه من ياقوته حمراء، وقبضته من فضة بيضاء، وزجته من زمردة خضراء، له (2626) - قوله: «أخبرنا أبو طاهر» : مضى الكلام على حديثه في: باب جامع في فضل النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1462. (2627) - قوله: «وفيما سأل عبد الله بن سلام» : لم أقف على حديثه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة بالمشرق، وذؤابة بالمغرب، وذؤابة وسط الدنيا، مكتوب عليها ثلاثة أسطر: الأول: بسم الله الرحمن الرحيم. الثاني: الحمد لله رب العالمين. الثالث: لا إله إلّا الله، محمد رسول الله. طول كل سطر: مسيرة ألف ألف سنة، وعرض كل سطر: مسير ألف ألف سنة، قال: صدقت يا محمد. 2628- قيل: إذا ضرب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة لم تعمل النار في أحد من أهل النار إلى أن يرفع. 2629- وروى بعض الرواة من الأمناء الثقات قال: يضرب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، فيخفف العذاب عن أهل النار ما دام لواؤه مضروبا، ببركته وجاهه ومنزلته صلى الله عليه وسلم. 2630- قال ابن عباس: فأول من يعقد له محمد صلى الله عليه وسلم النبي، الأمي العربي، خاتم كل نبي. قال: فينادي المنادي من عند العرش- عرش الرحمن رب العالمين-: أين النبي العربي، القرشي، الأمي، التهامي، الحرمي المكي: محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين؟ قال: فيقوم النبي صلى الله عليه وسلم وعقد له لواء الحمد، فيؤخذ بيده- وآدم عليه السلام وجميع ذريته من النبيين والمرسلين وجميع المؤمنين والصديقين والشهداء والصالحين تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم يتبوأ من الجنة حيث شاء، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 وهو أول النبيين والمرسلين دخولا إلى الجنة، وأمته أول الأمم جميعا دخولا إلى الجنة، فإذا نودي محمد صلى الله عليه وسلم رفع إليه لواء الحمد، وأبيح له الجنان كلها يتبوأ منها حيث يشاء، ومعه فيها أزواجه من نساء الجنة سوى ما يزوج من الحور العين في الاخرة، ومعه ذريته الذين كانوا في دار الدنيا، وقد وقف جميع أهل الجنة في مجمع واحد. فعقد لواء الحمد، ونادى المنادي: أين السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؟ فيعرف أوائل هذه الأمة الذين أقاموا مع نبيهم صلى الله عليه وسلم بالنصيحة والجد والاجتهاد صفتهم، فيقولون: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. قال: وبقيت عصابة أخرى من المهاجرين والأنصار، لم يكونوا في السابقين في المغازي والحروب، يمدون أعينهم إلى المنادي، فعقد لواء آخر ثم ينادي المنادي: أين الذين كانوا مع محمد صلى الله عليه وسلم وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله، والذين آووا ونصروا؟ فيعرف القوم صفتهم، فقاموا فقالوا: قوله: «وهو أول النبيين والمرسلين» : ثبت هذا في الصحيح، وقد تقدم. قال أبو عاصم: أورد المصنف في هذا الباب ما جاء عن ابن عباس في دخول المؤمنين الجنة على ترتيب السور التي ذكر فيها دخول الجنة بالصفة الواردة للمؤمنين، ولم أقف في كتب التفسير لهذا عن ابن عباس، بهذا السياق من ذكر النداء والمناداة، وعقد الألوية، واكتفيت في التخريج منه ما لابن عباس من التفسير الذي أورده. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) ، يعني: الجنة. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. - قال: وقد كان لله عباد في دار الدنيا من الصديقين، نزّهوا أنفسهم وأسماعهم وأبصارهم وجوارحهم عن الذنوب والخطايا صبرا لله وإيمانا به، حتى استوجبوا ولاية الله ومحبته، يكابدون الغموم، ويحتسون المرار صبرا لله عزّ وجلّ حتى ماتوا على ذلك، فإذا كان يوم القيامة عقد لهم لواء، ونادى المنادي: أين أولياء الله؟ - ووصفهم- فقاموا وقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (63) ، يعني: المعاصي والشبهات حتى ماتوا على ذلك، هُمُ الْبُشْرى عند ربهم بالفوز والأمان، وفي الاخرة بالنجاة والرضوان ودار الخلود في جوار الرحمن تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، قال: فيتبع القوم لواءهم، وذلك على رأس ثلاثة وستين من سورة يونس. - قال: ثم عقد لواء آخر لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر خاصة لهم، فينادي المنادي: أين الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن الله تعالى يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ الاية، إلى قوله تعالى: ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وذلك على رأس إحدى وسبعين آية من سورة براءة. قال: ثم عقد لواء آخر للشهداء خاصة لهم، لمن تعاظم خطرها، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 وجسم ذكرها، وشرف نعتها، وعز وصفها، وعلا فوق نعت الناعتين، ووصف الواصفين، وفوق وصف ألوية الصديقين، وأصناف المؤمنين، ونادى المنادي: أين الذين باعوا أنفسهم من الله؟ فقيل: أيهم، الذي تريد؟ بيّن بيّن، قال: الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله برا وبحرا، قال: فيعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فجاؤا مخترطين سيوفهم، واضعيها على رقابهم، والقوم جاثون على الركب يقولون: ألا اقسموا لنا، ألا اقسموا لنا، فإنا الذين بذلنا دماءنا لله، قال: فيشقون صفوف المؤمنين إلى صفوف المؤمنين، ويجاوزون صفوف المرسلين إلى صفوف الملائكة، ثم يجاوزون صفوف الملائكة إلى صفوف حملة العرش، حتى يكون ما بينهم وبين العرش إلّا غلوة، ويتعلق بعضهم بقوائم العرش، قد تجللوا بأستار الكعبة من النور والضياء. قال: فينادي المنادي: أين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم؟ فيقول أهل الجمع: أيهم الذين تريدون؟ بيّن بيّن، قال: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، قال: فعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. قال: فيتبع القوم لواءهم. - قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا؟ فيعرف القوم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ. قال: فيتبع القوم لواءهم- وذلك خاتمة سورة آل عمران- حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. - قال: ثم عقد لواء آخر لمن جاهد في سبيل الله من التابعين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فينادي المنادي: أين الذين فضلهم الله؟ فقيل: ومن هم؟ بيّن بيّن، قال: المجاهدون بعد محمد صلى الله عليه وسلم، الذين قال الله: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. 2631- قيل لابن عباس: كم الدرجات؟ قال: خمسمائة درجة، بين كل درجتين حضر الفرس- أو الجواد- خمسمائة عام. (2631) - قوله: «خمسمائة عام» : في حديث أبي هريرة عند البخاري في الجهاد: باب درجات المجاهدين في سبيل الله مرفوعا: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ... الحديث، ونحوه عند مسلم في الإمارة، باب بيان ما أعده الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات من حديث أبي سعيد الخدري، وفي جزء التفسير من مصنف عبد الرزاق [5/ 260] من حديث أبي مجلز في قوله تعالى: - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 وذلك دون المائة بثلاث آيات من النساء. - قال: وإذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين الذين هاجروا في سبيل الله مع النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله خاتم النبيين فقتلوا أو ماتوا؟ قال: فيقوم الفريقان جميعا فيقولون: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. 2632- قال: وقد كانت قصة لقوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، - دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً الاية، قال: بلغني أنها سبعون درجة، بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر، ومثله عن ابن محيريز عند ابن أبي حاتم في التفسير [3/ 1045] رقم 5857، وابن جرير في التفسير [5/ 232] . وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 1044] رقم 5851 بإسناد قوي عن ابن مسعود مرفوعا: من بلغ بسهم فله درجة فقال رجل: يا رسول الله وما الدرجة؟ قال: أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام. (2632) - قوله: «وقد كانت قصة» : لم أقف على هذا لا عن ابن عباس ولا عن غيره، وكذلك سبب نزول قوله تعالى: وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الاية، وهو بهذا السياق عن ابن عباس غريب. انظر ما بعده. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 هاجروا من مكة وغيرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فمنهم من مات قبل أن يشهد قتالا، ومنهم من قتل، فأحبوا أن يعلموا ما منزلة الذين ماتوا ولم يقتلوا في سبيل الله، فأنزل الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ. - قال: وكان ناس من المسلمين بمكة فهاجروا إلى المدينة ولحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لهم لواء، ونادى المنادي: أين الذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا؟ قال: فيعرف القوم صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ، يعني: الجنة الَّذِينَ صَبَرُوا يعني: على طاعة الله وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على رأس أربعين آية من سورة النحل. 2633- قال: وقد كان بعض من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في غير المدينة، فسمع به فخرج إليه، فمنهم من مات دونه، فأحبوا أن يعلموا ما منزلة (2633) - قوله: «فمنهم من مات دونه» : أخرج أبو يعلى في مسنده [5/ 81] رقم 2679، وابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 1050، 1051] رقم 5887، 5889، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 272] رقم 11709، وابن جرير في تفسيره [5/ 240] ، جميعهم من- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 أولئك، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ الاية، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لهم لواء، ونادى المنادي: أين من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله، قال: فيعرف القوم صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وأجره الجنة وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك عند خاتمة المائة من سورة النساء. - حديث عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله: احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ الاية، حتى بلغ: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 10] بعد عزوه لأبي يعلى: رجاله ثقات. وفي رواية لابن جرير عن ابن زيد أن قومه سخروا واستهزؤا به فقالوا: لا هو بلغ الذي يريد، ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن، فنزل القرآن، وفي رواية للحسن البصري عند ابن حميد أنهم قالوا: ما أدرك هذا من شيء، فأنزل الله عزّ وجلّ الاية، ذكره في الدر المنثور. وقد روي أيضا أنها نزلت في خالد بن حزام لما هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية فنهشته حية في الطريق فمات، أخرج القصة ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 1050] رقم 5888، وابن سعد في الطبقات [4/ 119] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 2634- قال: وعقد لواء آخر لرجل واحد يقال له: حبيب النجار، وكان في الزمان الأول، ونادى المنادي: أين الأنطاكي حبيب النجار من أنطاكية؟ إذ بعث الله المرسلين إلى أنطاكية في قوله تعالى: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، إلى قوله تعالى: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ الاية. وكان قدومه على عاتقه، فعلوه بالقدوم حتى قتلوه. قال: فيعرف صفته فيقول: لبيك داعي ربنا، ولم دعوتني؟ قال: إن الله تعالى يقول: أُدْخِلَ الْجَنَّةَ. قال: فيتبع لواءه حتى يدخل منازله التي أعدت له في الجنة، فعندها يقول: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ. 2635- قال ابن عباس رضي الله عنهما: وقد كان قوم شهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ماتوا أو قتلوا من يومهم، ولم يصلوا، ولم يسجدوا، ولم يصوموا يوما واحدا، وأحبوا أن يعلموا ما منزلتهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا، يقول: (2634) - قوله: «يقال له: حبيب النجار» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3192] رقم 18052، وابن جرير كذلك [22/ 159] عن ابن عباس في قوله تعالى: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ، قال: اسم صاحب يس حبيب، وكان الجذام قد أسرع فيه. قوله: «إلى أنطاكية» : أخرج الفريابي- كما في الدر المنثور [7/ 49] عن ابن عباس في قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ، قال: هي أنطاكية، وأخرج ابن أبي حاتم، عن بريدة مثله [10/ 3191] رقم 18047. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 وحّدوا الْحُسْنى، يقول: الجنة. حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين الذين وحدوا الله ثم ماتوا أو قتلوا قبل أن يصيبوا الذنوب؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وهي الجنة، وَزِيادَةٌ يعني: الرؤية. قال: فيتبع القوم لواءهم، حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. قال: فهؤلاء اثنا عشرة زمرة من أوائل السابقين إلى الجنة معاشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والشهداء والمجاهدين في سبيل الله. قال ابن عباس: ثم يستأنف دخول أهل الجنة على تأليف السور من القرآن. قوله: «يقول: وحدوا» : تفسير ابن عباس دون ذكر النداء والمنادي، أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات [/ 133- 134] باب ما جاء في فضل الكلمة الباقية في عقب إبراهيم، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، وعزاه أيضا في الدر المنثور لابن مردويه. ومن طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم [6/ 1944] رقم 10334، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 134] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 [326- فصل: فمن سورة البقرة] 326- فصل: فمن سورة البقرة قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين المتقون؟ فقيل: أيّ المتقين تريد؟ بيّن بيّن، قال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك أول آية من سورة البقرة. قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فيعرف القوم صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم. وذلك على رأس ثلاث وعشرين من سورة البقرة. 2636- قال: وإن أحبار اليهود، ورهبان النصارى قالوا لأهل مكة: لن يدخل الجنة إلّا من كان هودا أو نصارى، فأنزل الله تكذيبا (2636) - قوله: «وإن أحبار اليهود» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [1/ 207] رقم 1094 عن أبي العالية في- الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 لقولهم، وردّا عليهم: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. فإذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين من أسلم وجهه لله؟ فعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وذلك على رأس مائة وعشر من سورة البقرة. قال: ثم عقد لواء آخر لمن كان يصنع المعروف في ماله بعد الزكاة المفروضة، ونادى المنادي: أين الذين كانوا ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية، فعرف القوم صفتهم، فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وذلك على مائتي وأربع وسبعين آية من سورة البقرة. - هذه الاية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلّا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلّا من كان نصرانيا، قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد، والربيع، والسدي نحو ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 [327- فصل: ومن سورة آل عمران] 327- فصل: ومن سورة آل عمران- قال: ثم عقد لواء القوم الذين أسلموا ثم ماتوا أو قتلوا قبل العمل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، ونادى المنادي: أين الذين اتقوا الشرك وأخلصوا؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن الله عزّ وجلّ يقول: لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ. قال: فيتبع القوم لواءهم، حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على أربع عشرة من سورة آل عمران. 2637- قال: وإن الله عزّ وجلّ ميّز أصحاب السنة والجماعة من أصحاب الأهواء والبدع، فأما أصحاب السنة والجماعة فابيضت وجوههم، وأما أصحاب الأهواء والبدع فاسودت وجوههم. فعقد لمن أبيضت وجوههم لواء فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة، وذلك على مائة وخمس آيات من سورة آل عمران. (2637) - قوله: «فأما أصحاب السنة والجماعة» : تفسير ابن عباس وقوله في هذه الاية أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 729] رقم 3950، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد [1/ 71- 72] رقم 74، وأبو نصر السجزي، والخطيب في تاريخه- كما في الدر المنثور [2/ 291] . وقد روي مرفوعا، فأخرج عبد الرزاق في المصنف [10/ 152] رقم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 - ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين المسارعون؟ قيل: أيّ المسارعين تريد؟ بيّن بيّن، قال: الذين سارعوا إلى مغفرة من ربهم وجنة عرضها السماوات والأرض قال: فعرف القوم صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على مائة وإحدى وثلاثين من سورة آل عمران. - قال: وقد كان الأغنياء ظنوا أن لهم فضلا في الاخرة على الفقراء مثل ما كانوا في الدنيا، فخاض المنافقون في ذلك، وكان اليهود معهم على فقراء المسلمين فأنزل الله عزّ وجلّ: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتاعٌ - 18663، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [5/ 253] والترمذي في التفسير من جامعه، باب ومن سورة آل عمران رقم 3000، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب ذكر الخوارج، رقم 176 من حديث أبي غالب قال: لما أتي برؤوس الأزارقة فنصبت على درج دمشق، جاء أبو أمامة رضي الله عنه فلما رآهم دمعت عيناه، ثم قال: كلاب النار، كلاب النار، هؤلاء لشر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى تحت قتلى السماء الذين قتلهم هؤلاء، قلت: فما شأنك دمعت عيناك؟ قال: رحمة لهم، إنهم كانوا من أهل الإسلام، قال قلت: أبرأيك قلت: كلاب النار أو شيء سمعته؟ قال: إني إذا لجريء! بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة، ولا اثنتين، ولا ثلاثا- فعدد مرارا- ثم تلا: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ الاية، حتى بلغ: هُمْ فِيها خالِدُونَ، وتلا: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ حتى بلغ: أُولُوا الْأَلْبابِ، ثم أخذ بيدي فقال: أما إنهم بأرضك كثير فأعاذك الله منهم. لفظ الحافظ عبد الرزاق في المصنف، حسنه الترمذي، واللفظ عنده مختصر. وأخرج الخطيب في الرواة عن مالك- كما في الدر المنثور [2/ 291] ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (197) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ، يقول: في فقرهم وغناهم لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. 2638- قال: فإذا كان يوم القيامة عقد لواء فقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، ونادى المنادي: أين الفقراء الذين عيّرهم المنافقون واليهود واستحضروهم، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن الله تعالى يقول لفقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ولمن تقدمهم من الفقراء المتقين: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ. قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم. وذلك خاتمة آل عمران. - والديلمي في مسنده [5/ 529] رقم 8986 من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ الاية، قال: تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدع. وإسناده كما في زهر الفردوس [4/ 414] من طريق أبي الحسن بن القطان: ثنا معاذ بن المثنى، ثنا عبد الله بن مسلم القرشي، ثنا الوليد بن مسلم، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عنه به مرفوعا. (2638) - قوله: «أين الفقراء» : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [13/ 125] رقم 15875 من حديث عبد الله بن عمرو قال: يجمعون فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ قال: فيبرزون فيقال: ما عندكم؟ فيقولون: يا رب ابتلينا فصبرنا وأنت أعلم، قال: وأراه قال: ووليت الأموال والسلطان غيرنا، قال فيقال: صدقتم، فيدخلون الجنة قبل سائر الناس، ويبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان. موقوف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 [328- فصل: ومن سورة النّساء] 328- فصل: ومن سورة النّساء- ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين المجتنبون؟ فقيل: أي المجتنبين تريد؟ بيّن بيّن قال: الذين قاربوا وسددوا وكان يجتنبون كبائر ما ينهون عنه، فعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً الجنة، فاتبع القوم لواءهم حتى دخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على ثلاثين آية من سورة النساء. - ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين من عمل مثقال ذرة؟ فيعرف القوم صفتهم، فيقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك خاتمة الأربعين من سورة النساء. 2639- قال: وقد كان اختصم دون الصراط كفار بني إسرائيل من اليهود والنصارى ومن أسلم منهم، فقالوا لمن أسلم: كنا نحن وأنتم في دين واحد، فما بالكم خير حال منا اليوم؟ فقالوا: إنا آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم تؤمنوا به. قال: فإذا كان يوم القيامة نادى المنادي: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً، وقد نعت الله عزّ وجلّ المؤمنين منهم بقوله تعالى: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: ظِلًّا ظَلِيلًا. - قال: وعقد لهم لواء فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة، وذلك عند خمس وخمسين من سورة النساء. 2640- قال: وقد كان ضعفاء المؤمنين وصعاليك المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك تكون في الدرجات العلى مع النبيين حيث لا يراك أحد، فأنزل الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ الاية. حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين من أطاع الله والرسول؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. (2640) - قوله: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم» : أخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 86- 87] رقم 12559 من حديث عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لأحبك حتى إني لأذكرك، فلولا أني أجيء فأنظر إليك ظننت أن نفسي تخرج، فأذكر أني إن دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة فشق ذلك عليّ، وأحب أن أكون معك في الدرجة، قال: فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ الاية، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه. وقد روي في سبب نزولها نحو هذا عن أصحاب ابن عباس بأسانيد وألفاظ يراجعها من شاء في مظانها من كتب التفسير والدر المنثور. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 - وقد كان المؤمنون يتكلمون فيما لا يعنيهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ حتى إذا كان يوم القيامة، عقد لواء ونادى المنادي: أين الذين كانوا يمسكون ويكفون عما لا يعنيهم من الكلام؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً، يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على مائة وثلاثة عشرة آية من سورة النساء. - ثم عقد لواء آخر ونادى المنادي: أين الذين آمنوا وعملوا الصالحات؟ - يعني: الذين وحدوا الله واجتنبوا محارم الله- فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال فيقول: إن ربكم يقول: سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على إحدى وعشرين ومائة من سورة النساء. - وقد كان نافق بشر كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، حتى إذا كان يوم القيامة، عقد لواء لمن أناب منهم وأصلح، ونادى المنادي: أين الذين تابوا من النفاق قبل موتهم وأخلصوا دينهم لله؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى ينزلوا منازلهم من الجنة. وذلك على مائة وأربع وأربعين من سورة النساء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 - ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين آمنوا بالله ورسوله ولم يفرقوا بين الله ورسوله؟ فقال جميع المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين كانوا كذلك: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ يعني: الجنة، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً، فيتبع القوم لواءهم حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على مائة وخمسين من سورة النساء. - ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين الذين آمنوا بعد ما بعث محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقيل: أيهم تريد؟ بيّن بيّن، قال: الذين قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على إحدى وستين ومائة من سورة النساء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 [329- فصل: ومن سورة المائدة] 329- فصل: ومن سورة المائدة 2641- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولقد جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ما حال من كان في الكفر زمانا ثم أسلم اليوم؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ، يعني: الجنة. حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين الذين آمنوا من الشرك وعملوا الصالحات في الإسلام؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ، قال: فيتبع القوم لواءهم، حتى يدخلوا الجنة. [330- فصل: ومن سورة الأعراف] 330- فصل: ومن سورة الأعراف- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، قال: فيتبع القوم لواءهم يدخلوا الجنة. وذلك على رأس خمس وأربعين من الأعراف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 [331- فصل: ومن سورة الأنفال] 331- فصل: ومن سورة الأنفال 2642- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. 2643- قال ابن عباس: وإن الناس تنازعوا من المهاجرين والأنصار ومعشر من جاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم من غير المهاجرين، فأنزل الله عزّ وجلّ في الخاتمة من الأنفال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حتى ختم السورة، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لهم لواء، ونادى المنادي بصفتهم، فقاموا فاتبعوا لواءهم حتى يدخلوا الجنة. (2643) - قوله: «وإن الناس تنازعوا» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره من طرق [5/ 1739- 1740] من طرق عن ابن عباس في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ الاية، وما بعدها يعني الميراث، كانوا يتوارثون بينهم إذا توفي المؤمن المهاجر بالولاية في الدين، وكان الذي آمن ولم يهاجر لم يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر، وفي رواية أخرى عنه: جعل الله الميراث للمهاجرين والأنصار دون الأرحام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 ......... - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ما لكم من ميراثهم من شيء حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ، يعني أن استنصر الأعراب المسلمون المهاجرين والأنصار على عدو لهم فعليهم أن ينصروهم إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ، فكانوا يعملون على ذلك حتى أنزل الله تعالى هذه الاية: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فنسخت التي قبلها وصارت المواريث لذوي الأرحام. انظر الأرقام: 9189، 9190، 9191، 9192، 9193، 9195، 9197. وأخرج أبو داود في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم برقم 2924، وابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1739] رقم 9190 من حديث عكرمة، عن ابن عباس في هذه الاية قال: كان الأعرابي لا يرث المهاجر ولا يرثه المهاجر فنسختها: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، لفظ أبي داود. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 [332- فصل: ومن سورة براءة] 332- فصل: ومن سورة براءة- قال: ثم عقد لواء آخر ونادى المنادي: أين المؤمنون والمؤمنات؟ فقيل: أيهم تريد؟ بيّن بيّن، قال فيقول: الذين بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها الاية، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. وذلك على ثلاث وسبعين آية من براءة. - قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الاية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 [333- فصل: ومن سورة يونس] 333- فصل: ومن سورة يونس- قال: ثم عقد لواء آخر لقوم مسّهم سفع من النار من أهل الإسلام، فيخرجوا وقد تحيرت أفئدتهم فلم يدروا أين يأخذون وكانوا مؤمنين، قال: فينادى المنادي: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة التي أعدت لهم. [334- فصل: ومن سورة الرّعد] 334- فصل: ومن سورة الرّعد- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين أولوا الألباب؟ فقيل: أيهم تريد؟ بيّن بيّن، قال: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ إلى قوله تعالى: وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها الاية، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. 2644- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عباد لم يكفروا بالله طرفة عين، فينادي المنادي: أين المتقون؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم. وذلك على ثمان وثلاثين آية من الرعد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 [335- فصل: ومن سورة إبراهيم] 335- فصل: ومن سورة إبراهيم 2645- قال ابن عباس: ينادي المنادي: أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ يعني: المشركين: لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، فسقطوا جميعا في النار. قال: وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ، وعقد لهم لواء، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على اثنين وعشرين آية من سورة إبراهيم. [336- فصل: ومن سورة الحجر] 336- فصل: ومن سورة الحجر- قال: ثم إن المؤمنين لما أمر بهم إلى الجنة كان بينهم وبين قوم دعاوى وضغائن وتبعات، فطفقوا ينظر بعضهم إلى بعض كطالب الدين يطالب صاحبه، فمحى الله تلك الضغائن والتبعات والدعاوى من قلوبهم، وعقد لهم لواء، ونادى المنادي: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ إلى قوله: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم من الجنة. وذلك على أربع وأربعين آية من الحجر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 [337- فصل: ومن سورة النّحل] 337- فصل: ومن سورة النّحل- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين أحسنوا في الدنيا من المؤمنين الذين ولدوا في الإسلام ونشؤا على الإيمان والتقوى؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا يقول: اتقوا الشرك حَسَنَةً يقول: براءة من النار وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على ثلاثين آية من النحل. [338- فصل: ومن سورة الكهف] 338- فصل: ومن سورة الكهف- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين من كان يصنع المعروف إلى الناس لا يريد منهم محمدة ولا ثناء ولا ثوابا، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ إلى قوله عز ذكره: وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على ثلاثين آية منها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 [339- فصل: ومن سورة مريم] 339- فصل: ومن سورة مريم- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين التوابون؟ قيل: أي التوابين تريد؟ بيّن بيّن، قال: من تاب وآمن وعمل صالحا، قال: فعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن ربكم يقول: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً الاية، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. وذلك على ستين آية من سورة مريم. 2646- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولما ورد الناس جميعا نار جهنم، وكان ذلك قسما من ربنا عزّ وجلّ حتما مقضيا، خلّد فيها أهل الشرك- وهم الظالمون- فأما من اتقى فأقام الصلاة، فبقدر أعمالهم. قال: ونادى المنادي فيقول: إن الله عزّ وجلّ يقول: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا، قال: فيخرجوا منها وقد احترق بعضهم، فينضجوا بماء الحياة حتى تنبت أجسادهم، وترجع إليهم أفئدتهم، واستوت خلقتهم، فعقد لهم لواء، فيتبع القوم لواءهم. وذلك عند خاتمة السبعين من سورة مريم. 2647- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولما صدر الناس من مواطن (2647) - قوله: «قربت نجائب من در» : أخرج الشيخان- البخاري في الرقاق برقم 6522، ومسلم في الجنة برقم 2861- كلاهما من حديث أبي هريرة مرفوعا: يحشر الناس على ثلاث الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 المحاسبة، قرّبت نجائب من در وياقوت وزمرد، عليها رحال من الحرير الأملس، وعليها رحال مقدمه در ومؤخره ياقوت، وحافتاه ذهب وفضة، مكللة بالجوهر، تقرّب من المؤمنين فيركبونها مذللة من غير رياضة، فيسيرون وفدا جميعا. قال: وعقد لهم لواء، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. وذلك على خمس وثمانين آية من سورة مريم. - طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وتحشر بقيتهم إلى النار ... الحديث. وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن مردويه في تفسيره- كما في الدر المنثور [5/ 539]- من طرق عن علي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً. قلت: يا رسول الله، هل الوفد إلّا الركب؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مثل مد البصر، وينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء، على صفائح الذهب، وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان، فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا، فيضربون بالحلقة على الصفيحة، فلو سمعت طنين الحلقة يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتستخفها العجلة، فتبعث قيمها فيفتح له الباب، فإذا رآه خر له ساجدا، فيقول: ارفع رأسك فإنما أنا قيمك، وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفو الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 ......... - أثره، فتستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت، حتى تعتنقه، ثم تقول: أنت حبي، وأنا حبك وأنا الراضية، فلا أسخط أبدا، وأنا الناعمة فلا أبأس أبدا، وأنا الخالدة فلا أموت أبدا، وأنا المقيمة فلا أظعن أبدا، فيدخل بيتا من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت، طرائق حمر، وطرائق خضر، وطرائق صفر، ما منها طريقة تشاكل صاحبتها، وفي البيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا، عليها سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه، تجري من تحتهم الأنهار، أنهار مطردة: أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ صاف ليس فيه كدور، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ولم يخرج من ضروع الماشية، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لم يعصرها الرجال بأقدامهم، وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى لم يخرج من بطون النحل، فيستحلي الثمار، فإن شاء أكل قائما، وإن شاء أكل قاعدا، وإن شاء أكل متكئا، فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها، أي لون شاء، ثم تطير فتذهب، فيدخل الملك فيقول: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 [340- فصل: ومن سورة طه] 340- فصل: ومن سورة طه 2648- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عباد ولدوا في الإسلام، ونشأوا في أعمال البر، لم يخالطوا المعاصي وأهلها حتى ماتوا عليها، حتى إذا كان يوم القيامة نادى المنادي: أين من أتى ربه مخلصا قد عمل الصالحات بصدق النية ومحض اليقين؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى. قال: وعقد لهم لواء، فاتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. وذلك على ست وسبعين آية من سورة طه. 2649- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولما وضع الله الموازين ناقش الله أهل الكبائر الحساب، فلم يدع لهم مثقال ذرة إلّا أخذهم بها، فإذا رأى ذلك أهل الاقتصاد ومن قد حوسب حسابا يسيرا- وهم أصحاب الأعراف- وخافوا أن يهلكوا، ناداهم المنادي: إن الله عزّ وجلّ يقول: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً، لن يجعل (2649) - قوله: «لن يجعل عليه وزرا لم يعمله» : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2436] رقم 13539، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [5/ 601]- عن ابن عباس في قوله تعالى: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً، قال: لا يخاف أن يظلم فيزداد في سيئاته، ولا يهضم من حسناته. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 عليه وزرا لم يعمله، أو ينقص من عمله مثقال ذرة. قال: ثم أدركتهم رحمة الله عزّ وجلّ فصاروا من أصحاب اليمين. قال: ثم عقد لهم لواء، ونودوا بعد ذلك: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. وذلك على مائة واثنى عشر آية من سورة طه. [341- فصل: ومن سورة الحجّ] 341- فصل: ومن سورة الحجّ 2650- قال ابن عباس رضي الله عنه: فإذا كان يوم القيامة نادى المنادي: أين الذين أدّوا الفرائض فلم يزيدوا عليها، واجتنبوا المحارم؟ قال: فيعرف القوم صفتهم، فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ، ثم عقد لهم لواء فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 [342- فصل: ومن سورة المؤمنين] 342- فصل: ومن سورة المؤمنين 2651- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء، ونادى المنادي: أين المفلحون؟ قيل: أي المفلحين تريد؟ بيّن بيّن، قال: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) إلى قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ الايات، قال: فيعرف القوم صفتهم، واتبعوا لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. [343- فصل: ومن سورة النّور] 343- فصل: ومن سورة النّور- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين المسبّحون؟ قيل: أي المسبّحين تريد؟ بيّن بيّن، قال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36) رِجالٌ الاية، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ الاية، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 [344- فصل: ومن سورة الفرقان] 344- فصل: ومن سورة الفرقان 2652- قال ابن عباس رضي الله عنه: وإن نفرا من المسلمين ونفرا من اليهود والنصارى اجتمعوا ذات يوم، فقالوا للمسلمين: ما لكم تنصبون في الحروب؟ قالوا: نريد الثواب من ربنا وحسن الجزاء في جنة الخلد، فقال اليهود: هذا باطل، فو الله ما من بعث ولا نشور ولا جزاء ولا عقاب، فقال الله سبحانه: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إلى قوله عزّ وجلّ: وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ، قال: يجعل الرجلان والثلاثة في مثل ضيق دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً، يقول: ويلا كثيرا. ثم قال سبحانه: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً إلى قوله تعالى: لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا (16) . قال: فعقد لهم لواء فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. - قال: فلا ينتصف النهار من ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، ثم قرأ هذه الاية: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا. 2653- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء، ونادى المنادي أين الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً إلى قوله تعالى: وَاجْعَلْنا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 لِلْمُتَّقِينَ إِماماً الايات، قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ فيقول: إن ربكم يقول: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا، يعني بالغرفة: جنات عدن، وهي جنات فوق جنان، ونظيرها في قوله تعالى: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ الاية، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 [345- فصل: ومن سورة القصص] 345- فصل: ومن سورة القصص 2654- قال ابن عباس رضي الله عنه: وقد كان ناس من اليهود والنصارى المؤمنون بالكتاب الذي جاء به موسى عليه السلام، فمنهم متمسكون بالحق غير مشركين، فلما أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به، حتى إذا كان يوم القيامة، عقد لهم لواء، ونادى المنادي: أين الذين آتيناهم الكتاب من قبل أن ينزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: فيعرف القوم صفتهم، فيتبعون لواءهم، وقيل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا الاية، فأدخلوا الجنة. 2655- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عباد من أهل الزهد والتواضع، لا يترافعون في الدنيا، ولا ينافسون أهلها في العز والترف، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي: أين الذين كانوا لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. وذلك على رأس اثنين وثمانين آية من القصص. (2654) - قوله: «فلما أدركوا محمّدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به» : أخرج ابن مردويه في التفسير- كما في الدر المنثور [6/ 423]- عن ابن عباس في قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ الاية، قال: يعني من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 [346- فصل: ومن سورة العنكبوت] 346- فصل: ومن سورة العنكبوت 2656- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء آخر للصابرين الذين كابدوا العمل، وذهلوا عن رغبة هذا الهشيم الفاني، ونادى المنادي: أين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون؟ فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم. [347- فصل: ومن سورة السّجدة] 347- فصل: ومن سورة السّجدة- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 [348- فصل: ومن سورة الأحزاب] 348- فصل: ومن سورة الأحزاب- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما؟ فقيل: ومن هم؟ قال: الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ إلى قوله عزّ وجلّ: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً، يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. - قال: ثم عقد لواء، ونادى المنادي: أين الذين يذكرون الله ذكرا كثيرا ويسبحونه بكرة وأصيلا؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إلى قوله تعالى: وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً، يعني: الجنة، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 [349- فصل: ومن سورة فاطر] 349- فصل: ومن سورة فاطر- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين كانوا يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. - قال: وعقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين الذين اصطفاهم الله من عباده؟ فقيل: بيّن، فقال: إن ربكم يقول: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها إلى قوله تعالى: لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 [350- فصل: ومن سورة الصّافّات] 350- فصل: ومن سورة الصّافّات- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين عباد الله المخلصين الذين قاموا لله أيام حياتهم بالجد واليقين؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. 2657- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء، ونادى المنادي: أين صاحب القرين؟ فقيل: ومن صاحب القرين؟ بيّن، قال: المؤمن الذي كان يعمل بطاعة الله عزّ وجلّ حتى مات وصار إلى الجنة، وكان له أخ يعمل بمعاصي الله حتى مات وصار إلى النار. 2658- قال ابن عباس رضي الله عنه: وكانا أخوين، ورثا عن أبيهما مالا كثيرا، فأقبل المؤمن على طاعة الله، وأقبل الاخر على معصية الله. 2658- قوله: «وكانا أخوين» : أخرج القصة بطولها ابن جرير في تفسيره من حديث فرات بن ثعلبة [23/ 59] ، وابن أبي حاتم عن السدي [10/ 3213] رقم 18191، وهذا لفظه: قال: كان شريكان في بني إسرائيل: أحدهما مؤمن والاخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار، كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك، أضربت به شيئا، أتجرت به في شيء؟ قال له المؤمن: لا، فما صنعت أنت؟ قال: اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار، فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 قال: فيعرف صفته، فيقوم فيقول: لبيك داعي ربنا، لم دعوتني؟ قال: إن الله قضى على نفسه للذين آمنوا وعملوا الصالحات: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، وضرب الله مثلك ومثل أخيك في سورتين من القرآن. قال: فيتبع لواءه حتى يدخل منازله التي أعد الله له في الجنة، فلما دخلها مكث أخوه الكافر بعده يسيرا ثم مات فدخل النار، فبينا هو في الجنة يذكر فقال: إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ، فذلك قوله عزّ وجلّ: قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي يقول: لولا الإسلام لَكُنْتُ اليوم معك مِنَ الْمُحْضَرِينَ في النار. قال الكافر: أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى تمنى الموت لما هو فيه من أليم العذاب وشدة العقاب. قال المؤمن: لا ونحن أيضا لسنا بمعذبين أبدا. قال الكافر: إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ. - فصلى ما شاء الله أن يصلي، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه، ثم قال: اللهمّ إن فلانا- يعني شريكه الكافر- اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار، ثم يموت ويتركها غدا، اللهمّ وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة ثم أصبح فقسمها للمساكين. ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت، أضربت به في شيء، أتجرت به؟ قال: لا، فما صنعت أنت؟ قال: كان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 ......... - أمري كله قد تم إلّا شيئا واحدا، فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: له نعم، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي، فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية، فوضعها بين يديه، وقال: اللهمّ إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار، ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه، اللهمّ وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة، ثم أصبح فقسمها بين المساكين، فبقي المؤمن ليس عنده شيء، فلبس قميصا من قطن، وكساء من صوف. ثم جعل يعمل ويحفر بقوته فقال رجل: يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة شهرا بشهر تقوم على دواب لي؟ قال: نعم، فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه، فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه، ثم يقول له: سرقت شعير هذه البارحة؟! فلما رأى المؤمن الشدة قال: لاتين شريكي الكافر، فلأعملن في أرضه، يطعمني هذه الكسرة يوما بيوم، ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا، فانطلق يريده، فانتهى إلى بابه، وهو ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم: استأذنوا لي صاحب هذا القصر، فإنكم إن فعلتم ذلك سره، فقالوا له: انطلق فإن كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له، فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام، فلما أصبح أتى شريكه، فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب، فلما رآه عرفه، فوقف فسلم عليه وصافحه، ثم قال له: ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك؟ قال: لا تسألني عنه، قال: فما جاء بك؟ قال: جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه الكسرة يوما بيوم، وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال: لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك، قال: أقرضته من الملأ الوفي، قال: من؟ قال: الله ربي، وهو مصافحه، فانتزع يده ثم قال: أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 ......... - وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ، وتركه، فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه، يعيش المؤمن في شدة من الزمان، ويعيش الكافر في رخاء من الزمان. فإذا كان يوم القيامة، وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار فيقول: لمن هذا؟ فيقال: هذا لك، فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول: لمن هذا؟ فيقال: هؤلاء لك، فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عيناء فيقول: لمن هذه؟ فيقال: هذه لك، فيقول: أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ ثم يذكر شريكه الكافر: إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) ، فالجنة عالية، والنار هاوية، فيريه شريكه في وسط الجحيم، من بين أهل النار، فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ بمثل ما قدمت عليه، قال: فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 [351- فصل: ومن سورة ص] 351- فصل: ومن سورة ص- قال: ثم عقد لواء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فإن الله عزّ وجلّ لما قصّ فضلهم في ص قال على رأس أربعين آية منها: هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ، فناداهم المنادي يوم القيامة بصفة أعمالهم، فيقوموا فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ إلى قوله تعالى: إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 [352- فصل: ومن سورة الزّمر] 352- فصل: ومن سورة الزّمر 2659- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عباد تعرض لهم شهوات المعاصي فيتنكّبون عنها بعون الله عزّ وجلّ وخوفا من عقوبته، فإذا كان يوم القيامة وصفهم المنادي، ثم ناداهم، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ، وعقد لهم لواء، فاتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. - قال: ثم عقد لواء آخر للمؤمنين الذين أصابوا الذنوب والخطايا ثم اتقوا وتابوا منها قبل موتهم، ونادى المنادي: إن الله عزّ وجلّ قد عفا عن ذنوبكم وتجاوز لكم عنها، وعقد لهم لواء، ثم سبقوا إلى الله تعالى، فذلك قوله سبحانه: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً إلى قوله تعالى: فَادْخُلُوها خالِدِينَ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 [353- فصل: ومن سورة المؤمن] 353- فصل: ومن سورة المؤمن 2660- قال ابن عباس رضي الله عنه في حم المؤمن: إذا كان يوم القيامة ورأى النساء الرجال كيف يساقون إلى الجنان على قدر أعمالهم، قال النساء المؤمنات: أين ثواب أعمالنا؟ فعقد لهم لواء، ونادى المنادي: إن الله عزّ وجلّ يقول: وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ. قال: فيتبعن لواءهن مع صالح المؤمنين حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة، وزوّجن أزواجهن إن كانوا في الجنة، وذلك قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ. قال ابن عباس رضي الله عنه: فإذا كان الاباء أرفع درجة رفع إليهم الأبناء، وإن كان الأبناء أرفع درجة رفع الاباء إليهم وذلك قوله عزّ وجلّ: آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً الاية، يقول: أيهم يشفع في الآخر. (2660) - قوله: «أيهم يشفع في الآخر» : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [3/ 884] رقم 4910، وابن جرير كذلك [4/ 281] من طريق علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ الاية، قال: أطوعكم لله من الاباء والأبناء، أرفعكم درجة عند الله يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 [354- فصل: ومن سورة الزّخرف] 354- فصل: ومن سورة الزّخرف- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين الأخلاء الذين تحابوا في الله على غير مال تعاطوه، ولا نسب قريب تواصلوا به؟ قال: فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ إلى قوله تعالى: مِنْها تَأْكُلُونَ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. [355- فصل: ومن سورة الدّخان] 355- فصل: ومن سورة الدّخان 2661- قال ابن عباس رضي الله عنه: وإن المؤمنين لما صدروا من موقف الحساب تلقتهم الملائكة بحلل الجنة- من طرائف حللها وحليها- وعقد لواء، ثم نادى المنادي: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إلى قوله تعالى: ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. [356- فصل: ومن سورة ق] 356- فصل: ومن سورة ق- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين كل أوّاب حفيظ؟ فقيل: أي الأوّابين تريد؟ قال: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوها بِسَلامٍ، إلى قوله تعالى: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 [357- فصل: ومن سورة الطّور] 357- فصل: ومن سورة الطّور 2662- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عباد أهل دعاء وتفقه من المتقين، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء ونادى المنادي بصفة أعمالهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ الاية، إلى قوله سبحانه: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ، قال: فاتبعوا لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. [358- فصل: ومن سورة الرّحمن] 358- فصل: ومن سورة الرّحمن 2663- قال ابن عباس رضي الله عنه: ونادى المنادي: أين من عرضت لهم المعاصي فتنكبوا عنها مخافة من الله عزّ وجلّ؟ قال: فعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم من الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 [359- فصل: ومن سورة الواقعة] 359- فصل: ومن سورة الواقعة 2664- قال ابن عباس رضي الله عنه: لكل نبي سلف قبل محمد صلى الله عليه وسلم قد سيقوا إلى أنبيائهم، فقال الله عزّ وجلّ: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ السابقون في الدنيا إلى الأنبياء هم السابقون في الاخرة إلى الجنة، حتى إذا كان يوم القيامة عقد لواء ونادى المنادي: أين السابقون من الأمم السالفة إلى أنبيائهم وسابقو أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ إلى قوله تعالى: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ. 2665- قال يعني: منسوجة بقضبان الدر والياقوت، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. (2664) - قوله: «لكل نبي سلف قبل محمد صلى الله عليه وسلم» : قال في الدر المنثور [8/ 7] : أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، قال: من كل أمة، وأخرج عنه أيضا قوله: نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار الذي ذكر في يس، وعلي بن أبي طالب، وكل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم سبقا. قال: وأخرج ابن أبي حاتم [10/ 3330] رقم 18773، وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الاية قال: يوشع بن نون سبق إلى موسى ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه سبق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (2665) - قوله: «منسوجة بقضبان الدر والياقوت» : روى هذا عن عكرمة مولى ابن عباس، أخرجه ابن جرير في تفسيره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 2666- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء آخر لأصحاب اليمين وهم الصديقون والأطفال من أولاد المؤمنين، ونادى المنادي: أين أصحاب اليمين؟ وقد هرم أولئك الأطفال يومئذ كبرا وشيبا من شدائد القيامة وفزعها، فقاموا فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ. 2667- قال: هو شجر النبق الذي لا شوك فيه. 2668- وفي قوله تعالى: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، قال: هو الموز من أعلى الشجر إلى أسفله. -[27/ 173] ، وقال في الدر المنثور [8/ 8] : أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق، قال لابن عباس: أخبرني عن قوله عزّ وجلّ: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ، قال: الموضونة: ما توضن بقضبان الفضة، عليها سبعون فراشا. وأخرج هناد في الزهد برقم 77، وابن جرير في تفسيره [27/ 172] ، وابن أبي حاتم [10/ 3330] رقم 18776، والبيهقي في البعث برقم 313 عن ابن عباس في هذه الاية قال: مرمولة بالذهب. وأخرج ابن جرير [27/ 172] ، والبيهقي في البعث والنشور برقم 308 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الاية قال: مصفوفة. (2667) - قوله: «الذي لا شوك فيه» : أخرجه من طرق عن ابن عباس: ابن جرير في تفسيره [27/ 179] وعبد بن حميد، والطستي في مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس- كما في الدر المنثور [8/ 12، 13] . (2668) - قوله: «هو الموز» : أخرجه ابن جرير في تفسيره [27/ 182] ولفظه: هو الموز بعضه على بعض. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 2669- وفي قوله تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ، قال: لا يتراجع. 2670- وفي قوله تعالى: وَماءٍ مَسْكُوبٍ قال: من تحت العرش إلى الجنان لا ينقطع. 2671- وفي قوله تعالى: وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، قال: من أصناف الثمار الفائقة والغضارة المعجبة. 2672- وفي قوله تعالى: لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ، قال يقول: إذا اجتنيت الثمرة عاد مكانها مثلها. 2673- وفي قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً، يعني: الحور العين، أنهن خلقن في الجنة، لم يلدهن الأمهات ولم يخرجن من أصلاب الاباء. 2674- وفي قوله تعالى: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً، قال: عذارى عذبا، عواشق لأزواجهن. (2669) - قوله: «لا يتراجع» : أخرج ابن أبي عاصم في تفسيره [10/ 3331] رقم 18781، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة برقم 404 عن ابن عباس في هذه الاية قال: الظل الممدود: شجرة في الجنة على ساق، ظلها قدر ما يسير الراكب في كل نواحيها مائة عام. وأخرج ابن أبي الدنيا- كما في الدر المنثور [8/ 14] عن ابن عباس قال: في الجنة شجر لا يحمل، يستظل به. (2673) - قوله: «ولم يخرجن من أصلاب الاباء» : أخرج ابن المنذر- كما في الدر المنثور [8/ 16]- عن ابن عباس في هذه الاية قال: نخلقهن غير خلقهن الأول. (2674) - قوله: «عواشق لأزواجهن» : أخرجه من طرق عن ابن عباس: ابن جرير في تفسيره [27/ 187] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3332] رقم 18788. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 2675- وفي قوله تعالى: أَتْراباً قال: مستويات الأسنان. 2676- وفي قوله تعالى: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ، يعني: جميع أهل الجنان، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. [360- فصل: ومن سورة الحديد] 360- فصل: ومن سورة الحديد 2677- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء آخر لأصحاب الصدقة، ونادى المنادي: أين المصدقون والمصدقات، والذين أقرضوا الله قرضا حسنا؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ يعني: الجنة. (2675) - قوله: «مستويات الأسنان» : روي من طرق عن ابن عباس، انظر المواضع المتقدمة، وأخرج ابن أبي حاتم [10/ 3332] من طريق الضحاك، عن ابن عباس: في سن واحدة: ثلاثا وثلاثين سنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 [361- فصل: ومن سورة المجادلة] 361- فصل: ومن سورة المجادلة 2678- قال ابن عباس رضي الله عنه: وإن لله عزّ وجلّ عبادا حاربوا الاباء والأمهات في الله عزّ وجلّ، ونابذوهم على سواء، فلم يكن في قلوبهم لهم مودة، فإذا كان يوم القيامة عقد لهم لواء، ونادى المنادي بصفة أعمالهم فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إلى قوله تعالى: أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى آخر السورة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 [362- فصل: ومن سورة التّغابن] 362- فصل: ومن سورة التّغابن 2679- قال ابن عباس رضي الله عنه: وإن من أسلم من اليهود والنصارى وسائر الأديان قالوا: كيف لنا بذنوبنا التي أصبناها قبل الإسلام؟ فأنزل الله على رأس الستين من سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ الاية، وأنزل عزّ وجلّ على ثمان وستين آية من طه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى أدّى الفرائض ثم استقام على ذلك، وعلم أن لذلك ثوابا. - قال: وإذا كان يوم القيامة عقد لواء، ونادى المنادي بصفة أعمالهم، فقالوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ التي كانت في الشرك، وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. (2679) - قوله: «فأنزل الله على رأس الستين من سورة البقرة» : أخرج ابن أبي عمر العدني في تفسيره- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [8/ 631] رقم 4048-، وابن أبي حاتم في التفسير [1/ 126] رقم 634 عن مجاهد قال: قال سلمان: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم- فذكر من صلاتهم وصيامهم وعبادتهم- فنزل قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا الاية، وأخرجه الواحدي من وجه آخر عن مجاهد وفيه: فقال صلى الله عليه وسلم: هم في النار، قال سلمان: فأظلمت عليّ الأرض فنزلت الاية، وأخرج الواحدي، عن ابن عباس في هذه الاية قال: نزلت في سلمان وكان من أهل جنديسابور وكان من أشرافهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 [363- فصل: ومن سورة الطّلاق] 362- فصل: ومن سورة التّغابن- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين أولوا الألباب؟ إلى قوله تعالى: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً، قال: فيتبع القوم لواءهم. [364- فصل: ومن سورة التّحريم] 364- فصل: ومن سورة التّحريم 2680- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين الذين تابوا إلى الله توبة نصوحا؟ فيعرف القوم صفتهم، قال: عَسى رَبُّكُمْ وعسى من الله واجب أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. [365- فصل: ومن سورة الملك] 365- فصل: ومن سورة الملك- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: أين الذين يخشون ربهم بالغيب بصدق النية وخالص اليقين؟ فيعرف القوم صفتهم فقالوا: لبيك، قال: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ، يعني: الجنة، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 [366- فصل: ومن سورة القلم] 366- فصل: ومن سورة القلم 2681- قال: ثم عقد لواء ونادى المنادي: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، أي: عن شدة، ويدعى الناس إلى السجود، فيسجد المؤمنون لله عزّ وجلّ لما عاينوا من نور العرش، وبقي المنافقون كأن في ظهورهم سفافيد الحديد فلا يستطيعون السجود، وكانوا يدعون في دار الدنيا إلى طاعة الله عزّ وجلّ ويأبون، فقيل: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فوردوا جهنم، فاتبع القوم لواءهم حتى نزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. (2681) - قوله: «عن شدة» : هكذا في رواية لابن عباس، وفي رواية أخرى: عن أمر عظيم، وروي عنه أيضا: شدة الأمر وجده. انظر أقواله وطرق أسانيدها في: تفسير ابن أبي حاتم [10/ 3366] رقم 18953، 18954، 18956، ومستدرك الحاكم [2/ 499، 500] ، وتفسير ابن جرير [29/ 38، 42] ، الأسماء والصفات للبيهقي [436- 437، 437، 438] ، والدر المنثور [8/ 254- 255] . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 [367- فصل: ومن سورة الحاقّة] 367- فصل: ومن سورة الحاقّة 2682- قال ابن عباس رضي الله عنه: إذا كان يوم القيامة تطايرت الكتاب في الأيمان والشمائل، أما المؤمنون فيأخذون كتبهم بأيمانهم وابيضت وجوههم، وأشرقت ألوانهم، وفرحت قلوبهم فيقول أحدهم: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (20) ، فينادي المنادي: أين من أوتي كتابه بيمينه؟ فيقول: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ إلى قوله تعالى: بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ، فعقد لهم لواء، فيتبع القوم لواءهم، حتى يدخلوا الجنة. [368- فصل: ومن سورة المعارج] 368- فصل: ومن سورة المعارج- قال: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين المصلون؟ فقيل: ومن المصلون؟ قال: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ إلى قوله تعالى: يُحافِظُونَ، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، قال: أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 [369- فصل: ومن سورة الإنسان] 369- فصل: ومن سورة الإنسان- قال: ثم عقد لواء آخر لقوم كانوا يخافون الله في السر والجهر، ويعبدون الله في خلوات الليل ووضح النهار، يسمون الأبرار، ونادى المنادي: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إلى قوله تعالى: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. - ثم عقد لواء، ونادى المنادي: أين الموفون والخائفون؟ فقيل: من هم؟ قال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، قال: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ إلى قوله تعالى: مَنْثُوراً، وذلك الخدم بالنظافة كاللؤلؤ المنثور، قال: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً الاية، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى يدخلوا الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 [370- فصل: ومن سورة النّازعات] 370- فصل: ومن سورة النّازعات- ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين من خاف مقام ربه؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى، قال: فيتبع القوم لواءهم، حتى ينزلوا منازلهم من الجنة. [371- فصل: ومن سورة المطفّفين] 371- فصل: ومن سورة المطفّفين 2683- قال ابن عباس رضي الله عنه: ولله عزّ وجلّ عباد عملوا بطاعته، فرفعت كتبهم إلى عليين، حتى إذا كان يوم القيامة، عقد لهم لواء، ونادى المنادي: أين الأبرار الذين كتبهم في عليين، فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (19) كِتابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ، قال: فيتبع القوم لواءهم حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 [372- فصل: ومن سورة البيّنة] 372- فصل: ومن سورة البيّنة 2684- قال ابن عباس رضي الله عنه: ثم عقد لواء آخر، ونادى المنادي: أين خير البرية؟ فيعرف القوم صفتهم فيقولوا: لبيك داعي ربنا، لم دعوتنا؟ قال: إن الله تعالى يقول: جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إلى آخر السورة، فيعرف القوم صفتهم فيتبعوا لواءهم حتى ينزلوا منازلهم التي أعدت لهم في الجنة. 2685- قال ابن عباس رضي الله عنه: فذلك تسعون زمرة، والرجلان من غير التسعين: حبيب النجار صاحب أنطاكية، وصاحب القرين المؤمن أحد الأخوين. قال ابن عباس رضي الله عنه: فإذا دخلوا الجنة وسكنوها اقتسموا المنازل والدرجات على قدر أعمالهم، ألا تسمع إلى قول الله عزّ وجلّ: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 [373- فصل: ما جاء في الشّفاعة] 373- فصل: ما جاء في الشّفاعة 2687- حدثنا أبو أحمد: الحسين بن علي التميمي، ثنا أبو بكر: محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حماد، ثنا معبد بن هلال الزماني قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه في زمن الفتنة ومعنا ثابت البناني لهذا الحديث، فاستأذن ثابت فأذن لنا فأدخلنا عليه، فأجلس ثابتا معه على سريره- أو قال: على فراشه- قال: فقلت لأصحابنا: لا تسألوه عن شيء إلّا عن هذا الحديث فإنا خرجنا له، فقال ثابت: يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة جاؤك يسألونك عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشفاعة، وما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال: نعم. حدثنا محمد بن عبد الله، رسول رب العالمين في ذلك قال: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، قال: فيؤتى آدم عليه السّلام فيقال: يا آدم اشفع في ذرّيتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الله، فيؤتى إبراهيم عليه السّلام فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى عليه السّلام، فإنه كليم الله، فيؤتى موسى عليه السّلام فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى عليه السّلام فيقول: لست لها، ولكن عليكم (2687) - قوله: «ثنا أحمد بن عبدة» : تابعه سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، أخرجه البخاري في التوحيد، باب كلام الرب عزّ وجلّ يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، رقم 7510، وأخرجه مسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من طريق أبي الربيع العتكي، عن حماد به، رقم 326. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيؤتى فيقول: أنا لها، فأنطلق، فأستأذن على ربي تبارك وتعالى فيؤذن لي عليه، فأقوم بين يديه، ويلهمني المحامد- لا أقدر عليه الان- فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: يا رب أمتي أمتي، قال: فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه ذرة- أو قال: مثال شعيرة- من إيمان فأخرجه منها، فانطلق، ثم أعود وأحمده بتلك المحامد، وأخر ساجدا، قال: فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من الإيمان فأخرجه من النار- ثلاث مرات-، فأنطلق فأفعل. قال معبد: فأقبلنا حتى إذا كنا بظهر الجبال قلنا: لو ملنا إلى الحسن وهو مستخف في منزل أبي خليفة؟ قال: فدخلنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيد جئنا من عند أخيك أبي حمزة وحدثناه به، حتى إذا فرغنا قال: ما حدثكم إلّا بهذا الحديث؟ قلنا: ما زادنا على هذا، قال: فقال الحسن: لقد حدثني بهذا الحديث منذ عشرين سنة، فما أدري أنسي الشيخ أم كره أن يحدثكم؟ قالوا: يا أبا سعيد حدثنا، فضحك وقال: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ عَجُولًا، إنّي لم أذكره إلّا وأنا أريد أن أحدثكموه كما حدثتكم منذ عشرين سنة، قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأقوم الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدا، قال: فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، قال: فأرفع رأسي فأقول: أي رب إيذن لي فيمن قال: لا إله إلّا الله، فيقال: ليس ذلك لك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلّا الله. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 2688- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول شفيع في الجنة، لم يصدق نبي من الأنبياء عليهم السلام ما صدّقت، وإن من الأنبياء نبي ما صدّقه من أمته إلّا رجل واحد. 2689- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا، وأنا أول من يقرع باب الجنة. 2690- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك. 2691- وقال صلى الله عليه وسلم: لكل نبي دعوة يدعو بها، وأنا أريد أن اختبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة. (2688) - قوله: «وعن أنس بن مالك» : أخرجه مسلم في الإيمان من صحيحه، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أول الناس يشفع في الجنة، رقم 330 (196، وما بعده) ، 331، 332، وخرجناه في مسند الحافظ أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل، رقم 154- فتح المنان، واقتصر في اللفظ منه على الشطر الأول. (2689) - قوله: «أنا أول من يشفع» : هو من ألفاظ الرواية التي قبله، انظر الرواية رقم 332 في صحيح مسلم في الكتاب والباب المشار إليهما. (2690) - قوله: «آتي باب الجنة» : أخرجه مسلم في الكتاب والباب المشار إليهما، رقم 333 (197) . (2691) - قوله: «لكل نبي دعوة يدعو بها» : هو في الصحيحين وقد مضى تخريجه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 2692- وقال داود بن أبي هند: يتعلق العبد المذنب من هذه الأمة يوم القيامة بنبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: يا نبي الله صلى الله عليه وسلم: أنقذني من عذاب الله عزّ وجلّ، فيقول صلى الله عليه وسلم: بلغتك سنتي، وعرفت شريعتي ثم عصيت! فما عذرك؟ فيقول: يا نبي الله غلبت عليّ شقوتي، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شقوة على أحد من أمتي، اللهمّ هبه لي. قال: فيهبّه الله تعالى له. 2693- قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: العلم شفيع إذا استعمل، (2692) - قوله: «وقال داود بن أبي هند» : الخراساني، الإمام الحافظ الثقة: أبو محمد وأبو بكر البصري، مفتيها وعالمها، من أصحاب الشعبي وابن المسيب، رأى أنس بن مالك، قال ابن جريج: ما رأيت مثل داود بن أبي هند، إن كان ليقرع العلم قرعا. انظر عنه في: سير أعلام النبلاء [6/ 376] ، تهذيب الكمال [8/ 461] ، تهذيب التهذيب [3/ 177] ، الكامل في التاريخ [5/ 340] ، الجرح والتعديل [3/ 411] ، تذكرة الحفاظ [1/ 146] ، التاريخ الصغير [2/ 49] ، التقريب [/ 200] الترجمة رقم 1817، الكاشف [1/ 225] . (2693) - قوله: «قال أحمد بن عاصم الأنطاكي» : قال الحافظ الذهبي: الزاهد الرباني، الولي: أبو عبد الله الأنطاكي، صاحب مواعظ وسلوك. اه. قلت: هو ممن فات الحافظ ابن عساكر في تاريخه، فإنه نزل دمشق وأقام بها مدة، انظر أخباره وآثاره في: حلية الأولياء [9/ 280] ، صفة الصفوة [4/ 277] ، طبقات الصوفية [/ 137- 140] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 230- ص 43] ، البداية والنهاية [10/ 318] ، طبقات الأولياء [46، 47] ، طبقات الشعراني [1/ 197] ، الميزان [1/ 106] ، والكواكب الدرية [1/ 197] ، نتائج الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 وخصم إذا ضيّع. الأفكار القدسية [1/ 133] ، الجرح والتعديل [2/ 66] ، سير أعلام النبلاء [10/ 487] ، وثقات ابن حبان [8/ 20] . قوله: «وخصم إذا ضيع» : هذا آخر ما جاء في النسختين: «ب» ، «م» ، وتخالفهما نسخة «ظ» في الترتيب كما سبق بيانه.. الخاتمة كما هو الظن بالرب العظيم فقد أحسنها بجميل فضله وكريم عفوه، إذ أعانني على إتمام تحقيقه وإخراجه للمكتبة الإسلامية بمنّه وكرمه، فأسأله سبحانه أن يرزقني قبول ذلك في السماء والأرض بإتمام إحسانه، وأن يجعله عملا خالصا لوجهه، وأن يزيد في الاخرة من شرف نبينا صلى الله عليه وسلم وعظيم مقامه. ثم أوصي إخواني من طلبة العلم وأهله، ومن له تعلّق بحبه صلى الله عليه وسلم، ومن طالع فيه أن يطالعه بعين الرضا- فإنها عن كل عيب كليلة- وأن يدعو لنا بالمغفرة والقبول، فإنه سبحانه من وراء القصد، وهو السميع العليم، والحمد لله رب العالمين. وبه ينتهي الكتاب وصلى الله على رسوله المبارك الطيب الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وكان الفراغ من تبييض شرحه في الثاني من شهر ربيع الأول 1423 هـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 الفهارس العامّة * فهرس الأحاديث والاثار . * فهرس الأماكن والمواضع. * فهرس الأعلام. * فهرس الأشعار والرجز. * ثبت المصادر والمراجع. * فهرس الموضوعات: - فهرس موضوعات الجزء الأول. - فهرس موضوعات الجزء الثاني. - فهرس موضوعات الجزء الثالث. - فهرس موضوعات الجزء الرابع. - فهرس موضوعات الجزء الخامس. - فهرس موضوعات الجزء السادس. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 فهرس الأحاديث والاثار طرف الحديث أو الأثر الراوي رقم النص آتي باب الجنة يوم القيامة أنس بن مالك 2690 آخر زادك شربة من لبن 587 آخر من رأيت البارحة وكان على يمينه شيخ أبو بكر الكتاني 906 آمين، آمين، آمين (ثلاث مرات) 2036 آية المنافق بغض الأنصار أنس بن مالك 2215 أبا عمير ما فعل النغير أنس بن مالك 2059 أبا هر 2065 ابتاع أبو بكر الصديق بلالا بخمسة أواق قيس بن أبي حازم 2391 ابسط كساك سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 2066 ابشروا آل ياسر فإن موعدكم الجنة جابر بن عبد الله 2564 ابكوا في القرآن 1683 ابنوا لي، فبنوا له منبرا أنس بن مالك 634، 1128 ابني (للحسين بن علي) أبو سلمة بن عبد الرحمن 2305 أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا بلال عمر بن الخطاب 2560 أبو بكر في الجنة عبد الرحمن بن عوف 2506 أبو بكر وزيري والقائم في أمتي من بعدي جابر بن عبد الله 2512 أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة 2364 أبو سفيان بن الحارث خير أهلنا 2604 أبو سفيان سيد فتيان أهل الجنة 233 أبو هريرة وعاء العلم 2584 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 أتأذنين أن أقبر في حجرتك هذه وأعوضك؟ أبو هريرة 2437 أتأكل الحلوى وأنت أرمد 1788 أتاكم علي في السحاب 1060 أتاني آت حين مر من حملي ستة أشهر 100 أتاني آت عليه ثياب بيض ابن عباس 161 أتاني آت وأنا بين النائم واليقظان 96 أتاني جبريل عليه السّلام فقال 2018 أتاني جبريل فقلت: يا جبريل حدثني بفضائل عمر عمار بن ياسر 2359 أتاني رجلان من اليهود يوما نصف النهار أم أيمن 115 أتاني وأنا أرعى ومعي لحم مطبوخ عروة بن الزبير 2624 اتبع السيئة الحسنة تمحها 1621 أتدري ما تمام النعم؟ 1995 أترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب 661 أترونها للمتقين؟ لا 1486 أتروني يا بني عبد المطلب إذا أخذت 2265 أتعجبون من هذه؟ 1063 اتق الله يا ابن مروان في أمة محمد 552 اتقوا فراسة المؤمن 2128 أتمشي أمام من هو خير منك أبو الدرداء- أبو هريرة 2375- 2376 أتى رسول الله عليهم فجعل يذر التراب 1097 أتى شاب مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه مسحة من الجمال 1879 أتي عبد المطلب حين أمر بحفر زمزم علي بن أبي طالب 308 أتي يوم الخندق بقبضتين من تمر 1183 أجدني مكروبا يا جبريل 834 أجدني يا جبريل مكروبا 837 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 اجعلي لله على نفسك أن تسميه محمدا خليلة بنت خليل 299 أجل، وهل من نبي إلا ورعى الغنم 164 اجلس أبا تراب سهل بن سعد الساعدي 2077 اجمعوا زادكم أبو هريرة 1184 اجمعوا طعامكم وكلوا جميعا 1262 اجمعوا لها من عجوة وسويق عمران بن حصين 1160 أجيء يوم القيامة وأبو بكر عن يميني 2495 أجيب غدا 154 أجبروه 567 أحبب حبيبك هونا ما علي بن أبي طالب 2093 أحبوا العرب لثلاث ابن عباس 2178 أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه 2263 أحبوا قريشا ولا تبغضوها فتهلكوا ابن عمر 2197 احثوا في وجوه المداحين التراب 1807 أحسنت أحسنت أبي بن كعب 1252 احفظوني في العرب ابن عباس 2179 احمل، فإنما أنت سفينة 1248 أحملك على ولد ناقة 2062 أخبر تقله 2143 اخرج عدو الله عثمان بن أبي العاص 1208 أخرج من عندك عائشة 562 أخرجوني منها فإني أخشى أن أموت أبو معاوية الأسود 663 أخوك البكري فلا تأمنه عمر 2125، 2126 أدخله علي 1318 ادخلوا عشرة عشرة أنس بن مالك 1180 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 أدركت حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جريد النخل عمران بن أبي أنس 638 ادع أصحابك- يعني أصحاب الصفة- أبو هريرة 1188 ادع تلك الشجرة 1141 ادع عليهم علي بن أبي طالب 893 ادع لي عثمان 777 ادعهم أنس بن مالك 1161 أدعوكم إلى شهادة ألّا إله إلا الله علي بن أبي طالب 336 ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا 1643 ادن مني أبو عمرو النخعي 1329 ادن يا عمر عمر بن عبد العزيز 899 ادن يا عمير 1318 إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ابن عباس- جرير بن عبد الله 2099- 2100 إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث 1877 إذا أردتم أن تحسن مجالسكم فعليكم بذكر عمر رضي الله عنه عائشة 2409 إذا التقى المسلمان فتصافحا 1823 إذا أنا مت فاغسلي ثيابي وكفنيني فيها عائشة 2379 إذا برأ الدبر وعفا الأثر ابن عباس 794 إذا جلس أحدكم في الشمس فقلص عنه 1886 إذا حج المسلم ولم يقبل منه يحط عنه 495 إذا دعا الرجل ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفرف الدعاء علي بن أبي طالب 2040 إذا دعي أحدكم فليجب 1745 إذا رأيتموها فألقوها فيها واحدة واحدة زياد بن الحارث 1162 إذا رأيتها فأسأل الله من خيرها 1810 إذا سأل أحدكم ربه فليبدأ بالمغفرة أنس بن مالك 1991 إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه 298 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 إذا ضرب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة 2628 إذا ظهرت البدع في أمتي وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه 2611 إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا 1882 إذا قدمنا مكة نزلنا بالخيف ابن حزم 529 إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبة من ياقوتة حمراء سلمان الفارسي 2492 إذا كان يوم القيامة قال الله عز وجلّ: عبد الله بن مسعود 1999 إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض أنس بن مالك 2687 إذا كان يوم القيامة نادى مناد الله ابن عباس 2523 إذا كان يوم القيامة يوضع ثلاث كراسي من ذهب أبو سعيد الخدري 2389 إذا كان يوم القيامة يوضع للأنبياء منابر 1485 إذا كان يوم القيامة، وجمع الله الأولين والاخرين أبو سعيد الخدري 2388 إذا كان يوم عرفة بالموقف يفتح الله 493 إذا لبس أحدكم نعليه فليلبس اليمنى 1691 إذا لعن آخر هذه الأمة أولها جابر بن عبد الله 2610 إذا لقي أحدكم أخاه فليصافحه 1824 إذا لقيتم الأنصار فأجلوهم 1860 إذن يخزيك الله أبو السفر 1317 أذهب البأس رب الناس 1210- 1785 اذهب إلى تينك الشجرتين 1135 اذهب بالجمل والثمن 1863 اذهب فائتني بهذين الرجلين عمر بن الخطاب 661 اذهب فائتني بتلك العنز سعد مولى أبي بكر 1195، 1267 اذهب فاحمل أنت فلست بأفقر مني 582 اذهب فأذن له وبشره بالجنة أبي موسى الأشعري 2511 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 اذهب فأطعمهم دكين بن سعيد 1190 اذهب، فإن الله سيهديك ويثبت قلبك علي بن أبي طالب 1251 اذهبوا فأتوني بأعظم إناء 1225 اذهبي إلى قباء 1214 أراد صلى الله عليه وسلم طلاق سودة فوهبت ليلتها لعائشة 965 أراد الحسن بن علي أن ينقش فص خاتمه محمد بن علي 2339 أربعة أنا لهم شفيع ولو أتوا بذنوب أهل الأرض علي بن أبي طالب 2285 ارجع فقد بايعناك 1794 ارجع من حيث جئت فإن الله بعثني رحمة 729 أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ابن عباس 2598 أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر أنس بن مالك 2507 أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأقواكم في دين الله عمر ابن عباس 2508 أرحني يا علي قطعت وتيني الفضل 845 أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أن مري ابنك 947 أرسلك أبو طلحة أنس بن مالك 1181 أرشدهم صفوان وما كان برشيد 731 ارفعوا أيديكم 1134 ارفعوا أيديكم 1871 أركعت؟ جابر بن عبد الله 1714 ارم فداك أبي وأمي ابن عمر 2522 ارم فداك أبي وأمي 2590 ارمها بسبع حصيات 1257 الأرواح جنود مجندة 2145 أريت أرض هجرتكم الزهري 607 أريت النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاني رجل من الحي 900 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 أريت في منامي كأني انتهيت إلى صحراء واسعة شيخ 905 الأزد أزد الله أنس بن مالك 2208 أزواجي خير نساء أمتي 2617 أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك 1786 استأذنت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبني كنيفا بمنى 526 استأنسي يا زائدة، إنك لموفقة عبد الله بن أبي السفر 2625 استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس 2552 استغفروا لأخيكم 1200، 1323 استكثروا من هذا الطواف قبل أن يحال بينكم 480 استلامهما يحط الخطايا حطا الحسن البصري 463 أستودع الله دينك وأمانتك 1699 استوصوا بأهل بيتي خيرا 2246 استووا، واعدلوا صفوفكم أنس بن مالك 635 أسر الروم جماعة فقيل: إن فيهم رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو رافع 2578 أسري بي من المسجد الحرام 343 اسقيه منه 1216 اسكن عليك السلام غير مهجور 1145 اسكن فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان 2468 أسلم عبدي واستسلم 2012 أسلم من العمات ثلاثة 248 اسم راية النبي صلى الله عليه وسلم: العقاب ابن عباس 1019 اسم سماء الدنيا: رقيع سلمان الفارسي 366 اشتد غضب الله على اليهود أبو جعفر 2335 اشتد غضب الله على من أدخل على قوم 354 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 اشتروها لي عبد الرحمن العنبري 1153 اشترى أبو بكر من عازب رحلا البراء بن عازب 560 اشترى عثمان الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أبو هريرة 2467 اشتغل الناس عن الطواف فجاء جمل فجعل يطوف عبد الرحمن بن أبي عطاء 558 اشتكت النار إلى ربها 362 أشتهي أن أراك في صورتك 395 اشدد علي فإني نهيت أن أمشي عريانا ابن عباس 159 اشدد يدك به أبو هريرة 1330 أشعرت يا جابر أن الله أدنى أباك جابر بن عبد الله 679 أشقى الناس عاقر الناقة 1308 أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله أبو هريرة 1184، 1185 أشهد أني رسول الله حقا 1163 أصابتنا سنة شهباء حليمة السعدية 110 أصابتني فاقة فضجرت إبراهيم الخواص 883 اصبروا حتى تلقوني أبو قتادة 1281 أصحابي مثل النجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم 2607 أصدق الحديث ما عطس عنده 1917 أضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا كافرا 1739 أطعموا الطعام 1738 اطلبوا الخير عند حسان الوجوه 2140 أطولكم يدا أسرعكن بي لحوقا 1340 أظهروا لهم الجلد 760 اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة خالد بن الوليد 332 أعجبني هذان الغصنان 1613 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 أعد، كيف قلت؟ 1847 أعط السائل ولو جاءك على فرس 2150 أعط هذا حقه 1089 أعطها فرسا تربت يمينك 1124 أعطوا المجالس حقها 1897 أعطى الله محمدا خلق آدم ابن عباس 1553 أعطي كل نبي سبعة نجباء رفقاء علي بن أبي طالب 2277 أعطيت السبع الطوال مكان التوراة 1510 أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي أبو موسى الأشعري 1361، 1456 أعظم النساء بركة عائشة 2098 اعقلوها وتوكلوا ابن عباس 2102 اعلمي أن الرفق لم يدخل في شيء قط إلا زانه 1837 أعلن إسلامك 694 أعوذ بوجه الله العظيم 1969 أعوذ بكلمات الله التامات 187، 188 أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق 1967 أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده 1968 أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان ابن عباس 2299 أعيذكما بكلمات الله التامة 1789 أغفى عثمان إغفاءة ثم استيقظ نائلة بنت الفرافصة 2452 أغفيت إغفاءة فرأيت فيما يرى النائم عثمان بن عفان 898 أف أف (ثلاثا) أبو رافع 1514 افتحوا عنه ثعلبة بن أبي مالك 1146 افتخر الحيان: الأوس والخزرج أنس بن مالك 2218 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 افد نفسك وابني أخويك 694 أفرس الناس ثلاثة ابن مسعود 2395 افشوا السلام، وأطعموا الطعام عبد الله بن سلام 568، 1817 أفلا أكون عبدا شكورا 1530 اقتدوا باللذين من بعدي 1304 اقتلوه 1393 أقسم بالله لتنصفني من حقي، أو لأخذن الحسين بن علي 130 أقمت بالمدينة ثلاثا 886 أقول كما قال أخي يوسف 1633 أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم 2129 أقيلوا ذوي الهيئة عثراتهم 1645 اكتب على جدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 913 أكثر من قول: سبحان الملك القدوس 1997 أكثروا الصلاة على في الليلة الغراء 2043 أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنها تعرض علي 2042 أكثروا علي من الصلاة علي بن أبي طالب 2055 أكرم الناس نسبا 1618 أكرموا الطعام 1728 أكرموا أولادكم 2138 اكشف لي عن جنبك 1538 أكلت الكراث بالمدينة عبد الله الطبري 882 أكلك الأسود 962 ألا أخبركما بمثلكما في الملائكة ومثلكما في الأنبياء؟ ابن عباس 2365 ألا أخبركما مثلكما ابن عباس 2169 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 ألا أدلك على ختن هو خير لك من عثمان؟ 2450 ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟ 2442 ألا إن الرب واحد أبو هريرة 1330 ألا إن هذا أول من آمن بي أبو ذر وسلمان 2497- 2498 ألا أنبئك بيومه وليلته؟ ميمون بن مهران 559 ألا أنبئكم بأبخل الناس؟ 2029 ألا أنبئكم بشراركم؟ 1734 ألا أنبئكم بما على العرش مكتوب؟ 2514 ألا تجيبونه؟ 717 ألا تسألوني من أين جئت عثمان بن عفان 437 ألا تستحين؟ 932 ألا وأنا حبيب الله ابن عباس 1463 البسوا النعال الصفر 1919 الحق بعملك 1208 ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ البراء بن عازب 2476 ألست صاحب الجبيذة؟ أبو شهم 1316 ألم أقل لك إنك لا تملكها؟ سعد مولى أبي بكر 1195 ألم أنهكم أن يخرج أحدكم؟ 1290 ألم تعلم يا طلحة أن الله قبض أرواحهم؟ طلحة بن عبيد الله 675 ألم تنه؟ زيد بن حارثة 174 ألم يكف الذي قلت لك؟ 777 إن أخاك رجل صالح ابن عمر 2586 إن الأرض دحيت من مكة 405 إن أسلمت استعملتك 1114 أن إسماعيل شكا إلى ربه حرمكة 436 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 إن الإسلام بدأ غريبا ابن عمر 616 إن الإسلام ليأزر إلى المدينة أبو هريرة 618 إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من شتم الأنبياء 2613 إن أصيب زيد فجعفر 1287 أن أعرابيا قدم المدينة على قعود له محمد بن جعفر 875 إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون والأنصار أبو رهم الغفاري 2213 إن أفضل أيامكم يوم الجمعة 2041 إن أقربكم مني، أكثركم صلاة علي 2049 إن الأنصار كرشي وعيبتي أنس بن مالك 2223 أن الجن لم تكن تمنع من مقاعدها، فلما بعث صلى الله عليه وسلم 190 إن الجنة أشوق إلى سلمان من سلمان إلى الجنة 2550 إن الجنة لا يدخلها العجز 2060 إن الحر الذي بقي بالحجاز من حرارة ذلك 38 إن الحسن ابني علي بن أبي طالب 2236 إن الحسن ابني أشبه الناس برسول الله علي بن أبي طالب 2304 أن الحسن البصري رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه 922 إن الحلال بيّن والحرام بيّن النعمان بن بشير 2127 إن الدجال يطأ الأرض كلها إلا مكة والمدينة أنس بن مالك 626 إن الذي جاء بها هو الذي ذهب بها سعد مولى أبي بكر 1195 إن الذين كسروا رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلد لهم سفيان الثوري 730 أن الرب أطعمه بطعام من السماء 1492 إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف عائشة 1966 إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سهل بن سعد 1293 إن الركن اليماني باب من أبواب الجنة 438 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 إن الركن والمقام يأتيان يوم القيامة 444 إن الشملة التي غلها يوم خيبر تحترق عليه نارا 978 إن الشيطان قد خلفك في بيتك قتادة بن النعمان 1320 إن الشيطان لم يسلط عليه 1497 إن الشيطان ليخاف منك يا عمر بريدة 1591 إن الصدقة لا تحل لنا أبو ليلى الأنصاري 2322 إن العرب يد ورجل 2188 إن العقوبة إذا نزلت عمت البر والفاجر ابن عمر 554 إن العمامة حاجز بين المشركين 1061 إن القوم لم يدعوك فاجلس 1748 أن كتاب النعمان بن المنذر ورد 9 إن الكتاب التي حول صحن المسجد 666 أن الكعبة تتكلم وتنزل يوم القيامة 467 إن الله اختار العرب ثم اختار من العرب قريشا عبد الله بن عمر 2198 إن الله اختارني واختار لي أصحابا 2612 إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واثلة بن الأسقع 194 إن الله اطلع على أهل بدر أبو هريرة 2597 إن الله أعطى أبا موسى الأشعري مزمارا من مزامير 2600 أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل 302 إن الله أمر موسى بن عمران أن يا بني مسجدا 649 إن الله بعث مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي 290، 1386 إن الله بعثني رحمة للعالمين أبو أمامة الباهلي 334 إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق جابر بن عبد الله 1620 إن الله تبارك وتعالى قال لإبراهيم عليه السّلام: أجبت دعاءك: 26 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان 1435 إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثوا به أنفسهم 1437 إن الله تعالى أعطى ملكا من الملائكة أسماء الخلائق 878 إن الله تعالى أنزل على رسوله سورة براءة علي بن أبي طالب 788 إن الله تعالى جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي 2244 إن الله تعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وسلم 79 إن الله تعالى سمى المدينة طابة جابر بن سمرة 600 إن الله خلق سطيح الغساني لحما ابن عباس 3، 4 إن الله خلق السموات سبعا فاختار العليا ابن عمر 196 إن الله عز وجل جعل لذتي في النساء والطيب 1666 إن الله عز وجل يبغض المعبس في وجوه إخوانه 2082 إن الله فرض فرائض فوضعها في حال وخفف في حال 2245 إن الله لم يأذن لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن 1681 إن الله لم يحل هذا الحرم لأحد من قبلي ابن عمر 414 إن الله لما خلق الخلق جعلني في خيرهم 199 إن الله ليرضى برضى سلمان 2549 إن الله مقمصك قميصا عائشة 2448- 1282 إن الله نظر إلى أهل الأرض فاختار منها 198 إن الله وعدني في أهل بيتي خاصة ابن المسيب 2274 إن الله يباهي بالطائفين ملائكته 499 إن الله يبعث يوم المحشر ملائكته المقربين وهب بن منبه 465 إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية 1815 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 إن الله يحب أن تؤتى رخصه 1814 إن الله يحب عبده إذا خرج إلى إخوانه عائشة 1079 إن الله يرفع المياه العذاب يوم القيامة الضحاك 424 إن الله يعجب من عبده إذا ذكره في السوق 1693 إن المشط يذهب بالوباء 1082 أن المنافقين كانوا يتغامزون به في الصلاة 1496 أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قباء راكبا وماشيا ابن عمر 570 أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها أنس بن مالك 1005 أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى البيت المعمور أبو هريرة 340 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسجد الذي أسس على التقوى علي بن أبي طالب 576 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض أسفاره فأعوز عليهم الماء 1166 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم حنين على بغلة أنس بن مالك 1098 إن الولد ريحانة من الله علي بن أبي طالب 2294 أن اليهود قبلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله 1891 أن امرأة أتت بصبي لها 1265 أن امرأة إسماعيل سألت إبراهيم أن ينزل 450 أن امرأة جاءت بولدها 1215 إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا 1422 إن أهل الدرجات العلى ينظرون إلى من هو أسفل منكم أبو سعيد الخدري 2356 إن أهل النار إذا نادوا 363 إن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب 37 إن أول من أطعم الثريد: إبراهيم عليه السّلام 82 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 أن بشر بن معاوية قدم مع أبيه معاوية بن ثور 1226 أن بعض الصحابة قال لعبد الله بن عمر: إني رأيت عجبا 2415 إن بلالا أتاه الشيطان وهو يرقب لكم الفجر 1853 أن بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدور الذي فيه القبر عبد الله بن محمد 642 أن جبريل عليه السّلام قال: يا رسول الله من هذا الذي خرج من عندك أنس بن مالك 2470 إن جبريل أتاني فقال: يا محمد إن الله أمرني ابن عباس 195 أن جبريل أتاه بسورة الأنعام 1511 إن جبريل نفخ في روعي 1429 أن جبريل يغتسل في نهر في الجنة كل غداة 398 إن جبريل يهذبه، وميكائيل يسدده حذيفة 2344 أن جندع بن الصميل أتاه آت فقال له 62 إن حسن العهد من الإيمان 1872 أن حصين بن نمير لما سار إلى مكة في قتال ابن الزبير عروة بن الزبير 543 أن حمزة لما قتل أرسلت صفية 674 إن حول الكعبة لقبور ثلثمائة نبي 435 أن خديجة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاك صاحبك 151 إن خلافة الصديق كانت من السماء كعب الأحبار 897 إن خير البقاع وأقربها من الله ما بين الركن والمقام عائشة 442 إن ذلك لداء ما كان الله عز وجل ليقذفني به أسماء بنت أبي عميس 820 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا 717 إن ربي قد أعلمني أنه قتل البارحة 1280 إن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هالته وفظع بها 6 أن رجلا أتاه فقال: بلغنا أنك تذكر سطيحا ابن عباس 3 أن رجلا قال: يا رسول الله إني لبخيل وإني لجبان 1245 أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه عمر بن الخطاب 45 أن رجلا من أصحابه أصيبت إحدى عينيه في بعض مغازيه 1264 أن رجلا من أصحابه صلى الله عليه وسلم ضرب في بعض غزواته بالسيف 1219 أن رجلا من أصحابه صلى الله عليه وسلم طبخ قدرا فعالجه ليحمله فسقط 1211 أن رجلا من الأنصار كان يكتب لرسول الله 622 أن رسول الروم جاء إليه فقال: أين ملك العرب 2414 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى بكرا من أعرابي بدين 2516 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها أبو هريرة 599 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في مرضه الذي توفي فيه فاطمة 824 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن شهداء المؤمنين أنس بن مالك بأحد بدمائهم 680 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم عاشوراء وعظمه 1221 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً الاية ابن عباس 489 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأصابهم عطش 1524 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة سبعة عشر جابر بن عبد الله 573 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشهد وليمة 1750 أن رسول الله قعد في مسجده منصرفه من الأباطل 53 إن رسول الله يأمرك أن تأتيه بمفتاح الكعبة 775 إن روح القدس نفث في روعي 1430 إن زدت فهو خير لك 2052 إن سرك أن يسترك الله يوم القيامة فأعطنيه 646 أن سعد بن معاذ رضي الله عنه قطع أكحله 2537 أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا معمر بن راشد 431 أن سلمان الفارسي أتاه فأخبره أنه كاتب مواليه 1253 أن سلمة بن الأكوع أصيب ساقه 1206 إن سواد بن قارب لما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشأ يقول 43 إن شئت أقمت عندكم ثلاثا 761 إن شئت رددتك إلى الحائط الذي كنت فيه 632 إن شئت صبرت ولك الجنة 1212 إن شئتم أنبأتكم، وإن شئتم أخبرتموني رجل من الأنصار 1151 إن شئتم صالحتها على شيء فتخرجوه 1157 أن شيبة بن عثمان الحجبي كمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين 1104 إن طول الصلاة، وقصر الخطبة مئنة من فقه الرجل 2148 أن عبد الله بن طاهر لما صار إلى المدينة الحسن بن علي 2190 أن عبد الله بن عبد المطلب كان في بناء له أم سلمة 91 أن عبد المطلب أري في المنام أن يذبحه 304 أن عبد المطلب خرج إلى اليمن فلقيه عبد الرحمن بن عوف 92 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 أن عبد المطلب نام في الحجر فرأى 85 إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه أبو سعيد الخدري 648 إن عثمان رضي الله عنه أشرف عليهم وهو محصور 2468 إن عثمان أصبح في الجنة ابن عباس 891 إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله 2443 إن عثمان رجل حيي عائشة 2441 إن عقل الرجل من قريش عقل رجلين من غيرهم 2200 إن علت رجلاك لطالما قمت بها ابن عمر 551 إن عليا لم يشرك بالله ساعة قط 2500 إن عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني 588 أن عمر بن الخطاب بعث جيشا 2410 أن عمر بن الخطاب كان يكسو البيت القباطي ابن جريج 528 أن عمر كان يبرد إليه البريد من الشام 873 أن عمر لما وضع على سريره وسجي عليه الثوب 2411 أن عمرو بن العاص قال لمعاوية 2252 أن فاطمة كانت تختلف بين اليومين والثلاثة علي بن الحسين 677 إن فلانا مأسور بدينه سمرة بن جندب 1331 إن في الإنسان مضغة النعمان بن بشير 2114 إن في الجنة درجة لا ينالها إلا رجل 1482 إن في السماء الدنيا ثماني ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر أبو هريرة 2358 إن في ثقيف مبيرا وكذابا أسماء بنت أبي بكر 542، 549 إن فيك لخلتين يحبهما الله ورسوله 1624 أن فيه- عثمان- نزل قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ 2460 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 إن قاتل الحسين في تابوت من نار 2261 إن قريشا أهل صبر وأمانة فمن بغاها العواثر أكبه الله رفاعة بن رافع 2192 إن قريشا كانت نورا بين يدي الله ابن عباس 78 إن قلبي ينتظر الوحي 317 أن قوما شكوا إليه ملوحة مائهم 1164 أن قوما قدموا بسفط من عود على عمر بن الخطاب 664 أن قوما من العرب اجتمعوا عند صنم لهم ينسكوا له 1107 أن قوما من وفد عبد القيس أتوه بغنم 1258 إن قومك استقصروا في بناء البيت عائشة 540 إن كان صلى الله عليه وسلم ليدعوه رجل من المسلمين 1615 إن كان أحدكم مادحا أخاه 1808 إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسر الرجل من أصحابه علي بن أبي طالب 2081 إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا بريدة 1591 إن كنتم تزعمون أن موسى بن عمران كلمه ربه علي بن أبي طالب 1527 إن لحوضي أربعة أركان أنس بن مالك 2526 إن لكل نبي رفيقا أبو هريرة 2438 إن لكل نبي عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة جابر بن عبد الله 2287 إن للحاج بكل خطوة يخطوها 496 إن للشهيد عند الله تسع خصال المقدام بن معدي كرب 683 إن للقريشي قوة الرجلين من غير قريش 2199 إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافة الله 391 إن لله ملائكة يبلغوني صلاة أمتي 881 إن لله ملائكة يطوفون في الطرق 877 إن لله ملكا تحت العرش على رأسه ذؤابة مقاتل بن سليمان 2025 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 إن لله ملكا يقال له: اليسع أبو أمامة الباهلي 1994 إن لي عند الله عشرة أسماء: أنا محمد 295 إن لي وزيرين من أهل الأرض ابن عباس 2361 أن مازنا كان بأرض عمان 59 إن مثلكما مثل نوح وإبراهيم 2170 إن محمد صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل عائشة 11 أن محمدا صلى الله عليه وآله سلم ويوسف تقارعا في صلب آدم 1550 أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة 2546 إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا عبد الله بن مسعود 2573 أن ملاعب الأسنة كان ممن ببطنه استسقاء 1220 إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى عقبة بن عمرو 2141 إن من إعظام جلال الله إكرام 1911 إن من البيان لسحرا 2147 إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه 2153 إن من حق المسلم على المسلم إذا رآه 1905 إن من قدر الله تعالى أن لا يرتفع شيء 1047 إن منهم من لو أقسم على الله لأبره جابر بن عبد الله 681 إن منى ليتسع بأهله كما يتسع الرحم بالولد ابن عباس 524 أن موسى عليه السّلام قال: إلهي اصطفيتني وكلمتني 20 أن نفرا من المشركين خرجوا 1127 أن نمرود حاجّ إبراهيم 2 أن هاجر لما هربت من سارة 28 إن هذا الرجل قد نزل بنا في أربعين ألفا ابن الزبير 542 إن هذا العبد الصالح تحرك له العرش جابر بن عبد الله 2540 إن هذا حمد الله 1915 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 إن هذه تزعم أنك لا تقربها ولا تأتيها 1229 أن وفد بكر بن وائل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس 48 إن يطع القوم أبا بكر وعمر 1305 إن يكن شاعرا يحسن فقد أحسنت أنس بن مالك 1268 أنا آخر الناس عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة 859 أنا ابن الذبيحين معاوية بن أبي سفيان 300، 301، 308 أنا ابن العواتك قتادة 222 أنا أشهد على هؤلاء يوم القيامة جابر بن عبد الله 667 أنا أفصح العرب بيد أني 253 أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة 1423 أنا أكرم على الله أن يتركني في الأرض 876 أنا الأول والاخر والظاهر والباطن 296 أنا الشجرة عبد الرحمن بن عوف 2240 أنا الشقية اخترت الدنيا فاطمة بنت الضحاك 955 أنا الشهيد على هؤلاء زملوهم جابر بن عبد الله 671 أنا أول شفيع في الجنة أنس بن مالك 2688 أنا أول من يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا أنس بن مالك 2689 أنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم المساجد أبو سلمة بن عبد الرحمن 659 أنا سيد الناس يوم القيامة ابن عمر 2626- 1462 أنا شهيد على هؤلاء القوم، لفوهم بجراحهم كعب بن مالك 673 أنا قائد المرسلين وأنا خاتم جابر بن عبد الله 1466 إنا قوم هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع أجرنا على الله خباب بن الأرت 672 إنا لم نرده عليك، ولكن الله أراد 1172 أنا محمد، أنا أحمد أبو موسى 283، 295 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 إنا معاشر الأنبياء تنبت أجسادنا على عائشة 324 إنا معاشر الأنبياء لا نورث 1018 أنا من عثمان، وعثمان مني 2461 إنا نجد: مضنونة، ضن بها لكم كعب الأحبار 425 أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة 2239 أنا ورب الكعبة أنس بن مالك 1505 أنا وفاطمة والحسن والحسين وعلي في حظيرة القدس عمر بن الخطاب 2276 أنت أصبتني ابن عمر 413 أنت أول في النبوة وآخر في البعثة 296 أنت بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة 2480 أنت سفينة 972 أنت سيد في الدنيا والاخرة 2489 أنت عبد الله 1199 أنت عتيق الله من النار فسمي عتيقا 2355 انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين علقمة بن مرثد 2618 أنخه جابر بن عبد الله 1259 انزعوا يا بني عبد المطلب، فلولا أن لا تغلبوا علي بن أبي طالب 421 انزل فاغرزه في الركي 1168 انزلوا على حكمي 744 الأنصار أحبائي أنس بن مالك 2225 الأنصار أعفة صبر 2227 الأنصار شعار 2226 انضما 1138 انطلق بنا يا جابر حتى نطوف في نخلك 1230 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 انطلق فأطعمهم دكين بن سعيد 1190 انظرا ما تقولا عبد الله بن عباس 1311 انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش أبو هريرة 184 انظري إليها 1333 انقد لهم حيث قادوك أسماء بنت يزيد 1301 إنك تجده يصيد البقر 1291 إنك تحارب المارقين والناكثين 1428 إنك ستجده في داره محتبيا 1299 إنك ستجده راكبا 1299 إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم 1284 إنكم إذا رأيتموه ذكركم الشيطان 1325 إنكم تعدون الايات عذابا ابن مسعود 1130 إنكم سترون بعدي أثره أبو قتادة 1281 إنكم معشر المهاجرين تزيدون ابن عباس 829 إنما المدينة كالكير تنفي خبثها جابر بن عبد الله 620 إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد 1570، 1729 إنما أنت سفينة 1248 إنما بعثت رحمة ولم أبعث لعانا 1631 إنما جعلت الصلاة للتهليل والتسبيح 1844 إنما ذلكم الله مدحه زين جابر بن عبد الله 337 إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها 2257 إنما سميت منى منى لما يمنى فيها ابن عباس 528 إنما مثل أصحابي في أمتي 2172 إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح أبو سعيد الخدري 2167 إنما هي أوساخ الناس 2306 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس 2324 أنه- عمر بن الخطاب- قال لأصحابه: تمنوا 2518 أنه صلى الله عليه وسلم أتى امرأة من العرب 1171 أنه صلى الله عليه وسلم أتى بذنوب من ماء فكرع منه 1768 أنه صلى الله عليه وسلم أتى بطعام من الجنة 1491 أنه صلى الله عليه وسلم أتي بغلام من الأنصار 1227 أنه صلى الله عليه وسلم أتى بمولود 1256 أنه صلى الله عليه وسلم أخذ حصيات فوضعها في يده فسبحت 1131 أنه صلى الله عليه وسلم أسرع الناس خروجا من الأرض إذا بعثوا 1457، 1467 أنه صلى الله عليه وسلم أمر بحفر الخندق 1279 أنه صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأمر مالكا خازن النار 1498 أنه صلى الله عليه وسلم أول من يدعى، وأول من يشفع 1460 أنه صلى الله عليه وسلم حين وقع من بطن أمه آمنة سطع نور 103 أنه صلى الله عليه وسلم دخل بيتها ذات يوم فرأى فيه قربه 331 أنه صلى الله عليه وسلم دخل على جابر بن عبد الله وهو مريض 1218 أنه صلى الله عليه وسلم رأى حسينا مع صبية في السكة 2071 أنه صلى الله عليه وسلم سابق أبا هريرة 2065 أنه صلى الله عليه وسلم سئل أتذكر موت عبد المطلب؟ 120 أنه صلى الله عليه وسلم مر بسوق الطعام 2430 أنه صلى الله عليه وسلم مر بشجرة غليظة الشوك 1137 أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الطيرة 1812 أنه انكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدر 1106 أنه جعل ليلة القدر خير من ألف شهر 1499 أنه خرجت نار زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 2398 أنه صلى الله عليه وسلم دعي إلى وليمة ختان فأبى أن يجيب 1751 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 إنه زعم أنه أراد اتباع سروري فسره 1866 إنه سيد وإن الله سيصلح به 1309 أنه صلى الله عليه وسلم مال للحسن أو الحسين فوضع رجله 2067 إنه عاشر عشرة في الجنة 2546 أنه عز وجل نعته في التوراة 1494 أنه كان صلى الله عليه وسلم يختم القرآن في ليلة واحدة 2463 أنه كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسبع الطوال في ركعة واحدة 2464 أنه كان في بني عبد الأشهل يهودي يسمى: يوشع سلمة بن سلامة بن وقش 50 أنه كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوما للاستسقاء 2431 أنه كان صلى الله عليه وسلم يناغي القمر في رضاعه 104 أنه كتب إلى قيصر وكسرى 1280 إنه كان يبغض عثمان فأبغضه الله جابر بن عبد الله 2444 إنه لبحر أنس بن مالك 1039 إنه لم يبق في الأرض شيء 446 إنه لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبريل عليه السّلام الجنة عائشة 2309 إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم ابن مسعود 682 إنه لما دخل عبد المطلب على أبرهة 36 إنه ليس شيء إلا يعرف أني رسول الله بريدة بن الحصيب 1154 إنه ما طلعت الشمس يوما قط 1712 إنه مكتوب في الكتاب أن هذه البلاد كعب الأحبار 70 إنه مكتوب في زبور داود عليه السّلام: اللهمّ ابعث إلينا مقيم السنة 27 إنها استأذنت ربها أن تسلم علي 1136 إنها ستكون فتنة واختلاف 2456 إنها كفارة المجلس 1902 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 إنها كنز من كنوز الجنة 2013 أنها لما وضعته ماتت فاسترضع له جده حليمة 119 إنها لن تراني ابن عباس 1094 إنها لن تراني أسماء بنت أبي بكر 183 انهكوا الشوارب واعفوا اللحى 1653 إنهم عرضوا ثلث أموال تهامة على أبرهة 35 إني أتكلم على قدر عقولكم 315 إني أخبرتها أنه قد نعيت إلى نفسي فبكت 937 إني إذا حلفت على يمين فرأيت أن غيرها 1848 إني أراك إذا أتيت المدينة سترى قبر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز 872 إني أعرف إذا كنت راضية عني وإذا كنت غضبى 2069 إني امرؤ مقبوض علي بن أبي طالب 2232 إني أمرت أن أستغفر لهم أبو مويهبة 979 إني تارك فيكم الثقلين زيد بن الأرقم 2278 إني حرمت ما بين لابتيها 603 إني دعوت الله فقلت: اللهمّ من صاهرت إليه عبد الله بن عمر 2606 إني رأيت في النوم أني أعطيت عسلا مملوء لبنا 2400 إني رأيتها صنعت ثمة كذا وكذا عبد الله بن عمر 2251 إني سألت ربي أن لا يدخل النار عمران بن حصين 2275 إني قد أحدثت بعده فادفنوني مع إخواني 941 إني قد نهيت أن أتعرى ابن عباس 159 إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض أم أيمن 176 إني كنت واعدتك، فكرهت عمار بن ياسر 180 إني لأحسب لو وضع علم عمر في كفة ميزان 2427 إني لأرجو لأمتي في حبهم أبي بكر وعمر 2385 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي 162 إني لأعرف كلمة لو قالها هذا الغضبان لذهب غضبه 1834 إني لأعلم أنك أحب البقاع إلى الله 1548 إني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله 403 إني لأمزح ولا أقول إلا حقا 2075 إني لأنظر إلى المنجنيق فوق أبي قبيس محمد بن زيد 545 إني لست ممن تقبلني أرض قبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو معاوية الأسود 663 إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني عبد الرحمن بن عوف 2016 إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت عبد المطلب 307 إني مخلف فيكم الثقلين أبو سعيد الخدري 2279 إني مننت عليك بسبعة أشياء 1504 إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد 1405 إني وإياك وهذين وهذا الراقد علي بن أبي طالب 645 أهدى إليه ملك الروم بغلة ابن عباس 1043 أهدى أمير القبط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين بريدة 1006 أهدى له النجاشي خفين 1073 أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلته الشهباء ابن عباس 1042 اهريقوا علي من سبع قرب عائشة 822 أهل بيتي فيكم كباب حطة 2247 أو تعرفونه في السماء يا جبريل؟ أنس بن مالك 2470 أوتيت ثلاثا لم يؤتهن أحد ولا أنا 2253 أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن عباس 15 أوقدت النار ألف سنة أبو هريرة 359 أول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد 939 أول آية نزلت في شهر رمضان 152 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 أول زمرة تدخل الجنة فقراء المهاجرين 2212 أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة عائشة 150 أول ما صليت الجمعة ببقيع الخبخبة 590 أول من أشفع له من أمتي: أهل بيتي ابن عمر 2293، 2319 أول من أطعم الثريد: إبراهيم عليه السّلام 82 أول من خطب بمكة على المنبر: معاوية 453 أول من سن الرحلتين إلى الشام والعراق 127 أول من نصب أنصاب الحرم ابن عباس 408 أول من يحاسب الحساب في الموقف كعب الأحبار 1566 أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين علي بن أبي طالب 2323 أول من يسقى من حوضي صهيب الرومي 2599 أول من يقرع باب الجنة بلال المؤذن 2558 أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض 2243 أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة 2048، 2050 إياكم واللغط، فإن مسجدنا عمر بن الخطاب 660 إيت ذلك الحجر عكرمة بن أبي جهل 1519 إيت عمر بن عبد العزيز وقل له إن ذلك رجل من الحي 900 إيتني بالمفتاح ابن عمر 776 إيتني بدواة وقرطاس أبو دجانة 1249 إيتوني بوضوء علي بن أبي طالب 611 أيحب أحدكم أن يكون كية في وجهه؟ عمرو بن دينار 652 أيسرك أن يشرب معك الهر؟ 1769 إيش بينك وبين الصوفية أبو مروان القاضي 914 إيش الذي تعملين عائشة 2072 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 أيكم فجع هذه بفرخيها؟ 1534 أيما امرأة خرجت متعطرة لعنتها الملائكة 1664 أين ابن عمك؟ أم سلمة 2347 أين أسعد بن زرارة؟ 567 أين البعيران اللذان غيبت بالعقيق؟ 739 أين المال الذي وضعته عند أم الفضل؟ 694 أين إمامكم؟ 1724 أين زوجي؟ 1419 أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا أبو بكر 842 أيهما أحب إليك الجمل أو الدراهم 1869 أيهما أكثر أخذا بالقرآن جابر بن عبد الله 668 بأبي أنت وأمي، ما أطيبك حيا وميتا علي بن أبي طالب 846 بأبي شبيه بالنبي أبو بكر 2337 بارز عبد الله بن عتيك أبا رافع بن أبي الحقيق 1207 بارك الله عليكم خلوا سبيلها فإنها مأمورة 565 بارك الله فيك 1197 بأيهما كنت تنظر؟ 827 بت بين القبر والمنبر فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ابن أبي الطيب 928 بحسب امرئ من البخل أن أذكر عنده ثم لا يصلي علي 2033 بخلت على ابني بخاتم في يدك 2256 البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي 2030 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 بسم الله الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي 1705 بسم الله توكلت على الله 1689 بسم الله ريقة بعضنا بتربة أرضنا 1784 بسم الله لا قوة إلا بالله 1792 بسم الله وبالله أعوذ بعزة الله عثمان بن عفان 2176 بسم الله، اللهمّ أذهب عني ما أجده أسماء بنت أبي بكر 1272 بعثت إلى الأحمر والأسود 1363 بعثت إلى الخلق كافة 1360 بعثت بالحنيفية السمحة 1472 بعثت لأتمم مكارم الأخلاق 1619 بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي فانتهيت إليهم أبو أمامة الباهلي 2579 بعني جملك 1863 بل الرفيق الأعلى في الجنة عائشة 836 بل أنا أقتل أبيا 1288 بل أنا أقتله إن شاء الله 1288 بل أنا والله يا عائشة وارأساه عائشة 819 بل أنتم خير منهم أبو هريرة 2221 البلاء موكل بالمنطق أبو بكر 336 بلال سابق الحبشة إلى الجنة 2557 بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يأتيه عبد الملك بن عمير 56 بلغ من كرمه صلى الله عليه وسلم أن أشرك جلساءه 1912 بلغتك سنتي وعرفت شريعتي ثم عصيت فما عذرك؟ داود بن أبي هند 2692 بلغوا عني ولو آية 2151 بلوا الأرحام ولو بالسلام 1637 بم أحرمتما؟ أنس بن مالك 798 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 بم نجوت؟ 2027 بنا أهل البيت بدأ الله 2354 بنى صلى الله عليه وسلم بيتين لزوجتين 586 بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ثمام وخشبات مجمع بن يزيد 579 بها الزلازل والفتن عبد الله بن عمر 1269 بورك عليك وبورك فيك أبو أيوب الأنصاري 1736 بين السماء والأرض بحر يسمى القاصبة 367 بينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس يتذاكرون فضل النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس 1527 بينا أنا في الحطيم- وربما قال في الحجر- مضطجعا مالك بن صعصعة 339 بينا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن عبد الله بن عمر 2399 بينا أنا نائم إذ جاءني ملك 356 بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص أبو سعيد الخدري 2401 بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص أبو سعيد الخدري 2402 بينا أنا نائم في بيتي طاهرا أتاني جبريل وميكائيل 346 بينا رجل يسوق بقرة إذ عيا فركبها أبو هريرة 2366 بينما أنا أصلي البارحة إذ جاءني الشيطان 186 بينما رجل يمشي في الطريق إذ مر بكلب 1780 بينما عمر بن الخطاب ذات يوم جالس إذ مر به رجل 44 تأكل الحلوى وأنت أرمد 1787 تبايعوني على الموت 754 تبسمت من عدو الله إبليس 806 تبكيه أو لا تبكيه فما زالت الملائكة تظله جابر بن عبد الله 676 تجافوا عن عقوبة ذوي المروآت 1646 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 تحت الأبارقة جابر بن عبد الله 681 تحدرت عليه الشياطين من الجبال والأودية ابن خنبش 187 تحشر ابنتي فاطمة عليها السلام ومعها ثياب مصبوغة 2260 تخرج المياه من صخرة بيت المقدس ابن عباس 345 تذكر حيث أذكر 2015 ترسلوا بالقرآن 1680 ترك صلى الله عليه وسلم يوم مات ثوبي حبرة 1013 تريد أن تخدعني 1332 التزمي دلدل أنس بن مالك 1098 تسمع ما أسمع؟ أطت السماء وحق لها أن تئط أبي ذر 1686 تصافحوا فإنه يزيد في المودة الحسن البصري 1826 التضلع من ماء زمزم براءة ابن عباس، الضحاك 417، 426 تعالي كلي 1213 تفرقوا فإن الله ضمن عصمتي 1372 تفقدوا نعالكم عند أبواب 656 تقتلك الفئة الباغية 587، 588، 1286 تقتله الفئة الباغية 2565 تقول العدل وتعطي الفضل 1818 تكلم بما شئت يا عم وأنا مطيع لك 138 تلد أم الفضل ولدا تقر به أعيننا 2530 تلد فاطمة الحسين فتربينه محمد بن علي 1306 التمس صاحبا 2126 التمسوا الجار قبل شراء الدار 2136 تنازعت الطير والسحاب في رضاعه مجاهد 109 تنبح عليك كلاب الحواب 1321 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 تهجمون على رجل من أهل الجنة معتجر ببرده 2447 تهجمون على رجل من هذا الوادي معتجرا ببرد 1300 توفي صلى الله عليه وسلم وعليه دين ودرعه مرهونة 1567 توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عندي إلا عائشة 1175 توفيت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء 203 ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت 105 ثمام وخشبات، إن الأمر أعجل من ذلك 583 جئتم تسألوني عن ذي القرنين عقبة بن عامر 1302 جئني بالشياه 1250 جاء ذمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه 2428 جاء رجل إلى ابن عمر عليهم السلام فقال: أشهد عثمان بيعة رضوان ابن عمر 2443 جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستحمله 2418 جاء رجل على سعيد بن زيد فقال: إني أبغض عثمان عبد الله بن ظالم 2451 جاء عفريت من الجن بشعلة من نار ليقطع 188 جاء ناس إلى ابن عباس فقالوا: جئنا نسألك 2524 جاءت الملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم 320 جاءت عائشة بابن الزبير حين ولد فحنكه صلى الله عليه وسلم 1856 جاءني جبريل عليه السّلام فقال: أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي أبو طلحة 2019 جاءني جبريل عليه السّلام وقال: إنه لا يصلي عليك عبد الرحمن بن عوف 2017 أحد إلا جاءني جبريل فذكرني أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب 2432 جاءني جبريل فقال: يا محمد قلبت مشارق الأرض 197 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 جعفر بن أبي طالب يطير مع الملائكة في الجنة 2603 جعل رزقي تحت ظل رمحي 1398 جمروا به المسجد ينتفع به المسلمون عمر بن الخطاب 664 جمع القرآن أربعة أنس بن مالك 2574 جمعت بين اللحمين 1731 جنبوا المساجد الصبيان والمجانين 1721 الجنة للأعرابي بعشر وللمهاجر بسبع أبو سعيد الخدري 2214 جهاد للأعرابي بعشر وللمهاجر بسبع أبو سعيد الخدري 2214 جهاد الكبير وجهاد الضعيف 504 الحاج والمعتمر وفد الله 490 الحار والقار منزوعا البركة 1744 حب أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهم كفر 2357 حب العرب إيمان وبغضهم نفاق أنس بن مالك 2183 حبب إلى من دنياكم ثلاث 2521 حبك الشيء يعمي ويصم 2144 حتى أسأل جبريل 1401 حج آدم فطاف بالبيت سبعا ابن عباس 472 الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة 501 حج خمسة وسبعون نبيا مجاهد 532 الحج يوم عرفة عبد الرحمن بن يعمر 789 حد عرفة من الجبل المشرف إلى ابن عباس 536 حدثوا عن بني إسرائيل 2152 الحرب خدعة 2134 حرم الله الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم علي بن أبي طالب 2291 حرمت ما بين لابتيها 2059 الحزم سوء الظن 2139 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 حسان بن ثابت مؤيد بروح القدس 2602 الحسن والحسين ابني، من أصبهما أصبني سلمان 2286 الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة أبو سعيد الخدري 2230 حضرت مع رجال من قومي صنما ببوانة عمرو الهذلي 47 حق المسلم على المسلم ست 1898 حق علي بن أبي طالب على المسلمين عمار- أبو أيوب 2493- 2494 حق على قائمنا إذا قام علي بن الحسين 2268 الحل كله ابن عباس 796 الحلال بين والحرام بين ابن عمر، النعمان بن بشير 2121، 2127 الحمد لله نحمده ونستهديه ونستعينه 1205 الحمد لله رب العالمين 1702 الحمد لله رب العالمين كثيرا 1701 حملت في خير قرون بني آدم قرنا فقرنا أبو هريرة 74 حول مكة اثنا عشر ألف جبل 455 حي على الطهور والبركة من الله ابن مسعود 1159 حيث ما دار سعد بن وقاص دار الحق معه 2589 حين كان بين أم إسماعيل بن إبراهيم وبين سارة ما كان ابن عباس 415 خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله 2601 خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين أنس بن مالك 1627 خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين أنس بن مالك 1186 خذ بيدي حتى أخرج فأودع الناس وأعهد إليهم الفضل بن العباس 825 خذه يا أبا هريرة فاعده في مزودتك أبو هريرة 1176 خذوا القرآن من أربعة 2571 خذوا بسم الله أبو هريرة 1188 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 خذوا عني مناسككم 801 خذوا يا بني طلحة ابن جريج 774 خذوها يا بني طلحة تالدة 777 خرج صلى الله عليه وسلم إلى قباء على حمار عري 1605 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية دراهم يريد بها السوق 1595 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة هاجر من مكة أبو معبد الخزاعي 563 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وميسرة إلى الشام ومعه تجارات 139 خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يلعب مع الغلمان 137 خرج عكرمة بن أبي جهل حين افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة 1851 خرجت حاجا في الجاهلية في جماعة من قومي 52 خرجت لخديجة بنت خويلد إلى جرش كدي 163 خرجنا أربعة نفر نريد الحج في الجاهلية الجعد بن قيس المرادي 60 خرجنا في عير إلى الشام قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان 46 خرجنا من قومنا من غفار أبو ذر الغفاري 63 خص الله سبحانه عثمان بن عفان رضي الله عنه بالتمكين بعض العارفين 2469 خطب النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من بني مرة 964 خل عنه فإنه من أهل النار أبو هريرة 1330 الخلافة بعدي ثلاثون سنة سفينة 1303 الخلافة ثلاثون سنة 2517 الخلافة لقريش والحكم للأنصار عتبة بن عبد السلمي 2203 خلف رسول الله تسع زوجات 815 خلق الله عز وجل نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق الأشياء 80 خلق الله لهذا البيت عشرين ومائة رحمة 503 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 الخلق كلهم عيال الله 1581 خلقني الله من نوره 2435 خير أهل المشرق عبد القيس ابن عباس 2206 خير بلدة على وجه الأرض وأحبها إلى الله 404 الخير عادة 2120 خير نساء العالمين خمسة 2616 خير واديين: وادي مكة علي بن أبي طالب 420 خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة 1486 خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أبو هريرة 2207 دخل محمد بن نصر المروزي على إسماعيل بن أحمد 924 دخلت الجنة فرأيت على باب الجنة مكتوبا جابر بن عبد الله 2501 دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ذهب أنس بن مالك 2408 دخلت على عمر رضي الله عنه حين أصيب ابن عباس 2429 دخلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة أبو عبد الله الجلاء 931 دخول البيت دخول في جنة ابن عباس 482 الدعاء محجوب حتى يختم بالصلاة علي 2038 دعن بنتي 937 دعوا ابني لا تزرموه أبو ليلي الأنصاري 2322 دعوه فإنما كان هذا بكتاب وقدر أنس بن مالك 1628 دعوه فإنه جاء مستغيثا: رجل من الأنصار 1151 دلستم علي، وردها 963 دم الحسين بن علي لم أزل التقطه ابن عباس 894 دونك يا جابر فاعمل هذه البيضات جابر بن عبد الله 1194 ذاك شيطان، ادن عثمان بن أبي العاص 1208 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 ذاك شيطان يقال له خنزب 1209 ذاك عبد الله بن عمرو طلحة بن عبيد الله 675 ذكر الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم بأحسن الذكر وهب بن منبه 32 ذهب بها ربها 1267 ذهبنا نرفع المقام في خلافة المهدي فانثلم عبد الله بن شعيب 447 ذو اليدين، ذو الشمالين 2061 الذي بعث محمدا بالنبوة لولا أنك وليت الحكم بن أبي العاص 1096 رؤي على علي رضي الله عنه برد وكان يكثر لبسه 2412 رؤي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما وعلى ظهره قربة ماء 2416 الرؤيا التي رأيتها كعب الأحبار 2377 الرؤيا التي رأيتها بمكة كعب الأحبار 897 رأت عائشة رضي الله عنها في المنام كأنه سقط في حجرها ثلاثة 2372 رأس العقل بعد الإيمان سعيد بن المسيب 2096 رأس العقل بعد الإيمان مداراة الناس 1642 رأى ابن عباس رضي الله عنه جبريل مرتين أبو جهضم 2533 رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول له: نصر بن أحمد 916 رأى رجل النبي صلى الله عليه وسلم في المنام 911 رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وكان بدينور 912 رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله الحسن البصري 921 رأيت البارحة رؤيا عجبا 927 رأيت البحر وسمعت البحر 1239 رأيت حممة خرجت من ظلمة سطيح الغساني 6 رأيت الكعبة في النوم وهي تكلم النبي صلى الله عليه وسلم مجاهد بن جبر 466 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام أبو الوفاء القاري 917 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلي أبو عبد الله الجلاء 931 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابن عيينة 908 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام عمر بن عبد العزيز 899 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أشعث أغبر ابن عباس 894 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فبادرت إليه أبو الحارث الأولاسي 915 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: أبو عبد الله المغربي 929 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فوضع شفته على شفتي أبو أيوب الضرير 920 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في مسجده صاحب مالك 902 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مشمرا عن ساقه 923 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وإلى جنبه فرجة الفضيل بن عياض 919 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وسفيان الثوري مصعب بن المقدام 903 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون ابن عباس 891 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول ابن المنكدر 907 رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وحوله جماعة أبو جعفر الصيدلاني 922 رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف أبي أمامة 871 رأيت بين عيني إسرافيل كل شيء 1479 رأيت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين هدمها عمر عبد الله بن يزيد الهذلي 636 رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي أنس بن مالك 349 رأيت رجلا من الحجاج يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سفيان الثوري 2056 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن أبو رافع 2340 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ابن أبي الطيب 928 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام محمد بن علي السمان 930 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: قم صل 912 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: جعفر بن سليمان 918 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول لي 914 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وبين يديه 926 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله رجل من القراء 910 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بطنك أبو هريرة 2342 رأيت في المنام أن الناس جمعوا للحساب ابن عمر 895 رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت الكلبي 904 رأيت قائد الفيل وسائسه عائشة 165 رأيت قائد الفيل وسايسه بمكة عائشة 39 رأيت كأن النبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد أبو عبد الله الليثي 901 رأيت كأني عرضت على الله أبرويز بن هرمز 8 رأيتني البارحة كأن رجلا ألقمني كتلة تمر جابر بن عبد الله 2378 رأيته يمشي في بطنان الجنة جابر بن عبد الله 2620 رأيتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب جابر بن عبد الله 2620 رأيتها نابتة في النار 1759 رب اعط نفسي تقواها عائشة 2000 ربما بسط صلى الله عليه وسلم ثوبه لمن ليس 1907 ربما جاءه صلى الله عليه وسلم من يأتيه وهو على 1880 ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة أنس بن مالك 1996 رجلان من ثقيف: مبير وكذاب أسماء بنت أبي بكر 1341 رحم الله أبا بكر زوجني ابنته عائشة علي بن أبي طالب 2510 رحم الله والدا أعان ولده على بره 1874 رد النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين ابن عباس 113 رديه يا عائشة فو الله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب عائشة 1578 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 رضيت لأمتي ما رضي لهم ابن أم عبد 2572 رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية عمرو بن عبسة 68 ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة أنس بن مالك 1039 ركبت ومعي غلام لي حتى جئت قبر حمزة خالة العطاف 678 الركن والمقام حجران من حجارة الجنة سعيد بن المسيب 440 الركن يمين الله في الأرض 444 زر غبا تزدد حبا 2078 زوجوا أبا هند وتزوجوا إليه 986 زودك الله التقوى 1700 زويت لي الأرض فأريت مشارقها ثوبان 1294 زيد وما زيد يسبقه عضو منه 1324 سئل جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام عن أبي بكر 2521 سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أينحني بعضنا لبعض 1822 سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقني ثم ضرب بين كتفي عائشة 2064 سار تبّع الأول إلى الكعبة وأراد هدمها محمد بن إسحاق 1 سأل الحجاج الحسن فقال: ما تقول في علي؟ 2474 سألت ابن عباس رضي الله عنه عن أول من أسلم الشعبي 2393 سألت الله أن يرزقني الحج ثلاث سنين رجل من الحي 900 سألت ربي عما يختلف فيه أصحابي من بعدي سعيد بن المسيب 2520 سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله ابن زمل الجهني 2001 سبحانك الله اللهمّ وبحمدك أشهد 1901، 1903 سبقكما به الدوسي زيد بن ثابت 2585 ستة لعنهم الله والملائكة علي بن الحسين 412 سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر أبو سعيد الخدري 648 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 سدوا هذه الأبواب إلا باب علي 649 سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أنس بن مالك 2383 سر (للجمل) جعيل الأشجعي 1261 سرك الله يا عم في الدنيا والاخرة 1865 السفر قطعة من العذاب أبو هريرة 2108 سل تعط، فقد نظر الله إليك أنس بن مالك 1993 السلام اسم من أسماء الله تعالى مقدس 1819 السلام أمان من العذاب 1828 السلام عليك أبا إبراهيم أنس بن مالك 254 السلام عليك أبا خبيب ابن عمر 549 السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله محمد بن جعفر 875 السلام عليكم أهل البيت 643 السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله أبو الحمراء 2325 سلمان أفقه منك 2548 سلمان منا أهل البيت 2547 سم الله وكل بيمينك 1727 السماح رباح، والعسر شؤم ابن عمر 2094 سمعت زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية وهو مسند ظهره أسماء بنت أبي بكر 2621 سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يعيب أكل ما ذبح لغير الله عائشة 172 سمعت صوت العباس في وثاقه 2170 سيسلبها 1337 سيكون فتن يصطلم فيه العرب عبد الله بن عمرو بن العاص 2184 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 شاهت الوجوه 691، 779، 1384 شتم رجل عبد الله بن عباس: عبد الله بن بريدة 2532 شفاعتي لأهل الكبائر 1487 شم سيفك، فإني أرى 715 الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ابن عباس 685 شهدت حلف المطيبين عبد الرحمن بن عوف 132 شيبتني هود وأخواتها 1682 صاحب الدابة أحق بصدر الدابة 1608 صبوا على يده فإنه منهم أبو جعفر الصيدلاني 923 صبوها فيها خليلة بنت الخليل 1169 صح في الناس 779 صحبت قوما فقلت لهم: اكفوني الطعام والشراب سلمان الفارسي 65 صحبت كعب الأحبار وهو يريد الإسلام عمرو بن شرحبيل 77 الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي ابن عباس 533 صدق الله: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ بريدة بن الحصيب 2229 صدقت رؤياك الحسن البصري 1306 صدقت، بارك الله فيك معيقيب 1198 الصدقة تطفئ غضب الرب علي بن الحسين 2248 صرفت القبلة يوم الاثنين عمرو بن عوف 595 صعد إبراهيم المقام حيث أمر بالدعوة ابن عباس 448 صل من قطعك واعط 1453 صلاة في مسجدي هذا أفضل ابن عمر 657 صلب الرجل قريش جابر بن عبد الله 2201 صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم 2024 صلوا في مصلى الأخيار ابن عباس 418 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 صلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى أهله جابر بن سمرة 327 صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة نحو بيت ابن المسيب 590 صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة سبعين صلاة 714 صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا ابن عباس 530 صنعت بالمدينة طعاما نأكله أنس بن مالك 613 صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة 2605 الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة عامر بن مسعود 2115 ضرب الله مثلا صراطا مستقيما 2173 ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات أسماء بنت أبي بكر 2002 ضعي يدك عليه، ثم قولي ثلاث مرات أسماء بنت أبي بكر 1272 ضعه في ناحية واذهب أنس بن مالك 1186 ضم سعد في القبر ضمة 2541 طعام الواحد يكفي الاثنين 1733 طلحة ممن قضى نحبه 2567 طلحة والزبير جاراي في الجنة 2570 طلقها صلى الله عليه وسلم حين أدخلت عليه 956 الطواف بالبيت خوض في رحمة الله 498 طوافان لا يوافقهما عبد مسلم إلا خرج من ذنوبه أنس بن مالك 477 طوبى لمن أحبك وصدق فيك عمار بن ياسر 2487 طوله مسيرة ألف سنة، وسنانه من ياقوتة حمراء عبد الله بن سلام 2627 الطيرة شرك 1791، 1813 ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بدر عين 716 عارضني ملك بين السماء والأرض 729 عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين 816 عافاك الله ما هكذا قلت ابن أبي الطيب 928 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 عالم قريش يملأ طباق الأرض علما 2210 عامر دار سوء يا أبا دجانة 1249 العباس بن عبد المطلب عمي 2551 عبد الله بن عمر من وفد الرحمن 2588 عثمان بن عفان أنس بن مالك 2470 عد إلى مكانك 1129 العرب أكرم الناس أخلاقا 2187 العرب تسمي كل موضع يجتمع فيه الناس: 527 عشر من الفطرة 1655 عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه بعد ما جاءته النبوة أنس بن مالك 1859 العلم شفيع إذا استعمل أحمد بن عاصم الأنطاكي 2693 العلم في قريش عبد الله بن الحارث 2220 علي أن ألقط لكم الحطب 1612 على أنقاب المدينة ملائكة أبو هريرة 628 علي بن أبي طالب يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب 1179 عليك بالصعيد فإنه يكفيك عمران بن حصين 1160 عليك بحسن الكلام 1622 عليكم بالإثمد 1658 عم الرجل صنو أبيه 2170 عمار مليء إيمانا إلى مشاشه 2561 عمر أول من يصافحه الحق بعدي ويسلم عليه أبي بن كعب 2403 عندك شيء يا أبا هريرة؟ أبو هريرة 1177 عنزة حي من ها هنا مبغي عليهم منصورون عمر بن الخطاب 2209 العين تدمع والقلب يحزن 1546 غارت أمكم، غارت أمكم 1839 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا لميعاد أبي سفيان 736 غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ستا وعشرين غزاه 688 غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير فأجلاهم إلى خيبر 735 غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع 737 غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات عبد الله بن أبي أوفى 687 غسل اليد قبل الطعام يذهب الفقر 1725 غسل اليدين قبل الطعام يذهب الفقر 1726 غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه 847 غطوا إناءكم 1174 غطوا رأسه، واجعلوا على رجله 723 غفر الله لك ولأمك حذيفة 2298 غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت 2459 فاد نفسك وابني أخويك 1314 الفارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب 30 فأول من يعقد له محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي ابن عباس 2630 فبينا أنا أتعجب إذا أنا بثلاث نفر 106 فداك أبوك، ما يبكيك؟ ابن عباس 2281 فراش من ذهب ابن مسعود 1513 فرس تربطه، وسلاح تميل به مع أهل بيتي 2267 فضل الله محمدا على الناس مقاتل بن سليمان 1467 فضلت على آدم بخصلتين ابن عمر 1515 فضلت على الأنبياء بست أبو هريرة 1458، 1512 فقهاء أدباء، كادوا يكونون أنبياء علقمة بن الحارث 1829 فكان من دلالة حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة ابن عباس 93 كانت لقريش نطقت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 فلأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة 1644 فلما هلك أبرهة ملك الحبشة 40 في قوله تعالى: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً قال: هي الصلوات الخمس ابن عباس 489 في قوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ الاية ابن جريج 2327 في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الاية، قال: هو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أبو العالية 2371 في قوله تعالى: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ الاية ابن عباس 2326 في قوله تعالى: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ قتادة 13 في قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ قتادة 13 في قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ الاية، قال: أبو بكر وعمر ابن مسعود 2368 في قوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ الاية، قال: أبو بكر وعمر الحسن 2367 في قوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ قال: طارت لعظمته 454 في قوله تعالى: قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ الاية قتادة 13 في قوله تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى قال: أصحاب محمد ابن عباس 2615 في قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ الاية، قال: الذي يأمر بالعدل عثمان بن عفان ابن عباس 2455 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 في قوله تعالى: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الاية، قال: أبو بكر عكرمة 2369 في قوله تعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ الاية، قال: أبو بكر ابن عباس 2370 في قوله تعالى: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ الاية محمد بن علي 2334 في قوله تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ قتادة 13 في قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ الاية سلمان 2258 في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي 2266 في كل ذات كبد حرّى أجر 1779 قال إبليس: أنا من ذلك الشيء قتادة 13 قال لي جبريل: إن الله قتل ابن عباس 2349 قام حتى تورمت قدماه 1678 قبض رسول الله يوم الاثنين 814 قبل صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون 1600 قبلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم 1890 قحط الناس على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ابن عباس 2440 قد أظل خروج نبي يقال له أحمد 51 قد أعذتك، إلحقي بأهلك 960 قد رأيت طائلا وخالا بخدها 1333 قد سمعت كلامكم وعجبكم ابن عباس 1463 قد عزلتك عن إمامتك 1724 قد فعلت فداها أبوها 644 قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا 703 قدم شيخ من أهل خراسان 885 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا سابع سبعة من قومي علقمة بن الحارث 1829 قدموا قريشا ولا تقدموها 2195، 2196 قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن أبو نعيم الخراساني 909 قرتا العين، قرتا العين عائشة 2320 قريش راية الله في الأرض فمن بغاها العواثر أكبه الله 2193 قم فصل، فإن في الصلاة شفاء أبو هريرة 2074 القناعة مال لا ينفد 2119 قوائمه على ترعة من ترع الجنة 615 قولوا: صلوات الله البر الرحيم علي بن أبي طالب 2045 قوموا بنا أنس بن مالك 1180 قيدها وتوكل عمرو بن أمية 2101 الكافر يشرب في سبعة أمعاء 1739 كان آدم يطوف بالبيت سبعة أسابيع 430 كان إبراهيم خليل الرحمن بني الكعبة الأزرقي 427 كان إبراهيم خليل الرحمن، كثير الصلاة والصيام وهب بن منبه 31 كان ابن عمر يسلم على القبر ابن عون 870 كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ابن عباس 561 كان أبو طالب لا مال له، له قطعة من الإبل 124 كان أبو موسى إذا خطب بالبصرة يوم الجمعة ميمون بن مهران 559 كان أبي أعلم الناس بما أنزل الله على موسى ابن عمران كعب الأحبار 69 كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: القميص 1056 كان إذا قدم من سفر تقدم إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر 869 كان إسلام عمر رضي الله عنه فتحا ابن مسعود 2422 كان الإسلام في زمان عمر كالرجل المقبل حذيفة 2425 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 كان اسم شاته صلى الله عليه وسلم التي يشرب لبنها 1053 كان اسمها القديم يثرب حتى سماها جابر بن سمرة 601 كان الأنصار يرسلون أولادهم الصغار فيدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدفعون عنه 1027 كان أهل نجران من النصارى الشعبي 1426 كان ببوانة صنما تعظمه قريش أم أيمن 176 كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة ابن عباس 428 كان بين عمار وخالد بن الوليد كلاما 2563 كان بين الفيل وبين مبعث النبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة 166 كان بين كتفيه صلى الله عليه وسلم مثل البيضة 322 كان بي طرش عشر سنين ابن أبي الطيب 928 كان جبريل يأتيني كما يأتي الرجل صاحبه ابن عباس 394 كان الحسن- أو الحسين- عند النبي في ليلة مظلمة أبو هريرة 2328 كان حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى: عفيرا علي بن أبي طالب 1031 كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن عائشة 1452 كان دخوله صلى الله عليه وسلم لنفسه مأذونا له علي بن أبي طالب 311 كان رجل من رؤساء اليهود كثيرا ما يقول 933 كان صلى الله عليه وسلم يختم القرآن في ليلة 2463 كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسبع الطوال في ركعة 2464 كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع علي بن أبي طالب 311 كان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضبا وأسرع رضا 1579 كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قواما أنس بن مالك 313 كان صلى الله عليه وسلم أحيانا إذا دخل بيته يقول: ويأتيك بالأخبار عائشة 2088 كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه المؤذن فاذنه بصلاة الصبح 1687 كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج دعا بالمرآة أنس بن مالك 1077 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على عتبة بابه 1689 كان صلى الله عليه وسلم إذا أرد سفرا أحب أن يخرج يوم الخميس 1696 كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا صلى 1697 كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى كعب بن مالك 2135 كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا 1783 كان صلى الله عليه وسلم إذا أصابته الشمس أظلته السحابة 1108 كان صلى الله عليه وسلم إذا انتعل بدأ باليمنى 1690 كان صلى الله عليه وسلم إذا اهتم أكثر من مس لحيته 1654 كان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه من به قرحة قد أعياه برؤها 1784 كان صلى الله عليه وسلم إذا حضرته الملائكة 1495 كان صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوما قال: 1985 كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل السوق قال 1694 كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض لم يحضر أجله 1786 كان صلى الله عليه وسلم إذا راعه الشيء في منامه قال 1671 كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال أعرض عنه 1695 كان صلى الله عليه وسلم إذا ركب الدابة يردف في بعض الأحايين 1607 كان صلى الله عليه وسلم إذا سرح رأسه ولحيته 1083 كان صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته 1914 كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى صلاته سمع من صدره 1529 كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه يقول 1901 كان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر أتى فاطمة 644 كان صلى الله عليه وسلم إذا كلمه إنسان في حاجة لم ينصرف أنس بن مالك 1589 كان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا حمد الله 1706 كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم 1603 كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بموضع عرف من طيبه 1663 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 كان صلى الله عليه وسلم إذا مر على الصبيان سلم عليهم 1606 كان صلى الله عليه وسلم إذا مر في الطريق من طرق المدينة أنس بن مالك 326 كان صلى الله عليه وسلم إذا مشى مع أصحابه مشوا أمامه 178 كان صلى الله عليه وسلم إذا نام عرق 329 كان صلى الله عليه وسلم إذا نام نفخ 318 كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع 1781 كان صلى الله عليه وسلم إذا وقف يصلي انتظر أمر الله ابن عباس 592 كان صلى الله عليه وسلم أرأف الناس بالناس 1580 كان صلى الله عليه وسلم أرق عباد الله في كتاب الله 1677 كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس 1567 كان صلى الله عليه وسلم أسر إلى حفصة كلمات، منها 1447 كان صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إلى العفو والبر 1847 كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها 1623 كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تكرمة لأصحابه 1888 كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا 1569 كان صلى الله عليه وسلم أفضل الناس خلقا 1582 كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسما في مجلسه 1900 كان صلى الله عليه وسلم أكثر ما يجلس تجاه القبلة 1904 كان صلى الله عليه وسلم ألوفا حليما 1556 كان صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن أمية الضمري في شأن جعفر 72 كان صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه 316 كان صلى الله عليه وسلم حسن الوجه كعب الأحبار 1566 كان صلى الله عليه وسلم دائم البشر علي بن أبي طالب 311 كان صلى الله عليه وسلم رزين العقل 1565 كان صلى الله عليه وسلم رؤوف القلب 1554 كان صلى الله عليه وسلم ساجدا بمكة فجاء إبليس أنس بن مالك 185 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 كان صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يريه الجنة والنار 346 كان صلى الله عليه وسلم سهلا عند المصاحبة 1562 كان صلى الله عليه وسلم شريف الهمة، حبيب الفقراء 1560 كان صلى الله عليه وسلم صبيح الوجه 1564 كان صلى الله عليه وسلم صوام النهار 1559 كان صلى الله عليه وسلم طويل السكوت، لا يتكلم 1899 كان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، كثير الفكر 1563 كان صلى الله عليه وسلم فخما مفخما هند بن أبي هالة 310 كان صلى الله عليه وسلم في حجر أبي طالب ابن عباس 125 كان صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر وقد صلى البعض منها 593 كان صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة يستند إلى جذع 1129 كان صلى الله عليه وسلم قاطع الشهوات 1558 كان صلى الله عليه وسلم قائما بأمر الله 1557 كان صلى الله عليه وسلم قد استأجرته خديجة 142 كان صلى الله عليه وسلم قد لبس خاتم الذهب 1074 كان صلى الله عليه وسلم كثير الرؤيا 1672 كان صلى الله عليه وسلم كثير الرؤيا 319 كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يتعمم بالعمائم الحرقانية 1059 كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يرى الأنصار 1602 كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان هند بن أبي هالة 310 كان صلى الله عليه وسلم مشغوفا بقراءة قل هو الله أحد 1523 كان صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس أنس بن مالك 2079 كان صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تبسما ما لم ينزل 1894 كان صلى الله عليه وسلم موصوفا بالرأفة والرحمة 1546 كان صلى الله عليه وسلم لا تفارقه قارورة الدهن 1084 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 كان صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده ما أمكنه 1732 كان صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا عن ذكر الله علي بن أبي طالب 311 كان صلى الله عليه وسلم لا يدع أحدا يمشي معه 1604 كان صلى الله عليه وسلم لا يعيب على أحد شيئا صنعه 1577 كان صلى الله عليه وسلم لا يمر في طريق إلا عرف جابر بن عبد الله 325 كان صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا ونحن حوله أبو ذر الغفاري 179 كان صلى الله عليه وسلم ليس بالذاهب طولا علي بن أبي طالب 309 كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب 1555 كان صلى الله عليه وسلم يأتي بيت أم سليم فيقيل عندها 330 كان صلى الله عليه وسلم يأتي حراء 148 كان صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب ويطرح النوى 1611 كان صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض ويجلس على الأرض 1569، 1729 كان صلى الله عليه وسلم يأكل هو أصحابه تمرا 1787 كان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى 1653 كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالشاه فتذبح ثم تقطع 1873 كان صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة بأن تعوذه فيقول 1785 كان صلى الله عليه وسلم يبعد إذا ذهب لحاجته عروة بن الزبير 1095 كان صلى الله عليه وسلم يبكي حتى يغشى عليه 1530 كان صلى الله عليه وسلم يتطيب بالمسك 1668 كان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه 1597 كان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه في كل ثلاث أنس بن مالك 1598 كان صلى الله عليه وسلم يتناول الحجر فيسبح في يده 1144 كان صلى الله عليه وسلم يتوسد يده ويلعق أصابعه 1572 كان صلى الله عليه وسلم يتيما فاواه الله، وضالا فهداه الله كعب الأحبار 1566 كان صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين من قتلى أحد جابر بن عبد الله 667 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 كان صلى الله عليه وسلم يحب الدباء بالعدس 1764 كان صلى الله عليه وسلم يحب الفال 715 كان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ويكره الطيرة 1790 كان صلى الله عليه وسلم يحث على اصطناع المعروف 1641 كان صلى الله عليه وسلم يحج مع قومه قبل مبعثه أبو سعد 758 كان صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت عائشة 181 كان صلى الله عليه وسلم يحرس، وكان أبو طالب يرسل معه ابن عباس 182 كان صلى الله عليه وسلم يحمل اللبن 582 كان صلى الله عليه وسلم يحنك الصبيان بالتمر 1857 كان صلى الله عليه وسلم يخبرهم عن الأهلة 1336 كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة أنس بن مالك 634 كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة أنس بن مالك 1128 كان صلى الله عليه وسلم يداعب الرجل ليس إلا ليسره علي بن أبي طالب 2080 كان صلى الله عليه وسلم يداوي ما يكون في جسده من بثر أو غيره بالحناء 1782 كان صلى الله عليه وسلم يدخل من ذلك الباب 523 كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله ويقول 1693 كان صلى الله عليه وسلم يذكر أمورا كانت في مقامه ذلك 114 كان صلى الله عليه وسلم يركب البغلة بالمدينة بريدة 1006 كان صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه كما يرى من أمامة 1496 كان صلى الله عليه وسلم يستاك بالأراك 1674 كان صلى الله عليه وسلم يستاك في ليلة ثلاث مرات 1673 كان صلى الله عليه وسلم يستند إلى جذع في المسجد 632 كان صلى الله عليه وسلم يشتري لنفسه الثياب 1065 كان صلى الله عليه وسلم يصلي إلى الإسطوانة الثالثة لمسجد قباء 574 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 كان صلى الله عليه وسلم يصلي مع خديجة 146 كان صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للهرة 1610 كان صلى الله عليه وسلم يضع المشط تحت وسادته 1081 كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الثياب الخضر 1062 كان صلى الله عليه وسلم يعرف بريح الطيب إذا أقبل 1662 كان صلى الله عليه وسلم يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بطيب ريحه 1665 كان صلى الله عليه وسلم يعظم الكبير لعظم وقاره 1561 كان صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه كما يعودونه 1596 كان صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ابن عباس 2299 كان صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين 1789 كان صلى الله عليه وسلم يفزعه الريح إذا هاجت 1651 كان صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن بن علي أبو هريرة 2301 كان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان 1601 كان صلى الله عليه وسلم يقسم نظره بين أصحابه 1909 كان صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه 1576 كان صلى الله عليه وسلم يقف على باب علي وفاطمة رضي الله عنهما 643 كان صلى الله عليه وسلم يقول لأبي هريرة: أبا هر 2065 كان صلى الله عليه وسلم يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا 1659 كان صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقل اللغو عبد الله بن أبي أوفى 1590 كان صلى الله عليه وسلم يكثر تلاوة القرآن في غير صلاته 1676 كان صلى الله عليه وسلم يكره البقلة المنتنة 1762 كان صلى الله عليه وسلم يلبس الشملة ويأتزر بها 1057 كان صلى الله عليه وسلم يلبس العباء ويجالس المساكين 1573 كان صلى الله عليه وسلم يلبس القلانس تحت العمائم 1058 كان صلى الله عليه وسلم يلبس يوم الجمعة برده الأحمر 1071 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 كان صلى الله عليه وسلم يمازح بلالا 2070 كان صلى الله عليه وسلم يمج في القدح والدلو والكوز فيجدون لذلك ريحا 1170 كان صلى الله عليه وسلم يمسح وجوه خيله بطرف كمه 1041 كان صلى الله عليه وسلم يمنع عن الهجران ويحث على التواصل 1830 كان صلى الله عليه وسلم يناغي القمر في رضاعه 104 كان صلى الله عليه وسلم ينظر في المرآة 1657 كان صلى الله عليه وسلم ينظر في المرآة ويرجل جمته 1078 كان صلى الله عليه وسلم ينقل معهم (اللبن) 580 كان صلى الله عليه وسلم يولم لكل نسائه باللحم والتمر والسويق 953 كان صلى الله عليه وسلم يوما يأكل التمر ويلقي الحشف 1614 كان ضحك أصحابه عنده صلى الله عليه وسلم التبسم 1895 كان فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى: السكب 1032 كان فرسه صلى الله عليه وسلم السحل 1037 كان في بني عبد الأشهل يهودي ابن وقش 50 كان في بني إسرائيل رجل يقال له أوشا عبد الله بن سلام 10 كان في حجرة عائشة ركوة فيها ماء 1079 كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال جابر بن عبد الله 325 كان في يده صلى الله عليه وسلم مدرى يرجل بها رأسه 1080 كان قبل إسلام عمر تسعة وثلاثون ابن عباس 2434 كان كحله صلى الله عليه وسلم الإثمد 1661 كان لال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش عائشة 1156 كان لبني عذرة بن زيد صنم يقال له: حمام 55 كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أعمام 230 كان لسعد العشيرة صنم يقال له: قراص ذباب بن الحارث 61 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث جدات من سليم قتيبة 223 كان الناس في الحق عنده سواء 1908 كان الناس يدخلون حجرات النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن أنس 641 كان اليهود يقرون لعبد الله بن سلام رضي الله عنه قبل إسلامه 2542 كان لنا صنم يقال له: عمرة عبد بن عمرو الكلبي 57 كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في الجاهلية 141 كان له صلى الله عليه وسلم تور من حجارة يقال له: المخضب 1025 كان له صلى الله عليه وسلم ثوبان لجمعته 1070 كان له صلى الله عليه وسلم حمار يقال له يعفور 1045 كان له صلى الله عليه وسلم ديك أبيض 1055 كان له صلى الله عليه وسلم سرير وقطيفة وقصعة 1014 كان له صلى الله عليه وسلم صاع يكال بها في بيته 1015 كان له صلى الله عليه وسلم فرس يقال له: سبحه 1036 كان له صلى الله عليه وسلم فرس يقال له: لزاز 1035 كان له صلى الله عليه وسلم قدح من خشب 1026 كان له صلى الله عليه وسلم قدح يقال له: الريان 1024 كان له صلى الله عليه وسلم كساء أسود ثم كساه 1069 كان له صلى الله عليه وسلم كساء ملبد 1068 كان له صلى الله عليه وسلم كساء من صوف 1067 كان له صلى الله عليه وسلم محجن قدر الذراع 1017 كان له صلى الله عليه وسلم مخضب من شبه 1028 كان له صلى الله عليه وسلم مد وهو الذي كفر به عن أم ولده 1016 كان له صلى الله عليه وسلم من النوق: القصواء 1046 كان لي جار في منزلي وكان يشتم أبا بكر محمد بن علي السمان 930 كان محمدا صلى الله عليه وسلم حسن الوجه، حسن اللون كعب الأحبار 1566 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 كان من أفعاله صلى الله عليه وسلم ألا يدع العقيقة عن المولود 1858 كان منها أربعة أبيات باللبن لها حجر بن جريد عمران بن أبي أنس 640 كان يسمع لجوفه صلى الله عليه وسلم إذا قام بالليل إلى الصلاة أزيز 1679 كان يغبر في لقاح له نصف النهار عباس بن مرداس 54 كان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له صلى الله عليه وسلم بالبركة 1854 كانت أقبيته صلى الله عليه وسلم كلها مشمرة 1066 كانت البغلة التي يقال لها دلدل 1044 كانت المياه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلة أنس بن مالك 1161 كانت أم أيمن تحضنه 116 كانت حليمة بنت أبي ذؤيب التي أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس 249 كانت خديجة إذا أصابها الحر تحمل حتى تصعد علية 140 كانت عنده صلى الله عليه وسلم درع داود النبي عليه السلام 1021 كانت لقاحه صلى الله عليه وسلم التي أغار عليها عيينة بن حصن 1049 كانت لقاحه صلى الله عليه وسلم: سبعا 1050 كانت له صلى الله عليه وسلم راية سوداء مخملة يقال لها: العقاب 1023 كانت له صلى الله عليه وسلم الجدعاء 1048 كانت له صلى الله عليه وسلم الجعبة تسمى الكافور 1030 كانت له صلى الله عليه وسلم جباب جبة سندس 1062 كانت له صلى الله عليه وسلم جبة من طيالسة 1064 كانت له صلى الله عليه وسلم خرقة- أو: منديل- 1072 كانت له صلى الله عليه وسلم عمامة يقال لها: السحاب 1060 كانت له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم 1054 كانوا إذا صافح بعضهم بعضا 1827 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 كأني أنظر إلى عمرو بن الجموح يخوض الجنة بعرجته جابر بن عبد الله 681 كأني بك وقد تسورت بسواري كسرى 1296 الكباد من العب 1778 كتب صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وكسرى 1280 كذب النسابون 193 الكذب مجانب الإيمان 1805 كذبت، لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية جابر بن عبد الله 2593 كذبت، ذلكم الله الأقرع بن حابس 1355 كره صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل في نعل واحدة كسوته أم سلمة 1069 الكعبة قبلة المسجد الجرام، والمسجد قبلة لأهل الحرم ابن عباس 406 الكعبة محفوفة بسبعين ألفا 479 كفاك الله أمر دنياك ابن عمر 2522 كفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب 848 كفوا صبيانكم فحمة العشاء جابر بن عبد الله 1636 كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت عبد الله بن عمرو 2089 كل البلاد فتحت بالسيف عائشة 608 كل المصائب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جلل 1419 كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم عمر بن الخطاب 2259 كل بيمينك ابن عباس 1123 كل حلف كان في الجاهلية لم يزده 126 كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلي العلاء بن عمار التميمي 2039 على محمد وعلى آل محمد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 كل معروف صدقة 1641، 2142، 2149 كلمتان خفيفتان على اللسان 2010 كلوا الهندباء ولا تنفضوه 1761 كلوا بسم الله 1182 كن أبا خيثمة 1345 كن سبعا ترعاهن أم أيمن 1051 كن كذلك 1117 كنا في حلقة من حلق المسجد فاختلف رجلان في حرف 2417 كنا نرى أن السكينة تنزل على لسان عمر علي بن أبي طالب 2407 كنا نقصد الرجل من المشركين 1402 كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت اجتنيتها أنس بن مالك 2076 كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الأذنين أنس بن مالك 2058 كنت إذا خرجت إلى البطحاء 86 كنت بالمدينة فدخلت المسجد فقعدت إلى رهط قيس بن عبادة 2545 كنت رجلا مجوسيا من أهل أصبهان سلمان الفارسي 64 كنت على شاطئ البحر فجاء غلمان بسمكة 1158 كنت في بيت أم هانئ، فأسرى بي 343 كنت قرأت في الكتاب نجوم الأنبياء والمرسلين سلمان الفارسي 66 كنت مجاورا سنة ثلاث 934 كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمر على شجرة ولا مدر علي بن أبي طالب 1140 كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقبل على رجل يناجيه 2531 كنت نائما على جبل من جبال السراة فأتاني سواد بن قارب الأزدي 42 كني صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم لأنه يقسم الجنة 292 كنيته في التوراة: أبو الأرامل 294 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 كيف أخليك وصاحب الشبكة غائب 1147 كيف بك إذا دفعت من حصن خيبر عبد الله بن عمر 1297 كيف تجدك؟ سلمان الفارسي 1274 كيف تجدين بعلك أبا عمرو؟ 2462 كيف تشهد على ما لم تحضر؟ 1033 كيف سماك أبوك محمدا؟ محمد بن عدي 41 كيف قلت؟ 1202 كيف لا أغضب وأنا آمر بالأمر 795 لا أجد أحدا فضلني على أبي بكر وعمر علي بن أبي طالب 2363 لا أحملك 1848 لا استطعت 1123 لا أعرف أثمان الإبل ولا بيعها 1593 لا أقرت به الأرض 1125 لا إله إلا الله وحده لا شريك له 1947 لا إله إلا أنت سبحانك 1636 لا تؤذيه، فإنه ما علمت قد كان يحب الله ورسوله 1864 لا تؤموا قريشا وائتموا بها جابر بن عبد الله الأنصاري 2196 لا تتخذوا المساجد طرقا 1716 لا تتخذوا قبري عيدا 887 لا تتخذوا قبري وثنا يعبد 888 لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم 844 لا تجف الأرض من دمه أبو هريرة 686 لا تجمع بنت حبيب الله وبين ابنة عدو الله 2307 لا تخرج، فإذا دخلوا علينا 712 لا تذهب الدنيا حتى يملكها رجل 2353 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 لا ترضعنهم إلى الليل 1221 لا ترفعوني فوق حقي 1609 لا تزرموا الصبي 1854 لا تسبها فإنها مأمورة 1652 لا تسبوا الأموات فتحزنوا الأحياء 1852 لا تشدوا الرحال إلا إلى 665 لا تشربوا من مائها ولا تتوضئوا 1290 لا تصلوا علي الصلاة البتراء 2047 لا تطرقوا الطير في أوكارها 1648 لا تعفي عنه ولكن احلقي أبو رافع 2303 لا تغضب! 1835 لا تقبل الصلاة إلا بالطهر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عائشة 2035 لا تقطعوا عليه بوله وارفقوا به 1845 لا تقوموا كما تقوم الأعاجم 1893 لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب 2156 لا تمسهما زيد بن حارثة 174 لا حليم إلا ذو عثرة أبو سعيد الخدري 2097 لا حول ولا قوة إلا بالله 2011، 2013، 2014 لا شيء إلا أني تفلت في القبلة عثمان بن مظعون 651 لا صدقة فيها، بارك الله لك فيها 1236 لا عدوى ولا طيرة ولا صفر 1793 لا مرحبا بضبة ولا أهلا ميمون بن مهران 559 لا مرحبا ولا أهلا 1214 لا نصرت إن لم أنصر خزاعة 769 لا والله ولا مثل ثقب الإبرة 650 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 لا وجدت لا وجدت 1719 لا ورد علي الحوض من لم يقبل العذر علي بن أبي طالب 1625 لا يؤديها عنك إلا رجل من قومك علي بن أبي طالب 788 لا يأتيكم الله برزق حتى تصلوا العصر 1334 لا يبصقن أحدكم في القبلة أنس بن مالك 655 لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الاخر 2217 لا يبلغوا الإيمان حتى يحبوكم لله ولقرابتي ابن عباس 2288 لا يجتمع حب هؤلاء الأربع إلا في قلب مؤمن أبو هريرة 2519 لا يجزي ولد والده إلا أن 1875 لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة أبو سعيد الخدري 2034 لا يحبنا أهل البيت إلا مؤمن تقي جابر بن عبد الله 2284 لا يحبهم إلا مؤمن 2216 لا يحجن بعد هذا العام مشرك علي بن أبي طالب 786 لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث 1830 لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر 1876 لا يدخل الجنة منان 1816 لا يدخل الرفق في شيء إلا زانه 1836 لا يدخل النار من شهد بدرا أبو هريرة 2594 لا يدخلها الطاعون والدجال أنس بن مالك 627 لا يدع المدينة رجل رغبة عنها جابر بن عبد الله 617 لا يزال الدين واصبا ما بقي من قريش عشرون رجلا ابن عباس 2204 لا يشكر الله من لا يشكر الناس أبو هريرة 2090 لا يصبر أحد على لأوائها فيموت أبو سعيد الخدري 623 لا يصنعون الخير حتى يحبوكم لله ولقرابتي ابن عباس 2289 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 لا يضرك ما كان قبل هذا جابر بن عبد الله 337 لا يطوف أحد طوافا يحصيه ابن عمر 474 لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه 1883 لا يكيدن أهل المدينة أحد إلا انماع سعد بن أبي وقاص 631 لا ينبغي المؤمن أن يذل نفسه حذيفة 2095 لا ينبغي أن يسجد لأحد أنس بن مالك 1155 لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد: رجل من الأنصار 1151 لا، بل ابنك يقتله إن شاء الله 1339 لا، بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين 1896 لا، عريش كعريش موسى 584 لا، ولكنها للمذنبين الخاطئين 1486 لا، ولكني أفضت من صاحب هذا القبر أبو رافع 1514 لا، وما زلت أعرف أن الذي هم فيه كفر علي بن أبي طالب 169 لأعطين الراية غدا رجلا 755 لأعطين الراية غدا 1203 لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله 2008 لأن الأول كان من صنع الله 1173 التزمي دلدل أنس بن مالك 1098 التمس صاحبا 2126 التمسوا الجار قبل شراء الدار 2136 لست من دد ولا الدد مني 1803 لظالمي أهل بيتي عذابهم 2336 لعل زوجك الذي في عينيه بياض 2063 لعل عندك شيء علي بن الحسين 647 لعله قام على بابكم سائل 1335 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 لعلي ثلاثة أشياء عبد الله بن عمر 2473 لعن الله الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد 849 لقد احتظرت بحظار شديد 546 لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ 2538 لقد حجرت واسعا 1845 لقد حكمت بحكم الله 2539 لقد رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا عبد الرحمن بن سمرة 401 لقد شهدت حلفا في دار ابن جدعان 129 لقد عذت بمعاذ، فسرحها ومتعها 961 لقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اثنين ما عفا أحد قط عن مثليهما عائشة 1870 لقد كنت غنيّا يا أخا بني دارم جابر بن عبد الله 373 لقد لقيت من قومي شدة، وأشد ما لقيت عائشة 335 لقد هممت أن أبعث إلى الافاق رجالا حذيفة 2360 لقد هممت أن لا أقبل هبة إلا من قرشي أو ثقفي أبو هريرة 2205 لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة جعفر بن محمد 2081 لقي يهودي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له: إن جبريل عليه السّلام 2406 لقيت زيد بن عمرو بأسفل بلدح ابن عمر 173 لكل شيء زينة 1718 لكل كتاب فارس، وفارس القرآن ابن عباس ابن مسعود 2536 لكل نبي حواري، وحواريي طلحة والزبير 2569 لكل نبي حواري وحواريي الزبير 2568 لكل نبي خادم وخادمي أنس بن مالك 2581 لكل نبي دعوة يدعو بها 2691 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 لكم علينا ألا ننكح نساءكم سلمان الفارسي 2181 لم تحل لأحد قبلي 1392 لم تكن ركبتاه صلى الله عليه وسلم يتعديان ركبة جليس له 1887 لم سميت قريش قريشا؟ ابن عباس 81 لم عنيت الشيخ يا أبا بكر 1867 لم يترك صلى الله عليه وسلم عينا ولا دينارا 1568 لم يدخل النار من رآني في المنام أنس بن مالك 889 لم ير صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط ملء فيه 1576 لم يكن أحد أبغض إلى من شاعر أو مجنون 149 لما يكن بالطويل الممغط علي بن أبي طالب 312 لما أبطأ عبد الله بن الزبير عن بيعة يزيد ابن جريج 540 لما أخذ موسى الألواح قال 19 لما أخذ موسى الألواح من ربه نظر فيها وهب بن منبه 21 لما أراد الله تعالى أن ينفخ في آدم الروح نفخه باسم محمد سهل بن عبد الله 33 لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس 853 لما أسري بي إلى السماء دخلت جنة عدن 2513 لما أسري بي إلى السماء رأيت العجائب ابن عباس 389 لما أسري بي من سماء على سماء ابن عمر 2458 لما أسري رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى ابن مسعود 1513 لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم ابن عباس 684 لما أعطى الله تعالى موسى عليه السّلام الألواح ابن عباس 17 لما اقترف آدم الخطيئة عمر بن الخطاب 16 لما انتهيت إلى المسجد نزل علي ملكان 351 لما حضر عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب 122 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 لما حضرت عبد المطلب الوفاة قال لبناته ابن إسحاق 244 لما خاف آدم على نفسه من الشيطان استعاذ بالله 409 لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة أظلم فيها كل شيء أنس بن مالك 564 لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار فبلغ الواقدي 1531 لما دخل عبد المطلب على أبرهة 36 لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وضع لأمته 1400 لما سلم من الصلاة نحو بيت المقدس 594 لما شك في موت النبي صلى الله عليه وسلم 843 لما طعن عمر سمعوا عائشة 2436 لما طعن عمر وأمر بالشورى ابن عمر 2522 لما عرج بي 1794 لما فدى عبد الله بن عبد المطلب من الذبح محمد بن إسحاق 89 لما فرض عمر عليه السّلام للناس فرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف ابن عمر 2592 لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال أهل بدر أتاه جبريل 704 لما قبض إبراهيم قال الله: كيف وجدت الموت 835 لما قتل الحجاج ابن الزبير ثم صلبه 549 لما قتل عبد الله بن الزبير علم جميع أهل مكة 547 لما قتل عبد الله بن الزبير كبر أهل الشام 550 لما كان الغرق، رفع الله البيت ابن جريج 432 لما كان الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هانئ المخزومي 5 لما كان زمن الفيل خرجت قريش فارة الزهري 306 لما كان يوم الاثنين الذي قبض فيه أنس بن مالك 823 لما كنت في مسيري انتهيت إلى ربوة فلسطين 350 لما نزل صلى الله عليه وسلم خيبر قال: الله أكبر 1099 لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني عمرو بن عوف 567 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 لما نزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أقبلت أروى أم جميل أسماء بنت أبي بكر 183 لما نشأت بغض إلى الأصنام 171 لما نصب الحجاج المنجنيق 548 لما هبط آدم إلى موضع الكعبة 429 لما وضع إبراهيم عليه السّلام المدية في حلق إسماعيل 534 لما وضع الحجاج المنجنيق على ابن الزبير لمرتفع 557 لما ولد إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل أنس بن مالك 254 لما ولدت محمد صلى الله عليه وسلم وفصل عني 101 لن تقبله الأرض 1328 لن يغلب عسر يسرين 1396 لن يلج النار رجل شهدا بدرا والحديبية 2595 لن يهلك رجل بعد مشورة 1809 الله أكبر الله أكبر الله أكبر 1921 الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا حليمة السعدية 249 اللهمّ ائتني لأحب خلقك إليك أنس بن مالك 2478 اللهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم علي بن أبي طالب 893 اللهمّ أبدله بالطرب قراءة القرآن مازن بن الغضوبة 59 اللهمّ آت نفسي تقواها وزكها 1928 اللهمّ أتم القليل واغفر الكثير سلمان الفارسي 1274 اللهمّ أثكلها بولدها عائشة 1126 اللهمّ أجب سعدا إذا دعاك 1273 اللهمّ أجرني من النار 1946 اللهمّ اجعل في قلبي نورا 1687 اللهمّ اجعلني صبورا 1955 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 اللهمّ اجعلني مكثرا لذكرك أبو أيوب الضرير 921 اللهمّ اجعلني من أفضل عبادك نصيبا في كل خير 1688 اللهمّ اجعلني من الذين أحسنوا 1957 اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام 2004 اللهمّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها 2466 اللهمّ أحيني سعيدا وأمتني شهيدا 1929 اللهمّ أحيه محيانا جعفر بن محمد 2269 اللهمّ أحييني ما كانت الحياة خيرا لي 1960 اللهمّ أذق آخر قريش نوالا 1243 اللهمّ أذقت أول قريش نكالا 1243 اللهمّ أذهب عنه الحر والبرد عبد الرحمن بن أبي ليلى 2484 اللهمّ أذهب عنه الحر والبرد 1203 اللهمّ أذهب عنهم البرد 1244 اللهمّ أذهب عنهم الرجس أم سلمة 2347 اللهمّ أذهب عني ما أجده أسماء بنت أبي بكر 1272 اللهمّ ارحمهما فإني أرحمهما أسامة بن زيد 2346 اللهمّ ارزقني حبك 1951 اللهمّ ارزقني شهادة في سبيلك عمر بن الخطاب 625 اللهمّ ارزقني عينين هطالتين تبكيان 1685 اللهمّ ارزقني عينين هطالتين تذرفان الدموع 1684 اللهمّ ارزقه مالا وولدا 1242 اللهمّ استر عوراتنا أبو سعيد الخدري 1109 اللهمّ استر عوراتي 1938 اللهمّ اسقنا غيثا مغيثا أنس بن مالك 1268 اللهمّ اسقنا غيثا يحمل تمر أبي لبابة سعيد بن المسيب 1266 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 اللهمّ اشدد وطأتك على مضر أبو هريرة 1270 اللهمّ اشدد وطأتك على مضر 1121 اللهمّ اشف عمي 1204 اللهمّ أصلح لي ديني 1954 اللهمّ أعز الإسلام بعمر 2419 اللهمّ أعنه عليه 1246 اللهمّ أعني على ذكرك وشكرك 1949 اللهمّ أعني ولا تعن علي 1932 اللهمّ اغفر لعائشة عائشة 2085 اللهمّ اغفر للأنصار أنس بن مالك 2222 اللهمّ اغفر لي ذنبي 1945 اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني 1927 اللهمّ اغنني بحلالك عن حرامك 1992 اللهمّ أكثر ماله وولده وبارك له فيه 2580 اللهمّ اكسه جمالا 1224 اللهمّ اكفني عامر بن الطفيل عروة بن الزبير 1100 اللهمّ اكفني عامرا واهد قومه مولة بن حمل 1115 اللهمّ ألف بين قلوبنا 1964 اللهمّ أمتعه بشبابه 1232 اللهمّ إن إبراهيم عبدك وخليك علي بن أبي طالب 611 اللهمّ إن إبراهيم عبدك ونبيك 610 اللهمّ إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة عائشة 470 اللهمّ إن تهلك هذه العصابة عمر بن الخطاب 692 اللهمّ إن عبدك ونبيك يشهد إن هؤلاء لشهداء عبد الله بن أبي فروة 669، 720 اللهمّ أنت أجل من ذكر 1965 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 اللهمّ أنت دعوت إلى حج بيتك عمر بن عبد العزيز 506 اللهمّ أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني 1984 اللهمّ أنت كسوتني فلك الحمد، اللهمّ إني أسألك خير ما صنع له 1704 اللهمّ انج الوليد بن الوليد أبو هريرة 1270 اللهمّ أنجز لي ما وعدتني عمر بن الخطاب 692 اللهمّ انفعني بما علمتني 1961 اللهمّ إنك أخرجتني من أحب البلاد أبو هريرة 597 اللهمّ إنك تعلم أنها أحب البلاد إلى 605 اللهمّ إنهم قد لبسوا علي فلبس عليهم عمر بن الخطاب 1344 اللهمّ إني أحبهما فأحبهما أسامة بن زيد 2235 اللهمّ إني أخرجت من أحب البلاد إلي 606 اللهمّ إني أسألك الثبات في الأمر 1943 اللهمّ إني أسألك الصحة والعافية 1958 اللهمّ إني أسألك الطيبات 1959 اللهمّ إني أسألك العفو والعافية 1923 اللهمّ إني أسألك العفو والعافية أبو هريرة 440 اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى 1940 اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى، والعفة والغنى 1941 اللهمّ إني أسألك إيمانا صادقا 1933 اللهمّ إني أسألك إيمانا لا يرتد 1924 اللهمّ إني أسألك تعجيل 1937 اللهمّ إني أسألك خير المدخل 1698 اللهمّ إني أسألك رزقا طيبا 1948 اللهمّ إني أسألك صحة في إيمان 1953 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 اللهمّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله 1930 اللهمّ إني أسألك من خيره 1694 اللهمّ إني أسألك موجبات رحمتك 1926 اللهمّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد 1196، 1222 اللهمّ إني أستغفرك 1936 اللهمّ إني أعلم أن هذا الحجر لا يضر عمر بن الخطاب 1416 اللهمّ إني أعوذ برضاك من سخطك 1981 اللهمّ إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم 1972 اللهمّ إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع 1978 اللهمّ إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين 1980 اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم والجبن 1979 اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل ومن فتنة القبر 1971 اللهمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم عائشة 1966 اللهمّ إني أعوذ بك من الهم والحزن 1639 اللهمّ إني أعوذ بك من جار السوء في دار الإقامة 1976 اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء 1975 اللهمّ إني أعوذ بك من شرورهم 1985 اللهمّ إني أعوذ بك من طمع يهدي إلى طبع 1982 اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع 1977 اللهمّ إني أعوذ بك من فجاءة الشر 1974 اللهمّ إني أعوذ بك من مال يطفي 1983 اللهمّ إني أعوذ بك من يوم السوء 1973 اللهمّ إني أعوذ بوجهك الكريم 1970 اللهمّ إني ضعيف فقو في رضاك 1950 اللهمّ إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا 1942 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 اللهمّ إني عبدك وابن عبدك 1925 اللهمّ إني لا أرضى بما يصنع الحجاج ابن عمر 553 اللهمّ اهد قلبه علي بن أبي طالب 2477 اللهمّ اهدني وسددني 1962 اللهمّ أيد الإسلام بعمر 2420 اللهمّ بارك عليها، وانفع بها 1142 اللهمّ بارك في عمار أبو سعيد الخدري 2566 اللهمّ بارك فيها 1753 اللهمّ بارك فيها وفي نسلها بهية بنت عبد الله البكرية 1271 اللهمّ بارك لنا في صاعنا أبو هريرة 612 اللهمّ بارك لنا في مكتنا ابن عمر 1269 اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا 1730 اللهمّ بارك له في صفقة يمينه 1234، 1235 اللهمّ بارك له فيها جعيل الأشجعي 1261 اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك 1934 اللهمّ بنورك اهتديت 2003 اللهمّ ثبته واجعله هاديا 1228 اللهمّ جمله 1231 اللهمّ حبب إلينا المدينة عائشة 614 اللهمّ حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين 2583 اللهمّ حوالينا ولا علينا 1122، 1263 اللهمّ رب السموات السبع 1931 اللهمّ ربنا ورب كل شيء 1944 اللهمّ زد في إحسان محسنهم عمر بن عبد العزيز 507 اللهمّ سلط على عتبة كلبا من كلابك 260 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 اللهمّ سلط عليه كلبا من كلابك 1116 اللهمّ عافني في جسدي 1939 اللهمّ عافه، اللهمّ اشفه 1202 اللهمّ عجل لهم الغلام الثقفي عمر بن الخطاب 1343 اللهمّ علمه الحكمة 2528 اللهمّ عليك بقريش ابن مسعود 1118 اللهمّ فقه في الدين 1238، 1240 اللهمّ فقهه في الدين وعلمه التأويل 1855، 2529 اللهمّ كما ائتمنتهم فخانوني علي بن أبي طالب 1342 اللهمّ لا تجعل هذا الحجر من أحجار جهنم 1142 اللهمّ لا تجعل هذا الرمل من كبريت جهنم 1142 اللهمّ لا تنساه 1862 اللهمّ لا خير إلا خير الاخرة مجمع بن يزيد 579 اللهمّ لك الحمد أنت نور السموات والأرض 1922 اللهمّ لك الحمد كله 1935 اللهمّ مزق ملكه كل ممزق 1119، 1280 اللهمّ مشبع الجاعة ورافع الوضعة 1237 اللهمّ من صاهرت إليه ابن عمر 2606 اللهمّ نق قلبي من الخطايا 1952 اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أم سلمة، عائشة 2272، 2273 اللهمّ هب لنا من رحمتك 1956 له صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة كعب الأحبار 1566 لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد ابن مسعود 2534 لو استقبلت من أمري ما استدبرت عائشة 795 لو أن أخي موسى صبر مع الخضر أنس بن مالك 497 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 لو أن الملائكة صافحت أحدا لصافحت الغازي 1754 لو أن عبدا عبد الله بين الركن والمقام ألف عام 2283 لو أن عبدا عمل في صخرة لا باب لها أبو سعيد الخدري 2122 لو تركته لسال الوادي سمنا 1193 لو دعيت إلى ذراع لأجبت 1571 لو دنا مني لاختطفته الملائكة 1425 لو سلك الناس واديا 2224 لو كان بعدي نبي لكان عمر عقبة بن عامر 2421 لو كان لابن آدم واديان من ذهب عائشة 2154 لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا بتغى ثالثا عائشة 2087 لو كنت متخذا خليلا غير ربي لا تخذت أبا بكر خليلا 2380 لو كنت متخذا من الناس خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا ابن مسعود 2381 لو كنت من أهل لأتيت مسجد من كل سبت أبو هريرة 531 لو كنتما من أهل البلد ما فارقتكما عمر بن الخطاب 661 لو لم أفعل هذا لحن إلى يوم القيامة 633 لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم جابر بن عبد الله 1178 لو نثرت الدر على المنافق ما أحبك 2491 لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم عمر بن الخطاب 2387 لو يعلم أحدكم ما له في الوحدة 1811 لو ينبغي لشيء من الخلق أن يسجد ثعلبة بن أبي مالك 1146 لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي 2496 لولا أني أخاف أن يكون في الإسلام ثلمة 2465 لئن كبر القتلة، لقد قدمنا المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر 550 لي وزيران في الأرض 1390 ليأتين على الناس زمان يكونون على شبه علي بن أبي طالب 2175 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 ليبلغ الشاهد الغائب 2133 ليرعفن على منبري 1327 ليس الخبر كالمعاينة ابن عباس 2110 ليس الغني عن كثرة العرض أبو هريرة 2177 ليس حي من أحياء العرب أكثر شهيدا منا أنس بن مالك 2219 ليس شيء خير من ألف مثله ابن عمر 2104 ليس على أبيك كرب بعد اليوم أنس بن مالك 838 ليس عندنا حتى يجيئنا 1710 ليس منا من لم يرحم صغيرنا 1910 ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه 1292 ليصلين معكم غدا رجل من أهل الجنة أبو هريرة 2619 ليلين منكم في الصلاة ذو الألباب 1723 لينقلب كل رجل بضيفه عبد الله بن طهفة 1191 لينهض كل رجل منكم إلى كفئه جابر بن عبد الله 2457 المؤمن الذي يخالط الناس 1798 المؤمن القوي أحب إلى الله أبو هريرة 2123 المؤمن مرآة أخيه 2113 ما أجد ما أعطيك 1849 ما أحبنا أهل البيت أحد علي بن أبي طالب 2241 ما أدري اشتكى بيتكم هذا العري فكسوتموه 1752 ما استخلف أحد على أهله خليفة إذا سافر 1697 ما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي أم هانئ 341 ما اسمك يا غلام 1199 ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي 2574 لهجة أصدق من أبي ذر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 ما أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط 1574 ما الذي أبكاك محمد بن علي 1307 ما أمرت بتشييد المساجد 585 ما أنا أخرجتك ولا أنا أسكنته 649 ما أنا بقارئ 148 ما أنت إلا بحر 1038 ما أنعم رجل على رجل آخر نعمة فلم يشكرها ابن عباس 2092 ما بال أقوال تبلغني عن أقوام ابن عمر 196 ما بال أقوام يؤذنني في قرابتي أبو هريرة 2312 ما بال أقوام يقولون إن رحمي لا تنفع أبو سعيد الخدري 2310، 2332 ما بعث الله نبيا مرسلا إلا أمره أن يعرض محمد بن كعب القرظي 1436 ما بلغ أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغ به الحسن ابن إسحاق 2343 ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة 866 ما تأكل؟ 1731 ما تزوجت شيئا من نسائي ولا زوجت شيئا أبو سعيد الخدري 936 من بناتي إلا بوحي ما تعدون الصرعة فيكم؟ 1833 ما تقول فينا أهل البيت؟ 2250 ما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فيقوم 1881، 1913 ما خلق الله نفسا هي أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم ابن عباس 1451 ما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الموت في أظفاره القاسم بن محمد 840 ما ذقت شيئا ذبح على النصب عائشة 172 ما رأيت شيئا قط كان أحسن أم سلمة 1069 ما رأيت عمر عليه السّلام إلا وكأن بين عينيه ملكا يسدده ابن مسعود 2433 ما رأيت فاطمة بعد أبيها ضاحكة محمد بن علي 839 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 ما زال جبريل يوصيني بحفظ الجار 1638 ما زلت قائما على باب الجنة عثمان بن عفان 437 ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله عنه ابن مسعود 2424 ماء زمزم لما شرب له جابر بن عبد الله، مجاهد 416، 422 ما سماني الحسن والحسين بيا أبه علي بن أبي طالب 2280 ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد سعد بن أبي وقاص 2543 ما شأنهم 1244 ما شتم صلى الله عليه وسلم أحدا من المؤمنين بشتيمة تعلم 1629 ما شعرت أني حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم 95 ما صنعت (لجبريل عليه السّلام) 1427 ما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده أحدا قط 1632 ما ضرب صلى الله عليه وسلم عبده قط 1575 ما عاب صلى الله عليه وسلم مضجعا 1577 ما عال من اقتصد 2124 ما على عثمان ما عمل بعد اليوم عبد الرحمن السلمي 2439 ما عليك إلا نبي وصديق 1283 ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أحب إلي 1851 ما فعلت الدنانير التي دفعتها لأم الفضل 1314 ما قبض نبي إلا دفن حيث أبو بكر 851 ما قل وكفى خير مما كثر وألهى 2131 ما قلت حين حركت شفتيك؟ 2028 ما كان لنبي إذا قصد قوما 712 ما كنت لأخذ له ثمنا 968 ما كنت لأسبق باسمه ربي جابر بن عبد الله 2302 ما لعن صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولا خادما 1630 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 ما لك يا قتادة 1320 ما لك يا أم سلمة 1335 ما لك يا جابر جابر بن عبد الله 1259 ما له ضرب الله عنقه جابر بن عبد الله 1255 ما لهذه عند الله من خير 965 ما لي أراك يا ابن عمرو قد شققت عصا قومك زيد بن حارثة 174 ما لي لا أحب ريحانتي عتبة بن غزوان 2295 ما لي أراكم تختلفون في أصحابي 2527 ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن صعق عمر بن الخطاب 841 ما مررت بالركن اليماني قط إلا وجدت جبريل عائشة 442 ما معك قضيب جابر بن عبد الله 1260 ما معي شيء، ولكن أكتب على جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم 914 ما من أحد أسدى إلى رجل من أهل بيتي عثمان بن عفان 2317 ما من دعاء إلا بينه وبين الله جل جلاله حجاب حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب 2037 ما من شيء حدثني به كعب إلا وقد رأيته ابن الزبير 544 ما من عمل أفضل من حج مبرور 500 ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة كعب الأحبار 868 ما من قوم مضوا في حاجة ومعهم رجل من قريش أو العرب إلا قضيت حاجتهم بالحسنى وكيع بن الجراح 2189 ما من مريض يقول: سبحان الملك القدوس الرحمن حجاج بن فرافصة 1998 ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله إلي روحي أبو هريرة 880 ما من مسلم يصلي علي صلاة إلا صلت عليه الملائكة ما صلى 2023 ما من مسلم يطعم مسلما على جوع 1740 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 ما من مسلم يكسو مسلما إلا كان في حفظ الله 1708 ما من مسلم يكسو مسلما من شمل ثيابه 1707 ما من نبي قبض إلا دفن 850 ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به جابر بن عبد الله إلا عبد الله بن عمر 2587 ما منعك أن تصلي مع القوم؟ عمران بن حصين 1160 ما نزل الحسين منزلا حين خرج علي بن جدعان 2348 ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر أبو هريرة 2382 ما هذا من أفعالك يا أبا بكر عمر بن الخطاب 559 ما هذا من فعالك يا أبا بكر 1381 ما هذا يا أم نبيط؟ أم نبيط 2083 ما هذا يا جبريل؟ 1201 ما هذا يا عائشة؟ عائشة 2085 ما هذا يا عائشة؟ عائشة 1578 ما هذه؟ ألقها، عليكم هذه وأشباهها 1029 ما هذه الجفوة يا بلال؟ أبو الدرداء 892 ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به علي بن أبي طالب 170 ما ولدت النساء أفصح ولا أشجع ولا أسمح ابن عباس من رسول الله صلى الله عليه وسلم 1583 ما يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد 1592 ما يبكيك يا جارية؟ 1595 ما يبكيك؟ 1649 ما يدريك يا غلام أني رسول الله صلى الله عليه وسلم 1199 مات الخليفة 924 مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها 954 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع أزواج له علي بن الحسين 935 ماتت قبل أن يدخل بها صلى الله عليه وسلم 957 ماذا عندك من خير حتى أعين صاحبنا هذا؟ 1594 المتعبد من غير فقه كالحمار واثلة بن الأسقع 2155 متى كنت نبيا؟ 75 مثل أصحابي في أمتي مثل الملح في الطعام 2614 مثل البخيل والمتصدق 2174 مثل الذي يسمع الحكمة ولا يحمل إلا شرها 2158 مثل الصوات الخمس كمثل رجل 2163 مثل العلماء في الأرض مثل النجوم أنس بن مالك 2168 مثل القائم على حدود الله النعمان بن بشير 2166 مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة 2162 مثل القلب كمثل ريشة 2160 مثل المؤمن الذي قرأ القرآن مثل الأترجة أبو موسى الأشعري 2086 مثل المؤمن من أهل الإيمان كمثل الرأس 2164 مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس أبو سعيد الخدري 2157 مثل المريض إذا برأ وصح كمثل بردة 2165 مثل المنافق كمثل الشاة العائرة 2161 مثل أمتي مثل المطر 2159 مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح عبد الله بن عباس 2231 مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر 2171 مثلي ومثل الأنبياء من قبلي 1459 محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أبو بكر الصديق 192 المدينة أفضل من مكة رافع بن خديج 596 المدينة تربتها مؤمنة عائشة 602 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 المدينة حرم حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم 598 المدينة مهاجري وفيها بيتي 609 مر أبو جهل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد يصلي ابن عباس 1101 المرء على دين خليله سهل بن سعد 2111 مرحبا بالحامل والمحمول محمد بن علي 1307 مرحبا بأمي 1906 مرحبا بكم، حياكم الله بالسلام ابن مسعود 828 مررت بعيسى بن مريم وهو شاب 375 مررت بقوم يذكرون أبا بكر وعمر سويد بن غفلة 2362 مروا أبا بكر فليصل بالناس عائشة 821 مري ابنك أن يزوجك 947 مزق كسرى ملكه 1120 المستشار مؤتمن 2146 المسجد الذي أسس على التقوى عروة بن الزبير 577 المصافحة تسل السخيمة 1825 معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله سعد بن أبي وقاص 604 معاشر قريش لا يصل إلى هدم هذا البيت عبد المطلب 34 المعراج أنزل من جنة الفردوس 364 المقام المحمود: الشفاعة 1484 مكتوب في أسفل المقام: إني أنا الله 434 مكتوب في التوراة: إن الله قال لإبراهيم 26 مكتوب في التوراة: إن الله يبعث يوم المحشر وهب بن منبه ملائكته 465 مكتوب في زبور داود: اللهمّ ابعث 27 مكث النبي صلى الله عليه وسلم في حجر أمه سنتين 118 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 من أبغض عمر فقد أبغضني أبو سعيد الخدري 2397 من آتى المدينة زائرا وجبت له بكر بن عبد الله 861 من أتى مسجد قباء 572 من أحب الحسن والحسين فقد أحبني أبو هريرة 2228 من أحب إن يتمثل له الرجال قياما 1892 من أحب أن يكتال له بالمكيال الأوفى 2051 من أحبنا لله نفعه الله بحبنا الحسن بن علي 2330 من أحبني وأحب هذين علي بن أبي طالب 2333 من أحصى أسبوعا فله عتق رقبة ابن عمر 475 من أخاف أهل المدينة أخافه الله يحيى بن سعيد 630 من أدرك شهر رمضان بمكة فصامه 462 من آذاني في أهل بيتي فقد آذى الله علي بن أبي طالب 2290 من أذل قريشا أذله الله 2194 من آذى أهل المدينة يحيى بن سعيد 629 من آذى شعرة منك فقد آذاني علي بن أبي طالب 2486 من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الحمر 328 من أراد أن ينظر إلى حكيم هذه الأمة 2582 من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم 2576 من استطاع منكم أن يموت بالمدينة الصميتة 62 من استعاذ بالله من الشيطان ثلاثا واثلة بن الأسقع 1987 من استوى يوماه فهو مغبون الحسن البصري 922 من أصبح منكم اليوم صائما؟ أبو هريرة 2384 من أصبح وأمسى وقال: اللهمّ صل على محمد جابر بن عبد الله وآل محمد 2046 من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي 2316 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 من أطعم مريضا شهوته 1742 من اطلع في دار قوم بغير إذنهم 1801 من اقتبس علما من النجوم 1806 من أكل الثوم والبصل فلا يغشيانا في مسجدنا 1763 من أكل الجرجير ثم نام عليه 1758 من أكل الدباء بالعدس رق قلبه عند ذكر الله 1765 من أكل الشذاب ثم نام عليه نام آمنا 1756 من أكل الكراث ثم نام عليه نام آمنا 1757 من أكل الكرفس ثم نام عليه 1755 من أكل الملح أول كل شيء وآخر كل شيء 1766 من أكل الهندباء ثم نام عليه 1760 من أكل ما أكلت فله ما قلت لك أبو أيوب 1736 من أكل من هذه البقلة فلا يقربن 654 من الإنصاف أني أخفيت لكم صوتي 1909 من المؤمنين رجال صدقوا عبد الله بن أبي فروة 669، 720 من امتشط قائما ركبه الدين 1920 من أنا؟ 1198 من أنت يا غليم 1866 من أنتم؟ قلنا مؤمنون، قال: لكل إيمان حقيقة علقمة بن الحارث 1829 من أهان قريشا أهانه الله عثمان 2191 من بات طاهرا بات في شعاره ملك 1669 من بدأ السلام فهو أولى بالله ورسوله 1831 من بزق في قبلة المسجد جاء يوم القيامة حذيفة بن اليمان 653 من تتبع ما يسقط من المائدة 1735 من توضأ فأسبغ الوضوء، وجاء مسجد قباء سهل بن حنيف 571 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 من جاءني زائرا- لا ينزعه- 864 من جلس مستقبل الكعبة ساعة 492 من حج حجة الإسلام وطاف 494 من حج فزار قبري ابن عمر 865 من حج ولم يرفث ولم يفسق 502 من حفظني في أهل بيتي 2238 من خرج على طهر حتى يأتي مسجدي هذا 658 من دخل إلى ذي سلطان يقول 1989 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن 1846 من دخل دار أبي سفيان 1394 من دخل داره وألقى السلاح فهو آمن 773 من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد أخطأ طريق الجنة 2031 من رآني في المنام فقد رآني أنس بن مالك 890 من رأى مقتل حمزة؟ كعب بن مالك 673 من رزق من شيء فليلزمه أنس بن مالك 2107 من زار قبري بالمدينة محتسبا أنس بن مالك 2107 من زار قبري بعد موتي فكأنما علي بن أبي طالب 862 من زار قبري وجبت له شفاعتي ابن عمر 860 من سب أحدا من أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين 2608 من سب العرب فأولئك هم المشركون 2186 من سب عليا فقد سبني ابن عباس 2485 من سب نبيا فاقتلوه، ومن سب أصحابي فاجلدوه 2609 من سبق العاطس بالحمد وقي 1918 من سبقنا إلى ذلك الواد فلا يستقين منه 1165، 1292 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد أبو هريرة 1986 من سره أن ينظر إلى آدم في علمه أبو الحمراء 2499 من سره أن ينظر إلى سيد شباب جابر بن عبد الله 2341 من سلم على أخيه المسلم 1821 من سيدكم يا بني سلمة أبو هريرة 2116 من شاء اكتحل ثلاثا في كل عين 1660 من شرب قائما فأصابه شيء من المرض 1767 من شفع شفاعة حالت دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في ملكه 1647 من صبر على حر مكة ساعة 460 من صفاته في الكتاب: راكب الجمل 293 من صلى علي ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة أنس بن مالك 2054 من صلى علي عشرا من أول النهار بكر بن عبد الله المزني 2022 من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له أبو هريرة 2026 من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه 2020، 2021 من صلى علي يوم الجمعة مائة صلاة غفرت له خطيئة ثمانين سنة 2044 من صلى في المسجد الحرام ركعتين الحسن البصري 463 من صلى في المسجد الحرام في جماعة 488 من صمت نجا 2130 من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا علي بن أبي طالب 2315 من طاف بالبيت سبعا جابر بن عبد الله 476 من طاف بالبيت سبعا وأحصاه ابن عمر 473 من طاف حول البيت سبعا 478 من غش العرب لم يدخل في شفاعتي 2185 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 من فرق بين الوالدة وولدها 1650 من فعل ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر 2005، 2006 من فعل هذا؟ عمرو بن دينار 652 من فعل هذا وقاه الله الجنون أبو أيوب 1736 من قال كل يوم: اللهمّ صل على محمد جعفر بن محمد 2053 من قال: اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات عبادة بن الصامت 1988 من قالها عشر مرات كتب الله له عشر حسنات 2007 من قالها كفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر 2009 من كان عنده علم فكتمه 1797 من كان له ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن 1840 من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره 1640 من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يلبس خفيه 189 من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة 2591 من كانت له أختان- أو بنتان- 1842 من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها 1841 من كانت له حاجة إلى الله تبارك وتعالى فليسجد أبو عبد الله المغربي 929 من كانت لي عليه طاعة فليخرج ابن الزبير 537 من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار 1802 من كرم الرجل سلامه 1820 من كنت مولاه فعلي مولاه أبو أيوب- خباب بن الأرت 2471، 2472 من لا يرحم لا يرحم أبو هريرة 2301 من لا يشكر الناس لا يشكر الله الأشعث بن قيس 2091 من لابن الزبير منكم؟ عبد الملك بن مروان 541 من لذذ أخاه المسلم ما يشتهي 1741 من لك بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة 621 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله 1747 من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لأحد ثلاثة علي بن أبي طالب 2292 من لهذا؟ 1246 من مات بمكة فكأنما 458 من مات في أحد الحرمين حاجا 459 من مات في حج أو عمرة عائشة 457 من مرض يوما بمكة 461 من نام وفي يده ريح غمر 1670 من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة 2032 من نظر إلى البيت إيمانا واحتسابا 483 من نظر إلى البيت نظرة 487 من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا ابن المسيب، محمد بن السائب 484، 485 من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا 1795 من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار 1832 من هذا؟ جابر بن عبد الله 1260 من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم 874 من ولي من أمور الناس شيئا فليحفظني 1861 من يزيدنا في إيمان قس بن ساعدة؟ 49 من يسوي رحلي وله الجنة ابن عمر 2522 من يشتري العبد؟ 2068 من يمنعك الان مني؟ 1110 من ينصرني، من يؤويني حتى أبلغ جابر بن عبد الله 333 منبري على ترعة من ترع الجنة 867 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 منى مناخ من سبق عائشة 525، 1884 مهلا يا عائشة فإن الرفق 1838 النار سوداء وأهلها الضحاك بن مزاحم 360 الناس سواء كأسنان المشط أنس بن مالك 2109 الناس كإبل مائة ابن عمر 2103 نامت عينك يا أم أيمن محمد بن علي 1306 ناولني الذراع أبو رافع 1344 ناولني ترابا من الأرض 779 ناولوني طاوس 423 نبيا عبدا 1478 نجده: محمد رسول الله ليس بفظ كعب الأحبار 12 النجوم أمان لأهل السماء 2233، 2234 نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء 833 ندفنك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم 941 نزل الحق على لسان عمر وقلبه ابن مسعود 2396 نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد بن خيثمة عبد الرحمن بن عبد العزيز 566 النظر إلى الكعبة محض الإيمان ابن عباس 486 النظر إلى المصحف بغير قراءة عبادة 2502 نعم، رأيته يا عبد الله؟ ابن عباس 2531 نعم أستغفر له فإنه يجيء يوم القيامة أمة وحدة سعيد بن زيد 2623 نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما جابر بن عبد الله 2296 نعم المرء بلال 2555 نعم المطي مطيكما 2237 نعم ترجمان القرآن ابن عباس ابن مسعود 2535 نعم لما أعلم مما يلقون علي بن أبي طالب 2270 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 نعم، إن شئت أبو أمامة 1103 نعم، قد رضيت 704 نعم، وأرد عليهم سليمان بن سحيم 879 نعم، والله زكرياء بن عمرو 1102 نعى إلينا نبينا وخليلنا نفسه قبل أن يموت ابن مسعود 828 نهى عن الإساءة إلى أحد من الخدم 1626 نهى أن يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء دون الفقراء 1750 نهى عن ثلاث نفخات 1775 نهى عن مجلسين وملبسين 1885 نهيت أن أمشي عريانا العباس بن عبد المطلب 158 نيح على الحسين بن علي ثلاث سنين محمد بن علي 2350 هؤلاء أصحابي الذين أشهد لهم يوم القيامة عبد الله بن أبي فروة 669، 721 هؤلاء الخلفاء من بعدي أبو ذر 2525 ها هنا من آل فلان أحد؟ 1331 هبي لي نفسك 961 هدم ابن الزبير البيت حتى وضعه بالأرض يزيد بن عبد الله 539 هذا أمين هذه الأمة 2553 هذا جبريل يخبرني أن خبيبا صلب 1315 هذا جبل يحبنا ونحبه أنس بن مالك 402 هذا دين الله الذي ارتضاه لنفسه 146، 147 هذا قبر أبي رغال 1310 هذا كتاب من محمد رسول الله إلى من طرق الدار 1249 هذا ما أوصى به محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب 2313 هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله 1326 هذا موضع إبي إسحاق الفزاري الفضيل بن عياض 920 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 هذان ابناي، وابنا ابنتي أسامة بن زيد 2297 هذه امرأة كانت تأتينا أيام خديجة 1872 هذه فضيلة أعظم أبو عمرو الزجاجي 1454 هذه لموت منافق جابر بن عبد الله 1319 هزه عكاشة 1106 هكذا ندخل الجنة أبو هريرة 2515 هل اتبعت يداك الحجر؟ 1236 هل بك برص تكتمه؟ أبو عمرو النخعي 1329 هل عندك شيء واثلة بن الأسقع 1189 هل عندكم من طعام 1192 هل لك من أمة أبو عمرو النخعي 1329 هل مع أحد طعام عبد الرحمن بن أبي 1187 هلال رشد وخير 1695 هم السابقون الشافعون المدلون على ربهم صهيب 2211 هنيئا هنيئا، أحاد الله عنك النار بحذافيرها أنس بن مالك 2386 هو لك، لكن إن استطعت أن لا تزال تنزل قريبا مني 1040 هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن عباس 191 هو مسجد قباء علي بن أبي طالب 576 هي الصلوات الخمس في الجماعة في المسجد الحرام ابن عباس 489 هيّ حسن أنس بن مالك 2300 وأبصركم بالحلال والحرام معاذ بن جبل 2509 وافقت ربي في ثلاث عمر بن الخطاب 2404 واقية كواقية الوليد ابن عمر 2117 والذي بعث محمدا بالنبوة لولا أنك وليت الحكم بن أبي العاص 1096 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 والذي بعثني بالحق لو مضوا الشعبي 1426 والذي بعثني بالحق نبيا ما من نبي أوحى الله إليه ابن عمر 2449 والذي خلق الحبة، وبرأ النسمة علي بن أبي طالب 2490 والذي نفسي بيده أما نفقاتهم فيخلفها الله لهم 491 والذي نفسي بيده إنها ختمت بما تكلمت أبو الخليل 2405 والذي نفسي بيده إنها لترعد بنصر بني كعب 1111 والذي نفسي بيده إنها لفي كتاب الله: برة وهب بن منبه 419 والذي نفسي بيده لا يبغضنا- أهل البيت- أحد إلا أدخله الله النار أبو سعيد الخدري 2282 والذي نفسي بيده لقد دعوت باسمه 1990 والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة 731 والذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ 1063 والله لئن ظفرت بهم لأمثلن 722 والله لا تؤمنون حتى تحبوني 2242 والله لا يلبسها أحد بعدك شقران 858 والله لأشكون ذلك إلى أمي فاطمة 2255 والله لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين سعد بن أبي وقاص 575 والله لو خررت من السماء على هامة رأسي عمر بن عبد العزيز 662 والله لوددت أنهم تركوها على حالها سعيد بن المسيب 639 والله ليوم وليلة من أبي بكر خير من عمر ميمون بن مهران 559 والله ما استطعنا أن نصلي عند الكعبة ابن مسعود 2423 والله ما الله لكما بماقت سعيد بن عامر 589 وجد حجر في أساس البيت مكتوبا في جوانبه الأربع الزهري 433 وجدت مكتوبا في الزبور مقاتل بن سليمان 14 الوحدة خير من جليس السوء أبو ذر 2105 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 الود يتوارث عفير بن أبي عفير 2106 وددت أن معي بعض أصحابي يتحدث حفصة- عائشة 2453- 2454 وضع الحجاج المنجنيق على الكعبة محمد بن الزبير 556 وضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة حليمة السعدية 112 وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هيثم بن التيهان خادما 1868 وعليك وعليه السلام 1315 وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل 90 وكل الله به سبعين ملكا أبو هريرة 443 ولا أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط 1574 ولا ضرب صلى الله عليه وسلم عبده قط 1575 ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم 2446 ولقد رأى عبد المطلب من نور محمد صلى الله عليه وسلم عجبا عجيبا 34 ولما أخذ موسى الألواح قال 19 وما يدريك؟ لعل الله اطلع على أهل بدر 2596 ومن صاحبكم؟ ابن جريج 2327 ومن فيكم تحلف من نبيكم صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب 2254 وهو الذي رأى في منامه في الحجر 82 وهو صلى الله عليه وسلم أول من يحاسب كعب الأحبار 1566 ويحك! أكفر بعد إيمان؟ أم سلمة 1528 ويل لمن لا يراني يوم القيامة عائشة 314 يا أبا الحسن إن كنت آكلا فمن هذه 1788 يا أبا الفضل إلزم أنت وبنوك منزلك غدا 1133 يا أبا بكر الشركة محمد بن سيرين 2392 يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووا الفضل أنس بن مالك 2374 يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية؟ علي بن أبي طالب 336 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 يا أبا بكر، تعالى، ويا عمر تعال سعيد بن عامر 589 يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما أنس بن مالك 2390 يا أبا ذر كيف أنت إذا اخرجت منه أسماء بنت يزيد 1301 يا أبا عبد الله لم تزل!؟ ابن عمر 2522 يا ابن الخطاب ألا أخبرك بالعجب؟ عبد الرحمن العنبري 1153 يا ابن خنبش كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته أبو التياح 187 يا ابن سمية لك أجران وللناس أجر 587 يا ابن مريم البكر البتول إني موصيك 25 يا ابنتاه ما لي أراك؟ زينب بنت جحش 2329 يا أخا بني سليم، فو الله إني عائشة 1150 يا إسماعيل قمت لمحن بن نصر المروزي 925 يا أم سلمة إن شر ما ذهب فيه مال المسلم البنيان عبد الله بن يزيد 637 يا أم سليم هلمي ما عندك أنس بن مالك 1181 يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير أنس بن مالك 967 يا أنس ائتني بإداوة من ماء أنس بن مالك 2373 يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم عمر بن الخطاب 1343 يا أيها الناس أتدرون في أي شهر أنتم 810 يا أيها الناس ارجعوا فقد عصمني الله عائشة 181 يا بلال بم سبقتني إلى الجنة 2554 يا بني إني سررت بكم اليوم علي بن أبي طالب 2318 يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا 2264 يا بني هاشم إنه سيصبكم بعدي جفوة ابن عباس 2331 يا بنية ما يبكيك؟ ابن عباس 1093 يا حاطب أنت كتبت هذا 1289 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 يا حمار ما اسمك؟ عائشة 1152 يا حميراء لا تأكلي الطين 2073 يا خالد لا تبغض عمارا 2562 يا رب قد أعطيت النبوة إبراهيم الخليل 29 يا رب هذا عمي صنو أبي 1133 يا رسول الله إئذن لي آت أرضا أعبد الله جعفر بن أبي طالب 71 يا رسول الله أرتضى أن يكون ثلة من الأولين عمر بن الخطاب 1420 يا رسول الله أين بدلاء أمتك؟ شيخ من أهل صنعاء 919 يا رسول الله كنت شاعرا راجزا جندل بن نضلة 58 يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود علي بن أبي طالب 893 يا زبير قد ذكر أنه لا يعود شيخ 905 يا سعد اذهب على تلك العنز فاحلبها سعد مولى أبي بكر 1195 يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك سلمان 2180 يا شيطان اخرج من صدر عثمان 1210 يا عائشة أحسني جوار نعم الله 1737 يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي عائشة 321 يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك عائشة 1711 يا عامر أسلم مولة بن حمل 168، 1115 يا عثمان الحقنا، لا تمسكنا عثمان بن عفان 898 يا عجبي! الذئب يتكلم 1148 يا عروة إيتي الجلب 1235 يا علي إذا كان يوم القيامة 2262 يا علي إن الله تبارك وتعالى زينك بزينة عمار 2488 يا علي إنما خلفتك على أهلي سعد بن أبي وقاص 2481 يا علي أوصيك بالعرب خيرا علي بن أبي طالب 2182 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 يا علي فيك مثل من عيسى 2503 يا علي معك يوم القيامة عصى أبو سعيد الخدري 2483 يا عم إلى من تخلفني بعدك؟ 136 يا عم هذا دين الله 157 يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس ابن عباس 182 يا عمر إذا وليت فأعمل عمر بن عبد العزيز 899 يا عمر كاد الحليم أن يكون نبيّا عائشة 1150 يا عمر ما يدريك لعل الله اطلع 1289 يا غلام لو اجتمع من في السموات ومن في الأرض ابن عباس 1043 يا غلام من أنا؟ 1197 يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك علي بن أبي طالب 2308 يا فاطمة هل لك أن تشتري نفسك بهذا الستر من النار 1709 يا فتي لقد شققت علي عبد الله بن أبي الحمساء 177 يا قباث أنت أكبر أم رسول الله؟ 167 يا كثير بن الصلت ما أراني إلا مقتولا عثان بن عفان 898 يا كعب كيف تجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة أم الدرداء 12 يا ليت أمي أم بلال أبو بكر 2559 يا مسكينة عليك السكينة 1247 يا معشر قريش والله الذي لا إله إلا هو ما أصبح اليوم زيد بن عمرو 2621 يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان في قلبه البراء بن عازب 1804 يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك 1963 يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك 23 يا موسى أحمدني إذ مننت عليك بالإيمان 22 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 يا موسى إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة مرحومة 24 يا موسى بلغ بني إسرائيل أنه 18 يا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع أبو مويهبة 818 يا واثلة اذهب فجيئني بعشرة واثلة بن الأسقع 1189 يا ويح أهل النار 361 يا يهودي إن الله أعطاني في أمتي خمسا أنس بن مالك 1505 يأكل هذه الفضلة رجل من أهل الجنة سعد 2544 يبعث الله من هذه البقعة ومن هذا الحرم كله ابن مسعود 468 يبعث ذاك أمة وحده، يحشر بيني وبين عيسى جابر بن عبد الله 2620 يبعث يوم القيامة أمة وحده عروة 2622 يبعث يوم القيامة أمة وحده 175 يجمع الله الأولين والاخرين، ثم يجيء بلال على ناقة 2556 يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي كعب بن مالك 1464 يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة علي بن أبي طالب 2505 يدخل بشفاعته الجنة مثل ربيعة ومضر علقمة بن مرثد 2618 يدك في يدي يوم القيامة ابن عمر 2522 يرحم الله أخي موسى لقد أوذي 1850 يرد علي الحوض أهل بيتي علي بن أبي طالب 2311 يسأل الرجل فيقال: من أين أنت ابن عيينة 1412 يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر موضعا الحسن البصري 463 يشمت العاطس ثلاثا 1916 يضرب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة 2629 يطلع عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة ابن عباس 2445 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 يغضب أحدكم إذا لم أجد ما أعطيه 1849 يهديك الله (ليهودي) أنس بن مالك 1254 يهلك في رجلان محب مطري ومبغض مفتري علي بن أبي طالب 2504 يولد لك غلام تحبر به 1306 اليوم وهي الإسلام أم أيمن 2413 يوم يموت عثمان تصلي عليه ملائكة السماء ابن عمر 2522 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 فهرس الأماكن والمواضع الاسم رقم النص الأبطح 797 أبو قبيس 128، 456 الأبواء 203 أحد 668، 669، 671، 672، 673، 676، 688، 1230، 1293 الأردن 185 الإسكندرية 1006 أصبهان 64 أنطاكية 1449، 2634 أوطاس 779، 780 أيلة 174 بئر برهوت 420 بئر رومة 1537، 2467 باب الخياطين 524 باب السيل 524 باب العباس بن عبد المطلب 524 باب بني شيبة 451 بحر القلزم 934 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 بدر 688، 689، 690، 691، 704، 706، 1224، 1281، 1315، 1318، 1326، 1543، 2522، 2593، 2594، 2595 البصرة 1198 بطن الرجيع 733 بغداد 2256 البقيع 256، 2379 بقيع الخبخبة 590 بقيع الغرقد 64، 590 بلدح 173 بني عبس 1649 بوانة 176 بيت المقدس 345، 364، 892، 1516 بيت أم هانئ 343 بيسان 3 تبوك 782، 783، 1290، 1292، 1345، 2481 تيماء 2622 ثبير 148 ثبير مكة 2468 ثنية إذاخر 205 ثنية الحجون 1095 ثنية المقبرة 468 ثور 598 الجابية 892 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 جبانة بني فزارة 2417 جبل بكاء 456 جبل ثبير 80 جبل قاف 10 الجحفة 1548 جرش كدي 163 جزيرة العرب 1450 جمرة العقبة 1216 جياد الأصفر 144، 145 حائط خرمان 205 الحبشة 1210، 1310، 2557 حبل المشاة 802 الحجاز 38، 59 الحجر 343، 1290، 1318، 1425 الحديبية 754، 2593، 2595 حراء 1096، 1283 الحرة 64 الحزورة 403، 605 الحطيم 524 حمراء الأسد 731 حنين 779 الحوأب 1321 الحيرة 52 خراسان 917 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 خيبر 50، 688، 735، 752، 1450، 1099، 1203، 1297، 1311، 2398، 2473، 2484، 2496 دار رابعة بالمعلاة 205 دار زبيدة 524 دوس 976 دومة الجندل 637، 783، 1291 دينور 912 ذات أطلاح 763 ذات السلاسل 767 ذو الحليفة 758، 790 ذو خشب 709 ذو طوى 407 ربوة فلسطين 350 الركن اليماني 438، 439، 440 الروم 2578 زقاق العطارين 524 سوق عكاظ 48، 968 الشام 5، 10، 21، 35، 41، 45، 46، 64، 67، 69، 70، 85، 101، 103، 127، 174، 689، 919، 1279، 1343، 2440، 2622، 2624 شعب أبي دب 204 الصخرات 802 الصفراء 693، 706 صنعاء 36 صيدا 1197 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 الضراح 397، 398 الطائف 257، 661، 688، 779، 781، 1310 طابة 600 طيبة 23، 601 عدن 1198 العراق 127، 919، 1343 عرفة 802، 2397 عسفان 737 العقيق 739، 915 عكاظ 333 عكة 914 عمورية- أرض الروم- 64 عير 598 الغابة 784 غار حراء 148، 150، 1531، 1549 غدير خم 2476 غلسان- بلد من الهند- 1 فدك 50، 751، 756، 1450 فيد 1271 قباء 64، 1214، 2373 قبر أبي رغال 1310 القرطاء 746 قرية النمل 306، 308 قرية سنابل 59 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 قريش 3، 2408 قريظة 1450، 688 قزح 805 قطن 132 قليب بدر 703 كنعان 80 الكوفة 1271، 2618 لبنان 3 مؤتة 764 المدائن 52 المدينة المنورة 21، 64، 67، 70، 689، 708، 1201، 1210، 1279، 1292، 1315، 1316، 2481، 2545، 2632، 2633 المزدلفة 804 المسجد الحرام 1454 مسجد الخيف 529 مسجد بني سالم 2373 المشعر الحرام 805 مصر 10، 41، 1198 مكة 1، 3، 21، 25، 35، 39، 42، 46، 47، 49، 51، 61، 63، 68، 80، 82، 83، 87، 110، 170، 596، 689، 1197، 1205، 1288، 1289، 1315، 1548، 1633، 2377، 2438، 2632، 2636 منى 797 الموصل 64 الميزاب 438 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 نجران 785، 1426، 2553 نصيبين 64 نمرة 802 نهاوند 1324 وادي الأحقاف 420 وادي القرى 750 وادي المشقق 1292 وادي تهامة 111 وادي حضرموت 420 وادي نجب 1139 يثرب 1، 23، 52، 174، 601، 619 اليمامة 198، 1330 اليمن 3، 5، 35، 36، 60، 92، 103، 798، 2477 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 فهرس الأعلام الاسم رقم النص 1- أسماء الرجال آدم النبي عليه السّلام 16، 33، 77، 78، 79، 80، 105، 1342، 1347، 1388 أبان بن تغلب الربعي 2335 إبراهيم الخليل عليه السّلام 1، 2، 26، 29، 31، 36، 77، 78، 79، 80، 82، 105، 1356، 1373، 1380، 1382، 1520، 2335 إبراهيم بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 254، 255، 256، 1546 إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي 283 إبراهيم بن إسحاق الأنماطي 2058 إبراهيم الخواص 883 إبراهيم بن سعد الزهري 130 إبراهيم بن شيبان، أبو إسحاق 929 إبراهيم بن شيبة الأنصاري 2313 إبراهيم بن صرمة 1515 إبراهيم بن عبد الله بن مسلم، أبو مسلم الكجي 110 إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن سيبخت 1077 إبراهيم بن علي بن أحمد الحنائي، البصري 110 إبراهيم بن علي بن عبد الله الهجيمي 1198 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 إبراهيم بن علي الذهلي 1589 إبراهيم بن قدامة الجمحي 651 إبراهيم بن محمد الدينوري 1636 إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق العمري 402 إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى 408 إبراهيم بن محمد بن الحارث، أبو إسحاق الفزاري 919 إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي 1456، 1515 إبراهيم بن موسى المؤدب 2396 إبراهيم بن موسى 2625 إبراهيم بن الهيثم البلدي 2228 إبراهيم بن يزيد النخعي 1159 إبراهيم النخعي (وليس بالإمام المشهور) 2471، 2472 أبرهة بن الصباح 34، 35، 36، 40 أبي بن خلف 1288 أبي بن كعب 2403 أبيض بن حمال 1217 أحمد بن إبراهيم بن ملحان البلخي 254 أحمد بن أبي بكر بن الحارث، أبو مصعب الزهري 402، 590، 648 أحمد بن شبيب الحبطي 1196 أحمد بن الفرات بن خالد الرازي 657 أحمد بن القاسم بن محمد 2471، 2472 أحمد بن الليث بن الخليل 2625 أحمد بن جعفر، أبو الحسن اليزيدي 1966 أحمد بن داود السمناني 2086 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 أحمد بن سعيد الدارمي 1456 أحمد بن عاصم الأنطاكي 2693 أحمد بن عبد الجبار العطاردي 244 أحمد بن عبدة 2687 أحمد بن علي بن الحسين القلانسي 1512، 1513 أحمد بن عيسى بن مخلد، أبو الحريش 634، 1128 أحمد بن محمد بن إسماعيل السفياني 1462 أحمد بن محمد بن حمدان المراري 668 أحمد بن محمد بن زياد، أبو سعيد بن الأعرابي 76، 559 أحمد بن محمد الجرجاني، الملحمي 2438 أحمد بن محمد بن سالم 77 أحمد بن محمد بن عبيدة، أبو بكر النيسابوري 191 أحمد بن محمد بن عمرو النيسابوري، أبو عمرو الخفاف 229 أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي 1، 408، 514، 530، 533، 537، 540، 774، 775 أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم 1512، 1513 أحمد بن منصور الرمادي 333 أحمد بن موسى بن العباس البغدادي، أبو بكر بن مجاهد 910 أحمد بن يحيى بن الجلاء، أبو عبد الله 931 أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار بن بغاطرة الأموي 560، 678 الأحوص بن فهر 3 أحيحة بن الجلاح 213، 228 أخنوخ (إدريس عليه السّلام) 77، 1382 إدريس بن يزيد الأودي 1031 أرطاة بن حبيب 2486 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 أسامة بن زيد بن حارثة 174، 776، 2235، 2297، 2346، 2592 أسامة بن مالك 41 إسحاق النبي عليه السّلام 28، 29، 79، 80 إسحاق بن إبراهيم الرافقي 2190 إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي 1146 إسحاق بن أحمد بن إسحاق الخزاعي 1، 408، 415، 427، 447، 524، 529، 533، 537، 539، 540، 774، 775 إسحاق بن أحمد بن أسد بن سامان 924 إسحاق بن أبي ربعي 2190 إسحاق بن زوران بن قهزاد 2618 إسحاق بن سعيد بن أركون 2086 إسحاق بن سويد الهاشمي 2281 إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة 2222 إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق 560، 1456، 2228 أسلم العدوي مولى عمر 16، 625، 2125، 2276 أسلم، أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 971، 1344، 1514، 2303، 2340 إسماعيل النبي صلى الله عليه وسلم 26، 28، 29، 80، 82، 84، 105، 1382 إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الخلالي، الجرجاني 2438 إسماعيل بن أحمد، أمير خراسان 924 إسماعيل بن جعفر 1512 إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي 2615 إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس 1966 إسماعيل بن عبد الله بن محمد، أبو العباس بن ميكال 42 إسماعيل بن عياش 3، 4 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 الأسود بن عبد الأسد 696 الأسود بن عبد المطلب 1427 الأسود بن عبد يغوث 1427 أسيد بن حضير 582 أسير بن رزام 752 أشعث بن قيس الكندي 2191 أصبغ بن نباتة 2313 أصحمة بن أبجر، النجاشي ملك الحبشة 73، 72، 71، 1323، 1322 الأعمش- سليمان بن مهران أفلح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 992 الأقرع بن حابس 1355 أكثم بن صيفي 56 أنجشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 967، 987 أنس بن مالك 254، 313، 326، 339، 402، 454، 477، 564، 613، 626، 627، 634، 635، 655، 680، 823، 838، 863، 889، 890، 967، 1004، 1005، 1077، 1098، 1128، 1155، 1161، 1180، 1186، 1201، 1204، 1241، 1242، 1268، 1505، 1589، 1598، 1627، 1991، 1993، 2054، 2058، 2059، 2076، 2079، 2086، 2107، 2109، 2168، 2183، 2208، 2215، 2218، 2219، 2222، 2300، 2373، 2374، 2383، 2386، 2390، 2408، 2408، 2470، 2478، 2507، 2526، 2574، 2580 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 أنسة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 999 أنيس الغفاري 63 أنيسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 980 أوس بن خولي 853 أويس القرني 2618، 2619 إيمان بن رخصة 63 أيمن بن عبيد الخزرجي 970 أيوب النبي صلى الله عليه وسلم 105، 1382 باذان عامل كسرى 1114 بجيل بن حبيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1001 بحيرا الراهب 136، 139، 2377 البراء بن عازب 560، 2476 بريدة بن الحصيب 1141، 1591، 1006، 2229 بشر بن أحمد بن محمود التميمي 1005 بشر بن محمد بن أبان بن مسلم الواسطي 563 بشر بن معاوية بن ثور 1226 بشير بن سعد الأنصاري 756 بكر بن عبد الله المزني 552، 861، 2022 بكر بن عبد الوهاب بن محمد، ابن أخت الواقدي 576 بكر بن عبد الوهاب بن محمد بن نجيح 636، 642 بكير بن عطاء الليثي 789 بلال بن رباح المؤذن 776، 1244، 2391، 2392، 2554 تبع الأول، حمير بن وردع 1 تمام بن عبد الله، أبو الوفاء الصقلي مولى جعفر بن الفضل بن الفرات 110 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 ثابت بن أسلم البناني 838، 967، 1186، 2183، 2687 ثعلبة بن أبي مالك 1146 ثوبان، أبو عبد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 973، 1294 جابر بن سمرة 327، 600 جابر بن عبد الله الأنصاري 325، 333، 337، 416، 476، 573، 617، 620، 668، 671، 676، 679، 1178، 1194، 1218، 1229، 1230، 1244، 1319، 1465، 1466، 1524، 1620، 1636، 2046، 2196، 2201، 2284، 2287، 2296، 2302، 2341، 2378، 2444، 2457، 2501، 2512، 2564، 2587، 2593، 2610، 2620 جابر بن يزيد الجعفي 2334 جبير بن مطعم 132، 192 جرير بن عبد الله البجلي 2100 الجعد بن قيس المرادي 60 جعفر بن حميد القرشي 126 جعفر بن سليمان الضبعي 918 جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس 249 جعفر بن أبي طالب (الطيار) 71، 72، 73، 764، 1287 جعفر بن عمرو بن أمية الضمري 2101 جعفر بن عون المخزومي 283 جعفر بن الفضل بن حنزابة المصري، أبو الفضل وزير كافور 333، 402، 657 جعفر بن محمد بن علي بن الحسين 79، 647، 677، 840، 2053، 2081، 2339، 2350، 2521 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 جعفر بن مهران السباك، البصري 818 جندع بن الصميل 62 جندل بن نضلة 58 الجنيد بن محمد بن الجنيد، أبو القاسم النهاوندي، إمام الصوفية والتصوف 923، 934 الجهم بن أبي الجهم مولى الحارث بن حاطب 110 الحارث بن حاطب 708 الحارث بن زياد 1077 الحارث بن أبي ضرار 739 الحارث بن عبد العزى بن سعد بن بكر بن هوازن 252 الحارث بن عبد الله الأعور 2037 الحارث بن عبد المطلب 84، 230، 231 الحارث بن عيطلة 1427 حاطب بن أبي بلتعة 1427 حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء، أبو علي الهروي 569، 789 الحباب بن محمد بن الحباب التستري 309 حبان بن علي العنزي 1031 حبيب بن فديك 1223 حبيب النجار الأنطاكي 2634 الحجاج بن أبي منيع 200 حجاج بن فرافصة 1998 الحجاج بن يوسف الثقفي 413، 414، 1341، 2474 حذيفة بن اليمان 653، 1330، 2095، 2298، 2344، 2360، 2425، 2518، 2602 حذيفة بن صيفي بن صهيب 2211 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 الحر بن الصياح النخعي 563 حرملة بن قيس 2471، 2472 حسان بن أبي سنان 918 حسان بن ثابت 2393، 2602 حسان بن محمد بن أحمد بن هارون بن حسان، أبو الوليد، شيخ خراسان 126 الحسن بن إبراهيم بن الحسين الزولاقي، أبومحمد المصري 2471، 2472 الحسن بن بويه الديلمي، السلطان ركن الدولة 912 الحسن بن أبي الحسن البصري 340، 463، 634، 921، 1128، 2367، 2371 الحسن بن حماد بن يعلى البجلي 342 الحسن بن الصباح البزار 2016 الحسن بن عرفة 2037 الحسن بن علي الأطروشي، العلوي 5352 الحسن بن علي بن أبي طالب 262، 310، 1545، 645، 647، 893، 1309، 2271، 2338، 2345، 2411، 2474 الحسن بن علي العلوي 2190 الحسين بن أحمد بن محمد بن موسى، أبو علي 48 الحسين بن أحمد بن محمد الصفار 283 الحسين بن إدريس الأنصاري 1462، 2626 الحسين بن علي بن أبي طالب 130، 262، 311، 1545، 1625، 667، 645، 647، 894، 2268، 2270، 2411، 2486 الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي 3، 5، 6، 563 الحسين بن محمد أبي معشر السلمي 629 الحسين بن محمد المعروف بالشراك 913 الحسين بن معاذ الحجري 2619 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 الحصين بن نمير الكندي 540، 543 حفص بن عمر الأزدي، أبو عمرو الحوضي 687 الحكم بن أبي العاص 1096، 1117 الحكم بن عتيبة 1019، 1031 الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي 42 حكيم بن حزام 968 حكيم بن حكيم بن عباد الأنصاري 935 حماد بن أسامة 919، 1513 حماد بن زيد 967، 2687 حماد بن سلمة 1005 حمدان بن عمرو بن موسى الموصلي 1005 حمزة بن أبي حمزة النصيبي 2396 حمزة بن عبد الله العمري 821 حمزة بن عبد المطلب 84، 1442، 649، 673، 674، 678، 696، 717، 722، 724، 726، 230، 2601، 2603 حميد بن أبي حميد الطويل 1589، 1996 حميد بن هلال 63 حيي بن أحطب 740، 743 خالد بن الوليد 332، 764، 785، 1287، 1290، 2563، 2601 خالد بن خالد التميمي 309 خالد بن سعيد بن العاص 944 خالد بن سفيان 1325 خالد بن مخلد القطواني 2016 خباب بن الأرت 672، 2471، 2472 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 خبيب الأنصاري 1315 الخرباق، ذو اليدين 709 خزيمة بن مدركة بن إلياس 80 خفاف بن نضلة بن عمرو الثقفي 53 خلف بن عمر- أو: عمرو-، أبو الأصبغ 902 خليفة بن ثعلبة الأشهلي 51 خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي 943 خوات بن جبير 717 داود النبي عليه السّلام 27، 79، 105، 1342 داود بن أبي هند 2692 داود بن عبد الرحمن العطار 533 دكين بن سعيد الخثعمي 1190 ذابل بن طفيل بن عمرو الدوسي 53 ذباب بن الحارث 61 ذكوان، أبو صالح السمان 1184، 2326 رافع بن خداش 62 رافع بن خديج 596 رباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 998 الربيع بن أنس 1155 ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب 236 ربيعة بن شيبان 2338 ربيعة بن نصر اللخمي 6 رفاعة بن رافع 2192 رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحي 1176، 555 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 روح بن القاسم التميمي 1196 روح بن عبادة القيسي 13 رويفع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 993 رياح بن الحارث النخعي 2471، 2472 زاذان، أبو عمر الكندي 2482 زاهر بن حرام الأشجعي 2068 الزبير بن العوام 699، 1284، 1339، 1390، 2457، 2568، 2569، 2570 الزبير بن باطا 51 الزبير بن بكار 168، 579، 1115 الزبير بن عبد المطلب 128 الزبير بن عدي 1513 الزبير بن العوام 699، 1284، 1339، 1390، 2457، 2567، 2568، 2569 زر بن حبيش 2298 زكرياء بن عمرو الزهري 1102 زمل بن ربيعة 55 زهير بن حرب، أبو خيثمة 1513 زهير بن عامر من ولد قحطان 8 زياد بن الحارث الصدائي 1162 زياد بن عبد الله البكائي 89، 341، 935 زياد بن المنذر النهدي 342 زيد بن أرقم 2278 زيد بن أسلم 16، 625، 2276 زيد بن ثابت 2507، 2574، 2585 زيد بن حارثة 174، 750، 751، 764، 968، 1287 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 زيد بن رفيع الجزري 2396 زيد بن سعية 67 زيد بن صوحان 1324 زيد بن علي 2486 زيد بن عمرو بن نفيل 172، 173، 174، 175، 2620، 2621، 2622، 2624 زيد بن محمد، أبو الحسين 1077 زيد بن وهب 2417 السائب بن يزيد 661 سارية (قائد السرية) 2410 سالم بن أبي حفصة 2228 سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب 173، 895، 2198 سالم الجعفي 2269 سالم مولى أبي حذيفة 2518، 2571 السدي- إسماعيل بن عبد الرحمن سراقة بن مالك بن جعشم 1088، 1296 السري السقطي 505 سطيح، ربيع بن ربيعة بن عدي الغساني 3، 65 سعد بن أبي وقاص 604، 631، 708، 709، 575، 1273، 2457، 2481، 2543، 2589 سعد بن خيثمة 566 سعد بن مالك- أبو سعيد الخدري، في الكنى سعد بن معاذ 2537 سعد مولى أبي بكر الصديق 1195، 1267 سعيد بن بشير الأزدي 2086 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 سعيد بن جبير 42، 415، 489، 533، 1243، 2110، 2169، 2485 سعيد بن الحكم الجمحي 1146 سعيد بن زيد الأشهلي 748 سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل 2451، 2598، 2623 سعيد بن سالم القداح 1 سعيد بن عامر الجمحي 589 سعيد بن أبي عروبة العدوي 13 سعيد بن عمرو الأنصاري 77 سعيد بن عمرو الهذلي 47 سعيد بن مسروق الثوري 2289 سعيد بن المسيب 440، 484، 590، 1266، 2096، 2110، 2274، 2520 سعيد بن ميسرة البكري 889 سفيان بن سعيد الثوري 79، 789، 900، 903، 1667، 2056، 2289، 2475 سفيان بن عيينة 1636، 908، 507، 1413 سفيان بن ليل الهمداني 2311 سفيان بن مجاشع بن دارم 41 سفينة، أبو عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 972، 1303، 1248، 2066 السكران بن عمرو 940 سلام الخزاز 2037 سلم بن الفضل بن سهل الادمي، أبو قتيبة 935، 1031 سلمان الأشجعي، أبو حازم 2228 سلمان الفارسي 64، 65، 66، 369، 371، 376، 385، 1274، 2180، 2181، 2258، 2286، 2492، 2497، 2498، 2546، 2547 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 سلمة بن الأكوع 1206 سلمة بن الفضل الأبرش 6 سلمة بن سلامة بن وقش 50 سلمة بن شبيب النيسابوري 2619 سلمة بن هشام 1270 سليم بن مسلم الخشاب 525 سليمان النبي صلى الله عليه وسلم 10، 79، 1443، 1358 سليمان بن المغيرة 63 سليمان بن بلال 1966، 2016 سليمان بن سحيم 879 سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي 3، 42 سليمان بن عبد العزيز المديني الزهري 1462، 2626 سليمان بن علي بن عبد الله الهاشمي، أبو يعقوب 249، 2281 سليمان بن عمرو، أبو داود النخعي 1077 سليمان بن مهران الأعمش 2427 سماك بن حرب 126 سمرة بن جندب 1331، 1566 سهل بن حنيف 571 سهل بن سعد الساعدي 1293، 2077، 2111 سهل بن عبد الله 33 سهل بن يحيى الصوفي، أبو الحسين 342 سواد بن قارب الأزدي 42، 43، 44 سويد بن غفلة 2362 سيف بن ذي يزن 40 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 شاصونة بن عبيد 1197، 1198 شبابة بن سوار المدائني 229، 559 شبيب بن سعيد الحبطي 1196 شريك بن عبد الله النخعي 126، 2058 شعبة بن الحجاج 687 الشعبي- عامر بن شراحيل 687 شعيب بن الحبحاب 1005 شق بن صعب بن يشكر (صاحب سطيح) شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 858، 975 شماس بن عثمان بن الشريد 717 شهر بن حمدويه الهروي 133 شهر بن حوشب 69، 70، 2347 شيبان بن فروخ الأبلي 634، 1128 شيبة بن ربيعة بن عبد شمس 696، 710 شيبة بن عثمان الحجبي 1104 شيث النبي عليه السّلام 77 صالح بن الوليد الرياحي 542 صالح بن محمد 1077 صالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 988 صدي بن عجلان، أبو أمامة الباهلي 68، 334، 871، 1103، 1994 صرمة بن قيس الأنصاري 601 صفوان بن أمية 731، 1318 صفوان بن أبي البيضاء 709 صهيب بن سنان الرومي 2211، 2599 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 ضبة بن محصن 559 الضحاك بن مزاحم الهلالي 169، 389، 424، 426، 2619 ضماد- أو ضمام- بن ثعلبة الأزدي 1205 الطاهر بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 255 طاهر بن يحيى بن الحسين 576، 579، 590، 607، 636، 642، 648، 651، 666، 860، 915 طاوس بن كيسان اليماني 423 طعمة بن عدي 693 طلحة بن أبي طلحة 718 طلحة بن عبيد الله 675، 708، 2457، 2522، 2567، 2569، 2570 طلحة بن مصرف 1513 طهمان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 984 العاص بن سعيد بن العاص 695 العاص بن هشام بن المغيرة 697 العاص بن وائل السهمي 128، 1378، 1427 عاصم بن سليمان الأحول 2058، 2371 عاصم بن ضمرة 2323 عاصم بن عمر بن قتادة 2016 عاقل بن البكير 709 عامر بن أبي الدرداء 2546، 2548 عامر بن شراحيل الشعبي 48، 1426، 2154، 2393 عامر بن الطفيل 1100، 1115 عامر بن فهيرة 470، 1330 عامر بن مالك الكلابي 734 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 عامر بن مسعود 2115 عامر بن واثلة، أبو الطفيل 408، 525 عبادة الصامت 1988 عباس بن أحمد بن عثمان بن أبي صخر 934 العباس بن عبد الله الترقفي 76، 77 العباس بن عبد المطلب 84، 158، 159، 230، 237، 693، 779، 838، 1314، 2551 العباس بن الفرج، أبو الفضل البصري 1196 العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد 1197 عباس بن مرداس 54 العباس بن الوليد النرسي 1636 عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي 818 عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة 669 عبد الحميد بن أبي أويس، أبو بكر 1966 عبد الحميد بن صالح البرجمي 1031 عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق 1187 عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي 3، 4، 5، 6، 563 عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف 2506 عبد الرحمن بن خباب السلمي 2439 عبد الرحمن بن أبي الزناد 2438 عبد الرحمن بن سلمة الرازي 6 عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب العبشمي 401 عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري 566 عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، أبو يعفور 687 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي 301 عبد الرحمن بن أبي عطاء 558 عبد الرحمن بن عوف 1، 92، 132، 2016، 2017، 2240، 2398، 2457، 2506 عبد الرحمن بن كعب بن مالك 668 عبد الرحمن بن أبي ليلى 1203، 2484 عبد الرحمن بن مل، أبو عثمان النهدي 369، 371، 376، 385 عبد الرحمن بن هرمز الأعرج 229، 2207، 2438 عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي 1512 عبد الرحمن بن يعمر الديلمي 789 عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي 89، 341 عبد الرزاق بن همام الصنعاني 333 عبد العزيز بن صهيب 1005 عبد العزيز بن محمد الدراوردي 579، 2506 عبد العزيز بن مولة 168، 1115 عبد العزيز (رجل لم ينسب) 2237 عبد العزى بن عبد المطلب، أبو لهب 84، 230، 243، 1405 عبد الله بن أبي أمامة 871 عبد الله بن أبي أوفى 687، 1590 عبد الله بن أبي بن سلول 713 عبد الله بن بريدة بن الحصيب 1141، 1005، 1591، 2229، 2532 عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم 529 عبد الله بن جبير 717 عبد الله بن جحش 717 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 عبد الله بن جدعان 128، 129 عبد الله بن جعفر الطيار 110 عبد الله بن جعفر بن الورد 89، 341 عبد الله بن جعفر 873 عبد الله بن الحارث بن جزء 2220 عبد الله بن الحارث بن عبد العزى 252 عبد الله بن حامد 2625 عبد الله بن حبيب، أبو عبد الرحمن السلمي 893 عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي 784 عبد الله بن حذافة 2578 عبد الله بن الحسن بن علي 2190 عبد الله بن حمزة الزبيري 596 عبد الله بن الديلمي 3 عبد الله بن ذكوان، أبو الزناد 229، 2207 عبد الله بن رجاء، أبو عمر الغداني 560 عبد الله بن رواحة 752، 764، 1287 عبد الله بن الزبعري 81 عبد الله بن الزبير بن العوام 130 عبد الله بن سلام 10، 568، 2542، 2546، 2627 عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير 447 عبد الله بن صالح المصري 10 عبد الله بن الصامت 63 عبد الله بن طاهر بن الحسين، حاكم خراسان 2190 عبد الله بن طهفة 1191 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 عبد الله بن ظالم 2451 عبد الله بن عباس بن عبد المطلب 3، 15، 17، 48، 64، 81، 87، 93، 107، 109، 111، 125، 113، 126، 158، 159، 161، 176، 191، 195، 240، 249، 336، 389، 394، 406، 408، 415، 417، 418، 428، 472، 481، 486، 489، 525، 529، 530، 533، 561، 592، 684، 685، 692، 694، 891، 894، 1042، 1043، 1093، 1094، 1101، 1205، 1215، 1238، 1240، 1243، 1244، 1311، 1451، 1463، 1550، 1553، 1583، 2092، 2099، 2102، 2110، 2169، 2178، 2179، 2202، 2204، 2206، 2231، 2281، 2288، 2289، 2299، 2321، 2326، 2331، 2349 عبد الله بن عبد المطلب 79، 85، 86، 87، 91، 92، 98 عبد الله بن عتيك 1206 عبد الله بن عثمان بن خثيم 333، 408، 533 عبد الله بن عمر بن الخطاب 173، 196، 473، 413، 414، 474، 549، 550، 551، 553، 554، 555، 569، 570، 616، 657، 660، 860، 869، 895، 1297، 1462، 1515، 2094، 2103، 2104، 2117، 2121، 2197، 2198، 2251، 2319، 2399، 2415، 2473، 2626 عبد الله بن عمر العبلي 818 عبد الله بن عمر العمري 860 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 عبد الله بن عمرو بن العاص 818، 2089، 2184 عبد الله بن عمرو بن حرام 675 عبد الله بن عون 870 عبد الله بن أبي فروة المدني 669 عبد الله بن قيس الأشعري، أبو موسى 283، 780، 781، 1456، 2086 عبد الله بن لهيعة 10، 254، 1146 عبد الله بن المبارك 79 عبد الله (الطيب) بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 255، 256 عبد الله بن محمد البغوي، أبو القاسم 2016 عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي 200 عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير الصوفي، الرازي 63، 339، 818 عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي، أبو جعفر المنصور، الخليفة العباسي 2281 عبد الله بن محمد بن علي بن زياد الدقاق 2058 عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 576، 642، 2294 عبد الله بن محمد بن ناجية 2396 عبد الله بن محمد، أبو بكر بن أبي شيبة 629، 1513 عبد الله بن مسعود 468، 682، 700، 828، 877، 1118، 1130، 1513، 1999، 2417، 2427، 2433، 2546، 2571، 2573 عبد الله بن مسلمة القعنبي 569 عبد الله بن معيقيب اليمامي 1197، 1198 عبد الله بن نافع الزبيري 1462، 2626 عبد الله بن نافع الصائغ 596 عبد الله بن نمير 1513 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 عبد الله بن وهب الدينوري 1636 عبد الله بن يحيى بن طاهر بن يحيى الحسيني 168، 1115 عبد الله بن يزيد الهذلي 47، 636 عبد الله الطبري 882 عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد 529 عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني 5 عبد المطلب (شيبة الحمد) 34، 35، 36، 40، 83، 84، 85، 89، 110، 111، 117، 122، 123 عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 415، 469، 529، 539، 540، 774، 2178، 2327 عبد الملك بن عمير 56، 898 عبد الملك بن قريب، الأصمعي 2334 عبد الملك بن هشام الذهلي، العلامة الإخباري 89، 341 عبد الملك بن هشام الدمشقي 10 عبد الملك بن وهب المذحجي 563 عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري 2016 عبد الوهاب بن الحسن بن علي بن داود بن خلف، أبو عبد الله المصري 89، 341 عبد شمس بن الحارث بن عبد المطلب 235 عبد شمس بن قصي 3 عبد بن عمرو بن جبلة بن وائل بن الجلاح الكلبي 57 عبد مناف، أبو طالب 3، 82، 242 عبيد الله بن جحش الأسدي 944 عبيد الله بن أبي رافع 2340 عبيد الله بن أبي زياد الرصافي 200 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 عبيد الله بن أبي زياد القداح 525 عبيد الله بن عبد الله بن عتبة 819 عبيد الله بن عبد الله (يقال: ابن عتبة، ويقال: ابن عمر) 624 عبيد الله بن عمر العمري 657 عبيد الله بن محمد العمري، أبو بكر 1966 عبيد الله بن موسى العبسي 1456 عبيد الله بن أبي نافع 971 عبيد الله بن أبي يزيد المكي 2321 عبيد بن حنين 648، 818 عبيد بن ذكوان 2486 عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار 254 عبيد الخزرجي، والد أيمن بن عبيد 985، 1007 عبيدة بن الحارث 698، 709، 949 عبيدة بن سعيد بن العاص 699 عتاب بن أسيد بن أبي العيص 781 عتبة بن أبي لهب 260، 1116 عتبة بن ربيعة بن عبد شمس 698 عتبة بن عبد السلمي 2203 عتبة بن غزوان 2295 عتيبة بن أبي لهب 261 عتيق بن عائذ المخزومي 939 عثمان بن أبي العاص 1208، 1209 عثمان بن حفص 309 عثمان بن حنيف 1196، 1222 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 عثمان بن ساج 1 عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم 529 عثمان بن أبي سويد 2281 عثمان بن طلحة 775، 776، 777 عثمان بن عفان 5، 46، 260، 261، 437، 708، 1282، 1283، 1300، 1334، 1537، 1537، 2176، 2191، 2438، 2439، 2457، 3217 عثمان بن محمد بن أبي شيبة 2016 عثمان بن مظعون 561، 1600 عروة بن الجعد البارقي 1234، 1235 عروة بن الزبير بن العوام 172، 470، 535، 543، 577، 608، 1095، 1100، 1152، 1175، 1966، 2624 عروة بن مسعود الثقفي 374 عصام بن عامر الكلبي 57 عطاء بن أبي رباح 195، 440، 531، 578، 1212، 2178، 2179 عطاء الخراساني 639 العطاف بن خالد 678 عطية بن سعد العوفي 413، 936، 2356 عفير بن أبي عفير 2106 عقبة بن أبي معيط 693 عقبة بن الحارث النوفلي 2337 عقبة بن عامر الجهني 1302، 2421 عقبة بن عمرو، أبو مسعود البدري 2141 عقبة بن مكرم الضبي 191 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 عقيل بن أبي طالب 693، 694، 1314 عقيل بن أبي وقاص 3 عقيل بن خالد 254 عكاشة بن محصن 749، 1106 عكرمة الهاشمي، مولى ابن عباس 126، 158، 176، 389، 1097، 2092، 2099، 2331، 2369 عكرمة بن أبي جهل 1519، 954 العلاء بن عبد الرحمن الحرقي 1512 العلاء بن عمرو الحنفي 2178 العلاء التميمي، البصري، والد أبي عمرو 2039 علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي 1130، 1159 علقمة بن مرثد 2618 علي بن إبراهيم بن عثمان الرقي 913 علي بن أمية بن خلف 701 علي بن حجر 1512 علي بن حرب الموصلي 5 علي بن الحسين 2486 علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 79، 342، 408، 647، 677، 935، 1625، 2248، 2268، 2348 علي بن داود المقرئ 1146 علي بن داود بن يزيد 2625 علي بن زيد بن جدعان 2348 علي بن سعيد بن عبد الله العسكري، أبو الحسين 42 علي بن سعيد النسائي 2037 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 علي بن أبي طالب 1140، 1179، 146، 156، 157، 169، 170، 257، 262، 309، 312، 336، 342، 420، 421، 576، 1202، 1284، 1308، 1342، 1390، 1418، 611، 643، 645، 695، 1428، 1625، 786، 826، 862، 1031، 79، 80، 2037، 2040، 2041، 2045، 2055، 2080، 2093، 2175، 2182، 2232، 2236، 2241، 2254، 2259، 2277، 2280، 2285، 2290، 2291، 2292، 2294، 2304، 2308، 2313، 2315، 2318، 2323، 2362، 2363، 2364، 2373، 2374، 2407، 2411، 2412، 2457، 2486، 2490، 2493، 2494، 2504، 2505، 2510 علي بن أبي الطيب الفقير 928 علي بن عبد العزيز البغوي 569 علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، العباسي 2281 علي بن عبد الله بن المديني 2471، 2472 علي بن عثمان بن محمد السراج البغدادي 1198 علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي وزير المقتدر والقاهر 910، 911 علي بن محمد بن الجهم 333 علي بن محمد بن سختويه العدل، أبو الحسن 77، 254 علي بن محمد بن علي، أبو القاسم الفارسي 926 علي بن محمد البغدادي، أبو الحسن 928 علي بن موسى الرضا 926، 2053 علي بن الموفق 505 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 عمار بن محمد البغدادي، أبو ذر 1620 عمار بن ياسر 587، 588، 701، 1285، 2359، 2487، 2561، 2562، 2564، 2565، 2588 عمارة بن الوليد 71 عمر بن إبراهيم الكردي 1620 عمر بن الخطاب 16، 44، 45، 50، 69، 70، 660، 661، 664، 681، 692، 697، 841، 1420، 1634، 1283، 1290، 1296، 1299، 1304، 1305، 1318، 1416، 2125، 2209، 2359، 2387، 2395، 2457، 2518، 2520 عمر بن صالح المدائني 2625 عمر بن عبد العزيز الأموي 506، 507، 636، 662، 872، 899 عمر بن قتادة 46 عمر بن محمد 2625 عمر بن يحيى العلوي 913 عمران بن أبي أنس 638، 640 عمران بن حصين 1160، 1237، 2275 عمران بن موسى الجرجاني 967 عمرو بن أخطب 1231 عمرو بن أسد 140 عمرو بن أمية الضمري 72، 944، 2101 عمرو بن الجموح 681، 700 عمرو بن حزم 2565 عمرو بن خالد بن فروخ الجزري 254 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 عمرو بن دينار 196، 652، 2198 عمرو بن سعيد الأموي 1327 عمرو بن شرحبيل الأنصاري 77 عمرو بن الصلت 59 عمرو بن عاصم الكلابي 629 عمرو بن العاص 71، 767، 2252، 2565 عمرو بن عبد الله الهمداني، أبو إسحاق السبيعي 560، 1456، 2037 عمرو بن عبدود 742 عمرو بن عبسة السلمي 68 عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب 402، 2016 عمرو بن مرة الجهني (من قيس جهينة) 52 عمرو بن مرة الجملي 283 عمرو بن نضلة، ذو الشمالين 709 عمرو الهذلي 47 عمير بن وهب 1318 عمير بن يزيد، أبو جعفر الخطمي 1196 عياش بن أبي ربيعة 1270 عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر العلوي 642 عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 576، 2294 عيسى بن مريم النبي عليه السّلام 2، 23، 25، 27، 30، 71، 73، 79، 105، 1376، 1410، 2360 عيينة بن حصن 741، 748، 766، 2099 غالب بن فهر بن مالك بن النضر 6، 82 غالب بن عبد الله الكلبي 765 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 غسان بن الربيع الأزدي 1005 فرات بن السائب 559 الفرزدق الشاعر 2249 فروة بن عمرو الجذامي 1035 فضالة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 981 الفضل بن الخصيب 657 الفضل بن العباس بن عبد المطلب 239، 825، 826، 2552 الفضل بن جعفر بن عبد الله 77 الفضل بن حباب الجمحي، أبو خليفة 560، 687 الفضل بن موسى السيناني 860 الفضيل بن عياض 919 فهر بن مالك بن النضر 82 فيروز الديلمي 1280 الفيض بن الخضر، أبو الحارث الأولاسي 915 القاسم بن الحكم بن كثير العرني 1019 القاسم بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس 257 القاسم بن سلام، أبو عبيد الهروي 464 القاسم بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 255، 256 القاسم بن محمد بن أبي بكر 840، 900 قباث بن أشيم الكناني 167 قبيصة بن عقبة 789 قتادة بن النعمان 1224، 1320، 1542 قتادة بن دعامة السدوسي 13، 222، 339، 2086، 2274 قتيبة بن سعيد 222، 223، 668، 1512 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 قدامة بن عمر بن قدامة الجمحي 651 قس بن ساعدة الإيادي 48، 49 قصي 82 القعقاع بن حكيم 1636 قيس بن أبي حازم 1316، 2391 قيس بن عباد 2545 قيس بن مطاطية الثقفي 1330 كثير بن الصلت 898 كثير بن كثير بن المطلب 415 كركرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 997 كثير بن الصلت 898 كثير بن كثير بن المطلب 415 كعب الأحبار 12، 69، 70، 77، 82، 425، 868، 896، 897، 1566، 2377 كعب بن عمير الغفاري 763 كعب بن مالك 673، 1464، 2135 كلاب 82 كلثوم بن الهدم 566 كنانة 80 لا حق بن حميد، أبو مجلز 827 لوط النبي عليه السّلام 1403 لؤي 82 الليث بن سعد 668، 1146 مازن بن الغضوبة أبو حيان 59 مالك بن إسماعيل النهدي، أبو غسان 2228 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 مالك بن أنس 402، 569، 590، 641، 648، 902 مالك بن دينار 918 مالك بن عوف النصري 779، 781 مالك بن المغول 1513، 2356 مالك بن النضر 82 مبارك بن فضالة 634، 1128 مجالد بن سعيد 48 مجاهد بن جبر 109، 422، 466، 471، 532، 561، 1156، 2319 مجمع بن يزيد بن جارية 579 محبوب بن عثمان بن عبيد 1197 محمد بن إبراهيم بن عبيد 2619 محمد بن إبراهيم بن محمد بن ناصح الدامغاني 1019 محمد بن إبراهيم الخركوشي، النيسابوري، والد المؤلف 2228 محمد بن أحمد بن بالويه الكرابيسي 77، 454 محمد بن أحمد بن جميع الغساني 1197 محمد بن أحمد بن حمدان الحيري 967 محمد بن أحمد بن هارون الأصفهاني 889 محمد بن إدريس الرازي، أبو حاتم 4، 563 محمد بن إدريس الشافعي 131 محمد بن إدريس 775 محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج 48، 222، 1456 محمد بن إسحاق بن خزيمة 927 محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي 1، 6، 7، 89، 110، 244، 341، 818، 819، 821، 823، 935، 2343 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 محمد بن إسحاق الثقفي، أبو العباس 668 محمد بن إسحاق (لم ينسب) 2471، 2472 محمد بن إسماعيل بن أبي فديك 873 محمد بن إسماعيل الأحمسي 191 محمد بن إسماعيل الراشدي 1620 محمد بن إسماعيل المغربي، أبو عبد الله 929 محمد بن جبير بن مطعم 132 محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، أبو عمرو 634، 1019، 1589، 875، 309، 1128، 342، 2016، 2086 محمد بن جعفر بن محمد العلوي، السيد الشريف أبو جعفر الموسايي 76 محمد بن جعفر الصادق 2339 محمد بن حاطب 1210 محمد بن الحجاج اللخمي 48 محمد بن الحسن بن أحمد، أبو الحسن السراج 2178 محمد بن الحسن بن زبالة 579 محمد بن الحسن بن نصر 168، 1115 محمد بن الحسين بن محمد الوزير، المشهور بابن العميد 912 محمد بن الحسين بن معدان 42 محمد بن حمزة الرقي 2396 محمد بن حمويه بن عباد السراج 1515 محمد بن رافع القشيري مولاهم، أبو عبد الله النيسابوري 229 محمد بن الرميح الترمذي 1077 محمد بن الزبير، أبو يوسف 556 محمد بن زكرياء الغلابي، أبو بكر البصري، زكرويه 249 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 محمد بن زكرياء النسفي، أبو بكر 10 محمد بن زياد الطحان 191 محمد بن زياد، أبو عبد الله بن الأعرابي 133، 135 محمد بن زيد بن عبد الله بن الخطاب 545، 548 محمد بن السائب الكلبي 485، 904، 2326 محمد بن سليمان المصيصي لوين 889، 2058 محمد بن سهل بن هلال البستي، أبو عمر 1، 408، 415، 427، 447، 524، 529، 533، 537، 539، 540، 774، 775، 935، 1031 محمد بن سهل الأسدي 905 محمد بن سهل، أبو الحسن 889 محمد بن سيرين 544، 1177، 2392 محمد بن صالح بن ذريح العكبري 126 محمد بن صالح بن هانئ 191 محمد بن صالح الأشج 789 محمد بن الصباح 909 محمد بن العباس مولى بن هاشم 6 محمد بن عبد الجبار الهمداني 559 محمد بن عبد الرحمن بن رداد 596 محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، أبو الأسود 10 محمد بن عبد العزيز الأصبهاني 1966 محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد، أبو الوليد الأزرقي 1، 408، 415، 427، 447، 452، 524، 529، 533، 537، 539، 540، 774، 775 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 محمد بن عبد الله بن أحمد أبو الوليد الأزرقي 1، 529، 774، 775 محمد بن عبد الله الضبي، أبو عبد الله ابن البيع الطهماني، الحاكم النيسابوري 191، 200، 222، 244، 249، 254 محمد بن عبد الله بن أبي السفر 2625 محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي 2178 محمد بن عبد الله بن نمير 1513 محمد بن عبد الله الحفيد أبو بكر النيسابوري 249 محمد بن عبد الله الرازي، أبو بكر 929 محمد بن عبد الله (لم ينسب) 1019 محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الثقفي 2228 محمد بن عبيد الله بن محمد التميمي، أبو الفضل البلعمي 924 محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي 657 محمد بن عبيد بن حساب 967 محمد بن أبي عتيق 1966 محمد بن عثمان العثماني 579، 590، 607، 636، 642، 648، 651، 666، 860 محمد بن عثمان بن أبي شيبة، أبو جعفر 935، 1031 محمد بن عثمان بن كرامة 1456 محمد بن عجلان 1636 محمد بن عدي بن ربيعة بن سواءة بن جشم 41 محمد بن العلاء، أبو كريب 402 محمد بن علي أبي جعفر 1307 محمد بن علي السمان 930 محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال، أبو بكر 629، 1196 محمد بن علي بن جعفر البغدادي، أبو بكر الكتاني 906 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 محمد بن علي بن الحسين، أبو جعفر الهاشمي 79، 102، 342، 647، 677، 839، 935، 1307، 2334، 2335، 2350 محمد بن علي بن زيد الصائغ 559 محمد بن علي بن سهل الماسرجي 596 محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، العباسي، أبو الخلفاء 2281 محمد بن علي السمان 930 محمد بن عمار بن ياسر 1047 محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 576، 2294 محمد بن عمر بن واقد الواقدي 98، 539، 636، 775، 1531 محمد بن عمران الهمداني 1019 محمد بن عمرو بن عثمان 2625 محمد بن فليح 607 محمد بن كثير الصنعاني 558 محمد بن كعب القرظي 1436 محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني، بصلة 222 محمد بن محمد بن عمار الهروي 283 محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي 333، 654 محمد بن مسلم بن السائب 635 محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري 132، 200، 254، 433، 607، 668، 680، 819، 821، 823، 1520، 1966، 2344، 2470 محمد بن مسلمة 746، 1246، 2576 محمد بن المصفى الحمصي 889 محمد بن معمر 2506 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 محمد بن المغيرة 2356 محمد بن منصور أبو جعفر، المهدي والد هارون الرشيد 2281 محمد بن المنكدر 1229، 1462، 1620، 1667، 907 محمد بن نافع الخزاعي 1، 408، 415، 427، 447، 524، 529، 533، 537، 539، 540، 774، 775 محمد بن نصر المروزي 924 محمد بن هانئ الطائي 48 محمد بن واسع 918 محمد بن الوليد بن أبان 1515 محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني 525، 539 محمد بن يحيى الأزدي 48 محمد بن يحيى الكناني 651 محمد بن يزيد، أبو شعيب 2472، 2471 محمد بن يعقوب، أبو العباس الأصم 200، 244 محمد بن يونس الكديمي 342، 1198 محمد الشامي 4 مخزوم بن هانئ المخزومي 5 مخلد بن يزيد 2619 مدركة (عمرو بن إلياس) 80 مدعم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 978 المرتفع 557 مرثد بن أبي مرثد الغنوي 733 مرحب اليهودي 1246 مروان بن الحكم بن أبي العاص 596، 1167، 2351 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 مرة بن شراحيل الهمداني 1513 مرة بن كعب بن لؤي 82 مسروق بن الأجدع 1578، 682، 2154، 2320 مسعر بن كدام 283، 903 مسعود بن عروة 732 مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح 1512، 1513 مسلم بن خالد الزنجي 415، 537، 774 مسلم بن صبيح، أبو الضحى 2289 مسلمة بن عبد الملك بن مروان 507 المسور بن مخرمة 1167، 130، 2351 مسيلمة الكذاب 1330 مصعب بن المقدام الكوفي 903 مصعب بن سعد 2544 مصعب بن سليم، مولى بني زهرة 2471، 2472 مصعب بن عمير 669، 717 مضر 80 مطرف بن عبد الله بن مطرف الهلالي 902 المطلب بن عبد مناف 82 معاذ بن جبل 2507 معاذ بن جبل 2546، 2571، 2573، 2574 معاذ بن جبل 781 معاذ بن عفراء 1538 معاوية بن ثور 1226 معاوية بن أبي سفيان 55، 130، 301، 1281، 2252، 2598 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 معاوية بن قرة المزني 454 معاوية بن معاوية 1201 معبد بن هلال الزماني 2687 معرض بن عبد الله بن معيقيب 1197، 1198 معقل بن مقرن أبو عمرة 2417 معمر بن راشد 333، 431 معيقيب اليمامي 1197، 1198 المغيرة بن شعبة 859 المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب 259 مقاتل بن سليمان 14، 2025 المقداد بن عمرو- أو ابن الأسود- 1236، 2588 المقدام بن معدي كرب 683 مقسم أبو القاسم 1019 مكي بن عبدان النيسابوري 10 ملاعب الأسنة 1220 منبه بن الحجاج 1020 منذر بن عمرو الساعدي 734 المنذر بن مالك بن قطعة، أبو نضرة العبدي 617، 648 المنكدر بن محمد بن المنكدر 1462، 2626 مهجع مولى عمرو 709 المهدي- محمد بن منصور، والد هارون الرشيد موسى بن طارق، أبو قرة الزبيدي 431 موسى بن عقبة 579، 607 موسى بن عمران النبي عليه السّلام 10، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 69، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 79، 1527، 1342، 1373، 1389، 1399، 1414، 1356، 1357، 1371، 2395 موسى بن محمد بن جعفر الصادق 2339 موسى بن هلال العبدي 860 موسى بن يزيد الإسفنجي 10 موسى بن يعقوب الزمعي 539 مولة بن حمل 168، 1115 المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس 596 ميسرة، غلام خديجة 139، 142 ميمون بن مهران الجزري 191، 559، 2440 ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن 2240 نافع مولى ابن عمر 1515، 657، 776، 860، 869، 870، 1151، 553، 569، 2121، 2586 النجاشي- أصحمة بن أبجر نزار بن معد، والد مضر 80، 82، 84 النزال بن سبرة 169 نصر بن أحمد صاحب خراسان 916 نصر بن زياد بن عبد الله، أبو عمرو 110 نصر بن سيار المروزي، أبو الليث 2092 نصر بن عمران الضبعي، أبو جمرة 2206 نصر بن محمد المقرئ 367، 382 النضر (قيس) 80 النضر بن الحارث 693، 694، 1095 النعمان بن بشير 2114، 2127، 2166 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 النعمان بن المنذر 5، 6، 7، 8، 9 نفيع بن الحارث 2325 نوح النبي عليه السّلام 77، 78، 79، 105، 1356، 1357، 1380، 1388، 1443، 2359 نوح بن قيس الأزدي 309 نوفل بن الحارث بن عبد المطلب 234، 693، 694، 1314 هارون النبي عليه السّلام 1371 هارون بن المهدي: محمد بن المنصور، الرشيد الخليفة 2281 هارون بن موسى الفروي 607، 651 هاشم بن عبد مناف 82، 83، 127 هانئ المخزومي 5 هدية بن خالد القرشي 63، 339 هرم بن حيان 2618 هشام بن حسان 2618 هشام بن عبد الملك الباهلي، أبو الوليد الطيالسي 687 هشام بن عروة بن الزبير 172، 470، 608، 2622 هشيم بن بشير 1589 همام بن يحيى بن دينار 339، 629 هند بن أبي هالة 309، 939 هود النبي عليه السّلام 77، 1357 واثلة بن الأسقع 194، 1189، 1987، 2155، 2351 وردان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 982 ورقاء بن عمر اليشكري 229 ورقة بن نوفل 90، 111، 2620، 2622، 2624 الوضاح بن عبد الله اليشكري، أبو عوانة 222 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 وفاق مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1003 وكيع بن الجراح 2189 الوليد بن إسماعيل بن أبي النجم 2619 الوليد بن بكير التميمي 2037 الوليد بن عبد الملك 638 الوليد بن عتبة بن ربيعة 695، 710 الوليد بن عتيك بن أبي سفيان 130 الوليد بن المغيرة 1427 الوليد بن الوليد 1270 وهب بن عبد مناف الزهري 87 وهب بن منبه 21، 31، 32، 369، 371، 376، 380، 385، 410، 419، 465، 918 ياسر بن عامر بن مالك المخزومي 2564 ياسر أخو مرحب اليهودي 1339 يحيى بن أيوب المصري 1146، 1512 يحيى بن بريد الأشعري 2178 يحيى بن الحسين بن جعفر الحسيني 576 يحيى بن الحسين العلوي 579، 590، 607، 636، 642، 648، 651، 666، 860 يحيى بن الحسين المطلبي إمام المسجد النبوي 576، 579، 590، 607، 636، 642، 648، 651، 666، 860، 914 يحيى بن زكريا عليهما السلام 85، 105، 1382 يحيى بن سعيد الأنصاري 590، 596، 629، 1515 يحيى بن سعيد العطار 889 يحيى بن أبي عمرو السيباني 3 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 يحيى بن معاذ الرازي 1506، 2250 يحيى بن المغيرة بن نوفل 259 يحيى بن يحيى التميمي 1589 يحيى الجزار 1031 يزيد بن أبي حبيب 254، 1199 يزيد بن أبي سعيد المهري 872 يزيد بن حبان التميمي 2278 يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد 130، 1146 يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة القرشي 539 يزيد بن عمرو بن خاينة بن حرقوص 41 يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي 3 يسار بن عبد الرحمن المكي 537 يسار الأكبر مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 996 يسار النوبي، أيضا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قتله العرنيون 974 يعقوب النبي عليه السلام 79، 80، 105، 1545 يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف 1019 يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس 249 يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي 45 يعقوب بن محمد الزهري 2506 يعلى بن الأشدق العقيلي 1233 يعلى بن عمران، من ولد جرير بن عبد الله 5 يعلى بن مرة الثقفي 1135، 1136 يوسف عليه السّلام 105، 1358، 1388 يوسف الصديق النبي عليه السّلام 2395 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 يوسف بن عاصم، أبو يعقوب الرازي 63، 818، 339 يوسف بن مازن الراسبي 309 يوسف بن محمد بن المنكدر 1620 يوسف بن مسلم 666 يوشع النبي عليه السّلام 50 يونس النبي عليه السلام (ذو النون) 1342، 1382 يونس بن بكير 244، 381، 2343 يونس بن موسى الكديمي 342 الكنى ومن نسب إلى أبيه أو جده ومن اشتهر بلقب ونحو ذلك ابن الأعرابي- أحمد بن محمد بن زياد ابن الأعرابي- محمد بن زياد ابن إسحاق- محمد بن إسحاق بن يسار ابن أم مكتوم 469 ابن بويه- الحسن بن بويه ابن جريج- عبد الملك بن عبد العزيز ابن خطل 1393 ابن الهاد- يزيد بن عبد الله ابن الزبعري- عبد الله بن الزبعري بن قيس السهمي ابن زمل الجهني 2001 ابن شهاب- محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن عباس- عبد الله بن عباس ابن عمر- عبد الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 ابن العميد- محمد بن الحسين ابن لهيعة، عبد الله ابن مجاهد- أحمد بن موسى ابن مسعود- عبد الله ابن نمير- محمد بن عبد الله بن نمير، وعبد الله بن نمير ابن وقشة 61 أبو أحمد التميمي- الحسين بن علي بن محمد بن يحيى أبو أسامة- حماد بن أسامة أبو إسحاق السبيعي- عمرو بن عبد الله الهمداني أبو إسحاق الفزاري- إبراهيم بن محمد بن الحارث أبو إسحاق البصري- إبراهيم بن علي بن أحمد أبو الأسود- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو أسيد الساعدي 1133 أبو أمامة الباهلي- صدي بن عجلان أبو أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيد الخزرجي أبو أيوب الأنصاري، خالد بن زيد 1، 565، 589، 1736 أبو أيوب الضرير 920 أبو أيوب- يعلى بن عمران من ولد جرير بن عبد الله أبو بردة بن أبي موسى 1456 أبو البشر- أو: البشير- مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1002 أبو بكر الصديق 47، 63، 80، 192، 670، 786، 842، 1244، 1283، 1298، 1299، 1304، 1305، 1306، 1352، 1381، 1390، 1417، 2102، 2106 أبو بكر بن أبي شيبة- عبد الله بن محمد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 أبو بكر بن أبي مريم 77 أبو بكر الكتاني- محمد بن علي أبو بكر المحدث- محمد بن أحمد أبو بكر النسفي- محمد بن زكرياء أبو بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 983 أبو بلال الأشعري 935 أبو جعفر الصيدلاني 922 أبو جعفر- محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو جهل بن هشام 1425، 700، 1089، 1090، 1091، 1092، 1101 أبو حاتم التميمي- مكي بن عبدان أبو حاتم الرازي- محمد بن إدريس بن المنذر أبو الحارث الأولاسي- الفيض بن الخضر أبو حامد الهروي 882 أبو الحريش- أحمد بن عيسى بن مخلد أبو الحسن الخزاعي- محمد بن نافع أبو حفص المكي 557 أبو الحمراء الصحابي 2325 أبو خيثمة- زهير بن حرب أبو خيثمة 1345 أبو الدرداء 892 أبو ذر الغفاري 63، 919، 1301، 1686، 2105 أبو راشد الجراني 1061 أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم- اسمه أسلم أبو رافع الأصغر مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 995 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 أبو رافع بن أبي الحقيق 753، 1207 أبو رهم الغفاري 2213 أبو سعيد الخدري، سعد بن مالك 368، 378، 381، 384، 623، 648، 936، 1109، 2034، 2091، 2097، 2122، 2157، 2167، 2214، 2230، 2279، 2310، 2314، 2330، 2332، 2356 أبو سعيد بن الأعرابي- أحمد بن محمد بن زياد أبو سفيان بن الحارث 232، 779 أبو سفيان بن حرب 1317، 710، 711، 1394 أبو السفر 1317 أبو سلمة بن عبد الرحمن 659، 947، 1330، 1355، 2305 أبو سلمى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 989، 1312 أبو شهم 1316 أبو صالح السمان- ذكوان أبو ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 977 أبو طالب بن عبد المطلب 85، 119، 122، 123، 124، 125، 136، 140، 147، 157، 161، 1204، 1385 أبو طلحة الأنصاري 1181، 2019 أبو العاص بن الربيع، القاسم بن الربيع أبو العالية- رفيع بن مهران أبو العباس السراج- محمد بن إسحاق أبو العباس بن ميكال- إسماعيل بن عبد الله بن محمد أبو العباس الحجاجي 927 أبو عبد الرحمن السلمي- عبد الله بن حبيب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 348 أبو عبد الله التميمي 559 أبو عبد الله الجلاء- أحمد بن يحيى أبو عبد الله الليثي 901 أبو عبد الله المغربي- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله صاحب أبي عمرو الزجاجي 1454 أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود 283 أبو عتبة بن ربيعة 710 أبو عثمان النهدي- عبد الرحمن بن مل أبو عروبة الحراني- الحسين بن محمد بن أبي معشر أبو عزة الجمحي 702 أبو العسكر بن تميم بن الحارث الأزدي 942 أبو عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 990 أبو عمر النخعي 1329 أبو عمر البستي- محمد بن سهل بن هلال أبو عمرو الحوضي- حفص بن عمر أبو عمرو الزجاجي 1454 أبو عمرو بن العلاء 909، 2039، 2334 أبو عمير بن الهيبان 67 أبو العوجاء السلمي 751 أبو الفضل البلعمي- محمد بن عبيد الله أبو القاسم الفارسي- علي بن محمد أبو قتادة بن ربعي الأنصاري 1527 أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 976 أبو لبابة بن عبد المنذر 708، 1266 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 أبو لبابة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1000 أبو لقيط مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 994 أبو لهب- عبد العزى بن عبد المطلب أبو ليلى الأنصاري 2322 أبو مجلز- لاحق بن حميد أبو محمد الخزاعي- إسحاق بن أحمد أبو محمد الرازي- عبد الرحمن بن أبي حاتم أبو محمد- السري بن عثمان البجلي 77 أبو مروان القاضي 914 أبو مسعود الثقفي 111 أبو مسلم- إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو معاوية الأسود 663 أبو معبد الخزاعي 563 أبو معمر عباد بن عبد الصمد 42 أبو موسى الأشعري- عبد الله بن قيس أبو مويهبة 818، 979 أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله أبو نضرة- المنذر بن مالك أبو نعيم الخرساني 909 أبو هالة بن زرارة بن النباش 939 أبو هريرة 74، 229، 340، 441، 443، 531، 597، 599، 612، 618، 619، 628، 686، 880، 1176، 1177، 1184، 1270، 1188، 1330، 1458، 1459، 1605، 1986، 2026، 2065، 2074، 2078، 2090، 2108، 2112، 2116، 2123، 2177، 2207، 2221، 2228، 2301، 2312، 2328، 2342 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 أبو همام البصري 900 أبو هند مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 986 أبو الوليد الطيالسي- هشام بن عبد الملك أبو الوفاء القاري، الهروي 917 أبو الوفاء الصقلي- تمام بن عبد الله بن مولى جعفر بن الفضل بن الفرات أبو الوليد الأزرقي- محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد أبو يزيد البسطامي 934 أبو يعقوب بن سليمان الهاشمي 905 أبو يعقوب البزار الرازي- يوسف بن عاصم بن عبد الله أكيدر بن عبد الملك- أكيدر دومة الجندل- الكندي 1291 ذو الشمالين- عمرو بن نضلة ذو اليدين- الخرباق ذو الخلصة 1228 ذو القرنين 1302 الزهري- محمد بن مسلم بن عبيد الله الشعبي عامر بن شراحيل قيصر 1280 كسرى 1280، 1295، 1296 النجاشي 1200، 1322، 1323 الواقدي- محمد بن عمر أسماء النساء آمنة بن وهب بن عبد مناف بن زهرة 40، 88، 91، 92، 95، 96، 97، 100، 105، 113، 114، 203، 204، 206، 207 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 أروى بنت عبد المطلب 244، 248 أسماء بنت أبي بكر الصديق 542، 1272، 1341، 2002 أسماء بنت خارجة 1004 أسماء بنت عميس 820، 843 أسماء بنت النعمان بن شراحيل بن الجون 960 أسماء بنت يزيد 1301 أمامة بنت أبي العاص بن الربيع 257 أميمة بنت عبد المطلب 85، 244، 245، 948 أنيسة بنت الحارث بن عبد العزى 252 بركة، أم أيمن 111، 113، 115، 323، 969، 1007 برة بنت عبد العزى بن عثمان 201، 207 برة بنت عبد المطلب 85، 244، 246 برة بنت مر، أخت تميم بن مر، أم النضر برة بنت عوف بن عبيد 201، 209 بهية بنت عبد الله البكرية 1271 جمعة بنت ذابل بن الطفيل 53 جويرية بنت الحارث 952 حفصة بنت عمر بن الخطاب 1447، 943 حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية 249، 109، 110، 111، 112 حمنة بنت جحش 1419 حواء عليها السلام 77 خديجة بنت خويلد 138، 139، 140، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 150، 151، 153، 163، 939 خضرة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم 1011 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 خليلة بنت الخليل 299، 1169 خولة بنت الهذيل- أو: حكيم- 959 الربيع بنت معوذ بن عفراء 1547 رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 260 رملة بنت أبي سفيان، أم حبيبة 944 روضة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم 1009 ريحانة بنت شمعون 1008 زينب بنت جحش الأسدية 948، 1340، 2329 زينب بنت خزيمة الهلالية 949 زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 257 سارة عليها السلام 28، 80 سلمى بنت أبي ذؤيب أخت حليمة السعدية 251 سلمى بنت زيد بن عمر النجارية 127 سلمى بنت سعد بن هذيل، أم غالب 219 سلمى بنت عمرو، أم عبد المطلب 213، 228 سلمى بنت محارب بن فهر، أم كعب 217 سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم 1010 سنا بنت الصلت 957 سودة بنت زمعة 940، 1340 شراف بنت خليفة بن فروة 958 صفية بنت حيي 755، 951 صفية بنت عبد المطلب 84، 244، 247، 248، 674، 723 ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب 1236 ظمياء بنت عبد العزيز بن مولة 168، 1115 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 عائشة بنت أبي بكر الصديق 11، 39، 1126، 1150، 1152، 1156، 150، 165، 172، 314، 321، 324، 335، 442، 470، 562، 608، 636، 821، 819، 824، 941، 601، 1447، 1452، 1578، 1711، 1737، 1966، 2000، 2035، 2064، 2069، 2072، 2073، 2084، 2085، 2088، 2098، 2145، 2154، 2273، 2309، 2320، 2324 عائشة بنت سعد بن أبي وقاص 575، 631 عاتكة بنت الأوقص، أم وهب أبي آمنة 226 عاتكة بنت عبد المطلب 224، 245، 945 عاتكة بنت مرة بن هلال، أم هاشم بن عبد مناف 225 عاتكة بنت هلال بن فالج، أم عبد مناف أبي وهب 224 عالية بنت ظبيان 956 عمرة بنت عبد الرحمن 596 عمرة بنت وجز بن غالب 202 عمرة بنت يزيد الغفارية 963 عمرة من بني القرطات 965 غزية بنت دودان بن عوف 942 فاطمة بنت الضحاك 955 فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 1545، 1709، 642، 643، 644، 645، 646، 647، 677، 824، 838، 262 فاطمة بنت سعد، أم قصي بن كلاب 214 فاطمة بنت عمرو بن عائذ 82، 85، 212، 227 فاطمة الزهراء بنت محمد 1237، 1313 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 قتيلة بنت قيس الكندية، أخت الأشعث 954 قلابة بنت الحارث بن لحيان بن هذيل 210 لبابة أم الفضل بنت الحارث الهلالية 238 ليلى بنت الخطيم الأنصارية 962 مارية القبطية 255، 1006 مليكة الليثية 961 ميمونة بنت الحارث الهلالية 757، 762، 950 ميمونة بنت سعد 1012 نعيم بنت سرير بن ثعلبة، أم كلاب 215 هاجر عليها السلام 28، 80 هالة بنت خويلد 257 هالة بنت وهب 88، 92 هند بنت خارجة 1004 هند بنت عتبة 710، 711 هند بنت عدوان بن عمرو، أم مالك 220 هند بنت عمرو من جرش 950 هند بنت يربوع 211 وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر، أم مرة 216 وحشية بنت مدلج بن مرة، أم لؤي 218 الكنى والألقاب ومن نسبت منهنّ لأبيها أم أيمن- بركة أم جميل 1210 أم جندب 1216 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى أم حكيم بنت عبد المطلب 244 أم الدرداء 12 أم سلمة 91، 1528، 637، 795، 945، 946، 947، 1069، 1334، 2272، 2347 أم شبيب بن البرصاء 964 أم شريك 1171 أم الفضل 1314 أم قرفة 751، 1126 أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 261 أم معبد 1530 أم ملدم 1211 أم نبيط 2083 أم هانئ بنت أبي طالب 431 ابنة خباب بن الأرت 1225 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 فهرس الأشعار والرجز الصدر رقم النص أبوه قصي كان يدعي مجمعا 192 أتاني نجيي بعد هدء ورقدة 43 أتيناك كي ما يعرف الناس فضلنا 337 أجبت رسول الله إذ جاء بالهدي 57 أدب المرء كلحم ودم 2104 إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة 2393 إذا ما ذكرنا من علي فضيلة 2394 أصم أم يسمع غطريف اليمن 5 أظن بلا شك بأنك كاتب 2190 أعيذه بالواحد 111 أقبل حق فسطع 52 أقسم بالله أبو حفص عمر 2418 ألا أبلغ معاوية بن صخر 1281 ألا أيها الراكب المعرس بلغوا 60 ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة 470 إليك رسول الله أعملت نصها 55 إليك رسول الله حنت مطيتي 59 إن على سائلنا أن نسله 336 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 انقشعت الظلماء 52 إنه قد اقترب 62 إياك لا تعجل وخذها مرفقة 45 أين المفر والإله الطالب 36 البراء من الأصنام 62 بعمي سقى الله الحجاز وأرضها 2552 بني دارم لا تفخروا إن فخركم 337 تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى 61 جزى الله رب الناس خير جزائه 563 حمدت الله إذ عانيت طيرا 36 خليلي هباطا لما قد رقدتما 49 دع ذا وعد القول في هرم 1635 رشدت وأنعمت ابن عمرو 2620 سائل بني الأشقر إن جئتهم 1116 شمر فإنك ماضي الهم شمير 5 شهدت بأن الله حق وأنني 52 صادف در السيل درا يدفعه 336 عجبت للجن وأرجاسها 42 عجبت للجن وتخبارها 42 عجبت للجن وتطلابها 42 عليك سلام من أمير وباركن 2436 عمرو العلى هشم الثريد لقومه 83 فلما أتانا واطمأنت به النوى 601 في الذاهبين والأولين من القرون لنا بصائر 48 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 كانت قريش بيضة فتفلقت 81 كسرت ناجزا أجذاذا وكان لنا 59 كل امرئ مصبح في أهله 470 كم قد تحطمت القلوس بي الدجى 53 لئن قعدنا والنبي يعمل 580 لا عهد لي بغارة مثل السيل 541 لا هم إن المرء يمنع رحله 306 لا هم إني ناشد محمدا 768 لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم 563 اللهمّ لا خير إلا خير الاخرة 579، 582 لو كان للدهر بلى بليته 541 متى تأته تعشو إلى ضوء ناره 1635 نحن الكرام فلا حي يعادلنا 337 نحن بنات طارق 711 نصرنا رسول الله والدين عنوة 337 نصرنا رسول الله ونحن سبعة 779 هب فقد لاح سراج الدين 58 هذا الذي تعرف البطحاء وطأته 2249 هذه الحمال لا حمال خيبر 579 هلك الضماد وكان يعبد مرة 54 وإني لأستحي صديقي أرى له 2109 وجدت طعم الموت قبل ذوقه 470 وساطح الأرض 58 وشق له من اسمه ليجله 290 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 وشق له من اسمه ليجله 1469 وقريش هي التي تسكن البحر 81 وما عيا سألت ولا ابن عي 2344 يا أبتاه أجاب ربا دعاه 838 يا آل فهر لمظلوم بضاعته 128 يا أيها الراكب المزجي مطيته 58 يا أيها الراكب السراع الأربعة 45 يا بكر يا بكر بن جبل 57 يا بني هند بن حرام 55 يا جندع بن صميل أسلم تسلم 62 يا حبذا مكة من وادي 469 يا خير من دفنت في القاع أعظمه 875 يا ذباب يا ذباب 61 يا رب إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك 35 يا رب رد ولدي محمدا 111 يا طارق يا طارق 55 يا عباس بن مرداس 54 يا عصام يا عصام 57 يا مازن اسمع تسر 59 يا مازن أقبل إلي أقبل 59 يقول أناس بأنا نقول 2352 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 ثبت المصادر والمراجع (*) 1- الاحاد والمثاني: لابن أبي عاصم. تحقيق: باسم فيصل الجوابرة. الطبعة الأولى (ت 1411 هـ) ، دار الراية: الرياض. 2- الاداب: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: عبد القدوس بن محمد نذير. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، مكتبة الرياض الحديثة: بالرياض. 3- الايات البينات في ذكر ما في أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات: لأبي الخطاب ابن دحية. تحقيق: جمال عزون. الطبعة الأولى (1420 هـ) ، مكتبة العمرين العلمية: الإمارات. 4- آيات عتاب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ضوء العصمة والاجتهاد، لشيخنا العلامة: الدكتور عويد بن عياد بن عايد المطرفي، الأستاذ المساعد، ورئيس قسم القضاء بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، ووكيل الكلية للدارسات العليا والبحث العلمي سابقا، طبع دار الفكر العربي- القاهرة. 5- الأباطيل والمنكرات والصحاح والمشاهير: للحسين بن إبراهيم الجورقاني. تحقيق: عبد الرحمن عبد الجبار الفريواني. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، الطبعة السلفية، الهند. 6- الإبانة عن شريعة الفرق الناجية: ابن بطة العكبري. - القسم الأول: تحقيق د. رضا نعسان معطي. الطبعة الأولى (1409 هـ) . (*) لا يبعد أن يكون قد فاتني ذكر بعض المصادر ذهولا ونسيانا، كما أن ترددي على بعض المكتابات الخاصة والعامة البعيدة عن مقام البحث والتحقيق ربما أخرجني عن بعض الطبعات للمصادر المعتمدة والمقيدة هنا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 - القسم الثاني: تحقيق د. عثمان عبد الله آدم الأفيوني. الطبعة الأولى (1415 هـ) . - القسم الثالث: تحقيق د. يوسف بن عبد الله الوابل. الطبعة الأولى (1415 هـ) . - القسم الرابع: (مختار من الإبانة) : تحقيق الوليد بن محمد النصر. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار الراية: الرياض، جدة. 7- إتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة: أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري. تحقيق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 8- إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر: لأبي اليمن بن عساكر. تعليق: حسين محمد علي شكري. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار المدينة. 9- إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين: للزبيدي، دار الفكر. 10- إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة: لابن حجر. تحقيق: جماعة من الباحثين بمركز خدمة السنة بالمدينة المنورة. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف: المدينة المنورة. 11- إتحاف السادة المهرة: لأبي العباس البوصيري. تحقيق: سيد كسروي حسن. لطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الكتاب العلمية. 12- إتمام الاهتمام بمسند أبي محمد بن بهرام، تأليفنا، الطبعة الأولى (1422 هـ) ، دار قرطبة: بيروت. 13- إثبات عذاب القبر: للبيهقي. تحقيق: د. شرف محمود القضاة. الطبعة الثانية (1405 هـ) ، دار الفرقان: عمان. 14- أحاديث أبي عروبة الحراني: أبو أحمد الحاكم. تحقيق: د. عبد الرحيم محمد أحمد القشقري. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 15- الأحاديث الطوال: للطبراني. تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، دار الكتاب العلمية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 16- الأحاديث المختارة: لضياء الدين محمد بن عبد الواحد الحنبلي المقدسي الضياء المقدسي. تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش. الطبعة الأولى (1410 هـ- 1418 هـ) ، مكتبة النهضة الحديثة: مكة المكرمة. 17- الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان: لابن بلبان الفارسي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الأولى (1408 هـ- 1412 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 18- الأحكام الوسطى: عبد الحق الإشبيلي. تحقيق: حمدي السلفي، وصبحي السامرائي. الطبعة الأولى (1416 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 19- إحياء علوم الدين: لأبي حامد الغزالي. (1358 هـ) ، مطبعة البابي الحلبي. 20- أخبار مكة وما جاء فيها من الاثار: لأبي الوليد الأزرقي. تحقيق: رشدي صالح ملحس. الطبعة الثالثة (1398 هـ) ، مطابع دار الثقافة: مكة. 21- أخبار القضاة: لمحمد بن خلف بن حيان- وكيع. تحقيق: عبد العزيز مصطفى المراغي. الطبعة الأولى: (1366 هـ) ، مطبعة السعادة: مصر، تصوير عالم الكتاب: بيروت. 22- أخبار مكة: للفاكهي. تحقيق: عبد الملك بن دهيش. (1407 هـ) ، نشر مكتبة النهضة الحديثة: مكة. 23- اختلاف الحديث: لمحمد بن إدريس الشافعي. تحقيق: عامر أحمد حيدر. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية. 24- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه: أبو الشيخ الأصبهاني. تحقيق: أحمد محمد مرسي. مطابع الأهرام: القاهرة. 25- الأدب المفرد: لمحمد بن إسماعيل البخاري. خرج أحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي. الطبعة الثالثة (1409 هـ) . دار البشائر الإسلامية: بيروت. 26- الأذكار: النووي. تحقيق: بشير محمد عيون. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مكتبة المؤيد: الطائف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 27- الإرشاد في معرفة علوم الحديث: للحافظ أبي يعلى الخليلي. تحقيق: د. محمد سعيد بن عمر إدريس. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 28- أسامي الضعفاء: لأبي زرعة الرازي. (ضمن كتاب: أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية) . تحقيق: أد. سعدي الهاشمي. الطبعة الثانية: (1409 هـ) ، دار الوفاء: المنصورة. 29- الأسامي والكنى: لأبي أحمد الحاكم الكبير. تحقيق: يوسف بن محمد الدخيل. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، مكتبة الغرباء: المدينة المنورة. 30- أسباب النزول: للواحدي. مطبعة هندية: مصر (1316 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 31- استجلاب ارتقاء الغرف: للشمس السخاوي. باعتناء: حسن محمد شكري. الطبعة الأولى (1421 هـ) ، دار المدينة للنشر. 32- الاستذكار: لابن عبد البر. تحقيق: عبد المعطي قلعجي. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار قتيبة: دمشق، ودار الوعي: حلب. 33- الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لأبي عمر بن عبد البر. بهامش الإصابة. تحقيق: د. طه محمد الزيني، الطبعة الأولى (1388 هـ) ، مطبعة الفحالة الجديدة. 34- أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين ابن الأثير. تحقيق: محمد إبراهيم البنا، ومحمد أحمد عاشور. الطبعة الأولى، دار الشعب: القاهرة. 35- الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة: لعلي بن محمد بن سلطان- ملا علي القاري. تحقيق: أبي هاجر محمد سعيد زغلول. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 36- الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة: الخطيب البغدادي. تحقيق: د. عز الدين علي السيد. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، مكتبة الخانجي: القاهرة. 37- الأسماء والصفات: للبيهقي. دار الكتاب العلمية: بيروت. 38- الإشارة إلى سيرة المصطفى: لمغلطاي. تحقيق: محمد نظام الدين. الطبعة الأولى (1416 هـ) ، دار القلم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 39- الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر. تحقيق: د. طه محمد الزيني. نشر مكتبة الكليات الأزهرية. الطبعة الأولى (1388 هـ) ، مطبعة الفحالة الجديدة. 40- أطراف الغرائب والأفراد للدارقطني: محمد بن طاهر المقدسي. تحقيق: محمود محمد محمود حسن نصار، والسيد يوسف. الطبعة الأولى (1419 هـ) . دار الكتاب العلمية: بيروت. 41- أطراف مسند الإمام أحمد بن حنبل: لابن حجر العسقلاني. تحقيق: زهير الناصر. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار ابن كثير: بيروت، ودار الكلم الطيب: دمشق. 42- الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد: البيهقي. الطبعة الأولى (1403 هـ) . 43- اعتلال القلوب: لأبي بكر الخرائطي. تحقيق: حمدي الدمرداش. الطبعة الثانية (1420 هـ) ، مكتبة نزار مصطفى الباز. 44- إعلام الساجد بأحكام المساجد: للزركشي. تحقيق: أبي الوفاء مصطفى المراغي. (1384 هـ) ، لجنة إحياء التراث الإسلامي: القاهرة. 45- أعلام النبوة: لأبي الحسن الماوردي. تقديم: محمد المعتصم بالله. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، طبع دار الكتاب العربي. 46- الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ: لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي. تصوير دار الكتاب العربي صلى الله عليه وسلم 1399 هـ) . عن نسختي خزانة أحمد باشا تيمور. 47- أعيان العصر وأعوان النصر: الصفدي. تحقيق: د. علي أبو زيد، د. نبيل أبو عمشة، وغيرهما. الطبعة الأولى (418 هـ) ، دار الفكر: دمشق، دار الفكر المعاصر: بيروت. 48- الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني. طبعة مصورة عن طبعة دار الكتاب المصرية. 49- الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم: للكلاعي. تحقيق: د. محمد كمال الدين. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، عالم الكتاب. 50- الأم: للشافعي. بإشراف: محمد زهري النجار. الطبعة الثانية (1393 هـ) ، دار المعرفة: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 51- إكمال تهذيب الكمال: لمغلطاي. تحقيق: عادل بن محمد، وأسامة بن إبراهيم. الطبعة الأولى (1421 هـ) ، الفاروق: القاهرة. 52- الأمالي الخميسية: ليحيى بن الحسين الشجري. عالم الكتاب: بيروت. 53- الإمامة: لأبي نعيم الأصبهاني. تحقيق: د. علي بن ناصر الفقيهي. (1407 هـ) ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة. 54- امتاع الأسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع: تقي الدين المقريزي. تحقيق: محمد بن عبد الحميد النميسي. الطبعة الأولى (1420 هـ) . دار الكتاب العلمية. 55- أمثال الحديث لأبي محمد الرامهرمزي، تحقيق: أمة الكريم القرشية. المكتبة الإسلامية: استانبول. 56- الأمثال في الحديث النبوي: لأبي الشيخ الأصبهاني. تحقيق: د. عبد العلي عبد الحميد. (1402 هـ) ، طبع الدار السلفية. 57- الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: خليل الهراس، الطبعة الأولى 1406، دار الكتاب العلمية، بيروت. 58- الأموال لابن زنجويه، تحقيق: د. شاكر ذيب فياض، الطبعة الأولى: 1406 إصدار: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. 59- إنارة الدجى في مغازي خير الورى، وهي حاشية لشيخنا العلامة الورع قاضي مكة والحجاز: حسن بن محمد المشاط رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة مستقره ومثواه، على منظومة المغازي للعلامة: أحمد بن محمد البدوي، المجلسي، الشنقيطي، الطبعة الثالثة: 1396، مطبعة الأصفهاني، جدة. 60- أنساب الأشراف: للبلاذري. تحقيق: د. سهيل زكار. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 61- الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، دار الفكر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 62- أنموذج الجواهر في معجزات سيد الأكابر للشيخ القمحاوي، مصور عن مخطوطة خزانة ابن يوسف بمراكش المغرب، تحت رقم: 30 قسم الشمائل والسير. 63- أنوار الاثار المختصة بفضل الصلاة على النبي المختار، للحافظ أبي العباس الأقليشي، باعتناء: حسين محمد شكري، الطبعة الأولى 1417، دار المدينة المنورة. 64- الأنوار في شمائل المختار: محيي الدين البغوي. تحقيق: إبراهيم اليعقوبي. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، دار الضياء: بيروت. 65- الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر، تحقيق: د. صغير أحمد، الطبعة الأولى، دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية. 66- الإيمان: لمحمد بن إسحاق بن يحيى بن منده. تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي. الطبعة الثانية (1406 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 67- بداية السول في تفضيل الرسول: للعز بن عبد السلام. تحقيق: شيخنا المحدث السيد عبد الله بن الصديق الغماري. 68- البداية والنهاية: لابن كثير. (1402 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 69- البعث والنشور: لأبي بكر البيهقي. تحقيق: أبي هاجر محمد زغلول. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية: بيروت. 70- البعث والنشور: لأبي بكر أحمد بن الحسين البهقي. تحقيق: عامر أحمد حيدر. الطبعة الأولي (1406 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية: بيروت. 71- البعث: لأبي بكر بن أبي داود. تحقيق: أبي هاجر محمد زغلول. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 72- بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث: للهيثمي. تحقيق: مسعد السعدني. دار الطلائع: القاهرة. 73- بغية الطلب في تاريخ حلب: ابن العديم. تحقيق: د. سهيل زكار. دار الفكر: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 74- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: السيوطي. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الفكر: بيروت. 75- بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس: أبو عمر بن عبد البر النمري. تحقيق: محمد مرسي الخولي. الطبعة الأولى، تصوير: دار الكتاب العلمية: بيروت. 76- بيان مشكل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (المطبوع باسم شرح مشكل الاثار) : للطحاوي. (1333 هـ) ، طبع مجلس دائرة المعارف النظامية: الهند. 77- البيان والتحصيل: لأبي الوليد ابن رشد القرطبي. تحقيق: محمد العرايشي. (1406 هـ) ، دار الغرب الإسلامي. 78- بيان الوهم والإبهام الواقعين في كتاب الأحكام: ابن القطان الفاسي. تحقيق: د. الحسين آيت سعيد. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار طيبة: الرياض. 79- تاريخ الإسلام: للذهبي. تحقيق: عمر عبد السلام التدمري. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الكتاب العربي: بيروت. 80- تاريخ الأمم والملوك: لابن جرير الطبري. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. الطبعة الثانية، دار سويدان: بيروت. 81- التاريخ الأوسط: البخاري. تحقيق: محمد بن إبراهيم اللحيدان. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار الصميعي: الرياض. 82- تاريخ بغداد: لأحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. الطبعة الأولى، دار الكتاب العربي: بيروت. 83- تاريخ التراث العربي: لفؤاد سزكين. ترجمة: محمود فهمي حجازي. الطبعة (؟) (1403 هـ) ، جامعة الإمام محمد بن سعود: الرياض. 84- تاريخ جرجان: لحمزة بن يوسف السهمي. تحت مراقبة: محمد عبد المعيد خان. (1401 هـ) ، الناشر عالم الكتاب: بيروت. 85- تاريخ الخلفاء: للسيوطي. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 86- تاريخ دمشق: لابن عساكر. تحقيق: محب الدين العمروي. (1415 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 87- تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن أبي زكريا يحيى بن معين في تجريح الرواة وتعديلهم: تحقيق شيخنا العلامة الدكتور أحمد محمد نور سيف. الطبعة الأولى، دار المأمون للتراث: دمشق. 88- التاريخ الكبير: للبخاري. الطبعة الأولى (1384 هـ- 1399 هـ) ، دار المعارف العثمانية: الهند. تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت. 89- تاريخ المدينة: لعمر بن شبة النمري. تحقيق: فهيم محمد شلتوت. الطبعة الأولى، تصوير مكتبة ابن تيمية: القاهرة. 90- تاريخ واسط: لأسلم بن سهل (بحشل) . تحقيق: كوركيس عواد. تصوير عام (1406 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 91- التاريخ: ليحيى بن معين (برواية الدوري) . تحقيق: شيخنا العلامة الدكتور أحمد محمد نور سيف. الطبعة الأولى (1399 هـ) . جامعة الملك عبد العزيز، كلية الشريعة: مكة المكرمة. 92- تالي تلخيص المتشابه: للخطيب البغدادي. تحقيق: مشهور حسن آل سلمان، وأحمد الشقيرات. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الصميعي: الرياض. 93- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: لأحمد بن علي ابن حجر العسقلاني. تحقيق: علي محمد البجاوي. تصوير المكتبة العلمية: بيروت. 94- تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري: لأبي القاسم ابن عساكر. تحقيق: حسام الدين القدسي. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، تصوير داب الكتاب العربي: بيروت. 95- تثبيت دلائل النبوة: للقاضي عبد الجبار الهمداني. تحقيق: د. عبد الكريم عثمان. دار العربية: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 96- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي. تحقيق: عبد الصمد شرف الدين. الطبعة الأولى (1384 هـ) ، الدار القيمة: الهند. 97- التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة: السخاوي. اعتنى به: أسعد طرابزوني. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، دار نشر الثقافة: القاهرة. 98- التحقيق: لابن الجوزي، تحقيق: مسعد السعدني، ومحمد فارس. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 99- تخريج أحاديث إحياء علوم الدين: للعراقي. بهامش إحياء علوم الدين. 100- تخريج أحاديث العادلين: السخاوي. تحقيق: مشهور حسن سلمان. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 101- التدوين في أخبار قزوين: لعبد الكريم بن محمد القزويني- الرافعي. تحقيق: عزيز الله العطاردي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، المطبعة العزيزية: الهند. 102- تذكرة الحفاظ: لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تصوير دار إحياء التراث العربي. 103- تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي: السيوطي. تحقيق: صبحي السامرائي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، الدار السلفية: الكويت. 104- تذكرة الموضوعات: للفتني ... ؟. 105- ترتيب العلل الكبير للترمذي: لأبي طالب القاضي. تحقيق: حمزة ديب مصطفى. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مكتبة الأقصى: عمان. 106- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضي عياض بن موسى. تحقيق: د. أحمد بكير محمود. (1387 هـ) دار مكتبة الحياة: بيروت. 107- الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك: أبو حفص ابن شاهين. تحقيق: صالح أحمد مصلح الوعيل. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار ابن الجوزي: الرياض، جدة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 108- الترغيب والترهيب: لأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني التيمي. تخريج: محمد السعيد بن بسيوني زغلول، مراجعة: محمود إبراهيم زايد، أشرف على طبعه: عبد الشكور عبد الفتاح فدا. 109- الترغيب والترهيب: لعبد العظيم بن عبد القوي- المنذري. تحقيق: مصطفى محمد عمارة. الطبعة الثالثة (1388 هـ) ، دار إحياء التراث العربي: بيروت. 110- تركة النبي صلى الله عليه وسلم والسبل التي وجهها فيها: حماد بن إسحاق بن إسماعيل. تحقيق: د. أكرم ضياء العمري. الطبعة الأولى (1404 هـ) . 111- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: لابن حجر. تحقيق: عبد الله هاشم اليماني. دار المحاسن للطباعة. 112- تعظيم قدر الصلاة: لمحمد بن نصر المروزي. تحقيق: د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مكتبة الدار: المدينة المنورة. 113- تفسير القرآن العظيم: لأبي الفداء إسماعيل ابن عمر بن كثير. (1407 هـ) ، طبعة دار الفكر: بيروت. 114- تفسير مجاهد بن جبر: تحقيق: عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتي. مجمع البحوث الإسلامية: إسلام آباد، باكستان. 115- التفسير: عبد الرزاق بن همام الصنعاني. تحقيق: د. مصطفى مسلم محمد. الطبعة الأولى (1410 هـ) . مكتبة الرشد: الرياض. 116- التفسير: لابن أبي حاتم. تحقيق: أسعد محمد الطيب. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، مكتبة نزار مصطفى الباز: مكة المكرمة. 117- تقريب البغية بترتيب أحاديث الحلية: للهيثمي. تحقيق: محمد حسن محمد. الطبعة الأولى 1420 هـ، دار الكتاب العلمية. 118- تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلاني. تحقيق: الشيخ محمد عوامة. الطبعة الرابعة (1412 هـ) ، دار الرشيد: سوريا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 119- تكملة الإكمال: أبو بكر ابن نقطة. تحقيق: د. عبد القيوم عبد رب النبي. الطبعة الأولى (1408- 1419 هـ) ، مطابع جامعة أم القرى: مكة المكرمة. 120- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق: د. شعبان محمد إسماعيل. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، مكتبة الكليات الأزهرية: القاهرة. 121- تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم: للخطيب البغدادي. تحقيق: سكينة الشهابي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، طلاس: دمشق. 122- تلخيص المستدرك: للذهبي. (بحاشية المستدرك) . تصوير دار المعرفة: بيروت. 123- التمهيد: لابن عبد البر. تحقيق: هيئة من العلماء بوزارة الأوقاف المغربية. 124- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة: لأبي الحسن علي بن محمد ابن عراق الكناني. تحقيق: عبد الوهاب بن عبد اللطيف، وعبد الله بن محمد الصديق. الطبعة الأولى تصوير سنة (1399 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 125- تهذيب الأسرار: لأبي سعد عبد الملك بن محمد بن إبراهيم الخركوشي. تحقيق: بسام محمد بارود. من منشورات المجمع الثقافي: أبو ظبي، 1999 م. 126- تهذيب الأسماء واللغات: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي. الطبعة الأولى، إدارة الطباعة المنيرية: القاهرة. تصوير: دار الكتاب العلمية: بيروت. 127- تهذيب التهذيب: لابن حجر. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 128- تهذيب الكمال: للمزي. تحقيق: بشار عواد معروف. الطبعة الثانية (1403- 1413 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 129- توالي التأنيس لمعالي محمد بن إدريس: لابن حجر. تحقيق: عبد الله القاضي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 372 130- التوبيخ والتنبيه: أبو الشيخ الأصبهاني. تحقيق: أبي الأشبال حسين بن أمين بن المندوة. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مكتبة التوعية الإسلامية: القاهرة. 131- التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل: لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة. تحقيق: الهراس. (1388 هـ) ، طبع دار الشرق. 132- توضيح المشتبه: لابن ناصر الدين. تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 133- الثقات: لابن حبان. تحت مراقبة: د. محمد بن عبد المعين خان. الطبعة الأولى (1393 هـ- 1403 هـ) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية: الهند. 134- ثواب قضاء الحوائج وما جاء في إغاثة اللهفان: أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي الملقّب بأبيّ. تحقيق: د. عامر حسن صبري. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 135- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: الخطيب البغدادي. تحقيق: د. محمود الطحان. مكتبة المعارف: الرياض. 136- جامع البيان في تفسير القرآن: الطبعة الثالثة (1388 هـ) ، مصطفى البابي الحلبي. 137- الجامع لشعب الإيمان: للبيهقي. تحقيق: محمد السعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 138- الجامع الصحيح: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. تحقيق: أحمد محمد شاكر. تصوير دار إحياء التراث العربي: بيروت. 139- جامع المسانيد والسنن: ابن كثير. تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي. (1415 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 140- جامع المسانيد: أبو المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي. تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 141- الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه: للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: محب الدين الخطيب. الطبعة الأولى (1400 هـ) ، المطبعة السلفية: القاهرة. 142- الجامع: لمعمر بن راشد. (مطبوع بذيل المصنف لعبد الرزاق بن همام) . تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى (1390 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 143- الجرح والتعديل: لابن أبي حاتم. الطبعة الأولى (1371 هـ) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية: الهند. تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت. 144- جزء الألف دينار: لأبي بكر القطيعي. تحقيق: بدر البدر. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار النفائس: الكويت. 145- جزء بيبي بنت عبد الصمد الهروية الهرثمية: تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الخلفاء: الكويت. 146- جزء الحسن بن عرفة: تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مكتبة دار الأقصى: الكويت. 147- جزء فيه الجواب عن حديث: ماء زمزم لما شرب: للحافظ ابن حجر. تحقيق: سائد بكداش. الطبعة الثالثة (1416 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 148- جزء فيه فوائد حديث أبي عمير: لابن القاص البغدادي. تحقيق: صابر أحمد البطاوي. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مكتبة السنة: القاهرة. 149- الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي: أبو الفرج المعافى بن زكرياء النهرواني. تحقيق: محمد مرسي الخولي، وإحسان عباس. الطبعة الأولى (1400 هـ- 1407 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 150- جمهرة أشعار العرب: أبو زيد القرشي. تحقيق: د. محمد علي الهاشمي. الطبعة الثانية، دار القلم: بيروت. 151- جمهرة أنساب العرب: لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. الطبعة الخامسة، دار المعارف: القاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 152- جمهرة نسب قريش وأخبارها: للزبير بن بكار. تحقيق: محمود محمد شاكر. وأشرف على طبعه: حمد الجاسر. الطبعة الثانية (1419 هـ) ، دار اليمامة: الرياض. 153- جمهرة النسب: لهشام بن محمد بن السائب الكلبي. تحقيق: د. ناجي حسن. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، عالم الكتاب، مكتبة النهضة العربية: بيروت. 154- جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب لابن بدر الموصلي: أبو إسحاق الحويني. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الكتاب العربي: بيروت. 155- جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام: لمحمد بن أبي بكر الزرعي ابن قيم الجوزية. الطبعة الأولى (1397 هـ) ، وكالة المطبوعات: الكويت. 156- الحجج المبينة في التفضيل بين مكة والمدينة: للسيوطي. تحقيق: عبد الله محمد الدرويش. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، اليمامة للطباعة: دمشق، بيروت. 157- حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: لجلال الدين السيوطي. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. الطبعة الأولى (1387 هـ) ، مطبعة عيسى البابي الحلبي: القاهرة. 158- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. تصوير دار الكتاب العلمية. 159- حياة الأنبياء في قبورهم للبيهقي. تحقيق: محمد بن محمد الخانجي البوسنوي. الطبعة الأولى (1349 هـ) ، مطبعة التضامن الأخوي: مصر. 160- خصائص علي بن أبي طالب: النسائي. تحقيق: أحمد ميرين البلوشي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مكتبة المعلا: الكويت. 161- خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: للحافظ النسائي. تخريج: أبي إسحاق الحويني. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الكتاب العربي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 375 162- الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود: لابن حجر الهيتمي. الطبعة الثانية (1416 هـ) ، دار المدينة المنورة. 163- الدر المنثور في التفسير المأثور: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، جامعة الملك سعود: الرياض. 164- الدرة الثمينة في أخبار المدينة: ابن النجار. تحقيق: صالح محمد جمال. (1401 هـ) ، طبع دار الثقافة: مكة المكرمة. 165- الدعاء: للطبراني. تحقيق: د. محمد سعيد بن محمد حسن البخاري. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار البشائر: بيروت. 166- الدعوات الكبير: للبيهقي. تحقيق: بدر البدر. الطبعة الأولى (1409 هـ- 1414 هـ) ، مركز المخطوطات: الكويت. 167- دلالة القرآن المبين على أن النبي أفضل العالمين، لشيخنا محدث المغرب، القدوة: السيد عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري، مكتبة القاهرة. 168- دلائل النبوة: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني. تحقيق: د. محمد رواس قلعة جي، وعبد البر عباس. الطبعة الثانية (1406 هـ) . دار النفائس: بيروت. 169- دلائل النبوة: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: عبد المعطي قلعجي. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 170- دلائل النبوة: لأبي القاسم الأصبهاني، إعداد أبي عبد الله الحداد، الطبعة الأولى (1409 هـ) ، دار طيبة للنشر والتوزيع. 171- دلائل النبوة: لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي. تحقيق: عامر حسن صبري، (1406 هـ) ، طبع دار حراء. 172- الدلائل في غريب الحديث: لأبي محمد السرقسطي. تحقيق: د. محمد بن عبد الله القناص. الطبعة الأولى (1422 هـ) ، مكتبة العبيكان. 173- ديوان حسان بن ثابت الأنصاري. (1398 هـ) ، دار بيروت للطباعة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 174- ديوان زهير بن أبي سلمى: د. محمد محمود. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار الفكر اللبناني. 175- ديوان الضعفاء والمتروكين: للذهبي، تحقيق: لجنة من العلماء. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، دار القلم: بيروت. 176- ذخائر العقبى: لأبي العباس الطبري. تحقيق: أكرم البلوشي. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، مكتبة الصحابة. 177- الذرية الطاهرة النبوية: الدولابي. تحقيق: سعد المبارك الحسن. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، الدار السلفية: الكويت. 178- ذكر أخبار أصبهان: لأبي نعيم. مطابع الفاروق الحديثة. 179- ذكر النار: لأبي محمد المقدسي. تحقيق: أديب محمد الغزاوي. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 180- ذم الكلام وأهله: أبو إسماعيل الهروي. تحقيق: عبد الله بن محمد بن عثمان الأنصاري. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، مكتبة الغرباء الأثرية: المدينة المنورة. 181- ذيل تكملة الإكمال: منصور بن سليم الإسكندراني. تحقيق: د. عبد القيوم عبد رب النبي. الطبعة الأولى (1419 هـ) . مطبعة جامعة أم القرى: مكة المكرمة. 182- ذيل ميزان الاعتدال: للعراقي. تحقيق: عبد القيوم عبد رب النبي. الطبعة الأولى (1406 هـ) . جامعة أم القرى: مكة المكرمة. 183- الرد على الجهمية: ابن منده. تحقيق: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي. الطبعة الثالثة (1414 هـ) ، مكتبة الغرباء الأثرية: المدينة المنورة. 184- رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني. تحقيق: محمد الصباغ. الطبعة الثالثة (1401 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 185- الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة: محمد بن جعفر الكتاني. الطبعة الثانية (1400 هـ) ، دار الكتاب العلمية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 377 186- الرسالة: أبو القاسم القشيري. تحقيق: د. عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف. الطبعة الأولى، دار الكتاب الحديثة: القاهرة. 187- الرصف لما روي عن النبي من الفعل والوصف، للعلامة العاقولي، الطبعة الثانية (1406 هـ) ، مكتبة التوعية الإسلامية، القاهرة. 188- الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام: لعبد الرحمن بن الخطيب السهيلي. تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. (1398 هـ) ، دار المعرفة. 189- روضة الطالبين للنووي، طبع المكتب الإسلامي. 190- روضة العقلاء: ابن حبان. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت. 191- الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة: للسيوطي. تحقيق: أبي هاجر محمد سعيد زغلول. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 192- زاد المعاد في هدي خير العباد: محمد بن أبي بكر الدمشقي ابن القيم الجوزية. تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرناؤوط. الطبعة الثالثة عشر (1406 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 193- الزهد: للإمام أحمد بن حنبل. تحقيق: محمد سعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الكتاب العربي: بيروت. 194- الزهد: لوكيع بن الجراح. تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، مكتب الدار: المدينة المنورة. 195- الزهد: لعبد الله بن المبارك. تحقيق: حبيب الأعظمي. دار الكتاب العلمية: بيروت. 196- الزهد: لأسد بن موسى. تحقيق: أبي إسحاق الحويني. الطبعة الأولى (1413 هـ) ، مكتبة التوعية الإسلامية. 197- الزهد: لأحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد- ابن أبي عاصم. تحقيق: د. عبد العلي بن عبد الحميد. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، الدار السلفية: الهند. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 378 198- الزهد: لهناد بن السري. تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الخلفاء: الكويت. 199- الزهد الكبير: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: عامر أحمد حيدر. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية: بيروت. 200- السبعة في القراآت: لابن مجاهد. تحقيق: د. شوقي ضيف. الطبعة الثانية، دار المعارف. 201- سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين: للنبهاني. 202- سمط النجوم العوالي: للعصامي. (1380 هـ) ، المطبعة السلفية: القاهرة. 203- السنن الصغرى (المجتبى) : لأحمد بن شعيب بن علي النسائي. ترقيم: عبد الفتاح أبو غدة. تصوير مكتب المطبوعات الإسلامية: حلب. 204- السنن الكبرى: لأحمد بن شعيب بن علي النسائي. تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي. الطبعة الأولى (1411 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 205- السنن الكبرى: للبيهقي. الطبعة الأولى (1344 هـ) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية: الهند. 206- السنن المأثورة: لمحمد بن إدريس الشافعي. تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار المعرفة: بيروت. 207- السنن: لأبي داود السجستاني. تحقيق: عزت عبيد الدعاس. الطبعة الأولى (1388 هـ) ، دار الحديث: بيروت. 208- السنن: لابن ماجه. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. 209- السنن: سعيد بن منصور. تحقيق: شيخنا حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 210- السنن: للدارقطني. تصحيح وترقيم السيد عبد الله هاشم يماني المدني. دار المحاسن للطباعة: القاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 211- السنن الواردة في الفتن: لأبي عمرو الداني. تحقيق: أبي عبد الله محمد حسن الشافعي. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 212- السنة: لأبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. تحقيق: د. محمد بن سعيد القحطاني. الطبعة الأولى (1406 هـ) . دار ابن القيم: الدمام. 213- السنة: لأبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني البصري ابن أبي عاصم. تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. الطبعة الأولى (1400 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 214- سير أعلام النبلاء: للذهبي. تحقيق: حسين الأسد. وشعيب الأرناؤوط، وبشار عواد، وجماعة. الطبعة الثانية (1402 هـ- 1405 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 215- سير السلف الصالحين: لأبي القاسم الأصبهاني. تحقيق: د. كرم بن حلمي بن فرحات. الطبعة الأولى، دار الراية: الرياض. 216- السيرة النبوية: لعبد الملك بن هشام الحميري. تحقيق: مصطفى السقا، وإبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شلبي. 217- سيرة عمر بن عبد العزيز: أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم. تحقيق: أحمد عبيد. الطبعة الثانية: الناشر: مكتبة وهبة، طبع دار الاتحاد. 218- سيرة عمر بن عبد العزيز: لأبي الفرج ابن الجوزي. تعليق: نعيم زرزور. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 219- شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: محمد محمد مخلوف. الطبعة الأولى (1349 هـ) ، المطبعة السلفية: القاهرة، تصوير دار الكتاب العربي: بيروت. 220- شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ابن العماد الحنبلي. تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 221- شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: للقاضي أبي حنيفة التميمي، المغربي. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار الثقلين. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380 222- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: للالكائي. تحقيق: د. أحمد سعد حمدان. الطبعة الثالثة (1415 هـ) ، دار طيبة: الرياض. 223- شرح الزرقاني على المواهب اللدنية. (1325 هـ) ، المطبعة الأزهرية: مصر. 224- شرح السنة: لمحيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ومحمد زهير الشاويش. الطبعة الثانية (1403 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 225- شرح معاني الاثار: للطحاوي. تحقيق: محمد زهدي النجار. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 226- شرف أصحاب الحديث: الخطيب. تحقيق: سعيد خطيب أوغلي. الطبعة الأولى (1391 هـ) ، جامعة أنقرة: تركيا. 227- الشريعة: للاجري. تحقيق: محمد حامد الفقي. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 228- الشريعة: له أيضا. تحقيق: الوليد بن محمد بن نبيه. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، مؤسسة قرطبة: القاهرة. 229- شفاء السقام في زيارة خير الأنام: للتقي السبكي. الطبعة الثانية (1398 هـ) ، دار الافاق: بيروت. 230- شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: للتقي الفاسي. دار الكتاب العلمية: بيروت. 231- الشفا بتعريف حقوق المصطفى: للقاضي عياض. (1399 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 232- الشمائل المحمدية: للترمذي. تحقيق: محمد عفيف الزعبي. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، (وهي المعتمدة من أول الكتاب إلى رقم 211) . 233- صحيح ابن خزيمة: تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي. المكتب الإسلامي: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381 234- صفة الجنة: ابن أبي الدنيا. تحقيق: عبد الرحيم أحمد عبد الرحيم العساسلة. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار البشير: عمان (الأردن) ، ومؤسسة الرسالة: بيروت. 235- صفة الجنة: لأبي نعيم الأصبهاني. تحقيق: علي رضا بن عبد الله بن علي رضا. الطبعة الثانية (1415 هـ) ، دار المأمون. دمشق. 236- صفة أهل النار: لابن أبي الدنيا. تحقيق: محمد خير يوسف. الطبعد الأولى (1417 هـ) ، دار ابن حزم: بيروت. 237- الصمت وآداب اللسان: لعبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الغرب الإسلامي: بيروت. 238- الصواعق المحرقة: للهيتمي. تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. الطبعة الثانية (1385 هـ) ، شركة الطباعة الفنية: القاهرة. 239- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ابن أبي عاصم. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار المأمون: دمشق. 240- الصلاة والبشر: للمجد الفيروزآبادي. تحقيق: محمد نور الدين. طبع دار القرآن: دمشق. 241- الضعفاء الصغير: لمحمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: بوران الضناوي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 242- الضعفاء والمتروكين: لابن الجوزي. تحقيق: عبد الله القاضي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 243- الضعفاء: للعقيلي: تحقيق: عبد المعطي قلعجي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 244- الطب النبوي: للذهبي. تحقيق: أحمد رفعت البدراوي. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، دار إحياء العلوم: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382 245- الطب النبوي: لابن القيم. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الثامنة (1406 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 246- الطب من الكتاب والسنة: للموفق البغدادي. تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار المعرفة: بيروت. 247- الطب النبوي: لأبي نعيم. نسخة خطية مصورة عن نسخة الأسكوريال بالجامعة الإسلامية تحت رقم 1298. 248- طبقات الأولياء: للسراج ابن الملقن. تحقيق: نور الدين شريبة. الطبعة الأولى (1393 هـ) ، مطبعة دار التأليف. 249- طبقات الشافعية الكبرى: لابن السبكي. تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو. الطبعة الثانية (1413 هـ) . هجر: القاهرة. 250- طبقات الصوفية: لأبي عبد الرحمن السلمي. تحقيق: نور الدين شريبة. الطبعة الثالثة (1406 هـ) ، مكتبة الخانجي: القاهرة. 251- طبقات الفقهاء الشافعية: ابن الصلاح. تحقيق: محيي الدين علي نجيب. الطبعة الأولى (1413 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 252- طبقات الفقهاء: لأبي إسحاق الشيرازي. تحقيق: خليل الميس. دار القلم: بيروت. 253- طبقات المحدثين بأصبهان: لأبي الشيخ الأصبهاني. تحقيق: عبد الغفور عبد الحق حسن البلوشي. الطبعة الأولى (1407 هـ- 1412 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 254- طبقات المفسرين: الداوودي. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 255- الطبقات الكبرى: للشعراني. دار العلم للجميع. 256- الطبقات: لابن سعد. تحقيق: د. إحسان عباس. دار صادر: بيروت. 257- عارضة الأحوذي: ابن العربي. دار الكتاب العربي: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383 258- العبر في خبر من غبر: لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تحقيق: أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 259- العجاب في بيان الأسباب: للحافظ ابن حجر العسقلاني. تحقيق: عبد الحكيم محمد الأنيس. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار ابن الجوزي: الدمام. 260- العظمة: لأبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني. تحقيق: محمد فارس. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 261- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين: تقي الدين الفاسي. تحقيق: فؤاد السيد. الطبعة الأولى (1386 هـ) . 262- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي- ابن الجوزي القرشي. تحقيق: خليل الميس. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 263- العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد. (برواية عبد الله بن الإمام أحمد) . تحقيق: د. وصي الله محمد عباس. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت، ودار الخاني: الرياض. 264- العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد بن محمد بن حنبل. (برواية المروزي: وغيره) . تحقيق: وصي الله بن محمد عباس. الطبعة الأولى (1408 هـ) . الدار السلفية: الهند. 265- العلل: لابن أبي حاتم. تحقيق: محب الدين الخطيب. (1405 هـ) ، تصوير دار المعرفة: بيروت. 266- العلل: للدارقطني. تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله السلفي. الطبعة الأولى (1405 هـ- 1416 هـ) . دار طيبة: المدينة. 267- علوم الحديث: لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح الشهرزوري. تحقيق: نور الدين عتر. (1401 هـ) ، المكتبة العلمية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 268- عمدة القاري بشرح صحيح البخاري: بدر الدين العيني. الطبعة الأولى (1392 هـ) ، مطبعة البابي الحلبي: القاهرة. 269- عمل اليوم والليلة: لأحمد بن شعيب بن علي النسائي. تحقيق: فاروق حمادة. الطبعة الثانية (1406 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 270- عمل اليوم والليلة: لأحمد بن محمد الدينوري ابن السنّي. تحقيق: بشير محمد عيون. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، مكتبة دار البيان: دمشق. 271- العيال: لعبد الله بن محمد بن عبيد القرشي ابن أبي الدنيا. تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، دار ابن القيم: الدمام. 272- عيون الأخبار: لعبد الله بن مسلم الدينوري- ابن قتيبة. الهيئة المصرية العامة للكتاب. 273- غاية السول في خصائص الرسول: لأبي حفص بن الملقن. تحقيق: عبد الله بحر الدين. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار البشائر الإسلامية. 274- غاية النهاية في طبقات القراء: لشمس الدين أبي الخير محمد بن محمد الجزري. نشره: ج. برجستراسر. الطبعة الأولى (1351 هـ) ، تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت، (1402 هـ) . 275- غريب الحديث: لأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي. تحقيق: د. سليمان بن إبراهيم العايد. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار المدني: جدة. 276- غريب الحديث: لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 277- غريب الحديث: لعبد الله بن مسلم الدينوري- ابن قتيبة. صنع فهارسها: نعيم زرزور. الطبعة الأولى (1402 هـ- 1403 هـ) ، دار الفكر: دمشق. 278- الغوامض والمبهمات: ابن بشكوال. تحقيق: عز الدين علي السيد. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، عالم الكتاب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 279- فتح الباري بشرح صحيح البخاري: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق: محب الدين الخطيب، وراجعه: قصي محب الدين الخطيب. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الريان للتراث: القاهرة. 280- فتح القدير الغافر على أنموذج الجواهر، في معجزات سيد الأكابر للشيخ يوسف السنبلاويني، مصور عن مخطوطة خزانة ابن يوسف بمراكش المغرب، تحت رقم: 30 قسم الشمائل والسير. 281- فتح المنان شرح وتحقيق المسند الجامع: لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن (تحقيقنا) . الطبعة الأولى (1419 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 282- فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب: أحمد بن محمد بن الصديق الغماري. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، عالم الكتاب، مكتبة النهضة العربية: بيروت. 283- الفتن: لنعيم بن حماد المروزي. تحقيق: سمير بن أمين الزهيري. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مكتبة التوحيد: القاهرة. 284- الفردوس: لشيرويه بن شهردار الديلمي. تحقيق: محمد سعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 285- الفصل للوصل المدرج في النقل: الخطيب البغدادي. تحقيق: د. محمد بن مطر الزهراني. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار الهجرة: الثقبة (السعودية) . 286- فضائل الأوقات: البيهقي. تحقيق: عدنان عبد الرحمن القيسي. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، مكتبة المنارة: مكة المكرمة. 287- فضائل الخمسة من الصحاح الستة: السيد مرتضى الفيروزآبادي. الطبعة الثالثة (1393 هـ) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات: بيروت. 288- فضائل الصحابة: لأحمد بن محمد بن حنبل. تحقيق: وصي الله محمد عباس. الطبعة الأولى (1403 هـ) . دار العلم للطباعة: جدة. 289- فضائل القرآن: أبو عبيد القاسم بن سلام. تحقيق: مروان العطية، ومحسن خرابة، ووفاء تقي الدين. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار ابن كثير: دمشق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 290- فضائل المدينة: لأبي سعيد الجندي. تحقيق: محمد مطيع الحافظ. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، دار الفكر: دمشق. 291- فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: إسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي. تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. المكتب الاسلامي. 292- الفقيه والمتفقه: لأحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. تحقيق: إسماعيل الأنصاري. الطبعة الثانية (1395 هـ) ، دار الكتاب العلمية، دار إحياء السنة. 293- الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط (الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله) : المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، مؤسسة آل البيت: عمان. 294- فوائد أبي بكر الشافعي (الغيلانيات) : تحقيق: حلمي كامل أسعد عبد الهادي. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار ابن الجوزي: الدمام. 295- الفوائد: تمام الرازي. تحقيق: حمدي السلفي. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 296- فيض القدير بشرح الجامع الصغير: للمناوي. الطبعة الثانية (1391 هـ) ، دار الفكر. 297- القبس في شرح الموطأ: لأبي بكر بن العربي. تحقيق: د. محمد عبد الله ولد كريم. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، دار الغرب الإسلامي. 298- القبل والمعانقة والمصافحة: لابن الأعرابي. تحقيق: مجدي السيد إبراهيم. مكتبة القرآن: القاهرة. 299- قرة العين بأدلة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين: تأليف شيخنا المحدث: عبد الله بن الصديق الغماري. الطبعة الثانية (1406 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 300- القرى لقاصد أم القرى: للمحب الطبري. تحقيق: مصطفى السقا. الطبعة الثانية (1390 هـ) ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي: القاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 301- القند في ذكر علماء سمرقند: للنجم النسفي. تقديم: نظر محمد الفاريابي. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مكتبة الكوثر: الرياض. 302- القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (للحافظ السخاوي مطبعة النمنكاني، المدينة المنورة (1397 هـ) . 303- القول في علم النجوم: الخطيب البغدادي. تحقيق: د. يوسف بن محمد سعيد. الطبعة الأولى (1420 هـ) ، دار أطلس: الرياض. 304- قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج: للحافظ ابن حجر. تحقيق: سمير حسين حلبي. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 305- الكاشف في معرفد من له رواية في الكتاب الستة: الذهبي. تحقيق: لجنة من العلماء. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، دار الكتاب العلمية. 306- الكامل في التاريخ: لعز الدين علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني- ابن الأثير. الطبعة الخامسة (1405 هـ) ، دار الكتاب العربي: بيروت. 307- الكامل في ضعفاء الرجال: لابن عدي. تحقيق: د. سهيل زكار. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 308- كشف الأستار عن زوائد مسند البزار: للهيثمي. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى (1399 هـ- 1405 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 309- كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: لإسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي. الطبعة الثالثة (1351 هـ) ، دار إحياء التراث العربي: بيروت. 310- كشف الظنون عن أسامي الكتاب والفنون: حاجي خليفة. نشره: محمد شرف الدين بالتقايا. الطبعة الأولى (1360- 1362 هـ) ، تصوير مكتبة المثنى. 311- كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب، المشهور بالخصائص الكبرى: للحافظ السيوطي. تحقيق: الهرّاس. دار الكتاب الحديثة، مطبعة المدني: القاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 312- كنز العمال: للمتقي الهندي. ضبطه: بكري حياني. (1399 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 313- الكنى والأسماء: للدولابي. الطبعة الأولى (1322 هـ) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية: الهند. 314- اللالىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة: للسيوطي. الطبعة الثالثة (1401 هـ) ، تصوير دار المعرفة: بيروت. 315- اللباب في تهذيب الأنساب: لعز الدين علي بن أبي الكرم محمد الجزري- ابن الأثير. تصوير دار صادر: بيروت، سنة (1400 هـ) . 316- لسان العرب: لجمال الدين محمد بن مكرم بن منظور المصري. دار صادر: بيروت. 317- لسان الميزان: لابن حجر. الطبعة الأولى (1329 هـ) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية: الهند. تصوير مؤسسة الأعلمي: بيروت. 318- اللفظ المكرم بخصائص النبي صلى الله عليه وسلم: للخيضري. تحقيق: د. محمد أمين بن محمد الجكني. الطبعة الأولى (1415 هـ) . 319- المتمنين: لأبي بكر بن أبي الدنيا. تحقيق: محمد خير يوسف. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار ابن حزم. 320- مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن: أبو الفرج ابن الجوزي. تحقيق: مرزوق علي إبراهيم. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار الراية: الرياض، وجدة. 321- المجالسة وجواهر العلم: الدينوري. تحقيق: أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، جمعية التربية الإسلامية: البحرين، ودار ابن حزم: بيروت. 322- المجروحين: لابن حبان. تحقيق: محمود إبراهيم زايد. 323- مجمع البحرين في زوائد المعجمين: للهيثمي. تحقيق: عبد القدوس نذير أحمد. الطبعة الأولى (1413 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 324- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للهيثمي. الطبعة الثالثة (تصوير) سنة (1402 هـ) ، تصوير دار الكتاب العربي: بيروت. 325- المجموع شرح المهذب: للنووي. تحقيق: محمد بخيت المطيعي. مكتبة الإرشاد: جدة. 326- محجة القرب إلى محبة العرب: زين الدين العراقي. تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم آل حمد. الطبعة الأولى (1420 هـ) ، دار العاصمة: الرياض. 327- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: للرامهرمزي. تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب. الطبعة الثالثة (1404 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 328- المحن: لأبي العرب محمد بن أحمد التيمي. تحقيق: د. يحيى وهيب الجبوري. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، دار الغرب الإسلامي. 329- مختصر إتحاف السادة المهرة: لأبي العباس شهاب الدين البوصيري. تحقيق: سيد كسروي حسن. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 330- مختصر الأحكام (المستخرج على جامع الترمذي) : أبو علي الحسن بن علي بن نصر الطوسي. تحقيق: أنيس بن أحمد بن طاهر الأندونيسي. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، مكتبة الغرباء: المدينة المنورة. 331- مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك الحاكم: ابن الملقن. تحقيق: د. عبد الله بن حمد اللحيدان. ود. سعد آل حميد. الطبعة الأولى (1411 هـ) ، دار العاصمة: الرياض. 332- مختصر تاريخ دمشق: ابن منظور. تحقيق: رياض عبد الحميد مراد، ومحمد مطيع الحافظ. الطبعة الأولى (1404 هـ- 1408 هـ) ، دار الفكر: دمشق. 333- مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي: تقي الدين المقريزي. تحقيق: أيمن عارف الدمشقي. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، مكتبة السنة: القاهرة. 334- مداراة الناس: ابن أبي الدنيا. تحقيق: محمد خير رمضان يوسف. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار ابن حزم: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 335- المدخل إلى السنن الكبرى: لأحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي: الكويت. 336- المداوي لعلل المناوي: أحمد بن الصديق الغماري. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار الكتبي: القاهرة. 337- مرآة الجنان: لليافعي. (1337 هـ) ، طبع دائرة المعارف العثمانية: الهند. 338- مرآة الزمان في تاريخ الأعيان: سبط ابن الجوزي يوسف بن قزاوغلي. تحقيق: د. مسفر بن سالم الغامدي. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، مطبعة جامعة أم القرى: مكة المكرمة. 339- المراسيل: أبو داود السجستاني. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 340- مرشد المحتار إلى خصائص المختار، للعلامة ابن طولون الدمشقي، تحقيق: د. بهاء محمد الشاهد. 341- مروج الذهب ومعادن الجوهر: لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي. تحقيق: مفيد محمد مميحة. الطبعة الأولى، دار الكتاب العلمية: بيروت. 342- مسألة الطائفين: للاجري.؟. 343- مساوىء الأخلاق: لمحمد بن جعفر بن سهل السامري- الخرائطي. تحقيق: مجدي السيد إبراهيم. الطبعة الأولى، مكتبة القرآن: القاهرة. 344- مستخرج أبي عوانة (يعقوب بن إسحاق الإسفراييني) . أ- المجلد (1- 2) تصوير دار المعرفة: بيروت. ب- المجلد (4- 5) الطبعة الأولى (1385) ، مجلس دائرة المعارف العثمانية: الهند. 345- المستدرك: للحاكم. الطبعة الأولى (1334 هـ) ، دائرة المعارف العثمانية: الهند. تصوير دار المعرفة: بيروت. 346- المسند الجامع: لأبي محمد الدارمي (انظر: فتح المنان) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 347- مسند الشاميين: الطبراني. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 348- المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. تحقيق وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي. تصوير دار الحديث: القاهرة. (1412 هـ) . 349- مسند أبي بكر الصديق: أبو بكر المروزي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الثانية (1393 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 350- مسند الفاروق: ابن كثير. تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي. الطبعة الأولى (1411 هـ) ، دار الوفاء: المنصورة. 351- المسند المستخرج على صحيح مسلم: أبو نعيم الأصبهاني. تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 352- مسند المقلين: تمام الرازي. تحقيق: مجدي فتحي السيد. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، دار الصحابة: طنطا، والقاهرة. 353- مسند الموطأ: الجوهري الغافقي. تحقيق: لطفي محمد الصغير، وطه علي بوسريح. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار الغرب الإسلامي: بيروت. 354- المسند: لأبي داود سليمان بن داود بن الجارود- الطيالسي. تصوير دار المعرفة: بيروت. 355- المسند: لمحمد بن إدريس الشافعي. تحقيق: السيد يوسف علي الزواوي، والسيد عزت العطار. الطبعة الأولى (1370 هـ) ، تصوير دار الكتاب العلمية: بيروت. 356- المسند: الحميدي. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى، المكتبة السلفية: المدينة المنورة. 357- المسند: للإمام أحمد بن حنبل. الطبعة الثانية (1398 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 392 358- المسند: لإسحاق بن راهويه الحنظلي المروزي. تحقيق: د. عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مكتبة الإيمان: المدينة المنورة. 359- المسند: للبزار. تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة المنورة. 360- المسند: لأبي يعلى الموصلي. تحقيق: حسين سليم أسد. الطبعة الأولى (1404 هـ- 1410 هـ) ، دار المأمون: دمشق، وبيروت. 361- المسند: الروياني. تحقيق: أيمن علي أبو يماني. الطبعة الأولى (1416 هـ) ، مؤسسة قرطبة: القاهرة. 362- المسند: للهيثم بن كليب الشاشي. تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة المنورة. 363- المشتبه: للذهبي. تحقيق: علي محمد البجاوي. الطبعة الأولى (1381- 1382 هـ) ، مطبعة دار إحياء الكتاب العربية: القاهرة. 364- مشيخة أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي (المعروف بابن الحطاب) وثبت مسموعاته: انتقاء أبي طاهر السلفي. تحقيق: الشريف حاتم بن عارف العوني. الطبعة الأولى (1415 هـ) ، دار الهجرة: الثقبة (السعوديّة) . 365- مشيخة بدر الدين ابن جماعة: تخريج: علم الدين قاسم بن محمد بن يوسف البرزالي. تحقيق: د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، دار الغرب الإسلامي: بيروت. 366- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: لأحمد بن أبي بكر البوصيري. تحقيق: موسى محمد علي. دار الكتاب الحديثة. 367- المصنف: لعبد الرزاق بن همام. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى (1390 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. 368- المصنف: لابن أبي شيبة. تحقيق: عامر الأعظمي، ومختار الندوي. الطبعة الأولى (1401 هـ) ، الدار السلفية: الهند. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 369- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: لابن حجر العسقلاني. تحقيق: أيمن علي أبو يماني. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، مؤسسة قرطبة: القاهرة. 370- المطالب العالية بزوائد المسانيد العثمانية: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الأولى. 371- المطر والرعد والبرق والريح: ابن أبي الدنيا. تحقيق: طارق محمد العمودي. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار ابن الجوزي: الدمام. 372- المعارف: لأبي محمد عبد الله بن مسلم- ابن قتيبه الدينوري. تحقيق: د. ثروت عكاشة. الطبعة الرابعة، دار المعارف: القاهرة. 373- معالم التنزيل: محيي السنة البغوي. تقديم: خالد بن عبد الرحمن العك. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار المعرفة: بيروت. 374- معالم السنن (شرح سنن أبي داود) : لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي. (مع مختصر سنن أبي داود للمنذري، وتهذيب ابن قيم الجوزية) . تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد حامد فقي. الطبعة الأولى (1400 هـ) ، دار المعرفة: بيروت. 375- معجم الأدباء: لياقوت الحموي. تحقيق: د. إحسان عباس. الطبعة الأولى (1413 هـ- 1414 هـ) ، دار الغرب الإسلامي: بيروت. 376- معجم اصطلاحات الصوفية: عبد الرزاق الكاشاني. تحقيق: د. عبد العال شاهين. الطبعة الأولى (1413 هـ) ، دار المنار: القاهرة. 377- معجم الأوزان الصوفية: إميل بديع يعقوب. الطبعة الأولى (1413 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت. 378- المعجم الأوسط: للطبراني. تحقيق: د. محمود الطحان. الطبعة الأولى (1405- 1415 هـ) . مكتبة المعارف: الرياض. 379- معجم البلدان: ياقوت الحموي. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، دار صادر: بيروت. 380- معجم الصحابة: لأبي القاسم البغوي. تحقيق: محمد الأمين الجكني. الطبعة الأولى (1421 هـ) ، مكتبة دار البيان: الكويت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 394 381- معجم الصحابة: لعبد الباقي بن قانع. تحقيق: صلاح بن سالم المصراني. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، مكتبة الغرباء: المدينة المنورة. 382- المعجم الصغير: للطبراني (مع تخريجه الروض الداني) : تحقيق: د. محمد شكور محمود الحاج أمرير. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت، ودار عمار: عمان. 383- المعجم الصغير: للطبراني. مراجعة: عبد الرحمن محمد عثمان. (1388 هـ) ، المكتبة السلفية. 384- المعجم الكبير: للطبراني. تحقيق: حمدي السلفي. (ج 1- 3) الطبعة الأولى (1319 هـ) ، الدار العربية للطباعة: بغداد. 385- معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 386- المعجم: لابن الأعرابي. تحقيق: عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، دار ابن الجوزي: الدمام. 387- المعجم: أبو بكر ابن المقرئ. تحقيق: عادل بن سعد. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 388- المعجم: أبو يعلى الموصلي. تحقيق: حسين سليم أسد، وعبده علي كوشك. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، دار المأمون: بيروت. 389- المعجم: للإسماعيلي. تحقيق: د. زياد محمد منصور. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة المنورة. 390- معرفة التذكرة: لابن القيسراني. تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية. 391- معرفة الرجال: لابن معين (رواية ابن محرز) . تحقيق: محمد كامل القصار، ومحمد مطيع حافظ، وغزوة بدير. الطبعة الأولى (1405 هـ) ، مطبوعات مجمع اللغة العربية: دمشق. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 392- معرفة السنن والاثار: للبيهقي. تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي. الطبعة الأولى (1411 هـ) ، جامعة الدراسات الإسلامية: باكستان، ودار قتيبة: دمشق، ودار الوعي: حلب، ودار الوفاء: القاهرة. 393- معرفة الصحابة: أبو نعيم الأصبهاني. تحقيق: عادل يوسف العزازي. الطبعة الأولى (1419 هـ) ، دار الوطن: الرياض. 394- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تحقيق: بشار عواد معروف، وشعيب الأرناؤوط. الطبعة الأولى (1404 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 395- المعرفة والتاريخ: للفسوي. تحقيق: أد. أكرم ضياء العمري. الطبعة الأولى (1410 هـ) ، مكتبة الدار: المدينة المنورة. 396- المغازي: الواقدي. تحقيق: د. مارسدن جونس. عالم الكتاب: بيروت. 397- المغني عن حمل الأسفار: للحافظ العراقي. (بهامش إحياء علوم الدين) . 398- مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصبهاني. تحقيق: صفوان عدنان الداوودي. الطبعة الثانية (1418 هـ) ، دار القلم: دمشق، والدار الشامية: بيروت. 399- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي. تحقيق: محيي الدين مستو، ويوسف علي بدوي، وأحمد محمد السيد، ومحمود إبراهيم بزال. الطبعة الأولى (1417 هـ) ، دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب: دمشق، وبيروت. 400- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: لمحمد بن عبد الرحم السخاوي. تحقيق: عبد الله محمد الصديق. الطبعة الأولى (1399 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 401- المقصد العلي في زوائد مسند أبي يعلى الموصلي: نور الدين الهيثمي. تحقيق: نايف هاشم الدعيس. الطبعة الأولى (1402 هـ) ، تهامة للنشر: جدة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 396 402- مكارم الأخلاق: لعبد الله بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا. تحقيق: جيمز أ. يلمي. تصوير مكتبة ابن تيمية: القاهرة. 403- مكارم الأخلاق: الطبراني. تحقيق: د. فاروق حمادة. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار الثقافة: الداء البيضاء. 404- مكارم الأخلاق ومعاليها: لأبي بكر محمد بن جعفر بن محمد الخرائطي. تحقيق: د. سعاد سليمان الخندقاوي. الطبعة الأولى (1411 هـ) ، مطبعة المدني: مصر. 405- من كلام أبي زكرياء يحيى بن معين في الرجال: رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم بن طهمان البادي. تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف. دار المأمون للتراث: دمشق: بيروت. 406- مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لأبي الحسن علي بن المغازلي الواسطي. إعداد المكتب العالمي للبحوث. دار مكتبة الحياة: بيروت. 407- المنامات: ابن أبي الدنيا. تحقيق: مجدي السيد إبراهيم. الطبعة الأولى، مكتبة القرآن: مصر. 408- مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا للقاضي عياض: جلال الدين السيوطي. تحقيق: سمير القاضي. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، مؤسسة الكتاب الثقافية: بيروت. 409- المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور: لعبد الغافر الفارسي: انتخبه إبراهيم بن محمد الصريفيني. تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 410- المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: للزبير بن بكار. تحقيق: سكينة الشهابي. الطبعة الأولى (1403 هـ) ، مؤسسة الرسالة. 411- المنتخب من كتاب الزهد والرقائق: الخطيب البغدادي. تحقيق: د. عامر حسن صبري. الطبعة الأولى (1420 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 397 412- المنتخب من مسند عبد بن حميد. تحقيق: صبحي البدري السامرائي، ومحمود محمد خليل الصعيدي. الطبعة الأولى (1408 هـ) ، عالم الكتاب: بيروت (وهي المعتمدة عند الإطلاق) . 413- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي- ابن الجوزي. تحقيق: محمد عبد القادر عطا. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، دار الكتاب العلمية: بيروت. 414- المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأبي محمد عبد الله بن علي ابن الجارود. تحقيق: لجنة من العلماء. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار القلم. 415- المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق للخرائطي: انتقاء أبي طاهر السلفي. تحقيق: محمد مطيع الحافظ، وغزوة بدير. الطبعة الأولى (1406 هـ) . دار الفكر: دمشق. 416- منح المدح: لابن سيد الناس. تحقيق: عفت وصال حمزة. الطبعة الأولى (1988 هـ) ، دار الفكر- دمشق. 417- المنمق في أخبار قريش: لمحمد بن حبيب البغدادي. الطبعة الأولى، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية: حيدر آباد الدكن (الهند) . 418- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: راجعه: خليل الميس. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، دار القلم: بيروت. 419- المنهاج في شعب الإيمان للحافظ الحليمي، تحقيق: حلمي محمد فودة، الطبعة الأولى 1399، دار الفكر، بيروت. 420- المنهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي: للسيوطي. تحقيق: حسن محمد الأهدل. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، مكتبة الجيل الجديد، ومؤسسة الكتاب الثقافية. 421- المنهل الروي في الطب النبوي: لابن طولون. تحقيق: عزيز بيك. الطبعة الأولى (1407 هـ) ، المطبعة العزيزية: حيدر آباد (الهند) . 422- المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: للقسطلاني. دار الكتاب العلمية. 423- المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: للقسطلاني. تحقيق: صالح أحمد الشامي. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، المكتب الإسلامي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 398 424- المؤتلف والمختلف: لعبد الغني بن سعيد الأزدي المصري. تحقيق: محمد محيي الدين الجعفري. الطبعة الأولى (1327 هـ) ، الهند. 425- المؤتلف والمختلف: الدارقطني. تحقيق: د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر. الطبعة الأولى (1406 هـ) ، دار الغرب الإسلامي: بيروت. 426- الموضح لأوهام الجمع والتفريق: للخطيب البغدادي. تحقيق: المعلمي. الطبعة الثانية (1405 هـ) ، تصوير دار الفكر الإسلامي. 427- الموضوعات: لابن الجوزي. تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. الطبعة الثانية (1403 هـ) ، دار الفكر: بيروت. 428- الموضوعات: الصاغاني. تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف. الطبعة الثانية (1405 هـ) ، دار المأمون: دمشق. 429- الموطأ: للإمام مالك بن أنس رواية يحيى الليثي. تحقيق: أحمد راتب عرموش. الطبعة الرابعة (1404 هـ) ، دار النفائس: بيروت. 430- الموطأ: لمالك بن أنس رواية أبي مصعب الزهري. تحقيق: بشار عواد معروف، ومحمود محمد خليل. الطبعة الأولى (1412 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 431- ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للذهبي. تحقيق: علي محمد البجاوي. الطبعة الأولى (1382 هـ) ، تصوير دار المعرفة: بيروت. 432- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: لابن تغري بردي. تحقيق: فهيم محمد شلتوت. نسخة مصورة عن طبعة دار الكتاب المصرية. 433- نزهة الألباء في طبقات الأدباء: أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. تصوير (1418 هـ) ، دار الفكر العربي: القاهرة. 434- نزهة الألباب في الألقاب: لابن حجر. تحقيق: عبد العزيز محمد السديري. الطبعة الأولى (1409 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 435- نصب الراية: للزيلعي. تحقيق: أعضاء المجلس العلمي بدابهيل، بالهند. الطبعة الأولى (1357 هـ) ، دار المأمون: القاهرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 436- نقض الدارمي: على بشر المريسي. تحقيق: د. رشيد بن حسن الألمعي. الطبعة الأولى (1418 هـ) ، مكتبة الرشد: الرياض. 437- النكت الظراف على الأطراف: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. (بحاشية تحفة الأشراف للمزي) . تحقيق: عبد الصمد شرف الدين. الطبعة الثانية (1403 هـ) ، المكتب الإسلامي: بيروت. الدار القيمة: الهند. 438- النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود الطناحي. الطبعة الثانية (1399 هـ) ، دار الفكر. 439- الوافي بالوفيات: للصفدي. تحقيق: جماعة. يطلب من دار النشر فرانز شتايز بفيسبادن: ألمانيا. 440- هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك: للعز بن جماعة. تحقيق: د. نور الدين عتر. الطبعة الأولى (1414 هـ) ، دار البشائر الإسلامية: بيروت. 441- هواتف الجنان: لأبي بكر الخرائطي. ضمن مجموعة: نوادر الرسائل. تحقيق: إبراهيم صالح. الطبعة الثانية (1407 هـ) ، مؤسسة الرسالة: بيروت. 442- وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين (: لأبي حفص: عمر بن محمد بن الخضر الموصلي الشهير بالملاء، وزارة المعارف الحكومية الهندية. مراقبة: د. محمد عبد المعيد خان. الطبعة الأولى، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية: حيدر آباد الدكن (الهند) . 443- وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: لنور الدين السمهودي. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي: بيروت. 444- الوفا بأحوال المصطفى: لابن الجوزي، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار الكتاب الحديثة- مصر، 1386 445- وفيات الأعيان: ابن خلكان. تحقيق: إحسان عباس. دار صادر: بيروت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 400 فهرس الموضوعات فهرس موضوعات المجلد الأول الموضوع الصفحة قسم الدراسة كلمة المحقق الشارح 5 الفصل الأول: في ترجمة المؤلف صاحب شرف المصطفى 9 الفصل الثاني: ذيل للترجمة المتقدمة، وفيه ما وقف عليه المحقق من الأوهام في اسم المصنف وكنيته وتسمية كتابه 22 الفصل الثالث: في أهمية موضوع الكتاب وسبب تأليفه 27 الفصل الرابع: في أن تعظيمه صلى الله عليه وسلم وإظهار شرفه واعتقاد أفضليته من أصول الدين 29 الفصل الخامس: كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتناول المصنف لموضوعه، ومن روى عنه أو اقتبس منه أو أشار إليه 33 الفصل السادس: وصف حال كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصوله الخطية، وعملنا في التحقيق 45 نماذج من النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق 51 الفصل السابع: في تراجم الرواة المذكورين في سند الكتاب 67 الفصل الثامن: في تراجم بعض من سمع الكتاب ودون سماعه في أصله 73 الفصل التاسع: في ذكر سند المحقق إلى أبي القاسم القشيري راوي الكتاب، وسنده إلى عمر بن يوسف صاحب الأصل والسماع 79 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 النص محقّقا مقدمة المؤلف 85 جامع أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم باب: في شأن من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بألف سنة 93 فصل: ذكر حديث نمرود، وسبب هلاكه 109 فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة الغساني حين أتى مكة 113 فصل: في ذكر حديث سطيح بن ربيعة في رؤيا الموبذان وخمود النيران ليلة مولده صلى الله عليه وسلم 121 فصل: في ذكر حديث آخر لسطيح وشق 128 فصل: ذكرما ظهر في بني إسرائيل من أمارات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم 137 فصل: في ما جاء في الكتاب المتقدمة من التنويه بشرفه صلى الله عليه وسلم والتعريف بفضله 158 فصل: في قصة الفيل وما جرى بين عبد المطلب وأبرهة الأشرم 181 فصل: في بشارة سيف بن ذي يزن بالنبي صلى الله عليه وسلم وإخباره عبد المطلب بأمره 188 فصل: في ذكر من تسمى في الجاهلية باسمه رجاء أن تدركه النبوة 193 فصل: ذكر حديث سواد بن قارب الأزدي في سبب إسلامه وقدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم 198 فصل: ذكر الكاهنة التي تعرضت لعثمان بن عفان 208 فصل: ذكر إسلام عمرو الهذلي 210 فصل: ذكر حديث قس بن ساعدة 212 فصل: في ذكر قصة يوشع اليهودي 225 فصل: ذكر حديث عمرو بن مرة بن قيس بن جهينة 228 فصل: ذكر إسلام خفاف بن نضلة 233 فصل: ذكر قصة إسلام عباس بن مرداس 235 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 فصل: ذكر إسلام زمل بن ربيعة 238 فصل: ذكر قصة أكثم بن صيفي 241 فصل: ذكر قصة إسلام عبد بن عمرو بن جبلة وعصام بن عامر الكلبي 244 فصل: ذكر قصة إسلام جندل بن نضلة 246 فصل: ذكر قصة مازن بن أبي حيان وسبب إسلامه ووفوده على النبي صلى الله عليه وسلم 248 فصل: ذكر قصة الجعد بن قيس المرادي 252 فصل: ذكر قصة إسلام ذباب بن الحارث 253 فصل: ذكر إسلام رافع بن خداش 255 فصل: ذكر قصة إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه 256 فصل: ذكر قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه 261 فصل: ذكر قصة أبي عمير بن الهيبان 270 فصل: ذكر إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه 272 فصل: ذكر إسلام كعب الأحبار 275 فصل: ذكر قصة النجاشي وإسلامه رحمه الله تعالى 278 جامع أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم ومولده الشريف باب ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وانقلابه في أصلاب آبائه 285 فصل: في زواج عبد المطلب بن عبد مناف وولادة عبد الله أبي المصطفى صلى الله عليه وسلم 337 فصل: في قصة زواج عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب، وقصة حملها بالمصطفى صلى الله عليه وسلم 341 باب: في ذكر رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم 365 باب تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور أمارات النبوة فيه 386 باب ذكر حلف المطيبين من قريش 393 فصل: في حلف الفضول 397 فصل: في ذكر ما جرى في رحلته صلى الله عليه وسلم مع عمه إلى الشام 403 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 فصل: ذكر ابتداء قصته صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها وإسلامها 407 فصل: في ابتداء الوحي، كيف كان؟ 419 باب: في ذكر عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم من التدين بغير الحق 433 فصل: في حراسة الله السماء ومنعه الجان ومردة الشياطين من استراق السمع 473 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404 فهرس موضوعات المجلد الثاني الموضوع الصفحة جامع أبواب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في طهارة أصله وكرامة محتده صلى الله عليه وسلم باب نسب النبي صلى الله عليه وسلم 7 قصيدة أبي العباس الناشي في نظم نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم 13 قصيدة ابن أبي الخصال رحمه الله في نظم نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم 16 فصل: في شرف أصله صلى الله عليه وسلم وكرامة محتده 22 باب جدات النبي صلى الله عليه وسلم وأجداده لأمه 28 باب ذكر أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم 40 باب ذكر عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم 45 باب ذكر أخواله وخالاته وإخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة 47 باب ذكر أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره 51 باب ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن وصفاته 54 باب ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم صلى التي وردت بها الأخبار 61 فصل: فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الأسماء والكنى 69 فصل: ولقبه صلى الله عليه وسلم: الذبيح 74 فصل: ذكر قصة حفر عبد المطلب بئر زمزم 77 فصل: ذكر رواية أخرى لرؤيا عبد المطلب في أمر زمزم 80 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 فصل: ذكر رواية أخرى أيضا في ذلك 83 باب: في ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقه ونعته وحليته 85 ذكر حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم 89 فصل: ذكر الاية في وجهه الشريف وعقله المنيف صلى الله عليه وسلم 103 فصل: ذكر الاية في عينه وقلبه وصفة نومه صلى الله عليه وسلم 106 فصل: ذكر الاية في خاتمه الشريف صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفته 109 فصل: ذكر الاية في بوله وغائطه صلى الله عليه وسلم 112 فصل: ذكر الاية في عرقه وما جاء في طيب ريحه صلى الله عليه وسلم 116 فصل: ذكر الاية في شعره الشريف صلى الله عليه وسلم 119 فصل: في ابتداء الدعوة 121 باب: في معاريج النبي صلى الله عليه وسلم 139 فصل: في وصفه صلى الله عليه وسلم النار 165 فصل: فيما ورد في وصف المعراج 169 فصل: في أسماء السماوات السبع ومن فيهن من الأنبياء 171 فصل: في ذكر ما رآه صلى الله عليه وسلم من عجائب المخلوقات ليلة الأسراء 180 فصل: في ما ورد في وصف جبريل عليه السّلام 191 فصل: في ما ورد في وصف البراق وسبب استصعابه 194 فصل: في ما رآه صلى الله عليه وسلم في نومه وحيا من الله عزّ وجلّ 196 باب ما جاء في فضل مكة 199 فصل: ذكر بعض أسماء مكة حرسها الله وزادها الله شرفا 205 فصل: في ذكر حدود الحرم، وكيف حرم 206 فصل: في ذكر عظم الذنب في حرم الله وحمل السلاح فيه 211 فصل: ما جاء في إخراج جبريل زمزم لأم إسماعيل عليهما السلام 215 فصل: ذكر ما جاء في فضل مائها، وهو ماء زمزم 220 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 406 فصل: ذكر ما كان عليه ذرع البيت حتى صار إلى ما هو عليه اليوم من خارج وداخل 228 فصل: ذكر تاريخ البيت وفضل ما حوله وما جاء في الحجر الأسود والركن والمقام والحجر 230 فصل: ذكر المقام وأول أمره، وكيف كان 242 فصل: ذكر ردّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المقام إلى وضعه الذي هو عليه الان 245 فصل: ذكر ذرع المقام 246 فصل: في ذكر ما جاء في منبر مكة 247 فصل: في ذكر جبال مكة حرسها الله تعالى 248 فصل: في فضل المقام بمكة حرسها الله تعالى 250 فصل: ذكر حنين السلف إلى مكة بيت الله 262 فصل: في فضل الطواف بالبيت ودخوله والنظر إليه 265 فصل: ذكر اعتناء السلف بحج البيت وعدم تركهم له 282 فصل: في ذرع المسجد الحرام 285 فصل: في صفة باب الكعبة 286 فصل: في صفة عتبة باب الكعبة 287 فصل: ذرع الكعبة من داخل 288 فصل: في ذرع البيت من خارج 290 فصل: في الشاذروان حول الكعبة 291 فصل: ذكر الكراسي الموجودة في الكعبة 292 فصل: في صفة الروازن التي للضوء في سقف الكعبة 293 فصل: في صفة الدرجة 294 فصل: في صفة الجزعة وذرعها 295 فصل: في صفة الإزار الرخام الأسفل الذي في بطن الكعبة 295 فصل: في صفة الإزار الأعلى 297 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 407 فصل: في صفة فرش أرض البيت بالرخام 297 فصل: ذرع ما بين الأساطين 298 فصل: في عدد أساطين المسجد الحرام 299 فصل: في عدد الطاقات 300 فصل: في عدد أبواب المسجد الحرام 301 فصل: ذكر منى واتساعها أيام الحج وسبب تسميتها بذلك 304 فصل: ذكر مسجد الخيف وله عشرون بابا 308 فصل: في مسجد الكبش 312 فصل: ذكر قصة فداء إسماعيل 313 فصل: ذكر المسافة من منى إلى مزدلفة 314 فصل: حديث عبد الله بن الزبير بن العوام ومقتله رضي الله عنه 315 فصل: ذكر سبب بناء ابن الزبير البيت 319 باب ذكر الهجرة وحديث الغار 341 فصل: حديث أم معبد الخزاعية وفيه: وصف حلية النبي صلى الله عليه وسلم 354 باب ذكر مقدم النبي صلى الله عليه وسلم قباء، وبناء المسجد 365 باب ما جاء في إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وفضله 374 باب ما جاء في بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 383 فصل: ذكر توسعة مسجده صلى الله عليه وسلم وزيادته 388 فصل: ذكر مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار 392 باب ما جاء في تحويل القبلة 396 باب: في فضل تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم 405 فصل: ما جاء في أن الإيمان يأرز إلى المدينة 421 فصل: ما جاء في أن المدينة كالكير 423 فصل: في فضل المجاورة بالمدينة 427 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 408 فصل: في المدينة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون 430 فصل: في التحذير من إخافة أهل المدينة 432 باب ما جاء في الحنانة 436 باب ذكر العود الذي في المحراب 438 باب: في حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 439 باب ما جاء في بيت فاطمة رضي الله عنها 444 باب ما جاء في سد الأبواب الشوارع 448 باب ما جاء في أول من خلّق القبلة 455 باب الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم 459 باب ذكر ما هو مكتوب على جدر المسجد 466 باب ما جاء في فضائل الشهداء 473 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 409 فهرس موضوعات المجلد الثالث الموضوع الصفحة جامع أبواب المغازي والسرايا والبعوث النبوية باب ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم 7 فصل: ذكر حديث بدر 11 فصل: وأما قصة أحد 20 فصل: في غزوة حمراء الأسد 34 فصل: في سرية أبي سلمة إلى قطن 35 فصل: في غزوة الرجيع 36 فصل: في سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة 38 فصل: في غزوة بني النضير 40 فصل: في غزوة بدر الميعاد 40 فصل: في غزوة ذات الرقاع 41 فصل: في غزوة المريسيع 43 فصل: في قصة الإفك 45 فصل: في غزوة الخندق وبني قريظة 46 فصل: في سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء 48 فصل: في غزوة بني لحيان من هذيل 49 فصل: في غزوة الغابة 50 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 فصل: في سرية عكاشة بن محصن 51 فصل: في سرية زيد بن حارثة 51 فصل: بعث علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة 52 فصل: في سرية ابن رواحة إلى يسير بن رزام 53 فصل: في سرية عبد الله بن عتيك 54 فصل: في قصة الحديبية 55 فصل: في غزوة خيبر 57 فصل: في سرية بشير بن سعد إلى فدك 60 فصل: في عمرة القضية 61 فصل: في سياق آخر لقصة الحديبية وعمرة القضية 62 فصل: في سرية كعب بن عمير إلى ذات أطلاح 67 فصل: في غزوة مؤتة 68 فصل: في سرية غالب بن عبد الله 69 فصل: في سرية عيينة بن حصن 69 فصل: في غزوة ذات السلاسل 70 فصل: ذكر سبب مسيره صلى الله عليه وسلم إلى مكة وفتحها 71 فصل: سياق آخر في سبب مسيره صلى الله عليه وسلم لفتح مكة 75 باب: في ذكر استلامه صلى الله عليه وسلم مفتاح بيت الله الحرام 77 فصل: في غزوة حنين 81 فصل: في غزوة أوطاس 84 فصل: في غزوة الطائف 85 فصل: في غزوة تبوك 87 فصل: في بعثه صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالحج 89 فصل: سياق آخر فيه 91 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 411 باب: في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم 92 فصل: في خروجه صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة للحج، وبم أحرم 94 فصل: في الوقوف بعرفة 100 فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة 102 فصل: في إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى منى 105 فصل: ثم رجع رسول الله إلى المدينة 109 فصل: في بدء مرض وفاته صلى الله عليه وسلم 110 باب: في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم 117 فصل: في نعيه صلى الله عليه وسلم نفسه لابنته فاطمة رضي الله عنها 124 فصل: في ما جاء في آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم 127 فصل: في ذكر ما روي من التشديد على الأنبياء عند الموت 139 فصل: ذكر استئذان جبريل وملك الموت عليهما السلام في قبض روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم 141 فصل: ذكر ما نزل من الكرب على الأمة بوفاته صلى الله عليه وسلم 144 فصل: ذكر تجهيزه صلى الله عليه وسلم وغسله وتكفينه 152 فصل: في دفنه صلى الله عليه وسلم وموضع قبره 161 باب: ما جاء في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم 168 فصل: في فضل ما بين قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره 175 فصل: فيما يقال عند زيارته للسلام عليه صلى الله عليه وسلم 179 فصل: في أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وما ورد من سماعه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه 184 فصل: ذكر بعض أحوال الزائرين 190 فصل: في قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا 191 باب ما جاء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام 193 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 جامع أبواب ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأزواج والأموال والحفدة والمتاع باب ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 241 فصل: وكان جميع ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم 245 فصل: فأول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم 246 فصل: ذكر من تزوجهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن 254 باب ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم 263 باب: في ذكر مواليات رسول الله صلى الله عليه وسلم 271 باب ذكر ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاته من الثياب والقمص والأزر والسرير والصاع والمد 274 فصل: في ذكر أسماء سيوفه صلى الله عليه وسلم 277 فصل: في أسماء دروعه صلى الله عليه وسلم 283 فصل: في أسماء رماحه وألويته وترسه ومغفره وراياته صلى الله عليه وسلم 285 فصل: في أسماء قسيه صلى الله عليه وسلم 290 فصل: ذكر خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم 291 فصل: ذكر أسماء البغال والحمير التي أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي كان يركبها 303 فصل: ذكر ما كان له من النوق صلى الله عليه وسلم 309 فصل: ذكر أعنزه صلى الله عليه وسلم 314 فصل: ذكر ما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم وما كان يعجبه من اللباس 316 فصل: ذكر مرآته ومكحلته ومشطه صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من أدواته صلى الله عليه وسلم 329 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 جامع أبواب الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم فصل: في الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم 337 فصل: في أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وما في تأييد الله ونصرته له على أعدائه ورد كيدهم عنه من الدلائل الظاهرة 341 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل فيمن دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم 377 باب: الايات في تكليم الأحجار وإطاعة الأشجار وسائر الجمادات له صلى الله عليه وسلم 393 فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات 405 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم 423 فصل: ذكر ما ظهر من الايات والدلائل في تكثيره صلى الله عليه وسلم الطعام 437 فصل: ذكر الايات في دعائه صلى الله عليه وسلم المبارك وما جاء في إبرائه المرضى وذوي العاهات 460 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 414 فهرس موضوعات المجلد الرابع الموضوع الصفحة [تابع] جامع أبواب الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم فصل: في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيبات والكوائن 7 فصل: ما جاء في مسارعة الله له صلى الله عليه وسلم في هواه 86 جامع أبواب شرف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف في القرآن 93 باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن 180 باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن 186 جامع أبواب فضل النبي صلى الله عليه وسلم باب جامع في فضل النبي صلى الله عليه وسلم 191 فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب 234 باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خص به من الشريعة 241 فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم 265 فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة 278 باب الموازاة 280 فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام 283 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 415 فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام 287 فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام 288 فصل: فيما أوتيه إبراهيم عليه السّلام 290 فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام 300 فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام 308 فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام 311 فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام 315 فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكرياء عليه السّلام 317 فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام 318 فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام 322 فصل: فيما أوتيه يوسف عليه السّلام 324 فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السلام وما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم 326 جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم باب: في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 335 فصل: روى سمرة بن جندب 339 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكل خير 349 فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم بفظّ ولا عيّاب 353 فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر 355 فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم 375 فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب والعجم 381 باب: في آداب النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنهي 393 فصل: ولما جعل الله فيه صلى الله عليه وسلم من الرقة 397 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى وغيرها من السنن 404 فصل: ومن السنة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه 430 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 416 فصل: ومن آداب المساجد 435 فصل: في آداب الطعام والشراب 440 فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطب 482 فصل: ذكر آداب متفرقة 489 فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من الناس في شيء فعرف به 519 فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إلى العفو والبر وأولاهم به صلى الله عليه وسلم 520 فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم 532 فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم 540 فصل: في آداب المجلس 544 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 فهرس موضوعات المجلد الخامس الموضوع الصفحة جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته بالليل والنهار، وأمر أن يدعى به 7 باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتى، وما كان يتعوذ به صلى الله عليه وسلم 41 فصل: ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة 54 باب ما جاء في التسبيح والتهليل 65 باب: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 70 فصل: في ذكر البخيل، وذمّ الناسي والكاره للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 83 فصل: في أن الدعاء محجوب عن السماء لا يرفع حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم 93 فصل: في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها 100 فصل: ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 104 فصل: في فضل الإكثار والمكثرين من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 108 فصل: ذكر حكاية متعلقة بفضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 116 فصل: في ختم الباب 118 باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلا حقّا 119 فصل: ومما موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم 134 باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال: كلمة فصارت مثلا سائرا 153 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 418 جامع أبواب الفضائل والمناقب باب فضل العرب 237 فصل: ذكر فراسة أعرابي 245 فصل: في فضل قريش 249 فصل: في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش 267 باب: في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل 271 باب فضل الحسن والحسين وآل البيت عليهم السّلام 284 فصل: في المهدي، وأنّه من أهل البيت 388 باب ما جاء في فضائل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين 391 فصل: في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه 391 فصل: في فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه 425 فصل: في فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه 463 فصل: في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه 492 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 فهرس موضوعات المجلد السادس الموضوع الصفحة [تابع] جامع أبواب الفضائل والمناقب باب فضائل الأربعة، وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين 7 فصل: ومن فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما 34 فصل: ومن فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه 38 فصل: ومن فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه 41 فصل: ومن فضائل سلمان الفارسي رضي الله عنه 45 فصل: ومن فضائل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه 48 فصل: ومن فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه 50 فصل: ومن فضائل بلال بن رباح رضي الله عنه 52 فصل: ومن فضائل عمار بن ياسر رضي الله عنه 58 فصل: ومن فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما 62 فصل: ومن فضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 65 فصل: ومن فضائل معاذ بن جبل رضي الله عنه 68 فصل: ومن فضائل أبي ذر رضي الله عنه 70 فصل: ومن فضائل عبد الله بن حذافة رضي الله عنه 73 فصل: ومن فضائل أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه 75 فصل: ومن فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه 77 فصل: ومن فضائل أبي هريرة رضي الله عنه 78 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 420 فصل: ومن فضائل عبد الله بن عمر عليه السلام 80 فصل: ومن فضائل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 82 فصل: ومن فضائل أسامة بن زيد رضي الله عنه 84 فصل: ومن فضائل حاطب بن أبي بلتعة، وفيه فضل من شهد بدرا والحديبية 86 فصل: ومن فضائل بعض الصحابة مجتمعين 89 فصل: في فضل المصاهرة وحرمة الأصحاب عليهم السّلام 94 فصل: في فضل زوجاته صلى الله عليه وسلم 102 فصل: ذكر حديث أويس القرني رضي الله عنه 105 ذكر رواية أخرى في حديث أويس القرني 110 فصل: ذكر زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل 115 باب ما جاء في فضل هذه الأمة على سائر الأمم، وقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الاية 122 باب ما جاء في ذكر الألوية، وصفة لواء الحمد، وقوله عزت قدرته: وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ الاية 125 فصل: فمن سورة البقرة 136 فصل: ومن سورة آل عمران 138 فصل: ومن سورة النساء 141 فصل: ومن سورة المائدة 145 فصل: ومن سورة الأعراف 145 فصل: ومن سورة الأنفال 146 فصل: ومن سورة براءة 148 فصل: ومن سورة يونس 149 فصل: ومن سورة الرعد 149 فصل: ومن سورة إبراهيم 150 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 421 فصل: ومن سورة الحجر 150 فصل: ومن سورة النحل 151 فصل: ومن سورة الكهف 151 فصل: ومن سورة مريم 152 فصل: ومن سورة طه 155 فصل: ومن سورة الحج 156 فصل: ومن سورة المؤمنين 157 فصل: ومن سورة النور 157 فصل: ومن سورة الفرقان 158 فصل: ومن سورة القصص 160 فصل: ومن سورة العنكبوت 161 فصل: ومن سورة السجدة 161 فصل: ومن سورة الأحزاب 162 فصل: ومن سورة فاطر 163 فصل: ومن سورة الصافات 164 فصل: ومن سورة ص 168 فصل: ومن سورة الزمر 169 فصل: ومن سورة المؤمن 170 فصل: ومن سورة الزخرف 171 فصل: ومن سورة الدخان 171 فصل: ومن سورة ق 171 فصل: ومن سورة الطور 172 فصل: ومن سورة الرحمن 172 فصل: ومن سورة الواقعة 173 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 422 فصل: ومن سورة الحديد 176 فصل: ومن سورة المجادلة 177 فصل: ومن سورة التغابن 178 فصل: ومن سورة الطلاق 179 فصل: ومن سورة التحريم 179 فصل: ومن سورة الملك 179 فصل: ومن سورة القلم 180 فصل: ومن سورة الحاقة 181 فصل: ومن سورة المعارج 181 فصل: ومن سورة الإنسان 182 فصل: ومن سورة النازعات 183 فصل: ومن سورة المطففين 183 فصل: ومن سورة البينة 184 باب: ما جاء في الشفاعة 185 الفهارس العامّة: الخاتمة 189 * فهرس الأحاديث والاثار 193 * فهرس الأماكن والمواضع 295 * فهرس الأعلام 302 * فهرس الأشعار والرجز 357 * ثبت المصادر والمراجع 361 * فهرس الموضوعات 401 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 423